رسالة محمد عبد الرحمن المرسي

Page 1

‫حوار مع أفراد الصف‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫حوار الدكتور عبد الرحمن المرسي‬ ‫مع أفراد الصف‬ ‫في حوار مع مجموعة من الشخصيات‪ ،‬طرحوا تلك التساؤالت‪ ،‬فأردت أن أسجل أغلبها‪ ،‬وأسجل‬ ‫بعض الردود عليها‪ ،‬أما الشباب الثائر فله مني كل التقدير واإلجالل‪ ،‬وأن يمضي على ثورته حتى يحقق‬ ‫أهدافها كاملة بإذن اهلل‪.‬‬ ‫س‪ :1‬أسئلة التالوم بشأن حدوث هذه المحنة‪ ،‬وهى مختلفة وإن كان المعنى واحدا‪.‬‬ ‫ أحب أن أوضح تلك المعاني األساسية‪:‬‬‫أ‪ -‬المحنة مهما كان حجمها ليست دليال على الخطأ واالنحراف‪ ،‬طالما كانت الجماعة متمسكة‬

‫بثوابتها ‪ ..‬وهذه هي طبيعة طريق الدعوة‪.‬‬

‫يقول المرشد العام األستاذ الهضيبى‪ ” :‬إن من شأن أصحاب الدعوات أن تموت في سبيل مبادئها‪،‬‬ ‫وأال تترخص في ذلك"‪.‬‬ ‫وأحد أركان البيعة هو‪ :‬ركن التضحية‪.‬‬ ‫والمحنة ليست جديدة على الصف‪ ،‬وهي مرحلة في تاريخ الدعوة تصهر الصف وتنقيه وتزيده قوة‬ ‫طالما أنه ثابت على مبادئه ودعوته – رغم أن الظاهر عكس ذلك – وهي تهيؤه لمرحلة من المسئولية ومن‬ ‫النصر أكبر‪.‬‬ ‫ب‪ -‬وقد ضرب اهلل لنا مثال من ضعفاء اإليمان والمنافقين في المدينة الذين أخذوا يتالومون بعد ما‬ ‫حدث في غزوة ”أحد”‪ ،‬ويشيعون أنهم لو لم يخرجوا لما قتلوا (‪ ..‬لو كانوا عندنا ما قتلوا‪ .)..‬فرد عليهم‬ ‫القرآن (‪ ..‬قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم‪.)..‬‬ ‫إن صاحب الدعوة ميزانه‪ :‬هل التضحية كانت في سبيل اهلل أم ألمر آخر؟ وهل هذا الضغط جعل‬

‫اإلنسان يتخلى عن مبادئه ودعوته أم ال؟‬

‫‪1‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫ج‪ -‬والضغط النفسي السلبي للمحنة على قلوب أصحاب‪ ،‬قد يجعل بعضهم يحاول البحث عن‬ ‫أسبابها‪ ،‬ولماذا لم نتمكن من تجنبها ‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫هو ضغط غير إيجابي ويهز الثبات ويفتح الباب لوساوس الشيطان‪ ،‬وفي وقت المواجهة ال بد من‬ ‫غلق هذا الباب تماما‪.‬‬ ‫س‪ :2‬التقدير منذ البداية كان خاطئا‪ ،‬ولم نكن مستعدين‪ ،‬فلماذا دفعنا بأنفسنا في هذا المعترك‪:‬‬ ‫(انتخابات الرئاسة – بل وفي فعاليات ثورة يناير –‪) ..‬؟‬ ‫أ‪ -‬أيا كان تقييم ما حدث وتقييم القرارات التي اتخذت‪ ،‬فإن الميزان لدينا ليس هو نتائج األعمال‪،‬‬ ‫فكلها بقدر اهلل‪ ،‬وإنما صحة اإلجراءات في اتخاذ القرار والتوافق مع أهدافنا وثوابتنا‪.‬‬ ‫وقد قال اإلمام البنا في رسالة المؤتمر الخامس‪:‬‬ ‫”إن اهلل ال يحاسبنا على نتائج األعمال‪ ،‬وإنما على سالمة القصد‪ ،‬وصحة الخطوات”‪.‬‬ ‫ومن أركان صحة الخطوات هو ممارسة الشورى وااللتزام بها عند اتخاذ القرار‪.‬‬ ‫وهذا ما حدث في جميع القرارات التي اتخذتها الجماعة في هذا المجال‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الجماعة ال تعمل لمصلحتها الشخصية‪ ،‬وإنما عليها تقدير مصلحة الوطن حتى ولو ضحت في‬

‫سبيل ذلك‪ ،‬ومصلحة المشروع اإلسالمي بصفة عامة‪.‬‬ ‫ومن أمثلة ذلك – وهي كثيرة –‪:‬‬

‫دخول اإلخوان فلسطين عام ‪ 1948‬لمقاتلة الصهاينة‪ ،‬وهم يعلمون جيدا مدى قوة تلك العصابات‬ ‫الصهيونية والدعم الدولي لهم‪ ،‬فكان البعض يقول إن هذا القرار من اإلخوان كان خاطئا‪ ،‬وأنه أظهر مدى‬ ‫قوتها‪ ،‬وعجل بتوجيه الضربات لها في ‪.… ،54 ،49‬‬ ‫لكن هذا القول ليس سليما في ميزان الدعوة‪ ،‬فمصلحة الوطن أن نضحي في سبيلها‪ ،‬وكان ال بد من‬ ‫وضع األمة على طريق الجهاد الصحيح لمواجهة ذلك العدوان‪ ،‬وأن تكون الجماعة في المقدمة من ذلك‪.‬‬ ‫ج‪ -‬وفي أعقاب ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬لمحاولة إنقاذ الوطن من حكم العسكر ومن سيطرة الدولة العميقة‪،‬‬ ‫ولم يجد اإلخوان مناصا من تحمل المسئولية والتقدم لذلك ‪ ..‬وما حدث من أخطاء في التنفيذ بعد ذلك‬ ‫ليس مرده للقرار‪ ،‬وإنما أسباب أخرى‪.‬‬

‫‪2‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫س‪ :3‬لماذا تحالفنا مع اإلسالميين‪ ،‬وظهرنا بهذا المظهر الذي أثار اآلخرين (مثل ما يسمى بجمعة‬ ‫قندهار‪) ..‬؟‬ ‫أ‪ -‬الجماعة هي دعوة إسالمية‪ ،‬وليست مجرد دعوة ليبرالية أو حزب سياسي‪ ،‬والرصيد الشعبي لها‬ ‫هو اإلسالميين بقاعدتهم الواسعة العريضة – حتى وإن خرج عن ذلك بعض التجمعات –‪،..‬‬

‫ثم هي دعوة تدعو لالجتماع والتعاون مع الفئات الليبرالية أو العلمانية في المساحة المشتركة لخدمة‬

‫الوطن‪ ،‬لكنها ال تبتعد وال تتبرأ وال تنفصل عن قاعدتها وظهيرها الشعبي اإلسالمي‪ ،‬بل تسعى لتوسيع تلك‬ ‫الحضانة الشعبية‪.‬‬ ‫ب‪ -‬كان لجوء اإلخوان لهذا الحشد‪ ،‬هو في مواجهة المجلس العسكري لفرض سيطرته على‬ ‫الدستور واستمرار هيمنته‪ ،‬وكان ذلك أحد وسائل الضغط السياسي‪ ،‬وقد نجح ذلك‪.‬‬ ‫أما أنهم سيكون لهم رد فعل لهذا الظهور القوي‪ ،‬فإنهم يعلمون عن الجماعة ومشروعها اإلسالمي‬ ‫أكثر مما يعلمه الكثيرون‪ ،‬ولم يتوانوا يوما في التخطيط لضربها أو تحجميها‪.‬‬ ‫ج‪ -‬من األهداف المستقبلية التي أوضح اإلمام البنا أن اإلخوان يعملون على تحقيقها هو اصطفاف‬ ‫العاملين في ميدان الدعوة لإلسالم‪ ،‬ليكون عملهم نحو أهداف واحدة واضحة‪ ،‬ووفق منهجية ورؤية واحدة‬ ‫وتعاون وتنسيق عالي‪.‬‬ ‫مع مالحظة أن كل إنجاز في هذا المجال له تكاليفه وضريبته؛ لكنه من أهداف الجماعة التي تأخذ‬

‫خطوات متدرجة‪.‬‬

‫س‪ – 4‬ال بد من محاسبة القيادات التي أوصلتنا لهذه الحال ؟‬ ‫أ‪ -‬هناك فرق بين التقييم والتحقيق‪ ،‬فالتقييم عملية أساسية مطلوبة‪ ،‬لكي نخرج بالدروس المستفادة‬ ‫والعبر‪ ،‬ونعرف مواطن الضعف والخطأ ‪ ..‬وعندنا نموذج آيات سورة آل عمران التي استعرضت ما حدث‬ ‫في غزوة أحد‪.‬‬ ‫أما التحقيق والمحاكمة والمحاسبة‪ ،‬فإنه يكون عندما يحدث تجاوز ومخالفة للضوابط والثوابت‪،‬‬ ‫والجماعة تعتبر أنه ال أحد فوق المساءلة والمحاسبة‪ ،‬وأن يتم ذلك بالضوابط واآلليات التي نصت عليها‬ ‫لوائحها‪.‬‬ ‫ب‪ -‬وكما ذكرنا‪ ،‬فإن القرار الذي تم اتخاذه باآللية الصحيحة وممارسة الشورى وتداول المعلومات‬ ‫بعد التحقق منها‪ ،‬فإنه ال شيء عليه أو على من اتخذه‪ ،‬حتى ولو ظهر أنه لم يكن هو األصوب‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫وعندنا في السيرة نموذجين لهذا النوع‪ :‬المشاورة للخروج في غزوة أحد‪ ،‬والمشاورة إلرسال‬ ‫أصحاب بئر معونة – حيث استشهد سبعون صحابيا – نتيجة للغدر بهم‪ ،‬رغم أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم كان متخوفا من إرسالهم‪.‬‬ ‫ج‪ -‬في كتابي أضواء على ثورة مصر – الطبعة الثانية – تفصيل وتوضيح لمسوغات وخلفيات اتخاذ‬

‫قرار الدخول في الرئاسة‪ ،‬والذى تم بآليات الشورى الكاملة‪ ،‬وكذلك مقالتي‪ :‬رسالة إلى اإلخوان‪.‬‬

‫د‪ -‬كما نحب أن نوضح أن اختيار قيادات الجماعة يتم باالنتخاب من القاعدة وفق إجراءات‬ ‫الئحية محددة‪.‬‬ ‫ومجلس الشورى – الذي يأتي باالنتخاب من القاعدة – هو صاحب هذا الحق في اختيار أو عدم‬ ‫اختيار (أي تنحية) قيادات الجماعة‪ .‬كما أن لهذه القيادات دورتين متتاليتين فقط حرصا على التجديد‪،‬‬ ‫وبالتالي ال يزايد أحد على مجلس الشورى في هذا الحق‪.‬‬ ‫س‪ :5‬عندما ظهرت لنا بوادر الصدام والمحنة – ونحن ال نملك آليات دفعها – كان األجدر بنا‬ ‫االنسحاب أو إيجاد مخرج إلنقاذ الجماعة وصيانة الدماء؟‬ ‫أ‪ -‬إن موازين وقواعد الصراع بين الحق والباطل تختلف عن تلك التي يعتمدها الناس في تسيير‬ ‫أمورهم والبعد عن أي تضحية‪.‬‬

‫وآيات القرآن كثيرا ما كانت توضح ذلك‪ ،‬فكان التهديد من أصحاب الباطل لألنبياء بأن يسكتوا‬

‫عن التحرك بدعوتهم‪ ،‬وإال سيكون مصيرهم النفي أو القتل‪ ،‬وقد حاولوا ذلك عندما لم يستجب لهم‬ ‫األنبياء وواصلوا دعوتهم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إن أهداف الدعوة ومبادئها ال يمكن أن تساوم عليها‪ ،‬مهما كانت التضحية‪ ،‬وإن التمسك‬ ‫بحقها وشرعية وجودها والدفاع عن ذلك بالوسائل المناسبة التي يقرها الشرع‪ ،‬هو حق لها مهما تعرضت‬ ‫من تهديد‪ ،‬فأصحاب الدعوات ميزان حركتهم أمام ذلك هو الصمود والثبات‪.‬‬ ‫وفي هذا الوضع الحالي نحن ندافع عن المشروع اإلسالمي كله‪ ،‬ونتصدى للهجمة والمؤامرة التي‬ ‫تستهدفه‪.‬‬ ‫وما االنقالب العسكري إال أداة ضمن تلك األدوات‪ ،‬نحن أيضا ندافع عن إرساء مبدأ احترام إرادة‬ ‫األمة وحريتها وعدم خضوعها لسيطرة العسكر وحكمهم‪ ،‬وعدم خضوعها وتبعيتها للدول الغربية‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫نحن ندافع عن الشرعية وعن إرادة األمة في اختيار حاكمها ‪ ..‬وبكل المقاييس اإلسالمية‬ ‫والديمقراطية‪ ،‬هو الرئيس الشرعي الذى يجب أن تقف معه األمة في مواجهة تلك المؤامرة‪ ،‬وال يجوز‬ ‫للجماعة التنازل عن ذلك‪ ،‬وموقف الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان رضي اهلل عنه ورفضه لخلع‬ ‫نفسه وثباته حتى نال الشهادة قدوة ألصحاب الدعوات‪.‬‬ ‫س‪ :6‬لماذا نحصر صمود الجماعة في صورة الحشد واالعتصامات والمظاهرات‪ ،‬والدالئل كانت‬ ‫قوية أن العسكر سيقومون بمذبحة وسيواجهون المظاهرات بكل عنف؟ ألم يكن يكفي إصدار بيان أو‬ ‫أكثر كما فعل البعض؟‬ ‫أ‪ -‬الموازين التي تقيس بها الجماعة تلك األمور‪ ،‬ليس باختيار أي طريق يكون فيه النجاة‪ ،‬وإنما‬ ‫باستخدام الوسائل التي هي حق مشروع إلثبات الموقف ورفض المؤامرة والتصدي لها بكل وسائل النضال‬ ‫الدستوري والكفاح السياسي‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إقرار الجماعة باالعتصام في رابعة وغيرها من وسائل – ولم يتم إرغام أحد على المشاركة في‬ ‫ذلك – هو إعالن الرفض لهذا االنقالب وعدم الخضوع له أو السكوت‪ ،‬بل بالضغط عليه‪ ،‬وهذا في‬ ‫عرف الثوار عبر التاريخ يمثل اآللية األساسية النهيار الباطل ولو بعد حين‪ ،‬وقد كانت قيادات الجماعة في‬ ‫المقدمة وقدمت التضحيات من الشهداء والجرحى والمعتقلين‪.‬‬

‫ج‪ -‬الجماعة تسجل بذلك ملحمة تاريخية في الثبات والتضحية من أجل الحرية ومصلحة الوطن‪.‬‬ ‫د‪ -‬نعلم جيدا أنه لو تنازلت الجماعة عن ذلك‪ ،‬فإن خطتهم ومؤامرتهم ضد الجماعة وضد المشروع‬

‫اإلسالمي كانت ستمضي وبنفس تلك الشدة‪ ،‬وبافتعال الكذب والتزوير لتبريرها‪.‬‬ ‫هـ – في عهد اإلمام البنا كانت تخرج المظاهرات التي تنادى بالجالء التام‪ ،‬وتتعرض إلطالق‬ ‫الرصاص ويسقط الشهداء‪.‬‬ ‫ونذكر هنا مظاهرة كوبري عباس ‪ ،1946‬من طلبة الجامعة والتي قادها اإلخوان‪ ،‬وسقط فيها أكثر‬ ‫من عشرين شهيدا بخالف عشرات الجرحى ‪ ...‬وكذلك نماذج الثورات التي دكت عروش الظالمين‬ ‫وقدمت اآلالف من التضحيات‪ ،‬سواء من الثوار أو من الشعب‪.‬‬ ‫س‪ :7‬الجماعة قد تصمد للمحنة‪ ،‬لكن ما يتعرض له الشعب من إيذاء سيجعله ينفض عن المشروع‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬كما ستتم محاربة القيم اإلسالمية في المجتمع بصورة شديدة وسريعة؟‬ ‫‪5‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫أ‪ -‬ما يحدث من هذه الهجمة بكل أبعادها ليس رد فعل لرفض اإلخوان االنقالب‪ ،‬وإنما هو جزء‬ ‫من المؤامرة والمخطط الموجه لضرب المشروع اإلسالمي في المنطقة بأسرها‪ ،‬وال يقتصر فقط على ضرب‬ ‫اإلخوان‪ ،‬وهى من القلب بالنسبة للمشروع اإلسالمي‪ ،‬وإن المواجهة والصمود ومدافعة تلك المؤامرة هو‬ ‫واجبنا اإلسالمي الذى فرضه اهلل سبحانه وتعالى علينا‪ ،‬ونحن على يقين بهزيمة تلك الهجمة وانتصار‬ ‫الدعوة‪.‬‬

‫ب‪ -‬أما االنسحاب والتولي والسكوت‪ ،‬فمرفوض‪( :‬وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم ال يكونوا‬ ‫أمثالكم‪ ،)..‬وال يقتصر دورنا على كسر االنقالب وعودة الشرعية‪ ،‬وإنما بالمحافظة على محاور المشروع‬ ‫اإلسالمي وعلى نشر القيم اإلسالمية وحمايتها‪.‬‬ ‫ج‪ -‬والمحنة التي نتعرض لها اآلن‪ ،‬تختلف في أوجه كثيرة عن محن ( ‪..– 65 – 54 – 49‬‬ ‫إلخ)‪ ،‬لكن تحمل نفس القواعد والمعاني األساسية لمواجهة المحن واالبتالءات‪.‬‬ ‫د‪ -‬ال بد أن نعي وندرك فقه المحنة‪ ،‬وأن األمور كلها بقدر اهلل‪ ،‬وأنه طوال تاريخ الجماعة بعد ثباتها‬ ‫واجتياز اختبار المحنة‪ ،‬كانت تخرج أقوى وأصلب عودا‪.‬‬ ‫وأن ثقتنا في نصر اهلل وفضله علينا كبيرة ال تهتز مهما حدث‪ ،‬حتى ولو علقونا جميعا على المشانق‪،‬‬ ‫فهكذا تربينا‪ ،‬وأن انهيار الباطل قادم ال محالة ولو بعد حين‪.‬‬ ‫س ‪ :8‬ما هي أبعاد الرؤية بالنسبة لتلك المحنة؟‬ ‫أ‪ -‬هناك أبعاد قائمة على قراءة الواقع وخلفياته‪ ،‬وعلى تحديد أهداف الدعوة‪ ،‬لكن هناك منطلقات‬ ‫تنطلق منها تلك الرؤية‪ ،‬وتجعلنا نقيس المحنة بغير ما يقيسه اآلخرون‪.‬‬ ‫ب‪ -‬قدر اهلل عز وجل أن أصحاب الدعوات سيُمتحنون امتحانات شديدة‪ ،‬وستكون منهم تضحيات‬

‫كبيرة‪ ،‬فهل نحن على استعداد أن نكون من أصحاب الدعوات‪ ،‬وقد جعلنا الجهاد والتضحية من أركان‬ ‫البيعة‪ ،‬وهتفنا في شعاراتنا بأن الموت في سبيل اهلل أسمى أمانينا‪.‬‬ ‫ج‪ -‬قدر اهلل عز وجل أنه مهما أصابت الفئة المؤمنة من إيذاء من أعداء اإلسالم‪ ،‬فلن يكون ذلك‬ ‫سوى ” أذى ”‪” :‬لن يضروكم إال أذى”‪.‬‬ ‫وأنه مهما كانت كثرتهم وقوتهم‪ ،‬فإن أسباب الفشل ليست بسبب عنف الهجمة‪ ،‬وإنما هي تنشأ من‬ ‫داخل الصف إذا حل به التنازع‪ ،‬وفقد معين الصبر والثبات‪ ،‬وحاد عن ثوابته وأهداف دعوته‪ ،‬ولجأت‬

‫‪6‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫القلوب وتعلقت بغير اهلل‪ ،‬وإذا لم يبذل جهده البشرى معتبرا سنن اهلل في الكون أو افتتن بهذا الجهد‪ ،‬أو‬ ‫اهتز يقينه باهلل … إلخ‪.‬‬ ‫وقد تحدث للصف بعض العثرات أو التنازع فيكون هذا نذير خطر له‪ ،‬فال يلبث أن يرجع ويثوب‬ ‫إلى منطلقاته اإليمانية ويوحد صفه ليستقيم على أمر اهلل‪ ،‬واهلل عز وجل هو الذي يقدر النصر بالكيفية‬

‫والتوقيت‪ ،‬وفق حكمته ومشيئته‪ .‬وواجبنا هو الصبر والثبات وبذل الجهد وعدم التراجع‪.‬‬

‫وأن اهلل عز وجل يحفظ دينه ويحمي األمة اإلسالمية ويمكن لها في األرض‪ ،‬وأن هذه التضحيات‬ ‫التي يقدمها الدعاة ستكون نورا ووقودا يحفظ هذه القيم اإلسالمية ويعلي من شأنها‪ ،‬ويوقظ الشعوب‬ ‫اإلسالمية لتزداد تمسكا بها وحرصا عليها‪.‬‬ ‫س‪ :9‬لماذا فشلنا؟‬ ‫أ‪ -‬يحاول أصحاب هذا التساؤل إلقاء التبعة كلها على الجماعة‪ ،‬كما أن تعميم الفشل أمر غير‬ ‫صحيح‪ ،‬فهناك أمور نجحنا فيها‪ ،‬وما هذا الصمود في استمرار الثورة إال نموذج له ‪ ،..‬وهناك أيضا‬ ‫إخفاقات‪.‬‬ ‫ب‪ -‬نعم هناك نقاط ضعف وأخطاء غير متعمدة‪ ،‬كانت ضمن المشهد‪ ،‬وكان هناك أوجه قصور‪ ،‬وال‬ ‫بد من البحث في أسباب كل ذلك وكيفية عالجه‪ ،‬وقد كان الدافع وراء هذا األداء الذي ظهرت أخطاؤه‬

‫هو محاولة تجنب الصراع في المجتمع أو الصدام مع أحد‪ ،‬مما أدى إلى الفشل وعدم القدرة على إحباط‬ ‫الثورة المضادة‪.‬‬ ‫ج‪ -‬ونحن ال نتهرب من ذلك‪ ،‬وندعو إلى التقييم الصحيح للخروج بالدروس والعبر‪ ،‬كما أن التقييم‬ ‫له أسس صحيحة‪ ،‬وليس تقييما باالنطباع أو بمعلومات غير كاملة‪ ،‬وال بد أن يشمل جمع وتسجيل رؤية‬ ‫وشهادات العناصر األساسية التي كانت ضمن المشهد لتتم اإلحاطة بكل المعلومات‪ ،‬وقد بدأ في ذلك‬ ‫عدد من القيادات الذين سمحت لهم الظروف بذلك بصورة فردية‪ ،‬إلى أن يتم تكوين لجنة عليا تتمكن‬ ‫من أخذ شهادات جميع القيادات‪.‬‬ ‫د‪ -‬لكن النقطة الهامة‪ ،‬أال يغيب عنا أننا نواجه دولة عميقة خطيرة‪ ،‬تملك تقريبا كل شيء‪:‬‬ ‫(المؤسسات السيادية – المال – اإلعالم – االقتصاد – السالح –‪ ..‬إلخ)‪.‬‬ ‫وأننا نواجه مؤامرة دولية على األمة اإلسالمية‪ ،‬وعلى المنطقة العربية على وجه الخصوص‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫هـ – كما نريد أن نلفت أن ما يحدث حاليا ليس عنوانه الفشل‪ ،‬فحتى اآلن الجماعة ودوائرها‬ ‫والعناصر الوطنية المتحالفة معها‪ ،‬ما زالت صامدة وترفض االنقالب‪ ،‬وتنزل للشارع رغم القتل واالعتقال‪،‬‬ ‫بل إن الفشل هو فشل االنقالب في إخضاع هذه الجموع الثائرة رغم كل ما فعل‪ ،‬ورغم التأييد والدعم‬ ‫الدولى له‪.‬‬

‫والجماعة وسط هذا الضغط‪ ،‬وتلك المحنة‪ ،‬تسجل صفحة مشرقة من تاريخها في الحرص على‬

‫مصلحة الوطن‪ ،‬وفي تقديم التضحيات‪ ،‬وفي القدرة على الصمود والثبات‪ ،‬وعلى النزول للشارع وقيادة‬ ‫الجماهير‪.‬‬ ‫س ‪ :10‬هل نجحت المؤامرة الدولية ضد المشروع اإلسالمي‪ ،‬وهل لم يكن لدينا رؤية بشأن ذلك؟‬ ‫أ‪ -‬نحتاج أن نقرأ المشهد بصورة أوسع وأعمق‪:‬‬ ‫كانت ثورة ‪ 25‬يناير تمثل خروجا على المنظومة التي تحكم مصر‪ ،‬والمدعومة من الخارج‪ ،‬وكان‬ ‫للشباب ولإلخوان المسلمين دورا فعاال فيها وفي إفشال محاولة استيعابها أو إيقاف نتائجها‪ ،‬والتي تمثلت‬ ‫في وصول أول رئيس مدني منتخب انتخابا حرا لمصر‪ ،‬لتبدأ معه المعركة مع الدولة العميقة وهيمنة الدول‬ ‫الغربية – على األخص أمريكا – على القرار فيها‪.‬‬ ‫وتم تطمين جميع تلك الدول على المعاهدات واالتفاقيات وعلى المصالح الدولية‪ ،‬وتأجيل أى‬

‫إجراءات تحدث هزة دولية‪ ،‬لكن الموقف األيديولوجي كان هو األساس‪ ،‬والحرص على بقاء المنظومة‬ ‫الفاسدة في منهجية الحكم في مصر‪.‬‬ ‫وتم اتخاذ قرار االنقالب من أمريكا ودعم إقليمي‪ ،‬وتنفيذ القوى األساسية في مصر – المؤسسة‬ ‫العسكرية واألمنية –‪ ،‬وتشجيع األحزاب والكنيسة وفلول النظام السابق والشخصيات العلمانية ‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬كان في حساباتهم أن اإلخوان سترفض وتعترض قليال ثم تسكت‪ ،‬مثلما حدث في ‪،1954‬‬ ‫وتتحمل هذا الضغط‪ ،‬لكن المفاجأة لديهم أن استراتيجية اإلخوان تغيرت‪ ،‬وأنها قررت المواجهة‬ ‫واالستمرار فيها بكل وسائل النضال الدستوري والكفاح السياسي‪ .‬وقدمت – وما زالت – الكثير من‬ ‫التضحيات ومعها القوى الوطنية الرافضة لالنقالب‪ ،‬لتمثل أطول وأقوى نموذج مواجهة في تاريخ مصر‪.‬‬ ‫ج‪ -‬إن هناك منجزات حقيقية لثورة الشرعية على أرض الواقع‪:‬‬ ‫‪ ‬ذلك الشباب الثائر‪ ،‬والذي سوف يشكل مستقبل مصر وقيادته في المستقبل‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫‪ ‬هذا التفاعل اإليجابي القوي من المرأة بكل أعمارها السنية‪ ،‬واستمرار ثورتها ونزولها للشارع بهذا‬ ‫الحجم الكبير رغم ما تتعرض له من قتل وإيذاء واعتقال‪.‬‬ ‫‪ ‬هذا اإلصرار القوي المستمر من الثوار على المقاومة ورفض االنقالب‪ ،‬رغم مضي هذه المدة‪،‬‬ ‫ورغم قوة البطش – وقد مضى أكثر من عامين ‪.-‬‬

‫‪ ‬بدأ يحدث الفرز ويتضح لشرائح في الشعب‪ ،‬أنها معركة ضد اإلسالم وقيمه‪ ،‬وليست ضد اإلخوان‬

‫فقط‪.‬‬ ‫‪ ‬بل وبدأ الخالف بين شركاء األمس االنقالبيين حول الكعكة‪ ،‬وقد كان كل منهم يحلم بنصيبه‬ ‫منها‪ ،‬فإذا بهم يستيقظون على حقيقة غابت عنهم‪ ،‬أن الجيش ال يسمح بالمشاركة‪ ،‬وإذا أعطى شيئا فهو‬ ‫الفتات‪.‬‬ ‫‪ ‬بدأ يظهر بوضوح – رغم كل وسائل الدعم الخارجي – أن أسس استقرار دولة االنقالب وقدرتها‬ ‫على الصمود وسد العجز االقتصادي‪ ،‬غير متوفرة‪ ،‬بل تتدهور بسرعة‪ ،‬وأصبحت تشكل عبئا عليهم‪.‬‬ ‫‪ ‬تم كشف جميع األقنعة – رغم وسائل التجميل اإلعالمية – فظهرت مؤسسات الدولة العميقة‬ ‫على حقيقتها‪ ،‬وفى مقدمتها (القضاء – الداخلية – الجيش – اإلعالم –‪ ..‬إلخ)‪.‬‬ ‫‪ ‬بل تم كشف األقنعة عن تلك األحزاب والشخصيات الليبرالية أو العلمانية‪ ،‬والتي كانت تدعي‬ ‫الديمقراطية والتمسك بالحريات‪ ،‬فظهر كذبها بتأييدها لالنقالب‪ ،‬وانتهت كواقع وتأثير في المستقبل‬ ‫السياسى في الشعب المصري‪.‬‬

‫‪ ‬والتيارات اإلسالمية التي – لسبب ما – وقفت مع االنقالب‪ ،‬في حيرة من أمرها وفي وضع حرج‪،‬‬ ‫وهي ترى االنقالبين والعلمانيين يحاولون تغيير القيم اإلسالمية في المجتمع‪.‬‬ ‫خاتمة‪ :‬نوضح بها بعض القواعد والمعاني اإلسالمية في هذا الشأن‪:‬‬ ‫‪ ‬إن الدعوة لها موازين أخرى في التعامل مع األحداث‪ ،‬وهي مستمدة من ربانية الدعوة‪ ،‬وهي ليست‬ ‫بديال عن السنن الكونية‪ ،‬وإنما هي ضابط حاكم وفوق هذه الموازين المادية توجهها وال تلغيها‪:‬‬ ‫أ‪ -‬طوال الفترة المكية‪ ،‬كان دور الصحابة هو التحرك بالدعوة‪ ،‬والترابط فيما بينهم والتربية على‬ ‫معانى اإليمان‪ ،‬والصبر والثبات وتحمل األذى والتعذيب ‪ ...‬ولم يطلب أحد منهم من رسول اهلل صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬أن يتم تحديد موعد النصر وال كيف سيتم‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫فقد كانوا من االستضعاف وقلة الوسائل ما ال يساعد على ذلك‪ ،‬لكن كان لديهم اليقين بنصر اهلل‪،‬‬ ‫والتمكين لدعوته‪.‬‬ ‫ب‪ -‬من هذه الموازين‪ :‬فإنه عند وجود خيارات أمام الجماعة‪ ،‬فإنها تختار وفقا لتأثير ذلك على‬ ‫مشروعها اإلسالمي وتقدمه أو عدم تأثيره السلبي عليه‪ .‬وأن تستمر البوصلة نحو تحقيق أهدافها هاديا لها‬ ‫في مسيرتها وحركتها وال تنحرف عن ذلك‪.‬‬

‫ج‪ -‬ومنها أيضا‪ :‬إذا واجهت الجماعة عدة خيارات صعبة في أمور هامة‪ ،‬فإنها تعود إلى الثوابت‬ ‫والضوابط األساسية في دعوتها لتكون ميزانا لها‪ ،‬ال تخرج عنه في اختياراتها وتزداد تمسكا بتلك‬ ‫الضوابط‪.‬‬ ‫د – ومنها أيضا‪ :‬إذا واجهت موقف صعبا انسدت أمامها الطرق‪ ،‬فإنها تثبت مكانها وتصمد وتلتف‬ ‫حول رايتها وتحرص على تماسك صفها حتى تزول تلك المحنة أو ذلك الموقف وتتضح لها الرؤية كاملة‪.‬‬ ‫هـ – وهذه نماذج من السيرة ومن تاريخ الدعوة توضح ذلك‪:‬‬ ‫– في غزو األحزاب واجه الصحابة موقفا صعبا‪ ،‬ووضع الرسول صلى اهلل عليه وسلم أمامهم خيار أن‬ ‫يعطوا ثلث ثمار المدينة غطفان لكي تنسحب – وقد وافقت – وبالتالي تقل أعداد الجبهة المعادية‬ ‫المحاصرة لهم‪ ،‬وقد يتسبب هذا في انسحابها بالكامل‪.‬‬ ‫ولم يكن هناك خيار آخر إال الصمود أمام عشرة أالف من الكفار‪ ،‬والفئة الصامدة المدافعة عن‬

‫اقتحام الخندق تزيد قليال عن الثالثمائة‪.‬‬ ‫فماذا كان خيار قادة األنصار؟‬

‫كان الخيار المطروح فيه خطة للنجاة‪ ،‬لكن فيه حط من شأن الدعوة والدولة اإلسالمية وهيبتها‪ ،‬وال‬ ‫يستقيم مع عزة الدعوة‪ ،‬فرفضوا ذلك باإلجماع‪ ،‬ولم يكن لديهم وقتها أي خطة كيف يهزمون العشرة‬ ‫آالف ويرغمونهم على االنسحاب؟‪ ،‬ليس أمامهم إال الصمود والثبات‪.‬‬ ‫وعندما اجتازوا هذا االختبار‪ ،‬جاءهم النصر من عند اهلل من حيث ال يتصورون‪.‬‬ ‫– عند تآمر بني النضير في محاولة قتل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وفي وقت كانت الظروف‬ ‫صعبة على المسلمين بعد ما حدث في غزوة أحد‪ ،‬وكان هؤالء اليهود من القوة العسكرية ومن دعم‬ ‫المنافقين لهم‪ ،‬ما جعل الصحابة في تقديرهم أنه ال يمكن إخراجهم ”ما ظننتم أن يخرجوا” ‪..‬‬ ‫وكان الميزان والقناعة عند بني النضير‪ ،‬أنهم يملكون القوة وأنهم لن ينهزموا‪” ،‬وظنوا أنهم مانعتهم‬ ‫حصونهم من اهلل‪،”..‬‬ ‫‪10‬‬


‫حوار مع أفراد الصف‬

‫وكانت هناك أيضا خيارات متعددة خالف إعالن الحرب والمواجهة وطلب إجالئهم‪ ،‬كان هناك خيار‬ ‫تسليم من قام بالمحاولة ومحاكمته‪ ،‬كان هناك خيار دفع غرامة مالية مع االعتذار منهم‪ ،‬كان هناك خيار‬ ‫السكوت مع توجيه تأنيب لهم‪ ..،‬إلخ‪.‬‬ ‫لكن خيار المواجهة كان هو الخيار الصحيح الذي يحقق هيبة الدولة وإعزاز وضعها‪ ،‬وأن أى خيار‬

‫غيره كان فيه إضعاف لعزة اإلسالم وهيبته‪.‬‬ ‫‪ ‬ومن تاريخ الدعوة المعاصرة نذكر‪:‬‬

‫– كان أمام اإلمام البنا أن يترك قضية فلسطين‪ ،‬وأال يدفع كتائب اإلخوان لمقاتلة الصهاينة‪ ،‬وهو‬ ‫يعلم ما سيترتب على ذلك‪ ،‬ويكتفى ببعض البيانات لكي يجنب الجماعة المحنة‪ .‬لكن هذا الخيار كان‬ ‫مرفوضا ألنه يخالف أهداف الدعوة وضوابطها كما أوضحنا سابقا‪.‬‬ ‫– كان أمام اإلخوان في عامي (‪ )54 – 53‬عدم االعتراض على اتفاقية الجالء التي عقدها عبد‬ ‫الناصر‪ ،‬لكن األستاذ الهضيبى وقيادة اإلخوان رفضوا السكوت وأظهروا الخلل الذي فيها‪ ،‬ألن هذا هو‬ ‫واجب الجماعة (وقد تكرر ذلك الموقف منهم عندما هاجموا اتفاقية كامب ديفيد‪ ،‬وأظهروا ما فيها من‬ ‫خلل)‪،‬‬ ‫وقال لهم األستاذ الهضيبي وقتها أن يستعدوا للموت في سبيل مبادئهم وال يجوز لهم السكوت‬ ‫والتماس الرخص لذلك‪.‬‬

‫كما كان أمامهم السكوت على أفعال عبد الناصر وسيطرة العسكر وضرب الحريات السياسية‪ ،‬أو‬

‫مجاراته ومهادنته والدخول في هيئة التحرير التي أنشأها‪ ،‬حيث دعاهم عبد الناصر لذلك‪ … ،‬إلخ‪،‬‬ ‫لكنهم رفضوا هذا الخيار استنادا إلى مبادئهم ودعوتهم وصمدوا في السجون طوال أكثر من عشرين عاما‪.‬‬ ‫هكذا هو تاريخ الدعوة وتلك هي مبادئها ورؤيتها‪ ،‬واهلل غالب على أمره‪ ،‬ولكن أكثر الناس ال‬ ‫يعلمون‪.‬‬ ‫واهلل أكبر وهلل الحمد‪.‬‬

‫‪11‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.