ﻤﻘﺭﺭ
ﺘﺎﺭﻴـﺦ ﺍﻟﻌﻤــﺎﺭﺓ )ﺍﻷﺴﺒﻭﻉ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ :ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ (١-
ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭ
ﺃ.ﺩ .ﻨﻭﺒﻲ ﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴﻥ ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻗﺴﻡ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻭﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ – ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺨﻁﻴﻁ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺴﻌﻭﺩ
١
ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ١- ﺤﻀﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ. ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺜﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ. ﺘﺤﻠﻴل ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ. -ﻨﻤﺎﺫﺝ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ١-
٢
ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ١- ﻨﺒﺫﺓ ﻋﻥ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ) ٤٠٠٠ﻕ.ﻡ – ٦٤٢ﻡ( ﺘﻌﺩ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻤﻥ ﺃﻋﺭﻕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺃﻏﻨﺎﻫﺎ ﺒﺎﻟﻤﻨﺠﺯﺍﺕ ﻓﻲ ﺸﺘﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ. ﺘﻭﺍﻜﺒﺕ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ،ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺭﺩﻴﺎﺕ ﻗﺩ ﺩﻟﺕ ﻋﻠﻰ ﺘﺒﺎﺩل ﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ﺒﻴﻥ ﻤﻠﻭﻙ ﻤﺼﺭ ﻭﻤﻠﻭﻙ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ. ﺃﻅﻬﺭﺕ ﺍﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎﺕ ﺍﻷﺜﺭﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻷﻭل ﻗﺩ ﻅﻬﺭ ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻤﻨﺫ ﻋﺼﻭﺭ ﻤﻐﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺩﻡ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺸﻭﺍﻫﺩ ﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻗﺩ ﺘﺭﻙ ﺁﺜﺎﺭﹰﺍ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺠﺭﻱ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻋﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻤﺼﻨﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺠﺭ ﺍﻟﺼﻭﺍﻥ ..ﻜﻤﺎ ﺩﻟﺕ ﺍﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎﺕ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﻗﺭﻯ ﺘﺭﺠﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺠﺭﻱ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ. ﺤﻜﻡ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻋﺩﺓ ﺸﻌﻭﺏ ﻜﺎﻟﺴﻭﻤﺭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﻴﻥ ﻭﺍﻵﺸﻭﺭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻹﻏﺭﻴﻕ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ )ﺍﻷﻤﻭﻴﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺴﻴﻴﻥ ،ﻭﺍﻷﺘﺭﺍﻙ(.
٣
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺜﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺘﻌﻭﺩ ﺩﻴﺎﻨﺘﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺴﻭﻤﺭﻱ ،ﻭﻗﺩ ﺁﻤﻥ ﺍﻟﺴﻭﻤﺭﻴﻭﻥ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻋﺩﺩ ﻀﺨﻡ ﻤﻥ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺠﺩﺕ ﻗﺒﻠﻬﻡ ﻭﻋﺒﺩﻭﻫﺎ ﺘﻘﻠﻴﺩﹰﺍ ﻟﻸﻗﻭﺍﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺒﻘﺘﻬﻡ ..ﻭﺍﻟﻤﻠﻙ ﻋﻨﺩﻫﻡ ﻫﻭ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻨﻴﻭﻴﺔ ،ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺍﺨﺘﻠﻔﻭﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻫﻭ ﻤﻤﺜل ﺍﻹﻟﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﻴﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩﻭﻥ ﺒﺄﻥ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻻ ﺘﻔﻌل ﺸﺭﺍﹰ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺤﻘﻘﻭﺍ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﻭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺒﺩ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺯﻴﻘﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻫﺘﻤﻭﺍ ﺒﺎﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺒﺨﻼﻑ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ. ﺒﺭﻉ ﺴﻜﺎﻥ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﻭﺩﻭﻨﻭﺍ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻊ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻤﺘﺯﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺩﺏ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻟﻴﺸﻜﻠﻭﺍ ﻤﻌ ﹰﺎ ﻗﺼﺼ ﹰﺎ ﺃﺴﻁﻭﺭﻴﺔ ﻻ ﻤﺜﻴل ﻟﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻤﻥ ﺤﻀﺎﺭﺍﺕ. ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﻭﻥ ﺒﺘﺸﺭﻴﻊ ﻟﻠﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺒﺸﻜل ﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﻭﻀﻤﺎﻥ ﺴﻴﺭ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻓﻴﻬﺎ ..ﻭﻜﺎﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ "ﺤﻤﻭﺭﺍﺒﻲ" ﻤﻥ ﺃﺸﻬﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ،ﻭﻫﻭ ﻴﺘﻜﻭﻥ ﻤﻥ ٢٨٢ﻤﺎﺩﺓ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ..ﻗﺩ ﺠﻤﻊ "ﺤﻤﻭﺭﺍﺒﻲ" ﻜل ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﻭﺍﻷﻋﺭﺍﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺎﺌﺩﺓ ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻭﺃﻋﻁﺎﻫﺎ ﺸﻜل ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻴﻨﻅﻡ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻗﻁﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ..ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺎﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﺘﻴﻥ )(٢٣٠-٢٢٩ ﺤﻴﺙ ﺠﺎﺀ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺃﻨﻪ "ﺇﺫﺍ ﺒﻨﻰ ﺒﻨﹼﺎﺀ ﺒﻴﺘ ﹰﺎ ﻟﺭﺠل ﻭﻟﻡ ﻴﺘﻘﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﻭﺍﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻨﺎﻩ ﻭﺴﺒﺏ ﻗﺘل ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻴﻘﺘل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻨﹼﺎﺀ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺘﺴﺒﺏ ﺒﻘﺘل ﺍﺒﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻴﻘﺘﻠﻭﻥ ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ” ..ﻜﻤﺎ ﻨﻅﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﺠﺭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺸﻐﻠﻬﺎ، ﻜﻤﺎ ﺃﻭﺠﺩ ﺍﻻﺤﺘﻴﺎﻁﺎﺕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺤﺭﻤﺔ ﺍﻟﺒﻴﻭﺕ ﻭﺴﻼﻤﺔ ﺴﺎﻜﻨﻴﻬﺎ ،ﻓﻘﺩ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﺃﺤﺩ ﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻥ ﻤﻥ ﻴﻨﻘﺏ ﺒﻴﺘ ﹰﺎ ﻴﻘﺘل ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻨﻘﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺤﺩﺜﻪ ﻓﻴﻪ. ٤
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻤﺜﻠﺜﺔ ﺘﻘﺭﻴﺒ ﹰﺎ ﺘﺒﻠﻎ ﻤﺴﺎﺤﺘﻬﺎ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﻤﺎﺌﺔ ﻭﺜﻼﺜﻴﺔ ﺃﻟﻑ ﻤﻴل ﻤﺭﺒﻊ ،ﺘﻤﺘﺩ ﻤﻥ ﺤﻠﺏ ﺇﻟﻰ ﺒﺤﻴﺭﺓ ﺃﻭﺭﻤﻴﺔ ﻭﺤﺘﻰ ﻤﺩﺨل ﺸﻁ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻭﻗﺩ ﻨﻤﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺜﻠﺙ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻲ ﻨﻤﻭﹰﺍ ﻤﻀﻁﺭﺩﹰﺍ ﺤﺘﻰ ﺒﻠﻐﺕ ﺃﻭﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﺤﺎﻜﻡ ﺴﻭﻤﺭ ،ﻭﺁﺸﻭﺭ ،ﻭﺃﻜﺩ. ﻤﻨﺎﺥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺸﺩﻴﺩ ﺍﻟﺤﺭﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻑ ،ﻭﺸﺩﻴﺩ ﺍﻟﺒﺭﻭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ،ﻤﻊ ﻗﻠﺔ ﺴﻘﻭﻁ ﺍﻷﻤﻁﺎﺭ .. ﻭﻗﺩ ﻓﺭﺽ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻱ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻨﻤﻁ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺤﻭل ﺃﻓﻨﻴﺔ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ. ﻗل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﺠﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻭﺠﺩﺕ ﻜﻤﻴﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺠﺭ ﺍﻟﺠﻴﺭﻱ ﻭﺍﻷﻟﺒﺎﺴﺘﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻗل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻤﺜل ﺍﻟﺤﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻨﺤﺎﺱ ﻭﺍﻟﻘﺼﺩﻴﺭ ﻭﺍﻟﺭﺼﺎﺹ ..ﻭﻗﺩ ﺍﻋﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﻴﻥ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻁﻭﺏ ،ﺤﻴﺙ ﺍﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﻁﻭﺏ ﺍﻟﻠﺒﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﻁﻭﺏ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻕ ﺍﻟﻤﺯﺠﺞ ﻓﻲ ﺍﻷﻏﺭﺍﺽ ﺍﻟﺯﺨﺭﻓﻴﺔ ﺒﺎﻟﻭﺍﺠﻬﺎﺕ ..ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻷﺤﺠﺎﺭ ﻤﺤﺩﻭﺩﹰﺍ ﻭﻤﻘﺼﻭﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﻜﺎﻟﻤﻌﺎﺒﺩ ﻭﺍﻟﻘﺼﻭﺭ.
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺘﻌﺩﺩﺕ ﺇﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﻴﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻭﺒﺸﻜل ﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﺘﻨﺠﻴﻡ ﻭﺍﻟﻔﻠﻙ ،ﻭﻤﺎ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﺭﻴﺎﻀﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻗﺴﻤﻭﺍ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﺓ ﺇﻟﻰ ٣٦٠ﺩﺭﺠﺔ ،ﻭﻗﺴﻤﻭﺍ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺇﻟﻰ ٦٠ﺩﻗﻴﻘﺔ ،ﻭﺍﻟﺩﻗﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ٦٠ﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺍﺨﺘﺭﻋﻭﺍ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﻭﻗﺩﺭﻭﺍ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻭﻗﺕ .. ﻜﻤﺎ ﺒﺭﻉ ﺍﻵﺸﻭﺭﻴﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﺒﺭﻭﻨﺯﻴﺔ ..ﻭﻗﺩ ﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﺯﺠﻴﺞ ﺍﻟﻤﻠﻭﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻵﺸﻭﺭﻴﺔ ﺒﻌﻤل ﺍﻟﻁﻭﺏ ﺍﻟﻤﺯﺠﺞ ﺍﻟﻤﻠﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺭ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ. ٥
ﻗﻀﻴﺔ
ﻭ
ﻓﺎﺼل ﺭﻗﻡ )(١
ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ
ﻗﺎﺭﻥ ﺒﻴﻥ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻋﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ
ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻴﻜﺘﺒﻬﺎ ﺍﻟﻁﻼﺏ ﺒﺂﺭﺍﺌﻬﻡ
٦
ﺘﺤﻠﻴل ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﺍﻤﺘﺎﺯﺕ ﻓﺭﺍﻏﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺒﺩ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻥ ﺒﺼﻐﺭ ﻤﺴﻁﺤﻬﺎ ﻭﺍﺴﺘﻁﺎﻟﺘﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻴﺴﻬل ﺘﻐﻁﻴﺘﻬﺎ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻘﺒﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺎﺌﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ. ﻟﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﻴﻌﻤﺩ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻁﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﺴﻜﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺒﺩ ﺒﺎﻟﺤﻭﺍﺌﻁ ﺍﻟﺴﻤﻴﻜﺔ ،ﻭﻜﺫﺍ ﺇﺤﺎﻁﺔ ﺍﻟﻤﺩﻥ ﺒﺎﻷﺴﻭﺍﺭ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ،ﻜل ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻓﺎﻉ. ﺍﻤﺘﺎﺯﺕ ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ،ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻘﺼﺭ ﻴﺘﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ؛ ﻗﺴﻡ ﺍﻻﺴﺘﻘﺒﺎل ) ﻴﺸﻤل ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺭﺵ ﻭﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺃﻤﺎﻜﻥ ﺍﻟﺤﺎﺸﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻭﺍﻷﺭﺸﻴﻑ( ،ﻭﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺨﺎﺹ )ﻤﻜﺎﻥ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻭﺃﻓﺭﺍﺩ ﻋﺎﺌﻠﺘﻪ ،ﻤﻊ ﺒﻘﻴﺔ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺘﺨﺩﻴﻡ( ،ﻭﻗﺴﻡ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ )ﻴﺸﻤل ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺩﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻁﺎﺒﺦ ﻭﻏﺭﻑ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻘﺼﺭ( ،ﻭﻜل ﻗﺴﻡ ﻴﺅﺩﻱ ﻭﻅﻴﻔﺘﻪ ﺒﺸﻜل ﻤﺘﻭﺍﻓﻕ ﻤﻊ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ،ﻭﻗﺩ ﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺘﺭﺍﺒﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﺒﺸﻜل ﻋﻀﻭﻱ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺎﻟﺤﺭﻜﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﺘﻌﺎﺭﺽ ،ﻜﻤﺎ ﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻱ ﻗﺩ ﺤل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺒﺠﻌل ﺍﻟﻤﺩﺍﺨل ﻤﺤﻭﺭﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻱ ﻟﻠﻘﺼﺭ.
٧
ﺍﻟﻤﺘﺎﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﺸﺭﻁ ﺍﻟﻤﺘﺎﻨﺔ ﻨﻅﺭﹰﺍ ﻟﻘﻠﺔ ﺍﻷﺤﺠﺎﺭ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻬﺎ ﺒﺸﻜل ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ،ﻤﺜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ،ﻓﻠﻡ ﻴﺘﺒﻕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﻤﺎﺭﺓ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ،ﺒﺴﺒﺏ ﻋﺩﻡ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻁﻭﺏ ﻭﺍﻷﺨﺸﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﺍﻡ ﻋﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﻤﺘﺩﺓ. ﻴﺴﺘﺜﻨﻰ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺃﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺯﻴﻘﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻘﻲ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻌل ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﺒﻨﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﺤﺠﺭ ﻓﻴﻬﺎ.
٨
ﺍﻟﻤﺘﺎﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻹﻨﺸﺎﺌﻴﺔ ﺍﻷﻋﻤﺩﺓ: ﻨﺩﺭ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻷﻋﻤﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻵﺸﻭﺭﻴﺔ ..ﻭﻜﺎﻥ ﻟﻠﻌﻤﻭﺩ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻤﺭﺘﻔﻌﺔ ﻭﺒﺩﻥ ﺒﻪ ﺘﺠﺎﻭﻴﻑ ﻭﺘﺎﺝ ﺫﻭ ﺯﺨﺎﺭﻑ ﺩﺍﺌﺭﻴﺔ ،ﺘﺤﻤل ﺭﺅﻭﺱ ﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﺃﻭ ﺭﺅﻭﺴ ﹰﺎ ﺁﺩﻤﻴﺔ. ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻏﺭﺽ ﺍﻷﻋﻤﺩﺓ ﻜﺎﻥ ﺯﺨﺭﻓﻴﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﺇﻨﺸﺎﺌﻲ ..ﻭﻗﺩ ﺍﻗﺘﺼﺭ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻤﺜل ﺍﻟﻤﻌﺎﺒﺩ ﻭﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﺼﻨﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺸﺏ ﺍﻟﻤﻐﻁﻰ ﺒﺄﻟﻭﺍﺡ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻤﻴﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﺩﻥ ،ﻭﺘﺴﺘﻨﺩ ﺍﻷﻋﻤﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺤﺠﺭﻴﺔ ﻟﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻁﻭﺒﺔ .ﻭﻨﻅﺭﹰﺍ ﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻜﻭﻥ ﻁﺭﺯ ﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﻟﻸﻋﻤﺩﺓ ﻤﺜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ.
ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﻌﻀﺎﺩﺍﺕ
ﺍﻟﻌﻀﺎﺩﺍﺕ )ﺍﻟﺩﻋﺎﻤﺎﺕ(: ﺍﺴﺘﻌﺎﺽ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻱ ﻋﻥ ﺍﻷﻋﻤﺩﺓ .ﻭﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺫﻭ ﺸﻜل ﻤﺴﺘﻁﻴل ﺃﻭ ﺒﻴﻀﺎﻭﻱ ..ﻭﺘﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻌﻀﺎﺩﺓ ﻤﻥ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺃﺸﻜﺎل ﺃﺴﻁﻭﺍﻨﻴﺔ ﻤﺼﻨﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻤﻴﺩ ،ﻭﺘﺭﺘﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻗﺭﻤﻴﺩ ﻭﺍﺴﻌﺔ .ﻭﻴﺒﻠﻎ ﺴﻤﻜﻬﺎ ﺤﻭﺍﻟﻲ ١٨٠ﺴﻡ.
ﺤﻠل :ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﺭﺽ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻟﻸﻋﻤﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ ﺯﺨﺭﻓﻲ ﻓﻘﻁ
٩
ﺍﻷﺴﻘﻑ: ﺍﻷﺴﻘﻑ ﺍﻟﺸﺎﺌﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻫﻲ ﺃﺴﻘﻑ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻵﺸﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷﻗﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﻨﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻭﺏ ﺃﻭ ﻗﻁﻊ ﺍﻷﺤﺠﺎﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻋﻤﻠﺕ ﺍﻷﺴﻘﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺼﻴﺭ ﻴﻌﻠﻭﻩ ﻁﻴﻥ.
ﺍﻟﺤﻭﺍﺌﻁ: ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻡ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺍﻟﺤﻭﺍﺌﻁ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ﺒﺎﻟﻠﺒﻥ ﺍﻟﻁﺭﻱ ﺍﻟﻤﻐﻁﻰ ﺒﺎﻟﻘﺭﻤﻴﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻠﺒﻥ ﺍﻟﻤﺠﻔﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺱ، ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺠﺩﺭﺍﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﺘﻘﺎﻡ ﺒﺎﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ،ﺃﻤﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺼﻨﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﺒﻥ ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺘﻜﺴﻰ ﺒﺄﻟﻭﺍﺡ ﺤﺠﺭﻴﺔ ﻤﺯﺨﺭﻓﺔ ﺒﺯﺨﺎﺭﻑ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﺒﻨﻰ ﻭﺍﻟﻐﺎﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻨﺸﺊ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻬﺎ .ﻭﻋﻤﻭﻤ ﹰﺎ ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ﺫﺍﺕ ﺴﻤﺎﻜﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺘﺘﺭﺍﻭﺡ ﺒﻴﻥ ٥-٢ﻤﺘﺭ.
ﺍﻷﺴﺎﺴﺎﺕ: ﺍﺘﺴﻤﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ ﺒﻜل ﺃﻨﻭﺍﻋﻬﺎ ﺒﺴﻤﺔ ﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﻭﻫﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ، ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺒﻨﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺘﺴﻭﻴﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﻤﻥ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻤﺒﻨﻰ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺘﺸﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﺎﻁﺏ ﺼﻨﺎﻋﻴﺔ .
١٠
ﺍﻟﻤﺘﺎﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻹﻨﺸﺎﺀ
1
ﺍﻟﺘﻐﻁﻴﺔ ﺒﺎﻟﻘﺒﺎﺏ ﻭﺍﻷﻗﺒﻴﺔ :ﺘﻤﻴﺯﺕ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﺒﺎﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﺒﺎﺏ ﻟﻠﻤﺒﺎﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﺠﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺯﻴﺩ ﻋﺭﻀﻬﺎ ﻋﻥ ٥ﺃﻤﺘﺎﺭ ..ﻜﻤﺎ ﺩﻟﺕ ﺍﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻭﻤﺭﻴﻴﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﻭﺍ ﺍﻟﻘﺒﺎﺏ ﺍﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺘﻜﺯ ﻤﺎ ﻴﺸﺒﻪ ﺍﻟﺯﻭﺍﻴﺎ ﺍﻟﻤﺜﻠﺜﻴﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﻭﻥ ﻭﺍﻵﺸﻭﺭﻴﻭﻥ ﺍﻟﻘﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﻘﺭﻤﻴﺩ ..ﻜﻤﺎ ﺭﺍﻋﻲ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻱ ﺘﻀﺨﻴﻡ ﺍﻟﺠﺩﺍﺭﻴﻥ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻴﺭﺘﻜﺯ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﺒﻭ ﺘﻔﺎﺩﻴ ﹰﺎ ﻟﻠﺩﻓﻊ ﺍﻟﺠﺎﻨﺒﻲ.
2
ﻓﻭﺍﺼل ﺍﻟﻬﺒﻭﻁ :ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ ﻓﻜﺭﺓ ﻓﻭﺍﺼل ﺍﻟﻬﺒﻭﻁ ،ﻭﺒﺸﻜل ﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻤﺘﺩﺓ ،ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﺠﺯﺍﺀ ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﻓﻭﺍﺼل ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻡ ﻤﻠﺅﻫﺎ ﺒﺠﺫﻭﻉ ﺍﻟﻨﺨﻴل ﺍﻟﻤﻐﻁﻰ ﺒﺎﻟﻘﺭﻤﻴﺩ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺸﺒﻪ ﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﺎﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻸ ﺒﻬﺎ ﻓﻭﺍﺼل ﺍﻟﻬﺒﻭﻁ ﻭﺍﻟﺘﻤﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ.
3
ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﻴﺔ :ﺘﻌﺩ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﻗﺩﻡ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﻱ، ﻤﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻼﺀﻡ ﻤﻊ ﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﺒﻥ ﻭﺍﻟﻘﺭﻤﻴﺩ ،ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﻀﺨﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻵﺸﻭﺭﻴﺔ ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﺍﺨل ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ.
4
ﺘﻜﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ :ﺃﻭﺠﺩﺕ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻜﺴﻴﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺌﻁ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺌﻁ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﺒﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺘﻡ ﺘﻜﺴﻴﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺌﻁ ﻤﻥ ﺃﺴﻔل ﺒﺎﻷﺤﺠﺎﺭ ﻟﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ.
5
ﺍﻻﺘﺯﺍﻥ ﺍﻹﻨﺸﺎﺌﻲ ﺒﺎﻟﺜﻘل :ﺒﺴﺒﺏ ﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﻘﺩ ﻋﻤﺩ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺴﻤﺎﻜﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺌﻁ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﻨﺔ ﻟﻸﺒﻨﻴﺔ ﺒﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻻﺘﺯﺍﻥ ﺒﺎﻟﺜﻘل. ١١
ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻴﺔ: 1
ﺃﺩﻯ ﻋﺩﻡ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ ﺒﺎﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ﻭﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺃﻨﻪ ﺘﻡ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ،ﻤﻊ ﻋﻤل ﺍﻹﻀﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﻤﺘﻭﺍﻓﻕ ﻭﻤﻨﺴﺠﻤﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻭﺤﺩﺍﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﻭﻨﺔ ﻟﻠﻤﺒﻨﻰ.
2
ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ :ﻗل ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﺤﻠﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﺔ ﻭﺍﻵﺸﻭﺭﻴﺔ .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺯﺨﺎﺭﻑ ﻓﻠﻡ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﺇﻻ ﻨﺎﺩﺭﺍﹰ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻵﺸﻭﺭﻴﺔ ﺯﺨﺭﻓﺕ ﺍﻷﺴﻔﺎل ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺌﻁ ﺒﺤﻔﺭ ﺘﻤﺜل ﺼﻭﺭﹰﺍ ﻟﻠﺼﻴﺩ ﻭﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺘﺎﺕ ،ﻤﺨﺘﻠﻔﻴﻥ ﺒﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺴﺘﺨﺩﻤﻭﻥ ﺍﻟﺯﺨﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺠﺯﺍﺀ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ..ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻱ ﻗﺩ ﺘﻨﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺜﺭ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﻜﻪ ﺘﺭﻙ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﺨﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﺨﺎﺭﻑ ﺒﺴﺒﺏ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻨﻭﺍﻓﺫ ،ﻭﻗﺩ ﺘﻼﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻜﺴﻭﺓ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﺠﺎﺭ ،ﺒﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺯﺨﺎﺭﻑ ،ﻤﻤﺎ ﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﺠﻬﺎﺕ ،ﺒﺩ ﹰﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻁﺤﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻠل ﻭﺍﻟﺭﺘﺎﺒﺔ ..ﻜﻤﺎ ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ﻤﺜل ﺍﻟﻠﻭﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﻭﺍﻟﺒﻨﻲ ﺍﻟﻐﺎﻤﻕ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻴﺤﻘﻘﺎ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﻬﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﻭﻗﺎﺭ.
ﺍﻟﺯﺨﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ
١٢
ﻭ
ﺘﺴﺎﺅﻻﺕ
ﻓﺎﺼل ﺭﻗﻡ )(٢
ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ
ﻗﺎﺭﻥ ﺒﻴﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ :ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ:
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ :ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ :ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ :ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ. ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ :ﺒﺭﺝ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻭﻤﺒﺎﻨﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺴﻌﻭﺩ. ﻤﻬﺎﺭﺓ :ﺤﻠل ..ﻗﺎﺭﻥ ..ﻁﺒﻕ
١٣
ﻨﻤﺎﺫﺝ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ١- ﻤﻌﺒﺩ ﻋﺸﺘﺎﺭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺒﺩ ﻫﻭ ﻤﻜﺎﻥ ﺴﻜﻥ ﺍﻹﻟﻪ ﻭﺯﻭﺠﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﻭﺃﻓﺭﺍﺩ ﺤﺎﺸﻴﺘﻪ ..ﺒﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﺒﺩ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺒﺩﺍﺒل )ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻲ ﺍﻷﺨﻴﺭ( ﻭﻴﻌﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺭﺍﺯ ﺍﻷﻭل ﻟﻠﻤﻌﺎﺒﺩ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ..ﻭ"ﻋﺸﺘﺎﺭ" ﻫﻲ ﺍﻹﻟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻤﺕ ﻋﺒﺎﺩﺘﻬﺎ ﺠﻤﻴﻊ ﺤﻭﺍﻀﺭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ،ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺇﻟﻬﺔ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﺤﺭﺏ ..ﻭﺍﻟﻤﻌﺒﺩ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﺴﺘﻁﻴل ﺍﻟﺸﻜل ﻁﻭﻟﻪ ٣٧,١٢ ﻤﺘﺭﹰﺍ ﻭﻋﺭﻀﻪ ٣١,٠٥ﻤﺘﺭﺍﹰ ،ﻤﺤﺎﻁ ﺒﺠﺩﺭﺍﻥ ﻀﺨﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺒﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻴﻥ ﻭﺍﻟﻠﺒﻥ ،ﻭﻴﺤﺘﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺎﺀ ﺩﺍﺨﻠﻲ )ﺼﺤﻥ( ﻭﻋﺩﺩ ٢٠ﻤﺭﻓﻘﺎﹰ ،ﻴﻘﻊ ﺍﻟﻤﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺤﻥ ﺘﻭﺠﺩ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﺩﺍﺨل ﻟﺠﻨﺎﺡ ﺍﻟﺼﻭﻤﻌﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺅﺩﻱ ﺍﻟﻤﺩﺨل ﺍﻷﻭﺴﻁ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻏﺭﻓﺔ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﻠﻰ، ﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻜل، ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺼﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺼﻠ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺠﻨﻭﺒﻬﺎ ﺘﻘﻊ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﺨﻠﻭﺓ.
ﺍﻟﻤﺴﻘﻁ ﺍﻷﻓﻘﻲ ﻟﻤﻌﺒﺩ ﻋﺸﺘﺎﺭ
١٤
ﺯﻴﻘﻭﺭﺓ ﺒﺎﺒل ﺜﺒﺕ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻋﻠﻡ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺃﻥ ﺴﻜﺎﻥ ﺒﻼﺩ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺭﻴﻥ ﻭﻓﻲ ﺍﻷﻟﻑ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ،ﻗﺩ ﺠﻌﻠﻭﺍ ﺒﻌﻀ ﹰﺎ ﻤﻥ ﻫﻴﺎﻜل ﻤﻌﺎﺒﺩﻫﻡ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻓﺎﺕ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﺤﻤﻴﺎﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻴﻀﺎﻨﺎﺕ ..ﻭﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺯﻗﻭﺭﺍﺕ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺴﺘﻁﻴل ﺍﻟﺸﻜل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻘﻁ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺩﺭﺝ ﺼﺎﻋﺩ ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺭﺒﻊ ﺍﻟﺸﻜل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻘﻁ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﻤﻨﺤﺩﺭ ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻨﺩﻤﺞ ﺤﻴﺙ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﺎﺒﻕ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﺍﻟﺩﺭﺝ ﻭﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﻁﻭﺍﺒﻕ ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﺩﺭﺍﺕ. ﻭﻤﻥ ﺃﺸﻬﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺯﻗﻭﺭﺍﺕ "ﺯﻗﻭﺭﺓ ﺒﺎﺒل" ،ﺃﻭ ﻤﺎ ﺘﺴﻤﻰ "ﺒﺭﺝ ﺒﺎﺒل" ،ﻭﻫﻲ ﻤﺒﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﻁﻭﺏ ﺍﻟﻤﺠﻔﻑ ﺍﻟﻤﻐﻁﻰ ﺒﺎﻵﺠﺭ ،ﺘﺤﻴﻁ ﺒﻬﺎ ﺍﻷﻋﻤﺩﺓ ﺍﻟﻤﺭﺒﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺎﻨﺒﻴﻥ ،ﻭﻴﺘﻡ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻗﻤﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺼﺎﻋﺩ ﻴﺩﻭﺭ ﺤﻭل ﺠﻤﻴﻊ ﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺒﺭﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻼﻩ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻁﺎﺒﻕ ﺍﻟﻌﻠﻭﻱ ﻴﻭﺠﺩ ﻫﻴﻜل ﺍﻹﻟﻪ ﻭﺒﻪ ﺴﺭﻴﺭ ﻤﺯﺨﺭﻑ ﻭﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺒﻪ ﻤﺎﺌﺩﺓ ﺫﻫﺒﻴﺔ ،ﻭﻴﺼل ﺍﺭﺘﻔﺎﻋﻬﺎ ﺇﻟﻰ ٤٠ﻤﺘﺭﺍﹰ ،ﻭﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ﺇﻟﻰ ٧٥ﻤﺘﺭﹰﺍ ﻭﺭﻭﺍﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ٩٠ﻤﺘﺭﹰﺍ.
ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺯﻴﻘﻭﺭﺓ
ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺒﺎﺒل ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻭﻴﻅﻬﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺯﻴﻘﻭﺭﺓ ﺒﺎﺒل
١٥
ﺘﺤﻠﻴل
ﻭ
ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ
ﻭﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺝ
ﻗﺎﺭﻥ ﺒﻴﻥ ﻫﺭﻡ ﺨﻭﻓﻭ ﻭﺍﻟﺯﻴﻘﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ
ﻫﺭﻡ ﺨﻭﻓﻭ
ﺍﻟﺯﻴﻘﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﺔ ١٦