سوريتنا | العدد التاسع والخمسون | 4 تشرين الثاني 2012

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪2012/ 11 / 4 | )59‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬ ‫لوحة الغالف‪ :‬عن تجمع فناني و مبدعي سوريا من أجل الحرية (أمارجي)‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫مطار حماة الع�سكري‪..‬‬ ‫معتق��ل (�أب��و غري��ب) ال�سوري‬ ‫كش��ف المرص��د الس��وري لحق��وق‬ ‫اإلنس��ان ع��ن تفاصي��ل م��ا يج��ري م��ن‬ ‫عمليات تعذيب بش��عة وقت��ل للمعتقلين‬ ‫في معتقل مطار حماه العس��كري‪ ،‬ناق ًال‬ ‫ع��ن ناش��طين كان��وا في��ه رواي��ات عن‬ ‫ممارس��ات تعذيب س��اديّة وثقب لأليدي‬ ‫واألرجل بأجه��زة كهربائي��ة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫ممارسات أخرى تسبب العمى والجنون‪.‬‬ ‫أش��ار المرصد إلى ان��ه بعد انطالق‬ ‫الث��ورة الس��ورية ف��ي آذار م��ن الع��ام‬ ‫الماضي ب��دأت الس��لطات الس��ورية إلى‬ ‫جان��ب قتل المتظاهري��ن حملة اعتقاالت‬ ‫محموم��ة طال��ت مئ��ات اآلالف‪ ،‬حي��ث إن‬ ‫كل م��ن كان مح��ل ش��ك ت��م اعتقال��ه‪،‬‬ ‫وكل م��ن كت��ب ب��ه تقري��ر من الوش��اة‬ ‫والمخبري��ن‪ ،‬تمّت مطاردت��ه‪ ،‬ومن دون‬ ‫التأكد من صحة الوش��اية واالتهام‪ ،‬حتى‬ ‫امت�لأت الس��جون‪ ،‬واكتظ��ت بس��اكنيها‪،‬‬ ‫فب��دأت الس��لطات باس��تعمال الكثير من‬ ‫المرافق العامة سجونًا‪ ،‬مثل مالعب كرة‬ ‫الق��دم أو الم��دارس أو المراكز الحكومية‬ ‫والعسكرية‪.‬‬ ‫وأض��اف المرصد في تقرير له اليوم‬ ‫أن أح��د تل��ك األماك��ن ه��و مط��ار حماه‬ ‫العسكري‪ ،‬الذي تحول إلى سجن ومعتقل‬ ‫لمصلح��ة جه��از المخاب��رات الجوية‪ ،‬أحد‬ ‫أقس��ى الف��روع األمنية وأكثرها بطشً��ا‬ ‫وتنكي�لا بالمعتقلي��ن‪ ،‬حي��ث يحتجز فيه‬ ‫اآلالف م��ن أبن��اء محافظ��ة حم��اه كبارًا‬ ‫وصغ��ارًا‪ ،‬حي��ث تم��ارس به��م أقس��ى‬ ‫أنواع التعذيب والقتل الوحش��ي من دون‬ ‫رادع أخالق��ي أو تأني��ب م��ن ضمير ومن‬ ‫دون محاس��بة أو س��ؤال م��ن أح��د‪ ،‬لعدم‬ ‫تواف��ر س��جالت رس��مية للمعتقلين‪ ،‬كما‬ ‫أن المكان نفس��ه ليس بمعتقل رس��مي‬ ‫يمكن محاس��بة مس��ؤولية والسؤال عن‬ ‫قاطني��ه‪ .‬يذكر أن مدينة حم��اه تبعد عن‬ ‫العاصمة دمش��ق (‪ 210‬ك��م) وعن مدينة‬ ‫حلب (‪ 135‬كم)‪.‬‬

‫ن�شطاء يتحدثون عن فظائع‬

‫ويقول أحد نش��طاء المرصد‪ ،‬والذي‬ ‫كان معتق� ً‬ ‫لا ف��ي معتق��ل مط��ار حم��اه‬ ‫العس��كري‪ ،‬الذي يش��رف عليه العقيدان‬ ‫س��يئا الس��معة‪ :‬س��هيل الحس��ن وعل��ي‬ ‫بعيت��ه‪ ،‬أن المط��ار قد تح��ول إلى مملكة‬ ‫خاص��ة بهم��ا‪ ،‬حي��ث يتحكم��ان بحي��اة‬ ‫المعتقلي��ن‪ ،‬كم��ا ل��و كان��وا قطيعًا من‬ ‫الخ��راف يملكونه��ا‪ ،‬كم��ا يق��ول معتقل‬ ‫سابق آخر‪.‬‬ ‫إضاف��ة إليهم��ا هن��اك ع��دد م��ن‬ ‫المس��اعدين والش��بيحة‪ ،‬الذين يعتبرون‬ ‫من عت��اة المجرمين‪ ،‬مث��ل المدعو طالل‬ ‫الدق��اق وبك��ري الس��رميني وش��قيقه‬ ‫مس��عف م��ن قري��ة س��محانة‪ ،‬حي��ث إن‬ ‫مهامه��م تش��مل حم�لات المداهم��ة‬ ‫واالعتق��االت للق��رى والبل��دات الحموية‪،‬‬ ‫كما انهم يقومون بأعمال السلب والنهب‪،‬‬ ‫إضاف��ة إل��ى ابت��زاز أهال��ي المعتقلي��ن‬ ‫والقيام بأعمال السمس��رة لإلفراج عنهم‬ ‫مقاب��ل الم��ال لمصلح��ة العقيد س��هيل‬ ‫الحس��ن‪ ،‬ال��ذي تق��ول تقاري��ر متطابقة‬ ‫ف��ي المعلوم��ات‪ ،‬إن��ه أحد أش��د الضباط‬ ‫الس��وريين فت��كا وتعذيبً��ا بالمعتقلي��ن‬

‫الذين قض��ى كثير منهم تح��ت التعذيب‬ ‫ال��ذي يمارس��ه رج��ال الحس��ن بأوام��ر‬ ‫مباشرة منه شخصيًا‪.‬‬

‫�أبرز �أ�ساليب التعذيب داخل‬ ‫مطار حماه‬

‫يؤكد المرص��د أن هنالك الكثير من‬ ‫أس��اليب التعذي��ب المعروف��ة س��ابقا في‬ ‫المعتقالت السورية تمارس غالبيتها في‬ ‫هذا المكان‪ ،‬إال أن السجانين ابتكروا طرقا‬ ‫جدي��دة للتعذيب‪ ،‬إحداها تس��مى “حركة‬ ‫القط��ار”‪ ،‬حيث يُع��رّى الس��جناء تمامًا‪،‬‬ ‫ويتم إجالس��هم بوضعية تش��به الركوع‪،‬‬ ‫ويكونون على ش��كل دائرة مغلقة‪ ،‬ويتم‬ ‫بذلك وضع أنف كل س��جين بمؤخرة الذي‬ ‫أمام��ه‪ ،‬وهكذا… يقول أح��د المعتقلين‪:‬‬ ‫(تأثرت كثي��رًا وبكيت ف��ي داخلي عندما‬ ‫أٌجبر أب وابنه أن يكونا في هذا الوضع)‪.‬‬ ‫كم��ا يتم وضع الس��جناء في مالجئ‬ ‫الطائ��رات أو م��ا يس��مى بـ(الهن��كار)‬ ‫باللغ��ة العامي��ة‪ ،‬ليصل عدده��م أحيانًا‬ ‫ف��ي (الهن��كار) الواحد إلى أكث��ر من ‪500‬‬ ‫معتق��ل‪ ،‬ويمك��ن للم��رء أن يتخيل كيف‬ ‫يك��ون الوضع ف��ي فصل الصي��ف‪ ،‬حيث‬ ‫وصل��ت درج��ات الح��رارة إل��ى م��ا ف��وق‬ ‫الخمس��ين درج��ة مئوي��ة أحيانً��ا‪ ،‬وه��و‬ ‫م��ا أدى إل��ى وف��اة الكثيرين مم��ن كانوا‬ ‫يعانون مش��اكل صحي��ة تتعلق بأمراض‬ ‫القلب أو بالتنف��س‪ ،‬وتركت جثثهم أيامًا‬ ‫بين المعتقلين م��ن دون أن يتم إخراجها‬ ‫من بينهم وتسليمهم إلى ذويهم أو حتى‬ ‫دفنهم‪.‬‬ ‫كذلك يجبر المعتقل��ون على قضاء‬ ‫حاجته��م في المكان نفس��ه (لعدم توافر‬ ‫دورات المي��اه) وم��ن دون الس��ماح له��م‬ ‫بالذه��اب إل��ى أي��ة مراحي��ض أو أماكن‬ ‫مخصصة لذلك‪.‬‬

‫يق��ول معتقل آخ��ر‪( :‬ف��ي الظهيرة‬ ‫كان الس��جانون يتس��لون بالمعتقلي��ن‪،‬‬ ‫ويمارسون ضدهم عمليات تعذيب سادية‬ ‫غريبة‪ ،‬ال يمكن أن يكون ممارسها إنسانًا‬ ‫س��ويًا‪ ،‬حيث كان��وا يقومون باس��تعمال‬ ‫كماشات لإلمساك بخصي المعتقلين‪ ،‬ما‬ ‫كان يتسبب لهم بآالم ال تطاق‪ ،‬والبعض‬ ‫اآلخر كان��وا يقوم��ون بثق��ب أياديهم أو‬ ‫أرجلهم باس��تعمال مثق��اب كهربائي إلى‬ ‫غي��ر ذلك من فن��ون التعذي��ب المعهودة‬ ‫والمعروفة‪.‬‬

‫توثيق مناذج من �ضحايا‬ ‫التعذيب‬

‫يس��تعرض المرص��د نم��اذج م��ن‬ ‫الح��االت التي تم توثيقها داخل المعتقل‪،‬‬ ‫مش��يرا إليه��م باألح��رف األول��ى م��ن‬ ‫أسمائهم ألسباب أمنية‪:‬‬ ‫* مقت��ل الش��اب أ ‪ -‬م‪ :‬بع��د اعتقال‬ ‫أخيه طالب المدعو ط�لال الدقاق عائلته‬ ‫بدف��ع فدية مبل��غ ‪ 2‬مليون ليرة س��ورية‬ ‫مقابل اإلفراج عنه‪ ،‬كما قام بأخذه مكب ًال‬ ‫إلى قريته الش��يحة‪ ،‬وذلك للضغط على‬ ‫والديه‪ ،‬ما سبب لهما حالة انهيار عصبي‪،‬‬ ‫نق��ل والده على إثرها إلى المستش��فى‪،‬‬ ‫مصابا بأزمة قلبية‪ ،‬كما قام العقيد علي‬ ‫بعيته أيضا باالتص��ال بالعائلة والضغط‬ ‫عليها وابتزازها‪ ،‬حيث اش��ترط أن يتوجه‬ ‫شقيقه إلى المطار بمفرده‪ ،‬ومعه المبلغ‬ ‫المتف��ق عليه إلطالق س��راح أخيه‪ ،‬إال أن‬ ‫ش��قيقه أيضا فق��د بعد دخول��ه المطار‪،‬‬ ‫ووج��د بعد أيام مقتوال وعلى جس��ده آثار‬ ‫تعذي��ب ش��ديد ومذبوحا م��ن الوريد إلى‬ ‫الوريد‪.‬‬ ‫* مقت��ل األس��تاذ المتقاع��د م ‪ -‬ح‪:‬‬ ‫اعتقلته المخاب��رات الجوية‪ ،‬واقتادته من‬ ‫أرض��ه‪ ،‬حي��ث كان يعم��ل أثن��اء مداهمة‬

‫القري��ة‪ ،‬وفق��د وبع��د ثالث��ة أش��هر‪ ،‬تم‬ ‫اس��تالم جثت��ه من المش��فى العس��كري‬ ‫ف��ي حم��ص‪ ،‬ويعتق��د ان��ه م��ات تح��ت‬ ‫التعذيب الش��ديد في المط��ار‪ ،‬حيث كان‬ ‫يش��كو أمراضًا عدة‪ ،‬منها القلب والجهاز‬ ‫العصبي‪.‬‬ ‫* الش��رطي ح ‪ -‬م‪ :‬وه��و كان يعمل‬ ‫ش��رطيا في البلدي��ة‪ ،‬اعتقل م��ن منزله‬ ‫بتقري��ر كي��دي بس��بب خالف عل��ى إرث‬ ‫بينه وبين احد أقربائه من قرية قمحانة‪،‬‬ ‫وتوف��ي تح��ت التعذي��ب‪ ،‬بعدم��ا تس��بب‬ ‫التعذيب في جنونه إثر ضربه على رأسه‪،‬‬ ‫وقطع��ت أصاب��ع يدي��ه‪ ،‬وم��ا زال األم��ن‬ ‫يحتفظ بجثته‪.‬‬ ‫* خ ‪ -‬س‪ :‬عامل في مش��تل زراعي‬ ‫مع خ س‪ ،‬لم تت��م معرفة طريقة قتلهما‬ ‫ولم��اذا‪ ،‬وهم��ا ش��ابان بس��يطان للغاية‪،‬‬ ‫وفقي��ران‪ ،‬وهم��ا يعمالن في مؤسس��ات‬ ‫الدول��ة بعقد جزئي‪ ،‬ووجدت بقع دم عدة‬ ‫ف��ي م��كان تواجدهما في المش��تل‪ ،‬ولم‬ ‫تسلم جثتهما حتى اآلن‪.‬‬ ‫* معتقل أفرج عنه حديثا اسمه م ‪-‬‬ ‫ي أصيب بالعمى نتيجة ضربة على رأسه‬ ‫كما كسرت يداه وكتفاه‪.‬‬ ‫* أ – س‪ :‬توف��ي تح��ت التعذيب في‬ ‫المط��ار‪ ،‬وادعى األمن انه ح��اول الهرب‪،‬‬ ‫وقام بعرض جثته على السجناء قائال أن‬ ‫هذا مصير كل من يحاول الهرب‪.‬‬ ‫* المعتقل أ ‪ -‬إ‪ :‬خرج بفدية مقدارها‬ ‫‪ 4‬ماليين ليرة سوري (ابتزاز)‪.‬‬ ‫وأك��د المرص��د ان��ه وثق العش��رات‬ ‫من الح��االت المختلفة م��ن قتل وتعذيب‬ ‫وإصاب��ات مختلف��ة وعاهات مس��تديمة‪،‬‬ ‫أوض��ح انه يتحف��ظ عن ذكر أس��ماء كل‬ ‫ً‬ ‫حفاظ��ا عل��ى س�لامة‬ ‫الضحاي��ا حاليً��ا‬ ‫عائالتهم ومنعًا لمحاسبتهم مرة أخرى‪.‬‬


‫�سجن حم�ص املركزي‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫عصيان‬ ‫وتسبب ذلك العفو الذي استثنى في مادته ‪ 13‬ما يصفه بـ"جرائم اإلرهاب"‪ ،‬وهي التي تطلق‪،‬‬ ‫حسب وصف أحد السجناء الذي تمكن من إجراء اتصال هاتفي مع أقارب له‪ ،‬على معتقلي الرأي‬ ‫والمتظاهرين المشاركين باالحتجاجات ونشطاء حقوق اإلنسان‪ ،‬بحالة غضب شديد لدى المعتقلين‬ ‫الذين أثاروا حالة فوضى كبيرة‪.‬‬ ‫وبحسب ما أكد ناجي طيارة فإن إدارة السجن اضطرت بعد ذلك إلى دعوة وفد لجنة المصالحة‬ ‫الوطنية‪ ،‬الذي قدّم وعوداً بتسوية أوضاعهم خارج إطار العفو‪ ،‬واإلفراج عنهم على ثالث دفعات‪،‬‬ ‫إال أن اإلدارة أبلغتهم في وقت الحق أنه ليست لديها أوامر بإطالق سراح المعتقلين‪ ،‬كما أن لجنة‬ ‫المصالحة بدورها ليس لديها أية صالحية بإصدار أوامر لإلفراج عن أي سجين‪ ،‬مما دفع السجناء‬ ‫الغاضبين إلى السيطرة على مرافق السجن بما فيها اإلذاعة التي بدأوا يتواصلون مع باقي السجناء‬ ‫من خاللها‪.‬‬ ‫وتقول المصادر إن المفاوضات بين السجناء وقوات األمن التي تحاصر السجن فشلت في‬ ‫إعادة الهدوء إليه في وقت يتواصل فيه العصيان داخله‪ ،‬وهو ما يدفع للتخوف من ارتكاب قوات‬ ‫النظام مجازر‪ ،‬السيما بعد إطالقها الرصاص الحي‪ ،‬وهو ما أكده ناجي طيارة‪ ،‬مشيراً إلى عدم ورود‬ ‫معلومات عن وقوع ضحايا‪.‬‬ ‫كما تعرض مدير السجن خالل العصيان لالعتداء‪ ،‬وهو ما أكده سجناء قالوا إن سجينا اعتدى‬ ‫على مدير السجن ألسباب انتقامية‪ ،‬بحسب ما قال طيارة أيضًا‪.‬‬ ‫ويعتبر عصيان سجن حمص هو الرابع من نوعه خالل الثورة‪ ،‬في وقت تتعرض فيه مدينة‬ ‫حمص لحصار متواصل من قبل قوات النظام منذ أشهر‪ ،‬ودفعت المدينة خالل الثورة أكبر عدد من‬ ‫الضحايا بلغ ‪ 8326‬قتي ًال موثقًا حتى اآلن‪.‬‬

‫الحياة ‪2012 / 10 / 29‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫عندم��ا هج��روا بيوته��م حمل��وا معهم مفاتي��ح األبواب‪ ،‬م��ع أنهم‬ ‫أن ما من أبواب س��تبقى وال بيوت‪ .‬لكنّه��ا عادة النازحين دوماً‪،‬‬ ‫يعلمون ّ‬ ‫أو المهجّرين‪ ،‬الذين لم يتس��نّ لهم أن يحملوا معهم سوى المفاتيح‪...‬‬ ‫هذا ما فعله الفلس��طينيون عندما احتلت إس��رائيل أراضيهم وأحياءهم‬ ‫وبيوته��م ف��ي ‪ ،1948‬عام النكبة‪ ...‬غادروا‪ ،‬لك��نّ مفاتيح األبواب ظلت‬ ‫معهم‪ ،‬خبّأوها في صدورهم‪ ،‬ظنًا منهم أنهم س��يعودون يوماً‪ ...‬لكنّ‬ ‫النازحين الس��وريين الذين ينتش��رون على الحدود‪ ،‬حدود بالدهم‪ ،‬في‬ ‫قرى تركيا وفي سهول األردن ولبنان‪ ،‬أصرّوا على حمل مفاتيح أبوابهم‬ ‫أن جنود النظام دمّروا‬ ‫معه��م‪ ،‬وعلى الحفاظ عليها‪ .‬إنهم يعلمون جيداً ّ‬ ‫بيوته��م وأن الطائرات أغارت عل��ى أحيائهم وجعلتها أنقاضًا‪ ،‬لكنهم لم‬ ‫يق��دروا على التخ ّلي عن مفاتيح أبوابهم‪ .‬إنّها ّ‬ ‫كل ما تبقى من حياتهم‬ ‫التي كانت هناك‪ ،‬حتى األمس القريب‪ ،‬إنّها الذكرى التي س��يحفظونها‬ ‫في قلوبهم‪ ،‬حتى وإن عادوا ولم يجدوا بيوتهم‪ ...‬البيوت غالية جداً على‬ ‫قل��وب أصحابها‪ ،‬وكذلك األبواب والمفاتيح‪ ،‬العتبات والنوافذ‪ .‬هكذا فعل‬ ‫الفلس��طينيون قبلهم ولكن من غير أن يع��ودوا‪ ،‬وما زالت المفاتيح في‬ ‫أدراجهم وقلوبهم‪ ،‬لم يتخلوا عنها‪ ،‬رغم الصدأ الذي ّ‬ ‫تأكلها‪ .‬الس��وريون‬ ‫سيعودون حتمًا‪ ،‬بعد أشهر‪ ،‬بعد سنة‪ ...‬سيعودون‪ ،‬ولو إلى أطالل منازل‬ ‫وأحياء‪...‬‬ ‫ما زال بعض من فلسطينيي المخيمات في لبنان واألردن وسورية‪،‬‬ ‫ك ّلما تس��نى لهم أن يط ّلوا على الشاش��ات الصغيرة‪ ،‬يُخرجون ما تبقى‬ ‫معهم من مفاتيح‪ ،‬عندما يتك ّلمون عن فلسطين المحت ّلة وعن ذكرياتهم‬ ‫هناك‪ .‬اآلن يفعل الس��وريون‪ ،‬س��وريو المخيمات‪ ،‬مثلهم‪ ،‬عندما يبدأون‬ ‫الكالم عن مأس��اتهم‪ .‬والف��رق أن مفاتيح النازحين الس��وريين ال تزال‬ ‫جديدة والمعة‪ ،‬على خالف مفاتيح الفلسطينيين‪ .‬لكنّ لحظة األلم هي‬ ‫نفس��ها‪ ،‬ألم النزوح والتش��ريد والتهجير‪ ،‬بل وقد يكون ألم الس��وريين‬ ‫ً‬ ‫حقيقة أو زوراً‪.‬‬ ‫أشدّ وقعًا‪ ،‬ألن من هجّروهم هم بعض من أهلهم‪...‬‬ ‫أن آالف��ًا م��ن الس��وريين س��يغادرون منازلهم‬ ‫مَ��ن كان يتص��وّر ّ‬ ‫ومدنه��م وقراه��م ليصبح��وا بين ليل��ة وضحاها في ع��داد المهجّرين‬ ‫والنازحي��ن المقيمين في المخيّمات‪ ،‬على الح��دود‪ ،‬حدود بالدهم؟ مَن‬ ‫أن مخيمات الالجئين الس��وريين ستنتش��ر مثل الفطر في‬ ‫كان يتخي��ل ّ‬ ‫الق��رى والمدن التي تجاور بالدهم؟ إنهم الجئون‪ ،‬وإن ألش��هر أو س��نة‪،‬‬ ‫يقطنون الخيام‪ ،‬الش��مس أحرَقتهم طوال الصيف‪ ،‬والش��تاء يهدّدهم‬ ‫بأمطاره‪ ،‬بالب��رد والصقيع‪ .‬إنه��م الجئون‪ ،‬يكادون يتس��وّلون الرغيف‬ ‫والرداء‪ ،‬األمراض تهدّدهم‪ ،‬والجوع يهدّدهم‪ ،‬الليل والعراء‪.‬‬ ‫المش��هد هو نفس��ه تقريباً‪ ،‬لكنّ النازحين ليس��وا فلس��طينيين‪،‬‬ ‫والع��ام لي��س ‪ ،1948‬ع��ام النكب��ة‪ .‬إنهم س��وريون‪ ،‬والع��ام هو ‪2012‬‬ ‫والقرن هو الحادي والعش��رون‪ ،‬قرن العولمة‪ ،‬قرن «القرية» الكونية‪...‬‬ ‫المش��هد هو نفسه‪ ،‬البؤس نفس��ه‪ّ ،‬‬ ‫الذل نفسه‪ ...‬الخيام اختلفت قلي ًال‪،‬‬ ‫إنه��ا اآلن أجمل وأح��دث‪ ،‬هيئات اإلغاثة أصبحت أش��دّ جهوزاً‪ ،‬واإلعانات‬ ‫باتت تصل أس��رع مما من قب��ل‪ ...‬أما النازحون فه��م النازحون‪ ،‬الهوية‬ ‫تختلف‪ ،‬لكنّ النزوح يظل واحداً‪ ،‬بما يحمل من ألم وبؤس وذل‪...‬‬ ‫على الحدود التركية‪ ،‬على حدود لبنان واألردن‪ ،‬تنتش��ر المخيّمات‬ ‫السورية بكثرة‪ .‬لم تبقَ هناك أمكنة تتسع لهؤالء الغرباء القادمين من‬ ‫قل��ب الجحيم‪ ،‬لم تبقَ خيام وال فرش وال ثي��اب وال طعام‪ ...‬لم يبقَ ما‬ ‫يكفي من ف��رق لإلعانة واإلغاثة‪ ...‬الن��زوح ال يتوقف‪ ،‬النزف ال يتوقف‪،‬‬ ‫مهجّرون يتلوهم مهجّرون‪ ،‬يغادرون‪ ،‬يتوهون‪ ،‬يصلون أو ال يصلون‪...‬‬ ‫ووراءه��م ترتفع س��حب الدخان من البي��وت والحق��ول‪ ،‬وراءهم يدوّي‬ ‫قصف الطائرات وأزيز الرصاص‪.‬‬ ‫كان‪ ،‬ف��ي الس��ابق‪ ،‬عندم��ا يق��ال «مخي��م»‪ ،‬تتبع��ه للف��ور صفة‬ ‫«فلس��طيني»‪ .‬ولطالما ارتبط هذا الموص��وف بصفته هذه في الذاكرة‬ ‫العربية‪ ...‬اآلن اس��تطاع «البعث» الس��وري‪« ،‬البعث» العسكري السوري‬ ‫«المقاوم» و«الصامد» أن يوسّ��ع المعجم وأن يضفي صفة جديدة على‬ ‫مفرداته‪ ...‬مع هذا «البعث» أضحى المخيم س��وريًّا أيضاً‪ ،‬ومثله النزوح‬ ‫والتهجير والقتل وس��ائر األفعال الشنيعة التي تفرّد بها عدوّنا‪ ،‬عدوّنا‬ ‫الذي لم نعد نعرف مَن هو‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫فيما كان يتوقع أن يلقى العفو (الرئاسي)‪ ،‬الذي أعلن عنه النظام‪ ،‬ترحيبًا لدى السجناء في‬ ‫سوريا‪ ،‬فقد تسبب هذا القرار في تفجير الوضع داخل سجن حمص المركزي‪ ،‬وأدى إلى اإلعالن‬ ‫عن عصيان شامل داخل أروقة السجن‪ ،‬وسط تخوف من ارتكاب مجازر في وقت ال تصل فيه‬ ‫معلومات مفصلة عما يجري داخله‪ ،‬جراء الحصار المتواصل على مدينة حمص من قبل قوات‬ ‫النظام السورية منذ أشهر‪.‬‬ ‫وبحسب المعلومات الواردة من داخل السجن‪ ،‬فإن معتقلي الرأي كانت لديهم نية اإلضراب‬ ‫قبل ‪ 23‬تشرين األول الماضي موعد المرسوم ‪ ،‬والقاضي بإصدار عفو عام عن الجرائم المرتكبة‬ ‫قبل تاريخه‪.‬‬ ‫لكن استثناء معظم معتقلي الرأي‪ ،‬حسب ما تؤكده عدة مصادر‪ ،‬دفعت السجناء إلى تفجير‬ ‫الوضع داخل السجن وإعالن العصيان العام‪.‬‬ ‫وبحسب ناجي طيارة‪ ،‬عضو المجلس الوطني السوري‪ ،‬فإن األسباب التي دفعت السجناء‬ ‫إلى تنظيم اإلضراب‪ ،‬كانت وراءها إدارة السجن التي تنقل ملفات المعتقلين إلى محكمة جديدة‬ ‫مستحدثة في دمشق يطلق عليها “محكمة اإلرهاب” التي تصدر أحكامًا بحق المتهمين‪ ،‬دون أن‬ ‫تكون لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم ورؤية القاضي‪ ،‬كما يعانون من ظروف إنسانية صعبة‬ ‫وإهمال طبي‪ ،‬إضافة إلى التعذيب ومصادرة المساعدات العينية والمالية التي ترسل من قبل‬ ‫عائالت المعتقلين‪.‬‬ ‫ويؤكد طيارة أن عدد معتقلي جناح "الشغب" الذي يحتجز فيه المعتقلون السياسيون على‬ ‫خلفية الثورة‪ ،‬يبلغ نحو ‪ 1700‬معتقل‪ ،‬كما يضم السجن أكثر من ‪ 800‬كبير في السن‪ ،‬و‪ 100‬امرأة‬ ‫لم يشملهم العفو الرئاسي‪.‬‬

‫عبده وازن‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫ع�صيان �شامل وخماوف من جمازر نازحون‪ ..‬من �سوريا‬

‫‪3‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫مثقفون �سوريون و�أجانب يوجهون نداء‬ ‫لإنقاذ الرتاث احل�ضاري فـي �سوريا‬ ‫دعا مجموعة من المثقفين وأستاذة‬ ‫الجامع��ات ورج��ال الدي��ن إل��ى "إنق��اذ‬ ‫الت��راث الحضاري في س��وريا"‪ ،‬موجهين‬ ‫ندائهم إلى قيادة النظام السوري وجميع‬ ‫األط��راف في س��وريا‪ ،‬وكذل��ك حكومات‬ ‫الدول الغربية والعربية واالتحاد األوربي‬ ‫واألمم المتحدة والمؤسس��ات والمنظمات‬ ‫العالمية‪.‬‬ ‫وق��ال الموقع��ون إنه��م‪ ،‬م��ع‬ ‫مش��اطرتهم الشعب الس��وري في آالمه‬ ‫العميقة يطالبون بـ"حماية فورية للتراث‬ ‫الثقاف��ي الس��وري ال��ذي يعاني أض��راراً‬ ‫جسيمة واسعة النطاق"‪ ،‬مناشدين "على‬ ‫وج��ه الخص��وص بضمان حماي��ة القلعة‬ ‫ووس��ط حل��ب القديم��ة وجمي��ع المعالم‬ ‫األثري��ة والمباني التابعة لجميع الطوائف‬ ‫الديني��ة المختلف��ة ف��ي المدين��ة" الت��ي‬ ‫شهدت تدميرا لبعض أثاراها‪.‬‬ ‫ولفتوا إلى أن "الطابع الفريد للتاريخ‬ ‫الثقاف��ي لمدينة حلب يتمث��ل في تراثها‬ ‫الثقاف��ي ال��ذي ال يق��در بثم��ن‪ ،‬ويتجلى‬ ‫بش��كل رائع في التقليد الراسخ للتعايش‬ ‫الس��لمي بي��ن جمي��ع الجماع��ات الدينية‬

‫المختلفة" في المدينة‪.‬‬ ‫كم��ا طال��ب الموقع��ون ب��أن "تت��م‬ ‫حماي��ة المبان��ي الديني��ة والمتاح��ف‬ ‫والمواق��ع األثري��ة والبي��وت القديمة من‬ ‫النه��ب والتخريب" وبأن "تلتزم الحكومات‬ ‫الدولي��ة بمالحقة التهريب غير الش��رعي‬ ‫للممتلكات الثقافية السورية المسروقة"‪،‬‬ ‫وفق نص النداء‪.‬‬ ‫وأش��اروا إلى أن "المراك��ز التاريخية‬ ‫القديم��ة ف��ي حل��ب ودمش��ق وبص��رى‬ ‫وتدمر وحصن األكراد وقلعة صالح الدين‬ ‫ومجموعة من القرى القديمة في ش��مال‬ ‫سوريا‪ ،‬جميعها معترف بها من اليونسكو‬ ‫ضمن الت��راث العالمي"‪ ،‬وقال��وا "فلندافع‬ ‫عن الت��راث الثقافي الس��وري للدفاع عن‬ ‫حضارة القرن الحادي والعش��رين"‪ ،‬على‬ ‫حد وصفهم‪.‬‬ ‫وحم��ل الن��داء توقيعات ش��خصيات‬ ‫م��ن بينه��ا المط��ران ولي��م الش��وملي‬ ‫النائ��ب البطريرك��ي لالتين ف��ي القدس‬ ‫واألب جوزي��ف طوبج��ي في حل��ب واألب‬ ‫أليك��س زانوتيلل��ي في نابول��ي‪ ،‬وعمدة‬ ‫مدين��ة البندقي��ة ماس��يمو كاتش��ياري‬

‫ذكرت الرابطة السورية للدفاع عن‬ ‫حقوق اإلنسان األحد أن الناشطة اإلعالمية‬ ‫السورية فاطمة خالد سعد لقيت حتفها‬ ‫"تحت التعذيب" ف��ي أح��د م��راك��ز األم��ن‬ ‫بدمشق‪ ،‬ف��ي حين نفت قريبة لعائلة‬ ‫الناشطة هذا الخبر‪ ،‬مؤكدة أن قريبتها ال‬ ‫تزال حية في المعتقل‪.‬‬ ‫وقالت الرابطة إن المعلومات التي‬ ‫وردتها أكدت وفاة الناشطة التي تبلغ من‬ ‫العمر ‪ 22‬عاما "ف��ي أح��د الفروع األمنية‬ ‫التابعة إلدارة المخابرات العامة في مدينة‬ ‫دمشق‪ ،‬نتيجة تعرضها لتعذيب وحشي‬ ‫ممنهج"‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬قالت قريبة لعائلة‬ ‫الناشطة إن "فاطمة ال تزال على قيد الحياة‪،‬‬ ‫وال تزال في المعتقل"‪.‬‬ ‫وبحسب بيان الرابطة‪ ،‬فإن الناشطة‬ ‫"المعروفة في أوس��اط الثورة واألوس��اط‬ ‫اإلعالمية باسم فرح الريس" اعتقلت من‬ ‫قبل دوري��ة تابعة لجهاز أمن الدولة في‬ ‫الالذقية فجر ‪ 28‬حزيران الماضي‪ ،‬بعد‬ ‫أن اقتحمت منزلها واقتادتها مع والدها‬ ‫وشقيقها‪.‬‬ ‫وأخلت السلطات سراح والدها وأخيها‬ ‫بعد ساعات من التحقيق معهما‪ ،‬فيما بقيت‬ ‫الناشطة رهن االعتقال بسبب حيازتها لعلم‬ ‫الثورة واكتشاف المحققين ألغنية مناهضة‬ ‫للنظام على كاميراها الرقمية‪ ،‬وكانت‬ ‫مجموعة من صديقاتها يغنينها معا‪.‬‬

‫وأض��اف البيان أن��ه "نتيجة التعذيب‬ ‫الوحشي الذي تعرض له جسدها الغض‬ ‫في فرع األمن السياسي بمدينة الالذقية‪،‬‬ ‫تضرر كبدها بشكل بالغ"‪ ،‬مما استدعى‬ ‫نقلها إلى المستشفى العسكري في مشروع‬ ‫القلعة بالالذقية للعالج‪.‬‬ ‫وأوضح البيان أن السلطات األمنية نقلت‬ ‫فاطمة في ‪ 17‬تموز إلى إدارة المخابرات‬ ‫العامة بدمشق‪" ،‬حيث تابع المحققون‬ ‫الضغط عليها بوحشية ش��دي��دة النتزاع‬ ‫معلومات إضافية عن الناشطين الذين كانت‬ ‫تتعاون معهم"‪ ،‬مما أدى إلى وفاتها تحت‬ ‫التعذيب بتاريخ ‪ 23‬تشرين األول‪.‬‬ ‫وأدانت الرابطة "بأشد العبارات هذه‬ ‫الجريمة الوحشية"‪ ،‬معتبرة أنها "جريمة‬ ‫ضد اإلنسانية جرى ارتكابها بشكل منهجي‬ ‫بعيدا عن المساءلة القانونية‪ ،‬في ظل‬ ‫الحصانة التي يتمتع بها أفراد المخابرات‬ ‫العامة بموجب مرسوم إنشاء هذه اإلدارة"‪.‬‬ ‫واعتبرت المنظمة "كافة المتورطين‬ ‫في هذه الجريمة المروعة" من ضباط وأفراد‬ ‫مجرمين ضد اإلنسانية‪ ،‬وتتوجب مالحقتهم‬ ‫ومحاسبتهم بموجب القانون الدولي‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل‪ ،‬أكدت الرابطة في‬ ‫بيانها ارتفاع أعداد الضحايا الذين قضوا‬ ‫تحت التعذيب ف��ي ف��روع األم��ن التابعة‬ ‫للنظام ال��س��وري إل��ى ‪ 1125‬ضحية تم‬ ‫توثيقها حتى اآلن‪.‬‬ ‫وطالبت المجتمع ال��دول��ي بضرورة‬

‫مطرانية السريان الكاثوليك بحمص‬

‫واألكاديميون فرانشيس��كا فلوريس دي‬ ‫اركايس م��ن الجامع��ة الكاثوليكية‪ ،‬فى‬

‫بادوفا ايطاليا وجانكارلو ماكياريللي من‬ ‫جامعة فوسكاري البندقية‪ ،‬إيطاليا‪.‬‬

‫التدخل العاجل لوضع ح��د لالنتهاكات‬ ‫الجسيمة لحقوق اإلنسان التي تقوم بها‬ ‫سلطات النظام بشكل منهجي وواسع منذ‬ ‫انطالق الثورة السورية في منتصف شهر‬ ‫آذار ‪ ،2011‬حسب البيان‪.‬‬ ‫وق��ال محققو لجنة األم��م المتحدة‬ ‫للتحقيق بشأن انتهاكات حقوق اإلنسان في‬ ‫سوريا الخميس إن "جرائم حرب" و"جرائم‬ ‫ضد اإلنسانية" تحدث في سوريا‪ ،‬مؤكدين‬ ‫أنهم يسعون إلى زيارة دمشق‪ ،‬حيث شكلت‬ ‫اللجنة قبل أكثر من عام لكنها لم تحصل‬ ‫بعد على إذن رسمي للدخول إلى البالد‪.‬‬

‫وبالرغم من المنع‪ ،‬فقد أجرت اللجنة‬ ‫مقابالت مع أكثر من ألف شخص‪ ،‬وتبين‬ ‫لها أن جرائم حرب ارتكبت على ما يبدو من‬ ‫قبل النظام‪ ،‬وكذلك بدرجة أقل على أيدي‬ ‫قوات المعارضة‪.‬‬ ‫ويذكر أن منظمة هيومن رايتس‬ ‫ووتش المعنية بحقوق اإلنسان قد أوضحت‬ ‫ف��ي تقرير أص��درت��ه ف��ي ت��م��وز ‪ /‬يوليو‬ ‫الماضي أن النظام السوري ينتهج سياسة‬ ‫التعذيب ضد المدنيين إلى درجة "جريمة‬ ‫ضد اإلنسانية"‪ ،‬مما يستوجب إحالة الوضع‬ ‫إلى المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫من جرائم النظام �ضد الإن�سانية‬ ‫مقتل نا�شطة �سورية حتت التعذيب‬ ‫ملحقمعالعددهذاالأ�سبوعكتاب‪:‬‬

‫كيف ن�ساعد الأطفال‬ ‫يف ظروف ال�ضيق‬ ‫والنزاعات؟‬

‫التوا�صل مع الأطفال‬ ‫ت�أليف‪ :‬نعومي ريت�شمان‬


‫دم�شق‪ ..‬وثوب العيد‬

‫برزة‬ ‫في حي ب��رزة‪ ،‬قامت مجموعة من‬ ‫الش��باب بتجهيز إحدى الساحات لتكون‬ ‫صالحة كس��احة ألع��اب لألطفال وذلك‬ ‫خالل وق��ت قياس��ي (ثماني��ة وأربعين‬ ‫س��اعة فقط)‪ .‬إيمانًا منهم بأن "الطفل‬ ‫ه��و الخاس��ر األكب��ر من كل م��ا يحدث‬ ‫في س��وريا واألطفال ه��م األكثر تأثراً‬ ‫بعنف النظام ومج��ازره اليومية"‪ ،‬وفي‬ ‫الوق��ت نفس��ه "ال ق��درة مادي��ة لألهل‬ ‫عل��ى إس��عاد أطفالهم بالعي��د في ظل‬ ‫األوضاع االقتصادية الس��يئة"‪ .‬كل ذلك‬ ‫دفع أولئك الش��باب للعم��ل على تهيئة‬ ‫الس��احة الس��تقبال األطفال طيلة أيام‬ ‫العيد وبش��كل مجاني تمام��اً‪" .‬فبعد أن‬ ‫كان��ت أكوام��ًا م��ن الحج��ارة والنفايات‬ ‫أرادوا له��ا أن تنبض بالحياة وأن تنطق‬ ‫بأسمى معاني السالم واألمان المنشود‬ ‫ألطفالنا"‪ .‬امتألت الساحة باألطفال منذ‬ ‫أول ي��وم للعي��د وكان ف��ي انتظارهم‬ ‫الكثي��ر من النش��اطات من رس��م على‬ ‫الجدران وألعاب مختلفة وتلوين‪..‬‬ ‫يق��ول بعض م��ن الش��باب الذين‬ ‫ش��اركوا ف��ي تجهيز الس��احة وإس��عاد‬ ‫األطفال‪:‬‬

‫"أهال��ي ح��ي ب��رزة الدمش��قي‬ ‫كما معظم س��كان س��وريا‪ ،‬ث��اروا على‬ ‫الظل��م‪ ،‬ث��اروا عل��ى التفرق��ة وعل��ى‬ ‫الفس��اد‪ ..‬قدموا الغال��ي والرخيص في‬ ‫س��بيل الخ�لاص وتحرير بالده��م‪ ،‬إال‬ ‫أن ه��ذا لم يجرده��م من إنس��انيتهم‬ ‫ومش��اعرهم‪ ،‬فالث��ورة عل��ى النظام ال‬ ‫تكون فقط بإسقاطه بل إن الثورة تبدأ‬ ‫من الداخل‪..‬‬ ‫بمبادرة من أهالي الحي‪ ،‬وبفضل‬ ‫العدي��د من ش��بابه ت��م تجهيز س��احة‬ ‫للعيد في حي برزة البلد‪.‬‬ ‫ت��م التخطي��ط للمش��روع واختيار‬ ‫الساحة المناسبة بحيث تكون متوسطة‬ ‫للح��ي وآمنة لألطفال خالل ‪ 48‬س��اعة‪.‬‬ ‫بعد ذلك تم تنظيف الس��احة وفرش��ها‬ ‫ب��ـ (البح��ص) وط�لاء الج��دران باللون‬ ‫األبيض بهدف الرس��م عليها‪ ،‬قام بكل‬ ‫ذلك ش��باب الحي بمس��اعدة من بعض‬

‫الحرفيين من أهالي الحي نفسه‪.‬‬ ‫في الي��وم الثاني تم إحضار ألعاب‬ ‫األطف��ال والتأك��د م��ن جهوزيته��ا‪ ،‬ثم‬ ‫طالئه��ا وتوزيعها في الس��احة‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى بع��ض التجهي��زات ليت��م خ�لال‬ ‫أيام العي��د توزيع (الف��ول ‪ -‬الترمس ‪-‬‬ ‫الصاجيات) على األطفال‪" .‬‬ ‫أم��ا عن ه��دف المش��روع فيتحدث‬ ‫الشباب‪:‬‬ ‫"بعد الضغ��ط الكبير الذي تعرض‬ ‫له األطفال خ�لال عام ونصف من عمر‬ ‫الث��ورة الس��ورية والذي ت��رك أثره في‬ ‫نفس��يتهم بشكل واضح‪ ،‬كان ال بد من‬ ‫نش��اط للتخفيف عنه��م وإخراجهم من‬ ‫أجواء القصف والموت التي يعيش��ونها‬ ‫كل يوم‪.‬‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى أن معظ��م أهالي‬ ‫الحي ق��د فق��دوا عمله��م‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫العائالت التي فقدت معيلها باستشهاده‪،‬‬ ‫فكان الهدف األساسي من المشروع هو‬ ‫تقديم جمي��ع الخدمات مجانًا (الطعام ‪-‬‬ ‫األلع��اب ‪ -‬المس��ابقات) لتخفيف العبء‬ ‫المالي الذي يتعرض له أهالي الحي"‪.‬‬ ‫وق��د عمل الناش��طون عل��ى مدار‬ ‫أربع��ة أي��ام العيد عل��ى إدارة الس��احة‬ ‫بأنفس��هم فقام��وا ب��إدارة األلعاب (هز‬ ‫المراجيح) وتوزيع الطعام على االطفال‬ ‫والحف��اظ عل��ى س�لامتهم‪ ،‬لتكتم��ل‬ ‫أي��ام العيد بتحقي��ق الهدف م��ن إقامة‬ ‫المشروع وهو إدخال الفرحة ولو بشكل‬ ‫جزئي إلى قلوب األطفال‪.‬‬ ‫وق��د كان��ت جميع الخدم��ات ضمن‬ ‫الس��احة مجاني��ة بم��ا فيه��ا الطع��ام‪،‬‬ ‫وجمي��ع العاملي��ن ضمن الس��احة كان‬ ‫عملهم تطوعي‪.‬‬ ‫"نح��ن ث��وار نع��م‪ ..‬إال أنن��ا نح��ب‬ ‫الحياة"‬

‫القابون‬ ‫وفي ح��ي القابون قامت تنس��يقية‬ ‫الدع��م اإلغاثي بتوزي��ع هدايا العيد على‬ ‫جميع أطف��ال الحي ضمن حمل��ة أطلقوا‬ ‫عليها اس��م "فرحتهم عيدنا" في محاولة‬ ‫إلعادة البس��مة إل��ى وج��وه األطفال وإن‬ ‫بشكل مؤقت‪.‬‬

‫املخيم‬ ‫أما ف��ي مخي��م اليرم��وك والمناطق‬ ‫القريب��ة من��ه‪ ،‬ورغم القص��ف واالنقطاع‬ ‫المس��تمر للتيار الكهربائي‪ ،‬قامت جمعية‬ ‫الق��دس الخيرية بزيارة ع��دة مناطق من‬ ‫مخي��م اليرم��وك والحجر األس��ود وش��ارع‬ ‫العروبة ووزعت الهدايا واأللعاب على جميع‬ ‫األطف��ال المتواجدي��ن في تل��ك المناطق‬ ‫والذين تمكنت من الوصول إليهم‪.‬‬ ‫يقول شباب الجمعية‪" :‬األطفال هم‬ ‫مالئك��ة اهلل عل��ى األرض‪ ،‬ألي��س حري��ًا‬ ‫بنا أن نعتني بمش��اعرهم وأحاسيس��هم‬ ‫فنس��تمع لهم ونحاوره��م وننصت لهم‪،‬‬ ‫ونمنحه��م جزءاً من أوقاتنا في ظل إيقاع‬ ‫حياة سريع كسرعة البرق!‬ ‫لنكن يومًا س��بباً في إس��عاد طفل‪،‬‬ ‫نرس��م ابتس��امة على وجهه ون��رى نور‬ ‫المستقبل مشرقاً من بين عينيه‪" ..‬‬ ‫دمشق لبست ثوب عيد أسود مغطى‬ ‫بالدم��اء‪ ..‬وش��باب دمش��ق أرادوا تزيي��ن‬ ‫ه��ذا الث��وب له��ا‪ ،‬فم��ا كان منه��م إال أن‬ ‫خلعوه عنها وألبس��وها ضحكات األطفال‬ ‫وسعادتهم‪..‬‬ ‫أحد األصدقاء المغتربين والذي كان‬ ‫يرسل إلي تحية العيد عبر االنترنت كتب‬ ‫لي‪ :‬عندما س��أعود إلى س��وريا‪ ،‬سأذهب‬ ‫ف��وراً إل��ى ح��ي ب��رزة ألعي��ش هن��اك‪..‬‬ ‫"الشباب هنيك بيجننوا‪ ..‬اهلل يحميون‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أول أيام العيد في الزبداني‬

‫أول أيام العيد في سقبا‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫من��ذ بداية الث��ورة وحت��ى اليوم‬ ‫مرت على س��وريا عدة أعياد اتس��مت‬ ‫بالح��زن وغياب مظاهر الف��رح‪ ،‬إال أن‬ ‫عي��د األضحى منذ حوالي أس��بوع كان‬ ‫بال شك األقس��ى حتى اآلن‪ ..‬ما يفوق‬ ‫الثالثين ألف شهيد‪ ..‬آالف المعتقلين‪..‬‬ ‫عش��رات آالف المن��ازل المدم��رة وم��ا‬ ‫يقارب المليون ونص��ف المليون نازح‬ ‫والج��ئ‪ ..‬لم يع��رف الس��وريون كيف‬ ‫يمك��ن لهم أن يس��تقبلوا العيد ضمن‬ ‫ه��ذا الواق��ع األليم‪ ،‬ف��ي وطن ضاقت‬ ‫طرقات��ه بهم‪ ،‬وأمل بهدن��ة تم دفنها‬ ‫حتى قب��ل أن ترى النور‪ ..‬إال أن الكثير‬ ‫من الش��باب الس��وري أبى االستسالم‬ ‫لهذا الوضع‪" ..‬العي��د فرحة وخصوصًا‬ ‫لألطف��ال‪ ،‬وعن��ف النظام ل��ن يمنعنا‬ ‫م��ن محاول��ة االحتف��ال بالعي��د وإن‬ ‫بش��كل مختل��ف ووفقاً لما تس��مح به‬ ‫الظروف"‪..‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫سعاد يوسف‬

‫‪5‬‬


‫النظام ال�سوري‪ :‬عوامل الوهم(‪)3‬‬ ‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫املوالون «الأ�سد �أو نحرق البلد»‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫أنقل لك��م مقتطفاتٍ مم��ا أوردته‬ ‫صحيف��ة الديل��ي تلغ��راف ف��ي عدده��ا‬ ‫الص��ادر بتاري��خ ‪ 28‬تش��رين األول‬ ‫الماض��ي‪" :‬ع��ن دعم نظام األس��د‪ ،‬ظل‬ ‫ح��زب اهلل أح��د أش��د المؤيدي��ن لنظام‬ ‫الرئيس بش��ار األس��د‪ ،‬لكن حاليًا تدور‬ ‫مناقش��ات مري��رة داخ��ل صف��وف ه��ذا‬ ‫الح��زب حول م��ا إذا كان الوق��ت قد حان‬ ‫لتغيي��ر المس��ار‪ .‬وهن��اك راي��ة عمالقة‬ ‫معلق��ة م��ع ص��ورة لبش��ار األس��د عبر‬ ‫ش��ارع مزدحم في جنوب بي��روت كتبت‬ ‫عليها عب��ارات تعبر عن ال��والء للرئيس‬ ‫األسد وتلعن أعداءه‪ ،‬وفي مكان آخر في‬ ‫العال��م العربي يرفض األس��د باعتباره‬ ‫طاغي��ة دم��وي‪ ،‬لكن في جن��وب بيروت‬ ‫معقل حزب اهلل األسد ال يزال بطلاً ‪ .‬هذا‬ ‫المكان مضم��خ بذكريات الحوادث فعلى‬ ‫بعد بضعة ش��وارع منه‪ ،‬ظل تيري ويث‬ ‫الرهين��ة البريطاني أس��يرًا لم��دة أربع‬

‫س��نوات حتى تم إطالق سراحه في عام‬ ‫‪ ،1991‬ويق��ع بالقرب م��ن المكان موقع‬ ‫مذبح��ة صب��را وش��اتيال الش��هيرة حيث‬ ‫قت��ل ربما م��ا يصل إلى ‪ 3500‬ش��خص‬ ‫بواسطة الميليشيات الموالية إلسرائيل‬ ‫في عام ‪ .1982‬يعيش حس��ن نصر اهلل‬ ‫زعي��م ح��زب اهلل ف��ي م��كان قريب من‬ ‫تلك المنطقة في مجمع ش��قق س��كنية‬ ‫تخضع لحراس��ة مش��ددة ويمل��ك حزب‬ ‫اهلل ق��وات ش��رطة خاصة ب��ه بمالبس‬ ‫خاص��ة وتج��وب ه��ذه القوات الش��وارع‬ ‫التي تب��دو أكثر ازدحامًا من قلب بيروت‬ ‫بنواديها الليلي��ة ومحالت أزيائها‪ .‬وحزب‬ ‫اهلل بحاجة إل��ى المس��اعدة الالزمة من‬ ‫س��وريا المج��اورة ليصبح الق��وة األكبر‬ ‫في السياسة اللبنانية‪ ،‬ويمكنه دائمًا أن‬ ‫يعتمد على األس��رة الحاكمة في دمشق‬ ‫خالل حروبها مع إسرائيل‪.‬‬ ‫اآلن جاء دور األسد ليكون في حاجة‬

‫إلى الش��يعة في لبن��ان بالمقابل الذين‬ ‫ظلوا ف��ي معظمهم موالين له للحصول‬ ‫على الدعم اللوجس��تي والمعنوي وكي‬ ‫يقوموا حتى بإرسال مقاتلين للمشاركة‬ ‫ف��ي الح��رب األهلي��ة في س��ورية لقتل‬ ‫معارضيه‪ ..‬ولكن في لبنان هناك العديد‬ ‫م��ن المس��يحيين والمس��لمين الس��نة‬ ‫والش��يعة الذين تنامت الش��كوك لديهم‬ ‫حول بقاء األس��د عل��ى قيد الحي��اة بعد‬ ‫ش�لاالت الدماء التي أس��الها في س��وريا‬ ‫ووصل��ت تداعي��ات الح��رب األهلي��ة في‬ ‫سوريا إلى لبنان‪ ،‬ونما إلى علم صحيفة‬ ‫صن��داي تلغ��راف البريطاني��ة أن هناك‬ ‫مناقشات سرية مس��تعرة داخل صفوف‬ ‫ح��زب اهلل حول ما إذا كان الوقت قد حان‬ ‫لوقف دعم األس��د‪ .‬وبالنس��بة للكثيرين‬ ‫ف��ي جنوب بيروت‪ ،‬حي��ث يدير حزب اهلل‬ ‫المستش��فيات والم��دارس ومجموع��ات‬ ‫النظافة‪ ،‬ويدفع المعاشات ألسر الضحايا‬

‫م��ن مقاتلي��ه‪ ،‬ف��إن التخلي عن س��وريا‬ ‫بشار األسد أمر غير وارد‪.‬‬ ‫لكن هن��اك وجه��ات نظ��ر متباينة‬ ‫حي��ث يق��ول البعض إن��ه ينبغ��ي لنا أن‬ ‫الضغط م��ن أجل التوصل إلى تس��وية‬ ‫ف��ي س��ورية ولي��س اإللحاح عل��ى بقاء‬ ‫األس��د كما ورد في أقوال أحد اللبنانيين‬ ‫ممن لهم صلة بدوائ��ر حزب اهلل العليا‪.‬‬ ‫بعض أعضاء حزب اهلل بمن فيهم رجال‬ ‫دين باتوا يخشون من أن دعمهم لألسد‬ ‫يجره��م نحو معارك خطي��رة مع العرب‬ ‫الس��نة ف��ي الجان��ب اآلخ��ر ويعمق من‬ ‫االنقسام الطائفي‪.‬‬ ‫ويقول بع��ض الموالين لحزب اهلل‬ ‫إن��ه بات اآلن من المه��م وضع حد لدعم‬ ‫األس��د‪ ،‬بحي��ث يمك��ن تش��كيل عالق��ة‬ ‫جدي��دة م��ع كل م��ن يأتي إلى الس��لطة‬ ‫في س��وريا القادمة‪ .‬وهناك وعي داخل‬ ‫إي��ران وح��زب اهلل بأنه س��تكون لديهم‬ ‫مواجه��ة م��ع الس��نة‪ ،‬أو عليه��م العمل‬ ‫بالمقابل ل��ردم الفجوة بي��ن الطرفين‪.‬‬ ‫ويقول مصدر شيعي في لبنان إن هناك‬ ‫عالقة مباش��رة بين مس��تقبل حزب اهلل‬ ‫والشيعة ومستقبل سوريا فإذا كان ال بد‬ ‫من تضحية فال بد من التضحية ببش��ار‬ ‫األسد ال التضحية بسوريا‪.‬‬ ‫والعالم��ة األكث��ر دراماتيكي��ة من‬ ‫المعارض��ة داخ��ل ح��زب اهلل ه��و إلغاء‬ ‫مؤتم��ر الحزب الق��ادم ال��ذي كان يعقد‬ ‫ع��ادة م��رة كل ث�لاث س��نوات‪ ،‬وه��ي‬ ‫المرة األولى التي يت��م فيها تأجيل ذلك‬ ‫المؤتمر‪ .‬والتفس��ير الرسمي لإللغاء هو‬ ‫أنه سيكون هناك خطر أمني‪.‬‬ ‫ولكن سياس��يًا ش��يعيًا م��ن عائلة‬ ‫سياس��ية هامة ق��ال‪« :‬إن حزب اهلل غير‬ ‫ق��ادر عل��ى عقد مؤتم��ره ألنه يخش��ى‬ ‫أن عضويت��ه لن تس��تطيع االتفاق على‬ ‫س��وريا»‪ .‬وق��ال إن أق��وى خ�لاف بي��ن‬ ‫عضوي��ة ح��زب اهلل ه��و الخ�لاف بي��ن‬ ‫المدنيي��ن الذي��ن ه��م أكثر مي�ًل�اً لقطع‬ ‫الصل��ة مع نظام بش��ار األس��د؛ والجناح‬ ‫العس��كري القوي في الحزب وهو الجناح‬ ‫ال��ذي يتلق��ى تدريب��ه وتعاليم��ه م��ن‬ ‫إي��ران وهو الجناح الذي ال زال من أش��د‬ ‫الموالين للنظام الس��وري‪ .‬وقال مصدر‬ ‫متابع لما يجري أنه س��مع أن االنقس��ام‬ ‫ح��اد بين الف��رع المدني لح��زب اهلل في‬ ‫لبن��ان والعس��كريين داخل الح��زب وأن‬ ‫حس��ن نصر اهلل قرر إلغاء المؤتمر ألنه‬ ‫قل��ق من أال يخرج الح��زب بقرار نهائي‪.‬‬ ‫وعبر حس��ن نصر اهلل عن والئه للنظام‬ ‫الس��وري علنً��ا ع��دة م��رات ف��ي بداية‬ ‫األزم��ة لكنه أظهر حماسً��ا أق��ل للقيام‬ ‫بذلك مؤخ��رًا‪ .‬حزب اهلل منقس��م حول‬ ‫هذا األمر"‪.‬‬ ‫كان��ت ه��ذه المقالة ه��ي المقدمة‬ ‫المناس��بة لملفنا الي��وم‪ ،‬فحتى حزب اهلل‬ ‫المرتب��ط عضوياً م��ع النظام الس��وري‪،‬‬ ‫بش��كل‬ ‫وال��ذي يط��ل علين��ا أمينه العام‬ ‫ٍ‬ ‫دوري ليبشرنا بأن هذا النظام لن يسقط‪،‬‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫بعد إس��قاط طائرته وجاؤوا به معصوب‬ ‫العيني��ن وهو في حالة ف��زع ليقف أمام‬ ‫الكاميرا حيث سألته المراسلة الصحفية‬ ‫أنيت��ا ماكن��وت مراس��لة إح��دى القنوات‬ ‫التلفزيوني��ة‪ :‬لم��اذا فعلت ذل��ك؟ فأجاب‬ ‫بعصبي��ة‪« :‬قال��وا لن��ا هن��اك إرهابيون‬ ‫مس��لحون‪ ،‬ومدينة الباب أصبحت خالية‬ ‫من المدنيي��ن»‪ .‬وأوضح أن��ه تم إبالغه‬ ‫ب��أن المقاتلي��ن كان��وا ليبيي��ن وم��ن‬ ‫الشيشان وأفغانس��تان‪ .‬واستطرد قائ ًال‪:‬‬ ‫«ق��ال لنا قادتنا ذلك‪ ،‬ونحن ال نس��تطيع‬ ‫رؤية أي ش��يء على أرض الواقع‪ ،‬فنحن‬ ‫ال نذهب خارج القاعدة الجوية»‪.‬‬ ‫أم��ا من ال تربط��ه بالنظام عالقات‬ ‫نفعي��ة أو عضوي��ة‪ ،‬فيب��دو مثي��راً‬ ‫لالس��تغراب الم��واالة لحاك��م يري��د أن‬ ‫ٍ‬ ‫يدخل التاري��خ على أنه الرجل الذي دمر‬ ‫المدن الس��ورية كافة‪ ،‬وهجر الماليين‪،‬‬ ‫وأفقر الشعب‪ ،‬لقتال مجموعاتٍ مسلحة‬ ‫ال تملك س��وى الس�لاح الخفي��ف‪ ،‬وبقي‬ ‫ج��ز ٌء من مواطنيه يؤيدون��ه حتى اليوم‬ ‫األخير‪.‬‬ ‫يذك��ر الكواكبي ف��ي كتابه "طبائع‬ ‫االس��تبداد" أثر المس��تبد عل��ى األخالق‬ ‫العام��ة‪ ،‬عل��ه يس��اعدنا عل��ى ح��ل لغز‬ ‫الم��واالة العمياء لش��خص‪" :‬االس��تبداد‬ ‫َق َل��بَ الحقائ��قَ فجع��ل الرعي��ة خادمة‬ ‫للراعي" ولعل أخطر آثار االس��تبداد هو‬ ‫أثرها على األخالق‪ ،‬فاالس��تبداد المدمر‬ ‫للبنية األخالقية في المجتمع يس��ير في‬ ‫مراحل ثالث‪:‬‬ ‫المرحل��ة األول��ى ه��ي إضع��اف‬ ‫منظومة األخالق في المجتمع‪ ،‬ثم تأتي‬ ‫المرحل��ة الثاني��ة وهي إفس��اد األخالق‪،‬‬ ‫ثم يقوم االستبداد في المرحلة األخيرة‬ ‫بالقض��اء التام على األخ�لاق‪ ،‬ومن أبرز‬ ‫اس��تنباطات الكواكب��ي ألث��ر االس��تبداد‬ ‫عل��ى المنظوم��ة األخالقي��ة أن��ه أش��ار‬ ‫بوض��وح إلى تغيي��ر مفاهي��م الصفات‬ ‫الخلقية التقليدية الراس��خة والتعريفات‬ ‫األساس��ية لمنظوم��ة األخ�لاق‪ ،‬وكي��ف‬ ‫استبدلت بفعل االس��تبداد بحيث ظهرت‬ ‫تعريفات جديدة لألخالق منها‪:‬‬ ‫طالبُ الحق أصبح في عهد المستبد‬ ‫لي��س مظلوم��ًا يس��تحق اإلنص��اف‪ ،‬بل‬ ‫فاج��راً‪ ،‬وأصب��ح ت��ارك حقه مطيع��اً‪ ،‬أما‬ ‫المش��تكي المظلوم فقد ص��ار في زمن‬ ‫المس��تبد مفس��داً‪ ،‬أم��ا النبي��هُ المفك��ر‬ ‫ُ‬ ‫والخامل في عهد‬ ‫المستقصي فهو ملحد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الشهامة فهي‬ ‫إنسان صالح‪ ،‬أما‬ ‫المستبد‬ ‫ٌ‬ ‫تجبُّر‪ ،‬والحَمِ ِّية حماقة‪ ،‬والرحمة مرض‪،‬‬ ‫والنفاق سياسة‪ ،‬واالحتيال والكذب والمكر‬ ‫كياس��ة‪ ،‬أما الحقارة والدناءة فهي لطف‪،‬‬

‫وكذلك فإن النذال��ة دماثة‪ ،‬وهو يعرض‬ ‫بعد ذلك ق��و ًال مغلوط��ًا يتناقله كثيرون‬ ‫من الع��وام حين يقولون‪ :‬إن االس��تبداد‬ ‫يقلل الجرائم ويزيل الفس��وق والفجور‬ ‫فيرد‪" :‬ه��ذا ٌ‬ ‫قول مغلوط ألن االس��تبداد‬ ‫ضي��ق وخوف‪ ،‬وليس‬ ‫يقلل الجرائم عن‬ ‫ٍ‬ ‫عن عفة وتدين وأخ�لاق"‪ ،‬وهناك فرقٌ‬ ‫بي��ن األمرين‪ ،‬فتقليل الجرائم عن خوف‬ ‫وفقر ه��و أمرٌ طارئ‪ ،‬أم��ا إزالة الجرائم‬ ‫عن تعفف وخل��ق فهو المطلوب‪ .‬وكذلك‬ ‫يقولون بأن االس��تبداد يقل��ل العقوبات‪،‬‬ ‫غي��ر أن الحقيقة ف��ي رأي الكواكبي هي‬ ‫أن العقوبات ُّ‬ ‫يَقِل تعديدها ال عددها‪ ،‬أي‬ ‫أنها تستمر كما هي ولكن في الخفاء!"‪.‬‬ ‫في س��وريا وخالل الخمس��ين عامًا‬ ‫الماضي��ة ارتبط��ت مؤسس��ات الدول��ة‬ ‫وأجهزته��ا بأش��خاص أتوا إلى الس��لطة‬ ‫بش��كل غي��ر ديمقراط��ي بع��د انقالب‬ ‫عس��كري‪ ،‬فتبدل��ت الس��لطة وتغي��ر‬ ‫وجهها وظهر مس��ؤولون ج��دد يقودون‬ ‫المؤسسات واألجهزة واإلدارات العليا في‬ ‫المجتمع‪ ،‬تم اختيارهم العتباراتٍ ذاتية‬ ‫تخدم الس��لطة كالوالء واإلخالص دونما‬ ‫مراعاة للكف��اءة والموضوعية‪ .‬وبالتالي‬ ‫تحول المجتمع حس��ب‏م��ا يحمله هؤالء‬ ‫من أفكار ومفاهيم وتصورات وبحس��ب‬ ‫م��ا يعتنقون��ه من مبادئ وأح��كام وقيم‬ ‫سياسية واقتصادية وثقافية‪ ،‬مما شكل‬ ‫نمط��ًا‏للنظ��ام ونوع��ًا للس��لطة يرتبط‬ ‫بأش��خاص ارتباطًا وثيق��ًا متالزماً‪ ،‬حتى‬ ‫أن��ه يصعب التميي��ز والتفري��ق بين أي‬ ‫منهما (النظام ‪ -‬األش��خاص)‏حيث س��اد‬ ‫ال��رأي الواح��د والفكرة الواح��دة والقرار‬ ‫الواحد والكيفية الواحدة والموقف الواحد‬ ‫لتت��وارى (خل��ف ذل��ك االس��تبداد بالرأي‬ ‫‏والكيفي��ة والق��رار) الخب��رة والمش��ورة‬ ‫والتعدد واالختيار لينقلب األمر بعد ذلك‬ ‫إلى اغتيال للرأي اآلخر ومصادرة لحرية‬ ‫التعبير عنه‪.‬‏‬ ‫وبع��د أن ت��م اإلجه��از عل��ى الرأي‬ ‫اآلخ��ر تمام��ًا‪ ،‬وبس��بب غي��اب الحقيقة‪،‬‬ ‫بدأت الجماهير تق��اد ضد مصالحها‪ ،‬بل‬ ‫باتت تقود نفس��ها ضد مصالحها أحياناً‪،‬‬ ‫فبس��بب غياب الحقيقة ‏وعدم المعرفة‪،‬‬ ‫وبفعل ق��وة الدعاي��ة وجاذبيته��ا تخرج‬ ‫الجماهير في مس��يرات التأييد للسلطة‬ ‫ومس��يرات االس��تنكار ضد ال��رأي اآلخر‬ ‫‏المخالف للس��لطة‪ ..‬وبسبب قوة الدعاية‬ ‫وجاذبيتها تغتصب السلطة االستفتاءات‬ ‫على القوانين وعلى مناصب السلطة بل‬ ‫على قمة‏السلطة ذاتها‪.‬‏‬ ‫وم��ن هن��ا ول��د الطغي��ان‪ ..‬طغيان‬ ‫الس��لطة الت��ي تمل��ك وحده��ا الحقيقة‬

‫فتحولها إلى قوة وإلى عس��ف واس��تبداد‬ ‫وابتزاز للجماهير‪ .‬ألن‏الس��لطة تريد أن‬ ‫تظه��ر قوتها ف��ي المجتمع وأن يحس��ب‬ ‫لها الناس ألف حس��اب ولذلك فهي تكثر‬ ‫من اس��تعراضات الق��وة‪ ..‬ق��وة الجيش‬ ‫قوة‏الش��رطة قوة األم��ن المركزي قوة‬ ‫األجه��زة األيديولوجية قوة الدعاية التي‬ ‫تص��ل أحيان��اً إلى حد التضلي��ل والدجل‬ ‫والزيف لتخلو الس��احة‏من أي قوة أخرى‬ ‫وم��ن أي رأي آخ��ر م��ن أي نق��د ومن أي‬ ‫ممارسة حقيقية للحرية‪.‬‏‬ ‫ألن ق��وة الدعاي��ة واتس��اع حج��م‬ ‫الزيف الذي قد تمارسه السلطة يحجبان‬ ‫الحقيق��ة‪ ..‬حقيق��ة الس��لطة‪ ..‬إل��ى حد‬ ‫يص��ل إل��ى درجة يب��رر فيه��ا‏المواطن‬ ‫نفس��ه تصرف��ات وممارس��ات الس��لطة‬ ‫حت��ى انحرافاته��ا وأخطائه��ا ويج��د لها‬ ‫الع��ذر فيم��ا تفعله وتقوم ب��ه بل يظن‬ ‫في أحيان كثيرة –‏حيال تصرف السلطة‬ ‫– أن في األمر سياس��ة وحكم��ة وتدبيراً‬ ‫ال يدريه��ا هو‪ ،‬ألنه ال يرى من الس��لطة‬ ‫إال ظاهرها‪ -‬وال يس��مع من‏السياسة إال‬ ‫ما يعلن عنه��ا‪ ..‬فالمواطن الذي يدري ال‬ ‫يجد من يس��معه وال من يصدقه بسبب‬ ‫ق��وة الدعاية وال يجد م��ا يفعله في ظل‬ ‫الوه��م‏الكبي��ر ال��ذي تنش��ئه الدعاي��ة‬ ‫ويغطيه الزيف بستار كثيف‪.‬‏‬ ‫والجماهير بعد تزييف وعيها تصبح‬ ‫كائن��ًا انفعالي��ًا غير منطق��ي يميل إلى‬ ‫التحيز على أس��اس عاطفي وحماس��ي‪،‬‬ ‫ويمي��ل إل��ى االندف��اع في االتج��اه الذي‬ ‫يحدده له من قاموا بتزييف وعيه‪ .‬وهذا‬ ‫الس��لوك الجماهي��ري يس��تمر على هذا‬ ‫النحو إلى أن تكتش��ف الجماهير أنها قد‬ ‫غرر بها أو خدعت‪ ،‬وحينئذ يتغير مسارها‬ ‫وتنقض بال رحمة على من غرروا بها أو‬ ‫خدعوها وقد يحدث هذا التحول بس��بب‬ ‫كارث��ة كب��رى تق��ع "هزيمة عس��كرية‬ ‫س��احقة أو انهيار اقتص��ادي يهدد لقمة‬ ‫العيش" أو بس��بب تراكم جرعات الوعي‬ ‫الت��ي يبثها بعض المصلح��ون من أبناء‬ ‫الشعب‪..‬‬ ‫ولس��نا هن��ا بصدد تجري��د المواالة‬ ‫من صف��ات الوع��ي‪ ،‬فالمواالة ق��د تنبع‬ ‫م��ن معطي��اتٍ أخالقي��ة‪ ،‬منه��ا الح��س‬ ‫الوطن��ي الفطري للس��وريين‪ ،‬وخوفهم‬ ‫م��ن الطائفي��ة‪ ،‬أو التدخ��ل الخارج��ي‪،‬‬ ‫مم��ا دعاه��م لم��واالة النظ��ام‪ ،‬إال أن��ه‬ ‫وبعد الجرائم المتسلس��لة التي ارتكبها‬ ‫النظام‪ ،‬بحق سوريا البشر والحجر‪ ،‬كيف‬ ‫لموال تبرير موقف��ه اليوم وغداً‪ ..‬وحده‬ ‫ٍ‬ ‫التاريخ‪ ،‬هو الحكم‪..‬‬ ‫يرونه بعيداً ونراه قريباً‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫بدأ باالس��تعداد وإعادة التموضع‪ ،‬تماشيًا‬ ‫مع مرحلةٍ قادم��ة ال محالة‪ ،‬فبعد عامين‬ ‫تقريباً من القمع والبطش البربري فشل‬ ‫النظ��ام في قمع الث��ورة‪ ،‬أو القضاء على‬ ‫العصابات المسلحة بحسب زعمه‪ ،‬والتي‬ ‫على افتراض وجودها فهو المسؤول عنها‬ ‫بالمعنى القانوني‪ ،‬اس��تناداً للمس��ؤولية‬ ‫التقصيري��ة‪ ،‬فنظام نخر الفس��اد أركانه‬ ‫ه��و المس��ؤول األول واألخير ع��ن تدفق‬ ‫الس�لاح والمقاتلي��ن لألراضي الس��ورية‬ ‫ودائماً بحسب مزاعم النظام‪..‬‬ ‫يبقى الس��ؤال الملح ع��ن الموالين‬ ‫لنظ��ام األس��د ومعن��ى مواالته��م‬ ‫الش��خصية لذاتٍ ال تخطئ تعود بنا إلى‬ ‫عهود الحاكم اإلله وإل��ى الدولة األولى‪،‬‬ ‫وإن كان احت��رام االخت�لاف بال��رأي أحد‬ ‫ركائز أي مناخ ديمقراطي مدني‪ ،‬إال أننا‬ ‫الي��وم نبحث في معنى المواالة اس��تناداً‬ ‫إلى يقينية عدم وجود مواالة أبدية‪ ،‬في‬ ‫أي مجتمع متمدن‪ ،‬فالمواالة والمعارضة‬ ‫ليس��ت صفةٍ ثابتة في اإلنسان‪ ،‬فتتغير‬ ‫تبعًا للتداول الس��لمي للس��لطة‪ ،‬وبذلك‬ ‫تك��ون م��واالة لفك��ر أو نه��ج أو ح��زب‪..‬‬ ‫أما ش��عار األس��د أو نحرق البلد فبحاجة‬ ‫لقراءة متأنية من قبل المنادين به‪..‬‬ ‫عن الكاتب الكبير فواز طرابلس��ي‬ ‫وم��ن مقالته في جريدة الس��فير بتاريخ‬ ‫‪ 30‬آذار ‪ 2011‬أنقل‪" :‬مهما يكن من أمر‬ ‫تتبادر إلى الذهن جملة من األسئلة عند‬ ‫المقارنة بين الكثرة التي غطت الشوارع‬ ‫الس��ورية وساحاتها‪ ،‬وبين ما سبقها من‬ ‫التظاهرات األكث��ر تواضعاً للمعارضين‪،‬‬ ‫هل الموالون أعلنوا تأييدهم الس��تمرار‬ ‫حالة الطوارئ مث� ً‬ ‫لا‪ ،‬هل هم مطمئنون‬ ‫إل��ى أن رف��ع األج��ور وتوزي��ع بع��ض‬ ‫األم��وال عل��ى الفق��راء يكفيان لرس��م‬ ‫سياس��ة اجتماعي��ة ج��ادة؟ وباختص��ار‪:‬‬ ‫مَن بي��ن المتظاهرين الموالين س��وف‬ ‫يعارض الرئيس األسد لو طبق البرنامج‬ ‫اإلصالحي ال��ذي ينادي ب��ه مواطنوهم‬ ‫من المعارضة؟"‪.‬‬ ‫ولس��نا هنا بصدد الحديث عن فئة‬ ‫صغيرة م��ن المنتفعين م��ن النظام‪ ،‬أو‬ ‫المتورطي��ن مع��ه في جرائم��ه‪ ،‬فهؤالء‬ ‫ليست مواالتهم رأيًا أو خياراً‪ ،‬وإنما دفاع‬ ‫ع��ن مصالحهم الذاتي��ة‪ ..‬وال عن بعض‬ ‫ِّ‬ ‫المحللين السياس��يين الس��وريين وغير‬ ‫لنظام األسد‪ ،‬الذين‬ ‫الموالين‬ ‫السوريين‬ ‫ِ‬ ‫كثيراً م��ا تثير تصريحاتهم االس��تهجان‬ ‫يدع��ون‬ ‫واالس��تغراب والضح��ك‪ ،‬حي��ث‬ ‫َ‬ ‫أن كل م��ا يحدث في س��وريا م��ن هَبَّة‬ ‫جماهيري��ة جبارة وثورة ش��عبية عارمة‬ ‫ضد هذا النظام وفساده وظلمه وبطشه‬ ‫بالمواطني��ن ه��و مؤام��رة إمبريالي��ة‬ ‫صهيوني��ة ‪ -‬مؤام��رة تركي��ة وعربي��ة‬ ‫عميلة وإسرائيلية تستهدف نظام البعث‬ ‫السوري القومي التقدمي والوطني قلب‬ ‫العروب��ة النابض الذي يكاف��ح ويناضل‬ ‫من أج��ل العروب��ة والقضاي��ا والحقوق‬ ‫العربي��ة وتحري��ر األراض��ي المحت ّل��ة‪،‬‬ ‫فهؤالء ي��ؤدون عم ًال يأخذون ب��د ًال ماليًا‬ ‫عن كل ظهور إعالمي أو صحفي‪..‬‬ ‫وال ع��ن بعض العس��كريين الذين‬ ‫بات��ت األش��رطة المس��ربة م��ن قبلهم‬ ‫وبال��ذات تلك التي تفض��ح إمطار المدن‬ ‫والحواضر السورية بالبراميل المتفجرة‪،‬‬ ‫فه��ؤالء إم��ا متورط��ون مع النظ��ام في‬ ‫جرائم��ه أو ال يعتقدون أنه��م بأفعالهم‬ ‫ه��ذه يقتل��ون المدنيي��ن األبري��اء على‬ ‫اإلط�لاق‪ .‬كح��ال النقي��ب طيار"رون��ي‬ ‫إبراهي��م" الذي كان يق��ود طائرة الميج‬ ‫المقاتل��ة‪ ،‬وذه��ب بحمول��ة طائرته من‬ ‫القناب��ل إلى خارج مدينة الباب بش��مال‬ ‫سوريا وهي مدينة يسيطر عليها الثوار‪،‬‬ ‫وأرس��ل قناب��ل طائرته تنفي��ذاً لألوامر‬ ‫الص��ادرة إلي��ه فقصف األحي��اء والقرى‬ ‫الس��كنية المدنية‪ .‬وقبض علي��ه الثوار‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫من الثورة �إىل ال�صراع‪:‬‬ ‫بني ع�سكرة الثورة وثورة الع�سكر‬

‫خالد كنفاني‬

‫يوم��ًا بعد يوم تتكش��ف خي��وط اللعبة‬ ‫الدولي��ة الكبيرة في س��وريا‪ ،‬ول��م تكن آخر‬ ‫حلقات هذا المسلسل إعالن الليدي كلينتون‬ ‫ع��ن أنه "لم يع��د باإلمكان اعتب��ار المجلس‬ ‫الوطن��ي قائداً للمعارضة"‪ ،‬ف��ي حين عبرت‬ ‫عن "قلقها من تس��رب متطرفين إلى سوريا‬ ‫يعمل��ون عل��ى تحوي��ل الص��راع لصالحهم"‬ ‫وهي بذل��ك تتقارب مع الموقفين الروس��ي‬ ‫والصين��ي ب��د ًال مم��ا كان يتوقع��ه بع��ض‬ ‫قصيري النظر (معارضو الفنادق والمجالس)‬ ‫من حماس��ة أمريكية بأدوات خليجية تركية‬ ‫لقلب الطاولة على نظام األسد ومن وراءه‪.‬‬ ‫قام كاتب هذه السطور بدراسة معمقة‬ ‫للحال��ة العراقي��ة بين أع��وام ‪ 2003‬و‪2007‬‬ ‫عل��ى خلفي��ة االحت�لال األمريكي وس��قوط‬ ‫نظام صدام حسين‪ ،‬وقد توقعنا منذ البداية‬ ‫أنه إن لم يتم الحسم سريعاً في سوريا فإن‬ ‫النموذج العراقي س��يكون األق��رب للتطبيق‬ ‫في س��وريا‪ :‬جماع��ات متفرق��ة متقاتلة كل‬ ‫منه��ا تتلقى تموي� ً‬ ‫لا وتوجيه��ات من أطراف‬ ‫مختلف��ة ومتعارضة األهداف ف��ي كثير من‬ ‫األحي��ان‪ .‬آن��ذاك خرج الكثيرون م��ن جهابذة‬ ‫المعارض��ة وصواريخها الصوتي��ة ليقول أن‬ ‫س��وريا ليس��ت العراق وأن الش��عب السوري‬ ‫مختلف عن العراقي وأن الحالتين مختلفتين‬ ‫تمام��اً إلى آخ��ر ما هنالك من س��خافات تدل‬ ‫على قصر النظر السياسي وضعف المعرفة‬ ‫التاريخية واإلصرار عل��ى طمر الرؤوس في‬ ‫الرم��ال كالنع��ام واالدع��اء بعدم وج��ود أية‬ ‫إشكاالت‪.‬‬ ‫وس��ط كل هذا الضجيج انتفض وزير‬ ‫الخارجية السعودي من إحدى غفواته الكثيرة‬ ‫ولوّح بتزويد المعارضة الس��ورية بالس�لاح‬ ‫(أية معارضة وأية أسلحة) ثم اختفى بعدها‬ ‫مدش��ناً عه��داً جديداً ف��ي حياة ه��ذه الثورة‬ ‫اليتيمة وهو المساعدات بالتنقيط‪ .‬وقد يبدو‬ ‫التش��بيه غريباً أو مزعجًا ولكن هذا ما كان‪،‬‬ ‫وبدأت تظهر على الس��احة مجالس ش��ورى‬ ‫المجاهدي��ن وألوية توحي��د وقعقاع وكتائب‬ ‫مجاهدين وجبهات نصرة مدعومة بالتوجيه‬ ‫"الشرعي" المناسب من قنوات "الدم السنّي‬ ‫واح��د" والتركيز اإلعالمي األح��ادي من قناة‬ ‫"العربي��ة" التي فق��دت كل مهنيتها واختارت‬ ‫إرض��اء مجل��س الممولي��ن عل��ى الحرفي��ة‬ ‫اإلعالمية‪.‬‬ ‫يقوم المجلس الوطني الس��وري اليوم‬ ‫"بتحميل المجتمع الدولي مسؤولية التطرف‬ ‫في س��وريا" ف��ي تعليق��ه عل��ى تصريحات‬ ‫كلينتون وكأنهم نس��وا ف��ي غمرة جوالتهم‬ ‫الس��ياحية أنه��م عندما قرروا ف��ي لحظة ما‬ ‫النف��خ في مس��ألة التس��ليح إرض��اء لبعض‬ ‫مموليه��م وم��ن يس��تضيفهم ويتحم��ل‬ ‫صراخه��م وعويلهم الفارغ من أي مضمون‪،‬‬ ‫نق��ول أنه��م نس��وا أن النتيج��ة الحتمي��ة‬ ‫للتس��ليح العش��وائي هي الفوضى العارمة‪،‬‬ ‫ذلك أن حامل البندقي��ة دائمًا على حق وهو‬ ‫ما أثبتته التجارب التاريخية القريبة والبعيدة‬ ‫وهكذا سيخرجون من استبداد واحد ليدخلوا‬ ‫في نفق آالف المستبدين الذين يرون فرض‬ ‫أجنداتهم بقوة السالح‪.‬‬ ‫ل��ن نذهب بعي��داً في االستش��هاد على‬ ‫م��ا نقول‪ ،‬فق��د ت��م تعطي��ل التصويت على‬ ‫الحكوم��ة الليبية الجديدة ثالث مرات بس��بب‬ ‫اقتح��ام المحتجي��ن عل��ى التش��كيلة لمق��ر‬ ‫المؤتم��ر الوطني الع��ام كان آخره��ا اقتحامًا‬

‫مس��لحًا م��ن قب��ل "ثوار س��ابقين" كم��ا يتم‬ ‫وصفهم اليوم ومن قب��ل آخرين لم تعجبهم‬ ‫بع��ض العناصر في الحكوم��ة وذلك بعد منح‬ ‫الحكومة الثقة‪ .‬وهكذا يعيش السياسيون في‬ ‫واد والمس��لحون والناس في واد آخر واالثنان‬ ‫ي��زدادان تباع��داً والهوة تزداد بي��ن الطرفين‬ ‫ألن السياس��يين وصلوا إلى مناصبهم بفضل‬ ‫المس��لحين بينما يعتبر المس��لحون أنفسهم‬ ‫أصحاب الفضل األول وأصحاب الس��بق وعليه‬ ‫يجب أن يؤخذ رأيهم في كل ش��يء‪ .‬وإذا كان‬ ‫هن��اك م��ن عاق��ل ف��ي المعارضة الس��ورية‬ ‫يس��تطيع رؤي��ة م��ا يج��ري حول��ه بالطريقة‬ ‫السليمة فعليه أن يفهم أن الوضع في سوريا‬ ‫س��يكون أكثر تعقيداً بكثير ه��ذا إذا افترضنا‬ ‫أن سوريا ستستمر بشكلها وكيانها السياسي‬ ‫والجغراف��ي الحال��ي وه��و ما نش��ك فيه بعد‬ ‫انفجار حالة االس��تقطاب غير المس��بوق بين‬ ‫كافة مكونات المجتمع التي لم تكن باألساس‬ ‫منسجمة وال متعايشة إال بالقوة‪.‬‬ ‫وتذهب بعض النظريات أبعد من ذلك‬ ‫عبر اعتبار ما يحدث اليوم انقالباً من بعض‬ ‫األطراف التي كانت تتلقى الدعم من النظام‬ ‫فيم��ا مضى‪ ،‬وأب��رز هؤالء محافظ��ات درعا‬ ‫ودي��ر الزور وإدل��ب وريف حل��ب وريف حماة‬ ‫وري��ف حمص‪ ،‬وه��و ما يتضح من شراس��ة‬ ‫المواجهات المس��لحة بين النظام والثوار في‬ ‫هذه المناطق أكثر من غيرها‪ .‬فمن المعلوم‬ ‫أن غالبية جهاز الش��رطة ه��م من محافظة‬ ‫إدل��ب كم��ا أن الكثيري��ن م��ن المعتقلي��ن‬ ‫الس��ابقين ذك��روا أن نس��بة مهم��ة م��ن‬ ‫الشرطة العسكرية ومن يمارسون التعذيب‬ ‫ف��ي المعتق�لات كانت من أبن��اء المحافظات‬ ‫الش��رقية‪ ،‬فمن المع��روف أن النظ��ام وعبر‬ ‫محاوالت��ه إح��كام الس��يطرة عل��ى س��وريا‬ ‫عم��ل بمب��دأ "فرق تس��د" فكان أن اس��تمال‬ ‫المحافظ��ات النامية واألري��اف عبر الوظائف‬ ‫الحكومي��ة والعس��كرية‪ ،‬واس��تمال تج��ار‬ ‫المدن الكبرى دمش��ق وحلب عبر التسهيالت‬ ‫التجاري��ة‪ ،‬ولم ينس اس��تمالة رج��ال الدين‬ ‫الس��تكمال صورة الحكم "المثال��ي" الذي ال‬ ‫يش��قه غبار‪ .‬ونحن ال ننكر هنا استعداد كل‬ ‫هؤالء باألس��اس للتعاون م��ع النظام مقابل‬ ‫المكاسب التي حصلوا عليها‪.‬‬ ‫ولدى قي��ام الثورة‪ ،‬كان��ت المحافظات‬ ‫الت��ي ذكرناها من أوائل من حملوا الس�لاح‪،‬‬ ‫بينم��ا أبق��ت المدن الكب��رى عل��ى تحفظها‬ ‫وحذرها وهو لي��س غريباً فرأس المال دومًا‬ ‫جب��ان‪ .‬وكانت ال��دالالت واضحة ح��ول تغير‬ ‫المع��ادالت المجتمعي��ة وانهي��ار المنظوم��ة‬ ‫التلفيقي��ة المعقدة التي بناه��ا النظام عبر‬ ‫العق��ود الماضي��ة‪ ،‬فث��ار ه��ؤالء للبحث عن‬ ‫صيغ��ة جدي��دة بينما انس��حب تج��ار المدن‬ ‫الكب��رى م��ن المش��هد تمام��ًا وم��ن البل��د‬ ‫بأكمل��ه عبر نقل أعمالهم إل��ى الخارج وبيع‬ ‫ممتلكاتهم ف��ي حين آثر غالبية رجال الدين‬ ‫إما الحيادي��ة الصوفية المنفصلة عن الواقع‬ ‫أو البقاء مع النظام "درءاً للفتنة"‪.‬‬ ‫عندم��ا نق��وم بدراس��ة أي��ة ظاه��رة‬ ‫سياس��ية أو اقتصادية علينا أال نغفل العامل‬ ‫االجتماع��ي المتغلغل ف��ي كل ما يحيط بنا‪.‬‬ ‫وهو مع األس��ف م��ا أهمله غالبي��ة الباحثين‬ ‫والمفكرين العرب عبر التاريخ الحديث‪ .‬وبناء‬ ‫على ذل��ك كان يتم تفس��ير أح��داث التاريخ‬ ‫إم��ا وفق نظرية المؤام��رة أو وفقاً لمعادالت‬ ‫محلي��ة ودولي��ة بينم��ا كان يت��م إس��قاط‬

‫الجان��ب االجتماع��ي تمام��ًا من أية دراس��ة‬ ‫أو تحلي��ل للظواه��ر التاريخي��ة واألح��داث‬ ‫السياس��ية‪ .‬ونح��ن نحاول هن��ا التغلغل في‬ ‫ثنايا الثورة الس��ورية لتفكي��ك ألغازها التي‬ ‫ب��دأت تس��تعصي على الفهم ف��ي كثير من‬ ‫جوانبها‪.‬‬ ‫تتحول منطقة الحدود السورية التركية‬ ‫يوم��ًا بعد يوم إل��ى مزار س��ياحي وإعالمي‬ ‫للراغبين في بعض اإلث��ارة والتقاط الصور‬ ‫مع المس��لحين بينما يبحث المراس��لون عن‬ ‫أي س��بق صحف��ي ألن المنطق��ة أصبح��ت‬ ‫بالفع��ل مرك��زاً مهم��اً وذات نش��اط ملفت‪.‬‬ ‫يح��دث ه��ذا بينما ال ي��زال أكثر من عش��رة‬ ‫آالف س��وري عالقين عل��ى الحدود ألن تركيا‬ ‫التي تحاول التس��ول من أي أحد على حساب‬ ‫خيام الس��وريين وأكي��اس طعامهم ال تزال‬ ‫تبحث لهم عن تأش��يرات‪ .‬وهكذا يقبع مئات‬ ‫الضب��اط والعس��كريين المنش��قين ليدخنوا‬ ‫س��جائرهم ويتله��وا ف��ي المس��اء ببع��ض‬ ‫المكالم��ات الفارغ��ة عبر س��كايب مع قنوات‬ ‫تحاول أن تش��تري أي شيء يختص بسوريا‪،‬‬ ‫ويبدؤون بالحديث عن أمور ال يفهمونها وعن‬ ‫معلومات هم أبعد ما يكون عن مصادرها‪.‬‬ ‫يحدث كل ذلك بينما يزداد عدد الكتائب‬ ‫والفرق المقاتلة بشكل مطرد مع الزمن ومع‬ ‫التموي��ل‪ .‬ويقوم "أب��و إبراهي��م" باختطاف‬ ‫الصحف��ي ف��داء العيتاني "للتأك��د من عدم‬ ‫صلته بحزب اهلل"! بينما ينتش��ر الخطف بين‬ ‫األح��زاب الكردية وكتائب الجي��ش الحر في‬ ‫ريف حلب ب��ل ويموت أحد األكراد من ش��دة‬ ‫التعذي��ب بحس��ب المرصد الس��وري لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ .‬أما الخطف بهدف المال فقد أضحى‬ ‫البزن��س رق��م واح��د ف��ي س��وريا بطوله��ا‬ ‫وعرضه��ا ويق��دم بع��ض "األذكي��اء" تبريراً‬ ‫لذلك بادعاء استخدام هذه األموال في شراء‬ ‫أسلحة‪ .‬ولم نفهم كيف يقنع هؤالء كل هذا‬ ‫الشعب بالمشاركة في الثورة إذا كان يخطف‬ ‫أبناء الميس��ورين والطبقات الوسطى بهدف‬ ‫"تحرير سوريا"‪.‬‬ ‫تاه��ت بوصلة ه��ذه الث��ورة وتداخلت‬ ‫فيه��ا المج��االت المغناطيس��ية الت��ي يجذب‬ ‫كل منه��ا مؤش��ر البوصلة إل��ى ناحيته‪ .‬وإذا‬ ‫أضفنا عوامل العقوبات االقتصادية الظالمة‬ ‫التي لم تنل س��وى من الش��عب الذي يجاهد‬ ‫يوميًا للبقاء على قيد الحياة بينما لم تنقطع‬ ‫الكهرباء لحظة واحدة عن القصر الجمهوري‬

‫أو قصور رموز النظام‪ ،‬ناهيك عن العقوبات‬ ‫الس��خيفة األخ��رى المتعلق��ة بمن��ع بع��ض‬ ‫الش��خصيات من الس��فر إل��ى أوروب��ا وكأن‬ ‫هؤالء ال يستطيعون بأموالهم وثرواتهم أن‬ ‫يستأجروا دو ًال بأكملها خارج أوروبا‪ .‬كل تلك‬ ‫العوام��ل أصبح��ت خطراً حاس��مًا ليس على‬ ‫الثورة فحسب وإنما على الوطن بأكمله‪.‬‬ ‫ومع تصاعد األدخنة من فوهات البنادق‬ ‫وقذائف الطائرات ضاعت كل الجهود السلمية‬ ‫التي كنا نن��ادي بها‪ ،‬ومع علو صوت المعركة‬ ‫خفت��ت األصوات البريئة النقي��ة التي صاحت‬ ‫للحري��ة والكرامة‪ ،‬أصبحت المظاهرات اليوم‬ ‫جزءاً م��ن الماض��ي القريب والذي ولألس��ف‬ ‫لم يس��تمر طوي ًال‪ ،‬وقد يبتس��م الس��وريون‬ ‫اليوم أنهم اس��تطاعوا اقتناص بضع لحظات‬ ‫خارج الزمان والم��كان ليحققوا حلمهم برفع‬ ‫أصواتهم في الشوارع بعدما كانوا ممنوعين‬ ‫م��ن الهمس‪ .‬تفجرت مواهب الكثيرين منهم‬ ‫في أعم��ال تصويري��ة ووثائقي��ة وابتكارات‬ ‫سلمية معبرة والفتات مميزة جعلت من القلم‬ ‫س�لاحاً أمضى من البندقي��ة وجعلت الصوت‬ ‫مباش��راً أكثر من صواريخ الطائرات‪ .‬ال نعلم‬ ‫طول النفق المظلم الذي تدخله سوريا اليوم‬ ‫بينما ال ي��زال أش��اوس معارضيها يصرخون‬ ‫ويش��تمون ويلعنون ف��ي البرام��ج الحوارية‬ ‫ليثبتوا لنا أن الشمس تشرق من الشرق‪.‬‬ ‫لن يسقط النظام فقط وإنما سيسقط‬ ‫معه كل من تاجر بدماء السوريين سواء من‬ ‫المسؤولين الس��ابقين والذين يدعون اليوم‬ ‫الوطنية وس��واء من معارضة الخمس نجوم‬ ‫والص��ور التذكاري��ة وس��واء م��ن معارضي‬ ‫الفي��س ب��وك والتويت��ر وس��واء م��ن حمل‬ ‫الس�لاح واختب��أ في بي��ت عائلة مس��كينة ال‬ ‫ذن��ب له��ا إال أن منزله��ا أصبح هدف��ًا للقتلة‬ ‫بس��بب احتضانه��ا (بإرادته��ا أو رغم��ًا عنها)‬ ‫معارض��اً أغ��راه البعض بالش��عارات الدينية‬ ‫أو المغري��ات المالي��ة وه��و ل��م يع��رف من‬ ‫"التكتيك" العس��كري ش��يئًا ول��م يعش في‬ ‫حياته قضية من أي نوع‪.‬‬ ‫آخ��ر ال��كالم‪ -‬يق��ول الش��اعر محم��د‬ ‫حسيب القاضي‬ ‫لن تذبحوا شعبي بسيف من ورق‪..‬‬ ‫لن تصلبوه على شظية‬ ‫ال لن تجروه إلى طاحونكم‬ ‫إن الضحية‪ ..‬ثارت على الجالد والسيف والضحية‬


‫ياسر مرزوق‬

‫بينت المادة السابعة من قانون (‪)13‬‬ ‫كان��ون أول ع��ام ‪ 1971‬ط��رق ممارس��ة‬ ‫المحامي لمهنته فأش��ارت الى‪ :‬الممارسة‬ ‫الفردي��ة‪ .‬الجمعي��ة‪ .‬ش��ركة الممارس��ة‬ ‫الحرة‪ .‬ممارس��ة فردية كموظف‪ .‬ش��ركة‬ ‫مدنية مهنية للمحاماة‪ .‬وقد أشار القانون‬ ‫رق��م ‪66‬ـ ‪ 879‬الص��ادر في ‪ 29‬تش��رين‬ ‫ثان��ي ‪ 1966‬إل��ى الش��ركة المهني��ة‪.‬‬ ‫المرس��وم المعن��ي بمهن��ة المحاماة هو‬ ‫مرسوم ‪ 13‬تموز ‪ .1972‬خصص القانون‬ ‫رقم ‪90‬ـ‪ 1258‬الصادر في ‪ 31‬كانون أول‬ ‫‪ 1990‬المتعلق بشركات الممارسة الحرة‬ ‫عنواناً متعلقاً بالقانون االساسي للشركة‬ ‫المدنية المهنية في مواده من ‪ 24‬إلى ‪31‬‬ ‫الت��ي عدل��ت بعض أح��كام القان��ون ‪29‬‬ ‫تموز ‪.1966‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يتمث��ل هذا المص��در في النصوص‬ ‫القانونية اآلتية‪:‬‬ ‫‪ 1‬الفق��رة ‪ /9/‬م��ن الم��ادة ‪ /4/‬من‬‫قان��ون تنظيم مهن��ة المحام��اة رقم ‪39‬‬ ‫لعام ‪ 1981‬التي تنص على تحديد أهداف‬ ‫نقاب��ة المحامين والعم��ل على تحقيقها‪،‬‬ ‫من بينه��ا‪« :‬تنظيم مزاول��ة المهنة على‬ ‫أساس تعاوني وتشجيع تأسيس المكاتب‬ ‫التعاونية وتوفير العمل لألعضاء»‪.‬‬ ‫‪ 2‬الم��واد ‪150 ،149 ،148 ،147‬‬‫م��ن النظ��ام الداخل��ي لنقاب��ة المحامين‬ ‫وفروعه��ا‪ ،‬الت��ي تضمن��ت ج��واز إنش��اء‬ ‫ش��ركات محاماة مدنية مهنية تضم عدداً‬ ‫من المحامين األس��اتذة بصفة ش��ركاء‪،‬‬ ‫ويكون موضوعها ممارسة مهنة المحاماة‬ ‫بموجب عقد ش��ركة خطي‪ ،‬يس��جل لدى‬ ‫الفرع الذي يقيم فيه المحامون الشركاء‪.‬‬ ‫‪ 3‬الم��واد ‪ 473‬وم��ا بعده��ا م��ن‬‫القان��ون المدن��ي التي وضع��ت القواعد‬ ‫القانونية لعق��د الش��ركة المدنية والتي‬ ‫اعتبرت أن الشركة تعتبر بمجرد تكوينها‬ ‫ش��خصًا اعتباري��ًا‪ ،‬ولك��ن ال يحت��ج بهذه‬ ‫الش��خصية على الغي��ر إال بعد اس��تيفاء‬ ‫إجراءات النش��ر الت��ي يقرره��ا القانون‪،‬‬ ‫وأوجبت بأن يكون عقد الش��ركة المدنية‬ ‫مكتوب��اً وإال كان باط� ً‬ ‫لا‪ ،‬وح��ددت رأس‬ ‫الم��ال بتقدي��م الش��ركاء حصصه��م إما‬ ‫مبلغ��ًا من المال أو حقاً عينيًا أو ش��خصيًا‬ ‫أو عمل‪ ،‬كما حددت قواعد إدارة الش��ركة‬ ‫والتزام��ات المديرين والش��ركاء اآلخرين‬ ‫وحقوقه��م‪ ،‬وط��رق انقض��اء الش��ركة‪،‬‬ ‫وإجراءات تصفيتها وقسمتها‪.‬‬ ‫‪ 5‬قان��ون الش��ركات ال��ذي ع��رف‬‫الش��ركة المدني��ة بأنها «الش��ركات التي‬ ‫تؤسس بين شركاء من ذوي االختصاص‬ ‫والمهن الفكرية أو التي يكون موضوعها‬ ‫مدني��ًا وتخض��ع ألحكام القان��ون المدني‬ ‫وأح��كام القوانين الخاص��ة بها وعقودها‬ ‫وأنظمتها الداخلية »‪.‬‬ ‫‪ 6‬قان��ون التجارة ال��ذي نص على‬‫«إحداث سجل خاص بالش��ركات المدنية‬ ‫ل��دى أمان��ة الس��جل التج��اري ف��ي كل‬ ‫محافظة‪ ،‬لتس��جيل هذه الش��ركات التي‬ ‫يق��ع مركزها الرئيس��ي ف��ي المحافظة‪،‬‬ ‫وأوجب��ت على الش��ركة المدنية تس��جيل‬ ‫نفسها في الس��جل المذكور وإيداع صك‬ ‫تأسيسها ونظامها الداخلي ديوان محكمة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫امل�صدر القانوين ل�شركة‬ ‫املحاماة‬

‫البداية ف��ي مركزه��ا إذا أرادت االحتجاج‬ ‫بشخصيتها االعتبارية حيال الغير »‪.‬‬ ‫كما يح��دد القانون اإلج��راءات التي‬ ‫يج��ب اتباعها لتس��جيل ش��ركة المحاماة‬ ‫المدنية في الس��جل الخاص بالش��ركات‬ ‫المدني��ة ل��دى أمانة س��جل التج��ارة في‬ ‫المحافظ��ة‪ ،‬والبيان��ات الت��ي يج��ب أن‬ ‫يتضمنه��ا عق��د الش��ركة‪ ،‬باس��تثناء م��ا‬ ‫يتوق��ف العمل به على الصف��ة التجارية‬ ‫للشركة وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬اسم ونس��بة كل شريك وتاريخ‬ ‫والدته ومحلها‪.‬‬ ‫‪ - 2‬اسم الشركة أو عنوانها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬موضوع الشركة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬مركز الشركة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬اس��م مدي��ر الش��ركة المفوض‬ ‫بالتوقيع عنها‪.‬‬ ‫‪ - 6‬رأس مال الشركة‪.‬‬ ‫‪ - 7‬مدة الشركة‪.‬‬ ‫وقد نص��ت المادة ‪ 147‬م��ن النظام‬ ‫الداخلي لنقاب��ة المحامين وفروعها على‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫آ ‪ -‬يجوز إنشاء شركات مدنية مهنية‬ ‫تضم عدداً من المحامين األساتذة بصفة‬ ‫ش��ركاء ويك��ون موضوع هذه الش��ركات‬ ‫ممارسة مهنة المحاماة‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬يج��ب أن يك��ون عق��د الش��ركة‬ ‫خطيًا‪ ،‬وأن يس��جل لدى الفرع الذي يقيم‬ ‫في��ه المحامون الش��ركاء م��ع كل تعديل‬ ‫الحق يطرأ عليه‪.‬‬ ‫كذل��ك فإن الم��ادة ‪ 474‬من القانون‬ ‫المدني قد نصت على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1-‬تعتبر الش��ركة بمج��رد تكوينها‬

‫ش��خصًا اعتباري��ًا‪ ،‬ولك��ن ال يحت��ج بهذه‬ ‫الش��خصية على الغي��ر إال بعد اس��تيفاء‬ ‫إجراءات النشر التي يقررها القانون‪.‬‬ ‫‪ 2‬وم��ع ذل��ك للغي��ر إذا ل��م تق��م‬‫الش��ركة بإج��راءات النش��ر المق��ررة أن‬ ‫يتمسك بشخصيتها‪.‬‬ ‫أما المادة ‪ 30‬من قانون التجارة رقم‬ ‫‪ 33‬لعام ‪ 2007‬فإنها نصت على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يح��دث في أمانة س��جل التجارة‬ ‫سجل خاص بالشركات المدنية التي يقع‬ ‫مركزها الرئيسي في المحافظة‪ ،‬تسجل‬ ‫فيه هذه الش��ركات وفق أحكام المادتين‬ ‫‪ 27‬و‪ 28‬م��ن ه��ذا القانون‪ ،‬باس��تثناء ما‬ ‫يتوق��ف العمل به على الصف��ة التجارية‬ ‫للشركة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تس��جل الش��ركات المدنية التي‬ ‫يق��ع مركزها خارج س��ورية أو لها فرع أو‬ ‫وكالة في سجل خاص تابع لسجل الفروع‬ ‫والوكاالت العائدة للمؤسس��ات والشركات‬ ‫القائمة خارج سورية وذلك وفق القانون‬ ‫الخاص بها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬عل��ى الش��ركات المذك��ورة في‬ ‫الفقرتين السابقتين تسجيل نفسها في‬ ‫الس��جل المذكور‪ ،‬وإيداع صك تأسيس��ها‬ ‫ونظامه��ا األساس��ي دي��وان محكم��ة‬ ‫البداية ف��ي مركزه��ا إذا أرادت االحتجاج‬ ‫بشخصيتها االعتبارية حيال الغير‪.‬‬ ‫وتأسيس��اً عل��ى ما تق��دم ذكره من‬ ‫نص��وص وأح��كام قانونية ف��إن إجراءات‬ ‫تسجيل ش��ركة المحاماة وشهرها توجب‬ ‫التفريق بين حالتين‪:‬‬ ‫الحال��ة األول��ى‪ :‬وه��ي الحال��ة‬ ‫الت��ي يكتف��ي فيه��ا المحام��ون الش��ركاء‬ ‫والمؤسس��ون لش��ركة المحام��اة المدني��ة‬

‫بتس��جيل عق��د ش��ركتهم في ف��رع نقابة‬ ‫المحامين ال��ذي ينتمون إلي��ه واتخذوا في‬ ‫منطقت��ه مرك��زاً للش��ركة دون أن يك��ون‬ ‫للش��ركاء المؤسس��ين الرغب��ة باالحتجاج‬ ‫بشخصية شركتهم االعتبارية حيال الغير‪.‬‬ ‫الحالة الثانية‪ :‬وهي الحالة التي يريد‬ ‫فيه��ا المحامون الش��ركاء والمؤسس��ون‬ ‫لش��ركة المحام��اة المدنية تس��جيل عقد‬ ‫تأس��يس الش��ركة وش��هره لك��ي يكون‬ ‫لش��خصيتها االعتبارية حج��ة تجاه الغير‪،‬‬ ‫س��نداً ألحكام الفقرة ‪ /3/‬من المادة ‪/30/‬‬ ‫من قان��ون التجارة رق��م ‪ 33‬لعام ‪2007‬‬ ‫وأحكام الم��ادة ‪ 474‬من القانون المدني‪،‬‬ ‫وأحكام الم��ادة ‪ /3/‬من قانون الش��ركات‬ ‫رقم ‪ /3/‬لعام ‪.2008‬‬ ‫النظام‪ :‬يخضع المحامون الش��ركاء‬ ‫لنفس النظام ال��ذي يخضع له المحامون‬ ‫الممارس��ون للمهن��ة فردي��ًا‪ ،‬ويخضعون‬ ‫لنف��س العقوب��ات التأديبي��ة‪ .‬لك��ن هذه‬ ‫العقوب��ات تنعك��س عل��ى الش��ركة‬ ‫بطريقتي��ن‪ :‬من جه��ة يمك��ن أن تعاقب‬ ‫الش��ركة نفس��ها‪ ،‬باالس��تقالل ع��ن‬ ‫العقوب��ات المحك��وم بها على الش��ركاء‪،‬‬ ‫ومن جه��ة أخرى ف��ان العقوب��ة الواقعة‬ ‫على أحد الشركاء يمكن أن تنعكس على‬ ‫الحياة االجتماعية للش��ركة دون أن تكون‬ ‫الشركة نفسها معاقبة مباشرة‪.‬‬ ‫الفق��رة ‪ 2‬من الم��ادة ‪ 51‬من القرار‬ ‫المذك��ور يبي��ن أن "الش��ركة ال يمكن أن‬ ‫تكون موضوع مالحقات تأديبية مستقلة‬ ‫عن تلك المباشرة ضد الشركاء"‪.‬‬ ‫تالحق الشركة أمام مجلس النقابة‬ ‫التابع له مقرها‪ ،‬وفيما يتعلق بالش��ريك‬ ‫المته��م المنتم��ي لنقاب��ة أخ��رى غي��ر‬ ‫نقابة المقر‪ ،‬يج��ري تبليغ نقابته وتبادل‬ ‫المشورة معها‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫ال�شركةاملدنيةاملهنيةللمحامني‬

‫‪9‬‬


‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫كيف تتحول من �شاب بعثي‬ ‫�إىل قومي ثم «منحبكجي»؟‬ ‫وسيم كره بيت‬ ‫المش��هد األول‪ :‬أواخ��ر ‪ ،2005‬بعد‬ ‫س��قوط البعث العراقي وعقب تداعيات‬ ‫اغتي��ال رئي��س ال��وزراء اللبناني رفيق‬ ‫الحري��ري‪ .‬كان المش��هد معبّ��راً ف��ي‬ ‫س��احة جامعة حل��ب لمن يعرف س��امر‬ ‫وهو يقود ملتحفاً بعلم أس��ود تتوسطه‬ ‫ٍ‬ ‫زوبعة حمراء مس��ير ًة ض��د «المؤامرة»‬ ‫على س��ورية آن��ذاك‪ .‬الطال��ب الجامعي‬ ‫ال��ذي كان ف��ي المرحل��ة الثانوية ممث ًال‬ ‫لح��زب البعث ف��ي كبرى م��دارس حلب‬ ‫غ��ادر حزب «األمة العربي��ة الواحدة ذات‬ ‫الرس��الة الخال��دة» إلى الحزب الس��وري‬ ‫القومي االجتماعي مكتفيًا بـ «س��ورية‬ ‫الطبيعية» التي ينادي بها الحزب‪.‬‬ ‫المش��هد الثاني‪ :‬س��امر نفسه في‬ ‫عام ‪ 2012‬مرتدياً قميصًا يتوسطه رسم‬ ‫لبش��ار األس��د وكلمة «منحبك» يهاجم‬ ‫زم�لاءه ف��ي جامعة حل��ب المتظاهرين‬ ‫ضد النظام ويس ّلمهم إلى األمن‪.‬‬ ‫انتقال الش��اب الطم��وح من البعث‬ ‫إلى السوري القومي ال ينتُج بالضرورة‬ ‫ع��ن تبدي��ل أو تطوي��ر ف��ي األف��كار‬ ‫والمواقف‪ ،‬فأوجه التش��ابه بين بنيويّة‬ ‫الحزبين وعقيدتيهما أكبر ممّا يفرقهما‬ ‫في مسائل الجغرافية واالنتماء العرقي‪.‬‬ ‫غي��ر أن ق��درة القوم��ي الس��وري على‬ ‫التعبئ��ة وتجني��د الش��باب تف��وق قدرة‬ ‫نظي��ره البعث��ي‪ ،‬إذ تغل��ب النش��اطات‬ ‫االجتماعية والرحالت الترفيهية والعمل‬ ‫أن نفور الشباب‬ ‫الميداني في األول كما ّ‬ ‫من الثاني إلمساكه بالسلطة عبر عقود‬ ‫طويل��ة جع��ل األول يب��زّه على س��احة‬ ‫األح��زاب القوميّ��ة خصوص��ًا من خالل‬ ‫تقديم الحزب الس��وري القومي نفس��ه‬ ‫من حين إلى آخر كـ «معارضة وطنية»‪،‬‬ ‫وربم��ا هذا أح��د األس��باب الت��ي دفعت‬ ‫بس��امر لئ�لا يح��رق جمي��ع أوراقه لكي‬ ‫يصب��ح قومي��ًا س��وريًا بعدما استش��عر‬ ‫خطر سقوط النظام البعثي‪.‬‬ ‫ه��ذا التف��وق الملح��وظ ف��ي أداء‬ ‫وتنظي��م ش��باب الس��وري القومي دفع‬ ‫النظ��ام إلى االعتماد علي��ه خالل أزمته‬ ‫الحالية إن بتنظيم المسيرات «العفوية»‬ ‫المؤي��دة أو بالح��روب اإللكترونية تحت‬ ‫مس��مى الجي��ش الس��وري اإللكتروني‪.‬‬ ‫فيالحظ على مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫نش��اط ملحوظ لشباب السوري القومي‬ ‫ من س��ورية ولبن��ان على حد س��واء‪-‬‬‫ً‬ ‫واس��تماتة منه في الدف��اع عن الجرائم‬ ‫الت��ي يرتكبه��ا النظ��ام مع غياب ش��به‬ ‫كامل لش��باب بعثي يفت��رض أن يكون‬ ‫في مقدمة المدافعين عن النظام‪.‬‬ ‫م��ع ذل��ك ال ينف��ك ش��باب الح��زب‬ ‫الس��وري القوم��ي ّ‬ ‫يذك��رون اآلخري��ن‬ ‫بأنّه��م معارض��ون «بطريق��ة م��ا»‬ ‫أن ب��روزه إل��ى الواجهة‬ ‫للس��لطة‪ .‬غير ّ‬ ‫عن��د تع��رّض النظ��ام الس��وري لخطر‬ ‫الس��قوط ف��ي المرتين – م��ع االختالف‬ ‫الكبي��ر في الحيثيّ��ات‪ -‬ولعبه دور رأس‬ ‫الحربة ف��ي الدفاع عن النظام المتهالك‬

‫يط��رح تس��اؤالت ع��دة ح��ول ماهي��ة‬ ‫معارضت��ه هذه‪ ،‬ف��إن كان تبرير دفاعه‬ ‫ع��ن النظام في عام ‪ 2005‬يس��تند إلى‬ ‫أن األمر برمّت��ه آنذاك عبارة عن تدخل‬ ‫ّ‬ ‫خارجي وتعد على السيادة الوطنية فإن‬ ‫ّه��ذه الحج��ة تفقد معناها تمام��ًا اليوم‬ ‫بوجود ث��ورة ش��عبية تمت��د على طول‬ ‫الب�لاد وعرضه��ا‪ ،‬مم��ا يش��كك بجديّة‬ ‫زعمه أن المعارضة تقتصر على الكالم‬ ‫ع��ن محارب��ة الفس��اد اإلداري وإص�لاح‬ ‫المؤسس��ات ومحاسبة المس��ؤولين من‬ ‫دون أن تط��اول رأس ه��رم الس��لطة‬ ‫والمسؤول األول فعلياً عن كل خلل في‬ ‫الدولة ومؤسساتها‪.‬‬ ‫يكرّر الشباب القومي في جلساته‬ ‫كالم��ًا ع��ن س��ورية ّ‬ ‫يذكر بمس��رحيات‬ ‫الرحابنة وقصائد سعيد عقل‪ .‬فسورية‬ ‫رائع��ة وكامل��ة وخارق��ة لك��ن بع��ض‬ ‫ّ‬ ‫س��كانها أش��رار‪ ،‬وال يمكن لهم أساس��ًا‬ ‫أن يكونوا س��وريين بل ه��م حفنة من‬ ‫الغرب��اء والدخ�لاء عل��ى الدم الس��وري‬ ‫الصافي‪ ،‬بحس��ب القوميين‪ .‬وتغيب عن‬ ‫هذه األحاديث ما يعانيه الشعب السوري‬ ‫م��ن ذل وفقر وقتل واضطه��اد على يد‬ ‫ّ‬ ‫ليحتل سهرات الرفاق عوضًا عن‬ ‫النظام‪،‬‬ ‫ذلك تبادل المعلومات عن األركيولوجيا‬ ‫أو الجغرافيا السوريّة العظيمة ببحرها‬ ‫وجباله��ا وصحرائه��ا الترابي��ة الصالحة‬ ‫للزرع وال��رّي خالفاً للصح��راء العربية‬ ‫الرملية القاحلة‪.‬‬ ‫ويتج��اوز التعص��ب األعم��ى ل��دى‬ ‫بعض الشباب المتحمّس من السوريين‬ ‫القوميي��ن ح��دود السياس��ة إل��ى اللغة‬ ‫والف��ن والت��راث و‪ ..‬الطب��خ! ف��إن تجرأ‬ ‫أحدٌ ونس��ب طعاماً يتناوله الشوام إلى‬ ‫المطبخ التركي مث ًال يثور غضبهم وتبدأ‬ ‫تهم التّترك والماس��ونية وقد يستعين‬ ‫هؤالء بالرجوع إلى شجرة عائلة المذنب‬ ‫ليجدوا لها فرعًا يعود إلى يهود الدونما!‬ ‫ويُخيّ��ل لش��اب الحزب الس��وري‬ ‫القوم��ي أنّ��ه يعي��ش الي��وم عص��ره‬ ‫الذهب��ي ف��ي س��ورية فيردّد بش��يء‬ ‫بأن النظام البعثي‪-‬حامل‬ ‫من التباه��ي ّ‬ ‫ل��واء العروبة‪ -‬تبنّ��ى أخي��راً أدبــيّات‬ ‫الس��وريين القوميي��ن ح��ول مصلح��ة‬ ‫س��ورية العلي��ا‪ ،‬وص��و ًال إل��ى النج��اح‬ ‫الهائل بتنصي��ب رئيس الح��زب وزيراً‬ ‫ف��ي الحكومة الحالية بصفت��ه مـــمث ً‬ ‫ال‬ ‫للمـــعارضة الوطنية التي يرضى عنها‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫وإل��ى جان��ب االحتق��ار للع��رب‬ ‫والعنصري��ة المقيت��ة المس��تقاة م��ن‬ ‫الفاش��ية األوروبي��ة‪ ،‬تتطاب��ق أف��كار‬ ‫الس��وريين القوميين مع سياسة النظام‬ ‫بتبنّي األخير لفك��رة المؤامرة الكونيّة‬ ‫الدائمة ضد س��ورية‪ .‬وعطف��اً على هذا‬ ‫التطاب��ق يتغنّ��ى الطرف��ان بعلماني��ة‬ ‫وحداث��ة مزعومتي��ن‪ ،‬هم��ا أق��رب إلى‬ ‫حداثة الرايخ الثالث في ألمانيا منها إلى‬ ‫الحداثة األوروبية ما بعد الحرب العالمية‬

‫الثانية‪ ،‬فالعقل «الحداثوي» لدى البعث‬ ‫والقوم��ي عل��ى ح��د س��واء ال يلب��ث أن‬ ‫يتكشّ��ف ع��ن حق��د طائف��ي إقصائي‬ ‫بقشرة علمانية‪.‬‬ ‫وم��ن دون أن يدري‪ ،‬حوّل ش��باب‬ ‫الس��وري القوم��ي ش��عار الح��زب من‬ ‫زوبع��ة حم��راء رباعي��ة ال��رؤوس إلى‬ ‫زوبع��ة ثالثي��ة ال��رؤوس بإس��قاطه‬ ‫«الحري��ة» الت��ي ترم��ز إلى أح��د هذه‬ ‫الرؤوس وإبقائه على «الواجب‪ ،‬النظام‪،‬‬ ‫الق��وة»‪ .‬وعل��ى الرّغ��م من إحس��اس‬ ‫هؤالء بصعود دورهم ونش��اطهم في‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة إل��ى تبنّي‬ ‫المرحل��ة األخي��رة‬ ‫النظام البعثي معظم األفكار الفاشيّة‬ ‫الت��ي يفخ��ر به��ا القومي��ون‪ ،‬يعي��ش‬ ‫هذا الش��باب احتض��اراً سياس��يًا مبكراً‬ ‫بوقوفه��م إلى جانب النظ��ام في وجه‬ ‫الث��ورة فكأنه��م اليوم يهتف��ون «تحيا‬ ‫سوريا‪ ..‬ويسقط السوريّون»‪.‬‬ ‫ولئن كانت «الق��وّة» أحد األركان‬ ‫األربع��ة الرئيس��ية ف�لا ضي��ر م��ن‬ ‫االس��تعاضة عن الحل السياس��ي ٍّ‬ ‫بحل‬ ‫عس��كريّ ّ‬ ‫ينظ��ف األمّ��ة مم��ن يلوّث‬ ‫نقاءه��ا‪ .‬وبه��ذا يصبح م��ن «الواجب»‬ ‫عل��ى كل رفي��ق تطهي��ر األراض��ي‬ ‫الس��ورية وإح�لال «النظ��ام» فيه��ا‪.‬‬ ‫يرافق ذلك هبوط في سوية تصنيفات‬ ‫المتظاهري��ن ف��ي قام��وس القوميين‬ ‫من مندسين وخونة وعمالء إلى سوية‬ ‫عنصرية أدن��ى «حثالة‪ ،‬رعاع‪ ،‬أوباش»‬ ‫ممّ��ا يس��هّل تصفيتهم م��ا داموا ّ‬ ‫أقل‬ ‫ً‬ ‫درجة من البشر العاديين‪.‬‬ ‫وإن كان «ال بد من االعتراف بواقع‬ ‫الفوارق الساللية ووجود سالالت ثقافية‬ ‫ّ‬ ‫منحط��ة وبمب��دأ التجان��س‬ ‫وس�لاالت‬

‫والتباين الدم��وي أو العرقي» (أنطوان‬ ‫س��عادة‪ ،‬المحاض��رات العش��ر)‪ ،‬فعليه‬ ‫يكون من الطبيعي احتقار «الس�لاالت‬ ‫ّ‬ ‫المنحطة» من غير السوريين‪ .‬وتندرج‬ ‫عل��ى رأس قائم��ة االنحط��اط ل��دى‬ ‫القوميين الس��وريين ش��عوب كالعرب‬ ‫والكرد فال يبقى من سورية غير شعب‬ ‫س��وري متف��وّق ال وج��ود ل��ه إال ف��ي‬ ‫مخيّالتهم‪ .‬وبإس��قاطهم هذه األفكار‬ ‫عل��ى الث��ورة الس��ورية الت��ي يدعمها‬ ‫«العرب��ان» ويش��ارك فيه��ا «األك��راد»‬ ‫يجدون أنفسهم أمام شرٍّ مطلق تجدر‬ ‫محاربته بكل الوسائل المتاحة‪ .‬وككل‬ ‫األحزاب العقائدية تتالشى أهمية الفرد‬ ‫أمام قضية األمة‪ .‬والقضية هذه المرة‬ ‫ليس��ت القدس وفلسطين وال تمتد من‬ ‫المحي��ط إل��ى الخلي��ج‪ ،‬وال تبح��ث عن‬ ‫الخالفة اإلس�لامية‪ ،‬إنمّا هي «سورية‬ ‫الكبرى»‪ ،‬لذا ال بأس بالتضحية ببضعة‬ ‫عش��رات اآلالف ممن يسمون أنفسهم‬ ‫ثواراً ما داموا حجر عثرة أمام المشروع‬ ‫األعظم‪.‬‬ ‫الحزب الذي فضّله الشاعر الراحل‬ ‫محم��د الماغ��وط عل��ى ح��زب البع��ث‬ ‫وانتس��ب إليه في ش��بابه لوجود مدفأة‬ ‫في مركزه تقيه برد الشتاء‪ ،‬فقد اليوم‬ ‫حرارته لدى الشباب الس��وري‪ .‬إذ نادراً‬ ‫ما نس��مع عن شاب انتس��ب إلى الحزب‬ ‫الس��وري القومي إعجاب��ًا بفكر أنطون‬ ‫س��عادة أو بسياس��ة الحزب‪ ،‬بل أضحى‬ ‫الحزب أش��به بن��ادي ترفيه��ي وعائلي‬ ‫يتوارث��ه األبن��اء عن اآلب��اء كالمواويل‬ ‫الت��ي يتناقله��ا أه��ل القرى م��ن دون‬ ‫االنتباه إلى مضامينها‪.‬‬ ‫الحياة ‪2012 / 10 / 22‬‬


‫عدنان الأتا�سي ‪1969 - 1905‬‬

‫ ش��وائب االتفاق ف��ي المعاهدات‬‫الدولية ‪.1930 -‬‬ ‫ الحقوق الدستورية ‪.1944 -‬‬‫ الحق��وق الجزائي��ة الخاص��ة ‪-‬‬‫‪.1947‬‬ ‫ الديمقراطي��ة التقدمي��ة و‬‫االشتراكية الثورية ‪ -‬باللغة الفرنسية‪.‬‬ ‫نال األتاس��ي العديد من األوس��مة‬ ‫الرفيع��ة لخدمات��ه الجليل��ة للقضي��ة‬ ‫العربية نذكر وسام الرافدين العراقي‪،‬‬ ‫ووس��ام جوقة الش��رف الفرنس��ي من‬ ‫مرتبة ضابط كبير‪..‬‬ ‫توفي األتاس��ي‪ ،‬في بيروت ودفن‬ ‫ف��ي حمص عام ‪ 1389‬للهجرة الموافق‬ ‫للسابع من أيلول عام ‪ 1969‬الميالدي‪.‬‬

‫وقد ذكر األتاسي بأقالم الكثير من‬ ‫السياس��يين والمؤرخي��ن والصحفيين‬ ‫في مذكراته��م ومؤلفاتهم‪ ،‬وترجم له‬ ‫بتوسع األس��تاذ عبد الغني العطري في‬ ‫"حديث العبقريات" فكان مما قال‪:‬‬ ‫"كان سياس��ياً جريئ��اً ومثقف��اً‬ ‫كبيراً‪ ،‬نشأ في بيت الزعامة والوطنية‬ ‫والحرية‪ .‬آم��ن بالديمقراطية والحرية‬ ‫ورف��ض تدخ��ل غي��ر ممثلي الش��عب‬ ‫المنتخبي��ن بش��ؤون الحك��م‪ .‬ولك��ن‬ ‫ع��دو اهلل والش��عب والقان��ون عب��د‬ ‫الحميد س��راج لم تعجبه هذه المبادئ‬ ‫والمث��ل العلي��ا‪ ،‬من أجل ذل��ك لفق له‬ ‫تهم��ة التآم��ر والخيان��ة م��ع ع��دد من‬ ‫رج��ال الوطنية وزج بهم في الس��جن‪،‬‬ ‫وحكم علي��ه باإلعدام‪ ،‬س��جنه وعذبه‬ ‫رغم أنه ابن هاش��م األتاسي‪ ،‬الزعيم‬ ‫الكبير ورئي��س الجمهورية الش��رعي‬ ‫ع��دة م��رات‪ ،‬وكان��ت جريمة الس��راج‬ ‫هذه وصمة عار كب��رى في جبين عدو‬ ‫الش��عب والقان��ون‪ .‬عدنان األتاس��ي‪،‬‬ ‫السياسي الش��جاع والوطني المجاهد‪،‬‬ ‫والمثق��ف الكبي��ر‪ ،‬ابن رئي��س الوطن‬ ‫هاش��م األتاس��ي‪ ،‬كان أح��د ضحاي��ا‬ ‫الحري��ة والديمقراطي��ة"‪ .‬وق��ال ف��ي‬ ‫موضع آخر من الترجمة‪" :‬كان الدكتور‬ ‫عدنان األتاس��ي سياسيًا جريئًا ووطنيًا‬

‫مخلص��اً‪ ،‬خدم ب�لاده بعلم��ه ورجاحة‬ ‫عقله‪ .‬تتلمذ في السياس��ة على والده‬ ‫الرئي��س الجلي��ل هاش��م األتاس��ي‬ ‫ال��ذي كان قطب الرحى في السياس��ة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬وكان ملجأ رجال السياس��ة‬ ‫الوطني��ة في الملم��ات واألحداث‪ ،‬يزود‬ ‫الجمي��ع بحكمت��ه الحكيم��ة‪ ،‬وآرائ��ه‬ ‫الصائبة‪ ،‬ونظرت��ه الثاقبة إلى األمور‪.‬‬ ‫كان عدن��ان األتاس��ي س��اعد أبي��ه‬ ‫األيمن‪ ،‬ومستش��اره األمي��ن في كثير‬ ‫من األزم��ات والمواق��ف الصعبة‪ .‬كان‬ ‫عدن��ان مثقف��اً ثقاف��ة عالي��ة‪ ،‬درّس‬ ‫الحق��وق الجزائي��ة في كلي��ة الحقوق‬ ‫بدمش��ق‪ ،‬وتخرج على يدي��ه عدد من‬ ‫خيرة القضاة ورجال القانون‪ ،‬وله عدد‬ ‫م��ن المؤلف��ات القانونية"‪ ،‬ث��م يذكر‬ ‫العطري مؤلفات األتاسي ويقول‪" :‬هذا‬ ‫العلم الغزير والعلم الواس��ع والمكانة‬ ‫السياس��ية واالجتماعية واألدبية التي‬ ‫كان يحتلها عدنان األتاس��ي لم تشفع‬ ‫له م��ن التهمة اللئيمة التي ألصقها به‬ ‫وبعدد من خيرة السياس��يين الضابط‬ ‫المج��رم عبد الحميد الس��راج‪ ،‬فزجهم‬ ‫بالسجن‪ ،‬وحاول إنزال عقوبة اإلعدام‬ ‫بهم‪ .‬وتبقى فعلته هذه وصمة عار في‬ ‫تاريخه األسود‪ ،‬وكل تاريخه السياسي‬ ‫وصمات عار ال تمحى وال تزول"‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫من م�ؤلفاته‪:‬‬

‫الدكتور عدنان األتاسي على منصة البرلمان السوري‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ول��د عدنان األتاس��ي في الس��لط‬ ‫ع��ام ‪ 1905‬وه��و ابن الرئيس هاش��م‬ ‫األتاس��ي الذي كان قائم مقام المدينة‬ ‫ف��ي حين��ه‪ ،‬والدت��ه الس��يدة وردش��ان‬ ‫بنت عب��د اللطيف بن محمد األتاس��ي‪.‬‬ ‫نش��أ في حمص وفيها تعلم‪ ،‬ثم درس‬ ‫في تجهيز دمش��ق‪ ،‬ثم بيروت‪ ،‬وتخرج‬ ‫من كلية الحقوق بجامعة دمش��ق عام‬ ‫‪ ،1925‬ثم أوفده والده إلى جنيف فدرس‬ ‫فيها ونال شهادة الدكتوراه من جامعتها‬ ‫عام ‪1929‬م وحصل على شهادة معهد‬ ‫العلوم السياسية العليا أيضًا‪.‬‬ ‫عاد بعدها إلى دمش��ق لممارس��ة‬ ‫المحام��اة من��ذ ع��ام ‪1930‬م‪ ،‬في عام‬ ‫‪ 1932‬عيّن أس��تاذاً مس��اعداً في كلية‬ ‫الحقوق‪ .‬كما عمل س��كرتيراً في وزارة‬ ‫الخارجي��ة‪ ،‬والت��ي كان��ت ش��ؤونها بيد‬ ‫الفرنس��يين‪ ،‬وليس فيها موظفون من‬ ‫رتبة س��كرتير خال األتاس��ي وعون اهلل‬ ‫الجابري وأسعد هارون‪ ،‬الذين كان على‬ ‫عاتقهم بناء الدبلوماسية السورية‪ ،‬ثم‬ ‫نائبًا للقنصل الس��وري في اس��طنبول‬ ‫ع��ام ‪1938‬م‪ ،‬ث��م قنص��ل س��وريا في‬ ‫القاهرة عام ‪1939‬م‪ ،‬ثم وزيراً مفوضًا‬ ‫ف��ي باريس عام ‪ 1944‬وكان بذلك أول‬ ‫ممثل لبالده في فرنس��ا على مس��توى‬ ‫رفي��ع‪ ،‬وقد قام باس��تئجار البن��اء الذي‬ ‫ش��غلته الس��فارة وتأثيث��ه‪ ،‬ث��م عي��ن‬ ‫وزيراً مفوض��ًا في المملك��ة البلجيكية‬ ‫ببروكس��ل عام ‪1946‬م‪ ،‬وأخيراً انتدب‬ ‫األتاس��ي وزي��راً مفوض��ًا لس��ورية في‬ ‫باريس في أوائل عام ‪ ،1948‬وعين في‬ ‫الوقت ذاته ممث ًال لس��ورية في كل من‬ ‫سويسرا‪ ،‬واس��بانيا‪ ،‬وبلجيكا‪ ،‬وهولندا‪،‬‬ ‫ولكس��مبورغ‪ ،‬وإيطالي��ا‪ ،‬وظ��ل ف��ي‬ ‫منصبه هذا س��فيراً لسورية في نصف‬ ‫القارة األوروبية حتى عام ‪.1952‬‬ ‫انتم��ى األتاس��ي للكتل��ة النيابية‬ ‫الدس��تورية عام ‪1947‬م قبل أن يصبح‬ ‫م��ن مؤسس��ين وأركان حزب الش��عب‪،‬‬ ‫عدنان األتاس��ي نائبًا عن حمص مرات‬ ‫عدي��دة‪ ،‬فانتخ��ب في آب ع��ام ‪1943‬م‬ ‫وفي العام نفس��ه تس��لم وزارة العدل‬ ‫واألش��غال ف��ي حكوم��ة جمي��ل مردم‬ ‫بي��ك‪ ،‬ثم في آب ع��ام ‪1947‬م‪ ،‬ثم في‬ ‫أيلول عام ‪ 1954‬وانتخب رئيس��ًا للجنة‬ ‫الش��ؤون الخارجية في مجل��س النواب‬ ‫ع��ام ‪1944‬م‪ ،‬كما انتخ��ب نائبًا لرئيس‬ ‫الش��عبة الس��ورية لالتح��اد البرلماني‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫وباإلضاف��ة إلى ذلك‪ ،‬فق��د أهّلته‬ ‫خبرت��ه بالسياس��ة الخارجي��ة ليصب��ح‬ ‫رئي��س الجمعي��ة الس��ورية للحق��وق‬ ‫الدولي��ة‪ .‬وتول��ى إل��ى جان��ب أعمال��ه‬ ‫النيابي��ة والقنصلي��ة وزارت��ي الع��دل‬

‫واألش��غال العامة ف��ي ‪ 27‬كانون األول‬ ‫عام ‪.1946‬‬ ‫ف��ي ‪ 24‬كانون الثاني عام ‪1954‬م‬ ‫كان أح��د الذي��ن اعتقلهم الشيش��كلي‬ ‫النضمامه��م لحلف حم��ص وتوقيعهم‬ ‫عل��ى الميث��اق الوطن��ي ال��ذي قض��ى‬ ‫بمقاطعة حكمه غير الشرعي‪ .‬األتاسي‪،‬‬ ‫وجمي��ع زعم��اء األح��زاب السياس��ية‬ ‫كالحزب الوطني وحزب الش��عب وحزب‬ ‫البعث والحزب الش��يوعي وغيرهم من‬ ‫المدنيين والصحفيين‪ ،‬وفي نهايات عام‬ ‫‪ 1956‬دبر العس��كريون‪ ،‬وعلى رأسهم‬ ‫عبد الحميد الس��راج‪ ،‬المحبوبين‪ ،‬تهمة‬ ‫الخيانة العظمى وألصقوها باألتاس��ي‬ ‫وبثلة من الوطنيين كفيضي األتاسي‪،‬‬ ‫والدكت��ور مني��ر العجالن��ي‪ ،‬وصبح��ي‬ ‫العم��ري‪ ،‬وعدن��ان العائ��دي‪ .‬ف��كان أن‬ ‫اعتق��ل األتاس��ي ومني��ر العجالن��ي‬ ‫وس��امي كب��ارة‪ ،‬وج��رت محاكمته��م‬ ‫من قب��ل رئيس المحكمة العس��كرية‪،‬‬ ‫العقيد عفيف البزري‪ ،‬بتهمة التخطيط‬ ‫إلشراك سوريا بحلف "بغداد"‪ ،‬وأصدرت‬ ‫المحكمة حكم اإلع��دام على المتهمين‬ ‫المذكوري��ن‪ ،‬بينم��ا ب��رئ آخ��رون مثل‬ ‫فيض��ي األتاس��ي‪ ،‬واس��تبدل الحك��م‬ ‫بعده��ا بالس��جن المؤبد بمس��عى من‬ ‫خالد بيك العظم وزير الدفاع في حينه‪.‬‬ ‫وعام ‪1960‬م أصدر عبد الناصر‪ ،‬رئيس‬ ‫الجمهوري��ة العربية المتحدة‪ ،‬عفواً عن‬ ‫األتاس��ي‪ ،‬فأفرج عنه‪ .‬واضطر األتاسي‬ ‫اعتزال السياسية بعد ذلك‪ ،‬فانتقل إلى‬ ‫منف��اه في مصر‪ ،‬ومن��ه إلى بيروت في‬ ‫ع��ام ‪ ،1961‬فمنها إلى تركية فلبث بها‬ ‫بع��ض الوقت‪ ،‬ث��م عاد إل��ى لبنان عام‬ ‫‪ ،1964‬ومك��ث بها م��ا تبقى من حياته‪،‬‬ ‫وقد منع من دخول البالد حتى وفاته‪.‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪11‬‬ ‫الدكتور عدنان األتاسي يقدم أوراق اعتماده لدى‬ ‫الرئيس فرانسيسكو فرانكو في‬

‫في حفل استقبال في سفارة تونس ببيروت عام ‪1964‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ذاكرة ل�شهيد‪� ..‬إن�سان‬ ‫�إىل روح ال�شهيد ماوكلي‪ ..‬ال�صديق الذي ال نعرف‬ ‫شام داود‬ ‫"�إن مل تقع حبة احلنطة يف الأر�ض ومتت‬ ‫فهي تبقى وحدها‪ .‬ولكن �إن ماتت ت�أتى‬ ‫بثمر كثري"‪( .‬يو‪)24 :12‬‬

‫عود على بدء‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫حرية‪ ..‬هكذا بدأت‪ ،‬قبلها كانت األسماء‬ ‫المضحك��ة تنتش��ر عل��ى صفحات الش��بكة‬ ‫العنكبوتي��ة هن��ا وهن��اك‪ .‬وأنا الت��ي تكره‬ ‫الغموض لم أفهم تلك الحاسة التي تجعلك‬ ‫تدرك أن وراء الصورة الباردة واالس��م الذي‬ ‫لم يرتبط بهوية‪ ..‬قلب‪.‬‬ ‫أين نحن؟ هذا أول سؤال لم يأخذ حيزاً‬ ‫كبيرا م��ن الزمن لإلجابة‪ .‬ال يمكن أن تكون‬ ‫سورياً وال تعلم‪ .‬فإن السوريون قد استفاقوا‬ ‫من سبات‪ .‬أحقا في بلدي ثورة‪.‬‬

‫اكت�شاف �سوريا‬

‫أضف��ت عل��ى عجل عب��ر ش��بكة غير‬ ‫مرئي��ة م��ن األصدق��اء إلى مجموع��ة عمل‬ ‫نشأت من قلب الحدث‪ .‬الهدف‪ .‬ال نعلم بعد ؟‬ ‫س��نحتاج إلى وقت لندرك متطلبات المرحلة‬ ‫وطاق��ة الش��باب الكامن��ة المنتظ��رة لحظة‬ ‫الوالدة‪.‬‬ ‫إع�لام؟ انترن��ت؟ ص��ور؟ توعي��ة؟‬ ‫فيديوه��ات؟ اذكر لحظة الذه��ول من ذكاء‬ ‫لماح لما ينبغي وما ال ينبغي‪ .‬التكاتف الغير‬ ‫مس��بوق والرغبة بالعمل الجماعي والتعثر‬ ‫ب��كل بخط��وة‪ ،‬الخناق��ات المحبب��ة واللغ��ة‬ ‫العربية التي نعيد ارتش��افها ببساطة تخلق‬ ‫سوريا‬ ‫التقيت��ه صدف��ة؟ كان احد الس��بل أن‬ ‫نك��ون ش��بكة‪ .‬محبوك��ة بدق��ة وبكثير من‬ ‫الس��رية عبر مدن وضي��ع ومناطق ال نعرف‬ ‫ولربم��ا ل��م نزرها ف��ي حياتنا‪ .‬كان��ت حماة‬ ‫أصعب معادلة على اإلطالق‪ .‬حماة التي رأت‬ ‫الدم بعينيها وعاشت العنف‪.‬‬ ‫هو لم يره على األغلب س��مع عنه في‬ ‫قص��ص العم��ات والخ��االت أو الج��ارة التي‬ ‫فقدت وحيدها‪ .‬ربم��ا حدثه زميل الصف أن‬ ‫وحش��ًا ق��دم مرة إلى مدرس��ة أخي��ه األكبر‬ ‫وأطل��ق الن��ار على بض��ع أطفال ل��م يجدوا‬ ‫الوقت إلزاحة البصر عن باسم الذي يمسك‬ ‫يد رباب ليقطع بها الشارع إلى العدم‪..‬‬ ‫كن��ا فخوري��ن بعملنا‪ .‬على بس��اطته‪.‬‬ ‫بين هم االعتقال والسرية والمعلومات التي‬ ‫تنتقل هنا وهناك‪ .‬كنا نضحك ونغضب من‬ ‫تأخ��ر اإلعالم في نقل ما يحصل هناك‪ .‬في‬ ‫مدننا الس��ورية‪ .‬بعض من غرور ألن هؤالء‬ ‫الش��باب ومنهم ذاك‪ ..‬ينقل لنا الصورة من‬ ‫داخل يغلي بأمل الحرية‪..‬‬ ‫(مين عنا بحماة؟) أحدهم يسأل‪ .‬تنهال‬ ‫التاغات واألس��ئلة‪ .‬نصيغ األخبار على عجل‬ ‫لنقله��ا م��ن صفح��ة إل��ى أخرى‪ .‬ك��ي يرى‬ ‫العالم الوالدة‪.‬‬ ‫س��وريا األم األولى م��ن رغبت أن تري‬ ‫وليدها الشمس ويراه العالم أجمع‪..‬‬

‫م�ضحك و�شغيل‬

‫اس��مه مشتق من مسلس��ل لألطفال‪.‬‬

‫مضح��ك للغاي��ة وأخرق‪ ،‬يعي��د الذاكرة إلى‬ ‫اإلنس��ان األول‪ .‬يطل��ق النكتة تل��و األخرى‪.‬‬ ‫يجم��ع الصور المميزة بعناي��ة‪ ،‬ويحولها إلى‬ ‫قص��ة قصيرة‪ .‬س��رعان ما علم��ت أنه يحب‬ ‫صناع��ة أف�لام تتحدث ع��ن الث��ورة بعيون‬ ‫المتظاهرين‪ .‬لم يكن بين قائمة أصدقائي‬ ‫ف�لا حاج��ة للتواص��ل إال عب��ر ذاك الف��راغ‬ ‫الس��ري‪ .‬نقرر أن الش��بكة ينبغ��ي أن تكون‬ ‫واضحة ولها هوية ما‪ .‬سورية بالطبع‪.‬‬ ‫هو يبتدع لوغو‪ .‬يرس��مه ينبغي له أن‬ ‫يك��ون معروفاً من أطراف الش��بكة‪ .‬غامضا‬ ‫بم��ا يكفي كي ال ي��درك اآلخر المختلف لون‬ ‫من وراءه‪..‬‬ ‫الشعب يريد إس��قاط النظام‪ .‬سقطت‬ ‫حماة من معادل��ة الخوف‪ .‬يحدثنا على عجل‬ ‫ع��ن قلب��ه الذي يخ��رج عالي��ًا ف��ي مليونية‬ ‫حماة‪..‬‬ ‫يص��ور‪ .‬يح��رك‪ .‬يكتب ويرس��م‪ .‬يضع‬ ‫الفيديو على عجل‪ .‬ش��يل م��ن هون‪ .‬ظبط‬ ‫ه��ي‪ ..‬ش��و رأيك��ن به��ل الموس��يقى‪ .‬هي‬ ‫أوض��ح‪ .‬ال ال ه��ي ممكن تنفه��م غلط‪ .‬في‬ ‫حادثة صارت شو رأيك نضيفها‪..‬‬ ‫قدم الماء للشرطة في ساحة العاصي‪.‬‬ ‫علم��ت مؤخ��را‪ ..‬الس��لمية المس��تحيلة في‬ ‫سوريا كان منها‪..‬‬

‫حوار ال�سوريني‬

‫نعمل وبنفس الوق��ت نحاول أن نفتح‬ ‫األب��واب المغلقة ل��كل من معن��ا‪ ..‬نتناقش‬ ‫بهمس‪ .‬بصوت عال أحيانا‪ .‬بأحكام مسبقة‪.‬‬ ‫بحكمو معلبة أو متجددة‪.‬‬ ‫بعضهم يق��ول‪( :‬هأل وقت خناقاتكن)‪.‬‬ ‫ال ب��أس فالحوار صح��ي أيض��ا‪ .‬أرقب كيف‬ ‫تتط��ور األحادي��ث‪ .‬كيف يح��اول المنفعلون‬ ‫السيطرة على أنفسهم‪ .‬والمتبلدون الخروج‬

‫م��ن قوالبه��ن‪ .‬والمتفزلك��ون صياغة اللغة‬ ‫بأسهل من سابقها‪.‬‬ ‫ه��و أيض��ا هن��ا معن��ا‪ .‬يكفي الس��مه‬ ‫ولمزح��ة ما متعلقة بعصر م��ا قبل البدائية‬ ‫أن تضح��ك الكثيري��ن وتجع��ل قلوبن��ا‬ ‫المنفعل��ة والغاضبة من نقاش سياس��ي أو‬ ‫طائف��ي تضحك للحظ��ات‪ .‬أود لو اس��تطيع‬ ‫ق��راءة كل ما كتبت‪ .‬عن حماة وعن كثيرين‪.‬‬ ‫ليس مثاليًا أيض��ا‪ .‬كلنا نفقد أعصابنا تحت‬ ‫الضغ��ط‪ .‬بعد لحظات نعتذر بود‪ .‬لم أقصد‪.‬‬ ‫أعيد القراءة‪.‬‬ ‫ال أذكر س��وى حكمة وتمس��ك بموقف‬ ‫ثاب��ت ال يحي��د عن��ه‪ .‬أردناه��ا س��لمية‪.‬‬ ‫وستبقى‪..‬‬

‫قلق وترقب‬

‫عندما يغيب أحدن��ا‪ .‬نقلق؟ أحيانا على‬ ‫س�لامة م��ن بق��ي أكثر م��ن الغائ��ب‪ .‬الهم‬ ‫األول إزال��ة صالتنا به وما جرى من أحاديث‪.‬‬ ‫ك��م من أحاديث مبتورة وعمل غيب بس��بب‬ ‫القلق؟‬ ‫في عجلة المظاهرات وتس��ارعها‪ .‬كان‬ ‫يختفي أياما وليال‪ .‬بعد أن يدخل على عجل‬ ‫ليق��ول أنا طالع بكرا عم خبركن لتعرفوا إذا‬ ‫صرلي ش��ي‪ .‬بعد أي��ام ال هواتف ال انترنت‪.‬‬ ‫ينج��ح بتطمي��ن أحده��م أنه بخي��ر لكن ال‬ ‫وسائل تواصل وأنه يعمل أيضا وسيعود‪.‬‬ ‫كثرة االعتقال واتساع رقعة االنتفاضة‬ ‫ل��م تت��رك مكان��ًا للقل��ق‪ .‬فالقت��ل يوم��ي‬ ‫واالعتقال لحظي والش��باب الثائر ال يتوقف‪.‬‬ ‫اعل��م من بعضهم أنه ال يزال يعمل بصمت‬ ‫كالبدايات‪.‬‬ ‫االخت�لاف والعن��ف‪ .‬فرق بعضن��ا كما‬ ‫الكثيري��ن من��ا‪ .‬ه��و ال ي��زال هن��ا‪ .‬بع��ض‬ ‫الض��رورات والعم��ل أراه أحيان��ا عبر مزحة‬

‫تضحكني أو مشروعاً آخر يولد‪ .‬هو هنا اذاً‪.‬‬ ‫اكت��ب على عجل‪ :‬ل��ك وينك ي��ا زلمة‬ ‫ماعم نشوفك شتقنا للون األصفر‪.‬‬ ‫النسيان في زمن الثورات خطيئة‪.‬‬

‫اعتقال‬

‫ل��م أع��د أراه‪ .‬أس��أل عن��ه مصادف��ة‬ ‫أعل��م أن بروفايل��ه مغلق‪ .‬لم نقل��ق كثيراً‬ ‫فق��د اعتدن��ا غيابه‪ .‬لم ينض��م إلى الجيش‬ ‫الح��ر فه��ذا لي��س مرماه ه��و يعم��ل على‬ ‫فيدي��و جدي��د على األغل��ب‪ .‬خلي��ك بالبيت‪.‬‬ ‫أول��ى صرخ��ات العصي��ان المدن��ي‪ .‬تاخذنا‬ ‫دع��وات اإلضراب من أنفس��نا نقرر أنه حان‬ ‫الوقت لنرفض العن��ف‪ .‬وبين ال"ال" وصوت‬ ‫الرصاص‪ .‬ننساه‪..‬‬ ‫عرفتو‪ :‬الي��وم خبروني اعتقلوا فالن‪..‬‬ ‫ياجماع��ة دريتو‪ ..‬الاااااا‪ .‬رف��ض عاجز‪ .‬بعد‬ ‫ثمانية عش��ر ش��هر م��ن الث��ورة واعتقاالت‬ ‫وخ��روج واس��تمرار اعتق��ال أصدقاءنا‪ ،‬يهيأ‬ ‫لن��ا أن من نجا حت��ى اآلن من االعتقال منيع‬ ‫عنهم‪.‬‬ ‫وين؟ بالجوية؟ تنه��ال اللعنات‪ .‬الخوف‬ ‫والترقب‪ .‬يومها عرفت اس��مه كام ًال‪ .‬أرس��ل‬ ‫لبعض من اعرف‪.‬‬ ‫ال يمكن حتى المطالبة به؟ ليش؟ هل‬ ‫يعقل؟ إنه منا‪ ..‬أقل ش��ي خلونا نعمل شي‬ ‫يا جماعة‪.‬‬ ‫لم أج��ادل كثيراً فقد تكس��رت إرادتنا‬ ‫عب��ر األش��هر أم��ام دم��وع األهال��ي التي ال‬ ‫تريد أن يعاني ابنها منهم إذا علم نشاطه‪..‬‬ ‫ه��ؤالء الوحوش‪ .‬وكأنهم يحتاجون لس��بب‪.‬‬ ‫فالتهم��ة الجاه��زة الي��وم أن تكون س��وريًا‬ ‫كافية لتغييبك في القاع‪.‬‬ ‫صديقي الس��لمي اعتقل‪ .‬كل كم يوم‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫بنسأل عنه؟ لسا ما في أخبار؟‪ .‬يمكن حولوه‬ ‫عالشام‪..‬‬ ‫الحري��ة لمعتقلينا الحرية لس��وريا‪ .‬يا‬ ‫كالب لك هدول والد البلد‪..‬‬

‫والقاشوش‪.‬‬ ‫أحسده ألنه غنى مع القاشوش سوريا‬ ‫بدها حرية في س��احة العاصي‪ .‬لقاء مؤجل‬ ‫ربما إلى العدم‪..‬‬

‫�أ�صوات وراء �صرير احلديد‬

‫اكت�شاف �سوريا مرة �أخرى‬

‫�صرخة‬

‫هنا نسهرْ‬ ‫هنا نسمرْ‬ ‫ونرسم حلمنا األخضرْ‬ ‫نلوّنهُ‬ ‫نزخرفهُ‬ ‫ُّ‬ ‫نخط على ُذؤابتهِ‬ ‫العاشق األسمرْ‬ ‫حكايا‬ ‫ِ‬ ‫مدادُ الحب ِر من دمنا‬ ‫شغافُ قلوبنا دفترْ‬

‫هنا‬ ‫نستفتحُ الرُؤيا‬ ‫ببسملةٍ‬ ‫وألفِ صال ْة‬ ‫األحباب نهديها‬ ‫إلى‬ ‫ِ‬ ‫لمن غابوا لكي نبقى‬ ‫وَيبقى حاضراً فينا‬ ‫هوى أوطاننا األنقى‬ ‫هوى الجدّاتْ‬

‫هنا‬ ‫ُ‬ ‫تنثال فوقَ شِفاهنا اآلهاتْ‬ ‫مواويال وأغنيّاتْ‬ ‫تراتي ً‬ ‫ال وأمنيّاتْ‬ ‫الرّوح‬ ‫خبايا‬ ‫من‬ ‫قصائدَ‬ ‫ِ‬ ‫نرسلها‬ ‫لمَنْ أرواحهم في روحنا‬ ‫تحيا‬

‫ِبسهرتنا‬ ‫ِّ‬ ‫لكل الناس أمكن ٌة‬ ‫ْ‬ ‫يتأخرن أحدُ‬ ‫فال‬ ‫فإن ضاقت مَقاعدنا‬ ‫نسجنا‬ ‫جدائل لحمنا ُفرُشاً‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ليقتعدوا‬ ‫إياد حياتلة‬

‫ في حمصي أكل أربعين كف على غفلة!‬‫ضحك الجميع!‬ ‫كانت س��هرات الس��مر هذه التي يروون فيها النكات والقصص ويتبادلون فيها‬ ‫ماضيهم وأحالمهم هي وس��يلتهم الوحيدة لجعل تلك األي��ام الطويلة في المعتقل‬ ‫تمضي بش��كل أسرع مع غياب أي وسيلة تواصل‪ ،‬ال أوراق وال أقالم وحتما ال كتب وال‬ ‫جرائد‪ ..‬الش��يء سوى االنتظار‪ ،‬وكانت القرارات المصيرية المتعلقة بحياتهم اليومية‬ ‫في السجن تناقش في هذه السهرات‪ ،‬ويجري التصويت عليها بشكل ديمقراطي‪.‬‬ ‫في نهاية سهرة ذلك اليوم عقدوا جلسة لمناقشة اإلضراب‪ ،‬حيث تقرر باإلجماع‬ ‫عدم اإلضراب إال بذريعة وذلك للتخفيف من وحش��ية السجانين وبطشهم (وإن كان‬ ‫ه��ذا األمر ال يلغيهم��ا)‪ ،‬يجب أن تكون الذريعة واضحة يمكن الدفاع عنها‪ ،‬واس��تمر‬ ‫الخالف حول الذريعة لعدة ساعات‪ ،‬حيث تمت مناقشة جميع االحتماالت الممكنة للبدء‬ ‫باإلضراب وكل األسباب المؤدية إليه‪ ،‬وما إذا كانت «بتستاهل وال ما بتستاهل»‪.‬‬ ‫لقد تعب��وا جميعاً م��ن التعرض للعن��ف المنفلت‪ ،‬ووجود س��بب لالحتجاج كان‬ ‫يضفي بعداً إنس��انياً عل��ى واقعهم‪ ،‬على األقل عندها يك��ون احتمال العقاب خيارهم‬ ‫الذي يتوجب عليهم تحمّل مسؤوليته‪.‬‬ ‫المطال��ب التي يريدون تحقيقها لفك اإلض��راب واضحة ومحددة‪ ،‬أولها وأهمها‬ ‫هو الجرائد‪ ،‬في ظل االنقطاع التام عن العالم الخارجي‪.‬‬ ‫بع��د أن انته��وا من مناقش��ة جمي��ع التفاصيل نام��وا وهم يحلم��ون بالموعد‬ ‫المناسب للبدء باإلضراب‪.‬‬ ‫فتح باب المهجع فجأة‪:‬‬ ‫ رئيس المهجع‪ ،‬طالع!‬‫خ��رج رئي��س المهجع وس��ط نظ��رات زمالئه الحائ��رة‪ ،‬وهم يفكرون بالس��بب‬ ‫المحتمل حسب حسابات سجّانيهم الذي جر عليهم العقوبة في هذه المرة‪.‬‬ ‫مضت بضعة ثوانٍ توقف خاللها الزمن وهم يسمعون أصوات الضرب والخبط‪،‬‬ ‫رمي بعدها رئيس المهجع وهو متورم الوجه واألطراف‪ ،‬ركض الشباب إليه‪:‬‬ ‫ شو في؟ شو عاملين؟‬‫أجابهم مبتس��ماً وس��ط دمائه‪ - :‬هأل عرفت ش��لون الحمصي أكل أربعين كف‬ ‫على غفلة!‬ ‫في هذه المرة صَمَت الجميع! وبدأ اإلضراب‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مات تحت التعذيب‪.‬‬ ‫ال تعلي��ق‪ .‬له عين��ان رأيتهما ألول مرة‬ ‫في صورة‪ .‬أتفادى نظرة الذعر التي رسمها‬ ‫موت��ه المرئي‪ .‬وأرس��م بد ًال عنها ابتس��امة‬ ‫ش��هيد حلقت لم��رأى غياث وحم��زة وهاجر‬

‫يا أيّها المتفرّجون‪ ،‬تناثروا في الصمت‬ ‫و ابتعدوا قلي ًال عنه كي تجدوه فيكم‬ ‫حنطة ويدين عاريتين‬ ‫وابتعدوا قلي ًال عنه كي يتلو وصيّته‬ ‫على الموتى إذا ماتوا‬ ‫و كي يرمي مالمحه‬ ‫على األحياء أن عاشوا !‬ ‫(م‪ .‬درويش | أحمد الزعتر)‬

‫جوليا شحادة‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫المفارق��ة أننا نحجب ص��ورة الصديق‬ ‫عنا عندما نسمع قصص المعتقالت‪ .‬التقيت‬ ‫بالكثيرين ممن خرجوا من المعتقل‪ .‬أغلبهم‬ ‫يتحدث وهو ضاحك عن مغامرات " السجن"‬ ‫صوت التعذيب الالمنتهي‪ .‬صرخات الضعف‪.‬‬ ‫صم��ود الكثيري��ن‪ .‬دماؤه��م وانهياراتهم‪.‬‬ ‫رائحة العفن التي يرسمونها بطالقة‪ .‬كلهم‬ ‫يتحدث منهم بطالقة ومنهم بتعثر‪.‬‬ ‫اس��تغرب كي��ف ل��م يخط��ر ل��ي ذاك‬ ‫الصدي��ق المغيب‪ .‬له اس��م وهمي مضحك‪.‬‬ ‫ربما ظننته منيعاً أو وهماً أيضًا‪..‬‬ ‫يضحكون وهم يقصون ما حصل لهم‪.‬‬ ‫ش��يء ما يقنعني أن قصتهم ليست مضحكة‬ ‫مع ص��وت الضحك المنتش��ر‪ .‬م��رارة تكاد ال‬ ‫ترى‪ .‬هناك في زاوية العين األبعد‪ .‬ألحظها‪..‬‬ ‫يكاد قلبك يموت سريرياً من ضحكهم‪.‬‬ ‫وأنانيت��ك الصارخ��ة أن��ك ح��ي ول��م تتألم‬ ‫للحظة من ذل غير مستحق‪..‬‬ ‫هو ما يزال مغيب��اً‪ .‬اللعنة على العجز‪.‬‬ ‫سيخرج ككل األصدقاء وسيروي لنا قصصا‬ ‫أيضًا وسيرسم أفالمًا عن االعتقال‪ .‬مؤكد‬ ‫وين أي��ام الخناق��ات‪ ..‬صايري��ن كتير‬ ‫منشبه بعض‪.‬‬ ‫التغيي��ر يتطل��ب الكثير م��ن االختالف‬ ‫وإيمان أنقى وعمل أفضل‪.‬‬

‫تنطل��ق الحناج��ر لتقول م��ا كانه ذاك‬ ‫الصديق‪ .‬انتماءه‪ .‬جنس��يته‪ .‬توجهه‪ .‬أفكاره‬ ‫العامة والخاصة منه��ا‪ ،‬أتذكر بمرارة وحزن‬ ‫شديدين‪..‬‬ ‫هو كان سورياً‪ .‬كان أقلنا تحدثًا وجد ًال‬ ‫عن ماهيته وتوجهاته‪.‬‬ ‫نحن من الثورة إلى الثورة نعود‪..‬‬ ‫" قول��و إلم��و تف��رح وتتهن��ى ت��رش‬ ‫الوسايد بالعطر والحنة‬ ‫ي��ا داري هنا وبنهاية غن��ى والفرح النا‬ ‫وبعرسن تتهنى‪" ..‬‬ ‫ه��ذا لي��س بمق��ال‪ ..‬ه��و تداعي��ات‬ ‫وخواطر لتس��عة عشر شهراً‪ .‬خربشتها على‬ ‫عجل بعد موت غير متوقع‪..‬‬ ‫س��وريا لحظة الح��زن‪ .‬س��وريا لحظة‬ ‫األمل‪.‬‬ ‫ك��م من قب��ر س��نزور بع��د؟ إذا بعدنا‬ ‫طيبين‪..‬‬ ‫س��أضع س��نبلة قمح على جبهة الحجر‬ ‫البارد وأصلي‪ ..‬لقدس غير مرئية ووطن‪..‬‬

‫من ذاكرة العتمة‬

‫‪13‬‬


‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫ت�ضــليل [تاريخـــي]‬ ‫جمال منصور‬ ‫األخوة‬ ‫المتشائمين ‪ /‬الطمي الخدود‬ ‫وكل يللي عم يتبكبكوا ع الحاضر الدموي‪،‬‬ ‫والمستقبل المظلم (بكل تأكيد‪ ،‬من جنابكون!!)‬ ‫بحب قللكون‪:‬‬ ‫هالنظام حقو فرنك سوري‬ ‫ومو أهم‪ ،‬وال أزعج‪ ،‬وال أزفت‬ ‫شي مرق ع تاريخ بالد الشام‪.‬‬ ‫هالبلد‪،‬‬ ‫مارق عليها شي أهوَل وأفظع بمليارات المرات منو‪،‬‬ ‫وبقيت‪،‬‬ ‫ولح تبقى‪.‬‬ ‫مو مصدقينني؟؟‬ ‫خدوا عندكون‪:‬‬ ‫يا سيدنا‪،‬‬ ‫دمشق الشام‪،‬‬ ‫تعرضت مرتين للغزو المغولي‪ ،‬يللي أدى لقتل هائل ودمار شديد‪:‬‬

‫الأوىل‪:‬‬ ‫بالـ ‪ 1300‬م‪ ،.‬يللي تسمِت بالتاريخ "غزوة قازان‪" .‬‬ ‫فيها‪ ،‬انقتل ‪ 100‬ألف شخص‪ ،‬من كامل تعداد سكان المدينة‪.‬‬ ‫يعني حوالي تلت عدد سكانها‪ ،‬بهداك الوقت!!‬ ‫وبع��د كل هالقتل‪ ،‬فش��لوا بدخول المدينة‪ ،‬بس��بب "مناعة موقعها‪ ،‬وحصانة س��ورها‬ ‫المزدوج‪ " ،‬بوقتها‪.‬‬ ‫طبعُا‪،‬‬ ‫ما نسيوا المغول‪ ،‬قبل ما ينسحبوا‪ ،‬يحرقوا ‪ -‬بالمنجنيقات والقذائف الحارقة ‪ -‬المكتبات‬ ‫واألسواق‪ ،‬يللي كانت زينة دمشق‪ ،‬حاضرة الشرق‪ ،‬بهداك الوقت!!‬

‫بقا‪،‬‬ ‫شو بيطلع هالكر إبن الكر يللي مخوفكون‪ ،‬قدام المغول؟؟‬ ‫حقو فرنك‪،‬‬ ‫إن غلي تمَنو‪،‬‬ ‫وحمي سوقو!!‬ ‫وال تصدقوني ‪-‬‬ ‫صدقوا التاريخ!!‬

‫***‬

‫[وع فكرة‪ ،‬ومن باب النهب الحضاري‬ ‫ ولكل يللي بيغنوا موشحات عن قديشنا "متخلفين"‬‫وعن شي بدمنا‪ ،‬بيمنعنا نكون "بني آدمين‪"،‬‬ ‫هيك‪ ،‬اهلل وكيلكون!! ‪-‬‬ ‫تيمورلنك سرق يللي بقيوا عايشين‬ ‫من الصناع‬ ‫والحرفيين‬ ‫والعلماء‬ ‫(علماء العلوم المنيحة‪ ،‬يللي عليها قيمة‬ ‫مو علوم الفقه وخالفو ‪-‬‬ ‫هدوليك‪،‬‬ ‫الشيوخة و"علماء" الدين‪،‬‬ ‫يا ترَكهون‬ ‫يا حرَقهون!!)‬ ‫وأخدهون ع سمرقند‪ ،‬مشان يساهموا بنهضتها!! ]‬

‫والتانية‪:‬‬ ‫حملة "تيمورلنك‪ " ،‬بعام ‪ 1402‬م‪.‬‬ ‫وبِـ وصفها‪ ،‬بيق َللك‪:‬‬ ‫وسار تيمور من دمشق‪ ،‬بعد أن مكث بها ثمانين يوماً‪،‬‬ ‫بعد أن أحرقها ك ّلها؛‬ ‫وسقط سقف الجامع األموي‪ ،‬من الحريق‪،‬‬ ‫وتفحمت أبوابه‬ ‫وتفطر رخامه‬ ‫ولم يبقَ سوى جدرانه قائمة؛ً‬ ‫وذهبت مساجد دمشق ودورُها وقياسرها وحماماتها‪،‬‬ ‫وصارت أطال ًال باكي ًة‪ ،‬ورسوماً خالي ًة‪،‬‬ ‫ولم يبق فيها دابة تدِب‪،‬‬ ‫إال أطفال‬ ‫ال يتجاوز عددهم اآلالف‪،‬‬ ‫فيهم من مات‬ ‫وفيهم من سيموت من الجوع!!‬ ‫[للمؤرخ ابن البردي‪ ،‬يللي عاصر دخول تيمورلنك‪،‬‬ ‫منقولة من كتاب‪:‬‬ ‫دمشق في عصر المماليك ‪ -‬نقوال زيادة‪،‬‬ ‫مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت ‪ ،1966‬ص ‪]57‬‬

‫***‬ ‫كاريكاتير للفنان سعد حاجو‬


‫ديريك هيرت‪ :‬تاريخ موجز للمواطنية‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫الفت عن المعتق��دات القديمة التي أ ّثرت‬ ‫ف��ي مفه��وم المواطني��ة‪ .‬كان القدامى‬ ‫يؤمن��ون ب��أن الحياة الفاضل��ة ينبغي أن‬ ‫تتب��ع في المجتمع الذي يعيش فيه المرء‬ ‫م��ع إخوانه‪ .‬أما المس��يحية فع ّلمت‪ ،‬على‬ ‫العك��س م��ن ذل��ك‪ ،‬أن العال��م الدنيوي‬ ‫فاس��د وال إم��كان لعودت��ه إل��ى الصالح‪،‬‬ ‫فالحي��اة الصالح��ة على ه��ذه األرض ال‬ ‫يمكن أن تكون إال تحضيراً تقريبياً وغير‬ ‫واف لحي��اة اآلخرة الصالح��ة في ملكوت‬ ‫السموات‪.‬‬ ‫م��ع م��رور الوق��ت تح��ررت م��دن‬ ‫إيطالي��ة كفلورنس��ا م��ن س��لطان‬ ‫اإلمبراط��ور الرومان��ي المق��دس‪،‬‬ ‫وم��ن األس��ياد المحليي��ن العاديي��ن أو‬ ‫اإلكليريكيي��ن التابعي��ن ل��ه‪ ،‬وأصبح��ت‬ ‫مجتمعات متضامنة صغي��رة (كومونات)‬ ‫بسلطاتها السياسية والقضائية الخاصة‬ ‫والصالحيات التنفيذية المنوطة بالحكام‬ ‫(القناصل)‪ ،‬واكتملت ه��ذه العمليات في‬ ‫معظمها مع حلول القرن الثاني عشر‪.‬‬ ‫يع��رض الكاتب ف��ي مؤلفه مجمل‬ ‫آراء مفكري النهضة الذين تناولوا مسألة‬ ‫المواطني��ة‪ ،‬وم��ن بينه��م ف��ي فرنس��ا‬ ‫مكس��يمليان روبس��بير الذي قدّر له أن‬ ‫يجس��د الثورة من خ�لال ابتكاره ش��عار‬ ‫"الحري��ة‪ ،‬المس��اواة‪ ،‬واإلخ��اء" والتزامه‬ ‫العمي��ق مفه��وم روس��و ل�لإرادة العامة‬ ‫ومثال الفضيلة المدنية‪.‬‬ ‫كما يلقي المؤلف الضوء على مسألة‬ ‫بالغ��ة األهمي��ة ف��ي الدول��ة الفيدرالية‬ ‫حينما يُه��دد االنتم��اء الجه��وي االنتماء‬ ‫الوطن��ي بقوله‪" :‬ليس��ت المحافظة على‬

‫الهويتي��ن المدنيتي��ن التوأمي��ن مس��ألة‬ ‫تدابي��ر دس��تورية وسياس��ات حكومي��ة‬ ‫فق��ط‪ ،‬ب��ل تع��ود أيض��اً‪ ،‬إلى اس��تعداد‬ ‫المواط��ن للتس��ليم بال��والء الفع��ال‬ ‫لكلت��ا الطبقتي��ن‪ :‬فاإلفراط ف��ي الحس‬ ‫بالوالء للدول��ة المركزية يضعف النزعة‬ ‫العاطفي��ة للمقاطع��ة أو الوالية‪ ،‬كما أن‬ ‫العكس يقوّض مركزية السلطة للدولة‬ ‫نفسها‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬فإن قوة المصالح‬ ‫المحلي��ة‪ ،‬وبخاص��ة حين تدع��م بالتميز‬ ‫الثقاف��ي واإلثني‪ ،‬كان مؤداها‪ ،‬أن الحالة‬ ‫الثاني��ة ق��د أف��رزت توت��راً ش��ديداً على‬ ‫س�لامة وحدة عدد من الدول‪ ،‬في القرن‬ ‫العش��رين‪ ،‬وهذا م��ا أفضى‪ ،‬مث� ً‬ ‫لا‪ ،‬إلى‬ ‫اندالع الح��رب األهلية في نيجيريا‪ ،‬وإلى‬ ‫تجزئ��ة باكس��تان‪ ،‬واالتحاد الس��وفيتي‪،‬‬ ‫ويوغوس�لافيا‪ ،‬وإلى أنظم��ة ال مركزية‬ ‫في دول أوروبية غربية بما فيها اس��بانيا‬ ‫وبلجيكا والمملكة المتحدة"‪.‬‬ ‫وبع��د أن يتطرق ديري��ك هيتر إلى‬ ‫المواطني��ة ف��ي كل من كن��دا والواليات‬ ‫المتحدة يتس��اءل عن طبيعة المواطنية‬ ‫األوروبي��ة الت��ي يعتبرها حديثة نس��بيًا‬ ‫وتط��ورت م��ن خ�لال تأس��يس حق��وق‬ ‫اإلنس��ان األوروب��ي‪ ،‬وتأطي��ر المواطنية‬ ‫الرس��مية لالتح��اد األوروب��ي من ضمن‬ ‫هيكلية مؤسس��ة بمعاهدة ماس��تريخت‬ ‫عام ‪.1993‬‬ ‫في الخت��ام يبقى ابتع��اد هيتر عن‬ ‫ذكر تعري��ف أو إش��ارة لمواطنية عربية‬ ‫نشأت في أي قطر عربي مدعا ًة للتساؤل‪،‬‬ ‫ولع��ل الربيع العربي ال��ذي يجتاح بالدنا‬ ‫هو اإلجابة األبلغ على هذا التساؤل‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كت��اب الي��وم المترج��م مؤخ��راً‬ ‫والص��ادر ع��ن "دار الس��اقي" كتابٌ عن‬ ‫تاريخ المواطنة المصطل��ح األكثر رواجًا‬ ‫في عصرن��ا الحالي‪ ،‬وقد س��عى المؤلف‬ ‫"ديري��ك هيت��ر" لي��ؤرخ للمواطنية التي‬ ‫اعتبره��ا تحدد عالقة الف��رد‪ ،‬ليس بفرد‬ ‫آخر كما هي الحال بالنسبة إلى األنظمة‬ ‫اإلقطاعي��ة والملكي��ة واالس��تبدادية‪،‬‬ ‫وال بمجموع��ة كم��ا في القومي��ة‪ ،‬ولكن‬ ‫بفكرة الدولة التي يكون فيها األشخاص‬ ‫مس��تقلين ومتس��اوين ف��ي أوضاعه��م‬ ‫الش��رعية‪ ،‬وهو ما يولد فيهم اإلحساس‬ ‫بالمس��ؤولية ويك��رس انتماءه��م إل��ى‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫تضم��ن الكت��اب‪ ،‬الم��وزَّع عل��ى‬ ‫س��تة فصول وخاتمة ومص��ادر ومَراجع‬ ‫وفهارس هجائية‪ ،‬مس��حًا شام ًال‪ ،‬سلسًا‬ ‫وممتعًا‪ ،‬ألنماط المُواطِنيَّة‪ ،‬منذ األزمنة‬ ‫القديم��ة‪ ،‬ب��د ًءا بمُواطِنيَّ��ة إس��بارطة‬ ‫وأثينا وروم��ا‪ ،‬م��رورًا بالمُواطِنيَّة في‬ ‫الق��رون الوس��طى وعصر الث��ورات في‬ ‫أوروبا وأمري��كا‪ ،‬وصو ًال إلى المُواطِنيَّة‬ ‫بأش��كالها المعاص��رة ومقوالته��ا‬ ‫وخصوصياتها الوطنية‪ .‬ومن مزايا الكتاب‬ ‫أن عرضه للمسار التاريخي للمُواطِنيَّة‬ ‫جاء وصفيًّا وتحليليًّا من خالل المقارنة‪،‬‬ ‫مبتعدًا عن أيِّ منحًى إيديولوجي أو أية‬ ‫أحكام مسبَّقة‪.‬‬ ‫وبالرغ��م مم��ا يطمح إلي��ه ديريك‬ ‫هيت��ر في مؤلف��ه الذي ترجم��ه كل من‬ ‫آصف ناصر ومكرم خليل‪ ،‬فإنه بتغاضيه‬ ‫عن ظاهرة المواطنية في الشرق‪ ،‬يكون‬ ‫قد ح��اد عن مبتغاه الذي عبّر عنه بقوله‬ ‫"إنه لم يص��در على ما أعلم‪ ،‬كتاب واحد‬ ‫يس��تعرض التاري��خ الكام��ل للمب��ادئ‬ ‫والممارس��ات الخاص��ة بالمواطنية خالل‬ ‫مسارها التاريخي الكامل"‪.‬‬ ‫ويختت��م المؤ ِّل��ف الكت��اب بش��رح‬ ‫التحدي��ات واإلش��كاالت الت��ي تتص��ل‬ ‫بالمُواطِنيَّة في ضوء العولمة والتحوالت‬ ‫العالمي��ة الحالي��ة الكب��رى‪ ،‬االجتماعي��ة‬ ‫واالقتصادية والسياس��ية‪ ،‬بم��ا في ذلك‬ ‫طروح��ات م��ا سُ��مِّي ب��ـ «المُواطِنيَّة‬ ‫العالمي��ة»‪ ،‬الالفت��ة للنظ��ر‪ ،‬والح��ركات‬ ‫ً‬ ‫رافعة ش��عاراتٍ من نحو‬ ‫الت��ي تبنَّتْه��ا‪،‬‬ ‫«العالم كله بلدنا» (على غرار الرواقيين)‬ ‫و«الجبهة اإلنس��انية لمُواطِني العالم»‬ ‫التي وضعت ما سُ��مِّي «سجل مواطني‬ ‫العالم» الذي تبنَّ��اه نحو ‪ 800‬ألف مؤيِّد‬ ‫دَعَوا إلى تش��كيل ما سمُّوه بـ«حكومة‬ ‫فيدرالية عالمية» ذات برلمان منتخَب‪.‬‬ ‫وف��ي ضوء طبيع��ة ه��ذه المعالجة‬ ‫وم��ا اقترنت ب��ه م��ن إثبات��ات تاريخية‪،‬‬ ‫اعتبر بعض كبار النقاد واألكاديميين أن‬ ‫الكت��اب «جعل التاريخ ف��ي بنية واحدة»‪،‬‬ ‫على حدِّ قول البروفس��ور كارين زيڤي‬ ‫(جامعة جنوب كاليفورنيا)‪ ،‬في حين قال‬ ‫عن��ه الدكتور إيان ديڤس (جامعة يورك)‬ ‫إن��ه «اس��تعراض ممت��از للمُواطِنيَّ��ة‬ ‫يتس��م بالعمق وبالتماس��ك‪ ،‬وهو كتاب‬ ‫آخر ممت��از من المراج��ع الرائدة في هذا‬ ‫المضمار»‪.‬‬ ‫ويعتبر المؤلف أن من الغريب حقاً أن‬ ‫تكون إسبارطة المنشأ لفكرة المواطنية‪،‬‬ ‫الت��ي نربطه��ا اآلن بش��كل أساس��ي‬ ‫بفك��رة الحق��وق الليبرالي��ة النفعي��ة‪،‬‬ ‫وممارستها وإجراء المناقشات السياسية‬ ‫المستفيضة‪ .‬فصورة إسبارطة المعروفة‬ ‫غي��ر جذاب��ة وف��ق المنظ��ور الحدي��ث‪.‬‬

‫وصفه��ا أح��د المختصي��ن البريطانيي��ن‬ ‫باعتبارها "دولة عس��كرية توتاليتارية"‪،‬‬ ‫تُخضع السكان المستعبدين لسيطرتها‬ ‫بالترهيب والعنف‪.‬‬ ‫م��ع ذل��ك ثم��ة اعتق��اد راس��خ بأن‬ ‫مش��ترعاً اس��مه ليك��ور غ��وس وض��ع‬ ‫إطاراً لبني��ة من اإلصالحات الدس��تورية‬ ‫واالجتماعي��ة واالقتصادي��ة ف��ي أوائ��ل‬ ‫الق��رن الثامن قبل المي�لاد‪ ،‬حيث أنتجت‬ ‫هذه اإلصالحات ط��رازاً مواطنيًا‪ ،‬له عدد‬ ‫من األوجه المتش��ابكة‪ ،‬جميعها أساسية‬ ‫لنم��ط المواطني��ة االس��برطي‪ ،‬وه��ذه‬ ‫األوج��ه ه��ي‪ :‬مب��دأ المس��اواة‪ ،‬امت�لاك‬ ‫جزء من األراض��ي المش��اعة‪ ،‬واالعتماد‬ ‫االقتص��ادي على عم��ل العبي��د‪ ،‬ونظام‬ ‫ص��ارم للتربي��ة‪ ،‬والتدري��ب‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫تن��اول الوجب��ات ف��ي موائ��د جماعي��ة‪،‬‬ ‫والخدم��ة العس��كرية‪ ،‬ومي��زة الفضيلة‬ ‫المدنية‪ ،‬والمشاركة في حكومة الدولة‪.‬‬ ‫على خ�لاف المواطنية االس��برطية‬ ‫ف��إن المواطني��ة الرومانية م��رت بتطور‬ ‫تدريجي‪ ،‬أكثر مرونة من الحالة اليونانية‪،‬‬ ‫إذ أق��ام الروم��ان مواطني��ة م��ن درجات‬ ‫متنوعة‪ ،‬وأتاح��وا الفرصة للعبيد للتنعم‬ ‫بكرام��ة المواطن‪ ،‬ونش��روا اللقب بكثير‬ ‫من الس��خاء لألفراد ولمجتمعات بأكملها‪،‬‬ ‫ف��ي الوق��ت المناس��ب‪ ،‬فتع��دّوا نط��اق‬ ‫المدين��ة‪ ،‬إل��ى أقاص��ي "إمبراطوريتهم‬ ‫العالمي��ة"‪ .‬كم��ا اتس��مت المواطني��ة‬ ‫الرومانية بحس��ب المؤلف‪ ،‬بوجود توازن‬ ‫بي��ن الواجبات والحق��وق‪ ،‬وبوجود تمييز‬ ‫بين القضايا الخاصة والقضايا العامة أو‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫تتمثل القضاي��ا الخاصة في حقوق‬ ‫كالزواج من عائالت المواطنين اآلخرين‪،‬‬ ‫وح��ق التعام��ل التج��اري م��ع مواط��ن‬ ‫رومان��ي آخ��ر‪ ،‬وه��ي حق��وق محرّم��ة‬ ‫على غي��ر المواطنين‪ ،‬كم��ا أن الضرائب‬ ‫المحصّلة من المواطنين كانت أخفّ من‬ ‫تل��ك المفروض��ة على غي��ر المواطنين‪.‬‬ ‫إلى ذل��ك‪ ،‬فم��ع انتش��ار المواطنية عبر‬ ‫أقالي��م م��ا وراء ايطالي��ا وخصوص��اً في‬ ‫الحقب��ة اإلمبراطوري��ة‪ ،‬كان المواط��ن‬ ‫يتمتع بالحماية من سلطة حاكم اإلقليم‪.‬‬ ‫على س��بيل المثال‪ ،‬إذا وُجّهت أية تهمة‬ ‫إلى المواطن‪ ،‬كان ف��ي إمكانه المطالبة‬ ‫بحق��ه ف��ي عق��د المحاكم��ة ف��ي روما‪،‬‬ ‫وتتمثل القضايا العامة في ثالث مسائل‪:‬‬ ‫الحق ف��ي التصويت ألعض��اء الجمعيات‬ ‫والمرش��حين للمناصب السياس��ية (كبار‬ ‫المس��ؤولين الرس��ميين كالحكام وكبار‬ ‫المسؤولين القضائيين)‪ ،‬والمشاركة في‬ ‫الجمعي��ات وتول��ي مناصب المس��ؤولين‬ ‫الرسميين‪ ،‬رغم أن التقسيمات الطبقية‬ ‫في الممارسة حالت دون مساواة حقيقية‬ ‫في الفرص‪.‬‬ ‫م��ع حل��ول الق��رن الخام��س بع��د‬ ‫المي�لاد كان��ت اإلمبراطوري��ة الرومانية‬ ‫في الغرب ق��د انهارت‪ ،‬وبدأت تقوم على‬ ‫أنقاضها ممالك متفرقة‪ ،‬ومع غياب هذه‬ ‫اإلمبراطوري��ة‪ ،‬لم يعد هن��اك مواطنية‬ ‫رومانية‪ ،‬إذ بالرغم من أن اإلمبراطورية‬ ‫بقي��ت ف��ي الش��رق بش��كل أو بآخ��ر‬ ‫لكنه��ا كانت تح��ت عب��اءة األوتوقراطية‬ ‫البيزنطي��ة‪ .‬ف��ي الوق��ت نفس��ه كان��ت‬ ‫المس��يحية تنش��ر معتقده��ا وهيكلته��ا‬ ‫األبرشية‪ .‬هذا‪ ،‬تقريبًا ما كان الوضع عليه‬ ‫بوضوح دراماتيكي بحسب ديريك هيتر‪،‬‬ ‫فالنظرة المسيحية إلى الحياة مثلها مثل‬ ‫كل ديانة سماوية‪ ،‬جاءت مختلفة بشكل‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪15‬‬


‫ال�شباب ال�سوري الثائر‬

‫حوار العدد ‪. .‬‬

‫حتىاحلريةمن�أق�صاهالأق�صاها‬ ‫خاص سوريتنا‬

‫إعداد وحوار‪ :‬شام داود‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫ستقول‪:‬‬ ‫ال‪ ،‬وتمزّق األلفاظ والنهر البطيء‪.‬‬ ‫ستلعن الزمن الرديء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الظل‪.‬‬ ‫وتخفي في‬ ‫ال‪ -‬للمسرح اللغويّ‪.‬‬ ‫ال ‪ -‬لحدود هذا الحلم‪.‬‬ ‫ال‪ -‬للمستحيل‬ ‫محمود درويش‬ ‫دمشق‪ ،‬العاصمة وسند النظام ومعقله‬ ‫األمني‪ ،‬بحواجزها اإلسمنتية ومربعاتها التي‬ ‫تكاد تش��طر أحي��اء العاصمة إل��ى معتقالت‬ ‫صغيرة موزعة كقطع��ة قماش مرقعة‪ ،‬يقبع‬ ‫قاطنوها اليوم تحت قبض��ة حديدية لنظام‬ ‫المخاب��رات ت��كاد تس��طر كل تفاصيله��م‬ ‫الحياتية اليومية‪.‬‬ ‫جبل تعود ث��وار ثورة الحرية أن يلعنوه‬ ‫لكثرة قذائفه التي تس��طر موت��اً مرئياً على‬ ‫أحياء دمشق الجنوبية‪ ،‬على سفحه يرقد حي‬ ‫رك��ن الدين‪ ،‬أح��د األحياء التي بدأ ش��بابها‬ ‫ينظم��ون أنفس��هم للخروج ف��ي مظاهرات‬ ‫خط��ت أولى خطواته��ا على طري��ق الحرية‬ ‫في نيسان ‪ 2011‬لتس��تمر على عهد الثورة‬ ‫تسعة عشر ش��هرا بعدها‪ .‬قاطنوه الملونون‬ ‫م��ن كورد وع��رب‪ ،‬س��وريون فلس��طينيون‬ ‫وتماي��زات أخرى متعددة‪ ،‬أحد أحياء دمش��ق‬ ‫التي تعكس قسمُا غير معلن بين السوريين‬ ‫على العيش المشترك‪.‬‬ ‫بيوت ركن الدين التي قدمت شهداءها‬ ‫واحدا تلو اآلخر بدءاً من زردشت وانلي شهيد‬ ‫الحراك الس��لمي وش��علة الثورة ف��ي الحي‪،‬‬

‫وم��روراً بمحمد خطاب الذي قضى حرقاً على‬ ‫يد ش��بيحة النظام السوري‪ ،‬ترزح اليوم تحت‬ ‫شبح المداهمات اليومية واالعتقاالت‪ ،‬وحتى‬ ‫القصف‪ .‬بيوتها تعكس حيطانها الكثير من‬ ‫شعارات المتظاهرين وتخبئ تردد أصواتهم‬ ‫وصداها في مسائيات الثوار ومظاهراتهم‪.‬‬ ‫ف��ي أزق��ة ال يعرفه��ا س��وى س��كان‬ ‫المنطق��ة‪ ،‬تنطل��ق ترنيمة اهلل أكب��ر لتعلن‬ ‫بدأ العرس ش��به اليومي‪ ،‬عرس شباب ثائر‪،‬‬ ‫س�لاحه ريش��ة وكرتونة‪ ،‬عود وطبل‪ ،‬وكثير‬ ‫من األمل‪ .‬مع األكف يتشابك علم االستقالل‬ ‫وش��مس علم الكورد ويغني لفلس��طين في‬ ‫أهزوجة تعكس طيف��اً ال يدرك عمقه إال من‬ ‫كان سوريُا حتى النخاع‪.‬‬ ‫يعان��ق الصلي��ب اله�لال عالي��اً خلف‬ ‫صف��وف المتظاهري��ن وتض��يء وجوهه��م‬ ‫الفت��ات تعك��س ح��ب الخط��اط والكات��ب‬ ‫لس��وريته وللوط��ن‪ ،‬يعملون ض��د اإلقصاء‬ ‫والتخوي��ن‪ ،‬يحلم��ون بس��وريا مدني��ة لكل‬ ‫أطيافه��ا وعدالة اجتماعي��ة لمواطنيها‪ ،‬في‬ ‫قلوبهم وطن يجمع السوريين جميعا ضمن‬ ‫ساحات الحرية‪.‬‬ ‫الشباب الس��وري الثائر‪ ،‬أحد مجموعات‬ ‫الح��راك القلة الباقية ف��ي العاصمة الواقعة‬ ‫تح��ت ثق��ل القبض��ة األمنية وحواج��ز تكاد‬ ‫تفص��ل البيوت ع��ن بعضها‪ ،‬تس��تمر اليوم‬ ‫بالعمل بصمت وبتسارع‪ ،‬من حي ركن الدين‬ ‫الواقع في قلب قاس��يون‪ ،‬عن تجربة ال تقبل‬ ‫أنصاف الحل��ول وال تقبل بغير س��وريا تليق‬ ‫بدم الش��هداء‪ ،‬حراك مدني سلمي يعمل مع‬ ‫الجمي��ع وللجميع وبتماه مع الثورة بش��قيها‬ ‫السلمي والعسكري‪ ،‬تتحدث سوريتنا لشباب‬ ‫اعتنقوا الحرية وسوريا‪.‬‬

‫| كيف تأسس��ت المجموع��ة‪ ،‬وكيف‬ ‫كانت خطوات عملكم األولى؟‬ ‫| | بدأن��ا بالعم��ل بالمجموع��ة منذ‬ ‫بداي��ة الش��هر الس��ابع النطالق��ة الثورة‬ ‫حيث كنّا مجموعة من األفراد المشاركين‬ ‫بالث��ورة من��ذ اندالعها وبعد فت��رة تالقت‬ ‫أفكارن��ا وأهدافن��ا فقررن��ا تش��كيل‬ ‫المجموع��ة‪ ،‬ومؤسس��ين المجموع��ة هم‬ ‫مجموعة من الش��باب ال يتج��اوز عددهم‬ ‫الخمس��ة أفراد رأوا بالتجم��ع نقطة مهمة‬ ‫للمحافظة على سوريا وأهداف ثورتها في‬ ‫بناء وطن جديد يجمع جميع السوريين‪.‬‬ ‫| لم��اذا اختياركم الس��م (الش��باب‬ ‫السوري الثائر) تحديداً؟‬ ‫| | االس��م لم يك��ن محض الصدفة‬ ‫ب��ل كان نظ��رة واعي��ة مس��تنبطة م��ن‬ ‫نب��ض الش��ارع والث��ورة حي��ث أن نس��بة‬ ‫الشباب السوري المش��ارك بالثورة يطغو‬ ‫بش��كل ملح��وظ وبم��ا أنن��ا مجموعة من‬ ‫الش��باب فقررن��ا تبن��ي هذا االس��م وكي‬ ‫نحاول ض��م جميع أطياف الش��باب بغض‬ ‫النظ��ر ع��ن طائفتهم أو عرقه��م أو حتى‬ ‫أيديولوجيتهم‪.‬‬ ‫| م��ن ه��م األعض��اء الفاعلي��ن في‬ ‫المجموع��ة وكيف يت��م تقس��يم العمل‬ ‫بينكم؟ هل يتم قبول أعضاء جدد؟‬ ‫| | أوال ليس هنالك تمايز بين عمل‬ ‫األفراد في المجموع��ة فالجميع على قدر‬ ‫المس��ؤولية الممنوح��ة ل��ه وتحدي��داً بعد‬ ‫زي��ادة خبرة الش��باب عن طري��ق التجارب‬ ‫المس��تمرة والمس��تمدة من قل��ب الحراك‬ ‫الثوري‪ ،‬ثاني��ا يتم تقس��يم العمل ضمن‬ ‫إمكاني��ة كل ش��اب وإبداع��ه بجان��ب م��ا‬ ‫فنق��وم بدورن��ا بتهيئ��ة األج��واء ل��ه كي‬

‫يصقل موهبت��ه الثورية في عدة مجاالت‬ ‫كالهتاف��ات والتصوي��ر وتطوي��ر األف��كار‬ ‫والكثير الكثير من األعم��ال األخرى‪ ،‬ثالثا‬ ‫نحن وبكل بس��اطة نس��تقبل أي ش��ب أو‬ ‫فتاة يتمتعون بالحس الوطني والقادرون‬ ‫على اإلضافة في العمل الثوري‪..‬‬ ‫| ما الهدف الذي تريدون الوصول له‬ ‫من خالل عملكم؟‬ ‫| | أهدافن��ا واضحة جدا ومعبر عنها‬ ‫ضم��ن بياننا التأسيس��ي نح��ن مجموعة‬ ‫مدني��ة هدفه��ا إس��قاط النظ��ام القائ��م‬ ‫ولي��س فق��ط رأس اله��رم له��ذا النظام‬ ‫المتمثل برئيس��ه‪ ،‬لكي نستطيع أن نبني‬ ‫وطنا مدنيا كريما يحفظ الحريات ويحافظ‬ ‫على حق��وق المواطنة وعلى ضمان لقمة‬ ‫العيش بكرامة للمواطن السوري ونسعى‬ ‫لث��ورة أخ��رى لتحري��ر أراضين��ا المحتل��ة‬ ‫وتحرير األراضي الفلسطينية ضمن عمل‬ ‫كفاحي بامتياز‬ ‫| خالل الفترة الزمنية من تأس��يس‬ ‫المجموع��ة حت��ى اآلن ما ه��ي المحطات‬ ‫المهمة التي توقفتم عندها‪ ،‬وكيف تطور‬ ‫عملكم خالل هذه الفترة؟‬ ‫| | خالل الفترة الزمنية من تأسيس‬ ‫مجموعتن��ا إلى اآلن مررن��ا بعدة محطات‬ ‫مهمة لع��ل أهمها الفتن��ة الطائفية التي‬ ‫حاول النظام أن يزرعها بأبناء ركن الدين‬ ‫فخرجن��ا كمجموع��ة واح��دة وقمن��ا بمنع‬ ‫االقتت��ال بي��ن أهال��ي الحي ث��م أصدرنا‬ ‫منش��ور توعية ألهالي الحي كان محتوى‬ ‫المنش��ور يتح��دث عن عدم االنج��رار إلى‬ ‫هذه الفتنة التي يحاول أن يزرعها النظام‬ ‫بيننا وأن نتجمع كيد واحدة ضد النظام كما‬ ‫قمنا بنقاش��ات مع كل األط��راف لتوعيتها‬ ‫بعدم االنجرار إل��ى الفتنة الطائفية ومن‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬ ‫إحدى مظاهرات مجموعة الشباب السوري الثائر في ركن الدين | الصورة عن‪:‬‬


‫حوار العدد ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫المراح��ل المهم��ة الت��ي مررنا به��ا أيضًا‬ ‫دخول الجيش األس��دي إل��ى منطقة ركن‬ ‫الدين فحاولنا الوق��وف إلى جانب الجيش‬ ‫الحرّ وتقديم المس��اعدة له والتوعية قدر‬ ‫اإلم��كان ومن المراحل المهمة التي مررنا‬ ‫بها أيضاً منطقة باب توما وتوزيع مناشير‬ ‫الحري��ة ف��ي المنطق��ة وكانت المناش��ير‬ ‫تدعو إلى التفاف الجميع حول الثورة ونبذ‬ ‫الطائفية والعمل كيد وحدة ضد النظام‪.‬‬ ‫التطور والتحدي��ث ال بدّ منه وعملنا‬ ‫كمجموع��ة واح��دة م��رّ بع��دة تط��ورات‬ ‫وذلك من خ�لال طريقة عملنا التي تبحث‬ ‫ع��ن التجدي��د والتوعي��ة الدائم��ة ألف��راد‬ ‫المجموع��ات واالنخ��راط الكبي��ر بجمي��ع‬ ‫فئات المجتمع ولقد علمتنا الثورة أس��اليب‬ ‫التط��ور نحو األفض��ل كما أننا اس��تطعنا‬ ‫االستفادة من النقد البناء لتطوير أساليب‬ ‫عملنا نحو األفضل‪.‬‬ ‫| هل يقتصر عملكم على المظاهرات‬ ‫أم هناك عمل آخر تقومون به ؟‬ ‫| | بالطبع نحن ال نكتفي بالتظاهر‬ ‫فه��ذا عمل أساس��ي ولكنه لي��س الوحيد‬ ‫نحن نعمل دائما على موضوع نشر الوعي‬ ‫الوطن��ي ضم��ن محيطنا وإطفاء ش��رارة‬ ‫الطائفي��ة التي يحاول النظام اس��تغاللها‬ ‫وإش��عالها كم��ا أننا مس��تمرون وبش��كل‬ ‫مس��تمر دائم��ًا بإلق��اء مناش��ير التوعي��ة‬ ‫كنش��اطات مس��تقلة ع��ن التظاه��ر في‬ ‫مختلف مناطق دمش��ق‪ ،‬لي��س فقط في‬ ‫ركن الدين‪ ،‬وتوزي��ع البيانات التوضيحية‬ ‫وأيض��ا كمجموعة مدنية نش��ارك وبقوة‬ ‫بالمج��ال اإلغاث��ي واإلس��عافي بق��در ما‬ ‫نس��تطيع للعائ�لات المتض��ررة في ركن‬ ‫الدي��ن وغيره��ا‪ ،‬ك��ون العم��ل اإلغاث��ي‬ ‫واإلس��عافي ركن أساس��ي م��ن أركان أي‬ ‫مجموعة تحوي الفكر المدني‪.‬‬ ‫| هل لديكم أي من أنواع الدعم من‬ ‫أي جهة؟‬ ‫| | نح��ن ال نقب��ل الدعم المادي في‬ ‫مج��ال العم��ل الث��وري والس��بب الصريح‬ ‫أنن��ا نرفض من أح��د أن يحتوين��ا مقابل‬ ‫بع��ض األم��وال وال نعتق��د أن هنالك أي‬ ‫طرف سياس��ي يقبل تمويلك دون شروط‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫| ه��ل هن��اك تعاون م��ع مجموعات‬ ‫ثورية أخرى في رك��ن الدين أو غيرها‪ ،‬أو‬ ‫مجموعات ناشطة أخرى؟‬ ‫| | بالطب��ع نح��ن نس��عى لتوحيد‬ ‫العمل الثوري س��واء في رك��ن الدين أو‬ ‫غيرها‪ ،‬تركيزنا على منطقة ركن الدين‬ ‫كي تنهض مجددا للحراك بأعداد كبيرة‪،‬‬ ‫بالطبع البد من مواجهة بعض المشاكل‬ ‫بسبب االختالف الفكري بين المجموعات‬ ‫المتواج��دة باإلضافة لالختالف في آليات‬ ‫العم��ل المتبع��ة ضم��ن كل مجموع��ة‪،‬‬ ‫يوج��د العديد م��ن المجموع��ات المدنية‬ ‫التي نتفق معها بالرؤية وأساليب العمل‪،‬‬ ‫ننس��ق باس��تمرار ولكن لألس��ف هناك‬ ‫الكثير من المجموع��ات الثورية‪ ،‬تحولت‬

‫م��ن مجموعات ناش��طين إلى مجموعات‬ ‫إعالمية‪ ،‬وبعضه��ا تحول إلى مجموعات‬ ‫أف��راد أي أنه��ا قائمة لكي تس��تفيد من‬ ‫الدعم الذي يأتيها فقط ال غير‪.‬‬ ‫نحن نسعى للتواصل مع كل من هو‬ ‫ناش��ط ويعمل فعال من أجل الثورة ال من‬ ‫أجل مصلحته الشخصية‪.‬‬ ‫| كيف ترون مجموعة الشباب السوري‬ ‫الثائر في المستقبل؟‬ ‫| | نح��ن ن��رى أنفس��نا في س��وريا‬ ‫الموحدة في س��وريا ذات الق��رار الوطني‬ ‫الداخلي المستقل النابع عن شعبها ضمن‬ ‫حريته وليس عب��ر القمع الممارس عليه‪،‬‬ ‫ن��رى أنفس��نا نس��يج م��ن ش��عبنا وأبناء‬ ‫لوطنن��ا وال نس��عى لمكان سياس��ي على‬ ‫الخارط��ة الجدي��دة ألننا باألس��اس لس��نا‬ ‫بح��زب‪ ،‬خرجنا من اجل الوطن وس��نكون‬ ‫أف��راد في هذا الوطن‪ ،‬علينا ما على باقي‬ ‫إخوتنا ولنا ما لهم‪.‬‬ ‫| هل تفكرون بتأس��يس شي جديد‬ ‫يس��اهم في بن��اء س��وريا الجدي��دة‪ ،‬أم‬ ‫يقتصر عملكم على المساهمة في العمل‬ ‫الثوري من خالل المظاهرات؟‬ ‫| | مهمتن��ا ليس��ت فق��ط إس��قاط‬ ‫النظ��ام وحس��ب‪ ،‬ب��ل وبناء نظ��ام جديد‬ ‫يراعي كافة متطلبات الش��عب وطموحاته‬ ‫م��ن كرامة وحرية وعدل والمس��اعدة في‬ ‫إعمار ما دم��ره النظام‪ ،‬وإس��قاط النظام‬ ‫برأين��ا هو نص��ر ولكنه مرحل��ة أولى من‬ ‫الث��ورة المرحل��ة الثانية هي بناء س��وريا‬ ‫الجدي��دة كدول��ة س��يادة وقان��ون ويجب‬ ‫المحافظة على فكرة أن الش��ارع هو الذي‬ ‫يقرر م��ا هو القادم وما يحتاج��ه‪ ..‬أي أننا‬ ‫س��نعمل من اج��ل إبقاء ثقاف��ة االحتجاج‬ ‫وع��دم الع��ودة إلى فترة الصم��ت‪ ..‬فنحن‬

‫نؤم��ن ب��أن حك��م الش��عب ه��و للش��عب‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫| ما هي أهمية العمل الذي تقومون‬ ‫به حالي ًا برأيكم؟‬ ‫| | نح��ن نح��اول أن نرف��ع مطال��ب‬ ‫الش��عب الثوري��ة والت��ي ال تنحص��ر‬ ‫بالحريات السياس��ية فحس��ب ب��ل وتطال‬ ‫كل الجوان��ب االجتماعي��ة واالقتصادي��ة‬ ‫فالحري��ة السياس��ية ه��ي قاع��دة برأينا‬ ‫لكنها بالوقت نفسه هي ليست الغاية بل‬ ‫هي الوس��يلة للوصول إلى كرامة الشعب‬ ‫التي س��لبت الكرامة تعن��ي محاربة الفقر‬ ‫وإعطاء فرص متس��اوية للجميع من أجل‬ ‫العمل ومجانية التعلي��م‪ ..‬كما أننا نحاول‬ ‫المحافظة كما قلت س��ابقا على سياس��ة‬ ‫االحتج��اج واللج��وء للش��ارع كحَك��م كي‬ ‫ال نعي��د الفك��ر الديكتاتوري ونس��مح له‬ ‫بف��رض منط��ق الصم��ت عل��ى األخطاء‬ ‫ونحن نحاول المش��اركة م��ع جميع القوى‬ ‫الت��ي تعم��ل فع�لا عل��ى األرض إليصال‬ ‫صوت الش��ارع الذي تحاول قوى سياس��ية‬ ‫فرض رأيها عليه أو توجيه األمور حس��ب‬ ‫مصالحها الخاصة دون النظر إلى الش��ارع‬ ‫وما يطلبه‪.‬‬ ‫| أل��م تفق��دوا األم��ل م��ن أهمية‬ ‫وفعالي��ة المظاه��رات في ظ��ل المعارك‬ ‫حالي ًا؟‬ ‫| | المع��ارك الحالي��ة ه��ي لتحري��ر‬ ‫صوتنا وليس��ت لتقييده والمظاهرات هي‬ ‫المس��احة التي يمكننا م��ن خاللها إيصال‬ ‫الكثي��ر م��ن الرس��ائل إل��ى جمي��ع القوى‬ ‫س��واء كانت من النظام أم من المعارضة‬ ‫فصوت البندقية لن يس��مح ل��ك بإيصال‬ ‫هذه الرس��الة بل سيمهد لك الطريق كي‬ ‫تتظاهر وتكمل طريقك إلى الحرية‪.‬‬

‫| كيف ترون الوض��ع الحالي؟ نقصد‬ ‫العمل المس��لح والقتال بين الجيش الحر‬ ‫والعصابات األسدية‪ ،‬أال يلغي السلمية أم‬ ‫من الممكن أن يكونا خطان يس��يران مع‬ ‫بعضهما البعض؟‬ ‫| | إن تش��كيل الجي��ش الح��ر أت��ى‬ ‫كض��رورة وردة فع��ل لتصرف��ات النظ��ام‬ ‫الوحش��ية ومن انش��ق من الجيش األس��دي‬ ‫لكي يدافع عن صوت الحق انش��ق كي يدافع‬ ‫عن الش��عب األع��زل وحتى م��ن اضطر من‬ ‫المدنيين للتسلح فهم اضطروا لذلك لحماية‬ ‫منازلهم وأهلهم من جرائم النظام الوحشية‬ ‫ولكن الجيش الحر بحاجة إلى حاضن شعبي‬ ‫ومس��اعد لعمل��ه فعناصر الجي��ش الحر هم‬ ‫إخوتنا وأبناء ش��عبنا لذلك فه��م بحاجة إلى‬ ‫العمل المدني الذي يعمل على تامين تنظيم‬ ‫الحياة ف��ي المناطق المحررة من خالل لجان‬ ‫أهلي��ة لتنظيم المجتمع كم��ا أن المظاهرات‬ ‫كما قلنا لها أهمية خاصة‪.‬‬ ‫| في ظل الظروف التي نعيش��ها في‬ ‫األيام الحالية‪ ،‬هل كان برأيكم طريق آخر؟‬ ‫هل كان من الممكن للسلمية وحدها أن‬ ‫تسقط النظام؟‬ ‫| | الس��لمية كان��ت خي��ار الش��عب‬ ‫الس��وري من��ذ البداي��ة‪ .‬برأين��ا كان م��ن‬ ‫الممكن الستمرارية الس��لمية أن تسقط‬ ‫النظ��ام‪ ،‬لكن في مقاب��ل همجية النظام‬ ‫وعنفه الشديدين‪ ،‬والتصعيد الكبير خالل‬ ‫األشهر األخيرة من الثورة‪ ،‬لم تعد السلمية‬ ‫خياراً حقيقي��ًا وواقعياً عندما قوبل العمل‬ ‫الس��لمي بمثل هذا القمع الغير مس��بوق‪،‬‬ ‫العمل المس��لح اليوم في الثورة السورية‬ ‫فرضه الواقع ولم يعد خياراً‪.‬‬ ‫صفحة الشباب السوري الثائر على الفيسبوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/damas.rev.youth‬‬

‫‪17‬‬


‫فدوى روحانا‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫من��ذ ابت��دأت الثورة الس��ورية‪ ،‬عربي��ا كان العمل على‬ ‫تشويهها أكبر بكثير من العمل على التضامن معها‪..‬‬

‫�سونغا يونغا‬

‫من ش��وي وصلتي الراتب من الش��يخ بندر‪ ،‬وخاصملي‬ ‫‪ 4‬أيام هدنة!!!!‬

‫صعب عبر عن الحرية الي بدي ياها بكم كلمة بس الي خاطر ببالي حالياً‪ ،‬بدي أقدر أنتقد الخطأ لما شوفو‪.‬‬ ‫بدي لما ش��وف س��يارة حفظ النظام عم تقطع اإلش��ارة ورح تدعس البشر بس مش��ان يوصلو لمحل الفالفل‬ ‫بسرعة‪ ،‬أقدر آخد رقما وأشتكي عليا‪ ،‬هي في حال شرطي المرور ما وقفها وخالفون وسألون ليش هيك عم تعملو؟‬ ‫بدي لما تنقطع الكهربا أعرف عنجد ليش‪ ،‬وإزا ما عجبني أطلع مع غيري وأضغط عالحكومة لنغير الوضع‪،‬‬ ‫ونعرف شو يلي عم يصير بالضبط‪.‬‬ ‫بدي كتير شغالت بس أهم شي بدي أقدر أعترض عالشي الي مو عاجبني بدون ما خاف عحالي وعأهلي‪.‬‬

‫ر�شا عمران‬

‫ألكثر من أربعين عاما والس��وريون يسكتون عن القهر‬ ‫والظلم والفقر والفس��اد والقم��ع والتهميش واإلقصاء‬ ‫بذريع��ة المواجهة واألخط��اء الفردي��ة‪ ..‬المواجهة لم‬ ‫تحص��ل واألخطاء الفردية تراكم��ت يوما بعد يوم حتى‬ ‫وصلنا إلى ما نحن فيه اآلن من االنفجار‪ ..‬الس��كوت عن‬ ‫أخط��اء الثورة بذريعة الثورة أو بذريعة األخطاء الفردية‬ ‫س��وف يحول االنفجار الحالي إل��ى كارثة قد تقضي على‬ ‫الثورة نفس��ها وتس��اهم مع النظام في تدمير ما تبقى‬ ‫من البلد‪ ..‬ا‬

‫خلود زغري‬

‫سنس��قط عائلة األس��د حتماً‪ ..‬لكن أخشى أن ننتج في‬ ‫طريقنا عائالت مستأسدة‪..‬‬

‫�شام داود‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟ (‪)20‬‬

‫ل��وال دم الش��هدا وكرام��ة المعتقلين وحق��وق الناس‬ ‫اللي تهجرت وخس��رت حياته��ا وبيوتها‪ ،‬لكنا قلنالكون‬ ‫بلوه وش��ربو ميته لبش��ار الديكتاتور وخليكن عايشين‬ ‫بنعي��م الذل‪ ..‬بس فش��رتووووو‪ ..‬س��وريا لينا وما هي‬ ‫لبيت األسد‪..‬‬

‫خولة دنيا‬

‫اهلل يرحم أيام الهليوكوبتر‪ ..‬على األقل بتعرف وين رح‬ ‫تضرب‪( ..‬أمنيات السوريين حالياً)‬

‫هنادي زرقة‬

‫َّ‬ ‫كأن الموت ممنوع من السفر في هذه البالد‪..‬‬

‫هيا احلاج حمد‬

‫سيادتك فش��ر قدامك س��اندي وبراكين وزالزل العالم‬ ‫كلو‪!..‬‬

‫جمال داود‬

‫يعن��ي انت��و امفكري��ن‪ ..‬ماعن��ا ك��وارث متل س��اندي‬ ‫وكاترينا؟؟ ما إعصار أنيس��ة صرلو ‪ 40‬سنة ماكان يحل‬ ‫عن‪ ..‬بلدنا!!‬

‫يا�سني احلاج �صالح‬

‫المثقفون السوريون من الجهات األسوأ أداء في الثورة‪:‬‬ ‫إما بذريعة أن مجالهم الثقافة والفكر مارس��وا سياس��ة‬ ‫النأي بالنفس‪ ،‬أو بذريعة الثورة اش��تغلوا كسياس��يين‪.‬‬ ‫الموق��ف األصح ف��ي رأيي االنخ��راط في الث��ورة‪ ،‬لكن‬ ‫كمثقفي��ن‪ .‬ه��ذا ما يمك��ن أن يصون كرام��ة الثقافة‪،‬‬ ‫والمثقفين أنفسهم‪.‬‬

‫صاحب عمل خاص‬

‫را�شد عي�سى‬ ‫ما ظل ح��دا فينا ما ننق��ز من خزان الم��ي الفاضي لما‬ ‫بيعم��ل بمم‪ ،‬لكن ال أظن أن أح��داً التبس عليه صوت‬ ‫القص��ف واالنفج��ارات على أنه خ��زان الم��ي الفاضي‪.‬‬ ‫الي��وم‪ ،‬عند المخت��ار‪ ،‬طلع صوت القص��ف‪ ،‬قال أحدهم‬ ‫للمختار‪ ،‬بنبرة يس��تحيل كتابته��ا‪ ،‬ولكن ال تخفى فيها‬ ‫نبرة الالمباالة والتنكي��ت‪ :‬خزااااان فاضيييي‪ .‬هل يقدر‬ ‫زل��م المختار قادرين على تصوّر ما يفعله صوت الخزان‬ ‫الفاضي بالعباد!‬

‫م�صطفى عنتبلي‬

‫سوريا ثائرة‪ ..‬وهي ذاهبة إلى التغيير‪ ..‬وربما كتبت في‬ ‫وقت مبكر جدا‪ ..‬أن الثورة لم تقم إلبدال ظلم بآخر‪ ..‬أو‬ ‫اتهام طائفة لتبرئة أخرى‪..‬‬

‫�أ�سامة حممد‬

‫يب��دو أننا محظوظون‪ .‬فاألجيال الغاب��رة‪ ..‬والغابرة في‬ ‫المس��تقبل‪ ..‬لم ولن تحظ بفرصة مثل هذا الكس��وف‬ ‫الكل��ي للجنس البش��ري‪ ..‬عل��ى هيئة مجرمي��ن أربكوا‬ ‫س��ر الكون‪ ..‬يلعب��ون ب آلة الحياة والموت في س��وريا‬ ‫ٍ‬ ‫الحضارة‪ .‬ويتدلى من سُرّتِهم سلك دبلوماسي‪.‬‬

‫ليلى العودات‬

‫الخوف‪ ،‬مشروع حافظ األسد الوحيد‪ ،‬زرعه وسقاه ووزعه‬ ‫على كل السوريين بالتساوي حتى لم يبق شخص واحد‬ ‫ليلقي خطب ًة تلمنا حوله ولو كذباً‪.‬‬

‫�إميان جان�سيز‬

‫يوغل الجرح الس��وري عميق��اً في روح��ي‪ ..‬لكنه يهون‬ ‫علي كل ما دونه م��ن آالم‪ ..‬فهو ذروة األلم‪ ..‬الغريب‪..‬‬ ‫ال أش��عر به كعلقة تتطفل على دمي‪ ..‬بل أس��تمد منه‬ ‫الصمود‪ ..‬ويجدد في داخلي طاقة الحب‪ ..‬بت أمشي في‬ ‫الحديق��ة وأنا حذرة أن أدوس النمالت‪ ..‬ش��ريكاتي في‬ ‫التراب‪ ..‬الجرح السوري يهبني الحياة‪ ..‬فأهبها‪..‬‬

‫د حممد حاج �صالح‬

‫في كل مكان سوري نكون تأتينا صور الفجائع‪ .‬كله دم‬ ‫سوري‪ .‬وأخوة يقتتلون ويقتل بعضهم بعضاً متى يولد‬ ‫طائر الفينيق السوري‪ ،‬متى نوقف الموت والقتل العبثي‬ ‫المجاني ونلتفت لبناء جس��ور المحبة بيننا ولبناء سوريا‬ ‫م��ن جدي��د‪ ..‬ال للعنف وال للقتل وال للدم‪ .‬دم الس��وري‬ ‫على السوري حرام‪.‬‬

‫نذير الرفاعي‬ ‫الثائر كما بائع الورد ستصيبه أشواكها ال محال‬

‫فرا�س الأتا�سي‬

‫ب��دك تبي��ع؟؟؟ بيع حال��ك‪ ..‬ب��س ال تبيعن��ا‪ ..‬وال تبيع‬ ‫مستقبل أوالدك!!‬ ‫إلى كل سوري دون استثناء‬

‫زين عدي‬

‫ال شيء ينافس الموت‪ ،‬سوى موته في عيوننا!‬

‫زياد ماجد‬

‫بقدر ما هي مفرحة وعظيمة أخبار سقوط حواجز جيش‬ ‫النظام في قبضة الثوار في سوريا‪ ،‬بقدر ما هي بغيضة‬ ‫ومقزّزة أخبار إعدام الجنود األسرى الذين كانوا يحت ّلون‬ ‫بعض تلك الحواجز‪.‬‬ ‫واألم��ر‪ ،‬إل��ى انحطاط��ه األخالق��ي وانتهاك��ه اتفاقي َة‬ ‫جنيف الثالث��ة وتماثله مع ممارس��ات النظام الهمجية‪،‬‬ ‫هو خطأ سياس��ي وعس��كري إذ يصعّب عل��ى كثر من‬ ‫الجنود "النظاميين" االنش��قاق أو االستسالم ويدفعهم‬ ‫إلى االستش��راس في القتال دفاعاً عن حياتهم‪ ،‬قبل أي‬ ‫شيء آخر‪..‬‬

‫علي الطه‬

‫أيه��ا الم��وت ال تجبرني م��رة أخرى أن أش��عر بالبكم‪..‬‬ ‫أيه��ا الموت توقف نريد أن نموت من فرط الحياة وردة‬ ‫فراتية على قبر ال يتسع صاحبه‪ ..‬والحياة لنا‪..‬‬

‫غياث املعراوي‬ ‫اليوم تحديداً‪ ..‬فش��ل رهان أوالئك الذين يعتقدون أن‬ ‫الثورة انجرفت نحو التسليح إلى ماال رجعة‪ ..‬أال تعي تلك‬ ‫الثلة أن حمل الس�لاح ما هو إال أحد مراحل الثورة‪ ..‬وأن‬ ‫الثورة س��تعود لمدنيتها وتظاهراتها السلمية عند أول‬ ‫فرصة سانحة‪ ..‬والثورة مستمرة‪ ..‬رغم أنف المشككين‬ ‫والسلبيين وقاطعي طريق الحرية‪..‬‬

‫يحيى جابر‬

‫ال جديد تحت الش��مس س��وى الشعب الس��وري‪ ..‬الذي‬ ‫يجعل الشمس "تدور" من الدهشة لشجاعته‪ ..‬واألرض‬ ‫"ثابتة" من الذهول لدمعته‪..‬‬

‫كج��دول ض��رب‪ ،‬تمام��ا ال يعت��رف‬ ‫بالنسيان وال يؤمن بأن الضرب وسيلة‬ ‫بدائية‪ ..‬يا وطني ما أكثر الكلمات التي‬ ‫ال تقول‪ ..‬ما أكثر أفعال الكالم‪..‬‬ ‫أتحاش��ى طابور الصياح‪ ،‬أتحاش��ى كل‬ ‫أولئ��ك الذي��ن يحيّون زه��و العلم‪..‬‬ ‫بثيابهم الممزقة ومالمحهم الغائبة‪..‬‬ ‫أك��ره العل��م األبله وه��و يرفرف فوق‬ ‫جراح ابن الشهيد‪..‬‬ ‫أك��ره الكلم��ات المحش��وّة باإلزع��اج‬ ‫والعته‪ ..‬كلمات ال تفكر وخيال مقموع‪..‬‬ ‫كم أكره تحية العلم‪ ..‬كم أكره أقواس‬ ‫النصر‪ ..‬وتلك الس��هام الطائش��ة في‬ ‫قلب كل شهيد‪..‬‬ ‫ك��م أك��ره التصريح��ات الت��ي تش��ير‬ ‫بسبابتها إلى الماضي‪ ..‬كم أكره الصور‬ ‫الجماعية للصوص الرسميين‪..‬‬ ‫يا وطني تحتاج إل��ى خافض للحرارة‪..‬‬ ‫ومضاد حيوي لحمى الحضارة‪ ..‬وبعض‬ ‫ال��دروس الخصوصي��ة ف��ي التنمي��ة‬ ‫البشرية!‬ ‫ويقول ابن الش��هيد‪ ،‬أنك ال تحتاج إلى‬ ‫أعياد‪ ،‬ال تحتاج إلى مناس��بات‪ ،‬ال تحتاج‬ ‫إلى كذب رس��مي‪ ،‬ال تحت��اج إلى أبطال‬ ‫أش��اوس‪ ،‬ال تحتاج إلى نب��ش التاريخ‪،‬‬ ‫ال تحت��اج إلى ش��ؤون القبائل‪ ،‬وأنصار‬ ‫الش��ريعة‪ ..‬ال تحتاج ألف��راح معلبة‪ ،‬ال‬ ‫تحت��اج إلى قائد ض��رورة‪ ،‬يتهجّى لك‬ ‫شعارات الثورة‪..‬‬ ‫ال تحت��اج يا وطني لش��يء م��ن الدعاء‬ ‫المستجاب أو الدفاع الروحي‪ ..‬يا وطني‬ ‫الحكم��ة ل��م تع��د منتجا وطني��ا‪ ،‬وال‬ ‫صناعة محلية‪ ..‬أنت في غنى أيضا عن‬ ‫سوبر مان‪ ..‬وكل مسلسالت الكرتون‪..‬‬ ‫وفي أتمّ االس��تعداد للتخلي عن عادة‬ ‫المشي ليال‪ ..‬وعن الدليل السياحي‪..‬‬ ‫لس��ت بحاجة لع��كازات األج��داد‪ ..‬وال‬ ‫تعني��ك تماما مق��ررات أم��ام الذهب‬ ‫وأمام المذهب‪ ..‬ويحكى فيما يحكى أن‬ ‫الوالء الوطني ال يفرق كثيرا عن الغباء‬ ‫الوطني‪ ..‬كم��ا أن الهوية ال تحتاج إلى‬ ‫تربية وطنية‪ ،‬كالدواجن مثال‪..‬‬ ‫يا وطني ّ‬ ‫كل مش��تقات الحليب تقول‪:‬‬ ‫أن ح��ب الوطن لي��س م��ن مرّكبات‬ ‫حليب األم‪!..‬‬ ‫أيها الشاهق كهاوية‪ .‬لست بحاجة إلى‬ ‫القسمة المطولة‪ ،‬وجداول الضرب‪ ..‬وال‬ ‫تحتاج إلى ح��روف الجر‪ ..‬وال إلى حروف‬ ‫النصب‪ ..‬ال شيء ينقصك سوى بطاقة‬ ‫شخصية تعّرف بك‪..‬‬ ‫يا وطني أن��ت تحتاج فقط إلى بوصلة‬ ‫فق��ط‪ ..‬والى « غيار داخل��ي وخارجي»‬ ‫تحت سارية األلم‪!!!..‬‬ ‫ندى صبح‬


‫اجلامع الأموي الكبري يف حلب تاريخ ي�شهد‬ ‫بالل سالمة‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫تعرض الجامع األموي بحلب إلى محن‬ ‫قاس��ية عبر تاريخ��ه الطويل منه��ا الحـرق‬ ‫والتـدمي��ر واإلهم��ال‪ ،‬إال أن��ه كــ��ان يجابه‬ ‫المح��ن وال يلب��ث أن يع��ود س��يرته األولى‪،‬‬ ‫مركزاً دينيًا واجتماعيًا وسياسيًا هامًا‪.‬‬ ‫يعتبر ه��ذا الجامع أع��رق معالم حلب‬ ‫التاريخية اإلس�لامية وأكبر جوامعها‪ ،‬كانت‬ ‫مس��احته تماث��ل مس��احة الجام��ع األم��وي‬ ‫ف��ي دمش��ق ولكن بع��د سلس��لة الحرائق‪،‬‬ ‫والترميم��ات التي خضع لها ل��م يبقَ الكثير‬ ‫م��ن فخامته الس��ابقة‪ .‬يق��وم الي��وم على‬ ‫مس��احة من األرض يبلغ طوله��ا ‪ 105‬أمتار‬ ‫من الش��رق إلى الغ��رب‪ ،‬وعرضه��ا ‪ 78‬متر‬ ‫من الجنوب إلى الش��مال وهو يشبه إلى حد‬ ‫كبير ف��ي مخططه وط��رازه الجامع األموي‬ ‫في دمشق‪ .‬أبعاد صحن المسجد ‪79×47‬م‪.‬‬ ‫والحرم محمول عل��ى ‪ 80‬عمود موزّع على‬ ‫أربعة صفوف‪ .‬وللمسجد أربعة مداخل واحد‬ ‫ف��ي كل جهة‪ ،‬ومح��راب الجامع م��ن الحجر‬ ‫األصف��ر‪ .‬والمنبر الحال��ي مملوكي من عهد‬ ‫الس��لطان محم��د من الق��رن الرابع عش��ر‪،‬‬ ‫مصنوع من خش��ب األبنوس‪ ،‬زخرف بقطع‬ ‫م��ن العاج‪ ،‬وب�لاط الجامع الحال��ي من عهد‬ ‫العثمانيين عام ‪1613‬م‪.‬‬ ‫يعرف هذا الجامع في مدينة حلب باسم‬ ‫"جام��ع النبي زكريا الكبير" وتعود س��بب هذه‬ ‫التس��مية وحس��ب ق��ول المؤرخي��ن إل��ى أنه‬ ‫في س��نة ‪1043‬م ظه��ر ببعلب��ك رأس النبي‬ ‫يحي��ى ب��ن زكريا ف��ي حج��ر منقور بش��كل‬ ‫ج��رن رخامي‪ ،‬فنقل إلى حمص‪ ،‬ثم إلى حلب‬ ‫ووضع ف��ي جامع إبراهيم ف��ي القلعة‪ ،‬فوقع‬ ‫حريق في ليلة من الليالي في الجامع المذكور‬ ‫فاحترق جميعه‪ ،‬ول��م يحترق الجرن المذكور‬ ‫فاقتنع العامة بقدس��يته‪ .‬ثم في عام ‪1261‬م‬ ‫ت��م نقل��ه م��ن القلع��ة إل��ى الجام��ع األموي‬ ‫وخصص��ت له حج��رة خاصة س��ميت الحضرة‬ ‫النبوي��ة‪ ،‬و الغريب أن المعتقد أنه رأس يحيى‬ ‫بن زكري��ا ولي��س رأس زكريا عليه الس�لام‬ ‫وم��ع ذلك س��مي المزار بمقام س��يدنا زكريا‪.‬‬ ‫وذك��ر المرادي أنه في ع��ام ‪1708‬م ظهر في‬ ‫أحد جدران الجام��ع صندوق من مرمر ملحوم‬ ‫بالرص��اص مكت��وب علي��ه‪ :‬ه��ذا عض��و من‬ ‫أعضاء نب��ي اهلل زكريا عليه الس�لام‪ .‬و ربما‬ ‫لهذا السبب تم إطالق هذا االسم على الجامع‬ ‫زكريا و ليس يحيى بن زكريا‪.‬‬ ‫يرج��ع تاريخ بناء ه��ذا الجامع إلى عام‬ ‫‪716‬م عندم��ا اش��ترى المس��لمون بس��تان‬ ‫المدرس��ة الحالوي��ة الكائ��ن أم��ام كنيس��ة‬ ‫ال��روم الت��ي بنته��ا هيالن��ة أم اإلمبراطور‬ ‫قس��طنطين‪ .‬وتختل��ف المص��ادر حول من‬ ‫قام ببناء هذا الجامع فبعضها ينس��ب بناءه‬ ‫للخليف��ة الولي��د بن عب��د الملك ع��ام ‪715‬‬ ‫وتش��ير إل��ى أن أخ��اه الخليفة س��ليمان بن‬ ‫عب��د الملك أكمله بع��د وفاته‪ ،‬وأخرى تقول‬ ‫أن الخليفة األموي س��ليمان ب��ن عبد الملك‬ ‫هو الذي ش��يده ليضاهي به ما بناه شقيقه‬ ‫الولي��د بن عبد الملك في الجامع األموي في‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫ولم��ا س��قطت الدول��ة األموي��ة ق��ام‬ ‫العباس��يون بنقل م��ا كان فيه م��ن الرخام‬ ‫إلى جامع األنب��ار في العراق‪ ،‬ولم يزل على‬ ‫هذه الصف��ة إلى زم��ن الدول��ة الحمدانية‪،‬‬ ‫عندما دخل إمبراطور الروم نقفور فوكاس‬ ‫حل��ب ف��ي س��نة ‪962‬م فأحرق��ه‪ ،‬ولمّا عاد‬ ‫س��يف الدولة إلى حلب رمم بعض ما تهدّم‬ ‫من الجام��ع‪ ،‬وأكمل بعده ابنه س��عد الدولة‬ ‫اإلصالحات‪.‬‬ ‫ش��ب حري��ق كبي��ر ع��ام ‪1169‬م في‬ ‫الجامع وفي األسواق القريبة منه‪ ،‬قام بعده‬

‫المل��ك نور الدين زنكي بترميم الجامع وزاد‬ ‫من مس��احته واجتهد ف��ي عمارته فقطع له‬ ‫األعم��دة من الحجارة الصف��راء من منطقة‬ ‫بعيدي��ن قرب حلب‪ ،‬كما نقل إليه أعمدة من‬ ‫ألن األعمدة الت��ي كانت فيه‬ ‫أثار قنّس��رين ّ‬ ‫تصدعت من النار‪ .‬ومن��ح المماليك اهتمامًا‬ ‫خاص��اً للجام��ع وجعلوا له ش��خصًا يحرس��ه‬ ‫طيلة اليوم‪.‬‬ ‫لمّا اس��تولى المغول على مدينة حلب‬ ‫س��نة ‪1260‬م دخ��ل إل��ى الجامع أح��د أمراء‬ ‫المغ��ول وقتل به خلقًا كثيراً وأحرق الحائط‬ ‫القبل��يّ منه ولما عل��م هوالكو بذلك حاول‬ ‫إيقافها ففشل‪ ،‬ونزلت يومها أمطار عظيمة‬ ‫تكفلت بإطفائه‪.‬‬ ‫للجامع األموي الكبي��ر في حلب أربعة‬ ‫أبوب؛ الباب الشمالي يقع إلى جوار المئذنة‪،‬‬ ‫الباب الغربي ينفذ إلى ش��ارع المس��اميرية‪،‬‬ ‫الباب الش��رقي ينف��ذ إلى س��وق المناديل‪،‬‬ ‫الباب الجنوبي ينفذ إلى س��وق النحاس��ين‪.‬‬ ‫أما صح��ن الجامع فهو واس��ع محاط بأروقة‬ ‫ثالث��ة‪ ،‬وحرم ف��ي الجهة القبلي��ة والصحن‬ ‫مغطى ببالط رخامي بلونين أصفر وأس��ود‬ ‫وبتش��كيالت هندس��ية م��ا زالت تمي��ز هذا‬ ‫الصح��ن‪ ،‬وتع��ود إل��ى العص��ر العثمان��ي‪.‬‬ ‫وتنفت��ح عل��ى الصح��ن عق��ود عش��رة من‬ ‫الجانبين وس��تة عش��ر عق��داً في الش��مال‬ ‫ومثله��ا ف��ي الجن��وب‪ ،‬وفي وس��ط الصحن‬ ‫مطاهر حديثة مغطاة بقبة‪ .‬في أيام الملك‬ ‫الظاه��ر بيب��رس كان المح��راب األصف��ر‬ ‫للحنابل��ة‪ ،‬والمح��راب الكبي��ر للش��افعية‪،‬‬ ‫والمح��راب الغرب��ي للحنفية‪ ،‬وأما الش��رقي‬ ‫ف��كان للمالكية‪ .‬وإلى جان��ب المحراب يوجد‬ ‫حجرة خاصة س��ميت الحض��رة النبوية يقال‬ ‫أن فيه��ا ضري��ح النب��ي زكري��ا (كما أش��رنا‬ ‫سابقًا)‪ ،‬وله حاجز نحاسي وفيه أشياء ثمينة‬ ‫محفوظ��ة‪ ،‬منه��ا مصاح��ف ش��ريفة كتبها‬ ‫كبار الخطاطين الس��وريين واألتراك‪ ،‬وفيها‬ ‫قنادي��ل قديمة مذهب��ة ومفضضة وقواعد‬ ‫شمعدانات ولقد أنشئ هذا الضريح منذ عام‬ ‫‪1500‬م ورم��م مراراً‪ ،‬وكانت آخر الترميمات‬ ‫س��نة ‪1620‬م وكس��يت جدران��ه الثالث��ة‬ ‫بألواح الخزف القاش��اني وأقيم باب الضريح‬ ‫وفوق��ه ق��وس من الحج��ارة بلونين أس��ود‬ ‫وأبي��ض‪ .‬والمنب��ر يتك��ون من عدة أقس��ام‬ ‫منه��ا‪ :‬المدخل‪ ،‬مجلس الخطي��ب‪ ،‬والمعبر‪،‬‬ ‫والمجنّبت��ان ويعود إلى عصر الملك الناصر‬ ‫محم��د‪ ،‬وصنعه محمد بن عل��ي الموصلي‪،‬‬ ‫كم��ا تش��ير الكتابة علي��ه‪ ،‬وهو م��ن أجمل‬ ‫المنابر مزخرف بالرقش العربي الهندس��ي‬ ‫المركب من خش��ب األبنوس والمنزل بالعاج‬ ‫والنح��اس الب��راق‪ .‬وللجام��ع مئذن��ة فريدة‬ ‫(وهي ليس��ت المئذنة األساسية) بنيت على‬ ‫مراح��ل منذ عهد األمير س��ابق ب��ن محمود‬ ‫بن مرداس عام ‪472‬هـ حتى عهد السلطان‬ ‫تتش ب��ن ألب أرس�لان ‪487‬ه��ـ‪ ،‬وهي ذات‬ ‫طراز هندس��ي فريد فهي مربعة المسقط‬ ‫يبل��غ ارتفاعه��ا نح��و ‪ 45‬متراً حتى ش��رفة‬ ‫المؤذّن‪ ،‬أم��ا طول ضلعها فيبلغ ‪ 95 ،4‬أمتار‬ ‫يزينها عدد من الكتابات والعناصر الزخرفية‬ ‫والعقود المفصصة‪ ،‬وقُسمت واجهة المئذنة‬ ‫إل��ى أربعة أقس��ام‪ ،‬لكل واح��د منها زخرفة‬ ‫مغاي��رة ولكنه��ا منس��جمة م��ع األخري��ات‪،‬‬ ‫تفصل بينها نطاقات م��ن الكتابة الكوفية‪،‬‬ ‫وهي من أقدم الكتابات‪ .‬أما القس��م األعلى‬ ‫م��ن المئذن��ة ففي��ه محاري��ب ومقرنصات‬ ‫وشرفة المؤذن الخشبية‪ .‬ويوجد في الجامع‬ ‫حجرة خاصة بالنس��اء ألداء الصالة‪ ،‬وسميت‬ ‫بالحجازية ألنها كانت منزل أهل الحجاز‪.‬‬ ‫و ق��د أوق��ف أهالي الخير عب��ر التاريخ‬ ‫بدءاً بالملك س��ليمان بن عبد الملك ومروراً‬

‫بالمل��ك نور الدين الزنك��ي‪ ،‬ووصو ًال ألفراد‬ ‫عاديي��ن‪ ،‬عق��ارات كثي��رة ليغط��ي ريعه��ا‬ ‫نفق��ات الجام��ع‪ ،‬من أج��ور نفق��ات الموالد‬ ‫وضيافة الحلويات ورواتب المدرسين وخدم‬ ‫الجامع وقيمة الشمع العسلي الذي يستضاء‬ ‫ب��ه وغيرها‪ .‬بلغت ه��ذه العق��ارات ما يزيد‬ ‫على العش��رين قري��ة يضاف إليه��ا معظم‬ ‫األس��واق المحيط��ة بالجامع‪ ،‬وكان��ت غلتها‬ ‫مطلع القرن الماضي تزيد على األلفي ليرة‬ ‫ذهبية سنويًا‪.‬‬ ‫وص��ف اب��ن جبير ه��ذا الجام��ع خالل‬ ‫رحلت��ه إل��ى حل��ب ‪1183‬م فق��ال‪" :‬إنه من‬ ‫أحس��ن الجوام��ع وأجمله��ا في كاف��ة البالد‬ ‫اإلس�لامية‪ ،‬قد أطاف بصحنه الواس��ع بالط‬ ‫كبير متسع مفتح كله أبوابًا قصرية الحسن‬ ‫إلى الصحن‪ ،‬عددها ينيف على الخمس��ين‪،‬‬ ‫والب�لاط القبل��ي الح��رم ال مقص��ورة في��ه‬ ‫فج��اء ظاهر االتس��اع"‪ .‬ثم يص��ف المحراب‬ ‫والمنب��ر وزخارفهما فيقول "ما أرى في بلدٍ‬ ‫من البالد منبراً على شكله وغرابة صنعته‪،‬‬ ‫واتصلت الصنعة الخشبية منه إلى المحراب‬ ‫فتجلل��ت صفحات��ه كله��ا خش��باً عل��ى تلك‬ ‫الصنعة الغريبة وارتفع كالتاج العظيم على‬ ‫المحراب‪ ،‬وعال حتى اتصل بس��مك السقف‬ ‫وقد ق��وّس أعاله‪ ،‬وهو مرص��ع كله بالعاج‬ ‫واألبنوس"‪.‬‬ ‫يذكر أن الجامع األموي في حلب اكتسب‬ ‫ش��هرة على مستوى العالم اإلسالمي‪ ،‬نظراً‬ ‫لم��ا يحتوي��ه م��ن زخرفة ف��ي ف��ن العمارة‬ ‫اإلسالمية وطراز عمراني قديم‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫كونه عم ًال معماريًا اغتن��ى بإضافات كثيرة‬ ‫على م��ر العصور التاريخي��ة المتعاقبة‪ ،‬فال‬ ‫يكاد عصر من العصور التاريخية اإلسالمية‬ ‫إال وله ش��اهد في المسجد‪ ،‬إضافة إلى ذلك‬

‫فان الق��رارات المصيري��ة المهمة واألحداث‬ ‫الت��ي ارتبط��ت بالجامع قد أكس��بته أهمية‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫تأث��ر الجامع األموي بالمع��ارك الدائرة‬ ‫في حل��ب وتعرض للتخري��ب والحريق‪ .‬كما‬ ‫اعتق��ل مس��ؤول المس��جد الش��يخ يوس��ف‬ ‫الهنداوي‪ ،‬وس��قط خادمه قتي ًال‪ ،‬وعُثر على‬ ‫جثت��ه ملقاة في موق��ع بدا أن��ه كان يحاول‬ ‫الهرب منه وذلك في أحد أسوأ أيام العنف في‬ ‫حلب خالل الشهر الماضي عندما نشب قتال‬ ‫ضار في محيط الجامع عندما اضطر الجيش‬ ‫ٍ‬ ‫الح��ر لدخوله واالحتماء في��ه‪ ،‬فتصدّت لهم‬ ‫ق��وات النظ��ام بطريقة عش��وائية‪ ،‬ال تميّز‬ ‫بي��ن أثر وبش��ر‪ ،‬تاريخ وس��طوة‪ ،‬فأش��علت‬ ‫النار في قس��م كبير من المس��جد العريق‪.‬‬ ‫لتقتحم��ه ف��ي الي��وم التال��ي‪ ،‬م��ن جهت��ه‬ ‫الش��رقية‪ ،‬بحجة القض��اء عل��ى العصابات‬ ‫المس��لحة وليأت��ي ف��ي الي��وم التال��ي خبر‬ ‫صدور المرسوم الجمهوري القائل بتشكيل‬ ‫لجن��ة برئاس��ة محاف��ظ حلب محم��د وحيد‬ ‫عقاد‪ ،‬مهمتها (إنج��از صيانة الجامع األموي‬ ‫األثري وترميمه) ليكون كمن "يقتل القتيل‬ ‫ويمش��ي في جنازته"‪ ،‬من دون اإلسراع إلى‬ ‫تش��كيل لجن��ة للتحقيق في الس��رقة التي‬ ‫طاول��ت أه��م ما ف��ي المس��جد القديم من‬ ‫مقتني��ات إس�لامية ذات أهمي��ة كبيرة لدى‬ ‫المس��لمين في العالم‪ ،‬تاريخياً ودينيًا وهي‬ ‫ثالث ش��عرات للنبي عليه الصالة والس�لام‪،‬‬ ‫وجزء من ضرسه‪ ،‬محفوظة في علبة داخل‬ ‫صندوق زجاجي مفرّغ منه الهواء وموضوع‬ ‫ف��ي ركن صغي��ر من المس��جد ال��ذي ما أن‬ ‫انتهت قوات النظام من استعادته من الثوار‬ ‫حتى تحطم الصندوق "وب��دا خاليًا مما كان‬ ‫في��ه" وفق تعبير وكاالت األنباء‪ ،‬في إش��ارة‬ ‫إلى أن هناك مَنْ سرق محتوياته‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 4 | )59‬تشرين الثاني ‪2012 /‬‬

‫داعـــل‪�« ..‬أم ال�شــــهداء» مــن حــرب‬ ‫ت�شــرين �إلـى �أيـام احلـ ّرية‬

‫معتصم الديري‬

‫«داعل» آرامية االسم «دائيل» وتعني‬ ‫بيت اهلل‪ .‬سوريّة الثورة والكرامة‪ ،‬وتعني‬ ‫هنا‪« :‬أم الشهداء»‪.‬‬ ‫مدينة يصل لطرفها الغربي وادي‬ ‫الغار‪ .‬لها جسر حجري قديم‪ ،‬ويسكنها ‪40‬‬ ‫ألف نسمة‪ .‬هي أم الشهداء‪ ،‬أم الفداء‪ ،‬وأم‬ ‫الشعراء‪ .‬لكنها ال تكترث لألسماء‪.‬‬ ‫سمّاها الجنوب أم الشهداء حين قدمت‬ ‫العشرات منهم قبل حرب تشرين‪ ،‬يوم‬ ‫قصفها سالح الجو اإلسرائيلي‪ ،‬الحتضانها‬ ‫المقاومة الفلسطينية‪.‬‬ ‫وقتها لم يكن في المدينة مكتب‬ ‫إعالمي ليقدر عدد الشهداء‪ ،‬ولكن المدينة‬ ‫تحفظهم عن ظهر قلب‪ .‬كانوا بالعشرات‪.‬‬ ‫اليوم صاروا بالمئات‪.‬‬

‫�سيدة االنتفا�ضات‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫شمال درعا‪ ،‬وقفت داعل تضجّ بالحرية‬ ‫في أول اعتصام صامت في سوريا في‬ ‫الخامس عشر من آذار من العام الماضي‪،‬‬ ‫حيث تجمع شبابها أمام فرع لحزب «البعث»‪،‬‬ ‫ليبدأوا ثورتهم عصر ذاك اليوم‪ ،‬مع خوف‬ ‫قليل كما يقول «رجل البث األول في كل‬ ‫حوران» الناشط الجامعي ضياء‪« :‬جئنا من‬ ‫مختلف جهات المدينة‪ ،‬مع خوف بدء ينزح‬ ‫عنا كلما اقتربنا من المبنى‪ .‬وقفنا صامتين‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫إلى أن غابت الشمس‪ ،‬كان يعنينا أن نقول‬ ‫ال لنظام استهان بالشباب السوري‪ ،‬حتى‬ ‫انه نسيه تمامًا‪ ،‬ونسي أننا كنا نرقص في‬ ‫الطرق الضيقة كلما سقط زميل له‪ .‬خرجنا‬ ‫أمام فرع حزب «البعث» بالتحديد‪ ،‬لنريه أننا‬ ‫حين كنا أطفاال ونوقع على استمارة انتساب‬ ‫لهذا الحزب لم نكن نحبه‪ ،‬بل كنا نضحك‬ ‫على أشكال تواقيع أصدقائنا الصغار»‪.‬‬ ‫بين عصر ذاك اليوم وظهيرة اليوم‬ ‫التالي‪ ،‬كانت المدينة تذهب للثورة مثل سر‬ ‫ينفضح في ابتسامات الذين ذهبوا خفية إلى‬ ‫ذاك االعتصام‪ .‬استيقظت أم الشهداء لتزيح‬ ‫عن وجهها تمثاال للرئيس السابق حافظ‬ ‫األسد‪ .‬يبتسم شاب تحب داعل قامته الطويلة‪.‬‬ ‫يقول اسماعيل «مصور المدينة»‪ :‬أفخر أن لي‬ ‫يدين شاركتا في هز الحكاية في مدينتي‪ .‬لم‬ ‫أستغرب في اليوم الثاني الفراغ الذي تركه‬ ‫التمثال‪ ،‬بل كم أن السماء واسعة! وكم فعل‬ ‫مضارع نملك بداخلنا من دون أن ندري!»‪.‬‬ ‫أما عالء‪ ،‬المتحدث باسم المدينة‬ ‫وأول المطلوبين فيها فيقول‪« :‬رغم كل‬ ‫ذاك الفرح الغريب‪ ،‬وتلك النشوة‪ ،‬شعرت‬ ‫بأننا دخلنا مرحلة ال رجوع فيها‪ .‬تشعر‬ ‫ببعض األحيان بخوف منطقي‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫الخوف كان ضرورياً لمعرفة الحسابات التي‬ ‫سنمشي وفقها‪ ،‬ومقدار التضحية التي‬ ‫نستعد لتقديمها»‪.‬‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)32760‬‬ ‫دمشق‪1961 :‬‬ ‫ريف دمشق‪6281 :‬‬ ‫حمص‪6907 :‬‬ ‫درعا‪3041 :‬‬ ‫إدلب‪4547 :‬‬ ‫حلب‪3783 :‬‬

‫�أطنان من احلديد‬

‫بتسلسل غير مفهوم‪ ،‬كانت تجزأ درعا‬ ‫إلى مستعمرات صغيرة‪ .‬مدينة تلو األخرى‬ ‫تصبح منكوبة‪ ،‬بال خبز وال ماء وال كهرباء‬ ‫وال اتصاالت‪ ،‬حتى تحط الدبابة رحالها‪.‬‬ ‫بعد نحو شهرين على تلك الحادثة‪،‬‬ ‫استيقظ من نام من أهل داعل على صوت‬ ‫ال يشبه شيئا سواه‪« :‬دبدبة الدبابة»‪ .‬دام‬ ‫الصوت ساعات كثيرة‪ .‬كان يرتفع عالياً مع‬ ‫صوت القصف‪ ،‬فتنخفض المدينة على من‬ ‫فيها‪ .‬سقط حينها ‪ 4‬شهداء‪.‬‬ ‫يتذكر اسماعيل جيداً مشهد الدبابة‬ ‫على الجسر القديم‪ ،‬كأنها وجبة طعام‪:‬‬ ‫«كان متوقعا دخول المدينة‪ ،‬لكنك تصاب‬ ‫بالصدمة‪ ،‬وتظل تحفظ كل تلك المشاهد‬ ‫لألبد‪ :‬جنود مضحكون‪ ،‬خوذات كثيرة‪،‬‬ ‫انفجارات غريبة‪ ،‬ودبابة أيضًا‪ .‬أتستحق‬ ‫هذه الحناجر الجديدة كل تلك األطنان‬ ‫من الحديد! هذا كل ما سألته‪ .‬شتمتهم‬ ‫وصورتهم ثم مضيت»‪ ،‬يضيف‪.‬‬ ‫تلك الدبابات لم تأت إلى داعل‬ ‫ليصورها اسماعيل فقط‪ .‬هي تجلس فيها‬ ‫لتخنقها وتقتل ما تمكن لها من أحرارها‪.‬‬ ‫في األسابيع التالية‪ ،‬كانت الدبابات تدك أم‬ ‫الشهداء من كل الجهات‪ .‬لم ترحم الجغرافيا‬ ‫تاريخ المدينة الذي يضج بالحضارة‪ .‬كأن‬ ‫دير الزور‪2449 :‬‬ ‫الرقة‪171 :‬‬ ‫السويداء‪25 :‬‬ ‫حماة‪2696 :‬‬ ‫الالذقية‪612 :‬‬ ‫طرطوس‪51 :‬‬ ‫الحسكة‪149 :‬‬ ‫القنيطرة‪87 :‬‬

‫النظام أراد أن ينتقم من ثورة أهلها‪ ،‬من‬ ‫أول تاريخها إلى آخر شهيد فيها‪« .‬استخدم‬ ‫في قتلها كل شيء‪ ،‬حتى براميل الـ«تي‪.‬‬ ‫أن‪.‬تي»‪ ،‬يقول ضياء‪.‬‬

‫�صوت �أعلى‬

‫سهل أن يمسح النظام مدينة عن وجه‬ ‫سوريا‪ ،‬وهذا ما يحصل يومياً في درعا‪.‬‬ ‫«انتهوا من مدينة الحراك‪ ،‬ليأتوا بذات‬ ‫المعدات والخطط‪ ،‬ولنستيقظ ذات يوم‬ ‫كأننا لم نكن‪ .‬السماء ليست لنا في درعا‪،‬‬ ‫سننتظر حتى يدخلوا براً لتصبح المجزرة‬ ‫كاملة‪ .‬أموت أنا أو يموت الجميع أو يموت‬ ‫النظام‪ ..‬لنا األرض والمدينة واهلل‪ ،‬ولكم‬ ‫أنتم طيرانكم وسالحكم‪.‬‬ ‫قد نخسر يومًا‪ ،‬لكن على دول‬ ‫الخطابات والتأييد لثورتنا‪ ،‬على األعداء‬ ‫واألصدقاء أن يخافوا منا‪ ،‬فقد نخرج عن كل‬ ‫شي‪ ،‬لنعلمهم درسًا في الضمير‪.»..‬‬ ‫ال تستدير المدينة أثناء خروجنا منها‪.‬‬ ‫تودعنا في الطرق الضيقة‪ ،‬بينما ينهي‬ ‫ضياء حديثه‪« :‬سنحاول أن نعمر أكثر‪،‬‬ ‫سنحاول أن نشيع شهيد اليوم بصوت‬ ‫أعلى‪ ..‬ولكن لو أن هذا الكون يحاول أن‬ ‫يستدير لنا فقط»‪.‬‬ ‫ملحق شباب السفير ‪2012 / 10 / 30‬‬ ‫‪ 2188‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 953‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2132‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 4579‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 28181‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 11 / 3‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.