مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا دورة اللستثمار في اللسل م ربيع الثاني -1426مايو2005
عنوان البحث :التأمين في أمريكا إسم المؤلف :ا لدكتور يوسف الشبيلي
بسم ا الرحمن الرحيم
التأمين الحمد ل والصل ة والسل م على رسول ا المبحث الول
1
التعريف بعقد التأمين ،وأنواعه ،وخصائصه وفيه ةثلةثة مطالب: المطلب الول :تعريف عقد التأمين: أولً :تعريف التأمين في اللغة: التأمين مأخوذ من المن ،والمادة الثليثية )أم ن( هي مادة واحدة ،وإن تعددت صور التشتقاق؛ فالمن: كن َلنُهنُمن ا َ لنْمنُنن.". فنُ ". ، ".أنْونَلنن ِئن َ ضد الخوف ونقيضه .وفي التنزيلَ ". :ونمآ َمنَننُهنم ّمنْنن َخنْون ٍ والمانة؛ ضد الخيانة. واليمان ضد الكفر ،وهو بمعنى التصديق :ضد التكذيب. ةثانياً:تعريف التأمين في الطصطل:ح: يعرف التأمين بأنه :عقد بين طرفين أحدهما يسمى المؤمن والثاني المؤمن له )أو المستأمن( يلتزم فيه المؤمن بأن يؤدي إلي المؤمن لمصلحته مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مالي مآخر في حالة وقوع حادث أو تحقق خطر مبين في العقد ،وذلك في مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له إلي المؤمن. وفي العصر الحاضر ل يقوم بالتأمين فرد نحو فرد بل تقوم به تشركات مساهمة كبيرة يتعامل معها عدد ضخم من المستأمنين ،فيجتمع لها مبالغ كبيرة من أقساط التأمين ،وتؤدي من هذه القساط المجتمعة ما يستحق عليها من تعويضات عند وقوع الحوادث المؤمن منها ،ويبقى رأس مالها سندا احتياطيا، ويتكون ربحها من الفرق بين ما تجمعه من أقساط وما تدفعه من تعويضات. ةثالثاً :نشأته: التأمين بمعناه الحقيقي المتعارف عليه عقد حديث النشأة في العالم فهو لم يظهر إل في القرن الرابع عشر الميلدي في إيطاليا حيث وجد بعض التشخاص الذين يتعهدون بتحمل جميع الخطار البحرية التي تتعرض لها السفن أو حمولتها نظير مبلغ معين )التأمين البحري( ،يثم ظهر بعده التأمين من الحريق يثم التأمين على الحياة ،يثم انتشر بعد ذلك التأمين وتنوع حتى تشمل جميع نواحى الحياة فأضحت تشركات التأمين تؤمن الفراد من كل خطر يتعرضون له في أتشخاصهم وأموالهم ومسؤولياتهم بل أضحت بعض الحكومات تجبر رعاياها على بعض أنواع التأمين. المطلب الثاني:أنواع التأمين: )أ( ينقسم التأمين من حيث شكله إلي تأمين تعاوني وتأمين تجاري : -1التأمين التعاوني )أو التبادلي( )أو بالتكتتاب(: في هذا النوع من التأمين يجتمع عدة أتشخاص معرضين لخطار متشابهة فيدفع كل منهم اتشتراكا معينا، وتخصص هذه التشتراكات لداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر ،وإذا زادت التشتراكات على ما صرف من تعويض كان للعضاء حق استردادها ،وإذا نقصت طولب العضاء باتشتراك إضافي لتغطية العجز ،أو أنقصت التعويضات المستحقة بنسبة العجز ،وأعضاء تشركة التأمين التعاوني ل يسعون إلي تحقيق ربح ،بل إلي تخفيف الخسائر التي تلحق بعض العضاء ،فهم يتعاقدون ليتعاونوا على تحمل مصيبة قد تحل ببعضهم ،وتدار الشركة بوساطة أعضائها ،فكل واحد منهم يكون مؤمنا ومؤمنا له. -2التأمين التجاري ذي القسط الثابت: في هذا النوع من التأمين :وهو النوع السائد الن الذي تنصرف إليه كلمة التأمين لدى إطلقها ،يلتزم المؤمن له بدفع قسط محدد إلي المؤمن ،وهو الشركة التي يتكون أفرادها من مساهمين مآخرين غير المؤمن لهم ،وهؤلء المساهمون هم المستفيدون بأرباح الشركة ،ففي التأمين بقسط يثابت يكون المؤمن له غير المؤمن الذي يسعى دائما إلي الربح ،بخلف التأمين التعاوني الذي ل يسعي إلي الربح أبدا ،وإنما غاية أفراده التعاون على تحمل المخاطر ،وهذا الهدف النساني النبيل ل يوجد إل في التأمين التعاوني 2
ول يوجد البتة في التأمين بقسط يثابت ،فالفكرة السترباحية البحتة هي الساس هنا والفكرة التعاونية غلف براق لها فقط. )ب( وينقسم التأمين من حيث موضوعه إلي قسمين رئيسيين: -1تأمين الضرار: وهو يتناول المخاطر التي تؤيثر في ذمة المؤمن له ،والغرض منه تعويض الخسارة التي تلحق المؤمن له بسبب الحادث وهو ينقسم إلي قسمين: التأمين على التشياء؛ ويراد به تعويض المؤمن له من الخسارة التي تلحقه في ماله كالتأمين من الحريقوالسرقة. والتأمين من المسؤولية؛ ويراد به ضمان المؤمن له ضد الرجوع الذي قد يتعرض له من جانب الغيربسبب ما أصابهم من ضرر يسأل عن التعويض عنه ،وأهم صوره تأمين المسؤولية الناتشئة من حوادث السيارات أو من حوادث العمل . وفي تأمين الضرار يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له عند حدوث الكاريثة في حدود مبلغ التأمين ،أي أن المؤمن يدفع للمؤمن له أقل المبلغين؛ المبلغ المؤمن به ،والمبلغ الذي يغطي الضرر الناتشئ عن الحاديثة، وليس للمؤمن له أن يجمع بين مبلغ التأمين ودعوى التعويض ضد الخرين المسؤولين عن الحادث، وإنما يحل المؤمن محل المؤمن له في الدعاوى الكائنة له ضد من تسبب في الضرر. -2تأمين الشخاص: وهو يتناول كل أنواع التأمين المتعلقة بشخص المؤمن له ،ويقصد به دفع مبلغ معين للنسان في وجوده أو سلمته ،يحدده المؤمن باتفاق بينهما ،ول يتأيثر بالضرر الذي يصيب المؤمن له ،وللمؤمن له الجمع بين مبلغ التأمين من المؤمن والتعويض ممن تسبب في الضرر ،فالمؤمن هنا ل يحل محل المؤمن له. ويشمل تأمين التشخاص نوعين أساسيين: .1التأمين على الحيا ة ،وله طصور ة متعدد ة أهمها: )أ( التأمين لحالة الوفاة وقد يكون عمريا وقد يكون مؤقتا وقد يكون تأمين البقيا حسب التشتراط. )ب( التأمين لحال البقاء أو لحال الحياة؛ ومن أمثلته التأمين المضاد. )ج( التأمين المختلط البسيط :وهو أن يلتزم فيه المؤمن بأداء المبلغ المؤمن إما في تاريخ معين للمؤمن له نفسه إذا ظل حيا في هذا التاريخ ،وإما إلي المستفيد المعين أو إلي وريثة المؤمن له إذا مات قبل التاريخ ،ويكون القسط في هذا النوع اكبر من النوعين السابقين ،وهذا النوع هو أكثر تشيوعا في التأمين على الحياة. .2التأمين من الحوادث الجسمانية :وهو النوع الثاني من نوعي التأمين على التشخاص ،ويلتزم فيه المؤمن بدفع مبلغ من المال إلي المؤمن في حالة ما إذا أصابه في أيثناء المدة المؤمن فيها حادث جسماني ،أو إلي المستفيد المعين إذا مات المؤمن له.
)ج( التقسيم الثالث :تأمين خاص وتأمين اجتماعي: -1فالتأمين الخاص هو ما يعقده المؤمن على نفسه من خطر معين ،ويكون الدافع إليه هو الصالح الشخصي. -2والتأمين الجتماعي هو ما كان الغرض منه تأمين الفراد الذين يعتمدون في معاتشهم على كسب عملهم من بعض الخطار التي يتعرضون لها فتعجزهم عن العمل كالمرض والشيخوخة والبطالة والعجز .وهو يقوم على فكرة )التضامن الجتماعي( ويشترك في دفع القسط مع المستفيد أصحاب العمل والدولة التي تتحمل هنا العبء الكبر. )د( التقسيم الرابع :تأمين إجباري وتأمين اختياري: -1فالول ما ألزمت به الدولة في قطر رعاياها كالتأمين الجتماعي والتأمين على السيارات. -2الثاني ما كان خلف ذلك. 3
المطلب الثالث:خصائص عقد التأمين : -1أنه عقد من عقود التراضي ،باعتبار أن اليجاب والقبول ضروريان فيه فينعقد بمجرد توافق اليجاب والقبول ،لكنه ل يثبت عادة إل بويثيقة تأمين )بوليصة( يوقع عليها المؤمن. -2وهو عقد ملز م للجانبين؛ حيث إنه ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل طرف من طرفيه قبل الخر؛ وتنشأ هذه اللتزامات من اللحظة التي يتم فيها العقد بركنيه اليجاب والقبول. -3وهو عقد احتمالي؛ لن خسارة أو ربح كل من طرفي العقد غير معروف وقت العقد . -4وهو عقد زمني )أي مستمر( حيث ل يتم الوفاء باللتزام المترتب عليه بصفة فورية ،وإنما يستغرق الوفاء بهذا اللتزام مدة من الزمن هي مدة نفاذ العقد. -5وهو عقد إذعان :حيث يتولى أحد طرفي العقد وضع الشروط التي يريدها ويوضعها على الطرف الخر فإن قبلها دون مناقشة أو تعديل أبرم العقد وإل فل. -6وهو عقد معاوضة من حيث أن كل واحد من طرفيه يأخذ مقابل لما يعطي. -7وهو عقد مسمى :والعقود المسماة هي التي تخضع للحكام العامة من حيث انعقادها ومآيثارها. المبحث الثاني أقوال العلماء المعاطصرين في حكم التأمين التجاري لم يكن التأمين معروفاً عند فقهائنا المتقدمين ،لنه لم يرد فيه نص تشرعي ولم يكن من بين الصحابة والئمة المجتهدين من تعرض لحكمه. وكان من أول من تكلم عن حكمه من الفقهاء الفقيه الحنفي ابن عابدين في حاتشيته على الدر المختار. وللعلماء المعاصرين يثليثة أقوال في حكم التأمين ،ونشير إلى هذه القوال بشيء من اليجاز : القول الول :المنع مطلقًا: ومن أبرز أدلة هذا القول: أنه عقد يقوم على المقامرة والغرر ،لنه عقد معلق على خطر تارة يقع وتارة ل يقع ،فهو -1 ً قمار معنى ،ولن كل من طرفي العقد ل يدري عند إنشائه ما سيأخذ ول ما سيعطي ،وبقدر ربح أحد الطرفين في العقد تكون خسارة الخر ،فالعقد دائر بين الغنم والغرم ،وهذا حقيقة عقد الغرر. أن فيه ربا ،لن التأمين مبادلة نقود ) وهي أقساط التأمين( بنقود أخرى) وهي التعويض( -2 بدون تقابض ول تمايثل.وفي حال التأمين على الحياة تحدد فوائد ربوية تدفع للمؤمن له مع ما دفعه من أقساط إن بقي حياً حتى نهاية مدة العقد. نوقش هذا الدليل :بعدم التسليم بأن فيه ربا لمرين: الول :أن المعاوضة حقيقة بين نقود تدفع أقساطاً للمؤمن ومنفعة هي تحمله تبعة الكاريثة وضمانه رفع أضرارها ،فأحد البدلين هو منفعة وهي ليست من الموال الربوية. ً والثاني :أن ما يدفعه المؤمن للمؤمن له ليس بدلً عن القساط بدليل أنه قد ل يدفع تشيئا في كثير من حالت التأمين ،ول يدفع إل حيث يقع الخطر وذلك إنما يكون على سبيل التبعية لتحمله تبعة الحادث ،ولو صح هذا الستدلل لمكن وصف أي مقامرة بأنها ربا. أن فيه أكلً للمال بالباطل ،فالمؤمن يأخذ أقساط التأمين بغير مقابل إذا لم يحصل للمؤمن له -3 أي ضرر. القول الثاني :جواز التأمين: ومن أبرز من ذهب إلى ذلك الشيخ مصطفى الزرقا ،والشيخ علي الخفيف رحمهما ا، ومن أبرز أدلتهم: أن التأمين عقد جديد لم يتناوله نص تشرعي ول يوجد في أصول الشريعة ما يمنع جوازه، -1 فيبقى على الصل هو الحل.
4
القياس على ما ذكره فقهاء الحنفية في ضمان خطر الطريق ،وذلك فيما إذا قال تشخص -2 لخر :اسلك هذا الطريق فإنه مآمن ،فإن أصابك تشيء فأنا ضامن ،فلو سلكه وأخذ ماله فإنه يضمن .ووجه الشبه بين هذا وبين عقد التأمين أن الضامن هنا ضمن مع أنه غير متسبب في الضر كما أنه يضمن تشيئاً مجهولً ومحتمل الوقوع ،وكذلك المؤمن يصح تضمينه ولو لم يكن متسبباً إذا التزم بذلك ،ولو كان التعويض مجهو ً ل. ويناقش :بعدم التسليم بهذا القياس لمرين: الول :أن تضمين الحناف له فيما لو يثبت هذا لنه هو السبب لكونه غره حتى سلك هذا الطريق الخطر. والثاني:ولن ما ذكره فقهاء الحناف فيما إذا ضمن بل عوض ،أما هنا فالمؤمن يضمن بعوض. القياس على قاعدة اللتزام والوعد الملزم عند المالكية ،وخلصتها :أن من وعد غيره عدة -3 بغرض أو تحمل خسارة أو نحو ذلك مما ليس بواجب عليه في الصل فإنه يلزمه الوفاء بوعده لسيما إذا دخل الموعود في السبب ،كما لو قال :تزوج ،وأعطيك المهر. ويناقش :بأنه قياس مع الفارق لن الوعد الملزم عند المالكية تبرع من الواعد ابتداء على غير عوض وبدون مقابل ،بخلف التأمين. أن التأمين يحقق مصالح متعددة فهو يمنح المان والطمئنان للمستأمن ،ويساهم في تحقيق -4 مصالح اقتصادية بفضل تأسيسه على التعاون الذي يؤدي إلى توزيع أعباء المخاطر بين المستأمنين ،وتحقيق التكافل فيما بينهم ،وهذا من المصالح المرسلة التي جاءت الشريعة بحفظها. ً ويناقش بأن المصلحة إذا تعارضت مع نصوص الشريعة فهي ملغاة ول يلتفت إليها ،فضل عن أنه من الممكن تحقيق مصالح التأمين بصورة التأمين التعاوني بدون الوقوع في المحاذير الشرعية. القول الثالث:تحريم التأمين على الحيا ة وجواز التأمين فيما عدا ذلك: كالتأمين الطبي والتأمين على الممتلكات ،وحجة هذا القول: أن التأمين الطبي والتأمين على الممتلكات ل يراد منه الحصول على النقد وإنما يقصد منه تحمل التبعة، فإن كان تأميناً طبياً فبتحمل العلج ،وإن كان على السيارات فبإصلحها وهكذا ،فليقصد منه المال لذاته. ً وأما التأمين على الحياة فإن المقصود منه النقود ،فالربا فيه ظاهر لن المؤمن له يدفع نقودا قليلة مقسطة مقابل الحصول على نقود كثيرة مؤجلة. الترجيح: الذي يظهر – وا أعلم -أن التأمين التجاري محرم من حيث الصل ،وبهذا صدرت قرارات عدد من المجامع والهيئات الشرعية ،ومن ذلك قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 51 وتاريخ 4/4/1397هن .وقرار مجمع الفقه السلمي التابع لرابطة العالم السلمي في دورته الولى تشعبان ،1398والمجمع الفقهي السلمي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر السلمي ،في القرار رقم )9 (9/2سنة 1406هن=1985م.ونصه".: بسم اللنه الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى مآله وصحبه. قرار رقم 2 بشأن التأمين وإعادة التأمين أما بعد: فإن مجمع الفقه السلمي المنبثق عن منظمة المؤتمر السلمي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 16 – 10ربيع الثاني 1406هن 28 – 22/ديسمبر 1985م. 5
بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء والمشاركين في الدورة حول موضوع ".التأمين وإعادة التأمين.". وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة. وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه ،والمبادئ التي يقوم عليها والغايات التي يهدف إليها. وبعد النظر فيما صدر عن المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن. قرر: – 1أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به تشركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد .ولذا فهو حرام تشرعا. – 2أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل السلمي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون .وكذلك الحال بالنسبة لعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني. – 3دعوة الدول السلمية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني ،وكذلك مؤسسات تعاونية لعادة التأمين ،حتى يتحرر القتصاد السلمي من الستغلل ومن مخالفة النظام الذي يرضاه ا لهذه المة. 1 وا أعلم. ". 2 وبمثل ذلك صدر قرار مجمع الفقه التابع للرابطة ،وقرار مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية. ومما ينبغي النظر فيه مأخذ التحريم ،وبيان ذلك كالتي: فالتأمين على الحياة محرم لمرين ،الربا والغرر ،وقد سبق بيان ذلك. -1 وأما ما عداه من أنواع التأمين التجاري الخرى فجريان الربا فيها غير ظاهر ،ول يسلم من -2 ً المناقشة،وإنما الواضح من هذه النواع أن فيها غررا ،وعلى هذا فتنطبق على هذه النواع قاعدة الغرر في الشريعة ،وتجري عليها أحكامه ،وهذا يقودنا إلى الحديث عن الغرر وضوابطه في الشريعة.
1مجلة المجمع 2/731 2
6
المبحث الثالث قاعد ة الغرر في الشريعة وعلقتها بعقد التأمين وفيه ةثلةثة مطالب: المطلب الول :في حقيقة الغرر: الغرر في اللغة اسم مصدر من التغرير ،وهو الخطر ،والخدعة ،وتعريض المرء نفسه أو ماله للهلكة.3 وتعددت تعريفات أهل العلم للغرر: 4 فعرفه السرخسي بأنه :مايكون مستور العاقبة . 5 وعرفه القرافي بأنه :هو الذي ليدرى هل يحصل أم ل . 6 وعرفه السبكي بأنه :ما انطوى عليه أمره وخفي عليه عاقبته . وعرفه تشيخ السلم ابن تيميةبأنه :المجهول العاقبة.7 وهذه التعريفات متقاربة فالغرر أن يدخل النسان في المعاملة وهو يجهل عاقبتها،والعقد في هذه الحالة يكون دائرا بين الغنم والغرم فإذا غنم أحد العاقدين غرم الخر .والفرق بين الميسر والغرر أن الميسر يكون في اللعب والمغالبات بينما الغرر يكون في المبايعات ،يقال :باع غررًا ،ولعب قمارًا. المطلب الثاني :شروط تكون الغرر مؤةثرًا: الصل في بيع الغرر هو التحريم .يدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي ا عنه أن النبي صلى ا عليه وسلم } نهى عن بيع الحصاة ،وعن بيع الغرر { .رواه مسلم.8 قال النووي :النهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع ،يدل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة ،وقال :وبيع ما فيه غرر ظاهر يمكن الحتراز عنه ول تدعو إليه الحاجة باطل .9 وينقسم الغرر من حيث تأيثيره على العقد إلى :غرر مؤيثر في العقدة وغرر غير مؤيثر .قال ابن رتشد الحفيد :اتفقوا على أن الغرر ينقسم إلى مؤيثر في البيوع وغير مؤيثر. 10 ويشترط في الغرر حتى يكون مؤيثرا الشروط التية : الشرط الول :أن يكون الغرر تكثيراً : قال ابن القيم ". :والغرر إذا كان يسيراً أو ل يمكن الحتراز منه لم يكن مانعاً من صحة العقد ،بخلف الكثير الذي يمكن الحتراز منه ،وهو المذكور في النواع التي نهى رسول ان صلى ان عليه وسلم عنهاوما كان مساوي ًان لها لن فرق بينها وبينه ،فهذا هو المانع من صحة العقد.11 ". وقال القرافي ". :الغرر والجهالة -أي في البيع -يثليثة أقسام :كثير ممتنع إجماعا ،كالطير في الهواء ، وقليل جائز إجماعا ،كأساس الدار وقطن الجبة ،ومتوسط اختلف فيه ،هل يلحق بالول أم بالثاني ؟.12". وقال الباجي -مبيناً ضابط الغرر الكثير ".:-الغرر الكثير هو ما غلب على العقد حتى أصبح العقد يوصف به.13". الشرط الثاني :أن يكون الغرر في المعقود عليه أطصالة : فيشترط في الغرر حتى يكون مؤيثرا في صحة العقد أن يكون في المعقود عليه أصالة .أما إذا كان الغرر فيما يكون تابعا للمقصود بالعقد فإنه .ل يؤيثر في العقد .ومن القواعد الفقهية المقررة :أنه يغتفر في 3المصباح المنيرص 324 4المبسوط 13/68 5الفروق 3/265 6تكملة المجموع 9/257 7القواعد النورانية ص 138 8أخرجه مسلم ) (2/3وأبوداود).(3376 9صحيح مسلم بشرح النووي 11/156 10بداية المجتهد 187)2 11زاد المعاد 5/820 12الفروق 3/265 13المنتقى 5/41
7
التوابع ما ل يغتفر في غيرها ،ولذا جاز بيع الحمل في البطن تبعاً لمه ،وجاز بيع اللبن في الضرع مع الحيوان ،ومن ذلك أيضاً أنه ل يجوز أن تباع الثمرة التي لم يبد صلحها مفردة ،لنهي النبي صلى ا عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلحها ،ولكن لو بيعت مع أصلها جاز ،لقول النبي صلى ا عليه وسلم } :من ابتاع نخلن بعد أن تؤبر ،فثمرتها للبائع ،إلن أن يشترط المبتاع { 14وقد نقل ابن قدامة الجماع على جواز هذا البيع ،وقال :ولنه إذا باعها مع الصل حصلت تبعا في البيع ،فلم يضر احتمال الغرر فيها.15 الشرط الثالث:أل تدعو للعقد حاجة : فإن كان للناس حاجة لم يؤيثر الغرر في العقد ،وكان العقد صحيحا . قال ابن تيمية ". :ومفسدة الغرر أقل من الربا فلذلك رخص فيما تدعو الحاجة إليه منه ،فإن تحريمه أتشد ضرراً من ضرر كونه غرراً ،مثل بيع العقار جملة وإن لم يعلم دواخل الحيطان والساس 16.".وقال الكمال عن عقد السلم :ول يخفى أن جوازه على خلف القياس .إذ هو بيع المعدوم ،وجب المصير إليه بالنص والجماع للحاجة من كل من البائع والمشتري. 17 وقال النووي :مدار البطلن بسبب الغرر والصحة مع وجوده أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ول يمكن الحتراز عنه إل بمشقة أو كان الغرر حقيراً جاز البيع ،وإل فل.18". والدليل على هذا الشرط جواز بيع المغيبات في الرض كالجزر والبصل ونحوها ،وبيع ما مأكوله في جوفه كالبطيخ والبيض ونحو ذلك مع ما فيه من الغرر ،وإنما جاز للحاجة المقتضية لشراء هذه التشياء دون فتحها أو إخراجها من الرض. الشرط الرابع :أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية : وقد اتشترط هذا الشرط المالكية فقط ،حيث يرون أن الغرر المؤيثر هو ما كان في عقود المعاوضات ،وأما عقود التبرعات فل يؤيثر فيها الغرر .واختار هذا القول ابن تيمية وابن القيم ،وغيرهما.19والدليل يؤيد ما ذهب إليه المالكية فإن النبي صلى ا عليه وسلم نهى عن بيع الغرر فيختص النهي في المبايعات ويبقى ماعداها على أصل الحل .ويدل على ذلك ما
ورد عنه عليه الصلنة والسلنم لما جاءه رجل من الننصار بكبة من خيوط تشعر أخذها من المغنم ،فقال له ".:أما ما كان لي فهو لك 20 .".ووجه الدللة ان النبي صلى ا عليه وسلم وهبه نصيبه من الكبة مع عدم العلم بقدر الموهوب.21
14أخرجه البخاري )فتح الباري (368-4ومسلم )تشرح النووي (3/1158من حديث أبي هريرة رضي ا عنه. 15المغني 4/231 16القواعد النورانية ص 140 17فتح القدير 6/206 18المجموع 9/258 19بداية المجتهد 2/402مجموع فتاوى ابن تيمية 31/270أعلم الموقعين 2/9 20أخرجه أبو داود ) (2694والنسائي ) (6/262من حديث عمرو بن تشعيب عن أبيه عن جده ،وهو حديث حسن. 21أعلم الموقعين 2/9
8
المطلب الثالث :تطبيق الضوابط السابقة على عقد التأمين: تبين مما سبق أن التأمين التجاري محرم لما فيه من الغرر ،وذلك فيما عدا التأمين على الحياة، وعلى ذلك فمتى اختل تشرط من تشروط الغرر المؤيثر فإن التأمين يكون جائزًا ،ذلك أن الناظر في عقود الغرر التي جاءت الشريعة بإبطالها كحبل الحبلة وبيع الحصاة وبيع الملمسة والمنابذة ونحوها يدرك أن الغرر المحرم ما كان على سبيل اللعب والمقامرة حيث ل يثمر عائداً للبلد ول يحقق مصلحة للفرد ول للمجتمع ،وليس يثمة حاجة تدعو إليه ،بخلف العقود التي لبد للناس منها وقد تنطوي على تشيء من الغرر فليس من مبادئ الشريعة تحريم مثل ذلك. وعلى ذلك فيمكن القول :إن الصل في التأمين هو التحريم ،ول يجوز إلزام االناس بنظام تأميني قائم على المعاوضة الربحية بين المؤمن والمؤمن له ،وأما الدخول في عقد التأمين بالنسبة للفراد فيجوز في الحالت التية: الحال الولى :إذا تكان التأمين تابعاً في العقد غير مقصود أطصالة فيه: فإذا وقع العقد على تشيء وجاء التأمين تبعاً لذلك فيغتفر وجوده في ذلك العقد ،ول حرج على المسلم من الدخول فيه ،ولهذه الحال أمثلة متعددة ،فمن ذلك: التأمين الذي تقدمه الشركات لموظفيها على أنه مزية من المزايا التي تعطيها للموظفين. -1 فهذا التأمين جزء من مستحقات متعددة للموظف ولم يقع عقد الجارة ) الوظيفة( عليه أصالة. التأمين على السلع عند تشرائها –كالسيارات والجهزة الكهربائية ، -سواء أفرد بمبلغ -2 مستقل عن قيمة السلعة أو لم يفرد ،بشرط أن يكون التأمين في صفقة واحدة مع تشرائه للجهاز. التأمين على السيارة المستأجرة إذا أمن المستأجر على السيارة في عقد الجارة نفسه، -3 ولو زادة قيمة الجرة بسبب التأمين. التأمين على البضائع عند تشحنها إذا كانت الشركة الناقلة تقدم خدمة التأمين مع عقد -4 الشحن نفسه. ففي جميع ذلك يجوز الدخول في التأمين ،وأخذ العوض عند استحقاقه. وقد يرد على هذه المثلة اعتراضان: الول:أن الغرر المغتفر هو التابع الذي ل يمكن فصله عن أصله كما في الثمرة على النخل ،أما هنا فالتأمين يمكن فصله عن أصله فل يعد تابعًا.
9
والجواب :أنه ل يلزم أن يكون التابع مرتبطاً بأصله ل ينفك عنه ،بدليل قوله عليه الصلة والسلم في حديث ابن عمر السابق }:من ابتاع نخلن بعد أن تؤبر ،فثمرتها للبائع ،إلن أن يشترط المبتاع { إذ الصل فصل الثمرة عن النخلة بدون تشرط ،ومع ذلك جاز بيعها تبعاً لصلها بالشرط.وهذا يدل على أنه لو اتشترط المشتري تأمين السلعة على البائع فهو تشرط صحيح إذا كان هذا الشرط مقترنا ً بالعقد. والثاني:أن التأمين في المثلة المذكورة له وقع في الثمن بخلف الحمل في البطن والثمرة في النخل ونحو ذلك مما يذكره الفقهاء من صور الغرر المغتفر فإن التابع ليس له يثمن. والجواب :بعدم التسليم بأن التابع في المثلة التي يذكرها الفقهاء ليس له يثمن ،بل إن له تأيثيراً في قيمة أصله فالناقة الحامل بل تشك أغلى يثمناً من غيرها ،ولهذا كان تغليظ الدية في القتل العمد بإيجاب أربعين خلفة –أي ناقة حام ً ل-على الجاني .وفي بيع النخل بثمره للمشتري أن يشترط الثمرة أو ل يشترط ،ول تشك أن الثمن يختلف بوجود هذا الشرط من عدمه. والثالث :أن التأمين بذاته محرم بخلف الحمل والثمرة واللبن ونحوها فإنها مباحة في ذاتها. والجواب :أنه ل فرق بين التأمين وهذه التشياء المذكورة في هذا الجانب ،فالكل إذا أفرد بالعقد صار بيعه محرمًا. الحال الثانية :إذا تكان التأمين تقتضيه الحاجة: ويقصد بالحاجة أن يلحق النسان حرج ومشقة إذا لم يؤمن ،ول يلزم أن يصل إلى مرحلة الضرورة ،بل يكفي وجود الحاجة لستباحة هذا العقد ،كماتقدم. ويشترط لهذه الحال أن تتحقق تشروط الحاجة من حيث كونها حقيقية ل موهومة ،وأن تقدر بقدرها ،وأل يوجد عقد مآخر مباح تندفع به الحاجة. وتختلف الحاجة باختلف الحوال والتشخاص والمكنة والزمنة ،فما يحتاجه صاحب المركبة العامة غير ما يحتاجه صاحب المركبة الخاصة ،والحاجة إلى تأمين المسكن في البلد التي تكثر فيها الكوارث يختلف عن البلد التي يندر فيها ذلك. ومن المثلة التي تدخل في هذه الحال: التأمين الطبي في البلد التي تكون تكلفة العلج فيها باهظة ،ول يتحملها المقيم بدون -1 تأمين. تأمين المركبة إذا كان نظام البلد الذي يقيم فيه الشخص يلزم بذلك ،ويجب أن يقتصر في -2 ذلك على الحد الذي تندفع به الحاجة ،وهو الحد الدنى الذي يلزم به نظام البلد. تأمين المساكن والمراكز السلمية ضد الحوادث والسرقات والحريق إذا كانت الحاجة -3 تقتضي مثل ذلك. التأمين للعطال الطارئة على الطرق العامة عن طريق تشركات المساعدة كشركة ) -4 ،( AAAلسيما أن هذه الشركة تقدم خدمات أخرى غير التأمين كالخرائط الرتشادية وتقديم المشورة عبر الهاتف وغيرذلك. الحال الثالثة :إذا تكان التأمين تعاونيًا: لن الغرر الذي في العقد مغتفر لكونه من عقود التبرعات ،والتأمين التعاوني يختلف في أهدافه ومآيثاره عن التأمين التجاري ،فالتعاوني يهدف إلى تحقيق التكافل والتعاون فيما بين المستأمنين وهو بهذا يحقق مقصداً من مقاصد الشريعة السلمية بخلف التامين التجاري فإن الهدف منه السترباح والمعاوضة فلذا كان محرمًا. ومن صور التأمين التعاوني المعاصرة: التأمين الجتماعي الذي تقدمه الحكومات والهيئات العامة للمواطنين. -1
10
-2 -3 -4
البرامج التقاعدية والدخارية التي تستثمر فيها الموال المدخرة في وسائل استثمارية مباحة. التأمين الطبي الذي ترعاه الدولة وتتقاضى رسوما ً ربما تكون في كثير من الحيان رمزية. الجمعيات التعاونية والتأمين المعمول به في النقابات المهنية ونحوها.
المبحث الرابع الفروق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني وطصيغة مقترحة لشرتكة تأمين تجاري المطلب الول :الفروق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني: ذهب عامة العلماء المعاصرين إلى تحريم التأمين التجاري وجواز التأمين التعاوني ،وقد أخذ بهذا القول معظم هيئات الفتوى الجماعية ،كهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ومجمع الفقه السلمي التابع للرابطة ،ومجمع الفقه التابع للمنظمة ،وغيرها ؛ وذلك لما يشتمل عليه التأمين التجاري من الغرر والمقامرة وأكل المال بالباطل ،بخلف التأمين التعاوني فإن مبناه على التكافل والتضامن .وإن الناظر بعين النصاف في واقع صناعة التأمين اليوم ليدرك ما في هذا القول من التوسط والعتدال ،ومدى موافقته لمقاصد الشريعة السلمية ،يتحقيق مصالح الناس وسد حاجاتهم دون غبن أو ضرر .وإحصائيات التأمين أوضح تشاهٍد على ذلك ،ففي نظام التأمين التجاري تتكدس الموال الطائلة لدى تشركات التأمين في مقابل تعويضات تعد يسيرة مقارنة بما تحققه من أرباح ،مما نتج عنه استئثار القلية الثرية بمزايا التأمين وخدماته ،بينما الكثرية الفقيرة محرومة منها لكونها غير قادرة على تحمل أقساط التأمين ،وقد أوهمت تلك الشركات الناس أن ل مجال لتفتيت المخاطر إل بهذا السلوب ،وهو أمر تكذبه تجارب التأمين التعاوني التي طبقت في عدٍد من الدول المتقدمة فكانت أكثر نجاحا ً وتحقيقا ً لهداف التأمين من تشركات التأمين التجاري. ً ويتضح الفرق بين هذين النوعين في كون نظام التأمين التجاري قائما على أساس أن تتولى إدارة التأمين تشركة مستقلة عن المؤمن عليهم ،وتستحق هذه الشركة جميع أقساط التأمين في مقابل التزامها بدفع مبالغ التأمين عند استحقاقها ،وما يتبقى لديها من فائض أقساط التأمين فإنها ل تعيده للمؤمن لهم ،لنها تعتبره عوضاً في مقابل التزامها بالتعويضات المتفق عليها ،وإذا لم ف القساط المحصلة لدفع كل التعويضات فل يحق لها الرجوع عليهم بطلب زيادة أقساط ت ِ التأمين . بينما في التأمين التعاوني يجتمع عدة أتشخاص معرضين لخطار متشابهة ،ويدفع كل منهم اتشتراكا ً معينًا ،وتخصص هذه التشتراكات لداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر ،وإذا زادت التشتراكات على ما صرف من تعويض كان للعضاء حق استردادها ،وإذا نقصت طولب العضاء باتشتراك إضافي لتغطية العجز ،أو أنقصت التعويضات المستحقة بنسبة العجز.ول مانع من أن يتولى إدارة التأمين التعاوني جهة مستقلة عن المؤمن لهم أنفسهم وأن تتقاضى أجوراً أو عمولت مقابل إدارتها للتأمين ،ول يمنع كذلك من أن تأخذ جزءاً من أرباح استثمارات أموال التأمين بصفتها وكيلً عنهم في الستثمار. وبهذا يظهر أن تشركة التأمين في كل النوعين قد تكون تشركة منفصلة عن المؤمن عليهم ،كما أنها في كليهما قد تكون تشركة ربحية – أي أنها تهدف إلى الربح ، -ويظهر الفرق بين النوعين في يثليثة أمور رئيسة :
11
الفارق الول ) في قصد المؤمن عليهم( :فالقساط المقدمة من حملة الويثائق في التأمين التعاوني يقصد منها التعاون على تفتيت الخطار ،تأخذ هذه القساط صفة الهبة )التبرع( . أما التأمين التجاري فهو من عقود المعاوضات المالية الحتمالية . الفارق الثاني ) في اللتزا م( :ففي التأمين التجاري هناك التزام تعاقدي بين تشركة التأمين والمؤمن لهم ، إذ تلتزم الشركة تجاه المؤمن عليهم بدفع التعويضات ،وفي مقابل ذلك تستحق كامل القساط المدفوعة ، بينما في التأمين التعاوني ل مجال لهذا اللتزام ،إذ إن التعويض يصرف من مجموع القساط المتاحة ، فإذا لم تكن القساط كافية في الوفاء بالتعويضات طلب من العضاء زيادة اتشتراكاتهم لتعويض الفرق ، وإل كان التعويض جزئياً بحسب الرصدة المتاحة. الفارق الثالث ) في محل الستربا:ح( :فل تهدف تشركة التأمين التعاوني إلى السترباح من الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن لهم وتعويضات الضرار التي تقدمها الشركة لهم ،بل إذا حصلت زيادة في القساط عن التعويضات المدفوعة لترميم الضرار ترد الزيادة إلى المؤمن عليهم ،أو تبقى هذه الزيادة لدى الشركة كاحتياطي لعمليات التأمين اللحقة ول تدخل في المركز المالي للشركة . بينما الفائض في التأمين التجاري يكون من استحقاق تشركة التأمين في مقابل التزامها بالتعويض تجاه المؤمن لهم. الفارق الرابع) في تكيفية إدار ة التأمين( :ففي تشركة التأمين التعاوني تكون العلقة بين حملة الويثائق) المؤمن عليهم( وتشركة التأمين )المؤمن( على السس التالية: يقوم المساهمون في الشركة بإدارة عمليات التأمين ،من إعداد الويثائق وجمع القساط ،ودفع -1 التعويضات وغيرها من العمال الفنية ،في مقابل أجرة معلومة وذلك بصفتهم القائمين بإدارة التأمين وينص على هذه الجرة بحيث يعتبر المشترك قابلً لها . يقوم المساهمون باستثمار) رأس المال( المقدم منهم للحصول على الترخيص بإنشاء -2 الشركة ،وكذلك لها أن تستثمر أموال التأمين المقدمة من حملة الويثائق ،على أن تستحق الشركة حصة من عائد استثمار أموال التأمين بصفتهم المضارب. تمسك الشركة حسابين منفصلين ،أحدهما لستثمار رأس المال ،والخر لحسابات أموال التأمين -3 ً ً ويكون الفائض التأميني حقا خالصا للمشتركين ) حملة الويثائق(. يتحمل المساهمون ما يتحمله المضارب من المصروفات المتعلقة باستثمار الموال نظير -4 حصته من ريح المضاربة ،كما يتحملون جميع مصاريف إدارة التأمين نظير عمولة الدارة المستحقة لهم يقتطع الحتياطي القانوني من عوائد استثمار أموال المساهمين ويكون من حقوقهم وكذلك كل -5 )(22 ما يتوجب اقتطاعه مما يتعلق برأس المال. . بينما العلقة بين حملة الويثائق وتشركة التأمين ،في التامين التجاري ،أن ما يدفعه حملة الويثائق من أموال تكون ملكاً للشركة ويخلط مع رأس مالها مقابل التأمين .فليس هناك حسابان منفصلن كما في التأمين التعاوني. المطلب الثاني:مقترحات لصيغة شرتكة تأمين تعاوني: لعل من أبرز ملمح هذه الصيغة ما يأتي: أ .أن يتولى إدارة التأمين التعاوني تشركة مساهمة ،يكون للمساهمين فيها مركز مالي منفصل على وجه الحقيقة عن المركز المالي لعمليات التأمين. ب .للشركة المساهمة أن تخصم جميع المصاريف الدارية والتشغيلية من مجموع أقساط التأمين ،وأن تتقاضى أجوراً مقابل إدارتها لعمليات التأمين بصفتها وكيلً بأجر ،ولها كذلك أن تستثمر أموال المؤمن لهم في استثمارات مباحة ،وتستحق بذلك نسبة من أرباح تلك الستثمارات بصفتها تشريكاً مضاربًا. ت .على الشركة أن تتجنب الدخول في استثمارات محرمة كالسندات وغيرها ،سواء أكان ذلك في الستثمارات الخاصة بالمساهمين أم بالستثمارات الخاصة بعمليات التأمين. ()22
ندوة البركة الثانية عشرة للقتصاد السلمي ،قرارات وتوصيات ندوات البركة للقتصاد السلمي ص .212
12
ث .التزام الشركة تجاه المؤمن لهم بالتعويض على نوعين؛ جائز وممنوع .أما الجائز فأن تلتزم الشركة بإدارة أعمال التأمين بأمانة واحتراف ،ومتى قصرت في ذلك فإنها تتحمل تبعات ذلك التقصير والتعويض عنه .وأما الممنوع فأن تلتزم التزاماً مطلقاً بالتعويض سواء أكانت الضرار من الشركة أم من غيرها ،فهذا يتعارض مع قاعدة التأمين التعاوني .وبدلً عن ذلك فللشركة أن تّكون احتياطيات من فائض أقساط التأمين ،ول تدخل هذه الحتياطيات ضمن قائمة حقوق المساهمين بل تكون خاصة بأعمال التأمين. ج .للشركة أن ترتبط بعقود إعادة تأمين لتفتيت المخاطر ،بشرط أن تكون هذه العقود من قبيل التأمين التعاوني. هذا وا أعلم وصلى ا وسلم على نبينا محمد د .يوسف بن عبد ا الشبيلي
13