سوريتنا | العدد السبعون | 20 كانون الثاني 2013

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪1‬‬


‫تزايد ا�ستخدام القنابل العنقودية من قبل النظام‬ ‫�أنواع جديد من الأ�سلحة �صنعت يف م�صر!‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫قنبل��ة عنقودي��ة مصرية في س��وريا‬ ‫وثق��ت منظم��ات حقوقي��ة دولية اس��تخدام‬ ‫النظام الس��وري أن��واع جديدة م��ن القنابل‬ ‫العنقودية‪ ،‬في الوقت الذي رصدت فيه هذه‬ ‫المنظمات قيام قوات بشار األسد باستخدام‬ ‫القنابل العنقودية بش��كل متزايد حيث يتم‬ ‫أحيان��ا إط�لاق رش��قات م��ن ‪ 40‬قذيفة مرة‬ ‫واحدة‪ ،‬وهي قذائف صنعت في مصر بحسب‬ ‫منظمة هيومان رايتس ووتش‪.‬‬ ‫والقناب��ل العنقودي��ة محظ��ورة‬ ‫بموجب معاهدة أوسلو الموقع عليها ‪111‬‬ ‫بلدا‪ ،‬ليس من بينها س��وريا‪ ،‬والتي دخلت‬ ‫حيز التنفيذ عام ‪ .2010‬و‪ 49%‬من ضحايا‬ ‫هذه القنابل مدنيون‪.‬‬ ‫وقال��ت منظم��ة «اإلعاق��ة الدولية»‬ ‫الثالث��اء إنه��ا «تدي��ن بش��دة اس��تخدام‬ ‫القناب��ل العنقودي��ة م��ن قب��ل الدول��ة‬ ‫الس��ورية ال��ذي أكدت��ه منظم��ة هيومن‬ ‫رايت��س ووت��ش‪ ،‬ف��ي إدل��ب واللطامنة‪،‬‬ ‫ش��مال س��وريا‪ .‬والمنظمة ترص��د تزايد‬ ‫استخدامها رغم اإلدانات الدولية»‪.‬‬ ‫وأش��ار مراس��لون لوكال��ة فران��س‬ ‫برس ع��دة مرات إل��ى اس��تخدام القوات‬ ‫الحكومي��ة له��ذه القنابل الت��ي ال يملكها‬ ‫مقاتلو المعارضة‪.‬‬ ‫وأضافت المنظمة‪« :‬جرى اس��تخدام‬ ‫قاذفة صواري��خ متعددة بي‪ .‬ام ‪ 21 -‬في‬ ‫كان��ون األول ‪ 2012‬بالق��رب م��ن مدينة‬ ‫إدل��ب وف��ي ‪ 3‬كان��ون الثان��ي ‪ 2013‬في‬ ‫اللطامنه‪ ،‬ش��مال حماه (وس��ط)‪ .‬ويمكن‬ ‫له��ذه القاذفة ان تطلق في المرة الواحدة‬ ‫حت��ى ‪ 40‬قذيف��ة تحت��وي كل منها على‬ ‫عش��رات من العب��وات العنقودية من نوع‬ ‫دي‪ .‬ب��ي‪ .‬اي‪ .‬س��ي‪ .‬ام المض��ادة لألفراد‬ ‫والعرب��ات‪ .‬وجرى بالفع��ل إحصاء العديد‬ ‫من ضحايا» هذه األسلحة‪.‬‬ ‫وأضاف��ت المنظم��ة‪ ،‬التي تعمل في‬ ‫س��وريا ولبن��ان واألردن حي��ث لج��أ مئات‬ ‫اآلالف من الس��وريين‪ ،‬أن «استخدام هذه‬ ‫األس��لحة في مناطق مزدحمة بالس��كان‬ ‫يخل��ف العديد من الضحاي��ا» وهي كثيرا‬ ‫م��ا تُنس��ى أو تُطمر ف��ي األرض عندما‬ ‫ال تنفجر «ما يش��كل تهدي��دا غير مقبول‬ ‫للسكان في السنوات المقبلة»‪.‬‬ ‫وكان��ت منظم��ة هيوم��ان رايت��س‬ ‫ووتش قد أكدت اس��تخدام نوع جديد من‬ ‫القناب��ل العنقودي��ة يتميز بالعش��وائية‬ ‫وع��دم التميي��ز‪ ،‬ف��ي هجومين ش��نتهما‬ ‫ق��وات األس��د ف��ي ش��مال غ��رب الب�لاد‬ ‫ووسطها‪.‬‬ ‫وقال��ت المنظم��ة في بيان‪« :‬تس��تخدم‬ ‫القوات السورية صواريخ تتسم بعدم التمييز‬ ‫وتحت��وي ذخائ��ر صغي��رة انفجاري��ة‪ .‬تش��ير‬ ‫األدلة إلى اس��تخدام القوات السورية لقاذفات‬ ‫الصواريخ من طراز «بي إم ‪ 21‬غراد» متعددة‬ ‫الفوه��ات إلط�لاق القذائ��ف العنقودي��ة في‬ ‫هجم��ات بالق��رب من مدينة إدل��ب في كانون‬ ‫األول ‪ ،2012‬وفي بلدة اللطامنة ش��مال غرب‬ ‫حماة‪ ،‬في ‪ 3‬كانون الثاني ‪.»2013‬‬ ‫وتع��د ه��ذه الهجم��ات أول أمثل��ة‬ ‫معروف��ة عل��ى اس��تخدام ق��وات النظام‬ ‫الس��وري للذخائ��ر العنقودي��ة أرضي��ة‬

‫اإلط�لاق‪ .‬وال توجد معلوم��ات متاحة عن‬ ‫كيفية أو توقيت حصول النظام الس��وري‬ ‫عل��ى هذه الذخائ��ر العنقودي��ة‪ ،‬التي تم‬ ‫تصنيعها في مصر‪.‬‬ ‫وكان��ت هيوم��ن رايت��س ووت��ش‬ ‫وغيرها قد نش��رت من قب��ل تقارير عن‬ ‫اس��تخدام القناب��ل العنقودي��ة التي يتم‬ ‫إسقاطها من الجو‪.‬‬ ‫وق��ال س��تيف غ��وس‪ ،‬مدي��ر قس��م‬ ‫األس��لحة وحق��وق اإلنس��ان ف��ي هيوم��ن‬ ‫رايت��س ووت��ش إن قوات النظام الس��وري‬ ‫«تق��وم (‪ )..‬بتصعيد وتوس��يع اس��تخدامها‬ ‫للذخائ��ر العنقودية رغ��م اإلدان��ة الدولية‬ ‫الس��تخدامها هذا الس�لاح المحظور‪ ،‬وهي‬ ‫تلجأ اآلن إل��ى نوع من الذخائ��ر العنقودية‬ ‫يش��تهر بالعش��وائية وعدم التمييز ويمثل‬ ‫تهديداً خطيراً للتجمعات السكنية المدنية»‪.‬‬ ‫وبن��ا ًء عل��ى مقاب�لات م��ع ش��هود‪،‬‬ ‫وتحلي��ل ما يقرب من اثني عش��ر مقطع‬ ‫فيدي��و نش��رها نش��طاء س��وريون على‬ ‫اإلنترن��ت‪ ،‬وص��ور فوتوغرافي��ة التقطها‬ ‫صحفي��ون دولي��ون‪ ،‬خلص��ت هيوم��ن‬ ‫رايت��س ووت��ش إلى أن قوات األس��د منذ‬ ‫مطلع كانون األول على األقل اس��تخدمت‬ ‫قاذف��ات الصواريخ متع��ددة الفوهات من‬ ‫ط��راز «بي إم ‪ 21‬غراد» إلطالق صواريخ‬ ‫محمل��ة بالذخائ��ر العنقودية عي��ار ‪122‬‬ ‫مل��م وتحت��وي عل��ى ذخائر صغي��رة من‬ ‫ط��راز «دي بي آي س��ي إم» أو المعروفة‬ ‫باس��م «الذخائ��ر التقليدي��ة المحس��نة‬ ‫مزدوجة االس��تخدام»‪ .‬وأدى الهجوم الذي‬ ‫اس��تخدمت فيه هذه الذخائ��ر العنقودية‬ ‫ف��ي ‪ 3‬كان��ون الثاني عل��ى اللطامنة إلى‬ ‫قتل مدني واحد وجرح ‪ 15‬شخصًا‪ ،‬فيهم‬ ‫نس��اء وأطف��ال‪ ،‬بينم��ا قت��ل مدن��ي آخر‬

‫بفعل ذخي��رة صغيرة غير منفجرة خلفها‬ ‫الهجوم‪ .‬قتل رجل آخر‪ ،‬وهو أحد مقاتلي‬ ‫الجيش السوري الحر‪ ،‬في ‪ 5‬كانون األول‬ ‫‪ ،‬بع��د تعامل��ه م��ع ذخي��رة صغي��رة غير‬ ‫منفج��رة خلفها هجوم قب��ل يومين على‬ ‫قرية بنين في جبل الزاوية‪.‬‬ ‫وقاذف��ة الصواري��خ الس��وفيتية‬ ‫الصنع م��ن ط��راز «ب��ي إم ‪ »21‬متعددة‬ ‫الفوهات هي نظام محمول على ش��احنة‬ ‫وق��ادر على إط�لاق ‪ 40‬صاروخًا بش��كل‬ ‫ش��به متزام��ن‪ .‬وتتمت��ع الصواريخ بمدى‬ ‫يتراوح بين ‪ 4‬و‪ 40‬كيلومتراً‪ ،‬كما تش��تهر‬ ‫باستحالة توجيهها الدقيق الفتقارها إلى‬ ‫نظام توجيه‪ .‬وافتقار هذه الصواريخ إلى‬ ‫الدق��ة يفاقم م��ن خطر تأثير المس��احة‬ ‫الواس��عة للذخائر الصغي��رة التي تحتوي‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫وقال��ت هيومن رايت��س ووتش إنه‬ ‫يمكن لهذه الصواري��خ التي يتم إطالقها‬ ‫ف��ي مجموع��ات إح��داث إصاب��ات مدنية‬ ‫واس��عة النطاق إذا استخدمت في مناطق‬ ‫سكنية‪.‬‬ ‫وتحم��ل صواريخ الذخائر العنقودية‬ ‫م��ن عي��ار ‪ 122‬مل��م عالم��ات الهيئ��ة‬ ‫العربي��ة للتصني��ع المملوك��ة للدول��ة‬ ‫المصرية وش��ركة مصرية تدعى مصنع‬ ‫صق��ر للصناعات المتط��ورة‪ .‬تم تصميم‬ ‫ذخائ��ر «دي بي آي س��ي إم» التي تحتوي‬ ‫عليها الصواريخ لالس��تخدام ضد األفراد‬ ‫والمركبات على الس��واء‪ .‬ويبلغ حجم كل‬ ‫ذخي��رة صغيرة منه��ا حج��م بطارية من‬ ‫نوعي��ة «دي» ويعلوه��ا ش��ريط أبي��ض‬ ‫ممي��ز‪ .‬لي��س من المع��روف م��ا إذا كانت‬ ‫الصواريخ عيار ‪ 122‬ملم من طراز «صقر‬ ‫‪ »18‬أو «صقر ‪ ،»36‬اللذين يحتويان على‬

‫‪ 72‬و‪ 98‬ذخيرة صغيرة على الترتيب‪.‬‬ ‫وتع��د ه��ذه الهجمات أول اس��تخدام‬ ‫مس��جل للصواريخ عي��ار ‪ 122‬ملم التي‬ ‫تحت��وي على ذخائر «دي بي آي س��ي إم»‬ ‫الصغي��رة ف��ي الن��زاع الس��وري‪ .‬وقامت‬ ‫هيوم��ن رايت��س ووت��ش ف��ي تش��رين‬ ‫األول وتش��رين الثان��ي بتوثي��ق زي��ادة‬ ‫ش��ملت أرجاء البالد في استخدام القنابل‬ ‫العنقودية س��وفييتية الصنع من طرازي‬ ‫«آر بي كيه ‪ 250/275‬إيه أو ‪1 -‬إس س��ي‬ ‫إت��ش» و»آر بي كي��ه ‪ 250‬بي تي إيه بي‬ ‫‪ »5 .2 -‬التي تطلقها الطائرات السورية‪.‬‬

‫ق�صف اللطامنة‪:‬‬

‫ووصف أحد س��كان اللطامنة لهيومن‬ ‫رايتس ووتش هجم��ة الذخائر العنقودية‬ ‫ي��وم ‪ 3‬كانون الثاني عل��ى بلدته‪ ،‬الواقعة‬ ‫ش��مال غ��رب مدين��ة حم��اة‪« :‬ف��ي نح��و‬ ‫الرابع��ة صباح��اً س��قط أربع��ة صواري��خ‬ ‫عل��ى اللطامنة‪ .‬كان المطر غزيراً في ذلك‬ ‫اليوم‪ ،‬ث��م توق��ف وعندها س��معنا صوتًا‬ ‫شديد االرتفاع ثم انفجاراً كبيراً‪ .‬وبعد هذا‬ ‫س��معنا سلس��لة من االنفج��ارات األصغر‪.‬‬ ‫س��قط الصواري��خ األربع��ة عل��ى مناطق‬ ‫مختلفة‪ :‬فسقط ثالثة في الحقول والرابع‬ ‫على شارع وسط المباني السكنية»‪.‬‬ ‫س��بّب الص��اروخ الذي س��قط على‬ ‫الش��ارع بج��وار المباني الس��كنية الكثير‬ ‫م��ن األض��رار‪ ،‬فقت��ل رجلين وج��رح ‪15‬‬ ‫بمن فيهم نس��اء وأطف��ال‪ .‬كان البعض‬ ‫يسيرون في الشارع في ذلك الوقت وكان‬ ‫آخرون ف��ي بيوته��م‪ .‬وكان صالح محمد‬ ‫حس��ين الخروف (نح��و ‪ 45‬عاما)… يقود‬ ‫سيارته عندما انفجرت الذخائر الصغيرة‪،‬‬ ‫فمات على الفور‪.‬‬


‫ثائر من دير الزور‬ ‫بين داريا وأش��رفية صحنايا في مبنى هجٌر منه س��كانه يوجد غرفه مس��احتها عشرين‬ ‫مترا تقريبا كان فيها أكثر من خمس��ين معتقل كان كل من فيها يرتدون ما أرتديه فال يسمح‬ ‫لك بدخول الجحيم بدون أن تخلع كل ثيابك وتبقي (بالشورت الشيال)‪ ..‬دخلت فسلمت على ما‬ ‫تبقى من أرواح فاألجساد كانت قد تجمدت وضاقت األرواح منها ذرعًا‪.‬‬ ‫هناك في الزاوية رجل خمس��يني كان ظهره لوحه فنية رس��مها وحش بأخمص بندقيته‬ ‫وبكعب حذائه العس��كري اقتربت منه وقد كان مس��تلقيا على البطانية الوحيدة الموجودة في‬ ‫أرض الصقيع انحنيت فوق ظهره فانتفض ما تبقى من جسده خوفاً أو برداً أو كالهما‬ ‫أنا دكتور يا عمي خليك مرتاح فتسللت من عينه دمعتان ال أعلم إن كانت دموعه خرجت‬ ‫ألماً أو حزناً أو فرحًا‪.‬‬ ‫تبسم لي وقال لي اهلل يحميك يا ابني‪..‬‬ ‫ألقيت نظرة على جراحه وأنا أرتجف برداً وألمًا من بشاعة المنظر‪.‬‬ ‫ل��م يكن في كل الغرفة ما يس��اعدني على أن أمس��ح جروحه خلع��ت القميص الداخلي‬ ‫واتجهت إلى صنبور المياه الذي ما إن فتحته ش��عرت وكأني فتحت بوابة الجحيم فبروده الماء‬ ‫تقت��ل ما تبقى لدي من إحس��اس في يدي ملئت كأس من المياه وأن��ا ارتجف وبدأت انفخ فيه‬ ‫فنظر إلي أحد الش��باب الذي كانت حصته من الجحيم تحت المغس��لة وقال‪ :‬ش��و عم تعمل يا‬ ‫زلم��ة‪ ..‬رددت عم دفي ألم��ي ضحك وضحك عدد من األموات تابع��ت النفخ بالكأس وتجاوزت‬ ‫صفوفا من األموات على ارض الجحيم حتى وصلت إلى أبو صبحي جلست بجانبه وبدأت بمسح‬ ‫الجروح كانت االصوات في جحيم األس��د كلها أنين خافت وتس��بيحات شيخ في األربعينيات من‬ ‫عمره وقف خلفي وهو يرتجف وقال لي بساعدك بشي دكتور؟‬ ‫طلبت منه أن ينفخ بكأس الماء ويقرأ عليه أية الكرسي‪..‬‬ ‫كانت يداي ترتجفان من الساعد واألكتاف‪.‬‬ ‫وبعدما انتهيت سمعت صوتا ينادي من مكان ما في هذا الجحيم المكسو باألجساد وقفت‬ ‫انظر من ينادي فرفعت يد هناك في تلك المس��احة التي قرب باب الزنزانة ش��اب يبلغ الثالثة‬ ‫والعش��رين من العمر مص��اب برصاصه قناص في بطنه وصلت إلي��ه بصعوبة بعد أن مررت‬ ‫ف��وق بحور اللح��م المجمدة كان من خاط الجرح طبيب ميداني صاحب خبرة بس��يطة لم يكن‬ ‫الجرح ينزف لكن خيوط الجراحة قد بدأت تتعفن‪.‬‬ ‫سألته قديش صارلك هون فرد علي ‪ 20‬يوم‪ ..‬تمنيت لو أن لدي ما أساعده به حاولت فك‬ ‫الخيوط لكن يداي لم تساعداني فالبرد كان قد قتل أي إحساس فيها‪.‬‬ ‫ناديت الشيخ األربعيني أبو يوسف قلت له سمي باهلل واقرأ عالجرح‪.‬‬ ‫نفخ في يده يدفئها وبدأ يقرأ القرآن بصوت يعيد الدفء للقلوب‪.‬‬ ‫كانت الساعات الخمس داخل الزنزانة هي األكثر ألمًا في حياتي‪.‬‬ ‫نادوا على اس��مي للتحقيق ألكمل س��اعتي السادس��ة في غرفة كانت كالجنة فهنا تعمل‬ ‫مدفأة المازوت ودخان السجائر كان يملئ الغرفة بالضباب‪.‬‬ ‫كان جه��ازي المحم��ول بين يدي الضابط كنت مطمئن كل الطمأنينة أنهم لم ولن يجدوا‬ ‫إال ما أريدهم أن يجدوه فصورة األسد كانت خلفية سطح مكتبي وأغاني الداعور وصور األسد‬ ‫وأغاني جورج وس��وف ومقتطفات من خطابات األسد وأغاني (وطنية) كانت تملئ الملفات بعد‬ ‫عدة أسئلة‪.‬‬ ‫اعت��ذروا مني وقربوني من المدفأة وبينما كن��ت اكرر في داخلي األرقام التي أخذتها من‬ ‫بعض المعتقلين كي ال أنساها‪.‬‬ ‫جاؤوا لي بثيابي ومتعلقاتي لبستها وقال الضابط لعنصر كان يستند على الباب طالعوه‬ ‫للدكتور ما عليه شي‪.‬‬ ‫خرجت من الجحيم بعد اتقاني الدور دور الوحش والمتخلف عقليا وروحيا دور أعادني إلى‬ ‫المسرح وتع ُلقي بالتمثيل‪.‬‬ ‫خرجت الساعة الثالثة بعد منتصف اليوم إلى شارع مظلم قلت للعنصر الذي أوصلني إلى‬ ‫درج البناية لك وين بدي روح ما بعرف وين أنا‪.‬‬ ‫ق��ال إلحقني مش��ينا في الش��ارع ثم اجتزنا الطري��ق إلى طرق فرعيه حت��ى وصلت إلى‬ ‫الش��ارع العام ألش��رفية صحنايا هناك رفع الالس��لكي وكلم الحاجز القريب ليأتي عنصر على‬ ‫دراجة نارية ويأخذني إلى الحاجز اتصلت بأحد األصدقاء وبعد ربع ساعة قضيتها على الحاجز‬ ‫جاء ليقلني‪.‬‬ ‫صعدت إلى الس��يارة وكان كل ما في يرتعد خوفًا وبرداً بدأت بتسجيل األرقام التي كانت‬ ‫همي الوحيد على موبايلي‪.‬‬ ‫أخذني صديقي إلى منزله لم تكفي كل بطانيات منزله لتوقف نزيف ما تبقى مني‪.‬‬ ‫غفوت ولم أدرك أني غفوت استيقظت صباحاً وكأن كل ما كان هو حلم أو مجرد تخيالت‬ ‫لوال األرقام التي خرجت بها من الجحيم واستيقاظي في منزل صديقي لقلت أني كنت أعيش‬ ‫كابوسًا‪.‬‬ ‫اتصل��ت بأهل المعتقلين كان البع��ض منهم قد فقد األمل في أن يكون ابنه أو أخوه حيا‬ ‫طمأنته��م أنهم أحياء وأنا في قرارة نفس��ي كنت أتس��ائل هل هم أحياء حق��ا؟‪ ..‬أم أموات مع‬ ‫وقف التنفيذ‪.‬‬ ‫هناك تفاصيل كثيرة ضاعت مني ولم استطع أن أنقلها أو أن أعبر عنها بالحروف‪.‬‬ ‫الحادثة بتاريخ ‪2013 / 1 / 11‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ف��ي ‪ 12‬كان��ون األول قامت صحفي��ة دولية بزيارة منطقة ش��جرية غير‬ ‫مس��كونة خارج قرية بنين بجبل الزاوية‪ ،‬حيث التقطت الصور لبقايا الذخائر‬ ‫العنقودي��ة وبقايا الصواريخ األرضية المس��تخدمة في هجمة ‪ 5‬كانون األول‪.‬‬ ‫وأبلغ أحد ممثلي الجيش السوري الحر المحليين الصحفية بأنه رغم أن هجمة‬ ‫الذخائ��ر العنقودي��ة لم تؤد إلى مقت��ل أو إصابة أحد إال أن أح��د أفراد الجيش‬ ‫الس��وري الحر‪ ،‬يدعى أحمد محمد خليفة‪ ،‬قتل في ‪ 5‬كانون األول حينما حمل‬ ‫ذخي��رة صغيرة غير منفجرة إلى س��يارته‪ .‬كانت العرب��ة المدمرة لم تزل في‬ ‫مس��رح الواقع��ة حين زارته الصحفية‪ ،‬وقد اس��تقرت فيها ش��ظايا من ذخيرة‬ ‫عنقودي��ة صغيرة منفج��رة‪ .‬وكان أحمد خليف��ة يجمع الذخائ��ر الصغيرة غير‬ ‫المنفجرة مع شقيقه لمنع المدنيين من التعامل معها‪.‬‬ ‫يبي��ن عدد من مقاط��ع الفيديو التي التقطها نش��طاء محليون ورفعوها‬ ‫عل��ى موقع «يوتيوب» خالل ش��هر كانون األول ‪ ،‬يبين بقاي��ا نفس النوع من‬ ‫الذخائ��ر العنقودية أرضية اإلطالق من مواق��ع تقع ضمن نطاق ‪ 20‬كيلومتراً‬ ‫م��ن إدلب في جب��ل الزاوي��ة‪ ،‬بما فيه��ا بلدات س��رجة ومعردبس��ة ومعرزاف‬ ‫وسراقب‪.‬‬ ‫وتبين مقاطع الفيديو أش��خاصاً يتعاملون م��ع بقايا الصواريخ عيار ‪122‬‬ ‫ملم وذخائر «دي بي آي س��ي إم» الصغير غير المنفجرة‪ ،‬وهو تصرف ش��ديد‬ ‫الخط��ورة‪ ،‬حيث أن تصميم نظام الفتيل ف��ي هذا النوع من الذخائر الصغيرة‬ ‫يجعلها ش��ديدة الحساس��ية‪ ،‬والذخائر الصغيرة التي تخف��ق في االنفجار عند‬ ‫االرتطام األولي عرضة لالنفجار إذا تم تحريكها‪.‬‬ ‫وقال أول ش��اهد من س��كان اللطامنة ممن أجرت معهم هيومن رايتس‬ ‫ووتش مقابالت‪« :‬وزعنا منش��ورات تحذر الناس من لم��س القنابل الصغيرة‬ ‫إذا عثروا عليها‪ .‬كما كنا نردد هذه الرسالة في أوقات الصلوات في المساجد»‪.‬‬ ‫منظمات حقوقية ‪ -‬وكاالت‬

‫ليله فـي اجلحيم‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫هجمات كانون الأول قرب �إدلب‬

‫�أوجـاع وطـن‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫وقال الش��اهد إن صالح الخ��روف لم يكن مقات ًال‪ .‬وق��ال أيضًا‪ ،‬كما يبين‬ ‫أح��د مقاطع الفيدي��و الصادمة‪ ،‬إن رج ًال في الثالثين اس��مه عالء عثمان زين‪،‬‬ ‫ت��م التعرف عليه باعتباره مدنيًا‪ ،‬قتل ب��دوره بعد الهجمة حينما التقط ذخيرة‬ ‫صغيرة انفجرت بين يديه‪ .‬ويبين مقطع فيديو يبدو أنه قد صوّر في منش��أة‬ ‫طبي��ة محلي��ة في يوم الهجم��ة‪ ،‬يبين رج ًال مقت��و ًال ويده اليمنى قد نس��فت‪،‬‬ ‫ومدنيي��ن جرحى يتلقون العالج‪ ،‬فيهم رضيع وطفلة صغيرة وصِبية ونس��اء‬ ‫ورجال‪ .‬يبين أحد مقاطع الفيديو إصابة تفتت جس��يمة بذراع الرضيع اليمنى‪.‬‬ ‫وقال الس��كان المحليون إن ذوي اإلصابات الجس��يمة نقل��وا إلى تركيا للعالج‪،‬‬ ‫حيث ما زالوا هناك حتى اآلن‪.‬‬ ‫زار الش��اهد أحد مواق��ع الهجوم وق��ال لهيومن رايتس ووت��ش إنه رأى‬ ‫«قناب��ل صغيرة منتش��رة على مس��احة نحو ‪ 200‬مت��ر» بما فيه��ا ‪ 20‬ذخيرة‬ ‫صغي��رة غير منفجرة‪ .‬كما التق��ط مقطع فيديو يبين بقايا صاروخ و‪ 10‬ذخائر‬ ‫انفجارية صغيرة‪ ،‬وقال‪« :‬أخذنا [الص��اروخ والذخائر الصغيرة غير المنفجرة]‬ ‫معن��ا إلى البيت‪ .‬وبعد أن انتهينا م��ن تصويرها وضعناها في جوال وألقيناها‬ ‫بعيداً وسط الحقول‪ ،‬فانفجرت كلها‪ .‬كانت تلك أكثر الطرق أمنًا لتدميرها»‪.‬‬ ‫وقال الش��اهد إن قوات األس��د لم تدخل اللطامنة‪ ،‬لكن الجيش السوري‬ ‫الح��ر موجود منذ منتصف كانون األول‪ .‬وقال أيض��اً إن البلدة تعرضت لهجوم‬ ‫م��ن طائرات النظ��ام ومروحيات��ه‪ ،‬لكن هج��وم ‪ 3‬كانون الثان��ي كان مختلفًا‬ ‫ألن «تل��ك كانت أول مرة تُس��تخدم فيها مثل هذا الص��اروخ علينا»‪ .‬وقال إن‬ ‫الصواريخ لم تلق من طائرة‪« :‬لم تكن هناك طائرة في ذلك اليوم‪ .‬كان الجو‬ ‫ضبابي��ًا‪ ،‬حتى بعد توقف المط��ر‪ .‬جاء الصاروخ من اتجاه مط��ار حماة‪ ،‬الواقع‬ ‫على بعد ‪ 40‬كيلومتراً من بلدتنا»‪.‬‬ ‫وقال شاهد آخر لهيومن رايتس ووتش إن مقاتلي الجيش السوري الحر‬ ‫في اللطامنة أخبروه بأن زمالءهم في الجيش الحر قرب مطار حماة أبلغوهم‬ ‫بانطالق الصواريخ من ناحية المطار يوم ‪ 3‬كانون الثاني‪.‬‬ ‫ووصف ش��اهد آخر من سكان المنطقة هجمة ‪ 3‬كانون الثاني لـ هيومن‬ ‫رايت��س ووتش‪« :‬س��معت انفج��اراً كبيراً أعقبت��ه انفجارات أصغ��ر‪ .‬كان الجو‬ ‫م��ازال غائمًا لكن المطر كان قد توقف‪ .‬بعد توقف االنفجارات ذهبت لرؤية ما‬ ‫ح��دث‪ .‬كانت المباني المتضررة على بعد ‪ 200‬مت��ر من المكتب‪ .‬عند وصولي‬ ‫رأيت جرحى في كل مكان وقنابل صغيرة تغطي الش��وارع‪ .‬كان التلف الالحق‬ ‫بالمبان��ي ال يذكر‪ .‬رأيت الكثي��ر من القنابل الصغيرة غي��ر المنفجرة‪ .‬ال أذكر‬ ‫عددها لكنه��ا تفوق الـ‪ .10‬قتلت القنابل الصغي��رة رجلين‪ :‬مات أحدهما على‬ ‫الفور بينما كان في سيارته ومات اآلخر بعد ساعة حين انفجرت قنبلة صغيرة‬ ‫ف��ي يديه وهو يحاول إلقاءها بعيداً عن باحة منزله‪ .‬بتر االنفجار يده‪ .‬اس��مه‬ ‫عالء ناص��ر عثمان‪ .‬كان الجرحى [الذين رأيتهم] س��بعة أطفال وثالث نس��اء‬ ‫وثالثة رجال»‪.‬‬ ‫وقال الش��اهد إنه لم تكن هناك عربات تابعة للجيش الس��وري الحر وال‬ ‫تجمع��ات قريبة م��ن المباني التي أصابته��ا الهجمة أو بداخله��ا‪ .‬وقال إنه في‬ ‫توقي��ت هجمة الذخائ��ر العنقودية كانت هناك اش��تباكات ت��دور بين الجيش‬ ‫السوري الحر وقوات األسد في قرية مورك على بعد سبعة كيلومترات‪.‬‬ ‫وتبين مقاطع فيديو أخرى تم رفعها على موقع «يوتيوب» بقايا الصاروخ‬ ‫والذخائ��ر الصغيرة المس��تخدمة في اللطامنة على ما يب��دو‪ ،‬من بينها مقطع‬ ‫فيدي��و يظه��ر حقال به تجاوي��ف صغيرة تض��م العديد من الذخائ��ر الصغيرة‬ ‫الظاه��رة غي��ر المنفجرة‪ ،‬ومقطع آخ��ر يبين ذخائر صغيرة غي��ر منفجرة في‬ ‫منطقة سكنية‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫حـــراكنا (�شــارع �ســوريتنا)‬ ‫سوريتنا | شام داود‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫مائتان و�أربع وخم�سون مظاهرة‬ ‫هتفت ل�شهداء جامعة الثورة‬ ‫لجان التنسيق المحلية ‪ -‬سوريا‪:‬‬ ‫حرية‪ ..‬صرخ ٌة مدوية رفعتها حناجر‬ ‫طالبن��ا ف��ي جامع��ة الث��ورة من��ذ بداية‬ ‫الح��راك الثوري في وجه نظ��ام الطغيان‬ ‫ال��ذي س��جن الكلم��ة قب��ل الجس��د‪ ،‬وقد‬ ‫عمدوه��ا بدمائه��م دوم��ا إل��ى أن كانت‬ ‫مج��زرة جامعة حل��ب الت��ي راح ضحيتها‬ ‫أكثر من ثمانين شهيداً من الطالب‪.‬‬ ‫وثق��ت لج��ان التنس��يق المحلية في‬ ‫س��وريا ‪ 254‬مظاهرة ف��ي عموم الوطن‬ ‫الس��وري جاءت إدل��ب ف��ي مقدمتها عبر‬ ‫‪ 75‬مظاه��رة هت��ف المتظاه��رون م��ن‬ ‫خاللها لطالب جامع��ة الثورة وحيوا أرواح‬ ‫شهدائها‪.‬‬ ‫تلته��ا حلب عب��ر ‪ 59‬مظاه��رة خرج‬ ‫فيها المتظاهرين مؤكدين على استمرار‬ ‫نضاله��م في وج��ه نظ��ام الطغيان حتى‬ ‫النص��ر‪ ،‬أما ف��ي حم��اه فقد خ��رج الثوار‬ ‫عبر ‪ 55‬مظاه��رة مؤكدين تضامنهم مع‬ ‫جامع��ة حلب وتمس��كهم بمطل��ب رحيل‬ ‫النظام وكافة رموزه عن السلطة‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي دمش��ق وريفها فق��د خرج‬ ‫المتظاه��رون عب��ر ‪ 43‬مظاه��رة رغ��م‬ ‫القصف الش��ديد على مدنه��م وبلداتهم‬ ‫مؤكدي��ن عل��ى اس��تمرار نضالهم بوجه‬ ‫النظ��ام وآلته العس��كرية بكافة الس��بل‬ ‫والطرائق‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي دي��ر ال��زور فق��د خ��رج‬ ‫المتظاه��رون عب��ر ‪ 31‬مظاه��رة أك��دوا‬ ‫من خاللها وقوف الش��عب السوري بكافة‬ ‫ش��رائحه الثقافية والقومية واالجتماعية‬ ‫بوجه النظام وحيو طالب جامعة حلب‪.‬‬ ‫أم��ا في درعا فقد خ��رج األحرار عبر‬ ‫‪ 20‬مظاه��رة هتفوا من خاللها إلس��قاط‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫وفي حمص فقد خرج المتظاهرون‬ ‫عبر ‪ 7‬مظاه��رات رغم الحصار والقصف‬ ‫المتواص��ل لتجدي��د مطالبتهم بإس��قاط‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫ف��ي الحس��كة فقد خرج الث��وار عبر‬ ‫‪ 9‬مظاهرات للمطالبة بالحرية وإس��قاط‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫و في الالذقية فقد خرج الثوار عبر ‪5‬‬ ‫خمسة مظاهرات حيوا من خاللها جامعة‬ ‫حلب وطالبها‪.‬‬ ‫ف��ي الرقة فق��د خ��رج المتظاهرون‬ ‫عب��ر ‪ 4‬مظاه��رات طالب��و فيه��ا بالحرية‬ ‫وإسقاط النظام‬

‫�ساحل �سوريتنا‬

‫يتاب��ع نش��طاء الس��احل الس��وري‬ ‫حركته��م‪ ،‬فف��ي طرط��وس ت��م رم��ي‬ ‫مناش��ير ف��ي جامع��ة االقتص��اد ي��وم‬ ‫الجمعة الماضي مما فرض حالة تش��ديد‬ ‫امني ش��ديدة وتفتي��ش الحقائب لبعض‬ ‫الط�لاب‪ ..‬بع��ض ما ج��اء في المناش��ير‪:‬‬ ‫حلب و طرطوس اي��د وحدة‪ ،‬جامعة حلب‬ ‫جامعة الش��هادة قبل الدراس��ة‪ ،‬جامعاتنا‬ ‫اقوى من طيرانكم‬

‫املعتقلني ال�سوريني‬

‫حمل��ة أس��بوع المعتقلي��ن ش��اركت‬ ‫نش��طاء عب��ر مواق��ع التواص��ل االجتماعي‬ ‫عل��ى الفيس��بوك والتويت��ر بحمل��ة أس��بوع‬ ‫المطالب��ة بالمعتقلي��ن تح��ت عن��وان ألنهم‬ ‫يستحقون الحياة وقد رفعت الفتات عدة بهذا‬ ‫الخص��وص في ع��دة مظاهرات ف��ي المدن‬ ‫السورية وتبنت صفحات إخبارية الحملة عبر‬ ‫التذكير بالمعتقلين في الس��جون الس��ورية‬ ‫منذ أش��هر عديدة ونش��ر ن��داءات للمطالبة‬ ‫باإلفراج عنهم أو كشف مصيرهم‪.‬‬ ‫فيما يلي نص البيان‪:‬‬ ‫منذ أطفال درعا‪ ،‬حتى اليوم‪ ،‬مارس‬ ‫النظام السوري كل أشكال القمع والعنف‬ ‫المكث��ف ف��ي الش��وارع والمعتق�لات رداً‬ ‫عل��ى المطالب المش��روعة التي نادى بها‬ ‫الس��وريون (الحري��ة‪ ،‬الكرام��ة‪ ،‬العدالة‪،‬‬ ‫ومساواة السوريين ووحدتهم)‪.‬‬ ‫الي��وم‪ ،‬بعد تس��جيل العديد م��ن الهيئات‬ ‫الحقوقية والدولية الكثير من االنتهاكات‪ ،‬ابتداءاً‬ ‫م��ن اإلهان��ة وانته��اءاً بالم��وت تح��ت التعذيب‪،‬‬ ‫وهن��اك آالف المعتقلين ص��درت بحقهم أحكام‬ ‫من محاكم ميدانية لمدة قد تصل لثالثين عاماً‪،‬‬ ‫وبع��د أن تج��اوز ع��دد المعتقلي��ن والمفقودين‬ ‫ال(‪ )126‬ألف سورية وسوري‪.‬‬ ‫فإننا نطالب جمي��ع الهيئات المدنية‬ ‫والحقوقية (العربي��ة والدولية) بالضغط‬ ‫على النظام‪ ،‬إلطالق سراح المعتقلين‪.‬‬

‫من مظاهرات مدينة السلمية‬

‫�سوريا احلرة ثقافة بال حدود‬

‫نظ��م نش��طاء ف��ي مدين��ة الب��اب‬ ‫الس��ورية ف��ي الش��مال المحرر أس��بوعًا‬ ‫ثقافيا بالتعاون مع مجموعة (مع بعض)‪.‬‬ ‫يع��د هذا المش��روع ه��و األول من نوعه‬ ‫يق��وم بتنظيم��ه نش��طاء من��ذ انطالقة‬ ‫الثورة السورية المباركة وحتى اليوم‪.‬‬ ‫يناقش األسبوع الثقافي المواضيع التالية‪:‬‬ ‫الالعن��ف‪ :‬الالعن��ف كأداة ضغ��ط‬ ‫عل��ى الحكوم��ات لتعديل سياس��اتها بما‬ ‫يخدم مصال��ح المجتمع وكأداة إلس��قاط‬ ‫الحكومات الديكتاتورية‪.‬‬ ‫التطوع‪ :‬تنمية ثقافة التطوع وكيفية‬ ‫بناء ش��خصية المتط��وع‪ ،‬ودود التطوع في‬ ‫تكريس قيم العمل الجماعي والمشاركة‪.‬‬ ‫أهمية التعليم‪ :‬دور التعليم في بناء‬ ‫الفرد والمجتمع‪.‬‬ ‫وق��د نش��رت مجموع��ة م��ع بعض‬ ‫عل��ى صفح��ة الفيس��بوك مقتطفات من‬ ‫المحاض��رات الت��ي حضرها أه��ل مدينة‬ ‫الباب وص��ور لمش��اركات الحضور‪ .‬نذكر‬ ‫بعض منها من محاضرة التطوع‪:‬‬ ‫يش��كل العم��ل التطوع��ي ش��راكة‬ ‫تجم��ع بين أف��راد يحملون عل��ى عاتقهم‬ ‫مس��ؤولية الرعاية والتنمي��ة االجتماعية‪،‬‬ ‫س��واء بال��رأي أو بالعم��ل أو بالتمويل أو‬ ‫بغي��ر ذلك م��ن األش��كال‪ .‬فتكاتف فريق‬ ‫المنظوم��ة التطوعي��ة يش��كل خلي��ة‬ ‫تتجسد فيها أبلغ معاني التعاون من أجل‬ ‫النهوض بمكانة المجتمع‪.‬‬ ‫يش��ير تعري��ف تقن��ي أكاديم��ي‬ ‫للتط��وع‪" :‬ه��و تخصي��ص وق��ت وجهد‪،‬‬ ‫بش��كل إرادي ح��ر‪ ،‬ودون الحص��ول على‬ ‫أرباح مادية‪ ،‬لمساعدة اآلخرين واإلسهام‬ ‫في تحقيق النفع العام ‪ /‬الصالح العام"‪.‬‬

‫الفتة من أحرار بانياس ضمن حملة المطالبة بالمعتقلين‬

‫ألوان متمردة من درعا غرافيتي حملة المطالبة بالمعتقلين‬

‫أثناء محاضرة المجتمع المدني ووظائفه التي أقيمت في مدينة الباب ضمن األسبوع الثقافي‬


‫تقريـــر �إعالميـــة �أيــام احلـــرية‬ ‫الأ�سبوع الثالث كانون الثاين ‪2013‬‬

‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫م��ن أجل ذل��ك كانت حملة «ش��عب واح��د‪ ..‬مصير واحد» حت��ى نصل معا‬ ‫لشاطئ األمان‪.‬‬ ‫هذه الحملة تنش��ر ف��ي كل يوم أربع��اء مجموعة مواد فكري��ة و إعالمية‬ ‫لتصل بسورية كل يوم للشعب الواحد المتكاتف البناء‪.‬‬ ‫وق��د كان لحرائ��ر القاب��ون مش��اركة مميزة في ه��ذه الحمل��ة‪ ،‬حيث قمن‬ ‫بتعلي��ق ش��رائط األخوة الت��ي كتبن عليه��ا عب��ارات الوحدة بين أبناء الش��عب‬ ‫الس��وري‪ :‬اختالف الرأي ه��ام لبناء الوطن ‪ -‬وحدة وطني��ة ‪ -‬الدين هلل والوطن‬ ‫للجميع ‪ -‬شعب واحد‪ ..‬مصير واحد‪..‬‬ ‫لنشارك بالثورة‪ ،‬و لنغرس كل ما نستطيع من الفسائل لنبني الوطن‪.‬‬ ‫الثورة السورية ثورة تاريخية عظيمة ‪ -‬مع أيام الحرية شاركنا الثورة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫إعداد‪ :‬نسيبة هالل‬ ‫هل فات األوان لتثور من جديد؟!‬ ‫إن ف��رص النجاح متاح��ة لكل واحد من��ا‪ ،‬و فرصة المش��اركة بهذه الثورة‬ ‫العظيم��ة أيضَا إذا عرف كيف يكتش��ف منطقة تفوقه و كي��ف يمكنه أن يخدم‬ ‫هذه الثورة‪ ،‬وماذا يمكن أن يشارك‪ .‬فالثورة فكر‪ ،‬الثورة إيمان‪ ،‬الثورة مستقبل‪،‬‬ ‫فكيف تحب أن يكون مستقبلك؟‬ ‫ّ‬ ‫فكر فتفكيرك بمس��تقبل أفضل هو مشاركة بالثورة و إن كنت تبحث عن‬ ‫البديل فتوقف عن البحث و كن أنت البديل‪.‬‬ ‫بهذه الكلمات أطلقت حركة وعي منش��ورا تحث فيه السوريين كلهم على‬ ‫المشاركة بالثورة‪ ،‬و تشرح فيه كيفية المشاركة بعدة طرق‪.‬‬ ‫و تزامن��ا م��ع أس��بوع المعتقلي��ن‪ ،‬أص��درت أيام الحري��ة بيانا تم إرس��اله‬ ‫للمنظم��ات العالمية‪ ،‬تحدث��ت فيه عن انطالقة الثورة و أهدافها المش��روعة‪ ،‬و‬ ‫ع��دد المعتقلي��ن المتزايد و أماك��ن و ظروف اعتقالهم‪ ،‬و م��ا يتعرضون له من‬ ‫تعذيب و س��وء تغذية‪ ،‬و األم��راض التي تحدث لهم عدا ع��ن إصابات التعذيب‪،‬‬ ‫ه��ذا البيان طالبت فيه أي��ام الحرية جميع الهيئات المدني��ة والحقوقية(العربية‬ ‫والدولية) بالضغط على النظام السوري لإلفراج عنهم‪ .‬و دعت إلى ارتداء اللون‬ ‫األبيض أو األسود للتعبير عن تضامننا معهم‪.‬‬ ‫أيضا حملة دفئ‪ ..‬من تنفيذ إغاثيون من أجل الوطن و اتحاد الطلبة األحرار‬ ‫ دمشق شكرت كل من مد لها يد المساعدة في إعانة الالجئين‪.‬‬‫نعاني من أزمة هوية؟؟ نعم‪ ،‬فكلنا كنا نحس��ب أنفس��نا س��وريون‪ ،‬و لكن‬ ‫موقفن��ا مما يحدث في س��ورية اآلن ه��و ما يحدد هويتن��ا الحقيقية‪ ،‬في حملة‬ ‫كت��اب بثورة الت��ي أصدرته حركة وعي يقارب أمين معل��وف في كتابه الهويات‬ ‫القاتل��ة هذه الفك��رة بالحديث عن الهوية التي يصنعها كل منا لنفس��ه بغض‬ ‫النظر عن انتمائه و بيئته‪.‬‬ ‫أم��ا في حملة قرآن م��ن أجل الث��ورة و التي تصدرها أيام الحرية بش��كل‬ ‫دوري فقد تحدثت عن االنتقام و المسامحة‪ ،‬و كيف أن أصحاب القضايا العادلة‬ ‫يتس��امون فوق جراحه��م‪ ،‬فصاحب الحق حين يمارس الصبر‪ ،‬يطرد ش��ياطين‬ ‫االنتقام‪ ،‬و تتنزل عليه مالئكة الرحمة و التسامح‪.‬‬ ‫و تضامن��ا مع طالب جامعة حلب الش��هداء‪ ،‬أطلقت وعد ي��ا جامعتي حملة‬ ‫لتنظيم حركات مدنية تضامنا معهم‪.‬‬ ‫كما خرجت مظاهرة رائعة التحاد طلبة س��وريا األحرار تحت عنوان (جامعة‬ ‫الث��ورة‪ ..‬رح تبقى ح��رة) ضمن حملة امتحان الدم في س��وق الف��رو احد اعرق‬ ‫اسواق دمشق عند تقاطع البدوي في منطقة دمشق القديمة‪.‬‬

‫و في حين يتس��اقط العديد من الش��هداء و نحن نشعر بالعجز أمام أهلهم‬ ‫الملتاعي��ن و المقهوري��ن‪ ،‬أطلق��ت أيام الحري��ة بالتعاون مع الحراك الس��لمي‬ ‫الس��وري منش��ورها الجدي��د ضمن حملة الدعم النفس��ي‪ ،‬يوض��ح كيف يمكن‬ ‫التحدث مع من يفقدون أفرادا من أس��رتهم أو المقربين لهم‪ ،‬و ذلك باستيعاب‬ ‫حزنهم و التواصل معهم و تقبل مشاعرهم‪.‬‬ ‫و حي��ن نكون أصحاب حق فلس��نا بحاجة للك��ذب أو التبرير‪ ،‬إن الصدق هو‬ ‫ما يعطي المصداقية و المشروعية لقضيتنا‪ ،‬هذا ما تحدث به أسامة نصار في‬ ‫برنامج منارة في حلقته األولى على راديو أمواج الحرية‪.‬‬ ‫كما صدر المنش��ور األول للعمل الجماعي من إنتاج أيام الحرية و بالتعاون‬ ‫مع الحراك الس��لمي الس��وري‪ ،‬يتحدث كيف يمكننا قهر الش��ك ف��ي تعاملنا مع‬ ‫اآلخري��ن‪ ،‬و كيف يمكن أن تكون لنا حس��ن الني��ة باآلخرين‪ ،‬و في نفس الوقت‬ ‫نستطيع تمييز الحق من غيره‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي حملة علمتن��ي الثورة‪ ،‬فقد صدر منش��ور جمع أجوب��ة الكثيرين‪،‬‬ ‫علمتن��ي الثورة الصب��ر و حب الوطن و حس��ن النية في التعام��ل مع اآلخرين‪،‬‬ ‫علمتن��ي الثورة أنه ال يمكن تحقيق الذات إال عبر تفضيل اآلخر‪ .‬علمتني الثورة‬ ‫الكثير‪ ،‬و أنتم ماذا علمتكم؟!‬ ‫و ف��ي ظ��ل االس��تقطاب المتزايد ف��ي المجتمع الس��وري نتيج��ة اإلجرام‬ ‫الممنهج الذي يمارس��ه النظام الس��اقط ولجانه الطائفية التش��بيحية‪ ،‬وقيامه‬ ‫بمج��ازر مريع��ة‪ ،‬وس��عيه الحثيث لخل��ق حرب أهلي��ة وقودها الفك��ر الطائفي‬ ‫والفك��ر المتطرف الغريب‪ ،‬الذي يجد في ما يمارس��ه النظام أرضاً خصبة للنمو‬ ‫والتغوّل في المجتمع‪ ،‬كان البد من وقفة جادّة وحاس��مة تكون على قدر هذه‬ ‫المسؤولية أمام الشعب والوطن‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪5‬‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫املظلومون فـي التاريخ‬ ‫قراءة فـي يوميات الثورة‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫كتاب للعالمة‬ ‫عنوان ملفنا اليوم عن ٍ‬ ‫والم��ؤرخ الس��وري " ش��اكر مصطف��ى "‬ ‫والذي قدم له بما يلي‪:‬‬ ‫"أك��ره الظل��م والظالمي��ن‪ ..‬طبيع ٌة‬ ‫ف��يّ ما أدري من أين ورثتها‪ ،‬ولكن قلبي‬ ‫ينفجر لكل ظلم ومظل��وم‪ ،‬وبيني وبين‬ ‫العدل حلف يدخل في تكويني ونس��يجي‬ ‫الروح��ي‪ ،‬وقد علمني هذا الحلف أن أنظر‬ ‫عل��ى ال��دوام إلى الوج��ه اآلخ��ر للتاريخ‪،‬‬ ‫الوج��ه المط��ل عل��ى الجحيم‪ .‬وتش��قى‬ ‫إذا أطلل��ت عل��ى ه��ذا الوج��ه اآلخ��ر‪ ،‬إن‬ ‫ألوان��اً م��ن الظل��م تت��راءى ل��ك من كل‬ ‫جان��ب كما ل��و أنه��ا ص��ور المعذبين في‬ ‫جحي��م دانت��ي‪ ..‬ويحدثونك ع��ن محكمة‬ ‫التاريخ العادلة وينتظ��رون منها النصفة‬ ‫والمي��زان‪ ..‬وينصب��ون له��ا القاض��ي‬ ‫العج��وز األبي��ض اللحية والش��عر‪ ،‬وبيده‬ ‫القلم وعيناه تبص��ان كمن يخرق بنظره‬ ‫ٌ‬ ‫وضالل‬ ‫الس��ماء واألرض‪ ،‬قل إن��ه أعمى‪،‬‬ ‫ما تتوهمون‪ .‬تلك الملف��ات التي تتراكم‬ ‫لدي��ه وتتراكم جبا ًال م��ن الورق لن تفتح‬ ‫أبداً إال إن ش��ئت أنت أو ش��ئت أن��ا فتحها‬ ‫والنظ��ر في الوجه اآلخ��ر للتاريخ إن كان‬ ‫ثم ما يكشف الوجه اآلخر!"‪.‬‬ ‫كت��اب عالمتن��ا س��ردٌ للمظلومي��ن‬ ‫بفصل‬ ‫في التاريخ أو أش��هرهم‪ ،‬ليختمه‬ ‫ٍ‬ ‫عنوان��ه "الفلس��طيني ال��ذي ف��ي القاع"‬ ‫ولو ق��در لمصطفى ط��ول العمر ألضاف‬ ‫الفصل األكبر لكتابه تحت عنوان "الثورة‬ ‫المظلوم��ة"‪ ،‬ملفن��ا اليوم لي��س للتباكي‬ ‫ون��كأ الجراح عم��ا أصاب ويصي��ب ثورتنا‬ ‫المباركة‪ ،‬بل هو إطاللة على أيام مضت‬ ‫ٍ‬ ‫في عمر الث��ورة‪ ،‬لرصد الظلم الذي ذاقه‬ ‫الس��وريون م��ن األه��ل قب��ل الخصوم‪،‬‬ ‫يقين بأن م��ن يرف��ض الظلم ليس‬ ‫م��ع ٍ‬ ‫بمظل��وم ومن يقبل به يس��تحقه‪ ،‬ملفنا‬ ‫وثيق�� ٌة لن��ا قراءته��ا بت��أنٍ بع��د انتصار‬ ‫الثورة وزوال الطاغية‪.‬‬ ‫لنبدأ بمخي��م العار "مخيم الزعتري"‬ ‫ال��ذي أغرق��ت المياه س��اكنيه‪ ،‬وبحس��ب‬ ‫الناطق الرس��مي باس��م المخي��م "أنمار‬ ‫الحم��ود" فإن م��ا حدث كان بس��بب عدم‬ ‫توفر "المصارف الالزم��ة لمياه األمطار"‪.‬‬ ‫ف��ي هذا المخي��م تعثرت البش��رية‪ ،‬لكن‬ ‫وصم��ة الع��ار األكب��ر ف��ي جبينه��ا ه��ي‬ ‫اس��تمرار تدفق الالجئين إلى الموت هربًا‬ ‫م��ن الموت‪ ،‬وق��د وصفت صفح��ة الثورة‬ ‫الس��ورية ضد بش��ار األس��د ‪" 2011‬حال‬ ‫الالجئي��ن" رحل��وا بأطفاله��م ونس��ائهم‬ ‫خوفاً م��ن الخط��ف والقن��ص والقصف‪،‬‬ ‫حلموا بخيمة آمنة بعيدة عن كالب األسد‬ ‫وعصاباته‪ ،‬لكن الم��وت البطيء كان في‬ ‫انتظارهم"‪.‬‬ ‫وتطالعنا وس��ائل اإلع�لام العربية‬ ‫المؤي��دة للث��ورة بمنح��ةٍ قدرها عش��رة‬ ‫ماليي��ن دوالر لإلغاثة ف��ي المخيم تبرع‬

‫بها العاهل السعودي‪ ،‬والمراقب للتغطية‬ ‫اإلعالمي��ة لم��ا حدث في المخي��م يجد أن‬ ‫ً‬ ‫تغطي��ة أكب��ر‬ ‫المكرم��ة الملكي��ة ح��ازت‬ ‫من معاناة الس��وريين‪ .‬وبالعودة للتاريخ‬ ‫القري��ب‪ ،‬وطبق��ًا لكت��اب "الح��روب غي��ر‬ ‫المقدس��ة" لمؤلفه الصحف��ي األمريكي‬ ‫المخض��رم "جون كول��ي"‪" :‬يوم الخامس‬ ‫من كانون الثاني عام ‪ 1980‬كان "زيجينو‬ ‫بريجنسكي" مستشار الرئيس األمريكي‬ ‫"جيم��ي كارت��ر" لألم��ن القوم��ي ف��ي‬ ‫الس��عودية ليجتمع بول��ي العهد وصاحب‬ ‫الس��لطة الفعلي��ة ف��ي المملك��ة حينه��ا‬ ‫األمي��ر فه��د‪ ،‬لتوزي��ع االختصاص��ات في‬ ‫مخططه الش��هير لمحاربة الشيوعية عن‬ ‫طريق الجهاد اإلسالمي‪ ،‬ومن الالفت في‬ ‫الترتيب��ات العملي��ة التي يورده��ا الكاتب‬ ‫االتف��اق عل��ى التموي��ل المش��ترك بين‬ ‫المملك��ة والوالي��ات المتح��دة األمريكية‬ ‫بصندوق دوار يتأس��س في جنيف‪ ،‬بمبلغ‬ ‫ٍ‬ ‫ق��دره أل��ف ملي��ون دوالر يتج��دد تلقائيًا‬ ‫بمقدار ما يصرف منه‪.‬‬ ‫كم��ا باع��ت الوالي��ات المتح��دة إلى‬ ‫صندوق الجهاد اإلسالمي في أفغانستان‬ ‫‪ 900‬صاروخ "س��تنجر" مضاد للطائرات‪،‬‬ ‫وبحس��ب كت��اب "أحمد رش��يد" الصحفي‬ ‫الباكس��تاني المرم��وق "طالب��ان" ف��إن‬ ‫أمري��كا ل��م تدف��ع إال نس��بة ضئيلة من‬ ‫تمويل الصندوق‪ ،‬بينم��ا تكفلت المملكة‬ ‫بنصيبها وأكثر‪.‬‬ ‫وط��وال حقب��ة الثمانين��ات كان��ت‬ ‫أموال الجهاد ضد اإللحاد في أفغانس��تان‬ ‫تتدفق سي ًال في العالم العربي فالمصادر‬ ‫أصبحت س��خية والف��رص مفتوحة على‬ ‫اآلخ��ر‪ ،‬ليحتف��ل الجمي��ع أخيراً بس��قوط‬ ‫المنظوم��ة االش��تراكية‪ ،‬فحي��ن يك��ون‬ ‫الق��رار أمريكي��اً تص��رف األم��وال ب�لا‬

‫ح��دود‪ ،‬وحين يكون أمريكي��ًا أيضاً يترك‬ ‫الس��وريون ليلعق��وا جراحه��م ويت��رك‬ ‫أبناؤه��م للبرد والجوع وتحتفي وس��ائل‬ ‫اإلعالم بالفتات المقدم لهم‪.‬‬ ‫فأمري��كا ل��م تق��ف عند ح��د إعاقة‬ ‫أي موق��ف دولي فعل��يّ يوق��ف المجازر‬ ‫المرتكب��ة بح��ق الس��وريين‪ ،‬ب��ل أجبرت‬ ‫الجمي��ع على منع وصول أس��لحة دفاعية‬ ‫ال هجومي��ة للجي��ش الس��وري الح��ر؛‬ ‫لتحييد س�لاح الطيران ال��ذي يدك المدن‬ ‫ً‬ ‫متذرع��ة بفيتو روس��ي في‬ ‫والحواض��ر‪،‬‬ ‫مجل��س األمن هذا الفيت��و الذي تجاهلته‬ ‫عندم��ا قررت ض��رب "الص��رب" في قلب‬ ‫أوروبا‪ ،‬وفي الع��راق وليبيا الحقاً‪ ،‬واليوم‬ ‫يخ��رج علين��ا وزي��ر الدف��اع األمريك��ي‬ ‫بضماناتٍ لربيبته إسرائيل‪ ،‬وباستعداده‬ ‫لضب��ط الس�لاح الكيماوي حال س��قوط‬ ‫النظ��ام‪ .‬وبي��ن التصري��ح وس��قوط‬ ‫النظام مئات الش��هداء وآالف المش��ردين‬ ‫والجوع��ى‪ ،‬لنتذك��ر تعلي��ق مدي��ر مركز‬ ‫بيغن –السادات للدراس��ات االستراتيجية‬ ‫في اسرائيل‪" :‬ليس المهم من يحكم بعد‬ ‫االستنزاف‪ ،‬ألن الدولة السورية تكون قد‬ ‫ضعفت وخطرها قد انتفى"‪.‬‬ ‫وفي الس��ياق ذاته تطالعنا "الشرق‬ ‫األوس��ط" بمقال ج��اء فيه‪" :‬أخيراً ش��عر‬ ‫الصينيون بتأنيب الضمي��ر جراء المجازر‬ ‫المروعة لألطف��ال المذبوحين‪ ،‬وماليين‬ ‫المهجرين الجوعى‪ ،‬فمدوا يدهم وأخرجوا‬ ‫من جيبهم شيك مساعدة قيمته خمسون‬ ‫ألف دوالر!! نعم الرقم صحيح؛ خمس��ون‬ ‫ألف دوالر‪ ،‬من الصين الدولة الكبرى التي‬ ‫تمل��ك محفظ��ة اس��تثمارات ف��ي البنوك‬ ‫األميركي��ة بتريلي��ون دوالر‪ ،‬وباع��ت في‬ ‫أس��واق الخليج م��ا قيمته مائ��ه وثالثون‬ ‫ملي��ار دوالر في عام‪ ،‬وه��ي الصين التي‬

‫حم��ت نظ��ام األس��د وأطلق��ت ي��ده بكل‬ ‫فيت��و في مجلس األمن مع روس��يا‪ ،‬علي‬ ‫ً‬ ‫صريحة في عدائها‬ ‫األقل‪ ،‬عرفنا روس��يا‬ ‫للسوريين‪ ،‬تمد النظام السوري بالسالح‬ ‫والوق��ود‪ ،‬أما الصين فتختب��ئ خلف الدب‬ ‫الروس��ي ف��ي مجل��س األم��ن‪ ،‬ومكن��ت‬ ‫األس��د من مجازره‪ .‬ال نعرف ماذا سيفعل‬ ‫الس��وريون بهذا المبلغ البخس‪ ،‬خمسون‬ ‫ألف دوالر‪ ،‬وأي جروح سيضمدها"‪.‬‬ ‫أما عن اس��تمرار الظلم فلنا المرور‬ ‫على صفقة تبادل األسرى التي تمت بين‬ ‫النظ��ام والجيش الح��ر‪ ،‬وهو الذي رفض‬ ‫مراراً مبادلة خيرة ضباطه وطياريه الذين‬ ‫أس��رهم الثوار م��ردداً عب��ارة "أقتلوهم‬ ‫ال نأب��ه بهم" قبل بمبادل��ة ألفي إرهابي‬ ‫حس��ب زعمه وأطالقه��م ليعيثوا فس��اداً‬ ‫خمس وأربعي��ن حاجًا‬ ‫ف��ي البالد مقاب��ل ٍ‬ ‫إيرانيًا بحس��ب زعم��ه أيض��اً‪ ،‬أو أنه قبل‬ ‫بمبادلة ألفي معتقل سوري ظلمًا مقابل‬ ‫خم��س وأربعي��ن مقات�ل ًا إيراني��ًا‪ ،‬لتعود‬ ‫ٍ‬ ‫للحلق المرارة التي كان يش��عر بها العرب‬ ‫والس��وريون حي��ن تبادل إس��رائيل رفات‬ ‫جندي من جنودها بمئات الفلس��طينيين‬ ‫ٍ‬ ‫والعرب‪.‬‬ ‫ونتج��ه ش��رقًا لتعل��ن وزارة الدفاع‬ ‫العراقي��ة إغالق منف��ذي ربيع��ة والوليد‬ ‫الحدوديين في وجه الالجئين الس��وريين‬ ‫الذي��ن اس��تقبلوا ف��ي األم��س القري��ب‬ ‫مليون��ي عراق��ي كمواطني��ن ال الجئي��ن‬ ‫ً‬ ‫اقتصادي��ة واجتماعي��ة‬ ‫وتحمل��وا أعب��ا ًء‬ ‫يرزحون تحتها أص ًال‪.‬‬ ‫أم��ا غرب��اً فقد دع��ا صه��ر الجنرال‬ ‫الوزي��ر "باس��يل" إلى إغ�لاق الحدود في‬ ‫وجه السوريين وترحيل الموجودين أص ًال‬ ‫في لبنان إلى مناطق سورية آمنة أو دول‬ ‫أخرى بحجة أن ال قدرة للبنان على تحمّل‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫خ�لال الن��زاع الدائ��ر ف��ي س��وريا‪ ،‬وهو‬ ‫عام��ل "رئيس��ي" وراء ف��رار العدي��د من‬ ‫النس��اء والفتيات إلى دول مجاورة‪ .‬وقالت‬ ‫اللجن��ة‪ ،‬ومقره��ا الوالي��ات المتحدة‪ ،‬في‬ ‫تقري��ر بعنوان "س��وريا‪ :‬أزم��ة إقليمية"‪،‬‬ ‫إن االغتصاب "س��مة مهمة ومثيرة للقلق‬ ‫في الحرب األهلية في س��وريا"‪ .‬وأضافت‬ ‫ان��ه "خالل ثالثة تقييم��ات أجرتها اللجنة‬ ‫ف��ي لبن��ان واألردن وس��وريا وج��دت أن‬ ‫االغتصاب هو السبب الرئيسي وراء فرار‬ ‫عائ�لات من الب�لاد"‪ ،‬داعية إل��ى معالجة‬ ‫هذه القضية بشكل عاجل‪.‬‬ ‫وبحس��ب التقرير‪ ،‬ف��إن "العديد من‬ ‫النس��اء والفتي��ات تحدثن ع��ن التعرض‬ ‫العت��داءات في العل��ن أو ف��ي منازلهن‪،‬‬ ‫وبش��كل أساس��ي م��ن قبل مس��لحين‪.‬‬ ‫وحوادث االغتصاب تلك‪ ،‬التي تكون أحيانًا‬ ‫م��ن قبل أكثر من جان��ب‪ ،‬غالبًا ما تحدث‬ ‫أمام أفراد األس��رة"‪ .‬وقالت اللجنة كذلك‬ ‫إنه��ا أبلغ��ت باعت��داءات تم فيه��ا خطف‬ ‫نس��اء وفتي��ات واغتصابه��ن وتعذيبهن‬ ‫ثم قتله��ن‪ .‬وأوضح��ت أن الضحايا نادراً‬ ‫م��ا يبلغ��ن ع��ن العن��ف الجنس��ي نظراً‬ ‫لـألعراف االجتماعي��ة ووصمة العار التي‬ ‫يلحقه��ا االغتص��اب بالنس��اء والفتي��ات‬ ‫وأس��رهن"‪ .‬كما عبرت عدد من الضحايا‬ ‫اللوات��ي قابلته��ن اللجنة عن خش��يتهن‬ ‫من التعرض لالنتقام من قبل المعتدين‬ ‫أو للقت��ل على أي��دي أفراد األس��رة التي‬ ‫"لح��ق به��ا الع��ار"‪ ،‬أو أن يت��م تزويجهن‬ ‫في س��ن مبكرة "للحفاظ على شرفهن"‪،‬‬ ‫بحسب التقرير‪ .‬ووفقًا للجنة‪ ،‬فإن النساء‬ ‫اللواتي يهربن نتيج��ة لالعتداء يواجهن‬ ‫نقصًا ف��ي الخدمات الطبية والمش��ورة‪،‬‬ ‫إضافة إلى "ظروف غير آمنة في مخيمات‬ ‫الالجئين ومس��تويات مرتفعة من العنف‬ ‫المنزلي"‪.‬‬ ‫وق��درت لجن��ة اإلنق��اذ الدولية عدد‬ ‫النازحي��ن الس��وريين داخل الب�لاد بأكثر‬ ‫م��ن مليون��ي مدن��ي‪ ،‬ودعت إل��ى "زيادة‬ ‫عاجل��ة" لمس��اعدة األس��رة الدولي��ة إزاء‬ ‫كارث��ة إنس��انية هائلة س��تكون بالتأكيد‬ ‫طويل��ة األم��د‪ .‬وتابعت "ال بد م��ن القيام‬ ‫باس��تعدادات لخروج جماعي لالجئين في‬ ‫حالة حدوث تصاع��د مفاجئ في األزمة"‪.‬‬ ‫وقال��ت لجنة اإلنق��اذ الدولي��ة‪ ،‬إن الوضع‬ ‫اإلنس��اني الطارئ من الممكن أن يستمر‬ ‫س��نوات وحث��ت الحكوم��ات المانحة على‬ ‫المساهمة في مبلغ ‪ 1٫5‬مليار دوالر دعت‬ ‫األمم المتحدة المجتمع الدولي إلى جمعه‬ ‫ومس��اعدة الدول المضيفة لالجئين على‬ ‫مواجهة الضغ��ط الذي تتعرض له بنيتها‬ ‫األساس��ية والحد من التوترات المتزايدة‪.‬‬

‫واتهمت اللجنة الحكومة السورية بتقييد‬ ‫دخ��ول منظم��ات اإلغاثة الدولي��ة‪ .‬وقالت‬ ‫إن م��ن الضروري توس��يع الش��راكات مع‬ ‫منظمات اإلغاثة السورية‪.‬‬ ‫ضاق��ت األرض الس��ورية عل��ى‬ ‫الس��وريين‪ ،‬فهرب��وا م��ن الب��رد والجوع‬ ‫والقت��ل واالغتصاب‪ ،‬حت��ى رأس النظام‬ ‫الذي ل��م يذق برداً وال جوع��اً هاربٌ من‬ ‫ق��دره المحت��وم‪ ،‬نقلت جري��دة "الوطن"‬ ‫ع��ن مص��ادر اس��تخباراتية‪ ،‬أن الرئيس‬ ‫الس��وري بش��ار األس��د‪ ،‬يقيم مؤخراً مع‬ ‫أس��رته ومقربي��ن محدودي��ن منه على‬ ‫مت��ن س��فينة حربي��ة في ع��رض البحر‬ ‫المتوس��ط‪ ،‬تحت حراسة روسية‪ ،‬وأبلغت‬ ‫المصادر "الوط��ن" بمعلومات‪ ،‬تفيد بأن‬ ‫"األس��د يتنقل من الس��فينة إلى الداخل‬ ‫الس��وري بواس��طة مروحي��ة‪ ،‬ف��ي حال‬ ‫كان لدي��ه موعد الس��تقبال رس��مي‪ ،‬إال‬ ‫أن أغلب إقامته تكون في الس��فينة وفق‬ ‫المصادر التي أرجعت األمر لتوفير أجواء‬ ‫آمنة للرئيس الذي فقد الثقة في الطوق‬ ‫األمن��ي القريب من��ه‪ .‬إضافة إلى أن ذلك‬ ‫يس��رع خروجه وأس��رته من الب�لاد فيما‬ ‫لو تط��ورت الحالة األمني��ة وحقق الثوار‬ ‫تقدم��ا مفاجئ��ا نح��و دمش��ق أو داخلها‪،‬‬ ‫وحاصروا القص��ر الرئاس��ي‪ ،‬كما ذكرت‬ ‫المصادر في تحليلها لألمر أن ذلك يعني‬ ‫أن الرئي��س الس��وري بالفع��ل ق��د منح‬ ‫لجوءاً سياس��يًا م��ن قبل موس��كو‪ ،‬لكن‬ ‫بشكل غير معلن‪.‬‬ ‫ه��ذا وق��د أعلن��ت وزارة الدف��اع‬ ‫الروس��ية ع��ن أن وح��دات بحري��ة تابعة‬ ‫ألس��طول البحر األس��ود س��تقوم بإجراء‬ ‫تمارين مناورة قرب ش��واطئ سوريا‪ ،‬في‬ ‫إط��ار ترتيباته��ا لتنفيذ مش��روع تدريب‬ ‫كبير في شرق البحر المتوسط بمشاركة‬ ‫وحدات من األس��اطيل الروس��ية األخرى‪،‬‬ ‫وكش��فت ال��وزارة ف��ي وقت س��ابق عن‬ ‫ترتيب��ات بدأته��ا القوات البحري��ة لتنفيذ‬ ‫مناورات وصفته��ا بـ منقطعة النظير في‬ ‫البحرين المتوسط واألسود نهاية كانون‬ ‫الثاني الجاري‪ ،‬وفقا لخطة تدريب القوات‬ ‫المسلحة‪.‬‬ ‫وس��تتم المناورات بمشاركة وحدات‬ ‫من أربعة أساطيل هي‪ ،‬أسطول الشمال‬ ‫وبح��ر البلطيق والبحر األس��ود والمحيط‬ ‫اله��ادئ‪ ،‬به��دف التدري��ب على تش��كيل‬ ‫مجموع��ة من القوات خارج حدود روس��يا‬ ‫ووض��ع خطة أعماله��ا وتنفيذها‪ ،‬وتعزيز‬ ‫ق��درات ومه��ارات أفراد الق��وات البحرية‪.‬‬ ‫ب��أن‬ ‫وقال��ت وزارة الدف��اع ف��ي بيانه��ا ّ‬ ‫مجموع��ة تكتيكي��ة من وحدات أس��طول‬ ‫البحر األسود على رأس��ها طراد موسكو‪،‬‬

‫ستقوم بإجراء تمارين المناورة في شرق‬ ‫البحر المتوسط‪.‬‬ ‫وخالل المن��اورات يقبع رأس النظام‬ ‫في بارجته الروسية ويلعب ورقته األولى‬ ‫واألخي��رة "أم��ن إس��رائيل" ف��ي رس��الةٍ‬ ‫س��اذجة إلس��رائيل‪ ،‬ب��أن حافظ��وا على‬ ‫حيات��ي ألحفظ أمنك��م‪ ،‬فبحس��ب موقع‬ ‫"دام��اس بوس��ت" القري��ب م��ن النظ��ام‬ ‫ع��ن مصادر مطلعة أن األس��د ق��ال‪" :‬إنه‬ ‫م��ن المحتمل وضع خط��ة تنفذها أجهزة‬ ‫اس��تخبارات دولية وإقليمية‪ ،‬ترتكز على‬ ‫تهري��ب ن��وع م��ن الصواري��خ األميركية‬ ‫الس��رية إل��ى األراض��ي الس��ورية تعمل‬ ‫بتقني��ات بس��يطة لك��ن بق��درات عالية‬ ‫ودقيق��ة الس��تهداف مق��رات يحتم��ل أن‬ ‫يتواجد فيها األسد"‪.‬‬ ‫وقال��ت المصادر إن األس��د ق��د أبلغ‬ ‫قادت��ه العس��كريين أن��ه في ح��ال نجاح‬ ‫عملية من هذا الن��وع‪ ،‬وأدت إلى اغتياله‪،‬‬ ‫فإن��ه يمنح تفويضًا ميداني��ًا لكبار القادة‬ ‫في الجيش واالس��تخبارات بش��ن غارات‬ ‫صاروخي��ة مس��تمرة تجاه أه��داف داخل‬ ‫إس��رائيل‪ ،‬وكذل��ك إط�لاق صواريخ ضد‬ ‫قطع عس��كرية أميركية وإس��رائيلية في‬ ‫البحر األحمر‪ ،‬والبحر المتوسط‪ ،‬وتعطيل‬ ‫حرك��ة المالح��ة الجوي��ة ف��وق البح��ر‬ ‫المتوسط‪ ،‬عبر اس��تهداف طائرات مدنية‬ ‫أوروبية‪.‬‬ ‫ل��ن نخت��م بالظل��م والعذاب��ات بل‬ ‫بيقين عند الس��وريين بأن أكبر المعارك‬ ‫ٍ‬ ‫نخوضه��ا ال باألس��لحة وإنم��ا ببس��الة‬ ‫الضمي��ر‪ ،‬وأن النص��ر ب��ات قاب قوس��ين‬ ‫أو أدن��ى‪ ،‬وب��أن المعرك��ة حس��مت‪ ،‬هذا‬ ‫م��ا ضجت ب��ه الالفت��ات الت��ي رفعت في‬ ‫مظاه��رات الجمع��ة الماضي��ة‪ ،‬نختم بها‬ ‫م��ع كل األم��ل وكل اليقي��ن والقليل من‬ ‫الصبر‪..‬‬ ‫«يا بش��ار‪ ،‬واهلل لو وضعت الشمس‬ ‫بيميننا والقمر بش��مالنا‪ ،‬ل��ن نتراجع عن‬ ‫ثورتنا حتى ينصرنا اهلل أو نهلك دونها»‪.‬‬ ‫«يا بش��ار ش��و ه��ا لخط��اب‪ ،‬عالك‬ ‫بعالك»‪،‬‬ ‫«س��اقط ي��ا بش��ار‪ ،‬بع��ون الجبار‪،‬‬ ‫وأرضك يا سوريا‪ ،‬صرخت للثوار»‪.‬‬ ‫«تتميّ��ز الفقاع��ات بالصف��اء‬ ‫والجمال والخفة‪ .‬أهذا ما قصدته بالربيع‬ ‫العربي؟»‪.‬‬ ‫«حب��ات الثل��ج تتح��دى فقاع��ات‬ ‫الصابون»‪.‬‬ ‫«الطري��ق إل��ى دوم��ا غي��ر س��الكة‬ ‫بسبب تراكم الجيش الحر»‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫األعب��اء االقتصادية والمالية واالجتماعية‬ ‫لوج��ود الالجئي��ن على أراضي��ه‪ ،.‬أو على‬ ‫األقل الفلس��طينيون منه��م‪ .‬ففي كلمة‬ ‫بمناس��بة ي��وم النبي��ذ اللبنان��ي‪ ،‬طال��ب‬ ‫بالمحافظ��ة على كل ش��بر م��ن األرض‬ ‫اللبناني��ة وكأن الالجئي��ن الس��وريين‬ ‫اختاروا لبن��ان بمأل إرادته��م ويخططون‬ ‫للبق��اء هن��اك‪ ،‬وق��ال "وعندم��ا نقول ال‬ ‫نري��د نازحي��ن س��وريين وفلس��طينيين‬ ‫فذلك ألنه��م يأخذون مكانن��ا" ثم أضاف‬ ‫"أال يكفينا الفلسطينيون في لبنان لتأتي‬ ‫بقية المخيمات إلى لبنان أيضاً"‪.‬‬ ‫ول��ن نتكل��م اليوم ع��ن "نصر اهلل"‬ ‫الذي لم يعد في موقع الدفاع عن األس��د‬ ‫أو نظام��ه ب��ل ب��ات مدافع��اً عن نفس��ه‬ ‫وزعامته التي ش��وهتها الثورة السورية‪،‬‬ ‫وب��ات يعي��ش "كاليغ��وال" في مس��رحية‬ ‫"الحصان" ليوليوس هاي‪ ،‬قائ ًال‪" :‬العزلة‪،‬‬ ‫أتع��رف العزل��ة‪ ،‬هل هي عزلة الش��عراء‬ ‫والعاجزي��ن‪ ،‬العزلة ولك��ن أي عزلة‪ ،‬أنت‬ ‫ال تع��رف أن المرء ال يمك��ن أن يكون في‬ ‫عزلةٍ أب��داً‪ ،‬وأننا أينما حللنا يالحقنا ثقل‬ ‫المس��تقبل وثقل الماض��ي‪ ،‬والمخلوقات‬ ‫التي قتلناها تظل معنا"‪..‬‬ ‫أما نواب الرابع عش��ر من آذار فباتوا‬ ‫يزاودون بدعمهم للثورة السورية لتدخل‬ ‫قضيتن��ا العادلة في حس��ابات االنتخابات‬ ‫النيابي��ة‪ ،‬ونخت��م رحلتن��ا إل��ى لبنان مع‬ ‫موق��ف ولي��د بي��ك جنب�لاط لصحيف��ة‬ ‫الس��فير‪ ،‬ومف��اده "أن العال��م ق��د ت��رك‬ ‫السوريين للقتل ولم يقدم أحدٌ الحل"‪.‬‬ ‫وغرب��ًا أيض��اً إل��ى فرنس��ا الداع��م‬ ‫األكبر للثورة السورية أوروبيًا‪ ،‬فقد صرح‬ ‫المسؤول السابق للمخابرات الفرنسية ‪-‬‬ ‫دائرة حماية اإلقليم ‪ -‬ايف بونيه‪ ،‬بإرسال‬ ‫بالده وحدات عسكرية إلى مالي لمساعدة‬ ‫الجيش هناك في حربه ضد االس�لاميين‬ ‫بحجة افتقار األخير للع��دة والعتاد وعدم‬ ‫قدرته على المواجهة في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫وكان��ت صحيف��ة "ليبراس��يون"‬ ‫اليومي��ة الفرنس��ية ق��د نش��رت أه��داف‬ ‫ودواف��ع العملي��ة الت��ي تش��نها الق��وات‬ ‫الفرنس��ية في مالي وذك��رت الصحيفة‪،‬‬ ‫في تحليلها للتدخل العس��كري في مالي‪،‬‬ ‫أن��ه ومن��ذ االنقالب ض��د الرئي��س مالي‬ ‫الس��ابق‪" ،‬أمادو توماني ت��وري"‪ ،‬في آذار‬ ‫‪ ،2012‬واالس��تيالء على ش��مال مالي من‬ ‫قب��ل الجماع��ات الجهادي��ة واإلرهابيين‪،‬‬ ‫حاول��ت باري��س‪ ،‬دون ج��دوى‪ ،‬تعبئ��ة‬ ‫المجتمع الدولي لصالح التدخل العسكري‬ ‫بقي��ادة البلدان األفريقية ف��ي المنطقة‪،‬‬ ‫وذل��ك بدع��م م��ن الغ��رب‪ .‬وأضاف��ت أن‬ ‫م��ا يدف��ع باري��س لذل��ك هو اس��تهداف‬ ‫عناصر تنظيم القاع��دة في بالد المغرب‬ ‫اإلس�لامي ومنذ ع��دة س��نوات للمصالح‬ ‫والرعايا الفرنس��يين في منطقة الساحل‬ ‫األفريقي‪ ،‬وتخشى فرنسا من تحول هذه‬ ‫األرض الصحراوي��ة الشاس��عة إلى مالذ‬ ‫للتنظيم وحلفائه قد يس��تخدم في إعداد‬ ‫هجمات معادية لفرنسا في غرب أفريقيا‪،‬‬ ‫ولكن أيضا داخل األراضي الفرنسية‪.‬‬ ‫فرنس��ا التي تخش��ى على حدودها‬ ‫وعل��ى النفط الموج��ود ش��مال مالي لم‬ ‫تت��ردد في التدخل العس��كري المباش��ر‪،‬‬ ‫أما س��وريا البعي��دة عن الح��دود والتي ال‬ ‫تمل��ك نفط��اً فحتى يومنا ه��ذا لم تقدم‬ ‫باري��س للث��وار رصاص��ة يدافع��ون بها‬ ‫ع��ن أرواحهم‪ ،‬ولم تق��ف باريس هنا بل‬ ‫طالبت العرب والمسلمين بمساعدتها في‬ ‫حربها في مالي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وف��ي يومياتن��ا أيض��ا أف��ادت "لجنة‬ ‫اإلنق��اذ الدولي��ة" ف��ي تقريره��ا األخي��ر‬ ‫ب��أن االغتص��اب يس��تخدم كأداة ح��رب‬

‫‪7‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫ال�شـــــتات ال�ســـــوري‬

‫خالد كنفاني‬

‫بدأ الوضع في سوريا بثورة وتطور‬ ‫ليتح��ول إل��ى أزم��ة واليوم يص��ل إلى‬ ‫مرحل��ة النكبة‪ .‬أكثر م��ن ثالثة ماليين‬ ‫مهاج��ر (أو مهجر) في الداخل الس��وري‬ ‫وأكث��ر م��ن ملي��ون ف��ي الخ��ارج (وفق‬ ‫إحصاءات غير رسمية بطبيعة الحال)‪.‬‬ ‫يكاد ع��ام ‪ 2013‬أن يكون بالفعل‬ ‫ع��ام النكبة الس��وري بما ي��وازي عام‬ ‫النكبة الفلسطيني عام ‪ 1948‬أو أكثر‪،‬‬ ‫على األق��ل نكبة فلس��طين جاءت من‬ ‫أعدائها أما نكبة سوريا فقد جاءت ممن‬ ‫ادع��وا حمايته��ا وحكمه��ا وكذل��ك من‬ ‫"أصدقائها"‪.‬‬ ‫ب��ات الخبر الس��وري ف��ي معظم‬ ‫نش��رات األخب��ار ف��ي المرتب��ة الثانية‬ ‫على س��لم االهتمام��ات اإلعالمية‪ ،‬وال‬ ‫يغير من ذلك وجود عشرات المراسلين‬ ‫األجان��ب الذين يس��يل لعابه��م إلجراء‬ ‫التحقيق��ات الصحفية هن��ا وهناك في‬ ‫الداخل الس��وري مقابل عش��رات ألوف‬ ‫الدوالرات‪.‬‬ ‫تج��ار الح��روب ليس��وا فق��ط من‬ ‫يبيعون السالح على الجانبين وإنما هم‬ ‫أيضًا من يبيعون الكالم على الجانبين‪.‬‬ ‫يم��وت ‪ 82‬طالب��اً كان��وا يحلم��ون بأن‬ ‫يصبح��وا مهندس��ين ليبن��وا العال��م‬ ‫بقص��ف أو انفجار أو قذيف��ة‪ ،‬ال فرق‪،‬‬ ‫"فالموت��ى سواس��ية أمام الم��وت" كما‬ ‫يق��ول محم��ود درويش‪ ،‬ولك��ن بائعي‬ ‫ال��كالم على الجانبين كانوا أس��رع من‬ ‫الموت عندم��ا "أكد ش��هود عيان وجود‬ ‫طائرة" بينما "أكد التلفزيون الرس��مي‬ ‫وق��وع تفجي��ر إرهاب��ي"‪ .‬ويدعمه��م‬ ‫"أصدقاء سوريا" الذين يقفون حائرين‬ ‫ع��ن عمد أمام هذا التراش��ق اإلعالمي‬ ‫ف��ي بلد خرج من دائ��رة الضوء ليدخل‬ ‫أنفاق الظالم التي ال تنتهي‪.‬‬ ‫كان��ت بع��ض المس��اعدات تكفي‬ ‫للقليل من العائالت المشردة والمهجرة‬

‫هن��ا وهناك‪ ،‬غي��ر أن النكبة الس��ورية‬ ‫الي��وم جعل��ت م��ن المس��اعدات ش��يئًا‬ ‫رمزي��اً يعجز أمام ه��ول المصيبة‪ .‬بات‬ ‫الحديث الي��وم عن ملي��ارات الدوالرات‬ ‫من الخس��ائر المادية ومئ��ات الماليين‬ ‫المطلوب��ة إلغاث��ة ه��ذا الش��عب الذي‬ ‫طالما أغ��اث اآلخرين‪ .‬يم��وت األطفال‬ ‫الي��وم في مخيمات اللجوء ال لش��يء إال‬ ‫ألن "ملك اإلنس��انية" قرر "توطينهم"‬ ‫في صناديق خش��بية بد ًال م��ن الخيام‬ ‫ألن األخيرة "أكثر دفئًا"‪ ،‬بينما يس��اهم‬ ‫على الجان��ب اآلخر في "تقطير" الدعم‬ ‫العس��كري والمادي على مبدا "س��اقية‬ ‫جارية" ولكنها س��اقية دم سوري بريء‬ ‫لم تتح له الفرصة لتقرير مصيره بيده‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫"تع��ددت األس��باب والم��وت واحد"‬ ‫مقولة ب��ات كل الس��وريين يفهمونها‬ ‫تمام��اً‪ ،‬فالموت بات يترب��ص بهم في‬ ‫كل حركاتهم وسكناتهم‪ ،‬فلم يعد من‬ ‫مكان آمن أب��داً‪ ،‬وعلى العكس من كل‬ ‫مواثيق الش��رف العسكري في التاريخ‪،‬‬ ‫ففي س��وريا من دخل المخبز فهو ميت‬ ‫ومن دخل الجامعة فهو ميت ومن دخل‬ ‫المس��جد فهو ميت ومن دخل المدرسة‬ ‫فه��و ميت ومن دخ��ل مق��ر عمله فهو‬ ‫ميت ومن دخل بيت��ه فهو ميت‪ .‬الموت‬ ‫ل��م يع��د حدث��ًا طبيعي��ًا تتكف��ل ب��ه‬ ‫البيولوجي��ا الطبيعية لتذكرنا كل فترة‬ ‫بأننا بشر نحيا ونموت بل تحول الموت‬ ‫إلى فع��ل مصطنع تكفلت به الوحوش‬ ‫البش��رية لتذكرنا بأن بين البشر ذئابًا‬ ‫تفترس حتى في حالة الشبع‪.‬‬ ‫الش��تات الس��وري متعدد النكبات‬ ‫ومظاهره أقس��ى م��ن أي تحمل‪" .‬هل‬ ‫تريد الزواج بس��ورية؟ حسناً ألف جنيه‬ ‫تكفي"‪ ،‬لم تعد ه��ذه العبارة غريبة أو‬ ‫مس��تهجنة في كثير من دول الش��تات‬ ‫الس��وري المتنام��ي‪ ،‬فكثير م��ن اآلباء‬ ‫باتوا يفضل��ون أن تت��زوج بناتهم ولو‬

‫بأي��ة طريق��ة "س��تراً" له��م وضمان��ًا‬ ‫لع��دم موته��م م��ن الج��وع‪ .‬ورغم كل‬ ‫الحم�لات التنظيري��ة والمخملي��ة ع��ن‬ ‫رف��ض مفه��وم الس��بايا إال أن الواق��ع‬ ‫ف��رض نفس��ه بق��وة وشراس��ة حي��ث‬ ‫يفضل اآلب��اء إبعاد بناته��م عن أجواء‬ ‫المخيم��ات الت��ي تتح��ول إل��ى ق��ذارة‬ ‫أخالقي��ة واجتماعي��ة يحم��ل الكثيرون‬ ‫بذوره��ا ووج��دوا ف��ي مناط��ق اللجوء‬ ‫س��بي ً‬ ‫ال لتنميتها‪ .‬فاالغتصاب سواء في‬ ‫الداخل أو في الخارج بات أحد هواجس‬ ‫اآلباء واألمهات ناهيك عن حالة الفاقة‬ ‫والت��ي دفعت بالكثيري��ن بالقبول بأية‬ ‫زيجة لتخفيف العبء المادي والنفس��ي‬ ‫الذي ال يوصف‪.‬‬ ‫وب��دأ الموت يتحول أيضاً إلى خيار‬ ‫ش��خصي بعدما ضاقت الس��بل وتبخر‬ ‫األم��ل ف��ي أي مس��تقبل‪ .‬يقرر ش��اب‬ ‫سوري االنتحار وترك عائلة مكونة من‬ ‫خمس��ة أش��خاص بعدما عجز كليًا عن‬ ‫إعاش��تهم‪ ،‬وتكفي الصور التي صورت‬ ‫مكان إقامة الش��اب مع عائلته لتعطينا‬ ‫فكرة ع��ن الحال��ة النفس��ية المتردية‬ ‫التي وصلت إليها ه��ذه العائلة وخاصة‬ ‫بعدما س��مع الشاب أن منزله في مخيم‬ ‫اليرموك قد تم تدميره بالكامل‪.‬‬ ‫الس��وريون في الشتات لم يعودوا‬ ‫مج��رد الجئي��ن‪ ،‬ول��م يع��د اقتص��ار‬ ‫المس��اعدات عل��ى األغذي��ة واألدوي��ة‬ ‫كافي��اً‪ ،‬فالنكب��ة أصبحت نكب��ة قومية‬ ‫ووطني��ة عام��ة‪ ،‬ولهذا يج��ب ان تكون‬ ‫المس��اعدات به��ذا الحج��م‪ ،‬فإم��ا إل��ى‬ ‫حس��م عس��كري خاطف ينه��ي معاناة‬ ‫الس��وريين أو إل��ى ت��رك الس��وريين‬ ‫لم��ا يري��دون بعي��داً ع��ن التوجيه��ات‬ ‫واإلمالءات والدعم الكاذب‪.‬‬ ‫غي��ر أنه وبع��د كل م��ا ذكرنا من‬ ‫معان��اة الس��وريين ف��ي الش��تات فإننا‬ ‫نجد م��ن ب��ات يس��تمتع بهذا الش��تات‬

‫وي��رى فيه فرصة ذهبي��ة قد ال تتكرر‪،‬‬ ‫ويأتي عل��ى رأس هؤالء محدثو الثورة‬ ‫وث��وار التويت��ر والفي��س ب��وك الذين‬ ‫يش��كل الشتات بالنس��بة إليهم طريقًا‬ ‫للسياحة والش��هرة والظهور اإلعالمي‬ ‫"المجزي ماديًا" ومعنويًا‪ .‬لم يعد هؤالء‬ ‫مكترثين بس��قوط النظ��ام من عدمه‪،‬‬ ‫فما يجمعونه اليوم عبر التسول باسم‬ ‫الس��وريين ودمائه��م وأبنائهم له دور‬ ‫كبي��ر في تنمي��ة الث��روة أو على األقل‬ ‫كسب األتباع‪ ،‬وهم يعلمون تمام العلم‬ ‫أن سقوط النظام يعني بالنسبة إليهم‬ ‫أن لحظ��ة الحقيقة ق��د حانت وأن وقت‬ ‫العمل قد حان وانتهى عهد الس��فريات‬ ‫والفن��ادق وه��و م��ا ال يريدون��ه بعدما‬ ‫اعتادوا الرفاهية في صاالت المؤتمرات‬ ‫واالجتماعات الش��كلية والبروتوكولية‪.‬‬ ‫إن س��قوط النظ��ام س��يكون بمثاب��ة‬ ‫ضرب��ة ألحالم وطموح��ات هؤالء وهم‬ ‫بالتال��ي غير عازمون عل��ى خدمة هذا‬ ‫الوطن الجريح ألنهم أساسًا ال يملكون‬ ‫أي��ة قاع��دة ش��عبية وال يملك��ون أي‬ ‫برنامج سياس��ي وإنما بضعة شعارات‬ ‫ضبابي��ة وعمومية منفصل��ة كلياً عن‬ ‫الواقع‪ .‬وهك��ذا تتالق��ى المعارضة مع‬ ‫النظ��ام في ه��ذه النقطة أيض��اً حيث‬ ‫يعي��ش كل منهما في كوكب آخر بينما‬ ‫يموت الن��اس يوميًا ويتحولون إلى أداة‬ ‫لإلحصاء الذي يتفاخر بعض الناشطين‬ ‫اليوم بإصدار برامج حاس��وبية بطرق‬ ‫إظه��ار مختلفة "لمحاكم��ة" المجرمين‬ ‫فيما بع��د حالمين ببقايا أمل في وجود‬ ‫عدالة في هذا العالم‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬ ‫ال عيد لنا!‬ ‫ال وطنياً‪ ،‬والحتى عالمياً!‬ ‫غير عيد االحتفال بسفك الدماء!‬ ‫اللطمات‪ ،‬العزاء!‬ ‫تكريم البكاء!‬


‫الوكيـل بالعمـولة يف الت�شريع ال�سوري‬

‫الواجبات النقدية‪:‬‬ ‫يقع على عات��ق الوكيل بالعمولة‬ ‫مجموع��ة م��ن االلتزام��ات والواجب��ات‬ ‫النقدي��ة أو المالية والت��ي تنقضي إما‬ ‫بدف��ع الم��ال للم��وكل أو االمتن��اع عن‬ ‫الدف��ع باس��م الم��وكل‪ ،‬وبش��كل عام‬ ‫ترتبط هذه الواجبات بكل ما له عالقة‬ ‫بالحس��اب المالي بين الوكيل بالعمولة‬ ‫والموكل‪ ،‬ويمكننا حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫الواجبات غري النقدية‪:‬‬

‫التزامات املوكل‪:‬‬

‫يقع على عات��ق الوكيل بالعمولة‬ ‫مجموع��ة م��ن االلتزام��ات الت��ي ال‬ ‫تنقضي إال بتنفيذها من قبل الوكيل‪،‬‬ ‫ويمكننا حصرها فيما يلي‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬تنفي��ذ العملي��ات القانوني��ة‬ ‫المكلف بها‪.‬‬ ‫يج��ب عل��ى الوكي��ل بالعمول��ة‬ ‫تنفي��ذ العملي��ات القانوني��ة التي ُكلف‬ ‫بها وف��ق تعليمات وتوجيه��ات الموكل‬ ‫وبش��خصه وال يجوز للوكيل بالعمولة‬ ‫إنابة ش��خص آخر للقيام بالصفقة إال‬ ‫إذا كان مسموحاً له ذلك بحسب اتفاقه‬ ‫مع الموكل‪ ،‬أو كان العرف يسمح بذلك‪،‬‬

‫‪1‬ـ دف��ع العمولة‪ :‬يس��تحق الوكيل‬ ‫ّ‬ ‫الموكل ويطلق‬ ‫بالعمولة أجراً يدفع��ه‬ ‫على هذا األجر عمولة‪ .‬ومقدار العمولة‬ ‫ق��د يكون متفق��اً عليه أو يتح��دد وفقًا‬ ‫لألع��راف الس��ائدة ف��ي ه��ذا المجال‪،‬‬ ‫والغال��ب في العم��ل أن يتح��دد مقدار‬ ‫العمول��ة بنس��بة مئوي��ة م��ن القيم��ة‬ ‫اإلجمالية للصفقة‪.‬‬ ‫‪2‬ـ رد النفق��ات‪ :‬يتحم��ل الوكي��ل‬ ‫بالعمول��ة بس��بب تنفي��ذ العم��ل الذي‬ ‫أوكل إلي��ه القي��ام به بع��ض النفقات‬ ‫والمصاري��ف كنفقات النقل والش��حن‬ ‫والخ��زن والتأمي��ن والرس��وم‪ ،‬كما أنه‬

‫ثانياً تقديم الحسابات‪:‬‬ ‫يلت��زم الوكيل بالعمول��ة بتقديم‬ ‫حس��ابات عن وكالته يوضح فيه ما تم‬ ‫م��ن صفقات وم��ا للبائع م��ن رصيد أو‬ ‫بضائع مستحقة وكذلك عمولة الوكيل‬ ‫المس��تحقة‪ ،‬فعل��ى الوكي��ل أن يوافي‬ ‫الم��وكل بالمعلوم��ات الضروري��ة عما‬ ‫وصل إليه في تنفيذ الوكالة وأن يقدم‬ ‫له حس��ابًا عنها وأن يكون هذا الحساب‬ ‫ال وش��ام ً‬ ‫مفص ً‬ ‫ال لجميع أعم��ال الوكالة‬ ‫مع المس��تندات وأن يرد للموكل ما في‬ ‫يده من مال"‪.‬‬ ‫ثالثاً دفع الفوائد‪:‬‬ ‫تف��رد المش��رع الس��وري بوض��ع‬ ‫نص خ��اص يلت��زم الوكي��ل بالعمولة‬ ‫وفقاً للمش��رع السوري بدفع فائدة عن‬ ‫األم��وال العائ��دة للموكل اعتب��اراً من‬ ‫اليوم الذي كان يجب عليه تس��ليمها أو‬ ‫إيداعها وفقاً ألمر الوكيل‪.‬‬

‫العالقات القانونية النا�شئة‬ ‫عن الوكالة بالعمولة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الم��وكل والوكيل‬ ‫‪1‬ـ العالق��ة بين‬ ‫بالعمول��ة‪ :‬تخضع العالق��ة بين هذين‬ ‫الش��خصين ألح��كام عق��د الوكالة [ر]‬ ‫المبرم بينهما ويترتب على ذلك أن آثار‬ ‫العقود التي يبرمها الوكيل بالعمولة ال‬ ‫بدّ أن تعود بالنهاية إلى ذمة الموكل‪.‬‬ ‫‪2‬ـ العالق��ة بين الوكي��ل بالعمولة‬ ‫والغير‪ :‬إن الوكيل بالعمولة الذي يتعاقد‬ ‫باس��مه الخاص يكتس��ب جميع الحقوق‬ ‫الناشئة عن العقد ويكون ملزماً مباشرة‬ ‫نح��و األش��خاص الذي��ن تعاق��د معهم‬ ‫كما لو كان العمل يختص به ش��خصياً‪،‬‬ ‫ويحق لهؤالء األش��خاص أن يحتجوا في‬ ‫مواجهته بجميع أس��باب الدف��ع الناجمة‬ ‫ع��ن عالقتهم الش��خصية ب��ه وال يحق‬ ‫ِّ‬ ‫الموكل مباشرة‪.‬‬ ‫لهم أن يخاصموا‬ ‫ّ‬ ‫الم��وكل بالغي��ر‪ :‬بم��ا‬ ‫‪3‬ـ عالق��ة‬ ‫أن الوكي��ل بالعمول��ة حي��ن يتعاقد مع‬ ‫الغير يتعاقد باس��مه الش��خصي فذلك‬ ‫ّ‬ ‫الموكل يبقى ش��خصًا أجنبيًا‬ ‫يعن��ي أن‬ ‫بالنسبة للغير وال تنشأ بينهما أي عالقة‬ ‫قانونية مباشرة‪ ،‬لذلك فليس للغير أن‬ ‫ّ‬ ‫الموكل بتنفي��ذ الصفقة التي‬ ‫يطال��ب‬ ‫أجراه��ا مع الوكي��ل بالعمول��ة‪ ،‬كذلك‬ ‫لي��س للم��وكل مطالب��ة الغي��ر بذلك‪،‬‬ ‫يس��تثنى من هذه القاعدة الحالة التي‬ ‫يصبح فيها مرك��ز الموكل مهدداً عليه‬ ‫حين يفلس الوكيل مث ً‬ ‫ال قبل أن يكون‬ ‫الغير قد دف��ع ثمن الصفق��ة المبيعة‪،‬‬ ‫فهنا ليس للغير مصلحة في التمس��ك‬ ‫ّ‬ ‫الم��وكل بع��دم ج��واز مطالبته له‬ ‫إزاء‬ ‫مباشرة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أو ًال عدم اإلقراض والتسليف‪:‬‬ ‫ال يجوز للوكيل بالعمولة إجراء أي‬ ‫عملي��ة إقراض أو تس��ليف للغير بدون‬ ‫رضا الموكل ولم يشترط المشرع هنا‬ ‫اإلجازة الخطية كما فعل في اشتراطه‬ ‫لج��واز تعاق��د الوكي��ل بالعمول��ة م��ع‬ ‫نفس��ه وذل��ك على ما يبدو وقع س��هواً‬ ‫أثناء النقل من التشريع القديم ألنه ال‬ ‫يوجد ما يبرر اش��تراط المشرع الكتابة‬ ‫لجواز تعاقد الوكيل بالعمولة مع نفسه‬ ‫واالكتف��اء برض��ا الموكل ف��ي عمليات‬ ‫اإلق��راض والتس��ليف الت��ي يجريه��ا‬ ‫الوكيل‪.‬‬ ‫وإذا ق��ام الوكي��ل بالعمولة بذلك‬ ‫ب��دون رض��ا الم��وكل كان مس��ؤو ًال‬ ‫وبش��كل مباشر أمام الموكل عن المال‬ ‫ال��ذي ت��م إقراض��ه‪ ،‬وأما فيم��ا يخص‬ ‫بح��ق الوكي��ل منح اآلجال واألقس��اط‪،‬‬ ‫وفي ظ��ل غي��اب النص في التش��ريع‬ ‫الس��وري فنعتق��د أن ح��ق الوكيل في‬ ‫ذلك ين��درج تحت واج��ب الوكيل بعدم‬

‫اإلقراض والتس��ليف نظراً لوحدة العلة‬ ‫في الحالتين أال وهي الضرر المحتمل‪،‬‬ ‫وبالتال��ي ال يحق للوكيل بالعمولة منح‬ ‫اآلجال واألقس��اط ف��ي الصفقات التي‬ ‫يجريها لحساب الموكل‪.‬‬

‫أو إذا كانت هنالك ظروف تضطره لهذه‬ ‫اإلنابة كحالة وجود حرب في بلد البائع‬ ‫مص��در البضاعة وع��دم قدرت��ه على‬ ‫إبرام الصفقة‪.‬‬ ‫ثاني��ًا‪ :‬عدم ج��واز تعاق��د الوكيل‬ ‫بالعمولة مع نفس��ه وعل��ة المنع وجود‬ ‫التع��ارض بي��ن مصلح��ة الم��وكل‬ ‫ومصلح��ة الوكي��ل بالعمول��ة ال��ذي‬ ‫س��يميل لمحاب��اة نفس��ه على حس��اب‬ ‫الموكل‪.‬‬ ‫ثالث��ًا التصري��ح ع��ن الوكال��ة‬ ‫والعمالء‪ :‬لقد س��كت المش��رع السوري‬ ‫عن تنظي��م هذا االلتزام ف��ي القانون‬ ‫التجاري الس��وري الجدي��د وكذلك كان‬ ‫الحال ف��ي القدي��م‪ ،‬وعليه س��نضطر‬ ‫للعودة إلى القواعد العامة في القانون‬ ‫المدني الس��وري والتي تنظ��م النيابة‬ ‫باعتب��ار الوكال��ة أح��د أش��كال النيابة‪،‬‬ ‫وبالع��ودة للقواع��د العام��ة يتضح لنا‬ ‫أن��ه ال يوجد ما يل��زم الوكيل بالعمولة‬ ‫بالتصري��ح عن اس��م موكل��ه ُ‬ ‫وجل ما‬ ‫هو مطل��وبٌ منه أن يصرح أنه يتعاقد‬ ‫لحس��اب الغير‪ ،‬وكذلك ال يوجد ما يلزم‬ ‫الوكيل بالعمولة أن يصرح عن أس��ماء‬ ‫عمالئه للموكل‪.‬‬

‫قد يدفع من حسابه ثمن البضائع التي‬ ‫ّ‬ ‫الم��وكل بش��رائها‪ .‬فم��ن واجب‬ ‫كلف��ه‬ ‫ّ‬ ‫الم��وكل أن يرد للوكيل بالعمولة جميع‬ ‫ما أنفق��ه في تنفي��ذ الوكال��ة التنفيذ‬ ‫المعتاد مع الفوائد من تاريخ اإلنفاق‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫الوكي��ل بالعمول��ة هو الش��خص‬ ‫الذي يتعهد بأن يعقد باس��مه الخاص‪،‬‬ ‫ولك��ن لحس��اب ِّ‬ ‫موكل��ه بيع��اً وش��راء‬ ‫وغيرهما من العمليات التجارية مقابل‬ ‫عمولة‪ .‬ويع��د الوكي��ل بالعمولة تاجراً‬ ‫التخ��اذه القي��ام باألعم��ال التجاري��ة‬ ‫لحس��اب الغي��ر حرف��ة ل��ه‪ .‬ويفت��رق‬ ‫الوكي��ل بالعمولة عن الوكي��ل العادي‬ ‫ف��ي أن الوكي��ل بالعمول��ة يج��ري‬ ‫التصرف المعهود إليه القيام به باسمه‬ ‫الش��خصي ولكن لحس��اب ّ‬ ‫موكله‪ ،‬في‬ ‫حي��ن الوكيل الع��ادي يج��ري التصرف‬ ‫المعه��ود إليه القيام به باس��م الموكل‬ ‫ولحسابه‪.‬‬ ‫الوكي��ل بالعمول��ة وكم��ا عرف��ه‬ ‫القان��ون التج��اري الس��وري الجدي��د‬ ‫الصادر بالقانون رق��م ‪ 33‬لعام ‪2007‬‬ ‫ه��و ال��ذي يأخذ عل��ى نفس��ه أن يعقد‬ ‫باس��مه الخاص ولكن لحس��اب موكله‬ ‫بيع��اً وش��راء وغيرهم��ا م��ن العمليات‬ ‫التجارية مقاب��ل عمولة لذا يعتبر عقد‬ ‫الوكال��ة بالعمولة أحد عق��ود الوكاالت‬ ‫التجاري��ة بصفة عامة‪ ،‬وم��ن ثم فإنه‬ ‫يس��ري علي��ه م��ا يس��ري عل��ى ه��ذه‬ ‫الوكاالت من أحكام عام��ة‪ ،‬وباإلضافة‬ ‫لذلك ف��إن له أحكام خاص��ة نابعة من‬ ‫كون ه��ذا العقد ال يتم باس��م الموكل‬ ‫وإن كان ينسحب أثره إليه‪.‬‬ ‫ينتج ع��ن عقد الوكال��ة بالعمولة‬ ‫مجموع��ة من االلتزامات التي تقع على‬ ‫عات��ق الوكيل بالعمول��ة‪ ،‬والتي يمكن‬ ‫تقس��يمها إلى واجب��ات نقدية وواجبات‬ ‫غير نقدية‪.‬‬

‫الصفحة القانونية ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪9‬‬


‫املن�سى ال�سوري‪ ..‬املن�ساة ال�سورية‬ ‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ياسين الحاج صالح‬ ‫المنس��ى ب�لاد ووض��ع ونظ��ام‬ ‫سياسي‪.‬‬ ‫إنه موطن النسيان العام‪ ،‬األرض‬ ‫التي تكون فيها منس��يًا‪ ،‬ال ش��أن لك‪،‬‬ ‫ال يح��س بك أح��د وال يذكرك أحد (غير‬ ‫ذويك وأخصّائِك)‪.‬‬ ‫وهو وضع المحرومي��ن من الذكر‬ ‫الع��ام‪ ،‬م��ن ال يتكل��م عنه��م أح��د أو‬ ‫يش��عر بهم أحد‪ ،‬بينما هم يتألمون أو‬ ‫يموت��ون‪ .‬المنس��ى‪ ،‬بالخصوص‪ ،‬حال‬ ‫م��ن يهان��ون ويعذب��ون ويقتل��ون في‬ ‫سياقات عامة‪ ،‬دون شهود ودون رواية‪،‬‬ ‫ودون تكريم‪ .‬وه��ذا بخاصة في زمننا‬ ‫الراهن الذي يس��تطيع توفير س��جالت‬ ‫وصور ومعلومات مباش��رة أكثر من أي‬ ‫وقت س��بق‪ ،‬لكن��ه ينتج م��ن التجاهل‬ ‫والمهانة واإلهمال الكثير أيضا‪.‬‬ ‫ومثل الس��جن والمنفى‪ ،‬المنسى‬ ‫وضع سياس��ي‪ ،‬إنه نتاج سياسة إنساء‪،‬‬ ‫حرمان من الق��ول والحضور‪ ،‬أو فرض‬ ‫المجهولي��ة على قطاع من الس��كان أو‬ ‫على جميعهم‪.‬‬ ‫بفض��ل الث��ورة االتصالية لم يكد‬ ‫يبق��ى ثم��ة منفي��ون ومن��اف الي��وم‪.‬‬ ‫المنس��ى ه��و المنف��ى المعاص��ر‪،‬‬ ‫والمنس��يون ه��م المنفي��ون‪ .‬منفيون‬ ‫داخل بلدانهم‪ ،‬لك��ن خارج الذكر العام‬ ‫والمج��ال الع��ام‪ ،‬ال يعت��رف به��م وال‬ ‫يُروْن‪ ،‬وال يفكر بهم أحد‪ ،‬وال تُسجّل‬ ‫سيرهم وال تروى قصصهم‪ ،‬وال تسمع‬ ‫أصواتهم‪ ،‬وال تحفظ صورهم‪.‬‬

‫حماة‬

‫ضحايا حماة الس��ورية عام ‪1982‬‬ ‫س��قطوا في لجة المنس��ى التي كانتها‬ ‫س��وريا كله��ا ف��ي ذل��ك الحي��ن‪ .‬كان‬ ‫مواطنوه��م يذهب��ون باألل��وف إل��ى‬ ‫السجون والمنافي‪ ،‬لكن كان مصيرهم‬ ‫هو األقس��ى بإط�لاق‪ِّ .‬‬ ‫عُذب��وا وقتلوا‪،‬‬ ‫واغتصب��ت نس��اء‪ ،‬ودم��رت البي��وت‬ ‫ونهب��ت األم�لاك‪ ،‬ولم يُروَ ش��يء من‬ ‫ذل��ك في وقت��ه أو يُذك��ر‪ .‬ليس هناك‬ ‫مواد مص��ورة مزامنة‪ ،‬وال ت��كاد توجد‬ ‫ش��هادات حية‪ .‬كتبت أش��ياء في أوقات‬ ‫الحق��ة‪ ،‬لكنه��ا قلم��ا تق��دم رواي��ات‬ ‫ش��خصية أو س��يرا مرتبط��ة بأوق��ات‬ ‫محددة وأماكن بعينها وأس��ماء ووجوه‪.‬‬ ‫عبر حال المنس��ى‪ ،‬قُتِلوا مرتين‪ ،‬مرة‬ ‫ف��ي المذبحة في ش��باط ‪ ،1982‬ومرة‬ ‫بحرمانه��م من الذكر العام واعتبارهم‬ ‫ضحية جمعية ال مالمح لها‪.‬‬ ‫كان الغ��رض م��ن ه��ذا العق��اب‬ ‫الوحشي صنع ذاكرة خوف ومنعكسات‬ ‫خ��وف مناس��بة‪ .‬الوجه اآلخر للمنس��ى‬ ‫الع��ام ه��و الذك��ر الخ��اص‪ ،‬أن تبق��ى‬ ‫المقتلة ف��ي ذاكرة الناس‪ ،‬ال ينس��اها‬ ‫أحد‪ ،‬لكن أن يتداولوا الكالم في شأنها‬ ‫همس��ا وفي نطاقاتهم الخ��اص‪ .‬بهذا‬ ‫يص��ان مفعولها الترويع��ي كهوْل غير‬ ‫محدد‪ ،‬كواقعة ش��بحية رهيبة ال شكل‬ ‫له��ا‪ ،‬وال يمك��ن اس��تيعابها‪ .‬كان م��ن‬ ‫شأن التداول العام بش��أنها أن ينظمها‬ ‫ويحدده��ا‪ ،‬فين��زع طابعه��ا الش��بحي‪،‬‬

‫ويجع��ل منه��ا واقع��ة تاريخي��ة قابلة‬ ‫للفهم‪ ،‬بال "سحر" وال هوْل‪.‬‬ ‫لكن ف��ي المج��ال الع��ام‪ ،‬مذبحة‬ ‫حماة لم تقع‪.‬‬

‫العامل‬

‫المنس��ى نت��اج تحولي��ن خاصين‬ ‫بالعالم المعاصر‪.‬‬ ‫أولهم��ا أن��ه ل��م يعد ممكن��ا ألحد‬ ‫أن يعي��ش خ��ارج الدول��ة‪" ،‬مكتوم��ا"‪،‬‬ ‫وتالي��ا لم يعد ممكن��ا وجود ألم خاص‪.‬‬ ‫آالم الن��اس اليوم عامة وسياس��ية‪ ،‬ما‬ ‫يقضي ب��أن يعترف بها به��ذه الصفة‪،‬‬ ‫وأن تش��كل السياس��ة بحيث تنتج أقل‬ ‫األلم‪.‬‬ ‫والتح��ول الثان��ي يتمث��ل ف��ي أن‬ ‫السياس��ي ه��و م��ا يَظه��ر ويُع��رض‬ ‫ويُ��روى‪ ،‬ويوض��ع بين ي��دي الجمهور‪،‬‬ ‫أو ف��ي متن��اول االنتباه الع��ام‪ .‬وبما أن‬ ‫األلم سياس��ي‪ ،‬وبما أن��ه مهم‪ ،‬بل هو‬ ‫المهم (أكثر من أخبار الرؤساء والملوك‬ ‫وأقوالهم)‪ ،‬فينبغي أن يٌعرض ويعمم‬ ‫ك��ي يطل��ع علي��ه الجمي��ع ويتحمل��ون‬ ‫المسؤولية حياله‪.‬‬ ‫ث��م إن الذك��ر (التذك��ر والرواية)‬ ‫لم يعد فعال نفس��يا أو تراثا محليا‪ .‬إنه‬ ‫الي��وم فع��ل "موضوعي"‪ ،‬مجس��د في‬ ‫مؤسسات وممارسات عامة‪ ،‬وهو أيضا‬ ‫فعل سياس��ي وصراعي‪ ،‬تحاول الدول‬ ‫التحك��م به والس��يطرة علي��ه‪ .‬وفاعل‬ ‫الذكر مجتمع��ات كبيرة ودول‪ ،‬والعالم‪.‬‬ ‫ومثله النس��يان‪ .‬ليس النسيان غفلة أو‬ ‫س��هوا أو مجرد نقص ف��ي التذكر‪ .‬إنه‬ ‫فعل منظم ومتعمد‪ ،‬وسياسي أيضا‪.‬‬ ‫الحموي��ون قب��ل جي��ل أصابه��م‬

‫ألم سياس��ي جدا‪ ،‬ومنع ه��ذا األلم من‬ ‫أن يُذك��ر‪ ،‬ب��ل أس��دل عليه س��تار من‬ ‫النسيان بجهد سياسي منظم‪.‬‬ ‫كان ه��ذا ح��ال الس��وريين جميعا‬ ‫بدرج��ات أق��ل فداح��ة‪ .‬كان��ت س��وريا‬ ‫منس��ى‪ .‬وكان نظامه��ا منس��ى‪ ،‬جهاز‬ ‫لمن��ع الذك��ر الع��ام ولقم��ع الذاك��رة‬ ‫والرواية‪.‬‬

‫الطغيان‬

‫عموم��ًا الطغي��ان ع��دو للذاك��رة‪،‬‬ ‫ال يريد أن ترى س��يرته ألن كل س��يرة‬ ‫تتضمن التح��ول والنقص وال��زوال أو‬ ‫الم��وت‪ ،‬وه��و م��ا ال يطيق��ه الطغيان‬ ‫المنش��غل بتأبيد الحاض��ر‪ .‬وال يريد أن‬ ‫ي��روي المحكومون س��يرهم الخاصة‪،‬‬ ‫ألن هذا يعني امتالك القول الشخصي‬ ‫والشوق الخاص والذات المستقلة‪ ،‬مما‬ ‫ه��و انتهاك ألس��اس الطغي��ان‪ :‬ال قول‬ ‫غير قوله‪ ،‬وال فعل غير فعله‪ ،‬وال نزوع‬ ‫غير نزوعه‪ ،‬وال أنا مستقال إال أناه‪.‬‬ ‫لذلك الطغيان هو المنس��ى‪ .‬حالة‬ ‫مكتومية سياسية عامة‪ .‬ولذلك الثورة‬ ‫عل��ى الطغيان خ��روج م��ن الغمر ومن‬ ‫النسيان‪ .‬من المكتومية السياسية إلى‬ ‫مجتمع الذكر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من السجن أيضا‪ ،‬ومن المنفى‪.‬‬ ‫بما ه��ي انفجار اجتماع��ي‪ ،‬الثورة‬ ‫حالة "فجور" سياسي‪ ،‬انتهاك للنسيانات‬ ‫المفروض��ة‪ ،‬وهتك للحجب السياس��ية‬ ‫المسدلة على وجه المجتمع ولسانه‪.‬‬ ‫و"أبط��ال" فجورن��ا الي��وم ه��م‬ ‫الذاك��رون‪ ،‬مقاومو النس��يان‪ ،‬بخاصة‬ ‫أولئ��ك "المراس��لون المواطن��ون"‪،‬‬

‫الذي��ن يص��ورون قصص الس��وريين‬ ‫ويدونونه��ا‪ ،‬ويتيح��ون ف��رص الكالم‬ ‫لمواطنيهم‪ .‬يحطمون جدران المنسى‬ ‫األسدي‪.‬‬

‫الثورة‬

‫خالف��ا لحماة قبل أكث��ر من ثالثة‬ ‫عقود‪ ،‬الثورة الس��ورية اليوم تس��جل‬ ‫نفس��ها أوال ب��أول‪ ،‬ت��دون يومي��ات‬ ‫فجوره��ا على يد أولئ��ك "األبطال"‪ .‬لم‬ ‫تعد س��يرة الموت السوري اليوم أسيرة‬ ‫النفوس والنطاق��ات الخاصة الضيقة‪.‬‬ ‫ص��ارت تجد دربها أوال ب��أول إلى الذكر‬ ‫العام‪.‬‬ ‫لك��ن ال ري��ب أنه تضي��ع قصص‬ ‫كثي��رة جدا‪ ،‬وتح��ال إلى النس��يان آالم‬ ‫وفجائ��ع ال تحصى‪ .‬وبق��در ما إن رهان‬ ‫الثورة هو أن يكون لكل فرد قوله‪ ،‬وأن‬ ‫يتمك��ن من رواية قصته بنفس��ه‪ ،‬فإن‬ ‫رهان الث��ورة الواجب هو أن تس��تخرج‬ ‫م��ن المنس��ى الحكاي��ات الت��ي طويت‬ ‫والفجائ��ع التي لم ترو‪ ،‬هذا بقدر ما إن‬ ‫الث��ورة ال تكتم��ل دون خروج جميع من‬ ‫هم في الس��جن‪ ،‬وعودة جميع من هم‬ ‫في المنفى (إن شاؤوا)‪.‬‬

‫ْ‬ ‫املذ َكر‬

‫يخرج الس��جناء إلى عال��م حرموا‬ ‫منه��م ويس��تعيدون حري��ة فقدوه��ا‪،‬‬ ‫ويع��ود المنفي��ون إل��ى "الوط��ن"‪ ،‬م��ا‬ ‫ه��و العال��م المقابل للمنس��ى؟ ما هو‬ ‫ْ‬ ‫"المَذك��ر"؟ ذاك��رة من ه��ي التي يجب‬ ‫أن تسترجع سير المنسيين وصورهم؟‬ ‫ال تكف��ي ذاك��رة األس��رة واألصدق��اء‬ ‫والجماع��ة الصغي��رة‪ .‬المنس��ى وض��ع‬


‫المنس��اة الس��ورية ه��ي الس��يرة‬ ‫الغائب��ة والص��وت الغائب أو المنس��ي‬ ‫للس��وريين خ�لال الحك��م األس��دي‬ ‫بخاص��ة‪ .‬وه��ذا الغي��اب هو أح��د أوجه‬ ‫المأس��اة الس��ورية وإح��دى أدواته‪ .‬من‬ ‫الس��هل حبس المغموري��ن‪ ،‬من ال ذكر‬ ‫له��م‪ ،‬ليس صعب��ا قتلهم‪ ،‬م��ن يبالي‬ ‫بتعذيبهم والتنكيل بهم وإهانتهم؟‬ ‫كان التحك��م بحرك��ة المعلوم��ات‬ ‫ف��ي عه��د الطاغي��ة األب ش��به كام��ل‪،‬‬ ‫ولطالم��ا ضاعفت��ه وكاالت التزيي��ف أو‬ ‫الذكر الكاذب في الداخل السوري‪ ،‬وفي‬ ‫لبن��ان الذي جرت الس��يطرة عليه طوال‬ ‫ثالثة عقود‪ .‬ولطالما وجد النظام بعض‬ ‫الصعوبة في اعتقال أشخاص مذكورين‬ ‫(عمر أميراالي‪ ،‬مم��دوح عدوان‪ ،‬برهان‬ ‫غلي��ون‪ ..،‬م��ن بي��ن المعروفي��ن الذين‬ ‫تعرضوا لـ"مش��كالت أمني��ة")‪ .‬صفتهم‬ ‫كمعروفين تش��كل حماية نسبية لهم‪،‬‬ ‫وتضمن أن تروى قصصهم إن تعرضوا‬ ‫لالعتقال وما هو أسوأ منه‪.‬‬

‫ِّ‬ ‫الذكر‬ ‫ه��ذا الجانب م��ن الواقع الس��وري‬ ‫يساعد في تصور ما ينتظر من الثورة‪،‬‬ ‫أو م��ا يتعي��ن أن يكون معي��ارا للحكم‬ ‫عل��ى م��ا تحق��ق‪ .‬غي��ر رواي��ة الس��ير‬ ‫الس��ورية كله��ا‪ ،‬يل��زم امت�لاك أدوات‬ ‫الذكر العام التي س��بقت اإلش��ارة إليها‬ ‫من قب��ل المجتمع‪ .‬ليس له��ا أن تكون‬ ‫أدوات إش��هار وتمجي��د لف��رد أو عائل��ة‬ ‫أو ح��زب‪ .‬ليس لحاكم أو ح��زب احتكار‬ ‫الذكر الع��ام وأدواته ألنهم��ا من أدوات‬ ‫السلطة والنفوذ الحاسمة‪.‬‬ ‫في زمنن��ا الحاضر‪ ،‬ه��ذه األدوات‬ ‫بأهمية الكتابة قبل خمس��ة آالف سنة‪.‬‬ ‫الحرمان منها هو بمثابة فرض لألمية‬

‫العامل‬ ‫الث��ورة الس��ورية ق��د تك��ون أول‬ ‫مأس��اة عالمي��ة غطت نفس��ها بصورة‬ ‫واس��عة وواعي��ة ج��دا‪ ،‬ربم��ا ث��أرا من‬ ‫المنس��ى األس��دي‪ ،‬من تحالف المأساة‬ ‫والمنس��اة ض��د الس��وريين ف��ي جيل‬

‫عامل ال�سدود والقيود لـ عبا�س حممود العقاد‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كتب عباس العقاد مصوراً مش��اعره‪ ،‬ومش��اهداته في‬ ‫س��جن مصر في هذا الكتاب‪ ،‬وقد لخ��ص موضوعه ومنهجه‬ ‫ف��ي مقدمت��ه إذ يق��ول‪« :‬ه��ذه الصفح��ات ه��ي خالصة ما‬ ‫رأيته وأحسس��ته‪ ،‬وفكرت فيه يوم كنت أنزل «عالم السدود‬ ‫والقيود»‪ ،‬وأش��عر ذلك الش��عور‪ ،‬وأنظر إلى العالم من ورائه‬ ‫ذلك النظر‪ :‬لس��ت أعني بها أن تكون قصة‪ ،‬وإن كانت تش��به‬ ‫القص��ة في س��رد ح��وادث‪ ،‬ووصف ش��خوص‪ ،‬ولس��ت أعني‬ ‫به��ا أن تكون بحثاً ف��ي اإلصالح االجتماع��ي‪ ،‬وإن جاءت فيها‬ ‫إش��ارات لما عرض لي من وجوه ذلك اإلصالح‪ ،‬ولس��ت أعني‬ ‫بها أن تكون رحلة‪ ،‬وإن كانت كالرحلة في كل ش��يء‪ ،‬إال أنها‬ ‫مش��اهدات ف��ي م��كان واح��د‪ ،‬وال أن أس��تقصي كل ما رأيت‬ ‫وأحسس��ت‪ ،‬وإن كنت أق��ول بعد هذا إن االس��تقصاء ال يزيد‬ ‫القارئ ش��عوراً بما هناك‪ ،‬وأنه ال فرق بينه وبين الخالصة إال‬ ‫في التفصيل والتكرير‪ ،‬وإنما دعوي هذه الصفحات ‪ -‬بل خير‬ ‫دعواها ‪ -‬أنها تتكفل للقارئ بأن يس��تعرض عالم الس��جن‪،‬‬ ‫كما اس��تعرضته دون أن يقيم هناك تس��عة أشهر كما أقمت‬ ‫فيه»‪.‬‬ ‫والحقيق��ة أن العق��اد كان موفقً��ا ‪ -‬إلى أبع��د حد ‪ -‬في‬ ‫تصوي��ر عالم الس��جن ف��ي ه��ذه الصفحات‪ :‬ص��ورة أخالق‬ ‫النزالء‪ ،‬وأس��اليبهم في التعامل والتهريب‪ ،‬ولغاتهم الخاصة‬ ‫التي ال يفهم غيرهم رموزها‪ ،‬كما صوّر الس��جن والقائمين‬ ‫عليه من رجال الضبط والربط‪.‬‬ ‫ولع��ل براعة العقاد في التصوير لم تظهر ظهورها في‬ ‫تحليله الرائع ألربع شخصيات نموذجية من أربعة آالف إنسان‬

‫تحويهم جدران الس��جن‪ :‬أحد هؤالء‪ :‬مجنون يتنازعه السجن‬ ‫والبيمارس��تان‪ .‬والثاني‪ :‬مجنون أيض��ا‪ ،‬ولكن على طراز آخر‬ ‫م��ن الجن��ون‪ .‬والثالث‪ :‬مقعد مبت��ور الرجلين إل��ى الفخذين‪.‬‬ ‫والراب��ع‪ :‬خلي��ط م��ن الجن��ون والعرب��دة والمك��ر والدماث��ة‬ ‫المصطنعة والجموح الصحيح‪.‬‬ ‫وأبرز هذه الصور صورة الكس��يح القعيد الذي يمش��ي‬ ‫علي خش��بة ذات مكرّ‪ ،‬يدفعها بمقبض ف��ي كلتا يديه‪ ،‬كما‬ ‫يدفع الس��ابحون زوارق الحم��ام‪ .‬وال يخاف الس��جناء مجنونًا‬ ‫في ثورت��ه‪ ،‬كما يخافون ثورة هذا المقعد الكس��يح‪ .‬والرجل‬ ‫ال يث��ور ثورته مهتاج��ًا مغلوبًا علي أمره‪ ،‬كم��ا يثور الغاضب‬ ‫المحنق‪ ،‬أو الطائش األحمق‪ ..‬كال فإن الرجل ليثور ألنه يريد‬ ‫أن يث��ور‪ ،‬بل محتاج أن يثور‪ ،‬فثورت��ه في كل مرة ال تأتي إال‬ ‫بروية وتدبير وتقدير‪.‬‬ ‫وه��ذا الكت��اب يدخل تحت مظل��ة «أدب الس��جون» في‬ ‫العص��ر الحديث‪ ،‬وه��ذا النوع من األدب له جذوره الش��عرية‪،‬‬ ‫بخاصة في العصر الجاهلي‪ ،‬وله امتداداته علي مدار التاريخ‪.‬‬ ‫مؤلف الكتاب‪ :‬عباس العقاد‬ ‫نوع الكتاب‪ :‬سيرة ذاتية‬ ‫دار النشر‪ :‬منشورات المكتبة المصرية‬ ‫تاريخ النشر‪1937 :‬‬ ‫مكان النشر‪ :‬صيدا لبنان‬

‫أعمدة الصحافة‪. .‬‬

‫املن�ساة‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫سياس��ي كم��ا س��بق الق��ول‪ ،‬والذك��ر‬ ‫ينبغ��ي أن يك��ون سياس��يا‪ .‬الذاك��رة‬ ‫والنسيان فعالن عاما وسياسيان اليوم‬ ‫كما سبق القول أيضا‪.‬‬ ‫الذاكرة المعنية ه��ي أوال الذاكرة‬ ‫الوطنية‪ .‬ووسائل التذكر هي السجالت‬ ‫الوطنية والمتاحف‪ ،‬وقبل الكل وسائل‬ ‫اإلش��هار العام��ة‪ :‬الصح��ف واإلذاع��ات‬ ‫والشاش��ات ومواقع االنترن��ت‪ ،‬وكذلك‬ ‫النصب التذكارية والمسارح والسينما‪..‬‬ ‫خ�لال حكم حافظ األس��د ووريثه‬ ‫كان��ت س��وريا ْ‬ ‫"مَذك��را" حصري��ا لألب‬ ‫وس�لالته‪ ،‬بق��در م��ا هي منس��ى عام‬ ‫لجميع السوريين‪ .‬خاضت سوريا حروبا‬ ‫عديدة‪ ،‬لك��ن ليس هناك ش��هيد واحد‬ ‫بمالمح شخصية‪ ،‬غير ابن حافظ األسد‬ ‫الذي مات في حادث سيارة‪ .‬ولم يحصل‬ ‫أن ُك��رِّم مثق��ف أو فنان س��وري إال إذا‬ ‫كان موالي��ا‪ ،‬أو متخلي��ا عن أي دور عام‬ ‫مستقل‪.‬‬ ‫لطالم��ا كان المنس��ى الس��وري‬ ‫بمثابة إعدام سياسي‪ ،‬أو محو من الذكر‬ ‫العام (العلني و"على رؤوس األشهاد")‪.‬‬ ‫األشهاد اليوم هم "المواطنون" جميعا‪.‬‬ ‫ويس��هل اإلع��دام السياس��ي المح��و‬ ‫واإلبادة الفعليين‪.‬‬ ‫ومقاب��ل هذا اإلع��دام هناك حياة‬ ‫مضاعف��ة وحض��ور مضاع��ف ومفرط‬ ‫لحافظ األس��د ثم وريث��ه‪ .‬كأن خالصة‬ ‫كل الحي��وات التي أحيلت إلى النس��يان‬ ‫ِّ‬ ‫رُكزت في حياتيهما‪.‬‬ ‫م��ن الس��مات الجوهري��ة للنظام‬ ‫األس��دي احتكار المجد لش��خص واحد‬ ‫وأس��رة واح��دة‪ .‬يتس��امح بـ"الش��هرة"‬ ‫و"النج��اح" اللذي��ن تدرهم��ا وس��ائل‬ ‫اإلع�لام الجماهيري��ة عل��ى فناني��ن‬ ‫ورياضيي��ن‪ ،‬لك��ن حت��ى هن��ا األم��ر‬ ‫مش��روط دوم��ا بال��والء‪ .‬أم��ا "المجد"‪،‬‬ ‫بمعنى اقتران الش��هرة بالحرية والدور‬ ‫االجتماع��ي المس��تقل‪ ،‬فه��ذا محظور‬ ‫بتات��ا‪ .‬ل��م يك��ن يط��اق حت��ى مثق��ف‬ ‫مُتل��ون مثل نزار قبان��ي‪ ،‬رغم أو ألنه‬ ‫ِّ‬ ‫كان حائ��زا عل��ى ش��عبية حقيقي��ة‪ ،‬ال‬ ‫تدين للنظام البعثي بشيء‪ .‬المثقفون‬ ‫الس��وريون اآلخرون عاشوا في المنفي‬

‫أو مارسوا رقابة ذاتية متشددة‪.‬‬ ‫المج��د للحاك��م وح��ده‪ .‬ص��دام‬ ‫حس��ين‪ ،‬وه��و ش��بيه لحافظ األس��د‪،‬‬ ‫لكن "متجه نحو الخارج"‪ ،‬سمّى نفسه‬ ‫"المجيد" بعد كارثة ‪.1991‬‬

‫على المحرومين‪ .‬أمية الذكر العام‪.‬‬ ‫األه��م عل��ى كل ح��ال أن يتملك‬ ‫المجتمع أدوات الذكر وإنتاج الذكر (كما‬ ‫تملك الكتابة وأدوات إنتاجها)‪ ،‬بما فيها‬ ‫امتالك الفضاء العام‪ .‬الذكر هو التذكر‬ ‫والرواية‪ ،‬أن نتذكر وأن نروي ما نتذكر‪.‬‬ ‫أن نشهد‪.‬‬ ‫التخل��ص من نظ��ام المنس��ى ال‬ ‫يكفي بحد ذات��ه من أجل التحرر‪ .‬يلزم‬ ‫استحضار المنساة السورية بأكبر قدر‬ ‫من التفاصي��ل المضبوط��ة‪ ،‬ووضعها‬ ‫بين أيدي المعنيين‪ ،‬السوريين‪.‬‬ ‫الخروج م��ن المكتومية هو عنوان‬ ‫لث��ورة اجتماعي��ة يمتلك فيه��ا األفراد‬ ‫والجماع��ات أس��ماءهم وصوره��م‬ ‫وس��يرهم‪ ،‬وأدوات تعميمه��ا‪ .‬ه��ذا‬ ‫جان��ب أساس��ي من الثورة الس��ورية ال‬ ‫يق��ل أهمي��ة ع��ن الجانب السياس��ي‪.‬‬ ‫وه��و يس��اعد في نص��ب حواجز تحول‬ ‫دون الطغي��ان‪ .‬مجتم��ع المغموري��ن‬ ‫المجهولي��ن النك��رات ه��و المجتم��ع‬ ‫الذي يمك��ن أن يتحكم في��ه الطغيان‪.‬‬ ‫يصعب فعل األمر نفس��ه ف��ي مجتمع‬ ‫المذكوري��ن‪ ،‬ال��ذي يتمل��ك أف��راده‬ ‫شخصياتهم وقصصهم‪.‬‬ ‫لكن هل تحتمل س��وريا أن تكون‬ ‫ْ‬ ‫"مَذك��را" تام��ا؟ أن يُفت��ح ب��اب الذكر‬ ‫عل��ى س��عته للجميع؟ نعل��م أن مما قد‬ ‫يُذكر ما يثير السوريين ضد بعضهم‪،‬‬ ‫ولبعض ما نراه اليوم هذا المفعول‪.‬‬ ‫يحت��اج األم��ر إلى نق��اش مفتوح‪.‬‬ ‫المب��دأ هو حق الذك��ر للجميع‪ ،‬ال يجوز‬ ‫تقيي��ده إال في أندر الح��االت‪ .‬ونتصور‬ ‫أن حرية الذكر‪ ،‬بما فيها حرية النقاش‬ ‫العام‪ ،‬تصلح مش��كالتها‪ .‬وأن التقييد‪،‬‬ ‫وإن لمصلح��ة عامة تبدو وجيهة‪ ،‬يفتح‬ ‫باب التسلط والرقابة‪ .‬واألمية‪.‬‬

‫سبق‪ .‬دسّ��ت الثورة صورها وقصصها‬ ‫تح��ت أن��وف العال��م ككل‪ ،‬ووضع��ت‬ ‫سوريا على رأس قائمة الكفاح العالمي‬ ‫م��ن أجل الحرية والذك��ر‪ ،‬فارضة على‬ ‫العالم أن ينتبه ويصغي‪.‬‬ ‫ال ت��زال االس��تجابة مح��دودة بعد‬ ‫نح��و عامين م��ن الكفاح‪ ،‬وه��ي تبلغنا‬ ‫أن هناك خل�لا فادحا في نظ��ام الذكر‬ ‫العالم��ي‪ ،‬إن جاز التعبير‪ .‬أن في العالم‬ ‫مناس��ي واس��عة‪ ،‬صحارى يغي��ب فيها‬ ‫الذك��ر والتذك��ر‪ ،‬أن بلدن��ا ال��ذي ولدت‬ ‫فيه األبجدية أحد ه��ذه الصحارى‪ .‬وأن‬ ‫النظ��ام الدولي الذي ال تكف الثورة عن‬ ‫تذكي��ره ش��ريك للنظام األس��دي الذي‬ ‫جعل البلد منسى‪.‬‬ ‫وم��ا س��بق قول��ه ع��ن أن التذكر‬ ‫والنس��يان فعالن عاما وسياسيان‪ ،‬هو‬ ‫اليوم واقعة عالمي��ة أكثر وأكثر‪ .‬ليس‬ ‫هن��اك مجتمعات تعيش خ��ارج العالم‪.‬‬ ‫وتالي��ا إن ما ينس��ى وم��ا يذكر مرتبط‬ ‫بنظ��ام العال��م اليوم‪ ،‬ولي��س بالنظم‬ ‫السياس��ية المحلي��ة وحده��ا‪ .‬في هذه‬ ‫الحيثي��ة يمكن الق��ول إن العالم اليوم‬ ‫يش��به المنسى األسدي أكثر مما يشبه‬ ‫أي بل��د ديمقراطي‪ ،‬ف��ي الغرب أو غير‬ ‫الغ��رب‪ .‬ويمكن تعري��ف الديمقراطية‪،‬‬ ‫في هذا الس��ياق المحدد‪ ،‬بأنها الترتيب‬ ‫السياس��ي ال��ذي يتيح ألكب��ر عدد من‬ ‫األف��راد الذك��ر العام‪ ،‬التذك��ر والرواية‬ ‫"على رؤوس األشهاد"‪.‬‬ ‫الذاك��رات الوطنية ل��م تعد تقبل‬ ‫الع��زل ع��ن بعضه��ا‪ .‬وأح��د ميادي��ن‬ ‫الكف��اح اليوم ه��و التملك المتس��اوي‬ ‫للذك��ر والمس��اواة بي��ن الذاك��رات أو‬ ‫الش��هادات‪ .‬ظاه��ر الي��وم أن الذك��ر‬ ‫والذاك��رة األميركية مهيمن��ان عالميا‪،‬‬ ‫وذك��ر الغرب وذاكرات��ه قوية الحضور‪.‬‬ ‫والذاك��رة والذك��ر اإلس��رائيليين ربما‬ ‫يكونان األق��وى عالميا‪ .‬إس��رائيل هي‬ ‫الحال��ة القص��وى للاّ منس��ى‪ْ ،‬‬ ‫للمذكر‪.‬‬ ‫إنها تشغل في العالم الموقع الذي كان‬ ‫يشغله حافظ األسد في سوريا‪.‬‬ ‫بالمقابل‪ ،‬تش��كل بل��دان بأكملها‬ ‫مناسي عالمية‪ ،‬منها بلدنا‪.‬‬ ‫المستقبل اللبنانية ‪2013 / 1 / 20‬‬

‫‪11‬‬


‫حوارية ثالثية‪ :‬الطفل و�أنا‬ ‫ليلى النردي ‪ -‬دمشق‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫‪-1-‬‬

‫جميل‬

‫الظالم الدامس يخيم على الش��ارع‬ ‫في "برزة" دونًا عن باقي أحياء دمش��ق‪..‬‬ ‫فالمنطق��ة المعاقبة تطفأ أنوار ش��ارعها‬ ‫لي�ل ًا‪ ،‬مما يعني بطريق��ة أو بأخرى إنذار‬ ‫بعدم التجول أو التظاهر‪ ..‬أقود س��يارتي‬ ‫بتمهل‪ ،‬وأنا أتأمل هذا الش��ارع الموحش‬ ‫المقفر‪ ،‬نظرت إلى الس��اعة إنها التاسعة‬ ‫والنص��ف فقط‪ ،‬لكن الش��ارع يوحي بأن‬ ‫الوق��ت بع��د منتص��ف الليل‪ ..‬ف��ي إحدى‬ ‫األزقة رأيتهم‪ ..‬إنهم الش��بيحة ومن دون‬ ‫أن أش��عر دس��ت على البنزي��ن‪ ..‬الهروب‬ ‫حتى ل��و كنت بريئًا هذا م��ا يحدث عندما‬ ‫ت��رى الش��بيحة‪ ،‬لك��ن اإلش��ارة الحم��راء‬ ‫كان��ت بالمرصاد توقفت وأنا ش��اردة في‬ ‫الفع��ل الذي قمت ب��ه‪ ،‬لماذا دس��ت على‬ ‫البنزي��ن‪ ..‬لماذا ش��عرت بالخوف‪ ..‬جاوبت‬ ‫نفس��ي وبس��رعة ألنهم حق��اً مخيفين‪،‬‬ ‫قطع ش��رودي طفل نحيل اس��مر يضرب‬ ‫زجاج س��يارتي ومعه ولد آخ��ر ممتلئ ذو‬ ‫وجه دائري‪..‬‬ ‫ما إن فتحت شباك السيارة حتى قال‬ ‫الطف��ل وبلهجة حمصية بتن��ا خبراء بها‪:‬‬ ‫"خال��ي معلش تس��اعدينا بأي ش��ي نحنا‬ ‫من حومص"‬ ‫ليس��ت المرة األولى الت��ي أرى فيها‬ ‫طفال يتس��ول‪ ،‬لكنها الم��رة األولي حتما‬ ‫التي أرى فيها طفال حمصيًا يتس��ول في‬ ‫دمشق‪..‬‬ ‫س��ألته فوراً وبغباء آبي��ة التصديق‪:‬‬ ‫أنت من حمص؟‬ ‫اقس��م لي أنه من حمص‪ ..‬اإلش��ارة‬ ‫الضوئية أصبح��ت خضراء‪ ،‬طلبت منه أن‬ ‫يلحق بي ألنني س��أنتظره بعد اإلشارة‪..‬‬ ‫قطع الشارع باتجاهي مسرعًا‪ ،‬من شباك‬ ‫الس��يارة طلب��ت من��ه الرك��وب مع��ي لم‬ ‫يت��ردد وصعد صديق��ه ذو الوجه الدائري‬ ‫معه‪ ،‬االثنان ركبا في الخلف ال أعلم لماذا‬ ‫حتى اآلن‪..‬‬ ‫سألته‪ :‬أنت من وين من حمص؟‬ ‫ من البياضة‪..‬‬‫تذكرت كل مظاهرات البياضة التي‬ ‫رأيته��ا على التلفزيون‪ ،‬وبدأت أتمعن في‬ ‫وجوهه��م ت��رى ه��ل رأيتهم ف��ي أحدى‬ ‫المظاهرات‪..‬‬ ‫ شو أسمك؟‬‫ جميل‪..‬‬‫ وين ساكنين يا جميل؟‬‫ بالتل‪..‬‬‫الفقراء يس��تقبلون الفق��راء هذا ما‬ ‫قلته في نفسي‬ ‫ ليش تركتوا البياضة؟‬‫ ألنو فات الجيش‪..‬‬‫ف��ي اإلع�لام الس��وري كان الجيش‬ ‫يدخل الم��دن نتيجة طلب األهالي والخبر‬ ‫يك��ون كاآلتي "أهالي البياضة يناش��دون‬ ‫الجيش بالدخول "‬

‫سألته عن عمره‪..‬‬ ‫ ‪ 10‬سنين‪..‬‬‫ أنت بالمدرسة؟‬‫ إي��ه‪ ،‬ب��س بالصي��ف بش��تغل مع‬‫أبي‪..‬‬ ‫ شو بيشتغل أبوك؟‬‫ بالحديد‪..‬‬‫ وأبوك إجا معكون عالشام؟‬‫ ال أبي مات قبل ما نجي‪..‬‬‫ كيف مات؟‬‫ اتقوص‪..‬‬‫ مين قوصو؟‬‫صمت وارتبك ثم قال‪ - :‬ما بعرف‪..‬‬ ‫لمت نفس��ي عل��ى الس��ؤال لو كنت‬ ‫مكانه لم��ا أجبت‪ ..‬فمن المخيف والمرعب‬ ‫الحديث عن القاتل في بلدي‪..‬‬ ‫ اهلل يرحمو‪..‬‬‫ ابتس��م ل��ي قائ�لا‪ :‬نحن��ا م��و‬‫ش��حادين‪ ..‬بس ألن��و أنا الكبي��ر وعندي‬ ‫أمي وأخين صغار وما عم القي شغل‪..‬‬ ‫الكبي��ر ذو العش��ر س��نوات يحم��ل‬ ‫مسؤولية عائلة‪ ،‬ويعاني من البطالة‪..‬‬ ‫ بعرف أنكون مو شحادين‪..‬‬‫ ما ح��دا عم يرضى يش��غلني قال‬‫نحنا الحماصني زعران منعمل مشاكل‪..‬‬ ‫ أنتو أحسن ناس‪..‬‬‫ابتسم ممتنًا‬ ‫ بتعرف الساروت؟‬‫ مين الساروت؟‬‫تعجبت هل م��ن المعقول طفل من‬ ‫البياضة ال يعرف "الساروت"!‬ ‫ عبد الباسط ساروت ما بتعرفو؟‬‫ابتسم وجهه وأش��رقت عيناه وبكل‬ ‫تأكيد أجابني‪:‬‬

‫ أيييه عبد الباسط‬‫إنه يعرف عبد الباس��ط باسمه األول‬ ‫ليس مثل��ي‪ ..‬الس��اروت أو عبد الباس��ط‬ ‫ساروت عالقتي به رسمية من التلفزيون‬ ‫فقط‪..‬‬ ‫ كنت تطلع بالمظاهرات؟‬‫بف��رح أجابن��ي‪ - :‬كن��ت دايم��ًا‬ ‫بالمظاهرات الكل كانوا يجوا‬ ‫ كنت شوفكون عالتلفزيون‪..‬‬‫ عن ج��د!! أيه كل يوم كنا نتظاهر‬‫وعب��د الباس��ط يغني‪ ،.‬بتعرف��ي انو عبد‬ ‫الباسط كمان بيشتغل بالحديد‪..‬؟‬ ‫ ال واهلل م��ا بع��رف‪ ..‬لي��ش ف��ات‬‫الجيش ع البياضة؟ شو عملتوا؟‬ ‫ م��ا عملن��ا ش��ي نحن��ا ب��س ع��م‬‫نتظاهر ونغني‪..‬‬ ‫ أي��ه لي��ش ف��ات إذا ب��س ع��م‬‫تتظاهروا وتغن��وا‪ ،‬العمى على هالجيش‬ ‫شو ندل‪..‬‬ ‫جمل��ة العم��ى عل��ى هالجيش ش��و‬ ‫ندل طمأنته وقرر أن يبوح بس��ره‪ - :‬ألنو‬ ‫بالبياض��ة م��ا بيحب��وا ل بش��ار والجيش‬ ‫بيحب بشار‪..‬‬ ‫بش��ار أصب��ح اس��مه ف��ي البياض��ة‬ ‫بش��ار‪ ،‬في دمش��ق كان اس��مه الرئيس‬ ‫حتى المتظاهرين كانوا يقولون الش��عب‬ ‫يريد إسقاط النظام‪ ،‬إعدام الرئيس‪ ،‬في‬ ‫البياضة جُ ِردَ بشار من لقبه‪..‬‬ ‫ يعني الجيش هو اللي عم يقتل؟‬‫ هز رأسه بحزن‪..‬‬‫ طيب أنتو ليش ما بتحبوه لبشار؟‬‫ارتفعت نبرة حديثه وبحدة أجابني‪:‬‬ ‫ م��ا منحب��و هي��ك‪ ..‬بدن��ا نحب��و‬‫باإلجباري‬ ‫ ال ال تحب��وه باإلجب��اري‪ ..‬ب��س‬‫ليش صرتوا ما بتحبوه ش��و الس��بب شو‬ ‫عمللكون؟‬

‫بنفس النبرة الحادة‪:‬‬ ‫ م��ا منحبو هو مو منيح عم يقتلنا‬‫هو وجيش��و وبدو نحب��و باإلجباري ما رح‬ ‫نحبو‪.‬‬ ‫ طيب أنت عم تحكي هيك قدامي‬‫مو خايف‪.‬؟‬ ‫ ال مو خايف‪.‬‬‫ بركي طلعت أنا بحبو لبشار؟‬‫بذكاء وبفطرة أجابني‪:‬‬ ‫ ال البنات ما بيحبوا لبشار‪.‬‬‫أضحكتني جملته‪..‬‬ ‫ كي��ف عرفت انو البن��ات ما بيحبوا‬‫لبشار؟‬ ‫بثقة كاملة‪ :‬بعرف‪.‬‬ ‫ كيف؟‬‫ بس الجيش بيحب بشار‪ ..‬الجيش‬‫واألم��ن والش��بيحة‪ ..‬البنات كويس��ات ما‬ ‫بيحبوا اللي بيقتول‪.‬‬ ‫ طي��ب ه��ون ببرزة مليان ش��بيحة‬‫وام��ن ما بتخافوا منون؟ وعم يصير كتير‬ ‫قواص ما بيصير اتضلوا بالش��ارع لوقت‬ ‫متأخر‪..‬‬ ‫ منش��وفون للش��بيحة م��ا بيقربوا‬‫علين��ا منضحكل��ون ومنرفعل��ون ايدين��ا‬ ‫(عالم��ة النص��ر) م��ا بيفهم��وا ه��دول‬ ‫الشبيحة جدبان بيفكرونا معون‪..‬‬ ‫ضحكت مرة أخرى‪..‬‬ ‫ حبيتوا الشام؟‬‫ ال ما حبيناها البياضة أحلى‪..‬‬‫ ايمتا راجعين عالبياضة؟‬‫ قربت انشاهلل هيك قلي عمي‪..‬‬‫ شو قلك عمك؟‬‫ قل��ي ب��س ي��روح بش��ار بنرج��ع‬‫البياضة‪.‬‬


‫ ليش قرب يروح بش��ار هيك قلك‬‫عمك؟‬ ‫ ال هو ما قل��ي بس أنا هيك بقول‬‫قرب ينقلع‪..‬‬ ‫ف��ي البياضة جُردَ بش��ار من لقبه‪،‬‬ ‫وطرد من منصبه أيضاً‪..‬‬

‫في البياضة جُرد بش��ار األس��د من‬ ‫لقبه‪ ،‬وطرد من منصبه‪ ،‬وحوكم‪..‬‬ ‫األطفال في س��وريا كانوا السباقين‬ ‫منذ البداية‪..‬‬

‫‪-2-‬‬

‫راما‬

‫ حطلك أفالم كرتون‪..‬؟‬‫ ال شكرا‬‫ شو تشوفي لكان؟‬‫يقطع الحديث صوت القصف‪ ،‬تنظر‬ ‫راما إلى النافذة فوراً‬ ‫ أنتو كمان عندكون قصف؟‬‫ إيه واهلل‪..‬‬‫وضع��ت له��ا محط��ة م��ن محط��ات‬ ‫األطفال‪ ،‬ورفعت الصوت‬ ‫ أنا ما بحب أفالم الكرتون‪..‬‬‫ ما بتحبي توم وجيري‪..‬؟‬‫ مين توم وجيري؟‬‫ه��ل هن��اك طف��ل ال يع��رف ت��وم‬ ‫وجيري‪..‬‬ ‫ القطة والفارة اللي بيضلوا يعملوا‬‫مقالب ببعض‪ ،‬ما تزكرتيهون؟‬ ‫ آه أي بعرفون تزكرتون هلق‪..‬‬‫ بتحبيون؟‬‫ إلي زمان ماشفتون‪..‬‬‫من الطبيعي أن تنسى توم وجيري‪،‬‬ ‫األطف��ال أصبح��وا أم��ام نش��رات اإلخبار‬ ‫أيض��ا‪ ،‬ب��دأت ابح��ث ف��ي جمي��ع محطات‬ ‫األطفال الت��ي اعرفها‪ ،‬وأخيراً وجدت توم‬ ‫وجيري‪..‬‬ ‫يخ��رج "أبو وائ��ل" من غرف��ة النوم‬ ‫يأتي إل��ى غرفة الجلوس ليصلح الطاولة‬ ‫الموجودة في الغرف��ة يخبرني أنه أصلح‬ ‫السرير‪ ،‬وسيبدأ بالطاولة‪..‬‬

‫ استشهد محمد‪..‬‬‫ مين محمد؟‬‫ رفيقي‪..‬‬‫نظرت إلى أبو وائل‪ - :‬مين رفيقها‪!..‬‬ ‫ لك مو رفيقها عمرو ‪ 25‬س��نة ابن‬‫جيرانا كان يدللها ويلعبها‪..‬‬ ‫ اهلل يرحمو‪..‬‬‫نظرت إل��ي وهي تش��رب من كأس‬ ‫العصير وسألتني‬ ‫ بتعرفي شو يعني استشهد؟‬‫أربكني السؤال‪..‬‬ ‫ ال شو يعني‪.‬؟‬‫ يعني س��افر ع الجنة هيك قالتلي‬‫أمي‪..‬‬ ‫ (تقت��رب مني هامس��ة) كنت بحبو‬‫ل محم��د وب��دي اتجوزو ب��س اكبر‪ ،‬بس‬ ‫بيجوز يرجع بس اكبر‪..‬‬ ‫يقطع همسها أبو احمد‪..‬‬ ‫ واهلل ي��ا م��دام م��ا بقا في ش��باب‬‫بالبلد يا عم يموتوا يا عم يهربوا‪..‬‬ ‫تنظر إلى أبيها نظرة لوم‪ ،‬ألنه قطع‬ ‫بوحها لي‪ ،‬وتسأله بحدة‪..‬‬ ‫ و نحنا ايمتا بدنا نهروب؟‬‫ مابدنا نهروب حبيبتي‪..‬‬‫ إيه منموت ازا ما هربنا‪..‬‬‫ ال ما منموت ال تخافي‪..‬‬‫ (وكأنها تناكد أبيه��ا وبمكابرة) أنا‬‫مو خايفة بس عم اسأل‪..‬‬

‫ضحكت‪..‬‬ ‫ كيف شكلها‪..‬‬‫ كبي��رة‪ ..‬وحل��وة‪ ..‬فيه��ا الع��اب‪..‬‬‫وأكالت طيبة‪ ..‬وحيوانات كمان‪..‬‬ ‫ طيب وين شفتيها‪..‬‬‫ شفتها‪..‬‬‫ وين بالتلفزيون؟‬‫ ال رفيقي فرجاني صورتا وحكالي‬‫عنا‪..‬‬ ‫ مين رفيقك؟‬‫ بل��وم وكأنه��ا تقول ل��ي (كم مرة‬‫س��أخبرك)‪ :‬محمد ابن الجي��ران اللي راح‬ ‫عالجنة‪..‬‬ ‫ شو حكالك؟‬‫ قلي انو هو عم يشتغل مع رفقاتو‬‫مشان يعملوا س��قبا حلوة متل البلد اللي‬ ‫بالصورة‪..‬‬ ‫(تتحمس وتبدأ تش��رح ل��ي بيديها)‬ ‫هيك يعن��ي كبي��رة‪ ..‬فيها جنين��ة كبيرة‬ ‫كتير وفيها العاب‪ ..‬وفيها بحرة كمان فيها‬ ‫بط��ات‪ ..‬وس��مكات‪ ..‬وفيه��ا أكالت طيبة‬ ‫بب�لاش يعن��ي ب��س مناك��ول ومنلعب‪..‬‬ ‫ومنضحك كتير (تبتسم ابتسامة عريضة‬ ‫وكأنها أصبحت في البلد الذي تتكلم عنه)‬ ‫ف��ي الحقيقة أن��ا أحببت ه��ذه البلد‬ ‫أيضا فسألتها عن البيوت في هذه البلد‪..‬‬ ‫ البي��وت كم��ان حل��وة كتي��ر وفيها‬‫الع��اب كم��ان‪ ..‬وم��ا بتنقط��ع الكهرب��ا‪..‬‬ ‫ودافي��ة بالش��تا وم��ا بتش��وبي فيه��ا‬ ‫بالصيف‪ ..‬حلوة يعني‪..‬‬ ‫جوابها لي فيه تأكي��د عجيب‪ ،‬كأنها‬ ‫تعرف البلد حق المعرفة‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫الصباح��ات ف��ي دمش��ق أصبح��ت‬ ‫مختلف��ة‪ ،‬تش��به اللي��ل ف��ي أص��وات‬ ‫االنفج��ارات والرص��اص‪ ،‬يزي��د عليه��ا‬ ‫ضجيج النهار والسيارات‪.‬‬ ‫الس��اعة الثاني��ة ظهراً تأخ��ر النجار‬ ‫تلفونه مغلق‪ ،‬موعدنا كان قبل ساعتين‪،‬‬ ‫ذهب��ت باتجاه الناف��ذة األص��وات مازالت‬ ‫مس��تمرة وأعمدة الدخان األس��ود تحيط‬ ‫بالمدين��ة هل هذا الدخان من س��قبا هل‬ ‫"أب��و وائ��ل" بخي��ر ازداد توت��ري وقلقي‪،‬‬ ‫قطعه صوت الجرس ركضت باتجاه الباب‬ ‫إنه أبو وائ��ل وابنته الصغيرة دخل ومعه‬ ‫حقيب��ة المعدات‪ ،‬اعتذر مني على التأخير‬ ‫وأقسم أنه خرج من بيته العاشرة صباحًا‬ ‫عرّفن��ي عل��ى ابنت��ه " راما" ذات الس��ت‬ ‫س��نوات طفل��ة س��مراء بعيون واس��عة‪،‬‬ ‫ترت��دي فس��تانا أزرق‪ ،‬اعت��ذر من��ي ألنه‬ ‫أحضره��ا معه لكنه اضطر فهي تس��هل‬ ‫م��روره على الحواجز‪( ،‬يمر بس��رعة دون‬ ‫تفتيش) هكذا قال‪..‬‬ ‫بدأ "أبو وائل"بتصليح الس��رير‪ ،‬وأنا‬ ‫ما زلت مس��تغربة من أنه يستخدم ابنته‬ ‫للمرور على الحواجز‪..‬‬ ‫‪ -‬راما تشربي عصير؟‬

‫أتت رام��ا إلى غرفة الجلوس‪ ،‬تحمل‬ ‫حقيبته��ا الصغيرة جلس��ت عل��ى الكنبة‬ ‫وكأس العصي��ر أمامها‪ ،‬أمس��كتُ بجهاز‬ ‫تحكم التلفزيون‬

‫نظرت إل��ى راما متس��ائلة إن كانت‬ ‫تسمعنا‪ ،‬تحديدا جملة (حتى يروح) رأيتها‬ ‫تتاب��ع الحديث بيني وبي��ن أبيها‪ ،‬وعندما‬ ‫التقت عيني بعينه��ا قاطعتنا قائلة وهي‬ ‫توجه الحديث لي‪..‬‬

‫ بدك تطلعي من الشام‪.‬؟‪.‬‬‫تهز رأسها‪..‬‬ ‫ لوين جاية ع بالك تروحي‪..‬‬‫ ما بعرف شو اسما‪..‬‬‫ مابتعرفي شو اسم البلد؟‬‫ ال ب��س بع��رف ش��كلها يعن��ي ازا‬‫بروح بعرفها‪..‬‬ ‫ كيف بتعرفي شكلها؟‬‫‪ -‬شفتا بالصورة‪..‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ بدو يهرب؟‬‫ ازا هرب بدنا نجيبو‪.‬‬‫ لوين بدك تجيبو؟‬‫ لهون‪..‬‬‫ ليش؟‬‫ مش��ان نش��نقو‪ ..‬الل��ي بيقت��ول‬‫بينشنق‪..‬‬

‫نظ��رت إلى أبيها وكأنه��ا تأخذ األذن‬ ‫وجدت��ه منهم��ك ف��ي عمله فأوم��أت لي‬ ‫برأسها مبتسمة‪..‬‬ ‫ذهب��ت ألحضر العصي��ر‪ ،‬بقيت راما‬ ‫قرب أبيها في غرفة النوم‪..‬‬ ‫‪ -‬راما تعي معي نشرب العصير برا‪.‬‬

‫ ش��كرا يا أبو وائ��ل‪ ..‬كيف األحوال‬‫بسقبا؟ لسا علقانة‪..‬؟‬ ‫تنهد بحرقة وأجابني‪ :‬آه لسا وما رح‬ ‫تهدا كل يوم أسوأ من اللي قبلو‪..‬‬ ‫ ال حول اهلل وأليمتا يعني‪.‬؟؟‬‫‪ -‬ما في مدام لحتى يروح‪.‬‬

‫لها‪..‬‬

‫قطعت هذا الحديث بينهما بس��ؤالي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪13‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ محمد راح ع هي البلد؟ بيعرفها؟‬‫ (مؤك��دة أيض��ًا)‪ :‬أي��ه محم��د راح‪..‬‬‫ومحم��د بيع��رف كتي��ر ش��غالت‪ ..‬حكال��ي‬ ‫كتي��ر قص��ص حل��وة‪ ..‬وقل��ي كم��ان ان��و‬ ‫حتى بالمدرس��ة في العاب (تزيد حماس��ها)‬ ‫وف��ي العاب كمان للكب��ار اللي قدك‪ ..‬الكل‬ ‫بينبسسط يعني‪( ..‬تهمس لي وهي تنظر‬ ‫ألبيها وكأنها تعنيه) وماحدا بيخانق والدو‪..‬‬ ‫تلتق��ي عيناه��ا بعيني أبيه��ا‪ ،‬الذي‬ ‫يخاطبها قائ ًال‪:‬‬ ‫ ل��ك ح��اج تكري ي��ا رام��ا وجعتيال‬‫راسها ل خالة‪..‬‬ ‫تنزع��ج م��ن مالحظ��ة أبيه��ا الت��ي‬ ‫أعادته��ا للواق��ع‪ ،‬تنظ��ر إليه وق��د عقدت‬ ‫حاجبيه��ا‪ ،‬وكأنه��ا تق��ول ل��ه مالحظتك‬ ‫ليس��ت بالوقت المناس��ب‪ ،‬لقد قطعت لي‬ ‫حديثي‪..‬‬ ‫ترف��ع يده��ا باتج��اه أبيه��ا رافع��ة‬ ‫اإلبهام والسبابة معا على شكل مسدس‬ ‫تصوبه باتجاهه وتقول‪..‬‬ ‫‪ -‬بيو‪( ..‬مقلدة صوت الطلقة)‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫أنظر إليها نظرة استفسار‪ ،‬تجيبني‬ ‫فوراً وهي تبتسم بمكر‪..‬‬ ‫ قوصتو‪..‬‬‫كل األح�لام والقص��ص الجميل��ة‬ ‫تنته��ي ف��ي اللحظ��ة الت��ي تعيده��ا إلى‬ ‫الواق��ع‪ ..‬إنها الح��رب ومصطلحات الحرب‬ ‫صالحة لجميع األعمار‪..‬‬

‫‪-3-‬‬

‫جابر‬

‫أقص��ر المس��افات أصبح��ت بعي��دة‬ ‫في دمش��ق‪ ،‬م��ع أن المدينة لم تتوس��ع‪،‬‬ ‫الطرق��ات ذاته��ا واألماكن ذاته��ا‪ ،‬كل ما‬ ‫حصل أن ش��وارع أغلقت وأخ��رى ّ‬ ‫قطعت‬ ‫بحواجز‪ ،‬مما يعني أن أقرب مكان تقصده‬ ‫قد يأخذ ساعتين بالسيارة‪( ،‬دمشق تبتعد‬ ‫عن بعضها) هذا ما قلته في نفس��ي وأنا‬ ‫أقود الس��يارة‪ ،‬باتجاه س��وق الخضار في‬ ‫الشعالن‪.‬‬ ‫ركن��ت س��يارتي ف��ي أول فس��حة‬ ‫وجدته��ا ف��ي الش��ارع‪ ،‬وأكمل��ت طريقي‬ ‫مشياً‪ ،‬وصلت إلى المحل المنشود وأخيرا‪،‬‬ ‫أخبرته بما أريد‪ ،‬أثناء ذلك اكتشفت أنني‬ ‫نسيت محفظتي في السيارة‪ ،‬طلبت منه‬ ‫إرس��ال أحد الصبية معي‪ ،‬ليساعدني في‬ ‫حمل األكي��اس‪ ،‬وأدفع له عند الس��يارة‪..‬‬ ‫أجابني بلهجة التاجر الدمشقية‪:‬‬ ‫ ولو يا مدام على حسابك‪..‬‬‫طبع��اً جواب��ه هذا فيه بالنس��بة لي‬ ‫م��ن اللطاف��ة‪ ،‬نفس القدر م��ن اإلحراج‪،‬‬ ‫ألنه قالها وهو يعطيني ورقة الحساب‪..‬‬ ‫نادى بصوت جهوري‪:‬‬ ‫ وينك ياولد؟‬‫خرج طف��ل في العاش��رة من عمره‬ ‫توجه نحو األكياس وحملها فوراً دون أية‬ ‫إشارة أو طلب وسألني‪:‬‬ ‫ وين السيارة؟‬‫‪ -‬بآخر الشارع‪..‬‬

‫مش��ينا م��ع بعضن��ا‪ ،‬نظ��رت إلي��ه‬ ‫لم أرى طفال‪ ،‬أنه يمش��ي بثقة الش��باب‬ ‫وعنجهيته��م‪ ،‬تفضحه ي��داه الصغيرتان‬ ‫الغضت��ان‪ ،‬طلب��ت من��ه حم��ل بع��ض‬ ‫األكياس معه لكنه رفض وبشدة‪..‬‬ ‫ ولو يا م��دام‪ ..‬معقول تحملي وأنا‬‫معك‪..‬‬ ‫أضحكن��ي جواب��ه إن��ه ج��واب رجل‬ ‫وليس طفل‪..‬‬ ‫ شو اسمك؟‬‫ جابر‪..‬‬‫ عاشت االسامي‪..‬‬‫ قديش عمرك يا جابر؟‬‫ عش��ر سنين األسبوع الجاية بفوت‬‫بااليدعش‪..‬‬ ‫ أول مرة بشوفك عند أبو أحمد‪..‬‬‫ إلي أسبوع بس‪..‬‬‫ ماعندك مدرسة؟‬‫أجابني وكأنه يسخر مني‪..‬‬ ‫ ليش بقي مدرسة يا مدام؟‬‫ ليش هيك عم تقول‪..‬‬‫ ألنو المدرسة انقصفت‪..‬‬‫ أفف ليش وين مدرستك‪.‬؟‬‫ بالميدان‪ ..‬نحنا كنا ساكنين هنيك‬‫بس هلق انتقلنا‪..‬‬ ‫طيلة األسبوع الماضي كانت نشرات‬ ‫األخب��ار تب��ث أخب��ار المي��دان‪ ..‬ومازال��ت‬ ‫تقصف حتى اآلن‪..‬‬ ‫ اهلل يعينكون‪ ..‬وين سكنتوا؟‬‫‪ -‬بجرمان��ا‪ ،‬ع��م يقول��وا جرمانا ما‬

‫بيصير فيها شي‪..‬‬ ‫ل��م أفه��م م��اذا يعن��ي بكالم��ه أن‬ ‫جرمانا لن يحدث فيها شيء‬ ‫ كيف يعني ما بيصير فيها شي؟‬‫ يعني ما فيها عصابات مسلحة‪..‬‬‫ لي��ش المي��دان كان ف��ي عصابات‬‫مسلحة؟‬ ‫ مليان��ة‪ ..‬م��ا ع��م تش��وفيهون‬‫عالتلفزيون؟‬ ‫ ال واهلل‪..‬‬‫ معناتا ما عم تشوفي "الدنيا"؟؟‬‫إنه السؤال الفخ في سوريا‪ ،‬السؤال‬ ‫الذي يفضح الميول‪ ،‬إن كنت تتابع محطة‬ ‫الدنيا فأنت موالي‪ ..‬إن كنت من متابعين‬ ‫محط��ة العربية أو محط��ة الجزيرة فأنت‬ ‫معارض متآمر على الوطن‪..‬‬ ‫ ال بشوفا‪ ..‬بشوف كل شي‪..‬‬‫حت��ى الطف��ل أخافن��ي لم أس��تطع‬ ‫الق��ول أمام��ه أن أكثر ما يس��تفزني في‬ ‫هذه األيام هو محطة الدنيا‪..‬‬ ‫رد علي بلهجة لم أس��تطع تمييزها‬ ‫هل يسخر مني؟!‬ ‫ أي��ه كل ي��وم ع "الدني��ا" بيطلعوا‬‫عصاب��ة مس��لحة م��ن المي��دان‪ ..‬اهلل‬ ‫يخلصن��ا منون بقا آمين ي��ارب العالمين‪،‬‬ ‫شو رأيك إنتي مدام مو كأنو هالعصابات‬ ‫كتروا كتير؟؟‬ ‫لم يسألني هذه األسئلة الصعبة؟!‬ ‫ مبال كتروا‪..‬‬‫ هادا كلو ألنو نحنا مو إيد وحدة‪..‬‬‫هن��ا تاهت من��ي البوصل��ة‪ ،‬حيرني‬

‫جاب��ر‪ ،‬لم أس��تطع معرفة م��اذا يدور في‬ ‫باله‪..‬‬ ‫ كيف يعني مو إيد وحدة؟‬‫ يعن��ي ل��و نحنا إي��د وحدة م��ا كنا‬‫وصلنا ل هون‪..‬‬ ‫ لوين كنا وصلنا؟‬‫ضاح��كًا ومبتس��ماً‪ :‬لوين م��ا بدنا يا‬ ‫مدام‪..‬‬ ‫وصلنا إلى الس��يارة‪ ،‬فتحتها له‪ ،‬وأنا‬ ‫مازلت أفكر بجملت��ه (لوين مابدنا)‪ ،‬هذه‬ ‫الجملة الت��ي تحمل تف��اؤل وحلم العالم‬ ‫كله‪..‬‬ ‫فتحت حقيبتي وأن��ا انظر إلي ورقة‬ ‫الحس��اب التفصيلي‪ ،‬نظرت إليها بسرعة‬ ‫لفتني سعر بعض األغراض فيها‪:‬‬ ‫ أف��ف كيل��و الليم��ون ب بمي��ة‬‫وخمسين ليرة‪ ..‬اهلل يعين العالم‪..‬‬ ‫جابر هز رأسه موافقا‪..‬‬ ‫أخرج��ت النق��ود وأعطيته��ا ل��ه وأنا‬ ‫مصدومة بالفاتورة‪:‬‬ ‫ ازا ضلت هيك األسعار واهلل العالم‬‫لتموت من الجوع‪..‬‬ ‫م��ددت له يدي ألعطي��ه المال‪ ،‬نظر‬ ‫إلي‪ ،‬أخذ النقود واقترب مني هامسًا‪:‬‬ ‫ ي��ا م��دام العالم ماع��م تموت من‬‫الجوع‪ ،‬العالم عم تموت من القتل‪..‬‬ ‫جابر يع��رف الحقيقة‪ ،‬يعرف أن القتل‬ ‫هو السبب الوحيد للموت في هذه المدينة‪.‬‬ ‫صور النص من الكاتبة‬


‫جهاد الحالج‬

‫بالمواطني��ن الس��وريين بإتاحة هامش‬ ‫كبير له��م من التح��رك واالنخ��راط في‬ ‫كافة مؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫منذ تسلم حزب البعث السلطة عام‬ ‫‪ 1963‬مع ما حمله حينها من أيديولوجيّة‬ ‫ثوريّ��ة حصل��ت ح��ركات المقاوم��ة‬ ‫الفلس��طينية الوليدة على دعم رس��مي‬ ‫ومكش��وف‪ ،‬م��ا ش��جّع اآلالف من ش��بان‬ ‫مخي��م اليرم��وك عل��ى االنضم��ام لتلك‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫التنظيم��ات وف��ي مقدمته��ا حرك��ة فتح‬ ‫والجبهة الش��عبية والجبهة الديمقراطية‬ ‫لتحرير فلسطين‪.‬‬ ‫قتل المئات من شبان المخيم خالل‬ ‫المع��ارك م��ع إس��رائيل خصوص��ا خالل‬ ‫اجتياح لبنان عام ‪ .1982‬فقد كان هؤالء‬ ‫يدخل��ون األراض��ي اللبناني��ة بغطاء من‬ ‫الجيش الس��وري الذي كان يقوم بمهام‬ ‫قوات الردع العربية هناك‪.‬‬ ‫بعد ذل��ك وإثر خالف بي��ن الرئيس‬ ‫الس��وري حينه��ا حاف��ظ األس��د وياس��ر‬ ‫عرفات تع��رض اليرموك كم��ا غيره من‬ ‫المخيمات الفلس��طينية لضغ��وط أمنية‬ ‫كبيرة‪ ،‬حيث اعتق��ل اآلالف من الالجئين‬ ‫بتهم��ة انتمائهم لحرك��ة فتح‪ ،‬وصودرت‬ ‫مكاتب الحركة كما دعمت دمشق حركات‬ ‫انشقاق قام بها مسؤولون في فتح‪.‬‬ ‫من��ذ ذل��ك الحين تراج��ع دور مخيم‬ ‫اليرموك في العمل المسلح وكذلك على‬ ‫مستوى الحراك السياسي‪ ،‬لصالح نشاط‬ ‫تجاري انعك��س بنهضة اقتصادية الفتة‬ ‫في أنحائه‪ ،‬وأدى إلى اس��تقطاب عشرات‬ ‫آالف الس��وريين للعم��ل والس��كن في��ه‪،‬‬ ‫وبات تعداد س��كان المخيم يق��دَّر بنحو‬ ‫‪ 800‬أل��ف ش��خص غالبيته��م س��وريون‬ ‫من سكان االحياء العشوائية التي أقيمت‬ ‫على أطرافه‪.‬‬ ‫ورغ��م كس��ر الجمود ف��ي العالقات‬ ‫الفلس��طينية ‪ -‬الس��ورية بع��د وفاة كل‬ ‫من حافظ األس��د وياس��ر عرف��ات إال أن‬ ‫مؤسس��ات منظمة التحرير الفلسطينية‬ ‫ظل��ت ممنوعة من العمل ف��ي اليرموك‪،‬‬ ‫وه��ذا م��ا أت��اح المجال واس��عاً لنش��اط‬ ‫حركتي حماس والجهاد اإلسالمي اللتين‬ ‫انتقلت قيادتاهما إلى دمش��ق نهاية عام‬ ‫‪.1999‬‬ ‫وانتظم جزء كبير من شبان المخيم‬ ‫في الحركتين خصوص��ا حركة (حماس)‬ ‫الت��ي كان زعيمه��ا (خال��د مش��عل)الذي‬ ‫يقطن في مخيم اليرموك قبل أن ينتقل‬

‫إلى مكان آخر نتيج��ة اثر اغتياالت طالت‬ ‫قيادات في الحركة داخل دمشق‪.‬‬ ‫ال تعتب��ر وكال��ة (غ��وث وتش��غيل‬ ‫الالجئي��ن الفلس��طينيين) ضم��ن‬ ‫تصنيفات��ه‪( ،‬اليرم��وك) مخيم��اً‪ ،‬لكنه��ا‬ ‫تق��دم خدماته��ا التعليمي��ة والصحي��ة‬ ‫فيه‪ ،‬وتعتبر نس��بة المتعلمي��ن فيه من‬ ‫أعلى النس��ب ليس على مس��توى سوريا‬ ‫فحسب‪ ،‬بل على المستوى العربي‪.‬‬ ‫اث��ر ب��دء االنتفاضة الس��ورية ضد‬ ‫نظ��ام الرئي��س بش��ار األس��د واتض��اح‬ ‫التماي��ز بي��ن حرك��ة (حم��اس) والنظام‬ ‫الس��وري لرف��ض حركة (حم��اس) دعمَ‬ ‫أسلوبه في التعامل مع الحراك الشعبي‪،‬‬ ‫ما حدا بقيادة حرك��ة (حماس) الحقا إلى‬ ‫مغادرة س��وريا‪ ،‬وبقي تمثي��ل الالجئين‬ ‫الفلس��طينيين غي��ر محس��وم سياس��يا‬ ‫لجهة أو ألخرى‪.‬‬ ‫وخرج��ت مظاه��رات س��لمية ف��ي‬ ‫مخي��م (اليرموك) تطالب بالتغيير‪ ،‬و كان‬ ‫أه��م ش��عاراتها (واحد واحد فلس��طيني‬ ‫وسوري واحد)‬ ‫واس��تغل تنظي��م الجبهة الش��عبية‬ ‫القي��ادة العامة (الذي انش��ق عن الجبهة‬ ‫الش��عبية بقي��ادة ج��ورج حب��ش والحقا‬ ‫أحم��د س��عدات ال��ذي تعتقله إس��رائيل)‬ ‫الداعم للنظام السوري لملء الفراغ في‬ ‫اليرم��وك ونش��ر عناصره المس��لحةفي‬ ‫المخي��م لمنع الجيش الس��وري الحر من‬ ‫دخوله على ما يقول في بياناته‪.‬‬ ‫إال أن ذل��ك لم يحل دون اس��تهداف‬ ‫مخي��م (اليرم��وك) ع��دة مرات م��ن قبل‬ ‫الق��وات الحكومية‪ ،‬وخصوص��ًا بعد نجاح‬ ‫الجي��ش الحر في دخول أط��راف المخيم‬ ‫من جهة حي الحجر األس��ود إلى الجنوب‬ ‫وح��ي التضامن إلى الغرب حيث تنش��ط‬ ‫مجموع��ات الجي��ش الس��وري الح��ر منذ‬ ‫ش��هور‪ ،‬وأدى ذلك إلى س��قوط عش��رات‬ ‫القتل��ى في مخيم اليرم��وك‪ ،‬فيما وثقت‬ ‫مصادر فلس��طينية مقتل أكثر من ‪700‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫"النكب��ة الثانية" هك��ذا أطلق عليها‬ ‫الالجئي��ن الفلس��طينيين بس��وريا العام‬ ‫‪.2011‬‬ ‫حين تم وضع اللبنات األولى إلقامة‬ ‫مخي��م اليرموك لالجئين الفلس��طينيين‬ ‫عام ‪ 1957‬كان يقع في بقعة ريفية على‬ ‫بعد بضعة كيلومت��رات جنوب العاصمة‪،‬‬ ‫قبل أن تتوس��ع دمش��ق ويصبح المخيم‬ ‫جزءا أساس��يا م��ن مكوناته��ا الجغرافية‬ ‫والديمغرافية‪.‬‬ ‫تش��رف على المخي��م الهيئة العامة‬ ‫لالجئي��ن الت��ي تتب��ع وزارة الش��ؤون‬ ‫االجتماعي��ة والعم��ل ف��ي س��وريا‪ ،‬وقد‬ ‫خُصِّ��ص إليواء عش��رات آالف الالجئين‬ ‫الذين اضطروا لمغادرة بلداتهم وقراهم‬ ‫عش��ية انته��اء االنت��داب البريطاني في‬ ‫فلس��طين وإقام��ة دول��ة إس��رائيل اث��ر‬ ‫الهزيم��ة التي لحقت بالجي��وش العربية‬ ‫ف��ي ح��رب ع��ام ‪ ،1948‬أو م��ا يس��مّى‬ ‫بالنكبة‪.‬‬ ‫خ�لال س��نوات قليلة‪ ،‬ب��ات المخيم‬ ‫أكبر تجم��ع لالجئين الفلس��طينيين في‬ ‫كل من س��وريا ولبن��ان واألردن‪ ،‬وأصبح‬ ‫رمزاً للع��ودة‪ ،‬كما غدا يُعرف بـ "عاصمة‬ ‫الشتات الفلسطيني"‪ ،‬علما انه يوجد في‬ ‫سوريا وحدها خمسة عشر مخيما تتوزع‬ ‫على ست مدن‪.‬‬ ‫وأس��هم صدور قانون س��وري عام‬ ‫‪ 1956‬س��اوى الالجئي��ن الفلس��طينيين‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫رحلة النزوح الثانية‪ :‬فل�سطينيو خميم‬ ‫الريموك والأحداث ال�سيا�سية يف �سوريا‬

‫‪15‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫فلسطيني منذ بدء األزمة في سوريا‪.‬‬ ‫في السادس عشر من ديسمبر‪ /‬كانون الثاني استُهدِف المخيم‬ ‫بصاروخين في غارة جويّة وذلك للمرة األولى على اإلطالق‪.‬‬ ‫انكر النظام السوري المسؤولية عن قتل وجرح العشرات جرّاء‬ ‫القصف ال��ذي اتهم به تنظي��م جبهة النصرة المرتبط��ة بالقاعدة‪،‬‬ ‫لكن س��كان المخيم ب��دأوا رحلة نزوح جديدة ف��ي اتجاهات متفرقة‬ ‫شبيهة بتلك التي قادت أجدادهم وآباءهم إلى مخيم اليرموك‪.‬‬ ‫م��ا ح��دث قبل ث�لاث أيام بع��د تمرك��ز الجيش الح��ر بمنطقة‬ ‫(الحجر األس��ود والتضام��ن) وهي مناطق مالصق��ة للمخيم‪ .‬قررت‬ ‫قيادات الجيش الحر بالتقدم للمخيم و بعد ذلك التقدم حتى منطقة‬ ‫الزاهرة و قد انس��حب اثناء األقتحام عناصر القيادة العامة (ش��بيحة‬ ‫أحم��د جبريل) الموالية للنظام مما أدى إلى س��قوط س��ريع للمخيم‬ ‫بأيدي عناصر الجيش الحر مما أدى إلى حالة فزع بين أهالي المخيم‬ ‫م��ن الجدير بالذكر أن المخيم يعتبر خزان بش��ري للفلس��طينيين و‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫أصب��ح مخي��م اليرم��وك ش��به خالي م��ن المقيمي��ن به يصف‬ ‫الفلس��طينيين أن ما يحدث بالمخيم (كارثة إنس��انية) هناك العديد‬ ‫من العائالت الزالت متواجدة بالمخيم‪.‬‬ ‫وأغل��ب العائالت الذي نزح��ت توجهت لألحياء الدمش��قية لكي‬ ‫يقيم��و عن��د أقرباء او اصدق��اء و منهم من هو ميس��ور الحال ماديا‬ ‫قام��وا باس��تئجار ش��قق أو المك��وث بفن��ادق وهناك عائ�لات التي‬ ‫ضاقت بها الس��بل افترش��ت األرض و الحدائق العامة و هناك أعداد‬ ‫كبي��رة توجهت إلى لبنان للمك��وث بمخيمات لبنان و منهم من توجه‬ ‫للسفارات لطلب اللجوء إلى الدول األوربية‪.‬‬ ‫هناك أش��خاص أدلوا بشهاداتهم مثل لنا السيدة أم محمد (‪45‬‬ ‫عامًا‪ ،‬ربة منزل) و فتاة تدعى آيات‪.‬‬ ‫تق��ول أم محمد انها عايش��ت النزحه األولى من فلس��طين إلى‬ ‫لبنان وبس��بب األوضاع هناك قررو أهل أم محمد اللجوء إلى دمشق‬ ‫و قالت بش��أن النزحة الثاني��ة انها كانت تتوقع الن��زوح بعد األحداث‬ ‫الت��ي جرت بمناطق محادية للمخيم و ذكرت انه عندما دخل الجيش‬ ‫الح��ر إلى المخي��م حدثت حالة م��ن الهلع و الخوف بس��بب ردة فعل‬ ‫الجي��ش النظامي وكان قرار الخروج من المخيم جماعي مع الجيران‬ ‫و االقارب‬ ‫تذكر أم محمد ش��يء مهم ان��ه عندما نزحت النزحة األولى من‬ ‫فلس��طين قالو لهم س��نخرج بضعة ايام ونعود وتقول أنها س��معت‬ ‫هذه العبارة مرة أخرى عندما خرجت من المخيم‪.‬‬ ‫وتقول أيات طالبة بجامعة دمش��ق أنه��ا ذهبت كأي يوم معتاد‬ ‫للجامع��ة وع��ادت|‪ ،‬وكان الوضع طبيعي‪ ،‬وتق��ول‪( :‬إن والداي كانوا‬ ‫بأعماله��م‪ ،‬وبالظهيرة بدأت األحداث تتس��ارع‪ ،‬و ح��ول أهلي العودة‬ ‫م��ن أعماله��م للبي��ت‪ ،‬فمنعوا‪ .‬اضط��ررت للف��رار أنا وأخ��ي لخارج‬ ‫المخيم‪ ،‬وبدأنا بالتس��لل عبر األزقة مع عدد من العائالت التي كانت‬ ‫تهم بالهروب إال أن وصلت إلى خارج المخيم و التقيت أهلي أنا وأخي‬ ‫الصغير)‪.‬‬ ‫تج��ري األن مفاوضات لتحييد مخيم (اليرم��وك) من قبل جميع‬ ‫أط��راف الصراع في س��ورية‪ .‬وهناك مس��اعي دولية به��ذا الصدد‪،‬‬ ‫لحماية المدارس و المس��توصفات الموجودة ف��ي المخيم‪ ،‬والتابعة‬ ‫لمنظمة لألمم المتحدة (األنوروا)‪.‬‬ ‫تتباين أراء الش��ارع الفلس��طيني حول الث��ورة منهم الموالي و‬ ‫منهم المعارض و منهم من احتكم لمرجعيته السياس��ية وبالمقلب‬ ‫األخر هناك جزء كبير من الش��عب الفلس��طيني يعتبر سوريا ارض‬ ‫ش��تات و هوه ضيف اليهمه م��ن يحكمها و يهمه األس��تقرار واألمن‬ ‫بغض النضر عن أي شيء‪.‬‬ ‫إن أخر األنباء تق��ول أن الجيش الحر أجرى مفاوضات مع جبهة‬ ‫التحرير (فتح) لتس��ليم أمن المخيم إليها‪ .‬ومن المالحظ أن المجتمع‬ ‫الدولي تحرك بس��رعة كبي��رة وضغط على جميع األط��راف لتحييد‬ ‫المخي��م‪ ،‬لكن يبقى الس��ؤال األهم‪ ،‬هل يس��عى المجتم��ع الدولي‬ ‫إلس��كات الص��وت الفلس��طيني كي ال يحقق له ش��رط الع��ودة إلى‬ ‫بالده‪ ،‬أم أن الفلطسيني – السوري أصبح جزءاً من المجتمع السوري‬ ‫يطاله ما يطال المجتمع السوري من تغيير‪ ،‬أو عنف؟‪.‬‬

‫من ذاكرة العتمة‬ ‫جوليا شحادة‬

‫ليل السجن طويل يكاد ال ينتهي‪ ،‬مسا ًء تطفأ أنوار المهجع وتغلق األبواب ويتجه كل معتقل‬ ‫إلى زاويته الخاصة مع مصباحه اليدوي وكتابه في محاولة منه للتغلب على الوقت والعتمة‪.‬‬ ‫أما األميون من الش��باب المعتقلين فكانوا يمضون الجزء األول من الليل في لعب الورق أو‬ ‫إلقاء النكت‪.‬‬ ‫كان عدد الذين ال يحس��نون القراءة والكتابة جي��داً‪ ،‬وبعد مدة من تواجد المعتقلين معاً في‬ ‫مهج��ع واحد وازدياد العالقات بينهم قو ًة قرر عدد من الش��باب التطوع إلقامة دورات محو األمية‬ ‫لزمالئهم‪ ،‬وكان اإلقبال على االنتساب لهذه الدوارت من قبل الشباب األميين كبيراً‪.‬‬ ‫وح��ده ص�لاح الوحش كان رافضًا بش��كل قاطع لفك��رة محو أميته‪ ،‬وقد قاوم بش��دة جميع‬ ‫محاوالت الشباب إلقناعه بااللتحاق بإحدى الدورات وكان جوابه الدائم‪:‬‬ ‫"أنا ما بدي فك أميتي! لما بيطلع الواحد بيسألوه أديش نمت (بمعنى كم من الوقت قضيت‬ ‫في السجن) مش أديش قريت!"‬ ‫كان الوحش في الس��ابعة عش��رة من عمره‪ ،‬ش��اب لبناني التحق بالميليش��يات المناهضة‬ ‫لنظام األس��د في الثمانينيات وتم القبض عليه من قبل قوات النظام الموجودة في لبنان ونقله‬ ‫إلى سجن صيدنايا العسكري في ريف دمشق‪ ،‬وكان أمياً تماماً‪ ،‬عاجزاً حتى عن كتابة اسمه‪.‬‬ ‫عبث��ًا حاول الش��باب إقناع الوحش بأن يخض��ع لدورة محو األمية ولكن��ه كان يرفض دائما‪ً،‬‬ ‫وكأنه كان يخشى األحرف والكلمات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بع��د أن أتم جميع الش��باب دورات محو األمية واكتش��فوا متعة احتض��ان الكلمات ليال بقي‬ ‫الوحش وحيداً في زاويته يقضى الليل برفقة ذكرياته وألمه وحده‪ ،‬أو يحاول جاهداً سرقة كتب‬ ‫زمالئه‪ ،‬تلك الكتب نفسها التي سرقت منه متعة الصحبة الليلية‪.‬‬ ‫بعد عدة أشهر يئس الوحش من مصارعة الكتب‪ ،‬فاستسلم وطلب من زمالئه المتطوعين‬ ‫إجراء دورة خاصة له لمحو أميته‪.‬‬ ‫عمت الفرحة المهجع كله‪ ،‬وبدأ الجميع ببذل قصارى جهودهم لمساعدته‪.‬‬ ‫بعد شهر أنهى الوحش الدورة بنجاح فقرر الشباب إقامة احتفال بمناسبة القضاء على أمية‬ ‫آخر زميل لهم (وهي مهمة لم تكن بالسهلة)‪.‬‬ ‫ب��دأت التحضيرات لالحتفال الكبير ودعوة جميع نزالء مهاجع الجناح للمش��اركة‪ ،‬وفي اليوم‬ ‫الموع��ود أخذ الحض��ور أماكنهم ون��ودي على الوحش ليق��وم بقراءة مقطع منتق��ى من إحدى‬ ‫المقاالت في الجريدة‪.‬‬ ‫وبع��د أن أت��م الوحش الق��راءة بنجاح وأعلنت اللجن��ة أنه لم يعد أمياً بع��د اليوم وقدمت له‬ ‫مصباحه اليدوي الخاص بدأت فقرات الحفل‪.‬‬ ‫ب��دأ الحفل بكلمات مزعوم��ة لممثلي األحزاب والمنظمات الموجودة في الس��جن‪ ،‬ثم وأمام‬ ‫مفاج��أة الجمي��ع أطل أح��د المعتقلين بثياب وزينة نس��ائية كامل��ة إللقاء كلم��ة مندوبة االتحاد‬ ‫النسائي الخاصة بهذا الحدث السعيد‪.‬‬ ‫بع��د ذلك ت��م توزيع الطعام والش��راب المخصص لهذه المناس��بة عل��ى الموجودين‪ ،‬لتبدأ‬ ‫بعده��ا فقرة ق��راءة برقيات تهنئ��ة مزعومة م��ن وزراء التعليم في الهند والصين وس��ائر دول‬ ‫وإفريقي��ا وأوروب��ا بلهجاتها المحلية مصحوب��ة بترجمة فورية إلى اللغ��ة العربية للكلمات الغير‬ ‫مفهومة التي قام بابتداعها مندوب كل دولة‪.‬‬ ‫انته��ى الحفل عندم��ا تم إطفاء األنوار وإغالق األبواب ليكون الوحش أول المنس��حبين إلى‬ ‫زاويته برفقة كتابه ومصباحه‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫حلب ع��ام ‪ .1990‬ورثاه نقي��ب المحامين‬ ‫آنئذٍ األس��تاذ طريف كيّال��ي‪ ،‬وكان ممّا‬ ‫قاله المرحوم الش��اعر أنطوان ش��عراوي‬ ‫باس��م أصدق��اء الفقي��د‪ :‬كان يحم��ل‬ ‫وس��امين‪ ..‬ولك��نْ قب��ل الوس��ام األوّل‬ ‫وقبل الوس��ام الثاني كان يزهو بأوسمة‬ ‫خفيّ��ة ناله��ا ع��ن ج��دارة واس��تحقاق ال‬ ‫تراه��ا العين‪ ،‬هي وس��ام القل��ب الطيّب‬ ‫الذي ال يعرف الحقد إليه س��بي ًال‪ ،‬ووس��ام‬ ‫االس��تقامة والش��رف اللذين كانا رائديه‬ ‫ف��ي ّ‬ ‫كل أعماله‪ ،‬ووس��ام خدمة اإلنس��ان‬ ‫ألخي��ه اإلنس��ان‪ .‬كـان��ت ه��ذه األوس��مة‬ ‫ش��عاره في حياته زيّنت ص��دره الطاهر‬ ‫وازدانت به‪ ،‬وقد سُمّي باسمه شارع في‬ ‫حـيّ الحمدانية‪.‬‬

‫اللرية التي تهبط يف نهاية كل �شهر‬

‫وحدها احلكومات غري الوطنية تفعل ذلك‬

‫المتاحة لديه‪ ،‬و منها الصرف الحر الذي هو‬ ‫في هذا السياق إحدى وسائل تثبيت قيمة‬ ‫العمل��ة‪ .‬أما المبدأ المتبع في س��وريا فهو‬ ‫تحرير س��عر الص��رف بهدف ش��راء الليرة‬ ‫بأق��ل تكلف��ة دون النظ��ر إلى ما يس��ببه‬ ‫ذلك من تضخم‪ ،‬و هك��ذا يمكن تلخيص‬ ‫ما يحدث في س��وريا بعدة نقاط أساسية ؛‬ ‫سلطة تشتري عملتها بأقل سعر و تعطي‬ ‫موظفيها العاديين (وحتى زبانيتها) أجوراً‬ ‫ال تس��اوي إال نص��ف قيمتها م��ع التضخم‬ ‫المط��رد‪ ،‬س��لطة تعك��س أدواره��ا تماما‬ ‫لتبق��ى على قي��د الحياة‪ ،‬س��لطة تمارس‬ ‫التجارة التي كان يج��ب أن تقاومها و هي‬ ‫التجارة األشد فتكا بالشعوب‪ ،‬سلطة تريد‬ ‫ش��راء م��ا تبقى م��ن بلدنا بنص��ف ثمنه‪،‬‬ ‫حتى تبدو العبارة األشد تهذيبا في وصف‬ ‫هذه السلطة بأنها (حكومة غير وطنية)‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ل��م ت��رى س��وريا من��ذ االنت��داب‬ ‫الفرنس��ي حكوم��ة تتاج��ر بعملتها‪ ،‬ففي‬ ‫ظل االنتداب كان��ت الليرة مرتبطة بعملة‬ ‫فرنس��ا (الفرن��ك) و كان م��ن البديهي أن‬ ‫تخف��ض حكوم��ات االنت��داب م��ن قيم��ة‬ ‫العملة قدر اإلم��كان لتتمكن من تغطيتها‬ ‫بأق��ل ع��دد م��ن الفرن��كات و هك��ذا بات‬ ‫بإم��كان ق��ادة االنت��داب أن يدفع��وا أجور‬ ‫عمالئه��م بأقل كلف��ة متجاهلين أثر ذلك‬ ‫عل��ى اقتصادنا المحلي‪ .‬فه��م ‪ -‬كحكومة‬ ‫انتداب ‪ -‬يعتبرون الليرة مجرد سلعة كلما‬ ‫رخص ثمنها تمكنوا من شراء المزيد منها‬ ‫ليمولوا عملياتهم داخل البالد‪..‬‬ ‫و هك��ذا ل��م تبص��ر س��وريا من��ذ‬ ‫االس��تقالل و فك ارتباط عملتها بالفرنك‬ ‫أحدا يعام��ل عملتها بهذا األس��لوب‪ ،‬حتى‬ ‫ب��دأ المص��رف المرك��زي التابع للس��لطة‬ ‫الحالي��ة بتحرير اللي��رة كخطوة أولية نحو‬ ‫تخفيض سعرها ليتمكن من شراء المزيد‬ ‫منها و سحبه من التداول بسعر منخفض‬ ‫في نهاية كل ش��هر‪ ،‬ثم يعاود ضخها في‬ ‫الس��وق على ش��كل رواتب و إعانات دافعًا‬ ‫األسعار نحو االرتفاع ال بسبب زيادة النقد‬ ‫(الذي تعد كميته اإلجمالية ليس��ت كبيرة)‬ ‫بل بس��بب ارتف��اع تكاليف اإلنت��اج الناتج‬ ‫عن زيادة تكاليف االستيراد بعد انخفاض‬

‫قيم��ة الليرة فض�لا عن أس��باب التضخم‬ ‫األخ��رى كانخفاض اإلنت��اج بدرجات أعلى‬ ‫من انخفاض مستوى الطلب‪.‬‬ ‫يق��وم المص��رف المرك��زي الذي لم‬ ‫يعد س��وى مجرد أداة (م��ع توارد معلومات‬ ‫تفيد أن س��عر الصرف ب��ات من صالحيات‬ ‫غرف��ة عملي��ات تابعة للقص��ر الجمهوري‬ ‫و أن المص��رف المرك��زي أصب��ح مج��رد‬ ‫صراف للعمل��ة)‪ ،‬يقوم ه��ذا المصرف مع‬ ‫اقت��راب نهاي��ة كل ش��هر بب��ث الذعر في‬ ‫س��وق الصرف عبر أدوات��ه من صرافين و‬ ‫(مرايا) في الس��وق الس��وداء مما يخفض‬ ‫س��عر الليرة إلى حدود تجعل الس��وق في‬ ‫حال��ة اضط��راب مزم��ن و تخل��ق عمليات‬ ‫ش��راء متتالي��ة للقط��ع األجنبي بأس��عار‬ ‫ت��زداد ارتفاعا تجعل البائ��ع يجني الكثير‬ ‫م��ن اللي��رات بالقلي��ل من ال��دوالرات ثم‬ ‫يعود م��ع انتهاء حلقات البي��ع إلى خفض‬ ‫س��عر الصرف نس��بيا عبر ممارسة نفس‬ ‫األثر ال��ذي أدى إلى االرتف��اع ليتمكن من‬ ‫استرداد جزء من القطع المباع بهدف الحد‬ ‫من نزيف احتياطياته من القطع األجنبي‪..‬‬ ‫و هكذا تتكرر العملية حتى أصبحت أشبه‬ ‫بسياسة معتمدة‪.‬‬ ‫تقوم هذه السياس��ة على اس��تغالل‬ ‫مبدأ تحرير س��عر الصرف أسوأ استغالل‪،‬‬

‫حي��ث أصب��ح المص��رف المرك��زي أش��به‬ ‫بمكتب صرافة في الس��وق السوداء التي‬ ‫بات م��ن غير العلم��ي إطالق ه��ذا اللقب‬ ‫عليها بسبب تحولها إلى سوق شرعية في‬ ‫دولة حرر الص��رف فيها بل و أصبح بنكها‬ ‫المركزي جزءا من هذه السوق‪..‬‬ ‫فف��ي كل ال��دول الت��ي تعتم��د مبدأ‬ ‫اقتصاد الس��وق و المنتمية إلى المدرس��ة‬ ‫األش��د ليبرالية و األش��د اس��تبعادا لفكرة‬ ‫تحك��م الس��لطة التنفيذي��ة بالسياس��ة‬ ‫النقدي��ة _ الت��ي هي في تل��ك الدول من‬ ‫عمل المصرف المركزي كسلطة مستقلة‬ ‫(حس��ب المدرس��ة النيوليبرالي��ة) _ يقوم‬ ‫المص��رف المركزي بس��لطته المس��تقلة‬ ‫بعمل أساسي و هو ضبط التضخم داخل‬ ‫البالد مس��تخدما مختل��ف األدوات النقدية‬

‫زيد الخوري‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫وُلد فتح اهلل أس��يون ف��ي حلب عام‬ ‫‪ ،1897‬من عائل��ة لألرمن الكاثوليك‪ ،‬كان‬ ‫وال��ده إدوار أس��يون م��ن كب��ار مفتّش��ي‬ ‫ش��ركة الريجي الفرنسية‪ ،‬ووالدته أسمى‬ ‫غضب��ان بن��ت الش��اعرة المبدع��ة مريانا‬ ‫م��رّاش صاحب��ة "الصالون األدب��ي" الذي‬ ‫امتازت به في حلب في أواخر القرن التاسع‬ ‫عش��ر‪ .‬وكان وحي��د أهل��ه بع��د أن تُوفّي‬ ‫ش��قيقان له وهما صبيّان صغيران‪ ،‬تلقى‬ ‫فت��ح اهلل تعليم��ه االبتدائي في مدرس��ة‬ ‫"األخوة المريمية" في حلب‪ ،‬ثمّ س��افر مع‬ ‫والدت��ه وخاله إلى مصر ع��ام ‪ 1915‬حيث‬ ‫أكمل دراس��ته الثانوية‪ ،‬وانتسب إلى ك ّلية‬ ‫الحق��وق الفرنس��ية في القاه��رة وتخرّج‬ ‫فيها عام ‪ .1922‬وكان يعمل خالل دراسته‬ ‫الجامعية في السفارة الفرنسية بالقاهرة‪.‬‬ ‫ومارس المحام��اة في مصر‪ ،‬ليعود بعدها‬ ‫إل��ى حلب ع��ام ‪ 1925‬ليتدرب ف��ي مكتب‬ ‫المحامي "كوستاكي سابا" ويصبح شريكا‬ ‫ل��ه‪ ،‬وكان أس��يون م��ن أوائ��ل المحامي��ن‬ ‫الس��وريين المعتمدي��ن ف��ي المحاك��م‬ ‫الفرنس��ية المختلط��ة والمترافعي��ن فيها‬ ‫إلتقانه اللغة الفرنسية‪.‬‬ ‫أُعجب ب��ه المجاه��د إبراهيم هنانو‬ ‫عندما اس��تمع إلي��ه في إح��دى مرافعاته‬ ‫فطل��ب منه أن يرشّ��ح نفس��ه للمجلس‬ ‫التأسيسي عام ‪ .1928‬وتجدر اإلشارة إلى‬ ‫أنه وأثناء محاكمة الزعيم الكبير لم يكن‬ ‫في حلب محامون يترافعون بالفرنس��ية‬ ‫س��وى أس��تاذين هما "لويس زيادة وفتح‬ ‫اهلل أس��يون" وكان األخي��ر ه��و المرج��ح‬ ‫للدف��اع عنه‪ ،‬لكن الخيار وق��ع أخيراً على‬

‫المحامي األلمعي والمتخ��رج حديثُا "فتح‬ ‫اهلل صق��ال"‪ ،‬إال أن ال��ود ل��م ينقطع أبداً‬ ‫بين هنانو و أسيون‪.‬‬ ‫ت��زوّج ع��ام ‪ 1930‬باآلنس��ة‬ ‫"أنطوانيت بنت نيقوال بليط" ورُزق منها‬ ‫أربع��ة أوالد هم‪ :‬تيري��ز وقد تُوفّيت عام‬ ‫‪ - 1983‬وجبرائيل وبولس وبطرس‪.‬‬ ‫بدأت حياته السياس��ية بانتخابه نائبًا‬ ‫ف��ي المجل��س التأسيس��ي ال��ذي س��يضع‬ ‫دس��تور الب�لاد‪ ،‬وق��د ت��مّ انتخاب هاش��م‬ ‫األتاس��ي رئيس��اً للمجلس وف��وزي الغزّي‬ ‫نائب��ًا أوّل للرئي��س وفت��ح اهلل أس��يون‬ ‫نائب��ًا ثانيًا للرئيس‪ .‬وقد س��اهم في وضع‬ ‫مش��روع الدستور الذي صدر بعد مناقشات‬ ‫ومفاوض��ات عام ‪ ،1930‬وق��د أُعيد انتخاب‬ ‫األستاذ فتح اهلل نائباً عن حلب في المجلس‬ ‫النيابي في أع��وام ‪ 1936‬و‪ 1943‬و‪.1949‬‬ ‫وانتخب نقيبًا للمحامين عام ‪.1950‬‬ ‫ع��ام ‪ 1945‬وف��ي وزارة "س��عد اهلل‬ ‫الجاب��ري" س��مي الس��يد نعي��م أنطاكي‬ ‫وزي��راً للمالي��ة ولألش��غال العام��ة‪ ،‬ث��م‬ ‫اس��تقال أنطاكي ف��ي كان��ون األول من‬ ‫الع��ام نفس��ه‪ ،‬فعهد إلى الس��يد حس��ن‬ ‫جب��ارة بوزارة المالية‪ ،‬ولألس��تاذ أس��يون‬ ‫بوزارة األش��غال العامة‪ .‬عام ‪ 1949‬شغل‬ ‫أس��يون منصب وزير دولة ف��ي الحكومة‬ ‫الت��ي ش��كلها الرئيس هاش��م األتاس��ي‬ ‫والتي كان��ت مخولة بالقي��ام بصالحيات‬ ‫رئيس الجمهورية التشريعية والتنفيذية‬ ‫ريثما تع��ود الحياة النيابي��ة للبالد‪ ،‬وذلك‬ ‫في عهد انقالب "سامي الحناوي"‪.‬‬

‫ثم وزي��راً للصحة واإلس��عاف العام‬ ‫في حكومة "خالد بيك العظم" عام ‪1949‬‬ ‫عن حزب الشعب الذي ينتمي إليه أسيون‬ ‫واحتف��ظ ب��ذات الحقيب��ة ف��ي حكوم��ة‬ ‫"حس��ن الحكيم" عام ‪ 1951‬التي لم تدم‬ ‫طوي�ل ًا بس��بب المعرك��ة المحتدمة بين‬ ‫رجال الجيش وبين جماعة حزب الش��عب‬ ‫الت��ي ينتم��ي إليه��ا أس��يون‪ ،‬ث��م وزي��راً‬ ‫لألش��غال العامة واالتصاالت في حكومة‬ ‫أديب الشيش��كلي ع��ام ‪ ،1953‬ثم وزيراً‬ ‫للش��ئون االجتماعية والعمل‪ ،‬في حكومة‬ ‫الدكتور "عزت النص" ع��ام ‪ 1961‬والتي‬ ‫اس��تمرت ش��هراً واحداً ويومين لإلشراف‬ ‫على االنتخابات النيابية‪.‬‬ ‫مُنح عام ‪ 1955‬وس��ام االس��تحقاق‬ ‫الس��وري م��ن الدرج��ة الممت��ازة لخدماته‬ ‫الج ّلى للوطن‪ ،‬وبخاصّة في مش��روع جرّ‬ ‫مي��اه الف��رات إلى حل��ب‪ .‬كما مُنح وس��ام‬ ‫القدِّي��س سلفس��تروس برتب��ة ف��ارس‬ ‫من قداس��ة البابا ف��ي روما‪ .‬ذل��ك تقديراً‬ ‫لمتابعته الجادّة لتنفيذ مش��روع جرّ مياه‬ ‫الفرات إل��ى حلب‪ ،‬هذا المش��روع العظيم‬ ‫ال��ذي بدأ بتأمين ‪30000‬م‪ 3‬من المياه في‬ ‫بدايت��ه وال ي��زال يعاد تنفيذ م��دّ األنابيب‬ ‫على مراحل من الفرات إلى حلب باألسلوب‬ ‫نفس��ه لتأمي��ن مي��اه الش��رب للمدين��ة‬ ‫بتوسّعها وتفجّرها ّ‬ ‫السكاني حيث يؤمّن‬ ‫له��ا حاليّ��اً ‪480000‬م‪ 3‬من المي��اه يوميًّا‬ ‫"كان ع��دد ّ‬ ‫س��كان حل��ب ‪ 300000‬نس��مة‬ ‫عام ‪ 1950‬وأصبح عددهم اليوم أكثر من‬ ‫أربعة ماليين نسمة تقريباً"‪.‬‬ ‫تُوفّي األس��تاذ فتح اهلل أسيون في‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫فتحاهلل�أ�سيون‪1990–1897‬‬

‫‪17‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫جورج طرابي�شي‬

‫من �إ�سالم القر�آن �إىل �إ�سالم احلديث‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫االنقالب الس��ني‪" :‬من إسالم القرآن‬ ‫إلى إسالم الحديث"‪ ،‬الكتاب األخير للمفكر‬ ‫العرب��ي ج��ورج طرابيش��ي‪ ،‬يح��اول فيه‬ ‫أن يرص��د‪ ،‬بوع��ي ثاقب ورؤي��ة عميقة‪،‬‬ ‫تفاصي��ل "االنق�لاب الس��ني" عل��ى قيم‬ ‫الق��رآن ط��رداً م��ع التح��ول م��ن إس�لام‬ ‫الرسالة إلى إسالم التاريخ‪.‬‬ ‫في ه��ذا االنقالب الذي يمت��د امتداد‬ ‫الزم��ن المغل��ق فينا‪ ،‬أخذت الس��نة نفس‬ ‫مكان��ة القرآن‪ ،‬واحتل��ت موقعه في أحيان‬ ‫كثيرة‪ ،‬ثم صارت ناسخة للكثير من أحكام‬ ‫الق��رآن‪ .‬من هن��ا بدأت الغلق��ة الالهوتية‬ ‫وبدأ المس��ار االنح��داري للتاري��خ العربي‬ ‫اإلسالمي وصوال إلى حالة الشلل والعطالة‬ ‫اليوم‪ ،‬والتي تهددنا بالسقوط في عصور‬ ‫وسطى ‪ ،‬وربما ينتظرنا األسوأ‪.‬‬ ‫ض��د ه��ذا األس��وأ يأتي ه��ذا الكتاب‬ ‫كاش��فًا عن مكامن الداء الذي اس��تعصى‬ ‫وراصداً لتفاصيل االنق�لاب التراثي الذي‬ ‫أفرغ الكثي��ر من آيات القرآن من محتواها‬ ‫‪ :‬منه��ا آي��ات ال تمنح للرس��ول أي حق في‬ ‫س��ن القواني��ن وف��ي التش��ريع‪ ،‬وأخ��رى‬ ‫تحص��ر مج��ال الدّعوة في ح��دود موطن‬ ‫الع��رب غي��ر الكتابيي��ن داخ��ل "أم القرى‬ ‫وم��ن حولها"‪ .‬وعق��ب "االنقالب الس��ني"‬ ‫تح��ول الحدي��ث إل��ى مصدر م��ن مصادر‬ ‫التش��ريع وتحول الرس��ول من مشرَّع له‬ ‫إلى شارع‪ .‬بل صارت األحكام التي وضعها‬ ‫أهل الحديث على لس��انه‪ ،‬في الكثير من‬ ‫الحاالت‪ ،‬ناس��خة ألحكام القرآن‪ .‬وأمس��ى‬ ‫مجال الدعوة اإلسالمية عن طريق الفتوح‬ ‫يشمل األرض قاطبة والبشرية جمعاء‪.‬‬ ‫هذا االنقالب شرعنه كبار أئمة األمة‬ ‫م��ن أمث��ال الش��افعي واب��ن قتيب��ة وابن‬ ‫حنب��ل وابن ح��زم وغيره��م‪ ،‬انطالقًا من‬ ‫المش��روعية التي منحتها الدولة لالنقالب‬ ‫الس��ني في عه��د الخليفة المت��وكل الذي‬ ‫ش��هد عصره هجوما عنيفا على المعتزلة‬ ‫والش��يعة و"أه��ل الذم��ة" وعل��ى عم��وم‬ ‫األقلي��ات الديني��ة إرض��اء أله��ل الحديث‬ ‫واس��ترضاء لم��زاج "العام��ة" س��واء ف��ي‬ ‫عاصمة الخالفة بغ��داد أو في غيرها‪ .‬هذا‬ ‫الكتاب يبدد الكثير من أحكام القيمة التي‬ ‫أشاعها معظم مؤرخي الحضارة اإلسالمية‬ ‫عن��د المقارنة بي��ن مختل��ف مذاهب أهل‬ ‫الس��نة‪ ،‬لكنه يمنح أيض��ا لتيارات اإلصالح‬ ‫الديني في بلداننا س��ندا معرفيا ومسوغا‬ ‫شرعيا لتحرير العقل اإلسالمي من أغالل‬ ‫الجمود وأثقال التقليد‪.‬‬ ‫يبني األس��تاذ طرابيش��ي أطروحاته‬ ‫على مقدمات ومق��والت‪ ،‬كبرى وصغرى‪،‬‬ ‫يخ��رج منها بنتيجة تعتب��ر أن التحول من‬ ‫إس�لام الرسالة إلى إس�لام التاريخ‪ ،‬الذي‬ ‫اقت��رن بتح��ول ذي خط��ورة تش��ريعية‬ ‫والهوتية‪ ،‬هو التحول من إس�لام القرآن‬ ‫إلى إس�لام الحديث‪ ،‬وما اس��تتبعه‪ ،‬حكم‬ ‫عل��ى العق��ل العرب��ي اإلس�لامي‪ ،‬ابتداء‬ ‫م��ن الق��رن الخامس الهج��ري‪ ،‬باالنغالق‬ ‫واالنكفاء على نفسه‪ ،‬ومنعه من اكتشاف‬ ‫مفهوم التطور وجدلية التقدم‪ ،‬األمر الذي‬ ‫أسسه في خانة «ممانعة للحداثة»‪.‬‬

‫وعن��ى التحول من إس�لام الرس��الة‬ ‫إلى إس�لام التاريخ‪ ،‬التحول من اإلس�لام‪،‬‬ ‫ال��ذي كان الرس��ول بموجبه مش��رّعًا له‪،‬‬ ‫إلى اإلس�لام الذي صار الرس��ول بموجبه‬ ‫هو الشا ِرع‪ ،‬األمر الذي ترتب عليه خالفات‬ ‫تأويلي��ة ح��ول المرجعي��ة الت��ي ينبغ��ي‬ ‫اعتماده��ا ف��ي ه��ذا التأويل بي��ن القرآن‬ ‫نفس��ه والحدي��ث‪ .‬ويعل��ل ذل��ك التح��ول‬ ‫بأن اإلس�لام الذي خ��رج إل��ى الفتوحات‪،‬‬ ‫حام ًال الرس��الة القرآنية‪ ،‬ارتدّ بعدها نحو‬ ‫نفس��ه محم ًال بما س��يتم تكريس��ه تحت‬ ‫اس��م الس��نة النبوي��ة‪ .‬وف��ي البداية‪ ،‬لم‬ ‫يكن لإلس�لام من أهل آخرين سوى أهل‬ ‫الق��رآن‪ ،‬لكن بع��د الفتوحات اإلس�لامية‬ ‫ظهر أهل السنة‪ ،‬وانتزعوا الغلبة تدريجيًا‬ ‫ألنفس��هم ولمصطلحه��م‪ ،‬وخاص��ة بعد‬ ‫تكري��س الهزيم��ة النهائي��ة للمعتزل��ة‪،‬‬ ‫والقض��اء عل��ى التفكي��ر العقالني وعلى‬ ‫عقالني��ات المتكلمي��ن‪ ،‬فظه��ر اإلس�لام‬ ‫الحديثي‪ ،‬المنتصر على أثر «محنة» أحمد‬ ‫بن حنبل‪ ،‬ووقوف السلطة السياسية منذ‬ ‫أي��ام الخليفة المتوكل مع العامة من أهل‬ ‫الس��نّة‪ .‬وكان لش��عوب البلدان المفتوحة‬ ‫دور ف��ي تطوير علوم القرآن وش��روحه‪،‬‬ ‫وفعل��وا ذل��ك – في غالب األحي��ان – تحت‬ ‫شعار «الس��نة هي القاضية على القرآن‪،‬‬ ‫وليس القرآن هو القاضي على السنة»‪.‬‬ ‫كان��ت بداي��ة «االنقالب الس��ني» أو‬ ‫التح��ول الخطي��ر من إس�لام الق��رآن إلى‬ ‫إس�لام الحدي��ث م��ع مالك بن ان��س‪ ،‬ثم‬ ‫اكتمل��ت أبعاده مع الش��افعي‪ ،‬واس��تأنفه‬ ‫اب��ن ح��زم‪ ،‬فيم��ا ي��كاد يك��ون انقالب��ًا‬ ‫عل��ى االنقالب في «نش��أة ثاني��ة»‪ .‬وكان‬ ‫الش��افعي أول من نظر لتحويل الرس��ول‬ ‫من مش��رَّع له إلى مش��رِّع‪ .‬أما ابن حزم‪،‬‬ ‫فق��د تخط��ى العتب��ة الت��ي وق��ف عندها‬ ‫الش��افعي في انقالبه ليجيز نسخ القرآن‬ ‫بالحدي��ث‪ ،‬وليعطي التش��ريع الرس��ولي‬ ‫عي��ن مكان��ة الص��دارة الت��ي للتش��ريع‬ ‫اإللهي‪ ،‬لك��ن االنقالب الحزمي الظاهري‪،‬‬ ‫عل��ى خطورت��ه ه��ذه‪ ،‬يالبس��ه انق�لاب‬ ‫«باطني» أكثر خطورة ‪ ،‬من خالل تنصيب‬ ‫نفس��ه ف��ي الحقيقة مش��رِّعاً‪ ،‬وإن وضع‬ ‫تش��ريعه على لس��ان الرس��ول‪ ،‬وبالتالي‬ ‫على لسان اهلل‪ ،‬طبقاً للمعادلة األقنومية‬ ‫الحزمية‪ .‬وبهذا المعنى ال يكون الرس��ول‬ ‫قد تحول من مشرَّع له إلى مشرِّع إال في‬ ‫الظاهر فحسب؛ أما في الباطن‪ ،‬فالعكس‬ ‫هو الصحيح‪.‬‬ ‫وإن كان الش��افعي ق��د قام‪ ،‬حس��ب‬ ‫طرابيشي‪ ،‬بالمهمة اإليديولوجية األولى‪،‬‬ ‫وهي تأسيس الس��نّة‪ ،‬وربما كقرآن بعد‬ ‫الق��رآن‪ ،‬ف��إن اإلم��ام بن حنب��ل هو بحق‬ ‫المؤس��س الثاني للس��نّة‪ ،‬وربم��ا كقرآن‬ ‫قب��ل الق��رآن‪ ،‬ليكتم��ل بذل��ك االنق�لاب‬ ‫الس��ني ال��ذي يفترض��ه طرابيش��ي في‬ ‫إسالم العصر الوس��يط‪ .‬وهذا يقتضي أو‬ ‫يس��تجر المقايس��ة مع الغرب‪ ،‬الذي دخل‬ ‫طور التق��دم بع��د التحول من مس��يحية‬ ‫الكنيسة إلى مس��يحية اإلنجيل‪ ،‬بواسطة‬ ‫الث��ورة التي قام بها مارتن لوثر‪ ،‬وبالتالي‬

‫فإن اإلس�لام بحاجة إلى لوث��ري جديد أو‬ ‫ثائر مسلم‪ ،‬من أجل تحقيق االنتقال من‬ ‫إسالم الحديث إلى إسالم القرآن‪.‬‬ ‫لق��د كان مش��رع إس�لام الرس��الة‬ ‫الق��رآن‪ .‬فف��ي القرآن لم يك��ن هناك من‬ ‫مش��رِّع س��وى اهلل وح��ده ول��م يكن من‬ ‫نص��اب للرس��ول س��وى أن��ه مش��رَّع له‪.‬‬ ‫ولك��ن مع الحديث لم يحوَّل الرس��ول إلى‬ ‫مشرِّع فحسب‪ ،‬بل إن أولئك الذين أباحوا‬ ‫ألنفس��هم أن يضعوا الحديث على لسانه‬ ‫قد نصّبوا أنفس��هم في الواقع مشرِّعين‬ ‫ل��ه كم��ا هلل‪ .‬إن ع��دد األح��كام الملزم��ة‬ ‫للمك ّل��ف في الق��رآن محدود للغاي��ة ؛ أما‬ ‫المدوّن��ة الحديثي��ة‪ ،‬التي حكمه��ا قانون‬ ‫التضخّم المتس��ارع‪ ،‬فتتضمن آالفًا وآالفًا‬ ‫م��ن األح��كام ‪ .‬وعل��ى ه��ذا النح��و يكون‬ ‫المك ّلف في اإلسالم قد تحوّل إلى ما يشبه‬ ‫اإلنسان اآللي الذي ال يتحرك في كل نأمة‬ ‫م��ن نأمات��ه إال بالنصوص الت��ي تتحكم‬ ‫بكل ما ّ‬ ‫جل ودقّ من شؤون حياته العامة‬ ‫والخاص��ة‪ .‬وبم��ا أن الفرضي��ة الالهوتية‬ ‫التي انتصرت في اإلس�لام ه��ي فرضية‬ ‫الش��افعي القائلة إن الرسول ال ينطق إال‬ ‫عن وح��ي حتى عندما ال ينط��ق بالقرآن‪،‬‬ ‫فقد أُنزل��ت األحاديث الت��ي وُضعت على‬ ‫لس��ان الرس��ول بعد وفات��ه منزلة الوحي‬ ‫الموح��ى‪ ،‬وتواض��ع أهل الحدي��ث والفقه‬

‫على اعتبار السنة‪ ،‬كالقرآن‪ ،‬تشريعاً إلهيًا‬ ‫ومتع��ال‪ ،‬أو‬ ‫متعالي��اً‪ .‬وككل م��ا هو إلهي‬ ‫ٍ‬ ‫مفترض في��ه أنه كذلك‪ ،‬انعتقت الس��نة‬ ‫وأحكامه��ا من ش��روط الم��كان والزمان‪،‬‬ ‫وص��ارت مل ِزمة للمك ّلف إل��ى يوم القيامة‬ ‫‪ :‬ف�لا يتغي��ر فيه��ا‪ ،‬وال يج��وز أن يتغي��ر‬ ‫فيها ش��يء مهما تغيرت األحوال والوقائع‬ ‫وش��روط التاري��خ ‪ .‬وه��ذا ما حك��م على‬ ‫العقل العربي اإلسالمي ابتداء من القرن‬ ‫الخام��س الهج��ري باالنكفاء على نفس��ه‬ ‫وبالمراوح��ة في مكانه في تكرار ال نهاية‬ ‫له ؛ وهذا أيضاً ما س��دّ عليه الطريق إلى‬ ‫اكتش��اف مفهوم التط��ور وجدلية التقدم‬ ‫وم��ا يس��تتبعانه م��ن تغيّر ف��ي األحكام‬ ‫الوضعية ذات المصدر البشري ال اإللهي ؛‬ ‫وهذا ما أسّسه أخيراً في ممانعة للحداثة‬ ‫تنذر في يومنا هذا بالتحوّل إلى ردّة نحو‬ ‫قرون وسطى جديدة‪.‬‬ ‫يعتبر الكتاب تحليل نوعي للتأثيرات‬ ‫الزمني��ة وم��ا تحملها من ض��رورات على‬ ‫اإلس�لام الذي اخ��ذ يراوح ف��ي مكناه بعد‬ ‫أن ب��دأ أصح��اب الفت��اوي يأخ��ذون زمام‬ ‫أمور الحياة ومجرياتها وكل ما يعرقل من‬ ‫تط��ور‪ .‬وبهذا الكتاب ال��ذي يرصد اآلليات‬ ‫الداخلية إلقالة العقل في اإلسالم يختتم‬ ‫جورج طرابيشي مشروع "نقد نقدِ العقل‬ ‫العربي"‪.‬‬


‫جامعـــــة الثـــــورة‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫جامعة حلب ‪1970‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الثورة‪ .‬واس��تمرت المظاه��رات بالخروج‬ ‫يومياً منذ ذلك الحين وبزخم متزايد‪.‬‬ ‫وفي تاريخ ‪ 30‬تش��رين األول ‪2011‬‬ ‫وفي الس��اعة الواح��دة ظه��راً تأهب كل‬ ‫ط�لاب جامع��ة حل��ب لتنطل��ق مظاهرة‬ ‫كبيرة ج��داً من طرفي الس��احة من جهة‬ ‫كلية الطب وجهة كلية الكهرباء‪.‬‬ ‫وف��ي تاريخ ‪ 19‬كان��ون األول ‪2011‬‬ ‫خرج��ت واحدة من أق��وى المظاهرات في‬ ‫جامع��ة حل��ب‪ ،‬انطلقت من كلي��ة اآلداب‬ ‫وقطع��ت الطريق الرئيس��ي لتصل حتى‬ ‫حي الفرق��ان‪ ،‬كانت هذه المظاهرة بحق‬ ‫واحدة من المظاهرات األكبر في الجامعة‬ ‫ومأل صوتها كل المناطق المحيطة‪.‬‬ ‫ل��م تمنع الثلوج ط�لاب الجامعة من‬ ‫ثورتهم ولم يقف ف��ي وجههم أي حاجز‪،‬‬ ‫ففي يوم ‪ 22‬كانون الثاني ‪ 2012‬هطلت‬ ‫كمي��ات كبيرة ج��داً من الثل��وج‪ ،‬فما كان‬ ‫من الط�لاب إال أن جعلوا الثلج ألواحًا لهم‬ ‫مش��ابهة للوح الطبش��ور في المدرس��ة‪،‬‬ ‫وكتب��وا عليه��ا عب��ارات الحري��ة وهتفوا‬ ‫إلس��قاط النظ��ام وم�لأت أصواته��م كل‬ ‫جنبات جامعة الثورة‪.‬‬ ‫أم��ا عن أعظم يوم ف��ي تاريخ ثورة‬ ‫جامع��ة حلب فكان يوم ‪ 22‬ش��باط ‪2012‬‬ ‫عندم��ا خرج ع��دد كبير جداً م��ن الطالب‬ ‫يعتصمون في س��احة الجامعة ويرفعون‬ ‫عل��م االس��تقالل الس��وري‪ ،‬ث��م رفع��وا‬ ‫هذا العلم على الس��واري الرئيس��ية في‬ ‫الجامعة‪ ،‬وكس��روا صورة رخامية ضخمة‬ ‫لحافظ األس��د وابنه باس��ل‪ ،‬ول��م يوقف‬ ‫حماس��هم إطالق الرصاص عليهم والذي‬ ‫كان كما صوره بعضهم "متل زخ المطر"‪.‬‬ ‫وجاءت المجزرة األخيرة في تاريخ ‪15‬‬ ‫كانون الثاني ‪ 2013‬في ذات األمكنة التي‬ ‫خ��رج فيها الط�لاب مطالبي��ن بحريتهم‪،‬‬ ‫رافعين أعالم الثورة ومرددين للشعارات‬ ‫المطالبة بإسقاط األسد ونظامه‪ .‬قام في‬ ‫ذل��ك الي��وم النظام بقص��ف جامعة حلب‬ ‫م��ن طيارة الميغ بصاروخي��ن‪ ،‬األول عند‬ ‫"دوار العمارة" وسقط الثاني على السكن‬ ‫الجامعي‪َ ،‬‬ ‫مخلفين وراءهما جثث ما يزيد‬ ‫ع��ن الثمانين ش��هيداً وعش��رات الجرحى‬ ‫وم��اال يقل عن الخمس��ة عش��رة س��يارة‬ ‫محترقة‪ .‬وعل��ى اعتبار أن هذا اليوم كان‬ ‫الي��وم األول المتحان طالب الجامعة‪ ،‬فإن‬ ‫الحض��ور من الطالب كان كبي��راً‪ .‬ولتزيد‬ ‫بش��اعة المجزرة‪ ،‬وحسب ش��هادة شهود‬ ‫العيان‪ ،‬فإن قوات األمن السوري كانت قد‬ ‫أقفلت أبواب الجامعة قبيل التفجير كي ال‬ ‫يتمكن الطالب من الهروب س��ريعاً‪ ،‬فهل‬ ‫هناك أبشع وأقسى من هذا؟‬ ‫جامع��ة الث��ورة‪ ..‬جامعة حل��ب‪ ..‬لن‬ ‫تنسى يومًا دماء طالبها التي تناثرت بدل‬ ‫كتبه��م وأوراقه��م‪ ،‬لن تنس��ى وجوههم‬ ‫وأصواته��م وضحكاته��م‪ .‬كم��ا عقلون��ا‬ ‫تذكر وقلوبنا ال تغفر‪ ،‬كذلك جدران هذه‬ ‫الجامعة لن تنسى يومأ ولن تسامح األسد‬ ‫ونظامه ورجاله على كل هذا القتل وهذه‬ ‫الوحش��ية‪ ،‬ول��ن تدرس األجي��ال القادمة‬ ‫في ه��ذه الجامعة منهاجها العلمي فقط‪،‬‬ ‫بل س��تدرس داخل جدران جامعة الثورة‬ ‫معنى الحرية وأس��مى معان��ي التضحية‬ ‫والكرامة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫جامعة الثورة‪ ..‬جامعة حلب العريقة‪،‬‬ ‫ال تلخص حكايتها س��طور وال تكفي كل‬ ‫الكلم��ات لتعب��ر ع��ن تاريخها‪ .‬ش��عارها‬ ‫يظهر فيه مدخل قلعة حلب الش��هيرة‪ ،‬و‬ ‫في أسفله كتاب تخط سطوره ريشة‪.‬‬ ‫وكموج��ز س��ريع حول تاريخ نش��وء‬ ‫ه��ذه الجامع��ة ال ب��د أن نب��دأ م��ن ع��ام‬ ‫‪ 1901‬عندما تقرر إنش��اء مكتب مدرسة‬ ‫للط��ب في دمش��ق‪ ،‬وق��د افتتح��ت هذه‬ ‫المدرس��ة ف��ي ع��ام ‪ 1903‬وضم��ت فرع‬ ‫الط��ب البش��ري وف��رع الصيدل��ة وكانت‬ ‫لغ��ة التدري��س فيه��ا اللغ��ة التركي��ة‪،‬‬ ‫وتعتب��ر النواة األولى للجامعة الس��ورية‪.‬‬ ‫ت��م افتتاح معهد الطب ف��ي كانون األول‬ ‫‪ ،1919‬ومدرسة للحقوق في شهر أيلول‬ ‫من ذات الس��نة‪ .‬وفي عام ‪ 1923‬س��ميت‬ ‫مدرس��ة الحقوق معهد الحق��وق‪ ،‬وربط‬ ‫معه��دا الحقوق والط��ب والمجمع العربي‬ ‫ودار اآلثار العربية بمؤسس��ة واحدة تحت‬ ‫اس��م (الجامعة الس��ورية)‪ ،‬ثم فصل في‬ ‫عام ‪ 1926‬المجمع العربي ودار اآلثار عن‬ ‫الجامعة‪ .‬وفي عام ‪ 1928‬أنشئت مدرسة‬ ‫الدروس األدبية العليا التي أصبح اس��مها‬ ‫عام ‪ 1929‬مدرسة اآلداب العليا‪.‬‬ ‫م��ع بداي��ة عه��د االس��تقالل أخ��ذ‬ ‫التعلي��م يحظ��ى باالهتم��ام المتزاي��د‬ ‫فاتس��ع نطاق��ه وامت��دت رقعت��ه وعدلت‬ ‫األنظمة الجامعي��ة تعدي ًال جذرياً لتتمكن‬ ‫الجامعة من اس��تقبال األع��داد المتزايدة‬ ‫م��ن الطالب وأحدث��ت اختصاصات جديدة‬ ‫ليك��ون باإلم��كان اللحاق برك��ب التقدم‬ ‫العلمي والحضاري‪ .‬وف��ي عام ‪ 1946‬تم‬ ‫إنش��اء كلي��ة الهندس��ة في مدين��ة حلب‬ ‫كأول مؤسس��ة للتعلي��م العال��ي‪ ،‬وكانت‬ ‫حينها تتبع للجامعة الس��ورية بدمش��ق‪.‬‬ ‫في عام ‪1958‬صدر قانون جديد لتنظيم‬ ‫الجامعات في إقليمي الجمهورية العربية‬ ‫المتحدة الشمالي والجنوبي يتم بموجبه‬ ‫إنش��اء جامع��ة ثانية ف��ي س��وريا يكون‬ ‫مقره��ا مدين��ة حل��ب‪ .‬وفي ع��ام ‪1960‬‬ ‫اس��تقلت كلي��ة الهندس��ة فعليًا وش��كلت‬ ‫حجر األساس لهذه الجامعة‪.‬‬ ‫أخ��ذت الجامع��ة تنم��و بس��رعة‬

‫وأضيف��ت له��ا الكلي��ات األخ��رى الحق��ًا‬ ‫لتدرس المناهج في مختلف التخصصات‬ ‫العلمية والهندسية واألدبية‪ ،‬فنشأت كلية‬ ‫الحق��وق ‪ ،1962 - 1961‬وح��ول المعه��د‬ ‫العالي للتج��ارة إلى كلية التجارة وألحقت‬ ‫بجامع��ة حل��ب ‪ ،1964 - 1963‬وف��ي‬ ‫ع��ام ‪ 1986‬عُدل اس��م الكلي��ة إلى كلية‬ ‫االقتصاد‪ .‬تم إنش��اء كلية الطب بجامعة‬ ‫حلب بالمرس��وم رقم ‪ 1740‬تاريخ ‪ 11‬آب‬ ‫‪ 1965‬بعد ص��دور المرس��وم الجمهوري‬ ‫رقم ‪ 1080‬تاريخ ‪ 12‬آب ‪ 1967‬المتضمن‬ ‫النظ��ام الداخلي لهذه الكلي��ة ومنهاجها‪،‬‬ ‫وتمت المباش��رة بإنش��اء المرحلة األولى‬ ‫من أبني��ة الكلي��ة‪ ،‬وفي العام الدراس��ي‬ ‫‪ 1968 - 1967‬تم افتتاح الكلية ومباشرة‬ ‫التدري��س فيه��ا‪ .‬كم��ا ت��م إنش��اء كلي��ة‬ ‫اللغات وتضم األقسام التالية قسم اللغة‬ ‫العربية واللغة الفرنسية ‪،1968 - 1967‬‬ ‫وتم افتتاح قس��م اللغة االنكليزية ‪1968‬‬ ‫ ‪ ،1969‬وتغي��ر اس��م الكلي��ة إل��ى كلية‬‫اآلداب عام ‪ ،1971‬ثم تغير اس��مها ثانية‬ ‫إلى كلي��ة اآلداب والعلوم اإلنس��انية‪ .‬تم‬ ‫إنش��اء كلية العلوم عام ‪ ،1967‬و إنش��اء‬ ‫كلية طب األسنان ‪.1979‬‬ ‫أما ع��ن رؤس��اء الجامعة‪ ،‬فترأس��ها‬ ‫عل��ى التوال��ي كل م��ن‪ :‬توفي��ق المنجد‬ ‫م��ن ع��ام ‪ ،1967 – 1960‬ومصطف��ى‬ ‫ع��زة النصار م��ن ‪ ،1969 – 1968‬أما في‬ ‫الفت��رة م��ا بي��ن ‪ 1969‬حت��ى ‪ 1973‬ل��م‬ ‫يعين رئيس للجامعة وكان وزير التعليم‬ ‫العالي بحس��ب قانون تنظي��م الجامعات‬ ‫يق��وم بمه��ام الرئي��س‪ .‬ترأس��ها ما بين‬ ‫‪ 1979 – 1973‬أحمد يوسف الحسن‪ ،‬ومن‬ ‫‪ 2001 – 1979‬محم��د علي حورية‪ ،‬ومن‬ ‫‪ 2004 – 2001‬محمد سعيد فرهود‪ ،‬ومن‬ ‫‪ 2012 – 2010‬نضال شحادة‪ ،‬وفي ‪2012‬‬ ‫ت��م تعيين عاب��د يك��ن رئيس��ًا للجامعة‬ ‫إال أن��ه لم يس��تمر في منصب��ه أكثر من‬ ‫ثمانية ش��هور قب��ل أن يختف��ي وتتداول‬ ‫وسائل اإلعالم خبر انشقاقه بين مصدق‬ ‫له ومك��ذب‪ ،‬وتولى بع��ده منير الحامض‬ ‫رئاسة الجامعة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كل من‪:‬‬ ‫ف��ي‬ ‫ا‬ ‫عضو‬ ‫الجامعة‬ ‫تعتب��ر‬ ‫ٍ‬

‫منت��دى التعليم األورومتوس��طي الدائم‬ ‫وف��ي اتحاد جامع��ات المتوس��ط‪ .‬وتضم‬ ‫الجامعة الكليات التالية‪ :‬االقتصاد‪ ،‬اآلداب‬ ‫والعل��وم اإلنس��انية‪ ،‬التربي��ة‪ ،‬الحقوق‪،‬‬ ‫الش��ريعة‪ ،‬الصيدل��ة‪ ،‬الط��ب‪ ،‬العل��وم‪،‬‬ ‫الفن��ون الجميل��ة‪ ،‬الهندس��ة التقني��ة‪،‬‬ ‫الهندس��ة الزراعية‪ ،‬الهندسة الكهربائية‬ ‫واإللكترونية‪ ،‬الهندسة المدنية‪ ،‬الهندسة‬ ‫المعلوماتي��ة‪ ،‬الهندس��ة المعماري��ة‪،‬‬ ‫الهندسة الميكانيكية‪ ،‬طب األسنان‪ ،‬كلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية الثانية في إدلب‪،‬‬ ‫كلية التمريض‪ ،‬كلية الحقوق الثانية في‬ ‫إدلب‪ ،‬كلية الزراعة‪ ،‬كلية الزراعة الثانية‬ ‫في إدلب‪ ،‬كلية العل��وم الثانية في إدلب‪،‬‬ ‫إضافة إلى المعاهد العليا وكليات التعليم‬ ‫المفتوح والمشافي الجامعية‪.‬‬ ‫وف��ي إحص��اء ح��ول أكب��ر خم��س‬ ‫جامع��ات ف��ي الوط��ن العربي م��ن حيث‬ ‫عدد الط�لاب‪ ،‬حصلت جامع��ة حلب على‬ ‫الترتي��ب الراب��ع بع��د جامع��ة القاه��رة‪،‬‬ ‫جامع��ة دمش��ق‪ ،‬جامع��ة اإلس��كندرية‪،‬‬ ‫بمجموع ‪ 625 ،90‬طالب عام ‪.2011‬‬ ‫إن تاري��خ الثورة والنض��ال الطالبي‬ ‫من أجل الحرية ومن أجل حقوق الش��عب‬ ‫الس��وري لي��س بجدي��د‪ ،‬فلو عدن��ا قلي ًال‬ ‫إل��ى الوراء إلى ع��ام ‪ 2004‬وبالترافق مع‬ ‫االنتفاضة الكردية‪ ،‬س��نرى كيف حصلت‬ ‫انتفاض��ة مماثلة ف��ي جامعة حلب‪ ،‬وكان‬ ‫س��ببها األساس��ي إلغ��اء الت��زام النظ��ام‬ ‫بتوظي��ف المهندس��ين‪ .‬ف��ي ذل��ك اليوم‬ ‫اعتص��م أكث��ر م��ن ثالثمائ��ة طالب في‬ ‫س��احة الجامعة معلنين اعتراضهم على‬ ‫ه��ذا الق��رار‪ ،‬ونتيجة ه��ذا االعتصام تم‬ ‫اعتقال الكثير منهم‪.‬‬ ‫اش��تهرت جامعة حلب ومنذ انطالقة‬ ‫الثورة في سوريا بريادة الحراك الطالبي‬ ‫ف��ي مختلف كلياتها‪ ،‬ونتيج��ة لهذا انتقم‬ ‫منها النظام أش��د انتقام‪ ،‬وهاجمهما بكل‬ ‫وحشية‪ ،‬دون رحمة أو هوادة‪.‬‬ ‫خرج��ت أول مظاه��رة حقيقي��ة من‬ ‫حرم كلية اآلداب يوم ‪ 13‬نيس��ان ‪،2011‬‬ ‫أي بعد م��ا يقل عن الش��هر من انطالقة‬

‫بالل سالمة‬

‫‪19‬‬


‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫االنقــــالبات الع�ســــكرية‬ ‫فـي �سوريا (‪)3‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫انقالب ‪� 8‬آذار ‪1963‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫ف��ي ليل��ة الثام��ن م��ن آذار م��ن‬ ‫ع��ام ‪ 1963‬ح��دث انق�لاب عس��كري‬ ‫بقي��ادة ضب��اط ح��زب البع��ث‪ ،‬أعضاء‬ ‫اللجن��ة العس��كرية الس��رية بالتحالف‬ ‫م��ع الناصريي��ن وبع��ض الضب��اط‬ ‫المستقلين‪ ،‬أطاح بحكومة االنفصال‪،‬‬ ‫ووضع الس��لطة بيد "المجلس الوطني‬ ‫لقيادة الثورة" الذي أعلن حالة الطوارئ‬ ‫واألحكام العرفية‪.‬‬ ‫كان المجل��س الوطن��ي لقي��ادة‬ ‫الث��ورة هيئ��ة مؤلف��ة م��ن عش��رين‬ ‫عضواً "‪ 12‬بعث��ي ‪ 8 +‬من الناصريين‬ ‫والمستقلين"‪ ،‬وضع لها رئيس هو لؤي‬ ‫األتاس��ي‪ ،‬وكلف ص�لاح الدين البيطار‬ ‫بتش��كيل حكوم��ة لتنفي��ذ سياس��ة‬ ‫المجل��س‪ .‬وكان أعض��اء اللجن��ة التي‬ ‫وس��عت‪ ،‬ه��م الح��كام الفعليين حيث‬ ‫كانوا يشكلون "مجلس داخل مجلس"‪.‬‬ ‫وش��هدت الفت��رة الالحق��ة اضطرابات‬ ‫عديدة‪ ،‬قام خالله��ا الضباط البعثيون‬ ‫بتصفي��ة حلفائه��م م��ن الناصريي��ن‬ ‫والمس��تقلين‪ ،‬واالس��تئثار بالس��لطة‪،‬‬ ‫ليب��دأ الصراع العنيف ضم��ن البعثيين‬ ‫أنفسهم‪.‬‬ ‫وم��ع ه��ذا االنق�لاب ال��ذي بدأت‬ ‫مرحل��ة جديدة من مراح��ل الحكم في‬ ‫س��وريا‪ ،‬تختل��ف اختالف��اً جذري��ًا عن‬ ‫المراح��ل الس��ابقة‪ ،‬حي��ث ق��ام حزب‬ ‫البعث وقيادته السياس��ية والعسكرية‬ ‫الت��ي س��يطرت عل��ى مقالي��د األمور‪،‬‬ ‫بلي عنق المجتمع الس��وري وتس��ييره‬ ‫عل��ى طري��ق البن��اء الث��وري للمجتمع‬ ‫وف��ق نظري��ة ح��زب البع��ث القومي��ة‬ ‫االش��تراكية‪ ،‬انعك��س ذل��ك عل��ى‬ ‫الدس��اتير التي انعطف��ت انعطافًا حاداً‬ ‫عن مفه��وم القان��ون الع��ام الغربي‪،‬‬ ‫باتج��اه القواني��ن العام��ة للنظ��م‬ ‫االش��تراكية‪ .‬وش��هدت الب�لاد ع��دة‬ ‫تغييرات دستورية عكست إضافة إلى‬ ‫نظ��رة البع��ث اإليديولوجي��ة للمجتمع‬ ‫وض��رورة تغيي��ره ثوري��ًا الخالف��ات‬ ‫الداخلية لرجال الثورة من قيادة البعث‬ ‫وحلفائه��م والص��راع العني��ف عل��ى‬ ‫الس��لطة‪ ،‬وهدفت إلى تكريس سلطة‬ ‫البعث وضمان استمرارها‪.‬‬

‫الد�ستور امل�ؤقت لعام ‪1964‬‬ ‫وبع��د س��نة م��ن االنق�لاب أت��ى‬ ‫الدس��تور المؤقت لع��ام ‪ ،1964‬وخالل‬ ‫ه��ذه الفت��رة ش��هدت خالله��ا الب�لاد‬ ‫اضطراب��ات عدي��دة نتيج��ة الص��راع‬ ‫عل��ى الس��لطة‪ .‬وق��د أعد عل��ى عجل‬ ‫بع��د االضطراب��ات والمظاه��رات التي‬ ‫ش��هدتها المدن الس��ورية بع��د أحداث‬ ‫حماه الدامية في نيس��ان ‪ ،1964‬حيث‬

‫ت��م قمع تح��رك اإلخ��وان المس��لمين‬ ‫بعنف ش��ديد من قبل الجيش بأمر من‬ ‫أمين الحافظ‪ ،‬ال��ذي كان يمثل واجهة‬ ‫حك��م الضب��اط البعثيين‪ .‬حي��ث قاموا‬ ‫بتس��ليمه الوظائ��ف التالي��ة‪ :‬رئي��س‬ ‫ال��وزراء وزي��ر الدفاع وزي��ر الداخلية‬ ‫نائب الحاكم العسكري رئيس األركان‬ ‫بالوكال��ة رئي��س المجل��س الوطن��ي‬ ‫لقي��ادة الث��ورة القائد الع��ام للجيش‬ ‫األمين الع��ام للقي��ادة القطرية لحزب‬ ‫البع��ث وعضو في اللجنة العس��كرية‪،‬‬ ‫رغم ذلك يذكر حافظ األس��د أن أمين‬ ‫الحافظ "لم يكن يس��تطيع نقل جندي‬ ‫واحد بدون موافقتنا"‪.‬‬ ‫من أهم ما تضمنه دستور ‪،1964‬‬ ‫مبدأ قي��ادة الح��زب الواح��د وتكريس‬ ‫مب��دأ القي��ادة الجماعي��ة ف��ي الحكم‪،‬‬ ‫بتقسيمه إلى وظيفتين أو سلطتين‪:‬‬ ‫السلطة اإلدارية‪ :‬يتوالها مجلس‬ ‫ال��وزراء‪ ،‬وصفت��ه إداري��ة بحت��ة‪ ،‬وال‬ ‫يمل��ك أي مب��ادرة حقيقية‪ .‬والس��لطة‬ ‫السياس��ية‪ :‬ويتواله��ا مجلس��ان‪،‬‬ ‫المجل��س الوطني للث��ورة الذي يتولى‬ ‫الس��لطة التش��ريعية ويراق��ب أعمال‬ ‫السلطة التنفيذية‪.‬‬ ‫مجل��س الرئاس��ة‪ :‬ال��ذي ينتخ��ب‬ ‫أعض��اءه ورئيس��ه م��ن بي��ن أعض��اء‬ ‫المجلس الوطني‪ ،‬وهو مسؤول أمامه‬ ‫عن جميع أوجه نش��اطه‪ ،‬فهو يمارس‬ ‫السلطة التنفيذية مع مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫ويضع السياس��ة الداخلي��ة والخارجية‪.‬‬ ‫ويعي��ن ال��وزراء ويقيله��م ويوجههم‬ ‫ويش��رف على عملهم ول��ه حق تعديل‬ ‫وإلغاء قراراتهم‪.‬‬ ‫ف��ي بداي��ة ع��ام ‪ 1965‬قام��ت‬ ‫الس��لطة بتأمي��م بع��ض الش��ركات‪،‬‬ ‫وامتدت ملكية الدولة لتش��مل مجاالت‬ ‫توليد الكهرب��اء‪ ،‬وتوزيع النفط‪ ،‬وحلج‬ ‫األقط��ان‪ ،‬وقس��م كبي��ر م��ن تج��ارة‬ ‫االس��تيراد والتصدي��ر‪ ،‬كما س��يطرت‬ ‫على إدارة المؤسسات الدينية وأمسكت‬ ‫بحق تعيين أئمة المساجد‪.‬‬ ‫كما ش��هد عام ‪ 1965‬صراعًا على‬ ‫الس��لطة‪ ،‬بين قادة البعث التقليديين‪،‬‬ ‫ممثلي��ن بالقي��ادة القومي��ة‪ ،‬وبي��ن‬ ‫القي��ادة القطري��ة التي س��يطر عليها‬ ‫الضب��اط البعثي��ون‪ ،‬والت��ي أقرت في‬ ‫مؤتمرها القطري في آذار ‪ 1965‬مبدأ‬ ‫ك��ون الحكوم��ة خاضعة كلي��اً للحزب‪،‬‬ ‫واألمي��ن القط��ري ه��و حكم��ًا رئيس‬ ‫الدول��ة‪ ،‬والقي��ادة القطري��ة هي التي‬ ‫تعين رئي��س الوزراء‪ ،‬ورئيس األركان‬ ‫العامة‪ ،‬وكبار القادة العس��كريين‪ .‬هذا‬ ‫الص��راع ال��ذي انته��ى بقي��ام انقالب‬ ‫شباط ‪.1966‬‬ ‫ويعلق س��امي الجن��دي على هذا‬ ‫االنق�لاب بقوله‪":‬ل��م يع��رف تاري��خ‬ ‫الش��عوب والقبائل المتوحشة فوضي‬

‫تحلل��ت من كل خلق مثل��ه‪ ،‬كنت أعود‬ ‫إل��ى كتيب صغي��ر فيه مب��ادئ الحزب‬ ‫وأق��ارن بي��ن األم��ل والواق��ع‪ ،‬بين ما‬ ‫يمكن تحقيقه وم��ا نصنع‪ ،‬بين ما كنا‬ ‫نقول وما بتنا نقول‪ ،‬بين وعود وعهود‬ ‫أعطيناها للبس��طاء وس��وط لوحنا به‬ ‫عل��ى رءوس��هم وأدمينا ب��ه جلودهم‬ ‫فأحس بالخجل يفتت أعصابي"‪.‬‬ ‫ويقول األستاذ جالل السيد البعثي‬ ‫القدي��م‪" :‬انقالب آذار ل��م يكن مفاجئا‬ ‫ب��ل أن رائحت��ه كانت تزك��م األنوف‪..‬‬ ‫بل إن الحديث عن االنقالب كان يجري‬ ‫عالنية وعلى قارعة الطريق"‪.‬‬ ‫وش��كل ص�لاح البيط��ار وزارت��ه‬ ‫األول��ي وأش��رك فيه��ا الوحدويين ثم‬ ‫اس��تقال الوحدويون وس��قط البيطار‪،‬‬ ‫وش��كل البيطار وزارت��ه الثانية ولكن‬ ‫الوحدويي��ن اس��تقالوا م��ن المجل��س‬ ‫الوطن��ي وقام��وا بانق�لاب ‪ 18‬تم��وز‪،‬‬ ‫الذي س��قط في��ه نحوا م��ن ‪170‬قتي ً‬ ‫ال‬ ‫وخيم جو رهيب على دمش��ق وسجلت‬ ‫مشاهد اإلعدام بشكل مخجل وأصبح‬ ‫الس��وريون كله��م ف��ي نظ��ر البع��ث‬ ‫متهمين‪ ،‬واس��تقر األمر للبعث وقامت‬ ‫دولة اإلره��اب والفوضى في دمش��ق‬ ‫وكان مقياس نج��اح الوزير هو قوائم‬ ‫التسريحات‪.‬‬ ‫وقام الحزب بعملية عزل سياسي‬ ‫ش��ملت الكثير من السياس��يين ورجال‬ ‫الفك��ر ف��ي س��وريا ولم يس��لم حتي‬ ‫زم�لاء االنقالبين م��ن التدبير ويقول‬ ‫األستاذ جالل السيد‪:‬‬ ‫"قام��ت المزايدات بي��ن حكم آذار‬ ‫وبي��ن عبد الناص��ر والمزاي��دات كانت‬ ‫تجري على حساب الش��عب ومصلحته‬ ‫وق��د اتخذت ق��رارات بالتأمي��م وأخرى‬ ‫بش��أن اإلص�لاح الزراع��ي والتج��ارة‬ ‫الخارجي��ة وما إلي ذلك م��ن تصرفات‬ ‫كان��ت كلها ضرب��ة للش��عب حدت من‬ ‫رزقه وزادت في قلقه وجعلت كل قادر‬ ‫على الرحيل والهجرة يفكر في الرحيل‬ ‫والهجرة وزادت هذه المشاعر بالهجرة‬ ‫وكث��رت المح��اوالت م��ع الزم��ن حتي‬ ‫يمكن القول‪ :‬إن الم��ال والعلم كليهما‬ ‫ق��د غادرا القطر الس��وري وهاجرا إلى‬ ‫حيث يجدان مناخ��ا صالحا لهما في أي‬ ‫مكان تحت الشمس وقد فرغت سورية‬ ‫ن هذين العنصرين تفريغاً يكاد يكون‬ ‫تاماً"‪.‬‬ ‫ويضي��ف البعثي القديم األس��تاذ‬ ‫جالل الس��يد‪" :‬نش��ر جو م��ن اإلرهاب‬ ‫الفك��ري والم��ادي مم��ا أذل المواط��ن‬ ‫العربي الس��وري ثم جعل��ه يميل إلى‬ ‫اس��تعمال النف��اق تقي��ة وتخلصا مما‬ ‫يهدده من مصير أس��ود وب��دال من أن‬ ‫يذه��ب حك��م البعث إل��ى نف��خ اإلباء‬ ‫واألنف��ة ف��ي النف��وس فإن��ه ق��د راح‬ ‫يس��تل ما في النفوس م��ن بقايا لهذه‬

‫جاسم علوان‬

‫الصف��ات الت��ي هي ض��رورة لمواجهة‬ ‫العدو الذي يقف على حدودنا ويتربص‬ ‫بنا كما فعل بعد ذلك في حزيران عام‬ ‫‪."1967‬‬ ‫وفى مكان آخر يقول عضو البعث‬ ‫القديم األس��تاذ جالل السيد‪" :‬وعاشت‬ ‫س��وريا في ظالل بعض الدكتاتوريات‬ ‫أيضا تحت ظل اإلرهاب كعهد حس��ني‬ ‫الزعي��م مث�لا وعهد الشيش��كلي لكن‬ ‫كل ه��ذه العهود لم تزد في قس��وتها‬ ‫عن عهود البعث"‪.‬‬ ‫ويضي��ف عضو القي��ادة القطرية‬ ‫لحزب البعث الس��وري الدكتور س��امي‬ ‫الجندي وزير اإلع�لام في أول حكومة‬ ‫ش��كلتها حرك��ة الثام��ن م��ن آذار في‬ ‫كتابه "كس��رة خب��ز"‪ .." :‬كنت أنذرهم‬ ‫أن س��بل الث��ورة بات��ت خط��رة عل��ى‬ ‫نفسها وعلي الش��عب وإنها باتت ثورة‬ ‫ب��ل انق�لاب ش��رذمة أدي به��ا الغرور‬ ‫واألنانية والتمسك بالحكم إلى طغيان‬ ‫بوليس��ي ال ه��دف ل��ه وال رج��اء من��ه‬ ‫غي��ر الخراب والتخري��ب والولوج بالدم‬ ‫والشرف‪."..‬‬

‫حماولة انقالب‬ ‫جا�سم علوان‬ ‫ف��ي ‪ 18‬تم��وز ع��ام ‪ 1963‬عندما‬ ‫تسلل العقيد جاسم علوان من سوريا‬ ‫س��رًا إلى لبنان ومن لبنان قام بزيارة‬ ‫س��رية لمصر قابل خالله��ا جمال عبد‬ ‫الناصر واضعاً بي��ن يديه خطة القيام‬ ‫بانقالب عس��كري ف��ي س��وريا إال أنه‬ ‫أك��د أن نس��بة نجاحه��ا ال يتعدى ‪30%‬‬ ‫وم��ع ذل��ك طل��ب جم��ال عب��د الناصر‬ ‫من��ه تنفيذها وكان عب��د الناصر ينوي‬ ‫إع�لان وحدة مصر وس��وريا مرة أخري‬ ‫في خطاب عي��د الثورة ي��وم ‪ 23‬تموز‬ ‫ع��ام ‪ 1963‬ف��ي حالة نجاحه��ا أما في‬ ‫حالة الفشل فانه سيعلن انسحابه من‬ ‫اتفاقية الوحدة الثالثية التي وقعها مع‬


‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫بدأ حاط��وم في تكتي��ل مؤيدين‬ ‫حول��ه وباألخص من الضب��اط الدروز‬ ‫ومن أهمهم العقيد طالل أبو عس��لي‬ ‫عضو اللجنة العسكرية وقائد الجبهة‪.‬‬ ‫في ذات الحين كان منيف الرزاز األمين‬ ‫القوم��ي "المقال" متخفيًا في دمش��ق‬ ‫ناسجاً خيوطًا كثيرة مع ضباط بعثيين‬ ‫يدين��ون بالوالء للقيادة القومية وعلى‬ ‫رأس��هم الل��واء فه��د الش��اعر ومع��ه‬ ‫شريف س��عود وعلي س��لطان ومجلي‬ ‫العقيد وإسماعيل هالل وعلي الضماد‬ ‫وحسين زيدان وشريف الشاقي وعبده‬ ‫الديري‪ .‬اش��ترط الش��اعر عل��ي الرزاز‬ ‫أال يض��م التنظيم العس��كري الس��ري‬ ‫أي ضاب��ط عل��وي وذل��ك لض��رورات‬ ‫أمن التنظي��م‪ .‬ورغم أن ال��رزاز وافق‬ ‫على الش��رط إال أن��ه حافظ على خيط‬ ‫اتصال م��ع أحد ضباط انقالب ش��باط‬ ‫ه��و المقدم عل��ي مصطف��ى القريب‬ ‫الصل��ة بحافظ األس��د‪ .‬وراه��ن الرزاز‬ ‫على استجالب األسد ش��يئا فشيئًا إلى‬ ‫تنظيم��ه ليك��ون حصان ط��روادة من‬ ‫داخ��ل النظ��ام االنقالب��ي‪ .‬والثابت أن‬ ‫محاول��ة ال��رزاز ل��م تفلح كثي��را رغم‬ ‫أن أس��د لم يوصد الباب أمام االتصال‬ ‫غي��ر المباش��ر خصوص��ا وأن تنظي��م‬ ‫الش��اعر الموالي لل��رزاز انهار كخيوط‬ ‫العنكبوت في أغسطس ‪ 66‬عبر خيانة‬ ‫أحد أعضائه إس��ماعيل هالل وتبليغه‬ ‫عب��د الكريم الجندي مدي��ر المخابرات‬ ‫العام��ة – الجه��از المس��تحدث حينها –‬ ‫عن الترتيبات الس��رية للتنظيم‪ .‬عرف‬ ‫حاط��وم بتنظي��م الش��اعر بع��د فترة‬ ‫من نش��وئه وق��ام باالتص��ال باألخير‬ ‫عارضا التعاون بي��ن التنظيمين وطي‬ ‫صفح��ة الماضي – القريب – واالئتالف‬ ‫لإلطاحة بجدي��د ونظامه الوليد‪ .‬وافق‬ ‫الرزاز على التعاون لكن وش��اية هالل‬ ‫وتساقط تنظيم الشاعر أربكا حاطوم‬ ‫بشدة لشعوره بأنه انكشف أمام جديد‬ ‫متواطئا ومتآمرا‪ .‬لهذا الس��بب وجدناه‬

‫يس��ارع ف��ي ‪ 8‬أيلول لتفجي��ر الموقف‬ ‫عبر اعتقال نور الدين األتاسي وصالح‬ ‫جدي��د وإبراهيم العلي أثن��اء زيارتهم‬ ‫للسويداء لبحث الموقف الحزبي هناك‬ ‫إث��ر تمرد الف��رع على القي��ادة مطالبا‬ ‫بع��ودة "المنش��قين" ‪ -‬وغالبيته��م‬ ‫دروز ‪ -‬لصف��وف الحزب مدفوعين من‬ ‫حاط��وم ومؤيدي��ن‪ .‬هن��ا ق��ام حافظ‬ ‫األس��د الذي ومن موقعه ف��ي األركان‬ ‫اتص��ل بحاط��وم وه��دده بضربه جوا‬ ‫وب��را "اللواء ‪ 70‬الم��درع" إن لم يطلق‬ ‫س��راح أس��راه على الفور وهو ما فعله‬ ‫وفر على أثره إلى األردن‪.‬‬ ‫ب��دأ التص��ادم بينه وبي��ن حافظ‬ ‫األس��د قب��ل ح��رب حزي��ران ‪،1967‬‬ ‫وظهر الص��راع جلياً بينه وبين األس��د‬ ‫ف��ي المؤتم��ر القط��ري الراب��ع ع��ام‬ ‫‪ .1968‬فيما تكتل االتحاد االش��تراكي‬ ‫العربي مع االشتراكيين العرب وحركة‬ ‫القوميين العرب والبع��ث العراقي في‬ ‫جبه��ة معارض��ة لحكم ص�لاح جديد‪.‬‬ ‫وف��ي فت��رة القالق��ل ف��ي األردن في‬ ‫بداية السبعينات‪ ،‬تدخلت القوات البرية‬ ‫الس��ورية ف��ي األردن بأم��ر من صالح‬ ‫جديد‪ ،‬لكنها تعرضت لهجمات الطيران‬ ‫األردن��ي واإلس��رائيلي فطل��ب صالح‬ ‫جديد من حافظ األس��د إرسال مساندة‬ ‫جوي��ة لكن األخي��ر رف��ض وبالنتيجة‬ ‫فش��لت العملية‪ ،‬فدعا صالح جديد إلى‬ ‫مؤتمر طارئ للقي��ادة القومية في ‪30‬‬ ‫تش��رين األول لمحاس��بة وزي��ر الدفاع‬ ‫حاف��ظ األس��د‪ ،‬ولكن األس��د وفي ‪16‬‬ ‫تش��رين الثاني ‪ 1970‬قام بما يس��مى‬ ‫الحرك��ة "التصحيحية"‪ ،‬واعتقل صالح‬ ‫جدي��د وكافة القيادات البعثية المناوئة‬ ‫له‪.‬‬ ‫تم س��جنه في سجن المزة حوالي‬ ‫ث�لاث وعش��رون س��نة‪ ،‬وتوف��ي ف��ي‬ ‫الس��جن ف��ي ‪ 19‬آب ‪ 1993‬بطريق��ة‬ ‫غامضة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫صالح جديد‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كل م��ن العراق وس��وريا بعد ان أدرك‬ ‫عب��د الناصر أن ح��زب البع��ث في كل‬ ‫من سوريا والعراق يحاول كسب مزيد‬ ‫م��ن الوق��ت إلقص��اء الناصريي��ن في‬ ‫كال البلدي��ن م��ن أية مناص��ب قيادية‪.‬‬ ‫وبالفع��ل فش��لت تلك العملي��ة وأعلن‬ ‫عبد الناصر انس��حابه من الوحدة وزج‬ ‫بمئ��ات الناصريي��ن ف��ي س��جن المزة‬ ‫بدمشق‪.‬‬ ‫وتق��رر إع��دام م��ا يف��وق ع��ن‬ ‫عش��رين ضابطًا ناصريًا بعد محاكمة‬ ‫صوري��ة ج��رت ف��ي دقائ��ق‪ .‬فرفض‬ ‫لؤي األتاس��ي التصديق عل��ى قرارات‬ ‫اإلع��دام واس��تقال نج��اة بنفس��ه من‬ ‫مسؤولية الدم المراق فسارعت اللجنة‬ ‫العس��كرية بتعيين عضوها المستجد‬ ‫وغي��ر األصي��ل أمي��ن الحافظ رئيس��ا‬ ‫لمجل��س الثورة وقائ��داً عام��اً وحاكمًا‬ ‫عرفي��ًا ب��ل واحتفظ برئاس��ة األركان‬ ‫التي تواله��ا خلفًا للحري��ري المطرود‬ ‫قبلها بأيام‪.‬‬ ‫كم��ا عم��دت اللجن��ة العس��كرية‬ ‫للتفاه��م مع جن��اح "القطريي��ن" في‬ ‫ح��زب البع��ث الذي��ن ال زال جس��مهم‬ ‫األكب��ر خ��ارج الح��زب رغم مس��ارعة‬ ‫العدي��د منهم للع��ودة له بع��د ‪ 8‬آذار‪.‬‬ ‫والثاب��ت أن القاس��م المش��ترك بي��ن‬ ‫عس��كريي اللجن��ة وبي��ن مدني��ي‬ ‫القطريين كان أرضية طبقية واضحة‬ ‫فمعظ��م الطرفي��ن م��ن الري��ف ب��ل‬ ‫وأن نس��بة كبي��رة منهم��ا م��ن خلفية‬ ‫مذهبي��ة متقارب��ة "األقلي��ات العلوية‬ ‫واإلسماعيلية والدرزية"‪.‬‬ ‫م��ن رم��وز القطريي��ن كان مثل‬ ‫ماخوس ه��ذا التيار في أول وزارة بعد‬ ‫‪ 8‬آذار وزي��راً للصحة ث��م لحقه زعين‬ ‫ف��ي كان��ون الثان��ي وزي��راً لإلص�لاح‬ ‫الزراعي‪.‬‬ ‫أعاد البعث السوري تنظيم نفسه‬ ‫بع��زل البيط��ار م��ن رئاس��ة الحكومة‬ ‫والت��ي أضيف��ت إل��ى أمي��ن الحاف��ظ‬ ‫م��ع احتفاظه برئاس��ة مجل��س الثورة‬ ‫ومنص��ب القائ��د الع��ام م��ع الحاك��م‬ ‫العرف��ي‪ .‬لك��ن ذل��ك التنظيم ش��مل‬ ‫ترفي��ع محم��د عم��ران رئي��س اللجنة‬ ‫العس��كرية إلى رتبة الل��واء مع تعيينه‬ ‫نائبًا لرئيس الوزراء‪ ..‬أي عمليًا رئيس‬ ‫الوزراء‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1964‬اندلع��ت االحتجاجات‬ ‫التي تحولت لثورة مس��لحة في مدينة‬ ‫حم��اه ضد حك��م البعث‪ ،‬وق��د تجاوبت‬ ‫معه��ا غالبي��ة المحافظ��ات الس��ورية‪،‬‬ ‫وم��ا إن أغلق ملف حماة عب��ر نوع من‬ ‫التراض��ي بي��ن الس��لطة والمجتم��ع‬ ‫األهل��ي إال ووجدت اللجنة العس��كرية‬ ‫نفس��ها مضطرة لالس��تعانة بقدامى‬ ‫البعثيين من التقليديين وعلى رأسهم‬ ‫المكروه لديهم صالح البيطار ليش��كل‬ ‫وزارة تخم��د أوار العداوة المس��تفحلة‬ ‫ف��ي أوس��اط الش��عب س��واء بغالبيته‬ ‫الناصرية أم بأقليته المحافظة‪.‬‬ ‫وق��د ب��دأ الخ�لاف واضح��اً بي��ن‬ ‫قطب��ي اللجن��ة جدي��د وعم��ران‪ ،‬وقد‬ ‫اغتن��م عم��ران فرصة اقت��راح رئيس‬ ‫األركان اللواء صالح جديد ترفيع الرائد‬ ‫حافظ األس��د إلى رتب��ة اللواء وتعيينه‬ ‫قائداً لس�لاح الجو مناسبة لالعتراض‬ ‫وبعده��ا تفجي��ر الموق��ف‪ .‬كان حافظ‬ ‫األس��د حينه��ا محس��وبا في األس��اس‬ ‫على ص�لاح جديد وبالتالي فتس��ليمه‬ ‫قيادة س�لاح الجو هو تعزيز لخصومه‬ ‫المحتملي��ن‪ .‬ذه��ب محمد عم��ران إلى‬ ‫القيادة القومية – التي هي عضو فيها‬

‫– ليق��ول بالفم الم�لآن إن هناك لجنة‬ ‫عسكرية سرية وأنها تخطط لإلطاحة‬ ‫بالقي��ادة المدني��ة وأنه��ا ترم��ي لبناء‬ ‫دولتها المطرزة على مقاس��ها الخاص‬ ‫وأنه بالتالي منحاز للقيادة القومية وال‬ ‫يريد إال كش��ف المستور والخالص من‬ ‫المنش��قين عنها في الظ�لام‪ .‬فقامت‬ ‫القي��ادة القومي��ة للح��زب حينه��ا عام‬ ‫‪ 1964‬بحل القي��ادة القطرية الواجهة‬ ‫الحزبية للجنة العسكرية معتقدة أنها‬ ‫بذلك تحس��م الص��راع المكتوم والذي‬ ‫أوص��ل ميش��يل عفل��ق ف��ي حزيران‬ ‫‪ 1964‬إلى الترحال إلى ألمانيا‪ .‬لكن ما‬ ‫تمخ��ض عن هذه المواجه��ة هو ثورة‬ ‫قواع��د الحزب عل��ى القي��ادة القومية‬ ‫ونصرة لقيادتها القطرية‪ .‬لم يكن في‬ ‫األمر عجب إذ ش��هد عام ‪ 1964‬بطوله‬ ‫انض��واء كل القطريي��ن ف��ي الح��زب‬ ‫وتسلمهم الشعب والفروع والمنظمات‬ ‫والت��ي عبره��ا ملك��وا الجس��م وبقي‬ ‫فوقهم الرأس – غير الفاعل – كرمز ال‬ ‫تعلو مكانته عن كونه هذا الرمز‪.‬‬ ‫خس��ر عم��ران ره��ان القي��ادة‬ ‫القومي��ة فاضطر للذه��اب إلى المطار‬ ‫مط��روداً كس��فير ف��ي إس��بانيا عل��ى‬ ‫خطى س��لفه الحريري‪ ،‬دخل��ت اللجنة‬ ‫العس��كرية ع��ام ‪ 1965‬بق��رار تأجيج‬ ‫يس��اريتها وألهداف عدة منها المزايدة‬ ‫عل��ى كل من عبد الناص��ر وعفلق ثم‬ ‫البرهان على أنها ال تقل يس��ارية عن‬ ‫اليسار المفصول ومنها حاجتها لتثبيت‬ ‫ش��رعية معينة هي ش��رعية الطبقات‬ ‫المس��تضعفة – وف��وق مفهومه��ا ‪. -‬‬ ‫س��بق ذلك إقالة وزارة ص�لاح البيطار‬ ‫في أكتوبر ‪ 1964‬وعشية اللقاء الثالث‬ ‫م��ع عبد الناصر في القاهرة‪ .‬في األول‬ ‫من يناير ‪ 65‬اتخذت اللجنة العس��كرية‬ ‫ق��رارا بتأميم��ات واس��عة للنط��اق‬ ‫ش��ملت القطاعات المالي��ة والصناعية‬ ‫والتجارية وسواها كان جلها – بمنطق‬ ‫اقتص��ادي مح��ض – يتج��اوز أي حاجة‬ ‫فعلي��ة ل��ه لدرج��ة أن العدي��د منه��ا‬ ‫س��رعان م��ا ألغ��ي لتبي��ن كوميديت��ه‬ ‫الفاقع��ة‪ .‬رد تج��ار دمش��ق بإض��راب‬ ‫واس��ع قمع بقسوة غير معهودة لدرجة‬ ‫اقتحام المس��جد األموي تعقبا لبعض‬ ‫المضربين والمتظاهرين‪.‬‬ ‫وف��ي ش��باط ‪ 1966‬ق��ام جدي��د‬ ‫بانتزاع رئاس��ة الحكومة م��ن الحافظ‬ ‫وت��م اعتقال��ه وج��رح أوالده ومقت��ل‬ ‫الكثيري��ن م��ن عناص��ر حاميت��ه‪ ،‬تم‬ ‫اعتق��ال عفلق والبيط��ار وعمران لكن‬ ‫ص�لاح جديد فض��ل بعد حين تيس��ير‬ ‫ه��روب عفل��ق والبيط��ار تهيب��ا م��ن‬ ‫صفتيهما كمؤسس��ين للح��زب‪ ،‬أكمل‬ ‫عفل��ق طريق��ه إل��ى البرازي��ل فيم��ا‬ ‫أعلن البيطار ومع��ه منصور األطرش‬ ‫تبرؤهم��ا من البعث وانس��حابهما منه‬ ‫ف��ي بي��ان إصداره م��ن بي��روت‪ .‬وقبع‬ ‫الحاف��ظ وعم��ران ف��ي الس��جن لحين‬ ‫اإلفراج عن المعتقلين السياسيين يوم‬ ‫‪ 9‬يونيو ‪ 67‬في جو الهزيمة الفادحة‪.‬‬ ‫وكان المكلف بإلقاء القبض على‬ ‫الحافظ المقدم س��ليم حاطوم‪ ،‬والذي‬ ‫بع��د أن أدى دوره المطل��وب وبدموية‬ ‫ملحوظ��ة واجه تنكر جديد له مجس��داً‬ ‫ف��ي ع��دم إع��ادة انتخابه عض��واً في‬ ‫القيادة القطرية المؤقتة التي انتخبها‬ ‫مؤتمر قطري استثنائي جديد عقد في‬ ‫مارس ‪ 66‬بعد نجاح االنقالب‪ .‬والثابت‬ ‫أن تل��ك كان��ت لطم��ة ش��كلت نقطة‬ ‫تحول ف��ي موق��ف حاطوم مم��ا جرى‬ ‫ويجري‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫�شو هي احلرية اللي بدكن ياها؟‬ ‫جيفارا عي�سى‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫علين��ا أن نضم��د الج��راح‪ ..‬عضي��ت عل��ى جرح��ي‬ ‫الفلسطيني‪ ..‬بكيت للحاصل في اليرموك‪ ..‬لكن قلت‬ ‫لنفس��ي‪ :‬الثورة فوق كل ش��يء‪ ..‬المطال��ب التي من‬ ‫اجلها ثار الش��عب الس��وري فوق أي اعتبار ومصلحة‪..‬‬ ‫آلمني الدم الفلس��طيني النازف في مخيمات الشتات‪..‬‬ ‫لكنه لي��س بأغلى من الدم الس��وري‪ ..‬فكل من على‬ ‫ه��ذه األرض‪ ..‬أي كان دين��ه أو قوميت��ه مطال��ب بأن‬ ‫يع��ض على جرحه إلى أن نحقق الهدف األكبر‪ ..‬وهذا‬ ‫ال يعني عدم النقد ومحاس��بة األخطاء أن وجد‪ ،‬ولكل‬ ‫آن أوان‪ ..‬علينا أن ال ننس��ى ب��ان الثورة فوق الجميع‪..‬‬ ‫هذا ليس شعار إنما حقيقة وإال فعلى الدنيا السالم!‪..‬‬

‫�إياد عي�سى‬

‫إل��ى العلويي��ن الذي��ن نح��ب‪ ..‬هاه��ي س��وريا التي‬ ‫تحبك��م‪ ..‬وتل��ك س��وريا األس��د الت��ي تكرهك��م‬ ‫وتكره��ون‪ ..‬في هذه اللحظة لكم ديناٌ‪ ،‬وآلل األس��د‬ ‫دين‪.‬‬

‫هيا احلاج �أحمد‬

‫الثورة الس��ورية يجب أن تس��مى بث��ورة األرواح ألن‬ ‫ش��هدانا م��ا زال��وا يدافع��ون ويتحملون معن��ا طالما‬ ‫اتح��دت أرواحه��م بأرواحن��ا وس��كنوا قلوبن��ا والروح‬ ‫والقلب أصل الثورة ومنهجها‪!..‬‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪22‬‬

‫يا�سني عبد اللطيف‬

‫ليس في التاريخ نظام مس��وخ كنظام الصغير بشار‬ ‫األس��د كأنه ق��د خرج علين��ا من "مملك��ة الظالم مع‬ ‫قطعان النازغول المرعبة" التي تذبحُ ش��عبًا وتهدم‬ ‫الدولة!‪..‬‬

‫حممد العبد اهلل‬

‫ش��ركاء الجريمة‪ ..‬أولئك الذي��ن يتفرجون على داريا‬ ‫تذبح وحيدة‪ ..‬ال دعم وال سالح وال متطوعين وال هم‬ ‫يحزنون‪ ..‬يا ريت تعرفونا على أهاليكم‪ ..‬لتش��ملهم‬ ‫لعن��ات ال��روح اليومي��ة الت��ي نطلقها ض��د القاتل!!‬ ‫شركاء الجريمة شركاء أيضًا في اللعنة!!‪..‬‬

‫حممد ح�سني‬

‫أن تكون فلسطينيا فأنت س��وري بالفطرة‪ ..‬فالظلم‬ ‫جين جامع‪..‬‬

‫ح�سام عيتاين‬

‫ف��ي الثمانينات كان��ت الفك��رة الرائج��ة أن الطائفة‬ ‫أح��د تمظهرات (العف��و منكم) الص��راع الطبقي وان‬ ‫م��ن واجبنا (نع��م‪ ،‬نحن ب��كل تواض��ع) الفصل بين‬ ‫جماهير الطوائف المضللة وبين قياداتها البرجوازية‬ ‫التي تس��تغل البس��طاء من أبناء ش��عبنا الطيب‪ .‬مع‬ ‫الربيع العربي اكتش��فنا أن الطائفية مكون جوهري‬ ‫من مكونات ش��عبنا (غير الطيب) وأننا عندما نس��اند‬ ‫الثورات إنما نس��اند العصابات الظالمية الدينية وان‬ ‫األنظمة الوطنية‪ ،‬ربما (فقط ربما) قد تكون وحشية‬ ‫ودموية لكن مواجهته��ا لالمبريالية تبرر لنا تأييدها‬ ‫ف��ي مواجه��ة الظالميي��ن التكفيريي��ن‪ ..‬وبوجهكم‬ ‫المسك‪.‬‬

‫الحرية يلي بدي ياها‪ ،‬أنو يكون رأيي محترم ومسموع من قبل كل الناس‪..‬‬ ‫وكل الن��اس يكون رأيها محترم ومس��موع كمان‪ ..‬الحرية يلي بدي ياها أنو ماح��دا يتمنالي ‪ -‬أنا أو أي حدا‬ ‫تاني ممكن يوافقني بآرائي ‪ -‬أنو ننقتل بالمستقبل لمجرد أنو أفكاري مابتعجب أصحاب المسؤولية والقرار « قبل‬ ‫أو بعد سقوط النظام»‪ .‬بكل بساطة وبديهية هي هيّ الحرية يلي بدي ياها‪ ..‬ومارح أتراجع عنها‪..‬‬

‫ممثلة سورية مغتربة‬

‫فرج بريقدار‬ ‫س��ريه كانيه ليس��ت تركي��ة وال إيراني��ة وال بي كي‬ ‫كي‪ ..‬س��ري كانيه س��ورية‪ ..‬وعلى من يدعون أنهم‬ ‫مع الثورة السورية أن يشرّفوا إلى حمص أو داريا أو‬ ‫المعضمية أو أي مكان‪..‬‬

‫ح�سان املاغوط‬

‫نعم إنها صواريخ لمن ال يصدق وليس��ت مجسمات‪..‬‬ ‫يا أش��باه البش��ر أين أنتم يا حيوانات‪ .‬تعجز الكلمات‬ ‫عن وصف أصحاب اللون الرمادي (بال انتماء) متابعي‬ ‫المسلسالت التركية وبرامج العهر العربي أين أنتم‪،‬‬ ‫ه��ل تش��اهدون الحلق��ة ‪ 1234‬من كاس��ندرا أو نور‬ ‫التركي‪ ..‬يلعن أشرفكن مين ما كنتم‪..‬‬

‫وليد دروبي‬

‫أتفهم أن يضحّي اإلنس��ان بنفس��ه من أجل حريته‬ ‫وحري��ة اآلخري��ن‪ ..‬ولكن أش��فق على م��ن يضحّي‬ ‫بنفس��ه م��ن أج��ل طاغي��ة يعامل��ه كعب��د وككل��ب‬ ‫حراسه‪!..‬‬

‫رو�شان قا�سم‬

‫اتركوا علم الث��ورة بحاله‪ ..‬كفاه ما ألم به‪ ،‬ما يقارب‬ ‫العامي��ن م��ن راح��ة ال��دم تلف��ه وما من مس��تجيب‬ ‫المجتم��ع الدول��ي في ثب��ات وال��دول اإلقليمية تلعب‬ ‫بذيله��ا وتضرب ذات اليمين وذات الش��مال‪ ،‬تش��تري‬ ‫من تشاء وتبيع من بات عاق وترمي في القمامة من‬ ‫انتهت صالحيته‪ ،‬إياكم وعلم الثورة ال تعبثوا بألوانه‬ ‫وطول��ه وعرض��ه‪ ،‬ال نري��د ال الهالل وال األس��ماء وال‬ ‫آيات تحت هذا العلم كس��ر الس��وريون حاجز الخوف‬ ‫وتمنوا الكرام��ة وتحت هذا العل��م ارتفعت األصوات‬ ‫تنادي بموت الدكتاتور‪ ،‬تحت هذا العلم كانت الوجوه‬ ‫س��محاء ال لحى وال س��راويل قصيرة وال دشداش��ات‪،‬‬ ‫تحت ه��ذا العلم كان الس��وري فق��ط عربي كوردي‬ ‫س��ني علوي درزي مسيحي مسلم‪ ،‬صاحب الحق في‬ ‫رفعه‪ ،‬اسحبوا تلك األيادي مهما تكن‪ ..‬ال نريد أعالم‬ ‫س��وداء‪ ،‬إنه غريب عن الثوب السوري ال يليق برقيه‬ ‫وال يلي��ق بالفسيفس��اء وال يلي��ق بنب��ض الحياة‪ ،‬إن‬ ‫ثورتن��ا كانت لنحيا ال لنموت‪ ..‬ال لنحلل ونكفر‪ ،‬إياكم‬ ‫لمس قدسية الثورة‪.‬‬

‫فار�س احللو‬

‫البطل محمد الحوران��ي أجبر قناة الجزيرة أن تصفه‬ ‫بالش��هيد!!‪ ..‬عش��رات اآلالف من الش��هداء صنفتهم‬ ‫الجزي��رة والعربي��ة وكل القن��وات اإلعالمية بالقتلى‬ ‫ال أكث��ر!!‪" ..‬محم��د الحوران��ي ه��و نفس��ه محم��د‬ ‫المسالمة"‪..‬‬

‫كوليت بهنا‬ ‫س��فر الخ��روج‪ :‬ه��ذا وقد خرج��ت بين عام��ي ‪2011‬‬ ‫و‪ 2013‬موجات نزوج سورية لم يعرف مثلها التاريخ‪.‬‬ ‫بعضهم خرج يحمل أطفاله وقطعاً من جدران بيته‪..‬‬ ‫وبعضهم خرج يحمل خوفه وأوجاعه‪ ..‬والكثير الكثير‬ ‫خرجوا يحملون حلم الوطن‪..‬‬ ‫ف��ي دول الش��تات‪ ..‬قض��ى بعضه��م ب��رداً أو جوعًا‬ ‫أو وجع��ًا‪ ..‬وقضى بعضه��م اآلخر قهراً أو تش��رداً أو‬ ‫تشرذمًا‪ ..‬والكثير الكثير ما ماتوا‪ ..‬لكنهم ظلوا أحياء‬ ‫يأكله��م الحنين والحزن تحس��ب الواح��د منهم خيال‬ ‫ظل تلعب به ريح الغربة المريرة‪..‬‬ ‫سفر العودة‪ :‬ننتظركم‪ ..‬مع حلم وطن‪.‬‬

‫كفاح علي ديب‬

‫أكب��ر خطأ نرتكبه بحق الثورة‪ ..‬هو برود همتنا أحيانا‬ ‫بالمطالب��ة بالمعتقلي��ن‪ ،‬كلم��ا خ��رج معتق��ل يروي‬ ‫لن��ا ع��ن فظاعة م��ا يحدث في الس��جون وع��ن أعداد‬ ‫المعتقلين الذين يقضون تحت التعذيب‪ ،‬أرواح أوالئك‬ ‫ف��ي أعناقن��ا‪ ..‬الحرية للمعتقلي��ن كل المعتقلين‪ ..‬ما‬ ‫منكل وال منمل بدنا ياهون بدنا الكل‪..‬‬

‫‪‎‬منهل باري�ش‪‎‬‬

‫لم يع��رف التاريخ أفش��ل من هكذا قادة سياس��يين‬ ‫لثورة‪ ،‬كانت ثورة فحولتموها حربًا‪ ،‬ال أستثني منكم‬ ‫أحداً‪.‬‬

‫و�سيم اجلزايريل‬

‫في س��وريا ولد‪ ..‬شيخ اإلسالم بن تيمية‪ ..‬ومات فيها‬ ‫ش��يخ الصوفية مح��ي الدين بن عربي س��وريا كانت‬ ‫هي مص��در الس��لفية والصوفية كان��ت هي طريق‬ ‫القدي��س بولس ومدفن يوحن��ا المعمدان عاش فيها‬ ‫بنو معروف والعلويون والس��نة ‪ 1400‬سنة‪ ..‬وسوف‬ ‫يعيشون هكذا إلى أخر الزمان‪..‬‬

‫هاال جناري‬

‫واقف��ة على زاوية الطريق وع��م تتطلع بوجوه الكل‬ ‫وهنن عم يركضوا من مكان لمكان ومو عارفين شو‬ ‫يعملوا وكل واحد منن بيصرخ إسعاف إسعاف وصوت‬ ‫والد صغار عم يبكوا ورجال كبير عم يقلن وينو نزل‬ ‫الصبح وينو وهيه لسا عم تتطلع فيهم‪ ..‬قرب عليها‬ ‫ش��ب وقلها ش��بك يا حجة؟ الزمك شي؟ قالتلو‪ :‬عجب‬ ‫بيك��ون ق��دم منيح؟ ابن��ي‪ ،‬اهلل يرض��ى عليك ايمت‬ ‫بتطل��ع النتيجة؟ بدي قلو أنو نجح الم��ادة ألنو مانام‬ ‫امب��ارح وبوس ايدي وقلي دعيلي وس��كر الباب‪ ..‬وأنا‬ ‫دعيلت��و واهلل ي��ا ابني واهلل‪ ..‬س��كر الب��اب وراح‪ ..‬أم‬ ‫الشهيد‪ ..‬كلنا والدك‪..‬‬

‫الأبد وال حلظة‬

‫وأنا أيضا ابن ش��هيد الزال إلى اليوم ش��اهدا على‬ ‫موته‪.‬‬ ‫ففي سنة ‪ 1967‬كان أبي جنديا على الجبهة يحتفل‬ ‫مع أصحابه بمولوده البكر بعدما أن وصلته رس��الة‬ ‫تخب��ره بأن��ه رزق بطفل ذكر واس��مه يوس��ف‪ .‬كان‬ ‫أبي في حينها في فري��ق المدفعية الذاهب لتحرير‬ ‫فلسطين (هكذا قيل لهم)‪.‬‬ ‫اس��تفاق أب��ي في صب��اح المواجهة ليج��د أن اغلب‬ ‫الضباط ق��د هربوا قبل إعالن بدء الحرب‪ .‬خاض أبي‬ ‫وصحب��ه يومها حربا لم يكون��وا مهيئين لها‪ .‬قتل‬ ‫كل من كان على المدفعي��ة وكل من كان بجوارها‬ ‫بقذيفة طائرة واحدة‪ .‬وحين تراجع جيش��نا الوطني‬ ‫المق��دام مدحورا ذهب ج��دي يفتش عن ابنه فقيل‬ ‫له‪ :‬كلهن ماتوا ما ضل منهن واحد يوحد ربه‪.‬‬ ‫الزم جدي فراشه أش��هرا مرضا حزنا ومرارة وثابرت‬ ‫جدتي على زيارة المقبرة رغ��م انه ما من قبر ألبي‪.‬‬ ‫وحين عاد أبي فجأة من مش��فى ف��ي األردن بعدما‬ ‫ضمدت جراحه نظر أهالي القرية لعودته حيا وكأنها‬ ‫خيانة لموته البطولي فلم يسموا مدرسة باسمه وال‬ ‫ش��ارعا وال حيا‪ .‬ضمته جدتي في عرس بكائي كمن‬ ‫يقول له‪ :‬أن تكون ش��هيدا حيا خير إلف مرة من أن‬ ‫تكون شهيدا ميتا‪.‬‬ ‫وتط��وع أبي بعده��ا في الش��رطة ليصب��ح متنقال‬ ‫س��ندباديا من مدينة إلى أخرى‪ .‬وانتقاما من نكسة‬ ‫حزي��ران التحريرية خلف أبي دزين��ة أطفال عفاريت‬ ‫كنت أن��ا واحدا منه��م‪ .‬وحدها أمي م��ن عانى من‬ ‫تحوله��ا الريفي إلى المدنية‪ .‬فكل محاوالت جاراتها‬ ‫الحمويات بان تستبدل‪ ،‬في أحاديث المخاطبة‪ ،‬اسم‬ ‫أبي محمد بلقبه أبو يوسف باءت بالفشل‪ .‬ولم تكن‬ ‫جاراتها في الرقة أكثر حظا رغم نجاحهن بان جعلن‬ ‫أم��ي تحفظ غيبا صيغة الخط��اب المدني التوقيري‬ ‫فكانت هك��ذا ت��ردد تبجيلها لرب البي��ت أبي أمام‬ ‫الضيوف‪ :‬يا محمد‪ ،‬قصدي يا أبو يوسف‪.‬‬ ‫ول��م يكن التخاطب باالس��م إال انتزاع��ا للندية في‬ ‫عالقة الزوجة بزوجها وفي تعايش��هما المش��ترك‪.‬‬ ‫والندي��ة إذا ما فقدت مرة قد ال تعود أبدا‪ ،‬هذا ربما‬ ‫ما جعل أمي تفتعل ش��جارات تؤكد من خاللها على‬ ‫نديته��ا‪ .‬فكانا أحيانا يتش��اجران حت��ى على فنجان‬ ‫القهوة أو على كأس الش��اي‪ :‬إذا ما عاجبتك قهوتي‬ ‫روح عم��ال لحالك‪ .‬وفي لعبة الزع��ل والتراضي كان‬ ‫ذكر األسماء خطابا احتجاجيا تكسر فيه أمي كاريزما‬ ‫الربوبية البيتي��ة‪ :‬يا أنا يا أنت‪ ،‬يا محمد ابن العليا‪،‬‬ ‫واهلل واهلل مان��ي قاعدتل��ك ف��ي البي��ت وال لحظة‪،‬‬ ‫هكذا كانت أمي تردد اس��م أبي في خطابها الثوري‬ ‫التوعدي‪.‬‬ ‫ل��م تكن تفارق البي��ت وال حتى ج��اوزت هي عتبته‪،‬‬ ‫بل كل ما في األمر كانت تنس��ف في خطاب التزاعل‬ ‫أبدي��ة التس��لط لرب األس��رة‪ .‬كم كانت ت��ردد أمي‬ ‫كلمة (وال لحظة)! وكم ش��بيهة اليوم لغة احتجاجها‬ ‫بثورة الشارع الس��وري المتهكم على خطاب األبدية‬ ‫السلطوية بالقول‪ :‬يا جماعة طيب مثل ما بدكم إلى‬ ‫األبد إلى األب��د‪ ،‬بس وال دقيقة زيادة! ولم يكن أبي‬ ‫حقيقة س��لطويا في محنة اعتقال��ه الزواجي ولكن‬ ‫المرء ال يولد س��لطويا بل يصبح كذلك حين يتنازل‬ ‫اآلخرين عن نديتهم وربما هذا ما جعل أمي تحرص‬ ‫أبدا على ترديد كلمة‪ :‬وال لحظة‪.‬‬ ‫لم تتغي��ر أمي الريفية الجبلية ف��ي نديتها ففي أخر‬ ‫اتصال لي به��ا‪ ،‬حينما كان��ت أدوات التواصل الزالت‬ ‫قائمة‪ ،‬أجابت على سؤال القائل‪ :‬يامو مين في البيت‪،‬‬ ‫بالق��ول‪ :‬ما في غير محم��د‪ .‬محمد مين؟ هكذا عقبت‬ ‫أنا‪ ،‬محمد أبوك ولك مسطول‪ ،‬هكذا عقبت هي‪.‬‬ ‫أحمد يوسف‬


‫صبارتنا حيث ال أحد فوق النقد‪..‬‬ ‫باب ناقد ساخر يتناول مواضيع سوريتنا‪..‬‬ ‫مجتمعنا وثورتنا‪..‬‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬

‫دكتاتورية‬ ‫• الديكتاتورية ال تُسقطها ديكتاتورية أُخرى‪ ،‬والكذب ال يواجه بكذب‪.‬‬ ‫الحقيقي يُسقط المزيّف‪ .‬اهلل وكيلك‪.‬‬ ‫• الدكتاتورية وحدة وإن تغير اسمها بين أسدية وإسالمية وغيرها‪.‬‬ ‫• واحد بيسب ع اهلل وبيقتلنا‪ ..‬وواحد بيتو ّكل عليه وبيقتلنا‪.‬‬

‫المحشش السوري االلكتروني‬ ‫مش��هد من حكاية سورية من بطولة رجل‪ ،‬وإن كان حلبي فهو‬ ‫نموذج السوري في لوحة دم سوريالية‪:‬‬ ‫س��وري دم��اؤه المهدورة تش��عل األرض كرام��ة‪ ..‬تتلعثم كلماته‬ ‫بأنفاسه األخيرة ويقول‪«:‬كرمال اهلل بس خليني ودع والدي»‪..‬‬ ‫يأتي رد الحذاء العسكري المدنس‪:‬‬ ‫«بخليك تشوفهم بس بتخليني *** مرتك»‪..‬‬ ‫يصمت الس��وري لوهلة‪ ،‬ربما يعيد ش��ريط ذكرياته‪ ،‬ربما يستحضر‬ ‫عقيدته‪ ،‬مش��اعره‪ ،‬نخوت��ه‪ ،‬عنفوانه لينطق الرد األس��طوري الممزوج‬ ‫بالدم‪« :‬أعوذ باهلل أنا مرتي روحي‪ ..‬أنا والدي روحي»‪..‬‬

‫غي��ر أن ذاك الس��وري يحم��ل إيمان��اً ب��أن‬ ‫الوجدان والش��فقة التزول من النفوس لذا يعيد سؤاله‬ ‫طامعاً ببقايا إنسانية قد تكون مترسبة في ذاك الحذاء‪:‬‬ ‫«كرمال اهلل ياشباب بس أودع والدي»‪..‬‬ ‫يك��رر الح��ذاء العس��كري المدنس مقايضت��ه أيضاً ليثب��ت أنه حذاء‬ ‫مدنس بالعار وحسب‪:‬‬ ‫«بتخليني *** مرتك»‪..‬‬ ‫يُجيب السوري بصوت األرض المحتضرة‪« :‬مرتي بنت عمي مرتي تاج راسي»‪..‬‬ ‫يستغرب ذاك الحذاء العسكري المدنس ويقول‪« :‬اش هالحيوانات هدول»‪..‬‬ ‫يُسدل الستار على تلك الحكاية المألوفة بطلقة عبثية تودي بحياة‬ ‫السوري اشتهاها حذاء آخر‪ ..‬وتبقى الكرامة السورية خالدة‪.‬‬

‫‪-1‬‬‫الن��اس مدري ش��و صايرله��ا‪ ،‬او أنا مدري ش��و‬ ‫صايرل��ي‪ ،‬أو الدني��ا مدري ش��و صايرله��ا‪ ..‬النتيجة‪:‬‬ ‫في ش��ي صاير‪ ..‬مدري ش��و ه��و‪ ..‬إذا كن��ت «اتهامي»‬ ‫نقي «الناس مدري ش��و صايرله��ا»‪ ..‬إذا كنت «انهزامي»‬ ‫نقي «أنا مدري شو صايرلي»‪ ..‬إذا كنت «جبان»‬ ‫نقي «الدنيا مدري ش��و صايرلها»‪ ..‬إذا كنت‬ ‫مش��لوش‪ .‬اطالع وقف برا بهالبرد‪ ..‬علي‬ ‫صوت الغنية يلي عبالك تسمعها‪ ..‬شغل‬ ‫س��يجارة‪ ..‬واصفون‪ ..‬اصف��ون وبعدين‬ ‫طالع بنتيجة‪ ..‬إي وشو فيها‪ ..‬يصير‪..‬‬ ‫‪-2‬‬‫إل��ى كل م��ن يهم��ه األمر‪ ،‬الش��عب‬ ‫الس��وري تعب‪ ،‬ج��زء منه تش��رد وجزء‬ ‫ن��زح وج��زء انقت��ل وج��زء عاطل‬ ‫ع��ن العمل وجزء هاجر وجزء‬

‫هرب وكل الشعب السوري تعب‪.‬‬ ‫مالحظ��ة‪ :‬ال��كالم لي��س موج��ه ال للنظ��ام وال‬ ‫للمعارض��ة وال لألح��زاب والقوى السياس��ية المحلية‬ ‫واإلقليمي��ة وال لألعض��اء الدائمي��ن بمجل��س األمن‬ ‫وال لل��دول اإلقليمي��ة الصديق��ة وغي��ر الصديقة وال‬ ‫للشعوب القريبة والبعيدة‪..‬‬ ‫انا قل��ت ببداية كالمي‪« ..‬إلى من يهمه األمر»‪..‬‬ ‫وه��دول الس��ابقين كله��ن م��ا بيهمن األم��ر‪ ..‬طيب‬ ‫مي��ن بيهم��ه األمر ل��كان‪..‬؟؟ م��ا حدا‬ ‫بيهم��ه أم��ر الش��عب الس��وري‪ ،‬إال‬ ‫الشعب السوري‪ ..‬فتحو عيونكن‬ ‫وأذانك��ن‪ ..‬إذا الش��عب ما عمل‬ ‫ش��ي‪ ..‬م��ا ح��دا س��ائل علين��ا‬ ‫لنعمل شي‪ ..‬شلشناها عليكن‬ ‫‪-3‬‬‫ و اهلل يا أخي احترق محلي‬‫بحومص‪..‬‬

‫ ل��ه ي��ا أخ��ي و اهلل زعلتن��ي و‬‫انش��الهع ما في خسائر كتير؟ ‪ -‬ال ربك حميد‬ ‫عامل حسم ‪.70%‬‬ ‫اهلل محيي الحماصني لك عمي‬ ‫‪-4‬‬‫خبر غير عاجل‪:‬‬ ‫قراصن��ة صومالي��ون يقومون باإلف��راج عن ‪3‬‬ ‫بحّارة س��وريين من دون طل��ب فدية و ذلك تعبيراً‬ ‫ع��ن تعاطفهم م��ع البحارة نظ��راً للظروف التي‬ ‫تمر بها بالدهم‪..‬‬ ‫ه��اد الخب��ر لكل س��وري اعتقل و‬ ‫خطف سوري‪..‬‬ ‫مو معقول يكون «القرصان»‬ ‫الصومالي أرحم من السوري‬ ‫عالسوري‪..‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ال تشــلشــنا مشـــلوشــين‬

‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬

‫قصة حب‪ :‬كنت مواعدها لحبيبتي بعد امتحانها‪.‬‬ ‫ما لحقت ش��وفها بالجامعة‪ ،‬تأخرت شوي‪ ،‬علقت بعجقة السير‪ .‬نزلت قلت‬ ‫بكمل مش��ي أو ركض‪ ،‬المهم ما أتأخر عليها‪ ،‬إلي زمان مو ش��ايفها ألنو كان‬ ‫في كتير حواجز أمن ومعارك بيني وبينها‪.‬‬ ‫نزل��ت وركض��ت‪ ..‬وركض��ت وركض��ت وركض��ت ب��دي لح��ق ش��وفها‪،‬‬ ‫اش��تقتلها‪ .‬بس ما قدرت‪ ..‬فجأة ش��فت شي عم يلمع بالسما‪ ،‬وبعدين صوت‬ ‫بوووووووم وبعدين صارت عتمة‪.‬‬ ‫بعد ش��وي اكتش��فت إن��ي متت وإنّو س��موني ش��هيد وحط��و صوري‬ ‫عالفيس��بوك وأمي ص��ارت تبكي وتبعتلي رس��الة ونش��روها رفقاتي على‬ ‫صفحاتون‪.‬‬ ‫حبيبتي غابت عن الوعي شوي وبعدين قامت ولهلئ عم تبكي‪.‬‬ ‫ب��س ما ح��دا منون فكر إنّو أنا مش��تاق لحبيبتي‪ ،‬وبدي ش��وفها وبدي‬ ‫ضمها وبدي بوسها وشمها‪ .‬ما كان بدي موت‪ ،‬كان بدي عيش مشانها‪.‬‬ ‫حبيبتي آسف ألني متت‪.‬‬ ‫مصارحات‪ :‬الصراحة بتجرح لكنّها بتفيد‪..‬‬ ‫• فيني س��اوي موضوع تعبير عن النصر واألمل والمس��تقبل‬ ‫المشرق وهالكليشات هي‪..‬‬ ‫ب��س بصراح��ة الظاهر إنّ��و األمور ع��م تزيد تعقي��د وتأزم‬ ‫والصراع بعدة مناطق ما عاد إلو عالقة مباشرة بالثورة والنظام إنّما‬ ‫تحوّل لصراع مبني على عصبيات طائفية وعرقية‪.‬‬

‫إذا الش��غلة مطال��ب ث��ورة‬ ‫وس��لطة مستبدة فبس��قوط الس��لطة رح تنحل المش��اكل‪ ،‬الحجر بيرجع‬ ‫بيتعمّ��ر‪ ،‬الحقوق بتعود لصحابها‪ ،‬والنفوس بتهدا‪ ،‬بس لما الموضوع يصير‬ ‫صراعات على أساس الطائفة والعرق والقومية فمثل هي الصراعات ال يمكن أن‬ ‫تنحسم وبتضلها عشرات السنين وبتكوون غالبًا مؤشر على موت األمم واندثارها‪.‬‬ ‫ليك عمو «س��ري كاني��ه» مدينة س��ورية ُ‬ ‫والكرد جزء من س��وريا عجبك وال ما‬ ‫عجبك‪ .‬وجبه��ة النصرة هني الغرباء عنّا وهني اللي ع��م يجيبوا االحتالل عبلدنا‬ ‫وهني المتطرفين المرضى‪ ،‬وسخات وعلقات الثورة‪.‬‬ ‫واألت��راك إذا مفكرين حال��ون بيقدروا يحاربوا ُ‬ ‫الكرد بس��وريا بيكونوا‬ ‫غلطاني��ن ألنّ��و لما بيجد الجد حيدافع��وا العرب عن ُ‬ ‫الك��رد قبل ما يفكروا‬ ‫هني يدافعوا عن حالون‪.‬‬ ‫فهمت عمو أردوغان‪ ،‬فهمتي أختي جبهة النصرة‪.‬‬ ‫برعاية التيار الصهيوصليبي العلماني الليبرالي اليساري الماسوني الغربي‬ ‫السوري | بقلم آدمن ما إلو اسم‬

‫‪23‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثانية | العدد (‪ / 20 | )70‬كانون األول ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪24‬‬

‫ُهنــا ِد َم�شــــق‬

‫سيامند حسين‬ ‫(يوميات ومشاهدات) ‪ 10‬كانون الثاني ‪2013‬‬

‫‪-1-‬‬

‫«تلج‪ ..‬عم تتلج السما!» صاح عامر‬ ‫وأخته الصغيرة غالي��ة وهما يقتحمان‬ ‫قاصدَي��ن صديقهم��ا‬ ‫خيم��ة الجي��ران‬ ‫ِ‬ ‫خال��د‪ ،‬فوجدوه جالس��ًا يتناول العش��اء‬ ‫م��ع والديه وإخوت��ه الكب��ار‪ .‬كان أفراد‬ ‫العائلة الس��تّة ملتمّي��ن على األرض‬ ‫ح��ول صينيّ��ة كبي��رة تح��ت المصباح‬ ‫الوحيد المع ّلق‪ .‬نهض خالد‪ ،‬ذو التسعة‬ ‫أعوام‪ ،‬على الفور مبتهجًا وملعقته في‬ ‫ٍ‬ ‫يده وقد امتأل فمهه بلقمةٍ من البرغل‬ ‫غصّت��ه عندما ح��اول أن يقول ش��يئًا؛‬ ‫لكن أمّه صاحت ب��ه وأمرته أن يُنهيَ‬ ‫صحنه أو ًال‪ .‬في تلك األثناء كان األب قد‬ ‫توقّ��ف عن األكل أيض��ًا‪ ،‬وبقي صامتًا‪.‬‬ ‫ال ب��دّ أن��ه كان يتخيّل حج��م المعاناة‬ ‫الت��ي تحمِ ُلها إليهم نُ��دفُ الثلج‪ ،‬على‬ ‫دفع��اتٍ صغيرةٍ‪ ،‬مهاجر ًة من الس��ماء‬ ‫إل��ى س��طوح خيامه��م المنصوبة في‬ ‫ّ‬ ‫المط��ل عل��ى الح��دود‪ .‬دقائق‬ ‫الع��راء‬ ‫وضجّ��ت الخيم��ة بتح��ركات األوالد‬ ‫وبمحادث��ات الكب��ار الت��ي تداخلت فيما‬ ‫مشوّش��ة الكالم‪ ،‬ف��ي حين ّ‬ ‫ً‬ ‫ظل‬ ‫بينها‬ ‫األب س��ارحاً في أش��ياء ال تعنيهم‪ ،‬إلى‬ ‫رن ص��وت زوجته الحاد في س��معه‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫قادمًا م��ن وراء الخيمة‪ ،‬تتك ّلم بالهاتف‬ ‫م��ع أختها الالجئة ف��ي مخيم الزعتري‪:‬‬ ‫«ال أص��دق‪ ..‬عندك��م أيض��ًا؟ ال‪ ..‬ماذا؟‬ ‫في دوميز وسهل البقاع أيضًا!»‪ .‬نهض‬ ‫وه��و يُتمتم‪ :‬ه��ا هي الجه��اتُ األربع‬ ‫ُ‬ ‫تع��دل‪ ،‬والمصادفات تج��رّ األقدار‪ .‬ثم‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫ان��دسّ في فراش��ه لينام مبك��راً على‬ ‫غير عادته‪.‬‬ ‫تس��أل غالية أمه��ا عمّ��ا إذا كانت‬ ‫البندورة التي زرعته��ا في باحة بيتهم‬ ‫في مع��رة النعمان س��تحتمل الصقيع؛‬ ‫أن ج��ده كان‬ ‫ويُخب��ر عام��ر صديق��ه ّ‬ ‫إن الثل��ج يقس��و كثي��راً عل��ى‬ ‫يق��ول ّ‬ ‫الحدي��د‪ ،‬ويضي��فُ بعدها بح��زنٍ إنه‬ ‫أن دراجت��ه الجديدة‪ ،‬التي‬ ‫يعتق��د اآلن ّ‬ ‫تركها مسنود ًة على حائط البيت عندما‬ ‫نزحوا‪ ،‬قد صدأت‪ .‬كان األطفال يدخلون‬ ‫ويخرج��ون‪ ،‬وق��د التحق به��م أصدقاء‬ ‫آخ��رون‪ ،‬ويتناقل��ون أخب��ار الثل��ج في‬ ‫الداخل‪ ،‬ف��ي قراهم ومدنه��م التي ما‬ ‫بحنين طفوليّ‪،‬‬ ‫زالوا يردّدون أسمائها‬ ‫ٍ‬ ‫ويترقّب��ون الصب��اح ال��ذي س��يحزمون‬ ‫في��ه األمتعة مع عوائله��م‪ ،‬ثم واقفين‬ ‫عل��ى باب المخيم س��ينتظرون الحافلة‬ ‫ليغادروه للمرة األخيرة إليها‪.‬‬ ‫كان��ت قُراب��ة السادس��ة صباح��ًا‬ ‫عندم��ا اس��تيقظ األب‪ .‬خ��رج متجه��ًا‬ ‫إل��ى الس��ياج الواق��ع ش��رق المخيّ��م‪،‬‬ ‫كانت س��اقاه تنغرس��ان في الثلج حتى‬ ‫منتصفهما‪ .‬أثناء عبوره سالكًا الطريق‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يش��تعل‬ ‫س��عال مخنوقٌ‬ ‫األقصر‪ ،‬كان‬ ‫تح��ت الم�لاءات الس��مكية ف��ي خيم��ة‬ ‫أمام��ه‪ ،‬ويخمدُ في أخرى على يس��اره‬ ‫ف��ي الص��ف الثان��ي أو الثال��ث ربمّ��ا‪،‬‬ ‫وهك��ذا‪ ..‬جارف��اً معه صم��ت النائمين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ذك��ره ذل��ك بصري��ر الزّيز ف��ي ليالي‬ ‫الصي��ف تتن��اوب ف��ي أدوار مبعثرة‪ ،‬ال‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)41697‬‬ ‫دمشق‪2734 :‬‬ ‫ريف دمشق‪8988 :‬‬ ‫حمص‪7561 :‬‬ ‫درعا‪3749 :‬‬ ‫إدلب‪5529 :‬‬ ‫حلب‪5294 :‬‬

‫يغلبه��ا النعاس‪ .‬في خيمةٍ مضاءة كان‬ ‫نشيجُ امرأةٍ يهرب خفيضاً إلى الخارج‬ ‫وكأنه يس��تجدي عزاء إح��دى الجارات‪.‬‬ ‫من الخيمة األخي��رة على الزاوية كانت‬ ‫تُسمعُ طرقات ملعقة الشاي الصغيرة‬ ‫على حواف الكؤوس الزجاجية‪ ،‬وتفوحُ‬ ‫لبيض مقلِيّ لتَوِّه‪ .‬بلغ‬ ‫رائحة شهيّة ٍ‬ ‫الس��ياج وجل��س مقرفصاً‪ ،‬ثم أش��عل‬ ‫س��يجارة‪ .‬كان ينظ��ر ص��وب المخي��م‪.‬‬ ‫ش��يئًا فش��يئاً تس��ربت ابتس��امة م��ن‬ ‫عينين��ه ّ‬ ‫ً‬ ‫خفيفة عل��ى الخِيام‬ ‫وحط��ت‬ ‫ُ‬ ‫المَوطوءة بالثل��ج‪ ،‬وقد بدت من بعيدٍ‬ ‫تح��ت ض��وء الفج��ر المنس��كب عليها‪،‬‬ ‫نحل بيضاء‪.‬‬ ‫كخاليا ٍ‬

‫‪-2-‬‬

‫ليلته��ا كتبت س��عاد على صفحتها‬ ‫ف��ي الفيس��بوك‪« :‬رغ��م كل ش��يء‪،‬‬ ‫ش��عرتُ بأن الناس ارتاحوا قلي ً‬ ‫ال عقب‬ ‫رؤي��ة ه��ذا البي��اض‪ .‬إنه��م بالفع��ل‬ ‫يحتاج��ون لفرص��ة‪ ،‬الس��تراحة‪ .‬ل��م‬ ‫يع��ودوا يحتملون أكثر‪ .‬أمس��ى هطول‬ ‫الثلج دافئًا كتعبنا!»‪.‬‬ ‫ف��ي السادس��ة صباح��اً تُغاف��لُ‬ ‫أمَّها المس��تيقظة قبلها‪ ،‬وتمأل زجاجة‬ ‫م��ن الماء ال��ذي بدأ بالغلي��ان في وعاء‬ ‫وضعت��ه أمه��ا عل��ى س��خان الكهرب��اء‬ ‫باكراً‪ُ ،‬‬ ‫تنزل الش��ارع‪ ،‬تُريقُ الماء على‬ ‫زجاج السيارة كما يفعل والدها‪ ،‬فيذوب‬ ‫عنه الثل��ج المتراكم ويلتمعُ س��طحه‪.‬‬ ‫محاول��ةٌ‪ ،‬اثنتان‪ ،‬ثالثة ويُقلع المحرك‪.‬‬ ‫دير الزور‪3010 :‬‬ ‫الرقة‪288 :‬‬ ‫السويداء‪34 :‬‬ ‫حماة‪3387 :‬‬ ‫الالذقية‪679 :‬‬ ‫طرطوس‪59 :‬‬ ‫الحسكة‪216 :‬‬ ‫القنيطرة‪116 :‬‬

‫ّ‬ ‫متقط ً‬ ‫عة لكنها تستمرّ‬ ‫تنطلق السيارة‬ ‫أخي��راً‪ .‬تج��وبُ س��عاد ش��وارع الح��يّ‬ ‫بتمهّل حي��ث الهدوء النس��بيّ يُداري‬ ‫ش��جاعتها؛ تنعط��ف يمين��اً‪ ،‬ويس��اراً‪،‬‬ ‫تتأمل آثار أق��دام وحيدة على الرصيف‬ ‫ٍ‬ ‫األملس الطويل‪ ،‬وتفكرّ‪« :‬ما زلت في‬ ‫دمشق‪ ،‬وهي بيضاء اآلن»‪ .‬حاجزٌ خلى‬ ‫إال من عساكرَ يفشلون في صنع رجل‬ ‫ثل��ج‪ ،‬بينما تص��بّ قهقهاته��م عميقًا‬ ‫ٍ‬ ‫في مداخل البناي��ات المجاورة‪ .‬أحدهم‬ ‫يُ��دوّرُ كر ًة من الثلج ويقذفها بأقصى‬ ‫ما يستطيع‪ .‬تطير الكرة عالياً في مسار‬ ‫َّنُ��وب الذابلة؛‬ ‫مُق��وّس؛ تع ُلو ذروة الت‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تستمرّ؛ تمرّ فوق سلك الكهرباء الذي‬ ‫تجمّعت عل��ى طوله قطرات كبيرة من‬ ‫الم��اء‪ ،‬وال تُصي��بُ ال��دُّوريّ الوحي��د‬ ‫ُ‬ ‫تُخيفه فينتفضُ‬ ‫الواقف علي��ه‪ ،‬لكنها‬ ‫مح ّلقاً؛ تنخفضُ وتقترب من السقوط‬ ‫وقد ازداد تس��ارعها كثيراً‪( ،‬عندما كنّا‬ ‫صغ��اراً اعتدنا أن نحش��و ك��رات الثلج‬ ‫بالحجارة لتصبح ثقيلة وتصل مسافات‬ ‫بعيدة أو تفجّ رأس واحد من خصومنا)‪.‬‬ ‫ت��دوسُ س��عاد الفرامِ��ل بق��وةٍ‬ ‫فتقف س��يارة الرنجّ كصخرةٍ مُصمتة‬ ‫وتنطفئ‪ .‬لق��د ارتطمتْ الكر ُة بالزجاج‬ ‫األماميّ وانفرطتْ متش��ظيّة‪ .‬تُطلق‬ ‫نفس��ًا عميقًا‪ .‬تمدّ رأس��ها من الشباك‬ ‫باتجاه الجندي وهي تشدُّ ضحكتها إلى‬ ‫وجه��ه‪ ،‬وقد علقت قط��رة دمع صغيرة‬ ‫تحت جفنها الرقيق‪ .‬تُدير المحرك من‬ ‫جديد وتغادر‪.‬‬ ‫‪ 3047‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 1337‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 2793‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 7623‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 34074‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2013 / 1 / 19‬‬ ‫‪http://vdc-sy.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.