فضل مصر في الاسلام

Page 1

‫محمد بن عبدا لرحمن ألعريفي ‪ -‬الشيخ محمد ألعريفي‬ ‫مواليد الدمام ـ‪ 43‬عاما ـ خريج كلية الشريعة جامعة اإلمام‬ ‫محمد بن سعود ودكتوراه في العقيدة وأستاذ مساعد بجامعة‬ ‫الملك سعود وله العديد من المؤلفات‪ -‬يوم‪ 14‬ديسمبر‬ ‫الماضي القي خطبه الجمعة جاءت تحت عنوان فضائل مصر‬ ‫‪.‬وأهل مصر بمسجد البواردي بالرياض‬

‫‪..‬‬ ‫فبعد الحمد هلل وشهادة أن ال اله إال هللا والصالة والسالم علي‬ ‫‪.‬محمد عبده ورسوله يقول‪ ..‬أما بعد‬

‫أيها اإلخوة المسلمون‪ :‬إنها اليوم شهادة في بلد األنبياء‪ ,‬إنها‬ ‫شهادة في مسكن العلماء‪ ,‬إنها رسالة إلي بلد العلم والجهاد‪,‬‬ ‫إنني أتحدث اليوم عن أم الدنيا‪ ,‬دعوني اليوم أتحدث عن‬

‫‪..‬مصر‬ ‫من شاهد األرض وأقطارها والناس أنواعا وأجناسا وال رأي‬ ‫مصر وال أهلها فما رأي الدنيا وال الناس‪ ,‬هي وطن البالد‬ ‫وهي أم المجاهدين والعباد قهرت قاهرتها األمم ووصلت‬ ‫بركاتها إلي العرب والعجم‪ ,‬هي بالد كريمة التربة‪ ,‬مؤنسة‬

‫لذوي الغربة فكم لمصر وأهلها من فضائل‪ ,‬ومزايا‪ ,‬وكم لها‬


‫من تاريخ في اإلسالم وخفايا منذ أن وطئتها إقدام األنبياء‬ ‫الطاهرين ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين والصحابة‬ ‫‪.‬المجاهدين‬ ‫إذا ذكرت المصريين ذكرت الكعبة والبيت الحرام فإن عمر‬ ‫رضي هللا تعالي عنه‪ ,‬أرسل إلي عامله في مصر أن يصنع‬ ‫كسوة للكعبة المشرفة‪ ,‬فصنعت الكسوة من عهد عمر رضي‬

‫هللا عنه وظلت كسوة الكعبة تصنع هناك في مصر سنة تلو‬

‫سنة حتي مرت أكثر من ألف سنة وكسوة الكعبة ترسل من‬ ‫‪.‬مصر إلي مكة ولم يتوقف ذلك إال قبل قرابة المائة سنة‬ ‫إذا ذكرت المصريين ذكرت الحجاج والمعتمرين فإن البعثة‬ ‫الطبية المصرية كانت في الحج لسنوات طويلة هي ابرز ما‬

‫ينفع الحجاج في عالجهم يأتون من أقطار الدنيا ألجل أن‬ ‫‪..‬يلتقوا بهذه البعثة المصرية‬

‫إذا ذكرت المصريين‪ ,‬إذا ذكرت الدفاع عن فلسطين وذكرت‬ ‫الجهاد والمجاهدين فصالح الدين أقام بمصر‪ ,‬وكثير من‬

‫‪..‬قواده منها وابرز المعارك مع اليهود قادها مصريون‬

‫إذا ذكرت المصريين ذكرت أمنا هاجر‪ ,‬وماريه القبطية ذكرت‬ ‫أخوال رسولنا‪ ,‬وأصهار نبينا ال لن اشهد اليوم لمصر فما‬

‫مثلي يشهد لمثلها بل سأخطب عن كوكبة العصر‪ ,‬وكتيبة‬


‫النصر وآيوان القصر‪ ,‬سأتكلم عن أم الحضارة وأم المهارة‬ ‫ومنطلق الجدارة‪ ..‬نعم سأخطب عن ارض العزة وعن بالد‬ ‫‪..‬العلم والقطن‪,‬‬ ‫‪:‬أيها المسلمون‬

‫ذكر هللا تعالي مصر في القرآن وبين هللا جل وعال اسمها‬ ‫صريحا في أربعة مواضع في كتابه‪ ,‬تشريفا لها وتكريما فقال‬ ‫هللا جل وعال‪((:‬وقال الذي اشتراه من مصر المرأته))‬

‫‪.‬يوسف‪21:‬‬ ‫وقال سبحانه(( ادخلوا مصر إن شاء هللا آمنين)) يوسف‪99:‬‬ ‫وقال جل وعال(( وأوحينا إلي موسي وأخيه أن تبوآ لقومكما‬ ‫‪.‬بمصر بيوتا)) يونس‪87:‬‬

‫وقال تعالي قاصا عن الهالك فرعون لما قال‪ ((:‬أليس لي ملك‬ ‫مصر)) الزخرف‪51:‬‬ ‫ليس هذا فقط بل أشار هللا تعالي إلي مصر ولم يصرح‬ ‫باسمها في‪ 30‬موضعا من القرآن كقوله جل وعال(( ودخل‬ ‫المدينة علي حين غفلة من أهلها)) يعني‪:‬مصر‪,.‬‬ ‫]القصص‪15:‬‬

‫وقوله جل وعال(( وقال المأل من قوم فرعون انذروا موسي‬

‫وقومه ليفسدوا في األرض))‪,‬األعراف‪ ]109:‬إلي آخر هذه‬


‫‪.‬المواضع‬

‫إن مصر أيها المسلمون هي األرض الطيبة التي قال هللا‬

‫تعالي عنها لما طهرها هللا تعالي من فرعون وقومه مدح هللا‬

‫تعالي مصر فقال(( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام‬ ‫كريم‪ ))26‬الدخان‬ ‫إن مصر فيها خزائن األرض بشهادة ربنا جل وعال لما قال‬ ‫ليوسف عليه السالم‬

‫قال اجعلني علي خزآئن األرض إني حفيظ عليم))) ((‬ ‫يوسف‪55.‬‬ ‫ولم يذكر هللا تعالي قصة نهر في القرآن إال نهر النيل قال‬ ‫جل وعال‪ ((:‬وأوحينا إلي أم موسي أن أرضعيه فإذا خفت‬ ‫عليه فألقيه في اليم وال تخافي وال تحزني إنا رادوه إليك‬ ‫‪.‬وجاعلوه من المرسلين))‪ ,‬القصص‪ ]7:‬يعني في نيل مصر‬ ‫قال الكندي ال يعلم بلد في أقطار األرض أثني هللا تعالي‬ ‫عليه في القرآن بمثل هذا الثناء وال وصفه هللا بمثل هذا‬ ‫‪..‬الوصف وال شهد له بالكرم غير مصر‬ ‫نعم إنني أتكلم عن مصر وصي النبي صلي هللا عليه وسلم‬ ‫األمة كلها بمصر وبأهلها فقال بأبي هو وأمي‪ ,‬إذا فتحتم‬

‫مصر فاستوصوا بالقبط خي ار فإن لهم ذمة ورحما]‪ ,‬وفي لفظ‬


‫قال‪ ,:‬فإن لهم ذمة وصهرا] رواه مسلم‬ ‫هاجر زوجة إبراهيم عليه السالم وهي أم إسماعيل جد نبينا‬ ‫عليه الصالة والسالم هي مصرية من القبط‪ ,‬وماريه سرية‬ ‫رسول هللا عليه الصالة والسالم‪ ,‬وأم ولده إبراهيم هي مصريه‬ ‫أيضا‪ ,‬ولذلك قال عبدا هلل ابن عمرو ابن العاص رضي هللا‬ ‫تعالي عنهما‪ :‬قبط مصر هم أخوال قريش مرتين‪ ,‬وقال النبي‬

‫عليه الصالة والسالم‪ ,‬إنكم ستفتحون مص ار أحسنوا إلي أهلها‬ ‫فإن لهم ذمة ورحما] رواه مسلم‬ ‫فهي وصية لألمة كلها لكل من تعامل مع المصريين أن‬

‫يحسن اليهم وان يكرمهم وان يعرف قدرهم وان يقف معهم عند‬

‫حاجتهم وأن ينصرهم عندما يؤذون‪ ,‬الهدية اليهم من أفضل‬ ‫الهدايا‪ ,‬وأذيتهم من أعظم الرزايا‪ ,‬ولم يكتف نبينا صلي هللا‬ ‫عليه وسلم بمدح مصر وأهلها بل أمر باإلحسان حتي إلي‬ ‫أقباطها فقال عليه الصالة والسالم‪ ,‬هللا هللا في قبط مصر‬

‫فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وعونا في سبيل هللا]‬ ‫‪.‬رواه الطبراني وصححه األلباني‬ ‫نعم وكم يسرنا اليوم وهللا من تآلف بين مسلمي مصر‪ ,‬وبين‬ ‫أقباطها‪ ,‬ونسال هللا جل وعال أن يجمعهم جميعا علي العقيدة‬ ‫الصحيحة التي بعث هللا تعالي بها عيسي وبعث بها محمد‪,‬‬


‫وبعث بها جميع األنبياء عليهم السالم‪ ,‬وهي أن يعبد هللا وحده‬ ‫‪.‬ال يشرك به شيئا‬ ‫‪:‬أيها المصريون‬

‫اإلسالم فيكم وجد أعياده‪ ..‬وكنتم يوم الفتح أجناده‪ ..‬وكنتم‬ ‫عام الرمادة مداده‪ ..‬وأحرقتم العدوان الثالثي وأسياده‪..‬‬ ‫وحطمتم خط بارليف وعتاده‪ ..‬وكنتم يوم العبور أسياده‬ ‫‪..‬وقواده‬

‫يا أهل مصر‪ ..‬يا أهلي ويا مشايخي ويا من أخذت عنهم‬ ‫األسانيد في قراءة القرآن‪ ..‬يا أصحابي‬ ‫إن في أرضكم الوادي المقدس طوي‪ ,‬وفيها الجبل الذي كلم‬ ‫هللا تعالي عليه موسي عليه السالم‪ ,‬وفيها الجبل الذي تجلي‬ ‫هللا سبحانه إليه فانهد الجبل دكا‪,‬وهي مبوأ الصدق الذي قال‬ ‫هللا تعالي عنه(( ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق))‪,‬‬ ‫]يونس‪93:‬‬

‫وفي أرضكم يجري نهر النيل المبارك الذي ينبع من أصله‬ ‫من الجنة‪ ,:‬قال النبي عليه الصالة والسالم‪ ,‬النيل وسيحان‬ ‫‪.‬وجيحان والفرات من انهار الجنة] رواه مسلم‬

‫وفي ارض مصر الربوة التي أوي إليها عيسي عليه السالم‬

‫وأمه قال جل وعال(( وآويناهما إلي ربوة ذات قرار ومعين))‪,‬‬


‫]المؤمنون‪50:‬‬ ‫وعلي أرض مصر ضرب موسي عليه السالم بعصاه فانفلق‬

‫الحجر له ماء وانشق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم‬ ‫نعم إنها مصر‪ ..‬إذا أردت القرآن وتجويده فالتفت إلي‬ ‫‪..‬مصر‬ ‫‪..‬إذا أردت اللغة والفصاحة فإنك تنتهي إلي مصر‬

‫إذا أردت األخالق الحسنة وحالوة اللسان وحالوة التالوة‬

‫‪..‬والقرآن فالتفت لزاما إلي مصر‬ ‫إننا ال نتحدث عن بلد عادي‪ ,‬إننا نتحدث عن بلد عظيم‬ ‫القدر جليل الجناب أشار هللا تعالي لكبر مصر‪ ,‬وأشار لعظم‬

‫مساحتها فقال جل وعال(( فأرسل فرعون في المدائن‬ ‫‪].‬حاشرين‪ ,))53‬الشعراء‬ ‫‪..‬وهذا يدل علي كثرة مدنها ولعظم قدر مصر‬

‫ومنذ القديم افتخر الهالك فرعون انه يملكها دون غيرها فقال‬ ‫كما حكي هللا جل وعال عنه(( أليس لي ملك مصر))‪,‬‬ ‫‪].‬الزخرف‪51:‬‬ ‫قال عمرو بن العاص رحمه هللا ورضي عنه قال‪ ,:‬والية‬ ‫مصر جامعة تعدل الخالفة] يعني أن كل بالد اإلسالم في‬

‫‪.‬كفة‪ ,‬وان الذي يلي علي مصر يكون اخذ الكفة االخري‬


‫وقال سعيد ابن هالل‪ ,:‬إن مصر ام البالد وغوث العباد‪ ,‬إن‬ ‫مصر مصورة في كتب األوائل وقد مدت إليها سائر المدن‬ ‫يدها تستطعمها وذلك ألن خيراتها كانت تفيض علي تلك‬ ‫]البلدان‬

‫قال الجاحظ‪ ,:‬إن أهل مصر يستغنون بما فيها من خيرات‬ ‫عن كل بلد حتي لو ضرب بينها وبين بالد الدنيا بسور‬

‫‪].‬ماضرهم‬

‫وفي مصر رباط اإلسكندرية الذي رابط فيه العلماء‪ ,‬والزهاد‬ ‫‪.‬والعباد‪ ,‬والمجاهدون واألبطال والشجعان‬

‫قال ابو الزناد صاحب أبو هريرة رضي هللا تعالي عنه قال‪,:‬‬ ‫‪].‬خير سواحلكم رباطا اإلسكندرية‬

‫وقال سفيان ابن عيينة يوما ألحمد ابن صالح‪ ,:‬يا مصري‬ ‫اين تسكن قال الفسطاط قال فآت اإلسكندرية فإنها كنانة هللا‬

‫‪].‬التي يجعل فيها خير سهامه‬ ‫وعند المصريين جامع عمرو بن العاص صاحب رسول هللا‬ ‫عليه الصالة والسالم وهو أول جامع بني في قارة إفريقيا وقد‬ ‫ضبط قبلته جماعة من الصحابة قدروا بثمانين صحابيا‬ ‫اجتمعوا عنده عند بنائه وقدروا قبلته يوجهونه إليها‪ ,‬وعند‬ ‫المصريين جامع األزهر الذي له الفضل لمشهور‪ ,‬والعلم‬


‫المنثور والتقدم الكاسر‪ ,‬واالرتفاع القاهر‪ ,‬العلماء فيه‬

‫‪.‬متكاثرون‪ ,‬والعباد فيه قائمون والزوار إليه متوافدون‬

‫مصر قادت األمة اإلسالمية أكثر من‪ 265‬سنة كانت‬ ‫الخالفة في مصر من بعد انقطاع الخالفة من بغداد في‬ ‫عام‪ 656‬للهجرة إلي انتقال الخالفة إلي العثمانيين بتركيا في‬ ‫عام‪ 924‬بينهما أكثر من‪ 265‬سنة كانت الخالفة في مصر‬ ‫‪.‬وهي التي تقود بالد اإلسالم‬

‫أما أهل مصر فيكفيهم شرفا وفخ ار أن هللا تعالي اختار منهم‬

‫األنبياء وجعل هللا تعالي األنبياء يسكنون بين ظهرانيهم‪ ,‬فهذا‬

‫الخليل إبراهيم شيخ الموحدين‪ ,‬وأفضل المرسلين‪ ,‬وجد خاتم‬ ‫النبيين اتي مصر مع زوجه سارة وتزوج هاجر المصرية‪,‬‬ ‫وهذا يعقوب عليه السالم دخلها مع ابنائه االنبياء توفوا ودفنوا‬ ‫فيها‪ ,‬وهذا يوسف عليه السالم سكن مصر وحكم فيها وتوفي‬

‫ودفن فيها‪ ,‬وهذان موسي وهارون‪ -‬عليهما السالم‪ -‬ولدا في‬

‫مصر وعاشا فيها‪ ,‬وهذا يوشع ابن نون ولد في مصر وعاش‬ ‫فيها‪ ,‬وهذا الخضر‪ ,‬وهذا ايوب واشعيا وارميا‪ -‬عليهم افضل‬ ‫‪.‬الصالة والسالم‪ -‬كلهم دخل مص ار ومنهم من مات فيها‬ ‫وقد ضرب هللا تعالي ابطال مصر امثلة في كتابه فمن‬

‫المصريين مؤمن آل فرعون البطل الثابت علي الحق الذي‬


‫قال هللا جل وعال عنه(( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم‬

‫إيمانه أتقتلون رجال أن يقول ربي هللا وقد جاءكم بالبينات من‬ ‫]ربكم‪ ,))..‬غافر‪28:‬‬

‫وهو مصري الرجل المؤمن الذي حذر موسي عليه السالم((‬ ‫وجاء رجل من أقصي المدينة يسعي قال يا موسي إن المأل‬

‫يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين))‪,‬‬ ‫]القصص‪20:‬‬

‫ومن المصريين السحرة الذين ذكر هللا تعالي قصتهم لما آمنوا‬ ‫وصدقوا وكانوا في اول النهار سحرة فجرة‪ ,‬وصاروا في اخر‬ ‫النهار شهداء بررة‪ ..‬انها بالد االبطال‬ ‫وعج ــزت أن أحظي‬

‫قارنت مصـ ــر بغي ــرها‪ ,‬فتدللــت‪..‬‬ ‫له ــا بمثيـ ــل‬ ‫هـ ــذي الحض ـ ــارة معج ـ ـزات في ال ـ ـ ــوري‪..‬‬

‫عق ـ ــم ال ــزمان‬

‫بمثلـ ــها كب ـ ــديل‬ ‫رف ـ ــع اإللـ ــه مقامهــا‪ ,‬وأجـ ـ ــله‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫في الذك ـ ــر‪,‬‬

‫والت ــوراة‪ ,‬واإلنجيـ ــل‬ ‫ج ــاؤا بيوسـ ــف من غي ـ ــاهب ظلمــة‪..‬‬

‫خي ــر نزي ــل‬

‫أرض الع ـ ـزيز‪ ,‬فكـ ــان‬


‫والنيل يتبـ ــع وحـ ــي منشئ قطـ ـ ـره‪..‬‬ ‫ع ـ ــام الفيـ ــل‬ ‫في طـ ـ ــور سـ ـ ــيناء تجـ ــلي ربنا‪..‬‬

‫كالطي ـ ــر حين الوحـ ــي‪,‬‬ ‫ف ــوق الكلي ـ ــم‪,‬‬

‫بـ ــأول التن ـ ـ ـزيل‬ ‫وك ـ ــذا الب ــتول‪ ,‬أتت لمص ـ ــر بإبنها‪..‬‬ ‫وتحتمـ ــي بمقيـ ـ ــل‬

‫يكفيـ ــك يا أرض الكنـ ــان ــة هاج ـ ــر‪..‬‬

‫تبغ ـ ــي األمـ ــان‪,‬‬ ‫مي ــلي بتي ـ ــه‪ ,‬يا‬

‫!كنـ ـ ــانة ميلـ ــي‬ ‫يا( أم إسماعي ـ ــل)‪ :‬وص ـ ــلك واج ـ ــب‪ ..‬من عـ ــق مصـ ــر فق ـ ــد‬ ‫أتي بجليـ ــل‬ ‫هـ ــذي عن ـ ــاية قـ ــادر خصـ ــت بها‪..‬‬

‫مص ــر‪ ,‬لتبقي‬

‫موضـ ــع التفضيل‬ ‫بوركت مصــر‪ ,‬فـ ــال أراني بالغ ــا‪ ..‬حـ ــق المديح‪ ,‬وان جهـ ــدت‬ ‫!سبي ــلي‬ ‫يا مصــر‪ :‬يرعـ ـ ــاك اإللــه كما رعـي‪ ..‬تنزيل ـ ــه من عـ ـ ــابـث‬ ‫!!ودخي ـ ــل‬ ‫اما نساء مصر فيكفي المصريات فخرا‪ ,‬وعزا‪ ,‬وشرفا أن سيد‬

‫االنبياء محمد‪ -‬صل هللا عليه وسلم‪ -‬كانت جدته هاجر‬


‫مصرية‪ ,‬وأم ولده مارية مصرية‪ ,‬ويكفي المصريات فخ ار أن‬ ‫ماء زمزم تفجر اكراما إلمرأة مصرية هاجر وإلبنها اسماعيل‪,‬‬ ‫ويكفي المصريات فخ ار أن هاجر المصرية عندما سعت بين‬ ‫الصفا والمروة خلد هللا تعالي فعلها‪ ,‬وامر األنبياء وسائر‬ ‫‪..‬االولياء والحجاج والمعتمرين بأن يسعوا كسعيها‬ ‫ويكفي المصريات فخ ار أن ام موسي عليه السالم مصرية‪,‬‬

‫وأن آسيا امرأة فرعون مصرية‪,‬التي قال هللا عنها(( وضرب هللا‬

‫مثال للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا‬ ‫‪].‬في الجنة))‪ ,‬التحريم‪11:‬‬

‫ويكفي المصريات فخر أن المرأة الصالحة التي كانت ماشطة‬

‫لبنت فرعون كانت مصرية‪ ,‬وقد قال نبينا عليه الصالة‬

‫والسالم‪ ,‬لما كان الليلة التي اسري بي فيها اتت علي رائحة‬ ‫طيبة قلت ياجبريل ماهذه الرائحة‪ ,‬قال‪ :‬هذه رائحة ماشطة‬

‫‪.‬بنت فرعون واوالدها] رواه الحاكم وصححه‬ ‫‪:‬ايها الناس‬

‫إن أهل مصر هم من ألين الناس تعامال وأحسنهم أخالقا‬ ‫وأدبا‪ ,‬قال تاج الدين الفزاري‪ ,‬من اقام في مصر سنة واحدة‬ ‫]وجد في أخالقه رقة وحسنا‬

‫وقال ابن ظهيرة عن أهل مصر‪ ,‬حالوة لسانهم وكثرة مودتهم‬


‫للناس ومحبتهم للغرباء ولين كالمهم وحسن فهمهم للشريعة‪,‬‬ ‫مع حسن أصواتهم وطيب نغماتهم وشجاها‪ ,‬وطول أنفاسهم‬ ‫وأعالها‪ ,‬فمؤذنوهم اليهم الغاية في الطيب ووعاظهم اليهم‬ ‫المنتهي في اإلجادة والتطريب‪ ,‬ونساؤها ارق نساء الدنيا‬

‫طبعا‪ ,‬وأحالهن صورة ومنطقا‪ ,‬وأحسنهن شمائل‪ ,‬واجملهن‬ ‫ذاتا‪ ,‬ومازلت اسمع قديما عن الشافعي انه قال‪ :‬من لم يتزوج‬

‫]بمصرية لم يكمل احصانه‬ ‫‪:‬ايها المسلمون‬

‫ولقد سكن مصر بعد فتحها جماعة من اصحاب سيدي‪-‬‬ ‫رسول هللا صلي هللا عليه وسلم‪ -‬حتي لما احصي عدد‬ ‫الصحابة الذين دخلوا مصر‪ ,‬أو سكنوا فيها‪ ,‬أو زاروها أو‬ ‫‪.‬حكموها أو دفنوا في ترابها فتعدوا اكثر من‪ 350‬صحابيا‬ ‫كلهم قد اتوا إلي مصر منهم من جاءها رسوال اليها أو حاكما‬ ‫لها‪ ,‬أو مجاهدا فيها أو معلما ألهلها منهم عمرو ابن العاص‪,‬‬ ‫عبد هللا بن ابي السرح‪ ,‬عبدهللا بن عمر‪ ,‬وكلهم قد ولي امر‬ ‫مصر‪ ,‬منهم جابر بن عبدهللا بن حرام‪ ,‬ومنهم الزبير بن العوام‬ ‫وعبد هللا بن الزبير‪ ,‬منهم سعد بن ابي وقاص ومنهم عبادة‬ ‫بن الصامت وعبدهللا بن عباس وعمار بن ياسر‪ ,‬وابو ايوب‬

‫االنصاري‪ ,‬وابو ذر الغفاري‪ ,‬وابو الدردراء‪ ,‬وابوهريرة‪ ,‬وعبدهللا‬


‫بن الحرث بن جزء الزبيدي وهو آخر صحابي مات‬ ‫بمصر‪ 350,‬صحابيا تخيرت ابرزهم لكن كلهم قد سكن مصر‬ ‫أو زارها‪ .‬في مصر ولد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن‬ ‫‪.‬عبدالعزيز‪ ,‬رحمه هللا تعالي‬ ‫‪:‬ايها المسلمون‬

‫إذا تكلمنا عن مصر فإننا نتكلم عن بالد العلماء الذين وصل‬

‫اثرهم الي كل الدنيا‪ ,‬منهم صحابة كرام وتابعون اعالم‪ ,‬منهم‬

‫الليث بن سعد وهو امام المصريين‪ ,‬الذي قال فيه الشافعي‪,:‬‬

‫الليث بن سعد اعلم من مالك] ومنهم القارئ ورش‪ ,‬إذا سمعت‬

‫‪.‬من يقول علي قراءة ورش فاعلم انه مصري‬

‫اليوم اكثر أهل افريقيا وأهل المغرب يقرؤون بقراءة هذا‬

‫المصري ومنهم االمام المحدث عبد هللا ابن لهيعه‪ ,‬ومنهم‬ ‫الشافعي االمام وله ائمة كثر كلهم من طالبه وكلهم من‬ ‫المصريين‪ ,‬ومنهم سعيد بن كثير بن عفير وكان اماما عالما‪,‬‬ ‫قال عنه يحيي ابن معين امام الجرح والتعديل لما سئل عن‬ ‫مصر قال‪ ,:‬رأيت في مصر ثالث عجائب الني ــل‪ ,‬واألهـ ـ ـرام‪,‬‬ ‫‪.‬وسـعيد بن كثير بن عفير] وكان عالما اماما‬ ‫و منهم عبدالملك ابن هشام صاحب السيرة النبوية المشهورة‬

‫ومنهم اإلمام الطحاوي الذي الف العقيدة الطحاوية وهي‬


‫تدرس اليوم في كل الدنيا وتدرسها الجامعات هنا في المملكة‬ ‫العربية السعودية تدرسها لطالبها وتدرس في انحاء الدنيا الفها‬

‫اإلمام الطحاوي المصري ومنهم اإلمام بن النحاس والقاضي‬ ‫عبدالوهاب المالكي‪ ,‬وشيخ الحنابلة الحافظ عبد الغني‬ ‫المقدسي‪ ,‬فإذا ذكرت الحنابلة وذكرت الفقه الحنبلي رجعت‬

‫لزاما إلي عبد الغني المقدسي وكان قد خرج من الشام وسكن‬

‫في مصر‬

‫ومنهم اإلمام البطل العز بن عبدالسالم ومنهم ابن خلكان‬

‫صاحب وفيات االعيان‪ ,‬ومنهم القارئ العظيم الذي تحفظ‬ ‫منظومته طالب وطالبات كثر في انحاء الدنيا اإلمام‬ ‫الشاطبي‪ ,‬ومن الذي ال يعرف الشاطبي وهو الذي الف‬ ‫منظومة في الف بيت في تالوة القرآن وقراءته ثم اخذ‬ ‫المنظومة والفها وطاف الف اسبوع حول الكعبة‪ ..‬واالسبوع‬ ‫هو سبعة اشواط طافها ثم جعل يدعوا هللا تعالي وهو يطوف‬ ‫‪.‬أن يبارك في هذه المنظومة‪ ,‬وقد انتشرت انتشا ار عظيما‬ ‫مما قال فيها‪ :‬يقول‬ ‫وبعد فحبل هللا فينا كتابه فجاهد به حبل العدا متحبال‬ ‫وأخلق به إذ ليس يخلق جدة جديدا مواليه علي الجد مقبال‬

‫وان كتاب هللا أوثق شافع وأغني غناء واهبا متفضال‬


‫وخير جليس ال يمل حديثه وترداده يزداد فيه تجمال‬ ‫وحيث الفتي يرتاع في ظلماته من القبر يلقاه سنا متهلال‬ ‫هنالك يهنيه مقيال وروضة ومن أجله في ذروة العز يجتلي‬ ‫فيا أيها القاري به متمسكا مجال له في كل حال مبجال‬

‫هنيئا مريئا والداك عليهما مالبس أنوأر من التاج والحال‬ ‫فما ظنكم بالنجل عند جزائه أولئك أهل هللا والصفوة المال‬

‫أولو البر واإلحسان والصبر والتقي حالهم بها جاء القران‬

‫مفصال‬ ‫عليك بها ما عشت فيها منافسا وبع نفس الدنيا بأنفاسها العال‬

‫جزي هللا بالخيرات عنا أئمة لنا نقلوا القرآن عذبا وسلسال‬

‫ومن المصريين مؤلف كتاب‪ ,‬الترغيب والترهيب] عبدالعظيم‬ ‫المنذري‪ ,‬ومن المصريين اإلمام القرافي وهو من اذكياء العالم‪,‬‬ ‫ومن ائمة الدنيا ومن اعيان المذهب المالكي ومن المصريين‬ ‫دقيق العيد الذي لم تر الدنيا مثله ابدا‪ ,‬ومنهم خليل المالكي‬ ‫إذا سمعت‪ ,‬بمختصر خليل] الذي يعول عليه المالكية اليوم‬ ‫في دروسهم وجامعاتهم فاعلم انه مصري‪ ,‬ومنهم ابن هشام‬

‫النحوي ومنهم اإلمام الهيثمي صاحب كتاب‪ ,‬مجمع الزوائد]‬

‫ومنهم ابن حجر العسقالني الذي الف‪ ,‬فتح الباري في شرح‬ ‫صحيح البخاري]‪ ,‬ومنهم محمود العيني الذي الف‪ ,‬عمدة‬


‫القاري في شرح صحيح البخاري] واليه ينسب اليوم قصر‬ ‫‪.‬العين في مصر‬

‫ومنهم المقريزي واالمام صاحب كتاب‪ ,‬تفسير الجاللين]‬ ‫اإلمام جالل الدين المحلي الذي اتمه بعد ذلك ااالمام‬

‫السيوطي وكالهما مصري ومنهم الحافظ السيوطي ومنهم‬

‫شيخ االسالم زكريا االنصاري الذي وصل عمره مئة سنة‬ ‫‪.‬الذي لم يترك صالة الليل إلي أن مات‬

‫ومنهم الشيخ أحمد الدردير وكان عبدا عالما صالحا‪ .‬جلس‬ ‫في األزهر يوما يعلم طالبه فلما دخل احد الوالة وكان يريد أن‬

‫يستميل المشايخ لبعض الفتاوي التي يريدها إللزام بعض‬

‫الناس بامور فقام الطالب خائفين من كثرة الجند ومبجلين‬ ‫لهذا الوالي فأخذ مصحفا ووضعه في حجره‪ ,‬وجعل يتلوا‬ ‫القرآن وقد مد رجليه‪ ,‬فمر به الوالي فقال‪ :‬من هذا؟‪ ,‬قالوا‪ :‬هذا‬ ‫الشيخ احمد الدردير‪ ,‬قال‪ :‬فلماذا لم يقم لما رآني؟‪ ,‬فحاولو أن‬ ‫يعتذروا له‪ ,‬فحنق عليه هذا الوالي‪ ,‬ثم ذهب الوالي إلي قصره‬ ‫واخذ صرة ارسلها مع أحد العبيد‪ ,‬قال‪ :‬اعطها ذلك الشيخ‬ ‫الذي كان مادا لرجليه لما مررنا به‪ ,‬فلما اقبل اليه ذلك العبد‬ ‫وناوله الصرة علم الشيخ أن ذلك الرجل ارآد أن يذله بقبول‬

‫المال فنظر إلي هذا الرسول وقال له‪ :‬ارجع إلي من ارسلك‪,‬‬


‫!وقل له إن الذي يمد رجليه ال يمد يديه‬ ‫اما ابطال مصر ومجاهدوها فالكالم عنهم يطول‪ ,‬كثير من‬ ‫القادة مع صالح الدين االيوبي كانوا من المصريين منهم‬

‫القائد‪ :‬حسام الدين‪ ,‬وكان قائدا لالسطول البحري المصري‪,‬‬ ‫كان شوكة في حلق األفرنجة‪ .‬قال عنه اإلمام ابن كثير‪ :‬كان‬ ‫البحر في البحر فكم من شجاع اسر‪ ,‬وكم من مركب انكسر‪,‬‬

‫وكم من اسطول فرق شمله‪ ,‬وقارب غرق اهله مع كثرة‬

‫الصدقات‪ ,‬قال‪ :‬ولما عمل ارناط الصليبي مراكب واسطوال‪,‬‬ ‫وجعلها في البحر األحمر ليغزو مدينة‪ -‬رسول هللا صل هللا‬

‫عليه وسلم‪ -‬انطلق اليه حسام الدين باسطوله المصري ودك‬ ‫اسطول الفرنجة حتي قتلهم عن آخرهم‪ .‬ومن ابطال مصر‬ ‫‪..‬الذين سكنوها صالح الدين األيوبي الذي فتح بيت المقدس‬ ‫‪:‬ايها الناس‬ ‫بل ايتها الدنيا كلها لن ينسي التاريخ ابدا ابطال مصر الذين‬ ‫ردوا الحملة الصليبية التي قادها ملك فرنسا واستولي علي‬ ‫دمياط فكمن له االبطال في مصر واذاقوه سوء العذاب‪,‬‬ ‫وابادوا جيشة وكانوا عشرات اآلالف ثم اخذوا هذا القائد‬ ‫الفرنسي وحبسوه في دار تسمي دار ابن لقمان في المنصورة‬

‫ووضعوا القيود في يديه ورجليه‪ ,‬ووكلوا به حارسا يسمي‬


‫صبيح ثم فدا نفسه بأموال كثيرة عظيمة فاطلق‪ ,‬ثم لما وصل‬

‫الي بلده حدثته نفسه أن يعود مرة اخري لغزو مصر وجعل‬

‫يجند الجند لذلك فأرسل اليه جمال الدين ابن مطروح قصيدة‬ ‫‪:‬يقول فيها‬ ‫قل للفرنسيس إذا جئته‬

‫مقال صدق من قئول فصيح‬

‫أتيت مصر تبتغي ملكها تحسب أن الزمر يا طبل ريح‬

‫وكل أصحابك أودعتهم‬ ‫وفقك هللا ألمثالها‬

‫آجرك هللا علي ما جري‬

‫بحسن تدبيرك بطن الضريح‬ ‫لعــل عيسي منكم يستريــح‬ ‫من قتل عباد يسوع المسيح‬

‫فساقك الحين إلي أدهم ‪ ,‬ضاق به عن ناظريك الفسيح‬

‫‪.‬خمسون ألفا ال تري منهم‬

‫إال قتيل أو أسير جريح‬

‫وقل لهم إن أضمرو عودة‪ ,‬ألخذ ثأر أو لقصد صحيح‬ ‫دار ابن لقمان علي حالها‪ ,‬والقيد باق والطوشي صبيح‪.‬‬ ‫فلما وصلت القصيدة اليه ففزع واضطرب‪ ,‬وعدل عن غزو‬ ‫‪..‬مصر‬ ‫ـ ومن المصرين األبطال سلطان المماليك قطز‪ ,‬و هو الذي‬ ‫قاد معركة عين جالوت‪ ,‬ومن المصريين األبطال ضباط‬ ‫وجنود شاركوا في حروب فلسطين وغيرها من مواضع الجهاد‬

‫‪..‬في سبيل هللا‬


‫واذا ذكرت مصر وتاريخها ذكرت العباد والزهاد‪ ,‬ذكرت حيوة‬ ‫ابن شريح‪ ,‬وذكرت ابن محمد ابن سهل وكان عابدا صالحا‬ ‫آم ار بالمعروف داعيا إلي العقيدة الصحيحة وكان يذم‬ ‫العبيديين الشيعة الذين حكموا مصر فترة‪ ,‬فجاء به الخليفة‬ ‫العبيدي وقال له‪ :‬سمعنا انك تقول لو أن معي عشرة اسهم‬ ‫لرميت الصليبيين بواحد ورميت العبيديين بتسعه فهل هذا‬

‫صحيح انك قلت ذلك‪ :‬فقال‪ :‬لم اقل هذا‪ ,‬قال‪ :‬إذا ماذا قلت؟‬

‫قال‪ :‬قلت لو معي عشرة اسهم لرميت العبيديين بتسعه ورميت‬ ‫العاشر فيهم ايضا فإنكم غيرتم المله‪ ,‬وتنقصتم القرآن‪ ,‬وذممتم‬ ‫صحابة رسول هللا‪ ,‬ووقعتم في عرضه‪ ,‬وغيرتم الدين وقتلتم‬ ‫أهل السنة قال فغضب علي فامر به وربط ثم دعا رجل‬ ‫يهودي فقال‪ :‬قطع لحمه حتي يموت‪ ,‬فجعل يقطع لحمه‬ ‫قطعة قطعه وهو يتلو القرآن‪ ,‬وذلك اليهودي يسلخ جلده سلخا‬ ‫كما تسلخ الشاة‪ ,‬وهو يتلو القرآن‪ ,‬وذاك العبيدي ينظر اليه‬

‫حتي رق له اليهودي وطعنه بالسكين في قلبه ليقتله حتي‬ ‫‪..‬يريحه من كثرة العذاب‬

‫امام من ائمة مصر وفي مصر ايها المسلمون من األدباء‬ ‫والكتاب والشعراء اعداد ال يستهان بها ممن زاروها أو كانوا‬

‫من اهلها‪ ,‬فإذا ذكرت وقرأت الشعر الرائق لجميل بثينه وهو‬


‫من افصح الشعراء فاعلم انه مصري‪ ,‬واذا قرأت الشعر الرائق‬

‫لكثير عزة‪ ,‬فاعلم انه مصري واذا قرأت للشاعر الشهير‬

‫‪..‬المتنبي احمد ابن الحسين فاعلم انه اقام بمصر‪ 4‬سنوات‬ ‫انك تتكلم عن بلد عظيم ال يزال له إلي اليوم مايؤهل له قيادة‬ ‫لألمة ومن السير علي منهاج اجدادك من صحابة رسول هللا‬ ‫‪..‬عليه الصالة والسالم‬

‫المصريون ال تكاد أن تجد من القراء في العالم من ق أر القرآن‬ ‫وممن معهم اجازات واسانيد إلي رسول هللا صل هللا عليه‬ ‫‪.‬وسلم في حفظ القرآن‪ ,‬إال وجدت للمصريين عليه يدا‬

‫اما اقرأهم مصري أو حفظ القرآن علي مصري أو ضبط‬

‫تجويده مصري أو كتب له هذا السند مصري‪ ,‬وما تكاد تجد‬ ‫إلي اليوم حتي المشايخ والعلماء في االرض كلها وتجد منهم‬

‫من ق أر علي مصري‪ ,‬أو درسه في الجامعة مصري أو صل‬

‫به إماما يوم من األيام مصري‪ ,‬وال ينكر فضل هؤالء العلماء‬ ‫احد‪ ,‬مدرسوها واساتذتها لهم فضل كبير علي العرب وعلي‬ ‫المسلمين بل علي جميع العالم في مساجدهم وجامعاتهم‬ ‫ومدارسهم‪ ,‬ولمصر من العلماء في الطب وفي الذرة وفي‬ ‫الهندسة وفي الدعوة وفي األدب وفي غير ذلك امر ال يدرك‬

‫‪..‬شأوه ابدا‬


‫اسأل هللا تعالي أن يحفظ جميع بلدان المسلمين عامة وأن‬ ‫يحفظ مصر خاصة واسأل هللا تعالي أن يجمع شملهم‪ ,‬اللهم‬ ‫ول عليهم خيارهم اللهم اجعل واليتهم فيمن خافك واتقاك واتبع‬ ‫رضاك يارب العالمين اللهم احفظهم بحفظك واكلئهم برعايتك‪,‬‬ ‫اللهم من ارادهم بسوء أو دبرلهم مكائد فرد كيده في نحره‬

‫‪..‬واجعل تدبيره تدمي ار عليه ياقوي ياعزيز يارب العالمين‬ ‫اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي‬

‫ابراهيم وعلي آل ابراهيم انك حميد مجيد وبارك علي محمد‬ ‫وعلي آل محمد كما باركت علي ابراهيم وعلي آل ابراهيم انك‬ ‫‪.‬حميد مجيد‬

‫اقول ماتسمعون واستغفر هللا الجليل العظيم لي ولكم‬ ‫فاستغفروه من كل ذنب انه هو الغفور الرحيم‬

‫الخطبة الثانية‬ ‫الحمد هلل علي احسانه‪ ,‬والشكر له علي توفيقه وامتنانه‪ ,‬واشهد‬ ‫أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له تعظيما لشانه‪ ,‬واشهد أن‬ ‫محمدا عبده ورسوله الداعي إلي رضوانه صل هللا وسلم وبارك‬ ‫عليه وعلي آله واخوانه وخالنه ومن سار علي نهجه واقتفي‬ ‫اثره واستن بسنته إلي يوم الدين‬

‫‪:‬اما بعد‬


‫ايها اإلخوة المسلمون فإن هللا تعالي امر باإلحسان والتقوي‬ ‫ونهي هللا تعالي عن الفرقة والشتات‪ ,‬ونسأل هللا تعالي إلخواننا‬ ‫في مصر وفي غيرها أن يجمع هللا تعالي شملهم وأن يصب‬ ‫عليهم الخير صبا صبا واليجعل عيشهم كدا كدا‪ ,‬اللهم اللهم‬ ‫نسألك لكل بلداننا ياحي ياقيوم إنا نسألك ألهلنا في سوريا‬ ‫وفي فلسطين وفي اليمن‪ ,‬وفي كل ارض من ارضك ياذا‬

‫الجالل واإلكرام أن تولي عليهم خيارهم‪ ,‬وأن تصرف عنهم‬ ‫شرارهم وأن تجمع شملهم وتؤلف قلوبهم وان تصب عليهم‬ ‫الخير صبا صبا يارب العالمين‪ ,‬اللهم إنا نسألك عيش‬ ‫السعداء‪ ,‬وموت الشهداء‪ ,‬والحشر من االتقياء ومرافقة‬ ‫االنبياء‪ ,‬ونعوذ بك ربنا من جهد البالء ودرك الشقاء وسوء‬ ‫القضاء وشماتة االعداء‪ ,‬اللهم إنا نسألك أن تنصر المجاهدين‬ ‫في كل مكان‪ ,‬اللهم انصر اخواننا المجاهدين في سوريا‪ ,‬اللهم‬ ‫ايدهم بتأييدك اللهم انصرهم بنصرك‪ ,‬اللهم اجعل الدائرة علي‬

‫اعدائهم ياقوي ياعزيز يارب العالمين اللهم إنا نسألك ياحي‬

‫ياقيوم أن تجمع كلمتهم وأن تؤلف قلوبهم وان تؤيدهم بنصرك‬ ‫يارب العالمين يا ذا الجالل واالكرام‪ ,‬اللهم انا نسألك ياحي‬ ‫ياقيوم ان تشفي مريضهم وان ترحم ميتهم وتتقبل شهيدهم وان‬

‫‪..‬تنصرهم وتشفي صدور قوم مؤمنين يارب العالمين‬


‫اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي‬ ‫ابراهيم وعلي آل ابراهيم انك حميد مجيد وبارك علي محمد‬ ‫وعلي آل محمد كما باركت علي ابراهيم وعلي آل ابراهيم انك‬

‫حميد مجيد‪ .‬سبحان ربك رب العزة عم يصفون وسالم علي‬ ‫المرسلين والحمد هلل رب العالمين‬

‫من فضائل مصر يف صحيح السنة املطهرة‬

‫‪َ ‬قال‪َ :‬قال رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن َأِبى َذر ‪1-‬‬ ‫ّللا َ‬ ‫َ َ​َُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ط َفِإ َذا «‪:‬‬ ‫يها اْل ِق َا‬ ‫ير ُ‬ ‫ِإَن ُك ْم َس َت ْف َت ُحو َن ِم ْصَر َو ِه َى أَْر ٌ‬ ‫ض ُي َس َمى ف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وها َفأ ْ ِ ِ‬ ‫ال‬ ‫َف َت ْح ُت ُم َ‬ ‫َحسُنوا إَلى أَ ْهل َها َفإ َن َل ُه ْم ذ َم ًة َوَرح ًما »‪َ .‬أ ْو َق َ‬ ‫‪ِ «:‬ذ َم ًة و ِصه ار َفِإ َذا أَري َت رجَلي ِن ي ْخ َت ِصم ِ ِ‬ ‫يها ِفى َم ْو ِض ِع‬ ‫َْ َُ ْ َ‬ ‫ان ف َ‬ ‫َ ًْ‬ ‫َ‬ ‫َلِبَنة َف ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل ْب ِن‬ ‫ال‪َ :‬فَأَرْي ُت َعْبَد َ‬ ‫الر ْح َم ِن ْب َن ُشَر ْحب َ‬ ‫اخُر ْج مْن َها »‪َ .‬ق َ‬ ‫يع َة َي ْخ َت ِصم ِ‬ ‫ان ِفى َم ْو ِض ِع َلِبَنة َف َخَر ْج ُت ِمْن َها‬ ‫َ‬ ‫‪.‬ح َسَن َة َوأَ َخ ُ‬ ‫اه َرِب َ‬ ‫َ‬ ‫صحيح‪ :‬رواه اإلمام احمد في ُم ْسَن ِد ِه واإلمام مسلم في‬ ‫‪.‬صحيحه‬

‫الر ِح ُم‬ ‫ال العلماء ‪َ (( :‬‬ ‫قال اإلمام النووي رحمه هللا تعالى ‪َ :‬ق َ‬ ‫ِمْنهم ‪ : ))  ،‬اَلتي َلهم َكو ُن هاجر أُ ِم إسم ِ‬ ‫يل‬ ‫اع‬ ‫ُ ْ ْ َ َ​َ‬ ‫ُْ‬ ‫َْ َ‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اهيم ابن َر ُسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه ((‬ ‫َوالص ْه ُر )) ‪َ :‬ك ْون َمارية أم إبْر َ‬


‫‪ .‬وسلم ‪ِّ -‬م ْن ُه ْم‬

‫عن أبي عبد الرحمن الحبلي و عمرو بن حريث يقوالن ‪2-‬‬ ‫قال ‪ " :‬إنكم ستقدمون على قوم جعد ‪ : ‬إن رسول هللا‬ ‫رؤوسهم فاستوصوا بهم فإنهم قوة لكم وبالغ إلى عدوكم‬ ‫‪.‬بإذن هللا "‪ .‬يعني قبط مصر‬

‫صحيح‪ :‬رواه أبو َي ْعَلى في ُم ْسَن ِد ِه و ابن حبان في صحيحه‬ ‫الهيثمي‪ :‬رجاله‬ ‫وابن عبد الحكم في فتوح مصر وقال اإلمام‬ ‫ُّ‬

‫‪ .‬رجال الصحيح‬

‫َقال‪ِ":‬إ َذا َف َتح ُتم ِمصر‪َ  ،‬أن رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن َك ْعب ‪3-‬‬ ‫ّللا َ‬ ‫ْ ْ َْ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫صوا ِباْل ِقْب ِط َخْيًرا‪َ ،‬فِإ َن َل ُه ْم ِذ َم ًة َوَر ِح ًما‬ ‫‪َ ".‬ف ْ‬ ‫اس َت ْو ُ‬ ‫صحيح‪ :‬رواه اإلمام الحاكم وصححه ووافقه عليه الذهبي‬ ‫‪ .‬وصححه األلباني‬ ‫ل عن أم سلمة ‪4-‬‬

‫أَوصى ِعْند وَف ِات ِ‬ ‫ّللا ِفي ِقْب ِط ‪ ‬أن رسول هللا "‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫‪ّ:‬للا َ​َ‬ ‫ال َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِم ْصَر‪َ ،‬فِإَن ُك ْم َس َت ْظ َهُرو َن َعَلْي ِه ْم‪َ ،‬وَي ُكو ُن َل ُك ْم ِعَد ًة‪َ ،‬وَأ ْع َواًنا‬


‫يل َ ِ‬ ‫ِفي سِب ِ‬ ‫ّللا"‪ .‬رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‪ .‬وعن‬ ‫َ‬

‫يقول‪ ":‬إذا فتحت مصر ‪ ‬كعب بن مالك سمعت رسول هللا‬ ‫ورحما"‪ ،‬وفي رواية‪" :‬إن‬ ‫ً‬ ‫فاستوصوا بالقبط خي ًار فإن لهم دم ًا‬ ‫‪ ".‬لهم ذم ًة يعني أن أم إسماعيل كانت منهم‬ ‫صحيح‪ :‬رواه اإلمام الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال‬ ‫‪.‬الصحيح‬ ‫‪.‬والحديث صححه األلباني‬

‫رِفعت ِإَلى « ‪َ  :‬قال َقال رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن أَ​َن ِ‬ ‫س ْب ِن َم ِالك‪5-‬‬ ‫ُ ُْ‬ ‫ّللا َ‬ ‫َ َ​َُ ُ‬ ‫ان ب ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اطَن ِ‬ ‫اهَر ِ‬ ‫الس ْدَرِة َفِإ َذا أَْرَب َع ُة أَْن َهار ‪َ ،‬ن َهَر ِ‬ ‫ان ‪،‬‬ ‫ان َ‬ ‫ان ‪َ ،‬وَن َهَر ِ َ‬ ‫النيل واْل ُفرات ‪ ،‬وأَ َما اْلب ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ان ِ‬ ‫َ‬ ‫ان َفَن َهَر ِ‬ ‫اطَن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان ِفى اْل َجَن ِة‬ ‫ر‬ ‫اه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َفأَ َما ال َ‬ ‫َفأُِتيت ِب َث َ ِ‬ ‫يه َلبن ‪ ،‬وَقدح ِف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يه َع َس ٌل ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ال َثة أَ ْقَداح ‪َ ،‬قَد ٌح ف َ ٌ َ َ ٌ‬ ‫َخ ْذت اَل ِذى ِف ِ‬ ‫وَقدح ِف ِ‬ ‫يه الَلبن َف َش ِرب ُت َف ِ‬ ‫يل ِلى‬ ‫ق‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫خ‬ ‫يه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٌَ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫‪ » .‬أَ َصْب َت اْل ِف ْطَرَة َأْن َت َوأُ َم ُت َك‬ ‫‪..‬رواه اإلمامان‪ :‬البخاري ومسلم في صحيحيهما‬

‫سيحان « ‪َ  :‬قال َقال رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن أَِبى ُهَرْيَرَة ‪6-‬‬ ‫ََْ ُ‬ ‫ّللا َ‬ ‫َ َ​َُ ُ‬ ‫وجيحان واْل ُفرات و ِ‬ ‫يل ُك ٌّل ِم ْن أَْن َه ِار اْل َجَن ِة »‪ .‬رواه اإلمام‬ ‫الن‬ ‫َ َْ َ ُ َ َ ُ َ ُ‬


‫‪..‬مسلم في صحيحه‬ ‫محمود داود دسوقي خطابي‬ ‫فضل مصر على االمم العربية‬ ‫مقال للصحفى السعودى‬ ‫االستاذ جميل فارسى' عن'‬ ‫مصر‬ ‫يا ريت كل الناس تقرأه خصوصا‬ ‫الشباب العرب‬ ‫يُخطئ من يقيّم األفراد قياسا ً على تصرفهم في لحظه من‬ ‫الزمن أو فعل واحد من األفعال‬ ‫ويسري ذلك على األمم‪ ,‬فيخطئ من يقيّم الدول على فتره من‬ ‫‪,‬الزمان‬ ‫وهذا لألسف سوء حظ مصر مع مجموعة من الشباب‬ ‫العرب‬ ‫‪.‬الذين لم يعيشوا فترة ريادة مصر‬ ‫تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء‬ ‫وبال امتنان‬ ‫‪.‬وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر‬ ‫هل تعلم يا بني أن‬ ‫جامعه القاهرة وحدها‬


‫قد علمت حوالي المليون طالب عربي ومعظمهم بدون أي‬ ‫رسوم دراسية؟‬ ‫بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطالب‬ ‫المصريين؟‬ ‫هل تعلم أن‬ ‫مصر كانت تبعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول‬ ‫العربية المستعمرة‬ ‫حتى ال تضمحل لغة القرآن لديهم‪ ,‬وذلك كذلك على حسابها؟‬ ‫هل تعلم أن‬ ‫أول طريق مسفلت من جدة إلى مكة المكرمة كان هدية من‬ ‫مصر؟‬ ‫حركات التحرر العربي كانت مصر هي صوتها وهي‬ ‫‪.‬مستودعها وخزنتها‬ ‫‪.‬وكما قادت حركات التحرير فأنها قدمت حركات التنوير‬ ‫كم قدمت مصر للعالم العربي في كل مجال‪،‬‬ ‫في األدب والشعر والقصة وفي الصحافة والطباعة وفي‬ ‫اإلعالم والمسرح‬ ‫وفي كل فن من الفنون ناهيك عن الدراسات الحقوقية ونتاج‬ ‫‪.‬فقهاء القانون الدستوري‬ ‫جئني بأمثال ما قدمت مصر؟‬


‫‪.‬كما تألقت في الريادة القومية تألقت في الريادة اإلسالمية‬ ‫فالدراسات اإلسالمية ودراسات القرآن وعلم القراءات كان‬ ‫‪.‬لها شرف الريادة‬ ‫وكان لألزهر دور عظيم في حماية اإلسالم في حزام‬ ‫‪.‬الصحراء األفريقي‬ ‫‪ ..‬وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية اإلصالحية‬ ‫أما على مستوى الحركة القومية العربية فقد كانت مصر‬ ‫أداتها ووقودها‬ ‫وإن انكسر المشروع القومي في ‪ 67‬فمن الظلم أن تحمل‬ ‫‪,‬مصر وحدها وزر ذلك‬ ‫بل شفع لها أنها كانت تحمل اإلرادة الصلبة للخروج من ذل‬ ‫‪.‬الهزيمة‬ ‫إن صغر سنك يا بني قد حماك من أن تذوق طعم المرارة‬ ‫‪,‬الذي حملته لنا هزيمة ‪67‬‬ ‫ولكن دعني أؤكد لك أنها كانت أقسى من أقسى ما يمكن أن‬ ‫‪,‬تتصور‬ ‫ولكن هل تعلم عن اإلرادة الحديدية التي كانت عند مصر‬ ‫يومها؟‬ ‫‪.‬أعادت بناء جيشها فحولته من رماد إلى مارد‬ ‫وفي ستة سنوات وبضعة أشهر فقط نقلت ذلك الجيش‬ ‫المنكسر‬ ‫إلى اسود تصيح هللا أكبر وتقتحم أكبر دفاعات عرفها‬ ‫‪.‬التاريخ‬ ‫مليون جندي لم يثن عزيمتهم تفوق سالح العدو ومدده ومن‬


‫‪.‬خلفة‬ ‫باهلل عليك كم دولة في العالم مرت عليها ستة سنوات لم‬ ‫تزدها إال اتكاالً؟‬ ‫‪.‬وستة أخرى لم تزدها إال خباال‬ ‫ثم انظر‬ ‫بعد انتهاء الحرب فتحت نفقا ً تحت قناة السويس التي شهدت‬ ‫كل تلك المعارك الطاحنة‬ ‫‪.‬أطلقت على النفق اسم الشهيد أحمد حمدي‬ ‫‪.‬اسم بسيط ولكنه كبر باستشهاد صاحبه في أوائل المعركة‬ ‫انظر كم هي كبيرة‬

‫‪.‬أن تطلق االسم الصغير‬ ‫هل تعلم انه ليس منذ القرن الماضي فحسب‪،‬‬ ‫‪.‬بل منذ القرن ما قبل الماضي كان لمصر دستورا ً مكتوبا ً‬ ‫شعبها شديد التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية‪،‬‬ ‫‪.‬لكنه كم انتفض ضد االستعمار واالستغالل واألذى العام‬ ‫مصر تمرض ولكنها ال تموت‬ ‫إن اعتلت ومرضت اعتل العالم العربي‬ ‫وان صحت واستيقظت صحوا‬ ‫‪,‬وال أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت‬ ‫‪,‬فقد تكررت مرتين في العصر الحديث‬ ‫في أحداها قتلت المأساة في مهدها بتهديد حازم من مصر‬ ‫للزعيم عبد الكريم قاسم حاكم العراق‬


‫عندما فكر في االعتداء على الكويت‪ ,‬ذلك عندما كانت مصر‬ ‫‪.‬في أوج صحتها‬ ‫أما في المرة األخرى فهل تعلم كم تكلف العالم العربي‬ ‫برعونه صدام حسين‬ ‫‪.‬في استيالءه على الكويت؟‬ ‫هل تعلم إن مقادير العالم العربي رهنت لعقود بسبب‬ ‫رعونته‬ ‫‪.‬وعدم قدرة العالم العربي على أن يحل المشكلة بنفسه‬ ‫إن لمصر قدرة غريبة على بعث روح الحياة واإلرادة في‬ ‫‪.‬نفوس من يقدم إليها‬ ‫‪.‬انظر إلى البطل صالح الدين‪ ,‬بمصر حقق نصره العظيم‬ ‫أنظر إلى شجرة الدر‪ ,‬مملوكة أرمنية تشبعت بروح اإلسالم‬ ‫فأبت أال أن تكون راية اإلسالم مرفوعة فقادت الجيوش لصد‬ ‫‪.‬الحملة الصليبية‬ ‫هلل درك يا مصر اإلسالم‬ ‫هلل درك يا مصر العروبة‬ ‫إن ما تشاهدونه من حال العالم العربي اليوم هو‬ ‫ما لم نتمنه لكم‪ .‬وأن كان هو قدرنا‪ ,‬فانه اقل من مقدارنا‬ ‫‪.‬واقل من مقدراتنا‬ ‫أيها الشباب‬ ‫‪.‬أعيدوا تقييم مصر‬ ‫ثم أعيدوا بث اإلرادة في أنفسكم‬ ‫‪.‬فالحياة أعظم من أن تنقضي بال إرادة‬ ‫أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم‬


‫نبذات ووقفات‬ ‫‪ ..‬هنا بعض نبذات قبل أكتشاف وخروج البترول‬ ‫الحجاز ‪ ..‬توفيق جالل ‪ ,‬كان رئيس تحرير جريدة الجهاد‬ ‫‪ ,‬المصرية ‪ ,‬وتوفيق نسيم كان رئيس وزراء مصر‬ ‫حدثت مجاعة وأمراض أزهقت آالف من األرواح بأراضى‬ ‫الحجاز ‪ ...‬كتب توفيق جالل فى صدر صحيفته الى توفيق‬ ‫نسيم رئيس وزراء مصر ‪ ,‬كتب يقول ‪ ,‬من توفيق الى توفيق‬ ‫‪ ,‬فى أرض رسول هللا آالف يموتون من الجوع وفى مصر‬ ‫‪ ,‬نسيم !! أصدر توفيق نسيم أوامره فورا‬ ‫وعبرت المراكب تحمل آالف األطنان من الدقيق والمواد‬ ‫الغذائية ‪ ,‬وآالف من الجنيهات المصرية والتى‬ ‫كانت عملتها أعلى وأقوى من العملة البريطانية‬ ‫غير الصرة السنوية التى كانت تبعث بها مصر ‪,‬‬ ‫‪ ..‬وكانوا يشكرون مصر كثيرا على ذلك ‪,‬‬


‫الكويت ‪ ..‬كانت مصر تبعث بالعمال والمدرسين واألطباء‬ ‫والموظفين لمساعدة األخوة بالكويت‬ ‫‪ ..‬بأجور مدفوعة من مصر ‪,‬‬ ‫ليبيا ‪ ..‬كانت جزأ من وزارة الشؤن األجتماعية المصرية‬ ‫‪..‬‬ ‫كل هذا لم يكن منة من مصر ‪ ,‬لكن كان دعما وواجبا وطنيا‬ ‫‪ ,‬ألشقائها العرب‬ ‫‪ ,‬مذكرات الثورى العظيم‬ ‫أحمد بن بلة وقيادات الثورة الجزائرية‬ ‫‪ ,‬تشهد ‪ ,‬وهم يقولون‬ ‫مهما قدمنا‬ ‫وقدمت الجزائر لمصر ‪ ,‬فلن نوفى حق مصرعلينا وما قدمته‬ ‫لنا‪ ...‬كذلك ما قدمته‬ ‫‪...‬مصر لثورة الفاتح من سبتمبر الليبية‬ ‫التضحيات الكبيرة والعظيمة والتى ال ينكرها‬ ‫أبدا الشعب اليمنى‬


‫لما قدمته مصر لليمن وحتى أشرف أقتصاد مصر على‬ ‫األنهيار‬ ‫مصر التى سطعت منها شمس الحريه على ربوع الكره‬ ‫االرضيه‬ ‫مصر التى وقفت بكل امكانيتها المتواضعه وشعبها العظيم‬ ‫فى وجه القوى الغاشمه فرنسا وبريطانيا العظمى‬ ‫مصر التى ساندت قضايا المظلومين بالعالم شرقا وغربا‬ ‫فأحتضنت حركات النضال والتحرير من مشارق االرض الى‬ ‫مغاربها‬ ‫دون تمييز الى اللون او الدين او العرق‬ ‫فكانت قبله الثوار والمناضلين من ربوع الكره االرضيه‬ ‫فااحتضنت بتريسيا لو مومبا وحركته‬ ‫وحزب المؤتمر االفريقى ضد التمييز العنصرى بقياده مانديال‬ ‫وروبرت موجابى وابطال وزعماء افريقيا ومناضليها‬ ‫وقدمت الدعم والمسانده للثوره الجزائريه والليبيه‬ ‫واليمن والعراق وفلسطين‬ ‫واستقبلت على ارضها عظماء ثوار العالم‬ ‫فااستقبلت الثائر العالمى جيفارا‬ ‫وفيدل كاسترو‬ ‫ونهرو واحمد ساكارنو وذو الفقار على بوتو ومحمد اقبال‬ ‫وتيتو‬ ‫مصر التى تعطى بسخاء ‪...........‬اليمكن ان تغدر‬ ‫مصر التى تجمع تحتضن ‪ ........‬اليمكن ان تفرق وتقتل‬ ‫مصر التى تأوى‪ ................‬اليمكن ان تخون‬ ‫هذه هى مصر الصابره االمنه المؤمنه المحتسبه‬ ‫يأيها السفهاء يامن تتطاولون على مصر وشعبها‬ ‫هذه هى مصر العظيمه‪ .......‬فمن أنتم؟؟؟؟‬


‫هذا ماقدمته مصر للعرب والعالم‪ .....‬فماذا قدمتم؟؟؟؟؟‬ ‫مصـــــــــر هى‬ ‫بالد الشمس وضحاها‪،‬‬ ‫غيطان النور‪،‬‬ ‫قيامة الروح العظيمة‪،‬‬ ‫انتفاض العشق‪،‬‬ ‫اكتمال الوحى والثورة‬ ‫"مراسى الحلم"‬ ‫ال ِعلم والدين الصحيح‪،‬‬ ‫العامل البسيط‬ ‫الفالح الفصيح‪،‬‬ ‫جنة الناس البسيطة‬ ‫القاهرة القائدة الواعدة الموعودة‬ ‫الساجدة الشاكرة الحامدة المحمودة‬ ‫العارفة الكاشفة العابدة المعبودة‬ ‫العالمة الدارسة الشاهدة المشهودة‬ ‫سيمفونية الجرس واألدان‬ ‫كنانة الرحمن‬ ‫أرض الدفا والحنان‬ ‫معشوقة األنبيا وال ُ‬ ‫شعرا والرسامين‬ ‫صديقة الثوار‬ ‫قلب العروبه النابض الناهض الجبار‬ ‫عجينة األرض التي ال تخلط العذب بالمالح‬ ‫وال الوليف الوفى بالقاسى والجارح‬ ‫وال الحليف األليف بالغادر الفاضح‬ ‫وال فَرح بكره الجميل بليل وحزن امبارح‬ ‫وال صعيب المستحيل بالممكن الواضح‬


‫كونى مصر‬ ‫دليل اإلنسانية ومهدها‬ ‫و هللا من وراء القصد و هو يهدي السبيل‬ ‫\\‬ ‫\‬ ‫‪ :‬مصر في العصر الحديث‬ ‫قد كان لمصر في عصرنا الحديث فضائل جمة‪،‬‬ ‫وأعمال جليلة مهمة‪ ،‬وألهلها أيا ٍد بيضاء على‬ ‫المسلمين‪ ،‬وهذا بحر ضخم خضم لكني سآتي‬ ‫‪ :‬على بعض درره وآللئه‪ ،‬فمن أدباء مصر الكبار‬ ‫مصطفى صادق الرافعي‪ ،‬وهو األديب الذي‬ ‫سخر قلمه الرائع للدفاع عن ثوابت اإلسالم‬ ‫والرد على خصومه‪ ،‬وعلى مثيري الشبهات‬ ‫الذين جعلوا القرآن غرضاً لهم‪ ،‬فألقمهم الحجر‪،‬‬ ‫ورد عليهم في كتابه الجليل "تحت راية القرآن"‬ ‫وغيره رداً مفحماً‪ ،‬ولقد كان وجوده بين أدباء‬ ‫عصره عالمة فارقة؛ فإن معظم أدباء عصره كانوا‬ ‫بعيدين عن هذا المضمار‪ ،‬نائين بأنفسهم عن‬ ‫الدخول في هذه القضايا اإلسالمية التي كان‬ ‫من يتبناها ُيعرض نفسه ألشد أنواع الهجوم‬ ‫والبالء الذي ال يطيقه كل أحد‪ ،‬هذا وقد كان‬ ‫ذلك األديب الكبير أصم لكن لم يمنعه صممه‬ ‫‪.‬من الوصول إلى أعلى الدرجات في األدب‬ ‫ومنهم‪ :‬األستاذ سيد قطب الذي جمع بين‬ ‫األدب الرفيع وتفسير القرآن على وجه لم‬


‫يسبقه إليه غيره؛ إذ إني ال أعلم تفسيراً في‬ ‫األرض نحا نحو تفسيره في ربط مدلوالت اآليات‬ ‫القرآنية الكريمة بواقع الناس وأحوالهم وتصاريف‬ ‫زمانهم‪ ،‬فقد أفلح في ذلك وأجاد بل أقول إنه‬ ‫‪.‬كان ُمعاناً موفقاً‪ ،‬وهللا أعلم‬ ‫وقد كان من األدباء القالئل جداً الذين خاضوا‬ ‫ُ‬ ‫وختم له‬ ‫غمار الدعوة إلى هللا‪ ,‬تعالى‪،‬‬ ‫بالشهادة إن شاء هللا‪ ،‬وقد اتُّهم باتهامات‬ ‫عديدة صعبة خشنة من قِبَل خصومه وبعض‬ ‫أصحابه‪ ،‬وبعد دراسة أقواله واالطالع على‬ ‫أحواله‪ ،‬وسؤال بعض أقرانه ومعاصريه فإني‬ ‫أدين هللا تعالى بأنه بريء منها‪ ،‬وقد ركب‬ ‫متهموه مركباً صعباً عندما اتهموه بها‪ ،‬وال أجد‬ ‫فصالً بينه وبين مَن اتهمه بها أفضل من قول‬ ‫‪ :‬أبي العتاهية‬ ‫وعند هللا تجتمع‬ ‫إلى َديّان يوم الدين نمضي‬ ‫الخصوم‬ ‫نعم هو أديب وقع على اإلسالم وأشرقت روحه‬ ‫و َ‬ ‫ي قلبه به فتكلم في بعض أصول وفروع‬ ‫ح ِي َ‬ ‫الشريعة بكالم رائع جليل أصاب في أكثره‪ ،‬وفي‬ ‫بعضه ما في كالم البشر من الخطأ‪ ،‬وما‬ ‫يصيبهم من الزيغ والزلل‪ ،‬لكن ال يصل إلى حد‬ ‫ما اتهمه به من اتهمه‪ ،‬فلم التشنيع والتهويل‬ ‫وكثرة العويل وعدم حمل كالم الرجل على‬ ‫أحسن محامله‪ ،‬ورد متشابهه إلى محكمه‬ ‫ومجمله إلى مبينه ؟‬


‫ومنهم األستاذ الكبير األديب العالم أبو فِه ْر‬ ‫محمود محمد شاكر الذي كان له مواقف جليلة‬ ‫صدع فيها بالحق‪َ ,‬‬ ‫وفنّد فيها الباطل بقوة‪ ,‬وله‬ ‫كتب عظيمة صارت هادية لألجيال وموجهة لها‬ ‫ومرشدة‪ ,‬ولو الين خصومه وتفاهم معهم‬ ‫الجتمعت حوله القلوب والتف عليه الناس‪ ,‬لكنه‬ ‫رحمه هللا تعالى‪ -‬كان يشتد عليهم اشتداداً ال‬‫يفرق فيه غالباً بين داعية لإلسالم وعدو له‪,‬‬ ‫وبين محب لالسالم وشانىء ومبغض له‪ ,‬وهو‬ ‫بعد هذا كله قمة سامقة ال يستطيعها‬ ‫الرويبضات التافهون‪ ،‬وله الكتاب المشهور الذي‬ ‫ال يستطاع اإلتيان بمثله وال بنصفه‪ ،‬على‬ ‫وجازته وصغر حجمه‪ ،‬وهو "رسالة في الطريق‬ ‫إلى ثقافتنا" أبدع فيه أيما إبداع‪ ،‬وله أعمال‬ ‫‪.‬أخرى جليلة‪ ،‬وآثار مضيئة‬ ‫وأما شعراء مصر الذين كان لهم أثر عظيم في‬ ‫تجديد الشعر العربي بعد مدة انحطاط طويلة‬ ‫فعدد كبير منهم الضابط المشارك في الثورة‬ ‫العرابية محمود سامي البارودي ‪-‬وهو أول‬ ‫الكبار‪ -‬وأحمد شوقي الذي قيل فيه‪ :‬لم يأت‬ ‫بعد أحمد المتنبي مثل أحمد شوقي‪ ,‬ومنهم‬ ‫حافظ إبراهيم شاعر النيل‪ ,‬وأحمد محرم شاعر‬ ‫‪.‬العروبة واإلسالم‪ ,‬ومحمود غنيم‬ ‫‪ :‬ومن دعاة مصر الكبار‬ ‫األستاذ اإلمام محمد عبده الذي كان أحد‬ ‫المؤثرين الكبار في تاريخ مصر بل في تاريخ‬


‫اإلسالم الحديث‪ ،‬والرجل عليه بعض المؤاخذات‬ ‫غفر هللا له‪ -‬لكن أثره وعمله ما زال يتردد في‬‫جنبات مصر إلى يوم الناس هذا‪ ،‬وتوفي ‪-‬رحمه‬ ‫‪.‬هللا تعالى‪ -‬سنة ‪1905/1322‬‬ ‫ومنهم األستاذ محمد رشيد رضا الشامي ثم‬ ‫المصري‪ ،‬منشئ مجلة المنار في مصر‪ ،‬وهي‬ ‫المجلة التي ظلت مالذاً ألهل اإلسالم أكثر من‬ ‫ثالثين سنة‪ ،‬وللشيخ رشيد آثار في التجديد‪،‬‬ ‫واالجتهاد في الدعوة إليه مشهودة معلومة‪،‬‬ ‫وظل شوكة في حلق أعداء اإلسالم وفي حلق‬ ‫أنصاره من الجامدين المعارضين حتى أتاه‬ ‫‪.‬اليقين سنة ‪ ،1935/1353‬رحمه هللا تعالى‬ ‫ومنهم األستاذ اإلمام الشهيد ‪-‬بإذن هللا تعالى‪-‬‬ ‫حسن البنا‪ ،‬الذي لم يأت مثله –عندي‪ -‬في‬ ‫مجموع صفاته وأحواله منذ شيخ اإلسالم ابن‬ ‫تيمية ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬وذلك أنه أتى‬ ‫واإلسالم قد درست معالمه‪ ،‬وانطمست مزاياه‬ ‫ومحاسنه‪ ،‬وأكثر أهله عنه مدبرون‪ ،‬وفي جدواه‬ ‫متشككون‪ ،‬ومن اطّلع على أحوال عصره علم‬ ‫ما قلته‪ ،‬وعرف صدق ما ادعيته‪ ،‬فأعاد إلى‬ ‫اإلسالم ما امتاز به من الشمول‪ ،‬بعد طول‬ ‫ُ‬ ‫أفول‪ ،‬وأظهر ما فيه من جالل وجمال بعدما‬ ‫أصابه على يد أهله بسبب سوء األفعال‬ ‫‪.‬واألقوال‬ ‫والرجل ليس ككل الرجال‪ ،‬فحسبكم دليال ً على‬ ‫ذلك أنه عاش أربعاً وأربعين سنة تقريباً جاهد‬


‫فيها إخوان القردة في فلسطين والصليبيين‬ ‫اإلنجليز في مصر‪ ،‬وترك من األعمال واآلثار ما‬ ‫يعجز عنه جماعة كبيرة من الرجال األبطال‪،‬‬ ‫فهذا يدل ‪-‬وهللا تعالى أعلم‪ -‬أن هلل به عناية‪،‬‬ ‫شنشنة نعرفها‬ ‫وأما ما اتهمه به خصومه فهو ِ‬ ‫من أَ ْ‬ ‫خزم‪ ،‬واتهامات لم يقيموا عليها بينات‬ ‫جليّات‪ ،‬وال دالئل واضحات فذهبت أدراج الرياح‬ ‫وبقي للرجل سيرته الناصعة البيضاء‪ ،‬وهو على‬ ‫كل حال بشر ليس بمعصوم‪ ،‬وله أخطاء وزالت‬ ‫كما لسائر البشر ‪-‬حاشا األنبياء والمرسلين‬ ‫عليهم صلوات هللا وسالمه أجمعين ‪ -‬لكن‬ ‫الظلم كل الظلم هو تضخيم األخطاء القليالت‬ ‫غير المقصودات ونسيان المحاسن الكثيرات‪،‬‬ ‫‪.‬والمزايا الواضحات‪ ،‬واألعمال العظيمات‬ ‫ومنهم األستاذ الداعية المنتسب إلى الجمعية‬ ‫الشرعية محمود عبدالوهاب فايد الذي وقف‬ ‫في وجه الطاغية العبد الخاسر‪ ،‬وصدع بالحق‬ ‫في زمن َق ّ‬ ‫ل فيه الصادعون‪ ،‬ونكص أكثر الناس‬ ‫من الخواص والعلماء والمشايخ وطلبة العلم‬ ‫على أعقابهم‪ ،‬يوم كان أكثر أبطال مصر في‬ ‫السجون أو المنافي‪ ،‬وكان له مواقف في مصر‬ ‫هي خالدة في ذاكرة التاريخ‪ ،‬وأرجو أن ينال بها‬ ‫أعظم المكافأة في اآلخرة‪ ,‬إن شاء هللا تعالى‪،‬‬ ‫وقد كتبت في هذه المجلة في حلقة من‬ ‫حلقات "عظماء منسيون في التاريخ الحديث"‬ ‫‪.‬تفاصيل سيرته فال أعود لها هاهنا‬


‫وقريب من هذا الداعية اإلمام ومن كان في‬ ‫الصدع بالحق مشهوراً أيضاً األستاذ محمد أبو‬ ‫زهرة الذي كان له مواقف جليلة صدع فيها‬ ‫الطاغية العبد الخاسر بالحق البين الواضح فلم‬ ‫يملك له إال أن جرّده من مناصبه وعزله عن‬ ‫وظائفه‪ ,‬ولآلخرة خير له من األولى‪ ,‬إن شاء هللا‬ ‫‪.‬تعالى‬ ‫ومنهم الشيخ عبد الحميد كشك الخطيب‬ ‫م ْ‬ ‫ص َقع الذي لم يأت مثله ‪-‬عندي‪ -‬منذ قرون‪,‬‬ ‫ال ِ‬ ‫وكان له أكبر األثر في إذكاء الصحوة اإلسالمية‪,‬‬ ‫وله طريقة في الخطابة ال تبارى وال تجارى‪ ,‬وهو‬ ‫فصيح بليغ الى الحد األعلى من الفصاحة‬ ‫والبالغة‪ ,‬ومن استمع لخطبه أدرك ما أقول‪ ,‬أما‬ ‫جمعه بين هذا كله وبين الدعابة واللطف‬ ‫واالقتراب من الجمهور فهو شيء جديد في‬ ‫الخطابة أجزم ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬أنه لم يقع من قبل‪،‬‬ ‫وحسبه شرفاً أنه توفي وهو ساجد‪ ،‬فلله ما‬ ‫‪.‬أحسن ميتته‪ ،‬وما أشرف خاتمته‬ ‫وإن ينس التاريخ أحداً من الناس فانه لن ينسى‬ ‫أبداً إن ‪ -‬شاء هللا تعالى – جملة من الدعاة‬ ‫العاملين أصحاب المؤلفات النافعة والمواقف‬ ‫الرائعة منهم المشايخ واألساتذة محمد الغزالي‬ ‫‪ ,‬والبهي الخولي‪ ,‬ومحمود خطاب السبكي‬ ‫منشىء الجمعية الشرعية‪ ،‬ومحمد الفقي من‬ ‫جماعة أنصار السنة‪ ,‬والمحدث أحمد محمد‬ ‫شاكر‪ ,‬والتونسي المصري شيخ األزهر محمد‬


‫الخضر حسين‪ ,‬وشيخا األزهر الصادعان الرئيس‬ ‫السادات بالحق‪ :‬عبد الحليم محمود وجاد‬ ‫الحق‪ ,‬وعمر التلمساني‪ ,‬ومصطفى مشهور‪,‬‬ ‫‪.‬وغيرهم كثير‪ ,‬رحمهم هللا تعالى‬ ‫وفي مص َر اليوم ثلة من الدعاة كان لها أثر‬ ‫عظيم في تصحيح مسيرة شعب مصر وكثير‬ ‫من الشعوب العربية واإلسالمية‪ ،‬ولهم أيا ٍد‬ ‫بيضاء ال تنكر في مجاالت كثيرة‪ ،‬ولوال أني‬ ‫اشترطت على نفسي أال أمدح إال من انتقل‬ ‫إلى الدار اآلخرة ‪-‬حميداً سعيداً إن شاء هللا‪-‬‬ ‫‪.‬لذكرت جملة كبيرة منهم‬ ‫وكم لمص َر من األيادي البيضاء على الدول‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬فقد علّم أساتذتها‬ ‫ومدرسوها كثيراً جداً من العرب والمسلمين‪،‬‬ ‫وكان من المصريين وما زال لهم دعاة مبثوثون‬ ‫في قارات الدنيا الست‪ ,‬ال تخطئهم العين‪ ,‬وال‬ ‫‪.‬يغيبون عن المواقع المهمة‬ ‫وال ُينسى فضل مصر في معركة العاشر من‬ ‫رمضان سنة ‪ 6/1393‬أكتوبر ‪ 1973‬وإيقاف زحف‬ ‫إخوان القردة‪ ،‬وقد تحدثت عنها في مكان آخر‪،‬‬ ‫وهي أج ّ‬ ‫ل معركة في العصر الحديث وقائع‬ ‫‪.‬ونتائج‪ ،‬وهللا أعلم‬ ‫وعقب تلك المعركة ظهرت الصحوة اإلسالمية‬ ‫الجليلة الرائعة‪ ،‬التي أتى بها هللا بنيان الكافرين‬ ‫والعلمانيين والمنافقين من قواعده‪ ،‬وهدم ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ل‬ ‫النور الذي بزغ شيئاً فشيئاً‪،‬‬ ‫مخططاتهم بهذا‬ ‫ِ‬


‫واتسع نطاقه بعد ذلك ليعم بالد مصر‪ ،‬بل‬ ‫معظم بالد العالم‪ ،‬وللصحوة حديث جليل‬ ‫جل‪،‬‬ ‫وتفصيل رائع ال يصلح له هذا السياق ال َع ِ‬ ‫لكني ذكرت ذلك ألبين ريادة مصر اإلسالمية‬ ‫‪.‬في هذا األمر‪ ،‬وفضلها على سائر األقطار‬ ‫ولمصر قرّاء للقران هم أساتذة الدنيا في اإلقراء‬ ‫وجودة التالوة وحسنها وعلى رأسهم الثالثة‬ ‫الذين ليس لبلد في األرض مثلهم‪ :‬الشيخ‬ ‫محمود خليل الحصري‪ ،‬وعبدالباسط عبدالصمد‪،‬‬ ‫ومحمد صديق المنشاوي‪ ،‬وقد يضاف إليهم‬ ‫األستاذ محمد رفعت‪ ،‬وإن لم يبلغ ‪-‬عندي‪-‬‬ ‫َ‬ ‫إتقان أولئك الثالثة‪ ،‬لكن لصوته جالل وجمال َق ّ‬ ‫ل‬ ‫‪.‬مثيله‬ ‫وفي مص َر اليوم ثلة من علماء الشريعة لهم أيا ٍد‬ ‫بيضاء على شعب مصر والشعوب العربية‬ ‫‪.‬واإلسالمية‬ ‫وفي مصر عدد ضخم من علماء الكيمياء‬ ‫والفيزياء والرياضيات والطب وسائر جوانب العلوم‬ ‫الطبيعية والتطبيقية والتقنية‪ ،‬وقد أغنى كثير‬ ‫منهم الحضارة الغربية وجددوا لها نسيجها‬ ‫القديم‪ ،‬وكان لهم أثر ال ينكر في المشاركة في‬ ‫المسيرة الحضارية لعدد من الدول الغربية‬ ‫واإلسالمية والعربية‪ ,‬وقد اغتال إخوان القردة‬ ‫مجموعة من أبرز هؤالء‪ ,‬وقد أوردت موسوعة‬ ‫"ويكيبيديا" سيرة موجزة لهؤالء وفي وكيفية‬ ‫‪:‬مقتلهم فقالت‬


‫علماء مصر الذين اغتالهم الموساد اإلسرائيلي "‬ ‫‪:‬خارج مصر‬ ‫يحيى المشد وهو عالم ذرة مصري وأستاذ‬ ‫جامعي‪ ,‬درّسَ في العراق في الجامعة‬ ‫التكنولوجية قسم الهندسة الكهربائية فشهد‬ ‫له طالبه وكل من عرفه باألخالق والذكاء‬ ‫والعلمية‪ ,‬اغتاله الموساد في يوم الجمعة ‪13‬‬ ‫يونيه عام ‪- 1980‬أي سنة ‪1400‬هـ‪ , -‬وفى‬ ‫حجرته رقم ‪ 941‬بفندق الميريديان بباريس ُعثر‬ ‫على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة‬ ‫‪.‬مهشمة الرأس ودماؤه تغطي سجادة الحجرة‬ ‫علي مصطفى مشرفة باشا (‪ 11‬يوليو ‪-1898‬‬ ‫‪ 15‬يناير ‪ 1950‬م) عالم رياضيات مصري ‪،‬ولد‬ ‫في دمياط‪ ،‬تخرج في مدرسة المعلمين العليا‬ ‫‪ ،1917‬وحصل على دكتوراه فلسفة العلوم‬ ‫من جامعة لندن ‪ ،1923‬ثم كان أول مصري ‪PHD‬‬ ‫من ‪ DSC‬يحصل على درجة دكتوراه العلوم‬ ‫إنجلترا من جامعة لندن ‪ُ ،1924‬عين أستاذاً‬ ‫للرياضيات في مدرسة المعلمين العليا ثم‬ ‫‪.‬للرياضة التطبيقية في كلية العلوم ‪1926‬‬ ‫ُمنح لقب أستاذ من جامعة القاهرة وهو دون‬ ‫‪.‬الثالثين من عمره‬ ‫كان يتابع أبحاثه العالم أينشتاين صاحب نظرية‬ ‫النسبية‪ ،‬ووصفه بأنه واحد من أعظم علماء‬ ‫‪.‬الفيزياء‬


‫انتخب في عام ‪ 1936‬عميداً لكلية العلوم‪،‬‬ ‫‪.‬فأصبح بذلك أول عميد مصري لها‬ ‫‪.‬حصل على لقب الباشوية من الملك فاروق‬ ‫تتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء‬ ‫‪.‬مصر‪ ،‬ومن بينهم سميرة موسى‬ ‫توفي في ‪ 15‬يناير ‪1950‬م‪ ،‬اثر أزمة قلبية‪،‬‬ ‫ويشاع أنه توفي مسموماً وقيل إن أحد مندوبي‬ ‫الملك فاروق كان خلف وفاته‪ ،‬كما قيل أيضا إنها‬ ‫‪.‬أحد عمليات جهاز الموساد اإلسرائيلي‬ ‫سميرة موسى (‪ 3‬مارس ‪ 15 -1917‬أغسطس‬ ‫‪1952‬م) ولدت في قرية سنبو الكبرى‪ ,‬مركز‬ ‫‪.‬زفتى بمحافظة الغربية‬ ‫وهي أول عالمة ذرة مصرية ولقبت باسم ميس‬ ‫كوري الشرق‪ ،‬وهي أول معيدة في كلية العلوم‬ ‫‪.‬بجامعة فؤاد األول‪ ،‬جامعة القاهرة حالياً‬ ‫استجابت الدكتورة سميرة إلى دعوة للسفر‬ ‫إلى أمريكا في عام ‪ ،1952‬أتيحت لها فرصة‬ ‫إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس‬ ‫بوالية ميسوري األمريكية‪ ،‬تلقت عروضاً لكي‬ ‫تبقى في أمريكا لكنها رفضت وقبل عودتها بأيام‬ ‫استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في‬ ‫ضواحي كاليفورنيا في ‪ 15‬أغسطس‪ ،‬وفي‬ ‫طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة‬ ‫نقل فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها‬ ‫في واد عميق‪ ،‬قفز سائق السيارة ‪-‬زميلها‬


‫الهندى في الجامعة الذي يقوم بالتحضير‬ ‫‪".‬للدكتوراه‪ -‬والذي اختفى إلى األبد‬ ‫هذا بعض ما يمكن إيراده في هذه العجالة من‬ ‫معالم مص َر فى العصر الحديث‪ ,‬وهو ُق ٌّ‬ ‫ل من ُك ْثر‪,‬‬ ‫‪.‬وغيض من فيض‪ ,‬وقطرة من بحر‬ ‫وإني ألرجو بهذه الحلقات العشر أن أكون قد‬ ‫وفيت ألهل مصر جزءاً من حقهم‪ ،‬وبينت شيئاً‬ ‫من فضلهم‪ ،‬وأتيت على قطرة من بحرهم‪،‬‬ ‫وأظهرت بعض مفاخرهم‪ ،‬ووضحت قليال ً من‬ ‫‪.‬مآثرهم‪ ،‬وإلى هللا ‪-‬تعالى‪ -‬أشكو التقصير‬ ‫وفي الحلقة األخيرة القادمة‪ ،‬سأورد ‪-‬إن شاء‬ ‫هللا تعالى‪ -‬ماذا يريد المسلمون من المصريين‪،‬‬ ‫وماذا يطلبون منهم‪ ،‬فإن للمجد الذي أوردت‬ ‫بعضه ضريبة‪ ،‬وللشرف الباذخ ثمناً‪ ،‬وللعزة‬ ‫‪.‬ال َق ْعساء عمالً جليالً‪ ،‬وهللا المستعان‬ ‫)المصدر ‪ :‬موقع التاريخ (عند النقل ذكر المصدر‬ ‫قلم الدكتور محمد موسى الشريف‬ ‫إنه ليصعب على المرء أن يكتب في‬ ‫فضائل مصر ومزايا أهلها‪ ،‬ذاك أن هذا‬ ‫الموضوع بحر خضم ال ُيدرك قعره‪ ،‬وأمر‬ ‫مهول ال يمكن وال يستطاع‪ ،‬فكم لمصر‬ ‫وأهلها من فضائل ومزايا تند عن الحصر‪،‬‬ ‫وتخرج عن قدرة العادين‪ ،‬وكم لها من‬ ‫تاريخ في اإلسالم عظيم‪ ،‬منذ أن وطئتها‬


‫أقدام األنبياء الطاهرين‪ ،‬والمرسلين‬ ‫المكرمين‪ ،‬لكن يصح لمثلي أن يغترف من‬ ‫ً‬ ‫داللة‬ ‫نَ ْزر‪،‬‬ ‫بشيء‬ ‫ليأتي‬ ‫البحر‪،‬‬ ‫للمستدلين‪ ،‬وعوناً للباحثين‪ ،‬وقياماً بحق‬ ‫أهل مصر فهم أنساب لي وأصهار‪،‬‬ ‫فوالدتي ‪-‬حفظها هللا تعالى‪ -‬مصرية‪،‬‬ ‫ووالدي قد أصهر إليهم مراراً‪ ،‬وأم جدي‬ ‫عقيل مصرية‪ ،‬وأم زوجي مصرية‪،‬‬ ‫فالعالئق بمصر تحيط بي من كل جانب‪،‬‬ ‫صالتي بأهلها قديمة‪ ،‬لذا فإني أكتب‬ ‫و ِ‬ ‫عنها بعواطفي ومشاعري وأبثها حبي‬ ‫‪.‬وأشواقي‬ ‫‪ :‬ـ مصر في القرآن‬ ‫قد ذكر هللا تعالى مصر في أربعة مواضع‬ ‫في كتابه الكريم‪ ،‬وفي ذلك تشريف لها‬ ‫ج ّ‬ ‫وتكريم‪ ،‬فقال َ‬ ‫ل من قائل‪( :‬وقال الذي‬ ‫)اشتراه من مصر المرأته‬ ‫ُ‬ ‫مص َر إِن شا َء ه ُ‬ ‫اَّلل‬ ‫وقال سبحانه‪:‬‬ ‫(ادخلوا ِ‬ ‫م َ‬ ‫نين‬ ‫)ءا ِ‬ ‫وقال أصدق القائلين‪( :‬وأوحينا إلى‬ ‫موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر‬ ‫)بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة‬ ‫وقال عز وج ّ‬ ‫ل قاصاً قول فرعون‪ ( :‬أليس‬ ‫لي ملك مصر وهذه األنهار تجري من‬ ‫)تحتي‬


‫ـ وذكرها سبحانه إشارة في مواضع‬ ‫عديدة تبلغ قرابة الثالثين‪ ،‬وذلك نحو قوله‬ ‫تعالى‪( :‬وقال نسوة في المدينة) ‪ ،‬وقوله‬ ‫تعالى‪( :‬ودخل المدينة على حين غفله‬ ‫)من أهلها‬ ‫وكقوله تعالى قاصاً قول آل فرعون‪:‬‬ ‫(وقـال الـمـال من قوم فرعون اءتذر‬ ‫موسى وقومه ليفسدوا فى اال رض‬ ‫)ويذرك وءالهتك‬ ‫وكقوله تعالى قاصاً قول ناصح موسى‬ ‫عليه الصالة والسالم‪( :‬وجاء رجل من‬ ‫أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن‬ ‫المأل يأتمرون بك) إلى آخر تلك المواضع‬ ‫‪.‬الكثيرة‬ ‫وقد وصف سبحانه وتعالى أرض مصر‬ ‫أحسن وصف فقال جل من قائل‪( :‬كم‬ ‫تركوا من جنات وعيون {‪ }25‬وزروع ومقام‬ ‫كريم {‪ }26‬ونعمة كانوا فيها فكهين {‪}25‬‬ ‫}كذلك وأورثنها قوماً ءاخرين {‪28‬‬ ‫ـ وقد ُوصفت مصر في القرآن بأنها خزائن‬ ‫األرض فقال سبحانه قاصاً قو َ‬ ‫ل يوسف‬ ‫عليه الصالة والسالم‪( :‬قال اجعلني على‬ ‫خزائن األرض) وما ذلك إال لكثرة خيراتها‪،‬‬ ‫‪.‬وعظم غالتها‪ ،‬وجودة أرضها‬ ‫ـ ولم يذكر نهر من األنهار في القرآن‬ ‫سوى النيل‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪:‬‬


‫(وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا‬ ‫خفت عليه فألقيه في اليم) والمفسرون‬ ‫‪.‬على أن المقصود باليم هنا هو نيل مصر‬ ‫وقال الكندي‪ :‬ال ُيعلم بلد في أقطار‬ ‫األرض أثنى هللا تعالى عليه في القرآن‬ ‫بمثل هذا الثناء‪ ،‬وال وصفه بمثل هذا‬ ‫‪.‬الوصف‪ ،‬وال شهد له بالكرم غير مصر‬ ‫ـ مصر في سنة رسول هللا صلى هللا‬ ‫‪:‬عليه وسلم‬ ‫قد وصى رسولنا األعظم رسول هللا صلى‬ ‫هللا عليه وسلم بأهل مصر خيراً فقال‬ ‫بأبي هو وأمي‪" :‬إذا افتتحتم مصر‬ ‫فاستوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة‬ ‫ورحماً"‪ ،‬والرحم ألن أم إسماعيل وهاجر‬ ‫من القبط‪ ،‬وفي لفظ‪" :‬فإن لهم ذمة‬ ‫وصهراً"‪ ،‬والصهر ألن مارية أم إبراهيم ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫الحرمة‬ ‫رضي هللا عنه‪-‬منهم‪ ،‬والذمة‪ :‬هي‬ ‫‪.‬واألمان‬ ‫ولذلك قال عبدهللا بن عمرو بن العاص‬ ‫رضي هللا عنهما‪ :‬قبط مصر أخوال قريش‬ ‫‪.‬مرتين‬ ‫وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬ ‫‪"".‬أحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً‬ ‫وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هللا في قبط مصر فإنكم ستظهرون‬ ‫"هللا‬ ‫عليهم ويكونون لكم عدة وأعواناً في‬


‫سبيل هللا"‪.‬وكل هذه أحاديث صحيحة ان‬ ‫‪.‬شاء هللا تعالى‬ ‫‪:‬ـ فضائل أرض مصر‬ ‫حدود مصر من النوبة جنوباً إلى رفح‬ ‫العريش‪ ،‬ومن برقة ‪-‬ليبيا‪ -‬شرقاً إلى أيلة‬ ‫غرباً ‪-‬أي أيالت التي هي اليوم على خليج‬ ‫‪.‬العقبة بيد إخوان القردة‬ ‫وإن ألرض مصر فضائل كثيرة‪ ،‬فمنها أن‬ ‫فيها الوادي المقدس طوى والجبل الذي‬ ‫كلم هللا تعالى عليه موسى‪ ،‬عليه الصالة‬ ‫‪.‬والسالم‬ ‫ـ وفيها الجبل الذي تجلى هللا ‪-‬تعالى‪ -‬له‬ ‫‪.‬فانهد وصار دكاً‬ ‫ـ وهي المبوأ الصدق الذي أخبر هللا‬ ‫تعالى عنه بقوله‪( :‬ولقد بوأنا بني‬ ‫إسرائيل مبوأ صدق) ‪ ،‬قال القرطبي في‬ ‫تفسير المبوأ الصدق‪ :‬أي منـزل صدق‬ ‫محمود مختار‪ ،‬يعني مصر‪ ،‬وقال الضحاك‪:‬‬ ‫‪.‬هي مصر والشام‬ ‫ـ وفي أرضها يجري نهر النيل المبارك‬ ‫الذي ينبع أصله من الجنة كما أخبر النبي‬ ‫صلى هللا عليه وسلم في الحديث‬ ‫الصحيح الذي أخرجه اإلمام مسلم وأحمد‪:‬‬ ‫"النيل وسيحان وجيجان والفرات من أنهار‬ ‫‪".‬الجنة‬


‫ـ وفي مصر الربوة التي أوى إليها عيسى‬ ‫بن مريم وأمه على أحد أربعة أقوال‬ ‫للسلف‪ ،‬فقد قال ابن وهب وابن زيد وابن‬ ‫السائب أن مكان الربوة المذكورة في‬ ‫قوله تعالى‪( :‬وءاوينـهما إلى ربوة ذات‬ ‫‪.‬قرار و معين) أنها في مصر‬ ‫وعلى أرضها ضرب موسى البحر بعصاه‬ ‫فظهرت المعجزة العظيمة والحادثة‬ ‫‪.‬الفريدة في تاريخ البشرية‬ ‫ـ وقال تعالى قاصاً كالم آل فرعون‪:‬‬ ‫(وابعث في المدائن حشرين ) وهذا يدل‬ ‫‪.‬على كثرة المدن في مصر آنذاك‬ ‫ـ وقال عمرو بن العاص رسول هللا صلى‬ ‫هللا عليه وسلم‪" :‬والية مصر جامعة تعدل‬ ‫الخالفة"‪ ،‬فجعل كل بالد اإلسالم في كفة‬ ‫‪.‬ومصر في كفة أخرى‬ ‫وقال سعيد بن هالل‪ :‬إن مصر مصورة في‬ ‫كتب األوائل وقد مدت إليها سائر المدن‬ ‫يدها تستطعمها‪ ،‬وذلك ألن خيراتها كانت‬ ‫تفيض على تلك البالد‪ ،‬وقد ذكر سعيد أن‬ ‫‪.‬مصر أم البالد وغوث العباد‬ ‫وقال الجاحظ‪ :‬إن أهلها يستغنون عن كل‬ ‫بلد حتى لو ُ‬ ‫ضرب بينها وبين بالد الدنيا‬ ‫لغني أهلها بما فيها عن سائر بالد‬ ‫سور‬ ‫َ‬ ‫‪.‬الدنيا‬


‫ولقد كانت أرض مصر على خالف ما هي‬ ‫عليه اليوم‪ ،‬فهذا المأمون لما جاء مصر‬ ‫وجلس تحت قبة الهواء وأقبل عليه عظماء‬ ‫المصريين فقال قبح هللا فرعون إذ قال‪( :‬‬ ‫‪.‬أليس لي ملك مصر) فلو رأى العراق‬ ‫فقال له سعيد بن ُ‬ ‫عفير القاضي المصري‬ ‫الكبير‪ :‬ال تقل هذا يا أمير المؤمنين إن ما‬ ‫ترى هو بقية ما ُدمر فقد قال تعالى‪:‬‬ ‫(ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه) فلم‬ ‫يجد المأمون كالماً يقوله بعد هذه اإلجابة‬ ‫‪.‬الذكية‬ ‫وفي رواية أنه قال له‪ :‬فما ظنك بشيء‬ ‫دمره هللا هذه بقيته‪ ،‬فقال‪ :‬ما قصرت يا‬ ‫‪.‬سعيد‬ ‫قال سعيد‪ :‬ثم قلت‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ :‬لقد‬ ‫بلغنا أنه لم تكن أرض أعظم من مصر‪،‬‬ ‫وجميع األرض يحتاجون إليها‪ ،‬وكانت‬ ‫األنهار بقناطر وجسور بتقدير‪ ،‬حتى إن‬ ‫الماء يجري تحت منازلهم وأفنيتهم‬ ‫يحبسونه متى شاؤوا‪ ،‬ويرسلونه متى‬ ‫شاؤوا‪ ،‬وكانت البساتين بحافتي النيل من‬ ‫أوله إلى آخره ما بين أسوان إلى رشيد ال‬ ‫تنقطع‪ ،‬ولقد كانت المرأة تخرج حاسرة وال‬ ‫تحتاج إلى خمار لكثرة الشجر‪ ،‬ولقد كانت‬ ‫مكتل على رأسها فيمتلئ‬ ‫المرأة تضع ال ِ‬ ‫مما يسقط به من الشجر‪ ،‬إلى أن قال‪:‬‬


‫وكانت جباية مصر تسعين ألف ألف دينار ‪-‬‬ ‫أي تسعين مليون دينار‪ ،‬وهو مبلغ هائل‬ ‫‪-.‬جداً بمقاييس تلك األيام‬ ‫ويدلنا على أن أرض مصر لم تكن كما هي‬ ‫اليوم أن المؤرخين أكثروا من ذكر مصر‬ ‫وفضائلها وجودة أرضها‪ ،‬ولوال أن أولئك‬ ‫المؤرخين ذكروا أموراً ال تعرف ‪-‬اليوم ‪-‬‬ ‫أكثرها‪ ،‬وبعضها غير صحيح‪ ،‬أو كان صحيحاً‬ ‫بمعارف زمانهم ثم ثبت غيره‪ ،‬لوال ذلك‬ ‫ألوردت كالمهم فإنه عجيب‪ ،‬ويرجع من‬ ‫أراد معرفة ذلك إلى كتاب "حسن‬ ‫المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة"‬ ‫للحافظ جالل الدين السيوطي فيما نقله‬ ‫عن الكندي‪ ،‬وابن فضل هللا‪ ،‬والتيفاشي‬ ‫‪.‬وابن زوالق وجماعة كثيرين غير هؤالء‬ ‫وقد ُ‬ ‫مسحت أرض مصر أيام والية هشام‬ ‫بن عبدالملك فوجدوا أن ما يصله الماء‬ ‫منها مائة مليون فدان‪ ،‬ومسح أحمد بن‬ ‫المدبر أرض مصر زمن واليته فوجد أن ما‬ ‫يصلح منها للزرع ‪ 24‬مليون فدان سوى ما‬ ‫تلف أو غلبت عليه الصحراء‪ ،‬وما أحسن ما‬ ‫أورده ابن ظهيرة ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬في‬ ‫‪:‬أرض مصر فقد قال‬ ‫غيطان مصر ‪-‬أي بساتينها‪ -‬وهي عظيمة "‬ ‫كثيرة‪ ،‬ومناظرها عالية‪ ،‬ومياهها جارية‬ ‫غزيرة‪ ،‬فيها كثير من األشجار النضرة‪،‬‬


‫واألزهار العطرة والرياحين‪ ،‬والفواكه‬ ‫الكثيرة من غالب الثمار‪ ،‬وهي كثيرة جداً‪،‬‬ ‫ال قيمة لها بمصر‪ ،‬ولقد أخبرني المولى‬ ‫سيدي عبدالعزيز بن يعقوب بن المتوكل‬ ‫على هللا أمير المؤمنين العباسي أنه أكل‬ ‫بقرى البحيرة فاكهة أطيب من فاكهة‬ ‫الشام‪ ،‬منها عنب زنة كل عنقود خمسة‬ ‫أرطال‪ ،‬أحلى من العسل المذاب‪ ،‬وأنعم‬ ‫ه‬ ‫السلَى‪ 1‬ال يحتمل مس األيدي‪ ،‬وأكل‬ ‫من‬ ‫بطيخاً‪ ،‬يشبه الصيفي في شكله‪ :‬غير أن‬ ‫داخله مرمل‪ ،‬أحلى من الشهد‪ ،‬وأكل‬ ‫بمريوط تيناً أسود صغيراً أحلى من‬ ‫‪".‬العسل‪ ،‬وأشياء غير ذلك‬ ‫وقد قال ابن ظهيرة يمدح القاهرة وعظم‬ ‫مساحتها‪ ،‬وذلك في القرن التاسع‬ ‫‪ :‬الهجري فقال‬ ‫عظم مدينة القاهرة اآلن وكثرة خلقها "‬ ‫وأبنيتها من أسواق وشوارع وربوع‬ ‫وغيرها‪ ،‬وبيوت وجوامع ومدارس‪ ،‬فمن‬ ‫المعلوم المقطوع به بالحس‪ ،‬فال حاجة‬ ‫إلى المفاضلة فيه‪ ،‬ألنه من خواص هذا‬ ‫البلد السعيد‪ ،‬ولقد تواترت األخبار وأجمع‬ ‫المسافرون والسائحون في بالد هللا‬ ‫تعالى الشاسعة‪ ،‬وأرضه الواسعة أنه‬ ‫ليس في الدنيا تحت السماء من مشرقها‬ ‫إلى مغربها مدينة أعمر بكثرة الخلق منها‪،‬‬


‫ال يكاد ينقطع الزحام بشوارعها العظيمة‪،‬‬ ‫وهي ضيقة لكثرة الناس والدواب حتى‬ ‫إلى الليل‪ ،‬وبعد العشاء بكثير‪ ،‬وال تشق‬ ‫فيهم إال بالكتف‪ ،‬ومن لم يكن متيقظاً‬ ‫يداس بسرعة‪ ،‬وهي وإن كان ثم مدن‬ ‫بالمشرق والمغرب أكثر منها مساحة‬ ‫ولكنها قليلة الناس‪ ،‬عديمة اإليناس‪ ،‬وأنا‬ ‫أقول‪ :‬إن هذه ليست بمدينة واحدة‪ ،‬بل‬ ‫مدن مجتمعة‪ ،‬إذ في كل شارع وخط‬ ‫ومحلة منها بيوت ودروب وأسواق وجوامع‬ ‫ومدارس تصلح أن تفرد بمدينة واحدة‪ ،‬بل‬ ‫‪".‬في كل ربع من ربوعها ما يعمر بهم قرية‬ ‫ـ وفي مصر رباط اإلسكندرية الذي ال‬ ‫يدري إال هللا تعالى كم سكنه ورابط فيه‬ ‫من العلماء والعباد والزهاد واألبطال‬ ‫والشجعان واألولياء والصالحين العاملين‪،‬‬ ‫وهذا اإلمام الكبير أبو الزناد األعرج‬ ‫عبدالرحمن بن هرمز القرشي صاحب‬ ‫أبي هريرة والمالزم له‪ ،‬المتوفى سنة‬ ‫‪ 117‬يقول‪" :‬خير سواحلكم رباطاً‬ ‫‪".‬اإلسكندرية‬ ‫وقال سفيان بن عيينة الهاللي المحدث‬ ‫المشهور (ت ‪ )198‬إلمام المصريين أحمد‬ ‫بن صالح‪ :‬يا مصري‪ :‬أين تسكن ؟! قال‪:‬‬ ‫‪.‬الفسطاط‬


‫قال‪ :‬أتأتي اإلسكندرية؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬ ‫‪.‬تلك كنانة هللا يجعل فيها خير سهامه‬ ‫ـ وفي مصر جامع عمرو بن العاص رسول‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهو أول جامع‬ ‫بني في قارة افريقيا‪ ،‬وقد ضبط قبلته‬ ‫جماعة كثيرة من الصحابة رضي هللا عنهم‬ ‫ُ‬ ‫‪.‬قدروا بثمانين رجال ً‬ ‫وفي مصر جامع األزهر الذي له الفضل‬ ‫المشهور‪ ،‬ولشيوخه مواقف كثيرة جداً‬ ‫في نصرة اإلسالم وأهله‪ ،‬وهو اليوم بعد‬ ‫الثورة ُيرجى له أن يعود منارة شامخة كما‬ ‫كان‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪ ،‬وقد قال ابن‬ ‫ظهيرة ‪-‬رحمه هللا تعالى¬‪ -‬في الجامع‬ ‫‪:‬األزهر‬ ‫فليس في الدنيا اآلن‪ ،‬فيما أعلم‪ ،‬له "‬ ‫نظير وال ينقطع ذكر هللا تعالى عنه طرفة‬ ‫عين في ليل وال نهار‪ ،‬وفيه أروقة ألصناف‬ ‫من الخلق منقطعين لعبادة هللا ‪-‬تعالى‪-‬‬ ‫واالشتغال بالعلوم وتالوة القرآن‪ ،‬ال‬ ‫‪".‬يفترون ساعة‬ ‫ـ وأما عجائب أرض مصر فكثيرة جداً فمنها‬ ‫األهرام‪ ،‬ومنها صنم األهرام وتسميه‬ ‫العامة أباالهول‪ ،‬وفيها عجائب األقصر‬ ‫و َ‬ ‫م ْنف‪ ،‬وعين شمس‪،‬والنيل‪ ،‬واإلسكندرية‬ ‫ومنارتها وعمودها‪ ،‬وفي كل ذلك تفصيل‬ ‫طويل‪ ،‬وقا ٌ‬ ‫ل وقيل‪ ،‬وآثار مروية‪ ،‬وأخبار‬


‫متناقلة‪ ،‬وأسرار غامضة‪ ،‬وبعض تلك‬ ‫‪.‬العجائب باق وأكثرها قد فني‬ ‫وقد فتح المأمون هرماً من األهرام زمن‬ ‫قدومه مصر قبل موته بسنة أو نحوها‬ ‫فوجدوا فيه من عجائب األموال والموميات‬ ‫واألصنام أمراً مهوالً‪ ،‬وفتحت مقدمة هرم‬ ‫منها زمن أحمد بن طولون أيضاً‪ ،‬ووجدوا‬ ‫فيها عجائب ويئسوا من فتح كل الهرم‪ ،‬وال‬ ‫ُيعرف على التحقيق من بنى تلك األهرام‬ ‫‪.‬وكيف بناها‬ ‫وقد عرف اليوم من أسرار األهرام شيء‬ ‫‪.‬كثير‬ ‫وقد استقلت مصر بالخالفة اإلسالمية‬ ‫‪ 265‬سنة تقريباً‪ ،‬منذ انقطاع الخالفة من‬ ‫بغداد عقب الغزو التتاري الهمجي سنة‬ ‫‪ 656‬إلى سقوط مصر بيد السلطان سليم‬ ‫‪.‬العثماني سنة ‪924‬هـ‬ ‫الهوامش‬ ‫‪.‬غشاء رقيق يحيط بالجنين )]‪([1‬‬ ‫المصدر ‪(:‬موقع التاريخ) عند النقل ذكر‬ ‫المصدر‬

‫من فضائل مصر يف صحيح السنة املطهرة‬

‫‪َ ‬قال‪َ :‬قال رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن َأِبى َذر ‪1-‬‬ ‫ّللا‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ط َفِإ َذا «‪:‬‬ ‫يها اْل ِق َا‬ ‫ير ُ‬ ‫ِإَن ُك ْم َس َت ْف َت ُحو َن ِم ْصَر َو ِه َى أَْر ٌ‬ ‫ض ُي َس َمى ف َ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وها َفأ ْ ِ ِ‬ ‫ال‬ ‫َف َت ْح ُت ُم َ‬ ‫َحسُنوا إَلى أَ ْهل َها َفإ َن َل ُه ْم ذ َم ًة َوَرح ًما »‪َ .‬أ ْو َق َ‬ ‫‪ِ «:‬ذ َم ًة و ِصه ار َفِإ َذا أَري َت رجَلي ِن ي ْخ َت ِصم ِ ِ‬ ‫يها ِفى َم ْو ِض ِع‬ ‫َْ َُ ْ َ‬ ‫ان ف َ‬ ‫َ ًْ‬ ‫َ‬ ‫َلِبَنة َف ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل ْب ِن‬ ‫ال‪َ :‬فَأَرْي ُت َعْبَد َ‬ ‫الر ْح َم ِن ْب َن ُشَر ْحب َ‬ ‫اخُر ْج مْن َها »‪َ .‬ق َ‬ ‫يع َة َي ْخ َت ِصم ِ‬ ‫ان ِفى َم ْو ِض ِع َلِبَنة َف َخَر ْج ُت ِمْن َها‬ ‫َ‬ ‫‪.‬ح َسَن َة َوأَ َخ ُ‬ ‫اه َرِب َ‬ ‫َ‬ ‫صحيح‪ :‬رواه اإلمام احمد في ُم ْسَن ِد ِه واإلمام مسلم في‬ ‫‪.‬صحيحه‬

‫الر ِح ُم‬ ‫ال العلماء ‪َ (( :‬‬ ‫قال اإلمام النووي رحمه هللا تعالى ‪َ :‬ق َ‬ ‫ِمْنهم ‪ : ))  ،‬اَلتي َلهم َكو ُن هاجر أُ ِم إسم ِ‬ ‫يل‬ ‫اع‬ ‫ُ ْ ْ َ َ​َ‬ ‫ُْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اهيم ابن َر ُسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه ((‬ ‫َوالص ْه ُر )) ‪َ :‬ك ْون َمارية أم إبْر َ‬ ‫‪ .‬وسلم ‪ِّ -‬م ْن ُه ْم‬

‫عن أبي عبد الرحمن الحبلي و عمرو بن حريث يقوالن ‪2-‬‬ ‫قال ‪ " :‬إنكم ستقدمون على قوم جعد ‪ : ‬إن رسول هللا‬ ‫رؤوسهم فاستوصوا بهم فإنهم قوة لكم وبالغ إلى عدوكم‬ ‫‪.‬بإذن هللا "‪ .‬يعني قبط مصر‬

‫صحيح‪ :‬رواه أبو َي ْعَلى في ُم ْسَن ِد ِه و ابن حبان في صحيحه‬ ‫الهيثمي‪ :‬رجاله‬ ‫وابن عبد الحكم في فتوح مصر وقال اإلمام‬ ‫ُّ‬


‫‪ .‬رجال الصحيح‬ ‫َقال‪ِ":‬إ َذا َف َتح ُتم ِمصر‪  ،‬أَن رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن َك ْعب ‪3-‬‬ ‫ّللا َ‬ ‫ْ ْ َْ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫صوا ِباْل ِقْب ِط َخْيًرا‪َ ،‬فِإ َن َل ُه ْم ِذ َم ًة َوَر ِح ًما‬ ‫‪َ ".‬ف ْ‬ ‫اس َت ْو ُ‬

‫صحيح‪ :‬رواه اإلمام الحاكم وصححه ووافقه عليه الذهبي‬

‫‪ .‬وصححه األلباني‬ ‫ل عن أم سلمة ‪4-‬‬

‫أَوصى ِعْند وَف ِات ِ‬ ‫ّللا ِفي ِقْب ِط ‪ ‬أن رسول هللا "‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫‪ّ:‬للا َ​َ‬ ‫ال َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِم ْصَر‪َ ،‬فِإَن ُك ْم َس َت ْظ َهُرو َن َعَلْي ِه ْم‪َ ،‬وَي ُكو ُن َل ُك ْم ِعَد ًة‪َ ،‬وَأ ْع َواًنا‬ ‫يل َ ِ‬ ‫ِفي سِب ِ‬ ‫ّللا"‪ .‬رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‪ .‬وعن‬ ‫َ‬

‫يقول‪ ":‬إذا فتحت مصر ‪ ‬كعب بن مالك سمعت رسول هللا‬ ‫ورحما"‪ ،‬وفي رواية‪" :‬إن‬ ‫ً‬ ‫فاستوصوا بالقبط خي اًر فإن لهم دماً‬ ‫‪ ".‬لهم ذم ًة يعني أن أم إسماعيل كانت منهم‬ ‫صحيح‪ :‬رواه اإلمام الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال‬ ‫‪.‬الصحيح‬ ‫‪.‬والحديث صححه األلباني‬


‫رِفعت ِإَلى « ‪َ  :‬قال َقال رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن أَ​َن ِ‬ ‫س ْب ِن َم ِالك‪5-‬‬ ‫ُ ُْ‬ ‫ّللا َ‬ ‫َ َ​َُ ُ‬ ‫ان ب ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اطَن ِ‬ ‫اهَر ِ‬ ‫الس ْدَرِة َفِإ َذا أَْرَب َع ُة أَْن َهار ‪َ ،‬ن َهَر ِ‬ ‫ان ‪،‬‬ ‫ان َ‬ ‫ان ‪َ ،‬وَن َهَر ِ َ‬ ‫النيل واْل ُفرات ‪ ،‬وأَ َما اْلب ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ان ِ‬ ‫َفأَ َما ال َ‬ ‫ان َفَن َهَر ِ‬ ‫اطَن ِ‬ ‫اهَر ِ‬ ‫ان ِفى اْل َجَن ِة‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫َفأُِتيت ِب َث َ ِ‬ ‫يه َلبن ‪ ،‬وَقدح ِف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يه َع َس ٌل ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ال َثة أَ ْقَداح ‪َ ،‬قَد ٌح ف َ ٌ َ َ ٌ‬ ‫َخ ْذت اَل ِذى ِف ِ‬ ‫وَقدح ِف ِ‬ ‫يه الَلبن َف َش ِرب ُت َف ِ‬ ‫يل ِلى‬ ‫ق‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫خ‬ ‫يه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٌَ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌْ‬ ‫َ‬ ‫‪ » .‬أَ َصْب َت اْل ِف ْطَرَة أَْن َت َوأُ َم ُت َك‬ ‫‪..‬رواه اإلمامان‪ :‬البخاري ومسلم في صحيحيهما‬

‫سيحان « ‪َ  :‬قال َقال رسول َ ِ‬ ‫‪‬ع ْن أَِبى ُهَرْيَرَة ‪6-‬‬ ‫ََْ ُ‬ ‫ّللا َ‬ ‫َ َ​َُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫يل ُك ٌّل ِم ْن أَْن َه ِار اْل َجَن ِة »‪ .‬رواه اإلمام‬ ‫ان َواْل ُفَر ُ‬ ‫َو َجْي َح ُ‬ ‫ات َوالن ُ‬ ‫‪..‬مسلم في صحيحه‬

‫محمود داود دسوقي خطابي‬ ‫فضل مصر على االمم العربية‬ ‫مقال للصحفى السعودى‬ ‫االستاذ جميل فارسى' عن'‬ ‫مصر‬ ‫يا ريت كل الناس تقرأه خصوصا‬ ‫الشباب العرب‬


‫يُخطئ من يقيّم األفراد قياسا ً على تصرفهم في لحظه من‬ ‫الزمن أو فعل واحد من األفعال‬ ‫ويسري ذلك على األمم‪ ,‬فيخطئ من يقيّم الدول على فتره من‬ ‫‪,‬الزمان‬ ‫وهذا لألسف سوء حظ مصر مع مجموعة من الشباب‬ ‫العرب‬ ‫‪.‬الذين لم يعيشوا فترة ريادة مصر‬ ‫تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء‬ ‫وبال امتنان‬ ‫‪.‬وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر‬ ‫هل تعلم يا بني أن‬ ‫جامعه القاهرة وحدها‬ ‫قد علمت حوالي المليون طالب عربي ومعظمهم بدون أي‬ ‫رسوم دراسية؟‬ ‫بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطالب‬ ‫المصريين؟‬ ‫هل تعلم أن‬ ‫مصر كانت تبعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول‬ ‫العربية المستعمرة‬ ‫حتى ال تضمحل لغة القرآن لديهم‪ ,‬وذلك كذلك على حسابها؟‬


‫هل تعلم أن‬ ‫أول طريق مسفلت من جدة إلى مكة المكرمة كان هدية من‬ ‫مصر؟‬ ‫حركات التحرر العربي كانت مصر هي صوتها وهي‬ ‫‪.‬مستودعها وخزنتها‬ ‫‪.‬وكما قادت حركات التحرير فأنها قدمت حركات التنوير‬ ‫كم قدمت مصر للعالم العربي في كل مجال‪،‬‬ ‫في األدب والشعر والقصة وفي الصحافة والطباعة وفي‬ ‫اإلعالم والمسرح‬ ‫وفي كل فن من الفنون ناهيك عن الدراسات الحقوقية ونتاج‬ ‫‪.‬فقهاء القانون الدستوري‬ ‫جئني بأمثال ما قدمت مصر؟‬ ‫‪.‬كما تألقت في الريادة القومية تألقت في الريادة اإلسالمية‬ ‫فالدراسات اإلسالمية ودراسات القرآن وعلم القراءات كان‬ ‫‪.‬لها شرف الريادة‬ ‫وكان لألزهر دور عظيم في حماية اإلسالم في حزام‬ ‫‪.‬الصحراء األفريقي‬ ‫‪ ..‬وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية اإلصالحية‬ ‫أما على مستوى الحركة القومية العربية فقد كانت مصر‬ ‫أداتها ووقودها‬ ‫وإن انكسر المشروع القومي في ‪ 67‬فمن الظلم أن تحمل‬ ‫‪,‬مصر وحدها وزر ذلك‬ ‫بل شفع لها أنها كانت تحمل اإلرادة الصلبة للخروج من ذل‬ ‫‪.‬الهزيمة‬


‫إن صغر سنك يا بني قد حماك من أن تذوق طعم المرارة‬ ‫‪,‬الذي حملته لنا هزيمة ‪67‬‬ ‫ولكن دعني أؤكد لك أنها كانت أقسى من أقسى ما يمكن أن‬ ‫‪,‬تتصور‬ ‫ولكن هل تعلم عن اإلرادة الحديدية التي كانت عند مصر‬ ‫يومها؟‬ ‫‪.‬أعادت بناء جيشها فحولته من رماد إلى مارد‬ ‫وفي ستة سنوات وبضعة أشهر فقط نقلت ذلك الجيش‬ ‫المنكسر‬ ‫إلى اسود تصيح هللا أكبر وتقتحم أكبر دفاعات عرفها‬ ‫‪.‬التاريخ‬ ‫مليون جندي لم يثن عزيمتهم تفوق سالح العدو ومدده ومن‬ ‫‪.‬خلفة‬ ‫باهلل عليك كم دولة في العالم مرت عليها ستة سنوات لم‬ ‫تزدها إال اتكاالً؟‬ ‫‪.‬وستة أخرى لم تزدها إال خباال‬ ‫ثم انظر‬ ‫بعد انتهاء الحرب فتحت نفقا ً تحت قناة السويس التي شهدت‬ ‫كل تلك المعارك الطاحنة‬ ‫‪.‬أطلقت على النفق اسم الشهيد أحمد حمدي‬ ‫‪.‬اسم بسيط ولكنه كبر باستشهاد صاحبه في أوائل المعركة‬ ‫انظر كم هي كبيرة‬


‫‪.‬أن تطلق االسم الصغير‬ ‫هل تعلم انه ليس منذ القرن الماضي فحسب‪،‬‬ ‫‪.‬بل منذ القرن ما قبل الماضي كان لمصر دستورا ً مكتوبا ً‬ ‫شعبها شديد التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية‪،‬‬ ‫‪.‬لكنه كم انتفض ضد االستعمار واالستغالل واألذى العام‬ ‫مصر تمرض ولكنها ال تموت‬ ‫إن اعتلت ومرضت اعتل العالم العربي‬ ‫وان صحت واستيقظت صحوا‬ ‫‪,‬وال أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت‬ ‫‪,‬فقد تكررت مرتين في العصر الحديث‬ ‫في أحداها قتلت المأساة في مهدها بتهديد حازم من مصر‬ ‫للزعيم عبد الكريم قاسم حاكم العراق‬ ‫عندما فكر في االعتداء على الكويت‪ ,‬ذلك عندما كانت مصر‬ ‫‪.‬في أوج صحتها‬ ‫أما في المرة األخرى فهل تعلم كم تكلف العالم العربي‬ ‫برعونه صدام حسين‬ ‫‪.‬في استيالءه على الكويت؟‬ ‫هل تعلم إن مقادير العالم العربي رهنت لعقود بسبب‬ ‫رعونته‬ ‫‪.‬وعدم قدرة العالم العربي على أن يحل المشكلة بنفسه‬ ‫إن لمصر قدرة غريبة على بعث روح الحياة واإلرادة في‬ ‫‪.‬نفوس من يقدم إليها‬ ‫‪.‬انظر إلى البطل صالح الدين‪ ,‬بمصر حقق نصره العظيم‬ ‫أنظر إلى شجرة الدر‪ ,‬مملوكة أرمنية تشبعت بروح اإلسالم‬


‫فأبت أال أن تكون راية اإلسالم مرفوعة فقادت الجيوش لصد‬ ‫‪.‬الحملة الصليبية‬ ‫هلل درك يا مصر اإلسالم‬ ‫هلل درك يا مصر العروبة‬ ‫إن ما تشاهدونه من حال العالم العربي اليوم هو‬ ‫ما لم نتمنه لكم‪ .‬وأن كان هو قدرنا‪ ,‬فانه اقل من مقدارنا‬ ‫‪.‬واقل من مقدراتنا‬ ‫أيها الشباب‬ ‫‪.‬أعيدوا تقييم مصر‬ ‫ثم أعيدوا بث اإلرادة في أنفسكم‬ ‫‪.‬فالحياة أعظم من أن تنقضي بال إرادة‬ ‫أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم‬ ‫نبذات ووقفات‬ ‫‪ ..‬هنا بعض نبذات قبل أكتشاف وخروج البترول‬ ‫الحجاز ‪ ..‬توفيق جالل ‪ ,‬كان رئيس تحرير جريدة الجهاد‬ ‫‪ ,‬المصرية ‪ ,‬وتوفيق نسيم كان رئيس وزراء مصر‬ ‫حدثت مجاعة وأمراض أزهقت آالف من األرواح بأراضى‬ ‫الحجاز ‪ ...‬كتب توفيق جالل فى صدر صحيفته الى توفيق‬ ‫نسيم رئيس وزراء مصر ‪ ,‬كتب يقول ‪ ,‬من توفيق الى توفيق‬ ‫‪ ,‬فى أرض رسول هللا آالف يموتون من الجوع وفى مصر‬


‫‪ ,‬نسيم !! أصدر توفيق نسيم أوامره فورا‬ ‫وعبرت المراكب تحمل آالف األطنان من الدقيق والمواد‬ ‫الغذائية ‪ ,‬وآالف من الجنيهات المصرية والتى‬ ‫كانت عملتها أعلى وأقوى من العملة البريطانية‬ ‫غير الصرة السنوية التى كانت تبعث بها مصر ‪,‬‬ ‫‪ ..‬وكانوا يشكرون مصر كثيرا على ذلك ‪,‬‬ ‫الكويت ‪ ..‬كانت مصر تبعث بالعمال والمدرسين واألطباء‬ ‫والموظفين لمساعدة األخوة بالكويت‬ ‫‪ ..‬بأجور مدفوعة من مصر ‪,‬‬ ‫ليبيا ‪ ..‬كانت جزأ من وزارة الشؤن األجتماعية المصرية‬ ‫‪..‬‬ ‫كل هذا لم يكن منة من مصر ‪ ,‬لكن كان دعما وواجبا وطنيا‬ ‫‪ ,‬ألشقائها العرب‬ ‫‪ ,‬مذكرات الثورى العظيم‬ ‫أحمد بن بلة وقيادات الثورة الجزائرية‬


‫‪ ,‬تشهد ‪ ,‬وهم يقولون‬ ‫مهما قدمنا‬ ‫وقدمت الجزائر لمصر ‪ ,‬فلن نوفى حق مصرعلينا وما قدمته‬ ‫لنا‪ ...‬كذلك ما قدمته‬ ‫‪...‬مصر لثورة الفاتح من سبتمبر الليبية‬ ‫التضحيات الكبيرة والعظيمة والتى ال ينكرها‬ ‫أبدا الشعب اليمنى‬ ‫لما قدمته مصر لليمن وحتى أشرف أقتصاد مصر على‬ ‫األنهيار‬ ‫مصر التى سطعت منها شمس الحريه على ربوع الكره‬ ‫االرضيه‬ ‫مصر التى وقفت بكل امكانيتها المتواضعه وشعبها العظيم‬ ‫فى وجه القوى الغاشمه فرنسا وبريطانيا العظمى‬ ‫مصر التى ساندت قضايا المظلومين بالعالم شرقا وغربا‬ ‫فأحتضنت حركات النضال والتحرير من مشارق االرض الى‬ ‫مغاربها‬ ‫دون تمييز الى اللون او الدين او العرق‬ ‫فكانت قبله الثوار والمناضلين من ربوع الكره االرضيه‬ ‫فااحتضنت بتريسيا لو مومبا وحركته‬


‫وحزب المؤتمر االفريقى ضد التمييز العنصرى بقياده مانديال‬ ‫وروبرت موجابى وابطال وزعماء افريقيا ومناضليها‬ ‫وقدمت الدعم والمسانده للثوره الجزائريه والليبيه‬ ‫واليمن والعراق وفلسطين‬ ‫واستقبلت على ارضها عظماء ثوار العالم‬ ‫فااستقبلت الثائر العالمى جيفارا‬ ‫وفيدل كاسترو‬ ‫ونهرو واحمد ساكارنو وذو الفقار على بوتو ومحمد اقبال‬ ‫وتيتو‬ ‫مصر التى تعطى بسخاء ‪...........‬اليمكن ان تغدر‬ ‫مصر التى تجمع تحتضن ‪ ........‬اليمكن ان تفرق وتقتل‬ ‫مصر التى تأوى‪ ................‬اليمكن ان تخون‬ ‫هذه هى مصر الصابره االمنه المؤمنه المحتسبه‬ ‫يأيها السفهاء يامن تتطاولون على مصر وشعبها‬ ‫هذه هى مصر العظيمه‪ .......‬فمن أنتم؟؟؟؟‬ ‫هذا ماقدمته مصر للعرب والعالم‪ .....‬فماذا قدمتم؟؟؟؟؟‬ ‫مصـــــــــر هى‬ ‫بالد الشمس وضحاها‪،‬‬ ‫غيطان النور‪،‬‬ ‫قيامة الروح العظيمة‪،‬‬ ‫انتفاض العشق‪،‬‬ ‫اكتمال الوحى والثورة‬ ‫"مراسى الحلم"‬ ‫ال ِعلم والدين الصحيح‪،‬‬ ‫العامل البسيط‬ ‫الفالح الفصيح‪،‬‬ ‫جنة الناس البسيطة‬


‫القاهرة القائدة الواعدة الموعودة‬ ‫الساجدة الشاكرة الحامدة المحمودة‬ ‫العارفة الكاشفة العابدة المعبودة‬ ‫العالمة الدارسة الشاهدة المشهودة‬ ‫سيمفونية الجرس واألدان‬ ‫كنانة الرحمن‬ ‫أرض الدفا والحنان‬ ‫معشوقة األنبيا وال ُ‬ ‫شعرا والرسامين‬ ‫صديقة الثوار‬ ‫قلب العروبه النابض الناهض الجبار‬ ‫عجينة األرض التي ال تخلط العذب بالمالح‬ ‫وال الوليف الوفى بالقاسى والجارح‬ ‫وال الحليف األليف بالغادر الفاضح‬ ‫وال فَرح بكره الجميل بليل وحزن امبارح‬ ‫وال صعيب المستحيل بالممكن الواضح‬ ‫كونى مصر‬ ‫دليل اإلنسانية ومهدها‬ ‫و هللا من وراء القصد و هو يهدي السبيل‬ ‫‪ :‬مصر في العصر الحديث‬ ‫قد كان لمصر في عصرنا الحديث فضائل جمة‪،‬‬ ‫وأعمال جليلة مهمة‪ ،‬وألهلها أيا ٍد بيضاء على‬ ‫المسلمين‪ ،‬وهذا بحر ضخم خضم لكني سآتي‬ ‫‪ :‬على بعض درره وآللئه‪ ،‬فمن أدباء مصر الكبار‬ ‫مصطفى صادق الرافعي‪ ،‬وهو األديب الذي‬ ‫سخر قلمه الرائع للدفاع عن ثوابت اإلسالم‬ ‫والرد على خصومه‪ ،‬وعلى مثيري الشبهات‬ ‫الذين جعلوا القرآن غرضاً لهم‪ ،‬فألقمهم الحجر‪،‬‬


‫ورد عليهم في كتابه الجليل "تحت راية القرآن"‬ ‫وغيره رداً مفحماً‪ ،‬ولقد كان وجوده بين أدباء‬ ‫عصره عالمة فارقة؛ فإن معظم أدباء عصره كانوا‬ ‫بعيدين عن هذا المضمار‪ ،‬نائين بأنفسهم عن‬ ‫الدخول في هذه القضايا اإلسالمية التي كان‬ ‫من يتبناها ُيعرض نفسه ألشد أنواع الهجوم‬ ‫والبالء الذي ال يطيقه كل أحد‪ ،‬هذا وقد كان‬ ‫ذلك األديب الكبير أصم لكن لم يمنعه صممه‬ ‫‪.‬من الوصول إلى أعلى الدرجات في األدب‬ ‫ومنهم‪ :‬األستاذ سيد قطب الذي جمع بين‬ ‫األدب الرفيع وتفسير القرآن على وجه لم‬ ‫يسبقه إليه غيره؛ إذ إني ال أعلم تفسيراً في‬ ‫األرض نحا نحو تفسيره في ربط مدلوالت اآليات‬ ‫القرآنية الكريمة بواقع الناس وأحوالهم وتصاريف‬ ‫زمانهم‪ ،‬فقد أفلح في ذلك وأجاد بل أقول إنه‬ ‫‪.‬كان ُمعاناً موفقاً‪ ،‬وهللا أعلم‬ ‫وقد كان من األدباء القالئل جداً الذين خاضوا‬ ‫ُ‬ ‫وختم له‬ ‫غمار الدعوة إلى هللا‪ ,‬تعالى‪،‬‬ ‫بالشهادة إن شاء هللا‪ ،‬وقد اتُّهم باتهامات‬ ‫عديدة صعبة خشنة من قِبَل خصومه وبعض‬ ‫أصحابه‪ ،‬وبعد دراسة أقواله واالطالع على‬ ‫أحواله‪ ،‬وسؤال بعض أقرانه ومعاصريه فإني‬ ‫أدين هللا تعالى بأنه بريء منها‪ ،‬وقد ركب‬ ‫متهموه مركباً صعباً عندما اتهموه بها‪ ،‬وال أجد‬ ‫فصالً بينه وبين مَن اتهمه بها أفضل من قول‬ ‫‪ :‬أبي العتاهية‬


‫إلى َديّان يوم الدين نمضي‬ ‫الخصوم‬ ‫نعم هو أديب وقع على اإلسالم وأشرقت روحه‬ ‫و َ‬ ‫ي قلبه به فتكلم في بعض أصول وفروع‬ ‫ح ِي َ‬ ‫الشريعة بكالم رائع جليل أصاب في أكثره‪ ،‬وفي‬ ‫بعضه ما في كالم البشر من الخطأ‪ ،‬وما‬ ‫يصيبهم من الزيغ والزلل‪ ،‬لكن ال يصل إلى حد‬ ‫ما اتهمه به من اتهمه‪ ،‬فلم التشنيع والتهويل‬ ‫وكثرة العويل وعدم حمل كالم الرجل على‬ ‫أحسن محامله‪ ،‬ورد متشابهه إلى محكمه‬ ‫ومجمله إلى مبينه ؟‬ ‫ومنهم األستاذ الكبير األديب العالم أبو فِه ْر‬ ‫محمود محمد شاكر الذي كان له مواقف جليلة‬ ‫صدع فيها بالحق‪َ ,‬‬ ‫وفنّد فيها الباطل بقوة‪ ,‬وله‬ ‫كتب عظيمة صارت هادية لألجيال وموجهة لها‬ ‫ومرشدة‪ ,‬ولو الين خصومه وتفاهم معهم‬ ‫الجتمعت حوله القلوب والتف عليه الناس‪ ,‬لكنه‬ ‫رحمه هللا تعالى‪ -‬كان يشتد عليهم اشتداداً ال‬‫يفرق فيه غالباً بين داعية لإلسالم وعدو له‪,‬‬ ‫وبين محب لالسالم وشانىء ومبغض له‪ ,‬وهو‬ ‫بعد هذا كله قمة سامقة ال يستطيعها‬ ‫الرويبضات التافهون‪ ،‬وله الكتاب المشهور الذي‬ ‫ال يستطاع اإلتيان بمثله وال بنصفه‪ ،‬على‬ ‫وجازته وصغر حجمه‪ ،‬وهو "رسالة في الطريق‬ ‫إلى ثقافتنا" أبدع فيه أيما إبداع‪ ،‬وله أعمال‬ ‫‪.‬أخرى جليلة‪ ،‬وآثار مضيئة‬ ‫وعند هللا تجتمع‬


‫وأما شعراء مصر الذين كان لهم أثر عظيم في‬ ‫تجديد الشعر العربي بعد مدة انحطاط طويلة‬ ‫فعدد كبير منهم الضابط المشارك في الثورة‬ ‫العرابية محمود سامي البارودي ‪-‬وهو أول‬ ‫الكبار‪ -‬وأحمد شوقي الذي قيل فيه‪ :‬لم يأت‬ ‫بعد أحمد المتنبي مثل أحمد شوقي‪ ,‬ومنهم‬ ‫حافظ إبراهيم شاعر النيل‪ ,‬وأحمد محرم شاعر‬ ‫‪.‬العروبة واإلسالم‪ ,‬ومحمود غنيم‬ ‫‪ :‬ومن دعاة مصر الكبار‬ ‫األستاذ اإلمام محمد عبده الذي كان أحد‬ ‫المؤثرين الكبار في تاريخ مصر بل في تاريخ‬ ‫اإلسالم الحديث‪ ،‬والرجل عليه بعض المؤاخذات‬ ‫غفر هللا له‪ -‬لكن أثره وعمله ما زال يتردد في‬‫جنبات مصر إلى يوم الناس هذا‪ ،‬وتوفي ‪-‬رحمه‬ ‫‪.‬هللا تعالى‪ -‬سنة ‪1905/1322‬‬ ‫ومنهم األستاذ محمد رشيد رضا الشامي ثم‬ ‫المصري‪ ،‬منشئ مجلة المنار في مصر‪ ،‬وهي‬ ‫المجلة التي ظلت مالذاً ألهل اإلسالم أكثر من‬ ‫ثالثين سنة‪ ،‬وللشيخ رشيد آثار في التجديد‪،‬‬ ‫واالجتهاد في الدعوة إليه مشهودة معلومة‪،‬‬ ‫وظل شوكة في حلق أعداء اإلسالم وفي حلق‬ ‫أنصاره من الجامدين المعارضين حتى أتاه‬ ‫‪.‬اليقين سنة ‪ ،1935/1353‬رحمه هللا تعالى‬ ‫ومنهم األستاذ اإلمام الشهيد ‪-‬بإذن هللا تعالى‪-‬‬ ‫حسن البنا‪ ،‬الذي لم يأت مثله –عندي‪ -‬في‬ ‫مجموع صفاته وأحواله منذ شيخ اإلسالم ابن‬


‫تيمية ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬وذلك أنه أتى‬ ‫واإلسالم قد درست معالمه‪ ،‬وانطمست مزاياه‬ ‫ومحاسنه‪ ،‬وأكثر أهله عنه مدبرون‪ ،‬وفي جدواه‬ ‫متشككون‪ ،‬ومن اطّلع على أحوال عصره علم‬ ‫ما قلته‪ ،‬وعرف صدق ما ادعيته‪ ،‬فأعاد إلى‬ ‫اإلسالم ما امتاز به من الشمول‪ ،‬بعد طول‬ ‫ُ‬ ‫أفول‪ ،‬وأظهر ما فيه من جالل وجمال بعدما‬ ‫أصابه على يد أهله بسبب سوء األفعال‬ ‫‪.‬واألقوال‬ ‫والرجل ليس ككل الرجال‪ ،‬فحسبكم دليال ً على‬ ‫ذلك أنه عاش أربعاً وأربعين سنة تقريباً جاهد‬ ‫فيها إخوان القردة في فلسطين والصليبيين‬ ‫اإلنجليز في مصر‪ ،‬وترك من األعمال واآلثار ما‬ ‫يعجز عنه جماعة كبيرة من الرجال األبطال‪،‬‬ ‫فهذا يدل ‪-‬وهللا تعالى أعلم‪ -‬أن هلل به عناية‪،‬‬ ‫شنشنة نعرفها‬ ‫وأما ما اتهمه به خصومه فهو ِ‬ ‫من أَ ْ‬ ‫خزم‪ ،‬واتهامات لم يقيموا عليها بينات‬ ‫جليّات‪ ،‬وال دالئل واضحات فذهبت أدراج الرياح‬ ‫وبقي للرجل سيرته الناصعة البيضاء‪ ،‬وهو على‬ ‫كل حال بشر ليس بمعصوم‪ ،‬وله أخطاء وزالت‬ ‫كما لسائر البشر ‪-‬حاشا األنبياء والمرسلين‬ ‫عليهم صلوات هللا وسالمه أجمعين ‪ -‬لكن‬ ‫الظلم كل الظلم هو تضخيم األخطاء القليالت‬ ‫غير المقصودات ونسيان المحاسن الكثيرات‪،‬‬ ‫‪.‬والمزايا الواضحات‪ ،‬واألعمال العظيمات‬


‫ومنهم األستاذ الداعية المنتسب إلى الجمعية‬ ‫الشرعية محمود عبدالوهاب فايد الذي وقف‬ ‫في وجه الطاغية العبد الخاسر‪ ،‬وصدع بالحق‬ ‫في زمن َق ّ‬ ‫ل فيه الصادعون‪ ،‬ونكص أكثر الناس‬ ‫من الخواص والعلماء والمشايخ وطلبة العلم‬ ‫على أعقابهم‪ ،‬يوم كان أكثر أبطال مصر في‬ ‫السجون أو المنافي‪ ،‬وكان له مواقف في مصر‬ ‫هي خالدة في ذاكرة التاريخ‪ ،‬وأرجو أن ينال بها‬ ‫أعظم المكافأة في اآلخرة‪ ,‬إن شاء هللا تعالى‪،‬‬ ‫وقد كتبت في هذه المجلة في حلقة من‬ ‫حلقات "عظماء منسيون في التاريخ الحديث"‬ ‫‪.‬تفاصيل سيرته فال أعود لها هاهنا‬ ‫وقريب من هذا الداعية اإلمام ومن كان في‬ ‫الصدع بالحق مشهوراً أيضاً األستاذ محمد أبو‬ ‫زهرة الذي كان له مواقف جليلة صدع فيها‬ ‫الطاغية العبد الخاسر بالحق البين الواضح فلم‬ ‫يملك له إال أن جرّده من مناصبه وعزله عن‬ ‫وظائفه‪ ,‬ولآلخرة خير له من األولى‪ ,‬إن شاء هللا‬ ‫‪.‬تعالى‬ ‫ومنهم الشيخ عبد الحميد كشك الخطيب‬ ‫م ْ‬ ‫ص َقع الذي لم يأت مثله ‪-‬عندي‪ -‬منذ قرون‪,‬‬ ‫ال ِ‬ ‫وكان له أكبر األثر في إذكاء الصحوة اإلسالمية‪,‬‬ ‫وله طريقة في الخطابة ال تبارى وال تجارى‪ ,‬وهو‬ ‫فصيح بليغ الى الحد األعلى من الفصاحة‬ ‫والبالغة‪ ,‬ومن استمع لخطبه أدرك ما أقول‪ ,‬أما‬ ‫جمعه بين هذا كله وبين الدعابة واللطف‬


‫واالقتراب من الجمهور فهو شيء جديد في‬ ‫الخطابة أجزم ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬أنه لم يقع من قبل‪،‬‬ ‫وحسبه شرفاً أنه توفي وهو ساجد‪ ،‬فلله ما‬ ‫‪.‬أحسن ميتته‪ ،‬وما أشرف خاتمته‬ ‫وإن ينس التاريخ أحداً من الناس فانه لن ينسى‬ ‫أبداً إن ‪ -‬شاء هللا تعالى – جملة من الدعاة‬ ‫العاملين أصحاب المؤلفات النافعة والمواقف‬ ‫الرائعة منهم المشايخ واألساتذة محمد الغزالي‬ ‫‪ ,‬والبهي الخولي‪ ,‬ومحمود خطاب السبكي‬ ‫منشىء الجمعية الشرعية‪ ،‬ومحمد الفقي من‬ ‫جماعة أنصار السنة‪ ,‬والمحدث أحمد محمد‬ ‫شاكر‪ ,‬والتونسي المصري شيخ األزهر محمد‬ ‫الخضر حسين‪ ,‬وشيخا األزهر الصادعان الرئيس‬ ‫السادات بالحق‪ :‬عبد الحليم محمود وجاد‬ ‫الحق‪ ,‬وعمر التلمساني‪ ,‬ومصطفى مشهور‪,‬‬ ‫‪.‬وغيرهم كثير‪ ,‬رحمهم هللا تعالى‬ ‫وفي مص َر اليوم ثلة من الدعاة كان لها أثر‬ ‫عظيم في تصحيح مسيرة شعب مصر وكثير‬ ‫من الشعوب العربية واإلسالمية‪ ،‬ولهم أيا ٍد‬ ‫بيضاء ال تنكر في مجاالت كثيرة‪ ،‬ولوال أني‬ ‫اشترطت على نفسي أال أمدح إال من انتقل‬ ‫إلى الدار اآلخرة ‪-‬حميداً سعيداً إن شاء هللا‪-‬‬ ‫‪.‬لذكرت جملة كبيرة منهم‬ ‫وكم لمص َر من األيادي البيضاء على الدول‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬فقد علّم أساتذتها‬ ‫ومدرسوها كثيراً جداً من العرب والمسلمين‪،‬‬


‫وكان من المصريين وما زال لهم دعاة مبثوثون‬ ‫في قارات الدنيا الست‪ ,‬ال تخطئهم العين‪ ,‬وال‬ ‫‪.‬يغيبون عن المواقع المهمة‬ ‫وال ُينسى فضل مصر في معركة العاشر من‬ ‫رمضان سنة ‪ 6/1393‬أكتوبر ‪ 1973‬وإيقاف زحف‬ ‫إخوان القردة‪ ،‬وقد تحدثت عنها في مكان آخر‪،‬‬ ‫وهي أج ّ‬ ‫ل معركة في العصر الحديث وقائع‬ ‫‪.‬ونتائج‪ ،‬وهللا أعلم‬ ‫وعقب تلك المعركة ظهرت الصحوة اإلسالمية‬ ‫الجليلة الرائعة‪ ،‬التي أتى بها هللا بنيان الكافرين‬ ‫والعلمانيين والمنافقين من قواعده‪ ،‬وهدم ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ل‬ ‫النور الذي بزغ شيئاً فشيئاً‪،‬‬ ‫مخططاتهم بهذا‬ ‫ِ‬ ‫واتسع نطاقه بعد ذلك ليعم بالد مصر‪ ،‬بل‬ ‫معظم بالد العالم‪ ،‬وللصحوة حديث جليل‬ ‫جل‪،‬‬ ‫وتفصيل رائع ال يصلح له هذا السياق ال َع ِ‬ ‫لكني ذكرت ذلك ألبين ريادة مصر اإلسالمية‬ ‫‪.‬في هذا األمر‪ ،‬وفضلها على سائر األقطار‬ ‫ولمصر قرّاء للقران هم أساتذة الدنيا في اإلقراء‬ ‫وجودة التالوة وحسنها وعلى رأسهم الثالثة‬ ‫الذين ليس لبلد في األرض مثلهم‪ :‬الشيخ‬ ‫محمود خليل الحصري‪ ،‬وعبدالباسط عبدالصمد‪،‬‬ ‫ومحمد صديق المنشاوي‪ ،‬وقد يضاف إليهم‬ ‫األستاذ محمد رفعت‪ ،‬وإن لم يبلغ ‪-‬عندي‪-‬‬ ‫َ‬ ‫إتقان أولئك الثالثة‪ ،‬لكن لصوته جالل وجمال َق ّ‬ ‫ل‬ ‫‪.‬مثيله‬


‫وفي مص َر اليوم ثلة من علماء الشريعة لهم أيا ٍد‬ ‫بيضاء على شعب مصر والشعوب العربية‬ ‫‪.‬واإلسالمية‬ ‫وفي مصر عدد ضخم من علماء الكيمياء‬ ‫والفيزياء والرياضيات والطب وسائر جوانب العلوم‬ ‫الطبيعية والتطبيقية والتقنية‪ ،‬وقد أغنى كثير‬ ‫منهم الحضارة الغربية وجددوا لها نسيجها‬ ‫القديم‪ ،‬وكان لهم أثر ال ينكر في المشاركة في‬ ‫المسيرة الحضارية لعدد من الدول الغربية‬ ‫واإلسالمية والعربية‪ ,‬وقد اغتال إخوان القردة‬ ‫مجموعة من أبرز هؤالء‪ ,‬وقد أوردت موسوعة‬ ‫"ويكيبيديا" سيرة موجزة لهؤالء وفي وكيفية‬ ‫‪:‬مقتلهم فقالت‬ ‫علماء مصر الذين اغتالهم الموساد اإلسرائيلي "‬ ‫‪:‬خارج مصر‬ ‫يحيى المشد وهو عالم ذرة مصري وأستاذ‬ ‫جامعي‪ ,‬درّسَ في العراق في الجامعة‬ ‫التكنولوجية قسم الهندسة الكهربائية فشهد‬ ‫له طالبه وكل من عرفه باألخالق والذكاء‬ ‫والعلمية‪ ,‬اغتاله الموساد في يوم الجمعة ‪13‬‬ ‫يونيه عام ‪- 1980‬أي سنة ‪1400‬هـ‪ , -‬وفى‬ ‫حجرته رقم ‪ 941‬بفندق الميريديان بباريس ُعثر‬ ‫على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة‬ ‫‪.‬مهشمة الرأس ودماؤه تغطي سجادة الحجرة‬ ‫علي مصطفى مشرفة باشا (‪ 11‬يوليو ‪-1898‬‬ ‫‪ 15‬يناير ‪ 1950‬م) عالم رياضيات مصري ‪،‬ولد‬


‫في دمياط‪ ،‬تخرج في مدرسة المعلمين العليا‬ ‫‪ ،1917‬وحصل على دكتوراه فلسفة العلوم‬ ‫من جامعة لندن ‪ ،1923‬ثم كان أول مصري ‪PHD‬‬ ‫من ‪ DSC‬يحصل على درجة دكتوراه العلوم‬ ‫إنجلترا من جامعة لندن ‪ُ ،1924‬عين أستاذاً‬ ‫للرياضيات في مدرسة المعلمين العليا ثم‬ ‫‪.‬للرياضة التطبيقية في كلية العلوم ‪1926‬‬ ‫ُمنح لقب أستاذ من جامعة القاهرة وهو دون‬ ‫‪.‬الثالثين من عمره‬ ‫كان يتابع أبحاثه العالم أينشتاين صاحب نظرية‬ ‫النسبية‪ ،‬ووصفه بأنه واحد من أعظم علماء‬ ‫‪.‬الفيزياء‬ ‫انتخب في عام ‪ 1936‬عميداً لكلية العلوم‪،‬‬ ‫‪.‬فأصبح بذلك أول عميد مصري لها‬ ‫‪.‬حصل على لقب الباشوية من الملك فاروق‬ ‫تتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء‬ ‫‪.‬مصر‪ ،‬ومن بينهم سميرة موسى‬ ‫توفي في ‪ 15‬يناير ‪1950‬م‪ ،‬اثر أزمة قلبية‪،‬‬ ‫ويشاع أنه توفي مسموماً وقيل إن أحد مندوبي‬ ‫الملك فاروق كان خلف وفاته‪ ،‬كما قيل أيضا إنها‬ ‫‪.‬أحد عمليات جهاز الموساد اإلسرائيلي‬ ‫سميرة موسى (‪ 3‬مارس ‪ 15 -1917‬أغسطس‬ ‫‪1952‬م) ولدت في قرية سنبو الكبرى‪ ,‬مركز‬ ‫‪.‬زفتى بمحافظة الغربية‬


‫وهي أول عالمة ذرة مصرية ولقبت باسم ميس‬ ‫كوري الشرق‪ ،‬وهي أول معيدة في كلية العلوم‬ ‫‪.‬بجامعة فؤاد األول‪ ،‬جامعة القاهرة حالياً‬ ‫استجابت الدكتورة سميرة إلى دعوة للسفر‬ ‫إلى أمريكا في عام ‪ ،1952‬أتيحت لها فرصة‬ ‫إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس‬ ‫بوالية ميسوري األمريكية‪ ،‬تلقت عروضاً لكي‬ ‫تبقى في أمريكا لكنها رفضت وقبل عودتها بأيام‬ ‫استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في‬ ‫ضواحي كاليفورنيا في ‪ 15‬أغسطس‪ ،‬وفي‬ ‫طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة‬ ‫نقل فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها‬ ‫في واد عميق‪ ،‬قفز سائق السيارة ‪-‬زميلها‬ ‫الهندى في الجامعة الذي يقوم بالتحضير‬ ‫‪".‬للدكتوراه‪ -‬والذي اختفى إلى األبد‬ ‫هذا بعض ما يمكن إيراده في هذه العجالة من‬ ‫معالم مص َر فى العصر الحديث‪ ,‬وهو ُق ٌّ‬ ‫ل من ُك ْثر‪,‬‬ ‫‪.‬وغيض من فيض‪ ,‬وقطرة من بحر‬ ‫وإني ألرجو بهذه الحلقات العشر أن أكون قد‬ ‫وفيت ألهل مصر جزءاً من حقهم‪ ،‬وبينت شيئاً‬ ‫من فضلهم‪ ،‬وأتيت على قطرة من بحرهم‪،‬‬ ‫وأظهرت بعض مفاخرهم‪ ،‬ووضحت قليال ً من‬ ‫‪.‬مآثرهم‪ ،‬وإلى هللا ‪-‬تعالى‪ -‬أشكو التقصير‬ ‫وفي الحلقة األخيرة القادمة‪ ،‬سأورد ‪-‬إن شاء‬ ‫هللا تعالى‪ -‬ماذا يريد المسلمون من المصريين‪،‬‬ ‫وماذا يطلبون منهم‪ ،‬فإن للمجد الذي أوردت‬


‫بعضه ضريبة‪ ،‬وللشرف الباذخ ثمناً‪ ،‬وللعزة‬ ‫‪.‬ال َق ْعساء عمالً جليالً‪ ،‬وهللا المستعان‬ ‫)المصدر ‪ :‬موقع التاريخ (عند النقل ذكر المصدر‬ ‫قلم الدكتور محمد موسى الشريف‬ ‫إنه ليصعب على المرء أن يكتب في‬ ‫فضائل مصر ومزايا أهلها‪ ،‬ذاك أن هذا‬ ‫الموضوع بحر خضم ال ُيدرك قعره‪ ،‬وأمر‬ ‫مهول ال يمكن وال يستطاع‪ ،‬فكم لمصر‬ ‫وأهلها من فضائل ومزايا تند عن الحصر‪،‬‬ ‫وتخرج عن قدرة العادين‪ ،‬وكم لها من‬ ‫تاريخ في اإلسالم عظيم‪ ،‬منذ أن وطئتها‬ ‫أقدام األنبياء الطاهرين‪ ،‬والمرسلين‬ ‫المكرمين‪ ،‬لكن يصح لمثلي أن يغترف من‬ ‫ً‬ ‫داللة‬ ‫نَ ْزر‪،‬‬ ‫بشيء‬ ‫ليأتي‬ ‫البحر‪،‬‬ ‫للمستدلين‪ ،‬وعوناً للباحثين‪ ،‬وقياماً بحق‬ ‫أهل مصر فهم أنساب لي وأصهار‪،‬‬ ‫فوالدتي ‪-‬حفظها هللا تعالى‪ -‬مصرية‪،‬‬ ‫ووالدي قد أصهر إليهم مراراً‪ ،‬وأم جدي‬ ‫عقيل مصرية‪ ،‬وأم زوجي مصرية‪،‬‬ ‫فالعالئق بمصر تحيط بي من كل جانب‪،‬‬ ‫صالتي بأهلها قديمة‪ ،‬لذا فإني أكتب‬ ‫و ِ‬ ‫عنها بعواطفي ومشاعري وأبثها حبي‬ ‫‪.‬وأشواقي‬ ‫‪ :‬ـ مصر في القرآن‬ ‫قد ذكر هللا تعالى مصر في أربعة مواضع‬ ‫في كتابه الكريم‪ ،‬وفي ذلك تشريف لها‬


‫ج ّ‬ ‫وتكريم‪ ،‬فقال َ‬ ‫ل من قائل‪( :‬وقال الذي‬ ‫)اشتراه من مصر المرأته‬ ‫ُ‬ ‫مص َر إِن شا َء ه ُ‬ ‫اَّلل‬ ‫وقال سبحانه‪:‬‬ ‫(ادخلوا ِ‬ ‫م َ‬ ‫نين‬ ‫)ءا ِ‬ ‫وقال أصدق القائلين‪( :‬وأوحينا إلى‬ ‫موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر‬ ‫)بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة‬ ‫وقال عز وج ّ‬ ‫ل قاصاً قول فرعون‪ ( :‬أليس‬ ‫لي ملك مصر وهذه األنهار تجري من‬ ‫)تحتي‬ ‫ـ وذكرها سبحانه إشارة في مواضع‬ ‫عديدة تبلغ قرابة الثالثين‪ ،‬وذلك نحو قوله‬ ‫تعالى‪( :‬وقال نسوة في المدينة) ‪ ،‬وقوله‬ ‫تعالى‪( :‬ودخل المدينة على حين غفله‬ ‫)من أهلها‬ ‫وكقوله تعالى قاصاً قول آل فرعون‪:‬‬ ‫(وقـال الـمـال من قوم فرعون اءتذر‬ ‫موسى وقومه ليفسدوا فى اال رض‬ ‫)ويذرك وءالهتك‬ ‫وكقوله تعالى قاصاً قول ناصح موسى‬ ‫عليه الصالة والسالم‪( :‬وجاء رجل من‬ ‫أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن‬ ‫المأل يأتمرون بك) إلى آخر تلك المواضع‬ ‫‪.‬الكثيرة‬ ‫وقد وصف سبحانه وتعالى أرض مصر‬ ‫أحسن وصف فقال جل من قائل‪( :‬كم‬


‫تركوا من جنات وعيون {‪ }25‬وزروع ومقام‬ ‫كريم {‪ }26‬ونعمة كانوا فيها فكهين {‪}25‬‬ ‫}كذلك وأورثنها قوماً ءاخرين {‪28‬‬ ‫ـ وقد ُوصفت مصر في القرآن بأنها خزائن‬ ‫األرض فقال سبحانه قاصاً قو َ‬ ‫ل يوسف‬ ‫عليه الصالة والسالم‪( :‬قال اجعلني على‬ ‫خزائن األرض) وما ذلك إال لكثرة خيراتها‪،‬‬ ‫‪.‬وعظم غالتها‪ ،‬وجودة أرضها‬ ‫ـ ولم يذكر نهر من األنهار في القرآن‬ ‫سوى النيل‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪:‬‬ ‫(وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا‬ ‫خفت عليه فألقيه في اليم) والمفسرون‬ ‫‪.‬على أن المقصود باليم هنا هو نيل مصر‬ ‫وقال الكندي‪ :‬ال ُيعلم بلد في أقطار‬ ‫األرض أثنى هللا تعالى عليه في القرآن‬ ‫بمثل هذا الثناء‪ ،‬وال وصفه بمثل هذا‬ ‫‪.‬الوصف‪ ،‬وال شهد له بالكرم غير مصر‬ ‫ـ مصر في سنة رسول هللا صلى هللا‬ ‫‪:‬عليه وسلم‬ ‫قد وصى رسولنا األعظم رسول هللا صلى‬ ‫هللا عليه وسلم بأهل مصر خيراً فقال‬ ‫بأبي هو وأمي‪" :‬إذا افتتحتم مصر‬ ‫فاستوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة‬ ‫ورحماً"‪ ،‬والرحم ألن أم إسماعيل وهاجر‬ ‫من القبط‪ ،‬وفي لفظ‪" :‬فإن لهم ذمة‬ ‫وصهراً"‪ ،‬والصهر ألن مارية أم إبراهيم ‪-‬‬


‫ُ‬ ‫الحرمة‬ ‫رضي هللا عنه‪-‬منهم‪ ،‬والذمة‪ :‬هي‬ ‫‪.‬واألمان‬ ‫ولذلك قال عبدهللا بن عمرو بن العاص‬ ‫رضي هللا عنهما‪ :‬قبط مصر أخوال قريش‬ ‫‪.‬مرتين‬ ‫وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬ ‫‪"".‬أحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً‬ ‫وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هللا في قبط مصر فإنكم ستظهرون‬ ‫"هللا‬ ‫عليهم ويكونون لكم عدة وأعواناً في‬ ‫سبيل هللا"‪.‬وكل هذه أحاديث صحيحة ان‬ ‫‪.‬شاء هللا تعالى‬ ‫‪:‬ـ فضائل أرض مصر‬ ‫حدود مصر من النوبة جنوباً إلى رفح‬ ‫العريش‪ ،‬ومن برقة ‪-‬ليبيا‪ -‬شرقاً إلى أيلة‬ ‫غرباً ‪-‬أي أيالت التي هي اليوم على خليج‬ ‫‪.‬العقبة بيد إخوان القردة‬ ‫وإن ألرض مصر فضائل كثيرة‪ ،‬فمنها أن‬ ‫فيها الوادي المقدس طوى والجبل الذي‬ ‫كلم هللا تعالى عليه موسى‪ ،‬عليه الصالة‬ ‫‪.‬والسالم‬ ‫ـ وفيها الجبل الذي تجلى هللا ‪-‬تعالى‪ -‬له‬ ‫‪.‬فانهد وصار دكاً‬ ‫ـ وهي المبوأ الصدق الذي أخبر هللا‬ ‫تعالى عنه بقوله‪( :‬ولقد بوأنا بني‬ ‫إسرائيل مبوأ صدق) ‪ ،‬قال القرطبي في‬


‫تفسير المبوأ الصدق‪ :‬أي منـزل صدق‬ ‫محمود مختار‪ ،‬يعني مصر‪ ،‬وقال الضحاك‪:‬‬ ‫‪.‬هي مصر والشام‬ ‫ـ وفي أرضها يجري نهر النيل المبارك‬ ‫الذي ينبع أصله من الجنة كما أخبر النبي‬ ‫صلى هللا عليه وسلم في الحديث‬ ‫الصحيح الذي أخرجه اإلمام مسلم وأحمد‪:‬‬ ‫"النيل وسيحان وجيجان والفرات من أنهار‬ ‫‪".‬الجنة‬ ‫ـ وفي مصر الربوة التي أوى إليها عيسى‬ ‫بن مريم وأمه على أحد أربعة أقوال‬ ‫للسلف‪ ،‬فقد قال ابن وهب وابن زيد وابن‬ ‫السائب أن مكان الربوة المذكورة في‬ ‫قوله تعالى‪( :‬وءاوينـهما إلى ربوة ذات‬ ‫‪.‬قرار و معين) أنها في مصر‬ ‫وعلى أرضها ضرب موسى البحر بعصاه‬ ‫فظهرت المعجزة العظيمة والحادثة‬ ‫‪.‬الفريدة في تاريخ البشرية‬ ‫ـ وقال تعالى قاصاً كالم آل فرعون‪:‬‬ ‫(وابعث في المدائن حشرين ) وهذا يدل‬ ‫‪.‬على كثرة المدن في مصر آنذاك‬ ‫ـ وقال عمرو بن العاص رسول هللا صلى‬ ‫هللا عليه وسلم‪" :‬والية مصر جامعة تعدل‬ ‫الخالفة"‪ ،‬فجعل كل بالد اإلسالم في كفة‬ ‫‪.‬ومصر في كفة أخرى‬


‫وقال سعيد بن هالل‪ :‬إن مصر مصورة في‬ ‫كتب األوائل وقد مدت إليها سائر المدن‬ ‫يدها تستطعمها‪ ،‬وذلك ألن خيراتها كانت‬ ‫تفيض على تلك البالد‪ ،‬وقد ذكر سعيد أن‬ ‫‪.‬مصر أم البالد وغوث العباد‬ ‫وقال الجاحظ‪ :‬إن أهلها يستغنون عن كل‬ ‫بلد حتى لو ُ‬ ‫ضرب بينها وبين بالد الدنيا‬ ‫لغني أهلها بما فيها عن سائر بالد‬ ‫سور‬ ‫َ‬ ‫‪.‬الدنيا‬ ‫ولقد كانت أرض مصر على خالف ما هي‬ ‫عليه اليوم‪ ،‬فهذا المأمون لما جاء مصر‬ ‫وجلس تحت قبة الهواء وأقبل عليه عظماء‬ ‫المصريين فقال قبح هللا فرعون إذ قال‪( :‬‬ ‫‪.‬أليس لي ملك مصر) فلو رأى العراق‬ ‫فقال له سعيد بن ُ‬ ‫عفير القاضي المصري‬ ‫الكبير‪ :‬ال تقل هذا يا أمير المؤمنين إن ما‬ ‫ترى هو بقية ما ُدمر فقد قال تعالى‪:‬‬ ‫(ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه) فلم‬ ‫يجد المأمون كالماً يقوله بعد هذه اإلجابة‬ ‫‪.‬الذكية‬ ‫وفي رواية أنه قال له‪ :‬فما ظنك بشيء‬ ‫دمره هللا هذه بقيته‪ ،‬فقال‪ :‬ما قصرت يا‬ ‫‪.‬سعيد‬ ‫قال سعيد‪ :‬ثم قلت‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ :‬لقد‬ ‫بلغنا أنه لم تكن أرض أعظم من مصر‪،‬‬ ‫وجميع األرض يحتاجون إليها‪ ،‬وكانت‬


‫األنهار بقناطر وجسور بتقدير‪ ،‬حتى إن‬ ‫الماء يجري تحت منازلهم وأفنيتهم‬ ‫يحبسونه متى شاؤوا‪ ،‬ويرسلونه متى‬ ‫شاؤوا‪ ،‬وكانت البساتين بحافتي النيل من‬ ‫أوله إلى آخره ما بين أسوان إلى رشيد ال‬ ‫تنقطع‪ ،‬ولقد كانت المرأة تخرج حاسرة وال‬ ‫تحتاج إلى خمار لكثرة الشجر‪ ،‬ولقد كانت‬ ‫مكتل على رأسها فيمتلئ‬ ‫المرأة تضع ال ِ‬ ‫مما يسقط به من الشجر‪ ،‬إلى أن قال‪:‬‬ ‫وكانت جباية مصر تسعين ألف ألف دينار ‪-‬‬ ‫أي تسعين مليون دينار‪ ،‬وهو مبلغ هائل‬ ‫‪-.‬جداً بمقاييس تلك األيام‬ ‫ويدلنا على أن أرض مصر لم تكن كما هي‬ ‫اليوم أن المؤرخين أكثروا من ذكر مصر‬ ‫وفضائلها وجودة أرضها‪ ،‬ولوال أن أولئك‬ ‫المؤرخين ذكروا أموراً ال تعرف ‪-‬اليوم ‪-‬‬ ‫أكثرها‪ ،‬وبعضها غير صحيح‪ ،‬أو كان صحيحاً‬ ‫بمعارف زمانهم ثم ثبت غيره‪ ،‬لوال ذلك‬ ‫ألوردت كالمهم فإنه عجيب‪ ،‬ويرجع من‬ ‫أراد معرفة ذلك إلى كتاب "حسن‬ ‫المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة"‬ ‫للحافظ جالل الدين السيوطي فيما نقله‬ ‫عن الكندي‪ ،‬وابن فضل هللا‪ ،‬والتيفاشي‬ ‫‪.‬وابن زوالق وجماعة كثيرين غير هؤالء‬ ‫وقد ُ‬ ‫مسحت أرض مصر أيام والية هشام‬ ‫بن عبدالملك فوجدوا أن ما يصله الماء‬


‫منها مائة مليون فدان‪ ،‬ومسح أحمد بن‬ ‫المدبر أرض مصر زمن واليته فوجد أن ما‬ ‫يصلح منها للزرع ‪ 24‬مليون فدان سوى ما‬ ‫تلف أو غلبت عليه الصحراء‪ ،‬وما أحسن ما‬ ‫أورده ابن ظهيرة ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬في‬ ‫‪:‬أرض مصر فقد قال‬ ‫غيطان مصر ‪-‬أي بساتينها‪ -‬وهي عظيمة "‬ ‫كثيرة‪ ،‬ومناظرها عالية‪ ،‬ومياهها جارية‬ ‫غزيرة‪ ،‬فيها كثير من األشجار النضرة‪،‬‬ ‫واألزهار العطرة والرياحين‪ ،‬والفواكه‬ ‫الكثيرة من غالب الثمار‪ ،‬وهي كثيرة جداً‪،‬‬ ‫ال قيمة لها بمصر‪ ،‬ولقد أخبرني المولى‬ ‫سيدي عبدالعزيز بن يعقوب بن المتوكل‬ ‫على هللا أمير المؤمنين العباسي أنه أكل‬ ‫بقرى البحيرة فاكهة أطيب من فاكهة‬ ‫الشام‪ ،‬منها عنب زنة كل عنقود خمسة‬ ‫أرطال‪ ،‬أحلى من العسل المذاب‪ ،‬وأنعم‬ ‫ه‬ ‫السلَى‪ 1‬ال يحتمل مس األيدي‪ ،‬وأكل‬ ‫من‬ ‫بطيخاً‪ ،‬يشبه الصيفي في شكله‪ :‬غير أن‬ ‫داخله مرمل‪ ،‬أحلى من الشهد‪ ،‬وأكل‬ ‫بمريوط تيناً أسود صغيراً أحلى من‬ ‫‪".‬العسل‪ ،‬وأشياء غير ذلك‬ ‫وقد قال ابن ظهيرة يمدح القاهرة وعظم‬ ‫مساحتها‪ ،‬وذلك في القرن التاسع‬ ‫‪ :‬الهجري فقال‬


‫عظم مدينة القاهرة اآلن وكثرة خلقها "‬ ‫وأبنيتها من أسواق وشوارع وربوع‬ ‫وغيرها‪ ،‬وبيوت وجوامع ومدارس‪ ،‬فمن‬ ‫المعلوم المقطوع به بالحس‪ ،‬فال حاجة‬ ‫إلى المفاضلة فيه‪ ،‬ألنه من خواص هذا‬ ‫البلد السعيد‪ ،‬ولقد تواترت األخبار وأجمع‬ ‫المسافرون والسائحون في بالد هللا‬ ‫تعالى الشاسعة‪ ،‬وأرضه الواسعة أنه‬ ‫ليس في الدنيا تحت السماء من مشرقها‬ ‫إلى مغربها مدينة أعمر بكثرة الخلق منها‪،‬‬ ‫ال يكاد ينقطع الزحام بشوارعها العظيمة‪،‬‬ ‫وهي ضيقة لكثرة الناس والدواب حتى‬ ‫إلى الليل‪ ،‬وبعد العشاء بكثير‪ ،‬وال تشق‬ ‫فيهم إال بالكتف‪ ،‬ومن لم يكن متيقظاً‬ ‫يداس بسرعة‪ ،‬وهي وإن كان ثم مدن‬ ‫بالمشرق والمغرب أكثر منها مساحة‬ ‫ولكنها قليلة الناس‪ ،‬عديمة اإليناس‪ ،‬وأنا‬ ‫أقول‪ :‬إن هذه ليست بمدينة واحدة‪ ،‬بل‬ ‫مدن مجتمعة‪ ،‬إذ في كل شارع وخط‬ ‫ومحلة منها بيوت ودروب وأسواق وجوامع‬ ‫ومدارس تصلح أن تفرد بمدينة واحدة‪ ،‬بل‬ ‫‪".‬في كل ربع من ربوعها ما يعمر بهم قرية‬ ‫ـ وفي مصر رباط اإلسكندرية الذي ال‬ ‫يدري إال هللا تعالى كم سكنه ورابط فيه‬ ‫من العلماء والعباد والزهاد واألبطال‬ ‫والشجعان واألولياء والصالحين العاملين‪،‬‬


‫وهذا اإلمام الكبير أبو الزناد األعرج‬ ‫عبدالرحمن بن هرمز القرشي صاحب‬ ‫أبي هريرة والمالزم له‪ ،‬المتوفى سنة‬ ‫‪ 117‬يقول‪" :‬خير سواحلكم رباطاً‬ ‫‪".‬اإلسكندرية‬ ‫وقال سفيان بن عيينة الهاللي المحدث‬ ‫المشهور (ت ‪ )198‬إلمام المصريين أحمد‬ ‫بن صالح‪ :‬يا مصري‪ :‬أين تسكن ؟! قال‪:‬‬ ‫‪.‬الفسطاط‬ ‫قال‪ :‬أتأتي اإلسكندرية؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬ ‫‪.‬تلك كنانة هللا يجعل فيها خير سهامه‬ ‫ـ وفي مصر جامع عمرو بن العاص رسول‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهو أول جامع‬ ‫بني في قارة افريقيا‪ ،‬وقد ضبط قبلته‬ ‫جماعة كثيرة من الصحابة رضي هللا عنهم‬ ‫ُ‬ ‫‪.‬قدروا بثمانين رجال ً‬ ‫وفي مصر جامع األزهر الذي له الفضل‬ ‫المشهور‪ ،‬ولشيوخه مواقف كثيرة جداً‬ ‫في نصرة اإلسالم وأهله‪ ،‬وهو اليوم بعد‬ ‫الثورة ُيرجى له أن يعود منارة شامخة كما‬ ‫كان‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪ ،‬وقد قال ابن‬ ‫ظهيرة ‪-‬رحمه هللا تعالى¬‪ -‬في الجامع‬ ‫‪:‬األزهر‬ ‫فليس في الدنيا اآلن‪ ،‬فيما أعلم‪ ،‬له "‬ ‫نظير وال ينقطع ذكر هللا تعالى عنه طرفة‬ ‫عين في ليل وال نهار‪ ،‬وفيه أروقة ألصناف‬


‫من الخلق منقطعين لعبادة هللا ‪-‬تعالى‪-‬‬ ‫واالشتغال بالعلوم وتالوة القرآن‪ ،‬ال‬ ‫‪".‬يفترون ساعة‬ ‫ـ وأما عجائب أرض مصر فكثيرة جداً فمنها‬ ‫األهرام‪ ،‬ومنها صنم األهرام وتسميه‬ ‫العامة أباالهول‪ ،‬وفيها عجائب األقصر‬ ‫و َ‬ ‫م ْنف‪ ،‬وعين شمس‪،‬والنيل‪ ،‬واإلسكندرية‬ ‫ومنارتها وعمودها‪ ،‬وفي كل ذلك تفصيل‬ ‫طويل‪ ،‬وقا ٌ‬ ‫ل وقيل‪ ،‬وآثار مروية‪ ،‬وأخبار‬ ‫متناقلة‪ ،‬وأسرار غامضة‪ ،‬وبعض تلك‬ ‫‪.‬العجائب باق وأكثرها قد فني‬ ‫وقد فتح المأمون هرماً من األهرام زمن‬ ‫قدومه مصر قبل موته بسنة أو نحوها‬ ‫فوجدوا فيه من عجائب األموال والموميات‬ ‫واألصنام أمراً مهوالً‪ ،‬وفتحت مقدمة هرم‬ ‫منها زمن أحمد بن طولون أيضاً‪ ،‬ووجدوا‬ ‫فيها عجائب ويئسوا من فتح كل الهرم‪ ،‬وال‬ ‫ُيعرف على التحقيق من بنى تلك األهرام‬ ‫‪.‬وكيف بناها‬ ‫وقد عرف اليوم من أسرار األهرام شيء‬ ‫‪.‬كثير‬ ‫وقد استقلت مصر بالخالفة اإلسالمية‬ ‫‪ 265‬سنة تقريباً‪ ،‬منذ انقطاع الخالفة من‬ ‫بغداد عقب الغزو التتاري الهمجي سنة‬ ‫‪ 656‬إلى سقوط مصر بيد السلطان سليم‬ ‫‪.‬العثماني سنة ‪924‬هـ‬


‫الهوامش‬ ‫‪.‬غشاء رقيق يحيط بالجنين )]‪([1‬‬ ‫المصدر ‪(:‬موقع التاريخ) عند النقل ذكر‬ ‫المصدر‬ ‫\‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.