لم يخسر م ّنا أحد« ،الكل ربحان» يذكر معظمنا المنافسه الشرسة التي حصلت بين الشركات المصنعة ألشرطة الفيديو في التسعينيات والتي استمرت قرابة ١٠سنوات والتي عرفت بحرب صيغة اشرطة الفيديو، طورة لصيغة الم ّ وتزعمتها كل من شركة ُ JVC VHSمن جهة ٫و من جهة أخرى شركة سوني المطورة لصيغة .Betamaxأجمعت الشركات المصنعة فيما بعد على أن هناك منافسة تضر بالمنتجين والمستهلكين على حد سواء ،فكونوا فريق ًا يضم الشركات المصنعة الكبرى ومنها (آي بي ام ٫باناسونيك ،توشيبا ٫سوني ٫فيليبس ٫ابل، وسمي هذا الفريق وقتها مايكروسوفت ،ديل) ّ ب «مجموعة العمل التقنية» وتم تكليف الرئيس التنفيذي آلي بي ام ،لوو غيرستنر ،بمهمة اقناع الشركات بمقاطعة الصيغتين القديمتين واالنضمام الى التوجه الجديد ،كما كان يهدف الفريق الى تبادل الخبرات بين المهندسين المتنافسين وعرض نماذجهم المختلفة لتطوير صيغة موحدة تشغل االقراص الرقمية ،حيث كانت الشركات جادة في اتخاذها هذا القرار بتوحيد جهود المصنعين لتالفي التكاليف الباهظة التي تكبدتها الشركات المصنعة في عملية صناعة أشرطة الفيديو.
محمد علي المجدوعي محلل تسويق
في العام 1996تم الكشف عن المنتج النهائي DVDمن قبل شركة توشيبا والذي كان حصيلة هذا العمل المشترك ٫حيث جمعت هذه الصيغة افضل المواصفات من نموذج كل شركة شاركت عما ستكون عليه مع الفريق وكان الحل افضل بكثير ّ النتيجة اذا ما قامت كل شركة بالعمل على حده.
خريج جامعة الشارقة عمل لدى شركة دايملر سابقا ،ويعمل حاليا لدى شركة سراك الجيل الثاني من عائلة المجدوعي المالكة لمجموعة المجدوعي
نستطيع أن نستنتج أنه عندما تقودنا العاطفة وسوء الفهم واألنانية أو عدم الشعور باألمان الى اتخاذ قرار في صلب العمل ،فانه من المحتمل جداً أن يؤدي هذا القرار الى التأثير سلب ًا على أصحاب المصلحة في هذا العمل .ذكر كتاب «البديل الثالث» عن البروفيسور البرازيلي هوراشيو فالكاو ان التصرف التلقائي ألغلبية الناس هو التصرف باعتقاد (أنا ربحان
وأنت خسران) ،وأن غالب ًا ما يحدث سوء فهم حول تفسير مفهوم (أنا ربحان وأنت ربحان) ،حيث يخطئ الكثيرون في فهمه ويعتقدون أنه تصرف ساذج، وهو من المفترض أن يكون تصرف ايجابي.
الحضر ،والشركة ضد المورد ،والعاملين ضد االداريين، واالطفال ضد اآلباء ،ولهذا السبب تولدت لدينا مشاعر العنصرية و االقصاء ،وقد تبدأ الحروب من هذا المنطق أيض ًا في بعض الحاالت المبالغ فيها.
يذكر الكاتب ستيفن كوفي في كتابه الرائع «البديل الثالث» أن معظم النزاعات لها جهتين متضادتين، فعندما نقول أنني معلم أو مدير أو مهندس، فانني في هذه الحالة أصف نفسي وليس ما أؤمن به تحديداً ،وبالتالي فعندما يتهجم شخص ما على ما أنتمى عليه فكأنه يتهجم على شخصي. ويمكننا أن نرى ذلك جلي ًا في النزاعات التاريخية على مر العصور ،وفي عصرنا القريب بامكاننا أن نالحظ ذلك في النزاعات بين الرأسماليين ضد االشتراكيين، وبين الجمهوريين ضد الديموقراطيين ،والبدو ضد
أحيان ًا ما يخدعنا العقل الباطن بايحائه لنا بأنه ال يوجد غيرنا على الطريق الصحيح ،فيدفعنا البارادايم الى التمسك بآرائنا وأفكارنا ومعتقداتنا وانتماءاتنا، وإقصاء ما يعيشه اآلخرون ومحاولة التنقيص من آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم، ولكن في الحقيقة ٬كل منا يكمل البعض االخر اذا ما اعتقدنا بأن مبدأ «البديل الثالث» -أو حتى نتذكرها بلهجتنا العامية «الكل ربحان» -هو ليس فقط لحل النزاعات ،بل هو أيض ًا مبدأً مهم ًا لتغيير خارطة الطريق الى المستقبل.