اقتتال الفصائل الثورية وتداعياتها على الواقع الحالي للثورة

Page 1

1


‫أوالً ‪ :‬مقدمــــــــة ‪:‬‬ ‫فً بداٌة انتقال الثورة إ لى العمل المسلح ضد نظام الطاؼٌة أجمعت جمٌع فصائل الجٌش الحر‬ ‫على تأكٌد وحدة الهدؾ والمصٌر حتى انتصار الثورة بإسقاط نظام الطاؼٌة واالنتقال بسورٌا‬ ‫الى الدٌمقراطٌة والحرٌة وتجلى ذلك بالبٌانات التً خرجت بها تلك الفصائل إبان تشكلها وفً‬ ‫المراحل األولى للثورة استطاعت فصائل الجٌش الحر الوصول بنظام األسد إلى مشارؾ‬ ‫االنهٌار والسقوط بعد أن حققت االنتصار تلو االنتصار ‪ .‬فما الذي حال دون تمكن الجٌش الحر‬ ‫من تحقٌق أهدافه فً إسقاط نظام الطاؼٌة واالنتقال إلى سورٌا الجدٌدة والثورة دخلت عامها‬ ‫السادس ؟‬ ‫سؤال ٌتطلب وقفة على األسباب التً أدت إلى تأخر النصر حتى تستطٌع الفصائل الثورٌة تالفً‬ ‫ً‬ ‫تنكٌال‬ ‫األخطاء الواقعة فٌها وإعادة توجٌه بوصلة الثورة من جدٌد باتجاه إسقاط النظام الذي عاث‬ ‫وإجراما ً بالشعب السوري على مدار السنوات الماضٌة‪ ،‬إذ أن كل ٌوم ٌمضً والنظام متمكن فً‬ ‫السلطة فإن هناك مزٌداً من الخسائر البشرٌة فً صفوؾ الشعب السوري‪.‬‬ ‫ولعل ما حصل من اقتتال فً المراحل السابقة من عمر الثورة كان أحد أهم األسباب التً‬ ‫صنعت حالة التشتت والفرقة بٌن الفصائل الثورٌة‪ ،‬وأبعدت شبح السقوط عن النظام مخلفة خسائر‬ ‫كبٌرة فً األرواح فضالً عن استؽالل النظام ذلك االقتتال لتحقٌق تقدم وسٌطرة على مناطق هامة‬ ‫كانت تلك عامل ضؽط للثوار علٌه فً وقت من األوقات ‪.‬‬ ‫إن اقتتال الفصائل الثورٌة سرطان أصاب الثورة فً أكثر المراحل حساسٌة وأهمٌة جعلها‬ ‫تنشؽل عن نصرها التارٌخً فً مرحلة وصل فٌها النظام إلى أدنى مستوٌات الضعؾ واالنهٌار‬ ‫لٌكون ذلك السرطان الهبة الثمٌنة التً قدمتها الفصائل المتناحرة للنظام ومٌلٌشٌاته إلنقاذهم من‬ ‫االنهٌار والسقوط‪ ،‬والذي انقلب من ضعؾ إلى حالة من الشتات والتفرقة للساحة الثورٌة‪ ،‬و‬ ‫تعمقت الخالفات شٌ ًئا فشٌ ًئا حتى خسرت تلك الفصائل المتناحرة العدٌد من المناطق والكثٌر من‬ ‫القتلى والجرحى‪ ،‬و ال تزال الخالفات شاهدة على انحسار وخسارة وتأخر النصر‪ ،‬مقابل تمدد‬ ‫أسدي لم ٌكن ٌحلم به فً األعوام األولى للثورة السورٌة‪.‬‬

‫‪2‬‬


‫ثانٌا ً‪ :‬صراعات بٌن فصائل ثورٌة على مسرح الثورة السورٌة ‪:‬‬ ‫فً المرحلة السابقة من عمر الثورة شهدت بعض المناطق المحررة حاالت من االقتتال والتناحر‬ ‫كان أبرزها ما حدث من فتنة بٌن فٌلق الرحمن وجٌش اإلسالم فً الؽوطة الشرقٌة راح ضحٌتها‬ ‫المئات من المقاتلٌن فً الوقت الذي كان النظام ٌستؽل هذا االقتتال لٌنتزع المنطقة تلو األخرى‪،‬‬ ‫ولٌفصل شطري الؽوطة الشرقٌة ولٌُحكم الحصار علٌهما‪ ،‬فضالً عن فرض حالة الضعؾ‬ ‫والتشتت التً تسبب فٌها عنؾ االقتتال(‪ . )1‬لم ٌقتصر االقتتال على الؽوطة الشرقٌة فقد دخلت‬ ‫المنطقة الجنوبٌة فً دائرة االقتتال الداخلً تمثلت بخالفات وصدامات بٌن محكمة “دار العدل فً‬ ‫حوران” و فصائل الجٌش الحر الممثلة فٌها من جهة‪ ،‬وحركة المثنى اإلسالمٌة من جهة أخرى‬ ‫فً أحلك الظروؾ حساسٌة‪ ،‬وفً وقت كان النظام ٌقوم بعملٌة عسكرٌة هوجاء على مدٌنة الشٌخ‬ ‫مسكٌن النتزاع السٌطرة علٌها‪ ،‬حتى انعكس النزاع سل ًبا على جبهاتها وأدى إلى سقوطها تحت‬ ‫سٌطرة النظام (‪.)2‬‬ ‫أدى الصراع بٌن لواء “شهداء الٌرموك” من جهة‪ ،‬وفصائل الجٌش الحر فً حوران من جهة‬ ‫أخرى (‪ ،)3‬إلى مقتل المئات من المقاتلٌن وتجمٌد الجبهة الجنوبٌة عن مقاتلة النظام ‪ ،‬وإؼفال‬ ‫تخفٌؾ الضؽط عن مثٌالتها من الجبهات المشتعلة‪ ،‬فاستؽل النظام هذا الصراع لالنفراد بتلك‬ ‫الجبهات وتحقٌق تقدم وسٌطرة على المناطق الهامة فٌها‪.‬‬ ‫كذلك األمر بالنسبة لجبهة النصرة و جبهة ثوار سورٌا التً بدأت بوادر خالفاتهما باعتقاالت‬ ‫واختطافات متبادلة‪ ،‬تطورت إلى نزاع مسلح خسرت الثورة السورٌة من خالله عشرات المقاتلٌن‬ ‫قتلى‪ ،‬عدا عن خسائر العتاد (‪ ،)4‬وظهرت تداعٌاته بإضعاؾ قوة الثورة بالشمال السوري‪ ،‬والتً‬ ‫مهدت فٌما بعد لقٌام النظام بانتزاع السٌطرة على العدٌد من المناطق الهامة المحررة وفك‬ ‫الحصار عن بعض مواقعه التً كانت محاصرة ‪.‬‬ ‫جبهة حق المقاتلة لم تكن بمنأى عن الصراع الداخلً والتً تعد من أبرز الفصائل المنضوٌة فً‬ ‫الجٌش الحر فً رٌؾ حماة الشمالً‪ ،‬خالل عام ‪ ،2114‬وامتلكت تسلٌحً ا نوعًٌا جٌ ًدا بالمقارنة مع‬ ‫الفصائل المحلٌة فً رٌفً حماة وإدلب‪ ،‬وال سٌما صوارٌخ أرض‪ -‬أرض‪ ،‬متوسطة المدى من‬ ‫نوع "ؼراد"‪ ،‬وشاركت فً عدد من المعارك فً المنطقة‪ ،‬وسببت صوارٌخها ً‬ ‫شلال فً عمل‬ ‫مطار حماة العسكري لعدة شهور متتابعة لتصطدم مع جبهة النصرة لحصول خالفات بٌنهما‬ ‫تطورت إلى اؼتٌاالت واشتباكات باألسلحة انتهت بخسارة عشرات المقاتلٌن والعتاد واألسلحة‬ ‫النوعٌة التً كانت تمتلكها‪ ،‬وإنهاء الضؽط العسكري الثوري على مواقع النظام فً حماة‪ ،‬لتتفرغ‬ ‫مٌلٌشٌات النظام لتؽطٌة جبهات أخرى‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫كذلك األمر بالنسبة لحركة حزم أٌ ً‬ ‫ضا (‪ )5‬فقد القت نفس المصٌر وانتهى االقتتال بٌنها وبٌن‬ ‫جبهة النصرة إلى إعالن حل نفسها وتسلٌم أسلحتها ‪ ،‬و قد كانت تعد من أبرز فصائل الجٌش‬ ‫الحر تسلٌحً ا وتنظٌمًا‪ ،‬وشاركت فً عدة معارك ضد قوات األسد‪ ،‬ال سٌما معركة تحرٌر مدٌنة‬ ‫خان شٌخون فً رٌؾ إدلب الجنوبً فً أٌار من عام ‪ ،2114‬وتحرٌر مدٌنة مورك شمال حماة‬ ‫فً تموز من العام نفسه‪.‬‬ ‫و احتل قتال جبهة النصرة للفصائل الثورٌة النسبة األكبر فً التصارع على الساحة الثورٌة‪،‬‬ ‫وبلػ عدد الفصائل الذٌن قاتلتهم جبهة النصرة وقضت علٌهم خمسة عشر فصٌالً عسكرٌا ً منها(‬ ‫كتائب نصرة المظلوم ‪ ،‬ألوٌة األنصار‪ ،‬ذئاب الؽاب ‪ ،‬جٌش التحرٌر‪ ،‬لواء الفاتحٌن ‪ ،‬اللواء‬ ‫السابع ‪ ،‬جبهة ثبات ‪ ،‬الفرقة ‪ ، 13‬الفرقة ‪ ،31‬لواء العلمٌن )‪ .‬وهناك العدٌد من حاالت االقتتال‬ ‫التً سلبت الثورة السورٌة قوتها وأخرت نصرها ‪.‬‬ ‫وفً ما ٌلً جدول ٌوضح أهم الفصائل المتصارعة والمناطق التً تم انتزاعها أثناء حدوث‬ ‫الصراع ‪:‬‬ ‫الفصائل‬ ‫م‬ ‫المتصارعة‬ ‫جٌش‬ ‫‪ 1‬اإلسالم ْ‬ ‫‪x‬فٌلق‬ ‫الرحمن‬

‫منطقة‬ ‫الصراع‬ ‫الغوطة‬ ‫الشرقٌة‬

‫درعا ‪/‬‬ ‫‪ 2‬لواء شهداء‬ ‫الٌرموك الرٌف الغربً‬ ‫‪ x‬فصائل‬ ‫الجٌش الحر‬ ‫حركة‬ ‫‪3‬‬ ‫المثنى‬ ‫‪x‬الفصائل‬ ‫الجٌش الحر‬ ‫جبهة‬ ‫‪4‬‬ ‫النصرة‬ ‫‪x‬جبهة ثوار‬ ‫سورٌا‬

‫درعا ‪/‬‬ ‫الشٌخ‬ ‫مسكٌن ‪،‬‬ ‫نوى‬ ‫إدلب‬

‫خسائر مناطق‬ ‫أحد طرفي النزاع‬ ‫‪-------------------‬‬

‫‪--------------------‬‬

‫خسائر المناطق لصالح النظام‬ ‫ خرق القطاع الجنوبً للغوطة‬‫والسٌطرة على ‪ 01‬بلدات وهً‬ ‫دٌر العصافٌر وزبدٌن وحوش‬ ‫الدوٌر والبٌاض والركابٌة ونولة‬ ‫وحوش بزٌنة وحوش الحمصً‬ ‫وحرستا القنطرة وباال‪.‬‬ ‫إنجاز مصالحات فً العدٌد من‬ ‫البلدات المحررة‬

‫انسحاب الحركة إلى حوض‬ ‫الٌرموك‬

‫سٌطرة النظام على مدٌنة الشٌخ‬ ‫مسكٌن االستراتٌجٌة‪.‬‬

‫سٌطرة جبهة النصرة على‬ ‫مناطق نفوذ جبهة ثوار‬ ‫سورٌا و تفكٌك جبهة ثوار‬ ‫سورٌا فً الشمال السوري‬

‫حملة جوٌة للنظام استهدفت‬ ‫تجمعات المدنٌ​ٌن فً مناطق‬ ‫الصراع و حاالت تسلل لمٌلٌشٌات‬ ‫النظام المجرم و سقوط شهداء‬

‫‪4‬‬


‫وجرحى جراء الغارات‬ ‫حملة جوٌة للنظام استهدفت‬ ‫‪ 5‬جبهة حق حماه ‪ /‬الرٌف سٌطرة جبهة النصرة على‬ ‫تجمعات المدنٌ​ٌن فً مناطق‬ ‫مناطق نفوذ جبهة حق‪،‬‬ ‫الشمالً‬ ‫‪x‬جبهة‬ ‫الصراع‪ ،‬و حاالت تسلل لمٌلٌشٌات‬ ‫تفكٌك جبهة حق‬ ‫النصرة‬ ‫النظام‪ ،‬وسقوط شهداء وجرحى‬ ‫جراء الغارات‪ ،‬وإزالة الضغط‬ ‫الحاصل على مواقع النظام‬ ‫العسكرٌة فً المنطقة وخصوصا ً‬ ‫مطار حماة العسكري‬ ‫حملة جوٌة للنظام استهدفت‬ ‫‪ 6‬حركة حزم حلب ‪ -‬إدلب سٌطرة جبهة النصرة على‬ ‫تجمعات المدنٌ​ٌن فً مناطق‬ ‫مناطق نفوذ حركة حزم ‪،‬‬ ‫‪x‬جبهة‬ ‫الصراع‪ ،‬و سقوط شهداء وجرحى‬ ‫إعالن حركة حزم حل‬ ‫النصرة‬ ‫جراء الغارات‪ ،‬و تخلص النظام من‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫الضربات التً توجهها حركة حزم‬ ‫على مدرعاته بواسطة الصوارٌخ‬ ‫الموجهة ‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫ثالثاً‪ :‬األسباب التً أدت إلى اقتتال الفصائل وتناحرها ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬عدم وجود قٌادة ثورٌة موحدة ومحاكم شرعٌة تلزم الفصائل الثورٌة بقراراتها ‪:‬‬ ‫انصرؾ العدٌد من قادة الفصائل عن قتال النظام حبا ً باإلمارة وانشؽل كل منهم فً تقوٌة‬ ‫فصٌله وتوسعة نفوذه فً المنطقة التً ٌنتشر فٌها ‪ ،‬مما تسبب فً إقصاء العدٌد من‬ ‫الفصائل االخرى ‪ ،‬مهد ذلك لظهور خالفات بدأت بوادرها باالؼتٌاالت والخطؾ ثم‬ ‫تطورت إلى اقتتال من خالل إقحام المقاتلٌن فً معارك داخلٌة ال جدوى منها‪ ،‬وانتهت‬ ‫فً كثٌر من األحٌان إلى تفكٌك إحدى الفصائل المتناحرة واالستٌالء على سالحها وعتادها‬ ‫‪ ،‬األمر الذي أسس لمرحلة من الثورة ٌقودها أمراء الحرب المتصارعون على النفوذ‬ ‫وحصدت صراعاتهم الكثٌر من أرواح المقاتلٌن فً سبٌل إحكام النفوذ على المناطق التً‬ ‫ٌتم تحرٌرها والقضاء على أي فصٌل ٌمكن أن ٌشكل عائ ًقا أو مناف ًسا فً المنطقة التً‬ ‫ٌنتشر فٌها‪ ،‬مما أفسح المجال لعمالء النظام لتأجٌج الصراعات من خالل زرع الفتن عن‬ ‫طرٌق االؼتٌال والتخوٌن وزرع األحقاد‪ .‬ولعل ما شهدته الؽوطة الشرقٌة من صراعات‬ ‫بٌن الفصائل مثال واضح على ذلك‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ظهور التوجهات المختلفة وإقحام الخالفات المنهجٌة والفكرٌة ‪:‬‬ ‫فً المرحلة السابقة من عمر الثورة السورٌة شهدت المناطق المحررة فً عموم سورٌا‬ ‫ظهور توجهات وطموحات مختلفة مؽاٌرة عن تلك التً أجمع علٌها السورٌون فً وحدة‬ ‫الصؾ والهدؾ‪ ،‬والتً كانت قد حملت راٌة “القتال ضد األسد” كأولوٌة لها بالتزامن مع‬ ‫ظهور تنظٌمات جدٌدة داخل الجسم العسكري للثورة السورٌة أحدثت خال ًفا فً الرؤٌة‬ ‫العسكرٌة على األرض تبعا ً لتوجهاتها اإلٌدٌولوجٌة أو القتالٌة التً تنتهجها وأولوٌات‬ ‫عملها وبالتالً حصل فرز القوى العسكرٌة على األرض تبعا ً للراٌات التً تحملها‬ ‫والمشارٌع العسكرٌة والسٌاسٌة التً تتبناها‪ ،‬مما أدى إلى االحتكاك بٌن هذه القوى نتج‬ ‫عنه حصول خالفات تطورت فٌما بعد إلى تحالفات ثم صراعات للتمدد وبسط النفوذ‬ ‫لتثبٌت تلك المشارٌع‪ ،‬وهو ما تجلى بشكل واضح فً الصراع بٌن التنظٌمات التً تحمل‬ ‫فً طٌاتها مشروع اإلمارة اإلسالمٌة كجبهة النصرة من جانب والجٌش الحر من جانب‬ ‫آخر‪ ،‬عبر رفع تلك التنظٌمات شعار تطبٌق الشرٌعة‪ ،‬وهو ما انعكس فً سعٌها إلى فرض‬ ‫النموذج اإلسالمً _ من منظورها _ على بعض المناطق‪ ،‬فً الوقت الذي ٌتبنى فٌه‬ ‫الجٌش الحر توجهات إسالمٌة وطنٌة من منظور آخر ‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫ومما ساهم فً تأجٌج الصراع بٌن الفصائل المختلفة فً الجٌش الحر والتنظٌمات‬ ‫اإلسالمٌة الوعود الؽربٌة بتسلٌح الجٌش الحر شرط فرض سٌطرته الكاملة على المناطق‬ ‫التً تم تحرٌرها‪ ،‬وهذا ما جعل التنظٌمات اإلسالمٌة تنظر بحذر لفصائل الجٌش الحر ‪،‬‬ ‫فدخل الطرفان فً احتكاكات متواصلة مازالت تأثٌراتها حتى الوقت الحالً‪.‬‬ ‫الصراعات التً دارت بٌن الجٌش الحر من جهة و جبهة النصرة من جهة أخرى أدت‬ ‫إ لى تفكك العدٌد من تشكٌالت الجٌش الحر واالستٌالء على أسلحتها وعتادها‪ ،‬وتشكل‬ ‫الصراعات التً دارت بٌن فصائل جبهة ثوار سورٌا ‪ ،‬حركة حزم أو جبهة حق مع‬ ‫جبهة النصرة نموذجا ً واضحا ً لذلك‪.‬‬ ‫فً ما ٌلً جدول ٌظهر التوجهات المنهجٌة والفكرٌة ألهم الفصائل المتصارعة ‪.‬‬ ‫م‬

‫الفصائل‬ ‫المتصارعة‬ ‫جٌش االسالم‬

‫التوجه الفكري‬ ‫والمنهجً‬ ‫سلفً‬

‫‪x‬‬

‫‪2‬‬

‫لواء شهداء‬ ‫الٌرموك‬ ‫جبهة النصرة‬

‫سلفً جهادي‬

‫‪x‬‬

‫فصائل الجٌش الحر‬

‫سلفً جهادي‬

‫‪x‬‬

‫جبهة ثوار سورٌا‬

‫إسالمً شعبً‬

‫‪4‬‬

‫جبهة النصرة‬

‫سلفً جهادي‬

‫‪x‬‬

‫جبهة حق‬

‫إسالمً شعبً‬

‫‪5‬‬

‫جبهة النصرة‬

‫سلفً جهادي‬

‫‪x‬‬

‫حركة حزم‬

‫إسالمً شعبً‬

‫‪6‬‬

‫حركة المثنى‬

‫سلفً جهادي‬

‫‪x‬‬

‫الفصائل الجٌش الحر‬

‫إسالمً شعبً‬

‫‪0‬‬

‫‪3‬‬

‫مقابل‬

‫الفصائل المتصارعة‬ ‫فٌلق الرحمن‬

‫التوجه الفكري‬ ‫والمنهجً‬ ‫أشعري‬ ‫إسالمً شعبً‬

‫ج‪ -‬اختالف الدول المساندة للفصائل فً رؤٌتها بسورٌا ‪:‬‬ ‫إن تعدد مصادر الدعم اللوجستً والعسكري والمالً للثورة السورٌة أفرز تعد ًدا فً‬ ‫المراكز العسكرٌة والمرجعٌات الفكرٌة والسٌاسٌة والذي حال دون توحدها ‪،‬إلى جانب‬ ‫ذلك تباٌن المصالح بٌن القوى اإلقلٌمٌة والدولٌة المعنٌة بالمسألة السورٌة أدى إلى‬ ‫تصاعد حدة االحتقان بٌن الفصائل المسلحة‪ ،‬خصو ً‬ ‫صا مع اتجاه كل منها إلى دعم أحد‬ ‫األطراؾ المنخرطة فً الصراع وتقوٌة فصٌل ثوري على حساب أخر‪ ،‬فضالً عن تبعٌة‬ ‫ؼالبٌة الفصائل وارتهانها بالجهات الداعمة لها والتً تقوم بتحرٌكها وفق مصالحها‪ ،‬ولٌس‬ ‫وفق أهداؾ الثورة مما أدى إلى مصادرة القرار الثوري وتجزؤه حسب مصالح الدولة‬ ‫التً تدعم الفصٌل وكان لبعض الجهات الداعمة فً الثورة السورٌة دور فً تأجٌج‬ ‫‪7‬‬


‫الصراعات بٌن الفصائل عبر دعمها لفصٌل على أسس عقدٌة وفق دعم مشروط ومرتبط‬ ‫بتحقٌق المصالح ومشارٌع تلك الدولة ‪.‬‬

‫رابعا ً ‪:‬تداعٌات اقتتال الفصائل المقاتلة على الواقع الحالً‬ ‫للثورة ‪:‬‬ ‫لو وقفنا على حقٌقة ما آل إلٌه الصراع بٌن الفصائل لرأٌنا أثارها السلبٌة على الثورة‬ ‫السورٌة بشكل عام وفٌما ٌلً جدول ٌوضح تداعٌاتها على العدٌد من األصعدة ‪:‬‬ ‫التداعٌات على الحاضن الشعبً‬ ‫ انخفضت ثقة الحاضنة الشعبٌة‬‫بقدرة الفصائل على إسقاط النظام‬ ‫بنسبة النصف تقرٌبا ً جراء‬ ‫الصراعات الحاصلة بٌن الفصائل‬ ‫‪.‬‬ ‫ الخسائر البشرٌة فً صفوف‬‫المدنٌ​ٌن جراء نشوب االشتباكات‬ ‫بٌن طرفً الصراع فً أماكن‬ ‫تجمعات المدنٌ​ٌن ودون سابق‬ ‫إنذار ‪.‬‬ ‫ األضرار المادٌة جراء‬‫االشتباكات باألسلحة والتً ألحقت‬ ‫ضررا بالمنازل وتوقف األسواق‬ ‫ً‬ ‫عن العمل ‪......‬‬ ‫ سوء األوضاع اإلنسانٌة فً‬‫صفوف المدنٌ​ٌن فً مناطق‬ ‫الصراع وخاصة فً المناطق‬ ‫المحاصرة ‪.‬‬ ‫ نزوح المدنٌ​ٌن من مناطق‬‫الصراع وغالبا ً ما ٌتخذ النازحون‬ ‫األراضً الزراعٌة والعراء مكانا ً‬ ‫للنزوح ‪.‬‬ ‫ األضرار النفسٌة جراء الخسائر‬‫التً لحقت بأطراف الصراع‬

‫التداعٌات على الكتائب‬ ‫نفسها‬ ‫خسارة طرفً الصراع‬‫للكثٌر من الذخٌرة‬ ‫والسالح والعتاد كانت‬ ‫معدة إلسقاط النظام‬ ‫باستهالكها فً النزاع‬ ‫الدائر ‪.‬‬ ‫ خسارة المقاتلٌن من‬‫طرفً الصراع جراء‬ ‫اشتباكات‬ ‫ال ناقة لهم فٌها وال‬ ‫جمل سبب فً اعتزال‬ ‫الكثٌر منهم العمل‬ ‫الثوري المسلح‪،‬‬ ‫ورفضهم الدخول كأداة‬ ‫فً الصراع الدائر‪.‬‬ ‫ إنهاك واستنزاف قوة‬‫األطراف المتناحرة فً‬ ‫الصراع الدائر‬ ‫والمستمر‪.‬‬ ‫ ‪ .‬انتهت أغلب‬‫الصراعات الدائرة بٌن‬ ‫الفصائل المتناحرة‬ ‫بتفكٌك إحداها وخروج‬ ‫األخرى منهكة‬ ‫‪8‬‬

‫التداعٌات السٌاسٌة‬

‫التداعٌات على‬ ‫مواجهة النظام‬ ‫ انخفاض حجم القوة ‪ -‬تصارع الفصائل‬‫أدى الى إضعاف‬ ‫العسكرٌة الثورٌة‬ ‫الموجهة إلسقاط النظام الهٌئات السٌاسٌة‬ ‫إلى النصف تقرٌبا ً‬ ‫الثورٌة والتشوٌش‬ ‫على وحدة الموقف‬ ‫وبالتالً انخفضت‬ ‫الثوري ‪.‬‬ ‫احتماالت النصر‬ ‫وتحقٌق أهداف الثورة ‪ -‬الصراعات الدائرة‬ ‫والوصول الى سورٌا أعطت ذرٌعة للدول‬ ‫الداعمة لنظام األسد‬ ‫الجدٌدة الخالٌة من‬ ‫نظام اإلجرام األسدي ‪ ،‬كمأخذ سلبً على‬ ‫الثورة فً المحافل‬ ‫ انخفضت وتٌرة‬‫الدولٌة ‪.‬‬ ‫األعمال القتالٌة‬ ‫الموجهة إلسقاط النظام ‪ -‬أعادت العدٌد من‬ ‫وبالتالً أعطت وق ًتا الجهات الداعمة رسم‬ ‫كاف ًٌا للنظام لتجمٌع سٌاساتها تجاه الثورة‬ ‫من جدٌد جراء‬ ‫قواه وللمبادرة‬ ‫الصراعات الدائرة‬ ‫استطاع من خاللها‬ ‫وترددت فً‬ ‫إعادة السٌطرة على‬ ‫احتضانها سٌاس ًٌا ‪.‬‬ ‫العدٌد من المناطق‬ ‫الهامة واالستراتٌجٌة ‪ -‬شكلت الصراعات‬ ‫حراجا للعدٌد من‬ ‫إ‬ ‫كانت تمثل عامل ضغط‬ ‫ً‬ ‫على نظامه مستغالً‬ ‫الجهات الداعمة‬ ‫للثورة على صعٌد‬ ‫انشغال الفصائل فً‬ ‫السٌاسة اإلقلٌمٌة‬ ‫تصفٌة حساباتها‬


‫وهو ما سبب فً كثٌر‬ ‫وضعٌفة ‪.‬‬ ‫والمدنٌ​ٌن‪.‬‬ ‫من المواقع ضعف‬ ‫ فقدان الفصائل‬‫وكذلك من النتائج التً آلت الٌها‬ ‫األعمال القتالٌة‬ ‫تردي األوضاع على كافة األصعدة المتصارعة الحاضن‬ ‫وتجمٌد جبهات‬ ‫الشعبً والحاضن‬ ‫جراء النزاع الدائر فً منطقة‬ ‫مشتعلة‪.‬‬ ‫الثوري ‪.‬‬ ‫الصراع بشكل خاص والثورة‬ ‫ الخسائر الناتجة عن‬‫ حدوث انقسامات‬‫بشكل عام (‪.)6‬‬ ‫النزاع إن كان‬ ‫داخل الفصٌل الواحد‬ ‫باألرواح أو بالسالح‬ ‫الداخل كطرف فً‬ ‫والذخٌرة أو بالعتاد‬ ‫الصراع بٌن مؤٌد‬ ‫أدى إلى ضعف تلك‬ ‫ومعارض ‪.‬‬ ‫الفصائل المتنازعة‬ ‫ حدوث تحزبات‬‫وفرق بٌن الفصائل فً وعدم قدرتها فً كثٌر‬ ‫من المواقع على‬ ‫منطقة الصراع فً‬ ‫مجابهة النظام أو‬ ‫االصطفاف مع طرف‬ ‫تخفٌف الضغط أو‬ ‫ضد اآلخر أو محاٌد‬ ‫إشغال النظام عن‬ ‫للصراع الدائر ‪.‬‬ ‫الجبهات التً‬ ‫ٌستهدفها‪.‬‬

‫والدولٌة ‪.‬‬ ‫تغٌر الرأي العام‬ ‫نتٌجة النزاعات‬ ‫الدائرة سلبا ً تجاه‬ ‫الثورة ‪.‬‬ ‫ انخفاض االحتضان‬‫الدولً للثورة‬ ‫السورٌة جراء‬ ‫الصراعات بٌن‬ ‫الفصائل بشكل‬ ‫متكرر‪.‬‬

‫جمٌع هذه التداعٌات أضعفت الجسم العسكري للثورة السورٌة ‪ ،‬وقوضت سبل االنتصار على‬ ‫النظام وإسقاطه وتنذر بتصدع الثورة وانهٌارها (‪)7‬‬

‫‪9‬‬


‫خامسا ً ‪:‬استفادة النظام من الصراعات الدائرة بٌن الفصائل الثورٌة ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬سٌاسٌا ً ‪:‬‬ ‫وجد النظام فً اقتتال الفصائل وماآلت إلٌه من فرقة وتشتت فرصة فً تسوٌق الثورة‬ ‫ً‬ ‫شامال لمستقبل‬ ‫مشروعا ثور ًٌا‬ ‫للرأي العام الدولً على أنها مجموعات متناحرة ال تملك‬ ‫ً‬ ‫سورٌا السٌاسً ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬عسكرٌاً‪:‬‬ ‫استغل النظام انشغال الفصائل الثورٌة فً الصراعات الدائرة بٌنها الستجماع قواه‬ ‫وتوجٌهها نحو المناطق الهامة واالستراتٌجٌة وإعادة السٌطرة على العدٌد من هذه‬ ‫المناطق التً تمثل ورقات ضغط عسكري وسٌاسً على النظام فً أي مفاوضات مقبلة‬ ‫تؤدي إلى إجبار المجتمع الدولً للضغط علٌه و رحٌله ‪.‬‬ ‫ت‪-‬إعالمٌاً‪:‬‬ ‫عمد النظام إلى تسوٌق الفصائل على أنها مجموعات إرهابٌة متناحرة فً خطوة منه‬ ‫الستمالة حاضنة شعبٌة وإقلٌمٌة لالصطفاف إلى جانبه فً القضاء على الثورة‪.‬‬

‫سابعا ً ‪ :‬خاتمة ‪:‬‬ ‫الفراغ الذي تركته الثورة السورٌة فً عدم وجود قٌادة موحدة وفاعلة على األرض مكن أمراء‬ ‫الحرب من استالم زمام األمور والمبادرة فً المناطق التً ٌحكمونها‪ ،‬وتبعا ً لذلك تعددت‬ ‫القرارات واختلفت اآلراء التً انشغلوا بها عن السٌر باتجاه إسقاط النظام ‪ ،‬كما أن عدم وجود‬ ‫محاكم شرعٌة تنضوي تحت لوائها قوة مركزٌة تلزم الفصائل المتناحرة بقراراتها وتفض‬ ‫حاالت االشتباك قبل أن تتوسع دائرة الصراع وتوقع المزٌد من الخسائر فً الطرفٌن‬ ‫المتصارعٌن أدى إلى استمرار الصراع وانتقال العدوى إلى مناطق أخرى ‪.‬‬ ‫إن اإلٌدٌولوجٌات العقائدٌة والتبعٌات اإلقلٌمٌة والدولٌة حالت دون أي مشروع عسكري موحد‬ ‫األطر واألهداف لٌقف سدًا منٌ ًعا فً وجه النظام السوري وحلفائه‪.‬‬ ‫النتٌجة أنه ما لم تتمكن المعارضة السورٌة من الخروج من تحت عباءة األوصٌاء‬ ‫واإلرتهانات الخارجٌة فلن تتمكن من تأسٌس هٌئة قضائٌة قادرة على إزالة الخالفات بٌن‬ ‫الفصائل و تمهد لقٌادة ثورٌة سٌاسة وعسكرٌة وإعالمٌة موحدة وفاعلة تكون قادرة على‬ ‫توجٌه إمكاناتها تجاه النظام و تحظى بقبول جمٌع الفصائل القتالٌة ‪.‬‬ ‫‪........................................‬‬ ‫‪11‬‬


: ‫مصادر البحث‬ . ‫ اقتتال الفصائل فً الؽوطة الشرقٌة الى أٌن‬: ‫ الجزٌرة نت‬-1 http://www.aljazeera.net/programs/arab-presentsituation/2016/5/19/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%AA%D8%A7% D9%84-%D9%81%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8% A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%88%D8%B7%D8%A9%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%8A%D9%86 : ‫ قصة الشٌخ مسكٌن‬: ‫ الدرر الشامٌة‬-2 http://eldorar.com/node/94061 . ‫ جانب من االشتباكات بٌن الجٌش الحر ولواء شهداء الٌرموك فً حوران‬: ‫ ٌوتٌوب‬-3 https://www.youtube.com/watch?v=U6hOsi3xsDo ‫ أورٌنت جبهتا النصرة وثوار سورٌا صراع نفوذ أم حسم خالفات‬: ‫ ٌوتٌوب‬-4 >https://www.youtube.com/watch?v=MXUlSmbT4NA ‫ جبهة النصرة "تهاجم" حركة حزم وتسٌطر على صوارٌخ التاو األمرٌكٌة‬:‫أورٌنت‬ https://www.youtube.com/watch?v=PPIvS3H7yA4 : ‫ نزاع الفصائل فً درعا ٌضاعؾ معاناة المدنٌ​ٌن‬: ‫ الجزٌرة نت‬-5 http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2016/3/27/% D9%86%D8%B2%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%81%D8%AF%D8%B1%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%B9%D9%81%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9% 86 . ‫ االقتتال الداخلً ٌنذر بتصدع الثورة وانهٌارها‬: ‫ عنب بلدي‬-6 http://www.enabbaladi.net/archives/63744 11


‫الفهرس‬

‫أوالً‬ ‫المقدمة‬ ‫صراعات بٌن فصائل ثورٌة على مسرح الثورة‬ ‫ثانًٌا‬ ‫السورٌة‬ ‫ً‬ ‫األسباب التً أدت إلى اقتتال الفصائل وتناحرها‬ ‫ثالثا‬ ‫تداعٌات اقتتال الفصائل المقاتلة على الواقع‬ ‫راب ًعا‬ ‫الحالً للثورة‬ ‫خامسا ً استفادة النظام من الصراعات الدائرة بٌن الفصائل‬ ‫خاتمة البحث‬ ‫خاتمة‬ ‫مصادر البحث‬ ‫الفهرس‬

‫‪12‬‬

‫الصفحة ‪2‬‬ ‫الصفحة ‪3‬‬ ‫الصفحة‪6‬‬ ‫الصفحة ‪8‬‬ ‫الصفحة ‪11‬‬ ‫الصفحة ‪11‬‬ ‫الصفحة ‪11‬‬ ‫الصفحة ‪12‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.