267
ABCDEFG
c ba
X¹uJ « ‡ »«œü«Ë ÊuMH «Ë W UI¦K wMÞu « fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WO UIŁ V² WK KÝ
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ دراﺳﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ
ﺗﺄﻟﻴﻒ
د .ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪ اﳊﻤﻴﺪ
ac b
X¹uJ « ‡ »«œü«Ë ÊuMH «Ë W UI¦K wMÞu « fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WO UIŁ V² WK KÝ ﺻﺪرت اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩٧٨ﺑﺈﺷﺮاف أﺣﻤﺪ ﻣﺸﺎري اﻟﻌﺪواﻧﻲ ١٩٢٣ـ ١٩٩٠
267
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ دراﺳﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﺗﺄﻟﻴﻒ
د .ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪ اﳊﻤﻴﺪ
”—U 2001
ABCDEFG
ا'ﻮاد ا'ﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ رأي ﻛﺎﺗﺒﻬﺎ وﻻ ﺗﻌﺒﺮ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻋﻦ رأي اﺠﻤﻟﻠﺲ
M M M M
ﺗﻘﺪ&:
٧
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول: اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
١٣
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
٧٥
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ: اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
١٣١
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ: ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ
١٦١
اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺎﻣﺲ: اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
١٨١
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس: اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا'ﻌﺮﻓﻴﺔ
١٩٩
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ: ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل
٢٢٧
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ: اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
٢٥٧
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ: اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا'ﻮﺳﻴﻘﻰ
٢٩٩
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﺷﺮ: اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
٣٢٧
M M M M
اﻟﻔﺼﻞ اﳊﺎدي ﻋﺸﺮ: ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
٣٥١
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ: اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
٣٩١
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ: اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ -رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
٤١٧
ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺼﻮر
٤٤٣
اﻟﻬﻮاﻣﺶ
٤٥٥
اCﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﺳﻄﻮر
٤٨١
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﻓﻲ اﻟﺴﻄﻮر اﻷﺧﻴﺮة ﻣـﻦ ﻣـﺤـﺎورة »ﻓـﺎﻳـﺪروس« ﻷﻓﻼﻃﻮن ،وﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﺷـﺎﻃـﺊ اﻟـﻨـﻬـﺮ، ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﲢﻔﻪ اﻷﺷﺠﺎر ،وﻳﻌﻤﻪ اﻟﻬﺪوء ،وﺑﻌﺪ اﻟﻈﻬﺮ، ﻳﺨﺘﺘﻢ ﺳﻘﺮاط ﺣﻮارا ﻃﻮﻳﻼ ،ﺣﻮل ﻃﺒـﻴـﻌـﺔ اﳊـﺐ، واﳉﻤﺎل ،واﻟﺬات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﺣﻮل اﳉﻤﺎل اﻟﺪاﺧﻠﻲ واﳉﻤﺎل اﳋﺎرﺟﻲ ،وﺣﻮل اﳉﻤﺎل اCﺎدي واﳉﻤﺎل اCﻌﻨﻮي ،ﺣﻮل ذﻟﻚ اﻟـﻬـﻮس ﺑـﺎﳉـﻤـﺎل اﻟـﺬي ﻳـﺠـﻌـﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻳﺼﺎب aﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﳊﻤﻰ ،ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﺸـﺎﻫـﺪ ذﻟــﻚ اﳉ ـﻤــﺎل اﻷرﺿــﻲ اﻟــﺬي ﻳــﺬﻛــﺮه ﺑــﺎﳉـ ـﻤ ــﺎل اﳊﻘﻴﻘﻲ ،ﻓﺘﻨـﺒﺖ ﻟــﻪ أﺟﻨﺤــﺔ ﺗﺘﻌﺠــﻞ اﻟﻄﻴــﺮان ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ،ﻓﻴﺸﺮﺋﺐ ﺑﺒﺼﺮه إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﺑـﺎﺣـﺜـﺎ ﻋـﻦ اﳉﻤﺎل ،وﻳﻬﻤﻞ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﻦ ﻣﻮﺟﻮدات. وﻳﺸﻜﺮ ﺳﻘﺮاط اﻵﻟﻬﺔ )أو اﻟﺴﻤﺎء( اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻪ ﺟﻤﺎل روﺣﻪ اﻟﺪاﺧـﻠـﻴـﺔ ،وﻳـﻘـﻮل ﻣـﺎ ﻣـﻌـﻨـــــﺎه :رaـــــﺎ ﻛـــــﺎن اﻹﻧــــﺴﺎن اﳋﺎرﺟﻲ واﻹﻧـﺴـﺎن اﻟـﺪاﺧـﻠـﻲ ـــ ﻟـﺪﻳـﻪ ـــ ﺷﺨﺼﺎ واﺣﺪا. ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﺘﺴﺎؤﻻت وﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ أﻓﻼﻃﻮن ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺳﻘﺮاط ﻓﻲ ﻫﺬه اﶈﺎورة ،رaﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘـﻲ أﺛـﺎرت اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،واCﻔﻜﺮﻳـﻦ ،واﻷدﺑـﺎء ،واﻟـﻔـﻨـﺎﻧـt وﻋﻠﻤﺎء اﻟـﻨﻔﺲ ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨ ،tوﻣـﺎزاﻟـــﺖ ﺗـﺜـﻴـﺮ اﻫﺘﻤـﺎﻣﻬﻢ ﺣﺘـــﻰ اﻵن .ﻓـﻘـﺪ ﻛـﺎن »اﳉـﻤـﺎل« ﺣـﺠـﺮ اﻟﺰاوﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎت اﻟـﻔـﻠـﺴـﻔـﻴـﺔ ﻣـﻨـﺬ ﻋﺼﻮر اﻹﻏﺮﻳﻖ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜـﻴـﺔ ،وﺣـﺘـﻰ أﻳـﺎﻣـﻨـﺎ ﻫـﺬه.
7
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ أﺻﺤـﺎب اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎت اﻟـﻜـﺒـﻴـﺮة ،ﻫـﻢ أﻳـﻀـﺎ أﺻـﺤـﺎب إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺑﺎرزة ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﳉﻤﺎل واﻟﻔﻦ ،وﻟﻨﺘﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻘـﻂ :أﻓـﻼﻃـﻮن، وأرﺳﻄﻮ ،وﻛﺎﻧﻂ ،وﻫﻴﺠﻞ ،وﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ،وﻣﺎرﻛﺲ ،وﻫﺎﻳﺪﺟﺮ ،وﺳﺎرﺗﺮ ـــ ﻋـﻠـﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ. واﻷﻣﺮ ﺻﺤﻴﺢ ،أﻳﻀﺎ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺻﺤﺎب اﻹﺳﻬﺎﻣﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎء ﻣﺜﻞ :ﻓﺨﻨﺮ ،وﻓﻮﻧﺖ ،وﻓﺮوﻳﺪ ،وﻳﻮﱋ، وأﻳﺰﻧﻚ ،وأرﻧﻬﺎ&...إﻟﺦ ﻧﻈﺮ اﻟﻔﻴﺜﺎﻏﻮرﻳﻮن إﻟﻰ اﳉﻤﺎل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻨﻈﺎم واﻟﺘﻤﺎﺛﻞ واﻻﻧﺴﺠﺎم .وأﺧﻀﻊ د ﻘﺮﻳﻄﺲ اﳉﻤﺎل ﻟﻸﺧﻼق ورﺑﻄﻪ ﺑﺎﻻﻋﺘﺪال، ﺣﻴﺚ ﻻ إﻓﺮاط وﻻ ﺗﻔﺮﻳﻂ .ورﺑﻂ ﺳﻘﺮاط ﺑ tاﳉﻤﺎل ،واﳋﻴﺮ ،واCﻨـﻔـﻌـﺔ، وأدرﻛﻪ أﻓﻼﻃﻮن ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻋﻦ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﺒﺪو ﺟـﻤـﻴـﻼ ،ﻓـﺎﳉـﻤـﺎل ﺻـﻮرة ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺗﻨﺘﻤﻲ أﻛﺜﺮ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اCﺜﻞ ،وﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺸﻲء ﺟﻤﻴﻼ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻫﻮ اﻟﺸﻜﻞ وﻟﻴﺲ اCﻀﻤﻮن ،و ﻨﻰ أﻓﻼﻃﻮن ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺤﺎورة »ﻓﺎﻳﺪروس« وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ »اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ« ﺣﺪوث ﺗﺂﻟﻒ وﺗﻜﺎﻣﻞ ﺑ tاﻟﺸﻜﻞ واCﻀﻤـﻮن ،ﺑـ tاﻟـﺪاﺧـﻞ واﳋﺎرج .ورﺑﻂ أرﺳﻄﻮ ﺑ tاﳉﻤﺎل واﻟﻜﻠﻴـﺔ واﻟـﺘـﺂﻟـﻒ ،واﻟـﻨـﻘـﺎء واﻹﺷـﻌـﺎع، واﻟﺘﻮازن ،واﻟﻨﻈﺎم وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻞ . وﻋﺮف اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ اﻷﻛﻮﻳﻨﻲ اﳉﻤﻴﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ »ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻟـﺪى رؤﻳـﺘـﻪ ﱠ ﻳﺴﺮ« .وأﻛﺪ »أوﻏﺴﻄ «tﻗﺒﻠﻪ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻨﺎﺳﻖ اﻷﺟـﺰاء وﺗـﻨـﺎﺳـﺐ اﻷﻟـﻮان ﻓـﻲ اﻷﺷﻴﺎء اﳉﻤﻴﻠﺔ. ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل أو »اﻹﺳﺘﺎﻃﻴﻘﺎ« ﻛﻤﺼﻄﺢ ﻷول ﻣﺮة ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﺑﻮﻣﺠﺎرﺗﻦ ،وأﺻـﺒـﺢ ﻫـﺪف ﻫـﺬا اﻟـﻌـﻠـﻢ ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ وﺻﻒ ،وﻓﻬﻢ ،وﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ واﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .إﻧﻪ ذﻟﻚ اﻟﻔﺮع اﻟﺬي ﻧﺸﺄ أﺻﻼ ﻓﻲ أﺣﻀﺎن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،وﺗﺮﻋﺮع وﺑﻠﻎ أﺷﺪه ﻓﻲ ﻇﻼﻟﻬـﺎ ،ﺛـﻢ ﺟﺎءت ﻓﺮوع ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﺧﺮى ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻛﻲ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﻬﺬه اﻟﻈـﻼل ،وﺗـﺴـﺎﻫـﻢ ﻓـﻲ ﺳﻘﺎﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻮارﻓﺔ اCﺘﺄﻟﻘﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﳉﻤﺎل ،وأن ﺗﻀﻴﻒ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﺮوﻋﺎ ﺟﺪﻳﺪة. ﻟﻢ ﻳﻜــﻦ ــﻮ ﻫــﺬه اﻟﺸﺠﺮة ﻃـﺒـﻴـﻌـﻴـﺎ ،وﻻ ﻳـﺴـﻴـﺮا ﻓـﻲ ﺣـﻘـﺐ ﻋـﺪة ﻋـﺒـﺮ اﻟﺘﺎرﻳــﺦ .ﻓﻜﺜﻴــﺮا ﻣــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﺘﺪاﺧــﻞ ﻋﻮاﻣــﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴـــﺔ ،وﺛﻘﺎﻓﻴـــﺔ ،وﺳﻴﺎﺳﺔ ﺟﺎﻣﺪة ﻛــﻲ ﺗﻌﻴــﻖ ﻫﺬا اﻟﻨﻤــﻮ ،أو ﻨـﻌــﻪ .وﻛﺜﻴــﺮا ﻣــﺎ ﺣﺎوﻟــﺖ ﻫــﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ 8
ﻣﻘﺪﻣﺔ
أﻳﻀﺎ أن ﲡﺘﺚ ﻫﺬه اﻟﺸﺠــﺮة ﻣـــﻦ ﺟﺬورﻫــﺎ ،ﻟﻜــﻦ ﻫــﺬه اﻟﺸﺠـــﺮة ﻛـﺎﻧـــــﺖ ﺗﻌــﺎود اﻟﻨﻤــﻮ ﺑﻌــﺪ ذﻟــﻚ ﺑﺄﺷﻜــﺎل ﻋــﺪة ،رaــﺎ ﺑﻘــﻮة أﻛﺒــﺮ ،وﺑﺎزدﻫــﺎر أﻛﺜــﺮ ﺗﺄﻟﻘــﺎ ،ﺣﺘــﻰ ﻟــﻮ ﻃﺎﻟــﺖ ﻓﺘــﺮة ﻛﻤﻮﻧﻬــﺎ أو ﺧﻔﺎﺋﻬــﺎ ،وذﻟـﻚ ﻷﻧﻬــﺎ أﺣــﺪ أﺑــﺮز اﻟﺘﺠﻠــﻴــﺎت اCﻌﺒـﺮة ﻋــﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﻨــﻮع اﻹﻧﺴﺎﻧـﻲ و ـﻴـﺰه ﻋـﻦ ﻏـﻴـﺮه ﻣـﻦ اﻟﻜﺎﺋﻨــﺎت. وﻛــﺎن ﻋﻠــﻢ اﻟﻨﻔــﺲ ﻣﻨــﺬ ﺑﺪاﻳﺎﺗــﻪ ﻳﺠـــﺪ ﻣـــــﻼذا آﻣـــــﻨـﺎ و ـﺘـﻌـﺎ ﻟـﻪ ﻓـﻲ ﻇــﻼل »ﻋﻠــﻢ اﳉﻤـــﺎل« .واﻟﻌﺪﻳـــﺪ ﻣــﻦ اﻷﻓــﻜﺎر اﻟﺘــﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻬــﺎ اﻟﺒﺎﺣـــﺜـــــﻮن ﻓــﻲ ﻋﻠــﻢ اﻟﻨﻔــﺲ ﻣﻨــﺬ ﻇﻬــﻮره ﺑﺸﻜــﻞ ﻋﻠــﻤﻲ ﻓــــﻲ اﻟـﺜـﻠـــــﺚ اﻷﺧـﻴـــــــﺮ ﻣـﻦ اﻟﻘــﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ وﺣﺘﻰ اﻵن ،ﻟﻪ ﺟﺬوره اﻟﻀﺎرﺑﺔ ﺑﻘﻮة وﺻﻼﺑﺔ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ. وﻳﻌــﺘﺒـــﺮ اﻟﻜــﺘﺎب اﳊﺎﻟـــﻲ ﻣـﺤـﺎوﻟـــــﺔ ﻣـﺘـﻮاﺿـﻌـــــﺔ ﻟـﻺCـــــــﺎم ﺑـﺎﳉـﻬـــــﻮد اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴــﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔــﺔ اﻟﺘــﻲ ﺣﺎوﻟــﺖ وﺻــﻒ اﳉﻤــﺎل أو ﺣﺎوﻟــﺖ ﻓﻬــــﻤـﻪ وﺗﻔﺴﻴــﺮه أو اﻻﻗﺘــﺮاب ﻣﻨﻪ ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﲡﻠﻴﺎﺗﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌﻴﺔ. ﻋﺎدت أﻓﻜﺎر اﻟﻨﺴﺒﺔ ،واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ ،واﻟﺘﻮازن ،واﻻﻋﺘﺪال إﻟـﻰ اﻟـﻈـﻬـﻮر ﻣـﺮة أﺧﺮى ﺧﻼل ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ aﻨﺰﻟﺔ رد اﻟﻔﻌﻞ اﳊﺴﺎس اCﻀﺎد ﲡﺎه ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﺼﺎرم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻞ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻗﻮى اﳋﻴﺎل واﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻮدﻫﺎ. وﻧﻈﺮ ﻛﺎﻧﻂ )ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ( إﻟﻰ اﻟﻨﺸﺎط اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺐ اﳊﺮ ﻟﻠﺨﻴـﺎل اﻟـﻌـﺒـﻘـﺮي ،وأﻛـﺪ ﲡـﺮد اﳊـﻜـﻢ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻣـﻦ اﻟﻬﻮى اﻟﻨﻔﻌﻲ ،وﲢﺮره ــ ﻛﺬﻟﻚ ــ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﻨﻄﻘﻲ .وﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻧﻘﺪ اﳊﻜﻢ« ﻳﻌﺘﺒﺮه اﻟﺒﻌﺾ أﻛﺜﺮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ أﻫﻤﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻐﺮب وأﺷﺪﻫﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻓﻴﻬﺎ. وأرﺟﻊ »ﻫﻴﺠﻞ« اﳉﻤﺎل إﻟﻰ اﲢﺎد »اﻟﻔﻜﺮة« aﻈﻬﺮﻫـﺎ اﳊـﺴـﻲ .وﻧـﻈـﺮ »ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر« إﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﺤﺮر ﻟﻠﻌﻘﻞ» ،ﻓﻬﻮ ﻳﺴﻤﻮ ﺑﻨﺎ إﻟﻰ ﳊﻈﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠـﻰ ﻗﻴﻮد اﻟﺮﻏﺒﺔ ،وﺗﺘﺠﺎوز ﺣﺪود اﻹﺷﺒﺎع«. وﻫﻜﺬا ﺗﻮاﻟﺖ اﻹﺳﻬﺎﻣﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اCﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﻌﺮﺿﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .واﻟﻬﺪف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ اﳉﻬﺪ اCﻘﺪم ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺗﺰوﻳﺪ اﻟﻘﺎر اﻟﻌﺮﺑﻲ ــ رaﺎ ﻷول ﻣﺮة ــ ﺑﺄﻫﻢ اﳉﻬﻮد اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺣـﺎوﻟـﺖ 9
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
دراﺳﺔ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ﺧﺎﺻﺔ. وﻗﺪ اﺳﺘﻌﺮﺿﻨﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ،ذﻟﻚ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،واﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻔﻨﻮن واﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋﺎم ،ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻷﺑﺮز اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﻔـﺴـﻴـﺮ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. ﺛﻢ ﻗﺪﻣﻨﺎ أﻫﻢ اﳉﻬﻮد اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟـﺖ دراﺳـﺔ ﻫـﺬه اﳋـﺒـﺮة، وﻣﻨﻬــﺎ ﻋــﻠــﻰ ﺳﺒــﻴــﻞ اCﺜــﺎل ﻻ اﳊﺼــﺮ :ﻧﻈﺮﻳــﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴــﻞ اﻟﻨﻔﺴــﻲ )ﺧﺎﺻــﺔ ﻟــﺪى ﻓﺮوﻳــﺪ وﻛﺮﻳــﺲ وﻛﻼﻳــﻦ وﻏﻴﺮﻫــﻢ( ،وﻧﻈــﺮﻳــﺔ اﳉﺸﻄﻠــﺖ )ﻟﺪى رودﻟﻒ أرﻧﻬــﺎﻳــﻢ ﺧﺎﺻــﺔ( ،وأﻳﻀﺎ اﻻﲡﺎﻫﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ )ﻟﺪى ﻓﻴﺘﺰ وﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﺧﺎﺻﺔ(. ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺎوﻟﻨﺎ ﺗﻘﺪ& إﺣﺎﻃﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ـﻮ اﻟـﺴـﻠـﻮك اﻹدراﻛـﻲ ﻋـﺎﻣـﺔ، واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل واCﺮاﻫﻘ ،tواﺳﺘﻌـﺮﺿـﻨـﺎ ﻛـﺬﻟـﻚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﺎ ﺗﻴﺴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر واCﻔﺎﻫﻴﻢ واﻟﺪراﺳﺎت اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ ،واﻷدب ،واCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص. ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﻟﻠﻘﺎر اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻜﺮة ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوع اﳉﺪﻳﺪة اﻟﻨﺎﻣﻴـﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺠﺮة ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌـﻠـﻖ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﺑـﺠـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟـﺘـﻠـﻔـﺰﻳـﻮن، واﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ. وﺧﺼﺼﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺼﻼ ﻛﺎﻣﻼ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻟﻔﺮع اﻟﺬي ﺰج ﺑ tاﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ودراﺳﺎت اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﻌﻤﺎرة واﳉﻐﺮاﻓﻴﺎ ،واﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻓﺮوع اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﳉﺪﻳﺪة ﻮا وﺗﻄﻮرا .ﺛﻢ اﺧﺘﺘﻤﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺘﻘﺪ& ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺣﺴـﺎس اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ، واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻟﺼﻐﺎر واﻟﻜﺒﺎر ،ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء. وأﺧﻴﺮا ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﳉﻬﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺘﻢ ﻟﻮﻻ أن ﺷﺮﻓـﺘـﻨـﻲ ﺳـﻠـﺴـﻠـﺔ »ﻋـﺎﻟـﻢ اCﻌﺮﻓﺔ« وﻫﻴﺌﺘﻬﺎ اCﻮﻗﺮة ﺑﺘﻜﻠﻴﻔﻲ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .وﻗﺪ ﺑﺬﻟﺖ ﻣﺎ اﺳﺘﻄــﻌﺖ ﻣــﻦ أﺟــﻞ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﻬﺬا اﻟﻐﺮض ،آﻣﻼ أوﻻ أن أﻛﻮن ﻋﻨﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﻲ. وﻻ أﻧﺴﻰ ﻛﺬﻟﻚ اﳉﻬﻮد واCﺆازرات اCﺒﺎﺷﺮة وﻏﻴﺮ اCﺒﺎﺷﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ أﺻﺪﻗـــﺎء وأﻋــﺰاء ﻣــﻦ أﺟــﻞ إﳒـــﺎز ﻫـــﺬا اﻟﻜﺘـــﺎب ،وأﺧـــﺺ ﻣﻨﻬـــﻢ ﺑﺎﻟﺬﻛــــﺮ واﻟﺸﻜــﺮ :د .ﺣﺴ tﺣﻤـﻮده ،د .ﻃﺎرق اﻟﻨﻌﻤــﺎن ،د .ﻓﻴﺼـﻞ ﻳﻮﻧﺲ ،د .وﺳﺎم ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ،د .إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺷﻮﻗﻲ ،واﻟﺼﺪﻳﻖ اﻟﻘﺎص ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒــﺪاﻟﻌﺎل ،واﻟﻌﺰﻳﺰ 10
ﻣﻘﺪﻣﺔ
د .ﺳﻌﻴﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ،واﻷﺳﺘﺎذ ﺳﻤﻴﺮ ﺧﻠﻴﻞ ،وأﻳﻀﺎ اﻟﻌﺰﻳﺰ :رﻣﻀﺎن ﻣﺤﻤﺪ ري. وﻷﺳﺮﺗﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻋﻤﻴﻖ اﻻﻣﺘﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﲢﻤﻠﺘﻪ ﻣﻌﻲ ﻣﻦ ﺻﺒﺮ وﻋﻨﺎء. ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌ Uـ ـ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا'ﺘﺤﺪة ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ١٩٩٩
11
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
12
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
1اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ أﺟﻨﺤﺔ أﻓﻼﻃﻮن
»اﳉﻤﺎل ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﺒـﻘـﺮﻳـﺔ، ﺑ ــﻞ ﻫ ــﻮ ﺣـ ـﻘـ ــﺎ أرﻗـ ــﻰ ﻣـ ــﻦ اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ،إﻧﻪ ﻻ ﻳﺤـﺘـﺎج إﻟـﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺑ tاﳊﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،إﻧﻪ ﻣ ـﺜــﻞ ﺷــﺮوق اﻟ ـﺸ ـﻤ ــﺲ ،أو اﻧ ـﻌ ـﻜــﺎس ﺻــﺪﻓــﺔ ﻓ ـﻀ ـﻴ ــﺔ ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ اﻟﻘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻔـﺤـﺔ اCﻴﺎه اCﻈﻠﻤﺔ«. »أوﺳﻜﺎر واﻳﻠﺪ« رواﻳﺔ »ﺻﻮرة دورﻳﺎن
»وﻫﺎك أﺧﻴﺮا اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﺪﻳـﺜـﻲ ،إﻧـﻬـﺎ ﺗـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑﺎﻟﻨﻮع اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻬﻮس ،أﺟﻞ اﻟﻬـﻮس اﻟـﺬي ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪ رؤﻳﺔ اﳉﻤﺎل اﻷرﺿﻲ ﻓﻴـﺬﻛـﺮ ﻣـﻦ ﻳـﺮاه ﺑﺎﳉﻤﺎل اﳊﻘﻴﻘﻲ ،وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﺤﺲ ا'ـﺮء ﺑـﺄﺟـﻨـﺤـﺔ ﺗﻨﺒﺖ ﻓﻴﻪ وﺗﺘﻌﺠﻞ اﻟﻄﻴﺮان ،وﻟﻜﻨﻬـﺎ ﻻ ﺗـﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ، ﻓﺘﺸﺮﺋﺐ ﺑﺒﺼﺮﻫﺎ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻄﺎﺋﺮ وﺗﻬﻤﻞ ﻣﻮﺟﻮدات ﻫﺬه اﻷرض ﺣﺘﻰ ﻟـﺘـﻮﺻـﻒ ﺑـﺄن اﻟـﻬـﻮس ﻗﺪ أﺻﺎﺑﻬﺎ«)(١ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺳﻘﺮاط ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ »اﻟﻘﺒﻴﺎدس« ﻓﻲ ﻣﺤﺎورة »ﻓﺎﻳﺪروس« ﻷﻓﻼﻃﻮن. وﻫﻮ ﻗـﻮل ﻳـﻠـﺨـﺺ وﺟـﻬـﺔ ﻧـﻈـﺮ أﻓـﻼﻃـﻮن ﺣـﻮل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻌﻮد ﻣﻦ اﻟﻈﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﻮر ،أو ﻣﻦ اﻟﺼﻮرة اﻷرﺿﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻇﻞ ،إﻟﻰ اﻟﺼﻮرة اCﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻪ ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻟﻨـﻮر ،ﻫـﻨـﺎك ﻓـﻲ ﻋـﺎﻟـﻢ اُCــﺜُـــﻞ ﺣـﻴـﺚ ﻳﻜﻮن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ رأي أﻓﻼﻃﻮن ﻓﻲ أﻛﻤﻞ ﺣـﺎﻻﺗـﻪ وأﺟﻤﻠﻬﺎ. ﻳﺤﺘﻮي اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼـﻮر اﺠﻤﻟﺎزﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳـﺤـﺪق ﻓـﻲ اﳉـﻤـﺎل اﻷرﺿـﻲ ﻓـﻴـﺼـﺎب ﺑـﺤـﺎﻟـﺔ ﻣـﻦ اﻟﻬﻮس اCﺼﺤﻮب ﺑﺎﻟﺪفء ﻓﻲ ﺟﺴﺪه ،وﻳﺘﺪﻓﻖ اﻟﻌﺮق 13
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻣﻪ ،ﻓﻴﻨﺒﺖ ﻟﻪ ﺑﻔﻌﻞ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻮﻟﱡﻪ ﺑﺎﳉﻤﺎل ،زﻏﺐ ﺻﻐﻴﺮ ﻻ ﻳـﻠـﺒـﺚ أن ﻳﺼﺒﺢ رﻳﺸﺎ ﻳﺪﻓﻊ اCﺮء ﻷن ﻳﺤﺎول ــ ﻛﺎﻟﻄﺎﺋﺮ ــ أن ﻳﺤﻠﻖ ﻣﺒﺘﻌﺪا ﻋﻦ اﻟﻈﻞ أو اﻟﻌَﺮَض واﻟﺼﻮرة ،ﻣﺘﺠﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻮر واﳉﻮﻫﺮ واCﺜﺎل. وﻣﺜــﻞ ﻫــﺬه اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﺠﻤﻟﺎزﻳﺔ ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﺮأﻫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻨﺎﺳﻰ ﻣﺆﻗﺘﺎ اﻷﺳﺲ اCﺜﺎﻟﻴــﺔ اﳋﺎﺻــﺔ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔــﺔ اﻷﻓﻼﻃﻮﻧــﻴﺔ ،ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻜﺘﺸــﻒ ﻓــﻲ ﻫــﺬه اﻟﺘﻌﺒــﻴﺮات إﺷــﺎرات ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن اﳉـﻤـﺎل ﻟـﻴـﺲ ﺷـﻴـﺌـﺎ واﺣـــﺪا ،ﻓﻬــﻮ ﻜﻦ أن ﻳﻜـﻮن أرﺿﻴــﺎ ﻣﺎدﻳــﺎ ،و ﻜــﻦ ﻛﺬﻟــﻚ أن ﻳﻜــﻮن ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ، أو ﻣﺜﺎﻟﻴﺎ ،أو ﻣﻔﺎرﻗﺎ ﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ،أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻌﺎﻧﻲ اCﺘﻌﺪدة ﻟﻠﺠﻤﺎل. ﻟﺬﻟﻚ ﺣﻴﺮ »اﳉﻤﺎل« ،ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،اCﻔﻜﺮﻳﻦ ،واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،واﻷدﺑﺎء، واﻟﻔﻨﺎﻧ ،tوﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ،واﻟﻨﺎس ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﺗﻌـﺪدت ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮاﺗـﻪ ﺑـﺘـﻌـﺪد اCﻨﻄﻠﻘﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻪ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﻔﺴﻴﺮه ،أو اﻹﺣﺎﻃﺔ aﻈﻬﺮه وﻣﺨﺒﺮه ،وﻇﻞ اﳉﻤﺎل ﻳﺮوغ دوﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات ،وﻳﻘﻒ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﻈﻞ أو اﻟﻨﻮر ﻣﺘﺄﻟﻘﺎ وﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ارﺗﺴﻤﺖ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اCﻮﻧﺎﻟﻴﺰا ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺣﻴﺮت اCﻼﻳ tﻣﻨﺬ ﻗﺮون ﻋﺪة، وﻻ ﺗﺰال ﲢﻴﺮﻫﻢ .ﻛﻞ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع ﻫﺆﻻء أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﻪ ﻫﻮ أن ﻳﻘﺘﺮﺑـﻮا ﻣـﻨـﻪ، وأن ﻳﻘﻔﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﺎ ﻣﻨﻪ ﺛﻢ ﻳﺘﺄﻣﻠﻮه. ﻛﺎن اﻟﺴﺆال» :ﻣﺎ اﳉﻤﺎل?« ﻣﺮﻛـﺰ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎت اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻣـﻨـﺬ اﻟـﻌـﺼـﻮر اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ ﻟﻺﻏﺮﻳﻖ ،ﻓﻘﺎل اﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﻮن ﻣﺜﻼ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺟﻤﻴﻞ ﺑﻄﺒﻌﻪ ،ﺑﻞ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺮوف وﻋﻠﻰ أﻫﻮاء اﻟﻨﺎس ،وﻋـﻠـﻰ ﻣـﺴـﺘـﻮى اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻷﺧﻼق .وﻗﺎل اﻟﻔﻴﺜﺎﻏﻮرﻳﻮن إن اﳉﻤﺎل ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم ،واﻟﺘﻤﺎﺛﻞ )اﻟﺴﻴﻤﺘﺮﻳﺔ( وﻋﻠﻰ اﻻﻧﺴﺠﺎم. وأﺷﺎر د ﻘﺮﻳﻄﺲ إﻟﻰ أن اﳉﻤﺎل ﻫﻮ اCﺘﻮازن )أو اCﻌﺘﺪل( ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑـﻞ: اﻹﻓﺮاط أو اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ،وأﺧﻀﻊ اﳉﻤـﺎل ﻟـﻸﺧـﻼق .ورﺑـﻂ ﺳـﻘـﺮاط اﳉـﻤـﺎل ﺑﺎﳋﻴﺮ رﺑﻄﺎ ﺗﺎﻣﺎ وﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺎﻓﻊ أو اCﻔﻴﺪ).(٢ وﺗﻨﺎول أﻓﻼﻃﻮن اﳉﻤﺎل ﻓﻲ ﺛﻼث ﻣﺤﺎورات ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻫﻲ» :ﻫﺒﻴﺎس اﻷﻛﺒﺮ« و »ﻓﺎﻳﺪروس« و»اCﺄدﺑﺔ« ،واﻋﺘﺒﺮ اﳉﻤﻴﻞ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟـﺸـﻲء اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ أو ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺟﻤﻴﻞ .ﻓﺎﳉﻤﻴﻞ ﺻﻮرة ﻋﻘﻠﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺻﻮرة اﳊﻖ أو اﳋﻴﺮ«).(٣ أﺻﺪر أﻓﻼﻃﻮن ﺣﻜﻤﺎ ﺑﺄن اﻟﺸﻜﻞ ،وﻟﻴﺲ اCﻀﻤﻮن ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻌﻤﻞ 14
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻟﻔﻨﻲ ﺟﻤﻴﻼ ،وأﻛﺪ أﻳﻀﺎ أن اﳉﻤﺎل ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋـﻦ اﳊـﻘـﻴـﻘـﺔ واﻟـﻨـﻔـﻊ ،ﻟـﻜـﻨـﻪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﻤﻨﻰ ،وﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻓﺎﻳﺪروس ﻣﺜﻼ ،ﺣﺪوث ﺗﺂﻟﻒ ﺑ tاﻟﺸﻜﻞ واCﻀﻤﻮن ،وﻛﺎن ﺗﻠﻤﻴﺬه أرﺳﻄﻮ ﻣﻘﺘﻨﻌﺎ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻜـﻮﻧـﺎت أﺳـﺎﺳـﻴـﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل ﻫﻲ اﻟﻜﻠﻴﺔ (Integras) Wholenessواﻟﺘﺂﻟﻒ ،Consonontiaواﻹﺷﻌﺎع أو اﻟﻨﻘﺎء اCﺘﺄﻟﻖ ) .Claritas) radianceوﻗﺪ ﻧﺸﺄت اﻷﻓﻜﺎر اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮازن واﻟﺘﻨﺎﻏﻢ اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ ،واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ واﻟﻨـﻈـﺎم وﻛـﺬﻟـﻚ ﻣـﻔـﻬـﻮم اﻟـﻘـﻄـﺎع اﻟـﺬﻫـﺒـﻲ وﺿـﺮورة اﻻﻋﺘﺪال ،أو اﻹﻓﺮاط أو اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ،ﻋﻦ ذﻟﻚ اCﺼﺪر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻘﺪ& ).(٤ أﻣﺎ »اﻟﻘﺪﻳﺲ أوﻏﺴﻄ «tﻓﻜﺎن ﻳﺮى أن اﳉﻤﺎل »ﻳﻘـﻮم ﻓـﻲ اﻟـﻮﺣـﺪة ﻓـﻲ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺎت ،واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ اﻟﻌﺪدي ،واﻻﻧﺴﺠﺎم ﺑ tاﻷﺷﻴﺎء« ،وﻟـﺬﻟـﻚ ﻓـﺎﳉـﻤـﻴـﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻼﺋﻢ ﻟﺬاﺗﻪ ،وﻓﻲ اﻧﺴﺠﺎم ﻣﻊ اﻷﺷﻴﺎء اﻷﺧﺮى» .وﻛﻞ ﺟﻤـﺎل ﻓـﻲ اﳉﺴﻢ ﻳﺆﻛﺪ ﺗﻨﺎﺳﻖ اﻷﺟﺰاء ،ﻣﻘﺮوﻧﺎ ﺑﻠﻮن ﻣﻨﺎﺳﺐ« ).(٥ وﺧﻼل اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ َﻋﱠﺮف اﻟﻘﺪﻳﺲ »ﺗﻮﻣﺎ اﻷﻛﻮﻳﻨﻲ« اﳉﻤﻴﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ »ذﻟﻚ اﻟﺬي ،ﻟﺪى رؤﻳﺘﻪ ﻳﺴﺮ« وأﻧﻪ ﻳﺴﺮ ﶈﺾ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ ،ﺳﻮاء ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳊﻮاس ،أو داﺧﻞ اﻟﺬﻫﻦ ذاﺗﻪ ).(٦ ﻛﺎﻧﺖ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ ،إذن ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻼﻫﻮت )ﻣﻊ وﺟﻮد اﺳﺘﺒﺼﺎرات ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﺒﻜﺮة ﻟﺪى اﻟﻘﺪﻳﺲ أوﻏﺴﻄ tﺧﺎﺻﺔ( ،وﻛﺮﺳﺖ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﳉﻤﺎل واﻟﻔﻦ ﺗﻠﻚ ﺗﺼﻮرا ﺣﻮل اﳉﻤﺎل ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره إﺷﻌﺎع اﳊﻘـﻴـﻘـﺔ )أو ﺷﻌﺎع اﳊﻖ( Splendor Veritatisذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺸﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮﻣﺰ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﻔﻨﻲ أو اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وﻳﻌﻜﺲ وﺟﻮد اﻟﻠﻪ. ﻣﻊ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،اﻧﺒﻌﺚ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺣﺪ اﻷﻧﻈﻤﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اCﻌﻴﺎرﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ :ﻋﻠﻢ اﻷﺧﻼق واCﻨﻄﻖ واﳉﻤﺎﻟﻴﺎت، واﻟﺘﻲ ﺗﺪرس اﳋﻴﺮ واﳊــﻖ واﳉــﻤــﺎل .ﻟﻜﻦ اﻷﻣﻮر اﺧﺘﻠﻄــﺖ أﻳﻀــﺎ ﺑـﻌـــــﺪ ذﻟﻚ ــ ﺧﺎﺻﺔ ﺑ tاﳉﻤﺎل واﳊﻘﻴﻘﺔ ــ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺒﻴﺮ ،ﺣﻴﺚ ﳒﺪ ﺷﺎﻋﺮا ﻣﺜﻞ ﻛﻴﺘـﺲ Keatsﻳﺘﺤﺪث ﻣﺜﻼ ﻋﻦ ﺟﻤﺎل اﳊﻖ أو اﳊﻘﻴـﻘـﺔ .أﻣـﺎ ﻋـﻠـﻢ اﳉـﻤـﺎل اﳊﺪﻳﺚ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ اﻟﻴﻮم ،ﻓﻴﻤﻜﻦ أن ﻧﺘﺘﺒﻌﻪ ﺑﺪءا ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺮن اﻟـﺜـﺎﻣـﻦ ﻋـﺸـﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺑﺘﻜﺮت ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻷول ﻣﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﺟﻮﺗﻠﻴﺐ ﺑﻮﻣﺠﺎرﺗﻦ ١٧١٤) Gottlieb Boumgartenــ .(١٧٦٢ وﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻓﻘﺔ اﻟﻠﻐﺔ ،ﻓﺈن اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻨﻲ دراﺳﺔ اﻹدراك اﳊﺴﻲ، ﻟﻜﻦ وﻟﻊ ﺑﻮﻣﺠﺎرﺗﻦ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﻔﻨﻮن ﻋﺎﻣﺔ ،ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻌﻴﺪ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺣﺪود 15
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع ﻋﻠﻰ أﻧﻪ »ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،أو ﻋﻠﻢ اCﻌﺮﻓﺔ اﳊﺴﻴﺔ« ،وﻗﺪ ﺳﺎر ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺪرب ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻛﺘﻤـﺎل اﻟـﻮﻋـﻲ اﳊـﺴـﻲ ـﻜـﻦ أن ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ أﻧﻘﻰ ﺣﺎﻻﺗﻪ ﺧﻼل اﻹدراك اﻟﻔﺎﺋﻖ ﻟﻠﺠﻤﺎل. ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ،وﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وأCﺎﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻇﻬﺮ اﻫﺘﻤﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳉﻤﺎل اﳊﺴﻲ ،أو اﳉﻤﺎل اCﺮﺗﺒﻂ ﺑـﺎﳊـﻮاس، وﻗﺪ رﻓﺪ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻣﺠﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﺑﺄﻓﻜﺎر ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة وﻣﻬﻤﺔ. ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﻣﺜﻼ ،ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻨﻐﻤﺮة ﻓﻲ واﺑﻞ ﻣﻦ اCﺸـﺮوﻋـﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل ﻗﻮاﻧ tاﳉﻤﺎل ،وﻗـﺪ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻫـﺬه اCـﺸـﺮوﻋـﺎت ﻣـﺴـﺘـﻤـﺪة ﻓـﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ،وﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة ﻣﻦ أﻓﻜﺎر وﻓﻨﻮن ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﳉﻤﺎل ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم واﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ واﻟﺘﻨﻮع واﻟﺘﻮازن واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ وﻛﻞ ﺗﻠﻚ اCﻜﻮﻧﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ. ﻟﻜﻦ ﻣﺎ أﺻﺒﺢ واﺿﺤﺎ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻫﻮ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ وﺗﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻨﻮع وﺗﺒﺪو ﻣﺘﻨﺎﻓﺮة ،أو ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﺒﺔ )ﻛﺎﻟﺼﺤﺎري أو ﻗﻤﻢ اﳉﺒﺎل( ﺗﻈﻞ ﻗﺎدرة أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺜﺎرة اﻻﻧﻔﻌﺎل .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن درﺟﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺪم اﳉﻤﺎل أو ﺣﺘﻰ اﻟﻘﺒﺢ ،أﺧـﺬت ﻣـﻜـﺎﻧـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﺳـﺎﺣـﺔ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ).(٧ وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اCﺸﺮوﻋﺎت ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜـﻞ اﻟـﻜـﺘـﻴـﺒـﺎت اﻟـﺼـﻐـﻴـﺮة، ﺣﻮل ﻛﻴﻔﻴﺔ إﺣﺮاز أو ﲢﻘﻴﻖ اﳉﻤﺎل ﻓﻲ أﺷﻜﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻋﺪة. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺷﺪﻳـﺪة اﻟـﻨـﺸـﺎط أﻳـﻀـﺎ ،وﻗـﺪ ﺟـﺎءت أوﻟـﻰ اﻟـﺼـﻴـﺎﻏـﺎت اCﻨﺘﻈﻤﺔ ،ﺣﻮل ﻫﺬا اCﻮﺿـﻮع ﻣـﻦ ﺟـﺎﻧـﺐ أدﻳـﺴـﻮن Addisonوﺑﻴـﺮك .Burke وﻗﺪ ﻗﺪم ﺑﻴﺮك ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ اﻟﻌﺎم ،١٧٧٥وﻗﺪ ﻛﺎن واﺣﺪا ﻣﻦ أواﺋﻞ اCﻔـﻜـﺮﻳـﻦ ـــ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ــ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ،أو ﻃﻐﻴﺎن اﻟﻌﻘﻞ وأﻋﻠﻮا ﻣﻦ ﺷﺄن ذﻟﻚ »اﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﺬي ﻳﺠﻴﺶ ﻓﻲ ﺻﺪورﻧﺎ«. ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎرن أدﻳﺴﻮن ﺑ tﻣﺴﺮات اﳋﻴﺎل )اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ( وﻣﺴﺮات اﳊـﻮاس )اﳉﻴﺎﺷﺔ( وﻣﺴﺮات اﻟﻔﻬﻢ )اﻟﻬﺎدﺋﺔ( .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬان اCﻔﻜﺮان ﻳﻌﺘـﻘـﺪان أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﳉﻤﺎﻟﻴـﺔa ،ـﺎ ﻓـﻲ ذﻟـﻚ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻔﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﻢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﳋﺒـﺮة اﳋـﺎﺻـﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻬﺎ).(٨ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﻮاﻟﺖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻟﻠﺠﻤـﺎل ﺧـﺎﺻـﺔ 16
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﻴﻮم وﻛﺎﻧﻂ وﻫﻴﺠﻞ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻬـﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﺎﺛﻞ ﻛﻠﻤﺔ »اﳉﻤﺎل« ﻓﻲ ﺻﻌﻮﺑﺘﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎت ﻣﺜﻞ »اﻟـﺴـﻌـﺎدة« و »اCـﻮﻫـﺒـﺔ« و»اﻟﻔﻦ« .وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻲ أﺷﻴﺎء ﻛﺜﻴﺮة ،أﻣﺎ إذا اﺳﺘﻄﻌﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ رﻣﺰا ﶈﺘﻮى أو ﻣـﻮﺿـﻮع ﺧـﺎص ،ﻓـﺈﻧـﻬـﺎ ـﻜـﻦ أن ﺗﻌﻄﻲ ﻣﻌﻨﻰ وﺛﻴﻖ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع. ﻧﻈﺮ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﻮن إﻟﻰ اﳉﻤﺎل ﺑﺎﻋﺘـﺒـﺎره ﺟـﻮﻫـﺮ اﻟـﻮاﻗـﻊ ،وأﻧـﻪ اﻟـﺘـﺤـﻘـﻖ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺸﻜﻞ ،أو ﻫﻮ اﻛﺘﻤﺎل اﻟﺸﻜﻞ ﻓﻲ ذاﺗﻪ. ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻈﺮ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﻮن إﻟﻰ اﳉﻤﺎل ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﲡﻠﻴﺎ ﻟﻺرادة أو اﻟﺸﻌﻮر، اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺘﺠﺪدان ذاﺗﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﻟﻠﺠﻤﺎل ،أﻣﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﻮن ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﻮه ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﻓﻖ أو اﻻﺗﻔﺎق اﻟﺒﺎرع ﻣﻊ اﻟﻄﺒﻴـﻌـﺔ .وﻧـﻈـﺮ اﻟـﻮاﻗـﻌـﻴـﻮن إﻟـﻰ اﳉـﻤـﺎل ﻓﺎﻋﺘﺒﺮوه ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻲ اCﻮﺿﻮع اﳉﻤـﺎﻟـﻲ وﻛـﺬﻟـﻚ اﻟـﻮﻋـﻲ اﻟـﺬي ﻳـﺪرك ﻫـﺬا اCﻮﺿﻮع أﻳﻀﺎ. وﻫﻜﺬا ﺜﻠﺖ اﶈﺎوﻻت اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟـﺖ ﻓـﻲ ﺗـﻌـﺮﻳـﻒ اﳉـﻤـﺎل ﻓـﻲ ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ ﲢﻘﻴﻖ اﻷﻫﺪاف اCﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اCﺮء اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﻟﻮاﻗﻊ. ﻛﺎﻧﺖ أﺟﻨﺤـﺔ ﻣـﻦ ﻳـﺪرﻛـﻮن اﳉـﻤـﺎل ﺗـﺘـﺤـﺮك ﺟـﻴـﺌـﺔ وذﻫـﺎﺑـﺎ ﺑـ tاﻷرض واﻟﺴﻤﺎء ،ﺑ tاﳉﻤﺎل اCﺎدي واﳉﻤﺎل اCﻌﻨﻮي ،ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻛﻠﻤﺔ »اﳉﻤﺎل« ﻟﺪى اﻟﺒﻌﺾ أﻳﻀﺎ ﻏﻴﺮ ﺿﺮورﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻇﻠﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم ،ﻛﻤﺎ ﻇﻠﺖ أﻧﻮاع ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اCﺸﺎﻋﺮ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺎل ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﻤﻌﻬﺎ أو ﻧﻘﺮأﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﻣﻌﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺮأ أو ﻧﺸﺎﻫﺪ ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ .إن اﳉﻤﺎل ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴـﺮﻳـﻦ ﺑـﺎCـﺸـﺎﻋـﺮ اﳊـﺴـﻴـﺔ اCـﺘـﻤـﻴـﺰة اﻟـﺘـﻲ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮﻫﺎ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﻴﻞ. واﻹﺣﺴﺎس اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺸﻌـﺮه اCـﺸـﺎﻫـﺪون ﻫـﻮ إﺣـﺴـﺎس ﺳـﺎر ،أو ﺘﻊ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﺼﺮﻳﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس أو ﺳﻤﻌﻴﺎ ،ﺛﻢ ﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﺟﺴﺪ اﻟﻔﺮد ﻛﻠﻪ .واﳉﻤﺎل ﻟﻴﺲ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اCﻨﻔﺼﻞ أو اCﻨﻌﺰل ﻋﻦ ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ ،ﻟـﻜـﻨـﻪ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﳋﺎص ﻟﻠﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اCﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اCﻌﻨﻰ واﻟـﺘـﺄﺛـﻴـﺮ اﻟـﺸـﺎﻣـﻞ، واﻹﺣﺴﺎس اﻟﺸﺎﻣﻞ ﺑﺎﳊﻴﺎة ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻘﻬﺎ وﺗﺪﻓﻘﻬﺎ اﻟﺪاﺋﻤ.t إن ﻫﺬا اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﳉﺎﻧﺐ اCﻤﺘﻊ أو اﻟﺴﺎر ﻣﻦ اﳉﻤﺎل ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺒﺪو ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن aﻨﺰﻟﺔ وﺳﻴﻠﺔ أو أداة ﻣﻦ أدوات اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ أو اﻟﺘﺰﻳ tﻟﻠﺤﻴﺎة، 17
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻜﻦ اﳉﻤﺎل اﻟﻔﻨﻲ ﻣﺜﻼ ،أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ وأﻋﻤﻖ ،إﻧﻪ ﻳﺨﺘﺮق اﻟـﻮﺟـﻮد وﻳـﻨـﻔـﺬ إﻟﻴﻪ ﻣﺠﺴﺪا ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺎء ﻣﻦ ﺧﻼل واﻗﻊ ﺟﺪﻳﺪ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ واﻟﻨﺸﺎط .إن اﻟﻔﻦ ﻳﺸﻊ اﳉﻤﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺄﺛـﻴـﺮاﺗـﻪ اﳋـﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ اﳊـﻴـﺎة ،ﻟـﻜـﻦ اCـﻌـﺮﻓـﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﶈﺘﻮﻳﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﳊﻴﺎة ﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻨﺎ اﳋﺎص).(٩
ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل
اﺷﺘﻖ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل أو اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت Aestheticsﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ Aisthanesthaiواﻟﺘﻲ ﺗﺸـﻴـﺮ إﻟـﻰ ﻓـﻌـﻞ اﻹدراك ،to perceiveوأﻳﻀﺎ ﻣـﻦ ﻛـﻠـﻤـﺔ aisthetaاﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ اﻷﺷﻴﺎء اﻟـﻘـﺎﺑـﻠـﺔ ﻟـﻺدراك Things Perceptibleوذﻟﻚ ﻓـﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﺷﻴﺎء ﻏﻴﺮ اCﺎدﻳﺔ أو اCﻌﻨﻮﻳﺔ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈن ﻗﺎﻣﻮس أﻛﺴﻔﻮرد ﻳﻌﺮّف اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﺑﺄﻧﻬﺎ »اCﻌﺮﻓﺔ اCﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﳊﻮاس« وﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻻ ﻳﺤﺪد ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻴﺰة ﻟﻬﺬه اCﻌﺮﻓﺔ ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻷCﺎﻧﻲ ﻛﺎﻧﻂ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ أﻳﻀﺎ .ﻓﻘﺪ ﻗﺎل إن ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻫﻮ »اﻟﻌﻠﻢ اCﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺮوط اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹدراك اﳊﺴﻲ« وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻋﺎﻣﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻓـﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﲢﻮل اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﳋﺎص ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﳊﺎﺳﺔ Senseإﻟـﻰ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ﺑـﺎﳊـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ Sensibilityوﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺗـﻌـﺮﻳـﻔـﺎت ﻟـﻬـﺬه اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »اﻟﺘﺠﺴﻴﺪ اﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎل ﻓﻲ اﻟﻔﻦ« .ﻛـﺬﻟـﻚ ﻋ ﱠـﺮف اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻹﳒﻠﻴـﺰي اﳉـﺪﻳـﺪ The New English Dictionaryﻫﺬا اﻟﻔﺮع ﻋـﻠـﻰ أﻧﻪ »ﻓﻠﺴﻔﺔ أو ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺬوق ،أو إدراك اﳉﻤﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﻔﻦ«. وﻳﺘﻔﻖ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ أن »ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل« Aesthetics or-esthetics ﻧﺸﺄ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻓﺮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،وﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺪراﺳﺔ اﻹدراك ﻟﻠﺠﻤﺎل واﻟﻘﺒﺢ ،وﻳﻬﺘﻢ أﻳﻀﺎ aﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻓﻲ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻧﺪرﻛﻬﺎ ،أم ﺗﻮﺟﺪ ذاﺗﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹدراك. ﻗﺪ ﻳﻌﺮف ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ »ﻓﺮع ﻣـﻦ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻔـﺔ ﻳـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳉﻤﺎل وﻣﻊ اﳊﻜﻢ اCﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳉﻤﺎل أﻳﻀﺎ« أو ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ــ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗﺎﻣﻮس وﺑﺴﺘﺮ ــ »اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ وﺻﻒ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻔﻨـﻴـﺔ واﳋـﺒـﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ«).(١٠ واﻟﺘﻌﺮﻳــﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﻛﺜــﺮ دﻗــﺔ ﻓــﻲ رأﻳﻨــﺎ ﻣــﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻷول ،ﻓﻬﺬا اﻟﻔــﺮع 18
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
ﻣــﻦ اCﻌﺮﻓــﺔ أوﺳﻊ ﻣﺪى ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻦ ،ﻓﻬﻲ ﻓﻘﻂ أﺣﺪ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠـﻴـﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت ﻓﺮﻋﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻔﺮوع اﻷﺧﺮى اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ ﻓﻴﻨﺘﻤﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﻘﻮل ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ )ﻛﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ ﻣﺜﻼ(. ﻛﺎن ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت« أو »ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل« ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺘـﻘـﻠـﻴـﺪي إﻟﻰ دراﺳﺔ »اﳉﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻔﻦ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ« ،أﻣﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل اﳊﺪﻳﺚ ﻓﻴﻨـﻄـﻮي ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ :ﻛﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وأ ﺎط اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﻔﻨﻲ وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ )وﺗﻌﻨﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع أو اﻟﺘﺬوق أو ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ( وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت).(١١ وﻗﺪ ﻣﻴﺰ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف »ﺑﻴﺮدﺳﻠﻲ« اﻟﻌﺎم ١٩٥٨ﺑ tﻓﺮﻋ tﻣﻦ ﻋﻠﻮم اﳉﻤﺎل اﻋﺘﺒﺮﻫﻤﺎ ﻣﺘﻤﺎﻳﺰﻳﻦ ،ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎن أﻳﻀﺎ :اﻷول ﻣﺠـﺎل »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ« ،وﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳋﺎﺻﺔ aﻌﻨﻰ وﺣﻘﻴﻘﺔ وﻧﻮع اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ« ،أو ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ).(١٢ وﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻣـﻮﺿـﻮع دراﺳـﺘـﻨـﺎ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟـﻜـﺘـﺎب .وﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ »ﺑﻴﺮدﺳﻠﻲ« أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﻫﻨﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﳊـﻤـﻴـﻤـﺔ ﺑ tاﳉﻤﺎﻟﻴﺎت واﻟﻔﺮوع اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﻋﻠﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ واﻟـﻔـﻨـﻮن واﻟﻨﻘﺪ اﻟﻔﻨﻲ أﻳﻀﺎ ،وﻣــﻦ ﺛﻢ ﻓﻬــﻲ ﺗﻄــﺮح وﺟﻬــﺔ ﻣــﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻧﺘﻔﻖ ﻣﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒــﻴﺮ ،وﻫــﻲ وﺟﻬــﺔ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻋﻠﻢ اﳉﻤـﺎل )أو اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت( ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ ﻋﻠــﻢ »ﺑﻴﻨــﻲ« Interdisciplinaryﺗﻘــﻮم ﻣــﻦ ﺧﻼﻟــﻪ ﻓــﺮوع ﻣﻌﺮﻓﻴــﺔ ﻋﺪة ــ ﻛــﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘــﺘﻪ وﻣﻨﺎﻫﺠــﻪ وﻣﻔﺎﻫﻴﻤــﻪ اﳋﺎﺻــﺔ ــ ﺑﺪراﺳﺔ ﺗﻠﻚ اCﻨﻄﻘﺔ اCﺸﺘـﺮﻛـﺔ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳋﺒﺮة أو اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬه اﳋﺒﺮة أو اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺣﺴﻴﺔ وإدراﻛﻴﺔ واﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
اﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻷﺳﺒﺎب اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺔ ودﻳﻨﻴﺔ ﺣﺪث ــ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت ــ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺰال Cﻔﻬﻮم اﳉﻤﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻺﺣﺴﺎﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ ،ﺑﺤﻴﺚ اﻗﺘﺼﺮ ﻫﺬا اCﻔﻬﻮم وﻫﺬه اﻹﺣﺴﺎﺳﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻦ ﻓﻘﻂ .ﺛﻢ اﺧﺘﺰل اﻟﻔﻦ أﻳﻀﺎ ﻓﺎﺳﺘﺒﻌﺪ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟـﺘـﺸـﺒـﻴـﻬـﻲ اﳋـﺎص ﺑـﺎﶈـﺎﻛـﺎة أو ُ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ واﻟﺒﺸﺮي ﺧﺼﻮﺻـﺎ ،ﺛـﻢ اﺳـﺘـﺒـﻌـﺪ 19
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وأﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺬﻫﻨﻲ، ﻣﻨﻪ أﻳﻀﺎ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮي اﳋﺎص ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻻتُ ، أو اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي ،أو اﻟﻬﻨﺪﺳﻲ ،أو اﻟﻔﻜﺮي ﻓﻘﻂ ﻣﻨﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﺻﺒﺢ اﻟﻔﻦ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ ،أو اﻟﺘﻜﺮار اﻵﻟﻲ Cﻮﺗﻴﻔﺎت ﻻ ﺗﺘﺠﺪد ،وﺳﻄﻮح ﻻ ﺗﺰدﻫﺮ ﺑﺎﳊﻴﺎة أو اﳊﺮﻛﺔ .ﺣﺪث ﻫﺬا ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﺪة ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣـﺎ ﻃـﻐـﺖ اﻟـﻮﻇـﻴـﻔـﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻠﻔﻦ وﺣﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻟﻪ ﻓﺴﻘﻂ ﻓﻲ وﻫﺪة اﳋﻤﻮد واﻟﺘﻜﺮار واﻟﺘﺨﻠﻒ. ﻓﺎﻹﻳﻘﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ اCﺘﺠﺪد واCﺘﻨﻮع ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ اﻹﺑﺪاع إﻟﻰ اﻷﻣﺎم .وﺣﺪث ﺷﻲء ﺎﺛﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ إﺑﺪاﻋﻴﺔ واﻧﻔﺘﺎﺣﺎ وﺗﻄﻮرا. ﻓﻔﻲ إﳒﻠﺘﺮا ﻣﺜﻼ وﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻛﺎن اCﺘﺤﺪﺛﻮن ﺑﺎﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻣﻴﺘﺎﻟﻴـﻨـﻮس N.Metalinosــ ﻳﺴﺨﺮون ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ »اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺎت« ،أو »ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل« ،ﺑﻞ وﻳﻠﻌﻨﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ »ﻣﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﺎ أCﺎﻧﻴﺔ« .وﻗﺪ ﺳﺨﺮ ﻣﻨﻬﺎ دي ﻛﻮﻳﻨﺰي ﻣﺜﻼ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﻘـﻮل ﺑـﻮﺟـﻮد ﻣـﺎ ﻳـﺴـﻤـﻰ »ﺑﺎﻟﺬوق اﳉﻴﺪ« ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻟﻪ ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﻘﺘﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﳉﻤﻴﻠﺔ« .ﻓﺎﻟﻘﺘﻞ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻣﺘﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى ﻣﺮﺗﻜـﺒـﻴـﻪ ،ﻓـﻬـﻞ ﺷ¢ﻬﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ أﻳﻀﺎ وﺑﻌﻠﻤﺎء اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻓﻲ اﻷوﺑﺮا ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﺸﺎﻃﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ?ُ ، اﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺔ اCﺸﻬﻮرة ﳉﻴﻠﺒﺮت وﺳﻮﻟﻴﻔﺎن اCﺴﻤﺎة »ﺑﻴـﺸـﻨـﺲ« ) Patienceوﻓﻘﺎ ﻻﺳﻢ إﺣﺪى ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﺎ( .ﻛﻤﺎ ارﺗﺒﻄﺖ ﻫـﺬه اﻟـﻜـﻠـﻤـﺔ ،ﻓـﻲ إﳒـﻠـﺘـﺮا أﻳـﻀـﺎ، ﺑﺄﺣﺪاث ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﺎﻋﺮ واCﺆﻟﻒ اCﺴﺮﺣﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰي اﻟﺸﻬﻴﺮ أوﺳﻜﺎر واﻳﻠﺪ ،وﺧﺎﺻﺔ اﺗﻬﺎﻣﻪ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﺷﺎذة ،وﻗﺪ ﻛﺎن اﺳﻤﻪ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﺎﲡﺎه ﺧﺎص ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻳﺴﻤﻰ »اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻔﻦ« ،ورaﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻻﻻت ﻫﻲ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا وﺧﺎرﺟﻬﺎ ،ﻳﺘﺮاﺟﻌﻮن ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ aﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﺸﺎﻣﻞ اﻟـﺬي ﻳـﺤـﻴـﻂ ﺑـﺎﳊـﻴـﺎة ﻋـﻤـﻮﻣـﺎ، وﻳﺤﺼﺮوﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻀﻴﻖ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ﻓﻘﻂ. ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟـﻌـﺸـﺮﻳـﻦ ﻣـﺎل ﺑـﻌـﺾ اﻟـﻔـﻼﺳـﻔـﺔ إﻟـﻰ اﻟـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت )أو ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل( ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﻤﺎل ،ﺑﻞ ﻣﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻔﻦ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة ﻣﻦ ﻗﺼﻮر).(١٣ أﻣﺎ ﺧﺎرج اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻔﻨﻮن اﳉﻤﻴﻠﺔ ،ﻓﺘﻢ إﻫﻤﺎل اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﺮوع اﻷﻛﺎد ﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص .وﻛﺎن ﻫﺬا اﻹﻫﻤﺎل ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ راﺟﻌﺎ ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ 20
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
ﺳﻴﻄﺮة اCﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ اﻟﻜﻤﻲ ،اﻟﺬي ﻧﻈﺮ أﺻﺤﺎﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻇﺎﻫﺮة ﻓﻀﻔﺎﺿﺔ ﻣﺮاوﻏﺔ ﻳﺼﻌﺐ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻗﻴﺎﺳﻬﺎ وإﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﺘﻨﺎول اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ .ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺒﺮرات أﺧﺮى ﻋﺪة ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻫﻤﺎل، وﻣﻦ ﺛﻢ أدت إﻟﻰ ﺗﻨﺎﻗﺺ واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن ﻋﻤﻮﻣﺎ وﻟﻸدب ﺧﺼﻮﺻﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻧـﺎﻗـﺶ ذﻟـﻚ ﻟـﻨـﺪاور M.Lindauerﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑـﺎت ﻋﺪة ).(١٤ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻇﻬﺮت اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت واﻟﻔﻨﻮن داﺧﻞ ﻣﻴﺪان ﻋﻠﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ ،واﻟـﻜـﺘـﺎب اﳊـﺎﻟـﻲ ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ ﻟﻺﺣﺎﻃﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﻫﺬه اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت وﺑﻌﺾ ﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻣـﻮﺟـﻮدا ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻗـﺒـﻞ ﻫـﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ أﻳﻀﺎ.
ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻔﻦ
اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه أن ﻫﻨﺎك ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت ﻋﺪة ﻟﻠﻔﻨﻮن ﻳﺼﻌﺐ أن ﻧﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻟﻨﻬﺎﺋـﻴـﺔ ،ﻛـﻤـﺎ وﺻـﻠـﺖ إﻟـﻴـﻨـﺎ ﺧـﻼل اﻟـﻘـﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺗﻘﻮم ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل »ﺗﺘﺎر ﻛﻴﻔﺘﺶ« ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ اﻓﺘﺮاﺿﺎت أﺳﺎﺳﻴﺔ: ١ــ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﺤﺪدة ﻟﻠﻔﻨﻮن ﺟﻤﻌﺎء. ٢ــ أن ﻫﻨﺎك ﺗﻔﺮﻗﺔ واﺟﺒﺔ ﺑ tاﻟﻔﻨﻮن واﳊﺮف واﻟﻌﻠﻮم. )(١٥ ٣ــ أن اﻟﻔﻨﻮن ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳉﻤﺎل وﲢﺎول أن ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻪ . وﺗﺸﻴﺮ »ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ« ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﻔﻦ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﻧﻈﻤﺔ أو اﺠﻤﻟﺎﻻت اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ: اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺪراﻣﺎ واCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ واﻟـﺮﻗـﺺ واﻟـﻔـﻨـﻮن اﻟـﺒـﺼـﺮﻳـﺔ .Visual Arts وﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻹﺑـﺪاﻋـﻴـﺔ ،اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺴـﻌـﻰ إﻟـﻰ ﺗﻮﺻﻴﻞ رﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ــ أﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ــ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ أﺷﻜﺎل ﻓﻨﻴﺔ أﺳﺎﺳﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﺛﻼث ﻓﺌﺎت رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ :اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻨﺤﺖ واﻟﻌﻤﺎرة ) .(١٦وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻛﻞ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺎت اﻷﺧـﻴـﺮة إﻟـﻰ أﻧـﻮاع ﻓﺮﻋﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﲢﺪﻳﺪا. ﻗﺪﻣﺖ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت ﻋﺪة ﻟﻠﻔﻨﻮن ،ﺑﺪءا ﺎ ﻗﺪﻣﻪ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮن ﺧﺎﺻﺔ أﻓﻼﻃﻮن ،وأرﺳﻄﻮ ،ﺑﻞ وﻗﺒـﻠـﻬـﻤـﺎ أﻳـﻀـﺎ ،وﻣـﺮورا ﺑـﻜـﻮﻳـﻨـﺘـﻠـﻴـﺎن وﺷـﻴـﺸـﺮون، وأﻓﻠﻮﻃ tوﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﻛﺎﻧﻂ وﻫﻴﺠﻞ وﺷﻮﺑﻨﻬﻮر وﻧﻴﺘﺸﻪ وﺳﻮرﻳﻮ 21
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻏﻴﺮﻫﻢ .وﻳﺼﻌﺐ اﻹﺣﺎﻃﺔ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ،ﺑﻜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق و ﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎر أن ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﻘﺎﻟﺔ »ﺗﺘﺎر ﻛﻴﻔﺘﺶ« اﻟﺴﺎﻟﻔـﺔ ذﻛـﺮﻫـﺎ ،ﻣـﻦ أﺟـﻞ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣﻮل ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع .إﻧﻨﺎ ﺳﻨﻬﺘﻢ ﻫﻨﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص aﻔﻬﻮم »اﻟﻔﻦ« ،أو ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ اﻟﺘﻲ أﺛﺮت ــ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﳉﻤﺎل ــ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ اCﻬﺘﻤﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص. ﻛﺎن ﻫﻨﺎك رأي ﺷﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻳﻘﻮل إن ﻫﺪف اﻟﻔﻨﺎن ﻫﻮ إﻧﺘﺎج ﺷﻲء ﻣﺎ »ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﳉﻤﺎل« .ﺑﺤﻴﺚ ﺷﻌﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜـﺘـﺎب ﺣﻠﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﳉﻤﺎل واﻟﻔﻨﺎﻧ ،tﺑﺄن ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻔﻦ ﻜﻦ ﺣﻠﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ إذا ُ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻘﻨﻌﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻷﻣﻮر ﺗﻄﻮرت ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ ﻓﻲ اﲡﺎه ﻣﻌﺎﻛﺲ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻬﻢ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ إﻣﻴﻞ زوﻻ رواﻳﺎت ﻋﺪة ﻳﻔﻮح اﻟﻌﻄﻦ واﻟﻔﺴﺎد ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ اﺣﺘﻠﺖ ﻣﻜﺎﻧﺔ »ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ« ﻓﺮﻳﺪة ﻓﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ اﻷدب، ﻛﺬﻟﻚ رﺳﻢ ﻣﻮرﻳﻠﻠﻮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻀﻤﻦ أي ﺟﻤﺎل ﺑﺎCـﻌـﻨـﻰ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻲ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻬﻲ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ وﺟﻤﺎﻟﻴﺔ راﺋﻌﺔ .وأﻛﺪ اﻟـﻔـﻴـﻠـﺴـﻮف ﻛﻮﻟﻨﺠﻮود أن اﳉﻤﺎل داﺋﻤﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺨﺘﻠﻄﺎ ﺑﺎﻟﻘﺒﺢ ،واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ ،وﻛﺘﺐ روزﻧﻜـﺮاﻧـﺰ K.Rozenkranzاﻟﻌﺎم ١٨٥٥ﻛﺘﺎﺑﺎ ﺳﻤـﺎه »ﺟـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟـﻘـﺒـﻴـﺢ« The .Aesthetics of uglyووﺻﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ اﻹﻳﻄﺎﻟـﻲ اCـﺴـﺘـﻘـﺒـﻠـﻲ ﻣـﺎرﻳـﻨـﻴـﺘـﻲ Marinettiإﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﻘﻮل إن »اﳉﻤﻴﻞ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ«).(١٧ ووﻓﻘﺎ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ﻓﺈن اﻟﻔﻦ ﻜﻨﻪ أن ﻳﻘﺪم اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺼﺎﺋﺺ أﺧﺮى ﻣﺘﻤﺎﻳﺰة ﻋـﻦ » اﳉـﻤـﻴـﻞ« ،ﻣـﺜـﻞ إﺛـﺎرة اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم، وإﻳﻘﺎظ اCﺸﺎﻋﺮ واﻟﺒﻬﺠﺔ ،وﻟﻮ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻋﻤﺎل ﻏﻴﺮ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻜﻠﻤﺔ »ﺟﻤﺎل« ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ،واﻟﻮﺣﺪة واﻟﺘﻮازن ،وﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻣﺜﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻔﻴﻠﻢ ﻣﺸﻮق ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث ﻏـﺎﻣـﻀـﺔ ﺗُﺤﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻛﺘﺸﺎف اCﺴﺆول اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻋﻨﻬﺎ. إن ﺟﻤﺎل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻻ ﻳﻜﻤﻦ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺟﻮﻣﺒـﺮﻳـﺘـﺶ Gombrichــ ﻓﻲ ﺟﻤﺎل ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ،ﺑﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﺎل أﺳﻠﻮب اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع).(١٨ وﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻻﻳﻘﻮم ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑـﺎﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت ﺑـﺘـﺤـﺪﻳـﺪ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ اﳋﺎص ﻟﻠﻔﻦ ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﻳﻜﺘﻔﻮن ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺗﺸﺎﻳﻠﺪa ،ﺎ ﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ أو ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻬﻢ اCﺸﺘﺮك ،وﻳﻜﻮن اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﳊﺪﺳﻲ ،أو »اCﺴﻠﻢ ﺑﻪ« ،ﻛﺎﻓﻴﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺒﺤـﺜـﻪ اﳋـﺎص ،إﻧـﻬـﻢ ﻳـﻬـﺘـﻤـﻮن ﺑـﺎﻟـﺪﻗـﺔ ﻓـﻲ 22
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
أدوات اﻟﺒﺤﺚ وﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻹﺟﺮاﺋﻲ ﻟﻠﻤﻔﺎﻫﻴﻢ وﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻜﻤﻴﻢ ،أو اﻟﻘﻴﺎﺳﺎت اﻟﻜﻤﻴﺔ ﻟﻠﻈﻮاﻫﺮ واCﻌﺎﳉﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ذﻟﻚ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ رأﻳﻬﻢ ،ﻓﻲ ﺣ tأن ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻔﻨﻴـﺔ واﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ وﺛـﺮاءﻫـﺎ ﻧـﺎدرا ﻣـﺎ ﺗﺴﺘﻠﻔﺖ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ).(١٩ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻟﻠﻔﻦ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺜﺎرت اﻫﺘﻤﺎم ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ، ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﻃﺮﺣﺖ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﺼﻄـﻠـﺤـﺎت ﻗـﺮﻳـﺒـﺔ ﻣـﻦ اCـﻌـﺎﳉـﺎت اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻔـﺮوض واﻟﺼﻴﺎﻏﺎت اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺔ: ١ــ ﺣﺎول ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻟﺴﻨﻴﺎت روﻣﺎن ﻳﺎﻛﺒﺴﻮن R.Jacobsonأن ﻳﻜﺘﺸﻒ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺑ tاﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﺪﻳﺪة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﻜـﻦ أن ﺗـﺴـﻤـﻰ اﻟـﻮﻇـﻴـﻔـﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ Poetic Functionأو ﺑﺎﻷﺣﺮى اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻷن ﻛﻠﻤﺔPoetics ،وﻛﻤﺎ أﻃﻠﻘﻬﺎ أرﺳﻄﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮ ،ﻟﻢ ﺗﻜـﻦ ﻣـﻌـﻨـﻴـﺔ ﻓـﻲ اCـﻘـﺎم اﻷول ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺑﻘﺪر اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔـﻦ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ـــ وﺧـﺎﺻـﺔ اﻟـﺪراﻣـﺎ ـــ ﻣـﻦ ﺣـﻴـﺚ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ ،أو ﻻ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ، ﻣﻦ ﺷﻌﺮ أو ﺟﻮاﻧﺐ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ .وﻗﺪ ﺣـﺪد ﻳـﺎﻛـﺒـﺴـﻮن دور ﻫـﺬه اﻟـﻮﻇـﻴـﻔـﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ أﻧﻪ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ »ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋـﻠـﻰ اﺟـﺘـﺬاب اﻻﻧـﺘـﺒـﺎه ﻧـﺤـﻮ اﻟـﺮﺳـﺎﻟـﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻟﻴﺲ ﻧﺤﻮ أي ﺷﻲء ﺧﺎرﺟﻬﺎ ،أو أي ﺷﻲء ﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، أو اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻴﻪ .ﻓﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗﻜﻮن ﺷﻌﺮﻳﺔ )أي ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ( ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ اﳋﺎص ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،أو ﻋﻨﺪه ،ﻣﻦ اﺟﺘﺬاب اﻻﻧﺘﺒﺎه اﳋﺎص ﺑﺎ'ﺘﻠﻘﻲ إﻟﻰ أﺻﻮاﺗﻬﺎ وﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ،أو ﺗﻨﻈﻴـﻤـﻬـﺎ اﳋـﺎص ،وﻟـﻴـﺲ إﻟـﻰ ﺷﻲء آﺧﺮ ﻳﻘﻊ ﺧﺎرﺟﻬﺎ« ).(٢٠ ٢ــ وﻳﺒﺪو ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻫﺮﺑﺮت رﻳﺪ ﻟﻠﻔﻦ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼف ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tﻳﺎﻛﺒﺴﻮن ﻓﻲ اﲡﺎﻫﺎﺗﻬﻤﺎ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ) ،ﻓﺎﻷول ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﳉﺪﻳﺪ واﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﻓﻜﺎر ﻳﻮﱋ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻨﻴﻮي ﻳﻨﻄﻠـﻖ ﻣـﻦ أﻓـﻜـﺎر دي ﺳـﻮﺳـﻴـﺮ ﻓـﻲ ﻋـﻠـﻢ اﻟـﻠـﻐـﺔ ﺧﺎﺻﺔ( .وﻗﺪ ﻗﺎل رﻳﺪ إن اﻟﻔﻦ »ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻻﺑﺘﻜﺎر أﺷﻜﺎل ﺳﺎرة ،وﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﺗﻘﻮم ﺑﺈﺷﺒﺎع إﺣﺴﺎﺳﻨﺎ ﺑﺎﳉﻤﺎل ،وﻳﺤﺪث ﻫﺬا اﻹﺷﺒﺎع ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜﻮن ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺬوق اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺘﺂﻟﻒ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺸﻜـﻠـﻴـﺔ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﺑـt إدراﻛﺎﺗﻨﺎ اﳊﺴﻴﺔ« وﻗﺪ ﻋﺮّف رﻳﺪ اﳉﻤﺎل ﺑﻘﻮﻟﻪ »إﻧﻪ وﺣﺪة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت 23
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻧﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل إدراﻛـﺎﺗـﻨـﺎ اﳊـﺴـﻴـﺔ« ) .(٢١وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟـﻌـﻼﻗـﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل إدراﻛﺎﺗﻨﺎ اﳊﺴـﻴـﺔ ،ﻫـﻮ ﻣـﺎ اﻫـﺘـﻢ ﺑـﻪ ﺑـﺮﻟـt أﻳﻀﺎ ،ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻪ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺘﻌﺮض ﻟﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻓـﺼـﻞ ﻗـﺎدم ،وﻳـﻘـﺘـﺮب ﺗﻌﺮﻳﻒ »رﻳﺪ« ﻫﺬا ﻟﻠﻔﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ »ﻛﻼﻳﻒ ﺑﻞ« ﻟﻪ ﺑﺄﻧـﻪ »ﺷـﻜـﻞ دال« .A.significant Form ٣ــ ﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت ﺗﻘﻮل إن اﻟﻔﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻌﺎم ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋـﻠـﻰ ﻛـﻞ ﺷﻲء ﺻﻨﻌﻪ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺻﻨﻌﺘﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﺑﻬﺬا اCﻌﻨﻰ ﻓﺈن اﻟﻠﻮﺣﺎت واCﻨﺎزل واCﺪن واﻟﺴﻔﻦ وﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﻫﻲ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ اﻷﺷﺠﺎر واﳊﻴﻮاﻧﺎت واﻟﻨﺠﻮم وﻣﻮﺟﺎت اﶈﻴﻂ ﻟﻴﺴﺖ أﻋـﻤـﺎﻻ ﻓـﻨـﻴـﺔ .وﻣـﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اCﻌﻨﻰ ﺟﺎءت ﻣﻘﻮﻟﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻔﺮﻧـﺴـﻲ أﻧـﺪرﻳـﻪ ﺟـﻴـﺪ »إن اﻟـﺸـﻲء اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ«).(٢٢ إن ﺷﺮط أن ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ »ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻹﻧﺴﺎن« ﻫﻮ ﺷﺮط ﺿﺮوري، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺷﺮﻃﺎ ﻛﺎﻓﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اCﻨﺎﻃﻘﺔ ،ﻓﺎﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﺬي ﺻـﻨـﻌـﻪ اﻹﻧـﺴـﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ »ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ« أو إﺳﺘﺎﻃﻴﻘﻴﺎ ،ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻠﺨﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ واﻟﻌﻘﻠـﻲ )ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺗـﺄﻣـﻠـﻪ واﻹﺣـﺴـﺎس ﺑـﻪ( ،وﻟـﻴـﺲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻠﻤﻨﻔﻌﺔ ،أو وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻬﺪف ﻣﺤﺪد ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ،ﻛﺄن اﺳﺘﺨﺪم أﺣﺪ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ اﳋﺸﺒﻴﺔ اﺠﻤﻟﻮﻓﺔ ﻛﺠﺴﻢ ﻃﺎفٍ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻨﻬﺮ وأﻧﺘﻘﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻀﻔﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ .إﻧﻪ ﻫﻨﺎ ﺳﻴﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ﻷﻧﻨﻲ ﻫﻨﺎ ﻟﻦ أﻛﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﻤﺘﺎع ﺟﻤﺎﻟﻲ ﺑﻪ ،ﺑﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﺨﺪام ﻧﻔﻌﻲ ﻟﻪ ،إﻧﻨﺎ ﻧﻜﻮن ﻫﻨﺎ ،ﻻ ﻧﺰال ﻣﺨﻠﺼ ،tﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻛﺎﻧﻂ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻏﺎﺋﻴﺔ ﺑﻼ ﻏﺎﻳﺔ ،وﺑﻬﺬا اCﻌﻨﻰ أﻳﻀﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻔﻦ ﻫﻮ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى ﻓﻲ اCﻘﺎم اﻷول ،وﻋﻨﺪ اCﺴﺘﻮى اﻷول ﻟﻠـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻟـﻪ .ﻟـﻜـﻦ ﻣـﺎ ﻧـﺤـﺐ أن ﻧﻀﻴﻔﻪ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳـﺒـﻖ ﻫـﻮ أﻧـﻪ ﻟـﻴـﺲ ﻫـﻨـﺎك ﻣـﺎ ـﻨـﻊ ﻣـﻦ أن ﺗـﻜـﻮن ﻋـﻼﻗـﺘـﻲ ﺑﺎCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،واﻟﻔﻨﻲ ﺧﺼﻮﺻﺎ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﻗـﺒـﻴـﻞ »اﻟـﻜـﻞ أو ﻻ ﺷﻲء« ،أي أن ﺗﻜﻮن ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﺑﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﻴﻠﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،واﻟﻔﻨﻴﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ، ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺮض ﻓﻘﻂ ،ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ ﺣﺎﻻت أو أﻧﻮاع اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺧﺮى ﻣﻌﻬﺎ .إﻧﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﺄﻣﻞ أﺣﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ أﻛﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻪ وﺟﺪاﻧﻴﺎ وﻣﻌﺮﻓﻴﺎ وﺗﻜﻮن ﻋـﻼﻗـﺘـﻲ ﺑـﻪ ،ﻫـﻨـﺎ واﻵن ،ﻋـﻼﻗـﺔ ﻋﻠﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻨﻲ أﺿﻔﻲ ﺑﺪوري ﺗﻔﺴﻴﺮاﺗﻲ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،إﻧﻪ ﻳﻔﺮض ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻪ ّ 24
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،إﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ،ﻷﻧﻪ أوﻻ :ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻹﻧﺴﺎن. ﺛﺎﻧﻴﺎ :أﻧﺘِـﺞ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﺪاث أﺛﺮ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﺳﺎر .ﺛﺎﻟﺜﺎ :ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻼﻗﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى ،وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻨﻊ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق أن ﻳﺴﺘﻔﺎد ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻣﺜﻼ ،ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠـﻴـﻢ ،وﻫـﻮ ﻏﺮض ﻧﻔﻌﻲ ،وﻟﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻨﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ إﺳﺘﺎﻃﻴﻘﻴﺔ ﻓﻘﻂ )ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗـﺔ ﺗـﻜـﻮن ﺿـﺮورﻳـﺔ ـﺎﻣـﺎ ﻟـﺮﻓـﻊ ﻛـﻔـﺎءة ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ( .ﻓﻘﺪ ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘـﻰ أو اﻟـﻔـﻦ اﻟـﺘـﺸـﻜـﻴـﻠـﻲ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﻴﻂ اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﺎCﻬﻤﺔ اﻷﺳﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﻬﻤﺔ ﺑﺪورﻫﺎ ﻓﻲ اﳋﻴﺎل ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓـﻲ اﻹﺑـﺪاع ﺑـﺎﻟـﺼـﻮر ،Imageryوﻫﻨﺎ ﺳﺄﺳﺘﺨﺪم اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،واﻷﻓﻼم اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،واﻟﺘﺴﺠﻴـﻠـﻴـﺔ، واﻟﺮواﺋﻴﺔ ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ .وﻗﺪ أﺳﺘﺨﺪم اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺜﻼ ﻟﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺬﻛﺎء ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﻣﺜﻼ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ اﻵن ﲢﺖ ﻋﻨﻮان »أﺛﺮ ﻣﻮﺗـﺴـﺎرت« ،Mozart’s effectواﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﺳﻤـﺎع اﻷﻃـﻔـﺎل ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻷﻋﻤﺎرﻫﻢ وﺧﺎﺻﺔ ﺑـﻌـﺾ أﻋـﻤـﺎل ﻣﻮﺗﺴﺎرتC ،ﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻖ وﺑﻬﺠﺔ ورﺷﺎﻗﺔ وﺣﻴﻮﻳﺔ وﺳﺮﻋﺔ وﻣﺘﻌـﺔ ﺣـﺴـﻴـﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﺛﻢ ُﻳﻘﺎس ذﻛﺎؤﻫﻢ وأداؤﻫﻢ اﻟﺪراﺳﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﺗﺘﻢ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻬﻢ ﺑﻐﻴﺮﻫﻢ ﻦ ﻟﻢ ﺮوا ﺑﻬﺬه اﳋﺒﺮة ،ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ،وﻗﺪ وﺟﺪ أن ﻣﻦ اﺳﺘﻤﻌﻮا إﻟﻰ أﻋﻤﺎل ﻣﻮﺗﺴﺎرت ﻫﺬه ﻗﺪ ارﺗﻔﻊ ﻣﻌﺪل ذﻛﺎﺋﻬﻢ ﻓﻌﻼ ،إﻟﻰ ﺣـﻮاﻟـﻰ ﺛـﻤـﺎﻧـﻲ أو ﺗﺴﻊ ﻧﻘﺎط أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل. ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑ tاﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ إذن ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻼﻗﺔ واﺣﺪة ﻓﻘﻂ ﻫـﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،أو ﻋﻼﻗﺔ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع واﻟﺘﺄﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ،ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻮﻗﻔﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ »ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ« ﺑـﻴـﻨـﻨـﺎ وﺑـt اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ »ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻌ ،«tوﻫﺬه ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﺿﺪ اﻟﻔﻦ ﺑﻞ ﺗﻌﻤـﻞ ﻣﻌﻪ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺸﺎط واﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺘﻌﺪدة ﺗﻌﺪدت ﺗﻔﺴﻴﺮاﺗﻪ وﺗﺄوﻳﻼﺗﻪ وﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ ،وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ أﻛﺜﺮ ﺧﺼﻮﺑﺔ وﺛﺮاء. ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻔﺎد ﺑﻪ أو ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺗﺄﺛﻴـﺮه ﻓـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﺰﻳـ tأو اﻟﺪﻳﻜﻮر اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻤﻨﺰل ﻓﻘﻂ ،أﻗﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺬي ﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻔـﺎد ﺑـﻪ ،أو ﻳـﻜـﻮن أﻛـﺜـﺮ ﺗـﺄﺛـﻴـﺮا ﻓـﻲ اﻻﺳـﺘـﻤـﺘـﺎع اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ )اﻟـﺘـﺄﻣـﻠـﻲ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ( ،وﻓﻲ ﲢﻘﻴﻖ اﻻرﺗﻘﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤـﻲ 25
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن .وﺑﻬﺬا اCﻌﻨﻰ ﻓﺈن أﻋﻤﺎل ﻣﻮﺗﺴﺎرت اﻟﺘـﻲ ﻳﺴﺘﻔﺎد ﺑﻬﺎ ﺧﻼل اCﻮﻗﻒ اﳋﺎص ﺑﺘﺄﻣﻠﻬﺎ واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻬﺎ ﺟﻤـﺎﻟـﻴـﺎ ﻓـﻲ رﻓـﻊ ذﻛﺎء اﻷﻃﻔﺎل ،ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏـﻴـﺮ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮ ﻓـﻲ ﺗـﻜـﻮﻳـﻦ ﺟـﻴـﻞ ﻗـﺎدر ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ ،واﻻﻛﺘﺸﺎف واﻹﺑﺪاع ،وaﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻘﺪم اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻬﻤﺔ. ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﻻ ﳒﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻴﺎﻟ tإﻟﻰ ﻗﺒﻮل ذﻟﻚ اﻟﺘﺼـﻨـﻴـﻒ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﻔﻨﻮن ،إﻟﻰ ﻓﻨﻮن ﺟﻤﻴﻠﺔ )ﻛﺘﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ إﺑﺪاﻋﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ رؤﻳﺘﻬﺎ أو ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ أو ﻗﺮاءﺗﻬﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻓـﻘـﻂ( ،وﻓـﻨـﻮن ﺗـﻄـﺒـﻴـﻘـﻴـﺔ ،أو ﻧـﻔـﻌـﻴـﺔ )ﻛﺎﳋﺰف واﻟﻔﺨﺎر وﺗﺼﻤﻴﻢ اﻹﻋﻼﻧﺎت واﳊﻔﺮ ﻋﻠﻰ اCﻌـﺎدن ...إﻟـﺦ( .ﻓـﻜـﻞ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻴﻪ ﻫﺬان اﳉﺎﻧﺒﺎن )اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع واﻟﻔﺎﺋﺪة( ،وﻗﺪ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ) .اﳉﺎﻧﺐ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ أو اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻣﺜﻼ( ﻟﻜﻦ اﳉﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدا أﻳـﻀـﺎ .وﻣـﻦ اCﻔﻴﺪ إذن أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ وﻧﺪرﻛﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬـﺎ ﺗـﺸـﻐـﻞ ﻣـﻮاﺿـﻊ ـﺪد أﻃﻮاﻟﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﺒﺮ ﻣﺘﺼﻞ ﻛـﻤـﻲ Continuumﺘﺪ )ﻛﺎCﺴﻄﺮة اﻟﺘـﻲ ُﺗﺤ ّ aﺴﺎﻓﺎت وأرﻗﺎم ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺜﻼ( ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻏﺮاض اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﻟـﺼـﺔ ﺎﻣﺎ اCﻮﺟﻮدة ﻋﻨﺪ أﺣﺪ ﻃﺮﻓﻲ ﻫﺬا اCﺘﺼﻞ ،ووﺻﻮﻻ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن واﺿـﺤـﺔ اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﺎﻣﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ،ﻣﻊ إﻋﺎدة اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻨﺎ إن أي ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻳﺸﺘﻤﻞ أو ﻜﻦ أن ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻏﺮاض ﻧﻔﻌﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ ،أي ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻧﻔﻌﻲ ﻜﻦ ،أو ﻻﺑﺪ ﺑـﺎﻟـﻀـﺮورة أﻧـﻪ ﻳـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﺟـﺎﻧـﺐ ﺟـﻤـﺎﻟـﻲ ،أو اﺳﺘﺎﻃﻴﻘﻲ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﺷﻲء ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﳊـﻴـﺎة )ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﻣﺜﻼ أو أوراق اﻟﺼﺤﻒ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻔﺎد ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻜﻮﻻج ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ(. ﺟﺎء اﳉﺬر اﻟﻠﻐﻮي اﳋﺎص ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻓﻦ Artﻓﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ وﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﳉﺬر اﻟﻼﺗﻴﻨﻲ ،arsواﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ »اCﻬﺎرة« ،وﻣﺎزال ﻫﺬا اCﻌﻨﻰ ــ اﻷﺻﻞ ــ ﻣﻮﺟﻮدا وﻣﻼزﻣﺎ Cﻌﻨﻰ أو ﺟﻮﻫﺮ اﻟﻔﻦ ﺣﺘﻰ اﻵن) .(٢٣ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻗﺪ أﺿﻴﻔﺖ إﻟﻴﻪ دﻻﻻت أﺧﺮى ﻋﺪة ﺗﺆﻛﺪ ﻓﻘﻂ ﻗﻴﻤﺔ اCﻬﺎرة ،ﺑﻞ وﻗﻴﻤﺔ اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻹﺿﺎﻓﺔ أﻳﻀﺎ ،ﻓﺎﻟﻔﻦ إذن ﻫﻮ »اﺳﺘﺨﺪام ﺧﺎص ﻟﻠﻤﻬﺎرة واﳋﻴﺎل ﻓﻲ إﺑﺪاع وإﻧﺘﺎج ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت وﺑﻴﺌﺎت وﺧﺒﺮات ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻳﺸﺘﺮﻛﻮن ﻫﻢ ﺑﺪورﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﺑـﻌـﻀـﻬـﻢ 26
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻟﺒﻌﺾ«).(٢٤ ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﻔﻨﻮن ﻣﻦ ﺣﻴﺚ وﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ،وﻗﺪ أﺷﺎر »إﻳﺪﻣﺎن« إﻟﻰ وﺟﻮد ﺛـﻼث وﻇﺎﺋﻒ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﻫﻲ اﻟﺘﻜﺜﻴﻒ ،واﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ،واﻟﺘﺄوﻳﻞ ﻟﻠﺨﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ).(٢٥ وأﺷﺎر ﻓﻼﺳﻔﺔ وﻧﻘﺎد ودارﺳﻮن آﺧﺮون ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ إﻣﻜﺎن ﺗﺼﻨﻴﻒ اCﻔـﺎﻫـﻴـﻢ واﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻟﻠﻔﻦ ﻓﻲ ﺛﻼث ﻓﺌﺎت ﻳﻌﻜﺲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ واﻹﺑﺪاع ،وﻫﺬه اﻟﻔﺌﺎت ﻫﻲ: ١ــ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ )أرﺳﻄﻮ وﻓﻨﺎﻧﻮ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻣﺜﻼ(. ٢ــ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻔﻨﺎن )اCﺪرﺳﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ وﻛﺮوﺗﺸﻪ وﻛﻮﻟﻨﺠﻮود ﻣﺜﻼ(. ٣ــ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره إﺑﺪاﻋﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎل ﻓﻲ ذاﺗﻪ )ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻔﻦ ﻛﻤﺎ ﺜﻠﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ أوﺳﻜﺎر واﻳﻠﺪ ﻣﺜﻼ(. ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ أن ﻫﺬه اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻻ ﻳـﺴـﺘـﺒـﻌـﺪ أﺣـﺪﻫـﺎ اﻵﺧـﺮ ،ﻓـﻬـﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﺟﻤﻴﻞ أو أﺻﻴﻞ ،ﻓﻬﻨﺎك ﻗﺪر ﻣﻦ اﶈﺎﻛﺎة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ،واﶈﺎﻛﺎة ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻷرﺳﻄﻲ ﻓﻘﻂ) ،ﻣﺤﺎﻛـﺎة اﻷﻓـﻌـﺎل( ﺑﻞ aﻌﻨﻰ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﳉﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻗـﺪ ﺗـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻣـﻦ ﺑـﺸـﺮ وﺣﻴﻮاﻧﺎت وﻧﺒﺎﺗﺎت وﺟﻤﺎدات وﺣﺮﻛﺔ وﺳﻜﻮن وﺗـﻐـﻴـﺮ...إﻟـﺦ ،وﻛـﺬﻟـﻚ ﻛـﻞ ﻣـﺎ ﻳﺤﺎول اﻟﻔﻨﺎن أن ﻳﺠﺴﺪه ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ »اﻹﺣﺎﻟﺔ« إﻟﻰ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ اﺧﺘـﺎرﻫـﺎ ﻓﻲ ﳊﻈﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﺣﺎول أن » ﺜﻠﻬﺎ« ﻓﻨﻴﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻣﺜﻠﻬﺎ أو ﺜﻠﻬﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ. واﻟﻔﻦ أﻳﻀﺎ ﻫﻮ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻔﻨﺎن اCﻌﺮﻓﻴﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ...إﻟﺦ ﺣﻮل اﻟﺬات واﻟﻌﺎﻟﻢ وﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬه اﻟﺬات ﺑﻬﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ. واﻟﻔﻦ ﻛﺬﻟﻚ إﺑﺪاع ،ﻳﺠﺪد ﻓﻲ »اﻟﺘﻤﺜﻴﻼت« )اﻟﻔﺌﺔ اﻷوﻟﻰ( و»اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات« )اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( وﻳﻀﻴﻒ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﺪﻳﺪ وﻣﻨﺎﺳﺐ. ﻓﺎﻟﻔﻦ إذن » ﺜﻴﻞ وﺗﻌﺒﻴﺮ وإﺑﺪاع« ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ. ﻳﺮى اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اCﻌﺎﺻﺮ إروﻳﻦ إﻳﺪﻣﺎن أن ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﻦ ﻫﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﳊﻴﺎة، وﺗﻘﺪ& ﺧﺒﺮة ﺟﺪﻳﺪة ﺣﻮﻟﻬﺎ ،وﻗﺪ ذﻛﺮ أن اﻟﻔﻦ ﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺬي ﻳﻄﻠـﻖ ﻋـﻠـﻰ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء واﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﺗـﻘـﻮم اﳊـﻴـﺎة اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻌـﻲ ﺷﺮوﻃﻬﺎ ﺟﻴﺪا ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺮوط إﻟﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻳﺜﻴﺮ اﻻﻫﺘـﻤـﺎم ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ 27
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﺒﻴﺮ).(٢٦ ﻣﻊ ذﻟﻚ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ،ﻓﺈن اﻟﻔﻦ ﻇﺎﻫﺮة ﻳﺼﻌﺐ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﺣﻘﺎ ،ﻓﺄﺣﻴﺎﻧﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺪود واﺿﺤﺔ ﺑ tﻣﺎ ﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻓﻨﺎ وﻣﺎ ﻻ ﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻓﻨﺎ ،وﻣﺎ ﻗﺪ ﻧﻌﺘﺒﺮه اﻟﻴﻮم ﻓﻨـﺎ ﻗـﺪ ﻻ ﻳـﺼـﺒـﺢ ﻛـﺬﻟـﻚ ﻓـﻲ ﻓـﺘـﺮة أﺧﺮى وﻓﻘﺎ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ واﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﳊﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪﻫﺎ اﻟﻨﺎس أﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ. وﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ اﻟﻔﺤﺺ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﳉﺪﻳﺪة ،اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪرﻫﺎ دور اﻟﻨﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻋﻦ أن اﳊﺪود ﻗﺪ ﺗﺪاﺧﻠﺖ ﺑ tﻣﺎ ﻫﻮ »ﻓﻨﻲ« ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ أو اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ أو اﻷﻛﺎد ﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﺑt ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺧﺎرج ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن ﻣﺜﻞ :ﻓﻨﻮن اﻟﻄﻬﻲ وﻓﻨـﻮن اﻷزﻳـﺎء ،وﻓـﻨـﻮن اﻟﻌﻼج اﻟﻨﻔﺴﻲ ،وﻓﻦ اCﺴﺎوﻣﺔ ،وﻓﻦ اCﻔﺎوﺿﺔ ،وﻓﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻹﺑﺪاﻋﻲ ،وﻓﻦ اﳋﺪاع ،وﻓﻦ اﻟﻜﺬب ،وﻓـﻦ اﳊـﺐ ،وﻓـﻦ اﳊـﺪﻳـﺚ ﻣـﻊ اﻵﺧـﺮﻳـﻦ ،وﻓـﻦ ﻃـﺮح اﻷﺳﺌﻠﺔ ،وﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺼﻤﺖ )ﻋﻦ إﻳـﻬـﺎب ﺣـﺴـﻦ ﻣـﺜـﻼ( ،إﻟـﻰ ﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﻋﻦ اﻧﺪﻳﺎح اﳊﺪود وﺗﺪاﺧﻠﻬﺎ ﺑt ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻨﻲ وﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻓﻨـﻲ ،وأﻳـﻀـﺎ ﻋـﻦ اﳉـﺎذﺑـﻴـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﻟـﻜـﻠـﻤـﺔ ﻓـﻦ. وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻠﻤﺔ »ﺟﻤﺎل« ﻓﻲ ﻛﺜﻴــﺮ ﻣــﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃــﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴــﺔ اﻟﺘـــــﻲ ﲢـــــﺪث »ﺗﺄﺛﻴــﺮاﺗﻬــﺎ« اﻻﻧﻔﻌﺎﻟــﻴــﺔ واCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣــﻦ ﺧــﻼل »ﻣﻬــﺎرات« ﻣﻌﻴﻨــﺔ و»إﺑﺪاﻋﺎت« ﻣﻌﻴﻨﺔ. ﻫﻨﺎك ﺟﻮاﻧﺐ ﻏﻴﺮ ﻓﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ وﺟﻮاﻧﺐ ﻓﻨﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮ )أﻛﺎد ﻴﺎ( ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن .ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺟﻮاﻧﺐ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﺖ ﻟﻠﺠﻤﺎلa ،ﻌﻨﺎه اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي أو اﻟﺸﻜﻠﻲ ،ﺑﺼﻠﺔ) ،أﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ واﻹﺛﺎرة واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت واﻟﺘـﻤـﺎﺛـﻴـﻞ اﳊﺪاﺛﻴﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ ...ﻣﺜﻼ( ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺟﻮاﻧﺐ ﺟﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻛـﺎن ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺧﺎرج اﳉﻤﺎل وﺧﺎرج اﻟﻔﻦ ،ﻓـﻤـﻦ اCـﻤـﻜـﻦ أن اﺳـﺘـﻤـﺘـﻊ ﺟـﻤـﺎﻟـﻴـﺎ ﻣـﺜـﻼ aﺤﺎﺿﺮة ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻌ tأﻟﻘﺎﻫﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺬاب ،وﻫﺬه اﶈﺎﺿﺮة ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼﻏﺔ ،واﻟﻔﺼﺎﺣﺔ وﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻠﻐﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺎ أﺛﺎر اﻫﺘﻤﺎﻣﻲ ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳋﺎص اﻟﺬي ﻋﺮض ﻫـﺬا اﶈـﺎﺿـﺮ ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻪ أﻓﻜﺎره ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳋﺎص ﻋﻨﺼـﺮا ﺟـﻤـﺎﻟـﻴـﺎ ،ﻷﻧـﻪ أﺛـﺎر ﺑﺪاﺧﻠﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﺼﺢ أن ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ »ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اCﻌﺮﻓﺔ« ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻜﻦ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﶈﺎﺿﺮة ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎ 28
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
أو ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺐ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ وﻫﻜﺬا. ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﻔﻦ ﺑﺎCﻜﻮن اﳉﻤﺎﻟﻲ Aestheticأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﳉﻤﺎل Beauty ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﳊﺴﻲ ﻓﻘﻂ ،و»اCﻜﻮن اﳉﻤﺎﻟﻲ« ﻫـﻮ ذﻟـﻚ اﻟـﺸـﻌـﻮر اﳋـﺎص اﻟـﺬي ﻳﻨﺒﻌﺚ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻌﺮض ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ واﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻋـﺎﻣـﺔ أو ﻧﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ،ﻓﺘﺤﺪث ﻓﻴﻨﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻬﺎ اCﺘﻤﻴﺰة واﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺳﺎرة ،وإن ﻛﺎن ﻫﺬا ﻻ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ وﺟﻮد ﻣﺸﺎﻋﺮ واﻧﻔﻌﺎﻻت وﺣﺎﻻت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اCﺘﻌﺔ واﻟﺒﻬﺠﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻻﻛﺘﺸﺎف ،واﻟﺘﺄﻣﻞ واﻟﻔﻬﻢ ،واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اCﻌـﺮﻓـﻲ، واﻟﺪﻫﺸﺔ ،واﻻﻫﺘـﻤـﺎم ،واﻟـﺘـﻮﻗـﻊ ،واﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑـﺎﻟـﻐـﻤـﻮض ،وﺣـﺐ اﻻﺳـﺘـﻄـﻼع، واﻟﺘﺨﻴﻞ ،واﳋﻮف اCﻤﺰوج ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﻦ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﳊﺎﻻت اCﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﺨﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﳉﻤﺎل ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن وﻓﻲ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﳊﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ إﺑﺪاع اﻹﻧﺴﺎن )ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔـﻨـﻮن( ،أﻣـﺎ اﻟـﻔـﻦ ﻓﻬﻮ داﺋﻤﺎ ﻣﻦ إﺑﺪاع اﻹﻧﺴﺎن ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺟﻤﻴﻼ أو ﻻ ﻳﻜﻮن وﻓﻘﺎ ﻹﺣﺴﺎﺳﻨﺎ اﳋﺎص ﺑﻪ ،ﻣﻌﺒﺮا ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺟﻤﻴﻠﺔ أو ﻏﻴﺮ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،ﻟﻜﻨـﻪ ﻓـﻲ ﺟـﻮﻫـﺮه ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻫﺬه اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﻧﺤﺎول أن ﻧﺴﺘﻜﺸﻒ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﺸﻜﻞ إرادي أو ﻻ إرادي ،ﻧﻘﻮم ﺑﺎﺧﺘﻴﺎرات ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﻞ ﻳﻮم ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺮر ﻣﺜﻼ ﻣﺎذا ﻧﻠﺒﺲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﻒ اﻟﺒﻴﺖ وﻧﻌﻴـﺪ ﺗـﺮﺗـﻴـﺐ أﺛـﺎﺛـﻪ ،ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻧـﺨـﺘـﺎر زﻫﻮرا ﻛﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻄﻌﺎم أو ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺖ ،ﻋﻨﺪﻣـﺎ ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻰ ﺣﻔﻠﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ أو اﻟﺴﻴﺎرة ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻰ ﻓﻴﻠﻢ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ أو ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻀﻊ ﻟـﻮﺣـﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﻓﻲ اCﻨﺰل ،أو ﻧﻘﺮأ رواﻳﺔ أو ﻗﺼﻴﺪة .إن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻧـﺸـﺎﻃـﺎﺗـﻨـﺎ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ذو ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ دون ﺷﻚ ،وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﺸـﺎﻃـﺎت ﻓـﻲ وﺟـﻮدﻫـﺎ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وإﺻﺪار اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻴﻠﻴﺐ رﺳﻞ F.Russellﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻟﻪ ﺑﻌﻨﻮان »اﻷذواق ﻋﺮف اﻷذواق اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ« ،Musical Tastes and Societyﺣﻴﺚ ّ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻃﻮﻳﻠـﺔ اﻷﻣـﺪ ﻷ ـﺎط ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﻣـﻦ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ 29
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واCﺆﻟﻔ tاCﻮﺳﻴﻘﻴ tواCﺆدﻳﻦ«).(٢٧ وﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻜﻨﻨﺎ اﻻﻣﺘﺪاد ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻌـﺮﻳـﻒ ،ﻓـﻨـﻌـﺮّف اﻷذواق اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻣﺜﻼ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻷ ﺎط ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺸﻌﺮاء« ،وﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ »اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻷ ﺎط ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت واCﺼﻮرﻳﻦ« ،وﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ »اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺜﺎﺑﺘـﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻷ ﺎط ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻼم واCﻤﺜﻠ tواﺨﻤﻟﺮﺟ ،«tوﻫﻜﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺒﻘﻴﺔ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﳉﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،وﺣﻴﺚ ﻳﻔﺘﺮض ،ﻣﺜﻼ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ وﺟﻮد ﺗﻔﻀﻴﻼت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻷ ﺎط ﻣﻌﻴـﻨـﺔ ،ﻣـﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ أو اCﺪﻧﻴﺔ ﻣﺜﻼ ،ﻣﻊ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄن اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﻣـﻜـﻮﻧـﺎت اﻟـﺒـﻴـﺌـﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﺗﻮﺿﻊ ﺿﻤﻦ ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﻔﻨﻮن ،وﺗﺴﻤﻰ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ،ﺑﺎﻟﻌﻤﺎرة. اﻗﺘﺮح ﻣﺎﻳﺮ وﺟﻮد ﻣﻜﻮﻧ tأﺳﺎﺳﻴ tﻓـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺘـﺬوق :أﺣـﺪﻫـﻤـﺎ ﻫـﻮ »اﻟﺬﻛﺎء اﳉﻤﺎﻟﻲ« Aesthetic Intelligenceوﻫﻮ اCﺮﺗﺒﻂ أﻛﺜﺮ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹدراك، وﻗﺪ ﺗﺼﻮره ذا ﺟﺬور وراﺛﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،أﻣﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﻬﻮ »اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ«، أو اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺘـﻘـﻮ ـﻲ ،Evaluative Intelligenceوﻗﺪ ﺗﺼﻮره ﻣﻜﺘﺴﺒﺎ وﻣـﺘـﻌـﻠـﻤـﺎ وراﺟﻌﺎ إﻟﻰ اﳋﺒﺮة إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ).(٢٨ ﻇﻬﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺘـﺬوق Tasteﻓﻲ دﻻﻟﺘﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا ﺧﻼل اﻟـﻘـﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴـﺮ اﻟـﻨـﺎﻗـﺪ اﻟـﻜـﻨـﺪي ﻧـﻮرﺛـﺮوب ﻓـﺮاي ) N.FryeاCـﻌـﺮوف ﺑﺈﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻪ اCﻬﻤﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ اﻷﺳﻄﻮري ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻷﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ(، وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن ذﻛﺮ أدﻳﺴﻮن أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻠﻐﺎت ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻌﺎرة اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﺎل اﻷﻃﻌﻤﺔ واCﺸﺮوﺑﺎت إﻟﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋﻦ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻤﻴﻴﺰ ﻛﻞ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻈﺎﻫﺮة ،وﻛﻞ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻﻛﺘﻤﺎل اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟـﻜـﺘـﺎﺑـﺔ ،وﻗـﺪ ﻋـﺮّف »أدﻳﺴﻮن« ﻫﺬه اCﻠﻜـﺔ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻬـﺎ »ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺮوح ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺒﻪ إﻟﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳉﻤﺎل ﻟﺪى أﺣﺪ اCﺆﻟﻔ ،tوﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﺮور ،وﺗﺘﻨﺒﻪ إﻟﻰ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﻨﻘﺺ ﻟﺪﻳﻪ وﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻔﻮر« .واﻋﺘﻘﺪ أدﻳﺴﻮن أﻳﻀﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ ﻓـﺮاي ـــ أن اﻟـﺬوق ﻋـﻠـﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻓﻄﺮي ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎﺑﻞ أﻳﻀﺎ ﻟﻠﺘﺜﻘﻴﻒ واﻟﺘﻬﺬﻳﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺮاءة واﳊﻮار واﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﺎت أﻓﻀﻞ ﻧﻘﺎد اCﺎﺿﻲ واﳊﺎﺿﺮ، وﻫﻲ وﺟﻬﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻳﺠﺪﻫﺎ ﻓﺮاي ــ وﳒﺪﻫﺎ ﻣﻌﻪ ــ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺣﺘـﻰ ﻳـﻮﻣـﻨـﺎ ﻫﺬا).(٢٩ 30
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺸﺎف »اﺻـﻄـﻼﺣـﺎت اﻟـﻔـﻨـﻮن« اﻟـﺘـﻬـﺎﻧـﻮي أن »اﻟـﺬوق ﻗـﻮة إدراﻛﻴﺔ ﻟﻬﺎ اﺧﺘﺼﺎص ﺑﺈدراك ﻟﻄﺎﺋﻒ اﻟﻜﻼم وﻣﺤﺎﺳﻨﻪ اﳋﻔـﻴـﺔ«) ،(٣٠وﻫﻲ وﺟﻬﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﺗﻘﺘﺮب ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴـﺔ اCـﻌـﺎﺻـﺮة ﻟـﻠـﺘـﺬوق، واﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻪ أﻛﺜﺮ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹدارك وﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻛﺘﺸﺎف ﻟﻠﻤﺤـﺎﺳـﻦ واﻷﺿﺪاد .ﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷCﺎﻧﻲ ﻓﺨﻨﺮ إﻟﻰ أن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳـــــﺆﺛﺮان دون ﺷﻚ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق وﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻓﺮاد ﻟﻸﺷﻴﺎء اﳉﻤﻴﻠﺔ ،وأن اﻟﺘﺬوق ﻳﻘﻮم ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﺳـﺘـﻌـﺪادات ﺑـﻴـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﺑﻞ ﺷﻌﻮر ﺧﺎص ﻳـﺘـﺄﺛـﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺬوق اﻟﺸـﺨـﺼـﻲ Personal Tasteﻟﻠﻔـﺮد .وﻋـﺮّف ﻓﺨﻨﺮ اﻟﺘـﺬوق ﺑـﺄﻧـﻪ »ﻗﻮة اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﲡﻌﻠﻬﺎ ﲢﺐ أو ﺗﻜﺮه ﻣﺎ ﻳـﻮاﺟـﻪ اCـﺮء ﻣـﻦ أﺷـﻴـﺎء« ،وﻧـﻈـﺮ ﻓﺨﻨﺮ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺘﺬوق ﻋﻠﻰ أﻧﻪ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻻ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣﻞ» ،ﻓﺎCﺮء ﻳﺤﺐ ﺷﻴﺌﺎ أو ﻻ ﻳﺤـﺒـﻪ ﻟـﻠـﻮﻫـﻠـﺔ اﻷوﻟـﻰ«) ،(٣١وﻳﺘﻨﺎﻗـﺾ ﻫـﺬا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻊ ﻗﻮﻟﻪ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺗﺮاﻛﻢ اﳋﺒﺮة وﺗـﻌـﺪﻳـﻞ اﻟﺴﻠﻮك. ﺗﺘﺪﺧﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻌﻬﺎ اCﺘﺬوق ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ أﻋﻠﻰ ﺎ ﻋﺪاﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻫﺬه ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﺘـﻲ ﻳـﻨـﻈـﺮ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ إﻟـﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻲ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺮﻛﺰ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻞ ،أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻫﻲ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺮﻛﺰ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اCﻀﻤﻮن .وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺮﻛﺰ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻌ tﻣﻦ اCﻀﻤﻮن ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﻔﺎوﺗﺖ أ ﺎط اﻟﺬوق، وأﺷﻜﺎل اﻟﻨﻘﺪ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،وﻇﻬﺮت اﲡﺎﻫﺎت ﻣﺜﻞ »اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻔﻦ« أو »اﻟﻨﻘﺪ اﳉﺪﻳﺪ« أو »اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ« أو »اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ« أو ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﺔ، أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻻﲡﺎﻫﺎت ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟـﻚ ﻓـﻲ ﻣـﻮاﺿـﻊ أﺧـﺮى ﻣـﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق إذن ﺑﺎﻹدراك ،وﺧﻼل اﻹدراك ﺗﻜﻮن ﻫـﻨـﺎك إﺣـﺎﻃـﺔ ﺑﺎCﺪرﻛﺎت )ﺑﺼﺮﻳﺔ ،ﺳﻤﻌﻴﺔ ...إﻟﺦ( ،ﺛﻢ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tﻫﺬه اCﺪرﻛﺎت أي ﲢﻠﻴﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﺛﻢ إﻋﺎدة ﺗﺮﻛﻴﺒـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻣـﻜـﻮن ﻛﻠﻲ ﺟﺪﻳﺪ .وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻃﺮاﺋﻖ اﻹدارك ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﳊﻮاس ،وﻳﺨﺘﻠﻒ 31
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أﺳﻠﻮب اﻹدراك اﻟﺒﺼﺮي ﻋﻦ أﺳﻠـﻮب اﻹدراك اﻟـﺴـﻤـﻌـﻲ ،ﻓـﺎﻷول ﻳـﺒـﺪأ ﻣـﻦ اﻹدراك اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ ،أو اﻟﻌﻤﻞ اCﺪرك ،ﺛﻢ ﻳﺘﺠﻪ إﻟﻰ اﻷﺟﺰاء ﺛﻢ ﻳﻌﻮد ﺑﻌـﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻛﻼ ﺟﺪﻳﺪا ،ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﻜـﻞ اﻟـﺬي ﺑـﺪأت ﺑـﻪ ﻫـﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻹدراك اﻟﺴﻤﻌﻲ )ﺳﻤﺎﻋﻨﺎ ﻟﻠﻐﺔ أو اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺜﻼ( ﻓـﻴـﺒـﺪأ ﻣـﻦ اﳉﺰﺋﻴﺎت وﻳﻘﻮم ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺮﻛﻴﺒﻲ أﻓﻘﻲ )ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ( ،أو رأﺳﻲ ﻋﺒﺮ اCﻜﻮﻧﺎت، وﻗﺪ ﻳﺘﺠﻪ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺎم إﻟﻰ اﳋﻠﻒ ،وﻣﻦ ﻣﻜﻮن إﻟﻰ آﺧﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻮﺛﺒﺎت اﻹدراﻛﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺸﺎﺑﻪ Cﺎ أﺷﺎرت إﻟﻴﻪ دراﺳﺔ ﺳﻮﻳﻒ ﻋـﻦ اﻟـﺸـﻌـﺮ)،(٣٢ وﻫﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺘﻤﻞ اﻹدراك اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ ،أو اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺴﻤﻌﻲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹدراك ﻫﺬه )وﻫﻲ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ اﺳﻢ آﺧﺮ ﻟﻠﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ( .وﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻣﻌﻪ ﻫﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﶈﺪدة ﻟﻸداء ،ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊـﺼـﺮ :اﳊـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ اﳉـﻤـﺎﻟ ـﻴــﺔ ،Aesthetic Sensitivityواﳊـﻜـﻢ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ،Judgement ،Aestheticواﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ .Aesthetic Preference واﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ،وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﻌﻪ. وﻳﺘﻮﺳﻂ »اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ« ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻫﻮ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑـﺔ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺬي أﺻﺪره اCﺮء ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮع ﺟﻤﺎﻟﻲ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺒﻮﻟﻪ أو رﻓﻀﻪ ﻟﻪ .ﻫﺬا رأﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣـﺎل ،وﻫـﻮ رأي ﻳﻘﺘﺮب إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ــ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﺎﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ـــ ـﺎ اﻗﺘﺮﺣﻪ ﻓﺆاد أﺑﻮ ﺣﻄﺐ ،ﺣ tﻗﺎل إن اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ اﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻫـﻲ اﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺔ اﻟﻔﺮد ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺤﺪد ﻣﻦ اﳉﻮدة ﻓﻲ اﻟﻔﻦ .أﻣﺎ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻴﺘﻌﻠﻖ »aﺪى اﺗﻔﺎق اﳊﻜﻢ اﳋﺎص ﺑـﺎﻟـﻔـﺮد ﻣـﻊ أﺣﻜﺎم اﳋﺒﺮاء ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﺣﻮل ﻋﻤﻞ ﻓﻨـﻲ ﺑـﻌـﻴـﻨـﻪ« ،وأﺧـﻴـﺮا ﻓـﺈن »اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ« ﻫﻮ ﻧﻮع اﻻﲡﺎه اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻧﺰﻋﺔ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﺪى اCﺮء ﲡﻌﻠﻪ ﻳﺤﺐ) ،أو ﻳﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ أو ﻳﻨﺠﺬب ﻧﺤﻮ( ﻓﺌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﻔﻦ دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻓﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﺛﺮ اﻟﺬي ﲢﺪﺛﻪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔـﻨـﻴـﺔ ﻓﻲ أﺑﺴﻂ ﻣﻈﺎﻫﺮه ،أي ﻓﻲ ﺻﻮرة اﻟﻘﺒﻮل أو اﻟﺮﻓﺾ ،اﳊﺐ أو اﻟﻨﻔﻮر).(٣٣ وﻗﺪ ﻃﺮح »ﺳﻮﻳﻒ« ﺗﺼﻮرا ﺧﺎﺻﺎ ﺣﻮل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق اﻟﻔـﻨـﻲ ﻳـﺘـﻔـﻖ ﻣـﻊ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻺدراك ،واﻟﺬي ﻓﺤﻮاه ــ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ــ أن اﻹدراك ﻳﺒﺪأ إدراﻛﺎ إﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ،ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻟـﻴـﺮﺗـﺪ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ إﻟـﻰ إدراك اﻟـﻜـﻞ إدراﻛﺎ واﺿﺤﺎ ﺛﺮﻳﺎ .ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻫﺬا اﻟـﺘـﺼـﻮر ،اﻟـﺬي ﻃـﺮﺣـﻪ »ﺳـﻮﻳـﻒ« ﺣـﻮل 32
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻟﺘﺬوق ،ﻣﻊ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أن ﻃﺮﺣﻪ ﺣﻮل ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻹﺑـﺪاع، ﻓﺄﺷﺎر إﻟﻰ أن اﻟﻘﺼﻴﺪة )أو اﻟﻠﻮﺣﺔ( ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺸﺎﻋﺮ )أو اﻟﻔﻨﺎن( ﻛﻜﻞ ﺳﺪ ﻲ ﻏﺎﻣﺾ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﻔﺘﺢ ﻋﻦ أﺟﺰاﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻬﻮد اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ. وﻳﻘﺮر ﺳﻮﻳﻒ أﻧﻪ ﺗﻮﺟﺪ ﳊﻈﺎت ﻻ ﻜﻦ إﻏﻔﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺸﺮﻳﺢ ﺧﺒﺮة اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ،ورaﺎ ﻛﺎن أوﺿﺤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺬﻫﻦ ﻓﺘﺮة اﻟﺘﻬﻴﺆ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺟﻮاﻧﺐ وﺟﺪاﻧﻴﺔ ،ودﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ،وﻋﻘﻠﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ اﻹﻃﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻤﺘﺬوق، واﻻﺳﺘﻌﺪادات اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻟﺪﻳﻪ ﻹﺻﺪار أﺣﻜﺎم ﺗﻘﻮ ﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨـﻴـﺔ. وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺧﺒﺮة اﻟﺘﺬوق ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑـﺎﻧـﺘـﻬـﺎء اﻻﻃـﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أو ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ،ﺑﻞ ﺘﺪ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﻄﻮل، وﻗﺪ ﺗﻘﺼﺮ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻣﺘﻌﺪدة. وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻳﺆﻛﺪ »ﺳﻮﻳﻒ« أﻳﻀـﺎ ﻋـﻠـﻰ أﻫـﻤـﻴـﺔ وﺟـﻮد ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎم ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ اCﻨﺒﻪ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ واﻟﺼﻮﺗﻴﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﺼﻮر ،وﻛﺬﻟﻚ وﺟﻮد ﺣﺎﻟـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻊ ،واﻻﺳﺘﺒﺎق ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ أو أﺛﺮ ﻣﻌ ،tﺧﻼل ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﺷﺒﻴﻪ aﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎء اﳉﺸﻄﻠﺖ »اCﻴﻞ إﻟﻰ اﻹﻏﻼق« .وﻳﺆﻛﺪ ﺳﻮﻳـﻒ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ،أو اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﲢﺪﻳﺪ اﻟـﺘـﻔـﺎﺻـﻴـﻞ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻓﻜﺮة ﻣﻌﻴﻨﺔ ،واﺳﺘﻤﺮار اﻟﺮﺑﻂ ﺑ tﻫﺬه اﻟﺘﻔـﺎﺻـﻴـﻞ وﻫـﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺻﻠﻴﺔ ،وأﺧﻴﺮا ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﺎﻣﻞ اCﺮوﻧﺔ اﻟﺘﻜـﻴـﻔـﻴـﺔ ،أي ﻗﺪرة اﻟﺸﺨﺺ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺰاوﻳﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ).(٣٤ ﻳﻨﻄﻮي ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ واﺣﺪة ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﶈﺎوﻻت ﻃـﻤـﻮﺣـﺎ ﻋﻠﻰ اCﺴﺘﻮى اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﺘﻘﺪ& ﺗﺼﻮر ﻛـﻠـﻲ ﺣـﻮل ﺗـﺬوق اﻟـﻔـﻨـﻮن ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم، وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﻨﺎﻇﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﺪراﺳﺘﻬﺎ ،وﻫـﻮ ﺗﺼﻮر ﻳﻨﺪرج ﲢﺖ اﻹﻃﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎزال ﻳﺤﺘﺎج إﻟـﻰ اﳉﻬﻮد اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ ﻣﻨﻪ. ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪم »ﺣﻨﻮرة« ﻮذﺟﺎ ﲢﻠﻴﻠﻴﺎ ﺑﻨﺎﺋﻴﺎ ﻟﻠﺘﺬوق ،ﻳﺸﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ أرﺑـﻌـﺔ أﺑﻌﺎد أو أوﺟﻪ ،ﻫﻲ :اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻌﻘﻠﻲ اCﻌﺮﻓﻲ وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ )ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﺪﻻل واﻟﻔﻬﻢ واCﻘﺎرﻧﺔ( ،واﻟﺒﻌﺪ اﳉﻤﺎﻟﻲ وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ )ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻘﻮ& واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ واﻹﻳﻘﺎع واCﻴﻮل( ،واﻟﺒﻌﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واCﻌﺎﻳﻴﺮ )اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺮﻓﺾ 33
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أو ﻗﺒﻮﻟﻪ( ،وأﺧﻴﺮا اﻟﺒﻌﺪ اﻟـﻮﺟـﺪاﻧـﻲ أو اﻟـﺬي ﻳـﻌـﺒـﺮ ﻋـﻦ درﺟـﺔ اﻟﺮﺿﺎ أو اCﻴﻞ إﻟﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎل ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﻗﺮﻳـﺐ أﻳـﻀـﺎ ﻣـﻦ ﺗﺼﻮر ﺣﻨﻮرة ﻟﻺﺑﺪاع ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،وﻓﻲ اCﺴﺮﺣﻴـﺔ ،وﻫـﻮ ﻳـﻘـﺮر أﻳـﻀـﺎ أن ﻣـﺎ ﻳﺠﻤﻊ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻮه أو اﻷﺑﻌﺎد ﻣﻌﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻤﺎه »ﺑﺎﻷﺳﺎس اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﻔـﻌـﺎل«، ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺘﻮازن واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑ tاﻷﺑﻌﺎد اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﻗﺪ أﺟـﺮى ﺣـﻨـﻮرة ﻋﺪة دراﺳﺎت ﺣﻮل اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻜﺒﺎر ،وﲢﻘﻖ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر اﳋﺎص ﺑﻪ ﺣﻮل اﻟﺘﺬوق).(٣٥ وأﺧﻴﺮا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق وﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺣـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ وأﺣﻜﺎم ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ وﺗﻔﻀﻴﻞ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻣﺘـﺄﺛـﺮة ﺑـﺎﳋـﺒـﺮة ﺳـﻮاء ﻋـﻠـﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﺮد ،أو ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﳉﻤﺎﻋﺔ ،وأن ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻐـﻴـﺮ ﻗـﺪ ﻳـﻜـﻮن ﻧـﺤـﻮ اﻷﻓﻀﻞ ،أو ﻧﺤﻮ اﻷﺳﻮأ اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﺎذج اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌـﺮض اCـﺮء ﻟﻬﺎ ،واﻋﺘﻤﺎدا أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻷذواق اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ،وﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت أﺧﺮى ﻛﺜﻴﺮة ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﺮﺑﻮي .وﺑﻌﻀﻬﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺑﻌﻀﻬﺎ إﻋﻼﻣﻲ .واﻟﻔﻜﺮة اﶈﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﺗﻔﻴﺪﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ ﻓﻜـﺮة اﻻﻧـﺰﻳـﺎح ،أو اﻻﻧـﺤـﺮاف Deviationﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺟﺎن ﻛﻮﻳﻦ ــ وﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﺖ ﻗﺒﻠﻪ ﻟﺪى اﻟﺸﻜﻼﻧﻴ tاﻟﺮوس ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ــ ﻣﺆﻛﺪا ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓـﻲ ﺗـﻐـﻴـﻴـﺮ اﻷذواق اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺸﻌﺮ. ﻳﻔﺮق »ﻛﻮﻳﻦ« أوﻻ ﺑ tاﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﻳـﺔ أﻛﺜﺮ ﲢﺪﻳﺪا أو ﺗﺨﺼﻴﺼﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻟﻐﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﺠﺎزﻳﺔ ،ﻣﺮﻛﺒﺔ، وﻳﺄﻣﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ أن ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ ﻟﺪى اﻟﻘﺎر ﻓﻬﻤﺎ ﺷﻜﻠﻴﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻮاﺿﺢ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اﻟﺬي ﺗﻨﺘﺠﻪ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ .واCﺴﺘﻮى اﳋﺎص ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺗﻮﺻﻴﻠﻪ ﻫﻮ ﻣﺴﺎﻓﺔ وﺳﻄﻰ ﺑ tاﻟﻔﻬﻢ اﶈﺪد )اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ( وﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ أو ﺻﻌﻮﺑﺘﻪ أو ﻋﺪم ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ أو ﻣﺠﺎزﻳﺘﻪ )اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ(. ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻋﻨﺪ اCﺴﺘﻮى اﳋﺎص ﺑﻬﺬه اCﺴﺎﻓﺔ اCﺰاﺣﺔ أو اCﻨﺤﺮﻓﺔ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،وإذا ﻧﺰل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ ﻫﺬا اCﺴﺘﻮى اﻗﺘﺮب ﻣﻦ ﻟﻐﺔ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،واﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ ،وإذا ارﺗﻔﻊ ﺑﻌﻴﺪا ﻋـﻨـﻪ دﺧـﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻗـﻠـﺖ اﺣـﺘـﻤـﺎﻻت وﺻـﻮل رﺳـﺎﻟـﺘـﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ إﻟﻰ اCﺘﻠﻘ ،tواCﺴﺎﻓﺔ اCﺰاﺣﺔ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌـﺎدﻳـﺔ، ﻫﻲ اCﺴﺎﻓﺔ اCـﺜـﺎﻟـﻴـﺔ ﻓـﻲ رأي ﻛـﻮﻳـﻦ) .(٣٦وإﻟﻰ ﻣﺜـﻞ ﻫـﺬا اﻟـﺮأي ذﻫـﺐ ﻋـﺎﻟـﻢ 34
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺮﻟ) tﻛﻤﺎ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه ﻓﻲ ﻓﺼﻮل أﺧﺮى ﺗﺎﻟﻴﺔ وﺑﺨـﺎﺻـﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب( ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ واCﻮﺳﻴﻘﻰ. وﻗﺪ ﲢﺪث ﻛﻮﻳﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﻣﺮﺣﻠﺘ tﻣﻬﻤﺘ ،tﻟﻬﻤـﺎ أﺛـﺮﻫـﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺗـﻐـﻴـﺮ اﻷذواق اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة :اﻷوﻟﻰ وﺟﻮد اﻻﻧﺰﻳـﺎح أو اﻻﺑـﺘـﻌـﺎد اﻟـﻨـﺴـﺒـﻲ ﻋـﻦ اﻟﺸﺎﺋﻊ أو اCﺄﻟﻮف )ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ( ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺧﺘﺰال ﻫﺬا اﻻﻧﺰﻳﺎح )أو اﻻﻧﺤﺮاف( ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺎﻷﺷﻜـﺎل اﻟـﺸـﻌـﺮﻳـﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة وﺗـﺬوﻗـﻬـﺎ و ﺜﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ،ﻓﺘﻈﻬﺮ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ أﺷـﻜـﺎل ﺟـﺪﻳـﺪة وﻫـﻜـﺬا ،إن وﻇﻴﻔﺔ اﳋﻄﺎب اﻟﺸﻌﺮي ﻓﻲ رأي ﻛﻮﻳﻦ ﻫﻲ ﺗﻔﺘﻴﺖ اﳊﺪود اﻟﺼﻠﺒﺔ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ اCﺒﺎﺷﺮة ﻟﻠﻐﺔ ،وﺟﻌﻠﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺒﻞ اCﻌﻨﻰ ﻏﻴﺮ اCﺄﻟﻮف ﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ وﺟﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tواﻟﻨﻘﺎد ﻓﻲ ﺗﺼﻮر ﻛﻮﻳـﻦ ﻫـﺬا أﻣـﺮا ﺟـﺪﻳـﺮا ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل ،ووﺟﺪه اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﺟﺪﻳﺮا ﺑﺎﻟﻨـﻘـﺪ أو اﻻﻧـﺘـﻘـﺎد ﻷﺳـﺒـﺎب ﻋـﺪة ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﺼﺮﻫﺎ اﻵن ،ﻛﻤﺎ اﻗﺘـﺮح ﺑـﻌـﺾ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـ tاﻟـﺴـﻴـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻴـ tﻣـﺜـﻞ »ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ« أو »ﺑﺮﻟ «tﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت ﻋﻠﻴﻪ ،وﻫﻲ ﺗﻌﺪﻳﻼت ﺳﻴﺮد ذﻛﺮﻫـﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻌﻬﺎ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ :اﳌﺘﻌﺔ واﻟﺘﻘﻤﺺ واﳌﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ
ﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌـﻴـﻨـﺔ ﻣـﻦ اﻻﻧـﺪﻣـﺎج ﻣـﻊ ﻣﺜﻴﺮ أو ﻣﻮﺿﻮع ﺟﻤﺎﻟﻲ ،ﻻ ﻟﺴﺒﺐ إﻻ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﺘﻌﺔ واﻛﺘﺸﺎف وارﺗﻴﺎح أو ﻗﻠﻖ ،ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ .وﻧﻘﻮل ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج ،أي درﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻨـﻪ ،ﻓـﺎﻧـﺪﻣـﺎﺟـﻨـﺎ أو اﺳـﺘـﻐـﺮاﻗـﻨـﺎ ،ﻓـﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎ ،ﻣﻊ ﻣﻮﺿﻮع ﺟﻤﺎﻟﻲ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺳﺮﻳﻊ اﻷﻣﺪ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺘﺪا ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﻗﺪ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ Cﺮة واﺣﺪة ،وﻗﺪ ﻧـﻌـﺎود ﻫـﺬا ﻋﺮﻓﻪ ﺛﻴﻮدور ﻟﻴﺒﺲ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﺮات وﻣﺮات ،أﻣﺎ اﻟﺘﻘﻤﺺ Empathyﻓﻬﻮ ــ ﻛﻤﺎ ّ ١٨٥١) T.Lippsــ (١٩٤١ــ ﺷﻌﻮر ،ﻟﻜﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻋـﻜـﺲ اCـﺸـﺎﻋـﺮ اﻷﺧـﺮى ،ﻳـﺸـﻌـﺮ ﺧﻼﻟﻪ اCﺮء ﺑﺄﻧﻪ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺷﺨﺺ أو ﻣﻮﺿﻮع آﺧﺮ ،إن ﻣﺸﺎﻋﺮ أو اﻧﻔـﻌـﺎﻻت ﻣﺜﻞ اﻷﺳﻰ واﳊﻨ tواﻟﻔﺨﺮ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﺎدة ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟـﻮدة داﺧـﻞ اﻟـﻔـﺮد، ﻟﻜﻦ اCﺸﺎﻋﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﻤﺺ ﺗﺘﻢ ﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗـﻠـﻘـﺎﺋـﻲ ،ﻋـﻠـﻰ 35
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ أو اﻟﺸﻲء اCﺪرك .وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أن ﺗﺘﻢ اCﻌـﺎﻳـﺸـﺔ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ )أو اﻟﺸﻲء( وﻳﺘﻢ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻪ »ﻧﻔﺲ« أو »روح« ﺧﺎﺻﺔ أﻳﻀﺎ).(٣٧ ذات أﻣﺴﻴﺔ وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺣﻔﻠﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،ﺑﺪأ اCﺆﻟﻒ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻲ اCـﻌـﺮوف ﻫﻜﺘﻮر ﺑﺮﻟﻴﻮز ﻓﻲ اﻟﺒﻜﺎء ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ وﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﻌﺪه ،ﻓﻨﻈـﺮ إﻟـﻴـﻪ ﺷﺨﺺ ﻛﺎن ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻓﻲ اCﻘﻌﺪ اﺠﻤﻟﺎور ﻟﻪ ﺑﺘﺄﺛﺮ واﺿﺢ ،وﻗﺎل ﻟﻪ :إﻧﻪ ﻜﻨﻪ أن ﻳﺬﻫﺐ وﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻗﻠﻴﻼ ﺧﺎرج اﻟﻘﺎﻋﺔ ،وﻫﻨﺎ ﺗﻐﻴﺮت ﻣﻼﻣﺢ وﺟﻪ ﺑﺮﻟﻴﻮز وﻧﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻣﻨﺪﻫﺸﺎ وﻗﺎل ﻟﻪ :ﻣﺎذا? ﻫﻞ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧـﻨـﻲ ﻗـﺪ ﺟـﺌـﺖ إﻟـﻰ ﻫـﻨـﺎ ﻣـﻦ أﺟـﻞ اCﺘﻌﺔ?).(٣٨ ﻟﻜﻦ ﻻﺑﺪ أﻧﻪ ﻗﺪ ذﻫﺐ إﻟﻰ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﺎ ،ﻣﺘﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺟﻮردان .واﻟﺸﻲء اﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﺑﺮﻟﻴﻮز ﻗﺪ وﺟﺪ ﺗﻠﻚ اCﺘﻌﺔ ﻓﻲ إﺣﺴﺎﺳﺎت اﻟﻜﺂﺑﺔ واﳊﺰن اCﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻫﻲ اﻹﺣﺴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻋﺎدة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﻴﻮﻣـﻴـﺔ ﺑـﺄﻧـﻬـﺎ ﻏﻴﺮ ﺳﺎرة وﻏﻴﺮ ﻣﺮﻳﺤﺔ. ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳊـﻮاس واﻷداء واﻻﺳـﺘـﺪﻻل ﻗـﺪ ﳒـﺪ ﻣـﺘـﻌـﺔ، وﻛﺬﻟﻚ اﳊﺎل ﻓﻲ رؤﻳﺔ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻛﺎﻟﻠﻮﺣﺎت واﻷﻓﻼم واCﺴﺮﺣـﻴـﺎت ،وﻓـﻲ ﺳﻤﺎع ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻋﻈـﻴـﻤـﺔ ،وﻓـﻲ ﺷـﻢ ﺑـﻌـﺾ اﻟـﻌـﻄـﻮر ،وﺗـﺬوق ﺑـﻌـﺾ اﻷﻃﻌﻤﺔ ،وCﺲ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻨﺎ Cﻘﺎل ﺟﻴﺪ أو ﻗـﺼـﻴـﺪة راﺋـﻌـﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻛﻴﺒﻨﺎ ﳉﻬﺎز § ﺗﻔﻜﻴﻜﻪ ،ﻓﻲ ﺣﻠﻨﺎ Cﺴﺄﻟﺔ ﺣﺴﺎﺑﻴﺔ أو ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ، أو ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﺒﺎدل وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ ﺧﻼل ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺎ. ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻗﺪ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﺤﻦ واﻟﺘﺂﻟـﻒ واﻹﻳـﻘـﺎع، وﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ aﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎCﻌﺎﻧﻲ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻴﻬﺎ ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اCﻌﺎﻧﻲ ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺼﻮت )ﻣﺘﺄﺻـﻠـﺔ ﻓـﻴـﻪ( ،أو ﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﳊﺎن أو اﻟﺮﻣﻮز اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷداء واCﺸﺎرﻛﺔ .وﻣﻦ ﺛﻢ ُﻳ ﱠ ﻓﺎCﺘﻌﺔ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎنٍ ﻋﺪة وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﺑﺴﻴﻄﺔ. وﻳﻘﺎﺑـﻞ ﻛـﻞﱠ ﻧﻮع ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷﻟﻢ ،ﻓﻬﻨـﺎك اﻷﻟـﻢ اﳉـﺴـﺪي ﻣـﻘـﺎﺑـﻞ اﻟﺮاﺣﺔ اﳉﺴﺪﻳﺔ ،واCﺮارة ﻣﻘﺎﺑﻞ اﳊﻼوة ،واﻟﺮاﺋﺤﺔ اCﻨﻔﺮة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺮواﺋﺢ اCﻤﺘﻌﺔ اﶈﺒﺒﺔ ،واﻟﻘﺒﺢ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﳉﻤﺎل ،واﳊﺰن واﻟﻘﻠﻖ ﻓﻲ ﻣﻘـﺎﺑـﻞ اﻟـﺒـﻬـﺠـﺔ 36
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
واﻟﺴﻜﻴﻨﺔ. ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ »اﻟﻘﺪ ﺔ« ﻋﻦ اCﺘﻌﺔ واﻷﻟﻢ ﺗﺮﺗﺒﻂ اCﺘﻌﺔ ﺑﺤﺪوث اﻻﺗﺰان اﳉﺴﻤﻲ ،واﻷﻟﻢ ﺑﺎﺧﺘﻼل ﻫﺬا اﻻﺗﺰان ،وﻳﻌﺘﺒﺮ اﳉﻮع واﳊﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﻮم واCﺮض ...إﻟﺦ ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر اﺧﺘﻼﻻت ﻓﻲ اﻻﺗﺰان ﻓﺘﺴﺒﺐ اﻷﻟﻢ ،أﻣﺎ ﻋﻜﺲ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت ﻓﻴﺤﻘﻖ اﻻﺗﺰان ،وﻣﻦ ﺛﻢ اCﺘﻌﺔ ،وﻫـﺬه ﻓـﻜـﺮة ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺎ ﺗﺮدد ﻟﺪى أرﺳﻄﻮ وأﻓﻼﻃﻮن ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻬﻤﺎ ﻋﻦ اﻻﻋﺘﺪال ،وﻋـﺪم اﻹﻓﺮاط أو اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ .وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮازن ﻫﺬه ﻧﺴﺒﻴﺔ ،ﻓـﺎﻟـﺸـﻲء اﻟـﺬي ـﻜـﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺳﺎرا ﻓﻲ ﳊﻈﺔ )اﻟﻄﻌﺎم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﳉﻮع( ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣـﺆCـﺎ ﻓـﻲ ﳊـﻈـﺔ أﺧﺮى )ﺗﻨﺎول اCﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺸﺒﻊ اﻟﺸﺪﻳﺪ أو اﻟﺘﺨﻤﺔ ﻣﺜﻼ(. وﻟﺪى أﺑﻴﻘﻮر ) ٣٤٢ــ ٢٧٠ق .م( »ﻛﺎن اﳋﻴﺮ اﻷﺳﻤﻰ ﻫﻮ اﻟـﻠـﺬة ،وﻟـﻮﻻﻫـﺎ ﻟﻜﺎﻧﺖ اﳊﻴﺎة اﻟﺴﻌﻴﺪة ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ .وﺗﺸﻤﻞ اCﻠﺬات اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﻨـﻴـﻬـﺎ ﻣـﻠـﺬات اﳉﺴﻢ وﻣﻠﺬات اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻌﺎ .أﻣﺎ اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻘﻮاﻣﻬﺎ ﺗﺄﻣﻞ اCﻠـﺬات اﳉـﺴـﻤـﻴـﺔ، وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ أﺳﻤﻰ ﻣﻦ اﻷوﻟﻰ ﺑﺄي ﻣﻌﻨﻰ ﺣﻘﻴﻘﻲ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺳﻴﻄﺮة أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﲡﺎه أﻧﺸﻄﺘﻨﺎ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘـﻄـﻴـﻊ ،إﻟـﻰ ﺣـﺪ ﻣـﺎ ،أن ﻧﺨﺘﺎر ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺣ tأن اﻧﻔﻌﺎﻻت اﳉـﺴـﻢ ُﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ إﻟـﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ،وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ اCﻴﺰة اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﻠﻤﻠﺬات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .وﺗﺒﻌﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺮأي ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻔﺎﺿﻞ ﻳﺤﺼﺮ ﻫﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ ﻣﻠﺬاﺗﻪ«).(٣٩ وﻧﻈﺮ ﻫﻮﺑﺰ إﻟﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﻧﺤﻮ اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ واﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ وﺣﺐ اﻟﺘﻤﺘﻊ ،وأن ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺠﻨﺒﻬﺎ ﻧﺒﺮزﻫﺎ ﻛﺸﺮور أو ﺧﻴﺮا ﻧﺴﻤﻴﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮﻧﺎ ــ إذا ﺣﻜﻤﻨﺎ آﻻم ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻧﺪﻋﻮه ¢ ﻋﻠﻴﻪ ــ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ واﻟﻠﺬة).(٤٠ ﺗﻮاﻟﺖ اﻵراء اCﺆﻛﺪة Cﺬﻫﺐ اﻟﻠﺬة ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳـﺦ اﻟـﻔـﻜـﺮ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ ،وﺑـﺮزت ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻴﻄﺮت اﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ واCﺎدﻳﺔ واﳊﺘﻤﻴﺔ واﻟﻔﺮدﻳﺔ وأﺧﻼق اﻟﺴﻌﺎدة ،أي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﻛﺪ أن اﳋـﺒـﺮة اﳊـﺴـﻴـﺔ ﻫـﻲ ﻣـﺼـﺪر اﳊـﻘـﻴـﻘـﺔ ،وأن اﻟﻮاﻗﻊ إ ﺎ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ اCﺎدة ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣـﺴـﺘـﻤـﺮة ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻐـﻴـﺮ ،وأن ﻟﻠﻔﺮد أوﻟﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ،إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺣﻤﻞ اﻷﺧﻼق ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻠﺬة).(٤١ وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺪارس ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،وﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﺤﻠـﻴـﻞ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻲ واﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ،ﻣﻦ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﺎرت إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺒﺪأ اﻟﻠﺬة أﻳﻀﺎ، 37
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻗﺪ أﻛﺪﺗﻪ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺄﻛﻴـﺪ ﻓـﺮوﻳـﺪ اﳋـﺎص ﻋـﻠـﻰ ﻏﺮﻳﺰة اﳊﻴﺎة ،ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ اﳉﻨﺴﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻠﺬة وإﺷﺒﺎﻋﻬﺎ ،وﻏﺮﻳﺰة اCﻮت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑـﺎﻷﻟـﻢ .أﻣـﺎ اﻟـﺴـﻠـﻮﻛـﻴـﺔ ﻓـﺄﻛـﺪت ﻫـﺬا اCﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺷﺎراﺗﻬﺎ إﻟـﻰ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺜـﻮاب )أو اﻟـﻠـﺬة( واﻟـﻌـﻘـﺎب )أو اﻷﻟﻢ( ودورﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺴﻠﻮك وﺗﻄﻮره. ﻻ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﺳﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺴـﻌـﻲ ﻣـﻦ أﺟـﻞ إﺷـﺒـﺎع دواﻓـﻊ ،أو ﻣـﺘـﻊ ﺧﺎرﺟﻴﺔ اCﻨﺸﺄ Extrinsicأو ﻣﺎدﻳﺔ ﻓﻘﻂ )ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﺎوﻟﻪ ﻛﻄﻌﺎم ﻣﺜﻼ( .ﻓﻬﻨﺎك ﻛﺬﻟﻚ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ دواﻓﻊ ،أو ﻣﺘﻊ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻣـﻼزﻣـﺔ ﻟﻬﺎ ،أو داﺧﻠﻴﺔ اCﻨﺸﺄ ،Intrinsic Motivationﻓﺎﻟﺼﻴﺎد اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺴﻤﻚ ﻛﻲ ﻳﺄﻛﻠﻪ أو ﻳﺒﻴﻌﻪ ،ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻪ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺤﺎول ﺟﺎﻫﺪا ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن ﻳﺘﻘﻦ ﻣﻬـﺎرات اﻟـﺼـﻴـﺪ، وﻳﻨﻮع ﻓﻴﻬﺎ ،ﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺸﻌﺮ aﺘﻊ أﻛﺒﺮ ﻛﻠﻤﺎ ﻣﺎرس ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ،وإﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ اCﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎط ،أو داﺧﻠﻴﺔ اCﻨﺸﺄ ،ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﳉﻤﺎل ﻋﻤﻮﻣﺎ ،وﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﺧﺎص ،وﻫـﻨـﺎ ﻧـﻜـﺎد ﻧـﻘـﺘـﺮب ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ﺎ ﻗﺎﻟﻪ »ﻛﺎﻧﻂ« ﻋﻦ اCﺘﻌﺔ اCﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى. ﺗﺸﻴﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻴﻮروﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜـﺔ إﻟـﻰ أن ﺑـﻌـﺾ اCـﺮاﻛـﺰ ﻓـﻲ اCـﺦ ﻨﺸﻂ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﺾ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻟﻢ ،وﻋـﻠـﻰ رﻓـﻊ اﻟـﺸـﻌـﻮر ﻋﻨﺪﻣـﺎ ﺗُ ﱠ ﺑﺎCﺘﻌﺔ .وﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم ﺧﻼﻳﺎ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻓﻲ اCﺦ ﺑﺈﻧﺘﺎج ﻣﻮاد ﺗﺴﻤﻰ اﻹﻧﺪروﻓﻴﻨﺎت Endorphinsوﻫﻲ ﺎﺛﻞ اﻷﻓﻴﻮن وﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ،ﻓﺘﺨﻔﺾ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻟﻢ وﺗﺮﻓﻊ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ ،وﻫﻲ ﺎرس ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺰ اﻷﻟﻢ وﻣﺴﺎراﺗﻪ ﻓﻲ اCﺦ ،ﻓﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﺾ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺨـﻔـﻴـﻒ اﻟـﺸـﻌـﻮر اﳋﺎص ﺑﺎﻷﻟﻢ ،إذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻌﻼ ،أﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدا، ﻓﺈن ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻫﺬه اCﻮاد ﻳﻜﻮن ﻣﻀﺎﻋﻔﺎ ،ﻓﺎﻷﻟﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮد ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﳉﺎﻧﺐ اﳋﺎص ﻣﻦ ﻫﺬه اCﻮاد اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﺧﻔﺾ اﻷﻟﻢ ﻳﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ ﺗـﻜـﻮﻳـﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ اCﻀﺎﻋﻔﺔ ﻗﺪ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻻﻧﺘـﺸـﺎء .وﺗـﺸـﻴـﺮ ﻫـﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬـﺎ ﻣـﺎدة »اﻟـﺴـﻴـﺮوﺗـﻮﻧـ«t )اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻴﺴﻴﺮ اﻻﺗﺼﺎل ﺑ tاﳋﻼﻳﺎ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ( ﻓﻲ إدراﻛﻨﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎل، ﺣﻴﺚ ﻳﺰداد ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻠﻘﻰ ﺧﺒﺮة ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﻧﺪرك ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ،أﻳﺎ ﻛﺎن. 38
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
وﺗﺸﻴﺮ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻴﻮروﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ــ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ــ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر اCﺦ اﻷﻣﺎﻣﻲ Forebrainﻟﻺﻧﺴﺎن ــ aﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺎز ﻃﺮﻓﻲ Limbic systemوﻗﺸﺮة ﻣﺨﻴﺔ أﻣﺎﻣﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة Frontal Neacortexــ ﻣﺮﻛﺰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻟﻌﻮاﻃﻒ .إﻧﻪ اCﺮﻛﺰ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﳉﻮاﻧﺐ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، أو ﻏﻴﺮ اCﻨﻄﻘﻴﺔ )اﻟﺪواﻓﻊ واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت( ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك. ﻳﻮﺟﺪ ﻫﺬا اCﺦ اﻷﻣﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ أو ﻣﻮاﺟﻬﺔ »اCﺦ اCﻔﻜﺮ« The thinking ،Brainاﻟﺬي ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺑﺪوره إﻟﻰ ﻧﺼﻔ tﺟﺎﻧﺒﻴ tﺷﺒـﻪ ﻛـﺮوﻳـ ،tﻟـﻜـﻞ ﻣـﻨـﻬـﻤـﺎ وﻇﺎﺋﻔﻪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ،ﻋﻦ اﻵﺧﺮ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﻤﺎ ﻳﺘـﻜـﺎﻣـﻼن ﻓـﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت .وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻓﺈن اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻧﺼﻒ أﺑﻮﻟﻮﻧﻲ )وﻓﻘـﺎ Cﺼﻄﻠﺤﺎت ﻧﻴﺘﺸﻪ( ﻟﻔﻈﻲ ،ﺣﺴﺎﺑﻲ ،ﻣﻨﻄﻘﻲ ،اﺳﺘﺪﻻﻟﻲ ،ﻣﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﻴـﺌـﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ )اﻟﺪﻳﻮﻧﻴﺰي( ﻓﻬﻮ ﻛﻠـﻲ اﻟـﻨـﺸـﺎط ،أو ﺣـﺪﺳـﻲ وﻣﻜﺎﻧﻲ واﻧﻔﻌﺎﻟﻲ وﻏﺮﻳﺰي وﺧﻴﺎﻟﻲ وﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ. وﻗﺪ أﺷﺎر »ﺳﻤﺚ« إﻟﻰ أن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺣﺎﺟﺎت ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻹﺷﺒﺎع ﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وأن ﺷﻌﻮر اCﺮء ﺑﺤﺴﻦ اﳊﺎل ،أو اﻟﺘﻮازن ،أو اCﺘﻌﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮازن ﺑ tاCﺪﺧﻼت اﳊﺴﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اCﺦ )اﳉﻬﺎز اﻟﻄﺮﻓﻲ ،واﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ،واﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ(. اﻧﺘﻘﺪ »ﺳﻤﺚ« اﳊﺮﻛﺔ اﳊﺪاﺛﻴﺔ )أو اﻟﻌﺎCﻴﺔ( ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺎرة ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻊ وﻟﻌﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺎCﻜﻌﺒﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮة ،اCﻔﺮﻏﺔ اﳋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ،ﻗﺪ ﳒﺤﺖ ﻓـﻲ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اCﺮاﻛﺰ اﻷﺳﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ،وﻫـﺬا اﻟـﺘـﻄـﻮر اﳋﺎص ﻟﻸﻣﺎﻛﻦ اCﻔﺘﻘﺮة إﻟﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ارﺗﻘﺎء ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ ــ ﻓﻲ رأي ﺳﻤﺚ ــ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ اﺠﻤﻟﺮدة واCﻨﻄﻘﻴﺔ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ إﻟﻴﻬﺎ أو اCﻘﻴﻤt ﻓﻴﻬﺎ .ﻓﺄﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺒﻨﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ اCﺦ اﻟﻄﺮﻓﻲ )أو اﳉﻬﺎز اﻟﻄﺮﻓﻲ( اﻟﺬي ﻳﻌﺮف أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺄﻧﻪ اCﺦ اﻟﻘﺪ& أو اCﺦ اﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻲ ،وﻫـﻮ اCـﺦ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﳊﺎﺟﺎت اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺪﻗﺔ ،واﻟﻀﺒﻂ اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. إﻧﻪ أﻳﻀﺎ aﻨﺰﻟﺔ اﳉﺎﻧﺐ اﳋﺎص ﻣﻦ اCﺦ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺬﻛﺮﻳـﺎت اﻟـﺒـﺪاﺋـﻴـﺔ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻨﻤﺎذﺟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي اﻗﺘﺮﺣﻪ »ﻳﻮﱋ« ،وﺗﻜـﻮن اﳊـﺎﺟـﺎت اﻟـﻐـﻼﺑـﺔ ﻟﻬﺬا اCﺦ ،ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﻧﺤﻮ اﻹﺷﺒـﺎع ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻷ ـﺎط اﻟـﻐـﺮﻳـﺒـﺔ ﻣـﻦ اﻷﺷـﻴـﺎء 39
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
زاﻫﻴﺔ اﻷﻟﻮان ،اﻟﺒﺮاﻗﺔ ،اﻟﻼﻣﻌﺔ ،ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼـﻮت ،واﻹﻳـﻘـﺎﻋـﻴـﺔ ،واﻟـﻜـﺒـﻴـﺮة أو اﻟﻜﺘﻠﻴﺔ ،واCﺘﻜﺮرة ﺑﺸﻜﻞ ﺘﻊ ،ﻻ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﻨﻔﻮر واCﻠﻞ. وﺑﺎﺧﺘﺼـﺎر ،ﻓـﺈن اﳉﻬﺎز اﻟﻄﺮﻓﻲ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ أﻛـﺜـﺮ ﻟـﻨـﻤـﻂ اﻟـﻌـﻤـﺎرة اﻟـﺬي أﻃﻠﻖ »ﺳﻤﺚ« ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ Pacer Architectureوﻫﻮ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮه اCﻌﻤﺎرﻳﻮن اﳊﺪاﺛﻴﻮن ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻻﺑﺘﺬال واﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ،أﻣﺎ ﻋﻤﺎرة ﻣﺎ ﺑـﻌـﺪ اﳊـﺪاﺛـﺔ ،ﻓـﻘـﺪ ﺣﺎوﻟــﺖ إﺷﺒﺎع ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCـﺦ اﻟـﻄـﺮﻓـﻲ اﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻲ ﺑـﻘـﺪر اﻹﻣﻜﺎن. ﻓﺎCﻮاﻗﻒ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ اCﺒـﻜـﺮة ﻓـﻲ أواﺋـﻞ اﻟـﺴـﺒـﻌـﻴـﻨـﻴـﺎت ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،واﳋﺎﺻﺔ ﺑــ »ﻓﻨﺘﻮري« Venturiﻣﺜﻼ وزﻣﻼﺋﻪ أﻛﺪت أن اCﺦ اﻟﻄﺮﻓﻲ ﻳﺘﻀﺮر ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اCﺒـﺎﻧـﻲ اﶈـﺎﻳـﺪة اﻟـﻬـﺎﺋـﻠـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ aـﺪن اﳊﺪاﺛﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻬﺎ »راﻳﺖ« و »ﻟﻮﻛﻮرﺑﻮازﻳﻴﻪ« ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﻳﺘﻮق إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺘﻨﻔﺴﺎت ﻟﻪ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ﻋﺪة ،ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺗﻼل إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ ،أو ﻓﻲ أي ﻏﺎﺑﺎت ﻣﺎزاﻟﺖ ﲢﺘﻔﻆ ﺑﺒﻜﺎرﺗﻬﺎ ،أو ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻟﻠﺤﻮاس ﻓﻲ ﺳﻬﺮات ﻻس ﻓﻴﺠﺎس اﻟﻠﻴﻠﻴﺔ).(٤٢ وﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﺈن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺷﺒﺎع ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺷﺒﺎع ﻟﻠﺘﻮﻗﻌﺎت اCﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،واﻟﺘﺬوق ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻪ. إن ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺷﺒﺎع اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻫﺬه ﻣﻬﻤﺔ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ ،ﻓﻬﻞ ﺗﻜﻤﻦ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ داﺧﻠﻪ ،أم ﺗﻜﻤﻦ ﺧﺎرﺟﻪ? ﻫﻞ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮه ﻋﻦ أﻓﻜﺎر اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أو أﺳﺎﺳﻴﺔ أو إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ أﻓﻜﺎرﻧﺎ وأﻳـﺪﻳـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺘـﻨـﺎ اﳋـﺎﺻـﺔ ،أم أﻧـﻨـﺎ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳋﺎص ﻟﻪ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺖ اﻟﻨﻐﻤﺎت ،أو اﻷﻟﻮان ،أو اﻟﻜﻠﻤﺎت ،أو اﻟﺼﻮر ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ? إن اﻹﺑﺪاع وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺬوق ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻮﻋـ tﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﻗـﻌـﺎت ،ﻣـﻊ اﻟﺘﻐﻠﻴﺐ اﳋﺎص ــ ﺧﻼل ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃ tــ ﻟﻠﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺪاﺧﻠـﻴـﺔ اCـﺼـﺎﺣـﺒـﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺧﺎرج ﻫﺬه اCﺘﻌﺔ ،وﺳﺘﺘﻜﺮر إﺷﺎرﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻫﺬا« ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪة ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﺗﺮﺗﺒﻂ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﻤﺺ اﳉﻤـﺎﻟـﻲ .وﻗـﺪ ﻋ ﱠـﺮﻓﻪ ﻟﻴﺒﺲ ﻋﻠـﻰ أﻧـﻪ ﻧﻮع ﺧﺎص ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻳﺤﺪث ﺧﻼﻟﻪ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺼﺮف .وأن اﻻﻧﺘﺒﺎه ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻛﺰا ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ اCﻮﺿﻮع ،وﻣـﻦ 40
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
ﺛﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﻘﻤﺺ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ وﺗﻠﻘﺎﺋﻲ).(٤٣ ﻓﺎCﺘﻌﺔ ،إذن ،ﺟﺎﻧﺐ ﺿﺮوري ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻤﺺ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ،وﻗـﺪ ﻋـﺮّف ﻟﻴﺒـﺲ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت« ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﻟﺪراﺳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ ﻧﻘﻴﻀﻪ اﻟﻀﻤﻨﻲ، أي اﻟﻘﺒﺢ .وﻟﻜﻨﻪ ــ وﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﻴﺰﻳﻘﻲ اCﻌﺎﺻﺮ ﻟﻪ ــ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى ﻓﺨﻨﺮ ــ ﻟﻢ ﻳﻌﺮف اﳉﻤﺎل واﻟﻘﺒﺢ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻤﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻟﻠﻤﺒﺎد أو اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ وﺣﺪﻫـﺎ ،ﺑـﻞ ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎرﻫـﻤـﺎ ﺣـﺎﻻت ﺧـﺎﺻـﺔ، وﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن اCﻮﺿﻮع ﺟﻤﻴﻼ ﻓﻘﻂ إذا § اﻟﺸﻌﻮر aﺘﻌﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ. اﻋﺘﺒﺮ ﻟﻴﺒﺲ اCﺘﻌﺔ ﻫﻲ اCﺒﺪأ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﺬي ﻳﻔﻮق ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اCﺒﺎد ﺧﻼل ﺧﺒﺮة اﻟﺘﻘﻤﺺ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻟﻜﻨﻪ ــ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺷﺎﺋﻌﺎ ــ اﻋـﺘـﺒـﺮ اCـﺘـﻌـﺔ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻳﻀﻢ ﲢﺘﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن واﻋﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺎﺗﻪ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أن اCﺘﻌﺔ ﻟﻴﺴﺖ إﻃﺎرا ﺑﺴﻴﻄﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ اﻧﻔﻌﺎل ذو ﺗﺒﺎﻳﻨﺎت ﻛﻤﻴﺔ وﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﺪة .إن اCﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ اCﺮء ﺧﻼل ﻣﻮﻗﻒ ﺳﺎر ،أو ﻣﻀﺤﻚ )ﻓﻜﺎﻫﻲ( ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اCﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻌﻤﻞ إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻈﻴﻢ ،واCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اCﻤـﻴـﺰة ﻟﺪى ﻛﻞ ﻓﺮد ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ ﻷﺣﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ).(٤٤ ـﺪد اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﺘـﺄﻣـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ، ُﺗﺤ ﱠ واﻟﺬي ﻳﺘﻢ ﺧﻼﻟﻪ :اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ أو اﻹﻳﻘﺎف اCﺆﻗﺖ ،اﻟﺘﻤﺎﻳﺰ )أو اﻻﻧﻔﺼﺎل( اﻟﻌﺎدي ﺑ tاCﺸﺎﻫﺪ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اCﻮاﺟﻪ ﻟﻪ .ﻓﺎCﺸﺎﻫﺪ واﻟﻌﻤﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻳـﻜـﻮﻧـﺎن ﺷﻴﺌﺎ واﺣﺪا ،دون أي ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎل ﺑ tاﻟـﺬات واCـﻮﺿـﻮع .وﻟـﺬﻟـﻚ ﻓـﺈن اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﻌﺔ ﻻ ﻣﻮﺿﻮع ﻟﻬﺎ ،إﻧﻬﺎ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة اﳋﺎﺻﺔ ﺑ tاﻟﺸﺨﺺ اCﺘﺄﻣﻞ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .وﻫﺬه اCﺘﻌﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻌ tﺧﺎرج اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﻮﺟﻮدة داﺧﻠﻪ .وﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن اCﺘﻌﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺤﻴﺎة اCﺮء اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ، ﻟﻜﻦ ﻣﻦ داﺧﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت ذاﺗﻬﺎ .وﻳﺴﻤﻲ ﻟﻴﺒﺲ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﻤﺺ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﻜﺎﻣﻞ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻃﻒ اﳉﻤﺎﻟﻲ Aesthetic Sympathy وﻫﻮ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﻳﺘﻤﻴﺰ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻟﻴﺒﺲ ــ ﺑﻮﺟﻮد ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ أو ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺳﺎﻣﻴـﺔ وﻧﻘﻴﺔ وﺣﺮة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﺤﻮظ ،وأﻳﻀﺎ ﺟﺪارة ﺷﺨﺼﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اCﻌﺮﻓﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻓﺈن اﻟﺸﺨﺺ 41
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اCﺘﺄﻣﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﻳﻔﻘﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ أﺑﺪا .إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐـﻲ أن ﻳـﻌـﺮف ﻣـﻌـﺎﻧـﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻔﻬﻢ اﻟﻘﺼﻴﺪة ،وأن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ أﻟﻔﺔ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔـﻨـﻴـﺔ ﻛﻲ ﻳﺘﻔﻬﻢ اﻟﻠﻮﺣﺔ .وﻣﻦ دون اﻟﺘﻔﻬﻢ ﻟـﻦ ﻳـﻜـﻮن ﻫـﻨـﺎك ﻋـﻤـﻞ ﻓـﻨـﻲ ﻛـﻤـﺎ أﺷـﺎر ﻟﻴﺒﺲ. وﻳﻌﺘﻘﺪ ﻟﻴﺒﺲ أن اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﻻ ﺑـﺎﶈـﺘـﻮى ،وﻟـﺬﻟـﻚ ﻓـﻠـﻴـﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻓﺮق ﺣﺎﺳﻢ ﺑ tاﳉﺴﺪ اﳊﻘﻴﻘﻲ ،واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺼﻮري أو اﻟﻔﻨﻲ ﻟﻪ، ﻣﺎ دام ﻳﺘﻢ إدراﻛﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺎﺛﻞ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﺣﺪه ﻻ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺷﻴﺌﺎ ﺟﻤﻴﻼ .إن اﻟﺸﻜﻞ ﻳﻜﻮن ﺟﻤﻴﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮع ﺘﻠﺊ )أو ﻳﺰﺧﺮ( ﺑﺎﳊﻴـﺎة .و ـﻜـﻦ أن ﻧـﻘـﺘـﻔـﻲ ﺣـﻴـﻮﻳـﺔ اﻟﺸﻜﻞ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﺑﺄن ﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ اﳋﻄﻮط أو اﻷﻃﺮ اﶈﻴﻄﺔ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل. إن اﳋﻂ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﳋﻂ اﻟﺴﺎﻛﻦ ،أو ﻫﻮ ﻻ ﻳﺸﺒﻪ ﺎﻣﺎ اﳋﻂ اﻟﺴﺎﻛﻦ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺧﻂ ﺘﺪ ﻣﻦ ﻃﺮف إﻟﻰ ﻃﺮف ،أو ﺣﺘﻰ ﺘﺪ ﻣـﻦ ﻣـﻨـﺘـﺼـﻒ اﳋﻂ ﻧﺤﻮ ﻃﺮﻓﻴﻪ .واﳋﻂ اﻟﺮأﺳﻲ ﺘﺪ ﻣﻦ أﻋﻼه إﻟﻰ أﺳﻔﻠﻪ) ،أو ﻣﻦ ﻗﻤﺘﻪ إﻟﻰ ﻗﺎﻋﻪ( أو ﻣﻦ اﻟﻘﺎع إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ ،وﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺮدﻳﺔ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻃﺎﺑـﻌـﻬـﺎ اﳋﺎص اCﻤﻴﺰ ،وﺗﺘﻢ ﻣﻌﺎﻳﺸﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط اCﻜﺎﻧﻲ ﻷﺣﺪ اﳋﻄﻮط ،ﺗﺘﻢ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻮﺟﻬﺔ ﲢﺪدﻫﺎ »اﻟﺮوح اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ أو اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ« ﻟﻬﺬا اﳋﻂ).(٤٥ ﻛﺬﻟﻚ أﻛﺪ ﻟﻴﺒﺲ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺒﺪأ اCﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﻓﻲ اﻹدراك واCﻌﺮﻓﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻓﻲ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﻮ اCﺒﺪأ اﻟﺬي ﺳﻴﻈﻬﺮ ﻋﻠـﻰ ﻧﺤﻮ ﺑﺎرز ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻋﻠﻤﺎء اﳉﺸﻄﻠﺖ ﻋـﺎﻣـﺔ ،وﻟـﺪى أرﻧـﻬـﺎ& ﻓـﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ ﺧﺎﺻﺔ. اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه أن اﻟﺘﺼﻮر اﳉﺸﻄﻠﺘﻲ ﺣﻮل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺗـﺼـﻮر وﺛـﻴـﻖ اﻟـﺼـﻠـﺔ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻤﺺ ،أو اCﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺛﻴﻮدور ﻟﻴﺒﺲ T.Lipps ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،وأواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻫﺬه اﻣﺘﺪادا ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺑﻄﻴﺔ ،وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋـﻦ اCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت ﻏـﻴـﺮ اﳊﻴﺔ ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ أﻧﻈﺮ ﻣﺜﻼ إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺪة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄﺣﺪ اCﻌﺎﺑﺪ اﻟﻘﺪ ﺔ ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻋﺮف ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺒﺮﺗﻲ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻧﻮع اﻟﻀﻐﻂ )أو اﻟﺜﻘﻞ( اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴـﻬـﺎ، واﻟﻀﻐﻂ اCﻘﺎﺑﻞ اﳋﺎص ﺑﻬﺬه اﻷﻋﻤﺪة أو اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ ،وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺒﺮﺗﻲ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺗﺼﻮر أو أن أﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻫﺬا 42
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻟﻌﻤﻮد ،وأﻧﻨﻲ أﺧﻀﻊ ﻟﻠﻘﻮى ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ،وأن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻜﻦ أن ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻲّ أو ﺑﺪاﺧﻠﻲ ،وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا أﻧﻨﻲ أﺳﻘﻂ ﻣﺸﺎﻋﺮي ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻮد ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻹﺣﻴﺎﺋﻴﺔ ،أي ﻣﻨﺢ اﻟﺸﻲء ﺗﻌﺒﻴﺮا ﺣﻴـﺎ ﺧـﺎﺻـﺎ. وﻗﺪ ﻗﺮر ﺛﻴﻮدور ﻟﻴﺒﺲ أن ﻫﺬه اCﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﺮاﺑﻂ Associationﻓﺎﻟﺸﻲء اﳊﻘﻴﻘﻲ ــ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ــ ﻫﻮ أن ﻧﻮع اﻟﺘﺮاﺑﻂ ﻣﻮﺿﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻫﻨﺎ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺮﺑﻂ ﺑ» tﺷﻴﺌ tﻳﻨﺘﻤـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﻨـﻬـﻤـﺎ إﻟـﻰ اﻵﺧـﺮ ،أو ُﻳﺪﻣﺠﺎن ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻌﻄﻰ ﺑﺸﻜﻞ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻵﺧﺮ أو ﺑﺪاﺧﻠﻪ« ).(٤٦ ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺒﺲ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ أدرك ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر أرﻧﻬﺎ ــ ﻫﺬه اﻟﻀﺮورة اﻟﺪاﺧﻠـﻴـﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺎﺑﺮة أو رﺑﻂ ﻋﺎرض ﺑ tﻣﻮﺿﻮﻋ ،tوذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻗﺎم ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺎﻹﻧﻜﺎر اﻟﻮاﺿﺢ ﻹﻣﻜﺎن وﺻﻒ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﳉﺴﻤﻲ ﻋﻦ اﻟﻐﻀﺐ واﳋﺒﺮة اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﻀﺐ، ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »ﺗﺮاﺑﻂ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﺛﻞ أو اﻟﻬﻮﻳﺔ اCﺸﺘﺮﻛﺔ Identityأو اﻻﺗﻔﺎق«. وﻟﻢ ﻳﺮ ﻟﻴﺒﺲ أي ﻋﻼﻗﺔ ﺿـﻤـﻨـﻴـﺔ ،أو داﺧـﻠـﻴـﺔ ﻣـﺎ ﺑـ tاCـﻈـﻬـﺮ اﻹدراﻛـﻲ واﻟﻘﻮى اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﺧﻠﻔﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ،ﻋـﻠـﻰ ﻛـﻞ ﺣـﺎل ،ﻗـﺪ رأى ذﻟﻚ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ اﻟﺒﻨﺎﺋﻲ ﻣﺎ ﺑ tاﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ و اﻟﻘﻮى اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎت أﺧﺮى .ﻓﻬﻮ ﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﻣﺜﻼ أن »اﻟﺘﻤﺜﻴﻼت« اCﺘﻌﺪدة ﻟﻨﺸﺎﻃـﺎﺗـﻨـﺎ اﺨﻤﻟـﺘـﻠـﻔـﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮى واﻟﺪواﻓﻊ واCﻴﻮل اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﺣـﺮ أو ﺗُﻘﻤﻊ، واﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻵﺛﺎر ﺧﺎرﺟﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اCﻘﺎوﻣﺔ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﻟـﺘـﻮﺗـﺮات اCﺴﺘﺜﺎرة ،واﻟﺘﻲ ُﺗﺤﻞ أو ُﺗﺨﻔﺾ ﺑ tاﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺎت ...إﻟﺦ ،إن ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى وآﺛﺎرﻫﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻃﺮاﺋﻘﻨﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك ،وﻛﺬﻟﻚ أﻧﻮاع اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ. اﻟﺘﻘﻤﺺ إذن ــ ﻓﻲ رأي »ﻟﻴﺒﺲ« ــ ﻫﻮ اﳋﻄﻮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ واﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،إﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ اﳊﻴـﺎة ﻛـﻤـﺎ أﺷـﺮﻧـﺎ»داﺧـﻞ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ« ،أي اﳊﻴﺎة ﺧﻴﺎﻟﻴﺎ وﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي أﺑﺪﻋﻪ اﻟﻔﻨﺎن .وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﻔﻬﻮم اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ a Psychical distanceﻔﻬﻮم اﻟﺘﻘﻤﺺ ،وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ﲢﺪد ﻣﻘﺪار اﻟﺘﻘﻤﺺ اCﺮﻏﻮب ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨـﺔ ،أي ﻣـﺎ ﻣـﻘـﺪار ﻣـﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺴﺘﻐﺮق ﻓﻴﻪ أو ﻧﻨـﺪﻣـﺞ ﻓـﻴـﻪ ﻣـﻦ ﻧـﺸـﺎط ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻧـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ أﺣـﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻣﺎ ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻌﻪ ،أو ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ اﻧﺪﻣﺎج، 43
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أو ﺗﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺺ ،أو اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﺜﻠﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ? ﻗﺒﻞ أن ﳒﻴﺐ ﻋﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻀﻊ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﺘﻘﻤﺺ، ﻣﺎ اﻵﻟﻴﺔ )أو اCﻴﻜﺎﻧﺰم( اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ? وﻓﻘﺎ Cﺎ ذﻛﺮه ﻟﻴﺒﺲ ،وأﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻓﺈن اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻹﺳﻘﺎط اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﺬات ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻫﺬا اﻹﺳﻘﺎط ﻜﻦ اCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ،أو اCﺘﻠﻘ tﻣﻦ اCﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻳﺪرﻛﻮن ﺗﻌﺒـﻴـﺮا ﻣـﻌـﻴـﻨـﺎ ﻋـﻨـﻬـﺎ ﻓـﻲ اﻟﻔﻦ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ. وﺧﻼل ﻫﺬه اﳋﺒﺮة ﻧﺸـﻌـﺮ ﺑـﻨـﻮع ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺮاﺑـﺔ اﻟـﺮوﺣـﻴـﺔ ﻣـﻊ اﻷﺷـﺨـﺎص واﻷﻣﺎﻛﻦ واCﻮﺿﻮﻋﺎت اCﺒﺪﻋﺔ ﻓﻨﻴﺎ .وﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺆدي أو ﻳﺴﺒﺐ ﻫﺬه اCﺸﺎرﻛﺔ أو ﻫﺬا اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻘﺮاﺑﺔ? إن ذﻟﻚ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ أن اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻌﺪوى ﺳﺮﻳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر ـــ ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ ﻟـﻴـﺒـﺲ ـــ ﻧـﻘـﻮم ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻃﻬﺎ واﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﲢﻜﻢ ﺑﺴﻴﻂ أو ﻗﻠﻴﻞ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ. ﻓﺎﻷﺷﻜﺎل اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اCﻮﺿـﻮع اﻟـﻔـﻨـﻲ ﺗـﻮﻣـﺊ ﻟـﺮوح اCـﺘـﻠـﻘـﻲ ،وﻫـﺬه اﻟـﺮوح ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﺑﺪورﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺳﻘﺎط ﻗﻴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻫﻜﺬا ،ﻓﺈن اCﺘﻠﻘﻲ واCﻮﺿﻮع اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻘﻮم ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺘﻐﺬﻳﺔ اﻵﺧﺮ ،أو ﻳﻘﺘﺎت ﻛﻞ ﻣـﻨـﻬـﻤـﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ .ووﻓﻘﺎ Cﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﻧﻔﺲ آﺧﺮ وﻫﻮ ﻛﺎرل ﺟﺮوس Karl Grossﻓﺈن اﻟﺘﻘﻤﺺ أﻗﻞ روﺣﺎﻧﻴﺔ أو ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺎ اﻋﺘﻘﺪ ﻟﻴﺒﺲ ،إﻧﻪ ﻳﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺧﻼل اﶈﺎﻛﺎة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ .وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻌﺼﺒﻲ اﻟﻌﻀﻠﻲ أو اﳊﺮﻛﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .ﻓﻨﺤﻦ ﳒﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻧﻀﺮب ﺑﺄﻗﺪاﻣﻨﺎ ﺿﺮﺑﺎت ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ إﻳﻘﺎﻋﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،أو ﻧﺼﺮ ﻋﻠـﻰ أﺳﻨﺎﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ أﺣﺪ أﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ ،وﻫﺬا ﻳﻌـﺘـﺒـﺮ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﺸـﺎﻃـﺎت أو ردود اﻷﻓﻌﺎل اﳊﺮﻛﻴﺔ .وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟـﻴـﺔ ﻫـﻮ ﻣـﺎ ﻳـﻮﻟـﺪ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺘﻲ »ﻳﺮاﻫﺎ« اCﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ).(٤٧ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻓﺈن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻔﻨﺎن اﳋﺎص ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻴﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﳊﺪوث ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻔﺴـﻴـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ ،ﻟـﻜـﻦ اﻻﺳـﺘـﻌـﺪاد اﳉـﺴـﻤـﻲ واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ اﳋﺎص ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﺪور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎط اﳉﻤﺎﻟﻲ وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺎول إدوارد ﺑﻮاﻟﻮ أن ﻳﻮﺿﺤﻪ. ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺑﻮاﻟﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة أرﺳﻄﻮ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﻀﺎر ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ ،ﻷن أﺣﺪاﺛﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓـﺔ ﻣـﻨـﺎ .ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺴـﺘـﻤـﺪ اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ 44
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻂ ،ﻓﻔﻜﺮة اCﺴﺎﻓﺔ اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ»روس« ﻣﺜﻼ ﻧﻮﻋﺎ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ اﻟﺪراﻣﻲ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻛﺎﻧﻆ ﺑ» tﺑﻬﺠﺔ اﻟﻔﻦ اCﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺮض« ،وذﻟﻚ »اﻟﺴﺮور اCﺜﻴﺮ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ،اﻟﺬي ﻧﺴﺘﻤﺪه ﻣﻦ أﻣﻮرﻧﺎ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ« .إن ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ،ﺑﺎﺳﺘﻘﻼل اﻟﻔﻦ ﻋﻦ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة ،وﻗـﺪ ﻛـﺎن اﳊﻞ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ ﺑﻮاﻟﻮ ﻣﻮﻓﻘﺎ ﻷﻧﻪ ﳒﺢ ﻓﻲ ﺣـﻞ ﻣـﺸـﻜـﻠـﺔ اﺳـﺘـﻌـﺼـﺖ ﻋـﻠـﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ .ﻟﻘﺪ أﺷﺎر إﻟﻰ ﺿﺮورة ﻋـﺪم اﻟـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ ﻣﻮﺿﻮع ﻋﻤﻠﻲ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻳﺘﻜﻮن ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻮاد ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ ﻋﺎدﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل »اﻟﻨﺤﺖ اﳊﺪﻳﺚ« ﻣﺜﻼ).(٤٨ ﻋﺮف »ﺑﻮاﻟﻮ« اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﺑـﻴـﻨـﻨـﺎ ﻛــــ »ذات« وﺑ tﺣﺎﻻﺗﻨﺎ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ ،واﺳﺘﺨﺪم ﺑﻮاﻟﻮ ﻛﻠﻤﺔ »اﻟﻮﺟﺪان« aﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟـﻮاﺳـﻊ، ﻛﻲ ﻳﺸﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻹﺣﺴﺎس واﻹدراك واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻷﻓﻜﺎر).(٤٩ وﺣﻴﺚ إن اﳊﺎﻻت اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ )ﺑﻬﺬا اCﻌﻨﻰ( ﺗﺘﻌﻠـﻖ aـﺼـﺎدر ﺗـﺆﺛـﺮ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎرﺟﻲ ،ﻓﺈن اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺳﺘﻈـﻬـﺮ ﻏـﺎﻟـﺒـﺎ ﻛـﻤـﺴـﺎﻓـﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﺑ tذات اCﺸﺎﻫﺪ أو اCﺘﻠﻘﻲ واCﻮﺿﻮع أو اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﺜﻴﺮ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت أو اﻷﻓﻜﺎر ﺑﺪاﺧﻠﻪ. واﺳﺘﺨﺪم »ﺑﻮاﻟﻮ« اCﺜﺎل اﳋﺎص aﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ اCﺮء ﻓﻲ ﻃﻘﺲ ﺿﺒﺎﺑﻲ وﺳﻂ ﺑﺤﺮ ﻋﺎﺻﻒ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻣﻔﻬﻮم اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻴﺰا ﺑ tاﻻﲡﺎه اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻻﲡﺎه اﻟﻌﻤﻠﻲ .ﻓﻮﺟﻮد اﻟﻀﺒﺎب اﻟﻜﺜﻴﻒ أﻣﺎم اCﺮء وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺜﻞ ﺧﺒﺮة ﻏﻴﺮ ﺳﺎرة ،إﻧﻪ ﻳﻨﺬر ﺑﺎﳋﻄﺮ وﻓـﻘـﺪان اﻟﺘﻮﺟﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺰداد ﻣﺸﺎﻋﺮ اﳋﻮف واCﺸﻘﺔ واﻟﺮﻋﺐ .ﻳﺤـﺪث ﻫـﺬا ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﲡﺎه اﻟﻌﻤﻠﻲ أو اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،أﻣﺎ اﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه إﻟﻰ اﻻﲡﺎه اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻴﻐﻴﺮ ﻫﺬا اCﺸﻬﺪ اﳊﺴﻲ ﻋﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺟـﺬري ..ﻓـﻌـﻨـﺪﻣـﺎ ﻻ ﻳـﻜـﻮن ﻫﻨﺎك ﺧﻄﺮ ﻛﺎﻣﻦ ﻳﺤﺪق ﺑﺎCﺮء ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣﻞ اCﺼﺤﻮب ﺑﺎﻻﺑﺘﻬﺎج ﻟﻬﺬه اﳊﺎل اﻟﺪاﻛﻨﺔ اCﻌﺘﻤﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﺎب واﻟﺘﺸﻜﻴﻼت اCﺘﻨﻮﻋﺔ ﻟﻪ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﺮاﺟﻊ اﳋﻮف وﺗﺘﻘﺪم اﻟﺒﻬﺠﺔ .وﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل ــ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ــ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻻﲡﺎه اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻴﺰ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﻋﻦ اﻻﲡﺎه اﻟﻌﻤﻠﻲ ،ذﻟﻚ اﻟﺬي ﺗﺘﻼﺷﻰ ﻓﻴﻪ ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﲢﻞ ﺣﺎﺟﺎﺗﻨﺎ وأﻫﺪاﻓﻨﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﺤﻞ ﺗﻠﻚ اCﺴﺎﻓﺔ »اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ« اﻟﻀﺮورﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑـﺎﻟـﺘـﺄﻣـﻞ واﻟـﺒـﻬـﺠـﺔ ﺧﻼل اﲡﺎﻫﻨﺎ اﳉﻤﺎﻟﻲ. 45
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أﺷﺎر »ﺑﻮاﻟﻮ« ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اCﺴﺎﻓﺔ ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﻴﺰة ﻷﻛـﺜـﺮ اﳋـﻄـﻮات أﻫﻤﻴﺔ ﺧﻼل اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ،وأﻧﻬﺎ ﻜﻦ أن ﺗﻔﻴﺪ ﻓﻲ وﺻﻒ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺑﺎCﺰاج اﻟﻔﻨﻲ .Artistic Temperament ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ﻳﺘﻢ اﻟﻔـﺼـﻞ اﻟـﻨـﺴـﺒـﻲ ﺑـ tاCـﻮﺿـﻮع اﻟـﻔـﻨـﻲ ،ﻣـﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻣﺎ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى .ﻟﻜـﻦ ﻫـﺬه اCـﺴـﺎﻓـﺔ ﻫـﻲ أﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ إدراك اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ــ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻟﻪ ،ﺑﻞ وﻣﻦ وﺟﻮد ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع أﻳﻀﺎ ــ أﻣﺮا ﻜﻨﺎ. ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺗﻌﺎﻣﻠﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔـﺎ ﻋـﻦ ﺗﻌﺎﻣﻠﻨﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اCﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻬﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ﻫﻲ اﻟﺘـﻲ ﺗـﻌـﻄـﻲ اﻟﺸﺨﺼـﻴـﺎت اﻟـﺪراﻣـﻴـﺔ ،ﻓـﻲ اCـﺴـﺮح ﻣـﺜـﻼ ،ﻣـﻈـﻬـﺮا ﻏـﻴـﺮ واﻗـﻌـﻲ ،وﺗـﻌـﻄـﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ﻣﻈﻬﺮا ﻏﻴﺮ ﻓﻨﻲ ،وﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﲡﺎﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ) ،ﺣ tﺗﻮﺟﺪ ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ( ،وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎ )ﺣـt ﺗﻨﺘﻔﻲ ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ(. وﻳﺸﻴﺮ ﺑﻮاﻟﻮ إﻟﻰ أﻧﻪ إذا وﺟﺪ ﺷﺨﺺ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮة اﻟﺸﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ زوﺟﺘﻪ، وﺣﺪث أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺸﺎﻫﺪ اﻵن ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ »ﻋﻄﻴﻞ« ﻟﺸﻜﺴﺒﻴـﺮ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﺠﺴﻴﺪ اﳋﺎص ﻟﻬﺬا اﻻﻧﻔﻌﺎل ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ وﺿﻊ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑ tاﳊـﺪث اﳋﺎص ﺑﺎCﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺎﻫﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣـﻴـﺔ ،وأﻣـﻮر ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ اﳋـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. وﻳﺤﺪث اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن ،ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ إﺛﺒﺎت ﺟﺪارﺗﻪ ﻛﻔﻨﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ﳋﺒﺮة ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻜﺜﻒ أو ﻋﻤﻴﻖ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ،أو اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺒﺎرع ﻣﺎﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ اﺗﺨﺬ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tﺧﺒﺮﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧt ﻣﻦ أن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻬﻴـﺮ ،وﺳـﻴـﻠـﺔ ﻟﻠﺨﻼص ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ وأﻓﻜﺎر ﻛﺎن ﻳﺘﻢ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻬﺎ داﺋﻤـﺎ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻬـﺎ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﻹﳊﺎح ﻏﻴﺮ اCﺮﻳﺢ .وﻓﻲ ﻫﺬا ﻳﺘﻤﺜـﻞ أﻳـﻀـﺎ ﻓـﺸـﻞ اﻹﻧـﺴـﺎن اﻟـﻌـﺎدي ﻓـﻲ أن ﻳﻨﻘﻞ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺗﻪ وﻣﺸﺎﻋﺮه اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮح أو اﻷﺳﻰ ،ﻓﺎﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﺤﺪث ﲡﻌﻞ ﻣﻦ اﻟـﺼـﻌـﺐ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻪ أن ﻳﺸﻜﻞ ﻫﺬه اCﺸﺎﻋﺮ ،أو ﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺸﻌﺮ اﻵﺧﺮون ــ ﻣﺜﻠﻪ ــ ﺑﻜﻞ اCﻌﺎﻧﻲ 46
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
أو ﻋﻨﺎﺻﺮ اﳊﻴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺴﺪ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت ﺑﺪاﺧـﻠـﻪ .إن ﻣـﺎ ﻳﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺬوق واﻹﺑﺪاع ــ ﻓﻲ رأي ﺑﻮاﻟﻮــ وﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻏﻮﺑﺎ أﻛﺜﺮ ،ﻫﻮ وﺟﻮد ﻣﺴﺎﻓﺔ أو اﺑﺘﻌﺎد ﺑ tاﻟﺬات واCﻮﺿﻮع ،أو اCﺸﺎﻫﺪ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،دون أن ﻳﺤﺪث اﺧﺘﻔﺎء ﻷﺣﺪ اﻟﻄﺮﻓ tﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻶﺧﺮ .ﻓـﻬـﻨـﺎك ﻣـﺴـﺎﻓـﺔ ﻧـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد وﻟﻜﻞ ﻣﻮﻗﻒ وﻟﻜﻞ ﻧﻮع ﻓﻨﻲ ،وﻫﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺬوق ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع. ﻳﺘﻤﺜﻞ أﺣﺪ إﺳﻬﺎﻣﺎت »ﺑﻮاﻟﻮ« اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪه ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗـﺰﻳـﺪ أو ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ اCﺴﺎﻓﺔ ،وﻗﺪ ﺣﺎول أن ﻳﻔﺴﺮ اCﺒﺎد اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﻋﻮاﻣﻞ اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺘﻘﻤﺺ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﺄﺷﺎر إﻟﻰ أن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺴﺎﻓﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ، ﻓﻔﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﻮاﻗﻌﻲ )اﻟﺼﻮر اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻣﺜﻼ( ﺗﻘﻞ اCﺴﺎﻓﺔ )ﻓﻴﺰﻳﺪ اﻟﺘﻘﻤﺺ، وﺗﻘﻞ اCﺘﻌﺔ( ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻋﺎﻟﻲ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ )ﻟﻮﺣﺔ Cﻮﻧﺪرﻳﺎن ﻣﺜﻼ ﺗﺰﻳﺪ اCﺴﺎﻓﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻘﻞ اﻟﺘﻘﻤﺺ وﺗﻘﻞ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎ .وﺗﻘﻠـﻞ أ ـﺎط اﻟـﻔـﻦ ذات اﻷﺷﻜﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ )ﻛﺎﻟﺮﻗﺺ واCﺴﺮح( ﻣﻦ اCﺴﺎﻓﺔ )ﻓﻴﺰﻳﺪ اﻟﺘﻘﻤﺺ( ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷ ﺎط اﻷﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اﻟـﺘـﻲ ﻻ ﲢـﻀـﺮ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻫـﺬه اﻷﺷـﻜـﺎل ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ )ﻛﺎﻟﻌﻤﺎرة وﻧﻮاﰋ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ( ﺗﺰﻳﺪ اCﺴﺎﻓﺔ )ﻓﻴﻘﻞ اﻟﺘﻘـﻤـﺺ( .ﺑـﻌـﺒـﺎرة أﺧﺮى ،ﻓﺈن اﻟﺘﻌﺮف اﻟﻮاﺿﺢ ــ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻜﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴـﺔ ـــ ـﻴـﻞ إﻟـﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻮﺣﺪ ،أو اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﺬاﺗﻲ ،وإن ﻛﺎن ﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﺘﻢ ،أﺣﻴﺎﻧﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. وﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺴﺎﻓﺔ ،ﻫﻲ ﻋﻮاﻣﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﲡﺎﻫﺎت ،ﻓﺎCﺘﻠﻘﻮن أﺻﺤﺎب اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔa ،ﺎ ﻳﻌﺮﺿﻪ أو ﻳﻘﺪﻣﻪ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻗﺪ ﻳﻔﻘﺪون اﻻﻧﻔﺼﺎل أو اCﺴﺎﻓﺔ ،إﻧﻬﻢ ﻳﺼﺒﺤﻮن ﻗﺮﻳﺒ tﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻣـﻦ اCـﻮﺿـﻮع .Under- distancedﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨـﻈـﺮون إﻟـﻰ ﻣـﻮﺿـﻮع ﻓـﻨـﻲ، ﻳﻜﻮن اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﻣﻮﺟﻬﺎ أﺳﺎﺳﺎ إﻟﻰ أﻫﺪاﻓﻬﻢ وﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻔﻘﺪون اCﺸﻬﺪ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻔﻨﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اCﺘﻠﻘ tذوي اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺸﺨﺼﻲ اﶈﺪود أو اCﻌﺪوم ،ﻴﻠﻮن إﻟﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ،Over-distanced إﻧﻬﻢ ﻳﻬﺘﻤﻮن ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺿﺌﻴﻞ ﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ،أو اﻟﻘﻴﻤﺔ ،أو اCﻮﺿﻮع اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻻ ﻳﻜﻮن اﻧﺪﻣﺎﺟﻬﻢ اﻟﺬاﺗﻲ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻗـﻮﻳـﺎ ﺑـﺪرﺟـﺔ 47
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ .إن ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء اCﺘﻠﻘ tﻜﻦ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺷﻌﻮرﻫﻢ اﳋﺎص ﻫﺬا ﺑـﺎCـﻠـﻞ .إذن ﻣـﺎ ﻣـﻘـﺪار اCـﺴـﺎﻓـﺔ اCﺜﺎﻟﻲ اCﻄﻠﻮب ،أو ﻣﺎ ﻣﻘﺪار اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﺬاﺗﻲ اCﻄﻠﻮب ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ? ﻳﻘﻮل ﺑﻮاﻟﻮ» :إﻧﻪ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ دون اﻻﺧﺘﻔﺎء« .وﻫﺬا ﻳﺒﺪو ﻣﻌـﻘـﻮﻻ. ﻓﺎﻻﻗﺘﺮاب اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺸﻮش ،أو اﻻرﺗﺒﺎك اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﻌﻼﻗـﺔ ﺑـ tاﻟـﻔـﻦ واﳊـﻴـﺎة ،وﻋـﻨـﺪ اﻟـﻄـﺮف اﻵﺧـﺮ ،أي اﻻﺑﺘﻌﺎد اﻟﺸﺪﻳﺪ ،ﻗﺪ ﻧﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﻤﻠﻞ أو اﻟﻼﻣﺒﺎﻻة. وﻗﺎﻧﻮن ﺑﻮاﻟﻮ ﺣﻮل اCﺴﺎﻓﺔ ﻫﺬا ﻗﺼﺪ ﺑﻪ أن ﻨﺤﻨﺎ اﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﺷﺒﺎع ﻣﻦ رؤﻳﺘﻨﺎ ﻟﻠﺮواﺑﻂ ﺑ tاﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ، ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ أو واﻗﻌﻨﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل رؤﻳﺘﻨﺎ ﻟﻠﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺸﻜﻞ ،واﻷﺳﻠﻮب ،واﻟﺘﻜﻨﻴﻚ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺨﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت ،أو ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ. وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻣﺜﻼ ،أﺷﺎر ﺑﻮاﻟﻮ إﻟﻰ أن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﺗﺒﺪو ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ذات ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ،أﻣﺎ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳋﻔﻴﻔﺔ ﻓﺘﺒﺪو ﺳﻬﻠﺔ اCﻨﺎل إﻟﻰ درﺟﺔ ﺧﻔﻀﻬﺎ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻨﻬـﺎ وﺑـﻴـﻨـﻬـﻢ إﻟـﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،وﺑﺤﻴﺚ ﻗﺪ ﺗﺘﻮﻗﻒ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻋﻦ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻓﻨﺎ ،ﺑﻞ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ﻓﻘﻂ .وﻣﻦ اCﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺐ اCﺴﺎﻓﺔ ــ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳋﺒﺮة واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ـــ ﻓـﻲ اﳊـﺎﻟـﺔ اﻷوﻟﻰ وإﺑﻌﺎد اCﺴﺎﻓﺔ ــ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻞ ــ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .ﻓـﺎCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﺘﻠﻚ ــ دون ﺷﻚ ــ ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎل ـــ ﻃـﺒـﻴـﻌـﺔ ﺣـﺴـﻴـﺔ ﻣـﺆﺛـﺮة ،وﻳـﺒـﺪو أن اﻟـﺘـﻨـﺒـﻴـﻪ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﻌﻀﻠﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﺂﻟﻔﺎت واﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ، ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ذﻟﻚ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﻓﻲ اCﺴﺎﻓﺔ )ﺑﺎﻻﺑﺘﻌﺎد اﻟـﺰاﺋـﺪ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ،واﻻﻗﺘﺮاب اﻟﺰاﺋﺪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳋﻔﻴﻔﺔ( ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻣﻴﻞ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻟﺪى ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ﻏﻴﺮ ذوي اﳋﺒﺮة ﺑﺎCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ إﻟﻰ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ )ﺑﺪاﺧﻠﻬﻢ( ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر ﻏﻴﺮ اCﺘﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺴﺎرا ﺧﺎﺻﺎ ،ﻣﻦ اCﻴﻮل واﻟﺮﻏﺒﺎت اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺑﺄﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ ذات اﻟﻄﺒﻴـﻌـﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻋﺰﻟﻬـﻢ ،أو إﺑـﻌـﺎدﻫـﻢ ،ﻋـﻦ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﳊـﻘـﻴـﻘـﻴـﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻳﺆدي إﻟﻰ اﺳﺘﻐﺮاﻗﻬﻢ اﻟﺰاﺋﺪ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘـﻰ، ﻓﺘﺨﺘﻔﻲ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اCﻤﻴﺰة ﻓﻲ اﳊﺎل اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أﻳﻀﺎ. أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﻤﺎرة ﻓﻴﺸﻴﺮ ﺑﻮاﻟﻮ إﻟﻰ أن اﻟﻌﻤﺎرة ﲢﺘـﺎج ﻏـﺎﻟـﺒـﺎ إﻟـﻰ 48
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،وﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺬوق اﻟﻨﺎس اﻟﻌﻤﺎرة ﻋﻠﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﻨـﺎﺳـﺐ ﻷﻧـﻬـﻢ ﻳﺮﻛﺰون ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺰﺧﺮﻓﻴﺔ أو اﻟﺘﺰﻳﻴﻨﻴﺔ ﻟﻬﺎ ،وﻳﺨﻠﻄﻮن أﻳﻀﺎ ﺑ tاCﺒﻨﻰ )اCﺎدي( واﻟﻌﻤﺎرة ﻛﻌﻤﻞ ﻓﻨﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻐﻠﺒﻮن اﻷﻏﺮاض اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻏﺮاض اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. وأﺧﻴﺮا ﻳﺸﻴﺮ ﺑﻮاﻟﻮ إﻟﻰ أن ﻛﻞ اﻟﻔﻨﻮن ﲢﺘﺎج إﻟﻰ ﺣﺪ Limitﻣﻌ tﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺔ، ﻋﻨﺪه ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻜﻨﺎ ،وأن ﻫﺬا »اﳊﺪ« ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻓﻲ ﺗﻠﻚ »اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﳋﺎﺻﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻴﺰة ﻟﻠﻔﻦ« أﻻ وﻫﻲ :أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ذا ﻃﺒﻴﻌﺔ »ﻏﻴﺮ واﻗﻌﻴﺔ« ،ﺑﻞ أن ﻳﻜﻮن أﻳﻀﺎ »ﺿـﺪ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻟﻸﺷﻴﺎء« وأن ذﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﺒﻊ اCﺬاﻫﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ .إﻧﻬﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﺨﺬ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،إن ذﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ اﻟﻄﺎﺑﻊ »اﻟﻔﻨﻲ« ﻟﻠﻔـﻦ ،وﻫـﻮ ﻃﺎﺑﻊ ﻏﻴﺮ واﻗﻌﻲ وﻏﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ،ﺑﻞ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻴﺔ أو اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ إذن ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﳉﺪﻟﻲ واﳊﺮﻛﺔ اﻟﺒﻨﺪوﻟﻴﺔ ﺑ tاﻻﻗﺘﺮاب )أو اﻟﺘﻘﻤﺺ أو اﻻﻧﺪﻣﺎج( واﻻﺑﺘﻌﺎد )أو اCﺴﺎﻓـﺔ( .إﻧـﻬـﺎ ﺗـﻜـﻮن ﻫﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴـﺮ ﻓـﻴـﻠـﻬـﻢ ﻓـﻮرﳒـﺮ W.Worrinqerﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ »اﻻﺳﺘـﻤـﺘـﺎع اﻟـﺬاﺗـﻲ اCﺘﻤﻮﺿﻊ ،أو اCﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﺟﻤﺎﻟﻲ»وﻫﺬا اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﻌـﻨـﻲ أﻧﻨﻲ اﺳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻲ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻮﺿﻮع ﺣﺴﻲ ،ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ذاﺗﻲ ،ﻣﻦ أﺟﻞ أن أﲡﺴﺪ أﻧﺎ ﻓﻴﻪ أو أﺗﻘﻤﺼﻪ« .وﻣﺎ أﺗﻘﻤﺼﻪ أو أﺗﻮﺣﺪ ﻣﻌﻪ ﻫﻮ ،ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﺗﻠﻚ اﳊﻴﺎة اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ،واﳊـﻴـﺎة ﻫﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ أو اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺪاﺧﻠﻲ ،وﻫﻲ اﻟﺴﻌﻲ واﻹﳒﺎز واﻟـﻨـﺸـﺎط اﳋـﺎص ﺑﺎﻹرادة واﻟﺼﻮرة اCﻜﺘﻤﻠﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص« ).(٥٠ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﺸﺎر إﻟﻰ ﺑﻮاﻟﻮ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻜﻨـﻪ ـــ وﻟﺴﻮء اﳊﻆ ــ ﻟﻢ ﻳﻠﻬﻢ إﻻ ﻋﺪدا ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﺪارﺳ tﺑﻌﺪه ).(٥١ أﻣﺎ ﻓﻜﺮة »اﻟﺘﻘﻤﺺ« أو اCﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺮدد ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻓﻼﺳﻔﺔ وﻧﻘﺎد وﻋﻠﻤﺎء ﻧﻔﺲ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ،أﻣﺜﺎل ﻛﻮﻟﻨﺠﻮود وﻓﺮوﻳﺪ وﺑﺮﻟ tوﺟﺎردﻧﺮ واﻳﺰر وﻏﻴﺮﻫﻢ. ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘـﻘـﻤـﺺ ﺣـﻞ ﻣـﻔـﻬـﻮم اﻟـﺘـﻮﺣـﺪ Identifictionﻣﺤﻠﻪ .واﺳﺘﺨﺪم ﻓﺮوﻳﺪ وﻻﻛﺎن وﻣﻴﺘﺰ وﺑـﺎودري وﻏـﻴـﺮﻫـﻢ ﻫـﺬا 49
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اCﻔﻬﻮم ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ .وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻳﺸﻴﺮ ﻫﺬا اCﺼﻄﻠﺢ إﻟﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻤﺜـﻞ Assimilationاﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ،ﺳﻮاء ﺑﺸﻜﻞ ﻛﻠﻲ )اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻵﺧﺮ ﻛﻜﻞ( أو ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺰﺋﻲ )اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ( .وﻗﺪ ﻧﻈﺮ ﻓﺮوﻳﺪ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻓـﻲ ﺟـﻮﻫـﺮه ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻟﻠـﺬات ،ﻋـﻠـﻰ »ﻣـﺜـﺎل« ﺷـﺨـﺺ آﺧـﺮ )اﻟـﻄـﻔـﻞ وواﻟﺪه ﻣﺜﻼ( .وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر أﻳﻀﺎ ،ﻫﻮ اCﻤﻴﺰ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﻜﺮ ﺑ tاﻟﺬات )اﻟﻄﻔﻞ ﻣﺜﻼ( وﻣﻮﺿـﻮع ﻣـﻌـ) tﻟـﻌـﺒـﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺜﻼ( ﻛﻤﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟﻚ أﺻﺤﺎب ﻧـﻈـﺮﻳـﺔ اﻟـﻌـﻼﻗـﺔ ﺑـﺎCـﻮﺿـﻮع ،ﻛـﻤـﺎ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر أﻳﻀﺎ ﻫﻮ اCﻤﻴﺰ ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ اCﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻤـﻠـﻴـﺔ اCـﺸـﺎﻫـﺪة واﻟﺘﺬوق ،ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واCﺴﺮح ﺧﺎﺻﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎرت ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ).(٥٢ ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻲء اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ﻫﻨﺎ أن ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘـﻮﺣـﺪ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ أو رواﻳﺔ أو ﻓﻴﻠﻢ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﺜﺎﻧﻮي ،أﻣﺎ اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻷوﻟﻲ ﻓﻴﺤﺪث ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﻠﻲ أو ﺟﺰﺋﻲ ،ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺣﺪ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﻻ ﺷﻌﻮرﻳﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ــ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺒﻮاﻟﻮ ــ أو ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﺧﺮى ﻛﺎﻟﺘﻌﺮف ،واﻟﻔﻬﻢ ،واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،واﻟﺬﻫـﺎب إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﳋﺎص واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻟﻠﺴﻤﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ )ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤـﺎ واCـﺴـﺮح واﻟـﺮواﻳـﺔ ﺧﺎﺻﺔ(. وﻗﺪ أﺷﺎرت إﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﻬﻢ اﻷﺧﻴﺮ ﺗـﻠـﻚ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ اﻗـﺘـﺮﺣـﻬـﺎ ﻣﻮاري ﺳﻤـﺚ M.Simithﺣﻮل اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ Sympathyواﻟﺬي ﻓﻀﻠﻪ ﻛﻤﺼﻄـﻠـﺢ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﻘـﻤـﺺ Empahyﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹدراك واﻟﻔﻬﻢ واﻟﺘـﺬوق ﻓـﻲ اﻷدب، وﻟﻔﻨﻮن اﻷداء ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص .ﻓﺎﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اCﻤﺎﺛﻠﺔ ،أو اﶈﺎﻛﺎة ﳊﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث أﻣﺎﻣﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻗﻴﺎﻣﻲ ــ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ــ ﺑﻔﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وCﺴﺎﺗﻬﺎ وﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اCﻤﻴﺰة ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ، ﺛﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻲّ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،أن أﺻﺪر ﺣﻜﻤﺎ ﻣﺘﻌﺎﻃﻔــﺎ ﻣﻌﻬﺎ أو ﺿﺪﻫﺎ ــ دون 50
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
أن أﻧﺪﻣﺞ ﻣﻌﻬﺎ ــ وأﺳﺘﺠﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻄــﺮﻳﻘﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻛﺮد ﻓﻌــﻞ ﻟﻌﻤﻠﻴــﺎت اﻟﺘﻘﻴــﻴﻢ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﻮم ﺑﻬﺎ ﻟﻠﺤــﺪث ،وأﻳﻀــﺎ ﻟﻠﺘﻄـﻮرات اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻟﻠﺴﻴﺎق اﳋﺎص ﺑﻬﺎ ).(٥٣
اﻷﻟﻔﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ
ﻫﻨﺎك رأي ﺷﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻳﻘﻮل إن اﳉـﺪة )أي ﻛـﻮن اCﺜﻴﺮ ﺟﺪﻳﺪا( ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺴـﺘـﺜـﻴـﺮ ،ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻧـﻔـﺴـﻪ ،ﺣـﺎﻟـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ ﺣـﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع )أو اﻟﻔﻀﻮل( وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﳋـﻮف ﻟـﺪى اﻟـﻜـﺎﺋـﻨـﺎت اﳊـﻴـﺔ. وﻳﻘﻮل ﻫﺬا اﻟﺮأي ﻛﺬﻟﻚ إن اﻟﺘﻌﺮض اCﺘﻜﺮر ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﳉﺪﻳﺪة ﺗﺘﻮﻟـﺪ ﻋـﻨـﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺔ ﺑﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﳋﻮف اﻷوﻟﻰ اCﺮﺗﺒﻄﺔ، ﺑﻬﺎ وﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺴﻤـﻮﻧـﻪ ﺑــ »ﺗـﻌـﻠـﻢ اﻟـﺘـﻌـﺮض« ;Exposure Learningأي اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮض أو اﻟﻔﺤﺺ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ اﳉﺪﻳﺪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻرﺗـﻘـﺎء ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎCﻮﺿﻮع اﳉﺪﻳﺪ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻪ).(٥٤ وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺒﺮر ﻻﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر ،وﻻ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺒﻌﺎد ﻟﺘﻌﻤﻴﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻠﻨﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈن واﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﺆﺛﺮة ،أو اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ وﺿﻊ اﻟﻌﻤﻞ اCﺜﻴﺮ ﻟﻺﺣﺴﺎس اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺼﻞ ـــ أو ﺑـﻌـﺪ ـــ اﳉـﺪة /اﻷﻟـﻔـﺔ. وﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﺮﻟ tإﻟﻰ ﺣﺎﻻت ﻴﺰة ﻋﺪة; ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻷي ﺷﻲء ﺳﺒﻖ ﻟﻨﺎ أن واﺟﻬﻨﺎه ،ﺗﻜﻮن اﳉﺪة ﻣﻄﻠﻘﺔ .ﻟﻜﻨـﻨـﺎ ﻋـﺎدة ﻣـﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﳉﺪة اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ،أي ﻣﻊ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘـﻜـﻮن ﻣـﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺳﺒﻖ ﻟﻨﺎ إدراﻛﻬﺎ ﻓﻲ اCﺎﺿﻲ. وﻓﻲ ﻛﻞ اﳊﺎﻻت ﻓﺈن اﳉﺪة ﻳﻘـﺎل إﻧـﻬـﺎ ﺗـﻌـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ إﺣـﺪاث اﻻﺳـﺘـﺜـﺎرة ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ورﻏﻢ أن ﺑﻌﺾ اCﺜﻴﺮات اﳉﺪﻳﺪة ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻧـﻔـﻮر )أو ﻋﺪم ﺗﻔﻀﻴﻞ( ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻼ ﻏﺎﻣﻀﺔ ـﺎﻣـﺎ ،أو ﻻ ﺗـﺘـﻔـﻖ ﻣـﻊ اﻟـﺬوق اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻔﺮد ،أو اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ; ﻓﺈن ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ ـــ واﻟـﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻓـﻲ وﻗـﺖ ﻣـﻌـt ﺟﺪﻳﺪة ﻧﺴﺒﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ ﻟﻜﻨﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ـــ ﻗـﺪ ﻳﺘﻢ ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ أﻳﻀﺎ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻓﻘﺪت ﺧﺎﺻﻴﺔ اCﻠﻞ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻷﻟﻔﺔ اﻟﺰاﺋﺪة .وﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻓﺈن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮى أو ﺗﺴﻤـﻊ ﻓـﻲ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺮﻳﺤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﺗﺮى أو 51
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﺴﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر. ﻜﻦ أن ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻷﻟﻔﺔ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌـﺘـﻬـﺎ ﻛـﺬﻟـﻚ ،ﻓـﺮﻏـﻢ أن ﺑـﻌـﺾ ﻋـﻨـﺎﺻـﺮ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ،ﻓﺈن ﻋﻨﺎﺻﺮ أﺧﺮى ﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﻗﻞ أﻟﻔﺔ ،أو ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ،و ﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﻋﻨﺪ أي ﺣـﺎﺳـﺔ ﻣـﻦ اﳊـﻮاس. ﻓﺎﻟﺼﻮرة اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ،وﻋﻨﺎﺻﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ، واﻟﻠﺤﻦ اCﻌﺮوف ﺟﻴﺪا ﻗﺪ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﺈﻳﻘﺎﻋﺎت أو ﺗﺂﻟﻔﺎت ﺟﺪﻳﺪة .وﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻲ اCﺎﺿﻲ إن ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ،أو »اﻟﻮﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻮع« ،ﻳﻀﺮب ﺑﺠﺬوره ﻓـﻲ ﻋـﻤـﻖ ﺧﺒﺮة اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ إن ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع أو ﻓﻜﺮة أﺳﺎﺳﻴﺔ Themeﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻓﻌﻼC ،ﻨﻊ ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻟـﻔـﺔ، أي Cﻨﻊ ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺿﻌﻒ اﳉﺪة أو ﺗﻼﺷﻴﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺿﻌﻔﻪ اﻟﺬاﺗﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ).(٥٥ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﻧﻀﻊ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ اﻟﺘﻔـﻀـﻴـﻼت اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،ﻓـﻲ ﻣﻮاﻗﻒ اﳊﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺷـﺎرة ﻓﻘــﻂ إﻟﻰ اﻷﻟــﻔـﺔ ،وأن ﻧـﻬـــــﻤـﻞ آﺛﺎر ﻋﻮاﻣــﻞ ﻣﺜــﻞ ﺧﺼــﺎﺋﺺ اﻟﺘﺮﻛﻴــﺐ ،واﻟﻘــﺪرة ﻋـﻠـــــﻰ إﺛـــــﺎرة اﻻﻫـﺘـﻤـــــﺎم اﳋــﺎص ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو ﻧﺘﺬوﻗﻬـﺎ أو ﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﻟـﻌـﻮاﻣـﻞ اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. ﻗﺪم اﻟﺒﺎﺣﺚ زاﺟﻮﻧﻚ »ﻓﺮض ﻣﺠﺮد اﻟﺘﻌﺮض« ،Mere exposure hypothesis وﻳﻘﻮل ﻫﺬا اﻟﻔﺮض إن ﻣﺠﺮد ﺗﻌﺮض اﻟﻔﺮد ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘـﻜـﺮر Cـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻌـ ،tﻫـﻮ ﺷﺮط ﻛﺎف ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﲡﺎه ﻫﺬا اﻟﻔﺮد ﻧﺤﻮ ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ .و ﻜﻨﻨﺎ أن ﳒﺪ ﺟﺬور ﻫﺬا اﻟﻔﺮض ﻟﺪى وﻟﻴﻢ ﺟﻴﻤﺲ وﺟﻮﺳﺘﺎف ﺛﻴﻮدور ﻓﺨﻨﺮ ،ﻟﻜﻦ زاﺟﻮﻧـﻚ ﻛـﺎن ﻫﻮ أول ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﻔﺤﺼﻪ ﲡﺮﻳﺒﻴﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻠﻤﺎت وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎت ﻋﺪة ،ﺛﻢ اﻣﺘﺪ ﺑﻪ وﻣﻌﻪ ﺑﺎﺣﺜﻮن آﺧﺮون إﻟﻰ ﻓﻨﻮن أو وﺳﺎﺋﻞ ﻓﻨﻴﺔ أﺧﺮى. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﺈن ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻗﺪ ﺗﻮﺻﻠﻮا إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻓـﺮض »ﻣﺠﺮد اﻟﺘﻌﺮض« ﻫﺬا ،ﻓﻘﺪ ﻗﺮر ﺑﺮﻟ tﻣﺜﻼ أن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ أو اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،ﻗﺪ § ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﺎ أو اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻜﺮر ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ أﻗﻞ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﺮض ﻟﻬﺎ ،ووﺟﺪ ﺑﺎﺣﺜﻮن آﺧﺮون أن اﻻﻃﻔﺎل ﻗﺪ أﻋﻄﻮا ﺗﻘﺪﻳﺮات إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ داﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸ ـﺎط اﻟـﻬـﻨـﺪﺳـﻴـﺔ ﻏـﻴـﺮ اCﺄﻟﻮﻓﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷ ﺎط اCﺄﻟﻮﻓﺔ. ﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎرت دراﺳﺎت أﺧﺮى إﻟﻰ ﺣـﺪوث ارﺗـﻔـﺎع ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ» ،ﻓـﻲ 52
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻟﺒﺪاﻳﺔ« ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك »درﺟﺎت«; درﺟﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ )أو ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ( ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺔ، ﺛﻢ ﻳﻌﻘﺒﻬﺎ ﻫﺒﻮط ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ اﻷﻟﻔـﺔ .ووﻓـﻘـﺎ ﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ »ﺗـﻨـﺎﻓـﺲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ« ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻫﺎرﻳﺴﻮن Harrisonاﻟﻌﺎم ١٩٦٨ﻓﺈن اCﺜﻴﺮ ﻏﻴﺮ اCﺄﻟﻮف ﻣﺬﻛﺮة Reminiscentﺑﺘﺸﻜﻴﻠﺔ أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ّ ﻣﻦ اCﺜﻴﺮات أو اﳋﺒﺮات اﻟﺘـﻲ ﺳـﺒـﻖ أن ﺗـﻌـﺮﺿـﻨـﺎ ﻟـﻬـﺎ .وإن ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ ﺗﺴﺘﺼﺪر ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اCﻴﻮل اﻟﺴﻠﻮﻛﻴـﺔ واCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ اCـﺘـﻨـﺎﻓـﺮة أو اCﺘﻌﺎرﺿﺔ .وﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮد ــ ﻣﻌﺎ ــ Cﻴﻮل اﺳﺘﺠﺎﺑﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﻣﺘﺰاج ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻜﺎﻣﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻳﻘﺎل إﻧﻪ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﺣﺎﻟﺔ داﻓﻌﻴﺔ ﺗﻨﻔﻴﺮﻳـﺔ Aversiveﺗﺆدي ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ إﻟﻰ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﺳﻠﺒﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ إﻟﻰ ﻋﺪم ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺬا اCﺜﻴﺮ .أﻣـﺎ اﻟﺘﻌﺮض اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻴﺆدي إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻟﻠﺠﻮاﻧﺐ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻪ ،وﻛﺬﻟﻚ اCـﻌـﺮﻓـﺔ ﺣـﻮﻟـﻪ وﺣـﻮل ﻣـﻜـﻮﻧـﺎﺗـﻪ ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﻨﻔﻮر ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻮﺿﻊ ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﺼﻮري ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻪ ﻣﻌﻨﺎه اﳋﺎص. وﻳﺆدي ﺧﻔﺾ ﺗﻨﺎﻓﺲ أو ﺗﺼﺎرع اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ واﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ اCﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ــ واﻟﺮاﺟﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻐﻤﻮض أو ﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ ــ إﻟﻰ ﺗـﺰاﻳـﺪ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻨﺎﻗﺺ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﻨﻔﻮر ﻣﻨﻪ أو ﻋﺪم اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻪ ).(٥٦ ﺗﻮﺟﺪ اﻓﺘﺮاﺿﺎت ﻧﻈﺮﻳﺔ أﺧﺮى ﺗﻘﻮل إن اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠـﻤـﺜـﻴـﺮات اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اCﻴﻮل اCﺘﻌﺎرﺿﺔ ذات اﻵﺛﺎر اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ واﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻣﻌﺎ ،ﻓﻘﺪ أﺷﺎر ﺑﺮﻟ tإﻟﻰ أن اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺴـﻤـﻰ ﺑـﺄﺛـﺮ اﻟـﺘـﻌـﻮد Habituation effectأو اﺧﺘﺰال ﺣﺎﻟﺔ اﳊﻴﺮة اCﻌﺮﻓﻴﺔ أو ﻋﺪم اﻟﺘﺄﻛﺪ Reduction of uncertaintyاﻷوﻟﻴﺔ ،ﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻪ .ﻟﻜﻦ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻳﺆدي أﻳﻀﺎ ،إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺄﺛﺮ اﻟﺘﺸﺒﻊ ،أو اCﻠﻞ Satiation or boredom effect واﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﺗﺄﺛﻴﺮه ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮف ،أو ﺟﺪﻳﺪا ،ﺗﺴﻮد اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻮد ﻋﻠﻴﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺆدي اﻟﺘﻌﺮض أو اﻷﻟﻔﺔ إﻟﻰ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟـﻪ .أﻣـﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ،ﻓﺈن اﻟﺘﺸـﺒـﻊ ﺑـﻪ ﻳـﺘـﺼـﺎﻋـﺪ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻳـﺆدي اﻟﺘﻌﺮض اﻹﺿﺎﻓﻲ ﻟﻪ إﻟﻰ ﺗﻨﺎﻗﺺ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳋﺎص ﺑﻪ. وإذا ﻛﺎن اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺴﻴﻄﺎ ،ﻓﺈن ﻓﺘﺮة اﻟﺘﻌﻮد ﻫﺬه ﺳـﺘـﻜـﻤـﻞ دورﺗـﻬـﺎ 53
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﻌﺪ ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻣﻦ ﻣﺮات اﻟﺘﻌﺮض ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺳﺘﻜﻮن اﻟﻨﺰﻋـﺔ اﻟـﺴـﺎﺋـﺪة ﲡﺎﻫﻪ ﻫﻲ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﻔـﻀـﻴـﻞ .أﻣـﺎ إذا ﻛـﺎن ﻫـﺬا اCـﺜـﻴـﺮ ﻣـﺮﻛـﺒـﺎ ﻓـﺈن ذروة ﻣﻨﺤﻨﻰ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ إﻻ ﻋﺒﺮ ﻋﺪد ﻛﺒـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟﺘﻌﺮض ،ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻧﻜﺸﻒ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻴﺰا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻫـﻜـﺬا ﺣـﺘـﻰ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺒﻊ ﺑﻪ ﺛﻢ ﻳﺤﺪث ﺗﻨﺎﻗﺺ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻪ).(٥٧ ﻫﺬا ﻣﻊ ﺿﺮورة اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄن أﻋﻤﺎﻻ ﻓﻨﻴﺔ ،ﻫﻲ ﻣﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ »اﻟﺮواﺋﻊ« ﻧﻈﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺗـﻌـﺪدت ﻣـﺮات ﺗـﻌـﺮﺿـﻨـﺎ ﻟـﻬـﺎ ﺑـﺎﻟـﻘـﺮاءة ،أو اﻻﺳﺘﻤﺎع ،أو اCﺸﺎﻫﺪة .وإن ﻛﺎن زاﺟﻮاﻧـﻚ ﻳـﻨـﺼـﺢ ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﳊـﺎﻟـﺔ ﺑـﺠـﻌـﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻬﺬه اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،أي ﻟﻴـﺴـﺖ ﻣـﺘـﻮاﺻـﻠـﺔ ،أو ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ،ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻨﺎﻗﺺ ﻋﻮاﻣﻞ اﻷﻟﻔـﺔ ﺑﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اCﻠﻞ ،وﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮض واﻻﻛﺘﺸـﺎف ﻟـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﻬﺎ ).(٥٨
اﻷﺳﻠﻮب واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ:
ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻠﻐﻮي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﻄﻠﻖ ﻛﻠﻤﺔ )اﻷﺳﻠﻮب( ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ إذا اﻣﺘﺪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ واﺣﺪة ،ﻓﻜﻞ ﻃﺮﻳﻖ ﺘﺪ ﻫﻮ أﺳﻠﻮب ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ »اﻟﺰﺑﻴﺪي« ﻓﻲ »ﺗﺎج اﻟﻌﺮوس« .وﻳﻘﻮل اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﻓﻲ » أﺳـﺎس اﻟـﺒـﻼﻏـﺔ« ﺳـﻠـﻜـﺖ أﺳـﻠـﻮب ﻓﻼن أي »ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ« ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎءت ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﻌﺮب »ﻟـﻠـﺴـﻄـﺮ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﺨـﻴـﻞ« أﺳﻠﻮﺑﺎ).(٥٩ أﻣﺎ اCﻔﻜﺮ وﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﺒﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺟﻮرج ﺑـﻮﻓـﻮن ) ١٧٠٧ـــ (١٧٨٨ واﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﺎﻷدب ،ﻓﻴﻘﻮل ﻓﻲ ﻣـﻘـﺎﻟـﺔ ﺷـﻬـﻴـﺮة ﻟـﻪ ﺑـﻌـﻨـﻮان ﻣـﻘـﺎل ﻓـﻲ اﻷﺳﻠﻮب» :ﻟﻴﺲ اﻷﺳﻠﻮب إﻻ اﻟﻨﻈﺎم واﳊﺮﻛﺔ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻀـﻊ اCـﺮء ﻓـﻜـﺮه ﻓـﻲ إﻃﺎرﻫﻤﺎ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻗﻴﺪﻫﻤﺎ وﺿﻴﻘﻬﻤﺎ ،ﻓﺴﻮف ﻳﻜﻮن اﻷﺳﻠﻮب ﻣﻐﻠﻘﺎ ،ﻣﺘﻮﺗﺮا، ﻣﻘﺘﻀﺒﺎ ،وإذا ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻬﻤﺎ ﺗﺘﻮاﻟﻰ ﺣﺮﻛﺘﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺪوء ،وﻻ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬـﻤـﺎ إﻻ ﻣـﺎ ﻛﺎن وﺛﻴﻖ اﻟﺼﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت أﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻧﺎﻗﺘﻬﺎ ،ﻓﺴﻮف ﻳﻜﻮن اﻷﺳﻠﻮب ﻣﻨﺒﻌﺜﺎ وﺳﻬﻼ وﻣﺴﺘﺮﺳﻼ ...إن اﻷﺳﻠﻮب ﻫﻮ اﻟﺮﺟﻞ ذاﺗﻪ«).(٦٠ وﻳﺸﻴﺮ ﻧﺎﻗﺪ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴـﻠـﻲ ﺳـﺒـﻴـﺪ H.Speadإﻟﻰ أن »اﻷﺳﻠﻮب اﳉـﻴـﺪ« ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻮاﺿﺤﺔ Cﺎ ﻳﺮﻳﺪ اCـﺮء أن ﻳـﻔـﻌـﻠـﻪ ،إﻧـﻬـﺎ أﻗـﺼـﺮ اﻟـﻄـﺮق اCﻮﺻﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻬﺪف اCﺮﺟﻮ ...ﻓﺎﻷﺳﻠﻮب ﻫﻮ اﻟﺮﺟﻞ »أو اﻹﻧﺴﺎن« ﻛﻤﺎ ﻗﺎل 54
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
»ﺑﻮﻓﻮن« ،وروﻋﺔ أﺳﻠﻮب اﻟﻔﻨﺎن وﻗﻴﻤﺘﻪ ﺳﺘﻌﺘﻤﺪان ﻋﻠﻰ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻳﺴﻌﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺻﻴﻠﻬﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻠﻪ اﳋﺎﺻﺔ ).(٦١ وﻛﺎن ﺑﻴﻜﺎﺳﻮ ﻳﻘﻮل »ﺗﺘﻄﻠﺐ« اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻫﺬا ﻻ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺗﻄﻮرا أو ﺗﻘﺪﻣﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﻄﻠﺐ أﺳﺎﺳﺎ وﺟﻮد اﺗﻔﺎق ﺑt اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ اCﺮء اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ).(٦٢ ورﻏﻢ أن أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﺪة ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﻌﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ﻓﺘﺮات ﺳﺎد ﻓﻴﻬﺎ أﺳﻠـﻮب واﺣـﺪ ،وﻫـﻴـﻤـﻦ ﻋـﻠـﻰ ﻏـﻴـﺮه ﻣـﻦ اﻷﺳـﺎﻟـﻴـﺐ )أﺳﻠﻮب اﻟﺒﺎروك واﻟﺮوﻛﻮﻛﻮ ﻣﺜﻼ( .ﻋﻠﻰ ﻛـﻞ ﺣـﺎل ،ﻓـﺈن ﻛـﻞ أﺳـﻠـﻮب أﻋـﻘـﺒـﻪ أﺳﻠﻮب آﺧﺮ .وﻓﻲ اﻟﻘﺮﻧ tاﻷﺧﻴﺮﻳﻦ ﺟﺎءت أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﺪة ﻋﻘﺐ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻻﻓﺘﺔ .وﻣﻦ ﺑ tﺗﻠﻚ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮرﻳﺔ أو اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺮ دوﻣﺎ وﻻ ﺗﻨﺪﺛﺮ ﺑﺴﻬـﻮﻟـﺔ ﺑﺮﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .وﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﻗﺪ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻧﻔﺮاد اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎ وﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ. ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﻮن اﻟـﺘـﻐـﻴـﺮ اﻷﺳـﻠـﻮﺑـﻲ إﻟـﻰ ﲢـﻮﻻت ﻓـﻲ اCـﻨـﺎخ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وإﻟﻰ ﻇﻬﻮر اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ،وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮن ﻟﻠﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺧـﻼل ردود أﻓـﻌـﺎل ﺧﺎﺻﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ وﺟﻮد دواﻓﻊ ﻏﻼﺑﺔ ﻟﻺﺑﺪاع ﻟﺪﻳﻬﻢ أﻳﻀﺎ ).(٦٣ ﻣﻔﻬﻮم اﻷﺳﻠﻮب ﻣﻔﻬﻮم ﻻ ﻜﻦ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻨﻪ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻔﻦ .ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻣﻔﻬﻮم ﻣﺤﻴﺮ أﻳﻀﺎ ،وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﺎن ﻋﺪة .ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎدة ﺗﺸﻴﺮ ﻛﻠﻤﺔ أﺳﻠﻮب إﻟﻰ اﻟﻔﻦ اﳋﺎص ﺑﻔﺘﺮة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ــ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤـﺔ ـــ ﻗﺪ ﺗﺸﻴﺮ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻦ اﳋﺎص ﺑﺄﻣﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ )إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟـﻨـﻬـﻀـﺔ، اﻟﻔﻦ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ أو اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ ﻣﺜﻼ ...إﻟﺦ( أو ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،أو إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ) tﺟﻤﺎﻋﺔ »اﻟﻔﺎرس اﻷزرق« وﺟﻤﺎﻋﺔ »اﻟﺒﺎوﻫﺎوس« ﻣﺜﻼ( إن اﻷﺳﻠﻮب ﻜﻦ أن ﻳﺤﺪد اﻟﻄﺮاز أو اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن اﻟﻔـﺮد )أﺳﻠﻮب ﺗﻴﺘﻴﺎن أو روﺑﺘﺮ أو ﺳﻴﺰان( ،و ﻜﻦ أن ﻳﺼﻒ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻫﺘﺸﻜﻮك ﻓﻲ اﻹﺧﺮاج اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻣﺜﻼ ،و ﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻛﺬﻟﻚ أن ﺗﺸـﻴـﺮ إﻟـﻰ اCـﻨـﺤـﻰ اﻟﻔﻨﻲ أو اﻟﺘﻘﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﻀﻠﻪ اﻟﻔﻨﺎن )ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻨﻘﻴﻄﻴﺔ Pontillismﻟﺪى ﺳﻮراه(. أو اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ )اﻟﻔﻮﺗـﻮرﻳـﺎﻟـﻴـﺰم( ، Photorealismوﻛﻤﺎ ﺗﻮﺿﺤﻬـﺎ ﻟـﻮﺣـﺔ اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ أودري ﻓﻼك اCﺴﻤﺎة »ﻓﺘﺎة ذﻫﺒﻴﺔ« ﻣﺜﻼ ]اﻧﻈﺮ اﻟﻠﻮﺣـﺔ رﻗـﻢ ) (١ﻓـﻲ 55
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻠﺤﻖ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻜﺘﺎب[. ﻛﺬﻟﻚ ﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ »أﺳﻠﻮب« ﻛﻤﺼﻄﻠﺢ أو ﺗﻌـﺒـﻴـﺮ ﻳـﺪل ﻋـﻠـﻰ اCﻮاﻓﻘﺔ أو اﻹﻋﺠﺎب أو اﻟﺮﻓﺾ ،ﻓﻨﻘﻮل ﻋﻦ ﻛﺎﺗـﺐ ﻣـﻌـ» tإن ﻟـﺪﻳـﻪ أﺳـﻠـﻮﺑـﺎ ﺧﺎﺻﺎ« وﻧﻘﻮل »إن أﺳـﻠـﻮﺑـﻪ ﻣـﺘـﻤـﻴـﺰ /راﺋـﻊ /رديء /ﻣـﺘـﺮﻫـﻞ ...إﻟـﺦ« .وﻗـﺪ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ ﻃﺮاز ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎرات أو اCﻼﺑﺲ أو أدوات وأﺟﻬﺰة اCﻄﺒﺦ .وﻫﻨﺎ ﺎﺛﻞ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﳋـﺎص ﻟـﻜـﻠـﻤـﺎت ﻣـﺜـﻞ أزﻳـﺎء Fashionأو ﻣـﻮﺿـﺔ ،Modeﻛـﻤـﺎ ﻫـﻲ اﳊـﺎل ﻓـﻲ ﺑـﺮاﻣـﺞ اﻷزﻳـﺎء واﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم اﻵن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﲢﺖ اﺳﻢ »أﺳﻠﻮب« .Stlyeوﻛﻞ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬﺬا اCﻔﻬﻮم ﻟـﻬـﺎ ﻫـﺪف واﺣـﺪ ﻫﻮ :اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳋﺎص ﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﻓﻲ ﻓﺌﺎت ،ﺎ ﻳﻴﺴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻓﻬﻤﻬﺎ واﳊﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ واﻟﺘﻮاﺻﻞ أو اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺣﻮﻟﻬﺎ. ﻋﻨﺪ أﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻷﺳﻠﻮب إذن ﻋﻤﻠـﻴـﺔ ﲡـﻤـﻴـﻊ ،أو ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ )ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﻨـﻴـﺔ ،أو اCـﻮﺿـﻊ اCـﻜـﺎﻧـﻲ ،أو اCﻈﻬﺮ ،أو اﻟﺘﻜﻨﻴﻚ ...إﻟﺦ( .وﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﺪ ﲡﻌﻞ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺬوق واﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ )اﻟﻨﻘﺪ( ﻟﻬﺬه اﻷﻋﻤﺎل أﻣﺮا ﻜﻨﺎ .وﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺎل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،وﺣـﻴـﺚ ﺗُﻔﺮز اﻟﻈﻮاﻫﺮ ،وﺗﺼﻨﻒ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻓﺌﺎت ﻋـﻠـﻤـﻴـﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اCﻼﺣﻈﺔ ﳋﺼﺎﺋﺺ أو ﺳﻤﺎت ﻣـﺸـﺘـﺮﻛـﺔ ﺑـﻴـﻨـﻬـﺎ ﻓـﻜـﺬﻟـﻚ ﻜﻨﻨﺎ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻔﻦ ﻋﻠﻰ أﻧﻬـﺎ aـﻨـﺰﻟـﺔ اﻟـﻌـﺎﺋـﻼت ،وﻣـﺜـﻠـﻤـﺎ ﻗـﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻷﻋﻀﺎء إﺣﺪى اﻟﻌﺎﺋﻼت أو اﻷﺳﺮ ﻣﻼﻣﺢ أو ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﲡﻌﻠﻬﻢ ﻳﻨﺘﺴﺒﻮن إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻻ ﻳﻨﺘﺴﺒﻮن إﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻗـﺪ ﻳـﺸـﺘـﺮﻛـﻮن ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﺰاوج أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌـﻼﻗـﺎت; ﺗـﻜـﻮن اﻟـﺴـﺮﻳـﺎﻟـﻴـﺔ، ﻣﺜﻼ ،ﺧﺎﺻﻴﺔ أو أﺳﻠﻮﺑﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﺑ tﻓﻨﺎﻧ tﻳﻨﺘﻤﻮن ﻟﻸدب واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وﻟﻔﺘﺮات ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻟﻔﻨﺎﻧ tﻋﺪﻳﺪﻳﻦ أﻳﻀﺎ ،ﻫﻜﺬا ﻳﺠﻤﻊ اﻷﺳﻠﻮب ﺑt اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ واﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ. إن ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ »ﻛﻼﺳﻴﻜﻲ« أو »روﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻲ« ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ إﺣﺴﺎس اCﺸﺎﻫﺪ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬـﺎ ﺗـﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻨﻴﻚ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن .وﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻸﺳﺎﻟﻴﺐ ،ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﺮأ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﺨﻤﻟﺒﻮءة أو اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ أو اﻟﻀﻤﻨـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻤـﻞ ،ﻓـﺎﻷﺳـﻠـﻮب 56
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺸﺎف وﺗﺬوق اCﻌﺎﻧﻲ اCﻮﺟﻮدة وراءاCﻮﺿﻮع ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻬﺪف اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ. ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﺳﻼﺳﻞ ارﺗﻘﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻷﺳﻠﻮب، و ﻜﻦ ﺗﺘﺒﻊ ﻫﺬه اﻟﺴﻼﺳﻞ اﻻرﺗﻘﺎﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻜﺲ ﺗﺬﺑـﺬﺑـﺎ ،أو ارﺗـﻔـﺎﻋـﺎ وﻫﺒﻮﻃﺎ ،ﺑ tاﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺘﺮﻋﺔ اﻟﺘﺨﻄﻴﻄﻴﺔ )أو اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻬﻨﺪﺳﻲ(. ﻓﺎﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺗﻞ إن ﻓﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ ﻓﻦ ﺑﺪاﺋﻲ أو ﻳﺸﺒﻪ ﻓﻨﻮن اﻷﻃﻔﺎل ﻛﺎن رأﻳﺎ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻟﻔﻴـﻜـﺘـﻮري، ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﻔﻀﻞ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،أو اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ .أﻣﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻬﺪوا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻧﺤﻮ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ أو اﻟﺘﺨﻄﻴﻄﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ )ﻛﺎﻟﺘـﻜـﻌـﻴـﺒـﻴـﺔ ﻣـﺜـﻼ( ﻓـﻘـﺪ ﻛـﺎن ﻟـﻬـﻢ رأي ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺎﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺎل اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ــ ﻛﻤﺎ أﺷـﺎر ﺷـﺎﺑـﻴـﺮو ـــ إﻟـﻰ رﻓﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺴﻤﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن إﻟـﻰ ﻓـﻨـﻮن ﺑـﺪاﺋـﻴـﺔ أﻗـﻞ ﺗـﻄـﻮرا ،وﻓـﻨـﻮن ﺣـﺪاﺛـﻴـﺔ وﻫﻨﺪﺳﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻄﻮرا ،ﻓﺎﻟﺴﻴﺎق ﻳﻔﺮض اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻔﻨﻲ اCﻤﻴﺰ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺑﻌﻀﻬﻢ ).(٦٤ ﻣﻴﺰ اCﺆرخ ﻓـﻮﻟـﻔـﻠـﻦ H.Wolfflinﺑ tاﻷﺳﻠـﻮب اﻟـﺸـﺨـﺼـﻲ Personal style )اﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺰاج اﻟﻔﻨﺎن اﳋﺎص( واﻷﺳﻠﻮب اﻟﻘﻮﻣﻲ ) National styleواﳋﺎص ﺑﺄﻣﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ واﻟﺬي ﲢﺪده اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺴﻼﻟﻴﺔ اCﻤﻴـﺰة ﳉـﻤـﺎﻋـﺔ ﺑـﻌـﻴـﻨـﻬـﺎ(، وأﺳﻠﻮب اﻟﻔﺘـﺮة اﻟـﺰﻣـﻨـﻴـﺔ ) Period styleواﻟﺬي ﻳﺤﺪد اﻷﺷﻜﺎل اCـﻔـﻀـﻠـﺔ ﻓـﻲ ﺣﻘﺒﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ( .ووﺻﻒ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ،Expressive aﻌﻨﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ،واﻷﻣﺔ ،واﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﻳـﻘـﻒ وراء اﻹﺑـﺪاع ﻟـﻬـﺎ ).(٦٥ وﻣﻴﺰ ﻓﻮﻟﻔﻠﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﺑ tﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻌﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ اﻟـﺬي ﻳـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس اﶈﺎﻛﺎة ﻛﻤﺎ ﺜﻠﻬﺎ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،واﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﺰﻳ tواﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﺜﻠﻬﺎ ﻓﻨﻮن اﻟﺒﺎروك ،واﻋﺘﺒﺮﻫﻤﺎ أﺳﻠﻮﺑ tﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ ﺣـﺎﻟـﺘـ tﻣـﻦ اﻟـﻮﻻء اﻟﻔﻨﻲ )واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻷﺧـﻼﻗـﻲ ...إﻟـﺦ( وﺣـﻴـﺚ ﻛـﺎن اﻟـﻮﻻء ﻓـﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻸﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻣﺤﺎﻛﺎﺗﻬﺎ ،وﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮذج اCﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﺠﻤﺎل )اﻟﺬي ﻳﺸﺘﺮك ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎن واﳉﻤﻬﻮر ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ( ).(٦٦ وﻣﻴﺰ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف »ﻧﻴﻠﺴﻮن ﺟﻮدﻣﺎن« أﻳﻀـﺎ ﺑـ tاﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ Representation واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ Expressionﻓﻘﺎل إن اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎت أو اﻷﺷﻴﺎء واﻷﺣﺪاث، 57
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮن »اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ« ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎCﺸﺎﻋﺮ أو اﳉﻮاﻧﺐ اﻷﺧﺮى ﻏﻴﺮ اCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﺣﺪاث ) .(٦٧وﻫﻮ ﻴﻴﺰ ﻻ ﻳﺤﻴﻂ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ﺑﻜﻞ ﺟﻮاﻧﺐ »اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ« .وذﻟﻚ ﻷن اCﻮﺿﻮع اﻟـﺬي ﻳُﻤﺜﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻣﻌ tﻻ ﺑﺪ وأﻧﻪ ﻳﺸﺘﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻣﻌ tﺧﺎص أﻳﻀﺎ ،ﻓﺎﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﻓـﻦ اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ ﻃـﺒـﻴـﻌـﺔ ﺻﺎﻣﺘﺔ Still lifeواﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺼﻮر ﺑﻌﺾ اﻷواﻧﻲ أو أﺷﻴﺎء اﳊﻴﺎة اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎل ﺳﻴﺰان ﻣﺜﻼ ،ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺧﺎص ﺑﻬﺎ أراد اﻟﻔﻨﺎن أن ﻳﻨﻘﻠﻪ إﻟﻴﻨﺎ ،وﻗﺪ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻨﺎﻧﻮن ﻓﻲ ﲡﺴﻴﺪﻫﻢ Cﻮﺿﻮع واﺣﺪ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ أﺷﻜﺎل أو أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺪرﺟﺎت ﻛﺒﻴﺮة .ﻜﻨﻨﺎ ﻓﻬﻢ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ ﻧـﻮع ﻣـﻦ »اCـﺮﺟـﻌـﻴـﺔ اﳊـﺮﻓـﻴـﺔ« Literal referenceاﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﻸﺷﻴﺎء واﻷﺣﺪاث ،أﻣﺎ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻬﻮ ﲡﺴﻴﺪ ،أو ﺗﻜﺜﻴـﻒ، أو إﻇﻬﺎر ﺧﺎص )وﻟﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺿﻤﻨﻲ( ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬا اCﻮﺿﻮع .وﻗﺪ ﻳﻠﺠﺄ اﻟﻔﻨﺎن إﻟﻰ ﲡـﺴـﻴـﺪ ﺗـﻌـﺒـﻴـﺮه اﳋـﺎص، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ aﻮﺿﻮع ﻣﻌ ،tإﻟﻰ ﻃﺮاﺋﻖ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻧﺴﺒﻴﺎ ،ﻛﺄن ﻳﺼﻮر اCﻮﺿـﻮع ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ،ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ،ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻫﻨﺎ ﻳﺴﻤﻰ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺜﻴﻠﻴﺎ Representativeأو ﺗﺸﺒﻴﻬﻴﺎ ،وﻗﺪ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﺴﺎﻓﺔ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻴـﻠـﺠـﺄ إﻟـﻰ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ،ﻓﻲ ﺻﻮره أو أﺳﺎﻟﻴﺒﻪ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻫﻨﺎ ﻳـﻜـﻮن ﻣﺘﻜﺌﺎ ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﺰ ،ﻓﺎﻟﺮﻣﺰ ﻳﻌﻨﻲ اﻹ ﺎء أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺒﺪﻳﻞ أو ﻏﻴﺮ اCﺒﺎﺷﺮ ،وﻳﺘﻢ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tاCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﺠﺴﺪه اﻟﻔﻨﺎن. إن اﻷﺳﻠﻮب ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻔﻨﺎن اﳋﺎﺻﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋـﻦ ذاﺗـﻪ ﺑـﻜـﻞ ﻣـﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﺬات ،ﻣﻦ أﻓﻜﺎر وذﻛﺮﻳﺎت واﻧﻔﻌﺎﻻت وﺧـﻴـﺎﻻت ووﺟـﻬـﺎت ﻧـﻈـﺮ ﺣﻮل اﻟﻮاﻗﻊ واﻷﻣﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻫﻮ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت »اﻟﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ« اﻟﻌﻘﻠﻲ اCﻮﺟﻮدة ﻟﺪﻳﻪ ﺣﻮل أي ﺷﻲء إﻟﻰ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﺗﺘﻔﺎوت ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ أو أﺳﻠﻮب ﺗﻌﺒﻴﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺮؤى واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻷﺣﻼم ،ﻓﺘﻜﻮن أﺣﻴﺎﻧﺎ أﻗﺮب إﻟﻰ اCﺸﺎﺑﻬﺔ ،أو اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﺗﻜﻮن أﺣﻴﺎﻧﺎ أﺧﺮى أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺮﻳـﺪ، أو اﻟﺘﻌــﺒﻴﺮ اﻟﺮﻣــﺰي ﻋﻨــﻪ .ﻣﻊ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﻣﺮة أﺧﺮى أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ،ﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ درﺟﺎت أو ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﺰ ﻣﺜـﻠـﻤـﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ اﻷﻋﻤﺎل ﲡﺮﻳﺪﻳــﺔ ﻧﻮﻋــﺎ ﻣــﻦ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ; ﺳـــﻮاء أﻛـــــﺎن ﻫــﺬا اﻟﻮاﻗــﻊ ﻫــﻮ اﻟﻮاﻗــﻊ اCﺎدي أم اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن. 58
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
واﳋـﻼﺻـﺔ أن اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ﻻ ﺗـﺘـﻔـﺎوت ﻓـﻘـﻂ ﻓـﻲ درﺟـﺔ ـﺜـﻴـﻠـﻬــﺎ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ،أو اﻷﺷﺨﺎص ،أو اﻷﺣﺪاث ،ﻓﺘﻜﻮن أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﳊﺮﻓﻲ ﻟﻬﺎ )أﻛﺜﺮ ﺜﻴﻠﻴﺔ أو ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ( ،وﺗﻜﻮن أﺣﻴﺎﻧﺎ أﺧﺮى ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ أو اﻟﻮﺻﻒ أو اﻟﺘﺠﺴﻴﺪ اCﺒﺎﺷﺮ ﻟﻬﺎ ،أو Cـﺒـﺪﻋـﻬـﺎ )أﻛـﺜـﺮ ﲡـﺮﻳـﺪﻳـﺔ( ،ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﺗﺘﻔﺎوت أﻳﻀﺎ ﻓﻲ درﺟﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮﻫﺎ ﻋﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت، أو اﻷﻓﻜﺎر ...إﻟﺦ .وﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ )اﻟﻘﺼﺔ واﻟﺸﻌﺮ ﻣﺜﻼ( واﻟﺒﺼﺮﻳﺔ )اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﺜﻼ( أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻴﺼﻌﺐ اﳊﺪﻳﺚ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﺞ اﻷﺻﻮات اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ اﻵﻻت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺼﻮت آﻟﺔ اﻟﻜﻼرﻳﻨﻴﺖ ﻟﻴﺲ ﺳﻮى اﻟﺼﻮت اCﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﻳﺼﺪر ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻻ ﺎﺛﻞ ﺷﻴﺌـﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ).(٦٨ واﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ﻛﺬﻟﻚ أن ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ اCﻮﺿﻮع أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ )اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻴﺔ اCﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ ﻣﻌـﻈـﻢ اﻟـﻔـﻨـﻮن( ،وﻫـﻨـﺎ ﺗـﻜـﻮن أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻣﻦ ﺛﻢ رaﺎ أﻗﻞ ﻓﻨﻴﺔ .ﺑﻴﻨﻤﺎ أﻋﻤﺎل أﺧﺮى ﻳﻜﻮن ﺣﻀﻮر اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﺑﺮوزا ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺮاﺟﻊ اCﻮﺿﻮع إﻟﻰ اﳋﻠﻔﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻜـﻮن ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل أﻛﺜﺮ ﻓﻨﻴﺔ )وﻫﻨﺎ ﻳﺴﺘﻌ tاﻟﻔﻨﺎن ﺑﺎﳋﻴﺎل واﻟﺮﻣﺰ وﺻﺪق اﻻﻧﻔﻌﺎل واﻟﺘﺤﺮك ﻣﻦ اﳉﺰﺋﻲ إﻟﻰ اﻟﻜﻠﻲ ،وﻣﻦ اﳋﺎص إﻟﻰ اﻟـﻌـﺎم ﻛـﻲ ﻳـﺠـﺴـﺪ ﻫـﺬه اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ أو ﺑﻴﺘﻬﻮﻓﻦ ﻣﺜﻼ(. إن ﻃﺮﻳﻘﺔ اﳉﻤﻊ أو اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺑ tاCﻮﺿﻮع واﻟﺘﻌﺒﻴـﺮ ،أو اﻻﻋـﺘـﻤـﺎد ﻋـﻠـﻰ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻵﺧﺮ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﻞ اﻷﺳﻠﻮب اCﻤﻴﺰ ﻟﻔﻨﺎن ،أو ﻟـﻌـﻤـﻞ ﻓﻨﻲ ،أو ﻟﻌﺼﺮ ﻣﻌ ،tإن اﻷﺳـﻠـﻮب ﻓـﻲ واﻗـﻊ اﻷﻣـﺮ ﻫـﻮ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷﺳﻠﻮب; اﻷول )اﻷﺳﻠﻮب( ﺗﻔﻀـﻴـﻞ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻹﺑﺪاع ،واﻟﺜﺎﻧﻲ )اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ( أﺳﻠﻮب ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﺬوق ،وﻫﻨﺎك ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﺨﺘﻠﻔـﺔ ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
ﻓﺮوع ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ
وﻛﺄﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻳﺤﺮﻛﻪ اﳉﻤﺎل ،وﻧﺤﻴﺎ ﺣﻴـﺎة ﺗـﺘـﺤـﺮك ﻣـﺪﻓـﻮﻋـﺔ دوﻣﺎ ﻧﺤﻮ اﳉﻤﺎل .ﻓﺎﳉﻤﺎل ﻜﻨﻪ أن ﻳﻨﻘﺬ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر دﺳﺘﻮﻳﻔﺴـﻜـﻲ 59
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺎ ﻣﻦ رواﻳﺘﻪ »اﻷﺑﻠﻪ« ،وﻗﺪ ﲡﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺴﻌﻲ اﻟﻼﻫﺚ وراء اﳉﻤﺎل ﻓﻲ ﻇﻬﻮر ﻓﺮوع ﺣﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻋﻠﻮم اﳉﻤﺎل ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪﻳـﻦ اﻷﺧـﻴـﺮﻳـﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻧﻌﺮض ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوع ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻹﻳﺠﺎز: ١ـ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔEnvironmental Aesthetics : وﻫﻮ ﻓﺮع ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻳﻬﺘﻢ aﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻬﻢ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﳋﺎص ﻟﻠﺒﻴـﺌﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻻﻧﻔﻌﺎل واﻟﺴﻠﻮك ،ﺛﻢ ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ ﻓـﻬـﻢ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﺄﺛـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد ﻟﻠﺒﻴﺌﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻴـﺌـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺘـﻢ اﳊـﻜـﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻔﻀﻠﺔ )ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﺧﺒﺮة ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ( أو ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻀﻠﺔ )ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﺧﺒﺮة ﺳﻠﺒﻴﺔ( ،وﻗﺪ ﺧﺼﺼﻨﺎ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻠﺤـﺪﻳـﺚ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺮع اﳉﺪﻳﺪ. ٢ـ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮنTelevision Aesthetics : وﻳﺴﻤﻰ أﻳﻀﺎ »ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اCﻴﺪﻳﺎ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ« ،وﻫﻮ ﻓﺮع ﺟﺪﻳﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﺮوع اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت أو ﻋﻠﻮم اﳉﻤﺎل ،وﻫﺬا اﻟﻔﺮع ﻳـﺪرس ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﺸـﻜـﻴـﻞ ﻟﻸﻓﻜﺎر واﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﻟﻬﺎ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺼﻮرة اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ وﻫﻲ :اﻟﻀﻮء واﻟﻠﻮن واﻟﺼﻮت واﻟـﺰﻣـﻦ واﳊـﺮﻛـﺔ واﻟـﻌـﻤـﻖ .وﻫـﻮ ﻳﺪرس ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﻧﺘـﺎج أو اﻹﺑـﺪاع ﻟـﻬـﺎ ،وﻳـﺪرﺳـﻬـﺎ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻬﺎ اCﺒﺎﺷﺮة أو ﻏﻴﺮ اCﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ اCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ،ﻛﻤـﺎ أﻧـﻪ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹدراك واCﻌﺮﻓﺔ )اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ( واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ )اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﺧﻼل اﻹﺑﺪاع أو ﺧﻼل ﺧﺒﺮة اCﺸﺎﻫﺪة ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ،وﻳﺘﻢ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺑﻬﺪف دراﺳﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ وﻛﻴﻔﻴﺔ إﺑﺪاﻋﻬﺎ وﻃﺮاﺋﻖ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ أﻳﻀﺎ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻜﻨﺎ اﻵن وﻻ ﻣﻘﺒﻮﻻ وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ »ﻋﺼﺮ اﻟﺼﻮرة« ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻫﺬا اCﺼﻄﻠﺢ ﻣﻦ ﻣﻌﺎن ،أن ﺗﻘﻮم اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻵﻟﻴﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﺤﻮار واﳋﻄﺎب اﻟﻠﻔﻈﻲ أو اﻹذاﻋـﻲ وﺛـﻴـﻖ اﻟـﺼـﻠـﺔ ﺑـﻔـﻨـﻮن اﻟـﺮادﻳـﻮ ﺧﺎﺻـﺔ ،وﻟـﻸﺳـﻒ ﻓـﺈن ﻫـﺬا ﻫـﻮ واﻗـﻊ اﳊـﺎل اﻵن ﻓـﻲ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ــ ﺑﻞ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ــ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ٣ـ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖMarketing Aesthetics : وﻫﻮ ﻓﺮع ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻧﺸﻂ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ واﻹدارة وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻌﺎﻟـﻢ اCـﺎل واﻷﻋـﻤـﺎل ،وﻳـﻘـﻮم ﻫـﺬا اﻟـﻔـﺮع اﳉـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺎر »اﻧﻈﺮ واﺷﻌﺮ« ،ﻟﻜﻦ اﻟﻬﺪف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣـﻦ وراء ﻫـﺬا 60
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اﻟﺸﻌﺎر ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈـﺮ واﻟـﺸـﻌـﻮر ،ﺑـﻞ اﺳـﺘـﺜـﺎرة رﻏﺒﺔ اﻟﺸﺮاء واﻻﺳﺘﻬﻼك ﻟﺪى اﻟﻨﺎس. ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﺑﻌﺾ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﺪى اCﻨﺘﺠ tﻟـﻠـﺴـﻠـﻊ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋﺎم ،ﻓﻘﺪ اﻫﺘﻤﻮا داﺋﻤﺎ ﺑﺠﻌﻞ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﻢ ﻣﺘﺴﻤـﺔ ﺑـﺎﳉـﺎذﺑـﻴـﺔ ،ﻋـﻠـﻰ ذﻟـﻚ أن ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﳋﺎرﺟﻲ وﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻐﻠﻴﻔﻬـﺎ وﻋـﺮﺿـﻬـﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص. وﻗﺪ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻓﻨﻮن اﻹﻋﻼن اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ )ﻓـﻲ اﻟـﺸـﻮارع وﻓﻮق اCﻨﺎزل وﻣﻼﻋﺐ اﻟﻜﺮة ﻣﺜﻼ( واCﺘﺤﺮﻛﺔ )ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻣﺜﻼ( وأﺻﺒﺤﺖ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﻨﻮن ﺟﻤﺎﻟﻴﺎﺗﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ أﻳﻀﺎ; ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌﺮض واﺳﺘﺜﺎرة ﺷﻬﻴﺔ اﻟﺸﺮاء. وﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘـﻘـﺪم اﻟـﻬـﺎﺋـﻠـﺔ ﻓـﻲ اﻷﺟـﻬـﺰة اﻟـﺘـﻜـﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ ،وأدوات اﻻﺗﺼﺎل ،وﻋﻠﻮم اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ واﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ،أﺻﺒﺤﺖ ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻏﻼﺑﺔ إﻟﻰ١ :ــ ﺿﻤﺎن رﺿﺎء اCﺴﺘﻬﻠﻚ وﺿــﻤﺎن وﻻﺋــﻪ أو اﺳﺘـﻤـﺮاره ﻓـﻲ اﻟـﺸـــــﺮاء ﻟــﻬــﺬه اCﺎرﻛــﺔ ﻣﻦ اCﺸﺮوﺑﺎت ،أو اCﺄﻛﻮﻻت ،أو اﻷﺟﻬﺰة ...اﻟﺦ ،دون ﻏﻴﺮﻫـﺎ. ٢ــ ﺿﻤﺎن اﺳﺘﻤﺮار اﻧﻄﺒﺎﻋﺎت اCﺴﺘﻬﻠﻚ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻋﻦ اCﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘـﻲ ﺗـﻘـﺪم ﻫﺬه اCﻨﺘﺠﺎت ،أو ﺗﺒﻴﻌﻬﺎ ،وﻋﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠ tﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل أﺷﻜـﺎل أﻛـﺜـﺮ ودﻳـﺔ وأﻛﺜــﺮ ﺣﻤﻴﻤــﻴﺔ ﻣــﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣــﻞ )رﺳﺎﺋــﻞ اﻟﺒﺮﻳــﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ E. MailاCﺘﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﺨﺒـﺮك ﺑﺎCﺮاﺣـﻞ اﻟﺘـﻲ وﺻﻠــﺖ إﻟﻴﻬـﺎ ﻋﻤﻠﻴـﺔ ﺷﺮاﺋﻚ ﻟﻜﺘـﺎب ﻣﺜـﻼ(٣ .ــ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ ﻇﻞ اCﻨﺎﻓﺴﺔ ،وﺗﻘﺪ& اﳊﻤﺎﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧـﻴـﺔ ﻟـﻠـﻤـﻨـﺘـﺠـﺎت واﻟﻀﻤﺎﻧﺎت ﻟﺼﻼﺣﻴﺘﻬﺎ .واﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ أن ﺗﻘﺪم ﻫﺬه اCﻨﺘﺠﺎت واﻟﺴﻠﻊ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺟﺬاب ﺘﻊ ﺑﺼﺮﻳﺎ وﺳﻤﻌﻴﺎ )اﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﻳـﻐـﻠـﻔـﻮن اﻟـﻜـﺘـﺐ وﺷﺮاﺋﻂ وأﺳﻄﻮاﻧﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺜﻼ!( ٤ــ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺻﻮرة ذﻫﻨﻴﺔ ﺘﻌﺔ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﻊ اCﺴﺘﻬﻠﻚ ،ﻃﻔﻼ ﻛﺎن أو ﻛﺒﻴﺮا ،أﻛﺒﺮ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ. »ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ« إذن ﻓﺮع ﺿﺮوري وﻋﻤﻠﻲ ﻓﺮﺿﺘـﻪ ﺷـﺮوط اﳊـﻴـﺎة اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ اﻟﺮاﻫﻨـﺔ ﺑﻜـﻞ ﻣﺎ ﲢﻤﻠـﻪ ﻣــﻦ وﻋﻮد واﺣﺘﻤﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣـﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑـ »اﻟﻌﻮCﺔ« ﺑﻜﻞ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎﺗﻬﺎ وﺳﻠﺒﻴﺎﺗﻬﺎ .و ﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎر اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ زﻳﺎدة ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻪ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻔﺮع أن ﻳﻌـﻮد إﻟـﻰ ﻛـﺘـﺎب »ﺟـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟـﺘـﺴـﻮﻳـﻖ: اﻹدارة اﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺎرﻛﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﻬﻮﻳﺔ واﻟﺼﻮرة اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ«Marketing . (٦٩)Aesthetics, the strategic Management of Brands, identity and Imageواﻟﺬي 61
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺻﺪرت ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ اﻟـﻌـﺎم .١٩٩٧ ٤ـ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌﻮامTrash Aesthetics : وﻫﻮ ﻓﺮع ﺟﺪﻳﺪ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺟﺬوره اﻟﻘﺪ ﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة ،وﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﻟﻔﺮع ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮﻳﻒ Cﻘﻮﻟـﺔ وردت ﻋـﻠـﻰ ﻟـﺴـﺎن أﺣـﺪ أﺑـﻄـﺎل ﻓـﻴـﻠـﻢ »ﻗﺼﺔ ﺣﺐ «Love Storyﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ أن اﳊﺐ ﻳﻌﻨﻲ »أﻻ ﺗﻘﻮل أﺑﺪا ﻛﻠﻤﺔ آﺳﻒ«، ﺣ¢ﺮف ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻟﻴﻜﻮن »ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﺔ ﺗﻌﻨﻲ أﻻ ﺗﻘﻮل أﺑﺪا ﻛﻠﻤﺔ وﻗﺪ ُ آﺳﻒ« ،ﻓﻤﻊ ﺳﻘﻮط اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اCﻌﺎﻳﻴﺮ اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ )اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻔﻦ أو اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺜﻼ( أﺻﺒﺤﺖ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﺘﺮض ﺑﻌﺾ اCﻔﻜﺮﻳﻦ ــ ﺣﺮة ﻓﻲ أن ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ...إﻟﺦ .ﻛﻤﺎ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻬﺎ وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ــ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ اﻟﺪوران اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻣﻊ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻮCﺔ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﺮدرﻳﻚ ﺟﻴﻤﺴﻮن ﻣﺜﻼ ــ أن ﻳﻌﺘﺬر ﻋﻦ أي ﻣﺘﻌﺔ ،ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ أﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ. ﻟﻘﺪ اﻫﺘﻢ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﳊﺪﻳﺚ ﺑﺎﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻌﻤﻴﻖ ــ وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق ــ ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ وراء اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق ﻟﻔﻨﻮن اﻷدب واﻟﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ. وﻗﺪ ﲢﻮل اﻻﻧﺘﺒﺎه ﺧﻼل ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم aـﺎ ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻳـﻘـﺮأه اﻟـﻘـﺎر اCﺜﺎﻟﻲ ،أو ﻳﺸﺎﻫﺪه ،إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﻟـﻨـﺎس ﻓـﻌـﻼ ﻓـﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻬـﻢ اﻟـﻴـﻮﻣـﻴـﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،ﻓﻌﻼ ﺗﻠﻚ اﳊﻴﺎة ﻣﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اCﻌﺮوﻓﺔ. وﻗﺪ ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻋﻤﻖ ﺑﺎﻟﻔﺮوق ﺑ tاCﺘﻠﻘ ،tوﺗﻌﺮف أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻨﻬﻢ ،ﻣﺜﻞ اCﻌﺠﺒ tﺑﻔﻨﺎن ﻣﻌ ،tأو أﻋـﻀـﺎء اﳉـﻤـﻌـﻴـﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻔﻦ ﻣﻌ .tواﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﻮث اﳊﺎﻟﻴﺔ ﻣﻬﺘﻢ ﺑـﻬـﺬه اﻷﻧـﻮاع اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ اCﺘﻠﻘ ،tوﻛﺬﻟﻚ ﺑﺄﺷﻜﺎل اCﺘﻊ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻬﺎ ،وﻃﺮاﺋﻖ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬه اCﺘﻊ أو اCﺴﺮات واﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﺆﺛﺮة ﻓﻴﻬﺎ واCﺘﺄﺛﺮة ﺑﻬﺎ ).(٧٠ ﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،ﻓﺤﺺ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد أﻣﺜﺎل أﻳ tإﱋ I.Ingوﻫﻨﺮي ﺟﻨﻜﻨﺰ H.Jenkinsوﻛﻮﻧﺴﺘﺎﻧﺲ ﺑﻨﻠﻲ C.Penleyوﻏﻴﺮﻫﻢ دور اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻌﺎﻣﺔ، أو اCﺘﻠﻘ tاﻟﻌﻮام ﻓﻲ ﲢﻄﻴﻢ اﳊﺪود ﺑ tاﻷﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اCﻴﺪﻳﺎ ،واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ .وﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻛﺬﻟﻚ أﺻـﺒـﺢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻣﻮﺟﻬﺎ ﻧﺤﻮ دراﺳﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻔﻨﻴﺔ )اﻷﻓﻼم ــ اﻟﺮواﻳﺎت ــ ﻗﺼﺺ اﻷﻃﻔﺎل اCﺮﺳﻮﻣﺔ أو ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑـ »اﻟﻜﻮﻣﻴﻜﺲ« ...Comics 62
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
إﻟﺦ( اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻜﻞ ﻓﺌﺎت اCﺘﻠﻘ tﻟﻬﺎ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ اCﻌﺠﺒt ﺑﻔﻦ ﻣﻌ tأم ﻓﻨﺎن ﻣﻌ tأو ﻛﺎﻧـﻮا ﻣـﻦ اﻟـﻨـﻘـﺎد اﻷﻛـﺎد ـﻴـ ،tأو ﻣـﻦ ﻛـﻞ ﺗـﻠـﻚ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم. وﺟﺎء ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺰاﻳﺪ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻷﻛﺎد ﻴ tﺑﻔﻬﻢ أذواق اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻌـﺎﻣـﺔ ،ﺑـﺪﻻ ﻣـﻦ أن ﻳـﺼـﻔـﻮا أذواﻗﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺪﻧﻲ واﻟﺴﻄﺤﻴﺔ واﻟﻔﺠـﺎﺟـﺔ ...إﻟـﺦ .وﻟـﻬـﺬا اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم أﺳـﺒـﺎﺑـﻪ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ )اﻟﻔﻬﻢ( ،وﻟﻜﻦ ﻟﻪ أﺳﺒﺎﺑﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ )اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ وﺗﺼﺮﻳﻒ اﻟﺴﻠﻊ(. ﻛﻤﺎ ﺗﺰاﻳﺪ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻧﺘﻴﺠﺔ Cﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ اﲡﺎﻫﺎت ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ ،واﻟﺘﻲ أﻛﺪت ﻋﻠـﻰ أن اﻟـﻘـﺮاء ﻳـﻜـﻮﻧـﻮن اCـﻌـﻨـﻰ ،أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻧﻪ ) ﺎ ﻗﺪ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﺘﺄوﻳﻼت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻷﻛﺎد ﻴﺔ ﻫﻲ أﻳﻀﺎ وإﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺻﻴﺎﻏﺎت ﻣﺘﺨﻴﻠﺔ( ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ﻫﺬه ﺑﺎﻷﻧﻮاع اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اCﺘﻠﻘ.t ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن Cﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﺎﻟﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺑﻴﻴﺮ ﺑﻮردو ،P.Pourdieuــ ﻓﻲ دراﺳﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺒﻮرﺟﻮازﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ــ ﺗﺄﺛﻴﺮه اCﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ،ﻓﺎﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬة اﻟﻄﺒﻘﺔ ــ ﻓـﻲ رأﻳـﻪ ـــ ﻟـﻴـﺴـﺖ أﺣـﻜـﺎﻣـﺎ ﻃـﺒـﻴـﻌـﻴـﺔ وﻻ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى ،ﻟﻜﻨﻬﺎ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﻌﺒﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏـﻴـﺮ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮة ﻋـﻦ اﻟـﺘـﻤـﺎﻳـﺰ اﻟﻄﺒﻘﻲ; ﻓﺘﻔﻀﻴﻞ ﻓﺎﺟﻨﺮ ﻋﻦ ﻣﺎﻧـﺘـﻮﻓـﺎﻧـﻲ Mantovaniﺎﺛﻞ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧـﻈـﺮ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎرة ﻣﻦ ﻣﺎرﻛﺔ ﻓﻮﻟﻔﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎرة ﻣﻦ ﻣﺎرﻛﺔ ﻓﻮرد اﺳﻜﻮرت )اﻟﺼﻐﻴﺮة( ،أو ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺸـﺮاء ﻣـﻦ ﻣـﺤـﻞ »راﻟـﻒ ﻟـﻮرﻳـﻦ« ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺸـﺮاء ﻣـﻦ ﻣﺎرﻛﺲ آﻧﺪ ﺳﺒﻨﺴﺮ ،واCﺴﺄﻟﺔ ﻛﻠﻬﺎ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻣﻨﻌﻜﺲ ﺷﺮﻃﻲ ﻣﺘـﻌـﻠـﻢ ،أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻤﺎك أو اﻟﺴﻌﻲ اCﺘﻌﻠﻖ ﺑﺴﻴﻤﻴﻮﻃﻴﻘﺎ )أو ﻋﻠﻢ ﻋﻼﻣﺎت( اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻔﺮد. وﻳﺬﻫﺐ ﻧﻘﺎد ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮوق ﺑ tاﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ،وإﻟﻰ ﺣﺪ اﻹﺣﻴﺎء ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠـﻤـﻨـﺎﻫـﺞ اﻟـﻔـﺮدﻳـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺪراﺳﺔ .وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻫﻮ أﻣﺮ وﺛﻴﻖ اﻟﺼﻠﺔ ـــ ﻓـﻲ واﻗـﻊ اﻷﻣﺮ ــ ﺑﺒﺤﻮث اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺼﻠﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﺼﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي .ﻓﺎﻟﺘﺄوﻳﻞ واﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﺆﻻء اﻟﻨﻘﺎد واﻟﺪارﺳﻮن ﻫﻤﺎ داﻟﺘـﻨـﺎ ﻟـﻨـﻮع اCـﺮء )ذﻛﺮ/أﻧﺜﻰ( وﻋﺮﻗﻪ ،أو ﺳﻼﻟﺘﻪ ،وﻟﻠﺤـﺎﻟـﺔ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﻪ ،ﺑـﻞ وﻟـﻜـﻞ اﳉﻮاﻧﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮد واﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻼﻗﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ أو اﻟﻘﻮة أو 63
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻨﻔﻮذ .وﻫﻢ ﻳﺮﻛﺰون ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اCﻌﻨﻰ اﻟﺒﺴﻴﻂ اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻟﻠﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺑ tاCﺘﻠﻘ tأو اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﺧﻼل ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ واCﺸﺎﻫﺪة واﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠـﻰ اCـﺮء ،وأﻳـﻀـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﺣـﺘـﻤـﺎﻻت اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻔﻨﻴﺔ. ﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻬﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﳉﻤﻬﻮر ،وﻻ إﻟﻰ اﻟﻨﺼﻮص اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﺒﻌﺪ ،ﻓﺎCﻌﺎﻧﻲ واCﺘﻊ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬـﺬه اﻟـﻨـﺼـﻮص ﺗﺘﺤﺪد ،ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ،ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻛﻞ ﺟﻤﻬﻮر ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻛﻲ ﺗﺘﻼءم ﻣﻊ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ وﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻟﻠﻘﻴـﺎس أو اﻟﺘﻨﺒﺆ. إن ﻛﻞ ﻣﺘﻠﻖ أﺻﺒﺢ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ،اﻵن ،ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫـﺬا اﻟـﺘـﺼـﻮر ،ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻣﺎت اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ واﻻﺳﺘﻬﻼك ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﺒﻐـﻲ ﺸﺒﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﺘـﻊ ،أو اCـﺴـﺮات دراﺳﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ وﺗﻔﻀـﻴـﻼﺗـﻪ ،ﻛـﺬﻟـﻚ ﺗُ َ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺴﺘﻬﻠﻚ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﻫﺬا اﻟـﻔـﺮد ﻋـﻠـﻰ أﻛﻤﻞ وﺟﻪ ﻜﻦ .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﺎس ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﻫﻨﺎك ــ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﻮCﺔ ﻫﺬا ــ ﻧﺼﻮص ﺗـﺼـﻨـﻊ ﻣـﻦ أﺟـﻞ أﻓـﺮاد ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﻢ أو ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﺎ ،أو ﻧﺼﻮص ﺗُﺼﻨﻊ )اﻷﻓﻼم واﻷﻏﺎﻧﻲ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻣﺜﻼ( ﻛﻲ ﻳﻜﻴﻔﻬﺎ اCﺮء ــ أﻳﺎ ﻛﺎن ــ ﻣﻊ رﻏﺒﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ).(٧١ وCﺎذا ﻧﺬﻫﺐ ﺑﻌﻴﺪا? ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻼﺣﻆ ﻫﺬا اCﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﺴﻄﻴﺢ واﻟﺘﻔﺎﻫـﺔ واﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻈﺮف وﺧﻔﺔ اﻟﺪم ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺮاﻣﺞ واCﺴﻠﺴﻼت اﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ )وﻻ أﻗﻮل اCﺼﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ( ،وأﻳﻀﺎ ﻫﺬا اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﻜﺒﻴﺮ Cﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑـﺎﻷﻏـﺎﻧـﻲ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ ،وﻫﺬا اﻟﻔﻴﺾ اCﺘﺪﻓﻖ ﻣﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ اCﺼﻮرة ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ »اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ ﻛﻠﻴﺐ«، ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﺻﻮت اCﻐﻨﻲ أﻃﺮاف أﺻﺎﺑﻌـﻪ) ،إذا ﻣـﺪ ذراﻋـﻪ( وﺣـﻴـﺚ ﺼﻨﻊ ﳒﻮم ﻣﻦ ورق أو ﻗﺶ ﻗﻠﻴﻞ اﻟﻘﻴﻤﺔ ،ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ُﻳ َ اCﺆﺛﺮات اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ واﻟﺒﺼﺮﻳﺔ واﻹﺑﻬﺎر اﳋﺎص ﺑﻌﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ ،وﺣـﺸـﺪ اﻟﺮاﻗﺼﺎت اﳉﻤﻴﻼت ﺣﻮﻟﻬﻢ ،وﻣﻦ ﺧﻼل أﺟﻬﺰة ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﺼﻮت وإﻧـﺘـﺎﺟـﻪ اCﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﻳﺼﺒﺢ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﺠﺰة ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎ وﻏﻨﺎﺋﻴﺎ ﳒﻮﻣﺎ ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎن، وﺗﺘﺴﺎﻗﻂ اﻷﻣﻮال ﺣﻮﻟﻬﻢ ،وﲢﺖ أﻗﺪاﻣﻬﻢ. ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻼﺣﻆ أﻳﻀﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻸﻓﻼم اﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺔ ،ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اCﺼﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، 64
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
وذﻟﻚ اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻔﻮق ﻛﺜﻴﺮا اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ أﻓﻼم أﺧﺮى أﻛﺜﺮ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ وﻓﻨﻴﺔ ،وﻫﺬه اﳊﺼﻴﻠﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح اﻟﺘﻲ ﲡﻨﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻼم ــ اﻷﻗﻞ ﻓﻨﻴﺔ ــ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺰاﺣﻢ اCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣـ tأن أﻓـﻼﻣـﺎ أﻛـﺜـﺮ ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﻨﻔﺾ اﳉﻤﻬﻮر ﻋﻨﻬﺎ ،رﻏﻢ ﻴﺰﻫﺎ اﻟﻮاﺿﺢ ﺳﻮاء ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ ،أو اﻟﺘﻜﻨﻴﻚ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲa .ﺎذا ﻧﻔﺴﺮ ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة? ﻗﺪ ﻳﺘﻔﻖ أﺣﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اCﻤﻜﻨﺔ ﻫﻨﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه آﻧﻔﺎ ﻋﻦ »ﺟﻤﺎﻟﻴـﺎت اﻟﻌﻮام« ،وﺣﻴﺚ ﺗﺘﻐﻴﺮ أذواق اﻟﻨﺎس ﺑﺘﻐﻴﺮ ﻇﺮوﻓﻬﻢ إﻟﻰ اﻷﺳﻮأ ــ أو إﻟﻰ اﻷﺣﺴﻦ ــ ﻓﻘﺪ ﺗﺘﻐﻴﺮ اﻟﻈﺮوف اCﺎدﻳﺔ إﻟﻰ اﻷﺣﺴﻦ ،واﳉﻤﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﻮأ ،واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،وﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪه اﻵن ﻓﻌﻼ ﻫﻮ أن أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﺴﻮق واﻹﺷﺒﺎع واﻟﻨـﻬـﻢ اﻟﺴﺮﻳﻊ اﻟﻌﺎﺑﺮ ــ ﻟﻜﻨﻪ اCﺴﺘﻤﺮ ــ ﻫﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪة .ﻓﺎﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﺎس ورﻏﺒﺎﺗﻬـﻢ اﻟﻌﺎﺑﺮة واCﺆﻗﺘﺔ واﻟﺴﺮﻳﻌﺔ واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻫﻲ اﶈﺪدة Cﺴﺎر اﻟﺘﻔﻀﻴـﻞ ،ﻓـﻲ وﻗﺖ ﺗﺴﻘﻂ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻜﻠﻴﺔ أو اﻟﻜﺒـﻴـﺮة )اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﻮﺣـﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أو اﻟﻜﻔﺎح ﺿﺪ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﺜﻼ( ﻋﻠﻰ اCﺴﺘﻮى اﻟﺴـﻴـﺎﺳـﻲ ،وﻓـﻲ وﻗـﺖ ﺗﺰاﻳﺪت ﻓﻴﻪ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ واﻻﻓﺘﻘﺎر إﻟﻰ اﻷﻣﻦ ،أو اﻟﻴﻘ tاﻷرض اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ )ﻋﻠﻰ اCﺴﺘﻮى اﻟﺸﺨﺼﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ( .وﻓﻲ ﻇﻞ اﻻﻧﻬﻴﺎر اCﺪوي ﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،واﻟﺒﺮوز اﻟﻄﺎﻏﻲ ﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت أﺧﺮى ،وﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﺰاﻳﺪ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄـﺎﻟـﺔ واﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺪﺧﻞ ،وﺗﺒﺪد اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺣﻼم اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻرﺗﻘﺎء ،أو ﲢﺴﻦ اCﺴﺘﻮى ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻹرادة واﳊﺮاك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻣﺎ ﺷـﺎﺑـﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻘﻮﻻت ﻟﺪى ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اCﺴﻤﻰ ﲡﺎوزا ﺑﺎﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻔﺮدﻳﺔ اCﺘﺰاﻳﺪة ،واﻻﻧﻜـﻔـﺎء اCـﺘـﺰاﻳـﺪ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺬات وﻋـﻠـﻰ اCـﺼـﺎﻟـﺢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﺬا ﻣﺠﺮد ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺆﻗﺖ، وﻫﻮ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺴﻄﺤـﻴـﺔ ﺗـﺒـﺮز ﻣـﻊ ﻃـﻐـﻴـﺎن اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،وﻣﻊ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ،واﻧﻌﺪام اﻷﻣﻦ ،وﺳﻘﻮط اﻷﺣﻼم اﻟﻜﺒﻴﺮة. وﻫﺬه اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳉﺪﻳﺪة اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﻔﺮﻳﻎ اﻟﻘﻴﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ ،وإﺣﻼل ﻗﻴﻢ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻌﺎﺑﺮ واCﺆﻗﺖ واﻟﺴﺮﻳـﻊ واﻻﺳـﺘـﻬـﻼﻛـﻲ واﻟﺘﺎﻓﻪ واﻟﻼﺗﺮاﻛﻤﻲ .وﻛﺬﻟﻚ ﻇﻬﻮر ﻣﺴﺮح ﻣﻮﺳﻤﻲ ﻓﺎرغ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﺑﺘﺬال واﻟﺮﻗﺺ اﻟﻬﺎﺑﻂ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﳉﻨﺴﻴﺔ اﻟﻀﻤﻨﻴﺔ واﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ،ﻫﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﲢﺘﺎج ﻣﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ اCﻬﺘﻤ tﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت إﻟﻰ أن ﻳﺪرﺳﻮﻫـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﺎ ﻳﺤﺪث اﻵن ،ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ــ إن أﻣﻜﻦ ــ ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺬوق اﻟﻌـﺮﺑـﻲ 65
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻌﺎم )ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻷﻏﻨﻴﺔ واCﺴﺮح واﻟﺒﻴﺌﺔ واﳊﻴﺎة ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ...إﻟﺦ( ،ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﻧﻬﻴﺎرات اﻟﺘﻲ ﳊﻘﺖ ﺑﻪ .ﻫﺬا ﻣﻊ وﻋﻴﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻮﺟﻮد »أذواق ﻋﺮﺑﻴﺔ« »وﻟﻴﺲ ذوﻗﺎ« واﺣﺪا وﻓﺮوق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻛـﺬﻟـﻚ ﻓـﻲ اﻟـﺬوق ﺣـﺘـﻰ داﺧﻞ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﻟﻜﻦ أﻳﻦ اﳊﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺬوق اCﺸﺘﺮك? ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻻﺣﻘﺎ. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﺈن أي ﺗﻐﻴﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔ أزﻣﺔ أو ﻣﺮض ،وﻗﺪ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ اCﺮض اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ Cﻮاﺟﻬﺘﻪ. ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮد وﺗﺸﺎﺑﻪ ﺑ tﺣﺎﻟﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌـﻮام )أو اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌﻮام ﺗﻨﻮﻳﻌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ )ﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﺎﺟﺎت اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻘﻂ( ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ ،وﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﻮر اﳊﺪاﺛﺔ ﺑﻌﺪ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲ ود ﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ واﺣﺘﺮام ﻟﻠﺤﺮﻳﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ...إﻟﺦ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎ أردﻧﺎ ﻗﻮﻟﻪ إن ﻗﻴﻢ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ واﻟﻌﺎﺑﺮ واﺣﺪة ﻣـﻊ اﺧـﺘـﻼف ﻓﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺤﺎﺟﺎت اﳉﻤﻬﻮر ﻫﻨﺎك ،وﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻜﻞ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ، وﺣﻴﺚ ﺗﺮﺗﺒﻂ اCﺘﻌﺔ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ،واﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﺼﻮر، أو ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷداء ــ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ــ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻟـﺴـﻠـﻌـﺔ اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ﺟﺬاﺑﺔ وﻣﻘﻨﻌﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺒﻞ اﳉﻤﻬﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳊﺎﻻت ﻫﻮ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﺿﺤﺎﻟﺔ اﻟﻔـﻜـﺮة ،ورﻛـﺎﻛـﺔ اﻷداء أو اﻟـﺘـﻨـﻔـﻴـﺬ وﺳـﻴـﺎدة اﻟﺘﻬﺮﻳﺞ واﻻﺳﺘﻈﺮاف واﻟﺴﺨﻒ )ﻓﻲ اCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻐﻨﺎء واﻟـﺘـﻠـﻔـﺰﻳـﻮن ﺧﺎﺻﺔ( ودون اﻫﺘﻤﺎم ﺑﺬوق اﳉﻤﻬﻮر ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﳉﻤﻬﻮر أن ﻳﺘﻘﺒﻞ أي ﺷﻲء ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻟﻪ ﻫﺆﻻء »اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة«. إن ﻛﻼﻣﻨﺎ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻫﻮ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺮﺻﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻈﻮاﻫـﺮ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻨـﺎ اCﻌﺎﺻﺮة ،وﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻮﺻﻒ ﻫﺬه اﻟﻈﻮاﻫﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ،وﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﺘﺸﺎﺋﻤ tﺎﻣﺎ ﺑﺼﺪد ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﻞ ﻧﻠﻤﺢ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﻪ إرادة ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﺎ ،إرادة ﻣﺎزاﻟﺖ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ اﳉﻨﻴﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﲢﺎول ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﳋﺮوج إﻟﻰ اﳊﻴﺎة ﺑﺠﻤﺎﻟﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺮؤﻳﺔ ،وأﻛﺜﺮ إﻗﻨﺎﻋﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷداء.
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﳌﻈﻬﺮ اﳋﺎرﺟﻲ
ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺠﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ﻧﻮع ﺧﺎص ﻣﻦ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻳﺴﻤﻰ »ﺟﻤﺎﻟـﻴـﺎت
66
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
اCﻈﻬﺮ اﳋﺎرﺟﻲ« أو ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﺻﻨﺎﻋﺔ اﳉﻤﺎل وﲡﺎرﺗﻪ. وﻳﺤﺎول ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت أن ﻳﺤﻘﻖ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑﺤﺴﻦ اﳊﺎل ،ﺣﻴﺚ ﲢﺎول اCﺼﺎﻧﻊ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺤﺎﺟﺎت اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﳉﻤﺎل ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء :ﻓﻲ اﻟﺴﻜﻦ واﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻷﻟﻴﻔﺔ واﻟﺴﻴﺎرات واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﳉﺴﺪ ،وaﺎ ﻳﺤﻘﻖ ﻟﻬﺎ اﻷرﺑﺎح اﻟﻜﺜﻴﺮة دون ﺷﻚ .ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻔـﻖ ﺳـﻜـﺎن أﻣـﺮﻳـﻜـﺎ اﻟـﺸـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ وأوروﺑﺎ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ دﺧﻮﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﳉﺴﺪ واﻟﺸﻌﺮ واﻷزﻳﺎء وﲡﻤﻴﻞ اﻟﻨﺴﺎء وﺣﻔﻼت اﻟﺰﻓﺎف ...إﻟﺦ. وﻳﻜﺸﻒ ذﻟﻚ اﻻﻧﺪﻓﺎع اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻠﻴﺎﻗﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻮق اﻟﻐﻼب ﻧﺤﻮ ﺟﻤﺎل اﳉﺴﺪ .وﻳﻮﺿﺢ ذﻟﻚ اﻻﻫﺘﻤﺎم اCﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺼﺒﺎﻏﺔ اﻟﺸﻌﺮ، وأدوات اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ ،واﻷزﻳﺎء ،واﻟﻮﺷﻢ ،واﳊﻠﻲ ،وﺟﺮاﺣﺎت اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ ،وﺗﻌﺮﻳﺾ اﳉﺴﻢ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻻﻛﺘﺴﺎب ﻟﻮن ﺑﺸﺮة ﻣﻌﻴﻨﺔ ،واﻧﺘﺸﺎر ﺻـﺎﻟـﻮﻧـﺎت اﻟـﺘـﺠـﻤـﻴـﻞ، وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻳﻮﺿﺢ وﺟﻮد وﻋﻲ ﻣﺘﺰاﻳـﺪ ﺑـﺼـﻮرة اﳉـﺴـﺪ وﺛـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟـﺼـﻮرة ،ﻓـﻲ ﻋﺼﺮ ﺗﺒﺪو ﻓﻴﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺮاﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻮراء. ﻣﻊ ﺗﻄﻮر اﻷزﻳﺎء واﻟﻮﺷﻢ وأدوات اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ واﻟﻌﻄﻮر وﻓﻨﻮن اﻹﻋﻼن ،أﺻﺒﺢ اﳉﺴﺪ aﻨﺰﻟﺔ اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أو اCﻌﺮض اﻟﻌﺎم ــ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ــ اﳋﺎص ﺑـــ »ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﺮﺟﺔ« ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد ــ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ اﻹﻋﺠﺎب ﺑﻪ وﺗﺄﻛﻴﺪه. وCﺎذا ﻫﺬا اﻟﺴﻌﺎر اﳋﺎص ﻧﺤﻮ اﳉﻤﺎل اﻟﻈﺎﻫﺮي أو اﻟﺸﻜﻠﻲ أو اﳋﺎرﺟﻲ أو اﳉﺴﺪي? إن ذﻟﻚ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اCﻌﺎﺻﺮة ﻗﺪ ﻃﻮرت ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ »ﺑﻮرﺗﻴﻮس« اﻋﺘﺒﺎرا أﻛﺒﺮ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺰﻳ tأو اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ أو اﻟﺘﺰﻳـt اﳋﺎرﺟﻲ ،أي ﻟﻠﻈﻞ وﻟﻴـﺲ اﻟـﻀـﻮء ،وﻟـﻠ َـﻌَـﺮض وﻟﻴﺲ اﳉﻮﻫﺮ ،وﻫـﻲ ﺛـﻘـﺎﻓـﺔ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻴﻞ إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻓﺄة اCﻮاﻃﻨ tﻋﻠﻰ ﻣﻈﻬﺮﻫﻢ اﳋﺎرﺟﻲ ﻓﻘﻂ. ﻓﺎﳊﻘﻴﻘﺔ اCﺆﺳﻔﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳـﺎت ـــ ﻫـﻲ أن اﻷﻓـﺮاد ذوي اﳉﺎذﺑﻴﺔ ﻳﻜﻮن أداؤﻫﻢ أﻓﻀﻞ ﻓﻲ اCﺪرﺳﺔ ﺳﻮاء § ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻘـﻴـﻬـﻢ Cﺴﺎﻋﺪات أﻛﺜﺮ أو ﺣﺼﻮﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ درﺟﺎت أﻓﻀﻞ ،أو ﺗﻠﻘﻴﻬﻢ ﻟـﻌـﻘـﻮﺑـﺎت أﻗـﻞ وﻓﻲ اﻟﻌـﻤـﻞ ،ﺗُﺪﻓﻊ رواﺗﺐ )ﻣﺨﺼﺼﺎت( أﻛﺒﺮ ﻟﻬﻢ ،ووﻇـﺎﺋـﻔـﻬـﻢ ﺗـﻜـﻮن أﻋـﻠـﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻗﻴﺎت أﺳﺮع .وﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺰﻣـﻼء، أو اﻷزواج ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮن أﺻﺤﺎب اﻟﻘﺮارات اCﻬﻤﺔ ،وﻫﻢ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻐﺮﺑﺎء ﻋﻨﻬﻢ ﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ ﻳﺘﺴﻤـﻮن ﺑـﺎﳉـﺎذﺑـﻴـﺔ واﻷﻣـﺎﻧـﺔ، وﻳﺘﺤﻠﻮن ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ واﻟﻨﺠﺎح .وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻘﺼﺺ اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ 67
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻷﺑﻄﺎل ﻣﺘﺴﻤ tﺑﺎﻟﻮﺳﺎﻣﺔ ،وﺗﻜﻮن اﻟﺒﻄﻼت ﻣﺘـﺴـﻤـﺎت ﺑـﺎﳉـﻤـﺎل، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷﺷﺮار ﻫﻢ ﻏﺎﻟﺒﺎ أﻗﻞ ﺟﻤﺎﻻ وأﻛﺜﺮ ﻗﺒﺤﺎ .وﻳﺘﻌـﻠـﻢ اﻷﻃـﻔـﺎل ﻣـﻦ ذﻟـﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺿﻤﻨﻲ أن اﻟﻨﺎس اﻷﺧﻴﺎر اﻟﻄﻴﺒ tﻳﺘﺴﻤﻮن ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺑﺎﳉﻤﺎل ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﻳﺘﺴﻢ اﻷﺷﺮار ﺑﺎﻟﻘﺒﺢ .وﻳﻌﻴـﺪ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ ﺗـﻜـﺮار ﻫـﺬه اﻟـﺮﺳـﺎﻟـﺔ ﺑـﻮﺳـﺎﺋـﻞ ﻋـﺪة ﺣﺴﺎﺳﺔ .ﺗﻘﻮم اﻹﻋﻼﻧﺎت ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﺑﺨﻠﻖ ﺻﻮر ﺟﺴﺪ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺮون ﻣﻊ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺤﺎوﻟـﺔ ذﻟﻚ. وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓﻲ أﺣﺎﺑﻴﻞ اﻟﻜﺘﺐ اCﺒﺴﻄﺔ وﺑﺮاﻣﺞ اﳊﻤﻴﺔ وﺟﺮاﺣﺎت اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ وأﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻨﺤﻴﻒ أو ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻮزن ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﻳـﻘـﻊ آﺧﺮون ﻋﺪﻳﺪون ﻓﻲ ﺑﺮاﺛﻦ اﻻﻛﺘﺌـﺎب ،إن ذﻟـﻚ ﻛـﻠـﻪ ﺧـﻠـﻖ ﺻـﻨـﺎﻋـﺎت ﺟـﺪﻳـﺪة وﻣﺆﺳﺴﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻘﺪر ﺛﺮواﺗﻬﺎ ﺑﻌﺸﺮات اCﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﺠﺴﺪ; ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت راﺋﻌﺔ ﻇﺎﻫﺮﻳﺎ ،وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ وﻓﺘﺎﻛﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ).(٧٢ ﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﳉﻤﺎﻫﻴﺮي ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل وﺗﺮوﻳﺠﻬﺎ ﻟﻠﻨﺎس ،ﻛﻤﺎ ﻳـﺘـﻤـﺜـﻞ ذﻟـﻚ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم اﳋﺎص ﺑﻨﺠﻤﺎت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وأﺧﺒﺎرﻫﻦ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺎﻻت واﻟﺼﺤﻒ .وﻗﺪ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت دراﺳﺎت ﻛﺜﻴﺮة أﻫﻢ ﻧﺘـﺎﺋـﺠـﻬـﺎ ـــ ﻛـﻤـﺎ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ داﻧﻴﺎل ﻣﺎﻛﻨﻴﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اCﺴﻤﻰ »اﻟﻮﺟﻪ« ،(٧٣) The Faceاﻟﺬي ﺻﺪرت ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ اﻟﻌﺎم ،١٩٩٨وأﻳﻀﺎ ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺑﻨﻜﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ »ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻌﻘـﻞ? How the Mind worksاﻟﺬي ﺻﺪرت ﻃﺒﻌـﺘـﻪ اﻷوﻟـﻰ اﻟـﻌـﺎم (٧٤)١٩٩٧ــ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ١ــ إن اﳉﻤﺎل ﻳﺰﺧﺮف اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع; ﻓﻔﻲ إﺣﺪى اﻟﺪراﺳﺎت ﺗﺒ tأن اﻟﺮﺟﺎل ﻨﺤﻮن ﺗﻘﻴﻴﻤﺎت ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﻻت اﻟﻀﺤﻠﺔ ،إذا ﻋﺮﻓﻮا أن ﻣﻦ ﻛﺘﺒﺘﻬﺎ ﻫﻲ اﻣﺮأة ﺟﻤـﻴـﻠـﺔ ،ﻛـﻤـﺎ أن ﻛـﻼ ﻣـﻦ اﻟـﺮﺟـﺎل واﻟـﻨـﺴـﺎء ﻳـﺼـﺪرون أﺣﻜﺎﻣﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،أﻛﺜﺮ إذا ﻋﺮﻓﻮا أن اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺎﻫﺪوﻧﻬﺎ ﻗﺪ رﺳﻤﺘﻬﺎ ﻓﻨﺎﻧﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ. ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺸﻔﺖ دراﺳﺔ أﺧﺮى ﻋﻦ أن اﻟﻨﺴﺎء ﻗﺪ ﻳﺼﻔﻦ اCﻘﺎل اﻟﺴﻴﺊ ﺑﺄﺳﻮأ ﺎ ﻓﻴﻪ ،إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﺗﺒﺘﻪ اﻣﺮأة ﺟﻤﻴﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﻄﻮن ﺗﻘﺪﻳﺮات ﻣﺮﺗـﻔـﻌـﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺎ ﻓﻴﻬﺎ إذا ﻛﺎن ﻛﺎﺗﺒﻪ رﺟﻼ وﺳﻴﻤﺎ ،وﻫﺬا ﻣﻌﻨﺎه أن اﻟﻨﺴﺎء ﻳﻜﻦ أﻛﺜﺮ ذاﺗﻴﺔ 68
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اﻟﺴﻠﺒﻲ )ﺧﻔﺾ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ( ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻮﺿﻮﻋـﻴـﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل اCﺘﺴﻤ tﺑﺎﻟﻮﺳﺎﻣﺔ ،ﻓﻲ ﺣ tﻳﻜﻮن اﻟﺮﺟﺎل أﻛﺜﺮ ذاﺗـﻴـﺔ وأﻛﺜﺮ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﻣﺠﺎﻣﻠﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ aﺎ ﺗﻜﺘﺒﻪ اﻟﻨﺴﺎء اﳉﻤﻴﻼت أو ﺗﺮﺳﻤﻨﻪ. ٢ــ وﻛﺸﻔﺖ دراﺳﺔ أﺧﺮى ﻋﻦ أن اﻷﻃﺒﺎء أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻳﺪرﻛﻮن اCﺮﺿﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ أﻟﻢ أﻗﻞ ،وأﻧﻬﻢ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ رﻋﺎﻳﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ أﻗﻞ أﻳﻀﺎ ،وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه واﺣﺪة ﻣﻦ اCﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﳉـﻤـﺎل ﺿﺪ أﺻﺤﺎﺑﻪ. ٣ــ وﺗﺒ tﻣﻦ دراﺳﺎت أﺧﺮى أﻳﻀﺎ أن اﻷﻃﻔﺎل اﻷﻛﺜﺮ ﺟـﺎذﺑـﻴـﺔ ﻳـﺤـﻈـﻮن ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم أﻛﺜﺮ ،وﻳﻌﺎﻗﺒﻮن أﻗـﻞ ﻓـﻲ اﻟـﺒـﻴـﺖ وﻓـﻲ اCـﺪرﺳـﺔ ،وأن اﻟـﻔـﺘـﺎة اﻷﻛـﺜـﺮ ﺟﻤﺎﻻ ﺗﻜﻮن ذات ﻣﻬﺎرات اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ وأﻧﻬﺎ ﲢﻈﻰ aﻜﺎﻧﺔ أﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺰﻣﻴﻼﺗﻬﺎ .وﺗﺸﻴﺮ دراﺳﺎت أﺧﺮى ﻛﺬﻟﻚ إﻟـﻰ أن اCـﺪرﺳـ tﻳـﻌـﻄـﻮن درﺟﺎت أﻋﻠﻰ ﻟﻠﺘﻼﻣﻴﺬ اCﺘﺴﻤ tﺑﺤﺴﻦ اCﻈﻬﺮ وأﻧﻬﻢ ﻳﻌﺎﻗﺒﻮﻧﻬﻢ ﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻞ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺰﻣﻼﺋﻬﻢ اﻷﻗﻞ ﺟﺎذﺑﻴﺔ. ٤ــ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺒ tأن اCﺘﺴﻤ tﺑﺤﺴﻦ اCﻈﻬﺮ ﻳﻜﺴﺒﻮن أﻣﻮاﻻ أﻛﺜﺮ ،وﻳﺤﻈﻮن ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ ذات ﻣﻜﺎﻧﺔ أﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﻓﺮاد اCﻌﺘﺪﻟ tﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﺎﺣـﻴـﺔ ،وأن اCﻌﺘﺪﻟ tواCﺘﻮﺳﻄ tﻓﻲ ﺟﺎذﺑﻴﺘﻬﻢ ﻳﻜﺴﺒﻮن أﻛﺜﺮ ،أو ﻳﺤﻈﻮن aﻜﺎﻧﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﻗﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺟﺎذﺑﻴﺔ. ٥ــ وأﻇﻬﺮت دراﺳﺎت أﺧﺮى أﻳﻀﺎ أن اﻷﻓﺮاد اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻜﻨـﻬـﻢ أن ﻳﺴﺮﻗﻮا ﻣﻦ اﶈﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ )ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻈﺎﻫـﺮون ﺑـﺎﻟـﺸـﺮاء( ﺑـﺴـﻬـﻮﻟـﺔ أﻛـﺒـﺮ، ودون أن ﻳﻜﺘﺸﻔﻮا ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﻗﻞ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وﻳﺘﻢ إﺣﻀﺎرﻫﻢ أﻣﺎم اﻟﻘﻀﺎة أو اﶈﻠﻔ tﺗﺴﺘﻤﺮ اCﻜﺎﺳﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ )ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺗﺴﺎﻣﺢ أﻛﺒﺮ ﻣﻌﻬﻢ(. وﻓﻲ دراﺳﺎت أﺧﺮى ﺎﺛﻠﺔ ﺗﺒ tأن ﺣﺴﻦ اCﻈﻬﺮ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹداﻧﺔ أو اﻟﺘﺠﺮ& ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪ ﻳﺆدي أﺣﻴﺎﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ .ﻓﻘﺪ ﻛﺸﻔـﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ إﺣﺪى اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟـﺮﻳـﺖ ﻋـﻠـﻰ ٢٢٣٥ﻣـﺘـﻬـﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺑـﻌـﺾ ﺣـﺎﻻت اﳉﻨﺢ ،أن اﻟﻘﻀﺎة ﻗﺪ أﺻﺪروا أﺣﻜﺎﻣﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﺮاﻣﺎت أﻗﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﺮاد اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ دﻓـﻊ ﻛـﻔـﺎﻻت إﻃـﻼق ﺳـﺮاح ذات ﻗـﻴـﻤـﺔ أﻗـﻞ أﻳﻀﺎ ،ﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻋـﻨـﺼـﺮ ذاﺗـﻲ ،ﺣـﺘـﻰ ﻓـﻲ ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻹﺟـﺮاءات 69
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اCﻔﺘﺮض ﻓﻴﻬﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ. ٦ــ اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه أن دراﺳﺎت أﺧﺮى ﻗﺪ ﺟﺎءت ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ أﺧﺮى ﻻ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻻﲡﺎه اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﻘﺪ أﻇﻬﺮت دراﺳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻗﺎم أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﻧﺘﺎﺋﺞ ٣٠دراﺳﺔ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع أن اCﻨـﻈـﺮ واﳉـﺎذﺑـﻴـﺔ ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻄﺎن إﻃﻼﻗﺎ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء ،ﻓﻨﺤﻦ ﻨـﺢ اﻷﻛـﺜـﺮ ﺟـﺎذﺑـﻴـﺔ درﺟـﺎت وﻫـﻤـﻴـﺔ ﻣـﻦ اﻟﺬﻛﺎء ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻓﻌﻼ. وأﻇﻬﺮت دراﺳﺎت أﺧﺮى أﻳﻀﺎ أن اﳉﺎذﺑﻴﺔ ،واﻋﺘﺒﺎر اﻟﺬات ،أو ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﺎ، ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻄﺎن ﻣﻌﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،وأن اCﻬﻢ ﻫﻮ وﺟﻮد اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎCﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اCﺮء ،ووﺟﻮد إﳒﺎزات ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ،وأن اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻳﻀﺎ أﻛﺜﺮ ﻓﺸﻼ وﺗﺒﻄﻼ وﺷﻘﺎء ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪة ،و ﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن أﺷـﺎر إﻟـﻴـﻪ ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻋﺪة ﻣﻦ أن اﻟﻘﻴﻤﺘ tاCﻬﺘﻤ tﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻹﻧـﺴـﺎن ﻫـﻤـﺎ »اﳊﺐ واﻟﻌﻤﻞ«. ٧ــ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ »ﺑـﺎص »Bussﺣﻮل ١٨ﺳﻤﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴـﻼت ﺳﺌﻞ ﺣﻮاﻟﻰ ﻋﺸﺮة آﻻف اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ ﻟﻠﺰوج أو اﻟﺰوﺟﺔ ُ ﻓﺮد ،ﻓﻲ ٣٧دوﻟﺔ ،ﻓﻲ ﺳﺖ ﻗﺎرات ،وﺧﻤﺲ ﺟـﺰر ،وﻣـﻦ ﻣـﺠـﺘـﻤـﻌـﺎت ﺗـﺴـﻤـﺢ ﺑـﺎﻟـﺰواج اCـﺘـﻌـﺪد ،أو ﻻ ﺗـﺴـﻤـﺢ ﺑـﻪ ،وﻣـﻦ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻌـﺎت اCـﺘـﺤـﺮرة واﶈـﺎﻓـﻈـﺔ واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ .وﻗﺪ أﻋﻄﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺎس ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻮﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﻗﻴﻤﺔ أﻋﻠﻰ ﻟﻠﺬﻛﺎء واﻟﻌﻄﻒ واﳊـﻨـﺎن واﻟـﻔـﻬـﻢ. ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﻄﺮ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻴﻤﺎ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﺎﳋـﺼـﺎﺋـﺺ ،أو اﻟﺼﻔﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻄﻮﻧﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ أﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎرﻫـﻢ ﻷزواﺟـﻬـﻢ .ﻓـﻘـﺪ أﻋﻄﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻗﻴﻤﺔ أﻋﻠﻰ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﺴﺐ اCﺎل ،ﺛﻢ ﺟﺎءت ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻗﻴـﻢ اCـﻜـﺎﻧـﺔ واﻟﻄﻤﻮح واﻟﻜﻔﺎح ،ﺑﻴﻨﻤﺎ أﻋﻄﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻗﻴﻤﻪ أﻋﻠﻰ ﻟﺘﻮاﻓﺮ اﻟﺸﺒﺎب واﳉﺎذﺑﻴﺔ ﻓﻲ اCﺮأة. وﻗﺪ ﺗﺄﻛﺪت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ دراﺳﺎت أﺧﺮى أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠـﻰ ﻣـﻀـﻤـﻮن اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺮﻫﺎ اﻟﺼﺤﻒ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان ﲢﺖ ﻋﻨﻮان »أرﻳﺪ زوﺟﺎ« وﻫﻲ اﳋﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻵن أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﺷﺒﻜﺔ »اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ« ،ﺣﻴﺚ وﺟـﺪ أن اﻟﺮﺟﺎل ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻦ اﻟﺸﺒﺎب واﳉﺎذﺑﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺒﺤﺚ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻦ اﻷﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واCـﻜـﺎﻧـﺔ واﻹﺧـﻼص ،وﻻ ﻣـﺎﻧـﻊ ﺑـﺎﻟـﻄـﺒـﻊ ﻣـﻦ وﺟﻮد اﳉﺎذﺑﻴﺔ ،أﻳﻀﺎ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. 70
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
إن اﻟﻌ tاﻟﺘﻲ ﻳﺠﺘﺬﺑﻬﺎ اﳉﻤﺎل ،ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻄﺮﻳـﻘـﺔ ﻓـﻄـﺮﻳـﺔ ،ﻛـﻤـﺎ ﻳﺸﻴﺮ »ﺑﻨﻜﺮ«; ﻓﺤﺘﻰ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮﺿﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ ،ﻓﻀﻠﻮا أن ﻳﻨﻈﺮوا وﻗﺘﺎ أﻃﻮل إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﳉﻤﻴﻞ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﻈﺮﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﻌﺎدﻳﺔ أو اﻷﻗﻞ ﺟﻤﺎﻻ. ﻛﺬﻟﻚ أﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺎت أﺧﺮى ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﳉﺴﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﻮﺟﻪ، ﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎر اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ اﻻﺳﺘﺰادة ﻣﻦ اCﻌﺮﻓـﺔ ﺣـﻮﻟـﻬـﺎ أن ﻳـﻌـﻮد إﻟـﻰ ﻛـﺘـﺎب »ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺑﻨﻜﺮ« ﺳﺎﻟﻒ اﻟﺬﻛﺮ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻨﻪ وﻫﻮ ﺑﻌﻨﻮان Family » Valuesأي ﻗﻴﻢ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ« ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳉﻤـﺎل اﻟﻈﺎﻫﺮي ،أو اﳋﺎرﺟﻲ ،أو ﺟﻤﺎل اﳉﺴﺪ ،وﻧﺨﺘﺘﻢ ﻫﺬا اﳊﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﻘﻮل إن ﻣﻔﻬﻮم »اﳉﻤﺎل« ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻻ ﻜﻦ ﲢﺪﻳﺪه ﻓﻲ إﻃﺎر واﺣﺪ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﻬﻮم ﺗﺼﻮر ﻣﺤـﺪد ،واﳊـﻞ اﻷﻓـﻀـﻞ ﻫـﻮ أن ﻧـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻴـﻪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻣﻔﻬﻮم ﻓﺘﺠﻨﺸﺘ tﻋﻦ »ﺻﻮرة اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ«. ﻓﻘﺪ أﺷﺎر ﻫﺬا اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻛﻞ اCﻔﺎﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺿﻮء ﺧﺎﺻﻴﺔ واﺣﺪة ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻦ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﻔﻬﻮم ﺻﻮرة اﻟﻌﺎﺋﻠـﺔ ،أي اﳊـﺎﻟـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺒـﺪو ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻠﺘﻘﻂ ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺎ ﺻﻮرة ﻓﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ،إﻧﻬﻢ ﻳﺸﺘﺮﻛﻮن ﻃﺒﻌﺎ ﻓﻲ أﺻﻮﻟﻬﻢ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻟـﻜـﻦ ﻣـﻦ ﻳـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ اﻟـﺼـﻮرة ﺳـﻴـﺮى ﺑـﻌـﺾ اﻟﺘﺸﺎﺑﻬﺎت ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﺳﻴﺮى أﻳﻀﺎ اﺧـﺘـﻼﻓـﺎت أﺧـﺮى ﻋـﺪة ﻗـﺪ ﺗـﻔـﻮق ﺟـﻮاﻧـﺐ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻨﻬﻢ .إﻧﻪ ﺳﻴﺮى ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻛﺒﻴﺮا ،وﺑﻌﻀﻬﻢ ﺻﻐﻴﺮا ،ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺟﺎﻟﺴـﺎ، وﺑﻌﻀﻬﻢ واﻗﻔﺎ ،ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺒﺘﺴﻤـﺎ ،واﻵﺧـﺮ ﻋـﺎﺑـﺴـﺎ ،أو ﺷـﺎردا ،ﺑـﻌـﻀـﻬـﻢ ﻣـﻦ اﻟﺬﻛﻮر ،واﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻹﻧﺎث ...إﻟﺦ. وﻳﻨﻄﺒﻖ اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ،ﻓﺄﻟﻌﺎب ﻣﺜﻞ اﻟﺸﻄﺮﱋ وﻛﺮة اﻟﻘﺪم واﳉﻮﻟﻒ واﻟﺘﻨﺲ واﻟﻜﺮة اﻟﻄﺎﺋﺮة...إﻟﺦ ﺗـﺸـﺘـﺮك ﻓـﻲ ﺟـﻮاﻧـﺐ ﻗـﻠـﻴـﻠـﺔ وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺐ أﻛﺒﺮ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﺗﺨﻀﻊ Cﻔﻬﻮم واﺣﺪ ﻫﻮ »اﻟﻠﻌﺐ« وأﻧﻬﺎ، ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ،أﻳﻀﺎ »أﻟﻌﺎب رﻳﺎﺿﻴﺔ« ).(٧٥ وﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﳉﻤﺎل :ﻓﺎﳉﻤﺎل ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن .أو اﳊﻴﻮان ،أو اﻟﻨﺒـﺎت ،أو اﻟـﺼـﺨـﻮر ،أو اﳉـﺒـﺎل ،أو اﻟـﺒـﺤـﺎر ،أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﺗﺒـﻄـﺎ ﺑـﺎﳉـﺎﻧـﺐ اCﺎدي ،أو اﳊﺴﻲ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ اﻟﻌﻘﻠﻲ أو اCﻌﺮﻓﻲ ،أو اﻟﺘﺄﻣﻠﻲ، 71
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻗﺪ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺻﺎﻣﺘﺔ ،أو ﺣﺎﻻت ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ أو ﻓﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟـﺼـﻤـﺖ واﳊﺮﻛﺔ ،وﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ وﺟﻪ ﺟﻤﻴﻞ أو ﺟﺴﺪ ﺟﻤﻴﻞ ،أو ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،أو ﻓﻴﻠﻢ ﺟﻤﻴﻞ ،أو ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،أو ﻣﺒﻨﻰ ﺟﻤﻴﻞ ،أو ﻣﻘـﻄـﻮﻋـﺔ ﻣـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،أو ﺣﺪﻳﻘﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻢ ﺴﻬﺎ أﻳﺪي اﻟﺒﺸﺮ ،أو ﺣﺪﻳﻘـﺔ أﺧـﺮى ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﻮﻻﻫﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﻣﻨﺬ اCﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻟﻬﺎ. ورﻏﻢ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺑ tﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻜـﻮﻳـﻨـﺎت واﳊـﺎﻻت اﻟـﺴـﺎﺑـﻘـﺔ، وأﻳﻀﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻦ ﺻﻮر ﻟﻠﺠﻤﺎل وﺗﻨﻮﻳﻌﺎت ﻟﻪ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴـﻠـﺔ ،ﻓـﻬـﻨـﺎك إذن »ﺻـﻮرة ﻋـﺎﺋـﻠـﺔ« ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﳉﻤﻴﻞ واCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﻴﻠﺔ ،وﻫﺬا اﻟﻮﺻﻒ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑ tاﻟﻮﺟﻮد اCﺎدي اﳋﺎص »ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻲء اﳉﻤﻴﻞ« وﻛﺬﻟـﻚ ﻫـﺬا اﻟـﺸـﻌـﻮر اﳋـﺎص اﻟـﺬي ﻳﺘﻮﻟﺪ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ إدراﻛﻨﺎ ﻟﻪ واﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻨﺎ ﺑﻪ وﺗﺄﻣﻠﻨﺎ »اﳉﻤﺎﻟﻲ« ﻟﻪ. وﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر اﳋﺎص ﻟﻠﺠﻤﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﻬﻮم »ﺻﻮرة اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ« ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﳊﻞ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اCﺸﻜﻼت اCﻄﺮوﺣﺔ ﺣﻮل »اﳉﻤﺎل« ،و»اﳉﻤﻴﻞ«، و»اﳉﻤﺎﻟﻲ« ،أﻳﻀﺎ واﻟﺘﻲ ﺳﺘﻮاﺟﻬﻨﺎ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﻳﻮﺟﺪ اﳉﻤﺎل ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳊﻴﺎة ،ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واCﺒـﺎﻧـﻲ واﻟـﺒـﺸـﺮ واﻟﻔﻨﻮن واﻟﻠﻐﺔ...إﻟﺦ .ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟـﻌـﻠـﻢ ذاﺗـﻪ أﻳـﻀـﺎ ،ﺣـﻴـﺚ ﻳـﺠـﻤـﻊ أﺑـﺮز ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ أن اﳉﻤﺎل ﻫﻮ اCﻘﻴـﺎس اﻷﺳـﺎﺳـﻲ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .ﻓﺎﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻲ رﻳﺘﺸﺎرد ﻓﻴﻨﻤﺎن ﻳﺮى »أن اCﺮء ﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﺒt اﳊﻘﻴﻘﺔ ﺑﻔﻀﻞ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ وﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ« وﻳﻌﻠﻦ ﻫﺎﻳﺰﻧﺒﺮج أن »اﳉﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ وﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ﻋﻠﻰ اﻟـﺴـﻮاء ﻫـﻮ أﻫـﻢ ﻣـﺼـﺪر ﻣـﻦ ﻣـﺼـﺎدر اﻻﺳـﺘـﻨـﺎرة واﻟﻮﺿﻮح«).(٧٦ وﻋﺒﺮ ﻛﻞ ﻫﺬه اCﻈﺎﻫﺮ واCﻌﺎﻧﻲ ﺗﺘﺤﺮك أﺟﻨﺤﺔ اﳉﻤﺎل ،وﻋﺒﺮﻫﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ، ﻧﺤﺎول أن ﻧﺘﺤﺮك ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
ﺧﺎﲤﺔ
ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،ﻋﺎﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ اCﻘﺎرﻧﺔ واﻟﺘﻤﻴـﻴـﺰ واﻻﺧـﺘـﻴـﺎر ﻣـﻦ ﺑ tﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻞ اCﺘﺎﺣﺔ ﻟﻨﻤﻂ ﻣﻌ tﻣﻦ اCﺜﻴﺮات ،وﻷﺳﻠـﻮب ﻣـﻌـ tﻣـﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ أو اﻟﺴﻠﻮك أو اﻻﻧﻔﻌﺎل. واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻤﻠـﻴـﺔ ﻣـﺮﻛـﺒـﺔ ﺗـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﻘـﺎرﻧـﺎت و ـﻴـﻴـﺰات 72
اﳉﻤﺎل وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ
واﺧﺘﻴﺎرات ،ﺑ tاﻟﺒﺪاﺋﻞ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺘﺎﺣﺔ ،وﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺣﻜﺎم ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻳﺼﺪرﻫﺎ اﻟﻔﺮد ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮات ﻟﻔﻈﻴﺔ ،أو اﺧﺘﻴﺎرات ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺐ ﻋﺪة ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛـﻪ ﻛـﻤـﺎ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎره ﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﻲ ﻳﻘﺮأﻫﺎ ،وﻟﻠﻮﺣﺎت ﻣﻌﻴﻨـﺔ ﻛـﻲ ﻳـﺸـﺎﻫـﺪﻫـﺎ ،أو ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺘﻨﻴﻬﺎ ،أو ﻳﻘﺘﻨﻲ ﻣﺴﺘﻨﺴﺨﺎت ﻣﻨﻬﺎ ،وأﻳﻀﺎ ﻓـﻲ اﻷﻋـﻤـﺎل اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻀﻞ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ وﻷﻟﻮان ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اCـﻼﺑـﺲ أو اﻷﺛـﺎث ﻧﻔﻀﻠﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ،واﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﻤﺎ ﺷﻴﺌﺎ واﺣﺪا، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻴﻞ إﻟﻰ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻟـﺪى اﻟـﻜـﺒـﺎر وﻟـﻴـﺲ ﻟـﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ،ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﺎﻟـﺒـﻠـﻮرة واﻟﺘﺮﺳﻴﺦ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻷ ﺎط ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﳉﻤﺎﻟﻲ .ﻛـﻤـﺎ أن اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﺳﻠﻮك أﻛﺜﺮ اﺗﺴﺎﻋﺎ وﺷﻤﻮﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﻷن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻔﻨﻮن وﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻮن ،وﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻹﺣﺴﺎﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺘﻤﻴﺰة واﻟﺘﻲ ﻳﺤﺎول ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ. وﺗﻠﻌﺐ ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪة أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﺼـﻞ ،ﻛـﺎCـﺘـﻌـﺔ ،واﻟـﺘـﺨـﻴـﻞ، واﻟﺘﻘﻤﺺ ،واCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،واﻷﻟﻔﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،واﳋﺒﺮة واCﻌﺮﻓﺔ، وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ،دورﻫﺎ اCﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﳋﺎص ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻫﺬه ﻟﺪى اﻷﻓﺮاد.
73
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
74
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
2ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ
»ﻧﺤﻦ ﻧﺨﺘﺎر ﻣﺆﻟﻔﻨﺎ اCﻔﻀﻞ، ﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻧﺨﺘـﺎر اﻟـﺼـﺪﻳـﻖ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ اCـﺰاج أو اﻻﺳﺘﻌﺪاد اﳋﺎص ﺑﻨﺎ« »ﻫﻴﻮم«
ﻳﻌﻮد اﻻﻫﺘﻤﺎم اCﻨﻈﻢ ﺑﺎﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وإﻟـﻰ أﻓـﻼﻃـﻮن وأرﺳـﻄـﻮ ﺧﺎﺻﺔ .وﻗﺪ ﻧﻈﺮ أﻓﻼﻃﻮن إﻟﻰ اﻟﻔﻦ ﻋﻤﻮﻣـﺎ وإﻟـﻰ اﻟﺸﻌﺮ ﺧﺼـﻮﺻـﺎ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ »ﻳـﺰﻳـﻒ ﺻـﻮرة اﻟـﻮاﻗـﻊ« وﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ » ﻮذﺟﺎ ﻣـﺸـﻮﻫـﺎ ﻟـﻪ«) ،(١ﳉﺄ إﻟﻰ ﻓﻜـﺮة اﶈﺎﻛﺎة ﻓﻲ ﻧﻘﺪ اﻟﻔﻦ» ،وﻟﻜﻦ اﶈﺎﻛﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻨﻴـﻬـﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ ﻣﺤﺎﻛﺎة اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳊﻘﻴﻘﻲ ،ﻻ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وأﺣﻮاﻟﻬﺎ«).(٢ وﺷﺒﻪ أﻓﻼﻃﻮن ﻋﻤﻞ اﻟﺮﺳﺎم ﻣﺜﻼ »ﺑﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻳﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺮآة ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻟﻴﺼﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮ وﺧﻴﺎﻻت ﻟﻸﺷﻴﺎء .ﻓﺈذا رﺳﻢ اﻟﻔﻨﺎن ﻛﺮﺳﻴﺎ، ﻓﻠﻬﺬا اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻮﺟﻮد .إذ إن ﻫﻨﺎك أوﻻ ﻓﻜﺮة اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻛﻤﺎ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻟﺬﻫﻦ اﻹﻟﻬﻲ. وﻫﻨﺎك ﺛﺎﻧﻴﺎ اﻟﻜﺮﺳﻲ اCﺎدي اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻌﻪ اﻟـﻨـﺠـﺎر، وﺛﺎﻟﺜﺎ ﻣﻈﻬﺮ اﻟﻜﺮﺳﻲ أو ﺻﻮرﺗﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺳﻤﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن. وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻻ ﻳﺤﺎﻛﻲ اCﺜﻞ اﻟﺜﺎﺑﺘـﺔ ﻟﻸﺷﻴﺎء ،وﻻ ﻳﺼﻨﻊ أﺷﻴﺎء ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻛﺘﻠﻚ اﻟـﺘـﻲ ﻧـﺮاﻫـﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟـﻢ اﻟـﻮاﻗـﻌـﻲ ،وإ ـﺎ ﻳـﺤـﺎﻛـﻲ ﻣـﻈـﺎﻫـﺮ ﻟـﻬـﺬه اﻷﺷﻴﺎء اﳉﺰﺋﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ .ﻓﺎﻟﻔﻨﺎن إذن أﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن 75
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻦ »اﳋﻠﻖ« ،ﺑﻞ إﻧﻪ أﻗﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻦ »اﻟﺼﺎﻧﻊ« ذاﺗﻪ).(٣ وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺗﺪل آراء أﻓﻼﻃﻮن اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻓﻲ »اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ« ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻗﺪ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺧﻄﺄ أﺳﺎﺳﻲ »ﻫﻮ اﳋـﻠـﻂ ﺑـ tﻣـﺠـﺎﻟـﻲ اCـﻴـﺘـﺎﻓـﻴـﺰﻳـﻘـﺎ واﻟﻔﻦ .وﺑ tﻗﻴﻢ اﳊﻖ واﳋﻴﺮ واﳉﻤﺎل .ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺎﺳﺐ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻌ tاﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﺷﻴﺎء ،أو ﻳﻌﻴﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻀﻤﻦ دﻋﻮة أﺧﻼﻗﻴﺔ ﻣﺒـﺎﺷـﺮة ،أي أﻧﻪ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻦ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tاﻟﻌﻠﻢ واﻷﺧﻼق أي ﺣﺪ ﻓﺎﺻﻞ«).(٤ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ آراء أﻓﻼﻃﻮن اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ واﻟﻔﻨﺎﻧ ،tﻓﺈن ﻣﺤﺎوراﺗﻪ ﻫﻲ aﻨﺰﻟﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺪراﻣﻴﺔ اCﺜﻴﺮة ﻟﻺﻋﺠﺎب ،ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺪ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واCﻔﺎرﻗﺔ وإﺛﺒﺎت اﳊﻘﻴﻘﺔ وﻧﻔﻴﻬﺎ ،ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣﺘﺰاﻣﻨﺔa ،ﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ اﻟﻘﺪ& ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﻓـﻲ اﻷدب واﻟـﻔـﻦ ،وﺧـﺎﺻـﺔ ﻣـﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ واﶈﺎﻛﺎة اﻟﺘﻬﻜﻤﻴﺔ واﻹرﺟﺎء واﻟﻨﺒﺮ اCﺆﺟﻞ ،وﺗﻌﺪد اﻟﺘﺄوﻳﻼت ،واﻟﻘﺮاءات اCﺘﻌﺪدة ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ،أو اﻟﻨﺺ اﻟﻮاﺣﺪ ،وﺗﺪاﺧﻞ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻣﻊ اﻟﻮﻫﻤﻲ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر. ﻛﺎن اﻟﻌﺪل ﻓﻲ رأي أﻓﻼﻃﻮن ــ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ ــ ﻫﻮ اﻟﻨﻈﺎم اCﺜﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻓﻲ روح اﻟﻔﺮد ،وﻳﻘﻮم ﻫـﺬا اﻟـﻌـﺪل ﻋـﻠـﻰ أﺳﺎس اﻟﻌﻘﻞ ،واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻌﻘﻞ ﺗﻘﻮم ﺑﺈﻓﺴﺎد اﻟﺮوح ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻃﺮد أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ اﳊﻜﻤﺎء ﻫﺬه. ﻟﻜﻨﻨﺎ ﳒﺪ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل أﺧﺮى ﻷﻓﻼﻃﻮن ﻣﺜﻞ »ﻓﺎﻳﺪروس« و»إﻳﻮن« و»اCﺄدﺑﺔ« ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻣﺎ ﻳﺸﻲ ﺑﺘـﺄﻳـﻴـﺪ أﻓـﻼﻃـﻮن ﻟـﻠـﻔـﻦ .ﻓـﻬـﻨـﺎك ﻓـﻲ »إﻳـﻮن« آراء ﻣﺆﻳﺪة ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اCﻌﺮﻓﺔ ،وﻻ ﻳﻘﺪم ﻓﻬﻤﺎ ﻣﻨﻄﻘـﻴـﺎ أو أﺧﻼﻗﻴﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ .وﻗﺪ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻻﻓﺘﻘﺎر إﻟﻰ اﻟﻔﻬﻢ اﶈﺪد ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ إﻳﻮن ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ روس ــ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﻌﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﺘﻠﻚ اﻹﻟﻬﺎم اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺎوز أي ﻓﻬﻢ إﻧﺴﺎﻧﻲ .وﻫﻨﺎك ﺣﺪﻳﺚ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ »ﻓﺎﻳﺪروس« وﻓﻲ »اCﺄدﺑﺔ« ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻛﺎﺋﻨﺎ ﻟﻄﻴﻔﺎ ﻣﻘﺪﺳﺎ ﻣﺠﻨﺤﺎ ﻳﺘﺤﺮك ﺑﻔﻌﻞ اﻹﻟﻬﺎم وﺣﺐ اﳉﻤﺎل ﺑ tاﻷرض واﻟﺴﻤﺎء ،وﺣﻴﺚ ﻳﻜﺸﻒ ﺳﻘﺮاط ﻋﻦ ﺗﻮازٍ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻺﻋﺠﺎب ﺑ tﺣﺐ اﳉﻤﺎل وﺣﺐ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ).(٥ وإذن »ﻓﻬﻨﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻇﺎﻫﺮة ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﻌﻠﻴﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ أﻓﻼﻃﻮن، 76
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻫﻲ أﻧﻪ ،وﻫﻮ أﻗﺮب اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ إﻟﻰ اCﺰاج اﻟﺸﻌـﺮي ،ﻗـﺪ ﺣـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺸـﻌـﺮ ﺣﻤﻠﺔ ﺷﻌﻮاء ،وﻃﺎﻟﺐ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻣﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘـﻴـﺔ أو ﻣـﻨـﻄـﻘـﻴـﺔ أﺧـﻼﻗـﻴـﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ﻓﻲ اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم«).(٦ أﻣﺎ أرﺳﻄﻮ ﻓﺄﻛﺪ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﳉﻴﺪ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ واﻋﺘﺪال ﻓﻲ اﻷﺳﻠﻮب ،وﺑﺪرﺟﺔ ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻛﻼ ﻣﺸﺒﻌﺎ وﻣﻘـﻨـﻌـﺎ ﻓـﻲ ذاﺗﻪ وﺧﻼل إﺣﺪاﺛﻪ ﻟﺘﺄﺛﻴﺮه .وﻓﻲ »ﻛﺘﺎب اﻟﺸﻌﺮ« أﻛـﺪ ﻋـﻠـﻰ أﻫـﻤـﻴـﺔ ﺷـﺮوط اﻻﻧﺴﺠﺎم واﻟﺘﺂﻟﻒ )أو اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ( واﻟﻮﺿﻮح واﻟﻜﻠﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻨـﻮن اﻟـﺪراﻣـﻴـﺔ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﶈـﺎﻛـﺎة ،ﻛـﻤـﺎ ﲢـﺪث ﺧـﻼل ﻫـﺬا اﻟـﻜـﺘـﺎب أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻧﻔﻌـﺎﻟَﻲ اﳋﻮف واﻟﺸﻔﻘﺔ )وﲢﺪث ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﻔﺎﺿـﺔ ﻓـﻲ ﻛﺘﺎب »اﳋﻄﺎﺑﺔ«( وﲢﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ )اﻟﺬي ذﻛﺮه ﺑﺎﺳﺘﻔﺎﺿﺔ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ().(٧ وﻫﻨﺎك ﻓﺮوق ﺟﺪﻳﺮ ذﻛﺮﻫﺎ ﺑ tأﻓﻼﻃﻮن وأرﺳﻄﻮ .ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ أﻛﺪ أﻓﻼﻃﻮن أن اﶈﺎﻛﺎة اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ واﻟﺸﻌﺮ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪي ،ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺟﻴﺞ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻘﻮﻳﺔ ،وﺗﻀﻠﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻓﺘﺒﻌﺪه ﻋـﻨـﻬـﺎ ،ﻓـﺈن أرﺳﻄﻮ ﻗﺎل إن اﻟﻔﻨﻮن ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻷﻧﻬـﺎ ﺗـﺼـﺤـﺢ اﻟـﻨـﻘـﺎﺋـﺺ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وأن اﻟﺪراﻣﺎ واﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴـﺘـﻬـﺎ ﻷن ﻟﻬﺎ إﺳﻬﺎﻣﻬﺎ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﻬﺮ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اCﺘﻄﺮﻓﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻘﻮم ﺑﺪور أﺧﻼﻗﻲ إﻳﺠﺎﺑﻲ .واﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻛﺬﻟﻚ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اCﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ. وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﻈﺮ أﻓﻼﻃﻮن إﻟﻰ اﳉﻤﺎل ﻧـﻈـﺮة ﻣـﺜـﺎﻟـﻴـﺔ ،ﻓـﺈن أرﺳـﻄـﻮ اﻋـﺘـﺒـﺮه ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أو اCﻮﺿﻮع اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻘﺪ أﻛـﺪ اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ اﻟﺴﻌﻲ اCـﺸـﺒـﻮب اCـﺼـﺤـﻮب ﺑﺎﻟﻬﻮس واﻟﻌﺮق وإﻧﺒﺎت اﻟﺮﻳﺶ ﺳﻌﻴﺎ وراء اﳉﻤﻴﻞ ــ اﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﻬﺪف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻔﻦ ــ ﻟﺪى أﻓﻼﻃﻮن ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ »ﻓﺎﻳﺪروس« و»اCﺄدﺑﺔ«).(٨ أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ وﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ اCﻴﻼدي ﻓﻘﺪ رﺑﻂ أﻓﻠﻮﻃ tﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﻔﻴﺾ ﺑ tاﻟﻔﻦ واﻟﺪﻳﻦ وﺑ tاﳉﻤﺎل واﳋـﻴـﺮ ،وأﻛـﺪ أﻓـﻜـﺎر اﻟـﺘـﻨـﺎﺳـﺐ وﺣﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑt ووﺣﺪة اﻷﺟﺰاء داﺧﻞ اﻟﻜﻞ ،واﻧﺘﻬﻰ إﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﺻﻮﻓﻴﺔ ّ وﺻﻮر ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺷﻮق اﻟﻨﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮﺟﻮد واﳋﻴﺮ واﳉﻤﺎل، ّ اCﺴﺘﻤﺮ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻬﺬه اﳊﻘﻴﻘﺔ اCﻄﻠﻘﺔ واﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﻬﺎ .وﺑـﻬـﺬا ﻳـﻜـﻮن ﻗـﺪ 77
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺄﻓﻼﻃﻮن اﻟﺬي ﺑﺤﺚ ﻋﻦ اﳉﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﻘﻠـﻲ اCـﺜـﺎﻟـﻲ ،وﻃـﺎﻟـﺐ اﻟﻔﻦ ﺑﺄن ﻳﺤﺎﻛﻲ اﻷﺻﻞ ﻻ اﻟﻈﻼل ،وﻧﺄى ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊﺴﻴﺔ واﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ).(٩ ﺣ¢ﻮﻟﺖ أﻧﻮاع اﻟﻔﻴﺾ وﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻠﻮﺗﻴﻨﻴﻮس Plotinusاﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪةُ ، ﻛﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺂﻟﻔﺎت أو ﻫﺎرﻣﻮﻧﻴﺎت ﻣﻘﺪﺳﺔ .ﻓﺎﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻮﺟـﺪ ﻓـﻲ ـﻠـﻜـﺔ اﻟـﻌـﻘـﻞ اﻹﻟﻬﻲ ،وﻓﻲ ﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻪ وﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻪ اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻴﺔ. وﺣﻴﺚ إن اﻟﻔﻦ ﺜﻞ أﺣﺪ أﻋﻤﻖ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﺮوح وأﻛـﺜـﺮﻫـﺎ ـﻴـﻴـﺰا ﻟـﻬـﺎ، واﳉﻤﺎل ﺜﻞ واﺣﺪا ﻣﻦ أﻋﻤﻖ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اCـﺮﻏـﻮﺑـﺔ ،ﻓـﻤـﻦ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻲ أن ﺗﻠﻌﺐ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺔ دورا أﺳـﺎﺳـﻴـﺎ ﻟـﺪى ﻓـﻼﺳـﻔـﺔ ﺑـﺪاﻳـﺎت اﻟـﻌـﺼـﻮر ﻋﺪ ﺑﻠﻮﺗﻴﻨﻴﻮس اﳉﻤﺎل اﻟﻔﻨﻲ واﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﻌﺾ ﲡﻠﻴﺎت اﻟﻮﺳﻄﻰ .ﻟﺬﻟﻚ ﱠ وﺣﺪة اﻟﻮﺟﻮد ،وﺗﻌﺒﻴﺮﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻤﺢ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ أﻧﻈﻤﺔ اﳋﻠﻖ وﻛـﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﻔﻴﺾ ،ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﺻﺪر اﻟﻌﻘﻞ ،وﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ ﺻﺪرت اﻟﺮوح ،واﻟﺮوح ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ اﳉﺴﺪ وﺗﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ .وﻳﻜﺸﻒ ﻋﺎﻟﻢ اﳉﺴﺪ وﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌـﺔ ﻋﻦ ﻧﻈﺎم ﻣﻨﺴﺠﻢ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻴﺾ اﻟﺬي اﻧﺒﺜﻖ ﻋﻦ اﻟﻮاﺣﺪ أو اﻟﻠﻪ).(١٠ واﻟﻠﻪ ﻓﻲ رأي ﺑﻠﻮﺗﻴﻨﻴﻮس ﻣﺼﺪر اﳉﻤﺎل ،ﻓﺎﳉﻤﺎل ﻳﺸﻊ ﻣﻨﻪ ،واﳉـﻤـﺎل ﻳﺄﺗﻲ ﻓﻲ اCﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻔﻴﺾ ﺑﻌﺪ اﻟﻮاﺣﺪ. وﻣﺎ ﻳﺼﻨﻌﻪ اﻟﻔﻨﺎن ﻫﻮ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟﻠﺠﻤﺎل اﻹﻟﻬﻲ ،واﻟﻔﻦ ﻃﺮﻳﻖ وﺳﻂ ﺑ tأﺷﻜﺎل اﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻄﻤﺢ إﻟﻰ اﻟﺘـﺤـﻘـﻖ واﻻﻛـﺘـﻤـﺎل، وﺑ tاﳉﻤﺎل ذاﺗﻪ ،اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻘﻞ أن ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻌﻮده إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ذاﺗﻪ. ﻓﺎﻟﻔﻦ ﻓﻲ رأي ﻫﺬا اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ،إذن ،رﻣﺰ ﻣﺰدوج ،ﻓﻬﻮ ﻣـﻦ ﻧـﺎﺣـﻴـﺔ رﻣـﺰ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻷدﻧﻰ ،وﻳﻘﻮم ﺑﺈﻛﻤﺎﻟﻪ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧـﺮى ،رﻣـﺰ ﻟـﻠـﻮاﻗـﻊ اCـﻄـﻠـﻖ، وﻳﻘﻮم ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻧﻌﻜﺎس أو ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟﻪ).(١١ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ ﲢﻮل اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻣﻦ اﻟﻘﻀـﺎﻳـﺎ اCـﻴـﺘـﺎﻓـﻴـﺰﻳـﻘـﻴـﺔ إﻟـﻰ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اCﻨﻄﻘﻴﺔ واﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻄﺎﻏﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻷﻓﻜﺎر اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎCﺸﻜﻼت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﺑﻴـﻨـﻤـﺎ ﺻـﺎرت ﻗـﻀـﺎﻳـﺎ اﻟـﻔـﻦ وﺗﻨﺎﻗﺶ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻘﻂ .وﺣﺎﻓﻆ »اﳉﻤﻴﻞ« ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻓﺮﻋﻴﺔُ ، ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻣﺤﺎﻃﺎ ﺑﻬﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ،وﻗُﻄﻌﺖ ﻛﻞ ﺻﻼﺗﻪ اﻟﻘﺪ ﺔ 78
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﺑﺎﻟﻔﻦ ،و§ إﺣﻼل ﺻﻼت ﺟﺪﻳﺪة ﺑﺪﻻ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ وﺛﻴﻖ ﺑﺎCﻘﺪس اﻟﺪﻳﻨﻲ. ﻫﻜﺬا أﺻﺒﺤﺖ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ اﻟﺼﻮﻓـﻴـﺔ ﻟـﺪى »ﺑـﻮﻧـﺎﻓـﻨـﺘـﻮرا«، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اCﺪرﺳﻴﺔ اﻷرﺳﻄﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﺮاﻫـﺐ ﺗـﻮﻣـﺎ اﻷﻛـﻮﻳـﻨـﻲ ) ١٢٢٥ـــ ،(١٢٧٤ﻣﺤﺼﻮرة داﺧﻞ إﻃﺎر ﻻﻫﻮﺗﻲ .وأﺻﺒﺢ اﳉﻤﺎل ﻋﻼﻣﺔ ﻋـﻠـﻰ إﻋـﺠـﺎز اﳋﻠﻖ اﻹﻟﻬﻲ ،ﺳﻮاء ﺜﻞ ﻫﺬا اﳉﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻜﻮن aﻌﻨﺎه اﻟﻜﺒﻴﺮ ،أو ﻓﻲ ﻛﺎﺋﻦ ﺻﻐﻴﺮ .وأﺻﺒﺢ اﻟﻔﻦ ﻧﺴﺨـﺎ أو ﻣـﺤـﺎﻛـﺎة Cـﺎ ﻛـﺎن ﻣـﻮﺟـﻮدا ﻓـﻲ ﻋـﻘـﻞ اﳋـﺎﻟـﻖ اﻷول .وﻫﻜﺬا وﺻﻞ أوﻏﺴﻄ ٣٥٤) tــ (٤٣٠ﻗﺒﻞ »ﺗﻮﻣﺎ اﻷﻛﻮﻳﻨﻲ« أﻳﻀﺎ إﻟـﻰ ﺣﻞ ﻟﺘﻠﻚ اﳊﺎﻟﺔ اCﻀﻨﻴﺔ ﻣﻦ اﳊﻴﺮة وﻋﺪم اﻟﻴﻘ tاﻟﺘﻲ ﻋﺎش ﻓـﻴـﻬـﺎ ،واﻟـﺘـﻲ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻘﻮل »أوﻣـﻦ ﻷﻧـﻪ ﻏـﻴـﺮ ﻣـﻌـﻘـﻮل« وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻧـﻈـﺮ إﻟـﻰ اﻹﺳـﻬـﺎم اﻷدﺑـﻲ واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺒﺮرا ﻟﺘﻮق اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺪاﺋﻢ إﻟﻰ اﳉﻤﺎل :ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺧﻠﻘﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻓﻦ ذي ﻗﻴﻤﺔ ﻳﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﳊﻘﻴـﻘـﺔ ،واﳊـﻘـﻴـﻘـﺔ ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑﺎﳉﻤﺎل ،واﻟﻔﻦ ﻳﻌﻜﺲ ﺑﻌﺾ ﺻﻮر ﻫﺬا »اﳉﻤﺎل«. وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن إﻧﺘﺎج اﻟﻔﻦ وﺗﻠﻘﻴﻪ أو اﺳﺘﻬﻼﻛﻪ ﻣﻦ اﻫـﺘـﻤـﺎﻣـﺎت »اCـﺪﻳـﻨـﺔ« أو »اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ« ﻟﺪى أﻓﻼﻃﻮن ،ﻓﺈن ﻫﺬه اCﺴﺄﻟﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷوﻏﺴﻄt ﻣﻦ ﻣﻬﺎم اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .ﻓﺒﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﺘﻔﻖ اﻟﻔﻦ ﻣﻊ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻹ ﺎن ،وaـﻘـﺪار ﻣـﺎ ﻳﻌﻜﺲ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ أو اﻻﻧﺴﺠﺎم واﻟﺘﺂﻟﻒ ﻓﻲ ﻗﺪرة اﳋﻠـﻖ اﻹﻟـﻬـﻲ ،ﻳـﻜـﻮن ﻟـﻪ ﻣـﺎ ﻳﺒﺮره .وﻟﻠﻔﻦ وﻣﻈﺎﻫﺮ اﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻮﻗﻌﻬﻤﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺼﻌﻮد اﻹ ﺎﻧﻴﺔ، وﺣﻴﺚ ﻳﻜﻤﻦ اCﻼذ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻠﺮوح ﻓﻲ ﻋـﻮدﺗـﻬـﺎ إﻟـﻰ اﻟـﻜـﻠـﻲ واCـﻄـﻠـﻖ ،وﻫـﺬا ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳊﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺘﺎج إﻟﻰ اﺳﺘـﺨـﺪام ﺣـﺎﺳـﺔ اﻟﺒﺼﺮ .وﺗﻌﻜﺲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ــ ﻛﻔﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ــ ﻓﻲ رأي أوﻏﺴﻄ tاﻟﻌﺎﻟﻢ اﳊﺴﻲ ،وﺗﺒﻌﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻤﺎوي ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻀﻞ اCﻮﺳﻴﻘـﻰ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻋﺘﺒﺮﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﺳﻤﻮا أو أﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤـﺔ ﻷﻧـﻬـﺎ ﺗـﻌـﻜـﺲ اﳊـﺲ ﺑـﺪرﺟـﺔ أﻗﻞ).(١٢ ورﺑﻂ اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ اﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺑ tاﳉﻤﺎل واﳊﺐ واﻹ ﺎن .وذﻟﻚ ﻷن »اﳉﻤﻴﻞ« ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﳊﺐ وﻳﺜﻴﺮه ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ،واﳊﺐ إذا ارﺗـﺒـﻂ ﺑـﺎﻹ ـﺎن واﻟﺼﺪق ﻳﻘﻮد ﻧﺤﻮ اﳊﻘﻴﻘﺔ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮم اﻹ ﺎن واﻟﺼـﺪق ﻣـﻨـﺬ ﻣـﺎ ﻛﺘﺒﻪ اﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ﺣﻮﻟﻪ ،ﻓﺈن اﻻﻓﺘﺮاض اﳋﺎص ﺣﻮل ارﺗﺒﺎط اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻟﺼﺪق ﻇﻞ ﻣﻮﺟﻮدا ﺣﺘﻰ اﻵن. 79
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﺑﺪأت ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺧﻀﺎع ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎﻟﻴـﺎت ﻷﻫﺪاف ﻻﻫﻮﺗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻬﺎوي .وﻗﺎﻣﺖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واﻟﻔﻨﻴـﺔ اCـﺘـﺘـﺎﻟـﻴـﺔ ﺑﺪور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن .ﻛﻤﺎ أدت اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﳉﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻗﻴﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﳊﺮﻳﺔ واﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ،و§ إﺣﻴﺎء اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر ﺑﻄﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﺑﺄﻓﻜﺎر ور َ اﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﳉﻤﺎل ،و§ ُ ﺑﻠﻮﺗﻴﻨﻴﻮس وأوﻏﺴﻄ .tوﻗﺎم ﻣﺎرﺳﻴﻠﻴﻮ ﻓـﻴـﺸـﻴـﻨـﻮ Ficinoﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤـﺎورات ﺑﻌﺪ أﻓﻼﻃﻮن وﻛﺬﻟﻚ »إﻧﻴﺎدات« ﺑﻠﻮﺗﻴﻨﻴﻮس ،ﺎ ﺧﻠﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ aﺪى ُ اﻟﻼﻫﻮت اCﺴﻴﺤﻲ ﻋﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ. ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺻﺒﺢ ﻫﺪف اﻟﻔﻦ ﻫﻮ اﳉﻤﺎل ،وأﺻﺒﺢ اﳉﻤﺎل ﻗﻴﻤـﺔ ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑﺎﻟﻨﺴﺐ اCﺘﻮاﻓﻘﺔ أو اCﺘﺂﻟﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺨﻼﺻـﻬـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﻜـﻮن واﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ﺛـﻢ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ. واﺳﺘﻨﻔﺪت اﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺑﺘﺄﻛﻴﺪاﺗﻬﺎ اCﺴـﺘـﻤـﺮة ﻋـﻠـﻰ اCـﻄـﻠـﻘـﺎت أﻏﺮاﺿﻬﺎ ﻛﻌﻤﻞ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﺟﺎد ،وﻇﻬﺮت اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﻋﺪة راﺳﺨﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻓﻠﺴﻔﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻔﻦ واﳉﻤﺎل ،وﻗﺎم ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮيShaftesbury ، ) ١٦٧١ــ (١٧١٣ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا ﺑﺎﳋﻄﻮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه .ﺣ tﺣﺎول أن ﻳﺮﺑﻂ ﺑ tاﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،وﺑـﻌـﺾ اﻟـﺘـﻔـﺴـﻴـﺮات اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ واﳊﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ .وﻗﺪ ﺣﺎول إﻋﺎدة ﺗﺄﻛﻴـﺪ أﻫـﻤـﻴـﺔ ﺷـﻌـﻮر اﻹﻧـﺴـﺎن ﺑﺎﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ أن ﻳﺤﺮر روح اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺒﻴﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﻄﻬﺮاﻧﻴﺔ اCﺘﺰﻣﺘﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اCﻌﻮق ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ اCﺎدﻳﺔ اCﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ. ﻟﻘﺪ ﻗﺎم ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي aﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ tاﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠـﻢ ﻓـﺄﺷـﺎر إﻟـﻰ أن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ذات ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻓﻨﻲ ﺧﺎص ﻳﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺧﺎﻟﻖ ﻋﻈﻴﻢ ،وﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ــ أي اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ــ ذات ﺧﺼﺎﺋﺺ روﺣﺎﻧﻴﺔ ﲡﻌﻠﻬﺎ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﻋﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ. وﻣﻦ ﺧﻼل رﻓﻀﻪ ﻟﻠﺘﻔﺴﻴﺮات اCﺎدﻳﺔ اﻵﻟﻴﺔ ﻟﻠﺠـﻤـﺎل ﻓـﺘـﺢ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﻴـﻠـﺴـﻮف اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم اﳉﻤﺎل ﻛﻲ ﻳﻌﻮد ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ذاﺗﻪ ﻛﻘﻴﻤﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻓﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ،واﻹﻧﺴﺎن ــ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ــ ﻜﻨﻪ أن ﻳﺘﺬوق اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ اCﻮﺟﻮد ﻟﺪﻳﻪ ،وﺗﻨﻌﻜﺲ اﻟﻘﻮة اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻟﻌﻘﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ .ﻛﻤﺎ أن ﺟﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﻌـﺎد ﲡـﺴـﻴـﺪه ﻓـﻲ ﺟﻤﺎل اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ،ﺧﻼل ﺟﻬﻮده اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻳﻘﻮم ــ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮى ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي 80
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ــ ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ ﺣﺪود اﻟﻘﻴﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻘﻬﺎ. واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﻔﻦ ﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت اﻟﺘﻮاﻓﻘﻴﺔ ﻟﺬﻟـﻚ اﻟـﺘـﺂﻟـﻒ اCـﻘـﺪس .ﻟـﻜـﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﺘﺬوق ﻳﻘﻮم ﺑﺪور أﻛﺒﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺮؤﻳﺔ ﻋﻮاﻣﻞ اﻻﻧﺴﺠﺎم أو اﻟﺘﻨـﺎﻏـﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻔﻦ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﻤﺎل واﻹﺑﺪاع .واﻟﻔﻦ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،زاﺧﺮ ﺑﺎﻟﺮﻣﻮز اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ اﳋﻴﺎل. اﻫﺘﻢ ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي أﻳﻀﺎ ﺑﺎﳉﻠﻴﻞ وﺑﺨﺒﺮة اﳉﻼل ﻛﻤﺎ ﲡـﺴـﺪﻫـﺎ اﳋـﺒـﺮة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﺼﻮرات اﻹﻧﺴﺎن ﺣﻮل اCﻄﻠﻖ ،واﳉﻼل ﻟﺪﻳﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﺧﺒﺮة دﻳﻨﻴﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺧﺒﺮة ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎ .وإﺣﺴﺎس اﻹﻧﺴﺎن aـﻮﺿـﻌـﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﺣﻜﻢ ﺧﺎص ﺣﻮل اﳉﻤﻴﻞ .وﻫﺬا اﳊﻜﻢ ﻳﺴﻴﺮ وﻓﻖ ﺗﺬوق ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻴﻴﺰه ﻋﻦ اﳊﻜﻢ اﻷﺧﻼﻗﻲ وﻋﻦ ﺣﻜﻢ اCﻨﻔﻌﺔ اCﺎدي .وﺑﺘﺄﻛﻴﺪه ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎء اﻷﺣﻜﺎم اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻧﺘﻔﺎء ﻟﻠﻐﺮﺿﻴﺔ أو اﻟﻬﻮى ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺘﺢ ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم ﻛﺎﻧﻂ ﻛﻲ ﻳﻜﺘﺸﻒ أﺣﺪ اCﺒﺎد اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﻠﺴﻔﺎت اﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي ﻓﻲ إﳒﻠـﺘـﺮا ﻳـﻌـﺎدل ﺗـﺄﺛـﻴـﺮه ﻓـﻲ أCـﺎﻧـﻴـﺎ .ﻓـﻔـﻲ إﳒﻠﺘﺮا اﻫﺘـﻢ ﻓـﺮﻧـﺴـﻴـﺲ ﻫـﺘـﺸـﻴـﺴـﻮن ١٦٩٤) F.Huthesonــ (١٧٤٧ﺑﺎﳊـﺎﺳـﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي ﻟﻜﻦ ﻣﻦ دون اﳋـﻠـﻔـﻴـﺔ اﻷﻓـﻼﻃـﻮﻧـﻴـﺔ اﳉﺪﻳﺪة اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻓﺮﻋﺎ ﻓﻠﺴﻔﻴﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ،وﲡﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺪد ﻟـﻌـﻠـﻢ اﳉـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻠـﺴـﻔـﻲ ،ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ ﻫﻮﻓﺸﺘﺎﺗﺮ وﻛﻮن ،ﻟﺪى دﻳﻔﻴﺪ ﻫﻴﻮم اﻟﺬي ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﻴﻖ ﺑﺄﻓﻜﺎر ﻫﺘﺸﻴﺴﻮن. وﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻫﻴﻮم ــ ﻓﻲ رأﻳﻬﻤﺎ ــ ﻛﻨﺎﻗﺪ وﻟﻴﺲ ﻛﻔﻴﻠﺴﻮف ﻟﻠﻔﻦ ،وﺗﻄﻮر اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﻛﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ).(١٣ وﻗﺪ ﻋـﺪّ ﻫﻮﻓﺸﺘﺎﺗﺮ وﻛﻮن اﻟـﺘـﺼـﻮرات اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺪﻣـﻬـﺎ ﻓـﻼﺳـﻔـﺔ وﻣﻔﻜﺮون أﻣﺜﺎل أدﻳﺴﻮن ،وﻫﺘﺸﻴﺴﻮن ،وﻫﻮﺟﺎرت ،وﺟﻴﺮارد ،وﺑﻴﺮك ،وﺗﻴﻤﺲ، وأﻟﻴﺴﻮن ،وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﺗﺼﻮرات ﺗﺆدي ﺑﻨﺎ ﻧﺤﻮ »ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﳉﻤـﺎل« أﻛـﺜـﺮ ـﺎ ﺗﻘﻮدﻧﺎ ﻧﺤﻮ »ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻦ« أو »ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل« ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ــ ﻓﻲ رأﻳﻬﻤﺎ ــ رﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴـﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ).(١٤ وﺿﻌﺖ أﻓﻜﺎر ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي ،وﻛﺬﻟﻚ رؤﻳﺔ ﻟﻴﺒﻨﺘﺰ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﺣﻴﻮﻳﺔ وروﺣﺎﻧﻴﺔ اﻷﺳﺎس اﻟﻀﺮوري ﻟﻈﻬﻮر ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻛﻔـﺮع 81
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻓﻠﺴﻔﻲ ــ ﻓﻲ أCﺎﻧﻴﺎ أوﻻ ــ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ُوﺿﻊ اﻟﻔﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ــ ﺣﺘﻰ ﻟﺪى ﺑﻮﻣﺠﺎرﺗﻦ اﻟﺬي ﻛﺘﺐ اCﺒﺤﺚ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ اCﻨﻈﻢ اﻷول ﺣﻮل ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ،ﻛﻤﺎ ﺻﺎغ اﻻﺳﻢ اCﻤﻴﺰ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﺮع ــ واﺣﺘﺎج اﻷﻣﺮ إﻟﻰ أن ﻳﺒﺪأ ﻛﺎﻧﻂ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ اCﺘﺄﺧﺮة اﻟﺘﻲ ﺣﺎول ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﺒﻮر اﻟﻔﺠﻮة ﺑ tﺟﻮاﻧﺐ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اCﺘﻔﺮﻗﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻓﻲ »ﻧﻘﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﳋﺎﻟﺺ« و»ﻧﻘﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﻤﻠﻲ« ،وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺢ ﻋﻠﻢ اﳉـﻤـﺎل ﻟـﺪﻳـﻪ ﺟـﺴـﺮا ﻳـﻮﺣـﺪ ﺑـt ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ وﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ. واﺳﺘﻤﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺗﻌﻠﻮ ﻧﻐﻤﺎﺗـﻪ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم. ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺴﺘﻌﺮض ﻛﻞ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻔـﺎت أو اﻟـﺘـﺼـﻮرات اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺣﻮل اﳉﻤﺎل واﻟﻔﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺨﺘﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﺬﻳﻦ أﺳﻬﻤﻮا إﺳﻬﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﻫﺬا اCﻴﺪان ،وﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﻬﻮر اﻟﻔـﻌـﻠـﻲ Cﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ .وﻧﻌﺮض ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ، وﺧﺎﺻﺔ ﻫﻴﻮم Cﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق أو اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ اﻹﺷﺎرة، وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻂ ﺻﺎﺣﺐ اﻹﺳﻬﺎم اﻟﺒﺎرز ﻓﻲ ﻫـﺬا اﺠﻤﻟـﺎل ،ﺛـﻢ ﻧـﻌـﺮض ﻟـﻠـﺒـﻌـﺾ اﻵﺧﺮ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻫﻴﺠﻞ وﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ودﻳﻮي وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﺑﺘﻔﺼﻴﻞ أﻗﻞ ،وﻓﻲ ﺣـﺪود ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻪ اﺠﻤﻟﺎل. ﻻ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﳉﺖ ﻣﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎل أو ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻌﻪ ،ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺠﺮد ﻋﻴـﻨـﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اCﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﳉﻤﺎل واﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻔﻨﻮن واﳉﻤﺎل ،وﻫﻲ ﻋﻴﻨﺔ ﺜـﻞ ﻓـﻲ رأﻳـﻨـﺎ أﻫـﻢ ﻣـﺎ ﻓـﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻋﻴﻨﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﻹﻃﻔﺎء ﻋﻄﺶ اﻟﻈﺎﻣﺊ إﻟﻰ اCﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل. إﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻣﺠﺮد ﻗﻄﺮات ﺻﻐﻴﺮة ﻗﺪ ﺗﻜـﻔـﻲ ـــ ﻓـﻘـﻂ ـــ Cـﻮاﺻـﻠـﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﳋﺎص ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
ﻫﻴﻮم وﻣﻌﻴﺎر اﻟﺬوق
ﻳﻌﺪ دﻳﻔﻴـﺪ ﻫـﻴـﻮم ) ١٧١١ـــ (١٧٧٦أﺣـﺪ أﺑـﺮز اCـﺘـﺤـﺪﺛـ tﺑـﺎﺳـﻢ اCـﺪرﺳـﺔ
82
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
اﻹﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺜﻠﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص )إﺿﺎﻓـﺔ إﻟـﻰ ﻫـﻴـﻮم( ﻟـﺪى ﺟﻮن ﻟﻮك وﺑﻴﺮﻛﻠﻲ وﻣـــــــﻴﻞ وﺑﻴــــــﻦ وﻏﻴـﺮﻫـﻢ .وﻗـﺪ أﻛـﺪوا أﻫـﻤـﻴـﺔ اﳋـﺒـﺮة، وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﺤﻮاس ﻓﻲ إدراك ﻫﺬه اﳋﺒﺮة. ﻟﻘﺪ أﺷﺎر ﻫﻴﻮم إﻟﻰ أن ﻣﺎ ﻳﻮﺟـﺪ ﻓـﻲ ﻋـﻘـﻠـﻨـﺎ ﻫـﻮ أﻓـﻜـﺎر ـﺮ ﻓـﻲ ﺷـﻜـﻞ ﺳﻼﺳﻞ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ،أو ﻣﺘﺮاﺑﻄﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻘﻞ ،وأن اﻟـﻌـﻘـﻞ ﻻ ﻳـﺤـﺼـﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻜﺎر ،ﻷﻧﻪ »ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ« اﻷﻓﻜﺎر .وﺗﻔﻬﻢ اﻷﻓﻜﺎر ﻫﻨﺎ ،ﻻ aﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻮاﺳﻊ، ﺑﻞ aﻌﻨﺎﻫﺎ اﶈﺪد ،وﻟﺬﻟﻚ ﻣﻴﺰ ﻫﻴﻮم ﺑ tاﻻﻧﻄﺒﺎﻋـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﳊـﻮاس واﻷﻓﻜﺎر أو اﻟﺼﻮر اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ أن ﻴﺰ ــ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺟﻮن ﻟﻮك ــ ﺑ tاﻻﻧﻄﺒﺎﻋـﺎت واﻷﻓـﻜـﺎر ،ﻓـﻲ ﺿـﻮء أن اﻷوﻟـﻰ )أي اﻻﻧـﻄـﺒـﺎﻋـﺎت( ﺗـﺘـﻌـﻠـﻖ aﻮﺿﻮﻋﺎت ﺣﺎﺿﺮة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻮاس ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻷﺧﺮى )اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺼﻮر( ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ aﻮﺿﻮﻋﺎت ﻏﺎﺋﺒﺔ ﻋﻦ اﳊﻮاس).(١٥ ﻋﻤﻮﻣﺎ أدت أﻓﻜﺎر ﻫﻴﻮم وﺗﻌﺪﻳﻼﺗﻪ ﻷﻓﻜﺎر ﺑـﻴـﺮﻛـﻠـﻲ إﻟـﻰ إﻋـﺎدة ﺻـﻴـﺎﻏـﺔ ﻗﻮاﻧ tاﻟﺘﺮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ﻟﻮك ،وﺗـﺮﺟـﻊ أﺻـﻮﻟـﻬـﺎ إﻟـﻰ أرﺳﻄﻮ .ﻓﺎﻟﺘﺮاﺑﻂ ﺑ tاﻷﻓﻜﺎر ،ﻓﻲ رأي ﻫﻴﻮم ،ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ :اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،أو ﺗﻘﺎرﺑﻬﺎ اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ ،أو اCﻜﺎﻧﻲ ،أو اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ أو اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﺒﺐ واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ. وﻗﺪ أﺷﺎر ﻫﻴﻮم ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﺒﺮاﺗـﻨـﺎ ـﻜـﻦ اﺧـﺘـﺰاﻟـﻪ إﻟـﻰ ﺗﺮاﺑﻄﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑ tأﻓﻜﺎر ﺑﺴﻴﻄﺔ ،وأن ﺧﺒﺮاﺗﻨﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻠﻌﺐ دورا ﻣـﻬـﻤـﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺑﻂ ﻫﺬه ،وأن اCﻴﻮل اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﻣـﺒـﺎد ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻃﻒ واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اCﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ اﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻛﺎن ﻫﻴﻮم ﻳﺘﻜﺊ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮاﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻴﻜﺎﻧﺰﻣﺎت داﺧﻠﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ ،وأﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺰﻋﺔ ﻣﺘﺸﻜﻜﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠـﻖ ﺑـﺎﻷﺳـﺲ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ اﳋﺒﺮة .وﺗﺘﻔﻖ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻻﲡﺎﻫﺎت ﻓﻲ اﻟﺘـﻔـﻜـﻴـﺮ، وﻗﺪ ﻗﺎل إﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻔﻮق ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺬوق ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘـﻘـﻴـﻴـﻢ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وإن ﻣﻌﻴﺎر اﻟﺬوق ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ـﻜـﻦ أن ﻳـﺴـﺘـﻤـﺪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺗـﻠـﻚ اﻷﻋﻤﺎل اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ أو ﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻪ. ﻋﺮض ﻫﻴﻮم أﻓﻜﺎره ﻋﻦ اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻟﻪ ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﻌﻴﺎر اﻟﺬوق« ،The standard of tasteوﻗﺪ ﻗﺎل ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﻮﺟﻮد ﺗﻨﻮﻋﺎت ﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺬوق ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺗﻨﻮﻋﺎت ﻋﺪة ﻟﻶراء ،ﺣﺘﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﺑ tاﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ اCﻜﺎن ﻧﻔﺴﻪ ،وﺧﻀﻌﻮا ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴـﺎﺳـﻴـﺔ 83
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻋﺒﺮ اﻷ ³وﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر).(١٦ ﺗﺘﻔﺎوت اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻨﺎس أو ﻋﻮاﻃﻔﻬﻢ ــ ﻓﻲ رأي ﻫﻴﻮم ــ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺠﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﳉﻤﺎل أو اﻟﻘﻴﻢ ،ﻫﺬا ﻋﻠﻰ رﻏﻢ أن ﺧﻄﺎﺑﻬﻢ اﻟـﻌـﺎم ﻳـﻈـﻞ ﻫـﻮ ﻧـﻔـﺴـﻪ. ﻓﻬﻨﺎك ﻣـﺼـﻄـﻠـﺤـﺎت ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻟـﻐـﺔ ﺗـﺴـﺘـﺨـﺪم ﻟـﻠـﻤـﺪح أو اﻟـﺬم ،وﻫـﻲ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﻠﻐﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻓﻜﻞ ﻓﺮد ﻳﺘﻔﻖ ﻓﻲ اﻣﺘﺪاﺣﻪ ﻟﻠﺘﻔﻮق واﻟﺒﺮاﻋﺔ واCﻼءﻣﺔ واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ و»اﻟﺮوح« ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وأﻳﻀﺎ ذﻣﻪ ﻟﻠﻜﻼم اﻟﻄﻨﺎن اﳊﺎﻓﻞ ﺑﺎﻻدﻋﺎء واﻟﺘﻜﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،وﻛﺬﻟـﻚ ﺗـﻠـﻚ ﻓﻲ ّ اﻟﺒﺮودة أو اﻟﺒﺮاﻋﺔ اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﻓﻲ اﻷداء اﻟﻔﻨﻲ. أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم اﻟﻨﻘﺎد ﺑﻔﺤﺺ ﻫﺬه اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻘﺎرب ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎم ،ﻓﺈن ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺸﺎﺑﻬﺎت ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺗـﺘـﺒـﺪد ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ واﺿـﺢ ،وﻳُﻜﺘﺸـﻒ أن اﻷﻓﺮاد ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن أو ﻳﻨﺴﺒﻮن ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺎﻣﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﻌـﺒـﻴـﺮات اﻟـﺘـﻲ ﻳﺼﺪروﻧﻬﺎ. ﻟﻜﻦ ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻓﻲ إﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﻬﻮﻣﻴﺮوس ،أو أرﻳﺴﺘﻮﻓﺎن، أو ﺳﺮﻓﺎﻧﺘﺲ رﻏﻢ اﺧﺘﻼف اﻟﻌﺼﻮر واﻷﻣﺎﻛﻦ ،وﻳﺘﻔـﻘـﻮن ﻋـﻠـﻰ ﻧـﻔـﻮرﻫـﻢ ﻣـﻦ ﻛﺘﺎب آﺧﺮﻳﻦ? ﻳﺠﻴﺐ ﻫﻴﻮم أﻧﻪ ﺗﻮﺟﺪ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺑ tﻫﺬا اﻻﺧﺘـﻼف ﻓـﻲ اﻷذواق واﻷﻫﻮاء ،ﻣﺒﺎد ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻺﻋﺠﺎب أو اﻻﻧـﺘـﻘـﺎد ،وأن اﻟـﻌـ tاﻟـﻔـﺎﺣـﺼـﺔ اﻟﻮاﻋﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺘﺒﻊ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ. ﻓﺒﻌﺾ اﻷﺷﻜﺎل أو اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ،وﺑﺪءا ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﻨﺴﻴﺞ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲُ ،ﺗَﻌﱡﺪ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،ﻛﻲ ﲢﺪث ﺷﻌﻮرا ﺑـﺎCـﺘـﻌـﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺪ ُﺗَﻌﱡﺪ أﺷﻜﺎل أﺧﺮى ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﺪاث اﻟﻀﻴﻖ ،أو أي ﺣﺎﻻت ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ ،وإذا ﻓﺸﻠﺖ ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل أو اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت ﻓﻲ إﺣﺪاث اﻷﺛﺮ اCﺮﺟﻮ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن راﺟﻌﺎ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻧـﻘـﺎﺋـﺺ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻣـﻮﺟـﻮدة ،أﺻـﻼ ﻣـﻨـﺬ ﺗـﻠـﻚ اﻟﺒﺬرة اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻌﻤﻞ. وﺗﻮﺟﺪ داﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﺨﻠﻮق ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻮم ،ﺟﻮاﻧﺐ ﻗﻮة وﺟﻮاﻧﺐ ﺿـﻌـﻒ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺮ ﺑﺤﺎﻻت ﻣﻦ اﻟﻘﻮة واﻟﻀﻌﻒ وﺟﻮاﻧﺐ أو ﺣﺎﻻت ﻗﻮة اﻷﻋﻀﺎء أو اﳊﻮاس ﻓﻘﻂ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻜﻨﻬﺎ أن ﺪﻧﺎ aﻌﻴﺎر ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺬوق واﻟﻌـﺎﻃـﻔـﺔ. وإذا ﺗﻮاﻓﺮت ﻣﻊ ﻗﻮة اﻷﻋﻀﺎء ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﻣﻦ وﺣﺪة اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺑ tاﻟﺒﺸﺮ ،ﻓﻬﻨﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻓﻜﺮة اﳉﻤﺎل اﻟﻜﺎﻣﻞ أﻣﺮا ﻜﻨﺎ .وﻋﻠﻰ ﻧﺤـﻮ ﻳـﺸـﺒـﻪ 84
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
اCﻈﻬﺮ اﳋﺎص اﻟﺬي ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻨﻬﺎر ،ﺗﻜﻮن اﻷﻣـﻮر ﻓـﻲ ﻋ tاﻹﻧﺴﺎن اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﺘﺒﺮز ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻟﻮﻧﻬﺎ اﳊﻘﻴﻘﻲ واﻟﻮاﻗــﻌﻲ ،ﺣﺘـــﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﺠﺮد وﻫﻢ أو ﻣﻈﻬﺮ ﺧﺎدع ﺗﺪرﻛﻪ اﳊﻮاس. ﻟﻜﻦ ﻧﻘﺎﺋﺺ أﻋﻀﺎﺋﻨﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺘﻜﺮرة ،ﺎ ﻳﻀﻌﻒ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻫﺬه اCﺒﺎد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺎﻃـﻔـﺘـﻨـﺎ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺣـﻮل اﳉـﻤـﺎل أو اﻟﺘﺸﻮه .ﻓﺮﻏﻢ أن ﺑﻌﺾ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﻗﺪ ُﺗَﻌﱡﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﻨﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺑﺤﻴﺚ ﲢﺪث اCﺘﻌﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻬﺎ أن ﲢـﺪث اCـﻘـﺪار ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ ﻟﺪى ﻛﻞ ﻓﺮد .ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﺗﻘﻊ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺪاث واCﻮاﻗﻒ ،وﺗﻘﻮم إﻣﺎ ﺑﺈﻟﻘﺎء ﺿﻮء زاﺋﻒ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت ،وإﻣﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠـﻰ ﻣـﻨـﻊ اﻟـﺸـﻲء اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ أن ﻳﻨﻘﻞ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ واﻹدراك اCﻼﺋﻢ إﻟﻰ اﺠﻤﻟﺎل اﳋﺎص ﺑﺎﳋﻴﺎل. وأﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻮاﺿﺤﺔ ــ ﻓﻲ رأي ﻫﻴﻮم ــ واﻟﺘﻲ ﻨﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻨـﺎ ﻣـﻦ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻌﺎﻃﻔﺔ اﳉﻤﺎل اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻫﻮ ذﻟـﻚ اﻻﻓـﺘـﻘـﺎر إﻟـﻰ اﳋـﻴـﺎل اCـﺮﻫـﻒ، واﻟﺬي ﻫﻮ ﺷﺮط أﺳﺎﺳﻲ ﻣﺴﺒﻖ ،ﻟﻨﻘﻞ أو ﺗﻮﺻﻴﻞ ﻫﺬه اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ .وﻫﺬه اﻟﺮﻫﺎﻓﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ــ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳـﺘـﻈـﺎﻫـﺮ ﺑـﻬـﺎ ﻛـﻞ اﻣﺮ أو ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﺨﺘﺰل ﻛﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺬوق أو اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﻴﺎره اﳋﺎص. وﻣﻦ أﺟﻞ اCﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻟﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈـﺮه ﻫـﻨـﺎ ﻳـﻌـﻮد ﻫـﻴـﻮم إﻟـﻰ رواﻳـﺔ »دون ﻛﻴﺸﻮت« وﻳﺴﺮد ﻗﺼﺔ وردت ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻟﺮواﻳﺔ ،أﻻ وﻫﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﺳﺎﻧﺸﻮﺑﺎﻧﺰا .ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل ﺳﺎﻧﺸﻮ ،ﻟﻠﻔﺎرس اﶈﺼﻦ ﺑﺎﻟﺪروع ذي اﻷﻧﻒ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،أي ﻟـــــ »دون ﻛـﻴـﺸـﻮت« :إﻧـﻨـﻲ أﺗـﻈـﺎﻫـﺮ ﺑﺎﳋﺒﺮة ﻓﻲ ﻴﻴﺰ اﳋﻤﺮ ،وﻫﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﻮروﺛﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻨﺎ ،ﻓـﻘـﺪ دُﻋﻲ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ أﻗﺎرﺑﻲ ،ذات ﻣﺮة ،ﻛﻲ ﻳﺬﻛﺮا رأﻳﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﺮﻣﻴﻞ ﻛﺎن ﻳﻔﺘـﺮض أﻧـﻪ ﻳـﺤـﻮي ﺧﻤﺮا ﺘﺎزة ﻣﻌﺘﻘﺔ ،وﻗﺪ ﺗﺬوﻗﻬﺎ أﺣﺪﻫﻤﺎ ،وﺑﻌﺪ أن ﻓﻜﺮ ﻣﻠﻴـﺎ ﻓـﻲ أن ﻫـﺬه اﳋﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﳉﻴﺪ ،أﺑﺪى ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﺣﻮل ﻣﺬاق ﻃﻔﻴﻒ ﻳﺸﺒﻪ ﻃﻌﻢ اﳉﻠﺪ اCﺪﺑﻮغ ﻳﺨﺎﻟﻂ ﻣﺬاق اﳋﻤﺮ .أﻣﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﺒﻌﺪ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﻃﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ، أﻇﻬﺮ إﻋﺠﺎﺑﻪ اﳋﺎص أﻳﻀﺎ ﺑﻬﺬه اﳋﻤﺮ ،ﻟﻜﻨﻪ ﲢﻔﻆ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ Cﺬاق اﳊﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﺷﻌﺮ ﺑﻪ ﺘﺰﺟﺎ ﺑﻪ .وﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺘﺨﻴﻞ ﻣﺪى اﻟـﺴـﺨـﺮﻳـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ أﺣﻜﺎﻣﻬﻤﺎ ﻫﺬه ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺿﺤﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ?! ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ 85
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ُأﻓﺮغ اﻟﺒﺮﻣﻴﻞ ﺎ ﻓﻴﻪ ،وﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﻗﺎﻋﻪ ﻣﻔﺘﺎح ﺣﺪﻳﺪي ﻗﺪ& ﺻﺪ وﻗﺪ ُرﺑﻂ ﺑﻘﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ ﺳﻮط ﻣﺪﺑﻮغ. وﻳﺰودﻧﺎ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑ tاﻟﺬوق اﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﺘﺬوق اﳉﺴﻤـﻲ )اﳊـﺴـﻲ( ـــ ﻛـﻤـﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻫﻴﻮم ــ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﺣﻮل اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اCﻤﻜﻨﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻘﺼﺔ ،ﻓـﺮﻏـﻢ أﻧـﻪ ﻣـﻦ اCﺆﻛﺪ أن اﳉﻤﺎل واﻟﻘﺒﺢ ،وﺑﺸﻜﻞ ﻳـﻔـﻮق اﻷﻣـﺮ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ اﻷﻃـﻌـﻤـﺔ اﳊـﻠـﻮة واCﺮة ،ﻫﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اCﻮﺿﻮﻋـﺎت ،ﺑـﻘـﺪر وﺟـﻮدﻫـﻤـﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻮاﻃﻔﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻃﻒ ﺧﺎرﺟﻴﺔ أو داﺧﻠﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ،رﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﻷن ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺑﻮﺟﻮد ﻛﻴﻔﻴﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺬوﻗﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻛﻴﻔﻴﺎت أو ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻹﻧﺘﺎج ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اCﺸﺎﻋﺮ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﳉﻤﺎل .وﺣﻴﺚ إن ﻫﺬه اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ إن ﺗﻮﺟﺪ ﺑﺪرﺟﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،أو ﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻂ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ و ﺘﺰج ،ﻓﻘﺪ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺬوق ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺄﺛﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،أو ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tﻛﻞ اCﺬاﻗﺎت اﳋﺎﺻﺔ اCﺘﻤﺎﻳﺰة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻮﺿﻰ اCﻌﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻴﻪ .أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻷﻋﻀـﺎء ﺷـﺪﻳـﺪة اﳊـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻟـﺮﻫـﺎﻓـﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﺸﻲء ﺑﺎﻹﻓﻼت ﻣﻨﻬﺎ ،وﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺪﻗﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺪرك ﻛﻞ ﺗﻔﺼﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺬي ﻳﻮﺟـﻬـﻬـﺎ ،ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﺤـﺪث ﻫـﺬا، ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻫﻴﻮم ﺑﺮﻫﺎﻓﺔ اﻟـﺬوق Delicacy of tasteأو ﺣﺴﺎﺳﻴﺘﻪ ،ﺳـﻮاء ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪم ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ،ﻫﺬه اCﺼﻄﻠﺤﺎت aﻌﻨﺎﻫﺎ اﳊﺮﻓﻲ أو aﻌﻨﺎﻫﺎ اﺠﻤﻟﺎزي. إﻧﻨﺎ ﳒﺪ ﻫﻨﺎ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺬوق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺸﺎط أو اﺳﺘﺨﺪام ،إﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺨﻠﺺ أو ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ،وﻣﻦ اCﻼﺣﻈﺔ Cﺎ ـﺘـﻊ وﻣـﺎ ﻻ وﻳﻌﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻔﺮدﻳﺔ واﺿﺤﺔ وﺛﻘﺔ. ﺘﻊُ ، وإﻧﺘﺎج ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،أو اﻷ ﺎط اCﻌﻠﻨﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳉﻤﺎﻟﻲ، ﻫﻮ أﻣﺮ ﻳﺸﺒﻪ اﻛﺘﺸﺎف اCـﻔـﺘـﺎح اCـﺮﺑـﻮط ﻓـﻲ ﺳـﻮط ﻣـﻦ اﳉـﻠـﺪ اCـﺪﺑـﻮغ ﻓـﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ »ﺳﺎﻧﺸﻮﺑﺎﻧﺰا« اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﺎ ﻳﺒﺮز ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ اﻵراء اﻟﺘﻲ أﻋﻠﻨﻬﺎ ﻫﺬان اﻟﺸﺨﺼﺎن ﻣﻦ أﻗﺎرب »ﺳﺎﻧﺸﻮ« وﺑﺸﻜﻞ ﻳﺮﺑﻚ أو ﻳﺼﻴﺐ ﺑﺎﳊﻴﺮة أﻳﻀﺎ ﻫﺆﻻء اﻟـﻘـﻀـﺎة )اﻟـﻨـﺎس( اﻟـﺬﻳـﻦ أداﻧـﻮا أﺣـﻜـﺎم ﻫـﺬﻳـﻦ اﻟـﺸـﺨـﺼـ tوﺳ ـﺨــﺮوا ﻣــﻦ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎﺗﻬﻤﺎ. ﻓﺈذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺒﺮﻣﻴﻞ ﻗﺪ أﻓﺮغ ﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻛﺎن اﻟﺬوق اﳋﺎص ﺑﺄﺣﺪ اﻟﻔﺮﻳﻘt ﺳﻴﻈﻞ ﻫﻮ اﻟﺴﻠﻴﻢ وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻈﻞ اﻟﺬوق اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ ﻫﻮ اﳋـﺎﻃـﺊ، 86
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
وﻛﺎن ﺳﻴﺼﻌﺐ إﺛﺒﺎت ﺗﻔﻮق رأي اﳋﺒﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻗﺎرب »ﺳﺎﻧﺸﻮ« ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ. وﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻮم :ﻓﺈﻧﻪ ﻣـﺎ ﻟـﻢ ﺗُﻔﺤﺺ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳉﻤـﺎل ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻬﺠﻲ ،وﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻮاﻋﺪ ﻋﺎﻣﺔ، وﻣﺎ ﻟﻢ ُﻳﻌﺘﺮف ﺑﻨﻤﺎذج ﺘﺎزة ﻳﺘﻢ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻟﺪرﺟﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺬوق ﺳﺘﻈﻞ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻷن ﲢﻞ ﻣﺤﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،وﺳﻴﻜﻮن اﳊﻜﻢ اﳋﺎص ﺑﺄﺣﺪ اﻟﻨﺎس ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺘﻔﻀﻴﻞ ﻋﻦ اﳊﻜﻢ اﳋﺎص ﺑﻐﻴﺮه .وﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﺎل ﻟﻦ ﻜﻦ إﺳﻜﺎت ﺻﻮت اﻟﻨﺎﻗﺪاﻟﺮديء ،ذﻟﻚ اﻟﺬي ﺳﻴﺘﺸﺒﺚ ﺑﺎﻧﻔﻌﺎﻟـﻪ اﳋـﺎص، وﻳﺮﻓﺾ اﻻﻧﺼﻴﺎع ﻟﺮأي ﺧـﺼـﻤـﻪ ،أﻳـﺎ ﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻋـﻠـﻴـﻪ رأي ﻫـﺬا اﳋـﺼـﻢ ﻣـﻦ ﺻﻮاب .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺒ tﻟﻬﺬا اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﺮديء وﻧﻌﺮض ﻋﻠﻴـﻪ ﻣـﺒـﺎد اﻟـﻔـﻦ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻮﺿﺢ ﻟﻪ ﻫﺬه اCﺒﺎد ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻣﺜﻠـﺔ اCـﻨـﺎﺳـﺒـﺔ ،وأن اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اCﺒﺎد ﻗﺪ ﺗﺘﻔﻖ ــ ﻛﺬﻟﻚ ـــ ﺑـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻼءﻣـﺔ ﻣـﻊ ذوﻗـﻪ اﳋﺎص ،وﻧﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮه إﻟﻰ أن ﻫﺬه اCﺒﺎد ﻗﺪ ﺗﻨﻄﺒﻖ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ اﳊﺎل اﻟﺘـﻲ ﺗﺼﺪى ﻟﻨﻘﺪﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻋﻨﺎﺻـﺮ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻜـﻮﻳـﻦ ﻟـﻢ ﻳـﺪرﻛـﻬـﺎ أو ﻟـﻢ ﻳـﺸـﻌـﺮ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ،وﻋﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﻜـﻮن ﻫـﺬا اﻟـﻔـﺮد ﻣـﺘـﺤـﺮرا ﻣـﻦ اﻟﺘﺤﻴﺰات واﳉﻤﻮد اﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮف ﺑـﺄن اﻟـﻨـﻘـﺺ ﻛـﺎﻣـﻦ ﻓـﻴـﻪ ،وأﻧـﻪ ﻳﺤﺘﺎج ﻓﻌﻼ إﻟﻰ اﻟﺮﻫﺎﻓﺔ ،اﻟﺮﻫﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺷﺮط ﻣﺴﺒﻖ ﳉﻌﻠﻪ ﺣﺴﺎﺳﺎ ﻟﻜﻞ ﺟﻤﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﻞ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ أي ﺗﻜﻮﻳﻦ أو ﺧﻄﺎب ﺟﻤﺎﻟﻲ. ﻳﺸﻴﺮ ﻫﻴﻮم ،ﻛﺬﻟﻚ ،وﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻤﻴﻖ ﻟﻔﻜﺮﺗﻪ ﻫﺬه ﺣﻮل رﻫﺎﻓﺔ اﻟﺬوق وﺣﺴﺎﺳﻴﺘﻪ إﻟﻰ ﺿﺮورة أن ﻳﻜﻮن إدراﻛﻨﺎ ﻟﻠﺠـﻤـﺎل واﻟـﻨـﻘـﺺ ﻣـﺘـﺴـﻤـﺎ ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ واﻟﺴﺮﻋﺔ ،ﺎ ﻳﺆدي ﺑﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻻﻛﺘﻤﺎل ﻓﻲ ذوﻗﻨﺎ اﻟﻌﻘﻠﻲ .إن ﻫﺬا ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ أﻻ ﺗﻔﻮﺗﻨﺎ ﺻـﻐـﻴـﺮة وﻻ ﻛـﺒـﻴـﺮة دون أن ﻧﻼﺣﻈﻬﺎ ،وأﻳﻀﺎ أن ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑ tاﻛﺘﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎن واﻛﺘﻤﺎل اﳊﻮاس أو اﻻﻧﻔﻌﺎل .إن اﻟﺘﺬوق اCﺮﻫﻒ ﻟﻠﺠﻤﺎل وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻔﻄﻨﺔ اﻟﻌﻘـﻠـﻴـﺔ ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻳﻜﻮﻧﺎ داﺋﻤﺎ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ أﻣﺮﻳﻦ ﻣﺮﻏﻮﺑﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻣﺼﺪر ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع اﳉﻤﻴﻠﺔ واﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻮاﻃﻒ ﻛﻞ اﻟﺒﺸﺮ، ﻓﻜﻠﻤﺎ أﻛﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ رﻫﺎﻓﺔ اﻟﺬوق ﻻﻗﻴﻨﺎ اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن .وأﻓﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﺘﺄﻛﻴـﺪ ﻋﻠﻰ رﻫﺎﻓﺔ اﻟﺬوق ﻫﺬه ،ﻫﻮ أن ﻧﻠﺠﺄ أو ــ ﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨـﻤـﺎذج اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ اﻷوﻟﻰ واCﺒﺎد اﻟﺘـﻲ رُﺳﺨﺖ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺗﻔﺎق اCﻨﺘﻈﻢ واﳋﺒﺮة اCﺸـﺘـﺮﻛـﺔ 87
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻸ ³ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر. ﻟﻜﻦ ورﻏﻢ وﺟﻮد ﻓﺮوق ﻛﺒﻴﺮة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺮﻫﺎﻓﺔ ﻣﺎ ﺑ tﺷﺨﺺ وآﺧﺮ ،ﻓﺈن اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﺴ tﻫﺬه اCﻮﻫﺒﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴـﺮه ﻫـﻮ اCﻤﺎرﺳﺔ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر ،ﻓﻲ أﻧﻮاع اﳉﻤﺎل اﳋﺎﺻﺔ ،ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .إن »اﻟﺬوق« ﻳﺒﺪأ ﻣﻌـﻨـﺎ ﻋـﺎﻣـﺎ وﻏـﺎﻣـﻀـﺎ وﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إدراك ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺒﺮاﻋﺔ ﻓﻲ اﻷداء واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻌﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن ﻧﻘﺪم ﺣﻜﻤﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﺘﺮددا وﻣﺘﺤﻔﻈﺎ ﺣﻮل ﺟـﻤـﺎل اﻟـﻌـﻤـﻞ أو ﻋـﺪم ﺟﻤﺎﻟﻪ .ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اCﻤﺎرﺳﺔ واﻻﻛﺘﺴﺎب ﻟﻠﺨﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗﺼﺒﺢ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻨﺎ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ أﻛﺜﺮ دﻗﺔ ورﻫﺎﻓﺔ ،وﻧﺼﺒﺢ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠـﻰ إدراك ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳉﻤﺎل واﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﺑﻞ أن ﻧﺤﺪد ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻷﻧﻮاع اCﺘﻤﺎﻳﺰة ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ،وﻧﻌﻠﻲ ﻣﻦ ﻗـﺪرﻫـﺎ أو ﻧﻨﺘﻘﺪﻫﺎ ،ﺛﻢ ﺗﺼﺒﺢ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اCﻮﺟﻬﺔ ﻟﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ. إن ﺿﺒﺎب اﻟﻐﻤﻮض اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻓﻮق اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﺘﺒﺪد ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻫﻴﻮم ــ ﻓﻨﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻪ واﻻﺳﺘﻤﺎع ﺑﻜﻞ ﺟﻮاﻧﺒﻪ. ﻫﻨﺎ ﺗﻜﺘﺴﺐ اﻷﻋﻀﺎء اﻛﺘﻤﺎﻻ أﻛﺒﺮ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﺸﻄﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﻌﻠﻦ أو ﻳﺼﺮح ،دون ﻣﺨﺎﻃﺮة أو ﺧـﻄـﺄ ،رأﻳـﻪ اﳋـﺎص ﺣـﻮل ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ،وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر. ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻮم ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﺪﻫﺸﺔ ،ﻧﻈﺮا ﻟﻘـﺮاﺑـﺔ ﻣـﺎ ﻃـﺮﺣـﻪ ﻣـﻨـﺬ ﻣـﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﻋﺎم ،ﻣـﻊ ﻛـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ اﻵراء اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﻓـﻲ ﻧـﻈـﺮﻳـﺎت اﻟـﻘـﺮاءة واﻟﺘﺄوﻳﻞ واﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎر » .إن ﻧﻔﺲ اCﻬﺎرة واﻟﺒـﺮاﻋـﺔ اﻟـﻠـﺘـ tـﻨـﺤـﻬـﻤـﺎ اCﻤﺎرﺳﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ أي ﻋﻤﻞ ،ﻫﻤﺎ أﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺈﺻﺪار اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻴﻪ«. ﻓﺈن اCﺮء اﻟﺬي ﻟﻢ ﺗﺘﺢ ﻟﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻤﺎرﺳﺔ واﻟﺘﺪرﻳﺐ ﺑ tأﻧﻮاع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﳉﻤﺎل ،ﻟﻴﺲ ﻣﺨﻮﻻ ،ﻓﻲ رأي ﻫﻴﻮم ،ﻷن ﻳﻌﻠﻦ رأﻳﻪ ﻓﻲ أي ﻋﻤﻞ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ .وﻳﻨﺘﻘﺪ ﻫﻴﻮم ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻴﺰات واﻷﺣﻜﺎم اﳉﺎﻣﺪة ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻨﺎس ،ﻓﻬﻲ ذات ﺗﺄﺛﻴﺮات ﺿﺎرة ،ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﺬوق واﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺰﻳـﻎ واﻻﻧـﺤـﺮاف ﻋـﻠـﻰ ﻛـﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻠﻜﺎت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ،وﺗﺆدي أﻳﻀﺎ إﻟﻰ إﻓﺴﺎد ﻋﺎﻃﻔﺘﻨﺎ 88
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﻤﺎل. وﻫﻨﺎك ــ ﻓﻲ رأي ﻫﻴﻮم ــ ﻫﺪف ﻣﺤﺪد ،أو ﻏﺮض ﻣﺎ ،ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ،وﻳﻔﺘﺮض أن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻳﻔﻲ ﺑـﺬﻟـﻚ اﻟـﻐـﺮض ،ﻋـﻠـﻰ ﻧﺤﻮ أو آﺧﺮ ،ﻓﻬﺪف اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻫﻮ اﻹﻗﻨﺎع ،وﻫﺪف اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻫﻮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، أﻣﺎ ﻫﺪف اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻬﻮ اﻹﻗﻨﺎع ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﻔﻌﺎل واﳋﻴﺎل .وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻮﺟﺪ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺎت ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺘﺼﺪى ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ،وﻧﺮى ﻣﺪى وﻓﺎء ﻫﺬه اﻷﻋﻤـﺎل )اﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ( وﳒـﺎﺣـﻬـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻮﺻـﻮل إﻟـﻰ ﻫـﺬه اﻷﻫـﺪاف )اﻟﻐﺎﻳﺎت(. إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ،وaﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﻘﻮﻻﺗﻪ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ،ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻮم ،إن ﻛﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻓﻨﻲ ،ﺣﺘﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﻨﻪ ،ﻟﻴﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﻓﺘﺮاﺿﺎت Propositionsواﻻﺳﺘﺪﻻﻻت ،وﻫﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن داﺋﻤﺎ دﻗﻴﻘﺔ وﻣﺤﻜﻤﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ دوﻣﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﻗﺒﻮﻻ وﺷﻤﻮﻻ ،أﻳﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺗﺪﻳﻪ ﻣﻦ أﻗﻨﻌﺔ اﳋﻴﺎل. وﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻧﻈﺮ ﻫﻴﻮم إﻟﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ أو اﻟﺘﺬوق ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎرﻫـﺎ ﺠﺴﺪ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ُﺗ ﱠ ﺗﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ ،أو ﻗﺼﻴﺪة ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﻠﺤﻤﻴﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺜﻠﻬﻢ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﺣﺎﻻت ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺪﻻل واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻻﺳﺘﻨﺘﺎج واﻟﻔﻌﻞ أو اﻟﻨـﺸـﺎط ،وaـﺎ ﻳـﺘـﻨـﺎﺳـﺐ ﻣـﻊ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ ﻫﺬه وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻈﺮوف اﶈﻴﻄﺔ ﺑﻬﻢ .ﻓـﻤـﻦ دون أﺣـﻜـﺎم ﺧـﺎﺻـﺔ ﻳﺼﻮرﻫﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ وﻳﺼﺪرﻫﺎ ،وﻣﻦ دون ذوق أو اﺑﺘﻜﺎر ﻟﺪﻳﻪ ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ أي أﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻪ .واﻟﺒﺮاﻋﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻠﻜﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﲢﺴ tﻛﻔﺎءة اﻟﻌﻘﻞ ،واCﻬﺎرة ﻧﻔﺴﻬﺎ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﻘـﺪرة ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺘـﺼـﻮر، واﻟﺪﻗﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ واﳊﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻬﻢ ،ﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ أﻣﻮر ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺬوق اﳊﻘﻴﻘﻲ ،وﻫﻲ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻪ ﻻ ﻜﻦ اﻻﺳـﺘـﻐـﻨـﺎء ﻋﻨﻬﺎ أﺑﺪا .ﻓﻤﻦ اﻟﻨﺎدر أن ﳒﺪ ﺷﺨـﺼـﺎ ﻋـﺎﻗـﻼ ﻟـﺪﻳـﻪ ﺧـﺒـﺮة ﻓـﻲ ﻓـﻦ ﻣـﺎ ،ﻻ ﻜﻨﻪ أن ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﺟﻤﺎﻟﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ أن ﳒﺪ إﻧﺴﺎﻧﺎ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺬوق دون ﻓﻬﻢ ﺳﻠﻴﻢ ﻟﻠﻔﻦ. وأﺧﻴﺮا ،ﻓﺈن ﻫﻴﻮم ﻳﻘﻮل ــ وﺑﺸﻜﻞ ﺎﺛﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻛﺎﻧﻂ أﻳﻀﺎ ــ إﻧﻪ رﻏﻢ أن ﻣﺒﺎد اﻟﺬوق ﻫﻲ ﻣﺒﺎد ﻋﺎﻣﺔ ،وأﻧﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ اCﺒﺎد ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﺪى ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس، ﻓﺈن ﻋﺪدا ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻫﻢ اCﺆﻫﻠﻮن ﻹﺻﺪار اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ أي ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ، أو ﻫﻢ اﻟﻘﺎدرون ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻋﺎﻃﻔﺘﻬﻢ ﻛﻤﻌﻴﺎر ﻟﻠﺠﻤﺎل .إن أﻋﻀﺎء اﳊﻮاس 89
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻻﻛﺘﻤﺎل ﻟﺪى اﳉﻤﻴﻊ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﺒـﺎد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺄن ﺗﻘﻮم ﺑﻌﻤﻠﻬﺎ اﻟﻜﺎﻣﻞ ،وأن ﺗﻨﺘﺞ اﻧﻔﻌﺎﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻫﺬه اCﺒﺎد . وﺗﻘﻮم ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﺑﺈﺣﺪاث ﺗﻠـﻚ اﻟـﺘـﻔـﺎوﺗـﺎت ﻓـﻲ اﻷذواق ﺑـ tاﻟـﺒـﺸـﺮ، ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻄﺒﺎع اﺨﻤﻟـﺘـﻠـﻔـﺔ ﺑـ tاﻟـﻨـﺎس ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ اﻟـﺒـﻌـﺾ اﻵﺧـﺮ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت واﻵراء اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﺼﺮ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،أو ﻗﻄﺮ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،وﺗﻀﺎف ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﻴﺰات ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎم .وﻛﺬﻟﻚ اﻻﻓﺘﻘﺎر إﻟﻰ اﳋﺒﺮة اCﻨﺎﺳﺒﺔ أو اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﻫﺎﻓﺔ واﳊـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ ،ـﺎ ﻳـﺆدي إﻟـﻰ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﺎوﺗﺎت ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟـﻸﻋـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ .وﻣـﻊ ﺗـﺰاﻳـﺪ ﻫـﺬه اﻟﺘﻔﺎوﺗﺎت إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻳﻜﻮن اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ »ﻣﻌـﻴـﺎر ﻟـﻠـﺬوق« ،ﻳـﻮﺣـﺪ ﺑـ tﻫـﺬه اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ،ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻻ ﻃﺎﺋﻞ ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ. ﻧﺤﻦ ﻧﺨﺘﺎر ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻮم ،ﻣﺆﻟﻔﻨﺎ اCﻔﻀﻞ ﻛﻤﺎ ﻧـﺨـﺘـﺎر اﻟـﺼـﺪﻳـﻖ ،ﻣـﻦ ﺧﻼل اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ اCﺰاج أو اﻻﺳﺘﻌﺪاد اﳋﺎص ﺑﻨﺎ .وﻗﺪ ﺗﻨﺠﺬب آذان ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻧﺤﻮ اﻹﻳﺠﺎز ،أو اﻷﺣﻜﺎم واﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺠﺬب آﺧﺮون ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﻘﻮي اCﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺜﺮاء واﻟﺘﻨﺎﻏﻢ .وﻗﺪ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻌﻀـﻨـﺎ ﺑـﺎﻟـﺒـﺴـﺎﻃـﺔ، واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﳊﻠﻴﺎت أو اﻟﺰﺧﺎرف اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .وﻟﻠﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ واﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ واCﻘﻄﻮﻋﺎت اﻟﻬﺠﺎﺋﻴﺔ واﻟﻘﺼـﺎﺋـﺪ اﻟـﻐـﻨـﺎﺋـﻴـﺔ ﻣـﻌـﺠـﺒـﻮﻫـﺎ اﻟـﺬﻳـﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻬﺎ ﻋﻤﺎ ﻋﺪاﻫﺎ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﳋﻄـﺄ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻷي ﻧﺎﻗﺪ أن ﻳﻘﺼﺮ إﻋﺠﺎﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع واﺣﺪ أو أﺳﻠﻮب واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﻣﺎ ﻋﺪاه ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ،وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﺗﻠﻘـﺎﺋـﻴـﺔ ،وﻻ ـﻜـﻦ ﲡﻨﺒﻬﺎ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻌﻴﺎر واﺣﺪ ﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﲢﺪﻳﺪﻫﺎ ﻣﺴﺒﻘﺎ. وﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻮم ،ﻧﺤﻦ ﻧﺴﺘﻤﺘـﻊ ﻓـﻲ أﺛـﻨـﺎء ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟﻘﺮاءة ﺑﺎﻟﺼﻮر واﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺎﺛﻞ ﻣﻊ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﳒﺪﻫﺎ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻨﺎ اﳋﺎص وﻣﻜﺎﻧﻨﺎ اﳋﺎص ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻨﺎ aـﺎ ﻋـﺪاﻫـﺎ ﻣـﻦ ﺻـﻮر وﻣﻜﻮﻧﺎت .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻔﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻘﺪ ﺔ أﻳﻀﺎ ،وﻳﻜﻮن ﺗﻔﻀـﻴـﻠـﻨـﺎ ﻟـﻸﻋـﻤـﺎل اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻔﻀﻴﻠﻨﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻜﻮﻣـﻴـﺪﻳـﺔ ،ﻷﻧـﻬـﺎ ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ارﺗﺒﺎﻃﺎ ﺑﻌﺼﺮﻫﺎ وﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ،وﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟـﻠـﻘـﺪ& أﻛـﺒـﺮ، ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎل ﺷﺪﻳﺪة اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﲢﺮﻳﻚ اﻧﻔـﻌـﺎﻻﺗـﻨـﺎ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳉﻤﺎل. ﻛﺎن ﻫﻴﻮم ﻳﺮى أن اﻟﺸﻲء اCﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﻫﻮ ﻣﻼءﻣﺘﻪ ،أي اCﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ 90
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻧﺴﺘﻤﺪﻫﺎ ﻣﻨﻪ ،وأن ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻨﺎ أو ﻋﻮاﻃﻔﻨﺎ اCﺮﺗﺒﻄـﺔ ﺑﻪ ﻓﻲ اCﻘﺎم اﻷول ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻪ ،وأن ﻫﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﲢﻤﻞ أي ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮة Cـﺎ ﻳـﻘـﻊ ﺧـﺎرﺟـﻬـﺎ، وأﻳﻀﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﺣﻘﻴـﻘـﻴـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﻜـﻮن اﻹﻧـﺴـﺎن واﻋـﻴـﺎ ﺑـﻬـﺎ ،وأن اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات ﻋﻦ ذوق اCﺘﻠﻘﻲ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ إﻓﺎدات ﻋﻦ اCﻮﺿﻮع اﻟﻔﻨﻲ .وﻳﺠﺪ ﻫﻴﻮم ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻮع اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓـﻲ اﻷذواق ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه ﻫﺬه. ﻟﻢ ﻳﻨﻜﺮ ﻫﻴﻮم ــ ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ــ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﳋﺒﺮة واCﻤﺎرﺳﺔ ﻓﻲ اﻛﺘﺴﺎب اCﺮء ﻟﺮﻫﺎﻓﺔ اﻟﺬوق ،ﻛﻤﺎ أﻛﺪ اﻟﺪور اﳋﺎص ﻟﻠﺨﻴﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق ،ﻓﻘﺪ أﺷﺎر أﻳﻀﺎ ،وﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮي إﻟﻰ أﻧﻪ رﻏﻢ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوق اﻟﻜـﺒـﻴـﺮة ﻓـﻲ اﻟـﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻈﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻌﻴﺎر ﻣﺸﺘﺮك ﻟﻠﺬوق ،ﻣﻌﻴﺎر ﻳﺼﻨﻊ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺮد ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻋﺒـﺮ اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺎت .وأن ﻫـﺬا اCـﻌـﻴـﺎر ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ ،و ﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻓﻬﻨﺎك ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﻴﻮل رﻏﻢ اﻟﺘﻔﺎوﺗﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﻷن ﻧﻔﻀﻞ أﺷﻴﺎء وﻧﺮﻓﺾ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻓﺎﻷﺷﻜـﺎل اﻟـﺘـﻲ § ﺗـﻜـﻮﻳـﻨـﻬـﺎ ﻣـﻨـﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻛﻲ ﲢﺪث اCﺘﻌﺔ ﻴﻞ إﻟﻴﻬﺎ وﻧﻔﻀـﻠـﻬـﺎ ،وﻳـﺤـﺪث اﻟـﻌـﻜـﺲ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺬﻟﻚ .وأن »ﻣﻘﻴﺎس اﻟﺰﻣﻦ« ﻫﻮ وﺣﺪه اﻟﺬي ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﺑﺨﻠﻮد ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ،ﻣﻬﻤﺎ اﺧﺘـﻠـﻔـﺖ اﻷزﻣـﻨـﺔ أو ﺗـﺒـﺪﻟـﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺎدﻳﺎت اﻟﺰﻣﻦ. ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻈﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺤﺒﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﺮواﺋﻊ اﳋﺎﻟﺪة ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺘﺼﻮﻳـﺮ واﻷدب واﻟﻌﻤﺎرة وﻏﻴﺮﻫﺎ .وﻻ ﻳﺴﺘﻄﺮد ﻫﻴﻮم ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ اﳋﺼـﺎﺋـﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻬﺬه اﻟﺮواﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺰداد ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻻ ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ Cﺎذا ﺗﺒﻘﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل وCﺎذا ﻳﻄﻮي اﻟﻨﺴﻴﺎن ﻏﻴﺮﻫﺎ .ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻔﻬﻢ ﻓﻜﺮة »ﻣﻌﻴﺎر اﻟﺬوق« ،ﻛﻤﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ ﺟـﻮردون ﺟـﺮاﻫـﺎم (١٧)G.Grahamﻣـﻦ ﻣﺠﺮد ﻓﻬﻤﻨﺎ أو ﺗﺴﻠﻴﻤﻨﺎ ﺑﻔﻜﺮة اﻟﺬوق اCﺸﺘﺮك ،ﻛﻤﺎ أن وﺟﻮد ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑ tاﻟﺒﺸﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة أن ﻛﻞ ﻓﺮد ﻳﻜﻮن ﻣﻠﺰﻣﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ أو اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎ ﺑﺎﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺬا اCﻌﻴﺎر .ﻓﺈذا ﺗﻮاﻓﺮ ﻻﻣﺮ ذوق ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﺮﻫﻒ وﻣﺘﻘﺪم ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻳﻠﻴﻪ ﻫﻞ ﺳﻨﺘﻬﻤﻪ ﺑﺎﻟﻐﺮاﺑﺔ واﳋﺮوج ﻋﻦ اCﺄﻟﻮف? وﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ﻫـﺬا? ﻫـﻞ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ وﻧﺤﻦ ﻋﻠـﻰ ﺻـﻮاب? وﻣـﺎذا ﻋـﻦ اﻟـﺘـﻐـﻴـﺮات ﻓـﻲ اﻷذواق 91
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻷﻣﺰﺟﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻷﻋﻤـﺎل اﻟـﺘـﻲ ﺳﺎدت ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﺛﻢ ﳊﻘﻬﺎ اﻟﻨﺴﻴﺎن? وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺼﺮﻫﺎ وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ أﺣﺪ اﻵن? ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﻴﻮم ﻧﻔﺴﻪ واﻋﻴﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺘﺒﺪﻻت ﻓﻲ اﻷﻣﺰﺟﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت رﻏـﻢ ﺴﻜﻪ اﳋﺎص ﺑﻔﻜﺮة ﻣﻌﻴﺎر اﻟﺬوق .إن أﺣﺪا ﻻ ﻳـﻨـﻜـﺮ وﺟـﻮد أﻋـﻤـﺎل ﻓـﻨـﻴـﺔ ﺧﺎﻟﺪة ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻗﻴﻤﺔ أﻛﺒﺮ ﻓﺄﻛﺒـﺮ ﻣـﻊ ﻣـﺮور اﻟـﺰﻣـﻦ ،ﻛـﻤـﺎ ﻟـﻮ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺟـﺬورﻫـﺎ اﻷوﻟﻰ أو ﺧﻠﻴﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ،أو ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ﺗﺸﺘﻤﻞ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻫﻴﻮم ،ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ ﺳﻴﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ إﺣﺪاث اCﺘﻌﺔ ،وﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ــ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪدﻳﺔ ﻓﻲ اCﻌﻨﻰ ،وأن ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻳﻔـﺴـﺮه ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻳﺮوق ﻟﻪ .ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺗﻈﻞ رﻏﻢ اﺧﺘﻼﻓﻬـﺎ ﻧﻮع ﺟﻮﻫﺮي ﻣﻦ اﻻﺗﻔﺎق ،اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﻧﻔـﻌـﺎل اﻟـﻐـﻴـﺮة ﻓـﻲ »ﻋـﻄـﻴـﻞ«، واﻟﺸﺮ ﻓﻲ »ﻣﺎﻛﺒﺚ« واﻟﺘﺮدد واﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﻓﻲ »ﻫﺎﻣﻠﺖ« وﻫﻜﺬا .وﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ُﺗﻜﺘﺸﻒ ﻃﺒﻘﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اCﻌﻨﻰ ﻟﻬﺬه اﻟﺮواﺋﻊ ،وﻫﻲ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﺗﻌﻤﻖ اCﻌﻨﻰ اﻷﺻﻠﻲ وﻻ ﺗﻨﻔﻴﻪ ،وﻣﻦ ﺛـﻢ ُﺗﺮﺳﺦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻳﺘﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺄﻛﻴﺪ »ﻣـﻌـﻴـﺎر اﻟﺬوق« ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ورﻏﻢ ﻣﺎ وﺟﻬﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺪارﺳ) tأﻣﺜﺎل ﺟﺮاﻫﺎم ﻣﺜﻼ( ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎدات ﻟﻔﻜﺮة ﻣﻌﻴﺎر اﻟﺬوق ﻟﺪى ﻫﻴﻮم ﻷﻧﻪ ــ ﻓﻲ رأﻳﻬﻢ ــ ﻗﺪ أﻛﺪ أن اﻟﺬوق ﻣﺴﺄﻟﺔ ذاﺗﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎل ،وﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻮﺿﻮع اﻟﻔﻨﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮد ﺷﻲء ﻣﺸﺘﺮك ﻳﻘﻮم ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺘـﻲ ﻫـﻲ ﻣـﺘـﻐـﻴـﺮة وﻣﺘﺒﺪﻟﺔ ،ﻗﻮل ﻻ ﻜﻦ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻓﻲ رأﻳﻬﻢ رﻏـﻢ ﻋـﺪم إﻧـﻜـﺎر ﻫـﻴـﻮم ﻟـﻠـﺘـﺄﺛـﻴـﺮات اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،رﻏﻢ ﻣﺎ وﺟﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﺪ ﻟـ »ﻫﻴﻮم« ﻓﻲ رﺑﻄﻪ ﺑ tاﻟﻔﻦ واCﺘﻌﺔ ،ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎرﻫـﺎ أن ذﻟـﻚ ـــ ﻓـﻲ رأي اﻟـﺒـﻌـﺾ ـــ ﻏـﻴـﺮ ﺿﺮوري ﻟﻮﺟﻮد أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻻ ﲢﺪث اCﺘﻌﺔ ،أو اﻟﺴﺮور ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﲢﺪث ﻋﻨﻪ ﻫﻴﻮم ،رﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﻌﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ أﻓـﻜـﺎر ﻫـﻴـﻮم ﻫﺬه ﻳﻈﻞ ﺣﻴﺎ وﻣﻠﻴﺌﺎ ﺑﺎﻟﺪﻻﻻت اﻟﺘﻔﺴﻴﺮﻳﺔ اCﻔﻴﺪة ﻓﻲ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ ﺟـﻮاﻧـﺒـﻬـﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا.
ﻛﺎﻧﻂ وﺣﻜﻢ اﻟﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﻛﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳـﺦ اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ ،ﻗـﺎم
92
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻛﺎﻧﻂ ) ١٧٢٤ــ (١٨٠٤ﺑﺘﻠﺨﻴﺺ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺛﻢ إﻧﻪ ﺑﺪأ ﻋﺼﺮا ﺟﺪﻳﺪا أﻳﻀﺎ .وﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ اCﺒﻜﺮة ﺷﻮاﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اCﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧـﺖ ﻣﺘﻮاﻓﺮة ﻟﺪﻳﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺔ واﻟـﻨـﻘـﺪﻳـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎCـﻔـﻜـﺮﻳـﻦ اﻷCـﺎن واﻟﻔﺮﻧﺴﻴ tواﻹﳒﻠﻴﺰ .ﻟﻘﺪ ﺗﻌﻠﻢ اﻷﻓﻜﺎر واﺳﺘﻌﺎرﻫﺎ ﻣﻦ ﻟﻴﺒﻨﺘﺰ وﺑﻮﻣﺠﺎرﺗـﻦ وﻓﻴﻨﻜﻠﻤﺎن وﺷﻮﻟﺰر وﻟﻴﺴﻨﺞ وﻣﻨﺪﻟﺴﻮن ،وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻓﻮﻧﺘﻴﻨـﻠـﻲ ودﺑـﻮا وروﺳـﻮ ودﻳﺪرو ،وﻣﻦ ﺷﺎﻓﺘﺴﺒﺮي وﻫﺘﺸﻨﺴﻮن وﻫﻮﺟﺎرث وﺑﻴﺮك وﻫﻴﻮم وﻏﻴﺮﻫﻢ).(١٨ وﻗﺪ ﺜﻠﺖ اﳋﻄﻮة اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﻜﺎﻧﻂ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﺎﺑﻘ tﻋﻠﻴﻪ أو اCﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻟﻪ ،ﻓﻲ أﻧﻪ ذﻫﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﺘﺤﻠﻴـﻞ اﻹﻣـﺒـﻴـﺮﻳـﻘـﻲ ﻟـﻺﺣـﺴـﺎس اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ، ﻣﺘﺠﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﳋﺎص ﻟﻌﻠﻢ اﳉﻤﺎل ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺠﺎﻻ ﺧﺎﺻﺎ ﻟـﻠـﺨـﺒـﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺎﺛﻞ ﻓﻲ أﻫﻤﻴﺘﻪ وﺗﻜﺎﻣﻠﻪ اﺠﻤﻟﺎﻟ tاﳋﺎﺻ tﺑﺎﻟﻌﻘﻞ اﻟﻨﻈﺮي واﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﻤﻠﻲ )أي اﺠﻤﻟﺎل اCﻌﺮﻓﻲ واﺠﻤﻟﺎل اﻷﺧﻼﻗﻲ(. وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺎﻧﻂ ﻛﺎن وﺟﻮد ﻣﺠﺎل أﺻﻴﻞ ﻟﻠﺨﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﻣﺮا ﻳﺴﺘـﺪل ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ اﳊﻀﻮر اﳋﺎص ﻟﺸﻜﻞ ﻓـﺮﻳـﺪ ﻣـﻦ اCـﺒـﺎد اﻟـﻘ ْـﺒﻠﻴـﺔ أو اﻷوﻟﻴﺔ .Aprioriوﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺿﻴﺢ ذﻟﻚ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ أن ﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اCﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻛﺎﻧﻂ ﻟـ »ﻧﻘﺪ اﳊﻜﻢ« ،وﺣﻴﺚ ﻳﻮﺟﺪ ﺟﺪول ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻳﻌﻄﻲ ﺗﺼﻮره اﻟﻜﺎﻣﻞ ﺣﻮل ﻣﻴﺪان اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ .ﻓﻬﻨﺎك ﻓﻲ رأﻳﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻴﺎدﻳﻦ أو ﻣﺠﺎﻻت ﻛﺒﻴﺮة ﻫﻲ :اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﳊﺮﻳﺔ واﻟﻔﻦ ،وﻫﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ ﻣﺘﻤﻴﺰة ،ﻓﻠﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺒﺪؤه اﻷوﻟﻲ. ﻓﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﳋﻀﻮع ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ،وﺗﻨﺘﻤﻲ اﳊﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻘﺼﺪ أو اﻟﻬﺪف اﻟـﻨـﻬـﺎﺋـﻲ ،Final Purposeﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺘﻤـﻲ اﻟـﻔـﻦ إﻟـﻰ ﻣـﺒـﺪأ اﻟـﻐـﺮﺿـﻴـﺔ .Purposivenssوﻫﻲ ﻏﺮﺿﻴﺔ ﺑﻼ ﻏﺮض ﻛﻤــﺎ ﻗــﺎل داﺋـﻤـﺎ ،وﻛـــﻤـﺎ ﺳـﻴـﺘـــﻀـﺢ ذﻟﻚ ﻻﺣﻘﺎ. وﻳﺘﻔﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻊ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻟﺜﻼث ﻣﻠﻜﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﺳﺎﺳـﻴـﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻫﻲ :اﻟﻔﻬﻢ واﻟﻌﻘﻞ واﳊﻜﻢ .وﺗﺘﻔﻖ ﻫـﺬه اCـﻠـﻜـﺎت ﺑـﺪورﻫـﺎ ﻣـﻊ ﺛـﻼث ﻣﻠﻜﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ذاﺗﻪ ،ﻫﻲ :ﻣﻠـﻜـﺔ اCـﻌـﺮﻓـﺔ ،وﻣـﻠـﻜـﺔ اﻟـﺮﻏـﺒـﺔ، وﻣﻠﻜﺔ اﻟﻠﺬة واﻷﻟﻢ .وﻗﺪ اﻛﺘﺸﻒ ﻛﺎﻧﻂ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻫﺬه اCﻠـﻜـﺎت اﻟـﺜـﻼث، ﺷـﻜـﻼ أﺳـﺎﺳـﻴـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﻀـﺮورة اﳉـﻮﻫـﺮﻳـﺔ ،واﻟـﺼـﺪق اﳋـﺎص ﻓـﻲ اﳋ ـﺒــﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ).(١٩ إن ﻣﺎ ﺣﺎول ﻛﺎﻧﻂ أن ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻓﻲ »ﻧﻘﺪ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ Critique of Aesthetic «Judgementﻫﻮ أن ﻳﻌﻄﻲ ﺷﺮﺣﺎ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺼـﺪق اﻟـﻔـﺮﻳـﺪ اﳋـﺎص ﺑـﺎﻷﺣـﻜـﺎم 93
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺣﻮل »اﳉﻤﻴﻞ واﳉﻠﻴﻞ« .وﻗﺪ ﺟﺎدل ﻛﺎﻧﻂ ﻗﺎﺋﻼ إﻧﻪ ﺣﻴﺚ »إن ﺣﻜﻢ اﳉﻤﺎل أو اﻟﺬوق ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺷﻴﺌﺎ ﻋﺎﻣﺎ وﺻﺎدﻗﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﺒﺸﺮ، ﻓﺈن اﻷﺳﺎس اﳋﺎص ﺑﻪ ﻻﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺎ ﻟﺪى ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻟﻜﻨﻪ أﺷﺎر أﻳﻀﺎ إﻟﻰ أن اCﻌﺮﻓﺔ ﻫﻲ ﻓﻘﻂ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻮﺻﻴﻞ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﺸﻲء اﻟﻮﺣﻴﺪ أو اﳉﺎﻧﺐ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ اﳋﺒﺮة اﻟﺬي ﻜﻦ أن ﻧﻔﺘﺮض أﻧﻪ ﻣـﺸـﺘـﺮك أو ﻋـﺎم ﺑ tﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻫﻮ اﻟﺸﻜﻞ ،وﻟﻴﺲ اﻹﺣﺴﺎﺳﺎت ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻼت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .وﻗﺪ اﻋﺘﺒﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻹرﻫﺎص اﻷول ﻟﻠـﻤـﺬﻫـﺐ اﻟـﺸـﻜـﻼﻧـﻲ أو اﻟﺸﻜﻠﻲ FormalismاCﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﻘﺪي واﻟﻔﻨﻲ اCﻌﺎﺻﺮ).(٢٠ رaﺎ ﻛﺎن ﻛﺘﺎب ﻛﺎﻧـﻂ »ﻧـﻘـﺪ اﳊـﻜـﻢ« ـــــــ ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ روس Rossـــ أﻛـﺜـﺮ اﻷﻋﻤﺎل أﻫﻤﻴﺔ وﺗﺄﺛﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب).(٢١ و ﻜﻦ ﻗﺮاءة ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﻂ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت اﻟـﺘـﻲ أﺛـﺎرﻫـﺎ ﻫﻴﻮم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻓﻲ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،أو اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ. و ﻜﻦ ،ﻛﺬﻟﻚ ،ﺗﺄوﻳﻞ ﻧﻈـﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﻂ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺣﻼ ﺗﺮﻛﻴﺒﻴﺎ ﻟﻠﻤﺸـﻜـﻼت اCﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﻘﺪ أﺷﺎر ﻛﺜﻴﺮا إﻟﻰ وﺟﻮد ﻣﺒﺎد ﺟـﻮﻫـﺮﻳـﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وأن ﻫﺬه اCﺒﺎد ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﻘﻮى اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،وأﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺧﺒﺮاﺗﻬﺎ اCﺘﺸﻌﺒـﺔ ﻓـﻲ وﺣـﺪة ﺧـﺎﺻـﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة. وﻫﻜﺬا ﻜﻦ ﻗﺮاءة ﻛﺘﺎب »ﻧﻘﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﳋـﺎﻟـﺺ« Critique of Pure reason ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﲢﻠﻴﻼ ﻟﻠﻤﺒﺎد اﻟﺘﻲ ﲢﺪد ﺗﻠﻚ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﻧﻌﺎﻳﺶ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﶈﻴﻂ ﺑﻨﺎ وأن ﻧﻔﻬﻤﻪ. أﻣﺎ ﻧﻘﺪه أو ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ »ﻧﻘﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﻤﻠﻲ« Critique Of Practical Reason ﻓﻬـﻮ ﲢـﻠـﻴـﻞ ﻟـﻠـﻤـﺒـﺎد اﻟـﺘـﻲ ﲢـﺪد اCـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻻﻟـﺘـﺰام واﻟـﻮاﺟـﺐ اﻷﺧﻼﻗﻴ .tوﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن »اﻟﻨﻘﺪ اﻷول« ﻳﺤﺪد ﻃﺒﻴﻌـﺔ اﻟـﻔـﻬـﻢ اﻟـﺬي ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻀﺮورة ،واﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ،أﻣﺎ »اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ« ﻓﻴﺤﺪد اﻟﻌﻘﻞ أو ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﻔﻬﻮم اﳊﺮﻳﺔ. وﻓﻲ إﻃﺎر ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎم ﻃﺮح ﻛﺎﻧﻂ أﺳﺌـﻠـﺔ ﺟـﻮﻫـﺮﻳـﺔ ﺣـﻮل ﻃـﺒـﻴـﻌـﺔ اﻟﻔﻦ .وأﻧﻜﺮ أن اﻟﻔﻦ ﻳﻘﻊ ﺿﻤﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻀﺮورة أو اﳊﺮﻳﺔ ،وأﻧﻜﺮ ﻛﺬﻟﻚ أن اﻟﻔﻦ ﻫﻮ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻌﻘﻠﻲ أو اﻟﺴﻠﻮك اﻷﺧﻼﻗﻲ. aﻌﻨﻰ آﺧﺮ ،ﻓﺈن ﻛﺎﻧﻂ ﻗﺪ ﻗﺪم ﺣﺠﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺮد اﻟﻔﻦ واﺳﺘﻘـﻼﻟـﻪ، 94
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻧﻔﻴﻪ أن اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اCﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ. ورﻏﻢ إﻗﺮاره ﺑﺄن اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﳉﻤﺎل أﺣﻜﺎم ذاﺗﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ــ ﻓﻲ رأﻳـﻪ ـــ أﻳﻀﺎ أﺣﻜﺎم ﻋﺎﻣﺔ ،ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻓﺮد ﺘﻠﻚ ذوﻗﺎ ﺟﻴﺪا .وﻟﺬﻟﻚ ،اﻗﺘـﺮح ﻛﺎﻧﻂ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳉﻤﺎل ﻣﻴﺪاﻧﺎ ﻟﻠﺬوق ﻻ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ. اﻗﺘﺮح ﻛﺎﻧﻂ وﻗﺪم أﻳﻀﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺣﻮل »اﳉﻠﻴﻞ« ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺠﻠﻰ »اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻲ« اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺎوز اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﶈﺪدة ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،وﻣﻦ ﺧﻼل »اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ« ،ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺎج aﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ واﻟﻘﻮاﻧ.t ﻳﺘﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﻟﻔﻦ ﺑﺸﻖ اﻷﻧﻔﺲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻛـﺎﻧـﻂ وذﻟـﻚ ﻷن اﻟﻔﻦ ﻻ ﻳﻘﺪم ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ وﻻ ﻧﺰوﻋﺎ أﺧﻼﻗﻴﺎ ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺼﺎﺣﺒﺎ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻨﻮن. أﺻﺒﺢ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﻂ ﺣﻮل »اﻟﺬوق« ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﺑﻌـﺪ ذﻟـﻚ ،ﻓـﻘـﺪ ﻛـﺎن ﻳﺄﺧﺪ ﺑﻬﺎ أﻧﺼﺎر ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻔﻦ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻗـﻀـﻴـﺘـﻬـﻢ ﻫـﺬه ،اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺎﻟـﻮا ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼل اﻟﻔﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أو اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ .ﻛﺬﻟﻚ أﺛﺮت أﻓﻜﺎره ﺣﻮل اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﻓﻲ اCﺪرﺳﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴـﻜـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻦ واﻷدب ،وﻛـﺎﻧـﺖ آراؤه ﺣﻮل »اﳉﻠﻴﻞ« ﻣﻬﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻴﺠﻞ وﻧﻴﺘﺸﻪ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ أﺛﺮت ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﻌﺎم. ﻧﻈﺮ ﻛﺎﻧﻂ إﻟﻰ »اﳉﻤﻴﻞ« ﻋﻠﻰ أﻧﻪ رﻣﺰ ﻟﻠﺨﻴﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺗـﺼـﻮر اﻟـﻨـﺸـﺎط اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺐ اﳊﺮ ﻟﻠﺨﻴﺎل .وﺗﻌﺪ اﻟﺒﻬﺠﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﻤﻴﻞ واﳉﻠﻴﻞ ﺑﻬﺠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻠﻜﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳋﻴﺎل واﳊﻜﻢ ،وﻗﺪ ﲢﺮرا ﻣﻦ ﺧﻀﻮﻋﻬﻤﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ واﻟﻔﻬﻢ ،أي ﲢﺮرا ﻣﻦ ﻗﻴﻮد اﳋﻄﺎب اCـﻨـﻄـﻘـﻲ ،وﻗـﺪ أﺛﺮت ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ اCﻠﻜﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻴـﻤـﻦ ﺟـﺎء ﺑﻌﺪ ﻛﺎﻧﻂ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻷCﺎن وﺧﺎﺻﺔ ﺷﻴﻠﻨﺞ وﻫﻴﺠﻞ).(٢٢ ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن ﻴﺰ ،ﻫﻨﺎ ،ﺑ» tاﳊﻜﻢ« ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻓﻬﻤﻪ ﻛﺎﻧﻂ ﻓـﻲ »ﻧـﻘـﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﶈﺾ« )أو اﳋﺎﻟﺺ( واﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﺮاه ﻳﻔﻬﻤﻪ اﻵن ﻓﻲ ﻧﻘﺪ »ﻣﻠﻜﺔ اﳊﻜﻢ«» .ﻓﺎﳊﻜﻢ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻫﻮ aﻨﺰﻟﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗـﻔـﻜـﻴـﺮ ﻧـﻀـﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﲢﺖ ﻗﺎﻧﻮن ﻋﺎم ﻣﻌﻠﻮم ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﻓﻲ أﺣﻜﺎم اﻟﻌـﻠّﻴﺔ ﻣﺜﻼ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈن اﳊﻜﻢ ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﻜﻴـﺮ ﻧـﻨـﺘـﻘـﻞ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻣـﻦ اﳊﺎﻟﺔ اﳉﺰﺋﻴﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻲء اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪد اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ،ﻛﻤﺎ 95
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻫﻲ اﳊﺎل ﻣﺜﻼ ﻓﻲ أﺣﻜﺎم اﻟﻐﺎﺋﻴﺔ .ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻧﻌﺮف ﺟﻴﺪا اﻟﻘﺎﻧـﻮن اﻟﻌﺎم ،ﻓﻴﻜﻮن ﻓﻲ وﺳﻌﻨﺎ أن ﻧﺤﺪد اﳊﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪرج ﲢﺘﻪ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ﺳﻮى ﺣﺎﻟﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ أو ﺣﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺤﺎول ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺄﻣﻞ أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ أو اﻟﺒﺤﺚ أن ﻧﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم« ).(٢٣ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اCﻌﻄﻲ ﻫﻮ اﻟﻌﺎم واﻟﻘﺎﻋﺪة ،أي اCﺒﺪأ ،أو اﻟﻘﺎﻧـﻮن .ﻳـﺴـﻤـﻲ اCﻌﻴﻦ أو ﻛﺎﻧﻂ اﳊﻜﻢ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻒ اﳋﺎص ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻌﺎم أو ﺿﻤﻨﻪ ﺑﺎﳊﻜﻢ ¢ اﶈـﺪد أو اﳊـﺘـﻤـﻲ ،Determinantأﻣـﺎ إذا ﻛـﺎن اCـﻌـﻄـﻲ ﻫـﻮ اﳋـﺎص ﻓـﻘـﻂ، وﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻌﺎم ،ﻓﺈن اﳊﻜـﻢ ﻫـﻨـﺎ ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ ﻛـﺎﻧـﻂ ﻳـﻜـﻮن ﻣﺠﺮد ﺣﻜﻢ ﺗﺄﻣﻠﻲ .Reflective وﺗﺼﻨﻒ اﻷﺣﻜﺎم اﶈﺪدة أو اﳊﺘﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺿـﻮء اﻟـﻘـﻮاﻧـ tاﻟـﻌـﺎﻣـﺔ ،اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ واﻟﻔﻬﻢ ،أﻣﺎ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﺄﻣﻠﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺎﻟﺼﻌﻮد ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﳋﺎص إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﺎم ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﺒﺎد ﻻ ﻜﻦ اﺳﺘﻌﺎرﺗﻬﺎ أو اﳊﺼﻮل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣـﻦ اﳋﺒﺮة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،وذﻟﻚ ﻷن وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﻲ ﺗﺄﺳﻴـﺲ وﺣـﺪة ﺑـ tﻛـﻞ اCﺒﺎد اﻹﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى أدﻧﻰ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اCﺒﺎد اﻟﻌﻠﻴﺎ).(٢٤ إن اﳊﻜﻢ اﻟﺘﺄﻣﻠﻲ ﻻ ُﻳﺴﺘﻤﺪ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻛﺎﻧﻂ ــ ﻣﻦ اﳋﺎرج ،ﻷﻧﻪ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺳﻴﻜﻮن ﺣﻜﻤـﺎ ﻣـﺤـﺪ¢دا أو ﻣﻌـﻴ¢ﻨﺎ أو ﺣﺘﻤﻴﺎ أو ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ،إﻧﻪ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ أﻛـﺜـﺮ إﻟـﻰ ﻠﻜﺔ اﻟﺬات واﻟﻮﺟﺪان واﻟﺸﻌﻮر ،وإﻟﻴﻬﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻛﺬﻟﻚ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ .إﻧﻪ ذﻟﻚ اﳊﻜﻢ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮر ﺧﺎص ﺑﺎCﺘﻌﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺘﺸﻒ اCﺮء اﻟﺘﻮاﻓﻖ ،ﺧﺎرﺟﻪ ،أو داﺧﻠﻪ ،وﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،أﻣﺎ إذا ﺣـﺪث اﻟﻌﻜﺲ وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻓﻖ أو اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺘﻮﻟﺪ ﻟﺪﻳﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻴﻖ أو اﻷﻟﻢ .وﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﺣﺎﻟﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ ،أو ﺣﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺤﺎول ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺄﻣﻞ أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ أو اﻟﺒﺤﺚ ،أن ﻧﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم ﻟﻪ. )(٢٥ وﻗﺪ ﻣـﻴـﺰ ﻛـﺎﻧـﻂ ﻓـﻲ »ﻧـﻘـﺪ اﳊـﻜـﻢ« Critique of Judjementﺑـ tأرﺑـﻊ ﳊﻈﺎت أﺳﺎﺳﻴﺔ أو ﺣﺎﻻت أو ﺧﺼﺎﺋﺺ أﺳـﺎﺳـﻴـﺔ ﳊـﻜـﻢ اﻟـﺬوق أو اﳊـﻜـﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﺈﻳﺠﺎز ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ:
اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟﻰ :ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻜﻴﻒ
ﻳﺮى ﻛﺎﻧﻂ أن ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ﻟﻴﺲ ﺣﻜﻤﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓـﻬـﻮ ﺑـﺎﻟـﻀـﺮورة
96
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻟﻴﺲ ﺣﻜﻤﺎ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ ،إﻧﻪ ﺣﻜﻢ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻳﺘـﺤـﺪد ،ﻓـﻲ اCـﻘـﺎم اﻷول ،ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ذاﺗﻲ .ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳋـﻴـﺎل واﻟـﻮﺟـﺪان ،وﻫـﻮ ﻳﺮﺗﺒﻂ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮي ،ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ واﻷﻟﻢ. وﻳﺨﺘﻠﻒ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻻرﺗﻴﺎح أو اﻟﺮﺿﺎ ،اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﻴﺎء اﳉﻤﻴﻠﺔ ،ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻻرﺗـﻴـﺎح اﻟـﺬي ﻳـﺤـﻘـﻘـﻪ ﻟـﻨـﺎ اﻟـﺸـﻲء اCـﻼﺋـﻢ ،أو اﻟﺸﻲء اﳊﺴﻦ أو اﻟﺸﻲء اﻟﻨﺎﻓﻊ .ﻓﺎCﻼﺋﻢ ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﺴﺒـﺐ ﻟـﻨـﺎ ﻟﺬة ﻧﺴﺘﺸﻌﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳊﻮاس ،ﻟﻬﺬا ُﻳﻌﺪ أﻣﺮا ذاﺗﻴﺎ ﺻﺮﻓﺎ .وأﻣﺎ اﳊﺴﻦ ﻓﻬﻮ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻧﻘﺪره أو ﻧﺴﺘﺤﺴﻨﻪ Cﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ .وأﻣﺎ اﻟﻨﺎﻓﻊ ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،ﺑﻞ ﺗﻜﻮن ﻗﻴﻤﺘﻪ آﺗﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻘﻬﺎ .واﻟﺴﻤﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻬﺬه اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻻرﺗﻴﺎح أو اﻹﺷﺒﺎع أو اﻟﺮﺿﺎ ،ﻫﻲ أﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻀﺮب ﻣﻦ اCﺼﻠﺤﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،أي ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻏﺎﻳﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ...ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻷول ،وﻧـﺤـﻘـﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﻧﺴﺘﺨﺪم اﻟﺜﺎﻟﺚ .أﻣﺎ اﻹﺷﺒﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻪ ــ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر اﻟﺜﻼث ــ ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄي ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻛﺎﺋﻨﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ،إذ إن اﳉﻤﻴﻞ إ ﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮوﻗﻨﺎ ﻓﻘﻂ ﻟﻴﺲ ﻏﻴﺮ .وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ أن ﻛﺎﻧﻂ ﻳﻘﺮر أن اﻹﺷﺒـﺎع اﻟﺬي ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻟﻨﺎ اﳉﻤﺎل ﻫﻮ aﻨﺰﻟﺔ ﺷﻌﻮر ﺧﺎﻟﺺ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ،أو ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺢ: وﺟﺪان ﺣﺮ ﻣﻨﺰّه ﻋﻦ ﻛﻞ ﻏﺮض).(٢٦ ﻴﺰ ﻛﺎﻧﻂ ﻛﺬﻟﻚ ﺑ tاﻹﺣﺴﺎس واﻟﺘﺄﻣﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻷول أﻗﻞ ﻣﺮﺗـﺒـﺔ ﻣـﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،إﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﺮى اﻟﺰﻫﺮة وﻧﺤﺲ ﺑﺎCـﺘـﻌـﺔ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻧـﺮاﻫـﺎ أو ﻧـﺸـﻤـﻬـﺎ ،أﻣـﺎ اﻹﺣﺴﺎس اﳉﻤﺎﻟﻲ اﳋﺎص ﺑﻬﺎ وﺗﻜﻮﻳﻦ ﺣﻜﻢ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﺣﻮﻟﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ أﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ اﳋﺎص ﻓﻲ ﺟﻤﺎل ﻫﺬه اﻟﺰﻫﺮة .وﻳﺸﺘﻤﻞ اﻟﻠﺬﻳﺬ واﻟﻨﺎﻓﻊ ﻋﻠﻰ إﺣﺎﻟﺔ Cﻠﻜﺔ اﻟﺮﻏﺒﺔ ،أي اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻌﻴﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﻮﺿـﻮع اCـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﺎﻟـﻠـﺬة أو اﻟـﻨـﻔـﻊ .أﻣـﺎ »ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق« ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺣﻜﻢ ﺗﺄﻣﻠﻲ ،ﺣﻜﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﺮث ﺑﻮﺟﻮد اCﻮﺿﻮع ،إﻧﻪ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ واﻷﻟﻢ .وﻫﺬا اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺟﻬﺎ ﻧﺤﻮ أي ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﻘـﻠـﻴـﺔ ،وذﻟـﻚ ﻷن ﺣـﻜـﻢ اﻟـﺬوق ﻟـﻴـﺲ ﺣـﻜـﻤـﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ )ﻧﻈﺮﻳﺎ أو ﻋﻤﻠﻴﺎ( ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﶈﺪدة ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ أو ﺗﺼﻮراﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳـﺘـﻮﺟـﻪ ﻧﺤﻮﻫﺎ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،ﻛﺄﻫﺪاف ﻟﻪ. واﳋﻼﺻﺔ ـ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ـ ﻫﻲ :اﻟﺬوق ﻫﻮ ﻣﻠﻜـﺔ اﳊـﻜـﻢ ﻋـﻠـﻰ 97
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺎ أو أﺳﻠﻮب ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻬﺬا ا'ﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻜﻠﻲ ا'ﻨﺰه ﻋﻦ اﻟﻐﺮض واﳋﺎص ﺑﺎﻻرﺗﻴﺎح أو ﻋﺪم اﻻرﺗﻴﺎح .وﻣﻮﺿﻮع ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻻرﺗﻴﺎح ـ أو اﻹﺷﺒﺎع ـ ﻫﻮ ﻣﺎﻳﺴﻤﻰ ﺑـ »اﳉﻤﻴﻞ«.
اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﳉﻤﻴﻞ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻜﻢ
اﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺜﻠﻪ ﻛﻤﻮﺿﻮع ﻟﻠﺮﺿﺎ اﻟﻜﻠﻲ أو اﻻرﺗﻴﺎح اﻟﻌﺎم ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ــ أو aﻌﺰل ــ ﻋﻦ أي ﻣﻔﻬﻮم ﻋﻘﻠﻲ ﻣﺤﺪد .وﻫﻨﺎ ﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﻂ إن اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻛﻞ ﻓﺮد واﻋﻴﺎ ﺑﻬﺎ ﻫﻲ أن ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ارﺗﻴﺎح ﻫﻮ ارﺗﻴﺎح ﻣﻨﺰه ﺎﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى ،وأن ﻛﻠﻤﺔ »اﳉﻤﺎﻟﻲ« ﺗﺘﻀﻤﻦ أﺳﺎﺳﺎ )أو ﻗﺎﻋﺪة( ﻟﻠﺮﺿﺎ أو اﻻرﺗﻴﺎح ﳉﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ،وأﻧﻪ ﻣـﺎدام ﻫـﺬا اﳊـﻜـﻢ ﻻ ﻳـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أي أﻫـﻮاء أو ﻣﻴﻮل ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮد ،وﻣﺎ دام اﻟﻔﺮد اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﻷﺣﻜﺎم ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻨﻔـﺴـﻪ ﺣﺮا ﺎﻣﺎ ،ﺧﻼل اﻻرﺗﻴﺎح اﻟﺬي ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ــ ﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ــ ﻻ ﻜﻨﻪ أن ﻳﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮد أﺳﺎس ذاﺗﻲ ﺧﺎص ﺑﻪ ﻓﻘﻂ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻌﻮر ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻪ أن ﻳﻔﺘﺮض ،ﺿﻤﻨﺎ ،وﺟﻮد ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﻟﺪى اﻵﺧﺮﻳﻦ أﻳﻀﺎ .وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﺳﻴﺘﺤﺪث ـــ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﺮد ـــ ﻟـﻬـﺬا اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻦ اﳉﻤﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن اﳉﻤﺎل ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻴﺰة ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع، ﻫﺬا ﺑﺮﻏﻢ أن ﻫﺬا اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﺸﺘﻤﻞ ــ ﻓﻘﻂ ــ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﺮﺟـﻌـﻴـﺔ ﺗـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﳋﺎص ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ أو ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ﻓﻘﻂ. وﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﻂ ــ ﻛﺬﻟﻚ ــ إن اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻫﻮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ،ﺎﺛﻞ ــ ﻫﻨﺎ ــ اﳊﻜﻢ اCﻨﻄﻘﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻧﻔﺘﺮض ﺻﺪﻗﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒـﺔ ﳉـﻤـﻴـﻊ اﻟﺒﺸﺮ .ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻻ ﻜﻦ أن ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻮﻋﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ واﻷﻟﻢ ﻻ ﻜﻦ أن ﻳﻨﺸﺄ ﻋـﻦ اCـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻘﻮل إن ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ،اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻣﺼﺤﻮﺑﺎ ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎل أو اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﻬﻮى أو اﻟﻐﺮض ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺤـﻤـﻞ ﺻـﺪﻗـﺎ ﻛـﻠـﻴـﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻟﻜﻦ دون أن ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ أو اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﳋﺎرﺟﻴﺔ .إﻧﻪ ﺣﻜﻢ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﻋﻨﻮاﻧﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ اﻟﺬاﺗﻴـﺔ ،Subjective universalityﻓﻜﻞ اﻣﺮ ﻟﻪ ذوﻗﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺸـﻴـﺮ ﻛـﺎﻧـﻂ :ﻫـﺬا ﻳﺤﺐ اﻟﻠﻮن اﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻲ ،وذﻟﻚ ﻳﺮاه ﺑﺎﻫﺘﺎ وﺷﺎﺣـﺒـﺎ وﺑـﺎﻋـﺜـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻹﺣـﺴـﺎس ﺑﺎCﻮت ،وﻫﺬا ﻳﺤﺐ آﻻت اﻟﻨﻔﺦ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وذاك ﻳﺤﺐ اﻵﻻت اﻟﻮﺗﺮﻳﺔ ،ﻫﺬا 98
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻳﺤﺐ ﺷﺮاﺑﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ وذاك ﻻ ﻳﺴﺘﺴﻴﻐـﻪ ...إﻟـﺦ ،ﻓـﻠـﻜـﻞ ذوﻗـﻪ) ،ذوق اﳊـﻮاس، ﺧﺎﺻﺔ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻐﺮض وﺑﺎﻟﻨﺎﻓﻊ أو اCﻼﺋﻢ أو اﻟﻠﺬﻳﺬ(. أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳉﻤﻴﻞ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺎﻣﺎ .ﻓﻤﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ــ ﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﻂ ــ أن ﻳﺘﺨﻴﻞ إﻧﺴﺎن ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﻟﺬوق ،وأن ﻳﻘﻮل »ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع« )اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻳﺮاه ﻣﺜﻼ ،أو اCﻌﻄـﻒ اﻟـﺬي ﻳـﺮﺗـﺪﻳـﻪ ،أو اCـﻘـﻄـﻮﻋـﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ،أو اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻧﺨﻀﻌﻬﺎ ﳊﻜﻤﻨﺎ( »ﺟﻤﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ« ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻟﻔﻆ »اﳉﻤﻴﻞ« ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع، إذا ﻛﺎن ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع ﻳﺤﺪث ﻟﺪﻳﻪ ،ﻫﻮ ﻓﻘﻂ ،ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ أو اﻟﺴﺮور. إن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء ﻗﺪ ﺗﺒﻬﺠﻨﺎ وﺗﺴﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،أﻣﺎ إذا أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻟﻔﻆ »اﳉﻤﻴﻞ« ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﺘﻀﻤﻦ إﺣﺴﺎﺳﺎ ﻣﺎ ﺑﺎﻻرﺗﻴﺎح واﻟﺮﺿﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدا أﻳﻀﺎ ،ﻟﺪى اﻵﺧﺮﻳﻦ ،إﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺪر ﺣﻜﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث أﻳﻀﺎ ﺑﻠﺴﺎن اﻵﺧﺮﻳﻦ .إﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﳉﻤﺎل ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻷﺷﻴﺎء ،رﻏـﻢ أن ﻫـﺬا اﳊـﻜـﻢ ﻧـﺎﺑـﻊ ﻣـﻦ ﺷـﻌـﻮره اﳋﺎص إزاء ﻫﺬا اﻟﺸﻲء ــ أو اCﻮﺿﻮع ــ اﻟﺬي أﺛﺎر ﻟﺪﻳﻪ ﻫﺬا اﳊﻜﻢ واﻟـﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﺎرﻛﻪ اﻵﺧﺮون ﻓﻴﻪ. إن ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق )ﺣﻮل اﳉﻤﻴﻞ( ﻣﻮﺟﻮد ﻟﺪى ﻛﻞ ﻓﺮد ،وﻫﻮ ﺣﻜﻢ ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄي ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﻘﻠﻴﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺮ دون ﺗﺼﻮر ﻋﻘﻠﻲ ﻳﻜﻮن ﺳـﺎرا ،وﻗـﺪ ﻧـﻜ ¢ـﻮن ﻧﺤﻮه رأﻳﺎ ﺧﺎﺻﺎ ،أو رأﻳﺎ ﻋﺎﻣﺎ .وﻳﻄﻠﻖ ﻛﺎﻧﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮع اﻷول )اﳋﺎص( ﻣﻦ اﻟـﺬوق اﺳـﻢ ذوق اﳊـﻮاس taste of sensesوﻋـﻠـﻰ اﻟـﻨـﻮع اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ )اﻟـﻌـﺎم( ذوق اﻟـﺘـﺄﻣـﻞ .taste of reflectionوﺗﺼﺪر ﻋـﻦ اﻷول أﺣـﻜـﺎم ﺧـﺎﺻـﺔ .وﺗـﺼـﺪر ﻋـﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺣﻜﺎم ذات ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ .ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺘ tﻫﻨﺎك أﺣﻜﺎم ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ )ﻻ أﺣﻜﺎم ﻋﻤﻠﻴﺔ( ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻌ ،tأﺣﻜﺎم ﺗﺘﻌﻠﻖ aﺸﺎﻋﺮ اCﺘﻌﺔ أو اﻷﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮﻫﺎ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع. ﻓﻲ اﻟﻨﻮع اﻷول ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ﺧﺎص ،ﻻ ﻳﺤﺎول اﻟﻔﺮد أن ﺘﺪ ﺑﻪ ﻧﺤﻮ اCﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ ﻳﺴﻴﺮ ــ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ــ ﻧﺤﻮ اﻟﺼﺪق اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻸﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .وﻫﺬه اﻟﻌـﻤـﻮﻣـﻴـﺔ ﻷﺣـﻜـﺎم اﻟـﺬوق ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺑﻞ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،أي أﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻤـﻴـﺔ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﻴـﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اCﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻘﻂ أﻳﻀﺎ .واﻟﺼﺪق اﻟﻌﺎم ﻛﻤﻔﻬﻮم ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﻛﺎﻧﻂ ،ﻫﻨﺎ ،ﻻ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﺣﺎﻟﺔ 99
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
إﻟﻰ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺬاﺗﻲ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع ،أي ﺻﺪﻗﻪ ﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﻞ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ واﻷﻟﻢ ﻟﺪى ﻛﻞ ﻓﺮد. واﳋﻼﺻﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ :اﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ vﺘﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم )ﻣﺸﺘﺮك( دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻣﻔﻬﻮم ﻋﻘﻠﻲ ﻣﺤﺪد ﺧﺎص ﺣﻮﻟﻪ.
اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :أﺣﻜﺎم اﻟﺬوق ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻐـﺮﺿﻴـﺔ اﳋﺎﺻـﺔ اﻟﺘـﻲ ُﺗﻮﺿـﻊ ﻓـﻲ اﻻﻋﺘﺒـﺎر
ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ﺣﻜﻢ ﻏﺎﺋﻲ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻜﻢ ﻏﺎﺋﻲ ﺑﻼ ﻏﺎﻳﺔ ،أي ﺣﻜﻢ ﺑﻼ ﻏـﺮض ﻋﻤﻠﻲ ﻣﺤﺪد .إﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺷﻜﻞ اﻟﻐﺮﺿﻴﺔ اﳋﺎص aﻮﺿﻮع ﻣﻌـt أو ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ .ﻓﻜﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﲢﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻏﺮﺿﺎ أو اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ،ﻳﻜﻮن aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﶈﺪدة ﻟﻠﺤﻜﻢ اﳋﺎص ﺣﻮل اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. وﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎك ﻏﺎﻳﺔ ذاﺗﻴﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق .ﻛﻤﺎ أن ﺣﻜﻢ اﻟـﺬوق ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺤﺪد أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻧﺘﻔﺎء اﻟﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ ﻟـﻠـﻬـﺪف ،أو اﻟﻐﺮض اCﻮﺿﻮﻋﻲ .أي ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ﻧﻔﺴﻪ ،وaﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﺒﺎد اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻐﺎﺋﻲ أو اﻟﻐﺮﺿﻲ .ﻟﻜﻦ ﻣﻦ دون أي ﻣﻔﻬﻮم ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ واCﺼﻠﺤﺔ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺣﻜﻢ ﺟﻤﺎﻟﻲ وﻟﻴﺲ ﺣﻜﻤﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ .إﻧﻪ ،ﻟﺬﻟﻚ، ﺣﻜﻢ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄي ﻣﻔﻬﻮم ﺧﺎص ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻄﺎﺑﻊ اCﻤﻴﺰ ،أو اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ، أو اﳋﺎرﺟﻴﺔ ،اﳋﺎﺻﺔ aﻮﺿﻮع ﻣﻌ.t إن اﻟﻐﺎﺋﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻏﺎﺋﻴﺔ ذاﺗﻴﺔ ،ﺗﺘﻢ ﻣــﻦ ﺧــﻼل اﻟﺘﻤﺜــﻴــﻞ اﻟﺪاﺧــﻠﻲ ﻟﻠﻤﻮﺿــﻮع ودون ﻏﺎﻳـﺔ ﻣﺤـﺪدة )ﺳــﻮاء ﻛﺎﻧــﺖ ﻣﻮﺿﻮﻋــﻴﺔ أو ذاﺗﻴﺔ( ،وأﻧــﻪ ﻓﻘــــﻂ ﻣـــــﻦ ﺧﻼل ﺷﻜـﻞ اﻟﻐﺮﺿﻴﺔ اCﺘﻀﻤﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ ﻫـﺬه ،ﻳـﺼـﺒـﺢ اCـﻮﺿـﻮع ﻣﻌﻄﻰ ﻟﻨﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻧﺼﺒﺢ واﻋ tﺑﻪ ،ﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﺿﺎ أو اﻻرﺗﻴﺎح اﻟﺘﻲ ﻜﻨﻨﺎ دون ﻣﻔﻬﻮم ﻋﻘﻠﻲ ﻣﻌ tﻣﻦ أن ﻧﻄﻠﻖ )ﻧﺼﺪر( ﺣﻜﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻮﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻋﺎم أو ﺷﺎﻣﻞ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﺳﺎس اﶈﺪد ﳊﻜﻢ اﻟﺬوق. ﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﻂ إن اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ )اCﻨﻄﻘﻴﺔ(، ﻜﻦ أن ﺗﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ أﺣﻜﺎم ﻋﻤﻠﻴﺔ أو إﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻴﺔ وأﺣﻜﺎم ﺧﺎﻟﺼﺔ ،وﺳﻮاء أ§ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ أو ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺎﻳﺎت .ﻟﻜﻨﻬﺎ ،ﻣﻊ ذﻟﻚ أﺣﻜﺎم ﺗﺘﻌﻠﻖ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻘﻮى اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،وﻛﻤﺎ ﺗﺘﺤﺪد ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ 100
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ. وﻳﺆﻛﺪ اﻟﻨﻮع اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺘﻌﺔ أو اﻷﻟﻢ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻔﺔ اﳉﻤﺎل اﳋﺎﺻﺔ aﻮﺿﻮع ﻣﺎ أو ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻟﻪ. واﻟﻨﻮع اﻷول ﻫﻮ ﺣﻜﻢ اﳊﻮاس )اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺎدﻳﺔ( ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ )اﳊﻜﻢ اﻟﺸﻜﻠﻲ( ﻫﻮ ﻓﻘﻂ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺤﺪد ،اﳊﻜﻢ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺬوق .وﻫﻜـﺬا ﻓـﺈن ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ﻳﻜﻮن ﺣﻜﻤﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻂ ﻋﻨﺪه أي إﺷﺒﺎﻋﺎت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎس اﶈﺪد ﻟﻪ .وﻣـﻊ ذﻟـﻚ ﻓـﺈن ﻫـﺬا داﺋـﻤـﺎ ﻣـﺎ ﻳـﺤـﺪث ،ﺧـﺎﺻـﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻮم اﻟﺒﻬﺠﺔ ،أو اﻻﻧﻔﻌﺎل ﺑﺪور ﻣﺸﺎرك ﻣﻌ tﻓﻲ ذﻟﻚ اﳊﻜﻢ اﻟـﺬي ﻳﻮﺻﻒ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ أي ﺷﻲء ﺑﺄﻧﻪ ﺟﻤﻴﻞ. واﳋﻼﺻﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ :اﳉﻤﺎل ﻫﻮ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑﻐﺎﺋﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺎ ،وأن ﻫﺬه اﻟﻐﺎﺋﻴﺔ ﻳﺘﻢ إدراﻛﻬﺎ دون أي wﺜﻴﻞ داﺧﻠﻲ أو ﺧﺎرﺟﻲ ﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. وﻳﺸﻴﺮ ﻛﺎﻧﻂ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻋﻠﻰ ،أي اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠﺬوق، ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﻓﻜﺮة ،ﻓﻜﺮة ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﻮم ﻛﻞ ﻓﺮد ﺑﺈﻧـﺘـﺎﺟـﻬـﺎ ﺑـﺪاﺧـﻠـﻪ ،ﺛـﻢ ﻳـﻘـﻮم ﺑﺎﳊﻜﻢ ،وﻓﻘﺎ ﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ أي ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺬوق ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺜﺎل ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق اﻟﻌﺎم ،ﺑﻞ وﺣﺘﻰ ذﻟﻚ اﻟﺬوق اﳋﺎص ﺑﻜﻞ ﻓﺮد .إن اﻟﻔﻜﺮة ﻫﻲ ﻣﻔﻬﻮم ﻋﻘﻠﻲ ،واﻟﻨﻤﻮذج أو اCﺜﺎل ،ﻫﻮ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻟﻜﻴﺎن ﻣﻔﺮد ُﻳﻌﺪ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻓﻜﺮة .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠﺬوق ﻳﺘﻜﺊ ﻳﻘﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﻏﻴﺮ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ ﺣﺎﻻﺗﻬﺎ داﺧﻞ اﻟﻌﻘﻞ ،وﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻜﻦ ﺜﻴﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﺪ& أو اﻟﻌﺮض Presentationاﻟﻔﺮدي ﻟﻬﺎ .وﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠﺬوق ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ »ﻣﺜﺎل اﳉﻤﻴﻞ« Ideal of the beautifulوﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﺎ ﻻ ﺘﻠﻚ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ،إﻻ أﻧﻨﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻹﻧﺘﺎﺟﻪ ﺑـﺪاﺧـﻠـﻨـﺎ .ﻟـﻜـﻨـﻪ ـﻮذج ـﻜـﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺎذج اﳋﻴﺎل ،وذﻟﻚ ﻷﻧـﻪ ﻳـﺘـﻜـﺊ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻌـﺮض أو اﻟـﺘـﻘـﺪ& ﻟﻸﺷﻜﺎل واﻟﺼﻮر ،وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،واﳋﻴﺎل ــ ﻓﻲ رأي ﻛﺎﻧﻂ ـــ اﻟﻌﺮض ،أو اﻟﺘﻘﺪ& ﻟﻸﺷﻜﺎل واﻟﺼﻮر. ﻫﻮ ﻣﻠﻜﺔ َ واﻟﻌﻘﻞ ﻳﻌﻨﻰ ﺑﺎCﻘﺎرﻧﺎت ،أﻣﺎ اﳋﻴﺎل ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ــ وﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻻ ﺷﻌـﻮرﻳـﺔ ـــ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺼﻮر اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﺰﻟﻖ ،أو ﺗﺘﺪاﺧﻞ ،أو ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺴﺮﻋﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺑﻌـﻀـﻬـﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ﺛﻢ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﳊﺪوث اCﺘﻜﺮر Cﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻔـﺎﻋـﻼت ﺑـ tاﻟـﺼـﻮر، ﻳﺼﻞ اCﺮء إﻟﻰ ﺻﻮرة وﺳﻴﻄﺔ ،أو ﻣﻌﺘـﺪﻟـﺔ ،أو ﻋـﺎﻣـﺔ Averageﺗﻘﻮم ﺑﺪورﻫـﺎ 101
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺜﻞ اﳉﻤﻴﻊ.
اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ :اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﳉﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺿﻮء اﳉﻬﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ أو اﻹﺷﺒﺎع اﳋﺎص ﺑﺎﳌﻮﺿـﻮع) :أي ﻣﻦ ﺣﻴـﺚ اﻹﻣﻜﺎن أو اﻟﻀـﺮورة(
ﻳﺮﺗﺒﻂ »اﳉﻤﻴﻞ« ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺿـﺮوري ـــ ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ ﻛـﺎﻧـﻂ ـــ ﺑـﺎﻟـﺮﺿـﺎ أو اﻹﺷﺒﺎع ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟـﻀـﺮورة ،ﺿـﺮورة ﻣـﻦ ﻧـﻮع ﺧـﺎص ،إﻧـﻬـﺎﻟـﻴـﺴـﺖ ﺿـﺮورة ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،ﻜﻦ أن ﻧﻌﺮف ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺒﻖ )أو ﻗﺒﻠﻲ( أن ﻛﻞ ﻓﺮد ﺳﻴﺸﻌﺮ aﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺮﺿﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻮﺿﻮع اﳉﻤﻴـﻞ .ﻛـﻤـﺎ أﻧـﻬـﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺿﺮورة ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﺧﻼﻟﻬﺎ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻛﻘﺎﻋﺪة ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎت اﳊﺮة اﻟﻨﺸـﻄـﺔ ﺑـﺤـﻴـﺚ ﺗـﻌـﻤـﻞ ﺑـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ ﻣـﺤـﺪدة ﻓـﻲ ﺿـﻮء ﻗـﺎﻧـﻮن ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻣﻌ.t ﻟﻜﻦ اﻟﻀﺮورة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺿﺮورة ﻜﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺿﺮورة ﻮذﺟﻴـﺔ ،Exemplaryأي ﺿﺮورة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ،أو اﻟﺘﺴﻠـﻴـﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻣﻌ tﻳﻌﺘـﺒـﺮ ـﻮذﺟـﺎ و ـﺜـﻼ ﻟـﻘـﺎﻋـﺪة ﻋـﺎﻣـﺔ ،أو ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﻻ ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﺮرﻫﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ .وﺣﻴﺚ إن اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﺣﻜﻤﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ،ﻛﺬﻟﻚ ،ﻟﻴﺲ ﻣﺴﺘﻤﺪا ﻣﻦ أي ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻣﺤﺪدة، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺣﻜﻤﺎ ﻗﺎﻃﻌﺎ أو ﺟﺎزﻣﺎ. وﻫﺬه اﻟﻀﺮورة اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻨﺴﺒﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ﺿﺮورة ﻣﺸﺮوﻃﺔ: ﻓﺤﻜﻢ اﻟﺬوق ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﻮﺟﻮب أو اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷﻓﺮاد .إن ﺷﺮط اﻟﻀﺮورة ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻜﺮة »اﳊﺲ اCﺸـﺘـﺮك a ،«Common senseﻌﻨﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﻔﺘـﺮض وﺟﻮد إﺣﺴﺎس ﻋﺎم »ﻳﺠﻤﻊ ﺑ tﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﺸﺮ ،ﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺗﺒﺎدل اﻻﻧﻄﺒﺎﻋـﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ أﻣﺮا ﻜﻨﺎ« .وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن اﳉﻤﺎل ﻫﻮ aﻨﺰﻟـﺔ »آﻣـﺮ أﺳﺘﺎﻃﻴﻘﻲ« ﻳﺸﺒﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ »اﻵﻣﺮ اﻷﺧﻼﻗﻲ« ﻣﻦ ﺣﻴﺚ إﻧﻪ أوﻟﻲ وﺿﺮوري ﻣﺜﻠﻪ ،وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻄﻠﻘﺎ أو ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮوط» ،ﻛﺎﻵﻣﺮ اﻷﺧﻼﻗﻲ« ).(٢٧ إن ﻫﺬا »اﳊﺲ اCﺸﺘﺮك« واﻟﺬي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻻ ﻧـﻔـﻬـﻢ اCـﻌـﻨـﻰ اﳋـﺎرﺟـﻲ وﻟﻜﻦ اﻷﺛﺮ اﻟﻨﺎﰋ ﻋﻦ اﻟﻠﻌﺐ ﺑﻘﻮاﻧﺎ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻫﻮ اﻟﺸﺮط اCﺴﺒﻖ اﻟﺬي ﻜﻦ أن ﻳﻘﻮم ﻓﻲ ﻇﻠﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق وﻳﺮﺗﻘﻲ .وﻫﺬا اﻷﺛﺮ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،وﻟﻴﺲ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻌﻘﻠﻲ ،واﻟﻌﺎم وﻟﻴﺲ اﻟﻔﺮدي ،ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻨﺪ ﻛﺎﻧﻂ. واﳋﻼﺻﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ :اﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻟﺘـﻌـﺮف ﻋـﻠـﻴـﻪ دون أي ﻣـﻔـﻬـﻮم 102
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻋﻘﻠﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻮﺿﻮع ﻟﻺﺷﺒﺎع أو اﻻرﺗﻴﺎح اﻟﻀﺮوري. وﻫﻜﺬا ﺗﺼﻒ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟﻰ )ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ( اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ﻣﻨﺰﻫﺎ ﻋﻦ اﻟـﻐـﺮض ،أي ﻛـﻴـﻒ ﻳـﺘـﻤـﻴـﺰ ﻫـﺬا اﳊـﻜـﻢ ﻋـﻦ اﻷﺣﻜﺎم اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﺬﻳﺬ واﻟﻨﺎﻓﻊ .أﻣﺎ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ )ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻜﻢ( ﻓﺘﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ،أو اﻟﺸﻤﻮل اﳋﺎص ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،واﻟـﺬي ﻫـﻮ واﺣﺪ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺒﺎد اﻷوﻟﻴـﺔ .وﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻮﻣـﻴـﺔ ذاﺗﻴﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ .وﺗﺼﻮر اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ )ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻌﻼﻗـﺔ( ﻓـﻜـﺮة اﻟﻐﺮﺿﻴﺔ دون ﻏﺮض ،أو اﻟﻐﺎﺋﻴﺔ ﺑﻼ ﻏﺎﻳﺔ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﻷﻏﺮاض اﳊﺴﻴﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﺼـﻮرﻳـﺔ اﻟـﻌـﻘـﻠـﻴـﺔ. وأﺧﻴﺮا ،ﻓﺈن اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ )ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳉﻬﺔ( ﺗﻔﺴﺮ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻜـﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻀﺮورة اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺬوق ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻋﻦ اﻟﻀﺮورة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ أو اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ. وﺣﻴﺚ إن اﻟﻀﺮورة ﻫﻲ اﳋﺎﺻﻴﺔ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺒﺎد اﻷوﻟﻴﺔ أو اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻠﺤﻈﺘ tاﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺗﻘﺪﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌـﺔ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ )اﻷوﻟﻴﺔ( ﳊﻜﻢ اﻟﺬوق .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻮم اﻟﻠﺤﻈﺘﺎن اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﺘﻤﻴﻴـﺰ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﺗﺆﻛﺪان ﻋﻠﻰ اﺳﺘـﻘـﻼل ﻣـﺎ ﻫـﻮ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﻤﺎ ﻋﺪاه .وﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﻇﻠﺖ ﺑﺎﻗﻴﺔ وﻣﺘـﻜـﺮرة ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻔـﻜـﻴـﺮ اﳊـﺪﻳـﺚ )ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻔﻜﺮة اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻔﻦ ﻣﺜﻼ(. وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺗﻘﺪم ﻟﻨﺎ اCﻔﻬﻮم اﳋﺎص ﺑﺎﳊﺲ اCﺸﺘﺮك ،وﻫﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺒﺢ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ أﺷﻜﺎل اﻻﺳﺘﺪﻻل اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ. ﺑﻌﺪ ﲢﻠﻴﻞ ﻛﺎﻧﻂ ﳊﻜﻢ اﻟﺬوق ﺟﺎءت ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﻦ .ﻓﺎﻟﻔﻨـﺎن ـــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻓﻨﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻧﺨﻀﻌﻪ ﻟﻠﺤﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻘﻮم ﺑﺈﻣﺘﺎع أو إﺷﺒﺎع اﻟﺬوق ﻟﺪﻳﻨﺎ .وﻣﻬﻤﺔ اﻟﻔﻨﺎن إذن ﻫﻲ إﻧﺘﺎج ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺸﺮوط اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻔﻦ ﺧﺎص )ﻛﺎﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ واﻟـﻨـﺤـﺖ...إﻟـﺦ( ،وﻓـﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع ﺟﻤﻴﻼ .واﻟﻔﻨﺎن ،ﻛﺒﻌﻘﺮي ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ﺑـﺎﻟـﻐـﺮض )اﻟـﻘـﺼـﺪ( اﳋـﺎص ﺑـﺸـﺮوط أﺣـﺪ اﻟﻔﻨﻮن اﳋﺎﺻﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻔﻲ ﺑﺎﻟﻬﺪف اﻷﺻـﻴـﻞ اﳋـﺎص ﺑـﺈﺷـﺒـﺎع اﻟﺘﺬوق .ﻓﺎCﺒﻨﻰ اCﻌﻤﺎري ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻔﻴﺪا وﺟﻤﻴﻼ .واﻟﻌﻤﻞ اCﻮﺳﻴﻘـﻲ 103
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت وأن ﻳﺜﻴﺮﻫﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺟﻤﻴﻼ ،و ﻜﻦ أن ﻧﺴﻤﻲ اﻟﻔﻦ ﺟﻤﻴﻼ ،وﻳﻜﻮن اﻟﻔﻦ ﺟﻤﻴﻼ ﺑـﻘـﺪر ﻣـﺎ ﻳـﺸـﺒـﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻫﺬا إذا ﻛﻨﺎ واﻋ tﺑﻪ ﻛﻔﻦ. وﻳﻜﻮن اﻟﻔﻦ اﳉﻤﻴﻞ أﻣﺮا ﻜﻨﺎ ،ﻓﻘﻂ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ،واﻟﻌـﺒـﻘـﺮي ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻏﻨﺎء ﺧﻴﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،أي ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻟﻠﺨﻴﺎل اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺼﻮرا ﻓﻲ ﻓﻜﺮة ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ .وﻳﻌﺪ ﻫﺬا أول ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺣﺪﻳﺚ ﻟﻠﺮﻣﺰ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ رأي »ﻫﻮﻓﺴﺘﺎﺗﺮ وﻛﻮﻧﺰ«).(٢٨ وﺗﺼﺒﺢ اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ،إذن ،ﻫﻲ اCﻠﻜﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟـﺸـﻜـﻞ ﻫﻮ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﳋﺎرﺟﻲ ﻋﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺷﻜﻼ ﻣﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺎ أم ﻣﻌﻤﺎرﻳﺎ أم ﺷﻌﺮﻳﺎ ...إﻟﺦ .وﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻫﻮ اCﻮﺿﻮع اCﻨﺎﺳﺐ ﳊﻜﻢ اﻟﺬوق. وﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻫﻮ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،رﻣـﺰ ﻟـﻠـﺨـﻴـﺮ اﻷﺧـﻼﻗـﻲ ،وذﻟـﻚ ﻷن ﺑﻴﻦ أن ﻫﻨﺎك ﺗﻨﺎﻇﺮا ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑ tﺣﻜﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻛﺎﻧﻂ ﻗﺪ ﱠ ﺑﺄﻧﻪ ﺟﻤﻴﻞ ،وﺣﻜﻤﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﳋﻴﺮ اﻷﺧﻼﻗﻲ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﺮﺑﻴـﺔ اﻟﺸﻌﻮر اﻷﺧﻼﻗﻲ ــ ﻫﻲ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﺷﺮط ﺿـﺮوري ﻣـﺴـﺒـﻖ ﻟـﺘـﻬـﺬﻳـﺐ اﻟـﺬوق اﻟﻔﻨﻲ أو ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ).(٢٩ ﻫﻨﺎك ،ﻛﺬﻟﻚ ،أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﺨﻴﺎل اﳊﺮ ــ ﻓـﻲ ﺗـﺼـﻮر ﻛـﺎﻧـﻂ ﻟـﻠـﺘـﺬوق واﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ــ وذﻟﻚ ﻷن ﺣﺮﻳﺔ اﳋﻴﺎل ﺗﻜﻤﻦ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟـﺘـﺨـﻄـﻴـﻂ Schematizationدون أي ﺗﺼﻮر أو ﻣﻔﻬـﻮم ﻋـﻘـﻠـﻲ ﻣـﺤـﺪد. وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺣﻜﻢ اﻟﺬوق ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﻮﺟﻮد ﻧـﺸـﺎط ﺗﺒﺎدﻟﻲ ﺑ tاﳋﻴﺎل ــ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻪ اﳊﺮة ــ واﻟﻔﻬﻢ ،ﻓﻲ اﻧﺼﻴﺎﻋﻪ أو ﺧﻀـﻮﻋـﻪ ﻟﻠﻘﻮاﻧ .tإﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ــ ﻟﺬﻟﻚ ــ أن ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اCﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﺧﻼل ﻏﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،أي اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ُﻳﻌﻄﻰ اCﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ أو ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺰاﺋﺪ ﻟﻠﻤﻠﻜﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳋﻴﺎل ﺧﻼل ﻟﻌﺒﻬﺎ اﳊﺮ. ﻳﺸﺘﻤﻞ اﻟﺬوق إذن ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺣﻜﻤﺎ ذاﺗﻴﺎ ،ﻋﻠـﻰ ﻣـﺒـﺪأ ﻟـﻠـﺘـﺼـﻨـﻴـﻒ ،ﻟـﻴـﺲ ﻟﻠﺤﺪوس ــ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﻊ أدﻧﻰ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ــ وﻟﻜﻦ Cﻠﻜـﺔ اﳊـﺪوس )أي اﳋﻴﺎل( اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻣﻠﻜﺔ اCﻔﺎﻫﻴﻢ )أي اﻟﻔﻬﻢ( ،وﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻨﺪه اCﻠﻜﺔ اﻷوﻟﻰ أن ﺗﺘﻨﺎﻏﻢ ،ﺧﻼل ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ،ﻣﻊ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻲ 104
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﺧﻀﻮﻋﻬﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن .إن أﺣﻜــﺎم اﻟﺬوق أﺣﻜﺎم ﺗﺮﻛﻴﺒــﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻷﻧــﻬﺎ ﺗﺬﻫـــــﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﶈﺪدة ،ﺑــﻞ إﻟــﻰ ﻣــﺎ وراء اﳊــﺪوس اﳋﺎﺻــﺔ ﺑﺎCﻮﺿــﻮع، وﺗﻘــﻮم ﺑﺈﺿﺎﻓــﺔ ﻣﺤﻤــﻮل ﻣﺎ إﻟﻰ اﳊـﺪس ،أي ﺗـﻀـﻴـﻒ إﻟـﻰ اﳊـﺪس ﺷـﻴـﺌـﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ،أﻗﺼﺪ ــ ﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﻂ ــ ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر اCﻤﻴﺰ ﺑﺎCﺘﻌﺔ أو اﻷﻟﻢ. واﻟﻔﻦ اﳉﻤﻴﻞ ﻓﻲ رأي ﻛﺎﻧﻂ ﻫﻮ ﻓﻦ اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ،واﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﻮﻫﺒﺔ )أو ﻫﺒﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ( ﻨﺢ اﻟﻘﺎﻋﺪة )أو اﻟﻘﺎﻧﻮن( ﻟﻠﻔﻦ .واCﻮﻫﺒﺔ ﻣﻠﻜﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن وﺗﻨﺘﻤﻲ ﺑﺬاﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓـﺈن اﻟـﻌـﺒـﻘـﺮﻳـﺔ ﻫـﻲ اﺳـﺘـﻌـﺪاد ﻋﻘﻠﻲ ﻓﻄﺮي ﺗﻘﻮم ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺈﻋﻄﺎء اﻟﻘﺎﻋﺪة أو اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻠﻔﻦ. وﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﻂ ﻛﺬﻟﻚ »إن اﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺷﻲء ﺟﻤﻴﻞ ،ﻓﻲ ﺣ tأن اﳉﻤﺎل اﻟﻔﻨﻲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺟﻤﻴﻞ ﻟﺸﻲء ﻣﺎ« .واﻟﺬوق ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻠﻜﺔ ﺧﻠﻖ أو إﺑﺪاع ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻠﻜﺔ ﺣﻜﻢ ﻓﻘﻂ ،وإن ﻣﺎ ﻳﻼﺋﻢ اﻟﺬوق ﻻ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻀﺮورة »ﻋﻤـﻼ ﻓـﻨـﻴـﺎ«، وإ ﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺠﺮد أﺛﺮ ﺻﻨﺎﻋﻲ ،أو ﻧﺘﺎج ﻧﻔﻌـﻲ أو ﻋـﻤـﻞ آﻟـﻲ ﻣـﻴـﻜـﺎﻧـﻴـﻜـﻲ ﺻﺮف ).(٣٠ وﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻟﻔﻨﻮن اﳉﻤﻴﻠﺔ أن ﺗﻀﻔﻲ ﺟﻤﺎل اﻟﺼﻮرة ﻋﻠﻰ أﺷﻴﺎء ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ دﻣﻴﻤﺔ ،أو ﻣﻨﻔﺮة ،أو ﺑﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑـﻌـﺪم اﻻرﺗﻴﺎح ،ﻓﺎﻟﺜﻮرات واﳊﺮوب واﻷﻣﺮاض وﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺪﻣﺎر ،وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺑﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻮر ،ﻗﺪ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻟﻘﻄﻊ أدﺑﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ أو ﻟﻠﻮﺣﺎت ﻓﻨﻴﺔ راﺋﻌﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻘﺒﺢ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻻ ﻜﻦ ﺗﺼﻮﻳﺮه دون أن ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻟﺬة ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺟﻤﺎل ﻓﻨﻲ ،ﻓﻬﻮ اﻟﻘﺒﺢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﺬي ﻳﺜﻴﺮ اﻟﺘﻘﺰز أو اﻻﺷﻤﺌﺰاز .وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ أن ﻓﻨﺎ ﻛﻔـﻦ اﻟﻨﺤﺖ )وﻫﻮ ﻓﻦ ﺗﺨﺘﻠﻂ ﻓﻴﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ( ﻗﺪ اﲡﻪ ﻧﺤﻮ اﺳـﺘـﺒـﻌـﺎد ﺷـﺘـﻰ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻘﺒﻴﺤﺔ ﻣﻦ داﺋﺮة إﻧﺘﺎﺟﻪ اCﺒﺎﺷﺮ .ﺑﻴﻨﻤﺎ راح اCﺜﺎﻟﻮن ﻳـﺼـﻮرون ﻟﻨﺎ أﺷﺪ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﻫﻮﻻ ﻛﺎﳊﺮب واCﻮت )ﻣﺜﻼ( ﺑﺼﻮرة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺗﺮﺗﺎح Cﺮآﻫﺎ اﻷﻋ .tوإن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ،ﺗﺴﺘﻨـﺪ ـــ ﻓـﻲ رأﻳﻪ ــ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻘﻠـﻲ ،ﻻ إﻟـﻰ اﳊـﻜـﻢ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ وﺣﺪه. ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻧﻼﺣﻆ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻛﺎﻧﻂ ــ ﺑ tﺗﻠﻚ اCﻨﺘﺠﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اCﺰﻋﻮﻣﺔ، ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ﺑﻼ ذوق ،أو ذوﻗﺎ ﺑﻼ ﻋﺒﻘﺮﻳـﺔ .وﻳـﺨـﻠـﺺ ﻛـﺎﻧـﻂ إﻟـﻰ ﺿـﺮورة اﲢـﺎد اﻟﺬوق واﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻣﺎ دام ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري أن ﻳﺘـﻮاﻓـﺮ ﻛـﻞ ﻣـﻦ 105
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
»اﳊﻜﻢ واﺨﻤﻟﻴﻠﺔ« ﻓﻲ اﻟﻔﻦ .ﻓﺎﻟﻔﻨﺎن اﻟﻌﺒﻘﺮي ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻠـﻜـﺎت أرﺑـﻊ ﻫـﻲ: اﺨﻤﻟﻴﻠﺔ واﻟﻔﻬﻢ واﻟﺮوح واﻟﺬوق ).(٣١ ﺗﺘﺮدد أﺻﺪاء أﻓﻜﺎر ﻛﺎﻧﻂ ﻫﺬه وﻏﻴـﺮﻫـﺎ ﺑـﻘـﻮة ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎﺑـﺎت اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ واﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔﺴﻴ .tوﻧـﻜـﺘـﻔـﻲ ﺑـﺎﻹﺷـﺎرة ﻫـﻨـﺎ ﻓـﻘـﻂ إﻟـﻰ ذﻟـﻚ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻔﻜﺮة اﳊﺲ اCﺸﺘﺮك ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻛﺎﻧﻂ )اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ(، وأﻳﻀﺎ ﻓﻜﺮة ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪﻳﻪ )اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( ﻋﻠﻰ دراﺳﺎت ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ )ﻣﻦ أﺻﻞ أCﺎﻧﻲ( ﻫﺎﻧﺰ إﻳﺰﻧﻚ ،وﻛﺬﻟﻚ دراﺳﺎت زﻣﻼﺋﻪ أﻳﻀﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺳﻮﻳﻒ وأﻳﻮاواﻛﻲ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻼﺣﻆ ﻗﺮاﺑﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺑ tﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻛﺎﻧﻂ ﺣﻮل اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻋﻠـﻰ أو اﻟـﻨـﻤـﻮذج اﻷﺻـﻠـﻲ ﻟـﻠـﺬوق )اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ( ،وﺑ tﻓﻜﺮة اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﺻﻠﻲ ﻟﺪى ﻳﻮﱋ )ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﲢﻠﻴﻠﻲ ﻧﻔﺴﻲ( ،وأﻳﻀﺎ اﻟﺮﺑﻂ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ ﻓﺨﻨﺮ ﺑ tاﳉﻤﺎل واﳋﻴﺮ وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻜﺮة »اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ« ﻟﺪى ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ )ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻣﻌﺮﻓﻲ( .ﻛﻤﺎ ﺗﺘـﺮدد أﻳـﻀـﺎ أﻓﻜﺎر ﻛﺎﻧﻂ ﺣﻮل اﻟﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ واﻟـﺘـﺨـﻄـﻴـﻂ واﳋـﻴـﺎل ﻓـﻲ ﻛـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ اﻟـﻜـﺘـﺎﺑـﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴـﺔ اCـﻌـﺎﺻـﺮة ﺧـﺎﺻـﺔ ﻟـﺪى أﺻـﺤـﺎب اﻻﲡـﺎﻫـﺎت اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ،ﻣـﻊ اﻻﺧﺘﻼف ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ﻓﻲ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اCﻔﺎﻫﻴﻢ وﲢﻠﻴﻠﻬﺎ ،وإن ﻇﻠﺖ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم وراء ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ،ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻛﺎﻧﻂ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸـﺮ وﺑـﺪاﻳـﺔ اﻟـﻘـﺮن اﻟـﺜـﺎﻣـﻦ ﻋـﺸـﺮ أﻳﻀﺎ. ﻻﺑﺪ أن ﻧﺸﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ ﻴﻴﺰات ﻛﺎﻧﻂ ﺑ tاﳉﻤﻴﻞ واﳉﻠﻴﻞ) ،أي ﺑ tاﻹﺣﺴﺎس ﺑﺰﻫﺮة ﺟﻤﻴﻠﺔ ،واﻹﺣﺴﺎس ﺑﺒﺤﺮ ﻏﺎﺿﺐ أو ﻋﺎﺻﻒ أو ﺟﺒﻞ ﺷﺎﻣﺦ ﻣﺜﻼ( ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﺎرﺗﺒﺎط اﳉﻤﻴﻞ ﺑﺎCﺘﻌﺔ ﻓﻘﻂ. وارﺗﺒﺎط اﳉﻠﻴﻞ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺘﺰج ﻓﻴﻬﺎ اCﺘﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﻀﻴﻖ أو اﻷﻟﻢ أو ﻋﺪم اﻻرﺗﻴﺎح ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﺑ tاﺨﻤﻟﻴﻠﺔ واﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺮﻫﺒﺔ واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳉﻼل ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ وﺟﻮد ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻟﻮﺟﻮد ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺷﻌﻮرﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑ tﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ،وأﻳﻀﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﳋﺎﺻﺔ اCﻮﺟﻮدة ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ اﳉﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ، وﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﺮدد ﺑﺘﻨﻮﻳﻌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﺗﻔـﺴـﻴـﺮات وﻳﻠﺴﻮن وﻏﻴﺮه ،ﻟﻠﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ واﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻓﻲ اCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وﻏﻴﺮﻫـﻤـﺎ ﻣـﻦ ﻓﻨﻮن اﻷداء وﻛﻤﺎ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﺧﻼل اﻟﻔـﺼـﻞ اﳊـﺎدي 106
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
ﻫﻴﺠﻞ وﲡﺴﻴﺪ اﻟﻔﻦ ﻟﻠﻤﻄﻠﻖ
ﻫﻴﺠﻞ ) ١٧٧٠ــ (١٨٣١ﻫﻮ اﻟﻌﻤﻼق ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ــ ﻛﻤﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ روس ـــ ﺑـ tﻣـﻦ ﺟﺎؤوا ﺑﻌﺪ ﻛﺎﻧﻂ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺪﻳﻦ ﻟــ ﻛﺎﻧﻂ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻓﻜﺎره اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎم أﻳﻀﺎ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ اCﻬﻤﺔ واﳉﺪﻳﺪة ﺣﻮل اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻔﻜﺮ واﻟﻔﻦ).(٣٢ اﻣﺘﺰﺟﺖ اﻟﻔﻜﺮة اCﻮﺟﻮدة ﻟﺪى ﻛﺎﻧﻂ واﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن ﻣﺒﺎد اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﻔﻬﻢ ﻣﻮﺟﻮدة داﺧﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻮﻋﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ذاﺗﻪ ،وﻳﺘﻢ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸﺮوط اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄي ﺧـﺒـﺮة ـﻜـﻨـﺔ ،اﻣـﺘـﺰﺟـﺖ ﻟﺪى ﻫﻴﺠﻞ ﺑﻔﻜﺮة اﳊﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻨﺢ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﻨﻈﺎم ﻟﻠﻔﺮد .وﻗـﺪ ﻧـﺘـﺞ ﻋـﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺑ tاﻟﻔﻜﺮﺗ tﺗﺼﻮر ﺧﺎص ﺣﻮل اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺴﺎرا ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﻮﻋﻲ ،ﺗﻘﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺮك ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ إﻟﻰ اﻟـﻮﻋـﻲ اﻟـﺬاﺗـﻲ ،ﺛـﻢ إﻟـﻰ وﻋـﻲ اﻟـﺬات ﺑﺄﻧﻬﺎ واﻋﻴﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ .وﻗﺪ أدرك ﻫﻴﺠﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ارﺗﻘﺎء اﻟﻮﻋﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺪﻟﻴﺔ ،ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﳊﻈﺎت ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ وﻣﺒﺎد ﻣﺘﺼﺎرﻋﺔ ﻳﺘﻢ اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺮﻛﺐ ﻧﻘﻴﻀ tﻳﻀﻢ ﻛﻞ اﻟﻠﺤﻈﺎت وﻛﻞ اCﺒﺎد ، وﻳﻌﻠﻮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ .وﻛﻞ ﺣﻞ ﻟﻠﺼﺮاع أو ﻣﺮﻛﺐ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﻨﻘﻴﻀ tﻳﺸﺘﻤﻞ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت ،أو اCﺒﺎد أو اﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ أدت إﻟﻴﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﺗﻌﺎود ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ اﳉﺪﻟﻲ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺼﺮاع ،ﻣﺮة أﺧﺮى ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. إن اﻟﺮوح اCﻄﻠﻖ ،أو اﻟﻔﻜﺮة اCﻄﻠﻘﺔ ﺗﻜﻮن ﻣﺪرﻛﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﳋﺎص ،أي ﻣﻦ ﺧﻼل ﲢﻮل اﺠﻤﻟﺮد إﻟﻰ ﻣـﺠـﺴـﺪ ،أو اﻟـﺸـﺎﻣـﻞ إﻟـﻰ ﻋـﻴـﺎﻧـﻲ ﻣﺤﺴﻮس. وﻗﺪ ﻧﻈﺮ ﻫﻴﺠﻞ إﻟﻰ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺤﺪودا ﻧﺘﻴـﺠـﺔ ﻟـﻠـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﳊـﺴـﻴـﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻄﻪ .ﻓﻬﻮ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟـﻨـﻬـﻮض أو اﻟـﻮﺻـﻮل إﻟـﻰ اﻹدراك اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻮﻋﻲ اﻟﺬاﺗﻲ أو اﻟﺮوح. واﻟﻔﻦ ﻫﻮ أﺣﺪ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺷﻐﻠﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ .ﻓﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻫﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،أو ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺘﻪ اﻟﻘﺼﻮى ،وﻣﺎ اﻟﻔﻦ ﺳـﻮى ﺧﻄﻮة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻘﻞ ﻧﺤﻮ اﳊﻘﻴﻘﺔ ).(٣٣ وﻗﺪ اﻋﺘﺒﺮ ﻫﻴﺠﻞ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ ﻫـﻲ ذروﺗـﻪ ،وذﻟـﻚ ﻷﻧﻬﺎ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﲡﺴﺪ ﻓﻴﻬﺎ اCﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺷـﻜـﻞ ﺣـﺴـﻲ .أﻣـﺎ 107
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ،ﻓﺘﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻓـﻬـﻢ ﳉـﺬور اﻟﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺬاﺗﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺤﺼﻠﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜـﻴـﺔ ﻓـﻲ رأﻳـﻪ ﻛـﺎﻧـﺖ إﳒـﺎزا ﻓﻨﻴﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﺤﺪودﻳﺔ. »وﺧﻼل اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ وﺟﺪ ﻫﻴﺠﻞ أﻧﻪ ﺧﻼل اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺮﻣﺰي ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﻔﻜﺮة ﻗﺪ وﺟﺪت ﺷﻜﻠﻬﺎ اﳋﺎص ،وﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ، ﺣﺪث ﺗﻨﺎﻏﻢ ﺑ tاﻟﻔﻜﺮة واﻟﺸﻜﻞ ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘـﻴـﻜـﻴـﺔ ﻓـﺘـﻢ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺬاﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﺗﻨﺎﻏﻢ اﻟﺸﻜﻞ أو ﻫﺎرﻣﻮﻧﻴﺘﻪ«).(٣٤ وﻳﺮى ﻫﻴﺠﻞ أن ﻓﻦ اﻟﻌﻤﺎرة ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن ،ﺑﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﻌـﺒـﺮ ﻓـﻦ اﻟـﻨـﺤـﺖ ﻋـﻦ اCـﺮﺣـﻠـﺔ اﻟـﻜـﻼﺳـﻴـﻜـﻴـﺔ ،أﻣـﺎ اCـﺮﺣـﻠـﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻋﺒﺮت ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺸﻌـﺮ وﻗﺪ وﺻﻒ ﻫﻴﺠﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓﻦ اﻟـﺸـﻌـﻮر ،واﳊـﺎﻟـﺔ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ اﻟـﻠـﺬان ﻳﺆدﻳﺎن إﻟﻰ إﺛﺎرة أﻧﻮاع ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اCﺸﺎﻋﺮ ،واﳊﺎﻻت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ .وﻛﺎﻧﺖ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ ﻧﻈﺮه »اﻟﻔﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻲ ،ﻣﻊ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ.(٣٥)« ... وﺣ tﻳﻔﺎﺿﻞ ﻫﻴﺠﻞ ﺑ tاCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻳﺮى أن »ﻟﻠـﻔـﻨـﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮﻳﺔ وﺟﻮدا ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻓﻲ اCﻜﺎن ،ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺤﺖ أﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،إذ إﻧﻨﺎ ﻧﺮى اﻷول ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺷﻲء ﺧﺎرج ﻋﻨﺎ .أﻣﺎ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻟﻬﺎ ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اCﻜﺎن ،إذ إن ﻣﺎﻫﻴﺘﻬﺎ اﻟﺒـﺎﻃـﻨـﺔ ﺗـﺘـﺄﻟـﻒ ﻣـﻦ اﻹﻳﻘﺎع ذاﺗﻪ ،وCﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻓﺈن اﻧﻔﺼﺎل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺘﺬوﻗﻪ ﻳـﺨـﺘـﻔـﻲ ﺑـﺪوره .وﻋـﻠـﻰ ذﻟـﻚ ﻓـﺈن اﻟـﻌـﻤـﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻳﺘﻐﻠﻐﻞ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎق اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ وﻳﻨﺪﻣﺞ ﻓﻲ ذاﺗﻴﺘﻬﺎ اﻧﺪﻣﺎﺟﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻢ« ).(٣٦ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن ﻫﻴﺠﻞ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﺨﺘﺰل ﺗﺎر ﻳﺦ اﻟﻔﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﻔﻦ اﻟﺮﻣﺰي ،واﻟﻔﻦ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ،واﻟﻔﻦ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻲ» ،ﻷن ﻫﺬه اﻷ ﺎط ﺗﻘﺪم ﺻﻮرا ﻟﺘﺼﻮرات اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ اﻟﻔﻦ ،وﻳﺤﻔﻞ ﻛﻞ ﻂ ﺑﺘﻘﺴﻴﻤﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ ﻋﺪة .ﻓﺎﻟﺼﻮرة اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﻣﺜﻼ ،ﺗﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﺛﻼث ﺻﻮر ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اﻟﺮﻣﺰي ﻫﻲ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﻼواﻋﻴﺔ ورﻣﺰﻳﺔ اﳉﻠﻴﻞ .واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﻮاﻋﻴﺔ ،وﻛﻞ ﺻﻮرة ﲢﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺎذج ،وﻛﻞ ﻮذج ﻳﻘﺪم ﻟﻪ ﻫﻴﺠﻞ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎت ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺘـﺎرﻳـﺦ 108
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
واﻟﻔﻦ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪا ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﻘﺒﺔ أو ﺗﻠﻚ« ).(٣٧ وﻳﺮى ﻫﻴﺠﻞ أن اﳉﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻳـﺮﺟـﻊ إﻟـﻰ اﲢـﺎد اﻟـﻔـﻜـﺮة aـﻈـﻬـﺮﻫـﺎ اﳊﺴﻲ ،واﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻔﻜﺮة ذاﺗﻬﺎ ﻳﻜﻮن اﳊﻖ ،واﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ اﳊﺴﻲ ﻳﻜﻮن اﳉﻤﺎل. »أﻣﺎ اﻟﻔﻦ ﻓﻴﺮﺗﻔﻊ ﺑﺎﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﳊﺴـﻴـﺔ إﻟـﻰ اCـﺴـﺘـﻮى اCـﺜـﺎﻟـﻲ، وﻳﻜﺴﺒﻬﺎ ﻃﺎﺑﻌﺎ ﻛﻠﻴﺎ ﺣ tﻳﺨﻠﺼﻬﺎ ﻣﻦ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﻌﺮﺿﻴﺔ واCـﺆﻗـﺘـﺔ ،ﻓـﺎﻟـﻔـﻦ ﻳﺮد اﻟﻮاﻗﻌﻲ إﻟﻰ اCﺜﺎﻟﻴﺔ وﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑـﻪ إﻟـﻰ اﻟـﺮوﺣـﺎﻧـﻴـﺔ ،واﻟـﻔـﻜـﺮة إذا ﺗـﺸـﻜـﻠـﺖ ﺗﺸﻜﻼ داﻻ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮرﻫﺎ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺜﺎل« ).(٣٨ »ﺧﻼل اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺮﻣﺰي ﻣﻦ اﻟﻔﻦ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺑﺤﺚ ﻋﻦ اCﺜﺎل ،وﻋﻦ اﲢﺎد ﻟﻠﻔﻜﺮة ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎرﺟﻲ .وﺧﻼل اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ § ﺑﻠﻮغ اCﺜﺎل واﲢﺪت اﻟﻔﻜﺮة ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎرﺟﻲ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﺣﻤﻴﻢ ،أﻣﺎ ﺧﻼل اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺮوﻣﺎﻧـﺘـﻴـﻜـﻲ ﻓﺘﺘﺨﻠﺺ اﻟﻔﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﶈﺪود وﺗﺪرك ﻧﻔﺴﻬﺎ روﺣﺎ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﲢﺪﻳﺪ ،ﻣﺘﺠﺎوزة اﻷﺷﻜﺎل اﳊﺴﻴﺔ اﶈﺪودة ،وﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻜﺎل اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ اﳊﺴﻲ ،وﲢﻠﻖ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟـﺒـﺎﻃـﻦ وﺗـﻬـﺠـﺮ اﳋـﺎرﺟـﻲ ﻟـﻜـﻲ ﺗﻨﻐﻠﻖ ﻋﻠﻰ ذاﺗﻬﺎ ،وﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺸﻜﻞ ﻏﺮﻳﺒـﺎ ﻋـﻦ اﻟـﻔـﻜـﺮة ﺑـﻌـﻜـﺲ اﳊـﺎل ﻓـﻲ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ،ﺣ tﻛﺎن اﻟﺸﻜﻞ ﻣﺆﺗﻠﻔﺎ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮة وﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺎ ﻣﻌﻬﺎ«).(٣٩ »اﳉﻤﺎل ﻓﻲ رأي ﻫﻴﺠﻞ ﻫﻮ :اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻮﺣﺪة اCﺒﺎﺷﺮة ﺑt اﻟﺬات واCﻮﺿﻮع .وﻫﺬا اﳉﻤﺎل ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ درﺟﺎﺗﻪ إﻻ ﻓﻲ اﳉﻤﺎل اﻟﻔﻨﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺮوح )أو اﻹﻧﺴﺎن( ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﳉـﻤـﺎل اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻲ ﻫـﻮ أول ﺻﻮرة ﻣﻦ ﺻﻮر اﳉﻤﺎل ،ﻷﻧﻪ اﻟﺼﻮرة اﳊﺴـﻴـﺔ اﻷوﻟـﻰ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﺠـﻠـﻰ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟﻔﻜﺮة« ).(٤٠ »ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻴﺰ ﻫﻴﺠﻞ ﺑ tاﳊﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،واﳊﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻓﺎﳊﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻠﺮﻏﺒﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﳊﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻳﺘﺨﻄﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اCﺒﺎﺷﺮ ــ اﻟﺬي ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻠﺮﻏﺒﺔ ــ إﻟﻰ اﻟﻜـﻠـﻴـﺔ اCـﻄـﻠـﻘـﺔ ،أي ﻣـﺎ وراء اﳊـﺴـﻲ اCـﺒـﺎﺷـﺮ، aﻌﻨﻰ أن اﳊﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻻ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻠﺮﻏﺒﺔ ،ﺑﻞ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ« ).(٤١ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل :ﻣﺤﺎﺿﺮات ﺣﻮل اﻟﻔـﻨـﻮن اﳉـﻤـﻴـﻠـﺔ« Aesthetics :Iectures on fine artsواﻟﺬي ﺟﻤﻌﻪ ﺗﻼﻣﻴﺬه ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎم ،١٨٣١وﻧﺸﺮ اﻟﻌﺎم ،١٨٣٥أﻛﺪ ﻫﻴﺠﻞ أن ﻣﺤﺘﻮى اﻟﻔﻦ أو ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻔﻜﺮة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺷﻜﻠﻪ ﻳﺘﻤﺜﻞ 109
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﺎدة اﳊﺴﻴﺔ .وأن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻨﺎن أن ﻳﻘﻮم ﺑﺈﺣﺪاث اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ أو اﻻﻧﺴﺠﺎم ﺑ tﻫﺬﻳﻦ اCﻜﻮﻧ ،tوﻳﺼﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ إﻟﻰ ﻛﻠﻴﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﳊﺮﻳﺔ. وﺣ tﻳﻘﺎرن ﻫﻴﺠﻞ ﺑ tاﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒـﻴـﻌـﻲ واﳉـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻳـﺆﻛـﺪ ﻋـﻠـﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،واﻟﺮوح ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ» ،ﻓﺎﻟﻄﻴﻮر زاﻫﻴﺔ اﻷﻟﻮان ﺗﻐﺮد ﻓﻲ ﻏﺪوﻫﺎ ورواﺣﻬﺎ دون أن ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺄن ُﺗﺮى أو ﻻ ُﺗﺮى ،وﻗﺪ ﺗﺘﺒﺪد أﻏﻨﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺮﺣﺐ دون أن ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ أﺣﺪ .ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻧﺒﺎﺗﺎت ﺷﻮﻛﻴﺔ، ﻓﻲ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﳉﻨﻮﺑﻴﺔ ،ﺗﺰﻫﺮ ﺑﻘﻮة Cﺪة ﻟﻴﻠﺔ واﺣﺪة ﺛﻢ ﺗﺬﺑﻞ ،دون أن ﲢـﻈـﻰ ﺑﻠﺤﻈﺔ إﻋﺠﺎب واﺣﺪة ،ﺑﻞ إن ﻫﺬه اﻟـﻐـﺎﺑـﺎت واﻷدﻏـﺎل ذاﺗـﻬـﺎ ،ﺑـﻜـﻞ أﻟـﻮاﻧـﻬـﺎ اﳉﻤﻴﻠﺔ واCﺒﻬﺠﺔ واﻟﻨﺎﺿﺮة ،وﺑﻜﻞ رواﺋﺤﻬﺎ اﻟﻌﺒﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻮع ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷرﺟﺎء، ﻗﺪ ﺗﺘﻌﻄﻦ وﺗﺬوى دون أن ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ أﺣـﺪ .أﻣـﺎ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻓـﻬـﻮ ﻟـﻴـﺲ ﻣﺘﻤﺤﻮرا ﺣﻮل ذاﺗﻪ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻻ ﻣﻜﺘﻔﻴﺎ ﺑﻬﺬه اﻟـﺬات ،إﻧـﻪ ﻓـﻲ ﺟـﻮﻫـﺮه ﺳﺆال ﻳﺘﺮدد وﻳﻠﺢ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻣـﻦ ﻛـﻞ ﺗـﻠـﻚ اﻟـﻘـﻠـﻮب اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺨـﻔـﻖ ﻓـﻲ اﻟﺼﺪور ،إﻧﻪ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻨﺪاء اCﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺮوح ).(٤٢ إذن ﻻ ﻳﻜﺘﻤﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اCﺘﻠﻘ tﻟﻪ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎم ﻫﻴﺠﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ،وaﻈﺎﻫﺮ اﳉﻤﺎل اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻓﺈن اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ واﻟﺘﺬوق ﻛﺎن ﻣﺤﺪودا .ﻓﺎﻟﺬوق ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ أﺳﺎﺳﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺼﻠﺢ ﻓﻲ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﻈﺎﻫﺮ اﳋﺎرﺟﻲ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وأﻳـﻀـﺎ ﻓـﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى اﳉﻤﻬﻮر وإرﺷﺎده. أﻣﺎ اﻟﻨﺎﻗﺪ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺬوق أو اﻟـﺬاﻛـﺮة ﻓـﺤـﺴـﺐ ،وإ ـﺎ ﻳـﺤـﺘـﺎج أﻳﻀﺎ ــ ﻣﺜﻞ اﻟﻔﻨﺎن ــ إﻟﻰ ﻣﺨﻴﻠﺔ ﻧﺸﻄﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﺳﻤﺎت اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺠﻤﻟﺴﺪة ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﻮم ﺑﺎCﻘﺎرﻧﺎت وأن ﻳﻌﻲ أوﺟﻪ اﻟﺘﻘـﺎﺑـﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ).(٤٣ وﻳﻘﻮل ﻫﻴﺠﻞ ــ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ــ إن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻻ ﻳـﻘـﺼـﺪ ﻣـﻨـﻪ ﻣﺠﺮد اﺳﺘﺜﺎرة اﻧﻔﻌﺎل أو آﺧـﺮ ﻷﻧـﻪ ﻫـﻨـﺎ ﻟـﻦ ﻳـﺘـﻤـﻴـﺰ ﻋـﻦ أﺷـﻜـﺎل أﺧـﺮى ﻣـﻦ اﻟﻨﺸﺎط ﻛﺎﻟﻔﺼﺎﺣﺔ واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﻮﻋﻆ اﻟﺪﻳﻨﻲ .ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ ــ ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ــ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺟﻤﻴﻼ .وﻗﺪ ﻳﺤﺪث أن ﺗﻜـﺘـﺸـﻒ ﺑـﻌـﺾ اﻟﻌﻘﻮل اCﺘﺄﻣﻠﺔ إﺣﺴﺎﺳﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﳉﻤﺎل ،وﻣﻠﻜﺔ ﺣﺴﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻫﺬا 110
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
اﻹﺣﺴﺎس .وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺘﻀﺢ أن ﻫـﺬا اﻟـﻨـﻮع ﻣﻦ اﻹﺣﺴﺎس ﻟﻴﺲ ﻣﺤﺪدا ،وأﻧﻪ ﻣﺠﺮد ﻏﺮﻳﺰة ﺟﺎﻣﺪة ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻄﺒـﻴـﻌـﺔ ،وأن ﻴﻴﺰ اﳉﻤﻴﻞ ﻛﺎن ﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﻞ دو ﺎ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻫﺬه اﳊﺎﺳﺔ).(٤٤ وﻗﺪ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﺠﻞ ــ أﻧـﻪ أﺻـﺒـﺢ ﻫـﻨـﺎك ﻣـﻄـﻠـﺐ ﺧﺎص ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺷﺮﻃﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻣﺴﺒﻘﺎ Cﺜﻞ ﻫﺬا اﳊﺲ ،وﻗﺪ أُﻃﻠﻖ اﺳﻢ اﻟﺘﺬوق ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺳﺔ اﳉﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺰدﻫﺮ ﺑﻔﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮن ﻫﺬه اﳊﺎﺳﺔ ﻫﻲ ﺣﺎﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻬﻢ واﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ، إﻻ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻇﻞ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ذات ﻃﺎﺑﻊ اﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻣﺒـﺎﺷـﺮ .وﻗـﺪ ﻧﺎﻗﺶ ﻫﻴﺠﻞ اﻵراء اﻟﺘﻲ رﺑﻄﺖ ﺑ tاﻟﺬوق واﻻﻧﻔﻌﺎل ،ووﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ أﺣﺎدﻳﺔ اﳉﺎﻧﺐ ،وﻗﺎل ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺑﺄن اﻟﺬوق ،أو اﻟﺘﺬوق ،ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ أو ﺗﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻄﻮح اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮح ﻫﻲ aﻨﺰﻟﺔ اCﻼﻋﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ اCﺸﺎﻋﺮ أو اﻻﻧﻔﻌـﺎﻻت ،وأن ﻣـﺎ ﻳـﺴـﻤـﻰ ﺑـﺎﻟـﺬوق اﳉﻴﺪ ﻫﻮ ﻓﻘﻂ ﻣﺎ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺆﻛﺪ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺸﻐﻒ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،وﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺮوح اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،ﻧـﻔـﺴـﻬـﺎ ،ﻻ ﻧﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﻧﺰﻋﺞ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘـﻤـﻴـﻴـﺰات اﻟـﺪﻗـﻴـﻘـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﺬوق ذي اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ .ﻓﺎﻟﻌﻘﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﻠـﻘـﻰ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﻳﺮﺗﺎح إﻟﻴﻪ وﻳﺨﻀﻌﻪ ﻟﺸﺮوﻃﻪ اﳋﺎﺻﺔ ).(٤٥ إن اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﺑﻂ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﻪ ــ ﻣﻦ ﺧـﻼﻟـﻪ ـــ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻫﻴﺠﻞ ،ﻓﻬﺬا اﻹﻧﺴـﺎن ﻳـﺤـﺎول أن ﻳـﻮﺟـﺪ ﻣـﻊ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،أو ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،ﻓﻲ وﺟﻮده اﳋﺎص ،أو اﺳﺘﻘﻼﻟﻪ اﳊﺮ ،ﻛـﻤـﻮﺿـﻮع ،وﻫـﻮ ﻳﺮﺑﻂ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻌﻪ دون أي ﺗﻮق ،أو اﺷﺘﻴﺎق ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮع اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺎت أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت .إن اﻷﻣﺮ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎ aﻨﺰﻟﺔ اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻘﻂ ﻣـﻦ أﺟـﻞ أن ﺗﻔﻬﻤﻪ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،أو ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،ﻗﺎل ﻫﻴﺠﻞ إﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻔﻦ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺣﺴﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺑﺎﻟﻀﺮورة وﺟﻮدا ﺣﺴﻴﺎ ﻣﺘﻌﻴﻨﺎ ،إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﺒﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ ،وﻳﻐﻠﻖ اﻟﺒﺎب ﻓﻲ وﺟﻪ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻘﻂ ).(٤٦ وﺗﺨﺘﻠﻒ ﺣﺎل اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﻳﺤﺎول اCﺮء أن ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أو اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻓﺈن 111
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻳﺤﺼﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻓﻲ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ــ ﻛﻤﻮﺿﻮع ﺧﺎرﺟﻲ ــ ﺑﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻠـﺤـﻮاس ،أي ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺧـﺼـﺎﺋـﺼـﻪ اCﻤﻴﺰة ﻛﺎﻟﻠﻮن واﻟﺸﻜﻞ واﻟﺼﻮت أو ﻛﺮؤﻳﺔ ﻣﻔﺮدة ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻜﻞ. إن اﻟﻌﻘﻞ اCﺘﺄﻣﻞ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟـﻄـﺎﺑـﻊ اCـﻮﺿـﻮﻋـﻲ ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ ﺗﻠﻘﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ــ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ ،ﺑﻞ ﻳﺤﺎول ﺟﺎﻫﺪا أن ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﳊﺮ Cﻮﺿﻮﻋﻪ .وﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻟﻠﻔﻦ ﻋﻦ اﻟﺬﻛﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ اCـﻔـﺮد ،أو ﻓﻬﻤﻪ ،ﻓﻲ ﺿﻮء أﻓﻜﺎر ﻋﺎﻣﺔ أو ﺗﺼﻮرات ﺷﺎﻣﻠﺔ. إﻧﻪ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎCﻮاد اﳊﺴﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔـﻨـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻜـﻮن ﺣـﺎﺿـﺮة ،ﻛـﺴـﻄـﺢ أو ﻋﺮض ﻟﻠﺤﺴﻲ ،ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻀﺮورة .وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻈﻬﺮ اﳊﺴـﻲ ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن اﳉﻮاﻧﺐ اCﺎدﻳﺔ اﶈﺴﻮﺳﺔ اCﺪرﻛـﺔ إﻣـﺒـﻴـﺮﻳـﻘـﻴـﺎ ،وﻻ اﻟـﻔـﻜـﺮة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺜﺎﻟﻴﺔ اﶈﻀﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﻘﻞ .إن ﻫﺪﻓﻪ ﻳـﻜـﻮن ﻫﻮ ذﻟﻚ اﳊﻀﻮر اﳊﺴﻲ ) Sensuous presenceاﻟﺬي ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ وﺳﻄﻰ ﺑ tاﻟﻌﻴﺎﻧﻲ واCﺜﺎﻟﻲ(. إﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳊﺴﻲ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺎول أن ﻳﺘﺤﺮر ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻣﻦ رﺑﻘﺘﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺤﺘﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ وﺳﻄﻰ ،ﺗﻘﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﺑ tاﻟﻌﺎﻟﻢ اCﺪرك ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻣﺜﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﳋﺎﻟﺺ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى .إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪ ﻓﻜﺮا ﻣﺤﻀﺎ أو ﺧﺎﻟﺼﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ أﻳﻀﺎ ــ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﳊﺴﻲ اCﻠﺘﺼﻖ ﺑﻪ ــ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ وﺟﻮدا ﻣﺎدﻳﺎ ،ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺣﺠﺎر واﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﳊﻴﺎة اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ. إن اﻟﻌﻨﺼﺮ اﳊﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ،ﻧﻮﻋـﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺪ اCﺜﺎﻟﻲ .وﻫﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻻ ﺜﻞ اﻟﻮﺳﻴﻂ اCﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﻔﻜﺮ، ﻳﻈﻞ ﺣﺎﺿﺮا ﺧﺎرﺟﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﻮﺿﻮع .وﻫـﺬا اCـﻈـﻬـﺮ اﳋـﺎرﺟـﻲ ﻟﻠﺤﺴﻲ ﻳﻘﺪم ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺷﻜﻼ ،أي ﻣﻈﻬﺮا ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ ،وأﻳﻀـﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﺮددا ﻣﺘﻨﺎﻏﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻸﺷﻴﺎء. وﻟﺬﻟﻚ ــ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﺠﻞ ــ إﻧﻪ ﻳﻔﺘﺮض أن ﻳﻜﻮن ﻗﺪر ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ، أن ﺗﻈﻞ ﻫﻜﺬا ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔa ،ﻨﺰﻟﺔ اﳊﻘﺎﺋﻖ اCـﻮﺿـﻮﻋـﻴـﺔ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﻧﺴﻌﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ اﻟـﺪاﺧـﻠـﻲ ،ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟـﻔـﻜـﺮ اﺠﻤﻟﺮد ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻨﺎ ذﻟﻚ ،ﻗﺪ ﺗﻔﻘﺪ ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﺎﻣﺎ وﺟﻮدﻫﺎ 112
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
اﳋﺎرﺟﻲ اﳋﺎص اCﺴﺘﻘﻞ ).(٤٧ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﺬه ﻓﻘﻂ ﻋﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﻫـﻴـﺠـﻞ ﺣـﻮل اﻟـﻔـﻦ واﳉـﻤـﺎل، وﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺗﺄﺛﺮه اﻟﻮاﺿﺢ ﺑـﻜﺎﻧﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد اﺧﺘﻼﻓﺎت واﺿﺤﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻛﺎﻧﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﺨﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﺗﺄﻛﻴﺪ ﻫﻴﺠﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﳊﺴﻲ واﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻬﺎ .وﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﻜﺘﺸﻒ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ رأﻳﻪ اﻷﺧﻴﺮ ﻋﻦ اﺳﺘﻘﻼل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻋﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻘﻂ aﻈﺎﻫﺮﻫﺎ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ،ﺑﻌﺾ ﺟﺬور إرﻫﺎﺻﺎت ﺑﻌﺾ اCﺪارس اﳊﺪﻳﺜﺔ .ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ ،ﻛﺎﻟﻨﻘﺪ اﳉﺪﻳﺪ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻷول ،اﻟـﺬي ﻗـﺎم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس أﻓﻜﺎر دي ﺳﻮﺳﻴﺮ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﺠﺪ ﻓﻲ أﻓـﻜـﺎر ﻣـﺪرﺳـﺔ اﳉـﺸـﻄـﻠـﺖ وﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى أرﻧﻬﺎ& ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻌﺮﺿﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘـﺎب، ﺗﺄﺛﻴﺮات واﺿﺤﺔ ﻟﻬﻴﺠﻞ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺣـﺪﻳـﺚ أرﻧـﻬـﺎ& ﻋـﻦ ﻋـﻼﻗـﺔ اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ وأﻳﻀﺎ ﻓﻲ رﻓﻀﻬـﺎ ﻟـﻸﻫـﻤـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻌـﺰوﻫـﺎ اﻟـﺒـﻌـﺾ إﻟـﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ.
ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر وﺣﻜﻤﺔ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ
ﻴﻞ ﺑﻌﺾ اCﻔﻜﺮﻳﻦ إﻟﻰ اﻋﺘﺒﺎر ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻛﺎﻧﻂ ﺣﻮل اﳉﻤﺎل واﻟﻔﻦ ،ذروة اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻴﻠﻮن أﻳﻀﺎ إﻟﻰ اﻟـﻨـﻈـﺮ إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺷﻴﻠﻨﺞ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻟـﺮوﻣـﺎﻧـﺘـﻴـﻜـﻲ ﻟـﻠـﻔـﻦ اﻟﺬي ﺳﺎد اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ).(٤٨ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻣﻦ أن ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻫﻴﺠﻞ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ ﻟﻢ ﺗﻈـﻬـﺮ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﺎم ) ١٨٣٥ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ( ،وأﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺼﻞ ﺑ tﻧﺸـﺮ أﻋـﻤـﺎل ﺷﻴﻠﻨﺞ وﻧﺸﺮ أﻋﻤﺎل ﻫﻴﺠﻞ ،ﻇﻬﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﺸﻮﺑﻨﻬﻮر» :اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺈرادة وﻓﻜﺮة ) «The world as will and ideaﻧﺸﺮ ﻷول ﻣﺮة اﻟﻌﺎم ١٨١٩وﻧﺸﺮت ﻃﺒﻌﺘﻪ اCﻨﻘﺤﺔ اﻟﻌﺎم ،(١٨٤٤وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻌﺔ اCﻨﻘﺤﺔ ﻣﻦ اﻟـﻜـﺘـﺎب ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ أﻛﺴﺒﺖ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ) ١٧٨٨ــ (١٨٦٠ﺧﺼﻮﻣﺎ وﻣﺆﻳﺪﻳﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ،وﻟـﻢ ﻳـﺤـﻆ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم اCﻨﺎﺳﺐ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ رﺑﻊ ﻗﺮن ﻣﻦ ﻧﺸﺮه ،ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻟﻪ أﺛﺮه اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ وﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ).(٤٩ َﺗَﻘﱠﺒَﻞ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﻂ دون ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ اﻋﺘﺒﺮﻫـﺎ ﻧـﺴـﺨـﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻻﻛﺘﺸﺎف اﳉﻮﻫﺮي ﻟﻠﻌﻘﻞ اﳊﺪﻳـﺚ واﻟـﺬي ﺑـﺪأه »دﻳـﻜـﺎرت« ،أي 113
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻛﺘﺸﺎف أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه »ﺗﻄﻮر ﻟﻠﻌﻘـﻞ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ وﺗـﻜـﺸـﻒ ﻟـﻪ« .ﻟـﻜـﻦ ﺷﻮﺑﻨﻬـﻮر ﻟـﻢ ﻳـﻘـﺒـﻞ ـﻴـﻴـﺰ ﻛـﺎﻧـﻂ ﺑـ» tاﻷﺷـﻴـﺎء ﻓـﻲ ذاﺗـﻬـﺎ «Noumenaوﺑـt ﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ» .واﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﻠﻔﻆ اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻛﺎﻧﻂ ﻋﻠﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣﺤﺪد ﻛﻲ ﻳﻘﻮل ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ إن اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻻ ﻜﻦ أن ﺗﻌﺮف ﻣﺎداﻣﺖ اCﻌﻄﻴﺎت اﳊﺴﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﻘﻞ إﻻ ﻣﻈﻬﺮ اﻷﺷﻴﺎء«).(٥٠ ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ اﻹﻧﺴﺎن ــ ﻓﻲ رأي ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ــ ﻳﻜﻤﻦ داﺧﻞ وﻋﻴﻪ ،ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﺎ ﻗﺪ ﻳﻔﺘﺮض ﻣﻦ وﺟﻮد ذات ﻋﺎرﻓـﺔ ،وﺛـﻮاﺑـﺖ ﺧـﺎﻟـﺪة ،ﺧـﻠـﻒ ﻫـﺬا اﻟﺘﺪﻓﻖ ﻟﻠﺨﺒﺮة .ﻓﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ أن اﻟﺬات ﻫﻲ ﻻ ﺷﻲء دون وﻋﻲ ،وأن اCﺎدة ﻻ ﺷﻲء دون أﺣﺪاث ﻳﺘﻠﻮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﺧﻼل اﻟﺰﻣﻦ ،وأن ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬﻳﻦ اCﻔﻬﻮﻣ) tاﻟﺬات واCﺎدة( ﻳﻜﺘﺴﺒﺎن اﳊﻴﺎة ،وﻳﺼﺒﺤﺎن ﻣﻔﻌﻤt ﺑﺎCﻌﻨﻰ ﻫﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺚ اﳊﻴﺎة ﻓﻴﻬﻤﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ »اﻹرادة« ،إﻧﻬﺎ اﻟﺸﻲء ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ اﻟﺬات اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻹدراك، وﻻ اCﺎدة اCﺪرﻛﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺬات واﻹرادة ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ).(٥١ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻌـﺎﻟـﻢ )World (weltﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻌـﺎﻟـﻢ اﻷرﺿﻲ ،أو اﻟﻌﺎﻟﻢ اﶈﺪود ،ﺑﻞ إﻟﻰ اﻟﻜﻮن ﻛﻠﻪ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎت وﺟﻤﺎدات، وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻣﺼﻄﻠﺢ إرادة ) Will (Willieﻛﻲ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﻪ إﻟﻰ رﻏﺒﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻻ ﺗﻬﺪأ، واﻧﺪﻓﺎع أﻋﻤﻰ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻳﺤﺮك ﻛﻞ ﺷﻲء ،وﺑﻪ ﻳﺘﺤﻘﻖ وﺟﻮده ،وﻳﺴﺘـﻤـﺮ ﻓـﻲ اﳊﻴﺎة ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻹرادة ﻋﻨﺪه أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻼﲡﺎه اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻲ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻗﻮة ﻻ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻘﻞ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ أﺳﺎس ﻟﻼﲡﺎه اﻟﺘﺸﺎؤﻣﻲ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺼﺪرا ﻟﻸﻟﻢ واCﻌﺎﻧﺎة واﻟﺸﺮ«).(٥٢ أﻣﺎ اCﺼﻄﻠـﺢ اﻟـﺜـﺎﻟـﺚ وﻫـﻮ اﻟـﻔـﻜـﺮة ) Idea (vorslelluingــ واﻟﺬي ﻳـﻔـﻀـﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﺗﺮﺟﻤﺘﻪ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ » ـﺜـﻞ« ) Representationأو ﺜﻴﻞ( ــ ﻓـﻬـﻮ ﻳﺸﻴﺮ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ ،أو ﻧﺪرﻛﻪ ذﻫﻨﻴﺎ ،وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺮاه وﻧﺴﻤﻌﻪ وﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ ،أو ﻧﺪرﻛﻪ إدراﻛﺎ ﺣﺴﻴﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم .وﻳﺴﻴﺮ »اﻟﺘﻤﺜﻞ« ﻟﺪى ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻓﻲ اﲡﺎﻫ :tﺧﻼل اﻻﲡﺎه اﻷول ﻣﻨﻬﻤﺎ ــ وﻫﻮ اﳋﺎص aﻨﻬﺞ اCﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ــ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻤﺜﻞ ﺗﺎﺑﻌﺎ Cﺒﺪأ اﻟﻌﻠﻴﺔ )أو اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ( اﻟـﻜـﺎﻓـﻴـﺔ .أﻣـﺎ اﻻﲡﺎه اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ اﻻﲡﺎه اﻟﺬي ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻤﺜﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﺘﻘﻼ وﻣﺘﺤﺮرا ﻣﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟﻌﻠﻴﺔ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻔﻦ ﻓﻲ رؤﻳﺘﻪ ﻟﻸﺷﻴﺎء ،واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻜﻮن » ﺜﻼ« أو 114
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻓﻜﺮة ﺑﻬﺬﻳﻦ اCﻌﻨﻴ.(٥٣) t واﳉﺎﻧﺐ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ رأي ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر »ﻇﺎﻫﺮة ﻣﻦ ﻇﻮاﻫﺮ اﻟﺬﻫﻦ« ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻔﺮد اﻟﺬي ﻳﺪرﻛﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﻜـﻮن ﻻﻓـﺘـﺔ ﻓـﻲ اﻛﺘﻤﺎﻟﻬﺎ وﺗﻮاﻓﻘﻬﺎ )أو ﻫﺎرﻣﻮﻧﻴﺘﻬﺎ( ،واﳉﻤﺎل ﻣﺤﺮر أو ﻣﻄﻬﺮ Catharticﻟﻠﻌﻘﻞ، ﻓﻬﻮ ﻳﺴﻤﻮ ﺑﻨﺎ إﻟﻰ ﳊﻈﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻮد اﻟﺮﻏﺒﺔ ،وﺗﺘﺠـﺎوز ﺣـﺪود اﻹﺷـﺒـﺎع، وﻫﻤﺎ )اﻟﺮﻏﺒﺔ واﻹﺷﺒﺎع( ﻣﻦ اﻟﺸﺮوط اCﻼزﻣﺔ واCﺄﻟﻮﻓﺔ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻌﺎدﻳﺔ. ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻦ ﲡﺪ اﻹرادة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻬﺪأ وﻻ ﻳﻘﺮ ﻟﻬﺎ ﻗﺮار ،ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﺪوء ).(٥٤ وﺗﻜﺸﻒ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻠﺤﻘﻬﺎ ﻳﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﺘﻌﺪﻳﻞ واﻟﺘﺸﺬﻳـﺐ .ﻋـﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻔﺮدي اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أن ﻳﺼﻨﻊ ﻣﺜـﻠـﻬـﺎ ،وﻟـﺬﻟـﻚ ﻓﻀﻞ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر اﻟﻨﻤﻂ اﻹﳒﻠﻴﺰي ﻣﻦ اﳊﺪاﺋﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤـﻂ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻲ ،ﻷن ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ اﻹﳒﻠﻴﺰي ،ﻳﺰدﻫﺮ دون رﻋﺎﻳﺔ ،وﻣﻦ ﺛـﻢ ـﻜـﻨـﻪ أن ﻳـﻜـﺸـﻒ ﻋـﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻹرادة اﻟـﻼﺷـﻌـﻮرﻳـﺔ ،وﻛـﺬﻟـﻚ ﻋـﻦ ﺗﻮﻗﻬﺎ اﻟﺪاﺋﻢ إﻟﻰ اﳊﻴﺎة).(٥٥ أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻔﻮق ﺑﻪ اﻟﻔﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻴﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻋـﺮﺿـﻪ ﻟـﻠـﺤـﻘـﻴـﻘـﺔ ،إﻧـﻪ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻓﻜﺎر )أو ﺜﻼت( اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻓﻌﻼ ،أي ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﻜﻞ ﻣﺪرك ،وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﺗﻌﺒـﻴـﺮا ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﻴـﺎ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮا، ﺗﻜﻮن وﺻﻮرة ﻟﻺرادة اﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺑﻞ ﻛﺎCﺜﻞ ذاﺗﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ ¢ ﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ اCﺘﻌﺪدة ﻋﺎﻟﻢ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻔﺮدﻳﺔ .ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ رأي ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺎﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺻﻮرة ﻟﻠﻤﺜﻞ اﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ،وإ ﺎ ﻫﻲ ﺻﻮرة ﻟﻺرادة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ اCﺜﻞ ﻣﻈﻬﺮا ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻟﻬﺎ .ﻟﻬﺬا ﻛﺎن ﺗﺄﺛﻴﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻰ أﻗﻮى وأﻋﻤﻖ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى ،إذ إن ﻫﺬه اﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى ﻻ ﺗﺘﺤﺪث إﻻ ﻋﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ،ﻋﻠﻰ ﺣ tأن اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺸﻲء »ﻓﻲ ذاﺗﻪ« ).(٥٦ »إن اﻟﻌﻤﺎرة واﻟﻨﺤﺖ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺘﺪرﺟﺔ ﺗﻨﻜـﺸـﻒ ﺑـﻬـﺎ إرادة اﻹﻧﺴﺎن وﺟﻬﻮده ،أﻣﺎ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻬﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﻮج ﻫﺬه ﻛﻠﻬﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﺠﻤﻟﻤﻮع اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻜﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻓﻨﻲ ،وﺻﻮت اﻹرادة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ أﺳﺮارﻫﺎ اﻟﺒﺎﻃـﻨـﻴـﺔ ودواﻓـﻌـﻬـﺎ وأﻣـﺎﻧـﻴـﻬـﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﲡﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺪرﻛﻬﺎ اﻟﺸﻌﻮر« ).(٥٧ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻧﺮى اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻧﺤﺎول ﺗﺄﻃﻴﺮه )أي وﺿﻌﻪ ﻓﻲ إﻃﺎر(، 115
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻓﻖ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻔﺎﻫﻴﻢ أو اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .ﻓـﺎﻟـﻔـﻦ ﻫـﻮ أﻛﺜﺮ أﻋﻤﺎل اﻟﻮﻋﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ رﻗﻴﺎ أو ﻴﺰا ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻦ ﻳﺪرك اﻟﻌـﻘـﻞ، أﺧﻴﺮا ،ذاﺗﻪ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻦ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻔـﻨـﺎن اﻟـﺬي ـﺘـﻠـﻚ ﻓـﻜـﺮة ﻣـﺎ ،أن ﻳﻮﺻﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ .وﻳﻘﻮم اﻟﻔﻦ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻌﺎدﻳﺔ اCﺄﻟﻮﻓﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ واﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﻴﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻨﺎ Cﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﺎم أو اﻟﺸﺎﻣﻞ أو اﻟﻜﻠﻲ .إﻧﻪ ﻳﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻻﻓﺘﺔ ﺑ tاﳊﺴﻲ اﶈﺪد ،واﻟﻜﻠﻲ اﻟﻼﻣﺤﺪد، إﻧﻪ أﻛﺜﺮ أﺷﻜﺎل اﻟﻌﺮض ــ أو اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ــ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﻛﻠﻴﺔ ،وأﻛﺜﺮ أﺷﻜﺎل ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﺴﻴﺔ أﻳﻀﺎ ).(٥٨ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻮﺣﺪة ،اﻟﺘﻲ ﲡﻤﻊ ﺑ tﻧﻘﻴﻀ ،tﺗﺘﻤﺜﻞ ﻗﻮة اﻟﺮﻏﺒﺔ وﻗﻮة اﻹﺷﺒﺎع اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ .ووﺟﻮد اﻟﻜﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﻠﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻫﻮ ﻣﺎ ﻜﻨﻪ ،ﻓﻘﻂ ،أن ﻳﺤﻘﻖ ﻫﺬا اﻻﻣﺘﻴﺎز. اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ﻫﻨﺎ أن ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻗﺪ اﺗﻔﻖ ﻓﻌﻼ ﻣﻊ ﻛﺎﻧﻂ و ﻫﻴـﺠـﻞ ﻓـﻲ أن اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻦ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪدة .ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻮل إن اCﻮﺳﻴﻘﻰ »ﻻ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺮح اCﻌ tأو ذاك ،أو ﻫﺬا اﳊﺰن أو اﻷﻟﻢ أو اﻟـﺮﻋـﺐ أو اﻟـﺴـﺮور أو اCﺮح أو اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ أو ذاك ،وإ ﺎ ﻫﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻔﺮح واﳊﺰن واﻷﻟﻢ واﻟﺮﻋﺐ واﻟﺴﺮور واCﺮح واﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ،أي ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺠﺮدة إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ .ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻟﻬﺬه اCﺸﺎﻋﺮ ،دون إﺿﺎﻓﺎت ﻣﻦ اﳋﺎرج ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ دون دواﻓﻌﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻔﻬﻤﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻫﺬه اﳋﻼﺻﺔ اCﺴﺘﻤﺪة ﻣﻨﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ أﻛﻤﻞ ﻧﺤﻮ« ).(٥٩ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺸﻮﺑﻨﻬﻮر ــ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺄﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟــ ﻛﺎﻧﻂ ــ ﻧﺘﺎج اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻜﻦ ﺣﺎﺋﺰﻫﺎ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻨﺎﺳﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ورﻏﺒﺎﺗﻪ أو ﻳﺘﺠﺎوزﻫﺎ وﻳﺬﻫﺐ ،ﻋﻠﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺗـﺎم ،إﻟـﻰ ﻣـﺎ وراء اﶈـﺪد اﻟـﻮﻗـﺘـﻲ واﳊﺴﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻜﻮن ﺣﺮا ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﻓﻲ اﳋﻴﺎل. وﻫﻨﺎك ﺗﺄﻛﻴﺪات ﻟﺪى ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر أﻳﻀﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳊـﺎل ﻟـﺪى ﻫـﻴـﺠـﻞ ـــ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺠﻠﻲ أو اﻟﻜﺸﻒ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻦ ،وﻋﻨﺪ اCﺴﺘﻮى اﻷول أو اﻟﺒﺪاﺋﻲ ﻣﻦ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ ُﻳَﻌﱠـﺒﺮ ﻋﻦ »اﻟﻔﻜﺮة« ﻓﻲ اﻟـﻌـﻤـﺎرة ،أﻣـﺎ ﻋـﻨـﺪ أﻛـﺜـﺮ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ارﺗﻘﺎء ﺗﻜﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒـﺮ ﻋـﻦ اﻹرادة ذاﺗـﻬـﺎ ،وﻓـﻴـﻤـﺎ ﺑـt ﻫﺬﻳﻦ اCﺴﺘﻮﻳ tﻳﻮﺟﺪ اﻟﻨﺤﺖ وﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻷدب .وﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻨﻮن ﲢﺎول أن ﺗﺼﻮر أو ﺗﺼﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﺗﻔﺸﻞ ﻓـﻲ أن ﺗـﺼـﻞ إﻟـﻰ اﻟـﻜـﻠـﻲ أو 116
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
اCﻄﻠﻖ ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻓﻘﻂ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮك اﻟﻌﺎﻟﻢ وراء ﻇﻬﺮﻫﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إدراك اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻘﺼﻮى أو اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ .إن ﻣﺎ ﻳﺒﺪو اﺑـﺘـﻌـﺎدا ﻋﻦ ااﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻫﻮ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ ﺜﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ أو ﺜﻴﻠﻪ ﻓﻲ أﻋﻤﻖ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺻﺪق ).(٦٠ وﻳﻘﺪم اﻟﻔﻦ ﻟﻨﺎ ــ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮى ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ــ ﺗﻔﻬﻤﺎ ﻟﻸﻓﻜﺎر ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ ﻟﻺدراك ،ﺣﺎﻟﺔ ﻳﺘﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﺳﺘﺒﻌﺎد اﻹرادة ﻣﻦ ﻣﺠﺎل اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺬاﺗﻲ ،ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﺼﺒﺢ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ اCﺘﺤﺮرة ﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻹرادة اﻟﺬاﺗﻴﺔ .وﻣﻊ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،أو اﺑﺘﻌﺎدﻫﺎ ،ﺗﺘﻼﺷﻰ اCﻌﺎﻧﺎة ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺼﺒﺢ اﻹرادة أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ إﻟﻰ اﻟﻬﺪوء .إﻧﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻧﻬﺮب ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﺘﺎﻋﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺘﺄﻣﻞ اCﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻹرادة .وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ، ﺧﺎﺻﺔ ،ﻧﻐﺎدر ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ أو ﻧﻬﺮب ﻣﻨﻪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﻟﻺرادة ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻤﻘﺎ ،ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺑﻘﻮﺗﻬﺎ اCﻠﻬﻤﺔ ،ﲢﺮرﻧﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻧﻈﻞ ﻓﻴﻪ ــ دون ﻣﻮﺳﻴﻘـﻰ ـــ أﺳـﺮى اﻟـﺘـﻔـﻜـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اCـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ ،أو اﻟﺘﺼﻮرات ،اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹرادة ).(٦١ ﻳﺘﺤﺪث ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻛﺬﻟﻚ ،ﻋﻦ وﺟﻮد ﺣﻜﻤﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ أﻋﻤـﺎل اﻟـﺸـﻌـﺮاء، واﻟﻨﺤﺎﺗ ،tواﻟﻔﻨﺎﻧ tﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻟﻬﻢ ﺗﺘﺤﺪث اﻟﻄﺒـﻴـﻌـﺔ ،اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ،ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ أي ﻓﺮد ﻳﻘﺮأ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ، أو ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺎت ،أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ أن ﻳـﺴـﺘـﺨـﻠـﺺ، ﺑﻮﺳﺎﺋﻠﻪ اﳋﺎﺻﺔ ،ﻫﺬه اﳊﻜﻤﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،وﻳﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ داﺋـﺮة اﻟـﻀـﻮء .ﻟـﻜـﻨـﻪ ﺳﻴﻔﻬﻢ ﻓﻘﻂ وﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﻗﺪراﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﺄن ﻳﻔﻬﻤﻪ وﻳﺴﺘﺨﻠﺼﻪ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟـﺒـﺤـﺎرة ﻓـﻲ ﻣـﻘـﺪار ﻣـﺎ ﻜﻦ أن ﻳﺼﻠﻮا إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﺒﺮ ﻷﻏﻮار اﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﻓﻲ ﻃﻮل اﳋﻴﻂ اﻟﺬي ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﺻﺎص ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﻐﺮض اﳋﺎص. وﻳﺸﻴﺮ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اCﺘﻠﻘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ أن ﻳﺼﻐﻲ أوﻻ إﻟﻰ اﳊﻜﻤﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻮح ﻟﻪ ﺑﻬﺎ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺘﻤﻊ إﻟـﻰ ﺣـﺪﻳـﺚ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ إﻟﻴﻪ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺤﺪث ﻫﻮ إﻟﻴﻪ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻌﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻪ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻋﻠﻰ ﺣﻘـﻴـﻘـﺔ أن ﻛـﻞ ﻋـﻤـﻞ ﻓـﻨـﻲ ـﻜـﻦ أن ﻳﺤﺪث ﺗﺄﺛﻴﺮه ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻮﺳﻴﻂ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﻮﻫﻢ ) Fancyأو اﻟﺘﺨﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ 117
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﺘﺮﺟﻢ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ( ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ وأﻻ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ أﺑﺪا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﻮن أو ﻋﺪم اﻟﻨﺸﺎط ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ ﻻ ﻜﻦ أن ﲢﺪث إﻻ ﺑﺘﻌﺎون أو ﻣﺸﺎرﻛﺔ اCﺘﻠﻘﻲ ،ﻓﻬﻲ ﲢﺪث أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺪاﺧﻠـﻪ ،وﻣـﻦ دوﻧﻬﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻌﻤﻞ أي ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻓﻴﻪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﲢﺪث ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻓﻮري ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ذﻟﻚ اﻟﺘﺄﻣﻞ اCﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻟﺮﻏﺒﺎت واCﻴﻮل واﻷﻓﻜﺎر اﳋﺎﺻﺔ واﶈﺪودة واCﺆﻗﺘﺔ .ﻓﺎﻻﺳﺘﻤﺘﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ إذن ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺸﺎرﻛﺔ، أو ﺗﻌﺎون ﺑ tاﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ واCﺘﻠﻘﻲ .ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺸﺮط اﻷﺳﺎﺳﻲ ﳊﺪوث اﻷﺛﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻫـﻮ أﻳـﻀـﺎ اﻟـﻘـﺎﻧـﻮن اﳉـﻮﻫـﺮي ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻜﻞ اﻟﻔﻨﻮن اﳉﻤﻴﻠﺔ. أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ــ ﺗﻠﻚ اﳉﻮاﻧﺐ ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺑﺤﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﻨﺢ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﺤﻮاس ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،إﻧﻬﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻮﻟﺪ أو ﲢﺪث ﻓﻲ ﺧﻴﺎل اCﺘﻠﻘﻲ ،ورﻏﻢ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﻮﻟﺪ أو ﺗﻨﺘﺞ أوﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ. ﻳﻘﺪم ﻓﻦ اﻟﻨﺤﺖ ــ ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺮى ﺷـﻮﺑـﻨـﻬـﻮر ـــ اﻟـﺸـﻜـﻞ دون ﻟـﻮن ،وﻳـﻘـﺪم ﻓـﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻠﻮن ﻣﻊ ﻣﺠﺮد اCﻈﻬﺮ اﳋﺎرﺟﻲ ﻟﻠﺸﻜﻞ ،وﻳﻠﺠﺄ ﻫﺬان اﻟﻨﻮﻋﺎن ﻣﻦ اﻟﻔﻦ ﻣﻌﺎ إﻟﻰ ﺧﻴﺎل اCﺘﻠﻘﻲ ﻛﻲ ﻳﺤﺪﺛﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻤﺎ اﳊﻘﻴﻘﻲ .وﻳﻠﺠﺄ اﻟﺸﻌﺮ إﻟﻰ اﳋﻴﺎل ﻓﻘﻂ ،ذﻟﻚ اﳋﻴﺎل اﻟﺬي ﻳﻨﻄﻠﻖ اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻓﻘﻂ. إن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ وراء اﻟﻔﻦ ﻛﻠﻪ ــ ﻓﻲ رأي ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ـــ ﻫـﻮ ﺗـﻴـﺴـﻴـﺮ اCـﻌـﺮﻓـﺔ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ )اﻷﻓﻜﺎر أو اCﺜﻞ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﳋﺎص ﻟﺪى أﻓﻼﻃـﻮن(. وﻛﻲ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻔﻦ ﻫﺪﻓﻪ ﻫﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺘﺨـﺪم اCـﺘـﻠـﻘـﻲ إدراﻛـﻪ وﺗـﺼـﻮراﺗـﻪ وﺧﻴﺎﻟﻪ. إﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﺗﺸﻜﻴﻠﻲ أو ﻧﻘﺮأ ﻗﺼﻴﺪة ،أو ﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ )ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺼﻒ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺤﺪدا( ﻗـﺪ ﻧـﺮى أوﻻ، وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اCﻮاد ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺜﺮاء اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ ،ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮر اCﻤﻴﺰ ،اﶈﺪد اﻟﺒﺎرد اﳉﺎف اﻟﺬي ﻳﺸﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ،ﺛﻢ وﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وﺑﻌﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻪ ،ﻳﺘﻘﺪم اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺬي ﻛﺎن ﺟﻮﻫﺮ اﻟﻌﻤﻞ وﻟﺒﺎﺑﻪ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ،وﻳﺤﺘﻞ اﻟﻮﻋﻲ اﳋﺎص ﺑﻨﺎ; إﻧﻪ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷُﻜﻠﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺧـﺎص ﻣــﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﺘﻤﻴﺰ اCﻨﺎﺳﺐ ﻟﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻛُﺮس اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻛﻠﻪ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ. 118
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
إﻧﻨﺎ ﻧﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻻرﺗﻴﺎح أو اﻟﺮﺿﺎ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ، ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺮك ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ﺷﻴﺌﺎ أو أﺛﺮا ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ،ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺪور ﺗﻔﻜﻴـﺮﻧـﺎ ﻛﻠﻪ ﺣﻮﻟﻪ ،ﺷﻴﺌﺎ ﻻ ﻜﻦ اﺧﺘﺰاﻟﻪ إﻟﻰ ﺗﻔﻜﻴﺮ أو ﺗﺼﻮر ﻣﺤﺪد .وﻣﻦ اﻟﻌﺒﺚ أن ﻳﺤﺎول اﻣﺮؤ أن ﻳﺨﺘﺰل ﻗﺼﻴﺪة ﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮ ،أو ﺟﻮﺗﻪ إﻟﻰ ﻣﺠﺮد ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﺠﻤﻟﺮدة اﻟﺘﻲ ﻗُﺼﺪ ﻣﻦ وراء ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة أو ﺗﻠﻚ أن ﺗﻮﺻﻠﻬﺎ. إن ﻫﺬا اﳊﺪﻳﺚ ﺳﻴﻜﻮن دون ﺷﻚ ﺿﻌﻴﻒ اﻷﺛﺮ أو ﻏﻴﺮ ذي أﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر. ﺗﺸﺘﻤﻞ اﳊﺎﻟﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ أو اﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻔﻨﻮن ــ ﻛﻤﺎ ﲢﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ــ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳋﺎﻟﺺ واﻻﺳـﺘـﻐـﺮاق اﻟـﻌـﻤـﻴـﻖ ﻓـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻹدراك ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻧﺪﻣﺎج اCﺮء ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ اCﻮﺿﻮع اﻟﻔﻨﻲ ،وﻧﺴﻴﺎﻧﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻔﺮدﻳﺘﻪ ،وأﻳﻀﺎ ﺗﺮاﺟﻊ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ اﻟﺬي ﻳﺘـﺒـﻊ ﻣـﺒـﺎد اﻟﻌﻘﻞ .واﻟﺬي ﻳﻔﻬﻢ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﻘﻂ; إﻧﻬﺎ اﳊـﺎﻟـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺮﺗـﻔـﻊ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ اﻟﺸﻲء اCﺪرك ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻓﻮري وﻛﺎﻣﻞ إﻟﻰ اCﺮﺗﺒﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔـﻜـﺮة اﻟـﻜـﻠـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﲡﻤﻊ ﺑ tﻛﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ،إﻧﻬﺎ اCﻌﺮﻓﺔ اCﺘﻔﺮدة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺬات اCﺘﺤـﺮرة ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹرادة ،ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻘﻮم ﺧﺎرج اﻟـﺰﻣـﻦ ،وﺧـﺎرج اﻟـﻌـﻼﻗـﺎت اﶈﺪودة; إﻧﻬﺎ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﲡـﻌـﻠـﻨـﺎ ﻧـﺮى اﻟـﺸـﻤـﺲ ﺗـﺸـﺮق ﺳـﻮاء ﻣـﻦ داﺧـﻞ اﻟﺴﺠﻦ أو ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﻘﺼﺮ ،أو ﻣﻦ داﺧﻞ أﻧﻔﺴﻨﺎ. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﺬه ﻣﺠﺮد ﻋﻴﻨﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ آراء ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﺣﻮل اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺬوق واﻹﺑﺪاع ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺬه اﻷﻓﻜﺎر وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫـﺎ اﻟـﻌـﻤـﻴـﻖ ﻋـﻠـﻰ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻷدﺑﻴﺔ اCﻌﺎﺻﺮة ﻟﻪ واﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻪ; ﻓﻘﻂ ﺑﺪأ ﻧﻴﺘﺸﻪ ،ﻣﺜﻼ، ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻔﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮﺣﻪ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت ﻓﻲ أﻓﻜﺎر ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ،وﺗـﺄﺛـﺮ ﺳﺎﻧﺘﻴﺎﻧﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺄﻓﻼﻃﻮن وﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ﻋﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺧـﺎص .ﻛـﻤـﺎ أن اﻟـﺘـﺼـﻮرات اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ أو اﻟﻔﻨﺎن ﻛﻤﺎ ﲡﻠﺖ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل اﻟﺮواﺋﻲ اﻷCﺎﻧﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺗﻮﻣﺎس ﻣﺎن ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ رواﻳﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻓﺎوﺳﺖ وﻓﻠﻴﻜﺲ ﻛﺮول ﺗﺼﻮرات، ﺗﻘﻮم ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر وﺗﺼﻮراﺗﻪ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ واﻹﺑﺪاع ).(٦٢
رؤى ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ أﺧﺮى
ﻧﻌﺮض ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴـﻢ ،ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ،ﻟـﻌـﺪد ﻣـﻦ اﻷﻓـﻜـﺎر اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺪﻣـﻬـﺎ 119
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اCﻬﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اﻟـﻔـﺘـﺮة اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﻊ ﻣـﺎ ﺑـt ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ وﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .وﺳﻮف ﻧﻼﺣﻆ ﺗﻨﻮﻋﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻻﲡﺎﻫﺎت ،ﻣﺎﺑ tاﻻﲡﺎﻫﺎت اCﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ )ﺑﺮﺟﺴﻮن وﻛﺮوﺗﺸﻪ ﻣﺜﻼ( واﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ )ﻫﻮﺳـﺮل وﻫـﺎﻳـﺪﺟـﺮ وﻣـﻴـﺮﻟـﻮﺑـﻮﻧـﺘـﻲ واﳒـﺎردن ودوﻓـﺮﻳـﻦ وﺟﺎداﻣﻴﺮ ﻣﺜﻼ( .وﻧﺤﻦ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ »ﺣﺎوﻳﺎ« ﺠﻤﻟﺮد إﺷﺎرات ﺷﺤﻴﺤﺔ، ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺜﺮاء اﳋﺎص ﺑﻜﻞ ﻓﻴﻠﺴﻮف ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ــ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ــ إﺷﺎرات ﺗﻌﺮﻓﻨﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﳉﻬﻮد اCﺘﻨﻮﻋﺔ واCﺘﺮاﻛﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﻔﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﻈـﺎﻫـﺮة اCﻤﻴﺰة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﻤﺎل وإدراﻛﻪ واﻟﻔﻦ وﺗﺬوﻗﻪ .وﻫﻨﺎك أﺳﻤﺎء ﻋﺪة أﺧﺮى: ﻗﺪم أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻣﻬﻤﺔ ﻫﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻣـﺜـﻼ :ﻧـﻴـﺘـﺸـﻪ و ـﻴـﻴـﺰه اCـﻬـﻢ ﺑـt اﻻﲡﺎه اﻷﺑﻮﻟﻮﻧﻲ )اﻟﻨﻈﺎم واﻟﺘﺄﻣﻞ واﻟﻌﻘﻞ( واﻻﲡﺎه اﻟﺪﻳـﻮﻧـﻴـﺰي )اﻟـﻔـﻮﺿـﻰ واﻟﻐﺮﻳﺰة واﳉﻨﻮن( ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،وأﻳﻀﺎ ﺟﻮن دﻳﻮي وﺳﺘﻴﻔﻦ ﺑﻴﺒﺮ ،وﺑﻮل رﻳﻜﻮر، وﺟﺎك درﻳﺪا ،وﻣﻴﺸﻴﻞ ﻓﻮﻛﻮ ،وأرﺛﺮ داﻧﺘﻮ ،وﻓﺎﻟﺘﺮ ﺑﻨﻴﺎﻣ ،tوﺗﻴـﻮدور أدورﻧـﻮ، وﺟﺎن ﻓﺮﻧﺴﻮا ﻟﻴﻮﺗﺎر ،وﻛﻠﻴﻤﻨﺖ ﺟﺮﻳﻨﺒﺮج وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﻟﻜﻦ اﳊﻴﺰ اCﺘﺎح ،وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻻ ﻳﺴﻤﺤﺎن aﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ. ١ـ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﳊﺪس واﳋﻴﺎل ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻫﻨﺮي ﺑﺮﺟﺴﻮن )١٨٥٩ ــ (١٩٤١ﻫﻲ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ اCﺎدي ﻳﺨﻀﻊ ﻟﺴـﻴـﻄـﺮة ﻗـﻮى ﺗـﺴـﻤـﻰ ﻗـﻮى اﻻﻧـﺪﻓـﺎع اﳊﻴﻮﻳﺔ ،Elan vitalوأن اﻟﻔﻦ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﳊﺪس ،واﳊﺪس ﻫﻮ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻘﻞ أن ﻳﺘﻔﻬﻤﻪ).(٦٣ وﻣﺎ ﻴـﺰ »اﻟـﻮاﻗـﻊ اﻷوﻟـﻲ« Prime realityﻓﻲ رأي ﺑﺮﺟﺴـﻮن ﻫـﻮ اﳊـﺮﻛـﺔ واﻟﺘﻐﻴﺮ واﻟﺘﻄﻮر واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ،أي اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﺬي ﻳﺘﻘﺪم ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺎر ﻣﺤﺪد ﻟﻜﻦ ﻻ ﻜﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ .واﳊﺪس ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ. وﻳﻘﻊ اﳊﺪس ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺑ tﻣﻨﺰﻟﺘ :tﻣﻠﻜﺔ اﻟﻐﺮﻳﺰة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﻂ ﻋﻠــﻰ ﻧﺤـﻮ ﻻ ﺷﻌﻮري ،وﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ ﻟﺪى اﳊﻴﻮان وأﻗﻞ ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ،وﻣﻠﻜﺔ اﻟﻌـﻘـﻞ اﻟـﺘـﻲ ﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﺳﻴﻄﺮة ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن وأﻗﻞ ﻟﺪى اﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻷدﻧﻰ ﻣﻨﻪ .واﳊـﺪس ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اCﻌﺮﻓﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪ ﻮﻣﺔ اﻟـﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻔﻨﻲ أﺣﺪ ﲡﻠﻴﺎﺗﻪ ،إﻧﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اCﻮﺿـﻮع اﻟـﺬي ﻳﺪرﻛﻪ اCﺮء وﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﻔﻬﻤﻪ ).(٦٤ ﻛﺬﻟﻚ اﻫﺘﻢ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﺑﻨﺪﻳﺘﻮ ﻛﺮوﺗﺸﻪ ) ١٨٦٦ــ (١٩٥٢ﺑﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺰ 120
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﺑ tاCﻨﻄﻖ واﳊﺪس ،وﻗﺎل إن اCﻨﻄﻖ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻔﻬﻢ اﻟـﻌـﻼﻗـﺎت وﻳـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،أﻣﺎ اﳊﺪس ﻓﻴﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻔﻬﻢ اﳋﺎص أو اﻟﻨﻮﻋﻲ ،وﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮد .واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬه اﳊﺪوس اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ اCﺮء .واﳉﻤﺎل واﻟﻘﺒﺢ ﻟﻴﺴﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت اCﺘـﻌـﻠـﻘـــــﺔ ﺑـﺎﻟـﻌـﻤـﻞ ﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﺪﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل. اﻟﻔﻨﻲ ذاﺗﻪ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ُﻳ ﱠ ﻋﻨﺪ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻮﻋﻲ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻛﺮوﺗﺸﻪ ــ ﺗﻮﺟﺪ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﳋﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﳊﻮاس أو ﺗﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ،وﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺴـﻤـﻰ اﻻﻧـﻄـﺒـﺎﻋـﺎت ،وﻫـﺬه ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻨـﺪﻣـﺎ ُﺗﺼﻔـﻰ أو ُﺗﻨﻘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﻫﻲ اﳊﺪوس اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎل ﻋـﻨـﻬـﺎ أﻧـﻬـﺎ ﻣﻌﺒﺮة .واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﺎﳊــﺪس ﻳﻌــﻨﻲ اﻟﺘﻌــﺒﻴﺮ، واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻳـﻌـﻨـﻲ اﻹﺑـﺪاع ) .(٦٥واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ رأي ﻛﺮوﺗﺸﻪ ﻟﻴـﺲ ﻫـﻮ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـــــﺮ اﳋﺎرﺟــﻲ اﻟـﺬي ﻳﻬــﺪف إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺻﻴــﻞ أو اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﺑـﻞ ﻫـﻮ اﳋـﻴـﺎل ،وﻫـﻮ أﻳﻀﺎ اﻟﺘﻤﺜــﻴﻞ واﳉﻤــﺎل واﻟﻔــﻦ ،وﻫــﻮ ﻛﺬﻟــﻚ اﻻﻟﺘﻘﺎط اﻟﻔﻮري ﻟﻠﺘﻔــﺮد ﻓــﻲ ﻣﻮﺿــﻮع ﻣﻌــ ،tوأﻳﻀــﺎ ﻛــﻞ ﻣــﺎ ﻜﻦ إدراﻛﻪ ﺣﺪﺳﻴﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اCﻌﺎﻳﺸﺔ. ﻓﻌﻨﺪ إدراﻛﻨﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎل ،ﺗﻘﺪم اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻟﻨﺎ ــ أو ﺑﻌـﺾ ـﺜـﻴـﻼﺗـﻬـﺎ ـــ ﺑـﻌـﺾ وﺗﺼﻨﻒ ﻫﺬه اCﺜﻴﺮات اCﺜﻴﺮات ،وﻫﺬه اCﺜﻴﺮات ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ ﻛﺎﻧﻄﺒﺎﻋﺎتُ ، ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻓﻮري وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ــ أو رﻓﻀﻬﺎ ــ وﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ وﻣﺰﺟﻬﺎ ،وﺗﻜﻮن ذروة ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺧﺘﻴﺎر واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ أو اﻟﺪﻣﺞ ﻫﺬه اﳊﺪس أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ .وإذا ﻛﺎن اﳊﺪس ﻣﺘﺴﻤﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة ﻓﺴﺘﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اCﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻲ اﳉﻤﺎل ،وﻳﻮﺟﺪ اﳉﻤﺎل أﻛﺜﺮ ﻓﻲ اCﻮاﻗﻒ واCﻮﺿﻮﻋﺎت اCﺮﻛﺒﺔ ﻻ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺮى ﻛﺮوﺗﺸﻪ ــ أﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣﺎ. واﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻻ ﲢﺘﻮي ــ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ــ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎل ،ﻓﻬﻲ ﻣـﺠـﺮد ﺗـﻨـﻈـﻴـﻢ ﺧﺎص ﻣﻦ اCﺜﻴﺮات ،ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﺰوﻳﺪ اCﺘﻠﻘﻲ aﻨﻈﻮﻣـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﺗﺼﺒﺢ ﺑﺪورﻫﺎ اCﺎدة اﳋﺎم ﻟﻠﺘﻌﺒـﻴـﺮ أو اﳊـﺪس. وإﻧﺘﺎج اﳉﻤﺎل أو اﳊﺪس ﺑﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻜﺮر ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ،وﻫﻲ ﲢﺪث ﻟﺪى اCﺘﻠﻘــﻲ ﻛﻨﺘﻴﺠــﺔ ﻣﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺬي أﺛﺎرﺗـﻪ اﻟـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ واﻟـﺘـﻨـﻈـﻴـﻤـﺎت اCﻮﺟــﻮدة ﻓــﻲ اﻟﻠﻮﺣــﺔ ،أو اﻟﺴﻴﻤﻔﻮﻧﻴــﺔ ،أو اﻟﻘﺼــﻴﺪة ،أو ﺣﺘــﻰ ﻓﻲ ﻛﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﳊﺠﺎرة. إن ﻣﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻨﺎ ﺧﻼل ﺗﻠﻘﻴﻨﺎ ﻷﺣﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ )ﻗﺼﻴﺪة ﻣﺜﻼ( وﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ،ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻧﻜﺘﺸﻒ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻛﺮوﺗﺸﻪ ــ ﻋﻨﺼﺮﻳﻦ 121
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
داﺋﻤ tوﺿﺮورﻳ tﻓﻴﻪ :ﻣﺮﻛﺒﺎ أو ﻣﺰﻳﺠﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر ،وﺷﻌﻮرا ﻳﺒﻌـﺚ اﳊـﻴـﺎة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر. وﻗﺪ ﻗﺎم ﻛﻮﻟﻨﺠﻮود ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ وﺗﻮﺿﻴﺢ أﻓﻜﺎر ﻛﺮوﺗﺸﻪ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ أﺿﺎف إﻟﻴﻬﺎ، وﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺮوﺗﺸﻪ اﺳﻢ »اﳊﺪس« أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻮﻟﻨﺠﻮود اﺳﻢ »اﳋﻴﺎل«، واﳋﻴﺎل ﻓﻲ رأي ﻛﻮﻟﻨﺠﻮود ﻫﻮ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺘﻤﺜﻞ ﺧﺒﺮة اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ. ورﻓﺾ ﺳﺎﻧﺘﻴﺎﻧﺎ ،اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻷﻣـﺮﻳـﻜـﻲ اﻟـﺘـﻤـﻴـﻴـﺰ ﺑـ tاﻟـﻔـﻨـﻮن اﳉﻤﻴﻠﺔ واﻟﻔﻨﻮن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ أو اﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ،وﻗﺎل :إن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﳉﻴﺪ ﻫﻮ ﻮذج أو ﻣﺜﺎل وأﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎة واﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .وﻣﺬﻫﺒﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﳉﻤﺎل ﻫﻮ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﺘﺠﺴﺪة ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻌ.(٦٦) t أﻣﺎ ﻛﺎﺳﻴﺮر ﻓﺎﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﺮﻣﻮز اﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻃﻴﻘﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮه اﻟﻮاﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻓﺔ ﺳﻮزان ﻻﳒﺮ .وﺗﻘﻮل ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ إن اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟـﻠـﻐـﺔ واﻷﺳـﻄـﻮرة واﻟـﻔـﻦ واﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠﻢ ،وإن ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺘﺤﺪد ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ » ﺜﻴﻠﻬﺎ« ﻟﻨﻔﺴﻪ. وﻗﺎﻟﺖ ﺳﻮزان ﻻﳒﺮ اCﺘﺄﺛﺮة ﺑﻜﺎﺳﻴﺮر إن اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻌﻼ ﻟﻴﺴﺖ ﺗﻌﺒـﻴـﺮا ﻋﻦ اﻟﺬات ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓـﻬـﻲ ﺗـﺼـﻮغ اﳊﻴﺎة اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن وﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ،واﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴـﺔ ﻟـﻠـﻔـﻦ ﻓـﻲ رأي »ﻻﳒﺮ« ﻫﻲ أن » ﻮﺿﻊ اﻟﻮﺟﺪان« أي أن ﻳﺠﺴﺪه ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع أو ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺘﺄﻣﻠﻪ وﻧﺪرﻛﻪ ).(٦٧ ٢ـ ا'ﻨﺤﻰ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻲ إدراك اﻟﻔﻦ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺑ tﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﻧﻘﺎده ﺧﺎﺻﺔ ،ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻛﻴﻔﻴﺘﻪ اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،ﻛﻤـﻮﺿـﻮع ﻓـﻲ ذاﺗـﻪ .وﻗـﺪ ﻋـﺒـﺮ إدوارد ﻫﺎﻧﺰﻟﻴﻚ E.Hanslickﻗﺒﻠﻬﻢ ،ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺻﺮﻳﺢ ،ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﳉﻤﻴﻞ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ« اﻟﻌﺎم .١٩٥٤واﻧﻌـﻜـﺲ ﻫـﺬا اﻟﺮأي ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﻛـﻼﻳـﻒ ﺑـﻞ ،C.Bellوروﺟﺮ ﻓﺮاي .R.Fryوﻇﻬﺮ ﻋﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺧﺎص ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘ tأدﺑﻴﺘ :tاﻷوﻟﻰ ﻫﻲ اﻟﺸﻜﻼﻧﻴـﺔ اﻟـﺮوﺳـﻴـﺔ )واﻟـﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻣﻮﺟﻮدة أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺑﻮﻟﻨﺪا وﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ( ،واﻟﺘﻲ ازدﻫﺮت اﻟﻌﺎم ١٩١٥ﺣﺘﻰ ُﻗﻤﻌﺖ اﻟﻌﺎم ،١٩٣٠وﻣﻦ روادﻫﺎ :روﻣﺎن ﻳﺎﻛﺒﺴﻮن وﻓﻴﻜﺘﻮر ﺷﻜﻠﻮﻓﺴﻜﻲ وﺑﻮرﻳﺲ 122
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
إﻳﺨﻨﺒﺎوم ،وﺑﻮرﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎﺷﻴﻔﺴﻜﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ .أﻣﺎ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ »ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻘﺪ اﳉﺪﻳﺪ« ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤـﺪة وﺑـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻴـﺎ ،ﻛـﻤـﺎ أرﺳـﻰ ﻗـﻮاﻋـﺪﻫـﺎ أ. رﻳﺘﺸﺎردز ووﻟﻴﻢ إﻣﺒﺴﻮن وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ. وﻫﺬا اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أﻳﺪه أﻳﻀﺎ »ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﳉﺸﻄﻠﺖ« ﺑﺘﺄﻛﻴﺪه ﻋﻠﻰ اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻟﻠﻜﻴﻔﻴﺎت اCﻤﻴـﺰة »ﻟـﻠـﺼـﻴـﻐـﺔ اﻟـﻜـﻠـﻴـﺔ« أو »اﳉﺸﻄﻠﺖ« اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وأﻳﺪﺗﻪ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﻬﺎ إدﻣﻮﻧﺪ ﻫﻮﺳﺮل أوﻻ ).(٦٨ وﻗﺪ أراد ﻫﻮﺳﺮل أن ﻳﺤﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻹدراك اﳊﺴﻲ واCﻌﺮﻓﺔ ﺑـﻮﺟـﻪ ﻋـﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﲡﺎوز ﺛﻨﺎﺋﻴـﺔ اﻟـﺬات واCـﻮﺿـﻮع ،أي ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﲡـﺎوز اﻟـﻨـﺰﻋـﺘـt اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻣﻌﺎ .وﻗﺪ وﺟﺪ اﳊﻞ ﻓﻲ »اﻟﻘﺼﺪﻳﺔ« اﻟﺘﻲ aﻘﺘﻀﺎﻫﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ارﺗﺒﺎط ﺑ tاﻟﺬات واCﻮﺿﻮع ،وﻳﻜﻮن اﻟﻮﻋﻲ ﻣﺘﺠـﻬـﺎ ﺑـﺎﺳـﺘـﻤـﺮار ﻧﺤﻮ اCﻮﺿﻮﻋﺎت .وﻋﻠﻰ ﻫﺬا رأى ﻫﻮﺳﺮل أن اﻹدراك اﳊﺴﻲ ﻫﻮ ﻓﻌﻞ ﻣـﻦ أﻓﻌﺎل اﻟﻮﻋﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺣﺎﺿﺮة ﺑﺬاﺗﻬﺎ ،أو »ﺑﺠﺴﻤﻴﺘﻬﺎ« أﻣﺎم اﻟﻮﻋﻲ ،وﻫﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺘﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣـﻨـﻈـﻮرات ﺟـﺎﻧـﺒـﻴـﺔ ،أﻣـﺎ اﻟﺘﺨﻴﻞ ﻓﻬﻮ وﻋﻲ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻏﺎﺋﺒﺎ .وﻏﺎﻳﺔ اﻹدراك اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻫﻲ رؤﻳﺔ اﻟﻘﺼﺪ ،أو اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺮﺣﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ذاﺗﻪ ).(٦٩ وﺧﻼل ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻮﺣﺔ ﻓﺎن ﺟﻮخ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻮر »ﺣﺬاء اﻟﻔﻼﺣﺔ« اﻧﺘﻬﻰ ﻫﺎﻳﺪﺟﺮ إﻟﻰ أن اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻮ »اﳊﻘﻴﻘﺔ« ،ﻓﻬﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻫﺬا اﳊﺬاء ،أي ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ،ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﻲ رأﻳﻪ ،ﻟﻴـﺲ إﻋﺎدة إﻧﺘﺎج ﻟﻬﻮﻳﺔ ﻣﺎ ،ﺣﺪث ﻣﺼﺎدﻓﺔ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻌـ ،tﺑـﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ» ،ﻫﻮ إﻋﺎدة إﻧﺘﺎج ﻟﻠﺠﻮﻫﺮ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺸﻲء« ،ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺸﻒ، أو ﻧﺰع اﻟﻐﻄﺎء ﻋﻦ وﺟﻮده اﳊﻘﻴﻘﻲ).(٧٠ إن اﳋﺒﺮة ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻨﺪ ﻫﺎﻳﺪﺟﺮ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﻗﻔﺎ أو اﲡﺎﻫﺎ ﺟﻤـﺎﻟـﻴـﺎ ﻧﺘﺨــﺬه إزاء ﻣﻮﺿــﻮع ﻣــﺎ ،ﺑــﻞ ﻫــﻲ ﻓــﻲ اCﻘــﺎم اﻷول ،ﺧﺒﺮة ﺑﺤﺪوث اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أي ﺑﺘﻜﺸﻒ اﻟﻮﺟﻮد ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .ﻓﻔﻲ اﻟﻔﻦ ﺗﻜــﻮن اﳊﻘﻴــﻘﺔ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟــﺔ ﻧــﺸﺎط داﺧــﻞ اﻟﻌــﻤﻞ اﻟﻔــﻨﻲ ،وﻓﻲ ﺷﻜﻠﻪ ﺧﺎﺻﺔ. إن ﻫﺎﻳﺪﺟﺮ ﻳﺸﺒﻪ ﻫﻴﺠﻞ ﻷﻧﻪ أﻳﻀﺎ ﺣﺪد ﻟﻠـﻔـﻦ دورا ﻓـﺎﺋـﻘـﺎ ﻓـﻲ اﳋـﺒـﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .أﻣﺎ ﺟﺎن ﺑﻮل ﺳﺎرﺗﺮ ﻓﺄﻛﺪ ﻋـﻠـﻰ أن اCـﺸـﺎﻫـﺪ ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻳـﻘـﺼـﺪ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﳋﻴﺎل ﺣﺘﻰ ﻜﻦ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع اﻟﻔﻨﻲ أن ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻟﻪ، 123
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺣﺪوث اﳋﺒﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﳋﻴﺎل ﻳﻌﻨﻲ أن ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺘـﺄﻣـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻫـﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﻓﻴﻪ ﺻﻼﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻼ ﻧﺼﺒﺢ »وﺟﻮدا ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟـﻢ« ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺗﺼﺒﺢ ﺧﺒﺮة اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ أﺷﺒﻪ ﺑﺤﻜﻢ ﺘﻊ ،ﺑﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﻜـﻮن اﻻرﺗـﺪاد إﻟـﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﺳﺘﻴﻘﺎظ ﻓﻌﻠﻲ).(٧١ ﻛﺬﻟﻚ أﻛﺪ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟـﺸـﻬـﻴـﺮ ﻣـﻴـﺮﻟـﻮﺑـﻮﻧـﺘـﻲ ،واﻟـﺬي ﻳـﻌـﺘـﺒـﺮه اﻟﻜﺜﻴﺮون اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟـﻮﺟـﻲ) ،(٧٢ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة ﻋﺪم اﻟﻔﺼﻞ ﺑ tاCﻮﺿﻮع اﶈﺴﻮس واCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ )أو اﻟﺪﻻﻟﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ( ﻓﻲ ﻓﻌﻞ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ واﻻﺗﺼﺎل اﳉﻤﺎﻟﻲ .وﻻﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐـﺔ أﺻﺒﺢ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻹدراك اﳊﺴﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي ﻳﻔﻬﻢ ﺑﻪ اﻟﺒﺪن اﳊﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻋﺎCﻪ اﶈﻴـﻂ ﺑـﻪ، وﻫﻨﺎك وﺣﺪة ﻓﻲ رأﻳﻪ ﺑ tاﻟﺒﺪن واﻟﺬﻫﻦ ،أو ﺑ tاCﺦ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،وﺑ tاﻹدراك اﳊﺴﻲ واCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻔﺴﺮ اﻵﺧﺮ. وﻗﺪ ﻃﻮر ﻣﻴﺮﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻹدراك ،اﻫﺘﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اCﻔﺼﻞ ﻟﺘﻄﻮر ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺸﻜﻞ واﳋﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ، وﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ــ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت ــ أﺳﺎس اﻟﻔﻬﻢ .وﻧﺸﺎط اﻟﺮؤﻳﺔ ــ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒـﺔ ﻟـﻪ ـــ أﺣﺪ اﻟﺸﺮوط اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺧﺎﺻـﺔ ﻫﻮ اﻟﺘﺠﺴﻴﺪ اCﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ ،واﻟﺮؤﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺷﺮط أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴـﺎﻧﻲ ).(٧٣ إن اﻟﻔﻨﺎن اCﺼﻮر ،ﻓﻲ رأي ﻣﻴﺮﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ــ وﻓﻘﺎ Cﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻮل ﻓﺎﻟﻴﺮي ــ »أن ﻳﺄﺧﺬ ﺟﺴﺪه ﻣﻌﻪ« ،وﻫﺬا ﻳﺤﺪث ﻓﻘﻂ ﻋﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﺴـﻠـﻢ اﻟـﻔـﻨـﺎن ﺟـﺴـﺪه ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﲢﻮﻳﻠﻪ إﻟﻰ ﻟﻮﺣﺎت ﻓﻨﻴﺔ ).(٧٤ وﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴـﻪ« أﻳـﻀـﺎ ،إﻧـﻪ ﻳـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ ﻛـﻞ إن اﳉﺴﺪ ﺧـﻼل اﻟـﻔـﻦ »ﻳـﻨـﻈـﺮ ُ اﻷﺷﻴﺎء وﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ذاﺗﻪ وﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ. وﻓﻲ ﲢﻠﻴﻞ ﻣﻴﺮﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺳﺘﺮﻋﻰ اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ وﺟﻮد اCﺮاﻳﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺻﻮرﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت ،وﻗﺪ اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﺿﻮاء واﻟﻈﻼل واﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎت ــ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻊ ــ داﺧﻞ اﻷﺷﻴﺎء ﻟﻠﺠﻬﺪ اﻟﺼﻌﺐ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺗﺘﺮﺟﻢ ﻛﻞ اﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎت وﺗﻌﻴﺪ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ .ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﻣﺎل أﻳﻀﺎ إﻟـﻰ اﻋﺘﺒﺎر اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣـﺎت اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ﻣـﺮآة ﻷﺧـﻴـﻪ اﻹﻧـﺴـﺎن ،وأن اCﺮاﻳﺎ ذاﺗﻬﺎ ﻫﻲ أداة ﻟﻠﺴﺤﺮ اﻟﺸﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﻳﻐﻴﺮ اﻷﺷﻴﺎء إﻟﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪ ،واCﺸﺎﻫﺪ إﻟﻰ أﺷﻴﺎء ،وﻳﺤﻮل ذاﺗﻴـﺎ إﻟـﻰ آﺧـﺮ ،واﻵﺧـﺮ إﻟـﻰ ذاﺗـﻲ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓـﻘـﺪ أﺷـﺎر 124
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻣﻴﺮﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻜﺮة اCﺮآة وﲡﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠـﻔـﺔ ﻓـﻲ اﻹﺑﺪاع واﻹدراك أو اﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻔﻦ أﻳﻀﺎ .وﻗﺪ ﲢﺪث ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة aﻌﻨﺎﻫﺎ اﳊﺮﻓﻲ وaﻌﻨﺎﻫﺎ اﺠﻤﻟﺎزي اﻟﺬي ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻜﺮار وإﻋﺎدة اﻹﻧﺘﺎج ﻟﻌﻼﻣﺔ أو واﻗﻌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ. ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎم اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﺒﻮﻟﻨﺪي روﻣﺎن إﳒﺎردن ــ واﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ ﻫﻮﺳﺮل ــ ﺑﺪراﺳﺔ ﺷﻜﻞ أو ﻃﺮاز اﻟﻮﺟﻮد اﳋﺎص ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻷدﺑـﻲ ﻛـﻤـﻮﺿـﻮع ﻗـﺼـﺪي، ﻣﻴﺰ ﺑ tأرﺑﻊ ﻃﺒﻘﺎت ﻓﻲ اﻷدب ﻫﻲ :اﻟﺼﻮت واCﻌﻨﻰ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎص وﻣﻦ ﺛﻢ ﱠ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ،ﺛﻢ ﺟﻮاﻧﺒﻪ اﻟﺘﺨﻄﻴﻄﻴﺔ أو ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻨﻈﻮر اﻟﻀﻤﻨﻲ ﻟـﻪ .واﳋـﺒـﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ــ ﻓﻲ رأي إﳒﺎردن ــ ﺗﺘﺠﺎوز ﺣﺪود اﻹدراك اﳊﺴﻲ Cﻮﺿﻮع واﻗﻌﻲ. وﻳﺘﺤﻮل إدراﻛﻨﺎ اﳊﺴﻲ إﻟﻰ إدراك ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺼﺒﺢ »ﻣﺄﺧﻮذﻳﻦ« ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻣﻌ ،tأي ﺑﺎﻧﺴﺠﺎم اﻷﻟﻮان أو ﺗﺂﻟﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ ﻣﺜﻼ ،أو ﺑﺎﻟﺘﺪﻓﻖ اﳋﺎص ﻟﻠﺤﻦ واﻹﻳﻘﺎع ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ...إﻟﺦ .وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻜﻴـﻔـﻴـﺎت ﲢﺮك ﺷﻌﻮرﻧﺎ ،وﻻ ﺗﺘﺮﻛﻨﺎ ﺟﺎﻣﺪﻳﻦ ،وإ ﺎ ﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ وﻋﻴﻨﺎ وﺗﻔﺮض ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﻟﺪﻳﻨﺎ »اﻻﻧﻔﻌﺎل اﻷوﻟﻲ« اﻟﺬي ﺗﺒﺪأ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻪ ).(٧٥ أﻳـﻀـﺎ ﻗـﺎم ﻣـﺎﻳـﻜـﻞ دوﻓـﺮﻳـﻦ ـــ واﻟـﺬي ﻛـﺎن ﻗـﺮﻳـﺒـﺎ ﻣـﻦ ﻓـﻴـﻨـﻮﻣـﻴـﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴــﺎ »ﻣﻴﺮﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ« وﺟﺎن ﺑﻮل ﺳﺎرﺗﺮ ــ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻔﺮوق ﺑ tاCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ووﺟﺪ أن اﻟﻔﺎرق اﻷﺳﺎﺳـﻲ ﺑـ tﻫـﺬه وﺗـﻠـﻚ إ ﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ »اﻟﻌﺎﻟﻢ اCﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ« ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﻮﺿـﻮع ﺟـﻤـﺎﻟـﻲ ،أي ﺷـﺨـﺼـﻴـﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ »اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ ذاﺗﻪ« ) en-soiواCﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳊﻀﻮر اﳋﺎص ﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌ (tوﻋﻠـﻰ اﻟـﻮﺟـﻮد ﻟـﺬاﺗـﻪ Pour-soiواﳋﺎص ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ ﺑـﻬـﺬا اﻟﻌﻤﻞ ،وأن ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﲢﻮي أﻋﻤـﺎﻗـﺎ ﻻ ـﻜـﻦ ﺳﺒﺮ أﻏﻮارﻫﺎ ،إﻧﻬﺎ اﻷﻋﻤﺎق اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺎق اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﻨـﺎ ).(٧٦ وﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮه اﳋﺎص ﻟﻠﻮﺣﺔ »ﺣﺬاء اﻟﻔﻼﺣﺔ« ﻟــ ﻓﺎن ﺟﻮخ ،واﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ أن ﻗﺎم ﻫﺎﻳﺪﺟﺮ ﺑﺘﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ،ﻗﺎل دوﻓﺮﻳﻦ إن اﻟﻔﻦ ﻳﻄﻠﻖ ﻗﻮة ﻏـﺮﻳـﺒـﺔ ﻓـﻲ اﻷﺷـﻴـﺎء اﻟﻌﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺜﻠﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﻷن اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﺠﺎوز ذاﺗﻪ ﻣﺘﺠﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ، ﻓﻔﻲ اﻟﻔﻦ ﻳﺘﺤﻮل اCﻮﺿﻮع إﻟﻰ رﻣﺰ .ﻛﻤﺎ اﻫﺘﻢ أﻳﻀﺎ دوﻓﺮﻳﻦ ﺑﺎﳊﺪﻳـﺚ ﻋـﻦ دور اﳋﻴﺎل ﻓﻲ اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻋﻦ اﻟﻔﻬﻢ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،وﻋﻦ أ ﺎط اﻟﺘﺄﻣﻞ 125
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻋﻦ اﻻﲡﺎه اﳉﻤﺎﻟﻲ إزاء اﳉﻤﻴﻞ ،واﳊﻘﻴﻘﻲ ،واﶈﺒﻮب .وأﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ ،واﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳊﻀﻮر واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ واﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ).(٧٧ ﺛـﻢ ﻳـﻘـﺪم ﻫـﺎﻧـﺰ ﺟـﻮرج ﺟـﺎداﻣـﺮ ،ﺗـﺼــﻮره ا Cـﺘ ـﻤ ـﻴــﺰ ﻣــﻦ ﺧــﻼل اﻟ ـﺘــﺮاث اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ،واﻟﺬي ﻳﻘﻮم أﺳﺎﺳﻪ اCﻌﺮﻓﻲ اﻟﺘﺄوﻳﻠﻲ )أو اﻟﻬﺮﻣﻴﻨﻮﻃﻴﻘﻲ( ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﻔﻬﻢ أﻣﺮ ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ داﺧﻞ ﺳﻴﺎق إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓـﺮدي واﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ ﺣﻲ ،وأﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﻌﻴﺎر ﺧﺎرج اﻟﺘﺄوﻳﻞ ـﻜـﻦ ﻗـﻴـﺎس دﻗـﺔ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﺄوﻳـﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻪ .وأﻧﻨﺎ ﻧﻔﺴﺮ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻷﻋﻤـﺎل ﻣـﻦ داﺧـﻞ ﺳـﻴـﺎﻗـﻬـﺎ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺨـﻲ اﳊﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻧﻀﻊ اﻟﺴﻴﺎق اﳋﺎص ﺑﺎCﺆﻟﻒ ﻓﻲ اﻋـﺘـﺒـﺎرﻧـﺎ ﻓـﻲ أﺛـﻨـﺎء ذﻟـﻚ أﻳﻀﺎ .درس ﺟﺎداﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﻴﺪﺟﺮ ،وﻫﻮ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔـﺴـﻪ »ﻫـﻴـﺪﺟـﺮﻳـﺎ« ﻋـﻠـﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﺎ ﺑ tﻧﻈﺮﻳﺘﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼف .وﺗﻘﻮم ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ أﺳـﺎس ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻇﺮوف ﺗﻌﺘﺒﺮ »ﻏﺮﻳﺒﺔ« ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ .وﻗﺪ اﻗﺘﺮح أن اﻟﺸﺮط اﳉﻮﻫﺮي ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ،ﻫﻮ اﻟﺘﺴﻠﻴـﻢ أو اﻹﻗﺮار أو اﻻﻋﺘﺮاف ،ﺑﺎﻟﺸﺮوط اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ وراء ﻣﻨﻈﻮرﻧﺎ اﳋﺎص ﻓﻲ رؤﻳﺔ ﻟﻸﻣﻮر .وﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﺟـﺎداﻣـﺮ ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬه اﻟـﺸـﺮوط اﺳـﻢ »اﻷﺣـﻜـﺎم اCـﺴـﺒـﻘـﺔ« Prejudgmentsأو اﻟﺘﺤﻴﺰات .Prejudicesأﻣﺎ اCﺘﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻬﻮ إﻣﻜﺎن ﺣﺪوث اﻻﻧﺼﻬﺎر أو اﻻﻧﺪﻣﺎج ﺑ tاﻵﻓﺎق اﺨﻤﻟﺘﻠـﻔـﺔ ﻟـﻠـﻤـﺆﻟـﻒ واﳉـﻤـﻬـﻮر )أو اCﺘﻠﻘﻲ( ،وﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺼﺮﻳﺢ اﻟﻮاﺿﺢ ﻷﺣﻜﺎم ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اCﺴﺒﻘﺔ أو ﲢﻴﺰاﺗﻪ اﻷوﻟﻴﺔ .وﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ اﻧﺼﻬﺎر وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ أو اﻟﻌﻮاﻟﻢ اﶈﻴﻄﺔ aﻮﺿﻮع ﻣﻌ ،tﻓﻲ وﺣﺪة ﻣﻔﺘﺮﺿﺔ ﺳﻠﻔﺎ ﺑ tاﻟﻠﻐﺔ وﺗﺪرك ﻣﻦ ﺧﻼل اﳊﻮار وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮح اﻷﺳﺌﻠﺔ واﻹﺟﺎﺑﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ُ ﻋﻨﻬﺎ).(٧٨ رﻓﺾ ﺟﺎداﻣﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﻛﺎﻧﻂ ﺣﻮل اﳉﻤﺎل ،ﻓﺄﺷﺎر ﻣﺜﻼ إﻟﻰ أن اﳉﻤﻴﻞ ﻻ ﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻤﺪ وﻻ أن ﻳﺒﺮﻫﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺒﺪأ ﺷﺎﻣﻞ أو ﻋﺎم. ﻛﻤﺎ أن ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﺬوق ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻻ ﻜﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻨـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻣـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ اﳊﺠﺔ واﻟﺒﺮﻫﺎن ،واﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮد ذوق ﻋﺎم ﻗﻮل ﻳﻔﻘﺪ اﻟﺬوق ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ. واﻟﺬوق أو اﻟﺘﺬوق ــ ﻓﻲ رأي ﺟﺎداﻣﺮ ــ ﻟﻴﺲ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳋـﺎص اﻟﺬي ﻳﺼﺪر ﻗﺮاراﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ أﺣﻜﺎم ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻌﻴﺎر أﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻲ ﻓﺎﺋﻖ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط. 126
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻳﺘﻤﺜﻞ إﺳﻬﺎم ﻛﺎﻧﻂ اﻷﺳﺎﺳﻲ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺟﺎداﻣﺮ ــ ﻓﻲ أﻧﻪ اﺳﺘـﻄـﺎع أن ﻳﺮى أن اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ذاﺗﻴﺔ ﻣﺤﻀﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ أﻣﺮ ﻟﻪ ﻣﺼﺪاﻗﻴﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑ tاﻟﻨﺎس .وﺛﺎﻧﻴﺎ :ﻓﻲ أﻧﻪ وﺟﻪ اﻷﻧﻈﺎر إﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﺬوق أو اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻦ ﺗﺼﻮر ،أو ﻣﻔﻬﻮم ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻔـﻬـﻢ ﺑـﻞ ﻋـﻦ اﻟـﻠـﻌـﺐ اﳊـﺮ ﻟﻠﺨﻴﺎل .وﺛﺎﻟﺜﺎ :ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ إن اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻌﺐ اﳋﻴﺎﻟﻲ اﳊﺮ ﻫﻲ ﺧـﺎﺻـﻴـﺔ ﻴﺰة ﻟﻠﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻋﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﺎط ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻦ ﻋﻨﺪ ﻛﺎﻧﻂ ﻣﻊ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻟﺪﻳﻪ .واﻟﺬوق ﻟﺪى ﻛﺎﻧﻂ ﻟﻴﺲ ﻣﻠﻜﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﻞ ﻣـﻠـﻜـﺔ ﻧـﻘـﺪﻳـﺔ، وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺷﻴﺌﺎ ﺟﻤﻴﻼ ،ﻓﺈن اﳉﻤﺎل اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻮ » ـﺜـﻴـﻞ ﺟﻤﻴﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻲء اﳉﻤﻴﻞ« واCﻬﻤﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻌﺒﻘـﺮي ﻫـﻲ أن ﻳـﺒـﺪع ﻫـﺬه اﻟﺘﻤﺜﻴﻼت اﳉﻤﻴﻠﺔ ،واﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺘﺬوق واﻹﺑﺪاع ،ﻓﻲ رأﻳﻪ ،ﲢﺪث ﺑﺸـﻜـﻞ اﻋﺘﺒﺎﻃﻲ أو ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اCﺼﺎدﻓﺔ ).(٧٩ وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻟﺪى ﺟﺎداﻣﺮ ،ﻓﻬـﻮ ﻳـﻘـﻮل إن اﻟـﻨـﻈـﺮة اﻟﻔﺎﺣﺼﺔ Cﻔﻬﻮم اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺑ tاﻟﺘﺬوق واﻹﺑﺪاع. ﻓﺎﻹﺑﺪاع ــ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻧﺘﺎج اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ــ ﻻ ﻜﻦ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ أن ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اCﺸﺎرﻛﺔ اﻷﺧﺮى اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻳﺶ ﻫﺬا اﻟﻨﺘﺎج أﻳﻀﺎ. ﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﺬوق اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﺘﻄـﻠـﺐ أﻳـﻀـﺎ ﻧـﺸـﺎﻃـﺎ ﺧـﻴـﺎﻟـﻴـﺎ ﻣـﻦ ﺟـﺎﻧـﺐ اCﺘﻠﻘﻲ ،وﺑﺸﻜﻞ ﺎﺛﻞ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ اCﺒﺪع أوﻻ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺑﺪاع ﻋﻤﻠﻪ .ﻓﻌﻘﻞ اﻟﻔﻨﺎن وﻋﻘﻞ اCﺘﻠﻘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﺘﺮﻛﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺗـﺒـﺎدﻟـﻲ ﻓـﻲ اﻟﻨﺸﺎط اﻹﺑﺪاﻋﻲ. إن ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻹﻧﺘﺎج اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﻴـﺮا ﺟـﻨـﺒـﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ،ﻓﺈﺑﺪاع اﻟﻔﻨﺎن ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺟﻤﻬﻮر اCﺘﻠﻘ ،tﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺰود اCﺘـﻠـﻘـt »ﺑﺎﳋﺒﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺒﻊ ــ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ــ اﻟﻨﻤﻮذج اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺒﻬﺠﺔ اﳊﺮة« و »اCﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى« ﻟﺪﻳﻬﻢ. وﻳﺮﺑﻂ ﺟﺎداﻣﺮ ﺑ tاﻟﻔﻦ )إﺑﺪاﻋﺎ وﺗﺬوﻗﺎ( واﻟﻠﻌﺐ ،وﻳﻘﻮل إن اﻟﻠﻌﺐ ﻧﺸﺎط ﻣﻨﺰه ﻋﻦ اﻟﻐﺮض ﻓﻌﻼ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻏﻴﺮ ﻫﺎدف ،ﻓﻬﻮ ﻧﺸﺎط ذو ﺑﻨﻴﺔ أو ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﻟﻪ ﻗﻮاﻋﺪه وأﻫﺪاﻓﻪ اﳋﺎﺻﺔ أﻳﻀﺎ .إﻧﻪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺐ اﳉﺎد واCﺘﻌﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ داﺧﻠﻪ ﻻ ﻣـﻦ ﺧـﺎرﺟـﻪ ،ﺧـﺎﺻـﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻴﻤﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﺒﺔ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻠﻌﺒﺔ ذاﺗﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ اﻷﻫﺪاف ،واﻟﻔﻦ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ 127
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
رأي ﺟﺎداﻣﺮ ،ﻟﻌﺒﺔ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن واCﺘﻠﻘﻲ ،وﲢﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻬﺎرات ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ .وأﻛﺒﺮ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ اCـﺘـﻠـﻘـﻲ ،ﻫـﻮ أن ﻳـﻜـﺘـﺸـﻒ أو ﻳﺘﺒ tاCﻌﻨﻰ )اﻟﻬﺪف( اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨـﻲ ،وﻫـﺬا اCـﻌـﻨـﻰ ﻟـﻴـﺲ ﻣـﻌـﻨـﻰ ﻜﻦ ﺗﺼﻮره ﻋﻘﻠﻴﺎ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻐﺔ ،ﻟـﻜـﻨـﻪ ،ﺑـﺪﻻ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ، ﻣﻌﻨﻰ رﻣﺰي .وﻳﺘﻤﺜﻞ اﻟﺘﺤﺪي اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﻄﺮﺣﻪ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻰ اCﺘﻠـﻘـﻲ ﻓـﻲ ﺿﺮورة أن ﻳﺸﺘﺮك ﻣﻌﻪ ــ ﻫﺬا اCﺘﻠﻘﻲ ــ ﻓﻲ ﻟﻌﺐ إﺑﺪاﻋﻲ ﺣﺮ ﺑﺎﻟﺼﻮر ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻠﻌﺐ ﻳﺘﻢ إدراك ﲢﻘﻖ اﻟﺬات اCﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ رﻣﺰي، وﻫﻲ ذات ﻟﻴﺴﺖ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺘﻠﻘﻲ وﺣﺪه ،أو اCﺒﺪع وﺣﺪه ،ﺑﻞ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .وﻫﻨﺎ ﻳﻘﺘﺮب ﺟﺎداﻣﺮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﺬوق اﻟﻌﺎم ،أو اﻟﻔـﻬـﻢ اCـﺸـﺘـﺮك ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎده ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ).(٨٠ ٣ـ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،دراﺳﺎت ﻋﺪة ،اﺗﺨـﺬت وﺟـﻬـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﻈـﺮ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻴﻨﻮ ﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﺗﺪور ﻓﻲ ﻓﻠﻜﻬـﺎ إﻟـﻰ ﺣـﺪ ﻛﺒﻴﺮ .وﻣﻦ ﺑ tﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ﳒﺪ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ إدوارد ﺑﻮاﻟﻮ ،وﺗـﻴـﻮدور ﻟـﺒـﺲ، وﻣﻮرﻳﺘﺰ ﺟﺎﻳﺠﺮ ﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .أﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳـﺎﺗـﻪ ﻓـﻨـﺠـﺪ ﻣـﺎرﺗـﻦ ﻟﻨﺪاور ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻪ ﻟﻠﺘﺬوق وﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .وﺗﺸﻴﻜﺰﻧﺘـﻴـﻬـﺎﻟـﻲ وروﺑﻨﺴﻮن ﻓﻲ دراﺳﺘﻬﻤﺎ ﻟﻠﺘﺬوق واﻹﺑﺪاع .وﺟﻴﻮرﺟﻲ ،وأﻧﺎﺳﺘـﻮس ،وﻣـﻮاري ﻓﻲ دراﺳﺘﻬﻢ ﻟﻠﺨﻴﺎل واﻟﺼﻮر اﻟﻌـﻘـﻠـﻴـﺔ ،وروﻟـﻮﻣـﺎي ﻓـﻲ دراﺳـﺔ ﻟـﻺﺑـﺪاع ﻣـﻦ ﻣﻨﻈﻮر وﺟﻮدي ﻓﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻲ .وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻳﺘﻔﻖ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤـﺎء ﻋـﻠـﻰ ﻋـﺪد ﻣـﻦ اﻟـﻘـﻀـﺎﻳـﺎ واﻟـﻨـﺘـﺎﺋـﺞ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﻔـﻖ ﺑـﺪورﻫـﺎ ﻣــﻊ ﻣــﺎ ﻃــﺮﺣ ـﺘــﻪ اﻟ ـﻔ ـﻠ ـﺴ ـﻔــﺔ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،واﻟﺘﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺜﻼ اﻟﻘﻮل: ١ــ إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺴﻤﺔ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺬات واCﻮﺿﻮع .وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﻟﺘﻘﺎط ﻟﻠﺨﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﲡﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟـﻜـﻠـﻴـﺔ، وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ أﻳﻀﺎ أن اﳋﺒﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻫـﻲ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻧﺪﻣﺎج اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ. ٢ــ إن اﳋﺒﺮة اﻟﻔﻨﻴـﺔ ﻫـﻲ ﺗـﻴـﺎر ﻣـﺘـﺼـﻞ ﺣـﻲ ﻣـﻦ اﻟـﻮﻋـﻲ ـﺮ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣﺴﺘﻤﺮ وﻣﺘﺼﻞ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﻌﻘﻞ ،وإن ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﻳﺨﺘـﻠـﻂ ﻣـﻊ ﻓﻜﺮة اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ أو اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ .وﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺄﻛﻴﺪه ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ اﻟﻮﺟﻮد 128
ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ
ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟـﺔ وﺟـﻮده اﶈـﺪد ﻓـﻘـﻂ ،وﻟـﻜـﻦ أﻳـﻀـﺎ اﻟـﻮﺟـﻮد ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﺻﻴﺮورﺗﻪ أو ﺗﻐﻴﺮه اﻟﺪاﺋﻢ. ٣ــ إن اﻟﻨﺸﺎط اﳋﺎص ﺑﺎﳊﻴﺎة ،ﺧﻼل اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﲡﺎه ﻣﻌ ،tﻳﻔﺘﺮض أﻧﻪ اﻻﲡﺎه اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻷﻋﻈﻢ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ،واﻟـﺘـﺤـﻘـﻖ اﻷﻛﺒﺮ أو اﻷﻗﺼﻰ ﻟﻬﺎ. ٤ــ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أن ﺗﻌﻄﻲ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ اﻟﻘﺼﺪي Intentional ﻣﻦ اﳋﺒﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ واﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ، وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اCﺘﺄﺛﺮة ﺑﻬﺎ. ٥ــ وأﺧﻴﺮا ﻓﺈن اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻔﺮدي ،أو وﺟﻮد اﻟﻔﺮد اﳋﺎص ،ﻫﻮ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺧﺘﺰال ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ اﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ ،وﻫـﻨـﺎ ﺗـﻌـﻄـﻰ وﻳﻄﺒﻖ أي ﺗﻘﺪم ،ﻓﻲ أي ﻧﻈﺮﻳﺔ، أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﺮى ﻟﻠﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻣﻦ اﳋﺒﺮةُ ، ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺧﻼل ﺧﺒﺮة اﻟﺘﺬوق ،ﻳﺤﺴﻦ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ اCﻨﻈﻮر اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﺮد).(٨١ وﻣﺎزال ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻳﻌﻠﻮ وﻳﺘﺼﺎﻋﺪ داﺧﻞ ﻣﺠﺎل اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ،وﻳﺒﺪو ﻟﻨﺎ أن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ﻛﺬﻟﻚa ،ﻨﺰﻟﺔ رد اﻟﻔﻌﻞ اﳊﺴﺎس اCﻀﺎد ،إذا اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﻜﻌﻴﺒﻲ ﻓﺮدﻳﻨﺎﻧﺪ ﻟـﻴـﺠـﻴـﻪ ﲡـﺎه ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﻜﻤﻴﺔ )اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ اﻟﻀﺒﻂ اCﻨﻬﺠﻲ واCﻌـﺎﳉـﺎت اﻹﺣـﺼـﺎﺋـﻴـﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ( ،واﻟﺘﻌﻤﻴﻤﻴﺔ )واﻟﺘﻲ ﺗـﻬـﺘـﻢ ﺑـﺎﻟـﻌـﻴـﻨـﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺗﻌﻤﻴﻤﺎت ﻋﻦ اﻟﺴﻠـﻮك اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ ﻋـﺎﻣـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺣـﺴـﺎب اﻟﺘﻔﺮد واﳋﺼﻮﺻﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻔﻨﺎن واﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ( ،واﻟﺘﺠﺰﻳﺌﻴﺔ )اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ واﳉﺰﺋﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻜﻠﻴﺎت وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘـﻜـﺎﻣـﻞ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﻓﻲ اﻹدراك ﻟﻪ( ،وﻫﻲ اﻟﻨـﺰﻋـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﺳـﺎدت اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻟﻠﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺴﻮدﻫﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن.
129
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
130
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
3ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ
»ﻛﻲ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻓﺮوﻳﺪ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺘﺴﻠﺢ ﺑﺤﺲ ﻧﻘﺪي« »ﻓﺘﺠﻨﺸﺘﺎﻳﻦ«
رaﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻔﺴـﻴـﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻔﻨﻮن واﻟﻨﻘﺪ ،وﻗﺪ ﻛـﺎن ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ اCﺒﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ واﺿﺤﺎ ﻟﺪرﺟﺔ أن ﻧﺎﻗﺪا ﻣﺜﻞ ﻫﺮﺑﺮت رﻳﺪ ﻳﻘﻮل »إﻧﻨﻲ أﺷﻚ ﻓﻲ أن اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﻛـﺎن ـﻜـﻦ أن ﺗـﻮﺟـﺪ ﻓـﻲ ﺻـﻮرﺗـﻬـﺎ اﻟــﺮاﻫ ـﻨــﺔ ﻟــﻮﻻ ﺳﻴﺠﻤﻮﻧﺪ ﻓﺮوﻳﺪ ،ﻓﻬﻮ اCﺆﺳﺲ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ، ﻓـﻜـﻤـﺎ ﻳـﺠـﺪ ﻓـﺮوﻳـﺪ ﻣـﻔـﺘـﺎﺣـﺎ ﻟـﺘـﺸــﺎﺑ ـﻜــﺎت اﳊ ـﻴــﺎة وﺗﻌﻘﻴﺪاﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻷﺣﻼم ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻳﺠﺪ اﻟـﻔـﻨـﺎن اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻲ ﺧﻴﺮ إﻟـﻬـﺎم ﻟـﻪ ﻓـﻲ اﺠﻤﻟـﺎل ﻧـﻔـﺴـﻪ ،إﻧـﻪ ﻻ ﻳﻘﺪم ﻣﺠﺮد ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺼﻮرة ﻷﺣﻼﻣﻪ ،ﺑﻞ إن ﻫﺪﻓﻪ ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام أي وﺳﻴﻠﺔ ﻜﻨﺔ ﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻼﺷﻌﻮر اCﻜﺒﻮﺗﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺨﺮج ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﺘﺮاءى ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮر اﻷﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻮﻋﻲ ،وأﻳﻀﺎ ﺑـﺎﻟـﻌـﻨــﺎﺻــﺮ اﻟ ـﺸ ـﻜ ـﻠ ـﻴــﺔ اﳋــﺎﺻــﺔ ﺑــﺄ ــﺎط اﻟ ـﻔــﻦ اCﻌﺮوﻓﺔ«).(١ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻟـﻈـﻬـﻮر أﻓـﻜـﺎر ﻳـﻮﱋ ﻋـﻦ اﻟـﻼﺷـﻌـﻮر اﳉﻤﻌﻲ واﻟﻨﻤﺎذج اﻷوﻟﻴﺔ) (٢ودراﺳﺎﺗﻪ ﻋﻦ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺪﻳﺎﻧﺎت وﻓﻨﻮن اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ آﺛﺎرﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت 131
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻓﻼﺳﻔﺔ أﻣﺜﺎل ﺳﻮزان ﻻﳒﺮ ،وﻋﻠﻤﺎء أﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أﻣﺜـﺎل ﻟـﻴـﻔـﻲ ﺳـﺘـﺮوس، وﻧﻘﺎد أدب أﻣﺜﺎل ﻫﺮﺑﺮت رﻳﺪ وﺟﺎﺳﺘﻮن ﺑﺎﺷﻼر وﻧﻮرﺛﺮوب ﻓﺮاي وﻏﻴﺮﻫﻢ. أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻷﻓﻜﺎر اﶈﻠﻠt اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟـﻰ ﻋـﻠـﻢ ﻧـﻔـﺲ اﻷﻧـﺎ ،Ego psychologyﺛﻢ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ »اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع« Object Relationوأﻳﻀﺎ ﺟﺎك ﻻﻛﺎن ودراﺳﺎﺗﻪ ﺣﻮل اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﻠﻐﺔ واﻟـﻼﺷـﻌـﻮر ،وﻓـﻜـﺮة اﻟـﻨـﻈـﺮة اﶈـﺪﻗـﺔ ،The Gazeوﻣﺮﺣـﻠـﺔ اCـﺮآة، وﻏﻴﺮﻫﺎ ،أﻛﺒﺮ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ ﻇﻬﻮر ﻧﻈﺮﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔـﻨـﻮن واﻟـﺘـﺬوق، وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ ،ﺑـﻌـﺾ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎت اﳉـﺪﻳـﺪة ﻓـﻲ ﻣـﺠـﺎل اﳋﺒﺮة اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ،وﻛﻤﺎ ﲡﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﻟﺪى ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣﻴﺘﺰ G.Mitz ﻣﺜﻼ ،وﻛﻤﺎ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. وﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ــ ﻣﺜﻼ ــ واﺿﺢ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻔﻨﺎﻧ،t واﻟﻜﺘﺎب اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴ ،tﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ أو اﻷوﺗﻮﻣﺎﺗﻴـﺔ) (٣وﻓﻲ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬـﻢ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺻﻮر اﻷﺣﻼم ،وﻓﻲ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺤﺎﻻت اﻟـﻬـﺬﻳـﺎن واﻟـﺘـﺪاﻋـﻲ اﳊﺮ واﻟﻬﻼوس واﳉﻨﻮن .ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ واﺿﺢ أﻳﻀـﺎ ﻓـﻲ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اCﻌﺎﺻﺮة ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ. إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﺪﻫﺸﺔ ﻓﻌﻼ ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﺮﻓﻨﺎ أن ﻓﺮوﻳﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻜﺜﻒ ـــ وﻟﻢ ﻳﻄﻮر ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﻛﺬﻟﻚ ــ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ إﺑﺪاﻋﺎ أو ﺗﺬوﻗﺎ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﺪى ﻓﺮوﻳﺪ ﺑﺎﻟﻔﻦ وﺑﺎﻟﻔﻨﺎﻧ tاCﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻟﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ اﺳﺘﺨﻒ aﺤﺎوﻻت اﻟﻔﻨﺎﻧ tاﳋﺎﺻﺔ ﻟﻔﻬﻢ اﻟﻼﺷﻌﻮر ،ﻫﺬا رﻏﻢ ﻣﺎ أﻛﺪه ﺟﻠ tوﻳـﻠـﺴـﻮن G.Wilsonﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ أﻓـﻜـﺎر ﻓـﺮوﻳـﺪ، وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻮﱋ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﻘﺪة أودﻳﺐ واﻟﻼﺷﻌﻮر )ﻓﺮوﻳﺪ( واﻷ ﺎط اﻷوﻟﻴﺔ )ﻳﻮﱋ( ،ﻫﻲ أﻓﻜﺎر ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻛﺘـﺎﺑـﺎت وأﻋـﻤـﺎل اCـﺆﻟـﻒ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻲ اﻷCﺎﻧﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻓﺎﺟﻨﺮ ،ﺑﻞ ﻳﺼﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﻮﻳـﻠـﺴـﻮن إﻟـﻰ اﻋـﺘـﺒـﺎر ﻓـﺎﺟـﻨـﺮ اﻷب اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ).(٤ أﻛﺪ ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﻟﻺدراك .أو اﻟﺘﺬوق ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن ،ﻋـﻠـﻰ أن ﻣﺼﺎدر اCﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اCﺘﻠﻘﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ إ ﺎ ﺗـﻜـﻤـﻦ ﻓـﻲ اﻟـﻼﺷـﻌـﻮر، ﻓﺎﻟﻔﻦ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻳﻘﺪم ﻟﻠﻤﺘﻠﻘـﻲ an incentive bonusأي ﺣﺎﻓﺰا إﺿﺎﻓﻴﺎa ،ﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻳﺴﻤﺢ Cﺘﻠﻘﻴﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺘﺎع aﺎدة ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﻬﺪدة ﻟﻸﻧﺎ أو ﺿـﺎرة ﺑـﻬـﺎ ،ﻟـﻮ 132
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻗﺪﻣﺖ ﺑﺸﻜﻞ آﺧﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،وأن اCﺮء ﻳـﻜـﻮن ﻛـﺬﻟـﻚ ﻏـﻴـﺮ واع aـﺼـﺎدر اCﺘﻌﺔ ،وأﺳﺒﺎﺑﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﻴﻪ ،أو ﺗﺄﻣﻠﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ).(٥ وﻳﺼﻌﺐ أن ﻧﺤﻴﻂ ،ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﺑﻜﻞ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت واCﻔﺎﻫﻴﻢ واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻨﻘﻮم ﺑﻪ ﻫﻮ أن ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻷﺳﺎﺳـﻴـﺔ ﻟـﻠـﻤـﺆﺳـﺲ اﻷول ﻟـﻬـﺬه اCـﺪرﺳـﺔ ،ﺛـﻢ ﻧﺸﻴﺮ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻻرﺗﻘﺎءات اﻟﺘﻲ ﺣـﺪﺛـﺖ ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻷﻓـﻜـﺎر ﻟـﺪى ﺑﻌﺾ ﺗﻼﻣﻴﺬه وﻣﺮﻳﺪﻳﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،أو ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ، aﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ. اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ،أوﻻ ،أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓﺼﻞ ﺣﺎﺳﻢ ﻟﺪى ﻓﺮوﻳﺪ ذاﺗﻪ ﺑt ﻣﻮﺿﻮع اﻹﺑﺪاع وﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻠﻘﻲ أو اﻟﺘﺬوق ،ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳊﺎﻻت ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜ ،tﻛﻤﺎ ﻟـﻮ ﻛـﺎﻧـﺎ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﺎ واﺣـﺪا ،أو ﺟﺎﻧﺒ tﻟﻌﻤﻠﻴﺔ واﺣﺪة. وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﻓﺘﺮاض ﻟﺪﻳﻪ أﻳﻀﺎ ﺑﺄن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﺎﺛﻞ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع ﻟﻪ .وﻗﺪ ﻧﺎﻗﺶ ﻓﺮوﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ) (٦ﺣﻴﺎة وأﻋﻤﺎل اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﺆﻟﻔ tواﻟﻔﻨﺎﻧt أﻣﺜﺎل ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ودﺳﺘﻮﻳﻔﺴﻜﻲ وأﺑﺴﻦ وﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ وﻣﻴﻜـﻞ أﳒـﻠـﻮ وﺟﻮﺗﻪ وﻫﻮﻣﻴـﺮوس وﺑـﻠـﺰاك وﻏـﻴـﺮﻫـﻢ ،ﻛـﻤـﺎ أﻧـﻪ اﺳـﺘـﺨـﺪم اCـﺴـﺮﺣـﻴـﺎت، واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ،واﳊﻜﺎﻳﺎت اﳋﺮاﻓﻴﺔ ،واCﻼﺣﻢ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ،ﻛﺄﻣﺜﻠﺔ ﻣﻮﺿـﺤـﺔ ﻷﻓﻜﺎره. ﻳﺤﺘﻞ اﻟﻼﺷﻌﻮر ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺤـﻮرﻳـﺔ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اCـﻨـﺤـﻰ اﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻠـﻲ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻲ. واﻟﻼﺷﻌﻮر ﻫﻮ وﺣﺪة أو ﻫﻮﻳﺔ دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﲢﻮي ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ اﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺎت اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ، وﲢﻮي ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﻏﺒﺎت ،واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ،واﻟﺼﻮر اﻟﻌﻘـﻠـﻴـﺔ واﻷﻣـﻨـﻴـﺎت اCـﻜـﺒـﻮﺗـﺔ واﶈﺮﻣﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺼﺪر أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻺﺑﺪاع وﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ. وﻻ ﺗﻌﺪ اﻟﻘﺪرات اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ واﳋﺼﺎﺋﺺ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻺﺑﺪاع أو اﻟﺘﺬوق ،ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اCـﻨـﺤـﻰ ،وذﻟـﻚ ﻷن اﻟـﺪﻳـﻨـﺎﻣـﻴـﺎت )اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت( اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اCﻜﻮﻧﺔ ﻟﻠﻔﺮد ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﻨﺎك ﺳﻠﺴﻠﺔ ذات ﺛﻼث ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻠﺨﺺ ﻟﻨﺎ اﻟﺘﻄﻮرات اCﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ،ﳒﻤﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ: 133
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
١ـ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ :ﻓﺮوﻳﺪ وﻋﻼﻗﺔ اﻟﺘﺬوق ﺑﺎﻹﺑﺪاع
وﺗﺒﺪأ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ﺑﺪراﺳﺎت ﻓﺮوﻳﺪ ﺣﻮل اﻟﻬﺴﺘﻴﺮﻳﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑ tاﻟﻌـﺎﻣـt ١٨٩٤و ،١٨٩٥ﺛﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺸﻬـﻴـﺮ ﻋـﻦ ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮ اﻷﺣـﻼم اﻟـﻌـﺎم ) ١٩٠٠ـــ ،(١٩٠١ وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت اCﺒﻜﺮة أﻛﺪ ﻓﺮوﻳﺪ أﻫﻤﻴـﺔ اﻟـﻼﺷـﻌـﻮر ،وﻃـﻮر أﻓـﻜـﺎره اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﻟﻜﺒﺖ واﻟﺼﺮاع اﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﻄﺮح واﻹﺳﻘﺎط ) (٧وﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻛﻤﺎ ﻗﺪم ﻮذﺟﺎ ﺗﺨﻄﻴﻄﻴﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ )اﻧﻈﺮ ﺷﺮﺣﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬه اCﻔﺎﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﻫﻮاﻣﺶ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اCﺮﺣﻠﺔ اCﺒﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻧﻈﺮ ﻓﺮوﻳﺪ ،ﻛﺬﻟﻚ ،إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ درﺟﺔ إﺗﻘﺎﻧﻪ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻗﻨﺎﻋﺎ Cﺒﺪأ اﻟﻠﺬة ،أي ﶈﺘﻮى ﻣﺴﺘﻤﺪ أﺻﻼ ﻣﻦ رﻏﺒﺎت ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺤﺮﻣﺔ ،ﺟﻨﺴﻴﺎ ﻛﺎﻧﺖ ،أو ﻋﺪواﻧﻴﺔ. وﻗﺪ أﺷﺎر ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ،ﻋﻤﻮﻣﺎ ،إﻟﻰ أن اﳋﺒﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗﺘﻴﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ، ﻓﻌﻼ ،ﻟﻠﺘﺨﻴﻴﻼت اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺈﺷﺒﺎع اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻷن ﺗﻬﺮب أو ﺗﺮوغ ـــ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﺰﺋﻲ أو ﻣﺆﻗﺖ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ــ ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺖ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺗـﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ أن ﲢـﻘـﻖ إﺷﺒﺎﻋﺎ رﻣﺰﻳﺎ ﺧﻴﺎﻟﻴﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ. وﻗﺪ ﻧﻈﺮ ﻓﺮوﻳﺪ ،ﻛﺬﻟﻚ ،إﻟـﻰ اﻹﺑـﺪاع واﻟـﺘـﺬوق ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻬـﻤـﺎ ﻣـﺘـﻨـﺎﻇـﺮان وﻣﺘﻤﺎﺛﻼن ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﻮﻫﺮي ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ اﻋﺘﻘـﺪ أن ﻣـﺘـﻌـﺔ اﻟـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻲ ﻣﺘﻌﺔ ﺎﺛﻞ ﻣﺘﻌﺔ اﻹﺑﺪاع ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻤـﺪ ،ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎدة ،ﻣـﻦ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻮد اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻜﺒﺖ اﻟﻼﺷﻌﻮري ).(٨ إن اﻟﻔﻨﺎن أو اﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﻓﻲ رأي ﻓﺮوﻳﺪ ،ﻳﺘﻤﻴﺰان aﺮوﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻜﺒﺖ ،واﻟﻔﻨﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ ﻟﻌﺎﻟﻢ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﻳﻔﻌﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﻄﻔﻞ وﻫﻮ ﻳﻠﻌﺐ ،واﻟﺮاﺷﺪ وﻫﻮ ﻳﺤﻠﻢ ).(٩ وﻗﺪ أﺷﺎر ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ دراﺳﺎﺗﻪ إﻟﻰ أن ﻣﺎ ﻳﻬﺪف إﻟﻴﻪ اﻟﻔﻨﺎن ،ﻫﻮ أن ﻳﻮﻗﻆ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﺪﻳﻪ ،وﺗﺪﻓﻌﻪ ﻧﺤﻮ اﻹﺑﺪاع ).(١٠ وﻗﺪ رأى ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ وﺳﻴﻠﺔ ﻟـﺘـﺤـﻘـﻴـﻖ اﻟـﺮﻏـﺒـﺎت ﻓـﻲ اﳋـﻴـﺎل ،ﺗـﻠـﻚ اﻟﺮﻏﺒﺎت اﻟﺘﻲ أﺣﺒﻄﻬﺎ اﻟﻮاﻗﻊ إﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮاﺋﻖ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،إﻣﺎ ﺑﺎCﺜﺒﻄﺎت اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻔﻦ إذن ،ﻓﻲ رأﻳﻪ ،ﻧﻮع ﻣﻦ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﳊﻴﺎة ،واﻟﻔﻨﺎن إﻧﺴﺎن ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ إﺷﺒﺎع ﻏﺮاﺋﺰه اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻹﺷـﺒـﺎع، وﻫﻮ ﻳﺘﺮك اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺮﻏﺒﺎﺗﻪ اﻟﺸﺒﻘﻴﺔ أن ﺗﻌﻠﺐ دورا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ، 134
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻫﻮ ﻳﺠﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻋﺎﺋﺪا ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﳋﻴﺎل ،ﺑﺄن ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اCﻮاﻫﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﺨﻴﻴﻼﺗﻪ إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺟﺪﻳﺪ ،ﺗُﻘﻮّم ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎت ﺛﺮﻳﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ).(١١ وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﻔﻨﺎن ﻓﻲ رأي ﻓﺮوﻳﺪ ﻳﺼﺒﺢ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ،ﻫﻮ اﻟﺒﻄﻞ ،واCﻠﻚ، واCﺒﺪع ،واﻟﻌﺎﺷﻖ اﶈﺒﻮب اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ أن ﻳـﻜـﻮﻧـﻪ ،دون أن ﻳـﺘـﺒـﻊ ﻣـﺴـﺎر اﻟﻜﺪح اﻟﺸﺎق اﻟﻄﻮﻳﻞ اﳋﺎص ﺑﺈﺣﺪاث ﺗﻐﻴﻴﺮات ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎرﺟﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺎت. اﻟﻔﻨﺎن اCﺒﺪع ،ﻓﻲ رأي ﻓﺮوﻳﺪ ،ﻫﻮ إﻧﺴﺎن ﻣﺤﺒﻂ ﻓﻲ اﻟـﻮاﻗـﻊ ﻷﻧـﻪ ﻳـﺮﻳـﺪ اﻟﺜﺮوة واﻟﻘﻮة واﻟﺸﺮف واﳊﺐ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺗﻨﻘﺼﻪ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻮ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﺘﺴﺎﻣﻲ ﺑﻬﺎ .وﲢﻘﻴﻘﻬﺎ ﺧﻴﺎﻟﻴﺎ وﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻮة ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻪ ﻓﻲ اCﺘﻠﻘ tﻟﻔﻨﻪ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت أو ﻛﻠﻬﺎ ).(١٢ وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻓﺮوﻳﺪ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻵﻟﻴﺎت أو اCﻴﻜﺎﻧﺰﻣﺎت اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ .وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ: اﻟﻜﺒﺖ ،اﻟﺘﺴﺎﻣﻲ ،اﻟﻨﻜﻮص ،اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ وأﻳﻀﺎ آﻟﻴﺎت اﳊﻠﻢ وﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص اﻟﺘﻔﻜﻴﻚ ،واﻟﺘﻜﺜﻴﻒ ،وﻗﺪ ﺳﺎوى ﻓﺮوﻳﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﺑ tﻓﻬﻤﻪ ﻟﻺﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ، أو اﻷدﺑﻲ ،وﺑ tﺗﺼﻮراﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﻷﻣﺮاض اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ).(١٣ ﻛﺬﻟﻚ أﻛﺪ ﻓﺮوﻳﺪ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وذﻟﻚ ﻷن ﻗـﻴـﻤـﺔ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ واﻟﻔﻨﺎن إ ﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ ،ﻟﻜﻨـﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻞ إن اﶈﺘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻦ اﻟﻨﻮﻋﻲ أو اﳋﺎص ﺑﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘـﺮدد ﺻﺪاه ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ،أو ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺮآوي ،أو ُﻳﻜﺸﻒ ،أو ﻳﻌﺎد ﻛﺸﻔﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اCﺘﻠﻘ ،tﺑﻞ أﺷﺎر ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،إﻟﻰ أن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻢ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا اﻹﻧﻜﺎر اCﺮاوغ أو اﻟﻬﺮوب اﻟﺮﻣﺰي ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻴﺐ اﻟﻴﻘﻆ ،وذﻟﻚ ﻣـﻦ ﺧـﻼل إﺷـﺒـﺎع اﻟـﺮﻏـﺒـﺎت ﻓـﻲ اﳋـﻴـﺎل )أو ﻣـﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ /أو أﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ( وﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻬﺮوب اCﺆﻗﺖ ﻫﺬه ﻫﻲ ﺟﻮﻫﺮ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺳﻮاء ﻟﺪى اCﺒﺪع أو ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ .وﻗﺪ اﻋﺘﺒﺮ ﻓﺮوﻳﺪ اﶈﺘﻮى اﻟﻐﺮﻳﺰي ﺟﻮﻫﺮ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻔﻨﻲ وﺟﻮﻫﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ أﻳﻀﺎ ،وﻗﺎل إن إﺗﻘﺎن اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﺗﻔﺼﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل »اCﻮاﻫﺐ اﳋﺎﺻـﺔ« ﻟـﻠـﻔـﻨـﺎن ﻫـﻮ ﻣـﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ ﺣﺪوث ﺗﺴﻮﻳﺔ ،أو ﺣﻞ وﺳﻂ ﺑ tاCﺘﻌﺔ اﳋﻴـﺎﻟـﻴـﺔ واﻟـﻮاﻗـﻊ اCﻮﺿﻮﻋﻲ .وﻫﺬه اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ اﻷﺳﺲ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ 135
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ـــ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ــ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ. وﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ) (١٩٠٨ﺗﺘﺒﻊ ﻓﺮوﻳﺪ اﻵﺛﺎر اCﺘﺼﻠﺔ ﻟﻠﻌﺐ اﻷﻃﻔﺎل اﳋﻴﺎﻟﻲ، ﺧﻼل أﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ واﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ،ووﺻﻮﻻ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ اﻟﻔﻨﺎن ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻫﻨﺎ ،ورﺑﻂ ﺑ tاﻟﻨﻜﺎت واﻷﺣﻼم. وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻘـﺪ ﻗـﺎل إن »ﻛﻞ ﻃﻔﻞ وﻫﻮ ﻳﻠﻌﺐ ﻳﺴﻠـﻚ ﻣـﺜـﻞ اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ ا'ـﺒـﺪع، وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﺨﻠﻖ ﻋﺎ'ﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻪ ،أو أﻧﻪ ﻳﻌﻴﺪ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻷﺷﻴﺎء اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﺎ'ﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،ﲢﻘﻖ ﻟﻪ ا'ﺘﻌﺔ أو اﻟﺴﺮور« ).(١٤ وﻋﺪم واﻗﻌﻴﺔ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺎب اﳋﻴﺎﻟﻲ ﻟﻪ آﺛﺎره اCﻬﻤﺔ ﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻜﻨﻴﻚ ﻓﻨﻪ ـــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻓﺮوﻳﺪ ـــ وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء ـــ إذا ﻛﺎﻧﺖ واﻗﻌﻴﺔ ــــ ﻻ ﻜﻨﻬﺎ أن ﻨﺢ أو ﲢﻘﻖ أي ﻣﺘﻌﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ إذا ﺣﺪﺛﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻌﺐ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﲢﻘﻖ اCﺘﻌﺔ أو اﻟﺴﺮور .واﻟﻜﺜﻴـﺮ ﻣـﻦ ﻣـﺼـﺎدر اﻹﺛـﺎرة اﻟـﺘـﻲ ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺴﺒﺒﺔ ﻟﻠﻀﻴﻖ واﻟﻘﻠﻖ ،ﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺼـﺪرا ﻟﻠﺴﺮور ﻟﺪى اCﺴﺘﻤﻌ tواCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ أﻋﻤـﺎل ﻓـﻨـﻴـﺔ ﻳـﻠـﻌـﺐ اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ دورا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﺗﺬوﻗﻬﺎ أو ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ. إن ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻓﺮوﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺟﺪة وﻗﻴﻤﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻔﻨﺎن/ اﻟﻄﻔﻞ وﻗﻴﻤﺔ ﻋﺎCﻬﻤﺎ اﻹﻳﻬﺎﻣﻲ واﳋـﻴـﺎﻟـﻲ ﻛـﺬﻟـﻚ .وﻗـﺪ ﻣـﻬـﺪ ﻓـﺮوﻳـﺪ ـــ ﻣـﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ ــ أﻣﺎم وﻳﻨﻴﻜﻮت ،وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻔﻨﺎﻧ tاﶈﺪﺛt اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺼﻠﻮا اﻟﻘﻮل ﺣﻮل ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺴﺘﻤﺪا ﻣﻦ ﻧﺸﺎط اﻟﻠﻌﺐ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،وﻣﻦ ذﻛﺮﻳﺎت اﻟﻄﻔﻮﻟـﺔ وﺧـﺒـﺮاﺗـﻬـﺎ اﻟـﻔـﺮﻳـﺪة واﳋـﺎﺻـﺔ واCﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎﳊﻴﻮﻳﺔ واﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ. وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻓﻜﺮة ﻓﺮوﻳﺪ ﺣﻮل وﺿﻊ اﻟﻔﻨﺎن أو اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻸﺷﻴﺎء ﻣـﻌـﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻜﺮة ﻟﻬﺎ ﻣﻼءﻣﺘﻬﺎ أو ﻣﻨﺎﺳﺒﺘﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳋﺒﺮة اCﺘﻠﻘt ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﳉﺪﻳﺪة ــ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ـــ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﳊﻘﺎﺋﻖ اﳉﺪﻳﺪة واﻟﺼﻮر ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺪﻣﺞ )أو ﻳـﻨـﺼـﻬـﺮ( ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺪاﺧﻠﻲ واﻟﻮاﻗﻊ اﳋﺎرﺟﻲ. ﻳﻘﻮل ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﻜﺘﺎب ا'ﺒﺪﻋﻮن وأﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ« »ﻧﺤـﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺎدﻳ Uﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎ'ﻠﻞ أو اﻟﻀﺠﺮ ،وﻧـﻘـﻒ ﻓـﻲ ﻣـﻮاﺟـﻬـﺔ أﺣـﻼم ﻳﻘﻈﺔ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﻲ ﲢﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺷﻌﺮ أو دراﻣﺎ ،ﻧﺸﻌﺮ ~ﺘﻌﺔ ﺷـﺪﻳـﺪة ،وwـﺜـﻞ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒـﺔ ﻟـﻨـﺎ ،ﻫـﺒـﺔ ،أو وﺳـﻴـﻠـﺔ ﲢـﻔـﻴـﺰ 136
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
إﺿﺎﻓﻴﺔ« ،وﻫﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻃﻼق ،أو اﻟﺘﻨﻔﻴـﺲ ،ﻋـﻦ ا'ـﺘـﻊ اﻷﺧـﺮى اﻷﻋﻈﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ ا'ﺼﺎدر اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻷﻋﻤﻖ وﻳﻘﻮل ﻛﺬﻟﻚ »إن ﻛﻞ ا'ﺘﻊ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻲ رأﻳﻲ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ا'ﺒﺪع ﻟﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ wـﺎﺛـﻞ ﻃﺒﻴﻌﺔ ا'ﺘﻌﺔ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻟﺪﻳﻨﺎ ،واﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻨﺎ اﳊﻘـﻴـﻘـﻲ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﳋﻴﺎﻟﻲ ،إ ﺎ ﻳﻨﺸـﺄ ﻋـﻦ ذﻟـﻚ اﻟـﺘـﺤـﺮر ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﺗـﺮات ا'ـﻮﺟـﻮدة ﻓـﻲ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ .وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻷن ﻗﺪرا ﻟﻴﺲ ﺑـﺎﻟـﻬـ Uﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻷﺛـﺮ إ ـﺎ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ wﻜ Uاﻟﻔﻨﺎن ﻟﻨﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ،ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺄﺣﻼم ﻳﻘﻈﺘﻨﺎ اﳋﺎﺻﺔ ،دون ﻧﺪم ﺷﺨﺼﻲ ،أو ﺷﻌﻮر ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎر ،أو اﳋﺠﻞ« ).(١٥ اﻟﻔﻦ إذن وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع aﻮﺿﻮﻋﺎت وﺧﺒﺮات ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﺨﻴﻴـﻞ ﻳﺼﻌﺐ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻷﺳﺒﺎب أﺧﻼﻗﻴﺔ أو ﻣﺎدﻳﺔ ﻋﺪة وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،وﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ،وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع دون ﺷﻌﻮر ﺑﺎﳋﻮف أو اﻟﺬﻧﺐ أو اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻟﻠﺬات ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اCﺘﻊ أو اﳋﺒﺮات أو إﺷﺒﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺧﺎرج ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ.
ﺳﺮ اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ
اﺳﺘﺄﺛﺮت اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ »اCﻮﻧﺎﻟﻴﺰا« اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﺑﺎﻫﺘﻤـﺎم اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـt واﻟﺒﺎﺣﺜ tﻣﻨﺬ أن رﺳﻤﻬﺎ ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ اﻟﻌﺎم ١٥١٩ﺣﺘﻰ اﻵن .وﻗﺪ وﺟﺪ اﻟﺒﻌﺾ ﺗﺸﺎﺑﻬﺎ ﺑ tوﺟﻬﻬﺎ ووﺟﻪ داﻓﻨﺸﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،وﺣﺎول أن ﻳﺪﻟﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻌﺾ اCﻌﺎﳉﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺑﺎﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ .أﻣﺎ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧـﺮ ﻓﻘﺎل إن اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ وﺟﻮد ﺷﻠﻞ ﻓﻲ أﺣﺪ أﻋﺼﺎب وﺟـﻬـﻬـﺎ ،وﺣـﺎول اﻟﺒﻌﺾ اﻟﺜﺎﻟﺚ أن ﻳﺰﻳﺤﻬﺎ ﻋﻦ ﺻﺪارﺗﻬﺎ ﺑ tاﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻌﺎCﻴﺔ ،ﻓﺄﺿﺎف إﻟﻴﻬﺎ ﺷﺎرﺑﺎ )ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﻔﻨﺎن ﻣﺎرﺳﻴﻞ دوﺷﺎﻣﺐ( ،أو ﻗﺎم ﺑﻨﺴﺦ ﺛﻼﺛ tﺻﻮرة ﻣﺼﻐﺮة ﻣﻨﻬﺎ ووﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ واﺣﺪة )ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ أﻧﺪي وارﻫﻮل( وﻇﻠﺖ ﻫﺬه اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﲢﻴﺮ اﳉﻤﻴﻊ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺑ tﻣﻦ ﺣﻴﺮﺗﻬﻢ ﺳﻴﺠﻤﻮﻧﺪ ﻓﺮوﻳﺪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﺨﺼﺺ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ،وﻛﺮس ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺘﻔﺴـﻴـﺮ ﺳـﺮ ﻫﺬه اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ وﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎت أﺧﺮى ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻨـﺎن ﻧﻔﺴﻪ ]اﻧﻈﺮ اﻟﻠﻮﺣﺔ ) (٢ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟﻠﻮﺣﺎت[. وﻗﺪ وﺟﻬﺖ اﻧﺘﻘﺎدات ﻋﺪة وﻣﺮﻳﺮة إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ :ﺑﻌﻀﻬﺎ رﻛﺰ ﻋـﻠـﻰ اﻋﺘﻤﺎد ﻓﺮوﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻣﻦ ﻃﻔﻮﻟﺔ داﻓﻨـﺸـﻲ وﺣـﻴـﺎﺗـﻪ اCـﺒـﻜـﺮة، 137
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ اﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﻘﺎﺻـﺮة ﻟـﺪى ﻓـﺮوﻳـﺪ Cـﻮﺿـﻮع اﻟـﻄـﻴـﺮان واﻟﻄﻴﻮر ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره رﻣﺰا ﺟﻨﺴﻴﺎ ،ﻓﻲ ﺣ tأﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻄﻤﻮح واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮ واﻟﺘﻔﻮق ،واﻟﺒﻌﺾ اﻟﺜﺎﻟﺚ أﺷﺎر إﻟﻰ اﻟﻨﻘﺺ اﻟﻮاﺿﺢ ﻓﻲ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣﻮل ﺷﺨﺼﻴﺔ داﻓﻨﺸﻲ ،واﻟﺬي أﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺮوﻳﺪ ﻫﺬا اﻟﺒﻨـﺎء اﻟـﺸـﺎﻫـﻖ ﺿـﻌـﻴـﻒ اﻷﺳﺎس ).(١٦ أﻣﺎ اﻧﺘﻘﺎدات أﺧﺮى ،ﻓـﺄﺷـﺎرت إﻟـﻰ ذﻟـﻚ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم اﳋـﺎص اﻟـﺬي أوﻻه ﻓﺮوﻳﺪ Cﻈﺎﻫﺮ اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل داﻓﻨﺸﻲ ،ﻓﻲ ﺣ tأﻧﻪ أﻫﻤﻞ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻﻛﺘﻤﺎل واﻹﳒﺎز اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل :ﻟﻘﺪ اﻫﺘﻢ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اCﻮﻧﺎﻟﻴﺰا ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺟﻠﻮﺳﻬﺎ وﻛﻴﻔﻴﺔ وﺿﻌﻬﺎ ﻟﻴﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر، وﻟﻢ ﻳﺘﺤﺪث ﻓﺮوﻳﺪ ﻋﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ »اﻟـﻌـﺬراء وﻳـﺴـﻮع اﻟـﻄـﻔـﻞ واﻟﻘﺪﻳﺴﺔ آن« أو اﻟﺘﻮازن اﳋﺎص ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اCﻮﺟﻮدة ﺑﻬﺎ ،وﻟﻢ ﻳﻬﺘﻢ ﻓﺮوﻳـﺪ، ﻛﺬﻟﻚ ،ﺑﺄﻋﻤﺎل داﻓﻨﺸﻲ اCﻜﺘﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ رﺳﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﳊﻴﻮاﻧﺎت واﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻟﺰﻫﻮر، وﻻ ﺑﺪراﺳﺎﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﺎرة واﻟﻨﺤﺖ واﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻫﻨﺎك ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﻐﺮات وﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﳊـﺬف واﻟـﺘـﺸـﻮﻳـﻪ ﻓـﻲ ﻗـﺼـﺔ ﻓـﺮوﻳـﺪ اﻟـﺘـﻲ ﺣـﺎول أن ﻳـﺠـﻌ ـﻠ ـﻬــﺎ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ).(١٧ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻫﻨﺎ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﺮوﻳﺪ ﻋﻦ »اﻟﻌﺬراء وﻳﺴﻮع اﻟﻄﻔﻞ واﻟﻘﺪﻳﺴﺔ آن« ،ﻓﻬﺬه اﻟﻠﻮﺣـﺔ ]اﻧـﻈـﺮ اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ) (٣ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت[ ـﺜـﻞ ﻓـﻲ رأﻳـﻪ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﻦ ﻃﻔﻮﻟﺔ داﻓـﻨـﺸـﻲ ﻛـﻤـﺎ ـﻜـﻦ ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮﻫـﺎ ﻓـﻲ ﺿـﻮء ﺑـﻌـﺾ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎت ﺣﻮل ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن .ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﻫﺬه اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮ ة واﶈﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻴﺰ اCﺮأﺗ tﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،وﺗﺸﻴﺮ اﻟﺸﻮاﻫـﺪ ـــــ ﻛـﻤـﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﺮوﻳﺪ ـــ إﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﺄﺳﻮرا ﺑﻔﻌﻞ ﻫﺬه اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﻠﺴﺖ ﺻﺎﺣﺒﺘﻬﺎ أﻣﺎﻣﻪ ﻷول ﻣﺮة ،ﻛﻤﻮدﻳﻞ ﻟﻠﻮﺣﺘﻪ اﻟـﺸـﻬـﻴـﺮة اﻷﺧﺮى )اCﻮﻧﺎﻟﻴﺰا( ،وﺑﺤﻴﺚ ﻛﺮر ﻫﺬه اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎت أﺧـﺮى ﻟـﻪ ﺑـﻌـﺪ ذﻟﻚ. وﻗﺪ اﻓﺘﺮض ﻓﺮوﻳﺪ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﻗﻊ داﻓﻨﺸـﻲ ﻓـﻲ أﺳـﺮ ﻫـﺬه اﻻﺑـﺘـﺴـﺎﻣـﺔ ﻷول ﻣﺮة ،ﻓﺈﻧﻬﺎ أﻳﻘﻈﺖ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻛﺎﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﺑﻌﻴﺪ، ورaﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺸﻲء ﻫﻮ ذﻛﺮى ﻣﻦ ذﻛﺮﻳﺎت ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ اCﺒﻜﺮة ،ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﳊﻤﻴﻤﺔ ﻣﻊ أﻣﻪ أو ﺑﺪﻳﻠﺔ اﻷم )زوﺟﺔ اﻷب( ،وﻗﺪ ﺣ ّـﻮل ﻫﺬه ﻈﺖ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ــ إﻟﻰ وﺟﻬﻲ اCﺮأﺗ tﻓﻲ ﻟﻮﺣـﺔ »اﻟـﻌـﺬارء اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ـــ ﺣـ tأُوﻗِ َ 138
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﻄﻔﻞ ﻳﺴﻮع واﻟﻘﺪﻳﺴﺔ آن« ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟﺬﻛﺮ ،ﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻔﺎﺋﻪ وﺗﺒﺠﻴﻠﻪ ووﻟﻌﻪ اCﺴﺘﻤﺮ ﺑﺎﻷﻣﻮﻣﺔ ).(١٨ وﻗﺪ اﺳﺘﺪل ﻓﺮوﻳﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻄﻔـﻞ اCـﻮﺟـﻮد ﻓـﻲ اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ﻫـﻮ ﻟـﻴـﻮﻧـﺎردو داﻓﻨﺸﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،وأن اCﺮأﺗ tﻫﻤﺎ ﺗﻜﺮار ﻟﺼﻮرة أﻣﻪ ،اﻟﺘﻲ رaﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺘﻠﻚ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮة اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ...وذﻛﺮ ﻓﺮوﻳﺪ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻃﻔﻮﻟﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺄﻣﻮر ﺎﺛﻞ ﻣﺎ ﲢﺘﻮي ﻋﻠـﻴـﻪ ﻫـﺬه اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ،ﻓـﻘـﺪ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻫﻨﺎك اﻣﺮأﺗﺎن ﺗﻘﻮﻣﺎن ﺑﺪور اﻷم ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ :أﻣﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ وأﻣﻪ اﻟﺒﺪﻳﻠـﺔ )أي زوﺟﺔ أﺑﻴﻪ( .وﻗﺪ أﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻦ أﻣﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻤﺮه ﻣﺎ ﺑ tاﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﳋﺎﻣﺴﺔ ،ﺛﻢ ﻋﺎش ﻣﻊ زوﺟﺔ أﺑﻴﻪ ،اﻟﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ أﻳـﻀـﺎ ﺷﺪﻳﺪة اﳊﻨﻮ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻓﺮوﻳـﺪ ،ﻗـﺪ اﺳـﺘـﺨـﺪم اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﻟﺮاﺿﻴﺔ اﻷﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺴﻌﺎدة -اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪﻳﺴﺔ آن ـــ ﻛﻲ ﻳﻨﻜﺮ، أو ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ،أو ﻳﺨﻔﻲ ،أو ﻳﺤﺠﺐ ،ﺷـﻌـﻮر اﳊـﺴـﺪ اﻟـﺬي ﻻﺑـﺪ أن اﻷم اﻷﺻﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺴﺔ ﻗﺪ ﺷﻌﺮت ﺑﻪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻀﻄﺮة إﻟﻰ أن ﺗﺘﺮك اﺑﻨﻬﺎ ،وزوﺟﻬﺎC ،ﻨﺎﻓﺴﺘﻬﺎ اﻷﺧﺮى .إن ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﳋﺎص ﺑﻮﺟﻮد »اﺛﻨﺘ tﻣﻦ اﻷﻣﻬﺎت« ،ﻻ أﻣﺎ واﺣﺪة ،ﻫﻮ ﻣﺎ أدى ﺑﺪاﻓﻨﺸﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﺮوﻳﺪ ،إﻟﻰ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﻨﻰ اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﻓﻬﻤﺎ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻮﻋﺪ ﺑﺎﻟﺮﻗﺔ اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮ واﻟﻌﻘﺎب ).(١٩ إﻧﻬﻤﺎ ـــ ﻫﺎﺗﺎن اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺘﺎن ــ ﺗﻌﺒﺮان ،ﻓﻲ ﺿﻮء ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ،ﻋﻦ ﻏﺮاﺋﺰ اﳊﻴﺎة وﻏﺮاﺋﺰ اCﻮت ،ﺣﺎﻻت ﻣﻦ اﻹﺷﺒﺎع وﺣﺎﻻت ﻣﻦ اﳊﺮﻣـﺎن ،وﺳـﺘـﺮدد اﻟـﻔـﻜـﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﺪد أو اﻻﻧﺒﻌﺎث ﻟﻠﺬﻛﺮﻳﺎت اﻟﻘﺪ ﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى ﺑﺎﺣﺜt آﺧﺮﻳﻦ ﺑﻌﺪه ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻔﻜﺮة اﳋﺎﺻﺔ اCﻄﺮوﺣﺔ ﻫﻨﺎ واﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻳﺠﻤﻊ ﺑ tاﻟﺸﻲء وﻧﻘﻴﻀﻪ )اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﻟﺮﺿﺎ واﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﳊﺴﺪ( ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺐ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﺳﺘﺘﺮدد أﺻﺪاؤﻫﺎ ﻓﻲ دراﺳﺎت وﻧﻈـﺮﻳـﺎت أﺧـﺮى ﺗﺎﻟﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى أﺻﺤﺎب ﻣﺪرﺳـﺔ ﻋـﻠـﻢ ﻧـﻔـﺲ اﻷﻧـﺎ ،وأﺻـﺤـﺎب ﻧـﻈـﺮﻳـﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻬﻢ ﻻﺣﻘﺎ. ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﻛﻞ اﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔﺴﻴ tﺑﻌﺪ ﻓﺮوﻳﺪ ﺑﺎCﺴﺎواة ﺑ tاﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق ـــ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ـــ ﻓﻲ ﻛﻞ اﳉﻮاﻧﺐ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ــ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﺮوﻳﺪ ـــ أﻗـﻞ ﻣﻴﻼ إﻟﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tﻫﺎﺗ tاﻟﻌﻤﻠﻴﺘ tأو إﺑﺮاز اﻟﻔﺮوق ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. وﻗﺪ أﻋﻄﺖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺔ اCـﺘـﺄﺛـﺮة أﺳـﺎﺳـﺎ ﺑـﺎﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻲ 139
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴـﺮا ﻟـﻠـﺪور اﳋـﺎص aـﺒـﺪأ اﻟـﻠـﺬة واﻹﺷـﺒـﺎع اﻟـﺮﻣـﺰي ﻟﻠﺮﻏﺒﺎت اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻘﺪ اﻫﺘﻤﺖ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اCﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻸﻧﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ أﺷﻜﺎل اﻹﺷﺒﺎع اCﺘﻀﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت. وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻓﺮوﻳﺪ ﻧﻔﺴﻪ أن اﻟﻠﺬة ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺴﻴـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻲ اﳋـﺎص ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ اﺣﺘﺎج إﻟﻰ أن ﻳﺠﻲء ﻋﻠﻤﺎء ﻧـﻔـﺲ اﻷﻧﺎ« Ego Psychologist .ـــ أﻣﺜﺎل آﻧﺎ ﻓﺮوﻳﺪ ) A.Fruedاﺑﻨﺘﻪ( وﻫﺎﻧﺰ ﻫﺎر ﺎن H.Hartmanوإرﻧﺴﺖ ﻛﺮﻳﺲ E.Krisورودﻟﻒ ﻟﻮﻓﻨﺸﺘﺎﻳﻦ R.Lovensteinوﻏﻴﺮﻫﻢ ـــ ﻛﻲ ﻳﻮﻟﻮا ﻫﺬه اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻘﻪ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎم. وﻫﺬا ﻳﻘﻮدﻧﺎ ﻧﺤﻮ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اCﻬﺘﻤﺔ ﺑﺎﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ.
٢ـ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺎ
ﻣﻊ ارﺗﻘﺎء ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺎ ،ﺗﻐﻴﺮت وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﺣﻮل اﻟﻔـﻦ داﺧـﻞ ﻣـﺠـﺎل وﻧﻈﺮ إﻟﻰ إﺗﻘﺎن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺜﻞ ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲُ ، ﻟﻸﻧﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﺻﺒﺢ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ُﻳﻨﺘﺞ ـــ ﺑﺸﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ ـــ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ أو اﻟﺪاﻓﻌﻴﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ) .(٢٠وأﺻﺒﺢ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻮﺟﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻـﺔ aـﺒـﺪأ اﻟـﻮاﻗـﻊ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ اﻟﺬي ﺗﻘﻮم اﻷﻧﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺪور ﻛﺒﻴﺮ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﻣﻮﺟﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻛﺘﺸـﺎف اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت اﳋﺎﺻﺔ aﺒﺪأ اﻟﻠﺬة اﻟﻐﺮﻳﺰي اCﻨﺪﻓﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺎﻣﺢ )ﻛﻤﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ اﳊـﺎل ﻟـﺪى ﻓﺮوﻳﺪ(. وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﺒﺎﺣﺜ tاﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﳒﺪ إرﻧﺴﺖ ﻛﺮﻳﺲ، وﻗﺪ ﻗﺪم رؤﻳﺔ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﺣﻮل اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ داﺋﺮﻳﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻼث ﻣﺮاﺣﻞ ﻫﻲ :اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻌﻪ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘـﻲ أُﻧﺘﺞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .ﻓﻜﻲ ـﺎرس اﳋـﺒـﺮة ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻘﻮم ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ أدوارﻧﺎ »إﻧﻨﺎ ﻧﺒﺪأ ﻫـﺬه اﳋـﺒـﺮة ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎرﻧـﺎ ﺟـﺰءا ﻣـﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي أﺑﺪﻋﻪ اﻟﻔﻨﺎن ،ﺛﻢ ﻧﻨﺘﻬﻲ وﻧﺤﻦ ﻣﺒﺪﻋﻮن ﻣﺸﺎرﻛﻮن ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻨﺎن، ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻮﺣﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻌﻪ« ).(٢١ وﻗﺪ أﻛﺪ ﻛﺮﻳﺲ ﺧﻼل ﻃﺮﺣﻪ ﻷﻓﻜﺎره ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑ tاﻟﻨﺸـﺎط اﳉﻤﺎﻟـﻲ ،واﻻﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺔ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،ورﺑـﻂ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻼﻗـﺔ aـﺸـﻜـﻠـﺔ اﻟـﺸـﻜـﻞ 140
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واCﻀﻤﻮن ،وﻗﺎل إﻧﻪ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳـﺮ ﺗـﺼـﻮر ﺧـﺎص ﺣـﻮل اﻟـﻔـﻦ ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎره ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮاﺻﻞ وإﻋﺎدة إﺑﺪاع ﻳﻠﻌﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻐﻤﻮض دورا ﻣﺮﻛـﺰﻳـﺎ ،وإن اﻹﺑـﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اCﺘﻠﻘﻲ ،وإن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺬاﺗﻲ ﻳﻜﻮن ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺻﻴﻠﻪ إﻟـﻰ اﻵﺧـﺮﻳـﻦ ) .(٢٢وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ،أن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴـﺔ ﺗـﻜـﺘـﺴـﺐ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺮﺟﻮة ﻣﻦ ﺧﻼل إﻋﺎدة إﺑﺪاع اCـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻟـﻬـﺎ .ﻓـﻤـﺎ ﻫـﻮ ﻣﺸﺘﺮك ﺑ tاﻟﻔﻨﺎن واCﺘﻠﻘﻲ ﻫﻮ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ،وﻟﻴﺲ اﶈﺘﻮى اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اCﻮﺟﻮد ﺳﻠﻔﺎ ،ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،أو اﻟﺘﻮاﺻﻞ ،أو اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑt اCﺒﺪع واCﺘﻠﻘﻲ ﻻ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻧﻮاﻳﺎ اﻟﻔﻨﺎن أو ﻣﻘﺎﺻﺪه ،أو دواﻓﻌﻪ وﻻ ﻓﻲ ﻧﻮاﻳﺎ اCﺘﻠﻘﻲ ،أو ﻣﻘﺎﺻﺪه ،أو دواﻓﻌﻪ ــــ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل ﻓﺮوﻳﺪ ـــ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻋﺎدة اﻹﺑﺪاع اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اCﺘﻠﻘﻲ. وﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺤﺪث ﻫﺬا اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﳊﻤﻴﻢ ﺑ tاCﺒﺪع واCﺘﻠﻘﻲ )أو اﻵﺧﺮ اCﺒﺪع( ،ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري أن ﻳﺘﺨﻠﻖ داﺧﻞ اCﺘﻠﻘﻲ ـــ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ـــ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮدا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع ،ﻛﻤﺎ أن اCﻌﻠﻮﻣﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﻟﻔﻨﺎن ،وأﻫﺪاﻓﻪ ،أو دواﻓﻌﻪ ،ﻗﺪ ﻻ ﺗـﻜـﻮن أﻣـﺮا ﺿﺮورﻳﺎ ﳊﺪوث اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﻜﺘﻤﻠﺔ ،إن ﻣﺎ ﻳﻬـﻢ ﻫـﻨـﺎ ﻫـﻮ ﻣـﺎ ﻳـﻌـﻄـﻴـﻪ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﻨﺎ ،أو ﻳﺴﺘﺜﻴﺮه ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺘﻌـﺪد اﻟـﺘـﻔـﺴـﻴـﺮات ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻮاﺣﺪ. وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪم ﻛﺮﻳﺲ ﺗﺼﻮرا ﺧﺎﺻﺎ ﺣﻮل ﻣﺎ أﺳﻤﺎه ﺟﻬﺪ اﻟﺮﻣﺰ The potential ،of Symbolإﻧﻪ ذﻟﻚ اﳉﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺗﻜـﺜـﻴـﻒ اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اCﺼﺎدر اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﳋﺎرﺟﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﻔﻨﺎن ،واﻟﺬي ﻜﻨﻪ أن ﻳﺤﺪث ﺗﺄﺛﻴﺮات ﻣﺘﻌﺪدة ﻓﻲ اCﺘﻠﻘﻲ أﻳﻀﺎ .واﻟﻌﺎﻣﻞ اﳊﺎﺳﻢ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن اﻟﺮﻣﺰ ،أي رﻣﺰ ،ﻛـﻲ ﺘﻠﻚ ﺟﻬﺪا ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ ﻟﺪى ﻣﺘﻠﻘﻴﻪ ذﻟـﻚ اﻟـﻨـﺸـﺎط اﳋـﺎص ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ،أي ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع ،إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻀﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺗﺼﺎل ﻣﻊ ﻻ ﺷﻌﻮرﻧﺎ اﳋﺎص. وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺮﻳﺲ ـــ وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﺮوﻳﺪ ـــ ﻳﻘﺪم ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ أو ﻨﺤﻪ ﻣﻨﻄﻘﺔ آﻣﻨﺔ ،ﻜﻦ ،ﻋﻨـﺪﻫـﺎ ،ﻋـﺒـﻮر اﳊـﺪود ،أي ﺣﺪود اﻟﻼﺷﻌﻮر واﻟﻜﺒﺖ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪات اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ .وﻛﻲ ﻧﻔﺴﺮ اﻟﺮﻣﺰ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻨﺪﻣﺞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل اﳋﺎص ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴـﺔ اﻷوﻟﻴﺔ )اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ( إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ )اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ( .ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻮﻻت - 141
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑ tﻫﺎﺗ tاﻟﻌﻤﻠﻴﺘ - tﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻛﺎﻓﻴﺔ ﳊﺪوث ﻣﺘﻌﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﺬﻟـﻚ أﺿﺎف ﻛﺮﻳﺲ إﻟﻴﻬﻤﺎ ﻓﻜﺮة »اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴـﺔ« وﻫـﻲ اﻟـﻔـﻜـﺮة اCـﺄﻟـﻮﻓـﺔ ﻟـﺪى اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ وﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ )وﻛﻤﺎ ورد ذﻛﺮﻫﺎ ﺑﺒـﻌـﺾ اﻟـﺘـﻔـﺼـﻴـﻞ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب(. ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺸﻜﻞ واCﻀﻤﻮن ــ ﻓﻲ رأي ﻛﺮﻳﺲ ــ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﺎ، ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺷﺪﻳﺪة اﻟـﻘـﺮب ،وإﻻ ﲢـﻮل اﻟـﻔـﻦ إﻟـﻰ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﻟـﺪﻋـﺎﻳـﺔ أو اﻟﺒﺮوﺑﺎﺟﺎﻧﺪا ،أو اﻟﺴﺤﺮ ،وﻻ ﺗﻜﻮن ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺒﻌﺪ أﻳﻀﺎ ،وإﻻ أﺻﺒﺢ اCﺘﻠﻘـﻲ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اCﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻓﻴﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ إﻟﻰ اﻻﻧﺴﺤﺎب ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ أو اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺈﺻﺪار ﻛﻼم ﻣﺘﻌﺎﻟﻢ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ واﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ـــ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻏﻴﺮ ذي ﺻﻠﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ـــ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨـﻘـﺎد ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﳊﻤﻴﻢ ﻣﻌﻪ ،ﻓﻴﻜﺜﺮون ﻣﻦ ﺣﺸﻮ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻬﻢ أو أﺣﺎدﻳﺜﻬﻢ ﺑﺎCﻔﺎﻫﻴﻢ واCﺼﻄﻠﺤﺎت واﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻔﻬﻢ أو ﻋﺪم اﻟﺘﺬوق ،وﻣﻦ ﺛـﻢ ﺗـﻜـﻮن ﻏـﻴـﺮ ذات ﺻـﻠـﺔ ﺑـﺎCـﻮﺿـﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ ﻟﻪ ).(٢٣ إن اﻟﻮزن واﻹﻳﻘﺎع ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻛﺮﻳﺲ ،ﻳﻌﻄﻴﺎﻧﻨﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻼﺑﺘﻌﺎد اCﺆﻗﺖ ﻋﻦ أﺳﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﻌﺎدي ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ،أو اﻟﻜﻼم ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟـﻘـﻴـﺎم ﺑـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻧﺘﺒﺎه ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺣﺪوث ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻠﻖٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ أﻳﻀﺎ ) ،(٢٤وﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﺷﺒﻴﻬﺔ aﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﻛﻮﻳﻦ ﺣﻮل اﻻﻧﺰﻳﺎح ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ وﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﻣﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﶈﻮرﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﺗﺼﻮر ﻛﺮﻳـﺲ ﺣـﻮل اﻹﺑـﺪاع واﻟـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ اCﺴﻤﻰ »اﻟﻨﻜﻮص ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻷﻧﺎ« Regression in the service .of the Egoإﻧﻪ ﻧﻜﻮص ﻳﻜﻮن aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﺒﺪاﺋﻲ ﻟـﻮﻇـﺎﺋـﻒ اﻷﻧـﺎ ،وﻫـﻮ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﺳﺘﺮﺧﺎء وﲢﺮرا ﺧﺎﺻﺎ ﻣـﻦ وﻇـﺎﺋـﻒ ﻫـﺬه اﻷﻧـﺎ ،أي ﺣـﺮﻛـﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟﻮاﻗﻊ )اﳋﺎص ﺑﺎﻷﻧﺎ( ،إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻠﺬة )اﳋﺎص ﺑﺎﻟـ »ﻫﻮ«(، وﻗﺪرا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ اﻟـ »ﻫﻮ« اﻟﻐﺮﻳﺰي ﺑﺘﺨﻴﻴﻼﺗﻪ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻏﻴﺮ اCﻘﻴﺪة .وﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ــ ﻓﻲ رأي ﻛﺮﻳﺲ ـــ ﺷﺮط ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﻷي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻹﺑﺪاع أو اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .وﻗـﺪ أﺷـﺎر ﻫـﺬا اﻟـﺒـﺎﺣـﺚ ،ﻛـﺬﻟـﻚ ،إﻟـﻰ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺑ tﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻨﺤﺖ وﺧﺒﺮات اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ وﺣﺎﺟﺎﺗﻬﺎ، وأن ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺴﻴﺎق اﻟﻨﻔﺴﻲ اﳉﻨﺴﻲ، 142
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء اCﺮاﺣﻞ اCﺒﻜﺮة ﻻرﺗﻘﺎء اﻷﻧﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ. إن اﻟﻔﻨﺎن ــ وﻛﺬﻟﻚ اCﺘﻠﻘﻲ ــ ﻟﻴـﺲ ﺳـﺠـ tاﻟـﻘـﻮى اﻟـﻨـﻜـﻮﺻـﻴـﺔ اCـﻮﺟـﻮدة ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،ﻓﺎﻹﺑﺪاع اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاوﺣﺔ أو ﺣﺮﻛﺔ ﺣﺮة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺑـt اﻹﺑﺪاع واﻟﻨﻘﺪ ،وﻳﺘﺠﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ رﺟﻮع اCﺼﻮر ــــ أو اCﺘﻠﻘﻲ ـــ ﻟﻠﺨﻠـﻒ وﺗﺄﻣﻠﻪ ﻟﻌﻤﻠﻪ اﻟﻔﻨﻲ ،إﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻣﻨﺘـﺠـﺎ وﻣـﻼﺣـﻈـﺎ ﻹﻧـﺘـﺎﺟـﻪ ﻓـﻲ وﻗـﺖ واﺣـﺪ، ﻣﺒﺪﻋﺎ وﻣﺘﻠﻘﻴﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ ،إﻧﻪ اCﺘﻠﻘﻲ اﻷول ﻟﻌﻤﻠﻪ اﻟﻔﻨﻲ ،أﻣﺎ اﳉﻤﻬﻮر ﻓﻬﻮ اCﺘﻠﻘﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻪ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اCﺘﻠﻘﻲ ﺗﻌﻴﺪ ــ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺎم ﻋﻜﺴﻲ ـــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻛﺮﻳﺲ ــــ وﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺒﺎﻳﻨﺎت ،ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻬﺎ ــ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺐ اﻹﺑﺪاع اﻟﺘﻲ ﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن .ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓﺮوﻗﺎ أﺧﺮى ﺟﺪﻳﺮ ذﻛﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﺑ tاﻹﺑﺪاع واﻟﺘـﻠـﻘـﻲ ﻓﻲ رأي ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ ،ﻓﺎﻹﺑﺪاع ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﺠﺎﺋﻴﺔ ﺗﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ، أﻣﺎ اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺔ ﺗﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻮات ،اﻹﺑﺪاع ﺣﺮﻛﺔ اﺧﺘﺮاﻗﻴﺔ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﻟﻠﺨﻴﺎل ،أﻣﺎ اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﺘﻐﻴﺮ ﺗﺪرﻳﺠﻲ ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اﳋﺎص ﺑﺎﻹدراك أو اﻟﺘﺬوق ...إن اﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﺨﻀﻊ ــــ ﻓـﻲ رأﻳـﻪ ـــــ ﻟـﺘـﺒـﺎﻳـﻨـﺎت ﻋـﺪة ﲢـﺪدﻫـﺎ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻻﺳﺘﻌﺪادات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮد ،وﻣـﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﺧﺒﺮة اﻟﺘﻠﻘﻲ ،رﻏﻢ ﺗﺸﺎﺑﻬﻬﺎ ﻣﻊ ﺧﺒﺮة اﻹﺑﺪاع ،ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺧﺒﺮة ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺔ ﻣﻌﻬﺎ ،ﻫﺬا رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ aﻨﺰﻟﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻋﺎدة ﻟﻔﻌﻞ اﻹﺑﺪاع ذاﺗﻪ ،ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﺤﺮك ﻣﻦ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ إﻟﻰ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺘﻠﻘﻲ اﻟﺴﻠﺒﻲ إﻟﻰ اﻹﻧﺪﻣﺎج اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ،ﻓﺎCﺘﻠﻘﻲ ﻳﻘﺒﻞ دﻋﻮة اﻟﻔﻨﺎن ﻟﻪ Cﺸﺎرﻛﺘﻪ ﻓﻲ إﺑﺪاﻋﻪ اﳋﺎص ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﲢﺪث ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮاﺻﻞ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻣﻜﺜﻒ ﺧﺎص ﻣﻊ ﻋﻤﻠﻪ، وﺧﻼل ذﻟﻚ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻜﺒﺖ اﻟﻀﺎر ـــ اCﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﺼﺮاﻣﺔ ــــ ﺳـﺎرا و ـﺘـﻌـﺎ، ﻟﻘﺪ ﻋـﺒﱠﺮ آﺧﺮون ﻋﻨﻪ ،وﺟﺴﺪوه ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺧﺎرﺟﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻧﺘﻔـﻰ اﻟـﺘـﻬـﺪﻳـﺪ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ. ﺗﺬﻛﺮﻧﺎ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﺑﺄﻓﻜﺎر أﺧﺮى ﺎﺛﻠﺔ ﻟﺒﺎﺣﺜـ tآﺧـﺮﻳـﻦ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻮن إﻟـﻰ أﻃﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﺧﻼل ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﻢ ﻟﻈﻮاﻫﺮ ﻓﻨﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ أو اﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ،ذﻟﻚ ﻣـﺜـﻼ ﻣـﺎ ﻗـﺪﻣـﻪ ﺟـﻠـt وﻳﻠﺴﻮن ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻨﻮن اﻷداء« .ﺣﻮل اCـﺴـﺮح وأﻓـﻼم اﻟـﺮﻋـﺐ واﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ ...إﻟﺦ .ﺣ tأﺷﺎر إﻟﻰ أن اﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻨﺎ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺧـﺎﺻـﺔ اCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﻋﺎﻣﻠ tأﺳﺎﺳﻴ tﻫﻤﺎ :اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ 143
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺛﻢ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﻦ .ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ واﻟﻘﻠﻖ واﻟﺮﻋﺐ ﺧﻼل ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻨـﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﻫﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اCﺸﺎﻋـﺮ ﺗـﻜـﻮن ﻣـﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،أي ﻣﺸﺎﻋـﺮ ﺛـﺎﻧـﻮﻳـﺔ ،وذﻟـﻚ ﻷﻧـﻨـﺎ ﻧـﻌـﺮف أن اﻷﺣـﺪاث اﻟـﺘـﻲ ﺗﺴﺘﺼﺪر ﻫﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻻ ﲢﺪث ﻟـﻨـﺎ ،ﺑـﻞ ﲢـﺪث ﻵﺧـﺮﻳـﻦ ﻏـﻴـﺮﻧـﺎ، آﺧﺮﻳﻦ ﻳﻮﺟﺪون ﻫﻨﺎك ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اCﺴﺮح ،أو ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻧﺸﻌﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳـﺪ ،وﻫـﻮ أﻣـﻦ ﻳـﺤـﻞ، وﲢﻞ ﻣﻌﻪ ،اCﺘﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ) .وﺳـﻨـﺘـﺤـﺪث ﻋـﻦ ﻫـﺬه اﻷﻓـﻜـﺎر ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﳊﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب(. ﺗﻜﻮن ﺧﺒﺮة »اﻟﻨﻜﻮص ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻷﻧﺎ« إذن ،ﻣﻮﺟﻮدة ﺧﻼل اﻹﺑﺪاع ،وﺧﻼل اﻟﺘﻠﻘﻲ ،ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﺼﺎرم واﻵﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻟﻸﻧﺎ ،ﺗﻠﻚ اﻷﻧﺎ اﻟﺘﻲ أﻋﺎدت ﺗﺄﻛﻴﺪ وﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ،ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻣﺒﺪﻋﺔ ،أو ﻣﻌﻴﺪة ﻟﻺﺑـﺪاع )ﺧـﻼل ﺧـﺒـﺮة اﻟﺘﻠﻘﻲ ﺧﺎﺻﺔ( .وﻻ ﺗﺘﻄﺎﺑﻖ ﺧﺒﺮة اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻋﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺗـﺎم ﻣـﻊ ﺧـﺒـﺮة اﻹﺑـﺪاع، ﻟﻜﻨﻬﺎ دون ﺷﻚ ﺗﻌﻮد ،أو ﲢﺎول اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اCﺼﺎدر اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﺑﺪاع .إن اCﺘﻠﻘﻲ ﻫﻨﺎ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺪرﻳﺠﻲ ،ﻳﺴـﻴـﻄـﺮ ﻋـﻠـﻰ اCـﻮﻗـﻒ ،وﻗـﺪ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻹﺛﺎرة أو اCﺘﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳـﺔ ،وﻗـﺪ ﻳـﺘـﺤـﺮر ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﺗـﺮات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ .ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻮﺗﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ وﺟﻮد ﺣﻮاﺟﺰ ﺗﻔﺼﻞ ﺑ tاﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ،وﻫﺬه اﳊﻮاﺟﺰ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﲢﻄﻴﻤﻪ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع ،وﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ أﻳﻀﺎ. ﻣﻴﺰ ﻛﺮﻳﺲ ـــ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ ــ ﺑ tﺛﻼث ﻣﺮاﺣﻞ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :ﻓﺄوﻻ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،إﻧﻪ ـﺪﻣﺞ ﻧﺴﺒﻴﺎ داﺧﻞ اﻹﻃﺎر اCـﻌـﺮﻓـﻲ اﳋـﺎص ﻳﺒﺪو ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻧﻮﻋـﺎ ﻣـﺎ وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻳ ُ ﺑﺎﻟﻔﺮد .وﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﺟـﺰءا ﻣـﻦ اﻟـﻔـﺮد اCﺘﻠﻘﻲ ﻟﻪ .وﻫﻨﺎ ﻳﻘﺘﺮب ﻛﺮﻳﺲ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻟﺪى ﺑﻮاﻟﻮ، ﺣﻴﺚ ﺗﻜﺘﺴﺐ اﳊﺮﻛﺎت اﳉﺴﻤﻴﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ورﻏﻢ أن ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺘﻘﻤﺺ ﺜﻞ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وأﻧﻪ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ رأى أﻧﻪ ﻳﺤﺪث ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﻠﻘﺎه اﻟﻔﺮد أﻗﺮب إﻟﻰ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ أو اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ. أﻣﺎ ﻋﻨﺪ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻴﺘﻘﺪم اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻤﺺ )أو اﻟﺘﻮﺣﺪ( إﻟﻰ اﶈﺎﻛﺎة، 144
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أي إﻟﻰ اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻮاﻋﻲ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺣﺪوث ﻫﺬه اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات ﻋﻠﻴﻪ ،إﻧﻪ ﻳﺘـﻮﺣـﺪ ﻫﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﻔﻨﺎن ﻻ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﺧﻼل اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜـﺎﻧـﻴـﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﻧﺸﺎط اﻟﺘﻠﻘﻲ aﺜﺎﺑﺔ اﻹﻋﺎدة ﻟﻨﺸﺎط اﻹﺑﺪاع ذاﺗﻪ ).(٢٥ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻓﻜﺮة اﻟﻨﻜﻮص ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻷﻧﺎ ﻟﺪى ﻛﺮﻳﺲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻨﺸﻂ ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻷوﻟﻴﺔ اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ واﳊﺮة واﻟـﻐـﺮﻳـﺰﻳـﺔ ارﺗﺪادا ﻣﺆﻗﺘـﺎ ،ﺗُ ﱠ داﺧﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻷﻧﺎ اﳋﺎﺻﺔ. وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﻨﻜﻮص ،أو اﻻرﺗﺪاد ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻟﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن، ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪي ﻛﺮﻳﺲ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻔﻨﺎﻧ tواCﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻤﺮون ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع ،رﻏﻢ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻋﺪة )ﻧﻴﺘﺸـﻪ وﻫـﻮﻟـﺪرﻟـt وﺳﺘﺮﻧﺪﺑﺮج ﻣﺜﻼ( ،وﻗﺪ رﺑﻂ ﻛﺮﻳﺲ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ اﻟـﺒـﺪاﺋـﻴـﺔ، واﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟـﺴـﺤـﺮي ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻹﺑـﺪاع ،ﻫـﻮ واﺣـﺪ ﻣـﻦ اﶈـﺪدات اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ اCﺘﻜﺮرة ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن. وﺧﻼل ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﻔﻦ واﻟﺴﺤﺮ اﻫﺘـﻢ ﻛـﺮﻳـﺲ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص ﺑﺎﳉﻨﻮن ،أو اﻻﺿﻄﺮاب اﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺮﺑﻂ ﺑ tاﻟﻔﻦ واﳉﻨﻮن ،وﻟﻢ ﻳﻌﺘﺒـﺮ اﳉﻨﻮن ﺷﺮﻃﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻟﻈﻬﻮر اﻹﺑﺪاع اﻟﻔـﻨـﻲ ،ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻌـﻞ ﺑـﻌـﺾ اCـﻔـﻜـﺮﻳـﻦ ،أو اﻟﻔﻨﺎﻧ .tﺑﻞ ﻟﻘﺪ دﺣﺾ ﻛﺮﻳﺲ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ وﻧﻔﺎﻫﺎ ﺎﻣﺎ ،ﻣﺆﻛـﺪا أن اﻹﺑـﺪاع ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اCـﻀـﺎد ﻟـﻠـﺠـﻨـﻮن ،ﻫـﺬا رﻏـﻢ ﻣـﺎ ﻗـﺪ ﲢـﺪﺛـﻪ اﻷﻣـﺮاض اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك اﳋﺎرﺟﻲ ﻟﻠﻔﻨﺎن .وﻗﺪ ﻗﺎم ﻛﺮﻳﺲ ﺑﺪراﺳﺔ ﺷﻬﻴﺮة ﺣﻮل أﺣﺪ اﻟﻔﻨﺎﻧـ tاﻷCـﺎن ،أﻛـﺪ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ أن اﻹﺑـﺪاع اﳊـﻘـﻴـﻘـﻲ ﻻ ﻳﻜﺘﻤﻞ إﻻ ﺑﺎﻟﺘﻠﻘﻲ ،أو اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣـﻔـﺘـﻘـﺪا ﻓـﻲ اﳊـﺎﻟـﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻴﺸﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﺰﻟﺘﻪ ودون ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺣﻤـﻴـﻢ ﻣـﻊ اﻟـﻮﺟـﻪ اﻵﺧﺮ ﻟﻺﺑﺪاع ،أﻻ وﻫﻮ اﻟﻮﺟﻪ اﳋﺎص ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻺﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﲢﺪﺛﻪ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘـﻲ ﻫـﺬه ﻣـﻦ ﺗـﺄﺛـﻴـﺮات ﻻ ﺗـﻨـﻜـﺮ ﻋـﻠـﻰ أﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻼﺣﻘﺔ ،ﺑﻞ واﳊﺎﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﺣ tﻳﻌﻤﺪ إﻟـﻰ إﺟﺮاء ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻓﻲ ﺿﻮء ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ.
ﺣﺎﻟﺔ »ﻣﻴﺴﺮﺷﻤﺖ«
ﻓﺮاﻧﺰ زاﻓﺮ ﻣـﻴـﺴـﺮﺷـﻤـﺖ Franz Zaver Messerschmidtﻧﺤﺎت ـﺴـﻮي ـــــ 145
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أCﺎﻧﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ،ﻛـﺎن ﻓـﻨـﺎﻧـﺎ ﻣـﻮﻫـﻮﺑـﺎ ﺣـﻈـﻲ ﺑـﺈﻋـﺠـﺎب اﻟﻨﺒﻼء ﻓﻲ ﺑﺎﻓﺎرﻳﺎ واﻟﻨﻤﺴﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٧٦٩وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﻟﺜﻼﺛt ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ﻋ tأﺳﺘﺎذا ﻣﺴﺎﻋﺪا ﻟﻠﻨﺤﺖ ﻓﻲ أﻛـﺎد ـﻴـﺔ ﻓـﻴـﻴـﻨـﺎ ،وﺳـﺠـﻠـﺖ أول ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اCﺮض اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﺪﻳﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺨﻤﺲ ﺳـﻨـﻮات ،ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑـﻌـﺪ أن ﻌﻴﻦ أﺳﺘﺎذا Cﺎدة اﻟﻨﺤـﺖ ﻓـﻲ ﻫـﺬه ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط وﺧﻴﺒـﺔ اﻷﻣـﻞ ،ﺣـ tﻟـﻢ ُﻳ ﱠ اﻷﻛﺎد ﻴﺔ. وﻗﺪ أﻗﺎم ﻛﺮﻳﺲ دراﺳﺘﻪ ﻫﺬه ،ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ اﻟﻨﺼﻔﻴﺔ ﻟﻠﺬﻛﻮر أﳒﺰﻫﺎ ﻣﻴﺴﺮﺷﻤﺖ ﻓﻲ ﺳﻨﻮاﺗﻪ اﻷﺧﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﻰ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺼﺎم اﻟﺒﺎراﻧﻮﻳﺎ أو ذﻫﺎن اﻟﺸﻌﻮر ﺑـﺎﻟـﻌـﻈـﻤـﺔ ..ﻓـﺨـﻼل ﺗـﻠـﻚ اﻟـﺴـﻨـﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﺎش ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻣﻌﺰوﻻ ﻣـﻊ أﺧـﻴـﻪ ﻓـﻲ ﺑـﺮاﺗـﺴـﻼﻓـﺎ ،ﺛـﻢ aﻔﺮده ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺸﻬﻮرا ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﺴﺎﻓﺮﻳﻦ واCﻬﺘﻤt ﺑﻔﻨﻪ ﻳﻔﺪون إﻟﻴﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻛﺎن ﻳﻌﺘﺒﺮ إﻧﺴﺎﻧﺎ ﻏﺮﻳﺒﺎ وﺑﺬﻳﺌـﺎ ،ﻛـﻤـﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺰﻋﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻌﺰﻟﺔ أﻣـﺮا ﻣـﻌـﺮوﻓـﺎ ـﺎﻣـﺎ ﻟـﺪى اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮﻳـﻦ ﻣـﻦ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ).(٢٦ ﻗﺎم ﻛﺮﻳﺲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺆرﺧﺎ ﺑﺎرزا ﻟﻠﻔﻦ ،واﻟﺬي ﻋﻤـﻞ أﻣـ tﻣـﺘـﺤـﻒ ﻓـﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻨﺤﺖ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟـﻔـﻦ Kunsthistorischesﻓﻲ ﻓﻴﻴﻨﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺤﻠﻼ ﻧﻔﺴﻴﺎ ﻣـﻌـﺮوﻓـﺎ ،ﺑـﺘـﺤـﺪﻳـﺪ اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اCـﻤـﻴـﺰة ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮة اﻟﺸﻜﻞ ،ﻣﺼﻘﻮﻟﺔ اﻟﺴﻄﺢ، ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ اﻷﺑﻌﺎد. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻴﺴﺮﺷﻤﺖ ﻣﺒﺪﻋﺎ ﻋﺒﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻟﻢ ﻳﻔﻘﺪ أﺑﺪا اﺗﺼﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻋﺼﺮه ،ووﻓﻘﺎ Cﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻛﺮﻳﺲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻣﻦ اﻹﳒﺎز اﻹﺑﺪاﻋﻲ واﳊﻠﻮل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ aﺸﻜﻼت اﻟﺘﻤﺜﻴـﻞ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﻨﺤﺖ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻷوروﺑﻲ اCﻌﺎﺻﺮ ﻟﻪ .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ اﻟﻨﺼﻔﻴﺔ )وﻋﺪدﻫﺎ ﺳﺘﻮن ﺜﺎﻻ( اﻟـﺘـﻲ أﳒـﺰﻫـﺎ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﻨـﺎن ﻋـﺒـﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ووﺟﺪت ﻓﻲ اﻷﺳﺘﺪﻳﻮ اﳋﺎص ﺑﻪ ﻋﻘﺐ ﻣﻮﺗﻪ ،ﻫﻲ ﻣﺎدة اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺘﻲ أﻗﺎم ﻛﺮﻳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ دراﺳﺘﻪ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎﺛـﻴـﻞ ،رﻏـﻢ اﻻﺧـﺘـﻼﻓـﺎت اCﻮﺟﻮدة ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ واCﻼﺑﺲ ،ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺑﻮرﺗﺮﻳﻬﺎت ،أو ﺻﻮر ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎن .وﻗﺪ ﻧﻈﺮ »ﻛﺮﻳﺲ« إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ دراﺳﺎت ﺣﻮل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﻔﺮاﺳﻴﺔ Physiognomyاﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺸﺨﺼﻴﺎت ،أو ﻃﺒﺎع ،أو اﻧﻔﻌﺎﻻت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، 146
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن أﺳﻤﺎء ﻣﺜﻞ »اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺸﺮﻳﺮ« ،أو »اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺴﺎذج« ،أو »اCﻐﻔﻞ« ،و»اﻟﺮﺟﻞ ﺳﻲء اﻟﻄﺒﺎع« ،أو »اﻟﺴﻤﺞ« ...إﻟﺦ. وﻗﺪ أﺷﺎر ﻛﺮﻳﺲ إﻟﻰ أن اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌـﻄـﻰ ﻟـﻜـﻞ ـﺜـﺎل ﻟـﻢ ﻳـﻜـﻦ ﻳﺘﻔﻖ ،ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻣﻊ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻨﻘﻠﻬﺎ .وﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ،ﻛـﺎﻧـﺖ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات واﻟﺘﻲ ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺜﺎل .ﻓﺎﻟﻌﻴﻨﺎن ﻛﺎﻧﺘﺎ إﻣﺎ ﻣﻔﺘﻮﺣﺘـ tﻋـﻠـﻰ اﺗـﺴـﺎﻋـﻬـﻤـﺎ ،وإﻣـﺎ ﻣﻐﻠﻘﺘ tﻣﻌﺎ ﺑﺈﺣﻜﺎم ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻔﺘﺎن ﻣﻐﻠﻘﺘ tﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺤﻜﻢ ،وﻛﺎن ﺟﺎﻧﺒﺎ اﻟﻔﻢ ﻳﺘﺠﻬﺎن ،ﻏﺎﻟﺒﺎ ،إﻟﻰ أﺳﻔﻞ. ﻛﺎن ﻣﻴﺴﺮﺷﻤﺖ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻘﺘﻨﻌﺎ ،وﻓﻘﺎ Cﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﺷﺨﺎص ﻗﺮﻳﺒﻮن ﻣﻨﻪ ،أن اﻟﺸﻴﺎﻃ tﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰوره ،ﺧﺎﺻﺔ »ﺷﻴﻄﺎن اﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟـﺘـﻨـﺎﺳـﺐ« The Demon of ،Proportionذﻟﻚ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﻘﺪ ﻋﻠﻴﻪ وﻳﺤﺴﺪه ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻋﺪة ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ﻳﺸﻴـﺮ إﻟﻰ وﺟﻮد إﺣﺴﺎﺳﺎت ﻣﺆCﺔ ﲢﺪث ﻟﺪﻳﻪ أﺳﻔﻞ ﺑﻄﻨﻪ ،وﻓﻲ ﻓﺨﺬﻳﻪ ﺗﺴـﺒـﺒـﻬـﺎ ﻫﺬه اﻟﺸﺎﻃ ،tوﻛﻲ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﻴﺎﻃ ،tﻛﺎن ﻳﻘﺮص ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺟﺰاء ﺟﺴﻤﻪ ،وﻳﺮﺳﻢ ﺗﻜﺸﻴﺮة ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻧـﻔـﺴـﻪ ،وﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻛـﺎن ﻳﻌﻤﻞ ،ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ ﻛﻞ ﻧﺼﻒ دﻗﻴﻘﺔ إﻟﻰ ﻣﺮآة ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ ،ﺛﻢ ﻳﻘـﻮم ﺑـﺄداء اﻟﺘﻜﺸﻴﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﺠﺴﺪﻫﺎ ،ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ،ﻓـﻲ ـﺜـﺎل .وﻳـﻘـﻮل ﻛـﺮﻳـﺲ إﻧـﻨـﺎ ﻧﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻧﻄﺒﺎع ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻧﺸﺎط ذﻫﺎﻧﻲ أو ﻏﻴﺮ إﻣﺎ ﲢﺎﺷﻲ اﻟﺸﻴﺎﻃ tوإﻣﺎ ﻣﻮاﺟﻬـﺘـﻬـﺎ. ﻣﻨﻄﻘﻲ :ﻓﺎﻟﺘﻜﺸﻴﺮات ﻗﺼـﺪ ﻣـﻨـﻬـﺎ ّ وﻗﺪ اﻋﺘﻘﺪ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن أﻧﻪ ﻗﺪ ﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﲢﻜﻢ ﻫﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﻴﺎﻃ tﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻜﺸﻴﺮ ﻓﻲ وﺟﻮﻫﻬـﺎ .ﺑـﻌـﺒـﺎرة أﺧـﺮي ،اﻋـﺘـﻘـﺪ ﻣـﻴـﺴـﺮ ﺷﻤﺖ أن اﻟﺘﻜﺸﻴﺮات ﺗﻘﻮم ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ ﻃﻘﺴﻴـﺔ ﺳـﺤـﺮﻳـﺔ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺗـﻘـﻮم ﺑـﺪور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع. وﻣﻦ ﻣﻼﺣﻈﺎت أﺧﺮى ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺎﻧ tآﺧﺮﻳـﻦ ،اﺳـﺘـﻨـﺘـﺞ ﻛـﺮﻳـﺲ أن اﻹﺑـﺪاع ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻧﺪﻓﺎﻋﺎت وﻧﺰﻋﺎت ﺗﺪﻣﻴﺮﻳﺔ وﺑﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وأن اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﺴﺤﺮي اﻟﺬي ﺎرﺳﻪ اﻟﻔﻨﺎن ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻫﺬه اﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺎت ،ﻫﻮ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻴﺰة ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻺﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ. واﻛﺘﺸﻒ ﻛﺮﻳﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﳊﺎﻟﺔ ﻣﻴـﺴـﺮ ﺷـﻤـﺖ ﺗـﺄﺛـﻴـﺮا واﺿـﺤـﺎ ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻦ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ،واﻫﺘﻢ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻧﻘﺒﺎض 147
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺸﻔﺘ tﺑﺸﺪة وإﺣﻜﺎم ،واﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻧﻜﺎر ﻟﺪواﻓﻌﻪ اﳉﻨﺴﻴﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﺴﻮﻳﺔ. وﺗﻮﺻﻞ ﻛﺮﻳﺲ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻣﺜﻠﻴﺔ ﺟﻨﺴﻴﺔ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻟﺪى ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن، وﻓﺴﺮﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻣﻦ ﺧﻼل ﺜﺎﻟ tﻧﺼﻔﻴ tﻟﻪ ﻛﺎن ﻋﻨﻮاﻧﻬﻤﺎ »اﻟﺮؤوس ذات اﻟﺸﻜﻞ اCﻨﻘﺎري« ] The beak headsاﻧﻈﺮ اﻟﻠﻮﺣﺔ ) (٤ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟﻠﻮﺣﺎت[، وﻫﻮ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻳﺴﻴﺮ ــ رﻏﻢ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﻛﺮﻳﺲ ــ ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اﳋﺎص ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﺳﺎر ﻓﻴﻪ ﻓﺮوﻳﺪ ،واﻟﺬي ﻳـﺘـﺴـﻢ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻻت ﻛـﺜـﻴـﺮة ﺑـﺎﻟـﺘـﻌـﺴـﻒ وﻃـﺮح ﺗﻔﺴﻴﺮ واﺣﺪ وإﻫﻤﺎل اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻷﺧﺮى. واﻟﻔﻦ إذن ،ﻓﻲ رأي ﻛﺮﻳﺲ ،وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ .وﻳﻌﺠﺰ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻘﻂ ،ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻻﺿﻄﺮاب اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻛﺎﻟﻔﺼﺎم ـــ ﻣﺜﻼ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ Cﻴﺴﺮ ﺷﻤﺖ ــ وﻳﺤﺪث اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻘﻂ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اCﺘﻠﻘﻮن ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة إﺑﺪاع اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺮ ﺑﻬﺎ اﻟـﻔـﻨـﺎن ،وﻫـﻮ أﻣـﺮ ﻳﻜﻮن ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ،أو ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ ،إذا ﻛﺎن اﳋﻴﺎل اﻹﺑﺪاﻋﻲ ﻟﺪى اﻟـﻔـﻨـﺎن ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺬﻫﺎن واﻻﻧﺴﺤﺎب ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ. وﻳﺮى ﻛﺮﻳﺲ ﻛﺬﻟﻚ أن اﻟﻨﺸﺎط اﻹﺑﺪاﻋﻲ ﻳﺘﻜـﻮن ﻣـﻦ ﺛـﻼث ﻣـﺮاﺣـﻞ ﻫـﻲ اﻟﺴﺤﺮ )ﺗﻜﺸﻴﺮة ﻣﻴﺴﺮﺷﻤﺖ ﻣﺜﻼ وﻃﻘﻮس اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻋﻤﻮﻣﺎ( ،وﲢﻮﻳﻞ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺴﺤﺮي إﻟﻰ ﺻﻮر أو أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻮﺻﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر أو اﻷﻋﻤﺎل إﻟـﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،إن اﻟﻔﻨﺎن ﻗﺪ ﻳﺮﺳـﻢ ﺷـﺨـﺼـﺎ ﻓـﻲ ﺻـﻮرة ﺷـﻴـﻄـﺎن ،ﻛـﻲ ﻳـﺆﺛـﺮ ﻓـﻲ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﻢ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﺴﺎﺣﺮ ــ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟـﻄـﻘـﻮس اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ. وﻳﻄﺮح ﺗﺼﻮر ﻛﺮﻳﺲ ﻋﻦ اﻟﻔﻦ ﻛﺘﻮاﺻﻞ ــ أو ﺗﺨﺎﻃﺐ ــ اﻷﺳﺌﻠﺔ اCﺘـﻜـﺮرة ﺣﻮل ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺸﻜﻞ واCﻀﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﻔﻦ .ﻓﻤﻨﺬ ﻓﺮوﻳﺪ وﻃﺮﺣﻪ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ ﻣﻬﻴﺄ ﻟﺪراﺳﺘﻪ ــ § اﻻﻗﺘﺮاب اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ّ ﻣﻦ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع ﺑﻮاﺳﻄﺔ دارﺳ tﻋﺪﻳﺪﻳﻦ داﺧﻞ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ، وﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜـﺎل ﻻ اﳊـﺼـﺮ ارزﻧـﺮﻓـﺎﻳـﺢ وﻛـﻮﺗـﺶ Kutshوﻧـﻮس وروز Roseوﻏﻴﺮﻫﻢ .ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻛﺎن ﺗﻴـﺎرا ﻣـﻮﺟـﻬـﺎ ﻧـﺤـﻮ اCـﻀـﻤـﻮن اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .أﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟـ »أﻧﺎ« ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ أﻣﺮا ﻜﻨﺎ. واﳋﻼﺻﺔ أن ﺟﻮﻫﺮ اﻹﺑﺪاع اﳉﻤﺎﻟﻲ وﻛﺬﻟﻚ اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ رأي أﺻﺤﺎب ﻣﺪرﺳﺔ »ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟـ »أﻧﺎ« ،وﻛﻤﺎ ﺜﻠﻬﻢ ﻛﺮﻳﺲ ــ ﺧﺎﺻﺔ ــ ﻳﺸﺘﻤﻞ 148
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻠﻰ ﻧﻜﻮص ،أو ارﺗﺪاد إﻟﻰ أﺷﻜﺎل ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺨﺎﺻـﻴـﺔ ،أو أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ١ـــ إﻧﻬﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬـﺎ اﻟـﻮﺻـﻮل إﻟـﻰ ﺣـﺎﻻت ﻋـﻴـﺎﻧـﻴـﺔ ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﻣـﻦ اﳋـﺒـﺮة اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ واﳊﺴﻴﺔ. ٢ـــ إﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج ،أو اﻻﻧﺼﻬﺎر ﺑ tاﻟﺬات واﻟﻌﺎﻟﻢ، وﺑ tاﻟﺪال واCﺪﻟﻮل. ٣ـــ وأﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ،واCﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ، وﻋﻠﻰ ﲢﺮر أﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻷدوار اCﺄﻟﻮﻓﺔ واﻟﻔﺌﺎت اﻟـﻌـﻘـﻠـﻴـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺄﺷـﻜـﺎل اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ أو اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻴﺴﺮﺷﻤﺖ ﻣﺜﻼ(. ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺆﻛﺪ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ، اﻟﺘﻲ أﻛﺪت دور اﻷﻧﺎ ،ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮر ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻓﺮوﻳﺪ، وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻜﻮص واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻷوﻟﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﺤـﺪد ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ﻗﺪ اﻫﺘﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎت اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ ،أي ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻧﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟــ»ﻫﻮ« اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﺮوﻳﺪ ،أوﻻ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ.
اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮع
ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﻧﻈﺮﻳـﺎت »اﻟـﻌـﻼﻗـﺔ ﺑـﺎCـﻮﺿـﻮع« Object - Relationsﻛﻤﺎ ﺜـﻠـﻬـﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻣﺮﺟﺮﻳﺖ ﻣﺎﻟـﺮ M.Mahlerوﻣﺆﻟﻔ tﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴ tأﻣﺜﺎل ﻣﻴﻼﻧﻲ ﻛﻼﻳـﻦ، وأﻧﺼﺎرﻫﺎ أﻣﺜﺎل وﻳﻨﻴﻜـﻮت W.W.Winnicottوﺣﻨﺎ ﺳﻴﺠـﺎل H.Segalوﻣﺎرﻳﻮن ﻣﻠﻨﺮ M.Milnerوﻏﻴﺮﻫﻢ ،دُرﺳﺖ آﺛﺎر اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻄﻔﻞ ،أي إﻟﻰ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ ﺑ tاﻷم واﻟﻄﻔﻞ Symbiosis وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﺮد -اﻻﻧﻔﺼﺎل Seperaration individuationأي اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻷم ﺛـﻢ ﺗـﻜـﻮﻳـﻦ ﺷـﺨـﺼـﻴـﺔ ﻓـﺮدﻳـﺔ ﻣـﺘـﻔـﺮدة ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ )ﻣـﺎﻟـﺮ( ،وﻣـﺮاﺣـﻞ اﻟ ـﻠ ـﻌــﺐ واCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ )وﻳﻨﻜﻮت( ،أي دراﺳﺔ اﻷﺷﻴﺎء واﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘـﺜـﻴـﺮ ﺧـﺼـﺎﺋـﺺ ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﺎﻟـﻌـﻼﻗـﺎت اCـﺒـﻜـﺮة ﻟـﻠـﻄـﻔـﻞ ﻣـﻊ اﻷﺷـﻴـﺎء واﻷﺷﺨﺎص وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻷم) .وﺳﻨﺸﺮح ﻫﺬه اCﺼﻄﻠﺤﺎت ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ(. ﺜﻞ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻨﻈـﺮي ﻣـﻨـﻄـﻘـﺔ وﺳـﻄـﻰ ﺑـt 149
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺬات واﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎرﺟﻲ ،ﻓﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﻣﺤﺘﻮاه ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻤـﺎ ،ﻫـﻨـﺎ ،ﻋـﻠـﻰ أﻧﻬﻤﺎ داﺋﻤﺎ ،ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺪﻣﺎج أو اﻧﺼﻬﺎر ﻣﻌﺎ ،وأي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﺑﻴـﻨـﻬـﻤـﺎ ﺳﻴﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺮﻣﺎن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﻛﻤﻮﺿﻮع ﺟﻤﺎﻟﻲ. وﻳﺸﻴﺮ اﻟﺒـﺎﺣـﺜـﻮن أﺻـﺤـﺎب ﻫـﺬا اﻻﲡـﺎه إﻟـﻰ ﺣـﺪوث ﺣـﺎﻟـﺔ ﻣـﻦ »إﻋـﺎدة اﻻﺳﺘﺜﺎرة« ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻹﺑـﺪاع أو اﻟـﺘـﺬوق ،ﳊـﺎﻟـﺔ ﺷﺒﻪ ﺳﺤﺮﻳﺔ ﺘﺪ ﺑﺠﺬورﻫﺎ إﻟﻰ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻣـﻦ اﻟـﻄـﻔـﻮﻟـﺔ ،وﺑـﺨـﺎﺻـﺔ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اCﺮاﺣﻞ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻣﻊ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎﻟـﻴـﺔ، أي ﺗﻠﻚ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻞ اﻟﻄﻔﻞ ـــ ﺑﻌﺪ ﻓﻄﺎﻣﻪ ﺧﺎﺻﺔ ــــــ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑﺜﺪي اﻷم إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﻖ aﻮﺿﻮع )اﻧﺘﻘﺎﻟﻲ أو ﲢﻮﻟﻲ( ﺧـﺎرﺟـﻲ ﻳـﻨـﺘـﻘـﻞ ﺑـﻪ ﻣـﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﺘﺎم ﻋﻠﻰ اﻷم إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺤﺪث ﻮ ﺧﺎص ﻟﻠﺬات. ﻓﻘﺪ اﻫﺘﻢ وﻳﻨﻴﻜﻮت ،ﻣﺜﻼ ،ﺑﻮﺻﻒ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،وﺧﻼل ﺎرﺳﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺮﺣﻠـﺔ اﻻﻧـﻔـﺼـﺎل ـــ اﻟـﺘـﻔـﺮد ﻫﺬه ــ وذﻟﻚ ﺣ tﻳﺘﻌﻠﻖ aﻮﺿﻮع اﻧﺘﻘﺎﻟﻲ )ﻟﻌﺒﺔ ﺻـﻐـﻴـﺮة ﻧـﺎﻋـﻤـﺔ ـــــ دب ﻣـﻦ اﻟﻔﺮاء ـــ ﺑﻄﺎﻧﻴﺔ ـــ وﺳﺎدة ...إﻟﺦ( ﺗﻜﻮن ﻟﻪ اﳋﺼﺎﺋـﺺ اCـﺮﻳـﺤـﺔ واﻟـﻨـﺎﻋـﻤـﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷم وﻣﻠﻤﺴﻬﺎ .وﻣﺜﻞ ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ أو اﻟﺘﺤﻮﻟﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺪرﻛﻪ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺜﻞ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺬات )ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻠﻘﻬـﺎ ﺑـﻪ أو ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﻣﻌﻪ( وﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اCﻮﺿﻮﻋﻲ أﻳﻀﺎ .إﻧﻪ ﻳـﻜـﻮن ـــــ ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ وﻳﻨﻴﻜﻮت ـــ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻮﻋﺪ ،أو اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ Cﺎ ﺳﻴﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﺮاﺷﺪون ﻣـﻦ ﺗـﻮﻇـﻴـﻒ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ أ ﺎط ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﻋﺪة ﻣﻦ ﺑﻴـﻨـﻬـﺎ ﺑـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﳊﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ).(٢٧ وﻗﺪ ﻋﺪﱠ وﻳﻨﻴﻜﻮت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺷـﺨـﺺ أو ﺷـﻲء اﻧﺘﻘﺎﻟﻲ ،أﻣﺮا ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ وﻋﺎCﻴﺎ )أي ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﺑ tاﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ( وﺻﺤﻴﺎ ﻓﻲ ارﺗﻘﺎء اﻷﻃﻔﺎل .وﺗﻨﻤﻮ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬا اCﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت واﻟﺘﻠﻤﻴﺤﺎت أو اﻹCﺎﻋﺎت اﻟﻀﻤﻨﻴﺔ اCـﺘـﺒـﺎدﻟـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻮر ﺧﻼل ﻋﻼﻗﺔ اCﺸﺎرﻛﺔ ﺑ tاﻷم واﻟﻄﻔﻞ وﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘـﻜـﺎﻓـﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. وﻣﻦ ﺧﻼل إﺷﺎرﺗﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻮﺿﻮع اﻻﻧـﺘـﻘـﺎﻟـﻲ أو اﻟـﺘـﺤـﻮﻟـﻲ أﺷـﺎر وﻳﻨﻴﻜﻮت إﻟﻰ ﻗﺪرة اﻟﻔﺮد اﻟﻼﺣﻘﺔ ،ﻟﻴـﺲ ﻓـﻘـﻂ ﻋـﻠـﻰ اﺳـﺘـﺜـﻤـﺎر أو ﺗـﻮﻇـﻴـﻒ 150
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻘـﻴـﻢ ﺻـﻼت أو رواﺑـﻂ إﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺑ tﻋﺎCﻪ اﻟﺪاﺧﻠﻲ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎرﺟﻲ .وﻳﺸﻜﻞ اﻟﻠﻌﺐ اﳋﻴﺎﻟﻲ ﺟﺴﺮا ﻣﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﻳﺮﺑﻂ ﺑ tﺗﺨﻴﻴﻼت اﻟﻄﻔﻞ ،أو ﺗﻬﻮ ﺎﺗﻪ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻮﺿـﻊ أوﻻ ،أو ﺗﺘﺮﻛﺰ ،ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﲢﻮﻟﻲ أو اﻧﺘﻘﺎﻟﻲ )ﻟﻌﺒﺔ ــ ﻋﺼﺎ ـــ رﻓﻴﻖ ﺧﻴﺎﻟﻲ ...إﻟﺦ(، وﺑ tاﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻟﻬﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﻓﻲ ﺧﺒﺮاﺗﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﺧﺒﺮاﺗﻪ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص) .ﻓﺎﻟﻔﻦ ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﻧـﻮع ﻣـﺎ ﻣـﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ aﻮﺿﻮع ﻣﺎ ،ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻷﻟﻔﺔ واCﺘﻌﺔ واﳊﻤﻴﻤـﻴـﺔ ﻣـﺜـﻠـﻤـﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺪ ﺔ أو اCﺒﻜﺮة ﻣﻊ اﻷم(. وﻫﺬا اCﻮﺿﻮع اﻟﺘﺤﻮﻟﻲ ﻫﻮ اﻟﻨﻤﻮذج اﻷوﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟـﻲ ،وﻫـﻮ ﻻ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أي اﻧﻔﺼﺎل ﺑ tاﻟﺸﻜﻞ واCﻀﻤﻮن ،أو ﺑ tاﻟﺬات واCﻮﺿﻮع ،إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻔﺼﻼ ﻋﻦ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﻓﻌﻠﻲ ورﻣﺰي ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﻘﻠﻲ داﺧﻠﻲ ـــ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮد اCﺴﺒﻖ Cﻮﺿﻮﻋﺎت وﺻﻮر داﺧﻠﻴﺔ ـــ وﺧﺎرﺟﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ـــ ﻓﻲ آن واﺣﺪ .وﻳﻈﻬﺮ اﻹﺣﺴﺎس اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اCﻮاﺟﻬــﺔ أو اﻻﻟﺘﻘﺎء اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﺑ tاﻟﻔﺮد واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ).(٢٨ ﻟﻘــﺪ ﻇﻬــﺮت ﻧﻈﺮﻳــﺎت اﻟﻌﻼﻗــﺔ ﺑﺎCﻮﺿــﻮع ــ ﻣﺜﻠـﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟــﻚ ﻣــﺜـﻞ ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺎ ــ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻮﺟﻮد أﺷﻴﺎء ﻧﺎﻗﺼﺔ أو ﻣﻔﺘﻘﺪة ﻓﻲ أﻓﻜـﺎر ﻓﺮوﻳﺪ اﻷﺻﻠﻴﺔ .وﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺒﺎرزة ،ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﲡـﺎه ،اﶈـﻠـﻠـﺔ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻣﻴﻼﻧﻲ ﻛﻼﻳﻦ ،وﻗﺪ أﻋﺎدت ﺻﻴﺎﻏﺔ أﻓﻜﺎر ﻓﺮوﻳﺪ ﺣـﻮل اﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺎت اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺘـﻢ اﻟـﺘـﺴـﺎﻣـﻲ ﺑـﻬـﺎ وﲢـﻮﻳـﻠـﻬـﺎ إﻟـﻰ ﻧـﺸـﺎط ﻓـﻨـﻲ ،ﺧـﺎﺻـﺔ اﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺎت اﳉﻨﺴﻴﺔ واﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ .وﺑﻴﻨﻤﺎ اﻫﺘﻢ ﻓﺮوﻳﺪ ﺑﺎﳉﻨﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص، ﻓﻘﺪ اﻫﺘﻤﺖ ﻛﻼﻳﻦ ﺑﺎﻟﻌﺪوان ،وﺑﻴﻨﻤﺎ اﻫﺘﻢ ﻓﺮوﻳﺪ ﺑﺎﻟـ »ﻫﻮ« اﻟﻐﺮﻳﺰي ،اﻫﺘﻤﺖ ﻛﻼﻳﻦ ﺑﺎﻟـ »أﻧﺎ« اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ورﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﻪ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻧﺤﻮ اﻟﻔﻨﻮن ،ﻓﺈن ﺗﻼﻣﻴﺬﻫﺎ ﻗﺪ ﻓﻌﻠﻮا ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺒﻴﺮ. ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻼﻳﻦ راﺋﺪة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﻄﻔﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ أول اﶈﻠﻠt اﻟﻨﻔﺴﻴ tاﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻸﻃﻔﺎل .وﻗـﺪ أﺷﺎرت إﻟﻰ أﻧﻪ ﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﻼﺣﻆ ،ﺣﺘﻰ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ وﺗﻌﻠﻘﺎ ﺧﺎﺻﺎ aﺎ ﻳﺤﺒﻪ وﻳﻬﺘﻢ ﺑﻪ ،وﻫﺬا اﻟﺘﻌﻠﻖ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد اﻋﺘﻤﺎد ،أو اﻋﺘﻴﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳـﻘـﺪم اﻟـﺮﻋـﺎﻳـﺔ واﻻﻫـﺘـﻤـﺎم )ﺧـﺎﺻـﺔ اﻷم( ،وأﻧـﻪ 151
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﺘﻌﻠﻖ واﳊﺐ ،ﺗﻮﺟﺪ ﻫﻨﺎك اﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺘﺪﻣـﻴـﺮﻳـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻼﺷﻌﻮري ،ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ ،وﻟﺪى اﻟﺮاﺷﺪ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء. إن ﻛﻮﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﳊﺐ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻗﺎدرﻳﻦ ـــ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﻛﻼﻳﻦ ـــ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻜﺎن اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘـﺪﻣـﻮن اﳊـﺐ ﻟـﻨـﺎ ،إﻧـﻨـﺎ ﻧﺘﻮﺣﺪ ﻣﻌﻬﻢ ،وﻫﺬه اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺣﺪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﳊـﺐ واﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ،ﻫـﻲ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻋﻤﻮﻣﺎ ).(٢٩ وﻓﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻫﺬه ﻧﻮع ﻣـﻦ ﻣـﺸـﺎﻋـﺮ اﻷﺑـﻮة أو اﻟـﻮاﻟـﺪﻳـﺔ ،وﻓـﻴـﻬـﺎ، أﻳﻀﺎ ،ﻧﻮع ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻻﺣﺘﻴﺎج واﻟﻄﻠﺐ ...إﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻀﺤﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺷﺨﺺ ﻧﺤﺒﻪ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻮﺣﺪ ﻣﻌﻪ ﻧﻠﻌـﺐ دور اﻟـﻮاﻟـﺪ اﳉـﻴـﺪ ،وﻓـﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﺤﻦ ﻧﻠﻌﺐ دور اﻟﻄﻔﻞ اﳉـﻴـﺪ أو اﳋـﻴّﺮ أﻳﻀﺎ ﲡﺎه واﻟﺪﻳـﻪ... ﻟﻜﻦ اﺗﺨﺎذ ﻣﺴﻠﻚ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ اﻟﻄﻴﺒ tﲡﺎه اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻳﻀﺎ ﻃﺮﻳـﻘـﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ إﺣﺒﺎﻃﺎﺗﻨﺎ وأﺷﻜﺎل ﻣﻌﺎﻧﺎﺗـﻨـﺎ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟـﻰ اCـﺎﺿـﻲ .إن أﺣﺰاﻧﻨﺎ اﳋﺎﺻﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﻛﻼﻳﻦ ،ﲡﺎه واﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻠﺬﻳﻦ أﺣﺒﻄﺎﻧﺎ ﻓﻲ اCﺎﺿﻲ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻻﻧﺘﻘﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺪت ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﺤﻮﻫﻤﺎ ،وﻛﺬﻟـﻚ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬﻧﺐ واﻟﻴﺄس اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻻﻧﺘﻘﺎم ﻫﺬه ،ﻷﻧـﻨـﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺈﻳﺬاء واﻟﺪﻳﻨﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻌﺾ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺪوان اﻟﺘﺨﻴﻠﻴﺔ، ﻫﺬه اﻷﺣﺰان ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ اﳋﻼص ﻣﻨﻬﺎ ،إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻌﺎدة ﻟﻬﺎ ،واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺟﺬور اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ .إﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮم ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻠﻌﺐ دور اﻟﻮاﻟﺪ اﶈﺐ ،ودور اﻟﻄﻔﻞ اﶈﺐ أﻳﻀﺎ ،أي ﻧﻘﻮم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺨﻴﻴﻼﺗﻨﺎ اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﻷﻓﻜﺎر واCﺸﺎﻋﺮ اﻟﺴﻴﺌﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑـﺎﻟـﻌـﺪوان واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻻﻧﺘﻘﺎم ،إﻟﻰ أﻓﻜﺎر وﻣﺸﺎﻋﺮ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،إﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻨﻬﺎ، أو ﺗﺮﻣﻴﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺪال ﻫﺬه واﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻋﻨﺼـﺮ أﺳـﺎﺳـﻲ ﻓـﻲ اﳊﺐ ،ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ).(٣٠ ﻻ ﻳﻜﺘﻤﻞ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أﻓﻜـﺎر ﻛـﻼﻳـﻦ وﺗـﺄﺛـﻴـﺮات ﻫـﺬه اﻷﻓـﻜـﺎر ﻓـﻲ اﳋـﺒـﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ إﻻ ﺑﺎﻹﺷﺎرة أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻷﺧﺮى ﻟﻬﺎ ...ﻓﺨﻼل ﺧﺒـﺮﺗـﻬـﺎ اﻟﻌﻼﺟﻴﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻣﻊ أﻃﻔﺎل وراﺷﺪﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ، ﺧﻼل ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت وأرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻃﻮرت ﻛﻼﻳﻦ ﻣﺎ ﺳﻤﻲ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ اCﻮﺿﻮﻋـﺎت اﻟـﺪاﺧـﻠـﻴـﺔ .Internal Object theoryوﻗﺪ ﻃﺮﺣﺖ ﻛـﻼﻳـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﺗﺼﻮرا ﺣﻮل آﻟﻴﺎت اﻻﺳـﺘـﺪﻣـﺎج (٣١) Introjectionواﻹﺳﻘـﺎط Projectionاﻟﺘـﻲ 152
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻷﻧﺎ ،ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﺳﺘﺪﻣﺎج اCﻮﺿﻮﻋﺎت أو ﺜﻠﻬﺎ داﺧﻞ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ اﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺑﺎﻋﺘـﺒـﺎرﻫـﺎ ،أي ﻫـﺬه اCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت ،إﻣـﺎ ﺟـﻴـﺪة وإﻣـﺎ ﺳﻴﺌﺔ ،وﻳﻜﻮن ﺻﺪر اﻷم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﺮﺿﻴﻊ ،ﻫﻮ اﻟﻨﻤـﻮذج اﻷول اCـﻌـﺒـﺮ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﻓﻬﻮ إﻣﺎ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻨﻮﻧﺎ داﻓــﺌــﺎ ﻳـﻘـــــﺪم اﻟـﺪفء واﻟـﻐـــــﺬاء واﳊﻨــﺎن ،وإﻣــﺎ أن ﻳﻜــــﻮن ﺳﻴﺌــــﺎ ،ﺟﺎﻓــــﺎ ،ﺑﺎردا ﻳﻘــﺪم اﳊﺮﻣــﺎن واﻟﻌﻄــﺶ، واﻟﺮﻓـــﺾ ...إﻧﻪ ﻫــﻨﺎ ﺜـــﻞ اCﻮﺿﻮﻋــﺎت اﳉﻴــﺪة أو اﻟﺴﻴـﺌـــــﺔ ،وﻃـﺒـﻴـــــﻌـﺔ ﻫــﺬه اﻟﻌﻼﻗــﺔ اCﺒــﻜﺮة ﻣــﻊ ﺻــﺪر اﻷم ﲡــﻌﻠﻪ ﻣﻮﺿــﻮﻋــﺎ »ﺟﻴـــﺪا أو ﺳﻴﺌــﺎ«. وﺗﺮﺗﻘــﻲ اﻷﻧــﺎ ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻫــﺬه اﻟﻌﻼﻗـــﺎت اﻹﻳﺠﺎﺑﻴـــﺔ أو اﻟﺴﻠﺒﻴــﺔ اCﺒﻜــﺮة اﻟﺘــﻲ ﺗﺮﺗﺒــﻂ ﺑﺪورﻫــﺎ ﺑﻐﺮاﺋــﺰ اﳊﻴـــــﺎة )اﻹﺷـــــــﺒـﺎع( أو اCـﻮت )اﳊـﺮﻣـﺎن(، ﺴﻘﻂ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اCﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻫﻮ، ﻓﺼﺪر اﻷم ﻫﻮ »اCﻮﺿﻮع« اﻷول اﻟﺬي ﺗُ َ ﻛﺬﻟﻚ ،أول ﻣﻮﺿﻮع ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺪﻣﺎﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻨﻔﺴـﻲ اﻟـﺪاﺧـﻠـﻲ ﻟـﻠـﻄـﻔـﻞ ).(٣٢ وﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺳﻘﺎﻃﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺗﺮﺗﻘﻲ اﻷﻧﺎ ﺑـﺄﺷـﻜـﺎل ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔـﺔ، وﻛﻠﻤﺎ زاد ﻜﻦ اﻷﻧﺎ ﻣﻦ إﺣﺪاث اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﺑ tدواﻓﻌﻬﺎ اﻟﺘﺪﻣـﻴـﺮﻳـﺔ ﻫﺬه ،زادت ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ أو اﻟﺘﺂﻟﻒ ﺑ tاﳉﻮاﻧﺐ اﺨﻤﻟﺘـﻠـﻔـﺔ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺼﺒﺢ ﻫﺬه اﻷﻧﺎ أﻛﺜﺮ ﻏﻨﻰ. إن اﳉﻮاﻧﺐ اCﻨﻘﺴﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﻧﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ رﻓﻀﻬﺎ أو إﻧﻜﺎرﻫﺎ ــــ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﻘﻠﻖ وﺗﺆدي إﻟﻰ اﻷﻟﻢ ـــ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺟـﻮاﻧـﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ،ورﻏﻢ أن اﳉﻮاﻧﺐ اCﺮﻓﻮﺿﺔ ﻣﻦ اﻟﺬات ـــ وﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ـــ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ،أو اﺧﺘﻼل اﻻﺗﺰان اﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﻓﺈﻧﻬـﺎ أﻳـﻀـﺎ ﻗـﺪ ﺗـﻜـﻮن ﻣـﺼـﺪرا ﻟـﻺﻟـﻬـﺎم ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ،اﻟﻔﻨﺎن اCﺒﺪع ،ﻓﻲ رأي ﻛﻼﻳﻦ ﻳﻔﻴﺪ ﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻮز ،وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺮﻣﻮز ﻣﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟـﺼـﺮاﻋـﺎت ﺑـ tاﳊـﺐ واﻟـﻜـﺮاﻫـﻴـﺔ ،ﺑـt اﻟﺘﺪﻣﻴﺮ واﻟﺘﺮﻣﻴﻢ أو اﻟﺒﻨﺎء ،ﺑ tﻏﺮاﺋﺰ اﳊﻴﺎة وﻏﺮاﺋﺰ اCﻮت ،اﻗﺘﺮﺑﺖ أﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ...ﻓﺎﻟﻔﻨﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻜﺜﻴﻒ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣـﻦ اﻟـﺮﻣـﻮز اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻄﻔﻮﻟﺔ .وﻗﺪرة ﻓﻨﺎن ﻣﺴﺮﺣﻲ ﻣﺜﻞ إﻳﺴﺨﻴﻠﻮس ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﻛﻼﻳﻦ، ﻋﻠﻰ ﲢﻮﻳﻞ ﻫﺬه اﻟﺮﻣﻮز اﳋﺎﺻـﺔ إﻟـﻰ إﺑـﺪاع ﻟـﺸـﺨـﺼـﻴـﺎت ﻓـﻨـﻴـﺔ ،ﻫـﻮ أﺣـﺪ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻌﻈﻤﺔ ﻟﺪى اCﺒﺪﻋ tاﻟﻜﺒﺎر ).(٣٣ 153
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻘﺪ أﻛﺪت ﻛﻼﻳﻦ أﻛﺜﺮ ،ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻏﺮاﺋﺰ اﻟﻌـﺪوان ،واﻟـﺘـﺪﻣـﻴـﺮ ﻓـﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪات ﻓﺮوﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻏﺮاﺋﺰ اﳉﻨﺲ واﳊﻴﺎة ،وأﺷﺎرت ﻛﺬﻟﻚ إﻟـﻰ أن أي ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﳊﻴﺎة ،وأي اﻧﻔﻌﺎل ﻣﻦ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻬـﺎ ﻳـﻨـﻘـﺴـﻢ ﻓـﻲ ﺟﻮﻫﺮه ،إﻟﻰ ﻗﺴﻤ tأو ﺷﻘ tﻣﺘـﻌـﺎرﺿـ ،tأﺣـﺪﻫـﻤـﺎ ﺟـﻴـﺪ ،واﻵﺧـﺮ ﺳـﻲء، وﻫﺬه آﻟﻴﺔ ،أو ﻣﻴﻜﺎﻧﺰم ،ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻵﻟﻴﺔ ﻳﺼﺒﺢ اCﻮﺿﻮع اﻷوﻟﻲ )ﺻﺪر اﻷم( ،ﺛﻢ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻷﺧـﺮى اﻟـﺘـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑ tاﻟﻄﻔﻞ ـــ أو اﻟﺮاﺷﺪ ــــ وﺑﻴﻨﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺎ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ أو ﺳﻠﺒﻴـﺔ، وإﻣﺎ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع ﺳﻠﺒﻲ ﻳﺮﺗﺒـﻂ ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ إﻣﺎ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻮذﺟﻲّ ، ﺑﺎﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻻﺿﻄﻬﺎد .ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺪﻣـﺎج ،أو إدﺧـﺎل ﻫـﺬﻳـﻦ اﻟـﻨـﻤـﻄـ tﻣـﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ،وﻛﺬاﻟﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت ــ ﻣﻌﻬﻤﺎ ــ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻄﻔﻞ ،أي ﻓﻲ ﺗﻬﻮ ﺎﺗﻪ وﺗﺨﻴﻴﻼﺗﻪ اﻟﻠﻴﻠﻴﺔ واﻟﻨﻬﺎرﻳﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻤﺮ اCﻮﺿﻮع ،اﻟﺬي ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﻄﻔﻞ ﻧﻬﺎرا ،ﻣﻌﻪ ﻟﻴﻼ ﺧﻼل أﺣﻼﻣﻪ أو ﻛﻮاﺑﻴﺴﻪ. ﻨﻈﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻔﺮد وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،وﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻرﺗﻘﺎء اﻟﺘﺎﻟﻴﺔُ ،ﻳ َ ﺣﻮل ﺗﺨﻴﻴﻼت ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﻠﺘﺨﻴﻴﻼت اﻟﻘﺪ ﺔ ،أي ﺗﺨﻴﻴﻼت ﺣﻮل ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻴـﺪ، وﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻲء ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ،وﺗﺨﻴﻴﻼت أﻳﻀﺎ ﺣﻮل اﻟﺬات ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫـﺎ ﺟـﻴـﺪة أو ﺳﻴﺌﺔ .وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ إﺣﺪاث اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑ tﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒ tاCﺘﻌﺎرﺿt )أي اﳉﻤﻊ ﺑ tاﻟﻨﻘﻴﻀ (tﻟﺪى ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ إدراك وﻣﻌﺎﻳﺸﺔ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﻄﻴﺒﺔ واﻟﺴﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اCﻮﺿﻮع ذاﺗﻪ ،أو اﻟﺸﺨﺺ ذاﺗﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻈﻠﻮن ﻳﺘﺮاوﺣﻮن ﺑ tﻫﺬﻳﻦ اﻟﻄـﺮﻓـ tاCـﺘـﻨـﺎﻗـﻀـ ،tدون ـﻜـﻦ واﺿـﺢ ﻣـﻦ إدراك درﺟﺎت اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ أو اﻟﺘﺪاﺧﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ).(٣٤ إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺗﻜﻮن أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﻄﺮف ﻓﻲ أﺣﻜﺎﻣﻬﺎ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻓﺎﻟﻠﻮن إﻣّﺎ أﺑﻴﺾ وإﻣّﺎ أﺳﻮد ،وﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎك درﺟﺎت أو ﻫﻮﻳﺎت ﻟﻮﻧﻴﺔ أﺧﺮى ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ إﻣﺎ ﺟﻴﺪ وإﻣﺎ رديء ،وﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎك ﻧﻘﺎط ﺟﻮدة وﻧﻘﺎط رداءة ،ﻣﻮﺟﻮدة ﻣﻌﺎ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،واﻟﻔﻨﺎن إﻣﺎ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﺒﻘﺮي ،وإﻣﺎ ﺗﺎﻓﻪ وﺳﻄﺤﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﳋﻂ ،وﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻟﻠﻌﻈﻤﺔ واﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن ذاﺗﻪ ،ﻋﺒﺮ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،أو ﻓﻲ أﺣﺪ أﻋﻤﺎﻟـﻪ ﻋـﻠـﻰ وﺟـﻪ ﺧـﺎص... إﻟﺦ ...إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻳﺼـﻌـﺐ أن ﺗـﻜـﻮن ﻗـﺎدرة ﻋـﻠـﻰ إﺻﺪار أﺣﻜﺎم ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أو ﻋﻤﻴﻘﺔ ،إﻧﻬﺎ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺪوﺟﻤﺎﻃﻴﻘﻴﺔ ،أو ﺟﺎﻣﺪة اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺣ tﻳﺤﺘﺎج اﻟﺘﺬوق اﻟﻔـﻨـﻲ واﻹدراك 154
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳉﻤﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﻗﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اCﺮوﻧﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ. أﺛﺮت أﻓﻜﺎر ﻛﻼﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔﺴﻴ ،tوﻧﻌﺮض ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ، ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻷﻫﻢ أﻓﻜﺎر أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﺣﻮل اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﺧﺎﺻﺔ وﻧﻜﺘﻔﻲ ﻫﻨﺎ ﺑﺬﻛﺮ ﺑﻌـﺾ اﻷﻣـﺜـﻠـﺔ اﻟـﻘـﻠـﻴـﻠـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬا اﻻﲡﺎه: ١ـــ ﺗﺮى ﺣﻨﺎ ﺳﻴﺠﺎل اCﺘﺄﺛﺮة ﺑﺄﻓﻜﺎر ﻛﻼﻳـﻦ أن ﻛـﻞ أﺷـﻜـﺎل اﻹﺑـﺪاع ﻫـﻲ إﻋﺎدة إﺑﺪاع Cﻮﺿﻮع أو ﺷـﺨـﺺ أﺣـﺒـﺒـﻨـﺎه ذات ﻣـﺮة ،وﻛـﺎن ﺧـﻼل ﺗـﻠـﻚ اCـﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﺎﻣﻼ ،ﻟﻜﻨﻪ اﻵن ﻣﻔﻘﻮد وﻣﺤﻄﻢ ،ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺧﺎص ﺑﺬات ﻣﺤﻄﻤﺔ أو ﻣﺪﻣﺮة ﲢﺎول ﺗﺮﻣﻴﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺑﺪاع. »إن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﳋﺎص ﺑﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺪﻣﺮا ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻴﺘﺎ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻔﺘﻘﺮا إﻟﻰ اﳊﺐ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮل اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺒﺒﻨﺎﻫﻢ إﻟﻰ ﺷﻈﺎﻳﺎ وﻧﺜﺎر ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺼﺒﺢ ﻧﺤﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﺄس واﻻﻓﺘﻘﺎر اﻟﺘﺎم إﻟﻰ ا'ﻌﻨﻰ ،ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﻠـﻖ ﻋـﺎ'ـﻨـﺎ ﻣـﺠـﺪدا ،أي أن ﻧـﻌـﻴـﺪ ﲡﻤﻴﻊ ﺷﻈﺎﻳﺎه وﻗﻄﻌﻪ ا'ﺘﻨﺎﺛﺮة ،وﻧﺒﻌﺚ اﳊﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ا'ﻴﺘﺔ ﻣﻨﻪ ،وﻧﻌﻴﺪ إﺑﺪاع ﺣﻴﺎﺗﻨـﺎ ﻣـﻦ ﺟـﺪﻳـﺪ« ) (٣٥واCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ رأي ﺳـﻴـﺠـﺎل ﻣـﺤـﺼـﻠـﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻧﺘﻴﺠﺔ أﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ أو اﻟﻠﻌﺐ أو اﳋﻴﺎل. ٢ـــ وﻳﺸﻴﺮ ﺟﻴﻠﺒﺮت روس G.Roseﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن ﺧﺒﺮات اCﺘﻠﻘﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ واﻻﺗﺼﺎل ﺑﻪ ،أي اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻨﻪ واﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ،داﺧﻞ ﻫﺬا اCﺘﻠﻘﻲ ،اCﺮاﺣﻞ اCﺒﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ أو اﻟﺘـﻜـﺎﻓـﻞ أو اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑ tاﻷم واﻟﻄﻔﻞ .وﺣﺮﻛﺔ ﻳﺪ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻰ أوراق أو ﻗﻤـﺎش اﻟـﺮﺳـﻢ، ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻨﻬﺎ وﺑﻌﻴﺪا ﻋﻨﻬـﺎ ،ﻫـﻲ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﻻﺳـﺘـﻌـﺎدة ،أو اﻻﻧـﺒـﻌـﺎث ﻟـﻠـﺬﻛـﺮﻳـﺎت اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺤﺮﻛﺎت اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ اCﺒﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻷم ﺧﻼل رﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻟﻄﻔﻠﻬﺎ ...وأن ﻣﺼﺪر اﻟﺸﻜﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﳊﺪود اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ، أو اCﺎﺋﻌﺔ ،أو ﻏﻴﺮ اCﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،واﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ اCﺒﻜﺮة ﻟﻠﻄﻔﻞ، واﻟﺘﻲ ﲢﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎCﺮوﻧﺔ ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺮاﺷﺪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ).(٣٦ ٣ــ وﻳﺮى ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ أﻧﻪ ﻣﻦ اCﺜﻴﺮ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم اCﻘﺎرﻧﺔ ﺑـ tﻣـﻔـﻬـﻮم اCـﻮﺿـﻮع اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ ﻟﺪى أﺻﺤﺎب ﻧﻈﺮﻳﺔ »اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع« ﻣﻊ ﻣﻔﻬـﻮم ﻛـﻼﻳـﻦ ﺣـﻮل »اCﻮﺿﻮع اﻟﺪاﺧﻠﻲ« ،ﻓﺎCﻮﺿﻮع اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ أو اﻟﺘﺤﻮﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ داﺧﻠﻴﺎ 155
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
)أي ﻟﻴﺲ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ( ،إﻧﻪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﻣﺘﻼك ،وﻫﻮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ، ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﻣﻮﺿﻮع ﺧﺎرﺟﻲ ﻓﻘـﻂ ،أو ﻣـﻮﺿـﻮع داﺧـﻠـﻲ ﻓـﻘـﻂ ،إﻧـﻪ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ aﻮﺿﻮع ﺧﺎرﺟﻲ )ﺻﺪر اﻷم( ،وaﻮﺿﻮع داﺧﻠﻲ ﻛﺬﻟﻚ )اﻟﺼﻮرة اCﺴﺘﺪﻣﺠﺔ ذﻫﻨﻴﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺼﺪر( ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻋﻨﻬﻤﺎ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻗﺪ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺳﻠﻮﻛﻲ ﻣﺜـﻞ ﻣـﺺ اﻷﺻـﺎﺑـﻊ أو اﻻﻣـﺘـﻼك ﻷﻟـﻌـﺎب ،أو ﻋﺮاﺋﺲ ﻧﺎﻋﻤﺔ أو ﺻﻠﺒﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺘﺠـﺴـﺪ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ﻓـﻲ اﻟـﺪﻳـﻦ واﻟـﻔـﻦ وأﺷـﻜـﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ .إن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺴﺘﺨﺪم اCﻮﺿﻮع اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ ،وﻳﻮﻇﻔﻪ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اCﻮﺿﻮع اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺣﻴﺎ ،وواﻗﻌﻴﺎ ،وﺟﻴﺪا ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ،إﻧﻪ ﻣﻮﺿﻮع ﻗﺪ ﻳﺤﻞ ﻣﺤﻞ اCﻮﺿﻮع اﳋﺎرﺟﻲ )ﺻﺪر اﻷم( ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺒـﺎﺷـﺮ، أي ﻣﻦ ﺧﻼل اﻋﺘﺒﺎره ﺑﺪﻳﻼ رﻣﺰﻳﺎ ﻟﻠﺼﺪر اCﺴـﺘـﺪﻣـﺞ داﺧـﻠـﻴـﺎ .إن اCـﻮﺿـﻮع اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﻜﻮن ﲢﺖ اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﺴﺤﺮي) ،ﻣﺜﻞ اCﻮﺿﻮع اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﺘﺨﻴﻴﻠﻲ( وﻻ ﺧﺎرج اﻟﺘﺤﻜﻢ )ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺼﺒﺢ اﻷم اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ(. وﻗﺪ اﻫﺘﻢ ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ واﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻳﺘﻢ ﻟﺬاﺗﻪ، وﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ﻧﺸﺎط ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴـﺔ، ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺸﻲء ﻣﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اCﺘﻌﺔ .واﻟﻨﺸﺎط اﻟﻔﻨـﻲ ﻟـﺪﻳـﻪ ﻫـﻮ ﻧـﻮع ﻣـﻦ ﻧﺸﺎط اﳊﻠﻢ .ﻓﻬﺬان اﻟﻨﺸﺎﻃﺎن )اﳊﻠﻢ واﻹﺑﺪاع( ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﺒﺪأ اﻟﻠﺬة، ﻛﻤﺎ أﻧﻬـــﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﺎن وﺳﺎﺋﻂ )أو وﺳﺎﺋﻞ( ﳋﻔﺾ أو ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺸـــﺄ ﻋـــﻦ اﻟﻨﺰﻋــﺎت اﻻﻧﺪﻓﺎﻋﻴــﺔ اﻟﻐﺮﻳﺰﻳـــﺔ اCﻜﺒﻮﺗــﺔ ،وﺗﺘﺤـــﻜﻢ ﻓـــﻲ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬــــﻤﺎ أﻳﻀـــــﺎ اﻟﺪواﻓﻊ ،أو اﻹﳊﺎﺣﺎت اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ اﳉﻨﺴﻴﺔ واﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ أو اﻟﺘﺪﻣﻴﺮﻳﺔ. وﻗﺪ أﺷﺎر ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﻟﻮﺣﺎت ﻓﻴﺮﻣﻴﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺜﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﻌﻲ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺪاﺋﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳉﻤﺎل» ،ﻓﺎﻟﻬﺪوء اﳋﺎص ﺑﺎCﻮاﺿﻊ اﻟﺪاﺧﻠـﻴـﺔ ،أو اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،واﻟﺪﻗﺔ واﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ،ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﻣﺤﺪدا ﺟﺪا ﺑﺎﻛﺘﻤــﺎل اCﻮﺿــﻮع اﻟﻔﻨـــــﻲ« ]اﻧـﻈـﺮ اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ) (٥ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت[. وﻋﻠــﻰ ﻋﻜــﺲ ﻟﻮﺣـــﺎت ﻓﻴﺮﻣـــﻴﺮ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻜـﻮن اﻟـﻨـﺰﻋـﺎت واCـﻴـﻮل اﻟـﺘـﺪﻣـﻴـﺮﻳـﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻏﻴﺮ واﺿﺤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺻﺮﻳﺢ ،ﻓﺈن ﻟﻮﺣـﺎت ﻓـﻨـﺎﻧـ tأﻣـﺜـﺎل ﺑﺎﺑﻠﻮﺑﻴﻜﺎﺳﻮ وﺑﻮل ﻛﻠﻲ ﺗﻌﺮض ﻫﺬه اCﻴﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻛﺜﺮ ﺻﺮاﺣﺔ .ﻓﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﺟﺴﺎد اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻜﻮن إﻣﺎ ﻣﺸﻮﻫﺔ ،وإﻣﺎ ﻣﻘﻄﻌﺔ إﻟﻰ ﺷﻈﺎﻳﺎ ﻣﺘـﻨـــــﺎﺛـﺮة، ﻛﻤــﺎ أن اﻟﺘﺮﺗﻴــﺐ اCﻨﻈــﻢ ﻟﻬــﺬه اﻟﺸﻈــﺎﻳﺎ ﻓــﻲ اﻟﺘــﻜﻮﻳــﻦ اﻟﻔﻨــﻲ ﻻﺑــﺪ ﻣﻦ أن 156
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﻌﺪ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ اﳋﺎص. وﻳﻘﻮل ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ ﻛﺬﻟﻚ إن اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺴﺎدﻳﺔ ﻜﻦ أن ﻧﺮاﻫﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣﺎ وﺻﺮاﺣﺔ ،ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﺳﻠﻔﺎدور داﻟﻲ ،وﻗﺪ أﺷﺎر ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑﻠﻮﺣﺘﻪ اCﺴﻤﺎة »ﺷﺒﺢ اﳉﺎذﺑﻴﺔ اﳉﻨﺴﻴﺔ أو ﻃﻴﻔﻬﺎ« The Spectre of Sex - Appealﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻛﻴﻒ ﻜﻦ أن ﺗﻨﻌـﻜـﺲ اﻻﻧـﺪﻓـﺎﻋـﺎت اﻟـﺘـﺪﻣـﻴـﺮﻳـﺔ ﻓـﻲ ﺻﻮرة اﻷﻧﺜﻰ اCﺸﻮﻫﺔ ،ذات اﳉﺴﺪ ﺷﺪﻳﺪ اﻻﻟﺘﻮاء ،ﻓﺘﺘﻘﻄﻊ أوﺻﺎﻟﻬﺎ ،ﺗﻠـﻚ اﻷوﺻﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ أﺳﻔﻞ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺑﺘﺄﻣﻠﻬﺎ .ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ أﺟﺰاء اﳉﺴﺪ ﻣﻔﻘﻮدة ﻛﺬﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ وﺟﺪ دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻜﺎﻛﻴﺰ أو اCﺴﺎﻧﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬه اCﺮأة ،أو اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،وﻓﻲ اﻷﻛﻴﺎس اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺖ ﻣﻮﺿﻊ اﻷﻋﻀﺎء اCﻔـﻘـﻮدة ﻓـﻲ اﳉـﺴـﻢ. ﺗﻌﺎﻧﻲ أﻋﻤﺎل داﻟﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ »ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ« ،ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻨﺨـﻔـﺾ ﻣـﻦ اﻟـﻜـﺒـﺖ، ﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اCﻴﻮل اﻟﺴﺎدﻳﺔ ﻟﺪﻳﻪ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺒﺮوز واﻟﻮﺿﻮح ،و ـﺎ ﻻ ﻳـﺠـﻌـﻞ ﻓﻨﻪ ﻓﻨﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ،ﻓﻠﻮﺣﺎﺗﻪ ﻣﺘﺤﺮرة ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺖ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،وﻗﻮة اﻟـﻜـﺮاﻫـﻴـﺔ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺤﺼﻠﺘﺎن ﻟﺘﻜﻮﻳﻨـﻪ اﻟـﺸـﺨـﺼـﻲ اﳋـﺎص ﻓـﻲ رأي ﻫﺬا اﶈﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ).(٣٧ اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه أن ﻫﻨﺎك وﺟﻬﺘ tﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﺗﻌﺎرض إﺣﺪاﻫﻤﺎ اﻷﺧﺮى ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ aﻌﻨﻰ »اCﻮﺿﻮع« داﺧﻞ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر اﻟﻨﻈﺮي ،وﺗﻘﻊ اﻷوﻟﻰ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺿﻤﻦ اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟـﻜـﻼﺳـﻴـﻜـﻲ )ﻟـﺪى ﻓـﺮوﻳـﺪ ﺧـﺎﺻـﺔ( ،وﺗـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ »اCﻮﺿﻮﻋﺎت« ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﻷﺷﺨﺎص واﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم اﻟﻄﻔﻞ ،ﺛـﻢ اCـﺮاﻫـﻖ ﻓﺎﻟﺮاﺷﺪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺘﺮﻛﻴﺰ دواﻓﻌﻪ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺣﻮﻟـﻬـﺎ ،أو اﻟـﺘـﻮﺣـﺪ أو إﻗـﺎﻣـﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎ ﻣﻌﻬﺎ ،وﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﳊﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻬﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻘﻮل إن اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻌﻘﻠـﻲ Mental Representationاﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﺸﻲء أو اﻟﺸﺨﺺ ــ اﻟـﺬي ﺗﺘﺮﻛﺰ ﺣﻮﻟﻪ اﻟﻌﻼﻗﺔ ــ ﻳﻜﻮن ﺜﻴﻼ ﻣﺸﺤﻮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ ،أو اﻟﻠﻴﺒﻴﺪﻳﺔ )اﳉﻨﺴﻴﺔ( ،وﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻫﻮ ﻣﺤﻮر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ،وﻟﻴﺲ اCﻮﺿﻮع أو اﻟﺸﺨﺺ اﳋﺎرﺟﻲ اﻟﺬي ﺗﺘﺮﻛﺰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺣﻮﻟﻪ أو ﻋﻠﻴﻪ .وﻗﺪ أﻛﺪ »آرﻟﻮ« Arlowﻣﺜﻼ أن »ﻣﻔﻬﻮم اCﻮﺿﻮع« ﻫﻮ » ﺜﻴﻞ ﻋﻘﻠﻲ داﺧﻠﻲ« ﻻ ـﻜـﻦ ﻓﺼﻞ ﺗﻄﻮره ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﻠﺐ أو اﻟﺘﻌﺎﻗﺐ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺪواﻓﻊ ،وأﺷـﺎر إﻟـﻰ أن ﻫﺬه اﻟﺪواﻓﻊ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﺨﻴﻴﻼت اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ اCﺴﺘﻤﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﻠﻲ أو ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر »اCﻮﺿﻮع« اﻟﺬي ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﻔـﺮد، 157
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻋﻠﻰ ﻂ اﳊﺐ اﻟﺬي ﻳﻨﺸﻐﻞ ﺑﻪ ).(٣٨ أﻣﺎ ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ ،وﻗﺪ أﺷﺮﻧﺎ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻓﻜﺎره ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻓﻘﺪم وﺟـﻬـﺔ أﺧـﺮى ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﺗﻌﺎرض وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ آرﻟﻮ ،و§ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻬﺔ ﲡﺎﻫﻞ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ وﻧﻈﺮ إﻟﻰ »اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪواﻓﻊ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻻرﺗﻘﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲُ ، ﻣﻊ اCﻮﺿﻮﻋﺎت« ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﶈﺪدة ﻟـﻬـﺬا اﻻرﺗﻘﺎء .ﻟـﻘـﺪ ُﻧﻈﺮ ﻫﻨﺎ إﻟﻰ »اCﻮﺿﻮﻋﺎت« ﺑﻮﺻﻔﻬـﺎ اﻷﻛـﺜـﺮ أﻫـﻤـﻴـﺔ وﺑـﺮوزا، ﻓﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﺪى ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ أﺻﺒﺢ ﻫﻮ ﻋﻠﻢ دراﺳﺔ »ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻔﺮد ﺑﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت« ﻛﻤﺎ ﲢﺪث ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﺎﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ﻓـﻲ اﻟـﻮاﻗـﻊ ،وﻟـﻴـﺲ ﻓـﻲ اﳋﻴﺎل ،ﻫﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﳊﺎﺳﻤﺔ ﻫﻨﺎ ذاﺗﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ اﻟﺘﻲ ﲢﺪد اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻔﺮد .ﻟﻘﺪ ﺗﺮاﺟﻊ ،ﻫﻨﺎ ،اﻟﺪور اﳋﺎص aﺒﺪأ اﻟﻠﺬة وﺗﻘﺪم ﺑﺪﻻ ﻣﻨـﻪ اﻟﺪور اﳋﺎص aﺒﺪأ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺟﻮﻧـﺘـﺮﻳـﺐ Guntripﻓﺈن ﻣﺒﺪأ اﻟﻠـﺬة ﻟﺪى ﻓﺮوﻳﺪ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اCﻮﺿﻮع ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أﺧﻀﻊ ﻣﺒﺪأ اﻟﻠﺬة Cﺒﺪأ اﻟﻮاﻗﻊ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى Cﺒﺪأ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﺎCﻮﺿﻮع ،Object relationships principleوﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﺮوﻳﺪ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺟﻴﻞ Cﺒﺪأ اﻟﻠﺬة ،ﻓﺈن ﻓﻴﺮﺑﺮﻳﻦ ﻳﺮى أن اﻟﻌﻜﺲ ﻫﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ .ذﻟﻚ ﻷن ﻓﺮوﻳﺪ ﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺣﻴﻠﺔ ،أو وﺳﻴﻠﺔ ﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﲢﻘﻴـﻖ ﻣـﺒـﺪأ اﻟـﻠـﺬة ،أﻣـﺎ ﻓـﻴـﺮﺑـﺮﻳـﻦ ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻏـﺎﻳـﺔ ﻓـﻲ ذاﺗـﻪ ،وﺳـﻴـﻠـﺔ ﻟـﺘـﺤـﻘـﻴـﻖ اﻷﻫـﺪاف واﻟﺮﻏﺒﺎت ،وأﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻬﺪف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺴﻠﻮك ،وﻟﻴﺲ ﻗﻨﺎﻋﺎ ﻹﺧﻔﺎء رﻏﺒﺎت ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻛُِﺒَــﺘﺖ. ﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﺎCﻮﺿﻮع وﺣﻮل اﻟﺘﺼﻨﻴﻔـﺎت اCﺒﻜﺮة ﻟﻠﻤـﻮﺿـﻮﻋـﺎت إﻟـﻰ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﺎت ﺟـﻴـﺪة ،وﻣـﻮﺿـﻮﻋـﺎت ﺳـﻴـﺌـﺔ ،وﺣـﻮل اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وﺣﻮل ﻏﺮاﺋﺰ اﳊﻴﺎة واCﻮت وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺪال، واﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ،واﻟﺘﺮﻣﻴﻢ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺜﻞ ﺧﻠـﻔـﻴـﺔ ذات أﻫـﻤـﻴـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ »ﻋـﻠـﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﺘﺬوق« ﻟﺪى أﺻﺤﺎب ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ ).(٣٩ وﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﻌﺐ اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑـﻜـﻞ ﻣـﺎ ﻗـﺪﻣـﻪ اﶈﻠﻠﻮن اﻟﻨﻔﺴﻴﻮن ـــ ﻋﺒﺮ اCﺮاﺣﻞ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺗﻄﻮر ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ـــ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻔﻦ إﺑﺪاﻋﺎ وﺗﺬوﻗﺎ أو ﺗﻠﻘﻴﺎ ،ﻓﻬﻨﺎك ﺟﻬﻮد ﻛﺜﻴﺮة ﻟﺒﺎﺣﺜ tأﻣﺜﺎل ﻳﻮﱋ )وﻟﻪ أﻫﻤﻴﺘﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮة( ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻷ ﺎط أو اﻟﻨﻤﺎذج اﻷوﻟﻴﺔ وﻋﻦ اﻟـﻼﺷـﻌـﻮر اﳉـﻤـﻌـﻲ وأﻳـﻀـﺎ ـﻴـﻴـﺰه ﺑـ tاﻟـﻔـﻨـﻮن اﻟـﺴـﻴـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ واﻟـﻔـﻨـﻮن 158
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻜﺸﻔﻴﺔ) ،(٤٠وﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ ﺟﺎك ﻻﻛﺎن اﶈﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺬي ﺣﺎول ــ اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻠﻐﻮي اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﺮدﻳﻨﺎﻧﺪ دي ﺳﻮﺳﻴﺮ ــ أن ﻳﺤﺪث ﺗﻜﺎﻣﻼ ﺑ tاCﻨﺤﻰ اﻟﻠﻐﻮي ـــ اﻟﺒﻨﻴﻮي ﺣﻮل اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ،واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ، ﻓﻘﺎل إن اﻟﻼﺷﻌﻮر ﻣﺮﻛﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺼﻮر ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ داﺧﻞ ﻧﻈﺎم رﻣﺰي ،ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ ﻫﻲ ﻗﻮاﻧ tاﻷب اﻟﺮﻣـﺰي وﻣـﺎ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑﻬﺬا اﻷب ﻣﻦ ﺿﻮاﺑﻂ ،أو ﺿﻤﻴﺮ أو »أﻧﺎ« أﻋﻠﻰ ،أو ﺳﻠﻄﺔ أو ﺮد ...إﻟﺦ، ﻛﺬﻟﻚ ﲢﺪث ﻻﻛﺎن ﻋﻦ ﻗﻮة اﻟﻨﻈﺮة اﶈـﺪﻗـﺔ The Gazeورﺑﻂ ﺑ tاﻟﺘﺤﺪﻳﻖ واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اCﺮﻛﺒﺔ واCﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌ ،tﻋ tاﻟﺮﺿﺎ واﳊﺴـﺪ، واﻟﻔﺮح واﻟﺸﺮ ،واﳊﺐ واﻟـﻜـﺮاﻫـﻴـﺔ ...إﻟـﺦ .ﺛـﻢ رﺑـﻂ ﺑـ tدور ﻫـﺬه اﻟـﻨـﻈـﺮة اﶈﺪﻗﺔ ،واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،واﻟﻔﻨﺎﻧ tاCﺒﺪﻋ tﻟﻬﺎ واCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ اCﺘﻠﻘ tﻟﻬﺎ. وﻗﺪ ﻋﺮف ﻻﻛﺎن »اﻟﺼﻮرة« ﻓﻘﺎل :إﻧﻬﺎ »ﻣﺼﻴﺪة اﻟﻨﻈﺮة اﶈـﺪﻗـﺔ« وأﻧـﻪ ﻣـﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻜـﻦ ﻟـﻠـﻤـﺮء أن ﻳـﻘـﺘـﻨـﺺ ،أو ﻳـﻠـﺘـﻘـﻂ اﻟﻘﻮى اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ اCﻬﺬﺑﺔ ،واCﺘﺤﻀﺮة اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ أو اﻟﺼﻮرة ،وﻫﻜﺬا ﻳﺤﻮل اﻟﻔﻦ ﺣﺎل اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ اﳊﺴﺪ إﻟﻰ اﻹﻋﺠﺎب ،وﻣﻦ اﻟﺸﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺴﺎﻣﻲ واﻟﻌﻠﻮ ،إن اﻟﻌ tﻫﻲ ﻣﺎ ﲡﻌﻞ اﻟﺼﻮرة ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ـــ ﺻﻮرة ﺟﻤﺎﻟﻴـﺔ وﻟـﻴـﺴـﺖ ﺻﻮرة ﺷﺮﻳﺮة.
ﻧﻘﺪ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ
ُﻧﻘﺪت ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻓﺮوﻳﺪ ﻛﺜﻴﺮا ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺮﻳﺮ ،ﺑﺴﺒﺐ اﻫﺘـﻤـﺎﻣـﻬـﺎ اﻟـﻜـﺒـﻴـﺮ ﺑﺎﶈﺘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﻋﺪم اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ اﻟﻮاﺿﺢ ــ أو اﻧﺘﻔﺎء اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ــ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ .ﻓﺎﳉﻮاﻧﺐ اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻗﺪ § ﲡﺎﻫﻠﻬﺎ، أو إﻫﻤﺎﻟﻬﺎ ،وﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻗﺸـﺔ ﻳـﺠـﺪر ذﻛـﺮﻫـﺎ ﺣـﻮل اﻷﻣﻮر اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳋﻂ ،أو اﻟﻠﻮن ،أو اﻟﺸﻜﻞ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ .ﻟﻘﺪ وُﺟﻪ اﻫﺘﻤﺎم ﻣﺤﺪود ﻟﻠﻮﺳﻴﻂ اﻟﻔﻨﻲ اCﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧـﻪ ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ذﻛﺮ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ أو اﻟﻨﺤﺖ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻧﺎدرة ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﻟﺪى إﻳﺮﻧﺰﻓﺎﻳﺞ ﻣﺜﻼ .وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اCﺘﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ ،أو ﻣﺜﻴﺒﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻐﺎﻳﺔ أﺧﺮى. وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻜﻦ أن ﻳﻌﺰى ﻫﺬا اﻟﻀﻌﻒ إﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻓﺮوﻳﺪ ذاﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،أو اﻹدراك اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓـﻲ ذاﺗـﻪ .ﻓـﻘـﺪ 159
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﺎن ﻳﺨﺘﺎر اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻳﺪرﺳﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ وﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺗﺒﺎﻋﻪ، ﺑﺴﺒﺐ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻧـﻔـﺴـﻴـﺔ ﺗـﻬـﺘـﻢ ﺑﺎﻟﺪواﻓﻊ واﻟﻐﺮاﺋﺰ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ. إن ﻣﺎ ﻓﺸﻞ ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤـﻮ دﻗـﻴـﻖ ﺗـﻠـﻚ اﻟـﻘـﻀـﺎﻳـﺎ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ ،اCﻄﺮوﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻓﻲ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ إدراك اﻟـﻔـﻦ أﻳﻀﺎ .ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﻓﺮوﻳﺪ ﻛﺎن ﻫﻮ اﻟﺬي وﺟﻪ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮر ﻓﻲ إدراك اﻟﻔﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪم ﺗﻜﻮﻳﻨﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ )ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﻠﻤﻴﺔ( ﺟﺪﻳﺪة Cﻨﺎﻗﺸـﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ،وﻗﺪ أﺛﺎر ﻣﻨﺤﺎه وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ ﺗﺮاﺛﺎ ﻛﺒﻴﺮا وﺟﺪﻻ ﻣﺴﺘﻤـﺮا ﺣﻮل اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﻔـﻨـﻮن ،ﻣـﺎزال ﻳـﺘـﺮدد ﺻـﺪاه ﻓـﻲ ﺑـﻌـﺾ اCـﺆ ـﺮات اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺣﻮل ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن. اﻷﻣﺮ اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ﻫﻨﺎ أن اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﺨﺘﻠﻂ ﻓﻲ أذﻫﺎن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء اﻟﻌﺮب ،ﺑﻞ وﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد ﻛﺬﻟﻚ ،ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻴـﺼـﺒـﺤـﺎن ﺷﻴﺌﺎ واﺣﺪا ،رﻏﻢ اﻟﻔﺮوق اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮ »ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ« ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ وﻋﻦ ﻓﺮوﻳﺪ وأدﻟﺮ وﻳﻮﱋ ،رﻏﻢ ﺗﻠﻚ اﳋﺎﺻﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﳊﺪﻳﺚ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﻠﻤﺎ ﻳﺪرس اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﳋﺎرﺟﻲ واﻟﺪاﺧﻠﻲ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻪ اﻟﺴﻠﻮك اﻷدﺑﻲ واﻟﻔﻨﻲ ،ﻣﻦ ﺧـﻼل أﺳـﺎﻟـﻴـﺐ أﻛﺜﺮ دﻗﺔ وﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،وﻳﺘﻤﺜﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺮﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﻘﺎدﻣﺔ.
160
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
4ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ
»ﻣﻦ دون ازدﻫﺎر اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺒﺼﺮي ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أي ﺛﻘﺎﻓﺔ أن ﺗﻨﺸﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ إﺑﺪاﻋﻲ« »رودﻟﻒ أرﻧﻬﺎ «
ﻟﻢ ﻳﺮﻛﺰ اCﺆﺳﺴﻮن اﻷواﺋﻞ ﻟﻬﺬه اﻟﻨـﻈـﺮﻳـﺔ وﻫـﻢ ﻛﻴﺮت ﻛﻮﻓﻜﺎ K.Koffkaووﻟﻔﺠﺎﱋ ﻛﻮﻫﻠـﺮ W.Kohler وﻣﺎﻛﺲ ﻓـﻴـﺮﺗـﻬـﺎ ـﺮ M.Wertheimerﺟﻬﻮدﻫـﻢ ﻋـﻠـﻰ دراﺳﺔ اﻟﻔﻨـﻮن ،واﻻﺳﺘﺜﻨــﺎء اﻟﻮﺣﻴــﺪ ﻟــﺪى أﺻﺤــﺎب ﺗﻠـــﻚ اﳉﻬــﻮد اCﺒﻜـــﺮة ﻛﺎﻧــــﺖ ﻣﺤـﺎﺿـــــﺮة أﻟـﻘـﺎﻫـﺎ ﻛﻮﻓﻜــﺎ ﻓــﻲ إﺣــﺪى اﻟﻨــــﺪوات اﻟـﻌـــــﺎم ١٩٤٠ﺑـﻌـﻨـﻮان »ﻣﺸﻜﻼت ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﻦ« ﻛﺸﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ أن اCﺒﺎد اﳉﺸﻄﻠﺘﻴﺔ ﻜﻦ أن ﺗﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻦ أﻳﻀﺎ).(١ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﶈﺎﺿﺮة ﻗﺎل ﻛﻮﻓﻜﺎ إن اﻟﻌﻤﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻛﻤﻮﺿﻮع ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻺدراك ﻣﻮﺿﻮع ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮده ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺸﺎط اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻜﺎﺋﻦ اﳊﻲ )اﻹﻧﺴﺎن ﺧﺎﺻﺔ( ،وﻓﻲ ﺿﻮء ﻗﻮاﻧ tاﻹدراك أﻳﻀﺎ .وﻗﺪ رﻓﺾ ﻛﻮﻓﻜﺎ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ ﻟﺪى ﻓﺨﻨﺮ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﲢﺪد اﳉﻤﺎل ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،أو ﺣﺎوﻟﺖ ﻓﻬﻢ اﻟﻔﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟـﻴـﺔ ﻓـﻘـﻂ .وأﻛـﺪ أﻫـﻤـﻴـﺔ دراﺳـﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻜـﻮن ﻧـﺸـﻄـﺔ ،ﻟـﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ﺧﻼل ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻌﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ).(٢ 161
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻻ ﻜﻨﻨﺎ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ دون أن ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹدراك ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ،ﻓﻘﺪ ﺻﺎغ ﻛﻮﻓﻜﺎ ﻣﻔﻬﻮم اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﺮاﺳﻴﺔ Physiognomic Charactersﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،وﻳﺸﻴﺮ ﻫﺬا اCﺼﻄﻠﺢ ﻋﺎدة إﻟﻰ »ﺗﻌﺒﻴﺮات اﻟﻮﺟﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪو اCﺮء ﺣﺰﻳﻨﺎ أو ﺳﻌﻴﺪا« ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺴﺘﺨﺪم أﻳﻀﺎ »ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺸﻒ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﻏﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﺎﺛﻠﺔ أو ﺗﺒﺪو ﻟﻨﺎ ذات ﺧﺼﺎﺋـﺺ إﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ« .وﻻ ـﻜـﻦ اﺧﺘﺰال ﻫﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﺮاﺳﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫـﻮ أﻗـﻞ ﻣـﻨـﻬـﺎ ،وإذا ﺑـﺪا اCـﻨـﻈـﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،اﻟﺬي ﲢﺘﻮﻳﻪ ﻟﻮﺣﺔ ﻣﺎ ،ﺣﺰﻳﻨﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻌـﻨـﻰ ذﻟـﻚ أن ﻫـﺬا اCـﻨـﻈـﺮ ﺣﺰﻳﻦ أو أﻧﻪ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﺣﺰﻳﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻟﻜﻦ اﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﺎ ﺧﻼل ﺗﻔﺎﻋﻠﻨﺎ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﲡﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﳊﺰن).(٣ وﻗﺪ أﺷﺎر ﻛﻮﻓﻜﺎ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ أﻓﻜﺎر أﺧﺮى ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ ﻣـﺜـﻞ: اﳉﺸﻄﻠﺖ اﳉﻴﺪ ،واﻟﺘﻮازن ،واﻟﻜﻠﻴﺔ ،واﻟﺪاﻓﻌﻴﺔ واﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ،واﻟﺼﺮاﻋﺎت، واﻟﺘﻮﺗﺮات وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻗﺎل أﻳﻀﺎ إن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن aﻨﺰﻟﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ أو »اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳉﻴﺪ« ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻴﺴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﺪﻣﺎج اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺣﻘﻴﻘﻲ وﻋﻤﻴﻖ .واﻟﺘﺬوق ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑ tاﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،واﻟﻘﻮى اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ،،وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻴﺎﻏﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﺟﺪﻳﺪة ﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﻊ أﻓﻜﺎر »ﻟﺒﺲ« ﺣﻮل اﻟﺘﻘﻤﺺ ،وﻣﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻫﻨﺮي C.cvHenryاﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ــ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ــ ﻫﻲ ذاﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻣﻬﺪت اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم أرﻧﻬﺎ& ﻛﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﺠﻬﺪه اﻻﺳـﺘـﺜـﻨـﺎﺋـﻲ اﻟـﺘـﺎﻟـﻲ ﻓـﻲ ﻣﺠﺎل ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺟﺸﻄﻠﺘﻲ).(٤ وﻟﺪ أرﻧﻬﺎ& ﻓﻲ أCﺎﻧﻴﺎ اﻟﻌﺎم ،١٩٠٤وﺑﻌﺪ وﺻﻮل ﻫﺘﻠﺮ إﻟﻰ اﳊﻜﻢ ﺳـﺎﻓـﺮ إﻟﻰ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،ﺛﻢ إﻟﻰ إﳒﻠﺘﺮا ،ﺛﻢ إﻟﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ،ﺣﻴﺚ اﺳﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺎم ١٩٤٠إﻟﻰ اﻵن ،وأرﻧﻬﺎ& ﻣﻦ أﺑﺮز اﻷﺳﻤﺎء ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ ﻋﺎﻣﺔ ،وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺟﺸﻄﻠﺘﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ أول ﻛﺮﺳﻲ ﻟﻸﺳﺘﺎذﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ،ﺑﻞ وﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ،وﺻﺎﺣﺐ دراﺳﺎت وﻣﺆﻟﻔﺎت ﻋﺪة ﺣﻮل اﻹدراك اﻟﺒﺼﺮي وﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻨﺤﺖ واﻟﻌﻤﺎرة واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻷدب واCﻮﺳﻴﻘﻰ أﻳﻀﺎ. وﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑ tﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ،وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ ﺑ tاﻟﻔﻨﺎﻧ ،tواﻟﻨﻘﺎد، وﻣﺆرﺧﻲ اﻟﻔﻨﻮن ،وﻋﻠﻤﺎء اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ .وﻗﺪ ﺳـﺎﻫـﻢ أرﻧـﻬـﺎ& أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ أي ﺑـﺎﺣـﺚ 162
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ آﺧﺮ ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ »ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ« ﻛـﻨـﻮع ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻓﺮوع اCﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﻣﻌﻈﻢ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ اCﻨﻈﻮر أو اCﻨﺤﻰ اﳉﺸﻄﻠﺘﻲ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺬوق ،أو اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤـﺎﻟـﻲ ﺳـﻴـﻜـﻮن ﻣـﻦ ﺧﻼل ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ. واﳉﺸﻄﻠـﺖ Gestaltﻛﻠﻤﺔ أCﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ دﻗﻴﻖ ﻓﻲ اﻹﳒـﻠـﻴـﺰﻳـﺔ، وﻗﺪ اﻗ ُـﺘﺮﺣﺖ ﺗﺮﺟﻤﺎت ﻋﺪة ﻟﻬﺎ ﻣﺜـﻞ اﻟـﺸـﻜـﻞ Formواﻟﺘﺸﻜﻴﻞ أو اﻟﺼﻴـﺎﻏـﺔ Configurationواﻟﻬﻴﺌـﺔ Shapeواﻟﺒﻨﻴﺔ Structureواﳉﻮﻫﺮ Essenceواﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ أو اﻟﻄﺮاز Mannerوﻏﻴﺮﻫﺎ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﺪم وﺟﻮد ﺗﺮﺟﻤﺔ دﻗﻴﻘﺔ ﻟﻠﻤﺼﻄـﻠـﺢ ﻓـﻲ اﻹﳒـﻠـﻴـﺰﻳـﺔ، ﻓﻘﺪ ﺷﺎع ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،وﺣﺪث اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻠـﻐـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻧﺤﻦ ﻴﻞ إﻟﻰ ﺗﺮﺟﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ »اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ« ،أي ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺸﺎط أو اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أو اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ أو أي ﺗﻜﻮﻳﻦ آﺧﺮ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ. واﻟﻔﻜﺮة اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻫﺬا اCﺼﻄﻠﺢ ﻫﻲ أن »اﻟﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻷﺟﺰاء« أو ﻫﻮ »ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﲡﻤﻴﻊ ﻟﻸﺟﺰاء« ،ﻓﺎCﺮﺑﻊ ﻟﻴﺲ ﻣﺠـﺮد ﻨﻈﻢ ﻫﺬه اﻷﺿﻼع اﻷرﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ، أرﺑﻌﺔ أﺿﻼع ،ﺑﻞ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﺗ ﱠ ﻛﻲ ﺗﺄﺧﺬ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺮﺑﻊ. وﻳﺘﻤﺴﻚ ﻋﻠﻤﺎء اﳉﺸﻄﻠﺖ ﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﺑﺄن اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ــ وﻣﻨﻬﺎ اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ واﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ ــ ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻔﻬﻢ ــ ﻓﻘﻂ ــ إذا ﻧُﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻛﻠﻴﺎت ذات ﺷﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻓﺎﻟﺘﻔﺎﺣﺔ ﻣﺜﻼ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد ﲡﻤﻴﻊ ﻟﻠﻌﻨﺎﺻﺮ اCﻜﻮﻧﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎح ﻛﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ﻣﺜﻼ ،واﻟﺸﻜـﻞ اﳋـﺎص ،واﻟـﺼـﻼﺑـﺔ، واﻻﺳﺘﺪارة ،واﻟﺮاﺋﺤﺔ...إﻟﺦ .ﻓﺎﻟﻜﻞ أو »اﻟﺼﻴﻐﺔاﻟﻜﻠﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن اﻟﺘـﻔـﺎﺣـﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد ﲡﻤﻴﻊ ﻟﻬﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ،ﺑﻞ ﺗﻨﻈﻴـﻢ ﻟـﻬـﺎ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص وﻣـﺘـﻤـﻴـﺰ وﻓﺮﻳﺪ) .(٥واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺧﺎص وﻓﺮﻳﺪ ﻟﻌﻨـﺎﺻـﺮ ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ أو »Cﻜﻮﻧﺎت« Componentsﻣﻌﻴﻨﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻀﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﳉﺸﻄﻠﺖ أن ﻳﻘﻮﻟﻮا ــ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻛﻠﻲ ﻣﺘﻤﻴﺰ وﻓﺮﻳﺪ. وﻳﻈﻬﺮ اﳉﺸﻄﻠـﺖ اﳉـﻴـﺪ The Good Gestaltﻋﻨﺪﻣﺎ ُﻳَـﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺗﻨﻈـﻴـﻢ ﻛﻠﻲ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اCﻜﻮﻧﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺸﻲء ﻣﻌ tــ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ أو ﺧﺎرﺟﻪ ــ ﺑﺤـﻴـﺚ ُﻳﺪرك ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻜﻠﻴﺔ ،واﻟﻮﺿﻮح ،واﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ،واﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺪ، 163
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﺪﻗﺔ ،واﻻﺳﺘﻘﺮار ،واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،واCﻌﻨﻰ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠـﻴـﻪ اﺳـﻢ »اﳉﺸﻄﻠﺖ اﳉﻴـﺪ«) ،(٦ﻓﺎﻟﻠﻮﺣﺔ ،أو اCﻘﻄﻮﻋﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،أو اﻟﻌﻤﻞ اﻷدﺑـﻲ، أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ إدراﻛﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻫﻲ ﻣﺎ ﻜﻦ أن ﻧﺼﻒ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﺟﻴـﺪة أو »ﺟﺸﻄﻠﺖ« ﺟﻴﺪ. وﻗﺪ اﻫﺘﻢ ﻋﻠﻤﺎء اﳉﺸﻄﻠﺖ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻹدراك واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،وﻗﺎل أرﻧﻬﺎ& إن اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻫﻮ ﻟﻐﺔ اﻟﻔﻦ) ،(٧وﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺛﺎن أﻛﺪ أﻧﻪ ﻣﻦ دون »ازدﻫﺎر اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺒﺼﺮي ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أي ﺛﻘﺎﻓﺔ أن ﺗﻨﺸﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ إﺑﺪاﻋﻲ«).(٨ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ« ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻠـﻰ أو ﺗـﻈـﻬـﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻮﺟﻪ وﺣﺮﻛﺎت اﳉﺴﻢ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺴﺘﺨﺪم أﻳﻀﺎ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﺧﺮى ﻛﺎﻷزﻳﺎء ،وﺷﻜﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻌﻤﺎرة واﻷﻋﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ، وﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اCﻔﻬﻮم ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻷﺳﻠﻮب. وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم »أرﻧﻬﺎ&« ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻮاﺳﻊ ،ﻣﻌـﺘـﻘـﺪا أن اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﺗـﻜـﻤـﻦ ﻓـﻲ أي ﻣـﻮﺿـﻮع أو أي واﻗـﻌـﺔ إدراﻛـﻴـﺔ ،وﺗـﻈـﻬـﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻗﻮى دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻧﺸﻄﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺮات ﻻ ﺗﻮﺟـﺪ ﻓـﻘـﻂ ﻟـﺪى اﻟـﻜـﺎﺋـﻨـﺎت اﳊﻴﺔ ،أو اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺑﻞ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻷﺷﻴـﺎء ﻏـﻴـﺮ اﳊـﻴـﺔ ﻛـﺎﻷﺣـﺠـﺎر واﻟـﺴـﺤـﺐ، واﳉﺒﺎل واﻟﻨﺎﻓﻮرات واﳊﻴﻮاﻧﺎت واﻟﺼﺨﻮر واﻟﻨﻴﺮان وﻏﻴﺮﻫﺎ .واﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮات ﺗﺪرﻛﻬﺎ اﻟﻌ tﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺼﺎﺋﺺ أوﻟﻴﺔ ﻛﺎﻟﺸﻜﻞ واﻟﻠﻮن واﳊﺮﻛﺔ).(٩ إن أي ﺷﻲء ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺣﺎﻣﻼ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﻧﻈـﺮﻳـﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ ،أﻣﺎ اﳋﺒﺮات اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ُﺗﺼﻨﻒ ﲢﺖ ﻣﺼﻄﻠﺢ »إدراك اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ« The Perception of expressionﻓ ـﺘ ـﺤــﺪث ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻋــﺪد ﻣــﻦ اﻟ ـﻌ ـﻤـ ـﻠـ ـﻴ ــﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ .ﻓﻜﻞ اCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﺷﻴﺎء ﺗﺸﺘﻤﻞ، ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر ،ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺗﺮات داﺧﻠﻴﺔ ﺗﻈـﻬـﺮ ﻓـﻲ ﺷـﻜـﻠـﻬـﺎ اﳋـﺎرﺟـﻲ، ﻓﺎﻟﻨﺎر اCﺘﺄﺟﺠﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺗﺮ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻨﺎر اﳋﺎﺑﻴﺔ، واﻟﻨﻬﺮ اCﺘﺪﻓﻖ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺗﺮات ﻻ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﻬﺮ اﻟﺴﺎﻛﻦ ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺗﺮات ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺗﻮﺗﺮات اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺒﻄﻴﺌﺔ أو اﻟﻬﺎدﺋﺔ، ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﺗﻮﺗﺮات اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﺪث ﺑﺴﺮﻋـﺔ ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔـﺔ ﻋـﻦ ﺗـﻮﺗـﺮات اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﺪث ﺑﺒﻂء وﻫﻜﺬا. 164
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ
ﻳﺸﻴﺮ أرﻧﻬﺎ& ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻗﻮة اCﺮﻛﺰ :دراﺳﺔ ﺣـﻮل اﻟـﺘـﻜـﻮﻳـﻦ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻨـﻮن اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ «The Power of the Center: A study of Composition in the Visual Arts واﻟﺬي ﺻﺪرت ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎم ١٩٨٨إﻟـﻰ أن اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻫـﻮ ﺻـﻮرة، ﺻﻮرة ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ ﻣﺸﺤﻮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻌﺚ ﻣﺘـﻮﺟـﻬـﺔ ﻧـﺤـﻮ اCﺘﻠﻘﻲ ،وأن اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻌ ،tﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻳﺠﻌﻞ اCﺘـﻠـﻘـﻲ ﻳـﺸـﻌـﺮ ﺑـﺄﻧـﻪ، ُﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺷـﺨـﺺ آﺧـﺮ ،أو ﺣـﻴـﻮان آﺧـﺮ ،أو ﺷـﻜـﻞ آﺧـﺮ أﺑـﺪﻋـﻪ اﻟﻔﻨﺎن ،وﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ ﻣﺎ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺒﺎب اCﻔﺘﻮح ،أو اﻟﻨﺎﻓﺬة أو اﻟﻄﺮﻳﻖ اCﺆدي إﻟﻰ ﻣﻨﻈﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲa ،ﻨﺰﻟﺔ اﻟﺪﻋﻮة ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ ﻟﻠﺪﺧﻮل).(١٠ ﻓﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺒﺼﺮي ﻳﻔﺮض ﻧﻔﺴـﻪ ﻋـﻠـﻰ اCـﺘـﻠـﻘـﻲ ،وﺗُﺮى اCﺮاﻛﺰ اﺨﻤﻟﺘـﻠـﻔـﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ اﻟﻬﻴﺮارﻛﻲ اCﺘﺪرج اﳋﺎص ،وﺗﺘﺠﻪ ﻃﺎﻗﺎت ﻣﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ اCﺘﻠﻘﻲ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻪ ﻃﺎﻗﺎت وﺗﺴﺎؤﻻت ﻣﻦ اCﺘﻠﻘﻲ إﻟـﻰ اﻟﻌﻤﻞ ،وﻻ ﻜﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺎﻣﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ »أرﻧﻬﺎ&« ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻮﺿﻊ ﺣﻀﻮر اCﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ،وﻓﻲ إﺷﺎرة ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻘﺮاءة اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻳﻘﻮل أرﻧﻬﺎ& »إن ﻣﺴﺮﺣﺎ ﺑﻼ ﺟﻤﻬﻮر ﻣﺴﺮح ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ«).(١١ ﺗﺘﺤﺮك ﻋﻴﻨﺎ اCﺘﻠﻘﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﺮة وﺗﺴﺘﻜﺸﻔﺎن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﲢﺎول ﺗﻔﻜﻴﻚ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ اﳊﺮة اCﺴﺘﻜﺸﻔـﺔ ﻟـﻠـﻌـﻴـﻨـ tﻻ ﺗﻜﻮن ﺑﻼ ﺿﻮاﺑﻂ ،ﻓﺎﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اﻷﻓﻘﻲ ،ﻣﺜـﻼ ﲢـﺪث،إﻟـﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﺳﻬﻞ ﻣﻦ إﺣﺎﻃﺘﻬﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ إﻟﻰ أﺳﻔﻞ )اﻻﲡﺎه اﻟﺮأﺳﻲ(. وﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﻴﻞ ﻣﺎ ﻟﺪى اCﺘﻠﻘ tﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ أرﻧﻬﺎ& ﻹدراك اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر إﻟﻰ اﻟﻴﻤ ،tوﺑﺤﻴﺚ ﻳﺒﺪو اﳉﺎﻧﺐ اﻷﻳﺴﺮ اﻟﺴﻔﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺄﻧﻪ ﻧﻘﻄﺔ اﻻرﺗﻜﺎز اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ...وﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮف اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ﻳـﺒـﺪو أﻧـﻬـﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﺎﻟﺔ اﻟﻼ ﺗﻨﺎﺳﻖ Asymmetryﻓﻲ اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺒﺼﺮي ،وﺣﻴﺚ ﻳﺒﺪو اﳉﺎﻧﺐ اﻷﻳﺴﺮ واﳉﺎﻧﺐ اﻷ ﻦ أﻣﺎم اﻟﻌ ،tﺧﻼل اﻟﺮؤﻳﺔ ،ﻛﺄن ﻟﻬﻤﺎ أوزاﻧﺎ إدراﻛـﻴـﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻳﺒﺪو أن ﻣﺎ ﻳﻌﺮف اﻵن ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ــ ﺣـﻮل اﻟـﻮﻇـﺎﺋـﻒ اﺨﻤﻟـﺘـﻠـﻔـﺔ ﻟﻨﺼﻔﻲ اCﺦ ــ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓـﻲ ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮ ﻫـﺬه اﻟـﻨـﻘـﻄـﺔ ،ﻓـﺎﻟـﻨـﺼـﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ ،ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻹدراﻛﻲ اﻟﻜﻠﻲ ،وﺣﻴـﺚ إن اﳉـﺎﻧـﺐ ﺴﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﳉﺎﻧﺐ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ ،ﻓﺈن اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺒﺼﺮي اCﺪرك ﻳُ َ 165
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳉﺎﻧﺐ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺒﺼﺮي ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻣﺜﻼ ﻣﻦ اﶈﺘﻤﻞ أن ﺪرك ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﺛﻘﻼ ،وأﻛـﺜـﺮ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ اﳉﺎﻧﺐ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻔﻀﻴـﻼ ،ﺑـﺤـﻴـﺚ ﻳُ َ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ وﺗﺄﺛﻴﺮا .وﻻ ﻳﻔﺴﺮ أرﻧﻬﺎ& ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻛﻮن اﳉﺎﻧﺐ اﻷﻳﺴﺮ ﺪرك أوﻻ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺆﻛﺪ أن ﺗـﻌـﺪد اCـﺮاﻛـﺰ وﻟـﻴـﺲ اﻟﺴﻔﻠـﻲ ﲢـﺪﻳـﺪا ﻫـﻮ اﻟـﺬي ُﻳ َ اCﺮﻛﺰ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﻄﻠﻮب ﻓﻲ ﻋﻤـﻠـﻴـﺔ اﻹدراك اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻫﺬه ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﳋﺎص اﻟﺬي ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﺘـﺮﻛـﻴـﺐ اﳋـﺎص ﺑﻨﺼﻔﻲ اCﺦ اﻟـﺒـﺸـﺮي ،واﻟـﺬي ﻳـﺘـﻢ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻪ ـــ ﻫـﺬا اCـﺦ ـــ إﻧـﺘـﺎج اﻟـﻔـﻨـﻮن وإدراﻛﻬﺎ).(١٢ وﻳﺸﻴﺮ أرﻧﻬﺎ& ﻓﻲ ﻛﺘﺎب آﺧﺮ ﻟﻪ) (١٣إﻟﻰ أن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻬﺎ إدراﻛﻴﺎ ،ﻟﻜﻦ إذا أراد اCﺮء أن ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ ،ﻓـﺈﻧـﻪ ﻳـﺠـﺐ ﻋـﻠـﻴـﻪ أن ﻳـﻀـﻌـﻬـﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻓﻲ ﺷﺒﻜﺔ ﺗﺼﻮرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اCـﻨـﺎﺳـﺒـﺔ .إن اﳊـﻜـﻢ ﻋـﻠـﻰ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻷﺣﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺧﺒﺮة أو ﻜﻨﺎ ﺗﻘﻨﻴﺎ ،ﻓﻬﻮ ﺣﻜﻢ ﻻ ﻜﻨﻪ أن ﻳﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ اCﻌﺎﻳـﻴـﺮ اCـﺄﻟـﻮﻓـﺔ ،أو اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﻌـﺪد أو اﻟﻘﻴﺎس ،إﻧﻪ ﻳﻌﺘﻤﺪ ــ ﻫﺬا اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴــ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﳊﺪس اﻹدراﻛﻲ، وﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻌﻦ ﻓﻲ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ واﻟﻨﻈﺎم واﻟـﺒـﺴـﺎﻃـﺔ ﻋـﻨـﺪ أي ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻌﺘﻤﺪ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ أﺻﺎﻟﺔ ﻫﺬه اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﻔﺘﺮض ﻣﺴﺒﻘﺎ وﺟﻮد ﻗﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﳋﺒﺮة ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اCﺘﻠﻘﻲ ،أو اﻟﻨﺎﻗﺪ أو اCﺆرخ. ﻗﺪ ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻮﺿﻰ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹدراك ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺘﺂزر اCﻜـﻮﻧـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﻨﺴﻖ ﻣﻌ tأي ﺑﻌﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻣﻌ ،tﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﺘﺼﺎرع ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،وﲢﺪث ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳋﻠﻞ اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ ﻫﺬه ،ﻓﻲ إدراك اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اCﺘﻠﻘﻲ أن ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻣﻮﺣﺪا ،أو ﺻﻴﻐﺔ ﻣﻮﺣﺪة وﻣﻨﻈﻤﺔ ،ﻓـﻲ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻣﻌ.(١٤)t إﻧﻨﺎ ﻛﻲ ﻧﺤﻠﻞ أي ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺨﻀﻌﻪ ﻟﺸﺒﻜﺔ ﺗﺼﻮرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت، ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺔ ﺗﻜﻮن ﻛﻞ وﺣﺪة ﻣﻦ وﺣﺪات اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺤﺪدة أو ﱠ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ tﻫﺬه اﻟﻮﺣﺪات ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺪ أﻳﻀﺎ .ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺤـﺪﻳـﺪ أو اﻟـﺘـﻤـﻴـﻴـﺰ ﻟـﻠـﻮﺣـﺪات ﻻ ﻳـﻌـﻤـﻞ داﺋـﻤـﺎ ﺑـﺎﻟـﺸـﻜـﻞ اﳉﺸﻄﻠﺘﻲ واCﺘﻜﺎﻣﻞ اCﻨﻈﻢ ،ﻓﻬﺬه اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﻢ داﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وأﻳﻀﺎ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﺑـ tﻫـﺬه اﻟـﺒـﻨـﻴـﺎت وﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ 166
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺒﻌﺾ ،وﻣﻦ اﻟﻜﻞ إﻟﻰ اCﻜﻮﻧﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻟﻪ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،وﺑ tاCﺴﺘﻮﻳﺎت اCﺘﻨﻮﻋﺔ ﻫﺬه ﻛﻠﻬﺎ أﻳﻀﺎ).(١٥ ﻟﻘﺪ ﺗﺘﺒﻊ رواد ﻣﺪرﺳﺔ اﳉﺸـﻄـﻠـﺖ اﻟـﻌـﻼﻗـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ داﺧـﻞ اﻟـﺒـﻨـﻴـﺎت اﻹدراﻛﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ :ﻣﻦ أﻋﻠﻰ إﻟﻰ أﺳﻔﻞ ،وﻣﻦ أﺳﻔﻞ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ،وﻣﻦ اﻟﻜﻞ إﻟﻰ اﻷﺟﺰاء ،وﻣﻦ اﻷﺟﺰاء إﻟﻰ اﻟﻜﻞ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ أرﻧﻬﺎ&، ﺗﻬﻤﻞ اﻟﻐﺎﺑﺔ )اﻟﻜﻞ( ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﺷﺠﺎر )واCﻜﻮﻧﺎت( وﻟﻨﻨﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﻃﺒﻖ أرﻧﻬﺎ& ﻫﺬه اCﺒﺎد ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ.
أرﻧﻬﺎﱘ وﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ
ﻗﺪم أرﻧﻬﺎ& ﲢﻠﻴﻼت ودراﺳﺎت ﻋﺪة ﻷﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻋﺪة ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻋﺼﻮر وﻓﻨﺎﻧ tﻣﺨﺘﻠﻔ tﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺮﺳﻢ واﻟﺘﺼﻮﻳـﺮ ،وﻣـﻦ أﺷـﻬـﺮ ﻫـﺬه اﻟـﺪراﺳـﺎت ﻣﺜﻼ :دراﺳﺘﻪ ﺣﻮل ﻟﻮﺣﺔ »اﳉﻴﺮﻧﻴﻜﺎ ﻟﺒﻴﻜﺎﺳﻮ« ،واﻟﺘﻲ ﻛﺮس ﻟﺘﺎرﻳﺨﻬﺎ ،وﻋﻤﻠﻴﺔ إﺑﺪاﻋﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻛـﺎﻣـﻼ) .(١٦وﻗﺪﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﻲ ﻛـﺘـﺎب ﺳـﺎﺑـﻖ ﻟﻨﺎ) .(١٧وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻨﻜﺘﻔﻲ ﻫﻨﺎ ﺑﻌﺮض ﺑﻌﺾ ﲢﻠﻴﻼﺗﻪ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨـﻴـﺔ اﻷﺧﺮى ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ اCﺒﺎد اﳉﺸﻄﻠﺘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ; أي ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹدراك اﳉﺸﻄﻠﺘﻲ اﳋﺎص ﺑﻬﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻬﺬه اﻷﻋﻤﺎل. ﻳﺮى أرﻧﻬﺎ& أن اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺗﻜﻮﻳﻨـﺎت ﻓـﺎﺋـﻘـﺔ اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ، وذات ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮى إدراﻛﻴﺔ ﻋﺪة ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺪ ﺗـﺒـﺪو ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻜﻞ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮرة أو اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ .وﻗﺪ أوﺿﺢ أرﻧﻬﺎ& ﻫﺬا ﻣﻦ ﺧﻼل ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻮﺣـﺔ »ﻣﺪام ﺳﻴﺰان ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪ أﺻﻔﺮ وﺛﻴﺮ« Madame Cezanne in a Yellow Armchair ﻟﺒﻮل ﺳﻴﺰان ]اﻧﻈﺮ اﻟﻠﻮﺣﺔ ) (٦ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟﻠﻮﺣﺎت[ وﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﻳﻨﺸﺄ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ أرﻧﻬـﺎ& ـــ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ »اﻟـﺘـﻔـﺎﻋـﻞ ﺑـt اﻟﻘﻮى اﻟﻨﺸﻄﺔ واCﺘﻮازﻧﺔ« .إن ﻣﺎﻳﺜﻴﺮ اCﺸﺎﻫﺪ ﻓﻲ اﳊﺎل ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺪﻣﺞ ﺑt اﻟﻬﺪوء اﳋﺎرﺟﻲ ،واﻟﻨﺸﺎط اCﻤﻜﻦ اﻟﺪاﺧﻠـﻲ اﻟـﻘـﻮي ﻟـﻬـﺬه اCـﺮأة ،ﻓـﺎﻟـﻠـﻮﺣـﺔ اﻟﻬﺎدﺋﺔ ﻟﻮﺣﺔ ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ ،وﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺗﺘـﺠـﻪ أو ﺗـﻀـﻐـﻆ ﻓـﻲ اﲡـﺎه ﻧﻈﺮة ﻫﺬه اCﺮأة. إن اCﺮأة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة وﺳﺎﻛﻨﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺒﺪو ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻠﻘـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻀـﺎء .وﻫـﺬا اCـﺰج اCـﺮﻫـﻒ ﺑـ tاﻟـﻬـﺪوء 167
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﻘﻮة ،واﻟﺼﺮاﻣﺔ واﳊﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ اﺠﻤﻟﺴﺪة ،ﻗﺪ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﺸﻜﻴﻼ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﻘﻮى اﻟﺘﻲ ﺜﻞ »اﻟﺘﻴﻤﺔ« اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ .وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﲢﻘﻖ ﻫﺬا اﻷﺛﺮ? ﻛﺎﻧﺖ إﺟﺎﺑﺔ أرﻧﻬﺎ& ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﺑﺄن وﺟﻪ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ )اCﻨﺘﺼﺒﺔ( ﻟﻠﻮﺣﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻻﻣﺘﺪاد ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﺸـﺨـﺼـﻴـﺔ ﻟﻠﻤﺮأة )اﻟﺒﻮرﺗﺮﻳﻪ( ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اﻟﺮأﺳﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺪﻋﻴﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﻛﻜﻞ ،وأﻳﻀﺎ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﳋﺎص ﻟﻠﻤﻘﻌﺪ ﻣﻌﻬﺎ أﻳﻀﺎ. أﻣﺎ اﻟﺸﺮﻳﻂ اﻷﺳﻮد ﻋﻠﻰ اﳊﺎﺋﻂ ﻓﻴﻘﺴﻢ اﳋﻠﻔﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻄﻴﻠ tأﻓﻘﻴ،t ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ أو اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﻟﺮأﺳﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻹﻃﺎر .وﻳﺒﺮز ﻫﺬان اCﺴﺘﻄﻴﻼن أﻳﻀﺎ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌﻤـﻮدﻳـﺔ ﻟـﻠـﺸـﻜـﻞ ﻛـﻜـﻞ ،وذﻟـﻚ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮن اCﺴﺘﻄﻴﻞ اﻷدﻧﻰ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻌﺪ أﻃﻮل ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻣﻦ اCﺴﺘﻄﻴﻞ اﻷﻋﻠﻰ. وﻗﺪ أﺷﺎر أرﻧﻬﺎ& إﻟﻰ أن اﻟﻌ tﺗﺘﺤﺮك ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﲡـﺎه ﺧـﺎص ﺗـﺘـﺤـﻜـﻢ ﻓـﻴـﻪ ﻣﺴﺎﻓﺎت ﺻﻐﻴﺮة ﻣﺘﻨﺎﻗﺼﺔ ،وﺗﺨﻠﻖ اCﺴﺎﻓﺔ اCﺘﻨﺎﻗﺼﺔ ﺑ tاﻹﻃﺎر واﻟﻜﺮﺳﻲ، وﺑ tاﻟﻜﺮﺳﻲ واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺎ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ اﳋﻠﻔﻴـﺔ وﻋـﺒـﺮ اﻟـﻜـﺮﺳـﻲ ،ﺛـﻢ ﺗﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ أﻣﺎﻣﻴﺔ اﻟﻠﻮﺣﺔ. ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﺳﻠﻢ ﺎﺛﻞ ﻣﺘﺴﺎوق ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮع اCﺘﺰاﻳﺪ ﻳﻘﻮدﻧﺎ ﺑﺪءا ﻣـﻦ اﻟﺸﺮﻳﻂ اﻷﺳﻮد ﻋﻠﻰ اﳊﺎﺋﻂ ،ﻋﺒﺮ اﻟﻜﺮﺳﻲ واﻟﺸﺨﺼ ،tإﻟﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺪﻳﻦ ،أي ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻘﺎط اﶈﻮرﻳﺔ ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻦ .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﻓﺈن اﻟﻜﺘﻔt واﻟﺬراﻋ ،tﺗﻜﻮن ﺷﻜﻼ ﺑﻴـﻀـﺎوﻳـﺎ ﺣـﻮل اﳉـﺰء اﻷوﺳـﻂ ﻣـﻦ اﻟـﺼـﻮرة ،وﻫـﻮ اﳉﻮﻫﺮ أو اﶈﻮر اCﺮﻛﺰي ﻟﻠﺜﺒﺎت اﻟﺬي ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ وﻳﻌﻴﺪ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ،ﻣﻊ اﻟﻨـﻤـﻂ اﳋﺎص ﺑﻬﺬﻳﻦ اCﺴﺘﻄﻴﻠ.t وﻗﺪ أﺷﺎر أرﻧﻬﺎ& أﻳﻀﺎ إﻟﻰ أن اﻟﺴﻄﻮح أو اCﺴـﻄـﺤـﺎت Planesاﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،وﻫﻲ اﳊﺎﺋﻂ واﻟﻜﺮﺳﻲ واﻟﺸﻜﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﺗـﺘـﺪاﺧـﻞ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻴﺴﺮى اﻟﺒﻌﻴﺪة إﻟﻰ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻴﻤﻨﻰ اﻟﻘﺮﻳﺒـﺔ .وﺗَُـﻌّﺰز ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ اCﻬﻴﻤﻨﺔ ﻓﻲ اﻻﲡﺎه ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟـﻴـﻤـ tﻣـﻦ ﺧـﻼل ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ ﻏﻴﺮ اCﺘﻨﺎﺳﻖ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺮﺳﻲ .وﻫﻮ أﻣﺮ ﺗﺆﻛﺪه أﻳﻀﺎ ﺻﻮرة ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ )ﻏﻴﺮ اﻟﺴﻴﻤﺘﺮﻳﺔ( واﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﺟﺎﻧﺒـﻬـﺎ اﻷﻳـﺴـﺮ أﻛﺒﺮ ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ،ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ اﻷ ﻦ. وﺗﺘﻢ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﳉﺎﻧﺐ اﻷ ـﻦ أو ﲢـﻴـﻴـﺪﻫـﺎ ﺑـﻮاﺳـﻄـﺔ اﻟﻜﺮﺳﻲ ،اﻟﺬي ﻳﻮﺟﺪ أﺳﺎﺳﺎ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ. 168
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
ورأس اCﺮأة ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻨﺪ اCـﺴـﺘـﻮى اﻟـﺮأﺳـﻲ VerticalاCﺮﻛﺰي ،وﺑـﺮﻏـﻢ أﻧـﻪ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار ،ﻓﺈن اﻟﻌﻴﻨ tﺗﺸﺘﻤﻼن ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﻤﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﻴﺪان ،وﻫﻤﺎ اCﺮﻛﺰ أو اﻟﺒﺆرة اﻷﺧﺮى ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻦ ،ﻣﺪﻓﻮﻋﺘt إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻓﻲ اﲡﺎه ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺸﺎط ﻣﺎ ﻛﺎﻣﻦ ﻜﻦ ،أو ﻣﺤﺘﻤﻞ اﳊﺪوث. ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﺸﺎط ﻗﺪ § ﲢﻴﻴﺪه أو ﺧﻔﻀﻪ ﻟﻠﺠﺴﻢ ﻣﻦ ﺧـﻼل ﻫـﺬا اﻟـﻮﺿـﻊ اCﻘﻴﺪ .إن اﺗﻜﺎء ﻫﺬا اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اCﺰج ﺑ tاﳊﺎﻟﺔ وﻧﻘﻴﻀﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض ،وﻓﻘﺎ Cﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ أرﻧﻬﺎ& ،وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌـﻨـﺎﺻـﺮ اﻟـﺘـﻲ ﻳﺤﺪث اﻟﺘﻮازن ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﺗﺨﻠﻖ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻫﻴﺮارﻛﻴﺎ ،ﻳﻘﻮم ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﺑﺎﳊﻠﻮل ﻣﺤﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺘﺼﺎرع ،أو ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ،ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ).(١٨ ﻳﻌﻄﻲ ﲢﻠﻴﻞ أرﻧﻬﺎ& ﻫﺬا ﺗﻠﻤﻴﺤﺎت ﻓﻘـﻂ ﺣـﻮل اﻟـﻌـﻼﻗـﺎت اﻟـﺪﻳـﻨـﺎﻣـﻴـﺔ، وﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﺘﻮازن اﳋﺎص ﺑﺎﻻﺳﺘﺮﺧﺎء واﻟﻨﺸﺎط ﻫﻮ اﻟﺬي ﻏﻴﺮ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أو اCﻮﺿﻮع اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﻮﺣﺔ .وﻗﺪ أﺷﺎر ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن إدراك اﻟﻨﻤﻂ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻘﻮى اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،واﻟﺬي ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻓﻲ اﶈﺘﻮى ،ﻫـﻮ أﻣـﺮ ﻣـﻔـﻴـﺪ ﻓـﻲ ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺒﺮاﻋﺔ ،أو اﻻﻣﺘﻴﺎز اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ).(١٩ ﻳﺤﻠﻞ أرﻧﻬﺎ& ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮﺣﺎت ﻓﻨﻴﺔ أﺧﺮى ﻛﻲ ﻳﻮﺿﺢ أﻓـﻜـﺎره ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺜﻼ ،ﻟﻮﺣﺔ »أﻣﺜﻮﻟﺔ اﻟﻌﻤﻴﺎن« أو ﺣﻜﺎﻳﺘﻬﻢ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ Parable of the blind ﻟﺒﻴﺘﺮ ﺑﺮوﺟﻞ )] (١٥٦٨اﻧﻈـﺮ اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ) (٧ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟﻠﻮﺣﺎت[ واﻟﺘـﻲ ﺗـﻮﺿـﺢ ﺟﻴﺪا ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺮى أرﻧﻬﺎ& ــ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻔﻨﺎن Cﺒﺪأ اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ واﻻﺧﺘﻼف ﻟﺘﺪﻋﻴﻢ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺴﻘﻮط ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﻌﺎﻗﺒﺔ اﻟﻮﺧﻴﻤﺔ ﻟﻠﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺪي ﻣﺮﺷﺪﻳﻦ ﻋﻤﻴﺎن. ﺗﺸﻴﺮ ﻟﻮﺣﺔ ﺑﺮوﺟﻞ ﻫﺬه إﻟﻰ »إﳒﻴﻞ ﻣﺘﻰ« ﺣﻴﺚ ﻳﻘـﻮل اﻟـﺴـﻴـﺪ اCـﺴـﻴـﺢ ﻋـﻦ اﻟﻔﺮﻳﺴﻴ» tوإذا ﻛﺎن أﻋﻤﻰ ﻳﻘﻮد أﻋﻤﻰ ﻳﺴﻘﻄﺎن ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﻔﺮة« وﻳﻌﺘﻘﺪ أرﻧﻬﺎ& أن اﻟﻄﺎﺑﻮر أو اﻟﺼﻒ ــ اﻟﺬي ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺳﺘﺔ رﺟـﺎل ـــ ﻃـﺎﺑـﻮر ـﺜـﻞ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ واﺣﺪة ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ،ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺘﺠﻮل أو اﻟـﻀـﺮب ﻓﻲ اﻷرض دون ﻏﺎﻳﺔ أو ﻫﺪف ،ﺛﻢ اﻟﺘﺮدد ،ﺛﻢ اﻟﺸﻌـﻮر ﺑـﺎﻟـﺬﻋـﺮ ،ﺛـﻢ اﻟـﺘـﻌـﺜـﺮ اCﻔﺎﺟﺊ ،ﺛﻢ اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وﺣﻴﺚ ﻳﻨﺤﺪر اCﻨﺤﻨﻰ اCﺘﻨﺎﻗﺺ )اﻟﻨـﺎزل( اﳋﺎص ﺑﺮؤوس ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻤﻴﺎن ﺑﺒﻂء إﻟﻰ أﺳﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺒـﺪاﻳـﺔ ﺛـﻢ ﻳـﺴـﻘـﻂ أو ﻳﺘﻬﺎوى ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺳﺮﻳﻊ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .وﻓﻲ ذﻟﻚ اCﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻌﺜﺮ اCﻔﺎﺟﺊ ،وﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻘﻮط اﻟﻔﻌﻠﻲ ﺗﻜﻮن اCﺴﺎﻓﺔ ﺑـ tاﻟـﺮؤوس ﻫـﻲ اﻷﻛـﺒـﺮ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎCﺴﺎﻓﺔ ﺑ tاﻟﺮؤوس اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﻘﻂ ﺑﻌﺪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﺗـﺸـﻴـﺮ إﻟـﻰ 169
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﺰاﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻋﺔ وﻫﺬه اﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﻜـﺎل اCـﺘـﺂزرة ﻣـﻌـﺎ ،ﻣـﺮﺑـﻮﻃـﺔ أو ﻣﺸﺪودة ﻣﻌﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺒﺪأ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اCﺘﻨﺎﺳﻖ اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ. إن ﻣﻼﺑﺴﻬﻢ ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ ﻧـﻮﻋـﺎ ،ﻛـﻤـﺎ أن ﺧـﺼـﺎﺋـﺼـﻬـﻢ اﻟِﻔﺮاﺳﻴﺔ )ﺗـﻌـﺒـﻴـﺮات وﺟﻮﻫﻬﻢ( ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ أﻳﻀﺎ ،ﺎ ﻳﺠﻌﻞ اCﺸﺎﻫﺪ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻣﺴﺎر اﻟﻨﺸﺎط اCﺸﺘـﺮك اﳋﺎص ﺑﻬﻢ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﺮدﻳﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬـﻢ. و ﺎﺛﻞ اﻟﺸﺮوط اﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ ﺑﺮوﺟﻞ ﻫﺬه اﻹدراك اﳉﻮﻫﺮي اﳋـﺎص ﺑﺎﻟﺼﻮر اCﺘﺤﺮﻛﺔ ،ﺣﻴﺚ ُﺗﺮى اﻟﺼﻮرة اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪة ــ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺎت ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ــ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﺼﻮرة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻟـﻜـﻦ ﻓـﻲ ﻣـﺮاﺣـﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺔ .إن اﻟﺘﻤﺎﺛﻼت وﺗﺘﺎﺑﻊ اﳊﺮﻛﺔ ﻓـﻲ ﻟـﻮﺣـﺔ ﺑـﺮوﺟـﻞ ﺗـﺘـﻔـﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اCﺒﺎد اﻟﺘﻲ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺔ أﻣﺮا ﻣﻘﻨﻌﺎ).(٢٠ أﻣﺎ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ــ واﻟﺬي ﻧﻌﺮﺿﻪ ﻫﻨﺎ ــ ﻓﻘﺪ ﻗﺎم ﺑﻪ أرﻧﻬﺎ& ﻣﻦ أﺟـﻞ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻗﺘﺮاب اCﺒﺪﻋ tﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻣﻦ »ﻣﺒﺪأ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ« ﻓﻲ اﻹدراك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﲡﺴﻴﺪﻫﻢ ﻟﻪ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟـﻬـﻢ .وﻗـﺪ § ﻫـﺬا اﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﻟـﻮﺣـﺔ »اﻟﻐـﻤـﻮض واﻟـﻜـﺂﺑـﺔ ﻓـﻲ أﺣـﺪ اﻟـﺸـﻮارع« mystery and melancholy of a street واﻟﺘﻲ أﺑﺪﻋﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ دي» ﻛﻴـﺮﻛـﻮ اﻟـﻌـﺎم ١٩١٤وﻫـﻲ ﻟـﻮﺣـﺔ ﲡـﺴـﺪ واﻗﻌﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﳊﻠﻢ أو اﻟﻜﺎﺑﻮس] .اﻧﻈﺮ اﻟﻠﻮﺣﺔ ) (٨ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟﻠﻮﺣﺎت[. ﺗﺼﻮر ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺘﺎة ﺗﻘﺘﺮب ــ ﻣﻊ ﻟﻌﺒﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻄﻮق ــ ﻣﻦ ﻇﻞ ﺷﺒﺤﻲ ﻏﺎﻣﺾ ﻓﻲ ذﻟـﻚ اﻟـﺸـﺎرع اﳋـﺎﻟـﻲ ﻣـﻦ اCـﺎرة ،وﺗـﻜـﺸـﻒ اﻟـﻨـﻈـﺮة اﻟﻔﺎﺣﺼﺔ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷُﻜﻠﺖ اﻟﻈﻮاﻫﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻗﻮاﻋﺪ اCﻨﻈﻮر اﳋﻄﻲ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻀﺎد ﻣﻊ اﻟﺸﻜﻞ اCﺘﻤﺎﺛﻞ ﻟﻠﻌﺮﺑﺔ أو اﳊﺎﻓﻠﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺘﻀﺎد ﺗﺒﺪو اCﺒﺎﻧﻲ ﻣﺤﺮﻓﺔ ﻧﻮﻋـﺎ ﻣـﺎ ،ﻛـﻤـﺎ أن اﳉﻮ اCﻨﺬر ﺑﺨﻄﺮ أو ﺷﺮ ــ ﻳﻮﺷﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮع ــ ﻳﺴﻮد ﻓﻲ اﻟﻠـﻮﺣـﺔ ،وﻳُﺪﻋَﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻀﺎد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻨﻈﻮر اﳋﺎص ﺑﺼﻔﻲ اﻷﻋـﻤـﺪة ﻋـﻠـﻰ ﺟـﺎﻧـﺒـﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،وﺑﺤﻴﺚ ﻳﻨﻔﻲ أﺣﺪﻫﻤﺎ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﺎ ﻟـﻠـﻈـﻞ واﻟـﻨـﻮر ،أو اﻟﻌﺘﻤﺔ واﻟﻀﻮء ،ﻓﺎﻟﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺪة ﻳﺤﺪد اﻷﻓﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮﻳـﻖ ﻣﺘﺼﺎﻋﺪ ،ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻋﻠﻢ أﺣﻤـﺮ ﻋـﻼﻣـﺔ ﻋـﻠـﻰ اﳋـﻄـﺮ .أﻣـﺎ اﻟـﺼـﻒ اﻷ ﻦ ﻓﻴﺤﺪد ﺧﻂ اﻷﻓﻖ ﻓﻲ اﲡﺎه اCﺮﻛﺰ اﻷﺳﻔﻞ ﻟﻠﻮﺣـﺔ ،وﻳـﺸـﺒـﻪ اﻟـﺸـﺎرع اﻟﺼﺎﻋﺪ ﻣﻊ ﺻﻒ اﻷﻋﻤﺪة اCﻀﻲء ﻓﻘﻂ ذﻟﻚ اﻟﺸﻲء اﻟﻮﻫﻤﻲ اﳋﺎدع اﻟﻐﺎﻣﺾ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﺴﺮاب ،واﻟﺬي ﻳﺆدي ﺑﺪوره إﻟﻰ أن ﺗﻨﺪﻓﻊ اﻟﻄﻔﻠﺔ ﺑـﺘـﻬـﻮر ﻧـﺤـﻮ 170
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻼﺷﻲء أو اﻟﻌﻤﺎء).(٢١ إن ﻫﺬا اCﺜﺎل ﻳﻮﺿﺢ ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻔﻨﺎن ﺟﻴﻮر ﺟﻴﻮ دي ﻛﻴﺮﻛﻮ أن ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮر ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺨﻠﻖ إﻳﻬﺎﻣﺎ ﻓﻨﻴﺎ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﺴﺎق ﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ،وﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺨﻠﻖ أﻳﻀﺎ ﺷـﻌـﻮرا ﺑـﺎﻟـﻀـﻴـﻖ أو ﻋﺪم اﻟﺮاﺣﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻈﺮ اCﺮء إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ .إن اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﳋـﺎص ﺑـﻬـﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن واﺿﺤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘ tاﻟﻮاﻋ ،tﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮن واﻋ tﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷُ¢ﻜﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﻔﻨﻲ).(٢٢
أرﻧﻬﺎﱘ وﻓﻦ اﻟﻨﺤﺖ
ﻳﺆﻛﺪ أرﻧﻬﺎ& أن اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن ﻫﻲ أدوات ﻳﻨﻘﻞ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺻﻮرﻫﻢ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﺣﻮل اﳋﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وأن اﻟﻨﺤﺖ ﻛﻔﻦ ﻳﻨﺠﺰ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻌﻤﺎرة واﻟﻔﻨﻮن ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى .ﻓﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﻨﺤﺖ ﻣﺴـﺘـﻤـﺪة ﻣـﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻴﺔ واﻹدراﻛﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﻮاد اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﻨﺤﺎت أو اCﺜﺎل .وﻣﻦ ﺑ tاﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻬﻤﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﺒﺮز ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﻨﺤﺖ ،واﻟﺰﻣﺎن واCﻜﺎن ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص. ﺑ tاCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﲡﻌﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺮﻗﺺ واCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أﺣﺪاث اﳊـﻴـﺎة ﻣـﺼـﺤـﻮﺑـﺔ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ .وﻫﻲ ﺗﺼﻮر اﻟﻄﺮاﺋﻖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘـﻠـﻔـﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻓﻬﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺗﻌﻜﺲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺼﻴﺮورة واﻟﺜﺒﺎت ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ .وﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻨﺤﺖ واﻟﻌﻤﺎرة ،ﻓﻨﺘﺎﺟﺎت ﻫﺬه اﻟﻔﻨﻮن ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗُﻨﺠَﺰ ،ﺗﻌﺮض ﺣﺎﻟﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻓﺎCﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺎرة ﻣﺜﻼ ،ﺗﻌﻜﺲ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﺜﺒﺎت أو اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻹﻳﺠﺎز ،أو ﺗﻔﻀﻴﻼ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﺘﻨﻮع واﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﺒﺎرﻋﺔ ،أي ﺗﻔﻀـﻴـﻼ ﺧـﺎﺻـﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷرض واﻻﻟﺘﺼﺎق ﺑﻬﺎ ،أو ﻟﻠﻄﻤﻮح ﻧﺤﻮ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻮق اﻟﺬرا واCﺮﺗﻔﻌﺎت. وﻳﻔﺘﻘﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻨﺤﺘﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺔ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﺤﻴﺎة أﻻ وﻫﻲ اﳊﺮﻛﺔ ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﻗﺪ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻺﺣﺒﺎط وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻠﺠﺄ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻨﺎﻧt إﻟﻰ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ آﺛﺎره ﺑﺤﻴﻞ ﻓﻨﻴﺔ أو ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﻋﺪة )وﺿﻊ اﻟﺘﻤﺜﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة دوارة ﻣﺜﻼ(. 171
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ اCﻬﻢ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺮى أرﻧﻬﺎ& ــ ﻫﻮ أن ﺗﻮﺣﻲ ﻫﺬه اCﻨﺤﻮﺗﺎت ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ﻻ أن ﺗﺘﺤﺮك ﻓﻌﻼ .ﻓﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻨﺤﺘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣُﺮﻛﺖ ﻗﺪ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ إﺣﺪاث اﻷﺛﺮ اCﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺑﻞ ﺟﺎءت ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺨﻴﺒﺔ ﻟﻶﻣﺎل إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ .إن اﻟﺜﺒﺎت اﻟﻼزﻣﻨﻲ ﻟﻠﻨﺤﺖ ﻟﻴﺲ ﻋﻴﺒﺎ أو ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻟﻠﻨﺤﺖ ،ﻓﺎﻟﻨﺤﺖ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﻼص اﳋﺎص ،ﻣﻦ ذﻟﻚ اCﺸﻬﺪ اﻟـﻌـﺎم ﻟـﻠـﺨـﺒـﺮة داﺋـﻢ اﻟـﺘـﻐـﻴـﺮ، ﳊﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺒﺪو ﺳﺎﻛﻨﺔ ،وﻳﺘﻢ ﺗﺬوﻗﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺻﺪﻗﻬﺎ اCﻀـﻲء ﻟـﻠـﻌـﻘـﻞ ودﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﺪاﺋﻤﺔ اﳋﺎﻟﺪة اCﺘﺠﺎوزة ﳊﺪود زﻣﺎن ﺧﺎص ،أو ﻣﻜﺎن ﺧﺎص... إن اﻟﻔﻨﺎن ﻳﺮﺑﻂ ﻫﻨﺎ ﺑ tاCﺎﺿﻲ ،واCﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﳊﻀﻮر اﻟﺪاﺋﻢ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ اﳊﺎﺿﺮ ،إﻧﻪ ﻳﺰودﻧﺎ ﺑﺼﻮر ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣـﺴـﺘـﻘـﺮة ،ﻧـﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ اCﻜﺎن .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺘﺤﺮك ﻋﺒﺮ ﺗﻴﺎر ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث اCﺴﺘﻤﺮة اCﺘﻨﻮﻋﺔ).(٢٣ واﻟﻨﺤﺖ وﺛﻴﻖ ﺑﺎﻷرض أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وأﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎرة ،ﻓـﺎﻟـﺘـﻤـﺜـﺎل، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮى أرﻧﻬﺎ& ،ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺸﺠﺮة أﻛﺜﺮ ﺎ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻨﺠﻤـﺔ ،واﻟـﻨـﺤـﺖ ﻳﻨﻘﻞ اﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻرﺗﻜﺎز اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،وﻣﻦ ﺛﻢ رaﺎ ﻛﺎن اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻼءﻣﺔ ﻛﻲ ﻳﺮﻣﺰ Cﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺮﺳﻮخ .وﺧﻀﻮع اﳊﻴﺎة ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻟﻘﻮة اﳉﺎذﺑﻴﺔ ﻳُﻌـﺒﱠﺮ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻼءﻣﺔ ،ﻓﻲ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻨـﺤـﺘـﻴـﺔ ،ﻣـﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑـﻠـﻮﺣـﺎت اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻤﺜﺎل ﺻﺮﺣﻴﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ أﻛﺜﺮ ﻷن ﻳﻜﻮن ـﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴـﻌـﺔ اﻟـﻌـﻈـﻴـﻤـﺔ .وﻛـﻲ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻠـﺰﻳـﺎرة ،إﻧـﻪ ُﻳﺒ َ ﺎرس ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﲢﺘﺎج إﻟﻰ ﺣﻴﺰ ،أو ﻣﻜﺎن أو ﻓﻀﺎء ﻣـﻨـﺎﺳـﺐ، إﻧﻬﺎ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ اCﻴﺎدﻳﻦ وأﻣﺎم اCﺒﺎﻧﻲ ،وﻋﻠﻰ ﻗﻤﻢ اﻟﺘﻼل ،ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺮﻛﻴﺰ اCﻌﻨﻰ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻀﺎء اﳋﺎص ﻟﻬﺎ أو اﶈﻴﻂ ﺑﻬﺎ .وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻫـﻮ اﻟـﺴـﺒـﺐ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺤﺖ ﻳﺘﻄﻠﺐ أﻣﺎﻛﻦ ﻓﻲ اﳋﺎرج ،وﻟﻴﺲ ﻓـﻲ اﻟـﺪاﺧـﻞ .ﻓـﺪاﺧـﻞ اﳊﻮاﺋﻂ اﻷرﺑﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻴﻞ اﻟﺘﻴﻤﺔ أو اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻐﺮف إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻄﺮة أو اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اCﻌﻤـﺎري ،وﻛـﺬﻟـﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳋﺎص ﺑﺎﶈﺘﻮﻳﺎت وﺑﺤﻴﺚ ﺗﺒﺪو أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ اﻟﻜﺎﻣـﻠـﺔ ،أو اﻟﻨﺼﻔﻴﺔ aﻨﺰﻟﺔ اﳋﻠﻞ أو اﻻﺿﻄﺮاب داﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ،ووﺿﻊ اﻟﺘﻤﺜـﺎل ﺑﻌﻴﺪا أو ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷرﻛﺎن ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺤﺖ ﻳﻔﻘﺪ اﻟﺪور اCﻨﻮط ﺑﻪ .إن ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن أرﻧﻬﺎ& ﻳﺮﻓﺾ ﻋﺮض اﻟﺘﻤـﺎﺛـﻴـﻞ ،أو اCـﻨـﺤـﻮﺗـﺎت داﺧـﻞ اﻟـﻐـﺮف اCـﻐـﻠـﻘـﺔ، ﻓﻤﻜﺎﻧﻬﺎاCﻨﺎﺳﺐ ﻓﻀﺎء ﺧﺎرﺟﻲ ﻣﻔﺘﻮح ،وﻗﺪ ﻳﻠﻌﺐ اﻟﻨﺤﺖ أﻳﻀﺎ دورا ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ 172
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺪﻣﺞ داﺧﻞ ﺧﻄﺔ ﻣﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ وﺳﻴـﻄـﺎ ﺑـ tﲡـﺮﻳـﺪﻳـﺔ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻋﻨـﺪﻣـﺎ ُﻳ َ أﺣﺪ اCﺒﺎﻧﻲ ،واﻷﺟﺴﺎم اﳊﻴﺔ Cﺴﺘﺨﺪﻣﻲ ﻫﺬا اCﺒﻨﻰ. ﺗﻜﺸﻒ اCﻘﺎرﻧﺎت ﺑ tاﻟﻨﺤﺖ واﻷدب أو اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻋﻦ ﻓﺮوق ﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ أﺳﻠﻮب ﺜﻴﻞ اCﻮﺿﻮﻋﺎت .وﻫﻨﺎ ﻳﻌﻮد أرﻧﻬﺎ& إﻟﻰ »ﻟﻴﺴﻨﺞ« ،ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻗﺎرن ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻛﻼﺳﻴﻜﻲ ﻟﻪ ﺑ tﺜﺎل ﻻؤﻛﻮون ،Laocoonﺣﻴﺚ أﺷﻜﺎل أو ﺎﺛﻴﻞ اﻟﺮﺧﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻬﻴﻠﻴﻨﻴﺴﺘﻲ ،واﳋﺎﺻﺔ ﺑﻜﺎﻫﻦ ﻃﺮوادة وأﺑﻨﺎﺋﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﻤﺘﻬﻢ اﳊﻴﺎت ،وﺑ tاﻟﻘﺼﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺮدد ،أو ﲢﻜﻰ ﻓﻲ »اﻹﻧﻴﺎدة ﻟﻔﻴﺮﺟﻴﻞ« .ﻓﺨﻼل اﻟﺴﺮد اﻟﻠﻔﻈﻲ ﺗﺘﺠﺴﺪ اﻟﻘﺼﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﺎن واCﻜﺎن وﻳﺮﺑﻂ ﻫﺬا اﻟﺴﺮد اﳊﺪث ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺣﺪوث أﻗﺪار اﻹﻧﺴﺎن ،وأﻳﻀﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اCـﺘـﺮﺗـﺒـﺔ ،أو اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺆدي إﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﻗﺪار .إن ﻫﺬا اﻟﺴﺮد اﻟﻘﺼﺼﻲ ﻳﻌﺮض ﺣﻴﺎة اﻟﻔﺮد ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .وﻳﺤﺪث ﺷﻲء ﺎﺛﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒ tاﻟﻠـﻮﺣـﺎت اﻷﻓـﻌـﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أو ﺗﻈﻬﺮﻫﺎ ﺧﻼل ﻣﺸﻬﺪ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻣﻌ ،tأو ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻓﻲ ﻗﺼﺮ أو اﺻﻄﺒﻞ. ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴـﻞ اﻟـﺮﺧـﺎﻣـﻴـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﻼؤﻛـﻮون وأﺑﻨﺎﺋﻪ ﻗﺪ ﺗﻌﺪ ﻣﻨﺰوﻋﺔ ــ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ــ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ واCﻜﺎﻧﻲ .إن اﻟﻨﺤﺖ ﻳﻘﻴﺪ إﻓﺎدﺗﻬﺎ ،أو رواﻳﺘﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﻟﺼﺮاع ،ﺑ tﺗـﻠـﻚ اﻟـﻮﺣـﻮش اﻟﻀﺎرﻳﺔ اCﻬﺎﺟﻤﺔ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺳﻲ اﻟﻮﻳﻼت وﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ .وﺑﺨﻠﻮ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺤﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺪ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺮض ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﻮن ،أو اﻟﺜﺒﺎت ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﻌﺮض ﺣﺪﺛﺎ ﻓﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﻤـﻮ. وﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﻳﻘﻮل أرﻧﻬـﺎ& ،إن ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ ﻻؤﻛـﻮون ﺗـﻌـﺮض ﺗـﺮﻛـﻴـﺒـﺎ ﺟـﺪﻳـﺮا ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺪ ﻬﺎ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺷﻜﻞ ،أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺤﺘﻲ ﻣـﺤـﺪودا ﺑـﺸـﻜـﻞ واﺣـﺪ ،أي ﺟـﺴـﺪ إﻧـﺴـﺎﻧـﻲ واﺣﺪ ﻣﺜﻼ ،ﻓﺈن اﻟﻨﺤﺖ ﻳﻌﻮض ﻣﺘﻠﻘﻴﻪ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺼﻮر ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺮض، أو اﻟﺘﻘﺪ& ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ رﻣﺰي داﺧﻞ أﻓﻘﻪ اﳋﺎص ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﻴﻤﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻣﺜـﻞ اﻟﺘﻮازي واﻟﺘﻘﺎﺑـﻞ Parallelism and contrastواﻻﻧﻘﺒﺎض واﻻﻧﺒﺴﺎط ،واCﻘﺎوﻣﺔ واﻟﻠﺪوﻧﺔ ،واﻟﺼﻌﻮد واﻟﻬﺒﻮط. وﻫـﺬا اﻟـﻨـﻤـﻂ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻔـﺎﻋـﻞ ﺑـ tاﻹ ـﺎءات اCـﻜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻟـﻠـﺠـﺬع ،واﻟـﺮأس، واﻷﻃﺮاف اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل ﻳـﻀـﻴـﻒ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ إﻟـﻰ اﻟـﺼـﻮرة اﻟـﺴـﻴـﻤـﻔـﻮﻧـﻴـﺔ 173
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
Symphonic lmageاﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳊﺮﻛﺎت واﳊﺮﻛﺎت اCﻘﺎﺑﻠﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﻋﺎCﺎ ﻛﻠﻴﺎ ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻲ ﺟﺴﺪ واﺣﺪ .وﻟﻨﺘﺬﻛﺮ ﻫﻨﺎ أﻧﻪ ﺧﻼل ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺻﻮرة ﻣﺼﻐﺮة )ﻣﻴﻜﺮوﻛﻮزم( ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺑﻨﻴﺘﻪ )اCﺎﻛﺮوﻛﻮزﻣﻴﺔ( وراء ﻣﺘﻨﺎول ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻪ ﺣﻮاﺳﻨﺎ. وﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻧﺴﺦ ﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎدع ﻟﻠﺸﻜﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻫﻲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ذات ﺷﻘـ :tﻓـﻤـﻦ ﻧـﺎﺣـﻴـﺔ ،ﻗـﺪ ﻳﺮﺣﺐ اﳉﻤﻬﻮر ﺑﺎCﻈﻬﺮ اCﺄﻟﻮف ﻟﻬﺬه اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻨﺤﺘﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺒـﺪو ﻛـﺄﻧـﻬـﺎ ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ واﻟﺸﻮارع ،وﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺬوق اﻟﻘﺪ& اﳋﺎص ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﶈﺎﻛﺎة اﻟﺒﺎرﻋﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻓﺈن اCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ أو اCﺘﻠﻘ tاﳊﺴﺎﺳ tﻳﺘﻌﺮﻓﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﺘﺎﺟﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺪﻣﺔ اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺪﺛﻬﺎ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﺗﺒﺪو ﺣﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺑﺮودة اﻷﺟﺴﺎد اCﻴﺘﺔ ،وﻋﻦ ﻏﻴﺎب اﻟﺸﻌﻮر أﻳﻀﺎ .إن ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﻨﺤﺖ ﻗﺪ ﺗﺸﺒﻪ ﺳﻜﺎﻧﺎ ﻫﺒﻄﻮا ﻋﻠﻰ إﺣﺪى اﳉﺰر اﳋﺎﻟﻴﺔ وﻫﻢ ﻓـﻲ ﺣﺎل ﻣﺎ ﺑ tاﳊﻴﺎة واCﻮت ،ﻟﻘﺪ ﻫﺒﻄﻮا إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮري اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺷﺒﺎح ،واﻟﻌﻔﺎرﻳﺖ ،واﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻵﻟﻴﺔ اﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺑﻔﺮاﻧﻜﺸﺘﺎﻳﻦ ،إﻧﻬﻢ ﻳﺮﻣﺰون ﻟﻠﻘﺪرة اﳉﻠﻴﻠﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ اﻹﺑﺪاﻋـﻲ ﻹدراك اCـﺒـﺘـﺪﻋـﺎت ،أو اﻟـﻨـﺘـﺎﺟـﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﺧﺼﺎﺋﺺ اﳊﻴﺎة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻔﺘﻘﺪ ﻫﻲ ذاﺗﻬـﺎ اﳊـﻴـﺎة ،إن ﻫﺬه اCﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻋﻨﺪﻫﺎ اﳊﻴﺎة واCﻮت ،ﺗﻘﺪم ﺻﻠﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺣﻤﻴﻤﺔ ﺗﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﺬوق ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻔﻦ اﻟﻨﺤﺖ).(٢٤
أرﻧﻬﺎﱘ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ
ﻛﺘﺐ أرﻧﻬﺎ& اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻘﺎﻻت ﺣﻮل ﻓﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴـﺎت ﻫـﺬا اﻟﻘﺮن )اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ( ،وﻗﺪ ﻧﺸﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ أCﺎﻧﻴﺎ ﻗﺒﻞ وﺻﻮل ﻫﺘﻠﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻮﻗﺖ ﻗﺼﻴﺮ ،وﻧﺸﺮت ﺑﻌﺾ ﺗﺮﺟـﻤـﺎﺗـﻬـﺎ إﻟـﻰ اﻹﳒـﻠـﻴـﺰﻳـﺔ اﻟـﻌـﺎم ،١٩٣٣وأﻣـﺎ )(٢٥ ﺟﻤـــﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﻨﺸﺮه ﻓﻲ روﻣﺎ ﺧﻼل اﻟﻌـﺎﻣـــــ . ١٩٣٤٬١٩٣٣ tوﻗﺪ ُ ﺑﻌــﺾ ﻫﺬه اCﻘﺎﻻت ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺻﺪر اﻟﻌﺎم ١٩٣٢ﺑﻌﻨﻮان اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻛـﻔـﻦ Film as ُ ،Artﺗﺮﺟﻢ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ ﺑﻌﻨـﻮان »ﻓـﻦ اﻟﻔﻴﻠـﻢ« ،ﺛﻢ أﻧـﻪ ﻧﺸﺮ ﻛـﺘـــﺎﺑـﺎ آﺧـﺮ ﻋـﻦ اﻟﺴﻴﻨـﻤﺎ ﺑﻌﻨـﻮان »ﻣﻘﺎﻻت ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨـﻤﺎ واﻟﻨﻘـﺪ اﻟﻔـﻨـﻲ« Film essays And Art 174
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
Criticismاﻟﻌﺎم ،١٩٧٧ﺛﻢ اﻧﻘﻄﻌﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻧﺴﺒﻴﺎ ووﺟﻪ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻛﻠﻪ إﻟﻰ ﻓﻨﻮن أﺧﺮى ﻛﺎﻟﺮﺳﻢ ،واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،واﻟـﻨـﺤـﺖ ،واﻟـﻌـﻤـﺎرة ،واﻷدب ﻛـﻤـﺎ ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ. ﻳﺼﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد آراء أرﻧﻬﺎ& ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺤﺪودة ،ﺑﻞ وﺿﻴﻘﺔ اﻷﻓﻖ) ،(٢٦أو أﻣﺜﻠﺔ ﻣﻮﺿﺤﺔ ذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳉﺎﻧﺐ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﻓﻘﻂ ،وﻟﺘﺄﻳﻴﺪ وﺟـﻬـﺔ ﻧـﻈـﺮه ﻫـﺬه اﺳـﺘـﺨـﺪم ﺗـﻨـﺎﻇـﺮات ﻣـﻦ ﻣﺠﺎﻻت وﺳﺎﺋﻂ ﻓﻨﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻓﻘﺎل إن اﻟﺸﻌﺮ ﻳﻌﻴﺪﻧﺎ إﻟﻰ اﻟـﻜـﻠـﻤـﺎت ،ﻻ إﻟـﻰ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻴﻪ ﻓﻘﻂ ،واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻳﺮﻛﺰ ﺣﺴﺎﺳﻴﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﳋﻂ واﻟﻠﻮن واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻓﻘﻂ ،وﻛﺬﻟﻚ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻴﺪﻧﺎ إﻟﻰ اﻷﺳﺎس اﳋﺎص »ﺑﺎﻟﻮﺳﻴﻂ« وﻟﻴﺲ إﻟـﻰ ﺗـﺄﻛـﻴـﺪ ﻣـﻮاﺿـﻊ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ﻓـﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻳﺼﻮره اﻟﻔﻴﻠﻢ .وﻣﺎ ﻫﺬا اﻟﻮﺳﻴﻂ? وﺟﺪ ﻣﻮﻧﺴﺘﺮﺑﺮج ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪ ،أﻣﺎ أرﻧﻬﺎ& ﻓﺄراد أن ﻳﺤﻮل اﻻﻫﺘﻤﺎم إﻟﻰ ﻣﺎدة اﻟﻮﺳﻴﻂ ذاﺗﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻃـﺮﻳـﻘـﺔ ﻳـﻘـﻮم ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﺑﺎﺧﺘﺰال ﻫﺬا اﻟﻮﺳﻴﻂ إﻟﻰ ﺷﻲء آﺧﺮ أﺑﺴﻂ ﻣﻨﻪ ،وﻷن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺳﻴﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻣﺒﺎد اﳉﺸﻄﻠﺖ ،وﻟﺬﻟﻚ ﳉﺄ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اCﻮاد اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى ،واﺳﺘﻨﺘﺞ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أن ﻣﺎدة اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﺗـﻜـﻮن ﻣﻮﺿﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ،ﻫﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ اﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑـﺎﻟـﻮاﻗـﻊ ،وﺗـﻌـﻤـﻞ، ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ زﻳﺎدة اﻹﻳﻬﺎم ﺑﻬﺬا اﻟﻮاﻗﻊ أﻳﻀﺎ. وﺣﻴﺚ إن اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻓﻨﺎ ﻓﻘﻂ ﺑـﺎﻟـﻘـﺪر اﻟـﺬي ﻳـﺨـﺘـﻠـﻒ ﻋـﻨـﺪه اﻟﻮﺳﻴﻂ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ،ﻓﻘﺪ أﺣﺼﻰ أرﻧﻬﺎ& ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻮﺳﻴﻂ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ،ﻋﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﺎ ،ﻏـﻴـﺮ واﻗﻌﻴﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺿﺮورﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺜﻼ: ١ــ إﺳﻘﺎط اﻟﺸﺮاﺋﺢ اﻟﻔﻴﻠﻤﻴﺔ أو اﻟﻠﻘﻄﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺛﻨﺎﺋﻲ اﻷﺑﻌﺎد. ٢ــ اﻻﺧﺘﺰال ﻟﻺﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻌﻤﻖ وﻣﺸﻜﻠﺔ اﳊﺠﻢ اCﻄﻠﻖ ﻟﻠﺼﻮر. ٣ــ اﻹﺿﺎءة وﻏﻴﺎب اﻟﻠﻮن. ٤ــ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺄﻃﻴﺮ Framingﻟﻠﺼﻮر أو وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ أﻃﺮ أو ﻛﺎدرات ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ. ٥ــ ﻏﻴﺎب اCﺘﺼﻞ اﻟﻜﻤﻲ اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ ــ اCﻜﺎﻧﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اCﻮﻧﺘﺎج. 175
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
٦ــ ﻏﻴﺎب اCﺪﺧﻞ اﳋﺎص ﻣﻦ اﳊﻮاس اﻷﺧﺮى. ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺬﻛﺮ ــ ﻫﻨﺎ أن ﻣﻌﻈﻢ دراﺳﺎت أرﻧﻬﺎ& اﻷوﻟﻰ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻢ ﻋﻠﻰ أﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﺼﺎﻣﺘـﺔ واﻟـﺘـﻲ أُﻧﺘﺠﺖ ﺑﺎﻟﻠﻮﻧ tاﻷﺑﻴـﺾ واﻷﺳـﻮد، ﻟﻜﻨﻪ اﻧﺘﻘﺪ أﻳﻀﺎ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻠﻮن واﻟﺼﻮر ﺛﻼﺛﻴﺔ اﻷﺑﻌﺎد ،واﻟﺼﻮت ،واﻟﺸﺎﺷﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة...إﻟﺦ .وذﻟـﻚ ﻷن ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻄﻮرات ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤـﺎ ،ﻓـﻬـﻲ ﲡﻌﻞ اﻟﻔﻴﻠﻢ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ اﳋﺒﺮة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ).(٢٧ ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺎﻣﻞ أرﻧﻬﺎ& ﻣﻊ اﳋﺒﺮة اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬـﺎ ﺧـﺒـﺮة ﻏـﻴـﺮ واﻗﻌﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﺪو اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﺿﺪ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ اCﻤﻴﺰة ﻓﻲ رأﻳﻪ. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﺼﺎﻣﺘﺔ ﻓﻲ ﻋﺸﺮﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷرﻧﻬﺎ& أﻋﻠﻰ ذروة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺜﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸـﻜـﻞ اﻟـﻨـﻘـﻲ اﺠﻤﻟـﺮد ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ،أﻣﺎ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓـﻘـﺪ رآﻫـﺎ aﻨﺰﻟﺔ اﳋﻴﺎﻧﺔ ﻟﻨﻘﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﻘﻮم اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑ tﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﻼﻣﺎت )اﻟﻀـﻮء واﻹ ـﺎءة واCـﻮﻧـﺘـﺎج واﻟـﺘـﻜـﻮﻳـﻦ( ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﺧﻀﻊ ــ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ــ ﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻼت اﻟـﺴـﻮق وأذواق اﳉـﻤـﻬـﻮر اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ، وأﺻﺒﺢ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت وﺑﻌﺪﻫﺎ ،ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ »ﺣﻘﺎﺋﺐ اﻟﻐﺴﻴﻞ« ــ ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ ــ اﻟﺘﻲ ﲢﻮي ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ ﺑﻌﺾ أﺷﻜﺎل اﶈﺎﻛﺎة ﻟﻠـﻮاﻗـﻊ) .(٢٨ﺑﻞ إن اﻟﺼﻮت اﻟـﺬي ُأدﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻋﺘﺒﺮه أرﻧﻬﺎ& ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺸﻮﻳﻪ ،وﺑﺪﻳﻼ ﻏﻴﺮ ﻧﻘﻲ ﻟﻔﻦ اCﺴﺮح .ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺮﻏﻢ ﻫﺬه اﻵراء اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ واﶈﺎﻓﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ أرﻧﻬﺎ& ﻣﺒﻜﺮا ﺣﻮل ﻓﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﺑﺮﻏﻢ أﻧﻪ ﻇﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻌﺸﺮات اﻟﺴﻨt ﻣﺘﻤﺴﻜﺎ ﺑﻬﺎ) ،(٢٩ﻓﺈن ﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﻣﻮﺿﻮع ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻫﺬا .وﻧﻜﺘﻔﻲ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﺑﺬﻛﺮ ﻓﻜﺮﺗ tﻓﻘﻂ ،ﺗﺪور اﻷوﻟﻰ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺣﻮل ﺗﺼﻮره اﳋﺎص ﻟﻔﻜﺮة اﳊﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻔﻜﺮﺗﻪ ﺣﻮل اﻹﻃﺎر ودوره ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اCﺸﺎﻫﺪة.
١ـ اﳊﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ
ﻳﻨﻈﺮ أرﻧﻬﺎ& إﻟﻰ ﻓﻨﻲ اﻟﻨﺤﺖ ،واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺴﻜﻮﻧﻴﺔ، ﻓﻬﻤﺎ ﻳﻘﺒﻀﺎن ﻋﻠﻰ اCﻮﺿﻮع اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ )اﻟﺘﻴﻤﺔ( اCﻤﻴﺰ ﻟﻔﻌـﻞ أو ﺣـﺪث ﻣـﻌـt 176
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻳﺴﺠﻼﻧﻪ ،ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﺎن ﺑﻴﺎن ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺘﺠﻠﻰ أو ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ زﻣﺎﻧﻴﺎ .ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻘﻮم اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ وﻓﻦ »اﻟﺴﻠﻮﻳﺖ« ﺑﺘﺜﺒﻴﺖ اﳊﺮﻛﺔ .أﻣﺎ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻬﻲ ﺗﺒﻌﺚ اﳊﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﻔﺮدات )ﻟﻘﻄﺎت( ﺳﺎﻛﻨﺔ، ﻓﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺮض ﺻﻮر اﳊﺮﻛﺔ اCﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺠﺮي، أو ﻳﺮﻗﺺ ،أو ﻳﺘﺤﺮك ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺼﻮر اCﺮاﺣﻞ اCﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث .وﻫﻨﺎك ﻓﺮق ﺑ tﻃﺒﻴﻌﺔ ﺑﻴﺎن اﳊﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى ،ﻓﻘﺪ اﻫﺘﻤﺖ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻨﺤﺖ ﻣﺜﻼ ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﺳﺎﻛﻨﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ إﻇﻬﺎر أﻋﻀﺎء اﳉﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﺜﻼ ﻓـﻲ أوﺿـﺎع ﻧـﺸـﻄـﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻴﻘﺎن اﻟﺘﻲ ﲡﺮي ،واﻷذرع اﻟﺘﻲ ﲢﺎرب ،واﻹ ﺎءات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺤﺎﻻت اﻟﻐﻀﺐ واﻟﻔﺮح وأوﺿﺎع اﻟﺮﻗﺺ...إﻟﺦ).(٣٠ ﻛﺬﻟﻚ ﻜﻦ ﺗﺼﻮﻳﺮ اﳊﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺤﺖ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻣﻦ ﺧـﻼل ﻣـﺴـﺎر ،أو ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻨﺸﺎط ،ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻫﺬا ﻻ ﻜﻦ أن ﻳﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻮرة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ ،إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﺴﻠﺴـﻼ ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ ﻣـﺜـﻼ Cﺴﻴﺮة ﺣﻴﺎة أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص .ﻓﺎﻟﺘﺘﺎﺑﻊ اﻟﺰﻣﻨﻲ ﻳﺘﺤﻮل ﻫﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻣﻜﺎﻧﻲ، ﻘﺴﻢ اCﺘﺼﻞ اﻟﻜﻤﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻘﺼﺔ إﻟﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ،وﺗﻌﻮد اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻳ ﱠ ُ ـﺼــﻮﱠر ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺜﻴﻼت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻬﺎ ،ﺳـﻮاء ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﺻﻮر ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻟﻬﺎ أو داﺧﻞ اﻹﻃﺎر اﳋﺎص ﺑﺼﻮرة واﺣﺪة ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺗﻨﻘﺴﻢ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ،ﺑﺸﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ. ﻫﺬا اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻟﻠﻤﺮاﺣﻞ اCﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠـﺤـﺮﻛـﺔ ،أو اﳊـﻴـﺎة ـــ ﻋـﺒـﺮ ﺳـﻠـﺴـﻠـﺔ ﻣـﻦ اﻟﺼﻮر واﻟﻬﻮﻳﺎت اCﻨﻔﺼﻠﺔ /اCﺘﺼﻠﺔ ــ أي اﻟﺘﻜﻨﻴﻚ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﻨﺤﺖ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻏﺮاض اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﻤﺜﻴﻞ اCﺮاﺣﻞ اCﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻘﺼﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻗﺪ أﺛﺒﺖ ﻓﻲ رأي أرﻧﻬﺎ& أﻧﻪ أﻓﻀﻞ وﺳﻴﻠﺔ ــ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻠـﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ ـــ ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﳊﺮﻛﺔ اﳊﻴﺔ اCﺆﻗﺘﺔ .وﻫﻨﺎك ﻓﺮق ﻋﻤﻴﻖ ﻋﻠـﻰ ﻛـﻞ ﺣـﺎل ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ ،ﻓﺎﻟﺼﻮر اCﻔﺮدة ﺿﻤﻦ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اCﺘﺘﺎﺑﻌـﺔ ﻟـﻸﺣـﺪاث ﺗـﻮﺟـﺪ ﻛـﻤـﻔـﺮدة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﻘﻨﻲ ﻓﻘﻂ ،وﻻ ﺗﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ Cﺎ ﻳﻌـﺎﻳـﺸـﻪ اCـﺸـﺎﻫـﺪون ﻣـﻦ أﺣﺪاث ،ﻓﻤﻊ اﳊﺮﻛـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﻟـﻸﺣـﺪاث ﻻ ﻳـﻜـﻮن ﻫـﻨـﺎك ﺗـﺮﻛـﻴـﺐ Cـﺮاﺣـﻞ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ،ﺑﻞ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻣﺘﺼﻞ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻼﻧﻘﺴﺎم. إن ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ ،ﺗﺆﻛﺪ ﻫﻨﺎ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،أن اﻟﻔﻦ ﻟـﻴـﺲ ﻣـﺤـﺎﻛـﺎة أو ﺗﻜﺮارا اﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺎ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ،ﺑﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋـﺺ اCـﻤـﻴـﺰة ﻟـﻪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل 177
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أﺷﻜﺎل ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻻﺗﺰان واﻻﻧﺘﻈﺎم واﻟﻜﻠﻴﺔ واﳊﺮﻛﺔ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ.
٢ـ اﻹﻃﺎر وﺧﺒﺮة اﳌﺸﺎﻫﺪة
اﻹﻃﺎر ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺟﺰء ﻻ ﻜﻦ اﻻﺳـﺘـﻐـﻨـﺎء ﻋـﻨـﻪ .إﻧـﻪ ﻳـﺤـﺪد اCﺮﻛﺰ اCﺘﻮازن ﻟﻬﺎ وﻳﺤﺪد اCﻮﺿﻊ اCﻜﺎﻧﻲ ﻟﻌﻨﺎﺻﺮﻫﺎ اﻟﺘﺼﻮﻳـﺮﻳـﺔ ،إﻧـﻪ إﻃـﺎر ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻣﺘﻀﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ وﻳﺸﺒﻪ ﻧﻐﻤﺔ اﻟﻘﺮار أو اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ Keynote ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺛﺎﻧﻮي ﻓﻘﻂ ﻜﻦ أن ﻳﻨﺸﻂ اCﺸﻬﺪ اﻟﺒﺼﺮي ﻛﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻣﺜﻘﻼ ﺑﺎﳊﺪود اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﺎﻓﺬة اCﺸﺎﻫﺪة ﻫﺬه. وﺧﻼل ﺧﺒﺮة ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ،ﻓﺎCﺮﻛﺰ اCﺘﻮازن اﳋﺎص ﺑﺼﻮرة اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻛﺜﻴﺮا إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﺮض ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺸـﺎﺷـﺔ ،ﺑـﻘـﺪر اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ إﻟﻰ اﻹﻃﺎر اCﺘﻐﻴﺮ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺼﻮرة .وﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺨﻴـﻮط اCﺘﺼﺎﻟﺒـﺔ Crossedﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺘﻠﻴـﺴـﻜـﻮبُ ،ﻳﻔ َـﺮض ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﻮازن اﳋـﺎص ﺑﺎﻹﻃﺎر ﻋﻠﻰ اCﺸﻬﺪ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث .وﻳﻨﺴﺎق ﻫﺬا اCﺸﻬﺪ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ إﻟـﺰاﻣـﻲ ﻳﻐﻴﺮ داﺋﻤﺎ ﻋﻼﻗﺘـﻪ ﻟﻬﺬا اﻹﻃﺎر ،وﻟﻜﻮن اCﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺮﻛﺔ داﺋﻤﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ّ ﺑﺎﻹﻃﺎر .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ﺑﻨﻴﺔ ﺳﻜﻮﻧﻴﺔ ،إﻧﻪ ﺗﺪﻓﻖ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻮﻻت، ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻳﺘﺤﺮك ﻣﺮﻛﺰه ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ آﺧﺮ. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻷداء ،واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،واCﺴﺮح ﻫﻮ »ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﺆﻗﺖ« ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻓﻀﻔﺎض أﻛﺜﺮ ،وذﻟﻚ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻷﺧﺮى )اﻟﻨﺤﺖ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ(. واﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ اﻻﲡﺎه اﳋﺎص ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪ ﻟﻠـﻔـﻴـﻠـﻢ ،ﻓـﺈن ﺧـﺒـﺮة اCـﺸـﺎﻫـﺪة ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺧﺒﺮة ﻣﺘﻤﺮﻛﺰة ﺣﻮل اﻟﺬات ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى ،أﻛﺜﺮ ﺎ ﻫـﻲ اﳊﺎل ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ .وذﻟﻚ إﻣﺎ ﻷن ﻫﺬا اCﺸﺎﻫﺪ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻣﺴﺘﺮﻳﺤﺎ، وأﻣﺎﻣﻪ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻛﺈﻃﺎر ﻟﺮؤﻳﺘﻪ ،ﺎ ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﻔﺮض ﺑﻨﻴﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻋﻠﻰ اﳊﺪث اCﺴﺘﻤﺮ واCﺘﺤﺮك ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ ،وإﻣﺎ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺄﺧﻮذا ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﳊﺒﻜﺔ Plot اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠﻢ وإﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﺣﺪ ،ﺑـﺤـﻴـﺚ ﻳـﺠـﺪ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻳـﺘـﺤـﺮك ﻣـﻌـﻬـﺎ أي ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﺤﺪث ،وﻳﻜﺎﻓﺢ ﻣﻊ اCﻤﺜﻠ tوﻳﺘﺴﺎﺑﻖ ﻣﻌﻬـﻢ وﻳـﺘـﻮﻗـﻒ ﺣـ tﺗـﻈـﻬـﺮ اﻟﻌﻘﺒﺎت ،وﻳﺼﻞ ﻣﻌﻬﻢ إﻟﻰ اﻷﻫﺪاف).(٣١ إن اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻛﺜﻴﺮا إﻟﻰ اCﺸﺎﻫﺪ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ اCﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺷﺎﺷﺔ ،ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﻜﻮن أداة ﻟﺮؤﻳﺘﻪ ،إﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻘﺪ ذاﺗﻪ ﻓﻲ ﺻـﻤـﺖ 178
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ واﻹداك اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﲡﺘﺬﺑﻪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻴﺴﺘﻐﺮق ﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟـﺴـﺮﻋـﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺣﺪاث اﳉﺎرﻳﺔ ،ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اCﺸﺎﻫﺪ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﻮاﻟـﻰ أﻣـﺎﻣـﻪ .وﻋـﻠـﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل أرﻧﻬﺎ& ،ﻓﺈن اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺒﺼﺮي ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺎﺳﺐ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻻﻧﻔﺼﺎل اﻟﻬﺎد ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،واﻟـﺬي ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﻟﻔﻨﻲ اﻟﻨﺤﺖ واﻟﺘـﺼـﻮﻳـﺮ .وﻟـﻌـﻞ ﻫـﺬا ﻣـﺎ ﻳـﻔـﺴـﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻬﺬﻳﻦ اﻟﻔﻨ tوإﻫﻤﺎﻟﻪ اﻟﻮاﺿﺢ أﻳﻀﺎ ﻟﻔﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن أرﻧﻬﺎ& ــ ورaﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫـﺬه ﻫـﻲ ﻧـﻘـﻄـﺔ ﺿـﻌـﻔـﻪ ـــ ﻣـﻬـﺘـﻤـﺎ أﻛـﺜـﺮ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﺜﺒﺎت ــ ﻛﺎﻟﻨﺤﺖ واﻟﻌﻤﺎرة واﻟﺘﺼـﻮﻳـﺮ ـــ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﺗـﻠـﻚ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ اﳊﺮﻛﺔ )ﻛﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واCﺴـﺮح واﻟـﺒـﺎﻟـﻴـﻪ ﻣـﺜـﻼ( ،وذﻟـﻚ ﻷن اﻟﻨﻤﻂ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أو اﳉﺸﻄﻠﺖ أو اﻟﻨﻈﺎم أﻛﺜﺮ ﺎ ﺗﻌﻜﺲ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﳊﺮﻛﺔ أو اﻟﺴﻴﺮورة أو اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻤﻂ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن.
179
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
180
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
5اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﲤﻬﻴﺪ
»ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ اﻟﺴﻌﺎدة اﳊﻘﺔ? إﻧﻬﺎ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﳊﺒﻴﺐ ورؤﻳﺔ وﺟﻬﻪ اﻟﻔﺘﺎن« »ﻣﻦ ﻏﺰﻟﻴﺎت ﺣﺎﻓﻆ اﻟﺸﻴﺮازي«
اﻋﺘﺒﺮ ﻛﺮوزﻳﻴـﺮ وﺗـﺸـﺎaـﺎن Crozier & Chapman ذﻟﻚ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻌﺪاﺋﻲ اﶈﻘﺮ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ )ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب( ﻧﻘﻄﺔ ﺑﺪاﻳﺔ ﺟﻴﺪة ﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣـﺮاﺟـﻌـﺔ آﺛـﺎر اﻟـﺴـﻴـﺎق اﻻﺟـﺘ ـﻤــﺎﻋــﻲ ﻓــﻲ اﻟ ـﺘــﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ; وﻗﺪ أدى ﻓﺤﺼﻬﻤﺎ اﳉﻴﺪ ﻟﻠﺘﺮاث اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮد ﺗﺒﺎﻳﻨﺎت ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر ــ داﺧﻞ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ ــ ﻓﻲ ﺗﻔـﻀـﻴـﻠـﻪ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ،وإن اﻷﻣـﺮ ﻻ ـﻜـﻦ ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮه ﻓـﻘـﻂ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺗـﻠـﻚ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳــﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ).(١ ﻟﻘـﺪ ﻛـﺎﻧـﺖ اﻟـﻘـﻀـﺎﻳـﺎ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻃـﺮﺣـﻬـﺎ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ذات ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ، ﻫﺬا ﺑﺮﻏﻢ أن اCﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﺎﻫﺎ اﻟﻌﻠﻤـﺎء ﻟـﺪراﺳـﺔ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻗﺪ ﺗﻐﻴﺮت ﻣﻦ وﻗﺖ ﻵﺧﺮ .وﻗﺪ ﻃﺮح أﻓﻼﻃﻮن وأرﺳﻄﻮ ،وﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ــ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﺘﺴﺎؤﻻت اCﻬﻤﺔ ﺣﻮل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ،ﻫﺬا ﺑﺮﻏـﻢ أن اCﺼﻄﻠﺢ ذاﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻜﻪ أﻟﻜﺴﻨﺪر ﺑﻮﻣﺠﺎرﺗﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘـﺮن اﻟـﺜـﺎﻣـﻦ ﻋـﺸـﺮ ،ﻛـﻤـﺎ 181
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أﺷﺮﻧﺎ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﻷول. ﻓﻘﺪ اﻫﺘﻢ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﻄﺮح اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺔ اCـﻬـﻤـﺔ ﻣـﺜـﻞ: اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑ tاCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ واﻟﺬاﺗﻴﺔ ،ودور اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺘـﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل ،واCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔـﺴـﻴـﺔ ،واﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ،واﳋـﻴـﺎل واﳊﺪس إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ أﻫﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻌﺘﻘﺪﻳﻦ أﻧﻬﺎ »ﺗﺄﻣﻠﻴﺔ« وﻻ ﻜﻦ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﺑﺎCﻨﻬﺞ »اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ« ،ﻫﺬا رﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪه »أوﻫﻴـﺮ« ﻣﻦ أن أﻋﻤﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻹﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻴ tاﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴـ tوﺑـﺨـﺎﺻـﺔ دﻳـﻔـﻴـﺪ ﻫﻴـﻮم ،وﻓـﺮﻧـﺴـﻴـﺲ ﻫـﺘـﺸـﺴـﻮن ،ﻫـﻲ أﻋـﻤـﺎل ذات ﻋـﻼﻗـﺔ وﺛـﻴـﻘـﺔ ﺑـﺎﻟـﺒـﺤـﻮث اﻹﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ إﻳﺰﻧﻚ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻫﺘﻤﺎم ﻫﻴﻮم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺗﺒﺮﻳﺮ أﺣﻜﺎم اﻟﺬوق ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺲ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﻴـﺔ ) ،(٢وذﻟﻚ رﻏـﻢ ﺗﺄﻛﻴﺪاﺗﻪ اCﺘﻜﺮرة ﻋﻠﻰ اﳉﺎﻧﺐ اﻟﺬاﺗﻲ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻣـﻦ ﺧـﺒـﺮة اﻟـﺬوق ـــ وﻛـﻤـﺎ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. وﺑﻴﻨـﻤـﺎ ُﻳَﻌﱡﺪ ﻓﺨﻨﺮ أول ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺒﺤﺚ إﻣﺒﻴﺮﻳـﻘـﻲ ﺣـﻮل إﺣـﺪى اﻟـﻘـﻀـﺎﻳـﺎ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ )ﻓﻲ أCﺎﻧﻴﺎ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟـﻘـﺮن اﻟـﺘـﺎﺳـﻊ ﻋـﺸـﺮ( ،ﻛـﺎن ﻫﻴﻮم ﻗﺒﻠﻪ ،ﺑﺤﻮاﻟﻰ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ،أول ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺘﻠـﺨـﻴـﺺ اﻟـﻜـﻴـﻔـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗُﺠﺮى ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺒﺤﻮث ،ﻓﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤـﻮ ﻗ ْـﺒﻠﻲ أو أوﻟـﻲ ،Aprioriﻟﻜﻨﻬﺎ ﻜﻦ أن ﺗﺘﺤﺪد ـــ ﻛـﻤـﺎ أﺷﺎر ﻫﻴﻮم ــ ﻣﻦ ﺧﻼل »اCﻼﺣﻈﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮ أﻧﻬﺎ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺮور ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﻗﻄﺎر وﻛﻞ اﻷﻋﻤﺎر« ).(٣ إن ﻗﺪرا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﺘــﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ ﻣﺠــﺎل ﻋﻠــﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﺎن ﻣﺘﻌﻠﻘــﺎ ﺑﺸﻜــﻞ ﺟﻮﻫــﺮي ﺑﺎﻛﺘﺸــﺎف ﻣــــﺪى وﻃﺒﻴﻌــﺔ اﻻﺗـــــﻔـــــﺎق ﺑﻴــﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓـــﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠـﻔــﺔ ﻓـــﻲ اﻷﺣﻜـــﺎم اﳉﻤﺎﻟـﻴــــﺔ .ﻛﻤــﺎ اﻫﺘﻤــﺖ دراﺳــﺎت أﺧﺮى ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻﺗﻔﺎق أو اﻻﺧﺘﻼف ﺑ tاﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨـﺘـﻠـﻔـﻮن ﻓــﻲ اﻟﻨﻮع )ذﻛﺮا أو أﻧﺜــﻰ( ،واﻟﻌــﻤﺮ ،وﺳﻤــﺎت اﻟﺸﺨﺼــﻴﺔ ،وﻏﻴــﺮ ذﻟــﻚ ﻣــﻦ اCﺘﻐﻴــﺮات اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺧـﺎص ذﻟـﻚ اﻻﲡـﺎه اCـﺴـﻤـﻰ »اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ«.
ﻓﺨﻨﺮ واﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﻟﻘﺪﳝﺔ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﺨﻨﺮ ﻣﻦ اﻟﺮواد اCﺒﻜﺮﻳﻦ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳊﺎل
182
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒـﺔ ﻟـﻔـﻴـﺒـﺮ E.Weberوﺟﺎﻟـﺘـﻮن F.Galtonوﻓﻮﻧـﺖ W.Wundtوﻏﻴـﺮﻫـﻢ. وﻫﺆﻻء اﻟﺮواد اﻷواﺋﻞ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺣﺎوﻟﻮا اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻌﺾ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹﻣﺒﻴﺮﻳﻘـﻴـﺔ اCـﻨـﻈـﻤـﺔ ،وذﻟـﻚ ﺑـﺪءا ﻣـﻦ اﻟـﻨـﺼـﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻈﻮاﻫﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ وﻏﻤﻮﺿﺎ داﺧﻞ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ .وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،أو اﻟﻐـﻤـﻮض ﻫﻮ اﻟﻌﺬر اCﻌﺘﺎد اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻛﻲ ﻳﻘﻮﻟﻮه ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻈﻮاﻫﺮ. وﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ أوﻟﻰ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﻮن ووﺿﻌﻮﻫﺎ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻓـﺨـﻨـﺮ ـــ ﻣﻦ ﺑ tﻫﺆﻻء ــ ﻫﻮ اCﺆﺳﺲ Cﺎ ﺳﻤﻲ ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳـﺒـﻴـﺔ Experimental ،Aestheticsﻓﻬﻮ أول ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺪراﺳﺎت ﻜﻦ أن ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اCﺼﻄﻠﺢ ﺣ tﻗﺎم ،اﻟﻌﺎم ،١٨٧١ﺑﺪراﺳﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد ﺣ tﻋﺮض ﻋﻠﻴﻬـﻢ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ اCﻘﺎرﻧﺔ ،واﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ ﻣﺪﻳﻨﺔ »درﺳﺪن« .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ زوار ﻫﺬا اCﺘﺤﻒ اCﻘﺎرﻧﺔ ﺑ tﻟﻮﺣﺘt ﻻﺛﻨ tﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ ،tﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻧﻘﺎش ﻋﺎم ﻓﻲ أCﺎﻧﻴﺎ ﺣﻮل ﻗﻴﻤﺘﻬﻤﺎ اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ، وﺷﺎرك ﻓﺨﻨﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳉﺪل ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳـﺆاﻟـﻪ ﻟـﺰوار اCـﺘـﺤـﻒ أن ﻳـﻜـﺘـﺒـﻮا ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻌﻤﻠ ،tوأن ﻳﺬﻛﺮوا أﻳﻀﺎ اCﺒﺮرات اCﻤﻜﻨﺔ ﻷﺣﻜﺎﻣﻬﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻫﺬه .وﻋﻠﻰ رﻏﻢ أن ﺗﻠـﻚ اﻟـﺘـﺠـﺮﺑـﺔ ﻟـﻢ ﲢـﻘـﻖ اﻟﻬﺪف اCﺮﺟﻮ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺠﺐ إﻻ ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ زوار اCﺘﺤﻒ ﻟﻄﻠﺐ ﻓﺨﻨﺮ ،ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺠﺐ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اCﻨﻈﻤﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺨﻨﺮ أن ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮا ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،ﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻗﺪ ﻓﺘﺤﺖ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻗﺪﻣﺖ اﻟﻨﻤﻮذج Cﺎ ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﺗـﻜـﻮن ﻋـﻠـﻴـﻪ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ــ واﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮ واﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴـﺔ واﻗـﻌـﻴـﺎ ﻣـﻦ ﺧﻼل وﺳﺎﺋﻞ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻣﻀﺒﻮﻃﺔ ﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ).(٤ ﻛﺎن ﻓﺨﻨﺮ ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﻔﻜﺮة اﳉﻤﺎل اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﻐﻴﺎب اﻟﺘﻄﺮف وﺣﻀﻮر اﻻﻋﺘﺪال، ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ أرﺳﻄﻮ ﻗﺪ ﺎ ،وﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺮدد أﺻﺪاؤﻫﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﺪى ﺑﺮﻟ tﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. وﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎم ١٨٧٦ﻧـﺸـﺮ ﻓـﺨـﻨـﺮ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ ﻋـﻨـﺎﺻـﺮ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت Elements of ،Aestheticsوﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻓﻲ اCﻘﺎم اﻷول ،ﻟﻜﻨﻪ اﺷﺘﻤـﻞ 183
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠـﻰ ﻋﺪة ﺗﻘﺎرﻳﺮ ﺣﻮل ﲡﺎرب ﻗﺎم ﺑﻬـﺎ ﻫـﺬا اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ﻓـﻲ ﻇـﻞ ﻇـﺮوف ﲡﺮﻳﺒﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺻﺮاﻣﺔ ودﻗﺔ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﳊﺎل ﻓﻲ ﲡﺮﺑﺔ ﻣﺘﺤﻒ درﺳﺪن اﻷوﻟﻰ .وﻗﺪ ﺣﺪد ﻓﺨﻨﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟـﻜـﺘـﺎب اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اCـﻤـﻴـﺰة ﻟـﻠـﺪراﺳـﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ أدﻧـﻰ From Belowأو ﻣﻦ أﺳﻔـﻞ ،أي ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ واﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اﶈﺪدة اCﻤﻴﺰة ﻟـﻠـﻔـﻦ ،ﺛـﻢ ﺗـﺘـﻘـﺪم ﺷـﻴـﺌـﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺎت أو اCﺒﺎد اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺪراﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ،From Aboveأي ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر واCﻔﺎﻫﻴﻢ واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﺛﻢ ﺗﺘﺤﺮك ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ اﻟﻨﺎزل ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﻮﻋﻲ واﳋﺎص ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻛـﻤـﺎ ـﺜـﻞ ذﻟـﻚ، ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺣﻮل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ).(٥ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﺗﺆﻛﺪ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ« أن اﳋﺒﺮة اﳊﺴﻴﺔ ﻫﻲ اCﺼﺪر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤـﻌـﺮﻓـﺔ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓـﻘـﺪ أﺻـﺒـﺢ ﲢـﺪﻳـﺪ اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻴـﺔ )اﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻴــﺔ( ﻟﻠﺠﻤﺎل أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ، وﻗﺪ أدى اﻫﺘﻤﺎم ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤــﺎء ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﳊﺴﺎﺳﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ، إﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣــﺎت ﻣﺘﺰاﻳــﺪة ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻔﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻧﺘﺎﺋﺠﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ وﻟﺬﻟﻚ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﺎر إﻟﻰ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﻴﺰﻳﻘﺎ«. ﻛﺎن إدﺧﺎل ﻓﺨﻨﺮ ﻟﻠﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻤﻮﻣﺎ وﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ ،ﻋﻼﻣﺔ ﻓﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ــ ﻗﺒﻠﻪ ــ أﺣﺪ ﻓﺮوع اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،وﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺎ ﻳـﻘـﺪم ﻓـﻴـﻪ ﻳـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎت واﻟﺘﺄﻣﻼت ،ﻟﻜﻦ إدﺧﺎل اCﻨﻬﺞ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ ﻓﺤﺺ ﻋﻼﻗﺔ اﳉﺴﻢ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ إﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻲ وﻣﻨﻈﻢ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎدرة ﻓﺨﻨـﺮ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﳊﻘﺒﺔ ﺟﺪﻳﺪة أﺻﺒﺢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻋـﻠـﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺪرﻳﺠﻲ ،ﻋﻠـﻤـﺎ أﻛـﺎد ـﻴـﺎ ﻣـﺴـﺘـﻘـﻼ ) .(٦وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣـﺎ ﺟـﻌـﻞ ﺑـﻌـﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻴﻠﻮن إﻟﻰ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻌﺎم ١٨٦٠اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ اﳊﺪﻳﺚ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ اﻟﻌـﺎم اﻟـﺬي ﻇـﻬـﺮ ﻓـﻴـﻪ ﻛـﺘـﺎب ﻓـﻮﻧـﺖ اCـﺴـﻤـﻰ ﻋـﻨـﺎﺻـﺮ اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﻴﺰﻳﻘﺎ ،Elements of Psychophysicsﻫﺬا ﺑﺮﻏﻢ وﺟﻮد ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ أن اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺣﺪﺛـﺖ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎم ،١٨٧٩ﺣـ tأﺳـﺲ ﻓﻮﻧﺖ أول ﻣﻌﻤﻞ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﺰج ﺑﺄCﺎﻧﻴﺎ).(٧ ﺗﻘﻮم دراﺳﺎت ﻓﺨﻨﺮ ﺣﻮل اﳉﻤﺎل اﻟﺸﻜﻠﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓـﻜـﺮة ﺟـﻮﻫـﺮﻳـﺔ 184
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
ﺗﻘﻮل إن إدراك اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻴﺔ أو اﻷﺷﻜـﺎل اﳉـﻤـﻴـﻠـﺔ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ـــ ﻋـﻨـﺪ ﺣـﺪوﺛـﻪ ـــ ﺑﺸﻌﻮر ﻣﺎ ﺑﺎCﺘﻌﺔ .وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺸﻜﻞ ﻣﻌt ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳊﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﲡﺎرب ﻓﺨﻨﺮ ،وﻛﺬﻟﻚ ﲡﺎرب ﻣﻦ ﺟﺎؤوا ﺑﻌﺪه ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ اﻫﺘﻤﻮا aﻮﺿﻮع اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﻔﺘـﺮض أن اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﺷﻌﻮر اCﺘـﻌـﺔ اﻟـﺪاﺧـﻠـﻴـﺔ .وﻗـﺪ ﻋـﺮف ﻓﺨﻨﺮ اCﺘﻌﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻀﻴﻖ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻤﺎ ﺣﺎﻟﺘﺎن داﺧﻠﻴﺘﺎن ﻻ ﻜﻦ ﲢﻠﻴﻠـﻬـﻤـﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻗﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ .ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ﻓﺨﻨﺮ ﻛﺬﻟﻚ أن اCﺘﻌﺔ أو اﻹﺣﺴﺎﺳﺎت اﻟﺴﺎرة ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺧﺒﺮات ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺘﻨﺎول وﺟﺒﺔ ﺷﻬﻴﺔ أو اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻋﺬﺑﺔ أو ﺷﺠﻴﺔ ،وأﻧﻪ ﻻ ﻜﻦ ﻓﻬﻢ اCﺘﻌﺔ أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺧـﻼل اﳋـﺒـﺮات اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ .وﻣﺎ ﻴﺰ اﳋﺒﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳋﺒﺮات اCﻤﺘﻌﺔ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻫﻮ وﺟﻮد اﳉﻤﺎل اﻟﺸﻜﻠﻲ أو اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ ﻓﻴﻬﺎ .وﻗﺪ ﻣﻴﺰ ﻓﺨﻨﺮ ﻫﻨﺎ ﺑ tاﳉﻤﺎل ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻌﺎم واﳉﻤﺎل ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺬوق أو اﻟﺘﺬوق ،وﻗﺎل إن اﻟﻔﻦ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﳉﻤﺎل .ﻓﺎﻟﺸﻌﻮر اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﻌﻮر aﺘﻌﺔ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اCﺘﻊ اﳊﺴﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،وذﻟـﻚ ﻷﻧـﻪ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ وﻳﻮﻗﻈﻬﺎ .وﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﳉﻤﺎل ﻓﻲ رأي ﻓﺨﻨﺮ aﺤﻜﺎت ذاﺗﻴﺔ أو ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﺑﻘـﻴـﻢ وﻣـﺜـﻞ ﻋﻠﻴﺎ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ اﳋﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ) .(٨وﻗﺪ ﻛﺎن اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ اCﺒﻜﺮ aﺎ ﻳﺴﻤﻰ »اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒـﻲ« Golden Sectionﻣﺘﺄﺛﺮا ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻣـﻪ ﺑﺎﳉﻤﺎل اﻟﺸﻜﻠﻲ ،ﻓﻤﺎ ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ?
اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ
ﺗﺘﻌﻠﻖ اﻟﻔﻜﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ﺑﺬﻟﻚ اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺬي ﺳـﺎد ﻟـﺪى ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،واCﺼﻤﻤ tاCﻌﻤﺎرﻳ ،tوﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ،واﻟﻨﻘﺎد ،وﻏـﻴـﺮﻫـﻢ ﺑﺄن ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻜﺎل ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ إﺛﺎرة ﻟﻠﺴﺮور ،أو اCﺘﻌﺔ إذا ﻛـﺎﻧـﺖ ذات ﻧـﺴـﺐ ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻛﺄن ﺗﻜﻮن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻄﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺜﻼ ﻫﻲ ٠٬٦٢:١أو .(٩)٥ :٨ وﻗﺪ ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اCﺘﻜﺮرة ﻟﺪى أﺻﺤﺎب اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒـﻴـﺔ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻛﺘﺸﺎف ﻋﻼﻗﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺑ tاﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ،ﻣـﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،وﻫﻮ ﻣﺸﺮوع 185
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﺳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺑﻴﺮﻛﻮف وإﻳﺰﻧﻚ وﺑﻮﺳﻴﻠﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .ﻫﺬا ﺑﺮﻏﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﻣﻦ أن ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻜﺮة ﺘﺪ ﺑﺠﺬورﻫﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﺟﺪا. ﻓﻘﺪ أﺛﺎرت ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻫﺘﻤﺎم اCﻔﻜﺮﻳﻦ ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ،وارﺗﺒﻄﺖ ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﺑﺎﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ اﻟﺸﻜﻠﻲ Formal Harmonyاﳋﺎص aﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ واﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻳﻨﻈـﺮ إﻟـﻴـﻬـﺎ ﻳـﺸـﻌـﺮ ﺑـﺎCـﺘـﻌـﺔ أو اﻟـﺴـﺮور .وﻗـﺪ ﺗـﺄﺧـﺬ ﻫـﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑﺎCﺜﻠﺚ ،أو اCﺴﺘﻄﻴﻞ ،أو اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺒﻴﻀـﺎوي ،أو اﻹﻫﻠﻴﻠﺠﻲ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ وﺗﻨﺎﺳـﺐ ﺧﺎﺻ tﻳﻘﺘﺮﺑﺎن ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ. ﻳﻘﺴﻢ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ،ﻣﺜﻼ ،أﺣﺪ اﳋﻄـﻮط إﻟـﻰ ﻗـﺴـﻤـ tذوي ﻃـﻮﻟـt ﻣﺨﺘﻠﻔ ،tﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻃﻮل ﻣﻨﻬﻤﺎ إﻟﻰ اﻷﻗﺼﺮ ﺎﺛﻠﺔ ﻟﻨﺴﺒﺔ اﳋﻂ اﻟﻜﻠﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻃﻮل .وﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ اﻷﻃﻮل إﻟﻰ اﻷﻗﺼﺮ ﻓﻲ أى ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻲ ٥:٨أو ،٠٬٦٢:١ووﻓﻘﺎ Cﺎ ذﻛﺮه ﻫﻨﺘﻠﻲ ﻓﺈن ﺟﺬور اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ﺘﺪ إﻟﻰ اCﺎﺿﻲ اﻟﺒﻌـﻴـﺪ ﻋﻨﺪ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮرث ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﺪى إﻗﻠﻴﺪس .ﻓﻤﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻫـﺘـﻢ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟﺪارﺳ tﺑﺪراﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺎع ودﻻﻟﺘﻪ اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺔ ،وﻗـﺪ أﺻـﺒـﺢ ﻣـﻌـﺮوﻓـﺎ أن اﻟﻔﻨﺎﻧ tواCﻌﻤﺎرﻳ tﻗﺪ ﻃﺒﻘﻮا ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟـﺬﻫـﺒـﻲ ﻋـﻠـﻰ ﺗـﻜـﻮﻳـﻦ أو ﺑـﻨـﺎء أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻬﺘﻢ اﻟﻌﻠﻤﺎء أو اﻟﻔـﻼﺳـﻔـﺔ ﺑـﺪراﺳـﺔ ﻫـﺬه اﻟـﻈـﺎﻫـﺮة ﺑـﻮﻗـﺖ ﻛﺒﻴﺮ. وﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﺎن ﻓﺨﻨﺮ ﻫـﻮ أول ﻣـﻦ ﺣـﺎول أن ﻳـﻘـﺪم ﻓـﺤـﺼـﺎ إﻣﺒﻴﺮﻳﻘﻴﺎ ﻟﻔﺮض اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺤﺎوﻟﺘـﻪ ﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺪ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻼت اﻷﻓﺮاد Cﺴﺘﻄﻴﻼت ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ اﻷﺑﻌﺎد .وﻗﺪ اﺳﺘﻠﻬﻤﺖ دراﺳﺘﻪ روح ﻛﺘﺎﺑﺎت »أدوﻟﻒ زاﻳﺴﻨﺞ« ، A.Zeisingذﻟﻚ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺪراﺳﺎت ﻣﻜﺜﻔﺔ ﺣﻮل اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻋﻨﻪ وﻣﻜﺘﺸﻔﺎ ﻟﻪ أﻳﻨﻤﺎ وﺟﺪ :ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ; وﻓﻲ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ،وﻓﻲ اﳉﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اCﻌﺎدن وﻓﻲ ﻧﻈﺎم اﻟﻜﻮاﻛﺐ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓـﻲ اﻷﺷـﻴـﺎء اﻟـﺘـﻲ ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺸﻜﻞ :ﻛﺎCﺒﺎﻧﻲ واﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ. وﻗﺪ اﻋﺘﺮف ﻓﺨﻨﺮ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﺑﺈﳒﺎز »زاﻳﺴﻨﺞ« ﻷﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي اﻛﺘـﺸـﻒ ﻣﺪى اﻧﺘﺸﺎر ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ واﻋﺘﺮف ﻛﺬﻟﻚ ﺑـﺄﻧـﻬـﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ اﻻﻛـﺘـﺸـﺎف اﳊﻘﻴﻘﻲ اﻷول داﺧﻞ ﻣﺠﺎل اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺎت .وﻣـﻦ ﻧـﺎﺣـﻴـﺔ أﺧـﺮى اﺗـﺨـﺬ ﻓـﺨـﻨـﺮ 186
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
اﲡﺎﻫﺎ ﻧﻘﺪﻳﺎ ﲡﺎه اﺳﺘﺨﺪام زاﻳﺴﻨﺞ ﻟﻬﺬا اCﺒﺪأ ،ووﺟﻪ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻧﺤﻮ أﺣﺪ اﻷﻣﺜﻠﺔ ،وﻫﻮ ﻟﻮﺣﺔ »ﻣﺎدوﻧﺎ ﺳﻴﺴﺘـ The Sistine Madonna «tﻟﺮاﻓﺎﻳﻴﻞ ،واﻟﺘﻲ اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ »زاﻳﺴﻨﺞ« أﻛﺜﺮ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻛﺘﻤﺎﻻ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﺆﻛﺪا أن وﺣﺪﺗﻬﺎ وﻛﻠﻴﺘﻬﺎ ﺗﺮﺟﻌﺎن إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻫﺬا .وﻗﺪ أﺷﺎر ﻓﺨﻨﺮ إﻟﻰ أﻧﻪ إذا ﻗﻴﺴﺖ ﻗﻴﺎس ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ )ﺻﻮرة اCﺎدوﻧﺎ( ﻣﻦ ﻗﻤﺔ اﻟﺮأس إﻟﻰ أﺧـﻤـﺺ اﻟـﻘـﺪﻣـ.t وﻗﺴﻤﺖ ﻣﻦ أﻋﻼﻫﺎ إﻟﻰ أﺳـﻔـﻠـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺧـﻂ ﻳـﻘـﺴـﻢ اﻷﺷـﻜـﺎل اﻟـﻌـﻠـﻴـﺎ واCﻨﺨﻔﻀﺔ ﻓﻴﻬﺎ وﻳﻘﻴﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻨﺴﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ; ﻓـﺈن اﶈﺼﻠﺔ ﺳﺘﻜﻮن ﺑﻌﻴﺪة ﺎﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫـﺒـﻲ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ اﻟـﺬي ﻗـﺎل ﺑـﻪ زاﻳﺴﻨﺞ ،اﻟﻨﺎﰋ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌ tاﺠﻤﻟﺮدة ﻓﻘﻂ .واﺳﺘﺨﺪم ﻓﺨﻨﺮ اﻷﺳﻠﻮب ذاﺗﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻴﺎس ﻟﻮﺣﺔ أﺧﺮى ﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﻮﺣﺔ راﻓﺎﻳﻴﻞ ،رﺳﻤﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻫﺎﻧﺰ ﻫﻮﻟﺒﺎﻳـﻦ H.Holbeinوﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮﺣﺎت أﺧﺮى ﻋﺪة ﻟﻠﻤﺎدوﻧﺎ رﺳـﻤـﻬـﺎ راﻓـﺎﻳـﻴـﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻟﻢ ﺗﻜﺸﻒ أي ﻟﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻋـﻦ ﻓـﻜـﺮة اﻟـﻘـﻄـﺎع اﻟـﺬﻫـﺒـﻲ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ. ﻟﻢ ﺗﺆد ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ إﻟﻰ أن ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻓﺨﻨﺮ ﻋﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻓﻜﺮة ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ،ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎل إن ﻫـﻨـﺎك ﺷـﻴـﺌـﺎ ﻣـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ اﳋﺎص ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻹﺛﺒﺎت أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اCﺒـﺪأ، وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﻮع ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﳊﻴﺮة أو ﻋﺪم اﻟﻴﻘ Uncertainty tﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺳﺎت اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ .وﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ،وﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﲢﻮل ﻓﺨﻨﺮ ﻧﺤﻮ دراﺳﺔ اﻟﻨﺴﺐ واﻟﺘﻨﺎﺳﺒﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎل أﺑﺴﻂ ﻣﺜﻞ اﻟـﺼـﻠـﻴـﺐ; ﻓـﻘـﺎس اﻟـﺼـﻠـﺒـﺎن ﻓـﻲ اCـﻘـﺎﺑـﺮ ،وﻓـﻲ اﺠﻤﻟـﻮﻫـﺮات ،أو اCﺸﻐﻮﻻت اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻊ أﺧﺮى ﻋﺪة ،وﻟﻢ ﻳﺠﺪ أﻳﻀﺎ أي دﻻﺋﻞ ﺗﺆﻛﺪ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ. ﻋﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺗﺴﺎءل ﻓﺨﻨﺮ ﻋﻦ ﺟﺪوى ﻣﺒﺪأ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫـﺒـﻲ ،وﻋـﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺧﻂ ،أو أي ﺷﻲء إﻟﻰ ﻗﺴﻤ tﻣﺘﻔﺎوﺗﻲ اﻟﻄﻮل ،وﺧﻼل ﻧـﻘـﺪه اﳋﺎص ﻫﺬا ﻷﻓﻜﺎر زاﻳﺴﻨﺞ ،ﻛﺎن ﻓﺨـﻨـﺮ ﻳـﺸـﻌـﺮ ﺑـﻀـﺮورة أن ﻳـﻄـﻮر ﻣـﻨـﺤـﻰ ﺟﺪﻳﺪا ﺑﺪﻳﻼ .وﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠـﻰ ﻗـﺴـﻤـﺔ أﺣـﺪاﳋـﻄـﻮط ﻧـﻔـﺬ ﲡـﺎرﺑـﻪ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اCﺴﺘﻄﻴﻼت ،وأدرك أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻄﺒﻖ اﻟﻨﺴﺒـﺔ اﻟـﺬﻫـﺒـﻴـﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺒﻌﺪي أﺣﺪ اCﺴﺘﻄﻴﻼت )اﻟﻄﻮل واﻟﻌﺮض( ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺗﻔﻀﻴﻞ واﺿﺢ ﻟﻪ .وﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٨٧٦ﻛﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﺠﺮﻳـﺒـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ 187
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺣﺪدت اﻟ ُـﺒﻌﺪ اﻟﺬﻫﺒﻲ Golden Dimensionﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اCﺒﺪأ اﳉﻮﻫﺮي ﻓﻲ اﳉﻤﺎل اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ. واﺳﺘﺨﺪم ﻓﺨﻨﺮ ﻋﺸﺮة ﻣﺴﺘﻄﻴﻼت )وأﺣﺪ اCﺮﺑﻌﺎت( ﻣﺮﺳﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﻮرق اﻷﺑﻴﺾ ﻓﻲ ﲡﺎرﺑﻪ .وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اCﺴﺘﻄـﻴـﻼت ﻣـﺘـﻔـﺎوﺗـﺔ اﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ ،رﻏﻢ ﺎﺛﻞ ﻣﺴﺎﺣﺎﺗﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺘﺮاوح ﻣﺎﺑt ١:١وﺣﺘﻰ .٥:٢ وﻓﻴﻤﺎ ﺑ tﻫﺬه اCﺴﺘﻄﻴﻼت ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺴﺘﻄﻴﻞ ﻣﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ ٣٤ :٢١ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﺘﺮب ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺬﻫﺒﻲ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﻄـﻠـﺐ ﻣـﻦ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺎت ﻣـﻦ اﻷﻓﺮاد ﺗﺒﺪأ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﻣﻦ ١٦ﺳﻨﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ أن ﻳﺤﺪدوا أي ﺗﻠﻚ اCﺴﺘﻄﻴﻼت ﺗﻌﻄﻴﻬﻢ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﻻﻛﺘﻤﺎل ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. وﻗﺪ وﺟﺪ ﻓﺨﻨﺮ أن ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت أﺧﺮى ﻣﺜﻞ اﻟﻜﺘﺐ ،وﺻﻔـﺤـﺎت اﻟـﻜـﺘـﺎﺑـﺔ، وﺑﻄﺎﻗﺎت اﻟﺒﺮﻳﺪ ،وأﺑﻮاب اCﻨﺎزل وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ وﺗﻨﺎﺳﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻘﺘﺮب ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺬﻫﺒﻲ أو اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ) ،(١٠وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرب اCﺒﻜﺮة وﺿﻊ ﻓﺨﻨﺮ اﻷﺳﺲ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ. ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺴﺎرة ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ واﻟـﺘـﺼـﻤـﻴـﻢ ،وﻓـﻲ دراﺳﺔ أﺑﻌﺎد اﻟﻮﺟﻪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ )ﻧﺴﺒﺔ ﻋﺮض اﻟﻮﺟﻪ ﻋﻨﺪ اﳉﺒﻬﺔ أو اﻷﻧﻒ إﻟﻰ ﻃﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﻤﺔ اﻟﺮأس إﻟﻰ أﺳﻔﻞ اﻟﺬﻗﻦ ﻣﺜﻼ( ،واﳉـﺴـﺪ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ ﻛـﺬﻟـﻚ، وﻇﻬﺮ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ واﺟـﻬـﺎت اCـﺒـﺎﻧـﻲ ،وﻓـﻲ ﺑـﻨـﺎء اﻷﻫـﺮام ،وﻓـﻲ اCـﻌـﺎﺑـﺪ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ اﻟﻘﻮﻃﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻗﺼﻮر ﻧﺒﻼء ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬـﻀـﺔ ،وﻓـﻲ ﻓﻦ اﻟﻌﻤﺎرة ﻟﺪى اCﻌﻤﺎري اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻟﻲ ﻛـﻮرﺑـﻮازﻳـﻴـﻪ وﻛـﺬﻟـﻚ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. وأﺟﺮﻳﺖ ﲡﺎرب ﻛﺜﻴﺮة ﺣـﻮل ﻫـﺬه اﻟـﻔـﻜـﺮة ،وﻣـﺎزاﻟـﺖ ﺗُﺠـﺮى ﺣـﺘـﻰ اﻵن، واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺘﻨﺎﻗﺾ ،واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﻳﺪﻋﻢ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻓﻲ ﻋﻤﻮﻣﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺒﺪأ ﻋﺎم داﺧﻞ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻋﻠﻮم اﳉﻤﺎل ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم.
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة
أﻣﺎ أﻛﺜﺮ اﺠﻤﻟﻬﻮدات ﺑﺮوزا ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﶈﺎوﻟﺔ اﻟﺘﻲ
188
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳـﺒـﻴـﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة« The New Experimental Aestheicsواﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﻨﺪي داﻧﻴﺎل ﺑﺮﻟ١٩٢٢) D.E.Berlyne t ــ (١٩٧٦ﻫﺬا اﻟﺬي ﺣﺎول أن ﻳﺮﺑﻂ ﺑ tاﻟﺴﻠﻮك اﳉﻤﺎﻟﻲ وﺳﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف Explorationوﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع أو اﻟﻔﻀﻮل اCﻌـﺮﻓـﻲ Curiosityﻟﺪى اﻹﻧﺴـﺎن. وﻳﻌﻮد ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﳊﺪﻳﺚ ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﻤﺎس ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻏﺰارة إﻧﺘﺎﺟﻪ ،رﻏﻢ ﻋﻤﺮه اﻟﻘﺼﻴﺮ ﻧﺴﺒﻴﺎ .وﻗﺪ ﺗﻄﻮر اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ اCﺒﻜﺮ ﺑﺎﻟﻔﻀﻮل أو ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ﻟﺪى اﳊﻴﻮان إﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎم ﺑﺠﺬور اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻔﻨﻲ واﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﺗﻮﺟﻬﻪ ﻣﺰﻳﺠﺎ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻔـﺴـﻴـﺔ واﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ .وﻣﻦ ﺧﻼل إﺛﺎرﺗﻪ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﺑﻌﺜﻪ ،ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت، ﻃﺮح ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﻨﻬﺠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ).(١١ وﺑﺸﻜﻞ ﻋـﺎم ﻳـﺠـﺪ ﺟـﺮاﳒـﺮ G.W.Grangerأﻧﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اCﻨـﺎﺳـﺐ اﻟـﻘـﻴـﺎم ﺑﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ أﺗﺒﺎع ﻓﺨﻨﺮ ،واﻟﺬﻳﻦ ﺘﺪ اﻟﻔﺘﺮة اCﺸﺘـﻤـﻠـﺔ ﻋـﻠـﻰ دراﺳﺎﺗﻬﻢ ﻣﺎ ﺑ tاﻟﻌﺎم ) ١٨٧٦ﺗﺎرﻳﺦ ﻇﻬﻮر ﻛﺘﺎب ﻓﺨﻨﺮ» :ﻋﻨﺎﺻﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت«( واﻟﻌﺎم ) ١٩٦٠ﺗﺎرﻳﺦ ﻇﻬﻮر ﻛﺘﺎب ﺑﺮﻟ :tاﻟﺼﺮاع واﻻﺳﺘﺜﺎرة وﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع( ;Conflict, Arousal and Curiosityوذﻟـﻚ ﻷن ﻛـﻞ ﻫـﺬه اﻟـﺪراﺳـﺎت ﺗـﻘـﻮم ﻋـﻠــﻰ أﺳﺎس اCﻔﻬﻮم ﻧﻔﺴـﻪ أو اﻟـﺘـﺼـﻮر اﻟـﻠـﺬ¢ي Hedonisticﻟﻠﺴﻠﻮك اﳉﻤـﺎﻟـﻲ وﻣـﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻓﺘﺮاﺿﺎت ﻣﺸﺘﻘﺔ أﺻﻼ ﻣﻦ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ــ أو ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻠﻬﻢ ــ ﺣﻮل اﻟﻠﺬة واﻷﻟﻢ ،أو اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ وﻋﺪم اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ).(١٢ إن ﻣﺎ ﺣﺎول ﺑﺮﻟ tأن ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻫﻮ أن ﻳﻄﻮر ﺗﺼﻮر ﻓﺨﻨﺮ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت; وﻫـﻮ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺎﺋـﻤـﺎ ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﺷـﻜـﻞ ذﻫـﻨـﻲ C Mentalisticﺒﺪأ اﻟـﻠـﺬة ;Hedonismوذﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء أﺣﻜﺎم اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ Cﺎ ﻫﻮ ﺳﺎر ،أو ﻣﺴﺒﺐ ﻟﻠﺴﺮور ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻧﻈﺮة ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﲡﺰﻳﺌﻴﺔ ﻟﻺدراك ...وﻗﺪ ﺣـﺎول ﺑﺮﻟ tأن ﻳﺪﻋﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﺑﺄﺳﺲ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ وﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺻﻼﺑﺔ :ﻓﻌﻠـﻰ اﳉﺎﻧﺐ اﳋﺎص ﺑﺎCﺜﻴﺮ ﻗﺎم ﺑﺮﻟ tﺑﺎﻻﻣﺘﺪاد ﺑﺤﺪود اCﺜﻴﺮات ﻛﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻣﺘﻐﻴﺮات اCﻌﻠﻮﻣﺎت اCﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ،أﻣـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﳉـﺎﻧـﺐ اﳋـﺎص ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ،ﻓﺎﻣﺘﺪ ﺑﺮﻟ tﺑﺤﺪود اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻛﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اCﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻮﺟﺪاﻧـﻴـﺔ ،ﻛـﻤـﺎ أﻧـﻪ أﻋﺎد ﺗﻔﺴﻴﺮ اCﺒﺪأ اﻟﻘـﺪ& ﺣـﻮل »اﻟـﻮﺣـﺪة ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻨـﻮع« ﻓـﻲ ﺿـﻮء اﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ 189
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻲ Cﻨﺤﻰ ﻓﻮﻧﺖ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻔﻬﻮم »اﻻﺳﺘﺜﺎرة« اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻓﻲ اCﺦ .Arousal وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻜﻨﻨﺎ ﺗﻠﺨﻴﺺ أﻫﻢ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺑﺮﻟ tﻓﻲ ﻫﺬا اﻟـﺴـﻴـﺎق ﻋـﻠـﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ١ــ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻣﻴﺰ ﺑ tﻧﻮﻋ tﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ،وﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻨﺎﰋ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺮض Cﺜﻴﺮات ﻻ ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ،أي ﻻ ﺗﻜﻮن واﺿﺤﺔ اﻟﻨﻔﻊ أو اﻟﻀﺮر )ﻻﺣﻆ اﻟﺘﺄﺛﺮ اﻟﻮاﺿﺢ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﺴﻮف »ﻛﺎﻧﻂ«( وﻫﻤﺎ: )أ( اﻻﺳﺘﻜـﺸـﺎف اﻟـﻨـﻮﻋـﻲ أو اﶈـﺪد Specific Explorationﻛﻤﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،أو ﻃﺮح ﺳﺆال ﻣﺤﺪد ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﻌ tﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ إﺟﺎﺑﺔ ﻣﺎ Cﺸﻜﻠﺔ ﻣﺤﺪدة ﲢﻴﺮﻧﺎ. )ب( اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اCﺘﻌـﺪد أو اCـﺘـﻨـﻮع Diversive Explorationوﻳﻈﻬـﺮ ﻫـﺬا اﻟﺴﻠﻮك ــ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ــ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺸﺨﺺ اﻟـﺬي ﻳـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ اﻟـﺘـﺮﻓـﻴـﻪ أو اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ،ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﺨﻔﻒ ﻣﻦ اCﻠﻞ ،وﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺧﺒـﺮات ﺟـﺪﻳـﺪة ﻟﻠﺨﻼص ﻣﻦ ﻫﺬا اCﻠﻞ; أي ﺧﺒﺮات ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أ ﺎط ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اCﺜﻴﺮات ﺗﻜﻮن ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اCﻤﻴﺰة ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺜﺎرة اﳉﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﺎﺳـﺒـﺔ و ـﺘـﻌـﺔ ) .(١٣إن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ اCﺘـﻌـﺪد أو اCـﺘـﻨـﻮع ﻣـﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧـﺎص ﺑـﺎﻟـﺴـﻠـﻮك اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ، وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ ﺣﻔﻠﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،أو اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ اCﻨﺰل ،أو ﻣﺸﺎﻫﺪة أﺣﺪ اﻷﻓﻼم أو اCﺴﺮﺣﻴﺎت ،أو ﻗﺮاءة ﻗﺼﺔ ﻣﺸﻮﻗﺔ، أو اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ أﺣﺪ اCﻌﺎرض اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ...إﻟﺦ. ٢ــ ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎدت ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻔﻨﻲ واﻧﺘﺸﺎره ــ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ــ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻟﻰ اﻓﺘﺮاض ﻧﺸﻮء اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻔﻨﻲ أو ﻇـﻬـﻮره، ﻧﺘﻴﺠﺔ وﺟﻮد ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻴﺰة ﻟﻠـﺠـﻬـﺎز اﻟـﻌـﺼـﺒـﻲ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ. وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﻛﺪ ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻪ ﻋﻤﻮﻣﺎ أﻫﻤﻴﺔ اCﻔﻬﻮم »اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻲ« اCﺴﻤﻰ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ،وﻳﺘﻤﺜﻞ »ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة« اﳋﺎص ﺑﺄﺣﺪ اCﺜﻴﺮات ﻓﻲ درﺟﺔ »اﻟﻘﻮة اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄـﻴـﻊ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﻫـﺬا اﻟـﻨـﻤـﻂ أن ﻳـﻨـﺒـﻪ ،أو ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ اﻷﺟﻬﺰة اﳊﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ )اCﺘﻠﻘﻲ ﻟﻠﻔﻦ ﻣﺜﻼ( .وﺗﺪل ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﺎرة 190
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ اﻟﻨﺎﲡﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺘﻨﺒﻪ ،واﻟﻴﻘﻈﺔ ،واﻹﺛﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛـﺖ ﻟﺪى أﺣﺪ اﻷﻓﺮاد ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ،أو ﺗﻠﻘﻴﻪ ﻷﺣﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ. ﺧﻼل اﻟﻨﻮم ﻳﻨﺨﻔﺾ ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺳﺘﺜﺎرة ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﺘـﺬﺑـﺬب ﻫـﺬا اCـﺴـﺘـﻮى ﺧﻼل ﺣﻴﺎة اﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﻨﻬﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء اCﻮاﻗﻒ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ .وﻫﻮ ﻣﺴﺘـﻮى ﻳـﺪور ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺣﻮل ﻣﻌﺪل ﻣﺘﻮﺳﻂ .أﻣﺎ ﺧﻼل اﻟﻈﺮوف ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدﻳﺔ وﻏﻴﺮ اCﺘـﻮﻗـﻌـﺔ ﻛﺎﻟﺮﻋﺐ اﻟﺸﺪﻳﺪ واﳋﻮف اﻟﻌﻤﻴﻖ واﻟﺸﻐﻒ Passionأي اﳊﺐ ،أو اﻹﻋﺠﺎب اﻟﺸﺪﻳﺪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ ﺣﺪه اﻷﻗﺼﻰ ،وﺗﺼﺎﺣﺒﻪ ﺗﻐﻴﺮات ﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻌﻀﻠﻲ ،وزﻳﺎدة ﻧﺸﺎط اCﺦ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ ،وﺗﻐﻴﺮات ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺘﻨﻔﺲ وزﻳﺎدة ﺿﺮﺑﺎت اﻟﻘﻠﺐ...إﻟﺦ. وﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﻳﺰﻳﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻓﻲ اﳉﻬﺎز اﻟﻌـﺼـﺒـﻲ ﻣـﻦ ﺧـﻼل أ ﺎط ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اCﺜﻴﺮات اﳋﺎرﺟﻴﺔ وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬه اﻷ ﺎط اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ـــ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص ـــ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﺎ ﻳـﺴـﻤـﻰ aـﺜـﻴـﺮات اCـﻘـﺎرﻧـﺔ Collative ،(١٤)Variablesأي ﺗﻠﻚ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻹدراﻛﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﲢﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ اCﻘﺎرﻧﺔ ﺑ tﻋﻤﻠ tﺟﻤﺎﻟﻴ tأو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺧﺘﻴﺎر أو اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. وﻗﺪ أﺷﺎر ﺑﺮﻟ tإﻟﻰ أن اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴـﻬـﺎ اﻟـﻘـﻴـﻤـﺔ اﻟـﻠـﺬﻳـﺔ )اCﺘﻌﺔ أو اﻟﺴﺮور( واCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗـﺘـﺤـﻜـﻢ ﻓـﻲ ﻣـﺴـﺘـﻮى اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻓﻲ اﳉﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ ،وﻣﻦ ﺛـﻢ ﻓـﻘـﺪ ﺻـﺎغ اﻟـﻌـﻼﻗـﺎت ﺑـ tاﻟـﻘـﻴـﻤـﺔ اﻟﻼذة اﻟﺘﻲ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ داﺧﻠﻴﺎ واﻻﺳﺘﺜﺎرة اCﻤﻜﻨﺔ أو ﻣﺎ ﺳﻤﺎه ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﱠ Arousal Potentialاﳋﺎص ﺑﺎCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻨﺎ اﻹدراﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ» :ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻄﺎ ﻣﺜﻴﺮا ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺧﺼﺎﺋﺺ ا'ﻘﺎرﻧﺔ ا'ﻤﻴﺰة ﻟﻪ ـ ور~ـﺎ ﺧـﺼـﺎﺋـﺺ أﺧـﺮى ﻣـﻌـﻬـﺎ ـ ـ ﺑـﺈﻋـﻄـﺎﺋـﻪ ﻗـﻴـﻤـﺔ ﻟـﺬ ﻳﱠـﺔ ﻴﺰة«).(١٥ vـﻜـﻦ ﺗـﻌـﺮﻳـﻒ ﺟـﻬـﺪ اﻻﺳـﺘـﺜـﺎرة ﺑـﺄﻧـﻪ »ﻣـﻘـﺪار اﻻﺳـﺘـﺜـﺎرة اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ اﻟـﺘــﻲ ﻳﺴﺘﺼﺪرﻫﺎ ﻣﺜﻴﺮ ﺑﻌﻴﻨﻪ« .وﺗﺮﺳﻞ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ إﻟﻰ ﻗﺸﺮة اCﺦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺟﺰء ﻋﺼﺒﻲ ﻳﺴﻤﻰ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﺸﺒﻜﻲ ﻳﺒﺪأ ﻋﻨﺪ اCﺦ اﻟﻮﺳﻴﻂ. ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﻪ رواﺑﻂ اﺳﺘﺜﺎرﻳﺔ ﻣﺘـﺸـﻌـﺒـﺔ ،ﻛـﺬﻟـﻚ ،ﻣـﻊ اﻟـﻘـﺸـﺮة اﳉـﺪﻳـﺪة ،Neocortexوﺧﻼل ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺸﺮة اﳉﺪﻳﺪة )أو ﳊﺎء اCﺦ اﳉﺪﻳﺪ( ﺮ اﻷﻧﺴﺠﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺠﻬﺎز اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﺸﺒﻜﻲ ﻋﺒﺮ ﻣﺮاﻛﺰ اCﺦ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﺗﻨﺘﺞ 191
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ ــ وﺣﺴﺐ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ــ إﺣﺴﺎﺳﺎت ﺑﺎCﺘﻌﺔ أو اﻷﻟﻢ. وﻧﻈﺮﻳﺎ ﻳﻘﺎل إن اﻟﻌﺘﺒﺔ اﳋﺎﺻﺔ aﺮﻛﺰ اCﺘﻌﺔ أﻗﻞ ﻣـﻦ اﻟـﻌـﺘـﺒـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ aﺮﻛﺰ اﻷﻟﻢ ،أي أﻧﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﺮور أﺳﺮع ﻣﻦ ﺷﻌﻮرﻧﺎ ﺑﺎﻷﻟﻢ ،وﻳﻜﻮن اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻼذ اCﺮﺗﺒﻂ aﺜﻴﺮ ﻣﻌ tﻣﺤﺼﻠﺔ ﳉﻤﻊ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ ﻟﻬﺬﻳﻦ اCﺮﻛﺰﻳﻦ، ﱡ أي ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ )اﻟﺰاﺋﺪة( Cﺮاﻛﺰ اCﺘﻌﺔ ،واCﻨﺨﻔﻀﺔ )أو اﻷﻗـﻞ( Cـﺮاﻛـﺰ اﻷﻟﻢ) .(١٦وﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ aﻨﺤﻨﻰ ﻓﻮﻧﺖ ﺑﺎﻋﺘﺒـﺎر ﻫـﺬا اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ أول ﻣـﻦ أﺷﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. ٣ــ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘـﺜـﺎرة اﻟـﻌـﺼـﺒـﻴـﺔ ﻓـﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﻔﺎﻋﻠﻨﺎ ﻣﻊ اCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟـﺜـﻼث ﻓـﺌـﺎت ﻣـﻦ اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ: )أ( اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ )اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﳉﺴﻤﻴﺔ( ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات ،وﻫﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ واCﻜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ :ﻓﺎﻷﺿﻮاء اﻟﺒﺎﻫﺮة واﻷﺻـﻮات اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واCﺜﻴﺮات اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻫﻲ ،ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،أﻛﺜﺮ إﺣﺪاﺛﺎ ﻟﻼﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴـﺔ، وﻛﺬﻟﻚ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﺠﺄة ،أو اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﻐﻴﺮ ﺳﺮﻳﻌﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻟﻮان اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻛﺎﻷﺣﻤﺮ ﻣﺜﻼ. )ب( اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻹﻳـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ Ecologicalﻟﻠﻤﺜﻴﺮ :واﻟـﺘـﻲ ﺗـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﺗﺮاﺑﻄﺎت أو ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻊ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟـﺒـﻴـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ أو ﺷـﺮوط اﻟـﺒـﻘـﺎء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ; ﻓﺒﻌﺾ اCﺜﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪا ﻟﻠﺼﺤﺔ ،أو اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة ،ﺗﺮﻓﻊ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻓﻲ اﳉﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ ،وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺘﻬﺎ اﻷﻟﻢ اﳉﺴﺪي واﻷﺻﻮات اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،وﻇﻬﻮر اﻟﻄﻌﺎم )ﻛﻘﻴﻤﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ( أو ﻣﺼﺎدر اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ )ﻛﻘﻴﻤﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ(...إﻟﺦ. )ﺟـ( واﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻮﻋ tاﻟﺴﺎﺑﻘ tــ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ــ ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اCﺜﻴﺮات ،ﻓﺎﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻜﻦ أن ﲢﺪث ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﺜﻞ اﳉﺪة Noveltyواﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹدﻫـﺎش Surprisingnessواﻟﺘﺮﻛـﻴـﺐ Complexityواﻟﻐﻤـﻮض Ambiguityوﻣـﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻖ ﺑﺮﻟ tﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ ﻣـﺘـﻐـﻴـﺮات اCـﻘـﺎرﻧـﺔ .Collative Variablesﺣﻴﺚ ﻧﻘﻮم ﻫﻨـﺎ ﺑـﺎCـﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑـ tﻣـﺼـﺪرﻳـﻦ ،أو أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻣﺼﺎدر اCﻌﻠﻮﻣﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄ ﺎط اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬان اCﺼﺪران ﻣﻮﺟﻮدﻳﻦ اﻵن ،وﻗـﺪ ﻳـﻜـﻮن اﻷﻣـﺮ )ﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ اﳉـﺪة واﻟـﻘـﺪرة ﻋـﻠـﻰ 192
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
اﻹدﻫﺎش( ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ aﻼﺣﻈﺔ اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ،أو اﻻﺧﺘﻼف ﺑ tﺷﻲء ﻣﻮﺟﻮد اﻵن ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻨﺎ اﻹدراﻛﻲ )ﻟﻮﺣﺔ ﻣﺜﻼ( ،وﺷﻲء ﻛﻨـﺎ ﻗـﺪ ﺗـﻌـﺮﺿـﻨـﺎ ﻟـﻪ أو واﺟـﻬـﻨـﺎه ﻓـﻲ اCﺎﺿﻲ ،وﻓﻲ ﺣﺎﻻت أﺧﺮى )ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ( ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎCﻼﺣﻈﺔ واﻟﺘﺠﻤﻴﻊ واﻟﺘﻠﺨﻴﺺ ﻟﻠـﺨـﺼـﺎﺋـﺺ اCـﻤـﻴـﺰة ﻟـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ ﻋـﺪة ﻣﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘـﺰاﻣـﻦ ،أي ﻓـﻲ آن واﺣـﺪ ﻣـﻌـﺎ ) .(١٧وﺗﺮﺗﺒﻂ ﺧﺼـﺎﺋـﺺ اCﻘﺎرﻧﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺎﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺸﻜﻞ ،واﻟﺒﻨﻴﺔ ،واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ. ٤ــ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻮﺻﻞ ﺑﺮﻟ tوزﻣﻼؤه ﺑﻌﺪ دراﺳﺎت ﻋﺪة إﻟﻰ أن اCﺜﻴﺮات اﻟﺘـﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة )وﻣﻦ ﺧـﺼـﺎﺋـﺺ اCـﻘـﺎرﻧـﺔ( .ﻫـﻲ ﻔﻀﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وأن ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻀـﻴـﻞ ﺗـﺘـﻨـﺎﻗـﺾ ﻣـﻊ اﻟﺘـﻲ ﺗُ ﱠ ارﺗﻔﺎﻋﻨﺎ ،أو اﻧﺨﻔﺎﺿﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اCﺘﻮﺳﻄﺔ ــ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜـﺎرة ـــ ﻋـﻠـﻰ اCﺘﻐﻴﺮات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻘﺎرﻧﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻣﺘﺼﻼت أو أﺑﻌﺎد ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﺜﻞ :اCﺄﻟﻮف ــ اﳉﺪﻳﺪ ،اﻟﺒﺴﻴﻂ ــ اCﺮﻛﺐ ،اCﺘﻮﻗﻊ ــ اCﺪﻫﺶ ،اﻟﻮاﺿﺢ ــ اﻟﻐﺎﻣﺾ ،اﻟﺜﺎﺑﺖ ــ اCﺘﻐﻴﺮ...إﻟﺦ. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺰداد ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ زﻳﺎدة ﺗﺮﻛﻴـﺐ أو ﻏـﻤـﻮض اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﺜﻼ( ﻓﻴﻤﺎ وراء ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﺜﺎﻟﻴﺔ )اCﺘﻮﺳﻄﺔ( ﺗﻨﺨﻔـﺾ اCـﺘـﻌـﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻔﺘﺢ اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم إﺣﺴﺎﺳﺎت اﻟﻀـﻴـﻖ ورaـﺎ اﻷﻟـﻢ .ﻛـﺬﻟـﻚ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻧﺨﻔﺎض ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﺎﳉﺪة أو اﻟﻮﺿﻮح ﻋﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﺜﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎﻗﺺ اCﺘﻌﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻠﺬ¢ي ﻟﻠﺨﺒﺮة إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ اﳊﻴﺎد ،وﻣﻦ ﺛﻢ اCﻠﻞ واﻟﻨﻔﻮر .وﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﻓﺈن ﻫﺬا اCﻨﺤﻨﻰ ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻪ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻓﻮﻧﺖ ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﺗﻜـﻬـﻦ ﺑﺄن اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻠﺬ¢ي ﻟﻠﺨﺒﺮة ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺮﺗﺒﻂ ــ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ــ ﻣﻊ ﻛﺜﺎﻓﺔ اCﺜﻴﺮ أو ﺷﺪﺗﻪ. ﻓﺎﻟﺪرﺟﺔ اCﺘﻮﺳﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ ﻓـﻨـﻴـﺔ ﻣـﺜـﻼ ،ﻗـﺪ ﺗُﻔـﻀﱠﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺎت اﻷﻗﻞ واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺪرﺟﺎت اﻷﻛﺜﺮ ارﺗﻔﺎﻋﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ أو ﺣﺘﻰ اﻟﻐﻤﻮض .ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tﺧﺼﺎﺋﺺ اCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻋﻼﻗﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اCﻨﺤﻨﻴﺔ ﻻ اﻟـﻌـﻼﻗـﺔ اCـﺴـﺘـﻘـﻴـﻤـﺔ ) ،(١٨ﻓﺎCﺜﻴﺮات ذات اCـﺴـﺘـﻮى اCﺘﻮﺳﻂ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ واﻟﻐﻤﻮض واﳉﺪة واﻹدﻫـﺎش واﻟـﺘـﻐـﻴـﺮ...إﻟـﺦ ،ﺳـﻮف 193
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﺒﺘﻌﺚ ــ ﻛﻤﺎ رأى ﺑﺮﻟ ،tوﻛﻤﺎ أﺷﺎرت دراﺳﺎﺗﻪ ،ودراﺳﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﻪ ــ ﻗﺪرا أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎCﺜﻴﺮات ،أو اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﲢﺘﻮﻳﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ ،أو ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ ــ ﻫﺬا اCﻘﺪار ــ ﻋﻦ اﳊﺪ اCﺘﻮﺳﻂ ،وﻛﻠﻤﺎ زاد ﻫﺬا اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻠﻰ اﳊﺪ اCﺘﻮﺳﻂ أو ﺗﻨﺎﻗﺺ زادت ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﻮر ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل .وإن ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ اﳊﺎﻟ،t ﻓﺎﻷﻋﻤﺎل اﻷﻛﺜﺮ أﻟﻔﺔ وﺑﺴﺎﻃﺔ ووﺿﻮﺣﺎ...إﻟﺦ ،ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اCﻠﻞ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻨﻬﺎ ،أﻣﺎ اﻷﻋﻤﺎل اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺪة وﺗﺮﻛﻴﺒﺎ وﻏﻤﻮﺿﺎ...إﻟﺦ ،ﻓﺘﺜﻴﺮ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ اCﻌﺮﻓﻲ أو ﻋﺪم اﻟﻔﻬﻢ وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﻨﻔﻮر أﻳﻀﺎ .وﺧﻴﺮ اﻷﻣﻮر اﻟﻮﺳـﻂ ﻓـﻲ رأي ﺑﺮﻟ .tوإن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻮﺳﻂ ــ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ــ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﺄﻟـﺔ ﻣـﻌـﻠـﻘـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺮاغ، ﺗﺼﻠﺢ ﳉﻤﻴﻊ اﻷﻓﺮاد ،ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻋـﻤـﺎر واﻷﻧـﻮاع واﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺎت ،ﻓـﻤـﺎذا ﻋـﻦ اﳋﺒﺮة وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ? وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺪرﻳﺐ وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻤﺎ? ﻫﻞ ﻳﻈﻞ اCﺴﺘﻮى اCﺘﻮﺳﻂ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اCﺜﻴﺮ ﻣﺘﺴﻤﺎ ﺑﺎﳉﺎذﺑﻴﺔ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻸﺷـﺨـﺎص ذوي اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺜﻠﻬـﻢ ﻓـﻲ ذﻟـﻚ ﻣـﺜـﻞ اﻷﻓـﺮاد اﻟـﻐـﻔـﻞ ﻣـﻦ اﳋـﺒـﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،أو أﺻﺤﺎب اCﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻨﻬﺎ? ﻫﺬه وﻏﻴﺮﻫﺎ أﺳﺌﻠﺔ ﻟﻢ ﻳﻘـﺪم ﺑﺮﻟ tﻟﻬﺎ إﺟﺎﺑﺎت ﻣﻘﻨﻌﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳊﺎﻻت ،وﻫﻲ ﺗﺴﺎؤﻻت ﺗﺮﺗـﺒـﻂ ﻓـﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﺑﻔﺮوض ﻋﺪة ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻓﺮض اﻻﻧﺰﻳﺎح ﻋﻦ اCﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎم أو اﻟﺬوق اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ واﻟﻨﻘﺪ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻫﻮ ﻓﺮض ﺳﻨﺤﺎول أن ﻧﻌﺮض ﻟﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ. واﳋﻼﺻﺔ أن ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ ــ اﳋﺎص ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﳉﺪﻳـﺪة ـــ ﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺳﻤﻲ ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ اCﻘﺎرﻧﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑـﺄ ـﺎط اCـﺜـﻴـﺮ )وﻫﻲ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺷﻜﻠﻴﺔ أو ﺑﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﺮﻛﻴـﺐ ،أو اﻟﻮﺿﻮح ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻐﻤﻮض...إﻟﺦ( ﻛﻤـﺎ أن ﻫـﺬا اCـﻨـﺤـﻰ رﻛـﺰ أﻳـﻀـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺪاﻓﻌﻴﺔ واﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻟﻠﻔﻈﻲ وﻏﻴﺮ اﻟﻠﻔﻈﻲ اCﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻃﻤﺢ إﻟﻰ ﺗﺄﺳﻴﺲ رواﺑﻂ ﻗﻮﻳﺔ ﺑ tاﻟﻈﻮاﻫﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،ﻓـ »ﺑﺮﻟ «tﻣﺜﻼ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻬـﺪف إﻟـﻰ إﻟـﻘـﺎء اﻟـﻀـﻮء ﻋـﻠـﻰ اﻟﻈﺎﻫــﺮة اﳉﻤﺎﻟــﻴﺔ ﻓﻘــﻂ ،ﺑــﻞ ﻃﻤﺢ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ أن ﻳﻠﻘﻲ أﺿﻮاء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠـﻚ اﻷﺿـﻮاء اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻠـﻘـﻴـﻬـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻈـﺎﻫـﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ).(١٩ 194
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه أﻧﻪ داﺧﻞ اCﻨﺤﻰ اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﻴﺰﻳﻘﻲ ﻟﺪى ﻓﺨﻨﺮ وﻓﻮﻧﺖ ﻣﺜـﻼ، ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺘﻌﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ داﺧﻞ ﻣﻨـﺤـﻰ ﺑﺮﻟ tاﳉﻤﺎﻟﻲ اﳉﺪﻳﺪ ﻫﺬا اﻋﺘُﺒﺮت ﻫﺬه اCﺘﻌﺔ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻧﺤﻮ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺧﺎرﺟﻪ ،ﻓﻬـﻮ ﺳـﻠـﻮك ُﻳﻌﻤـﻢ وﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ aﻮﻗﻔﻪ اﳋﺎص اﶈﺪد ﻓﻘﻂ. اﻧـﺘـﻘــﺎدات وﺟـﻬــﺖ إﻟــﻰ ﻧﻈﺮﻳــﺔ ﺑﺮﻟـــ tوﻣﻔـﻬـــﻮم اﻟـﺠـﻤـﺎﻟـﻴــﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻋﺎﻣــﺔ: اﻧﺘﻘﺪت اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮﻟ tﻣﻦ ﺧـﻼل ﻋـﺪة ُ اﻋﺘﺒﺎرات :ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷول ﻣﻨﻬﺎ aﺰاﻋﻢ ﺑﺮﻟ tأن اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺗـﻄـﻤـﺢ إﻟـﻰ ﺗـﺄﺳـﻴـﺲ ﺻـﻼت ﻗـﻮﻳـﺔ ﺑـ tاﻟـﻈـﻮاﻫـﺮ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴــﺔ ،واﻟ ـﻈــﻮاﻫــﺮ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷﺧﺮى ،وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻛﻮﻧﻜﻨﻲ Conecniأن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اCﻨﻈﻮر ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻰ ــ ﻣﺜﻼ ــ ﻗﺪ ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻊ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﲢﺪث ﻓﻲ ﻓﺮاغ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ووﺟﺪاﻧﻲ وﻣﻌﺮﻓﻲ ،وﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟـﻨـﺎس ﺑـﺎCـﺜـﻴـﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،ﻓﺎCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ،ﻛـﻤـﺎ أﺷـﺎر ﻫـﺬا اﻟـﺒـﺎﺣـﺚ ،ﺷـﻲء ُﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﺧﻼل اﻟﺘﺪﻓﻖ اCﺴﺘﻤﺮ اﳋﺎص ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،ﻣﺜﻼ :ﻓﻲ اﶈﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واCﻄﺎﻋﻢ وﻓﻲ اCﻨﺰل واﻟﺴﻴﺎرة وﻗﺎﻋﺎت اﳊﻔﻼت...إﻟﺦ ،وﻟﻴﺲ ﺑt ﺟﺪران اCﻌﺎﻣﻞ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ).(٢٠ وﻳﺘﻌﻠﻖ اﻻﻋﺘﺒﺎر أو اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ aﺎ ذﻛﺮه ﻓﺮﻧﺴـﻴـﺲ Francesاﻟﻌﺎم ١٩٧٦ ﺣ tﺗﺸﻜﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﻌﻤﻴﻤﻴﺔ واﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﻠﻚ اCﻌﺎدﻟﺔ أو اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺑﺮﻟ tﺑ tﻣﺘﻐﻴﺮات اCﻘﺎرﻧﺔ وأﺣﻜﺎم اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ أو اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻼب واﻟﻌﻤﺎل اﻟﻴﺪوﻳ tﻓـﻲ ﺑﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ أن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tﻣﺘﻐﻴﺮات اCﻘﺎرﻧﺔ واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ واﺠﻤﻟﺮ ،ﱠ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ،وأن اﻟـﺘـﻌـﺮض اﻟﻔﺎرق وﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔC ،ﻌﺎﻳﻴﺮ وﻗﻴﻢ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ ﻫﻮ أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ).(٢١ وﻫﻨﺎك اﻧﺘﻘﺎد ﺛﺎﻟﺚ ﻳﻘﻮل إن اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ داﺧﻞ ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ ﻛﺎن ﺿﺌﻴﻼ وﻏﻴﺮ ﻣﻘﻨﻊ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻋﻠﻤﺎﺋﻪ ﺑﺪراﺳﺔ اﻷﻋﻤﺎل ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ، 195
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﳋﻄﻮط واCﺜﻴﺮات اﻟﺘﻲ ُﻛﻮﻧﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺼﻄﻨﻊ ﻷﻏﺮاض اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺒﺤﺚ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﺮﻟ tﻣﻘﺘﻨﻌﺎ ﺑﺄن اCﻨﺤﻰ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺛﻢ ﻳﺘﻘﺪم ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ، ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اCﻨﺎﻗﺸﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺑﺮﻟ tوزﻣﻼؤه ﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻷﻧﻮاع اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ﺗﺄﻣﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﻪ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺎﻓﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﺮوق اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ).(٢٢ وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻳﻠﺨﺺ ﻟﻨـﺪاور أﻫـﻢ اﻻﻧـﺘـﻘـﺎدات اﻟـﺘـﻲ ـﻜـﻦ أن ﺗـﻮﺟـﻪ إﻟـﻰ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﲡﺮﻳﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: أﻧﻬﺎ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻣﻮاد وﻣﺜﻴﺮات ﻣﺼﻄﻨﻌﺔ ،وﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﺑﺸﻜﻞ أﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻦ واﻗﻊ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وأﻧﻬﺎ أﻛﺪت ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ،وأﻫﻤﻠﺖ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻟﻪ ،وأﻧﻬﺎ أﻫﻤﻠﺖ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﻜﻴﻔﻴﺔ واﻟﻈﺎﻫﺮاﺗﻴﺔ ،ورﻛﺰت ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟـﻀـﺒـﻂ اﻟـﺘـﺠـﺮﻳـﺒـﻲ ،وأﻧـﻬـﺎ أﻫـﻤـﻠـﺖ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺪور اﻟﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،واﻟﻘﻴﻢ ،واﳉﻨﺲ )ذﻛﺮا أو أﻧﺜﻰ( واﻻﲡﺎﻫﺎت اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﺈن ﺑﺮﻟ tﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎن ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ وﻣﺆﻗﺘﺔ ،ﻛﻤﺎ أن إﺳﻬﺎﻣﻪ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ أﻧﻪ وﺟﻪ اﻻﻫﺘـﻤـﺎم ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ داﺧﻞ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ إﻟﻰ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺤﺪﺛﻪ اﻟﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴـﺔ ،وﺗـﺄﺛـﻴـﺮ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻓﻲ اﳉﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وﻋﻠﻰ دواﻓﻌﻪ وﺳﻠﻮﻛﻪ، ﻛﻤﺎ أن ﻣﻨﺤﺎه اﳉﺪﻳﺪ ﻫﺬا أدى إﻟﻰ ﺗﻔﻬﻢ ﻋـﺎم ﻳـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس أن اﻟـﻔـﻦ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﺎرة واﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﻌﺼﺒﻲ ،واﳊﺮﻛﻲ ،واﻟﺴﻠﻮﻛـﻲ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓﻬﻮ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺪم اﳊﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وارﺗﻘﺎﺋﻬﺎ. وﻗﺪ ﺣﺎﻟﺖ وﻓﺎة ﺑﺮﻟ tاCﺒﻜﺮة )ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻌﺔ واﳋﻤﺴ tﻣﻦ ﻋﻤﺮه( دون أن ﻳﻜﻤﻞ أﻫﺪاﻓﻪ اﻟﻄﻤﻮح ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺸﺎء ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺮاﺋﺪ ﻫﺬا أﺻﺒﺢ ﻣﺼﺪرا ﻹﻟﻬﺎم اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜ tاﻟﻨـﺸـﻄـ tﻓـﻲ ﻣﺠﺎل دراﺳﺔ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺧﺎﺻﺔ. وﺳﻮف ﻧﺮى اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮات ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺧﻼل ﻋﺮﺿﻨـﺎ Cـﻮﺿـﻮﻋـﺎت أﺧﺮى ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ :اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ، 196
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺸﻌﺮ ،وﻏﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم.
197
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
198
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
6اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﳌﻌﺮﻓﻴﺔ
»ﻟـﻴـﺲ ﻫـﻨـﺎك ﻣـﻦ ﻫـﻮ أﻛـﺜــﺮ إﺻـﺎﺑـﺔ ﺑـﺎﻟـﻌـﻤـﻰ ﻣــﻦ ﻫــﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺮوا«. »ﺟﻮﻧﺎﺛﺎن ﺳﻮﻳﻔﺖ«
ﻳﻔﺘﺮض أﺻﺤﺎب ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ اCﻌﺮﻓﻲ ﻓﻲ ﻋـﻠـﻢ اﻟﻨﻔﺲ أن اCﻌﺮﻓﺔ ﻜﻦ ﲢﻠﻴﻠـﻬـﺎ إﻟـﻰ ﺳـﻠـﺴـﻠـﺔ ﻣـﻦ اCﺮاﺣﻞ ،أو اﳋﻄﻮات ،ﲢﺪث ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﺘﻤﻴﺰة )ﻛﺎﻹدراك وﺗﺮﻣﻴﺰ اCﻌﻠﻮﻣـﺎت وﺗﺨﺰﻳﻨﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟـﺬاﻛـﺮة وﺗـﻜـﻮﻳـﻦ اCـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ واﳊـﻜـﻢ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟـﺼـﻮر Imageryوإﻧﺘﺎج اﻟﻠﻐﺔ واﺳﺘـﺪﻋـﺎء اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻦ اﻟﺬاﻛﺮة وﻏﻴﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت(. ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻳﻔﺘﺮﺿﻮن ﻛﺬﻟﻚ أن ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗـﺘـﺮك آﺛﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اCﻌﻠﻮﻣـﺎت اﻟـﻮاردة إﻟـﻴـﻬـﺎ ﻣـﻦ اCـﺪﺧـﻼت اﳊـﺴـﻴــﺔ Sensory inputsوﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓـﻲ اﻻﺳـﺘـﺠــﺎﺑــﺔ اﻟﻨﻬـﺎﺋـﻴـﺔ ) .(١ﻓﺴﺆال ﻣﺜـﻞ :ﻫـﻞ ﺗـﻌـﺮف أﻳـﻦ ﺗـﻮﺟـﺪ اﻷﻫﺮام? أو ﻣﺘﻰ ﺣﺪﺛﺖ اﳊﺮب اﻟﻌﺎCﻴﺔ اﻷوﻟﻰ? أو ﻣﺘـﻰ أُﺳﺴﺖ ﻣﺪرﺳﺔ »اﻟﺒﺎوﻫـﺎوس« ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻦ وﻣـﻦ أﺳﺴﻬﺎ? أو ﻣﻦ أﻧﺪرﻳﻪ ﺑﺮﻳﺘﻮن ...إﻟﺦ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻤﻠﻴﺔ إدراﻛﻨﺎ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ أو ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، أو ﻋﻤﻞ أدﺑﻲ ﻣﺘﻤﻴﺰ أو ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻤﻴـﺰ ،ﻛـﻞ ﻫـﺬا ﻳـﺒـﺪأ aـﺪﺧـﻼت ﺣـﺴـﻴـﺔ ﺳـﻤـﻌـﻴـﺔ أو ﺑـﺼـﺮﻳـﺔ )وأﺣ ـﻴــﺎﻧــﺎ ﻣﺪﺧﻼت ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺣﻮاس أﺧﺮى ﻛﺎﻟﺘﺬوق أو اﻟﺸﻢ أو اﻟﻠﻤﺲ( ،ﺛﻢ أن ﻫﺬه اCـﺪﺧـﻼت ﺗُﻌﺎﻟﺞ ﻣﻦ ﺧـﻼل ﺑـﻌـﺾ اCـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت اCـﻌـﺮﻓـﻴــﺔ ﻛــﺎﻹدراك ،واﻟ ـﺘــﺬﻛــﺮ، واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺼﻮر ،واﳋﻴﺎل ،واﻟﻠﻐﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺛﻢ ﺗﻜﻮن 199
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺗﻨﺎ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ،أو اﳊﺮﻛﻴﺔ ،أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ،أو اﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻴـﺔ ﻫـﻲ اﶈﺼﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻟﻬﺬه اCﻌﺎﳉﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺖ ﺑﺪاﺧﻠـﻨـﺎ )أي ﻓـﻲ اCـﺦ( ﻟﻬﺬه اCﺪﺧﻼت اﳊﺴﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﻨﺠﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال اﻷول ﺑﺎﻟﻘﻮل :ﻓﻲ اﳉﻴﺰة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،وﻋﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،١٩١٤وﻋﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﺎﻟﻘﻮل إﻧﻬﺎ اCﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄﻫﺎ ووﻟﺘﺮ ﺟﺮوﺑﻴﻮس ـــ اCﻬﻨﺪس اCﻌﻤﺎري اﻷCﺎﻧﻲ ـــ ﻓﻲ أCﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺛﻢ ﻫﺎﺟﺮ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ إﻟﻰ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻊ ﺻﻌﻮد اﻟﻨﺎزﻳﺔ ﻓﻲ أCﺎﻧﻴﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﲡﻤﻊ ﺑ tاﻟﻔﻨﻮن ﺿﻤﻦ إﻃﺎر ﻋﺎم ﺧﺎص ﺑﻔﻦ اﻟﻌﻤﺎرة ... إﻟﺦ .وﻋﻦ اﻟﺮاﺑﻊ :ﺷﺎﻋﺮ وﻧﺎﻗﺪ ﻓﺮﻧﺴﻲ واCﻨﻈﺮ واCﺆﺳﺲ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ...إﻟﺦ. ﻟﻘﺪ ﻇﻬﺮ اCﻨﺤﻰ اﻟﻌﻠﻤﻲ واCﺴﻤﻰ ﻮذج ﻣﻌﺎﳉﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت Information Processing Modelﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻈﺮوف واCﺘﻐﻴﺮات واﻷﺳﺒﺎب ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ: ١ـــ اﻟﻮﻋﻲ اCﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻔﺸﻞ ذرﻳﻌﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮت ﻋﻠﻰ ﻳﺪ واﻃﺴﻮن ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻓﺸﻼ أﻗﻞ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﺸﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﶈﺪﺛﺔ واﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟـﺖ أن ﺗﺨﺮج ﻣـﻦ ذﻟـﻚ اﻟـﺘـﺄﻛـﻴـﺪ اﻟـﻘـﺪ& )ﻟـﺪى واﻃـﺴـﻮن ﻣـﺜـﻼ( ﻋـﻠـﻰ اCـﺜـﻴـﺮات واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻓﻘﻂ ﺑﺄن ﺗﻀﻊ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ،أو اCﺘﺪاﺧﻠﺔ ﺑ tﻇﻬﻮر اCﺜﻴﺮات وﺻﺪور اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت; ﻛﺎﻟـﺪواﻓـﻊ )ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻌـﻞ ﻛـﻼرك ﻫـﻞ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻢ( ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻇﻠﺖ اﻟﺘﺼﻮرات واCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺘـﻲ ﻗـﺪﻣـﺘـﻬـﺎ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،واﳋﻴﺎل ،واﻹﺑﺪاع ،واﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﻨﻌﺔ ،أو ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺿﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ. ٢ــ ﻇﻬﻮر ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻻﺗﺼﺎل واﻟﺘﻘﺪم اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﳊﺎﺳﺐ اﻵﻟـﻲ ،أو اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ وﺛﻮرة اﻻﺗﺼﺎﻻت ،وﺗﻔﺠﺮ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮي ،ﺎ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻇﻬﻮر ﻓﺮع ﻣﻌﺮﻓﻲ ﻳﺴﻤﻰ »اﻟـﺬﻛـﺎء اﻻﺻـﻄـﻨـﺎﻋـﻲ« ،Artificial Intelligenceوﻇﻬﻮر ﻣﺤﺎوﻻت ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺎذج ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﻨﺎﻇﺮ ﺑ tاﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺸﺮي واﻟﻌﻘﻞ اﻵﻟﻲ ،وﻣﻊ وﺿﻊ اﳋﺼﻮﺻﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻌﻘﻞ اﻟﺒﺸﺮي ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل. ٣ــ ﻇﻬﻮر ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻠﻐﻮﻳﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻧﻈـﺮﻳـﺔ اﻟـﻨـﺤـﻮ اﻟـﺘـﺤـﻮﻳـﻠـﻲ 200
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
Transformational Grammerﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻇﻬﻮر أﺳﺎﻟﻴﺐ وﻧﻈﺮﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﲢﺎول ﻓﻬﻢ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﻠﻐﺔ وﻛﻴﻔﻴﺔ إﻧﺘﺎﺟﻬـﺎ )ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟﻜﻼم( أﻳﻀﺎ. ٤ــ اﻟﺘﻨﺎﻣﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﺒﺤﻮث اﻟﺬاﻛﺮة واﻟﺘﺬﻛﺮ ،وﻇﻬﻮر أﻧﺴﺎق و ﺎذج ﺟﺪﻳﺪة ﲢﺎول أن ﻴﺰ ﺑ tاﻷﻧﻮاع اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺬاﻛﺮة ،وأن ﺗﻜﺘﺸﻒ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﺠﻤﻟﻬﻮﻟﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ).(٢ ٥ــ ﻇﻬﻮر ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻨـﻔـﺲ اCـﻌـﺮﻓـﻲ Cognitive Psychologyواﻟﺬي ﺗﺆرخ ﺑﺪاﻳﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎم ،١٩٦٧ﺣ tﻇﻬﺮ أول ﻛﺘﺎب ﻳﺤﻤﻞ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴـﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ أوﻟﺮﻳﻚ ﻧﺎﻳﺴﺮ ،O.Neisserذﻟﻚ اﻟﺬي ﻗﺎل إن »ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﲢﻮﻳﻞ اCﺪﺧﻞ اﳊﺴﻲ ،واﺧـﺘـﺰاﻟـﻪ واﻟﻜﺸـﻒ ﻋـﻨـﻪ« ) .(٣وﻗﺪ ﻛﺎن ﻇﻬﻮر ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻣﺤﺼـﻠـﺔ ﻟـﻠـﻌـﻮاﻣـﻞ اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ﻋﻠﻰ اCﻨﺤﻰ اﳋﺎص aﻌﺎﳉﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت، ﺑﻞ إﻧﻪ ،أي ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻲ ،ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳـﺎس ﻫـﺬا اCـﻨـﺤـﻰ ،ﻳـﺆﺛـﺮ ﻓـﻴـﻪ وﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺣﺪث ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﺧﺎص?
اﳌﻨﺤﻰ اﳌﻌﺮﻓﻲ واﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ
ﺣ ﱠـﻮل أﺻﺤﺎب اﻻﲡﺎه اﻟﺬي ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻪ ﺳـﺎﺑـﻘـﺎ واCـﺴـﻤـﻰ »اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة« اﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴـﺰ ﻋـﻠـﻰ اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اﳋـﺎرﺟـﻴـﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،إﻟﻰ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واCﻔﺎﻫﻴﻢ اCﻌﺮﻓﻴـﺔ اCـﺮﺗـﺒـﻄـﺔ ﺑـﺈدراك ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ وﻣﻌﺎﳉﺘﻪ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻇﻬﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ اﻟﻮاﺿﺢ aﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﺜﻞ :اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اCﻌﺮﻓﻲ Cognitive Representationواﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ Cognitive SchemataواCﻮاءﻣﺔ Accommodationواﻟﺘﻤﺜـﻞ Assimilationواﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ Cognitive Strategiesواﻟﺼﻮر اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .Imagesوﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻗﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب )ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﺎدم(. وﺗﺘﻮازى ﻫﺬه اﻟﺘﻄﻮرات ﻣﻊ ﺗﻴﺎرات ﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺣﻴﺚ أﺻﺒﺤﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ Cﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻌﻠـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ اCـﻌـﺮﻓـﻲ .وﻗـﺪ أدى اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم اCﺘﺰاﻳﺪ aﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﺜﻞ اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت واﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠـﻴـﺎت واﻟـﺼـﻮر اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ إﻟـﻰ ﻇﻬﻮر ﺗﺼﻮرات ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻔﻦ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻜﺜﻴﺮة ،واCﺘﻨﻮﻋﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل اﻵن. 201
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻗﺪ ﺷﺎع اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ« وﻣـﺎ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﻪ ﻣـﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ واﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ .واﺨﻤﻟﻄﻄﺎت ﻫﻲ »أﻃﺮ ﺗﺼﻮرﻳﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻣﺴﺒﻘﺎ ،أو ﻫﻲ ﺗﻬﻴﺆات أو اﺳﺘﻌﺪادات ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻳﺘﻤﻜﻦ اCﺮء ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة«، إﻧﻬﺎ »أﻃﺮ« Framesﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻦ إﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺪاث واCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﺷﺨﺎص ،وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ أﻃﺮا ﺛﺎﺑـﺘـﺔ أو ﺳـﺎﻛـﻨـﺔ ،ﻓـﻤـﻦ ﺧـﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اCﻮاءﻣﺔ واﻟﺘﻤﺜﻞ اﻟﺘﻲ اﻗﺘﺮﺣﻬﺎ ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ ُﺗَﻌﱠﺪل ﻫﺬه اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺗﻔﺼﻴﻼ وﺗﺒﻠﻮرا .إن ﺷﻜﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳋﺎص ﻟﻠﻤﻌـﻠـﻮﻣـﺎت ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ اCﺪى ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜـﻢ ﻓـﻲ اﺳـﺘـﺨـﺪام ﻫـﺬه اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺪﻣﺞ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤـﻴـﻪ اﻟـﻌـﻠـﻤـﺎء اﻵن ﺑﺎﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ. ﺗﻌﺘﺒﺮ اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﳋﺎﺻﺔ aﻮﺿﻮع ﻣﻌ،t أو ﺑﻔﻜﺮة ﻣﻌﻴﻨﺔ ،أو aﺸﻬﺪ ﻣﻌ .tﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ اCﺸﻬﺪ اﳋﺎص ﺑـﺄﺣـﺪ اﻟﺸﻮارع ﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﻤﺨﻄـﻂ اﳋـﺎص ﺑـﻬـﺬا اﻟـﺸـﺎرع ﻓـﻲ اﻟﺬاﻛﺮة ،وﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﺨﻤﻟﻄﻂ ﺑﺘﺰوﻳﺪﻧﺎ ﺑﺎCﻌﻠﻮﻣﺎت اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﺸﺎرع. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﺸﺎرع ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮم ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ » ﺜﻞ« ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﺨﻤﻟﻄﻂ اCﻌﺮﻓﻲ اCﻨﺎﺳﺐ ﻟﻪ )وﻳﺤﺪث اﻟﺸﻲء ﻧﻔـﺴـﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎص واﻷﻓﻜﺎر واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ...إﻟﺦ( .أﻣﺎ إذا ﻣﺎ ﻏﺒﻨﺎ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺸﺎرع ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺛﻢ ﻋﺪﻧﺎ ﻟﻨﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻـﻴـﻞ واﻟـﺘـﻐـﻴـﺮات اﳉﺪﻳﺪة ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﳋﺼﺎﺋﺺ واﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻘﺪ ﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘـﻮم ﺑـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ »ﻣﻮاءﻣﺔ« ﻟﻠﻤﺨﻄﻂ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﳋﺎص ﺑـﻬـﺬا اﻟـﺸـﺎرع ،أي ﻧـﻘـﻮم ﺑـﺘـﻌـﺪﻳـﻞ ﻫـــﺬا اﺨﻤﻟﻄــﻂ اCﻌﺮﻓــﻲ أواﻟﻌﻘﻠــﻲ ﺣﻮﻟـــﻪ ﻛـــﻲ ﻳﺘﻨﺎﺳــﺐ ﻣــﻊ ﻫـــﺬه اﻟـﺘـﻐـــــﻴـــــﺮات اﳉﺪﻳــﺪة ﻓﻴـﻪ ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﻧﻘـﻮم ،ﻓـﻲ اﻟﻮﻗـﺖ ﻧﻔـﺴــﻪ) ،أو ﻋﻠـﻰ ﻧﺤـﻮ ﻣﺘﻌﺎﻗـﺐ( ﺑـ » ﺜﻞ« اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻘﺪ ﺔ ،داﺧﻞ اﻹﻃﺎر ،أو اﺨﻤﻟﻄﻂ اﳉﺪﻳﺪ .وﻟﻜﻦ اﻓﺘﺮض أﻧﻨﻲ ﻏﺒﺖ ﻋﻦ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ أو ﻗﺮﻳﺘﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺛﻢ ﻋﺪت ﻷﺟﺪ أن ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ اCﻤﻴﺰة ﻗﺪ ﺗﻐﻴﺮت ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﺬري ،وأن اﻟﺸﺎرع اﻟﻘﺪ& ﻗﺪ اﺧﺘـﻔـﻰ ـﺎﻣـﺎ، وﺣﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺷﺎرع ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ،ﻓﺈن ﻋﻤﻠﻴﺔ »اﻟﺘﻤﺜﻞ« ﻫﻨﺎ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺔ »اCﻮاءﻣﺔ« ﻫﻲ اCﻄﻠﻮﺑﺔ أﻛﺜﺮ ،وﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻫﺬه ﺗﻜﻮن ﻣﺨﻄﻄﺎ ،أو ﻣﺨﻄﻄﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻨﺎﺳﺐ ﻫﺬا اﻟﺸﺎرع اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ أن ﺗﺨﻠﻖ ،أو ¢ 202
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
اﳉﺪﻳﺪ .وﻳﺤﺪث اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻰ ﻣﺪن ﻟﻢ ﻧﺰرﻫـﺎ ﻣـﻦ ﻗـﺒـﻞ، ﻧﻜﻮن ﻣﺨﻄﻄﺎت وﻧﻌﺮف أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ¢ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺣﻮل ﺷﻮارﻋﻬﺎ ،وﻣﺒﺎﻧﻴﻬﺎ ،وأﻣﺎﻛﻨﻬﺎ اCﻬﻤـﺔ )وﺗـﺴـﻤـﻰ ﻫـﻨـﺎ ﺑـﺎﳋـﺮاﺋـﻂ اCﻌﺮﻓﻴﺔ( ،ﺑﻞ وﺣﺘﻰ ﺣﻮل اﻟﺴﻤﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﺴﻜﺎﻧﻬﺎ .إن اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ اﳋﺒﺮة ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻣﻨـﺬ ﺑـﺪاﻳـﺔ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻋﻴﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻋﻘﺐ اﻟﻮﻻدة ،ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ¢ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺮوﻧﻪ ،وﻳﺴﻤﻌﻮﻧﻪ ،وﻳﺘﺬوﻗﻮﻧﻪ ،وﻳﻠﻤﺴﻮﻧﻪ ،وﻳﺸﻤﻮﻧﻪ ،وﺣﻮل اﳊﺮﻛﺔ واﻹﻣﺴﺎك ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء ،واﻟﻜﻼم ،واﻟﻀﺤﻚ ،واﻟﻠﻌﺐ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت. وﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ ﺗﻔﺎﻋﻼت اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ aﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻔﻴـﺰﻳـﻘـﻲ )اCـﻜـﺎن وﻣـﺎ ﻓﻴﻪ( ،وaﻌﻨﺎﻫـﺎ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ )اﻵﺧـﺮﻳـﻦ( ،ﺗـﺘـﺤـﻮل اﺨﻤﻟـﻄـﻄـﺎت اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ إﻟـﻰ ﻣﺨﻄﻄﺎت أﻛﺜﺮ ﺎﻳﺰا وﺗﻔﺼﻴﻼ ،ﻫﻨﺎ ﻳﻔﻀﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴـﻬـﺎ اﺳﻢ »اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اCﻌﺮﻓﻲ« .ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻤﻴﺰ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اCﻌﺮﻓﻲ ﻋﻦ اﺨﻤﻟﻄﻂ اCﻌـﺮﻓـﻲ ﻓﻲ أن اCﻔﻬﻮم اﻷول أﻛﺜﺮ اﻣﺘﻼء ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ وأﻗﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻫﺬا ﻋﻦ دور اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت وأﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓـﻲ اﳊـﻴـﺎة ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ،ﻓـﻤـﺎذا ﻋـﻦ دورﻫﺎ ﻓﻲ إدراك اﻟﻔﻨﻮن وﺗﺬوﻗﻬﺎ? إﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮى ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ،أو ﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،أو ﻧﻘﺮأ ﻋﻤﻼ أدﺑﻴﺎ ...إﻟﺦ ،ﻧﻘﻮم أﻳﻀﺎ ﺑﺘﻨﺸﻴﻂ اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻛﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻧﻘﻮم »ﺑﺘﻤﺜﻠﻬﺎ« داﺧﻞ اﻟﺒﻨﻴﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،أو اﺨﻤﻟﻄﻂ اﳋﺎص ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ اCﺪى ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﺎﻣﺎ وﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ أي ﺟﺪﻳـﺪ ﻗـﺪ ﻧـﺸـﻌـﺮ ﺑﺎCﻠﻞ ،وﻻ ﻧﻮاﺻﻞ اﻟﺮؤﻳﺔ ،أو اﻻﺳﺘﻤﺎع ،أو اﻟﻘﺮاءة .أﻣـﺎ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﺗـﻜـﻮن ﻫـﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﺎﻣﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﺤﺎول ﻣﻮاءﻣﺔ )ﺗﻌﺪﻳﻞ( اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻮﺟﻮدة ﻟﺪﻳﻨﺎ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ ،ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،أو ﻗﺪ ﻧﻘﻮم ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﻣﺨـﻄـﻄـﺎت ﻣـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺣﻮﻟﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﻓﺸﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا وذاك ﻗﺪ ﻧﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،وﻻ ﻧـﻮاﺻـﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق ،أو اﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ ﻟﻪ. إﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮم ،ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻮاﺟﻪ ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﺑﺘﻨﺸﻴﻂ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ،وﺑﻌﻀﻬـﺎ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن ﻧﻔﺴﻪ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ ﺧﺎص ﺑﺎCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ،أو اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎش ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ،وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺬي أﺑﺪع ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻪ 203
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻌﻤﻞ ،إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت أو اﻷﻃﺮ واﻟﺘﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺰاﻳﺪ اCﻌﻠﻮﻣﺎت أي اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اCﻨﺎﺳﺒﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ ﺗﺘﺤـﻮل إﻟـﻰ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻣﻊ اﺳﺘﺜﺎرة ﻫﺬه اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺘﺰاﻣﻨﺔ وﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﺘﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺗﻮﻗﻌﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ وﲢﺪث ﻟﺪﻳﻨﺎ اﺳﺘﺒﺼﺎرات أو ﻋﻤﻠﻴـﺎت ﻓﻬﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﺑﻌﺾ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﺣﻮﻟـﻪ، وﻫﺬه اﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت أو اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﳋﺎﺻﺔ ﻫﻲ ﻣـﺎ ُﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻓـﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻔﻬﻢ أو اﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أو ذاك. ﻳﺸﺘﻤﻞ اﺨﻤﻟﻄﻂ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻷﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻫﺬه ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ ﺿﻮء اCﺪارس ،واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻔﻨﻴـﺔ ،وﻫـﺬه ﺑـﺪورﻫـﺎ ﺗـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻛـﺬﻟـﻚ ﻋـﻠـﻰ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻓﻨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎﻧ tاﻷﻓﺮاد ،وﻫﻜﺬا ﺗﺴﺘﻤﺮ اﻟﻌﻤﻠـﻴـﺔ وﺗـﺘـﺸـﻜـﻞ ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻋﺪة ﻳﺼﻌﺐ ﺣﺼﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﺎﻣﻊ ﻣﺎﻧﻊ. وﻓﻲ اﻷﺷﻜﺎل اCﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ ﻳﺘﺄﺛﺮ »اﺨﻤﻟﻄﻂ اﻟﻔﻨﻲ« aﻌﺮﻓﺔ اCﺮء اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﻮل اﻟﻔﻦ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻣﺜﻼ ﻫﻮ ﻟﻮﺣﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎن دﻳﺠـﺎ، ﻓﺈن اﺨﻤﻟﻄﻂ اﻵﺧﺮ اﳋﺎص ﺑﺎCﺪرﺳﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮﻳﺔ ،أو اﻻﻧـﻄـﺒـﺎﻋـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻦ ُﻳﻨـﺸﱠﻂ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠـﻮﺣـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﻔـﻨـﺎن أﻧـﺪي وارﻫـﻮل A.Warholﻓـﺈن اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اﳋﺎﺻﺔ aﺎ ﻳﺴﻤﻰ اﻟﺒﻮب آرت أو اﻟﻔﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ) Pop Art (٤ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺘﻢ ﺗﻨﺸﻴﻄﻬﺎ ،وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠـﻔـﻨـﺎن روﺑـﻨـﺰ ،ﻓـﺈن اﺨﻤﻟـﻄـﻄـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺸﻂ .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أن ﻫﺬه اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت aﺪرﺳﺔ اﻟﺒﺎروك) (٥ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ُﺗَﻨ ﱠ ﻫﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻬﻢ ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ اCﺘﺮاﻛﻤﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺣﻮل اﻟﻔـﻦ ) (٦وأﻧﻪ ﻣﻦ دون ﻫﺬه اCﻌﺮﻓﺔ ،أو اﳋﺒﺮة اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﺼﻌﺐ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق ﺑﻞ ﻗـﺪ ﺗـﻜـﻮن ﻣـﺴـﺘـﺤـﻴـﻠـﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ أو ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ. ﻟﻘﺪ وﺻﻒ »ﻧﺎﻳﺴﺮ« اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﺑﻨﻴﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺗﻌﺪ اﻟﻔﺮد اﻟﻘﺎﺋـﻢ ﺑﺎﻹدراك ﻟﻘﺒﻮل أﻧﻮاع ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻣﻦ ﺛـﻢ ﻓـﺈﻧـﻬـﺎ ﺗﻘﻮم ،ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ،ﺑﺎﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺳﻠﻮك اﻟﺮؤﻳﺔ أو اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ« ).(٧ وﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎد اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم »اﺨﻤﻟﻄﻂ اCﻌﺮﻓﻲ« ﻫﺬا ،ﻓﻤﺜﻼ درس ﺑﺮات Prattﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﺴﺦ ﻟﺮﺳﻮﻣﺎت ﻣﻮﺟﻮدة أﻣﺎم اCﺮء وﺳﺠﻞ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌ ،tوﻫﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ وﻛﺬﻟـﻚ ﺣـﺮﻛـﺎت اﻟﻴﺪ ،وأدى ﺑﻪ ﻫﺬا إﻟﻰ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ اﻟﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ 204
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
ﺗﻔﺼﻞ ﺑ tاﻟﺮؤﻳﺔ واCﻌﺮﻓﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻃﺮح ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره، »ﻧﺸﺎط اﻟﺮؤﻳﺔ اCﻮﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻌﺮﻓـﺔ« ) .(٨ﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻗﺮﻳﺒﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤـﻮ ﻣﺎ ،ﺎ ﻗﺪﻣﻪ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اCﻌﺮوف »ﻣﻴﺮﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ« ﻓﻲ رؤﻳﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻮﺣﺪة اﻹدراك أو اCﻌﺮﻓﺔ. وﻫﻨﺎك وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺎﺛﻠﺔ ﻟﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺑﺮات ﻃﺮﺣﻬﺎ داوﻟﻨﺞ Dowlingﻓﻲ دراﺳﺘﻪ اﻟﺘﺘﺒﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻨﺎء اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،ﺣ tأﻛﺪ دور ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻻرﺗﻘﺎء وﻛﺬﻟﻚ اCﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﻠﻜﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻋﺮف داوﻟﻨﺞ اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اﻻرﺗﻘﺎء ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﱠ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »أ ﺎط ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ اﺠﻤﻟـﺮدة ﺗـﻜـﻮن ﻣـﻮﺟـﻮدة ﻟﺪى اCﺴﺘﻤﻌ tﺣﻮل اﻟﺒﻨﻴﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ« ).(٩ ﻛﺬﻟﻚ اﻋـﺘـﻤـﺪ ﺑـﻮرﺳـﻴـﻞ Purcellﻋﻠﻰ ﻣﻔـﻬـﻮم »اﺨﻤﻟـﻄـﻂ« ﻓـﻲ ﻣـﻨـﺎﻗـﺸـﺘـﻪ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وﻃﻮر ﻮذﺟﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴـﺌـﻴـﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻼﺣﻘﺔ ،أو اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻼﺣﻖ اﻟـﺬي ﻳـﻨـﺘـﺞ ﺑـﺪوره ﻋﻦ اﻟﺼﺮاع ﺑ tاCﺜﻴﺮ اﳊﺎﻟﻲ وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﻗﻌﺎ ﻗﺒﻠﻪ ،وﻫـﻮ ﻳـﺆﻛـﺪ ﻛـﺬﻟـﻚ دور اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت ﻓﻲ ﺣﻞ ﻫﺬا اﻟﺼﺮاع ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،أو ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳـﺒـﺔ ،وﻳـﺆﻛـﺪ أﻳﻀﺎ اﻟﺪور اﻟﺒﺎرز ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟـﻌـﻘـﻠـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻠـﻌـﺐ اﺨﻤﻟـﻄـﻄـﺎت دورا ﻛﺒﻴﺮا ،ﻓﻴﻬﺎ ،وﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اCﺜﻴﺮ اﻟﺬي ﻧﺘﻌﺮض ﻟﻪ ،أو ﻧﺪرﻛﻪ ﺣﺎﻟﻴﺎ ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻪ ﺑﻘﺎﺋﻤﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻘﺎرﻧـﺘـﻪ ﺑﺎﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔــﺔ ﺣﻮﻟــﻪ واﻟــﺘﻲ ﺗﺘﺴــﻢ ﺑﻜﻮﻧــﻬﺎ ﻣﺮﻧــﺔ ،وﻧﺴﺒﻴــﺔ، وﻣﻨﻈــﻤــﺔ ﺑﺸــﻜــــﻞ ﺗﺪرﻳﺠــــﻲ ،أو ﻫﻴــﺮارﻛــﻲ ،ﻛﻤــــﺎ أﻧﻬــﺎ ﺗﻠﻌﺐ دورا ﻣـﻬـﻤـﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴــــﺎت اﻟﺘﻔــﻀﻴــﻞ اﳉﻤﺎﻟــﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﳋﺎص ﺑﺒﻌﺾ اCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ).(١٠ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﺬه أﻣﺜﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻓﻘﻂ ﻻﺳﺘﺨﺪام ﻣﻔﻬﻮم »اﺨﻤﻟﻄﻂ اCﻌﺮﻓﻲ« ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ .وﻗﺪ وﻗﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻣﻨﻪ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﺘﺤﻔﻈﺎ ورﻓﻀﻪ آﺧﺮون ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺻﺮﻳﺢ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﺜﻼ ،ﺟﻴـﻤـﺲ ﺟـﻴـﺒـﺴـﻮن اﻟﺬي رﻓﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻼﺷﻌﻮر ،واﻻﺳﺘﺪﻻل ،واﺨﻤﻟﻄﻄﺎت ،وﻏﻴﺮﻫﺎ، وﻗﺎل إن اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،وإﻧﻬـﺎ ﺗـﻜـﻮن ﺿـﺮورﻳـﺔ وﻛـﺎﻓـﻴـﺔ ﳊﺪوث ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹدراك ،وإن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹدراك ﻫﻮ أن ﻳﻠﺘﻘﻂ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،دو ﺎ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﺸﻐﻴﻞ 205
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،ودو ﺎ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ إﺿﺎﻓﻴﺔ ،ﻛـﺎﺨﻤﻟـﻄـﻂ أو اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ).(١١ وﻫﺬه ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻗﺎﺻﺮة ،ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﺨﺘﻠﻒ اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻛﺜﺮ ﺧـﺒـﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻦ ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻗﻞ ﺧﺒﺮة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻬﺎن ﻣﺜﻼ ،ﻟﻮﺣﺔ ﻟﺒﻴﻜﺎﺳﻮ? ﻫﻞ ﻳﻜﻔﻲ أن ﻳﻘﻮم ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑـ »اﻟﺘﻘﺎط« اCﻌﻠﻮﻣﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﻬـﺬه اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻫﻞ ﺳﻴﻜﻮن »ﻣﺎ ﻳﻠﺘﻘﻄﻪ« أﺣﺪﻫﻤﺎ )اﻷﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة( ﺎﺛﻼ Cﺎ ﺳﻴﻠﺘﻘﻄﻪ اﻵﺧﺮ )اﻷﻗﻞ ﺧﺒﺮة(? إن اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﻬﺬه اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اCﻔﺎﻫﻴﻢ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺷﺪﻳـﺪة اﻷﻫـﻤـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﺬوق، واﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻨﻲ.
اﳌﻨﺤﻰ اﳌﻌﺮﻓﻲ واﻟﺮﻣﻮز اﻟﻔﻨﻴﺔ )ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻧﻴﻠﺴﻮن ﺟﻮدﻣﺎن(
ﺗﺄﺛﺮت اﻟﺒﺤﻮث اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴـﺔ اﻟـﻔـﻦ ـــ واﻟـﺘـﻲ اﻫـﺘـﻤـﺖ ﺑﺎﻟﺮﻣﻮز ــ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒـﻴـﺮة ﺑـﺠـﻬـﻮد اﻟـﻔـﻴـﻠـﺴـﻮف اﻷﻣـﺮﻳـﻜـﻲ ﻧـﻴـﻠـﺴـﻮن ﺟـﻮدﻣـﺎن N.Goodmanﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ »ﻟـﻐـﺎت اﻟـﻔـﻦ« Languages of Artﺧـﺎﺻـﺔ واﻟﺬي ﻇﻬﺮ اﻟﻌﺎم .١٩٧٦وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺮﻣﺰ ﻣﺘﺪاوﻻ ﻗﺒﻠﻪ ــ دون ﺷﻚ ــ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻔﻨﻲ وﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ )ﻟﺪى إرﻧﺴﺖ ﻛـﺎﺳـﻴـﺮر ،وﺳـﻮزان ﻻﳒﺮ ﻣﺜﻼ( وﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴـﺔ )ﻟـﺪى ﻓـﺮوﻳـﺪ وﻳـﻮﱋ ﻣـﺜـﻼ(. ﻟﻜﻦ ﻛﺘﺎب »ﺟﻮدﻣﺎن« ﻫﺬا ﻴﺰ ﺑﺈﻳﻀﺎﺣﻪ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اCﻌﺎﻧﻲ اﳋﺎﺻﺔ aﺼﻄﻠﺢ اﻟﺮﻣﺰ ،واﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻨﺎ اﳊﺎﻟﻲ أﻧـﻪ ﻗـﺪ ﺗـﺮﺗـﺐ ﻋـﻠـﻴـﻪ اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻗﺪ ﻧﻈﺮ ﺟﻮدﻣﺎن إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ أﻧﺴﺎﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻮز ،وﻋﻘﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﺑ tاﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ اﻟـﺒـﺼـﺮي واﻟﻮﺻﻒ اﻟﻠﻔﻈﻲ ،وﻗﺎل إن ﻗﺮاءة اﻟﻠﻮﺣﺎت وﻗﺮاءة اﻟﻨﺼﻮص ﺗﺸﻤﻼن ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻴﻴﺰ وإﺣﺎﻃﺔ ﺑﺼﺮﻳﺔ ،وإن اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴـﺔ ﻫـﻲ ﺧـﺒـﺮة دﻳـﻨـﺎﻣـﻴـﺔ وﻟـﻴـﺴـﺖ ﺧﺒﺮة ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﺳﺎﻛﻨﺔ ،وإﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺘﻤﻴﻴﺰات دﻗﻴﻘﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺒﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﺮﻫﻔـﺔ اﻟـﺪﻗـﻴـﻘـﺔ ،وﻋـﻠـﻰ ﲢـﺪﻳـﺪ ﻟـﻸﻧـﻈـﻤـﺔ اﻟـﺮﻣـﺰﻳـﺔ واﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻬﺎ داﺧﻞ اﻷﻧﺴﺎق اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺗـﺸـﻴـﺮ إﻟـﻴـﻪ ﻫـﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ وﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻤﺜﻴﻠﻪ وﺗﻔﺴﻴﺮه ﻣﻦ أﻋﻤﺎل; وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻌﺎد ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻳﻌﺎد ﺗﻨـﻈـﻴـﻢ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺿـﻮء اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ أﻳﻀﺎ).(١٢ واﻟﻨﺸﺎط اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ رأي ﺟﻮدﻣﺎن ﻫﻮ ﻧﺸﺎط ﺑﺎﺣﺚ وﻓﺎﺣﺺ ﻻ ﻳﻘﺮ ﻟﻪ 206
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
ﻗﺮار ،إﻧﻪ إﺑﺪاع وإﻋﺎدة ﻟﻺﺑﺪاع ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺘﺴـﺎءل ﺟـﻮدﻣـﺎن :ﻣـﺎذا ـﻴـﺰ ﻫـﺬا اﻟﻨﺸﺎط اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اCﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء ﻣﺜﻞ اﻹدراك واﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺎدي واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ? وﻳﺠﻴﺐ ﺑﻘﻮﻟﻪ »إن إﺣﺪى اﻹﺟﺎﺑﺎت اﻟﻔﻮرﻳﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻫﻲ أن اﻟﻨﺸﺎط اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺟﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻏﺎﻳﺔ ،أو ﻫﺪف ﻋـﻤـﻠـﻲ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ،أو اﻛﺘﺴﺎب اﻟﻀﺮورات ،أو ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ،أو اﻟﺘﻨﺒﺆ ،أو اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ« ،ﻟﻜﻦ ــ ﻓﻲ رأي ﺟﻮدﻣﺎن ــ أﻧـﻪ ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺎن اﻻﲡﺎه اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺮﻳﺌﺎ ،أو ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف ،واﻟﻐﺎﻳﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، ﻓﺈن ﻛﻮﻧﻪ ﻻ ﻏﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻻ ﻳﻌﺪ ﻛﺎﻓﻴﺎ ،ﻓـﺎﻻﲡـﺎه اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻫـﻮ اﲡـﺎه ﻓـﻀـﻮﻟـﻲ، ﻣﺴﺘﻄﻠﻊ ،ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺒﺤـﺚ واﻟـﺘـﺴـﺎؤل Inquisitiveوذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻨـﺸـﺎﻃـﺎت اﻻﻛﺘﺴﺎﺑﻴﺔ AcquisitveاCﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺬات ،أو اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﻳﺆﻛﺪ ﺟﻮدﻣﺎن ﻛﺬﻟﻚ أن ﻫﻨﺎك دواﻓﻊ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ داﺧﻞ اﻟـﻔـﻦ ،ﻛـﻤـﺎ ﺗـﻮﺟـﺪ دواﻓﻊ ﻓﻨﻴﺔ داﺧﻞ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﺸﺎط اﻟـﻌـﻠـﻤـﻲ ،وﻳـﺮﻓـﺾ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﻴـﻠـﺴـﻮف ﺗـﻠـﻚ اﶈﺎوﻻت اﻟﻘﺪ ﺔ واﳊﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﺖ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﻨﺸﺎط اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺿﻮء اCﺘﻌﺔ ،أو اﻟﻠﺬة اCﺒﺎﺷﺮة ﻓﻘﻂ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ أن اﻟﻠﻮﺣﺔ ،أو اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻗﺎدرﺗﺎن ﻋﻠﻰ ﺗﺰوﻳﺪﻧﺎ ﺑﺴﺮور أو ﻟﺬة أﻛﺜﺮ ﻣـﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻟﻨﺎ اﻟﺒﺮﻫﺎن أو اﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﻠﻤـﻴـﺎن ،ﻛـﻤـﺎ أن ﻫـﻨـﺎك ﻧـﺸـﺎﻃـﺎت إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ aﺠﺎﻟﻲ اﻟﻔﻦ واﻟﻌﻠﻢ ﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺰودﻧﺎ ﺑﻜﻤـﻴـﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﺬة أو اﻟﺴﺮور .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺮﻓﺾ ﺟﻮدﻣﺎن ذﻟﻚ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﺬي ﻳﻄﺮﺣﻪ اﻟﺒﻌﺾ ﺑ tاﻟﻨﺸﺎﻃﺎﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻨﺸﺎط اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻣﺎ ﺑ tاCﻌﺮﻓﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎل ،ﻓﻬﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ــ ﻓـﻲ رأﻳـﻪ ـــ ﻣـﺤـﻴـﺮ وﻣـﺮﺑـﻚ ،وذﻟـﻚ ﻷن اﳋـﺒـﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واCﻌﺮﻓﻴﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ. وﻳﺮﻓﺾ ﺟﻮدﻣﺎن أﻳﻀﺎ ﻓﻜﺮة أن اﻟﻔﻦ أﻛﺜﺮ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴـﺔ وأﻗـﻞ ﻣـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ﻣـﻦ اﻟﻌﻠﻢ ،وذﻟﻚ ﻷن ﺟﺰءا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اCﺘﺎﻋﺐ واﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل ﻗﺪ ﳒﻢ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﳉﺎﺋﺮة ﺑ tاCﻌﺮﻓﻲ ،واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻧﻀﻊ اﻹدراك واﻻﺳﺘﺪﻻل ،واﻟﺘﺨﻤ ،tوﻛﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺴﺎؤل ،واﻟﻔﺤﺺ ،واﳊﻘﻴﻘﺔ ،واﻟﺼﺪق، وﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ﻧﻀﻊ اﻟﻠﺬة واﻷﻟﻢ ،واﻻﻫﺘﻤﺎم ،واﻹﺷﺒﺎع ،واﻟﺮﺿﺎ ،وﺧـﻴـﺒـﺔ اﻷﻣﻞ ،وﻛﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ اﻟﻼﻣﺨﻴﺔ أو اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻛﺎﳊﺐ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ واﻻﺷﻤﺌﺰاز .وﻫﺬا ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺟﻮدﻣﺎن ــ ﻻ ﻧـﺮى أﻧـﻪ ﺧـﻼل اﳋـﺒـﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﺸﻂ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻓﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ُﺗﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل 207
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ،وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧـﻼل اﻹدراك ،وﻛـﺜـﻴـﺮا ﻣـﺎ ﻧـﺘـﻌـﺎﻃـﻒ ﻣـﻊ ﻟـﻮﺣـﺔ ،أو ﻗﺼﻴﺪة ،أو ﻧﺘﻮﺣﺪ ﻣﻌﻬﺎ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﻼﺣﻆ اCﻤﺜﻞ ــ أو اﻟﺮاﻗﺺ أو اCﺘﻠﻘﻲ ــ وﻳﺘﺬﻛﺮ اﻟﺸﻌﻮر اﳋﺎص ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑﻬﺬه اﳊﺮﻛﺔ، وﻳﺼﻌﺐ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اCﻄﻠﻖ اﳊﺎﺳـﻢ ﻫـﻨـﺎ ﺑـ tاCـﻜـﻮﻧـ tاCـﻌـﺮﻓـﻲ ،واﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻲ، ﻓﺎﻻﻧﻔﻌﺎل ﻓﻲ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﺗﻠﻚ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻲ ﻳﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ. ﻳﺸﺘﻤﻞ اﻟﻨﺸﺎط اCﻌﺮﻓﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،واﻟﺮﺑﻂ ﺑ tاﻹﺣـﺴـﺎﺳـﺎت واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻣﻦ أﺟﻞ إدراك وﺗﺬوق وﻓﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وأﻳﻀﺎ إﺣﺪاث اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tﺧﺒﺮاﺗﻨﺎ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﶈﻴﻂ ﺑﻨﺎ .إن ذﻟﻚ ﻳﻔﺴﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﺪﻳـﻼت اﻟـﺘـﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﺧﻼل اﳋﺒﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻻ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﻣﻄﻠﻘﺎ وﺟﻮد اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .وﻳﺸﻴﺮ ﺟﻮدﻣﺎن إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اCﻌﺮﻓﻲ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت ،وﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻮﻇـﻴـﻒ اCـﻌـﺮﻓـﻲ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻲ ﻛﻞ ﺧﺒﺮة ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻻ ﻳﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ ﻏﺎﺋﺒﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺧﺒﺮة ﻏﻴﺮ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،وأن اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻻ ﻳﻜﻮن ﻓﺼﻠﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎد ﻋﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷﺧﺮى ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ،وأن اCﻌﺮﻓﺔ ﺑﻬﺎ ﻃﺎﺑﻊ اﻧﻔﻌﺎﻟﻲ أﻳﻀﺎ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اCﻌﺮﻓﻲ اCﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ واCﻨﻈﻢ ﻟﻬﺎ واCﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٩٦٦ﻛﺎن ﺟﻮدﻣﺎن ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻋﻤﻼ ﺑﺤﺜـﻴـﺎ ﻓـﻲ ﺟـﺎﻣـﻌـﺔ ﻫـﺎرﻓـﺎرد ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اCـﺘـﺤـﺪة ﲢـﺖ ﻋـﻨـﻮان Harvard Project Zero :أو »اCﺸـﺮوع اﻟـﺮﻗـﻢ ﺻﻔﺮ ﳉﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد« وﻗﺪ ﻧﻔﺬ ﻫﺬا اCﺸﺮوع ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﺎ ﻃﻤﻮﺣﺎ ﻣﺘﺼﻼ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﻮث ﺣﻮل ارﺗﻘﺎء اﻹﻧﺘﺎج ﻟﻠﻔﻦ واﳊﺴﺎﺳﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪى أﻃﻔﺎل ﺑﺸـﻜـﻞ ﺧﺎص .وﻗﺪ رﻛﺰ ﻫﺬا اCﺸﺮوع اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ارﺗﻘﺎء اﻟﻘﺪرات ﺑﻔﻬﻢ واﺳﺘﺨﺪام اﻟﺮﻣــﻮز ﻓﻲ اﻟﻔــﻦ ،وﻛــﺎن أﺣــﺪ أﻫﺪاﻓــﻪ اﻟﺼﺮﻳﺤــﺔ» ،ﲢﻠﻴــﻞ وﺗﺼﻨﻴﻒ أ ﺎط اﻟﺮﻣﺰ اCﻤﻴﺰة ﻟﻸﺷﻜﺎل اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ واﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﲡﺮﻳﺒﻲ ،ﻟﻠﻤﻬﺎرات واﻟﻘﺪرات اCﻄﻠﻮﺑﺔ ﻟﻔﻬﻢ ،وﻣﻌﺎﳉﺔ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﻔﻨﻴﺔ«. وﻛﺎن ﻣﻦ ﺑ tاﻟﺒﺎﺣﺜ tاﻟﻌﺎﻣﻠ tﻓﻲ ﻫﺬا اCﺸﺮوع ﻋﺎﻟـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ ﻫـﺎورد ﺟﺎردﻧﺮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪراﺳﺎت اCﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع ﻋﺎﻣﺔ واﻻرﺗﻘﺎء اCﻌﺮﻓـﻲ ﻟـﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن ﺧﺎﺻﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻬﻢ أﻳﻀﺎ إﻳﻠ tواﻳـﻨـﺮ ﺻـﺎﺣـﺒـﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اCﻬﻤﺔ ﻋﻦ رﺳﻮم اﻷﻃﻔﺎل. وﻳﻌﺘﺒﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺟﻮدﻣـﺎن aـﻨـﺰﻟـﺔ اﻻﻣـﺘـﺪاد اﻟـﺬي ﻗـﺎم ﺑـﻪ 208
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
ﻟﻠﻐﻮﻳﺎت اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﻟﺪى »دي ﺳﻮﺳﻴﺮ« ﻣﻦ ﻣﺠﺎل اﻟﻠﻐﺔ إﻟﻰ أﻧـﺴـﺎق أو أﻧـﻈـﻤـﺔ ﻏﻴﺮ ﻟﻔﻈﻴﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اCﻌﻨﻰ ،وأﻳﻀﺎ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳﻌﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻮز.
اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ واﻟﺮﻣﻮز اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ )ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻓﻴﺘﺰ(
ﻃﻮر ﺑﻮل ﻓﻴـﺘـﺰ P.Vitzأﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺠﺎﻣـﻌـﺔ ﻧـﻴـﻮﻳـﻮرك ﺑـﺎﻟـﻮﻻﻳـﺎت اCﺘﺤﺪة ،ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺣﻮل وﻇﺎﺋﻒ اCﺦ اﻟﺒﺸﺮي ،وﻗﺪ ﺣﺎول ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬـﺎ أن ﻳـﻔـﺴـﺮ اﻟـﺘـﻄـﻮرات اﻟـﺘـﻲ ﺟـﺮت ﻓـﻲ ﻓـﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﳊﺪﻳﺚ ،وﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ ،واﻟﻠﻐﺔ ،واﻟﻔﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ أﻧﻈﻤﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﺧﺮى ).(١٣ وﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﻣﺤﻮرﻳﺔ ﻓﺤﻮاﻫﺎ وﺟﻮد ﻧﻈﺎﻣ tﻣﻌﺮﻓﻴt ﻟﻠﺘﺸﻔﻴﺮ ،أو اﻟﺘﺮﻣﻴﺰ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﻫﻤﺎ اﻟﻜﻮد أو ﻧﻈﺎم اﻟﺘﺸﻔﻴﺮ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي )أو اﻷﻧﺎﻟﻮج( ،Analogous Codeﺛﻢ اﻟﻜﻮد أو ﻧﻈﺎم اﻟﺘﺸﻔﻴﺮ اﻟﺮﻗﻤﻲ )أو اﻟﺪﺟﻴﺘﺎل( .Digital Codeوﻳﻘﻮل ﻓﻴﺘﺰ إن اﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﺗﻘﺪم ﺣـﺪث ﻣـﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ .وإن اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻜﻦ أن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﻌﺒﺮا ﻋـﻦ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻘـﺪم ،ﻛـﻤـﺎ أن اﻟـﺘـﻘـﺪم ﻓـﻲ ﺑـﻌـﺾ اﻷﺟﻬﺰة اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻛﺎﻟﺴﺎﻋﺎت وأﺟﻬﺰة اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ،وأن ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ﻟﻪ دﻻﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻈـﺎﻫـﺮ اﳊـﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ. ﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ــ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ــ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻓـﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻔﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﻨﻔﺲ واﻷﻋﺼﺎب ﻟﻠﻤﺦ اﻟﺒﺸﺮي إﻟﻰ ﻧﺼﻔ :tاﻷﻳﺴﺮ، وﻳﻘﻮم ﺑﺎCﻬﺎم اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،واﻷ ﻦ ،وﻳﻘﻮم ﺑـﺎCـﻬـﺎم اﻷﺳـﺎﺳـﻴـﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺼﻮر .وﻳﻘـﻮل ﻓـﻴـﺘـﺰ أن اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﺮﻗـﻤـﻲ ﻓـﻲ ﻣـﻌـﺎﳉـﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﻴﺰ اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اCﺦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻤﻴﺰ اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﺑﻮﺟﻮد ﻧﻈﺎم ﺗﻨﺎﻇﺮي ﻓﻲ ﻣﻌﺎﳉﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت. وﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ إﻟﻰ أن ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻫﺬه ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ واﻟﻨﻘﺪ اﳊﺪﻳﺚ ،وإن ﻛﺎن ﻻ ﻨﻊ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اﻟﻘﺪ& واﻟﻨﻘﺪ اﻟﻘﺪ& .وﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪه ﻓﻴﺘﺰ ﺑﺎﻟﻔـﻦ اﳊـﺪﻳـﺚ ذﻟـﻚ اﻟـﻔـﻦ اﻟـﺬي ﺑـﺪأ ﻣـﻊ ﻇﻬﻮر اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ ،وﺗﻘﺪم ﻋﺒﺮ اﳊﺮﻛﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ aﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ 209
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﺘﻜﻌﻴﺒﻴﺔ واﻟﺴﺮﻳـﺎﻟـﻴـﺔ واﻻﲡـﺎﻫـﺎت اﻟـﺘـﺠـﺮﻳـﺪﻳـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻟـﺪى ﻣـﺎﻟـﻔـﻴـﺘـﺶ، وﻣﻮﻧﺪرﻳﺎن وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤـﻰ ﺑـﻔـﻦ اﳊـﺪ اﻷدﻧـﻰ Minimal واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺼﻮري أو اCﻔﻬﻮﻣﻲ أﻳﻀﺎ (١٤) Conceptual Artوﻫﻮ ﻳﻘﻮل إﻧﻪ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ ﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻪ ﻫﺬه ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﻨـﻘـﺎد ﺧـﺎﺻـﺔ ﻛـﻼﻳـﻒ ﺑـﻞ C.Bell وروﺟﺮ ﻓـﺮاي R.Fryوﻫﺎروﻟـﺪ روزﻧـﺒـﺮج H.Rosenbergوﻛﻠﻴﻤـﻨـﺖ ﺟـﺮﻳـﻨـﺒـﺮ ج .C.Greenberg
b
a
d
c
اﻟﺸﻜﻞ ) (١اﻟﺘﻮﺿﻴﺢ اﻟﺬي أورده ﺑﻮل ﻓﻴﺘﺰ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ )اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي( اﻟﻰ اﳋﺺ )اﻟﺮﻗﻤﻲ( )(VITZ،١٩٨٨٬٥٦
وﻳﻘﻮل ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻛﺬﻟﻚ إن ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻫﺬه ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺳﻴﻜﻮﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ )ﻧﻔﺴﻴﺔ/ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ( ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ذﻟﻚ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اCﻌﺮوف ﺟﻴﺪا اﻵن ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﺑـt ﻧﺼﻔﻲ اCﺦ اﻟﺒﺸﺮي ،وﻛﻮن اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳـﺴـﺮ ﻣـﻨـﻬـﻤـﺎ ﻳـﺨـﺘـﺺ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص aﻌﺎﳉﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت :اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ،اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ،اﻻﺳﺘﺪﻻﻟﻴﺔ ،اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، اﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ،اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء ،اCﺘﻘﻄﻌﺔ أو اCﻨﻔﺼﻠﺔ ،اCﺘﺘـﺎﺑـﻌـﺔ ،اCـﺘـﺴـﻠـﺴـﻠـﺔ، اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ ،واﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص aـﻌـﺎﳉـﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت :اCﻜﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ،اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،ﻏﻴﺮ اﶈﺪدة زﻣﻨﻴﺎ اﻟﻀﻤﻨﻴﺔ، اﳊﺪﺳﻴﺔ ،اCﺴﺘﻤﺮة ،اCﺘﺰاﻣﻨﺔ ،اCﺘﻮازﻳﺔ ،اﻟﻌﻴﺎﻧﻴﺔ ،واﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ. وﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ إﻟﻰ أن اﻟﻔﺮق ﺑ tاCﻌﺎﳉﺔ اﻟﺘﻨـﺎﻇـﺮﻳـﺔ واCـﻌـﺎﳉـﺔ اﻟـﺮﻗـﻤـﻴـﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺸﺘﻤﻞ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮوق ﻋﺼﺒﻴﺔ )ﻧﻴﻮروﻟﻮﺟﻴﺔ( أﺳﺎﺳﻴﺔ. ﻓﺤﻴﺚ إن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻤﻄ tﻣﻦ اﻟﺸﻔﺮات ﻣﺨﺘﻠﻔـﺎن ﻛـﻴـﻔـﻴـﺎ ﻋـﻨـﺪ ﻣـﺴـﺘـﻮى اﳋﺒﺮة اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﻧﻔﺘﺮض وﺟﻮد ﺎﻳﺰ ﻓﺴﻴﻮﻟـﻮﺟـﻲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﳉﺔ وﺗﺨﺰﻳﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اCﺴﺘـﺒـﻌـﺪ أن ﺗـﻜـﻮن 210
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ واﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔـﺔ ﻛﺬﻟﻚ. ورaﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﺮﻣﻮز أو اﳋﺒﺮة اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﻌﺎﳉﺔ ﻣﺘﺰاﻣﻨﺔ )ﻣﺘﻮازﻳﺔ ﺗﺘﻢ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ( ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﺮﻣﻮز أو اﳋﺒﺮة اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﺘﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻫﻨﺎك ﻧـﺘـﺎﺋـﺞ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻴﻮروﻟﻮﺟﻴﺎ )أو ﻋﻠﻢ اﻷﻋﺼﺎب( ﺗﺆﻛﺪ ﻫﺬا ﺑﺸﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ.
اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ واﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ
اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ ــ رﻣﺰ ﻳﻘـﻒ ﺑـﺪﻳـﻼ ﻟـﺸـﻲء آﺧـﺮ ،وﻫـﻮ أﻳﻀﺎ ــ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻴﺔ ــ ـﺎﺛـﻞ ﻫـﺬا اﻟـﺸـﻲء اﻵﺧـﺮ اﻟـﺬي ﻳـﻌـﺪ ﻫـﺬا اﻟﺮﻣﺰ ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻪ .ﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﺮﻣﺰ إﻟﻴﻪ، ﻓﺎﻟﺼﻮر اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻟﺪﻳﻚ ﻋﻦ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة رﻣﺰ ﺗﻨﺎﻇﺮي ﺟﻴﺪ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ .وﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ،أو اCﺪرك اﻟﻌﻘﻠﻲ أو اCـﻔـﻬـﻮم اﻹدراﻛـﻲ ،Perceptاﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻫﻲ ﺜﻴﻞ ﻋﻘﻠﻲ ﻟﻪ ،ﺜﻴﻞ أُﻧﺘﺞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺒﺼﺮي اﳋﺎص ﺑﻚ ،أي ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺷﺒﻜـﻴـﺔ اﻟﻌ tوﻳﻨﺘﻬﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ اCﺦ .إن ﻣـﺎ ﺗـﻜـﻮن واﻋـﻴـﺎ ﺑـﻪ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻫﻮ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮر أو اCﺪرك اﻟﻌﻘﻠﻲ ــ اﻟﺬي ﻫﻮ رﻣﺰ أو ﺜـﻴـﻞ ﻋـﻘـﻠـﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ ــ وﻫﺬا اﻟﺮﻣﺰ أو اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺗﺘﻢ اCﻄﺎﺑﻘﺔ ﺑﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺳـﺮﻳـﻊ وﺑ tاﻟﺸﺨﺺ ﻋﻨﺪﻣـﺎ ﺗـﺮاه ،وﻗـﺪ ُﻳﺴﺘﺪﻋﻰ ﻣﻦ اﻟــﺬاﻛﺮة ﻃﻮﻳـﻠـــــﺔ اCـﺪى ﻓـﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﻴﺎب ﻫــﺬا اﻟﺸﺨــﺺ ،وﺗﻨﻄﺒــﻖ اﻟﻔﻜــﺮة ذاﺗﻬـــﺎ ﻋﻠﻰ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻟﺸــﻮارع واﻷﺷﺠــﺎر واﳊﻴﻮاﻧـﺎت واﻷﺟﻬﺰة واﻟﺴﻠﻊ وﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ... إﻟﺦ. ﻫﺬا اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي رﻣﺰ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺪﻗﺔ ﻷﻧﻪ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺺ )أو اﻟﺸﻲء( اﻟﺬي ﺜﻠﻪ .إﻧﻪ أﻓﻀﻞ وأﻗـﺮب رﻣـﺰ ﺑـﺼـﺮي ﻟـﻬـﺬا اﻟـﺸـﺨـﺺ. )وﻗﺪ ﺗﻜّـﻮن اﻟﺼﻮرة اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ رﻣﺰا ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺎ ﻗﺮﻳﺒﺎ أﻳﻀﺎ(. ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬا ،ﻓﺈن اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tاﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻨﻪ ،أو رﻣﺰا ﻟﻪ ،أو ﻳﺤﻞ ﻣﺤﻠﻪ أي ﺎﺛﻞ أو ﺗﺸﺎﺑـﻪ ﻗـﺎﺑـﻞ ﻟـﻠـﺘـﺤـﺪﻳـﺪ. ﻓﺮﻗﻢ اﻟﻀﻤﺎن أو اﻷﻣﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋـﻲ ،أو ﻣـﺎ ﻳـﺴـﻤـﻰ Social Security Number اﳋﺎص ﺑﺄﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص ﻻ ﻳﺤﻤﻞ أي ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tﻫﺬا اﻟﺸﺨـﺺ ،إﻧـﻪ 211
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
رﻣﺰ ﺜﻞ اﻟﺸﺨﺺ وﻳﺤﻞ ﻣﺤﻠﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺘﻤﺎﺛﻞ ﻣﻌﻪ ﺑﺄي ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ اCﻌﺎﻧﻲ. وﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ إﻟﻰ أن ﻫﺬﻳﻦ اCﺼﻄﻠﺤ) tاﻟﺘﻨﺎﻇﺮي واﻟﺮﻗﻤﻲ( ﻟﻴﺴﺎ ﺟﺪﻳﺪﻳﻦ ﺎﻣﺎ ،ﻓﻬﻤﺎ ﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪم اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ وﻋﻠـﻤـﺎء اﻟﻠﻐﻮﻳﺎت ﻴﻴﺰات ﺎﺛﻠﺔ أﻳﻀﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ،ﻛﺬﻟﻚ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰات اﳋﺎﺻﺔ ﺑ tاﻟﻌﻼﻣﺔ Signواﻟﺮﻣﺰ ) Symbolاﻟﺮﻗﻤﻲ( ﻟﺪى ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻤﻴﻮﻃﻴﻘﺎ أﻣﺜـﺎل ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﺑﻴﺮس وﻟﺪى ﻓﻼﺳﻔﺔ أﻣﺜﺎل ﻛﺎﺳﻴﺮر وﻻﳒﺮ ،وأﻳﻀﺎ ﻟﺪى ﻳﻮﱋ ،ذﻟﻚ اﻟﺬي أﺷﺎر إﻟﻰ أن اﻟﻌﻼﻣﺔ داﺋﻤﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ اCﻔﻬﻮم اﻟﺬي ﺜﻠﻪ ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ اﻟـﺮﻣـﺰ داﺋﻤﺎ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻮاﺿﺢ واCﺒﺎﺷﺮ. ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﺣﺮوف اﻟﻬﺠﺎء ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺳﻤﻌﻲ أو ﺑﺼﺮي ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑ tاﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ .وﻛﺬﻟﻚ أﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن رﻣﻮزﻫﺎ إﻣﺎ ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ،وإﻣﺎ رﻗﻤﻴﺔ .واﻟـﻨـﻮع اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﻫـﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋﺎ ،وﺣﺘﻰ اﻟﻨﻮع اﻷول )اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي( ﻻ ﻳـﺴـﺘـﺨـﺪم ﺻـﻮرا ﺑـﻘـﺪر ﻣـﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﺷﻔﺮات ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ زﻣﻨﻴﺎ ﻣﻊ ﺗﺒﺎﻳﻦ اCﺜﻴﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. وﻫﻨﺎك ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ أن ﻳﺤﻞ أﺣﺪ اﻟﻨﻈﺎﻣ tﻣﺤﻞ اﻵﺧﺮ ،ﻓﺤـﺘـﻰ أﻧـﻈـﻤـﺔ اﻟﺒﺚ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔاﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺼـﻮرة ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﲢـﻮﻳـﻞ ﺑـﻴـﺎﻧـﺎﺗـﻬـﺎ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ إﻟﻰ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ أﺧﺮى ﻛﺼﻮرة ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺤﺪث اﻻﺗﺼﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اCﻄﻠﻮب. وﻳﺴﺘﺠﺎب ﻟﻠﺸﻌﺮ اﳉﻴﺪ أو اﻷدب اﳉﻴﺪ ﻋﻤﻮﻣﺎ أو ﻳﺘﺬوﻗﻪ اﻟﻘﺎر ﻓﻘﻂ ُ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﺼﺪر ﻛﻠﻤﺎت اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺻـﻮرا ﻋـﻘـﻠـﻴـﺔ ﻣـﺘـﻨـﻮﻋـﺔ ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﻬـﺎ ،أي ﺗﻨﺎﻇﺮات ﻋﻘﻠﻴﺔ أﺧﺮى .ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺸﻔﺮة اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت ،ﻟﻜﻦ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻨﻪ ﻳﻔﻬﻢ وﻳﺘﻢ ﺗﺬوﻗﻪ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺤﻮل اﻟﻜﻠﻤﺎت إﻟﻰ أﺻﻮات داﺧﻠﻴﺔ وﺻﻮر ﻋﻘﻠﻴﺔ داﺧﻠﻴﺔ )ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺔ(. واﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ ــ أﻛﺜﺮ دﻗﺔ وأﻗﻞ ﻏﻤﻮﺿﺎ ،أﻣﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي ﻓﺄﻗﻞ دﻗﺔ وأﻛﺜﺮ ﻏﻤﻮﺿﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ أﻳﻀﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﺛﺮاء وﻣﻌﻨﻰ ،إﻧﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺒﻂ aﺸﺎﻋﺮ اﳋﻮف ،واﻹﺣﺒﺎط ،واﻟﻔـﺮح وﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﻔـﻜـﻴـﺮ اﳋـﻴـﺎﻟـﻲ واﻷﺣﻼم اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻌﺐ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﻼم )اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ( .إن ﻣﺎ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي ُﻳﻔﻘﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ ،وﻣﺎ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻧﻔﻘﺪه ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي، وﻫﻮ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ أن ﺛﺮاء اﳋﺒﺮة اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﳋﻴﺎل واﻟﻔﺮح 212
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
وﺗﺨﺘﺰل ﺣ tﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل واﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﺜﻼ( ُﺗﺨﺘﺼﺮ ُ اﻟﻜﻠﻤﺎت ،أو اﻟﻘﻮاﻋﺪ ،أو اCﻨﻄﻖ ،أو اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ ،وأﻳﻀﺎ أن اﻟﺪﻗﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻧﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ ،ﻗﺪ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﻐﻤﻮض واﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﺣ tﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺎم ﺗﻨﺎﻇﺮي ،أو ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻓـﻴـﺘـﺰ »إن ﻣـﺎ ﻧﻜﺘﺴﺒﻪ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪﻻﻻت ﻧﻔﻘﺪه ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘـﺮﻛـﻴـﺒـﺎت أو اﻟـﻘـﻮاﻋـﺪ واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ أﻳﻀﺎ«. ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑt ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻈﺎﻣ tاﻟﺮﻣﺰﻳ tﻋﻠﻰ أﻧﻬﻤﺎ aﻨﺰﻟﺔ اCﺘﺼﻞ اﻟﻜﻤﻲ اﻟﺬي ﺘـﺪ ﻣـﻦ أﺣﺪﻫﻤﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ،ﻻ ﺑﻮﺻﻔﻬﻤﺎ ﻧﻮﻋ tﻣﺘﻤﻴﺰﻳـﻦ وﻣـﻨـﻔـﺼـﻠـ tﻣـﻦ أﻧـﻈـﻤـﺔ ﻣﻌﺎﳉﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت. ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻓﺈن اﳋﺒﺮة اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اCﺒﺎﺷﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﺟﺪون أﻣﺎﻣﻨﺎ اﻵن ﻫﻲ ﻣﺜﺎل ،أو رﻣﺰ ،ﻣﻮﺿﺢ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي ،أﻣﺎ اﻟﺼﻮرة اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ اCﻠﻮﻧﺔ ﻟﻪ ﻓﻬﻲ رﻣﺰ ﻣﻮﺿﺢ ﻟﻪ ،أو ﺜﻠﻪ ﺑﺪرﺟـﺔ أﻗـﻞ، واﻟﺼﻮرة اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑـﻪ ﺑـﺎﻟـﻠـﻮﻧـ tاﻷﺑـﻴـﺾ واﻷﺳـﻮد ﻫـﻲ ﺧـﺒـﺮة ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺔ أﻗﻞ ،أﻣﺎ اﻟﺼﻮرة اﻟﻘﺪ ﺔ اﻟﺒﺎﻫﺘﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد واﻟﺘﻲ ﺗﺮﻫﻘﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺧﺒﺮة ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺔ أﻳﻀﺎ ﻟﻜﻨﻬـﺎ ﺑـﺪرﺟـﺔ ﺧـﺎﻓـﺘـﺔ )أﻗﻞ ﻓﺄﻗﻞ( ،إﻧﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺟـﻮاﻧـﺐ اCـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﺗﻜﻮن اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي أو اﻟـﺼـﻮرة اﻟـﺘـﻨـﺎﻇـﺮﻳـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﺸـﺨـﺺ ﺗُﻔـﻘـﺪ. واﳋﻄﻮة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻛﺎرﻳﻜﺎﺗﻮرﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ ُﺗﺨﺘﺰل ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻟـﻬـﺎ ﺑـﻬـﺬا اﻟـﺸـﺨـﺺ أو ﻏﻴﺮه )اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ رﻗﻢ .(١ ﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﲡﺮﻳﺪا ﺧﺎﺻﺎ ،إﻧﻪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﻮﺻﻔﻲ اﻟﺬي ﺜﻞ إﻧﺴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ،وﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ رﻣﻮز اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺒﺪاﺋـﻴـﺔ .أﻣـﺎ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﻮﺻﻒ ﻓﻘﺪ ﻳﺼﻞ ﺑﻨﺎ إﻟﻰ رﻣﺰ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ ،رﻣـﺰ ﻳﻜﻮن رﻗﻤﻴﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺎ ،أي ﻳﻈﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺳﻮف ﻳﺘﻌﺮﻓﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ رﻣﺰ ﻟﻺﻧﺴﺎن، وﻫﻜﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻣﻊ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﻷﺻﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻷﺧﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻜﻠﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻧﺘﺤﺮك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﺘـﻨـﺎﻇـﺮي إﻟـﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ. 213
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻣﺒﺪﺋﻴﺎ ،ﻓﺈن ﻛﻞ اﳋﺒﺮات اﳊﺴﻴﺔ واﻹدراﻛﻴﺔ واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻜﻦ أن ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اCﺘﺼﻞ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي اﻟﺮﻗﻤﻲ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﺼﻞ أو ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﳋﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻟﻜﻦ ،وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻳﺒﺪو أﻳﻀـﺎ أن اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻫﻲ ﻣﻦ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﺼﻌﺐ وﺿﻌﻬﺎ ﻋﺒـﺮ ﻫـﺬا اCـﺘـﺼـﻞ اﳋﺎص ﺑﺘﺮﻣﻴﺰ اCﻌﻠﻮﻣﺎت.
اﻟﺘﻘﺪم ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ
إن »اﻟﺴﺎﻋﺔ« ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﺄداة ﻟﻘﻴﺎس اﻟﻮﻗﺖ ﻫﻲ ﻮذج ﻳﻮﺿﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺬي ﺣﺪث ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ ،ﻓﻘﺪ ـﺎ ﻛـﺎن اﻟـﻮﻗـﺖ ﻳﻘﺎس ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﺘﻐﻴﺮات ﻋﺒﺮ اﻟﻴﻮم ،وﺧﻼل اﻟﻨﻬﺎر واﻟﻠﻴﻞ )ﻧﻈـﺎم ﺗﻨﺎﻇﺮي( ،ﺛﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﻫﻨـﺎك آﻻت دﻗـﻴـﻘـﺔ ﻻ ـﺎﺛـﻞ ﻓـﻲ ﺟـﻮﻫـﺮﻫـﺎ اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ )اﻟﺴﺎﻋﺎت( ،ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬه ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﻐﻴﺮت أﺷﻜﺎﻟﻬـﺎ ﻣﻦ ﻧﻈﺎم ﻗﺮﻳﺐ أو ﻣﻨﺎﻇﺮ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻛﺎﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ واﻟﺴﺎﻋﺎت اCﺎﺋﻴﺔ واﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﺮﻣﻠﻴﺔ ...إﻟﺦ ،إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺎت ﺗﻌﺘـﻤـﺪ أﻧـﻈـﻤـﺔ ﻛـﻤـﺒـﻴـﻮﺗـﺮﻳـﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺪﻗﺔ واﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،وﻣﺮورا ﺧﻼل ذﻟﻚ ،ﻋﺒﺮ ﻣﺮاﺣﻞ ﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪم ،ﻣﻦ »اﻟﺘﻨﺎﻇﺮ« إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ. ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﻘﻮد ﻫﻮ ﻮذج ﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪم ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﺴﺎن ﻟـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اCـﻘـﺎﻳـﻀـﺔ، ﺳﻠﻌﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺳﻠﻌﺔ ،ﺛﻢ اﻟﻘﻤﺢ ﻣـﻘـﺎﺑـﻞ اﻟـﺬﻫـﺐ أو اﻟـﻔـﻀـﺔ ﻣـﺜـﻼ ،ﺛـﻢ ﻇـﻬـﺮت اﻟﻨﻘﻮد اCﻌﺪﻧﻴﺔ ﺛﻢ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻮرﻗﻴﺔ ﺛﻢ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻛﺒﻄﺎﻗﺎت اﻻﺋﺘﻤﺎن... إﻟﺦ. ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺗﻄﻮرت أﻳﻀﺎ ﻣـﻦ اﻟـﺸـﻜـﻞ اﻟـﺘـﻨـﺎﻇـﺮي )اCﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮر أو ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺼﻮر ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻬـﻴـﺮوﻏـﻠـﻴـﻔـﻴـﺔ أو اCﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ( إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺮﻗﻤﻲ اﳊﺪﻳﺚ اﻟـﺬي ﻳـﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋـﻠـﻰ ﺣـﺮوف اﻟﻬﺠﺎء ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻮر اﻵن ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ ــ ﻧﻈﺎﻣﺎ رﻗﻤﻴﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻬﺎ. وﻣﻊ زﻳﺎدة اﻹﻏﺮاق ﻓﻲ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ :ﻓﻲ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻣﻮاﻗﻒ ،وﺗﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻌﻤـﻞ ،ﻓـﻲ ﻛـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﻣـﻮاﻗـﻒ اﳊﻴﺎة ،أﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك ﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮﻗﻤﻲ .ﻟﻘﺪ 214
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
أﺻﺒﺤﺖ اﳊﻴﺎة أﻛﺜﺮ ﲡﺮﻳﺪا واﻧﻌﺰاﻻ وﺑﺮودة ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎCﺎﺿﻲ ،وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺰاﻳﺪت ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮق أو اﳉﻮع اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ ﻷن ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳋﺒﺮات اﻟﻔﻨﻴﺔ أو اﳋﺼﺒﺔ ،ﺗﻠﻚ اﳋﺒﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺸﺒﻊ ﺟﻮﻋﻪ ﻟﻠﺼﻮر واﳊﻴﻮﻳﺔ واﳋﻴﺎل ،إﻧﻬﺎ اﻟﺼﻮر اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﻔﻨﻮن واﳊﺮﻛﺔ .ورaﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻹدﻣﺎن اﻟﻮاﺿﺢ Cﺸﺎﻫﺪة اﻟﺘﻠﻔﺰﻳـﻮن ﻫﻮ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﳉﻮع ﻟﻠﺼﻮرة ...إن أﻧﻈﻤـﺔ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﺮﻗـﻤـﻴـﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﶈﺪدة اCﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻫﺚ وﺳﺮﻳﻊ ،ﺟﻌﻠﺖ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺘﺤ tأوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ ﻛﻲ ﻳﻘﻀﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺼﻮرة ،ﻓﻴﺸـﺎﻫـﺪ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ،أو ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ أﻣﺎﻛﻦ ﺧﻠﻮﻳﺔ ،أو إﻟﻰ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ واﻟﺘﺴﻠﻴﺔ .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻹﻧﺴﺎن اﳊﺪﻳﺚ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ ــ رﻗﻤﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ،وﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ،ﻓﺄﻧـﻈـﻤـﺔ اﻟﻌﻤﻞ واﻹﻧﺘﺎج اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻬﺎر اﳊـﺪﻳـﺚ ﺗـﻘـﺎﺑـﻠـﻬـﺎ أﻧـﻈـﻤـﺔ ﺗﺴﻠﻴﺔ وﺗﺮﻓﻴﻪ ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ﻟﻴﻠﻴﺔ ،ﲢﺎول أن ﺗﻌﻴﺪ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﺗﺰاﻧﻪ اﳋﺎص اﻟﺬي ﻳﻔﻘﺪه ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻬﺎر. ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﻛﺬﻟﻚ أن اﻟﻘﺮون اﻷﺧﻴﺮة اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ ﺳﻨﻮات اﳊﺪاﺛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻣﻦ ﻧﻈﺎم اﳊﻴﺎة اﻟـﺘـﻨـﺎﻇـﺮﻳـﺔ إﻟـﻰ ﻧﻈﺎم اﳊﻴﺎة اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺸﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻫـﺬه اﳊـﻴـﺎة اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﻣـﻦ أﻧﻈﻤﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻃﻬﻮ اﻟﻄﻌﺎم وﻓﻲ اﻟﺴﻔـﺮ ﺑـﺎﻟـﻄـﺎﺋـﺮات اﻟـﻨـﻔـﺎﺛـﺔ ،وﻣـﻦ دراﺳﺎت اﳉﺪوى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،واﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ،واﻻﺳﺘﻨﺴﺎخ ،واﻟﺘﻘﺪم اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ،وأﻧﻈﻤﺔ اﻻﺗﺼﺎل ،واﻹﻧﺘﺮﻧﺖ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣـﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪرك ،وﻳﺘﻢ ﺗﺨﻴﻠﻬﺎ ﻋﻘﻠﻴـﺎ ،وﺗـﺘـﻢ ﻣـﻌـﺎﻳـﺸـﺘـﻬـﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ رﻗﻤﻲ. وﻗﺪ ﺣﺪث ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﳊـﺪﻳـﺚ ﻣـﺎ ﺣـﺪث ﻓـﻲ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ أﻧـﻈـﻤـﺔ اﳊـﻴـﺎة اﻷﺧﺮى ،ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺪم ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ وﺣﻴﺚ اﻟﺼﻮر واﻷﺷﻜﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﳊﻴﻮاﻧﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴـﻌـﻴـﺔ ...إﻟـﺦ. ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،أو اﻟـﺘـﻲ ُﻳﺤﺮف ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻮاﻗـﻊ )اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ( إﻟﻰ اﻟﺸﻜـﻞ اﻟـﺮﻗـﻤـﻲ ﻣـﻊ اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ ﻟـﻠـﻮاﻗـﻊ أو اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋـﻨـﻪ... وaﺼﻄﻠﺤﺎت ﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إن اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ ،ﺗﻘﺪم ﻣﻦ اﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ اﻷ ـﻦ ﻣـﻦ اCـﺦ ،إﻟـﻰ اﳋـﺒـﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻗﻤﻲ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اCﺦ. 215
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻛﺎن اﻟﻔﻦ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﺘﺰ ــ ﻣﺎزال ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﺒﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺷﻜﻼ ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺎ ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ ...ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ أﻟﻮان وﺧﻄﻮط ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك أ ﺎط وﺻﻮر وﺷﺨﺼﻴﺎت وﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻛـﺎﻧـﺖ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت ﺗـﺼـﻮر ﻔﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻨﺎﻇﺮي. وﻳ َ اﻟﻨﺎس واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت وﻛﻞ ﻣﺎ ﻜﻦ أن ُﻳﺴﺘﺠﺎب ﻟﻪ ُ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎرض اﻟﻔﻦ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻛﻲ ﻳﻘﻀﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ وﻗﺘﺎ ﻃﻴﺒﺎ ...ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت أﺳﻄﻮرﻳﺔ ،وﻣﺸﺎﻫﺪ ﻃﺒﻴﻌﻴـﺔ، وﺷﺨﺼﻴﺎت إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﺟﻮاﻧﺐ أﺧﻼﻗﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ،ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻜﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎن ــ أي إﻧﺴﺎن ــ أن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ وﻳﺘﻔﻬﻤﻬـﺎ وﻳـﺴـﺘـﻤـﺘـﻊ ﺑـﻬـﺎ )ﻣـﻠـﺤـﻖ اﻟﻠﻮﺣﺎت ،ﻟﻮﺣﺔ رﻗﻢ.(٩ ﻟﻜﻦ وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺪأت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺮﻗـﻤـﻴـﺔ )اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﻨـﺼـﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اCﺦ( ﻓﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﺑﺪأ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻳﺘﺄﺛﺮون ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻮرا ﻣﺜﻼ( ،وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﺮ أﻳﻀﺎ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺎﻧﺪﻧﺴﻜﻲ ﻣﺜﻼ(. ﻋﻨﺪ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻛﺘﺴﺐ اﻟﻔﻦ ﻫﻮﻳﺔ ﻟﻔﻈﻴﺔ أو ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﻔﻦ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس »ﺑﻴﺎﻧﺎت« اﻟﻔﻨﺎﻧ tاﻟﻨﻈﺮﻳﺔ )اCﺎﻧﻴﻔﺴﺘﻮ( وﻛﺘـﺎﺑـﺎت اﻟﻨﻘﺎد اﻟﺸﻜﻼﻧﻴ .tوﻣﻦ اCﻤﺜﻠـ tﻟـﻬـﺬا اﻟـﺘـﺼـﻮر اﳉـﺪﻳـﺪ ﻛـﺎن ﻣـﺎرﺳـﻴـﻞ دوﺷﺎﻣﺐ ﺑﺘﺄﻛﻴﺪه أن ﻋﻨﻮان اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺘﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،وﺑﺘﺤـﻮﻳـﺮاﺗـﻪ ﻓـﻲ ﻟﻮﺣﺔ اCﻮﻧﺎﻟﻴﺰا اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل وﺿﻌﻪ ﺷﺎرﺑﺎ ﻓﻮق ﻓﻤﻬﺎ ،وﺑﻘـﻮﻟـﻪ إﻧـﻪ ﻳﺮﻳﺪ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﳉﺎﻧﺐ اﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻣﻬﻤﻮم أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر، وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻧﺸﺎﻃﺎ ذﻫﻨﻴﺎ ﺻﺮﻓﺎ .ﻟﻘﺪ ﻋﺒﺮ اﻟﻔﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل دوﺷﺎﻣﺐ وأﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ )اﻟﺘﻨـﺎﻇـﺮي( ،وﻋـﺒـﺮ اﻟﻘﻨﻄﺮة اCﻮﺻﻠﺔ ﺑ tﻧﺼﻔﻲ اCﺦ )اﳉﺴﻢ اﳉﺎﺳﺊ( إﻟﻰ اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ )اﻟﺮﻗﻤﻲ( واﺳﺘﻘﺮ ﻓﻴﻪ. وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪ أﺻﺒﺢ اCﺸﺎﻫﺪ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﻌﺮف ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ اﳊـﺮﻛـﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،وﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﻗﺮأ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اCﻜﺘﻮﺑـﺔ ﺣـﻮل اﻟـﻔـﻨـﺎن اﳊﺪاﺛﻲ ،واﻟﻨﺎﻗﺪ اﳊﺪاﺛﻲ ..ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﺳﻬﻼ أن ﻳﺘﺬوق اCﺮء ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤـﻮ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،ﻟﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻘﻂ. 216
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
اﻟﺸﻜﻞ ) (٢ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻔﻦ اﻟﺘﺼﻮري أو اCﻔﻬﻮﻣﻲ وﻗﺪ أﻃﻠـﻖ ﻋـﻠـﻴـﻪ ﺻـﺎﺣـﺒـﻪ وﻫـﻮ اﻟﻔﻨﺎن ﺟﻮزﻳﻒ ﻛﻮﺳﻮث اﺳﻢ »اﻟﻔﻦ ﻛﻔﻜﺮة« واﻋﺘﺒﺮه »ﺑﻮل ﻓﻴﺘﺰ« ﻣﺜﺎﻻ ﺻﺎرﺧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ.
ﻟﻘﺪ ﺗﺄﺛﺮت اﳊﺮﻛﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﳊﺮﻛﺎت اﳊﺪﻳـﺜـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻠـﻢ، وﺣﻴﺚ إن اﻟﻌﻠﻢ اﳊﺪﻳﺚ ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻢ ﻟﻔﻈﻲ ،ورﻳﺎﺿﻲ ،وﺗﺼﻮري ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ ﻗﺪ اﻧﻌﻜﺴﺖ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻓﻴﺘﺰ ــ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ أﻳﻀﺎ. إن اﳋﺎﺻﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﺤﺪاﺛﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻫﻲ اﳋﻔﺾ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ،واﻹﻋﻼء ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺼﻮر اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ .وﻗﺪ أدت ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺴﻄﻴﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﺪﻻﻻت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﺒﻌﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وإﻟﻰ إﺟﺪاب واﺿـﺢ ﻓـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت إدراك اﻟﻌﻤﻖ ،وﻫﻲ إﺣﺪى ﻣﻬﺎم اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ .ووﺻﻞ اCﻨﻄﻖ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ إﻟﻰ ﻗﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻧﺘﺎﺟﺎت ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،ﻓﻘﺪ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل إﻟﻰ ﺣـﺪ اﺳـﺘـﺒـﻌـﺎد ﻓـﻜـﺮة اCـﻮﺿـﻮع وﻣـﻦ ﺛـﻢ اﳋﺒﺮة اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،واﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮة أو اCﻔﻬﻮم اﻟﻌﻘﻠﻲ ،أي ﻋﻠﻰ رﻓﺾ أي ﺎﺛﻞ ﺷﻜﻠﻲ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺼﻮرة اﻟﻌـﻘـﻠـﻴـﺔ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ــ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ ــ زاﺋﺪة ﻋﻦ اﳊﺎﺟﺔ ،أو ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﻟﺘـﺰاﻣـﺎ ﻏـﻴـﺮ أﻣـt aﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺬوق أو اﻷﺳﻠﻮب ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،أي ﺑﻌﺎﻟﻢ اCﺎل واﻟﺴﻮق اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ. ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء اﻟﻔﻨﺎﻧa tﻨﺰﻟﺔ اﻻﻓﺘﺮاﺿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ــ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻔﻦ ــ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻦ ،ﺑﻞ إن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى أﺣﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﻔﻨـﺎﻧـ tوﻫـﻮ ﺟـﻮزﻳـﻒ ﻛـﻮﺳـﻮث Joseph Kosuthﻫﻮ اﻓـﺘـﺮاﺿـﺎت
217
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،أي اﻓﺘﺮاﺿﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎCﻌﻠﻮﻣﺎت ،أو اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ، أو اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺼﺮي .أي ﻋﻤﻞ ﲢﻠﻴﻠﻲ ﻣﻨﻄﻘﻲ ورﻳﺎﺿﻲ ﻗﺒـﻞ أن ﻳـﻜـﻮن ﻋـﻤـﻼ ﻓﻨﻴﺎ. وﻳﺘﻤﺜﻞ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺒﺎرز ﻣﻦ ﻛﻞ اﳊﺮﻛﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪرج ﲢﺖ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﳊﺪاﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ اCﺪرﺳﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠـﻰ اﻟﺼﻮرة ،وﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻻﻻت اCﺄﻟﻮﻓﺔ أو اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﻌﻤﻖ واCـﻜـﺎن، وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺪ اﺳﺘﺒﻌﺎدﻫﺎ ﻣﻦ اCﻼﻣﺢ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ اﳊﺪاﺛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ .و ﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ــ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻫـﺘـﻤـﺎﻣـﻬـﺎ ﺑـﻌـﺎﻟـﻢ اﻷﺣﻼم ﻣﺜﻼ ــ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺼـﻒ اﻷ ـﻦ ﻣـﻦ اCـﺦ ﻟـﻠـﺤـﻔـﺎظ ﻋـﻠـﻰ ﺑـﻌـﺾ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اCﺮاﺣﻞ ﻗﺒﻞ اﳊﺪاﺛﻴﺔ. وﻣﺎ ﻳﻘﺎل أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻋﻦ اﳊﻀﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﺣﻀﺎرة »ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ اﻟﻌﻘﻞ« ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه إﻟـﻰ أﻧـﻬـﺎ ﺣـﻀـﺎرة ﻗـﺪ ﻓـﺸـﻠـﺖ ﻓـﻲ إﺣـﺪاث اﻟـﺘـﻜـﺎﻣـﻞ ﺑـt اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﺼﻔﻲ اCﺦ ،أو ﺑ tاﻟﻨﻈﺎﻣ tاﻟﺘﻨﺎﻇﺮي واﻟﺮﻗﻤﻲ .ﺣﻴﺚ ﻴﻞ اﻟﻨﺎس ــ وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ــ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻄﺮف أو ذاك ،وﲡﻠﻰ ﻫﺬا ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت واﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ )وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ( ﺣt ﺑﺪا أن اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮت ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء. ﻟﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻫﺬا ﻓﻲ اCﺴﺮح أﻳﻀﺎ ﺣﻴﺚ ﳒﺪ ﺑﻌﺾ اCﺴﺮﺣﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻴﻬﺎ اCﻤﺜﻞ ﺟﻴﺌﺔ وذﻫﺎﺑﺎ وﻫﻮ ﺻﺎﻣﺖ أو ﻳﺠﻠﺲ وﻳﻨﺘﻈـﺮ )ﻛـﻤـﺎ »ﻓـﻲ اﻧـﺘـﻈـﺎر ﺟﻮدو« ﻟﺼﻤﻮﻳﻞ ﺑـﻴـﻜـﻴـﺖ( أو ﻳـﻘـﺮأ ﻣـﺤـﺎﺿـﺮة ﻣـﻜـﺘـﻮﺑـﺔ ...إﻟـﺦ .ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﳒـﺪ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت أﺧﺮى ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺼﺨﺐ ،واﳊﺮﻛﺔ ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ ،واﻹﺑﻬﺎر ،ﺑﺎﻟﻀﻮء. )(١٥ واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اCﺴﺮح اﻟﺘﺠﺎري اCﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻔﺎف واﻻﺑﺘﺬال )أو اﻟﻜﻴﺘﺶ(، ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻫﻮ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ. وﻳﺆﻛﺪ ﻓﻴﺘﺰ أﻫﻤﻴﺔ ﲢﻘﻴﻖ أو اﺳﺘﻌـﺎدة اﻟـﺘـﻜـﺎﻣـﻞ اCـﻔـﻘـﻮد ﺑـ tاﻟـﺸـﻜـﻠـt اﻟﺮﻣﺰﻳ tاﻟﺘﻨﺎﻇﺮي واﻟﺮﻗﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ وﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ واﳊﻴﺎة ﻛﺬﻟﻚ ،وﻳﻘﻮل إن ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻌﺮﻓﺔ aﺎ ﻳﻠﻲ: ١ــ إن اﻟﻔﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑ tﻧﺼﻔﻲ اCﺦ ،وﻛﺬﻟﻚ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺎﻃﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﻤﺎ ،وإن اﻟﻔﻦ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ اﻟﻨﺼﻔ tدون اﻵﺧﺮ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ وﻫﺪة اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ،أو اﻟﻐﻤﻮض ،أو اﻟﺘﺸﻮه اﳉﻤﺎﻟﻲ. ﻓﺎﻹﻏﺮاق ﻓﻲ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪا ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،ﺑﺪأت ﻣﺤﺎوﻻت 218
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
ﻟﺘﺼﺤﻴﺤﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻔـﻦ ﻣـﺜـﻞ اﻟـﻮاﻗـﻌـﻴـﺔ اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮﻳـﺔ (١٦)Photo Realismواﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ. ٢ــ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ﻫﻨﺎك ﺷﺮوﻃﺎ أو ﺿﻮاﺑﻂ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻀﻌﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎره وﻫﻮ ﻳﻌﻤﻞ ،ﻓﻌﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ــ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑ tﻧﺼﻔﻲ اCﺦ أو اﻟﻨﻈﺎﻣ tاﻟﺮﻣﺰﻳ tاﻷ ﻦ واﻷﻳﺴـﺮ ـــ ﺗـﻘـﻮم اﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺎت اCﺘﻠﻘﻲ وﺗﺮﺗﻘﻲ .إذ ﻳﻨﺒﻐـﻲ ﻋـﻠـﻴـﻪ ـــ أﻳـﺎ ﻛـﺎن اﻷﻣـﺮ ـــ أن ﻳـﺠـﻤـﻊ ﺑـ tاﻟـﺼـﻮرة واﻟﻔﻜﺮة ،ﻻ أن ﻳﻀﺤﻲ ﺑﺈﺣﺪاﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻷﺧﺮى .إن اCﻨﻄﻖ اﳊﺪاﺛﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ اﻟﺼﻮرة ﻣﻦ اﻟﻔﻦ ﻣﻨﻄﻖ ﻳﻌﺰل اﻟﻔﻦ ﻋﻦ أﻫﻢ ﻣﺼﺎدره اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. ٣ــ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﻳﻌﻘﺒﻪ رد ﻓﻌﻞ ﻣﺴﺎوٍ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ وﻣﻀﺎد ﻟﻪ ﻓﻲ اﻻﲡﺎه ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎل .وﻗﺪ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻟﻔﻦ اﳊﺪاﺛﻲ ،واﺳﺘـﺒـﻌـﺎده أﺷـﻜـﺎل اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮرة ،أن ﺑﺪأت ﻣﺪارس ﻓﻨﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻈﻬﻮر ،وﻫﻲ ﻣﺪارس ﺗﻘﻮم ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ واﻟـﺼـﻮرة، وﺑﺪأت اCﻜﺎﻧﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻔﻦ اﻟﺮﻗﻤﻲ واﻟﺘﺼﻮري ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺟﻊ واﻟﻬﺒﻮط ،وﺑﺪا أن ﻫﺬا ﻳﺆرخ ﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﺘـﺮة اﳊـﺪاﺛـﺔ وﻇـﻬـﻮر ﻣـﺪارس ﻣـﺎ ﺑـﻌـﺪ اﳊـﺪاﺛـﺔ ،وﺑـﺪأت ﺻﻴﺤﺎت ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﺗﺼﻒ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﺑﺄﻧﻪ »ﻋﺼﺮ اﻟﺼﻮرة« ﻻ ﻋﺼﺮ اﻟﻜﻠﻤـﺔ أو ﻋﺼﺮ اﻟﺮﻗﻢ. ﻟﻘﺪ أدى اﻹﻏﺮاق ﻓﻲ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ اﻟﻨﻬﺎرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ واﳊﻴﺎة إﻟﻰ ﺗﺰاﻳﺪ واﺿﺢ ﻓﻲ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ﺷﺒﻪ اﻟﻠﻴﻠﻴﺔ اﻷﻗﺮب إﻟﻰ ﻋـﺎﻟـﻢ اﻟـﺼـﻮر واﻷﺣـﻼم، ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﺨﻠﻖ ﻋـﺎCـﺎ ﻳـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟـﺼـﻮر داﺧـﻞ اﻟـﺒـﻴـﻮت )اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن واﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ( .واﻟﺸﻲء اﻟﻄﺮﻳﻒ واCﺜﻴﺮ ﻟﻠﺪﻫﺸـﺔ أن ﻫـﺬا ﻳﺘﻢ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎءة ﻣﻦ ﺧﻼل أﻧﻈﻤﺔ ﺗﺸﻔـﻴـﺮ رﻗـﻤـﻴـﺔ )أﺟـﻬـﺰة اﻟـﺘـﻠـﻔـﺰﻳـﻮن واﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﺪﺟﻴﺘﺎل( أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻨﺎﻇـﺮﻳـﺔ ،وﺣـﻴـﺚ ﺗـﻜـﻮن ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺼﻮرة ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻧﻘﺎء ووﺿﻮﺣﺎ واﻷﻟﻮان أﻛﺜﺮ إﺑﻬﺎرا ،وﻳﺒﺪو أن ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﻓﻴﺘﺰ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ أﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ،وﺧﺎرﺟﻬﺎ أﻳﻀﺎ )أﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ واﻟﺘﺴﻠﻴـﺔ واﳊـﻔـﻼت ...اﻟﺦ( وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ اﻟﺘﻮازن اCﻄﻠﻮب. ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻓﻴﺘﺰ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص، ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺪاع ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ إدراﻛﻨﺎ اﳉﻤﺎﻟﻲ 219
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ،وﻗﺪ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻲ وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ واﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺛﻘﺎﻓﻲ أﻳﻀﺎ ،وﻫﺬه ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻮاﻣﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر وﻧـﺤـﻦ ﻧـﺘـﺤـﺪث ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ أو ﻧﻨﺎﻗﺸﻪ.
ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ اﳌﻌﻨﻰ ﻓﻲ اﳌﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ )ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ(
ﻗﺎم ﻛﻮﻟﻦ ﻣـﺎرﺗـﻨـﺪﻳـﻞ Colin Martindaleأﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔـﺲ ﺑـﺠـﺎﻣـﻌـﺔ ﻣـt Maineﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ورﺋﻴﺲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺮﻗﻢ ١٠ﻓﻲ ﺟﻤﻌـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ )اﳋﺎص ﺑﻌﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﻨﻮن( ﺑﺎﻧﺘﻘﺎد ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺳـﺘـﺜـﺎرة اﻟـﻌـﺼـﺒـﻴـﺔ ﻟﺪى ﺑﺮﻟ ،tﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻓﻲ اCﺦ ﺑ tﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة واCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺪم ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺗـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس »اﻷﻫﻤﻴﺔ اCﺮﻛﺰﻳﺔ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ« ،ﻣﺆﻛﺪا ﻋﺪم إﻣﻜﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻧﺎﻗﺶ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻣﺠﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﺑﻮﺻﻔﻪ اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺬي ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻲ اﻟﺪراﺳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﻗﻴﺎم اCﺜﻴﺮات اﻟﻔﻨﻴﺔ ،أو اﳉﻤﻴﻠﺔ ﺑﺈﺣﺪاث ﻣﺘﻌﺔ ﻻﻏﺎﺋﻴﺔ (١٧) Disinterested Pleasureوﻫﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺗﻘﺘﺮب ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﻛﺎﻧﻂ. وﻗﺪ وﺟﻪ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ إﺷﺎرات اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳـﻔـﺔ اCـﻬـﺘـﻤـt ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت أﻣﺜﺎل ﺑﻴﺮك وﻛﺎﻧﻂ وﺳﺘﻮﻟﻴﻨﺘﺰ إﻟﻰ أن اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗـﺨـﺘـﻠـﻒ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﻧﻮاع اCﺘﻊ )أو اﻟﻠﺬات( ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺮضa ،ﻌﻨﻰ أن اCﺮء اﻟﺬي ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اCﺘﻌﺔ وﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻘﺼﻮده أن ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﻠﻰ اCﺜﻴﺮ اﻟﺬي أدى إﻟﻰ ﻫﺬه اCﺘﻌﺔ ،أو إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻔﻌﻲ ﻣﺤﺪد. وﻫﻨﺎك ﻃﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ذﻟﻚ ﻓﻲ رأي ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ،وﻳﻜﻮن ذﻟـﻚ ﻣـﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮﻳﺎ )أو ﻓﻴﻨﻮﻣﻴـﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺎ( ﺧـﺒـﺮة ﻣﺮﻳﺤﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،وأن اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻟﺪواﻓﻊ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻓﻴﻬﺎ .ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺧﺒﺮة »ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺮض« ،ﻓﺈن ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻔﺮوع اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮﺿﻴﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ دوره اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻓﺤﺺ ﻫﺬه اﳋﺒﺮة .ﺑﻞ إن اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻓﺮﻋﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﻦ ﻓﺮوع ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻲ .وﻛـﻤـﺎ ﺻـﺎغ ﻣـﺎﻳـﻨـﺮ 220
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
Minerﻫﺬه اCﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺎم ١٩٧٩ﻓﺈن اﻟﺪراﺳﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟـﻠـﺠـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت أو ﻟـﻌـﻠـﻢ اﳉﻤﺎل ﻫﻲ »اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺪرﻛﻪ اCﺘﻠﻘﻲ وﻳﻔﻬﻤﻪ« وﻟﻴﺲ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻛﻮﺣﺪة أو ﻫﻮﻳﺔ ﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ .وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ اCﻌﺮﻓﻲ ــ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣـﻊ اﻟﻄﺮاﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ إدراك اCﺜﻴﺮات و ﺜﻴﻠﻬﺎ وﻓﻬﻤﻬﺎ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﻳﺸﻜﻞ اﻷﺳﺎس اCﻨﻄﻘﻲ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت.
ﳕﻮذج ﻣﻌﺮﻓﻲ
ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎق ﺑ tﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻴ tــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ــ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺸﺮي ﻜﻦ ﺗﺼﻮره ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻮذج ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺷـﺒـﻜـﺔ ﻛـﺒـﻴـﺮة ﻣـﻦ اﻟﻮﺣﺪات اCﻌﺮﻓﻴﺔ أو اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻣﺘﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت .ﻓﺎﻹدراك اﳋﺎص ﻷﺣﺪ اCﺜﻴﺮات ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﳋﺎص ﻟـﻠـﻮﺣـﺪات اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ،اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﻮم ﺑﺎﻟﺘﺮﻣﻴﺰ اﳋﺎص ﻟﻪ ﻓﻲ اCﺦ .وﻳﺸﻴﺮ اﻟﻮﻋﻲ أو اﻟـﺸـﻌـﻮر Consciousnessإﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪات اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻨﺸﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﺘـﺰاﻣـﻦ أو ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻧﻔﺴﻪ ..وﺗﻨﻘﺴـﻢ اﻟـﻮﺣـﺪات اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ إﻟـﻰ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ أدوات اﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ .Analyzersوﻫﻨﺎك أداة ﲢﻠﻴﻞ ﺣﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﺣﺎﺳﺔ ﻣﻦ اﳊﻮاس .وﺗﺘﺠﻪ ﻣﺨﺮﺟﺎت أو ﻧﻮاﰋ أدوات اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﳊﺴﻴﺔ ﻧﺤﻮ أدوات اﻟﺘﺤﻠﻴـﻞ اﻹدراﻛـﻴـﺔ، ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻠﻰ أداة ﲢﻠﻴـﻞ إدراﻛـﻴـﺔ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻜـﻞ ﻓـﺌـﺔ ﻣـﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﺈدراﻛﻬﺎ أو اﻟﺘﻌـﺮف ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ .وﻫـﻜـﺬا ،ﻓـﺈﻧـﻪ ﻳـﺒـﺪو أن ﻫﻨﺎك أدوات ﲢﻠﻴﻞ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ــ وﻣﺘﺮاﺑﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ــ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت اCﻄﺒﻮﻋﺔ، وﻟﻠﻜﻠﻤﺎت اCﻨﻄﻮﻗﺔ وﻟﻠﻮﺟﻮه ..اﻟﺦ .وﺗـﻘـﻮم ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻷﻓـﻜـﺎر ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﺷﻮاﻫﺪ وﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻛﺰ اCﺦ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى اﻷﻓﺮاد اCﺼﺎﺑ tﺑﺄﻋﻄﺎب ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮاﻛﺰ اﺨﻤﻟﻴﺔ. وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اCﻄﺒﻮﻋﺔ ﻣﺜﻼ ﻫﻨﺎك ﺣﻮاﻟﻰ ﻋﺸﺮة ﻣﻼﻣﺢ أو ﻣﻌﺎﻟـﻢ ﻴﺰة ﲢﺪد اﳊﺮوف اﻟﺴﺘﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ،وﺗﺮﺗﺒـﻂ اﻟـﻮﺣـﺪات اCﻌﺮﻓﻴﺔ ــ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف اﳊﺮوف ــ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اCﺘﺘﺎﻟﻴﺔ أو اCﺘﺰاﻣﻨﺔ ﺑﻮﺣﺪات اCﻘﺎﻃﻊ ،وﻫﺬه ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻮﺣﺪات ﺗﺮﻣﻴﺰ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻜﻠﻴﺔ .وﻓﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ﻫﻨﺎك ﺣﻮاﻟﻰ ﻋﺸﺮة آﻻف وﺣﺪة ﻣﻦ وﺣﺪات اCﻘﺎﻃﻊ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻫﺬه ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴ tأﻟﻒ ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﺨﺺ اCﺜﺎﻟﻲ أو اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ .وﻳﻔﺘﺮض ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ أن ﻛﻞ أدوات اﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ اﻹدراﻛـﻴـﺔ 221
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ُﺗَﻜﱠﻮن ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺎﺛﻞ :ﻓﻬﻨﺎك ﻋﺪد ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ وﺣﺪات اCﻌﺎﻟﻢ Feature Units اCﺘﻤﻴﺰة ،واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ أو اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻟﻌﺪد ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اCﺪرﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﻮَﺣﱠﺪ ﻣﻌﺎ. وﺗﺬﻫﺐ ﻧﻮاﰋ أدوات اﻟﺘﺤﻠﻴـﻞ اﻹدراﻛـﻴـﺔ إﻟـﻰ اCـﺴـﺘـﻮى اﻷﻋـﻠـﻰ اﳋـﺎص ﺑﺄداة اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺴﻴﻤﺎﻧﺘﻴﺔ أو اﻟﺪﻻﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺘﻮي ﻋﻠﻰ اCـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ، ﻈﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻫﻴﺮارﻛﻲ ﻛﺄن ﻧﻘﻮل ﻣﺜﻼ :اﻟﻘﻄﺔ ﻫﻲ ﺣﻴﻮان ﺛﺪﻳﻲ ،وأﻳﻀﺎ واﻟﺘﻲ ُﺗَﻨ ﱠ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪات اﻷﺧﺮى ﻛﺄن ﻧﻘﻮل :اﻟﻘﻄﺔ ﺗﺄﻛﻞ اﻟﻔﺄر ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄداة اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺴﺮدﻳﺔ أو اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺣﺪاث Episodic Analyzerواﻟﺘﻲ ﲢﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت .وﻳﻔﺘﺮض أن اﻟﻮﺣﺪات اCﻮﺟﻮدة ،ﻋﻨﺪ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ أداة اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺮﻣﻴﺰ اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ ﺷﻜﻞ اﻓﺘﺮاﺿﻲ ،Propositional formﻓﺎﳊﺪث أو اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي ﻳﺠﺮي ﻣﺜﻼ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ )اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﳊﺪث ،واﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ اﳊﺪث ،وأداة اﳊﺪث أو اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺰﻣﺎن واCﻜﺎن(. وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :أن ﺗﻜﻮن ذاﻛﺮة اﻷﺣﺪاث ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠـﻤـﺜـﻴـﺮ أﻓﻀﻞ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ذاﻛﺮة ﻴﻞ إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ aﻌﻨﻰ أو ﻣﺜﻴﺮ ،ﺑـﺪﻻ ﻣـﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﳊﺴﻴﺔ أو اﻹدراﻛﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ. ﻈﻢ اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ اCﺦ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وﻛﻠﻤﺎ زاد اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑt وﺗَﻨ ﱠ ُ اﻷﺷﻴﺎء زاد اﻟﺘﻘﺎرب اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻮﺣﺪات اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اCﺦ .وﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﻮﺣﺪات أﻳﻀﺎ ﺑـﻄـﺮاﺋـﻖ أﻓـﻘـﻴـﺔ ورأﺳـﻴـﺔ )ﻫـﻴـﺮارﻛـﻴـﺔ( وﺗـﺘـﻔـﺎوت اﻟـﻮﺣـﺪات واﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻮة ،ﻓﻤﺜﻼ اﳊﻴﻮان اﻟﺬي ﻳﻮﺻﻒ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻮذﺟﻲ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة أو اﻟﻜﻠﻤﺔ »ﻛﻠﺐ« ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻗﻮى ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة أو اﻟﻜﻠﻤﺔ »ﺣﻴﻮان« وﻳﺘﻢ ﺗﺮﻣﻴﺰه ﻣﻦ ﺧﻼل وﺣﺪة ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺤﻴﻮان آﺧﺮ ﻣﺜﻞ اﳊﻤﺎر اﻟﻮﺣﺸﻲ أو ﻓﺮس اﻟﻨﻬﺮ ،وﻳﻔﺘﺮض »ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ« أن اﻟﺘﻔﻀﻴـﻞ اﳋـﺎص ﺑـﺄﺣـﺪ اCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ داﻟﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻣﻄﺮدة ﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ ﻟﻠﻮﺣﺪات اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ ﺑﺘﻨﺸﻴﻄﻬﺎ. وﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: ١ــ ﻫﻨﺎك ﻣﻴﻞ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدا ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺘﺮﻣﻴﺰ اCﺜﻴـﺮات ،أو اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﲡﺮﻳﺪﻳﺔ ،أو ﺗﺼﻮرﻳﺔ ﻋﻠﻴﺎ .ﻓﻌﻨﺪ ﻣﺎ ﻧﻘﺮأ رواﻳﺔ ﻧﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﻳﺪ )اﻻﺳﺘﺨﻼص اﻟﻌﺎم( ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع اﻷﺳﺎﺳﻲ )اﻟﺘﻴﻤﺔ( ﻓﻴﻬﺎ وﻛﺬﻟﻚ اﳊﺒﻜﺔ ،و ﻴﻞ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﻧﺴﻴﺎن أو إﻫﻤﺎل اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺪﻗﻴﻖ اﳋﺎص 222
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻜﻠﻤﺎت أو ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ .وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻣﺎ ﻧﻘﻮم ﺑﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ، ﻫﻮ اﻻﺳﺘﺨﻼص ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺪﻻﻟﻴﺔ )أو اﻟﺴﻴﻤﺎﻧﺘﻴﺔ( اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻌﻨﻰ .وﻳﺤﺪث ﺷﻲء ﺎﺛﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،أو ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ. وﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﻴﻞ ﻟﺪى اﻟـﻨـﺎس ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم إﻟـﻰ ﲢـﺪﻳـﺪ اCـﻌـﺎﻧـﻲ اﻹﺷـﺎرﻳـﺔ، واﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻟﻸﳊﺎن اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ واﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ .وﻫﻨﺎك ﻗﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻻﺷﺘﺮاك أو اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ﺑ tاﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﺰﻋﺔ أو ﻫﺬا اCﻴﻞ. ٢ــ إن اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻷي ﺷﻲء ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﲢﺪد اﻟﻨﻤﻮذج اCﺜﺎﻟﻲ، أو اﻟـﻨـﻤــﻮذج اﻷﺻ ـﻠــﻲ ﻟــﻪ Prototypeوأن اﻟـﺘـﻤ ـﺜ ـﻴــﻞ اﻟ ـﻨ ـﻤــﻮذﺟــﻲ Typicality ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﻓﻲ اCﺦ ــ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺨﻄﻄﺎت ووﺣﺪات ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ــ ﻫﻮ اﶈﺪد اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹدراك واﻟﻔﻬﻢ واﻟﺘﺬﻛﺮ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓــــ »ﻗـﻄـﺔ« ذات أرﺑﻊ ﺳﻴﻘﺎن وذﻳـﻞ ،ﺗُﺪرك أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻗﻄﺔ أﺧﺮى ذات ﺛﻼث ﺳﻴـﻘـﺎن ﻓـﻘـﻂ، وﻳﺘﻢ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﻷدوات اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳊﺴﻴﺔ واﻹدراﻛﻴـﺔ واﻟـﺪﻻﻟـﻴـﺔ وﻛـﺬﻟـﻚ ﻷدوات اﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻷﺣﺪاث. ٣ــ ﺗﺮﺗﺒﻂ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺘﻨﺸﻴـﻂ اﻟـﺬي ﻳـﺤـﺪث ﺠﻤﻟـﻤـﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ اﻟﻮﺣﺪات اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،وﺗﻌﺪ اCﺜﻴﺮات اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻌﻨﻰ ،واﻷﻛﺜﺮ ﻮذﺟﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺜﻴﻞ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر ،ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺘـﻢ ﺗﺮﻣﻴﺰﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻮﺣﺪات اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ. ٤ــ وﻗﺪ وﺟﺪ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻄﺮدة ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤـﺎﻟـﻲ، واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ )ﻓﻘﻄﺔ ذات أرﺑﻊ ﺳﻴﻘﺎن وذﻳﻞ ــ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ــ ﻳﺘﻢ إدراﻛﻬﺎ وﺗﻔﻀﻴﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻄﺔ ذات اﻟﺴﻴﻘﺎن اﻟـﺜـﻼث ،ﻓـﻘـﻂ ﻷن اﻷوﻟـﻰ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( .وﻗﺪ وﺟﺪ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻞ واﻻﻣﺘﻼء أو اﻹﻓﻌﺎم ﺑﺎCﻌﻨﻰ ﻓﻲ دراﺳﺎت أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ أوروﺑﻴﺔ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻟﻮﺣﺎت ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮون ﻣﻦ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ ،وﺣﺘﻰ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋـﺸـﺮ ،وأﻳـﻀـﺎ ﻓـﻲ دراﺳـﺎت أﺧـﺮى، ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎل ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ وﺣﺘﻰ اﻟﻌﺸﺮﻳـﻦ ،وﺣـﺪث ﻫـﺬا أﻳﻀﺎ )أي ارﺗﺒﺎط اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺑﺎCﻌﻨﻲ واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ( ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘـﻔـﺼـﻴـﻞ اﻷﺛﺎث واﻟﻮﺟﻮه اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ واﻟﻮاﺟﻬﺎت اCﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎﻧﻲ وﻏﻴﺮﻫﺎ. ٥ــ ﻟﻜﻦ ،وﺑﺮﻏﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺒ tأن اﻟﻔﻨﺎﻧ tوﻛﺬﻟﻚ اﻷﻓﺮاد أﺻﺤﺎب 223
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳋﺒﺮة واﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﺪرﻳﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻦ رaﺎ ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻞ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺎCﻌﻨﻰ ،وأﻛﺜﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ aﺘﻐﻴﺮات اCﻘﺎرﻧﺔ )اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ واﻟـﻐـﻤـﻮض واﳉﺪة وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﻤﺎ اﻗﺘﺮﺣﻬﺎ ﺑﺮﻟ ،(tوﻛﺬﻟﻚ اCﺘﻐـﻴـﺮات اﻟـﺸـﻜـﻠـﻴـﺔ ﻣـﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑﺎﻷﻓﺮاد اﻟﻌﺎدﻳ ،tاﻷﻗﻞ ﺧﺒﺮة ،أو اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ،واﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﻬﺘﻤﻮن أﻛﺜﺮ ﺑﺎCﻌﻨﻰ واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ. ﻀﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٦ــ ﺗﺒ tﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت أن اCﺜﻴﺮ اﻟﺬي ُﻳَﻔ ﱠ ﻏﻴﺮه ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻟﻘﻮي ﻟﻮﺣﺪة ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ،وﻫﺬه ﺑﺪورﻫﺎ ﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﺗﻘﻮم ﺑﻜﻒ ﻧﺸﺎط وﺣﺪات ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﺧﺮى ﻣﺠﺎورة ﻟﻬﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ ُﻳ ْ اCﺜﻴﺮ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اCﻌﺮﻓـﻲ اﻟـﻘـﻮي ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ أﻛـﺜـﺮ إﺣـﺪاﺛـﺎ ﻟﻠﺴﺮور ،أو اCﺘﻌﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اCﺜﻴﺮات اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ أﻗﻞ إﺣﺪاﺛﺎ ﻟﻠﺴﺮور ،أو اCﺘﻌﺔ ،ﺑﻞ ورaﺎ ﻣﺴﺒﺒﺔ ﻟﻠﻀﻴﻖ أو اﻷذى أو ﺣﺘﻰ اﻷﻟﻢ أﻳﻀﺎ .وﻳﺘﻔﻖ ﻫﺬا ﻣﻊ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن اﻗﺘﺮﺣﻪ ﻓﺨﻨﺮ ﻣﻦ أن اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻼذﱠة ﻷﺣﺪ ﻀﻞ اCﺜﻴﺮات ﺗﻨﺨﻔﺾ إذا § اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﻀﻮر ﻣﺜﻴﺮ آﺧﺮ ُﻳَﻔ ﱠ ﺣِﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻀﻮر أﺣﺪ اCﺜﻴﺮات اﻷﻗﻞ أﻛﺜﺮ ،وأن ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺗﺮﺗﻔﻊ إذا ُ ﺗﻔﻀﻴﻼ ،وﻳﻀﻴﻒ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ أن ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـﻠـﻤـﺜـﻴـﺮات اCـﻤـﺘـﻌـﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻳﻜﻮن أﻗﻮى أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻇـﻞ ﻋـﺪم وﺟـﻮد ـــ أو ﻏـﻴـﺎب ـــ اCـﺜـﻴـﺮات ﻏـﻴـﺮ اCﻔﻀﻠﺔ. ﻳﻜﺎد ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻫﻨﺎ ﻳﻘﺘﺮب ــ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ ــ ﺎ ﺳﺒﻖ أن اﻗﺘﺮﺣﻪ ﻓﻴﺘﺰ ﺣﻮل ﺿﺮورة وﺟﻮد ﺜﻴﻞ أو ﲡﺴﻴﺪ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺼﻮر واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻷﺣـﺪاث ﻓـﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻋﺪم اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳـﺪﻳـﺔ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻓـﻘـﻂ. واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺘﺮﺣﻪ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻫﻮ أﻗﺮب ﻣﺎ ﻳﻜﻮن إﻟﻲ »اﻟﺼﻮرة اﺠﻤﻟﺮدة« أي اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﲢﻤﻞ أﻫﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻮاﻗﻌـﻴـﺔ ،وﻟـﻴـﺲ ﻛـﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻠﺨﺺ اﳉﺎﻧﺒ tاﻟﺘﻨﺎﻇﺮي واﻟـﺮﻗـﻤـﻲ ﻣـﻦ ﻫـﺬه اﻟـﺼـﻮرة ﻣﻌﺎ. إن ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻫﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻮ ــ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ــ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ وإﻋﺎدة اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﻓﺨﻨﺮ وﻓﻮﻧﺖ وﺑﺮﻟ ،tوﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ وﺗﺼﻮرات وﺗﻔﺴﻴﺮات ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ورaﺎ أﻛﺜﺮ دﻗﺔ ،وإن ﻇـﻠـﺖ ﻫـﻨـﺎك ﺟـﻮاﻧـﺐ ﻋـﺪة ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑ tﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﲡﺎﻫﺎت ،وﻧﺤﻦ ﻴﻞ ــ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ــ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،أو 224
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ا(ﻌﺮﻓﻴﺔ
اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ ،أو اﻟﺪاﻓﻌﻲ )ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﺨﻨﺮ( وﺑﺮﻟ tﻓﻘﻂ وﻻ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ اCﻌﺮﻓـﻲ ﻓﻘﻂ )ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ( ،ﺑﻞ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻊ ﻫﺬه اCﺜﻴﺮات. وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﺘﻔﺎوت ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻫﺬه ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻔﺮدﻳﺔ )ﺳﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﳋﺒﺮة واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واCﻴﻮل ...إﻟﺦ( واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋـﻴـﺔ )اﻟـﺬوق اﻟﺴﺎﺋﺪ واﻟﺬوق اCﻨﻔﺮد( وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣـﻞ اﶈـﺪدة ﳋـﺒـﺮة اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،واﻟﺘﻲ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻮل اﻟﻘﺎدﻣﺔ.
225
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
226
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
7ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻌﻨﻰ اﻻرﺗﻘﺎء
»ﺣﻮت ﻋـﻨـﺒـﺮ ﻳـﺼـﻌـﺪ روﻳـﺪا روﻳـﺪا ﻣـﻦ أﻋـﻤــﺎق اﻟ ـﺒ ـﺤــﺮ، وﻳﺒﺮز رأﺳﻪ ﻓﻮق اCﻴﺎه ﻟﻴﺮى اﻟﺴﻔﻴـﻨـﺔ اCـﻨـﻌـﺰﻟـﺔ ﻫـﺬه .إن اﻟﻔﻀﻮل ُوِﻟَﺪ ﻣﻊ اﻟﻜﻮن« »ﻟﻮﺗﺮﻳﺎﻣﻮن«)*(
ﻳﺘﻤﻴﺰ اﻻرﺗﻘﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﻤﺮ )ﻣﻊ اﻟﻨﻤـﻮ واﳋـﺒـﺮة( واﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ )ﺣـﻴـﺚ ﻳﺘﺤﺮك ﻣﻦ اﳋﺒﺮة اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ إﻟﻰ اﳋﺒﺮة اCﺮﻛـﺒـﺔ(، وإﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ. وﻗﺪ ﺣﺎوﻟﺖ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟـﻴـﺔ ﻋـﺪة ﺗـﻘـﺪ& أﻃﺮ وﺻﻔﻴﺔ وﺗﻔﺴﻴﺮﻳﺔ ﻟﻼرﺗﻘﺎء ،ﻛـﻤـﺎ ﻛـﺎن ﻳـﺤـﺪث ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﻋﺪة ،ﻣﻨﻬـﺎ ﻣـﺜـﻼ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ ﺣﻮل اﻻرﺗﻘﺎء اCﻌﺮﻓﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔـﺎل واﻟﻜﺒﺎر ،وﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﻮﻟﺒﺮج ﺣﻮل ارﺗﻘﺎء اﻷﺧﻼق ﻟـﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،وﻧﻈﺮﻳﺔ أرﻳﻜﺴﻮن ﺣﻮل ارﺗﻘﺎء اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﻤﺮ ،وﻧﻈﺮﻳـﺔ ﺗـﻮراﻧـﺲ ﺣـﻮل ارﺗـﻘـﺎء اﻹﺑـﺪاع ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل .وﻫﻨﺎك ﻧﻈﺮﻳﺎت وﺗﺼﻮرات ﻋﺪة أﺧﺮى ﺣﻮل اﻟﺬﻛـــﺎء واﻟﺪاﻓﻌﻴــﺔ وﻧﺸــﺎط اﻟﺮﺳـــــﻢ وﻏـﻴـــــﺮ ذﻟــﻚ ﻣﻦ اﳉﻮاﻧﺐ. وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺤﻴﻂ ﺑﻜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،أو ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻨﻘﻮم ﺑﺘﺮﻛﻴﺰ ﺟﻬﻮدﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﻲ ﻧـﺮاﻫـﺎ أﻛـﺜـﺮ ﺻﻠﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ aﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤـﺎﻟـﻲ ﻟـﺪى 227
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻷﻃﻔﺎل ،وﻧﺮﻛﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: أوﻻ :اﻻرﺗﻘﺎء اﻟﻌﺎم ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹدراك ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل. ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع واﻟﻠﻌﺐ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل. ﺛﺎﻟﺜﺎ :ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎﻫﺮ ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل.
أوﻻ :اﻻرﺗﻘﺎء اﻟﻌﺎم ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹدراك ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل
أﻗﺮب اﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ،ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ ﻓﺎﻧﺘﺰ Fantzﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮﺿﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﺮاوح أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﺑ tأﺳﺒﻮع وﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ أﺳـﺒـﻮﻋـﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻌﺾ اﻷ ﺎط اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺜﻞ أﺷﻜﺎﻻ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻮﺟﻪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﺜﻼ .وﻛﺎن اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻧﺘﺰ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﺮض ﺷﻜﻠ tﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻔﻞ ،ﺛﻢ ﻳﻼﺣﻆ زﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺰ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻜﻞ ،وﻳﻘﻴﺲ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ وﻳﻘﺎرﻧﻪ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي ﻗﻀﺎه اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺸـﻜﻞ اﻵﺧﺮ ،وﻗﺪ أﻇﻬﺮت ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت أﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮﺿﻊ اﻟﺼﻐﺎر ﺟﺪا ﻳﻈﻬﺮون ﺗﻔﻀﻴﻼت ﻣﺘﺴـﻘـﺔ ﻟـﺒـﻌـﺾ اﻷﺷﻜﺎل دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tاﻷﺷﻜﺎل، ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻻ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻓﻴﻪ اﳋﺒﺮة اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟﺸﻜﻞ دون اﻵﺧﺮ ،ﺎ ﻗﺪ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺈﻣﻜﺎن أن ﺗﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻷوﻟﻴﺔ ﻫﺬه ﻣﻌﺘﻤﺪة ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،أو ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﳋﺼﺎﺋﺺ ﻓﻲ اCﺦ اﻟﺒﺸﺮي اﻟﺘﻲ ﲡﻌﻠﻪ ﻴﻞ إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻜﺎل )اﻷﻛﺜﺮ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ( دون ﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎرن ﻓﺎﻧﺘﺰ ﻣﺜﻼ ﺑ tﺟﺎذﺑﻴﺔ ﺷﻜﻠ tــ ﻛﺎن أﺣـﺪﻫـﻤـﺎ ﻋـﺒـﺎرة ﻋـﻦ ﺷﻜﻞ ﺗﺨﻄﻴﻄﻲ ﻋﺎم ﻟﻮﺟﻪ إﻧﺴﺎن )أ( واﻵﺧﺮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ وﺟﻪ ﻣﺨﺘﻠﻂ اCﻌﺎﻟﻢ )ب( ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ إﻋﺎدة ﺗﻨﻈﻴﻤـﻬـﺎ ﺑـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ ﻏـﻴـﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ــ وﺟﺪ أن اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻮﺟﻪ اﳊﻘﻴﻘﻲ )أ( ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﻮﺟﻪ ﻣﺨﺘﻠﻂ اCﻌﺎﻟﻢ )ب( ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻓﻀﻠﻮا ﻫﺬﻳـﻦ اﻟـﺸـﻜـﻠـt ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ )ﺟــ( اﻟﺬي ﻫﻮ ﺷﻜﻞ ﺑﻴﻀﺎوي ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺮأس اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ دون ﻣﻼﻣﺢ ﻣﻨﻈﻤﺔ أو ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ. اﻟﺸﻜﻞ ) (٢ﻳﻮﺿﺢ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﻓﻀﻠﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮﺿﻊ 228
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺸﻜﻞ ) (٢ﻳﻮﺿﺢ ﺑﻌﺾ اﻻﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﻓﻀﻠﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮﺿﻊ
وﻗﺪ اﺳﺘﻨﺘﺞ ﻓﺎﻧﺘﺰ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ أن ﻫـﻨـﺎك ﻣـﻌـﻨـﻰ ﻓـﻄـﺮﻳـﺎ )أو ﺟـﺎﻧـﺒـﺎ وﻻدﻳﺎ( ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻌﻠﱠﻢ ﻓﻲ إدراك اﻟﺸﻜﻞ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل).(١
ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع واﻟﻠﻌﺐ
ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اCﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗﺪرة اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻌﺐ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮي )اﻟﻌﺼﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺣﺼﺎﻧﺎ ﻣﺜﻼ( ،ﻛﻤﺎ ﺗﺼﺒﺢ رﺳﻮﻣـﺎﺗـﻬـﻢ اﻟـﺒـﺴـﻴـﻄـﺔ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺘ tاﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ أﻛﺜﺮ رﻣﺰﻳﺔ ،وﻳﺼﺒﺢ ﺳﻠﻮك اﻟﻠﻌﺐ ﻟﺪﻳﻪ أﻛﺜـﺮ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ ،وﺗﺰداد ﻣﺤﺎﻛﺎﺗﻪ وﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻪ ﻣﻊ اﻵﺧـﺮﻳـﻦ ،وﻳـﺼـﺒـﺢ أﻛـﺜـﺮ وﻋـﻴـﺎ ﺑﺎﻟﺴﻠــﻮك اﻟﺼﺤﻴــﺢ واﻟﺴﻠــﻮك اﳋﺎﻃﺊ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻤـﻬـﺎ، وإﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻرﺗﻘﺎء اCﻌﺮﻓﻲ واﻹدراﻛﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻋﺪة ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ. وﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻرﺗﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك اCﻌﺮﻓﻲ ،واﻹدراﻛﻲ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺑﺮﻟ tﺧﺎﺻﺔ، اﻷﺳﺎس ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺴﻠﻮك اﻹﺑﺪاﻋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮك وﻳﺮﺗﻘﻲ? ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺸﺨﺺ اCﺘﻤﻴﺰ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻦ ﺣﺐ اﻻﺳـﺘـﻄـﻼع واﻟﻔﻀﻮل ﺑﺄﻧﻪ: ١ــ ذﻟﻚ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻟﻠـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ اﳉـﺪﻳـﺪة واﻟﻐﺮﻳﺒﺔ أو ﺣﺘﻰ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﺄن ﻳﺘﺤﺮك ﻧﺤﻮﻫﺎ وﻳﺴـﺘـﻜـﺸـﻔـﻬـﺎ ،أو ﻳﻘﻮم ﺑﻔﺤﺼﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ. ٢ــ وأﻧﻪ ﻳﻈﻬﺮ ﺣﺎﺟﺔ أو رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اCﻌﺮﻓﺔ أﻛﺜﺮ ﺣﻮل ذاﺗﻪ ،وﺣﻮل اﻟﺒﻴﺌﺔ. ٣ــ وﻳﻔﺤﺺ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﶈﻴﻄﺔ ﺑﻪ ،وﻳﺴﻌﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳋﺒﺮات اﳉﺪﻳﺪة. ٤ــ وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻓﺤﺼﻪ واﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻪ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﺮف ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت أﻛﺜﺮ ﻋﻨﻬﺎ).(٢ 229
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺮﺿﻴﻊ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮه »ﻳﻌﺪ ﻣﺤﺪودا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺜﻼ أن ﻳﻠﻤﺲ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ،أو ﻳﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﺪﻳﻪ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺮﻛﺰ ﻧﻈﺮه وﻳﺘﺎﺑﻊ ﺷﻌﺎﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﻮء، وﻳﺪﻳﺮ رأﺳﻪ ﻓﻲ اﲡﺎﻫﻪ ...ﻛﻤﺎ أن اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ،أو ﻳﺴﺘﻤﻊ إﻟﻴﻬﺎ، ﲡﻌﻠﻪ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ اﻟﺒﻜﺎء ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺟﺎﺋﻌﺎ ،وﲡﻌﻠﻪ ﻳﺒﺘﺴﻢ« إﻻ إذا ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ ﺷﺪﻳﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﺪم إﺣﺴﺎﺳﻪ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ اﳉﺴﻤﻴﺔ).(٣ إن ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﻌﻨﻲ أن ﺳﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ واﻟﺴـﻤـﻌـﻴـﺔ ـﻤﻴﺔ واﻟﻠﻤﺴﻴﺔ ﻣﺜﻼ( ﻳﺒﺪأ ﻓـﻲ اﻟـﻈـﻬـﻮر ﻓـﻲ وﻏﻴﺮﻫﺎ أﻳﻀﺎ )ﻛﺎﻟﺘﺬوﻗـﻴـﺔ واﻟـﺸ ّ ﺳﻠﻮك اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻨﺬ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وأن ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮك ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻣﺼﺤﻮﺑﺎ ﺑﺎﻧﻔﻌﺎﻻت َ ﻗﺪ ﻳﻜﻒ ﻣﺆﻗﺘﺎ ﺳﺎرة )ﻛﺎﻻﺑﺘﺴﺎم ﻣﺜﻼ(. ﺗﻈﻬﺮ ﺑﺪاﻳﺎت ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺪال ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﺧﻼل اﻷﺳﺒﻮﻋt اﻷوﻟ tﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ،ﻓﺎﻟﺮﺿﻴﻊ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﻟﻘﻮﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳﺘﺠﺎﺑـﺘـﻪ ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﻟﻬﺎدﺋﺔ اCﺴﺘﻤﺮة .ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺮﺿﺎ أو اﻟﺴﺮور »ﻓﺎﻷﺻﻮات اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اCﺘﻘﻄﻌﺔ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ إزﻋﺎﺟﻪ ﺎ ﻳﺠﻌﻠـﻪ ﻳـﻔـﺮد ذراﻋـﻴـﻪ وﺳﺎﻗﻴﻪ ﻓﺠﺄة ﺛﻢ ﻳﻀﻤﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺼﺒﻲ .أﻣﺎ اﻷﺻﻮات اﻟﻬﺎدﺋﺔ اCﺘﻜﺮرة ﻓﺘﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻓﻴﺘﺨﺬ ﺟﺴﻤﻪ وﺿﻌﺎ ﻣﺘﺤﻔﺰا ﻧﺎﻇﺮا ﻓﻲ اﲡـﺎه ﻣـﺼـﺪر اﻟـﺼـﻮت ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻳﻨﺼﺖ إﻟﻴﻪ«).(٤ واﻟﻄﻔﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻨﺘﺒﻬﺎ وﻣﺮﺗﺎﺣﺎ ﻀﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ اCﺸﺎﻫﺪة واﻹﻧﺼﺎت ﻟﻸﺻﻮات ،واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻫﺬه اCﺜﻴﺮات ،وﻳﺸﺘﺎق ﻟﻠﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ .وﻳﺰداد اﻷﻣﺮ وﺿﻮﺣﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺒﺮ اﻟﻄﻔﻞ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻠﻎ اﻟﺸﻬﺮ اﳋﺎﻣﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﻳﺠﺪ ﺻـﻌـﻮﺑـﺔ ﻓـﻲ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ اﻷﻛﻞ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺜﻴﺮات ﻣﺸﻮﻗﺔ ﲡﺮي ﺣﻮﻟﻪ).(٥ وﻗﺪ ﻟﻮﺣﻆ أﻳﻀﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺳﻮزاﻧﺎ ﻣﻴﻠﻠﺮ ــ أن ﺻﻐﺎر اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻨﻈﺮون ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺷﺪﻳﺪ دون أن ﺗﻄﺮف ﻟﻬﻢ ﻋ tإﻟﻰ أﻏﺼﺎن اﻷﺷﺠﺎر اCﺘﻤﺎﻳﻠﺔ ،وإﻟﻰ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﻦ اﻟﺴﺘﺎﺋﺮ .وأن ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺎﺳﺘـﻜـﺸـﺎف ﻣـﺎ ﺣﻮﻟﻪ أﻳﻀﺎ ،أﻧﻪ ﻳﺤﺎول أن ﻳﺘﺤﺮك ﻣﺘﺠﻬﺎ إﻟﻴﻬﺎ ،وﻳﺤﺎول Cﺴـﻬـﺎ واﻹﻣـﺴـﺎك ﺑﻬﺎ ،وﻻ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺂزر ﺑ tاﻟﻌ tواﻟﻴﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺜﺎﻟﺚ أو اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ).(٦ 230
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﳊﺮﻛﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﻣﺴﺎك ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء وﲢﺮﻳﻜﻬـﺎ، واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ اCﻘﺪﻣﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﺴﻠﻮك اﻟﻠﻌﺐ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،وﻫﻮ ﺳﻠﻮك ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﺑﺴﻠﻮك ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع واﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﻟﺪﻳﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺮﺗﺒـﻂ أﻳﻀﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق واﻹﺑﺪاع ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻋﺪة. وﻫﻨﺎك ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ ﺗﻨﺎول اﻷﺷﻴﺎء ،وﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻬﺎ، واﻟﻠﻌﺐ ﺑﻬﺎ ﻫﻲ :اﳉﺪة واﻟﺘﻌﻘﻴﺪ واﻟﻐـﺮاﺑـﺔ» ،ﻓـﻌـﺒـﺮ اﻻرﺗـﻘـﺎء ﺗـﻜـﻮن اﻷﻟـﻌـﺎب اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ أﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر ،أﻣﺎ اﻷﻟﻌﺎب اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ أو ﺗﻌﻘﻴﺪا ﻓﺘﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل اﻷﻛﺒﺮ ،وﻳﺤﺪث اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻌـﺎﻣـﻞ اﳉﺪة ،ﻓﺎﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﻟﻌﺎب اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑـﺎﻷﺻـﻐـﺮ ﺳـﻨـﺎ ،أﻣـﺎ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ وﻫﻮ اﻟﻐﺮاﺑﺔ ،ﻓﻬﻮ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ aﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺼﺮاع اCﻌﺮﻓﻲ واﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﺑ tﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻌﺒﺔ )ﻟﻌﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺨﻠﻮق ﺑﺮأس أﺳﺪ وﺟﺴﺪ ﺧﺮوف ﻣﺜﻼ( ،وﻛﻠﻤﺎ ﺗﺰاﻳﺪت اﻟﻐﺮاﺑﺔ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺼﺮاع اCﻌﺮﻓﻲ، وإذا ﺳﺎد أﺣﺪ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ وإدراك اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻋﻠـﻰ أﻧـﻬـﺎ ـﺎﺛـﻞ اﳋﺮوف أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﺪ أو اﻟﻌﻜﺲ ،ﻓﺈﻧـﻬـﺎ ﺗـﺼـﺒـﺢ ﻣـﺄﻟـﻮﻓـﺔ ﻟـﺪﻳـﻪ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ أﻛﺜﺮ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن ﻋﻤﺮه ﺻﻐﻴﺮا .أﻣﺎ اﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎ ﻓﻴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻐﺮاﺑﺔ ﺑﺪرﺟﺎت أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ أﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﺨﻮف ،أو اﻟﺮﻋﺐ ﻟﺪﻳﻬﻢ).(٧ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﻫﻮ اﻟﺴﻠﻮك اﳋﺎرﺟﻲ اCﻌﺒـﺮ ﻋـﻦ ﺣـﺎﻟـﺔ اﻟـﻔـﻀـﻮل ،أو ﺣـﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،أو اﳊﺎﺟﺔ اﻟﺪاﻓﻌﻴﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴـﺔ .واﻟـﺪﻫـﺸـﺔ ،واﻟـﺘـﺴـﺎؤل واﻟﻔﻀﻮل ﻫﻲ اﶈﺮﻛﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ،ذﻟﻚ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺮات وﺛﻐﺮات اCﻌﺮﻓﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ وﻟﻴﻢ ﺟﻴﻤﺲ ــ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﺑﻬﺎ ﻋﻘﻞ اCﺆﻟﻒ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻟﻠﻨﺸﺎز ﻓﻲ اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ،إﻧﻪ ﻳﻌﻴﺪ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ،وﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻛﻠﻲ ﺟﺪﻳﺪ).(٨ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻠﻴﻘﺔ اﻟﻔﻀﻮل ﻫﻲ اﶈﺮك اﻷول ﻟﻠﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺟﻮرج ﺳﺎرﺗﻮن» ،وإﻧﻪ ﻟﻔﻀﻮل ﻋﻤﻴﻖ اﻟﻐﺮس ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻣﺠﺮد اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،أو ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺻﻮﻓﺎ ﺑﺎﻷﻧﺎة واﻟﺼﺒﺮ«).(٩ ﻻ ﻳﻌﺪ اﻻﻫﺘﻤﺎم aﻮﺿﻮع اﻟﺘﺴﺎؤل واﻟﻔﻀﻮل ،أو ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،واﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ﺑﺸﻜـﻞ ﻋـﺎم ،وﻟـﺪى اﻷﻃـﻔـﺎل ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص ،ﻣـﻦ اCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻋﻠـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ .اﳉـﺪﻳـﺪ ﻫـﻮ ﺷـﻜـﻞ اﻟـﺘـﻨـﺎول وﻃـﺒـﻴـﻌـﺔ اCـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اCﻄﺮوﺣﺔ ﻟﺸﺮح ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ وﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ. 231
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻴﺰ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑ tﻧﻮﻋ tﻣﻦ اﻟﺪواﻓﻊ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠـﻮك اﻻﺳـﺘـﻜـﺸـﺎﻓـﻲ: أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ اﻻﺳﺘـﻜـﺸـﺎف اﳋـﺎرﺟـﻲ Extrinsic explorationواﻟﺬي ﻳـﻮﺟـﻪ ﻧﺤﻮ ﻣﺜﻴﺮ ﻣﻌ tﻳﺸﺒﻊ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟـﻴـﺔ ﻣـﺤـﺪدة ،ﻛـﺎﻟـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ اﻟـﻄـﻌـﺎم ،أو أﻫـﻤـﻴـﺔ ﻫـﺬا اﻟـﻄـﻌـﺎم ﻓـﻲ إﺷـﺒـﺎع داﻓـﻊ اﳉـﻮع ﻣـﺜـﻼ ،أﻣـﺎ اﻵﺧــﺮ ،وﻳ ـﺴ ـﻤــﻰ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﺪاﺧﻠﻲ ،Intrinsic Exploratainﻓﻬﻮ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺳﻠﻮك ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ aﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،وﻳﺨﺪم ﻓﻲ ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺎﺋﻦ ﻋﻠﻰ أﻟﻔﺔ ﺑﺎCﺜﻴـﺮات اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺘﻪ ،وﻫﻮ ﺳﻠﻮك ﻳﺘﻢ ﻓﻲ ذاﺗﻪ وﻟﺬاﺗﻪ ،وﻳﺮﺗﺒﻂ ــ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ــ ﺑﺎCﻠﻞ وﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع اCﻌﺮﻓﻲ) .(١٠وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﳉﺪة واﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻠﻌﺐ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت. وﻳﺤﺪث اﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ إﻟﻰ اﻟﻠﻌﺐ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﺷﺮوط اﻷﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﶈﻴﻄﺔ ﺑﺴﻠـﻮك اﻟـﻠـﻌـﺐ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺧـﺎص، وأﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﻄﻠﺐ اﻟﺒﻴﺌﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ــ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل أن ﻳﺴﺎﻫﻤﻮا ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﻀﺮورﻳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑـﺎﳊـﻴـﺎة ﻛـﺠـﻠـﺐ اCـﻴـﺎه ،أو اﻟﻄﻌﺎم ،أو اﻟﻌﻤﻞ ،أو اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻷﻃﻔﺎل اﻵﺧﺮﻳﻦ .وﺗﻌﻤﻞ اCﺴﺘﻮﻳﺎت اCﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،ﻟﺴﺒﺐ أو ﻵﺧﺮ ،ﻋﻠـﻰ اﺧـﺘـﻼل ﺳـﻠـﻮك اﻟﻠﻌﺐ ﻟﺪﻳﻬﻢ ،وأﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اCﺘﻌﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻋﺪة ).(١١ ﺗﻜﻮن أﻟﻌﺎب اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻓﺮدﻳﺔ ﺛﻢ ﺗـﺼـﺒـﺢ ﺟـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ،وﺗـﻜـﻮن ﻓـﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أﻳﻀﺎ إﻳﻬﺎﻣﻴﺔ ،ورﻣﺰﻳﺔ ،وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﶈﺎﻛﺎة ،ﺛـﻢ ﺗـﺼـﺒـﺢ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ »اﻟﻠﻌﺐ اCﻘ¸« أو اﻟﻠﻌﺐ اﳋﺎﺿﻊ ﻟﻠﻘﻮاﻧ ،tوﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻮاﻟﻰ ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ أو اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ .وﻳﻌﺘﻘﺪ ﺳﻨﺠﺮ وﺳـﻨـﺠـﺮ Singer & Singerأن ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل ﻳﻌﻜﺲ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ اCﺪارس ،وﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻳﻀﺎ أن اﻟﻄﻔﻞ ﻫﻨﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت ــ ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﻨﺘﻈﻢ ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻬﺎرة ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﳊﺮﻛﻴﺔ، وﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺪى اﻧﺘﺒﺎه أﻛﺜﺮ ﺳﻌﺔ ،وذاﻛﺮة أﻛﺜﺮ دﻗﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﺗﺮﻛﻴﺰه اﻟﻌﻘﻠـﻲ ﻳﺘﻐﻴﺮ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ،ﺷﻜﻼ وﻣﻀﻤﻮﻧﺎ).(١٢ إن اﻟﻠﱠﻌﺐ ﻗﺪ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺳﻠﻮك داﺧﻠﻲ اﻹﺷﺒﺎع وأن ﻣﺘﻌﺘﻪ ﺗﻜﻮن ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﻪ; ﻓﻤﺘﻌﺔ اﻟﻠﻌﺐ ﺷﺒﻴﻬﺔ aﺘﻌﺔ اﳉﻤـﻴـﻞ اCـﻨـﺰﻫـﺔ ﻋـﻦ اﻟـﻐـﺮض ـــ إذا اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﻛﺎﻧﻂ ــ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺳﻠﻮك اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻄـﻌـﺎم اﻟـﺬي 232
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻫﻮ ﺧﺎرﺟـﻲ اﻹﺷـﺒـﺎع .Extrinsicوﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا ـﻜـﻦ وﺿـﻊ اﻟـﻠـﻌـﺐ ﺿـﻤـﻦ ﺳﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف أو ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع اCﺘﻨﻮع اﻟﺬي أﺷﺎر إﻟﻴﻪ ﺑﺮﻟ .tﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﳉﺪﻳﺪ ــ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻧﺸﻂ ــ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺗﻔﺎﻋـﻠـﻪ ﻣـﻊ اCﺜﻴﺮات اﳉﺪﻳﺪة ﻣﺘﺎﺣﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ آﻣﻦ. ﻟﻘﺪ وﺻﻒ ﺑﻴﺘﺶ F. Beachﺳﻠﻮك اﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ١ــ أﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﺼﺮا اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ. ٢ــ أﻧﻪ ﻴﺰ اﻟﻜﺎﺋﻦ اﻷﻗﻞ ﻧﻀﺠﺎ ﻋﻦ اﻟﻜﺎﺋﻦ اﻷﻛﺜﺮ ﻧﻀﺠﺎ. ٣ــ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺗﺆﺛﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ وﺟﻮد اﻟﻔﺮد أو اﻟﻨﻮع. ٤ــ أﺷﻜﺎﻟﻪ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻋﺪﻳﺪة. ٥ــ ﻳﻌﺘــﻤﺪ اﺳﺘﻤــﺮاره وﺗﻨﻮﻋـــﻪ ﻋــﻠـﻰ ﻣﺴﺘــﻮى اﻟﺘﻄــﻮر اﻟــﺬي وﺻــﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻜﺎﺋﻦ).(١٣ وﻧﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟـﻠـﻌـﺐ ﻫـﺬه ﺗـﺘـﻔـﻖ ﻣـﻊ ﺳـﻠـﻮك اﻟـﺘـﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ،واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻟﺼﻐﺎر واﻟﻜﺒﺎر ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء .ﻓﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺳﻠﻮك ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻋﻨﺼﺮا ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ )أو ﻋﻨﺎﺻـﺮ ﻣـﻨـﻬـﺎ( وﻻ ﺗـﻜـﻮن ﻟـﻪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة )وإن ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴـﺔ ﺣـﺎﻟـﺔ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أﻳﻀﺎ( وأﺷﻜﺎﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻣﺨﺘﻠﻔـﺔ ،ﻣـﻦ ﺣـﻴـﺚ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ واﺳﺘﻤﺮارﻳﺘﻬﺎ ،واﺧﺘﻼف اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓـﻴـﻬـﺎ. ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺑﻴﺘﺶ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ إن اﻟﻠﻌﺐ ﻴﺰ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻷﻗﻞ ﺗﻄﻮرا ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻷﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮرا ،ﻓﺮأﻳﻨﺎ اﳋﺎص ﻫﻮ أن اﻟﻠﻌﺐ ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌﺎ واﺣﺪا ،وأن ﻫﻨﺎك أﻟﻌﺎﺑﺎ ـ)رaﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﻳـﻘـﺼـﺪﻫـﺎ ﺑـﻴـﺘـﺶ( ـﻴـﺰ اﻷﻋـﻤـﺎر اﻟـﺼـﻐـﻴـﺮة واﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻷﻗﻞ ﺗﻄﻮرا ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ أﻟﻌﺎب أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ وﺗﻌـﻘـﻴـﺪا ،ـﻴـﺰ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻄﻮرا وارﺗﻘﺎء .وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﻔﻀﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﺧـﺎﺻـﻴـﺔ ﻴﺰة ﻟﻺﻧﺴﺎن ،ﺻﻐﻴﺮا ﻛﺎن أو ﻛﺒﻴﺮا .وﻫﻮ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳊﻮاس )ﻛﺎﻟﻠﻌﺐ وﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻟـﻮان ﻣـﺜـﻼ( ﺛـﻢ ﻳـﺮﺗـﻘـﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﻤﺮ ﻟﻴﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﺛﻘـﺎﻓـﻴـﺔ )ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ أﺳﻠﻮب ﻓﻨﻲ ﻣﻌ tﻣﺜﻼ(. ﻣﻊ زﻳﺎدة اﻻرﺗﻘﺎء ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻳﺰداد اﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻬﻢ ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺼﺒﺢ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻣﻊ زﻳﺎدة اﻟﺘـﻤـﺎﻳـﺰ واﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ 233
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ أﺟﻬﺰﺗﻬﻢ اﻹدراﻛﻴﺔ واCﻌﺮﻓﻴﺔ .إن ﺧﻮﻓﻬﻢ ﻣﻦ اﳉﺪﻳﺪ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ أﻳﻀﺎ ﻟﻸﺷﻜﺎل اCﺄﻟﻮﻓﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮوﻓﺎ ﻫﺠﺎﺋﻴﺔ أو ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ .وﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻞ واﳉﺪة ﺗـﺘـﺒـﻊ ﻣـﺎ ﻗـﺎﻟـﻪ ﻀﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺎت ﺑﺮﻟ tﻣﻦ أن اﻟﺪرﺟﺔ اCﺘﻮﺳﻄﺔ ﻣﻦ اﳉﺪة ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗَُﻔ ﱠ اCﻨﺨﻔﻀﺔ ﺟﺪا )اﻷﻟﻔﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة( أو اCﺮﺗﻔﻌﺔ ﺟﺪا )اﻟﻐﺮاﺑﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة واﻧﺘﻔﺎء اﻷﻟﻔﺔ( ﻣﻦ اﳉﺪة. ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎر اCﺒﻜﺮة ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ﺑﺴﻠﻮك اﻟﻠﻌﺐ ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻨﻀﺞ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻴﻜﻮن اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ﻣـﺮﺗـﺒـﻄـﺎ أﻛـﺜـﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻹﺑﺪاع .ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع ﻫﻨﺎك ﺣﺐ اﺳﺘﻄﻼع واﺳﺘﻜﺸﺎف وﻟﻌﺐ أﻳﻀﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻌﺐ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻣﺎ أﺳـﻤـﺎه ﻛـﺎرل روﺟـﺮز اﻟـﻘـﺪرة ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﺻﺮ واCﻔﺎﻫﻴﻢ واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ اﳋﺒﺮة وﻧﻘﺺ اﻟﺘﺼﻠﺐ ).(١٤ إﻧﻪ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻠﻌﺐ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺬي رﺑﻂ ﻛﻮﻧﺮاد ﻟﻮرﻧﺰ K.Lornzﺑﻴﻨﻪ وﺑt ﻧﺸﺎط اﻟﺒـﺤـﺚ اﻟـﻌـﻠـﻤـﻲ .واﻟـﺬي ﻧـﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ أن ﻧـﺮﺑـﻂ ﺑـﻴـﻨـﻪ ـــ أي اﻟـﻠـﻌـﺐ واﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ــ وﺑ tﺳﻠﻮك اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻔﻨﻲ أﻳﻀﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﺟﺎداﻣﺮ ،وﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
ﺛﺎﻟﺜﺎ :ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎﻫﺮ ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل:
اﻫﺘﻢ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ وﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﳉﻤﺎل اﻟﺸﻜﻠﻲ وﺑﺎﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﺘﻲ ﲢﺪﺛﻬﺎ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،أو اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ،وأﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻟـﻬـﺬه اﻷﻋﻤﺎل ،ﻛﺎﳋﻄﻮط ،واﻷﻟﻮان ،واﻟﻨﻐﻤﺎت ،واﻟﻜﻠﻤﺎت ،وﺑﺎﳉﻮاﻧﺐ اCﺮﻛﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻦ واﻷﺳﻠﻮب ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ. وﻗﺪ أﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺎت ﻋﺪةﺣﻮل ﺳﻠﻮك اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤـﺎﻟـﻲ ﻟـﺪى اﻷﻓـﺮاد ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وداﺧﻞ اﻟﺜـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟـﻮاﺣـﺪة ،وﺑـ tاﻟـﺬﻛـﻮر واﻹﻧـﺎث ،وﻓـﻲ ﺿﻮء ﻣﺘﻐﻴﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ ﻣﺘﻐﻴﺮ اﻟﻌـﻤـﺮ اﻟـﺬي ﻧـﻬـﺘـﻢ ﺑـﻪ ،ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧﺎص ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ. وﺳـﻨـﺘـﺤـﺪث ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳـﻠـﻲ ﻋـﻦ واﺣـﺪ ﻣـﻦ أﻫـﻢ اﻟـﺘـﺼــﻮرات وا Cـﺸــﺮوﻋــﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎرﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﻤﺮ ﺛﻢ ﻧﺘﺤﺪث ﺑﺒﻌﺾ اﻻﺧﺘﺼﺎر ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺠﺎﻻت أﺳﺎﺳـﻴـﺔ ﻣـﻦ ﻣـﺠـﺎل اﻟـﻨـﺸـﺎط 234
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻔﻨﻲ ،أﻻ وﻫﻲ ﻓﻦ اﻟﺮﺳﻢ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وﻓﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺛﻢ اﻷدب.
ﺟﺎردﻧﺮ وﻣﺸﺮوع ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد
ﻓﻲ ﺿﻮء ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ ﻗﺪم ﺟـﺎردﻧـﺮ ﻧـﻈـﺮﻳـﺘـﻪ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺣـﻮل اﻟـﺘـﺮﺑـﻴـﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وﺣﻮل ﻣﺮاﺣﻞ اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ ،واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻗﺪ ﲢﻘـﻖ ﻣﻦ ﺻﺪق ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻫﺬه ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟـﺘـﻲ أﺟـﺮﻳـﺖ ﻓـﻲ ﻧـﻄـﺎق اCﺸﺮوع ﺻﻔﺮ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة) .(١٥وﻗﺪ ﻗﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ إن اﻻرﺗﻘﺎء اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﺤﺪث ﻋﺒﺮ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ،ﺗﻜﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ١ـ إدراك اﻟﺮﺿﻴﻊ):ﻣﻨﺬ ا'ﻴﻼد ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺘ(U وﻓﻘﺎ Cﺎ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻨﻪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق »اCﺸﺮوع ﺻﻔﺮ أو زﻳﺮو« ﺗﺒ tأﻧﻪ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺘ tاﻷوﻟﻴ tـــ ﻋـﻘـﺐ اﻟـﻮﻻدة ـــ ﻻ ﻳـﻜـﻮن اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻨﻬﻤﻜﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﻧﺸﺎط ﻓﻨﻲ .ﻓﺨﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘـﺮة ﻳـﻜـﻮن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻌﺮف ﻋﺎﻟﻢ اﻷﺷﻴﺎء وﻋﺎﻟﻢ اCﻮﺿﻮﻋﺎت. وﺗﻜﺮس ﻣﻌﻈﻢ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﺧﻼل اﻟﺸﻬﻮر اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﳊﻴﺎة ﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﱠ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺼﺮي .إﻧﻪ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ ﻧﺤﻮ ﻣﺼﺪر اﻟﻀﻮء .وإﻟـﻰ اCـﻨـﺎﻃـﻖ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺎد ﺑ tاﻟﻌﺘﻤﺔ واﻟﻀﻮء .وﺗﺒﺪو ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت أوﻻ ﻛـﻤـﺎ ﻟـﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻬﺮﻳﺔ أو aﻨﺰﻟﺔ ردود أﻓﻌﺎل ﻻ إرادﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ .وﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﻳـﻜـﺘـﺴـﺐ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﺮوﻧﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﻴﻨﻈﺮ إﻟﻰ أ ﺎط ﺑﺼﺮﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔـﺔ ،وﻳـﻈـﻬـﺮ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻼت ﻣﺘﺴﻘﺔ )ﻣﺜﻼ ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ ﻟﻠﺸﻜﻞ اﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑﺮﻗﻌﺔ اﻟﺸﻄﺮﱋ ،اﻟﺬي ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﻀﺎدا ﺑ tاﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد ،ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻷﺑﻴﺾ ﻓﻘﻂ أو اﻷﺳﻮد ﻓﻘﻂ(. وﺧﻼل ﺷﻬﻮر ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻮﻻدة ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻄﻔﻞ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟـﺘـﻌـﺮف ﻋـﻠـﻰ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺎت اﻷﺷﺨﺎص ،واﳊﻴﻮاﻧﺎت ،واﻟﻜﺮاﺳﻲ، واﻟﺰﺟﺎﺟﺎت وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ .وﻳﺸﺎر ﻋﺎدة إﻟﻰ ﻫﺬه اﻹﻣﻜﺎﻧـﻴـﺔ ﺑـﺎﺳـﻢ »إدراك اﳉﺸﻄـﻠـﺖ« Gestalt Perceptionوﻫﻲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻗـﺪرة اﻟـﻄـﻔـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﺗﺬوق اﻷﺷﻜﺎل اCﻨﻈﻤﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻔﺼﻞ ﺑ tاﻷﺟﺰاء .وﻫﺬه اﻟﻘﺪرة ﻣﻬﻤﺔ ﻷن ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ أن اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺪأ ﺘﻠﻚ أﺣـﺠـﺎر اﻟـﺒـﻨـﺎء اﻷﺳـﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻹدراك ﻋـﺎﻣـﺔ واﻹدراك اﻟﻔﻨﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻛﻤـﺎ أن اﳉـﻮاﻧـﺐ اﳋـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ اCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻄﻔﻞ ﺣﺴﺎﺳﺎ ﻟﻬﺎ ــ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘـﺮة ـــ ﻣـﻬـﻤـﺔ أﻳـﻀـﺎ ﻓـﻲ اﻹدراك 235
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص ﺑـﺪاﻳـﺔ ﺣـﺴـﺎﺳـﻴـﺘـﻪ ﻟـﻸﻟـﻮان واﻷﺣـﺠـﺎم واCـﻼﺑـﺲ واﻻﲡﺎﻫﺎت. واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ Cﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻹدراﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﻬﻤﺔ، ﻓﻬﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﳒﺬاب ﺧﺎص ﻧﺤﻮ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﺎوت أو ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻌﺘﺪل أو ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻋﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أن رآﻫﺎ وﻗﺎم ﺑﻔﺤﺼﻬـﺎ. ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ــ أو ﺻﻮرة اﻟﺸﺨﺺ ــ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن )إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ( ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎص اﻵﺧﺮﻳﻦ اCﺄﻟﻮﻓ tﻟﻠﻄﻔﻞ ــ أي ﻻ ﻳﻜﻮن ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﻬﻢ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،أو ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻋﻨﻬﻢ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ــ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺠﺘﺬب اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻄﻔﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮه ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا اCﺒﺪأ ﻳﺮﺗﻘﻲ ﻋﺒﺮ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹدراك اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺘﺎﻟﻲ ،وﻳﺠﺪ ﲡﺴﻴﺪا ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﻜﺒﺎر ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎرت إﻟﻰ ذﻟﻚ دراﺳﺎت ﺑﺮﻟ.t ٢ـ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺮﻣﻮز )ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ( وﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓـﺔ اﻟـﻄـﻔـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﺴـﺘـﻮى اCـﻌـﺮﻓـﺔ اCﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺎﻟﻢ اCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﺷﺨﺎص .إﻧﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻫﻨﺎ ﻗﺎدرا ﻋﻠـﻰ ﻗـﺮاءة ـــ أي إدراك ــ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺪاﺋﻞ ﺗﺸﻴﺮ ﺑﺪورﻫﺎ إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء واﻷﺷﺨﺎص. وأﺑﺮز اﻟﺮﻣﻮز وأﻛﺜﺮﻫﺎ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ رﻣﻮز اﻟـﻠـﻐـﺔ .ﻟـﻜـﻦ ﻋـﺎﻟـﻢ اCـﻌـﻨـﻰ ﻟـﺪى اﻟﻄﻔﻞ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ ،إﻧﻪ ﻳﺸﺘﻤـﻞ أﻳـﻀـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺼـﻮر واﻟـﺮﺳـﻮم اﻟﺘﻮﺿﻴﺤﻴﺔ واﻹ ﺎءات واﻷرﻗﺎم واCﻘﻄﻮﻋﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ .ﻫﻨﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻄﻔﻞ أﻛﺜﺮ ﻃﻼﻗﺔ ﻓﻲ ﻗﺮاءة )أي إدراك( اﻟﺮﻣﻮز. وﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻄﻔﻞ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻓﻬـﻢ اﻟـﻘـﺼـﺺ اﻟـﺒـﺴـﻴـﻄـﺔ ،وﻳـﺘـﺬوق اﻟﻌﺮوض اCﺴﺮﺣﻴﺔ واCﻮﺳﻴﻘﻰ اﶈﺪودة ،اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻣﺜﻼ ﻋﻠﻰ أﳊﺎن ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﺣﺪاث ﻣﺤﺪدة ﻣﺜﻞ ﺗﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم أو ﻋﻴﺪ ﻣﻴﻼده أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑـﻪ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﻷﺣﺪاث .وﻫﺬه اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻟﺼﻮر واﻹ ﺎءات ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﻣﺨﺰون اﻟﻄﻔﻞ اﻹدراﻛﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴـﻠـﻲ ﻓـﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ،ﻓﻬﺬه اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺘﻲ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ إدراﻛﻪ ﻟﻠﻌﺎﻟـﻢ ﺗـﻌـﺘـﺒـﺮ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻼت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،أي ﻋﺎﻟﻢ اCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﺷﺨﺎص .وﺗﻜﻮن ﻟﻸﻃﻔﺎل ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﺒﺮﻳﺮﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻘﻨـﻊ ،ﻓـﺎﻟـﻄـﻔـﻞ ﻗـﺪ ﻳـﻘـﻮل» :أﻧـﺎ أﺣـﺐ ﺻـﻮرة اCﻨﺰل ﻫﺬه ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺸﺒﻪ ﺻﻮرة ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ« .و ﻴﻞ اﻷﻃﻔﺎل ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ 236
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ أو اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟـﺴـﻄـﺢ، أي اﻷﻋﻤﺎل ذات اﻷﻟﻮان اﻟﺒﺮاﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻳﺤﺒﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ، واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺎﺛﻞ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻊ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﺜﻠﻪ أو ﺗﺸﻴﺮ إﻟـﻴـﻪ ،وﻧـﺎدرا ﻣـﺎ ﺗﻈﻬﺮ أي ﻣﺤﻜﺎت ﺟﻤﺎﻟﻴﺔﻋﻨﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﺣﻮل ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬـﻢ ﻓـﻲ ﻫـﺬه اCﺮﺣﻠﺔ. ٣ـ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﳊَْﺮﻓﻴﺔ ) Literalismﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ( ﻳﺴﺘﻤﺮ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮ ـــ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ــ إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﺜﻠﻬﺎ أو ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻳﺼﺒﺤﻮن أﻳﻀﺎ أﻛﺜﺮ ﺗﺼﻠﺒﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﻢ ﺣﻴﺚ ﻳﻔﺮﺿﻮن ﻗﻮاﻋﺪ ﺻﺎرﻣﺔ ﻋﻠﻰ إدراﻛﻬﻢ ﻟﻬﺬه اﻷﻋﻤﺎل. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ﺜﻞ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺨﻀﻌﻪ ﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑﺴﻴﻂ وﻫﻮ :ﻣﺎ ﻣﻘﺪار ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ اCﺸﻬﺪ أو اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻪ ﻳﺴﺠﻠﻪ? وﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪه ﻧﺎﺟﺤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ أو اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻲء ،ﻳﻌﺘﺒﺮه اﻟﻄﻔﻞ ذا ﻗﻴﻤﺔ ،و ﻴﻞ إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ .أﻣـﺎ ﻣﻊ اﺑﺘﻌﺎد ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻦ اCﺸﺎﺑﻬﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﺜﻠﻪ ،ﻓﺈن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ ،أو اCﻴﻞ ﻧﺤﻮه ،ﺑﻞ وﻗﺪ ﻳﻌﺘﺒﺮه »ﺳﺨﻴﻔﺎ« و»ﻏﺒﻴـﺎ« و »ﻣـﻜـﺮوﻫـﺎ« ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺟﺎردﻧﺮ. ﻓﻄﻔﻞ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ﻳﻔﻀﻞ اﻟﺼﻮر اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ. و ﻴﻞ أﻛﺜﺮ ﻧﺤﻮ ﻴﻴﺰ اﻷﺷﻴﺎء وﺗﺼﻨﻴﻔﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻫﺬه اﻟﻨﺰﻋﺔ اﳊﺮﻓﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺼﻮر واCﺪرﻛﺎت اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻈﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻄﻔﻞ .ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ،واﻟﻠﻌﺐ ،ﻓﻲ اﻟﺒـﻴـﺖ واCـﺪرﺳـﺔ ،إﻧـﻪ ﻳﻜﻮن ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف اﻟﻘﻮاﻋﺪ وﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ وﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ. وﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﻛﻠﻪ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺟﺎردﻧﺮ ــ ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻣﺮا ﺿﺮورﻳﺎ ،وذﻟﻚ ﻷن اCﺮء ﻻﺑﺪ ﻟﻪ أن ﻳﻌﺮف اﻟﻘﻮاﻋﺪ واﻷﺻﻮل ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺤﺮك ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻨﻬﺎ ،واﻟﻄﻔﻞ ﻻﺑﺪ ﻟﻪ أن ﻳﻌـﺮف وﻳـﺘـﺬوق اﻷﻋـﻤـﺎل اCـﺄﻟـﻮﻓـﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺘﺬوق اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ﻋﻦ اCﺄﻟﻮف وﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻬﺎ، واﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﺷﺒﻴﻪ aﻘﻮﻟﺔ إﻳﺠﻮر ﺳﺘﺮاﻓﻨﺴﻜﻲ ــ اCﺆﻟﻒ اCﻮﺳﻴﻘﻲ اCﻌـﺮوف ـــ »ﻛﻠﻤﺎ زادت اﻟﻀـﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ أﻓﺮﺿـﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ،زادت اﳊﺮﻳﺔ اﻟـﺘﻲ أﺷـﻌﺮ ﺑﻬﺎ«. 237
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
٤ـ اﻧﻬﻴﺎر اﳊَﺮﻓﻴﺔ واﻧﺒﺜﺎق اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ )ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة( ﻳﺼﺒﺢ اﻷﻃﻔﺎل ﻫﻨﺎ أﻛﺜﺮ إﺗﻘﺎﻧﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻟﻐﺘﻬﻢ وﻟﻸﻧﻈﻤﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا ﻳﺨﺎﻓﻮن ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻧﺘﻬﺎﻛﻬﺎ أو ﻋﺪم اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻬﺎ .ﻓﻬﺬه اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺰﻣﻦ اCﻨﺎﺳﺐ اﻟﺬي ﻳﺬﻫﺐ ﺧﻼﻟﻪ اﻷﻃﻔﺎل إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﻘﺮاءات اﳊﺮﻓﻴﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت واﻟﺼﻮر واﻷﻏﺎﻧﻲ ،وﻳﻬﺘﻤﻮن ﺧﻼﻟﻪ ــ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،أو ﻋﻼوة ﻋﻠـﻰ ذﻟﻚ ــ ﺑﺎﳉﻮاﻧﺐ اﻹﺷﺎرﻳﺔ Denotationalواﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﻣﻮز .إن ﻫﺬا ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اCﺮاﻫﻘﺔ ﻫﺬه .واﻟـﻄـﻔـﻞ اﻟـﺬي ﻛﺎن ﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻳﻬﺘﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واCﺄﻟﻮﻓﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺮأﻫﺎ ،أو ﲢﻜﻰ ﻟﻪ )ﻛﻴﻒ ﺗﻠﺒﺲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ،ﻛﻴﻒ ﺗـﻌـﻴـﺶ دون اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺪواﻓﻌﻬﺎ أو ﺳﻤﺎﺗﻬﺎ أو ﻃﺮاﺋﻖ ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﺎ( ﻳﺼﺒﺢ اﻵن ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اCﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﺨﻤﻟﻄﻄﺎت ﻋﻘﻠﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻘﺼﺺ ،إﻧﻪ ﻳﻌﺮف اCﺪى اﳋﺎص ﻷ ﺎط اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت واﻷﺣﺪاث اCﻮﺟﻮدة أو اﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ اCﺮء ﻓﻲ اﳊﻜﺎﻳﺎت اﳋﺮاﻓﻴﺔ، واﻟﻘﺼﺺ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ وﻗﺼﺺ اCﻐﺎﻣﺮات ،وﻳﻔﻬﻢ اﻟﻄﻔﻞ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺤﺒﻜﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺺ ،أي أن اﻷﺣﺪاث ﲢﺮﻛﻬﺎ دواﻓﻊ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺆدي aﺴﺎراﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺼﺮاع أو اﳊﻞ ﻟﻠﺼﺮاع ،وأن اCﺸﻜﻼت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ ﺣـﻠـﻬـﺎ داﺧـﻞ ﺣﺪود اﻟﻘﺼﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻜﻮن واﻋﻴﺎ ﺑﺎﳋـﻂ اﻟـﻔـﺎﺻـﻞ ﺑـ tاﻟـﻮاﻗـﻊ واﳋـﻴـﺎل، وﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﺗﺬوق اﻟﻮﺟﻮد اﳋﺎص aﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻟﻠﻮاﻗﻊ .وﻓﻴﻤﺎ ﺑ tاﳊﺎدﻳﺔ ﻋﺸﺮة واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻄﻔﻞ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻘﺼﺺ ﺑﺪﻗﺔ ،وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﻴـﺪ ﺣـﻜـﻴـﻬـﺎ ﺑـﻜـﻔـﺎءة ،وأن ﻳـﻘـﻮم ﺑـﺘـﻨـﺒـﺆات ﻣـﻌـﻘـﻮﻟـﺔ ﺣـﻮل ﻣـﺎ ﺳـﻴـﺤـﺪث ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺎت ،ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ ﻛﻜﻞ. وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﻻﺷﺘﻘﺎﻗﺎت أو اﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﻠﺼﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺔ ﺗﻨﻔﺬ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﺴﻄﺢ اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻟﻠﻘﺼـﺔ ،إﻧـﻪ ﻳـﺼـﺒـﺢ ﺣﺴﺎﺳﺎ ﻟﻠﺘﺸﻌﻴﺒﺎت أو اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت واﻷﺣﺪاث ،ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻪ اﻵن ﺣﺲ أﺻﻴﻞ ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻘﺼﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،أي ﺑﺎﻟﻨﺸﺎط اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻬﺎ ،إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎ ﻣﻠﺘﺼﻘﺎ ﺑﺠﻤﻮد ﺑﺎﻟﻘـﻮاﻋـﺪ اﻟـﺼـﺎرﻣـﺔ ،وﻻ ﺑـﺄن ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺼﺔ ﻣﺠﺮد ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻋﻤﺎ ﺣﺪث ،إﻧﻪ ﻳﺬﻫﺐ اﻵن إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﳊﺒـﻜـﺔ 238
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ،وﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻄﺮاﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎغ ﺑﻬـﺎ اﻟـﻜـﻠـﻤـﺎت ،أي ﻳـﻬـﺘـﻢ ﺑـﺎﻷﺳـﻠـﻮب واﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳋﺎص ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻘﺼﺼﻲ .ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﺬي ﻳﺘـﺬوق ﻓﻴﻪ اﻟﻄﻔﻞ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺘﺞ أﻳﻀﺎ اﶈﺎﻛﺎة اﻟﺘﻬﻜـﻤـﻴـﺔ ،Parodyﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺘﺬوق أﻳﻀـﺎ اﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت أو اﻹزاﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻓﻲ اﻷﺷﻜﺎل اCﺄﻟﻮﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ. ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ واﻷدﺑﻴﺔ واCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻄـﻔـﻞ أﻛـﺜـﺮﺣـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ ﻟﻠﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ وﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ــ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن اﻷدﺑﻴﺔ واCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ــ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻋﻠﻰ اCﺮاﻫﻘﺔ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻋـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻨﻴﺔ. ﻓﻴﻬﺘﻢ اﻟﻄﻔﻞ ﻫﻨـﺎ أﻳـﻀـﺎ aـﻮﺿـﻮﻋـﺎت ﻣـﺜـﻞ :ﻛـﻴـﻒ ﻛُـﻮ¢ن ﺧﻂ ﻣﻌـ tﻓـﻲ ﻟﻮﺣﺔ? ﻛﻴﻒ ﺣﺼﻞ اCﺰج ﺑ tاﻷﻟﻮان? ﻛﻴﻒ § اﻟﺘﻈﻠـﻴـﻞ? وﻣـﺎ ﻋـﻼﻗـﺔ اﻟـﻈـﻞ ﺑﺎﻟﻨﻮر واCﻨﻈﻮر? وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﳒﺎز اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ. واﳋﻼﺻﺔ أن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺘﺤﺮر ﻫﻨﺎ ﻣﻦ »اﳊﺮﻓﻴﺔ« ،أو اﻻﻟﺘﺼﺎق اﳊـﺮﻓـﻲ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻴﺰة ﻟﻠﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﻳﺼﺒﺢ ﺣﺮا ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ اﳉﻮاﻧﺐ اCﻬﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ،وﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ اﻧﻔﺘﺎﺣﺎ وﻗﺎﺑﻠـﻴـﺔ ﻋـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟـﻠـﺘـﺪرﻳـﺐ ﻋـﻠـﻰ اCﻘﺎرﻧﺔ ﺑ tﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮدا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ )ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﻣﻌ ،(tوﻣﺎ ﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻟﻪ أو ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. إﻧﻨﺎ ﻧﺮى ﻫﻨﺎ أﻃﻔﺎﻻ ﲡﺎوزوا ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﻴﺎﻧﻴـﺔ )وﻓـﻘـﺎ ﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ( أو اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ )وﻓﻘﺎ ﻟﻜﻮﻟﺒﺮج( وﻣﻦ ﺛﻢ ﳒﺪﻫﻢ ﻳﻜﺸﻔﻮن ﻋﻦ اﲡﺎﻫﺎت إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻷﻛـﺜـﺮ ﺗـﻨـﻈـﻴـﻤـﺎ )ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ( .وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻻ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ارﺗﻘﺖ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ أو اCﻨﻄﻘﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﻴﺎﺟـﻴـﻪ ،ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﺗـﻜـﻮن ارﺗـﻘـﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺑﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ إﻟـﻰ اﻹدراك اﻟـﻔـﻨـﻲ ،وﺣـﻴـﺚ ﺗـﻜـﻮن اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﻨﻄﻘﻴﺔ أو اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺿﺮورﻳﺔ .إن ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ اﻟﻄﻔـﻞ ﻫـﻨـﺎ ﻟﻴﺲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﻨﻄﻘﻲ اCﻨﻈﻢ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻐﺮاق اﳋﺎص ﻓﻲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ،وأﻳﻀﺎ ﺣـﻮار ﺑـ tﺷـﻌـﻮره اﳋـﺎص ﺑـﺎﳊـﻴـﺎة واCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﻴﻂ ﺑﻪ. ٥ـ أزﻣﺔ اﻻﺳﺘﻐﺮاق اﳉﻤﺎﻟﻲ )ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة إﻟﻰ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ( ﺘﻠﻚ اCﺮاﻫﻘﻮن ﻣﺪى واﺳﻌﺎ ﻣﻦ اCﻬﺎرات واCـﻌـﺮﻓـﺔ اﻟـﺘـﻲ ـﻜـﻨـﻬـﻢ ﻣـﻦ اﻹﺣﺎﻃﺔ اﻷﻛﺒﺮ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن .إﻧﻬﻢ ﻳـﺼـﺒـﺤـﻮن ،وﻷول ﻣـﺮة ،ﻣـﻬـﺘـﻤـ tﺑـﺎﻟـﻘـﻀـﺎﻳـﺎ 239
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ،ﻓﻴﻨﺠﺬﺑﻮن ﻧﺤﻮ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﻦ ،وﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﺑﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ أﻳـﻀـﺎ، وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻷﻃﻔﺎل اﻷﺻﻐﺮ ﻴﻠﻮن إﻟﻰ اﳋﻠﻂ ﺑ tﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ واﻟﺘﺬوق اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ،وﻳﺨﻠﻄﻮن أﻳﻀﺎ ﺑ tاﻟﺘﻤﻜـﻦ اﻟـﺘـﻘـﻨـﻲ واCـﻬـﺎرة اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ،ﻓﺈن اCﺮاﻫﻘ tﻳﺘﻌﻠﻤﻮن أن ﻳﺤﺘﺮﻣﻮا ﻫﺬه اﻟﺘﻤﻴﻴﺰات .ﻛﻤﺎ ﻳﺼﺒﺤﻮن أﻛﺜﺮ وﻋﻴﺎ ﺑﻨﺴﺒﻴﺔ اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻃﻔﻞ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻳﻠﺘﺼﻖ aﻌـﻴـﺎر واﺣﺪ ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻓﺈن ﻣﺮاﻫﻖ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮة ﻳﻨﻬﻤﻚ ﻓﻲ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻏﻴﺮ اCﺆﻛﺪة ﻟﻸﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺷﻲء واﺣﺪ ﻟـﺪى اﻟـﻄـﻔـﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻫﻮ اﳉﻴﺪ ،ﻓﺈن ﻫﻨﺎك أﺷﻴﺎء ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻫﺬا اﻟﻮﺻﻒ ﻟﺪى اCﺮاﻫﻖ. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺜـﻠـﻤـﺎ ﺗُﺒْـﻌِﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺼـﻐـﻴـﺮ ﻋـﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اCﻌﺎﻳﻴﺮاﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد ،وﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ، ﻓﺈن ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ اCﻄﻠﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﻬﺎ اCﺮاﻫﻖ ﻗﺪ ﺗﺒﻌﺪه أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ أو اﻟـﺬوق اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ،وﻓـﻲ اﳊـﺎﻟـt ﻫﻨﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﻨﻘﺪي :اﻷول ﺑﺎﻻﺳﺘﺒﻌﺎد ﻟﻸﺣﻜﺎم اﻷﺧﺮى )ﻏﻴﺮ ﺣﻜﻢ اﻟﻄﻔﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﳋﺎص( ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ــ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اCﺮاﻫﻖ ــ ﺑﺎﻻﺷﺘﻤﺎل أو اﻟﺘﻀﻤ tاﻟﺰاﺋﺪ ﻟﻜﻞ اﻷﺣﻜﺎم اﻷﺧﺮى )إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺣﻜﻤﻪ اﳋﺎص( ،وإن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺘﺴﻢ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺒﻌﺎد اﻟﻀﻤﻨﻲ ﻟﻸﺣﻜﺎم اﻷﺧﺮى ﻏﻴﺮ ﺣﻜﻤﻪ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻮﻟﻪ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ» ،ﻫﺬا ﺗﻔﻀﻴﻠﻚ ،وﻫﺬا ﺗﻔﻀﻴﻠﻲ، وﻛﻞ ﺣﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ«. ﱞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ﻓﻘﻂ ﻳﺼـﻞ اCـﺮاﻫـﻖ إﻟـﻰ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﻟـﺮﻓـﺾ ﻟـﻬـﺬه اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،وﻳﺘﺒﻨﻰ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻣﺆﻗﺘﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠـﻰ أﺳﺲ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻘﻴﻴﻢ أو اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ .وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﻷﺣﻜـﺎم أو اﻟﺘﻘﻴﻴﻤﺎت ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺟﺎردﻧﺮ ــ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻻﻛﺘﺴﺎب ،وﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺗـﻨـﺒـﻴـﻪ اCﺮاﻫﻘ tﻷن ﻳﻬﺘﻤﻮا ﺑﺘﻠﻚ اﳉﻮاﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ أو اﻟﺘﺸﺒﻴﻪ، أي ﺗﻠﻚ اﳉﻮاﻧﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب واﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ .وأن ﻳﻨﺎﻗﺸﻮا ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺑﻄﻼﻗﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل إدراﻛﻬﻢ وﺗﻘﻴﻴﻤﻬﻢ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺬوﻗﻮا ﻣﺪى ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن واCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻴﻠﻮن إﻟﻴﻬﺎ ،ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،وﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻮل ﻛﻴﻔﻴـﺔ ﻮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﺗﻄﻮرﻫﺎ وارﺗﻘـﺎﺋـﻬـﺎ ﻟـﺪى اﻷﻓـﺮاد واﳉـﻤـﺎﻋـﺎت ،وﺣـﻮل 240
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﻴﻒ أﺑﺪﻋﺖ ﻫﺬه اﻷﻋـﻤـﺎل وﻛـﻴـﻒ ﻛُ¢ﻮﻧﺖ? ﻣﺎ اCﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﻔﻨـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻄـﻮرت ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻬﺎ? ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻧﺘﺎﺟﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ وﻻ ﻳﺠﻌﻞ ﻏﻴﺮه ﻛﺬﻟﻚ? وﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ? ﻛﻴﻒ ﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اCﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺴﻖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ? وﻛﻴﻒ ﻴـﺰ ﺑ tاﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺬوق واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌـﻠـﻢ أو اﳊـﻴـﺎة? وأﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﳊﻴﺎة وﺑﻔﺮوع اCـﻌـﺮﻓـﺔ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ اﻷﺧـﺮى? أي أن اCﺮاﻫﻖ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﻘﺪم ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ،ﻓﻴﺘﺤﻮل ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻨﺪﻓﻌﺎ ﻓﻲ أﺣﻜﺎﻣﻪ ،إﻟـﻰ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﺄﻣﻼ وﻗﺮﻳﺒﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ روح اﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل.
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وﻓﻨﻮن اﻟﺮﺳﻢ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل
أﻇﻬﺮت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤـﻴـﻴـﺰ ﺑـt اﻷﻟﻮان ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ .ﻓﻠﻘﺪ ﺗﺒ tأن اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺮﺿـﻴـﻊ ﻓـﻲ ﻋـﻤـﺮ أﺳﺒﻮﻋ tﻛﺎن ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ ،ﻣﻈﻬـﺮا ﻗـﺪرﺗـﻪ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺘـﻤـﻴـﻴـﺰ ﺑـ tﻟـﻮن ﻧﻘﻄﺔ اﻟﻀﻮء اCﺘﺤﺮﻛﺔ ،وﻟﻮن اﻷرﺿﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮك ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ ﻫـﻴـﺐ Hebbﺗﺒ tأن اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺮﺿﻴﻊ اﻟـﺬي ﻋـﻤـﺮه ﺷـﻬـﺮ واﺣـﺪ ﻳﻔﻀﻞ اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ إﻟﻰ رﻗﻌﺔ اﻟﻄﺎوﻟﺔ اCﻠﻮﻧﺔ ﻓﺘﺮة زﻣﻨﻴﺔ أﻃﻮل ﻣﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑـﺮﻗـﻌـﺔ ﺳﻮداء اﻟﻠﻮن .وﺗﺒ tﻣﻦ ﲡﺎرب أﺧﺮى أن اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮﺿـﻊ ﻓـﻲ ﻋـﻤـﺮ ﺛـﻼﺛـﺔ أﺷﻬﺮ ﻳﺤﺪﻗﻮن ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻲ ﻗﻄﻌﺔ ورﻗﺔ ﻣﻠﻮﻧﺔ ﺑﺎCﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻗﻄﻌﺔ ورق رﻣﺎدﻳﺔ ﻣﺴﺎوﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺎﻣﺎ .وﻛﺎن اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﺮ أرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻳﻨﻈﺮون ﻃﻮﻳﻼ إﻟـﻰ اﻟﺴﻄﻮح ذات اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ واﻟﺴﻄﻮح ذات اﻟﻠﻮن اﻷزرق ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﺴﻄﻮح ذات اﻟﻠﻮن اﻟﺮﻣﺎدي .وأﻇﻬﺮ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ٦ــ ١٤ﺷﻬﺮا ﻣﻴﻼ ﻗﻮﻳﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻗﺮص ﻣﻠﻮن ﺑﺎCﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻗﺮص آﺧﺮ رﻣﺎدي).(١٦ إن اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ﻫﻮ اCﻔﻀﻞ ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل ،ﻳﻠﻴﻪ اﻟﻠﻮن اﻷﺻﻔﺮ ﺛﻢ اﻷزرق ﻓﺎﻷﺧﻀﺮ ،وﻳﻨﻔﻌﻞ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﻊ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﺑ tﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﺿﺎﻋﺔ وﺳﻦ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اCﺪرﺳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ﻛﺜﻴﺮا ،ﻓـﻲ ﺣـ tﻳـﻜـﻮن اﻟـﻠـﻮن اﻷﺻـﻔـﺮ أﻗﻠﻬﺎ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻟﺪﻳﻬﻢ .وﺣ tﻳﺼﻞ اﻷﻃﻔﺎل إﻟﻰ اﻟﻌﻤﺮ اCﺪرﺳﻲ )ﺳﺖ ﺳﻨﻮات( ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻠﻮن اﻷزرق ﻫﻮ اCﻔﻀﻞ ﻟﺪﻳﻬﻢ .أﻣﺎ اﻹدراك اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻸﻟﻮان و ﻴﻴﺰﻫﺎ، ﻓﺮaﺎ ﻻ ﻳﺮﺗﻘﻲ إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺘﻌﻠﻢ اﻷﻃﻔﺎل أﺳﻤﺎء ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻮان ،وﺗﺮﺗﻘﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻷﻟﻮان ﻣﺘﺄﺧﺮة ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻷﺷﻴـﺎء واCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت اﻷﺧـﺮى اCـﺄﻟـﻮﻓـﺔ 241
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،وﻳﻜﻮن اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ أﺳﺮع اﻷﻟﻮان ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﺳـﻤـﻪ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺻﺤﻴﺢ ،ﺛﻢ ﻳﻠﻴﻪ اﻟﻠﻮن اﻷزرق ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن اﺳﻤﻪ ﺑﺼﻮرة ﻣﺒﻜﺮة أﻳﻀﺎ).(١٧ وﻳﺰداد ﺣﻆ اCﺜﻴﺮات ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺎﻳﺰ ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ اﻻرﺗﻘﺎء واﳋﺒﺮة واﻟﺘﻌﻠﻢ .وﻗﺪ ﻗﺎم إﻟﻴﺎس ﻛﺎﺗﺰ katz .Eﺑﺪراﺳﺔ ﺣﻮل ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ )ﲡﺮﻳﺪﻳﺔ أو ﻏﻴﺮ ﲡﺮﻳﺪﻳﺔ( .وﻗﺪ أﺟﺮﻳﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ أرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ أﻃﻔـﺎل ﺗـﺘـﺮاوح أﻋـﻤـﺎرﻫـﻢ ﻣـﻦ ٧ــ ١١ﺳﻨﺔ ،وﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ وﺟﻮد ﻣﻴﻞ أﻛـﺜـﺮ ﻟـﺪى اﻷﻃـﻔـﺎل ﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ )أو اﻟﺘﺸﺒﻴﻬﻴﺔ( ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺠﻤﻟﺮدة ،وأن ﻫﺬا اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻳﺰداد ﻣﻊ اﻟﻌﻤﺮ ،ﻓﺎﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ ﻛﺎﻧﻮا أﻛﺜﺮ ﺗﻘﺒﻼ ﻟﻠﻮﺣﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻀﻞ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻃﻔﺎل ﺷﻜﻞ اﻟﺒـﻮرﺗـﺮﻳـﻪ ﻓـﻲ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت اﻟﻔﻨﻴـﺔ) .(١٨ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎم ﻣﺎﻛﻮﺗﻜﺎ ﻋﺎم ١٩٦٦ﺑﺪراﺳﺔ ﺣﻮل ﺗﻔﻀﻴـﻼت اﻷﻃـﻔـﺎل ﻷﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻟﻔﻨﺎﻧ tأﻣﺜﺎل ﺑﺮوﺟﻞ وﺳﻴﺰان ودﻳﺠﺎ وﺟﻮﺟﺎن وﻓﺎن ﺟﻮخ ورﻳﻨﻮار وﺑﻴﻜﺎﺳﻮ وﻏﻴﺮﻫﻢ .وﻗﺪ ﺗﺮاوﺣﺖ أﻋﻤﺎر ﻫﺆﻻء اﻷﻃﻔﺎل ﺑ ١٢-٥ tﺳﻨﺔ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺛﻼث ﻟﻮﺣﺎت ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺘﻜﺮر ﻣﺮﺗ tﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﺮض ﻫﺬه .وﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫـﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻦ أن اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﻣﻦ ٧-٥ﺳـﻨـﻮات ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس »اCﻮﺿﻮع واﻟﻠﻮن« ،أﻣﺎ ﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ١١-٧ﺳـﻨـﺔ ﻓـﻴـﻜـﻮن اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ »ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻮاﻗﻌﻲ واﻟﺘﻀﺎد ،وﻫﺎرﻣﻮﻧﻴـﺔ اﻷﻟﻮان ،ووﺿﻮح اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،أو ﻧﻘﺎﺋﻪ« .وﺑﺪءا ﻣﻦ ﺳـﻦ اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻋـﺸـﺮة وﺧـﻼل اCﺮاﻫﻘﺔ ﻳﻈﻬﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ واﻷﺛﺮ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ اCﺪرك وﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻈﻞ واﻟﻀﻮء ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺎت .وﻗﺪ رﺑﻂ ﻣﺎﻛﻮﺗﻜﺎ ﺑ tﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﻫﺬه ،وﺑ tﻣﺮاﺣﻞ ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ ﺣﻮل اﻻرﺗﻘﺎء اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،وﻗﺎل إن اﻷﻃـﻔـﺎل ﻳـﺴـﺘـﺠـﻴـﺒـﻮن ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﺮاﺣﻞ ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ).(١٩ وﻓﻲ دراﺳﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺣﻨﻮرة ﻋﻠﻰ ﻋﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﻃﻔﺎل اCﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ﺗﺒ tﻟﻪ وﺟﻮد ﻣﻴﻞ واﺿﺢ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اCﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﺷﻴﺎء اﺠﻤﻟﺮدة).(٢٠
ﻣﺮاﺣﻞ ارﺗﻘﺎء اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ )دراﺳﺔ ﺑﺎرﺳﻮﻧﺰ(
ﻗﺎم ﺑﺎرﺳﻮﻧﺰ ﺑﺈﺟﺮاء ﻣﻘﺎﺑﻼت ﻣﻊ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ﻣﺘﻔﺎوﺗﻲ اﻟﻌﻤﺮ،
242
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻛﺎﻧﺖ اCﻨﺎﻗﺸﺎت ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻠﻘﺎءات ﺗﺪور ﺣﻮل ﺛﻤﺎﻧـﻲ ﻟـﻮﺣـﺎت ﻟـﻌـﺪد ﻣـﻦ ﻣﺸﺎﻫﻴﺮ اﻟﻔﻨﺎﻧ ،tوﻗﺎم ﺑﺎرﺳﻮﻧﺰ ﺑﺘﺼـﻨـﻴـﻒ اﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺎت ﻫـﺆﻻء اﻷﻓـﺮاد ﻓـﻲ ﺿﻮء ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺗﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ أرﺑﻊ ﻓﺌﺎت أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ :اCﻮﺿﻮع )وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋـﻠـﻰ أﻓﻜﺎر ﺣﻮل اﳉﻤﺎل واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻲ( ﺛـﻢ اﻟـﻮﺳـﻴـﻂ اﻟـﻔـﻨـﻲ ،واﻟـﺸـﻜـﻞ أو اﻷﺳﻠﻮب ،وﻃﺒﻴﻌﺔ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ .وﻗﺪ ﲡﻨﺐ ﺑﺎرﺳﻮﻧـﺰ أن ﻳـﺮﺑـﻂ ﻣـﺮاﺣـﻞ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺄﻋﻤﺎر ﻣﺤﺪدة ،ﻟﻜﻨﻪ أﻛﺪ أﻳـﻀـﺎ أﻫـﻤـﻴـﺔ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﻨـﻀـﺞ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮاﺣـﻞ ،ﻣـﺸـﻴـﺮا إﻟـﻰ أن اﻟـﺘـﺪرﻳـﺐ ﻻ ـﻜـﻨـﻪ أن ﻳـﺪﻓـﻊ اﻻرﺗﻘﺎء اﳋﺎص ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ) (٢١إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﻣﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﻀﺞ. وﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ دراﺳﺘﻪ ﻣﻴﺰ ﺑﺎرﺳﻮﻧﺰ ﺑ tﺧﻤﺲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻟﻠﺤﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻧﻠﺨﺼﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ١ــ ﺗﻈﻬﺮ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻨﺪﻣـﺎ ﻳـﻈـﻬـﺮ ﺷـﻲء ﻓـﻲ اﺠﻤﻟﺎل اﻟﺒﺼﺮي ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،وﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اCـﺒـﻜـﺮة ﺗـﻠـﻘـﺎﺋـﻴـﺔ ﻣﺘﻌﻠﻤﺔ )أي ﻓﻄﺮﻳﺔ( ،وﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ،وﺑﺴﺒﺐ وﻏﻴﺮ ﱠ أﻟﻮاﻧﻬﺎ وﺑﺮﻳﻘﻬﺎ أو Cﻌﺎﻧﻬﺎ ،أو أي ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺑﺼﺮﻳﺔ أﺧﺮى ﻴـﺰة ﻟـﻸﻋـﻤـﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻫﺬا اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻟﻮان اﻟﺰاﻫﻴﺔ ﻳﻜﻮن ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﲡﺮﻳﺪﻳﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻀﻞ اﻷﻃـﻔـﺎل ﻓـﻲ ﻫـﺬه اCـﺮﺣـﻠـﺔ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس اCﻮﺿﻮع ،وﺗﻜﻮن أﻓﻜﺎرﻫﻢ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﻤﺮﻛﺰ ﺣﻮل اﻟﺬات وﲡـﺎﻫـﻞ رأي اﻵﺧﺮﻳﻦ ،اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺨﺘـﻠـﻔـﺎ ﻋـﻦ رأﻳـﻬـﻢ ،ﺣـﻮل ﻣـﺎ ﻳـﺠـﺘـﺬﺑـﻬـﻢ ﻓـﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ. ٢ــ ﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﻜﻮن اCﻮﺿﻮع ﻫﻮ ﻣﺼﺪر اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ، إﻧﻬﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﻓﻬﻢ ﻣﺎ ﺗﺪور اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺣﻮﻟﻪ ،وﻫﺆﻻء اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ وﺻﻠﻮا ﻓﻌﻼ إﻟﻰ ﺳﻦ اﳋﺎﻣﺴﺔ ﻻ ﻳﻮﺟﻬﻮن اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ رﺳﻤﺖ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،ﺑﻞ إﻟﻰ اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﺒﺮز ﻓﻴﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻢ ﻳﻔﻀﻠـﻮن اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ .إن ﺳﻴﺎرة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﲡﻌﻞ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ أﻃﻔﺎل ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﺎرة ﻗـﺪ ـﺔ وﺻـﺪﺋـﺔ ﲡـﻌـﻞ اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ ﻏـﻴـﺮ ﺟﻤﻴﻠﺔ .وﻳﻌﺘﺮف اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ﺑﻮﺟﻮد اﻵﺧﺮﻳﻦ و ﻴﺰ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳊﺎل ﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ٣ــ ﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻳﺒﺪأ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄن اﻟﻔﻦ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻣﺎ 243
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺬاﺗﻴﺔ ،أي ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺑ tﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واCﻈﻬﺮ اﻟﺬي ﻳـﺒـﺪو ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﻓﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ aﻮﺿﻮﻋﺎت واﻗﻌﻴﺔ أو ﻋﻴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻗﺎدرة أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﳋﺒﺮات وﺣﺎﻻت اﻟﻌﻘﻞ واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واCﻌﺎﻧﻲ ،وﻗﺪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﻫﻨﺎ اﻟﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋﻦ اCﻌﻨﻰ اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ واﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ. ٤ــ وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻫﺬا اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎط اﻟﺬاﺗﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن ﺧﻼل اCﺮﺣـﻠـﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺤﺮك ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎص اﻟﺪاﺧﻠﻲ )اﻟﺬاﺗﻲ( إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺎم اﳋﺎرﺟﻲ ،ﻫﻨﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻔﻬﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑـﺮؤﻳـﺔ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻓـﻲ ﺿـﻮء ﺳﻴﺎق اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺗﺎرﻳﺨﻲ ﺧﺎص ،وﺗﺼﺒﺢ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﻔﻨﺎن أو ﻧﻮاﻳﺎه أﻗﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،إن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻫﻨﺎ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ أﻛﺜﺮ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔُ ،ﻳ َ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ رﻣﻮزا ﻟﻠﻨﻮع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ. ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﻢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻮﺳﻴﻂ واﻟﺸﻜﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻤﺎ اﻟﻮﺳﻴﻠﺘ tاCﻨﺎﺳﺒﺘt ﻟﻮﺿﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﳋﺎص ،وﺗﻠﻌـﺐ اﳋـﺒـﺮة ﺑـﺘـﺎرﻳـﺦ اﻟﻔﻦ دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ ووﺻﻒ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻔﺮدي ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻟﻮان واﳋﻄﻮط واCﻼﻣﺲ اﻟﺘﻲ ﲢﻤﻞ اCﻌـﻨـﻰ اﻟـﺴـﻴـﺎﻗـﻲ اﻟـﺪال ﻟﻠﻌﻤﻞ ،وﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﻮﻋﻲ اCﻔﺼﻞ ﺑﺎﻟﻮﺳﻴﻂ اﻟﻔﻨﻲ أﻳﻀﺎ اﺳﺘﺒﺼﺎرا ﺟﺪﻳﺪا ،أو اﲡﺎﻫﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻧﺤﻮ اﻟﻔﻦ ،ﻓﺎﻟﻠﻮﺣﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اCـﺮﺣـﻠـﺔ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﺎ ﻣﻨﻔﺼﻼ ،ﺑﻞ ﻣﺠﺮد ﺟﺰء ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ ،ﻳﺘﺴﻖ ﻣﻊ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴـﺔ اﻷﺧﺮى ،وﻳﺘﻤﻴﺰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ ﻫﺬا ﺑﺘﻘﺎﻟﻴﺪه ،و ﺜﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻷﺳﻠﻮب ﻫﻨـﺎ أﻣـﺮا ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ،ﻓﻬﻮ اCﻔﻬﻮم اﻟﺬي ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻜﺎر و وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻋﻨﻬﺎ. إن اCﺘﻠﻘﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻫﻨﺎ ﻣﻨﺪﻣﺠﺎ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﺸﺘﺮك ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻳﺼﺒﺢ اﻻﲡﺎه اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ أﻣﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻓﺘﺮة ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻓﺌﺔ أو ﻃـﺒـﻘـﺔ اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ، ودﻳﺎﻧﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،أو ﺗﺼﻮر ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻣﻌ tــ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ »إروﻳﻦ ﺑـﺎﻧـﻮﻓـﺴـﻜـﻲ« ـــ ﻫـﻮ ﻃﺮ اﻟﻔﻬﻢ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻔﻦ. اCﻔﻴﺪ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ أُ ُ ٥ــ وﻳﻬﻴﻤﻦ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اCﺮﺣﻠﺔ اﳋﺎﻣﺴﺔ واﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻻرﺗﻘﺎء اﳉﻤﺎﻟﻲ .إن ﻣﻮﺿﻮع اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ذاﺗﻪ، إﻧﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﻮاﻋﻲ ،ﻫﻨﺎ ﻳﻀﻊ اCﺘـﻠـﻘـﻲ ﺗـﻘـﻴـﻴـﻤـﺎت 244
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻣﺤﻜﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻜﻤﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﺑﻄﺮح اﻟﺘﺴﺎؤﻻت واﻟﺸﻜـﻮك وإﻋـﺎدة اﻟـﻔـﺤـﺺ ﻟـﻸﺣـﻜـﺎم اﻟـﺘـﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻨﻘﺪ أو اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ أو اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺎل .إن اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻫﻮ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﻤﺎت اﻟﻔﺮد ،واﺧﺘﻴﺎراﺗﻪ ،وﺗﺴﺎؤﻻﺗﻪ، وﻃﺮاﺋﻖ اﺳﺘﺪﻻﻟﻪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،إﻧﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺗﺘﺮاوح ﺑt اﻟﻮﺻﻒ واﻟﺘﺄوﻳﻞ واﳊﻜﻢ ،وﺗﺘﺤﺮك ﺟﻴﺌﺔ وذﻫﺎﺑﺎ ﺑ tاﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ واCﺘﻠﻘﻲ، ﺑﻜﻞ أﻃﺮﻫﻤﺎ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اCﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﺑﻞ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ. وﻳﺘﻤﺜﻞ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻜـﻮﻳـﻦ ﻣـﻌـﻨـﻰ ﺧـﺎص ﺣـﻮﻟـﻪ ،أﻣـﺎ اﳊـﻜـﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻬﻮ ﺗﻘﻴﻴﻢ Cﺪى ﺟﺪارة ﻫﺬا اﻟﺘﺄوﻳﻞ ،أي Cﺪى ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬا اCﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﺣﻮل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ. إن ﻓﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﺘﺎﺟﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻻ ﻳﻌﺪ ﻛﺎﻓﻴﺎ ،ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ،ﻓﻤﻦ اﻟﻀﺮوري ﻫﻨﺎ اﻟﺘﺴﺎؤل ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺄوﻳﻼت اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣـﺖ ﺑﺸﺄﻧﻪ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ أم ﻻ? وﻳﺼﻞ اﻻرﺗﻘﺎء اﳉﻤﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻀﺞ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ــ وﻓﻘﺎ ﻟﺒﺎرﺳﻮﻧﺰ ــ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻟـﻔـﻦ أﺳـﺌـﻠـﺔ ﺗـﻜـﻮن ﻓـﻲ إﺟـﻤـﺎﻟـﻬـﺎ أﺳـﺌـﻠـﺔ أو ﺗﺴﺎؤﻻت ﺣﻮل اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،وﻟﻴﺲ ﺣﻮل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت وﺣﺪﻫﺎ. ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻛﻠﻪ ،ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻔﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋـﻦ اﳊـﻴـﺎة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﳋﺎرﺟﻴﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻳﺪرﻛﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻳـﺪرﻛـﻬـﺎ ﻛـﻞ ﻣﻨﺎ أﻳﻀﺎ ،ﻛﻤﺎ أن اﻻرﺗﻘﺎء اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻘﺪرة اCﺘﺰاﻳﺪة ﻋﻠـﻰ ﺗﺄوﻳﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﺗﺄﻣﻠﻬﺎ واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻬـﺎ وﺗـﻔـﻀـﻴـﻠـﻬـﺎ aـﻔـﺮدﻫـﺎ أو ﻣـﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ.
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﳌﻮﺳﻴﻘﻰ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل
أﻇﻬﺮت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أن اﻟﻄﻔﻞ »ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠـﺎﺑـﺔ اﻟﻨﺸﻄﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ ﺳﻦ ٣ــ ٦أﺷﻬﺮ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻟﻬﺎ. ﻓﻔﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻦ ﻳﺒﺪأ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺎﻻﻟﺘﻔﺎت ﻧﺤﻮ ﻣﺼﺪر اﻟﺼﻮت ،وﻳﻈﻬﺮ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺴﺮور واﻟﺪﻫﺸﺔ ﻧﺤﻮه .ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻓﻲ إﺣﺪاث اﳊﺮﻛﺎت اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺻﻮرة اﻟﺘﺄرﺟﺢ اﻹﻳﻘﺎﻋﻲ ،وﻳﻈﻬـﺮ ﻫـﺬا ﻋـﻠـﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم اﻷول ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ«).(٢٢ وﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺗﺰداد ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ اﻟﻨﺸﻄﺔ 245
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ زﻳﺎدة واﺿﺤﺔ ،وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬه اCﻈﺎﻫﺮ ﻋﻠﻰ اﻟـﺘـﺼـﻔـﻴـﻖ ﺑـﺎﻟـﻴـﺪﻳـﻦ، واﳋﺒﻂ ﺑﺎﻟﻘﺪﻣ ،tوﲢﺮﻳـﻚ اﻟـﺮأس ،وﲢـﺮﻳـﻚ اﻟـﺮﻛـﺒـﺘـ tإﻟـﻰ اﻷﻣـﺎم وإﻟـﻰ اﳋﻠﻒ .وﺗﻈﻬﺮ ﻋﻼﻣﺎت ﻣﺒﻜﺮة ﻟﻠﺘﺂزر ﺑ tاCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ واﳊـﺮﻛـﺔ اﺑـﺘـﺪاء ﻣـﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻄﻔﻞ اCﻮاءﻣﺔ ﺑ tﺣﺮﻛﺎﺗـﻪ اﻹﻳـﻘـﺎﻋـﻴـﺔ وﻣﺎ ﻳﺼﺪر ﻋﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ أﺻﻮات .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،واﺑﺘـﺪاء ﻣـﻦ ﺳـﻦ اﻟـﺜـﺎﻟـﺜـﺔ، ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﳉﻠﻮس واﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه ﺑﺪﻻ ﻣﻦ إﺻﺪار اﳊﺮﻛﺎت اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻟﻬﺎ).(٢٣ وﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء أن اﻻﺳﺘﻌﺪادات اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﻮروﺛﺔ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮاﻟﺪان ﻣﻮﻫﻮﺑ tﻓـﻲ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﻳـﻜـﻮن ﺛـﻠـﺜـﺎ اﻷﻃـﻔـﺎل ﻣـﻦ اCﻮﻫﻮﺑ tﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﻫﻲ اﻟﺮﺑﻊ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن اﻷﺑﻮان ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻫﻮﺑ tﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ .إن ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻮﺣﻲ ﻓﻲ رأﻳﻬﻢ ﺑﻮﺟﻮد إﺳﻬﺎم وراﺛﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﻜﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻲ. ﺗﺒ tﻛﺬﻟﻚ أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اCـﻮاﻫـﺐ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ ﻟـﺪى اCـﺆﻟـﻔـ tاﻟـﺒـﺎرزﻳـﻦ )ﻣﻮﺗﺴﺎرت ﻣﺜﻼ( ﻗﺪ اﻛﺘﺸﻔﺖ ﻗﺒﻞ ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻗﺒﻞ ﺳﻦ ﺳﻨﺘ tأو ﺛﻼث ﺳﻨﻮات. وﻫﻨﺎك ﺷﻮاﻫﺪ ﻋﻠﻰ أن اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻻ ﲢﺘﺎج إﻟﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟـﺬﻛـﺎء ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ أو ﻋﺰﻓﻬﺎ ،ﻛﻤـﺎ ﺗـﻮﺟـﺪ دراﺳـﺎت ﻋـﻠـﻰ أﻃـﻔـﺎل ﻛـﺎﻧـﺖ ﻧـﺴـﺒـﺔ ذﻛﺎﺋﻬﻢ ) ٥٥أي ﻳﻘﻌﻮن داﺧﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﺄﺧﺮ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺸﺪﻳﺪ( ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺰﻓﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﺪة آﻻت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،ﺑﻞ وﻳﺆﻟﻔﻮن اCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ،وﻳـﺆدون ﺣـﻮاﻟـﻰ أﻟﻒ أﻏﻨﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﻦ اﻟـﺬاﻛـﺮة .واﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟـﺘـﻲ أﺟـﺮﻳـﺖ ﻋـﻠـﻰ اﻷﻃـﻔـﺎل اﻟﻔﺼﺎﻣﻴ tأو اCﺘﻮﺣـﺪﻳـﻦ Autisticﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺆﻳﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴـﺮ اﻟـﻮراﺛـﻲ أﻳـﻀـﺎ، ﻓﻬﺆﻻء اﻷﻃﻔﺎل ﺷﺪﻳﺪو اﻻﺿﻄﺮاب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺠﻨـﺒـﻮن اﻻﺗـﺼـﺎل اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﻣﻄﻠﻘﺎ ،ﻳﻘﺎل إن ﻟﺪﻳﻬـﻢ ﻗـﺪرات ﻣـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ ﻏـﻴـﺮ ﻋﺎدﻳﺔ ،ﻓﺄﺣﺪﻫﻢ ﻛﺎن ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺟﺎردﻧﺮ ــ ﻋﻤﺮه ١٨ﺷﻬﺮا ﻓﻘﻂ ،ﻟﻜﻨـﻪ ﻛـﺎن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ أداء ﺑﻌﺾ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﻔﺮدﻳﺔ )اﻵرﻳﺎت( اﻷوﺑﺮاﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻜﻠﻢ إﻻ ﻋﻨﺪ ﺳﻦ ٣ﺳﻨﻮات ،وأﺣﺪﻫـﻢ أﻳـﻀـﺎ ﻛـﺎن ﻋـﻤـﺮه ٢٬٥ﺳـﻨـﺔ، وﻛﺎن ﻳﺤﺐ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻤـﺮ إﻟـﻰ اﻷﻏـﺎﻧـﻲ اCـﺴـﺠـﻠـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺟـﻬـﺎز اﻟﻔﻮﻧﻮﻏﺮاف ،ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻔﻘﺪ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﻬﺬه اﻷﻏﺎﻧﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗـﻈـﻬـﺮ أﺻـﻮات ﻛﻼﻣﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻐﻨﺎة ،أو ﻮﺳﻘﺔ ،ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﻄﻮاﻧﺔ اﻟﻐﻨﺎء. 246
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻓﻲ دراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ٣٠ﻃﻔﻼ »ﻣﺘﻮﺣﺪا« وﺟﺪ ،ﻛﺬﻟﻚ ،أن ﻃﻔﻼ واﺣﺪا ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑﺎCﻮﺳﻴـﻘـﻰ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ دﺧـﻞ ﺑـﻌـﻀـﻬـﻢ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﺒﺎﻗﺮة اCﻮﺳﻴﻘﻰ .وﻫﺬا اﻻﺗﻔﺎق ﺑ» tاﻟﺘـﻮﺣـﺪ واCﻮﺳﻴﻘﻰ« أﻣﺮ ﻣﺎزال ﻏﺎﻣﻀﺎ .ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﶈﺘـﻤـﻞ أن ﻫـﺆﻻء اﻷﻃـﻔـﺎل ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ )أو ﻳﻈﻬﺮون( أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻘﺪرة اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ واﻟﻠﺤﻨﻴﺔ ذات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﻓﻲ اCﻘﺎم اﻷول ،اﻟﺘﻲ ﻗـﺪ ﻻ ﲢـﺘـﺎج إﻻ إﻟـﻰ أﻗﻞ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﳋﺎرﺟﻲ ،وﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اCﺸﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎدﻳ tﻣﺜﻼ).(٢٤ وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺗﺸﻴﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ارﺗﻘﺎء اﻹدراك اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: ١ــ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻳﺸﻌﺮ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎﻟﺘﻨﺒﻪ واﻟﻴﻘﻈﺔ اﳊﺴﻴﺔ واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻰ ﻣﺜﻴﺮ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ. ٢ــ وﺧﻼل اﻟﺴﻨﺘ tاﻷوﻟﻴ tﻳﺼﺒﺢ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،إﻧﻬﻢ ﻳﻬﺘﺰون ﻟﻸﻣﺎم وﻟﻠﺨﻠـﻒ ،وﻳـﺘـﺤـﺮﻛـﻮن، و ﺸﻮن ،وﻳﺘﺄرﺟﺤﻮن ،وﻳﺮﻗﺼﻮن ،أو ﻳﻨﺘﺒﻬﻮن ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ،وأﻛﺜﺮ اﻷﻋﻤﺎل ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻓﻴﻬﻢ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎت واCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واﻹﻳﻘﺎﻋﺎت اﻟﻘﻮﻳﺔ واCﻨﺘﻈﻤﺔ ذاﺗﻬﺎ. ٣ــ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷﻃﻔﺎل ذوو اﻻﺳﺘﻌﺪادات اCﻮﺳﻴـﻘـﻴـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ أن ﻳـﻌـﻴـﺪوا إﻧﺘﺎج اﻷﳊﺎن ﺑﺪﻗﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻦ ٢أو ٣أﻣﺎ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻴﻘﻮﻣﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺳﻦ ٤ــ ٦ﺳﻨﻮات. ٤ــ ﻳﺤﻔﻆ اﻷﻃﻔﺎل اﻷﻏﺎﻧﻲ ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ، وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺐ اﻟﺮﻣﺰي ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ وﺛﻴﻖ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ اﻟﻠﻐﻮي اﻟﺬي ﻴﺰ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻃﻔﺎل .إﻧﻪ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﳉﻮاﻧﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ اCﺜﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ )ﺧﺎﺻﺔ اﻹﻳﻘﺎع اﻟﺴﺎﺋـﺪ وﺑـﻌـﺾ اCﺴﺎﻓﺎت اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ اﻟﺒﺎرزة( وﻳﻜﺸﻒ ﻛـﺬﻟـﻚ ﻋـﻦ ﺗـﻠـﻚ اﳉـﻮاﻧـﺐ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻜـﻮن ﻣﻔﺘﻘﺪة أو ﻗﻠﻴﻠﺔ اﳊﻀﻮر ﻟﺪى اﻟﻄﻔـﻞ )اﻟـﺘـﻮزﻳـﻊ اﻷورﻛـﺴـﺘـﺮاﻟـﻲ واﳊـﻠـﻴـﺎت اﻟﺰﺧﺮﻓﻴﺔ ﻣﺜﻼ(. ٥ــ ﻋﻨﺪ ﺳﻦ ٥ﺳﻨﻮات أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف واﻟﻐﻨﺎء ﻟﻌﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ واCﻮﺗﻴﻔﺎت .إﻧﻬﻢ ﻳﻨﺪﻣﺠﻮن ﻋﻠﻰ 247
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻣﻊ اCﺜﻴﺮات اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وﻳﺘﺄﺛﺮون اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻬﺎ ،ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻫﻲ ﺧﺒﺮة ﺣﺮﻛﻴﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ إدراﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ، ﻛﻤﺎ أن اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻟﻶﻻت ﻳﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻳـﺆﺟـﻞ ﺣـﺘـﻰ ﺗـﺘـﻮاﻓـﺮ اﻟـﻘـﺪرة ﻋـﻠـﻰ أن ﻳﺴﺘﻐﺮق ﺑﻨﻔﺴﻪ ــ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻋﻤﻴﻖ ــ ﻣﻊ اCﻮﺳﻴﻘﻰ. ٦ــ إن ﻗﺮاءة اﻟﻨﻮﺗﺔ ،واﻟﻌﺰف ﻋﻠﻰ اﻵﻻت ،ﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﻘﺼﻮر ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻫﻮ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺒـﺪأ ﻣـﻊ ﺳـﻨـﻮات اCـﺪرﺳـﺔ ،وﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺐ اCﻨﺎﺳﺒﺔ. وﺗﺮﻛﺰ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﺣﻮل اﻻرﺗﻘﺎء اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ ﻣﻬﺎرات ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﳊﻴـﺎة .وﻣـﺜـﻠـﻤـﺎ ﻓـﻌـﻞ ﺟﻴﺰﻳﻞ وزﻣﻼؤه ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻫﺘﻤﻮا ﺑﺠﻤﻊ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﺣﻮل ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﻨﻤﻮ واﻷداء اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻸﻃﻔﺎل ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ ﺳﻴﺸﻮر وزﻣﻼؤه ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺣﻴﺚ ﺣﺎوﻟﻮا ﲢﺪﻳﺪ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻻرﺗﻘﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،وﻗﺪ ﻇـﻬـﺮ ﻣـﻦ ﻫـﺬه اﻟـﺪراﺳـﺎت ﺛﻼث ﻧﺘﺎﺋﺞ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ: ١ــ ﻫﻨﺎك ﻓﺮوق ﻓﺮدﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻرﺗﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺪرات اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ. ٢ــ إن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺐ اCﺒﻜﺮ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴـﺮﻫـﺎ اﶈـﺪود ﻓـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻻرﺗﻘﺎء ﻫﺬه ،ﻓﻬﻲ ﻻ ﲢﻮل اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺎدي إﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﻓﺎﺋﻖ اﻟﺒﺮاﻋﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎ. ٣ــ إن ارﺗﻘﺎء اCﻬﺎرات اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻳﺒـﺪو أﻧـﻪ ﺗـﺪرﻳـﺠـﻲ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻨـﻪ ﻣـﻔـﺎﺟـﺌـﺎ ،وذروة ﻫـﺬا اﻻرﺗـﻘـﺎء ﻏـﺎﻟـﺒـﺎ ﻣـﺎ ﻳـﺘـﻢ اﻟـﻮﺻـﻮل إﻟـﻴـﻬـﺎ ﻗـﺒـﻞ ﻣـﺮﺣـﻠـﺔ اCﺮاﻫﻘﺔ).(٢٥ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻟﺪوﻧﺎ ﺑﺮدﺟﻤﺎن Donna Bridgemanوﻫﺎورد ﺟﺎردﻧﺮ اﻫﺘﻤﺎ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺪراﺳﺔ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻸﺳـﺎﻟـﻴـﺐ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ ،ﻛـﺎن اﻷﻃـﻔـﺎل ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻰ أزواج ﻣﻦ اCﺜﻴﺮات اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺛﻢ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﺤﻜﻮا ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اCﺜﻴﺮان اﻻﺛﻨﺎن ،ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻗﺪ ﺟﺎءا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ )ﻓﻲ ﻧﺼﻒ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت ﻓﻌﻞ اﻷﻃﻔﺎل ذﻟﻚ ،وﻓﻲ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻮﻣـﻮا ﺑﺬﻟﻚ(. وﻗﺪ وﺟﺪ ﻫﺬان اﻟﺒﺎﺣﺜﺎن أن اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻷول اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻬﺬا اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﻴـﺪ ﻳـﺘـﺠـﺎوز ﻣـﺴـﺘـﻮى اCـﺼـﺎدﻓـﺔ ،وأن اﻷﻃـﻔـﺎل ﻓـﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اCﺮاﻫﻘﺔ ﻴﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اCـﻠـﻤـﺢ اﻟـﺒـﺎرز ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻤـﻞ 248
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
)أﺣﺪ اﻷﺻﻮات ﻣﺜﻼ( ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎراﺗﻬﻢ وﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻬﻢ .وأن اﻟﺘﺤـﺴـﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻷداء ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ،وأن اﻟﻔـﺮوق ﺑـ tاﻷﻋـﻮام ،٨ ١٩ ٬١٤ ٬١١ﻟﻢ ﺗﻜﻦ داﻟﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻃﺮاﺋﻖ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨـﺘـﻠـﻒ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻐﺮاق ﻓﻲ اﻟﻌﻤـﻞ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻲ واﻻﻧﺪﻣﺎج ﻓﻴﻪ وﻳﻼﺣﻈﻮن ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻪ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ واﻟـﻌـﻀـﻠـﻴـﺔ اﳊـﺮﻛـﻴـﺔ ﻓـﻴـﻬـﻢ، وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﳊﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺪور ﺣﻮل ﺧـﺒـﺮاﺗـﻬـﻢ اﻟـﺴـﺎﺑـﻘـﺔ ،ﺛـﻢ ﻳﺼﺪرون أﺣﻜﺎﻣﻬﻢ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﻮل ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﳉﺰءان اﻟﻠﺬان ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻴﻬﻤﺎ ﻳﻨﺘﻤﻴﺎن إﻟﻰ اCﻘﻄﻮﻋﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ أم ﻻ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻘﺪﻣﻮن ﻣﻦ اﳊﺪث اCﻮﺳﻴﻘﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮار اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﺎن اCﺮاﻫﻘﻮن ﻳﻘﺘﺮﺑﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻨﻈﻮر اﳋﺎص ﺑﺎCﻌﺮﻓﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،أي ﺧﻼﻓﺎ ﻷﻃﻔﺎل ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اCﺮاﻫﻘﺔ ،ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺘﺮﺑﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ــ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ــ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳋﺒﺮة اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ )اﻻﻧﻐـﻤـﺎس اﻟـﻮﺟـﺪاﻧـﻲ واﻟـﺘـﺪاﻋـﻲ اﳊﺮ...إﻟﺦ(. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اCﺮاﻫﻘﻮن أﻛﺜﺮ أﻟﻔﺔ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ اCﻮﺳﻴﻘﻲ واCﺼﻄﻠﺤﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ. وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ أﻣﺜﻠﺔ ﻟﻔﺌﺎت ﻣﺼﻨﻔﺔ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻣﺜﻼ ﻋﻦ إﺣﺪى اCﻘﻄﻮﻋﺎت إﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ أﺳﻠﻮب اﻟﺒﺎروك ،ﺛﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻹﺛﺒﺎت ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اCﻘﻄﻮﻋﺔ اﻷﺧﺮى ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻷﺳﻠﻮب ﻧﻔﺴﻪ أم ﻻ. ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اCﺮاﻫﻘﻮن اﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎ ﻳﺘﻘﺪﻣﻮن ﻣـﻦ ﺑـ tﺑـﻨـﻴـﺎت أو ﻣـﺨـﻄـﻄـﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ )ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ وﻣـﻌـﻠـﻮﻣـﺎﺗـﻬـﻢ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ( ،إﻟـﻰ اﳊـﺪث اCﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﻘﻴﻴﻤﻪ .وﺗﺒﺪو ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺘﺴﻘﺔ ﻣﻊ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﺧﺮى ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻊ ﻇﻬﻮر اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ واﻻﲡﺎه اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ، ﻳﻘﻮم اﻷﻓﺮاد ﺑﺎﺗﺨﺎذ ﻧﻮع ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ »اCﺘﺒﺎﻋﺪة أو ذات اCﺴﺎﻓﺔ اﳋﺎﺻﺔ« ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،أي ﻋﻼﻗﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﻗﻞ اﻧﻔﻌﺎﻟـﻴـﺔ ،أو وﺟـﺪاﻧـﻴـﺔ، وأﻛﺜﺮ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ــ وذﻟﻚ ﺧﻼل اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ واﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟـﻪ ـــ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ أﺳﺎﺳﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ أو ﻳﺘﺨﺬﻫﺎ اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ).(٢٦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺪراﺳﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل واCﺮاﻫﻘ ،tوﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻳﻀﺎ ﺗﺒ tﻣﺎﻳﻠﻲ: 249
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
١ــ أن اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻴﻤﺎ ﺑ tﺳﻦ اﻟﺜﺎﻧـﻴـﺔ ﻋـﺸـﺮة واﻟـﺜـﺎﻟـﺜـﺔ ﻋـﺸـﺮة ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻰ ذات اﻹﻳﻘﺎع اﻟﺴﺮﻳﻊ واﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ ﺣﺠﻢ اﻟﺼﻮت أو ﺟﻬﺎرﺗﻪ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻜﺮارات اﻟﻠﺤﻨﻴﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ذات اﳉﻬﺎرة اCﺮﺗﻔﻌﺔ ﻓﻘﻂ أو ذات اﻟﻠﺤﻦ اCﺮﺗﻔﻊ واCﻘﺎم اﻟﺼﻐﻴﺮ .Minor Mode ٢ــ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن أﻃﻔﺎل ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ أو اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮن aﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﻌﺰف ﻣﻦ ﻣﻘﺎم ﺻﻐﻴﺮ ،أو ﻣﻘﺎم ﻛﺒﻴﺮ. ٣ــ أن اﲡﺎﻫﺎت اﻷﻃﻔﺎل ﻧﺤﻮ اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﺴـﺮﻋـﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺮض اCﺘﻜﺮر ﻟﺒﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وأن اﻷﻟﻔﺔ ﻻ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة اﻟﻘﺒﻮل أو اﻟﺘﻘﺒﻞ. ٤ــ أن اﻷﻃﻔﺎل اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻮﻫﺒﺔ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﺣﺴﺎﺳ tأﻛﺜﺮ ﻟﻺﻳﻘﺎع ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﻔﻲ داﺧﻞ اﻟﻠﺤﻦ ،أﻣﺎ اﻷﻗﻞ ﻣﻮﻫﺒﺔ ﻓﻴﻜﻮﻧﻮن ـﻮﺻﻞ اﻹﻳﻘﺎع ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧـﻐـﻤـﺎت ﺑـﺴـﻴـﻄـﺔ أو أﻛﺜﺮ ﺣﺴﺎﺳﻴـﺔ ﻓـﻘـﻂ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ُﻳ ﱠ واﺿﺤﺔ. ٥ــ أن اﻷﻃﻔﺎل اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ ﻳﻔﻀﻠﻮن أﻛﺜﺮ ﺗـﻠـﻚ اﻷﺷـﻜـﺎل اﺨﻤﻟـﺘـﻠـﻔـﺔ ﻣـﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻄﻬـﻢ اﳋـﺎص )ﻓـﻲ اCـﺪرﺳـﺔ ،وﻣـﻦ ﺧـﻼل وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ...إﻟﺦ(. ٦ــ أن وﺟﻮد ﺛﻘﺎﻓﺔ اCﺮاﻫﻘ tاCﺘﻤﺮﻛﺰة ﺣﻮل اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ أو اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ) Popular Musicﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ اﻵن ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ﻫﻮ أﻣﺮ ُﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻟﻸﻏﺎﻧـﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﺒﻴﻌﺎ أو اﻷﻛﺜﺮ ﻃﻠﺒﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺑﺮاﻣﺞ اﻹﻋﻼم اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺗﺒ tأن اCﺮاﻫﻘ tﺗﻜﻮن ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ﻟﻬﺬه اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸـﺎﺋـﻌـﺔ ،أو اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ أﻗـﻮى ﻣـﻦ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻳﻔﻀﻠﻮن اCﻮﺳﻴﻘـﻰ اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ ﻓﻲ زﻣﻨﻬﻢ ،أو ﺳﻨﻮاﺗﻬﻢ اﳊﺎﻟﻴﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اCﺎﺿﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮﻏﻬﻢ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ. ٧ــ واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻷﻓﺮاد اﻷﻛﺒﺮ ﺳـﻨـﺎ ،ﻓـﻤـﻊ ﺗـﺰاﻳـﺪ اﻟﻌﻤﺮ اﺑﺘﻌـﺎدا ﻋـﻦ اCـﺮاﻫـﻘـﺔ ودﺧـﻮﻻ ﻓـﻲ ﻣـﺮاﺣـﻞ اﻟـﺮﺷـﺪ ﻳـﺰداد اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ. ٨ــ أن ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﺼﻐﺎر واﻟﻜﺒﺎر ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺨﺘـﻠـﻒ ﻓـﻲ ﺿـﻮء ﻋـﻮاﻣـﻞ ﻋﺪة وﺗﻔﺴﻴﺮات ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واCﺒﺎﺷﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻫﻨﺎ 250
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻣﻊ زﻳﺎدة أﻋﻤﺎرﻫﻢ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ اCﺘﺎﺣﺔ ﻫﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﻘﻮل ﺑﺄن ﻫﺬه اCﻘﻮﻟﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻓﻘﻂ ﻧـﺼـﻒ اﳊـﻘـﻴـﻘـﺔ ،ﻓـﻜـﻠـﻤـﺎ ﻛـﺎن اﻟﻄﻔﻞ ﺻﻐﻴﺮا زاد اﺣﺘﻤﺎل ﺗﻐﻴﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ ﻣﻊ زﻳﺎدة ﻋﻤـﺮه و ـﻮه اﻹدراﻛـﻲ واCﻌﺮﻓﻲ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،أﻣﺎ إذا وﺻﻞ ﻫﺬا اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ اCﺮاﻫـﻘـﺔ واﻟـﺮﺷـﺪ ﻓـﺈن ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ ﺗﻜﻮن أﻗﻞ ﻋﺮﺿﺔ أو ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ .ﻓﺎﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺷﻨﺎﻳﺪر Schneiderأﻇﻬﺮت وﺟﻮد أدﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮار اﻷذواق اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ .وﻗﺪ ﺗﺮاوﺣﺖ أﻋﻤﺎر ﻋﻴـﻨـﺔ ﻫـﺬه اﻟـﺪراﺳـﺔ ﻣـﻦ ﺳﻦ ١٦ــ ٢٦ﺳﻨﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ اﻷﻏﺎﻧﻲ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻟﺪى ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد، ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ اﻟﺴﻨـﻮات اﻷﺧـﻴـﺮة ﻣـﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اCﺮاﻫﻘﺔ ،وأواﺋﻞ ﺳﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ ،وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﺜﺎﻟﻲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻫﻮ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻤﺮ اﻟﻔـﺮد ٢٣ﺳـﻨـﺔ، وﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻜﻮن ﻋﺎدة ،ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد. و ﻴﻞ اﻟﺬوق اﳋﺎص ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ إﻟﻰ اﻻرﺗﻘﺎء ﻟـﺪى اﻷﻓـﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻬﺬه اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وأﻳﻀـﺎ ﻫـﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻃﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﺪى اﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎ ،واﻷﻛﺜـﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ وﺗﻌﻠﻴﻤﺎ).(٢٧ وﺗﺸﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﻄﻮر ﺗﻠﻚ اCﻜﻮﻧﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﺪى اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ ،واﳋﺎﺻﺔ aﻌﺎﳉﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺴﻤﻌﻴﺔ، ﺟﺰءا ﺟﺰءا ،ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﳊﻴﺎة ،وﻗـﺪ راﺟـﻊ »داوﻟـﻨـﺞ« اﻟﺸﻮاﻫﺪ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﻨـﻤـﻂ اCـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﺎﻛـﺘـﺴـﺎب »اﺨﻤﻟـﻄـﻂ اCـﻌـﺮﻓـﻲ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻲ« ،واﻟـﺘـﻲ ﺗـﻜـﻮن ﻓـﻴـﻪ ﺣـﺪود اﻟـﺼـﻮت اﻟـﻠـﺤـﻨـﻴـﺔ )aـﻌـﻨـﻰ اﻻرﺗـﻔـﺎع واﻻﻧﺨﻔﺎض ﻓﻲ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ( ﻣﻬﻤﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ اCﺴﺘﻮﻳﺎت اCﺒﻜﺮة أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ،وﺗﻈﻬﺮ أﻫﻤﻴﺔ اCﺮاﻛﺰ اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ،أو ﻣﺎﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﺮار TONIC ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﺴﻠﻢ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻻﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﻮاﻟﻰ ﻋﻤﺮ اﳋﺎﻣﺴﺔ أو اﻟﺴﺎدﺳﺔ. وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﺣﻮاﻟﻰ ﺳﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ أو اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ،ﻳﻄﻮر اﻟـﻄـﻔـﻞ اﳊـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎCﺴﺎﻓﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﻢ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت أو ﻋﻤﻠﻴﺎت اﳋﺮوج ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬا اﻟـﺴـﻠـﻢ ،وﻳـﻌـﺘـﻤـﺪ اﻛـﺘـﺴـﺎب ﻫـﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﺒﻜﺮة اCﻤﻴﺰة ﻟﻼرﺗﻘﺎء اCﻌﺮﻓﻲ اﻟﺴﻤﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴـﺎب اﻟـﻄـﻔـﻞ Cﻜﻮﻧﺎت اCﻬﺎرات اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ )اﻟﻜﺒﺎر( ،وﻫﻲ اCﻜﻮﻧﺎت اﻟﺘﻲ 251
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻬﺎ وﺗﻄـﻮﻳـﺮﻫـﺎ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ،ﻋـﺒـﺮ اﳊـﻴـﺎة ،ﺑـﺪﻻ ﻣـﻦ أن ﻳـﺘـﻢ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻬﺎ ،أو إﺣﺪاث اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻴﻬﺎ .إن اﻟـﺮﺿـﻊ ﻗـﺪ ﻳـﻼﺣـﻈـﻮن ﺗـﻠـﻚ اﻟﺘﻐﻴﺮات ﻓﻲ ﺣﺪود اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ اﻟﻠﺤﻨﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﳊﺪود اﻟﻠـﺤـﻨـﻴـﺔ واﻹﻳﻘﺎﻋــﻴﺔ ﺗﺼﺒـﺢ ﻓﻘــﻂ ﻣﺴﻴﻄﺮة ﻋـﻠـﻰ اﻹدراك واﻷداءﺧـﻼل ﺳـﻨـﻮات ﻣـﺎ ﻗﺒﻞ اCﺪرﺳﺔ. واﳋﻼﺻﺔ أن ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎﻗﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑ tاﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺤـﻮث ﻋـﻠـﻰ أﻫـﻤـﻴـﺔ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﻣﻦ ٦ــ ٧ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ارﺗﻘﺎء اﻹﺣﺴﺎس اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل، وأﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻳﻜﺘﺴﺐ اﻟـﻄـﻔـﻞ اﻷﻟـﻔـﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪأ ﲡﺎرﺑﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻹدراك واﶈﺎﻛـﺎة ﻟـﻸﻏـﺎﻧـﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ وﻳﺤﺮك ﺟﺴﻤﻪ ﻛﻠﻪ ﺑﺸﻜﻞ إﻳﻘﺎﻋﻲ ﻓﺮﻳﺪ ،ﻳﺸﻌﺮ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎCﺘﻌﺔ، وﻋﻨﺪ ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ اﻛﺘﺴﺐ ﻋﻼﻗﺔ ﻧﺸﻄﺔ ﻣﻊ اﻟﺮﻣﻮز اCﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﺰف واﻷداء واﻹدراك ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺪﻗﺔ. وﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺎدي ﻣﻦ اﻷداء واﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻨﺬ ﻋﻤﺮ ﻣﺒﻜـﺮ ،أو ﻳﺒﺪي ﻋﻼﻣﺎت ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﻘـﺪم ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ دال إﻟـﻰ أﺑـﻌـﺪ ـﺎ وﺻﻞ إﻟﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ،وﺗﺘﺰاﻳﺪ اﻟﻘﺪرة اﳋﺎﺻـﺔ aـﻌـﺎﳉـﺔ اCـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت واﻟﺮﻣﻮز اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻟﺪى ﻫﺬا اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ،ﻟـﻜـﻦ إﻣـﻜـﺎﻧـﺎﺗـﻪ اﻟـﻨـﻬـﺎﺋـﻴـﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻴﺔ واﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﻘﺪم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ .أﻣﺎ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل اCﻮﻫﻮﺑ tﻓﺘﻜﻮن ﻣﺴﺎرات اﻟﻨﺸﺎط اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﺆﺛﺮة ﻓﻴﻪ ذات ﻃﺎﺑﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ. واCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻫﻲ ﻧﺴﻖ رﻣﺰي ﻟﻪ ﺟﻮاﻧﺒـﻪ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ واCﻀﻤﻮن ،وإذا ﺳﻤﺢ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﺑﺒﻌﺾ اﻻﺗﺼﺎل ﻣﻊ ﺎذج ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ وﻣﻊ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺜﻞ اCﻌﺮﻓﻲ ،ﺑﻞ واﻟﺘﻤﻜﻦ أو اCﻌﺮﻓﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻨﺴﻖ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،وﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﻫﺬه اﻷﻟﻔﺔ وﻫﺬا اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻓﻲ اﻻﺗﺴﺎع واﻟﺘﻌﻤﻖ ﻣﻊ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻤـﻜـﻮﻧـﺎت واﻵﻟـﻴـﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﻖ اﻟﺮﻣﺰي اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻫـﻮ ﻓـﻬـﻢ ﻳـﻜـﻮن ﻣـﻮﺟـﻮدا، ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ وﻣﻨﺎﺳﺐ ،ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ دراﺳﺎت ﺟﺎردﻧﺮ ــ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﺑﻠﻎ ﻋﻤﺮه ٦أو ٧ﺳﻨﻮات. ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻔﻬﻢ ﻃﻔﻞ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ اCﺘﻤـﻜـﻦ اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اﻟـﻘـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ Metrical اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺎم اCﻮﺳﻴﻘﻲ واﻟﺴﻼﻟﻢ واﻟﻘﻔﻼت اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،Cadencesوﻛﺬﻟﻚ 252
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺂﻟﻔﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻜﻨﻪ أن ﻳﻘﻮم ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻣﺞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻴﺪﺧﻞ ﺑﻌﺾ اCﻮﺗﻴـﻔـﺎت ﻓﻲ وﺣﺪات ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ أﻛﺒﺮ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ،وﻳﻈﻞ اﻟﻄﻔـﻞ ﻓـﻲ ﻫـﺬه اCـﺮﺣـﻠـﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ،ورaﺎ ﻟﻌﺪة ﺳﻨﻮات ﺗﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻔﺘﻘﺮا إﻟﻰ اﻟﻄﻼﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﻬﺎراﺗﻪ اﳊﺮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻷداء اﻟﺪﻗﻴﻖ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة إﻟﻰ أن ﻳﺘﻌﻠﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﺣﻮل اﻟﺮﻣﻮز اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وﺣﻮل اﻟﺘﺮاث اCﻮﺳﻴـﻘـﻲ واﻷﺳـﺎﻟـﻴـﺐ اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ ﻓـﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ).(٢٨ ﺗﺼﺎﺣﺐ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻛﻞ ﻧﺸﺎط إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ اCﻬﺪ إﻟﻰ اﻟﻠﺤﺪ ،ﻓﻲ اﻷﻏﺎﻧـﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻨﻴﻬﺎ اﻷم أو ﺗﻬﻤﺲ ﺑﻬﺎ ﻷﻃﻔﺎﻟﻬﺎ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻨﻮم ،وﺧﻼل أﻟﻌﺎب اﻷﻃﻔﺎل، واCﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ،واﻟﺮﻗﺺ ،واﻟﻌﻤـﻞ ،واCـﻌـﺎرك اﳊـﺮﺑـﻴـﺔ ،واﻟـﻄـﻘـﻮس، واﻻﺣﺘﻔﺎﻻت ،واﻷﻋﺮاس ،واﳉﻨﺎزات ،ﻓﻲ اﻷﻓﺮاح واﻷﺣﺰان وﺣﻜﻲ اﻟﻘﺼﺺ، واﻟﺘﺮوﻳﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ .ﻓﻲ اﻹذاﻋﺔ ،واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ،واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،واCﺴﺮح ،واﶈﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،وﻗﺪ ﺗﺰاﻳﺪ ﺣﻀﻮر اCﻮﺳﻴﻘـﻰ ﻓـﻲ ﺣـﻴـﺎة اﻟـﻨـﺎس ﻣـﻊ زﻳـﺎدة اﻟـﺘـﻘـﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ،وﺗﻮاﻓﺮ أﺟﻬﺰة وأدوات اﻟﺘـﺴـﺠـﻴـﻞ ،واﻟـﻌـﺮض ،وأﺳـﻮاق اﻹﻧـﺘـﺎج اﻟﻮﻓﻴﺮ. واﻵن ﻧﺨﺘﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ اﺨﻤﻟﺘﺼﺮ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ﻋﻦ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻠﻨﺘﺎج اﻷدﺑﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﻣﻨﻪ.
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل
ﲢﺪث ﺗﻐﻴﺮات ارﺗﻘﺎﺋﻴﺔ ﻋﺪة ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻸدب ،ﲢﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﺴﺘﻌﺮض ﻣﺸﺮوع ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ،وﻫﻨﺎك ﻧﺘﺎﺋﺞ أﺧﺮى ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر: ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺄﻏﺎﻧﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اCﺪرﺳﺔ اCﻘﻔﺎة وﺣـﻜـﺎﻳـﺎﺗـﻬـﺎ ذات اﻹﻳﻘﺎﻋﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﲡﻌﻠﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﺎCﺎ ﻣﺘﺴﻤﺎ ﺑﺎﻟﺪفء ،واCﺮح، واﻷﻟﻔﺔ ،واﳋﻴﺎل ،وﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ اﳊﻠﻮل اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ واﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺘـﻲ ﺗـﺘـﻜـﻠـﻢ، واﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻷﺻﻮات ،وﺣﺮﻛﺔ اﳉﺴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺮر ﻣﻊ ﺗﻜﺮار اCﻘﺎﻃﻊ واﺳﺘـﻤـﺮار اﻷﻏﺎﻧﻲ وﺗﺼﺎﻋﺪﻫﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺮﺗﺒﻂ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺎﻟﻐﻨﺎء ﺑﺎﳊﻜﺎﻳـﺎت ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ اﻷدب. وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع aﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻏﺎﻧﻲ واﳊﻜﺎﻳﺎت ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺸﺎط 253
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳋﻴﺎﻟﻲ ﻟﻠﻄﻔﻞ ،وﻋﻠﻰ ﺣﺒﻪ ﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟﻪ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ وﻋﻠﻰ إﺣﺴﺎﺳﻪ ﺑﺎﳊﺮﻳﺔ اCﺘﺰاﻳﺪة واﳊﺮﻛﺔ ،وﻋﻠﻰ ارﺗﻘﺎء اﻟﺬات ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻌﺘـﻤـﺪ أﻳـﻀـﺎ ﻋـﻠـﻰ إﺗـﻘـﺎﻧـﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻳﺘـﻤـﻜـﻦ اﻟـﻄـﻔـﻞ ﻣـﻦ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ أرﺑﻊ أو ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات. وﺗﻌﺘﺒﺮ دراﺳﺎت ﻛﺎﺗﺐ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮوﺳﻲ ﺗﺸﻮﻛـﻮﻓـﺴـﻜـﻲ Chukovskyﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﻄﻖ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ذات أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻫﻨﺎ ،ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ أن اﻟﻌﻤﺮ ﻣﻦ ٢ــ ٥ﻫﻮ ﻋﻤﺮ اﻟﺒﺮاﻋﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،وأن اﻟﻠﻐﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﳋﻴﺎل اﳊﻴﻮي ﻟﻠﻄﻔﻞ ،وﻋﻦ ﺣﺴﻪ ﺑﺎﻟﻔﻜﺎﻫﺔ واCﺮح ،وﻋﻦ ﺷﻌﻮره ﺑﺎﳊﻴﺮة واﻻرﺗﺒﺎك ،وﻋﻦ رﻏﺒﺘﻪ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻋﻦ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻌﻘﻠﻲ اﳋﺎص ﺑﻪ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻜﻮﻧﺎت. ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻠﻐـﺔ ـــ ﻛـﻤـﺎ أﺷـﺎر ﺗـﺸـﻮﻛـﻮﻓـﺴـﻜـﻲ ﻛـﺜـﻴـﺮا وﻛـﻤـﺎ أوﺿـﺢ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺑﻌﺪه ــ ﺑﺸﻜﻞ إﺑﺪاﻋﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺒﺘﻜﺮ ﻛﻠﻤﺎت وﺗﻌﺒﻴﺮات ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ أﻓﻜﺎره وﻣﺸﺎﻋﺮه وﻣﻄﺎﻟﺒﻪ. وﻳﺼﻌﺐ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ارﺗﻘﺎء اﻷدب )إﻧﺘﺎﺟﺎ وﺗﻔﻀﻴﻼ( ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل aﻌﺰل ﻋﻦ ارﺗﻘﺎء اﻟﻠﻐﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ أو ﺣﺘﻰ aﻌﺰل ﻋﻦ ارﺗﻘﺎﺋﻬﻢ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻘﻮل ــ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ــ إﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗـﻘـﻲ ﺑـﺪءا ﻣـﻦ إﺻﺪار اﻷﺻﻮات اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ اﻷوﻟﻰ اﺨﻤﻟﺘﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻮدﻫﺎ اﻷﺻﻮات اCﺘﺤﺮﻛﺔ أوﻻ ﺛﻢ اﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺎت اCﻨﺎﻏﺎة ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻬـﺮ اﻟـﺴـﺎدس ،ﺛـﻢ ﺗـﻈـﻬـﺮ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﺛﻢ ﺗﻈﻬﺮ اﳉﻤﻠﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺘ tﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ،وﻫـﻜـﺬا ﺣـﺘـﻰ ﺗـﺮﺗـﻘـﻲ اﻟـﻠـﻐـﺔ وﺗﻜﺘﺴﺐ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ اﻟﻌﺎم اCﻌﺮوف. ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ أو اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺗﺸﻮﻛﻮﻓﺴﻜﻲ ،ﻻ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ اﻻﺑﺘﻜﺎر ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻐﺔ ،ﻟﻘﺪ ﻜﻦ ﻣﻨﻬﺎ وأﺻﺒـﺢ ﻳـﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .ﻟﻘﺪ ﺗﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻪ وﻋﻲ ﻧﻘﺪي ﺑﻜﻼﻣﻪ وأﺻﺒﺢ راﻏﺒﺎ ﻓﻲ أﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﻔﻮﻟﻲ أﻣﺎم أﻗﺮاﻧﻪ ،وأﺻﺒﺢ ﻳﻘﺮأ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮا، وﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺜﻞ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺒﺪأ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺺ واﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ).(٢٩ وﻗﺪ ﳋﺺ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻷCﺎﻧﻲ ﻛﺎرل ﺑﻮﻫﻠﺮ K.Buhlerاﻟﺬي اﻫﺘﻢ ﺑﺪراﺳﺔ اﻹدراك ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ارﺗﻘﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻘﺼﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: 254
ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
١ــ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻳﻔﻀﻞ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ. ٢ــ وﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻳﺤﺒـﻮن اﻟـﻘـﺼـﺺ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﻈـﻮاﻫـﺮ اﳋـﺎرﻗـﺔ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ وﻓﻮق اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. ٣ــ أﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻴﻔﻀﻠﻮن ﻗﺼﺺ اCﻐﺎﻣﺮات واﻹﺛﺎرة .وﻗﺪ ﺗﺄﻛﺪت ﻫﺬه اﻟﺘﻤﻴﻴﺰات ﻣﻦ دراﺳﺎت ﻋﺪة).(٣٠ أﻣﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ واﻳﺖ D.Witteﻓﻮﺻﻔﺖ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻄﻔﻠﻬﺎ ذاﺗـﻪ، ﻟﻜﺘﺐ اﻟﻘﺼﺺ واﳊﻜﺎﻳﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟـﺘـﺎﻟـﻲ :ﻓـﻲ ﻋـﻤـﺮ ﺳـﻨـﺔ واﺣـﺪة ﻛـﺎن ﻳﻘﺬف اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﻴﺪا أو ﻀﻐﻪ ﺑﺄﺳﻨﺎﻧﻪ ،وﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺳﻨﺘ tﻛﺎن ﻳﺤﺐ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺻﻮر اﻷﻃﻔﺎل اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺳﻨﺘ tوﻧﺼﻒ ﺑﺪأ ﻳﻘﻠﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت وﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪ اCﺴﻠﻴﺔ وﻳﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﲢﻜﻲ ﻟﻪ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻋﻨﻬﺎ ،وﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﺣﺘﻰ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﻟﻨﺼﻒ ﻛﺎن ﻳﺴﺄل أﺳﺌـﻠـﺔ ﻛـﺜـﻴـﺮة ﻣـﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻔﻬﻢ اﻟﻘﺼﺺ ،وﻳﺘﺤﺪث ﻣﻊ اﻟﻜﺘﺐ ،وﻳﻔﺤـﺺ اﻟـﺘـﻔـﺎﺻـﻴـﻞ وﻳـﻄـﻠـﺐ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،وﻳﻜﺘﺸﻒ ﺷﻴﺌﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻗﺮاءة ،وﻳﻜﺮر ﺑﻌﺾ اﳉﻤﻞ .وﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺮاﺑﻌﺔ وﺣﺘﻰ اﻟﺮاﺑﻌﺔ واﻟﻨﺼﻒ ﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻀﻴـﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻌﺾ ﻋﻼﻣﺎت ﻋﺪم اﻻﺗﺴﺎق ﻓﻲ ﻣﺴﺎر اﻷﺣﺪاث،وﻳﻈﻬﺮ ﺑﻌﺾ اﳊﺰن ﺑﺴﺒﺐ اCﺼﻴﺮ اﻟﺴﻴﺊ اﻟﺬي ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ،أﻣـﺎ ﻓـﻲ ﺳـﻦ اﳋﺎﻣﺴﺔ ﻓﺘﻜﻮن اﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺗﻪ ﺷﺒﻴﻬﺔ ــ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑﺎﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻜﺒﺎر).(٣١ وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﺎ ذﻛﺮه ﺟﺎردﻧﺮ ــ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ــ ﻣﻦ أن ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ واﻳﺖ ،ﻓﺈن دراﺳﺘﻬﺎ ﻫﺬه ﻣﺠﺮد دراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ واﺣﺪة، ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﻤﻢ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﻃﻔﺎل ،ﻓﺎﻟﻔﺮوق اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺗـﻠـﻘـﻲ اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻠﻘﺼﺺ واﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﻟﻬﺎ واﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﺮوق ﻳﻨـﺒـﻐـﻲ وﺿـﻌـﻬـﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أﻳﻀﺎ. ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺘﻘﺪم ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺘﺤﺮﻛﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻏﻴﺮ اCﻨﺎﺳﺒﺔ وﻣﺘﺠﺎوزا ﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﳊﺒﻜﺔ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ،واﻟﺸﻌﻮر أﻳﻀﺎ ﺑﺨﺒﺮات اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻗﺼﺼﻪ اﳋﺎﺻﺔ وﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﺣﻜﻴﻬﺎ ،وﻳﺘﻮﺣﺪ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت واﻷﺣﺪاث ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺺ ،وﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑ tﻛﻞ ﻫﺬه اCﻜﻮﻧﺎت ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺮﺑﻄﻬﺎ aﻮاﻗﻒ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ. 255
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻳﻘﻮدﻧﺎ اﻟﺪور اCﺮﻛﺰي اﻟﺬي ﺗﻠﻌﺒﻪ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺳﻤﺎع اﻟﻘﺼﺺ وﺳﺮدﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻃﻔﺎل إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺟـﺎردﻧـﺮ ـــ ﺑـﻮﺟـﻮد ﻣـﺎ ـﻜـﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑـﺎﻟـﺪاﻓـﻊ اﻟـﺴـﺮدي ،Narrative Motiveوﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺪاﻓﻊ اﻟـﺬي ﻳـﻠـﻌـﺐ دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﻔﻞ ،ﻓﺎﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺴﻤﻌﻴﺔ واﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ ﻗﺪ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻗﺪرا ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ ،وﻫﺬا ﻳﺘﻢ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﳋـﺒـﺮة اﻷدﺑـﻴـﺔ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اCﺼﺎدر اﻟﻔﻨﻴﺔ واﳊﻴـﺎﺗـﻴـﺔ اﻷﺧـﺮى اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﻮم ﺑـﺈﻏـﻨـﺎء اﳋـﺒـﺮة وﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ) .(٣٢ﺗﻌﻜﺲ ﻗﺼﺺ وﻗﺼﺎﺋﺪ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﻣﻦ ٥ــ ٧ ﺳﻨﻮات ﺳﻴﻄﺮة واﺿﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜـﻠـﻴـﺔ ﻟـﻸدب ،ﻟـﻜـﻦ ﲢﻜﻢ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻷدوات اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻳﻜﻮن ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺿﺞ، ﻛﻤﺎ أن اﳉﻮاﻧﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺗﻜﻮن أﻳﻀﺎ ﻣﺤﺪودة. واﻟﺸﻲء اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ــ و اﻟﺬي ﻳﺆﻛﺪه ﺟﺎردﻧﺮ ــ أن اﻹدراك ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻷدب ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺬوق أو اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎل اCﺘﻀﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺮواﺑﻂ اCـﺘـﻀـﻤـﻨـﺔ ﻓـﻲ ﺳـﻠـﺴـﻠـﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ أو ﻳﻘﺮأﻫﺎ ،وأن ﻗﺪرة اﻟﻄﻔﻞ ،ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒ) tاﻻﻧﻔﻌﺎل واﻟﺘـﺘـﺎﺑـﻊ( ﻗـﺪرة ﻣـﻮﺟـﻮدة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم).(٣٣ ﻳﺤﺐ اﻷﻃﻔﺎل ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة )وﺑﻌﺪﻫﺎ أﻳﻀﺎ( اﻟﻘﺼﺺ وﻳﻨﺘﺒﻬﻮن إﻟﻰ اﻷ ﺎط اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎت واﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟـﺴـﺮدﻳـﺔ واﻷﺳـﻠـﻮﺑـﻴـﺔ واﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻼم اﻟﺴﺮد اCﺴﻤﻮع أو اCﻜﺘﻮب ،وﻳﺤﺪث ﻫﺬا aﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﻢ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﻮا إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﺎﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ) ٧-٥ﺳﻨﻮات( ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻹﻣﻜﺎن اﻟﻌﻘﻠﻲ اﳋﺎص ﺑﻔﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻠﻐﺔ ﻛﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻞ اﻟﺴﺒﺒﻲ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﻜﻠﻤﺎت ﻣﺜﻞ »ﻷن« ،ﻛـﻤـﺎ أﺷـﺎرت إﻟـﻰ ذﻟـﻚ ﺑـﻌـﺾ دراﺳـﺎت ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ ،وأﺷﺎرت إﻟﻴﻪ أﻳﻀﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﺎرﻛﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ).(٣٤ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﺬه ﺑـﻌـﺾ أﻫـﻢ ﻧـﺘـﺎﺋـﺞ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟـﺘـﻲ أﺟـﺮﻳـﺖ ﺧـﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻋـﺎﻣـﺔ ،وأﻳـﻀـﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺣﻞ وأﺷﻜﺎل ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ اﻷﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ .وﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة إﻻ ﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض أﻫﻢ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﻋﻤﺮﻳﺔ ﺗﺎﻟﻴﺔ Cﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﻔﺮد ﻟﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻗﺴﺎم اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. 256
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
8اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
»إن اﻟﻮردة ﺑﺎﻟﺘﺄﻛـﻴـﺪ ﻟـﻴـﺴـﺖ ﻣﺠﺮد وردة« »ﺟﺮوﺗﺮود ﺷﺘﺎﻳﻦ«
ﻧﻬﺘﻢ ﻓﻲ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﺼـﻞ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص ﺑـﺎﻟـﻔـﻨـﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ وﻧﺮﻛﺰ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻋﻠﻰ ﻓﻨﻮن اﻟﺮﺳﻢ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣـﻦ اﻟـﻔـﻨـﻮن ﻫﻮ اﻟﺬي اﺳﺘﺄﺛﺮ ــ دون ﻏﻴﺮه وﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ــ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻷﻛـﺒـﺮ ﻣـﻦ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟـﺴـﻴـﻜــﻮﻟــﻮﺟ ـﻴــﺔ اﳋــﺎﺻــﺔ aﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ .وﻗﺪ ﻛــﺎن اﻻﻫـﺘـﻤـــــﺎم ﺑﺎﻟﻔــﻨــﻮن اﻷﺧــﺮى )ﻛﺎﻟﻨﺤــﺖ واﻟﻔﻨــﻮن اﻟﺘﻄـﺒـﻴـﻘـﻴـﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ...إﻟﺦ( ﺿﻌﻴﻔﺎ وﺷﺎﺣﺒﺎ ،أﻣـﺎ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟﻔﻦ اﻟﻌﻤﺎرة ﻓﻘـﺪ وﺿـﻌـﻨـﺎ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﻪ ﺿﻤﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ واﻟﺬي ﻋﻨﻮاﻧﻪ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ«. ﻳﻌﺮف »ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ« ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﻨـﻈـﻴـﻢ ﻟـﻸﻟـﻮان ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻣﺴـﺘـﻮٍ ،وﻳﻌﺮف ﻋﻠﻰ أﻧـﻪ ﻓﻦ ﺜﻴﻞ اﻟﺸـﻜـﻞ ﺑـﺎﻟـﻠـﻮن واﳋـﻂ ﻋـﻠـﻰ ﺳـﻄـﺢ ذي ﺑﻌﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺼﻮر اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،وﻳﻌﺮف ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﻔﻦ اCﺘﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺘـﻨـﻈـﻴـﻢ اﳋـﺎص ﻟـﻸﻓـﻜـﺎر وﻓـﻘـﺎ ﻹﻣﻜـﺎﻧـﺎت اﳋـﻂ واﻟـﻠـﻮن ﻋـﻠـﻰ ﺳـﻄـﺢ ذي ﺑـﻌـﺪﻳـﻦ، وﻳﻌﺮف ﻛﺬﻟـﻚ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ ﻓـﻦ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋـﻦ اﻷﻓـﻜـﺎر واﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻻت ﻣـﻦ ﺧـﻼل إﺑـﺪاع ﺑـﻌـﺾ اﳋـﺼــﺎﺋــﺺ 257
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﶈﺪدة ،وﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻟﻐﺔ ﺑﺼﺮﻳﺔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺒﻌﺪ).(١ واﻟﻔﺎرق اﳉﻮﻫﺮي ﺑ tاﻟﺮﺳﻢ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ أن اﻟﺮﺳﻢ ﻳﺘﻢ ﺑﺎﳋﻂ ﻓﻘﻂ ،ﻣﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻌﻨﺼﺮ اﻟﻈﻼل أﻳﻀﺎ ،أﻣﺎ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻴﺘﻢ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻠﻮن .وﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻫﺮﺑﺮت رﻳﺪ ــ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ :إﻳﻘﺎع اﳋﻄﻮط، وﺗﻜﺜﻴﻒ اﻷﺷﻜﺎل ،واﻟﻔﺮاغ ،واﻷﺿﻮاء واﻟﻈﻼل ،واﻷﻟـﻮان .واﻟـﻠـﻮن ﻫـﻮ أﻛـﺜـﺮ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ).(٢ وﻗﺮار اﻟﻔﻨﺎن اCﺼﻮر أن ﻳﺨﺘﺎر وﺳﻴﻄﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻤﺒﺮا )اﻷﻟﻮان اCﻤﺰوﺟﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺾ أو اﻟﻐﺮاء ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺖ( أو اﻟﻔﺮﻳﺴﻜـﻮ )اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ اﳉـﺼـﻲ ﻋـﻠـﻰ اﳉﺪران واﻟﺴﻘﻮف ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﻔﻦ اﳉﺪارﻳﺎت( أو اﳉﻮاش )ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻟﻮان اCﺎﺋﻴﺔ( أو اﻷﻟﻮان اﻟﺸﻤﻌﻴﺔ ،أو اﻷﻟﻮان اﻟﺰﻳﺘﻴﺔ، أو اCﺎﺋﻴﺔ ،أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ اﺧﺘﻴﺎره ﻟﺸﻜﻞ ﻣـﻌـ ،tﻛـﺎﳉـﺪارﻳـﺔ ،أو اﻟـﻠـﻮﺣـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻣﻞ ،أو ﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﳉﺪران ،أو اﻟﺮﺳﻢ ﻋـﻠـﻰ اﳋـﺸـﺐ أو اCﺘﻤﺘﻤﺎت أو اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ،أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس رؤﻳﺘﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﳊﺴﻴﺔ واﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻌـﺒـﻴـﺮﻳـﺔ) ،وﻛـﺬﻟـﻚ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻘﺼﻮر( اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﻻﺧﺘﻴﺎرات).(٣ ﻟﻘﺪ ﲢﻜﻤﺖ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اCﺒﻜﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘـﺒـﺎﺋـﻞ واﻟـﺪﻳـﺎﻧـﺎت واﻟـﻄـﻘـﻮس اﻟﻘﺪ ﺔ ،وأﻳﻀﺎ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻓﺌﺎت اﻟﺘﺠﺎر واﻟﺼﻨـﺎع ﻓـﻲ اﻟـﻘـﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﺼﻮر اCﻠﻜﻴﺔ واﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺴـﺎﺋـﺪة إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻬﻨﺔ وﺷﻜﻞ وﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻓﻲ اCـﺎﺿـﻲ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺣﺪدت وﻇﻴﻔﺘﻪ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ واﻗﻌﻴﺔ )ﺗﺴـﺠـﻴـﻞ واﻗـﻌـﺔ ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﻛﺎﻻﻧﺘﺼﺎر ﻓﻲ ﺣﺮب ﻣﺜﻼ( ،أو دﻳﻨﻴﺔ ،أو ﺗﺰﻳﻴﻨﻴﺔ ،أو ﺗﺮﻓﻴﻬﻴﺔ ،أو ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ،وﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﺗﻜﻠﻴﻒ اCﺼﻮرﻳﻦ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬه اCﻬﺎم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﺣﺮﻓﻴ tﻣﺎﻫﺮﻳﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻓﻨﺎﻧ tﻣﺒﺪﻋ.(٤)t أﻣﺎ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻜﺎن ﺣﺮﻛﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻜـﺮﻳـﺔ ﺟـﺪدت اﻵداب واﻟـﻔـﻨـﻮن، ﻣﻴﺰت اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ .وﻣﻦ ﺑ tاCﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻌﻜﺴﺖ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ :ﺑﻌﺚ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻜﻼﺳﻴـﻜـﻲ اﻟﺬي ﻃﻮره اﻹﻏﺮﻳﻖ واﻟﺮوﻣﺎن اﻟﻘﺪﻣﺎء ،وﲡﺪﻳﺪ اﳊﻴﻮﻳﺔ واﻟﺮوح ﻓﻲ اﻟـﻔـﻦ، وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ § ،اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮ. وﻋﻨﺪﻣﺎ أدرك اﻟﻨﺎس ــ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓﻲ وﺳﻂ أوروﺑﺎ ــ أﻧﻪ ﻻ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺴﻜﻮﻻﺗﻴﺔ 258
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
)اCﺪرﺳﻴﺔ( وﻻ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻗﻄﺎﻋﻲ وﻻ اCﺴﻴﺤﻴﺔ واﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﻜﻨﻬـﺎ أن ﺗـﻘـﺪم ﻟﻬﻢ أﺳﺒﺎﺑﺎ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ذي اCﻌﻨﻰ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﲢﻮﻟـﻮا إﻟـﻰ اﻟـﻘـﻮﻣـﻴـﺔ واﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻋﺘﻘﺪ اﻟﻨﺎس أﻧﻬﻢ ــ ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ــ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻜﻮن ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺷـﻜـﻠـﻮا اﲡﺎﻫﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺮوح اﻟﻔﺮدﻳﺔ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن أﺳﺎس ﻓﻨﻮن ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪا ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻹﻏﺮﻳﻖ ﻣﻊ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﳊﻘﻮق اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﻌﻘﻞ .واﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺤﻮاﻫﺎ أن أي إﺣﺴﺎس ﺑﺎﳉﻤﺎل ﻳﺄﺧﺬ أﺳﻤﺎء ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻔﺘﺮﺿﺔ ﻓﻜﺮة ﺣﺎزت اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟـﻘـﺮن ١٨وﲡـﻠـﻰ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺑـﺎرز ﻓـﻲ ﻓـﻜـﺮة اCﻨﻈﻮر. ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻔﻨﻮن ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺎرة واﻟﻨﺤـﺖ، ﻣﺘﺄﺛﺮة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻟﻘﻮﻃﻴﺔ اCﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،وﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺒﻌﺾ أن أول رﺳﺎم ﻳﻨﺘﻤـﻲ إﻟـﻰ ﻋـﺼـﺮ اﻟـﻨـﻬـﻀـﺔ ﻫـﻮ Gotto de Bontoneﺟﻴـﻮﺗـﻮ دي ﺑﻮﻧﺘﻮﻧﻲ ) ١٢٧٦ــ .(١٣٣٧ﺑﻌﺪ ﻗﺮن ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻟﺪت ﺛـﻮرة ﺟـﺪﻳـﺪة ﻓـﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﻨﻬﻀﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻗﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا ،ﺛﻢ اﻧﺘﺸﺮت ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﺪة ﻣﻦ أوروﺑﺎ. وﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺗﻴﺎر ﻣﺸﺘﺮك ﻳﺮﺑـﻂ ﻫـﺬه اﳊـﺮﻛـﺔ :اﻟـﺬﻫـﺎب واﻻﺳـﺘـﻜـﺸـﺎف ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺼﺮي ﻓﻴﻤﺎ وراء ﺣﺪود اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻘﻮﻃﻲ .وﻟﻴـﺲ ﻫـﻨـﺎك ﻣـﻦ ﺷـﻚ ﻓﻲ أن ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺎرة ،واﻟﻨﺤﺖ ،واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻓﻲ ﻓﻠﻮرﻧﺴﺎ ﺑﺈﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺣﻮاﻟﻰ اﻟﻌﺎم ١٤٠٠ﻣﻴﻼدﻳﺔ ووﺻﻞ إﻟﻰ ذروﺗﻪ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻋﻠﻰ أﻳﺪي ﻓﻨﺎﻧ tﻣﺸﺎﻫﻴﺮ ﻣﺘﻌﺪدي اCﻮاﻫﺐ واCﺴﺘﻮﻳﺎت وﺧﺎﺻﺔ ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ وﻣﻴﻜﻞ أﳒﻠﻮ.
اﳊﺮﻛﺎت اﳌﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ
ﺗﻐﻄﻲ اﳊﻘﺒﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ ﺗـﻘـﺮﻳـﺒـﺎ اﻟـﻘـﺮﻧـ tاﻟـﺘـﺎﺳـﻊ ﻋـﺸـﺮ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻓﺨﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة وﺟﺪ اﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻔﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻦ ذاﺗﻪ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻛﺎﻣﻼ ﻋﻨﻪ ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻔﻨﻮن ﻫﻨﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻫﺘﻤـﺎﻣـﺎت اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـ ،tﻓـﻠـﻢ ﺗـﻌـﺪ اﻟﻔﻨﻮن ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ أو اﻟﺪوﻟﺔ أو أي ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻟﻘﺪ أﺻﺒـﺤـﺖ ﻟﻬﺎ وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اCﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺎت اﻟﻔﻨﺎﻧ tواﻟﻨﺎس وﺗﻌﻜﺲ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﻢ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﻌﺰز اﻟﻮﺟﻮد اﳋﺎص Cﺆﺳﺴﺎت راﺳﺨﺔ ،أو ﻏﻴﺮ راﺳﺨﺔ .وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ،ﻓﺈن ﻇﻬﻮر آﻟﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٨٥٠ﻗﺪ ﺣﺮر اﻟﻠﻮﺣﺔ 259
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻦ دورﻫﺎ اﳋﺎص اCﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ رﺳﻢ ﺑﻮرﺗﺮﻳﻬﺎت أو ﺻﻮر ﺷﺨﺼﻴـﺔ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺗﺮك اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻛﻲ ﺗﺘﻄﻮر ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ .وﻳﺴـﺠـﻞ ﺗـﻄـﻮر اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎت ﻓـﻲ اﻟﻌﻠﻮم واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن اﻟﺮؤﻳﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﺗﻌﻨﻲ داﺋﻤـﺎ اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﺼﺎدق ،وأن اﳊﻮاس ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ داﺋﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻴﻪ ،وأن أﺣﺪ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﻬﻤﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﻋـﺎﻣـﻞ اﻹﺑـﺪاع واﳊـﺎﺟـﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺪاﺋﻢ واﻟﺘﺠﺪد ،واﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻇﻬﺮت ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺮﻳﺎت وأﻓﻜﺎر وأﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺎت ﻣﺜﻼ :اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ (١٨٤٠) Realismواﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ أو اﻟﺘﺄﺛﻴـﺮﻳـﺔ (١٨٦٠) Impressionismواﻟﺮﻣـﺰﻳـﺔ (١٨٨٠) Symbolismواﻟﺘﻜﻌﻴـﺒـﻴـﺔ (١٩٠٧) Cubismواﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ (١٩٠٨) ExpressionisnmواCﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ (١٩٠٨) Futurism واCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﻮﺣﺪاﻧﻴﺔ ) Mono-Oljectivism (١٩١٢واﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة New (١٩١٦) Plasticismواﻟﺪادﻳـﺔ (١٩١٦) Dadaismواﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ) (١٩٢٠واﻟـﻮاﻗـﻌـﻴـﺔ اﳉﺪﻳﺪة ) (١٩٢٠واﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ ) (١٩٤٠وﻏﻴﺮﻫﺎ .وﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻛﻞ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺎت وﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻓﻲ إﻏﻨﺎء ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻔﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻦ ،واﻟﻔﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳊﻴﺎة، ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣـﺘـﻌـﺎرض ،ﻛـﻤـﺎ ﺣـﺪث ﻓـﻲ ﺑـﻼدﻧـﺎ أو ﻓـﻲ ﺑﻠﺪان أﺧﺮى ﻛﺎﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﻠﺪان اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴـﺔ ،أو اﻟـﺪول اﻟـﻨـﺎﻣـﻴـﺔ. ووﺟﺪ اﻟﻔﻦ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻪ ،ﺎ ﺣﺮر اﻟﻔﻨﺎﻧـ tاﻟـﺬﻳـﻦ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻮن إﻟـﻰ ﻫـﺬه اﻟﻔﺘﺮات ،وﻗﺪم ﻟﻬﻢ ﺣﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺮؤﻳﺔ ﻻ ﺗﻮازﻳﻬﺎ أي ﺣﺮﻳﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ أي ﻓﺘﺮة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ. ﺷﻬﺪ اﻟﺸﺮق اﻷﻗﺼـﻰ وﻛـﺬﻟـﻚ أوروﺑـﺎ ،ﻓـﻲ ﻋـﺼـﺮ اﻟـﻨـﻬـﻀـﺔ ،إذن ،ﺑـﺰوغ اﻟﻔﻨﺎن اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﺮﻳﺔ ووﻋﻴﺎ aﻜﺎﻧﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﻛﻤﻌﻠﻢ ،وﻛـﺄﺣـﺪ رﺟـﺎل اﳊﺎﺷﻴﺔ اCﻠﻜﻴﺔ ،وأﺻﺒﺢ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻨﺎن أن ﻳﻮﻗﻊ ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺎﺳﻤﻪ ،وأن ﻳﺤﺪد اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻠﻮن ،وأن ﻳﺤﺪد اCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻀﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ،وأن ﻳﻘﻴﻢ ﻋﻼﻗﺔ أﻛﺜﺮ ﺷﺨﺼﻴﺔ ـــ وإن ﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ داﺋـﻤـﺎ ودﻳـﺔ ـــ ﻣـﻊ راﻋﻴﻪ أو ﻧﺼﻴﺮه .وﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺑﺪأ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﻓـﻲ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻌـﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻳﻔﻘﺪون ﻣﻮﻗﻌﻬﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اCﺘﻤﻴﺰ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻵﻣﻨﺔ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧـﺐ اﳊﻜﺎم ،وﻗﺪ واﺟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻫﺬا اﻟﺘﺪﻫﻮر ﻓﻲ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻌﺎرﺿﻬﻢ اﳋﺎﺻﺔ ،ووﺿﻊ رﺳﻮم ﻟﺪﺧﻮل ﻫﺬه اCﻌﺎرض ،ووﺿﻊ أﺳﻌﺎر ﻟﺒﻴﻊ اﻟﻠﻮﺣﺎت ،وأﺻﺒﺢ ﻓﻨﺎﻧﻮن آﺧﺮون ﻳﻜﺴﺒﻮن ﻗﻮﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻨﻈﻴﻢ 260
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
ﻣﻌﺎرض ﻣﺘﺠﻮﻟﺔ ﻷﻋﻤﺎﻟﻬﻢ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﺣﻠﺖ اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻠـﺠـﻮء إﻟـﻰ اﻟـﺴـﻮق، ﻣﺤﻞ ﺗﻠﻚ اﳊﺎﺟﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ ﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﻟﺮﻋﺎة ،أو اﻟﺰﺑﺎﺋﻦ اﻟﺪاﺋﻤ.t وﻗﺪ ﻛﺎن Cﺎ ﺳﺒﻖ ﺗﺄﺛﻴﺮه اﻟﺴﻠﺒﻲ أﺣﻴﺎﻧﺎ ،ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،ﻟﻜﻦ ﺣـﺮﻳـﺔ اﻻﺧـﺘـﻴـﺎر واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ أﺻﺒﺤﺖ أﻛﺒﺮ ،ﻓﻈﻬﺮت اCﺪارس اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة اCﺘﺘﺎﻟﻴﺔ اCﻌﺮوﻓﺔ، اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ،وأﺻﺒﺢ ﻣﺪى اCﺸﺎﻫﺪة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺎﻋﺎت اﻟـﻌـﺮض اﻟـﺘـﺠـﺎرﻳـﺔ أﻛﺒﺮ أﻳﻀﺎ ،وﺑﺪأت أﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﺎﻧ tﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﺠﻼت دورﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ،وﺻﺎرت ﻫﻨﺎك ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻋﺪة ﻟـﻠـﻔـﻨـﺎﻧـ ،tﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺗـﻘـﺪ& اﻟﺪول واCﺆﺳﺴﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﳉﻮاﺋﺰ اﳋﺎﺻﺔ ﻟـﻬـﻢ .ﻟـﻘـﺪ ﺣﺼﻞ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﺑﺘﻜﺎر ﻟﻐﺘﻬﻢ اﻟـﺒـﺼـﺮﻳـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ،وأﻳـﻀـﺎ ﺣﺮﻳﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﺷﻜﺎل اﳉﺪﻳﺪة واCﻮاد اﳉﺪﻳﺪة، وﻫﺬا اﻟﺴﻌﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻬﺪأ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﺣﺪود اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻫﻮ ﻣﺎ أﻧﺘﺞ ﺗﻐﻴﺮات أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ، ورؤى ﻓﻨﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺴﺘﻤﺮة ،وﻗﺪ ﺿُﺨﺖ دﻣﺎء ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﳊﺮﻛﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻸﻓﻜﺎر وﻣﻦ ﺧﻼل اCﻌﺎرض ،واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑ tاﻟﻔﻨﻮن واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﺆﺛﺮات).(٥ ﻟﻨﻘﻢ اﻵن ﺑﺘﺮﻛﻴﺰ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ اCﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وﻧﺘﺤﺪث، ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻋﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ.
ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ
اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻫﻮ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻟﻬﺎ ،أو ﻫﻮ اﻟﺘﻨﻈـﻴـﻢ اﳋـﺎص ﳋﻄﻮﻃﻬﺎ وأﺷﻜﺎﻟﻬﺎ وأﻟﻮاﻧﻬﺎ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻜﻮﻧﺎت ﻓﻲ ﻂ ﺗﻌﺒﻴﺮي ﺧﺎص، إﻧﻪ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺸﻜﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻠﻮﺣﺔ اﻛﺘﻤﺎﻟﻬﺎ وﺣﻀـﻮرﻫـﺎ اﳋـﺎص، واﻟﺬي ﻳﻌﻄﻲ ﺑﺪوره إﺣﺴﺎﺳﺎ ﺑﺼﺮﻳﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎCﻜﺎن واﻟﻜﺘﻠﺔ واﳊﺮﻛﺔ واﻟﻀﻮء، وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ ﻗﻮى ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺂﻟﻒ واﻟﺘﻮﺗﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲢﻜﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻗﺼﺔ رﻣﺰﻳﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ. وﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻫﻲ: ١ـ اﻟﻨﻘﻄﺔ واﳋﻂ ﻧﺆﻛــﺪ أن اﻟﺘﺼﻤــﻴــﻢ اﳋــﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤــﻞ اﻟﻔﻨــﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣــﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻــﺮ اCﻨﻔﺼﻠــﺔ أو اCﺘﻤﺎﻳﺰة ،إﻧﻪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳋﺎص ﺑﻬﺬه اCﻜﻮﻧﺎت ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ. وﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ،ﺳﻮاء ﻗﺎم ﺑﻪ ﻃﻔﻞ أو راﺷﺪ أو ﻓﻨﺎن ﻣﺘﻤـﺮس ،ﻳـﻜـﻮن 261
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻨﺎﰋ .ﻓﻘﻄﻌﺔ ﻧﺤﺘـﻴـﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻠﺼﺎل أو ﻣﻦ ﻣﺎدة أﺧـﺮى ﻟـﻄـﻔـﻞ أو ﻟـﻬـﻨـﺮي ﻣـﻮر ،وﻟـﻮﺣـﺔ ﻟـﺴـﻴـﺰان، وﺳﻴﻤﻔﻮﻧﻴﺔ ﻟﺒﺘﻬﻮﻓﻦ أو ﻣﻮﺗﺴﺎرت ،وﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮ ،أو ﻳﻮﺟ tأوﻧﻴﻞ... إﻟﺦ .ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺧﺎص ،ﺑـﻨـﻴـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ،وﻋـﻠـﻰ ﻋـﻼﻗـﺔ ﻣـﺎ ﺑـt اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اCﻜﻮﻧﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﻞﱟ ﻣﻮﺣﺪ ﻣﺎ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻛﻞ أﺷـﻜـﺎل اﻟـﻔـﻦ وﺣـﺎﻻﺗـﻪ .وﻗـﺪ ﻧـﻈـﺮ ﻋﻠﻤﺎء اﳉﺸﻄﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﻌﺎﻣﻞ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻹﻏﻼق أو ﺑﺎﻛﺘﻤﺎل اﻟﻌﻤﻞ ،ﻓﺎﻟﻨﺸﺎط اﻟﻨﺎﻗﺺ ﻏﻴﺮ اCﻜﺘﻤﻞ ﻳﺨﻠﻖ ﺗﻮﺗﺮا داﻓﻌﺎ ﻧﺤـﻮ اﻹﻛـﻤـﺎل ،أي ﻧﺤﻮ إﻏﻼق ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺗﺮ ،وﻋﺪم اﻟﻔﻬﻢ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﺗﻮﺗﺮا ﻳﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ اﻟﻔﻬﻢ ،ﻣـﻦ أﺟﻞ ﺧﻔﺾ اﻟﺘﻮﺗﺮ .وﻋﺪم اﻛﺘﻤﺎل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،أو اﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻳـﺨـﻠـﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻻﺗﺰان واﻟﺘﻮﺗﺮ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ،ﺑﺄﺳﺎﻟـﻴـﺐ ﻋـﺪة ،إﻟـﻰ اﺳـﺘـﺒـﻌـﺎدﻫـﺎ أو اﻟﺘﺨﻔﻒ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻛﻲ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻮازن .وﻗﺪ ﻧﻈﺮ »ﺟﻮن دﻳﻮي« إﻟﻰ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺑﺤﺜﺎ ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﻋﻦ اCﻌﻨﻰ ،وﻋﻦ اﻟـﻨـﻈـﺎم ،أي ﻋـﻦ اﻟـﺒـﻨـﻴـﺔ، وﻋﻦ اCﻌﻘﻮﻟﻴﺔ ،ﺑ tاﻟﻔﻮﺿﻰ واﻟﻌﻤﺎء. وﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﺮد ﻓﻲ ﻋﺮض اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺖ ﺑt اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺣﻮل ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺒﻨﻴﺔ واﻟﺜﺒﺎت ،واﻟﺘﻐﻴﺮ واﻷﺷﻜﺎل اCﻜﺘﻤﻠﺔ، واﻷﺷﻜﺎل اﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ،وأﻳﻀﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺮاﻋﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﺑ tﻣﻦ ﻳﺘﺤﻴﺰون ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ اCﻜﺘﻤﻠﺔ وﻟﻠﺘﺼﻤﻴﻢ اCﻜﺘﻤﻞ »اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﻮن ﻋﻤﻮﻣﺎ« وﺑ tﻣﻦ ﻳﺘﺤﻴﺰون ﻟﻠـﻨـﺎﻗـﺺ، واCﺆﻗﺖ واCﺘﻐﻴﺮ وﻏﻴﺮ اCﻜﺘﻤﻞ »اﻟﺘﻔﻜﻴﻜﻴﻮن ﻋﻤﻮﻣـﺎ« .وﺳـﻨـﺘـﺤـﺪث ﺑـﺪﻻ ﻣـﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻋـﻨـﺎﺻـﺮ اﻟـﺘـﺼـﻤـﻴـﻢ ،وﻫـﻲ ﻋـﻨـﺎﺻـﺮ ـﻜـﻦ أن ﺗـﻜـﻮن ﻣـﻮﺟـﻮدة ﻓـﻲ اﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت أو اﻟﺒﻨﻰ اCﻜﺘﻤﻠﺔ واﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ،واCﺆﻗﺘﺔ واﳋﺎﻟﺪة ،اCﺴﺘﻘﺮة واCﺜﻴﺮة ﻟﻠﺘﻮﺗﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء ،وﻟﻘﺪ ﻗﺒﻞ ﻓﻨﺎﻧﻮن ﻛﺜﻴﺮون أﻓﻜـﺎر اﻟـﺘـﻨـﺎﺳـﻖ ،واﻟـﺘـﻮازن واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ورﻓﻀﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮون أﻳﻀﺎ »اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﻮن واﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﻮن ﻣﺜﻼ«، وﻟﻨﺒﺪأ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻄﺔ. اﻟﻨﻘﻄﺔ أول ﻋﻼﻗﺔ ﺑ tرﻳﺸﺔ اﻟﻔﻨﺎن واﻟﻘﻤﺎﺷﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺳـﻢ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ،أول ﺻﻠﺔ ﺣﻤﻴﻤﺔ واﺛﻘﺔ أو ﻣﺘﺮددة ﺑ tاﻟﻔﻨﺎن واﻟﻮﺳﻴﻂ اﻟﺬي ﻳﺒـﺪع ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻪ، واﻟﺴﻄﺢ اﻟﺬي ﻳﺒﺪع ﻋﻠﻴﻪ ،ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،وﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﺎم وﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﺎر ،وﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻣﺒﺪﻋt ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ. 262
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
ﻟﻠﻨﻘﻄﺔ ﺣﻀﻮرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺮﺳﻢ واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻀﻮء ،اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺑﺪاﻳﺔ واﻟﻨﻘﻄﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻜﺘﺴﺐ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ وﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻨﻈﻴﻤﻲ ﻛﻠﻲ ،ﻓﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎط ﻗﺪ ﺗﻌﻄـﻲ ﺷـﻜـﻼ أﻗـﺮب إﻟـﻰ اﻷﻋﻤﺪة ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻗﺪ ﺗﻌﻄﻲ ﺷﻜﻼ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺼﻔﻮف ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﻄﻲ ﺷﻜﻼ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺒﻨﺎء أو اCﺒﻨﻰ اCﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬـﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺎت .ﻫﻞ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻫﻨﺎ ﻣﻊ ﻧﻘﻄﺔ أم ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﻘﺎط? اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻓـﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ اﻷﺳﺎس ،اﻷﺳﺎس ﻫﻮ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﺗﻨﺘﻈﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻨﻘﺎط أو اﳊﺮوف أو اﳋﻄﻮط أو اCﻜﻮﻧﺎت. ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻫﻲ أﺣﺠﺎر ﺑﻨﺎء اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ــ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ــ واﳋﻂ ﻫـﻮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎط اCﺘﺼﻠﺔ أو اCﻨﻔﺼﻠﺔ ،وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺼﻠﺔ ،واﳋـﻂ ﻧﻘﻄﺔ ﺘﺪة واﻟﻨﻘﻄﺔ ﺧﻂ ﻣﻜﺜﻒ ،واﳋﻂ أﻛﺜﺮ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟـﺘـﺼـﻤـﻴـﻢ ﻣـﺮوﻧـﺔ وﻛﺸﻔﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻐﻀﺐ أو ﻧﺘﻮﺗﺮ أو ﺗﺸﺮد أذﻫﺎﻧﻨﺎ وﻧﻜﺘﺐ أو ﻧﺮﺳﻢ ﺧـﻄـﻮﻃـﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮرق ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺜﻞ ﻫﺬه اﳋﻄﻮط ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻨﺎ. وﻗﺪ ﻋﺒﺮ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن دوﻣﺎ ﺑﺎﳋﻄﻮط ﻋﻦ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻬﻢ ورؤاﻫﻢ ،ﻋﻦ ﻛﺮاﻫﻴﺘﻬﻢ ﻟﻠﺤﺮوب واﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،وﻋﻦ ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ واﳉﻤﺎل ﺧﺼﻮﺻﺎ .اﳋﻄﻮط ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺎﺋﻠﺔ أو ذات زواﻳﺎ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ أو ﻣﻨﺤﻨـﻴـﺔ أو ﺗـﺄﺧـﺬ أﺷـﻜـﺎﻻ أﺧـﺮى ﻋﺪة ،اﻧﻈﺮ ﻣﺜﻼ إﻟﻰ ﻟﻮﺣﺔ ﺳﻴﺰان »ﻻﻋﺒﺎ اﻟﻮرق« )ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺼﻮر ،ﻟﻮﺣﺔ رﻗﻢ(١٠ وﺗﺨﻴﻞ ﺷﻜﻞ اﳋﻄﻮط اCﻨﺤﻨﻴﺔ واCﻘﻮﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻫﺬه اﳋﻄﻮط أﺷﻜﺎﻻ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄﻳﺪي ورأﺳﻲ وﻇﻬﺮي اﻟﻼﻋﺒ.t ﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﳋﻄﻮط ﻗﻮﻳﺔ أو ﺿﻌﻴﻔﺔ ،ﻣﻜﺜﻔﺔ أو ﻣﺘﻔـﺮﻗـﺔ ،وﻗـﺪ ﻳـﺴـﺘـﺨـﺪم اﻟﻔﻨﺎن ﺧﻄﻮﻃﺎ ذات أﺷﻜﺎل ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ أو ﻣﺘﻮاﻓﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺨﺘـﻠـﻔـﺔ ﻣـﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﺣﺎﻻت ﻧﻔﺴﻴﺔ وإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﺼﻮﻳﺮﻫﺎ. وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻄﻮر ﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ أﺳﻠﻮﺑﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻪ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻗـﺪ ﻳـﻄـﻮر ﻛـﻞ ﻓـﻨـﺎن أﺳﻠﻮﺑﻪ اﳋﺎص ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﳋﻄﻮط ،وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ أو ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻦ ﺧﺒﺮاﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن دراﺳﺔ اﳋﻄﻮط ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اCﻬﻤﺔ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻄﺮاﺋﻖ واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن وﻳﺸﻌﺮون ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺬوق واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻹﺑﺪاﻋﺎﺗﻬﻢ. اﳋﻄﻮط ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ رﺳﻮم ﺑﻮل ﻛﻠﻲ أو ﺳﻴﺰان أو ﻏﻴﺮﻫـﻤـﺎ ،ﻛـﻤـﺎ ﻗـﺪ 263
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ رﺳﻮم اﻷﻃﻔﺎل ورﺳﻮم اﻟﺒﺪاﺋﻴ ،tوﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ أﻳﻀـﺎ ﻓـﻲ اﻷﻗـﻮاس اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ »ﻧﺼﻒ اﻟﺪاﺋﺮﻳﺔ ،واCـﺸـﺮﻋـﺔ ،واﳊـﺪودﻳـﺔ ،واﶈـﺪﺑـﺔ واﻹﻫـﻠـﻴـﻠـﺠـﻴـﺔ واﻟﺴﻨﺎﺋﻴﺔ«) .(٦وﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﺤﺖ ،واﻟﻌﻤﺎرة واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. ذﻛﺮ رﺳﻜﻦ أن اCﻨﺤﻨﻴﺎت أو اﻷﻗﻮاس أﻛﺜﺮ ﺟﻤﺎﻻ ﻣﻦ اﳋﻄﻮط اCﺒﺎﺷﺮة، وﻗﺎل إن اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳉﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻨﺤﻨﻴﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﳋﻄﻮط اCﺴﺘﻘﻴﻤﺔ أو اﻟﺰواﻳﺎ. ﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎرت دراﺳﺎت ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺬﻛﻮر ﻓـﻀـﻠـﻮا اﳋـﻄـﻮط اCﺴﺘﺪﻳﺮة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻀﻠﺖ اﻹﻧﺎث اﳋﻄﻮط اCﺴﺘﻘﻴﻤﺔ .وﻓﺴﺮت ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﻔﺮوﻳﺪﻳﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل واﳋﻄﻮط ،وﻫﻲ رﻣﺰﻳﺔ ﺗﻘﻮم أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮات ﺟﻨﺴﻴﺔ .ﻋﻠﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﺮى أن اﳋﻂ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻷﺳﺎس، ﺑﻞ وﺿﻊ اﳋﻂ ودوره وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﺑﺎﳋﻄﻮط واCﻜﻮﻧﺎت اﻷﺧﺮى داﺧﻞ اﻟﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ ارﺗﺒﺎط اﳋﻂ ﺑﺤـﺎﻻت أﺧـﺮى ﻋـﺪة ﻟـﻪ داﺧـﻞ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ اﻟﻮاﺣﺪ أو داﺧﻞ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻓﺎﳋﻂ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑـﺎﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ،واﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳊﺎﻟﺔ ،واﳊﺎﻟﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺧﻼل اﻹﺑﺪاع وﺧـﻼل اﻟﺘﺬوق أﻳﻀﺎ. ﻛﺎن رودﻟﻒ أرﻧﻬﺎر& ﻳﻘﻮل :إﻧﻨﺎ ﻧﺘﺬﻛﺮ ﺣﺮﻛﺎت اﻟـﺮﻗـﺺ اﳊـﺰﻳـﻨـﺔ ﻟـﻴـﺲ ﺑﺴﺐ أﻧﻨﺎ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ أﻏﻠﺐ اﻷﺷﺨﺎص اﳊﺰاﻧﻰ ﻳﺘﺼﺮﻓـﻮن ﺑـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ ـﺎﺛـﻠـﺔ، وﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ أن اCﻼﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﺰن ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺪﻧﻴﺎ أو ﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺎت ،و ﻜﻦ إدراﻛﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ أرﻧﻬﺎر& ــ ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻣﻦ اﲡﺎﻫﺎت اﳉﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، وﺗﻔﺴﺮ اﻹﺛـﺎرة اCـﺸ ّـﻌﺔ ﻓﻲ أﺷﺠﺎر ﻓﺎن ﺟﻮخ أو ﺳﺤﺐ »اﳉﺮﻳـﻜـﻮ« ،وﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﻘﺪم ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻨﺤﻨﻴﺎت ،واﳋﻄﻮط واﻷﺷﻜﺎل).(٧ ﻣﺮ اﻟﻔﻦ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﺮﺑﺮت رﻳﺪ ــ أو ﻋﺒﺮ ــ ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض إﻟﻰ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ، ﻣﻦ اﻟﻼﺗﺨﻄﻴﻂ إﻟﻰ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ،وﻛـﺎﻧـﺖ ﻫـﺬه أوﻟـﻰ ﺧـﻄـﻮات اﻹﻧـﺴـﺎن ﻋـﻠـﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﻦ :ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﻜﻬﻮف .ﺑﺪأ اﻟﻔﻦ أول ﺗﻌﺒﻴﺮاﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ أو وﺿﻊ اﻷﻃﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﻸﺷﻴﺎء ،وﺗﻈﻞ ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ ﺻﺎدﻗـﺔ ﺣـﺘـﻰ اﻵن ﻓـﻲ رﺳﻮم اﻷﻃﻔﺎل ،ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ وﻓﻲ أﻋﻈﻢ اﻷﻋﻤﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ،ﺑـﺮﻏـﻢ ﻋـﻤـﻘـﻬـﺎ وﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ،وﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﳉﺎﻧﺐ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ رﺳﺎﻣﺎ ،وﺷﺎﻋﺮا ﻣﺜﻞ وﻟﻴﻢ ﺑﻠﻴﻚ ﻳﻘﻮل» :اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ وﻓﻲ اﳊﻴﺎة ﻫـﻲ :ﻛـﻠـﻤـﺎ ﻛـﺎن اﳋـﻂ 264
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
اﶈﻴﻂ ﻴﺰا وﺣﺎدا ووﺗﺮﻳﺎ )ﻧﺤﻴﻼ ،وﻣﺮﻧﺎ ،وﻗﻮﻳﺎ( ،وﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أﻛﺜﺮ اﻛﺘﻤﺎﻻ ،أﻣﺎ اﻟﻌﻜﺲ ﻓﻴﺪل ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻒ اﳋﻴﺎل وﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﺤﺎل وﻋﺪم اﻹﺗﻘﺎن«).(٨ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ وﻟﻴﺲ اﳋﻂ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﻫﻮ اﻷﺳﺎس ،ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ وﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻓﻜﺮة ﺑﻠﻴﻚ ﻋﻨﻪ ﻓﻜﺮة ﺻـﺎرﻣـﺔ ،وﻗـﺪ ﻛـﺎن ﻳـﺤـﺘـﻘـﺮ ﻣـﻦ ﻳﻘﻮل ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ tإﻧﻪ ﻓﻘﺪ اﳋﻂ ﺧﻼل ﲢﻮﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ. و ﻜﻦ ﻟﻠﺘﺨﻄﻴﻂ أن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﳊﺮﻛﺔ وﻋﻦ اﻟﻜﺘﻠﺔ .واﳊﺮﻛﺔ ﻗـﺪ ﺗـﻌـﺒـﺮ ﻋـﻦ اﻟﺮﻗﺺ أو اﳊﺰن أو اﻟﻔﺮح ،وﻳﺮﺗﺒـﻂ اﳋـﻂ ﺑـﺎﻹﻳـﻘـﺎع ﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺮﺳـﻮم اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ :اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ واﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ .وﻛﺬﻟﻚ ﻴﺰ ﺑﻴﻜﺎﺳﻮ ﺑﺘﻤﻜﻨﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﳋﻂ ﻓﻲ رﺳﻮﻣﺎﺗﻪ ،ﺑﺮﻏﻢ اﻧﺘﻘﺎﻻﺗﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮة واﻟـﺴـﺮﻳـﻌـﺔ ﺑـ tاﻷﺳـﺎﻟـﻴـﺐ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ. إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻫﻨﺎك دﻻﻻت رﻣﺰﻳﺔ أﺧﺮى ﻗﺪ ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﺎﳋـﻄـﻮط ﻣﻨﻬﺎ :اﻟﺘﻌﺪد واﻻﻧﻘﺴﺎم ،واﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ واﻻﻧﻘﻄﺎع ،واﻹﺣـﺎﻃـﺔ ،واﻻﺷـﺘـﻤـﺎل، واﻟﻘﻴﺎس .و ﺜﻞ اﳋﻂ اCﺴﺘﻘﻴﻢ أﻗﺼﺮ اﻟﻄﺮق اCﻮﺻﻠﺔ إﻟﻰ اﳊﻘﻴﻘﺔ ،وﺗﺮﺗﺒﻂ اﳋﻄﻮط ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺑﺎﻟﺮواﺑﻂ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ،أو اﻟﺮوﺣﻴﺔ ،أو اﻟﻌﺎﻃﻔـﻴـﺔ ،وﻫـﻲ رواﺑﻂ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺤﺪدة وﻣﺆﻗﺘﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺘﺪة وﻻ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛـﻢ ﻓـﺈن اﳋﻂ ﻗﺪ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﺪ ،وﻗﺪ ﻳﻌﺒﺮ أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﳊﺮﻳﺔ ،وﻗﺪ ﻳﻌﺒﺮ أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اCﺴﺎر اﻟﺬي ﻳﺴﻠﻜﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اCﺴﺎر ﻣﺒﺎﺷﺮا أو ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﻣﻠﻴﺌﺎ ﺑﺎﻻرﺗﻔﺎﻋﺎت واﻻﻧﺨﻔﺎﺿﺎت ،أو ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ وﻣﺒﺎﺷﺮا ،ﺑﺴﻴﻄﺎ وﺳﻬﻼ أو ﻣﺤﻔﻮﻓﺎ ﺑﺎﺨﻤﻟﺎﻃﺮ ،و ﻠﻮءا ﺑﺎCﺘﺎﻫﺎت واﻟﺘﺪاﺧﻼت .واﳋﻂ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ،وﻻ ﻳﻜﺘﺴﺐ أﻫﻤﻴﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸـﻜـﻞ اﳋـﺎص اﻟـﺬي ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻴﻪ أو ﻳﺤﺘﻮﻳﻪ. ﺳﻮاء أﻛﺎن اﻟﻔﻨﺎن ﻳﺘﺤﺮك ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واع أو ﻧﺤﻮ ﺣﺪﺳﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﺑﻮﺿﻊ اﳋﻄﻮط ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻋﺒﺮ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻌﺎ ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎﻋﺎت اCﻮﺣﺪة ﺑﺮﻏﻢ ﺗﻀﺎدﻫﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮي ،إن اﳋﻄﻮط اCﺘﺤﺮﻛﺔ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻗﺪ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺈﺣﺴﺎس ﻣﺎ ﺑﺎCﺮح واﻟﻄﻤﻮح ،وﺗﻠﻚ اCﺘﺠﻬﺔ إﻟﻰ أﺳـﻔـﻞ ﻗـﺪ ﺗﻮﺣﻲ aﺰاج ﻣﺎ ﻣﻦ اﳊﺰن واﻻﻧﻜﺴـﺎر ،وﻗـﺪ ﺗـﻮﺣـﻲ اﳋـﻄـﻮط ذات اﻟـﺰواﻳـﺎ اCﻨﻔﺮﺟﺔ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل واﻟﺘﺮﺣﻴﺐ ،وﻫﻜـﺬا اﳋـﻂ ﻗـﺪ ﻳـﻜـﻮن واﺿـﺤـﺎ ﺑـﺎرزا ،وﻗـﺪ ﻳﻜﻮن ﺿﻤﻨﻴﺎ ﻣﺴﺘﺘﺮا ﻜﻦ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ،واﳋﻄﻮط اCﺮﻛﺒﺔ ﻫﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﺧﻄﻮط ﺑﺴﻴﻄﺔ ،وﻫﻜﺬا اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻜﻦ ﺣﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل 265
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ أو اﻟﺘﻔﻜﻴﻚ ﻟﻠﻤﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺨﻄﻮط ،واﻻﲡـﺎﻫـﺎت اCـﻘـﻮﺳـﺔ، واﻷﻓﻘﻴﺔ واﻟﺮأﺳﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ .إن اﳋﻂ ﻗـﺪ ﺎﺛﻞ اﻹ ﺎءات ﻓﻲ اﲡﺎﻫﺎﺗﻬﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﺮﻋـﻴـﺔ أو اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ أﻳﻀﺎ. ٢ـ اﻟﺸﻜﻞ Form ﻳﺸﻴﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺸﻜﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﻌﺎم ﺑﺄي ﺷﻲء ،وﻫﻨﺎ ﻳﺨﺘﻠﻂ ﻣﻌﻨﺎه ﻣﻊ اCﻌﻨﻰ اﳋﺎص aﺼﻄﻠﺢ ﻫﻴﺌﺔ Shapeأو اCﻈﻬﺮ اﳋﺎرﺟﻲ ﻟﻠﺸﻜﻞ ،وﻗـﺪ ﻣﻴﺰ أرﻧﻬﺎ& ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻬﻴﺌﺔ ﻫـﻲ اﳉـﻮاﻧـﺐ اCـﻜـﺎﻧـﻴـﺔ اCـﺘـﻌـﻠـﻘـﺔ ﺑﺎCﻈﻬﺮ اﳋﺎرﺟﻲ ﻟﻸﺷﻴﺎء .أﻣﺎ اﻟﺸﻜﻞ ﻓﻬﻮ اﻟﻬﻴﺌﺔ ﻣﻊ إﺿﺎﻓﺔ اCﻀﻤﻮن واCﻌﻨﻰ إﻟﻴﻬﺎ).(٩ ﻜﻦ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻷﺷﻜﺎل إﻟﻰ أﺷﻜﺎل ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ،أو أﺷﻜﺎل ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ .وﺗﺸﺘﻤﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ :اCﺮﺑﻌﺎت واCﺜﻠﺜﺎت ،واﻟﺪواﺋﺮ واCﺴﺘﻄﻴﻼت ...إﻟﺦ، أﻣﺎ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﺘﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺨﻮر ،واﳉﺒﺎل ،واﻟﺴﺤﺐ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،واﳊﻴﻮان ،واﻟﻨﺒﺎت. وﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺧﻼﻳﺎ اﻟﻨﺤﻞ، واﻷﺻﺪاف اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ وﺗﻜﻮﻳﻨﺎت اﳋﻼﻳﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﳊﻴﻮاﻧﻴﺔ. وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﺷﻜﺎل اﻟـﻬـﻨـﺪﺳـﻴـﺔ واﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻴـﺔ ﻗـﺪم اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـﻮن اﻟـﺼـﻐـﺎر »اﻷﻃﻔﺎل« واﻟﻜﺒﺎر ﻧﻮﻋﺎ ﺛﺎﻟﺜﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ،ﻗﺪ ﻳﺠﻤﻊ ﺑ tﻫﺬﻳـﻦ اﻟـﺸـﻜـﻠـ،t وﻗﺪ ﻳﻀﻴﻒ إﻟﻴﻬﻤﺎ أﻻ وﻫﻮ اﻟﺸﻜـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ واﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﺑـﺪﻻﻻﺗـﻪ وﺗـﻜـﻮﻳـﻨـﺎﺗـﻪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ. ﺗﺘﻨﻮع اCﻈﺎﻫﺮ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل )ﻫﻴﺌﺎﺗﻬﺎ( ﻓﻲ اﳊﺠﻢ ،واﻟﻘﻴﻤﺔ ،واﻟﻠﻮن، وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻄﺎﺑﻊ :ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺜﻠﺚ ،أو ﻣـﺴـﺘـﻄـﻴـﻞ ،أو داﺋـﺮة ،وﻗـﺪ ﺗﻜﻮن aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ ﻫـﺬه اﻷﺷـﻜـﺎل ،وﻗـﺪ ﺗـﻜـﻮن اﻷﺷـﻜـﺎل واﺿﺤﺔ ،أو ﻣﺴﺘﺘﺮةُ ،ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺔ ﺧﻂ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺔ ﺿﻤﻨﻴﺔ أﺧﺮى ﻣﺘﻮﺗﺮة .وﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﺘﻤﺎﺛﻼت ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ واﻟﻠﻮن واCﻮاﺿﻊ اCﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻜﻮﻳﻨﻴﺔ ،أو ﺷﻜﻠﻴﺔ ﺿﻤﻨﻴﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ أ ﺎط ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻷﺻﻐﺮ ﻓﻲ وﺣﺪات أو أﺷﻜﺎل ﺟﺪﻳﺪة أﻛﺒﺮ. وﺗﻌﻤﻞ اﻷﺷﻜﺎل ﻛﺴﻄﻮح ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺘﻘﺪم إﻟﻰ 266
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
اﻷﻣﺎم ،وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺘﺮاﺟﻊ إﻟﻰ اﳋﻠﻒ ،اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﲡﺎه ﻣﻌ ،tواﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ اﲡﺎه آﺧﺮ ،وﻫﺬه اﳊﺮﻛﺎت ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ ،أو اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﺗﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ اCﻜﻮن أو اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺜـﺎﻟـﺚ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺼـﻤـﻴـﻢ ،أﻻ وﻫـﻮ اﻟﻔﺮاغ أو اﳊﻴﺰ اCﻜﺎﻧﻲ. ٣ـ اﳊﻴﺰ أو اﻟﻔﻀﺎء Space ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻳﺘﺸﻜﻞ اﳊـﻴـﺰ أو اCـﻜـﺎن ﻓـﻲ ﺿـﻮء اCـﻮﺿـﻊ اﻟﺬي ﺗﺸﻐﻠﻪ اﻟﺴﻄﻮح اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اCﺴﺘﻮﻳﺔ ،وﻫﻲ ﺳﻄﻮح ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻲ ﺣـﺠـﻤـﻬـﺎ، و ﻴﻞ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻠﻮن ،واﻟﻈـﻞ ،إﻟـﻰ اﻟـﺘـﺮاﺟـﻊ ،أو اﻟـﺘـﻘـﺪم ،أو ﺗـﻈـﻞ ﺳـﺎﻛـﻨـﺔ ﻓـﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﳋﺎص. ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﻜﻮن ﻛﻞ ﺳﻄﺢ ،أو ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻮن ،واﻟﻘﻴﻤﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ،وﻳﺤﺪث اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ أﻳﻀﺎ ،ﻓﺎﻟﺴﻄﺢ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻋﻤﺎ ﻋﺪاه ،وﻫﺬا اﻟﺘﻘﺎﺑﻞ أو اﻟﺘﻌﺎرض ﻳﺘﺤﺪد ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟـﻘـﻮة اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﻀﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬـﺎ اﻟـﺴـﻄـﻮح أو اﻷﺷـﻴـﺎء ،وﻛـﺬﻟـﻚ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﻜﺎﻧﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ أﻳﻀﺎ ،وﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﻜﺮة اCﻨﻈﻮر ﺑﺄﻧﻮاﻋﻪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ. ٤ـ ا'ﻨﻈﻮر Perspective ﻫﻨﺎك أﻧﻮاع ﻋﺪة ﻟﻠﻤﻨﻈﻮر اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﻋﺒـﺮ ﻣـﺮاﺣـﻞ ارﺗـﻘـﺎء ﻓـﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وﺗﻄﻮراﺗﻪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻧﺘﺤﺪث ﻫﻨﺎ ﻋﻦ أﺑﺮزﻫﺎ ﻓﻘﻂ: )أ( ا'ﻨﻈﻮر اﳋﻄـﻲ Linear Perspectiveوﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺒﻂ aﻔﻬﻮم ﻧـﻘـﺎط اﻟﺘﻼﺷﻲ ،Vanishing Pointsوﻫﻲ ﻧﻘﺎط اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﻋﻨﺪﻫﺎ اﳊﻴﺰ أو اﻟﺸﻜﻞ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻗﻀﺒﺎن اﻟﺴﻜﻚ اﳊﺪﻳﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻌـﻴـﺪ، أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻹﻧﺴﺎن ــ أو اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ــ اﻟﺬي ﻳﺒﺘﻌﺪ أﺻﻐـﺮ ﻓـﺄﺻـﻐـﺮ ﺣـﺘـﻰ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﻋﻨﺪ اﻷﻓﻖ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﺣﺠﻤﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻗﺘﺮاﺑﻪ ﻣﻨﺎ. )ب( ا'ﻨﻈﻮر اﳉﻮي )أو اﻟﻬﻮاﺋﻲ( Aerial Perspectiveوﻫﻮ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اCﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻜﺜﺎﻓﺔ أو اﻟﻀﺒﺎﺑﻴﺔ اCﺘﻨﻮﻋﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﻮ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺮؤﻳﺔ، ﻓﻌﻨﺪﻣـﺎ ُﻳْﺒَﻌﺪ ﺷﻲء ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪة ،ﻓﺈن ﻫـﺬا اﻟـﺸـﻲء ﻳـﺒـﺪو أﻗﻞ ﺎﻳﺰا ،وأﻗﻞ ﻛﺜﺎﻓﺔ ،وأﺻﻐﺮ ﺣﺠﻤﺎ أﻳﻀﺎ ،وﻳﺘﺤﻮل اﻟﻠﻮن اCﻤﻴﺰ ﻟﻪ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻣﺤﺎﻳﺪا ،وﻳﺤﺪث اﻟﻌﻜﺲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺘﺮب ﻫﺬا اﻟﺸﻲء ،إﻧﻪ ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﻋﺘﻤﺔ، 267
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أو إﺿﺎءة وأﻛﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ و ﺎﻳﺰا ،وأﻛﺒﺮ ﺣﺠﻤﺎ. واﺳﺘﺨﺪام اCﻨﻈﻮر اﳉﻮي إﺣﺪى اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓـﻲ ـﺸﻒ ﻋـﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﳋﻠﻖ اﻹﻳﻬﺎم اﳋـﺎص ﺑـﺎﳊـﻴـﺰ أو اﻟـﻔـﻀـﺎء اCـﻜـﺎﻧـﻲ .وﻳُْﻜ َ اﻷﺣﺠﺎم ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺼﺪر أﺳﺎﺳﻲ ﻟـﻠـﻀـﻮء ،ﻣـﺼـﺪر ﻳـﻜـﻮن ﻣﺮﺗﻔﻌﺎ وأﻣﺎﻣﻴﺎ ،واﻟﻀﻮء اCﺒﺎﺷﺮ ﻫﻮ أﻗﻮى اﻷﺿﻮاء ،ﻛـﻤـﺎ ـﻜـﻦ أن ﺗـﺘـﻠـﻘـﻰ اﻟﻜﺘﻞ أو اﻷﺣﺠﺎم أو اﻟﺴﻄﻮح اﺨﻤﻟﺘـﻠـﻔـﺔ ﺿـﻮءا ﻣـﺎ أﻳـﻀـﺎ ﻣـﻦ ﻣـﺼـﺎدر ﻏـﻴـﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻟﻠﻀﻮء ،ﻣﻦ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎت اﻟﻀﻮء )وﻣﻦ ﺛﻢ ﻣـﻦ اﻟـﻠـﻮن( ،وﻣـﻦ اﻟـﺴـﻄـﻮح واﻟﻜﺘﻞ اﻷﺧﺮى ،ﻫﻨﺎ ﺳﻴﺒﺪو اﻟﺴﻄﺢ اﻷﻗﺮب ﻣﻦ اﳉﺎﻧﺐ اCﻌـﺘـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﻜـﺘـﻠـﺔ أﻛﺜﺮ ﻋﺘﻤﺔ ،وﺳﺘﺒﺪو اCﺴﺎﺣﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﳉﺎﻧﺐ اCﻌـﺘـﻢ ،أو اﻟـﺬي ﻳـﺘـﻠـﻘـﻰ ﺿﻮءا ﻣﻨﻌﻜﺴﺎ أو ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻀﺎءة أﻛﺜﺮ. ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻷﺟﺰاء اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻀﻮء ،أي اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اCﺸﺎﻫﺪ وﻣﻦ ﻣﺼﺪر اﻟﻀﻮء ،ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ إﺿﺎءة ،أﻣﺎ اCـﻨـﺎﻃـﻖ اﻟـﻮﺳـﻄـﻰ ﻓﺘﻜﻮن أﻗﻞ إﺿﺎءة ﺣﻴﺚ إن ﺳﻄﻮﺣﻬﺎ ﺗﺘﺤﺮك ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اCﺸﺎﻫﺪ ،أو ﺗﺘﺤﻮل ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻨﻪ وﺗﺴﻤﻰ اﻟﺴﻄﻮح اﻷﻛﺜﺮ إﺿﺎءة واﻷﻛﺜﺮ ﻋﺘﻤﺔ ﺑﺎﻟﺴﻄﻮح اCﺘﺤـﻮﻟـﺔ a ،Turning Planesﻌﻨﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﻮل ﻋﻠــﻰ ﻧﺤــﻮ ﺣﺎﺳــﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﻮء إﻟﻰ اﻟﻘﻴﻤﺔ أو اﻟﻌﻜﺲ ﻋﻨﺪ ﻧﻘﻄﺔ أو أﺧﺮى .وﺗﺼــﺒﺢ اﳊﻮاف ذاﺗﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻋﺘﻤﺔ .وﻛـــــﻤـﺎ ﺗﺼﺒــﺢ ﻫﺬه اﳊــﻮاف أﻛﺜــﺮ ﺻﻼﺑــﺔ ،أو ﺻﺮاﻣﺔ وﻋﺘﻤﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﻠﻔﻴـــﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻮء ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺼﺒﺢ أﻳﻀﺎ أﻛﺜﺮ إﺿﺎءة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﻌﺘﻤﺔ).(١٠ ﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺳﻄﻮح ﺑﺴﻴﻄﺔ، واCﺴﺎﺣﺎت اCﻀﻴﺌﺔ ،أو اCﻌﺘﻤﺔ ﻗﺪ ُﻳ ﱠ أو ﻣﺮﻛﺒﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﻔﻨﺎن ،واﻹﻳﻬﺎم ﺑﺎﻟﻌﻤﻖ واCﻨﻈﻮر ﻳﺘﻢ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓـﻲ ﺿـﻮء اﻷﻏﺮاض اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻟﻠﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ،وﻗـﺪ ُﺗﻜﺜﻒ ،ﻣﺜﻼ ،ﺑﻌﺾ ﻫـﺬه اﻟـﺴـﻄـﻮح ﺑﺎﻋﺘﺒــﺎرﻫــﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﻗﻞ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ أو أﻫﻤﻴﺔ. وﻳﻌﺘﻤﺪ إﳒﺎز اﻹﻳﻬﺎم اﳉﻮي ،أو اCﻨﻈﻮر اﳉﻮي ،ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻀـﻮء، واﻟﻘﻴﻤﺔ اﳋﺎﺻﺔ aﻮﺿﻮﻋﺎت وﻛﺘﻞ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ داﺧﻞ اﳊﻴﺰ اﻟﻜﻠﻲ ،وﻣـﻦ اCـﻬـﻢ أن ﻧﻼﺣﻆ ﺧﻼل ﺗﻠﻘﻴﻨﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﻘﺎط إﺿﺎءة ،وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﻋﺘﻤﺔ ،ﺛﻢ ﻧﺘﻘﺪم ﻣﻨﻬﻤﺎ إﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ. ﻓﻲ اCﻨﻈﻮر اﳉﻮي ﻳﺮﺳﻢ اﻟﻔﻨﺎن اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﻌﻴـﺪة ﺑـﺄﻟـﻮان ﻓـﺎﲢـﺔ وأﻗـﻞ ﺑﺮﻳﻘﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ اCﻘﺪﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺨﻔﻒ ﺣﻮاﺷﻴﻬﺎ أو ﺣﻮاﻓﻬﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺒﺪو 268
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﻼﺷﻰ ﻓﻲ اCﻨﺎﻃﻖ اCﺘﺎﺧﻤﺔ ﻟﻬﺎ).(١١ ﻫﺬه اCﻨﺎﻃﻖ اﻷﻛﺜﺮ إﺿﺎءة واﻷﻛﺜﺮ ﻋﺘﻤﺔ ﻗﺪ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺬروة اﻟﻌﻤـﻞ ،وﻫـﻲ ذروة ﻻ ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻣﻮﺟﻮدة داﺋﻤﺎ ﻓﻲ أﻣﺎﻣﻴﺔ اﻟﻠﻮﺣﺔ أو ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨﻚ. وﻫﺬا اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ اﳋﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻮء واﻟﻌﺘﻤﺔ ،أو ﻋﻠـﻰ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻠـﻮﺣـﺔ )أو اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ( ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺪرﺟﺔ اﻹﺿﺎءة أو اﻟﻌﺘﻤﺔ ﻓﻲ أي ﻟﻮن ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺪى ﺣﻀﻮر اﻷﺑﻴﺾ )اﻟﻀﻮء( أو اﻷﺳﻮد )اﻟﻌﺘﻤﺔ( ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻴـﺰ ﻫـﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اCﻨﻈﻮر .أﻣﺎ ﻓﻲ اCﻨﻈﻮر اﳋﻄﻲ ﻓﻴﺘﻢ ﻫﺬا ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻘﺮﻳﺐ ،واﻟﺒﻌﻴﺪ اﻟﻔﺮاﻏﻴﺔ ،أو اCﻜﺎﻧﻴﺔ وﻳﺤﺪث اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮر اCﻌﻜﻮس أﻳﻀﺎ. ﺟــ( ا'ﻨﻈﻮر ا'ﻌﻜـﻮس Inverted Perspectiveوﻫﻮ ﻋﻜﺲ اCﻨﻈﻮر اﳋﻄـﻲ، ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻳﺒﺪو ﺻﻐﻴﺮا واﻟﻘﺮﻳﺐ ﻛﺒﻴﺮا ،ﻓﻲ اCﻨﻈﻮر اﳋﻄﻲ ،ﻓﺈن ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اCﻨﻈﻮر اCﻌﻜﻮس ،ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺪو اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻛﺒﻴﺮا واﻟﻘـﺮﻳـﺐ ﺻﻐﻴﺮا ،وﻫﺬا ﻳـﺘـﻢ ﻣـﻦ أﺟـﻞ أﻏـﺮاض رﻣـﺰﻳـﺔ ﻓـﻲ اCـﻘـﺎم اﻷول ،ﻛـﺄن ﺗـﻮﺿـﻊ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو دﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﻠﻔﻴﺔ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎرز أﻛﺒﺮ وأﻋﻠﻰ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻮﺿﻊ ﺑﻌﺾ اﻷﺗﺒﺎع ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ أﺻﻐﺮ وأﻗﻞ ﺑﺮوزا. ﻟﻘﺪ ﺗﺄﺛﺮت اﻷﻓﻜﺎر اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺣﻮل اﳊﻴﺰ واﻟﻔﺮاغ aﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘـﻘـﺪم اﻟـﺘـﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﺗﺸﻮﻳﻪ اﻟﻔﺮاغ ﻷﻏﺮاض ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻟﺪى (١٢)Boschأو ﺑﺮوﺟﻞ ،Brughelﻓﺈن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧt اCﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻗﺪ وﺿﻌﻮا ﻫﺬه اﻟﺘﻐﻴﺮات ﻓـﻲ اﳊـﺠـﻢ ،و،اﻟـﻜـﺜـﺎﻓـﺔ ،وﺧـﺼـﺎﺋـﺺ اﻟﺴﻄﺢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻌﺾ اﻹﺳﻘﺎﻃﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،أو ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻻﻻت اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ، أو ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ. ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﻮﺿﻮع اﳊﻴﺰ اﻟﻔﺮاﻏﻲ واCﻨﻈﻮر ﺑﺎﻟﻀﺮورة aﻮﺿﻮع اﻟﻠﻮن )واﻟﻠﻮن ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻘﻴﻤﺔ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ(. ٥ـ اﻷﻟﻮان ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﺎ أوﺿﺤﻪ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﻮن ﻣﻦ أن اﻷﻟﻮان اCﻼزﻣـﺔ ﻟـﻸﺷـﻴـﺎء ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻋﺎدة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻀﻮء واﳉﻮ، ﻗﺪﻋ¢ﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻬﻮﻳﺎت ﻓﺈن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ُ أو اﻟﺼﺒﻐﺎت Huesاﳋﺎﺻﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻸﻟﻮان .واﻟﻬﻮﻳﺔ )أو اﻟﺼﺒﻐﺔ( ﻫﻲ إﺣﺪى اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺜﻼث اCﻤﻴﺰة ﻟﻸﻟﻮان ،وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ أو اﻟﺼﺒﻐﺔ ﺗﻠﻚ اﳋﺎﺻﻴﺔ 269
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﻲ ﻴﺰ أﺣﺪ اﻷﻟﻮان ﻋﻦ اﻷﻟﻮان اﻷﺧﺮى ،ﻓﻴﻘﺎل ﻣﺜﻼ إن ﻫﺬا اﻟﻠﻮن أﺧﻀﺮ وﻫﺬا أﺣﻤﺮ ...إﻟﺦ .إﻧﻬﺎ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻻﺧﻀﺮار ﻓﻲ اﻟﻠﻮن اﻷﺧﻀﺮ وذﻟﻚ اﻻﺣﻤﺮار ﻓﻲ اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ وذﻟﻚ اﻻﺻﻔﺮار ﻓﻲ اﻟﻠﻮن اﻷﺻﻔﺮ وﻫﻜﺬا. واﳋﺎﺻﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻮن ﻫﻲ اﻟﻨﻐﻤﺔ Toneأو اﻹﺿﺎءة Lumnosityأو اﻟﻨﺼﻮع Brightnessأو اﻟﻘﻴﻤـﺔ ،Valueوﻫﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻹﺿﺎءة أو اﻟﻈـﻠـﻤـﺔ )أو اﻟﻌﺘﻤﺔ( ﻓﻲ أي ﻟﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ اﳊﻀﻮر اﳋﺎص ﻟﻸﺑـﻴـﺾ )اﻟـﻀـﻮء( أو اﻟﻐﻴﺎب اﳋﺎص ﻟﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﳊﻀﻮر اﳋﺎص ﻟﻸﺳﻮد )اﻟﻌﺘﻤﺔ(. أﻣﺎ اﳋﺎﺻﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻮن ﻓﻬـﻲ اﻟـﺘـﺸـﺒـﻊ Saturationأو اﻟﻜﺜـﺎﻓـﺔ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻠﻮن أﻗﻮى وأﻛﺜﺮ إﺷﻌﺎﻋﺎ وﻧﺼﻮﻋﺎ ،ﻛﺎن ذﻟﻚ دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺷﺪﺗﻪ أو ﻛﺜﺎﻓﺘﻪ أو ﺗﺸﺒﻌﻪ ،وﻋﻨﺪ ذروة اﻟﺘﺸﺒﻊ ﻳﻮﺻﻒ اﻟﻠﻮن ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺜﻴﻒ )أي ﻻ ﻜـﻦ أن ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا( ،وأي إﺿﺎﻓﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﺘﻌﻤﻴﻖ ﻧﻐﻤﺘﻪ )اﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد( ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻘﺪاﻧﻪ ﻟﻜﺜﺎﻓﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻨﺼﻮع اCﻀﺎف .ﺗﺴﻤﻰ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻮان ﺑﺎﻷﻟﻮان اﻟﻜﺮوﻣﺎﺗﻴﺔ . Chromatieوﻳﺘﻜﻮن اCﺪى اﻟﻼﻛﺮوﻣﺎﺗﻲ Achromaticﻟﻸﻟﻮان ﻣﻦ ﻫﻮﻳﺎت اﺧﺘﺰﻟﺖ أو أﻧﻘﺼﺖ ﻛﺜﺎﻓﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺿﺎﻓﺔ اﻷﺑﻴﺾ ﻟﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺻﺒﻐﺎت أﺧﻒ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻠﻮن اﻟﻜﺮ ـﻲ أو اﻟﻠﻮن اﻟﻘﺮﻧﻔﻠﻲ )اﻷﺣﻤﺮ اﻟﻮردي( ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل إﺿﺎﻓﺔ اﻷﺳﻮد ﻓﺘﻨﺘﺞ اﻟﻈﻼل أو أﻟﻮان اﻷرض ﻛﻠﻮن اﳋﺮدل أو اﻷﺧﻀﺮ اﻟﻄـﺤـﻠـﺒـﻲ ...إﻟـﺦ ،أو ﻣـﻦ ﺧـﻼل إﺿﺎﻓﺔ اﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد ﻣﻌﺎ ،ﺎ ﻳﺨﻠﻖ ﻫﻮﻳﺎت ﻣﺤﺎﻳﺪة أي ﺗﺸﻮﺑﻬﺎ اﻟﺮﻣﺎدﻳﺎت، ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﻟـﻮن ﻃـﺤـ tاﻟـﺸـﻮﻓـﺎن أو اﻟـﻔـﺤـﻢ اﻟـﻨـﺒـﺎﺗـﻲ ،وﺳـﻴـﺒـﺪو اﻟـﻠــﻮن اﻟﻼﻛﺮوﻣﺎﺗﻲ أﻛﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ إذا أﺣﺎﻃﺖ ﺑﻪ ﻫـﻮﻳـﺎت ﻣـﺤـﺎﻳـﺪة ،أو ﺟـﺎورﺗـﻪ أﻟـﻮان ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﻪ).(١٣ وﻫﻨﺎك ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻛﺜﻴﺮة وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺘﺮاﻛﻤـﺔ ﺣـﻮل ﻣـﻮﺿـﻮع اﻷﻟـﻮان ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻴﺔ واﻹدراﻛﻴﺔ واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻳﺼﻌﺐ أن ﻧﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﻫﻨﺎ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺸﻴﺮ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻟﻸﻟﻮان إﻟﻰ أﻟﻮان ﺳﺎﺧﻨﺔ، )أو داﻓﺌﺔ( وأﻟﻮان ﺑﺎردة ﻷﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻟﻮان .ﻓﻬﺬا اﻟﺘـﻘـﺴـﻴـﻢ ﻳـﻀـﻊ اﻷﻟﻮان اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﺣﻤﺮ )ﻓﻲ أﻟﻮان اﻟﻄﻴﻒ( ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻷﻟﻮان اﻟﺪاﻓﺌﺔ أو اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ،وﻳﻀﻊ اﻟﺘﻲ ﲡﺎور اﻷزرق ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻷﻟﻮان اﻟﺒﺎردة »وﻓﻲ ﻇﺮوف ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﻄﻲ اﻷﻟﻮان اﻟﺪاﻓﺌﺔ إﺣﺴﺎﺳﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻟﻮان اﻟﺒﺎردة ،وﻗﺪ اﺳﺘﻐﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻫﺬا اﻻﻧﻄﺒﺎع ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻔﻀﺎﺋﻲ 270
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻬﻢ ،ﻓﺒﺮﺳﻢ أﺷﻜﺎل ﻓﻲ اCﻘﺪﻣﺔ ﺑﺄﻟﻮان أﻛﺜﺮ دﻓﺌﺎ ﻧﺴﺒﻴﺎ وأﺷﻜﺎل ﻓﻲ اﳋﻠﻔﻴﺔ ﺑﺄﻟﻮان أﺑﺮد ﻧﺴﺒﻴﺎ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻔﻨﺎن أن ﻳﻌﻄﻲ ذﻟﻚ اﻹﺣﺴﺎس اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻀﺎء«).(١٤ إن ذﻟﻚ اCﻴﻞ اﻟﺒﺼﺮي اﳋﺎص ﺑﺎﻷﻟﻮان اﻟﺪاﻓﺌﺔ واﻟﺬي ﻳـﺠـﻌـﻠـﻬـﺎ ﺗـﺘـﻘـﺪم )ﻓﺘﺨﻄﻒ ﻋ tاCﺸﺎﻫﺪ( ﻗﺒﻞ اﻷﻟﻮان اﻟﺒﺎردة ﻫﻮ أﻣﺮ ﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎد ﺑﻪ واﺳﺘﻐﻠﻪ اCﺼﻮرون اﻷوروﺑﻴﻮن ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺄﺳﻠﻮب ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹﻳﺤﺎء ﺑﺎﻟﻌﻤﻖ اﻟﻔﺮاﻏﻲ. واﻟﺘﻐﻴﺮات ﻓﻲ اﳊﺮارة واﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻟﻮان ﻜﻦ أن ﻧﻼﺣﻈﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اCﻨﺎﺧﻴﺔ أو اﳉﻮﻳﺔ )اﻟﻄﻘﺴﻴﺔ( ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،،ﺣﻴﺚ ﺗﺼﺒﺢ اﻷﻟﻮان اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء اﻟﺒﻌﻴﺪة أﻛﺜﺮ ﺑﺮودة ،وأﻛﺜﺮ رﻣﺎدﻳﺔ ،وأﻛﺜﺮ زرﻗﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ أﻟﻮان اﻷﺳﻄﺢ اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﺗﺒﺪو أﻛﺜﺮ ﻗﻮة وﻛﺜﺎﻓﺔ ،وﻋﺎدة أﻛﺜﺮ دﻓﺌﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻟﻮاﻧﻬﺎ. ﻟﻘﺪ ﻣﻜﻨﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻈـﺎﻫـﺮة أو اﻟـﺴـﻄـﺤـﻴـﺔ Apparentﻓﻲ ﻫـﻮﻳـﺔ اﻟﻠﻮن ــ وﻛﻤﺎ ﲢﺪث ﻋﺒﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄﻟﻮان ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻠﻮﺣﺔ ــ اﻟﻔﻨﺎﻧt ﻓﻲ ﻓﺘﺮات ﻋﺪة ﻣﻦ اﻹﻳﺤﺎء ﺑﺄﻧﻬﻢ اﺳﺘﻐﻠﻮا ﺗﺸﻜﻴﻠﺔ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ،ﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا ﻋﺪدا ﻗﻠﻴﻼ ﻓﻘﻂ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻋـﻠـﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻓﻲ اCﺎﺿﻲ ﻗـﺪ اﺳـﺘـﺨـﺪﻣـﻮا اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ ﻣﺒﺎد اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﺼﺮي ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺣﺪﺳﻲ ،ﻓﺈن ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺗﺸﻴﻔﺮول وﻏﻴﺮه ﻗﺪ أﺛـﺎرت أو ﻧـﺒـﻬـﺖ اCـﺼـﻮرﻳـﻦ ﻣـﻦ اCـﺪرﺳـﺔ اﻻﻧـﻄـﺒـﺎﻋـﻴـﺔ »اﻷورﻓﻴﻮن« ،وأﺗﺒﺎع ﻓﻨﻮن اﳉﺪﻳﺪة ،وﻓﻨﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴ ،tﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ¢ اﳋﺪاع اﻟﺒﺼﺮي ،ﻓﺎﻣﺘﺪوا ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺘﻈﻢ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻟﻬﺬه اCﺒﺎد ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺨﻠﻘﻮا اﻹﻳﻬﺎم ﺑﺎﻟﻜﺘﻠﺔ واﻟﻔﺮاغ ،وﺗﻜﻮﻳﻦ اﻫﺘﺰازات ﺑﺼﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻀﻮء واﳊﺮﻛﺔ. ﻟﻘﺪ ﺑ» tﺑﻮل ﺳﻴﺰان« ﻣﺜﻼ أن ﺗﻐﻴﺮات ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﺮﻫﻔﺔ أو ﺣﺴـﺎﺳـﺔ ﻓـﻲ ﺳﻄﺢ أﺣﺪ اﻷﺷﻜﺎل وﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ اCﻜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اﻷﺧﺮى ،ﻜﻦ أن ﻳُﻌﺒﱠﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷوﺟﻪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻮن ،اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻣﻦ ﺧﻼل درﺟﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ/ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻐﻤﺔ واﻟﻜﺜﺎﻓﺔ واﳊﺮارة ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل إدﺧﺎل اﻟﺸﺪات أو اﻟﺘﻮﻛﻴﺪات اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ اCﻜﻤﻠﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺮﻣﻮز اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اCﻌﻘﺪة )اCﺮﻛﺒﺔ( ﻗﺪ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻓﺈن اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻻﻧﻔـﻌـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟـﻠـﻮن ﻣـﻌـt وﺗﺮﻛﻴﺒﺎﺗﻪ ﻗﺪ ﻳـﺒـﺪو أﻧـﻬـﺎ اﻷﻣـﺮ اﻷﻛـﺜـﺮ ﻋـﺎCـﻴـﺔ أو ﻋـﻤـﻮﻣـﻴـﺔ .إن اﻟـﺘـﻮاﻓـﻘـﺎت 271
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﺘﻨﺎﻓﺮات اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺮد ﺑﺎﻟـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ ﻧـﻔـﺴـﻬـﺎ ،وﻟـﻜـﻦ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ،وﻫﻜـﺬا ﻓـﺈن اﻟـﺼـﻮرة Imageاﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺮر ﻓﻲ ﺗـﺨـﻄـﻴـﻄـﺎت ﻟﻮﻧﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺗﻜﻮن ﻣﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﺣﺎﻻت ﻣﺰاﺟﻴﺔ )اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ( ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻨـﺪ ﻛـﻞ ﺗﻐﻴﺮ ﻳﺤﺪث ﻟﻬﺎ أو ﻓﻴﻬﺎ. ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻗﻄﺮة ﻣﻦ ﻣﺤﻴﻂ ﺎ ﻜـﻦ أن ﻳـﻘـﺎل ﺣـﻮل اﻟـﻠـﻮن ﻓـﻲ اﳊﻴﺎة ،أو اﻟﻠﻮن ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ،ﻓﺎﻟﻠﻮن ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ. ﻓﻲ إﺷﺎرات اCﺮور ،واﻟﺪﻳﻜﻮر اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻤﻨﺎزل ،وأﻟﻮان اCﺒﺎﻧﻲ ،واCﺆﺳﺴﺎت، واCﻼﺑﺲ ،واﻟﺸﻌﺎرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وأﻋﻼم اﻟﺪول .واﻟﺘﺮاﺑﻄﺎت أواﻟﺘﺪاﻋـﻴـﺎت اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮن ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪا أﻳﻀﺎ ،وﻳﺼﻌﺐ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻷﻟﻮان ﻓﻲ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺘﻨﻮع واﻟﺘﻐﻴﺮ ،وﻫﻨﺎك ﻓﺮوق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ إدراك اﻷﻟﻮان ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ دراﺳﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺜﻼ ﻣﺎ ذﻛﺮه ﻟﻴﺘﻮن R. Layton ﺣﻮل أﻟﻮان ﻗﻮس ﻗﺰح ،أو أﻟﻮان اﻟﻄﻴﻒ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم أﻧﻬﺎ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ أﻟﻮان ،ﻓﻬﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﻏﻴﻨﻴﺎ اﳉﺪﻳﺪة ﻳﻌـﺘـﺮف أﻓـﺮادﻫـﺎ ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﻟﻮان ﻓﻘﻂ ﻫﻲ اﻷﺑﻴﺾ ،واﻷﺳﻮد ،واﻷﺣﻤﺮ ،واﻷﺻﻔﺮ ،وﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺰﻳ tاﻟﺒﻴﻮت اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻌﺎﺋﺮﻫﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮون اﻷزرق ﻣﺜﻼ أﺣﺪ ﺗﻨﻮﻳﻌﺎت اﻷﺳﻮد ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﻠـﻮﻧـt )اﻷﺳﻮد واﻷزرق( ﻓﻲ ﺗﻠﻮﻳﻦ ﻣﻮﺿﻮع واﺣﺪ ،ﺑﺤﻴﺚ إن ﻗﻄﻌﺔ اﻟﻘﻤﺎش ،اﻟـﺘـﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﺳﻮداء ،ﻳﻜﻮن ﻧﺼﻔﻬﺎ أﺳﻮد وﻧﺼﻔﻬﺎ اﻵﺧﺮ أزرق ،ﻣـﻊ وﺟـﻮد ﺣﺪ ﻓﺎﺻﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﻢ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،وﻳﻨﻜﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺳﻤﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ أو ﻳﺪرﻛﻮﻧﻪ وﺟﻮد أي ﻓﺎﺻﻞ ﻏﻴﺮ ﻫﺎرﻣﻮﻧﻲ ﺑ tاﻟﻠﻮﻧ tﻣﺆﻛﺪﻳﻦ أﻧﻬﻤﺎ ﻟﻮن واﺣﺪ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ).(١٥ ٦ـ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻜﻠﻲ ﻻ ﺜﻞ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻨﺎﻫﺎ واﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳋـﻂ ،واﻟـﺸـﻜـﻞ، واﳊﻴﺰ ،أواﻟﻔﻀﺎء ،واﻟﻠﻮن ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﻞ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮﺣﺔ ،أو اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،ﻓﻬﻨﺎك أﻳﻀﺎ اCﻠﻤﺲ واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ،واﻷﺳﻠﻮب واﳊﺮﻛﺔ ﻈﻢ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻨﻤﻂ Patternأو اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ وﻳَﻨ ﱠ وﻋﻨﺎﺻﺮ أﺧﺮي ﻋﺪةُ ، اﻟﻜﻠﻲ ،واﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴـﺔ ﻟـﻠـﻮﺻـﻮل إﻟـﻰ اﻟـﺘـﺄﻟـﻴـﻒ ،أو اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ اﻷورﻛﺴﺘﺮاﻟﻲ ﺑ tاﻟﻌﻨﺎﺻﺮ داﺧﻞ اﻟﻌﻤﻞ .ﻓﺎﻟﻨﻤﻂ ﺘﻠـﻚ اﻟـﺸـﻜـﻞ وﻳـﺠـﺴـﺪ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ داﺧﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ اﻟﺒﺎﻟﻎ اﳋﺎص ﺑﻪ ،واCﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤـﺔ أو اﻟـﻠـﻮن. 272
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
وﻳﺤﺪث ذﻟﻚ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ــ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ــ ﻳﺘﻌﺎرض أو ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ أ ﺎط أﺧﺮى وﻻ ﻜﻦ أن ﻳﻮﺟﺪ ﻂ aﻔﺮده ،ﻓـﺎﻷ ـﺎط ﻳـﻘـﺎﺑـﻞ ﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ ﺑـﻌـﻀـﺎ: اﻷﺑﻴﺾ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﺳﻮد ،واﻷﺣﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﺧﻀﺮ ...إﻟﺦ. وﻳﺘﺤﺮك اﻟﻨﻤﻂ ﻓﻲ اﲡﺎﻫﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺤﺪﺛﺎ ﺣﺮﻛﺎت ،واﺿﺤﺔ ﻇـﺎﻫـﺮة، أو ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻣﺴﺘﺘﺮة .إﻧﻪ ﻳﻨﺸﻂ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺳﻠﺴـﻠـﺔ ﻣـﻦ اﻷﺳـﻄـﺢ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﻘـﺪم ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ وﻣﺤﺪﺛﺔ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎت ﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ،وإدراﻛﻴﺔ .وﻣﻦ اﳉﻮاﻧﺐ اCﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻂ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻹﻳﻘﺎع ،ﻓﻬﺬا اﻟﺘﻜﺮار اCﻨﺘﻈﻢ ﻟﻠﺸﻜﻞ وﻻﲡﺎﻫـﺎت اﳋـﻂ واﻟـﻠـﻮن وﻟﻠﻤﻮاﺿﻊ اCﻜﺎﻧﻴﺔ واﻟﻘﻴﻤﺔ واCﻠﻤﺲ ...إﻟﺦ ،ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻤﻞ وﺗﻘﺪﻣﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻛﻼ ،وذﻟﻚ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻘﺪ& ﺣﺎﻟﺔ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻨـﻈـﻴـﻢ اﳋـﺎص ﻟـﻨـﻘـﺎط اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑـﻞ ﻧـﻘـﺎط اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم اﻷﻗـﻞ أﻫـﻤـﻴـﺔ .ﺛـﻢ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺬروة اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻮﺣﺔ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﺘﻮﻳﺞ ﻟﻠﻌﻨﺎﺻﺮ اCﺆﻟﻔﺔ ﻟﻠﻨﻤﻂ وﻟﻐﻴﺮه ﻣﻦ اﻷ ﺎط اCﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ).(١٦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎﺛﻼت واﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،واﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻟﻬﺎ ،ﺳﻮاء ﺑﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻸﺷـﻜـﺎل ،أو اﻷﻟـﻮان ،أو اﻟـﺘـﻜـﻮﻳـﻨـﺎت ،أو اCـﻼﻣـﺲ ،أو اﻟﺮﻣﺰﻳﺎت أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﺘﺮب أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟـﻔـﻨـﺎن وأن ﻧـﺘـﺬوﻗـﻪ. ﻟﻘﺪ اﻫﺘﻢ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﻮن ﺑﻌﺮض اﻟﺘﻨﺎﻗـﻀـﺎت اﻟـﺪاﺧـﻠـﻴـﺔ داﺧـﻞ اﻟـﻠـﻮن .واﻫـﺘـﻢ ﺳﻴﺰان ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ أو اﶈﺘﻮى اﺠﻤﻟﺮد ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻴـﺔ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻣﻬﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻈﻬﻮر اﻟﺘﻜﻌﻴﺒﻴﺔ .واﻫﺘﻢ ﻓﺎن ﺟﻮخ ﺑﺎﶈﺘﻮى اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﻮن وأﻳﻀﺎ ــ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ــ ﺑﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟـﺸـﻜـﻞ واﻟـﻨـﻤـﻂ ،وأﻛـﺪ اﻟـﺘـﻜـﻌـﻴـﺒـﻴـﻮن ﻋـﻠـﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﳋﺎص ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ واﻻﲡﺎه ﻋﻦ أي ﻣﻮﺿﻮع أو رؤﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﺎ أﺑﺮز ﻣﺎ ﺳﻤﻲ ﺑﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮل Geometry of Transformation وﻫﻲ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻷﻛﺜﺮ دﻗﺔ ﻓﻲ رأﻳﻬﻢ).(١٧ وﻫﻜﺬا ،ﻓﺈن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﻔﻦ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻫﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ﺷﺪﻳـﺪة اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ، وﻧﺤﻦ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻌﺮض ﻫﺬه اﻟﺘـﺮﻛـﻴـﺒـﺎت واﻟـﺘـﻨـﺎﻗـﻀـﺎت وﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،وﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺘﻌﻤﻴﻤﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ﺑt اCﻜﻮﻧﺎت ﺑﺎﻟـﺜـﻴـﻤـﺎت Themesأو اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴـﺔ ،أﻣـﺎ اﻟـﺘـﻌـﺎرﺿـﺎت أو اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﻓﺘﺴﻤﻲ اﻟﺘﺒﺎﻳﻨﺎت Variationsوﻫﺬه اﻟﺘﺒﺎﻳﻨﺎت ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠـﻰ ﺗﻘﺪم »اﻟﺜﻴﻤﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴـﻴـﺔ« Major Themeوﲢﺮﻳﻜﻬﺎ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻓﺘﺘـﻮﻟـﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺛﻴـﻤـﺎت ﺻـﻐـﺮى ،Minor Themesوﻫﺬه ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠـﻰ ﺗـﺒـﺎﻳـﻨـﺎﺗـﻬـﺎ 273
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳋﺎﺻﺔ ،وﺗﻈﻞ ﺛﻴﻤﺎت ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ )ﺻﻐﺮى أو ﻛﺒﺮى( ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺜﻴﻤﺎت اCﺘﻘﺎﺑـﻠـﺔ Counter Themesاﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺄدوار أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟﺘﻮﺗﺮ داﺧﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .وﻫﺬه اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺜﻴﻤﺎت اﻟﻜﺒﺮى، واﻟﺼﻐﺮى واCﺘﻘﺎﺑﻠﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺳﺎﺳﻴـﺔ ﻟـﻼﻧـﺒـﺜـﺎق اﻟـﻌـﻀـﻮي ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ).(١٨ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺿﺮورﻳﺔ ﻧﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ aﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻟﻔﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬا اﻟﻔﻦ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،أو ﻣﺮﻛﺒﺔ ،ﻣﻦ أﻟﻮان ﺑﺴﻴﻄﺔ ،أو ﻣـﺮﻛـﺒـﺔ ،وﻣـﻦ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ أو ﻣﺮﻛﺒﺔ أﻳﻀﺎ .وﻧﺒﺪأ أوﻻ ﻓﻲ اﳊﺪﻳـﺚ ﻋـﻦ »ﺣـﺮﻛـﺎت اﻟﻌﻴﻨ tواﻹدراك اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ«.
ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌﻴﻨﲔ واﻹدراك اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
اﻫﺘﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌﻴﻨ tﻛﺄﺳﻠﻮب ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ دراﺳﺔ اﻟﺪور ،اﻟﺬي ﺗﻠﻌﺒﻪ ﻫﺎﺗﺎن اﻟﻌﻴﻨﺎن ﻓﻲ ﲢﻠﻴﻞ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ وﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ، وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻌ tأﻳﻀﺎ اﺳﻢ اﳊﺮﻛﺔ اﳋﺎﻃـﻔـﺔ ،Saccadic Movement وﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻔﺮﻧـﺴـﻲ إﻣـﻴـﻞ ﺟـﺎﻓـﺎل .E Javalاﻟﻌﺎم ،١٨٧٨ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻﺣﻆ أن أﻃﻔﺎل اCﺪارس ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻗﺮاءﺗﻬﻢ ﻟﻨـﺺ ﻣﻜﺘﻮب ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﲢﺮﻳﻚ اﻟـﻌـﻴـﻨـ ،tوﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳـﺸـﺒـﻪ اﻟـﻘـﻔـﺰات اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺴﺮﻳـﻌـﺔ ) ،(Par Saccadesﺛﻢ ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﺑﺮﻫﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻘﻔﺰون ﺑﺄﻋﻴـﻨـﻬـﻢ إﻟﻰ ﺟﺰء آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ،ﺛﻢ ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﺑﺮﻫﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻘﻔﺰون وﻫﻜﺬا).(١٩ وﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tأﻧﻨﺎ ﻧﺮى اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﺎﻧﺘﺒﺎﻫﻨﺎ ﻳﻨﺠﺬب ﻧﺤﻮ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ أﺣﺪ أﻃﺮاف اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﺛﻢ ﺗﺘﺤﺮك أﻋﻴﻨﻨﺎ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻨﻪ ،ﺛﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺑﺮﻫﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺘﺤﺮك ،وﻫﻜﺬا. ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻟﻠﻌﻴﻨ tﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌ tﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻳﺤﺪث ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻬﻢ )أو اﻹدراك اﻟﻌﺎم( ﻟﻪ ،وﺗﺴﺘﻐﺮق ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻟﻠﻌﻴﻨ tﻫﺬه ــ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ــ ﺣﻮاﻟﻰ ٣٠٠ﻣﻠﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ )اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي ﺗﺴﺘﻐﺮﻗﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻄﺮف ﺑﺎﻟﻌ tﻫﻮ ٢٠ﻣﻠﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ( ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اCﺪى ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻨﻮع 274
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
ﺑ tاﻷﻓﺮاد ،ﺑﻞ وﻟﺪى اﻟﻔﺮد اﻟﻮاﺣﺪ ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ .و ﻴﻞ اﻟﺘﺜﺒﻴﺘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﺑﺎﻟﻌﻴﻨ tﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻘﺮاءة إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن أﻗﺼﺮ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ﻓﺮوق ﻓﺮدﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑ tاﻷﻓﺮاد ،ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻮاﻣﻞ ﻛﺜﻴﺮة ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻣﺜـﻼ اﻟـﻘـﺪرات اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎر ،وﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺧﻼل إدراﻛﻨﺎ ﻟﻠﻮﺣﺔ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻣﺜﻼ ﻋﻠـﻰ أﻧـﻪ ﻳﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺎﺛﻞ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺜﺒﺖ أﻋﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌ tﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻟﻔﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ،ﺛﻢ ﻧﺘﺤﺮك ،ﺛﻢ ﻧﺘﻮﻗﻒ ﺑﺮﻫﺔ أﺧﺮى إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ،ﺛﻢ ﻧﺘﺤﺮك إﻟﻰ ﻣﻠﻤﺢ ﺛﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،وﻫﻜﺬا وﻗﺪ ﻧﻌﻮد أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﻣﻮاﺿﻊ ﺳﺒﻖ أن أدرﻛﻨﺎﻫﺎ، ﺛﻢ ﻗﺪ ﻧﺤﻴﻂ ﺑﻜﻞ ﻫﺬه اﳉﻮاﻧﺐ أو اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻮﺣﺔ ﻣﻌﺎ ،ﻣﺤﺎوﻟt اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ أو اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﻳﻀـﻤـﻬـﺎ ،وﻫـﺬا اﻟـﻨـﺸـﺎط اﳋﺎص ﺑﺎﻹﺣﺎﻃﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ واﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻟﻠﻌﻴﻨ tﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﻨﻪ، واﻟﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑ tاﻟﺴﻜﻮن واﳊﺮﻛﺔ ﺧﻼل ﻓﻌﻞ اﻹدراك اﻟﻔﻨـﻲ ﻟـﻴـﺲ ﻧـﺸـﺎﻃـﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺎ أو اﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺎ،إﻧﻪ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻄﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻺدراك ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺒﻠﻮرة ﻟﺪى اﻷﻓﺮاد اﻷﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة ﺑﺎﻟﻔﻦ ،وﺗﻜﻮن ﻏﺎﺋﻤﺔ أو ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﻟﺪى اﻷﻗﻞ ﺧﺒﺮة).(٢٠ وﻗﺪ ﻣﻴﺰ ﻣﻮﻟﻨﺮ F.Molnerﺑ tدورﻳﻦ ﻴﺰﻳﻦ ﳊﺮﻛﺎت اﻟﻌﻴﻨ ،tﻓﻘﺎل إن ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺎت ﺗﻜﻮن :إﻣﺎ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اCﻌﺮﻓﺔ ،وإﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اCﺘﻌﺔ )ﻻﺣﻆ اﻟﺘﺸـﺎﺑـﻪ اﻟـﻌـﺎم ﺑـﻴـﻨـﻪ وﺑـ tاﻷﻓـﻜـﺎر اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪﻳﺲ أوﻏﺴﻄ ،tواﻟﺘﻲ ﺳﻨﻌﺮﺿﻬﺎ ﻻﺣﻘـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺼـﻞ اﳋـﺎص ﺑـﻔـﻨـﻮن اﻷداء( .وإن ﺳﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﺒﺼﺮي اCﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت، ﻳﻜﻮن أﻗﺼﺮ وأﻛﺜﺮ ﻬﻼ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﺒﺼﺮي اCﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﻋـﻦ اCﺘﻌﺔ أو اﻟﺴﺮور .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻜﺎﻧﻴﺔ )اCﺮﺗﺒﻄﺔ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﺜﺒﺎت أو اﻟﺴﻜﻮن( واﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺰﻣﺎﻧﻴـﺔ )اCـﺮﺗـﺒـﻄـﺔ أﻛـﺜـﺮ ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ( اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﺮﻛﺎت اﻟﻌﻴﻨ tﻫﺬه .وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻮﻟـﻨـﺮ أن ﻴﺰ ﺑ tاﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ »اﳉﻴﺪة« واﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺮدﻳﺌﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ــ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ اCﻜﺎﻧﻲ Spatial Densityاﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻟﻠﻌﻴﻨ ،tوﻛﻤﺎ ﺗﺘﻮزع ﻋﺒﺮ ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻹﺣﺎﻃﺔ اﻹدراﻛﻴﺔ ﺑﻬﺎ. وﻗﺪ ﺣﺴﺐ ﻣﻮﻟﻨﺮ ﻋﺪد اﻻﻧﺘﻘﺎﻻت أو اﻟﺘﻜﺮارات ﻓﻲ اCﺘﻮاﻟﻴﺎت ،أو ﺳﻠﺴﻠﺔ اﳊﺮﻛﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﺜﺒﻴﺖ اﻟﻌ ،tﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ أﺧﺮى ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻞ اCﺸﺎﻫﺪ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻹدراك أو اﻟﺘـﻮازن اﻹدراﻛـﻲ اCـﻨـﺎﺳـﺐ 275
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻬﺎ .ﻫﺬا اﻟﺘﻮازن ﻫﻮ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ،أو اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣـﻦ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ اCـﻔـﻌـﻤـﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻟﻠﻌﻴﻨ ،tﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻻﻟﺘﻘﺎط اﻟﺪﻻﻟﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻣﺎ ،ووﻓﻘﺎ Cﺎ ذﻛﺮه ﻣﻮﻟﻨﺮ ﻓﺈن اﻟﺮؤﻳﺔ اCﺘـﻌـﻠـﻘـﺔ ﺑﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﳉﻴﺪة ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮازن اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،ﺑﻌﺪ ﻋﺪد أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎﻻت ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺮؤﻳﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﺴﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﲢـﺘـﺎج إﻟـﻰ ﻋـﺪد أﻗـﻞ ﻣـﻦ ﻫﺬه اﻻﻧﺘﻘﺎﻻت).(٢١
اﻟﺸﻜﻞ ) (٤وﻳﻮﺿﺢ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌ tواﻟﺘﺜﺒﻴﺘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻴﻨﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑﺼﻮرة ﻃﻔﻠﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻮﺟﻪ اﳉﺎﻧﺒﻲ )اﻟﺒﺮوﻓﻴﻞ( ﻟﻠﻤﻠﻜﺔ ﻧﻔﺮﺗﻴﺘﻲ ،وﻗﺪ ﺻُﻮرت ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌﻴﻨ tﻓﻲ اﳊﺎﻟﺘ ،tﺛﻢ رُ ِ ﺳﻤَﺖ ﻣﻮاﺿﻊ اﻟﺘﺜﺒﻴﺖ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻴﻨﺎن ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﺷﻜﻞ )ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ١٩٩٤٬١٣٧ .(Salso
واﻟﺪﻻﻟﺔ اCﻬﻤﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴـﺮ ﺑـﻌـﺾ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـ ،tأﻣـﺜـﺎل ﻧـﻮدﻳـﻦ ﺒﺤﺚ وزﻣﻼﺋﻪ ،ﻫﻲ أن اﳋﺼﺎﺋﺺ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻨـﺎت اﻟـﺒـﺼـﺮﻳـﺔ ﻫـﻲ ﻣـﺎ ُﻳ َ ﻋﻨﻪ أوﻻ ،أي ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺣﺎﻃﺔ اﻟﺒـﺼـﺮﻳـﺔ ﺑـﺎﻟـﺘـﻜـﻮﻳـﻨـﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻳﻔﺘﺮض أن ﻫﺬا ﻳﺤﺪث ﻣﻦ أﺟﻞ إﺷﺒﺎع اﻷﻫﺪاف اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﻤـﻠـﻴـﺔ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اCﺘﻨﻮع ) Diversive explorationوﻓﻘﺎ Cﺼﻄﻠﺤﺎت ﺑﺮﻟ .(tأﻣﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺣـﺎﻃـﺔ اﻟـﺘـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟـﻺﺣـﺎﻃـﺔ اﻟـﺴـﺎﺑـﻘـﺔ ،ﻓـﻬـﻲ ﲢـﺪث ﻣـﻦ أﺟـﻞ إﺷـﺒـﺎع ﺣـﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع أو اﻟﻔﻀﻮل اCﻌﺮﻓﻲ ،أي اﻟﻬﺪف اﳋﺎص ﺑﺎﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟـﻨـﻮﻋـﻲ )وﻓﻘﺎ Cﺼﻄﻠﺤﺎت ﺑﺮﻟ tأﻳﻀﺎ().(٢٢
276
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
إن ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻬﺪف اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﺴﺒﻖ اﻟﻬﺪف اCﻌـﺮﻓـﻲ ،ﻓـﻲ أﺛـﻨـﺎء ﻋﻤﻠﻴﺎت إدراﻛﻨﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟـﺒـﺼـﺮﻳـﺔ ،ﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﺎﻟـﻔـﻨـﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ اﻵﺧﺮ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺆدي إﻟﻴﻪ وﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺪرﺟﺎت ﻋﺪة. ﻛﺎن ﺟﻮرج ﺳـﺘـﺮاﺗـﻮن G.M.Strattonأول ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﻔﺤﺺ ﺣـﺮﻛـﺔ اﻟـﻌـﻴـﻨـt اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ وﻫﻲ ﺗﻨﻈـﺮ إﻟﻰ أﺷﻜﺎل ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﺎﻟﺪاﺋﺮة أو اCﺴﺘﻄﻴﻞ )وaﺎ ﺗﺘﻔﻖ ﻧﺴﺒﻪ ﻣﻊ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻬـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺼـﻞ اﳋـﺎﻣـﺲ ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘﺎب( ،وﻗﺪ وﺟﺪ أن اﳋﻂ اCﻠﺘﻮي ،أو اﻷﻓﻌﻮاﻧﻲ ،اCﻤﺎﺛﻞ ﻟﻠﺨﻄﻮط اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ أﻋﻤﺎل اCﺼﻮر اﻹﳒﻠﻴﺰي »ﻫﻮﺟﺎرث« ﻫﻮ اﳋﻂ اﻷﻛﺜﺮ ﺟﻤﺎﻻ ،ﻷﻧﻪ ﻳﺠﻤﻊ ﺑ tاﳊﺪود اﻟﻘﺼﻮى ﻟﻠﺘﻨﻮع واﻟﻮﺣﺪة).(٢٣ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اCﺴﺎر اﻟﻌﺎم ﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌ tﻓﻮق ﺧﻂ ﻣﻌ tﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺮﺷﺎﻗﺔ )أو ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﳉﻤﺎل( ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ ذاﺗﻪ ﻣﺘﺴﻤﺎ ﺑﺎﻟﺮﺷﺎﻗﺔ ،ﻓﻠﻢ ﺗﺆﻳﺪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺳﺘﺮاﺗﻮن اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ أو اﻟﺮﺷﺎﻗﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﻌﻴﻨ tﻋﻠﻰ ﻣﺜﻴﺮ ﺟﻤﻴﻞ ،ﻓﺎﻷﺛﺮ اﳉﻤـﺎﻟـﻲ اﻟـﻨـﻬـﺎﺋـﻲ ﻟـﻴـﺲ ﻣـﺤـﺼـﻠـﺔ ﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌﻴﻨ tﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻟﻌﻮاﻣﻞ وﻋﻤﻠﻴﺎت أﺧﺮى ﻋﺪة ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﻲ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ اﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳋﺒﺮة وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﻋﺪة. وﻗﺪ أﺷﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠـﻤـﺎء أﻣـﺜـﺎل ﺗـﻮﻣـﺎس ﺑـﻮزوﻳـﻞ G.T.Buswellوأﻟﻔﺮﻳـﺪ ﻳﺎرﺑﻮ A.Yarbusإﻟﻰ أن ﺗﺜﺒﻴﺘﺎت اﻟﻌ tﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﺘﺮة أﻃﻮل ﻋﻨﺪ اCﻨﺎﻃﻖ اCﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت ،ﻟﻜﻦ »ﻳﺎرﺑﻮ« ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،أﺿﺎف إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟـﻪ إن اﻟـﻌـﺎﻣـﻞ اﳊﺎﺳﻢ ﻓﻲ اﲡﺎه اﳊﺮﻛﺔ ﻫﻮ ﻛﻤﻴﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻋﻨﺼﺮ أو ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌ tﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ).(٢٤ إﻧﻚ إذا ذﻫﺒﺖ إﻟﻰ ﻗﺎﻋﺔ ﻓﻨﻴﺔ )ﺟﺎﻟﻴﺮي( ﻣﺜﻼ ،وﻧﻈﺮت إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑt ﺷﻜﻠ) tﻟﺸﺨﺼ tأو ﺧﻄ ...tإﻟﺦ( .ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ ﻣﺎ ،ﻓﺈن ﻣﺴﺎر ﺣﺮﻛﺔ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﺳﻴﺘﺠﻪ ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺸﻜﻠ tإﻟﻰ اﻵﺧﺮ ،ﺛﻢ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺸـﻜـﻞ اﻷول ،ﺛـﻢ اﻵﺧـﺮ وﻫﻜﺬا .ﻟﻜﻨﻚ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻔﻨﻲ ﻓﺈن ﺣﺮﻛﺔ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﺳﺘﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻠﻮﺣﺔ ،وﻧﺤﻮ اCﻮاد اCـﺴـﺘـﺨـﺪﻣـﺔ ،وﻧـﺤـﻮ اCـﻬـﺎرة ﻓـﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ )ﻛﺄﻟﻮان اﻟﺰﻳﺖ أو اﻷﻟﻮان اCﺎﺋـﻴـﺔ أو اﻷﻛـﺮﻳـﻠـﻚ ...إﻟـﺦ(. وأﻳﻀﺎ ﻧﺤﻮ اﻻﺑﺘﻜﺎر أو اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ اﻟﻔﻨﺎن ﻓﻲ اCﻨﻬﺞ أو اﻷﺳﻠﻮب. أﻣﺎ إذا ﻛﻨﺖ ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﺎﻟﺴﺮد اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،أو اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺒـﺮﻧـﺎ 277
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺑﻬﺎ )إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺸﺨﻴﺼﻴﺔ أو ﺜﻴﻠﻴﺔ ﻣﺜﻼ( ،ﻓـﺈن ﻋـﻴـﻨـﻴـﻚ ﺳﺘﺘﺠﻮل ﻋﺒﺮ اCﺸﻬﺪ اﻟـﺒـﺼـﺮي اﻟـﺬي ﻳـﻮﺟـﺪ أﻣـﺎﻣـﻚ وﺗـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ اﻷﺟـﺰاء اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ــ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲡﻤﻊ ﻣﻌﺎ ــ ﺗﻜﻮن ﻗﺼﺔ ذات ﻣﻌﻨﻰ. ﺗﺨﺘﻠﻒ أﻫﺪاف اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ )وأﻳﻀﺎ اﻟﺴﻤﺎع( ،ﻛﻤﺎ أن ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻂ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻌﻴﻨ ،tﻓﻮﺟﻮد ﺧﻄﻮط أﻓﻘﻴﺔ ،أو رأﺳﻴـﺔ ﺑـﺎرزة ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻓﻨﻲ ،أو ﻏﻴﺮ ﻓﻨﻲ ﻳـﺆدي إﻟـﻰ ﺟـﺬب اﻟـﻌـﻴـﻨـ tﻧـﺤـﻮه أوﻻ ،ﻛـﻤـﺎ أن اﻟﺸﻜﻞ ﻳﺠﺘﺬب اﻟﻌﻴﻨ tﻗﺒﻞ اﻷرﺿﻴﺔ ،واﻷﻟﻮان اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ )اﻷﺣﻤﺮ ﻣﺜﻼ( ﲡﺘﺬب اﻟﻌﻴﻨ tﻗﺒﻞ اﻷﻟﻮان اﻟﺒﺎردة )اﻷزرق ﻣﺜﻼ( ،ﻛﻤﺎ ﺗﻠﻌﺐ اﳊﺎﻟﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﺪاﻓﻌﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮد دورﻫﺎ اCﻬﻢ أﻳﻀﺎ. وﺗﻠﻌﺐ اﳋﺒﺮة ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ دورﻫﺎ اCﻬﻢ ﻫﻨﺎ ،وﻗﺪ ﺗﺒ tﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﺜﺒﻴﺖ أﻃﻮل ﻟﻠﻌﻴﻨ tﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻟﻬﻢ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻐﻴﺮ اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـ ،tوﺗـﺒـ tأﻳـﻀـﺎ أن اﻷﻓـﺮاد ذوي اﳋﺒﺮة ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻳﺮﻛﺰون أﻛﺜﺮ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺜﺒﻴﺖ واﳊﺮﻛﺔ ﻟﻠﻌﻴﻨ tﻫﺬه ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ tﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،أﻣﺎ اﻷﻗﻞ ﺧﺒﺮة ﻓﻴﺮﻛﺰون ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻـﺮ اﻟﻌﻤﻞ اCﻨﻔﺮدة أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت .وﺗـﻠـﻌـﺐ ﺗـﻮﻗـﻌـﺎت اCـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﻣﻘﺎﺻﺪه ﻣﻦ اCﺸﺎﻫﺪة دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟـﺸـﺄن أﻳـﻀـﺎ).(٢٥ ﻛﻤﺎ ﺗﻠﻌﺐ اCﻌﻠﻮﻣﺎت اCﺘﻮاﻓﺮة ﻓﻲ اCﺜﻴﺮ اﻟﺒﺼﺮي اﻟﺬي ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ دورا أﺳﺎﺳﻴﺎ أﻳﻀﺎ. ﺗﺘﺴﻢ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌﻴﻨ tﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﺣﺘﻰ ﺑ tاﻷﻃﻔﺎل اﻟﺮﺿـﻊ ،ﻓـﺎﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ أﻃﻔﺎل أﻋﻤﺎرﻫـﻢ ﺷـﻬـﺮ واﺣـﺪ ﺑـﻌـﺪ اﻟـﻮﻻدة ،وﺟـﺪت أﻧـﻬـﻢ ﻳﺮﻛﺰون أﺑﺼﺎرﻫﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص )ﻟﻔﺘﺮة أﻃﻮل( ﻋﻠﻰ اCﻼﻣﺢ اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻬﻢ ،أو ﻳﺮوﻧﻪ ﻣﻌﺮوﺿﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻮق أﻋﻴﻨﻬﻢ ،وﻫﻢ رﻗﻮد ﻓـﻲ ﻣﻬﺎدﻫﻢ .وﻫﻢ ﻳﺒﺪأون ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أﻃﺮاف ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل أو ﺣﻮاﻓﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻓـﻲ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻨﻈﺮون أﻛﺜﺮ إﻟﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل، وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﺤﺮﻳﻚ أﻋﻴﻨﻬﻢ ﺑ tاCﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ اCﺮﻛﺰ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺎرﻧﻮن ﺑﻴﻨﻬﺎ .وﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار ﻧﻀﺞ اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺘﺤﺮك ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎءة ﺑﻌـﻴـﻨـﻴـﻪ ﺑـt اCﺮﻛﺰ واﻷﻃﺮاف ،ﻛﻤﺎ أن ﻋﻤﻠﻴﺎت ودواﻓﻊ ﻋﺪة ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اCﺴـﺎر اﳋﺎص ﺑﺤﺮﻛﺎت ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻫﺬه .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻄﻔﻞ راﺷﺪا ،ﻳﻜﻮن اﻧﺘﺒﺎﻫـﻪ، ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺣﺮﻛﺎت ﻋﻴﻨﻴﻪ ،ﻣﺘﺄﺛﺮا ﺑﻌﻮاﻣﻞ ﻋﺪة ﻣﺜﻞ :ﻣﻘﺎﺻﺪه ،أو أﻫﺪاﻓﻪ، 278
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
واﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ،واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻪ .ﺧﺒﺮاﺗﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ ،واﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي ﻳﻮﺟـﺪ ﻓﻴﻪ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﺆﺛﺮة. ﲢﺪث ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌﻴﻨ tﻫﺬه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺮأ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪﺧﻞ »ﺳﻮﺑﺮ ﻣﺎرﻛﺖ«، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻌﺒﺮ أﺣﺪ اﻟﺸـﻮارع ،أو ﻧـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﺎس ،أو ﻧـﻘـﻮم aﺸﺎﻫﺪة ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ،أو ﻧﺘﺎﺑﻊ ﻣﺒﺎراة رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ،أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺤﺎول ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﺳﺘـﻜـﺸـﺎف ﺟـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ أو ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ،أو ﻧﻘﻮم ﺑﻬﺬﻳﻦ اﻟﻨﻮﻋ tﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻣﻌﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻌﻼ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹدراك ﻟﻠﻔﻦ واﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻟـﺒـﻌـﺾ أﻋﻤﺎﻟﻪ. وﲢﺪث ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺎت ،ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﳋﺎص اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ اCﺦ ﻟﻬﺎ ــ أي ﻟﻬﺬه اﳊﺮﻛﺎت ــ وﻓﻲ ﺿﻮء اCﻬﻤﺔ أو اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻧﺤﺎول إدراﻛﻪ ﻓﻨﻴﺎ. وﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ ﻓﻨﻮن اﻟﺮﺳﻢ واﻟﺘﺼﻮﻳـﺮ ،وﻣـﺎ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻟﻮان وﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ )اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ( ﻟـﻸﺷـﻜـﺎل اCﺮﻛﺒﺔ )اﻟﻠﻮﺣﺎت( ،وﺣﻮل ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت وﻣـﺎ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﻣـﺘـﻐـﻴـﺮات ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻳﺮﻛﺰ اﳉﺰء اCﺘﺒﻘﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ.
ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻟﻮان
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﻮن اﻟﻠﻮن ﺧﺎﺻﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻷﺷـﻴـﺎء ،ﻓـﺈﻧـﻪ ﺜﻞ أﻳﻀﺎ ﺟﺎﻧﺒﺎ رﻣﺰﻳﺎ ﺷﺪﻳﺪ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ. ﻛﺎن ﻟﻠﻮن ــ ﻣﺜﻼ ــ ﺣﻀﻮره اﻟﻘﻮي ﻓﻲ رؤﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻘﺪ& ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﻘـﺪ ﺻﻨﻒ اﻟﺼﻴﻨﻴﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء اﻻﲡﺎﻫﺎت »ﺷﻤﺎل ــ ﺟﻨﻮب ــ ﺷـﺮق ـــ ﻏـﺮب« ﻓـﻲ ﺿﻮء أﻟﻮان ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﻨﻈﺮ ﺳﻜﺎن »اﻟﺘﺒﺖ« اﻟﻘﺪاﻣـﻰ إﻟـﻰ اﻟـﺸـﻤـﺎل ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ أﺻﻔﺮ ،وإﻟﻰ اﳉﻨﻮب ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ أزرق ،وإﻟـﻰ اﻟـﺸـﺮق ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ أﺑـﻴـﺾ ،وإﻟـﻰ اﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أﺣﻤﺮ. وﻗﺎم اﻹﻏﺮﻳﻖ ﺑﺎﻟﺮﺑﻂ ﺑ tاﻷﻟﻮان ،واﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷرﺑﻌﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻓﻲ رؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ »اCﺎء ،اﻟﻬﻮاء ،اﻟﻨﺎر ،اﻟﺘﺮاب« .وﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ ﲢﺪث »أﺑﻮ ﻗﺮاط« ﻋﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ أرﺑﻊ ﻟﻬﺬه اﻟﻌﻨـﺎﺻـﺮ ﻫـﻲ :اﳊـﺎر واﻟـﺒـﺎرد واﻟـﺮﻃـﺐ واﳉـﺎف. 279
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﲢﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﻦ أﺧﻼط أو ﺳﻮاﺋـﻞ أرﺑـﻊ ﻣـﻮﺟـﻮدة ﻓـﻲ اﳉـﺴـﻢ ﻫـﻲ :اﻟـﺪم واﻟﺒﻠﻐﻢ واCﺎدة اﻟﺼﻔﺮاء واCﺎدة اﻟﺴﻮداء .ﺛﻢ ﺟﺎء ﺟـﺎﻟـﻴـﻨـﻮس وأﻛـﺪ أن ﺗـﻔـﻮق أﺣﺪ اﻟﺴﻮاﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮه ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨـﻪ ﻣـﺰاج ﺧـﺎص ﻣـﺘـﻤـﻴـﺰ :ﻓـﺎﻟـﺪﻣـﻮي ﻳـﺘـﺴـﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎؤل واﻟﻀﺤﺎﻟﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺒﻠﻐﻤﻲ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﺒﻠﺪ اﳊﺲ ﺑﻄﻲء اﻻﺳﺘﺜﺎرة رﻏﻢ اﺗﺼﺎﻓﻪ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎد ،واﻟﺼـﻔـﺮاوي ،أو اﻟـﻐـﻀـﺒـﻲ ،ﺷـﺨـﺺ ﺳـﺮﻳـﻊ اﻻﻧـﺪﻓـﺎع واﻟﻐﻀﺐ ﻣﻴﺎل إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،أﻣﺎ ﺻﺎﺣﺐ اCﺰاج اﻟﺴﻮداوي أو اﻟﻜﺌﻴﺐ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺘﺠﻪ ﻓﻲ أﻓﻜﺎره واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺪاﺧﻞ ،وﻫﻮ ﻳﺤﺒﺬ اﻟﺘﺄﻣـﻞ ﻻ ﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺼﺤﺒﺔ أو اﻟﻮﺟﻮد ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ).(٢٦ وﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮت ﻫﺬه اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت ــ ﺑﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻓﻜﺎرﻫـﺎ اﻷﺳـﺎﺳـﻴـﺔ ـــ ﻟـﺪى اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ اCﻌـﺎﺻـﺮﻳـﻦ اCـﻬـﺘـﻤـ tﺑـﺄ ـﺎط اﳉـﺴـﻢ أو أ ـﺎط اﻟﺴﻠﻮك ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﻳﻮﱋ وﻛﺮﺗﺸﻤﺮ وﺷﻠﺪون وأﻳﺰﻧﻚ وﻛﺎﺗﻞ ،وﻏﻴﺮﻫﻢ .واﻣﺘﺪت أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ واﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺔ واﻟـﺘـﻲ اﻫﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ.t ﻫﻨﺎك دﻻﻻت رﻣﺰﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻸﻟﻮان ﻓﻲ اﻟﺪﻳﺎﻧـﺎت اﺨﻤﻟـﺘـﻠـﻔـﺔ ﻻ ﻳـﺴـﻤـﺢ اCﻘﺎم ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ .ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺆﻛﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻫـﻮ أن اﻟـﻌـﻘـﻞ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ ﻴﻞ إﻟﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻠﻮن ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻷﻟﻮان اﻷﺧﺮى اﶈﻴﻄﺔ ﺑﻪ واCﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻌﻪ ،وﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎك ــ داﺋﻤﺎ ــ ﺧﺎﺻﻴﺔ رﻣﺰﻳﺔ واﺣﺪة ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﻜﻞ ﻟﻮن ،ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﺘﻐﻴﺮ ﻣﻮاﻗﻌﻪ ،وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ،وﻛﺜﺎﻓﺘﻪ ،وﺣﻀﻮره ،أو ﻏﻴﺎﺑﻪ. ﻳﻘﻮل اCﻨﻈﺮون اCﻬﺘﻤﻮن ﺑﺎﻷﻟﻮان إن اCﺦ اﻟﺒﺸﺮي ﻳﻔﺴﺮ اﻷﻟﻮان ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻌﺔ ﻇﻼل Shadesأو ﺳﺒﻊ ﻫﻮﻳﺎت Huesرﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ :اﻷﺣﻤﺮ، واﻷﺻﻔﺮ ،اﻷﺧﻀﺮ ،اﻷزرق ،اﻷﺑﻴﺾ ،اﻷﺳﻮد ،واﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻲ .وﻳﻌﺘﻘـﺪ ﻋـﻠـﻤـﺎء اﻟﻨﻔﺲ أن اﻷﻟﻮان ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،وﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى رaـﺎ ﻛـﺎن ﻳﻘﻊ أدﻧﻰ أﺳﻔﻞ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﻨﻄﻘﻲ اCﺒﺎﺷﺮ ،ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى ﻳﺴﻤﻴﻪ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻌﻮر ،Sub- consciousnessوﻫﻮ ﻣﺴﺘﻮى ﻳﻘﻊ ﻣﺎ ﺑ tاﻟﺸﻌﻮر واﻟﻼﺷﻌﻮر أو اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻼوﻋﻲ أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﳊﺎﺿﺮ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻐﺎﺋﺐ .وﻓﻲ ﻫﺬه اCﻨﺰﻟﺔ ﺑ tاCﻨﺰﻟﺘ ،tﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻳﺤﺪث ﺗﻠﻘﻴﻨﺎ اﳋﺎص ﻟﻸﻟﻮان .وﲢﺪث أﻳﻀﺎ ﺑﺪاﻳﺎت اﳋﻴﺎل واﻹﺑﺪاع .ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة، ﻛﻲ ﻧﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ .واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ﻣﻨﻄﻘﻲ وﻣﺤﺪود وﻣﺤﺪد وﻗﺎﺻﺮ أﻳﻀﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ،ﻋﻔﻮي ،ﺣﺮ ،ﻧﺘﺠﺎوب ﻣﻌﻪ 280
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
أو ﻻ ﻧﺘﺠﺎوب ،ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن اﳊﻀﻮر اﳋﺎص ﻟﻬﺬا اCﺴﺘﻮى اﳋﺎص ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ ــ أي ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﻋﻲ ــ أﻣﺮا ﺿﺮورﻳﺎ ،و ﻜﻨﻨـﺎ أن ﻧـﺴـﺘـﺤـﻀـﺮ ﻫـﺬا اCـﺴـﺘـﻮى اﳋﺎص ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ واﻟﺘﻔﻬﻢ واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﳋﻴﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺪرﻳﺐ، وﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻗﺘﺮاب أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻔﻨﻮن ،وﻣﻦ رﻣﺰﻳﺎت اﻟﻔﻨﻮن ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺮك اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻜﻞ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ،وﻟﻜﻞ اﻟﺼﻮر ،أن ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ وﻧﺘﺤﺮك ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪم ﻗﻬﺮ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ أو اﳋﻴـﺎل، ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻮاﻟﺐ ﺻﺎرﻣﺔ ﺣﺮﻓﻴﺔ ﺿﻴﻘﺔ وﺟﺎﻣﺪة ،وﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟـﺘـﻔـﻜـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﺪاﺋﻞ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺼﻮر ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻌﺐ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺰاج ﻳﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء واﻟﺼﻮر واCﻮﺿﻮﻋﺎت ،ﻳﺤﺮﻛﻬﺎ ،وﻳﺘﺤﺮك ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ ،ﺑﺄﻗﺼـﻰ ﺣـﺮﻳـﺔ ﻜﻨﺔ .ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻮان ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﺑﻞ ﻧﺤﻦ ــ أﻛﺜﺮ ــ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ،ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﶈﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ »ﺷﺎﺧﺘﻞ« ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻫﺎدﺋﺔ أو ﻣﺜﻴﺮة ،ﻣﺘـﻨـﺎﻏـﻤـﺔ أو ﻣـﺘـﻨـﺎﻓـﺮة ،ﻣـﺒـﻬـﺠـﺔ أو ﺣـﺰﻳـﻨـﺔ ،داﻓـﺌـﺔ أو ﺑـﺎردة ،ﻣـﺜـﻴـﺮة ﻟﻼﺿﻄﺮاب أو ﺑﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ،ﻣﺆدﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ أو ﻣﺴﺒﺒﺔ ﻟﻠﺘﺸﺘﺖ. ﻻ ﺗﺆﺛﺮ اﻷﻟﻮان ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺗﻨﺎ اCﺰاﺟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ أو ﺣﺎﻻﺗﻨﺎ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﺗﺆﺛﺮ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺗﻨﺎ اﳉﺴﻤﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ .وﻗﺪ درس ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ روﺑﺮت ﺟﻴﺮارد ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮراه ﺗﺄﺛﻴﺮات اﻷﻟﻮان ﻓﻲ ﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﳉﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ووﺟﺪ أن ﺿﻐﻂ اﻟﺪم وﻣﻌﺪل اﻟﺘﻨﻔﺲ وﺳﺮﻋﺔ رﻣﺶ اﻟﻌ،t وأ ﺎط اCﻮﺟﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﺦ وﻣﺎ ﺎﺛﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺎت ﺗـﺘـﺰاﻳـﺪ ﻋـﺒـﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤـﺮ ،وﺗـﺘـﻨـﺎﻗـﺺ ﻋـﺒـﺮ اﻟـﺰﻣـﻦ ﻣـﻊ ﺗـﺰاﻳـﺪ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟﻠﻮن اﻷزرق .وﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﻗﺎﺋﻞ ﻫﻨﺎ :ﻫﺬا ﻣﻌﺮوف ﻣﻦ زﻣﻦ ﺑﻌـﻴـﺪ ﻣـﻦ دراﺳﺎت ﻋﻠﻤﺎء آﺧﺮﻳﻦ وﻓﻨﺎﻧ tﺳﺎﺑﻘ tﻟﻸﻟﻮان اﻟﺴﺎﺧﻨـﺔ »وﻣـﻨـﻬـﺎ اﻷﺣـﻤـﺮ« واﻷﻟﻮان اﻟﺒﺎردة »وﻣﻨﻬﺎ اﻷزرق« ،ﻟﻜﻦ اﳉﺪﻳﺪ ﻫﻨﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻜﻦ أن ﻧﺮد ــ ﻫـﻮ اﻹﺛﺒﺎت اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺪﻗﻴﻖ واCﻀﺒﻮط ﻟﺘﻠﻚ اﳊﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﻣﻨـﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻇﻮاﻫﺮ اﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ذاﺗﻴﺔ .ﺑﻞ ﻟـﻘـﺪ اﺳـﺘـﺨـﺪم اﻹﻧﺴﺎن ﻫﺬه اCﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻸﻟﻮان ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﺟﺪا ﻓﻲ ﻋﻼج ﺑﻌﺾ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻌﻞ اﻟـﻔـﺮد ﻳـﺠـﻠـﺲ ـــ أو ﻳﺴﺘﺤﻢ ﻣﺜﻼ ــ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻀﻮء اﳋﺎص ﺑﺄﻟﻮان ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻐﻴﻴـﺮ ﺣـﺎﻟـﺘـﻪ اCﺰاﺟﻴﺔ إﻟﻰ اﻷﻓﻀﻞ).(٢٧ ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻷﻟﻮان ﺑﺎﻷﺻﻮات ،وﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻷﻃﻌﻤﺔ واCﺬاﻗﺎت ،وﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺮواﺋﺢ 281
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واCﻼﻣﺲ ،وﻗﺪ اﻧﺘﺒﻪ ﺷﻌﺮاء أﻣﺜﺎل ﺑﻮدﻟﻴﺮ إﻟﻰ ﻫﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ ،واﻫﺘﻢ ﻋﻠﻤﺎء وﻧﻘﺎد ﺑﻬﺬه اﻟﻈﻮاﻫﺮ وﲢﺪﺛﻮا ﻋﻦ اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟـﺼـﻮر ،واﻟـﺼـﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺠﻠﺐ اﻟﺮواﺋﺢ ،وﻗﺪ أﺷﺎر إﻟـﻰ ذﻟـﻚ ﺑـﻮدﻟـﻴـﺮ ﺣـ tﻛـﺘـﺐ ﻳـﻌـﻠـﻖ ﻋـﻠـﻰ ﻣﻌﺮض اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺬي أﻗﻴﻢ ﻓﻲ ﺑـﺎرﻳـﺲ ﲢـﺖ ﻋـﻨـﻮان ﺻـﺎﻟـﻮن » «١٨٦٤ﻗـﺎﺋـﻼ: »ﻟﻜﻦ ﺣﺸﺪا ﻣﻦ اﻟﻨﻐﻤﺎت اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻴﺔ واﻟﻮردﻳﺔ اﳋﺎﻓﺘﺔ ﻛﺎن ﻳﺘﺘﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ أﻣﺎم اﻟﻈﻼل اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ اﻟﺰرﻗﺎء اﻟﻜﺒﻴﺮة ،وﻛﺎن ﻓﻲ ﺗﺘﺎﺑﻌﻪ ﻫﺬا ،ﺎﺛﻞ اﻟﺼﺪى اﻟﻮاﻫﻦ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻟﻠﻀﻮء .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﻤﻔﻮﻧﻴﺔ اﻷﻣﺲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺘﺘﺎﺑﻊ اﳋﺎص ﻟﻸﳊﺎن ،ﺗﺸﻜﻴﻠﺔ ﻣﺘﻮاﻟﺪة ﻻ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ،ﻓﻴﻬـﺎ ﺗـﺘـﺎﺑـﻌـﺖ اﻟﺘﺮﻧﻴﻤﺎت ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻠﻮن .وﻫﻨﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﺗﻜﻮن اCﻮﺳﻴﻘـﻰ ﻗـﺎﺑـﻠـﺔ ﻷن ﺗـﺮى ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗﺪﻓﻘﺎ ﻣـﻦ اﻟـﺼـﻮر اCـﻠـﻮﻧـﺔ«) ،(٢٨وﺗﻜﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻛﺬﻟـﻚ إﻳـﻘـﺎﻋـﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ،وﺗﻜﻮن اﻟﻠﻐﺔ ﺣﺸﺪا ﻣﻦ اCﻼﻣﺲ ،واﻷﺻـﻮات ،واﻟـﺼـﻮر، واﻷﻃﻌﻤﺔ ،واﻟﺮواﺋﺢ .ﻫﻨﺎ ﺗﻮﺟﺪ »وﺣـﺪة اﳊـﻮاس« ﻛـﻤـﺪﺧـﻞ ﻟـﻮﺣـﺪة اﻟـﻔـﻨـﻮن وﻛﻔﺎﲢﺔ ﻟﻔﻴﻀﺎن اﳋﻴﺎل. ﻣﺮة أﺧﺮى ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻠﻮن اﻟﻮاﺣﺪ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ دﻻﻟـﺔ ،وﻗـﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ دﻻﻻت رﻣﺰﻳﺔ ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ وﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ »دﻻﻟﺔ اCﻮت ،ودﻻﻟﺔ اﳊﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ« ،ﻓﻄﺎﻗﺎت اﻟﻠﻮن ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪودة ،ورﻣﺰﻳﺔ اﻷﻟـﻮان ﻋـﻤـﻮﻣـﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻹﺷﺎرة اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﻌﺪد واﻟﺘﻨﻮع واﻟﺘﺠﻠﻲ واﳋﻔﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ. ﻫﻨﺎك ﻣﺜﻼ أﻟﻮان ﺗﺆﻛﺪ اﻟﻀﻮء أو اﻟﻨﻮر اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،أﻟﻮان ﻛﺎﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻲ، واﻷﺣﻤﺮ ،واﻷﺻﻔﺮ ﻣﺜﻼ ،وﻫﻲ أﻟﻮان ﻧﺸﻄﺔ ،ﻗﻮﻳﺔ ،ﺳﺎﺧﻨﺔ ،داﻓﺌﺔ ،ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ. وﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ أﻟﻮان ﺘﺺ اﻟﻀﻮء :ﻛﺎﻷزرق واﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻲ ،وﻫﻲ أﻟﻮان ﺑـﺎردة، ﺳﻠﺒﻴﺔ ،ﻣﺘﺮاﺟﻌﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻠﻮن اﻷﺧﻀﺮ ﻋﻤﻼ ﻣﺰدوﺟﺎ ،ﻓـﻬـﻮ ﻟـﻮن ﺑـﺎرد وداﻓﺊ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﳊﻴﺎة وإﻟﻰ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻧﻬﺎﻳﺎت اﳊﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺘﺺ اﻟﻀﻮء وﻳﺆﻛﺪه ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔـﺴـﻪ .وﺑـﺪرﺟـﺎت ﻣـﺘـﻨـﻮﻋـﺔ ﻳﻘﻮم اﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد ﺑﻬﺬه اﻟـﻮﻇـﺎﺋـﻒ اCـﺰدوﺟـﺔ ،ﻓـﻬـﻤـﺎ ـﺜـﻼن اﻹﻳـﺠـﺎﺑـﻲ واﻟﺴﻠﺒﻲ ،اﳊﻴﺎة واCﻮت ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻷﻟﻮان اCﻀﻴﺌﺔ واCﻌﺘﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻌﺎرض ،ﻓﻘﺪ ﻳﺮﻣﺰ ﻫﺬا إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺴﺪ أو اﳊﻘﺎﺋﻖ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺮز ﻓﺠﺄة أو ﲢﻀﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻬﻴﻤﻦ :اﳊﻴﺎة واCﻮت، اﳋﻴﺮ ،واﻟﺸﺮ ،اﻟﺒﺪاﻳﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ...إﻟﺦ. ﳋـﺺ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ »ﺟـﺮﻳـﻔـﻴـﺲ« ﻧـﺘـﺎﺋـﺞ دراﺳــﺎت ﻋــﺪة أﺟــﺮﻳــﺖ ﻋ ـﻠــﻰ آﻻف 282
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
اﻷﺷﺨﺎص ،واﺗﻀﺢ ﻣﻨﻬﺎ أن اﻷﻟﻮان اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ »اﻷﺻﻔﺮ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻲ ،اﻷﺣﻤﺮ« ﻫﻲ أﻟﻮان إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،ﻋﺪواﻧﻴﺔ ،ﻣﺜﻴﺮة ﺗﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﺎCﻘﺎرﻧﺔ ﻣـﻊ اﻷﻟﻮان اﻟﺒﺎردة ﻛﺎﻷزرق واﻷﺧﻀﺮ واﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻲ :ﻓﻬﻲ ﺳﺎﻟﺒﺔ ،ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ،ﻣﺘﺤﻔﻈﺔ، ﻣﺴﻜﻨﺔ وﻫﺎدﺋﺔ ،وأن ﻂ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﻨﺎس ﻟﻸﻟـﻮان ﻋـﻤـﻮﻣـﺎ ﻫـﻮ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻨـﺤـﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :اﻷﺣﻤﺮ ،اﻷزرق ،اﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻲ ،اﻷﺧﻀﺮ ،اﻟﺒﺮﺗﻘـﺎﻟـﻲ ،اﻷﺻـﻔـﺮ) (٢٩وأن اﻷﻟﻮان اﻟﻨﻘﻴـﺔ ُﺗﻔـﻀﱠﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻼل واﻟﺪرﺟﺎت اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ اﳋﻔـﻴـﻔـﺔ ،وذﻟـﻚ ﻓـﻲ ﺘﻔﻀﻞ اﻟﻈﻼل اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت أو اCﺴﺎﺣﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮة ،أﻣﺎ ﻓﻲ اCﺴﺎﺣﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة ُﻓ ﱠ واﻷﻟﻮان اﳋﻔﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻮان اﻟﻨﻘﻴﺔ. ﻛﺬﻟﻚ أﻇﻬﺮت دراﺳﺎت أﺧﺮى أن اﻹﻧﺎث ﻳﻔﻀﻠﻦ اﻷﻟﻮان اﳋﻔﻴﻔﺔ ،وأﻧﻬﻦ أﻛﺜﺮ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸﻟﻮان ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺬﻛﻮر ،ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﻟﻮان اﻷﻛﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ ،وأﻳﻀﺎ أن ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻹﻧﺎث ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠـﻰ اﻟﻠﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﺬﻛﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻮن. ﻛﺎن ﺑﻮل ﻛﻠﻲ ﻳﻘـﻮل» :أﻧـﺎ ﻣـﺼـﻮر ،أﻧـﺎ واﻟـﻠـﻮن ﺷـﻲء واﺣـﺪ« وﻧـﻀـﻴـﻒ إن اCﺸﻜﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ »أﻧﺎ« ﻓﻬﺬه »اﻷﻧﺎ« ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺌﺎ واﺣﺪا ،وﻻ ﻣﻜﻮﻧﺎ واﺣﺪا ،ﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـــ »ﺑﻮل ﻛﻠﻲ« ﻧﻔﺴﻪ وﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻐﻴـﺮه ،ﺳـﻮاء أﻛـﺎن ﻫـﺬا اﻟﻐﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ tأو ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـ ،tوﻫـﻨـﺎ ﺗـﻜـﻤـﻦ ﻛـﺬﻟـﻚ ـــ دون ﺷـﻚ ـــ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻴﺔ واﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻟﻠﻮن ﻓﻲ اﻟﻔﻦ وﻓﻲ اﳊﻴﺎة ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﻧﻀﻴﻒ أﻳﻀﺎ ﻣﻊ ﺳﻴﺰان »اﻟﺘﻠﻮﻳﻦ ــ ﻫﻮ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﺎم ﺗﺴﺠﻴﻞ إﺣﺴﺎﺳﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻠﻮن ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ ،أي ﻛﻞ ﻗﻴﻢ اﻟﻔﻀﺎء واCﻨﻈﻮر ،ﻜﻦ أن ﻳﻀﺤﻲ ﺑﻪ ،ﻳﻀﺤﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻧﻈﺎم إﺣﺴﺎﺳﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻠﻮن ،ﻓﺤ tﻠﻚ اﻟﻠﻮن ﺛﺮاءه ،ﻠﻚ اﻟﺸﻜﻞ ﺎﻣﻪ« ،وﻧﻘﻮل أﻳﻀﺎ ﻣﻊ ﺟﻮﺟﺎن »ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ »ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اCﺮء أن ﻳﻄﻠﺐ اﻹﻳﺤﺎء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻒ«).(٣٠ اﻟﻠﻮن ﻫﻮ أﺣﺪ اﻟﺜﻮاﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وأﺣﺪ اCﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻴﺎء ،إﻧﻪ أﺣﺪ ﻣﺤﺪدات اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tاﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ، وﻫﻮ ﺧﺎﺻﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،إن اﻟﺼﻴﺎد ﻗـﺪ ﻻ ﻳـﺤـﺘـﺎج إﻟـﻰ اﻟﻜﻼم إذا أراد أن ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ وﺟﻮد دم ﻃﺎزج ﻓﻲ اﳉﻠﻴﺪ .واﻟﻠﻮن ﻃﺎﻗﺔ ﻣﺮﺋﻴﺔ، اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺗﺪﻣﻴﺮﻳﺔ ،ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺒﺮاﻛ tﻣﺜﻼ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟـﻔـﻦ ﻮﺟﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ اCﺘﻌﺔ أو ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻷﻟﻮان ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ُﺗ ﱠ اﻟﺴﺮور. 283
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اCﺼﺎدﻓﺔ أن ﻣﺎﺗﻴﺲ ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺳﻢ ﺑﻌﺾ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،١٩٠٥ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﺎ ﺑﻬﺬه اﻷﻟﻮان ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺴﺨﻮﻧﺔ واﳊﻴﻮﻳﺔ ،أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺮﺳﻢ ﻓـﻲ ﻇﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﺘﻮق أﺷﺪ اﻟﺘﻮق إﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻨﺒﻴﻬﺎت اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﺟﻴﻤﺲ ﻓﻲ رواﻳﺘﻪ »اﻟـﺴـﻔـﺮاء« The Ambassadorsﻋﺶ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺑﻘﺪر ﻣـﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ...ﻣﻦ اﳋﻄﺄ أﻻ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ«).(٣١ ﺟﺎء ﺗﻜﺜﻴﻒ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺰاﻳﺪ اﻟﻮاﺿﺢ ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ،ﻣﻮاﻛﺒﺎ ﻟﺘﺰاﻳﺪ ﺣﻀﻮر اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴـﺮ ﻣـﻦ ﺟـﻮاﻧـﺐ اﳊـﻴـﺎة ،وﻣـﻦ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻼم اﳊﺪﻳﺜﺔ اﻵن ﻳﺠﺪ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎءة واﻟﺪﻳﻜـﻮر واﳊـﺮﻛـﺔ واﻟـﺼـﻮت ،وﻛـﻞ ﻣـﺎ ﻣـﻦ ﺷـﺄﻧـﻪ اﳊﺸﺪ ﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ ،واﳊﻴﺎة ،واﻟﺘﺪﻓﻖ ،واﻟﺴﺮﻋﺔ ،وﻛﻠﻬﺎ ﻋﻨﺎﺻﺮ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻟﻠـﻮن ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻦ اﻟـﺘـﺸـﻜـﻴـﻠـﻲ ﻗـﺒـﻞ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻣﻦ ﺧﻼل أﻋﻤﺎل ﻓﻨﺎﻧ tأﻣﺜﺎل ﺟـﻮﺟـﺎن وﻓـﺎن ﺟـﻮخ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ tاﻟﺴﺎﺑﻘ tﻋﻠﻴﻬﻤﺎ أو اﻟﻼﺣﻘ tﻟﻬﻤـﺎ .ﻟـﻜـﻦ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ﺑﺎﻟﻠﻮن ،ﻛﻌﻨﺼﺮ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺐ اﳊﻴﺎة ،وﻛﻄﺎﻗـﺔ ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﻛﻞ ﻓﺮد ،ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻗﺪ ﺟﺎء ﻣﻮاﻛﺒﺎ ــ وﻻﺣـﻘـﺎ أﻳـﻀـﺎ ـــ Cـﺎ ﻗـﺎم ﺑـﻪ أدﻳﺴﻮن ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء ،وﻣﺼﺎﺑﻴﺤﻬﺎ واﺳﺘﺨﺪاﻣﺎﺗﻬـﺎ ،وﻣـﺎ ﻗـﺎم ﺑـﻪ د ـﻠـﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﶈﺮك اﻟﺒﻨﺰﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎرات وﻛﺬﻟﻚ اﳉﻬﻮد اﻟﻜﺒﻴـﺮة ،اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺎم ﺑـﻬـﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﺠﻤﻟﺎﻻت ﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻄﺎﻗﺔ وﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺮاﺣﺔ واCﺘﻌﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﻛـﻴـﺪ أن اﻟـﻠـﻮن ﻋـﻨـﺼـﺮ أﺳـﺎﺳـﻲ ﻓـﻲ اﳊـﻴـﺎة ،ﻓـﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻜﻴﻒ واﻟﺒﻘﺎء ،ﻋﻨﺼﺮ أﺳﺎﺳﻲ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن ،وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ :اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﺰﻳﺘﻲ واﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻲ ،اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،اCﺴﺮح، اﻟﺪﻳﻜﻮر ،اﻷزﻳﺎء ..وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻛﺎﻟﺸﻌﺮ ﻣﺜﻼ ﻳﺤﻀﺮ اﻟﻠﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻤﻔﺮدة وﻛﻤﻜﻮن أﺳﺎﺳﻲ ﻟﺒﻨﺎء اﻟﺼﻮرة ،ﺎ ﻳﺠﻌﻠـﻪ ﻳﺸﻜﻞ ﻋﻨﺼﺮا أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮي ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺸﻌﺮ. وﻫﻨﺎك دراﺳﺎت ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﺪة ﺣﻮل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻟﻮان ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬه اﻟﺪرﺳﺎت ﻗﺪ وﺻﻠﺖ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳊﺎﻻت إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ،ﻳﺪل 284
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﻣﻞ اﻻرﺗﺒﺎط اCﻨﺨﻔﺾ ،اﻟﺬي وﺻﻞ إﻟﻴﻪ أﻳﺰﻧﻚ ﺣ tﺣﺴﺐ ﻣﻌﺎﻣﻼت اﻻرﺗﺒﺎط ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻸﻟﻮان اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت، ووﺟﺪ أن ﻫﺬا اCﻌﺎﻣﻞ اﻻرﺗﺒﺎﻃﻲ ﻫﻮ ﻓﻘﻂ ،٠٬٣٠ﺎ ﻗﺪ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺣـﺪوث اﺧﺘﻼﻓﺎت ﻋﺪة ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﻨﺎس ﻟﻸﻟﻮان ،اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺮ ،واﻟـﻨـﻮع، واﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟـﻴـﻬـﺎ اﻟـﻔـﺮد وﺳـﻤـﺎت ﺷـﺨـﺼـﻴـﺘـﻪ وﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣــﻦ اCﺘﻐﻴﺮات).(٣٢ ﻟﻜﻠﻦ »أﻳﺰﻧﻚ« ،ﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اCﻨﺸﻮرة ،واﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﻔﻀﻴﻼت ﺟﻤﻌﺖ ﻣﻦ أﻓﺮاد ﺑﻠﻎ ﻋﺪدﻫﻢ ١٢١٧٥ﻣـﻦ اﻟـﺒـﻴـﺾ و ٨٨٨٥ﻣـﻦ اﻷﻟﻮان ،واﻟﺘـﻲ ُ اCﻠﻮﻧ ،tوﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﺪة .وﻗﺪ ﺗﺒ tﻟﻪ وﺟﻮد اﺗﻔﺎق ﺑ tاﻷﻓﺮاد ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻮان اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻬﺎ ،وﺣﺪث اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺬﻛﻮر واﻹﻧﺎث ،ﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺪم وﺟﻮد ﻓﺮوق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑ tاﳉﻨﺴ tﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻟﻮان ).(٣٣ وﺗﺒ tﻷﻳﺰﻧﻚ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ راﺟﻌﻬﺎ أن اﻟﻠﻮن اﻷزرق ﻫﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﺑ tﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻠﻮن اﻷﺻﻔﺮ ﻫﻮ اﻷﻗﻞ ﺗﻔـﻀـﻴـﻼ، وأن ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻟﻮان ﻫﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :اﻷزرق ،اﻷﺣﻤﺮ ،اﻷﺧﻀﺮ، اﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻲ ،اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻲ ،اﻷﺻﻔﺮ) .(٣٤وﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺒﺪو ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ إﻟﻰ ﺣﺎد ﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺟﺮﻳﻔﻴﺲ ،واﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺣﻴﺚ ﺟﺎء اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻷﻟﻮان اCﻔﻀﻠﺔ. ﻛﺬﻟﻚ أﻇﻬﺮت دراﺳﺎت ﻋﺪة ﻗـﺎم ﺑـﻬـﺎ أﻳـﺰﻧـﻚ ،وﻏـﻴـﺮه ﻣـﻦ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـ tأن اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺰاﻫﻴﺔ اCﻠﻮﻧﺔ ،ﺑﻴـﻨـﻤـﺎ ﻓـﻀـﻞ اﻻﻧـﻄـﻮاﺋـﻴـﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻈﻼل ،وأن ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴt ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻠﻮن ،وﺧﺎﺻﺔ اﻷﻟﻮان اﻷوﻟﻴﺔ واﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴ tﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺸﻜﻞ ،أو ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻟﻮان »اﻷرض« Earth Colour ﻛﺎﻟﺒﻨﻲ ،واﻟﺰﻳﺘﻮﻧﻲ ،واﻷوﻛﺮ Ochresاﻟﺒﻴﺞ ،واﻷﻟﻮان اﻟﻜﺮوﻣﺎﺗﻴﺔ ).(٣٥ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﺗﺘﻔﻖ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ أﻳﺰﻧﻚ ﻣﻊ اﻹﻃﺎر اﳋﺎص أو ﺑﻨﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﻮل اﻻﻧﻄﻮاء واﻻﻧﺒﺴﺎط ،واﻟﺬي ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻻﻧﻄﻮاﺋﻲ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ ﺗﻨﺸﻴﻂ ،أو ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻓﻲ ﻗﺸﺮة اCﺦ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﻟﺰاﺋﺪ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ﻣﺜﻼ ،أو اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻓﻲ ﻗﺸﺮة اCﺦ ﻟﺪى اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻲ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﻌﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ 285
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ رﻓﻊ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻣﻊ اCﺦ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﻔﻀـﻞ اﻷﻟـﻮان اﻟـﺒـﺮاﻗـﺔ واﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻨﺎﺻﻌﺔ اﻟﺰاﺧﺮة ﺑﺎﻷﻟﻮان اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ،واﳊﺮﻛﺔ ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ. ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺘﻔﻖ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺣﺎول أﻳﺰﻧﻚ أن ﻳـﺼـﻞ إﻟـﻴـﻪ ﺣـﻮل وﺟـﻮد ﻋﺎﻣﻞ ﻋﺎم أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪى ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻬﻢ وﻧﻮﻋﻬﻢ ،واﻧﺘﻤﺎءاﺗﻬﻢ ...إﻟﺦ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻟﻢ ﺗﺆﻛﺪه دراﺳﺎت ﻋـﺪة وﺟﻬﺖ ﺑﺪورﻫﺎ اﻟﻨﻘﺪ إﻟﻰ دراﺳﺎت أﻳﺰﻧﻚ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻬﺎ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻟﻮان اCﻔﺮدة .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺪر أن ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻮن ﻓـﻲ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ ،أو اﻟـﻔـﻦ aـﻔـﺮده، ﻓﻬﻨﺎك داﺋﻤﺎ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎت ،وﺣﺎﻻت ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻷﻟﻮان. ﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎرت دراﺳﺎت أﺧﺮى ﻋﺪة إﻟﻰ أن ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻃـﻔـﺎل ﻟـﻸﻟـﻮان ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ ،وأن ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﺬﻛﻮر ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻹﻧﺎث ،وأن ﻫﻨﺎك ﻓﺮوﻗﺎ ﻋﺪة ﺑ tاﻷﻓﺮاد واﳉﻤﺎﻋﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻟـﻮان اCﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪى ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻛﻠﻬﺎ ﻓﺮوق ﺗﺮﺗﺒﻂ أﻛﺜﺮ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ).(٣٦ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﺈن اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻟﻮان أﺷﺎرت، ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ أن ﻧﻀﻊ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ ،ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻫﺬه .ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻴﺔ ﺑ tاﻷﻟﻮان ،وأن ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺗﻘﻮم ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻨﺼﻮع ) Brightnessاﻟﻀﻮء( ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﻘﺎرب أو اﻟﻘﺮب اﳋﺎص ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮﻳﺔ ،أو اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ ) Hueاﻷﻟﻮان اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ أو اﻟﺒﺎردة ﻣﺜﻼ(، أي ﻣﺪى اﻟﻘﺮب ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ داﺋﺮة اﻷﻟﻮان ،وأن اﻷﻟﻮان ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻫﺎرﻣـﻮﻧـﻴـﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻜﻤﻠﺔ ،أو ﻣﺘﺘﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،وﻫﻨﺎك ﻫﺎرﻣﻮﻧﻴﺎت ﻟﻠﺘﻨﺎﻇﺮ، وﻫﺎرﻣﻮﻧﻴﺎت ﻟﻠﺘﻀﺎد .وأن اﻷﻟﻮان اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺸﺒﻌﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻔﻀﻠﺔ أﻛﺜﺮ ،وأن ﻫﻮﻳﺔ اﻟﻠﻮن )أﺣﻤﺮ ــ أﺧﻀﺮ ...إﻟﺦ( وﻗﻴـﻤـﺘـﻪ )ﻣـﺪى ﻣـﺎ ﻳـﺤـﺘـﻮي ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻣـﻦ ﺿـﻮء( واﻟﻜﺮوﻣﺎ أو اﻟﺘﺸﺒﻊ اﳋﺎص ﺑﻪ ،ﻛﻠﻬﺎ أﻣﻮر ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ. ﻟﻜﻦ ﺑﺎﺣﺜ tآﺧﺮﻳﻦ أﻛﺪوا أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻟﻮان، وﻗﺪ أﺷﺎر »ﻓﺎﻻﻧﺘﺎﻳﻦ« ﻣﺜﻼ ،ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻪ اCﺒﻜﺮة ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،إﻟﻰ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ درس ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ﻟﻸﻟﻮان ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳـﺤـﺒـﻮن ﻟﻮﻧﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﺑﻴﻨـﻤـﺎ ﻗـﺎل آﺧـﺮون أﻧـﻬـﻢ ﻳـﺤـﺒـﻮﻧـﻪ ﻷﻧـﻪ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺨﺒﺮة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ ،ﻓﻤﺜﻼ ﻗﺎﻟﺖ إﺣﺪى اCﺒﺤﻮﺛﺎت إﻧﻬﺎ ﺗﻜﺮه ﻟﻮﻧﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻟﻮن رﺑﻄﺔ اﻟﻌﻨﻖ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن أﺣﺪ ﻣﻌﻠﻤﻴﻬﺎ ﻳﺮﺗﺪﻳﻬﺎ داﺋﻤﺎ وﻛﺎﻧـﺖ ﺗـﻜـﻦ ﻟـﻪ ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ) ،(٣٧وﻫﻨﺎك ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻓـﻲ اﻻﻋـﺘـﺒـﺎر ﻣـﺜـﻞ 286
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
ﺣﺠﻢ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻠﻮن ،ﻓﻠﻮن ﻣﻌ tﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺗﺼﻤﻴﻢ )ﻟﻮﺣﺔ أو ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻮزاﻳﻴﻚ ...إﻟﺦ( .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺟﺬاﺑﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻮ وﺿﻊ ﻓﻲ ﺣﺠﻢ أﻛﺒﺮ ﻗﺪ ﻳﻔﻘﺪ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ. ﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎر ﻛﺮاﻳﺘﻠﺮ وﻛﺮاﻳﺘﻠﺮ إﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪة ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻓﺮاد ﻟﻸﻟﻮان ،وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ :اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اCﻜﺎﻧﻲ ﻟﻸﻟﻮان، واﻟﺘﻮزﻳﻊ اﳋﺎص ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،واﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﻫﺬه اﻷﻟﻮان أو ﲡﺴﺪﻫﺎ ،وﻃﺒﻴﻌـﺔ اCـﻘـﻴـﺎس ،أو اﻟـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻘـﺎس ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮن ،ودرﺟﺔ اﻹﻣﺘﺎع أو اﻟﺒﻬﺠﺔ ،وﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑـﻠـﻬـﺎ ﻣﻦ اﻧﻘﺒﺎض أو ﺿﻴـﻖ ،اﻟـﻨـﺎﲡـﺔ ﻋـﻦ اﻷﻟـﻮان اﻷﺧـﺮى اCـﻮﺟـﻮدة ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻤـﻞ، واﳋﻠﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أو ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﻟﻮان ،واﻟﻀـﻮء اﻟـﺬي ﺗﺮى ﻫﺬه اﻷﻟﻮان ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،واCﺪى اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﺘـﻤـﺮ اCـﺮء ﺧـﻼﻟـﻪ ﻓـﻲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﻟﻮان ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﻠﻮن أﻳﻀﺎ اCﻨﻄﻘﺔ أو ﺑﺎCﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﻠﻮن داﺧﻞ ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻣـﺜـﻼ )أﻋـﻠـﻰ ،أﺳـﻔـﻞ ...إﻟـﺦ() ،(٣٨وﻛﺬﻟـﻚ ﺑﻔﻌﻞ ﻋﻮاﻣﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻨﻮع ،واﳋﺒﺮة ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﺘﻐﻴﺮات. وﻳﺸﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻣﺜﻞ ﺑﻮرﺗﻴﻮس إﻟﻰ أن اﻷﻟﻮان اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﻟﻮان اﻟﺰرﻗـﺎء واﻷرﺟـﻮاﻧـﻴـﺔ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ اﻷﻗﻞ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻫﻲ اﻷﻟﻮان اﻟﺼﻔﺮاء).(٣٩ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻛﻠﻪ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻮل إن ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻟـﻮان ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ واﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﻮﻗﻔﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ اﻟﻔﺮد ،أو ﻳﺘﻠﻘﺎه ،ﻛﻤﺎ إﻧﻬﺎ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﺨﺒﺮات ﻫﺬا اﻟﻔﺮد وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻪ وﺧﻴـﺎﻻﺗـﻪ وﻣﺸﺎﻋﺮه اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻘﻄﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻮن ،أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻮان اCﻬﻴﻤﻨﺔ ،أو اCﻮﺟﻮدة ﺿﻤﻨﻴﺎ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وأن اCﻌﻨﻰ اﻟﺮﻣﺰي اCﺘﻐﻴﺮ ﻟﻠـﻮن ﻗـﺪ ﻳـﻜـﻮن أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اCﻌﻨﻰ اﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻲ اﶈﺪد ﻟﻪ.
ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ
ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟـﺒـﺴـﻴـﻄـﺔ ﺑـﺬﻟـﻚ اﻟﺘﺮاث اﳋﺎص ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻘﻄﺎع اﻟـﺬﻫـﺒـﻲ واﻟـﺬي أﺷـﺮﻧـﺎ إﻟـﻴـﻪ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺼـﻞ اﳋﺎﻣﺲ ،وﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﺬﻛﺮ أن ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻬﻠﻬﺎ ﻓﺨﻨﺮ ﺧﻼل اﻟﻘـﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،وﺧﺎﺻﺔ دراﺳﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اCﺴﺘﻄﻴﻼت وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ﻗـﺪ 287
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻰ أن اﻟﻨﺴﺒﺔ ١:٠٫٦٢أو ٨:٥ﺑ tاﻟﻘﺴﻤ tاﻷﻗـﺼـﺮ واﻷﻃـﻮل ﻓـﻲ ﻀﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ .وﻗﺪ أﻇﻬﺮت دراﺳﺎت اﻷﺷﻜﺎل ،ﻫﻲ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗَُﻔ ّ ﻔﻀﻞ أﻳﻀﺎ .وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻟﻢ ﻳﺘﻢ أﺧﺮى أن أﺷﻜﺎﻻ أﺧﺮى ﺑﻞ وﻧﺴﺒﺎ أﺧﺮى ﻗﺪ ﺗُ ﱠ اﻟﺘﺄﻛـﺪ ﻣـﻦ وﺟـﻮد اﻟـﻘـﻄـﺎع اﻟـﺬﻫـﺒـﻲ ﻛـﺄﺳـﺎس ﻧـﻈـﺮي وﲡـﺮﻳـﺒـﻲ ﻓـﻲ ﻣـﺠـﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن أﺷﺮﻧﺎ. ﻋﺎد اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻣﺮة أﺧﺮى aﻮﺿﻮع ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻣﻊ ﻇﻬـﻮر ﻛﺘﺎب ﺑﻴﺮﻛﻮف »اCﻘﻴﺎس اﳉﻤﺎﻟﻲ« Aesthetic Measureاﻟﻌﺎم .١٩٣٢وﺑﻴﺮﻛﻮف ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ رﻳﺎﺿﻴﺎت أﻣﺮﻳﻜﻲ اﻫﺘﻢ ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ،وﻗﺎل ﺑﺄن اCﺘﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﳒﻨﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻲ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻘﺴﻤﺔ ﻋﺎﻣﻠ tﻫﻲ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﻨﻈﺎم Order واﻟﺘﺮﻛﻴـﺐ Complexityﻓﻲ اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻗﺪ أﺟﺮى ﺑﻴﺮﻛﻮف دراﺳـﺎﺗـﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اCﻀﻠﻌﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ آﻧﻴﺎت اﻟﺰﻫﻮر واﻟﺸﻌﺮ واCﻮﺳﻴﻘﻰ. وﻧﻜﺘﻔﻲ ﻫﻨﺎ ﺑﺬﻛﺮ أﻫﻢ اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ أﻳﺰﻧﻚ وزﻣﻼؤه ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ: ١ــ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ أﻳﺰﻧﻚ وﻧﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ أواﺋﻞ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻗﻴﺎس ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد ﻟﺒﻌﺾ اﻷﺷـﻜـﺎل اﻟـﻬـﻨـﺪﺳـﻴـﺔ، وﺟﺪ اﺗﻔﺎﻗﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ أﺟﺮى ﻋﻠﻴﻬﻢ دراﺳﺎﺗﻪ، ﺑﻞ ﻟﻘﺪ وﺟﺪ أﻳﻀﺎ اﺗﺴﺎﻗﺎ ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳋﺎﺻﺔ ﺑـﺎﻷﻓـﺮاد أﺻـﺤـﺎب اﻟـﺘـﺬوق اﳉﻴﺪ Good Tasteﻋﺒﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺒﺎرات ،ﻛﻤﺎ وﺟﺪ اﺗﻔﺎﻗﺎ ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﻌﺮف اﻟﺬوق اﳉﻴﺪ ﺑﺄﻧﻪ »اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎﻧ ،tوﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﺎﻧ ،tوﻗﺪ ﻛﺎن ُﻳ ّ اﳉﻤﻬﻮر اﻟﻌﺎم أو اﻟﺬوق اﻟﺸﺎﺋﻊ« ،وﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜt ﺣﻮﻟﻪ ،ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺬوق اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻫﻮ »اﳉﻴﺪ« ،ﻓﻲ ﺣ tأن ﻫﺬا اﻟﺬوق ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎﻫﻮ ﺗﺎﻓﻪ وﻣﺒﺘﺬل وﺳﻄﺤﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ذﻟﻚ ،ﻣﺜﻼ اﻵن ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻹﻗﺒﺎل اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ أﻓﻼم أﺣﺪ اCﻤﺜﻠ tاﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳ tاﻟﻌﺮب ،أو ﻋﻠﻰ أﻏﺎﻧﻲ ﺑﻌﺾ اCﻄﺮﺑ tﺑﺎﻟﻐﻲ اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ واﻟﺘﻔﺎﻫﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻫـﺬا »اﻟـﺬوق اﻟـﻌـﺎم« اﻟـﺬي ﻳـﺆﻛـﺪ أﻳﺰﻧﻚ أﻫﻤﻴﺘﻪ? إﻧﻪ ﻳﺒﻨﻲ أﻓﻜﺎره ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓﻜﺮة اﺳﺘﻤﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻷCﺎﻧﻲ »ﻛﺎﻧﻂ« ذﻛﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎﻗﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑ tاﻟﻨﺎس ﺣﻮل »اﻟﺒﺮاﻋﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ«، ﻷن ﻫﺬه اﻟﺒﺮاﻋﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ،وﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻻﺗﻔﺎق ﺑ tاﻟﺬوات. وﻗﺪ اﺗﻜﺄ أﻳﺰﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ اﻻﺗﻔـﺎق ﺑـ tاﻟـﻨـﺎس ﻫـﺬه ﻓـﻲ اﻟـﻮﺻـﻮل إﻟـﻰ أﻓـﻜـﺎره 288
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إن اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ــ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ »اﻟﺬوق اﳉﻴﺪ« وﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ــ أﺣﻜﺎم ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺤﺪدة ﺑﻌﻮاﻣﻞ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ،أي إﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أو ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻹﻃﺎر اﳋﺎص ﺑﻨﻈﺮﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل ،ﺑﻞ وﻓﻲ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ).(٤٠ ٢ــ ﻇﻬﺮت ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ دراﺳﺎت ﻏﻴﺮ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻗﺎرﻧﺖ ﺑ tأداء اﻷﻓﺮاد ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺜﻼ ،دراﺳﺘﺎن ﻗﺎم ﺑﻬﻤـﺎ ﺳـﻮﻳـﻒ وأﻳـﺰﻧـﻚ ،ﻗـﺎرﻧـﺎ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ ﺑ tﺗﻔﻀﻴﻼت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اCﺼﺮﻳ tاﻟﺪارﺳ tﻟﻠﻔـﻨـﻮن، وﻏﻴﺮ اﻟﺪارﺳ tﻟﻠﻔﻨﻮن ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر واﻹﻧﺎث ،وﺗﻮﺻﻼ إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺎﺛﻠﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﻴﻨﺔ إﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ،أي أﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﺮوق ﺛﻘـﺎﻓـﻴـﺔ ﻛـﺒـﻴـﺮة ﻓـﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اCﻀﻠﻌﺔ ﺑ tاﻟﻌﻴﻨﺘ tاCﺼﺮﻳﺔ واﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ، ﺳﻮاء ﻟﺪى اﻟﺬﻛﻮر أو ﻟﺪى اﻹﻧﺎث ).(٤١ وﻓﻲ دراﺳﺔ أﺧﺮى ﻷﻳـﺰﻧـﻚ و»إﻳـﻮاواﻛـﻲ« Iwawakiﻗﺎرﻧﺎ ﺑ tﺗـﻔـﻀـﻴـﻼت ﻋﻴـﻨـﺘـ tﻣـﻦ اﻷﻓـﺮاد اﻟـﻴـﺎﺑـﺎﻧـﻴـ ،tواﻹﳒـﻠـﻴـﺰ ﻟـﺒـﻌـﺾ اﻷﺷـﻜـﺎل اﻟـﻬـﻨـﺪﺳـﻴـﺔ، واﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،واﺳﺘﻨﺘﺠـﺎ أﻧـﻪ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺮﻏـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﻔـﺮوق اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﻴـﺔ واﻟﺴﻼﻟﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺑ tاﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ،اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻋﻴﻨﺘﺎ اﻟـﺪراﺳـﺔ إﻟـﻴـﻬـﻤـﺎ ،ﻓـﺈن اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﻤﺎ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﺑﻞ وﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺔ ).(٤٢ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﺮاف أﻳﺰﻧﻚ ﺑﺎﻟﻔﺮوق اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﶈﺪدة ﻟﻠﺤﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ، وأﻳﻀﺎ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻇﻞ ﻳـﻔـﺘـﺮض وﺟـﻮد ﻣﺤﺪدات ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻟﻬﺎ أﺳﺎس أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺪدات اﻟـﺒـﻴـﺌـﺔ اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﻴـﺔ، وﻛﺎن ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﶈﺪدات اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ ﻋـﻤـﻮﻣـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻼت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻷﻓﺮاد وﻋﺒﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت أﻳﻀﺎ. وﻧﻌﺘﻘﺪ ــ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ــ أن ﻧﺘﺎﺋﺞ أﻳﺰﻧﻚ ﻟﻮ ﺻﺤﺖ ﺑﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﻸﺷـﻜـﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻷﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻔﻄﺮة واﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹدراك اﻟﻔﻮرﻳﺔ اCﺒﺎﺷﺮة، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﻌﺐ أن ﺗﻜﻮن ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل اCﺮﻛﺒﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ.
ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﳌﺮﻛﺒﺔ
ﻧﻨﺘﻘﻞ اﻵن ﻣﻦ ﻣﺠﺎل اﳋﻂ ،أو اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻬﻨﺪﺳﻲ اﻟﺒﺴـﻴـﻂ ،إﻟـﻰ ﻣـﺠـﺎل 289
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اCﺮﻛﺐ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ أﻟﻮان وﺧﻄﻮط وﺗﻜﻮﻳﻨﺎت ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ. اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑ Uاﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎدات اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﻪ إﻟﻰ أﻳﺰﻧﻚ ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﻌـﺪ ﻣـﻦ أﺑـﺮز اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮا إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺑﺎرزة ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل ،وﻗﺪ ﻋﺮف أﻳﺰﻧﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺒﻨﻴﻪ ﻟﻠﻤﻨﺤﻰ اﻟﺼﺎرم ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ اﻣﺘﺪ ﺑﻬﺬا اCﻨﺤﻰ إﻟﻰ ﻣﺠﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻣﻨﺬ دراﺳﺎﺗﻪ اCﺒﻜﺮة ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴـﺎت .وﺣـﺘـﻰ دراﺳﺎﺗﻪ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﺪاﺛﺔ ﻓﻲ ﺧﻼل ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت وﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .وﺳﻮاء أﻗﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ﻣﻨﻔﺮدا ،أو aﺸﺎرﻛﺔ ﻋﻠﻤﺎء آﺧﺮﻳﻦ ،ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺸﺎرﻛﻮﻧﻪ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﻛﺎن أﻳﺰﻧﻚ ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﻋﺎﻣﻞ ﻋﺎم ﻟﻠﺘﺬوق ــ ﻋﺎﻣﻞ أﻛﺜﺮارﺗﺒﺎﻃﺎ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو اﻟﻮراﺛﺔ ،ﻣﻨﻪ ﺑﺎﳋﺒﺮة ،أو اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ــ وأﻳﻀﺎ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﺪى إﺳﻬﺎم ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻬﺬﻳﺐ ﻋﻤﻠﻴﺎت ارﺗـﻘـﺎﺋـﻪ ،وﻋـﺒـﺮ ﺗـﺎرﻳـﺦ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت اﻛﺘﺸﻒ أﻳﺰﻧﻚ وﺟﻮد ﻋﺎﻣﻞ) (٤٣ﻟﻠﺘﺬوق ،ﺎﺛﻞ ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ اﻟﻌـﺎم ﻟﻠﺬﻛﺎء اﻟﺬي وﺟﺪه ﺳﺒﻴﺮﻣﺎن ،ﻛﻤﺎ اﻛـﺘـﺸـﻒ أﻳـﺰﻧـﻚ أﻳـﻀـﺎ وﺟـﻮد ﻋـﺎﻣـﻞ ﺛـﺎن ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اCﺮﻛﺒﺔ .وﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻣﻞ ،أو اﻟﺒﻌﺪ اﻷﺧﻴﺮ ،ﺑﺘﻤﻴﻴﺰ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻋﻦ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﺷﻜﺎل اCـﺮﻛـﺒـﺔ ،وﻳـﺸـﻴـﺮ أﻳـﺰﻧـﻚ أﻧـﻪ ﻓـﻲ أﺣـﺪ ﲢﻠﻴﻼﺗﻪ ﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد ﻟﻠﺸﻌﺮ وﺟﺪ ﻋﺎﻣﻼ ﻴﺰ ﺑ tاﻟـﺬﻳـﻦ ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ واﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واCﻘﻔﺎة ،وﺑ tاﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ذات اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ وﻏﻴﺮ اCﻨﺘﻈﻤﺔ ﻓﻲ إﻳﻘﺎﻋﺎﺗﻬﺎ وذات اﻟﺘﺮﻛـﻴـﺐ اﻷﻛـﺒـﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ. ووﺟﺪ أﻳﺰﻧﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻴﻼ ﻟﺪى اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت زاﻫـﻴـﺔ اﻷﻟﻮان ،وأن اﻷﻟﻮان ﻫـﻲ اﶈـﺪد ﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻼﺗـﻬـﻢ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻗـﺎﻣـﺖ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻼت اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴ tﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺸﻜﻞ وﻟﻴﺲ اﻟﻠﻮن).(٤٤ وﻓﻲ دراﺳﺎت أﺧﺮى وﺟﺪ أﻳﺰﻧﻚ أن اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻴﻠـﻮن إﻟـﻰ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻨﺎﺻﻊ اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻔﻀﻞ اﻻﻧـﻄـﻮاﺋـﻴـﻮن اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت واﻟﺼﻮر اﻟﻘﺪ ﺔ واﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ واﻷﻗﻞ ﻧﺼﻮﻋﺎ ﻓﻲ أﻟﻮاﻧﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺣﻮل ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻟﻸﻟﻮان اﻟﻨﺎﺻﻌﺔ ،وﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ 290
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴ tﻟﻸﻟﻮان اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ واﻟﻈﻼل ،وﻛﻠﻬﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻨﻈﺮﻳـﺘـﻪ اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ ﺣﻮل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻜﻒ ،واﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻓﻲ اCﺦ ﻟﺪى اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴ ،tواﻻﻧﺒـﺴـﺎﻃـﻴـ،t واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻔﺎدﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﻳﻮﱋ وﺑﺎﻓﻠﻮف وﺑﺮﻟ tوﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﻣﻊ ﺗﻌﺪﻳﻠـﻬـﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء ﺗﺼﻮراﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ. ﻓﻘﺪ ﻗﺎل أﻳﺰﻧﻚ ﻣﺜﻼ إن اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻳﺘﻤﻴﺰون aﺴﺘﻮى أﻗﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺒـﺤـﺜـﻮن ﻋـﻦ اCـﺜـﻴـﺮاث اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﻤـﻴـﺰ ﺑـﺨـﺼـﺎﺋـﺺ ﻣـﻘـﺎرﻧـﺔ )واCﺼﻄﻠﺢ ﻟﺒﺮﻟ (tﻗﺎدرة أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺜﺎرة أﻛﺜﺮ ﻟﻠﻤﺦ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻜﻮن اﻷﻟﻮان اﻟﻨﺎﺻﻌﺔ واﻟﻠﻮﺣﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔa ،ﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﺮﻛـﻴـﺐ وﻏـﻤـﻮض وﺟﺪة أﻛﺜﺮ ،ﻫﻲ اCﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ اﻻﻧﺒﺴـﺎﻃـﻲ .أﻣـﺎ اﻻﻧـﻄـﻮاﺋـﻲ ،وﻷن ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻟﺪﻳﻪ ،أﺻﻼ ،أﻋﻠﻰ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻤﺎ ﻳﺨﻔﺾ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺜﺎرة وﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻳـﻔـﻀـﻞ اﻟـﻈـــﻼل واﻟـﻠـﻮﺣـﺎت اﻟـﻘـﺪ ـﺔ واCﺄﻟﻮﻓﺔ ...إﻟﺦ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ »ﻣﺘﻐﻴﺮات ﻣﻘﺎرﻧﺔ« أﻗﻞ ﻓﻲ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻟﻨﺸﺎط اCﺦ).(٤٥ ﻓﻲ ﻧﻮع آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت أﺷﺎر ووﻟﺶ S. G. Welshوﺑﺎرون F. Barron إﻟﻰ وﺟﻮد ﻋﺎﻣﻞ ،أو ﺑﻌﺪ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻳﺴﻤﻰ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ــ اﻟﺘﺮﻛﻴـﺐ ،واﻋـﺘـﺒـﺮاه ﺎﺛﻼ ﻟﻌﺎﻣﻞ أﻳﺰﻧﻚ اﻟﺴﺎﻟﻒ ذﻛﺮه ،وﻗﺪ ﺗـﺒـ tﻟـﻬـﺬﻳـﻦ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـ tأن اﻟـﺬﻳـﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻴﻠﻮن إﻟﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ اﶈﺎﻓﻈ tواﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳ،t ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔـﻀـﻠـﻮن اﻷﺷـﻜـﺎل اCـﺮﻛـﺒـﺔ ﻛـﺎﻧـﻮا إﻣـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـ ،tوإﻣـﺎ ﻣـﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اCﻀﺎدة ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻣﻊ وﺟﻮد دﻻﺋﻞ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺮان ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ ﺑ tاﻹﺑﺪاع واﻟﺘﻤﺮد ﻋﻠﻰ أ ﺎط اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺴﻠﻮك اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻫﺬا. ﺑﻴﻨﻤﺎ أﺷﺎرت دراﺳﺎت أﺧﺮى إﻟﻰ أن ﻣﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﻦ اCﻨﻈﻤ tﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﻣﻦ اCﺘﻔﺎﺋﻠ ،tﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻣـﻦ ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن اﻷﺷـﻜـﺎل اCﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ ،tﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن اﲡﺎﻫﻬﻢ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻨﺎﻗﺪ ﻗﺪ أدى ﺑﻬﻢ إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺒﻊ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ،ﺑﻌﺾ اCﺒﺎد اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻔﻨﻲ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺑﺎرون و ووﻟﺶ).(٤٦ ﻓﻲ دراﺳﺔ أﺧﺮى ،ﻟﺒﺎرون و ووﻟﺶ ،وﺟﺪا أن اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻗﺪ ﻓﻀﻠﻮا اﻷﺷﻜﺎل ﻏﻴﺮ اCﺘﻨﺎﺳﻘﺔ ،ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،اﻟﻌﻔﻮﻳﺔ ،ﻏﻴﺮ اﺨﻤﻟﻄﻄﺔ ،اCﻘﻠﻘﺔ اCﺜﻴﺮة واCﻮﺣﻴﺔ اﳊﺮﻛﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻀﻞ ﻏﻴﺮ اﻟﻔـﻨـﺎﻧـ tاﻷﺷـﻜـﺎل اﻟـﺒـﺴـﻴـﻄـﺔ ﻧـﺴـﺒـﻴـﺎ واCـﺘـﺴـﻤـﺔ ﺑﺎﻻﻧﺘﻈﺎم ،واﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ،واCﺒﺎد اﶈﺪدة .وﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ 291
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑ tﻄ tﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت. ١ـ اﻟﺸﺨـﺺ ا'ـﺮﻛـﺐ :وﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﻴـﺮﻳـﺔ واﻟـﻄـﻼﻗـﺔ واCـﺮوﻧـﺔ ﻓـﻲ ﻛـﻼﻣـﻪ وﺗﻔﻜﻴﺮه ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻻﻧﺪﻓﺎع ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻪ ،وﻳﻜﻮن ﻟﻪ أﺻﺪﻗﺎء ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳ،t وﻫﻮ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻋﺼﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺎدﻳ ،tوأﻛﺜﺮ رادﻳﻜﺎﻟﻴـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﺎﺣـﻴـﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ٢ـ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺒﺴـﻴـﻂ :وﻳﺘﺴﻢ ﺑﺄﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﺻﺮاﺣﺔ وأﻗﻞ ﺧﺒـﺮة ،وﻻ ﻳـﺤـﺐ اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ ،وﻳﻔﻀﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻗﻴﻢ اﻟﻌﻄﻒ واﻟﺮﺣﻤﺔ ،و ﻳﺆﻳﺪ اﳊﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﺮاراﺗﻬﺎ ،وﻳﻔﻀﻞ اCﺘﻨﺎﺳﻖ ﻋﻠـﻰ ﻏﻴﺮ اCﺘﻨﺎﺳﻖ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ،وﻳﻌﺘﺒـﺮ اﻻﺗﺰان اﻟﺘﺎم ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻳﻔﻀﻞ اﻻﺳﺘﺪﻻل اCﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠـﻰ اﺠﻤﻟـﺎز واﳋﻴﺎل ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،وﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻓﻲ آراﺋﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. وﺗﺘﻔﻖ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ــ ﻛﺬﻟﻚ ــ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ ﺑﺎرون و ووﻟـﺶ ﻣﻦ أن ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎCﺴﺎﻳﺮة اﻻﺟﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ،واﺣـﺘـﺮام اﻟـﺘـﻘـﺎﻟـﻴـﺪ واﻟﺸﻜﻠﻴﺎت واﻟﻄﻘﻮس ،واﻟﺘـﺮاث ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ اCـﺮﻛـﺐ إﻳـﺠـﺎﺑـﻴـﺎ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،واﻟﻨﺰﻋﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺴﻠﻮك ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺤﺒﻴﺬ اﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻺﺑﺪاع ﻛﻘﻴﻤﺔ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ﻣﻴﻞ ﺑﺎرز ﻧﺤﻮ اﻻﺳﺘﻘـﻼﻟـﻴـﺔ ﻓـﻲ إﺻﺪار اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ).(٤٧ إن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﺴﻴﻄﺎ وﻣﺘﻨﺎﻓﺮا ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﺴﻴﻄﺎ وﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺎ، وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻛﺒﺎ وﻣﺘﻨﺎﻓﺮا ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻛﺒﺎ وﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺎ ،واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ داﺋﻤﺎ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ أو اﻻﺧﺘﺰال اﺨﻤﻟﻞ ،ﻓﺎﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ، وﻛﻤﺎ ﻳﺮى اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد واﻟﻔﻨﺎﻧ tــ ﻫﻲ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﻔﻦ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻹدراك اﻟﻌﻤﻴﻖ واﻟﺘـﻠـﺨـﻴـﺺ اﻹﺟﻤﺎﻟﻲ اCﻮﺟﺰ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ واﻷﺷﻴﺎء واﻟﻌﻼﻗﺎت.
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮﺿﺖ ﻟﻮﺣﺔ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ إدوار ﻣﺎﻧﻴﻪ اCﺴﻤﺎة »ﻋﺸﺎء ﻋـﻠـﻰ اﻟﻌﺸـﺐ« Le Dejeuner sur L’herbeأول ﻣﺮة ﻓﻲ ﺻﺎﻟﻮن اﻟـﺮاﻓـﻀـSalon de t Refusesﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ﻷول ﻣﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺪﻓﺎ ﻟﻠﻨﻘﺪ واﻟﺴـﺨـﺮﻳـﺔ واﻟـﻘـﻬـﻘـﻬـﺔ ﻣـﻦ اCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ .ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﻪ ١٨٦٣ ،ﻋﺮﺿﺖ ﻟـﻮﺣـﺔ »ﻣـﻮﻟـﺪ ﻓـﻴـﻨـﻮس« Birth of Venusﻟﻠﻔﻨﺎن أﻟﻜﺴﻨـﺪر ﻛـﺎﺑـﺎﻧـﻴـﻞ A.Cabanelوﺣﺎزت اﺳﺘﺤﺴـﺎن اﳉـﻤـﻬـﻮر، 292
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
واﻗﺘﻨﺎﻫﺎ اCﻠﻚ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن اﻟﺜﺎﻟﺚ .أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﺈن ﻟﻮﺣـﺔ »ﻣـﺎﻧـﻴـﻪ« ﻫـﺬه ُﺗﻌﺪ أﺣـﺪ اﻟﻜﻨﻮز اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﲢﻈﻰ ﺑﺎﻹﻋﺠﺎب اﻟﻜﺒﻴـﺮ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﺗـﻘـﺒـﻊ ﻟﻮﺣﺔ ﻛﺎﺑﺎﻧﻴﻞ ،ﺗﻠﻚ ،ﻓﻲ إﺣﺪى زواﻳﺎ ﻣﺘﺤـﻒ اﻟـﻠـﻮﻓـﺮ ﻣـﻬـﺠـﻮرة وﻣـﻬـﻤـﻠـﺔ ﻣـﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﻘﺎد وﻣﺆرﺧﻲ اﻟﻔﻦ).(٤٨ إن اCﺮء ﻗﺪ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ اﻟﺬوق ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺤﺼﻠـﺔ ﻟـﺒـﻌـﺾ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻲ ﻻ ﻜﻦ ﲡﻨﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ ،وﻫـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت ﺗـﻘـﻮم ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﻠﺔ واﻻﻧﺘﻘﺎء ﻟﻸﻋﻤﺎل ذات اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻔـﻨـﻴـﺔ اﻟـﻌـﺎﻟـﻴـﺔ ،وﺗـﻘـﻮم ﺑـﺘـﺼـﺤـﻴـﺢ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ،أو اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎت اﻷوﻟﻰ ﻏﻴﺮ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ ،ورaﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻌﺘﻤﺪا أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﺮات ﻓﻲ اﻟﺬوق اﻟﻌﺎم ﺳﺮﻳﻊ اﻟﺘﻐﻴﺮ ،وﻗﺪ أﺷﺎر روزﻧﺒﺮج Rozenbergإﻟﻰ أن اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻷوﻟﻰ ﲡﺎه ﻟﻮﺣﺔ »ﻣﺎﻧﻴﻪ« ﻛﺎن ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ،ﻟﻮ أﻧﻬﺎ ﻋﺮﺿﺖ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﻮن رﺳﻤﻲ »ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﻳﻘﺎوم اCﺸﺎﻫﺪون اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻏﻴﺮ اCﻨﺎﺳﺒﺔ«).(٤٩ ﻳﺘﻤﺜﻞ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﺴﻴﺎق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وأﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﺗﻌﻄﻰ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ،وﻫﺬه اﻷﻣﻮر أﻫﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺪارﺳﻮن ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت ،ﻓﻌﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ ﻻ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻨﺎﻧt ﻓﻘﻂ ﺑﻞ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﳉﻤﻬﻮر ،واﻟﻨﻘﺎد ،واﻟﺮﻋﺎة ،وﻣﻨﻈﻤﻲ اCﻌﺎرض ،وأﺻﺤﺎب اﻟﻘﺎﻋﺎت ،وﻣﻮﻇﻔﻲ اCﺘﺎﺣﻒ وﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻮق ...إﻟﺦ .وﻋﻠﻰ ﻋﻮاﻣـﻞ ﺳـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ، واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﺪة .وﻫﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎق اﻻﺟﺘـﻤـﺎﻋـﻲ ﻟﻠﻔﻦ ﺗﻌﻨﻲ أن اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﻴﺴﺖ وﺣﺪﻫﺎ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﳊﺪوث اﻟﺘﺬوق ،أو اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻓﺎCﺘﻐﻴﺮات اﻟﺴﻴﺎﻗﻴﺔ ﺗﻠﻌﺐ دورا ﻣﻬﻤﺎ أﻳﻀﺎ. وﻳﺸﻴﺮ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻔﺮد أن ﻳﺒﺬل ﺟﻬﺪا ﺧﺎﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻻﻛﺘﺴﺎب ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﻔﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ ﻋﻀﻮا ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺘﻐﻴﺮا أﺣﺎدي اﳉﺎﻧﺐ ،ﺑﻞ ﻣﺘﻐﻴﺮا ﻣﺘﻌﺪد اﳉﻮاﻧﺐ ،ﻓﺎﻟﻄﺒﻘﺔ ﺗﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﻋﻮاﻣﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻜﺎﻧﺔ اCﻬﻨﻴﺔ وﻗﻮة اﻟﻨﻔﻮذ ،أو اﻟﺴﻠﻄﺔ ،واCﻮارد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، واﻟﻔﺮص اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،واCﻬﻨﻴﺔ واCﻤﺎرﺳﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ .واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﻔﺮوق اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﺎﻟﺖ إﻟﻰ وﺿﻊ ﻣﺘﻐﻴـﺮات أﺧـﺮى ﻓـﻲ اﻻﻋـﺘـﺒـﺎر ﻣـﺜـﻞ :اﻟـﻔـﺮوق ﻓـﻲ اﻷدوار اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻸﻓﺮاد ،وﻓﻲ ﺳﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳـﺐ واﻷﻟـﻔـﺔ 293
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
aﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻮن ﺑﻞ وﻓﻲ اﻟﺬﻛﺎء أﻳﻀﺎ).(٥٠ ُﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺘﺬوق ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ــ وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ــ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻧﺼﻴﺎع ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ )واﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﺒﺮ اﻟﻄﺒﻘﺎت( ،ﻛﻤﺎ ﻧُﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺼﺪر ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر ﻫﻮﻳﺔ اﳉﻤﺎﻋﺔ أو ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﺎ.
آﺛﺎر اﳋﺒﺮة واﻟﺘﺪرﻳﺐ
أﺷﺎر ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜ tإﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺐ واCﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟـﻢ اﻟـﻔـﻦ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ .وأن اﻟﺘـﺪرﻳـﺐ واﳋـﺒـﺮة واﻟـﺘـﻌـﻠـﻴـﻢ اCﻨﺎﺳﺐ أﻣﻮر ﻣﻔﻴﺪة ﻓﻲ ﲢﺴ tﻣﻌﻠﻮﻣﺎت اﻷﻓﺮاد ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﺎﻷﺷـﻜـﺎل واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ .وﻫﻨﺎك دراﺳﺎت ﻋﺪة ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن ﻃﻼب اﻟﻔﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اCﺮﻛﺒﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻄـﻼب ﻏـﻴـﺮ اﻟﺪارﺳ tﻟﻠﻔﻦ ،وأن ﻃﻼب اﻟﻔﻦ ﻫﺆﻻء ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ Cﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻔﻨـﺎن واﺣـﺪ ،أم aـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ.t وﻫﺬه اﻷداءات اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻠﺪارﺳ tﻟﻠﻔﻨﻮن ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى أﻳﻀﺎ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜـﺎل ﻻ اﳊـﺼـﺮ ،اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ، ﺣﻴﺚ اﺗﻀﺢ ﻣﻦ دراﺳﺎت ﻋﺪة أن أﻃﻔﺎل اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ أﻓﻀﻞ ﻓﻲ ﻣﻬﺎرات اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ أﻃﻔﺎل اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺪﻧـﻴـﺎ ،وأﻳـﻀـﺎ أن اﻟـﺘـﺪرﻳـﺐ اﻟـﺬي )ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻪ ﻳﺤﺪث أﻛﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ( أدى إﻟﻰ ﲢﺴ tأداء اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﻲ اﻟﻘﺪرة اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻨﻐـﻤـﻴـﺔ ،وﻓـﻲ اﳊـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،وﻓـﻲ إدراك اﻟـﻔـﺮوق ﺑـt اCﻘﻄﻮﻋﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ أﻳﻀﺎ. وﻫﻨﺎك رأي ﺷﺎﺋﻊ ﺑ tاﻟﻔﻨﺎﻧ tوﻣﻌﻠﻤﻲ اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺄن اﻟﻌ tﻜﻦ ﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وأن ﻫﺬا اﻟﺘـﺪرﻳـﺐ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻜﻦ أن ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﲢﻠﻴﻞ اCـﺘـﻠـﻘـﻲ اﻹدراﻛـﻲ وﻓـﻲ ﺗﺬوﻗﻪ ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ).(٥١ وﻗﺪ أﺷﺎرت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ إﻟﻰ أن اCﺘﻠﻘ ،tﻏﻴﺮ ذوي اﳋﺒﺮة، ﻳﺮﻛﺰون ﻋﻨﺪ رؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،أو اCﻨﻔﺼﻠﺔ داﺧﻞ 294
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
اﻟﻠﻮﺣﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﻢ اﻟﻌﻴﻨ tﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ tاﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻷﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة ،ﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮون اﻟﺪﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ )وﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻷﻛﺜﺮ ﺧـﺒـﺮة( ،وذﻟـﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﳊﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻔﻨﻲ .وﻗﺪ § اﻟـﺘـﻮﺻـﻞ إﻟـﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌ tﻟﺪى أﻓﺮاد أﻗﻞ ﺧﺒﺮة، وأﻓﺮاد أﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮةa ،ﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ).(٥٢ ﻓﺎﻷﻟﻔﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻟﻬﺎ دورﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻗﺪ أﺷﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tإﻟﻰ أن اﻷﻟﻔﺔ ﺗﺆﺛﺮ دون ﺷﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،وأن ﺑﻌﺾ اﻷوﺿﺎع اﻷﺳﺮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻗﺪ ﲡﻌﻞ اﻟﻔﺮد أﻛﺜﺮ ﺗﻌﺮﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺘﻈﻢ ﻟﺒﻌﺾ أﻧﻮاع اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وأن %٨٣ﻣﻦ ﺑ tﻋﻴﻨﺔ ﺗـﺘـﻜـﻮن ﻣـﻦ ١٥٠٠ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻴ tﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ أﺳﺮ ﻳﻌﺰف أﺣﺪ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ aﻬﺎرة ﻋﻠﻰ إﺣﺪى اﻵﻻت اCﻮﺳﻴﻘﻴـﺔ .وﻗـﺪ أﺷـﺎرت دراﺳـﺎت أﺧـﺮى إﻟـﻰ أن اﻷﻟـﻔـﺔ رaﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ،ﻓﺎﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻟﻔﺔ دون ﺷﻚ، ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺪرﻳﺐ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﺄﻫﻞ Cﻬﻨﺔ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ اCﺮء ،.وﻗـﺪ ُﻳَﺪﱠرب اﻟﻔﺮد ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌ tﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺤﺪودا ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ ،وﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪة ﻓﺈن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻷﻟﻔﺔ )ﻣﻦ ﺧـﻼل اﻟـﺴـﻤـﺎع ﻟـﻠـﻤـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ أو اCﺸﺎﻫﺪة ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ...إﻟﺦ( أﻛﺜـﺮ ﻣـﻦ ارﺗـﺒـﺎﻃـﻬـﺎ ﺑـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺐ ،أو اﻛﺘﺴﺎب اCﻬﺎرات اﻷداﺋﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ aﺠﺎل ﻓﻨﻲ ﻣﻌ.(٥٣)t ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻷﻟﻔﺔ ﻛﺬﻟﻚ aﻮﺿﻮع اﻟﺘﻌـﺮض Exposureﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻗـﺪ ُأﺟﺮﻳﺖ ﺑﺤﻮث ﻛﺜﻴﺮة ﺣﻮل ﻫﺬا اCﻮﺿﻮع ،أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣـﻦ ﺑﻴﻦ ــ ﻋﺒﺮ ﺳﻠﺴـﻠـﺔ ﻣـﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﻗﻠﻨﺎ ﺧﻼﻟـﻬـﺎ إن زاﺟـﻮﻧـﻚ Zajonicﻗﺪ ﱠ اﻟﺪراﺳﺎت ــ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻋﺮض أو ﺗﻘﺪ& اCﺜﻴﺮات اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،أي ﻋﺪم ﺗﻘﺪ ﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر ،أو ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ،ﺎ ﻗﺪ ﻳﺜﻴﺮ اCﻠﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ أﺣﺪ اﻷﻓﻼم ﻛﻞ ﻳﻮم أو ﻧﺴﻤﻊ أﻏﻨﻴﺔ ــ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ــ ﻛﻞ ﻳﻮم ﺎ ﻳﻔﻘﺪﻫﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ ﺟﺎذﺑﻴﺘﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺗﻌﺮض ﻓـﻴـﻬـﺎ، ﻓﺎﻟﻌﺮض ﺑ tاﻟﻔﺘﺮة واﻟﻔﺘﺮة أو ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ﻳﺆدي ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر زاﺟﻮﻧﻚ ــ إﻟﻰ زﻳﺎدة ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ .وﻗﺪ أﻇﻬﺮت دراﺳﺎت ﺑﺮﻟ tأﻳﻀﺎ أن ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻜﺮار اﻟﻌﺮض أو اﻟﺘﻘﺪ& ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ وﻓﻘﺎ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ، ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ ﺑﺴﻴﻄﺎ )اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﺎﺳـﻌـﺔ ﺑـﺴـﻴـﻄـﺔ اCـﻌـﺎﻧـﻲ واﻷﳊـﺎن 295
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ـﺪم إﻟﻰ اﳉﻤﻬﻮر، ﻣﺜﻼ( ،ﻓﺈن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﻓﻲ ﻛـﻞ ﻣـﺮة ُﺗﻘ ﱠ أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧـﺖ ﻫـﺬه اCـﺜـﻴـﺮات اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻣـﺮﻛـﺒـﺔ )ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﺜﻼ ،أو اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ اCﺮﻛﺒﺔ( ،ﻓﺈن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻓـﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ،ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻊ ﺗﻜﺮار اﻟﺘﻘﺪ&. ﺧـﺎﺗـﻤــﺔ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻷﻫﻢ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﺣﻮل ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﻨﺎس ﻟﻸﻟﻮان وﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واﻷﺷﻜﺎل اCﺮﻛﺒﺔ ،وﻧﺎﻗﺸﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ ﺿـﻮء ﺑـﻌـﺾ ﺳﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﳉﻮاﻧﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳋﻠﻔﻴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،وﲢﺪﺛﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﻋﻦ آﺛﺎر اﳋﺒﺮة واﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،ﺛﻢ اﺧﺘﺘﻤﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮات اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻷﻟﻔﺔ ،وﻓﻲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﺪراﺳﺎت ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ودراﺳﺎت أﺧﺮى ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌـﻬـﺎ. ﻓﺎﺠﻤﻟﺎل ﺧﺼﺐ وﻣﺎزال ﻳﻨﺘـﻈـﺮ اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ واﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟـﻮاﻗـﻌـﻴـﺔ واﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ أﻳﻀﺎ .وﻟﻌﻠﻨـﺎ ﻧـﺬﻛـﺮ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟـﺴـﻴـﺎق دراﺳـﺔ أﺧـﻴـﺮة ﻧﺸﺮت اﻟﻌﺎم ،١٩٩٨ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺑﺎﻷرﻗﺎم «Painting by Numbers ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺑﺎﺣﺜﺎن روﺳﻴﺎن ﻫﺎﺟﺮا إﻟﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة اﻟﻌﺎم ،١٩٧٨وﻗﺎﻣﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .ﻫـﺬان اﻟﺒﺎﺣﺜﺎن ﻫﻤﺎ ﻓﻴﺘﺎﻟﻲ ﻛﻮﻣﺎر V.Komarوأﻟﻜﺴﻨﺪر ﻣﻴﻼﻣﺎﻳﺪ ،A.Melamidوﻗﺪ ﻗﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺳﻠﻮب ﺧﺎص ﺑﺎﺳﺘﻄﻼع آراء اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺘﻠﻴﻔﻮن .وﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺑﺎﺣﺜ tآﺧﺮﻳﻦ ﺑﺠﻤﻊ آراء اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺣﻮل اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳉﻮاﻧﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،واﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ آراء ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة وﻣﻦ روﺳﻴﺎ واﻟﺼ tوﻓـﺮﻧـﺴـﺎ وﻛـﻴـﻨـﻴـﺎ وﻏـﻴـﺮﻫـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﺪول .وﺧـﻼﺻـﺔ ﻫـﺬا اﻻﺳﺘﻄﻼع اﻟﻌﺎم ﻟﻶراء ،واﻟﺬي أﺟﺮي ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻫﺬان اﻟﺒﺎﺣﺜﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻴﻮﻧﻲ ﻓﺮد )وﻫﻮ رﻗﻢ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺸﻚ( ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻫﻲ أﻧﻪ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ واﻟـﺴـﻼﻟـﺔ واﻟـﻨـﻮع )ذﻛـﺮ/أﻧـﺜـﻰ( ،ﻓـﺈن اﻟـﻨـﺎس ﺗﻔﻀﻞ اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻬﺎد اﻟﺬي ﻳﺴﻮده اﻟﻠﻮن اﻷزرق )ﻟﻮن اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺴﻤﺎء( ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص).(٥٤ 296
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
وﻓﻲ اﺳﺘﻄﻼع آﺧﺮ ،أُﺟﺮي اﻟﻌﺎم ١٩٩٨أﻋﺪﺗﻪ ﻣﺆﺳﺴﺔ »ﻣﻮري« Cﺼﻠﺤﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »ﻛـﻠـﻮز أب« Close Upاﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ،اﻟﺬي ﺗﺒﺜـﻪ ﻗـﻨـﺎة اﻟــ »ﺑـﻲ ﺑـﻲ ﺳـﻲ« B.B.Cاﻧﺤﺎز أﻏﻠﺐ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘُﻄﻠﻌﺖ آراؤﻫﻢ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ .ﻓﻘﺪ ﺗﺒt أن اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ اCﻔﻀﻞ ﻟﺪى اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴ tﻫﻮ ﺟﻮن ﻛﻮﻧﺴﺘﺎﺑﻞ اﻟﺬي اﺷﺘﻬﺮ ﺑﺮﺳﻢ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،واCﺘﻮﻓﻰ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ وﺳـﺘـ tﻋـﺎﻣـﺎ ،ﺛـﻢ ﺟﺎء ﺑﻌﺪه ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻛﻠﻮد ﻣﻮﻧﻴﻪ ،ﺛﻢ ﻓﺎن ﺟﻮخ ،ﺛﻢ ﺑﻴﻜﺎﺳـﻮ ،ﺛـﻢ ﺳـﻠـﻔـﺎدور داﻟﻲ ،ﺛﻢ أﻧﺪل وارﻫﻮل ،ﺛﻢ دﻳﻔﻴﺪ ﻫﻮﻛﻨﻲ ،وأﺧﻴﺮا ﻫﻴـﺮﺳـﺖ اﳊـﺎﺻـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﺗﻴﺮﻧﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻌـﺎم ١٩٩٥ﻋـﻦ ﻋـﻤـﻠـﻪ اCـﺴـﻤـﻰ »اﳋـﺮوف اﻟـﺸـﺎرد ﻋـﻦ اﻟﻘﻄﻴﻊ« ،وﻫﻮ ﺧﺮوف ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﺤﻔﻮظ ﺑﺎﶈﻠﻮل اCﻨﺎﺳﺐ ،وﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ %٢ﻣﻦ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻋﻴﻨﺔ اﻻﺳﺘﻄﻼع اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻎ ﻋـﺪدﻫـﺎ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﺛـﻤـﺎ ـﺎﺋـﺔ ﺷﺨﺺ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻨﺘﺞ اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻄﻼع أن اﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻔﻦ ﻣﺎزاﻟﺖ ﻴﻞ إﻟﻰ اﶈﺎﻓﻈﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﻘﺪ& ،وأﻧﻬﺎ أﻗﻞ ﻣﻴﻼ ﻟـﺘـﻘـﺒـﻞ اﳉﺪﻳﺪ واﳋﺎرج ﻋﻦ اCﺄﻟﻮف ) .(٥٥ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻣﺎزال اﺠﻤﻟﺎل ﺧﺼﺒﺎ وزاﺧﺮا ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻤﻨﻰ أن ﻧﺴﺎﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ وﻟﻮ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻜـﺸـﺎف ﻟﻸ ﺎط اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ذاﺋﻘﺔ ﻣﺎزاﻟﺖ ﻏﺎﻣﻀﺔ إﻟﻰ اﻵن ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ.
297
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
298
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
9اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﳌﻮﺳﻴﻘﻰ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ ووﻇﺎﺋﻔﻬﺎ
»ﻛﻠﻤﺎ زادت اﻟﻀﻮاﺑـﻂ اﻟـﺘـﻲ أﻓﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔـﺴـﻲ ،زادت اﳊﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﻬﺎ« »إﻳﺠﻮر ﺳﺘﺮاﻓﻨﺴﻜﻲ«
اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻟﻐﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﺧﺮى ﻏﻴﺮ ﻟﻐﺔ اﻟﻜﻠﻤﺎت، وﻟـﻬـﺬه اﻟـﻠـﻐـﺔ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟـﻮﻇـﺎﺋـﻒ اﻟ ـﺒ ـﻴــﻮﻟــﻮﺟ ـﻴــﺔ واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺬﻛﺮ ﻋﺸﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ذﻛﺮه ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ »آﻻن ﻣﻴﺮﻳﺎم« ،A.Merriamﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ١ــ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ واﻟﻌﻘﻠﻲ :ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻟﺘﻨﻔﻴـﺲ ﻋـﻨـﻬـﺎ، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻷﻓﻜﺎر وﲡﺴﻴﺪﻫﺎ. ٢ـــ اﻻﺳـﺘـﻤـﺘـﺎع اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ :ﻓـﺎﳋـﺒـﺮة اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ اCـﺼـﺎﺣـﺒـﺔ ﻟـﻠـﻤـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﻫـﻲ ﻣـﻦ أﻋـﻤـﻖ اﳋـﺒــﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ٣ــ اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ :ﺣﻴـﺚ ﻳـﺸـﻴـﻊ اﺳـﺘـﺨـﺪام اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﺔ واCﺘﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ٤ــ اﻟﺘﻮاﺻﻞ أو اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ :وذﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام وﺳﻴﻠﺔ أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﻠﻐﺔ ﻟﻠﺘﺨﺎﻃﺐ وﻧﻘﻞ اﻻﻧﻔﻌـﺎﻻت داﺧـﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،أو ﻋﺒﺮ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ٥ــ اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ اﻟـﺮﻣـﺰي :Symbolic Representation ﺣﻴﺚ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص 299
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اCﻜﺘﻮﺑﺔ ﻟﻸﻏﺎﻧﻲ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اCﻌﺎﻧﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻸﺻـﻮات ،وﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑـﺎﳋـﺒـﺮة اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ ،وﺗـﺴـﺘـﺨـﺪم اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻫﺬه اﳉﻮاﻧﺐ وﲡﺴﻴﺪﻫﺎ. ٦ــ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﺴﺪﻳﺔ :ﻓﺎﺳﺘﺨﺪام اCﻮﺳﻴـﻘـﻰ ﻣـﻦ أﺟـﻞ اﻟـﺮﻗـﺺ ،وﻣـﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﳉﺴﻤﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة ،ﻛﺎﻷﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﺜﻼ، ﻫﻮ أﻣﺮ ﺷﺎﺋﻊ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ٧ــ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﻻﻧﺼﻴﺎع ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﺨﺪم اCﻮﺳﻴـﻘـﻰ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎت أو اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ،ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. ٨ــ اCﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ :ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﺗﻌﺘﺒﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﻠﺨﻴﺼﺎ ﻟﻠﻨﺸﺎط اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ،وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﺛﺒﺎت أو ﺗﻐﻴﺮ أﻳﻀﺎ. ٩ــ ﲢﻘﻴﻖ اCﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻄﻘﻮس اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ :ﻛـﻤـﺎ ﻳﺘﺠﺴﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واCﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص. ١٠ــ اCﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﺎﻣﻞ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ :ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ وﺳﻴﻠﺔ ﻣـﻨـﺎﺳـﺒـﺔ ﻟـﺘـﺠـﻤـﻴـﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﻫﺪف اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أو وﻃﻨﻲ أو ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻌ.(١)t وﻫﻨﺎك وﻇﺎﺋﻒ أﺧﺮى ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻓﻬﻲ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﺨﻠﻔﻴﺔ ﺻﻮﺗﻴﺔ ﻓﻲ اCﻄﺎرات ،واCﻄﺎﻋﻢ ،وﻣﺤﻼت اﻟﺘـﺴـﻮق ،واCـﻜـﺎﺗـﺐ ،وﺧـﻼل اﻻﺳـﺘـﺮﺧـﺎء ،أو ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ اﻟﺪروس ،أو ﻃﻬﻲ اﻟﻄﻌﺎم ،وﻓﻲ ﻋﻴﺎدات ﺑﻌﺾ اﻷﻃﺒﺎء ،و ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻮاﻗﻊ ،واCﻮاﻗﻒ).(٢ ﻫﺬا ﻋﻦ ﺑﻌﺾ وﻇﺎﺋﻒ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻓﻤﺎذا ﻋﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ?
اﳌﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ
اCﻜﻮن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻫﻮ اﻟﺼﻮت ،وﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺼﻮت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ــ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ــ ﻫﻲ :اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ Pitchاﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ أﺣﻴﺎﻧـﺎ ﺑﻄﺒﻘﺔ اﻟﺼﻮت ،ﺛﻢ ﻃﺎﺑﻊ اﻟﺼﻮت أو ﺟﺮﺳـﻪ Timbreواﺳﺘﻤﺮاره أو د ﻮﻣﺘـﻪ ،Durationوﺷﺪﺗﻪ Loudnessوﺻﻌﻮده ،Attackأو ﻫﺒﻮﻃﻪ ) Decayأي ﺣﻀﻮره اCﺘﺰاﻳﺪ أو ﻏﻴﺎﺑﻪ اCﺘﻨﺎﻗﺺ( ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﳊﻀﻮر ﻣﻔﺎﺟﺌﺎ أو ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺎل اﻟﻐﻴﺎب ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺨﻔﺾ اﻟﺼﻮت ﻓﺠﺄة أو ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺪرﻳﺠﻲ ﺎ ﻳـﺠـﻌـﻠـﻪ 300
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
ﻳﺨﻔﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ. ﻳﺸﻴﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ« إﻟﻰ »اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻨﺴﺒﻲ« أو اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﺼﻮت ﻣﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎس ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺳﻠﻢ أﺻﻮات ﻣﻌ ،tوﻫﻨﺎ ﺗﺴﻤﻊ أﺣﺪ أو أﻏﻠﻆ ﻣﻦ اﻷﺧﺮى ،ﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وﻫﺬا ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻐﻤﺎت ﱠ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ﻫﻮ »داﻟﺔ ﻟﺘﺮدد اﻟﺼﻮت اﻟﺬي ﻧﺴﻤﻌﻪ« ).(٣ أﻣﺎ »ﻃﺎﺑﻊ اﻟﺼﻮت« أو ﺟﺮﺳﻪ ﻓﻴﺼﻒ ﺧﺎﺻـﻴـﺔ اﻟـﻨـﻐـﻤـﺔ أو ﻧـﻮﻋـﻴـﺘـﻬـﺎ أو ﻟﻮﻧﻬﺎ ،أي ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻐﻤﺔ اCﻌﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰف ﻣﻦ ﺧﻼل آﻟﺔ ﻛﻤﺎن ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل آﻟﺔ اﻟﻜﻼرﻳﻨﻴﺖ أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻵﻻت» :إن ﺟﺮس اﻟﺼﻮت أو اﻵﻟﺔ اCﻮﺳﻴﻘـﻴـﺔ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻴﺰ ﺑ tاﻵﻻت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺤﺪة اﻟﻨﻐﻤـﺔ، وﻋﺪد ذﺑﺬﺑﺎﺗﻬﺎ واﺣﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tاﻷﻟﻮان اﻟﺼﻮﺗـﻴـﺔ ﻟـﻜـﻞ ﻣـﻦ اﻟﻔﻴﻮﻟﻴﻨﺔ ،واﻟﻌﻮد ،واﻟﺘﺮوﻣﺒـﺎ ،واﻟـﺼـﻮت اﻟـﺒـﺸـﺮي ،وذﻟـﻚ ﻻﺧـﺘـﻼف اCـﻮﺟـﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ،واﺧﺘﻼف ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻧﻮع اﻵﻟﺔ واﻟﺼﻮت اﻟﺼﺎدر ﻣﻨﻬﺎ .واCﺆﻟﻒ اﳉﻴﺪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم أﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮاﺋﻖ ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻠﻮن اﻟﺼﻮﺗﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻛﻞ آﻟﺔ ﻣﻦ اﻵﻻت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،و ﺰج ﻫﺬه اﻟﻄﺒﺎع أو اﻷﻟﻮان اﺨﻤﻟﺘﻠـﻔـﺔ ﻟـﻶﻻت ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اCﻌﺎﻧﻲ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺼﺪﻫﺎ أو ﻳﺘﺨﻴﻠﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻷورﻛﺴﺘﺮاﻟﻲ .وﻳﻄﻠﻖ ﻫﺬا اCﺼﻄﻠﺢ أﻳﻀـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺼـﻮت ،ﻓـﻴـﻘـﺎل ﻣﺜﻼ :إن ﺻﻮت ﻫﺬا اCﻐﻨﻲ ﺟﻴﺪ اﻟﻄﺎﺑﻊ ،ﺟﻴﺪ اﻟﺮﻧ tأو ﻃـﺎﺑـﻊ ﺻـﻮﺗـﻪ ﻧـﻘـﻲ رﻧﺎن ...إﻟـﺦ« ) .(٤وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻃﺎﺑﻊ اﻟﺼﻮت ﻋﻠﻰ ﺳﻠـﺴـﻠـﺔ اﻟـﻨـﻐـﻤـﺎت اﻟـﺘـﻮاﻓـﻘـﻴـﺔ ﺴَﻤﻊ أو ﺗﺘﺮدد اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ).(٥ ،Overtonesاﻟﺘﻲ ﺗُ ْ وﻳﺸﻴﺮ ﻣﺼﻄـﻠـﺢ اﻟـﺪ ـﻮﻣـﺔ Durationأو اﻻﺳﺘﻤﺮار ،إﻟﻰ اCـﺪى اﻟـﺰﻣـﻨـﻲ ﺴﻤﻊ ﻧﻐﻤﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺧﻼﻟﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ اﻟﺸﺪة Loudnessاﳋﺎﺻﺔ اﻟﺬي ﻜﻦ أن ُﺗ َ ﺑﻨﻐﻤﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ إﻟﻰ ﻗﻮﺗﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺪرﻛﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻗﻮﻳﺔ ﺷﺪﻳﺪة، أو ﻧﺎﻋﻤﺔ ﻫﺎدﺋﺔ ،وﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﺘﺒﺎﻳﻨﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﺪة aﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺎت اﻟﺼﻮت، واﻟﺘﻲ ﻣﻨـﻬـﺎ اﻟـﺼـﻌـﻮد Attackواﻟﻬـﺒـﻮط ،Decayأو اﻻرﺗﻔﺎع واﻻﻧـﺨـﻔـﺎض ،أو اﳊﻀﻮر واﻟﻐﻴﺎب .وﻳﻌﻨﻲ اﻟﺼﻌﻮد ﻣـﺪى اﻟـﺴـﺮﻋـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺼـﻞ اﻟـﺼـﻮت ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌ tﻣﻦ اﻟﺸﺪة ،أﻣﺎ اﻟﻬﺒﻮط أو اﳋﻔﻮت ﻓﻴـﻌـﻨـﻲ ﻣـﺪى اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺼﻮت ﻏـﻴـﺮ ﻣـﺴـﻤـﻮع .وﻳـﺸـﺘـﻤـﻞ اﻟـﺼـﻮت اﳋﺎص ﺑﻨﻐﻤﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﻬـﺎ .ﺑـﺪءا ﻣـﻦ ﺻـﻌـﻮدﻫـﺎ اﻷول وﺣـﺘـﻰ ﺧﻔﻮﺗﻬﺎ اﳋﺘﺎﻣﻲ).(٦ 301
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺑﺎﻹﻳﻘﺎع» ،ﺗﺮﺑﻄﻨﺎ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺎCﻨﺎﺑﻊ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟـﻠـﺤـﻴـﺎة« ) ،(٧ﻓﺎﻹﻳﻘﺎع ﻫـﻮ »اﻟﻮﺟﻪ اﳋﺎص ﺑﺤﺮﻛﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﺘﻌـﺎﻗـﺒـﺔ ﺧـﻼل اﻟـﺰﻣـﺎن ،أي أﻧـﻪ اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟﻮزﻧﻲ ﻟﻸﻧﻐﺎم ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ اCﺘﺘﺎﻟﻴﺔ«).(٨ وﺗﻠﻌﺐ اﻹﻳﻘﺎﻋﺎت دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﻨﻮن» ،ﻓﺎﻹﻳﻘﺎع ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ أو ﻧﺸﺎط أو أﺟﻬﺰة اﳉﺴﻢ ﻛﺎﻟـﺸـﻬـﻴـﻖ واﻟـﺰﻓـﻴـﺮ واﻟـﺮاﺣـﺔ واﻟﺘﻌﺐ ،وﻓﻲ دورات اﻟﻜﻮاﻛﺐ ،وﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر واﻟﻔﺼﻮل .واﻹﻳﻘﺎع ﻫﻮ ﻋﻨﺼﺮ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اCﻄﺮد ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘـﻰ ،وﻫـﻮ ﺻـﻮرة ﻟـﻨـﻈـﺎم ﺗـﻜـﺮره ﺿﺮﺑﺔ )ﻧﻘﺮة( ،أو ﺿﺮﺑﺎت أو ﻧﺒﻀﺎت ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺎﻋﺪ أو ﻧﺎزل«).(٩ ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﺒﻨﻴﺎت اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌـﺔ ﻣـﻜـﻮﻧـﺎت ﻫـﻲ اﻟـﻠـﺤـﻦ ،Melodyوﺗـﺂﻟـﻒ اﻷﺻـﻮات Harmonyواﻟﺘـﺠـﺎﻧـﺲ اﻟـﻨـﻐـﻤـﻲ أو وﺣـﺪة اﻷﺻﻮات Homophonyوﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻷﺻﻮات .Polyphonyواﻟﻠﺤﻦ ﻫﻮ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﻈﻢ ﻓﻲ ﺗﺘﺎﺑﻊ أﻓﻘﻲ» .وﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ اﻟﻠﺤﻦ ﺑﺘـﻨـﻈـﻴـﻢ اﻟﻨﻐﻤﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ُﺗَـﻨ ّ ﺿﺮﺑﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺸﺪﺗﻬﺎ أو ﺧﻔﻮﺗﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻀﻴﻒ إﻟﻰ اﻹﻳﻘﺎع ﻋﻨﺼﺮ ارﺗﻔﺎع اﻷﺻﻮات أو اﻧﺨﻔـﺎﺿـﻬـﺎ ،Pitchأي ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺼﻮت اﻟـﺮﻓـﻴـﻊ اﻟـﺬي ﺗﺰداد ﺳﺮﻋﺔ ذﺑﺬﺑﺎﺗـﻪ ،واﻟـﺼـﻮت اCـﻨـﺨـﻔـﺾ أو اﻟـﻌـﺮﻳـﺾ اﻟـﺬي ﻳـﺰداد ﺑـﻂء ذﺑﺬﺑﺎﺗـﻪ«) .(١٠أﻣﺎ اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ ﻓﻬﻮ اﻟﺘـﺮﻛـﻴـﺐ اﻟـﺮأﺳـﻲ Verticalﻟﻠﻨﻐﻤﺎت اﻟـﺘـﻲ ﻌﺰف ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻣﻦ ،أي ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وﺗﺴﻤﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺎت أو ﻋﻤـﻠـﻴـﺎت ُﺗ َ )(١١ اCﺰج اCﺘﺂﻟﻔﺔ أو اCﺘﻮاﻓﻘﺔ ﻟﻨﻐﻤﺘ tأو أﻛﺜﺮ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﺂﻟﻔﺎت اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ . Chords وﻫﻨﺎك ﺗﺼﻮران ﻋﺎﻣﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن ﻟﻺﻳﻘﺎع :ﻓﻬﻨﺎك ،أوﻻ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة اCﺄﻟﻮﻓﺔ اCﻌﺮوﻓﺔ ﻋﻦ اﻹﻳﻘﺎع ﺑﻮﺻﻔﻪ أ ﺎﻃﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﺮﺑﺎت اCـﺘـﻜـﺮرة أو اCـﺘـﺴـﺎرﻋـﺔ، وﻫﺬه اﻷ ﺎط ﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﳊﻈﺔ إﻟﻰ أﺧﺮى ،ﻛﻤﺎ ﻜﻦ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺒﺮ اCﺆﺟﻞ Syncopationأو ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﳊﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﳉﻌﻞ اﻹﻳﻘﺎﻋﺎت أﻛﺜﺮ إﺛﺎرة ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم .وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع ﺑﺎﻹﻳﻘﺎع »اﻟﺴﺎﺋﺪ« أو اﻟﺒﺎرز ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ ﻋـﺒـﺮ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ،وأﺷـﻬـﺮ أﺷﻜﺎﻟﻪ إﻳﻘﺎﻋﺎت اﻟﻄﺒﻮل ،وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻋﻠﻤﺎء اCﻮﺳﻴﻘﻰ إﻟـﻰ ﻫـﺬا اﻟـﻨـﻮع ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﻮزن «Meterاﳋﺎص ﺑﺎﻷﳊﺎن. أﻣﺎ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻳﻘﺎع ﻓﻬﻮ ﺗﺼﻮر ﻣﺨﺘﻠـﻒ ـﺎﻣـﺎ ،ﻣـﺨـﺘـﻠـﻒ ﺑـﺤـﻴـﺚ ﻗﺪﻻﻳﺒﺪو ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ذا ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻹﻳﻘﺎع .إﻧﻪ ذﻟﻚ اﻹﻳﻘﺎع اﻟـﺬي ﻧـﻨـﺸـﺌـﻪ أو 302
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
ﻧﻘﻮم ﺑﺘﻮﻟﻴﺪه ﻛﻞ ﻳﻮم ،أي إﻳﻘﺎع اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ .إﻧﻪ إﻳﻘﺎع اﳉﺮي ،واﻟﻘﻔﺰ ﻋﺎﻟﻴﺎ ﺑﺎﻟﺰاﻧﺔ )ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اCﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ( ،وإﻳﻘﺎع ﺗﺪﻓﻖ ﻣﻴﺎه اﻟﺸﻼﻻت ﺑﻐﺰارة ،وﻫﺒﻮب اﻟﺮﻳﺎح اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ ،وإﻳﻘﺎع ﲢﻠﻴﻖ ﻃﺎﺋﺮ »اﻟﺴﻨﻮﻧﻮ« اﻟـﺸـﺎﻫـﻖ ﻓـﻲ اﻟﻔﻀﺎء ،وإﻳﻘﺎع ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻘﻔﺰ ﻟﺪى اﻟﻨﻤﺮ أﻳﻀﺎ .وﻫﻮ أﻳﻀـﺎ إﻳـﻘـﺎع اﻟـﻜـﻼم. وﻳﻔﺘﻘﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎﻋﺎت إﻟﻰ ﺧﺎﺻﻴﺔ »اﻟﺘﻜـﺮارﻳـﺔ« اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺘـﺴـﻢ ﺑـﻬـﺎ اﻟﻨﻮع اﻷول ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع ،واﻟﺬي ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻄﻮات ﻣﺘﺴﺎرﻋﺔ ،ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ أو ﻣﺘﻮازﻧﺔ أو ﻣﻄﺮدة. ﺒﻨﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع )اﻟﺜﺎﻧﻲ( ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺘﺎﺑﻊ وﻳ َ ُ ﻤﺰج ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻋﺪة ،ﻋﻠﻰ ﺧﺎص ﻣﻦ أﺷﻜﺎل ﺻﻮﺗﻴﺔ Sonicﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ،ﻳُ َ ﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻧﺤﻮ ﺎﺛﻞ Cﻜﻮﻧﺎت ــ أو أﺟﺰاء ــ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ أﺣـﻴـﺎﻧـﺎ ﻣـﺎ ﺗُ َ ﺗﻮازن ﻣﺘﻘﻦ ،وﻓﻲ أﺣﻴﺎن أﺧﺮى ﻗﺪ ﲢﻮى ﻗﻮى ﺗﺘﺤﺮك ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺣﻠـﺰوﻧـﻲ، وﻣﻨﺪﻓﻊ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ أﺧﺮى ،أو ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺘﺤﺮك ﻣﻠﺘﻔﺎ ــ ﻛﺎﻟﺪواﻣﺔ ــ ﻣﺮة ﺛﺎﻟﺜﺔ ،وﻫﻜﺬا. ﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺘﺠﻤﻴﻊ وﻳ َ ُ )(١٢ أو اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ . Phrasing وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻋﻦ اﻟﻨﻮع اﻷول ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع إﻧﻪ إﻳﻘﺎع اﻵﻟﺔ ،Instrumental وﻋﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻧﻪ إﻳﻘﺎع اﻟﺼﻮت ،Vocalوﻫﻮ ــ أي اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ــ إﻳﻘﺎع ﺻﻮﺗﻲ » أو ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺼﻮت ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺒﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻣـﻦ اﻷﻏـﻨـﻴـﺔ ،أي أﺻـﻼ ،ﻣـﻦ اﻟﻜﻼم .أﻣﺎ اﻹﻳﻘﺎع اﳋﺎص ﺑﺎﻷداة أو اﻵﻟﺔ )إﻳﻘﺎع اﻟﻮزن( ﻓﻬﻮ ﻳﻜـﻮن ﻛـﺬﻟـﻚ ﻷﻧﻪ إﻳﻘﺎع ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰف ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻵﻻت اCﻮﺳﻴـﻘـﻴـﺔ ، وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻵﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻋﺎدة ﺑﺴﺮﻋﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺮﻋـﺔ اCـﻮﺟـﻮدة ﻓﻲ اﻟﺼﻮت ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ دﻗﺔ زﻣﻨﻴﺔ أﻛﺜﺮ إﺣﻜﺎﻣﺎ أﻳﻀﺎ. إن أﺣﺪﻫﻤﺎ )إﻳﻘﺎع اﻟﺼﻮت( ﻳﺮﺗﺒﻂ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﳊﻨﺠﺮة ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ اﻷول )إﻳـﻘـﺎع اﻵﻟﺔ( ﻳﺮﺗﺒﻂ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪﻳﻦ .وﻳﻨﺪر أن ﳒﺪ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻻ ﲢﺘﻮي ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬﻳـﻦ اﻟﻨﻮﻋ tﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع .ﻓﺎﻟﻮزن ﻳﻀﻔﻲ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻣﻦ ،ﺑﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﻘـﻮم اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اCﻘﻄﻌﻲ أو اﻟﺼﻮت ﺑﺈﺿﻔﺎء ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﺮد أو اﳊﻜﻲ ﻋﻠﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ، اﻷول ﻳﻨﻈﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻨﻐﻤﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮة ،أو اﻟﻜﺒﻴﺮة ،وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻳﻘﺪم ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺸﺒﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﻜﻮﻳﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ أو اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ .ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اCﻮﺳﻴـﻘـﻰ ﻧـﻮﻋـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﺪراﻣـﺎ 303
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ).(١٣ ﻳﻘﻮم اﻟﻮزن ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺰﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻋﻠﻰ اCﺴﺘﻮى اﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌـﻤـﻞ اﻟﺼﻮت ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ اCﺴﺘﻮى اﻟﻜﺒﻴﺮ .وﻣﻦ دون اﻟﻮزن ﺗﺼﺒﺢ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ذات ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺳﻜﻮﻧﻴﺔ ﺟﺎﻣﺪة ،وﻣﻦ دون اﻟﺘﺠﻤﻴﻊ اCﻘﻄﻌﻲ ﺗﺼـﺒـﺢ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺘﻜﺮرة وﻋﺎدﻳﺔ .وﻃﻐﻴﺎن أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ﻳـﻌـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ إﻋﺎﻗﺔ اﻵﺧﺮ ،ﻓﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ داﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺴـﻼم واﻟـﺘـﻜـﺎﻣـﻞ ﻓـﻲ اﻷﻋﻤﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وإن ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر روﺑﺮت ﺟﻮردان R. Jourdain ــ أن ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ).(١٤ وإذا ﺟﺎز ﻟﻨﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ ـــ أن » ـﺜـﻞ اﻹﻳـﻘـﺎع ﻣـﻦ ﺣـﻴـﺚ ﻫـﻮ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﳋﻂ ذي اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﻓﺈن اﻟﻠﺤﻦ ﺜﻞ ﺑﺎCﺴﻄﺢ ذي اﻟﺒﻌﺪﻳﻦ، إذ إن اCﺴﺎﻓﺎت اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ،ﻓﻲ ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ واﻧﺨﻔﺎﺿﻬﺎ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﲢﺪد ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻠﺤﻦ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن اﻟﻠﺤﻦ ﻳﺘﺤﺪد ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻧﻐﻤﺔ اﻟﻘﺮار ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،واﻟﻨﻐﻤﺔ اﻟﻠﺤﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺘﻌﺪ أو ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﻧﻐﻤﺔ اﻟﻘﺮار ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .ﺑﻬﺬا اCﻌـﻨـﻰ ﻧﻘﻮل إﻧﻪ ذو ﺑﻌﺪﻳﻦ .أﻣﺎ اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻴﺔ أو اﻟﺘﺂﻟﻒ اﻟﺼﻮﺗﻲ ﻓﻠﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻌﺎد ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻀﻴﻒ إﻟﻰ اﻟﻠﺤﻦ ﻋﻨﺼﺮ اﻟﻌﻤﻖ ،أي ﺗﺰاﻣﻦ اﻷﺻﻮات اCﺘﺂﻟﻔﺔ وﺗﻨﺎﻏﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟـﻮاﺣـﺪ«) .(١٥وﺑﺮﻏﻢ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺎت وﺛﻴﻘﺔ ﺑـ tاﻹﻳـﻘـﺎع واﻟـﻬـﺎرﻣـﻮﻧـﻲ واﻟﻠﺤﻦ» ،ﻓﺈن اﻹﻳﻘﺎع أﻗﺮب اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اCﻮﺳﻴﻘـﻴـﺔ إﻟـﻰ اﳊـﻴـﻮﻳـﺔ واﳉـﺴـﻤـﻴـﺔ واﳊﻴﺎة اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ،واﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻴﺔ أﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋـﻨـﻬـﺎ ،وأﻗـﺮﺑـﻬـﺎ إﻟـﻰ ﺣـﻴـﺎة اﻹﻧـﺴـﺎن اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ .اﻷول ﻣﺮﺗﺒﻂ أوﺛﻖ ارﺗﺒﺎط ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ اCﺘﻮﺛﺒﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ــ ﻣﺄﺧﻮذا ﻋﻠﻰ ﺣﺪة ــ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺴﻜﻮن .أﻣﺎ اﻟﻠﺤﻦ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ اﳊﺎﻟﺘ tوﺳﻂ ﺑt ﻫﺬا وذاك ،وﻫﻮ ﻋﻠـﻰ اﻟـﺪوام ﻣـﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋـﻠـﻰ ﺣـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ اﻹﻧـﺴـﺎن وﻣـﺸـﺎﻋـﺮه اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ«).(١٦ وأﺳﺎس »اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻟﺼﻮﺗﻲ ﻫﻮ إﻳﺠﺎد اﻻﻧﺴﺠﺎم ﺑ tﺻﻮﺗ tأو أﻛﺜـﺮ ﻓـﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻠﺤﻦ أﺻﻮات ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﻣـﺘـﻌـﺎﻗـﺒـﺔ«) ،(١٧وﻳﺸﻴﺮ ﻣﺼﻄﻠـﺢ »اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ« إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜـﻮن ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﳊـﻦ واﺣـﺪ ﻫـﻮ اCﻬﻴﻤﻦ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺪﻋﻤﻪ ﺗﺂﻟﻔﺎت ﻧﻐﻤﻴﺔ أﺧﺮى ﻣﺘﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻌﻪ .وﻳﻜﻮن ﻟﻬﺬه اﻟﻨﻐﻤﺎت اﻷﺧﺮى ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟـﻮﺟـﻮد أو اﳊـﻀـﻮر اﳋـﺎص ﻟـﻬـﺬا اﻟـﻠـﺤـﻦ اCﻬﻴﻤﻦ. أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ »ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻷﺻﻮات« ﻓﻘﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻨـﺎ ﻣـﺴـﺎران ﳊـﻨـﻴـﺎن أو 304
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
ﻌﺰﻓﺎن ﻣﻌﺎ ﻳﻜﻮﻧﺎن ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻞ اCﺘﺂﻟﻒ أﻛﺜﺮ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ُﻳ َ )اﻟﻬﺎرﻣﻮﻧﻲ( اCﺘﻤﻴﺰ أو اﳋﺎص ،أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺰف ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤـﺎ aـﻔـﺮده ،ﻓـﺈﻧـﻪ ﻳﺸﻜﻞ ﻫﻮﻳﺔ أو ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻜﺘﻔﻴﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ ،وﻗﺪ ﺗﺸﻜﻞ ﻫﺬه اCﺴﺎرات اﻟﻠﺤﻨـﻴـﺔ ﻣـﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺘﺂﻟﻔﺔ رأﺳﻴﺔ )أو ﻣﺘﺼﺎﻋﺪة(. ﺗﻜﺘﺐ ﻣﻌﻈﻢ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺘﻌﺪدة اﻷﺻﻮات )أواﻟﺒﻮﻟﻴﻔﻮﻧﻴﺔ( ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻀﺎد، أو اﻷﳊﺎن اCﺘﻘﺎﺑـﻠـﺔ .Counter pointوﻋﻨﺎﺻﺮ اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺳﺒـﻖ اﳊـﺪﻳـﺚ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻛﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ وﻃﺎﺑﻊ اﻟﺼﻮت ودﻳﻨﺎﻣﻴﺎﺗﻪ وإﻳﻘﺎﻋﻪ ،ﻫﻲ اCـﻜـﻮﻧـﺎت ﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﺔ ﻋﺪة ،ﻛﻲ ﺗﺨﻠﻖ ﺗﻮﺗﺮات ﻋﺪة ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻴﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﺗ َ )(١٨ ﻧﺘﺄﺛﺮ ﺑـﻬـﺎ .ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺒﻨﻴﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺗـﺨـﺘـﻠـﻒ ﻣـﻦ ﺛـﻘـﺎﻓـﺔ إﻟـﻰ أﺧﺮى ،ﻓﺈن ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻧـﻈـﻤـﺔ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ ﺗـﺪﻣـﺞ ﺑـﺪاﺧـﻠـﻬـﺎ ﻣـﻔـﻬـﻮم اCـﻘـﺎﻣـﻴـﺔ ،(١٩)Tonalityوﻳﺸﻴﺮ ﻫﺬا اﻻﻧﺪﻣﺎج إﻟﻰ ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ إﻟﻰ إﺿﻔـﺎء اCـﻌـﻨـﻰ اﳋـﺎص ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻟـﻨـﻐـﻤـﺔ »اCـﻔـﺘـﺎح« اCﻮﺳﻴﻘﻲ اCﻤﻴﺰة أو اﶈﻮرﻳﺔ ،وﻫﻲ اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أو اﻷﺳﺎس أو اﻟﻘﺮار ،Tonicواﻟﺘﻲ ﻳﺪور ﺣﻮﻟﻬﺎ اﻟﺘﺂﻟﻒ اﻟﻨﻐﻤﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ أﺷﻜﺎل اﻻﻧﺴﺠﺎم اﻟﻠﺤﻨﻲ اCﺘﻨﻮﻋﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻣﻦ دوﻧﻬﺎ ﻻ ﻜﻦ أن ﻳﻜﺘﻤﻞ اﻟﻠﺤـﻦ ﻋـﻠـﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻘﻨﻊ أو ﻣﺸﺒﻊ ،ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اCﻘﻄﻮﻋﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻗﺪ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺼﺎب ﺑﺈﺣﺴﺎس ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻳﺢ ﺧﺎص ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻛﺘﻤﺎل ﻫﺬه اﳋﺒﺮة).(٢٠ وﻳﻜﻮن اﻹﻳﻘﺎع »ﺷﺪﻳﺪ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻫﻨﺎ ،إﻧﻪ زﻣﻦ ﳊﺮﻛﺔ اﻟﻠﺤﻦ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻨﺎوب ﺧﻼل ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ﻋﻨﺼﺮ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اCﺘﻮﺗﺮ وﻋﻨﺼﺮ إﻃﻼق ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺗﺮ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﺘﺬوق ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ إﻟﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴـﺎت«) .(٢١واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻨﻔﺴﻴـﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻧﻔﻌﺎﻟﻲ وﺟﺪاﻧﻲ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻘﻠﻲ ﻣﻌﺮﻓﻲ .وﻳﺮى )ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺴـﻴـﺴـﻲ( أن »أﻫﻢ وﻇﺎﺋﻒ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع واﻟﺘﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻫﻲ اﻟﺘﺬﻛﺮ وإﻋﺎدة ﺗﺬﻛﺮ اﻷﳊﺎن وﺗﻄﻮراﺗﻬﺎ .ورﺑﻄﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ذاﻛﺮﺗﻨﺎ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ) ،(٢٢وﻳﺸﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﺿﺮورة أن ﻳﺼﺎﺣﺐ »اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﺳﺘﺸﻔﺎف ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻜـﺎﻣـﻨـﺔ وراء اﻷﻓـﻜـﺎر اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻮﻫﺎ وﺑﻨﺎﺋﻬﺎ وﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ ﻟﻠﺘﻮﺗﺮ وﻋﻘﺪة اﻻﻧـﻔـﻌـﺎل ...أي ذروة اﻻﻧﻔﻌﺎل وﻗﻤﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،وأﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﳊﻞ واﻟﺮاﺣﺔ واﻟﻬﺒﻮط ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺔ ،وﻫـﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻲ اﻻﻧﻔﻌﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎﻓﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﺗﻮاﻓﻘﺎت; ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﻬﺪف اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ اﳋﺘﺎﻣﻲ ﻟﻠﺤﻦ«) .(٢٣وأﺧﻴﺮا ،ﻳﺸﻴﺮ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺴﻴﺴﻲ ــ ﻛﺬﻟﻚ 305
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻹﺣﺴﺎس اﳉﻤﺎﻟﻲ اﳋﺎص ــ إﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺠﺎﻻت ُﻳ ﱠ ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻫﻲ »اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻬﻢ اﻟﻘﻮاﻟﺐ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،واﻻﺳﺘـﻘـﺒـﺎل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺨﻴﻞ واﻻﺳﺘﻨﺒﺎط ،ﺛﻢ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻋـﻦ ﻃـﺮﻳـﻖ اﻟـﻌـﺎﻃـﻔـﺔ .أي أن اﻟﻠﺤﻦ ﻳﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻮاﺳﻨﺎ إﻣﻜﺎن اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﻃﻼق اﳋﻴﺎل، ﺛﻢ اﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ .وﺗﻜﺘﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻔﻨﻲ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ«).(٢٤ وﺗﺸـﻴـﺮ ﻫـﺬه اﻵراء اﳋـﺎﺻـﺔ ﺣـﻮل ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺘـﺬوق ﻣـﻦ ـﺎرس وﻗـﺎﺋـﺪ أورﻛﺴﺘﺮا ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﻌﺮوف ،إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬﻛﺮ واﻟﺘﻮﺗﺮ )اﻟﺘـﻨـﺎﻓـﺮ(، واﻻﻧﻔﻌﺎل واﻟﺘﻮازن )اﳊﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ( ،واﻻﺳﺘﻘﺒﺎل )أو اﻹدراك ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﺴﻴﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ( ،واﳋـﻴـﺎل وﻏـﻴـﺮﻫـﺎ ،وﻫـﻲ آراء ﺗـﺘـﺮدد ﺑﺘﻨﻮﻳﻌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ. وﻧﺒﺪأ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪات ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﺒﻌﺾ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴـﺔ اCـﻨـﺎﺳـﺒـﺔ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟﺴﻴﺎق ،ﺛﻢ ﻧﺴﺘﻌﺮض ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ ،اﻟـﺘـﻲ أﺟـﺮﻳـﺖ ﺣـﻮل اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ.
اﻷذواق اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ
ﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻷذواق اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »اﻟﺘﻔﻀﻴـﻼت اﻟـﺜـﺎﺑـﺘـﺔ ﻃـﻮﻳـﻠـﺔ اCﺪى ﻷ ﺎط ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،واCﺆﻟﻔ tاCﻮﺳﻴﻘﻴ ،tأو اCﺆدﻳﻦ« ،وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﺷﺨﺼﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ ﺗﺬوق ﺧﺎص ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،أو ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ اﳉﺎز ،أو ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻮﺗﺴﺎرت ،وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻣﺼﻄﻠﺤﻲ اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺑﺎCﻌﻨﻰ ﻧﻔﺴﻪ).(٢٥ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣـﻴـﺔ ـﻜـﻦ ﲢـﺪﻳـﺪ أذواق اﻟـﻨـﺎس اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺎرون أن ﻳﺴﺘﻤﻌﻮا إﻟﻴﻬﺎ ،واﻟﺘﺴﺠﻴـﻼت اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺸـﺘـﺮوﻧـﻬـﺎ، وﻋﺮوض اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳊﻴـﺔ اﻟﺘــﻲ ﻳﺬﻫﺒــﻮن إﻟﻴــﻬﺎ ،و ــــﻜـــﻦ ﻗـﻴـــــﺎس اﻷذواق ﻣــﻦ ﺧﻼل أدوات ﺑﺤﺜــﻴـﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳــــﺮات اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـــــﻞ اCـﻮﺳـﻴـﻘـــــﻲ ،أو ﺑـﻌـــــﺾ اﻟﻘﻴﺎﺳــﺎت اCﻌﻤﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ اCﺴﺘﻐﺮق ،دون ﻣﻠﻞ ﻓﻲ اﻻﺳﺘـﻤـﺎع إﻟـﻰ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ. ﻻ ﺗﻄﻤﺢ أي دراﺳﺔ إﻟﻰ أن ﺗـﻀـﻊ ﻓـﻲ اﻋـﺘـﺒـﺎرﻫـﺎ ﻛـﻞ أﺷـﻜـﺎل وأﺳـﺎﻟـﻴـﺐ 306
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻣﺜﻞ :اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻬﺎدﺋﺔ وﻣﻮﺳﻴﻘﻰ اﳉﺎز ،واCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﻟـﺸـﻌـﺒـﻴـﺔ، واﻷوﺑﺮا ،واﻟﺮوك ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ،وﻏﻴﺮﻫـﺎ ،وذﻟـﻚ ﻷن ﻋـﺪد ﻓـﺌـﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻛﺒﻴﺮ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻷن اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت واﳊﺪود اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻔﺌـﺎت ﻫـﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش .ﻓﻜﻞ ﻓﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻜﺒﺮى ﻜﻦ ﺗﻘﺴـﻴـﻤـﻪ إﻟـﻰ ﻓﺌﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ ،ﻓﻬﻨﺎك أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ Cﻮﺳﻴـﻘـﻰ اﳉـﺎز ﻣـﺜـﻼ ،وﻗـﺪ ﺗـﺰاﻳـﺪت ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻊ ﻇﻬﻮر أﻧﻮاع ﻋﺪة ﻫﺠﻴﻨﺔ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺰج ﺑ tأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﻮع وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺳﻠﻮب.
ﺟﻤﻬﻮر اﻟﺬوق
ﻇﻬﺮت ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺜﻞ »ﺟﻤﻬﻮر اﻟﺬوق «The Taste Publicﻟﻮﺻﻒ »ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺬوق «The Taste Cultureواﺳﺘﺨﺪم ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺟﻤﻬﻮر »اﻟﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ« ﻟﻮﺻﻒ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ اﻷﻓﺮاد اCﻌﺠﺒ tﺑﻨـﻤـﻂ ﻣـﻌـ tﻣـﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،أو اﻷداء )ﻣﺜﻼ اCﻌـﺠـﺒـ tﺑـﺎﻷوﺑـﺮا ﺑـﺎﻓـﺎ ،Opera Pafaأو اﻷﺷﻜﺎل اCﺮﺣﺔ ﻣﻦ اﻷوﺑﺮا ،أو ﺑﺄﻋﻤﺎل ﺑﺮاﻣﺰ ،أو اCﻌﺠﺒ tﺑﺄﻟـﻔـﻴـﺲ ﺑـﺮﻳـﺴـﻠـﻲ( .أﻣـﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺬوق اCﻮﺳﻴـﻘـﻲ Music Taste Cultureﻓﻬﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻘﻴﻢ اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺎ ،ﻛﺄن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺷﻌﺎر ﻣﻌ ،tأو ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺂﺛﺎر ﻣﺆﻟﻒ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ،أو ﻣﻄﺮب ﻣﻌ ،tأو ﻣﻼﺑﺴﻪ ...إﻟﺦ .أو ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﺟﻤﻌﻴﺎت ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺜﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﺤﺒﻲ ﻓﺮﻳﺪ اﻷﻃﺮش أو ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻮزي أو ﺑﺮاﻣـﺰ ﻣـﺜـﻼ... إﻟﺦ. واﻟﻘﻴﻢ واﻻﺧﺘﻴﺎرات واﻻﲡﺎﻫﺎت ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻟﺪى ﺟﻤﻬﻮر ذوق ﻣﻌ .tوﻗﺪ ﻗﻴﺴﺖ ﻫﺬه اﳉﻮاﻧـﺐ وأُﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻴﻬـﺎ دراﺳﺎت ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻨﻮع )ذﻛﺮا أو أﻧﺜﻰ( ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻌـﻤـﺮ واﻟـﻄـﺒـﻘـﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،واﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻌﺮﻗﻲ أو اﻟﺴﻼﻟﻲ .وﻫﻨﺎك ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺧﻞ ﺑ tﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﺬوق أو ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻫﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﺗﺨﻀﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ أو ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺎت ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻊ ﺗـﻐـﻴـﺮ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻌـﺎت وﺗـﻐـﻴـﺮ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻲ أﻳﻀﺎ. ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺎص ﺑﺎرﺗﻘﺎء ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻟـﺪى اﻷﻃـﻔـﺎل أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﺘﻐﻴﺮ اﻟﻌﻤﺮ ،وارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻜﺒﺎر ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء ،وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻦ ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻫﺬا اCﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟـﻔـﺼـﻞ، 307
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺘﻐﻴﺮات أﺧﺮى ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴـﺘـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻓﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ.
اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻻ ﻳﻌﻮد اﻻﻫﺘﻤﺎم aﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واCﻮﺳﻴﻘﻲ ــ داﺧﻞ ﻣﺠـﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ــ إﻟﻰ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻘﻂ ،ﻓﻬﻨﺎك ﺑﺤﻮث ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺒﻜﺮة ،ﺳﻨﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﺛﻢ ﻧﻌﺮض ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل. ١ـ ﻋﻤﻮﻣﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ا'ﻮﺳﻴﻘﻴﺔ رaﺎ ﻛﺎﻧﺖ أول دراﺳﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘـﻰ ﺗـﻠـﻚ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗـﺎم ﺑـﻬـﺎ ﻓـﺎرﻧـﺰورث Farnsworthﻓﻲ أواﺋﻞ اﳋﻤﺴـﻴـﻨـﻴـﺎت ﻣـﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،واﻫﺘﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠـﻰ اﻹﺟـﻤـﺎع ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ أو اﻟﺬوق اCﻮﺳـﻴـﻘـﻲ اﻟـﻌـﺎم ،وﺗـﻄـﻮره ،وﻗـﺪ اﺳـﺘـﺨـﺪم ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اCﻘﺎﻳﻴﺲ اCﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اCﺄﺧﻮذة ﻣﻦ ﺳﺠﻼت اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺎCﻴﺔ. وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﻠﻮب اﻷول )اﺳـﺘـﻄـﻼﻋـﺎت اﻟـﺮأي اﻟـﻌـﺎم( ،أرﺳـﻞ ﻫـﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻗـﺎﺋـﻤـﺔ ﺗـﺘـﻜـﻮن ﻣـﻦ ١٠٠ـــ ٢٠٠اﺳـﻢ ﻣـﻦ أﺳـﻤـﺎء ﻣـﺆﻟـﻔـﻲ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎCﻴ tإﻟﻰ أﻋﻀﺎء ﺑﻌﺾ اﳉﻤﻌﻴﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻀﻌﻮا ﻋﻼﻣﺎت ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أﻣﺎم أﺳﻤﺎء اCﺆﻟﻔ tاCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـ ،tاﻟـﺬﻳـﻦ ُﻳﻌﺘﻘﺪ أن أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﻬﻤﺔ ،وﻣﻦ ﺛـﻢ ﺟـﺪﻳـﺮة ﺑـﺄن ﺗـﺸـﻜـﻞ ﺟـﺎﻧـﺒـﺎ أﺳـﺎﺳـﻴـﺎ ﻣـﻦ اﻟﺘﺮاث اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. وﻓﺤﺺ ﻓﺎرﻧﺰورث أﻳﻀﺎ ﻣﺼﺎدر ﻋﺪة ﻟﻠﺒﻴـﺎﻧـﺎت اCـﺘـﺎﺣـﺔ ﺣـﻮل اCـﺆﻟـﻔـt اCﻮﺳﻴﻘﻴ tﻣﺜﻞ :اﳊﻴﺰ اCﻜﺘﻮب ﻋﻦ اCﺆﻟﻒ ﻓـﻲ اCـﺆﻟـﻔـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺘـﺎرﻳـﺦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻓﻲ اCﻮﺳﻮﻋﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ واCﻮﺳﻮﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ )ﻏـﻴـﺮ اCـﻘـﺼـﻮرة ﻋﻠﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ( ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻜﺮار ﻋـﺰف أﻋـﻤـﺎل اCـﺆﻟـﻒ ﻣـﻦ ﺧـﻼل أورﻛـﺴـﺘـﺮا ﺳﻴﻤﻔﻮﻧﻲ ،وﻋﺪد ﻣﺮات إذاﻋﺔ أﻋﻤـﺎﻟـﻪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻹذاﻋـﺔ ،وﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اCﻨﺎﺳﺒﺔ. وﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻣﺎﻳﺸﺒﻪ اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻮغ اﳋﺎص ﺑﺎCﺆﻟﻔ tاCﻮﺳﻴﻘﻴ .tوأن ﻫﺬا اﻹﺟﻤﺎع ﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ 308
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
ﻫﺆﻻء اCﺆﻟﻔ) tﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﻬﻮﻓﻦ وﻣﻮﺗﺴﺎرت وﺑﺮاﻣﺰ( .وأن ﻫﻨﺎك ﻛﺬﻟﻚ درﺟﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺘـﺎﺋـﺞ اﻟـﺘـﻲ § اﻟـﺘـﻮﺻـﻞ إﻟـﻴـﻬـﺎ ﺑـﺎﻷﺳـﻠـﻮب اﻷول )اﺳﺘﻄﻼع رأي اﳋﺒﺮاء( وﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﺜﺎﻧﻲ )ﻓﺤﺺ اﻟﺴﺠﻼت أو اﻷرﺷﻴﻒ اCﻮﺳﻴﻘﻲ( .وﻗﺪ أدت ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﻬﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻷن ﻳﻘﻮل» :إﻧﻨﺎ ﻧﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ«).(٢٦ ﻫﺬا اﻻﺗﻔﺎق ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وﺟﺪه ﺑﺎﺣﺜﺎن آﺧﺮان ﻫﻤﺎ »ﺟﺮﻳﻔﻴﺲ وﻧﻮرث« ﻓﻲ دراﺳﺎت أﺧﺮى أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸـﺮﻳـﻦ، ﺣﻮل ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ »اﻟﺒﻮب« واCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜـﻼﺳـﻴـﻜـﻴـﺔ ،واﻷﻓـﻼم ،واCـﺴـﺮﺣـﻴـﺎت، واﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،واﻟﺮواﻳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ ،ﺎ ﻳﺸﻴﺮ ــ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻻ ــ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻣﻴﻮل ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻼﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺎ ،وﻋﺪم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ; وﻣﻦ ﺛﻢ ﻋﺪم اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺎ) .(٢٧وﻳﺮﻓﺾ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﻤﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ،ﻳﺮﻓﻀﻬﺎ ﺑﺎﺣـﺜـﻮن آﺧـﺮون ،وﻳـﺮوﻧـﻬـﺎ راﺟﻌﺔ إﻟﻰ ﻧﺰﻋﺔ ﺗﻄﻮرﻳﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺼﺪق ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺬي ﺗﻌـﺘـﻤـﺪ ﻓـﻴـﻪ أﺣﻜﺎم اﻟﺬوق ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻐﻴﺮات ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻋﺪة أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اCﺘﻐـﻴـﺮ أو اﳉﺎﻧﺐ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ. ٢ـ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت واﳋﺒﺮة ا'ﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺧﻼل ﺑﺤﺜﻪ ﻋﻦ »ﻣﻌﻨﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ« ﻗﺎل ﻣﺎﻳـﺮ Myerإن ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﻓـﻲ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ إﺛﺎرة اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،ﺛﻢ إﺷﺒﺎع ﻫﺬه اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،أو ﺣﻠﻬﺎ ،أو ﺗﺼﺮﻳﻔﻬﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .ﻓﻤﻨﺬ اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻳﺆدي ﺳﻤﺎع ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ــ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﳋﺒﺮات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻤﻊ ــ إﻟﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﻗـﻌـﺎت داﺋـﻤـﺔ اﻟﺘﻐﻴﺮ .وﻫﺬه اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻗﺪ ﲢﺪث وﺗﺮﺗﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ اCﺴﺘﻮﻳﺎت. وﺗﺘﻌﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﺑﺠﻮاﻧﺐ ﻋﺪة ﻣﺜﻞ :ﺗﻮﻗﻊ اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻟﺘـﺎﻟـﻴـﺔ ،وﺗـﻮﻗـﻊ ﻣـﺘـﻰ ﲢﺪث اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟـﻘـﺮار ،Tonicوﻣﺘﻰ ﺳﻴﺤﺪث ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻹﻳـﻘـﺎع وﻓـﻲ أي اﲡﺎه? وﻛﻴﻒ ﺳﻴﺘﻢ ﺣﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﺂﻟﻒ اﻟﻄﻔﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﻨﻐﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰف اﻵن ﻣﻌﺎ? وذﻟﻚ ﺧﻼل اﻟﺘﺂﻟﻔﺎت اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ? وﻛﻴﻒ ﺳﻴﺘﻐﻴﺮ اﻟﻠﺤﻦ ــ اﻟﺬي ﻳﻌﺰف اﻵن ــ ﺧﻼل اﻟﺘﺒـﺎﻳـﻦ Variationاﻟﻨﻐﻤﻲ اﻟﺘﺎﻟﻲ? وﻫﻜـﺬا ﺸﺒﻊ ﺑﺴﺮﻋـﺔ ،أو ُﻳﺮﺟﺄ إﺷﺒﺎﻋﻪ ،أو ﻗـﺪ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﺜﺎر أﺣﺪ اﻟﺘﻮﻗـﻌـﺎت ﻗـﺪ ُﻳ َ ﺤﺒﻂ وﻻ ُﻳﺸﺒﻊ .ﻓﺎﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ aﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،ﻫﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ُﻳ َ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹدراك ،واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﻟـﺘـﻮﻗـﻌـﺎت ،واﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت 309
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ tاﻹدراﻛﺎت واﻟﺘﻮﻗﻌﺎت. وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم ﻣﺎﻳﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اCﻌﻨـﻰ اCـﺘـﺠـﺴـﺪ «Embodied Meaningﻛﻲ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﻪ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺣﺪ ﺟﻮاﻧﺐ اﳋﺒﺮة اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﳉﺎرﻳﺔ aﻨﺰﻟﺔ اﻹﺷﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺠﻮاﻧﺐ أﺧﺮى ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳋﺒﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ .وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻜﻤﻦ اCﻌﻨﻰ اﳋﺎص ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘـﻰ ـــ ﻓـﻲ رأي ﻣﺎﻳﺮ ــ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اCﺮﺟﺄة أو اCﺆﺟﻠﺔ ).(٢٨ ﻓﺎCﺴﺘﻤﻊ اﳋﺒﻴﺮ اCﺰود ﺑﺤﺼﻴﻠﺔ ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓـﻲ ﻣـﺠـﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻗﺪ ﻳﺘﺤﺪث إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺿﻤﻨﺎ ،أو ﻳﺮى ﺧﺒﺮاﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ دﻗﻴﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة .أﻣﺎ اﻟﺸﺨﺺ اCﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ اﳋﺒﺮة ،ﻓﻘﺪ ﻳﻌﺎﻳﺶ ﻫﺬه اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت واﻟﺘﻮﺗﺮات ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد اﻧﻔﻌﺎﻻت ﻓﻘﻂ .إن اCﻌﻨﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻘﺔ واﺣﺪة ﻹدراك اCﻌﻨﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘـﻰ ،واCـﺴـﺘـﻤـﻊ اﳋـﺒـﻴـﺮ ـــ أو اCﺪرب ــ ﻗﺪ ﻳﺪرك اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺎﻣﺎ) .(٢٩وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻨﻊ ﻣﻦ وﺟﻮد اﻻﻧﻔﻌﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﺣﺘﻰ ﻟﺪى اﻷﺷﺨﺎص اﳋﺒﺮاء ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ وaﺼﻄﻠﺤﺎﺗﻬﺎ ،وﻋﻮاCﻬﺎ اCﺮﻛﺒﺔ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻮم اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺈﺷﺒﺎع اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺘﻲ أﺛﻴﺮت ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﺗﺘﺤﻘﻖ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا اﻹﺷﺒـﺎع ﻷﺳـﺒـﺎب ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑـﻨـﺎ أو ﺣـﺘـﻰ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻓﻴﺘﻮﻟﺪ اﻟﻀﻴﻖ أو اCﻠﻞ .وﻋﻨـﺪﻣـﺎ ﺗـﺴـﺘـﺜـﻴـﺮ ﻣـﺆﻟـﻔـﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎرﻋﺔ ﺗﻮﻗﻌﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﺑﻌﻴﺪة اCﺪى ﺑـﺪاﺧـﻠـﻨـﺎ ،ﻛـﻤـﺎ ﻫـﻮ ﺷـﺄن ﺑـﻌـﺾ اCﺆﻟﻔﺎت اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﺜﻼ ،ﺗﻜﻮن اCﺘﻌﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻣﻼزﻣﺔ ﻹﺷﺒﺎع ﻫﺬه اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت أﻳﻀﺎ .أﻣﺎ اCﺆﻟﻔﺎت اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎ ﻓﻐﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﺗﻮﻗﻌـﺎت ﺿﻌﻴﻔﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻜﻮن اCﺘﻌﺔ اCﺼـﺎﺣـﺒـﺔ ﻟـﻬـﺎ ﺿـﻌـﻴـﻔـﺔ أو ﺳـﺮﻳـﻌـﺔ اﻟـﺘـﻼﺷـﻲ واﻻﻧﻘﻀﺎء).(٣٠ ﺑﺮﻏﻢ ﻫﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،ﻓﺈن اCﺘﻊ اﻷﻋﻤﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﻘﻬﺎ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ،ﻫﻲ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت )اﻻﻧﺰﻳﺎح( ﻋﻦ اCﺘﻮﻗﻊ، واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺘﺂﻟﻔﺎت اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ ،واﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﻟﻨﻐﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻐﻤﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺘﺂﻟﻔﺎت اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ إﻟﻰ ﻋﻜﺴﻬﺎ ،وﻣﻦ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﶈﺪدة ﻟﻺﻳﻘﺎع إﻟﻰ اﻟﺴﺮﻋﺎت ﻏﻴﺮ اﶈﺪدة ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات اﻟﺒﺎرﻋﺔ ﻓﻲ اﳊﺪود اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻠﺤﻦ ،واﻻﻧﻄﻼﻗﺎت اCﻔﺎﺟﺌﺔ ،وﺣﺎﻻت اﻟﺼﻤﺖ اCﻔﺎﺟﺌﺔ أﻳﻀﺎ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﺗﺆدي ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﻣﻦ اﻻﻧﺰﻳﺎﺣﺎت أو اﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت إﻟﻰ 310
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
ﺣﻠﻮل أو ﺗﺼﺮﻳـﻔـﺎت Resolutionsأو إﺷﺒﺎﻋﺎت ﺧﺘﺎﻣﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟـﺘـﻮﺗـﺮات اﻟـﺘـﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﺘﻮﻗﻌﺎت ،وإﻟﻰ إﺷﺒﺎﻋﺎت ﺘﻌﺔ ﻟﻬﺬه اﻟـﺘـﻮﻗـﻌـﺎت اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ واﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ اCﺴﺘﺜﺎرة).(٣١ وﺗﺄﺧﺬ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻜﺘﻮﺑﺔ ﺟﻴﺪا وﻗﺘﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺒﻊ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،ﻓـﻬـﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﻫﺬه اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﺛﻢ ﺗﻌﻠﻖ اﳊﻜﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻺﺷﺒـﺎع ،أي ﺗـﻮﻗـﻔـﻪ ﻣـﺆﻗـﺘـﺎ وﺗﺮﺟﺊ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺷﺒﺎع ﻟﻪ ،وﻗﺪ ﺗﺮﺟﺊ ﻫﺬا اﻹﺷﺒﺎع ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ أوﺷﻜﺖ ﻓﻴﻬﺎ أن ﲢﻘﻘﻪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل وﻗﻔﺔ زاﺋﻔﺔ أو ﺧﺎدﻋﺔ أو ﻣﺮاوﻏﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،أو أن ﺗﺨﻠﻖ ﺗﻮﻗﻌﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺴﻌﻰ ﺑﺪورﻫﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﺷﺒﺎع واﻟﺘﺤﻘﻖ واﻟﺘﺼﺮﻳﻒ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻫﺬا اﻹﺷﺒﺎع ﻟﻠﺘﻮﻗﻌﺎت ﻳﺘﺤﻘﻖ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ واﻟﻮﺣـﺪة واCـﻌـﻨـﻰ ﺑ tﻛﻞ اCﺼﺎدر اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺂﻟﻔﺎت اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ،واﻹﻳـﻘـﺎع ،وﻃـﺎﺑـﻊ اﻟـﺼـﻮت أو ﺟﺮﺳﻪ واﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺎت اCﻤﻴﺰة ﻟﻪ. وﻳﺒﺪو أن اCﺦ اﻟﺒﺸﺮي ﻳﻌﻤﻞ ،ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل آﻟﻴﺔ أو ﻣﻴﻜﺎﻧﺰم ﺎﺛﻞ ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬه اﻵﻟﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﻨﻄﺒﻖ ـــ ﻛـﺬﻟـﻚ ـــ ﻋـﻠـﻰ ﻛـﻞ أﺷﻜﺎل اCﺘﻌﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ).(٣٢ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻤﻜﻦ اCﺮء ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ اﳉﻴﺪة ﻟﻠﻨﻈﺎم اﳋﺎص ﺑﺎﻟـﻬـﺎرﻣـﻮﻧـﻲ أو اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻟﺼﻮﺗﻲ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺘـﺒـﻊ اCـﺮاﻛـﺰ اﻟـﻨـﻐـﻤـﻴـﺔ أو اCﻘﺎﻣﻴﺔ ،وﻳﺘﻮﻗﻊ ﻛﺬﻟﻚ اﳊﻠﻮل اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﺘﺂﻟﻔﺎت اﻟﺼﻮﺗـﻴـﺔ ﺧـﻼل ﻛـﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ. وﺗﻨﺸﺄ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﻠﺤﻨﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﳉـﺸـﻄـﻠـﺘـﻴـﺔ ،ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﺗﻨﺸﺄ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﺮدات ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﳊﻴﻞ اﻟﻠﺤـﻨـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ُﺗﻜﺘﺴﺐ ﻓـﻲ ﺿﻮء ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ).(٣٣ ودور اﻟﺘﻮﻗﻊ ﻓﻲ اCﺘﻌﺔ اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ أﻣﺮ واﺿﺢ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻮزن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﻗﻊ ﻟﺘﻴﺎر ﻣﺘﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻀﺎت اﻟﻌﺼﺒـﻴـﺔ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ اﻟـﺴـﻴـﺎﻟـﺔ ،Pulsesوأي اﻧﺤﺮاف ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻓﻲ اﻹﻳﻘﺎع اCﺘﻜﺮر ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺘﻴﺖ ﺟﻬـﺎزﻧـﺎ اﻟﻌﺼﺒﻲ ،وﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﺒﺮ اCﺆﺟﻠﺔ اCﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،أو اﶈﺴﻮﺑﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﺘﺴﺎرﻋﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻀﺮﺑﺔ أو اﻟﻨﻘﺮة اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ).(٣٤ ٣ـ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﻌﻜﺲ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻨﺎ Cﻘﻄﻮﻋﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وأﻏﺎن ﻣﻌـﻴـﻨـﺔ ،وﻣـﺆﻟـﻔـt 311
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻮﺳﻴﻘﻴ tأو ﻣﻐﻨ tﻣﻌﻴﻨ ،tﺑﻌﺾ اﻟﻔﺮوق اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﺎ ،وﻫﻲ اﻟﻔﺮوق اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﺪﻳﻨﺎ وﻓﻲ ﻋﻤـﻠـﻴـﺎت اﻹدراك اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﻨـﺎ أﻳﻀﺎ .وﺗﻮﺟﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺤﻮث ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل ،وﻗﺪ ﺣﺎوﻟﺖ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻌﺾ اCﺘﻐﻴﺮات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. وﻣﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﺒﺤﻮث اCﻮﺟﻮدة ﻫﻨـﺎ ﻣـﺎ ﻗـﺎم ﺑـﻪ ﺳـﻴـﺮل ﺑـﻴـﺮت C.Burtﻓـﻲ أواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺣﻮل اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ،ﺣt ﺣـﺎول أن ﻳـﺮى ﻣـﺎذا ﻛـﺎن اﻟـﺘـﻘـﺴـﻴـﻢ اﳋـﺎص ﻷ ـﺎط اﻟـﺸـﺨـﺼ ـﻴــﺔ اﻷرﺑ ـﻌــﺔ )اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻲ اCﺘﺰن ،اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻲ ﻏﻴﺮ اCﺘﺰن ،واﻻﻧﻄﻮاﺋﻲ اCﺘﺰن واﻻﻧـﻄـﻮاﺋـﻲ ﻏﻴﺮ اCﺘﺰن( ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻳﺘﻌﻠـﻖ ﺑـﺘـﻔـﻀـﻴـﻼت ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﻟـﻠـﻤـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ .وﻗـﺪ وﺟـﺪ أن اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tاCﺘﺰﻧ tﻳﻔﻀﻠﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ،أو ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺒـﺎروك اﻟﺘﻲ ﻜﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ aﺴﺎرﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻟﺪى ﻫﺎﻧﺪل وﻣﻮﺳﻮرﺟﺴﻜﻲ وﺑﺮاﻣﺰ ﺧﺎﺻﺔ ،أﻣﺎ اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴﻮن اCﺘﺰﻧﻮن ﻓﻘﺪ اﳒﺬﺑﻮا ﻧﺤﻮ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜـﻴـﺔ واﻟﺒﺎروﻛﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ أﻇﻬﺮوا ﺗﻔﻀﻴﻼ أﻛﺜﺮ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻟﺪى ﺑﺎخ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص).(٣٥ ﻟﻘﺪ ﻓﻀﻞ اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴﻮن ﻏﻴﺮ اCﺘﺰﻧ tاﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧـﺘـﻴـﻜـﻴـﺔ واﻷﻟـﻮان ﺷﺪﻳﺪة اﳊﻴﻮﻳـﺔ واﻟـﻠـﻮﺣـﺎت ذات اﻟـﺘـﻀـﺎدات اﻟـﻘـﻮﻳـﺔ ،واﶈـﺘـﻮى اﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻲ واﳊﺴﻲ ،ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﻣﺆﻟﻔ tأﻣﺜﺎل ﻓﺎﺟﻨﺮ وﺷﺘﺮاوس وﻟﻴﺴﺖ وﺑﻴﺮﻟﻴﻮز .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻀﻞ اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴﻮن ﻏﻴﺮ اCﺘﺰﻧ tاﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ اﳒﺬﺑﻮا أﻛﺜﺮ ﻧﺤﻮ اCﻘﻄﻮﻋﺎت اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ واﻟﻐﺎﻣﻀﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮ ﻫﺮوﺑﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ، ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎل دﻳﺒﻮﺳﻲ أو دﻳﻠﻴﻮس .(٣٦)Delius ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﺗﺮددت أﺻﺪاء دراﺳﺔ ﺑﻴﺮت اCﺒﻜﺮة ﻫﺬه ﻓﻲ دراﺳﺔ أﺧﺮى ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـﺔ »ﺑـ ، Payne «tوﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﺘﻤﺔﺑﺎﻟـﻔـﻜـﺮة اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن اﻷﺳﻠﻮﺑ tاﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ،واﻟﺮوﻣـﺎﻧـﺘـﻴـﻜـﻲ ﻓـﻲ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﻳـﻌـﻜـﺴـﺎن ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻛﺎن ﻣﻦ رأي ﻫﺬه اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ أن اﶈﺘﻮي اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﺮاوﻏﺔ ،Elusiveأﻣﺎ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ﻓﻴﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض واﻟﻐﺮاﺑﺔ واﻟﺼﺮاع. وﻗﺪ ﺗﺒ tﻟﻬﺎ أن ﻋﺎﻣﻞ اﻟﻌﺼﺎﺑﻴﺔ Neuroticismــ أو اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻸﻣﺮاض اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ اﻟﺬﻫﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟـﻮﺳـﻮاس اﻟـﻘـﻬـﺮي أو اﻟـﻘـﻠـﻖ ﻏـﻴـﺮ اCﺒﺮر ﻣﺜﻼ ــ ﻋﺎﻣﻞ ﻳﻨﺸﻂ ﻛﻌﺎﻣﻞ ﻗﻮي ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴـﻼت اﻷﻓـﺮاد ﻟـﻬـﺬﻳـﻦ 312
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
اﻷﺳﻠﻮﺑ ،tﻓﺎﻟﻌﺼﺎﺑﻴﻮن ﻴﻠﻮن أﻛﺜﺮ إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ).(٣٧ وﻓﻲ دراﺳﺔ أﺧﺮى ﻗﺎﻟﺖ ﻫﺬه اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ إﻧﻪ ﻜﻦ ﺗﺼﻨﻴﻒ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻸﻓﺮاد ،ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن اﻧﺒﺴﺎﻃﻴﺔ ،و ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن اﻧﻄﻮاﺋﻴﺔ ،وإن اﻷﻓﺮاد اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻳﻔﻀﻠﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻔﻀﻞ اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﲢﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ ﺷﻜﻠﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة).(٣٨ وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ أن اﻟﺸﺨﺺ اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻲ ﻳﻔﻀﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻘﻮﻳﺔ وﻋﺎﻟﻴﺔ اﳊﻴﻮﻳﺔ ،وذات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﳊﺴﻴـﺔ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﻔـﻀـﻞ اﻻﻧﻄﻮاﺋﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻷﻛﺜﺮ اﻧﻀﺒﺎﻃﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻌﻘـﻠـﻴـﺔ ،وذات اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ واﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،واﻟﺘﺄﻣﻠﻴﺔ .وﺗﺘﻔﻖ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ﻣـﻊ اﻟـﺘـﺼـﻮر اﳋﺎص اﻟﺬي ﺗﻄﺮﺣﻪ ﻧﻈﺮﻳﺔ أﻳﺰﻧﻚ ﺣﻮل اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ اﻻﺳـﺘـﺜـﺎرة أو اﻟـﻨـﺸـﺎط ﻓـﻲ ﻗـﺸـﺮة اCـﺦ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﲢﺎول اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻓﻊ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﺳﻮاء أﻛﺎن ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﺻﺎﺧﺒﺔ أو ﻟﻮﺣﺎت ذات أﻟﻮان ﻧﺎﺻﻌﺔ ،أو أﻓﻼم ﻋﻨﻒ وﺗﺸﻮﻳﻖ ...إﻟﺦ ،وﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ أﺻﻼ ﻣﻦ زﻳﺎدة اﻟﻨـﺸـﺎط اﳋﺎص ﺑﻘﺸﺮة اCﺦ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻜﻨﻪ أن ﻳﺨﻔﺾ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﻛﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻬﺎدﺋﺔ أو اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻣﻞ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﺑﺮودة ﻓﻲ أﻟﻮاﻧﻬﺎ ،أو اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﺴﻲ أﻛﺜﺮ ﺑـﺎﻟـﻈـﻼل ،وأﻳـﻀـﺎ اﻷﻓـﻼم ذات اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،أو اﻟﺘﺄﻣﻠﻴﺔ .وﻓﻲ دراﺳﺎت أﺧﺮى ﻋﻠﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳊﺪﻳﺜﺔ أﻇﻬﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tأن اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻳﻔﻀﻠﻮن اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ـﺎ ﻳﺴﻤﻰ اﻟﻬﺎرد روك Hard Rockأﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴﻮن) ،(٣٩وaﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﲢﺘﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬه اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ إﻳﻘﺎﻋﺎت ﺳﺮﻳﻌﺔ وﺻﺎﺧﺒﺔ. ٤ـ إﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ا'ﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣـﻦ ﻣـﺠـﺎﻻت اﻟـﺒـﺤـﺚ اﻷﺧـﺮى ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اCــﻮﺳ ـﻴ ـﻘــﻲ ﻣــﺎ ﻳ ـﺴ ـﻤــﻰ ﺑﺈﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع أو أﺳﺎﻟﻴﺒﻪ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺒ tﻟﺒﻌﺾ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـ tأن ﻫـﻨـﺎك أﺳﻠﻮﺑ tﻋﺎﻣ tﻟﻼﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻇﻬﺮا ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ إﺳﺘﺮاﺗﻴـﺠـﻴـﺎت اﻻﺳـﺘـﻤـﺎع ﻋـﻤـﻮﻣـﺎ ﻟـﺪى اﻟـﻄـﻼب اﻟـﺮاﺷـﺪﻳـﻦ ،وأﺣـﺪ ﻫـﺬﻳـﻦ اﻷﺳﻠﻮﺑ tﻳﺴﻤﻰ اﻷﺳﻠﻮب اCﻮﺿﻮﻋﻲ ــ اﻟﺘﺤـﻠـﻴـﻠـﻲObjective - Analytic style واﻵﺧﺮ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ Affective Styleوﻳﺒﺪو أن ﻫﺬﻳﻦ اﻷﺳﻠﻮﺑt 313
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻴﺰان ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﺑ tﻫﺆﻻء اCﺴﺘﻤﻌ tاﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺒﻨﻮن أو ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﺳﻠﻮب اCﻮﺿﻮﻋﻲ أو وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،وﻳﺮﻛﺰون ﻋﻠﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻜﻨﻴﻜﻴﺔ ،أو اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ )ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اCﺴـﺘـﻤـﻌـ tاﳋـﺒـﺮاء ﻓـﻲ رأي ﻣﺎﻳﺮ( ،وﺑ tﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨﺬون وﺟﻬﺔ أﻛﺜﺮ وﺟﺪاﻧﻴﺔ أو اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻢ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﳋﺒﺮة اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻓـﻲ ﻣﺠﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى).(٤٠ وﻗﺪ ﺣﺎول »ﺳﻤﺚ« أن ﻳﺤﺪد اﻟﻔﺮوق اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﺑ tإﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﺑ tاCﺒﺘﺪﺋ tﻓﺬﻛﺮ أن اﳋﺎﺻﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻸﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة ،أي أﺻﺤﺎب اﻷﺳﻠﻮب اCﻮﺿﻮﻋﻲ ــ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ــ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺎع ،ﻫﻲ أﻧﻬﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮن ﻓﻲ ﻧﻮع ﻣﻦ اCﺸﺎرﻛﺔ اCﺴﺘﻤﺮة ﻣﻊ اCﺆﻟﻒ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،أي ﻣﻊ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻪ اﻟﺘﺄﻟﻴﻔﻴﺔ وﺗﺘﺎﺑﻌﺎﺗﻬﺎ ،وﻫﻢ ﻳﻄﺮﺣﻮن ،ﺧﻼل ذﻟﻚ، ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ وﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻬﺎ ،وﻳﻨﻜﺮون أو ﻳﺘﺨﻠﻮن ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ )ﻓﻜﺮة إرﺟﺎء اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻟﺪى ﻣﺎﻳﺮ أﻳﻀﺎ( ،ﺛﻢ ﻳﺼﻠﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ أو ﻣﻘﻨﻌﺔ )إﺷﺒﺎع اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻋﻨﺪ ﻣﺎﻳﺮ(. وﻗﺪ ذﻛﺮ ﺳﻤﺚ ،أﻳﻀﺎ ،أن اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ اﻷﻓﺮاد اﻷﻛﺜﺮ ﺧﺒـﺮة ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻫﻮ ﺷﻜﻞ ﺗﺮﻛﻴﺒﻲ ،أو ﺷﻜﻞ ﻳﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋـﻠـﻰ ﻗـﻮاﻋـﺪ اCﻮﺳﻴﻘﻰ أﻛﺜﺮ ،ﻓﺎﻻﺳﺘﻤﺎع ﻳﺘﻢ أﺳﺎﺳﺎ ﻣﻦ داﺧﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﺸﻜﻞ اﻷﻗﻞ اﻟﺘﺰاﻣﺎ ﺑﻘﻮاﻋﺪ اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﻓﻨﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻪ اCﺒﺘﺪﺋﻮن ،واﻷﻗﻞ ﺧﺒـﺮة ،ﻫـﺆﻻء اﻟـﺬﻳـﻦ ﻳـﻌـﺘـﻤـﺪون ﻓـﻲ اﻻﺳـﺘـﻤـﺎع ﻋـﻠـﻰ اﻹﺣـﺎﻟـﺔ ،أو اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ أﺷﻴﺎء ﺗﻘﻊ ﺧﺎرج اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،إﻧﻬﻢ ﻳﻨﺴﺒﻮن اCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ إﻟـﻰ ﺷـﻲء ﺧﺎرﺟﻬﺎ ،ﺷﻲء ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎ أو ﺣﺴﻴﺎ أو واﻗﻌﻴﺎ).(٤١ وﻫﻨﺎك ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ ــ ﲡﺎرب أﺟﺮﻳﺖ Cﻌﺮﻓﺔ اﻷ ﺎط اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻤﻌــ tﻓــﻲ ﻓﻬﻤــﻬــﻢ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘــﻰ ﻧﺸﺮﻫــﺎ ﻣﺎﻛـــﺲ ﺷـــــﻮن Max Schons ﻓﻲ ﻛﺘــﺎب »ﺗﺄﺛﻴــﺮات اCﻮﺳﻴﻘﻰ » The Effects of Musicوﻗــﺪ ﻗﺪﻣــﺖ ﻓــﻲ ﻫﺬه اﻟﺘﺠــﺎرب ﻗﻄــﻊ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴــﺔ ﻣﺨﺘﻠــﻔﺔ ﳉﻤﻬﻮر ﻓﻴﻪ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﻮن اﶈـﺘـﺮﻓـﻮن، وﻓﻴـﻪ ذوو اﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ اﻟﻔﻨﻴــﺔ اﻟﺮﻓﻴـﻌـﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻮﺳﻴﻘﻴ ،tوﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺤﺐ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺳﻤﺎﻋﺎ ،وﻣﻦ ﻻ ﻳﺘﺬوﻗﻬـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻹﻃـﻼق ،وﻟـﻮﺣـﻆ أن ذوي اﻟـﺬوق اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺮﻓﻴﻊ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻻﻳﺤﺘﺮﻓﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﺻـﻮﻟـــﻬـﺎ ،ﻳـﻠـﺠـــﺄون داﺋﻤـﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺸﺒﻴﻬــﺎت ﻓــﻲ ﻓﻬﻤﻬــﻢ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘـﻰ ،وإﻟﻰ إﻳﺮاد اﻻرﺗﺒﺎﻃﺎت اﻟﺘﻲ 314
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
ﺗﺬﻛﺮﻫـﻢ ﺑﻬﺎ .أﻣﺎ ﻣﺤﺘﺮف اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،أو ذﻟﻜـ اﻟﺬي اﻛﺘﺴﺐ دراﻳﺔ ﺑﺄﺻﻮﻟﻬـﺎ، ﻓﻼ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻻ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺘﻌﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ أي ﺻﻮرة ﺗﺨﻴﻠﻴﺔ أو ﺗﺸﺒﻴﻬﻴﺔ«).(٤٢ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻷﻓﻜﺎر اCﻮﺟﻮدة ﺣﻮل »أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ« ــ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎــ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮم أﺷـﻤـﻞ ﻳـﺴـﻤـﻰ اﻷﺳـﻠـﻮب اCـﻌـﺮﻓـﻲ ،Cognitive Styleواﻷﺳﻠـﻮب اCﻌﺮﻓﻲ »ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻴﺰة أو ﺷﻜﻞ ﻴﺰ أوﻣﻔﻀﻞ ﻳﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اCﺮء ﻓﻲ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨــﺔ« وﻳﺮﺗﺒــﻂ ﻫﺬا اCﻔــﻬﻮم ﺑﺎﻟﺸــﻜﻞ اﻟــﺬي ﻧﻘﺘـــﺮب ﺑﻮاﺳﻄـــــــﺘـﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻌﺎﻟــﻢ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ارﺗﺒﺎﻃﻪ aﻀﻤﻮن ﻫﺬه اCﻮﺿﻮﻋﺎت. إﻧﻪ اﻟﻄﺮﻳﻘــﺔ اﻟﺘــﻲ ﻧﻔﻀﻠــﻬـــﺎ ﻓـــــﻲ اﳊـﺼـــــﻮل ﻋـﻠـﻰ اCـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت ،واﻷﻓـﻜـﺎر واﳋﺒﺮات اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وأﻳﻀـﺎ ﻃﺮﻳﻘــﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮﻧــﺎ اﳋﺎﺻــﺔ ﻋــﻤﺎ ﺣﺼﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ أو أدرﻛﻨﺎه. وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ درﺳﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣـﺎ ﻳـﺴـﻤـﻰ ﺑـﺄﺳـﻠـﻮب اﻻﺳﺘﻘﻼل ،اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﺠﻤﻟﺎل .وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ اﺠﻤﻟﺎل »اﻟﻘﺪرة« ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻴﺰ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻋﻠﻰ اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﻬـﺘـﻢ ﺑـﻪ اCـﺮء وأن ﻳـﻮﺟـﻪ ﻫـﺬا اCـﺮء ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ إدراﻛﻪ ﳊﺎﻟﺘﻪ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،وﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻈﺮوف اﳋﺎرﺟﻴﺔ ،وﻳﺮﺗﺒﻂ ــ ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب ــ ﺑﻘﺪرة اﻟﻔﺮد ﻋﻠﻰ أن ﻳـﻮﺟـﻪ اﻟﻔﺮد ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﺮﻏﻢ اCﺜﻴﺮات اCﺸﺘﺘﺔ ،أو اCﻀﻠﻠﺔ ،أو اﳋﺎدﻋﺔ ،وﻫﻮ ﻳﺘﻌﻠﻖ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺼﺤﻴـﺢ ﻟـﻠـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ اCـﺄﻟـﻮﻓـﺔ ﻓـﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ .وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ اCﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋـﻠـﻰ اﺠﻤﻟﺎل ،واﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻪ اﻹدراﻛﻲ ،ﻓﻴﻜﻮن ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻻ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻋﻨﻬﺎ).(٤٣ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ aﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺷﻤﺖ Shmidtﻣﻦ أن اﻷﻓﺮاد اCﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﺠﻤﻟﺎل ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ أﺳﺎﻟﻴـﺐ اﺳـﺘـﻤـﺎع إﺟـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ Globalﻜﻨﻬـﻢ ﻣـﻦ ﺗـﻄـﻮﻳـﺮ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ أﻛﺒﺮ ﻟﻠﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﻓﺮاد اCﺴﺘﻘـﻠـt ﻋﻦ اﺠﻤﻟﺎل اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻟﻠﻌﻨﺎﺻﺮ اCﺘﺄﺻﻠﺔ أو اCﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ).(٤٤ وﻗﺪ أﻇﻬﺮت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻛﺬﻟﻚ أن اCﺴﺘﻘـﻠـ tﻋـﻦ اﺠﻤﻟـﺎل أﻇﻬﺮوا ﺗﻔﻮﻗﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اCﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tاﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وﻓﻲ إدراك اﻟﺘﺤﻮﻻت ﻓﻲ اﻟﺜﻴﻤﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وﻓﻲ اCﻬﺎرات اﻟﺴﻤﻌﻴﺔ وﻗﺮاءة اﻟﻨﻮﺗﺔ 315
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺐ اﻹﺑﺪاع اCﻮﺳﻴﻘﻲ).(٥٤ وﺗﺸﻴﺮ اﻟﺪراﺳﺎت ــ ﻫﻨﺎ ﻋﻤﻮﻣﺎ ــ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﳋﺒﺮة واﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﻌﺮض اCﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وأﻳﻀﺎ إﻟـﻰ أن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺬات اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﺮد ،وﻛﺬﻟﻚ إدراﻛﻪ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋـﻲ ،إﺿـﺎﻓـﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺸﺨـﺼـﻴـﺔ اﻷﺧـﺮى اCـﺆﺛـﺮة ﻛـﺎﻻﻧـﻄـﻮاء ،واﻻﻧـﺒـﺴـﺎط ،أو اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺧﻼل دراﺳﺘﻨﺎ ﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع . ٥ـ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ا'ﻮﺳﻴﻘﻲ واﻟﻨﻮع ) ذﻛﺮا أو أﻧﺜﻰ ( أﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺎت ﻋﺪة ﻟﻠﻤﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑـ tﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ اﻟـﺬﻛـﻮر وﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ اﻹﻧـﺎث ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻗﺪ وﺟﺪت إﺣﺪى اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ أﻓﺮاد ﻣـﻦ ﺳـﻦ ١٢ــ ١٨ﺳﻨﺔ أن ﺗﻔﻀﻴﻼت ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر واﻹﻧﺎث اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ اCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ،ﻟﻜﻦ اﲡﺎﻫﺎت اﻹﻧﺎث ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﲡﺎﻫﺎت اﻟﺬﻛﻮر . ﻓﻲ دراﺳﺎت أﺧﺮى ﻇﻬﺮ أن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﺪى اCﺮاﻫﻘ tﻳﻜﻮن ﻟﻸﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ،وﻟﺪى اﻹﻧﺎث ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ).(٤٦ وﻳﻘﻮل أﺣﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اCﻄﺮوﺣﺔ ﻫﻨﺎ إن اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻫﻲ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻴﻞ اﻟﺬﻛﻮر ،وﻛﺬﻟﻚ اﻹﻧﺎث ،إﻟﻰ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت »أﻧﺜﻮﻳـﺔ« ،وﻣـﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﲡﺘﺬب اﻹﻧﺎث ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻦ .وﻫﺬا رأي ﺿﻌﻴﻒ ﻻ ﻜﻦ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﺮﻓﻨﺎ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻹﻧﺎث ،ﺑﻞ إﻧﻨﺎ ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﳒﺪ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ اCﺸﺎﻫﻴﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺎCﻴﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻔﻲ اﳒﺬاب اﻟﺸﺒﺎب ﻣﻦ اﳉﻨﺴ tﻧﺤﻮ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺑﻜﻞ إﻳﻘﺎﻋﺎﺗﻬﺎ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ واﻟﺼﺎﺧﺒﺔ ﻓﺮض اﻟﺮﻗﺔ ،واﻟﻨﻌﻮﻣﺔ ،واﻟﻬﺪوء ﻫﺬا ،واﻟﺬي ﻳﺮﺑﻄﻪ اﻟﺒﻌـﺾ أﺣـﻴـﺎﻧـﺎ ﺑـﺎCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ، وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻳﺮﺑﻄﻮن ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tاﻷﻧﻮﺛﺔ اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ اﻟﻬﺎدﺋﺔ ،وﻫـﻮ أﻳـﻀـﺎ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻘﺎﻟﺒﻲ أو اﳉﺎﻣﺪ Stereotypeﻳﻀﻊ اﻹﻧﺎث ،وﻛﺬﻟﻚ اCﻮﺳﻴﻘﻰ، ﻓﻲ ﻓﺌﺔ واﺣﺪة ،وﺑﺸﻜﻞ ﻳﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ. وﻗﺪ ﻇﻬﺮت ــ ﻣﻦ دراﺳﺎت أﺧﺮى ــ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه آﻧـﻔـﺎ. ﻓﻤﻊ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﺗﻜـﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺎ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ وآﻻﺗـﻬـﺎ ،ﻛـﺸـﻔـﺖ ﺑـﻌـﺾ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻟﺬﻛﻮر ﻗﺪ أﻇﻬﺮوا اﲡﺎﻫﺎت إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ أﻛﺜـﺮ ﻧـﺤـﻮ ﺗـﻜـﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺎ 316
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وأﻇﻬﺮوا ﺛﻘﺔ أﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪاﻣـﻬـﻢ ﻟـﻬـﺎ ﻣـﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑـﺎﻹﻧـﺎث ،وأن ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺔ ﻳﻨﻤﻮ ﺧﻼل اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻀﻮﻧﻬﺎ أﻣﺎم أﺟﻬـﺰة اﻟـﻜـﻤـﺒـﻴـﻮﺗـﺮ ﻳُـﺤـﻤـﻠـﻮن Downloadاﻟﺒـﺮاﻣـﺞ واﻷﺳـﻄـﻮاﻧـﺎت واﻷﻏـﺎﻧـﻲ وﻳﺴﺠﻠﻮﻧﻬﺎ ...إﻟﺦ ) ،(٤٧وﻣﻦ ﺧﻼل اCﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ . رaﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ أدى إﻟﻰ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺮﺑـﻂ ﺑـ tاﻹﻧـﺎث واCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻫﻮ وﺟﻮد ﻓﻜﺮة ﻄﻴﺔ ﺟﺎﻣﺪة أﺧﺮى ﺗﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻫـﻲ ﺷﺄن ذﻛﻮري ،ﲡﺘﺬب اﻷوﻻد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺎت وﺗﺸـﺠـﻌـﻬـﻢ ﻋـﻠـﻰ اﻹﺑـﺪاع ﻓـﻲ ﻣﺠﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻰ .وﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﻄﻴﺔ ﺟﺎﻣﺪة ﻷن اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ »ﻣﺤﺎﻳﺪة« ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻨﻮع ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ،ﻓﺎCﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﺴﻴﺎق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓـﻲ اﻟـﺬي ﻳﺸﺠﻊ أﺣﺪ اﳉﻨﺴ) tاﻟﺬﻛﻮر ﻣﺜﻼ( وﻳﺪﻓﻌﻪ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﺠـﺎﻻت ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳﺸﺠﻊ اﳉﻨﺲ اﻵﺧﺮ ﻧﺤﻮ ﻣﺠﺎﻻت أﺧﺮى وﻷﺳﺒﺎب ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﻨﻮع اﻟﻔﺮد، ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ »ﺑﺎﻟﺘﺼﻮر اﻟﻌﺎم« اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺮﺿﻪ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ أو ﻳﻔﺮﺿﻪ ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪة ــ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻤﺎﻳﺰ ــ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺬﻛﻮر واﻹﻧﺎث ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء .وﺑﺸﻜـﻞ ﻋﺎم ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﻮل إن ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ،ﻓﻲ أوروﺑﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم ﺗﻮاﻓﺮ دراﺳﺎت ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺑ tأﻳﺪﻳﻨﺎ ،إﻃﺎر ﺗﻔﻀﻴﻞ اﳉﻨﺴt ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺖ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: أ ــ أن اﻟﺬﻛﻮر أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ ﻣﻦ اﻹﻧﺎث إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﺗـﻮﺻـﻒ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻨﻴﻔﺔ أو ﺧﺸﻨﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺎﻟـﺖ اﻹﻧـﺎث إﻟـﻰ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﻷﻛـﺜـﺮ ﻧﻌﻮﻣﺔ وروﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،وأن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟـﺘـﻲ ﻓـﻀـﻠـﻬـﺎ اﻟـﺬﻛـﻮر ﻛـﺎﻧـﺖ ﻣـﻦ اﻷﻧـﻮاع اﳊﺪﻳﺜﺔ اCﺴـﻤـﺎة اﻟـﻬـﺎرد روك ، Hard Rockوأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﳉـﺎز .وأﻣـﺎ اﻹﻧﺎث ﻓﻴﻔﻀﻠﻦ ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﺒﺮ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺮاﻗﺼﺔ واﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ )اCﺴﻤﺎة اﻵن ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﺳﻢ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ(. ب ــ أن اﻻﺗﻔﺎق ﺑ tﻫﺬه اﻟﻔﺮوق اﳉﻨﺴﻴﺔ واﻷذواق اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ، واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﳉﺎﻣﺪة ﺣﻮل اﻟﺬﻛﻮرة واﻷﻧﻮﺛﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻫﻮ أﻣﺮ واﺿﺢ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻘﺪﻣﺎ )أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ( ،اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﻌﺮﺿﻬﺎ اﻵن ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ . ﺟـ ــ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺣﺎول أن ﻳﻔﺴﺮ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوق ﻣﻦ ﺧﻼل رﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب اﳊﻴﺎة واﻷدوار اﻟﻌﺎﻣﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑـﺎﻟـﻨـﻮع داﺧـﻞ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ ، ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ أﻣﺎم اﻹﻧﺎث ﻣﺤﺪودة ،ﻓﺈن ﻃﻤـﻮﺣـﺎﺗـﻬـﻦ ـﻴـﻞ إﻟـﻰ 317
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﻤﺮﻛﺰ ﺣﻮل إﻳﺠﺎد زوج وﺗـﺄﺳـﻴـﺲ ﻣـﻨـﺰل ،أو أﺳـﺮة ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓـﺈن اﻟـﺘـﻮﺟـﻪ اﻷﻛﺒﺮ ﻳﻜﻮن ﻧﺤﻮ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ وأﻏﺎﻧﻲ اﳊﺐ اﻷﻛﺜﺮ ﻧﻌﻮﻣﺔ ،وﺷﺠﻨﺎ ،وروﻣﺎﻧﺴﻴﺔ، وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺠﻤـﻌـﺎت ،ﻧـﺤـﻮ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﻟـﺮاﻗـﺼـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﺎﻟـﺴـﺒـﺎق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ )اﳊﻔﻼت ﻣﺜﻼ( ،اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻔﺮص ﻟﻠﻘﺎءات اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺪ ﻳﻌﻘﺒﻬﺎ اﻟﺰواج .أﻣﺎ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﻔﻜﺮوا أﻛﺜﺮ ﻓﻲ اCﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻓﻲ اﻟﻄﻤﻮح، واﻟﺼﺮاع ،واﻟﻜﺴﺐ ،واCﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻠﻌﻘﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮن أن ﻳﺠﺪوﻫﺎ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﺧﺸﻮﻧﺔ وﻋﻨﻔﺎ وﺳﺮﻋﺔ. ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻟﺪور اCﺘﻐﻴﺮ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﺮ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،وﻗﺪ أﺷﺎرت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻷﺧﺮى إﻟﻰ أن ﺗﻐﻴﺮا داﻻ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﺳﻦ ﺑ١٧ tــ ٢٩ﺳﻨﺔ وأن ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻐـﻴـﺮ ﻳـﺒـﺪأ ﻣـﻊ ﺑـﺪاﻳـﺔ ﻋﻼﻣﺎت اCﺮاﻫﻘﺔ ﻓﻲ ﺳﻦ ١٣ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ،وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﺘﺬﺑﺬب ﻣﺎ ﺑ tاﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة واﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة ،ﻣﻊ ﺣﺪوث اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻟﻠﻤﺮاﻫﻘﺔ، ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻘﺮ اﻷﻣﺮ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺎدﺳﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ﺗﻔﻀـﻴـﻞ ﺧـﺎص ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اCﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻷﻏﺎﻧﻲ )ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺮوك واCﻮﺳﻴﻘﻰ ،اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ أو اﻟﻌﺎﻣﺔ...إﻟﺦ( ،أﻣﺎ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻓﻼ ﻳﺒﺪأ ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ إﻻ ﻗﺮب ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ).(٤٨ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻣﺎزﻟﻨﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ دراﺳﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺒﺤﺚ ﻫﺬه اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻼت اCﺘﺰاﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﺤﻮظ ﻟﺪى اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻷﻧﻮاع ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،واﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت إﻳﻘﺎﻋﺎﺗﻬﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻣـﻌـﺎﻧـﻴـﻬـﺎ ،ﻣـﻊ اﻧـﺘـﺸـﺎر اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻵن ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻗﻨـﺎة MTVأو ﻏﻴﺮﻫﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﺸﺒﺎب ﻣﻦ اﳉﻨﺴ tﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷـﺮ )ﻣﻦ ﺧﻼل اCﺸﺎﻫﺪة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﻋﺒﺮ اﻟﻘﻨﻮات اﶈﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮس ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺮاﻣﺞ ﻟﻨﻘﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻏﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻨﺎة اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ أو ﺗﻠﻚ( أو ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اﻷﻏﺎﻧﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﺮاﺋﻂ اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ، أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﺴﺦ ،واﻻﻗﺘﺒﺎس اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻠﺤﻨـt وأدﻋﻴﺎء اﻟﺘﻠﺤ tاﻟﻌﺮب ﻟﻸﳊﺎن اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. ٦ـ اﻻﺳﺘﺜﺎرة وا'ﻼءﻣﺔ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﺤﺎورة »اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ« ﻷﻓﻼﻃﻮن ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻣﺘﻴـﺎز وﺟـﻤـﺎل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ إ ﺎ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺒﻌﺪه ﻋﻦ اﻟـﺘـﻄـﺮف واCـﺒـﺎﻟـﻐـﺔ واﻟـﻨـﻘـﺺ، 318
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
وﺟﺎء اCﻌﻨﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ ﻧـﻮرث وﻫـﺎرﺟـﺮﻳـﻔـﺖ North & P. .A Hargreavesــ ﻓﻲ »اﻷﺧﻼق إﻟﻰ ﻧﻴﻘﻮﻣﺎﺧﻮس« ﻷرﺳﻄﻮ ﺣﻴﺚ ﻗﺎل إن اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﺗﺘﺠﻨﺐ اﻟﺘﻄﺮف واCﺒﺎﻟﻐﺔ ،واﻟﻨﻘﺺ ،وﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳊﻞ اﻟﻮﺳﻂ أو اﻻﻋﺘﺪال وﺗﺨﺘﺎره) .(٤٩وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﺳﺘﺘﺮدد أﺻﺪاؤﻫﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﺪى داﻧﻴﺎل ﺑﺮﻟ tاﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﻨﺪي اﻟﺬي ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻨﻈﺮﻳـﺘـﻪ ﺑـﺒـﻌـﺾ اﻟـﺘـﻔـﺼـﻴـﻞ ﻓـﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. وﻧﺴﺘﻌﺮض أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واCﺮﺗـﺒـﻄـﺔ ﺑـﺎCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﻫـﻨـﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻻﺧﺘﺼﺎر. ١ــ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﻳﺪت ﺗـﺼـﻮرات ﺑـﺮﻟـ tﺗـﻠـﻚ اﻟـﺪراﺳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺎم ﻛﻼرﻳﺲ Kellarisوﻓﺤﺺ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع )وردا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﺪ اCﻮﺟﻪ إﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮﻟ tﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ـﺪم ﻓﻲ اCﻌﺎﻣﻞ وﻻ ﺎﺛﻞ ﻣﻮاﻗﻒ اﳊـﻴـﺎة ﻣﺜﻴﺮات ﲡﺮﻳﺒﻴﺔ ﻣﺼﻄـﻨـﻌـﺔ ﺗُﺴﺘﺨ َ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ( ،وﻗﺎم ﺑﻘﻴﺎس اﻹﻳﻘﺎع اﻟـﺬي ُﺗﻌﺰف اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﻮاﺳﻄـﺔ اﻟﻔﺮﻗﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tﻫﺬا اCﺘﻐﻴﺮ اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﻴﺰﻳﻘﻲ )اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰف ﺑﺎCﻮاﺻﻔﺎت اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬـﺎ ،وﺗُﺪْرَك ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ( ،وﺑ tاﺳﺘﻤﺮار اﻹﻋﺠﺎب ﺑـﻬـﺎ ،وﻗـﺪ أﻳـﺪت ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮﻟ tﺣﻴﺚ ﺗﺒ tﻟﻪ أن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻌﺰف ـﺠﺐ ﺑﻬﺎ ﻟﻔﺘﺮة أﻃﻮل ،ﻣـﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑـﺘـﻠـﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻳﻘﺎﻋﺎت ﻣـﺘـﻮﺳـﻄـﺔ ،ﻛـﺎن ُﻳﻌ َ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺰف ﻣﻦ ﺧﻼل إﻳﻘﺎﻋﺎت ﻫﺎدﺋﺔ ﺎﻣﺎ و ﺻﺎﺧﺒﺔ ﺎﻣﺎ. وﻛﺬﻟﻚ أﻇـﻬﺮت دراﺳﺔ أﺧﺮى أن اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻌﺘﺪﻟﺔ اCﺼﺎﺣـﺒـﺔ ﻟـﻺﻋـﻼﻧـﺎت ﻔﻀﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ أو اCﻨﺨﻔﻀﺔ).(٥٠ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن أو اﻟﺮادﻳﻮُ ،ﺗ َ ٢ــ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎرﺿـﺖ اﻻﺳـﺘـﺜـﺎرة واﳊـﺪ اﻷوﺳـﻂ ﻟﺪى ﺑﺮﻟ tﻣﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ )ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟـﺴـﺎدس( ﺣـﻮل ﻣـﺎ ﻳﺴﻤﻰ »ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ «Prototypicalityوﺣﻮل اﻧﺘﻤﺎء ﻋﻀﻮ ﻣﻌ) tأﺣﺪ اﳊﻴﻮاﻧﺎت ﻛﺎﻟﻘﻄﺔ ﻣﺜﻼ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻮﻧﻬﺎ أو ﺣﺠﻤﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﺌﺔ اﻟﻘﻄﻂ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻬﺎ اCﺘﻤﻴﺰة ذات اﻟﺴﻴﻘﺎن اﻷرﺑﻌﻪ( ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ اCﻘﻌﺪ ،أو اﻟﻨﺎﻓﺬة ،أو اﻟﺴﻴـﺎرة، إﻟﻰ ﻓﺌﺎت أﺧﺮى وﻫﻜﺬا. ﺣﻴﺚ ﻳﺰداد ﺗﻔﻀﻴﻞ »اﻟﻨﻤﻮذج اCﺜﺎﻟﻲ« ﻷﺣﺪ اCﺜـﻴـﺮات ،أي أﺣـﺪ أﻋـﻀـﺎء ﻓﺌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻊ زﻳﺎدة ﺜﻴﻠﻪ ﻟﻠﻨﻤﻮذج أو اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟـﻴـﻬـﺎ ،ﺗُﻔـﻀَﻞ 319
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﻤﻮذج ﻣﻌ tﻷﻧﻬﺎ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺣﺪوث ﺗﻨﺸﻴﻂ أﻗﻮى ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ ﻓﻲ اCﺦ ،اﳋﺎﺻﺔ aﺨﻄﻂ ﻣﻌﺮﻓﻲ ﻣﻌ tﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ،وﻳﻠﻌﺐ اﻟﺘﻜﺮار وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻟـﻔـﺔ دورا ﻣـﻬـﻤـﺎ ﻫـﻨـﺎ .إن اCـﻼءﻣـﺔ و اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ــ ﻓﻲ رأي ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ــ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜـﺎرة ﻷﻧـﻬـﺎ ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺆدي ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،إﻟﻰ ﺣﺪوث اﻻﺳﺘﺜﺎرة. ووﺟﻮد ﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺒﻌﺾ اCﻮاﻗﻒ دون ﻏﻴﺮﻫـﺎ ،ﻛـﻤـﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻼءﻣﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻬﺎدﺋﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﺮﺧﺎء ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ ﻟﻠﺤﻔﻼت اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ...إﻟﺦ ،اﻋﺘﺒﺮه ﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻓﺮض اCﻼءﻣﺔ واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ اﻟﺬي ﻃﺮﺣﻪ. ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل إن اCﺴﺘﻮﻳﺎت اCﻌﺘﺪﻟﺔ أو اCﺘﻮﺳﻄـﺔ ﻫـﻲ اCـﻔـﻀـﻠـﺔ ،ﻣـﻦ اﻷدق أن ﻧﻘﻮل ــ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﺘـﺼـﻮر ـــ إن اﻟـﻨـﺎس ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن اCـﺴـﺘـﻮﻳـﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﺘﺜﺎر ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻮذﺟﻲ وﻣﻼﺋﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻌ ،tواﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ ﻫﺪف ﻣﻮﻗﻔﻲ ﻣﻌ tﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اCﺴﺘﻮى ــ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻرﺗﻔﺎع واﻻﻧﺨﻔﺎض ــ اﻟﺬي ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬه اCﻮﺳﻴﻘﻰ، ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻨﺨﻔﻀﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﻼﺋﻤﺔ Cﻮﻗﻒ ﻣﻌ tﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺜﻴـﺮ اﳊـﺎﻻت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘـﻰ اCـﻌـﺘـﺪﻟـﺔ أو اCـﺮﺗـﻔـﻌـﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻬﺎدﺋﺔ أو اCﻨﺨﻔﻀـﺔ ﻣـﻼﺋـﻤـﺔ ﻓـﻲ ﻣـﻮﻗـﻒ آﺧﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﻮع آﺧﺮ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ .إن ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻟـﻠـﻤـﻮﻗـﻒ ﻫـﻮ أﻣﺮ ﻣﻬﻢ أﻫﻤﻠﻪ ﺑﺮﻟ tوﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻌﻪ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أﻳﻀﺎ).(٥١ واﳋﻼﺻﺔ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،أن ﻫـﻨـﺎك ﻋـﻮاﻣـﻞ أﻳـﻀـﺎ أﺧـﺮى ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻫﻲ ﻋﻮاﻣﻞ ﻣـﻮﻗـﻔـﻴـﺔ وﻣـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ، ﻓﺎﳊﻔﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺜﻼ ﻗﺪ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺎﺛﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜـﺎرة، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺼﺎﺣﺒﻬﺎ اﺧﺘﻴﺎرات ﻷﻧﻮاع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ .وﺗﺘﺪﺧﻞ ﺗﻔﻀﻴﻼت اCﺴﺘﻤﻌ tاﻷﻛﺜﺮ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﻓﺘﻠﻌﺐ دورﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻼءﻣﺔ ،إن اCﻮﻗﻒ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،ﻓﻮﺟﻮد اCﻌﺠﺒa tـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ »اﻟﺮوك« أو »اﻟﻬﻴﻔﻲ ﻣﻴﺘﺎل« ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﺣﻔﻠﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻛـﻮراﻟـﻴـﺔ ﻟـﻦ ﻳـﺠـﻌـﻠـﻬـﻢ ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺑﻬﺬه اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ اCﺘﻔﻘـﺔ ـــ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ــ ﻣﻊ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ. إن اCﻼءﻣﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ــ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ــ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ ،ﻓﻘﻂ ،أن ﺗﺰﻳﺪ ﻓﻘـﻂ ﻣـﻦ 320
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،أو أن ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أن ﻧﻘﺮر اﻟﺬﻫﺎب ،أو اﻻﺳﺘﻤﺎع ،إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻼﺋﻤﺔ Cﻮﻗﻒ ﻣﻌ tأو اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﺜﻠﻪ ﻋﻠـﻰ ﻧﺤﻮ ﻮذﺟﻲ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ aﻔﺮدﻫﺎ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳـﺪ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻼت اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ. وأﺧﻴﺮا ،ﻓﺈن ﺗﺄﺛﻴﺮات اCﻼءﻣﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎراﺗﻨﺎ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺗﻮاﻓﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ اCﻮﻗﻒ .وﻗﺪ أدى ﺗﻮاﻓـﺮ ﻣـﺤـﻄـﺎت اﻹذاﻋـﺔ واﻟـﺘـﻠـﻔـﺰﻳـﻮن وأﺟـﻬـﺰة اﻟـﺘـﺴـﺠـﻴـﻞ واﻟـﺸـﺮاﺋـﻂ واﻷﺳﻄﻮاﻧﺎت ...إﻟﺦ ،وﺗﻮاﻓﺮ أﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﶈﻤﻮﻟﺔ وإﻣﻜﺎن ﲢﻤﻴﻞ أﻏﺎن ﻣﻌﻴﻨﺔ أو ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ ،أدى إﻟﻰ ﺟﻌﻞ اﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﻳﺴﺮا. ٣ــ وأﺧﻴﺮا ،ﻓﺈن دراﺳﺎت أﺧﺮى ﻗﺪ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﻌﺪل ﻣﻦ ﺗﺼﻮرات ﺑﺮﻟ،t ﻟﻜﻦ دون أن ﺗﺮﻓﻀﻬﺎ ،ﻓﺄﺷﺎرت ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ ﺿﺮورة اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎCﺘﻐﻴﺮات اCﻮﻗﻔﻴﺔ وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻓﻤﺘﻐﻴﺮات ﻣﺜﻞ درﺟﺔ اﳊﺮارة واﻻزدﺣﺎم واﻷوﻗﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﻮم )ﺻﺒﺎﺣﺎ أو ﻣﺴﺎء ﻣﺜﻼ( ،واﻟﻘﻠﻖ واCﻮﻗﻒ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ اCﺮء )ﻗﻴﺎدة اﻟﺴﻴﺎرة أو ﻣﺬاﻛﺮة اﻟﺪروس ﻣﺜﻼ( ،ﻛﻠﻬﺎ ﺟﻮاﻧﺐ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﺜﺎرة ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ،واCـﺜـﺎل ﻋـﻠـﻰ ذﻟﻚ ،ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺨﻔﺾ ﺻـﻮت اﻟـﺮادﻳـﻮ ﻓـﻲ اﻟـﺴـﻴـﺎرة ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﻜـﻮن اCﺮور ﻣﺰدﺣﻤﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎرات واCﺎرة ،إﻧﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻧﻘﻮم ﺑﺨﻔﺾ أو ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻻﺳﺘﺜﺎرة اCﺮﺗﻔﻌﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺣﺘﻰ ﻧﺘﻨـﺒـﻪ Cـﻮﻗـﻒ ﻣـﺤـﻴـﻂ ﻧـﻌـﺘـﺒـﺮه ﻣﺜﻴﺮا ﻟﻠﻤﺸﻘﺔ أو اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻌﺼﺒﻲ .إن اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻣﻬﻤﺔ ،دون ﺷﻚ ،وﻟﻜﻦ اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ ﻧﺮﺟﻮﻫﺎ ﻣﻦ وراء اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﻛـﺜـﺮ أﻫـﻤـﻴـﺔ ...ﻓـﻨـﺤـﻦ ﻧـﺨـﻔـﺾ ﺻﻮت اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ اCﺮور اCﺰدﺣـﻢ اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ ،ﻟـﻜـﻨـﻨـﺎ ﻗـﺪ ﻧـﺮﻓـﻊ ﻫـﺬا اﻟﺼﻮت ﻓﻲ ﺣﻔﻠﺔ ﺻﺎﺧﺒﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺮﺗﻔﻊ ﺳﺎر ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﺎرة .واﻟﻨﻤﻂ اCﻨﺎﺳﺐ Cﻮﻗﻒ ﻣﻌ tﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻳﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻷداء، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻨﻤﻂ اﳋﺎﻃﺊ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺼﻤﺖ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ. ﻫﻨﺎك ﻓﻜﺮة ﺗﺘﺮدد ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت »ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ« ﺣﻮل اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺒﺪو ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق أﻳﻀﺎ ،وﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﺗﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻛﻌﻨﺼﺮ أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ »أن اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺠﺐ ﺑﻬﺎ ،ﻣﻨﺬ اﻟﻮﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻧﺪرك ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ،ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﺗﻔﻘﺪ ﻫﺬا اﳉﻤﺎل 321
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﻌﺪ أن ﻳﺘﻜﺮر ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ وﺗﺼﺒﺢ ﻠﺔ ﺠﻮﺟﺔ .أﻣﺎ اﻟﻘﻄﻌـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﳒـﺪ ﻓـﻲ ﺑﻌﺾ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﻏﻤﻮﺿﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮف ﻟﺪﻳﻨﺎ ،ﻓﺎﻟﻐﺎﻟﺐ أﻧﻬﺎ ﺗﺰداد ﺟﻤﺎﻻ ﺑﺘﻜﺮار ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ،وﺗﺮﺗﻔﻊ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻴﻨﻨﺎ ﻛﻠﻤﺎ ازدادت ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ اﺗﻀﺎﺣﺎ. وﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺨﺮج ــ إﻟـﻰ ﺣـﺪ ﻣـﺎ ـــ ﻋـﻦ اCـﺄﻟـﻮف ﻣـﺎ ﻳـﻌـﻠـﻮ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻼﻧﺘﺎج اCﻮﺳﻴﻘﻰ«).(٥٢ وﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة أﻳـﻀـﺎ ﻣـﺎ ذﻛـﺮه ﻓـﺆاد زﻛـﺮﻳـﺎ ﻣـﻦ أن اﻟـﺒـﺴـﺎﻃـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻠﺤﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻲ »ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻋﻴﺒﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ ﻗﺪ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳉﺪة ﻓﻲ اﻷﳊﺎن اCﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ،وإﻟﻰ ﺻﺒﻎ ﻛﻞ اﻷﳊﺎن ﺑﺼﺒﻐﺔ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ واﻟﺘﺠﺎﻧﺲ ،وإﻟﻰ اﻧﻌﺪام ﻋﻨﺼﺮ اﻟﺘﻨﻮع ﻓﻴﻬﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﺴﻴﺮ إﻃﻼﻗﺎ أن ﻳﻈﻞ ﻣﺤﺘﺮف اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻟﻢ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ــ ﻋﻠﻮا وﻫﺒﻮﻃﺎ ــ ﻓﻲ ﺧﻄﻮات ﻣﺘﺪرﺟﺔ ﻣﺘﻼﺻﻘﺔ ،ﻓﻲ ﺗﻨﻮع ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮت ،وإ ﺎ اﻟﻌﺴﻴﺮ ﻫﻨﺎ أن ﻳﺆﻟﻒ ﳊﻨﺎ ﻗﻮاﻣﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻔﺰات اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ اﳉﺮﻳﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻜﻮن ﻣـﻨـﻬـﺎ اﻟﻠﺤﻦ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻬﻨﺎ ﺣﻘﺎ ﺗﻈﻬﺮ اCﻘﺪرة«).(٥٣ إن اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ــ ﻫﻨﺎ ــ ﻋﻠﻰ ﺣﺪوث اﻟﺘﺬوق ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺪرﻳﺠـﻲ وﻟـﻴـﺲ دﻓـﻌـﺔ واﺣﺪة ،وﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪد اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺘﻌﺪد ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻪ، وﻋﻠﻰ اﻟﻜﺸﻒ اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ﻟﻠﻤﻌﺎﻧﻲ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻐﻤﻮض اﻟﻨﺴﺒـﻲ ﻻ اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،وﻫﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮدد أﺻﺪاء ﺎﺛﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ دراﺳﺎت ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﺪة ﻧﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وأﻳﻀﺎ ﻓﻲ أﻓﻜﺎر ﻧﻘﺪﻳـﺔ ﻣـﺜـﻞ ﻓﻜﺮة اﻻﻧﺤﺮاف أو اﻻﻧﺰﻳﺎح أو اﻻﺑﺘـﻌـﺎد ﻋـﻦ اCـﺄﻟـﻮف )إﻟـﻰ ﺣـﺪ ﻣـﺎ( ،واﻟـﺘـﻲ ﺗﺘﺮدد ﻛﺜﻴﺮا ﻟﺪى ﻛﻮﻳﻦ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد اCﻌﺎﺻﺮﻳﻦ وﺗﺮددت أﻳﻀﺎ ﻟﺪى ﺑﺮﻟt ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﻮل اﻻﺳﺘﺜﺎرة ،واﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣـﻮاﺿـﻊ ﻣـﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺎﻣﺲ ﻣﻨﻪ).(٥٤
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳌﻮﺳﻴﻘﻲ واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
أﺷﺎر ﺟﺎﻧﺰ Gansإﻟﻰ أن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻷذواق اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وأن ﺗﺼﻨـﻴـﻒ اﻷذواق إﻟـﻰ ﻋـﺪد ﺻـﻐـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﺛـﻘـﺎﻓـﺎت اﻟﺬوق اCﻨﻔﺼﻠﺔ ،ﻓﻲ ﺿﻮء ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻫﺎ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻫﻮ اﻷﻣﺮ اCﻼﺋﻢ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ، وذﻟﻚ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻄﺒﻘﺔ aﻌﻨﺎه اﻻﻗﺘﺼـﺎدي واﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ وﻏﻤﻮﺿﺎ ،وأﺷﺎر ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ إﻟﻰ أن اﻷﻓﻀﻞ 322
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
ﻫﻮ أن ﻧﻨﻈﺮ داﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻮى ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺎت )ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ــ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ــ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ( إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﻷذواق اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺎﻳﺰ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﺜﻞ :اﻟﻌﻤﺮ واﻻﻧـﺘـﻤـﺎء اﻟـﻌـﺮﻗـﻲ وﻣـﻮﻗـﻊ اﻟـﺴـﻜـﻦ... إﻟﺦ().(٥٥ وﻗﺪ راﺟﻊ ﻫﺎرﺟﺮﻳﻒ أرﺑﻊ دراﺳﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ذﻛﺮت ﺛﻼث ﻣﻨﻬﺎ أن ﻫﻨﺎك اﲡﺎﻫﺎ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻧﺤﻮ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴـﻜـﻴـﺔ ﺑـ tأﻋـﻀـﺎء اﳉـﻤـﺎﻋـﺎت ذوات اCﻨﺰﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اCﺮﺗـﻔـﻌـﺔ )ﺑـﺮﻏـﻢ أﻧـﻪ وﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ﻛـﺎن ﻫـﻨـﺎك ﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ واﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻄﺒﻘﺎت ذات اCﻨﺰﻟﺔ اCﺮﺗﻔﻌﺔ(. وﻫﻨﺎك ﺷﻮاﻫﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺬوق اﳋﺎص ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ وﻋﻀﻮﻳﺔ اﳉﻤﺎﻋﺎت ذات اCﻜﺎﻧﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ــ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ اCـﺮﺗـﻔـﻌـﺔ ،ﻣـﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اCﺘﻮاﻓﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪة ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺎت اﳊﻔﻼت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، ﻓﻔﻲ اCﺴﺢ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺸﺎﻣﻞ اﻟﺬي أﺟـﺮي ﻓـﻲ أﻣـﺮﻳـﻜـﺎ ﺧـﻼل ١٢ ﺳﻨﺔ وﻋﻠﻰ ﻋﻴﻨﺔ زﻣﻨﻴﺔ ﻣﻘﺪارﻫﺎ ١٢ﺷﻬﺮا ،ﻇﻬـﺮ أن %٤ﻓـﻘـﻂ ﻣـﻦ اﻟـﻄـﺒـﻘـﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻫﻢ ﻣﻦ ذﻫﺒﻮا إﻟﻰ ﺣﻔﻼت اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ واﻟﺴﻴﻤﻔﻮﻧﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﺬﻟﻚ %١٤ﻣﻦ اCﻮﻇﻔـ tاﻹدارﻳـ %١٨ ،tﻣـﻦ اCـﻬـﻨـﻴـ) tأﺻـﺤـﺎب اCـﻬـﻦ اﻟﻄﺒﻴﺔ واﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ...إﻟﺦ( ،وﻇﻬﺮت ﻧﺴﺐ ﺎﺛﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ Cﺸﺎﻫﺪة اﻷوﺑﺮا واﻟﺒﺎﻟﻴﻪ. أﻣﺎ اﻟﻔﺮوق ﻓﻲ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ )أي اﻟﺸﻌـﺒـﻴـﺔ واﳉـﺎز واﻟـﺮوك( ﻓﻜﺎﻧﺖ أﻗﻞ وﺿﻮﺣﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن %٢٠ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ و %٢٦ﻣﻦ اCﺪراء و%٣٣ ﻣﻦ اCﻬﻨﻴ tﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻀﺮوا ﺣﻔﻼت اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻫﺬه. ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺒ tأن اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺴﺒﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٥أﻟﻒ دوﻻر ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ، أو ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺟﺎﻣﻌﻲ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻫﻢ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ ﳊﻀﻮر ﺣﻔﻼت اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻞ دﺧﻠـﻬـﻢ اﻟـﺴـﻨـﻮي ﻋـﻦ ٥آﻻف دوﻻر وﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ أﻗﻞ ﻣﻦ اﳉﺎﻣﻌﻲ. واﳋﻼﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻫﻲ أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ )واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اCﺮﺗﻔﻌﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ( ﻫﻮ اCﺆﺷﺮ اﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟـﺘـﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺴﻴﻤﻔﻮﻧﻴﺔ )اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ( واﻷوﺑﺮا واﻟﺒﺎﻟﻴﻪ .وﻗﺪ ذﻛﺮ ﺑﻴﺞ Peggﺑﻴﺎﻧﺎت ﺎﺛﻠﺔ ﺣﻮل ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﳊﻔﻼت اCﻮﺳﻴﻘﻴـﺔ اﳊـﻴـﺔ وﻛـﺸـﻒ 323
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻦ أن اﻟﺪراﺳﺎت اCﺴﺤﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ،ﺑﻴﻨﺖ أن ﺣﻔـﻼت اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻠﻮءة ﺑﺄﻓﺮاد ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ واﻟـﻮﺳـﻄـﻰ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻔﻼت اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر )اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ( ﲢﻀﺮﻫﺎ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﻌﺎﻣﻠﺔ).(٥٦ واﳋﻼﺻﺔ أن ﺗﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻳﺸﻴﻊ ﺑ tاﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﻴـﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ وﺛﻘﺎﻓﻴـﺎ) .(٥٧ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸﻴﻊ ﺗﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ أو اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ، ﻟﺪى اﻟﻄﺒﻘﺎت اCﻨﺨﻔﻀﺔ أو اﻟﻌﺎﻣـﻠـﺔ .ﻟـﻜـﻦ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ ـــ أي ﻏـﻴـﺮ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ــ ﻟﻴﺴﺖ واﺣﺪة ﺑﻞ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺎت ﻋـﺪة ،ﻛـﻤـﺎ أن اﻟـﺘـﻐـﻴـﺮات اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﺟﺪا ،ﺎ ﻳﻐﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ،ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ وأﺷﻜﺎل أداﺋﻬﺎ وﻣﻦ اCﺆدﻳﻦ اﻟﺒﺎرزﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ أﻳﻀﺎ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟـﻨـﺘـﺎﺋـﺞ ﻫـﻨـﺎ ﻣﺎزاﻟﺖ ﻏﺎﻣﻀﺔ وﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﺎ أﺷﺎرت إﻟﻴﻪ ﺑﻌـﺾ اﻟـﺪراﺳـﺎت ﻣﻦ أﻧﻪ ﺑ tاCﺮاﻫﻘ tواﻟﺸﺒﺎب ﺻﻐﺎر اﻟﺴﻦ ﻴﻞ اﻷذواق اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ »ﺗﻘﺪﻣﻴﺔ« وأﻗﻞ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺄذواق اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .وﻳﺘﺠﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد ﻟﻸﻏﺎﻧﻲ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﺠﺎج اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ داﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺬاﺋﻌﺔ أو اCﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴـﺎت واﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص.
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ) أو اﻟﺴﻼﻟﻴﺔ( واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ
أﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺎت ﻋﺪة ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اCـﺘـﺤـﺪة ،ﺣـﻮل ﺗـﻔـﻀـﻴـﻼت اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ )اﻟﺒﻴﺾ واﻟﺴﻮد واCﺮاﻫﻘﻮن واﻟﻨﺴﺎء ...إﻟﺦ( ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ، وأﻇﻬﺮت ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت وﺟﻮد ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻟﺪى اﻟﺒﻴﺾ ﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺮوك ،أﻏـﺎﻧـﻲ اﻟﺮﻳﻒ أو اﻟـ ،Country Musicﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻀﻞ اﻟﺴﻮد ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ اﳉﺎز ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﳊﻴﻮﻳﺔ. وأﺳﻠـﻮب اﳊﻴــﺎة واﻟﻘﻴـﻢ اﻟﺘـﻲ ﺗﺘﺒﻨــﺎﻫﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓــﺎت اﻟﻔﺮﻋــﻴــﺔ ،ﻛﺎCﺮاﻫــﻘــt ﻣﺜﻼ ،أﻣﻮر اﺳﺘﺄﺛﺮت ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ،ﻓﺒﻌﺾ اCﺮاﻫﻘــ tﻣﺜــﻼ، ﻳﻌﺘﺒــﺮ اCﻮﺳﻴﻘــﻰ وﺳﻴﻠــﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒــﻴﺮ ﻋــﻦ اﲡﺎﻫﺎﺗﻬــﻢ اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻧﺤﻮ اﳊﻴﺎة ،وﻫﻲ اﲡﺎﻫﺎت ﻗﺪ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎCﻌﺎرﺿﺔ واﻟﺘﻤﺮد واﳋﺮوج ﻋﻠﻰ اCﺄﻟﻮف ،وﻳﻈﻬﺮ ذﻟـﻚ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﻼﺑﺴﻬﻢ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﺼﻔﻴﻔﻬﻢ ﻟﺸﻌﺮﻫﻢ وﻣﺒﺎﻟﻐﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻷداء واﳊﺮﻛﺔ واﻟﻜﻼم .وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻬﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ. 324
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وا(ﻮﺳﻴﻘﻲ
وﻗﺪ أﻇﻬﺮت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت ،ﻣﺜﻼ ،أن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ »اﻟﻬﻴﻔﻲ ﻣﻴﺘﺎل« و»اﻟﻬﺎرد روك« و»اﻟﺮاب« ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺧﺼﺎﺋﺺ وﺳﻤﺎت ﻣﺜﻞ :اﻟﺘـﺤـﺼـﻴـﻞ اﻟﺪراﺳﻲ اCﻨﺨﻔﺾ ،واﻟﺴﻠﻮك اﳉﺎﻧﺢ واCﻀﺎد ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﺗﻌﺎﻃﻲ اﺨﻤﻟﺪرات، واﻟﺘﻬﻮر ،واﻟﻼﻣﺒﺎﻻة ،واCﻴﻮل اﻻﻧﺘﺤﺎرﻳﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺰﻣﻼﺋﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ) .(٥٨إن اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اCﻨﺎﺳﺐ Cﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻜﻨﺎ إﻻ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﻮاﻓﺮ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺣﻮل ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﻣﺜﻞ :ﺳﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟﻴﻬﺎ اCﺮاﻫﻖ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ. ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟـﻴـﺔ ﻟـﻠـﺘـﺄﺛـﻴـﺮ ﻓـﻲ اﻟـﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tإن اﻟﺬوق اCﻮﺳـﻴـﻘـﻲ ﻫـﻮ واﺣـﺪ ﻣـﻦ ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪة ﲢﺪد اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻄﺒﻘﻲ ،ﻓـﺈذا ﻛـﺎن اﻻﻧـﺘـﻤـﺎء اﻟـﻄـﺒـﻘـﻲ ﻳـﺆﺛـﺮ ﻓـﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻳﻌﺘﺒﺮ ــ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺪوره ــ ﻣﺆﺷﺮا ﻋـﻠـﻰ ﻫﺬا اﻻﻧﺘﻤﺎء ،ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﺒﺎدﻟﻴﺔ ،وﻗﺪ اﻫﺘـﻢ ﺑـﺬﻟـﻚ ﺑـﻌـﺾ اﻟـﻔـﻼﺳـﻔـﺔ اCﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻟﻌﻞ أﺷﻬﺮﻫﻢ أدورﻧﻮ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص).(٥٩
ﺗﻌﻠﻴﻖ:
ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻟﺒﻌﺾ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ اﻫـﺘـﻢ ﺑـﻬـﺎ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـﻮن ﻓـﻲ ﻣﺠﺎل ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ، ورﻛﺰﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اCﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺒﺮوﻫﺎ ﻣـﻬـﻤـﺔ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ، وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ :اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت واCﻌﻨﻰ ،ﺳﻤـﺎت اﻟـﺸـﺨـﺼـﻴـﺔ، إﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،واﻟﻨﻮع )ذﻛﺮا أو أﻧﺜﻰ( ،اﻻﺳﺘﺜﺎرة واCﻼءﻣﺔ ،واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﺘﻐﻴﺮات. وﻳﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن اﺳﺘﻌﺮﺿﻨﺎه ﻣﻦ دراﺳﺎت ﺿﺮورة أن ﺗﻘﻮم ﺑﺤﻮث ﺗﻌﻠﻢ اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ ﻧـﻔـﺴـﻴـﺔ اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ،ﻣـﺜـﻞ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ،واﻟﺪواﻓﻊ ،وﺗﻮﻗﻌﺎت اﻷﻓﺮاد ،وﺗﻮﻗﻌﺎت اCﻌﻠﻢ )أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻻﺳﺘﻤﺎع واﻹﺗﻘﺎن واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ( ،وأﻳﻀﺎ ﺿﺮورة أن ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺤﻮث ﻋﻠﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ ﻋﺎﻣﺔ وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻲ وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻔﻬﻢ اﻷﻋﻤﻖ ﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد وأذواﻗﻬﻢ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ،اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ واCﺘﻐﻴﺮة ،ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻰ وﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻔﻨﻮن واﳉﻤﺎﻟﻴﺎت. 325
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﺮة أﺧﺮى ﻧﻘﻮل ﺑﻀﺮورة اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟـﻘـﻴـﺎم ﺑـﺪراﺳـﺎت ﺣـﻮل اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺟﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺒﺤﻮث ﻫﻨﺎ ﺷﺤﻴﺤﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﻨﺪرة ،ـﺎ ﻳـﺠـﻌـﻞ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻟـﺬي ﻛـﺘـﺒـﻨـﺎه ﺣـﻮل اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻔﺘﻘﺮا ــ ﺑـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﳊـﺎل ـــ إﻟـﻰ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ اﳉﻮاﻧﺐ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ.
326
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
10اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
»ﻫﻞ ﻫﻨﺎك ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻌـﺎﻟـﻢ أﻓﻀﻞ ﻣـﻦ اﳉـﻠـﻮس ﺑـﺠـﻮار ﻣﺪﻓﺄة ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻛﺘﺎب? »ﻟﻴﻮن« ﻓﻲ رواﻳﺔ ﻣﺪام ﺑﻮﻓﺎري ﻟـ »ﻓﻠﻮﺑﻴﺮ«
ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻷدب ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ اﻟﺘـﻲ ﻫـﻲ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺟﺎت اﳋﻴﺎل اﻷدﺑﻲ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻨﺜﺮ )اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة واﻟﺮواﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ( واﻟﺪراﻣﺎ أو اCﺴﺮح).(١ وﻫﻨـﺎك أﻧـﻮاع ﻋـﺪة ﻣـﻦ اﻟـﺸـﻌـﺮ ،وأﻫـﺪاف ﻋـﺪة وﺗﻌﺮﻳﻔﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻟﻪ ،وﻛﺬﻟﻚ اﳊﺎل ﺑﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ إﻟـﻰ اﻷﻧــﻮاع اﻷدﺑ ـﻴــﺔ اﻷﺧــﺮى .وﲢــﺪﻳــﺪ ﻫ ــﺬه اﻷﻧ ــﻮاع واﻷﻫﺪاف واﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻳﺨﺮج ﻋﻦ اﻟـﻨـﻄـﺎق اﳋـﺎص ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻗﺮاءات ﻋﺪة ﺣـﻮل ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع اﻷدﺑﻴﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻨﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟـﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻬﺬه اﻷﻧﻮاع اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﻣﻊ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄن اﻟﻨﻘﺎد اCﻌﺎﺻﺮﻳﻦ) (٢ﻴﻠﻮن إﻟﻰ رﻓﺾ ﻓﻜـﺮة اﻟـﻨـﻮع اﻷدﺑـﻲ اﳋـﺎﻟـﺺ ،ﺣـﻴـﺚ ـﻴـﻞ اﻷﻧـﻮاع اﻷدﺑﻴﺔ اﻵن إﻟﻰ اﻻﻣﺘﺰاج ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻓﻲ أﺷﻜﺎل ﻓﺮﻳﺪة ،ﻓﻨﺠﺪ ﺷﻌﺮا داﺧﻞ اﻟﺮواﻳﺔ ،وﺣﻜﺎﻳﺎت داﺧﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﻠﻐﺔ ﻧﺜﺮﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ،أو ﺑﻠﻐﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ، وﳒﺪ ﻗﺼﺼﺎ ﻗﺼﻴﺮة ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ، وﺷﻌﺮا ﻣﺴﺮﺣﻴﺎ ،وﻣﺴﺮﺣﺎ ﺷﻌﺮﻳﺎ ،وﻏﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﻷﻧﻮاع ﺎ دﻋﺎ ﻛﺎﺗﺒﺎ ﻣﺜـﻞ ﻟـﻮﻛـﻠـﻴـﺰﻳـﻮ إﻟـﻰ اﻟـﻘـﻮل : »اﻟﺸﻌﺮ ،اﻟﺮواﻳﺎت ،اﻷﻗﺎﺻﻴﺺ ،ﻫﻲ أﺛﺮﻳﺎت ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺨﺪع أﺣﺪا أو ﺗﻜﺎد ،ﻗﺼﺎﺋﺪ ،ﺣﻜـﺎﻳـﺎت ،ﻣـﺎ 327
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻨﻬﺎ? ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺳﻮى اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ«).(٣ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻜﻨﻨﺎ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺸﻌﺮ ﺑـﺄﻧـﻪ ﻟـﻐـﺔ ﺧـﻴـﺎﻟـﻴـﺔ ﻣـﻜـﺜـﻔـﺔ) .(٤ﻟﻜـﻦ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻗﺪ ﲢﻮي أﻳﻀﺎ ﻟﻐﺔ ﺧﻴﺎﻟـﻴـﺔ )ﺑـﻞ ﺷـﻌـﺮﻳـﺔ( ﻣـﻜـﺜـﻔـﺔ ،إﻻ أن اﻟﺸﻌﺮ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻋﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻷدﺑﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ اﻟﺸﻜﻞ ﻠﻘﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺼﻮر ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻜﺜﻒ اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻪ ،أو ُﻳ َ واﻟﺘﻀﻤﻴﻨﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ اCﺒﺎﺷﺮة ،وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﻤﻴﺰة ﻷ ﺎﻃﻪ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ .وﺗﻜﺘﺐ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﻘﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜـﺮ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﻮزن aـﻌـﻨـﺎه اﻟـﻘـﺪ& ،ﻓـﻬـﻨـﺎك ﻛـﻤـﺎ ﻳـﻘـﺎل ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ داﺧﻠﻴﺔ وﺗﻌﺒﻴﺮ ﻣﻜﺜﻒ دون اﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﺎﻟﻮزن ،أو اﻟﺘﻔﻌﻴـﻼت اCـﻌـﺮوﻓـﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ).(٥ أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼـﻴـﺮة ﻓـﻴـﻌـﺘـﺮف اﻟـﻨـﺎﻗـﺪ اﻟـﺮوﺳـﻲ اﻟـﺸـﻬـﻴـﺮ ﺷﻜﻠﻮﻓﺴﻜﻲ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ،وﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﲢﺪﻳﺪ اﳋـﻮاص اCـﻤـﻴـﺰة ﻟـﻠـﻘـﺼـﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻤﺎزج ﻣﻌﺎ ﻟﻜﻲ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻨﻰ ﺣﻜﺎﺋﻲ Sujetﻣﻨﺎﺳﺐ ،ذﻟﻚ أن وﺟﻮد ﺻﻮرة ﻣﺎ ،أو وﺻﻒ ﺣﺎدث ﻣﺎ ،ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺮﺳﺐ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻧﻄﺒﺎع ﺑﺄﻧﻨﺎ أﻣﺎم ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮة).(٦ وﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﺗﻌﺪ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة وﺛﻴﻘﺔ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ واCﺴﺮح ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻋﻨﻬﻤﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻗﺺ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻧﺜﺮي«).(٧ وﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة واﻗﻌﻴﺔ ،أو ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ،أو ﺑﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ،أو ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، أو ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ ...إﻟﺦ .وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﻧﺺ واﺣﺪ ،ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ).(٨ و ﻴﺰ ﻓﺮاﻧﻚ أوﻛﻮﻧﻮر ﺑ tاﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة واﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻴـﻘـﻮل إن »اﻟـﻔـﺮق ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﺮﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﻮل ،إﻧﻪ ﻓﺮق ﺑ tاﻟﻘﺺ اﳋﺎﻟﺺ واﻟﻘﺺ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ، ودﻓﻌﺎ ﻟﻠﺒﺲ أﻗﻮل إﻧﻨﻲ ﻻ أﺣﺎول أن أﻏﺾ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﻘﺺ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ أن اﻟﻘﺺ اﳋﺎﻟﺺ أﻛﺜﺮ ﻓﻨﻴﺔ«).(٩ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻘﺼﺪ أوﻛﻮﻧﻮر ﺑﺎﻟﻘـﺺ اﳋـﺎﻟـﺺ اﻟـﻘـﺼـﺔ اﻟـﻘـﺼـﻴـﺮة ،وﺑـﺎﻟـﻘـﺺ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺣ tﻳﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮواﺋﻲ ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻼﻣﺘﺪاد، واﻻﺳﺘﻄﺮاد ،واﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺣﺪاث واﻟﺸـﺨـﺼـﻴـﺎت وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻓﺈن ﻛﺎﺗﺐ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻗﺪ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﳊﻈﺔ أو ﻓﻜﺮة أو اﻧﻄﺒﺎع إﺣﺴﺎس أو ﻣﻮﻗﻒ أو زاوﻳﺔ ﻣﻦ زواﻳﺎ اﳊﻴﺎة ،أو ﶈﺔ ﻣﻦ ﶈﺎﺗﻬﺎ .أﻣﺎ اCﺴﺮح »ﻓﻬﻮ ﻓﻦ اCﺸﺎﻫﺪة واﻟﺮؤﻳﺔ ،وﻳﺘﺠﻠﻰ ﻟﻨـﺎ ذﻟـﻚ ﻓـﻲ اﻷﺻـﻞ اﻟـﻴـﻮﻧـﺎﻧـﻲ ﻟـﻜـﻠـﻤـﺔ 328
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
»ﻣﺴﺮح« ،إذ ﺗﺸﺘﻖ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ aﻌﻨﻰ »ﻳﺮى« ،وﺗﻜﻤﻦ اﻟﺴﻤﺔ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻔﻦ اCﺴﺮﺣﻲ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗـﺸـﻤـﻞ اCـﺸـﺎرﻛـ tﻓـﻲ أي ﺣـﺪث ﻣﺴﺮﺣﻲ ،ﺳﻮاء أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆدون ﻫﺬا اﳊﺪث ،أو أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳـﺘـﻠـﻘـﻮﻧـﻪ ﺟﻤﺎﻋﻴﺎ وﻓﺮدﻳﺎ ،ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎ ﻣـﺸـﺎﻫـﺪﻳـﻦ ﻓـﻌـﺎﻟـt وﻣﻨﺘﺠ.(١٠)«t وﺗﻄﻠﻖ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺴﺮح أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ اCﺒﻨﻰ اﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﺧﺸﺒﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ وﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ،ﻟﻜﻦ اCﺼﻄﻠﺢ ﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ أﻳﻀﺎ اﻟﻔـﺮق اCـﺴـﺮﺣـﻴـﺔ واﻟـﻜـﺘـﺎﺑـﺔ اCﺴﺮﺣﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪ اCﺴﺮﺣﻲ ،واﳊﺮﻓﺔ اCﺴﺮﺣﻴﺔ ،واﳊﺮﻛﺔ اCﺴﺮﺣﻴﺔ ،واﻟﻌﻤﺎرة اCﺴﺮﺣﻴﺔ ،وﻓﻦ اﻟﻔﺮﺟﺔ ﻋﻠﻰ اCﺴﺮح ،وﺗﺎرﻳﺦ اCﺴـﺮح ،واﻟـﻨـﺺ واCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ، واﻟﺪﻳﻜﻮر ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻜﻮﻧﺎت. ﺗﻨﺪرج دراﺳﺎت اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ واﻷدب ﺿـﻤـﻦ ذﻟـﻚ اﻹﻃـﺎر اﻟـﻌـﺎم ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺬي ﻳﺮﺑﻂ ﺑ tاﻷدب وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻧﺒﺪأ ﺑﻌﺮض ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻟﻬﺬا اﻹﻃﺎر ،ﺛﻢ ﻧﺴﺘﻌﺮض دراﺳﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب اCﺘﺎﺣﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن.
ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻷدب
ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ إﻟﻰ ﻣﺠﺎل اﻷدب ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮق ﺛﻼﺛﺔ: ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷول ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻸدﻳﺐ ،ﺧﻼل ﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻪ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وأﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت ﻣﻦ ﻋﻤﻠـﻴـﺎت ﻣـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ووﺟﺪاﻧﻴﺔ وداﻓﻌﻴﺔ ،أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت. وﻳﺆدي ﺑﻨﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﻨﺎﰋ اﻹﺑﺪاﻋﻲ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ﻗﺼﺔ أو ﻗﺼﻴﺪة أو رواﻳﺔ أو ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎج اﻷدﺑﻲ اCﻌﺮوف .ﺛﻢ إﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺤﺼﻨﺎ ﻟﻬﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻴﺔ، ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺨﻄـﻮﻃـﺎت ،أو ﻣـﺴـﻮﱠدات ،أو ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ،ﻋـﻠـﻰ ﻫـﻴـﺌـﺔ أﻋﻤﺎل ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ،أن ﻧﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺣﻮل اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻹﺑـﺪاﻋـﻴـﺔ ﻣـﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺮاﺣﻠﻬﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ واﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻴﻬﺎ. أﻣﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻴﻮﺻﻠﻨﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ اCﺘـﻠـﻘـﻲ أو ﻗـﺎر اﻷدب ،ذﻟـﻚ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ واﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺑﻄﺮاﺋﻖ واﺳﺘﺠﺎﺑﺎت وﺗﻔﻀﻴﻼت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻜﺘﺸﻒ وﺟﻮد ﻣﺴﺎرات ﻓﺮﻋﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮة أو ﻛﺒﻴﺮة ﺗﺮﺑﻂ 329
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑ tﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮق اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﻫﻲ ﻣـﺴـﺎرات ﻗـﺪ ﻧـﻬـﺘـﻢ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﺑﺪراﺳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﺜﻞ :ﻋﻼﻗﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻷدﻳﺐ ﺑﺈﺑﺪاﻋﻪ ،أو ﻋﻼﻗﺔ ﺳﻤﺎت ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻘﺎر ﺑﺘﻔﻀﻴﻼﺗﻪ اﻷدﺑﻴﺔ ،أو ﻋﻼﻗﺔ ﻃﻔﻮﻟﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑـﺈﺑـﺪاﻋـﻪ ،أو دور اﻟﺴﻴﺎق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع ،أو ﻣﺎ ﲢﺘﻮي ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ ﻣﻦ دواﻓﻊ واﻧﻔﻌﺎﻻت وﺻﻮر وﻗﻴﻢ ،أو دور اﻟﻔﺮوق اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع ،أو ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻣـﺴ ﱠـﻮدات اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ ﻋـﻦ ﺣـﺎﻻﺗـﻪ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻏـﻴـﺮ اﻟـﺴـﻮﻳـﺔ ،أو ﻏـﻴـﺮ ذﻟــﻚ ﻣــﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت. وﻣﻦ ﺑ tﻛﻞ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻧـﻬـﺘـﻢ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص aﻮﺿﻮع ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﻘﺮاء ﻟﻸدب .وﻫﻮ اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي § اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌـﻪ إﻣـﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺤﻰ ﲢﻠﻴﻠﻲ ﻧﻔﺴﻲ وإﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺤﻰ ﻣﻮﺿـﻮﻋـﻲ ،وﻧـﻔـﺼـﻞ ذﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ. وﻫﻨﺎك ﻣﻨﺤﻴﺎن أو اﲡﺎﻫﺎن ﻧﻈﺮﻳﺎن ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎن أﺳﺎﺳﻴﺎن اﻫﺘﻤﺎ ﺑﺪراﺳﺔ اﻷدب ﻋﺎﻣﺔ ،واﻫﺘﻤﺎ أﻳﻀﺎ ــ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ــ ﺑﺪراﺳﺔ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﻘﺮاء ﺧﺎﺻﺔ. اCﻨﺤﻰ اﻷول ﻫﻮ اCﻨﺤﻰ اﻟﺘﺤﻠـﻴـﻠـﻲ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻲ ،واCـﻨـﺤـﻰ اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﻫـﻮ اCـﻨـﺤـﻰ اCﻮﺿﻮﻋﻲ.
اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻷدب
ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻼﲡﺎﻫﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ ﻋﺎﻣﺔ ،واﻷدب ﺧﺎﺻﺔ ،ﺑﺪءا ﻣﻦ دراﺳﺎت ﻓﺮوﻳﺪ اCﺒﻜـﺮة وإﺷـﺎراﺗـﻪ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺣﻮل ﻣﺒﺪﻋ tأﻣﺜﺎل ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ وﻣﻴﻜﻞ أﳒﻠﻮ ودﺳﺘﻮﻳﻔﺴﻜﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ، ووﺻﻮﻻ إﻟﻰ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔـﺴـﻲ ،ﺳـﻮاء ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻣﺪرﺳﺔ ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺎ أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع .وﻧﻬﺘـﻢ ﻫـﻨـﺎ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻸدب ﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ وﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻣﻦ اCﻬﻢ أن ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﳋﺎﺻـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻻﺣـﻈـﻬـﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﺑ tﻇﻬﻮر اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ وﺗﻄﻮره وﺑ tﺑﻌﺾ اCﺪارس اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻷدﺑﻴﺔ. ﻓﻐﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺴﺮﻳﺎﻟـﻴـﺔ وإﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻷﺣﻼم ،واﻟﺮﻣﻮز ،واﻟﻼﺷﻌﻮر ،واﳉﻨﻮن ،واﳋﻴﺎل ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻋﻼﻗﺎت أﺧﺮى 330
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
ﻳﺮاﻫﺎ ﺑﺎﺣﺜﻮن آﺧﺮون ﺑ tاﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ وﻣﺪارس ﻓﻨﻴﺔ ،وأدﺑﻴـﺔ ،وﻧـﻘـﺪﻳـﺔ أﺧﺮى ،وﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪ اﳉﺪﻳﺪ واﻟﺒﻨﻴﻮﻳـﺔ وﻧـﻮﺿـﺢ ذﻟـﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ﻧﺸﻄﺖ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ واﻷدب ﻣﺎ ﺑ tاﻟﻌﺎﻣ ١٧٩٠ tو١٨٢٠ ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا وأCﺎﻧﻴﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻬﺎ اﻣﺘﺪت ﺣﺘﻰ وﻗﺘﻨﺎ اﳊﺎﻟـﻲ ،وﻓـﻲ أﻣـﺎﻛـﻦ ﻋﺪة أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﻫﻨﺎك ﻣﻘﻮﻻت ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﻌﻈـﻢ اCـﺒـﺪﻋـt اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴ ،tوﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﻈﻢ اﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔﺴﻴ ،tﻣﻨﻬﺎ: ١ــ ﻫﻨﺎك ﺷﻌﻮر ،أو إﺣﺴﺎس ،ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة أو اﻟﻌﺰﻟﺔ ﺑ tاﻟﺬات واﻟﻌﺎﻟﻢ. ٢ــ ﻫﻨــﺎك ﻧـﻮع ﻣــﻦ اﻟﻬــﺮوب اCﺆﻗــﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﻷﻧﺎ اﻟﺸﻌﻮري أو اﻟﻮاﻋﻲ واﻟﻌﻘﻼﻧﻲ. ٣ــ ﻳﻠﻲ ذﻟﻚ ﲢﺮﻳﺮ ﻟﻠﻘﻮى اﳊﻴﻮﻳﺔ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮﻳﺰة واﻻﻧﻔﻌﺎل واﳋﻴﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺨﻠﺺ أو ﻫﺮوب ﻣﻦ اﻷﻃﺮ اCﺄﻟﻮﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔـﻜـﻴـﺮ واﻟـﻔـﻬـﻢ ) .(١١وﻫﺬه اﻟﺸﺮوط اCﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺨﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ رأي اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴ ،tوﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔـﺴـﻴـُ ،tﻧﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺻـﻔـﺎت ـﻴـﺰة ﻟﻠﻄﻔﻮﻟﺔ اCﺒﻜﺮة ،وأﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻬﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻌﻮدةa ،ﻌﻨـﻰ ﻣـﺎ ،إﻟـﻰ ذﻟﻚ اﻟﺸﺮط اCﺒﻜﺮ واﻷﻛﺜﺮ ﺑﺪاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل واﳊﺮﻳﺔ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻄﻔﻮﻟﺔ. ﻓﺎﻷﺷﻮاق اﳋﺎﻟﺪة ﻟﻠﻄﻔﻮﻟﺔ aﻌﺎﻧﻴﻬﺎ اﺨﻤﻟـﺘـﻠـﻔـﺔ ـــ ﻛـﻤـﺎ ﻛـﺘـﺐ ﺑـﻠـﻮم ـــ ﻫـﻲ ﻣﺼﺪر إﺣﻴﺎء وﲡﺪد اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻲ ،واﻟﺬي ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﻪ ﻣﻌﻈﻢ روﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﺼﺎدرﻫﺎ .إن ﺠﻴﺪ اﻟﺒﺪاﺋﻲ واﻟﻐﺮﻳﺰي واCﺘﺤﺮر ،واﺿﺢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت »وردزورث«) (١٢اﻟﺬي ﻣﺎل إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮد ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻗﻄﺒﻴﺔ ﻣﻔﺘﺮﺿﺔ ﺑ tاﻟﻄﺒﻴﻌﺔ )وﺗﻔﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﺮﻳﺰي واﻧﻔﻌﺎﻟﻲ وﺗﻠﻘﺎﺋﻲ( واﻟﻔﻦ )وﻳﻔﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻳﺸﻴﺮ aﻌﻨﻰ ﻣﺎ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺪروس وﻣﺘﺪﺑﺮ وﻧﺎﺟﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﻮاﻋﻲ().(١٣ ﻟﻢ ﻳﻨﻜﺮ »وردزورث« دور اﻷﻧﺎ أو اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ــ ﺣﺴﺐ ﻣـﺼـﻄـﻠـﺤـﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ــ أو اﳉﺎﻧﺐ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ،ﻟﻜﻨﻪ أﻋﻄﺎﻫﺎ دورا ﺗﺎﺑﻌﺎ وأﻗﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ، وﻋﺮف اﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ »اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﻮﻳﺔ« ،وﻗﺎل إن اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺗﺄﺗﻲ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ »اﻟﺬي ﻳﻔﻜﺮ ﻃﻮﻳﻼ وﺑﻌﻤﻖ« .وآراؤه ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻗﺮﻳﺒـﺔ ﻣـﻦ آراء ﻛﺮﻳﺲ اﻟﺬي ﺳﻴﺠﻲء ﺑﻌﺪه ﺑﺤﻮاﻟﻰ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن).(١٤ أﻣﺎ ﻛﻮﻟﺮﻳﺪج اCﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب اﻷCﺎن ،ﺧﺎﺻﺔ ﺷﻴﻠﻠﺮ ،ﻓﺄﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ 331
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺣ tأﺷﺎر إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ أو اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﳊﻤﻴﻢ ﺑ tاﳉﻮاﻧﺐ اﻷﻛﺜﺮ ﺑﺪاﺋﻴﺔ واﳉﻮاﻧﺐ اﻷﻛﺜﺮ اﻧﻀﺒﺎﻃﺎ ،ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺘﺰج ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﺎﻟﺼﻨـﺎﻋـﻲ ،أو اﻟﻔﻄﺮي ﺑﺎCﻜﺘﺴﺐ ،أو اﻟﻐﺮﻳﺰة ﺑﺎﳋﺒﺮة ،ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺐ ﺛﺎﻟﺚ أرﻗﻰ ،وﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺗﻨﺎﻓﺬ ﻣﺸﺘﺮك ﺑ tاﻻﻧﻔﻌﺎل واﻹرادة ،وﺑ tاﻻﻧﺪﻓﺎع اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ،واﻟﺴﻠﻮك اﻹرادي أو اﻟﻐﺮﺿﻲ).(١٥ اﻟﺸﻲء اﳉﺪﻳﺮ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻫﻮ ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ أن اﻟﺪور اﳉﻮﻫﺮي ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق دور ﺗﻠﻌﺒﻪ ﻋﻤﻠﻴـﺎت وﺛـﻴـﻘـﺔ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ واﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻄﻔﻮﻟـﺔ .وﻗـﺪ ﻣﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tإﻟﻰ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻫﺬه ﻣﺼـﻄـﻠـﺢ »اﻟـﺮؤﻳـﺔ اﻟﻨﻜﻮﺻﻴﺔ ﻟﻠـﻔـﻦ« Regressive View of Artﻣﻊ ﺿﺮورة اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن وﺟـﻬـﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻫﺬه ﻟﺪى ﻫﺎﺗ tاﻟﻨﻈـﺮﺗـ tﻻ ﺗـﻨـﻜـﺮ دور اﻟـﻘـﻮى اﻟـﻌـﻘـﻼﻧـﻴـﺔ ،أو ﻏـﻴـﺮ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﺔ أﻗﻞ).(١٦ اﻣﺘﺪت ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻬﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اCﺪرﺳﺔ اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ واﻷدب، ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اCﻨﻈﺮﻳﻦ ﺘﺪ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن اﳊﺪاﺛﻴﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ .ﻓﻘﺪ رأى ﻓﺮاﻧﺰ أﻟﻜﺴﻨﺪر ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ aﻮﺿﻮع أو اﻟﻔﻦ اﻟﺸﻴﺌـﻲ (١٧) Nonobjective Artاﳋﺎص ﺑﺎﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ »ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻨـﺸـﺎط اﳋﺎرﺟﻲ اﻟﺬي ﻗﺎم ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ اﻟـﻼﺷـﻌـﻮر اﻟـﻌـﺎري ،وﻫـﻮ ﻓـﻲ رأﻳـﻪ اﺧـﺘـﺮاق أﺳﺎس ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻧﺪﻓﺎﻋﺎت اﻟﻬﻮ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻏﻴﺮ اCﻨﻈﻤﺔ«).(١٨ وﻗﺎل ﻋﺎﻟﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع داﻧﻴﻴﻞ ﺑﻞ D.Bellإن اﻟﻔﻦ اﳊﺪاﺛﻲ ﻫﻮ ﻓﻦ »ﻟﺬ¢ي وﻻ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﺎﻣﺎ« ،ﻧﻮع ﻣﻦ اﳋﺒﺮة واﻟﺘﻌﺒـﻴـﺮ ﻳـﺴـﻴـﻄـﺮ ﻋـﻠـﻴـﻪ اﻻﻧـﺪﻓـﺎع واCـﺘـﻌـﺔ وﺣﺪﻫﻤﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻳﺴﻌﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻃﻤﺲ أو إزاﻟﺔ ﻛﻞ أﺷﻜـﺎل اﻻﻧﻔﺼﺎل ﺑ tاﻟﺬات واCﻮﺿﻮع .وﻧﻈﺮ ﺑﻴﺘﺮ ﻓﻮﻟﻠﺮ ــ وﻫﻮ ﻧﺎﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻨﻈـﺮﻳـﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ــ إﻟﻰ اﻟﻔﻦ اﳊﺪاﺛﻲ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻓﻨﺎ ﻳﻘﺪم ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﻮص ﻗﺪ ﻜﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻪ ﺑﺎرﺗﺪاد اﻟـﻔـﺮد اﻟـﻀـﺮوري ﻧـﺤـﻮ ﻣـﻮﺿـﻊ ﻣـﺎ ،ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻗﺪ ﻜﻨﻪ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺒﺪاﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻣﺜﻼ).(١٩ اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه أن ﻫﺎوزر ﻛﺎن ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻟﺒﺎﺣﺜ tاﻟﺬﻳﻦ رﺑﻄﻮا ﺑ tاﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ،وﻗﺎل إن اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ Cﻨﻬﺞ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔـﺴـﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ أوﺿﺢ ﺻﻮرة ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺰوه ﻟﻠﻤﻠَﻜﺎت اﻟﻼﻋﻘﻠﻴﺔ واﳊﺪﺳﻴﺔ 332
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
ﻣﻦ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﺎر اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨـﻲ ،وأن ﻫـﺎﺗـ tاCـﺪرﺳـﺘـ) tاﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ( ،ﺗﺸﺘﺮﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻼﺷﻌﻮر ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣـﺼـﺪر اﻟﺼﻮرة ﻣﻦ ﺻﻮر اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،وأن أﺳﻠﻮب اﻟﺘﺪاﻋﻲ اﳊﺮ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﺜﻞ ﻄﺎ آﺧﺮ ﻣﻦ أ ﺎط اﻟﺼﻮت اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺬي ﻧﺎدت ﺑﻪ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ).(٢٠ ﻣﻦ اCﻬﻢ أن ﻧﻌﺮف أن ﻫﺬه اﻟﺘﺼﻮرات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻧﻮاﰋ ﳊﻘﺒﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺣﻘﺒﺔ ﻣﺎزال ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ــ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اCﻌـﺎﺻـﺮة اﻷﻗـﻞ ﻃﻠﻴﻌﻴﺔ ــ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ .وﺗﻨﻄﺒﻖ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﻜﻮص إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ،وإﻟﻰ اﳊﺮﻳﺔ ،وإﻟﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎل ،واﳋﻴﺎل ،ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﺘـﺎج اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻧ tاﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻠﻬﻢ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬا اﻟـﻨـﺘـﺎج اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،وﲢﺎﻟﻔﺖ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ،وﺗﺒﻨﺘﻬـﺎ ﻣـﻌـﻈـﻢ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎت اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺳـﻴـﻄـﺮت ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻔـﻜـﺮ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻓـﻲ اﻟـﻐــﺮب واﻟﺸﺮق).(٢١ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ،أي اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة )ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎن اﻟﻘﺪ ﺔ( ،ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺐ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺄﻛﺪت اﻟﻘﻮاﻋﺪ ،وأﻧﻜﺮت ﻓﻜﺮة اCﺘﻌﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ .ﻟﻘﺪ أﻛﺪت ﻋﻠﻰ إدراك اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻨﻈـﺎم ،واﻟـﺘـﻨـﺎﺳـﻖ، واﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ ﻓﻘﻂ ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ،واﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ، واﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻻﲢﺎد ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ أن ﺗﻠﻌﺐ دورا ﻫﺎﻣﺸﻴﺎ ﻓﻲ ﺗـﻠـﻚ اﻟـﺘـﺼـﻮرات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ﺣﻮل اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﻟﻌﺪة ﻗﺮون ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮر اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ .وﻳﺒﺪو أن ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اCﺼﻮر »ﻓﺮﻧﺎﻧﺪ ﻟﻴﺠـﻴـﻪ« ﻋـﻦ رد اﻟﻔﻌﻞ اﳊﺴﺎس اCﻀﺎد ﻫﻮ أﻣﺮ ﺻـﺤـﻴـﺢ ﻫـﻨـﺎ أﻳـﻀـﺎ .ﻓـﻘـﺪ ذﻛـﺮ ﻟـﻴـﺠـﻴـﻪ أن اﻟﻘﻀﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ aﺤﺎﻛﺎة اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺳﻴﻄﺮت ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اCﺴﺎر اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،واﻟﻔﻦ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻛﺎن أﻗﺮب ﻣﺎ ﻳﻜﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴـﺪ، وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﺛﺎر اﻟﺸﻜﻮك ﺣﻮﻟﻪ ،وﻛﺎن ﻻﺑﺪ ﻟﻠﻔﻨﺎن اCﻌﺎﺻﺮ أن ﻳﻨﺄى ﺑﻨﻔﺴـﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻛﻲ ﻳﺮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻮﺿﻮح وﻳﻨﻄﻠﻖ ﺑـﺨـﻴـﺎﻟـﻪ ﻓـﻲ ﻋـﻮاﻟـﻢ اﻻﻛـﺘـﺸـﺎف واﻻﺑﺘﻜﺎر .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﻮن ﻫﻢ أول ﻣﻦ ﺑﺪأ ﻫﺬه اﳋﻄﻮة ــ ﻓﻲ رأﻳـﻪ ـــ اﻟﻌﺎم ،١٨٦٠ﺣ tﺑﺪأ ﻫﺆﻻء اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن اﻟﻜﺒﺎر أﻣﺜﺎل ﻣﺎﻧﻴﻪ ،ورﻳﻨـﻮار ،وﻣـﻮﻧـﻴـﻪ، ودﻳﺠﺎ ،وﺑﻴﺴﺎرو ،وﺟﻮﺟﺎن ،وﺳﻴﺰان ،وﻟﻮﺗﺮﻳـﻚ ،وﺳـﻮراه ،وﻏـﻴـﺮﻫـﻢ ﺛـﻮرﺗـﻬـﻢ 333
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ) .(٢٢ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﻓﻲ ﺣﺠﻢ اﻟﻬﺎﻣﺶ اﻟﺼﻐﻴﺮ اCﺘﺎح ﻟﻠﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﺿﻤﻦ اﻹﻃﺎر اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ اﳉﺪﻳﺪ، وأﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ aﻨﺰﻟﺔ اﳋﻔﺾ أو اﻻﺧﺘـﺰال أو اﻻﺧـﺘـﺼـﺎر ﻟـﻠـﻤـ¾ اﻟﻜﺒﻴﺮ اCﻌﻄﻰ ﻟﻠﻌﻘﻞ واCﻨﻄﻖ واﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﺬوق. و ﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺼﺤﺔ ذﻟﻚ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﺬي ﻇﻬﺮ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ اﻻﲡﺎه اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اﻟﺘﺠﺰﻳـﺌـﻲ أو اﻟـﻌـﻨـﺎﺻـﺮي Elementaryاﻟﺬي ﻳﺪرس اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺮاﺷﺪ اﻟﺴﻮي ﻫﻮ اCﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ، وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ ﻓﻮﻧﺖ أوﻟﻰ اﳋﻄﻮات اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻪ اﻟﻌﺎم ١٨٧٩ﻓـﻲ ﻟﻴﺒﺰج ﺑﺄCﺎﻧﻴﺎ ،وﻣﺎ ﺗﻼ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻄﻮرات ﺗﺴﻴﺮ ﻓﻲ اﻻﲡﺎه ﻧﻔﺴﻪ ﲡﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻟﺘﺠﺰﻳﺌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص).(٢٣ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮر واﳉﻮاﻧﺐ اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ )وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻘﻞ اCﻨﻄﻘﻲ اﻟﻌﺎم( ﻟﺪى اCﺮﺿﻰ ﺧﺎﺻﺔ )وﻟﻴـﺲ اﻷﺳـﻮﻳـﺎء( وﻟـﺪى اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻜﺒﺎر ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء ،ﻣﻊ إﻋﻄﺎء أﻫﻤﻴﺔ ﻗﺼﻮى Cﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ. و ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺼﻮر أن ﺗﻠﻚ اCﺪارس اﳉﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻇـﻬـﺮت ﻓـﻲ ﻣـﻴـﺪان ﻋـﻠـﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﺎﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ واﳉﺸﻄﻠﺖ واCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﻳﻀﺎ aﻨﺰﻟﺔ رد اﻟﻔﻌﻞ اﳊﺴﺎس اCﻀﺎد ﲡﺎه ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ .ﻓﺎﳉﺸﻄﻠﺖ ﻣﺜﻼ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻷﺑﻌﺎد اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻟﺘﻲ أﻫﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ،واCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻫﻤﻠﺘـﻬـﺎ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﺒﻂ واﻟﻘﻴﺎس اﻟﻜﻤﻲ اﻟﺬي أﻫﻤﻠﺘﻪ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ ...وﻫﻜﺬا. ﺑﻞ ﻜﻨﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺢ أﻳﻀﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌـﻠـﻖ ﺑـﺎﻟـﺘـﻄـﻮرات اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ذاﺗﻬﺎ ،ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠـﻰ اﳉـﻮاﻧـﺐ اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ اﳉﻨﺴﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى ﻓﺮوﻳﺪ ،إﻟـﻰ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ﺑـﺎﻷﻧـﺎ اﻟـﻮاﻗـﻌـﻲ ﻓـﻲ »ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺎ« ،ﺛﻢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﺎCـﻮﺿـﻮع ﻟـﺪى أﺻـﺤـﺎب ﻧـﻈـﺮﻳـﺔ »اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﻄﻮرات ﻛﻠﻬﺎ ردود ﻓﻌﻞ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﻣﻀﺎدة إزاء اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻷﺧﺮى .ﻛﺬﻟﻚ ﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ »ﻻﻛﺎن« ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻣﻦ ﻣﺰج ﺑ tاﻟﻠﻐﺔ واﻟﻼﺷﻌﻮرa ،ﻨﺰﻟﺔ رد اﻟﻔﻌﻞ اﳊﺴﺎس اCﻀﺎد ﻹﻫﻤﺎل ﻓﺮوﻳﺪ وﻏﻴﺮه Cﻮﺿﻮع اﻟﻠﻐﺔ )ﺑﺮﻏﻢ أن ﻓﺮوﻳﺪ ﻗﺪ اﻫﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﺧﻼل ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻓﻠﺘﺎت اﻟﻠﺴﺎن ﻣﺜﻼ( .واﻫﺘﻤﺎم ﻻﻛﺎن ﺑﺎﻟﻨﻈﺮة وﻣﺮﺣﻠﺔ اCﺮآة ودورﻫﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ، 334
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ رد ﻓﻌﻞ ﺣﺴﺎس ﻣﻀﺎد ﻟﻺﻫﻤﺎل اﻟﺬي ﳊﻖ ﺑﺎCﺘﻠﻘﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ اCﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ.
اﻟﻔﻨﻲ واﳉﻤﺎﻟﻲ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ
ﺣﺎوﻟﺖ وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ ﻋﺪة ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨـﻔـﺴـﻲ أن ـﻴـﺰ ﺑ tاﻟﺒﻌﺪﻳﻦ اﻟﻔﻨﻲ واﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻛﺎن ﻫﺪف ﻫـﺬه اﻟـﻮﺟـﻬـﺎت اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫﻮ ﲢﺮﻳﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻖ aﺆﻟﻔﻪ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اCﻘﺼﻮد ﻣـﻦ وراء ذﻟﻚ اﻟﺮﺑﻂ ﺑ tاﻟﻘﺎر واCﺘﻠﻘﻲ ،إن ﻫﺬا ﺳﻴﺠﻲء ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻔـﺘـﺮة ﻣـﻦ اﻟﺰﻣﻦ. ﻟﻘﺪ أﺷﺎر إروﻳﻦ ﺑﺎﻧﻮﻓﺴﻜﻲ ــ ﻣﺆرخ اﻟﻔﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ــ إﻟﻰ أﻧـﻨـﺎ ﻧـﺴـﺘـﻤـﺘـﻊ ﺑﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻨﺤﻮﺗﺎت ،أو اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ اﺠﻤﻟﻨﺤﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻔـﻨـﺎﻧـ ،tﻓـﻬـﻨـﺎك ﻟـﻴـﻮﻧـﺔ وﺷﻌﻮر ﺑﺎﻟﻌﺮاﻗﺔ ،أو اﻟﻘَِﺪم ﻓﻴﻬﺎ ﲡﻌﻠﻬﺎ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻗﻴﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺘﺤﻘﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺐ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻀﻮء ،واﻟﻠﻮن ،واﻟﺒﻬﺠﺔ اﻻﻧﻔـﻌـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ أو اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﻧﻔﺬت ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺻﺎﻧﻌﻴﻬﺎ).(٢٤ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﺬي ﻃﺮﺣﻪ ﺑﺎﻧﻮﻓﺴﻜﻲ ﺑ tاﳉﻤﺎﻟـﻲ واﻟـﻔـﻨـﻲ أﻛـﺪه أﻳـﻀـﺎ ووﻟﻔﺠﺎﱋ أﻳﺰر ــ وﻫﻮ ﻣﻦ أﻗﻄﺎب ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ واﻟﻘﺮاءة ــ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ .ﻟﻜﻦ أﻳﺰر ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻗﺪ وﺻﻒ ﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒt أو اﻟﻘﻴﻤﺘ tﻋﻠﻰ أﻧﻬﻤﺎ ﻗﻄﺒﺎن ،وأن اﻟﻘﻄـﺐ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻫـﻮ اﻟـﻨـﺺ اﻟـﻔـﻌـﻠـﻲ ،أو اCﻮﺿﻮﻋﻲ اﻟﺬي أﺑﺪﻋﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،أو اﻟﻔﻨﺎن ،أﻣﺎ اﻟﺒﻌﺪ ،أو اﻟﻘﻄـﺐ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻓﻬﻮ اﻟﻘﻄﺐ اCﺪرك ،أو ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺤﻘﻖ أو اﻹدراك ،أو اﳋﺒﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻟﻠﻘﺎر أو اCﺸﺎﻫﺪ أو اCﺴﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ .وﻗﺪ اﺳﺘﻨﺘﺞ أﻳﺰر أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻻ ﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻘﻄﺒـ ،tﻟـﻜـﻨـﻪ ﻳـﺠـﺐ أن ﻳـﻮﺿـﻊ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﲢﺪث أﻳﺰر ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻓﺘﺮاﺿـﻴـﺎ ﺑـﻄـﺒـﻴـﻌـﺘـﻪ .Virtual in Characterوﻣﻦ ﺛﻢ ﻓـﻘـﺪ ﺗـﺒـﻨـﻰ وﺟـﻬـﺔ ﻧـﻈـﺮ ﻓﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻘﺮاءة).(٢٥ وﺟﻬﺔ اﻟﻨـﻈﺮ اﳋﺎﺻﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟـﺘـﻤـﻴـﻴـﺰ ﺑـ tاﻟـﺒـﻌـﺪﻳـﻦ اﻟـﻔـﻨـﻲ واﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻛﺎن ﻫﺪﻓﻬﺎ ﲢﺮﻳﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻘﻪ aﺆﻟﻔﻪ ﻓﻘﻂ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن أﺷﺮﻧﺎ ،ﻓﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ــ ﻓﻲ رأي أﺻﺤﺎب ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻬﺔ ــ ﻳﻨﻈﺮ 335
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ،أو ﻛُﻮﻧﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎدﺗﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ أو ﻟﻐﺘﻬﺎ وﺑﻨﻴﺎﺗﻬﺎ وﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ وﻫﻲ ــ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ــ ﻓﻲ رأي أﺻﺤﺎب وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ ﻫﺬه ،ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ اﻟﺼﻠﺔ ﺎﻣﺎ ﺑﺎﳊﺎﺟﺎت اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ Cﺆﻟﻔﻴﻬﺎ أو ﻣﺘﻠﻘﻴـﻬـﺎ ،وﻗـﺪ اﻧﻜﻤﺶ ﺳﻴﺎق اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج وﺗﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﺣـﺪود اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ اﻟﻔﺮدي .وﻗﺪ ﺗﺘﺒﻊ أﺑﺮاﻣﺰ ﺟﺬور وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈـﺮ ﻫـﺬه ﺑـﺪءا ﻣـﻦ أواﺧـﺮ اﻟـﻘـﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ وﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى ﻧﻘﺎد وﻛﺘﺎب ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا واﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة أﻣﺜﺎل رﻳﺘﺸﺎردز وأرﺷﻴﺒﺎﻟﺪ ﻣﺎﻛﻠﻴﺶ وﻛﻠﻴﻨﻴﺚ ﺑﺮوﻛﺲ ووﻟﻴﺎم أﻣﺒﺴﻮن وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪأوا ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻧﺘﺎﺟﺎت ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻊ وﺟﻮد ﺧﺼـﺎﺋـﺺ ﺑـﻨـﺎﺋـﻴـﺔ ـﻴـﺰة ﻟـﻬـﺎ ،ﻣـﺜـﻞ اﻟـﺘـﻮﺗـﺮات واCﻔﺎرﻗﺎت وﻣـﺴـﺎرات اﻟـﻨـﻤـﻮ واﻟـﺘـﻄـﻮر وأ ـﺎط اﻟـﻐـﻤـﻮض ،وﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ) .(٢٦ﻟﻘﺪ وﺟﻬﻮا اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ،أي ﻗﺮاءة اﻟﻨﺺ ﻣﻦ داﺧﻠﻪ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ،ﻓﻼ اﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ Cﺒﺪع اﻟﻨﺺ وﻻ ﺑﺎﻷﺑﻌﺎد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮ اﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أو ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ. و ﻜﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻫﺬه اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ واﻫﺘـﻤـﺎﻣـﺎت ﻻﺣـﻘـﺔ أﻳﻀﺎ ،اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺪى ﻧﻘﺎد ﺗﺸﻜﻴـﻠـﻴـ tوﺷـﻜـﻠـﻴـ tأﻣـﺜـﺎل ﻛـﻼﻳـﻒ ﺑـﻞ وروﺟﺮ ﻓﺮاي وﻟﺪى ﻓﻼﺳﻔﺔ أﻣﺜﺎل ﺳﻮزان ﻻﳒﺮ ،وﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻻﺣﻘـﺔ ﻟـﺪى أﺻﺤﺎب اCﺪرﺳﺔ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻛـﻤـﺎ ﺑـﺪأت ﻓـﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،وﻗﺒﻞ أن ﲢﺪث ﻓﻴﻬﺎ وﻟﻬﺎ ﺗﻄﻮرات ﻋﺪة ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق. اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳـﻬـﻤـﻨـﺎ اﻵن ،أﻧـﻪ ﻣـﻊ ﻣـﺮور اﻟـﺴـﻨـﻮات ﺧـﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﲢﻮل اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﻔﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﶈﺘﻮى )أو :ﻣﺎذا? (Whatإﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ )أو ﻛﻴﻒ ? ،(Howأي ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اCﻀﻤﻮن اﻟﻈﺎﻫﺮ ،أو اﳋﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ أُﻧﺸﺊ أو أُﺑﺪع اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ُر¢ﻛﺰ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ وأﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮر )ﻟﺪى ﻻﻛﺎن ﻣﺜﻼ(. ﻟﻘﺪ ﲢﻮل اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺒﺎﻟﻎ ﺑﺎﻟﺪواﻓﻊ اﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ اCﻜﺒﻮﺗﺔ، واﻟـﺮﻏـﺒـﺎت ،واﺨﻤﻟـﺎوف واﳊـﺎﻻت اﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻴـﺔ ﻏـﻴـﺮ اﻟـﺴـﻮﻳـﺔ إﻟـﻰ اﻻﻫـﺘ ـﻤــﺎم ﺑﺎﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ ،واCﻘﺎوﻣﺔ ،واﻟﺘﻮاﻓﻖ .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻘﺮﻳـﺒـﺎ، 336
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻘﺪ ﻳﺮﻓﺾ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ﺣﻮل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ »ﺣﺎوﻳﺎت« ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﻮﻳﺔ اCﺘﺪﻓﻘﺔ ﻛﻤﺎ ﺻﺎغ وردزورث ﻫﺬا اﻷﻣﺮ، ﺑﺪأ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ أﻳﻀﺎ ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻟﻀـﺠـﺮ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ اﻟـﻨـﻤـﻮذج اﳋـﺎص ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺳﺎﺣﺔ ﻟﻠﺼﺮاﻋﺎت واﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻜﻒ ﻋﻦ اﻻﺻﻄﺪام. وﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ ﻛﺮﻳﺲ ،ﻓﺈن اﻻﻫﺘﻤﺎم اﳋﺎص ﺑﺎﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻲ ﻗـﺪ ﺑـﺪأ ﻳﺘﺤﻮل ﻧﺤﻮ اﻟﻄﺮاﺋﻖ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠـﻴـﺔ ـــ اﶈﺪدة ﺳﻠﻔﺎ داﺧﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﻌ tــ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،وأﻳﻀﺎ ﻧﺤﻮ اﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر إﻟﻰ اﻟﻠﻌﺐ وﺗﻨﺸﻴﻂ اﳋﻴﺎل).(٢٧ ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﻔﻦ ﻣﻮﺟﻬﺎ إذن ﻧﺤﻮ اﻷﺳﻠﻮب ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻔﺮوق اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ اCﺮﻫﻔﺔ واﳊﺴﺎﺳﺔ ،واﻵﻟﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﺺ ﻣﻌ tﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻔﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣـﺎت اCـﺸـﺘـﻐـﻠـ tﻓـﻲ اﺠﻤﻟـﺎﻟـ،t وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﻻﻛﺎن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة ﺧﺎﺻﺔ إﻟﻰ اﻟﻼﺷﻌﻮر ــ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﺼﺎ ﺟﺪﻳﺮا ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺘﺄوﻳﻞ ــ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﺑـﺤـﻖ ﻋـﻦ ﻫـﺬه اﻟـﺘـﺤـﻮﻻت اﳉﺬرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ. ﻛﺎن اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ اﳉﺪﻳﺪ واﻟﻨﻘﺎد اﳉﺪد ﻓـﻲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت وأرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻫﻮ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎء »ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺎ« اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻲ ﻧﺸﺮ إﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻬﻢ اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اCﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻣﺜﻼ ،ﲡﺎﻫﻞ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﻣﺪارس ﻋﺪة ﺟﺎءت ﺑﻌﺪ اﻻﻧـﻄـﺒـﺎﻋـﻴـﺔ ﻣـﺜـﻞ اﻟﺘﻜﻌﻴﺒﻴﺔ واCﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ) ،(٢٨واﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ) ،(٢٩أن ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ. وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﺤﺪي ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﻬﺪف اﳋﺎص ﺑﻜﻞ ﻫﺬه اCﺪارس اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،ﻫﻮ أن ﲡﺘﺬب اﻫﺘﻤﺎم ﻋ tاCﺸﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻧﺸﻂ وﻓـﻌـﺎل ،وأن ﲡﺒﺮه ﻋﻠﻰ أن ﻳﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ ، Look Atﻻ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻋﺒـﺮ Look Throughاﻟﻌﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،أن ﻳﺮى اﻟﺸﻜﻞ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﻘﺮأ اﳊﻜﺎﻳﺔ أو اﻟﺮﻣـﺰ .وﻗـﺪ ﻗـﺼـﺪ ﻣـﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم أن ﺗﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮة وﻣﻮﺟﻮدة Presentﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻻ أن ﺗﻜﻮن ﺜﻠﺔ Representﻷي ﺷﻲء آﺧﺮ).(٣٠ وﺣﺪث ﺷﻲء ﺎﺛﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ ﺣ tﺑـﺪأت اCـﺪارس اﻟـﺸـﻜـﻠـﻴـﺔ أو اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﳊﻀﻮر وﻓﺮض ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اCﻨﺎﻗﺸـﺎت اﻷدﺑـﻴـﺔ واﻟـﻨـﻘـﺪﻳـﺔ. وﻛﻤﺎ أﺷﺎر راﻣﺎن ﺳﻠﺪن ،ﻓﺈن اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺸﻜﻠﻲ اﻟﺬي أرﺳﻴﺖ ﻗﻮاﻋﺪه ﻓﻲ روﺳﻴﺎ 337
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻗﺒﻞ ﺛﻮرة ،١٩١٧ﻗﺪ ﻻ ﻳﺒﺪو ﻏﺮﻳﺒﺎ ﻓﻲ أﻋ tﻃﻼب اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺸﺄوا ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﻴﺎر اﻟﻨﻘﺪ اﳉﺪﻳﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰي ،ﺑﺘﺮﻛﻴﺰه ﻋﻠﻰ »اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﻤﻠﻲ« و»اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ« ﻟﻠﻨﺺ ،ﻓﺎﻟﻨﻘﺪ اﳉﺪﻳﺪ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ اﺳﺘﻜﺸﺎف اﳋﺼﻮﺻﻴﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮص .وﻛﻼ اﻟﻨﻮﻋ tﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ﻳﺮﻓﺾ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ اCﺘﺮﻫﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ أواﺧﺮ أﻳﺎﻣﻬﺎ ،وﻳﻔﻀﻞ اﺗﺨﺎذ ﻣﻮﻗﻒ ﲡﺮﻳﺒﻲ وﺗﻔﺼﻴﻠﻲ ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺮاءة .وﻟـﻜـﻦ اﻟﺸﻜﻠﻴ tاﻟﺮوس ﻛﺎﻧﻮا أﻛﺜﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺎﳉﻮاﻧﺐ اCﻨﻬﺠﻴﺔ ،وأﻛﺜﺮ اﻧﺸﻐﺎﻻ ﺑﻮﺿﻊ أﺳﺎس »ﻋﻠﻤﻲ« ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷدب ،أﻣﺎ اﻟﻨﻘﺎد اﳉﺪد ﻓﻘﺪ ﺟﻤﻌﻮا إﻟﻰ اﻻﻫﺘـﻤـﺎم ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻠﻐﻮي اCﺘﻤﻴﺰ ﻟﻠـﻨـﺼـﻮص ﺗـﺄﻛـﻴـﺪا ﻟـﻼﻧـﻔـﺼـﺎل ﺑـ tاCـﻌـﻨـﻰ اﻷدﺑـﻲ واﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اCﻨﻄﻘﻴﺔ ،إذ إن اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اCﻌﻘﺪ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪة aﻨﺰﻟﺔ ﲡﺴﻴﺪ ﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ إﺑﺪاﻋﻴﺔ إﻟﻰ اﳊﻴﺎة ،اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻻ ﻜﻦ اﺧﺘﺰاﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺒﺎرات ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ أو ﺗﻠﺨﻴﺼﺎت ﻧﺜﺮﻳﺔ) .(٣١وﺗﻜﺘﺴﺐ ﻫﺬه اﻟﻘﺮاﺑﺔ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺘﻄﻮرات اCﺘﻮازﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻗﻮة إﺿﺎﻓﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻼﺣﻆ أن وﻇﺎﺋﻒ أو ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻷﻧﺎ اﻟـﺸـﻌـﻮرﻳـﺔ واﻟـﻼﺷـﻌـﻮرﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺎم ﻋـﻠـﻤـﺎء ﻋـﻠـﻢ ﻧـﻔـﺲ اﻷﻧـﺎ ﺑﺎﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺎت ﻟﺒﺎﺣﺜ tأﻣﺜﺎل أﻧﺎ ﻓﺮوﻳﺪ وﻫﺎر ﺎن وﻛﺮﻳﺲ وأرﻧﺰﻓﺎﻳﺞ وﻏﻴﺮﻫﻢ. ﻓﺎﻟﻔﻨﺎن اCﺼﻮر اﻟﺬي ﻴﺰ اﻟﻠﻮن واﻟﺸﻜﻞ واCﻠﻤﺲ وﻳﻌﺎﻟﺞ اCﻮاد اﻟﻔـﻨـﻴـﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ،وﻳﻘﺪم أﺣﻜﺎﻣﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ وﻋﻤﻠﻴﺔ ،و ﺎرس اCﻬـﺎرة واﻻﻧـﺘـﺒـﺎه واﻟـﺬاﻛـﺮة واﺧﺘﺒﺎر اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟـﻠـﻐـﺔ ﻛـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣـﻨـﻈـﻢ ﻟـﻬـﺬه اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت ،وﻛﺬﻟﻚ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اCﺒﺪﻋ tﻳﻨﺪﻣﺠﻮن ــ ﻛﻠﻬﻢ ــ ﻓﻲ ﻧﺸﺎط ﺧﺎص ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺮﻗﻲ واﻹﺣﻜﺎم ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻷﻧﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻴـﺔ ﻻ اﻟـﻬـﻮ اﻟـﻐـﺮﻳـﺰي .وﻗـﺪ ﺣﺎول ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺎ إذن أن ﻳﻘﺪم إﺳﻬﺎﻣﻪ اﳋﺎص ﻓﻲ ﺻﻘﻞ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﻜﻴـﻒ ،واﻟـﺪﻓـﺎﻋـﻴـﺔ ،واﻟـﺘـﻜـﺎﻣـﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻗﺪ أﺷﺎر أرﻧـﺰﻓـﺎﻳـﺞ ﻣـﺜـﻼ إﻟـﻰ أن اﻟـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻬﺎ اﻧﻄﺒﺎع ﻣﻌ tﺑﺎﻟﻔﻮﺿﻰ واﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ،ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻣﻈﻬﺮ ﺧﺎدع ،ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم ﺧﻔﻲ ﻳﺘﺒﻊ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻜﺸﻔﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻜﻦ ﻓﻬﻤﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮؤﻳﺔ اﳊﺴﻴﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ...إن ﺧﻄﻮط اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ اCﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﳋﻠﻂ واﻟﻔﻮﺿﻰ ﺗﻌﺪ ﻓﻲ رأي أرﻧﺰﻓﺎﻳﺞ أﻛﺜﺮ ﻴﻴﺰا ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ 338
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
اﻷﺷﻜﺎل اCﺘﻌﻤﺪة اCﻘﺼﻮدة ﻛﺒﻴﺮة اCﺴﺎﺣﺔ).(٣٢ وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺬي ﺣﺎول ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ اﻟﺸﻜﻠﻲ أو اﻟﺸﻜﻼﻧﻲ أن ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر ﻫﻮ اﻷدب ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺮواﻳﺔ واCﺴﺮح ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ § ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ اﻟﻮﺳﻴﻂ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ. وﺗﺒﺪو ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﺮاوﻏﺔ وﻣﺠﺎزﻳﺔ ﻣﻦ ﻟﻐﺔ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ،ﻓﻬﻲ أﻛﺜﺮ ﺗﻜﺜﻴﻔﺎ واﺧﺘﺼﺎرا ،وإن ﻛﺎن ﻫﺬا ﻟﻢ ﻨﻊ ﺑﻌﺾ اﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔﺴﻴ tﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ أﻳﻀﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺸﻜﻠ tاﻷدﺑﻴ ،tإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت أﺧﺮى ﻛﺜﻴﺮة ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أﻳﻀﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. ﻇﻬﺮت ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻣﺤﺎوﻻت ﻣﺒﻜﺮة ﻟﺪى ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ دراﺳﺘﻪ اCﺒﻜﺮة ﺣﻮل ﻗﺼﺔ »ﺟﺮادﻳﻔﺎ« ﳉﻨﺴﻦ ،وﻫﻲ أول ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻨﺺ ﻣﻜﺘـﻮب ،وﻛـﺘـﺎﺑـﺎﺗـﻪ ﺣـﻮل اﻷﺳـﺎﻃـﻴـﺮ واﳊـﻜـﺎﻳـﺎت اﳋﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ »أودﻳﺐ ﻣﻠﻜﺎ« ﻟﺴﻮﻓﻮﻛﻠﻴﺲ ،و»ﻫﺎﻣﻠﺖ« و»ﻟﻴﺮ« و»ﻣﺎﻛﺒﺚ« ﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮ ،و»اﻹﺧﻮة ﻛﺎراﻣﺎزوف« ﻟﺪﺳﺘﻮﻳﻔـﺴـﻜـﻲ ،وأﻳـﻀـﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺄﻋﻤﺎل ﺳﺘﻴﻔﺎن زﻓﺎﻳﺞ اCﺒﻜﺮة ،وﻛﻠﻬﺎ اﻫﺘـﻤـﺎﻣـﺎت ﻻ ﺗـﻨـﻜـﺮ ﺑـﺎﻟـﻨـﺺ اﻷدﺑﻲ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪه ﺑﻞ ﺗﺄﺧﺬه ﺗﻜﺄة ﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ اﻷﻋـﻤـﺎق اﻟـﻼﺷـﻌـﻮرﻳـﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ذاﺗﻪ. أﻣﺎ أﺳﺎس اﳉﻬﻮد اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔـﺴـﻲ ﻟـﻨـﺼـﻮص أدﺑـﻴـﺔ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ اCﺆﻟﻒ ﻓﻘﺪ ﺻﺎﻏﺘـﻪ إﻟـﻴـﺰاﺑـﻴـﺚ داﻟـﺘـﻮن ﺑـﻘـﻮﻟـﻬـﺎ إن اCـﺮﺟـﻌـﻴـﺎت اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻷدﺑﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،ﻓـﺒـﺮﻏـﻢ أن ﺗـﺸـﻜـﻴـﻞ اCـﻌـﻨـﻰ اﻟﻼﺷﻌﻮري ﻟﻠﻨﺺ ﻳﻜﻮن ﻣﺴﺘﻤﺪا ﻣﻦ اﳊﻴﺎة اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ﻟﻠـﻤـﺆﻟـﻒ، إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻀﺮورة aﻨﺰﻟﺔ اﻻﻣﺘﺪاد ،أو اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة اﳋﺎﺻـﺔ) .(٣٣وﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎر ﻛﻮﻧـﺰ kuhnsإﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ اﳋﻄﺄ أن ﻧﻨﻈـﺮ إﻟﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﻨﺎن ﺧﺎرج اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻳﻨﺒﻐـﻲ أن ﻳﺘﺤﺮك ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻔﻨﺎن ،وﻳﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﺎCﻮﺿﻮع اﻟﻔـﻨـﻲ ذاﺗﻪ وﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﻟﻮاﻗﻌﻪ اﳋﺎص ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻛﺰ اﻻﻫﺘﻤﺎم).(٣٤ و ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻔﺮوﻳﺪ ،واﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﻼﻗﺎت اCﻮﺿﻮع ،ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟـﻬـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ أﻳﻀﺎa ،ﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ــ ﻛﺬﻟﻚ ــ ﻟﻬﺬا اCﻨﺤﻰ اﻟﺬي ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻷدﺑﻲ ،ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ، 339
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﺎن ﻳﻌﻮد أﻳﻀﺎ إﻟﻰ اCﺆﻟﻒ أو ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ اCﺆﻟﻒ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ. ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﻜﺜﺮة اﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﺠﻬﻮد اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻠﻬﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ، ﺑﺮﻏﻢ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ اCﺒﺎﺷﺮ أو ﻏﻴﺮ اCﺒﺎﺷﺮ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق ﻟـﻸﻋـﻤـﺎل اﻷدﺑـﻴـﺔ، وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺗﻔﺴﻴﺮﻳﺔ ﻋﺪة ،ﻟﻢ ﺗـﻬـﺘـﻢ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮ ﺑﺎﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎر ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻷدﺑﻲ .وﻗﺪ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻫـﺬه اﻟـﺪراﺳـﺎت ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﺎ aﻨﺰﻟﺔ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﻜﺘﺎب ،واﻟﻨﻘﺎد ،واﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔﺴﻴ tأﻧﻔﺴﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟـﻘـﺮاء اﻟـﻔـﻌـﻠـﻴـ ،tوﻛـﺎﻧـﺖ أﻳـﻀـﺎ aـﻨـﺰﻟـﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻋﻠﻰ أﺳﻠﻮب اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻓﻬﻢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑـ tأﺳـﻠـﻮﺑـﻪ اﻷدﺑﻲ ،وأﺳﻠﻮب ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ أو ﻃﺮاﺋﻖ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷزﻣﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻇﻬﺮ رد اﻟﻔﻌﻞ اﳊﺴﺎس اCـﻀـﺎد اﻵﺧـﺮ ﻓـﻲ ﻋـﻠـﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﲡﺎه ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر أو اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠـﻴـﺔ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ،و ـﺜـﻞ رد اﻟﻔﻌﻞ اﳊﺴﺎس ﻫﺬا ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘـﺴـﻢ ﻣﻦ ﻫﺬ اﻟﻔﺼﻞ ،واﳋﺎص ﺑﺎﻻﲡﺎه اCﻮﺿﻮﻋﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻸدب.
اﳌﻨﺤﻰ اﳌﻮﺿﻮﻋﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻸدب
اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﻳﻌﺘﻤﺪ اCﻨﺤﻰ اCﻮﺿﻮﻋﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻷدب ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﺘﻔﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻟﻸدب ﺧﺎﺻﺔ ،ﻋﻠﻰ إﺟﺮاءات واﺿﺤﺔ ﻣﺤﺪدة ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻘﺪم ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻋﻴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻓﻬﺬا اCﻨﺤﻰ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﳊﻘﺎﺋﻖ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ ،واﻟﻘﻴﺎس داﺧﻞ اﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ أو ﺧﺎرﺟﻪ )اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻘﺮاء ﻓﻌﻼ( ،وﻳـﺘـﺒـﻨـﻰ اﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳊﻘﺎﺋﻖ. وﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ اﻋﺘﺮاﺿﺎت ﻋـﺪة ﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ ﺿـﻤـﻨـﻲ ﻛﺎﻣﻦ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ واﺿﺢ وﺻﺮﻳﺢ ،ﺑﻞ وﺳﺎﺧﺮ وﻣﻨﻜﺮ Cﺪى إﻣﻜﺎن اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻷدب .ﻓﺎﻷدب ﻫﻮ ﻓﻲ رأي أﺻﺤﺎب ﻫﺬه اﻻﻋﺘﺮاﺿﺎت ﻣﺎدة ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺮﻫﺎﻓﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﻫﺬه اCﺎدة ﺑﺎﻧﻔﻌﺎﻻت ﻣﺜﻞ اﳊﺐ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ،أو ﺑﻘﻴﻢ ﻣﺜﻞ اﳊﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ واCﺴﺎواة ،ﻓﻬﻞ ﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻫﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻟﻘﻴﻢ? وﻫﻞ ﻜﻦ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ? وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﻴﻒ ﻜﻦ دراﺳﺘﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ? 340
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
وﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ aﺤﺎوﻻت ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ،وﻟﻌﻞ أﺷﻬﺮﻫﻢ ﻫﻮ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻹﳒﻠﻴﺰي رﻳﺘﺸﺎردز I.A.Richardsﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﻄـﺒـﻴـﻘـﻲ «Practical Critcismاﻟﺬي ﻇﻬﺮ اﻟﻌـﺎم ،١٩٢٩ﻓـﻲ وﻗﺖ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻴﻪ ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑﺎﻷدب .وﺗﻈﻞ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺗﺸﺎﻳﻠﺪ ــ ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻼﻫﺘﻤـﺎم داﺧـﻞ ﻋـﻠـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ ﺣـﺘـﻰ اﻵن .ﻟـﻘـﺪ أﻋﻄﻰ رﻳﺘﺸﺎردز ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت ــ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ــ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪدة اCﺆﻟﻒ إﻟﻰ ﻃﻼب ﻳﺪرﺳﻮن اﻷدب ﻓﻲ اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻘﺮأ ﻛﻞ ﻗﺼﻴﺪة ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ،وأن ﻳﻜﺮر ﻫﺬه اﻟﻘﺮاءة ﺛﻢ ﻳﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﻴﺪة وﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺗﻘﻴﻴﻤﻪ اﳋﺎص. وﻗﺪ راﺟﻊ رﻳﺘﺸﺎردز »اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻄﻼب ﻟﻜﻞ ﻗﺼﻴﺪة« ،وﺳﻌﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ،واﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﻌﺎﻧﻲ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻘﺼﺎﺋﺪ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻗﺎر إﻟﻰ ﻗﺎر ،وﺣﺎول أن ﻳـﺤـﺪد ﻛـﻴـﻔـﻴـﺔ ﺻـﺪور اﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻔﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﺻﺤـﻴـﺤـﺎ أو ﻏـﻴـﺮ ﺻﺤﻴﺢ).(٣٥ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن رﻳﺘﺸﺎردز ،ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ أوﺟﺪن ،Ogdenﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﻤﺎ »ﻣﻌﻨﻰ اCﻌﻨﻰ ) «The Meaning of Meaningاﻟﻌﺎم (١٩٢٣ﻗﺪ ﺣﺎوﻻ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tاCﻌﻨـﻰ اﻟﻌﻘﻠﻲ ،واCﻌﻨﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻘﺼﺎﺋـﺪ ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ »اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ« ﻛﺎن رﻳﺘﺸﺎردز ﻳﺤﺎول أن ﻳﻔﻚ اCﻌﻨﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻫﻲ :ﺷﻌﻮر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺤﻮ اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﻪ ،واﻟﻨﻐﻤﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة اCﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺎر ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة ،ﺛﻢ اﻟﻨﻴﺔ أو اﻟﻘﺼﺪ اﻟﺬي ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻦ وراﺋﻪ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺎر .ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻳﺸﺘﻖ اﻟـﻘـﺎر اﻻﻧـﻔـﻌـﺎل واﻟـﻨـﻐـﻤـﺔ واﻟﻘﺼﺪ ،وﻫﻲ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺆوﻟﺔ أو ﻣﻔﺴﺮة ﻟﻠﻌﻤـﻞ اﻟـﻜـﻠـﻲ اﻟـﺬي ﻳﻘﺮأه أو ﻳﺴﻤﻌﻪ .إن اﻟﻔﻬﻢ اCﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪة ــ ﻛﻤﺎ رأى رﻳﺘﺸﺎردز ــ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄوﻳﻞ اCﻨﺎﺳﺐ أو اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻬﺬه اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ اCﻌﻨﻰ اﻟﺘﻮﻗﻌﻲ ،Expectatonal Meaningوﻫﻮ اCﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻮﻗﻊ أو اﻻﺳﺘﺒﺎق Cﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة أو داﺧﻠﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺘـﻤـﻞ أﻳـﻀـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﺗـﻠـﻚ اﳉـﻮاﻧـﺐ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﺪﻻﻟﻲ أو اCﺮﺟـﻌـﻲ ،Referential Meaningاﻟﺬي ﻳﺤﻴﻞ إﻟـﻰ أﺷﻴﺎء أو ﺻﻮر ﺧﺎرج اﻟﻘﺼﻴﺪة ،وﻗﺪ ﻳﺘﺪاﺧﻞ اﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اCﻌﻨﻰ اﻟﺘﻮﻗﻌﻲ )اﻟﺪاﺧﻠﻲ( ﻣﻊ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ اﻟـﺪﻻﻟـﻲ )اﳋـﺎرﺟـﻲ( ﻓـﺘـﻌـﺎق ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ 341
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﺬوق).(٣٦ ﻛﺎن ﻛﺘﺎب رﻳﺘﺸﺎردز ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺪر »إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮﻧﻪ ـﺮدا ﻋـﻠـﻰ ﻓـﻮﺿـﻰ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺻﺎدﻗﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻨﻘﺪ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﻠﻤﻲ راﺳﺦ ،وﻛﺎن رﻳﺘﺸﺎردز ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺘﺄﺛﺮا ﺑﺎﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻜﻴﺮه ،وﻫﻲ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﻲ دﻓﻌﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ اCﺪرﺳﺔ اﻟﺴـﻠـﻮﻛـﻴـﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﻘﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻓﻲ اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺻﻠﺔ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛـﺎﻧـﻴـﺔ ،وأﺧـﻴـﺮا ﻋـﻠـﻰ ﻧـﻈـﺮﻳـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺘﻮﺻﻴﻞ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ«).(٣٧ ﻛـﺬﻟـﻚ ﻗــﺎم داوﻧــﻲ J.Downeyﻓـﻲ ﺑـﺪاﻳـﺎت اﻟـﻘـﺮن اﻟ ـﻌ ـﺸــﺮﻳــﻦ ﺑــﺪراﺳــﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ ﻛﻲ ﻳﺘﻌﺮف ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻓﺮاد ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ واﻟﺴﺎر ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ،وﻛﺬﻟﻚ أﻧﻮاع اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻟﺼﻮر اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑـﺘـﻔـﻀـﻴـﻼت اﻷﻓﺮاد ﻷ ﺎط ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ .واﺳﺘﺨﺪم ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر ﻟـ »ﺑﺮاوﻧﻨﺞ« وﺑﻴﺮون وﺷﻠّﻲ وﻣﺎﻻرﻣﻴﻪ وﻏﻴﺮﻫﻢ ،وﻛﺎن ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ﻛﺘـﺎﺑـﺔ ﺗﻘﺎرﻳﺮ اﺳﺘﺒﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﺧﺒﺮاﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻬﺎ ﺧﻼل ﻗﺮاءﺗﻬﻢ ﻟﻬﺬه اﻷﺷﻌﺎر، وﺧﻼل ﻣﺤﺎوﻻﺗﻬﻢ ﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻬﺎ داﺧﻠﻴﺎ ،وﻣﻴﺰ ﺑ tﻣﺎ ﺳﻤﺎه اﻟﺸﻌﺮ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ وﻣﺎ ﺳﻤﺎه ﺷﻌﺮ اﻟـﺼـﻮر Imagery poetryأو ﺷﻌﺮ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺼـﻮر ،وﻗـﺎل إﻧـﻪ ﻓـﻲ اﻟﻨﻮع اﻷول ﻳﻜﻮن اﻻﻧﻔﻌﺎل ﻫﻮ اﻟﺴﺎﺋﺪ ،وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺗﻜﻮن اﻟﺼﻮر ﻫﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪة، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك اﻧﻔﻌﺎل ﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﻴﺪة .وﻗﺪ وﺟﺪ داوﻧﻲ أن اﶈﺼﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺪراﺳﺘﻪ ﻫﻲ أن اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ أﻛﺜﺮ ذاﺗﻴﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺸﻌﺮ اﻟﺼﻮر اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .ﻛﺬﻟﻚ وﺟﺪ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺣﺚ أن اﻷﻟﻔﺔ ﺑﺎCﺎدة اﻷدﺑﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻔـﺾ اﻟـﻔـﺮوق ﺑـ tاﻷﻓـﺮاد ،وأﻳـﻀـﺎ أن اCﻀﻤﻮن اﳋﺼﺐ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎ وﺗﺼﻮرﻳﺎ ﻣﻦ اCﺎدة اﻟﺸﻌـﺮﻳـﺔ ﻳـﺴـﺎﻫـﻢ ﻣـﺴـﺎﻫـﻤـﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وأن آﺛﺎر اﻟﻔﺮوق اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺗﻜﻮن واﺿﺤﺔ ﺟﺪا ﺑﺪرﺟﺔ ﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟـﻬـﺎ ﲡـﻤـﻴـﻊ اﻷﻓـﺮاد ﻓـﻲ ﻓﺌﺎت ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻂ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺗﻬﻢ).(٣٨ وﺧﻼل دراﺳﺎﺗﻪ اCﺒﻜﺮة ،وﺟﺪ ﺑﻴﺮت ﻛﺬﻟﻚ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺒﻌﺎد اﻟﻔﺮوق ﻓﻲ اﻟﺬﻛﺎء اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻇﻞ ﻫﻨﺎك ﻋﺎﻣﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﻴﻪ ﻛﻞ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اCﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﻴﺎس اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ،وﻗﺪ ﻧُﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬا 342
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﺪرة اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻗﺪ أﺷﺎر ﺑﻴﺮت ﻧـﻔـﺴـﻪ إﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮرا ﻋﻠﻰ »اﻟﻔﻦ« aﻌﻨﺎه اﻟﻀﻴﻖ ،ﻟـﻜـﻨـﻪ ﻳـﺪﺧـﻞ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﲡﻠﻴﺎت وﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ،واﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،واﻟﻠﻔﻈﻴﺔ، واCﻠﻤﻮﺳﺔ .وﻗﺪ أﺷﺎر ﺑﻴﺮت أﻳﻀﺎ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ § اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻹﺣﺼﺎﺋﻲ ﻓﻲ ـﺪَد ﺑﺎﻷﺳـﺎﻟـﻴـﺐ ﺣ ¢ اﻟﺬﻛﺎء اﻟـﻌـﺎم ،واﻟـﺘـﺬوق اﻟـﻌـﺎم )أي اﺳـﺘُﺒﻌـﺪ ﺗـﺄﺛـﻴـﺮﻫـﻤـﺎ أو ُ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ( ،ﻇﻬﺮت ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى أﻛﺜﺮ ﺗﺨﺼﺼﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺗﺬوق اﻷدب )اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻨﺜﺮ( واCﻮﺳﻴﻘﻰ ،واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،واﻟﻨﺤﺖ ،واﻟﻌـﻤـﺎرة ،واﻟـﺮﺳـﻢ، أي ﻋﻮاﻣﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﶈﺘﻮى ،وﻗﺪ دﻋﻤﺖ ﺑﺤﻮث ﺑﻴﺮت وﺗﻼﻣﻴﺬه اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘـﻲ ﻳـﺒـﺪو أﻧـﻬـﺎ ﺗـﺘـﻀـﻤـﻦ اﻹﺷـﺎرة إﻟـﻰ وﺟـﻮد اﺳﺘﻌﺪادات ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘـﺬوق أو اCـﻬـﺎرات اﻟـﻠـﻔـﻈـﻴـﺔ، واﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،واﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ،واﳊﺮﻛﻴﺔ ،وأﻧﻪ ﺧﻼل اCﺮور ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ــ وﻓﻘﺎ ﶈﺘﻮاﻫﺎ ــ ﻜﻨﻨﺎ أن ﳒﺪ أﻳﻀﺎ ﻋﻮاﻣﻞ ﻗﻄﺒﻴﺔ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت )أ( ﻟﻸﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻨﺜﺮ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ ،و)ب( اCﻌﺎﳉﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اCﻌﺎﳉﺔ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ .وﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ،ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﺰاﺟﻴﺔ ).(٣٩ ﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎر أﻳﺰﻧﻚ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻣﺒﻜﺮة ﻟﻪ إﻟﻰ أﻧﻪ وﺟﺪ ﻓﻲ أﺣﺪ ﲢﻠﻴﻼﺗﻪ ﻟﻠﺘﻘﺪﻳﺮات اCﻌﻄﺎة ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺑﻠﻎ ٣٢ﻗﺼﻴﺪة ،ﻋﺎﻣﻼ ﺎﺛﻼ ﻟﻌﺎﻣﻠﻪ اﻟﻘﻄﺒﻲ اﻟﺬي ﻴﺰ ﺑ tاﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺬﻳـﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﻋﻤﺎل اCﺮﻛﺒﺔ ــ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻣﺜﻼ ــ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻣﻞ، ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺸﻌﺮ ،ﻴﺰ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﺨﻤﻟﻄﻂ اﻟﺸﻌﺮي Poetie Scheme أو اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺸﻌﺮي اﻹﻳﻘﺎﻋﻲ اCﻨﺘﻈﻢ ،وﻛﺬﻟـﻚ اﻹﻳـﻘـﺎﻋـﺎت اCـﻘـﻔـﺎة واCـﻮﻗـﻌـﺔ ﺟﻴﺪا وﺑﺴﻴﻄﺔ اCﻌﻨﻰ ،وﺑ tﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠـﻮن اﺨﻤﻟـﻄـﻄـﺎت أو اﻷﺷـﻜـﺎل اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ذات اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻏﻴﺮ اCﻨﺘﻈﻤﺔ ﻓﻲ إﻳﻘﺎﻋﺎﺗﻬﺎ ،وذات اCـﻌـﺎﻧـﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ أو ﺗﻌﻘـﻴـﺪا) .(٤٠ﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إن ﻫﺬا اﻻﻧﻘـﺴـﺎم اﻟﻮاﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑ tﻣﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﻤﻮدي وﻣﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﺸﻌﺮ اﳊﺪﻳﺚ ،ﻗﺪ ﻳﺼﺒﺢ اﻧﻘﺴﺎﻣﺎ أﻗﻞ إذا أﻗﺮ ﻛﻞ ﻃـﺮف ﺑـﺤـﺮﻳـﺔ اﺧـﺘـﻴـﺎر اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ Cﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ذاﺋﻘﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ ،وﻻ ﻳﻘﻮم ﺑﻨﻔﻴﻪ أو اﺳﺘـﺒـﻌـﺎده وﺗﺄﻛﻴﺪ ذاﺗﻪ واﺧﺘﻴﺎراﺗﻪ ﻓﻘﻂ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎدث ﻓﻌﻼ اﻵن. 343
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳉﻬﻮد اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ
ﻗﺪم اﻷدب ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﺘﻲ أﻓﺎدت ﻓﻲ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﻔﻬﻢ ﻟﻌﻤﻠـﻴـﺔ اﻻﻧﺘﺒﺎه داﺧﻞ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ .ﻓﻘﺪ ﻧﺎﻗﺶ ﺑﺮات J.R.Prattﻣﺜﻼ ﻛﻴﻒ ﻳﺆﺛﺮ ﺗﺮﻛﻴﺐ اCﺜﻴﺮ ،أو اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻓـﻲ اﻟـﺸـﻌـﺮ ـــ وﻛـﺬﻟـﻚ ﻓـﻲ اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ واﻟـﻔـﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ــ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﺒﺎه ،ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،وﻳﺆدي ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺪﻫﺸﺔ ذات اﻷﺛﺮ اﻟـﺴـﺎر ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ُﺗﺸ َـﺒﻊ ﻫﺬه اﻟﺘﻮﻗﻌـﺎت .وﻗـﺪ أﺷـﺎر ﺑـﺮﻟـt أﻳﻀﺎ إﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ اﳋﺎص ﺑﺠﻮاﻧﺐ ﻋﺪة ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﺜﻞ ﻃﻮل اﳉﻤﻞ وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﺻﻮات واﻟﺼﻮر ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل اCﺼﻄﻠﺤﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﺎرة وإﺷﺒﺎﻋﻬﺎ ،ﻓﺤﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ﺼﺮف ُﻳ َ ﺴﺘﺜﺎر ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺮواﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻠﻖ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت واﻹﺣﺒﺎﻃﺎت ،ﺛﻢ ُﺗ َ ﺸﺒﻊ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ وﻏﻴﺮ ﻋﺎدﻳﺔ. أو ﺗُ َ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ،ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﺈن ﺑﺮﻟ tأﺷﺎر إﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﻨﺠﺬب وﻧﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﺑﺎCﺜﻴﺮات واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ـﺘـﻠـﻚ ﻗﺪرا ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﳉﺪة Noveltyواﻟﺘﺮﻛﻴﺐ Complexityواﻟﺘﺒﺎﻳﻦ Heterogeneity أو اﻟﺘﻐﺎﻳﺮ واﻹدﻫﺎش ،أو اCﺒﺎﻏﺘﺔ Surprisingnessواﻟﻐﻤﻮض Ambiguityوﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ .ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬه اCﺜﻴﺮات ﺗﻘﺪم ﻣﺼﺎدر ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻟﻠﺠﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﺗﻠﻚ اﳊﺎﺟـﺎت اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻟﺪى اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﳊﻴﺔ ،ﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻻﺳـﺘـﻜـﺸـﺎف ﻹﺷﺒﺎع اﻟﻔﻀﻮل اCﻌﺮﻓﻲ اﳋﺎص ﺑﻬﺬه اﳊﺎﺟﺎت .وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ،ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﻔﻀﻞ اCﺜﻴﺮات ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،أو اCﺄﻟﻮﻓﺔ ﺎﻣﺎ ،ﻷﻧﻬـﺎ ﺗـﻜـﻮن ﺷـﺪﻳـﺪة اﻹﺛﺎرة ﻟﻠﻤﻠﻞ ،وﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﺳﺘـﺜـﺎرة اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ،وأﻳـﻀـﺎ ﻻ ﻧـﻔـﻀـﻞ اCﺜﻴﺮات ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ واﻟﻐﻤﻮض ...إﻟﺦ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺒﺒﺔ ﻟﻼرﺗﺒﺎك وﻟﻺﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض ،واﻻﺿﻄﺮاب ،وﻻ ﲢﻘﻖ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،وﻧﻔﻀﻞ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺗﻠﻚ اCﺜﻴﺮات أو اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔـﻨـﻴـﺔ ،اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ درﺟـﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ،أو ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،ﻓﺎﻷﻣﺮ اCﺜﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ أي ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻫﻮ أن ﻳﻘﻊ ﺑ tﻫﺎﺗ tاﻟﻨﻘﻄﺘ ،tأي ﻋﻨﺪ درﺟﺔ وﺳﻄﻰ ﺑ tاﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ. وﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻞ واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺗﺘﻌﻘﺪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﺧﻞ ﻂ اCﺎدة اCﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﺴﺎب ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر، ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُﻳْﺪ َ ﻛﺄن ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اCﺎدة ﻣﺜﻼ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ أو ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ،ﻛﻤـﺎ أن اCـﺴـﺘـﻮى اﻷﻣـﺜـﻞ 344
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
ﻟﻠﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺳﻮف ﻳﺘﻐﻴﺮ ،ﺻﻌﻮدا أو ﻫﺒﻮﻃﺎ ،اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺮة اCﺘﻠﻘﻲ وﺧﻠﻔﻴﺘﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ. ﺑﺮﻏﻢ وﺟﻮد ﲢﻔﻈﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﺑﺮﻟ ،tﻓﺈن ﺑﻌـﺾ اﻟـﺪراﺳـﺎت ﻓـﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺬوق أو اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ ﻗﺪ أﻛﺪ ﻓﺮض اﻟﺘﻮﺳﻂ ﻟـﺪﻳـﻪ، ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ ،ﻣﺎ وﺟﺪه ﻛـﺎﻣـﺎن Kammanاﻟﻌﺎم ١٩٦٧ﻣﻦ أن ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟـﻘـﺮاء ﻟﻠﺸﻌﺮ اCﺘﺴﻢ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،ﻳﻔﻮق ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻟﻠﺸﻌﺮ اCـﺘـﺴـﻢ ﺑﺪرﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،أو ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،وﺑﺮﻏﻢ أﻧﻪ أﺟﺮى دراﺳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع واﺣﺪ ﻣﻦ اCﺎدة اﻷدﺑﻴﺔ ،ﻓﺈن ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻷﻫـﻤـﻴـﺔ ،وذﻟـﻚ ﻷﻧـﻬـﺎ اﺗﻔﻘﺖ ﻣﻊ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﺧﺮى ﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔـﻦ اﻟـﺘـﺸـﻜـﻴـﻠـﻲ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻓـﺈﻧـﻬـﺎ أﻛﺪت أﻳﻀﺎ ﻓﺮض اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ أو اﻻﻋﺘﺪال ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮت ﻋﻨﻪ دراﺳﺎت »ﺑﺮﻟ(٤١)«t وﻫﻮ ﻓﺮض ﻳﺤﺘﺎج ﻣﻨﺎ إﻟﻰ أن ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪه ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء.
ﻓﺮض اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﺮﺗﺒﻂ »ﻓﺮض اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ« ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اCﺄﻟـﻮف واﻟـﺸـﺎﺋـﻊ واﻟﻌﺎدي واCﺒﺘﺬل ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻟﺪى ﻧﻘﺎد اﻷدب ،ﻛﻤﺎ ﳒﺪﻫﺎ ﻟﺪى ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ أﻳﻀﺎ ،ﻓﻤﺜﻼ أﺷﺎر ﺑﻴﻜﻤﺎن إﻟﻰ أن اCﻌﻨﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻣﺸﺘﻖ ،ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻧﺘﻬﺎك ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺮ ،أو ﻫﺘﻜﻪ، ﻟﻠﻤﺘﻮﻗﻊ أو اCﺄﻟﻮف ،ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ﻳﻔﻘﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ إذا ﲢﻮل إﻟـﻰ ﻧـﺜـﺮ، وذﻟﻚ ﻷن اCﺘﻠﻘﻲ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﻴﻨﺌﺬ أن ﻳﻌﺎﻳﺶ أو ﺮ ﺑﺨﺒﺮة اﻷﺛﺮ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ اﻟﻨﺎﰋ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻻﲡﺎﻫﺎت ،أو اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ أو اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ،وﻫﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ ،Syntactical Disorientationأي ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ أو اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ اﻟﺸـﻌـﺮ ) .(٤٢وإﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺮأي ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺟﺎن ﻛﻮﻳـﻦ J.Cohenﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺑﻨﺎء ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ« ﺣﻴـﺚ أﻛـﺪ أﻫﻤﻴﺔ اﺑﺘﻌﺎد ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ ﻋﻦ اCﺄﻟﻮف أو اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ ،ﺑﺪرﺟﺔ ﻣـﺎ ،ﺣـﺘـﻰ ﲢﻘﻖ اﻷﺛﺮ اCﻨﺸﻮد ﻣﻦ وراء إﺑﺪاﻋﻬﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ ﲢﺪث ﻛﻮﻳﻦ ﻋﻦ ﻓﻜﺮة اﻻﻧﺤﺮاف أو اﻻﻧﺰﻳﺎح ،Deviationوﻫﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮدد أﺻﺪاؤﻫﺎ اﻵن ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻧﻘﺎد وﺷﻌﺮاء ﻋﺮب ﻋﺪﻳﺪﻳﻦ )أدوﻧﻴﺲ ﻣﺜﻼ( ،وﻫﻲ أﻳﻀﺎ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ أوﺿﺢ ﺷﻜﺮي ﻋﻴﺎد ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻠﻐﺔ واﻹﺑﺪاع« أﺑﻌﺎدﻫﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ و ﻴﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ اﻻﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻂ ﺑﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ »اﻻﺧﺘﻴﺎر« و»ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪ« ،وﻏﻴﺮ 345
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ وﺟﺪ ﺟﺬورا ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻟﻬﺬا اCﺼـﻄـﻠـﺢ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻤﺎه اﻟﺒﻼﻏﻴﻮن اﻻﺳـﺘـﻄـﺮاف ،واﻟـﺒـﻌـﺪ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺸـﺒـﻴـﻪ، واﻟﻐﺮاﺑﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻌﺎرة ،وأن اﻻﻧﺤﺮاف ﻳﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﻌﺮب أﻳﻀﺎ ﻓـﻲ »اﻟـﺒـﻨـﺎء اﻟﻨﺤﻮي ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ« ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ،وإ ﺎ ﻳﻌﻨﻲ »اﻟﻌـﺪول ﻋـﻦ اﻷﺻﻞ«).(٤٣ ﻳﺆﻛﺪ ﺟﺎن ﻛﻮﻳﻦ أن اCﺴﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﻘﺼﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ أن ﻳﻔﻬﻤﻪ وأن ﻳﻮﺻﻠﻪ ﻫﻮ ﻣﺴﺎﻓﺔ وﺳﻄﻲ ﺑ tاﻟﻔﻬﻢ وﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﲢﺪث ﻫﺬا اﻟﻨﺎﻗﺪ ﻋﻦ ﻣﺮﺣﻠﺘ tﻣﻬﻤﺘ tﻓﻲ ﺗﺬوق اﻟﺸﻌﺮ :اﻷوﻟﻰ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ وﺟﻮد اﻻﻧﺤﺮاف أو ﻋﺮﺿـﻪ أو ﺗـﻘـﺪ ـﻪ Presentation of Deviationأﻣﺎ اﻟﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻓـﻬـﻲ :اﺧـﺘـﺰال اﻻﻧﺤﺮاف ،Reduction of Deviationواﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺘﻠﻚ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺴﺪ ﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺮﺟﺴﻮن وﺳﻮﻳﻒ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣـﻮﺟـﻮدة ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع أو اﻟﺘﺬوق ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟـﺘـﻮﺟـﻪ ،ﺛـﻢ ُﻳْﻜَـﺘﺸﻒ ﺗﻮﺟﻪ ﻣﺎ أﺛﻨﺎء اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل إﻧﺘـﺎج وﺣـﺪات ﻓـﺮﻋـﻴـﺔ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻮﺣﺪات اCﻮﺟﻮدة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ أو اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻗﺪ ﻳﺘﻢ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺈﺣﺪاث اﻟـﺘـﺠـﺎور ،أو اﻟـﺘـﻘـﺎﺑـﻞ، ﻣﺜﻼ ،ﺑ tاﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺒﺪو ﻣﺘﺸـﺎﺑـﻬـﺔ أو ﻗـﺮﻳـﺒـﺔ ﻓـﻲ ﻣـﻌـﻨـﺎﻫـﺎ .إن ﺣـﺎﻟـﺔ ﺤّﻞ اﻻﻧﺤﺮاف ﻗﺪ ﺗﻌﻮق ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻔﻬﻢ ﻟـﻠـﻮﻫـﻠـﺔ اﻷوﻟـﻰ ،ﻟـﻜـﻦ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻔـﺎوت ُﻳ َ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪأ أو ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻲ )اﻟـﻌـﻘـﻠـﻲ أو اﳋـﻴـﺎﻟـﻲ( ،ﻟـﺪى اﻟـﻘـﺎر ﻟﻠﻘﺼﻴﺪة ،ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻧﺤﻮ ﺜﻞ أو ﺜﻴﻞ آﺧﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻬﺎ ،وﻫﻮ ﺜـﻞ ﻳـﻜـﻮن أﻗـﻞ وﺿﻮﺣﺎ وأﻛﺜﺮ ﻏﻤﻮﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺪ ﻳﺸﺘﺒﻚ ،أو ﻳﺘﺼﺎدم ﻣﻊ اCﻌﻨﻰ اﻹﺷﺎري اﶈﺪد ،اﻟﺬي ﻳﺘﻔﻖ ﺑﺪوره ﻣﻊ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت أو ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﺤﺪدة ﺗﺮﺗﺒﻂ aﺎ ﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ أو ﻣﺄﻟﻮف ،ﻓﺎﻟﻘﺼﻴﺪة ﻫﻨﺎ ــ وﻛﺬﻟﻚ أي ﻋﻤﻞ إﺑﺪاﻋﻲ ﻣﺘﻤﻴﺰ ــ ﺗﻘﻮم ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺑﻴﺮﻧﺸﻮ Burnshawﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑ tاCﺄﻟﻮف واﻟﻐﺮﻳﺐ ،ﺑ tاﻟﻮاﻗﻌﻲ وﻏﻴﺮ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﺑ tاﻟﻮاﻗﻌﻲ واCﺘﺨﻴﻞ ،ووﻇﻴﻔﺔ اﳋﻄـﺎب اﻟـﺸـﻌـﺮي ﻓـﻲ رأي ﻛﻮﻳﻦ ﻫﻲ ﺗﻔﺘﻴﺖ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ اCﺒﺎﺷﺮة ﻟﻠﻐﺔ أو ﺗﻐﻴﻴﺮﻫـﺎ ﺑـﺤـﻴـﺚ ﻳـﻜـﻮن ﺗﻮﺻﻴﻞ اCﻌﻨﻰ ﻏﻴﺮ اCﺄﻟﻮف أو ﻏﻴﺮ اCﻌﺘﺎد )أي اCﻌﻨﻰ اﻟﺸﻌﺮي( أﻣﺮا ﻜﻨﺎ).(٤٤ اﻟﺸﻲء اﻟﻼﻓﺖ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم أن ﺑﺮﻟ tﻳﻌﻮد ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ إﻟﻰ ﻛﻮﻳﻦ ،وﻳﺆﻛﺪ وﺟﻮد ﺟﻮاﻧﺐ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻧـﻈـﺮﺗـﻬـﺎ إﻟـﻰ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اCﻜﻮﻧﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﶈﺪدة ﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻷﻓﺮاد ﻟﻬﺬه 346
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
اﻷﻋﻤﺎل).(٤٥ وﻗﺪ أﺷﺎر ﻋﺪد ﻣﻦ اCﻨﻈﺮﻳﻦ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﻔﻦ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺨﺼﺎﺋـﺺ ﻣـﺜـﻞ اﳉﺪة وﻛﺴﺮ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،ﻓﻘﺎل اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﻮن اﻟﺮوس واﻟﺘﺸﻴﻚ ﻣﺜﻼ ،إن اﳊﻴﻞ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﺮﻳﻒ أو ﺗـﺸـﻮﻳـﻪ Deformationﻣﻌ ،tوإن ﻣﺎ ﻳﻌـﻄـﻲ اﻟﺸﻌﺮ أﺛﺮه اﳋﺎص ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻜﻠﻤﺎت ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ. ﻓﺎﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﻏﻴﺮ اCﺄﻟﻮﻓﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﺗﻜﺜﻒ اﻹدراك، وﺗَﻮ¢ﻟﺪ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ دوﻣﺎ ﻧﺤﻮ إﺷﺒﺎﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪة. وﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻻﻧﺘﺒﺎه ُ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺪرﻳﺠﻲ ،أي أﻧﻬﺎ ﺗﻔﻘﺪ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ وﺗﺘﻮﻗـﻒ ﻋـﻦ أن ﺗـﻜـﻮن ﻣـﺜـﻴـﺮة أو ﻻﻓـﺘـﺔ .وﻣـﻦ ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اCـﻼﺣـﻈـﺎت اﺷـﺘـﻖ ﻋـﺪد ﻣـﻦ اﻟـﺸ ـﻜــﻼﻧ ـﻴــ tأﻣ ـﺜــﺎل ﻣﻮﻛﺎروﻓﺴﻜﻲ وﺷﻜﻠﻮﻓﺴﻜﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄن اﻷدب ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻳـﺘـﻄـﻮر. ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻵﺛﺎر اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨـﺘـﺞ ﻋـﻦ اﻟـﺘـﺤـﺮﻳـﻒ أو اﻻﻧـﺤـﺮاف ﻋـﻦ اﻟـﺸـﺎﺋـﻊ واCﺄﻟﻮف ،وإذا ﻛﺎن اﻻﻧﺤﺮاف ﻳﺼﺒﺢ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ )ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ( ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺿﻐﻂ داﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻨﺎﻧ tاCﺘﺘﺎﺑﻌ tﻹﻧﺘﺎج ﲢﺮﻳﻔﺎت وﺗﻐﻴﻴﺮات ﺟﺪﻳﺪة، وﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻜﻨﺎ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﳋﻴﺎل واCﺮوﻧﺔ. ﺻﺎغ ﻋﺪد ﻣﻦ اCﻨﻈﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﻞ أﻓﻜﺎرا ﻣﺘﻤـﺎﺛـﻠـﺔ ﺗـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﻬـﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻣﻨﻬﻢ ﺟﻮﻟﻴﺮ Gollerوﻻﻓﻴﺮ Laverوﻣﺎﻳﺮ ،وﺑﻴﻜﻤﺎن ،وﻛﻮﻫﻦ .وﻗﺪ ﻣﺎل ﻋﺪد ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ اﻻﺗﻜﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﺣﺪﺳﻴﺔ أو ﺳﻴـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ ﺗـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﺎﻟـﻔـﻬـﻢ اﻟﺸﺎﺋﻊ. أﻣﺎ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻷﻗﻮى واﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻓﻤﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ووﻓﻘﺎ ﻟﺒﺮﻟ tــ ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ــ ﻓﺈن اﳊﺐ أو اﻟﺘﻔﻀـﻴـﻞ ﻷي ﻣـﺜـﻴـﺮ ﻳـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳﺎس ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﳋﺎص ﺑﻬﺬا اCﺜﻴﺮ .وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺠﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻣﻘﺪار اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺸﺮة اCﺦ، وﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﳋﺎص ﺑﺄﺣﺪ اCﺜﻴﺮات ﲢﺪده ﺧﺼﺎﺋﺺ اCﻘﺎرﻧﺔ اﳋﺎﺻـﺔ ﺑﻪ )ﻣﺜﻞ ﺟﺪﺗﻪ وﺗﺮﻛﻴﺒﻪ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹدﻫﺎش واﻟﺒﻌـﺪ ﻋـﻦ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ اCـﺒـﺎﺷـﺮ واﻷﺣﺪاث ﺳﻬﻠﺔ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻬﺎ...إﻟﺦ(. وﻫﻨﺎك ﻛﺬﻟﻚ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻷﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أو اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ )ﻣﺜﻞ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻹﺷﺎرﻳﺔ أو اCﻌﻨﻰ أو اCﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ أو ﻳﻮﺣﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ( ،واﳋﺼﺎﺋﺺ 347
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺴﻴﻜﻮﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ اCﻤﻴﺰة )ﻣﺜﻞ ﺷﺪة ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ ﻣﺜﻼ( .وﻳﺸﻴـﺮ ﻗـﺪر ﻛـﺒـﻴـﺮ ﻣـﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ إﻟﻰ أن اﻟﻨﺎس ﻳﻔﻀﻠﻮن اCﺜﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺘـﻮﺳـﻄـﺔ ﻣـﻦ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻫﺬا ،وأﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻔﻀﻠﻮن اCﺜﻴﺮات ذات ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اCﺮﺗﻔﻊ ﺎﻣﺎ ،أو اCﻨﺨﻔﺾ ﺎﻣﺎ ،وﻗﺪ ﺗﺄﻛﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ دراﺳﺎت ﻋـﺪة ﻋـﻠـﻰ ﻣـﺜـﻴـﺮات أدﺑﻴﺔ )ﻛﺎﻣﺎن وإﻳﻔﺎﻧﺮ ﻣﺜﻼ( وﻋﻠﻰ ﻣﺜﻴﺮات ﺑﺼﺮﻳﺔ )داي وﻓﻴﺘﺰ( .وﻫﻨﺎك دﻻﺋﻞ ﻋﺪة أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻴﻞ إﻟﻰ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ أو ﻋﺎدﻳﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،أي أﻧﻪ ﻣﻊ ﺗﻜﺮار اﻟﻌﺮض ﻟﻠﻤﺜﻴﺮ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة أو اﻟﻘﻴﻤﺔ اCﺆﺛﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﺑﺤﻴﺚ إﻧﻪ ﻣـﻊ زﻳـﺎدة ﺗـﻜـﺮار اﻟـﻌـﺮض ﻟـﻬـﺬا اCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ أو ﻏﻴﺮه ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻔﻘﺪ ﺗﺄﺛﻴﺮه ،أي ﻳﻔﻘﺪ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﳋﺎص ﺑﻪ ،ﻓﺎﳉﺪﻳﺪ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻋﺎدﻳﺎ ،واﻟﻐﺎﻣﺾ ﻳﺼﺒﺢ واﺿﺤﺎ ،واCﺪﻫﺶ ﻳﺼﺒﺢ ﻼ ...اﻟﺦ ،وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أن ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻟﻦ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ إﻟـﻰ اﻷﺑـﺪ، ﺑﻞ ﺳﻴﻔﻘﺪه ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻔﻘﺪ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ إﺛﺎرة اﻻﻫﺘﻤﺎم أو اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ أو اﻻﻧﺘﺒﺎه ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺒـﺮز أﻫـﻤـﻴـﺔ ﻋـﺎﻣـﻞ اﳉـﺪة اﻟـﺬي أﺷـﺎر إﻟـﻴـﻪ ﻓـﺆاد ذﻛـﺮﻳـﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،وﻗﺪ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﺧﻼل اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ اﻟﻘﻮل إﻧﻪ إذا ﻗﺎم اﻟﻔﻨﺎن ،أو اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻴﺌﻮن ﺑﻌﺪه ،ﻓﻲ اﳉﻴﻞ اﻟﻼﺣﻖ ،ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،أو أﻋﻤﺎل ﺎﺛﻠﺔ ﻟﻪ، ﺑﺎCﻮاﺻﻔﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺬه اﻷﻋﻤﺎل ﺳﻴﺘﻨﺎﻗﺺ ﺗﺪرﻳﺠـﻴـﺎ ،وأﻧـﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ،أو اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﻋﺘﻴـﺎد ،أو اﻷﻟـﻔـﺔ ،أو اﻟـﻨـﻔـﻮر ﻫﺬه ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺐ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة )اﳉﺪة ﻣﺜﻼ أو اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ( ،وﻫﺬا ﻗﺪ ﻜﻦ إﳒﺎزه، ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اCﺒﺪأ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺰﻳﺎدة اﳋﺎﺻﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ،ﻣﺜﻼ ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻞ اCﺆﻟﻔﻮن اCﻮﺳﻴﻘﻴﻮن اCﻮﺳﻴـﻘـﻰ ،أﻋـﻠـﻰ ﻣـﻦ ﺣـﻴـﺚ اﻟﺸﺪة .وﻗﺪ ﻳﺮﺳﻢ اCﺼﻮرون ﻟﻮﺣﺎت أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳊﺠﻢ أو أﻛﺜﺮ ﺳﺨﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻠﻮن )ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﺎﺗﻴﺲ ﻣﺜﻼ ...إﻟﺦ(. وﻗﺪ ﻳﻘﻮم اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﺘﻀﻤ tﻣﻘﺎﻃﻊ ﻧﺜﺮﻳﺔ داﺧﻞ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،أو ﻳﺘﺨﻠﺼﻮن ﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻓﻲ ،أو ﺰﺟﻮن ﺑ tاﻟـﺸـﻌـﺮ واﻟـﻘـﺼـﺔ اﻟـﻘـﺼـﻴـﺮة أو اCـﺴـﺮح واﻟﺼﻮر واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ،أو ﻳﺘﻌﻤﺪون اﻟﻐﺮاﺑﺔ واﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واﻟﺼﺪﻣﺎت ﻓﻲ 348
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻷدب
اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،وﻗﺪ ﻳﻀﻊ اﻟﺮواﺋﻲ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﲢﻮي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ أو وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺮواﻳﺔ اﻟـﺘـﺴـﺠـﻴـﻠـﻴـﺔ ،وﻗـﺪ ﻳـﻀـﻊ ﻗﺼﺎﺋﺪ )أﻏﺎﻧﻲ وأﻣﺜﺎﻻ ﺷﻌﺒﻴﺔ وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺤﺪد ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻟﻠﺮواﻳﺔ أو اﻟﻘﺼﻴﺪة ...إﻟﺦ(. وﻗﺪ ﻳﻌﻜﺲ اﻷدب ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﻔﻦ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ وﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ )ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺮآوي ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﻧﻌﻜﺎس( ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮاﺋﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻷزﻣﻨﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺿﻐﻂ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﻀﻐﻂ اCﻘﺎوم ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ ﺿﺪه أﻳﻀﺎ .وﻋﻠﻰ اCﺴﺘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻳﻜﻮن ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺮي ﻫﻮ داﻟﺔ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ اCﻌﻄﺎة ﻟﻠﺠﺪة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻈﺎم اCﻨﺘﺞ ﻟﻠﺸﻌﺮ )اﻟﺸﻌﺮاء أﻧﻔﺴﻬﻢ( ،وﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ اﻟﺸﻌﺮ ﻫﻮ داﻟﺔ ــ ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎل ﻣـﺎرﺗـﻨـﺪﻳـﻞ ـــ ﻓـﻲ ﻛـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ اﻷﺣـﻮال، ﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺸﻌﺮي ﻋﻦ اﳉﻤﻬﻮر).(٤٦ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﻷن اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻣﻊ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﳉﺪة واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ )ﻗﻴـﻢ ﻣـﺜـﻞ اﳉـﻤـﺎل واCـﻮﺿـﻮع اCـﻨـﺎﺳـﺐ واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ أو اﻟﻨﺤﻮ اCﻨﺎﺳﺐ ...إﻟﺦ( ،ﺗﻘﻮم ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﺳـﺎس اﳊـﺎﺟـﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﳉﻤﻬﻮر .وﻋﻠﻰ اCـﺴـﺘـﻮى اﻟـﺴـﻴـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻲ ،ﻓـﺈن اﻟـﺘـﻌـﻮد أو اﻻﻋﺘﻴﺎد ،ﻫﻮ أﻣﺮ ﻳﺤﺪث ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺪرﻳﺠﻲ .وﻛﻲ ﻳﺤﺪث ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﺘﺸﻒ اﳉﻤﻬﻮر أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻤﻞ ﻃﺎرد أو ﻣﻨﻔﺮ ﻟﻸﻋﻤﺎل أو ﻏﻴﺮ ﻣﺜﻴﺮ ،وﻫﺬا ﻻ ﻳﺤﺪث ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺎل ذات ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻷﻗﻞ ﻓﻘﻂ )اﻟﻘﺪ ﺔ(، ﻟﻜﻦ إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺎل ذات ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻷﻛﺜﺮ )اﳉﺪﻳﺪة( ،وﺗﺮﺟﻊ ﻫﺬه اﻟﻀﻐﻮط اCﻨﺎوﺋﺔ )اCﻌﺎرﺿﺔ( ﻟﻠﻀﻐﻮط اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﺪة إﻟﻰ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻨﻈﻢ ﺳﺎﺑـﻖ راﺳـﺦ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ ﺟﺪﻳﺪا وﻣﻐﺎﻳﺮا ،وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺟﻤﻬﻮر ﺧﺎص ﺑﺸﻜﻞ ﻓﻨﻲ ﻣﻌ ،tﻓﺈن اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ وﻣﻨـﻈـﻤـﺎ، أﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻧﻔﺠﺎرﻳﺎ وﻓﻮﺿﻮﻳﺎ وﻣﻨﻔﺼﻼ ﻋﻦ اﳉﻤﻬﻮر ﺑﻜـﺎﻓـﺔ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ. ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﺔ )ﻣﻮﻛﺎروﻓـﺴـﻜـﻲ أو ﻳـﺎﻛـﻮﺑـﺴـﻮن ﻣﺜﻼ( ﺗﻘﺪ& ﺗﻔﺴﻴﺮات ﻣﻘﻨﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻧﻈﺮﻳﺎت أﺧﺮى ﺧﺎرج اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﺑﻴﻜﻤﺎن وﻣﺎﻳﺮ وﻛﻮﻫ tﺗﻘﺪ& ﺗﻔﺴﻴﺮات ﻣﻘﻨﻌﺔ ﺣﻮل اﻻﲡﺎه اﳋﺎص ،اﻟﺬي ﻜﻦ أن ﺗﺄﺧﺬه اﻟﺘﻐﻴﺮات ﻓﻲ 349
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﶈﺘﻮى اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وإﺣﺪى ﻣﺰاﻳﺎ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺑﺮﻟ tوﻣﺎرﺗﻨﺪﻳﻞ ﻛﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ اﳋﺎﺻﺔ ،ﻫﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﺪم ﺗﻨﺒﺆات ﺧﺎﺻـﺔ ﻣـﺤـﺪدة ﺣـﻮل اﻟـﺘـﺘـﺎﺑـﻊ اﳋﺎص ﺑﺎﶈﺘﻮﻳﺎت واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﺘﻮﻗﻌﺔ ﻓﻲ أي ﺗﺮاث أدﺑﻲ أو ﻓﻨﻲ. وﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﺼﺮ ،ﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻓـﻲ اﻟـﺸـﻌـﺮ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ، واﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﻓﻲ أواﺧﺮ أرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت وﺑﺪاﻳﺔ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﻚ اﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أو إزاﺣﺘﻬﺎ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻦ ﺷﻜﻞ اﻟﺸﻌﺮ اCـﻮزون اCﻘﻔﻰ اﻟﺮاﺳﺦ ﻣﻨﺬ ﻗﺮون ﻋﺪﻳﺪة ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻨﺼﺮ اﳉﺪة ،ﻓﺒﺪأ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺮ ﻳﺘﺨﻠﻰ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺸﻜﻞ ذي اﻟﺸﻄﺮﻳﻦ ،وﺣﻞ ﻣﺤﻠﻪ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ اﻟﺸﻜﻞ اCﺴﻤﻰ »ﺷﻌﺮ اﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ« ،وﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺬي ﺣـﺎﻓـﻆ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻮزن واﻹﻳﻘﺎع وأﺳﻘﻂ اﻟﻘﺎﻓﻴﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎرﺟﻲ واCﻀﻤﻮن اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﺸﻌﺮ. وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات ﻣﻮﻓﻘﺔ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻷﻧـﻬـﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ إزاﺣـﺔ ﺻـﻐـﻴـﺮة ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺪأ اﻟﺸﻌﺮ ﻳﺘﺨﻠﻰ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﻮزن ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﳋﻠﻴﻠﻲ، وﻳﺤﺎول أن ﻳﻘﺪم ﺟﺪﻳﺪا ،ﺣﺎول أن ﻳﺴﺘﺒﺪل ﺑﺎCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﳋـﺎرﺟـﻴـﺔ ﻟـﻠـﺸـﻌـﺮ ﻧﻮﻋﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،ﻓﻈﻬﺮ اﻟﺸﻜﻞ اCﺴﻤﻰ ﻗـﺼـﻴـﺪة اﻟـﻨـﺜـﺮ، وﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺸﻌﺮي اﻷﺧﻴﺮ ﻫﻮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺷﻌﺮ ﺑﻼ ﺟﻤﻬﻮر ﺑـﺎCـﻌـﻨـﻰ اﻟـﻘـﺪ&، ﺷﻌﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻻ اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﺒﺼﺮ ﻻ اﻟﺴﻤﻊ ،وﺟﻤﻬﻮره ﻫﻢ ﺷﻌﺮاؤه وﻧﻘﺎده ،وﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻦ اﻧﺼﺮاف اﳉﻤﻬﻮر ﻋﻨﻪ ﻫﻮ أﻧﻪ ﺣﺎول أن ﻳﺤﻘﻖ ﻗﻔﺰة ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺬري ،أي دون إزاﺣﺔ أو اﻧﺤﺮاف ،أو اﺑﺘﻌﺎد ﺗﺪرﻳﺠﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺎدى ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد واﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻖ أن أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﻢ.
350
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
11ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
»أﻳ ـ ــﺎ ﻛ ـ ــﺎﻧـ ـ ــﺖ اﻷﺷ ـ ـ ـﻜـ ـ ــﺎل واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﺴﺘـﺨـﺪﻣـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻮاﻗـﻊ ﻳـﻨـﻈـﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻛﻠﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺧـﻼل ﻣﻨﻄﻖ ﻛﻠﻲ ﺧﺎص«. ﻣﺆرخ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ »ﺟﺎن ﻣﻴﺘﺮي«
ﻓﻲ آﺧﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﺮض Cﺴﺮﺣﻴﺔ »ﻣﻮت ﺑﺎﺋﻊ ﻣﺘﺠﻮل« ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻣﺴﺎرح »ﺑﺮودواي« ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ،وﻓﻲ آﺧﺮ ﻇﻬﻮر ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺴـﺮﺣـﻴـﺔ ،اﻋـﺘـﺮف اCـﻤـﺜـﻞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ داﺳ¾ ﻫﻮﻓﻤﺎن ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻠﻌﺒﻪ اﳉﻤﻬﻮر ،ﻓﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ اCﺴﺮح ،وﺷﻜﺮ ﻛـﻞ ﻣـﻦ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮدا ،وﺷﺎرﻛﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﻔﺮح اﻟﺪاﺋﻢ ،وﻗﺪ ﺷﻜﺮ اﳉﻤﻬﻮر ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮدا ﻣﻊ اﻟﻔﺮﻗﺔ ا Cـﺴــﺮﺣ ـﻴــﺔ »وﺑــ tأﻓــﺮادﻫــﺎ« ﺧــﻼل ﻛــﻞ ﻟـ ـﻴ ــﺎﻟ ــﻲ اﻟﻌﺮض).(١ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﳋﺎص ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﳉﻤﻬﻮر »ﺑ«t اCﻤﺜﻠ tأو اCﺆدﻳﻦ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ اCﺸﺎﻫﺪة ،ﻳﺆﻛﺪ أن ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﺑ tاﻟﻔﻨﺎﻧ tواﳉﻤﻬﻮر .ﻳﺤﺪث ﺗﻔﺎﻋﻠﻴﺎ ّ ﻫﺬا ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻔﻨﻮن ،وﻳﺤﺪث ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻷداء اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺸـﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ا Cـﺴــﺮح ،واCــﻮﺳ ـﻴ ـﻘــﻰ، واﻟﺴﻴﻨـﻤـﺎ ،واﻟـﻐـﻨـﺎء ،واﻷوﺑـﺮا ،واﻟـﺒـﺎﻟـﻴـﻪ ،واﻟـﺮﻗـﺺ وﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻳﺸﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮم اﻷداء ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻌﺎم إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻌﺎم ﻴﺰ اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻨﻬﻤﻜﺎ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ )أداء( ﻣﻌ ،tوﻳﺸﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮم اﻷداء ﻓﻲ اﻟﻔﻦ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻻﻧﻬـﻤـﺎك اﳋـﺎص اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻔﻨﺎن ،ﺑﺠﺴﺪه ﺧﺎﺻﺔ ،وﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﻣﻦ 351
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻬﺎراﺗﻪ وﻋﻘﻠﻪ وﺧﻴﺎﻟﻪ واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻟﻨﺸﺎط ﻓﻨﻲ ﻣﻌ.t وﻧﻜﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻤﺎ اﻟﻨﻮﻋt اﻟﻠﺬﻳﻦ اﺳﺘﺄﺛﺮا ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻓﻨﻮن اﻷداء.
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﳌﺴﺮح
ﻳﻌﺪ اﻻﻧﻐﻤﺎس ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺨﻴﻴﻼت اﻟﺴﺎرة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ اCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻟﻨﺎ أﺣﺪ أﺷﻜﺎل اﻟﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﺮﺗﺎﺑﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻳﺘﻢ اﻻﺣﺘﻴـﺎج إﻟـﻴـﻪ واﻓـﺘـﻘـﺎده ﻋـﻨـﺪ ﻣﺴﺘﻮى ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺮﺗﻴﺒﺔ ،ﻗﺪ ﻳُﻮَّﻓـﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺨﻴﻴﻼت، اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﺎر ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ،ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻨﺎ Cﺴﺮﺣﻴﺔ أوﻟﻔﻴﻠﻢ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ. وﻟﻴﺴﺖ ﻛﻞ اﻷﻋﻤﺎل اCﺴﺮﺣﻴﺔ أو اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﻣﻌﻨﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪ& اCﺘﻌﺔ أو اﻹﺷﺒﺎع اﳋﻴﺎﻟﻲ ﻟﻨﺎ ،ﻓﻬﻨﺎك أﻋﻤﺎل ﻟﻬﺎ وﻇﻴﻔﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،أو ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ،أودﻋﺎﺋﻴﺔ ...إﻟﺦ. وﻫﺬه ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﻫﻨﺎ .ﻛﻤﺎ أن اﻟﺘﺨﻴﻴﻼت اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﺳﺎرة ،إﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﻘﻠﻘﺔ ،وﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﺨﻮف واﻟﺘﻮﺗﺮ ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻣﺮﻋﺒﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ُﺗَﻌّﺮف ﻫﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﺑﻬﺎ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻌﻬﺎ وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،اﻹﺷﺒﺎع ،واﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﺷﺒﻴﻪ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة aﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻣﺎﻳﺮ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ــ ﻋﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺘﻮﺗﺮات واﻟﺘﻮﻗﻌﺎت، ﺛﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻳﻔﻬﺎ ،وﺧﻔﻀﻬﺎ ،وإﺷﺒﺎﻋﻬﺎ. وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺮﻳﺐ أﻳﻀﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻟﺪى أرﺳﻄﻮ، ﻓﺠﻮﻫﺮ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻫﻮ اﻟﻮﺻﻮل إﻟـﻰ ﺳـﻴـﻄـﺮة أﻛـﺒـﺮ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺮﻋـﺐ أو اﳋـﻮف، وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻏﻴﺮ ﺳﺎرة ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ اﳋﺎص. ﻟﻜﻦ اCﺴﺄﻟﺔ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد إﺛﺎرة اﻧﻔﻌﺎﻻت وﺗﻮﻗﻌﺎت ﺛﻢ ﺧـﻔـﻀـﻬـﺎ ،أو ﺳﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮﻋﺐ ،أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اCﺸﺎﻋﺮ ﻏﻴﺮ اﻟـﺴـﺎرة ،ﻓـﺠـﻮﻫـﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣﻦ اCﺘﻠﻘﻲ ،وﻫﻲ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠ tﺣﻮل اﻟﻔﻜﺎﻫﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺘﺮﺣﻬﺎ ﺟﻠ tوﻳﻠﺴﻮن ﻣﺜﻼ .وﺧﻼﺻـﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ أن اﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻛﻼ ﻣـﻦ اﺳـﺘـﺜـﺎرة اﻟـﺘـﻮﺗـﺮات وﺧـﻔـﻀـﻬـﺎ أو اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻣﻦ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺳﺮﻳﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،واﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ﻫﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺪفء واﻷﻣﺎن واCﺮح ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﻟﻌﺪوان 352
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
أو اﳋﻮف ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻓﻬﻲ ﺰج ﺑ tاCﻴﻞ ﻟﻼﺳﺘﺮﺿﺎء ،أو اﻟﻀﻌـﻒ )اﻻﺑﺘﺴﺎم( ،واﻟﺴﻴﻄﺮة أو اﻟﻘﻮة )اﻟﻀﺤﻚ( ،وﻳﺤﺪث ﻫـﺬا أﻳـﻀـﺎ ﻓـﻲ أﻟـﻌـﺎب اCﻔﺎﺟﺂت ﻓﻲ ﻣﺪن اCﻼﻫﻲ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن اﻟﻔﻜﺎﻫﺔ واﻟﻀﺤـﻚ ﻧـﺎﲡـﺔ ﻋﻦ ﺧﻠﻴﻂ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ،واﳋﻮف ،واﻟـﺘـﻮﺗـﺮ اCـﺘـﺼـﺎﻋـﺪ أوﻻ ،ﻣـﻊ ﻣـﺎ ﻳﺼﺎﺣﺐ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺒﻬﺠﺔ ﻏﻴﺮ اCﻜﺘﻤﻠﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟـﺒـﻬـﺠـﺔ ـــ ﺛﺎﻧﻴﺎ ــ ﻣﻊ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻷﻣﺎن اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻠﻌﺒﺔ).(٢ وﻳﺤﺪث ﺷﻲء ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻟﻬﺬا ﺧﻼل ﺧﺒـﺮة اﻟـﺘـﻠـﻘـﻲ اCـﺴـﺮﺣـﻴـﺔ ،ﻓـﺎCـﺸـﺎﻫـﺪ ﻳﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ اCﻤﺜﻞ وﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﳋﻮف واﻟﺸﻔﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر أرﺳﻄﻮ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺸﻌﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻷﻣﻦ ،وذﻟﻚ ﻷن اﳋﺒﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻫﻲ ﺧﺒﺮة ﺑﺪﻳﻠﺔ ،ﻟﻴﺴﺖ ﺧﺒﺮة ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻞ ﺧﺒﺮة ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﺎﻷﺣﺪاث اCﺮﺗﺒﻄﺔ aﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮﻋﺐ ،واﻟﻐﻀﺐ ،واﻻﻧﺘﻘﺎم ،واﳋﻮف ﻻ ﲢﺪث ﻟﻪ ،ﺑﻞ ﲢﺪث ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﻨﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈﻧﻪ ،ﻋﻠـﻲ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻃﻔﻪ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺸﻔﻘﺔ ﻟﺪﻳﻪ ،أو ﺷـﻌـﻮره ﺑﺎﳋﻮف أو اﻟﺮﻋﺐ ،ﻳﺸﻌﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﺄن اﻷﺣـﺪاث اﻟـﺘـﻲ ﲢـﺪث أﻣـﺎﻣـﻪ ﻟـﻴـﺴـﺖ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﺑﻞ أﺣﺪاث ﻣﺘﻮﻫﻤﺔ أو ﻣﺘﺨﻴﻠﺔ ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﺈﻧﻬـﺎ ﻻ ﲢﺪث ﻟﻪ ،ﺑﻞ ﻟﺸﺨﺺ آﺧﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮ أﻳﻀﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗـﺖ ﻧـﻔـﺴـﻪ ،ﺑـﺄن ﻫﺬه اCﺸﺎﻋﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﺴﺎرة ــ أو ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺎرة ﻟﻮ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻛـﻮﻣـﻴـﺪﻳـﺔ ـــ أﻳـﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻗﻮﺗﻬﺎ ،ﻻ ﺗﺨﺼﻪ وﺣﺪه ،ﺑﻞ ﻳﺸﺎرﻛﻪ ﻓﻴﻬﺎ آﺧﺮون ﻳﺠﻠﺴﻮن ﻣـﻌـﻪ ﻓـﻲ اﻟـﻘـﺎﻋـﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻳﺸﺎﻫﺪون ﻣﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪه وﻳﺸﻌﺮون aﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺮر ﻋﻠـﻴـﻪ ﻣـﺆﻛـﺪا ،ﻓـﻬـﻲ ﺧـﺒـﺮة ﲢﺪث ﻋﻠﻰ »ﻣﺴﺎﻓﺔ« ﻣﻨﻪ ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟﻚ أرﺳـﻄـﻮ ـــ وأﺷـﺎر إﻟـﻰ ذﻟـﻚ ﺑﻮاﻟﻮ ﺑﻌﺪه ﺑﻌﺪة ﻗﺮون ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺷﻌﺮ اCـﺸـﺎﻫـﺪ ﺧـﻼل ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﻘـﻤـﺺ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻬﺬه اﻷﺣﺪاث ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳـﺸـﻌـﺮ ،ﻣـﻦ ﻧـﺎﺣـﻴـﺔ أﺧـﺮى ،ﺑـﺄن وﺟﻮد آﺧﺮﻳﻦ ﻣﻌﻪ ﻳﺸﺎرﻛﻮﻧﻪ اCﺼﻴﺮ اCﺸﺘﺮك ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻳـﺰﻳـﺪ ﻣـﻦ إﺣـﺴـﺎﺳـﺎت اﻷﻣﺎن اﳋﺎﺻﺔ ﻟﺪﻳﻪ. ﻧﺤﻦ ﻓﻲ اCﺴﺮح ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪاCﻌﻄﻲ ﺣﺠﺎزي ــ »ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اCﺘﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺤﻘﻘﻬﺎ ﻟﻨـﺎ إﻻ ﻫـﺬا اﻟـﻔـﻦ ﺑـﺎﻟـﺬات ،ﻓـﻦ اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ أو اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ اﻟﺬي ﻧﺸﺎﻫﺪه ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻛﻤﺎ ﻧﻌـﻴـﺶ ﺟـﻤـﺎﻋـﺔ ،ﻷﻧـﻪ ﺳـﻴـﺤـﻀـﺮ ﻟـﻨـﺎ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ وﻳﺸﺨﺼﻬﺎ ﻛﺄﻧﻬﺎ واﻗـﻊ ﺣـﻲ ،وﺣـﺎﺿـﺮ ﻣـﺸـﻬـﻮد ﻧـﻠـﻌـﺐ ﻓـﻴـﻪ أدوار اﻷﺑﻄﺎل وأدوار اﻟﺸﻬﻮد ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻨـﺪﻣـﺞ دون أن ﻧـﻐـﺎدر 353
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻘﺎﻋﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﻗـﺎﻋـﺔ اCـﺴـﺮح ،وﻧـﺘـﺎﺑـﻊ ﻣـﺎ ﻳـﺪور ﻋـﻠـﻰ اﳋـﺸـﺒـﺔ دون أن ﻧـﻜـﻮن ﻣﺤﺎﻳﺪﻳﻦ .وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻨﺪﻣﺞ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻟﻠﻌﺮض ﻣﻨﻄﻖ ﻳﺴﺎﻋﺪﻧـﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻪ ،وﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﻔﺮداﺗﻪ ،واﻛﺘﺸﺎف دﻻﻻﺗﻪ ،ﻓﺎCﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ اCﺴﺮح ﻣﺘﻌﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﲡﻤﻊ ﺑ tاﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ،واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،واﻻﻧﻔﻌﺎل، واCﺮاﻗﺒﺔ ،واﺳﺘﺸﻌﺎر اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻔﺮدي واﻟﻮﺟﻮد اﳉﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ«).(٣ إن ﺷﻌﻮر اCﺘﻠﻘﻲ ــ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ أو ﻻ إرادي ــ ﺑﺄن اﳋﺒﺮة اCﺴﺮﺣﻴﺔ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﺧﺒﺮة ﺑﺪﻳﻠﺔ )ﺧﺒﺮﺗﻪ ﻟﻴـﺴـﺖ ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﻞ ﺑﺪﻳﻞ ﳋﺒﺮة اCﻤﺜﻞ أو اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اCﺴﺮﺣﻴﺔ( وأن ﻫﺬه اﳋﺒﺮة ﺧﺒﺮة ﻣﺸﺎرﻛﺔ أﻳﻀﺎ )ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻫﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ اCﻤﺜﻠ tوﻳﺴﺎﻫﻢ أو ﻳﺸﺎرك ﻣﻌﻪ اCﺸﺎﻫﺪون اﻵﺧﺮون ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺑﻌﺾ أﻋﺒﺎﺋﻬﺎ ،وأﻧﻪ ﻟﻴﺲ وﺣﺪه ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺮاع( ،ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﻣﺸﺘﻤﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت رأﺳﻴﺔ )اﳋﺒﺮة اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ( ،وأﻓﻘﻴﺔ )ﺧﺒﺮة اCﺸﺎرﻛﺔ( ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻜﻮن ﺷﻌﻮرا ﻣﺘﺴﻤﺎ ﺑﺄﻋﻤﺎق ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻧﻮﻋـﺎ ﻣﻦ اﻷداء اﳋﺎص اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اCﺘﻠﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺸﻜﻞ إﻳﺠﺎﺑﻲ وﻓﻌﺎل أﻳﻀﺎ. اﻋﺘﻤﺪ أرﺳﻄﻮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ Cﺎ ﻳﺤـﺪث ﻋـﻠـﻰ ﺧـﺸـﺒـﺔ اCﺴﺮح ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮم »اﶈﺎﻛﺎة وﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ،واﶈﺎﻛﺎة ﻓـﻲ رأي أرﺳﻄﻮ أﻣﺮ ﻓﻄﺮي ،ﻣﻮﺟﻮد ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ ،واﻹﻧﺴﺎن ﻳـﻔـﺘـﺮق ﻋـﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺣﻴﺎء ﺑﺄﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﺤﺎﻛﺎة ،وأﻧﻪ ﻳﺘﻌﻠﻢ أول ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﶈﺎﻛﺎة ،ﺛﻢ إن اﻟﺘﻠﺬذ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء اﶈﻜﻴﺔ أﻣﺮ ﻋﺎم ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ«).(٤ واﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ رأﻳﻪ »ﻣﺤﺎﻛﺎة اﻷدﻧﻴﺎء ،ﻻ aﻌﻨﻰ وﺿﺎﻋﺔ اﳋﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ،ﻓﺈن اCﻀﺤﻚ ﻟﻴﺲ إﻻ ﻗﺴـﻤـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺒـﻴـﺢ ،واﻷﻣـﺮ اCـﻀـﺤـﻚ ﻫـﻮ وﻗﺒﺢ ﻻ أﻟﻢ ﻓﻴﻪ وﻻ إﻳﺬاء«) .(٥أﻣﺎ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻓﻬﻲ »ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻓﻌﻞ ﻣﻨﻘﺼﺔ ﻣﺎ ¿ ﺟﻠﻴﻞ ﻛﺎﻣﻞ ،ﻟﻪ ﻋﻈﻢ ﻣﺎ ،ﻓﻲ ﻛﻼم ﺘﻊ ﺗﺘﻮزع أﺟﺰاء اﻟﻘﻄﻌﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺤﺴt ﻓﻴﻪ ،ﻣﺤﺎﻛﺎة ﺜﻞ اﻟﻔﺎﻋﻠ tوﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻘـﺼـﺺ ،وﺗـﺘـﻀـﻤـﻦ اﻟـﺮﺣـﻤـﺔ واﳋﻮف ﻟﺘﺤﺪث ﺗﻄﻬﻴﺮا Cﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت .وأﻋﻨﻲ »ﺑﺎﻟﻜﻼم اCﻤﺘﻊ« ذﻟﻚ اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﻳﺘﻀﻤﻦ وزﻧﺎ وإﻳﻘﺎﻋﺎ وﻏﻨﺎء ،وأﻋﻨﻲ ﺑﻘﻮﻟﻲ ﺗﺘﻮزع أﺟﺰاء اﻟﻘﻄﻌﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺤﺴ tﻓﻴﻪ أن ﺑﻌﺾ اﻷﺟﺰاء ﻳﺘﻢ ﺑﺎﻟﻌﺮوض وﺣـﺪه ﻋـﻠـﻰ ﺣـ tأن ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ ﻳﺘﻢ ﺑﺎﻟﻐﻨﺎء«).(٦ واﶈﺎﻛﺎة ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺮاﻫﺎ أرﺳﻄﻮ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟـﻸﺷـﺨـﺎص ﺑﻞ ﻟﻸﻋﻤﺎل واﳊﻴﺎة ،وﻟﻠﺴﻌﺎدة واﻟﺸﻘﺎء ،واﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺸﻘﺎء ﻫﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ. 354
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
و»اﻟﻐﺎﻳﺔ« ﻫﻲ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ،وﻟﻴﺴﺖ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﺎ ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت ﺗﺘﺒﻊ اﻷﺧﻼق ،أﻣﺎ اﻟﺴﻌﺎدة أو ﺿﺪﻫﺎ ﻓﺘﺘﺒﻊ اﻷﻋﻤﺎل .ﻓﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ إذن ﻻ ﻳﻘﺼﺪ إﻟﻰ ﻣﺤﺎﻛﺎة اﻷﺧﻼق، وﻟﻜﻦ ﻳﺘﻨﺎول اﻷﺧﻼق ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺤﺎﻛﺎة اﻷﻓﻌﺎل ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺎﻷﻓﻌﺎل واﻟﻘﺼﺔ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎت ،واﻟﻐﺎﻳﺔ ﻫﻲ أﻋﻈﻢ ﺷﻲء«).(٧ ﻳﺆﻛﺪ أرﺳﻄﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻜﺮة اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﻓﻲ اCﺴـﺮح ،وﺧـﺎﺻـﺔ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻜﻴﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻘﺼﺔ »ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻋﻤﻞ ﻳﺠـﺐ أن ﲢﺎﻛﻲ ﻋﻤﻼ واﺣﺪا ،وأن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮاﺣﺪ ﺗـﺎﻣـﺎ ،وأن ﺗـﻨـﻈـﻢ أﺟـﺰاء اﻷﻓﻌﺎل ﺑﺤﻴﺚ إﻧﻪ ﻟﻮ ﻏﻴﺮ ﺟﺰء ﻣﺎ أو ﻧﺰع ﻻﻧﻔﺮط اﻟﻜﻞ واﺿﻄﺮب«).(٨ واﻟﻘﺼﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺑﺴﻴﻄﺔ أو ﻣﻌﻘﺪة ،وﻳﺤﺪث اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ دون اﻧﻘﻼب أو ﺗﻌﺮف ،أﻣﺎ اﻟﻔﻌﻞ اCﺴﺮﺣﻲ ــ أو اﻟﻘﺼﺔ ــ اCـﻌـﻘـﺪة ﻓـﻬـﻮ »ﻣـﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻧﻘﻼب ،أو ﺑﺘﻌﺮف ،أو ﺑﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ .وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﺘﺞ اﻻﻧﻘﻼب واﻟﺘﻌﺮف ﻣﻦ ﻧﻈﻢ اﻟﻘﺼﺔ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻘﻌﺎن ﻣﺘﺮﺗﺒ tﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ ،إﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻀﺮورة وإﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮﺟﺤﺎن ...واﻻﻧﻘﻼب ﻫﻮ اﻟﺘﻐﻴﺮ إﻟﻰ ﺿﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ إن اﻟﺮﺳﻮل اﻟﺬي ﻳﺠﻲء إﻟﻰ أودﻳﺒﻮس ﻓﻲ ﺗﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ »أودﻳﺒﻮس« ﻟﻴﺒﺸﺮه وﻳﺨﻠﺼﻪ ﻣﻦ ﺧﻮﻓﻪ ﻋﻠﻰ أﻣـﻪ ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳُﻈـﻬِـﺮ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻀﺪ ﻣﺎ أراد ...أﻣﺎ اﻟﺘﻌﺮف ﻓﻬﻮ اﻟﺘﻐﻴـﺮ ﻣـﻦ ﺟﻬﻞ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ،ﺗﻐﻴﺮ ﻳﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﺣﺐ ،أو ﻛﺮه ﺑ tاﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ أﻋﺪﻫﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻠﺴﻌﺎدة ،أو اﻟﺸﻘﺎء ،وأﺣﺴﻦ اﻟﺘﻌﺮف ﻣﺎ اﻗﺘﺮن ﺑﺎﻻﻧﻘﻼب ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺸﺄن ﻓﻲ ﻗﺼﺔ أودﻳﺒﻮس ...واﻟﺘﻌﺮف واﻻﻧﻘﻼب ﻳﺤﺪﺛﺎن ﺷﻔﻘﺔ أو ﺧﻮﻓﺎ، واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﲢﺪث اﻟﺸﻔﻘﺔ أو اﳋﻮف .ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻣﺤﺎﻛﺎﺗﻪ. ﺛﻢ إن اﻟﺸﻘﺎء واﻟﺴﻌﺎدة ﻳﺤﺼﻼن ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل«).(٩ وﻓﻲ ﺧﻼل إﺑﺪاع ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اCﺴﺮﺣـﻴـﺔ ﻳـﻘـﻮل أرﺳـﻄـﻮ »ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻮاء أﻛﺎن اCﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎوﻟﻪ ﻗﺪ ﺎ أو ﻣﺒﺘﺪﻋﺎ ،أن ﻳﺒﺪأ ﺑﺘﺨﻄﻴﻂ ﻋﺎم ﻟﻪ ،ﺛﻢ ﻳﻔﺼﻞ ﻗﻄﻌﻪ و ﺪ أﻃﺮاﻓﻪ«. ﻫﺪف اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ،إذن» ،ﻫﻮ أن ﺗﺜﻴﺮ اﻹﺷﻔﺎق واﳋـﻮف :اﻹﺷـﻔـﺎق ﻋـﻠـﻰ اﻟﺒﻄﻞ ﺎ ﻋﺎﻧﺎه وﻣﺎ ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ،واﳋﻮف ﻋﻠﻴﻪ ﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮ أن ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ،وإﻧﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد إن اﻹﺷﻔﺎق إ ﺎ ﻳﻜﻮن إﺷﻔﺎﻗﺎ ﻣﻦ اCﺘﻔﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻄﻞ، وأﻣﺎ اﳋﻮف ﻓﻴﻜﻮن ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اCﺘﻔﺮج ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﺸﻴﺔ أن ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻣـﺜـﻞ ﻣـﺎ أﺻﺎب اﻟﺒﻄﻞ ،أو ﻗﻞ إن اﳋﻮف اﻟﺬي ﻳﺤﺴﻪ اﻟﺮاﺋﻲ ﻫﻮ ﺧﻮف ﻣﻦ اﺠﻤﻟﻬﻮل 355
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ...وإﻧﻪ ﺎ ﻳﺬﻛﺮ aﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﻘﻮل ﻋﻤﺎ ﺗـﺜـﻴـﺮه اﻟـﺘـﺮاﺟـﻴـﺪﻳـﺎ ﻓـﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﺮاﺋ tﻣﻦ إﺷﻔﺎق وﺧﻮف أن أﻓﻼﻃﻮن ﻛﺎن ﻗﺪ ﻫـﺎﺟـﻤـﻬـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬا اﻷﺳﺎس ﻧﻔﺴﻪ ،إذ ﻣﺎداﻣﺖ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﺗﺜﻴﺮ ﻓﻴﻨﺎ اﻹﺷﻔﺎق واﳋﻮف ،ﻓﻬﻲ إذن ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻨﺎ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺰﻳﺪﻧﺎ ﺿﻌﻔﺎ ،أﻣﺎ أرﺳﻄﻮ ﻓﻜﺄ ﺎ أراد اﻟﺮد ﻋﻠﻰ أﻓﻼﻃﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﺣ tﻗﺎل إن اﺳﺘﺜﺎرة اﳋﻮف واﻹﺷﻔﺎق ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻄﻬﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟ ،tإذن ﻓﺎﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻟﻨﻔﻮﺳﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺿﻌﻔﻨﺎ ﺗﺰﻳﺪﻧﺎ ﻗﻮة«).(١٠ ﺗﺮددت أﺻﺪاء ﻓﻜﺮة اﶈﺎﻛﺎة ﻓﻲ اﻟﺘـﺮاث اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ،ﻓـﺮﺑـﻂ ﻋـﺒـﺪاﻟـﻘـﺎﻫـﺮ اﳉﺮﺟﺎﻧﻲ ﻓﻲ »أﺳﺮار اﻟﺒﻼﻏﺔ« ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑ tاﻟﺘﺨﻴﻴﻞ اﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮه ﻧـﻮﻋـﺎ ﻣـﻦ اﻟﻜﺬب اﻟﺒﺎرع ،وﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺬﻫﻦ اCﺘﻠﻘﻲ ،ووﺟﺪ أﻣﺜﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻓﻲ أﻟﻮان اﻟﺒﺪﻳﻊ اﻟﺜﻼﺛﺔ :اﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ،واﻻﺳﺘﻌﺎرة ،واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،وﻗﺎل إﻧﻬﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟﺒﺪﻳﻊ ﺑﻮﺟﻮد اﶈﺎﻛﺎة واﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺒﻴﺮ .ﻛﺬﻟﻚ ذﻛﺮ ﺣﺎزم اﻟﻘﺮﻃﺎﺟﻨﻲ ﻓﻲ »ﻣﻨﻬﺎج اﻟﺒﻠﻐﺎء« أن اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ واﶈﺎﻛﺎة ﻫﻲ اﳊﻘﻴﻘﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﺸﻌﺮ ،وأن اﶈﺎﻛﺎة ﻗﺪ ﺗﻘﻮم ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ،وﻗﺪ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﻣﺴﺎﻋﺪة ،ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺴﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ اﻟﻜﻼم ،وﻗﻮة ﺻﺪﻗﻪ ،وﻗﻮة ﺷﻬﺮﺗﻪ ...وﻫﻨﺎك ﺗﺄﺛﻴﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﻟﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﺳﺘﻌﺮﺿﻬﺎ ﺷﻜﺮي ﻋﻴﺎد ﻓﻲ دراﺳﺘﻪ اCﻤﻴﺰة اCﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺘﺮﺟﻤﺘﻪ وﲢﻘﻴﻘﻪ ﻟﻜﺘﺎب اﻟﺸﻌﺮ ﻷرﺳﻄﻮ ودراﺳﺘﻪ اCﻬﻤﺔ أﻳﻀﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات).(١١ ﻣﺎزاﻟﺖ أﺻﺪاء ﻓﻜﺮة اﶈﺎﻛﺎة ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺿﻬﺎ أرﺳﻄﻮ ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎب »اﻟـﺸـﻌـﺮ« ﺗﺘﺮدد ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻐﺮﺑﻲ أﻳﻀﺎ ،ﺑﻞ إن اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺜﻞ أوﺗـﻠـﻲ ) K.Oatlayأﺳﺘـﺎذ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺗﻮرﻧﺘﻮ ﺑﻜﻨﺪا( ﻗﺪ ﻗﺎل ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ إن اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺤﺎﻛﺎة Mimesisاﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﻟﻴﺲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ Imitationﻛﻤﺎ ﺷﺎع اﻷﻣﺮ ،وﻻ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ ) Representationﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻫﻨﺮي ﺟﻴﻤﺲ ﻣﺜﻼ( ﺑﻞ اﻷﺻﻮب ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﺑﺎCﻤﺎﺛﻠﺔ أي ﺑﻜﻠـﻤـﺔ ،Simulationﻓﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﺪراﻣﻲ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر أرﺳﻄﻮ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻫﻮ aﻨﺰﻟﺔ اCﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،و»اCﻤﺎﺛﻠـﺔ« ﻟـﻴـﺴـﺖ ﻫـﻲ »اﶈـﺎﻛـﺎة« اﳊـﺮﻓـﻴـﺔ) (١٢ﺑﻞ ﻫﻲ ـﺎﺛـﻠـﺔ )ﻣﺤﺎﻛﺎة( ﻟﻸﻋﻤﺎل واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﳊﻴﺎة وﻟﻴﺲ ﻟﻸﺷﺨﺎص ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﻧـﻘـﻼ ﻋﻦ أرﺳﻄﻮ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ واﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻤﺎﺛﻠﺔ. 356
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
ﻓﻲ اCﺴﺮح ﻳﻘﻮم اCﻤﺜﻠﻮن ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ اﻷﻓﻌﺎل أو ﲡﺴﻴﺪﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ أن اCﺴﺮﺣﻴﺔ ﻛﻜﻞ ﲡﺮي أﺣﺪاﺛﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻮل اCﺘـﻠـﻘـﻲ ﻣـﺜـﻠـﻤـﺎ ﲢـﺪث ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت »اCـﻤـﺎﺛـﻠـﺔ« ﻟﻸﺣﺪاث ،واﻟﻘﺼﺺ واCﻮﺿﻮﻋﺎت داﺧﻞ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ أﻓﻼم اﻟﻜﺎرﺗﻮن واﻟﻜﻮارث اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺜﻼ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﳒﺪ أن ﺗﻔـﺴـﻴـﺮات ﻓـﻜـﺮة اﶈـﺎﻛـﺎة ،ﻛـﻤـﺎ ﺗـﺮددت أوﻻ ﻟـﺪى أﻓﻼﻃﻮن ،وﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻬﺎ أرﺳﻄﻮ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻗﺮﻧﺎ ،ﻣـﺎزاﻟـﺖ ﺗـﺘـﻌـﺪد وﺗﺘﺠﺪد ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اCﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻵن .وﺣـﻴـﺚ ﻜﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻴﺪ » ﺎذج« ﺎﺛﻞ أو »ﲢﺎﻛﻲ« اﻟﻌﺎﻟﻢ أو ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﻮم aﻌﺎﳉﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﻤﺎذج ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ. وﻫﻜﺬا ﺗﺼﺒﺢ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ ﻣﻮازﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،ﻛـﻌـﺎﻟـﻢ أﺻـﻐـﺮC ،ـﺎ ﻳـﺤـﺪث ﻓـﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻛﺒﺮ ،اﻟﻌﺎﻟﻢ اCﺎدي وﻋﺎﻟﻢ اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻜﺬا أﻳـﻀـﺎ ﺗـﺼـﺒـﺢ ﻋﻘﻮل اCﺘﻠﻘ tﻣﻮازﻳﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ Cﺎ ﻳﺤﺪث أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اCﺴﺮح ،أو ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أو ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮواﺋﻲ وﻫﺬه ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﻜﻮن ﺎﺛﻠﺔ Cﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اCﺆﻟﻒ أو اﺨﻤﻟﺮج ...إﻟﺦ. وﺗﺰﺧﺮ اﻟﻠﻐﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻮازي أو اCـﻤـﺎﺛـﻠـﺔ )وﻟﻴﺲ اCﻄﺎﺑﻘﺔ اﳊﺮﻓﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،أو ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ( وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ، ﻛﻠﻤﺎت ﻣﺜﻞ :اﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ،اﻻﺳﺘﻌﺎرة ،اﺠﻤﻟﺎز ،اﻟﺘﻮازي ،اﻟﺘﻨﺎﻇﺮ ،اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ،اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ، اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،اﻟﻨﻤﻮذج ،اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ ،اCﻘﺎرﻧﺔ ...إﻟﺦ. وﻓﻲ ﻛﻞ اﳊﺎﻻت ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻧﺴﺦ ﺣﺮﻓﻲ أو ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺗـﺎم ﺑـ tﺷـﻴـﺌـ tأو ﻋﻤﻠﻴﺘ ،tﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﺎ ،إزاﺣﺔ ﻣﺎ ،اﻧﺤﺮاف ﻣﺎ ،ﺑ tاﻷﺻﻞ واﻟﺼﻮرة، ﺑ tاCﺸﺒﻪ واCﺸﺒﻪ ﺑﻪ ،ﺑ tاﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﺑ tاﻟﺸﻲء وﻣﺎ ﻳﻨﺎﻇﺮه أو ﺣﺘﻰ ﺎﺛﻠﻪ ،ﻓﺎﶈﺎﻛﺎة ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ وﻛﻤﺎ وﺿﻌﻬﺎ أرﺳﻄﻮ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﺑﻞ ﻷﻓﻌﺎل واﻧﻔﻌﺎﻻت .وﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻴﺢ اﻟﻔﺮﺻـﺔ ﻟـﺘـﺄﻣـﻞ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺛﻢ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻌﻪ ،أو اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻟﻪ ،أو اﻟﺘـﻌـﺎﻃـﻒ ﻣـﻌـﻪ أو ﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اCﺼﻄﻠﺤﺎت أو اﳊﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻛـﻤـﺎ وﺻﻔﻪ أرﺳﻄﻮ. أﺷﺎر أرﺳﻄﻮ إﻟﻰ أن ﻣﺎ ﲢﻘﻘﻪ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ إ ﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن »اCﻤﺎﺛﻠﺔ« ﺑﺎCﻌﻨﻰ 357
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻬﺘﻤﺔ ﺑﺎﳉﻮاﻧﺐ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎل واﻷﻋﻤﺎل واCﻮﺿﻮﻋﺎت. وأﺷﺎر أوﺗﻠﻲ وﺟﻮﻧﺴـﻮن ﻟـﻴـﺮد Johnson- Leirdإﻟﻰ أن اﻟﺒﺸﺮ ﺑﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ﻳﻔﻀﻠﻮن أن ﻳﻮﺟﺪوا ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻧﻔﻌﺎﻟﻴـﺔ ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﺧـﻼل ﻓـﺘـﺮات ﻋـﺪﻳـﺪة ﻣـﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ).(١٣ وﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻟﺪى أرﺳﻄﻮ ﺑﺈﺛﺎرة اﻧﻔﻌﺎﻟﻲ اﻟﺸﻔﻘﺔ واﳋﻮف ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اCﺸﺎﻫﺪة ،واﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﺘـﻄـﻬـﺮ PurificationﺑﺎCﻌﻨـﻰ اﻟﺪﻳﻨﻲ وﻻ »ﺗﻄﻬـﻴـﺮ اﳉـﺮوح« PurgationﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﻄﺒـﻲ .ﻓـﻘـﺪ ﻳـﻮﺣـﻲ ﻫـﺬان اCﻌﻨﻴﺎن ﺑﺄن اCﺘﻠﻘﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻠﻤﺴﺮح ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ اﻧﻔﻌﺎﻻت ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ أو ﺷﺮﻳﺮة ،ﺛﻢ ﲢﺪث ﻟﻬﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اCﺸﺎﻫﺪة اCﺴﺮﺣﻴﺔ وﻋﻘﺒﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ »اﻟﻄﻬﺮ« أو »اﻟﻄﻬﺮاﻧﻴﺔ« أو أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ »أﻣﺮاض اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ« ﻳﺤﺪث ﻟﻬﺎ »ﺗﻄﻬﻴﺮ« ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اCﺸﺎﻫﺪة أو ﻋﻘﺒﻬﺎ ﻓﺘﺸﻔﻰ. وﻫﺬه اCﻌﺎﻧﻲ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﻘﻞ أو » ﺎﺛﻞ« اCﻌﻨﻰ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﺘﻄﻬـﻴـﺮ ﻛـﻤـﺎ ﻗﺼﺪه أرﺳﻄﻮ وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻻﻧﻘﻼب ﻓﻲ اﳊﺪث ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻌﺮف اﻟﺬي ﻳﻌﻘﺒﻪ ﻟﺪى اCﺸﺎﻫﺪ ،ﻓﺎﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺮف واﻟﺘـﻌـﺮف ﻋـﻤـﻠـﻴـﻪ »ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ« ،أي ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻸﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ أﻣﺎم اCﺸﺎﻫﺪ، وﺑﻬﺬا ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺘﻄﻬﻴﺮ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻌﺮﻓﻲ أﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎه اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﺘﺮدد ﻓﻲ اﻷذﻫﺎن. وﻧﺤﻦ ﻴﻞ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻫﺬه ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠـﻰ ﺟـﻮاﻧـﺐ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ وﺟﻮاﻧﺐ ﻋﻘﻠﻴﺔ ،ﺟﻮاﻧﺐ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺈﳒﺎز وﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳـﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺸﻔﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻗﺘﺮاب )اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ أو اﻟﺘﻘﻤﺺ( ،وﻛﺬﻟﻚ اﳋﻮف اﻟﺬي ﻳﺤﻮي ﺑﺪاﺧﻠﻪ اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻻﺑﺘﻌﺎد )أو اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ( .ﻛﻤﺎ أن اﻧﻔﻌﺎﻻت أو ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﺧﺮى ﻗﺪ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺧﻼل ﻓﻌﻞ اﻟﺘﻠﻘﻲ اCﺴﺮﺣﻲ )أو اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ أو اﻟﺮواﺋﻲ أو اﻟﺴﺮدي ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم( ﻛﺈﺛﺎرة اﻟﺘﻮﺗﺮ وإﺷﺒﺎﻋﻪ ،أو اﻟﻐﻀﺐ أو اﻟﻔﺮح أو اﻻﺳﺘﻨﻜﺎر ...إﻟﺦ .وﻓﻲ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اCﺸﺎﻫﺪة ﻫﺬه ﺗﺘـﻮاﻟـﺪ اCـﻌـﺎﻧـﻲ واﻷﻓـﻜـﺎر واﻷﻫـﺪاف واﻟـﺪواﻓـﻊ واﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻘﻮده اﻟﻔﻌﻞ اCﺴﺮﺣﻲ ،ﺑﻞ اﻟﻨﺸﺎط اCﺴﺮﺣﻲ ﻛﻠﻪ ــ aﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ إﺿﺎءة وﺻﻮت وﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ودﻳﻜﻮر وﻏﻴﺮﻫﺎ ــ ﻧﺤـﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻜﺎﻣﻞ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻌﺎﻃﻒ أو ﺗﻘﻤﺺ أو ﺗﻈﻬﻴﺮ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،وﻻ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻌﺮف أو ﻓﻬﻢ وإدراك ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ 358
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺑ tاCﻨﺰﻟﺘ ،tﺑ tاﻻﻧﻔﻌﺎل واCﻌﺮﻓﺔ ،واﻟﺘﻘﻤﺺ واﻟﺘﻌﺮف ،واﻟﺘﻄﻬﻴﺮ واﻟﻔﻬﻢ .وﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﻜﻤﻦ اﳋﺼﻮﺻﻴﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻔﻦ إﺑﺪاﻋﺎ ،وﺗﺬوﻗﺎ ،وﺗﻔﻀﻴﻼ وﻧﻘﺪا ،ﻣﻊ ﻋﺪم اﻹﻏﻔﺎل ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻺﻃﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻔﺮدي اﳋﺎص ﺑﻨﺸﺎط اCﺸﺎﻫﺪة أو اﻟﺘﻠﻘﻲ ،وﺗﻠﻚ أﻣﻮر ﺟﺪﻳﺮة ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر. ﻓﻲ اCﺴﺮح أو ﻓﻲ ﺧﻼل ﻗﺮاءﺗﻨﺎ رواﻳﺔ ﻣﺎ ،ﻧﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻨﺎ ،وﻧﺘﺄﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ )أي ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﻨﺎ( وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﻓﻬﻢ أﻋﻤﻖ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ aﻌﺘﻘﺪاﺗﻨﺎ ورﻏﺒﺎﺗﻨﺎ وأﻓﻌﺎﻟﻨﺎ .إﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﻨﺎ أن ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻔـﻬـﻢ اﻟـﻮاﺿـﺢ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﺮﻛﺒﺔ اCﻮﺟﻮدة ﺑ tاﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻨﺎ وأﻫﺪاﻓﻨﺎ وأﻓﻌﺎﻟﻨﺎ اﳋﺎﺻﺔ. ﻫﻨﺎ ﲡﻌﻠﻨﺎ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻧﻘﺘﺮب ﻣﻦ اCﻘﻮﻟﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ »اﻋﺮف ﻧﻔﺴﻚ« ﻓﻨﺒﺪأ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳـﻦ ـﺜـﻴـﻼت Representationsواﻋﻴﺔ ،وﻛﺬﻟـﻚ ـﺎﺛـﻼت Simulations واﻋﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺬاﺗﻨﺎ وﺑﺄﻫﺪاﻓﻨﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬه اﻟﺬات واﻷﻫﺪاف ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻨﺎ، ﺛﻢ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ).(١٤ واﻟﺘﻮﺣﺪ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﲢﺪث ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻧـﻘـﺮأ رواﻳـﺔ ،أو ﻧﺸﺎﻫﺪ ﻓﻴﻠﻤﺎ أو ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻧﺸﺎط أو ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث أي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺴﺮد اﳋﻴﺎﻟﻲ ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻪ ﻣﻦ دوﻧﻬﺎ) .(١٥ﻓﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﻘﺪم اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻂ اﻟﻘﺎر ﺑـﺎﻟـﻨـﺺ ،أو اCـﺸـﺎﻫـﺪ ﺑـﺎﻟـﻔـﻴـﻠـﻢ أو اCﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮواﻳﺔ ﻫﻲ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﳊﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺮواﺋﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰي ﺳﺘﻴﻔﻨﺴﻮن ﻳﻘﻮل ،وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﺮوﻳﺪ وﻏﻴﺮه ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺣﻠﻢ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋـﻠـﻰ رﻏﺒﺔ ﻣﺎ ،رﻏﺒﺔ ﻳﻘﻮم اCﺒﺪع ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﻧﺼﻪ اﻟﺮواﺋﻲ أو اCﺴﺮﺣﻲ أو اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ ،ﺣﺘﻲ ﻳﺸﺒﻊ ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻟﺪﻳﻪ وﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،إن اCﺒﺪع ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺘﻠﻘﻴﺎ ،واCﺘﻠﻘﻲ ذاﺗﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺒﺪﻋﺎ ،أو ﻳﺼﺒﺢ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ أو اCﺴﺮﺣﻴﺔ أو اﻟﻔﻴﻠﻢ ،وﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻜﻨﺎ دون ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻫﺬه ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن أﺷﺮﻧﺎ. ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ وﺛﻴﻖ ﺑﻔﻜﺮة اﶈﺎﻛﺎة أو اCﻤﺎﺛﻠﺔ ،وذﻟﻚ ﻷن ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﳊﺒﻜﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻦ اCﺘﻠﻘﻲ ﻓﻬﻢ اﻷﻓﻌﺎل اCﺴﺮﺣﻴﺔ )وﺧﺎﺻﺔ دواﻓﻌﻬـﺎ وأﻫﺪاﻓﻬﺎ( أو اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺧﻄﻮات ﻓﻲ اﳋﻄﺔ اCﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اCﺴﺮح. 359
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻨﺪ ﻋﻤﺮ اﻟﺮاﺑﻌﺔ أو اﳋﺎﻣﺴﺔ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻟﻌﺎب ﺗﺸﺘـﻤـﻞ ﻋﻠﻰ أدوار ﺗﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﺜﻞ دور اﻟﻄﺒﻴﺐ واCـﺮﻳـﺾ ،أو رﺟـﻞ اﻟـﺸـﺮﻃـﺔ، واﻟﻠﺼﻮص ،واﻷزواج واﻟﺰوﺟـﺎت ...إﻟـﺦ ،ﻫـﻢ ﻛـﺬﻟـﻚ ـﺜـﻠـﻮن ﻗـﺼـﺔ ﻣـﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻫـﺬه اﻷدوار ،وﻗـﺪ ﻳـﺴـﺘـﻤـﻌـﻮن ﻟـﻠـﻘـﺼـﺺ ،أو ﻳـﺸـﺎﻫــﺪون ــﺎذج ﻣــﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺬه اﻷدوار ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن وﻳﻘﻮﻟﻮن »ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻛﺒﺮ ﺳﺄﺻﺒﺢ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ،أو ﺳﺄﺻﺒﺢ ﻛﺬا وﻛﺬا« إن ﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺟﺬور ﻣﺒﻜﺮة ﻟﺘﻠﻚ اCﻴﻮل اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻣﻊ أدوار ﻣﻌﻴﻨﺔ وﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﻜﻞ ﺳﺮدي )ﻗﺼﺼﻲ أو ﻣﺴﺮﺣﻲ أو ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ... إﻟﺦ( ﻣﻌ tوﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،وﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ أﻋﻤﺎرﻫﻢ وﺻﻮﻻ إﻟﻰ اﻟﻄﻔـﻮﻟـﺔ اCـﺘـﺄﺧـﺮة، واCﺮاﻫﻘﺔ ،واﻟﺮﺷﺪ ﻳﺘﻮﺣﺪ اﻷﻓﺮاد ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴﺎت أﺧـﺮى ﻣـﻦ اﻟـﻮاﻗـﻊ أو ﻣـﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أو ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻳﺤﺎوﻟﻮن ﻣﺤﺎﻛﺎة أﻓﻌﺎﻟﻬﺎ وﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺘﻠﻚ اﳋﺒﺮات اﻟﺘﻲ ﲡﻠﺒﻬﺎ إﻟﻴﻬﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻫﺬه).(١٦ إن ﻣﺎ ﲢﺎول ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺪاع اCﺴﺮﺣﻲ أن ﺗﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺺ ،ﻛـﻤـﺎ ﻤﺜﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اCﺴﺮح ﻫﻮ أن ﲢﻮل اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اCﺸﺎﻫﺪة »اﻟﺒﻌﻴـﺪة« ُﻳ ﱠ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ،إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اCﺸﺎﻫﺪة اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺼﺒﺢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻫﺬا اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻼﺣﻈﺎ أو ﻣﺸﺎﻫﺪا ﻟﻠﻌﻤﻞ ،ﺑﻞ ﻣﺸﺎرﻛـﺎ ﻓـﻌـﺎﻻ ﻓـﻴـﻪ ،وﻳـﺤـﺪث اﻷﻣـﺮ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ وﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أﻳﻀﺎ. وﺗﺸﻴﺮ ﺎذج »ﻣﻌﺎﳉﺔ اCﻌﻠﻮﻣﺎت« اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻲ، أو ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ ،واﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن ﺧﺎﺻﺔ، إﻟﻰ أن ذﻟﻚ اCﻴﻞ اCﻮﺟﻮد ــ ﻟﺪى اﻷﻓﺮاد ــ ﻟﻼﻧﺸﻐﺎل اﳋﻴﺎﻟﻲ ﺑﺨﺒﺮات أﺧﺮى، ﻣﻴﻞ ﻳﻜﻮن ﻣﺸﺘﻤﻼ ﻋﻠﻰ ردود أﻓﻌﺎل واﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻣﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد aﺸﺎﻫﺪة أﺣﺪاث ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑـﺎﻟـﻄـﺎﻗـﺔ اﻻﻧـﻔـﻌـﺎﻟـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺧﺎص) .(١٧وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث أو اﳋﺒﺮات إﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻌـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ زﻳـﺎدة اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ اCﻮﻗﻒ اﻟﺬي ﺮ ﺑﻪ أﻧـﺎس آﺧـﺮون ،وإﻣـﺎ أن ﻫـﺬا اCـﻮﻗـﻒ ُﻳﻔ َـﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن اCﺮء ﺮ ﺑﻪ ﻫﻮ ﻧـﻔـﺴـﻪ ،وﻓـﻲ اﳊـﺎﻟـ tﺗـﻜـﻮن اﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺎت اﻷﻓﺮاد ﻟﻬﺬه اﻷﺣﺪاث ﻣﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮة اCﻠﺤـﻮﻇـﺔ ،وإذا ﻛـﺎﻧـﺖ ﻫـﺬه اﻷﺣـﺪاث ﺳﺎرة ﺳﻴﺸﻌﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺒﻬﺠﺔ ،وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺄﺳـﺎوﻳـﺔ ﺳـﻴـﺸـﻌـﺮون ﺑـﺎﻷﺳـﻰ أو اﳊﺰن اﻟﻌﻤﻴﻖ ،وﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﳋﺒﺮة اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﺳﺒﻖ أن ﲢﺪث ﻋﻨﻪ أرﺳﻄﻮ 360
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
ﺧﻼل ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ وﻋﻦ اﻟﺪراﻣﺎ وﻋﻦ اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ واﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ،وأﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﲢﺪث ﻋﻨﻪ ﻟﻴﺒﺲ ﲢﺖ اﺳﻢ »اﻟﺘﻘﻤﺺ« ،وﲢﺪث ﻋﻨﻪ ﻓﺮوﻳﺪ وﻏﻴﺮه ﲢﺖ اﺳﻢ »اﻟﺘﻮﺣﺪ« ،وﻫﻮ أﻳﻀﺎ اCﻔﻬﻮم اﶈﻮري اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻟﻔﻨﻮن اﻷداء ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص.
أﻓﻖ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت
اﻫﺘﻤﺖ اCﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺪراﻣﻴﺔ داﺋﻤﺎ ــ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ اﻟﺘﻨﻈﻴﺮ ــ »aﺴﺄﻟﺔ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﳉﻤﻬﻮر وﺗﻮرﻃﻪ ،ﻓﺎﻟﻜﺎﺗﺐ اCﺴﺮﺣﻲ ﺣ tﻳﺸﻜﻞ ﻧﺼﻪ اﻟﺪراﻣﻲ ﻳﻀﻊ داﺋﻤﺎ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ اﺳﺘﺜﺎرة ﺗﻮﻗﻌﺎت واﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﺪى اﳉﻤﻬﻮر ،وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻌﻞ اﺨﻤﻟﺮج اCﺴﺮﺣﻲ داﺋﻤﺎ ﺣ tﻳﺸـﻜـﻞ ﻋـﺮﺿـﻪ اCـﺴـﺮﺣـﻲ ،وﺗـﺘـﻀـﺢ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺮح ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻋﺎدة اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ اCﺴﺮﺣﻲ ﺑﻨﻔﺴﻪ )أو اﻟﺘـﻲ ﺗـﻄـﻠـﺐ ﻣـﻨـﻪ( وذﻟـﻚ ﻓـﻲ أﺛـﻨـﺎء اﻟـﺒـﺮوﻓـﺎت اCﺴﺮﺣﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﳊﺬف واﻟﺘﻌﺪﻳﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮﻳﻬﺎ اﺨﻤﻟﺮج ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺮوض اﻷوﻟﻴﺔ واCﻨﺎﻇﺮات ﻣﻊ اCﺘﻔﺮﺟ ،tأو ﺣﺘﻰ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻌﺮض اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻤﺴﺮﺣﻴﺔ«).(١٨ وﻟﻌﻞ ﻓﻜﺮة أﻓﻖ اﻟـﺘـﻮﻗـﻌـﺎت Horizon of Expectationsاﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬـﺎ ﻳـﺎوس H.R.Jausﺗﻜﻮن ﻣﻔﻴﺪة ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﺮح ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ﺑﻨﺎء ﻟﻠﺘﻮﺗﺮات ،وﻣﻦ ﺗﺨﻔﻒ ﻣﻨﻬﺎ أﻳﻀﺎ ،وﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺔ وﻣﻦ إﺑﺪاع ﻓﻌﻠﻲ ﻟﻠﻨﺺ اCـﺴـﺮﺣـﻲ ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻓﻌﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪة أﺻﻴﻞ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اCﺘﻠﻘﻲ. »اﺳﺘﻠﻬﻢ ﻳﺎوس ﻣﻔﻬﻮم »أﻓﻖ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت« ﻣﻦ ﺟﺎداﻣـﺮ وأﻗـﺎم ﻋـﻠـﻴـﻪ أﺳـﺎس ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﺪﻳﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ اCﺴﺮﺣﻲ ﻣﺸﺘـﻤـﻼ ﻓـﻲ وﻗـﺖ واﺣـﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﻌﻄﺎة ،وﻋﻠﻰ ﺗﻠﻘﻴﻪ أو إدراﻛﻪ إدراﻛﺎ ﺣﺴﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺎر أو اCﺸﺎﻫﺪ ...وﻳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻨﺺ ﻓﻲ ﲡﺪده اﻟﺪاﺋﻢ ،واCﻌﻨﻰ اCﺘﺠﺪد ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻄﺎﺑﻖ واﲢﺎد ﻋﻨﺼﺮﻳﻦ :أﻓﻖ اﻟﺘﻮﻗﻊ اCﻔﺘﺮض ﻓـﻲ اﻟـﻌـﻤـﻞ ،وأﻓـﻖ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اCﻔﺘﺮض ﻓﻲ اCﺘﻠﻘﻲ .إذ إن اCـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻫـﻮ اﻟـﺬي ﻳـﺤـﻘـﻖ إﳒـﺎز ﺑـﻨـﻴـﺔ اﻟﻌﻤﻞ ،وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺮوط اﻟﺘﻠﻘﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻳﺘﻐﻴﺮ اCﻌﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ اﻷدﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﳊـﻈـﺔ ﺻـﺪوره ﻻ ﻳـﻜـﻮن ذا ﺟـﺪة ﻣـﻄـﻠـﻘـﺔ وﺳﻂ ﻓﺮاغ .ﻓﺒﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻹﺷﺎرات اﻟﻈﺎﻫﺮة أو اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ،اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻀﻤﻨﻴﺔ واﳋﺼﺎﺋﺺ اCﺄﻟﻮﻓﺔ ،ﻳﻜﻮن اﳉﻤﻬﻮر ﻣﻬﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﻴﺘﻠﻘﺎه ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ 361
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺄﻓﻖ اﻟﻘﺎر أو اCﺸﺎﻫﺪ«).(١٩ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ »أﻓﻖ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت« ﺑﻘﺎر ﻣﻌ tأو ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻌ tﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻜﻞ ﻗﺎر ﻟﻪ أﻓﻖ ﻟﺘﻮﻗﻌﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪ ،وﻛﻞ ﻓﺘﺮة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ أﻓﻖ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗـﻬـﺎ اﻟـﺴـﺎﺋـﺪة .وﻳـﺮى ﻳـﺎوس ﻛﺬﻟﻚ أﻧﻪ ﺑﺎﺳﺘﻌﺎدﺗﻨﺎ ﻷﻓﻖ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺎ ،ﻜﻨﻨﺎ ﻋﻨﺪﺋﺬ أن ﻧﻔﻬﻢ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﻬﺮﻣﻴﻨﻴﻮﻃﻴﻘﻲ ﺑ tﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻌﻤﻠﻨﺎ اﻵن ،واﻟﻔﻬﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ،وﻫﺬا ﻳﻀﻊ ﻓﻲ داﺋﺮة اﻟﻀﻮء ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻠﻘﻲ اﻟﺘﺎرﻳـﺨـﻲ ﻟﻠﻨﺺ وﻳﺴﺘﻌﻴﺪ اCﻌﻨﻰ اCﻮﺿﻮﻋـﻲ واﻟـﻼزﻣـﻨـﻲ ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ اﻟـﺬي ﻳـﺘـﻜـﻮن ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ).(٢٠ وﻳﺴﺘﻌﺮض ﻳﺎوس ﺛﻼﺛﺔ أ ﺎط ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ اﳋﻠﻖ أو اﻹﺑﺪاع ،Poiesisواﻹدراك اﳊـﺴـﻲ Aesthesisواﻟـﺘـﻄـﻬـﻴــﺮ .Catharsisوﺗـﻜـﻤـﻦ اCـﺘـﻌــﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻤﻂ اﻷول ﻓﻲ »ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌـﻤـﻞ ﻛـﻤـﺎ ﻟـﻮ ﻛـﺎن ﻋـﻤـﻼ ﺧـﺎﺻـﺎ« ،وﻓـﻲ اﻟـﻨـﻤـﻂ اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﻓـﻲ »ﲢـﺪﻳـﺪ إدراك اCـﺮء ﻟـﻠـﻮاﻗـﻊ اﳋـﺎرﺟـﻲ واﻟﺪاﺧﻠﻲ« وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ »اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗـﻐـﻴـﻴـﺮ وﲢـﺮﻳـﺮ ذﻫـﻦ اCـﺴـﺘـﻤـﻊ أو اCﺘﻔﺮج« ،وﺗﺆدي اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻹدراﻛﻴﺔ إﻟﻰ اCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ).(٢١ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮض ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﲡﺎﻫﻞ ﻳﺎوس ﻟﻮﺟﻮد آﻓﺎق ﺗﻮﻗﻌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑ tاﳉﻤﺎﻋﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤـﻊ اﻟـﻮاﺣـﺪ، وﻳﺮﺟﻊ ﻫﺬا إﻟﻰ أن ﻣﻔﻬﻮم ﻳﺎوس ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر وﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻮﺟﻮد ﺗﻌﺪدﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﳉﻤﻬﻮر ﻓﻲ ﺳﻴﺎق زﻣﻨﻲ ﻣﻌ ،tوﻟﺘﻼﻓﻲ ﻫـﺬا اﻟـﻘـﺼـﻮر ـــ ﻛـﻤـﺎ ﺗـﺸـﻴـﺮ ﺳﻮزان ﺑﻨﻴﺖ ــ ﻜﻦ اﻟﺮﺑﻂ ﺑ tﻣﻔﻬﻮم ﻳﺎوس ﻋﻦ أﻓﻖ اﻟﺘـﻮﻗـﻌـﺎت ،وﻣـﻔـﻬـﻮم ﺳﺘﺎﻧﻠﻲ ﻓﻴﺶ ﻋﻦ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﺄوﻳﻠﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺼﺒﺢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﺮﺑﻂ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ،واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ).(٢٢ ﻫﻨﺎك ﻓﺮوق دون ﺷﻚ ﻓﻲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳉﻤﻬﻮر اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻨﺺ اCﺴﺮﺣﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﻈﺮوف اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﳉﻤﻬﻮر. وﻗﺪ أﺷﺎرت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ ﺗﻌﺪد اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات Cﺴﺮﺣـﻴـﺔ ﺑـﻴـﻜـﻴـﺖ »ﻓـﻲ اﻧﺘﻈﺎر ﺟﻮدو« ﻋﻠﻰ ﻧﺤـﻮ ﻛـﺒـﻴـﺮ ،ﻣـﻊ ﺗـﻌـﺪد اﻟـﻈـﺮوف اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻟـﺘـﺮﺑـﻮﻳـﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﺖ ﻓﻴﻬﺎ).(٢٣ وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إن اﳉﻤﻬﻮر اCﻨﺪﻣﺞ ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠـﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺘﻮﺣﺪ ،وﻗﺪ ﲢﺪﺛﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ 362
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .إﻧﻬﺎ اﻟﻘﺪرة اﳋﺎﺻﺔ ﻟـﺪى اﻷﻓـﺮاد اﻟـﺘـﻲ ﲡـﻌـﻠـﻬـﻢ ﻳـﺴـﻘـﻄـﻮن أﻧـﻔـﺴـﻬـﻢ ﻋـﻘـﻠـﻴـﺎ داﺧـﻞ اﻟـﻮﺿـﻊ ،أو اﳊــﺎﻟــﺔ اﳋــﺎﺻــﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اCﺴﺮﺣﻴﺔ ،وإﻟﻰ اﳊﺪ اﻟـﺬي ﺗـﺼـﺒـﺢ ﻋـﻨـﺪه ﻫـﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت واﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻟﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻫﺆﻻء اﻷﻓـﺮاد. »ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻐﻤﺲ ﻫﺎﻣﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺟﺎة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻳﺪﻟﻒ اﳉﻤﻬﻮر إﻟﻰ داﺧﻞ ﻋﻘﻠﻪ، وﻳﺘﻮﺣﺪ ﻣﻌﻪ«. وﻗﺪ ﻳﺘﻮﺣﺪ اﳉﻤﻬﻮر ﻣﻊ ـﺜـﻞ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻏـﻴـﺮه ،ﺧـﺎﺻـﺔ ذﻟـﻚ اﻟـﺬي ﻳﺠﺘﺬﺑﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﻛﺜﺮ ﺎﺛﻼ ﻣﻊ ذواﺗﻬﻢ اﻟﻔـﻌـﻠـﻴـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ،أو ذواﺗـﻬـﻢ اCﺜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻨﻮن أن ﻳﻜﻮﻧﻮﻫﺎ ،وﻗﺪ ﺗﻘﻮم اCﺴﺄﻟﺔ ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﻣـﺠـﺮد اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﺒﺴﻴﻂ ،أو ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﺛﻢ اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﻌﻤـﻴـﻖ .وﻟـﻴـﺲ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري أن ﻧﺘﻮﺣﺪ داﺋﻤﺎ ﻣﻊ ﺷﺨﺼـﻴـﺎت ﻃـﻴـﺒـﺔ أو ﺧـﻴـﺮة ،ﻓـﻜـﺎﺗـﺐ اﻟﺪراﻣﺎ اCﺎﻫﺮ ﻜﻨﻪ أن ﻳﻀﻌﻨﺎ داﺧﻞ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻘﻮل ﺷﺮا وﻣﺮﺿﺎ وﺳﻴﻜﻮﺑﺎﺗﻴﺔ وﲡﺮدا ﻣﻦ اﻟﻀﻤﻴﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ »ﻣﺎﻛﺒﺚ«) ،(٢٤أو ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اCﺮﻳﻀﺔ أو اﻟﺸﺮﻳﺮة ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﺳﺘﺮﻧﺪﺑـﺮج أو أوﺟـt أوﻧﻴﻞ ﻣﺜﻼ. ﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﻳﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺣﺪ ﻣﻌﻬﺎ اﳉﻤﻬﻮر أن ﺗﻜﻮن ﺧﻴﺮة أو ﺷﺮﻳﺮة ،ﻓﺎﺿﻠﺔ أو ﻋﺎﺑﺜﺔ ،ﺑﻞ اCﻬﻢ أن ﺗﻜﻮن ﺻﺎدﻗﺔ ،وﻳﻌﺘـﻤـﺪ ـﻂ اﻟـﺘـﻮﺣـﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳉﻮاﻧﺐ واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻠﻌﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻷذواق واﻟﻈﺮوف اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ دورا ﻛﺒﻴﺮا.
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﺼﻄﻠﺢ واﺳﻊ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻳﻀـﻢ ﲢـﺖ ﻋـﺒـﺎءﺗـﻪ ﻛـﻞ ﻣـﺎ ﻟـﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻔﻦ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ واﲡﺎﻫﺎت وﻧﻈﺮﻳﺎت ،وﺣﺮﻓﻴﺎت ،وﻧﻘﺪ ،وﻳﻀـﻢ ﻛﺬﻟﻚ أﻧﻮاﻋﻬﺎ :رواﺋﻴﺔ ،أو ﺗﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ،أو أﻓﻼم ﲢﺮﻳﻚ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬا اﻟﻔﻦ اﳉﻤﻴﻞ) .(٢٥وﺗﻜﺎد اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أن ﲡﻤﻊ ﺑ tﻛﻞ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻓﻦ اﻟﻘﺼﺔ ،واﻟﺪراﻣﺎ ،واﻹﺧﺮاج ،واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،واCﺆﺛﺮات اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ واﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ،واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ،واCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺮﻗﺺ ...إﻟﺦ).(٢٦ ﻫﻨﺎك ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻋﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑـﻬـﺎ ﻫـﻨـﺎ ،ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ :اﻟﻠﻘﻄﺎت وأﻧﻮاﻋﻬـﺎ ،اﻟـﺰواﻳـﺎ وأﻧـﻮاﻋـﻬـﺎ ،ﺣـﺮﻛـﺔ 363
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ،اﻟﻌﺪﺳﺎت ،اﻹﺿﺎءة واﻷﻟﻮان ،اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ،اﻟﻜﺎدر وﺣﺮﻛﺔ اﻷﺷﺨﺎص، اﻟﺼﻮت ،اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،اﻟﺼﻤﺖ ،اﻟﻠﻐﺔ ،اCﻮﻧﺘﺎج ،اﻹﻳﻘﺎع ،اﻹﺧﺮاج ،اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،اﻟﻨﻘﺪ، اﻟﺘﻠﻘﻲ ... ،إﻟﺦ. واﻟﻠﻘﻄﺔ ﻫﻲ »اﻟﻮﺣﺪة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺴﺮد اﻟﺴﻴﻨﻤـﺎﺋـﻲ« أو ﻫـﻲ »وﺣﺪة اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ داﺧﻞ اﻟﻠﻘﻄﺔ« وﻫﻲ أﻳـﻀـﺎ ﻛـﻤـﺎ أﺷـﺎر آﻳـﺰﻧـﺸـﺘـ» tاﳋـﻠـﻴـﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﻮﻧﺘﺎج«).(٢٧ وﺑﻔﻀﻞ اCﻮﻧﺘﺎج ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻳﻮري ﻟﻮ ﺎن ــ »ﺗﺘﻐﻠﺐ اﻟﻠﻘﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺰﻟﺘـﻬـﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺘﺎﻟﻲ اﻟﺰﻣﻨﻲ .وﻟﻴﺲ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻟـﻘـﻄـﺘـ tﻫـﻮ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﻬـﻤـﺎ ،ﺑـﻞ ﻫـﻮ اﻧﺪﻣﺎﺟﻬﻤﺎ ﻓﻲ وﺣﺪة دﻻﻟﻴﺔ ﻣﺮﻛﺒـﺔ ﻣـﻦ ﻣـﺴـﺘـﻮى أﻋـﻠـﻰ«) .(٢٨و»اﻟـﻨـﻘـﺎء« أو ﺑﺎﻷﺣﺮى »اﻟﻌﺎﻣﻞ« اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻟﻔﻴﻠﻢ ،ﻳﺠـﺐ أن ﻳـﺤـﺴـﺐ وﻳـﻘـﺎس ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻴـﺮ »أﻧﺪرﻳﻪ ﺑﺎزان« ﻓﻲ ﺿﻮء ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺘﻘﻄﻴﻊ أو اCﻮﻧﺘﺎج).(٢٩ وﻗﺪ ﻇﻞ اCﻮﻧﺘﺎج ﻫﻮ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻷﻗﻮى ﻓﻲ اﻟﻔﻴـﻠـﻢ ﻟـﻔـﺘـﺮة ﻃـﻮﻳـﻠـﺔ ،إﻟـﻰ أن اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أن ﺗﻘﺪم ﺣﻠﻮﻻ ﺟﺬرﻳﺔ ﺑﺘﻤﻜ tاﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺔ اCﻄﻠﻮﺑﺔ ،واﺧـﺘـﺮاع وﺗـﻄـﻮﻳـﺮ أﻧـﻮاع اﻟـﻌـﺪﺳـﺎت ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﺳـﺘـﺨـﺪام اﻟـﺸـﺎﺷـﺔ اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ أدى إﻟﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ذاﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﺑﺘﺼﻮﻳـﺮ اﻟﻠﻘﻄﺎت اCﺘﻮﺳﻄﺔ واCﻜﺒﺮة ،دون أي ﻗﻄﻊ ،وﺑﺬﻟﻚ أﺻﺒﺢ دور اCﻮﻧﺘﺎج ﻣﺘﻮازﻧﺎ ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻔﻴﻠﻤﻴﺔ«).(٣٠ ﺧﻼل ﻋﻤﺮ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺗﻄﻮﻳﺮ داﺋﻢ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اCﻮﻧﺘﺎج ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺪراﻣﻴﺔ ،واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،وأﺻﺒﺤﺖ ﻫﻨﺎك ﻗﻮاﻋﺪ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻳﺠﺐ ﻣﺮاﻋﺎﺗﻬﺎ ﻣﺒﺪﺋﻴﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻗﻄﻊ اﻟﻠﻘﻄﺎت وﺗﻮﺻﻴـﻠـﻬـﺎ ﺑﻐﺮض ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﻟﻮاﺿﺢ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻼﺳﺔ وﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﻔﻜﺮة ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻣﺜﻼ :ﺿﺮورة ﺗﻮاﻓﻖ اﳊﺮﻛﺎت اCﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺣﺠﻢ اﻟﺼﻮرة وزاوﻳﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣـﻨـﺎﺳـﺒـﺔ ﻻ ﲢـﺪث ارﺗـﺒـﺎﻛـﺎ ﻟـﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ،واﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻻﲡﺎهa ،ﻌﻨﻰ أﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫـﻨـﺎك ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺧﺎﺻﺔ aﻄﺎردة ﺑﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﻣﺜﻼ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘـﻢ ﻓـﻲ اﲡـﺎه واﺣـﺪ ﺣﺘﻰ ﻳﺸﻌﺮ اCﺘﻔﺮج ﺑـﺄﻧـﻪ )أ( ﻳـﻄـﺎرده )ب( أو ﻳـﺘـﺎﺑـﻌـﻪ ،ﻓـﺈذا ﻛـﺎﻧـﺖ ﻫـﻨـﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﺎن ﻣﺘﺤﺎرﺑﺘﺎن ﻓﻲ إﺣﺪى اCﻌﺎرك ﻣﺜﻼ ،ﻓﻴﺠﺐ ﻣـﺮاﻋـﺎة ﺗـﻮﺿـﻴـﺢ اﳉﺎﻧﺐ اﳋﺎص ﺑﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ واﲡﺎه ﺣﺮﻛﺘﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻰ اCﺘﻔﺮج اﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻗﺘﺮاﺑﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ وﻫﻜﺬا).(٣١ 364
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ» ،ﺳﻮاء أﺣﺒﺒﻨﺎ ذﻟﻚ أم ﻟﻢ ﻧﺤﺐ ،ﻫﻲ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻣﺆرخ اﻟﻔﻨﻮن إروﻳﻦ ﺑﺎﻧﻮﻓﺴﻜﻲ ــ اﻟﺘﻲ ﺗـﺼـﻮغ ـــ أﻛـﺜـﺮ ـﺎ ﺗـﺼـﻮغ أي ﻗـﻮة أﺧـﺮى ـــ اﻵراء واﻷذواق واﻟﻠﻐﺔ ،واﻟﺰي ،واﻟﺴﻠﻮك ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ اCﻈﻬﺮ اﻟـﺒـﺪﻧـﻲ ﳉـﻤـﻬـﻮر ﻳـﻀـﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘ tﻓﻲ اCﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻷرض«).(٣٢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻛﺎن ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ ﻗﺒﻮل آراء ﺑﺎﻧﻮﻓﺴﻜﻲ ﻫﺬه ﺣ tﻇﻬﺮت ﻓﻲ أواﺋﻞ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ دون ﺗﺮدد أو ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،أﻣﺎ اﻵن وﻣﻊ ﻫـﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻄﺎﻏﻲ ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ،ﻓﺈن ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺑﺎﻧﻮﻓﺴﻜﻲ ﺗﻈﻞ ﺻﺤﻴﺤﺔ أﻳﻀﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻞ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻀﻊ ﻫﺬا اCﻨﺎﻓﺲ اﻟﺸﺎب اﳉﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر، وﺑﻘﻮة ﻻ ﻜﻦ إﻧﻜﺎرﻫﺎ. ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻬﺎ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ،وﻫﺬه اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات ﻻ ﲢﺪث ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻌـﺮض اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ ،ﻓـﺎﻷﻓـﻼم ﺗـﻌـﺮض اﻵن ﻣـﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺎت ،وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻨﻮات اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ،وﺷﺮاﺋﻂ اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ واﻷﻗﺮاص اCﺪﻣـﺠـﺔ أو اﻟــ ،CDوﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﺘـﺮﻧـﺖ وﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ اCﺘﺎﺣﺔ. ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻠﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻓﺘﺮاﺿﺎت أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ،واﻷﺳﻠﻮب اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ،وﻧﺸﺎط اCﺸﺎﻫﺪة .وﻛﺎن اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺴﺮدي ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ )ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳊﺎل ﻓﻲ ﻫﻮﻟﻴﻮد ﻓﻲ ﻋﺸﺮﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﺑﻌﺪﻫﺎ أﻳﻀﺎ( ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺴﺒﺐ واﻟـﻨـﺘـﻴـﺠـﺔ، واﻟﺘﻮازي اﻟﺴﺮدي اﻟﺬي ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺨﺼﻴـﺎت ﻣـﺤـﺪدة اﻷﻫـﺪاف ،وﻛـﺎن اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻫﻮ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻜﺮوﻧﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻘﺪم ﺳﺎﻋـﺔ ﺳـﺎﻋـﺔ ،أو ﻳﻮﻣﺎ ﻳﻮﻣﺎ ،ﺣﺪﺛﺎ وراء ﺣﺪث ،أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑـﻪ ذﻟـﻚ ،وﻛـﺎن اCـﺸـﺎﻫـﺪ ﻳـﺴـﺘـﺨـﻠـﺺ اCﻌﻨﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺤﻜﺎت ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﺪق واﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ...ﻋﻨـﺪﻣـﺎ § اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﻋﺘﺒﺎرات ﻇﻬﺮت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﳉﺪﻳﺪة أو ﺳﻴـﻨـﻤـﺎ اﻟـﻔـﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺪاﺧﻞ اﻷزﻣﻨﺔ ،واﻟﻨﻬﺎﻳﺎت اCﻔﺘﻮﺣﺔ ،واﳊﻴﺮة ،واCﺘﺎﻫﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،أو اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ،وإﺛﺎرة اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻻ ﺗﻘﺪ& اﻹﺟﺎﺑﺎت ،ﻣﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺠﻤﺎﻟﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻫﻲ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺼﻮرة ،ﻛﻤـﺎ ﺗـﺘـﻤـﺜـﻞ وﺗـﺘـﺠـﺴـﺪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟﺼﻮرة واﻟﻀﻮء واﻟﻠﻮن واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ واﳊﺮﻛﺔ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻨـﺎﺻـﺮ ﺗـﺸـﻜـﻴـﻞ اﻟﻔﻴﻠﻢ أو ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﺒﺖ أﻳﻀﺎ ﺿﺮورة ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻠﻘﻲ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ).(٣٣ 365
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﳌﺎذا ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ؟
أﺷﺎرت اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺪور اﻹﺛـﺎرة اﻟـﺘـﻲ ﲢـﺪث ﻓﻲ اCﺦ ،وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴـﺎﻧـﻲ إﻟـﻰ أن اﻟـﻨـﺎس ﻳـﺴـﻌـﻮن ﻣـﻦ أﺟـﻞ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺜﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻹﺛﺎرة اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،أو اﻟﻨـﺸـﺎط اﳋـﺎص ﻓﻲ اﳉﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ ،ﻣﺴﺘﻮى ﻳﻜﻮن اﻷﻛﺜﺮ إﺣﺪاﺛﺎ ﻟﻼرﺗﻴﺎح ﻟﺪﻳﻬﻢ ،وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻟﻮرﻧﺲ أن ﺣﺎﺟﺎت اﻷﻓﺮاد ﻟﻼﺳﺘﺜﺎرة اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أ ﺎط ﻣﺘﺮاﺑﻄﺔ اﳊﺎﺟﺎت ﻫﻲ: اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻌﺎم )أو اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﻟﻌﺎم( واﻟﻨﻤﻂ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ أو اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ )اﳊـﺎﺟـﺔ إﻟـﻰ اﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑـﺤـﺴـﻦ اﳊـﺎل( ﺛـﻢ اﻟـﻨـﻤـﻂ اCـﻌـﺮﻓـﻲ )اﳊـﺎﺟـﺔ إﻟـﻰ اCﻌﻠﻮﻣﺎت(. وأﺷﺎرت دراﺳﺎت اﺗﺼﺎﻟﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة إﻟـﻰ أن اﳊـﺎﺟـﺔ ﻟـﻼﺳـﺘـﺜـﺎرة واﻹﺛـﺎرة ﺗﻠﻌﺐ دورا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺒﺎه واﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﻣﻴﺪﻳﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺧﺎﺻﺔ اﻟـﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن وﻓﻲ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻟﻬﺎ أﻳﻀﺎ. وﻗﺪ ﺑﻴﻨﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻟﻮرﻧﺲ وﺑﺎﺠﻤﻟﺮﻳﻦ Palmgreenأن اﻟﺪواﻓﻊ اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﺸﺒﺎب اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ ) ١٨ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒـﺎ( ﻟـﻠـﺬﻫـﺎب إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ :أن ﻳﻌﺮﻓﻮا أﺷﻴﺎء ﻋﻦ اﻟﻨﺎس اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻷﻣﺎﻛﻦ واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﺧﺮى ،وأن ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﺎCﺘﻌﺔ ،أو اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ،أو اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ،وأن ﻳﺘﺤﻜﻤﻮا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ اCﺰاﺟﻴﺔ وﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺘﻘﻮﻳﺘﻬﺎ ،وأن ﻳﺘﻮﺣﺪوا ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﺗﻮﺣﺪا ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﻌﻮاﻃﻒ اﳊﺐ أو اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻐﻀﺐ أو اﳊـﺰن أو اﻟـﻔـﺮح أو اﻟﻔﺨﺮ ...إﻟﺦ .وأن ﻳﺴﺘﻔﻴﺪوا ﻣﻦ وﺟﻮد اCـﺘـﻠـﻘـ ،tأو اCـﺸـﺎﻫـﺪﻳـﻦ اﻵﺧـﺮﻳـﻦ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ زﻳﺎدة اﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﻢ .وأن ﻫﺬه اﻟﺪواﻓـﻊ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗـﻮﺟـﻬـﻬـﺎ أﺳﺎﺳﺎ ﺣﺎﺟﺎت أﺧﺮى ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﺨﻤﻟـﺎﻃـﺮة واCـﻐـﺎﻣـﺮة ،واﳊـﺎﺟـﺔ إﻟـﻰ اCﻌﺮﻓﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،واﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻟﻺﺣﺴﺎﺳﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ. أﻣﺎ ﻟﺪى اﻟﺸﺒﺎب اﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎ ﻧﺴﺒﻴﺎ ) ٢٣ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ( ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪواﻓﻊ ﻫﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ واCﻌﺮﻓﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،واﻟﺘﺴﻠﻴﺔ واﻟﺘـﺮﻓـﻴـﻪ واﻟـﺘـﺮوﻳـﺢ ﻋـﻦ اﻟـﻨـﻔـﺲ، واﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اCﺰاج ،واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺸـﺨـﺼـﻴـﺔ واﻻﻧـﺪﻣـﺎج اﻟـﺬاﺗـﻲ ﻣـﻊ وﺟﻮد ﺳﻴﻄﺮة ﺧﺎﺻﺔ أﻛﺒﺮ ﻟﻠﺪاﻓﻊ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ أو اﻟﺒﺤﺚ أو اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺗﻬﻢ وﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ).(٣٤ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﺎن دواﻓﻊ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﺨﺘـﻠـﻒ ﻣـﻦ ﻓـﺮد ﻵﺧـﺮ، 366
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
وﻣﻦ ﻋﻤـﺮ ﻵﺧـﺮ ،وﻣـﻦ ﺟـﻨـﺲ ﻵﺧـﺮ وﻣـﻦ ﺛـﻘـﺎﻓـﺔ ﻷﺧـﺮى ﻣـﻊ وﺟـﻮد ﺟـﻮاﻧـﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻘﻒ وراء ﻓﻌﻞ اﻟﺬﻫﺎب وﻧﺸﺎط اCﺸﺎﻫﺪة ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻧﺸﺎﻃـﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ وأﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ واﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ أﺑﻄﺎل ﻫﺬه اﻷﻓﻼم وﻣﺤﺎوﻟﺔ اCﺘﻔﺮج اﳋﺮوج ﻣﻦ أﺳﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺮاﻛﺪة ،وأن ﻳﺤﻴﺎ ﺣﻴﺎة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﻴﺎة ﻫﺆﻻء اﻷﺑﻄﺎل، وأن ﻳﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻨﻰ أن ﻳﺤﻘﻘـﻪ ﻓـﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ ﻫـﻲ ﻣـﻦ اﻷﻣـﻮر اCﻬﻤﺔ ﻫﻨﺎ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ اCﺸﺎﻫﺪة ﻷﻓﻼم اﳊﺐ واﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟـﻘـﻴـﺎم ﺑـﺎCـﺂﺛـﺮ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ. وﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ دراﺳﺔ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻋﻦ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻣﺮﺗﺎدي اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎ وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ )اﻟﺸﺒﺎب( ﻟﻸﻓﻼم اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻔﻮق ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻟﻸﻓﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ أﻫﻢ ﻋﻴﻮب اﻷﻓﻼم اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﻓﻲ رأﻳﻬﻢ ﻫﻲ اﻟﺘﻜﺮار ،واﻟﻨﻤﻄﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﺼﺔ وﺿﻌﻒ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ واﻹﺧﺮاج واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺼﺪق أو اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﺘﻐﻴﺮات) .(٣٥وﻗﺪ ﺗﺄﻛﺪت ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻣﻦ دراﺳﺔ أﺧﺮى أﺟﺮﻳﺖ ﺧﻼل اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت، ﻓﻈﻬﺮ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻋﺎم ﻟﻸﻓﻼم اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻔﻮق اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻸﻓﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وﻛﺎن ﻫﺆﻻء أﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺨﻔﻀﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ).(٣٦
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻔﻀﻮل اﳌﻌﺮﻓﻲ :ﳌﺎذا ﻳﻔﻀﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس أﻓﻼم اﻹﺛﺎرة واﻟﺘﺸﻮﻳﻖ واﻟﺮﻋﺐ؟
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ اCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ اﻷواﺋﻞ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮد إﻟﻰ اﻟﺬﻫﻦ ﻓﻮرا ﺻﻮرة ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻮل اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻔﺰع اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺆﻻء اCﺸﺎﻫﺪون ﻟﻔﻴﻠﻢ »وﺻﻮل اﻟﻘﻄﺎر إﻟﻰ اﶈﻄﺔ« اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ اﻷﺧﻮة ﻟﻮﻣـﻴـﻴـﺮ ﻓـﻲ ﻓـﺮﻧـﺴـﺎ ،ﺣـ tﺗـﺮاﺟـﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ اﳋﻠﻒ ،أو ﺻﺮﺧﻮا ،أو ﻧﻬﻀﻮا وﺟﺮوا ﺧﺎرﺟ tﻣﻦ )اﳉﺮاﻧﺪ ﻛﺎﻓﻴﻪ( وﻫﻲ ذﻟﻚ اCﻜﺎن اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﻋﺮض ﻫﺬا اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻓﻴﻪ .وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ وﺻﻒ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳉﻤـﻬـﻮر ﻟـﻠـﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ)،(٣٧ ﻟﻜﻦ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳉﻤﻬﻮر اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻣـﺠـﺮد اﻟـﺼـﺮاخ ،أو اﻟﻔﺰع ،أو اﻟﻬﺮوب ،ﻓﺎCﺴﺄﻟﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺎت اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ واﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ واﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎول ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻛﻞ ﺣﺴﺐ إﻃﺎره اCﻌﺮﻓﻲ وﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻪ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،أن ﻳﻔﺴﺮﻫﺎ .وﻧﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟـﺘـﺎﻟـﻴـﺔ ﺑـﻌـﺾ ﻫـﺬه 367
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﳋﺎﺻﺔ ﻻﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺎت اﳉـﻤـﻬـﻮر وﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﻠـﻘـﻲ ،واﻟـﺘـﺬوق، واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻦ اCﻬﻢ. ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻘﺪ& ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ واﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻋﻼن ﻋﻨﻪ وﻛﺬﻟﻚ اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻪ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﺆﺛﺮات اﻟﺒﺼﺮﻳـﺔ واﻟـﺴـﻤـﻌـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺧﻠﻖ ﺟﻮ ﺧﺎص ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻊ واﻟﺘﺮﻗﺐ وﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄـﻼع ﻟـﺪى اCـﺸـﺎﻫـﺪ ،ذﻟـﻚ اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ داﺋﻤﺎ Cﻌﺮﻓﺔ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﻧﺤﻮ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪ اﳊﺎﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎ .وﻛﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻏﻼﺑﺔ ﻟﻠﺠﺪة ﻹدراك ﻏﻴﺮ اCﺄﻟﻮف ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ زﻳﺎدة ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺪﻫﺸﺔ ،وﻛﺴﺮ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،واﻹﺛﺎرة اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت، ﺛﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻬﺎ ،أو ﺗﺼﺮﻳﻔﻬﺎ ،أو إﺣﺪاث اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺗﺮات اCﺴﺘﺜﺎرة. ﻓﻤﻊ إدﺧﺎل اCﻮﻧﺘﺎج ،وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺴﺮد اCﺮﻛﺒﺔ ،ﺗﻐﻴﺮت أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻸﻓﻼم ،وﺗﻌﺎرﺿﺖ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﻊ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﺄﻣﻞ اCﺒﺘﻌﺪ أو اﻟﺒﻌـﻴـﺪ ،Detached Contemplationﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻣـﺜـﻼ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻟﻠﻮﺣﺔ أو ﺜﺎل ﻣﻮﺟﻮد »ﻫﻨﺎك« ﻋﻠﻰ اﳉﺪران ،أو ﻓﻮق ﻗﺎﻋـﺪة، ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌﺰال واﻛﺘﻔﺎء ﺑﺬاﺗﻪ .ﻟﻘﺪ اﻋﺘﺮﻓﺖ اﻷﻓﻼم اﻷوﻟﻰ ﺻﺮاﺣﺔ ﺑﻮﺟﻮد اCﺸﺎﻫﺪ ،واﻋﺘﺮف اCﺸﺎﻫﺪ ﺑﻮﺟـﻮدﻫـﺎ .و§ اﻟـﻌـﻤـﻞ ﻣـﻊ ﺗـﻘـﺪم ﻓـﻦ اﻟـﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ وﺗﻘﻨﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺪاﺋﻢ ﺑﺈﺛﺎرة ﺧﻴﺎل اCﺸﺎﻫﺪ وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺐ اﺳﺘﻄﻼﻋﻪ واﻧﻔـﻌـﺎﻻﺗـﻪ ،وﻋـﻠـﻰ إﻛـﻤـﺎل ﻫـﺬه اﳊـﺎﻻت ﻣـﻦ ﺧـﻼل زﻳـﺎدة ﺟـﺎذﺑـﻴـﺔ اﻷﻓـﻼم واﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺼﻮت ،واﻟﺼﻮرة ،واﻟﻘﺼﺔ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻜﻮﻧﺎت. ﺗﻘﻮم ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺳﺘﺜﺎرة ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،واﻟﺮﻏـﺒـﺔ ﻓـﻲ اﳉـﺪة واﳉـﺪﻳـﺪ، وﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﺬاب و ﺘﻊ ،وﻣﺜﻴـﺮ ﻟـﻠـﻮﺟـﺪان واﳋـﻴـﺎل ،ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﻣـﻔـﻬـﻮم ﻗﺮﻳﺐ ﺎ أﺳﻤﺎه اﻟﻘﺪﻳﺲ أوﻏﺴﻄ tﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﳋﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﻀﻮل أو ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،Curisitasوذﻟﻚ ﺧﻼل ﺗﺼﻨﻴﻔﻪ Cﺎ ﺳﻤﺎه »ﺷﻬﻮة اﻷﻋ .The Lust of Eyes «tﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻠﻚ اCﺘﻌﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ أو اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳉﻤﺎل ﻓﺈن اﻟﻔﻀﻮل ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻳﺘﺤﺎﺷﻰ اﳉﻤﻴﻞ ،وﻳﺬﻫﺐ ﺧﻠﻒ ﻧﻘﻴﻀﻪ ﺎﻣﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﻟﺬة اﻻﻛﺘﺸﺎف واCﻌﺮﻓﺔ ،ﻓﻴﺠﺘﺬب اﻟﻔـﻀـﻮل اCـﺸـﺎﻫـﺪ ﻧـﺤـﻮ اCﻨﺎﻇﺮ ﻏﻴﺮ اCﺄﻟﻮﻓﺔ ،وﻏﻴﺮ اﳉﻤﻴﻠﺔ أﻳﻀﺎ ،إﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺘﺠﻪ ـــ ﻫـﺬا اCـﺸـﺎﻫـﺪ ـــ ﻣﺜﻼ ﻧﺤﻮ ﺟﺜﺔ ﻣﺸﻮﻫﺔ ،أو ﻣﺒﺘﻮرة اﻷﻃﺮاف ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ اﻟـﺴـﻌـﻲ اﻵﺧـﺮ ﻧﺤﻮ اﳉﻤﻴﻞ واCﻜﺘﻤﻞ .وﻻ ﻳﺆدي ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع أو اﻟﻔـﻀـﻮل ﻓـﻘـﻂ ـــ ﻛـﻤـﺎ أﺷﺎر أوﻏﺴﻄ tــ إﻟﻰ اﻻﻓﺘﺘﺎن أو اﻹﻋﺠﺎب اﻟﺸﺪﻳﺪa ،ﺎ ﻧﺮى ﻓﻘﻂ وﺗﺪرﻛﻪ 368
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
اﳊﻮاس ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﺑﻞ ﺗﺼﺎﺣﺒﻪ أﻳﻀﺎ رﻏـﺒـﺔ ﻣـﺘـﺰاﻳـﺪة ﻓـﻲ اCـﻌـﺮﻓـﺔ ذاﺗﻬﺎ ،وﻫﻲ رﻏﺒﺔ ﺗﺆدي ﺑﺼﺎﺣﺒﻬﺎ إﻟﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘـﻠـﻚ اﻟـﺘـﺤـﻮﻻت واﳊـﺎﻻت اﳋﺎﺻﺔ اCﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ أو اﻟﺴﺤﺮ .ﻓﻬﺬا اﻻﳒﺬاب ﻧﺤﻮ اﻟﻜﺮﻳـﻪ ،واCـﻨـﻔـﺮ، واCﺜﻴﺮ ﻟﻠﺨﻮف ،واﻻﺷﻤﺌﺰاز ﻛﺎن ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﻒ ـــ ﻓـﻲ رأي أوﻏـﺴـﻄـ tـــ وراءه ﻫﺬا اﻟﺪاﻓﻊ اCﺜﻴﺮ ﻟﻠﺸﻚ ،وﻏﻴﺮ اCﺮﻏﻮب )ﻷﺳﺒﺎب دﻳﻨﻴﺔ ﻃﺒﻌﺎ( واCﺴﻤﻰ ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع اﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻫﺬا اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺬي رﺑﻄﻪ ﻓﺮوﻳﺪ وأﺗﺒﺎﻋﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺤﺎﻻت اﻟﺘﻠﺼﺺ واﻟﻔﻀﻮل اﳉﻨﺴﻲ ،ورﺑﻂ ﺑﺮﻟ tﺑـﻴـﻨـﻪ وﺑـ tﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ورﺑﻂ »ﺗﻮم ﺟﻴﻨﻨﺠﺰ« ﺑﻴﻨﻪ وﺑ tاﳉﺎذﺑﻴﺔ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ﻏﻴﺮ اCﺜﻴﺮة ﻟﻼﺳﺘﺮﺧﺎء أو اﻟﺮاﺣﺔ).(٣٨ ﻟﻘﺪ ﺗﻄﻮر اﻻﳒﺬاب اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﻼم ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺎﻗﺾ ﺎﻣﺎ ﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻮﺣﺪ اﳋﺎﺻﺔ aﺘﻌﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ، ذﻟﻚ اﳉﺎﻟﺲ أو اCﻘﻴـﻢ أو اCـﻮﺟـﻮد ﻫـﻨـﺎك ﺑـﻌـﻴـﺪا ،وﻛـﻞ ﻋـﺮوض اﻟـﻌـﺠـﺎﺋـﺐ، واﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ،واﻟﻐﺮاﺋﺐ ،واﻟﺴﺤﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮون اCﺎﺿﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺷﺎرﺣﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ،أو اﳊﻴﻮاﻧﺎت ،أو اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت. وﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺗﻬﺘﻢ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎرب اCﻔﺘﺮﺳﺔ ،واﻟﻨﻤﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ، واﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت ،واﻟﺰﻻزل ،واﳉﺮاﺋﻢ ،وأﻓﻼم اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت ،واﻟﻘﺼﺺ اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ، واﳋﻴﺎل اﻟﻌﻠﻤﻲ ،واﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،واﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻀﺎرﻳﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،واﳋﻮف ،واﻟﺘﺮﻗﺐ ،واﻟﺘﻮﺗﺮ ،واﻟﺘﻮﺟﺲ أوﻻ ،ﺛﻢ اﻟﺘﺨﻔﻒ ،واﻟﺮاﺣﺔ ،واﻟﺘﻮازن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. وﺗﺴﺘﻌ tاﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﲡﺴﻴﻢ اﻟﺼﻮت اﳊﺪﻳﺜﺔ واCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﺠﺴﻴﻢ اﻟﺼﻮرة وﻋﻤﻘـﻬـﺎ ،وﻏـﻴـﺮ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ اCـﺆﺛـﺮات، وﻣﻦ أﺟﻞ وﺿﻊ اCﺸﺎﻫﺪ ــ ﻫﻨﺎ ــ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻷﺣﺪاث .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ »اﻟﻔﻴﻠﻢ« ﻛﻤﺎ ﺳﻤﺎه ﻛﺮاﻛﻮﻳﺮ» Kracouerﻋﻤﻼ ﻓﻨﻴﺎ ﻛﻠﻴﺎ ﻣﻦ اCﺆﺛﺮات ،ﻋﻤﻼ ﻳﺤﺎول أن ﻳﻬﺎﺟﻢ ﻛﻞ ﺣﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺣﻮاﺳﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻛﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اCﻤﻜﻨﺔ«) .(٣٩إن اﻹﺷﺒﺎع اCﻔﺎﺟﺊ ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﳊﺪﻳـﺜـﺔ ،إ ـﺎ ﻳـﻜـﺸـﻒ ﻋـﻦ ﺗﻔﻜﻚ ،أو ﺗﺸﻈﻲ ﺧﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎن اﳊﺪﻳﺚ .ﻓﺎﳊﺎﺟﺔ اﻟﻐﻼﺑﺔ ﻟﻺﺛﺎرة وﻛﺬﻟـﻚ »اCﺸﻬﺪﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ« ﻟﻜﻞ أﻧﻮاع اCﺜﻴﺮات اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،واﻟﺴﻤـﻌـﻴـﺔ ،واﻟـﺸـﻤـﻴـﺔ ... إﻟﺦ .ﻫﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﳊﺪﻳﺚ ﳊﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع اﻟﻘﺪ& اﻟﺬي ﺳﻌﻰ وراء اﻟﻐﺎﻣﺾ واﻟﻐﺮﻳﺐ واﳋﻔﻲ ،ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﻓﻴﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻔﻘﺪ ،أو ﻳﻔﺘﻘﺪ أﺷﻴـﺎء 369
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻘﺪ ﺔ ،ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺄﻣﻞ واﻻﺳﺘـﺮﺧـﺎء .إن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ إ ﺎ ﺗﻜﻤﻦ اﻵن ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد واCﻨﻈﺮﻳﻦ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻦ ــ ﻓﻲ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻟﻬﺬا اﻻﻓﺘﻘﺎد اﳉﻮﻫﺮي ﻟﻠﺘﻤﺎﺳﻚ واﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ اﻹﻧﺴﺎن اﻵن .وﻳﻜﻤﻦ ﺟﻤﺎل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺮض ﻫﺬا اﻟﻔﻘﺪان، وﺗﻌﺮض ﻣﻌﻪ أﻳﻀﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎدة ﻟﻪ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﻼم اﳊﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﺜﻼ ﺗﻘﺪم ﻫﺬه اCﺸـﺎﻫـﺪ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺒﺮاﻛ) tﻓﻴﻠﻢ »اﻟﺒﺮﻛﺎن« ﻣﺜﻼ( أو أﺣﺪاث اﻟﻌﻨﻒ اﻟـﻬـﺎﺋـﻠـﺔ )ﻓﻴﻠـﻢ Con - Airاﻟﺬي ﺗﺮﺟﻢ ﲡﺎرﻳﺎ ﺑﺎﺳﻢ »ﻫﺮوب اﻷﺷـﺮار ﻣـﺜـﻼ«( وﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻌﻬﺎ Cﺴﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﺮﻫﻔﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺮﻗﺔ واﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ،ﺗﺘﻤـﺜـﻞ ـﻨﻘﺬ أو أﺳﺮة ﻣﻔﻜﻜﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﺣﺐ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻔﻴﻠﻢ ،أو ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻃﻔﻞ ﻳُ َ ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺗﻜﺎﻣﻠﻬﺎ وﻫﻜﺬا. إن ﻫﺬه اﳊﺪاﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻨﻴﻚ ﺗﺼﺎﺣﺒﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﻋﻤﻠﻴـﺔ اﺳـﺘـﻌـﺎدة ﺿـﻤـﻨـﻴـﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،وﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺄﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ وﳊﺎﻻت اﻻﻛﺘﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻧﻘﻴﺾ اﻟﺘﻔﻜﻚ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،إن ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟـﺮﻋـﺐ اﻟﺘﻲ ﻧﻮاﺟﻬﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﻔﻮق ردود اﻷﻓﻌﺎل اﳉﺴﻴﻤﺔ اﻟﺒـﺴـﻴـﻄـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺧﻼل ﺧﺒﺮة اCﺸﺎﻫﺪة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺎﺛﻞ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺮﻋﺐ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻮاﺟﻬﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﻮارع اCﺪن اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻟﺴﻴﺎرات اCﻨﺪﻓﻌﺔ واCﻮت اﻟﺬي ﻳﻜﺎد ﻳﻄﺎل ﻛﻞ إﻧﺴﺎن .وﻫﺬه اﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪة ذات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اCﺰدوﺟﺔ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﺗﺸﺒﻪ اﳊﻴﺎة ،ﻟﻜﻨـﻬـﺎ ﻟـﻴـﺴـﺖ اﳊـﻴـﺎة، ﲢﻮل اﻟﺼﻮر اﻟﺴﺎﻛﻨﺔ إﻟﻰ إﻳﻬﺎم ﻣﺘﺤﺮك ،إﻳﻬﺎم ﺗﻠﻌﺐ ﻓﻴﻪ اﻟﺪﻫﺸﺔ ،واﻟﻔﻀﻮل، واCﻌﺮﻓﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ أدوارا ﻣﻬﻤﺔ .وﻳﺴﺘﻤﺪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟـﻚ ﻛـﻠـﻪ ،وﻣـﻌـﻪ ،ﻧـﻮع ﺧﺎص ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ اﻟﻨﺎﲡﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺨﻔﻒ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻨﺎﺷﺊ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺮاوح ﺑ tاﻟﺼﺪﻣﺔ وإﺛﺎرﺗﻬﺎ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻹﻳﻬﺎم ﺑﺎﳋﻄﺮ ــ واﻟﺒﻬﺠﺔ وﺣﺪوﺛﻬﺎ ــ ﻧـﺘـﻴـﺠـﺔ اﻟﺘﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﺛﺎرة ،ﺛﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ أن اﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﻣﺠـﺮد إﻳـﻬـﺎم ﺘﻊ ،وﺧﻴﺎل ﻳﻮﺷﻚ أو ﻳﻜﻮن ﻛﺎﻣﻼ. وﺻﻒ ﻟﻮﺗﻮن Lowtenاﻟﻌﺎم ١٩٩٢اﻷﺳﻠﻮب اﳉﺪﻳﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌﻄﻲ اﻧﻄﺒـﺎﻋـﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺄن اﻷﻓﻼم اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم اﻵن أﻓﻼم ﻣﺘﺤﺮرة ﻣﻦ اﻷﺳﻠﻮب ،أي ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ، إن ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜـﺎﻣـﻴـﺮا )أو اﻟـﺼـﻮرة( واCـﻴـﻜـﺮوﻓـﻮن )اﻟـﺼـﻮت( ﻓـﻲ اCﻜﺎن اCﻨﺎﺳﺐ وﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳُﻠﺘﻘﻂ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮي وﻣﻨﺎﺳﺐ 370
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳊﺒﻜﺔ اﻟﻔﻴﻠﻢ وﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﺰواﻳﺎ اCﻤﻜﻨﺔ).(٤٠ وﺗﺴﻤﺢ اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا أو اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻃﻒ أو اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ وﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر اﳋﺎص ﺑﺄﻧـﻨـﺎ ﻧَـﺮى دون أن ﻧُﺮى ،وﻧُـﻼﺣِﻆ دون أن ﻳﻘﻮم أﺣﺪ aﻼﺣـﻈـﺘـﻨـﺎ، وﻳﺴﻤﺢ ﻫﺬا ﺑﻈﻬﻮر أو ﺣﺪوث درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﳊﺮﻳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻬـﻢ واﻻﻧﻔﻌﺎل .إن ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اCﺒﺪﻋﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أﻧﻬﻢ ﻳﺨـﺘـﺎرون ﺟـﺪﻳـﺎ ﺗﻠﻚ اﳋﺒﺮات اCﻜﺜﻔﺔ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮات أو اCﺮاﺣﻞ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدﻳﺔ وﻏﻴﺮ اCﺄﻟﻮﻓـﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎل وﺑﺸﻜﻞ ،ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﳒﺪه ﻓﻲ اﳊﻴﺎة).(٤١ وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻳﺘﺠﻠﻰ أوﺿﺢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺠﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻓـﻼم اﻹﺛـﺎرة، واﻟﻌﻨﻒ ،واﻟﺮﻋﺐ ،واCﻐﺎﻣﺮات اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﺒﺮ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ، ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﻔﻀﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺎت ﻣﻦ اﻷﻓﻼم? ﻛﻤﺎ ﺳﺒـﻖ أن ذﻛـﺮﻧـﺎ ﺧـﻼل ﺣـﺪﻳـﺜـﻨـﺎ ﻋـﻦ اCـﺴـﺮح ،ﻓـﺈن » ـﺎذج ﻣـﻌـﺎﳉـﺔ اCـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت« وﻫـﻲ اﻟـﺴـﺎﺋـﺪة اﻵن ﻓـﻲ ﻣـﺠـﺎل ﻋـﻠـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ ا Cـﻌــﺮﻓــﻲ ﻋــﺎﻣــﺔ وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن ﺧﺎﺻﺔ ﻗﺪ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺪراﺳﺔ ردود اﻷﻓﻌﺎل واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺪرﻫﺎ اﻷﻓﺮاد ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪون أﺣﺪاﺛﺎ ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ، وأﻧﻬﺎ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻄﻬﺮ واﻟﺘﻘﻤﺺ ،أو اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ أرﺳﻄﻮ أو ﻟﻴﺒﺲ .ﻓﺄﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن إن ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ أﻛـﺜـﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ اﻧﻘﺴﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑ tﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﺎ ﺑt اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎل أو اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اCﻌـﺮﻓـﺔ ،ﻓـﻲ ﺣـ tأﻧـﻨـﺎ ﻧـﺮى أن ﻫـﺬه اﻟﻘﺴﻤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺴﻤﺔ ﻣﻔﺘﻌﻠﺔ ،وذﻟﻚ ﻷن اﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺗﻨﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﻔﻨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺗﺘﺮاوح دوﻣﺎ وﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﺑt اﻹدراك واﻟﻔﻬﻢ واﻟﺬاﻛﺮة واﳋﻴﺎل واﻟﺘﻮﻗﻊ ،وﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﺑ tاﻟﻔﺮح أو اﳊﺰن أو اﻟﻐﻀﺐ ..إﻟﺦ وﻫﻲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ. ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧـﺎص ﻓـﻲ ﺗـﻠـﻚ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ اﻟـﺘـﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻨﺎس ﻷﻓﻼم اﻟـﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ ،وﻫـﻲ اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟـﺘـﻲ وﺻﻠﺖ اﻵن إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﺗﻔـﺎق اﻟـﻨـﺴـﺒـﻲ ﻋـﻠـﻰ أن ﻇـﺎﻫـﺮة اﻟـﺘـﻘـﻤـﺺ ﻫـﺬه ﻇﺎﻫﺮة ﻣﺘﻌﺪدة اﻷﺑﻌﺎد ،وﻟﻴﺴﺖ ﻇﺎﻫﺮة ﺑـﺴـﻴـﻄـﺔ ،أو أﺣـﺎدﻳـﺔ اﻷﺑـﻌـﺎد ،ﻓـﻬـﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺐ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،وﺟﻮاﻧﺐ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ،وﺟﻮاﻧﺐ داﻓﻌﻴـﺔ وﺑـﺪرﺟـﺎت 371
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ).(٤٢ ﻓﻘﺪ ﻧﻈـﺮ ﻻزاروس Lazarusإﻟﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻘﻤﺺ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑـﻘـﺪرة اCﺮء ﻋﻠﻰ أن ﻳﺸﺎرك اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻬﻢ .ووﻓﻘﺎ ﻟﻪ ﻓﺎن دور اﻟﺘﻘﻤﺺ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻷﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ ،ﻫﻮ دور ﻣﺘﻌﺪد اﻷﺑﻌﺎد وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ ،أي ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ اCﺸﺎﻫﺪة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ واﻟﺒﻴﺌﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻋﻤـﻠـﻴـﺎت وﺳﻴﻄﺔ ﺗﻨﺸﻂ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اCﺸﺎﻫﺪة ﻫـﺬه ﺛـﻢ ﻋـﻠـﻰ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت ﻻﺣـﻘـﺔ ﻟـﻬـﺎ، وﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻣﻌﺎ ﻛﻲ ﺗﻜﻮن ﺧﺒﺮة اﻟﺘﻘﻤﺺ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ اCﺮء )ﻋﻤﺮه أو ﻧﻮﻋﻪ أو ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ أو ﺳﻤﺎﺗﻪ... إﻟﺦ( ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﻮﻗﻔﻴﺔ )ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻔﻴﻠﻢ( وﺗﺆدي إﻟﻰ ﺗﻘـﻴـﻴـﻢ ﺧـﺎص ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اCﻌﺮﻓﺔ ،واﻻﻧﻔﻌﺎل ،وﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﺤﺼﻠﺔ أو ﺷﻌـﻮر أو ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻛﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳋﻮف ،أو اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ،أو اﻹﻫﺎﻧﺔ ،أو اﳋﻄﺮ ،أو ﻏـﻴـﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﺸﺎﻋﺮ اCﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اCﺸﺎﻫﺪة ﻟﻬﺬه اﻷﻓﻼم. وﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻘﻴﻴﻢ ﻣﻌC tـﺎ ﻳـﺤـﺪث أﻣـﺎﻣـﻨـﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﺳﻴﻄﺔ ﲢﺪد ﻛﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ،اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻫﺬه اCﺸﺎﻫﺪة أو ﺑﻌﺪﻫﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺸﻤﻞ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺜﻞ :اﻹﻧﻜﺎر، أو اﻻﺑﺘﻌﺎد ،أو اﻟﺘﺤﺎﺷﻲ أو ﻋﺪم ﻣﻮاﺻـﻠـﺔ اCـﺸـﺎﻫـﺪة ،أو اﻟـﺘـﻬـﻜـﻢ واﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻼء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث أﻣﺎﻣﻨﺎ ،واﻻﺳﺘﻨﻜﺎر ﻟﻪ .وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﻖ أو اﻟﻀﺤﻚ اCﻤﺰوج ﺑﺎﳋﻮف أو اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ وﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اCﻮاﺻﻠﺔ).(٤٣ إن ﺗﺬوق اCﺜﻴﺮات اﺨﻤﻟﻴﻔﺔ واCﺜﻴﺮة ﻟﻠﺮﻋﺐ واﻟﻜﺌﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﺳﻮي ــ أي ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﺎ ــ ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌﺎ ﺟﺪﻳﺪا ،اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻓﻘﻂ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻴﺮت .ﻓﺎCﺸﺎﻫﺪون ﳊﻠﺒﺎت اCﺼﺎرﻋﺔ ،أو ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﻨﻔﻴﺬ أﺣﻜﺎم اﻹﻋﺪام ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣـﺎت اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ ﻟﺪى اﻟﺮوﻣﺎن أو ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﻌﺘﺒﺮون ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻪ ﻣﻦ إﺛـﺎرة وﻣـﺘـﻌـﺔ أﻣﺮا ﻣﺮﺿﻴﺎ أو ﻏﻴﺮ ﻋﺎدي .وﻟـﻢ ﻳـﻜـﺘـﺐ أي ﻣـﻔـﻜـﺮ روﻣـﺎﻧـﻲ ﺑـﺎرز أي ﻣـﻘـﺎﻟـﺔ ﻳﺘﺴﺎءل ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮن وﻫﻢ ﻳﺸﺎﻫﺪون اﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻀﺎرﻳﺔ ﺗﻔﺘﺮس إﺧﻮﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ .وﻗﺪ ﻋﺎدت أﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻮﺣﻮش واﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﺨﻤﻟﻴﻔﺔ اCﻨﻈﻮرة أو ﻏﻴــﺮ اCﻨﻈــﻮرة اﻟﺘــﻲ ﺳــﺎدت اﻟﺘﻔﻜﻴــﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧــﻲ ﻓــﻲ ﻣﺮاﺣﻠــﻪ اﻟﺒﺪاﺋــﻴــﺔ ،ﻋﻠــﻰ ﻧﺤــﻮ ﺧــﺎص ﺗﺘﺠــﻮل اﻵن وﺗﺘﺠﺴﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺣﺮ و ﺘﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻛﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن. 372
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
وﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻫﺬه اCﻴﺪﻳﺎ ﺑﺘﺤﺴ tﺗﻘﻨﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺠﺴﻴـﺪ اﻷﺷـﺪ ﻗـﻮة ﻟﻠﻌﻨﻒ واﳋﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ .وﺳﺎﻫﻤﺖ اCﺆﺛﺮات اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ واﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ ﲡﺴﻴﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺰﻳﻖ ﻟﻸوﺻﺎل ،وﻫﺬا اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ اﳉﺪﻳﺪ ﻟﻠﺒﺸﺮ .وﻣﺜﻠـﻤـﺎ ﻗﺪ ﻳﺤﺎﻛﻲ اﻟﻔﻦ اﳊﻴﺎة أﺣﻴﺎﻧﺎ أو ﺎﺛﻠﻬﺎ ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﲢﺎﻛﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻔﻦ و ﺎﺛﻠﻪ، وﻟﺬﻟﻚ ﲡﻲء ﻟﻨﺎ دوﻣﺎ ﻫﺬه اﻷﺧﺒﺎر ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺼﺤﻒ ،أو ﺷﺎﺷﺎت اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن، ﻋﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﻘﺘﻞ ،واﳋﻄﻒ ،وإﺷﻌﺎل اﳊﺮاﺋﻖ ،واﳊﻮادث اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ، وﻣﺎ ﻳﻌﻘﺒﻬﺎ ﻣﻦ آﺛﺎر ﻣﻊ ﺣﻜﺎﻳﺎت وﺗﻔﻀﻴﻼت ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻮﻟﻬﺎ ،ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﺿﺤﺎﻳﺎﻫﺎ أو اCﺸﺎﻫﺪون ﻟﻬﺎ).(٤٤ وﻗﺪ ﻗﺪﻣﺖ ﺗﻔﺴﻴﺮات ﻋﺪة ﻟﻬﺬ اCﻴﻞ اﳋﺎص ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻋﻨﻴﻔﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺑﺪﻳﻞ ،ﻟﻠﻘﻴﺎم aﺸﺎﻫﺪﺗﻬﺎ .وﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻫﻜﺬا. وﻗﺪ ﻗﺎل ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬه اﻟﻈـﻮاﻫـﺮ ،ﺑـﻮﺟـﻮد ﺳـﺎدﻳـﺔ ﻏﺮﻳﺰﻳﺔ ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ،أي ﺑﻮﺟﻮد ﻣﻴﻮل ﻋﺪواﻧﻴﺔ ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ أو ﻣﻴﻮل ﻟﻠﺴـﻴـﻄـﺮة ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻻت اﳋﻮف ،أو اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن .أﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻓﻘﺎﻟﻮا ﺑﻮﺟﻮد ﺗﺪﻫﻮر ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘـﻤـﻊ اCـﺪﻧـﻲ اﳊـﺪﻳـﺚ ،ووﺟـﻮد ﻣـﻈـﺎﻫـﺮ رﻋـﺐ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﺪة ﻓﻲ ﺷﻮارع اCﺪن اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﻓﻼم. أﻣﺎ اCﻨﺘﺠﻮن Cﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺴﻴـﻨـﻤـﺎﺋـﻴـﺔ ﻓـﻴـﻘـﻮﻟـﻮن إن ﻫـﺬه »ﻣـﺠـﺮد ﻋﺮوض ﻓﻨﻴﺔ« ﻻ ﲢﺘﻤﻞ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺄوﻳﻼت).(٤٥ وﻫﻨﺎك ﺗﻔﺴﻴﺮات أﺧﺮى أﺷﺎرت إﻟﻴﻬﺎ دراﺳﺎت ﺣﺪﻳـﺜـﺔ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﺠﻤﻟـﺎل ﳒﻤﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ١ــ ﻗﺎﻟﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﻫـﻨـﺎ إن وﺟـﻮد ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻟـﻜـﺎﺋـﻨـﺎت واﻷﻓﻌﺎل اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ واCﺮﻋﺒﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ ـﺎﺛـﻞ وﺟـﻮد اﻟـﻮﺣـﻮش واﻟـﺴـﺤـﺮة واﻟﺸﻴﺎﻃ tﻓﻲ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﻘﺼﺺ اﳋﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ .وﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮت ﻫﺬه اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اCﺮﺗﺒﻄﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﻌﻮاﻟﻢ اﳋﻮف واﻟﻈﻼم ﻣﻌﻨﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻮص اCﻘﺪﺳﺔ واﻷﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ )دراﻛﻮﻻ وﻓﺮاﻧﻜﺸﺘ tﻣﺜﻼ( .وﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ وﺣﻮﺷﻬﺎ وﺷﻴﺎﻃﻴﻨﻬﺎ اCﺘﻤﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻃﺒﺎﺋﻌﻬﺎ اﻟﺸﺮﻳـﺮة ،ﺑـﺮﻏـﻢ ﻣـﺎ ﻗـﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻓﺎت ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ اﳋﺎرﺟﻴﺔ .ووﺟﻮد ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل ــ وﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ أﻓﻌﺎل ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻋﺒﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ــ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻳﺨﺪم وﻇﻴﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ aﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻐﺎﻣﺾ واﺠﻤﻟﻬﻮل واCﺴﺘﺘﺮ وﻛﻞ 373
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻊ ﲢﺖ اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﻮاﻋﻲ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،أو اﳊﻮاس ،أو ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﺎﻟـﻢ اCـﻮت. وﻫﺬه اﻷﺳﺎﻃﻴـﺮ واﳊـﻜـﺎﻳـﺎت واﻷﻋـﻤـﺎل اﻷدﺑـﻴـﺔ ﻫـﻲ ﻣـﺤـﺎوﻻت ﻟـﻔـﻬـﻢ ﻫـﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ،واﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ،واﻷﻓﻌﺎل اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ .وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻘﻮم أﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ واﳋﻮف واﻹﺛﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺑﺎﻟﺪور ﻧﻔﺴﻪ ،إﻧﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﻣـﺤـﺎوﻻت ﻟـﻔـﻬـﻢ ﻫـﺬه اﳉـﻮاﻧـﺐ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ،واﺨﻤﻟﻴﻔﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻐﻴﺮ اCﺘﻮﻗﻊ وﻣﻦ ﺛﻢ اﺨﻤﻟﻴـﻒ اﻟـﺬي ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻧﻌﺘﺎد ﻋﻠﻴﻪ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى أن ﻧﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث،واﻷﺷﺨﺎص واﻷﻓﻌﺎل اCﻤﺎﺛﻠﺔ .وﻫﻨﺎ ﺗﻠﻌﺐ ﻫﺬه اﻷﻓﻼم دور اCﻮاﺟﻬﺔ ﻟﻠﻤﺨﺎوف اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ. ﺗﻘﺪم ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳊﻜﺎﻳﺎت واﻷﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ واﻟﺪراﻣﻴﺔ ﻟﻠﺼﻐﺎر واﻟﻜﺒﺎر ﻓﺮﺻﺔ Cﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺨﺎوﻓﻬﻢ اﳋﺎﺻﺔ ،ﺑﺎﻟﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﻘﻮس ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع أو اﻟﻘﺮاءة أو اCﺸﺎﻫﺪة ،وﻓﻲ ﻇﻞ ﺑﻴﺌﺔ آﻣﻨﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻜﻮن اﻻﻋﺘﻴﺎد ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ وﻣﻮاﺟﻬﺔ اﺨﻤﻟﺎوف اﳋﺎﺻﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴـﺔ .ﻓـﻤـﻨـﺬ رﺳﻮم اﻟﻜﻬﻮف واﻟﻨﻘﻮش اﻟﻐﺎﺋﺮة ﻋﻠﻰ اﳊﺠﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣـﻦ ﻋﺸﺮ اﻟﻘﺪ ﺔ وﻣﺮورا ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻫﻮﻣﻴـﺮوس وﺷـﻜـﺴـﺒـﻴـﺮ ﺣـﺘـﻰ أﻓـﻼم اﻟـﻌـﻨـﻒ واﻟﺮﻋﺐ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻛﺎن ﻫﻨﺎك داﻓﻊ ﻏﻼب ﻣﺴﻴﻄﺮ ﻳﺪﻓﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﺤﻮ إﻧﺘـﺎج وﺗﺬوق ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﳋﺎﺻﺔ ،أﻻ وﻫﻮ داﻓﻊ ﻣـﻮاﺟـﻬـﺔ اﳋـﻮف واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻪ. ٢ــ وﻗﺎﻟﺖ دراﺳﺎت أﺧﺮى إن اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﳋﺎص ﺑﺎCﻴﻞ ﻧﺤﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪة أﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ واﻟﻌﻨﻒ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﻮاﺟﻬﺔ Coping Stylesﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﲡﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺴﻴﻄﺮ وﻟﻮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳋﻮف اﻟﺘـﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺛﻢ إﻧﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺘﺪ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ اCﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺨﻴﻠﻴﺔﻫﺬه إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻴﻮاﺟﻪ ﻣﺨﺎوﻓﻪ اﳋﺎﺻـﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻳﺤﺎول ﺟﺎﻫﺪا أن ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اCﺸﺎﻫﺪة ﻟﻬﺬه اﻷﻓﻼم ﻻ ﺗﺮﺗـﺒـﻂ ﻓـﻘـﻂ ﺑـﺘـﻜـﻮﻳـﻦ أﺳـﺎﻟـﻴـﺐ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻟﻠﺨﻮف ،إﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﳊﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ أو ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ .وﻫﺬه اCﺘﻌﺔ ﻗﺪ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﻨﺸـﻴـﻂ اﳋـﻴـﺎل وﻛﺬﻟﻚ إﺛﺎرة اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻷﺣﺪاث ،واﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻌ tﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺘﻌﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺮﺗـﺒـﻄـﺔ ﺑـﻬـﺬه اﻷﻓـﻼم .ﻓـﺄﻓـﻼم اﳋـﻴـﺎل اﻟﻌﻠﻤﻲ ،أو اﻷﻓﻼم اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺰود اCﺮء ﺑﻌﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ )أﻓﻼم ﺷﺮﻟﻮك ﻫﻮCﺰ ﻣﺜﻼ( ﻛﻤﺎ أن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺳﺘﺒﻌﺎد اCﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ 374
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﺨﻤﻟﻴﻔﺔ ﻗﺪ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﻋﻜﺴﻬﺎ ،أﻻ وﻫﻮ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ واﻻرﺗﻴﺎح أﻳﻀﺎ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺸﺤﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،أو اﻹﺛﺎرة اﻻﻧﻔﻌﺎﻟـﻴـﺔ أﻛـﺒـﺮ وأﻗـﻮى ﻛـﺎن اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ أو اﻻرﺗﻴﺎح اﻟﺬي ﻳﻌﻘﺒﻬﺎ أﻛﺒﺮ وأﻗﻮى ،إن ﻛﺎن اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﻘﻨﻌﺎ ـــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻓﺮﻳﺪﺟـﺎ Fridjaــ ﺳﻮاء أﻛﺎن ﻣﻦ أﻓﻼم اﻹﺛﺎرة أم ﻻ ،ﺳﻴﻨﻈﺮ إﻟـﻴـﻪ اCﺘﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺣﺪاث ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﲢﺪث ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺧﻴﺎﻟﻲ .إن اCﺘﻠﻘﻲ ﻫﻨﺎ ﺳﻴﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﺳﺘﺒﻌﺎد اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻏﻴﺮ اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ ،أو ﻏﻴﺮ اCﻘﻨﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻴـﻠـﻢ و ﻴﻞ إﻟﻰ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻟﻌﺪم ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﻟﻬﺎ Suspending ،disbeliefوﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﻘﻨﻌﺎ ،ﻛﺎن ﻗﺪ § إﻧﺘﺎﺟﻪ ﺟﻴﺪا و§ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ وﻣﺎل اCﺘﻠﻘﻲ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﳉﻮاﻧﺐ ﻏﻴﺮ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ أو اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﻪ ،وﻛﺎن اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻪ أﻛﺒﺮ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن اCﻀﻤﻮن اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻠﻪ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﺨﻴﻔﺎ أم ﻻ).(٤٦ ٣ــ أﻣﺎ ﺗﺴﻮﻛﺮﻣﺎن M.Zuckermanﻓﻘﺪ رﺑﻂ ﺑ tﻫﺬا اCﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻔﻀﻴـﻞ ﻷﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ ــ وأﻓﻼم اﻹﺛﺎرة اﳉﻨـﺴـﻴـﺔ ﻛـﺬﻟـﻚ ـــ وﺑـ tﺳـﻤـﺔ اﻟـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﳊﺴﻲ أو اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ Sensation Seekingواﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »ﺳﻤﺔ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اCﺘﻨﻮع ،واﳉﺪﻳﺪ ،واCﺮﻛﺐ ،وﻋﻦ اﻹﺣﺴﺎﺳـﺎت واﳋﺒﺮات اﻟﻘﻮﻳﺔ واCﻜﺜﻔﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم aﺨﺎﻃـﺮات ﺟـﺴـﻤـﻴـﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋـﻴـﺔ وﻗـﺎﻧـﻮﻧـﻴـﺔ وﻣـﺎﻟـﻴـﺔ ﻣـﻦ أﺟـﻞ اﻟـﻮﺻـﻮل إﻟـﻰ ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﳋـﺒـﺮات واﻹﺣﺴﺎﺳﺎت«).(٤٧ وﺗﺸﺘﻤﻞ اﳊﻴﺎة ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟـﻮد ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻟﺴﻤﺔ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ :ﺗﺴﻠﻖ اﳉﺒﺎل واﻟﻐﻄـﺲ ﲢـﺖ اCـﺎء ،واCـﺸـﺎرﻛـﺔ ﻓـﻲ أﻟﻌﺎب رﻳـﺎﺿـﻴـﺔ ﻋـﻨـﻴـﻔـﺔ ،واCـﻀـﺎرﺑـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺒـﻮرﺻـﺔ ،واCـﻘـﺎﻣـﺮة ،واﳊـﻔـﻼت اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ ،وﻣﺸﺎﻫﺪة ﻣﺼﺎرﻋﺔ اﻟﺜﻴﺮان ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﺸﺎﻫﺪة أﻓﻼم اﻟﻌﻨﻒ واﻟـﺮﻋـﺐ واﻹﺛـﺎرة ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وﻫﻨﺎك أﻣﺜﻠﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﻋﻠـﻰ ﻫـﺬه اﻟـﺴـﻤـﺔ ،ﻓـﻲ ﻋـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ ﻣـﻈـﺎﻫـﺮ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻔﻨﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ. ﲢﺪث ﺗﺴﻮﻛﺮﻣﺎن ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ وﺟﻮد أرﺑﻌﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: أ ــ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة واCﻐﺎﻣـﺮة :Thrill and Adventures Seekingوﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اCﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﳋﻄﺮة ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻨﺸـﺎﻃـﺎت 375
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﳉﺎذﺑﻴﺔ اﻷرﺿﻴﺔ )اﻟﻘﻔﺰ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺋﺮات أو ﺗﺴﻠﻖ اﳉﺒﺎل ﻣﺜﻼ( وﻛﺬﻟﻚ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﻟﻠﺒﻴﺌﺎت اﳉﺪﻳﺪة. ب ــ اﻟﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ اﳋـﺒـﺮة :Experience Seekingوﻳﺘﻤـﺜـﻞ ﻓـﻲ اﻟـﺮﻏـﺒـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ اﳋﺒﺮات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﳊﺴﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻣـﻦ ﺧـﻼل أﺳـﺎﻟـﻴـﺐ ﺣـﻴـﺎة ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﻣﻊ أﺷﺨﺎص ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳ.t ج ــ ﻛﻒ اﻟﻜﻒ )أو إﺑﻄﺎل ﻣﻔﻌﻮل اﻟﻜﻒ( :disinhibitionوﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻏﺒﺔ، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻔﻌﻠﻲ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎCﺘﻌـﺔ ،ﻛـﺎﳊـﻔـﻼت ،واﳉـﻨـﺲ ،واCـﻘـﺎﻣـﺮة، واCﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮاب ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻌﻴـﻨـﺔ ﺗـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ اﻟﻠﺬة. د ــ اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻠﻞ :Boredom susceptibilityوﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﻔﻮر ﻣﻦ اCﻠﻞ اﻟﻨﺎﺟــﻢ ﻋــﻦ اﻟﺘﻜﺮار واﻟﺮﺗﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ أو اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟـﺸـﺨـﺼـﻴـﺔ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﻟﺸﻌـﻮر ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ وﻋـﺪم اﻻﺳـﺘـﻘـﺮار ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﺗـﻜـﻮن اﳋـﺒـﺮة ﻋـﻤـﻮﻣـﺎ ﺛـﺎﺑـﺘـﺔ ،أو راﻛﺪة).(٤٨ ﻛﻮن ﺗﺴﻮﻛﺮﻣﺎن ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻘﻴﺎس ﻫﺬه اCﻜﻮﻧﺎت اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺴﻤﺔ وﻗﺪ ّ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﳊﺴﻲ وﻃﺒﻘﻪ ،ﻣﻊ ﺑﺎﺣﺜ tآﺧﺮﻳﻦ ،ﻋﻠﻰ أﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻛﺎن أﻫﻢ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: ﺷﻴﺮ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻋﻮاﻣﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ،وﻋﻮاﻣﻞ أ ــ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ُأ َ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎCﻀﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وأن ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻌﻼ ﺑﺴﻤﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬه اﻻرﺗﺒﺎﻃﺎت ﺗﺨﺘـﻠـﻒ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟﻠﻤﺮﺗﻔﻌ tﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ ،ﻓﻬﻢ ﻳﻨﺠﺬﺑﻮن ﻧـﺤـﻮ اﳋـﺼـﺎﺋـﺺ اﻟـﺸـﻜـﻠـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺠﺬﺑﻮن ﻧﺤﻮ اCﻀﻤﻮن ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺧﺎص ﻷﻓﻌﺎل ﻋﻨﻴﻔﺔ ،أي أﻧﻬﻢ ــ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ــ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺠـﺮﻳـﺪﻳـﺔ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﲢـﻮي ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻋﻨﻴﻔﺔ ،أي ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺘﻮﺗﺮ ،وذﻟﻚ ﻟﻮﺟﻮد ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺜﻴﺮة ،أو ﻏﺎﻣﻀﺔ ،أو ﻣﺮﻛﺒﺔ )اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ( أو ﺑﻮﺟﻮد ﻣﻀﻤﻮن واﺿﺢ اﻹﺛﺎرة ﻓﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻣﺜﻼ ).(٤٩ أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﻓﻘﺪ وﺟﺪ أن اCﻨﺨﻔﻀ tﻓﻲ ﺳﻤﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ ﻫﺬه ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻷﻓﻼم اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،واﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺔ ،واﻷﻋﻤﺎل 376
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻀﻞ اCﺮﺗﻔﻌﻮن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ اﻷﻓﻼم اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ واCﺮﻋﺒﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﺛﺎرة ﺟﻨﺴﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ .إن ﻫﺆﻻء ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ واﻟﺼﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﺎCﻠﻞ. ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺳﻤﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺤﺪوث ﻋﻤﻠـﻴـﺎت ﺗـﻨـﺒـﻴـﻪ واﺳﺘﺜﺎرة ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى اCﺦ واﳋﻼﻳﺎ ،وﺑﺸﻜﻞ ﺧـﺎص ﻋـﻨـﺪ ﻣـﺎ ﻳـﺴـﻤـﻰ ﺑﺎﳉﻬﺎز اﻟﻄـﺮﻓـﻲ .Limbic systemوﻳﺸﻌﺮ اCﺮﺗﻔﻌﻮن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴـﻤـﺔ ﺑـﺄﻧـﻬـﻢ أﻓﻀﻞ ﻋﻨﺪ اCﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ واﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ،ﺑﻴﻨـﻤـﺎ ﻳـﺸـﻌـﺮ اCﻨﺨﻔﻀﻮن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﺑﺄﻧﻬﻢ أﻓﻀﻞ ﻋﻨـﺪ اCـﺴـﺘـﻮﻳـﺎت اCـﻨـﺨـﻔـﻀـﺔ ﻣـﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ واﻻﺳﺘﺜﺎرة).(٥٠ وﺗﺮﺗﺒﻂ اCﺴﺘﻮﻳﺎت اCﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻮع واﳉﺪة واCﺜﻴﺮات اﻟﻘﻮﻳﺔ ،ﺎ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮﻟ .tﻟﻜﻦ ﺗﺴﻮﻛﺮﻣﺎن اﻫﺘﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﺮﻟ tﺑﺪور ﻫﺬه اﻟﻔﺮوق اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻓﻲ اﳋﺒﺮات اﻟﻔﻨﻴﺔ ،أو ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻔﻨﻲ أو اﳉﻤﺎﻟﻲ. واﻟﺸﻲء اﳉﺪﻳﺮ ذﻛﺮه ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺗﺴﻮﻛﺮﻣﺎن ﻣﻦ أﻧﻪ وﺟﺪ ﻣﻦ دراﺳﺎﺗﻪ أن ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد اCﺮﺗﻔﻌ tﻓﻲ ﺳﻤﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة اﳊﺴـﻴـﺔ ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن اﻹﺛﺎرة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ واﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻹﺛﺎرة اﻟﺒﺪﻳﻠـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﺪﻣـﻬـﺎ اﻷﻓـﻼم، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎCﻠﻞ أﺳﺮع ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ،وﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻣﺼـﺎدر أﺧـﺮى ﻟﻺﺛﺎرة ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ .إن ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﻢ ﻷﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ واﻟﻌﻨﻒ ﻗﺪ ﺗـﻜـﻮن وﺳﻴﻠﺔ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺷﻌﻮرﻫﻢ اﻟـﺴـﺮﻳـﻊ ﺑـﺎCـﻠـﻞ ،وﺗـﻌـﺒـﻴـﺮا ﻛـﺬﻟـﻚ ﻋـﻦ ﺗﺨﻴﻼﺗﻬﻢ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ وﻏﻴﺮ اCﺴﻤﻮح ﺑﺘﻨﻔﻴﺬﻫﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ أو ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ).(٥١ ٤ــ وأﺷﺎرت ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻛﺬﻟﻚ) (٥٢إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى واﻟﺘﻲ ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر: أ ــ إن اCﺸﺎﻫﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋﻤﺮﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳـﺨـﺎﻓـﻮن ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،داﺧﻞ أﻓﻼم اﻟﺮﻋﺐ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻜﻮن اCـﻮﺿـﻮﻋـﺎت اCـﺜـﻴـﺮة ﺨﻤﻟﺎوﻓﻬﻢ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ أﻳﻀﺎ .وﻫﻨﺎ ﻇﻬﺮ أن اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ ﺳﻦ ٣ ــ ٨ﻳﺨﺎﻓﻮن أﻛﺜـﺮ ﻣـﻦ اﳊـﻴـﻮاﻧـﺎت وﻣـﻦ اﻟـﻈـﻼم ،وﻣـﻦ اﻟـﻜـﺎﺋـﻨـﺎت اﳋـﺮاﻓـﻴـﺔ ﻛﺎﻷﺷﺒﺎح ،واﻟﻮﺣﻮش ،واﻟﺴﺤﺮة وﻣﻦ أي ﺷﻲء ﻳﺒﺪو ﻏﺮﻳﺒﺎ أو ﻳﺘﺤﺮك ﻓﺠﺄة. أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑ tﻋﻤﺮ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة ﻓﻴﺤﺪث اﳋﻮف أﻛﺜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻷذى اﻟﺸﺨﺼﻲ أو اﻟﺒﺪﻧﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺿﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺎﻷﻗﺎرب أو ﻋﻤﻠﻴﺎت 377
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﻮﺗﻬﻢ .وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻫﺬه اﺨﻤﻟﺎوف ﺧﻼل اCﺮاﻫﻘﺔ ،وﺗﻀﺎف إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺨﺎوف اﻟﻔﺸﻞ اﻟﺪراﺳﻲ .ﺛﻢ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اCﺮاﻫﻘﺔ وﺧﻼل ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﺷﺪ ﺗﻈﻬﺮ اﺨﻤﻟﺎوف اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ .ﻫﺬا ﻋﻦ ﻣﺨﺎوف اﳊﻴﺎة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ، أﻣﺎ اﺨﻤﻟﺎوف اCﺮﺗﺒﻄﺔ aﺸﺎﻫﺪة اﻷﻓﻼم ﻓﺘﺮﺗﺒﻂ ﺣﺘﻰ ﺳﻦ اﻟﺜـﺎﻣـﻨـﺔ ﺑـﻮﺟـﻮد اﻟﺘﺨﻴﻴﻼت اﺨﻤﻟﻴﻔﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻜﺎﺋﻨﺎت وﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣﺸﻮﻫﺔ ،أو ﻏﻴـﺮ واﻗـﻌـﻴـﺔ )اﻟﻮﺣﻮش ﻣﺜﻼ( ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻊ زﻳﺎدة اﻟﻨﻀﺞ ﻴﻠﻮن إﻟﻰ اﳋﻮف ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻟﺘﻬﺪﻳﺪات ذات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ )اﳊﺮوب واﻟﻘﻨﺎﺑﻞ اCﺪﻣﺮة ﻣﺜﻼ( .وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻘﺘﻞ واﳋﻄﻒ واﻟﺴﺮﻗﺔ ...إﻟﺦ. ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻣﻊ ارﺗﻘﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tاﻟﻮاﻗﻊ واﳋﻴﺎل ﻟﺪﻳﻬﻢ ،وﻫﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻣﻊ دﺧﻮل اﻷﻃﻔﺎل اCﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ).(٥٣ ب ــ أﻇﻬﺮت ﻧﺘﺎﺋﺞ أﺧﺮى أن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻘﻤﺺ أو اﻟﺘـﻮﺣـﺪ ﻣـﻊ اﺨﻤﻟـﺎوف اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ أﺑﻄﺎل اﻷﻓـﻼم ﲢـﺪث أﻛـﺜـﺮ ﻟـﺪى اﻷﻃـﻔـﺎل اﻷﻛـﺒـﺮ ،ﻣـﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑﺤﺪوﺛﻬﺎ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل اﻷﺻﻐﺮ ،وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻫﺬا ﺑﻮﺟﻮد ﻓﻬﻢ أﻛﺒﺮ وﺗﻌﺮف أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎدر اﳋﻮف ،واﲡﺎﻫﺎﺗﻪ ،وﻧـﺘـﺎﺋـﺠـﻪ ،ﻟـﺪى اﻷﻃـﻔـﺎل اﻷﻛـﺒـﺮ ﻣـﻘـﺎرﻧـﺔ ﺑﺎﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎ. ج ــ إن وﺟﻮد ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺠﺮدة وﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪدة ﻣﻦ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻳﺨﻴﻒ اCﺮاﻫﻘt واﻟﻜﺒﺎر أﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﺨﻴﻒ اﻟﺼﻐﺎر ،وﻗﺪ ﻛﺸﻒ اﺳﺘﻄﻼع ﻟﻠﺮأي أﺟـﺮي ﻋـﻘـﺐ اCﺸﺎﻫﺪة ﻟﻔﻴﻠﻢ »اﻟﻴـﻮم اﻟـﺘـﺎﻟـﻲ« The Day afterﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤـﺪة ،واﻟـﺬي ﻳﺼﻮر اﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﻜﺎﻣﻞ Cﻨﻄﻘﺔ »ﻛﺎﻧﺴﺎس« ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ﺑﻔﻌﻞ ﻗـﻨـﺒـﻠـﺔ ﻧﻮوﻳﺔ ،أن اﻷﻃﻔﺎل ﲢﺖ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة ﻛﺎﻧﻮا اﻷﻗﻞ ﺗﺄﺛﺮا ﺑﻬـﺬا اﻟـﻔـﻴـﻠـﻢ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اCﺮاﻫﻘﻮن أﻛﺜـﺮ ﺗـﺄﺛـﺮا .أﻣـﺎ ﻣـﻦ ﺣـﺪث ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ أﻛـﺒـﺮ ﺗـﺄﺛـﺮ وﺿـﻴـﻖ واﺿﻄﺮاب ،ﺑﻌﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﻫﺬا اﻟﻔﻴﻠﻢ ،ﻓﻘـﺪ ﻛـﺎﻧـﻮا ﻫـﻢ آﺑـﺎء ﻫـﺆﻻء اﻷﻃـﻔـﺎل وأﻣﻬﺎﺗﻬﻢ .إن ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻗﺪ ﺟﺎء ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻔﻜﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺪﻣﻴﺮات اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﺗﻠﺤﻖ اﻷرض ﻧﺘﻴﺠﺔ وﺟﻮد ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻔﺘﺎﻛﺔ، وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﺗﻜﻮن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻌﺎﻣﺔ واﺠﻤﻟﺮدة وﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺨﺎوف، ﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﻠﻮر ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر).(٥٤ د ــ ﺗﺸﻴﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎت »اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت واﻹﺷﺒﺎﻋﺎت« Use sand gratification’s ﻛﻤﺎ ﺗﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اCﺘﻠﻘ tﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،أو ﻣـﻴـﺪﻳـﺎ اﻻﺗـﺼـﺎل ،إﻟـﻰ 378
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
أﻫﻤﻴﺔ اﳊﺎﺟﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻓﺮاد ،واﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻌﻬﻢ ﻧﺤﻮ اﺳﺘﻬﻼك اﶈﺘﻮى اﻻﺗﺼﺎﻟﻲ اﳋﺎص ﺑﺎCﻴﺪﻳﺎ ،ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎره ـﺜـﻞ وﺳـﺎﺋـﻞ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،أي ﲢﻘﻴﻖ ﺑﻌﺾ اﳊﺎﺟﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺨﺪام اﳋﺎص ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﻫﺬه. واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ أﻓﻼم اﻹﺛﺎرة واﳋﻮف ،داﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق، اﻋﺘﺒﺮت اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت اCﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻓﻼم ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻣﺤﻮرﻳﺎ ﻓﻲ ﺗﻔـﺴـﻴـﺮ اﳉﺎذﺑﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻓﻼم ،وﻗﺪ أﺷﺎرت ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ أن اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،أو اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻬﺬه اﻷﻓﻼم ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑـ »اﳋﻮف اﻵﻣﻦ« ،واﻻﺳﺘﺜﺎرة، وﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اCﺘﺨﻴﻞ ﻣﺼﻮرا ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷـﺔ ،وﺑـﺨـﺒـﺮة اﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑـﺎﻟـﻘـﻮة واﻟﺴﻴﻄﺮة ،وﺧﺒﺮة اﻹﺷﺒﺎع اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﳊﻞ ﻟﻠﻌﻘﺪة واﻟﺬي ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﻣﻌﻪ ــ أي ﻣﻊ ﻫﺬا اﳊﻞ ــ ﻋﻘﺎب اﻟﺒﻄﻞ اCﺮﻋﺐ أو اﻟﺸﺮﻳﺮ).(٥٥ ﻫـ ــ وأﺷﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ أن ﻫﺬه اﻷﻓﻼم ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠـﻰ ﺗـﻄـﻬـﻴـﺮﻧـﺎ ﻣـﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺪاوة ،اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ .وأﺷﺎر آﺧﺮون إﻟﻰ وﺟﻮد دواﻓﻊ ﻋﻨﻴﻔﺔ، وﻣﻈﺎﻫﺮ ﻗﻠﻖ ﺷﺪﻳﺪة ﻣﺨﺒﻮءة ﻟﺪى اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺒﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﻫﺬه اﻷﻓﻼم ،وأن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻫﺬه اCﺸﺎﻋﺮ ــ ﻣﻦ ﺧﻼل اCﺸﺎﻫﺪة ــ ﻫﻲ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺮﻳﺤﺔ وﻣﺸﺒﻌﺔ ،وﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻرﺗﻴﺎح ﻣﺸﺒﻌﺔ ﻓﻼﺑﺪ ﻣـﻦ وﺟﻮد اﳋﺒﺮات اCﺰﻋﺠﺔ ﻛﺸﺮط ﺿﺮوري ﻣﺴﺒﻖ ،وإﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ذﻫﺐ ﺑﺮﻟ tﻣﺜﻼ. و ــ وﻗﺎل ﻋﻠﻤﺎء آﺧﺮون إن اﻟﺮﻋﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻨﺘﺞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻘﻠـﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ ﺑﺪورﻫﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻌﻦ واﻟﺘﺮوي اﻟﺰاﺋﺪَ :ﺗَﺮﱟو ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻹﺷﺒﺎع اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ. ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻫﻨﺎ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ اﻟﺮﻋﺐ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ إﺣﺴﺎس ﻣﺎ ﺑﺎﻷﻣﻦ، أو اﻷﻣﺎن اﻟﺮوﺣﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ اﻹﺷﺒﺎع. وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﻔﻬﻮم اﻷﻣﻦ aﻔﺎﻫﻴﻢ »اﳋﺒﺮة اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ« واﻟﺘﻮﺣﺪ .ﻓﺎCﺸﺎﻫـﺪون ﻳﺘﻮﺣﺪون ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠـﻢ ،أي ﻳـﻀـﻌـﻮن أﻧـﻔـﺴـﻬـﻢ ﻣـﻜـﺎن اﻵﺧـﺮﻳـﻦ، وﻳﺸﺎرﻛﻮﻧﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ ،إﻧﻬﻢ ﻳﺘﻮﺣﺪون ﻣﻊ اﻟﻮﺣﻮش ،واﻟﻘﺘـﻠـﺔ ،وﻳـﻘـﺎل إﻧـﻬـﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻌﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ اCﻔﺘﺮﺿﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑﺨﺒﺮات اﻟﺒﻬﺠﺔ ،اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺴﺎدﻳﺔ واﻟـﻘـﺪرة ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﺤﻜﻢ واﻟﻘﺘﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺑﺪﻳﻞ .وأن ﻫـﺬا اﻷﻣـﺮ ﻛـﻤـﺎ ﻳـﻘـﻮل اﶈـﻠـﻠـﻮن 379
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﻨﻔﺴﻴﻮن ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻻﻓﺘﺘﺎن ،أو اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎCﻤﻨﻮع .إﻧﻪ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻄﻴﻢ اﻟﺒﺪﻳﻞ ﻟﻠﺘﺎﺑﻮ ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﺎﺑﻮ اﳉﻨﺴﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ رﺑﻄﻪ ﻋﺎدةa ،ﺸﺎﻋﺮ اﻟﺸﺮ واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اCﺸﺎﻋﺮ واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﻳـﺼـﻌـﺐ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﻢ ﲢﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﳊﺎﻟﺔ اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻷﻓﻼم وذﻟﻚ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اCﺸﺎﻋﺮ واﻷﻓﻌﺎل ﺑﺤﺮﻳﺔ .إن اCﺴﺄﻟﺔ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺜﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻘﺪ& ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺟﺪﻳﺪ Cﺬﻫﺐ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ اﻷرﺳﻄﻲ. وأﺧﻴﺮا ﻗﺎل ﻋﻠﻤﺎء آﺧﺮون إن ﻫﺬه اCﺘﻌﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﺄﻛﻴﺪ ﻏﻴﺎب اﺨﻤﻟﺎﻃﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻊ اCﻮت واﻟﺸﻴﺎﻃ tوﻣﺎ وراء اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻟﻜﻦ Cـﺎذا ﻳـﻜـﻮن ﻫﺬا اﻟﻠﻌﺐ ﺘﻌﺎ? ﻫﺬا ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﻴﺮوا إﻟﻴﻪ .أﻣﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ ﻟﻠﺘـﻮﺟـﻪ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻘﺎﻟﻮا ﺑﻮﺟﻮد ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ واﻹﺛﺎرة، واﻟﺘﺤﺪي ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﳋﻄﺮ ،وﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻘﺪ ﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ اﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻀﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺎﺟﻤﻪ ،وإن ﻧﺪرة ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﺨﻤﻟﺎﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ،ﲡﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺴﻌﻰ ﻧﺤﻮ اﳋﻄﺮ ،وﻧﺤﻮ ﺧﻠﻖ ﲢﺪﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻳﻘﻮم aﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ ،وإﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺮأي ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺗﺴﻮﻛﺮﻣﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﺣﻮل اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﳊﺴﻲ، وﻛﻤﺎ ﻋﺮﺿﻨﺎه ﺳﺎﺑﻘﺎ. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﺬه أﻫﻢ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺴﻠﻮك اﳋﺎص اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس Cﺸﺎﻫﺪة أﻓﻼم اﻟﻌﻨﻒ واﻹﺛﺎرة واﻟـﺮﻋـﺐ واﻟﺘﻲ ﺜﻞ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻛﺒﻴﺮا ـــ ﺑـﻞ رaـﺎ اﳉـﺎﻧـﺐ اﻷﻛـﺒـﺮ ـــ ﻣـﻦ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻹﻧـﺘـﺎج اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫﻮﻟﻴﻮد اﻵن .أﻣﺎ Cﺎذا ﻳﻔﻀﻞ اﻟﻨـﺎس ﻓـﻲ ﺑﻼدﻧﺎ اﻵن اﻷﻓﻼم اﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺔ ﻓﺘﻠﻚ ﻗﻀﻴﺔ أﺧﺮى ﲢﺘﺎج إﻟﻰ دراﺳﺎت واﻗﻌﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ،وﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻘﻮل إن ﺣﻴﺎة ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎCﻨﻐﺼﺎت، أو إﻧﻬﻢ أﺻﺒﺤﻮا ﻻ ﻳﺜﻘﻮن ﻓﻲ أي ﺷﻲء ﺟﺎد ،أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ.
اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ
ـﺎﻫﺪة ﻣﺎدة ﺛﺮﻳﺔ Cﻨـﺎﻗـﺸـﺎتٍ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻋـﺪة ﻛﺎن ﻣﻔﻬﻮم اCـﺸـﺎﻫِﺪ وﻓﻌـﻞ اCـﺸ َ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺧﻼل اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت )ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ( وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ،وﻗﺪ ﺷﺎرك ﻓﻲ ﻫﺬه اCﻨﺎﻗﺸﺎت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اCﻨﻈﺮﻳﻦ أﻣـﺜـﺎل ﺑـﺎودري وﺑـﻮل رﻳـﻜـﻮر 380
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
وﻣﻴﺸﻠ tوروﻻن ﺑﺎرت وﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣﻴﺘﺰ وﻏﻴﺮﻫﻢ .وﻗﺪ اﻋﺘﻤﺪت ﻫﺬه اCﻨﺎﻗﺸﺎت ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻠﻰ أﻓﻜﺎر ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى ﻓﺮوﻳﺪ وﻻﻛﺎن، و ﺖ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻓﻌﻞ اCﺸﺎﻫﺪة اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻷﻳﺪﻳﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺎ واﻟﺬات واﻟﺪوﻟﺔ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت. و ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻼﺣﻆ أن ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎCﺘﻠﻘﻲ ،أو اCﺸﺎﻫﺪ ﻗﺪ ﻗﺎﺑﻠﻪ ،ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ )أCﺎﻧﻴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ﻣﺜﻼ( ،اﻫﺘﻤﺎم ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻘﺎر ، وﲡﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻘﺮاءة واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎر ،وﻧﻌﺮض ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ. اﳊﻠﻢ واﻟﻔﻴﻠﻢ ﻫﻨﺎك ﺗﺸﺎﺑﻬﺎت وأﺳﺲ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﻘﻮل ﺑﻬﺎ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴـﺔ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ﺑ tاCﺸﺎﻫﺪ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ )أو اCﺘﻠﻘﻲ( اﳊﺎﻟﻢ ،ﻓﻬﺬه اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ ﺗـﻘـﻮل إن اﻹﻧـﺘـﺎج اﻟﻨﻤـﺎذﺟـﻲ ) (Archetypalاﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﺨﻴﻴﻞ اﻟﻼﺷﻌﻮري ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ اﳊـﻠـﻤـﻲ ،أو اﳊﻠﻢ ﻳﻨﺎﻇﺮ اﻟﻔﻴﻠﻢ ذاﺗﻪ ،وإن اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت )اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت( اﻟﺮﻣـﺰﻳـﺔ ﻟـﻸﺣـﻼم، واﻟﺮﻏﺒﺎت اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ﻫﻲ ﻧﺼﻮص ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻜﻦ ﻓﻬﻤﻬـﺎ ﻋـﻦ ﻃـﺮﻳـﻖ ﲢـﻠـﻴـﻞ اﶈﺘﻮى اﻟﻈﺎﻫﺮ Manifest Contentﻟﻬﺎ )أي اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﲢﻜﻴﻬﺎ اﻷﺣـﻼم( ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻜﺸﻒ ﻋـﻦ اﶈـﺘـﻮى اﻟـﻜـﺎﻣـﻦ Latent Contentأو اﻟﺮﻏﺒﺔ اﳊـﻠـﻤـﻴـﺔ ) Dream - Wishأي اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ واﶈﺮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺪ اﳊﻠـﻢ أو ﺗـﻌـﻤـﻞ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮره( ،اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻤﺎ وراء ﻫﺬه اﻟﺼﻮر واﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻟﻠـﻮﻫـﻠـﺔ اﻷوﻟـﻰ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮد ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﻤﻴﻊ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ واﺨﻤﻟﺘﻠﻂ ).(٥٦ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺗﺴﻤﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ واﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﳊﻠﻤﻲ، واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻼﺷﻌﻮر ﺑﺄن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻷوﻟﻴﺔ ،وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ١ :ــ اﻟﺘﻜﺜﻴﻒ Condensationاﻟﺬي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻳﺘﻢ ﺜﻴﻞ اCﺪى اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر واﻷﺣﺪاث ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺻﻮرة واﺣﺪة٢ .ــ اﻹﺣﻼل Displacementأو اﻹﺑﺪال )اﻟﺬي ﺗﺘﺤﻮل أو ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻔﺴـﻴـﺔ ﻣـﻦ ﺷـﻲء ﺟـﻮﻫـﺮي إﻟـﻰ ﻀﻔﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻛﺎن ﺷﻲء ﻛﺎن ﻫﺎﻣﺸﻴﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗُ ْ أﻗﻞ أﻫﻤﻴﺔ(٣ .ــ ﺷﺮوط اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ ) Conditions of Representabilityواﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺘﻤﻼ أو ﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺜﻴﻞ أﻓﻜﺎر ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﺑـﻮاﺳـﻄـﺔ اﻟﺼﻮر اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ(٤ .ــ اCﺮاﺟـﻌـﺔ اﻟـﺜـﺎﻧـﻮﻳـﺔ ) Secondary Revisionوﻣﻦ ﺧﻼﻟـﻬـﺎ ﻳﻜﻮن ﻜﻨﺎ ﻓﺮض اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ اCﻨﻄﻘﻲ واﻟﺴﺮدي ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻴﺎر اCﺘﺪﻓﻖ ﻟﻠﺼﻮر(. 381
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺧﻼل ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﳋﺎص ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج اﻟﻼﺷﻌﻮري ﻟﻠﺤﻠﻢ ،ﺗﺸﺘـﺮك ﻫـﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻣﻌﺎ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اCـﻮاد اﳋـﺎم اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎﳊـﻠـﻢ )اCـﺜـﻴـﺮات اﳉـﺴـﻤـﻴـﺔ واﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻬﺎر ،وأﻓﻜﺎر اﳊﻠﻢ واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت( إﻟﻰ »اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ« اﻟﻬﻠﻮﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﳊﻠﻢ .وﺗﻨﺸﺄ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ﺑ tاﻟﻔﻴﻠﻢ واﳊﻠﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳋﺎص أو اﻹﻧﺸﺎء اﳋﺎص Cﺸﺎﻫﺪﻫﺎ أو اCﺘﻠﻘﻲ ،ﻟﻬﺎ ،وﲢﻮﻳﻠﻪ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﻢ ﺷﺒﻪ ﻣﺴﺘﻴﻘﻆDreamer †Semi - .WakeﻓﺎCﺸﺎﻫﺪ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪ راﻏﺐ أو ﻠـﻮء ﺑـﺎﻟـﺮﻏـﺒـﺎت Desiring »ﺗﻜﻮن« ﻫﺬا اCﺸﺎﻫﺪ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻧﺺ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻧﻔﺴﻪُ ،ﻳﻨﻈﺮ وﺣﺎﻟﺔ اCﺸﺎﻫﺪة اﻟﺘﻲ ¢ إﻟﻴﻬﻤﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻤﺎ ﻳﺤﺮﻛﺎن ﺑﻨﻴﺎت اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ اﻟﻼﺷﻌﻮري .وﺗﻜﻮن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻨﺎ ــ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻔﻮق أي ﺷﻜﻞ آﺧﺮ ــ ﻗﺎدرة ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة إﻧﺘﺎج ،أو اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ، ﺑﻨﻴﺔ وﻣﻨﻄﻖ اﻷﺣﻼم واﻟﻼﺷﻌﻮر. ﻟﻘﺪ أﺷﺎر ﻓﺮوﻳﺪ إﻟﻰ أن »اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ« ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻳﺤﻴﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﺬي ﻳﺪور ﺣﻮل اﻟﺘﺤﻘﻖ ﻟـﺮﻏـﺒـﺔ ﻻ ﺷـﻌـﻮرﻳـﺔ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺻ¢ﻮرت ﻓﻲ aﺸﻬﺪ ﻣﺘﺨﻴـﻞ Imagina Sceneﺗﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﺬات/اﳊﺎCـﺔ ،ﺳـﻮاء ُ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﻀﻮر أم ﻻ ،ﻫﻲ اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اCـﺸـﻬـﺪ .ووﻓـﻘـﺎ ﻟـﻸﻓـﻜـﺎر اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫـﺪ أﺣـﺪ اﻷﻓـﻼم ،ﻧـﻜـﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﻠﻢ ﻛﺬﻟﻚ ،إن رﻏﺒﺎﺗﻨﺎ اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ﺗﻨﺸﻂ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺮﻏﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻮﻟﺪﻫﺎ اﳊﻠﻢ اCﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ).(٥٧ ﻓﺎﻟﺘﺨﻴﻴﻞ إذن ــ ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ــ ﻣﺤﺼﻠﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺑt اCﺸﺎﻫﺪ واﻟﻔﻴﻠﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم اCﺸﺎﻫﺪ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺘﺨﻴﻴـﻞ ،وﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻳﺘﻜﻮن ــ ﻫﺬا اCﺸﺎﻫﺪ ــ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺑﺪال أو ﻧـﻘـﻞ ﻣـﺮﻛﱠﺒـﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺳﻘﺎط ) Projectionاﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺨﻴﻞ اﻟﺮﻏﺒـﺎت واﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺎت وﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺬات اﳋﺎﺻﺔ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﺧﺎرﺟـﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﺎ( وﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ )اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم اCﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻣﺎ ﺑﺎﻻﻣﺘﺪاد ﺑﻬﻮﻳﺘﻪ إﻟﻰ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ،أو ﺑﺎﺳﺘﻌﺎرة ﻫﺬه اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ،أو ﻳﻜﻮن aﻨﺰﻟﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼط أو اﻻﻧﺼﻬﺎر ﻟﻬﻮﻳﺘﻪ ﻣﻊ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ(. واﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ــ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﺮأي ــ ﻟﻴﺲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﲢﻘﻴﻖ ﻟﻠﺮﻏـﺒـﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺧﺎص ﺑﺘﺴﻮﻳﺔ أو ﺣﻞ وﺳﻂ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺮﻏﺒﺎت اCﻜﺒﻮﺗﺔ أن ﲡﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮا وﻫﺮوﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ واﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ،وﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ أو اﻟﻬﺮوب 382
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
aﺜﺎﺑﺔ اﳊﻞ اﻟﻮﺳﻂ ﺑ tاﻟﺮﻏﺒﺔ اﳊﺮة واﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﺎرم).(٥٨ وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑ tاﻟﻔﻴﻠﻢ واCﺸﺎﻫﺪ aﺜﺎﺑﺔ اCﻴﻜﺎﻧﺰم اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ .وﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑ tاﻟﻨﺺ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﻢ ،واﳋﺎص ﺑﺎﳊﻠﻢ ،ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻛﻼ ﺨَﺒﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺻﻮر« وﻳﻨﺪﻣﺞ اCﺸﺎﻫﺪ أو اCـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻫﻮ »ﻗﺼـﺺ ُﻳ ْ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺸﺎﻫـﺪة ﻟـﻔـﻴـﻠـﻢ ،ﻓـﻲ ﻣـﺮﻛﱠﺐ ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ واCـﻌـﻨـﻰ ،ﻣـﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺤﺮﻳﻚ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻷﺑﻨﻴﺔ اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻋﻤﻴﻘﺔ اﳉﺬور ،ﻟـﺪﻳـﻪ ،وأﻳـﻀـﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﺣﺪ واﻟﺮؤﻳﺔ .ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻧﻈﻤﺔ ﻣﺘـﻔـﺎﻋـﻠـﺔ ﻣـﻦ اﻟﺴﺮدﻳﺔ Narrativityواﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ،ووﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ .وﺗﺘﻤﺜﻞ اﶈﺼﻠﺔ اﻟﻨﺎﲡﺔ ﻓﻲ أﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻓﻴﻠﻢ ﻳﺒﻮح اCﺸﺎﻫﺪون ،ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ )اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺔ( اCﻮﺟﻮد ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر).(٥٩ ﺗﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ اCﺸﺎﻫﺪ ﻟﻴـﺲ ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎره ﻣـﻦ ﳊﻢ ودم ،وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﻜﻮﻳﻨﺎ ﻣﺼﻄﻨﻌﺎ ،ﻳﺘﻢ إﻧﺘﺎﺟﻪ ،وﺗﻨﺸﻴﻄﻪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﳉﻬﺎز اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ .وﻫﺬا اﳉﻬﺎز اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻓﻘﻂ ،أو أﺟﻬﺰة اﻟﻌﺮض وﻗﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻫﻮ أﻳﻀﺎ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻛﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻛﺂﻟﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ،ﺻﻨﺎﻋﺔ أﺧﺮى ﻳﻌﺘﺎد ﻋﻠﻴﻬﺎ اCﺸﺎﻫﺪ وﻋﻠﻰ اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ. إﻧﻬﺎ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اCﺴﺘﻘﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜ ¢ـﻮن ﻣﻮﻗﻒ اCﺸﺎﻫﺪة ،وﻟﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ: ١ــ اﻷﺳﺎس اﻟﺘﻜﻨﻴﻜﻲ أو اﻟﻔﻨﻲ )اCﺆﺛﺮات اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ اﻟﺘﺠﻬﻴﺰات اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﺎﻣﻴﺮات واﻟﻀﻮء واﻟﻔﻴﻠﻢ ذاﺗـﻪ وأﺟـﻬـﺰة اﻟـﻌـﺮض... إﻟﺦ. ٢ــ ﺷﺮوط اﻟﻌﺮض ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ )اﻟﻘﺎﻋﺔ واCﺴﺮح اCﻈﻠﻢ ،وﺛﺒﺎت اﳉﻠﻮس ،وإﺿﺎءة اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﺎم ،وأﺷﻌﺔ اﻟﻀﻮء اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ اﳋﻠﻒ ...إﻟﺦ(. ٣ــ اﻟﻔﻴﻠﻢ ذاﺗﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﺼﺎ )ﻳﺸﺘـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﺣـﻴـﻞ وأدوات ﻋـﺪة ﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ( ،واﻹﻳﻬﺎم ﺑﺎCﻜﺎن اﻟﻮاﻗـﻌـﻲ ،وﺧـﻠـﻖ اﻻﻧـﻄـﺒـﺎع اﻟـﻘـﺎﺑـﻞ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ. ٤ــ اﻵﻟﻴﺔ اﻟﻌﻘـﻠـﻴـﺔ Mental Machineryﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ )aﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻹدراﻛﻴﺔ اﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ واﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ وﻗﺒﻞ اﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ أﻳﻀﺎ( واﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ أو ﺗﻜﻮن اCﺘﻠﻘﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻠﺮﻏﺒﺔ).(٦٠ 383
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫـﺪ ﻟـﻴـﺲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺷﺨﺼﺎ ﻣﻦ ﳊﻢ ودم ،وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﻜﻮﻳﻨﺎ اﺻﻄﻨﺎﻋﻴﺎ § ،إﻧﺘﺎﺟﻪ وﺗﻨﺸﻴﻄﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳉﻬﺎز اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ .ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اCﺸﺎﻫﺪ ﻳﺪرك ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎره »ﻣﻜﺎﻧﺎ« أو ﺣﻴﺰا إﻧﺘﺎﺟﻴﺎ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﳊﻠﻤـﻲ أو ﻏـﻴـﺮه ﻣـﻦ أﺑﻨﻴﺔ ــ ﺑﻨﻴﺎت ــ اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ( وﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﻳﻀﺎ ﺣﻴﺰا ﻓﺎرﻏﺎ ) ﻜﻦ ﻷي ﺷﺨﺺ أن ﻳﺸﻐﻠﻪ أو ﻸه(. ﲢﻘﻖ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜ ¢ـﻮن ﻣﺸﺎﻫﺪﻫﺎ وﻛﻲ ﱠ ﻋﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺑ tاﳊﺎﻟﻢ واCﺸﺎﻫﺪ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ. وﻫﻨﺎك ﺧﻤﺲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﶈﻠﻠﻮن اﻟﻨﻔﺴﻴﻮن اCﻬﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ــ ﺗﺆدي دورﻫﺎ ﻓﻲ ﲢﻮﻳﻞ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻌﺎدي إﻟﻰ ﺗﻜﻮﻳـﻦ ﺧـﺎص ﻫـﻮ اCـﺸـﺎﻫـﺪ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ: ١ــ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﻮص ﻳﺘﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ. ٢ــ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻳﺘﻢ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ. ٣ــ ﻣﻴﻜﺎﻧﺰﻣﺎت اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﻨﺸﻴﻄﻬﺎ. ٤ــ اﻟﺒﻨﻴﺎت اﻟﺘﺨﻴﻴﻠﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اCﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ اﻟﻌـﺎﺋـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗُـﺴْﺘﺜﺎر ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﳊﻜﺎﻳﺎت اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ. ٥ــ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺘﻠﻔﻆ أو اﻟﻨﻄﻖ اﻟﺘﻲ ﺗـﻄـﺒـﻊ اﻟـﻔـﻴـﻠـﻢ ﺑـﻄـﺎﺑـﻊ اﻟـﺘـﺄﻟـﻴـﻒ ،أو اﻟﻨﺴﺒﺔ Cﺆﻟﻒ ﻣﻌ ،tوﻫﺬه ﻳﻨﺒﻐﻲ إﺧﻔﺎؤﻫﺎ).(٦١ واﻵن ،ﻓﻠﻨﻨﻈﺮ ﻓﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اCﻌﺎﺻﺮة ﺣﻮل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﺣﻮل ﻓﻌﻞ اCﺸﺎﻫﺪة أو اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﻫـﻲ اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ اﶈﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ »ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣﻴﺘﺰ« ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. »ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣﻴﺘﺰ« واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺜﻞ ﻣﻘﺎل »ﻛﺮﻳﺴﺘﻴـﺎن ﻣـﻴـﺘـﺰ« C.Metzاﻟﺬي ﻃﻮره ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠـﻰ ﻫـﻴـﺌـﺔ ﻛﺘﺎب ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺪال اCﺘﺨﻴﻞ« The Imaginary Signifierﻋﻼﻣﺔ ﺑﺎرزة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ. وﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻌﻨﻮان ،ﻓﺈن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻻ ﺷﻌﻮرﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ أي وﺳﻴﻂ ﻓﻨﻲ آﺧﺮ .ﻓﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮﻳﻦ 384
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
ﻣﺘﺨﻴﻞ أﺳﺎﺳﺎ. ﱠ وﻳﺸﻴﺮ ﻣﻴﺘﺰ إﻟﻰ أن أي ﲢﻠﻴﻞ ﻧﻔﺴﻲ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﻮم ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت »ﺟﺎك ﻻﻛﺎن« ﻷﻧﻬﺎ ــ ﻓﻲ رأﻳﻪ ــ ﻣﺼـﻄـﻠـﺤـﺎت ﺗـﺆﻛـﺪ ﻋـﻠـﻰ اﻷﺑﻌﺎد اCﺘﺨﻴﻠﺔ واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﳋﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ).(٦٢ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ »ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣﻴﺘﺰ« ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺴﻴﻨـﻤـﺎ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻓﺮوﻳﺪ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﶈﻠﻠ tاﻟﻨﻔﺴﻴ ،tﺣﻮل ﻋﻤـﻠـﻴـﺔ اﺳﺘﺮاق اﻟﻨﻈﺮ ،أو اﻟﺘﻠﺼﺺ ﺑﺎﻟﻌﻴﻨـ tأو ﻟـﺬة اﻟـﻨـﻈـﺮ ،Voyeusismوﻋﻼﻗﺘﻬـﺎ ﺑﺎﳋﺒﺮة اﻷوﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎCﺮآة ﻛﻤـﺎ ﻃـﻮرﻫـﺎ ﻻﻛـﺎن ،وأﻳـﻀـﺎ ﺑـﻌـﺾ اﻷﻓـﻜـﺎر اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺎت »اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع« ﺧﺎﺻﺔ ،وأن ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺘﺨﻴﻠﺔ ،أو ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ وﻣﺘﻤﺎﻳﺰة ﻋﻦ اﻟﻌـﻼﻗـﺎت اﻟـﻮاﻗـﻌـﻴـﺔ ﻣـﻊ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ. وﻳﻘﺎرن »ﻣﻴﺘﺰ« ﺑ tﺣﺎﻟﺔ اCﺸﺎﻫﺪ أﻣﺎم ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺴﻴﻨـﻤـﺎ ،وﺣـﺎﻟـﺔ اﻟـﻄـﻔـﻞ أﻣﺎم اCﺮآة ،ﻓﻴﻘﻮل إن اCﺸﺎﻫﺪ أﻣﺎم اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻳﻜﻮن ﻏﺎﺋﺒﺎ ،ﻋﻠـﻰ ﻋـﻜـﺲ ﺣـﺎل اﻟﻄﻔﻞ أﻣﺎم اCﺮآة ،ﻓﻬﻮ ﻳﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮا ،ﻓﺎCﺸﺎﻫﺪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳـﺘـﻮﺣـﺪ ﻣـﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﻮﺿﻮع ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﻮﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﻊ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟـﺪ ﻫـﻨـﺎك ﻋـﻠـﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ،دوﻧﻪ ،وﺑﻬﺬا اCﻌﻨﻰ ﻻ ﺗﻜـﻮن اﻟـﺸـﺎﺷـﺔ ﻣـﺮآة ،إﻧـﻪ ﻳـﻜـﻮن ﻏـﺎﺋـﺒـﺎ ﻋـﻦ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﺣﺎﺿﺮ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ اCﺸﺎﻫﺪة ﺑﻜﻞ ﺣﻮاﺳﻪ ووﺟﺪاﻧﻪ).(٦٣ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب آﺧﺮ ﻫﻮ »ﻟﻐﺔ اﻟﻔﻴﻠﻢ ،ﺳﻴﻤﻴﻮﻃﻴﻘﺎ ﻟﻠﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ Film Language, A « Semiotie of The Cinemaأﺷﺎر »ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣﻴﺘﺰ« إﻟﻰ إﻣﻜﺎن ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻠﻐﻮﻳﺎت ،وأﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ،ﻓﻲ ﲢﻠﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺗﺼﺎل أو اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺤﺬر ﺷﺪﻳﺪ .ﻓﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻌﺒﻴـﺮ ﺗـﺨـﺘـﻠـﻒ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻗـﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﺪوال واﻟﺪﻻﻻت .وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم ﻣﻴﺘﺰ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ« ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻪ »ﻣﺎﻳﻜﻞ دوﻓﺮﻳﻦ« ،ﺣ tأﺷﺎر إﻟﻰ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك »ﺗﻌﺒﻴﺮ« ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك »ﻣﻌﻨﻰ« ﺑﺎرز ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﺎ ،وﻫﺬا اCﻌﻨﻰ ﻳﻨـﻄـﻠـﻖ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮة ،ﻓـﻴـﻤـﺘـﺰج ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص اCﻤﻴﺰ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻲء).(٦٤ وﻳﺘﻢ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ )اCﻨﻈﺮ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻲ أو اﻟـﻮﺟـﻪ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ ﻣﺜﻼ( وﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﻟﻔﻦ )اﻟﺼﻮت اﳊﺰﻳﻦ ﻓﻲ ﺻﻮت اﻷوﺑﻮا ﻟﺪى »ﻓﺎﺟﻨﺮ« ﻣﺜﻼ( ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﻮﻫﺮي ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻴﻜﺎﻧﺰم اﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،أي اCﻌﻨﻰ اCﺴﺘﻤﺪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻟﺪال دون اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ رﻣﺰ أو ﺷﻔﺮة ﺧﺎرﺟﻴﺔ ،ﻓـﻲ 385
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﳊﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻳﻜﻮن اCﺆﻟﻒ ﻫﻮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ )ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ( وﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﻜﻮن اCﺆﻟﻒ ﻫﻮ اﻹﻧﺴﺎن )ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﻟﻔﻦ().(٦٥ وﺻﻒ »ﺟﺎك ﻻﻛﺎن« ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻈﻤﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ وداﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﺨﻤﻟﻄﻂ أو اﻟﻨﺴـﻖ اﳋـﺎص اﻟـﺬي ﺗـﺘـﻄـﻮر ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻪ اﻷﻧـﺎ ،وﻫـﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ ﻫﻲ:اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﺨﻴﻠﻲ lmaginaryواﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮﻣﺰي Symbolicواﻟﻨﻈﺎم اﻟﻮاﻗﻌﻲ .(٦٦) Real ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﺨﻴﻠﻲ aﺮﺣﻠﺔ اCﺮآة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻐﻠﺒﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﺼﻮرة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﻘﻴﺾ ،أي اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻫﻮ أﻧﺎ .ﻫﻨﺎ ﺗﺘﺪاﺧـﻞ اﻟـﺼـﻮرة اCـﻮﺟـﻮدة داﺧﻞ اCﺮآة ﻣﻊ اﻷﻧﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﻳﺮى ﻧﻔﺴﻪ ،ﺻﻮرﺗﻪ ،ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اCﺮآة، وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اCﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ﻓﻴﻪ .واﻹدراك ﻫﻨﺎ ﻳﻨﺸﻂ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره إﻳﻬﺎﻣﺎ، وﻟﻴﺲ ﺗﻌﺒﻴﺮا .وﻫﺬه اﳋﺒﺮة ﻻ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ رﻣﺰﻳﺔ ،ﻓﺎﻟﺮﻣﺰ ﻳـﺒـﺪأ ﻓـﻲ اﻟﻈﻬﻮر ﻣﻊ ارﺗﻘﺎء ﻣﺮﺣﻠﺔ أودﻳﺐ واﻛﺘﺴﺎب اﻟﻠﻐﺔ ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ ﻫﺬا اﻻﻛﺘﺴﺎب ﻣﻦ اﻛﺘﺸﺎف ﻟﻼﺳﺘﻘﻼل اﻟﺬاﺗﻲ ،واﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، وﻣﻦ إدراك ﻟﻘﻮة اﻟﻜﻠﻤﺔ ،وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮ واﻟﻨﻬﻲ ،وﻣﻦ ﲢﺮر ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﺰاﺋﻒ ،ﻣﻊ ذاﺗﻪ اCﺸﻬﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اCﺮآة ،إﻧـﻪ ﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻵن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺬاﺗﻪ. وﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ اﻷﻛﺒﺮ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺿﻮاﺑﻂ اﻟﻠﻐﺔ ،ﻫﻲ ﻣـﺎ ﲡـﻌـﻞ اﻟـﻄـﻔـﻞ ﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲ ،وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أن ﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻛـﻞ ﻣﻦ ﻮﺿﻊ اﻟﺬات ووﺣﺪﺗﻬﺎ .ﻓﺎﻟﺬات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ ﺧﺎرج اCﺮآة وداﺧﻠﻬﺎ، ﻴﻞ اﻵن إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺣﺪ ،وإﻟﻰ اﻟﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ أﻳﻀﺎ ،ﺛﻢ إن ﻋﺎﻟﻢ اﻟـﻮاﻗـﻊ ﻳﺰداد ﺣﻀﻮره ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺸﺎف ﻟﻠﺤﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺤﻮل ،ﺑﻌـﺪ ذﻟﻚ ،إﻟﻰ ﻣﻄﺎﻟﺐ ورﻏﺒﺎت ،ﻛﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺤﻮل ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ »أﻧﺎ« ﲡﺪ دﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ).(٦٧ ﻳﻌﻠﻮ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻮاﻗﻌﻲ ــ ﻓﻲ رأي ﻻﻛﺎن ــ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎﻣ tاﳋﺎﺻ tﺑﺎﻟﺼﻮرة: )اﻟﺘﺨﻴﻠﻲ( واﻟﻌﻼﻣﺔ واﻟﻜﻠﻤﺔ )اﻟﺮﻣﺰي( ،إﻧﻪ ﻳﺤﺘﻮﻳﻬﻤﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺘﻮﻳـﺎﻧـﻪ. واﻟﻨﻈﺎم اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻻﻛﺎن ،ﻟﻴﺲ ﻣﺮادﻓﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎرﺟﻲ ،ﺑﻞ »ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ واﻗﻌﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺬات«. ﻨﺢ ﻓﻌﻞ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻄﻔﻞ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻼﻗﺘﺮاب ﻣﻦ ذاﺗﻪ ،ﻛﺸﺨﺺ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ واCﺸﺎﻫﺪة ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻻﻛﺎن ــ وأﻳﻀﺎ ﻛﺬات ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻌﻞ )اﻟـﺮؤﻳـﺔ( ﻟـﺪﻳـﻬـﺎ ﻋـﻦ 386
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
وﺟﻮدﻫﺎ .ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر وﻏﻴﺮﻫﺎﺣﺎزت ﺗﺼﻮرات ﻻﻛﺎن ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻨﻈﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻟﻌﻞ أﺷﻬﺮﻫﻢ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣـﻴـﺘـﺰ اﻟﺬي ﻧﻌﺮض ﺑﻌﺾ أﻓﻜﺎره اﻵن ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺼﺎر. اﻫﺘﻢ ﻣﻴﺘﺰ ﺑﺪور اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻸﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ،وﲢﺪث ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﺳﻤﺎه اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اﻷوﻟﻲ ،ﻓﻘﺎل إﻧﻪ ﺗﻮﺣﺪ اCﺸﺎﻫﺪ ﻣﻊ ﻓﻌﻞ ،أو ﻧﺸﺎط اﻟﻨﻈﺮ ﻧﻔﺴﻪ .ﻓﺎCﺸﺎﻫﺪ ﻫﻨـﺎ ﻳـﺘـﻮﺣـﺪ ﻣـﻊ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻛـﺤـﺎﻟـﺔ ﻣـﻦ اﻹدراك اﳋﺎﻟﺺ )أو ﻛﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﻪ واﻟﻴﻘﻈﺔ( ،وﻫـﺬا اﻟـﻨـﻮع ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﺣـﺪ ﻳﻌﺘﺒﺮ أوﻟﻴﺎ ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت واﻷﺣﺪاث ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ــ أي اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﺜﺎﻧﻮي ــ أﻣﺮا ﻜﻨﺎ).(٦٨ وﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ إدراﻛﻴﺔ وﻻ ﺷﻌﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،إدراﻛﻴـﺔ ﻷن اCﺸﺎﻫﺪ ﻳﺮى اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ،وﻻ ﺷﻌﻮرﻳﺔ ﻷن اCﺸﺎﻫـﺪ ﻳـﺸـﺘـﺮك ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠــﻰ ﻧﺤــﻮ ﺗﺨﻴﻴﻠﻲ أو ﺧﻴﺎﻟﻲ ،وﻳﺘﻢ ﺗﻜـﻮﻳـﻦ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ أﻳـﻀـﺎ،ﻋـﻠـﻰ ﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺮة اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ، The Look of the Cameraوﻛﺬﻟﻚ آﻟﺔ اﻟﻔﻮرُ ، وﺗ ﱠ اﻟﻌﺮض. وﻗﺪ رﺑﻂ ﻣﻴﺘﺰ ﺑ tﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﺪ )ﺗﻮﺣﺪ اCﺸﺎﻫﺪ ﻣـﻊ ﻧـﻔـﺴـﻪ( وﻣﺮﺣﻠﺔ اCﺮآة )وﻓﻘﺎ ﻟﻼﻛﺎن( ،ﻓﻘﺎل إن ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اﻷوﻟﻲ ﻳﻜﻮن ﻜﻨﺎ ﻓﻘﻂ ﻷن ﻫﺬا اCﺸﺎﻫﺪ ﻗﺪ ﻣﺮ ﻓﻌﻼ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﻤـﻠـﻴـﺔ اCـﺸـﻜـﻠـﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ )أو اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ( واCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻜﻮﻳـﻦ اﻷول ﻟـﻠـﺬات )أي ﻣﺮﺣﻠﺔ اCﺮآة( .وإن ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻷﺣﺪاث ﺗﻜـﻮن ﻜﻨﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻌﺎدة ﺗﻠﻚ اﳋﺒﺮة اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺬات ،أي ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ اCﺒﻜﺮة ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ أو ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻷﻧﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺑﺪأ اﻟﻄـﻔـﻞ اﻟـﺼـﻐـﻴـﺮ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ ﻓـﻲ ـﻴـﻴـﺰ اCﻮﺿﻮﻋﺎت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ذاﺗﻪ ،ﺛﻢ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﻴﻴﺰ ذاﺗﻪ ﻋﻨﻬﺎ. إن ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻂ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ رأي ﻣﻴﺘﺰ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻬﻤﺎ ﻳﺤﺪﺛﺎن ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺼﻮر اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ .ﻓـﻤـﺎ ﻳـﺮاه اﻟـﻄـﻔـﻞ ﻓـﻲ ﺗـﻠـﻚ اCـﺮﺣـﻠـﺔ )ﻣـﻦ ﺻـﻮر ﻣﻮﺣﺪة ﺑﻌﻴﺪة وﻣﺘﻤﻮﺿﻌﺔ ﻓﻲ اCﺮآة( ﻳﺸﻜﻞ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻬﺎ ﻣـﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻓﺎﳉﺎﻧﺐ اﳋﻴﺎﻟﻲ ﻫﻮ ﺟﺎﻧﺐ ﺣﺎﺳﻢ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ. وﻳﺄﺗﻲ ﺟﺎﻧﺐ اﻻﺗﻔﺎق ﺑ tاﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اﻷوﻟﻲ ،وﻣﺮﺣﻠـﺔ اCـﺮآة ﻣـﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺸﺎﺑﻬﺎت ﺑ tﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﻔﻞ أﻣﺎم »اCﺮآة« وﺣﺎﻟﺔ اCﺸـﺎﻫـﺪ أﻣـﺎم ﺷـﺎﺷـﺔ 387
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻔﺘﻮﻧﺎ أو ﺷﺪﻳﺪ اﻹﻋﺠﺎب وﻣﺘﻮﺣﺪا ﻣﻊ ﻣﺜﺎل ﺧﺎص ﻳﺠﺪ ذاﺗﻪ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ »ﺻﻮرة« ﺗُﺮى ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ. وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اCﺒﻜﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ اﻷﻧﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻜﺘـﺸـﻒ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮﻳﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺧـﻼل اﻻﺳـﺘـﻐـﺮاق ﻓـﻲ ﺻـﻮرة ﻋـﻠـﻰ اCـﺮآة ،ﻫـﻲ أﺣـﺪ اCﻔﺎﻫﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺣﻮل ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ووﻓﻘﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﻓﺈن ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻦ اﻹﻋﺠﺎب ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ إ ﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺴﻤﺢ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻤﺮء ﺑﺄن ﻳﻔﻘﺪ اﻷﻧﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺆﻗﺖ )ﺣﻴﺚ ﻳﺼﺒـﺢ ُﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺷﺨﺼﺎ آﺧﺮ( ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗـﻌـﻤـﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻣﻦ ،ﻋﻠﻰ ﺗﺪﻋﻴﻢ أو ﺗﻌﺰﻳﺰ وﺟﻮد ﻫـﺬه اﻷﻧـﺎ وإﻋﺎدة اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ )ﻣﻦ ﺧﻼل »اﻻﺳﺘﺜﺎرة« Cﺮﺣﻠﺔ اCﺮآة(. وaﻌﻨﻰ ﻣﺎ ،ﻓﺈن ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻳﻔﻘﺪ ذاﺗﻪ وﻳﻌﻴﺪ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﻣﺮة ،ﺑﻌـﺪ أﺧﺮى ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻤﺜﻞ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺼﻮرة اﳋﻴﺎﻟﻴﺔ )اﻟﺘﺨﻴﻠﻴﺔ( اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺘﻮﺣﺪ وﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ )ﺧﻼل ﻣﺮﺣﻠﺔ اCﺮآة( .وﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺬات ﻣﻦ ﺻﻮرة ﻣﻔﻜﻜﺔ أو ﻣﺠﺰأة أو ﻣﻘﻄﻌﺔ ﻟﻠﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اCﺮآة إﻟﻰ ﺻـﻮرة ﻛﻠﻴﺔ ،وإﻟﻰ وﺣﺪة و ﺎﺳﻚ ،ﺻﻮرة ﻳﻌﺎد إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اCـﺸـﺎﻫـﺪ )ﻓـﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ( ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ. وﻣــﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻴﻴــﻞ اﳋــﺎص ﺑﺎﻟﺘﻜﺎﻣــﻞ اﻟـــﺬي ﻳـﺮﺗـﺒـــــﻂ ﺑـﺎCـــــﺮآة وﻣﺮﺣﻠﺘﻬــﺎ ،ﻳﺠــﻲء ﺗﺼــﻮر اﻟﺴﻴﻨﻤــﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻹﺟﺎﺑــﺔ اﻟﻔﻨﻴــﺔ ﻋﻠــﻰ رﻏﺒــﺘــﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺪد أو اﻟﻮﻓﺮة ،ﺎ ﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ ﻋﻮاﻟﻢ ﻣﺆﻛﺪة وﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ﻻ ﻣـﺘـﻨـﺎﻗـﻀـﺔ، ﺗـﻜـﻮن ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟـﺬات ﻫـﻲ اCـﺼـﺪر اﻷﺳـﺎﺳـﻲ ﻟـﻠـﻤـﻌـﻨـﻰ ﺑـﺮﻏـﻢ ﺗـﻌـﺪد أدوارﻫــﺎ وﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ. ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻞ »ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣـﻴـﺘـﺰ« ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﺣـﺪ ﻣـﻊ اﻟـﺸـﺨـﺼـﻴـﺎت واﻷﺣـﺪاث اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺗﻮﺣﺪا ﺛﺎﻧﻮﻳﺎ ،أﻣﺎ اﳋﺒﺮة اﻷوﻟﻴﺔ ﻓﻬﻲ اﳋﺒﺮة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ،واﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺷﻜﻞ أو ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺬات ﺎﺛﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻮﺣﺪ اCﺒﻜﺮ ﻣﻊ اCﺮآة أو ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻴﻬﺎ )اﻟﺬات( .وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﻣﺘﺨﻴﻼ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻛﺰي ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺸﺨـﺼـﻴـﺎت. ﻟﻜﻦ ﺣﻴﺚ إن ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺣﺪ اﻟﺜﺎﻧﻮي ﻳﺪرك ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻣﺘﺪادا ﻟﻠﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺬات، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻫﻮ ﺣﺠﺮ اﻟﺰاوﻳﺔ. واﳋﻼﺻﺔ أن اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻛﻤـﺎ ـﺜـﻠـﻬـﺎ 388
ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻓﻨﻮن اﻷداء
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﻣﻴﺘﺰ ﻣﺜﻼ ،ﻗﺪ أﻛﺪت ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺟﻮاﻧﺐ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮة ﺑـt اﻟﻔﻴﻠﻢ واﳊﻠﻢ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ اﻋﺘﺒﺮت ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ واﻟﺘـﻮﺣـﺪ ﺟـﻮﻫـﺮ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟﺘﻠﻘﻲ أو ﺧﺒﺮة اCﺸﺎﻫﺪة ﻟﻸﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻧﻈﺮ ﻣﻴﺘـﺰ إﻟـﻰ ﻣـﺮﺣـﻠـﺔ اCﺮآة ،ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ ﻻﻛﺎن ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻨﻤﻮذج اﻷوﻟﻲ ﳋﺒﺮة اCﺸﺎﻫﺪة ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻈﻬﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وأن ﻫﺎﺗ tاﳋﺒﺮﺗ) tاCﺮآة واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ( ﺗﺸﺘﻤﻼن ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ ﻓﻘﺪان اﻟﺬات وﻣﻦ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ أﻳﻀﺎ ،وﺗﺸﺒﻪ ﺷﺎﺷﺔ اﻟـﺴـﻴـﻨـﻤـﺎ اCـﺮآة، ﻷﻧﻬﺎ aﻌﻨﻰ ﻣﻦ اCﻌﺎﻧﻲ أداة ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻴﻬـﺎ اﻟـﺬات ـــ اﻵن ـــ ﻓـﻲ ﺧـﻼل ﻓـﻌـﻞ اCﺸﺎﻫﺪة ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻌﻜﺲ ــ ﻓﻲ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ــ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اCﺮآة.
389
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
390
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
12اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ
» ﻜﻦ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﳉﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أن ﻳﺨﺒﺮوﻧﺎ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ،وﺑـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﻋﻦ اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ اﻟــﺬي ﻧــﺮاه ،ﻟ ـﻜ ــﻦ ،وﺧ ــﻼل ﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﺑﻬﺬا ،ﻳﺨﺘﻔﻲ اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ« ﻋﺎﻟﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ» :ﻫﺎروﻟﺪ
ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻳﺤﺎ أو ﺣﺘﻰ ﺟﻤﻴﻼ ،وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ إﻟﻰ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ،أو ﻧﺘﻤـﻨـﻰ اﻹﻗـﺎﻣـﺔ ﻓـﻴـﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧـﺮ ﻳـﻜـﻮن ﻣـﺜـﻴـﺮا ﻟـﻠـﻜـﺂﺑـﺔ واﻟـﻨـﻔـﻮر واﻟﺒﻌﺪ .و ﻴﻞ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻬﻢ اﻟﻄﻌﺎم اﻟﻜﺎﻓﻲ واCﺎء واCﺄوى واCﻌﻠﻮﻣﺎت واCﺘﻌﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﳊﻴﺎﺗﻬﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋـﺎم، وأن ﻳـﺘـﺠـﻨـﺒـﻮا ﺗـﻠـﻚ اﻟـﺒـﻴ ـﺌــﺎت اﻟ ـﺘــﻲ ﻻ ﺗــﻮﻓــﺮ ﻫــﺬه اﻷﺷﻴﺎء).(١ وﻗـﺪ أﺷـﺎر ﻋـﺎﻟـﻢ اﻟـﺒـﻴـﻮﻟـﻮﺟ ـﻴــﺎ ﺟــﻮرج أورﻳــﺎﻧــﺰ G.OriansاCﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ــ أي ﻋﻠﻢ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ــ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﻟﻠﻄﻴﻮر ،إﻟﻰ أن إﺣﺴﺎﺳﻨﺎ ﺑﺎﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ :ﻫﻮ اCﻴﻜﺎﻧﺰم اﻟﺬي دﻓﻊ أﺳﻼﻓﻨﺎ اﻟﻘﺪﻣﺎء إﻟﻰ اﺧﺘﻴﺎر اCﻮاﻗﻊ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺴﻜﻨﻰ ،وأﻧﻬﻢ ﻗﺪ وﺟﺪوا ﻏﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ ﺟﻤـﻴـﻠـﺔ وﺗـﺴـﺎﻋـﺪ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﻜﻴﻒ واﻟﺒﻘﺎء .وأﺷﺎر ﻋﻠﻤﺎء آﺧﺮون إﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﺤﺐ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻬﻞ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻬﺎ وﺗـﺬﻛـﺮﻫـﺎ ،وأﻳـﻀـﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻋﺸﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻌﺮﻓﻨﺎ ﻣﺪاﺧـﻠـﻬـﺎ وﻣﺨﺎرﺟﻬﺎ ) .(٢ﻓﻔﻲ دراﺳﺎت ﻋﻦ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻃﻔﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴ tﻟﻸﻣﺎﻛﻦ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ اﺗﻀﺢ أﻧﻬﻢ ﻳﻔـﻀـﻠـﻮن اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺑﻐﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟـﺮﻏـﻢ ﻣـﻦ 391
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺰوروﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻟﻜﻦ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴ tﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﲢﺪﻳﺪا ،ﻓﺘﻌﻠﻘﺖ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺘﻠﺊ ﺑﺄﺷﺠﺎر اﻟﺼﻨﻮﺑﺮ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ أوراﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺳﻢ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﺑﻼدﻫﻢ ،إﻧﻬﺎ ﺗﻔﻀﻴﻼت ﺰج ﺑt اﻟﻘﺪ& واﳉﺪﻳﺪ ،ﺑ tﺗﺮاث اﻷﺳﻼف اCﻬﺠﻮر ،واﻷرض اﳉﺪﻳﺪة اCـﺄﻟـﻮﻓـﺔ. وﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼت ﺑ tﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد ﻟﻠﺼﺤﺎري أو اﻟﻐﺎﺑﺎت اCﻄﻴﺮة .وﻣﻊ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻨﻤﻂ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ ﻫﺬه ،وﺟﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن أن اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اCﻔﻀﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫـﻲ اﻷﻣـﺎﻛـﻦ ﺷـﺒـﻪ اCﻔﺘﻮﺣﺔ ،أي أﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ اCﻜﺸﻮﻓﺔ ﺎﻣﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ ﲡﻌﻞ اCﺮء ﻣﻌﺮﺿﺎ ﻟﻼﻧﻜﺸﺎف أو اﳊﺮج ،وﻻ اﻷﺷﺠﺎر ذاﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺖ ﺑﺪرﺟﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ــ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻌﻮق اﻟﺮؤﻳـﺔ واﳊﺮﻛﺔــ إﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن أرﺿﺎ ﻣﻐﻄﺎة ﺑﺎﻷﻋﺸﺎب واﻷﺷﺠﺎر ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻔﺘﺢ اﲡﺎﻫﺎت ﻟﺮؤﻳﺔ اﻷﻓﻖ ،ﺗﻜﻮن أﺷﺠﺎرﻫﺎ ﻛﺒﻴﺮة ،وﻣﻴﺎﻫﻬﺎ واﻓﺮة ،وذات ارﺗﻔﺎﻋﺎت ﻣﺘﻐﻴﺮة ﻏﻴﺮ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﺗﺆدي إﻟﻰ داﺧﻠﻬﺎ أو إﻟﻰ ﺧﺎرﺟﻬﺎ).(٣ وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳋﺼﺎﺋـﺺ ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ اﻫـﺘـﻢ ﻋـﺎﻟـﻢ اﳉـﻐـﺮاﻓـﻴـﺎ ﺟـﻲ أﺑـﻠـﺘـﻮن J.Appletonﺑﺘﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺎﻫﺎ »ﻧﻈﺮﻳﺔ اCﺮﺻﺪ واCﻼذ Prospect «and refugeﻓﻲ وﺻﻔﻪ ﻟﻠﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻜﺎﺋﻦ ﻓﻴﻪ أن َﻳﺮى دون دون أن ُﻳﺮى ،أي اCﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻜﻮﻳـﻦ إﻃـﺎر ﺳـﻴـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻲ ﻣـﺮﺟـﻌـﻲ ﻣﻨﺎﺳﺐ و ﺘﻊ ﺣﻮﻟﻪ ،إﻧﻪ ﻣﻜﺎن ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﻓﻴﻪ اCﺮء ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ اCﺼﺎﺣﺐ ﳊﺎﻟﺔ اﻟﺘﻴﻪ أو اﻟﻀﻴـﺎع ﻓـﻲ ﻏـﺎﺑـﺔ ﻫـﺎﺋـﻠـﺔ اﻷﺣـﺮاش أو ـﺘـﺪة اﻷﻃـﺮاف ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺧﺮﻳﻄﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺘﺒﻠﻮرة أو ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻳﻨﺘﻬﻲ ،واCﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ¢ ﺣﻮﻟﻪ ،ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺎت اCﻜﺎن اﻟﺒﺎرزة اCﻤﻴﺰة داﺧﻠﻪ ،ﻛﺎﻷﺷﺠﺎر واﻟﺼﺨﻮر واCﺒﺎﻧﻲ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻲ ﺮاﺗﻪ أو ﺷﻮارﻋﻪ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ وﺣﺪوده ﻛﺄﻧﻬﺎره وﺳﻼﺳﻞ ﺟﺒﺎﻟﻪ ،واﺠﻤﻟﺎز أو اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻀﻴﻖ اﻟﺬي ﲢﻴﻂ ﺑﻪ اﻷﺷﺠﺎر وﻳـﺮى اﻷﻓﻖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،وﻗﺪ ﻳﻜـﻮن اCـﻜـﺎن ﻣـﺜـﻴـﺮا ﻟـﻼﺿـﻄـﺮاب دون ﻫـﺬه اﻟـﻨـﻘـﺎط اﻟﻬﺎدﻳﺔ).(٤ ﻛﺬﻟﻚ اﻛﺘﺸﻒ ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن ــ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺘﻬﻤﺎ ﻻﺣﻘﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ــ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻟﻠﺠﻤﺎل اﻟﺒﻴﺌﻲ أﻃﻠﻘﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ اﳋﻔﺎء Mystery وﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮم ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳉﻮاﻧﺐ اﺠﻤﻟﻬﻮﻟﺔ أو اﳋﻔﻴﺔ أو اﻟـﻐـﺎﻣـﻀـﺔ ﻧـﺴـﺒـﻴـﺎ ﻣـﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮﻧﺎ ﻻ ﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ،وﻣﻦ ﺛـﻢ اﻻﺳـﺘـﻤـﺘـﺎع ﺑﻬﺬا اﻻﻛﺘﺸﺎف ﻟﻬﺎ .وﻳﺘﻤﺜﻞ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ اCﻤﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻠـﺘـﻮي أو ﺗـﻨـﻌـﻄـﻒ 392
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﻫﻨﺎك ﺣﻮل اﻟﺘﻼل ،وﺟﺪاول اCﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻮي وﺗﺘﻌﺮج ﺧﻼل ﻣﺴﺎرﻫﺎ ،واﻷرض اCﺘﻤﻮﺟﺔ ارﺗﻔﺎﻋﺎ واﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اCـﻐـﻠـﻘـﺔ ﺟـﺰﺋـﻴـﺎ ،أي ﻏﻴﺮ اCﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ. إن اﳉﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ أﻣﺮ ﻋﺎم ،أو ﻋﺎCﻲ ﺑ tاﻟـﺒـﺸـﺮ .ﻓـﻌـﺒـﺮ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ وﻓﻴﻤﺎ ﺑ tﻛﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻴﻞ ﻗﻮي ﻟﺪى اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻓﺔ ﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .وﺑﺮﻏﻢ ﻣﺎ ﻜﻦ أن ﻳﻘﺎل ﻣﻦ وﺟﻮد ﺑﻌﺾ اCﺆﺛﺮات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﻘﻴـﻢ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،ﻓـﺈن ﻣـﻌـﻈـﻢ اﻟﺪراﺳﺎت ﻗﺪ أﺷﺎرت إﻟﻰ أن ﻣﻌﻈـﻢ اﻟـﻨـﺎس ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن اﻷﻧـﻮاع ﻧـﻔـﺴـﻬـﺎ ﻣـﻦ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻌﻴﺎر ﻋﺎم ﻟﻠﺬوق اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ )إذا اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﻫﻴﻮم( .وﻳﻔﺘﺮض ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء أن اCﻴﻜﺎﻧﺰم اCﺴﺆول ﻋﻦ ﻫﺬا اCﻌﻴﺎر أو ﻫﺬه اﻟﺘﺸـﺎﺑـﻬـﺎت ﻫـﻮ ﻣـﻴـﻜـﺎﻧـﺰم ﻓـﻄـﺮي ﻟـﻪ دﻻﻟـﺘـﻪ اﻟـﺘـﻜـﻴـﻔـﻴـﺔ واﻟﺘﻄﻮرﻳﺔ .وﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻀﻠﻬـﺎ اﻟـﻨـﺎس ﻓـﻲ دراﺳـﺎت ﺑـﻴـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ: ١ــ وﺟﻮد اCﺎء ،ﺧﺎﺻﺔ اCﺎء اﻟﻨﻈﻴﻒ اﻟﻄﺎزج اCﺘﺠﺪد اﻟﻀﺮوري ،ﺑﻄﺒﻴـﻌـﺔ اﳊﺎل ،ﻟﻠﺤﻴﺎة. ٢ــ وﺟﻮد ﻧﺒﺎﺗﺎت ﺧﻀﺮاء ذات أوراق ﻳﺎﻧﻌﺔ ﻧﻀﺮة ﺗﺒﻬﺞ اﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ،وﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ واﻟﻄﻌﺎم واﻟﺰﻫﻮر ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم. ٣ــ وﺟﻮد أﻣﺎﻛﻦ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺗﻘﺪم اﻟﻔﺮﺻﺔ اCﻨﺎﺳﺒـﺔ ﳊـﺮﻳـﺔ اﳊـﺮﻛـﺔ، وأﻳﻀﺎ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﻐﺮﺑﺎء أو ﻏﻴﺮ اCﺮﻏﻮب ﻓـﻴـﻬـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﺒـﺸـﺮ أو ﻏـﻴـﺮﻫـﻢ ﻣـﻦ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت )اﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻀﺎرﻳﺔ ﻗﺪ ﺎ ﻣﺜﻼ(. ٤ــ وﺟﻮد أﺟﻤﺎت Clumpsﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر اCﺘﻔﺮﻗﺔ ،ووﺟﻮد ﺷﺠﻴﺮات ﺧﻔﻴﻀﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ اﻷﻏﺼﺎن ﺎ ﻳﻘﺪم ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اCﺄوى وﻛﺬﻟﻚ ﺷﻜﻼ أو إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﻀﻮاري واﻷﻋﺪاء. ووﻓﻘﺎ ﻟﻠﻔﺮوض اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻵن ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻠﺬة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ أو اﳊﻴﻮﻳﺔ ،Biophilicﻓﺈن اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻜﻮن ﻫﻲ أﻛﺜﺮ اﻟﺒﻴﺌﺎت إﺛﺎرة ﻟﺴﺮور اﻹﻧﺴﺎن وارﺗﻴﺎﺣﻪ).(٥ إن ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻋﻨﺼﺮ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،ﻓﺤﺎﻟﺘﻨﺎ اCﺰاﺟﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اCﻜﺎن اﶈﻴﻂ ﺑﻨﺎ .وﻟﻨﺘﺼﻮر اﺧﺘﻼف ﺣﺎﻻﺗﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺣﺎﻓـﻠـﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺰدﺣﻤﺔ ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ )أوﺗﻮﺑﻴﺲ( ،ﺛﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﻋﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﺰﻫﻮر 393
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻷﺷﺠﺎر واCﻴﺎه اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ أو ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺑﺤﻴﺮة ﻫﺎدﺋﺔ .واﻟـﻘـﻮاﻋـﺪ اﻟـﺜـﻼث ﻟﺸﺮاء ﻣﻨﺰل ــ ﻓﻲ رأي ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺑﻨﻜﺮ ــ ﻫﻲ اCﻮﻗﻊ واCﻮﻗﻊ واCﻮﻗﻊ ﻣـﻊ ﻣـﺎ ﻗـﺪ ﻳﺼﺎﺣﺐ ﻫﺬا اCﻮﻗﻊ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ وﺟـﻮد وﺳـﺎﺋـﻞ اﻟـﺮاﺣـﺔ واﻟـﺘـﺮﻓـﻴـﻪ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﻷﺷـﺠـﺎر أو اﻷرض اCـﻜـﺴـﻮة ﺑـﺎﻟـﻌـﺸــﺐ وﻣــﻮﻗــﻊ ا Cـﻴــﺎه )اﻷﻧ ـﻬــﺎر واﻟ ـﺒ ـﺤــﺎر واﻟﺒﺤﻴﺮات ...إﻟﺦ( وﻛﺬﻟﻚ اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻌﺎم اCﻨﺎﺳــﺐ .أﻣﺎ ﻗﻴﻤـــﺔ اCـﻨـﺰل ذاﺗــﻪ ﻓﺘﻌﺘﻤــﺪ ﻋﻠــﻰ ﻛﻮﻧــﻪ ﻣــﻼذا آﻣﻨــﺎ ،وأﻳﻀــﺎ ﻋﻠـﻰ ﺗﻮاﻓﺮ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﳋﻔﺎء ﻓﻴﻪ )ﻓﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﻨﻮاﻓﺬ واCﺴﺘﻮﻳﺎت أو اﻟﻄـﻮاﺑـﻖ اCـﺘـﻌـﺪدة واﻷرﻛـﺎن اﻟـﺒـﻌـﻴـﺪة واCﻨﻌﻄﻔﺎت().(٦ إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اCﻨﺰل ــ اﻟﺬي وﺻﻔﻪ ﺑﻨﻜﺮ ــ ﻳﺒﺪو ﻟﻠﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵن وﻛﺄﻧﻪ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﳊﻠﻢ ،ﺣﻠﻢ ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻓﻌﻼ ﻟﻠﻤﻼﻳ tﻣﻨﻬﻢ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن أﻣﺎﻣﻬﻢ ﺳﻮى أن ﻳﺴﺘﻌﻴﺪوا ذﻛﺮﻳﺎت ﻏﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ اﻟﻘﺪ ﺔ ،ﻓﻲ أﺣﻼم ﻧﻮﻣﻬﻢ ،وأﺣﻼم ﻳﻘﻈﺘﻬﻢ ،أو أن ﻳﺒﺤﺜﻮا ﻋﻦ ﺻﻮر ﻓﻨﻴﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ )ﻟﻮﺣﺎت Cﻨـﺎﻇـﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻳﻀﻌﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ( ،أو ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ )اﻷﻓﻼم واCﺴﻠﺴﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺰﺧﺮ aﺜﻞ ﻫﺬه اCﻨﺎﻇﺮ واﻟﺒﻴﺌﺎت( ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻐﺮاق ﻓﻲ ﺣـﺎﻻت ﺧـﺎﺻـﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ اCﻤﺘﻊ ،ﻟﻜﻨﻪ اﻟﺬي ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺼﺤﻮﺑـﺎ ﺑـﺎﻷﺳـﻰ واﻟـﺰﻓـﺮات واﻟﺘﻨﻬﻴﺪات اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻣﺎ زال ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل اﳉﺪﻳﺪ واCﺴﻤﻰ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ« ﻳﺘﺒﻠﻮر وﺗﺘﺮاﻛﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﺪراﺳﺎت .وﻗﺪ ﺑﺪأ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺎت اCﺪﻧﻴﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ واﻷﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﺠﺮد ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻘﺪ& رؤﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎر اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﺣـﻮل أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل.
ﺗﻌﺮﻳﻒ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﺜﻞ »اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺎت اﻟـﺒـﻴـﺌـﻴـﺔ« أو »ﻋـﻠـﻢ اﳉـﻤـﺎل اﻟـﺒـﻴـﺌـﻰ«Environmental ، Aestheticsﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﳋﺎص اCﺘﻤﻴﺰ ﺑ tﻣﺠﺎﻟ tﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺒﺤﺚ ﻫﻤﺎ :اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ،وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﻴﺌﻲ ،وﺣـﻴـﺚ ﻳـﺴـﺘـﺨـﺪم ﻫﺬان اﺠﻤﻟﺎﻻن ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاCﺜﻴﺮات اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ).(٧ ﺗﻬﺘﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن وﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺣﺪوث اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ 394
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻬﺎ ،وأﻳﻀﺎ ﺑﻘﻴﺎس اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ، ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺻﻴﺎﻏﺎت ،أو ﻣﺒـﺎد ﻋـﺎﻣـﺔ ﲢـﻜـﻢ ﺗـﻔـﻀـﻴـﻞ اﻹﻧـﺴـﺎن ﻟﻠﻤﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،واCﺜﺎل اﻟﺒﺎرز ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ دراﺳﺎت ﻓﺨﻨﺮ اCﺒﻜﺮة ،وﺑﺮﻟ tاﻟﻼﺣﻘﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺎﻣﺲ. أﻣﺎ »ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﻴﺌﻲ« ،ﻓﻬﻮ ﻣﺠﺎل ﺗﻄﺒـﻴـﻘـﻲ ﻳـﻬـﺘـﻢ ﺑـﺪراﺳـﺔ وﲢـﺴـt أﺣـﻮال اﻟـﻨـﺎس اCـﺮﺗـﺒـﻄـﺔ ﺑـﺎCـﻜـﺎن أو اﻟـﺒـﻴـﺌـﺔ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص .وﻗـﺪ أﺻـﺒـﺤـﺖ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ« ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻣﺘـﻤـﻴـﺰا ،ﻣـﻦ ﺧـﻼل ذﻟـﻚ اﻟـﺪﻣـﺞ اﻟﺬي ﺣﺪث ،ﺑ tاﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ واﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ، واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﻣﺎﻛﻦ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس ــ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺘﺴـﻢ ﺑـﻪ ﻣـﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ أو ﺳﻠﺒﻴﺔ ــ وﻛﺬﻟﻚ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻨﺎس ﻟﻬﺬه اﻷﻣﺎﻛﻦ ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺨﺪام اCﻨﺎﻫﺞ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. وﻳﺸﺘﻤﻞ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ،إذن ،ﻓﻲ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ« ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎوﻻت ﻟﻔﻬﻢ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﻮﺟﺪان )اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت( واﻟﺴﻠﻮك، ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻔﻬﻢ إﻟﻰ ﺗﺼﻤﻴﻤﺎت ﺑﻴﺌﻴﺔ ﺟﺪﻳـﺪة ﻳـﺤـﻜـﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻔﻀﻠﺔ أو ﻣﺤﺒﺒﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ).(٨ وﺑﺮﻏﻢ أن اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻫﻲ ﻣﺠﺮد ﻋﺎﻣﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺒﻴﺌﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻬﻢ ،ﻓﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ أو اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻴﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺧﺒﺮاﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﻓﻴﺸﻌﺮ ﺑﺤـﺴـﻦ اﳊـﺎل ﻋـﻨـﺪ وﺟـﻮده ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻓﺘﺘﺄﺛﺮ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻊ وﺳﻜﺎﻧﻪ أﻳﻀﺎ ،واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ. وﻣﻦ ﺧﻼل اCﻌﺮﻓﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ﺑ tﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﺘﺄﺛـﻴـﺮات اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ واﻟـﻮﺟـﺪاﻧـﻴـﺔ واﻟـﺴـﻠـﻮﻛـﻴـﺔ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟـﻬــﺬه اﳋ ـﺼــﺎﺋــﺺ ،ـﻜــﻦ ﻟﻠﻤﺘﺨﺼﺼ tﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺒﻴﺌﻲ واCﻌﻤﺎري أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ــ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ أﻓﻀﻞ ــ ﺑﺎﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺘﺼﻤﻴﻢ واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ واﻹدارة اﳉﻴﺪة ﻟﻠﻤﻮاﻗﻊa ،ﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻫﺬا اCﻜـﺎن ،أو ﻳـﺘـﻮﻗـﻊ أﻧﻬﻢ ﺳﻮف ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ﻓﻲ اCﺴﺘﻘﺒﻞ. وﺗﻌﺘﺒﺮ اﻹﻋﻼﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺘﻠﺊ ﺑﻬﺎ اﻟﺼﺤﻒ اﻵن ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان ،ﻋﻦ ﻣﺪن ﺟﺪﻳﺪة ،وﻣﺒﺎن ﺟﺪﻳﺪة ،وأﻣﺎﻛﻦ ﺟﺪﻳﺪة ...إﻟﺦ ،واﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﳋﺎص ﻟﻬﺬه اﻹﻋﻼﻧﺎت ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻴـﺔ ،ﻣـﻦ أﺷـﺠـﺎر ،وﻣـﻴـﺎه 395
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺷﻮارع واﺳﻌﺔ ،وﻫﻮاء ﻧﻘﻲ ...إﻟﺦ .ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺮدﻳﺪ )أﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﻪ وﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ( ﻷﻓﻜﺎر ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺮرة ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﲡﺬب اﻟـﻨـﺎس أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻐﻴﺮت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﻮل اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان، ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﻄﻠﻘﺎت ﺻﺤﻴﺔ أوﻻ ،ﺛﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﻄﻠﻘﺎت ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟـﻚ، وﻗﺪ اﺳﺘﺤﺪﺛﺖ وزارات ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان ،وﻇﻬﺮت دراﺳﺎت ﻋﺪة ﺗﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ اﳉﺎﻧﺐ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﳋﺒﺮة اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ. وﻗﺪ أﺷﺎرت دراﺳﺎت ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺒﻌﺪ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ .ﻓﻘﺪ وﺟﺪ ﻛﺎﻧﺘﺮ Canterﻣﺜﻼ أﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻌﻤﺎرﻳ tوﻏﻴﺮ اCﻌﻤﺎرﻳ tﻛﺎن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺎت اCﺜـﻴـﺮة ﻟـﻼﻧـﺘـﺒـﺎه ﻫـﻮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ واﳉﻤﺎل).(٩ ﺑﻞ إن ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻣﺜﻞ أوﻟﺮﻳﻚ Urlichﻗﺪ وﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٩٨٤أن زﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ وﺳﺮﻋﺔ اﻟﺸﻔﺎء ﻓﻲ اCﺴﺘﺸﻔﻰ ﻛﺎن ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻨﻮﻋﻴﺔ اCﻨﻈﺮ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﻳﺸﺎﻫﺪه اCﺮﻳﺾ ﻣﻦ ﻏﺮﻓﺘﻪ ،أي أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اCﻨﻈﺮ ﺟﻤﻴﻼ ﻛﺎن اﻟﺸﻔﺎء أﺳﺮع .وذﻛﺮ ﺑﺎﺣﺜﻮن آﺧﺮون أن اﻟﺸﻌﻮر اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺴـﺎس ﺑـﺎCـﻮاﻃـﻨـﺔ وﻋـﻠـﻰ ﻣﻌﺪﻻت اﳉﺮ ﺔ أﻳﻀﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺰداد اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﻮاﻃﻨﺔ وﺗﻘﻞ ﻣﻌﺪﻻت اﳉﺮ ﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اCﻜﺎن ﺟﻤﻴﻼ .إن اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺗﺴﺎﻫـﻢ ﻛـﺬﻟـﻚ ﻓـﻲ ﺣـﻞ ﺗـﻠـﻚ اCﻌﻀﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻛﺜﻴﺮا واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎوت ﺑ tأﺣﻜﺎم اﻟﻨﺎس اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ وأﺣﻜﺎم اﳋﺒﺮاء ،ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﻳﻨﻈﺮ اﻟﻨﺎس أﺣﻴﺎﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ واﻟﺰﺧﺎرف واﻟﻨﻮاﻓﻴﺮ واﺠﻤﻟﺴﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع واCﻴﺎدﻳﻦ ،وﻣـﺪاﺧـﻞ اCـﺒـﺎﻧـﻲ اﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اCﻮاﻗﻊ اCﻬﻤﺔ ﻓﻲ اCﺪن اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺳﻴﺌﺔ ،وﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﻨﻈﺮ اCﺮء إﻟﻴﻬﺎ).(١٠ ﻟﻘﺪ ﺣﺼﻞ اCﺜﱠﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ رﻳﺘﺸﺎرد ﺳﻴﺮا R.Serraﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ ﺻﻨﻊ ﺜﺎل ﻛﺒﻴﺮ ﻳﻮﺿﻊ أﻣﺎم اCﺒﻨﻰ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺜﺎل ﻫﻨﺎك اﻋﺘﺒﺮه اﻟﻨﺎس aﻨﺰﻟﺔ اﻻﻗﺘﺤﺎم اﻟﻘﺒﻴﺢ ﳊﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻟﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮوه ﻋﻤـﻼ ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ أن ﻳـﻘـﺎﺑـﻞ ﺑﺎﻻﺣﺘﻘﺎر واﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ﻻ اﻟﺘﻘﺒﻞ واﻹﻋﺠﺎب. وﺛﺎرت ﺧﻼﻓﺎت وﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﺣـﻮل ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻤـﺜـﺎل ،ووﻗـﻒ ﻋـﺪد ﻣـﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﺑﺠﻮار زﻣﻴﻠﻬﻢ ﺿﺪ اﳉﻤﻬﻮر اﻟﻌﺎم ،وﻟﻢ ﻳﻜـﻦ واﺿﺤـﺎ ﻓـﻲ ذﻫـﻨـﻪ ،وﻻ 396
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﻓﻲ أذﻫﺎﻧﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ،أن اCﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻤﺜﺎل ﻳـﻠـﻌـﺐ دورا أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ،ﻓﺎﻟﺘﻤﺜﺎل اﻟﺬي ﺳﻴـﻮﺿـﻊ أﻣـﺎم اCـﺒـﺎﻧـﻲ أو ﻓـﻲ اCﻴﺎدﻳﻦ ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ اﻟﻨﻈﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﻨـﻈـﺮﻫـﺎ إﻟـﻰ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻮﺿﻊ ﻓﻲ اCﺘﺎﺣـﻒ وﻗـﺎﻋـﺎت اﻟـﻌـﺮض ) .(١١إن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اCﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻫﻲ أﻋﻤﺎل ﻗﺪ ﻳﺮاﻫﺎ اﻟﻨﺎس ﻛﻞ ﻳﻮم، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﺎﻣﺎ ﻣﻊ أذواﻗﻬﻢ ،ﺑﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻞ اﻟﻔﻨﺎن ،ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻖ اCـﺘـﻤـﻴـﺰ ﺑـ tأﺳـﻠـﻮﺑـﻪ اﳋﺎص ،وﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﻨﺎس ،وﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وأذواﻗﻬﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. ﻓﻬﻮ إذا أراد أن ﻳﻜﻮن ﻣﺆﺛﺮا ،وأن ﻳﻜﻮن ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻘﺒﻮﻻ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﻳﺘﻔﺎوت ﻧﺘﺎﺟﻪ اﻟﻔﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻊ اﻟﺬوق اﻟﻌﺎم اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﻋﺼﺮه .ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ ﲢﺮﻳﻚ اﻟـﺬوق ﻟـﻬـﺎ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ارﺗﻘﺎء اﻟﺮﻗﻲ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وذﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﻢ ﺧﻄﻮة ﺧﻄﻮة ،وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺪرﻳﺠﻲ ،ﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻔﺰات واﻟﻄﻔﺮات .ﻫﺬا ﻣﺎ ﻃﺮﺣﻨﺎه ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪة ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب )ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺜﻼ( وﻧﻄﺮﺣﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻫﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ وﺟﻤﺎﻟﻴﺎﺗﻬﺎ. ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ وﻣﺎ ﺎﺛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣـﻦ اﻷﻣـﻮر اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺼـﺪى ﻟـﻬـﺎ ﻋـﻠـﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وﺣﺎول أن ﻳﻘﺪم ﺣﻠﻮﻻ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻓـﺎCـﺆﺛـﺮات اﻟـﺒـﻴـﺌـﻴـﺔ ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺆﺛﺮات ﺷﻜﻠﻴﺔ ،و ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺆﺛﺮات رﻣﺰﻳﺔ ،واCﻬﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ اCﻨﺎﺳﺐ ﺑ tﻫﺬﻳﻦ اﻟﺒﻌﺪﻳﻦ. ﻳﺮﻛﺰ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺸﻜﻠﻲ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ اCﻮﺿﻮع اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺜﻞ ،اﳊﺠﻢ ،واﻟﻠﻮن ،واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،واﻟﺸﻜﻞ اﳋـﺎرﺟـﻲ، واﻟﺘﻮازن ...إﻟﺦ أﻣﺎ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺮﻣﺰي ﻓﻴﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اCﻌﺎﻧﻲ ،واﻟﺪﻻﻻت ،واﻟﺮﻣﻮز اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﻠﻚ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ .إن زﻫﺮة ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻌﺎﻳـﻴـﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺪﻋﻴﻬﺎ زﻫﺮة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻳﻠﻌﺐ اﻟﺴـﻴـﺎق واﻷﺳـﻠـﻮب دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳉﺎﻧﺐ اﻟﺮﻣﺰي أو اﻟﺪﻻﻟﻲ. وﻗﺪ ﻣﻴﺰ »ﺑﻮرﺗﻴﻮس« ﺑ tاﳉﻤﺎﻟـﻴـﺎت ﻓـﻲ ﺻـﻮرﻫـﺎ اﳊـﺴـﻴـﺔ واﻟـﺸـﻜـﻠـﻴـﺔ واﻟﺮﻣـﺰﻳـﺔ ،Sensory, Formal, and SymboIicﺣﻴﺚ ﺗﻬﺘﻢ اﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﳊـﺴـﻴـﺔ ﺑﺘﻠﻚ اCﺘﻊ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﻨﻴﻬﺎ اCﺮء ﻋﻨﺪ ﺗـﻠـﻘـﻴـﻪ ﺑـﻌـﺾ اﻹﺣـﺴـﺎﺳـﺎت اﳋـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ :إﻧﻬﺎ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺎﻷﺻﻮات واﻷﻟﻮان واCﻼﻣﺲ واﻟﺮواﺋﺢ ...إﻟﺦ. أﻣﺎ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻓﺘﻌﻨﻰ أﻛﺜﺮ ﺑﺘﺬوق اﻷﺷﻜﺎل ،واﻹﻳﻘﺎﻋﺎت واﻟﻜﺘﻞ 397
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
واﻟﻔﺮاﻏﺎت ،واﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺎت ،أو اﻟﺘﺘﺎﺑﻌﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄﺣﺪاث ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺼﺮي .وﺗﺘﻌﻠﻖ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺑﺎCﻌﺎﻧـﻲ اCـﻮﺟـﻮدة ﻓـﻲ اﻟـﺒـﻴـﺌـﺔ، واﻟﺘﻲ ﻨﺢ اﻷﻓﺮاد ﺑﻌﺾ اCﺴﺮات ،أو اCﺘﻊ اﳋﺎﺻﺔ. وﻣﻦ ﺑ tﻋﻠﻤﺎء اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ وداﺧﻠﻬﺎ ﻫﻨﺎك اCﻬﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﻌﻤـﺎرة ،أو ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟــﻲ ،وﻫﺆﻻء ﻳﻬﺘﻤـﻮن ﺑـﺎﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟـﺸـﻜـﻠـﻴـﺔ ،وﻫـﻨـﺎك اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴـــﻮن واﻟﻨﺸﻄـــﺎء اﻟﺴﻴـــﺎﺳﻴـــﻮن واﻻﺟﺘﻤﺎﻋــﻴــﻮن ،وﻫﺆﻻء ﻳﻬﺘﻤﻮن أﻛﺜﺮ ﺑﺎCﻌﺎﻧﻲ. إن اCﻌﺎﻧﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﻷﻧـﻬـﺎ ﺗـﻘـﻒ وراء اﻟـﺪاﻓـﻊ اﳋـﺎص ﻟـﻠـﺘـﺨـﻄـﻴـﻂ اﻟـﺒـﻴـﺌـﻲ واCﻌﻤﺎري ،ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮل ﺟـﺮﻳـﻨـﺒـﺎي Greenbieإن ﻫﻨﺎك دﻻﻟﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴـﺔ ﻛـﺒـﻴـﺮة، ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اCﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﻳﺰورﻫﺎ اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺒـﺮﻳـﺔ ﻣﺜﻼ ،وﻫﻲ ذات دﻻﻟﺔ رﻣﺰﻳﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ .وﻗﺪ ﻛﺎﻧـﺖ »ﺟـﺮوﺗـﺮود ﺷـﺘـﺎﻳـﻦ« ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺣ tﻗﺎﻟﺖ» :إن اﻟﻮردة ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد وردة«).(١٢ ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ــ إذن ــ ﻋﻠﻢ ﺑﻴﻨﻲ Interdisciplinaryوﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﻣﺎزال ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ ،ﻓﻴﺤﺎول أن ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ دراﺳﺎت اﻟﻌﻤﺎرة وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺨﻄﻴﻂ اCﺪن» .وﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﻫﻲ ــ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ــ ﻣﻮاﺿﻊ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم اﳉﻤﺎﻟﻲ« ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺑﻮرﺗﻴﻮس).(١٣ ﻳﻘﺎل إن اﻟﻨﺎس ﻳﻔﻀﻠﻮن ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮن ،أي أن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻪ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻊ اﻷﻟﻔﺔ .وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﺪل أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ أن »اﻷﻟﻔﺔ ﺗﻮﻟﺪ اﻻﺣﺘﻘﺎر« ،ﻛﻤﺎ ﺟـﺎء ﻓﻲ اCﺜﻞ اﻹﳒﻠﻴﺰي ،ﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻷﻟﻔﺔ واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻣﻦ اCﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻼﻗﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻌﺮف اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﺟـﻴـﺪ، ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺤﺒﻬﺎ ،وﻗﺪ ﻳﺤﺐ اﻣﺮؤ ﻣﻨﻄﻘﺔ ،أو ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،أو ﻟﻢ ﻳﺰرﻫﺎ أو زارﻫﺎ ﻣﺮات ﻗﻠﻴﻠﺔ .وﻫﻜﺬا ﺗﺘـﺠـﻠـﻰ ﺣـﻘـﻴـﻘـﺔ أن أﺛـﺮ اﻷﻟـﻔـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ أﺛﺮ ﻣﺮﻛﺐ ،وﻟﻴﺲ ﺑﺴﻴﻄﺎ ،وأﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻳﺠـﺎﺑـﻴـﺎ ﻓـﻘـﻂ أو ﺳﻠﺒﻴﺎ ﻓﻘﻂ. اﺣﺘﻞ ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ« ﻣﻮﻗﻌﺎ ﻣﺮﻛﺰﻳﺎ ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ، وﻳﺸﻴﺮ ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻛﺎﺑﻼن Kaplan .Sإﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻴﻼ ﻟﺪى ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻣﺆﺷﺮا ﺟﻴﺪا ﻟﻠﺤﻜﻢ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻣﻊ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ اCﺜﻴﺮ اﻟﺒﻴﺌﻲ )ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺮﻟ tﻣﺜﻼ( ،ﻫﺬا ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣـﺎل آﺧـﺮون إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴـﺔ اﺗـﺨـﺎذ اﻟـﻘـﺮار ،أو اﻻﺧـﺘـﻴـﺎر ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ 398
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﺣﻴﺚ ﻳﻌﻜﺲ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻣﺮﻛﺒﺔ ،ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ أي ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑ tاﻟﺒﺪاﺋﻞ ،وﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﺬي ﻳُﻌﻄﻰ ﻗﻴﻤﺔ أﻋﻠﻰ ﻫﻮ اCﻔﻀﻞ).(١٤ إن اﻟﻮﺟﻬﺘ tاﻟﺴﺎﺑﻘﺘ tﺗﻮﺣﻴﺎن ﺑﺄن ﻓﻬﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠـﻰ ﲢـﻠـﻴـﻞ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اCﺮﻛﺒﺔ ﺑ tاCﻌﺮﻓﺔ واﻟﻮﺟﺪان ،ﻓﻮﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ« اﻷوﻟﻰ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ دور وﺟﺪاﻧﻲ داﻓﻌﻲ ﺧﺎﻟﺺ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀـﻴـﻞ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻮﻟﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ »اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار« اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴـﺮا ﻟـﻠـﺘـﺤـﻠـﻴـﻼت واﳊـﺴـﺎﺑـﺎت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واCﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﻖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ .واﻷﻣﺮ اﻷﻓﻀﻞ ﻫﻮ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻠﺘﻔﻀﻴﻞ ــ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻛﺎﺑﻼن ــ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اCﺮﻛﺐ ﺑ tاCﻌـﺮﻓـﺔ واﻟﻮﺟﺪان ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻷي ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒa tﻔﺮده .ﻫﻨﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وأن ﻧﻬﺘﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻔﺤﺺ اCﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻲ ﺗُﻔﻀﻞ ،ﻣﻊ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ أﻳﻀﺎ).(١٥ ﻳﻘﻮل اﻻﻓﺘﺮاض اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اCﻨﻈﻮر اﻟﺘﻄﻮري ﺣﻮل اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ـــ وﻫـﻮ اCﻨﻈﻮر اﻟﺴﺎﺋﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮه ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ــ إن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺧﺘﻴﺎر ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺑﻘﺎء اﻟﻜﺎﺋﻦ ﺣﻴﺎ ،ﻓﺈﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻓﻲ اﻛﺘﺴﺎب اCﻌﻠﻮﻣﺎت )ﺣﻴﺚ إﻧﻪ اﺧﺘﻴﺎر ﻳﻘﻮد اﻟﻜﺎﺋﻦ إﻟﻰ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻪ ﻓﻲ اCﻮاﻗﻒ اCﻨﺎﺳﺒﺔ( ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻗﺪ ﻳﺆﺛﺮ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻷداء، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻔﺮد ﻓﻲ اﲡﺎﻫﺎت ﺗﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻌ.t ﻋﻨﺪ اCﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ،ﻳﻘﻮد اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺘﻔﻀﻴﻠﻲ اﻟﻔﺮد ﻧﺤﻮ اﻻﺧﺘﻴﺎر واﻻﻛﺘﺴﺎب Cﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻔﻴﺪة ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻬﺎراﺗﻪ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻜﻴﻔﻪ وﺑﻘﺎﺋﻪ. وﻳﻠﻌﺐ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ــ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ــ دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﻛﺘﺴـﺎب اCـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت، وﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ اCﻬـﺎرات اCـﻬـﻤـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻌـﻠـﻢ واﻷداء واCـﻌـﺮﻓـﺔ واﻟـﻌـﻤـﻞ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺘﺮوﻳﺤﻴﺔ ،واﻟﻘﺮاءة ،واﺧﺘﻴﺎر اﻷﺻﺪﻗﺎء ،واCﻮاﻗﻊ اﶈﺒﺒﺔ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت ،وﺗﺴﺎﻫﻢ اCﺘﻌﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺎﻣﺔ ،واﳉﺎﻧﺐ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺴﻠﻮك ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ .وﻳﻠﻌﺐ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﳉﻤﺎﻟﻲ دورا ﻛﺒﻴﺮا ﻫﻨﺎ ،إﻧﻪ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺪﻫﺸﺔ. 399
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﻘـﻮد اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ اﻟـﺴـﻠـﻮك واﻟـﺘـﻌـﻠـﻢ ،وﻳـﻜ ¢ـﻮن ﺑـﻌـﺾ اﳋـﺮاﺋـﻂ اCﻌﺮﻓﻴـﺔ) ،(١٦وﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ .واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﺒﻴﺌﻲ ﻫﻮ :اﶈﺼﻠﺔ اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ )أي اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑﺪاﺧﻠـﻬـﺎ اﻋـﺘـﺒـﺎرات ﻣﺜﻞ اﻷﻣﻦ ،وﻓﺮص اﻟﺘﻌﻠﻢ ،واCﻌﺮﻓﺔ ،وإﻣﻜﺎن اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء ،أو اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻬﺎ.
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳌﺆﺛﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺒﻴﺌﺎت
ﺗﻘﻮم ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺒﺎرزة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟـﻲ ﻓـﻲ ﻣـﺠـﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻌﺮﻓﻲ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﻬـﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ داﻓﻌﻴﺔ ﻻ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ،ﻣﺜﻼ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻓﻜﺎر وﺗﺼﻮرات اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺮﻟ ،tواﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘـﺎ )ﻓﻬﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﻣﺜﻼ ﺑﺪواﻓﻊ ﻣﺜﻞ ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣـﻬـﺎ ﺑـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻛﺎﻟﺬاﻛﺮة أو اﳋﻴﺎل(. وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﺳﻨﺮﻛﺰ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ ﺟﻮاﻧﺐ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ: ١ــ ﺑﺮﻟ tواﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اCﺜﺎﻟﻴﺔ. ٢ــ أﺑﻠﺘﻮن واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت اCﺘﺠﺪدة ﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ. ٣ــ اﻻﻧﺪﻣﺎج وإﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ )ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن(. ٤ــ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺒﻴﺌﺎت. ﺑﺮﻟ Uواﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ا'ﺜﺎﻟﻴﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻨﺤﻰ ﺑﺮﻟ tووﻟﻮﻳﻞ )ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟــﻢ اﻟــﺬي ﻧﻘﻞ أﻓﻜﺎر ﺑﺮﻟ tإﻟﻰ ﻣﺠﺎل اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺎت اﻟـﺒـﻴـﺌـﻴـﺔ( ،ﻟـﻘـﺪ ﻛـﺎن ﺑﺮﻟ tﻣﻌﻨﻴﺎ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺴﻠﻮك ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،وﻛﺎن اﻓﺘﺮاﺿﻪ اﻷﺳﺎس ﻫﻮ أن اﻟﻨﺎس ﻳﻨﻐﻤﺴﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﻜـﺸـﺎف ﻣـﻌـﺮﻓـﻲ إرادﻳـﺔ ﻷﺣـﺪ اCـﺜـﻴـﺮات ،ﻣـﻦ ﺧﻼل ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺼﺮاع اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،أو ﻋﺪم اﻟﻴﻘ ،tأو اﳊﻴﺮة اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮﻫﺎ ﻫﺬا اCﺜﻴﺮ. واﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ اﻟﺬي ﻋﺮﺿﻨﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻓﻜﺎره ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻣﺘﻐﻴـﺮات اCـﻘـﺎرﻧـﺔ، ﻛﺎﳉﺪة واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ واﻟﻐﻤﻮض ...إﻟﺦ. وﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺤﺪد اCﺮء ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺐ ،أو 400
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﺟﺪة ،أو ﻏﻤﻮض ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋـﻠـﻴـﻪ أن ﻳـﻘـﺎرن ﺑـ tﻣـﺼـﺪرﻳـﻦ ،أو أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻣﺼﺎدر اCﻌﻠﻮﻣﺎت اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﺒﻴﺌـﺎت ،أو اCـﺜـﻴـﺮات .وﻛـﻤـﺎ ﻋـﺮﻓـﻨـﺎ ،ﻓـﺈن أ ﺎط اCﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ )اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺒﻴﺖ اCﺮﻛﺐ( ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ اﳋﺎﺻﻴﺔ اCﺴﻤﺎة ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة ،أي ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺜـﺎرة ﻧـﺸـﺎط اCـﺦ اﻟﺒﺸﺮي ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺣﺎﻻت ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع ،واﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ،واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ، وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت. وﺗﻌﺘﻤﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪار اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﻟﻌﻘﻠـﻲ أو اﻟـﻌـﺼـﺒـﻲ اﻟﺬي ﻧﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﳊﻈﺔ ﻗﻴﺎﻣﻨﺎ ﺑﺈدراك ﻣﺜﻴﺮ ﺑﻴﺌـﻲ ﻣـﻌـ) tﻣـﻨـﺰل ﺟـﻤـﻴـﻞ ﻣﺜﻼ أو ﺣﺪﻳﻘﺔ( ،وﻗﺪ ﻧﺼﻞ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ،أو اCﻌﺮﻓﻴﺔ، إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اCﺘﻌﺔ ،أو اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﻘﻖ اﻟﻠﺬة ،أي ﻧﻮع ﻣﻦ اCﻜﺎﻓﺄة ،أو اCﺘﻌﺔ اCﺘﺤﻘﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ ﻟﻬﺬا اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أو ذاك. وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻓﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،وﻟﻔﻈﻴﺔ ،وﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻓﺮاد ،واﻟﺘﺤﻘﻖ اﻹﺟﺮاﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوض اﻷﺳﺎﺳـﻴـﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ .وﻗﺪ § اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻣﺜﻼ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻔﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﻘﻴﺎس ﺣﺎﻻت ﻣﺜﻞ :اﻟﻬﺪوء واﻟﺘﻮﺗﺮ ــ اﻟﻘﻴﻢ اﳉﻤﻴﻠﺔ ــ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻘﺒﻴﺤﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻌﺮض أو اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻬﺬه اCﺜﻴﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﺗﻠﻚ ،وﻗﺪ أﻛﺪت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ اﻟـﺪراﺳـﺎت ﻋـﻦ اﻷﺷـﻜـﺎل اﻟـﻬـﻨـﺪﺳـﻴـﺔ واﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اCﺜﻴﺮات اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ أﻳﻀﺎ .ﻓﻤﻊ ﺗﺰاﻳﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﺎرة اCﺮﺗﺒﻄﺔ aﻜﺎن ﻣﻌ tأو ﻣﺒﻨﻰ ﻣﻌ tﻋﻦ اﳊﺪ اCﻄﻠﻮب ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﻧﺨﻔﺎﺿﻪ ﻋﻦ اﳊﺪ اCﻄﻠﻮب )اﳊﺪ اCﻄﻠﻮب ﻫﻮ اﳊﺪ اﻷوﺳﻂ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺘ(t ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،أﻣﺎ اﳊﺪ اﻷوﺳﻂ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اCﺜﻴﺮ )اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ــ اﳉﺪة ...إﻟﺦ( ﻓﻬﻮ اﳊﺪ اCﺜﺎﻟﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ. وﻳﺸﻴﺮ ﺑﻮرﺗﻴﻮس Porteusإﻟﻰ أن ﻣﺘﻐﻴﺮات اCﻘﺎرﻧﺔ اﻟﺘﻲ § اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬـﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻣﺼﻤﻤﻲ اCﻨﺎﻇـﺮ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻴـﺔ ﻣـﻨـﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ أو ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻠﻪ ﺑﻜﺜﻴﺮ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻜﺎر اﻟﺘـﺮﻛـﻴـﺐ واﻟـﺘـﻨـﻮع واﳉﺪة ،واﻟـﺘـﻤـﺎﺳـﻚ ،واﻟـﻘـﺪرة ﻋـﻠـﻰ إﺛـﺎرة اﻟـﺪﻫـﺸـﺔ ،واﳊـﻴـﺮة ،واﻟـﺘـﺴـﺎؤل، واﻟﻐﻤﻮض ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ــ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ــ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﻤﻴﻤﺎﺗﻬﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺒﻴﺌـﻴـﺔ ﺑﺸﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ .وﻗﺪ ﻗﺎم اCﺼﻤﻤﻮن واCﻌﻤﺎرﻳﻮن أﻳﻀﺎ ،ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﺘـﻜـﺮر، ﺑﺘﺄﻛﻴﺪ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض واﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ،ﺑﻞ إن ﺗﺄﻛﻴﺪ 401
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻣﺎ ﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض اCﺮﻛﺐ Complex Ambiguityﻫﻮ أﻣﺮ ﺣﺪث ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر ﻓﻲ اﻷدب واﻟﻌﻤﺎرة واCﻮﺳﻴﻘﻲ وﻏﻴﺮﻫﺎ).(١٧ وﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻷﻓﺮاد ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ ــ ﻟﻠﻐﺮف أو اﳊﺠﺮات وﻟﻠﻤﺒﺎﻧﻲ وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺴﻮق وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺎت ــ ﻗﺪ أﻇﻬﺮ اﺧـﺘـﻼﻓـﺎت ﻋـﺪة ﺑـ tﺗـﻘـﺪﻳـﺮات اﻷﻓـﺮاد ﻟـﻠـﺘـﺮﻛـﻴـﺐ، وﺗﻘﺪﻳﺮاﺗﻬﻢ ﻟﻠﺠﻤﺎل .وﻗﺪ ﺧﻠﺺ ووﻟﻮﻳﻞ اﻟﻌﺎم ١٩٧٦إﻟﻰ اﻟﻘﻮل إن اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ، ﻓﻲ أﻓﻀﻞ ﺣﺎﻻﺗﻪ ،ﻳﻠﻌﺐ دورا ﻏﻴﺮ ﻣﺆﻛﺪ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴـﻼت اﻷﻓـﺮاد اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ .وﻗﺪ ﺗﺒ tأن ﻣﻔﻬﻮﻣـﺎ آﺧـﺮ ﻛـﺎCـﻼءﻣـﺔ أو اﻟـﺼـﻼﺣـﻴـﺔ Fittingnessﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ أﻇﻬﺮت دراﺳﺎت ﻋﺪﻳﺪة وﺟﻮد ارﺗﺒﺎﻃـﺎت ﻣـﺮﺗـﻔـﻌـﺔ ﺑ tاCﻼءﻣﺔ ،واﻷﺣﻜﺎم اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﺎرة).(١٨ وأﻇﻬﺮت دراﺳﺎت أﺧﺮى وﺟﻮد ﺗﻔﻀﻴﻞ أﻛﺜﺮ ﻟﻠﻤﻨﺎزل اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ أﺳﻘﻒ ﻣﻨﺤﺪرة أو ﻣﺎﺋﻠﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻲ ﺑﻨﻴﺖ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اCﻮاد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ )اﻟﻄﻮب اﻟﻠ Àﻣﺜﻼ( .ﻓﺎﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﺗﺮﻛـﻴـﺒـﺎ )ﻓﻲ ﺷﻜﻞ واﺟﻬﺎﺗﻬﺎ ﻣﺜﻼ( ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼ ،ﻷﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻼءﻣﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ اCﺒﺎﻧﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﺪاﺛﺔ وﺑﺴﺎﻃﺔ واﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ ﻣﻮاد ﻣﻌﺪﻧـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺒـﻨـﺎء ،ﻫـﻲ اﻷﻗﻞ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻷﻧﻬﺎ أﻗﻞ ﻣﻼءﻣﺔ).(١٩ وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻜﻦ ﺜﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻓـﻲ ﺿـﻮء ﻣـﻨـﺤـﻰ ﺑﺮﻟ tــ ووﻟﻮﻳﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ:
اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎCﻼﺣﻈﺔ
اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﺘﻐﻴﺮات اCﻘﺎرﻧﺔ: ــ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ــ اﻟﺘﻨﻮع ــ اﳉﺪة ــ اﻟﺪﻫﺸﺔ ــ اﳊﻴﺮة ــ اﻟﻐﻤﻮض ــ اﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ــ اCﻼءﻣﺔ
ﺟﻬﺪ اﻻﺳﺘﺜﺎرة
اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ
اﻻﺳﺘﺜﺎرة Arousal
اﻟﻘﻴﻤﺔ اﶈﻘﻘﺔ ﻟﻠﺬة: ــ اCﺘﻌﺔ أو اﻟﺴﺮور ــ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻹﺛﺎﺑﺔ ــ اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ــ اﳉﺎذﺑﻴﺔ ــ اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ
ﺟﺪول ﻳﻮﺿﺢ ﻣﺨﻄﻂ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ )ﻧﻘﻼ ﻋﻦ(١١٩ .Porteous,1996, P :
اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ا'ﺘﺠﺪدة ﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ 402
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﻗﺪم أﺑﻠﺘﻮن )وﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻫﺘﻢ ﺑﺪراﺳﺔ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ( ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴـﺌﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺣﻮاﻟﻰ ،١٩٧٥وﻫﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓﻜﺮة ﻓﺤﻮاﻫﺎ أن ﺟﺬور اﻟﺘﺬوق اﳉﻤﺎﻟـﻲ إ ـﺎ ﺗـﻜـﻤـﻦ ﻓـﻲ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن .وﻫﺬه ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻜﺮة ﺟﺪﻳﺪة ،ﺑﻞ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻋﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮﻟ tﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟﺬﻛﺮ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺜﺎل. ﻳـﻘـﻮم ﻣـﺎ ﻗـﺪﻣـﻪ أﺑـﻠـﺘـﻮن ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﻫـﺬا اﻻﻧـﺘـﺸـﺎر اCـﺘـﺰاﻳـﺪ ﻟـﻠـﺒـﺤـﻮث اﻻﻳﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ) (٢٠ﻓﻲ ﺧﻼل اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ،وﻫﻲ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋـﻴـﺔ Sociobiologyﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ »اﻟﻄﺒﻊ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﻄﺒﻊ«. وﻗﺪ أﺷﺎرت اCﻼﺣﻈﺎت اﻻﻳﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل إﻟﻰ أن اﳊﻴﻮاﻧـﺎت ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﺎ اﻧﺸﻐﺎل زاﺋﺪ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ اﻷﻋﺸﺎش واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اCـﺄوى ،واﻛـﺘـﺸـﺎف اﻟﻄﻌﺎم ،واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓـﻲ أن ﺗَﺮى دون أن ﺗُﺮى .وﻗﺪ ﺗﻘﺪم أﺑﻠﺘﻮن ﺑﻬﺬه اﳋـﻄـﻮة إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ،ﺣﻴﺚ اﻗﺘﺮح أن اﻟﺒﺸﺮ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺳﻼﻟﻴﺔ )ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎب واﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻘﺪ ﺔ اﻟﺒﺎﺋﺪة( ﻟﻠﻤﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻرﺗﻘﺎء اﳋﺎص ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺒﻘﺎء. إن اﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻨﺎ ﻟﻠﻤﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻓﻲ رأﻳﻪ ،ﻫﻲ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣـﺎ ،أﻣـﺮ ﻓـﻄـﺮي ﻧﻮﻟﺪ ﺑﻪ ،وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺸﻌﻮر اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ــ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻪ ــ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻲ .ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اCﻴﻜﺎﻧﺰﻣﺎت ــ ﻣﻴﻜﺎﻧﺰﻣﺎت اﻟﺴﻠﻮك ــ اﻟﺘـﻲ وﺗﺪﻋﻢ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻴﻜﺎﻧﺰﻣﺎت ﻓﻄﺮﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻﺑﺪ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺸﻂ ُ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳋﺒﺮة اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ وﻫﻜﺬا ﻓﺈﻧﻪ ــ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل أﺑﻠﺘﻮن ــ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎCﻼﺣﻈﺔ أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺟﻤﺎﻟﻲ ،ﻓﺈن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺴﻌﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺧﻠﻖ أو ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺷﻲء ﻣﺎ ﺧﺎص ﺑﻬـــﺬه اﻟﻌﻼﻗـــــﺔ اﻟﺒﺪاﺋــﻴــﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺑ tأﺣﺪ اﺨﻤﻟﻠﻮﻗﺎت ،وﻣﻮﻃﻨﻪ ،أو ﻣﻜﺎﻧﻪ اCﺄﻟﻮف. وﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺆاﻟ :tﻣﺎ اﻟﺬي ﻧﺤﺒﻪ ﻓﻲ أﺣﺪ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ? وCﺎذا ﻧﺤﺒﻪ? اﻓﺘﺮض أﺑﻠﺘﻮن »ﻧﻈﺮﻳﺔ اCﻮﻃﻦ« ،Habitat Theoryﺛﻢ اﻓﺘﺮض ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻧﻈﺮﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﲢﺪﻳﺪا ﻫﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ »اCﺮﻗﺐ ــ أو اCﺮﺻﺪ ــ واCﻼذ« Prospect . and Refuge Theoryوﺗﻔﺘﺮض ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﺑﺒﺴـﺎﻃـﺔ أن اﻹﻧـﺴـﺎن ﻋـﻤـﻮﻣـﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎCﺘﻌﺔ ،واﻹﺷﺒﺎع ،أو اﻟﺮﺿﺎ ﻋﻨﺪ رؤﻳﺘﻪ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺪرﻛﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻬﺔ ،أو ﺗﻘﻮد اﻟﺴﻠﻮك ﻧﺤﻮ ﲢﻘﻴﻖ اﳊﺎﺟﺎت اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻪ. 403
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
إﻧﻨﺎ ﻧﺘﺬوق أﻛﺜﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻜـﺸـﻒ ﻋـﻦ ﺧـﺼـﺎﺋـﺺ ـﻴـﺰة أﻛـﺜـﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼ )وأﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ( ﻓﻲ ﲢﻘﻴﻖ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺑﻘـﺎﺋـﻨـﺎ أﺣـﻴـﺎء .وﻳـﻌـﺪ اﻹﺷـﺒـﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ )أو اﻟﺮﺿﺎ اﳉﻤﺎﻟﻲ( ،إذن ،اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻛﻤﻮﻃﻦ ﻟﻠﻤﺮء .ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،ﻓﺈن اﳋﺒـﺮة اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟـﺒـﻴـﺌـﻴـﺔ ﻫـﻲ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﳋـﺒـﺮة ﺑﺎCﻌﺎﻳﺸﺔ ،أو ﺧﺒﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻌﺎﻳﺸﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﺧﺒﺮة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﺷﺒﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﺮد اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اCﻮﻗﻊ اﻟـﺒـﻴـﺌـﻲ .إن ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻟـﻨـﺰﻋـﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﻌﻨﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺎت أﻛﺜﺮ أﻣﺎﻧﺎ وﻣﺘﺤﻜﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ أﻳﻀﺎ ،إﻧﻬﺎ ﻧﺰﻋﺔ ﺗﺘﺠﺴﺪ وراﺛﻴﺎ ،وﺗﺴﺘﻤﺮ وﺗﺮﺗﺒـﻂ ﺑـﺎﳊـﺎﻟـﺔ اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ أو اCﻴﻞ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺒﻘﺎء .وإذا ﻛﺎﻧﺖ »ﻧﻈﺮﻳﺔ اCﻮﻃﻦ« ﻫﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺣﻮل اﻟﻘﺪرة اﳋﺎﺻﺔ aﻜﺎن ﻣﺎ ﻋﻠﻰ إﺷﺒﺎع ﻛﻞ ﺣﺎﺟﺎﺗﻨـﺎ اﻟـﺒـﻴـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ،ﻓـﺈن ﻧﻈﺮﻳﺔ اCﺮﺻﺪ /اCﻼذ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻘﻮم أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻴﺪ .ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻳﺜﻮﻟﻮﺟﻴـﺎ أن ﻣـﻦ ﺑـ tاﻷﺷـﻴـﺎء اCـﻬـﻤـﺔ، ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﳊﻴﻮاﻧﺎت ،أﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﺎCﺸﺎﻫﺪة أو اﻟﺮؤى دون أن ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻵﺧﺮون ــ ﺣﻴﻮاﻧﺎت أو ﺑﺸﺮا ــ ﻣﻦ رؤﻳﺘﻬﺎ ،وﺗﺸـﻴـﺮ ﻫـﺬه اﻟـﻨـﺰﻋـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ،ﻟـﻠـﺘـﺨـﻔـﻲ واﻟﺮؤﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،إﻟﻰ أن اﳊﻴﻮاﻧـﺎت ﺗـﻜـﻮن ﺳـﺮﻳـﻌـﺔ اﻻﺳـﺘـﻔـﺎدة ،أو اﻻﺳﺘﻐﻼل ﻟﻠﻤﺰاﻳﺎ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﶈﻴـﻄـﺔ ﺑـﻬـﺎ ،وذﻟـﻚ ﻷن اﻟـﻨـﺠـﺎح ﻓـﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﻴﺎة أو ﻣﻮت .إن اﻟﺼﻴﺎد ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ أن ﻳﺮى اﻟﻔﺮﻳﺴﺔ )اCﺮﺻﺪ( ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻻﺧﺘﺒﺎء )اCﻼذ( ،ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ اﻟﻬﺠﻮم اﻷﺧﻴﺮ .إن اﻟﺼﻴﺎد ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻪ أﻓﻖ ،أو ﻣﺠﺎﻻت واﺳﻌﺔ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ )اCﺸﻬﺪ أو اCﺮﺻﺪ اﻟﺬي ﻳﻄﻞ ﻣﻨﻪ( إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻔﺮﺻﺔ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺧﺘﺒﺎء )اCﻠﺠﺄ أو اCﻼذ( .وﻣﻦ أﺟﻞ اﻛﺘﺸﺎف ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﺎﻛﻦ ،ﺗﻘﻮم اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﺑﺎﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻨﺸﻂ ﻟﺒﻴﺌﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ اCﺸﺎﻫﺪ ،أو اCﻮاﻗﻊ اCﻄﻠﺔ ،أو اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻮﻓـﺮ ﻟـﻬـﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪودة ﻟﻠﺮؤﻳﺔ) ،ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺼﻴﺪ( وﻣﻼذا أو ﻣﻠﺠﺄ آﻣﻨﺎ )ﻓﺮﺻـﺔ ﻟﻼﺧﺘﺒﺎء( ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺋـﻦ أن َﻳَﺮى دون أن ُﻳﺮى ،وﻳﺄﻛﻞ دون أن ﻳﺆﻛﻞ .واCﺮﺻﺪ واCﻼذ ﻣﺘﻜﺎﻣﻼن ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ واﺿﺢ ،واCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ اﻷﻛـﺜـﺮ إﺷﺒﺎﻋﺎ ﻫﻮ اCﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﺤﻘﻖ ﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒ tﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﻫﺬا ﺑﺮﻏﻢ أن اﻟﻐﻴﺎب اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻷﺣﺪﻫﻤﺎ ﻗﺪ )ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻨﻪ( ﻗﻮة واﺿﺤﺔ ﻓﻲ اﳉﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ. أﺣﺪ أ ﺎط اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮازﻧﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑ tﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒ ،tﻫﻮ اCﻨﻈﺮ اﳋﺎص ﺑﻐﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧـﺎ اﻷﻓـﺮﻳـﻘـﻴـﺔ ،اﻟـﺘـﻲ 404
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎﻗﻞ ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﻓﻴﻬﺎ .وﻗﺪ اﻓﺘﺮض ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑـﺎت أن ﻧﺸﺄة اﻹﻧﺴﺎن اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧـﺎ ﻗـﺪ أدت إﻟـﻰ وﺟـﻮد اﺳـﺘـﻌـﺪادات وﻻدﻳﺔ أو ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻟﺪﻳﻪ ﻷن ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ إﻳـﺠـﺎﺑـﻲ ﻟـﻠـﺒـﻴـﺌـﺎت اﻟـﺸـﺒـﻴـﻬـﺔ ﺑﺄﺷﺠﺎر اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ. ﻓﻔﻲ إﺣﺪى اﻟﺪراﺳﺎت ،وﺟﺪ أن اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻔﻀﻠﻮن ﻣﻨﺎﻇﺮ أﺷﺠﺎر اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ أي ﻂ آﺧﺮ ﻣﻦ أ ﺎط اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴـﻌـﻴـﺔ .وﻓـﻲ دراﺳـﺔ أﺧـﺮى وﺟـﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tاﺗﻔﺎﻗﺎ ﺑ tاﻷﻓﺮاد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴ ،tواﻷرﺟﻨﺘﻴﻨﻴ ،tواﻷﺳﺘﺮاﻟﻴ،t ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ أﺷﻜﺎل اﻷﺷﺠﺎر اCﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﻓﻜﻞ ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد ﻓﻀﻠﻮا أﻣﺜﻠـﺔ ﻣـﻦ اﻷﺷﺠﺎر »اﻷﻛﺎﺳﻴﺎ« وﻫﻮ ﻂ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ اCﺮﺗﻔﻌﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻓـﺎﻧـﺎ اﻟﻘﺼﻴﺮة أو اCﻨﺨﻔﻀﺔ. وﻗﺪ ﺣﺎول أﺑﻠﺘﻮن ﻣﺒﻜﺮا اﻛﺘﺸﺎف راﺑﻄﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑ tﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﻻﻳﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، واﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﺜﺮوة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اCﺎدة اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ، وﻛﺬﻟﻚ اCﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻗﺪ وﺟﺪ أن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺣﻠﻠﻬﺎ ﻫﻲ إﻣﺎ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ اCﺮﺻﺪ ) Prospect- dominantﻣﻜﺎن اCﺮاﻗﺒﺔ واﻟﺮﺻﺪ واﻟﻨﻈﺮ( وإﻣﺎ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ اCﻼذ أو اCﻠﺠﺄ Refuge- dominant )ﻣﻜﺎن اﳊﻤﺎﻳﺔ واﻻﺧﺘﺒﺎء واﻟﻬﺮب( ،وإﻣﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮازن ﺧﺎص ﺑ tﻫﺬﻳﻦ اﻟﺒﻌﺪﻳﻦ ،ﺑﻜﻞ دﻻﻻﺗﻬﻤﺎ ،واCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻜﻦ أن ﺗﺸﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬه اﻟﺸﺮوط. ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻜﺮة »اﻹﻃﻼل ﻋﻠﻰ« أو »اCﺮﺻﺪ« ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺳﻢ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻣﻀﻴـﺌـﺔ ،ﻣـﻔـﺘـﻮﺣـﺔ وأﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻨﻌﻮﻣﺔ ،ﻣﻊ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة ،واﻟﻨﻈﺮة اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ أو اﻟﻜﻠﻴﺔ )اﻟﺒﺎﻧﻮراﻣﺎ( .وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒـﻴـﻌـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻜﺮة اCﻠﺠﺄ أو اCﻼذ ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ اﻧـﻐـﻼﻗـﺎ ،وازدﺣـﺎﻣـﺎ ،وﻋـﺘـﻤـﺔ، واﺣﺘﻮاء ،وﻗﺮﺑﺎ ،وأﻗﻞ اﻧﺘﻈﺎﻣﺎ. وﺗﺼﺒﺢ اﻟﻐﺎﺑﺎت ،واﻟﻜﻬﻮف ،واﻟﺼﺨﻮر ،واﻟـﺴـﻔـﻦ ،واCـﺒـﺎﻧـﻲ ﻫـﻲ اﻟـﺮﻣـﻮز اﻟﻨﻤﺎذﺟـﻴـﺔ ) Archytypicalإذا اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﻣﺼﻄـﻠـﺤـﺎت ﻳـﻮﱋ( ﻟـﻠـﻤـﻼذات أو اCﻼﺟﺊ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺼﺨﻮر اCﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺟـﺮف ﺷـﺪﻳـﺪ اﻻﻧـﺤـﺪار، وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺑﺮاج وﻧﻘﺎط اCﺮاﻗﺒﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻫﻲ رﻣﻮز Cﻨﻈﺮ اCﻄﻞ ﻋﻠﻰ أو اCﺮﺻﺪ )أو اﻟﺮﺑﻮة( .وﺗﻮﺟﺪ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اCﺘﻮازﻧﺔ ــ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺒﻌﺪﻳﻨــ ﻋﻠﻰ 405
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻜﺮر ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧ.(٢١)t وﻗﺪ اﺧﺘﺒﺮ ﺻﺪق ﻫﺬا اCﻨﺤﻰ اﻟﺘﻄﻮري أو اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺣﻮل اﳉﻤـﺎﻟـﻴـﺎت ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻋﺪة ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎرن ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑ tاﻟﺬﻛﻮر واﻹﻧﺎث ﻣﺜﻼ ،ﻓﻮﺟﺪ أن اﻹﻧﺎث أﻛﺜﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻟﻠﻮﺣﺎت اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻔﻜﺮة اCﻼذ أو اCﻠﺠﺄ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر ،وﻃﺒﻖ ﺑﺎﺣﺜﻮن آﺧﺮون ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎل ﺧـﺎﺻـﺔ ﻟـﺒـﻌـﺾ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﻣﻦ ﻣﺪارس ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻫﻜﺬا ،وﺗﺸﻴﺮ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ ﻋﻤﻮﻣﻬﺎ إﻟﻰ وﺟﻮد ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺧﺎص ﺑﺎﺳﺘﻌﺪادات ﻣﻮﺟﻮدة ﺳﻠﻔﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ،ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺘﻤﻴﺰة ،أي اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،أو ﻋﺪم اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﳉﻮاﻧﺐ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ. وﻗﺪ ﺗﺒ tﻛﺬﻟﻚ أن اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻓُﻀﻠﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺷﺎﺋﻊ ﻟﺪى ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻋﺪة ،ﻫﻲ ﻣﻨﺎﻇﺮ ذات درﺟﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ،أو ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻖ أو اﻻﻧﻔﺘﺎح ،أي ﻣﻨﺎﻇﺮ ﻣﺸﺬﺑﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎ ،وذات ﺳﻄﻮح ﺷﺒﻴـﻬـﺔ ﺑـﺎﻷرض اCﻌﺸﺒﺔ ،ذات اﻷﻃﻮال اCﻨﺘﻈﻤﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻨﺎﻇﺮ اﻷﺷﺠﺎر اCﺘﻔﺮﻗﺔ أو اCﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ »أﺟﻤﺎت« أو ﻛﺘﻞ ﻛﺜﻴﻔﺔ. وﻳﺘﺄﻛﺪ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳋﺎص ﺑﻬﺬه اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اCﺸﺎﻫﺪ ﲢﺘﻮي أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎء .إﻧﻪ وﺻﻒ آﺧﺮ ﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺷﺮق أﻓﺮﻳﻘﻴـﺎ، وأﻳﻀﺎ ﺣﺪاﺋﻖ اﻟﺼﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﺼ tوأوروﺑﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﻮر اﻟـﻮﺳـﻄـﻰ ،وﺣـﺪاﺋـﻖ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا ﻣﺜﻼ ،واCﻨﺘﺰﻫﺎت اﳉﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ اCﺪن اﳊﺪﻳﺜﺔ).(٢٢
اﻻﻧﺪﻣﺎج وإﺿﻔﺎء اﳌﻌﻨﻲ
ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻫﺘﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺠﻌﻞ اCﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻴﻪ أﻓﻀﻞ ﺣﺎﻻ وأﻛﺜﺮ ﻣﺘﻌﺔ ﻟﻠﻨﺎﻇﺮﻳﻦ .ﻓﺎCﻜﺎن ﻳﻠﻌﺐ دورا ﻣﺮﻛﺰﻳـﺎ ﻟـﺪى اﻹﻧـﺴـﺎن ،ﺳـﻮاء ﻓـﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ أو ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺎﺗﻪ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﻘﻮس وﻋﺎدات دﻓﻦ اCﻮﺗﻰ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻟﺪى اCﺼﺮﻳ tاﻟﻘﺪﻣﺎء .وﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﳊﺪﻳﺚ ﻫﻨﺎك ذﻟﻚ اﻟﺘﺄﻛﻴـﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪور اﳊﺎﺳﻢ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺴﻠﻮك .وﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻟﻔﻨﻲ ،أو اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻇﻬﺮ أﻳﻀﺎ ذﻟﻚ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﻟـﻜـﺒـﻴـﺮ ﻋـﻠـﻰ دراﺳﺔ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اCﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪى ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ،وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻏﻴﺮ اCﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ،أو ﻟﺪى ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ .وﻟﻌﻞ أﻛﺜﺮ اﻟﺘﺼﻮرات 406
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﺷﻤﻮﻻ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳉﺎﻧﺐ ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮر اﻟـﺬي ﻗـﺪﻣـﻪ ﻛـﺎﺑـﻼن وﻛـﺎﺑـﻼن .S Kaplan & R. Kaplanﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﻤﺎ »اCﻌﺮﻓﺔ واﻟﺒﻴﺌـﺔ :اﻟـﻨـﺸـﺎط ﻓـﻲ ﻋـﺎﻟـﻢ ﻏـﻴـﺮ ﻳﻘﻴـﻨـﻲ« اﻟـﻌـﺎم Cognition and Environment, Functioning in an uncertain ١٩٨٢ .worldوﻧﻌﺮض ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر. ﻳﻘﻮم ﺗﺼﻮر ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻹﻗـﺮار ﺑـﺄن اﻟـﻨـﺎس ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن ﻣﺎﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ،أي ﻣﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻰ أﻟﻔﺔ ﺑﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺗـﻮﺟـﺪ ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ ﻛـﺬﻟـﻚ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻟـﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻨﻬﻢ اﺳﺘﺠـﺎﺑـﺔ اﳋـﻮف ﻣـﻦ اﺠﻤﻟـﻬـﻮل واﳊـﺬر ﻣـﻦ اﻟـﻐـﺮﺑـﺎء .وﻫـﺬه اﻷﻟﻔﺔ ﺗﺰﻳﺪ اCﺮء ﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اCﻜﺎن،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺰوده ﺑـﺎﻟـﻔـﺮص اCـﻨـﺎﺳـﺒـﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام ﺧﺮاﺋﻄﻪ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺘﻲ ﱠﺎﻫﺎ ﻓﻌﻼ .ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﻣﺪﻓﻮع ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻼب ﻻﺳﺘﺨﻼص ،أو إﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻴﺎء اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺸـﺎﻫـﺪﻫـﺎ، وﻫﺬا اﻟﺪاﻓﻊ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﻜﺮﺳﻮن ﺟـﻬـﺪا ﻛـﺒـﻴـﺮا ﻻﻛـﺘـﺸـﺎف أن ﺧـﺮاﺋـﻄـﻬـﻢ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻌ .tوﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻨﺎس ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺎﺣ tﻓﻲ اCﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺮاﺋﻂ ﻣﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ﻣـﻨـﺎﺳـﺒـﺔ ﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻨﻲ أﻳﻀﺎ أن اﻷﻟﻔﺔ ﺗﻮﻟﺪ اﻟﻀﺠﺮ .ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﺤﺒﻮن اﻟﺘﻨﻮع ،وﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎCﻠﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اCﺘﻜﺮرة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﺗـﺘـﻮاﻟـﺪ دواﻓـﻊ أﺧﺮى ﺟﺪﻳﺪة ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،ﻓﺎCﺄﻟﻮف ﻳﻘﺪم ﻓﺮﺻﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘـﻐـﺮاق ،أو اﻻﻧﺪﻣﺎج ،أو اﻻﻧﺸـﻐـﺎل ،Involvementوﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﺈن اﻟﺒﻴـﺌـﺔ اﻷﻛـﺜـﺮ ﺗﻨﻮﻋﺎ ﻓﺮﺻﺔ أﻛﺒﺮ ﻟﻼﻧﺸﻐﺎل اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ،وﻳﻠﻌﺐ ﻫﺬا اﻻﻧﺸﻐﺎل دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺋﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﻌﺪاد Cﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اCﺴـﺘـﻘـﺒـﻞ. وﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻷﻓﻜﺎر ﺑﺮﻟ tوﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ أﻓﻜﺎر ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن ﻫﺬه .وﻳﺘﻀﺢ اﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﺣ tﻳﺘﺤﺪث ﻫﺬان اCﺆﻟﻔﺎن ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺑ tاCﻔﻬﻮﻣt اﶈﻮرﻳ tﻓﻲ ﺗﺼﻮرﻫﻤﺎ ،وﻫﻤﺎ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ اﻻﻧﺪﻣﺎج وإﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ ،ﻓﻜﻮن اCﺮء ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ ﻧﺤﻮ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻓﻘﻂ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ آﺛﺎره اﻟﻀﺎرة ،ﺣﻴﺚ إن اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺪي واﻹﺛﺎرة واﳉﺪة Noveltyﻜﻦ أن ﻳﻘﻮد اCﺮء إﻟﻰ ﻣﺎ وراء إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ، أي ﻓﻴﻤﺎ وراء اﻻﺳﺘﺜﺎرة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬـﺎ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻣـﻨـﺎﺳـﺐ .إن اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻻﻧﺸﻐﺎل ﻫﻨﺎ ﻜﻦ أن ﻳﺘﺮﺟﻢ إﻟﻰ »اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳋﻄﺮ« أو اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻨﺸﺎﻃﺎت ﺿﺎرة ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ واﻟﻌﻘﻞ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺘﻲ ﲢﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺴﻮﻛﺮﻣـﺎن M.Zuckermanﻓﻲ 407
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
دراﺳﺎﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ ﺣﻮل ﺳﻠﻮك اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة اﳊﺴﻴﺔ Sensation Seeking Behaviorﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﺴﻠﻖ اﳉﺒﺎل ،واﻟﻐـﻮص ﲢـﺖ اCـﺎء، واCﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﺎق ﺳﻴﺎرات...إﻟﺦ ،وﻛـﻤـﺎ أﺷـﺮﻧـﺎ إﻟـﻲ ذﻟـﻚ ﺧـﻼل اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ. وﻳﻨﺎدي ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن ﺑﻀﺮورة ﺣﺪوث ﺗﻮازن ﻣﻨﺎﺳﺐ ،ﻣﺎﺑ tاﻻﻧـﺪﻣـﺎج وإﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ ،ﻓﺎﻻﻧﺪﻣﺎج ﻋﻜﺴﻪ أو ﻳﻘﺎﺑـﻠـﻪ اCـﻠـﻞ ،وإﺿـﻔـﺎء اCـﻌـﻨـﻰ ﻳـﻘـﺎﺑـﻠـﻪ اﻟﻐﻤﻮض ،وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺤﺘﺎج اCﺮء إﻟﻰ اﻟﻄﻌﺎم أو اﻟﺮاﺣﺔ أو اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ،ﻓﺈن اﻻﻧﺪﻣﺎج وإﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ ﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺸـﻐـﻞ ﺑـﺎل اﻹﻧـﺴـﺎن ﺑـﺸـﻜـﻞ داﺋـﻢ ﻋـﺒـﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻫﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎﻧﺒﺎن ﻣﻬﻤﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮي ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺸﺎط اﻟـﻜـﻒء وﻟﺼﺤﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ).(٢٣ ﺗﻠﻌﺐ اﳊﺎﺟﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ واﻟﺒﻌﻴﺪة ،واCﺘﺎﺣﺔ وﺑﻌﻴﺪة اCﻨﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺎﻣﻼ اﻻﻧﺪﻣﺎج وإﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ دورﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀـﻴـﻞ ،ﻓـﻬـﺬه اﳊﺎﺟﺎت ﺗﺆﺛﺮ ﺑﻌﻤﻖ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻸ ﺎط اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اCﻌﻠﻮﻣـﺎت، وﻻ ﻳﻌﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اCﻮاﻗﻒ اﺠﻤﻟﺮدة ﻧﺴﺒـﻴـﺎ ﻓـﻘـﻂ ،وﻟـﻜـﻦ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻨﺎس ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ .ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﻔﻀﻠﻮن اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،واﻟﻜﺘﺐ ،واﻟﺼﻮر اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎﻧﻲ ،واCﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘـﻲ ﻳـﺒـﺪو أﻧـﻬـﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﺷﺮوﻃﺎ أﻓﻀﻞ ﻟﻼﻧﺸﻐﺎل ﺑﻬﺎ ــ أو ﺣﺘﻰ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻣﻌﻬﺎ ــ وأﻳﻀﺎ إﺿﻔﺎء اCﻌﻨﻰ أو اﺳﺘﺨﻼﺻﻪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻫﻨﺎ ﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﻘﻴـﻴــﻢ ﻟﻺﻣﻜﺎﻧــﺎت اCﺘﺎﺣــﻪ أﻣـــﺎم اCــﺮء ،وﻏﺎﻟــﺒﺎ ﻣــﺎ ﻳﻜــــﻮن اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـــــﻞ aـﻨـﺰﻟـــــﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑــﺔ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴــﺔ ،أو اﻟﺘﺄﻫــﺐ ﻟﻠﻨﺸــﺎط ،إﻧــﻪ aﻨﺰﻟــﺔ اﻻﻣﺘــﺪاد ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴــﺔ اﻹدراﻛــﻴﺔ وﻫــﻮ ــ أي اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ــ ﻳﻌﺰز ﻛﺬﻟﻚ اﺳﺘﻌﺪاد اCﺮء ﻛﻲ ﻳﻨﺸﻂ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻄﻠﻮﺑﺎ ﻣﻨﻪ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻨﺸﺎط ﻣﻌ tﻓﻲ ﳊﻈﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ).(٢٤ وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ،ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ أو اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﺆﺛﺮة ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﺑﺸﻜـﻞ ﻋـﺎم ،واﻟـﺒـﻴـﺌـﻲ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص ،ﻳـﺆﻛـﺪ ﻫﺬان اCﺆﻟﻔﺎن أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻛﺪا ﺿﺮورة وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺼﻤﻴﻢ اCﺒﺎﻧﻲ أو اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎCﺸﺮوﻋﺎت .وﻫﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ ﻫﻲ: ١ـ اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ Coherence وﺗﺘﻌﻠﻖ ﻫﺬه اﳋﺎﺻﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ أو اCﺮوﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ أو اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ،أو ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳋﺎﺻﺔ .ﻓﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴـﻢ ﻣـﺎ ﻳـﺮاه اCـﺮء إﻟـﻰ 408
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
وﺣﺪات ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺪ ﻫﻲ أﻣﺮ ﺣﺎﺳﻢ ﻫﻨﺎ ،وﺻﻼﺣﻴﺔ ﻋﻨﺼﺮ ﻣﻌ tﻓﻲ ﺿﻮء اCﺸﻬﺪ اﻟﻜﻠﻲ ﻫﻮ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ .وﻛﺬﻟﻚ، ﻓﺈن ﺗﻜﺮار ﻋﺮض اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ )ﺷﺠﺮة ﻣﺜﻼ( ﻣﻊ ﺗﺒﺎﻳﻨﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ،ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ اCﺸﻬﺪ وإدراﻛﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. ٢ـ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ Complexity وﻫﻮ أﺣﺪ اCﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻧـﺸـﻐـﺎل أو اﻻﻧـﺪﻣـﺎج ،وﻫـﻮ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎ Cﺎ إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺷﻲء ﻣﺎ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺜﺮاء واﻟﺘﻨﻮع ــ ﻓﻲ اCﺸﻬﺪ ﻳﻜﻮن اCﺮء ﺧﺮﻳﻄﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻋﻨﻪ ،أو أن ﻳﻜﻮن ﻣﺸﻐﻮﻻ اﻟﻄﺒــﻴــﻌــﻲ ــ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ¢ ﺑﻪ. ٣ـ اﻟﻐﻤﻮض أو اﳋﻔﺎء Mystery ﻳﻌﺘﺒﺮ اﳋﻔﺎء أو اﻟﻐﻤﻮض اﻷﺳﻬﻞ رؤﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُﺗﻨﻈﻢ اﻟﺼﻮر داﺧﻞ ﻣﺤﺘﻮى ﻣﺸﺘﺮك ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ; ﻓﺎCﺸﺎﻫﺪ أو اCﻨﺎﻇﺮ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻔﻀـﻴـﻼ ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﻳﺰداد اﺣﺘﻤﺎل أن ﺗﻌﻄﻲ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﺑﺄن اCﺮء ﻜﻨﻪ اﻛﺘﺴﺎب ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﺪﻳﺪة، ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،إذا أﻣﻜﻨﻪ أن ﻳﺘﺤﺮك ﺑﻌﻤﻖ داﺧﻞ اCﺸﻬﺪ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺰودﻧﺎ aﻌﻠﻮﻣﺎت أﻛﺜﺮ ﻋﻤﺎ ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺨﺒﻮءا ﻫﻨﺎك ،ﺧﻠﻒ اﻟﺴﻄﺢ اﻟﻈﺎﻫﺮي .إن اﳋﻔﺎء ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻨـﺘـﺎج ﺑـﺄن اCـﺮء ـﻜـﻨـﻪ أن ﻳـﺘـﻌـﻠـﻢ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﳊـﺮﻛـﺔ واﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ،إﻧﻪ ﻋﺎﻣﻞ ذو ﻗﻮة ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ اﺨﻤﻟﺘـﻠـﻔـﺔ داﺧﻞ اﻟﺒﻴﺌﺔ .وﻫﺬا اCﻔﻬـﻮم ﻫـﻮ ﻣـﻔـﻬـﻮم ﻣـﺄﻟـﻮف ﻓـﻲ ﺳـﻴـﺎق ﻋـﻤـﺎرة اCـﻨـﺎﻇـﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ اﺳﺘﺨﺪم ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻲ ﺗﺼﻤﻴﻢ اﳊﺪاﺋﻖ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ. ٤ـ اﻟﻮﺿﻮح أو اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮاءة Readability ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺘﺼﻮر ﻧﻔﺴﻪ ﻓـﻲ ﻣـﺸـﻬـﺪ ـﻜـﻨـﻪ أن ﻳـﺤـﺼـﻞ ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻜﻨﻪ أن ﻳﺘﺼﻮر ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺸﻬـﺪ ﻳﻀﻞ ﻓﻴﻪ ﻃﺮﻳﻘﻪ وﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اCﻌﻠﻮﻣﺎت اCﻨﺎﺳﺒﺔ ،واﻟﻮﺿﻮح ﻫﻮ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻴﺰة ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻟﻠﻤﺮء ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘﻜﺸﺎف دون أن ﻳﻀﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻓﻴﻬﺎ أو ﻳﺘﻮه .واﻟﺒﻴﺌﺎت ذات اCﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻣـﻦ اﻟـﻮﺿـﻮح ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺒﺪو أﻛﺜﺮ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﻼص اCﻌﻨﻰ ﻣﻨﻬﺎ أو إﺿﻔﺎﺋﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻠـﻤـﺎ ﲡـﻮل اCﺮء ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ،إﻧﻬﺎ ﺑﻴﺌﺎت ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ أﻛﺜﺮ ،ﺑﺤﻴﺚ ﲡﻌﻞ اCﺮء ﻳﺮى إﻟﻰ أﻳﻦ ﻫﻮ ذاﻫﺐ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺘﻤﺎﻳﺰة ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎف ،ﺑﺤﻴﺚ ﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺨﺪم ﻛﻌﻼﻣﺎت ﻫﺎدﻳﺔ. 409
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻳﺸﻴﺮ ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑـﻼن إﻟـﻰ أن اﻟـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ اﻟـﺴـﺎﺑـﻘـﺔ ﺗـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﺎﻟـﻌـﻮاﻣـﻞ أو اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻳﺆﻛـﺪان أﻳـﻀـﺎ ذﻟـﻚ اﻟـﺪور اCـﻬـﻢ اﻟـﺬي ﻳـﻠـﻌـﺒـﻪ اﶈﺘﻮى; ﻓﺎﻟﺪراﺳﺎت ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷﻓﺮاد اCﺘﺰاﻳﺪ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، وأن وﺟﻮد اCﺎء ﻓﻲ اCﺸﻬﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻳﻌﺰز اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻬﺬه اCﺸـﺎﻫـﺪ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﳊﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ وﺟﻮد اﻷﺷﺠﺎر ﻓﻴﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﻛﻤـﺎ ﺳـﺒـﻖ أن ذﻛـﺮﻧـﺎ .وﻳـﻘـﺎل أﻳﻀﺎ إن اﳊﻴﻮاﻧﺎت ﺗﻔﻀﻞ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰز ﻋﻮاﻣﻞ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ واﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ،ورaﺎ ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺬﻟﻚ أﻳﻀﺎ .إن اﻟﺘﺼﻮر اCﻄﺮوح ﻫـﻨـﺎ ﻳـﺆﻛـﺪ أن اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﳊﻴﺔ ﻫﻲ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻘﻮم ــ ﺑﺸﻜﻞ داﺋﻢ ــ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،أو اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻬﺎ داﺧﻞ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،وإﻧﻬﺎ ــ ﻫﺬه اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ــ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎرات وﻓﻘﺎ ﻟﺬﻟﻚ ،وﻳﺆﻛﺪ اCﺆﻟـﻔـﺎن أن ﻫـﺬا اﻟـﺘـﺼـﻮر ﻟﻴﺲ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺎ ،ﺑﻞ ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﳉﺪﻳﺪة).(٢٥ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻫﺬا ﻫـﻮ اﻟـﺘـﺼـﻮر اﳋـﺎص اﻟـﺬي ﻗـﺪﻣـﻪ ﻛـﺎﺑـﻼن وﻛـﺎﺑـﻼن ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ واﳋﺼﺎﺋﺺ واﳉﻮاﻧﺐ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﲡﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳـﻔـﻀـﻠـﻮن ﺑـﻴـﺌـﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻻ ﻳﻔﻀﻠﻮن ﻏﻴﺮﻫﺎ .وﻛﻤﺎ ﻫﻮ واﺿﺢ ،ﻓﺈن ﻣﺠﺎل اﻟﺪراﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ اﻣﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺐ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴـﺎن ،ﻓـﻠـﻢ ﻳـﻌـﺪ اﻷﻣـﺮ ﻣـﻘـﺼـﻮرا ﻋـﻠـﻰ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻣﺪى ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﻨﺎس Cﻨﺒـﻬـﺎت ﺑـﺴـﻴـﻄـﺔ ﻛـﺎﳋـﻄـﻮط ،أو اﻷﺷـﻜـﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ،أو اﻷﻟﻮان ﻏﻴﺮ اCﺮﻛﺒﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻷﺷﻜﺎل أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻛﺸﺮاﺋﺢ اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ،أو اﻟـﻠـﻮﺣـﺎت ذاﺗـﻬـﺎ ،أو اﻷﻋـﻤـﺎل اﻷدﺑـﻴـﺔ واCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺑﻞ أﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك اﻫﺘﻤﺎم أﻛﺒﺮ ﻟـﺪى اﻟـﻌـﻠـﻤـﺎء aـﻌـﺮﻓـﺔ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اCﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻄﺮز أو أ ﺎط أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻣﻦ اCﻨﺒﻬﺎت، وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﻄﺮز ﻫﻲ ﺷﻜﻞ ﺣﺪﻳﻘﺔ ،أو ﻣﺒﻨﻰ ،أو ﻃﺮﻳﻖ ،أو ﻣﺘﺤﻒ ﻓﻨﻲ أو ﻣﺒﻨﻰ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ...إﻟﺦ. إن ﻣﺎﺳﺒﻖ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻴﺲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﺠﺮد اﳊﺐ أو اCﻴﻞ إﻟﻰ أﺣﺪ اCﺜﻴﺮات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،أو ﺣﺘﻰ إﻟﻰ أﺣﺪ اCﻮاﺿﻊ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻐﻴﺮه ،ﻓﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ــ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻣﺘﻐﻴﺮ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ــ ﻳﻮﺟﻪ اﻟﺴﻠﻮك واﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﺸﻂ ﻓﻌﺎل ﻛﻤـﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ،واﻷﺳﺎس اﻟﻨﻈﺮي ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﻫﻮ اﻻﻓﺘﺮاض أن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻳﺮﺗﺒـﻂ، أو ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﺪرة اﻟﻔﺮد ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎب اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﺣﻮل اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ أو ذاك).(٢٦ ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺑﻴﺌﺎت ﻣﻔﻀﻠﺔ أﻛﺜﺮ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ 410
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
إﻟﻰ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺘﻲ أﺛﺒﺘﺖ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ،ﻓﻲ ﲢﻘﻴﻖ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺒﻘﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻨﻮع ،واﻻﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة )وﻫﻨﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن ﻣﻊ أﺑﻠﺘﻮن وﻧﻈﺮﻳﺔ اCﻮﻃﻦ ﻟﺪﻳﻪ وﻗﻮﻟﻪ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﺒﺸﺮ Cﻨﺎﻇﺮ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ(. وﻗﺪ ﺣﺎول أوﻟﺮﻳﻚ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻳﻮﻓـﻖ ﺑـ tﻧـﺘـﺎﺋـﺞ ﺑـﺮﻟـ tـــ ووﻟـﻮﻳـﻞ وﻧـﺘـﺎﺋـﺞ ﻛﺎﺑﻼن ،ﻓﻘﺮر أن ﺗﻔﻀﻴﻞ اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺴﻤﺔ aﺎ ﻳﻠﻲ: ١ــ أﻧﻬﺎ ﻣﻨﺎﻇﺮ ﺗﻘﺪم ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﻨﺎﺳـﺒـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎCـﺸـﻬـﺪ اﻟـﺬي ﻧـﺮاه ،أي ﺗﻜﻮن واﺿﺤﺔ أو ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻘﺮاءة. ٢ــ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﻘﻞ إﺣﺴﺎﺳﺎ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت أﻛﺜﺮ ﻜﻦ اﳊﺼـﻮل ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ دون ﻣﺨﺎﻃﺮة )دون اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﺨﻄﺮ( ،أي دون اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳋﻔﺎء )أي ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض اﻟﻨﺴﺒﻲ واﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮاءة ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ(. وﻟﺬﻟﻚ اﻗﺘﺮح أوﻟﺮﻳﻚ وﺟﻮد ﻋﺎﻣﻠ tﻟﻠﺘﺮﻛﻴﺐ ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻌﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻫﻤﺎ :اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اCﻨﻤﻂ ) Patterned Complexityاﻟﺬي ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮاءة ﺑﺮﻏﻢ أﻧﻪ ﻣﺮﻛﺐ( واﻟﺬي ﻳﻮﺿﺤﺔ ﻣﻨﺤﻰ ﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن ،ﺛﻢ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ) Random Complexityاﻟﺬي ﻳﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ أو اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ،وﻣﻦ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺬي ﻳﻮﺿﺤﺔ ﻮذج ﺑﺮﻟ tــ ووﻟﻮﻳﻞ( .ورaﺎ ﻛﺎن ﻫﺬان اﻟﻨﻤﻄﺎن ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ــ ﻓﻲ رأي أوﻟﺮﻳﻚ ــ ﻫﻤـﺎ ﻣـﺎ ﻳـﻔـﺴـﺮان اﻻﺧـﺘـﻼف ﻓـﻲ اﻟـﻨـﺘـﺎﺋـﺞ اﻟـﺘـﻲ ﻇـﻬـﺮت ﻣـﻦ اﻟﻨﻤﻮذﺟ tاﻟﺴﺎﺑﻘ tاﳋﺎﺻ tﺑﺒﺮﻟ tوﻛﺎﺑﻼن).(٢٧ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اCﻨـﺤـﻰ أﺷـﺎر ﺗـﻮﻣـﺎس ﻫﻴﺮزو إﻟﻰ أن اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻗﺪ ﺧﻠﺒﺖ ﻟﺐ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وأﺛﺎرت اﻫﺘـﻤـﺎﻣـﻬـﺎ، ﻓﺎﻟﺒﺸﺮ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ اCﺪﻳﻨﺔ اﻟﺼـﻨـﺎﻋـﻴـﺔ .ﻟـﺬﻟـﻚ ﻇـﻬـﺮت ﻣﺤﺎوﻻت ﻣﺨﻄﻄﻲ اCﺪن ﻟﺘﺤﺴ tاﻟﺒﻴﺌﺎت اCﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ داﺧﻞ اCﻮﻗﻊ اCﺪﻳﻨﻲ .وﻗﺪ ﻇﻬﺮ أن اﳋﻔﺎء ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اCﺮﺗﻔﻊ ﻟﻠﺒﻴﺌﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻌﺐ اﻻﺗﺴﺎع Spaciousness دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ أﻳﻀﺎ ،وأﻇﻬﺮ ﻛﺎﺑﻼن ﻛﺬﻟﻚ أن اCﻨﺎﻇـﺮ ﺟـﻴـﺪة اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻣﻜﺎﻧﻴﺎ ﲢﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،أﻣﺎ اCﻨﺎﻇﺮ اCﻔﺘﻮﺣﺔ ـــ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺟﻴﺪة اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﻜﺎﻧﻴﺎ ــ ﻓﺘﺤﻈﻰ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اCﺸﺎﻫﺪ اCﻐﻠﻘﺔ أو اCﻌﺎﻗﺔ ﺑﻔﻌﻞ أﺷﻴﺎء ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ .وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻓﺈن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻴﺞ ﺳﻄﺢ ﻣﻌﻮق 411
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ أﻋﺸﺎب ﻃﻮﻳﻠﺔ ذات أوراق ﺧﺸﻨﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺬﺑﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اCﻨﺎﻇﺮ ﺟﻴﺪة اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻴﻞ إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن ذات ﺳﻄﺢ ﻧﺎﻋﻢ أﻛﺜﺮ ﺗﺸﺬﻳﺒﺎ.
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ
وﻫﻨﺎك أﺧﻴﺮا ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺆﺛﺮة ﻫﻨﺎ ﻧﺬﻛﺮ ﺑﻌـﻀـﻬـﺎ ﻓﻘﻂ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ١ـ اﻟﻌﻤـﺮ :ﻓﺎﻷﻃﻔﺎل أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة ﻇﻬـﺮ أﻧـﻬـﻢ أﻗـﻞ ـﻴـﻴـﺰا وﲢﺪﻳﺪا ﻓﻲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﺗﺒﺎﻳﻨﺎت ﻋﺪة ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﺒﺎر ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻞ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌــﻴــﺔ ﻓــﻲ اCﺸﻬــﺪ ،وأﻗــﻞ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻛﺜﻴــﺮا ﻣﺎ ﻳﻔﺴــﺪ اCﺸﺎﻫــﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴــﺔ .أﻣﺎ اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻴﻘﺪرون اCﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧـﻬـﺎ أﻗـﻞ ﻗﻴﻤﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻘﻞ ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺘﺪاﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻴﻬﺎ).(٢٨ ٢ـ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ا'ﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :ﻓﺎCﻬﻨﺔ واﳋﺒﺮة ﻟﻬﻤﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻤﺎ اﻟﻮاﺿﺢ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻼت اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .ﻓﻘﺪ أﻇﻬﺮت دراﺳﺔ ﻟﻜﺎﺑﻼن أن اCﻬﻨﺪﺳ tاCﻌﻤﺎرﻳ tﻣﺜﻼ ــ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻄﻼب ــ ﻗﺪ أﻇﻬﺮوا إدراﻛﺎ واﻫﺘﻤﺎﻣﺎ وﺗﻔﻀﻴﻼ أﻛﺜﺮ ﻟﻠﺘﻤﺎﺳﻚ أو اﻟﺘﻼﺣﻢ ،أو اﻟﺘﺮاﺑﻂ اCﻨﻄﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﻮر اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎﻧﻲ وﺗﺮﻛﻴﺒﺎﺗﻬﺎ )ﺗﺮﻛﻴﺒﺎت اCﺒﺎﻧـﻲ( ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ أدرك اﻟـﻄـﻼب ﺎﺳﻜﺎ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ اCﺸﺎﻫﺪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .وﻓﻀﻞ اCﻌﻤﺎرﻳﻮن اCﺒﺎﻧـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻮﺟـﺪ ﻣﻦ دون ﻣﻨﺎﻇﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻌﻬﺎ ،أي aﻔﺮدﻫﺎ ،أﻣﺎ ﻣﻬﻨﺪﺳﻮ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴـﻌـﻴـﺔ ﻓﻔﻀﻠﻮا ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ أو ﻣﺰﻳﺠﺎ ﻣﻦ اCﺒﺎﻧﻲ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .إذن اCﻬﻨﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ. ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ tاﻟﻌﻤﺎرة اﳊﺪاﺛﻴﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﻤﺎرة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻲ رأي اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻌﻨﻰ ،ﺑﺮﻏﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد ﺗﻨﻮﻳﻌﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﻮﻳﻌﺎت اﻟﻌﻤﺎرة اﳊﺪاﺛﻴﺔ).(٢٩ ٣ـ ﻂ اﻟﺸﺨﺼـﻴـﺔ :ﻣﻴﺰ ﻛﺎﺑﻼن ﺑ tﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟـﻌـﻴـﺶ ﻓـﻲ ﺿﻮاﺣﻲ اCﺪﻳﻨﺔ ،وﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺧﺎرج اCﺪن ،ﻓﺎﻟـﻨـﻤـﻂ اﻷول ﻳﺠﺐ أن ﻳﻨﺠﺰ ،أو ﻳﺤﻘﻖ ،وأن ﻳﻘﻮد ،وﻳﺸﻌﺮ ﺑﻨﻔـﺴـﻪ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻪ واﻗـﻌـﻲ واﺛﻖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻣﻬﻢ ،وﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﺎﻟﻬﺪوء ﻟﻴﺲ أﻣﺮا ﻣﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ. وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﺤﺐ أن ﻳﺴﻌﻰ ﺑﺬاﺗﻪ 412
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﻧﺤﻮ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء ﺑﻨﻔﺴﻪ ،واﻟﻬﺪوء واﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اCﻬﻤﺔ ﻟﻪ ،وﻗﺪ ﻳﻔﻀﻞ اﻟﻮﺟﻮد ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺰﺣﺎم ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﺸﺎﻃﺎت ﺗﻌﺎوﻧﻴﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ).(٣٠ وﻓﻲ دراﺳﺔ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻮﻳﺪ ،ﻇﻬﺮ أن ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺑﻌﺾ اCﺒﺎﻧـﻲ واﻟـﻘـﻮل إﻧﻬﺎ ﺘﻌﻪ ﺑﺼﺮﻳﺎ وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﺒﺼﺮي اCﻮﺟﻮد ﻓﻴﻬﺎ ،وأن اﻻﻧﺒﺴﺎﻃﻴ tﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪرﻛﻮن اCﺒﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﻄﻮاﺋﻴ.t ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻴﺎج ﻟﻠﺘﺮﻛﻴﺐ ،ﻓـﺈﻧـﻪ ﻳـﻮﺟـﺪ أو ﻳـﻜـﺘـﺸـﻒ .وﻳـﺪرك اﻟﻌﺼﺎﺑﻴﻮن اCﺒﺎﻧﻲ اﳊﺪﻳﺜﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ واﻟﻀﺨﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺳـﺎرة ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ أدرك اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻦ ذوي اﻹﺣﺴﺎس اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺬاﺗﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اCﺒﺎﻧـﻲ ﻋﻠﻲ أﻧﻬﺎ ﺻﻐﻴﺮة وأﻗﻞ ﺿﺨﺎﻣﺔ وأﻗﻞ ﺗﺮﻛﻴﺒـﺎ .وﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﻫـﺬه اﻟـﻘـﺎﻋـﺪة ﻜﻦ أن ﻧﻔﻜـﺮ ﻓـﻲ وﺟـﻮد ﺷـﺨـﺼـﻴـﺎت ﺑـﻴـﺌـﻴـﺔ ،Environmental Personolities ﺣﻴﺚ ﻜﻦ أن ﳒﺪ ﺗﻘﺎﺑﻼ ﺑ tأ ﺎط اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت أ،ب ﻣﺜﻼ ،وﺣﻴﺚ اﻟﻨﻤﻂ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت )اﻟﻨﻤﻂ أ( أﻛﺜﺮ ﻃﻤﻮﺣﺎ وﻣﺜـﺎﺑـﺮة وﻋـﻤـﻼ وﻣـﻴـﻼ إﻟـﻰ اCﻨﺎﻗﺸﺔ وأﻛـﺜـﺮ ﻋـﺮﺿـﺔ ﻷﻣـﺮاض اﻟـﻘـﻠـﺐ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ )اﻟـﻨـﻤـﻂ ب( أﻛـﺜـﺮ ﻫـﺪوءا واﺳﺘﺮﺧﺎء وﻻ ﻣﺒﺎﻻة وأﻗﻞ ﻋﺮﺿﻪ ﻟﻸﻣﺮاض ،وﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﻠـﻤـﻲ ﻗـﺪ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وأ ﺎط اﻟﺮﺿﺎ ،أو اﻹﺷﺒﺎع ،وﺣﺘـﻰ اCﺴﺎرات اﻻرﺗﻘﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ اCﻬﻦ اﺨﻤﻟﺘـﻠـﻔـﺔ .وﻣـﻦ اCـﻤـﻜـﻦ أن ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ذﻟـﻚ ﻛـﻠـﻪ ﺑﺎﳊﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻷﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻨﺸﻄﺔ ،ﻛﺎﻟﺴﻼم اﻷﺧﻀﺮ أو ﻏﻴـﺮﻫـﺎ. واﻻﲡﺎه اﻟﺴﺎﺋﺪ اﻵن ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺎت اﻟـﺒـﻴـﺌـﻴـﺔ ﻫـﻮ اﻟـﺬي ﻳـﺮﻛـﺰ ﻋـﻠـﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ tاﻟﺸﺨﺺ ــ اﻟﺒﻴﺌﺔ ــ اﻟﺴﻠﻮك ،وﻫﻮ اﲡﺎه ﺗﻜﺎﻣﻠﻲ ﻻ ﻳﻘﻮل ﺑـ»إﻣﺎ.. أو«» ،أي ،إﻣﺎ« »ﺑﺮﻟ tأو ﻛﺎﺑﻼن« ﻣﺜﻼ ،ﺑﻞ ﺑﻜﻞ ذﻟﻚ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺗـﻜـﺎﻣـﻠـﻲ واﻋﺪ ﺟﺪﻳﺪ).(٣١
ﺧﺎﲤﺔ:
وﺟﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ tﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﺤﺪي وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﺎﻋﺖ ﻟﺪى ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ )ﻛﺎﻧﻂ ﻣﺜﻼ( وﻟﺪى ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ )ﻓﺨﻨﺮ وﺑﺮﻟ tﻣﺜﻼ( ،واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إن اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣـﻨـﺰﻫـﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺮض ،ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اCﺼﻠﺤﺔ اCـﺸـﺘـﺮﻛـﺔ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اCﺸﺘﺮك ﺑ tاﻟـﻔـﺮد واﻟـﺒـﻴـﺌـﺔ ،وﺑـ tاﻟـﻔـﺮد واﻷﻓـﺮاد اﻵﺧـﺮﻳـﻦ ،إن 413
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﻨﺪﻣﺞ داﺧﻞ اﻟﻔﺮد اﻟﺬي ﻳﻨﺪﻣﺞ ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ ،وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﻌﻪ ﻛﻠﻤﺎ اﺳﺘﻤﺮ ﻫﻮ ﻣﻌﻬﺎ ،وﲢﺴﻴﻨﻪ ﻟﻬﺎ ﲢﺴ tﻟﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘـﻠـﻘـﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺮض ،ﺑﻞ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻤﻠـﻴـﺎت اﻟـﺒـﺤـﺚ اCـﺴـﺘـﻤـﺮة ﻋـﻦ ﺣﻠﻮل ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺒﻴﺌﻲ وﻋﻦ دراﺳﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻸذواق واﻟﺘﻔﻀﻴـﻼت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ).(٣٢ ﻟﻘﺪ أدى ﺗﺰاﻳﺪ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻨﻮﻋﻴﺔ اﳊﻴﺎة وﺑﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﻮﻋﻴﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﺗﻮﻟﺪ ﺣﺎﺟـﺔ ﻏـﻼﺑـﺔ ﻟـﻈـﻬـﻮر ﻋـﻠـﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺠﻤﻊ ﺑ tاﳊﺎﺟﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،واCﻄﺎﻟﺐ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟـﻌـﻠـﻢ ﻫـﻮ »اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ« ،وﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﻳﺨﺮج ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻦ داﺧﻞ اﳉﺪران )ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻌﺮض وأﻣﺎﻛﻦ اﻟﻘﺮاءة أو اCﺸﺎﻫﺪة ...إﻟﺦ( إﻟﻰ ﺧﺎرﺟﻬﺎ، ﻟﻜﻦ ﻳﻬﺘﻢ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺪاﺧﻞ )ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻌﺮض واCﺸﺎﻫﺪة واCﻨـﺎزل ،وأﻣـﺎﻛـﻦ اﳊـﻴـﺎة واCـﻄـﺎﻋـﻢ...إﻟـﺦ ،وﻣـﺎ ﻳـﺴـﻤـﻰ ﺑﺎﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻲ .(Interior Design وﻫﻜﺬا ،ﻓﺈن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻔﻬﻮم واﺳﻊ ،ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اCﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، واCﺮوج ،واﻟﻐﺎﺑﺎت ،واﳊﺪاﺋﻖ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن أﺑﻠﺘﻮن وﻛﺎﺑﻼن وﻛﺎﺑﻼن ﻳﻌﺘﻘﺪون ،ﺑﻞ ﻳﻀﻊ ﻛﻞ ﻫﺬه اCﻮاﻗﻊ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻓﻲ اﻋﺘـﺒـﺎره ،ﺛـﻢ ﻳـﻀـﻴـﻒ إﻟـﻴـﻬـﺎ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺧـﺎص اCﻮاﻗﻊ واﻷﻣﺎﻛﻦ اﳋﺎﺻﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اCﺪن اﳊﺪاﺛﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ أﻳﻀﺎ )ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻌﺮض اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ،ﻗﺎﻋﺎت اﶈﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﳉﺎﻣﻌﺔ ،ﻗﺎﻋﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻷوﺑﺮا ﻓﻲ اCﺴﻴﺮح واﻟﺒﺎﻟﻴﻪ...إﻟﺦ(. ﻳﻨﺼﺐ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻣـﻦ أﺟـﻞ ﻫـﺬا اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺘﻢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠـﻤـﻜـﺎن ،وﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺑ tاﻹﻧﺴﺎن واCﻜﺎن ﺗﺘﻮﻟﺪ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﳊﺴﻴﺔ ،واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ وﲢﺎول ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ .وﻗﺪ ﺗﻮﻟﺪ ﻋﻦ ﺗﻨﺎﻣﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اCﻌﺮﻓﺔ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﺠﺎل اﻟﺪراﺳﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﺴﻖ ﻣﻊ اﻟﻨﺴﻖ اﻟﻘﺪ& ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ،أو اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ إﻃﺎر ﻳﺤﺪده ،وﻟﻪ ﻣﺆﻟﻒ واﺣﺪ ﻣﺤﺪد ،وﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ أو أﺳﻠﻮب ﺧﺎص ...إﻟﺦ .إن اCﻮﺿـﻮع اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ اﻟـﺒـﻴـﺌـﻲ ﻳـﻘـﻊ ﺧـﺎرج اﻹﻃﺎر ،ﺑﻞ ﻳﺘﺤﺮر ﻣﻨﻪ وﻳﺨﺮج ﻋﻠﻴﻪ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻷﻃﺮ )اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ اﻟﻠـﻮﺣـﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻣﺜﻼ( ﻣﺠﺮد ﻣﻜﻮن ﺻﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺒـﻴـﺌـﻲ اﻟـﻜـﺒـﻴـﺮ، 414
اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺬا اﻹﻃﺎر اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺆﻟﻒ ﻣﺤﺪد ،ﺣﻴﺚ ﻳﺸﺘﺮك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻴﻔﻪ ،أي ﺗﺼﻤﻴﻤﻪ ،وﺗﻨﻔﻴﺬه ،وﺗـﺬوﻗـﻪ ،وﻫـﻮ ﻻ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟـﻰ ﻣـﺪرﺳـﺔ ﻓـﻨـﻴـﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،أو إﻟﻰ أﺳﻠﻮب ﻓﻨﻲ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻓﺎﻟﻔﻦ ﻫﻨﺎ ﻳُﻜﺮس ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﺒﻴﺌﺔ ﻫﻨـﺎ ﺗُﻜﺮس ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻧﺴﺎن ،وذﻟﻚ ﻛﻲ ﺗﻜﻮن ﺣﻴـﺎﺗـﻪ أﻛـﺜـﺮ إﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ وأﻛـﺜـﺮ ﺟﻤﺎﻻ.
415
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
416
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
13اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ: رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
»ﻋﻠﻰ اCﺘﻠﻘﻲ أن ﻳﻨﺸﺊ ﺧﺒﺮﺗﻪ اﳋﺎﺻﺔ« »ﺟﻮن دﻳﻮي«
إذا ﻛﺎن أرﺳﻄﻮ ﻗﺪ رأى ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﺈن أﻓﻼﻃﻮن اﻋﺘﺒﺮه ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟﻠﻤﺤﺎﻛـﺎة، »ﻓﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔـﻨــــﻴﺔ ﻓــﻲ رأﻳــﻪ أﻗــﺮب إﻟﻰ اﻟﻈـــﻼل اﻟﺘــﻲ ﻫــﻲ أدﻧــﻰ ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﻮﺟﻮد ،وأﺑﻌﺪ اﻷﺷﻴﺎء ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘـﻴـﺔ«) .(١وﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ أﻓﻼﻃﻮن اCﻴﺘﺎﻓﻴـﺰﻳـﻘـﻲ اﻟﻌﺎم ﺗﻜﻮن اﶈﺴﻮﺳﺎت أﻗﻞ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ اCﺜﻞ ،وﺗﻜﻮن ﻓﻴﻪ ﺻﻮر اﶈﺴﻮﺳﺎت أﻗﻞ اﳉﻤﻴﻊ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ« .وﺻﻮر اﶈـﺴـﻮﺳـﺎت ﻫـﺬه ﻫـﻲ ﻣـﺎ ﻳـﺮﺗـﺒــﻂ ﺑ ـﻨ ـﺤــﻮ ﺧــﺎص ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ اCﺮﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ ،أي اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ. وﻗــﺪ ﻣــﺎل أﻓــﻼﻃــﻮن »إﻟــﻰ اﳋ ـﻠــﻂ ﺑــ tﻣ ـﺠــﺎﻟ ــﻲ اCﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﺎ واﻟﻔﻦ ،وﺑ tﻗﻴﻢ ،اﳊﻖ واﳋﻴﺮ واﳉﻤﺎل، ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺎﺳﺐ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳـﺎس ﻣـﺎ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻌ tاﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﺷﻴﺎء ،أو ﻳﻌـﻴـﺐ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ أﻧـﻬـﺎ ﻻ ﺗﺘﻀﻤﻦ دﻋﻮة أﺧﻼﻗﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،أي أﻧﻪ ﺑﺎﺧﺘـﺼـﺎر، ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻦ ﻛﻤﺎ ﻟـﻮ ﻟـﻢ ﻳـﻜـﻦ ﺑـﻴـﻨـﻪ وﺑـ tاﻟـﻌـﻠـﻢ واﻷﺧﻼق أي ﺣﺪ ﻓﺎﺻﻞ«).(٢ ﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻧـﻈـﺮ أﻓـﻼﻃـﻮن إﻟـﻰ اﻟـﻔـﻨـﺎن »ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺑﻌﺪ ﻋﻦ »اﳋﻠﻖ« ،ﺑﻞ إﻧﻪ أﻗﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣـﻦ 417
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺼﺎﻧﻊ ذاﺗﻪ ﻷن اﻟﺼﺎﻧﻊ ،ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ،ﻳﺄﺗﻲ ﻟﻨﺎ ﺑﺄﺷـﻴـﺎء ﻓـﻌـﻠـﻴـﺔ ،أﻣـﺎ اﻟـﻔـﻨـﺎن ﻓﻴﺤﺎﻛﻲ ﻟﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠﻬﺎ اﻟﺼﺎﻧﻊ«) .(٣وﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ »اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ« دﻋﺎ أﻓﻼﻃﻮن إﻟﻰ »اﺳﺘﺒﻌﺎد اCﻘﺎم اﻷﻳﻮﻧﻲ Ionianواﻟﻠﻴﺪي Lydianﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻷن ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻴﻮﻋﺔ وﺗﺨﻨﺜﺎ ﻳﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺤﻼل ﻓﻲ اﻷﺧﻼق. أﻣﺎ اCﻘﺎﻣﺎن اﻟﺪوري Dorianواﻟﻔﺮﻳﺠﻲ Phrygianاﻟﻠﺬان ﻳﺘﻤﻴﺰان ﺑﺮوح ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺟﺐ اﺳﺘﺒﻘﺎؤﻫﻤﺎ .وﻫﻜﺬا ﺑﺪأ أﻓﻼﻃﻮن ﺗﺸﻴﻴﺪ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﳉﻤﺎﻟـﻴـﺔ ﻟـﻠـﻤـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﺑـﺄن ﻋـﺰا إﻟـﻰ اCـﻘـﺎﻣـﺎت اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ Modesﺻﻔـﺎت أﺧﻼﻗﻴﺔ«).(٤ ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻜﺎر اﳉﻤﺎل واﻟﻜﻤﺎل واﻻﺗﺰان ﺷﺎﺋﻌـﺔ ﻟـﺪى اﻹﻏـﺮﻳـﻖ واﻟـﺮوﻣـﺎن، وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ وﻗﻮة اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻌـﻘـﻼﻧـﻲ ﻫـﻤـﺎ اCـﻌـﻴـﺎر أو اﻻﺧـﺘـﻴـﺎر اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﺠﻤﺎل واﳊﻘﻴﻘﺔ .وﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﻘﻞ وﻣـﺎ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ ﺑـﻪ ﻣـﻦ اﺗـﺰان وﻣﻨﻄﻖ ﻳﺆﻛﺪان اﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ .واﻻﻋﺘﺪال ﻫـﻮ اCـﻌـﻴـﺎر اﻟـﺬي ﺗـﺮﺗـﻔـﻊ ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﳊﺮﻓﺔ ،أي ﺣﺮﻓﺔ ،إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﻔﻦ .ﻓﺎﻟﻔﻦ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺎت اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻧـﻘـﻴـﺎ وﻋـﻘـﻼﻧـﻴـﺎ دون ﲢـﺮﻳـﻒ أو ﺷﻄﻂ أو ﺧﺮوج ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ اﻟﻨﺴﺒﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ .وﻇﻬﺮ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ واCﻌﺎﺑﺪ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم aﺮاﻋﺎة اﻟﻨﺴﺐ اﻟﺪﻗﻴــﻘــﺔ ﻟﻠﺠﺴــﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧــﻲ ،وﺣﻴــﺚ ﻛﺎن اﻻﻫﺘﻤﺎم أﻗﻞ ﺑﺎﻛﺘﺸــــﺎف اCﻌﻨــﻰ ﻓــﻲ اﳉﻤﺎل وأﻛﺒﺮ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف اﳉﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ اﳋـﺎرﺟـﻲ ،وﺣـﻴـﺚ ﻇﻬﺮت اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اCﺘﻘﺸﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﳊﻘﺒﺔ اﻟﻬﻴﻠﻨﺴﺘﻴﺔ).(٥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻔﻦ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،ﺑﻞ ﻫﺪف ﻟﻔﻬﻢ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﶈﺪدة ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟـﺸـﻌـﺮ اCـﻠـﺤـﻤـﻲ، واﻟﺪراﻣﻲ واﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ــ وﻛﻤﺎ ﺣﻠﻠﻬﺎ أرﺳﻄﻮ ﻓﻲ »ﻛﺘﺎب اﻟﺸﻌﺮ« ــ أﻣﺜﻠﺔ ﺣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻋﺘﻘﺪه اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮن ﺣﻮل اﻟﻔﻦ .وﻗﺪ أﺷﺎر ﺑﻌﺾ ﻣـﺆرﺧـﻲ اﻟـﻔـﻦ إﻟﻰ أن ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻔﻨﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺆﻻء اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻫﻲ ذاﺗﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﻇﻬﻮر ﻋﺼﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻷوروﺑﻲ ﻣﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﺎط اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ،ﻓﺎﳉﻤﺎل ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻣﻦ اCﺎدة اﳋﺎم اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻜـﻮن اﳉـﻤـﺎل ﻛﺎﻣﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﻜﺸﺎف اCﻨﻄﻖ واﻟﻌﻘﻞ ﻟﻬﺬه اCﺎدة اﳋﺎم اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﳉﻤﺎل ،وﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮت ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻟـﻔـﺘـﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻓﺘﻤﺴﻜﺖ ﺑﻬﺎ ﻣﺜﻼ ــ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ــ اCﺴﻴﺤﻴﺔ اﻷوﻟـﻰ اﻟـﺘـﻲ 418
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
اﻋﺘﻘﺪ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ أن اﻟﻔﻨﻮن ﻏﻴﺮ ذات ﻧﻔﻊ أو ﻓﺎﺋﺪة ،وﺣﻄ¢ﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﺣﺪﺛﺖ أﺷﻴﺎء ﺎﺛﻠﺔ ﻓـﻲ ﻇـﻞ ﺛـﻘـﺎﻓـﺎت أﺧـﺮى ،ودﻳـﺎﻧـﺎت أﺧﺮى ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪ& ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن أن ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﻐﺮاﺋﺰ اCﻀﺎدة ﻟﻠﻌﻘﻞ واﻻﺗﺰان ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﲢﻤﻞ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اCﺸﺎﺑﻬﺔ أو ﺣﺘﻰ اﶈﺎﻛﺎة ﻷﻓﻌﺎل اﻟﻠﻪ أو ذاﺗﻪ).(٦ ﻳﺘﻔﻖ ارﺗﻘﺎء اﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ ﻛﻞ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ارﺗﻘﺎء وﺗﻄﻮر ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﺎ و ﺎرﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،واﻻﺟﺘﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ،واﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ، وأﻳﻀﺎ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺘﺒﻊ ﺗﻄﻮر اﻟﻔﻨﻮن ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺘﺘﺒﻊ ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﺸـﻌـﻮب وأﺣﻼﻣﻬﺎ ورؤﻳﺘﻬﺎ وﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أو ﻓﻠـﺴـﻔـﺘـﻬـﺎ اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ ﺣـﻮل اﻟـﻜـﻮن واﻹﻧﺴﺎن واﳊﻴﺎة.
اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﻻﺳﺘﺒﺼﺎر :اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻜﺎﻣﻠﻲ
إن ﻣﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﻔﻦ ﻓﻮق اﳊِﺮف أو اCﻬﻦ ﻫﻮ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻔﻦ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن أو اCﺘﻠﻘﻲ .وﻗﺪ ﺗﺒﺎﻳﻨﺖ آراء اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ــ ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ــ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اCﻤﻴﺰة ﻟﻬﺬه اﳋﺒﺮة، وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺒﺎﻳﻨﺖ آراء ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺬي ﻓﺼﻠﻨﺎه ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻓﺼﻮل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﻓﻘﺪ ﻧﻈﺮ ﻓﺮوﻳﺪ إﻟﻰ ﻓﻬﻢ اﻹﺑﺪاع ﻋﻠﻰ أﻧـﻪ أﻣـﺮ ﺟـﻮﻫـﺮي ﻟـﻔـﻬـﻢ اﻟـﺘـﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ،وذﻟﻚ ﻷﻧـﻪ اﻋـﺘـﻘـﺪ أن ﻓـﻬـﻢ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ﻳـﺴـﺘـﺜـﻴـﺮ اﻻﻧـﺪﻓـﺎﻋـﺎت اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ،وﻳﺸﺒﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺘﺜﺎرة وذﻟﻚ اﻹﺷﺒﺎع ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن .وﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﺮوﻳﺪ أي ﻓﺮوق ﺣﺎﺳﻤﺔ ﺑ tﻧﺸﺎط اﻹﺑﺪاع وﻧﺸﺎط اﻟﺘﺬوق أو اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﺴﺎﻣﻲ ﻟﺪﻳﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻟﺘﻬﺬﻳﺐ ﻏـﺮاﺋـﺰه ﻏـﻴـﺮ اCـﻘـﺒـﻮﻟـﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،أو واﻗﻌﻴﺎ وﲡﺴﻴﺪﻫﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟـﺔ ،ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ إﻟـﻰ ﺣـﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،ﺑﻔﻜﺮة اﻟﺘﻔﺮﻳﻎ أو اﻟﺘﻨﻔﻴﺲ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺪورﻫﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑﻔﻜﺮة اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻷرﺳﻄﻲ. ﻛﺬﻟﻚ أﺷﺎر ﻛﺮﻳﺲ إﻟﻰ أن اCﺘﻠﻘﻲ ﻳﻮﺣﺪ ذاﺗﻪ ــ أو ﻳﺘﻮﺣﺪ ـــ ﺑـﻨـﻔـﺴـﻪ ﻣـﻊ اﻟﻔﻨﺎن ﺧﻼل اﻟﻨﺸﺎط اﳋﺎص واﻟﺘﺬوق أو اﻟﺘﻠﻘﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﺸﻜـﻞ ﻣـﺎ ﻣﻌﻴﺪا ﻟﻺﺑﺪاع. 419
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وﺗﺸﻴﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎت »اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع« ــ ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﺮﺿﻨﺎﻫﺎ ﺧـﻼل اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ــ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻋﻼﻗﺎت وﺛﻴﻘﺔ و ﺘـﻌـﺔ وﺗـﺨـﻴـﻴـﻠـﻴـﺔ ﺑـ tاﻟـﻔـﻨـﺎن، وﻛﺬﻟﻚ اCﺘﻠﻘﻲ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺑ tاCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔـﻨـﻴـﺔ ذات اﻟـﺼـﻠـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑﻨﺸﺎط اﻹﺑﺪاع أو ﻧﺸﺎط اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. وﻫﻨﺎك داﺧﻞ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻟﺪى أرﻧﻬﺎ& ﺧﺎﺻﺔ ،ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺜﻼ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﺮاﺳﻴﺔ ،أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ،أي اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺒـﺎد اﻹدراك ﻟـﺪى ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺒﺪأ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﺘﻮازن...إﻟﺦ .ﻜﻦ اﻟﻌﻮدة ﺑﻪ إﻟﻰ ﺟﺬو اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ ﺟـﺎﻧـﺐ أﺻـﺤـﺎب ﻧـﻈـﺮﻳـﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ ﻟﻠﻤﺰج ﺑـ tاﻟـﻌـﻘـﻞ واﻻﻧـﻔـﻌـﺎل ،أو اﻟـﻔـﻜـﺮ واﻟـﻮﺟـﺪان وﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ aﻮﺿﻮﻋﻲ اﻹدراك واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻟـﻢ ﻳـﺤـﺪث ﻣـﻦ ﻗـﺒـﻞ ﻓـﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺎت اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ. وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﺒﺴﻴﻄﻴﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳـﺒـﻴـﺔ اﻟـﻘـﺪ ـﺔ ﻟـﺪى ﻓﺨﻨﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻧﺰﻋﺔ واﺿﺤﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ اﻫـﺘـﻤـﺖ ﺑـﺨـﺼـﺎﺋـﺺ ﺑـﺼـﺮﻳـﺔ أو ﺣـﺴـﻴـﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ :أﺷﻜﺎل ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ أو ﺧﻄﻮط أو ﻋﻴﻨﺎت ﻣﻦ اﻷﻟﻮان ﻣﺜﻼ ،ﺛﻢ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﺴﺘﻜﺸﻒ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑ tﺗﻔﻀﻴﻼت اﻷﻓﺮاد اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،أﻣـﺎ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة )ﻟﺪى ﺑﺮﻟ tﺧﺎﺻﺔ( ﻓﺤﺎوﻟﺖ ﺗﻼﻓﻲ اﻟﻨﻘﺎﺋﺺ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﻟﻘﺪ ﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻌﺪد ﻛـﺒـﻴـﺮ ﻣﻦ اCﺘﻐﻴﺮات أو اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺪﻻﻟﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎCﻌﻨﻰ )ﻓﺎﻟﻜﺮﺳﻲ أو اCﻘﻌـﺪ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ أﺣﺪ اﻟﻜﺮاﺳﻲ ﻓﻲ اﻟـﻮاﻗـﻊ( وﻛـﺬﻟـﻚ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮﻳـﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ )اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن وﻛﺬﻟـﻚ ﺑـﺎCـﻌـﺎﻳـﻴـﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ aﺠﺘﻤﻊ ﻣﻌ (tﺛﻢ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﺮﻛﻴـﺒـﻴـﺔ أو اﻟـﻨـﺤـﻮﻳـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺸﻜﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .وﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﺑﺮﻟ tﻋﻠﻰ اCﺼﺎدر أو اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺳﻢ »اCﻌﻠﻮﻣﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ« ،وﻗﺎل إﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ أﻛﺜﺮ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺨـﺎﻃـﺐ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وإﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﺆال »ﻛﻴﻒ § ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ?« أﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﺗﻌﻠﻘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﺆال »ﻣﺎذا ﻗﺪم ﻟﻨﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ?«).(٧ وﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻨﻤﻂ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻳﺮﺗﺒﻂ aﺎ ﺳﻤـﺎه ﺑﺮﻟ tﺧﺼﺎﺋﺺ اCﻘﺎرﻧﺔ ،وﻫﻲ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻷﻛﺜﺮ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻟﻴﺎت 420
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻓﻲ رأﻳﻪ ،وﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺒﻨﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ أو ﺷﻜﻠﻪ ،وﲢﻮي إﻣﻜﺎﻧﺎت ﻜﻦ أن ﺎرس ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌـﻤـﻞ ﺗـﺄﺛـﻴـﺮاﺗـﻪ اCـﺘـﻤـﻴـﺰة ﻋـﻠـﻰ اCﺘﻠﻘﻲ .وﻗﺪ أﺷـﺮﻧـﺎ إﻟـﻰ اﻫـﺘـﻤـﺎم ﺑـﺮﻟـ tاﳋـﺎص ﺑـﺨـﺼـﺎﺋـﺺ ﻣـﺜـﻞ اﳉـﺪة، واﻟﺪﻫﺸﺔ ،واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،واﻟﻐﻤﻮض وﻏﻴﺮﻫﺎ .ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺑﺮﻟ tاﳋﺎص ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﺜﺎرة ﻟﺴﻠﻮك ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع أو اﻟﻔﻀﻮل اCﻌﺮﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻲ ودورﻫﺎ ﻓﻲ اﺳﺘﻜﺸﺎف اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم aﻘﺎرﻧﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻴﻨـﻬـﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻼت ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﻮﻟﻬﺎ. وﺗﺘﻔﻖ اCﻨﺎﺣﻲ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ ﻣـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ. واCﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻔﻬﻮم ﺟﻮﻫﺮي ﻟﺪى أﺻﺤﺎب ﻫﺬه اCﻨﺎﺣﻲ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺑـﺮﻟـt إﻟﻰ »ﺧﺼﺎﺋﺺ اCﻘﺎرﻧﺔ« اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ـــ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺮﺗـﺒـﻂ دون ﺷـﻚ ﺑﺠﻮاﻧﺐ إدراﻛﻴــﺔ وﻣﻌﺮﻓﻴــﺔ وداﻓﻌﻴـــﺔ ــ ﻳﺸﻴــﺮ ﻓﻴﺘــﺰ إﻟــﻰ اﻟﺮﻣــﻮز »اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳــﺔ« واﻟﺮﻣــــﻮز »اﻟـﺮﻗـﻤـــــﻴـــــﺔ« ،وﻳـﺸـﻴـــــــﺮ ﺟـــﻮﻣـﺒـــــﺮﺗـﻴـــــﺶ إﻟـــــﻰ اﻟـﺘـــﻤـــﺜـﻴـــــﻼت اCﺼـــﻮرة .Representations Pictorialوﻳﺘــﺤـــﺪث ﻣــﺎرﺗﻨﺪﻳــــﻞ ﻋـﻦ »اﻟـﺘـﻤـﺜـﻴـﻞ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ« ،أﻣﺎ ﺟﺎردﻧﺮ ﻓﻴﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ اCﺘﺠﻬﺎت واﳊﺮﻛﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ .وﻳﻀﻊ ﻛﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﺑـﺎﻋـﺘـﺒـﺎره اﻷﺳـﺎس ﻓـﻲ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ. ﻓﻲ ﺿﻮء ﻛﻞ اCﻨﺎﺣﻲ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ﻳﻜﻮن اCﺘﻠﻘﻲ اﻟﺬي ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻪ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اCﻌﻠﻮﻣﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﻘﺎدر ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺗﺬوق اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﺗﻜﻮن ﻫﺬه اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺤﺪدة ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻌﻼﻣﺎت واﻟﺮﻣﻮز واﻟﺘﻤﺜﻴﻼت واﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻣﻌ ،tوﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻓﻨﻲ ﻣﻌ tأو ﻓﺘﺮة ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻓﺎCﺘﻠﻘﻲ اﻟﺬي ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻣﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ـﻠـﻮءة ﺑـﺎﻟـﺘـﻔـﺎﺻـﻴـﻞ اCﻨﺎﺳﺒﺔ )اﻟﺘﻤﺜﻴﻼت اCﻌﺮﻓﻴﺔ( اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻌﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻣـﻌـ tأو أﻛـﺜـﺮ ﻫـﻮ ﻓـﻘـﻂ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗﺬوق ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ وﺗﻔﻀﻴﻠﻪ. ﻳﻘﺮر ﻣﻨﺤﻰ ﻓﻴﺘﺰ أن ﻛﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ،وأن ﻛﻞ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺸﻤﻞ ﻗﻴﻤﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ ﻓﻲ اﲡﺎه اﻟﺘﻨﺎﻇﺮﻳﺔ، أو أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ ﻧﺤﻮ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺬي ﻋﺮﺿﻨﺎه ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴـﺎدس. وأن أﻓﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮازن ﺧﺎص ﺑ tﻫﺬﻳﻦ اﻻﲡﺎﻫ ،tأي ﺑ tاﻟﺘﺠﺴﻴﺪ واﻟﺘـﺠـﺮﻳـﺪ ،أو ﺑـ tاﻻﻧـﻔـﻌـﺎل واﻟـﻌـﻘـﻞ ،أو ﺑـt اﳉﺎﻧﺐ اﻟﺪﻳﻮﻧﻴﺰي واﳉﺎﻧﺐ اﻷﺑﻮﻟﻮﻧﻲ )وﻓﻘﺎ Cﺼﻄﻠﺤﺎت ﻧﻴﺘﺸﻪ( ﻋﻠﻰ ﻧﺤـﻮ 421
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺧﺎص .أﻣﺎ ﺟﺎردﻧﺮ ﻓﺎﻫﺘﻢ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﳋﺒﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻌﺮﻓﻲ ،وﻗﺪ أﺷﺎر إﻟﻰ أن اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺮ ﺑﻬﺎ اCﺘﻠﻘﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺗﻐﻴﺮات ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ .أﻣـﺎ ﺟـﻮدﻣـﺎن ﻓـﻘـﺎل إن اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﺗﻨﺸﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻌﺮﻓﻲ ،ﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن وﺳﺎﺋﻞ Cـﺰﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻟﻔﻬﻢ .وﻳﺸﺘﺮك ﺑﺮﻟ tوﺟﺎردﻧﺮ وﺟﻮﻣﺒﺮﻳﺘﺶ وﻓﻴـﺘـﺰ وﺟـﻮدﻣـﺎن وﻣـﺎرﺗـﻨـﺪﻳـﻞ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮة ﻟﻠﻔﻦ ــ وﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ــ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻣﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت، وأن اCﺘﻠﻘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗﺬوﻗﻪ أو ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ ،وﻛﺜﻴـﺮا ﻣـﺎ ﺗـﺸـﻴـﺮ اCﻨﺎﺣﻲ اCﻌﺮﻓﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اCﻬﺎرات اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻮاﻓﺮﻫﺎ ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ، ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻨﺸﺎط اCﺎﻫﺮ اCﺴﻤﻰ ﺑــ »اﻟﻘﺮاءة« ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .وﻣﻬﺎرة اﻟﻘﺮاءة ﺷﺮط أﺳﺎس ﻣﺴﺒﻖ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻔـﻨـﻮن واﻷدب ،وﻫـﻲ ﻛـﺬﻟـﻚ أ ـﻮذج ﻋـﺎم Paradigmﻳﻜﻮن ﻣﻔﻴﺪا ﻓﻲ اﻟﺘﺬوق ﻟﻜﻞ أﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻮن. ﻳﺆﻛﺪ اCﻨﺤﻰ اCﻌﺮﻓﻲ أﻫﻤﻴﺔ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻬﻢ اCﻌﺮﻓﻲ، وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اCﻨﺤﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اﻟﻨﻔﺴﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اCﻨﺤﻰ اﻟﺴﻴﻜـﻮﻓـﻴـﺰﻳـﻘـﻲ )أو ﻣﻨﺤﻰ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ( ،وﻛﺬﻟﻚ اCﻨﺤﻰ اﳋﺎص ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ، وﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﻟﺮﺑﻂ ﺑ tاﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳊﺴﻴﺔ أو اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﺳﺘﺜﺎرة اﳊﻮاس وﺑt اﻻﻧﻔﻌﺎل )ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ( أو ﺑ tاﺳﺘﺜﺎرة اﳊﻮاس واﻟﺪواﻓﻊ اCﻌـﺮﻓـﻴـﺔ )اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ( أو اﺳﺘﺜﺎرة اﳊـﻮاس واﻹدراك )اﳉـﺸـﻄـﻠـﺖ( ،وﺑـt اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎCﺘﻌﺔ أو اﻟﻠﺬة ،أو اﻟﺴﺮور ،أو اﻻرﺗﻴﺎح وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ. وﻛﻤﺎ ﻧﺮى ،ﻋﻠﻰ ﻛـﻞ ﺣـﺎل ﻓـﺈن ﺑـﻌـﺾ أﺻـﺤـﺎب ﻫـﺬه اCـﻨـﺎﺣـﻲ ﻛـﺜـﻴـﺮا ﻣـﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻔﻬﻢ Apprehensionواﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺘـــﺰاج ﺑـــ tاCﻌﺮﻓـــﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴـــﺔ ،واﻹﺣﺴﺎس اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ .وﻫﻜﺬا ﺗﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴــﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴــﻞ اﳉﻤﺎﻟــﻲ ﻣﺰﻳﺠـــﺎ ﻣــﻦ اﻟﻔﻬــﻢ )اﻟﻌﻘــﻠﻲ( واCﺘﻌــﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،أو اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ. وﻗﺪ أﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ إﻟﻰ أن ﻫﺬه اﻟﺘﻤﻴﻴﺰات ،ﺧﻼل اﳋﺒﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ، واﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑ tﺟﻮاﻧﺐ ﻋﻘﻠﻴﺔ ،أو ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﺑ tﺟﻮاﻧﺐ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ، أو وﺟﺪاﻧﻴﺔ ،ﻫﻲ ﻴﻴﺰات ﻣﺘﻌﺴﻔﺔ وﻗﺎﺻﺮة وﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻲ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﳊﺪﻳﺚ ﻟﻺﻧﺴﺎن واﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﳋﺎص ﺑt ﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒ ،tوأﻳﻀﺎ إﻟﻰ ﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒ) tاﻟﻌﻘﻞ واﻻﻧﻔﻌﺎل( ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫـﻤـﺎ ﻣﺠﺮد ﻣﺴﺘﻮﻳ tﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻻﻫﺘﻤﺎم aﻮﺿﻮع ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻣﻌ ،tﻓﻔﻲ ﳊﻈﺔ أﻫﺘﻢ ﺑﻪ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ وﻓﻲ ﳊﻈﺔ أﻗﺮب أﻫﺘﻢ ﺑﻪ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎ ،وﻓﻲ ﳊﻈﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻳﻜﻮن 422
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻫﻨﺎك ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺑ tاﻟﻌﻘﻞ ــ أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ــ واﻻﻧﻔﻌﺎل. ﻓﻲ ﳊﻈﺔ ﺗﻜﻮن اﻟﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت اCـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎCـﺘـﻠـﻘـﻲ ﻣـﻮﺟـﻬـﺔ ﻧـﺤـﻮ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻓـﻲ ﳊـﻈـﺔ أﺧـﺮى ﺗـﻜـﻮن ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ اﻷﺳﻠﻮب أو اﻟﺸﻜﻞ ،وﻓﻲ ﳊﻈﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻧﺤﻮ ﻫﺬﻳﻦ اﳉﺎﻧﺒ tﻣﻌﺎ ،واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻜﺎﻣﻠﻲ وﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺔ ﺑﻨﺪوﻟﻴـﺔ ﻳـﺴـﻮد اﻻﻧﻔﻌﺎل ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻨﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧﺎ وﻳﻐﻠﺐ اﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺟـﺎﻧـﺐ ﻣـﻨـﻬـﺎ أﺣـﻴـﺎﻧـﺎ أﺧـﺮى، وﻳﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻊ اﻻﻧﻔﻌﺎل ﺧﻼل اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،أو اﻟﺘـﻠـﻘـﻲ ﻟـﻪ، أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺛﺎﻟﺜﺔ. ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﻔﻬﻮم اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﻫﻨﺎ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﻘﺪ& ﻟﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ واﻟﺬي ﻳﺮﺑﻂ ﺑ tاCﻌﻠﻮﻣﺎت وﺑ tﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺘﻮن اﻟﻜﺘﺐ ،أو ﻗﺎﻋﺎت اﻟﺪرس واCﻜﺘـﺒـﺎت وأﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ وﺗﺨﺰﻳﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت...إﻟﺦ .ﺑﻞ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻘﺎه اﳊﻮاس وﻧﺴﺘﺨﻠﺼﻪ )ﻧﺪرﻛﻪ( ﺛﻢ ﻧﻌﺎﳉﻪ داﺧﻞ اCﺦ وﻧﺨـﺰﻧـﻪ ﻓـﻲ اﻟـﺬاﻛـﺮة ﻣـﻦ ﺧـﻼل أﺷﻜﺎل رﻣﺰﻳﺔ ﻟﻔﻈﻴﺔ )ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻟﻐﺔ( أو ﺑﺼﺮﻳﺔ )ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺻﻮر( ﻣﺨﺘﻠﻔـﺔ ﺛﻢ ﻧﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ أو ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺧﻼل ﻣﻮاﻗﻒ ﺣـﻴـﺎﺗـﻨـﺎ اCﺘﻨﻮﻋﺔ. ﻫﻜﺬا ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺑﺼﺮﻳﺔ ،وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺳﻤﻌﻴﺔ ،وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺷﻤﻴﺔ، وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت Cﺴﻴﺔ ،وﻣﻌﻠـﻮﻣـﺎت ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑـﺤـﺎﺳـﺔ اﻟـﺘـﺬوق ،وﻣـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ،وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮازن ،وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت اﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ...إﻟﺦ .وﺗﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﻼص ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺘﻔﻬﻢ ﻟﻬﺎ واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻬﺎ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻟﻴﺲ ﺑﺎCﻌﻨﻰ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي اﻟﺒﺎرد اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻜﻠﻤﺔ »ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت« ،وﻓـﻲ ﺿـﻮء ﻫـﺬا اﻟـﻔـﻬـﻢ اCـﻌـﺮﻓـﻲ اﳋـﺎص اﳉﺪﻳﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أﻣﺮا ﺷﺪﻳﺪ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ، وذﻟﻚ ﻷن ﺗﺰاﻳﺪ اCﻌﺮﻓﺔ ﻳﻴﺴﺮ ﺣﺪوث اﻟﻔﻬﻢ أو اﻟﺘﻔﻬﻢ اﻷﻓﻀﻞ ﳉﻮﻫﺮ اﳉﻤﺎل ﻋﻤﻮﻣﺎ وﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص. وﻳﺘﻄﻠﺐ اﻷﻣﺮ أوﻻ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ﺗـﻘـﻮﻳـﺔ اCـﻜ ¢ـﻮن اﻹدراﻛﻲ ،وﻫﻮ اCﻜـﻮن اﻟـﺬي َﻳُﻜْـﻮُن اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ )اﻹﺑﺪاﻋﻲ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﻀـﻴـﻠـﻲ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ( ﻣـﻦ دوﻧـﻪ ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ .ﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻴﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ اﻋﺘﺒﺎر ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠـﺖ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪى أرﻧﻬﺎ& وﻛﻮﻓﻜﺎ ﻓﺮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻬـﺎ أﺷﺎرت إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮﻳﻦ اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﺮاﺳﻴﺔ أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اCﻮﺟﻮدة 423
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ )أو ﻟﻠﻘﻮى اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن أرﻧﻬﺎ& ﻳﻔﻀﻞ أن ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ( ﻫﻮ aﻨﺰﻟﺔ اﻟﺸﺮط اﻷﺳﺎس اCﺴﺒﻖ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اCـﻔـﻬـﻮم أو اﻟـﺘـﺼـﻮر اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ. وﻫﻜﺬا ،وﺑﻬﺬا اCﻌﻨﻰ ﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻋﻤـﻠـﻴـﺔ اﻻﺳـﺘـﺒـﺼـﺎر أو اﻟـﻔـﻬـﻢ اﻟـﻜـﻠـﻲ اCﻔﺎﺟﺊ ،وﻛﻤﺎ أﺷﺎرت إﻟﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳉﺸﻄﻠﺖ )وﻛﻤﺎ ﲢﺪث ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺪرﻳﺠﻲ أو ﻋﺒﺮ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻜﻮن ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ اﻷﺧﻴﺮة ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺪﻫﺸﺔ أو اCﻔﺎﺟﺄة( ﻫﻲ ﻧﻮع ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻔﻬﻢ أو اﻟﺘﻔﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎرت إﻟﻴﻪ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اCﻌﺮﻓﻴﺔ .وﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﻔﻬﻢ اﳋﺎص Cﻮﺿﻮع اCﻌﻠﻮﻣﺎت وﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﺒﺼﺎر ﻳﻘﻮم ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ.
اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ :رؤﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ
ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻘﻮم ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ اﲡﺎه ﺟﻤﺎﻟﻲ Aesthetic Attitudeﻟﺪى اﻷﻓﺮاد ،وﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﻛﻤﺎ أﺷﺎر أوﺳﺒﻮرن H.Osborneــ ﻋﺎﻟﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ــ ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ »اﻻﻧﺘﺒﺎه واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﺧﺎص ﻣﻦ اﻻﺑﺘﻌﺎد اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﻦ اﻻﻧﺸﻐﺎﻻت أو اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ«).(٨ ﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﺧﺎص ﻣﻦ اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ )وﻓﻘﺎ Cﺼﻄﻠﺤﺎت ﺑﻮاﻟﻮ( ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺤﺚ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻴﺔ ﺑﻨﺎ ــ أي ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻬﺎ ذات ﻓﺎﺋـﺪة أو ﻧـﻔـﻊ أو ﻻـــ وﻟـﻜـﻦ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﺗﻔﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﺠﻮاﻧﺐ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واCﻤﻴﺰة ﻟﻬﺎ .وﻳﺤﺘﺎج اﻻﲡﺎه اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻃﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ ،وﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ. وﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬوق ﻳﺼﺒﺢ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﺮوي واﻟﺘﻤﻬﻞ واﻟﺘﺤﻜﻢ ،ﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺬوﺑﺎن ،أو اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﺘﺎم. وﻣﻊ وﺟﻮد اﻻﻧﻔﻌﺎل واﻟﺸﻌﻮر ﻫﻨﺎك ﻋﻤﻠﻴﺎت أﺧﺮى ﺗﻠﻌﺐ دورﻫﺎ ﻓـﻲ إﺿـﺎءة اCﻮﺿﻮع اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﺜﻞ :اCﻌﺮﻓﺔ ،واﻻﺳﺘﺪﻻل ،واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ،واCﻘﺎرﻧﺔ ،واﻟﺘﺼﻨﻴﻒ، وﺗﻜﻮﻳﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ .ﻓﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻫﻲ ﺷـﺮوط أوﻟـﻴـﺔ ﳊـﺪوث اﻟـــــﻔـﻬـــــــﻢ ،أو اﻟﺘﻔــﻬﻢ ،أو اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ .وﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟـﺘـﺬوق اCـﻨـﺎﺳـﺐ ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﳊﺴﻴﺔ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻨﺎﺋﻴﺔ أو اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘـﻄـﻠـﺐ أﻳـﻀـﺎ ﻧـﻮﻋـﺎ ﻣـﻦ اﻟﺘﻔﻬﻢ اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻲ )اCﺘﺰاﻣﻦ( ﻟﻠﻜﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟـﺬي § ﺗـﺸـﻜـﻴـﻠـﻪ ،وﻟـﻴـﺲ ﻓـﻬـﻤـﺎ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺎ ﻟﻠﻌﻨﺎﺻﺮ اCﻔﻀﻠﺔ اCﻮﺟﻮدة داﺧﻠﻪ ﻓﻘﻂ).(٩ 424
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺷﻜﺎل واCﺪارس واﻷﻓـﻜـﺎر اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ،اﻟـﺘـﻲ ﻇـﻬـﺮت ﺧـﻼل اﻟـﻘـﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺣﺎﻓﺰا ﻟﻈﻬﻮر أﻓﻜﺎر ﻋﺪﻳﺪة ﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﺳﺎﻋﺪ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺗﺼﻮر ﻣﺸﺘﺮك ﻟﻠﻔﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﻌﺒﻴﺮا إﺑﺪاﻋﻴﺎ ﻋﻦ اﻟﺬات. وﻗﺪ ﺻﺎغ ﺟﻮن دﻳﻮي وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻬﻤﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮرﻳﺔ ﻓﻲ وﻗﺘﻬﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ أﻋﺎدت ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة) .ﻓﻘﺪ أﺷﺎر دﻳﻮي إﻟﻰ ﺿﺮورة أن ﻳﺠﺮي اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻣﺘﻌﻠﻤ tﻳﺘﻤﻴﺰون ﺑﺎﻟﻨﺸﺎط وﺗﺘﻤﺮﻛﺰ ﻃﺎﻗﺎﺗﻬﻢ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺣﻮل ذواﺗﻬﻢ وﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟـﻢ( ،وذﻟـﻚ ﻓـﻲ ﻣـﻘـﺎﺑـﻞ اﻟـﺘـﺼـﻮر اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ راﺷﺪ ﻣﺼﻐﺮ وﻏﻴﺮ ﻛﺎﻣﻞ).(١٠ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﺟﺮى اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﺻﻢ وﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘ tواﳊﻔﻆ واﻻﺳﺘﺮﺟﺎع وﻓﺮض اﻟﻘﻮاﻋﺪ وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮاﺋﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ .أﻣﺎ دﻳﻮي ــ ﺛﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه أﺻﺤﺎب ﻣﻨﺤﻰ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ اCﺘﺄﺛﺮون ﺑﻪ ــ ﻓﺄﺷﺎروا إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻨﺸﻂ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣــﺎت ،واCﺸﺎرﻛـــﺔ ﻓــﻲ اﳉﻬﺪ ،أي اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑ tاCﻌﻠﻢ واﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﺧﻼل اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ) .(١١وﲡﻠﺖ ﻫﺬه اﳉﻬﻮد ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ وﻇﻬﻮر ﻃﺮاﺋﻖ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌـﻠـﻴـﻢ ،ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﺳـﺒـﻴـﻞ اCﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﻻﻛﺘﺸـﺎف Learning by discoveryﻛﻤﺎ ﺑﻠﻮره ﺟﻴﺮوم ﺑﺮوﻧﺮ J.Brunerﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص).(١٢ وﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم اﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﺑﺪور إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻌـﻠـﻢ ،ﻓـﻬـﻮ ﻳـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت وﻳﻜﺘﺸﻔﻬﺎ وﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺪور اCﺘﻠﻘﻲ اﻟﺴﻠﺒﻲ. واﻛﺘﺸﻒ ﻣﻌﻠﻤﻮ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺬﻳﻦ أﻳﺪوا دﻳﻮي وﺗﺒﻨﻮا أﻓﻜﺎره أن ﺗﻌﺒﻴﺮ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬاﺗﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻦ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻟﻪ ﺗﻔﺮده وﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ وﺗﻜﺎﻣﻠـﻪ اﳋـﺎص ،وأﻧـﻪ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﺼﺪق ،وﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻘﻠﻴـﺪﻳـﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺣـﻮل اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﻨﻄﻘﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺬﻛﺎء ،ﺑﻞ ﻳـﺮﺗـﺒـﻂ أﻛـﺜـﺮ ﺑـﺎﻷﻓـﻜـﺎر اﳉﺪﻳﺪة اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻹﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﳋﻴﺎل. ﻧﺤﻦ ﻴﻞ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻮﻋ tﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،اCﻨﻄﻘﻲ واﻹﺑﺪاﻋﻲ ،وﻟﻴـﺲ ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس واﺣـﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻘﻂ دون اﻵﺧﺮ .ﻓﻤﻦ اCﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﺳﺲ واﻟﻘﻮاﻋﺪ واCﻜﻮﻧﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄي ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ،ﺛﻢ ﻣﻦ اCﻬﻢ أﻳﻀﺎ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻻﲡﺎه اﳋﻴﺎﻟﻲ اCﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻂ واﻟﻘﻮاﻟﺐ ﺧﻼل اﻟﺘﺬوق ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ أو اﻟﺘﻔﻀﻴـﻞ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ ﻟـﻪ .وﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳـﻠـﻲ 425
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺮاﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن ﺗﻔﻴﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن:
ﺗﻘﺮﻳﺐ اﳌﺴﺎﻓﺎت :رؤﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ
ﻫﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﻲ ﻜﻦ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺖ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﺎﻣﺔ أو ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ وﻧﻌﺒﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻨﺎ ﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﳊﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم: ١ــ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺪور اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﺗﻠﻌﺒﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﻂ اﻷﻓﺮاد ،وﺗﻨﻤﻴﻂ أﺳﺎﻟﻴﺒﻬﻢ اCﻌﺮﻓﻴﺔ وﺧﺼﺎﻟﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼـﻴـﺔ ،إﻻ أن اﻟـﻌـﻮاﻣـﻞ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺗﻠﻌﺐ دورﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ أﻳﻀﺎ ﻟﺪى ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد .وﻳﺘـﺰاﻳـﺪ ﻋـﺪد ﻫـﺆﻻء ﻳﻜﻮﻧﻮﻧﻪ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻷﻓﺮاد ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺬات اﻟﺬي ¢ ﻧﺴﻖ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﳋــﺎص ﺑﻬــﻢ ،وﻛــﺬﻟﻚ ﻧﻈﺮﺗﻬــﻢ اﳋﺎﺻـــــﺔ ﻟـﺪورﻫـــــﻢ ﻓــﻲ اﳊﻴﺎة .وﺗﻠﻌﺐ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ دورﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﺤﺮﻛﻮن ﺑﻌﻴـﺪا ﻋـﻦ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺴﺎﺋﺪ ،وﻳﺤــﺎوﻟــﻮن اﻟﺘﻐﻴــﻴــﺮ ﻓﻴـــﻪ ﺑﻄﺮاﺋــﻖ ﻣﺘﻨﻮﻋــﺔ ،وﻳﻜــﻮن اﻹﺑــﺪاع ﻋﺎﻣــﺔ ،واﻟﻔــﻦ ﺧﺎﺻــﺔ ،إﺣــﺪى اﻟﻮﺳﺎﺋــﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﻨـﻤـﻂ، أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻫــﺬا اﻷﺳﻠــﻮب اCﻌﺮﻓــﻲ اﳉﻤﺎﻋــﻲ اCﻤﻴـــﺰ ﻟﺒﻌــﺾ اﻟﺜﻘﺎﻓــﺎت، واﻟــﺬي ﻳﺠﻌﻠﻬــﺎ ﺗﻠﺘﻘـــﻂ اCﻌﻠﻮﻣــﺎت وﺗﻌﺎﳉـــﻬﺎ وﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮاﺋــﻖ أﻗـــﺮب إﻟــﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳـــﺔ ،واﻷﻟﻔـــﺔ ،واﻟﺘــﻜــﺮار ،ﻻ ﺑﻄﺮاﺋـــﻖ أو أﺳﺎﻟﻴـــــــــــﺐ ﻣـﻌـﺮﻓـﻴـﺔ ﺗﻘــﻮم ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻻﺳﺘﻜﺸــﺎف واﻟﻔﻀﻮل اCﻌﺮﻓﻲ واﻟﺘـﺠـﺪﻳـــــﺪ واﻟـﺘـﻨـﻮﻳـﻊ واﻹﺿﺎﻓﺔ. ٢ــ ﺿﺮورة ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺘـﺠـﺮﻳـﺐ ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﺳـﺘـﺨـﺪام اCـﻮاد واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اCﻨﺎﺳﺒﺔ .ﻓﺎﻟﺘﺠﺮﻳﺐ ﻟﻪ دوره اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻛـﺘـﺴـﺎب اCـﻬـﺎرات ،وﻓـﻲ ارﺗﻘﺎﺋﻬﺎ ﺑﺸﺮط أن ﻳﻜﻮن ﲡﺮﻳﺒﺎ ﻫﺎدﻓﺎ أو ﻣﻮﺟﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠـﺔ ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ، وﻟﻴﺲ ﺗﺪرﻳﺒﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻪ أو ﻫﺎدف. ٣ــ ﺿﺮورة أن ﺘﺰج اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﺣﻞ اCﺸﻜﻼت اﻟﺒﺴـﻴـﻄـﺔ ﺧـﻼل اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﳉﻤﺎﻟﻲ .ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻛـﺬﻟـﻚ أن ﻳـﺒـﺪأ اﻷﻃـﻔـﺎل ﺗـﺪرﻳـﺒـﺎﺗـﻬـﻢ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﻜﻞ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻠﻌﺐ اCﺼﺤﻮب ﺑﺎﻟﺪﻫﺸﺔ ،واﻟﺒﻬﺠﺔ، واﻟﻀﺤﻚ ،واﻟﺴﺮور. ٤ــ ﺿﺮورة أن ﲢﺪث ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺳﺘﺜﺎرة داﺋﻤﺔ ﻟﺴﻠﻮك اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ،وﺣﺐ 426
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
اﻻﺳﺘﻄﻼع ،واﳋﻴﺎل ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻷﺳﺌﻠﺔ ،واﻹﺧﻔﺎء اCﺘﻌﻤﺪ اCﺆﻗﺖ ﻟﺒﻌﺾ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ،أو ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺐ اCﻬﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻣـﻮن ﺑـﻬـﺎ ،وﻛـﺬﻟـﻚ ﺗﺪرﻳﺐ اﻷﻃﻔﺎل ﻋﻠﻰ اCﻼﺣﻈﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﺤﺺ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ وﻟﻠﺒﻴﺌﺔ وCﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎﻣﻦ أﺷﻜﺎل ،وأﻟﻮان ،وﺣﻴﻮاﻧﺎت ،وﻧﺒﺎﺗﺎت ،وﺑﺸﺮ ،وﺻـﺨـﻮر...إﻟـﺦ ،وﻋـﻠـﻰ ﺗـﻜـﻮﻳـﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ داﺧﻠﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،وأﻳﻀﺎ اﺳﺘﺜﺎرة اﳋﻴﺎل ،واﻟﺴﻌﻲ ﻧـﺤـﻮ اﻟـﻨـﻈـﺎم، وﺗﻮﺟﻴﻪ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻧﺤﻮ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻟﻌﺎCﻴﺔ اCﺘﻜﺮرة ،ووﺿﻊ اﳋﺒﺮات اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﳋﺒﺮة اﻟﻌﺎدﻳﺔ أوﻻ ،ﺧﺎﺻﺔ اCﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ، ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺿﺮورة اﻟﻘﻴﺎم aﻼﺣﻈﺎت ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ .واﻟﻘـﻴـﺎم aﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ واﻟﺴﻤـﻌـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ،وﺗـﻜـﻮﻳـﻦ ﻋـﺎدات ﻟـﻠـﺘـﻠـﻘـﻲ واﺳﺘﻜﺸﺎف اCﻌﺎﻧﻲ ،واﻟﺮﻣﻮز ،واﻟﺮﺑﻂ ﺑ tاﻟﻮﺳﺎﺋﻞ واﻟﻐﺎﻳﺎت وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ. ٥ــ ﺿــﺮورة وﺿــﻊ اCﻴــﻮل اﻟﻔﺮدﻳــﺔ واﻟﺘﻔﻀـــﻴﻼت اﳋﺎﺻــــﺔ ﻟـﻸﻓـــــــﺮاد ﻓــﻲ اﻻﻋﺘـــﺒﺎر ،وﻣـــﻦ ﺧـــﻼل ﻣﺴﺘﻮﻳـــﺎت ﻣﺘﺼﺎﻋـــﺪة اﻟﺼﻌﻮﺑـــﺔ أو اﻟﺘﺮﻛﻴـــﺐ، ﻓﻠﻴــﺲ ﻣــﻦ اCﻬــﻢ ﻣﺜــﻼ ﺗﺪرﻳــﺐ ﻛــﻞ اﻷﻓــﺮاد ــ إﻻ إذا ﻛﺎﻧــﻮا ﻣـــﻦ دارﺳـــــﻲ اCﻮﺳﻴﻘــﻰ ﻣﺜــﻼ ــ ﻋــﻠﻰ اﻟﻔﻮﻛﺎﻟـﻴـــﺰ )ﻋـــــﻠـــــﻢ ﺗـﻬـﺬﻳـــــﺐ اﻟـﺼـﻮت( أو ﻋـﻠـــــﻰ اﻟﺴﻮﻟﻔﻴـــﺞ )ﻋﻠــﻢ ﺗﻬﺬﻳـــﺐ اﻷذن وﻗــﺮاءة زﻣــﻦ اﻟﻨـﻮﺗـﺎت( ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺮﻏـــــﻢ ﻣـﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺑﻞ اCـﻬـﻢ أن ﻳﻮﺿﻊ ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد ﻓﻲ أﺟﻮاء ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ وأن ﻳﺘﺸﺒﻌﻮا ﺑﺤﺐ اCﻮﺳـﻴـﻘـﻰ، وأن ﻴﺰوا ﺑ tاﻟﻨﻐﻤﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ وﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠـﻔـﺔ ،وأﺻـﻮات آﻻﺗـﻬـﺎ وﻳﺘﻄﻠﺐ ﻓﻬﻢ اﻟﻮزن اCﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﻳـﺘـﻜـﺸـﻒ ﻋـﺒـﺮ اﻟـﺰﻣـﻦ ﻣـﺎ ﻫـﻮ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ اﻻﻧﺘﺒﺎه .ﻓﺎﻟﺘﺬوق ﻳﺼﺒﺢ ﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟـﻌـﻘـﻠـﻲ اﻟـﺬي ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺑﺪوره ذاﻛﺮة ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﻄﻮر واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺤﻴﺚ ﻜﻨﻬﺎ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎCﻜﻮﻧﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اCﺘﺘﺎﺑﻌﺔ أو اCﺘﺰاﻣﻨﺔ أﻃﻮل ﻓﺘﺮة ﻜﻨﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﺘﺬوق اCﻮﺳﻴﻘﻲ ﻗﺪرات إدراﻛﻴﺔ ،وﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ،وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .وﺗﻠﻌﺐ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻮﻗﻊ دورﻫﺎ اCﻬﻢ ﻫﻨﺎ ،وﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺮﺗﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳋﺒﺮة واﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﺤﻮظ. إن اﻟﺸﻲء اCﻬﻢ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﺳﻤﺎه ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻲ« )ﻣﻨﺬ ﻧﺤﻮ أرﺑﻌﺔ وأرﺑﻌ tﻋﺎﻣﺎ ﺣﻴﺚ ﺻﺪرت اﻟﻄﺒﻌـﺔ اﻷوﻟـﻰ ﻣـﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺎم » ،(١٩٥٧ﻓﻦ اﻻﺳﺘﻤﺎع« وﻫﻮ ﻓﻦ »ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﺪرﻳﺒﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻗﺒﻞ 427
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
أن ﻳﺼﻞ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﺎرﺳﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،وذﻟﻚ ﻷن ﻟﻼﺳـﺘـﻤـﺎع درﺟﺎت وﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ :ﻓﻔﻲ أوﻟﻰ ﻣﺮاﺣﻠـﻪ ﻻ ﻳـﻜـﻮن اCـﺮء ﻗـﺎدرا إﻻ ﻋـﻠـﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎب اCﻮﺳﻴﻘﻰ اﳋﻔﻴﻔﺔ ،ذات اﻹﻳﻘـﺎع اﻟـﻮاﺿـﺢ ﻛـﺎCـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ اﻟـﺮاﻗـﺼـﺔ ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ ...وﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﺪأ ﻣﻠﻜﺔ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻣﺰﻳﺪا ﻣﻦ اﳋﺒﺮة، وﻳﻜﻮن ﻓﻲ وﺳﻊ اCﺮء أن ﻳﺘﺬوق ﻣﻨﻈﻮﻣﺎت أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ أن ﻳﻬﻀﻤﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ،أو أن ﻳﺪرك ﻣﻌﻨﻰ اﻷﺟﺰاء اCﻌﻘﺪة ﻓﻴﻬﺎ«) .(١٣وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺻﻌﻮﺑﺎت وﻣﻌﺎﻧﺎة ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻬﻢ ،واﻟﺘﺠﺎوب ،واCﺘﺎﺑﻌﺔ ،ﻟﻸﻋﻤﺎل اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺧﻼل ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻠﺠﺄ اCﺴﺘﻤﻊ »إﻟـﻰ اﻟـﺘـﺸـﺒـﻴـﻬـﺎت اﻟـﺸـﻌـﺮﻳـﺔ ﻟﻴﻐﻠﻒ ﺑﻬﺎ اﻟﻠﺤﻦ ،وﻳﺴﺘﻌ tﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻤﻪ .ﻋﻠـﻰ أن اCـﺜـﺎﺑـﺮة ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺴـﻤـﺎع ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﺄن ﲡﻌﻞ اCﺮء ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﺒﺎت ،ﻓﻴﻤﻜﻨﻪ اﻟﺘـﻤـﺘـﻊ ﺑـﻜـﻞ أﻧـﻮاع اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ واﻷداء .وﻓﻲ اCﺮﺣﻠﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻳـﻜـﺘـﺴـﺐ اCـﺮء اﻟـﻘـﺪرة ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺘـﺬوق اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻨﺪﺋـﺬ أن ﻳـﻜـﺸـﻒ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﺎﺗـﻬـﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ،وﻳﺪرك ﻣﺎ ﻃﺮأ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﻮﻋﺎت واﺳﺘﻄﺮادات ،وﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺴﻄﺢ اﻟﻠﺤﻨﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻟﻠﻘﻄﻌﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻨﻔﺬ إﻟﻰ اﻟﺘﻴﺎرات اﳋﻠﻔﻴﺔ واﻻﲡﺎﻫﺎت اﳋﻔﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻳﺪرك اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ وراء ﻫﺬه اﻟﻜﺜﺮة اCﻌﻘﺪة ﻣﻦ اﻷﺻﻮات .وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع اﻟﻜﺎﻣﻞ ،اﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﻄﺮق إﻟﻴﻪ ﻣﻠﻞ ،وﻻ ﺗﻔﻮﺗﻪ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻣﻦ اﳉﺰﺋﻴﺎت«).(١٤ وﻫﻨﺎك ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﻓﻲ ﺧﺒﺮة اﻻﺳﺘﻤﺎع اCﻮﺳﻴﻘـﻲ ،ﻳـﺸـﻴـﺮ إﻟـﻴـﻬـﺎ ﻓـﺆاد زﻛﺮﻳﺎ وﻧﺮاﻫﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺧﺎﺻﺔ وﻓﻲ اﻷﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻷﺧـﺮى ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ،وﻣـﻦ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻮاﻣـﻞ ﻣـﺜـﻼ: اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ،اﻻﻧﺘﺒﺎه ،اﳋﺒﺮة ،اCﺮان ،وﻛﺬﻟﻚ أن »ﻓﻦ اﻻﺳﺘﻤﺎع« ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ »ﻟﻴﺲ ﻋﻤﻼ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻻﺳﺘﻤﺎع ،وإ ﺎ ﻫﻮ ﻋﻤﻞ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﺑﻜﻞ ﻜﺘﺴَﺒﺎن إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﺮان ﻃﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ، ﻣﻌﺎﻧﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻧﺘﺒﺎﻫﺎ وﺗﺮﻛﻴﺰا ﻻ ﻳُ َ وﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺬﻫﻦ اﻟﻮاﻋﻲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻹﺣﺴﺎس اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،أي إﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻊ اﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ،وﻳﻘﺘﻀﻲ ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﺬوق اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ ،ﺗﻔﻜﻴﺮا وﲢﻠﻴﻼ وﻣﻘﺎرﻧﺔ«).(١٥ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﻘﺮة اﻷﺧﻴﺮة إﺷﺎرات ﻣﻬﻤﺔ إﻟﻰ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻧﺸﺎط اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ وﺧﻼل اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳـﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎر ﻓﻲ ﻣﺠـﺎل اﻟـﻨـﻘـﺪ اﻷدﺑـﻲ اﻵن ،وﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻟـﻔـﻘـﺮة 428
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
أﻳﻀﺎ ﺗﺄﻛﻴـﺪ ﻷﻫـﻤـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻔـﺎﻋـﻞ ﺑـ tاﻻﻧـﻔـﻌـﺎل واﻟـﻌـﻘـﻞ ،أو ﺑـ tاﳊـﺴـﺎﺳـﻴـﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ ،وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واCﻘﺎرﻧﺔ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،وﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔـﺲ ﻋـﻤـﻮﻣـﺎ ،وﻓـﻲ ﻋـﻠـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ اCﻌﺮﻓﻲ ﺧﺼﻮﺻﺎ ،وﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑـــ »ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻔﻦ« ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﺧﺺ ،وﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪة ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. وﻣﻦ اCﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻳﺘﻌﺮف اﻟـﻄـﻼب ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻣـﺮاﺣـﻞ ﻣـﺘـﺘـﺎﺑـﻌـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻟﻮاﻧﻬﺎ وأﺷﻜﺎﻟﻬﺎ وﺗﻜﻮﻳﻨﺎﺗﻬﺎ وأﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ... إﻟﺦ ،وأﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اCﻜﻮﻧﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻘﺼﺔ ،واﻟﻘﺼﻴﺪة ،واﻟﺮواﻳـﺔ ،واﻟـﻔـﻴـﻠـﻢ، وﻛﻞ اﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى .ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﺘﻜﻮن ﻟﺪى اﻷﻓﺮاد ﺗﻔﻀﻴﻼت ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺳـﺎﺋـﺪة ﻟـﻸدب ﻓـﻘـﻂ ﻣـﺜـﻼ أو ﻟـﻠـﻤـﻮﺳـﻴـﻘـﻰ ﻓـﻘـﻂ ...إﻟـﺦ ،ﻓـﻲ ﺣـ tﺗـﻜــﻮن اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى ﻣﻮﺟﻮدة أﻳﻀﺎ ﻟﻜﻦ ﻓﻲ أﺷﻜﺎل ﻣﺘﻨﺤﻴﺔ، أو ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻨﻤﻂ اﻟﺴﺎﺋﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻋﻠﻴﻨﺎ ﻫﻨﺎ أن ﻧﺘﻮاﺿﻊ وﻻ ﻧﺘﻮﻗﻊ اCﺴﺘــﺤــﻴــﻞ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد أﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻓﻨﺎﻗﺪ اﻷدب ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻀـﺮوري أن ﻳـﻜـﻮن أﻳـﻀـﺎ ﻧﺎﻗﺪا ﻟﻠﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ،أو اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ .ﻳﻜﻔﻴﻨﺎ أن ﻳﺘﺬوق ﻫﺬه اﻟﻔﻨﻮن وﻳﺘﻔﻬﻤﻬﺎ وﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ،ﺎ ﺳﻴﻌـﻮد ﻋـﻠـﻰ ـﺎرﺳـﺎﺗـﻪ داﺧـﻞ ﻣـﺠـﺎﻟـﻪ اﻟﻨﻘﺪي اﳋﺎص aﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺗﺴﺎع واﻟﻌﻤﻖ ﻓﻲ اﻟﺮؤﻳﺔ واﻷداء. ٦ــ اﻟﻄﻔﻞ ﻛﺎﺋﻦ دﻳﻨﺎﻣﻲ )ﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ اﳊﺮﻛﺔ واﻟﻨﺸﺎط واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ( و ﺜﻞ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ﻟﻐﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ،وﻣﻊ ﻮ اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺷﻜﻞ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ أﻓﻜﺎره، وﻣﺸﺎﻋﺮه ،واﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﺪﻳﻪ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻋﻠﻰ اCﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺬات وﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮاﺗﻪ اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴـﺔ أو اﳊـﺮﻛـﻴـﺔ .و ـﻜـﻦ أن ﺗﺴﺎﻫﻢ اﻟﻔﻨﻮن ،ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،واﻟﺘﺮﺑـﻴـﺔ اﳉـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ،ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎم ،ﻓـﻲ اﻟﺘﺤﻘﻖ اCﻨﺎﺳﺐ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻤﻮ ،وﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ واCﺮاﻫـﻖ واﻟـﺮاﺷـﺪ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻓﺮﻳﺪة. ٧ــ ﺗﻌﺪ اﻟﻔﻨﻮن ﺧﺎﺻﺔ ،واﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻋﺎﻣﺔ ،ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻼﺳﺘﻐـﺮاق اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ،واCﻌﺮﻓﻲ ،وﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺸﺨﺼﻲ واﻹﺑﺪاﻋﻲ ،وﻫﻲ ﻣﺼﺪر ﻣﻬﻢ ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ واﻻﺳﺘﺜﺎرة اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺪ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺬات وﻟﻠﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ وﻟﻺﺑﺪاع ،واﻟﺘﻘﺪم ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم).(١٦ ٨ــ ﻧﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻘﺼﺺ واﻟـﻠـﻮﺣـﺎت واCـﻘـﻄـﻮﻋـﺎت اCـﻮﺳـﻴـﻘـﻴـﺔ واﻷﻋـﻤـﺎل اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻄـﻔـﻞ ﺧـﻼل ﻣـﺮاﺣـﻞ ﻣـﺒـﻜـﺮة ﻣـﻦ ﻋـﻤـﺮه ﺗـﻈـﻞ 429
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻧﺸﻄﺔ ﻣﻌﻪ ،داﺧﻞ ﻋﻘﻠﻪ ووﺟﺪاﻧﻪ ،وﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ ﻋﺪة ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،إﻧﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﻧﺸﻄﺔ ــ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ ــ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اCﻨﻄﻘﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻌـﻮر ـــ ،Sub-Consciousnessوﻫﻲ اCﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟـﺪ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﺑـt اﻟﺸﻌﻮر واﻟﻼﺷـﻌـﻮر .unconsciousnessوﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ وﻋـﻲ ﻛـﺎﻣـﻞ أو ﻻ وﻋﻲ ﻛﺎﻣﻞ .إﻧﻬﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ أﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ واﳋﻴﺎل .وﻫﻲ اCﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷدﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،واﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ ،واﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ اCﻮﺳﻴﻘﻲ، وﺗﻈﻬﺮ ﺑﻌﺾ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ﻟﺪى اﻟﺒﻌـﺾ ﻋـﻠـﻰ ﻫـﻴـﺌـﺔ إﺑـﺪاع ﻓـﻨـﻲ وﻟـﺪى اﻟـﺒـﻌـﺾ اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﻮاﺑﻴﺲ وأﺣـﻼم وذﻛـﺮﻳـﺎت .وﻗـﺪ اﻋـﺘـﻘـﺪ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ رج Rugg اﻟﻌﺎم ١٩٦٠ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ »اﳋﻴﺎل« أن ﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﳊﺪس اﳊﻘـﻴـﻘـﻲ، وأﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻏﺎﻟﺒﺎ ،ﻣﺘﺤﺮرة ﻣﻦ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اCﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ ،وﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻵﻟﻲ اCﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻲ اCﻨﻄﻘﻲ ،وأﻧﻬﺎ ﺗﺸﻜﻞ اﻷرﺿﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳـﻴـﺔ ﻟـﻺﺑـﺪاع. وأﻃﻠﻖ رج ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اCﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ اﺳﻢ »اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺎﺑﺮ ﻟﻠﺤﺪود« ،ﺣـﻴـﺚ ﺗﻜﻮن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻮﻋﻲ ﻫﻨﺎ ﻣﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎﳊﺮﻳﺔ ،وﺣﻴﺚ ﻳﺤﻴﻂ ﻫﺬا اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﻟـﺼـﻮر وﻳﻘﺘﺮب ﻣﻦ أﺑﺴﻂ اCﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻟﻬﺎ ،وﺗﻜﻮن ﻫﺬه اCﻌﺎﻧﻲ اCﻤﺘﺰﺟﺔ ﺑﺎﻟﺼﻮر اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻺﺑﺪاع وﺣﻞ اCﺸﻜﻼت .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﻫـﺬه اﻟـﺼـﻮرة اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺗﻮﻟﺪ اﻟﻔﻜﺮة وﲢﺪث اﻟﻮﻣﻀﺔ اﻹﺑـﺪاﻋـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ـﻜـﻦ أن ﻳُﻨـﻔّﺬ ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻤﻞ إﺑﺪاﻋﻲ ﺟﺪﻳﺪ ،وﺗﻠﻌﺐ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ دورﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻫﺬه اCﻨﻄﻘﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص) .(١٧ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬه اCﻨﻄﻘﺔ ﺗﻜﻮن ﻧﺸﻄﺔ ﺧﻼل اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،ﻷن ﻫﺬه اﳋﺒﺮة ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻨﺸﺎط اﳋـﻴـﺎل ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻧﻨﺸﻂ ﻫﺬه اCﻨﻄﻘﺔ وﻫﺬه اﳋﺒﺮة ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ¢ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ. ٩ــ ﻳﺒﺪو أن ﻫﻨﺎك ﺳﻠﺴﻠﺔ ارﺗﻘﺎﺋﻴﺔ ﻴﺰة ﻟﻼﳒﺬاب ﻧﺤﻮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ، ﺣﻴﺚ إن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﻨﺠﺬﺑﻮن أوﻻ إﻟﻰ اﻷﺛﺮ أو اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺒـﺼـﺮي ،أو اﻟﺴﻤﻌﻲ ،أو اﳊﺮﻛﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻛﺄن ﻳﻜﻮن ﺷﻜﻠﻪ ،ﻣﺜﻼ ،ﻗﻮﻳﺎ أو ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮف أو ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺎت أو اﻟﻜـﻠـﻤـﺎت...إﻟـﺦ ﺷﺪﻳﺪة اﳊﻴﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻮان أو اﻷﺻﻮات .ﺛﻢ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اCﺮﺣﻠﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻹﺣﺎﻻت ،أو ﺑﺎCﺮﺟﻌﻴﺎت اﻟﺒﻴﻮﺟﺮاﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎن وﺛﻘﺎﻓﺘـﻪ وزﻣﻨﻪ...إﻟﺦ ،وﻛﺬﻟﻚ اﶈﺘﻮى اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .ﺛﻢ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .وﻗﺪ ﻳﻘﺎوم ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد اﺳﺘﺨﺪام اCﻬﺎرات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ 430
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ أن ﻳﺆدي اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺪاﺧﻞ ﻣﻊ اCﻮﺿﻮع وإﻓﺴﺎد ﻣﺘﻌﺔ اﻟﺘـــﺬوق .ﻟﻜـــﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻷﻓــﺮاد ﻋﻠـــﻰ ﺛﻘــﺔ aﻬﺎراﺗﻬﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴــﺔ ﻓﺈﻧﻬــﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌــﻮن أن ﻳﻘــﻮﻣــﻮا ﺑﺈﺣــﺪاث اﻟﺘﻜﺎﻣــﻞ ﺑــ tاﻟﺒﻌﺪ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﳋﺎص ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ،وﺑــ tاﻷﺑـــــﻌـﺎد اﻹدراﻛﻴــﺔ ،أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴـــﺔ اﻟـــﺘﻲ ﻳﺴﺘــﺜﻴﺮﻫﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﻞ ﻫﺬه اﻷﺑﻌﺎد إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد ﻣﻌﺎ ،واﳊﻀﻮر ﻣﻌﺎ واﻟﺘـﻔـﺎﻋـﻞ ﻣـﻌـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـﺘـﺰاﻣـﻦ ﺗﺼﺒﺢ اﳋﺒﺮة اﻟﻔﻨﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ وﻋﻤﻘﺎ).(١٨ وﻓﻲ دراﺳﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ روﺑﻨﺴﻮن اﻟﻌﺎم ١٩٨٨وﺟﺪ أﻧﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎك ﺳﻠﺴﻠـﺔ ﻣﺘﻮاﻟﻴــﺔ ارﺗﻘﺎﺋﻴــﺔ دﻗﻴﻘـــﺔ ﻜــﻦ اﺗﺒﺎﻋــﻬــﺎ ﻛــﻲ ﻳﺼﺒــﺢ اCــــﺮء ﻣـﻦ اﳋـﺒـﺮاء ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن. وﻗﺪ أﺟﺮﻳﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻮاة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻨﺎدرة ،وﻗﺪ ﻇﻬـﺮ أن ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻗﺪ ﻳﺮﺟـﻊ إﻟـﻰ وﺟـﻮد ﺗـﺮاث ﻣـﺎ ﻓـﻲ اﻷﺳـﺮة ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﺠـﻤـﻊ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻗﺪ ﻳﺤﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اCﺼﺎدﻓﺔ أن ﺷﺨﺼـﺎ ﻣـﺎ ﻗـﺪ ﻳﻨﺠﺬب ﻧﺤﻮ أﺣﺪ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻮﻟﻌﺎ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ واﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن .وﻗﺪ ﻳﺒﺪأ أﺣﺪ اﻷﻓﺮاد ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺴﻴﺮة اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻷﺣﺪ اﻟﻔﻨﺎﻧ tﺛﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻛﺜﺮ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﻋـﻤـﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل ﻄﺎ )ﻃﺮازا( ﻣﺜﻴﺮا ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﻴﺰ ﺑt ﻫﻮاة ﺟﻤﻊ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺒﻨﻴﺔ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﺎرﺗـﻘـﺎﺋـﻬـﻢ اﳉـﻤـﺎﻟـﻲ. ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ :ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد ﻻ ﻳﻐﻴﺮون اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ .ﻓﺴﻨﺔ ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ﻳﻮاﺟﻬﻮن اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻄـﻮرون أي ﻣﻬﺎرات ﺧﺎﺻﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮاة آﺧﺮون ﻳﺒﺪأون ﻓﻲ رؤﻳﺔ اﺣﺘﻤﺎﻻت ،وإﻣﻜﺎﻧﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ أﻟﻔﺘﻬﻢ ﺑﻪ ،وﻳﺼﻠﻮن إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺘﻔﻮق ،أو اﻟﺘﻤﻜﻦ ،أو اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﳋﺒﺮة ،إن ﻫﺆﻻء ﺗﻜﻮن ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت أﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻟﻠﻔﻦ )ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﺄﺑﻌﺎد ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ( ،ﻛﻤﺎ أن ﺧﺒﺮاﺗﻬﻢ ﻴﻞ إﻟﻰ أن ﺗﻨﺘﻈﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ أﻃﺮ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻣﻌـﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ﻣ ـﺸــﺮوع ﺟ ـﻤــﺎﻟــﻲ ﻣ ـﺴ ـﺘ ـﻤــﺮ ،وﻟ ـﻴــﺲ ﻣــﻦ ﺧــﻼل اCــﻮاﺻ ـﻔــﺎت واﻟ ـﻈ ــﺮوف اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ).(١٩ إن ارﺗﻘﺎء اﳋﺒﺮة ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺮك اﻟﻔﺮﺻﺔ أو اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ Cﻌﺎﻳﺸﺔ أﺑﻌﺎد ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺧﻴﺮة 431
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ــ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﺮك اﻟﻔﺮص واﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ داﺋﻤﺎ Cﻌﺎﻳﺸﺔ أﺑﻌﺎد ﺟـﺪﻳـﺪة ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ــ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﻜﻞ وﺛﻴﻖ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﳉﺪﻳﺪة ﺣﻮل اCﺘﻠﻘـﻲ، ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻀـﺮورة اﻹ ـﺎن ﺑـﺎﻟـﺘـﻨـﻮع وﺣـﻖ اﻻﺧـﺘـﻼف وﺗـﻌـﺪد اﻷذواق وإﻣﻜﺎن ﲡﺎور اﻷذواق اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اCﺘﻨﻮﻋـﺔ ﻣـﻌـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻣـﺎ داﻣـﺖ ﺗﺴﻌﻰ ﻧﺤﻮ اﳉﻤﺎل اﻟﺬي ﻳﺴﺮ وﺗﻠﺘﺰم ﺑﻪ ،وﻻ ﺗـﻬـﺒـﻂ إﻟـﻰ درﻛـﺎت اﻹﺳـﻔـﺎف واﻻﺑﺘﺬال واﻻﺳﺘﺨﻔﺎف واﻟﺴﻄﺤﻴﺔ واﻟﺒﻼﻫﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﺎﺋﺪ اﻵن ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ١٠ــ ﻳﻌﺪ ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع« ﻛﻤﺎ اﻫﺘﻤـﺖ ﺑـﻪ اCـﻮﺟـﺔ اﻟـﺜـﺎﻟـﺜـﺔ ﻣـﻦ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﻣﻦ اCﻔﺎﻫﻴﻢ اCﻬﻤﺔ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺪاع أﻳﻀﺎ .ﻋﻠﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﻘﺘﺮح ﺗﻮﺳﻴﻌﺎ ﻟﺪﻻﻻت ﻫﺬا اCﻔﻬﻮم ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اCﻌﺎﻧﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،أو اCﺘﺨﻴﻠﺔ ﻓﻘﻂ واCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺨﺒﺮات اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻓﻘﻂ ،وﺑﺤﻴﺚ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺪﻻﻻت ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺐ ﻋﺪة ﻟـﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﺪﻻﻻت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ. وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ أﻧﻨﺎ ﻧﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﺘﻌﺔ ،وﺳﺎرة ﺑ tاﻷﻃﻔﺎل، واCﻮﺿﻮﻋﺎت ،أو اﻷﻋﻤﺎل اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﻔﻨﻴﺔ ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻋﻠـﻰ أن ﻳـﻜـﻮن ذﻟـﻚ وﻓـﻖ ﺧـﻄـﺔ ﻣـﻨـﻈـﻤـﺔ ﻣـﺪروﺳـﺔ ﺗـﻘـﻮم ﻋـﻠـﻰ أﺳـﺎس ﺧـﻼﺻــﺔ اﻟ ـﻨ ـﺘــﺎﺋــﺞ اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اCﺘﺎﺣﺔ اﻵن ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة واﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .ﻓﻤﺜﻼ ﻜﻦ أن ﺗﺒﺪأ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎCﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻤﺎﻟﻴـﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻴﺎﻧﻲ ﻣﻠﻤﻮس ﻣﺤﺴﻮس ﺣﺴﺎ ﺣﺮﻛﻴﺎ ،ﺛﻢ ﺗﺘﺤﺮك ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ إﻟﻰ اCﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﺑ tاﻟﻌﻴﺎﻧﻲ واﺠﻤﻟﺮد ،ﺛﻢ ﺗـﺘـﺤـﺮك ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ﻧﺤﻮ اCﻨﺎﻃﻖ اﻷﻛﺜﺮ ﲡﺮﻳﺪﻳﺔ ،وﻣﻦ ﺧﻼل أﻋﻤﺎل ﺜﻞ ﻫـــــﺬه اﳋـﺼـﺎﺋـــــﺺ اﻟﻌﻴﺎﻧﻴــﺔ ﺛــﻢ ﺷﺒــﻪ اﻟﻌﻴﺎﻧﻴــﺔ ﺷﺒـــﻪ اﺠﻤﻟــﺮدة ﺛــﻢ اﺠﻤﻟــــﺮدة ،وaـــــﺎ ﻳـﺘـﻔـﻖ ﻣـﻊ ارﺗﻘﺎء اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اCﻨﻄﻘﻲ ،واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﺘﻐﻴﺮات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ذات اﻟﺸﺄن ﻫﻨﺎ ،وﻓﻲ ﺿﻮء ﺑﻌــﺾ اﻟﺒﺮاﻣــﺞ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳــﺔ اCﻨﻈﻤــﺔ ارﺗﻘﺎﺋﻴـــﺎ واCﺘﺎﺣـــﺔ ﻓﻌـــﻼ اﻵن ﺑﺎﻟﻨﺴــﺒﺔ ﺠﻤﻟــﺎﻻت اCﻮﺳﻴﻘــﻰ واﻟﺮﺳــﻢ واﻟﻘﺼــﺔ وﻏﻴﺮﻫــﺎ ﻣــﻦ اﻟﻔﻨــﻮن .وﺧــﻼل ﻫــﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴــﺔ ﻜــﻦ أن ﺗﺘﻨــﻮع اCﻌﺎﻧــﻲ اﳋﺎﺻــﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ،ﻓﺘﻜﻮن ﻣﺜﻼ: × ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺠﺴﺪة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﺠﻤﻟﺮدة. 432
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
× ﻋﻼﻗﺎت ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺒﻌﻴﺪة. × ﻋﻼﻗﺎت ذاﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﻮﺿﻮﻋﻴﺔ. × ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻨﺎﻇﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ )وﻓﻘﺎ Cﺼﻄﻠﺤﺎت ﻓﻴﺘﺰ(. × ﻋﻼﻗﺎت واﻗﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﺘﺨﻴﻠﺔ. × ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻏﻴﺮ اCﺒﺎﺷﺮة. × ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺤﺪودة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت واﺳﻌﺔ اCﺪى. × ﻋﻼﻗﺎت ﺣﺴﻴﺔ إدراﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ واCﻌﺮﻓﻴﺔ. × ﻋﻼﻗـــﺎت ﻣــﻊ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﺣﻴﺔ )ﺧﺒﺮة اﻟﺘﻮﺣﺪ ﻓﻲ اCﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وﺧﻼل اﻟﻠﻌــﺐ أﻳﻀــﺎ( ﻓــﻲ ﻣﻘﺎﺑــﻞ اﻟﻌﻼﻗــﺎت ﻣﻊ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﺣﻴﺔ )اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻣﺜﻼ(. × ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻤﺢ ﻧﺤﻮ اﻹﺑﺪاع. × ﻋﻼﻗﺎت ﲡﻤﻊ ﺑ tﺧﺒﺮات اﻟﺘﻠﻘﻲ وﺧﺒﺮات اﻹﺑﺪاع ﻣﻌﺎ. وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬا اﻟﻔﻬﻢ اﳉﺪﻳﺪ aﻮﺿﻮع اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ )ﻋﻨﺪ ﺑﻮاﻟﻮ( وأﻳﻀﺎ aﻔﻬﻮم اﻻﻧﺰﻳﺎح ،أو اﻻﻧﺤﺮاف )اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ( .ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﺎCﻮﺿـﻮﻋـﺎت ﻗـﺪ ﺗـﻜـﻮن أﻳـﻀـﺎ ذات ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ذات ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﻴﺪة ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺑ tﻣﻨﺰﻟﺘﻲ اﻟﻘﺮب واﻟﺒﻌﺪ .ﻛﺬﻟﻚ ﺷﺄن اﻻﻧﺰﻳﺎح ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﻠﻘﻲ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑ tاCﺒﺪع واCﺘﻠﻘﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻻ ﲢﺪث ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع ﻟﺪى اCﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﺣ tأﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺟـﻮدة ﻓـﻌـﻼ ﻟـﺪى اCـﺒـﺪع .وﻗـﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ اCﺰاﺣﺔ أو اCﻨﺰاﺣﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ،ﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻌﻮر اCﺘﻠﻘﻲ ﺑﺎCﻠﻞ اﻟﺴﺮﻳﻊ واﻟﻨﻔﻮر واﻟﺒﻌﺪ .وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻮل ﻫﻨﺎ ﺑﻔﻜﺮة اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺑﺮﻟ ،tﺣﻴﺚ § اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﳋﺼﺎﺋﺺ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎCﺜﻴﺮ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺮﻛﻴﺒﻪ وﻏﻤﻮﺿﻪ وﺟﺪﺗﻪ...إﻟﺦ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﳋﺼﺎل اCﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﺘﺬوﻗ،t ﺑﻞ ﻧﻘﻮل ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴـﺔ ﻟـﻸذواق اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ ﻟـﺪى اCـﺘـﻠـﻘـ،t وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اCﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﺳﻤﺎت ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ،وﻗﻴﻤﻬﻢ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ﻋﻤﻮﻣﺎ ،وﻓﻲ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت واﻟﻔﻨﻮن ﺧﺼـﻮﺻـﺎ ،وﻛـﺬﻟـﻚ اﻷﺳـﺎﻟـﻴـﺐ اCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻹدراك واﻻﻟﺘﻘﺎط ﻟﻠـﻤـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت ﺛـﻢ ﻣـﻌـﺎﳉـﺘـﻬـﺎ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻧﺘﺤﺮك ﻣﻨﺰاﺣ tﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت واﻟﻘﻴﻢ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض واﻻﺳﺘﻌﺼﺎء ،وﻣﻦ ﺛـﻢ 433
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻻﺑﺘﻌﺎد ،وﻻ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ واﻹﺗﺎﺣﺔ واﻟﻴﺴﺮ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻋﺪم اﻻﻫﺘﻤﺎم واCﻠﻞ واﻟﺒﻌﺪ أﻳﻀﺎ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻠﻘﻴﺎم aـﺜـﻞ ﻫﺬه اCﻬﻤﺔ ،وﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻓﺮوق ﻓﺮدﻳﺔ وﺛـﻘـﺎﻓـﻴـﺔ ﻛـﺒـﻴـﺮة ﺣـﺘـﻰ داﺧﻞ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮل إن اCﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺒﻴـﺌﺔ اCﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺒﺪء ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،وﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻗﺪرات اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ورﻏﺒﺎﺗﻬﻢ ﻣﺎزاﻟﺖ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺸﻜﻴﻞ ،وﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﺧﻴﺎﻟﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎزال ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻣﻦ اﻟـﻨـﺸـﺎط. واCﺴﺄﻟﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل أﻛﺒﺮ ﻣﻦ أن ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳊﻴﺰ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﻟﻜﻨﻬـﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل اﻗﺘﺮاﺣﺎت ﻳﺠﺪر ﺗﺄﻣﻠﻬﺎ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ. ١١ــ ﻜﻦ أن ﺗﺒﺪأ اﻹﺛﺎرة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠـﻄـﻔـﻞ ﻣـﻨـﺬ اﻟـﺸـﻬـﻮر اﻷوﻟـﻰ ﻋـﻘـﺐ وﻻدﺗﻪ ،وذﻟﻚ ﺑﺄن ﻧﺤﻴﻄﻪ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل واﻷﻟﻌﺎب واﻟﻨﻐﻤﺎت اﳉﻤﻴﻠﺔ واCﻤﺘﻌﺔ ﻟﻪ ﺑﺼﺮﻳﺎ وﺳﻤﻌﻴﺎ وCﺴﻴﺎ...إﻟﺦ .ﻟﻜﻦ اﻟﻌﻤﺮ اCﻨﺎﺳﺐ ﻟﺒـﺪء اﻟـﺘـﺪرﻳـﺐ اﻟـﺮﺳـﻤـﻲ اCﻨﻈﻢ اﻟﺬي ﻳﺴﻴﺮ وﻓﻘﺎ ﻟﺒﺮاﻣﺞ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺪروﺳﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ أو اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،ﻣﻊ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﻮﺟﻮد ﻓﺮوق ﻓﺮدﻳﺔ ﺑ tاﻷﻃﻔﺎل وﻛﺬﻟﻚ وﺟﻮد ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺑ tاﻷﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺜﻼ ،ﻜﻦ أن ﻳﺒﺪأ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﻜﺮ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻷﺧﺮى ،ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﺮﺳﻢ واﻷدب ...إﻟﺦ. ١٢ــ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أن ﻧﺸﻴﺮ ﻣﺮة أﺧﺮى إﻟﻰ أن اﻟﻌﻤﺮ اCﻨﺎﺳﺐ ﻟﺒﺪء اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﳉﻤﺎﻟﻲ اCﻨﻈﻢ ﻫﻮ ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ أو اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،وﻋﻠـﻰ أن ﻳـﺘـﻢ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻴﻮم اﻟﺪراﺳﻲ ﻟﻠﻄﻔﻞ ،أو اCـﺮاﻫـﻖ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ،ﻣـﻊ ﺗـﺨـﻔـﻴـﻒ أﻋﺒﺎء ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺰاﺋﺪ Overteachingاﻟﺘﻲ ﲢﺸﻮ ﻋﻘﻞ اﻟﻄﻔﻞ ،وﻛﺬﻟﻚ اCﺮاﻫﻖa ،ﻌﻠﻮﻣﺎت رﻗﻤﻴﺔ وﻟﻐﻮﻳﺔ وﻋﻠﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻋﻘﻠﻪ ﻣﺤﺘﺎﺟﺎ إﻟﻴﻬﺎ أو ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ،أو ﺗﻠﻚ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠـﻰ ﲡﻔﻴﻒ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺧﻴﺎﻟﻪ ،أو ﲡﻤﻴﺪﻫﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة .وﻣﻦ اCﻬﻢ أن ﺗﻜﺮس اCﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اCﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺨﺒﺮة ﻏﻴﺮ اCﻮﺟﻬﺔ ،ﻛﺄن ﻳﺘﻢ اﻟـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ اﳉﻤﺎﻟﻴﺎت ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﻔﻨﻮن ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﺸﺎﻃﺎت ﺗﺴﻮدﻫﺎ اCﺘﻌﺔ وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻠﻌﺐ ،وﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳋﻴﺎل. ﻋﻨﺪ ﺳﻦ اﻟﺴﺎدﺳﺔ أو اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻳﺘﺤﺮر اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ اﻟـﺘـﻤـﺮﻛـﺰ ﺣـﻮل اﻟﺬات وﻳﺒﺪأ ﻓﻲ وﺿﻊ وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎره ــ ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﺑﻴﺎﺟﻴﻪ ــ وﻋﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﺴﻦ أﻳﻀﺎ ﲢﺪث ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺧﺼﺐ ،وﺗﻜﺎﻣﻞ ﺑ tﻧﺼﻔﻲ اCﺦ اﻷ ﻦ )اﻟﺒﺼﺮي اﳋﻴﺎﻟﻲ اCﺘﺰاﻣﻦ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺼﻮرة( واﻷﻳﺴﺮ 434
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
)اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ اCﺘﺘﺎﺑﻊ اCﻨﻄﻘﻲ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ( ،ﻛﻤـﺎ أﺷـﺎرت إﻟـﻰ ذﻟـﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻴﻮروﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ .إن ﲢﺮر اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮﻛﺰ ﺣﻮل اﻟﺬات وﻛﺬﻟﻚ زﻳﺎدة اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت ﺑ tﻧﺼﻔﻲ ﻣﺨـﻪ ،أو ﺑـ tﻣـﺮاﻛـﺰ ﻫـﺬا اCﺦ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﻳﻨﻌﻜﺴﺎن أو ﻳﺘﺠﻠﻴﺎن ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اCﺘﺴﻤﺔ ﺑﺎCﺮوﻧﻪ واﻟﺘﻨﻮع .ﻓﻴﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ )ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ( وﻣﺘﺰاﻣﻨﺔ )ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬـﺎ اﻟـﻨـﺼـﻒ اﻷ ﻦ( وﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ )ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﺼﻔﺎ اCﺦ ﻣﻌﺎ( وﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل اﳉﺪﻳـﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ــ واﻟﺘﻲ ﺗﺰدﻫﺮ وﺗﺮﺗﻘﻲ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛـﺒـﻴـﺮة ﺧـﻼل ﻣـﺮﺣـﻠـﺔ اCـﺮاﻫـﻘـﺔ )اCﺒﻜﺮة ﻣﻦ ١٢ــ ١٥ﺳﻨﺔ واCﺘﺄﺧﺮة ﻣﻦ ١٦ــ ٢٠ﺳﻨﺔ( ــ ﻜﻦ اﻟﻄﻔﻞ وﺑﻌـﺪه اCﺮاﻫﻖ واﻟﺮاﺷﺪ ﻣﻦ اﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺼﻮر ،واﻟﻜﻠﻤﺎت ،واﻟﻨﻐﻤﺎت، واﳊﺮﻛﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻗﻮاﻋﺪ ﻗﺮاءﺗﻬﺎ أﻳﻀﺎ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اCﻮﺳﻴﻘﻰ، واﻟﺸﻌﺮ ،واﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ،واﻟﺮواﻳﺔ ،واﻟﻔﻴﻠﻢ ،واCﺴﺮﺣﻴﺔ ﻓﻨﻮن ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻗﺐ ،أو اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻠـﻐـﺔ ،واﻟـﺴـﻤـﺎع ،وﻧـﺸـﺎط اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اCﺦ ،ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪان ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ ،وﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﻣﻦ اﻹدراك اCﺒﺎﺷﺮ )ﻓﻲ اCﺴﺮﺣﻴﺔ واﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﺜﻼ( أو اﻟﺘﺨﻴﻞ واﻹدراك ﻏﻴﺮ اCﺒﺎﺷﺮ )ﻓﻲ اﻷدب واCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺧﺎﺻﺔ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻏﻴﺎب اCﺜﻴﺮ اﻟﻔﻌﻠﻲ وﺣﻀﻮر آﺛﺎره أو رﻣﻮزه أو ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻴﻪ( وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻲ ﻟﻠﻤﺦ ﻓﻲ اﻟﺘﻌـﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ ﻫـﺬه اﻟـﻔـﻨـﻮن أﻣـﺮا ﺿـﺮورﻳـﺎ. وﺗﺒﺪو ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،واﻟﻨﺤﺖ ،واﻟﻌﻤﺎرة أﻛﺜﺮ ﺗﺰاﻣﻨﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﻛﺜﺮ ارﺗﺒﺎﻃﺎ ﺑﻨﺸﺎط اﻟﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ .وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻌـﻤـﻞ اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻟـﻔـﻨـﻮن اﻷﺧﻴﺮة ــ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ ــ »ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻨﺎ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﳉﻬﺪ اCﻄﻠﻮب ﻣﻦ اCﺸﺎﻫﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﲢﻠﻴﻠﻴﺎ ،ﻣﻦ اﻟﻜﻞ« إﻟﻰ اﻷﺟﺰاء ،ﻋﻠﻰ ﺣ tأﻧﻪ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺟﻬﺪ ﺗﺮﻛﻴﺒﻲ ،ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻷﺟﺰاء إﻟﻰ اﻟﻜﻞ« .ﻛﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺪرك ﻓﻲ زﻣﺎن ﻣﺘﻌﺎﻗﺐ ،ﻟﻬﺎ ﺑﺪورﻫﺎ إﻳﻘﺎﻋﻬـﺎ اﳋﺎص .ﻓﻔﻲ ﻓﻦ اﻟﻌﻤﺎرة ﻣﺜﻼ ،وﻫﻲ ﻮذج اﻟﻔﻦ اCﻜﺎﻧﻲ aﻌﻨﺎه اﻟﺼﺤﻴـﺢ، ﳒﺪ أﻧﻮاﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺮار ،أو اﻟﺘـﻤـﺎﺛـﻞ ،أو ﺗـﻮزﻳـﻊ اCـﺴـﺎﺣـﺎت واﻟـﻜـﺘـﻞ ﺑـﺘـﻮاﻓـﻖ واﻧﺴﺠﺎم ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﺆﻟﻒ ﻧﻮﻋﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎع ،ﺣﺘﻰ ﻟﻘﺪ وﺻﻒ اﻟﺒﻌﺾ اﻟﻔﻦ اCﻌﻤﺎري ﺑﻌﺒﺎرة أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻨﺬ أن أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻬﻴﺮة ،ﻫﻲ أﻧﻪ »ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺘﺠﻤـﺪة«) .(٢٠إن ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﻌﻨﻲ أن اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ،واCﻜـﺎﻧـﻴـﺔ اCـﻤـﻴـﺰة 435
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
ﻟﻠﻔﻨﻮن واﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻫﻲ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻧﺴﺒـﻴـﺔ واﺣـﺘـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻓﺎﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻣﻦ واﻹﻳﻘﺎع واﻟﺘﺘﺎﺑﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص )اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻷدب واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واCﺴﺮح ﻣﺜﻼ( ﲢﺘﺎج ﻛﺬﻟـﻚ إﻟـﻰ اﻹدراك اﻟـﺰﻣـﺎﻧـﻲ اﻟـﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻨﺼﻒ اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اCﺦ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﲢﺘﺎج ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ إدراك ﻣﻜﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺧﻔﻴﺎ وﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺸﻌﺮ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺑﺮوزا ﻓـﻲ اﻟﻘﺼﺔ واﻟﺮواﻳﺔ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واCﺴﺮح ،ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻹدراك اﶈﺪد أﺣﻴﺎﻧﺎ ،واCﺘﺴﻢ ﺑﺎCﺮوﻧﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ أﺧﺮى ﻟﻸﺑﻌﺎد اCﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮاﻗـﻌـﻴـﺔ ،أو اCﺘﺨﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪور ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻷﺣﺪاث اﻟﻔﻨﻴﺔ أو ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟـﺸـﺨـﺼـﻴـﺎت. و ﺘﺰج اCﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻟﺼﻮرة ﻓﻲ ﻓـﻨـﻮن اﻷداء ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻳـﻜـﻮن اﻻﺣﺘﺸﺎد اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻜﻞ ﻧﺸﺎﻃﺎت اCﺦ اﻟﻴﻤﻨﻰ واﻟﻴﺴﺮى أﻣﺮا ﺿﺮورﻳﺎ. أﻣﺎ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﻲ »ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻨﺎ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة« ﻛﺎﻟﻌﻤﺎرة واﻟﺘﺼـﻮﻳـﺮ واﻟـﻨـﺤـﺖ، ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ اﻹدراك اCﻜﺎﻧﻲ اﻟﻜﻠـﻲ اCـﺘـﺰاﻣـﻦ وﻣـﻦ ﺛـﻢ اﻟـﻨـﺸـﺎط اﳋﺎص ﻟﻠﻨﺼﻒ اﻷ ﻦ ﻣﻦ اCﺦ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﲢﺘﺎج أﻳـﻀـﺎ إﻟـﻰ اﻹدراك اﻟـﺰﻣـﺎﻧـﻲ واﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﳉﺰء إﻟﻰ اﻟﻜﻞ ،واﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ أﻳﻀﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﻞ إﻟﻰ اﳉﺰء ﺛﻢ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻜﻞ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻼﻏﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﳋﺎص ﺑـــ »اCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﺘﺠﻤﺪة« اﻟﺬي ﺳﺒﻘﺖ اﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻌﻤﺎرة ﲡﻤﻊ ﺑ tاﻹﻳﺤﺎء ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ اﳉﺎرﻳﺔ اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎCﻮﺳﻴﻘﻰ اCﺘﺪﻓﻘﺔ واCـﺎء اCـﻨـﺴـﺎب، وﺑ tاﻟﺘﺠﻤﺪ اCﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺴﻜﻮن ،واﳉﻠﻴﺪ واﻟﺘﻮق ﻟﻠﺬوﺑﺎن ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻜﻮن اﻟﻔﻦ اﳉﻤﻴﻞ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻠﺘﻜﺎﻣﻞ ﺑ tاﳊﺮﻛﺔ واﻟﺴﻜﻮن ،وﺑ tاﻟﺰﻣﺎن واCﻜـﺎن ،وﺑـt اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺼﻮرة ،وﺑ tاﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ واﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ ،وإﻟﻰ ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ﺗﺸﻴﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻴﻮروﻟﻮﺟﻲ )ﻋـﻠـﻢ اﻷﻋـﺼـﺎب( وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ وﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻛﺬﻟﻚ. ١٣ــ وﻋﺒﺮ اCﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﺤﺮك اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺴﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،واﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻮ اCﺦ واﻻرﺗﻘﺎء اCﻌﺮﻓﻲ واﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﺎﻧﻲ اﺠﻤﻟﺴﺪ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﺠﻤﻟﺮد ،وﻣﻦ اﻟﻘﺮﻳﺐ اCﺄﻟﻮف إﻟﻰ اﻟﺒـﻌـﻴـﺪ ﻏـﻴـﺮ اCﺄﻟﻮف ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺪرج ﻻ اCﻔﺎﺟﺄة ،وﻣﻦ ﺧﻼل اCﺄﻟﻮف ﻻ اCﻬﺠﻮر .ﻓﻤﻦ اCﻬﻢ أن ﻳﻌﺮف اﻟﻄﻔﻞ وﻛﺬﻟﻚ اCﺮاﻫﻖ ــ ﻛﻞ ﺣﺴﺐ ﻣﺴﺘﻮاه اﻻرﺗﻘﺎﺋﻰ ــ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻪ اﻟﻘﺪ& ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻪ اﳉﺪﻳﺪ ،واﻟﺸﻌﺮ اﻟﻘﺪ& ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻪ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻪ اCﺮﻛﺐ أو اCﻌﻘﺪ ،واﻟﻘﺼﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻔﻴﻠﻢ، 436
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
واCﺴﺮﺣﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪاﻳﺔ واﻟﻮﺳﻂ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺮف ﺗﻴﺎر اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ واﻟﺸﻴﺌﻴﺔ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ .وﻣﻦ اCﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻳﻌﺮف اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟـﻬـﺎ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﻴـﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ ،وأن ﻳﻌﺮف اCﻮﺳﻴـﻘـﻰ ﻓـﻲ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اCﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻹﻳﻘﺎﻋﺎت اﳊﻴﺔ واCﺮﺣﺔ واCﻐﻨﺎة ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ أو ﺗﻌﻘﻴﺪا .وﻣﻦ اCﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ رﺑﻂ اﻟﻄﻔﻞ وﻛـﺬﻟـﻚ اCﺮاﻫﻖ واﻟﺮاﺷﺪ ﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻪ اﶈﻠﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﻗـﺒـﻞ أن ُﻳْﺮَﺑﻂ ﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣـﺔ أو اﻟﻌﺎCﻴﺔ أو اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻓﻤﻦ اCﻬﻢ أن ﻳﻌﺮف اﻟﻔﻨﻮن وأﺷﻜﺎل اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ )ﻋﻤﺎرة اﻟﺒﻴﻮت ،واﻟﺴﻜﻨﻰ ،واﻟﻌﻤﻞ ،واﳊﻴﺎة ،وأﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﺒﺎدة( ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ أﺷﻜﺎل اﻟﻌﻤﺎرة اﳊﺪاﺛﻴﺔ ،وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺪاﺛﻴﺔ. ـﺪث اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺗـﺰدﻫـﺮ ،وﺗـﻨـﻤـﻮ ،وﺗـﺮﺗـﻘـﻲ ١٤ــ ﻳﻨﺒـﻐـﻲ أن ﲢ ّ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﺮاث اﳋﺎص ﺑﻜﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ،وﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﺎم ﻟﻬﺬا اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ووﻋﻴﻪ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،وﻋﻠـﻰ أن ﻳـﺘـﻢ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ ﺧﻼل أﻓﻖ ﻟﻠﺘﻠﻘﻲ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎCﺮوﻧﺔ واﻟﺘﻨﻮع واﻟﺘﻘﺒﻞ ﻟﻼﺧﺘﻼف واCﻐﺎﻳﺮة ،وﻟﻶﺧﺮ وﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ ،وﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ واﻟﺘﻨﻮع واﻟﻔﺮوق اﻟﻔﺮدﻳﺔ ود ﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺬوق واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ .وﻣﻦ اCﻬﻢ ﻫﻨﺎ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻓﻲ اﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،واﻟﻮﻋﻲ ،واﳊﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .وأﻳﻀﺎ أﻫـﻤـﻴـﺘـﻬـﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﻴﻂ اﳋﻴﺎل وﲡﺪﻳﺪ ﻃﺎﻗﺎت اﻟﻌﻘﻞ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺄن اﳊﻴﺎة ﺟﻤﻴﻠﺔ وﺗﺴﺘﺤﻖ أن ﺗﻌﺎش وأن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻌ tﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ﺧﺎﺻﺔ ،وﺑﻜﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﳉﻤــﺎل ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌــﺔ واﻟﻄﺒﻴــﻌﺔ ﻋﺎﻣــﺔ ،ﺗﺮﺑﻴــﺔ ﺿﺮورﻳــﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﻴﻂ اﻹﺑــﺪاع ﺧﺎﺻﺔ ،وﺳﻠﻮك ﺣﻞ اCﺸﻜﻼت ﻋﺎﻣﺔ ﺎ ﺳﻴﻨﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻀــﺮورة ﻓــﻲ ﺷﻜﻞ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻷﻓﺮاد واﳉﻤﺎﻋﺎت واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم. ١٥ــ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﳋﺎص ﻟﻠﻔﻦ واﳉﻤﺎل ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وأن ﻧَُﻌ¢ﺮﻓﻬﺎ أﻳﻀﺎ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺮﻳﻔﻨﺎ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف اﻟﻔﻦ ،ﻓﺎﻟﻔﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ووﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ،واﻟﻔﻦ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﻗﻴﻢ ،وأﻓﻜﺎر ،وأﺣﻼم ،واﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻔﺮد داﺧﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﻗﻴﻢ وأﻓﻜﺎر وأﺣﻼم واﻧﻔﻌﺎﻻت ﺛﻘـﺎﻓـﻴـﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﻌﻜﺲ وﺗﺘﺒﻠﻮر ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﺮد .واﻟﻔﻨـﺎن ﻻ ﻳـﺠـﺴـﺪ ﻫـﺬه اﻟـﻘـﻴـﻢ واﻷﻓﻜﺎر ...إﻟﺦ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪﻫﺎ وإﺑﺮازﻫﺎ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻗﺘﺮاح إﺿﺎﻓﺎت وﺗﻌﺪﻳﻼت ﻋﻠﻴﻬﺎ. 437
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻹﺿﺎﻓﺎت واﻟﺘﻌﺪﻳﻼت ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ وﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ،وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻮن اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑ tاﻟﻔﻨﺎن واﳉﻤﻬﻮر )اCﺘﻠﻘﻲ( ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا اﻟﻨﻔﻮر أو اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ أو ﻋﺪم اﻟﺘﻘﺒﻞ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اCﺴﺎﻓﺔ ﺻﻐﻴﺮة وﻣﺤﺴﻮﺑﺔ وﺗﺪرﻳﺠﻴﺔ ،وﻫﻨﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻘﺒـﻞ ﳉـﻬـﺪ اﻟـﻔـﻨـﺎن أﻛﺜﺮ اﺣﺘﻤﺎﻻ .وﻧﻌﻴﺪ ﺗﺬﻛﻴﺮ اﻟﻘﺎر ﻣﺮة أﺧﺮى aﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ أن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﻌـﺮ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻋـﻨـﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﺑﺪاﻳﺔ ﻧـﺼـﻔـﻪ اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﺣـ tﲢـﻮل ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑـﺎﻟـﺸـﻌـﺮ اﻟـﻌـﻤـﻮدي إﻟـﻰ اﻟـﺸـﻜـﻞ اﳋﺎص ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﺘﻔﻌﻴﻠﻲ ،وﺣﻴﺚ ﺖ اﶈﺎﻓﻈﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻮزن اCﺄﻟﻮﻓ tﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﻤﻮدي ﻛﺎﻧﺖ ــ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ــ ﺣﺮﻛـﺔ ﻣـﻮﻓـﻘـﺔ، وذﻟﻚ ﻷن اCﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺮﻛﻬﺎ رواد ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ،وﻣﻦ ﺳﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮاﻟﻬـﻢ، ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﺪ& ،أﻣﺎ ﻣﺎ ﺣـﺪث ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ﻣـﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﲢﺖ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻘﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜﺮ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮا ﻣﻮﻓـﻘـﺎ ،وذﻟـﻚ ﻷﻧـﻪ § ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻛـﺒـﻴـﺮة ﺟـﺪا ،أو اﻧـﺰﻳـﺎح ،أو اﻧـﺤـﺮاف ﻛـﺒـﻴـﺮ ﺟـﺪا ،ﺑـ tاﻷﺻـﻴـﻞ اﻟﻘﺪ& )اﻟﻌﻤﻮدي( واﻷﺻﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ )اﻟﺘﻔﻌﻴﻠﻲ( ﻓﻔﻘﺪ اﻟﺸﻜﻞ اﳋﺎص ﺑﻘﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜﺮ ﺟﻤﻬﻮره ،وأﺻﺒﺢ ﻫﺬا اﳉﻤﻬﻮر ــ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ــ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﻧﻘﺎده ﻓﻘﻂ .وﺣﻴﺚ إن اﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑـﻴـﺔ ﻣـﺎزاﻟـﺖ ﻓـﻲ ﻛـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﲡﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻹﻳﻘﺎﻋﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﻘﺪ& ) اﻟﻌﻤﻮدي أو اﻟﻘﺪ& ﻧﺴﺒﻴﺎ واﻟﺘﻔﻌﻴﻠﻲ( ،ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺒﺪو اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ) ﻣﺎ ﻋﺪا ﻗﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜﺮ( ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ،ﺑﻌﻴﺪة ﺎﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ أﺳﺎﺳﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﳉﻤﻬﻮر .وﻣﻨﺬ اﳋﻤﺴﻴﻨﻴﺎت واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ ﺷﺪﻳﺪ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﳉﻤﻬﻮر .وﻣﻨــﺬ ذﻟــﻚ اﳊــ tﻫــﻮ ﻳﺴﻌــﻰ ﺑــﺪأب وﻣــﺮارة إﻟــﻰ أن ﻳﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗـﻪ ﻣـﺎ ﻳـﺤـﻜـﻢ ﺻـﻠـﺔ اﳉـﻤـﻬـﻮر ﺑـﻪ ،وﻳـﺠـﻌـﻞ ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﺆﻛﺪا ،وﻻ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﺄن اﻻﺳﺘﺜــﻨــﺎءات ،وﻫﻲ ﻟﻴﺴــﺖ ﻛﺜﻴــﺮة ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل ،ﻻ ﺗﻐﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ).(٢١ إن ﻣﺎﺳﺒﻖ أن ﻗﻠﻨﺎه ﺣﻮل ﻗﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜﺮ ﻻ ﻳﻌﻨـﻲ أﻧـﻨـﺎ ﺿـﺪ اﻟـﺘـﺠـﺪﻳـﺪ ،أو اﻹﺑﺪاع اﳉﺪﻳﺪ ﻓﻲ أي ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻌﻨﻲ ﺿﺮورة أن ﻳﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ــ وﺣﺘﻰ ﻳﺤﻈـﻰ ﺑـﺎﻟـﺘـﻘـﺒـﻞ ـــ ﻓـﻲ ﺿـﻮء وﺿـﻊ اﳋـﻠـﻔـﻴـﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )ﻻ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ أو اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑـﻬـﺎ ﻫـﺬا اﻟـﺸـﻜـﻞ(، 438
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ﺿﺮورة اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺬﻟﻚ اﳉﺪل اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺎﺋﻤﺎ وﻻﻳﺰال ﻓﻲ ﺷﻌﺮﻧﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑ tاﻟﺸﺎﻋﺮ )اﻟﺼﻮت واﳉﻤﻬﻮر( واﻷذن ،أي أﻧﻪ ﻛﺎن ﺗﻔﺎﻋﻼ ﺷﻔﻬﻴﺎ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺸﻔﺔ واﻷذن ﻃﺮﻓﻴﻪ اﳊﺎﺳﻤ .(٢٢)tﺛﻢ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ اﻟﺴﻤﺎﻋﻲ إﻟﻰ ﺷﻜﻞ ﺑﺼﺮي ــ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻳﺠﻤﻊ ﺑ tاﻷﺑﺼﺎر واﻷﺳﻤﺎع ،وﻣﻦ ﺧﻼل إزاﺣﺎت أو ﻣﺴﺎﻓﺎت ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ. وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮة اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺑﻼدﻧﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن ﻗﻠﻨﺎه ﻋـﻦ اﻟـﺸـﻌـﺮ أﻳـﻀـﺎ ،ﻓـﻤـﻊ ﻣـﺰﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﻋﺒﺮه ﺑﺪأ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﻳﻄﻠﻌـﻮن ﻋﻠﻰ ﲡﺎرب اﻟﻔﻨﺎﻧ tاﻟﻐﺮﺑﻴ tوأﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ،وﻇﻬﺮت ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ اﶈﺎﻛﺎة واﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻟﻔﻨﻮن اﻟﻐﺮب وﺻﻠﺖ ذروﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻧـﺮاﻫـﺎ اﻵن، واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪرج ﲢﺖ ﻣﺴﻤﻴﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ واﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻷﻋﻤﺎل اCﺮﻛﺒﺔ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻤﻴﺎت .وﻫﻨﺎ ﺗﻈﻬﺮ دﻋﺎوى ﺑﺘﺨﻠـﻒ اﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺎ ،وﺗﻈﻬﺮ ﺷﻜﺎوى ﻣﻦ اﻧﺼﺮاف اﳉﻤﻬﻮر ﻋﻦ ﻣﻌﺎرض اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ وﻓﻨﺎﻧﻴﻪ .واﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﻄﺮح ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺠـﺪدا ﻫـﻨـﺎ :ﻫـﻞ أُِﻋﺪ ﻫﺬا اﳉﻤﻬﻮر ﺑﺼﺮﻳﺎ وﺗﺸﻜﻴﻠـﻴـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﺒـﻴـﻮت واCـﺪارس وﻣـﻦ ﺧـﻼل وﺳـﺎﺋـﻞ اﻹﻋﻼم ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ? واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊـﺎل ﺑـﺎﻟـﻨـﻔـﻲ .أﻣـﺎ اﻟـﺴـﺆال اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻄﺮح ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻬﻮ :ﺑﻌﺪ ﻗﺮون ﻣﻦ اﻻﻧﻘـﻄـﺎع واﻟـﺘـﻮﻗـﻒ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ،وﻷﺳﺒﺎب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋـﻴـﺔ وﺛـﻘـﺎﻓـﻴـﺔ ﻋـﺪة، ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ اCﺴﺎﻓﺔ ﺑ tاﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺑﺪاع اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬﻫﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن اﻟﻌﺮب ﺣ tﻗﻠﺪوا ﻓﻨﻮن اﻟﻐﺮب ﻣـﺴـﺎﻓـﺔ ﻛـﺒـﻴـﺮة أم ﺻـﻐـﻴـﺮة? واﻹﺟـﺎﺑـﺔ ﻫـﻲ: ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻛﺒﻴﺮة .وﻟﺬﻟﻚ ﺣﺪث ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ وﻇﻬﺮت ﻫﺬه اﻟﺸﻜﺎوى وﺳﺘـﻈـﻞ ﺗﻈﻬﺮ واﳊﻞ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴـﺔ ﺗـﺒـﺪأ ﻣـﻦ اﻟـﺪرﺟـﺔ ﺻـﻔـﺮ أي ﻣـﻦ اﻟـﻄـﻔـﻮﻟـﺔ ﻓـﻲ ﻣﺮاﺣﻠﻬﺎ اCﺒﻜﺮة وﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اCﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ورaﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ أﻳﻀﺎ. ﻜﻨﻨﺎ ﻗﻮل اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻋﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﻐﻨﺎء واﻷوﺑﺮا واﻟﺒﺎﻟﻴﻪ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة واﻟﺮواﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻋﻦ اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل، ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﻨﻮن ﻻ ﻧﻬﺪف ﻣﻦ وراء ﻫﺬه اﻟﻨﻐﻤﺔ اCﺘـﺸـﺎﺋـﻤـﺔ أن ﻧـﺒـﻌـﺚ اﻟﻴﺄس ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ،ﻓﺘﺎرﻳﺨﻨﺎ زاﺧﺮ ﺑﺎﻹﳒﺎزات ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﻌـﻤـﺎرة واﳋـﻂ، واCﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺸﻌﺮ ...إﻟﺦ. إن ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺪﻋﻮ إﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﺒﺪء ﻓﻲ ﺛﻮرة ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس 439
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﻦ واﳉﻤﺎل ،ﻓﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﻦ ــ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ﻟﻮﻓﻴﻨﻔﻠﺪ وﻛﻤﺎ ﻧﺆﻛﺪ ﻣﻌﻪ ﻛﺜﻴﺮا ــ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﺑﺪاع ،واﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﺑﺪاع، ﺳﻮاء اﺳﺘُﺨﺪم ﻫﺬا اﻹﺑﺪاع ﻓﻲ اﻟﻔﻦ ،أو اﻟﻌﻠﻢ ،أو ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ ،ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اCﺴﺘﻘﺒﻞ اﻷﻓﻀﻞ.
440
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ :رؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺼﻮر
441
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ
442
) (١ﻟﻮﺣﺔ »اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ« ) (١٩٧٩ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﺔ أودري ﻓﻼك
وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ أﺳﻠـﻮب اCـﺮذاذ اﻟـﻬـﻮاﺋـﻲ airbrushﻟﺮش اﻷﻟﻮان ﻓـﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻹﻧﺘﺎج ﻋﺎﻟﻢ واﻗﻌﻲ ﺑﺼﺮي ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺮﻣﻮز اCﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑـﻨـﺠـﻤـﺎت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ )ﻣﺎرﻟ tﻣﻮﻧﺮو ﺧـﺎﺻـﺔ( ﻣـﺜـﻞ :أﺣـﻤـﺮ اﻟـﺸـﻔـﺎه واﻷﺿـﻮاء واﻟـﺸـﻤـﻮع اﶈﺘﺮﻗﺔ واCﺮآة واﳊﻠﻮى أو اﻟﻜﻌﻚ اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻮه اﻟﻜﺮز اﻷﺣﻤﺮ اﻟﻼﻣﻊ.
443
) (٢ﻟﻮﺣﺔ »اCﻮﻧﺎﻟﻴﺰا« ) (١٥١٩ﻟﻠﻔﻨﺎن ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ
444
) (٣ﻟﻮﺣﺔ »اﻟﻌﺬراء وﻳﺴﻮع اﻟﻄﻔﻞ واﻟﻘﺪﻳﺴﺔ آن« ) (١٥١٠ﻟﻠﻔﻨﺎن ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ
445
) (٤ﺜﺎل ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺮؤوس ذات اﻟﺸﻜﻞ اCﻨﻘﺎري ) (١٧٨٠ﻟﻠﻨﺤﺎت اﻷCﺎﻧﻲ ﻓﺮاﻧﺰ زاﻓﺮ ﻣﻴﺴﺮﺷﻤﺖ
446
) (٥ﻟﻮﺣﺔ »ﺳﻴﺪة ﺗﻌﺰف ﻋﻠﻰ آﻟﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺒﻴﺎﻧﻮ« ) (١٦٧٤ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺟﺎن ﻓﺮﻣﻴﺮ
447
)» (٦ﻣﺪام ﺳﻴﺰان ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ أﺻﻔﺮ« ) ١٨٩٣ــ (١٨٩٥ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺑﻮل ﺳﻴﺰان
448
)» (٧أﻣﺜﻮﻟﺔ اﻟﻌﻤﻴﺎن« ) (١٥٦٨ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺑﻴﺘﺮ ﺑﺮوﺟﻞ
449
)» (٨ﻏﻤﻮض وﻛﺂﺑﺔ أﺣﺪ اﻟﺸﻮارع« ) (١٩١٤ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺟﻮرﺟﻴﻮ دي ﻛﻴﺮﻛﻮ
450
) (٩ﻟﻮﺣﺔ ﺑﻌﻨﻮان »اﳉﺮة اCﻜﺴﻮرة« ) (١٨٩١ﻟﻠﻔﻨﺎن وﻟﻴﻢ أدوﻟﻒ ــ ﺑﻮرﺟﻴﺮو وﻗﺪ اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﻓﻴﺘﺰ ﻣﺜﺎﻻ واﺿﺤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي ﻟﻌﺪم وﺟﻮد أي ﲡﺮﻳﺪات ﺑﻬﺎ.
451
) (١٠ﻟﻮﺣﺔ »ﻻﻋﺒﺎ اﻟﻮرق« ) ١٨٩٠ــ (١٨٩٥ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺳﻴﺰان
452
)» (١١ﺷﺒﺢ اﳉﺎذﺑﻴﺔ اﳉﻨﺴﻴﺔ« ) (١٩٣٢ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺳﻠﻔﺎدور داﻟﻲ
453
) (١٢ﻟﻮﺣﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎن اﻻﳒﻠﻴﺰي وﻟﻴﻢ ﻫﻮﺟﺎرث ) ١٦٩٧ــ (١٧٦٤ ﺑﻌﻨﻮان »أﻃﻔﺎل ﺟﺮاﻫﺎم« ،وﻗﺪ رﺳﻤﻬﺎ اﻟﻌﺎم .١٧٤٢
وﻫﻲ ﺜﻞ اﻟﺒﺮاءة اCﻄﻠﻘﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل ،وﻛﺬﻟـﻚ ﺗـﻌـﻠـﻖ ﻛـﻞ ﻣـﻨـﻬـﻢ aـﻮﺿـﻮع ﻣﻌ ،tﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﻌﺒﺔ ،أو ﻃﻌﺎﻣﺎ ،أو ﺣﺘﻰ ﺛﻮﺑﻪ اﳋﺎص. ﻻﺣﻆ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ واﻟﻄﻴﻮر واﻟﻘﻄﺔ وأﻟﻌﺎب اﻷﻃﻔﺎل وﻻﺣﻆ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﻌﻠﻮي اﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻠﻮﻫﺎ ﺜﺎل ﻟﻜﻴﻮﺑـﻴـﺪ ﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺣﻀﻮر اﳊﺐ وﻫﻴﻤﻨﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻃﻔﺎل ،وﻳﺸﻴﺮ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ إﻟﻰ ﻣﺮور اﻟﺰﻣﻦ. 454
اﻟﻬﻮاﻣﺶ
اﻟﻬﻮاﻣﺶ :اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
.ﻌﺎرفC دار ا: ﻣﺤﺎورة ﻓﺎﻳﺪروس )ﺗﺮﺟﻤﺔ أﻣﻴﺮه ﺣﻠﻤﻲ ﻣﻄﺮ( اﻟﻘﺎﻫﺮة،( أﻓﻼﻃﻮن١) ﺆﺳـﺴـﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﻟـﻠـﺪراﺳـﺎتC ا: ﺑﻴﺮوت.( ﻣﻠﺤﻖ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ١٩٩٦) (( ﺑﺪوي )ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ٢) .١٥٩-١٠٧ ،واﻟﻨـﺸـﺮ .١٥٥ ص،ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا٣) (4) Porteous, I.D. (1996) Environmental Aesthetics ideas, Politics and Planning London, Rautledge, 19. .١٥٦ ص،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC ا، ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ،( ﺑﺪوي٥) ،(ﺼﻄﻠﺢ اﻟﻨـﻘـﺪي )ﺗـﺮﺟـﻤـﺔ ﻋـﺒـﺪاﻟـﻮاﺣـﺪ ﻟـﺆﻟـﺆةC ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ا، اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ.(١٩٨٢) ف. ر،( ﺟﻮﻧﺴﻮن٦) .٢٧٢ ص، دار اﻟﺮﺷﻴﺪ ﻟﻠﻨﺸﺮ:ﺑﻐﺪاد (7) Porteous, op.cit., p.20. (8) Ibid. (9)Tony, A (1966) Creative Painting and Draving, New York: Dover publications, Inc., p.195. (10). Porteous, op.cit., p.2. ، اﻟـﻄـﺒـﻌـﺔ اﻟـﺴـﺎﺑـﻌـﺔ.( ﻓﺆاد زﻛﺮﻳـﺎ: )ﺗﺮﺟﻤﺔ، أﻧﻮاﻋﻬﺎ وﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ،( اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ١٩٨٦) ﻫﻨﺘﺮ،( ﻣﻴﺪ١١) .٤٢٣ ص، اﻷﳒﻠﻮ:اﻟﻘﺎﻫﺮة (12) Metallions, N. (1996) Television Aerthetic: perceptuall, Cognitive, and compositional Bases. N.J.: Lawrence Erlbaum Associates, 3. (13) Parteous, op.cit., p.? ﻣﺆﺳﺴـﺔ: ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ( ﺟﺪة: )ﺗﺮﺟﻤﺔ،( اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻸدب١٩٩٣) ﻣﺎرﺗﻦ،( ﻟﻨﺪاور١٤) .ﻋﻜﺎظ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ واﻟﻨﺸﺮ .١٧-١١ ، ٥ ، ٢ ﻓﺼﻮل،( )ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺠﺪي وﻫﺒﺔ. ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻔﻨﻮن.(١٩٨٥) ف.( ﺗﺎﺗﺎرﻛﻴﻔﺘﺶ١٥) (16) The Encyclopedia of Philosophy. Ed. by: E. Edwars (1967) N.Y: Mc Millan Publishing Co. (17) Berlyne, D.E., (1971) Aesthetics and Psychobiology New York: Appletion. Century Crofts, 115-116. (18) Gombrich, E.H. (1966) The Story of Art. N.Y.: phaidon publishers Inc., S. (19) Child, I, L. Eshtetics (1979), In: G. Lindzey & E. Aronson (eds.) Handbook of Social Psychology. Mass: Addisson Wesley, 853-816. (20) Ibid. 854. (21) Read, H. (1963). The Meaning of Art. London: Pengiun Books, 16. (22) The Encyclopedia of Philosophy, op. cit.
455
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ (23) The Encyclopedia Americana, (1977), Vol. 1 N.Y: American Corporation. (24) Britanica, op. cit. (25) Metalians, op.cit. p. 145. (26) Ibid. (27) Russell, P. (1998). Musical Tastes and Society. In: D.J. Hargreaves & A.C. North (eds). The Social Psychology of Music. N.Y: Oxford University press. 141-158. (28) Lindauer, M. (1981). Aesthetic Experience: a Neglected Topic in the psychology of Arts. In: D.O’Hard (ed.) Psychology and the Arts. N.J. The Harvester Press. 29-75. (29) Frye, N. et. al., (1985). The Harper Handbook to literature, N.Y: Harper & Raw publishers, 457. ، اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ، اﺠﻤﻟﻠﺪ اﻷول،( ﻛﺸﺎف إﺻﻼﺣﺎت اﻟﻔﻨﻮن١٨٦٢) ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ،( اﻟﻨﻬﺎﻧﻮي٣٠) .ﻃﺒﻌﺔ ﻛﻠﻜﻨﺔ (31) Funch, B.S (1997). The Psychology of Art Appreciation. Copenhagen: Museum Tusculanum press. دار: اﻟـﻘـﺎﻫـﺮة.( اﻷﺳﺲ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻺﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ اﻟـﺸـﻌـﺮ ﺧـﺎﺻـﺔ١٩٧٠) ﻣﺼﻄﻔﻰ،( ﺳﻮﻳﻒ٣٢) .ﻌﺎرفCا ، ١٠ ، اﺠﻤﻟﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ،( اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻔﻨﻲ وﺳﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ١٩٧٣) ﻓﺆاد،( أﺑﻮ ﺣﻄﺐ٣٣) .٣٠-٣ ، ١ .٢٥-١١ ، ﻣﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﻘـﺎﻫـﺮة: اﻟﻘﺎﻫﺮة،( دراﺳﺎت ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ١٩٨٣) ﻣﺼﻄﻔﻰ،( ﺳﻮﻳﻒ٣٤) .ﻌﺎرفC دار ا: اﻟﻘﺎﻫﺮة، ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ،(١٩٨٥) ﻣﺼﺮي ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ،( ﺣﻨﻮرة٣٥) . ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺰﻫﺮاء: اﻟﻘﺎﻫﺮة.( )ﺗﺮﺟﻤﺔ أﺣﻤﺪ دورﻳﺶ، ﺑﻨﺎء ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ.(١٩٨٥) ( ﻛﻮﻳﻦ ﺟﻮن٣٦) (37) Funch, op.cit., 195. (38) Jourdain, R. (1997), Music, The Brain, and ecstasy: How Music Captures sur imagination. N.Y: Avon Books, Inc., 315. اﻟـﻜـﻮﻳـﺖ اﺠﻤﻟـﻠـﺲ،( ﻓـﺆاد زﻛـﺮﻳـﺎ: اﳉﺰء اﻷول )ﺗﺮﺟﻤـﺔ، ﺣﻜﻤﺔ اﻟﻐﺮب،(١٩٨٣) ﺑﺮﺗﺮاﻧﺪ،( رﺳﻞ٣٩) .٢٠٧ ، ١٢ اﻟـﻌـﺪد،ﻌﺮﻓﺔC ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ ا.اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب دار اﻟﻔﻜﺮ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ: ﻋﻤﺎن. اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻹﺑﺪاعt( ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﺑ١٩٥) إﻧﺼﺎف،( اﻟﺮﻳﻀﻲ٤٠) .٧ ،واﻟﺘـﻮزﻳـﻊ : دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎس اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ )ﺗﺮﺟﻤـﺔ،( اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ واﻹﺑﺪاع واﻟﻘﻴﺎدة١٩٩٣) .ك. د،¾( ﺳﺎ ﻨ٤١) اﻟﻌﺪد،ﻌﺮﻓﺔC ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ ا، اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب:ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ( اﻟﻜﻮﻳﺖ .٧٢ ، ١٧٦ (42) Porteous, op. cit. (43) Funch, op. cit. 195. (44) Ibid., 196. (45) Ibid. 197. (46) Arnheim, R (1966) The Gestalt theory of Expression. In: R. Arnbeim’s Towards a Psychology of Art, A Collected essays, L, A: University of Californid press, 51-73. (47) Feldman, E. (1992) Varieties of Visual experience. N.Y: Harry N. Abrans, 255.
456
اﻟﻬﻮاﻣﺶ (48) Ross, S.D (1994)Art and its significance, an Anthology of esthetic Theory. (ed.) N.Y. state university of New York, 457. (49) Bullough, E. (1994) Psychical Distance as a Factor is art and as an Aesthetic principle. In: S.D. Ross (ed.) ibid, 458-469. (50) Worringer, W. (1997) Abstraction and Empathy, Chicago: Ivan R. Dee, publishers. (51) Funch, op. cit., 194. (52) Andrew, D. (1976) The Majoer film Theories: An Introduction. N.Y: Oxford university press 149. (53) Smith, M. (1995), Engaging characters; Flction, Emotion, and the Cinema Oxford: clarendon press, 81-83. (54) Sluckin, w. et. al. (1983) Novelty and human. Preference. In: J. Archer & L. Birke (eds) Exploration in Animal and Humans, London. (55) Berlyne, P.E. Aesthetics and Psychobiology op. cit. (56) Sluckin, w. et. al, op. cit, p. 246-249. (57) Ibid, 249. (58) Ibid. ﺆﺳﺴﺔC ا: ﺑﻴﺮوت. اﻷﺳﺲ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.(١٩٨٤) ﻣﺠﻴﺪ ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ،( ﻧﺎﺟﻲ٥٩) .١١ اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘـﻮزﻳـﻊ اﻟﻨﺺ: أﺣﻤﺪ دروﻳﺶ: أﺣﻤﺪ دروﻳﺶ( ﻓﻲ: )ﺗﺮﺟﻤﺔ،( ﻣﻘﺎل ﻓﻲ اﻷﺳﻠﻮب١٩٩٢) ﺟﻮرج،( ﺑﻮﻓﻮن٦٠) .١٩٥-١٨٩ ، ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻨﺼﺮ: اﻟﻘﺎﻫﺮة.اﻟﺒﻼﻏﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻷوروﺑﻲ (61) Speed, H. (1927). The pracice and science of Drawing. London: seeley service & co. 288. (62) Picon, G. (1976). The Grand palais, 1967, In: S. Lazzaro (ed.) Homage to Pablo Picasso. London: Ebling. 119. (63) Feldman, E, op.cit, 127. (64) Layton, (1991), The Anthropology of Art. N.Y: Cambtidge university press, 126. (65) Wolffin, H. (1972). Introduction to principles of Art History. In: H. Bobb (ed.) Essayo in stylistic Analysis. N.Y: Harcourt Brace 19. (66) Ibid. (67) Goodman, N. (1976) languages of Art: An Approach to the study of symbols. Indianapolis: Hachett, publishing companies. (68) The Encyclopedia of philosophy. Op.cit Harcourt Brace, 245. (69) Schmitt, B. & Simonson, A. (1997) Marketing Aesthetics: The strategic Management of Brands, Identity, and image, N.Y: The Free Press. (70) Cartunell, D. et. al., (1997) Trash Aesthetics: popular culture and its audience. London: Pluto press, 1. (71) Ibid. 3. (72) Parteous, op. cit, 3-4.
457
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ (73) McNeill, D. (1998). The Face. N.Y: Little, Brown and company, 281-286. (74) Pinker, S. (1997) How the Mind works. N.Y. w.w. Norton & company, 481-484. (75) Siegler, R.S. & Richards, D. (1982). The Development of Intelligence. In: J.R. sternberg (ed.) Handbook of Intelligence. Cambridge: Cambridge university press, 897-898. ﻛـﻤـﺎل: اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻈﻮره اﳉـﺪﻳـﺪ )ﺗـﺮﺟـﻤـﺔ.(١٩٨٩) ﺟﻮرج ن، وﺳﺘﺎﻟﺴﻴﻮ، روﺑﺮت م،( أﻏﺮوس٧٦) ،٤٦ ـﻌـﺮﻓـﺔ« اﻟـﻌـﺪدC ﺳﻠﺴـﻠـﺔ »ﻋـﺎﻟـﻢ ا. اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب: اﻟﻜﻮﻳﺖ.(ﺧﻼﻳﻠﻲ .٤٧-١٣٤
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
،ﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎبC اﻟﻬﻴﺌﺔ ا: اﻟﻘﺎﻫﺮة: دراﺳﺔ وﺗﺮﺟﻤﺔ،( ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ أﻓﻼﻃﻮن١٩٨٥) ﻓﺆاد،( زﻛﺮﻳﺎ١) .١٦٠ . اﻟﺼﻔﺤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا٢) .١٦١ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC( ا٣) .١٦٥ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا٤) (5) Ross, S.D. (1994). Art ant its significance, An Anthology of Aesthetic theory. N.Y.stat Univ. Of New York press, 8. .١٧١ ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ،( زﻛﺮﻳﺎ ﻓﺆاد٦) ،ﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌـﺎﻣـﺔ ﻟـﻠـﻜـﺘـﺎبC اﻟﻬﻴﺌﺔ ا: اﻟﻘﺎﻫﺮة،( ﺷﻜﺮي ﻋﻴﺎد: ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ )ﺗﺮﺟﻤﺔ،(١٩٩٣) ( أرﺳﻄﻮ٧) .ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ (8) Hofstadier, A. & Kuns, R. eds, (1976). Philosophies of Art & Beauty, selected Readings in Aestheties from Plato to Heidgger. Chicago: The univ. press of Chicago, Introduction. .٨١ ، ١٩٨٤ ، دار اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ: اﻟﻘﺎﻫﺮة.( ﻓﻠﺴﻔﺔ اﳉﻤﺎل١٩٨٤) أﻣﻴﺮة ﺣﻠﻤﻲ،( ﻣﻄﺮ٩) (11) Ibid. 141. (12). St. Augustine (1976) . De Musica, Book VI. In: Hofstadter & Kuns, op. cit, 185-202. (13) Hofstadter & Juns, op. cit, XIV-XVIII. (14) Ibid. دار: ﺷـﺎﻛـﺮ ﻋـﺒـﺪاﳊـﻤـﻴـﺪ( ﺑـﻐـﺪاد: )ﺗـﺮﺟـﻤـﺔ. ﺑﺪاﻳﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﳊﺪﻳﺚ،(١٩٨٧) م.( أوﻧﻴﻞ و١٥) .٣٦-٣٤ ،اﻟﺸﺆون اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ (16) Hume, D. (1994) of the standard of Taste. In: S.D. Ross (ed.) Art and its significance, An Anthology of Aesthetic Theory. N.Y: state University of New York Press, 78-92. (17) Graham. G. (1997), Phillosophy of the Arts: An Introduction to Aesthetics. London: Rautledge & Kegan paul., 4-5. (18) Hofstadter, A & Kuns, R (1976) Philosophies of Art & Beauty: Selected Readings in Aesthetics from plato in Heidegger. Chicago: The University of Chicago press, 227. (19) Ibid., 278. (20) Ibid., 279.
458
اﻟﻬﻮاﻣﺶ (21) Ross, op. cit, 94. (22) Ibid, 93-94. ) (٢٣إﺑﺮاﻫﻴﻢ زﻛﺮﻳﺎ ) ،(١٩٦٣ﻛﺎﻧﺖ أو اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة :ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣـﺼـﺮ.١٧٨ ، ) (٢٤اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .١٧٩-١٧٨ ) (٢٦إﺑﺮاﻫﻴﻢ زﻛﺮﻳﺎ ،اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٩٠-١٨٩ ، ) (٢٧اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.١٨٥ ، (28) Hofstadier, & kuns, op. cit, 280. (29) Ibid. ) (٣٠إﺑﺮاﻫﻴﻢ زﻛﺮﻳﺎ ،اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٢٠٠ ، ) (٣١اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.٢٠٢-٢٠٠ ، (32) Ross, op.cit., 143. (33) Hafstadter, A & op.cit., 378. ) (٣٤ﺑﺴﻄﺮﻳﺴﻲ ،رﻣﻀﺎن ) (١٩٩٢ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻔﻨﻮن وﻓﻠﺴﻔﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ ﻋﻨﺪ ﻫﻴﺠﻞ ،ﺑﻴﺮوت :اCﺆﺳﺴﺔ اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘـﻮزﻳـﻊ.١٣ ، ) (٣٥ﺑﻮرﺗﻨﻮري .ﺟﻮﻟﻴﻮس ) (١٩٧٤اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف وﻓﻦ اCﻮﺳﻴﻘﻰ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ( ،اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻬﻴﺌﺔ اCﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜـﺘـﺎب.٢٣٩ ، ) (٣٦اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٢٤٠-٢٣٩ ، ) (٣٧ﺑﺴﻄﻮﻳﺴﻲ ،رﻣﻀﺎن ،اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٤-١٣ ، ) (٣٨ﻣﻄﺮ ،أﻣﻴﺮة ﺣﻠﻤﻲ ) (١٩٨٤ﻓﻠﺴﻔﺔ اﳉﻤﺎل :ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ وﺗﻄﻮرﻫﺎ ،اﻟﻘﺎﻫـﺮة :دار اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ ﻟـﻠـﻨـﺸـﺮ واﻟﺘـﻮزﻳـﻊ.١١٥ ، ) (٣٩اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٢٢ ، ) (٤٠ﺑﺴﻄﻮﻳﺴﻲ ،رﻣﻀﺎن ) (١٩٩٨ﺟﻤﻠﻴﺎت اﻟﻔﻨﻮن ،اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻬﻴﺌﺔ اCﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜـﺘـﺎب.١١ ، ) (٤١اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.١٩٩ ، (42) Hegel, G. W. F. The philosophy of fine Arts. In: S.D. Ross. op.cit, 144-159. ) (٤٣ﺑﺴﻄﻮﻳﺴﻲ ،رﻣﻀﺎن ،اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.٢٠٣ ،(١٩٩٨) ، (44) Hegel, op.cit. (45) Ibid. (46) Ibid. (47) Hofstadter & Kuns, op. cit., 446. (48) Ibid. (49) Ibid., p. 447. )(٥٠ﻣﻴﺪ ،ﻫﻨﺘﺮ ) (١٩٨٦اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،أﻧﻮاﻋﻬﺎ وﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ( اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة: ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻷﳒﻠﻮ اCﺼﺮﻳﺔ.٤٣٠ ، (51) Hofstadter, & Kuns. Op. cit. 447. ) (٥٢ﺗﻮﻓﻴﻖ ،ﺳﻌﻴﺪ ) .(١٩٨٣ﻣﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﺎ اﻟﻔﻦ ﻋﻨﺪ ﺷﻮﺑﻨﻬﻮر ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸـﺮ، .٢٧-٢٦ ) (٥٣اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.٢٨-٢٧ ،
459
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ (54) Hofstadter & Kuns, op. cit, 447. (55) Ibid. .٢٤١ ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ، ﺟﻮﻟﻴﻮس،( ﺑﻮرﺗﻨﻮي٥٦) .٢٤٢-٢٤١ :ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا٥٧) (58) Hofstadter & Kuns, op.cit, 447-8. .٢٤٢ ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ،( ﺑﻮرﺗﻨﻮي٥٩) (60) Hofstadter & Kuns, op. cit., 447-8. (61) Schopenhauer, A The world as will and idea. In: A Hofstadter, & Kuns, R. (eds), Op. cit, 448495. (62) Hofstadter & Kuns., op. cit, 448. (63) Metalinos, N. (1996) Television Aesthetics. N.J. Lawrence Erlbaum Associates, 5 (1968). (64) Westcott, M. (1968) Toward A. Contemporary Psychology of Intuition. N.Y.: Holt, Rinehart and Winson, Inc. (65) Croce, B. Aesthetics. In: A Hofstadter & R. Kuns. of cit, 556-576. (66) Encyclopedia of philosophy (1967) ef. by: P. Edwards. N.Y. Macmillan. (67) Ibid. (68) Encyclopedia of Philosophy, op. cit. ﺆﺳﺴﺔC ا: ﺑﻴﺮوت، دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﳉﻤﺎل اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ، اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ.(١٩٩٢) ﺳﻌﻴﺪ،( ﺗﻮﻓﻴﻖ٦٩) .٢٠٢-٢٠١ ،اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ (70) Heideger, N. (1994) The origin of the work of Art. In: S.D. Ross, op. cit., 254-280. . ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ، اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ، ﺳﻌﻴﺪ،( ﺗﻮﻓﻴﻖ٧١) (72) Ross, op. cit., 281. . ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ، اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ، ﺳﻌﻴﺪ،( ﺗﻮﻓﻴﻖ٧٣) (74) Merleau - Ponty, M. (1994) Eye and Mind, In: S.D Ross. op. cit, 282-298. .٣٨٣-٣٨٢ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ، ﺳﻌﻴﺪ،( ﺗﻮﻓﻴﻖ٧٥) (76) Encycloedia of philosohpy, op. cit. (77) Dufrenne, M. (1973) The phenomenology of Aesthetic Experience, translated by: E. Casey et al. Evanston: Notrhwestern uniw. Press. (78) Ross, op. cit. 349. (79) Gadamer, H.G. (1999) Truth and Method. In. S.D. Ross, (ed.) op. cit. 350-382. (80) Graham, op. cit, 15. (81) Funch, R.S (1997). The Psychology of art appreciation Copenhagen Museum tusculanum press.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ
،ﻌﺎرفC دار ا: اﻟﻘﺎﻫﺮة.( ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ وﺟﺮﺟﺲ ﻋﺒﺪة: اﻟﻔﻦ اﻟﻴﻮم )ﺗﺮﺟﻤﺔ.(١٩٨١) ﻫﺮﺑﺮت،( رﻳﺪ١) .٩٤
460
اﻟﻬﻮاﻣﺶ ) (٢ﻓﻲ ﺿﻮء ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﻮﱋ ،ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻨﻤﺎذج اﻷوﻟﻴﺔ أو اﻷ ﺎط اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ArchetypesاCﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮر اﳉﻤﻌﻲ وﻫﻲ -ﻓﻲ رأﻳﻪ -اﻟﺼﻮر واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ اﳉﻤﻌﻴﺔ اCﻮروﺛﺔ ﻣﻦ ﺗﺮاث اﻷﺳﻼف وﻋﺒﺮ اﻷﺟﻴﺎل واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ أﻓﻜﺎر ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑ tاﻟﺒﺸﺮ ﻣﺜﻞ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺼﻮر اﳋﺎﺻﺔ ﺣـﻮل اﻟـﻠّﻪ واﻟﺸﻴﻄﺎن واﳋﻴﺮ واﻟﺸﺮ واﳊﻴﺎة واCﻮت .وﺗﺘﺠﺴﺪ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻮﱋ اﺳﻢ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻜﺸﻔﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﻜﺘـﺸـﻒ اﻟـﻔـﻨـﺎن ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻬـﺎ -ﺑـﺎﳊـﺪس واﻷﺣـﻼم ﺧﺎﺻﺔ -ﺗﻠﻚ اCﻨﺎﻃﻖ اﺠﻤﻟﻬﻮﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اCﺘﻠﻘﻲ أﻳﻀﺎً أن ﻳﻘﻮم ﺑﺪور ﺎﺛﻞ ﻻﻛﺘﺸﺎف ﻫﺬه اCﻨﺎﻃﻖ اﺠﻤﻟﻬﻮﻟﺔ. ) (٣اCﻘﺼﻮد ﺑﺎﻷوﺗﻮﻣﺎﺗﻴﺔ ،اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻜﺘـﺎﺑـﺔ أو اﻟـﺮﺳـﻢ ..اﻟـﺦ أي اﻟـﺘـﺤـﺮر ﻣـﻦ ﻗـﺒـﻀـﺔ اﻟﻮﻋﻲ اCﻨﻄﻘﻲ وﺗﺮك اﳊﺮﻳﺔ ﻟﻠﺨﻴﺎل واﻷﺣﻼم واﻟﻼوﻋﻲ أن ﺗﺘﺠﺴﺪ داﺧﻞ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ ﻛـﻤـﺎ ﻳﺤﺪث ﻣﺜﻼً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺮك اﳊﺮﻳﺔ ﻟﻠﻘﻠﻢ ﻓﻲ أن ﻳﺘﺤﺮك ﺑﺤﺮﻳﺔ وﻳﺘﺤﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻮرق ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻴﻔﻮن .وﻗﺪ ﻛﺎن »ﺟﻮان ﻣﻴﺮو« ﻣﺜﻼً ﻳﻘﻮل إﻧﻪ ﻳﺠﺮد ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﺸﺎط ﻋﻘﻠﻲ ﻣﻨﻄﻘﻲ أو ﻣﺘﺰن وﻳﺘﻴﺢ اﳊﺮﻳﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻛﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﺧﻄﻮﻃﻪ وأﺷﻜﺎﻟﻪ ﺑﺸـﻜـﻞ ﺗـﻠـﻘـﺎﺋـﻲ ،واﻋـﺘـﻤـﺎداً ﻋﻠﻰ دواﻓﻊ وﺣﺎﺟﺎت ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ داﺧﻠﻴﺔ ﻣﻠﺤﺔ. ) (٤وﻳﻠﺴﻮن ﺟﻠ ،tﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻨﻮن اﻵداء )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ( ،اﻟﻜﻮﻳﺖ :اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،ﻋﺪد ﻳﻮﻧﻴﻪ .٢٠٠٠ (5) Crtozier, W.R. & Champman, A. J. (1984). Introduction. In: W.R. Crozier & A.J. Chapman. (eds). The Cognitive processes in the pereption of Art. North Hollan: elsevier science publishers. ) (٦ﺗﺸﻴﺮ ﻛﻠﻤﺔ »اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ« إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑـﺎﻟـﻨـﺸـﺎط واﳊـﻴـﻮﻳـﺔ واﻟـﺘـﻔـﺎﻋـﻼت واﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﳋﺒﺮة اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ .وﻛﺜﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘـﺨـﺪم ﻫﺬا اCﺼﻄﻠﺢ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ. ) (٧ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﻄﺮح« ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ aﻔﻬﻮم اﻹﺳﻘﺎط; ﻓﻔﻲ اﻟﻄﺮح ﻳـﺘـﻌـﻠـﻖ اCﺮﻳﺾ ﺑﺎCﻌﺎﻟﺞ اﻟﻨﻔﺴﻲ وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮه ﻣﺮﻛﺰا ﻻﻧﻔـﻌـﺎﻻﺗـﻪ وأﻓـﻜـﺎره واCـﻔـﺘـﺎح اﻷﺳـﺎس ﻟﺸﻔﺎﺋﻪ .وﻗﺪ ﻳﺼﻞ ﻫﺬا اﻟﻄﺮح إﻟﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻌﺸﻖ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﺎ ﻳﺤﺎول اCﺮﻳﺾ ﻗﺘﻞ اCﻌﺎﻟﺞ إذا ﺷﻌﺮ أﻧﻪ ﺳﻮف ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻪ .أﻣﺎ اﻹﺳﻘﺎط ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻨﻲ ﺑـﺎﺧـﺘـﺼـﺎر أن أﻗـﻮم ﺑـﺈﺳـﻘـﺎط ﻣﺸﺎﻋﺮي ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ أو ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻊ وأﻧﺴﺒﻬﺎ ﻟﻪ ،ﻓﺒـﺪﻻً ﻣﻦ أن أﻗﻮل أﻧﺎ أﺣﺐ »س« ﻣﻦ اﻟﻨـﺎس أو أﻛﺮﻫﻪ أﻗﻮل إﻧﻪ ﻳﺤﺒﻨﻲ أو ﻳﻜﺮﻫﻨﻲ ..اﻟﺦ .وﻗﺪ ﺖ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اCﺼﻄﻠﺤ tﻓﻲ ﺗﻔﺴـﻴـﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻴﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎCﻮﺿﻮع، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﳉﺄت إﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﻮﺣﺪ واﻟﺘﻘﻤﺺ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﳋﺒﺮة اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ. (8) SAS, L, A. (1994) Psychoanalysis, Romanticism and the Nature of Aesthetic Consciousness, with Reflections on Modernism and postmodernism. In: M.B. Franklin & B. Kaplan (eds). Development and the Arts: critical perspectives. N.J.: Laursece Erlbaum Associates, publishers, 3156. (9) Freud, S. (1973), Creative writers and Daydreaming. In: P.E. Vemon (ed.) creativity, London: penguin Books, 126-138. (10) Freud, S. Dostoevsky and paracide In: The standard edition of complete works of Sigmund Freud. London: The Hogarth press, 1981, Vol XXI, 175-199. واﻧﻈﺮ أﻳﻀﺎً ﺗﺮﺟﻤﺘﻨﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺔ واCﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »إﺑﺪاع« اCﺼﺮﻳﺔ ،اﻟﻌﺪد اﻟﺴﺎﺑﻊ،
461
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻳﻮﻟﻴﻮ .٤٦-٣١ ، ١٩٩٣ (11) Freud, creative writers and Daydreaming, op. cit. (12). Ibid. ) (١٣ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻜﺒﺖ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ :اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﺑﻌﺎد اﳋﺒﺮات اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﶈﺮﻣﺔ أﺧﻼﻗـﻴـﺎً واﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺎً ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺸﻌﻮر ووﺿﻌﻬﺎ )ﻛﺒﺘﻬـﺎ( ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮر ،وذﻟﻚ ﻷن ﻇﻬﻮرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺸﻌﻮر ﻳﺴﺘـﺜـﻴـﺮ اﻧـﻔـﻌـﺎﻻت اﻟـﻘـﻠـﻖ واﻟـﻀـﻴـﻖ واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ وﺗﺰاﻳﺪﻫﺎ ﻗﺪ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻇﻬﻮر اﻷﻣﺮاض اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ. وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﻲ :ﺗﻬﺬﻳﺐ ﻫﺬه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻷﻓﻜـﺎر واﻟـﺪواﻓـﻊ اﻟـﺒـﺪاﺋـﻴـﺔ واﻟـﻐـﺮﻳـﺰﻳـﺔ واﶈـﺮﻣـﺔ،وﲢﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ أﺷﻜﺎل ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ. وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻨﻜﻮص :اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻨﻔﺴﻲ -ﻛﺎﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اCﺒﻜﺮة ﻣﺜﻼً -ﺳﺒﻖ أنﻛﺎن ﻳﺠﺪ اﻟﻔﺮد ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﻌﺔ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ. وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ :وﺟﻮد ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻛﺎﳊﺐ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ أواﳋﻮف واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ. وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺘﻜﺜﻴﻒ :ﺗﺪاﺧﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧـﺒـﺮة ﻣـﻌـﺎً ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﺧﻼل اﻷﺣﻼم ﺣ tﺗﺘﺪاﺧـﻞ ﺧـﺒـﺮاتﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،أو أزﻣﻨﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،أو ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄﺷﺨﺎص ﻣﺨـﺘـﻠـﻔـ tأو ﺷـﻴـﺎء أو ﻛـﺎﺋـﻨـﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ..إﻟﺦ .ﻓﻲ ﺧﺒﺮة واﺣﺪة. (14) Freud, Creative Writers and Daydreaming. op. cit. (15) Ibid. (16) Freud, S. Leonardo. (1963) Translated by A. Tyson. Lodon: Penguin Books. ) (١٧ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ دراﺳﺔ ﻓﺮوﻳﺪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻦ ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ. ) (١٨ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ دراﺳﺔ ﻓﺮوﻳﺪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻦ ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ. ) (١٩ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ دراﺳﺔ ﻓﺮوﻳﺪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻦ ﻟﻴﻮﻧﺎردو داﻓﻨﺸﻲ. (20) Freud, Dostoevsky and paracide, op. cit. (21) SAS, op. cit. (22) Spitz, E.H. (1985), Art and Psyche: A study in psychoanalysis and Aesthetics. New haven: yale university Press.11-16. (23) Funch, B.S. (1977) The psychology of Art Appreciation. Copenhagen: Museum Tusculanum press, 164-165. (24) Ibid, 165. (25) Ibid, 166. (26) Ibid. (27) Ibid, 161-165. (28) Spitz, op. cit, 22-24. (29) Ibid. (30) Klein, M. Riviere, J. (1964). Love, hate and reparation N.Y. : W.W.Norton. & company. 65-68. (31) Klein, M. (1975) Envy and Gratitude, and other works, (1946-1963), N.Y.: The free press, 245249.
462
اﻟﻬﻮاﻣﺶ (32) Ibid., 299. (33) Ibid. (34) Ibid., 245-247. (35) Buckley, p. (1986), ed. Essential papers on object Relations. N.Y: New York university Press, Vii. (36) Funch, op. cit, 162. (37) Ibid, 149-150. (38) Ibid, 150-152. (39) Buchley, op. cit, 254-271. اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ وﺗﺸﺘـﻖ ﻣـﺎدﺗـﻬـﺎ ﻣـﻦ اﻟـﻼﺷـﻌـﻮر: ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن ﻫﻤﺎt ﻧﻮﻋt( ﻣﻴﺴﺰ ﻳﻮﱋ ﺑ٤٠) وﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﻮﺿﻮﻋـﺎت ﻣـﺜـﻞ اﳊـﺐ، وﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺨﺒﺮات اﳊﻴﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎرﺟﻲ،اﻟﻔﺮدي ﻓﻬﻮ ﻣﺎ- ﻓﻲ رأي ﻳﻮﱋ- أﻣﺎ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن.واﻷﺳﺮة واﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﻫﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘـﻲ ﺗـﺴـﺘـﻤـﺪ وﺟـﻮدﻫـﺎ ﻣـﻦ ﺗـﻠـﻚ اﻷرض اﺠﻤﻟـﻬـﻮﻟـﺔ ﻓـﻲ ﻋـﻘـﻞ.ﺳﻤﺎه اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻜﺸﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎع ﺧﺒﺮة اﳉﻨﺲ اﻟﺒﺸـﺮي وﻟـﻴـﺲ اﻟـﻔـﺮد، أي ﻣﻦ ﻻﺷﻌﻮره اﳉﻤﻌﻲ وﻟﻴﺲ اﻟﻔﺮدي،اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ اﻷﺳﻄﻮري اﻟﺬﻳﻴﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺼﻮر واﳋﻴﺎﻻت اﻟﻘﺪ ﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ،اﻟﻮاﺣﺪ وﻛـﻞ ﻣـﺎ،ـﻮتC واﳊـﻴـﺎة وا، واﳋﻴﺮ واﻟﺸﺮ،ـﺎً إﻧﺴﺎﻧﻴـﺎً ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺎد اﻟﻨﻮر واﻟﻜﻠﻤﺔCﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﻋﺎ .ﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﻦ رﻣﻮز و ﺎذج أوﻟﻴﺔ أو أ ﺎط ﺑﺪاﺋﻴﺔCﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺬه ا
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ (1) Arnheim, R. (1969). Gestalt and Art. In: J. Hogg (ed.) Psychology and visual Art. Lodon: penguin Books, 257. (2) Funch, B.S. (1997) Psychology of Art Appreciation. Copenhagen: Museum Tuculanum, Press. 76. (3) Ibid, 77-78. (4) Ibid, 110. (5) Reber, A. (1987) - The Penguin Dictionary of Psychology - Lodon: Penguin Books. (6) Ibid. (7) Arnheim, R. (1992) . Art for the blind. in: R. Arnbem; To the rescue of Arts, Berkeley: univ-of California Press., op. cit, 133-142. (8) Arnheim, R (1997) Film essays and criticirm. Wisconsin: The univ. of Wisconsin press, 5. (9) Arnheim, R. (1966). The Gestalt Theory of expression In: R. Arnheim: Toward A psychology of Art. Berkeley: univ. of California press, 51-73. (10) Arnheim, R. (1988). The power of the center: A Study of composition in the visual Arts . Berkeley: univ. of California press. 38. (11) Arnheim, The power of the center. Op. cit. 44, 144. (12) Ibid, 47.
463
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ (13) Arnheim, R. (1966). What is an Aesthetic Fact? In: R. Arnheim, (1966) The split and the structure, L.A.: university of California press, 65-72. (14) Ibid. (15) Arnheim, R. from chaos to wholeness. In: R. Arnheim (1996), The split and the structure, op. cit, 156-164. (16) Arnheim, R. (1962). The genesls of a painting: Picasso’s Guernica. Berkeley: university of California press. اﺠﻤﻟـﻠـﺲ اﻟـﻮﻃـﻨـﻲ: اﻟـﻜـﻮﻳـﺖ.( اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ١٩٨٧) ﺷﺎﻛﺮ،( ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ١٧) .١:٧ اﻟﻌﺪد،ﻌﺮﻓﺔC ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ ا،ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب (18) Arnheim, R. (1974). Art and Visual Perception, psychology of the Creative eye, Berkeley: univ.of california press. (19) Arnheim, Art. and visual perecption, op. cit, 36-38. (20) Funch, op. cit, 114. (21) Arnheim, Art and Visual Perception, op-cit. (22) Ibid. (23) Arnheim, R. (1992). Sculpture: the nature of a medium. In: R. Arnheim, to the rescue of art, op. cit, 82-91. (24) Ibid, 87. (25) Arnheim, Film essays and criticism, op. cit., 3-6. (26) Andrew, J.d. (1976). The Major film Theories: an Introduction oxford: oxford univ. press, 27. (27) Ibid., 28-33. (28) Ibid, 35. (29) Arnheim, R. (1957) The complete film. In: R. Arnheim, film, as art Berkeley: univ. of California press. 154-160. (30) Arnheim, The power of the center, Op. cit, 214. (31) Arnheim, film as art. Op. cit, 168-9.
اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺎﻣﺲ (1) Crozier, W.R. & Champan, A. (1981). Aesthetic preference: prestige and social class, In: D. O’Hare. (ed.) Psychology and the Arts. N.J.: The Harvester press. (2) O’Have (1981), Introduction to “The psychology and Arts”, op. Cit, 17. (3) Berlyne, D.E. (1980) Conflict, Arousal, and Curiosity. N.Y.: Mc Graw-Hilc Book company, 10. (4) Ibid, 11. (5) Ibid. (6) Funch, B.S. (1997) The psychology of Art Appreciation Copenhagen: Museum Tusculanum press, 12.
464
اﻟﻬﻮاﻣﺶ ) (٧أوﻧﻴﻞ و.م (١٩٨٧) .ﺑﺪاﻳﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﳊﺪﻳﺚ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ( ﺑﻐﺪاد :دار اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.١٢ ، (8) Funch, op. cit, 12-13. (9) Ibid, 16. (10) Ibid, 14-15. (11) O’Hare, op. cit, 12. (12) Granger, G. W. (1979). Psychology of Art. In: K. Connolly (ed.) Psychology survey, No.2 London: George Allen, 31-50. ) (١٤اﻗﺘﺮح ﺑﺮﻟ tﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ - Collative Variablesواﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﺳﻢ »ﻣﺘﻐﻴﺮات اCﻘﺎرﻧﺔ« - اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ اCﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ To CollateاCﺸﺘﻖ ﻣﻦ اCﺼﺪر اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ Collatumاﻟﺬي ً ﻳﺸﻴﺮ ﺑﺪوره إﻟﻰ اCﻘﺎرﻧﺔ ﺑ tاCﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮد ﻣﻦ ﻣﺼﺪرﻳﻦ أو أﻛﺜﺮ § اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ. (15) Berlyne, D.E. (1971). Aesthetics and Psychobiology. N.Y: Appleton - Century - Crofts, 68-70. (16) North, A. & Hargeaves, D. (1997). Experimental Aesthetics and everyday music listening. In: D. Hargreaves & A. North (ed.), The social Psychology of Music. Oxford: Oxford University. Press, 84-106. (17) Berlyre, 1971, 69-70. ) (١٨اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ واﻻﻧﺤﻨﺎء ﻣﻦ اCﺼﻄﻠﺤﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳـﺎت اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ .وﺗـﻌـﻨـﻲ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ ﺑ tﻣﺘﻐﻴﺮﻳﻦ ﻳﺘﺰاﻳﺪان ﻣﻌﺎً أو ﻳﻨﺨﻔﻀﺎن ﻣﻌﺎً أو ﻳﺮﺗﻔﻊ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻓﻴﻨﺨﻔﺾ اﻵﺧﺮ .أﻣﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ اCﻨﺤﻨﻴﺔ ﻓﺘﻌﻨﻲ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ أو ﻏﻴﺮ ﺧﻄﻴﺔ; وﻫﻨﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺰاد ﻫﺬا اCﺘﻐﻴﺮان )ﻛﺎﻟﺬﻛﺎء واﻟﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﺪراﺳﻲ ﻣﺜـﻼً( ﻣﻌـﺎً ﺣﺘﻰ ﻧﻄﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺛﻢ ﻳﺘﺰاﻳﺪ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻓﻘﻂ ﺑﻌـﺪ ذﻟﻚ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺨﻔﺾ اﻵﺧﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺪﺧﻞ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻛﺎﻟﺪواﻓﻊ ﻣﺜﻼً. (19) North & Hagreaves, op. cit. (20) Funch, op. cit, 28-31. (21) North & Hargreaves, op. cit. (22) O’Have. Op.cit, 11.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس
) (١ﺳﻮﻟﺴﻮ روﺑﺮت ) ،(١٩٩٦ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اCﻌﺮﻓﻲ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻣﺤﻤﺪ ﳒـﻴـﺐ أﺣـﻤـﺪ ﻣـﺤـﻤـﻮد اﻟـﺼـﺒـﻮة وآﺧﺮون( اﻟﻜﻮﻳﺖ :دار اﻟﻔﻜﺮ اﳊﺪﻳﺚ٨ ، ) (٢اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.٢٤ ، (3) Modgill, C. & Modgil, S. (1984). The Development of Thinking and Reasoning In: D. Fontana (ed.) The Education of the young Child. N.Y.: Blackwell, 23. ) (٤اﻟﻮب آرت Pop Artأو اﻟﻔﻦ اﻟﻌﺎم أو اﻟﺸﺎﺋﻊ أو اﻟﺸﻌﺒﻲ Popularﺣﺮﻛﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺧﻼل ﺧﻤﺴﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ واﺳﺘﻤﺮت ﺑﻌﺪﻫﺎ ووﺟﺪت إﻟﻬﺎﻣﺎﺗﻬﺎ ﻓـﻲ ﺗـﻠـﻚ اﻟﺼﻮر واﻟﺘﻨﺎﺣﺎت اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .ﻓﻠﻌﺒﺖ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت واﻷﺷﻴﺎء ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ً اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع واﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮي واﻓﺮ وﻏﻴﺮﻫﺎ دوراً
465
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻨﺎﻧﻲ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ،وﻣﻦ أﺷﻬﺮﻫﻢ ﻣﺜﻼً اﻧﺪي وارﻫﻮل A. Warholوﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺘﻪ اﻟﺘﻲ رﺳﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻮرة اCﻤﺜﻠﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﺎرﻟ tﻣﻮﻧﺮو ﺛﻢ ﻛﺮرﻫﺎ ﺧﻤﺴﺎ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮة داﺧﻞ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻧـﻔـﺴـﻬـﺎ .وﻗـﺪ رﺳﻢ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن أﻳﻀﺎً ﺟﺎﻛﻠ tﻛﻨﻴﺪي واﻟﻔﻴﺲ ﺑﺮﻳﺴﻠﻲ وﻗﻨﻴﻨﺔ اﻟﻜﻮﻛﺎﻛﻮﻻ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻊ ﲢﻜﻢ ﺧﺎص ﻓﻲ درﺟﺎت اﻟﻠﻮن واﻟﻈﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ. ) (٥ازدﻫﺮ أﺳﻠﻮب اﻟﺒﺎروك ﻓﻲ روﻣﺎ ﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ ﺛﻢ اﺳﺘﻤﺮ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘـﻔـﺎوﺗـﺔ ﻋﺒﺮ أوروﺑﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ،وﺟﺎءت ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻹﻳﻄـﺎﻟـﻴـﺔ barocco اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺸﻲء اﻟﻐﺮﻳﺐ أو اCﺒﻬﺮج أو اﻟﺰﺧﺮﻓﻲ وﻳﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ أو اﻟﻨﺤﺖ أو اﻟﻌﻤﺎرة ﺑﺎﺟﺘﺬاﺑﻪ ﻻﻫﺘﻤﺎم اCﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻄﻮﻃﻪ وأﻟﻮاﻧﻪ وأﺷﻜﺎﻟﻪ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﻮﻓﺮة واﻟﻀﺨﺎﻣﺔ واﳊﻴﻮﻳﺔ واﳊﺮﻛﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ .وﻗﺪ § رﺳﻢ ﺻـﻮر اﻟـﻘـﺪﻳـﺴـ tأو ﻏـﻴـﺮﻫـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﺸـﺨـﺼـﻴـﺎت ﻓـﻲ ﻣﻼﺑﺲ ﻓﻀﻔﺎﺿﺔ ﻣﺘﻤﺎوﺟﺔ ﻣﻨﺘﻔﺨﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﻠﻮﻫﻢ ﺳﺤﺐ ﻛﺜﻴﻔﺔ ﻗﺪ ﺑﺮز ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻼﺋـﻜـﺔ ﺻـﻐـﺎر ﻛﺎﻷﻃﻔﺎل اﻷﺑﺮﻳﺎء ،و§ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ وﲡﺴﻴﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﻦ اCﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أو اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻘﺪ ﺔ و ﺖ ﻣﻌﺎﳉﺘﻬﺎ ﻓﻨـﻴـﺎً ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﺳﻠﻮب اﻷداب أو اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ،وﻣﻦ اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـ tاﻟـﺬﻳـﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن ﻟﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﳒﺪ :ﺑﺮﻧﻴﻨﻲ وﻛﺎراﻓﺎﺟﻴﻮ ورﻣﺒﺮاﻧﺖ وروﺑﺘﺮ وﻓﻴﻼ ﺳﻜﻴﺖ وﻏﻴﺮﻫﻢ. (6) Salso, R.L. (1996). Cognition and the visual Arts. London: The Bradford book, 116. (7) Crozier, W.R. & Chapman, A. (1984). Cognitive processes in the perception of Art. North. Hollan: Elsevier science publishers, 14. (8) Pratt, F. (1984) Theoretical Framework of Thinking about depiction. In: Crozier & Chapman (eds), op. cit, 97-110. (9) Dowling. D.J. (1984). Development of musical schemeta in children’s spontaneous singing. In Crozier & chapman, op. Cit, 145-166. (10) Purcell, R.D. (1984). The Aesthetic Experience and Mundane reality. In: Crozier & Chapman, op.cit, 189-210. (11) Gibsen, J.J. (1971) The information available in pictures. Leonardo, 4,27-35. (12) Goodman, N. (1976). Languages of Art: an approach to a theory of symbols. Indianapolis: Hachett publishing company. (13) Vitz, p. (1988) Analog Art and Digital Art: A brain Hemisphere Critique of Modern painting. In: F.H. Farley & R.W. Neperud (eds.) The Foundations of Aesthetics, Art & Education . N.Y: Prager, 43-68. ) (١٤ﻓﻲ اﳊﺪ اﻷدﻧﻰ :Minimal Artاﲡﺎه ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻨﺤﺖ ﺗﻄﻮر أﺳﺎﺳﺎ ﻓﻲ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اCﺘﺤﺪة ﺧﻼل ﺳﺘﻴﻨﺎت وﺳﺒﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .وﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ اﺳﻢ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه اﻟﻔﻨﻲ ﻓﺈن أﺻﺤﺎﺑﻪ ﻳﻠﺠﺄون إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﳊﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟـﻌـﻨـﺎﺻـﺮ اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ واﻟـﺘـﻲ ﻏـﺎﻟـﺒـﺎً ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﲡﺮﻳـﺪﻳـﺔ ـﺎﻣـﺎً ﻛﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﳊﺮوف واﻷرﻗﺎم وﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ زﺧﺮﻓﺔ اﻟﺴﻄﺢ أو اﻹ ﺎءات اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ،وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﻣﻮﻧﻮاﻛﺮاﻣﻴﺔ أو أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﻠﻮن ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اCﺼﻔﻮﻓﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ .أﻣﺎ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻨﺤﺘﻴﺔ ﻓﻴﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ اCﻮاد واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻛﺎﳊﺪﻳﺪ واﻟﺼﻠﺐ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اCﻌﺎدن ﻹﻧﺘﺎج أﺷﻜﺎل ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ .و ﻴـﻞ اﻟﺒﻌﺾ إﻟﻰ اﻋﺘﺒﺎر ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ aﺜﺎﺑﺔ رد اﻟﻔﻌﻞ ﲡﺎه اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ أو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اCﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻻﲡﺎه اﻟﺘﻌﺒﻴﺮي اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي اﻟﺬي ﺳﺎد اﻟﻔﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ.
466
اﻟﻬﻮاﻣﺶ اﻟﻔﻦ اCﻔﻬﻮﻣﻲ أو اﻟـﺘـﺼـﻮري :Conceptual Artﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻦ ﻳﻜﻮن اCﻔﻬـﻮم اﻟـﺬي ﻳـﻮﺟـﺪﺧﻠﻒ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻟﻴﺲ اﻷﺳﻠﻮب أو اﻟﺘﻜﺘﻴﻚ اﻟﺬي § ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻌـﻤـﻞ ﻣـﻦ ﺧـﻼﻟـﻪ ﻫـﻮ اCـﻬـﻢ .وﻗـﺪ أﺻﺒﺢ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه واﺿﺢ اﳊﻀﻮر ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اCﻌﺎﺻﺮ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸـﺮﻳـﻦ .واﻷﻓـﻜـﺎر أو اCﻔﺎﻫﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل أﺻﺤﺎب ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﻜﻦ ﺗـﻮﺻـﻴـﻠـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺧـﻼل رﺳـﺎﺋـﻞ ﻋـﺪﻳـﺪة ﻛـﺎﻟـﻨـﺼـﻮص اCﻜﺘﻮﺑﺔ واﳋﺮاﺋﻂ واﳉﺪاول وأﻓﻼم اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ واﻟﺼﻮر اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ وأﻳﻀﺎً اﻷداء اﳊﺮﻛﻲ اﻟﻔﻌﻠﻲ وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اCﻨﻈﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اCﻮﺟﻮد ﻓﻌﻼً ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ أﺣﺪ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ً ﺑﻌﺾ ﻟﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﺎن رﻳﺘﺸﺎرد ﻟﻮﱋ أو ﺑﻌﺾ ﺎﺛﻴﻞ »ﻛﺮﻳﺴﻨﻮ« اCﺴﻤﺎة اCﻨﻮﺗﺎت اﻟﺒﻴﺌـﻴـﺔ .وﺗـﺮﺗـﺒـﻂ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اCﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻔـﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ودراﺳﺎت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﳊﺮﻛﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻨﺸﻄﺔ. ) (١٥اﻟﻜﻨﻴﺶ :Kitschﻛﻠﻤﺔ أCﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ »ﻧﻔﺎﻳﺔ« أو ﺳﻘﻂ اCﺘﺎع ،وﺗﺸﻴﺮ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ إﻟﻰ اﻻﺑﺘﺬال ﻓﻲ أﻗﺼﻰ درﺟﺎﺗﻪ ،وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﳉﻤﺎل ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺮدﻳﺌﺔ واﺿﺤﺔ اﻟﺰﻳﻒ واﻹدﻋﺎء ،وﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺬوق ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺮداءة ﻓﻲ اﻟﻔـﻦ ،وأﻳـﻀـﺎً إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺮﺧـﻴـﺼـﺔ واCﺒﺘﺬﻟﺔ ،وإﻟﻰ اCﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام واﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬـﺎ ﻹﺛـﺎرة اﻟـﻐـﺮاﺋـﺰ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اCﺒﺎﺷﺮة ،وﺗﺸﻴﻊ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎل اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻣﻴﻼن ﻛﻮﻧﺪﻳﺮا وﺑﻌﺪ ﺗﺮﺟﻤﺔ أﻋﻤﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪأ ﺑﻌﺾ اCﺜﻘﻔ tاﻟﻌﺮب ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻵن ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ. ) (١٦اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ أو اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ اﻟﻔﻮﺗﻮرﻳﺎﻟﻴﺰم :photo realismأﺳﻠﻮب ﻳﺤﺎول اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن اCﺼﻮرون ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻘﻄﻬﺎ اﻟﻜﺎﻣـﻴـﺮا ﻣـﻊ ﲢـﻜـﻢ ﺧـﺎص ﻓـﻲ أ ـﺎط اﻟـﻀـﻮء واﻟـﻌـﺘـﻤـﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮات ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ورﻣﺰﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. (17) Martindale, C. (1988). Aesthetics, psychobiology, and Cognition. In: F. Farley & R. Neperud, op.cit, 7-42.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ (1) Kenble, G. A et al. (1980) principles of General psychology. N.Y.: John Wiley & Sons, 283. (2) Voss, H.& Keller, H. (1983). Cursiosity and Exploration: Theories and Rsults. N.Y: Academic press, 17. ) (٣ﻣﻴﻠﻠﺮ ،ﺳﻮزاﻧﺎ ) (١٩٨٧ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻠﻌﺐ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﺣـﺴـﻦ أﺣـﻤـﺪ ﻋـﻴـﺴـﻰ( ،اﻟـﻜـﻮﻳـﺖ :اﺠﻤﻟـﻠـﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟـﻌـﺪد .١٢٠ ) (٤اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٢٢ : ) (٥اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٢٣ : ) (٦اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٢٣ : ) (٧إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ،ﻋﻤﺎد اﻟﺪﻳﻦ ) ،(١٩٨٦اﻷﻃﻔﺎل ﻣﺮآة اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ )اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻄـﻔـﻞ ﻓـﻲ ﺳﻨﻮاﺗﻪ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ( ،اﻟﻜﻮﻳﺖ :اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﻌﺪد .٣١٢-٣٠٩ ، ٩٩ (8) Berlyne, D.E. Conflict, arausal, and Curiosity. N.Y: Mc Graw, Hill Book Company. ) (٩ﺳﺎرﺗﻮن ،ﺟﻮرج ) ،(١٩٦١ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻠﻢ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة )ﺗﺮﺟﻤﺔ :إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ( .اﻟﻘﺎﻫﺮة:
467
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ .١٩٤ ،دار اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ (10) Piaget, J. (1977). The role of Action in the Development of thinking In: W.F.overton & J.M. Gallapher (eds.) Knowledge & Development, Vol: I. N.Y.: Plenum press. (11) Huges, M. (1983). Exploratory play in young children, In: Archer & Brike, Ibid, 230-244. (12) Singer, D.G. & Singer, P.J. (1990). The House - of make - believe: play and the Developing imagination. Cambridge. Harvard univ. press, 88. (13) Sluckin, N. et al. (1983). Novelty and Human Aesthetic activity. In: J. Archer & L. Brike, (eds) Exploration in animal and Humans London. Van Nostrand. Op. cit, 245-266. (14) Rogers, (1973) C. Towards a Theory of creativity In: P.E. Vernon (ed.) Creativity. London: Renguin Books, 137-152. (15) Gardner, H. (1994). The Arts and Human Development N.Y.: Basic Books, 223. ﺑﻐﺪاد ﻣﻨﺸﻮرات وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ إدراك اﻟﻠﻮن واﻟﺸﻜﻞ،(١٩٨٢) t ﻗﺎﺳﻢ ﺣﺴ،( ﺻﺎﻟﺢ١٦) .١٠٩-١٠٨ ،واﻹﻋــﻼم . ﻧﻔﺲ اﻟﺼﻔﺤﺎت،ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا١٧) (18) Funch, B.S. (1997) . The psychology of Art Appreciation. Copenhagen, Museum Tusculanum press, 33. (19) Gardner, op. cit, 224-233. ﻣﺼﺮري ﻋﺒﺪاﳊﻤـﻴـﺪ: ﻓﻲ، اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل،(١٩٨٥) ﻣﺼﺮي ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ،( ﺣﻨﻮرة٢٠) .١٣٠-١٠٧ ،ﻌﺎرفC دار ا: اﻟﻘﺎﻫﺮة، ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ،ﺣﻨﻮرة (21) Funch, op. cit, 92-98. دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻠﻐﻮي وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ ﻓﻲ:ﻮﺳﻴﻘﻰC( ﻟﻐﺔ ا١٩٨٨) آﻣﺎل أﺣﻤﺪ ﻣﺨﺘﺎر،( ﺻﺎدق٢٢) .١٧٦ ،ﻌﻠـﻮﻣـﺎتC ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وا: اﻟﻘﺎﻫﺮة.ﻮﺳﻴﻘﻰCﻣﺠﺎل ا .١٧٧ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا٢٣) (24) Gardner, op. cit, 188. (25) Ibid, 196-197. (26) Ibid, 197. (27) Russell, P. (1997). Musical Tastes and society. In: D.J. Hargreavs & A.C. North (eds). The social psychology of music. Oxford: Oxford univ. press, 114-158. (28) Gardner, op. cit, 195-198. (29) Evans, D. (1992) Aesthetic Development: A psychological Viewpoint. In: M. Ross (ed.) Development of Aesthetic Experience. N.Y: Pergamon. (30) Gardner, op. cit, 200. (31) Ibid, 202. (32) Ibid, 202-203. (33) Ibid, 203. (34) Ibid, 211.
468
اﻟﻬﻮاﻣﺶ
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ
) (١ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ ﺷﺎﻛﺮ )» .(١٩٨٧اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟـﺘـﺼـﻮﻳـﺮ« اﻟـﻜـﻮﻳـﺖ :اﺠﻤﻟـﻠـﺲ اﻟـﻮﻃـﻨـﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﻌﺪد ،١٠٩ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ. (2) Read, H. (1963) The meaning of Art. London: Penguin Books, 37. ](3) Encyclopedia Britanica (1998), CD 99: Multimedia edition (Ver. 99.0.0.0) [Computer Software Chicago: Encyclopedia Britanica, Inc. (4) Metalions, N. (1996). Television Aesthetics: perceptual, Cognitive and Compositional Bases, N. J: Lawrence Erlbaum Associates, 2-6. (5) Britanica, op. cit. ) (٦ﺑﻬﻨﺴﻲ ،ﻋﻔﻴﻒ ) (١٩٧٩ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﻜﻮﻳﺖ :اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب، ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﻌﺪد .١٢٤-١٢١ ، ١٤ (7) Arnheim, R. (1966). The gestalt theov of expression. In: R. Asnheim; Toward A Psychology of Art. Berkeley: uni. of California press, 51-73. ) (٨ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ ،ﺷﺎﻛﺮ ) .(١٩٩٧اCﻔﺮدات اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ،دﻻﻻت ورﻣﻮز ،اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻘﺼﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻧﻘﻮش اﻟﻌﺪد ).(٦ (9) Arnheim, R. (1974) Art and Visual pereption: a psychology of the creative eye. Berkely: univ. of California. Press 65. (10) Britanica, op. cit. ) (١١ﻛﻮﺑﻠﺮ ،ﻧﺎﺛﺎن ) .(١٩٨٧ﺣﻮار اﻟﺮؤﻳﺔ :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﺗﺬوق اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻓﺨﺮي ﺧﻠﻴﻞ( .ﺑﻐﺪاد :دار اCﺄﻣﻮن. ) (١٢ﺟﻴﺮوﻧﻴﻢ ﺑﻮش :ﻓﻨﺎن ﻫﻮﻟﻨﺪي ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ ﻗﺎم ﺑﺮﺳﻢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اCﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻣﺜﻮﻻت واﻷﻣﺜﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻮر ﻣﺤﺎﻛـﺎة اﻹﻧـﺴـﺎن وﻳـﻌـﺘـﺒـﺮه اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮون وأﻳﻀﺎ ﻟﻠﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ،أﻣﺎ ﺑﺮوﺟﻞ ﻓﻬﻮ ﻓﻨﺎن ﻫﻮﻟﻨﺪي ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ً اﻟﺮاﺋﺪ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻼﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ ﻋﺸﺮ أﻳﻀﺎً ورﺳﻢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻛﺤﻔﻼت زﻓﺎف اﻟﻔﻼﺣ tﻣﺜﻼً ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪاً ﻓﻲ زﻣﻨﻪ ﻣﻦ رﺳﻢ وﺗﺼﻮﻳﺮ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. ) (١٣ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ ،ﺷﺎﻛﺮ ،اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ.١٨١-١٨٠ ، ) (١٤ﺻﺎﻟﺢ ،ﻗﺎﺳﻢ ﺣﺴ .(١٩٨٢) tﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ إدراك اﻟﻠﻮن واﻟﺸﻜﻞ ،ﺑﻐﺪاد :ﻣﻨﺸﻮرات وزارة اﻟﺜﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم.٦٣-٦٢ ، (15) Metalinos, op.cit.24. ) (١٦ﻛﻮﺑﻠﺮ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ.١٤٩ ، (17) Tony, A. (1966). Creative Painting and Drawing. N.Y: Dover Publications, Inc, 197. (18) Tony, op.cit, 171-172. (19) Salso, R. (1996). Cognition and the visual arts. London: Bradford Books, 25. (20) Ibid, 135-137. (21) Nodine, C.F. et. al., (1993) role of formal training on perception and Aesthetic Judgement of art composion, Leonardo, 26,219-227.
469
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ (22) Ibid. (23) Ibid. (24) Salso, ap. cit, 137. (25) Nodine, ap.cit. دار: ﺑـﻐـﺪاد.( ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒـﺪاﳊـﻤـﻴـﺪ: ﺑﺪاﻳﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﳊﺪﻳﺚ )ﺗﺮﺟﻤﺔ.(١٩٨٧) .م. و،( أوﻧﻴﻞ٢٦) . اﻟﻔﺼﻞ اﻷول،اﻟﺸﺌﻮن اﻟﻌﺎﻣﺔ (27) Samuels, M. & Samuels, N. (1982). Seeing with the Mind’s Eye: The History, uses, and Techniques of Visualiztion. N.Y:A Random House, 242-5. (28) Marks, L.E. (1984) synesthesia and the Arts. In: W.R. crozien & A.J.chapman. (eds.) Cognitime Procersein the percoption of Art North. Halland: Elsevier. Pulilishers, 427-436. . اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ، اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ، ﺷﺎﻛﺮ،( ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ٢٩) . ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا٣٠) (31) Russell, (1984) The meaning of Moders art, N.Y: Rautledge & Kegan Paul. (32) Eysenck, H.J. (1988) Pesonality and Scientific Aesthetics. In: F.H. Farley & R.W. Nepend (eds). & Art Education: N.Y. Praeger, 117-160. (33) Ibid. (34) Ibid. (35) Ibid. (36) Funch, ap. cit, 24. (37) Ibid. (38) Krietler, H & Krietler. S (1972) Psychology of the arts: Durham, N.C.: Duke univ. press, 75. (39) Portenus, J.P (1996). Environebatal. Aerthetics: idea. Politics and plannoing. London: Routledge. (40) Eysenck. H.J. (1981) Aerthetic prefesences. And indiuidual Differences. In: D.O’Have (ed.) psychology and the arts. N.J: the Haruester press, 76-101. (41) Ibid. (42) A. Souif, M.I & Eysenck, H.J (1971), Cultural differences in aesthetic preferences; International Journal of psychology, factors in the determination of preference Judgements for polygon figures: An experimental study. International Journal of psychology, 7.145-53. (43) Eyxsenck, H.J & Iwawki, s. (1971) Cultural relativity in aesthetic Judgements, An empirical study, Perceptual and Motor skills, 32 817-8. ﻜﻮن اﻟـﺴـﻴـﻜـﻮﻟـﻮﺟـﻲ أو اﻟـﻘـﺪرة أوC( ﻳﺸﻴﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ إﻟﻰ ا٤٤) وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟـﺬﻛـﺎء اﻟـﻌـﺎم ﻣـﺜـﻼً ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره.اﻟﺴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس أو ﻛﻠﻬﻢ (ًﻋﺎﻣﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻋﺎﻣﻞ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺪرات اﳋﺎﺻﺔ )اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﳊﺴﺎﺑﻴﺔ ﻣﺜﻼ ً ً ﻋﺎﻣﻼ .ﻟﺪى اﻟﻔﺮد ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ وأﻳﻀﺎً إﻟﻰ ﻋﺎﻣﻞ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ (45) Eysenck, 1981, op.cit.
470
اﻟﻬﻮاﻣﺶ (46) Barton, F. & Welsh, G. (1952) Artistic perception as a possible factor in personality style: its measurement by “Figure preference Test” To Journal of psychology, 33, 199-203. (47) Baron, F. (1953) “Complexity - Simplicity as personality Dimension”, Journal of Abnornal and social psychology, 48,163-172. (48) Crozier, W.R. & Chapman, A. (1981). Prestige and social class. In: D. O’Have (ed). Prestige and social the arts. N.J: The Harvester press, 242-278. (49) Ibid, 242. (50) Ibid. (51) Crozer & Chapman, op.cit, 261. (52) Ibid. (53) Nodine, etal., op. cit. (54) Wypijewiski, J.ed, (1998). Painting by Numbers, Komar and Melamid Scientific Guide to Art Berkeley: univ. of California press. اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﻮن ﻻ ﻳﻔﻀﻠﻮن »اﳋﺮوف اﺨﻤﻟﻠﻞ« ﺟﺮﻳﺪة اﳊـﻴـﺎة.(١٩٩٩) ﻏﺎﻟﻴﺔ،( ﻗﺒﺎﻧﻲ٥٥) .١٩٩٩ ﻳﻨﺎﻳﺮ١٣ ﺑﺘﺎرﻳﺦ،اﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ (1) Abeles, H. F. et. al, (1984). Foundations of Music Education. London: Collier Macmillan publishers, 104-105. (2) Ibid. دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻠﻐﻮي وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ ﻓﻲ:ﻮﺳﻴﻘﻰC ﻟﻐﺔ ا.(١٩٨٨) آﻣﺎل أﺣﻤﺪ ﻣﺨﺘﺎر،( ﺻﺎدق٣) .٢٧ ،ﻌﻠﻮﻣﺎتC ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وا: اﻟﻘﺎﻫﺮة.ﻮﺳﻴﻘﻰCﻣﺠﺎل ا (4) Zettl, H. (1999), Sight, Sound, Motion: Applied Media Aesthetics. N.Y: Wadsworth publishing company, 328. (5) Ibid. (6) Ibid, 329-330. .٨٣ ، ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣـﺼـﺮ: اﻟﻘﺎﻫﺮة. ذﻛﺮﻳﺎت ودراﺳﺎت،ﻮﺳﻴﻘﻰC( ﻣﻊ ا١٩٩١) ﻓﺆاد،( زﻛﺮﻳﺎ٧) .٢١ ، ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣـﺼـﺮ: اﻟﻘﺎﻫﺮة، اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ،ﻮﺳﻴﻘﻲC اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ا.(١٩٨٠) ﻓﺆاد،( زﻛﺮﻳﺎ٨) .٢٢ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC ا، ﻓﺆاد،( زﻛﺮﻳﺎ٩) .٢٣-٢٢ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC( ا١٠) .٢٤ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا١١) (12) Gourdain, (1997). Music, The Brain, and Ecstasy: How Music Captures our Imagination. N.Y.: Avon Books, Inc, 122. (13) Ibid. (14) Ibid, 123-124. .٨٠-٧٩ ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ،ﻮﺳﻴﻘﻲC اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ا، ﻓﺆاد،( زﻛﺮﻳﺎ١٥)
471
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ) (١٦اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٨٠ ، ) (١٧زﻛﺮﻳﺎ ،ﻓﺆاد ،ﻣﻊ اCﻮﺳﻴﻘﻰ :ذﻛﺮﻳﺎت ودراﺳﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ.٨٠ ، (18) Zettl, op. cit., 337. ) (١٩ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎCﻘـﺎﻣـﻴـﺔ Tonalityﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ ،ﻓﻲ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺒـﺪأ ﺗـﻨـﻈـﻴـﻢ اCـﺆﻟـﻔـﺎت اCﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺣﻮل ﻧﻐﻤﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ أو أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻜﻮن ﻫﻲ اﻷﺳﺎس ﻟﻠﻌﻤﻞ اCﻮﺳﻴﻘﻲ .وﺗﺸﻴﺮ اCﻘﺎﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﻧﻈﺎم ﺧﺎص ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ tاﻟﻨﻐﻤﺎت واﻟﺘﺎﻟﻔﺎت اﻟﻨﻐﻤﻴﺔ وﻣﻔﺘﺎح اﻟﺴﻠﻢ اCﻮﺳﻴﻘﻲ. ) (٢٠وﻳﻠﺴﻮن ،ﺟﻠ tﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻨﻮن اﻷداء )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ( اﻟﻜﻮﻳﺖ :اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،ﻋﺪد ﻳﻮﻧـﻴـﻪ .٢٠٠٠ ) (٢١زﻛﺮﻳﺎ ،ﻓﺆاد ،اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ.٢١ ، ) (٢٢اﻟﺴﻴﺴﻲ ،ﻳﻮﺳﻒ ) .(١٩٨١دﻋﻮة إﻟﻰ اCﻮﺳﻴﻘﻰ .اﻟﻜﻮﻳﺖ :اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟـﻮﻃـﻨـﻲ ﻟـﻠـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ واﻟـﻔـﻨـﻮن واﻵداب ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟـﻌـﺪد .٢١ ، ٤٦ ) (٢٣اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .٢٢-٢١ ) (٢٤اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.٣١٩ ، )(25) Russell, P.A. (1997). Musical tastes and society. In: D.J. Hargraves & A. C. North (eds. The social psychology of Music. Oxford: Oxford University press, 141-158. & (26) Hargreaves, D.J. & North, A.C., eds (1997). The social psychology of Music, In: Hargreaves North, op.cit., 8. (27) Ibid, 9. (28) Child, I. L. Esthetics. M: G: Lindzey & E Aronson (eds.). Handbook of social psychology. Mass: Addison, 1969, 953-916. (29) Ibid, 860-1. (30) Ibid. (31) Gordain, op. cit, 318-319. (32) Pinker, s. (1997). How the Mind works. N.Y: Norton & Company, 534. (33) Ibid. (34) Gordain, op. cit, 320. (35) Ibid. (36) Kemp, A.E (1997). Individual differences in musical behavior. In: Hargreaues & North, (des), op.cit, 27-45. (37) Ibid. (38) Ibid. (39) Ibid. (40) Ibid. (41) Ibid. ) (٤٢زﻛﺮﻳﺎ ،ﻓﺆاد اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ.٣٨-٣٧ ، (43) Goldson, R. (1984). Longman’s Dictionary of psychology. N.Y: longman. (44) Kemp. op.cit.
472
اﻟﻬﻮاﻣﺶ (45) Ibid. (46) O’Neil, S.A. (1997). Gender and Music In: Hargreaves & North (eds), op. at, 46-363. (47) Ibid. (48) North, A.C. & Hargreaves, D.J. (1997). Experimental aesthetics and everyday music listening. In: Hargreaves & North (eds), op.cit, 85-103. (49) Ibid. (50) Ibid. ) (٥١زﻛﺮﻳﺎ ،ﻓﺆاد ،ﻣﻊ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ.١٢٥ ، ) (٥٢زﻛﺮﻳﺎ ،ﻓﺆاد ،اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اCﻮﺳﻴﻘﻲ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ.٧٤ ، ) (٥٣ﻛﻮﺑﻦ ،ﺟﺎن ) (١٩٨٥ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :أﺣﻤﺪ دروﻳﺲ( اﻟﻘﺎﻫﺮة :ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺰﻫﺮاء. (54) Russell, op. cit. (55) Ibid. (56) Ibid. (57) Ibid. (58) Ibid. (59) Ibid.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﺷﺮ (1) Frye, N. etial. (1985) The Harper Handbook of literature. N.Y: Harper & Rqw. (2) Ducrot, O. & Todorov. T. (1979). Encyclopedic Dictionary of the science of language. Oxford: Blackwell Reference. ) (٣ﻣﻦ ﺧﻼل اCﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺳﻤﻴﺮ اﳊﺎج ﺷﺎﻫ (١٩٨٢) tﻟﺘﺮﺟﻤﺘﻪ ﻟﻜﺘﺎب »أﻧﺎﺷﻴﺪ ﻣﺎﻟﺪرو« ل »ﻟﻮﺗﺮﻳﺎﻣﻮن«. ﺑﻴﺮوت :اCﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﻨﺸﺮ. (4) Frye. Et. al., op. cit. (5) Ibid. ) (٦ﺷﻜﻠﻮﻓﺴﻜﻲ ،ﻓﻴﻜﺘﻮر ) .(١٩٨٢ﺑﻨﺎء اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة واﻟﺮواﻳﺔ .ﻓﻲ ﻛﺘﺎب :ﻧﻈﺮﻳﺔ اCﻨﻬﺞ اﻟﺸﻜﻠﻲ، ﻧﺼﻮص اﻟﺸﻜﻼﻧﻴ tاﻟﺮوس )ﺗﺮﺟﻤﺔ :إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﳋﻄﻴﺐ( .ﺑـﻴـﺮوت .١٢٢ ) (٧ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ ،ﺷﺎﻛﺮ ) .(١٩٩٢اﻷﺳﺲ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻺﺑـﺪاع اﻟـﻔـﻨـﻲ ﻓـﻲ اﻟـﻘـﺼـﺔ اﻟـﻘـﺼـﻴـﺮة ﺧـﺎﺻـﺔ. اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻬﻴﺌﺔ اCﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﻜـﺘـﺎب.٣٠ ، ) (٨اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٣١-٣٠ ، ) (٩أوﻛﻮﻧﻮر ،ﻓﺮاﻧﻚ ) .(١٩٦٩اﻟﺼﻮت اCﺘﻔﺮد ،ﻣﻘﺎﻻت ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ(. اﻟﻘﺎﻫﺮة :دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨـﺸـﺮ.٢١ ، ) (١٠ﺣﻤﺎدة ،إﺑﺮاﻫﻴﻢ ) .(١٩٨٥ﻣﻌﺠﻢ اCﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺪراﻣﻴﺔ واCﺴﺮﺣﻴﺔ .اﻟﻘﺎﻫﺮة :دار اCﻌﺎرف. (11) Sas, L. (1994). Psychoanalyses, Romanticism, and the Nature of Aesthetic consciousness-with Reflection son Modernism and Postmodernism In: Franklin, M. & Kaplan, B. eds (1994).
473
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ Development and the Arts: critical perspectives. N.J: Lawrence Erlbaum Associates, publishers, 38. (12) Ibid., 39. (13) Ibid. (14) Ibid, 40. (15) Ibid. (16) Ibid. (17) Ibid, 41. (18) Ibid, 42. (19) Ibid. ) (٢٠ﻫﺎوزر ،أرﻧﻮﻟﺪ ) . (١٩٦٨ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻦ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :رﻣﺰي ﻋﺒﺪه ﺟﺮﺟﺲ( .اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻬـﻴـﺌـﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺐ واﻷﺟﻬﺰة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ.١٠١ ، (21) Sas, op.cit. (22) Leger, F. (1975). The Functions of paintings London: Thames and Hudsen, 119. ) (٢٣أوﻧﻴﻞ ،و.م ) .(١٩٨٧ﺑﺪاﻳﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﳊﺪﻳﺚ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﺷـﺎﻛـﺮ ﻋـﺒـﺪاﳊـﻤـﻴـﺪ( .ﺑـﻐـﺪاد :دار اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.٨٣ ، (24) Panofsky, E (1955). Meaning in the visual arts: papers in and on art history. N.Y: Doubleday, 15. (25) Izer, W. (1978) The Act of Reading: Atheory of Aesthetic response. London: The john Hopkins univ. press, 21. (26) Spitz, E.H (1985). Art. and Aesthetics. New haven, Yale university press 99. (27) Ibid. ) (٢٨اCﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ :Futurismأﺳﻠﻮب ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺎم .١٩١٠ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻌﻴﺒﻴﺔ وﻣﻜﺲ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ واﳊﺮﻛﺔ وﻋﺼﺮ اﻵﻟﺔ ودﻳﻨﺎﻣﻴﺔ وﻧﺸﺎط اﳊﻴﺎة اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ وﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﺜﻠﻴﻪ اﻟﻔﻨﺎن اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﻣﺎرﻳﻨﻴﻴﺘﻲ. ) (٢٩اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ :Abstract Expressionismأﺳﻠﻮب ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻇﻬﺮ أﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اCﺘﺤﺪة ﺧﻼل أرﺑﻌﻴﻨﺎت وﺧﻤﺴﻴﻨﺎت وﺳﺘﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻳﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻟﻠﻮﺣﺔ وإﻃﻼق اﳊﺮﻳﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻌﻀﻠﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎن ﻻن ﺗﻘﻮم ﺑﻀﺮﺑﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﺑﺎﻟﻔﺮﺷﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮﺣﺔ وﻛﺎن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺮﺳﻢ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ أو إﻟﻐﺎء اﻷﻟﻮان ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻗﻤﺎﺷـﺔ ﻟـﻠـﺮﺳـﻢ .وﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ ﻛـﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻫﺬه اCﺪرﺳﺔ ﲡﺮﻳﺪﻳﺔ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎل وﻟﻴﻢ دي ﻛـﻮﻧـﻨـﺞ ﻣـﺜـﻼً( وﻻ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎل ﻣﺎرك روﺗﻜﻮ ﻣـﺜـﻼً( ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون ﻋﻤـﻮﻣـﺎً أن اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘـﻲ ﻳﻘﺘﺮب ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﻃﻼق ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻟﺪﻳﻪ ،وﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻓﻨﺎﻧﻲ ﻫﺬه اCﺪرﺳﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ »دي ﻛﻮﻧﻨﺞ« و »روﺗﻜﻮ« ﳒﺪ ﺟﺎﻛﺴﻮن ﺑﻮﻟﻮك وﻧﻴﻮﻣﺎن و»ﻣﺎذروﻳﻞ« وﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻛﺬﻟﻚ اﻷﺳﻠﻮب اCﺴﻤﻰ ﻟﻮﺣﺔ اﻟﻔﻌﻞ أو اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻨﺸﺎﻃﻲ ”Action” Painting ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﻌﻨﻰ وﻣﺤﺘﻮى اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺸﺎط اCﻮﺟﻮد ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﻨﺎﲡﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﺮﺑﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻔﺮﺷﺎة ،وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺻﺒﺎغ اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ اCﺮﺷﻮﺷﺔ أو اCﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺑﻘﻊ أو ﻟﻄﺨﺎت أو ﻗﻄﺮات ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻠﻮﺣﺔ. (30) Spitz, op. cit., 100.
474
اﻟﻬﻮاﻣﺶ دار اﻟﻔﻜﺮ: اﻟﻘﺎﻫﺮة.( ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺼﻔﻮر:ﻌﺎﺻﺮة )ﺗﺮﺟﻤﺔC اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ا.(١٩٩١) راﻣﺎن،( ﺳﻠﺪن٣١) . ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ،ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ (32) Ehrenzweig, A.A (1963). New Psychoanalytic Approach to Aesthetic. In: J. Hogg (ed). Psychology and visual Arts. London: penguin Books. (33) Spitz, op.cit, 100. (34) Ibid, 101. (35) Child. I.L. esthetics. In: G. Lindzesy & E. Aronson, eds, op. cit. (36) Ibid. ﻓﺒﺮاﻳﺮ١٠ ﺑﺘﺎرﻳﺦ، ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺒﻴﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ. ﺑﺪوي وﺻﺎﺣﺒﻪ رﻳﺘﺸﺎردز.(١٩٩٩) ﺟﺎﺑﺮ،( ﻋﺼﻔﻮر٣٧) .١٩٩٩ (38) Downey, J. (1915) Emotional poetry And the preference Judgement. Psychological Review, 22, 259-278. (39) Burt, C. (1960). The General Aesthetic factor, III. British Journal of psychology, 13, 90-92. (40) Eysenck, H.J. (1941). Type-Factors in Aesthetic Judgement. British Journal of psychology, 31,262-270. (41) Lindauer, M. (1974). The psychological study of literature: limitations, possibilities, and accomplishmens. Chicago: Nelson-Hall, 16-1-2. إﻧـﺘـﺮﻧـﺎﺳـﻴـﻮﻧـﺎل: اﻟﻘﺎﻫﺮة. ﻣﺒﺎد ﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻌﺮﺑﻲ: اﻟﻠﻐﺔ واﻹﺑﺪاع.(١٩٨٨) ﺷﻜﺮي،( ﻋﻴﺎد٤٣) .٨٥-٧٨ ،ﺑــﺮس .١٥٥-١٥٤ ، ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺰﻫﺮاء% اﻟﻘﺎﻫﺮة، ﺗﺮﺟﻤﺔ أﺣﻤﺪ دروﻳﺶ،( ﺑﻨﺎء ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ١٩٨٥) ﺟﺎن،( ﻛﻮﻳﻦ٤٤) (45) Belyne, D.E. (1971). Aesthetics and psychobiology. N.Y: Appleton-century crofts. (46) Martindale, C. (1992). Uncovering the laws of literary history. In: G. Cupchik & J. lazlo (eds). Emerging visions of the Aesthetic process; psychology, semiology, and philosophy. N.Y: combridge univ. press, 244-254.
اﻟﻔﺼﻞ اﳊﺎدي ﻋﺸﺮ
: ﺷـﺎﻛـﺮ ﻋـﺒـﺪاﳊـﻤـﻴـﺪ( اﻟـﻜـﻮﻳـﺖ: )ﺗـﺮﺟـﻤـﺔ، ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻨﻮن اﻷداءt ﺟﻠ، وﻳﻠﺴﻮن:( ﻣﻦ ﺧﻼل١) .٢٠٠٠ ﻋﺪد ﻳﻮﻧـﻴـﻮ،ﻌﺮﻓﺔC ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ ا،اﺠﻤﻟﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب .ﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖC( ا٢) « ﺟـﺮﻳـﺪة »اﻷﻫـﺮام: ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺆال ﻣﻘﻠـﻖ.(١٩٩٩) ﻌﻄﻲC أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪا،( ﺣﺠﺎزي٣) .١٩٩٩ ﺳﺒﺘﻤـﺒـﺮ٢٢ ﺑﺘﺎرﻳﺦ،ﺼﺮﻳﺔCا ( ﺣﻘﻘﻪ ﺷﻜﺮي ﻋﻴﺎد ﻣﻊ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ودراﺳﺔ ﻟﺘﺄﺛﻴﺮه١٩٩٣) ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ:( ;ﻧﺘﺐ أرﺳﻄﻮﻃﺎﻟﻴﺲ٤) .٣٦ ،ﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜـﺘـﺎبC اﻟﻬﻴﺌﺔ ا: اﻟﻘﺎﻫﺮة.ﻓﻲ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .٤٤ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC( ا٥) .٤٨ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC( ا٦) .٥٢ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC( ا٧)
475
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ) (٨اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٦٢ ، ) (٩اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٨٢-٧٠ ، ) (١٠ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺔ :زﻛﻲ ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻤﻮد ﻟﻠﻜﺘﺎب اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ط -ي. ) (١١ﺷﻜﺮي ،ﻋﻴﺎد ،ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ. (12) Oatley, K. & Gholamain, M. (1997). Emotions and identification: Connections between readers and fiction. In: M. Hyort & S. laver (eds), Emotion and the Arts. Oxford: Oxford university press, 231-281. (13) Ibid, 266. (14) Ibid, 267-8. (15) Ibid, 288. (16) Ibid, 269. (17) Tamborini, R. (1966). A Model of Empathy and emotional reactions to Horror. In: J.B. weaver & R. Tamborini (eds), Horror Films: current research on Audience preferences and reactions. N.J: Lawrence erlboum Associates, publishers 103-123. ) (١٨ﺑﻴﻨﺖ ،ﺳﻮزان ) .(١٩٩٥ﺟﻤﻬﻮر اCﺴﺮح :ﻧﺤﻮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺎج واﻟﺘﻠﻘﻲ واCﺴﺮﺣﻴ) tﺗﺮﺟﻤـﺔ: ﺳﺎﻣﺢ ﻓﻜﺮي( .اﻟﻘﺎﻫﺮة :ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻠﻐﺎت واﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺑﺄﻛﺎد ﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن. ) (١٩ﻓﻬﻤﻲ ،ﻓﻮزي ) ،(١٩٩٥ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎب ﺳﻮزان ﺑﻴﻨﺖ ،اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .١٦ ) (٢٠ﺑﻴﻨﺖ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ.٧٦ ، ) (٢١ﻛﺎﻻﻧﺪرا ،دﻳﻨﻴﺲ ) .(١٩٩٥ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻠﻘﻲ واCﺴﺮح )ﺗﺮﺟﻢ :ﺳﺎﻣﺢ ﻓﻜﺮي( ،ﻓﺼـﻮل ، ١٤ ، ١٣ .١٤٨-١٤١ ) (٢٢ﺑﻴﻨﺖ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳـﺎﺑـﻖ.٧٧-٧٦ ، ) (٢٣وﻳﻠﺴﻮن ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ، ) (٢٤اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ. ) (٢٥أﺑﻮ ﺷﺎدي ،ﻋﻠﻲ ) .(١٩٩٦ﻟﻐﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ .اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻬﻴﺌﺔ اCﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜـﺘـﺎب.٥ ، ) (٢٦راﻏﺐ )ﻧﺒﻴﻞ( ) (١٩٩٦اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻔﻨﻲ :اﻟﻘﺎﻫﺮة :ﻟﻮﳒـﻤـﺎن.١٨٥ ، ) (٢٧ﺑﺎزان ،أﻧﺪرﻳﻪ ) (١٩٢٠ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ? اﳉﺰء اﻷول )ﺗﺮﺟﻤـﺔ :ر ـﻮن ﻓـﺮﻧـﺴـﻴـﺲ( .اﻟـﻘـﺎﻫـﺮة: اﻷﳒﻠﻮ اCﺼـﺮﻳـﺔ.١٩٦ ، ) (٢٨ﻟﻮﺛﻤﺎن ،ﻳﻮري ) .(١٩٨٦ﺳﻴﻤﻴﻮﻃﻴﻘﺎ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ )ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻧﺼﺮ أﺑﻮ زﻳﺪ( ﻓﻲ :ﻗﺎﺳﻢ ،ﺳﻴـﺰا ،وأﺑـﻮ زﻳﺪ ،ﻧﺼﺮ )إﺷﺮاف( .أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب واﻟﺜـﻘـﺎﻓـﺔ ،ﻣـﺪﺧـﻞ إﻟـﻰ اﻟـﺴـﻴـﻤـﻴـﻮﻃـﻴـﻘـﺎ. اﻟﻘﺎﻫﺮة :دار إﻟﻴﺎس اﻟﻌﺼـﺮﻳـﺔ.٢٨١-٢٦٥ ، ) (٢٩اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٢٨٠ ، ) (٣٠أﺑﻮ ﺷﺎدي ،ﻋﻠﻲ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ. ) (٣١اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ. ) (٣٢اﻟﺒﺸﻼوي ،ﻋﺒﺪاﳊﻠﻴﻢ ) .(١٩٨٠ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎب :اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ آﻟﺔ وﻓﻦ ،ﺗﺄﻟﻴﻒ :اﻟﺒﺮت ﻓﻮﻟﺘﻮن )وﺗﺮﺟﻤﺔ: ﺻﻼح ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ وﻓﺆاد ﻛﺎﻣﻞ( اﻟﻘﺎﻫﺮة :ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺼﺮ.١١ ، (33) Bordwell, D. (1999). The Art cinema as a mode of film practice. In: Broudy & cohen (eds.), op.cit, 716-734.
476
اﻟﻬﻮاﻣﺶ .٣٣ ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ، اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ آﻟﺔ وﻓﻦ،(١٩٨٠) اﻟﺒﺮت،( ﻓﻮﻟﺘﻮن٣٤) (35) Lawrence, P. & plamgreen, p.33 (1996). auses and gratifications Analysis of Horror film preference. In: J. weaver & R. Tamburine (eds), op. cit, 161-178. ﺼـﺮي ﻓـﻲC اﺳﺘﻄﻼع آراء اﳉﻤﻬﻮر ا.(١٩٧٤) ﻋﺒﺪاﳊﻠﻴﻢ، واﻟﺴﻴﺪ، ﻋﺒﺪاﻟﺒﺎﺳﻂ،ﻌﻄﻲC( ﻋﺒﺪا٣٦) .٢١٠-١٥٣ ، ٢ ، ١١ ، اﺠﻤﻟﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣـﻴـﺔ.اﻷﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ،ﺼﺮي ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻷﻓﻼم اﻟﺮواﺋﻴﺔC إﲡﺎﻫﺎت اﳉﻤﻬﻮر ا.(١٩٩٨) إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺷﻮﻗﻲ،( ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ٣٧) .٩٩-٦١ . ٤ ، ٥٨ ، ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة، ﻣﺠﻠﺔ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب.دراﺳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ (38) Gunnings, T. (1999). The Aesthetic of Astonishment: Early film and the (in) Credulous spectator, In: Braudy & cohen (eds.), op.cit, 818-832. (39) Ibid. (40) Ibid, 831. (41) Qatley & cholamain, op. cit, 269. (42) Ibid, 270. (43) Cantor, J. & oliver, M.B. (1996) Developmental Differences in Responses to Horror. In: Weaver & Tamborini (eds), op. cit, 63-80. (44) Tamborini, op. cit, 113. (45) Zuckeman, M. (1996). Sensation seeking and the taste for vicarious horror. InL weaver & Tamborini, (eds.) op.cit, 147-160. (46) Ibid, 47. (47) Tamborini, op. cit, 148. (48) Zuckerman, op. cit, 148. (49) Ibid, 148-9. (50) Ibid, 150. (51) Ibid, 154. (52) Ibid, 158. (53) Cantor & Oliver, op. cit. (54) Ibid. (55) Ibid. (56) Lawrence & palmgreen op. cit. (57) Stam, R. et. Al (1992) New vocabaries in film semlotics: streturalism and post. Stsucturalism and beyond. London: Rautledge, 140. (58) Ibid. (59) Ibid, 141. (60) Ibid, 142. (61) Ibid. (62) Ibid. 146. (63) Metz, c. (1982). The imaginary signifier: psychoanalysis and the cinema. Bloomington: Indiana
477
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ University press, 5. (64) Metz, c. (1974). Film language: asemiotic of the cinema. Chicago: the university of Chicago press. (65) Ibid, 43. (66) Ibid, 87, 107. (67) Metz, op. cit, 1982, 29-67. (68) Smithe, M. (1995) Engaging characters: Fiction, Emotion, and the cineman. Oxford: The clasendon press 66.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ (1) Pinker, S. (1997). How The mind works: N.Y: W.W. Norton& Comany, 375. (2) Ibid, 376. (3) Ibid, 337. (4) Ulrich, R.S. (1993). Biophilia, Biophobia, and Natural landscopes. In: S.R.Kellert & E. Wilson (eds). The biophilia Hypothesis. Washington, D.C: Island press. (5) Heerwagen, J.H. & Orians, G. (1993). Human Habital and Aesthetics. In: kellert & Wilson, ibid. (6) Pinker, op. cit, 377. (7) Nasar, J. ed, (1992). Environmental Aesthetis: Theory, Research and Application, N.Y: xxi. (8) Ibid. (9) Ibid, xxiii. (10) Ibid, 1. (11) Ibid. (12) Porteous, D. (1996). Environmental Aesthetics: ideas, politics and planning 22. (13) Ibid, 3. (14) Kaplan, S. (1992) where cognition and affect meet: A theoretical analysis of preference. In J. Nasar, op. cit, 56-63. ـﻌـﺮﻓـﻲCﻔﺎﻫﻴﻢ ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اC ﻣﻦ ا:Cognitive maps ﻌﺮﻓﻴـﺔC( اﳋﺮاﺋﻂ ا١٦) ;ـﻜـﺎنCﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋـﻠـﻰ اﳊـﺮﻛـﺔ ﻓـﻲ اC وﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت أو اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت ا.اﻻن اﻟﺦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺮاﺋﻂ ﻣﻌﺮﻓـﻴـﺔ ﻣـﻌـﻴـﻨـﺔ ﺗـﻘـﻮدﻧـﺎ ﻓـﻲ...ﺪﻳﻨﺔCﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ واﻟﺸﺎرك وا واﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺧﺮاﺋﻂ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺤﺪدة ﻳﺆدي إﻟﻰ إﺣﺴﺎﺳﺎت ﺧﺎﺻﺔ.ﻜﺎن ﺑﺪوﻟﻬﺎ ﻧﻀﻞ أو ﻧﺘﻮهCا .ﻜﺎﻧﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﳊﻴﺮة واﻻرﺗﺒﺎك واﻟﻘﻠﻖCﺑﻔﻘﺪان اﻟﺘﻮﺟﻪ ا (17) Porteous, op. cit, 119. (18) Ibid, 120. (19) Purcell, A. J. (1984). The Aesthetic Experience and Mundane reality. In: W.R. Crozier & A. chapman, eds, (1984), Cognitive processes in the perception of Art, North Holland: elsevier science publishers., 189-210.
478
اﻟﻬﻮاﻣﺶ ﺳـﻠـﻮكt ﺛﻢ ﻗﺪ ﻳﻘﺎرن ﺑﻴﻨﻪ وﺑ، ﻫﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﺪرس ﺳﻠﻮك اﳊﻴﻮان:Ethology ( اﻻﻳﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ٢٠) اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻛﺘﺸﺎف أوﺟﻪ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ واﻻﺧﺘﻼف ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﻗﺪ ﻳﺪرس ﺳﻠﻮﻛﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻛﺎﻟﻌﺪوان ﻟﺪى .ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﳊﻴﻮاﻧﺎت وﻳﻘﺎرن ﺑﻴﻨﻬﺎ (21) Porteous, 25-30. (22) Nasar, J. et. al., (1992). The emotional Quality of scenes and observation points: a Look at prospect and refuge. In: J. Nasar, op. cit, 357-363. (23) Kaplan, S & Kaplan, R. (1982). Cognition and Environment: Functioning in an uncertain world. N.Y: prager publishing Divison, 79-80. (24) Ibid, 80-81. (25) Ibid, 81-89. (26) Ibid, 90-91. (27) Porteous, op. cit, 120. (28) Porteous, op. cit, 126-127. (29) Ibid, 127. (30) Ibid, (31) Ibid, 128. (32) Nasar, op. cit, 4.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ
ـﺼـﺮﻳـﺔ اﻟـﻌـﺎﻣـﺔC اﻟـﻬـﻴـﺌـﺔ ا: اﻟﻘـﺎﻫـﺮة، دراﺳﺔ وﺗﺮﺟﻤﺔ، ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ أﻓﻼﻃﻮن.(١٩٨٥) ﻓﺆاد،( زﻛﺮﻳﺎ١) .١٦١ :ﻟﻜـﺘـﺎب .١٦٢ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC( ا٢) .١٦٥ ،ﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖC( ا٣) اﻟﻬﻴﺌـﺔ: اﻟﻘﺎﻫﺮة.( ﻓﺆاد زﻛﺮﻳﺎ: )ﺗﺮﺟﻤﺔ.ﻮﺳﻴﻘﻰC اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف وﻓﻦ ا.(١٩٧٤) ﺟﻮﻟﻴﻮس،( ﺑﻮرﺗﻨﻮي٤) .٣٧ ،ﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎبCا (5) Porteous, I.D. (1996). Environmetal Aesthetics: ideas, politics and planning. London: Routledge, 143. (6) Ibid, 144. (7) Ibid. (8) Osbome, H. (1970). The art of Appreciation. London: Oxford university press, press, 202. (9) Chapman, L. (19) Approaches to Art in Education N.Y: Harcaurt Brace, 11. (10) Ibid. (11) Bruner, J. (1981) The Act of Discovery. In: M. Kaplan-Sanoff & P. Yablis-Magid (eds.), Exploring early childhood. N.Y: Mac Millan, 43-52. (12) Chapman, op. cit, 13. .٢٩ ، اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧـﻴـﺔ، ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺼﺮ: اﻟﻘﺎﻫﺮة.ﻮﺳﻴﻘﻲC اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ا.(١٩٨٠) ، ﻓﺆاد،( زﻛﺮﻳﺎ١٣)
479
اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ) (١٤اCﺮﺟﻊ اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٣٠-٢٩ ، ) (١٥اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.٣٠ ، (16) Roth, M. (1980). The Arts and personal Growth. N.Y: pergamon press, 9. ) (١٧ﻋﺒﺪاﳊﻤﻴﺪ ،ﺷﺎﻛﺮ .(١٩٨٩) ،اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻹﺑﺪاع ،اﳉﺰء اﻷول .اﻟﻜﻮﻳﺖ :اﳉﻤﻌﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻟﺘﻘﺪم اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.٦٦ ، (18) Samuels, M. & Samuels, N. (1982). Seeting with the Mind’s Eye. N.Y: Random House, 245. (19) Csikszentmihalyi, M. & Robinson, R.E. (1990). The Art of seeing: An interpretation of Aesthetic Encouner. California: The Getty Education Institute for the Arts, 180. ) (٢٠زﻛﺮﻳﺎ ،ﻓﺆاد ) .(١٩٩١ﻣﻊ اCﻮﺳﻴﻘﻰ ،ذﻛﺮﻳﺎت ودراﺳﺎت .اﻟﻘﺎﻫﺮة :دار ﻣﺼﺮ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ.٦٧-٦٦ : ) (٢١اﻟﻌﻼق ،ﻋﻠﻲ ﺟﻌﻔﺮ ) .(١٩٩٧اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺘـﻠـﻘـﻲ :دراﺳـﺎت ﻧـﻘـﺪﻳـﺔ .ﻋـﻤـﺎن :دار اﻟـﺸـﺮوق ﻟـﻠـﻨـﺸـﺮ واﻟﺘـﻮزﻳـﻊ.٦٦ ، ) (٢٢اCﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.٦٧ ،
480
ا'ﺆﻟـﻒ ﻓــﻲ ﺳﻄــﻮر د .ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪ اﳊﻤﻴﺪ * ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ أﺳﻴﻮط ــ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .١٩٥٢ * ﻳـﻌـﻤـﻞ ﺣـﺎﻟـﻴـﺎ أﺳـﺘـﺎذا ﻟـﻌـﻠـﻢ اﻟـﻨـﻔـﺲ ﺑـﻜ ـﻠ ـﻴــﺔ اﻟ ـﻌ ـﻠــﻮم اﻹﻧ ـﺴــﺎﻧ ـﻴــﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔــﺠﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اCﺘﺤﺪة. * ﺷﻐﻞ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻣﻨﺼﺐ ﻋﻤﻴﺪ اCﻌﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﻨﻘﺪ اﻟﻔـﻨـﻲ ـــ أﻛـﺎد ـﻴـﺔ اﻟﻔﻨﻮن /ﻣﺼﺮ ) ١٩٩٦ــ . (١٩٩٨ * ﻣﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ دراﺳﺎت اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ واﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻜﺒﺎر. * ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ» :اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ« )ﺳﻠـﺴـﻠـﺔ ﻋـﺎﻟـﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﻌﺪد ١٠٩ــ ﻳﻨﺎﻳﺮ » (١٩٨٧اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻹﺑﺪاع« )ﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ أﺟﺰاء( ﻋﻦ اﳉﻤﻌﻴﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻟﺘﻘﺪم اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ » ،١٩٨٧اﻷﺳﺲ اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻟﻺﺑﺪاع اﻷدﺑﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻘﺼـﺔ اﻟﻘـﺼـﻴـﺮة ﺧـﺎﺻـﺔ«» ،اﻷدب واﳉﻨﻮن« )» (١٩٩٣دراﺳـﺎت ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺬوق اﻟـﻔـﻨـﻲ« اﻟﻜﺘﺎب ).(١٩٩٧ اﻟﻘﺎدم * ﻟﻪ ﻋﺪة ﺗﺮﺟﻤﺎت ﻣﻨﻬﺎ »اﻷﺳﻄﻮرة واCﻌﻨﻰ« )،(١٩٨٦ »اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ واﻹﺑﺪاع واﻟﻘﻴﺎدة« )ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﻌﺪد ١٧٦ـــ أﻏ ـ ـ ـ ـ ـﺴـ ـ ـ ـ ـ ـﻄ ـ ـ ـ ـ ــﺲ ،(١٩٩٣ اﻟـﻴــﺎﺑــﺎن »اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻸدب« رؤﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة )» ،(١٩٩٣ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓـﻨـﻮن ﺗﺄﻟﻴﻒ :ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻤﻴﺚ اﻷداء« )ﻋﺎﻟﻢ اCﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﻌﺪد ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﺳ ـﻌـ ـ ــﺪ زﻫ ـ ـ ــﺮان ٢٥٨ــ ﻳﻮﻧﻴﻮ . (٢٠٠٠
481
de
ﻳﻬﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺪراﺳﺔ اﳉﻮاﻧﺐ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺧﺒـﺮة اﻟـﺘـﺬوق اﻟـﻔـﻨـﻲ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ .واﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ وﺳﻄﻰ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺬوق اﻟﻌﺎﺑﺮ أو اﻟﻨﻘﺪ اCﺘﻤﻬﻞ. ﻳﺮﻛﺰ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺮاض اﳋﻠﻔﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم aﻮﺿﻮع وﻳﻌ ¢ـﺮف اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻔﻼﺳـﻔـﺔ وﻋـﻠـﻤـﺎء اﻟـﻨـﻔـﺲُ . اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎCﻔﺎﻫﻴﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺎل ،ﻣﺜﻞ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ :اﻟﻔﻦ ،اﳉﻤﺎل ،اﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ،اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،اﻟﻘﻴﻢ اﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺮﻣﻮز ،اﻟﺘﻌﺒـﻴـﺮ /اﻷﺳـﻠـﻮب... إﻟﺦ .ﺛﻢ ﻳﺤﺪد ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻫﻢ اCﻜﻮﻧـﺎت اCـﻮﺿـﻮﻋـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ ﻳﺤﺪد ــ ﺑﺒﻌﺾ اﳉﻤﺎﻟﻲ; ﻛﺎﳋﻂ واﻟﻠﻮن واﻟﻜﻠﻤﺔ واﻟﺸﻜﻞ واﻟﻨﻐﻤﺔ ...إﻟﺦ .ﻛﻤﺎ ¢ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ــ أﻫﻢ اCﻜﻮﻧﺎت أو اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اCﺆﺛﺮة ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻣﺜﻞ :ﻧﺸﺎط اCﺦ اﻟﺒﺸﺮي ،ﺳﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،اﻟﻨﻮع ،اﻟﻌﻤﺮ، اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اCﻌﺮﻓﻴﺔ ،أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ...إﻟﺦ .وﻳﺴﺘﻌﺮض اﻟﻜﺘﺎب اﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺎتِ اCﻔﺴﺮة ﻟﻠﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ¢ ﺑﺎرﺗﻘﺎء ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ،ﺛﻢ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻷدب واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ واCﻮﺳﻴﻘﻰ. وﻷن ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻣـﻮﺿـﻮع اﻟـﺘـﻔـﻀـﻴـﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن ،ﺑﻞ ﻳﻬﺘﻢ اﻟﻜﺘﺎب أﻳﻀﺎ aﻮﺿﻮع ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ اCﺒﺎﻧﻲ واﻟﺸﻮارع واﻟﺒﻴﻮت ﻓﻲ اﳊﻀﺎرات اﻟﻘﺪ ﺔ واﳊﺪﻳﺜﺔ. وﻳﺮﺑﻂ اCﺆﻟﻒ ﺑ tاﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ واﻹﺑﺪاع ،وﻳﺘﺤﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﻦ أﻫﻢ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﳉﻤﺎﻟﻲ ،وأﺧﻴـﺮا ﻳـﻄـﺮح ﺑـﻌـﺾ اCﻘﺘﺮﺣﺎت ﺣﻮل ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺪى اﻟﺼـﻐـﺎر واﻟـﻜـﺒـﺎر ﻋـﻠـﻰ اﻟﺴﻮاء.