_ الطريق المسدود _ 15 د. عبدالخالق فاروق يكتب _ المخاطر الاستراتيجية لإنشاء الصندوق السيادى على مصر

Page 1

‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫‪>--‬‬

‫" الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء‬ ‫الصندوق السيادى على مصر‬

‫منذ أن طويت الحقبة التجارية فى االقتصاد األوربى ‪ ،‬أو ما عرف بالفترة الماركينتيلية ‪ Mercantilism‬التى‬ ‫أمتدت من مطلع القرن الخامس عشر حتى نهاية القرن السابع عشر ‪ ،‬ودخلت أوروبا إلى العصر الرأسمالى‬ ‫الحديث القائم على الميكنة والتجميع الصناعى الكبير ‪ ، manufacturing‬لم تعد قضية تراكم الفوائض‬ ‫المالية المتمثلة فى الذهب والفضة ‪ ،‬تمثل ركيزة الثروة والنفوذ فى الدول والمجتمعات األوروبية ‪ ،‬بقدر‬ ‫ما أصبحت دورة االنتاج والتشغيل واالستثمار هى مقياس القوة ومناط النفوذ فى العالقات االقتصادية‬ ‫والسياسية الدولية ‪ .‬‬ ‫‪ ‬لقد تميزت المرحلة الميركنتيلية ( التجارية ) بسمات مميزة هى ‪:‬‬

‫‪1/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫األولى ‪ :‬أن التوسع فى االنتاج قد أستدعى بالضرورة وصاحبه اقتحام الدول ألسواق الشعوب األقل انتاجا‬ ‫فى آسيا وأفريقيا واألمريكيتين ‪ ،‬ولهذا لم يكن غريبا أن تتكون اإلمبراطوريات اإلستعمارية األوربية من‬ ‫الدول الساحلية األساسية فى القارة العجوز ( البرتغال – أسبانيا – فرنسا – انجلترا – إيطاليا ) ‪ .‬‬ ‫الثانية ‪ :‬أن هذا الفائض فى االنتاج والتوسع فى الكشوفات الجغرافية والغزو االستعمارى قد أديا إلى‬ ‫تحقيق فوائض مالية ضخمة تمثلت فى المعادن الثمينة وخصوصا الذهب والفضة ‪ ،‬اللتين أمتألت بهما‬ ‫خزائن الملوك والنبالء والتجار األوربيين ‪ ،‬فشكلت بذلك ركيزة أساسية من ركائز القوة والنفوذ ‪ ‬ومقياسا‬ ‫للثراء فى العالقات االقتصادية والسياسية الدولية فى ذلك الوقت (‪ .)1‬‬ ‫ومع إنتقال بعض تلك اإلمبراطوريات االستعمارية التقليدية إلى النموذج الرأسمالى الصناعى الحديث بدءا‬ ‫من القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن العشرين ‪ ،‬حدث التحول الهائل فى المفاهيم االقتصادية وآليات‬ ‫العمل االقتصادى ‪ ،‬فلم يعد الفائض والثروات من الذهب والفضة والمعادن الثمينة مقياسا للقوة وتعبيرا‬ ‫عن النمو ‪ ،‬وأنما أصبح النمو والقوة تتمثل فى قدرة هذه الدولة أو تلك ‪ ،‬وهذا المجتمع أو ذاك على‬ ‫توظيف فوائضه وإعادة إستثمارها فى توسيع الطاقة االنتاجية الصناعية ‪ ،‬وهكذا أنتقل مفهوم الثراء من‬ ‫تكديس المال فى الخزائن إلى إعادة االستثمار وتوسيع دورة االنتاج والتشغيل ‪ ،‬فيما عرف باالنتقال من‬ ‫التراكم المالى‬ ‫‪ Financial Accumulation‬إلى التراكم الرأسمالى‪ ‬الحديث ‪ . Capital Accumulation‬‬ ‫وبقدر هذا التوسع الذاتى للنماذج الرأسمالية الصناعية الحديثة ‪ ،‬على المستوى األفقى ( زيادة خطوط‬ ‫االنتاج والمصانع والطاقة االنتاجية ) ‪ ،‬وعلى المستوى الرأسى ( التطوير التكنولوجى المكثف والمتسارع ) ‪،‬‬ ‫بقدر السيطرة االقتصادية والسياسية عبر تجاوز الحدود الجيو‪ -‬سياسية ‪ ،‬من خالل األشكال الجديدة‬ ‫لإلستنزاف ونهب ثروات الشعوب األقل تطورا المتجسدة فى الشركات عابرة القومية ‪ ،‬أو ما أطلق عليها‬ ‫أستاذنا د‪ .‬محمد دويدار المتعدية الجنسية ‪. )Cross – national Enterprises(2‬‬ ‫وهكذا لم تعرف النظم الرأسمالية الحديثة فكرة تخزين الفوائض المالية ‪ ،‬بالمعنى القديم ‪ ،‬إال مع النظم‬ ‫الريعية النفطية منذ مطلع عقد الثالثينات من القرن العشرين ‪ ،‬حينما جرى إكتشاف النفط بكميات كبيرة ‪،‬‬ ‫فى ظل بنية إجتماعية وسياسية‪ ‬قائمة على القبيلة والعائلة ‪ ،‬وفى ظل عالقات داخلية شديدة التخلف‬ ‫(‪. )3‬‬ ‫وال نبالغ إذا قلنا أن هذه الحالة السيالة ‪ ،‬قد أستدعت من الدول االستعمارية وشركاتها النفطية الكبرى ‪،‬‬ ‫العمل على تحويل تلك المناطق الجغرافية الشاسعة فى الصحراء العربية إلى كيانات جيو‪ -‬سياسية ‪،‬‬ ‫فأنشأت دول وإمارات ومشيخات مثل السعودية والكويت وأبو ظبى والبحرين وسلطنة عمان و قطر وغيرها ‪،‬‬ ‫وتحولت بذلك اإلقطاعيات العائلية ( مثل عائلة الصباح ‪ ،‬وآل نهيان ‪ ،‬وآل سعود ‪ ،‬وآل ثان ‪ ،‬وآل خليفة ‪ ،‬وآل‬ ‫سعيد ‪ ..‬الخ ) إلى دول وفقا للشكل الحديث للدول ‪ ،‬وإن ظلت على عالقاتها وبنيتها االجتماعية‬ ‫والسياسية شديدة الرجعية والتخلف ‪ .‬‬ ‫وخالل الفترة األولى من تجربة هذه الدول ‪ /‬المشيخات ‪ ،‬التى أمتدت من ثالثينيات القرن العشرين حتى‬ ‫عشية حرب السادس من أكتوبر عام ‪ ، 1973‬لم تكن الفوائض المالية من الضخامة بحيث تزيد عن أحتياجات‬ ‫‪2/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫التحديث المتواضع للمجتمع ( مدارس – مستشفيات – إدارة حكومية ) ‪ ،‬وحسابات مصرفية وخزائن مملؤوة‬ ‫للحكام وعائالتهم ‪ ،‬ومقتضيات شراء الوالءات للقبائل المتناثرة داخل حدودهم الجديدة ‪ ،‬فلم يستدع األمر‬ ‫إنشاء صناديق سيادية ‪ ،‬ووسائط مالية دولية كبرى ‪ ،‬ولم يكن هناك مسافة بعيدة بين الجيب الشخصى‬ ‫للملك أو األمير أو الشيخ ‪ ،‬وبين ميزانية الدولة فكليهما تحت طوع وأمر الملك ‪ /‬الشيخ ‪ .‬‬ ‫‪ ‬حرب أكتوبر عام ‪ 1973‬والفوائض المالية الهائلة‬ ‫بإندالع حرب السادس من أكتوبر عام ‪ ، 1973‬أنتقل مركز الثقل المالى والسياسى لصالح الدول المنتجة‬ ‫للنفط عموما ‪ ،‬والدول العربية خصوصا ‪ ،‬لقد زاد سعر برميل النفط من أقل من ثالثة دوالرات عشية الحرب‬ ‫إلى ‪ 5.18‬دوالر فى أواخر نوفمبر عام ‪ ،1973‬ثم أخذ فى التزايد يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر حتى سبتمبر‬ ‫عام ‪ ، 1980‬وهكذا زادت إيرادات الدول العربية الثمانية أعضاء منظمة أوبك من حوالى ‪ 5.2‬مليار دوالر عام‬ ‫‪ ،1972‬إلى ‪ 124.0‬مليار دوالر عام ‪ ، )4( 1979‬فدولة مثل السعودية زادت إيراداتها وبعد زيادة األسعار‬ ‫األولى أثناء حرب أكتوبر من ‪ 5.1‬مليار دوالر فى نهاية عام ‪ ، 1973‬إلى ‪ 54.2‬مليار دوالر عام ‪ ، 1979‬وكذلك‬ ‫الكويت من ‪ 1.9‬مليار دوالر إلى ‪ 13.3‬مليار دوالر ‪ ،‬وبالمثل االمارات من ‪ 900‬مليون دوالر إلى ‪ 9.7‬مليار دوالر‬ ‫خالل نفس الفترة وهكذا لبقية الدولة ‪ /‬المشيخات الخليجية والدول العربية األخرى المنتجة للنفط مثل‬ ‫الجزائر وليبيا والعراق ‪ .‬‬ ‫وبهذا الكنز الهائل أو كما عبر وزير الخزانة األمريكية فى ذلك الحين " وليم سيمون " فأنهم لم يكونوا‬ ‫سوى غفراء على هذا الكنز النفطى ال أكثر وال أقل " ‪these people do not Owen the oil they only sit‬‬ ‫‪ on it‬‬

‫‪3/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫وهنا أسقط فى يد تلك الدول ‪ /‬المشيخات ‪ ،‬فقد كانت الثروة الجديدة أكبر كثيرا حتى من أحتياجاتها من‬ ‫كافة اإلستخدامات المشروعة ( كالتنمية والتحديث ) ‪ ،‬وغير المشروعة ( السرقات العائلية ‪ ،‬والتبديد‬ ‫واإلنفاق السفيه ‪ ،‬وتوزيعات الغنائم ‪ ،‬وشراء الوالءات القبائلية والعشائرية بل وحتى الدولية )‪ ،‬فلجأت تحت‬ ‫مشورة الخبراء الغربيين ‪ -‬وجلهم تقريبا أمريكيين وبريطانيين ‪ -‬إلى أنشاء صناديق ‪ ،‬أطلق عليها فيما بعد‬ ‫زورا وبهتانا " صناديق سيادية "‪ ‬‬ ‫‪ ، Sovereignty Funds‬توضع فيها تلك الفوائض المالية ‪ ،‬ويتولى الخبراء القائمون عليها – وجلهم‬ ‫أمريكيون وبريطانيون كما أشرنا ‪ -‬إعادة إستثمارها وتوظيفها ‪ ‬فى الخارج ‪ ،‬وتكوين محافظ مالية ضخمة‬ ‫مكونة من أسهم شركات ‪ ،‬وسندات وأذون خزانة على تلك الحكومات الغربية وخصوصا األمريكية والبريطانية‬ ‫‪ ،‬وإيداعات مصرفية فى تلك الدول الغربية أيضا ‪ ،‬وأصبحوا بالتالى فريسة ولعبة فى عمليات إبتزاز غربى من‬ ‫جهة ‪ ،‬ومرهونة باإلنهيارات المتعددة فى أسواق المال الغربية ولعبة البورصات ‪ ،‬واألزمات العاصفة التى‬ ‫مرت بها تلك االقتصادات الغربية بصورة مستمرة ‪ .‬‬ ‫ومع كل أزمة من األزمات التى مر بها االقتصاد الرأسمالى العالمى وتقلص الفترات البينية لتلك األزمات أو‬ ‫الدورات فى المتوسط من عشر سنوات ‪ ،‬إلى أقل من خمس سنوات ‪ ،‬مثل األزمات العاصفة التى تكررت‬ ‫على مدار السنوات ( ‪، 2002 ، 2001 ، 2000 ، 1999 ، 1997 ، 1994 ، 1989 ، 1987 ، 1982 ، 1973 ،1971‬‬ ‫‪ ، ) 2008 ، 2003‬وسواء كانت هذه األزمات العاصفة شاملة لالقتصاد الرأسمالى العالمى ككل ‪ ،‬أو أزمات‬ ‫لبعض مكوناته اإلقليمية الهامة ( مثل جنوب شرق آسيا عام ‪ ، ) 1997‬أو المكسيك عام ‪ ، 1994‬أو األزمة‬ ‫الروسية الكبرى عام ‪ ،1999‬أو األرجنتين عام ‪ ، 2000‬أو البرازيل عام ‪ ، 2003‬أو فى غيرها (‪ .)5‬فقد كانت‬ ‫الصناديق " السيادية " العربية تخسر مئات المليارات ‪ ،‬وكان أصحاب األموال العرب يخسرون بدورهم ‪.‬‬ ‫لقد خسر العالم من جراء األزمة العاصفة‪ ‬عام ‪ 2008‬فى أسابيعها الثمانية األولى ‪ ،‬ما يتجاوز خمسة عشرة‬ ‫تريليون دوالر‪ ،‬منها حوالى تريليون دوالر ألصحاب فوائض النفط العربى فى الخليج ‪ ،‬وما زال الحبل على‬ ‫الجرار‪ ‬‬ ‫صحيح أن بعض تلك األموال " العربية " قد ساهمت فى إقراض وتمويل مشروعات تنموية فى بعض الدول‬ ‫العربية وغير العربية من خالل إنشاء صناديق للتنمية وأبرزها الصندوق الكويتى ‪ ،‬وصندوق أبو ظبى ‪،‬‬ ‫والصندوق العراقى – قبل تدمير العراق بحروب صدام حسين المتتالية –بيد أن الغالبية الساحقة من تلك‬ ‫األموال " العربية " قد ذهبت إلى األسياد الغربيين فيما عرف فى األدبيات االقتصادية الغربية إعادة التدوير‬ ‫‪ . Recycling‬‬ ‫أذن من الناحية الشكلية كانت هذه الدول العربية ‪ /‬المشيخات ‪ ،‬لديها فوائض‪ Surplus‬مالية يجرى‬ ‫توظيفها فى قنوات إستثمارية فى الخارج ‪ ،‬بصرف النظر عن المالبسات والمالحظات والمخاطر المحيطة بها‬ ‫‪ ،‬بما فى ذلك إحتماالت التجميد وفقا للقوانين األمريكية مثل قانون صالحيات الرئيس أثناء الحرب أو‬ ‫الطوارىء الصادر عام ‪ ، 1977‬والذى جرى إستخدامه فعال ضد ليبيا والعراق وغيرها من الدول (‪. )6‬‬

‫‪4/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫‪ ‬فماذا عما يسمى الصندوق السيادى لمصر ؟‪ ‬‬

‫وفقا لما عرضناه فى السطور السابقة ‪ ،‬هل يمكن وصف ما يسمى الصندوق المزمع إنشائه فى مصر بأنه‬ ‫صندوق سيادى ؟‪ ‬‬ ‫‪ ‬الحقيقة ‪ ..‬كال وذلك لعدة أسباب هى ‪ :‬‬ ‫السبب األول‪:‬أن مصر كدولة ال تمتلك فوائض مالية كما هو الحال فى دول الخليج العربى والدول النفطية‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫السبب الثانى‪ :‬أن األصول االقتصادية التى تملكها الدولة المصرية مثل األراضى والشركات العامة‬ ‫والمرافق العامة هى أصول لالنتاج‪ ‬والخدمات وليست فوائض مالية بالمعنى االقتصادى للكلمة ‪ .‬‬ ‫السبب الثالث‪ :‬أن قراءة دقيقة للقانون الصادر بإنشاء ما يسمى الصندوق السيادى لمصر رقم (‪ )177‬لسنة‬ ‫‪ 2018‬والنظام األساسى لهذا الصندوق الصادر به قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (‪ )555‬لسنة ‪ ، 2019‬يؤكدان‬ ‫بما ال يدع مجاال للشك أننا بصدد أكبر عملية خداع إستراتيجى للشعب المصرى ‪ ،‬حيث نحن بصدد إستكمال‬ ‫لبرنامج بيع األصول العامة ‪ ،‬واإلقتراض بضمانها لشركات ومؤسسات وأفراد من األجانب ومن العرب ‪ ‬على‬ ‫وجه التحديد ‪ ،‬كما سوف نعرض بعد قليل ‪ .‬‬ ‫السبب الرابع ‪:‬هو أن السياق الذى تدار به الشئون االقتصادية والمالية المصرية منذ عام ‪ ،1976‬تكشف‬ ‫درجة إستمراء القائمين على الحكم واإلدارة لفكرة الصناديق والحسابات الخاصة ‪ ،‬التى تخرج كميات مالية‬ ‫واقتصادية من اإلدارة المالية المنظمة خصوصا الموازنة العامة للدولة ‪ ،‬نظرا لضعف الرقابة على مثل تلك‬

‫‪5/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫الصناديق والحسابات الخاصة ‪ ،‬هكذا فعل الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى بداية حكمه ( حساب تبرعات‬ ‫سداد ديون مصر ) ‪ ،‬وكذا رئيس الجمهورية الحالى الجنرال عبد الفتاح السيسى ( صندوق تحيا مصر ) ‪ .‬‬ ‫ولم يكن طرح فكرة الصندوق الراهن جديدة ‪ ،‬خاصة بعد أن بدا ان برنامج الخصخصة وبيع األصول‬ ‫والممتلكات العامة الذى بدأ منذ عام ‪ ، 1992‬يكاد قد توقف عمليا بعد األزمة االقتصادية العاصفة التى‬ ‫حدثت فى االقتصاد العالمى عام ‪ ، 2008‬وهو ما دفع نظام الرئيس مبارك ولجنة سياسات الحزب الوطنى‬ ‫الحاكم ‪ -‬وقتئذ ‪ -‬إلى طرح فكرة قانون " الصكوك الشعبية فى ديسمبر عام ‪ . )7( 2008‬‬ ‫ومع التصدى الواسع النطاق للفكرة ‪ ،‬جرى تداول فكرة أخرى على إستحياء وهى فكرة ‪ ‬إنشاء صندوق‬ ‫كوعاء يجمع بداخله كل الشركات واألصول الحكومية ‪ ‬بحجة إدارة أفضل لها ‪ ،‬واإللتفاف على المعارضة‬ ‫الشعبية الواسعة إلستمرار برنامج الخصخصة وبيع األصول والشركات العامة التى أودت فى النهاية إلى‬ ‫إهدار ما يقارب ‪ 150‬إلى ‪ 200‬مليار جنيه بسبب بيع ‪ 194‬شركة من الشركات العامة خالل تلك المرحلة بأبخس‬ ‫األثمان ‪ .‬‬ ‫وتذكرنا فكرة الصندوق السيادى فى مصر ‪ ،‬بما جرى فى صناديق مشابهة كانت مصحوبة بالفساد مثل "‬ ‫لجنة إدارة أمالك الدولة " فى روسيا فى فترة إنحطاطها فى عهد الرئيس المخمور بوريس يلتسن‬ ‫وجماعته عام ‪ ، 1992‬وكذلك صندوق ماليزيا السيادى ‪ IMOB‬الذى شهد أكبر عملية فساد ونهب فى تاريخ‬ ‫ماليزيا فى عهد رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق عام ‪ ، 2014‬وإختفاء ‪ 4.3‬مليار دوالر من حساباته ‪ .‬‬ ‫األن ‪ ..‬توافر ظرف جديد لتطبيق فكرة كان قد رفضها القطاع األوسع من الشعب المصرى ‪ ،‬والمتمثل فى‬ ‫وجود رئيس مندفع ‪ ،‬يحمل برنامج وأجندة غير معروفة األبعاد ‪ ،‬بدأها ‪ ‬عام ‪ ، 2016‬بالتنازل عن جزء من‬ ‫األراضى المصرية ( جزيرتى تيران وصنافير ) مقابل وعود بمساعدات اقتصادية من المملكة السعودية قدرها‬ ‫‪ 25‬مليار دوالر‪ ،‬وذهب فيها إلى المدى الذى لم يسبقه فيه حاكم مصرى سابق ‪ ،‬وهو اإلطاحة بأحكام‬ ‫قضائية من أعلى المحاكم المصرية ‪ ،‬وضرب المؤسسات القضائية بعضها ببعض ( محاكم األمور المستعجلة‬ ‫غير المختصة ثم المحكمة الدستورية العليا ) ‪ ،‬وكذلك خلق صراع بين القضاء ومجلس نواب مصطنع أمنيا ‪،‬‬ ‫مما هدد أحد أهم أركان الدولة الحديثة ‪ ،‬وذلك من أجل تنفيذ ما وعد به حكام المملكة السعودية ‪ .‬‬ ‫‪ ‬فما هى األحكام والنصوص القانونية التى أتى بها القانون رقم (‪ )177‬لسنة ‪ 2018‬؟ (‪)8‬‬ ‫تضمن القانون عشرين مادة ‪ ،‬بعضها إجرائى‪ ‬وتنظيمى وبعضها األخر موضوعى يضع أسس وقواعد خطيرة‬ ‫إلدارة األصول المصرية المملوكة للدولة المتبقية من أكبر عملية بيع وإهدار للثروة االنتاجية المصرية ‪ ،‬و‬ ‫يبلغ عدد هذه المواد الخطيرة ثالثة عشرة مادة هى المواد ( ‪ . )19-18-16-15-14-13-12-9-8-7-6-5-3‬‬ ‫• فقد نصت المادة األولى من القانون على أن يكون للصندوق موازنة مستقلة ‪ ،‬ويعد الصندوق قوائم‬ ‫مالية سنوية وربع سنوية ‪ ،‬على أن يتم ترحيل الفائض من عام إلى أخر‪ ،‬بما يعنى أنه خارج الموازنة العامة‬ ‫للدولة تماما ‪.‬‬

‫‪6/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫• وفقا للمادة (‪ : )3‬وبعد الديباجة المعتادة فى مثل تلك القوانين ‪ ‬التى صدرت منذ عام ‪ 1974‬وتطبيق‬ ‫سياسة االنفتاح االقتصادى ‪ ،‬حيث الهدف من إنشاء هذا الصندوق هو ( المساهمة فى التنمية االقتصادية‬ ‫المستدامة من خالل إدارة أمواله وأصوله ‪ )...‬لتعظيم قيمتها من أجل األجيال القادمة ‪ ،‬وله فى سبيل ذلك‬ ‫التعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والجنبية النظيرة والمؤسسات المالية المختلفة ‪ .‬أى أن األهداف‬ ‫المحددة من إنشاء هذا الصندوق هى ‪ :‬‬ ‫• المساهمة فى التنمية االقتصادية المستدامة ‪ .‬‬ ‫* إدارة األموال واألصول الثابتة والمنقولة التى سيتم نقلها إليه ‪ .‬‬ ‫• إستغاللها اإلستغالل األمثل وفقا للمعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها ‪ .‬‬ ‫• من أجل األجيال القادمة ‪ .‬‬ ‫• وبالتعاون والمشاركة مع الصناديق العربية واألجنبية النظيرة والمؤسسات الماليةالمختلفة ‪ .‬‬ ‫• أما المادة (‪ : )5‬فقد حددت رأسمال الصندوق المرخص بمائتى مليار جنيه ‪ ،‬بينما رأسماله المصدر خمسة‬ ‫مليارات جنيه ‪ ،‬أما رأس المال المسدد فهو مليار جنيه فقط تسددها الخزانة العامة للدولة عند التأسيس ‪،‬‬ ‫ويسدد الباقى وفقا لخطط فرص االستثمار المقدمة من الصندوق خالل ثالث سنوات ‪ .‬وهنا يثور التساؤل‬ ‫ما هو المقابل الذى ستحصل عليه الخزانة العامة للدولة مقابل تسدديها المليار جنيه األولى من رأسمال‬ ‫الصندوق المصدر ؟ ال يقدم لنا القانون وال النظام األساسى للصندوق الذى صدر به قرار من رئيس مجلس‬ ‫الوزراء ( رقم ‪ 555‬لسنة ‪ ) 2019‬أية إجابة حول هذا الموضوع ‪ ،‬خصوصا أن الصندوق كما سوف نرى قد تحرر‬ ‫تماما من القيود والقواعد الحكومية ‪ ،‬وأصبح شخصية مستقلة تماما عن الموازنة العامة والخزانة العامة‬ ‫للدولة ‪ .‬‬ ‫وبرغم ما ورد فى الفقرة الثانية لهذه المادة من حكم جواز زيادة رأسمال الصندوق نقدا أو عينا وفقا‬ ‫للضوابط الواردة فى النظام األساسى ‪ ،‬نكتشف بمراجعة النظام األساسى الذى صدر بقرار رئيس الوزراء‬ ‫رقم (‪ )555‬لسنة ‪ ، 2019‬عدم وجود لتلك الضوابط المشار إليها فى الفقرة الثانية من المادة الخامسة من‬ ‫هذا القانون ‪.‬‬ ‫بل أن الفقرة الثالثة من هذه المادة قد نصت على ( أن أموال هذا الصندوق من األموال المملوكة للدولة‬ ‫ملكية خاصة ) ‪ ،‬مما يفتح الباب للتصرف فيها بالبيع والشراء وكافة التصرفات بعيدا عن السلطة التشريعية‬ ‫( مجلس النواب ) وبعيدا عن بقية أجهزة الدولة ورقابتها ‪ ،‬أكتفاء بجمعية عمومية مكونة من ‪ 12‬شخصا‬ ‫كما سوف نرى‪.‬‬ ‫• وجاءت المادة (‪ )9‬لتحدد موارد الصندوق على النحو التالى ‪ :‬‬ ‫‪ • ‬رأسمال الصندوق ‪ .‬‬ ‫• األصول التى تنتقل ملكيتها للصندوق ‪ .‬‬ ‫* العائد من استثمار أمواله وإستغالل أصوله ‪ .‬‬

‫‪7/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫• القروض والتسهيالت التى يحصل عليها ‪ ،‬وحصيلة إصدار السندات واألدوات المالية األخرى ‪ .‬‬ ‫•الموارد األخرى التى يقرها مجلس اإلدارة ‪ .‬‬ ‫وهنا مناط وجوهر العملية كلها ‪ ،‬فنحن إزاء صندوق سوف توضع فيه كل األصول المتبقية للدولة المصرية‬ ‫( من أراضى – شركات – مشروعات وغيرها ) بهدف جعلها محل الرهن والضمان من أجل الحصول على مزيد‬ ‫من القروض األجنبية والمحلية ‪ .‬‬ ‫• وفى المادة (‪ : )6‬فقد منحت رئيس الجمهورية حقا مطلقا فى ( نقل ملكية أى من األصول غير‬ ‫المستغلةالمملوكة ملكية خاصة للدولة ‪ ،‬أو ألى من الجهات التابعة إلى الصندوق بعد عرض رئيس مجلس‬ ‫الوزراء والوزير المختص ‪ ،‬أو أى من الصناديق التى يؤسسها والمملوكة له بالكامل ‪ ،‬أما بالنسبة لألصول‬ ‫المستغلة فيكون العرض من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص باالتفاق مع وزير المالية وبالتنسيق مع‬ ‫الوزير المعنى ) ‪ .‬‬ ‫أى أن المادة قد ميزت‪ ‬من حيث الشكل بين األصول غير المستغلة ( مثل األراضى المملوكة للشركات أو‬ ‫الجهات الحكومية المختلفة ‪ ،‬أو المبانى غير المستغلة ‪ ،‬أو أى أصل أو معدات غير مستغلة ‪ ..‬الخ ) ‪،‬‬ ‫واألصول المستغلة ‪ ،‬والفارق بين النوعين شكلية ‪ ،‬حيث الكل سوف يجرى نقل ملكيته إلى الصندوق ( األم‬ ‫) ‪ ،‬أو الصناديق الفرعية التى سوف ينشأها الصندوق ‪ ،‬أو الشركات المنشأة حديثا ‪ ،‬والفارق بين الحالتين‬ ‫هى أن األولى ( غير المستغلة ) ال تحتاج سوى إلى العرض من رئيس الوزراء ووزير التخطيط ( الوزير‬ ‫المختص ) على رئيس الجمهورية ليصدر القرار بنقلها ‪ ،‬بينما األصول من النوع الثانى ( المستغلة ) ‪ ،‬يضاف‬ ‫إلى رئيس الوزراء ووزير التخطيط‪ ، ‬االتفاق – وليس الموافقة ‪ -‬لكل من وزير المالية والتنسيق مع الوزير‬ ‫المعنى ( أى الذى يتبعه هذا األصل سواء كان شركة أو أراضى أو أوراق مالية أو غيرها ) ‪ .‬‬ ‫وهكذا سوف يجرى تسريب األصول ‪ ‬المتبقية المملوكة للدولة والمجتمع المصرى إلى أطار قانونى‬ ‫وتنظيمى جديد ‪ ،‬فى شراكة مع المؤسسات‪ ‬والبنوك والشركات األجنبية ‪ ،‬وتكرار تجربة القانون رقم (‪)203‬‬ ‫لسنة ‪ ، 1991‬المسمى قانون قطاع األعمال العام الذى جرى فى ظله أكبر وأخطر عملية لنهب وإهدار‬ ‫األصول االنتاجية المملوكة للدولة والمجتمع المصرى ‪ ،‬والتى أضاعت على الدولة المصرية ما يربوا على ‪150‬‬ ‫إلى ‪ 200‬مليار جنيه ‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فأن تعبير األصول غير المستغلة هو تعبير مطاط ‪ ،‬يحمل فى داخله الكثير من إمكانيات‬ ‫التالعب بقيمة األصل أثناء عملية نقل ملكيته إلى الصندوق ( األم ) أو الصناديق الفرعية أو الشركات التى‬ ‫سوف تنشأ بالتعاون والمشاركة مع المؤسسات األجنبية والعربية ‪ .‬‬ ‫كما نصت ‪ ‬الفقرة الثانية من المادة (‪ ، )6‬على أن يتم قيد هذه األصول المنقولة فى دفتر الصندوق‬ ‫بالقيمة السوقية وفقا لقواعد وإجراءات التقييم التى يحددها النظام األساسى ‪ ،‬وبما ال يتعارض مع اآلليات‬ ‫واألحكام المنصوص عليها فى المادة الثامنة ‪ .‬‬ ‫ولكن بالرجوع إلى النظام األساسى الذى صدر به قرار رئيس الوزراء رقم ( ‪ )555‬لسنة ‪ ( 2019‬الجريدة‬ ‫الرسمية ‪ ،‬العدد ‪ 9‬تابع بتاريخ ‪ ، ) 28/2/2019‬والذى أشتمل على ‪ 48‬مادة ‪ ،‬لم نجد على اإلطالق تلك‬ ‫‪8/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫القواعد وإجراءات التقييم للقيمة السوقية لتلك األصول ‪ ،‬مما يفتح الباب للكثير من عالمات االستفهام حول‬ ‫من سيقوم بالتقييم ‪ ،‬وعلى أى أسس اقتصادية وعلمية ‪ ،‬خصوصا وأن تجربة الخصخصة اإلجرامية التى جرت‬ ‫فى مصر طوال ستة عشرة عاما ( ‪ ، ) 2008 -1992‬والتى أدانتها المحاكم المصرية والقضاء المصرى ‪ ،‬مازالت‬ ‫ماثلة فى األذهان ‪.‬‬

‫• وتكشف المادة (‪ )8‬من القانون عن جوهر ومناط الغرض من هذا الصندوق فقد نصت على أن ( التصرف‬ ‫فى األصول المملوكة للصندوق أو الصناديق الفرعية المملوكة للصندوق ( األم ) بالكامل سوف تتم بأحد‬ ‫الصور التالية ‪ :‬‬ ‫‪ • ‬البيع ‪ .‬‬ ‫• أو التأجير المنتهى بالتملك ‪ .‬‬ ‫• أو الترخيص باالنتفاع ‪ .‬‬ ‫• أو المشاركة كحصة عينية ‪ .‬‬

‫‪9/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫وذلك كله وفقا للقيمة السوقية ‪ ،‬وبما ال يقل عن التقييم الذى يتم على أساس متوسط القيمة المحددة‬ ‫بموجب ثالثة تقارير من مقيميين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية ( التى يعين رئيسها‬ ‫من قبل رئيس الجمهورية ) والبنك المركزى المصرى ( الذى يعين محافظها ونوابه من قبل رئيس‬ ‫الجمهورية أيضا ) ‪ .‬‬ ‫والحقيقة أن هذه التقارير ومن هذه الجهات تحديدا ‪ ،‬ال يمكن االرتكان إليها فى تحديد متوسط القيمة‬ ‫السوقية لألصل محل التصرف بالبيع أو التأجير أو غيرها من التصرفات التى من شأنها إهدار تلك األصول‬ ‫بالبيع أو بجعلها ضمانة للقروض الهائلة التى يستهدف النظام ورئيس الجمهورية الحصول عليها ‪ ،‬خاصة‬ ‫فى ظل سيطرة جماعات مصالح فاسدة من جميع األنواع واالتجاهات والتحالفات الدولية ‪ .‬‬ ‫‪-7‬وهذا ما تكشفه بوضوح وجالء نص المادة (‪ )7‬من القانون التى نصت على أن هذا الصندوق سوف يقوم‬ ‫باألنشطة التالية ‪ :‬‬ ‫المساهمة بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو زيادة رؤوس أموالها ( أقتباسا للمادة الثالثة من‬‫القانون سىء الصيت‪ ‬المسمى قانون قطاع األعمال العام رقم ‪ 203‬لسنة ‪ 1991‬لصاحبه وطباخ السم كله‬ ‫د‪ .‬عاطف عبيد ) ‪ .‬‬ ‫االستثمار فى األوراق المالية المقيدة أو غير المقيدة بأسواق األوراق المالية وأدوات الدين وغيرها داخل‬‫مصر وخارجها ‪.‬‬ ‫اإلقتراض والحصول على التسهيالت االئتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين‪ ‬‬‫شراء وبيع وتأجير وإستئجار وإستغالل األصول الثابتة ( كاألراضى ) والمنقولة واالنتفاع بها ‪.‬‬‫إقراض أو ضمان صناديق االستثمار والشركات التابعة التى يملكها أو يساهم فيها مع الغير ‪ .‬‬‫وهنا بيت القصيد من هذه العملية كلها ‪ ،‬أن يكون هذا الصندوق منصة لإلقتراض ‪ ،‬وبضمان هذه األصول‬ ‫الضخمة التى سوف يجرى بيعها تدريجيا ‪ ‬والتى قدروها بحوالى مائتى مليار جنيه ‪ ،‬أما تسديدا للديون‬ ‫التى أغرقناها فيها هذا الرئيس وجماعته ‪ ،‬أو تحقيقا إليرادات لتغطية العجز فى الموازنة ببيع هذه األصول‬ ‫للسماسرة العرب أو األجانب ‪.‬‬ ‫‪-8‬أما المادة (‪ )12‬فقد أقرت مبدأ فى غاية الخطورة يأتى فى سياق كل حرف من حروف هذا القانون‬ ‫الخطير حيث نصت على ( أن يدير الصندوق أمواله وأصوله بذاته ‪ ،‬كما له أن يعهد بإدارتها كلها أو بعضها‬ ‫إلى شركات ومؤسسات متخصصة فى إدارة األصول ) ‪ .‬‬ ‫وهنا مكمن أضافى للخطر ‪ ،‬فمثل تلك المؤسسات والشركات المتخصصة فى إدارة األصول ال توجد سوى‬ ‫لدى الشركات والمؤسسات والبنوك الغربية وخصوصا األمريكية والبريطانية ‪ ،‬برغم أن تلك الصناديق ومنها‬ ‫صناديق التحوط – التى كان يدير أحداها د ‪ .‬محمد العريان – لم تنجح فى إنقاذ االقتصاد األمريكى خصوصا‬ ‫والغربى عموما من الكارثة التى حلت به فى األزمة العاصفة عام ‪ ، 2008‬والتى ما زالت أثارها وتداعياتها‬ ‫قائمة حتى يومنا ‪ .‬‬ ‫‪-9‬وعلى نفس المنوال الخطير‪ ‬والمدمر جاءت المادة (‪ ، )13‬حيث نصت على أن ( للصندوق ( األم ) تأسيس‬ ‫صناديق فرعية بمفرده أو بمشاركة مع الصناديق المصرية والعربية واألجنبية النظيرة ‪ ،‬والمصارف‬ ‫‪10/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫والمؤسسات المالية والشركات المصرية واألجنبية ‪ ،‬أو أى منها دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية) ‪.‬‬ ‫وبرغم إحالة المادة إلى النظام األساسى لوضع الضوابط ‪ ،‬فأننا وبالرجوع إلى قرار رئيس الوزراء بشأن‬ ‫النظام األساسى رقم (‪ )555‬لسنة ‪ ، 2019‬لم نعثر على اية إشارة لتلك الضوابط والمعايير والقواعد ‪ ،‬بل‬ ‫على العكس تماما ‪ ،‬جاء فيها التأكيد على‪ ‬أن كل هذه العمليات الكبرى‪ ‬من بيع وتأجير وإنتفاع وإقتراض‬ ‫سوف تتم بعيدا عن القواعد والنظم الحكومية ‪ ،‬مما يزيد من ظالل الشك والقلق على مصير تلك األصول‬ ‫وطريقة التصرف فيها بعيدا عن أية رقابة حقيقية كما جرى فى برنامج الخصخصة ( ‪ ) 2008 -1992‬السىء‬ ‫الصيت ‪ .‬‬ ‫‪-10‬ولهذا جاءت المادة (‪ )14‬التى نصت على أن ( الصندوق والصناديق الفرعية التى يؤسسها أو يشارك‬ ‫فى تأسيسها من أشخاص القانون الخاص أيا كانت نسبةمساهمة الدولة أو القطاع العام أو قطاع األعمال‬ ‫العام فيها ‪ ،‬وال يتقيد أى منها بالقواعد والنظم الحكومية ) ‪ .‬‬ ‫والحقيقة فأن هذا اإلصرار على أبعاد أى نوع من الرقابة بما فيها رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات على‬ ‫هذا الصندوق والصناديق الفرعية التابعة ‪ ،‬برغم إمتالكه ألصول الدولة المصرية وأراضيها غالبا ‪ ،‬يضع ألف‬ ‫عالمة إستفهام حول نوايا القائمين على هذا األمر والدوافع الحقيقية إلنشاء هذا الصندوق ‪ ،‬تماما كما‬ ‫هو حالة صندوق ( تحيا مصر ) ‪ ،‬الذى ال يعرف عنه المواطن المصرى والرأى العام والمتخصصين فى‬ ‫االقتصاد المصرى ‪ ،‬حجم إيراداته وحجم نفقاته ومدى الجدوى من تلك النفقات وغيرها ‪ .‬‬ ‫‪-11‬وقد زادت المادة (‪ )19‬فنصت على ( إعفاء كافة المعامالت البينية للصندوق والكيانات المملوكة له‬ ‫بالكامل من جميع الضرائب والرسوم وما فى حكمها ) ‪ ،‬وإن كانت قد أبقت على الرسوم والضرائب على‬ ‫معامالت الصناديق الفرعية التى يساهم فيها الصندوق ( األم ) ‪ ،‬كما أبقت على الضرائب والرسوم على‬ ‫توزيعات األرباح الناتجة عن معامالت الصندوق ( األم )‪ ‬أو الصناديق والشركات الفرعية ‪.‬‬ ‫وقد عرفت المادة (‪ )30‬من النظام األساسى الصادر بها قرار رئيس الوزراء رقم (‪ )555‬لسنة ‪ 2019‬المعامالت‬ ‫البينية بأنها ( جميع التعامالت والتصرفات القانونية التى تتم بين الصندوق والكيانات المملوكة له بالكامل ‪،‬‬ ‫سواء أتخذت هذه الكيانات شكل صناديق فرعية أو شركات متمتعة بالجنسية المصرية أو جنسية أية دولة‬ ‫أجنبية أخرى ) ‪ .‬‬ ‫كما ذكرت الفقرة الثانية من المادة (‪ )30‬من النظام األساسى ( أن هذا اإلعفاء من الرسوم والضرائب سوف‬ ‫يتم طبقا للضوابط التى يصدر بها قرار من وزير المالية بالتشاور مع الوزير المختص ( أى وزير التخطيط ) ‪،‬‬ ‫ويندرج تحت إطار المعامالت البينية على سبيل المثال التعامالت التالية ‪ :‬‬ ‫‪* ‬عمليات البيع والشراء واالستغالل واالنتفاع ‪ .‬‬ ‫• عمليات اإليجار واالستئجار ‪ .‬‬ ‫• عمليات اإلقراض واإلقتراض ‪ .‬‬

‫‪11/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


‫الطريق المسدود " ‪ 15‬د‪ .‬عبدالخالق فاروق يكتب ‪ :‬المخاطر االستراتيجية إلنشاء الصندوق السيادى على مصر "‬

‫‪12/17/21, 2:41 PM‬‬

‫وهنا مناط جديد للضرر ‪ ،‬خصوصا إذا عرفنا أن هذه التعامالت من الضخامة المالية واالقتصادية‪ ‬من ناحية ‪،‬‬ ‫وكذا فأن إنتقال ملكية هذه األصول والشركات غيرها إلى هذا الصندوق قد حرم الخزينة العامة من مصادر‬ ‫للدخل واإليرادات ‪ ‬السيادية متمثلة فى الرسوم والضرائب بكافة أنواعها التى كانت تدفعها قبل أنتقال‬ ‫ملكيتها إلى هذا الصندوق ‪ ،‬أى مزيد من الخلل فى الموازنة العامة للدولة ‪ .‬كما أن أعفاء الشركات‬ ‫والصناديق التى يشارك فيها األجانب سواء كانوا عربا أو عجما يعنى نقل جزء من الثروة المصرية لصالح‬ ‫هؤالء على حساب الشعب المصرى والخزينة العامة المصرية ‪ .‬‬ ‫ولمزيد من الكرم‪ ‬وعمال بالقول المأثور ( أعطى من ال يملك مزايا لمن ال يستحق ) فقد نصت المادة فى‬ ‫فقرتها الثانية على أنه ( وذلك كله دون اإلخالل بأى أعفاءات منصوص عليها فى أى قانون أخر) سواء كان‬ ‫قانون االستثمار الجديد رقم ( ) لسنة ‪ ، 2018‬أو قانون الضرائب على الدخل رقم (‪ )91‬لسنة ‪ 2005‬وتعديالته‬ ‫‪ ،‬أو قانون المجتمعات العمرانية الجديدة ( رقم ‪ )59‬لسنة ‪ 1979‬وتعديالته أو غيرها ‪ .‬‬ ‫‪-12‬أما المادتين (‪ )15‬و (‪ )18‬فقد خصصتا لتشكيل مجلس إدارة هذا الصندوق ‪ ،‬وكذا الجمعية العمومية له‬ ‫‪ ،‬ووفقا للمادة (‪ )15‬يشكل مجلس إدارة هذا الصندوق بقرار من رئيس الجمهورية – بناء على عرض رئيس‬ ‫مجلس الوزراء – ويتكون المجلس من عشرة أشخاص هم ‪ :‬‬ ‫• الوزير المختص ( أى وزير التخطيط ) رئيسا لمجلس اإلدارة غير التنفيذى ‪ .‬‬ ‫• خمسة أعضاء مستقلين – وال نعرف مستقلين عن من ؟ ‪ -‬من ذوى الخبرة ‪ .‬‬ ‫• ممثل عن كل وزارة من الوزرارت المعنية بشئون التخطيط والمالية واالستثمار ‪.‬‬ ‫•مدير تنفيذى للصندوق متفرغ إلدراته ويمثله فى صالته مع الغير وأمام القضاء ‪ .‬‬ ‫أما المادة (‪ )18‬فقد نصت على تشكيل الجمعية العمومية للصندوق بقرار من رئيس الجمهورية ويتكون من‬ ‫(‪ )12‬عضوا هم ‪ :‬‬ ‫• رئيس مجلس الوزراء رئيسا للجمعية العمومية ‪ .‬‬ ‫•‬

‫ الوزير المختص ( وزير التخطيط ) ‪ .‬‬

‫• الوزيرين المعنيين بالشئون المالية واالستثمار ‪ .‬‬ ‫• أحد نائبى محافظ البنك المركزى المصرى ‪ .‬‬ ‫• باإلضافة إلى سبعة أعضاء من ذوى الخبرة فى المجاالت المالية واالقتصادية والقانونية ‪،‬وفى إدارة‬ ‫الصناديق النظيرة ‪ ،‬والشركات االستثمارية العالمية يرشحهم رئيس مجلس الوزراء ‪ .‬‬ ‫فإذا تأملنا فى هذا التكوين ‪ ،‬سواء مجلس اإلدارة ‪ ،‬أو الجمعية العمومية ‪ ،‬فسوف نكتشف ببساطة أن‬ ‫لدينا حوالى ‪ 10‬أشخاص على األكثر يسيطرون تماما على هذا الصندوق الضخم وفروعه وشركاته ‪ ،‬ولرئيس‬ ‫الجمهورية الحق المطلق فى تعيينهم وفى عزلهم ‪.‬‬ ‫‪ ‬األثنين القادم موعدنا والحلقة السادسة عشر في " الطريق المسدود "‪ ‬‬

‫‪12/12‬‬

‫‪https://www.masafapress.com/2021/12/15.html?fbclid=IwAR1wBcMhgJgvxVLkgFbstRf-m-0Lx28ts6NMiPLycMB3YTmqiOod9hReQ84‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.