مجلس النواب ردا على البرلمان الأوروبى بشأن الإعدامات

Page 1

‫بيان مجلس النواب المصري‬ ‫ردا ً على البرلمان األوروبي‬ ‫بشان "االعدامات"‬ ‫يعرب مجلس النواب المصري عن رفضه واستيائه الشديد إزاء قرار البرلمان‬ ‫األوروبي الصادر بتاريخ ‪ ،2018/2/8‬بشأن عقوبة اإلعدام في مصر والذى ينم عن‬ ‫جهل بحقيقة األوضاع في مصر‪ ،‬ويتغاضى عن مناقشات مطولة‪ ،‬سواء مع ممثلي‬ ‫البرلمان األوروبي أو المفوضية األوروبية‪ ،‬أو دول االتحاد األوروبي حول‬ ‫الموضوعات المختلفة ذات االهتمام المشترك‪ ،‬ويتضمن بيانات مختلقة تقوض‬ ‫مصداقية أحد أبرز المؤسسات األوروبية‪ ،‬فضالً عما يمثله من تدخل فج في الشأن‬ ‫الداخلي المصري‪.‬‬

‫إذ جاء مضمون القرار بمثابة إخالل جسيم ببديهيات مبدأ عدم التدخل في الشئون‬ ‫الداخلية للدول الذي يرتكز على مبدأي سيادة الدولة والمساواة بين الدول في سياداتها‪.‬‬ ‫فلمصر الحق في اختيار نظامها القانوني والقضائي الذي يتفق وحضارتها وتطلعات‬ ‫شعبها والتزاماتها الدولية التي ارتضتها طوعاً‪ .‬فلقد تعاقبت الدساتير المصرية منذ‬ ‫دستور ‪ 1923‬وحتى دستور ‪ 2014‬على إلزام جميع سلطات الدولة باحترام مبدأ سيادة‬ ‫القانون كأساس للحكم‪ .‬فجميع مؤسسات الدولة تخضع للقانون‪ ،‬واستقالل القضاء‪،‬‬ ‫وحصانته‪ ،‬وحيدته بمثابة ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات (المادة ‪ 94‬من‬ ‫دستور ‪ .) 2014‬كما تواترت الدساتير المصرية والقوانين الجنائية المتعاقبة على إعالء‬ ‫مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات‪ .‬فالعقوبة شخصية‪ ،‬وال جريمة وال عقوبة إال بناء على‬ ‫قانون‪ ،‬وال توقع عقوبة إال بحكم قضائي‪ ،‬وال عقاب إال على األفعال الالحقة لتاريخ‬ ‫نفاذ القانون (المادة ‪ 95‬من دستور ‪ .)2014‬فضالً عن التمسك بأصل البراءة باعتباره‬ ‫أسمى المبادئ الدستورية التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها وفي‬ ‫قضائها‪ .‬فالمتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة‪ ،‬تكفل له فيها ضمانات‬ ‫الدفاع عن نفسه‪ .‬وينظم القانون استئناف األحكام الصادرة في الجنايات‪ .‬وتوفر الدولة‬ ‫الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند االقتضاء‪ ،‬وفقا ً للقانون(المادة‬ ‫‪ 96‬من دستور ‪.)2014‬‬ ‫ويود مجلس النواب في هذا الصدد لفت نظر البرلمان األوروبي إلى أن وقف عقوبة‬ ‫اإلعدام ليس التزاما ً دوليا ً أو موضع توافق بين الدول‪ ،‬كما أن الترويج لمفاهيم ال تتوافق‬ ‫‪1‬‬


‫مع القيم االجتماعية والثقافية السائدة في المجتمعات األخرى ومحاولة فرضها على‬ ‫الدول األخرى من خالل طرق مختلفة وملتوية كأنها الحقيقة الوحيدة التي يجب على‬ ‫الجميع االنصياع لها هي استعالء مرفوض‪ ،‬ويذكر البرلمان األوروبي في هذا السياق‬ ‫أن األغلبية الساحقة من دول االتحاد األوروبي اتخذت قراراتها بإلغاء عقوبة اإلعدام‬ ‫بقرارات سياسية دون استفتاء شعوبها وعلى خالف إرادة تلك الشعوب‪ ،‬كما أنها قامت‬ ‫بإلغاء هذه العقوبة بعد أن استقرت دولها أمنيا ً وسياسيا ً واقتصادياً‪.‬‬

‫وفى هذا السياق‪ ،‬يؤكد مجلس النواب المصري على أنه نظرا ً لخطورة عقوبة االعدام‬ ‫فقد أحاطها القانون المصري بعدة إجراءات هي في حقيقتها ضمانات تكفل لمن يواجه‬ ‫هذه العقوبة حصوله على محاكمة عادلة منصفة تتاح له خاللها الفرصة كاملة للدفاع‬ ‫عن نفسه وفقا ً للمعايير الدولية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪.2‬‬

‫‪.3‬‬

‫‪.4‬‬

‫حرص المشر ع المصري علي رصد عقوبة اإلعدام ألشد الجرائم خطورة‬ ‫وأكثرها جسامة وهي جميعا ً من الجنايات ومؤدى ذلك تمتع المتهم بضمانات‬ ‫المحاكمة المنصفة أمام محكمة الجنايات المنصوص علي إجراءاتها في المواد‬ ‫من ‪ 366‬إلي ‪ 397‬بقانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬ ‫وجوب إجماع آراء قضاة المحكمة على الحكم باإلعدام ‪ -‬إعماالً للمادة ‪381‬‬ ‫من قانون االجراءات الجنائية ‪ -‬على الرغم من أن القاعدة العامة في إصدار‬ ‫األحكام هو االكتفاء بأغلبية آراء قضاة المحكمة وعلة ذلك هو حرص المشرع‬ ‫علي إحاطة أحكام اإلعدام بضمان إجرائي يكفل صدور الحكم عن يقين كامل‬ ‫وعقيدة راسخة بارتكاب الجاني الجريمة وتكامل أدلة الدعوى وصحة إجراءاتها‬ ‫فإن تشكك أحد قضاة المحاكمة في أي مما سلف لتعذر الحكم علي المتهم‬ ‫باإلعدام‪.‬‬ ‫عرض جميع األحكام الصادرة حضوريا ً بعقوبة اإلعدام علي محكمة النقض‬ ‫دون أن يتوقف ذلك على الطعن فيها من قبل أطراف الدعوى الجنائية حرصا ً‬ ‫علي التحقق من مطابقة الحكم للقانون وتلتزم النيابة العامة بما تقدم حتى ولو‬ ‫كان الحكم ال يطعن عليه من وجهة نظرها ( إعماالً للمادة ‪ 46‬من القانون رقم‬ ‫‪ 57‬لسنة ‪.)1959‬‬ ‫عدم جواز الحكم باإلعدام على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة سنة‬ ‫ميالدية كاملة وقت ارتكاب الجريمة إعماالً لنص المادة ‪ 111‬من القانون رقم‬ ‫‪ 12‬لسنــة ‪ 1996‬بشأن إصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم ‪ 126‬لسنة‬ ‫‪.2008‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪ .5‬متي صار الحكم باإلعدام نهائيا ً وجب رفع أوراق الدعوي فورا ً إلي رئيس‬ ‫الجمهورية‪ ،‬للنظر في صدور أمر بالعفو أو إلبدال العقوبة في غضون أربعة‬ ‫عشر يوما ً (م ‪ 470‬إجراءات جنائية)‪.‬‬ ‫‪ .6‬كما حرص المشرع المصري على وضع ضوابط مشددة لتنفيذ عقوبة اإلعدام‬ ‫نص عليها في المواد من ‪ 470‬إلى ‪ 477‬من قانون اإلجراءات الجنائية والمواد‬ ‫من ‪ 65‬إلى ‪ 72‬من قانون السجون‪ ،‬راعي فيها أن يتم تنفيذ الحكم بإزهاق الروح‬ ‫دو ن تعذيب كما حرص على مراعاة الشعور الديني للمحكوم عليه واحترام‬ ‫إنسانيته‪.‬‬ ‫وب ناء على ما تقدم فقد جاءت نصوص القانون المصري بشأن عقوبة اإلعدام متسقة‬ ‫مع المعايير الدولية والضوابط التي جسدتها المادة )‪ (6‬من العهد الدولي الخاص‬ ‫بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬الذي أعتمد بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة‬ ‫الصادر بتاريخ ‪ 1966/12/16‬وصدقت عليه مصر بتاريخ ‪ 1982/1/14‬على النحو‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫‪ .1‬قصر توقيع العقوبة على أشد الجرائم خطورة‪.‬‬ ‫‪ .2‬وجوب النص على العقوبة في القانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة إعماال لمبدأ‬ ‫شرعية الجرائم والعقوبات‪.‬‬ ‫‪ .3‬ع دم التمييز في توقيع عقوبة اإلعدام على أساس العرق أو اللون أو اللغة أو‬ ‫الدين أو غير ذلك من األسباب المحظورة كأساس للتمييز (المادة ‪ 1/2‬من‬ ‫العهد)‪.‬‬ ‫‪ .4‬عدم جواز تطبيق العقوبة إال بعد حكم قطعي صادر عن محكمة مختصة‪ :‬ومعنى‬ ‫ذلك أنه يتعينصدور أحكام اإلعدام في أعقاب محاكمات مستوفية لشروط‬ ‫المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة )‪ )14‬من العهد‪.‬‬ ‫‪ .5‬عدم جواز الحكم بعقوبة اإلعدام على من هم دون الثامنة عشرة من العمر‪،‬‬ ‫وعدم جواز تنفيذها علىالنساء الحوامل‪.‬‬ ‫‪ .6‬يتمتع المحكوم عليه بعقوبة اإلعدام بالحق في االستفادة من العفو الخاص أو‬ ‫العام أو إبدال العقوبة‪.‬‬ ‫‪ .7‬عدم جواز تنفيذ عقوبة االعدامبأسلوب قاس أو حاطبالكرامة اإلنسانية‬ ‫خالفا ً ألحكام المادة (‪ )7‬من العهد‪.‬‬ ‫ويختص القضاء العسكري بالجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة‪ ،‬كما هو موجود في‬ ‫العديد من الدول‪ ،‬حيث يتمتع المتهم أمام القضاء العسكري في مصر بذات الضمانات‬ ‫التي يتمتع بها أمام القضاء العادي من الحق في الدفاع‪ ،‬واالطالع على األوراق‪ ،‬وعلنية‬ ‫‪3‬‬


‫الجلسات‪ ،‬والحق في الطعن على الحكم الصادر أمام درجة أعلي إلى آخره‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تتوفر في المحاكمات أمام القضاء العسكري في مصر كافة معايير المحاكمة العادلة‬ ‫والمنصوص عليها في المواثيق الدولية‪.‬‬

‫ونخلص مما تقدم إلى أن اإلطار القانوني والتشريعي المعمول به بجمهورية مصر‬ ‫العربية بشأن عقوبة اإلعدام يتسق مع المعايير الدولية في هذا الشأن فضالً عن اتساق‬ ‫عقوبة اإلعدام مع حد القصاص في الشريعة اإلسالمية الغراء‪.‬‬

‫ويؤكد البرلمان المصري رفضه آ ية إمالءات بتعديل قوانين محلية صاغها نواب‬ ‫الشعب المنتخبين وفقا ً للدستور‪ ،‬وتنبع من السياق االجتماعي والتهديدات األمنية التي‬ ‫تواجهها البالد‪ ،‬وكان األحرىبالبرلمان األوروبي اتخاذ االجراءات الالزمة لمواجهة‬ ‫اإلرهاب وغيرها في اآلونة األخيرة والتي تتجاوز الحدود الدنيا من الحماية المفترض‬ ‫توفيرها للحقوق والحريات اللصيقة بشخص مواطنيها‪ ،‬وأن يعالج مشاكل العنصرية‬ ‫والتمييز في المجتمع ات األوروبية‪ ،‬قبل أن يسعي لتلقين شعوب وبرلمانات دول أخري‬ ‫مبادئ حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وإذ ينوه مجلس النواب المصري إلى أن توقيت صدور بيان البرلمان األوروبي خالل‬ ‫فترة االنتخابات الرئاسية وبالتزامن مع انطالق الحملة الشاملة على اإلرهاب في‬ ‫سيناء يثير العديد من عالمات االستفهام حول مصداقية بعض األطراف في الحرب‬ ‫على اإلرهاب‪ ،‬كما يكشف النوايا الحقيقية لمن يتشدقون بنغمة الشراكة جنوب‬ ‫البحراألبيض المتوسط ودعاوىاالستقرار لمنطقة الشرق األوسط‪ ،‬إن استغالل ملف‬ ‫حقوق اإلنسان وإثارته بين الحين واآلخر لتضييق الخناق على مصر يجب أن يتوقف‪.‬‬

‫طارق رضوان‬ ‫رئيس لجنة العالقات الخارجية‬ ‫مجلس النواب‬

‫‪4‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.