ﻤﻨﺘﺩﻯ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
قضايا وآراء ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻜﺘﻴﺒﺎﺕ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ
][5
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ: ﻤﻔﻬﻭﻤﻪ ،ﺸﺭﻭﻁﻪ ،ﻭﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﺴﺒﺘﻤﺒﺭ 2009
ﺍﶈﺘﻮﻳﺎﺕ: ﻣﻘﺎﻻﺕ ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺗﻘﺪﱘ ﺑﻘﻠﻢ :ﳏﺮﺭ ﺍﳌﻨﺘﺪﻯ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﻘﻠﻢ :ﻋﻠﻰ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺃﺑﻮﺯﻋﻜﻮﻙ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺑﻘﻠﻢ :ﺩ .ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺑﺸﲑ ﺍﻟﻐﲑﰊ
ﳎﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﳌﺪﱐ
ﺑﻘﻠﻢ :ﺩ .ﳏﻤﺪ ﺑﺎﻟﺮﻭﻳﻦ
ﺍﺳﺌﻠﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ :ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﺿﻮﺀ ﺃﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﻘﻠﻢ :ﺃ .ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻮﺍﺝ
ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ...ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﻭﻫﻴﻜﻠﻴﺘﻬﺎ ﺑﻘﻠﻢ :ﺩ .ﻋﻤﺮﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﺘﺮﺳﻴﺦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ :ﺃﺣﺰﺍﺏ ،ﻣﻨﺎﺑﺮ ،ﲨﻌﻴﺎﺕ؟ ﺍﳌﻬﻢ ﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺑﻘﻠﻢ :ﺃ .ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺃﲪﺪ ﺟﺮﺑﻮﻉ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺑﻘﻠﻢ :ﺃ .ﻫﺸﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺸﻠﻮﻱ
ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻭﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻹﺷﻬﺎﺭ! ﺑﻘﻠﻢ :ﺃ .ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﺳﺮﻗﻴﻮﻩ 2
تــقـــديـــم ﳏﺮﺭ ﺍﳌﻨﺘﺪﻯ ﺍﻟﻠﻴﱯ
ﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﻋﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺣﺘﻘﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﱯ ،ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻣﻴﺰﺍ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﰲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﺑﺴﻴﺎﺩﺓ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺧﻄﺎﺏ ﻓﻜﺮﻱ ﻭﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺃﺭﺍﺩ ﻭﺃﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻦ ،ﺑﺎﻧﺘﻬﺎﺝ ﳐﺘﻠﻒ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻭﺍﻟﺘﺮﻫﻴﺐ ،ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻭﻗﺎﺳﺖ ﻭﻳﻼﺗﻪ ﻣﻦ ﳑﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻹﺟﺒﺎﺭ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ،ﺃﺧﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﻳﻬﺘﺰ ﻭﻳﺘﺤﺮﻙ ،ﻭﺃﺧﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺎﺱ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﳛﺘﻀﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻵﻣﺎﻝ ﰲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻧﻔﺮﺍﺝ ،ﺭﲟﺎ ﻳﺆﺩﻱ ،ﺇﻥ ﺻﺪﻗﺖ ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺎ ،ﻭﺗﺂﺯﺭﺕ ﺍﳉﻬﻮﺩ ،ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﻥ ،ﲤﻬﻴﺪﺍ ﻟﻠﺒﺪﺀ ﰲ ﺍﲣﺎﺫ ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻠﻌﻮﺩﺓ ﲜﺴﺪ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺮﺟﻮﻩ ﳍﺎ. ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﳊﺮﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺮﺿﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﺮﺿﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﳊﻮﺍﺭ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ،ﻭﻋﱪ ﳐﺘﻠﻒ ﻭﺳﺎﺋﻂ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ،ﻣﻦ ﺻﺤﺎﻓﺔ ﻭﺭﻗﻴﺔ ﻭﺇﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ،ﱂ ﻳﻌﺪ ﺃﺣﺪ ﳝﻠﻚ ﺃﻭ ﳛﻖ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺮﻫﺎ ﺃﻭ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻬﺎ ،ﺇﻥ ﱂ ﳚﺪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﳊﺎﻓﺰ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮ ﺣﻮﳍﺎ ،ﻭﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﰲ ﲝﺚ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ،ﻭﺍﻹﺩﻻﺀ ﺑﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻩ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﻟﻘﺪ ﻇﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﲣﻀﻊ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻭﺫﻭﻱ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﰲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ،ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺎﻢ ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﺃﻗﺎﻣﺘﻬﻢ ،ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺟﻪ ،ﻭﻇﻠﺖ ﺗﻄﺮﺡ ﺑﺸﺄﺎ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ –ﰲ ﻧﻈﺮﻧﺎ -ﻇﻠﺖ ﲣﻀﻊ ﻟﻠﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﳍﺎ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﳌﺴﺎﳘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺴﻤﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﻮﺭ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺸﺮ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺻﺤﻔﻴﺔ ،ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺼﺎﺩﻑ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻭ ﳚﺪﻫﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﺎﻇﺮﻳﻪ ﺣﲔ ﻳﺘﺼﻔﺢ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﲣﺘﻔﻲ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ،ﻭﻻ ﻳﻌﻮﺩ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻣﻬﺘﻢ ﺎ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﹰﺎ ﺧﺎﺻﺎﹰ ،ﻭﺻﺒﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺃﺭﺷﻴﻔﺎﺕ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ. 3
ﻭﳍﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﺧﲑ ﻓﻜﺮﻧﺎ –ﰲ ﻣﻨﺘﺪﻯ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻡ ﲜﻤﻊ ﺷﺘﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ،ﰒ ﻧﻨﺸﺮﻫﺎ ،ﺑﻌﺪ ﺗﺼﻨﻴﻔﻬﺎ ﻭﲡﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﲟﻮﺿﻮﻉ ﻭﺍﺣﺪ ،ﰲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﲑﺓ ،ﲝﻴﺚ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﺃﻥ ﳛﻴﻂ ﲜﻤﻠﺔ ﺻﺎﳊﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﳔﺼﺺ ﻟﻪ ﻛﻞ ﻛﺘﻴﺐ ،ﻭﺗﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﰒ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﺗﺄﻣﻠﻪ ،ﻟﻴﺘﺨﺬ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺭﺃﻳﻪ ﺍﳋﺎﺹ ،ﻭﺭﺅﻳﺘﻪ ﺍﳋﺎﺻﺔ. ﻭﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺃﻥ ﲦﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺇﳊﺎﺣﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﻭﻓﻜﺮﻧﺎ ﰲ ﺃﻥ ﳔﺺ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻜﺘﻴﺐ ﻣﺴﺘﻘﻞ، ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻧﺸﺮ ﺣﻮﳍﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺁﺭﺍﺀ. ﻭﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: -1
ﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ :ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ،ﻭﺷﺮﻭﻃﻬﺎ
-2
ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ :ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ،ﺃﳘﻴﺘﻬﺎ ،ﺃﺑﻌﺎﺩﻫﺎ.
-3
ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ :ﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺗﻪ ،ﻭﺿﻌﻪ ،ﺇﻗﺮﺍﺭﻩ
-4
ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻭﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﳊﻞ
-5
ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ :ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ،ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ،ﺷﺮﻭﻃﻪ
-6
ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ :ﺗﺄﻣﻼﺕ ﰲ ﺃﺑﻌﺎﺩﻩ ﻭﺁﻓﺎﻕ ﲢﻘﻘﻪ
-7
ﻧﻈﺎﻡ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ :ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻭﺗﺄﻣﻼﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ
-8
ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﻭﺑﻌﺪ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻜﺘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ،ﺣﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺷﻬﺪﺗﻪ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﰲ ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ ،ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻌﺜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﺸﻬﺪﻩ ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﺍﳋﺠﻮﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﺖ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺎ ﺻﺎﺭ ﻳﻌﺮﻑ ﲟﺸﺮﻭﻉ "ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ" ،ﻓﺘﻢ ﺳﺤﺐ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﺴﻮﺩﺓ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ،ﰒ ﰎ ﺇﺟﻬﺎﺽ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﰲ ﲡﺮﺑﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎﺀ 4
ﺷﺪﻳﺪ ،ﰒ ﻣﺎ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﺳﻴﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻘﺬﺍﰲ ،ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺸﺮﻭﻉ "ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ" ،ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻧﻨﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻧﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻌﻘﺪﺓ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻋﻘﺪﺓ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ،ﻋﺠﺰﹰﺍ ﺃﻭ ﻗﺼﺪﹰﺍ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺒﻴﺘﺔ ،ﻟﻼﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻭﺍﳌﻀﻲ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻹﳚﺎﺩ ﺍﳊﻞ .ﻭﻣﻦ ﰒ ﻋﺠﻠﻨﺎ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﻛﺘﻴﺐ "ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻭﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﳊﻞ" ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻟﱵ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻭﳓﺴﺐ ﺃﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﲢﻠﻴﻼﺕ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺃﺑﻌﺎﺩ ﺍﻷﺯﻣﺔ ،ﻭﺗﻮﺻﻴﻔﺎ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎ ﻟﻠﺴﺒﻞ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻭﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻟﻠﺤﻞ. ﺃﻣﺎ ﻭﻗﺪ ﺗﻔﺎﻗﻤﺖ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻭﺗﺒﲔ ﺃﻥ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺎ ﺗﻴﺎﺭ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺟﻌﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻡ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﻛﺘﻴﺐ "ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ :ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ،ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ،ﺷﺮﻭﻃﻪ" ،ﻭﳓﺴﺐ ﺃﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﲢﻠﻴﻼﺕ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺷﺮﻭﻃﻪ ،ﻭﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﻪ ،ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﱐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ. ﻭﺍﷲ ﺍﳌﻮﻓﻖ
5
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ )*( ﻋﻠﻰ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺃﺑﻮﺯﻋﻜﻮﻙ
ﺗﻄﺮﻗﻨﺎ ﰲ ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺎﺕ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﺪﻯ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻟﻌﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮ ﻭﻃﲏ ﻟﻘﻮﻯ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ ،ﻛﻤﺎ ﲢﺪﺛﻨﺎ ﰲ ﻋﺪﺩ ﺁﺧﺮ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻭﰲ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺗﻄﺮﻗﻨﺎ ﻋﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻔﻌﻴﻞ "ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ" ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﳓﺎﻭﻝ ﻃﺮﺡ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﻋﻦ ﺃﳘﻴﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ. ﻭﻳﻌﻜﺲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﺍﻧﻄﻼﻗﺔ ﻟﺮﻭﺡ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﻱ ﺻﻔﺤﺔ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﻛﺎﻡ ﻭﲣﻠﻒ .ﺭﻭﺡ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳌﻜﺒﻠﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻨﲔ ﺍﻟﺮﺍﻏﺒﲔ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ . ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻫﻮ ﳛﺎﻭﻝ ﻧﻔﺾ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﺮﻛﺐ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺳﺴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﺘﻤﻊ .ﻓﺎﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺒﺌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ ﺑﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺘﻬﺎ ﻭﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺃﻏﻠﺒﻬﻢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﳎﺮﺩ ﻛﻮﻧﻪ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ ﻷﻛﻞ ﺍﻟﻌﻴﺶ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻓﻌﻬﺎ ﺭﻏﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﺮﺍﻙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻬﻲ ﻣﺴﺘﻌﺪﺓ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺘﱪﻉ ﺑﻮﻗﺘﻬﺎ ﺑﻞ ﻭﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﱪﻉ ﺑﺎﳌﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﳋﺪﻣﺔ ﻭﻃﻨﻬﺎ .ﻭﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺳﻴﺌﺔ ﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻗﺮﺕ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺎﺟﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ .ﻭﺃﻭﳍﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 19ﻟﺴﻨﺔ ) 1369ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ( .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﰲ ﻇﻞ ﺑﻨﻮﺩﻩ ﺍﳌﻜﺒﻠﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﱪﺍﻣﺞ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ .ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻫﻮ ﺣﺎﺟﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ، 6
ﻭﻫﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﰲ ﻃﻠﻴﻌﺘﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺃﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻀﻐﻮﻁ ﺃﻭ ﺇﻣﻼﺀﺍﺕ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﺎﻗﹰﺎ ﺃﻭ ﺗﺒﻌﻴﺔ ﳍﺎ .ﻣﻊ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﺼﺎﳊﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ﻭﻛﺎﻓﺔ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﻭﻓﺌﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻵﺧﺮ ﻛﺸﺮﻳﻚ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﳝﻠﻚ ﻧﻔﺲ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﲤﻬﻴﺪﹰﺍ ﻹﳚﺎﺩ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﻭﻃﲏ ﺣﻮﻝ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ. ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﺅﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻨﺎﻇﻤﺔ ﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻮﺍﺅﻡ ﻣﻊ ﺍﳌﻌﺎﻳﲑ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻋﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺣﻖ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﰲ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻭﺳﺠﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺿﻤﺎﻥ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﳌﺒﻌﺪﻳﻦ ﻭﺍﳌﻨﻔﻴﲔ ﺇﱃ ﺃﻭﻃﺎﻢ ﻭﺭﺩ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﳍﻢ ﻣﻌﻨﻮﻳﹰﺎ ﻭﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺎﺩﻳﹰﺎ .ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺈﺻﻼﺣﺎﺕ ﺟﺎﺩﺓ ﻭﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺍﳍﺎﻡ ﰲ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﲪﺎﻳﺔ ﺍﳌﺪﺍﻓﻌﲔ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﳌﺪﺍﻓﻌﲔ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﲤﻜﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻨﻈﺮﺍﺋﻬﻢ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ . ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﺃﺑﻌﺎﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭ ﺍﳌﺮﺍﻗﺐ ﺃﻭ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻋﻠﻲ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ. ﺇﻥ ﺣﺮﻣﺎﻥ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﻭﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﻬﻨﻴﲔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﲔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻄﻼﺏ ﻭﺍﳌﺪﺭﺳﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﳌﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻳﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﺃﻛﱪ ﺍﳌﻌﻮﻗﺎﺕ ﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻮﺍﺟﺒﺎﻢ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﲡﺎﻩ ﺷﻌﺒﻬﻢ . ﺇﻥ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺷﺮﻳﻜﹰﺎ ﻓﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﲣﺼﻴﺺ ﺩﻋﻢ ﻣﺎﺩﻱ ﻛﺎﻑ ﳍﺎ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﰲ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻭﺗﻠﺒﻴﺔ ﲨﻴﻊ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﺑﻠﻴﺒﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﺬﻱ 7
ﺗﻌﻴﺸﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺭﻏﻢ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺑﻮﺍﻕ ﺭﺳﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺰﻳﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺟﻞ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ﺟﻨﺔ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﺇﻥ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻮﻃﲏ ،ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﲢﺼﻞ ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺗﻌﺮﻗﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳊﺮ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﲢﺎﺩﺍﺕ ﺃﻭ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﺃﻭ ﻣﻨﺎﺑﺮ ﺃﻭ ﺃﻳﺔ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻳﺮﺗﻀﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﺗﺘﻴﺢ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﻭﻻ ﳚﺮﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻵﺧﺮ .ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻻ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺗﻌﺪﺩﻫﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻟﺒﺔ ﺍﳌﺼﻄﻨﻌﺔ. ﻭﺃﻥ ﺇﺷﺮﺍﻙ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﻭﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺷﺄﺎ ﺃﻥ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﲝﻜﻢ ﺩﻭﺭ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻛﺸﺮﻳﻚ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺎﺕ ﻭﺧﱪﺍﺕ ﻛﻞ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻦ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺸﻮﻥ ﺩﺍﺧﻠﻪ ﺃﻭ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﻟﻜﺴﺐ ﺣﻴﺎﻢ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺍﷲ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ .ﻓﺎﳉﻤﻴﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺍﳊﻖ ﰲ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺗﺼﺪﻳﻘﺎ ﳌﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﰲ ﻳﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻭﺻﺎﻳﺔ ﻷﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ . )*( ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﳎﻠﺔ ﺍﳌﻨﺘﺪﻯ ﺍﻟﻠﻴﱯ /ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ /ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﺸﺮﺕ ﰲ ﺷﺘﺎﺀ 2008
8
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺩ .ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺑﺸﲑ ﺍﳌﻐﲑﰊ
ﺷﻬﺪ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻀﺔ ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺿﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻷﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺣﻴﺚ ﰎ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﻭﺗﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻲ ﺍﻟﻨﺸﻂ ﻟﻪ ﺩﻭﺭ ﺇﳚﺎﰊ ﰱ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ، ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﻨﺼﺮﹰﺍ ﻣﻬﻤﹰﺎ ﰱ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻣﻘﺮﻃﺔ . ﻭﻟﻘﺪ ﻟﻌﺐ ﻣﻔﻜﺮﻭ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺁﺩﻡ ﻣﻴﺸﻨﻚ ) (Adam Michnikﻭﻓﺎﻛﻼﻑ ﻫﺎﻓﻴﻞ (Vaclav ) Havelﺩﻭﺭﹰﺍ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﰱ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻷﻛﺎﺩﳝﻲ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺼﻮﻳﺮﻫﻢ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ . ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺩﺕ " ﺍﳌﻮﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ " ﻣﻦ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺇﱃ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻧﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻠﻮ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﰱ ﺃﻣﲑﻛﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻭﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﰱ ﲦﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ، ﺍﻛﺘﺴﺐ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻓﻜﺮﻳﹰﺎ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪﹰﺍ ﻛﻤﺘﻐﲑ ﺗﻔﺴﲑﻱ ﻭﻛﻔﻜﺮﺓ ﻣﻌﻴﺎﺭﻳﺔ ﰱ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ . ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺮﺯ ﻓﻴﻪ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻭﺃﺩﺍﺓ ﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻗﻴﻢ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻭﺍﳊﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ،ﰎ ﺗﺪﺭﳚﻴﺎ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﻛﻤﺆﺳﺴﺎﺕ "ﺑﺪﻳﻠﺔ " ﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻮﻓﲑ ﺣﻞ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻌﺪﻡ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻟﻌﺪﻡ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ. ( (Howell , PP.4-5 ﻳﻬﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺑﺘﻄﻮﺭ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﻋﻼﻗﺎﺎ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ . ﻭﺗﻨﻄﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻜﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﲏ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻴﻤﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﲣﻀﻌﻬﺎ ﻟﺴﻴﻄﺮﺎ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻔﻘﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻬﺎ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ . 9
ﻭﺳﻴﺘﻢ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺇﱃ ﻗﺴﻤﲔ ﺭﺋﻴﺴﻴﲔ ،ﻳﺮﻛﺰ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺩﻻﻻﺗﻪ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻴﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻭﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻷﳕﺎﻁ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﰎ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﺮﺿﹰﺎ ﳐﺘﺼﺮﹰﺍ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﰱ ﺑﻌﺾ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﰱ ﺎﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﺘﺒﻊ ﺗﻄﻮﺭ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻣﻀﺎﻣﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ . ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺩﻻﻻﺗﻪ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺛﻴﻖ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻳﻀﺮﺏ ﲜﺬﻭﺭﻩ ﰱ ﺃﺻﻮﳍﺎ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﻭﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻟﻮﻻﺗﻪ ، ﺧﱪﺍﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﺑﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﺒﻠﻮﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﱪﺍﺕ .ﻭﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﱴ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻻ ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﻒ ﻣﻌﲔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺴﻤﺎﺕ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﺍﺕ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﱴ ﺃﻋﻄﺘﻬﺎ ،ﳑﺎ ﻳﱪﺭ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻺﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﱴ ﺃﻛﺪﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ . ﻡ ﻥ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﱴ ﺳﺎﳘﺖ ﰱ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺩﻱ ﺗﻮﻛﻔﻴﻞ ﻭﻫﻴﻐﻞ ﻭﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ،ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﳌﻔﻜﺮ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﻏﺮﺍﻣﺸﻲ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﲟﺴﺎﳘﺎﺕ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﰱ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ،ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺗﻌﺪﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﳘﺎﺕ ﺣﱴ ﻻ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﺍﻻﻧﻄﺒﺎﻉ ﺑﺄﻥ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﻣﻔﻜﺮﻭ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻫﻮ ﻛﻮﻧﻪ ﺳﻼﺣﺎ ﰱ ﻳﺪ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﳍﺎﺩﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ .ﻓﺎﳌﻔﻜﺮ ﺍﻷﳌﺎﱐ ﻫﻴﻐﻞ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﳘﻴﺔ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰱ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﺘﻤﻊ ،ﻭﻧﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﻳﺔ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ ﲤﺎﺳﻜﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﺴﺒﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﻭﺍﻻﻧﻀﺒﺎﻁ ..ﻭﲢﺪﺙ ﺍﳌﻔﻜﺮ ﺍﻹﻳﻄﺎﱄ ﻏﺮﺍﻣﺸﻲ ﻋﻦ ﺩﻭﺭ 10
ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﳋﺎﺿﻌﺔ ﰱ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﱴ ﺗﻔﺘﺢ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﻐﻴﲑ ﺛﻮﺭﻱ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﰱ ﺍﲡﺎﻩ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ . ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﰱ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻓﺈﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺪﻻﻻﺕ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺇﺭﺛﻪ ﺍﻟﻠﻴﺒﲑﺍﱄ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻﺗﻪ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﱴ ﲢﺪﺩ ﻟﻪ ﻣﻌﺎﱐ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ .ﻭﺗﺘﻔﻖ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ،ﻭﻟﻮ ﺑﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ : " ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﳊﺮﺓ ﺍﻟﱴ ﲤﻸ ﺍﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﲔ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺼﺎﱀ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ،ﻣﻠﺘﺰﻣﺔ ﰱ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻴﻢ ﻭﻣﻌﺎﻳﲑ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺿﻲ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻮﻉ
ﻭﺍﳋﻼﻑ "
)ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺹ . (5.
ﻭﻧﺮﻯ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ،ﺃﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ) :ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺹ.(6-5. ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻷﻭﻝ :ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻹﺭﺍﺩﻱ ﺍﳊﺮ : ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﺑﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﳊﺮﺓ ﻷﻓﺮﺍﺩﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻏﲑ "ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﻴﺔ " ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺸﲑﺓ ﻭﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻻ ﺩﺧﻞ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﰱ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻣﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﲝﻜﻢ ﺍﳌﻮﻟﺪ ﺃﻭ ﺍﻹﺭﺙ .ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻏﲑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﻔﺮﺽ ﺟﻨﺴﻴﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺳﻴﺎﺩﺎ ﺃﻭ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﺪﻭﻥ ﺃﻭ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﻠﻴﻤﻬﺎ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ﺩﻭﻥ ﻗﺒﻮﻝ ﻣﺴﺒﻖ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﻳﻨﻀﻢ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺇﱃ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ .
11
ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ : ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ،ﻛﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻀﻢ ﺃﻓﺮﺍﺩﺍ ﺃﻭ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﻋﻀﻮﻳﺘﻪ ﲟﺤﺾ ﺇﺭﺍﺩﻢ ﺍﳊﺮﺓ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺸﺮﻭﻁ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﺮﺍﺿﻲ ﺑﺸﺄﺎ ﺃﻭ ﻗﺒﻮﳍﺎ ﳑﻦ ﻳﺆﺳﺴﻮﻥ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﻳﻨﻀﻤﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ " ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ " ،ﻭﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻴﺰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﻋﻤﻮﻣﺎ .ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ . ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ : ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺑﲔ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﰱ ﺃﻥ ﻳﻜﹼﻮﻧﻮﺍ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ ﲢﻘﻖ ﻭﲢﻤﻲ ﻭﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﳊﻬﻢ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ،ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﰱ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﳋﻼﻑ ﺩﺍﺧﻞ ﻭﺑﲔ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﻀﺮﺓ ، ﺃﻱ ﺑﻘﻴﻢ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ . ﻫﻜﺬﺍ ﻧﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﳌﺴﺎﳘﺎﺕ ﰱ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻓﺈﻧﻪ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻳﺘﻔﻖ ﺣﻮﳍﺎ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲢﺪﺛﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ :ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﲔ ﻓﻴﻪ ؛ ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺗﺘﻤﺎﻳﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ؛ ﻭﺃﻥ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺇﱃ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﱴ ﲤﺎﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﺘﻤﻊ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻌﺴﻔﻴﺔ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﺳﻠﻄﺔ ﲣﻀﻊ ﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺿﻮﺍﺑﻂ ،ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﰱ ﺃﻱ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﲢﺪﻳﺪ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺇﺫ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﻓﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺃﻳﻀﺎ ﰱ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﺳﻮﻑ ﲣﺘﻠﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﱴ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﰱ ﺷﺮﻕ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﰱ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﺗﻜﺎﻓﺢ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺗﺄﻛﻴﺪ 12
ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻮﻃﲏ .ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺃﻳﺔ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﻗﺼﺮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺑﻞ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ،ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻓﺸﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ .ﻓﻠﻘﺪ ﺣﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﻟﻸﺛﺮ ﺍﻟﺴﻠﱯ ﻟﺒﻌﺾ ﺳﻴﺎﺳﺎﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ،ﳑﺎ ﺣﺮﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻷﺧﻄﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﳚﻨﺒﻬﺎ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﺴﺨﻂ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺍﳌﻜﺒﻮﺕ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﰱ ﺷﺮﻕ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻳﺔ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺟﺮﻯ ﰱ ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ) ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ،ﺹ ﺹ . (83-82 ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻯ ﺍﲣﺬﻩ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﰲ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻳﺘﺠﻪ ﺇﱃ ﺗﺮﻛﻴﺰ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺳﻂ ﻛﺪﺍﻟﺔ ﻗﺎﺭﺓ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ " ﱂ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺑﻞ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﻏﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺗﺘﻮﺳﻄﻬﺎ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﻭﻫﻴﺌﺎﺕ ﻭﲨﻌﻴﺎﺕ ﻭﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﻏﲑﻫﺎ ) "...ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ،ﺹ ﺹ . (80-79 ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺄﻧﻪ ﳎﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻏﲑ ﺍﻹﺭﺛﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ ﺭﲰﻴﺎ ،ﻭﺃﻧﻪ ﳎﺎﻝ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻭﻣﺴﺘﻘﻞ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﰱ ﻋﺪﻡ ﺳﻌﻴﻪ ﻟﻠﺮﺑﺢ ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰱ ﻛﻮﻧﻪ ﻏﲑ ﺳﻠﻄﻮﻱ ، ﺗﻌﺮﺽ ﻻﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﺇﻣﺒﲑﻳﻘﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﻣﻘﻨﻌﺔ ﰱ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ . -1ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺇﻥ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻭﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﻨﺨﺮﻁ ﰱ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﳜﻠﻖ ﻧﻈﺮﺓ ﺿﻴﻘﺔ ﻭﳏﺪﻭﺩﺓ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑﺍﺕ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﺛﻨﻴﺔ ﻭﺍﳉﻨﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﺗﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﺍﶈﺘﻤﻠﺔ ﻭﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﻷﻗﻞ ﺭﲰﻴﺔ ﰱ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻐﲑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ .ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻻ ﳝﻴﺰ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﳝﻴﺰﻫﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻀﺨﻢ ﻏﲑ ﺍﳌﺘﺒﻠﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻭﺍﻹﺭﺛﻴﺔ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ،ﺑﺎﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ "ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ " ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﰱ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﻭﺃﻓﻌﺎﳍﺎ ﺃﻳﺔ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎﺕ 13
ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻭﺇﺭﺛﻴﺔ ،ﻭﺗﻘﻮﻡ ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺣﻮﻝ ﻣﺼﺎﱀ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺫﺍﺕ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺧﲑﻳﺔ ، ﻭﺗﻘﻮﻡ ﺑﺎﺟﺘﺬﺍﺏ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺸﺘﻖ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻲ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻄﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﺭﺛﻴﺔ ﻻ ﲡﺴﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﺍﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻌﺮﻗﻞ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺗﺪﻓﻊ ﳓﻮ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﻀﻮﻉ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﺀﻟﺔ (Howell , PP.13-14) . ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﳓﻮ ﳏﻮ ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﺭﺛﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎﺕ "ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ " ﻇﺎﻫﺮﻳﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﻓﻬﻢ ﻣﺸﻮﻩ ﻟﻠﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .ﻓﺎﳌﻴﻮﻝ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻭﺍﻹﺛﻨﻴﺔ ﻭﺍﳉﻨﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺗﺘﻐﻠﻐﻞ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﰱ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻣﺜﻞ ﺗﻐﻠﻐﻠﻬﺎ ﰱ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ .ﺇﻥ ﲣﻴﻞ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻧﺸﻘﺎﻗﺎﺕ ﻭﺗﺸﻘﻘﺎﺕ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﻭﺇﺛﻨﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﳌﻨﺴﺠﻢ ﺍﳌﺘﻨﺎﻏﻢ ﰱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﶈﺴﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺴﻒ ،ﻭﻳﻔﺸﻞ ﰲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺎﺕ ﺍﳌﻌﻘﺪﺓ ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﲑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ . ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﺍﻟﱴ ﲢﺪﺩﻩ ﰱ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ،ﺗﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﻷﻗﻞ ﺭﲰﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﺭﺛﻴﺔ ﺗﱪﺯ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﻭﺿﺢ ﰱ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﺗﻘﻴﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺳﺎﺣﺎﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﺍﳍﻮﻳﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻃﺎﺕ ﻭﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻹﺭﺛﻴﺔ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ،ﰱ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ،ﺃﻛﺜﺮ ﺃﳘﻴﺔ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﳌﻨﻈﻢ ﺭﲰﻴﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺼﻮﺭﻩ ﻭﻳﺸﺠﻌﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﻮﻥ .ﻓﺎﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﳌﺴﺘﻘﻞ ﺍﻟﻌﻘﻼﱐ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﻮﺍﻗﻊ ﻣﻌﻈﻢ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺪﺍﺧﻞ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﳍﻮﻳﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ .ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻔﻴﺪﺍ ﻛﺄﺩﺍﺓ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰱ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،
14
ﻓﻴﺠﺐ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﲝﻴﺚ ﻳﺸﻤﻞ ﲨﻴﻊ ﺍﳍﻮﻳﺎﺕ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻹﺭﺛﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻭﲨﻴﻊ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ، ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ . (Fatton , PP . 71-73) . ﺇﻥ ﻣﻴﻞ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻄﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﻗﺮﺍﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺧﻠﻖ ﻧﻈﺮﺓ ﺿﻴﻘﺔ ﺟﺪﺍ ﺣﻮﻝ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ،ﻭﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﶈﺘﻤﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﺘﻤﻊ .ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ " ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻘﻊ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﻣﻌﲔ ،ﻭﻗﻮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﺰﺯ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﲡﺬﻳﺮﻫﺎ .ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﻣﺴﺒﻖ ﺑﺄﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﻏﲑ ﻗﺮﺍﺑﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ )" (Howell , P.16 ﰱ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻭﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﳏﺪﺩ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺃﻱ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﻴﺒﲑﺍﱄ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺎﺣﺔ ﺗﻀﻢ ﺃﻓﺮﺍﺩﹰﺍ ﻣﺴﺘﻘﻠﲔ ﻭﻋﻘﻼﻧﻴﲔ ﻣﺘﺠﻤﻌﲔ ﺣﻮﻝ ﻣﺼﺎﱀ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻏﲑ ﺇﺭﺛﻴﺔ ،ﱂ ﻳﺆﺩ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻹﺛﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﻓﺸﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﰱ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻭﺍﳌﺪﻯ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻔﻮﺍﻋﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ﰱ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ . -2ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﳌﻨﻔﺼﻠﺔ ﻭﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﺣﺘﻀﺎﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﻣﻨﺤﻪ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺧﻄﺎﺑﻴﺔ ﻭﻣﻀﻤﻮﻧﺎ ﻣﺆﺳﺴﻴﺎ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ؛ ﻭﻧﻈﺮﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﳎﺎﻻﺕ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻭﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ؛ ﻭﺍﻓﺘﺮﺿﺖ ﺃﻥ ﳕﻮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ؛ ﻭﺗﻮﻗﻌﺖ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﻀﺎﺑﻂ ﻭﻛﺎﺑﺢ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ،ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﻮﻧﻪ ﺳﺎﺣﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻨﺸﻄﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻨﲔ ﰱ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﻣﻬﻤﹰﺎ ﰱ ﲢﻘﻴﻖ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ .
15
ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻻﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺣﺎﺩﺓ ﻭﻟﺸﻜﻮﻙ ﻗﻮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺘﻬﺎ ﻭﺣﺼﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻹﻣﺒﲑﻳﻘﻴﺔ .ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥ ﲣﻴﻞ ﻭﺟﻮﺩ " ﺛﺎﻟﻮﺙ ﻣﻘﺪﺱ" ،ﺗﺸﻜﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺣﺪﺍﺕ ﻣﺘﻤﺎﻳﺰﺓ ﻭﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻧﺴﺠﺎﻡ ﻭﺗﻨﺎﻏﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻑ ﻣﺸﺘﺮﻙ ،ﳛﻤﻞ ﰱ ﻃﻴﺎﺗﻪ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﻌﻴﺎﺭﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺗﺼﻮﻳﺮﺍ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﳌﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰱ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ . (Howell, P.8) . ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺳﻠﻄﺖ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺍﶈﺪﺛﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ،ﻭﲢﺪﺕ ﺑﻘﻮﺓ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﳌﻨﻔﺼﻠﺔ ﻭﺍﳌﺘﻤﺎﻳﺰﺓ ﻭﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻭﺍﻋﺘﱪﺕ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﻳﺰ ﺍﳌﺆﺳﺴﻲ ﺍﳌﻔﺘﺮﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﳜﻔﻲ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﺍﻟﻀﻤﻨﻴﺔ ﻟﻠﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﲤﻨﺢ ﻫﺬﻩ ﺍﺎﻻﺕ ﻭﺣﺪﺎ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ .ﻛﻤﺎ ﺃﺎ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻼﺕ ﺍﻟﱴ ﺗﻔﺘﺖ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ ﺩﻭﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﰱ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﻠﻞ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺫﺍﺗﻪ .ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺩﻭﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ،ﺇﱃ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﻭﺗﻐﻠﻐﻞ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﶈﺴﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻂ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺛﻴﻖ ﻣﻊ ﺑﲎ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻥ ﲤﻮﻳﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﻳﺜﲑ ﺗﺴﺎﺅﻻﺕ ﻭﺷﻜﻮﻛﺎ ﻛﺜﲑﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﳌﻔﺘﺮﺿﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﺣﻮﻝ ﻭﺿﻮﺡ ﻭﲤﺎﻳﺰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻔﺘﺮﺿﺔ ﺑﲔ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ . (Wood,1990) . ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﳌﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻭﺍﶈﺘﻤﻠﺔ .ﺇﻥ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻭﻗﻴﻢ ﻓﻮﺍﻋﻞ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ،ﺍﻟﱴ ﻗﺪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﱴ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ .ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺗﺮﺣﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﲟﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﱴ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲣﻔﻴﺾ ﻧﻔﻘﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ،ﻓﺈﺎ ﻗﺪ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﻭﻗﻤﻊ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﺗﺘﺤﺪﻯ ﺳﻴﺎﺳﺎﺎ ﺃﻭ ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﺎ .ﺑﺎﳌﺜﻞ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ 16
ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﰱ ﺧﻄﻂ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﶈﻠﻲ ﻭﰱ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳋﲑﻳﺔ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺻﻮﺭﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲣﻔﻴﺾ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺎ ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻴﺔ ،ﻓﺈﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﺮﺩﺩ ﺃﻭ ﲤﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﻗﺪ ﺗﺜﲑ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﲝﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺃﻭ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﳌﺴﺘﻬﻠﻜﲔ .ﺇﻥ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﻟﻴﺎﹰ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﻛﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ،ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﻬﺸﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﲑﺓ ﰱ ﺍﺘﻤﻊ . ﱂ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﲡﺎﻫﻞ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀﺎ ﻧﺰﻋﺔ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻛﻴﺎﻧﺎ ﺃﺣﺎﺩﻳﹰﺎ ﻭﻣﻨﺴﺠﻤﹰﺎ .ﻓﻠﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺇﱃ ﺍﳋﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﻀﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺳﺎﺣﺔ ﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﺓ .ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﳉﻴﺪ ﰱ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﺔ ،ﳚﻌﻞ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻧﻜﺸﺎﻓﺎ ﻭﺿﻌﻔﺎ ﲟﺠﺮﺩ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﰱ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ) . ( Wood 1990 ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﺍﳌﻔﺘﺮﺿﺔ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺗﺪﻗﻴﻘﺎ ﻭﺗﻮﺿﻴﺤﺎ ﺃﻛﺜﺮ .ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻻ ﺗﺆﺩﻱ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﱃ ﻧﺸﻮﺀ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﲔ ﰱ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻻ ﻳﺸﺠﻌﻮﻥ ﻭﻳﻌﺰﺯﻭﻥ ،ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﰱ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ،ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻓﻌﻠﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ،ﻓﺈﻥ ﺗﺒﻌﻴﺔ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﶈﻠﻲ ﰱ ﺩﻭﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ،ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺮﺧﺺ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﻭﻗﺮﻭﺽ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ،ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﺤﺪﻯ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،ﻭﻻ ﺗﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﰱ ﺍﺘﻤﻊ ﺿﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ). Gyimah-Boadi, 1996 ﺃﺧﲑﺍ ،ﻟﻘﺪ ﺃﺛﺎﺭ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺪﻣﻘﺮﻃﺔ ﺧﻼﻓﺎ ﻭﺟﺪﻻ ﻛﺒﲑﹰﺍ ،ﻓﻤﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺣﺪﺩ ﺩﻳﺎﻣﻮﻧﺪ )(L.Diamondﻋﺪﺓ ﻃﺮﻕ ﳝﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﻥ ﻳﻌﺰﺯ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ،ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﻟﻮﻇﺎﺋﻔﻪ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰱ ﻛﺒﺢ ﻭﺿﺒﻂ ﻗﻮﺓ ﻭﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻭﺗﺪﻋﻴﻢ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻴﺔ .ﻭﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ،ﻭﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻣﺎ ،ﻳﺮﺍﻯ ﻭﺍﻳﺖ ) (G.Whiteﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻼ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻣﻘﺮﻃﺔ .ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺘﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﻼ ﻣﻌﺰﺯﹰﺍ ﺃﻭ ﻣﻌﺮﻗ ﹰ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﻣ ﹰ 17
ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﻓﺈﻥ ﺑﲔ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻬﺘﻤﺔ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﹰﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﹰﺍ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎﻫﺎ ،ﺗﻮﺟﺪ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻣﻨﺎﺻﺮﺓ ﻟﻠﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺟﻨﺒﺎ ﺇﱃ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﳌﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﳌﺆﻳﺪﺓ ﻭﺍﳌﺘﺴﺎﳏﺔ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻲ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﻌﺒﺖ ،ﺗﺎﺭﳜﻴﺎ ،ﺩﻭﺭﺍ ﺣﺎﲰﺎ ﻭﻣﻬﻤﺎ ﰱ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻣﻘﺮﻃﺔ ،ﻓﻼ ﳝﻜﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﺎ ﺳﺘﻘﻮﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﰱ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ،ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻪ ﻗﻮﻯ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﻗﻮﻯ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﳕﻮ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﺷﻴﺔ ﰱ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﰱ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻭﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﻨﻤﺴﺎ .ﻛﺬﻟﻚ ﺃﺩﺕ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻟﱴ ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰱ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﻴﱵ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺇﱃ ﺑﺮﻭﺯ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺷﻴﺔ ﻭﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ﻟﻠﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ .ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ،ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺗﻌﻤﻞ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﻓﻘﺎ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻭﺍﻷﻃﺮ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻗﻮﻯ ﻭﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﶈﺴﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻴﺰ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻭﺍﳉﻨﺴﻲ ﻭﺍﻷﺛﲎ ﻣﺜﻞ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﰱ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ .ﻛﻤﺎ ﺃﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺧﻀﻮﻋﻬﺎ ﳌﺴﺎﺀﻟﺔ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﺃﻭ ﰱ ﺗﻌﺰﻳﺰﻫﺎ ﳌﺸﺎﺭﻛﺘﻬﻢ ﰱ ﲢﺪﻳﺪ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﻭﺗﺴﻴﲑ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﺎ . )(CRAWFORD,pp. 37-38 ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﻴﺲ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻪ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺇﳚﺎﺩ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﰱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﺘﻤﻊ – ﺑﻜﺎﻓﺔ ﻣﻨﻈﻤﺎﺗﻪ ﺃﻭ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ – ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺃﻫﺪﺍﻓﺎ ﺃﻭﺳﻊ ﻭﺃﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﳎﺮﺩ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ .ﺇﺎ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﲟﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ – ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺎ – ﺇﺫ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱴ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺗﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﲎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺫﺍﺎ ،ﻭﺿﺒﻄﻬﺎ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﻣﺴﺎﺭﻫﺎ .ﰱ ﺳﻴﺎﻕ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺪﺍﺀ ﺃﻭ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﳚﺐ ﺃﻥ ﲢﻜﻤﻬﺎ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ 18
ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻳﺒﲔ ﺃﻥ ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﱂ ﲢﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﰱ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻻﺕ . -1ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ : ﳝﺜﻞ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﻌﺒﻪ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺃﳕﺎﻁ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺃﺣﺪ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .ﻭﻟﻘﺪ ﺑﺮﺯﺕ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﻃﺮ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺗﻔﺴﺮ ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﲔ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ .ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻌﺎﺿﺪﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻱ . ﻭﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﻓﻴﻠﻴﺐ ﴰﻴﺘﺮ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻜﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﺭﻳﺔ ﻫﻲ " ﻧﻈﺎﻡ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻪ ﺗﻨﻈﻢ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ﺿﻤﻦ ﻋﺪﺩ ﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻹﻟﺰﺍﻣﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻭﺍﳍﲑﺍﺭﻛﻴﺔ ﻭﺍﳌﺘﻤﺎﻳﺰﺓ ﻭﻇﻴﻔﻴﺎ ،ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻭﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﺗﺼﺮﳛﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ )ﺃﻭ ﲣﻠﻘﻬﺎ ﺃﺻﻼ( ﻭﲤﻨﺤﻬﺎ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭﺍ ﰱ ﲤﺜﻴﻞ ﻓﺌﺎﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻬﺎ ﺑﻀﻮﺍﺑﻂ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰱ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻗﻴﺎﺩﺍﺎ ،ﻭﰲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﰲ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ " ) ،ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ،ﺹ. (119 ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻳﻌﺮﻑ ﴰﻴﺘﺮ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺎ " ﻧﻈﺎﻡ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻪ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ﰱ ﻋﺪﺩ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﻭﺍﳌﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﳍﲑﺍﺭﻛﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﱴ ﲢﺪﺩ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻭﳎﺎﻝ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻭﻣﺼﺎﳊﻬﺎ .ﻭﺍﻟﱴ ﻻ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰱ ﺍﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﳍﺎ ﺃﻭ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺎ ﺃﻭ ﲤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺎ ﺃﻭ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﰱ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭﻋﻠﻰ ﲤﺜﻴﻞ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﺌﺎﺎ ) .ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ،ﺹ . ( 119 ﻭﳝﻴﺰ ﴰﻴﺘﺮ ﺑﲔ ﻧﻮﻋﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﺭﻳﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺘﺸﺎﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﺟﺪﺍ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﻼﻗﺎﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ .ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻷﻭﻝ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺒﲑ " ﺍﻟﻜﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﻳﺔ
19
ﺍﺘﻤﻌﻴﺔ " ﰱ ﻧﻈﻢ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻋﻦ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﳍﺎ ﻧﻔﻮﺫ ﻗﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ )ﻛﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ( ،ﻭﲣﻀﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻳﺘﻐﻠﻐﻠﻬﺎ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﺍﻟﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻲ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﳊﺰﰊ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ ﺍﳌﺴﻴﻄﺮ ،ﻭﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻧﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﰱ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﳌﻬﻴﻤﻦ ﺗﺘﻐﻠﻐﻞ ﰱ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ،ﻭﺗﻔﺮﺽ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﺴﻤﻮﺡ ﺑﺘﻮﺍﺟﺪﻫﺎ .ﻓﺎﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﲣﻀﻊ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺤﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ،ﻭﻧﺎﺩﺭﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﳍﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻷﻋﻀﺎﺋﻬﺎ .ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﺒﻘﺔ ﰱ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻭﰱ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﺳﺎﺋﺪﺓ ﰱ ﺍﻟﺼﲔ ﻭﻛﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻴﺔ ﺍﻟﻜﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﺭﻳﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰱ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻏﲑ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺃﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﰱ ﻋﻬﺪ ﻓﺮﺍﻧﻜﻮ ﻭﺍﻟﱪﺗﻐﺎﻝ ﰱ ﻋﻬﺪ ﺳﺎﻻﺯﺍﺭ ﻭﺍﻟﱪﺍﺯﻳﻞ ﻭﺍﻷﺭﺟﻨﺘﲔ ﰱ ﻋﻬﺪ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﻜﺴﻴﻚ ﰱ ﻋﻬﺪ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺷﺠﻌﺖ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻭﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ )ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ،ﺹ ﺹ . ( 120 – 119 -2ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ : ﺗﺪﻋﻮ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﲡﺎﻫﺎﺕ ﺇﱃ ﺭﻓﺾ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻷﻧﻪ ﻭﻟﻴﺪ ﲡﺮﺑﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻫﻲ ﲡﺮﺑﺔ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﲡﺮﺑﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﰱ ﻫﺬﻩ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻧﻈﺮﺍ ﻷﻥ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻣﻦ ﲢﻮﻝ ﰱ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﺃﺛﺮ ﰱ ﳎﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﲟﺎ ﰱ ﺫﻟﻚ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﲝﻜﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻗﺪ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺑﺼﻮﺭﺗﻪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﲣﻀﻊ ﺍﻵﻥ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﰱ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺘﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺼﺪﺍﺭﺓ .
20
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﰱ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻧﺸﺄﺓ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻭﺍﺗﺴﺎﻉ ﺣﺠﻢ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﳌﺘﻮﺳﻄﺔ ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺃﳕﺎﻁ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﻳﺸﺒﻪ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﰱ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺃﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﻭﻳﱪﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟﻮﺻﻒ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ،ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺭﻓﺾ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﻜﺲ ﲤﺎﻣﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻪ ﰱ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ) .ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ،ﺹ . (325 ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﺪﻣﻘﺮﻃﺔ ﰱ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﻭﺃﻣﲑﻛﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ،ﺟﺪﺩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﲝﺜﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﰱ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻤﺪﺧﻞ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻲ ﻭﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺳﻠﻄﺖ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﳝﺜﻞ ﺁﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻤﻜﲔ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﺗﻌﺰﺯ ﻣﻦ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﻋﻠﻰ ﲪﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﳊﻬﻢ ﻭﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﰱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻗﻮﺓ ﻭﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ ) . (Wiktorowicz, P.43ﻭﰲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺍﻧﻀﻤﺖ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻻﻣﺒﲑﻳﻘﻴﺔ ﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﳕﻮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻴﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﲡﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﳏﺪﻭﺩﺓ ،ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻔﺎﺅﻻ ﺣﻮﻝ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻭﺗﻮﻗﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ . ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻗﻞ ﺗﻔﺎﺅﻻ ﺣﻮﻝ ﺗﻄﻮﺭ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﰱ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﰱ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ .ﻭﺗﺮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﲢﺮﻳﺮ ﻭﻟﺒﲑﺍﻟﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺇﳕﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺃﺳﺎﺳﺎﹰ ﺑﺎﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱴ ﲢﻴﻂ ﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ . ﻓﻔﻲ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﻣﺜﻞ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ،ﺗﻨﺎﻗﺼﺖ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻧﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﳌﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻮﻥ ﻭﺍﻟﺘﻀﺨﻢ ﺧﻼﻝ ﲦﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .ﻭﺃﺩﺕ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﲨﺔ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻗﺪﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﲑ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﻭﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ، 21
ﻭﺣﺘﻤﺖ ﲣﻔﻴﺾ ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠﺴﻠﻊ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﳋﺒﺰ ﻭﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﺩ ،ﳑﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﱃ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻫﺪﺩﺕ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ .ﻭﻟﺘﺮﺿﻴﺔ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﺘﺄﺛﺮﺓ ﺑﺎﻷﺯﻣﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﳌﺼﺎﺣﺒﺔ ﳍﺎ ،ﺳﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﻭﺍﲣﺬﺕ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﲢﺮﻳﺮ ﻭﻟﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﺮﺓ ﲝﺪﻭﺙ ﺍﺣﺘﺠﺎﺝ ﺷﻌﱯ ﻭﻋﻤﻞ ﲨﺎﻋﻲ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺪ ﻳﺰﻋﺰﻉ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻗﺎﻣﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﻓﺮﺹ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﰱ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﻭﻣﻘﻴﺪﺓ ،ﻹﻧﺸﺎﺀ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻭﻟﻜﻦ ﲟﺠﺮﺩ ﺇﻧﺸﺎﺋﻬﺎ ،ﰎ ﻃﻤﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﰱ ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﱴ ﲰﺤﺖ ﻟﻨﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﲟﺘﺎﺑﻌﺘﻬﺎ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﻧﺸﺎﻃﺎﺎ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﲢﺪﻯ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﲜﻌﻞ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﻣﻜﺸﻮﻓﺎ ﻟﻠﺠﻬﺎﺯ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ .ﻭﲢﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ،ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻛﻮﺎ ﺁﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻤﻜﲔ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ .ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﻣﻬﻴﻤﻨﺎ ﻭﻣﺴﻴﻄﺮﺍ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﻓﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﰱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ،ﲟﺎ ﰱ ﺫﻟﻚ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻭﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻘﺎﻭﻡ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺘﻐﻠﻐﻞ ﻭﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰱ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻫﻮ ﺗﻔﺎﻭﺕ ﰱ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﰱ ﺍﻟﻨﻮﻉ ). ( Wiktorowicz, PP.43-44 ﻻ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﺘﻤﻊ ،ﻓﺎﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﻓﻌﻼ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺗﻜﻮﻳﻨﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﻭﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﲢﺎﺩﺍﺕ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ ﻭﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﻭﺃﻧﺪﻳﺔ ﻭﺗﻌﺎﻭﻧﻴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺗﻄﻮﻋﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﲤﺎﺭﺱ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺃﻧﺸﻄﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻣﺘﻌﺪﺩﺓ .ﺇﳕﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰱ ﻋﺪﻡ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ ﻭﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﰱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ) ﺛﻨﺎﺀ ﻓﺆﺍﺩ ﻋﺒﺪﺍﷲ ،ﺹ ﺹ . ( 282– 281 ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻜﻤﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻄﻴﺔ ﻻ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﻣﻊ ﺃﳘﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ،ﻓﺘﻮﺳﻊ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻻ ﻳﻘﻮﺩ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ 22
ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻌﺰﺯ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻛﺄﺩﺍﺓ ﻟﻠﺘﻤﻜﲔ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ،ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﻢ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻜﻞ ﻭﻳﻘﻴﺪ ﻭﳛﺪﺩ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺗﻪ ﻛﻤﺤﺮﻙ ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ . ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻬﻢ ﻭﺟﻮﻫﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﳌﻀﺎﻣﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻭﺍﶈﺘﻤﻠﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻧﻈﺮﹰﺍ ﻷﻧﻪ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﳕﺎﺫﺝ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺃﻣﲑﻛﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ .ﻓﻔﻲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﳊﺎﻟﺘﲔ ،ﳕﺎ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻟﻴﺘﺤﺪﻯ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺰﻣﺮ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﺎﻋﺪﻳﺔ ﲢﺪﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ،ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ ﻭﺣﺸﺪ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ،ﻭﳒﺤﺖ ﰱ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰱ ﲢﻘﻴﻖ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﺣﺮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻛﱪ . ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰱ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﰱ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﰱ ﺷﻜﻞ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﲢﺮﻳﺮﻳﺔ ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ،ﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺗﻪ ﻣﻦ ﻧﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺃﻳﺔ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺃﻭ ﺿﻐﻮﻁ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ .ﺇﻥ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻭﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ،ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺑﻘﺎﺀ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﰱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﳌﺘﺪﻫﻮﺭﺓ .ﺇﻥ ﳕﻮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﱂ ﻳﺴﺒﻖ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﱂ ﻳﺆﺩ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻘﻪ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺣﺪﺙ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﳌﺪﻋﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ .ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﺨﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﻢ ،ﻗﺎﻣﺖ ﰱ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺳﻴﻄﺮﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ . ﺇﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇﺯﺍﺀ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺘﺴﻢ ﺇﻣﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮﺩﺩ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺜﻘﺔ .ﻓﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﺑﺎﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﰱ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻀﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﳑﺎ ﳚﻌﻞ ﳍﺎ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻄﻮﱄ ﰱ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺃﻭ ﺣﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﲢﺪﻳﺪ ﳎﺎﻝ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﻭﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ، ﻭﺗﺸﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﱴ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻗﻴﻮﺩﺍ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﰱ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱴ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﲡﻌﻞ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ﻭﳏﺪﻭﺩﺓ .
23
ﻓﺎﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰱ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺜﻘﺔ .ﻭﰱ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻷﺧﲑ ﺗﺒﻘﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﳎﺮﺩ ﻣﻨﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﺃﻱ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﳌﺎﻧﺢ ﺃﻥ ﳝﻨﺢ ﻋﻄﺎﻳﺎﻩ ﺃﻭ ﻳﺴﺤﺒﻬﺎ ﻭﳝﻨﻌﻬﺎ ﻭﻗﺘﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻭﻛﻴﻔﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ . ﺇﻥ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﰱ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﻛﻞ ﳎﺎﻻﺕ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﺘﻤﻌﻴﺔ ﳑﺎ ﳚﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺃﺩﺍﺓ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻭﻋﺎﺋﻘﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﺎﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺎ ، ﻭﺍﺎﻻﺕ ﻭﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﲤﺘﻠﻜﻬﺎ ﻭﺍﻟﻄﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ ﻻﺣﺘﻼﻝ ﻛﻞ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ،ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺃﺟﻬﺰﺎ ﻭﺁﻟﻴﺎﺎ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻗﺪ ﳜﻔﻲ ﺿﻌﻔﺎ ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﻭﻭﺟﻮﺩﺍ ﻫﺸﺎ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻭﺳﻂ ﻣﺘﺨﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﲏ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻗﻮﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ )ﺛﻨﺎﺀ ﻓﺆﺍﺩ ﻋﺒﺪﺍﷲ ،ﺹ .(284 ﺍﶈﺼﻠﺔ ،ﺇﻥ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻓﻘﺪﺕ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ﻭﻛﻔﺎﺀﺎ .ﻓﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﻛﺎﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻘﺪﺕ ﺍﺳﺘﻘﻼﳍﺎ ﻭﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻭﺷﺮﻋﻴﺘﻬﺎ ﺗﺪﺭﳚﻴﺎ ،ﻭﲢﻮﻟﺖ ﺇﱃ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ،ﳑﺎ ﻳﻌﲏ ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺭﺕ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﺍﳋﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ .ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﳎﺮﺩ ﺭﻋﺎﻳﺎ ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻮﺍﻃﻨﲔ ﰱ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ . -3ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻻ ﲣﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻛﺜﲑﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰱ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﰱ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻫﻮ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑﻱ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ .ﻓﻔﻲ ﻇﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ،ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺭﻭﺍﺑﻂ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ، ﻭﲣﻀﻊ ﻣﺜﻞ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻭﺗﻨﻈﻤﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﱴ ﺗﻘﺮﻫﺎ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﺗﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ . 24
ﺃ ( ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ : ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﰱ ﺑﻨﻴﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻓﺈﻥ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺸﺆﻭﺎ ﻭﻣﺸﺎﻏﻠﻬﺎ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ .ﻭﳛﺪﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﺃﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﰱ ﺍﳌﻬﻦ ﻭﺍﳊﺮﻑ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﻨﺘﻈﻤﻮﻥ ﰱ ﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺭﻭﺍﺑﻂ ﻣﻬﻨﻴﺔ .ﻭﺗﻘﻮﻡ ﻛﻞ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺃﻭ ﺍﲢﺎﺩ ﺃﻭ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺑﺘﺼﻌﻴﺪ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺈﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ .ﻭﺃﻣﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻛﻜﻞ .ﻭﺃﻣﻨﺎﺀ ﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻫﻢ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﰱ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﱪﻭﻥ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﱀ ﻓﺌﺎﻢ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳌﺆﲤﺮ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﳛﻖ ﳍﻢ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﻥ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻳﻘﻮﻡ ﻓﻘﻂ ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ ﻭﺻﻴﺎﻏﺔ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﲤﺜﻴﻼ ﻓﺌﻮﻳﺎ ﰱ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ . ﻭﻟﻘﺪ ﲤﺖ ﺗﺮﲨﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺇﱃ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﻭﻟﻮﺍﺋﺢ ﻭﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ .ﻓﻨﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﻬﻨﺔ ﺃﻭ ﺣﺮﻓﺔ ﳛﺘﻜﺮ ﲤﺜﻴﻠﻬﺎ ﺍﲢﺎﺩ ﺃﻭ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺃﻭ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ .ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﳚﻮﺯ ﳍﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻳﺔ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﳍﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺸﺆﻭﺎ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ،ﻭﻻ ﳚﻮﺯ ﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻛﻮﺣﺪﺍﺕ ﲨﺎﻋﻴﺔ ﰱ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﻭﺍﳌﺴﺎﻭﻣﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﲡﺎﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻨﺎﰲ ﻣﻊ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺁﻟﻴﺎﺎ .ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻢ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﻭﺇﻟﻐﺎﺅﻫﺎ ﻭﲢﺪﻳﺪ ﳎﺎﻻﺕ ﻧﺸﺎﻃﺎﺎ ﻭﺑﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﺎ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻗﻴﺎﺩﺍﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﻭﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ، ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﲤﻮﻳﻠﻬﺎ )ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ،ﺹ ﺹ . (122-120 ﺇﻥ ﺗﻄﻮﺭ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﱪﺯ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺑﻨﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻭﲣﻀﻊ ﳍﻴﻤﻨﺘﻬﺎ . 25
ﻟﻘﺪ ﺃﻋﻴﺪ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﺎﻡ 1975ﺑﺼﺪﻭﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) . (82ﻭﻗﺪ ﻧﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣﲔ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﻭﳚﻮﺯ ﳍﺎ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻓﺮﻭﻉ ﰱ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ) ﺍﳌﺎﺩﺓ . (79ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺪﺩ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺩ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﻭﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ . ﻟﻜﻦ ﰱ ﻋﺎﻡ ، 1981ﺃﻋﻴﺪ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺬﺭﻱ ﻭﻋﻤﻴﻖ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﳎﻬﺎ ﰱ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻭﻓﻘﺪ ﺍﶈﺎﻣﻮﻥ ﺇﺛﺮ ﺫﻟﻚ ﻭﺿﻌﻬﻢ ﺍﳌﻬﲏ ﺍﳌﺴﺘﻘﻞ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺃﻧﺸﺄ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) (4ﻋﺎﻡ 1984ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺿﻤﻦ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ .ﻭﺃﺻﺒﺢ ﲨﻴﻊ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻣﻮﻇﻔﲔ ﰱ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ " ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ " )ﺍﳌﺎﺩﺓ . (2ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻧﺸﺄ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻧﻴﲔ ﺗﻀﻢ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﻭﻛﻼﺀ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻭﺍﳌﺴﺘﺸﺎﺭﻳﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﲔ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻟﻐﻴﺖ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ )ﺍﳌﺎﺩﺓ ، (28ﻛﺬﻟﻚ ﰎ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ )(82 ﻟﺴﻨﺔ 1975ﻭﺍﳋﺎﺹ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ )ﺍﳌﺎﺩﺓ . (38ﻭﻣﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﺃﺻﺒﺢ ﺍﶈﺎﻣﻮﻥ ﻣﻮﻇﻔﲔ ﰱ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ،ﻭﱂ ﺗﻌﺪ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻬﺎ . ﻭﰱ ﻋﺎﻡ ، 1986ﺻﺪﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣﲔ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺃﺳﺲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) (33ﻟﻌﺎﻡ 1986ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﻬﲏ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣﲔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ،ﻧﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺿﻤﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻛﻞ ﳏﻜﻤﺔ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﻣﺆﲤﺮ ﻣﻬﲏ ،ﻭﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﲬﺴﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ )ﺍﳌﺎﺩﺗﺎﻥ 11ﻭ . (12ﻭﻳﺘﻜﻮﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﻬﲏ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣﲔ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻧﺎﺕ ﻛﻞ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ )ﺍﳌﺎﺩﺓ . (18ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﻬﲏ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻣﲔ ﻋﺎﻡ ﻭﺃﻣﲔ ﻋﺎﻡ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻭﺛﻼﺛﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ .ﻭﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻀﻮ ﰱ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ . ﻭﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺍﶈﺎﻣﻮﻥ ﰱ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻣﻬﻨﺘﻬﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻛﻤﻮﻇﻔﲔ ﰱ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻣﻦ 1981ﺇﱃ . 1990 ﻭﰲ ﻋﺎﻡ ، 1990ﺻﺎﻍ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﲰﺢ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣﲔ ﲟﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ . ﻓﻠﻘﺪ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) (2ﻟﻌﺎﻡ 1990ﺍﶈﺎﻣﲔ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺑﲔ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰱ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﳌﻬﻨﺔ ﻛﻤﻮﻇﻔﲔ ﰱ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺑﲔ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ﻭﻓﺘﺢ ﻣﻜﺎﺗﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ . 26
ﻭﺑﻌﺪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻋﺎﻡ ، 1990ﺗﻐﲑ ﺍﺳﻢ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﳌﻬﲏ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣﲔ ﺇﱃ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ ﺇﱃ ﺗﻼﺷﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ) .ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ،ﺹ ﺹ . (134 – 133 ﻭﻳﻌﻄﻰ ﺗﻄﻮﺭ ﻗﻄﺎﻉ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻣﺜﺎﻻ ﺁﺧﺮ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﲟﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ .ﻓﺨﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ،ﺍﺯﺩﻫﺮ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﳋﺎﺹ ،ﻭﱂ ﻳﻔﺮﺽ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺃﻳﺔ ﻗﻴﻮﺩ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ .ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻋﺎﻡ 1978ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﰿ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ،ﺑﺮﺯ ﺍﶈﺘﻮﻯ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺿﻮﺣﺎ ﻭﲢﺪﻳﺪﺍﹰ . ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﲤﺖ ﺗﺮﲨﺔ ﻣﻘﻮﻻﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﺃﻓﻌﺎﻝ ﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻴﺒﻴﺎ .ﻭﻟﻘﺪ ﻭﺟﻬﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺿﺮﺑﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺇﱃ ﻗﻄﺎﻉ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﳋﺎﺹ .ﻓﻠﻘﺪ ﺻﺪﺭﺕ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻋﺎﻡ 1978ﺣﺪﺩﺕ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﳌﻨﺎﺯﻝ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﻨﺰﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻜﻞ ﺃﺳﺮﺓ ﻭﻣﻨﻌﺖ ﺗﺄﺟﲑ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﲤﺖ ﻣﺼﺎﺩﺭﺓ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻸﻓﺮﺍﺩ .ﻭﻭﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﺿﺮﺑﺔ ﻗﺎﺻﻤﺔ ﻟﻘﻄﺎﻉ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﻥ ﺑﻨﺎﺀ ﻭﺗﺎﺟﲑ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﳌﻔﻀﻠﺔ ﰱ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﳊﻀﺮﻳﺔ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ .ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﰎ ﺍﻟﺰﺣﻒ ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺼﺎﻧﻊ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺎ ﲢﺖ ﺷﻌﺎﺭ " ﺷﺮﻛﺎﺀ ﻻ ﺃﺟﺮﺍﺀ " .ﻭﺃﺧﲑﺍ ﰎ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺗﺪﺭﳚﻴﺎ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ 1981ﻭﺣﱴ ﻋﺎﻡ 1984ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺪﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺟﺪﻳﺪ ﺣﻈﺮ ﻛﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﺍﳋﺎﺹ ، ﻭﺍﻋﺘﱪﻫﺎ ﻏﲑ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ،ﻭﺟﻌﻞ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﲡﺎﺭﺓ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻭﲡﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﺣﻜﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﰎ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺮﻣﺘﻪ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻛﻞ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻣﻮﻇﻔﲔ ﰱ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ .ﺣﱴ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﲢﺖ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﻐﲑ ﺃﲰﻬﺎ ﺇﱃ " ﻏﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ " ،ﻭﻧﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻭﳎﻠﺲ ﺇﺩﺍﺭﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻴﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻣﲔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ .
27
ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ،ﻓﻘﺪ ﰎ ﻤﻴﺶ ﺩﻭﺭ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ،ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱴ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺭﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﺔ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﱴ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻨﺬ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻗﺪ ﲰﺤﺖ ﺑﻌﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺭﻭﺍﺑﻂ ﺧﺎﺻﺔ ﻢ ،ﻓﺈﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﻃﺒﻘﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﻧﺸﻄﺎ ﰱ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﻮ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺿﻌﻴﻒ ،ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﻣﺘﺄﺛﺮﺍ ﺑﺎﻟﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﳉﺬﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﻌﺮﺽ ﳍﺎ ﰱ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ ) .ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ،ﺹ ﺹ 136 – 135 (. ﺏ ( ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻟﻌﺒﺖ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﻧﺸﻄﺎ ﻭﻣﻬﻤﹰﺎ ﰱ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﻴﺎﺕ .ﻭﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻣﻨﺘﺸﺮﺓ ﻭﻏﻄﺖ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﳏﻮ ﺍﻷﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺸﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﳌﻌﺎﻗﲔ .ﻭﻟﻜﻦ ،ﻭﰱ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻻﺕ ،ﺍﻣﺘﺪ ﻧﺸﺎﻁ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻭﰲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻓﻔﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺃﻫﺪﺍﻓﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻣﻊ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﻐﻄﺎﺀ ﺭﲰﻲ .ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻫﻮ "ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ " ﺍﻟﱴ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﰱ ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ ﻋﺎﻡ ، 1943ﻇﺎﻫﺮﻳﺎ ﻛﺠﻤﻌﻴﺔ ﺭﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻭﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﺿﺪ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻴﺒﻴﺎ ) .ﳏﻤﺪ ﺑﺸﲑ ﺍﳌﻐﲑﰊ . ( 1993 ، ﰱ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﰎ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﳏﺪﺩﺓ ﳉﻤﻊ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﺜﻮﺭﺗﲔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ .ﻭﻟﻜﻦ ،ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ،ﱂ ﺗﻘﻢ
28
ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﺍﻫﺘﻤﺖ ﲜﻮﺍﻧﺐ ﳏﺪﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻲ ﻣﺜﻞ ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﻴﻒ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻜﺸﻔﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﲨﻌﻴﺔ ﺍﳍﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﻠﻴﱯ ) .ﻧﺪﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻲ. (1989، ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﰱ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﳌﻬﺘﻤﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻭﲣﻀﻊ ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﲔ ﻭﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﰱ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻗﻴﺎﺩﺍﺎ ،ﻭﰱ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ،ﻭﰲ ﺃﻣﻮﺭﻫﺎ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﰱ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﺎ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ . ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺻﺪﺭ ﳎﻠﺲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) (111ﻟﺴﻨﺔ 1970ﺑﺸﺄﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺃﺻﺪﺭ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .ﻭﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻻﺋﺤﺘﻪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﰎ ﺇﻟﻐﺎﺅﻩ ﻋﺎﻡ (2001) 1369ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) (19ﻟﺴﻨﺔ ، (2001)1369ﻛﻤﺎ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺭﻗﻢ ) (73ﻟﺴﻨﺔ (2002) 1370ﺑﺸﺄﻥ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) (19ﻟﺴﻨﺔ (2001) 1369ﺑﺸﺄﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ . ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻧﲔ ﻧﻼﺣﻆ ﺩﺭﺟﺔ ﲢﻜﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﺟﻬﺰﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﰱ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﲢﺪﻳﺪ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻭﻫﻴﻜﻠﻴﺘﻬﺎ ﻭﺩﳎﻬﺎ ﻭﺣﻠﻬﺎ .ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺫﻟﻚ : -1ﳛﻖ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺭﻓﺾ ﺇﺷﻬﺎﺭ ﺃﻳﺔ ﲨﻌﻴﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺭﺃﺕ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺇﻧﺸﺎﺅﻫﺎ ﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ) .ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (10ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) (111ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ) (3ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ). ((19
29
-2ﻻ ﳚﻮﺯ ﻷﻳﺔ ﲨﻌﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺴﺐ ﺃﻭ ﺗﺸﺘﺮﻙ ﺃﻭ ﺗﻨﻀﻢ ﺇﱃ ﲨﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﻫﻴﺌﺔ ﺃﻭ ﻧﺎ ﺩ ﻣﻘﺮﻩ ﺧﺎﺭﺝ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﺃﻭ ﺗﻘﺒﻞ ﺗﱪﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﻫﺒﺎﺕ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﺕ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ) . ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (20ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) ، (111ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ) (14ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ). ((19
-3ﳛﺪﺩ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﺎﻥ ﺍﳍﻴﻜﻞ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻫﻴﺌﺎﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﻭﻭﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺎ . -4ﳚﻮﺯ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺩﻋﻮﺓ ﻫﻴﺌﺎﺕ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻏﲑ ﻋﺎﺩﻱ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ) .ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (29ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) ، (111ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ) (25ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ). ((19 -5ﳚﺐ ﺇﺑﻼﻍ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺑﻜﻞ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﻭﺑﺎﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﲜﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩﻩ ﺑﻔﺘﺮﺓ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﳏﺪﺩﺓ .ﻛﻤﺎ ﳚﺐ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﳏﻀﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻨﻪ ﺇﱃ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺧﻼﻝ ﲬﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ) .ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (41ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) (111ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ) (27ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ). ((19 -6ﳚﻮﺯ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﲨﻌﻴﺔ ﺗﺮﻯ ﺃﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺮﺽ ﻣﺸﺘﺮﻙ ) .ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (46ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) (111ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ) (34ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ). ((19 -7ﳚﻮﺯ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﻏﻠﻖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﺮﻭﻋﻬﺎ ﳌﺪﺓ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺠﺪﻳﺪ ، ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺈﺟﺮﺍﺀ ﻣﺆﻗﺖ ﲤﻬﻴﺪﺍ ﻟﻺﺩﻣﺎﺝ ﺃﻭ ﺍﳊﻞ ) .ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (47ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) ، (111ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ) (35ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ). ((19 -8ﳚﻮﺯ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﻣﺴﺒﺐ ﲝﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﺤﻞ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ) .ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ) (5ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (49ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) ،(111ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ) (5ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺩﺓ ) (36ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) . ((19ﻭﻳﻼﺣﻆ ﰱ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ،ﺃﻧﻪ ﰱ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﺎﺯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) (111ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺣﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ) (19ﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻭﻭﻓﻘﺎ ﻟﻸﺳﺒﺎﺏ 30
.
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﺍﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻧﲔ ﻧﻼﺣﻆ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﺟﻬﺰﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺸﻄﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﲢﺪﺩ ﻫﻴﻜﻠﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺎ ﻭﺗﺴﻴﲑﻫﺎ ﻷﻋﻤﺎﳍﺎ . ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺃﺣﺮﺍﺭﹰﺍ ﰱ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﻋﻦ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﺟﻬﺰﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ .ﺇﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ﰱ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﻴﲔ ﻗﻴﺎﺩﺍﺎ ﺃﻭ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﺴﺎﺭﺍﺎ ،ﳚﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺗﻔﻘﺪ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺘﻬﺎ ﻭﻋﻔﻮﻳﺘﻬﺎ ،ﻭﳚﻬﺾ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ﻭﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ،ﻭﳛﻮﻝ ﺇﺩﺍﺭﻳﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﳎﺮﺩ ﻣﻮﻇﻔﲔ ﺗﺎﺑﻌﲔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺗﻨﻘﺼﻬﻢ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻜﻞ ﻋﻤﻞ ﺗﻄﻮﻋﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ .ﺇﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﲜﻼﺀ ﺃﻥ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﺮﻛﺖ ﺑﺼﻤﺎﺎ ﻭﺁﺛﺎﺭﻫﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﻛﻮﺎ ﻭﺃﺩﺍﺭﻫﺎ ﺍﻷﻫﺎﱄ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻘﺪﺕ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻘﻬﺎ ﻭﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻘﺪﺕ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ . ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﺧﺘﺎﻣﻴﺔ ﻳﺘﻀﺢ ﳑﺎ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﲔ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﳕﻮﺫﺝ " ﻛﻮﺭﺑﻮﺭﺗﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ " ﻟﻸﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ : • ﺇﻥ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﳏﻈﻮﺭﺓ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ،ﻭﺍﻋﺘﱪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺮﳝﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﻌﺐ ﻋﻘﻮﺑﺘﻬﺎ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ )ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ ) (71ﻟﺴﻨﺔ .(1972 31
• ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻏﲑ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻭﺇﻟﺰﺍﻣﻴﺔ ﻭﻫﲑﺍﺭﻛﻴﺔ . • ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻭﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻳﺘﻢ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻭﺣﻠﻬﺎ ﺑﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﻟﻮﺍﺋﺢ ﻭﻗﻮﺍﻧﲔ ﺭﲰﻴﺔ .
• ﺇﻥ ﻛﻞ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺃﻭ ﺍﲢﺎﺩ ﻣﻬﲏ ﳛﺘﻜﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﲤﺜﻴﻞ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺿﻤﻦ ﻓﺌﺘﻪ . ﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺑﻞ ﺇﺎ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﰱ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﻼ ﻭﻣﻨﻔﺼ ﹰ • ﺇﻥ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻻ ﲤﺜﻞ ﳎﺎ ﹰﻻ ﻣﺴﺘﻘ ﹰ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ،ﻭﺗﻌﺘﱪ ﺟﺰﺀﹰﺍ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑﻳﺔ ﺍﻟﱴ ﲢﺪﺩ ﺃﻥ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻭﺍﺎﻝ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﺘﻤﻊ . ﰱ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ،ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻄﻴﺔ ﺗﺬﻫﺐ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺣﺠﺞ ﻣﻨﻈﺮﻱ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺄﺎ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺿﻐﻂ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﻐﻴﲑ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ .ﻓﻤﻦ ﺍﳌﻬﻢ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﲢﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻄﺎﺑﻖ ﺃﻭﻻ ﺗﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺎ ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﲔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﺘﻤﻊ .ﺇﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﻗﻴﺎﺩﺍﺎ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﻔﺮﺽ ﻣﻌﺎﻳﲑ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﻣﺜﻞ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺗﻌﲏ ﻗﺪﺭﺓ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﻭﺗﺒﲎ ﺷﻜﻞ ﻭﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﺳﺒﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﻜﻞ ﻭﳕﻂ ﺗﻨﻈﻴﻤ ﻲ ﻣﻌﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﺟﻬﺰﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ . ﺇﻥ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ ﻗﻮﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻗﻮﻳﺔ ،ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺳﺘﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺫﺍﺕ ﻗﺒﻮﻝ ﻋﺎﻡ ﰱ ﺍﺘﻤﻊ ،ﻭﻣﻦ ﰒ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﺘﻤﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰱ ﲨﻴﻊ ﺍﺎﻻﺕ .ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺳﺘﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﻛﺴﺐ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﺘﻤﻊ ﻷﺎ ﺳﻮﻑ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺑﺄﻥ ﺳﻴﺎﺳﺎﺎ ﲢﻘﻖ ﻣﺼﺎﳊﻬﻢ .
32
ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ : ﺃﻭﻻ :ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ -1
ﺛﻨﺎﺀ ﻓﺆﺍﺩ ﻋﺒﺪﺍﷲ ) ، (1997ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﰱ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺑﲑﻭﺕ :ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
-2
ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ) " ، (1995ﺗﻘﺪﱘ :ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﰱ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ " ﰱ ﺃﻣﺎﱐ ﻗﻨﺪﻳﻞ ،ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﰱ ﻣﺼﺮ ) ، (1993-1981ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ :ﻣﺮﻛﺰ ﺃﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﳕﺎﺋﻴﺔ . ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ) ، (1992ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰱ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺑﲑﻭﺕ :ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﳏﻤﺪ ﺑﺸﲑ ﺍﳌﻐﲑﰊ ) ، (1993ﻭﺛﺎﺋﻖ ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ :ﺩﺍﺭ ﺍﳍﻼﻝ. ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ) ، (1995ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﰱ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ :ﻣﺮﻛﺰ ﺃﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﳕﺎﺋﻴﺔ. ﻧﺪﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻲ ) ، (1989ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ :ﲨﻌﻴﺔ ﺍﳍﻼﻝ ﺍﻷﲪﺮ ﺍﻟﻠﻴﱯ.
-3 -4 -5 -6
ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺍﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ Crawford , Gordon (2000) , “Promoting Democratic Governance in the South” , The European Journal of Development Research , Vol. 12 , No.1, June , PP.23-57 Fatton , Robert (1995) , “Africa in the Age of Democratisation”, African Studies Review , Vol.38 , No.2 , Sept., PP . 67-99. Gyimah-Boadi, E. (1996), “Civil Society in Africa” , Journal of Democracy , Vol.7 , No.2, April,PP.118-132. Howell , Jude (2000) , “ Making Civil Society from the Outside “ , The European Journal of Development Research , Vol. 12, No.1, June , PP.3-22. Wood, Ellen (1990) , “The Uses and Abuses of Civil Society”, Socialist Register , PP.60-84 .
33
12345-
ﳎﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﳌﺪﱐ ﺩ .ﳏﻤﺪ ﺑﺎﻟﺮﻭﻳﻦ
ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺼﻄﻠﺢ " ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ" ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻭﺍﻻﻛﺎﺩﳝﻴﲔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺷﻄﲔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭﲢﻜﻤﻬﺎ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺩﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻭﴰﻮﻟﻴﺔ.ﻭﻫﻨﺎ ﳛﻖ ﻟﻠﻤﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﺴﺄﻝ: ﺃﻭﻻ :ﻣﺎﻫﻮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ؟؟ ﰲ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﻘﺪﱘ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﺷﺎﻣﻼ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﺘﻠﺨﻴﺺ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﱪﺗﻪ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ ﻭﺍﳌﺘﺨﺼﺼﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺎﻝ.ﻭﻛﺎﻥ ﺗﻠﺨﻴﺼﻬﺎ ﻛﺎﻷﰐ: "ﺃﺗﻔﻖ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ :ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻨﲔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻦ ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﺸﻤﻞ ﺃﻯ ﻋﻤﻞ ﺗﻔﺮﺿﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ"..ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﲏ ﻫﺬﺍ؟ ﰲ ﺗﺼﻮﺭﻱ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺗﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺆﺳﺴﻬﺎ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﻭﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻭﺃﺣﺠﺎﻡ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ.ﻭﻫﻲ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺸﻄﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﱪﻭﻥ ﻋﻦ ﻧﻈﺮﺍﻢ ﻭﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﻛﻴﻒ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ...ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ,ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ,ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﺍﺕ ,ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ,ﻭﻛﻞ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ". ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺃﰐ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ؟
34
ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺃﰐ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﺃﺻﺒﺢ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﱪﻩ ﺷﺮﻁ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻨﺎﺟﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻧﺒﺬﻩ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﳐﺘﺼﺮﺓ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ .ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ "ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ" ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺮﺍﲰﺎﱄ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ .ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﱂ ﻳﻌﺘﱪﻩ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﲔ
ﺷﺮﻁ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻨﺎﺟﺢ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﻝ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻻ ﺍﳊﺼﺮ ﳒﺪ ﺃﻥ ﺍﻻﻏﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻭﳘﺎ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻔﻜﺮﻯ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﱂ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﺍ ﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﱂ ﻳﻨﻈﺮﻭﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﺎ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻡ ﻭﳏﻜﻮﻣﲔ ﻭﻋﺒﻴﺪ. ﻭﺣﱵ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺼﻄﻠﺢ "ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ" ﻣﺼﻄﻠﺤﺎ ﻣﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳌﺼﻄﻠﺢ "ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ" ﺩﻭﺭﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻳﺬﻛﺮ .ﻓﻤﺜﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺩﺧﻞ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻻﻣﺎﱐ )ﻫﻴﻐﻞ( ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻋﺘﱪﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﻌﺎﱂ "ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ" ﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﳕﺎ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ .ﻟﻘﺪ ﺭﺑﻂ )ﻫﻴﻐﻞ( ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻇﻬﻮﺭ"ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ" ﺑﺘﻄﻮﺭﺍﻟﺴﻮﻕ .ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﳊﻖ" ﻳﻌﺮﻑ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻛﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺮﺍﲰﺎﱄ ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻌﻜﺲ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻕ ...ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺩﺍﺓ ﻻﳒﺎﺡ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﳋﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻴﺲ ﺍﻻ ؟ ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺑﺄﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﳘﺎ ﺃﺩﻭﺍﺗﺎﻥ ﻟﻠﻬﺪﻡ ﻭﺍﻟﻌﺮﻗﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ! ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ "ﰲ ﺍﻟﺴﻮﺃﻝ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ":ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﲝﻘﻮﻕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻻ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺍﻻﻧﺎﱐ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺍﳌﻌﺰﻭﻝ ﻣﻦ ﳎﺘﻤﻌﻪ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ "...ﻭﱂ ﻳﺘﻐﲑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﲔ ﺍﻻ ﺣﺪﻳﺜﺎ . ﻓﻠﻘﺪ ﺃﻗﺘﻨﻊ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ ﺍﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺃﺧﲑﺍ ﺑﺎﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﳉﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻷﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﳌﻨﺸﻮﺩ ,ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺤﻘﻖ ﳍﻢ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭ ﺭﻳﺎﺩﻱ ﻭﻣﺆﺛﺮ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ .ﺑﺪﺃ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﻮﻥ ﰲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻻﺗﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﻭﺁﺧﺮ ﺍﻟﺴﺒﻴﻌﻨﻴﺎﺕ ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﺑﺎﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺘﻬﻢ 35
ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻻﺗﻴﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﳎﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﲑ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﺑﺪﺃ ﻣﻴﺄﺧﺮﺍ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻧﺘﺎﺝ ﻟﻠﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺮ ﺎ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﰲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ .ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻣﺼﻄﻠﺢ "ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ" ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ﻛﺎﻥ ﻧﺘﺎﺝ ﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺃﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﱂ ﳚﺪ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺍﻻ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲪﺘﻬﻢ ﻭﺁﻭﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ ...ﰒ ﻳﺴﺘﻄﺮﺩ ﺍﻻﺳﺘﺎﺫ ﻭﻳﻘﻮﺭﺕ ﰲ ﻭﺻﻒ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﰲ ﺍﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻻﺗﻴﻨﻴﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ" ..ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﰲ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺣﻴﺚ ﺩﺍﻓﻌﺖ ﻭﲪﺖ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﻣﻦ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ ﰲ ﺍﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﳉﻨﻮﺑﻴﺔ. ﺛﺎﻟﺜﺎ :ﳌﺎﺫﺍ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﺻﺒﺢ ﺿﺮﻭﺭﺓ؟ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﱄ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ "ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ" ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻨﺎﺟﺢ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺷﻌﱯ .ﻓﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺴﲑ ﰲ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ؟ ﻭﰲ ﻧﻈﺮﻱ ﺍﻥ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ: • ﺃﻥ "ﺣﻖ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ" ﻫﻮ ﺣﻖ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﺃﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺄﻱ ﳎﺘﻤﻊ .ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺄﻥ ﺣﻖ ﺃﻱ ﺷﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﰲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﲤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ ﺣﻖ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻟﻜﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ . 36
• ﺃﻥ ﺣﻖ ﺃﻱ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﺘﻤﻊ ﰲ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺃﻱ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻏﲑ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ -ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﻫﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ,ﺃﻭﻋﺸﲑﺓ ,ﺃﻭﻧﻘﺎﺑﺔ ﻣﻬﻨﻴﺔ ,ﺃﻭﺃﻱ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺃﺧﺮﻱ ﻃﺎﳌﺎ ﺃﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﰲ ﻇﻞ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻫﻮ ﺣﻖ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭﻣﺼﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ. • ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺍﻻﺩﺍﺓ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﺠﱪ )ﺃﻭ ﺗﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ( ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻣﺆﺛﺮﺓ... ﻭﺳﺘﻘﻮﻡ ﲟﺤﺎﺳﺒﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ...ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺸﺠﻊ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ
ﻭﺍﳌﺸﺎﻋﺮﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﺘﻤﻊ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﺌﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ . ﻭﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻴﻬﺎ • ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻏﲑ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺳﻮﻑ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ...ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺳﻴﺴﺎﻋﺪ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﰲ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍ ﻫﺎﻣﺎ ﰲ ﺃﲣﺎﺩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻴﻨﻬﻢ ,ﻭﺗﺘﻴﺢ ﳍﻢ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻋﻄﺎﺀ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻻﳎﺮﺩ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ . • ﻭﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ -ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻻ ﳝﻜﻦ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﺍﻵ ﺍﺫﺍ ﺃﺗﻴﺢ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺷﺌﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺣﻖ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﰲ ﺍﲣﺎﺩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ .ﻭﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺿﻤﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﲢﻤﻲ ﻛﻞ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ-ﻭﺧﺼﻮﺹ ﺍﺍﻻﻗﻠﻴﺎﺕ ﻣﻨﻪ -ﺿﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻭﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺮﺩ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ. • ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺷﺠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﲏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ -ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ -ﻫﻮﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﺬﺭﻳﻊ ﳌﻔﻬﻮﻡ ﻓﻜﺮﺓ " ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ" ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ .ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺳﺎﺩﺕ ﻭﺃﻧﺘﺸﺮﺕ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻻﻣﻜﻨﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ • ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺴﻮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺎﺩ ﺍﱄ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺗﺴﺨﲑ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻵﺧﺮﻯ ﻭﺍﺿﻄﻬﺎﺩﻫﺎ.
37
• ﻭﺃﺧﲑﺍ ﻓﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺎﺭﻑ -ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﺧﱪﺓ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ- ﺣﱵ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻭﺣﺮﺓ -ﳏﺪﻭﺩ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻜﻞ ﺃﻧﺒﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ .ﻓﱪﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﳊﺮﺓ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻ ﺃﺎ ﻏﲑ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﻴﺎﻥ .ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺗﻘﺮﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺤﻜﻢ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﺩﺍﺓ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﶈﻜﻮﻣﲔ .ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺄﰐ ﺩﻭﺭ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻵﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺔ ﻭﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ...ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﳝﻜﻦ ﺃﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﺘﻤﻊ
ﺍﳌﺪﱐ -ﺑﻜﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺗﻪ ﺃﺩﺍﺓ ﺃﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻤﻜﲔ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺍﺭﺁﺋﻬﻢ ﻭﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﲟﺼﺎﳊﻬﻢ .. ﺭﺍﺑﻌﺎ :ﻣﺎﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ؟ ﺍﺫﺍ ﺳﻠﻤﻨﺎ -ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻋﻼﻩ -ﺑﺄﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﺎﺡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﻟﻜﻞ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳊﺮﺓ ﰲ ﻛﻞ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺩﻭﻥ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺗﺪﺧﻠﻬﺎ ﰲ ﺷﺌﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ. ﺍﺫﺍ ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺬﺍ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻌﻨﺎ ﺍﻥ ﻳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﳊﻜﻮﻣﺔ؟ ﲟﻌﲎ :ﻫﻞ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻫﻴﻤﻨﻬﺔ ﺃﻡ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻓﺼﻞ؟ ﻭﺍﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻓﺼﻞ :ﻓﻬﻞ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻓﺼﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ -ﲟﻌﲎ ﺍﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ -ﻭﻫﻞ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻓﺼﻞ ﺃﻭ)ﺃﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ( ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ؟ ﻭﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺃ ﺑﺎﻻﺷﺎﺭﺓ ﺍﱄ ﺃﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻗﺪ ﺃﻧﻘﺴﻤﻮﺍ -ﰲ ﺍﻻﺟـﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺌﻠﺔ ﺍﱄ ﺛﻼﺙ ﻓﺮﻕ -ﻓﺮﻳﻖ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﻫﻴﻤﻨﻪ ﺃﻭ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺌﺆﻭﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﹼﺪﻣﺞ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﲢﺎﻟﻒ ﻭﺃﺣﺪ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﻌﺾ -ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﻳﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ –" ﺑﺘﺤﺎﻟﻒ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ".ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺁﻣﻦ ﺑﻪ ﻛﻞ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﻮﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺳﺪﺓ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ
38
. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻻﺑﺪ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛـﺎﻣﻼ - ﲟﻌﲎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ .ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻧﻈﺮ ﻫﺆﻻﺀ ﻫﻮ ﺍﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﻻ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺀ ﻣﱵ ﺷﺎﺀﺕ ... ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﻳـﻖ ﺛـﺎﻟﺚ -ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻨﻪ -ﻳﻨﻈﺮ ﺍﱄ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ ﺍﻵﰐ:
• ﻓﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ -ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ -ﺃﻥ ﺗﻨﺸﺊ ﻭﺗﻄﻮﺭ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ,ﻭﺫﻙ ﻻﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ -ﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﻗﻬﺮ ﻭﺇﺟﺒﺎﺭ .ﺃﻭ ﲟﻌﲏ ﺁﺧﺮ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺴﻠﻂ... ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻄﻴﺔ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻏﲑ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺃﻣﺮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻭﻣﻬﻢ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ. • ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ -ﺍﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺍﻥ ﻧﻄﺒﻖ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﻨﺠﺎﺡ ﻫﻲ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﻭﺗﺴﺘﻤﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ ﻓﻴﻬﺎ ,ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﻥ ﻳﻨﺠﺢ ﻭﻳﺰﺩﻫﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﲢﻤﻴﻪ ﻭﺗﻨﺎﺻﺮﻩ ....ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﻭﺍﳊﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﳊﻜﻢ . • ﺍﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﻜﻤﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﻧﻘﻴﺾ ﺃﻭ ﻣﻀﺎﺩ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ .ﻓﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﳘﺎ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﻣﻜﻤﻼﻥ ﻟﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ - ﻓﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻟﱵ ﺘﻢ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺷﺌﻮﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﺩﺍﺭﺓ ﺷﺌﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ . • ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ -ﻭﻫﻲ ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ -ﻫﻲ ﺍﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﺻﺒﺤﺘﺎ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ -ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻱ ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ -ﺍﱄ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﺾ ,ﻓﻼ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺗﺴﻴﻄﻴﻊ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ 39
. ﺧﺎﻣﺴﺎ :ﻣﺎﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ؟ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ ,ﺍﻗﺼﺪ ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ -ﻫﻨﺎ -ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﳋﺎﺹ -ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ -ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺷﺌﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ,ﻭﺍﻟﺸﺌﻮﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ .ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺴﻮﻕ )ﺍﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺃﺻﻼ ( ﺑﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ؟ ﻭﲟﻌﲎ ﺁﺧﺮ ﳝﻜﻦ ﺍﻥ ﻧﺴﺄﻝ :
ﺃ( ﻫﻞ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ؟ ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ؟ ﺏ( ﺍﻥ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ؟ ﺕ( ﻫﻞ ﳝﻜﻦ ﺃﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱏ؟ ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ :ﻫﻞ ﳝﻜﻦ ﺃﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻭﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ -ﻭﻛﻠﻨﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄﺎ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ! ﺙ( ﻫﻞ ﳛﻖ ﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ؟ ﺝ( ﺍﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﻨﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ )ﺩ(!!! ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﺘﻢ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﱄ ﺃﻱ ﻣﺪﻯ؟ ﻫﺬﻩ ﳎﺮﺩ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺆﺳﺲ ﺩﻭﻟﺔ ﳕﻮﺫﺟﻴﺔ, ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ,ﻭﻳﺰﻫﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ,ﻭﺗﺴﻮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻭﺍﳊﺮﺓ .ﺑﻌﺪ ﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻋﺮﻑ"ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ" ﻭﺍﻟﱵ ﺃﺳﺘﻤﺮﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﻋﺎﻣﺎ -ﻭﻛﺎﻥ ﻧﺘﻴﺠﺘﻬﺎ ﺍﻴﺎﺭ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﱵ- ﻭﻛﻞ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﰲ ﺷﺮﻕ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ -ﻭﺃﻋﻼﻥ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﲰﺎﻟﻴﺔ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﻢ .ﻣﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﲔ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﺍﻟﺮﺍﲰﺎﱄ ﻫﻮ ﺳﻴﺪ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺭﻏﻢ ﺍﻧﻪ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﱂ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺮﺏ ﻭﻛﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ-ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ -ﻫﻮ ﺍﻴﺎﺭﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻭﺍﳍﻴﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺍﲰﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﻨﻈﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ -ﻻﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﲔ ﺧﺼﻤﲔ ﰲ ﺳﺒﺎﻕ ﻻﺎﻳﺔ ﻟﻪ !!! ﻓﻤﻦ ﺍﳊﺘﻤﻲ ﺍﻥ ﻳﻨﻬﺎﺭﺃﺣﺪﳘﺎ ﺃﻭ ﺍﻻﺛﻨﺎﻥ ﻣﻌﺎ. 40
ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﺒﻨﺖ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺮﺍﲰﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ -ﻭﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﳉﻨﺴﻴﺎﺕ -ﻓﻜﺮﺓ "ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ" ﻟﻴﺲ ﺣﺒﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﺍﳕﺎ ﻛﺴﻼﺡ ﻻﺗﺴﺎﻉ ﺣﺮﻳﺔ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﲢﻜﻤﻬﺎ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺩﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ .ﻭﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﺷﺎﺭﺓ ﺍﱄ ﺣﻘﻴﻘﺘﺎﻥ ﻫﺎﻣﺘﺎﻥ : ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻻﻭﱃ ﻫﻲ ﺍﻥ ﺍﻟﻜﺜﲑﻭﻥ ﻻ ﳜﺘﻠﻔﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲤﻜﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ . ﺍﻣﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﻲ ﺑﺄﻥ ﻭﻗﻮﻑ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﺿﺪ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﺣﺒﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﻵﺣﺮﻯ ,ﻭﺍﳕﺎ ﲢﻘﻴﻘﺎ ﳌﺼﺎﳊﻬﻢ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺑﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ -ﻭﺍﺫﺍ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﺍﻟﻠﻴﺒﲑﺍﱄ ﺟﺎﻧﺒﺎ -ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻭﺃﺧﺬﻫﺎ ﰲ ﺍﻷﻋﺘﻴﺒﺎﺭﻋﻨﺪ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻣﻮﺭ ﺍﻷﰐ: ﺃﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﻮ ﺩﻭﺭ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻓﺪﻭﺭ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻫﻮ ﺧﻠﻖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﺩﻝ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺗﺮﺷﻴﺪﻩ ﲟﺎ ﳜـﺪﻡ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻓﻴﻪ ﰲ ﺃﻃـﺎﺭ ﺩﺳﺘـﻮﺭ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ...ﻭﻫﻮ ﻗﻄﺎﻉ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ "ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﺮﺑﺢ" ﺃﺻﻼ ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ .ﲟﻌﲎ ﺍﺫﺍ ﻏﺎﺏ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﳋﺎﺹ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺷﻴﺌﺎ ﺁﺧﺮ . ﰲ ﺗﺼﻮﺭﻱ ﻻﺑﺪ ﺍﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﺃﻭ) ﻻ ﺗﺮﻳﺪ( ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ,ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﻼﺑﺪ ﺃ ﹼﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﻭﻻ ﳚﺐ ﺍﻥ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻪ ..ﻓﻜﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﳚﺐ ﺍﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﲑﻳﺔ ﻭ ﺗﻄﻮﻋﻴﺔ ,ﺷﻌﺒﻴﺔ ,ﻭﺍﳚﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﺟﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﺘﻤﻊ .
41
ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﺃﻧﻔﺼﺎﻝ ﻣﻄﻠﻖ ﲟﻌﲎ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻭﻻ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﺾ ,ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺁﺧﺮﻯ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻧﺪﻣﺎﺝ ﻛﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ,ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻫﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ..ﺍﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ -ﰲ ﺗﺼﻮﺭﻱ -ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻈﺮ ﺍﱄ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻧﻈﺮﺓ ﺗﻌﺎﻭﻥ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺍﻥ ﻳﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻣﻊ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺣﻞ ﺍﻟﺘﺤﺪ ﻳﺎﺕ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺗﻌﺎﻭﻥ ﺍﺩﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻣﻊ ﺍﲢﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺳﻴﺨﺪﻡ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻭﺳﻴﻘﻮﺩ ﺍﱄ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﺃﺳﺘﻘﺮﺍﺭﻫﺎ .ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ -ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﺢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﻣﺆﺳﺴﺔ)ﺃﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ( ﺍﻻﻋﻼﻡ ﺍﳌﺪﱐ .ﻓﱪﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﳝﻜﻦ ﺍﻋﺘﻴﺒﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍ ﹼﻻ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﻗﺪ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﻕ . ﺳﺎﺩﺳﺎ :ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﲨﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﺼﺎﱀ؟
ﳝﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﺼﺎﱀ ) ﺃﻭ ﺍﻟﻀﻐﻂ( ﺑﺄﺎ " :ﻛﻞ ﲨﺎﻋﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲡﻤﻌﻬﻢ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻟﻠﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺃﻭ ﲪﺎﺗﻴﻬﺎ ".... ﻭﺑﻨﺎﺀﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .... ﻭﻟﻜﻦ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﻲ ﺑﺄﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﴰﻞ ﻭﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﺼﺎﱀ .ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺧﺎﺭﺝ ﺃﻃﺮ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﻧﻔﻮﺫﻫﺎ .ﻓﻬﻮ ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ -ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔﺃﻭﻻ ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺃﻭ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﺃﺧﺮﻯ . ﺳﺎﺑﻌﺎ :ﺣﺪﻭﺩ ﻭﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ: ﻗﺪ ﻳﺴﺌﻞ ﺳﺄﺋﻞ ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﺍﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ,ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻭﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ؟ ﻭﻫﻨﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻻﺟﺎﺑﺔ ﻛﺎﻻﰐ : 42
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻻﻭﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ,ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺪﺩﻭﺍ ﺃﻻﻃﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ,ﻭﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ,ﻭﺍﳍﻴﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻓﻤﺎ ﳝﻨﺤﻪ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﻭﺣﺮﻳﺎﺕ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻨﲔ ﻭﻣﺎ ﳝﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳝﻜﻦ ﲡﺎﻭﺯﻩ ..ﻓﺎﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻫﻮ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ...ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺩﺍﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻮﺍﻃﻨﲔ ﻣﺴﺌﻮﻟﲔ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺃﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﲨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﲡﻤﻌﻬﻢ ﻣﺒﺎﺩﻱﺀ ﻭﺍﻫﺪﺍﻑ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻬﻮ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻻﻓﺮﺍﺩ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺇﺣﺘﺮﺍﻡ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﻭﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻹﺣﺘﺮﺍﻡ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ. ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃ ﹼﻻ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﻻ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻏﲑ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ .
ﻻ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻷﻱ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺃﻭ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺃﻱ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ )ﻏﲑ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ( ﻣﻊ ﺃﻱ ﻗﻮﻯ ﺃﻭ ﺟﻬﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ. ﺛﺎﻣﻨﺎ :ﻣﺎﻫﻲ ﺃﻡ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ؟ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺍﶈﻠﻠﻮﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮﻥ -ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ -ﺍﱄ ﻓﺮﻳﻘﲔ : ﻓﺎﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻻﻭﻝ :ﻳﻌﺘﱪﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﻛﻞ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺗﻄﻮﺭﻩ ..ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻴﺸﻤﻞ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ ﻛﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺧﺎﺻﺔ ,ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ,ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ,ﺃﻭ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ -ﰲ ﺗﺼﻮﺭﻱ -ﻫﻮ ﺃﻗﺮﺏ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ ﳎﺘﻤﻌﺎﺕ ﻧﺎﻣﻴﺔ ﻛﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﱄ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﲨﺎﻋﻲ ﺑﻨﺎﺀ . ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﰲ ﳎﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻭﺍﻟﱵ ﺳﺘﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭ ﻫﺎﻡ ﰲ ﺗﺮﺷﻴﺪ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻵﺗﻴﺔ :
43
ﺃ( ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻛﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ,ﻭﺍﻟﻄﻼﺏ,ﻭﺍﻷﻃﺒﺎﺀ,ﻭﺍﶈﺎﻣﲔ,ﻭﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﱁ ).. ﺏ( ﺍﻟﻨﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﺕ( ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ :ﻭﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﳍﺎ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﻥ ..ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ -ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ -ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ ﻛﺄﻥ ﻳﻘﺎﻝ ) ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﱪﺍﻋﺼﺔ( ﺃ ﻭ )ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﺍﺕ ( ﺃﻣﺎ ﰲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻓﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ,ﻛﺄﻥ ﻳﻘﺎﻝ " ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻗﺼﺮ ﲪﺪ" ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺼﺮﺍﺗﻪ.ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﱄ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﻨﺴﺐ ﺍﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ...ﻭﻟﻠﻘﺒﻴﻠﺔ -ﻣﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ -ﺩﻭﺭﺍ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍ ﺭﺍﺋﺪﺍ ﺍﺫﺍ ﰒ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﻭﰒ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺎ ﰲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻻﻃﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺙ( ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺳﻮﻑ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍ ﻫﺎﻣﺎ ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻓﻬﻲ "ﺍﳉﺎﻣﻊ" ﻭﻫﻨﺎ ﺃﺫﻛﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﺑﺪﻻ ﻋﻦ "ﺍﳌﺴﺠﺪ" ﻭﺫﻟﻚ ﻻﻥ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﻫﻮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻻﴰﻞ ﻭﺍﻷﻋﻢ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﳎﺮﺩ ﺗﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻓﻴﻪ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﻓﻴﻪ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻭﻻﺩﺍﺭﺓ ﺷﺌﻮﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﳋﺎﺹ .ﻭﻓﻴﻪ ﺗﺘﻢ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺣﱵ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ....ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻭﺭﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺩﻭﺭﺍ ﺭﻳﺎﺩﻳﺎ ﻳﻔﺘﺨﺮ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻟﻴﱯ ﻣﻨﺼﻒ ﻭﻋﺎﻗﻞ .ﻓﻤﻦ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﺍﻧﻄﻠﻖ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﲣﺮﺟﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ,ﻭﻣﻦ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﺃﻋﻠﻦ ﺃﻭﻝ ﻧﻈﺎﻡ ﲨﻬﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻻﻭﺳﻂ" ,ﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻄﺮﺍﺑﻠﺴﻴﺔ" ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻝ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﺗﻌﻠﻦ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻲ ﻭﻋﻲ ﻭﺳﻌﺔ ﺇﻃﻼﻉ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻗﺎﺩﺕ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﺃﻋﻠﻨﺖ ﻗﺪﺭﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﲔ....ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﺑﺪﻭﺭ ﺃﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺛﻘﺎﰲ ﺭﺍﺋﺪ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ. ﺝ( ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﻭﺍﻻﺧﲑﺓ ﻭﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻓﻬﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ "ﺍﻻﻋﻼﻡ" ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﱪﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ )ﺃﻭﺷﺮﻛﺎﺕ(ﻟﺴﻮﻕ -ﻭﺫﻟﻚ ﻻﻥ ﺍﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ -ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺴﻌﻰ-ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻻﻭﱃ -ﺍﱄ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍ ﹼﻻ ﺍﻥ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﻛﺎﺋﺰ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﺍﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍ ﺍﳚﺎﺑﻴﺎ ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﳚﺐ ﺍﻥ ﻳﺘﻢ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺃﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﱄ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ 44
.... ﺛﺎﻣﻨﺎ :ﳐﺎﻃﺮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﻠﺒﻴﺎﺕ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ.ﻳﺮﻯ ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺃﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﲢﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﺮﺍﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻐﲑ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﺑﲔ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻗﺪ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ -ﻛﺎﶈﺎﻣﲔ ﻭﺍﻻﻃﺒﺎﺀ -ﺍﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺬﻟﻚ ...ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻮﺟﻮﺩ ﺍﻷﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﺑﲔ
ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻗﺪ ﻳﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮﺍ ﻳﻬﺪﺩ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻛﻠﻬﺎ .ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﻣﻮﺭ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ-ﻗﺒﻞ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ -ﻫﻮ ﺍﻻﰐ: ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﳚﺐ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺎ .ﲟﻌﲏ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﳋﻄﻮﻁ ﺍﳊﻤﺮﺍﺀ -ﺍﻥ ﺟﺎﺯ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ -ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ...ﳚﺐ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺎ ﻭﻻ ﳚﺐ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ. ﺍﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﲢﺪﻳﺪ ﻧﻮﻉ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ .ﻓﻤﺜﻼ ﻫﻞ ﳝﻜﻦ ﺃﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻛﺎﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺙ-ﲟﻌﲎ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ,ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﺪﻳﺔ ,ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ.ﻭﺍﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻜﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﳏﺎﺳﺒﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ..
45
ﻻﺑﺪ ﺍﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺑﺄﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﻴﺲ ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﻻ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ.ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻘﺪ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺑﺼﺒﺢ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻣﻨﻪ ﺍﱄ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ,ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺩﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﺍﺫﺍ ﻏﺎﺏ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻨﻬﺎ. ﻭﺃﺧﲑﺍ ﻻﺑﺪ ﺍﻥ ﻧﻌﻲ ﺑﺄﻥ ﻣﻦ ﺃﻛﱪ -ﻭﺃﺧﻄﺮ -ﻋﻴﻮﺏ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺍﻧﺘﻬﺎﻙ "ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ" ﲟﻌﲏ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻭﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﺘﻤﻊ ﻏﲑ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﻭﻏﲑ ﻣﺘﻮﺍﺯﻳﺔ.ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻙ ﳌﺒﺪﺃ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﲔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﺘﻤﻊ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻣﺜﻞ ﻋﺪﻡ ﺗﺴﺎﻭﻱ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻻﻓﺮﺍﺩ.ﻭﻋﺪﻡ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻳﻘﻮﺩ ﺍﱄ ﺍﻗﺼﺎﺀ ﺑﻌﺾ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﺘﻤﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ . ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺎﺳﻌﺎ :ﺍﳋﺎﲤﺔ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﺃﻥ ﺃﺧﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻝ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻻﺗﻴﺔ :
ﺃﻭﻻ:ﻣﻦ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ -ﻭﻟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺳﻠﺒﻴﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ -ﺃﻥ ﺍﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ- ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ -ﻗﺪ ﺃﺣﻜﻤﺖ ﺳﻴﻄﺮﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻈﺎﳌﺔ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﺎﻟﻘﻮﻯ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺻﺮﺍﺭﻋﻠﻰ ﻓﺼﻞ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﺍﻣﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ-ﻭﻗﺪ ﳜﺘﻠﻒ ﻣﻌﻲ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺝ -ﻫﻲ ﺃﻧﻪ ﺑﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺷﻴﻮﻉ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ -ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﲑﺓ -ﺑﲔ ﻛﻞ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺷﻄﲔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ) ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺇﺳﻼﻣﻴﲔ ﺃﻭ ﻣﺎﺭﻛﺴﻴﲔ ﺍﻭ ﻟﻴﱪﺍﻟﻴﲔ ﺃﻭ ﻗﻮﻣﻴﲔ ﺃﻭ ....ﺍﱁ( ﺍﻻ ﺍﻥ ﻛﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﱂ ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲏ ﻭﺍﺣﺪ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﰒ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﺟﻮﺩ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺔ " ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ"ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ. ﺛﺎﻟﺜﺎ:ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ-ﻭﳓﻦ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ – ﻫﻲ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ 46
. ﺭﺍﺑﻌﺎ:ﺍﻥ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭﺩﻭﻥ ﲡﺎﻫﻞ ﻟﻜﻞ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻛﺎﻟﺰﻭﺍﻳﺎ,ﻭﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ,ﻭﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﺳﻴﻤﻜﻦ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮ ﻭﺳﻴﺴﺎﻋﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻮﺍﺟﺒﺎﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ..... ﻭﺧﺘﺎﻣﺎ ﻓﺎﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺍﻥ ﻧﺴﻌﻰ ﺇﱄ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﻫﻮ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻤﻦ ﺣﻖ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻟﻜﻞ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﰲ ﻣﻨﺎﺥ ﺣﺮ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﺍﻻﺳﺎﺳﻲ ﳍﺬﺍ ﺍﺘﻤﻊ ﻫﻮ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ...ﻓﻔﻲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﳌﻨﺸﻮﺩ ﳛﻖ ﻟﻜﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻥ ﻳﺸﺘﺮﻙ ﰲ ﺃﻱ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺃﻱ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﲝﺮﻳﺔ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﻻ ﻣﺮﺍﻗﺒﺘﻬﺎ ﻃﺎﳌﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻻ ﳜﺎﻟﻒ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ......ﻭﺍﷲ ﻧﺸﺮﺕ ﰲ 31ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 2005 ﺍﳌﺴﺘﻌﺎﻥ.
ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ :ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﺿﻮﺀ ﺃﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻮﺍﺝ
ﺑﺘﻠﻘﻒ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻧﻘﺴﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺍﲡﺎﻫﺎﺕ ﻣﻮﻗﻔﻴﺔ ﻫﻲ : ﺃﻭ ﹰﻻ :ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻳﺪ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻳﻌﺘﱪ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺭﺃﻱ ﳐﺎﻟﻒ ﻻﲡﺎﻫﻪ ﻫﻮ ﺭﺃﻱ ﻳﺪﻋﻢ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﲤﺎﺭﺳﻪ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﻃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ ﻭﺍﳌﻜﻠﻮﻡ.
47
ﺛﺎﻧﻴﺎﹰ :ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻄﻠﻖ ﻭﻳﻌﺘﱪﻫﺎ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻹﳍﺎﺀ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎﻫﺎ ﺍﳌﺼﲑﻳﺔ ﻭﺍﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻦ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻢ ﳎﺮﺩ ﺧﻴﺎﻟﻴﲔ ﻭﻭﺍﳘﻮﻥ ﻭﻗﻌﻮﺍ ﲢﺖ ﺗﺄﺛﲑ ﳐﺪﺭ ﺍﻻﻧﺒﻬﺎﺭ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. ﺛﺎﻟﺜﹰﺎ :ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺍﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﲤﺖ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﻓﻖ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺑﺮﺍﻏﻤﺎﰐ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﲡﺎﺭﺎ ﺍﳋﺎﺻﺔ ،ﻭﺍﻧﻪ ﺇﺫﺍﻣﺎ ﰎ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﻣﺘﺴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﳌﺜﻤﺮ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﺈﻥ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻗﻬﺮ ﻭﲡﱪ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ،ﻭﻣﻊ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻷﺧﲑ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳝﺜﻞ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻧﻀﺠﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻳﺄﺧﺬ ﰲ ﻋﲔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﱵ ﻧﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ " ﻛﻴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺘﺠﺎﻧﺲ ﻭﻣﻨﺴﻖ ،ﻭﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ ﺍﲡﺎﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ " )(1 ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﻃﺮﺣﻮﺍ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌﺮﰲ ﺣﺬﺭ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺭﺗﺄﻭﺍ ﺃﻥ ﺣﺴﻢ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ ﺳﻮﻑ ﻳﺴﻬﻢ ﰲ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻋﻤﻠﻰ ﺇﳚﺎﰊ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺔ ،ﻓﻄﺮﺡ
ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻟﺪ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﺳﺘﻔﻬﺎﻣﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﻟﻌﻞ ﺃﳘﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﶈﺎﻭﺭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ : ﺃﻭ ﹰﻻ :ﳏﻮﺭ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ : ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻨﺴﺎﺥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻨﺴﺦ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﳌﻜﻮﻧﺔ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻔﺎﻋﻠﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻣﻊ ﳏﺎﻭﺭ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﺜﻞ ﳏﻮﺭ " ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ " ،ﺣﻴﺚ ﺑﺪﺃﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻗﻼﻡ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺗﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺧﻠﻖ ﻋﻼﺋﻘﻴﺔ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﺑﲔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﺗﻜﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺷﺘﺮﺍﻃﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﻟﻌﻞ ﺃﳘﻬﺎ ﻣﺎﻳﻠﻲ(2) : 48
.1
ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ /ﺍﳌﺪﱐ ﻭﲤﺎﻳﺰ ﳘﺎ ﻭﻇﻴﻔﻴﹰﺎ ﻭﻣﺆﺳﺴﻴﹰﺎ.
.2
ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ /ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺗﻌﺎﻳﺸﻴﻬﻤﺎ ﺗﻔﺎﻋﻠﻴﹰﺎ.
.3ﺍﻹﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﺘﻤﻌﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﻭﺣﻘﻪ ﰲ ﻣﺮﺍﻗﺒﺘﻪ ﻭﳏﺎﺳﺒﺘﻪ ﻭﺗﻐﻴﲑﻩ ﺳﻠﻤﻴﹰﺎ ﻭﺷﺮﻋﻴﹰﺎ ﻭﺩﻭﺭﻳﹰﺎ. ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻦ ﲡﺴﻴﺪ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺿﻤﺎﻥ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺼﺎﳊﻪ ﻭﺃﻫﺪﺍﻓﻪ: ﻛﻤﺎ ﻃﺮﺣﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻋﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺎﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺇﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺗﻌﺪ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺇﻃﺎﺭﹰﺍ ﻻﻧﺘﻌﺎﺵ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻌﺪ ﺭﻛﻴﺰﺓ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﺮﺳﻴﺦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ،ﻭﺍﻥ ﻗﻮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻻ ﺗﻌﲏ ﲝﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻓﻮﺟﻮﺩ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺴﻠﻄﻴﺔ ﻭﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ ﻗﻮﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﺮﺱ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﻮﻳﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺿﻌﻒ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﺎﻝ ﻟﻠﻔﻮﺿﻰ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ(3) .
ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﲝﺜﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻄﺮﺡ ﺳﺆﺍ ﹰﻻ ﻫﺎﻣﹰﺎ ﻳﺸﻜﻚ ﰲ ﻭﺟﻮﺩ ﻛﻴﺎﻥ ﳚﺴﺪ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻃﺎﳌﺎ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﻣﺮﺗﻜﺰﹰﺍ ﺃﺳﺎﺳﻴﹰﺎ ﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻨﺎ ﺇﺫﹰﺍ ﳓﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺭﺙ ﺍﳉﺪﱄ ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺗﻔﺘﻘﺪ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﻣﺮﺗﻜﺰﺍﺎ ﻭﲡﻠﻴﺎﺎ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻇﻞ ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺍﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻲ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻼ ﻋﻠﻰ ﺳﺪ ﻓﺮﺍﻍ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺳﻠﻄﻮﻱ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﰐ ﻭ ﺃﺩﺍﺭﻯ ﻭﺑﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻲ ، ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﺃﺻ ﹰ ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻏﲑ ﺍﻟﺰﻋﺎﻣﺎﺕ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﳌﺸﺨﺼﻨﺔ ،ﻭﺑﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﺮﻛﺔ ﺍﻟﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﻟﺘﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ،ﻭﺑﺪﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﺗﺬﻛﺮ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ) ﺭﲟﺎ ﻋﺪﺍ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﳌﺨﺰﻥ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﰲ ﻣﺼﺮ( ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺍﻫﺘﻤﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﺎ ﻭ ﺇﺩﺍﺭﺎ ﻭﺟﻴﺸﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺇﱃ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﳎﺎﻟﺲ ﻭﻫﻴﺌﺎﺕ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ، 49
• ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ ﻭﻳﻔﺘﻘﺪ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﻭﺍﺿﺢ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺳﻠﻄﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺎ. • ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺎ ﻭﺑﺮﺍﳎﻬﺎ ﺑﺼﻮﺭ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻣﺘﺪﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ. • ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺗﺴﻠﻄﻴﺔ ﲢﺘﻜﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺗﻨﺘﻬﻚ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﻤﻌﺎﺎ . • ﺃﻧﻈﻤﺔ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺗﻌﺜﺮﺕ ﰲ ﺇﳒﺎﺯ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻬﺎ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺭﻫﺎﻧﺎﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ. • ﺃﻧﻈﻤﺔ ﻏﲑ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺗﻔﺘﻘﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﺘﻤﻌﻴﲔ ﳑﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺗﻌﺴﻔﻴﺔ ﻣﺴﺘﺒﺪﺓ.
ﻟﻘﺪ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻵﻧﻔﺔ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻋﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﺸﻜﻞ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﲟﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ، ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﲤﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺣﺎﻟﻴﺎﹰ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺒﻬﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺑﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺍﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ ﺭﱘ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻭﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﻉ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻻ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻜﺮﻳﺲ ﺍﳉﻤﻮﺩ ﻭ ﺍﻟﻼ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﻭﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ) ، (7ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻪ ﺣﱴ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺣﻮﻝ ﺷﻜﻞ ﻭﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﻧﺎ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻣﺴﺎﻟﺔ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻭﺍﺭﺩﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﻔﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﳝﺮ ﰲ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻭﻧﻘﺪ ﺫﺍﰐ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺎﺔ ﺷﺮﺳﺔ ﻣﻊ ﻃﻐﻴﺎﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺜﻘﺐ ﺍﻷﺳﻮﺩ(8) . 50
ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﺸﺨﺼﻪ ﲰﲑ ﺃﻣﲔ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ " ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺬﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﲟﺒﺪﺃ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﳌﻮﺍﻃﻦ ﺫﻱ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﺳﺎﺳﹰﺎ ﺣﻖ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺏ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﳛﺪﺩ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭﺗﻜﻮﻳﻦ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺑﻘﻴﺖ ﺷﻜﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﻌﻤﻮﻝ ﺎ ﺟﺪﻳﹰﺎ " ). (9 ﻭﰲ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻟﻠﻤﺸﻬﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﳌﺮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﳌﺒﺘﺴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﱃ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﳌﻨﻮﰲ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺳﺎﺣﺎﺕ ﺍﺎﻟﺲ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔﺑﺎﺗﺖ ﺗﺸﻬﺪ ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﻣﻬﺎﺗﺮﺍﺕ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻭﺗﺮﺍﺷﻘﹰﺎ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻨﺎﺑﻴﺔ ،ﻓﻤﻦ "ﺍﳌﻠﻔﺖ ﺃﻥ ﲡﺪ ﺣﺰﺑﹰﺎ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﲝﺮﺍﺭﺓ ،ﻭﻫﻮ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ،ﻋﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻹﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻚ ﲡﺪﻩ ﻳﻀﺮﺏ ﺬﺍ ﻋﺮﺽ ﺍﳊﺎﺋﻂ ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ،ﺑﻞ ﺍﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻈﻔﺮ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﰲ ﺗﻀﻴﻴﻖ ﺍﳋﻨﺎﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﺎﻟﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻌﻪ " (10) . ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ﺍﳌﻈﻬﺮﻳﺔ ﺍﻵﻧﻔﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺗﺒﺪﻱ ﺗﺮﻳﺜﺎ ﻭﲢﻔﻈﹰﺎ ﻭﺍﺭﻓﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﻻﺳﺘﻨﺴﺎﺥ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﻣﻦ ﰒ ﺇﺳﻘﺎﻃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﺗﻌﺰﺯ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺨﺎﻭﻑ ﻭﺗﺜﲑ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻣﻴﺔ ﺍﶈﲑﺓ.
ﺛﺎﻧﻴﹰﺎ :ﺳﺆﺍﻝ ﺍﳌﻠﻤﺢ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ : ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﺎ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰲ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮﺓ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺷﻜﻚ ﺑﺎﺣﺜﻮﻥ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﰲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﳕﻂ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻌﻘﻼﱐ ﺍﳌﺴﺘﻘﻞ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ،ﻭﺍﻋﺘﱪﻭﺍ ﺃﻥ ﲦﺔ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﺗﻌﺮﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ،ﻭﺃﻥ ﲤﻈﻬﺮﺍﺕ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﲢﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺿﺞ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻌﻘﻼﱐ ﺍﳌﺴﺘﻘﻞ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺭﲟﺎ ﺃﻥ ﺃﳘﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
51
-1ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺇﲨﺎﻻ ﳚﻤﻊ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺒﻪ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﻭﰲ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،ﺍﲡﺎﻫﲔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﲔ :ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ "،ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺪﻓﻮﻉ ﺑﻨﺰﻋﺔ ﻓﺮﺩﻳﺔ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﲡﻌﻠﻪ ﳜﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﳜﺎﻟﻔﻪ ،ﻭﻳﻨﻌﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﺑﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ،ﻭﺍﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻨﻘﺪ ،ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺪﻓﻮﻉ ﺑﻨﺰﻋﺔ ﲨﺎﻋﻴﺔ ﲡﻌﻠﻪ ﻋﺎﺟﺰﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻟﺘﺼﺎﻕ ﺑﺎﳉﻤﺎﻋﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻳﻨﻌﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ ﺷﻌﺎﺋﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻤﻮﻋﺎﺕ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﺮﻫﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ ،ﻭﰲ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻪ" (11) . -2ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺘﺴﻤﺔ ﲞﺼﺎﺋﺺ ﻭﲰﺎﺕ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﻟﻌﻞ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ : ﺃ .ﺇﺎ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻮﻫﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺟﺐ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺗﻌﺎﺩﻳﻪ ﰲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ،ﲢﺐ ﻭﺗﻜﺮﻩ ﺑﺸﻴﺰﻭﻓﺮﻳﻨﻴﺎ ﻣﻠﻔﺘﺔ ﻭﳏﲑﺓ. ﺏ .ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻣﻨﻜﻮﺑﺔ ،ﺟﻨﺎﺋﺰﻳﺔ ،ﻭﺍﻗﻌﺔ ﰲ ﺃﺳﺮ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨﻜﺒﺔ ،ﻭﻏﺮﻭﺏ ﺍﺪ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮ ،ﺗﻨﻮﺡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﱃ ﻭﺗﺘﻨﺎﺳﻰ ﺇﺎ ﺳﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻜﺮﻩ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﺰﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﳎﺪ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻓﺘﺤﻮﻟﻪ ﺇﱃ ﺷﺒﻪ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﺃﻛﱪ ﻭﻣﺼﺪﺭ ﺩﺍﺋﻢ ﻟﻠﺸﺮ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺟﺪﹰﺍ ﺃﻥ ﻧﺮﺍﻫﺎ
ﻏﲑ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺑﺎﺕ ﻭﺍﻵﻻﻡ ﺍﻟﱵ ﲣﺘﻠﺞ ﰲ ﺳﺮﻳﺮﺎ,ﻭﻏﲑ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻵﺧﺮ ،ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻨﻪ ). (12 ﺇﺎ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ) ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻜﻮﻳﱵ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺴﺎﻳﺮ ( " ﻣﺴﺤﻮﺭﺓ ،ﻋﻤﻴﺎﺀ ،ﻻ ﺑﺼﺮ ﳍﺎ ،ﻭﻻ ﺑﺼﲑﺓ " ،ﺗﻠﻔﻴﻘﻴﺔ ﻻ ﺛﺒﺎﺕ ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺗﺮﻱ ﻣﺎ ﺗﻮﺩ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻩ ،ﻻ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺍﺀﻯ ﻟﻠﻌﻴﺎﻥ ،ﻭﺗﺒﺼﺮﻩ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ،ﻭﺗﻠﻤﺴﻪ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ،ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺗﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺜﺮﻱ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﳋﺎﻣﻞ ﺍﻟﻜﺴﻮﻝ ﻭﺍﳌﺘﻌﺠﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻘﺪ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺳﻠﻄﺘﻪ
52
-3ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﺬﻫﻨﻮﻱ ﺍﻵﻧﻒ ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ ﺍﳌﺎﺿﻮﻳﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﻭﺍﺟﻬﺖ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﺣﻴﺚ ﲢﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺇﱃ ﻓﻜﺮ ﻻ ﺗﺎﺭﳜﻲ ﻳﻔﺘﻘﺪ ﺇﱃ ﺍﳊﺪ ﺍﻷﺩﱏ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﺍﺀﺍﺗﻪ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺳﻠﻔﻴﺔ ﺗﻨﺰﻩ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻭﺗﻘﺪﺳﻪ ﻭﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﳉﺎﻫﺰﺓ ﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﻣﻮﺍﻃﻨﺎﹰ ﻋﺮﺑﻴﺎﹰ ﻣﺆﻃﺮﹰﺍ ﺑﺘﺮﺍﺛﻪ ،ﲟﻌﲎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﳛﺘﻮﻳﻪ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﻳﻔﻘﺪﻩ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﻭﺣﺮﻳﺘﻪ ،ﻟﻘﺪ ﺗﻠﻘﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ ﺗﺮﺍﺛﻪ ﻣﻨﺬ ﻣﻴﻼﺩﻩ ﻛﻤﺤﻔﻮﻇﺎﺕ ﻭﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ،ﻛﻠﻐﺔ ﻭﺗﻔﻜﲑ ،ﻛﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﻭﺧﺮﺍﻓﺎﺕ ﻭﺧﻴﺎﻝ ،ﻛﻄﺮﻳﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻛﺄﺳﻠﻮﺏ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ،ﻛﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺣﻘﺎﺋﻖ ،ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻭﻥ ﻧﻘﺪ ﻭﺑﻌﻴﺪﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ، ﻓﻬﻮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮ ،ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻪ ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،ﻓﻴﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﻪ ﺭﺅﺍﻩ ﻭﺍﺳﺘﺸﺮﺍﻓﺎ ﺗﻪ ﳑﺎ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻫﻨﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺗﺬﻛﺮ ،ﺇﻥ ﺟﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺘﺮﺍﺛﻬﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﲦﺔ ﻓﺮﻗﹰﺎ ﺷﺎﺳﻌﹰﺎ ﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺘﺮﺍﺙ ﳑﺘﺪ ﺇﱃ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﻳﺸﻜﻞ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺟﺰﺀﹰﺍ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺘﺮﺍﺙ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﻣﻨﺬ ﻗﺮﻭﻥ. )(14 -4ﺗﺮﺗﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻠﺒﻴﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﺍﻣﺘﺪﺕ ﺇﱃ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﳏﺪﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ,ﻭﺗﺘﺠﺴﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻠﻲ ﻭﻭﺍﺿﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺃﺯﻣﺔ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺯﻣﺔ ﻋﻘﻠﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ، ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻀﺢ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﲨﻠﺔ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻜﺆﻭﺩ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :
ﺃ .ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﺏ .ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻝ. ﺕ .ﻋﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ،ﻓﺎﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﻔﻜﺮ ﺩﻭﻣﹰﺎ ﺑﻌﻘﻠﻴﺔ ﺃﺑﻮﻳﺔ ﺗﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻗﺮﺍﺭ ﻭﻛﻞ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻋﻠﻴﺎ ﻭﻓﻮﻗﻴﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺫﺍﰐ ﻭﻛﻴﻨﻮﱐ. 53
ﺙ .ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻮﺩﻋﺔ ﰲ ﺃﻃﺮ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﺘﻮﺣﺪﺓ ﻣﻊ ﺷﺨﺺ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﺎﻣﻞ ﻛﺒﺸﺮ ﻣﻌﺮﺽ ﻟﻠﻮﻗﻮﻉ ﰲ ﺍﳋﻄﺄ. ﺝ .ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﳚﺎﺭﺷﻴﺔ ﺍﳌﺘﻨﻔﺬﺓ. ﺡ .ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﰲ ﻧﺺ ﳛﻤﻞ ﺩﻻﻻﺕ ﻭﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﻋﺪﺓ ﺃﺗﻀﺤﺖ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺘﲔ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺘﲔ ﺃﺟﺮﻳﺘﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﳊﻀﺮ ﻭﺍﻟﺮﻳﻒ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﺧﻼﻝ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳌﻨﺼﺮﻡ )،ﺃﻥ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﳌﺒﺤﻮﺛﲔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺍﳊﻖ ﻭﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﺑﺼﺮﺍﺣﺔ ﰲ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺧﻮﻓﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻹﻳﺬﺍﺀ ﺟﺴﺪﻱ ﺃﻭ ﻟﻔﻈﻲ ،ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﻌﺪﻡ ﺟﺪﻭﻯ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺣﻴﺚ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ " ). (15 ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﳌﻠﻤﺢ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﳌﻠﻤﺢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻬﻲ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻭﺫﺍﺕ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻭﳏﺎﻭﺭ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﺭﻓﺔ ،ﻟﻌﻞ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺟﺪ ﹰﻻ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺼﺒﻮﻳﺔ) ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ -ﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ -ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ( ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﻠﻮﺭ ﻋﻤﻠﻴﹰﺎ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ ﳕﻮﺫﺟﻲ ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﺜﻘﻔﻮﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻭﺍﳌﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻗﺎﺋﻢ ﰲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﳌﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﻭﺍﻟﺘﺤﻴﺰ ﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺫﻟﻚ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻹﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻘﻼﻗﻞ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻼ ﻋﻦ " ﺃﻥ ﻛﻴﺎﻥ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺿﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﳜﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ،ﻫﺬﺍ ﻓﻀ ﹰ
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻛﺪﻭﻟﺔ -ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺼﺎﺋﺒﻴﺔ ﺍﳌﺘﺮﺳﺒﺔ ﱂ ﺗﻨﺼﻬﺮ ﺑﻌﺪ ﰲ ﺑﻮﺗﻘﺔ ﲢﺪﻱ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﻗﺪ ﻳﻐﻄﻲ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﳛﻞ ﳏﻠﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺍﳊﺮﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ، ﲟﻌﲏ ﺁﺧﺮ ﺃﻥ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﱂ ﻳﻨﻔﺬ ﺑﻌﺪ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺇﱃ ﺟﺬﻭﺭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻛﻤﺎ ﱂ ﺗﱪﺯ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻓﺌﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﲢﻤﻲ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﻭﺗﻀﻤﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻩ " (16) .ﻓﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ 54
ﺛﺎﻟﺜﹰﺎ :ﺳﺆﺍﻝ ﺍﳌﻠﻤﺢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ : ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺃﻥ ﻧﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﺟﻞ ﺧﻴﻮﻁ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﺎ ﻗﺪ ﺗﻌﺮﻗﻞ ﺳﲑ ﻋﻤﻞ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﺟﻬﺎﺽ ﺣﻠﻢ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻭﺍﳌﺆﺛﺮ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺳﻮﻑ ﳔﺘﺼﺮ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﺍﺟﺲ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﺍﳌﺘﻤﺤﻮﺭﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﻹﺳﻘﺎﻃﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻔﺤﺎﻝ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻣﺜﻞ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﳌﻬﻢ ﻟﺒﻠﻮ ﺭﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻭﺍﳌﺆﺛﺮ ،ﻓﻤﻦ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺃﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻣﺴﺒﺒﺎﺗﻪ ﻭﻋﻮﺍﻗﺒﻪ ﳍﺎ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻃﻮﻳﻞ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺇﺫ ﺗﺮﺟﻊ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﺍﳌﻤﻴﺰﺓ ﺍﻟﱵ ﻗـﺪﻣﻬﺎ ﺇﻟـﻰ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻜﺴﺐ ﻏﲑ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻛــﻞ ﻣﻦ ) ﺎ ﺟﻮﺍﰐ 1982ﻡ ( ) ﻭ ﻛﺮﻭﺟﺮ 1974ﻡ ( ...ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ) . (18ﺣﻴﺚ ﺃﻓﻀﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﺇﱃ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻤﺎﺕ ﺍﻻﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﲢﺪﻳﺪﹰﺍ ﺑﺘﻤﻈﻬﺮﺍﺗﻪ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮ ،ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻤﻴﻤﺎﺕ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻥ
ﻧﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻣﺘﻐﲑ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﺳﺎﻫﻢ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺘﺮﻫﻞ ﻭﰲ ﺗﺄﺯﻡ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﺜﻘﻔﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﻖ ﻭﺃﻥ ﲢﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻓﺎﻧﻪ ﻭﻃﺒﻘﹰﺎ ﳌﺎ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻟﻌﺎﻡ 2005ﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ .ﻓﺎﻥ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﹰﺍ
55
.1ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻳﺆﺧﺮ ﻭﻳﻘﻠﺺ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ. .2ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻳﻘﻠﺺ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻢ ﲣﻠﻴﻘﻪ ﻋﱪ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ. .3ﻳﺮﻓﻊ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﺘﻮﺍﻓﺮ ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ. .4ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻭﻣﺴﺘﻮﻯ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ،ﻭﺗﻘﻠﻴﺺ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ. ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺗﺄﺛﲑﻩ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺗﺄﺛﲑﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ،ﻓﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﰲ ﻣﺘﻐﲑﺍﺕ ﻋﺪﺓ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﻨﺎﻣﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻮﻳﻎ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﺳﺘﻔﺤﺎﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺴﺪﻳﻦ ﺍﳌﺘﻨﻔﺬﻳﻦ ) (20ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻤﻦ ﺧﻄﻮﺭﻢ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ ﰲ ﺇﻗﺪﺍﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺃﳕﺎﻁ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﻢ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻗﺮﺍ ﻃﻴﺔ ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﻫﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﳕﺎﻁ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ : ﺃ .ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻛﺎﰎ ﺍﻟﺼﻮﺕ :ﻭﻫﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺻﻤﺖ ﻳﺴﻌﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻗﺮﺍﻃﻴﻮﻥ ﺇﱃ ﺗﻔﻌﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ
ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﻋﺪﺓ ﻭ ﻫﺪﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻫﻮ ﺧﻠﻖ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﻋﺮﰊ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻻﻫﺘﺰﺍﺯ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﻦ ﰒ ﲢﻮﻳﻠﻪ ﺇﱃ ﻛﺎﺋﻦ ﻣﺘﺨﺸﺐ ﻻ ﳚﻴﺪ ﺇﻻ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺷﻌﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺷﻌﺎﺭ " ﻧﻌﻢ ﺳﻴﺪﻱ ". ﺏ .ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳋﻮﻑ :ﻭﻫﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺼﺐ ﰲ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻗﺮﺍ ﻃﻴﺔ ﻭﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻱ ﳛﺪﺩﻩ ﺟﻮﺭﺝ ﺍﻭﺭﻭﻳﻞ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ) 1984ﻡ ( ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ " ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻭﻻ ﺗﻌﺮﻑ ، ﻭﺃﻥ ﺗﻌﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺗﺮﻱ ﺑﺪ ﹰﻻ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺬﺑﺎﺕ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ،ﻭﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻚ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻭﺟﻬﺘﺎ ﻧﻈﺮ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺘﺎﻥ ﻭﺍﻥ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻭﺗﺆﻣﻦ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﻭﺍﻥ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺿﺪ ﺍﳌﻨﻄﻖ ، ﻭﺍﻥ ﺗﻨﻜﺮ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺪﻋﻴﻪ ،ﻭﺍﻥ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺑﺎﻥ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻏﲑ ﳑﻜﻨﺔ ﻭﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺗﻨﺎﺩﻱ ﺑﺎﻥ ﺍﳊﺰﺏ 56
ﻭﰲ ﺳﱪﻩ ﺍﻟﺒﺤﺜﻲ ﰲ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳋﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﳉﻤﻌﻮﻱ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻳﺮﺑﻂ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﲔ ﺗﺒﻌﺎﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺑﲔ ﻗﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺃﻥ " ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﳌﻔﺮﺥ ﻟﻠﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻼﺟﻢ ﻟﻠﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻷﻧﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻷﻧﺎ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ،ﻓﲑﺗﺪ ﺇﱃ ﺃﺣﻂ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺪﻧﺎﺀﺓ ﻭﺍﳋﺴﺔ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺯ ﺍﻟﻔﺮﺹ" ).(22 ﺝ .ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﶈﺎﻛﺎﺓ :ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﲤﻈﻬﺮﺍﺕ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻟﻠﻤﻔﺴﺪﻳﻦ ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﻢ ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺘﻜﺴﺐ ﻏﲑ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ ﺍﻹﺭﺍﺩﻱ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺍﻹﺭﺍﺩﻱ ﰲ ﻧﻈﺎﻡ ﳎﺘﻤﻌﻲ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺇﱃ ﻗﺎﻫﺮ ﻭﻣﻘﻬﻮﺭ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻧﻈﺎﻡ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﻤﻖ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻧﺒﻴﻞ ﻋﻤﺮ ﰲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ " ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﻋﲔ " ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺎﺗﺐ ﺻﺪﻳﻘﹰﺎ ﻟﻪ ﺗﻐﲑﺕ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﰎ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﳌﻨﺼﺐ ﺭﻓﻴﻊ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺑﺎﺕ ﻳﻘﻮﻡ ﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﺬﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺎﺋﻼ .. "ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺷﺨﺼﻴﺔ ،ﻧﻈﺎﻡ ﻏﲑ ﻣﻜﺘﻮﺏ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺴﻴﻄﺮ ﻭﻓﻌﺎﻝ، ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﳊﻈﺔ ﺩﺧﻠﺖ ﻣﻜﺘﱯ ﻭﻛﻞ ﺭﻏﺒﺎﰐ ﳎﺎﺑﺔ ....ﺣﱴ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ،ﻓﺎﻟﻜﻞ ﳚﻨﺪﻭﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﺘﱪﻳﺮ ﺃﻱ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﺗﻘﻨﲔ ﺃﻱ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺗﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﱄ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻣﻮﺍ ﲟﻬﺎﻡ ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ ... ﲟﺠﺮﺩ ﺃﻗﻒ ﻳﻘﻔﻮﻥ ﲨﻴﻌﹰﺎ ،ﺃﻣﺸﻲ ﳝﺸﻮﻥ ،ﺃﺟﻠﺲ ﳚﻠﺴﻮﻥ ،ﺃﺣﺒﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﰒ ﻋﺸﻘﺘﻬﺎ ، ﻭﺃﺧﲑﹰﺍ ...ﺃﺩﻣﻨﺘﻬﺎ ،ﺷﺊ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺻﻔﻪ ..ﻭﺃﻧﺖ ﲤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺴﻄﻮﺓ ﳜﻴﻞ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﷲ ...ﻗﺪ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﺇﻟﻴﻚ ").(23
ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺑﺴﻄﺔ ﻣﻘﺘﻀﺒﺔ ﻋﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﻮﺍﺟﺲ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻌﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﲢﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﻫﻲ ﻋﻤﻮﻣﹰﺎ ﺑﺴﻄﺔ ﻣﻜﻤﻠﺔ ﳌﺎ ﺃﻭﺭﺩﻧﺎﻩ ﰲ
57
ﺍﻻﺳﺘﺨﻼﺻﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ: ﺃﻭ ﹰﻻ :ﺍﻧﻘﺴﻤﺖ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺍﲡﺎﻫﺎﺕ
ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﺗﻨﻮﻋﺖ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﳌﺘﻄﺮﻑ ﻭﺍﻟﺮﻓﺾ ﺍﳌﻨﻐﻠﻖ ﻭﺍﳌﻄﻠﻖ ﻭﺍﲡﺎﻩ ﺁﺧﺮ ﳛﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﲔ ﺍﻻﲡﺎﻫﲔ ﻫﻮ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ. ﺛﺎﻧﻴﹰﺎ :ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﻠﻲ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻲ ﻛﻴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺘﺠﺎﻧﺲ ﻭﻣﻨﺴﺠﻢ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﻟﻜﻦ ﲦﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﲢﺎﻭﻝ ﻭﻓﻖ ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺑﺮﺍﳎﻬﺎ ﺍﳋﺎﺻﺔ.
ﺛﺎﻟﺜﹰﺎ :ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺇﱃ ﳏﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﺑﺘﻼﻉ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻓﺈﻥ ﲦﺔ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻛﺜﲑﺓ ﺗﺘﻤﺤﻮﺭ ﺣﻮﻝ ﻣﺪﻯ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻗﻌﻴﺎﹰ ﰲ ﻇﻞ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻭﻃﻼﺳﻢ ﺍﺳﺘﻔﻬﺎﻣﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﺗﺘﻤﺤﻮﺭ ﺣﻮﻝ : ﺃ .ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﳌﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣـﺎ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ ﻣـﻦ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﲟﺤﺎﻭﺭ )ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ -ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ(.ﺏ .ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺜﻘﻔﻮﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﻣﺪﻯ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﲢﻮﻟﻪ ﻟﻌﻘﺒﺔ ﻛﺆﻭﺩ ﺃﻣﺎﻡ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﻟﺒﻠﻮﺭﺓ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻭﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺜﻤﺮﺓ ﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﲟﺎ
ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ. 58
ﺕ .ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺇﺳﻘﺎﻃﺎﺕ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻣﺜﻞ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﲑﺓ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﲢﺪﻳﺪﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻭﺃﻃﺮﻫﺎ ﺍﳍﻴﻜﻠﻴﺔ. ﺭﺍﺑﻌﹰﺎ :ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻮﺍﺋﻖ ﻋﺪﺓ ﲢﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺑﻨﺎﺀ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ ﻣﻨﻈﻢ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻥ
ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻹﺻﻼﺣﻲ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﺘﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﺧﺎﻣﺴﹰﺎ :ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﰲ ﻃﻲ ﺍﻟﺘﺒﻠﻮﺭ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﰲ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻌﺠﺎﻝ ﰲ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ ﺗﻌﻤﻴﻤﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﺪﺭﻭﺳﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺃﻣﺮ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﺮ ﺍﻻﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ. ﺍﻹﺣﺎﻻﺕ: .1 .2 .3 .4 .5 .6 .7
.8 .9
ﺩ .ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ،ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺎﻳﻮ 1996ﻡ ( ﺹ . 185 ﺩ .ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺮﺍﺩ ،ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ) ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﰲ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺘﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺘﲔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(,ﳎﻠﺔ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ،ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ) ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ 2002 ،ﻡ ( ،ﺹ . 127 ﺩ .ﺣﺴﻨﲔ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ) ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻭﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ( ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ) ﺍﻟﻌﺪﺩ ، 142ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ ،ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 2000،ﻡ( ،ﺹ . 22 ﺩ .ﳏﻤﺪ ﺟﺎﺑﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻣﻐﺰﻯ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ) ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺮﰊ ( )، ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ 1995 ،ﻡ( ،ﺹ . 186 ﺩ .ﻣﻮﻟﻮﺩ ﺯﺍﻳﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ،ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﺍﺘﻤﻌﻲ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺃﲝﺎﺙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﺧﻀﺮ 2005 ،ﻡ ( ﺹ . 63 ﺩ .ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺮﺍﺩ ،ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ . 134 ﺭﱘ ﺍﻟﺼﺎﱀ ،ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﱐ ﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺍﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ2005_4_8ﻡ
ﺩ .ﲬﻴﺲ ﺣﺰﺍﻡ ﻭﺍﱄ ،ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﰲ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﱪﺍﻳﺮ 2003ﻡ( ﺹ . 244 ﺩ .ﲬﻴﺲ ﺣﺰﺍﻡ ﻭﺍﱄ ،ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ. 59
.10 .11 .12 .13 .14 .15 .16 .17 .18
.19 .20 .21 .22 .23
ﺩ .ﻛﻤﺎﻝ ﺍﳌﻨﻮﰲ ،ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﲝﺚ ﻧﺸﺮ ﺿﻤﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﳌﺜﻘﻒ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺩﻳﺴﻤﱪ 1992ﻡ ( ،ﺹ . 174 ﺩ .ﺧﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ،ﺍﻟﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻹﳕﺎﺀ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﰊ 1976 ،ﻡ ( ،ﺹ . 56 - 55 ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺴﺎﻳﺮ ،ﺩﻋﻮﺓ ﺻﺮﳛﺔ ﳉﻠﺪ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﰊ ) ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ( ) ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ، 529ﺩﻳﺴﻤﱪ 2002ﻡ ( ،ﺹ . 55 - 54 ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺴﺎﻳﺮ ،ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ . ﺩ .ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﳓﻦ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ،ﻗﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﰲ ﺗﺮﺍﺛﻨﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﲑﻭﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ 1982 ،ﻡ ( ،ﺹ .31 -27 ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﺍﻧﻈﺮ ﺩ .ﻛﻤﺎﻝ ﺍﳌﻨﻮﰲ ،ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ . 177 - 171 ﺩ .ﺍﲪﺪ ﺷﻜﺮ ﺍﻟﺼﺒﻴﺤﻲ ،ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ 2000 ،ﻡ ( ،ﺹ . 222 ﺩ .ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﻋﻮﺍﺋﻖ ﺑﻨﻴﻮﻳﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ،ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﱐ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ . ﺑﺎﻭﻟﻮ ﻣﺎ ﻭﺭﻭ ،ﺗﺄﺛﲑ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﻭﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻭﺍﻷﻧﻔﺎﻕ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ ،ﲝﺚ ﻧﺸﺮ ﺿﻤﻦ ﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ " ،ﲢﺮﻳﺮ ﻛﻴﻤﱪﱄ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻮﺕ ،ﺗﺮﲨﺔ :ﳏﻤﺪ ﲨﺎﻝ ﺇﻣﺎﻡ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﻟﻠﺘﺮﲨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ، 2000ﻡ ( ،ﺹ . 121 ﻣﻌﺘﺰ ﺳﻼﻣﺔ ،ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻨﺸﻮﺀ ﺍﻟﻔﻘـﺮ ،ﲝﺚ ﻧﺸﺮ ﺿﻤﻦ ﻛﺘﺎﺏ" ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻓـﻲ ﺍﻟـﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑـﻲ " ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ 2005 ،ﻡ ( ،ﺹ . 79 - 78 ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮﻝ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻧﻈﺮ -ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻮﺍﺝ "،ﺇﻢ ﻳﺮﻗﺼﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺜﻨﺎ" ،ﻣﻮﻗﻊ ﺷﻔﺎﻑ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﱐ. ﺩ .ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺍﺯﻕ ﻋﻴﺪ ،ﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻚ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ) ،ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ 2005 ،ﻡ( ﺹ .57 ﺩ .ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺍﺯﻕ ﻋﻴﺪ ،ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ . 62 ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻮﺍﺝ ،ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ
ﻧﺸﺮﺕ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﺟﻠﻴﺎﻧﻪ ـ 23ﺩﻳﺴﻤﱪ 2006
60
ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ...ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﻭﻫﻴﻜﻠﻴﺘﻬﺎ ﺩ .ﻋﻤﺮﻭ ﻋﺒﺪﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﳌﻬﻨﺪﺱ ﺳﻴﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ ﰲ 2007/8/20 ﺣﻮﻝ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﻨﺎﺑﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ،ﻭﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﻜﺮﺓ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺍﻷﳘﻴﺔ، ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺎ ﺗﻠﻤﺲ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ "ﺇﺻﻼﺡ" ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﺘﺮﺩﻳﺔ ﺍﳌﺘﻌﺜﺮﺓ ،ﻭﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻹﳚﺎﺩ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻭﺍﳌﺨﺎﺭﺝ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺄﺯﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ،ﻭﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺗﻘﻨﻴﻨﻬﺎ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻭﺇﺿﻔﺎﺀ ﺛﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻭﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ ﺃﻥ ﺃﳘﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ،ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺃﻥ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻞ ﺃﻭ ﺣﻠﻮﻝ ﻟﻠﻤﺄﺯﻕ ﺃﻭ ﻟﻠﻤﺂﺯﻕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻓﺮﺩ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻭﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﺃﻭ ﰲ ﺣﺪﻭﺩ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺷﺨﺺ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻣﻬﻤﺎ ﺍﻣﺘﻠﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺃﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ ﻣﻦ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻭﻋﻘﻠﻴﺔ ،ﻭﻣﻬﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ،ﺃﻭ ﺃﺗﻴﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ .ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻳﻔﺮﺽ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﱵ ﳔﻠﺺ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﳊﻞ ﺃﻭ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﲦﺮﺓ ﺣﻮﺍﺭ ﻭﺗﻔﺎﻋﻞ ﺣﺮ ﺑﲔ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ،ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ،ﺣﱴ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ،ﻭﻳﺼﺤﺢ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ، ﰒ ﻳﻀﻴﻒ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺇﱃ ﺑﻌﺾ ،ﻓﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﲦﺮﺓ ﻧﺎﺿﺠﺔ ،ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳋﲑ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻷﺎ ﺧﻼﺻﺔ ﺁﺭﺍﺀ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﳉﻤﻴﻊ. ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ:
61
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻧﺒﺪﺃ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺁﺭﺍﺀ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﻮﺭ ،ﻭﻛﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ. ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺛﺎﻧﻴﹰﺎ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺭﺍﺀ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻋﻼ ﻗﺪﺭ ﺃﺻﺤﺎﺎ ﺃﻭ ﺍﳔﻔﺾ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻣﻮﻗﻌﻬﻢ ﰲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ،ﲤﻠﻚ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﻗﺪﺭﹰﺍ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﰲ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﺪ ،ﻭﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺔ. ﺃﻥ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺑﲔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﳐﺘﻠﻔﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ،ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ،ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﻭﻳﺮﻋﺎﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ،ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﳉﻮﺀ ﺇﱃ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺃﻭ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ،ﻭﻟﻮ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺪﺱ ﻭﺍﻟﺘﺨﻮﻳﻦ ﻭﺍﻻﺎﻡ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺫﺍﺎ ،ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻷﺣﺪ ﺃﻭ ﺟﻬﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺃﻭ ﻗﺪﺭ ﺃﲰﻰ ﺃﻭ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﲑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ "ﻣﻨﺎﺑﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ" .ﻭﺑﺬﻟﻚ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﳌﻨﱪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﻫﻴﻜﻞ ﻗﺎﻧﻮﱐ ﻳﻌﱪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺑﺸﱴ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺔ :ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻼﺕ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ،ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﰲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻣﺆﲤﺮﺍﺕ ،ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﳊﻮﺍﺭ ﻋﱪ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺇﺫﺍﻋﻴﺔ ﻣﺴﻤﻮﻋﺔ ﻭﻣﺮﺋﻴﺔ". ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻔﻘﻮﻥ ﰲ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﲞﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺍﺗﻔﺎﻗﹰﺎ ﻛﻠﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﺟﺰﺋﻴﺎﹰ ،ﺃﻥ ﻳﺸﻜﻠﻮﺍ ﺑﺸﻜﻞ ﲨﺎﻋﻲ ﻣﻨﱪﹰﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴﹰﺎ ﺧﺎﺻﹰﺎ ﻢ ،ﳝﺎﺭﺳﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺣﻘﻬﻢ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻭﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﺃﻭ ﺗﺘﻴﺤﻬﺎ ﳍﻢ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ .ﻭﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﻋﻤﻠﻴﺎﹰ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﳍﺎ ﺑﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺃﻭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻳﻨﻈﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳊﺮﺓ ،ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺃﺳﺎﺳﺎﹰ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﲝﻖ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﰲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺭﺃﻳﻪ ﺍﳋﺎﺹ ،ﻭﻻ ﻳﻀﻊ ﺣﻈﺮﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﺒﺎﻳﻨﺖ ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ. 62
ﺗﺸﻜﻴﻞ ﳉﻨﺔ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻘﺬﺍﰲ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ،ﺃﻭ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺸﺮﻭﻉ "ﻣﻌﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ" ،ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺍﻹﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ ،ﻭﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﳍﺎ ،ﺣﱴ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺗﻮﻓﲑ ﺍﳌﻘﺮﺍﺕ ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ. ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻮﺭﻗﻴﺔ ﻭﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ،ﻭﺍﻣﺘﻼﻙ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺇﻋﻼﻡ ﻣﺴﻤﻮﻋﺔ ﻭﻣﺮﺋﻴﺔ ،ﺗﻜﻮﻥ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ. ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻫﻲ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ ﺍﳌﺪﺧﻞ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺒﺪﺀ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻹﻃﻼﻕ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﲨﻴﻊ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻦ ،ﺩﻭﻥ ﺇﻗﺼﺎﺀ ﺃﻭ ﻤﻴﺶ ،ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺩﻭﻥ ﲣﻮﻳﻦ ﺃﻭ ﺍﺎﻡ، ﻟﻠﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮﻝ ﻟﻠﻤﺂﺯﻕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺑﻼﺩﻧﺎ ،ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﺎﻻﺕ ،ﻟﺘﺄﻣﲔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺳﻠﺲ ﻭﳐﻄﻂ ﻟﻪ ﳓﻮ "ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ" ﺍﻟﱵ ﳓﻠﻢ ﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ "ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ" ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ،ﻭﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ،ﰲ ﻇﻞ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻳﻜﻔﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ،ﻭﳛﻘﻖ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ،ﻭﳝﻬﺪ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﳓﻮ ﻓﺘﺢ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻧﺎﻡ ﻭﻣﺘﻄﻮﺭ ﻭﻣﺰﺩﻫﺮ . ﻧﺸﺮﺕ ﰲ 20ﻓﱪﺍﻳﺮ 2009
63
ﻟﺘﺮﺳﻴﺦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ: ﺃﺣﺰﺍﺏ ،ﻣﻨﺎﺑﺮ ،ﲨﻌﻴﺎﺕ؟ ﺍﳌﻬﻢ ﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ! ﺍﻻﺳﺘﺎﺫ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺟﺮﺑﻮﻉ
ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻣﺸﻜﻞ ﺃﺳﺎﺳﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﲤﻨﻊ ﺍﳋﻮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺍﳊﺰﺏ ﺑﺘﻌﺮﻳﻔﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻗﺘﺒﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﲨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺮﺗﺌﻲ ﺁﺭﺍﺀ ﻣﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﰲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﲣﺺ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻢ ﻭﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺧﻴﺎﺭﺍﺎ. ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ،ﲟﻨﺸﺌﻬﺎ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻲ ﰲ ﺃﺛﻴﻨﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗـٌﻤﺎﺭﺱ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﻭﲡﺮﻱ ﺑﺎﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ،ﺇﻻ ﺃﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻘـًﺎ ﻣﻘﺼﻮﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﳔﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ )ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﻗﻴﻖ( .ﻭﺑﻌﺪ ﻗﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻭﺍﳌﺨﺎﺽ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ،ﺧﻠﺼﺖ ﻟﺼﻴﻐﺔ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﺟﻴﻤﻊ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﺑﺪﻭﻥ ﲤﻴﻴﺰ ﻛﺤﻖ ﻣﻘﺪﺱ ﳝﺎﺭﺳﻪ ﺍﳉﻤﻴﻊ. ﻭﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﳌﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﺗﻮﺧﻲ ﺇﺗﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻣﺘﺨﺬﺍ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺼﻮﻳﺖ: ﺃﻭﱄ ﰲ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ، ﻭﺛﺎﻧﻮﻱ ،ﻋﻨﺪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻭﺍﻟﺘﺴﻴﲑ ﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺎ .
64
ﻭﻓﻜﺮﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺃﺻﻼ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﻭﻓﻬﻢ ﳌﺎ ﳚﺮﻱ ،ﻳﺸﺘﺮﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻣﻦ ﺗﻔﺎﻋﻠﻬﻢ ﺗﻨﺘﺞ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺃﻭ ﺁﺭﺍﺀ ﲝﻠﻮﻝ ،ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﳊﺰﺏ ﻓﻜﺮﹰﺍ ﺩﻳﻨﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﹰﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﹰﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎﹰ،
ﺑﺘﻨﻮﻋﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﻳﻨﺘﻈﻢ ﺍﳌﺆﻳﺪﻭﻥ ﰲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ،ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺑﻐﺮﺽ ﺍﻟﺘﺒﺎﺣﺚ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺻﺢ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻲ ﺃﻥ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﲢﺪﺙ ﺣﱴ ﰲ ﺍﳊﺰﺏ ﺫﺍﺗﻪ ،ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻫﻲ ﺇﺗﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻜﺎﻓﺔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﳑﻦ ﳝﻴﻠﻮﻥ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ. ﻣﻬﻤﺔ ﺍﳊﺰﺏ ﲟﺆﺳﺴﺘﻪ ﻃﺮﺡ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺗﻪ ﻭﺑﺮﺍﳎﻪ ،ﻓﻴﺨﺘﺎﺭ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﺭﺃﻳﻪ، ﺑﻞ ﻭﻗﺪ ﻳﻨﻀﻮﻱ ﲢﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﺣﺰﺏ ﻣﻌﲔ ﻟﺘﻮﺍﻓﻘﻪ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ .ﻭﻛﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ ،ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ،ﻟﻪ ﺭﺃﻱ ﰲ ﺃﻳﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ .ﻭﻳﻜﻤﻦ ﳒﺎﺡ ﺍﳊﺰﺏ ﰲ ﺗﺒﺴﻴﻂ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ،ﻭﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺎ ،ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﰲ ﻣﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﺪﻯ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺧﺎﺻﺘﻬﻢ ،ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻹﻃﻨﺎﺏ ﻭﺍﳊﺸﻮ ﺑﺎﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ، ﻭﻳﻜﺘﺴﺐ ﺍﳊﺰﺏ ﺯﲬﺎ ﻭﺃﳘﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻧﺘﺨﺎﺏ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻗﻮﺍﺋﻢ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ. ﺍﳊﺰﺏ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﳊﺰﺏ ﺑﻄﺒﻌﻪ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻠﺤﻜﻢ .ﻭﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺭﻯ ﺿﲑﹰﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺣﺰﺏ ﺃﻭ ﲢﺎﻟﻒ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﺗﻘﺪﱘ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻤﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ،ﺗﻘﺘﻨﻊ ﺑﻪ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻡ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺴﺆﻭﻟﻮ ﺍﳊﺰﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺗﻌﻄﻰ ﳍﻢ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﺴﻴﲑ ﺩﻓﺔ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ؟ ..ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺿﻤﻦ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻭﻣﻌﺎﻳﲑ ﺻﺎﺭﻣﺔ ،ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ،ﻭﻣﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﲨﻊ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﳌﺴﺘﻘﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﻭﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﳊﺰﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ،ﻭﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﺸﻄﺔ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﳊﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﺤﺚ ﻭﺗﻨﻘﺐ ،ﻣﻊ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻭﺍﳊﺮﺍﻙ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺍﻟﱵ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺗﻘﻒ ﰲ ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻵﺧﺮ – ﺃﻱ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ – ﲟﻤﺎﺭﺳﺘﻬﺎ ﳊﻘﻬﺎ ﰲ ﺳﱪ ﺃﻏﻮﺍﺭ ﺃﺩﺍﺀ "ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ" ﺍﳌﻨﺘﺨﺒﺔ ،ﻭﺗﺒﻴﲔ ﻋﻮﺍﺭﻫﺎ ،ﻭﻣﻦ ﰒ ﺗﻘﺪﳝﻬﺎ ﻫﻲ ﳌﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﺃﺻﻮﺏ ﻭﺃﳒﻊ! ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺆﺳﺲ ﻭﻳﻘﻨﻦ ﳌﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ،ﻭﻓﻘﺎ ﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﻌﻤﻮﻣﻪ ﻭﺃﻏﻠﺒﻴﺘﻪ ،ﻭﲝﺴﺐ ﺗﻌﺒﲑﺍﺗﻪ ﺍﻟﱵ
65
.
ﲡﺎﺭﺏ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﻃﺮﺡ ﻧﻈﺮﻱ ﻳﻠﺨﺺ ﻳﺈﳚﺎﺯ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ،ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ ﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﳊﺰﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻦ ﳒﺪ ﻛﺜﲑﺍ ﳑﺎ ﻳﺴ ﺮ .ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ،ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻟﻌﺪﻡ ﺇﺗﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻟﻜﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺣﻴﺎﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺳﺪﺓ ﺍﳊﻜﻢ ،ﻭﻗﻠﺔ ﲡﺮﺑﺔ ﻭﺣﻨﻜﺔ ﺃﻭ ﻧﺰﺍﻫﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﲤﺮﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﻟﻮﺍ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ،ﺑﻞ ﺭﲟﺎ ﺣﱴ ﻏﻴﺎﺏ ﺭﻭﺡ "ﺍﻹﺛﺮﻳﺔ" ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﲤﺎﻫﻲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻊ ﻣﺼﺎﱀ "ﺍﻷﺟﻨﱯ" ،ﻭﺿﻌﻒ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﻢ ،ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻠﻬﻢ ﻏﲑ ﻣﺆﻫﻠﲔ ﳌﻨﺼﺐ ﺯﻋﺎﻣﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﺑﻞ ﲡﻨﺢ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺇﱃ ﺯﻋﺎﻣﺔ ﻓﺮﺩﻳﺔ ﻣﺼﻠﺤﻴﺔ ،ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻫﻲ ﺍﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﰒ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻷﺟﻨﱯ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ،ﺃﻭ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺟﻨﱯ ﺑﺪﻋﺎﻭﻱ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺃﻭ ﳎﺮﺩ ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﳌﺴﺮﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻭﺃﺯﻣﺎﺗﻪ ﻭﺣﺮﻭﺑﻪ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲡﻌﻞ ﻣﻨﺎ -ﳓﻦ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﺘﻨﺎﺣﺮﻳﻦ ﺩﻭﻣﺎ -ﻟﻘﻤﺔ ﺳﺎﺋﻐﺔ ﻭﺷﻬﻴﺔ ،ﻭﻷﺳﺒﺎﺏ ﺗﺮﺟﻊ ﳌﻮﻗﻌﻨﺎ ﺍﳉﻔﺮﺍﰲ ﻭﺃﳘﻴﺘﻪ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ،ﰒ ﻣﻮﺍﺭﺩﻧﺎ ﺍﳋﺎﻡ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﺍﻟﻠﻌﲔ ،ﰒ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻴﻞ ﺃﻛﱪ ﺷﻄﲑﺓ ﳑﻜﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻌﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ /ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ! ﻭﺃﺧﲑﺍ ،ﺷﺌﻨﺎ ﺃﻡ ﺃﺑﻴﻨﺎ، ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﳋﺸﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﳋﻮﻑ ﺍﻟﻜﺎﻣﻦ ﰲ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﺸﺘﻢ ﻣﻨﻪ ﺭﻳﺢ "ﺍﻹﺳﻼﻡ" .ﻭﱂ ﺗﻮﻟﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﺲ ﻣﻦ ﺃﻓﺎﻋﻴﻞ "ﺑﻦ ﻻﺩﻥ" ﺃﻭ ﳑﺎ ﺻﺎﺭ ﻳﻌﺮﻑ "ﺑﺎﳉﻬﺎﺩﻳﲔ" ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﻗﺮﻭﻥ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﶈﻤﺪﻳﺔ ﺫﺍﺎ ،ﺍﻟﱵ ﻏﲑﺕ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺃﺣﻘﺎﺏ ﻭﺃﺣﻘﺎﺏ. ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ،ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ﻏﲑ ﺍﳌﺮﺋﻴﺔ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻐﺮﺏ )ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﺍﻟﻔﺮﳒﺔ ﻭﺍﻷﻧﻐﻠﻮﺳﺎﻛﺴﻮﻥ( ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻣﻌﻨﺎ ﻭﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺭﺍﺕ "ﺣﻜﻮﻣﺎﺎ" ﺑﺪﺍﻓﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﺸﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺟﻬﺮﻭﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻡ ﱂ ﻳﻔﻌﻠﻮﺍ! 66
ﻻ ﺃﻋﺪﻛﻢ ﺑﺎﳉﻨﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ! ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﻐﺮﰊ ،ﻭﻫﻮ ﺇﻧﺴﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ،ﺣﻴﺚ ﺃﺳﻬﻤﺖ ﻼ ﺳﺤﺮﻳﹰﺎ ﳌﺎ ﻧﻌﺎﻧﻴﻪ ﰲ ﺑﻠﺪﺍﻧﻨﺎ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺑﻌﺼﺎﺓ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻴﻪ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺁﺧﺮ ،ﻻ ﻳﻌﺪ ﺣ ﹰ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ -ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈﻞ ﺍﻷﻓﻀﻞ ،ﰲ ﺭﺃﻳﻲ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﻼﺡ ﻛﻞ ﺧﻠﻞﻓﻴﻪ ،ﺃﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﳛﻴﺪ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﺭﻩ ﺍﳌﻔﺘﺮﺽ ،ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﳌﺘﻮﺧﺎﺓ ﻟﻦ ﻧﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﳌﺪﺓ ﺟﻴﻞ ﻛﺎﻣﻞ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺻﺤﺎﻓﺔ ﺣﺮﺓ ﻭﻗﻀﺎﺀ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .ﻭﳌﻦ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺟﻞ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻨﺎ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺣﺪﺓ ،ﻓﻼ ﺟﻮﺍﺏ ﱄ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﻨﺎ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﻭﻋﺸﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﲔ ...ﻭﱂ ﳛﺪﺙ ﺷﻲﺀ ،ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺳﻨﺨﺴﺮ؟ ...ﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﺍﳋﺴﺎﺭﺓ ﻓﻌﻼ ﻳﺎ ﺳﺎﺩﺓ. ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺑﺼﻼﺣﻪ ﻧﻈﺮﻳﺎ ،ﺇﻻ ﺃﱐ ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﻳﺸﺔ ﻭﺍﻻﻃﻼﻉ ،ﺻﺎﺭ ﻟﺰﺍﻣﺎ ﻋﻠﻲ ﺗﻮﺧﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﻄﺮﺡ ،ﱂ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺘﻨﻊ ﺑﻠﺰﻭﻡ ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﺃﻭ ﻋﺼﻴﺎﻥ ﻣﺴﻠﺢ ﺃﻭ ،ﻣﻌﺎﺫ ﺍﷲ ،ﺗﺪﺧﻞ ﺃﺟﻨﱯ ﻣﺴﻠﺢ ﻭﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﺻﺮﺕ ﺃﻓﺘﺮﺽ ﺑﺄﻥ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﳌﺆﺛﺮﻳﻦ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﲢﺪﻭﻫﻢ ،ﰲ ﺎﻳﺔ ﺍﳌﻄﺎﻑ، ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ ،ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ،ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﺭﺅﻯ ،ﺗﺼﻴﺐ ﻭﲣﻄﺊ ،ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻠﻲ ﻭﻣﺜﻞ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ ،ﻭﻻ ﺃﺟﺪ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺸﻬﲑ "ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ" ...ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻣﻦ ﻳﻘﲔ ﺇﻻ ﺟﻬﻠﻲ! ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻧﻈﺎﻡ ﻗﺎﺋﻢ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﻤﺪﻩ .ﻭﻟﺌﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺀ ﻻ ﳚﺪ ﰲ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺗﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻄﺎﻋﻦ ،ﻓﺎﻋﺘﻤﺎﺩﻩ ﳌﺒﺪﺃ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﻭﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻈﻠﻮﻡ ﻭﻻ ﻣﻐﺒﻮﻥ ،ﻗﺪ ﲣﺘﺼﺮ ﻓﺤﻮﻯ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ، ﻭﻗﺪ ﺗﺜﺒﺖ ﺭﺅﻳﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﻭﺷﺨﺼﻴﺎ ﻻ ﺃﺻﻨﻒ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻌﺎﺭﺿﺎ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ،ﻓﻼ ﻗﺒﻞ ﱄ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻻ ﺣﻴﻞ ﻭﻟﻜﲏ ﺃﻋﺎﺭﺽ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺃﻭﻛﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ،ﻭﺃﻋﺎﺭﺽ ﺑﺸﺪﺓ )ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ( 67
.
ﱄ ﺭﺃﻱ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺀ ،ﻭﺃﺭﻯ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻟﻮﺿﻊ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﺗﺪﻗﻴﻖ ﻭﺗﻘﻴﻴﻢ ﳌﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺫﻟﻚ ﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺃﺻﻼ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻭﻣﻮﺍﻛﺒﺔ ﺍﳌﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﺎﺭﺝ. ﻭﺣﱴ ﻳﻮﺿﻊ ﻟﻨﺎ ،ﺃﻭ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻛﺎﻑ ﺷﺎﻑ ،ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺃﻣﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺴﺮﻉ ﰲ ﲢﺮﻳﺮﻩ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻩ ،ﺑﻞ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳏﻞ ﻧﻘﺎﺵ ﻭﺣﻮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎﻕ ﻭﺍﺳﻊ ،ﻳﺸﺘﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ،ﻓﺈﱐ ﺃﺭﻯ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ،ﻭﻟﻨﺴﻤﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺎﺀ ..ﻣﻨﺎﺑﺮ ..ﻣﻨﺘﺪﻳﺎﺕ .. ﺃﺣﻮﺍﺽ ﻓﻜﺮ ....ﲡﻤﻌﺎﺕ ...ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ..ﻣﺮﺍﻛﺰ ﲝﻮﺙ ﺃﻫﻠﻴﺔ ..ﲨﻴﻌﺎﺕ ﺃﻫﻠﻴﺔ ..ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺃﻭ ... ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﳚﺴﺪ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺑﻔﻜﺮ "ﺍﻵﺧﺮ" ﻭﺭﺅﻳﺘﻪ ﻭﺭﺃﻳﻪ ﻭﺑﺎﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ. ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﺮﺡ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﲝﻴﺚ ﺗﻨﺘﺪﺏ ﻛﻞ ﲨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻓﻜﺮﻫﺎ ﻭﺭﺅﻳﺘﻬﺎ ﻭﺭﺃﻳﻬﺎ ،ﻟﺘﺒﺴﻴﻂ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﻭﺷﺮﺣﻬﺎ ،ﻭﻃﺮﺡ ﻣﺎ ﺗﺮﺗﺌﻴﻪ ﻛﺤﻠﻮﻝ، ﻭﺭﲟﺎ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻠﻨﻘﺎﺵ ﻭﺍﳊﻮﺍﺭ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ. ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﳌﺮﺟﻮﺓ؟ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺣﻀﻮﺭ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻣﻌﱪﺓ ﻋﻦ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻨﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ،ﺳﻮﻑ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺇﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ،ﺑﻞ ﻭﺗﺒﺴﻴﻄﻪ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﰲ ﻣﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ،ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﺼﺐ ﺣﻈﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻻﻃﻼﻉ ،ﻭﳎﺮﺩ ﲢﻘﻖ ﺗﻠﻚ "ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ" ﰲ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﺳﻴﺪﻓﻊ ﲟﺴﺘﻮﻯ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻝ ﺇﱃ ﺳﻘﻮﻑ ﺃﻋﻠﻰ ،ﻓﺘﺜﲑ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳊﻀﻮﺭ ،ﻓﻴﺘﺸﻮﻗﻮﻥ ﻭﻳﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ 68
. ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻮﻗﻌﺎ ،ﻓﺎﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﳌﺘﺒﻌﺔ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻣﻌﻴﻨﲔ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺎ ،ﻭﳏﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﳋﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ،ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﻳﺮﺍﻡ ،ﺑﻞ ﻧﻜﺎﺩ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥ "ﺍﻟﺸﻌﺐ" ﻋﺰﻑ ﻋﻦ ﳑﺎﺭﺳﺔ "ﺳﻠﻄﺘﻪ" ..ﻭﺍﻟﻠﻮﻡ ﻳﻘﻊ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﻭﻛﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﺳﺎﺳﺎ ،ﻭﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ،ﺃﺭﻯ ﺃﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻻﺯﻣﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﺳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﺴﲔ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺎ ،ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﺑﻠﻎ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺒﻌﺾ "ﺍﳌﻮﻛﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ" ﺃﻢ ﺍﻋﺘﻘﻠﻮﺍ ،ﰲ ﺣﺎﻻﺕ ﻣﻮﺛﻘﺔ ،ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﲡﺮﺃ ﻭﻗﺎﻝ ﻛﻼﻣﺎ ﱂ ﻳﻌﺠﺒﻬﻢ ،ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻌﻀﻮ ﺑﺎﳌﺆﲤﺮ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻗﻮﻝ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ . ﻭﻫﻨﺎ ﺃﺯﻋﻢ ﺑﺄﻥ ﻃﺮﺡ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺿﻤﻦ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ،ﻣﻊ ﺿﻤﺎﻧﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﺳﻮﻑ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺟﺬﺏ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ،ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ ،ﰒ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺣﻮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻵﺧﺮ ،ﺑﻞ ﺃﻛﺎﺩ ﺃﺟﺰﻡ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻋﻈﻴﻤﺎ ،ﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﳌﺨﺼﺼﺔ ﻟﻪ ﺣﺎﻟﻴﺎ .ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ،ﻭﻣﻦ ﺁﺧﺮ ،ﳝﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎ ،ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻭﺍﳌﺴﺎﺟﻠﺔ ،ﺃﻥ ﺗﻌﻘﺪ ﻣﺆﲤﺮﺍﺕ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻏﲑ ﺭﲰﻴﺔ ،ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﰲ ﻣﻨﺘﺪﻳﺎﺕ ﳐﺼﺼﺔ ،ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻛﻤﺆﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺗﻔﺎﻋﻞ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺡ .ﻭﺳﻴﺆﺩﻱ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳌﻮﺍﻃﻦ ﻻﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺛﻘﺘﻪ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻭﺍﳋﻮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﺻﺎﳊﻪ ،ﻭﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ "ﻣﻮﻇﻒ" ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻜﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ ﺃﻭ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺌﺘﻢ ،ﻓﺴﻴﻘﻮﻡ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺍﺗﺮﻫﺎ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ ﻭﺟﺪﻳﺘﻬﺎ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻓﺆﻫﻼﺀ ﳍﻢ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺇﻳﺼﺎﳍﺎ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﻦ ﳛﻤﻞ ﺻﻔﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﺸﻜﻴﻼﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻫﻮ ﺍﳌﺴﺘﻔﻴﺪ. ﺣﻮﻝ "ﻣﻦ ﲢﺰﺏ ﺧﺎﻥ"؟
69
ﻫﻨﺎ ﻧﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻥ "ﻣﻦ ﲢﺰﺏ ﺧﺎﻥ" .ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﻮﻟﺔ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻭﻃﺒﻘﺖ ﰲ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺮﻣﺖ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ،ﻭﻫﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﳏﺮﻣﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﳌﻠﻜﻲ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ،ﻭﻇﻠﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﺴﺮ ،ﻭﺗﺸﻤﻞ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﻨﺘﺸﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ/ﺍﻹٍﺳﻼﻣﻲ .ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺎﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺯﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻗﻮﺍﻋﺪﻫﺎ ،ﻭﻣﻦ ﰒ ﱂ ﻳﻜﻦ ﲦﺔ ﳏﻞ ﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ..ﻭﺣﺪﺙ ﺗﺼﺎﺩﻡ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺷﻄﲔ ﰲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ،ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ،ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﻃﺮﺣﻬﺎ ﺍﳉﺪﻳﺪ .ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﲢﺪﻳﺪﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﺍﳌﻘﻮﻟﺔ "ﺑﺘﺨﻮﻳﻦ" ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳﺮﻱ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺿﻤﻨﻪ. ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﺃﻱ ﺩﺍﻉ ﻟﻠﺨﻮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ، ﻭﺻﺎﺭ ﻗﻮﻳﺎ ،ﺑﻞ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﺣﱴ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻺﺻﻼﺡ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﱘ ﻭﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﻭﺇﺎﺀ ﻣﺪﺧﻼﺕ ﺍﻟﺘﺨﻮﻳﻦ ﻭﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﻭﻓﺮﺽ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺪﺧﻼﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﱪﻳﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻐﻠﻬﺎ "ﺭﺍﻛﺒﻮ" ﺍﳌﻮﺟﺔ ،ﻭﺍﺭﺗﻜﺒﻮﺍ ﲢﺖ ﺳﺘﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺸﻨﺎﺋﻊ ﳏﺎﺟﺠﲔ ﺎ ،ﺃﻱ ﺑﺎﳌﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻓﺮﻏﺖ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺳﻮﻃﺎ ﻣﺴﻠﻄﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮﻭﻕ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻷﻣﺮ ،ﲟﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﺭﺟﺎﻻﺕ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ. ﱂ ﻻ؟ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻨﻊ ﺍﻵﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ "ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ" ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻌﻠﲏ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ؟ ..ﻳﻜﻔﻲ ﻓﻘﻂ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﺨﻮﻳﻦ ،ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﲟﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﻭﺣﺘﻤﻴﺘﻪ! ﻓﻜﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﳛﺐ ﻭﻃﻨﻪ ﺳﻴﻨﺸﺮﺡ ﺻﺪﺭﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺃﻣﺎﻣﻪ ،ﳛﺎﻭﺭ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻗﻮﻟﻪ ﺩﻭﻥ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻭ ﺧﻮﻑ! ...ﻭﰲ ﺍﶈﺼﻠﺔ ﺇﺫﺍ ﺣﺪﺙ ﺫﻟﻚ، ﺃﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ "ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ"؟ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺎ؟ ﺃﺭﺩﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﻣﻦ ﻟﺰﻭﻣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻃﺮﺡ :
70
ﻭﺟﻮﺩ ﺻﺤﺎﻓﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﺣﺮﺓ ،ﻭﺍﳊﻖ ﰲ ﺍﻟﻮﻟﻮﺝ ﺇﱃ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ،ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﲟﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻭﳚﺎﺩﻝ ﻓﻴﻪ ،ﰒ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﳌﻼﺣﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﰲ ﻗﻮﺍﺋﻢ "ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺇﻳﺎﻫﻢ!" ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﺗﺎﺣﺔ ﺍﳊﻖ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﰲ ﺣﻴﺎﺯﺓ ﻣﻘﺮﺍﺕ ﻭﺻﺤﻒ ﺑﻞ ،ﻭﱂ ﻻ؟ ،ﺣﱴ ﺇﺫﺍﻋﺎﺕ. ﻋﻤﺎﻟﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ؟ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﺑﺎﳋﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﲢﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﳊﺴﺎﺏ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺮﺩﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﺷﺘﺮﺍﻁ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﻠﲏ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻭﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﳌﺰﻣﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺎ ،ﻓﻜﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ
ﻳﻘﻮﻡ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﳏﺪﺩﺓ ،ﻻ ﺗﺴﻠﺒﻪ ﺣﻘﻪ ،ﻭﻻ ﲡﻨﺢ ﺑﻪ ﻟﻼﻧﻀﻮﺍﺀ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﳋﺎﺭﺝ. ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﺃﺻﻼ! ﻭﰲ ﺍﳋﺎﲤﺔ ﻓﻠﻨﻠﻖ ﻧﻈﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺑﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ: ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺸﻘﻴﻪ ﺍﳌﻌﺘﺪﻝ )ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﳌﺴﻤﻠﲔ( ﻭﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ،ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﳛﻮﻝ ﺩﻭﻥﺍﻧﺘﻈﺎﻣﻬﻢ ،ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﺭﺟﺎﺣﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻌﺪﻡ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺎﺋﻢ ﻭﻣﻌﺮﻭﻑ ﻭﺑﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻴﻪ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺀ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻬﻮ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﺗﺸﻜﻞ ﲟﺠﻤﻮﻋﻬﺎ "ﺛﻘﺎﻓﺔ" ﺑﻜﻞ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻻ ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺁﺭﺍﺀ ﻭﺭﺅﻯ ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻔﻜﺮ "ﺇﺳﻼﻣﻲ" ﻵﺧﺮ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺐ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﻮﺽ، ﺇﻻ ﺃﺎ ﺗﺘﻨﻮﻉ ﺑﺘﻨﻮﻉ ﺍﳌﺘﻨﺎﻭﻝ ﻭﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺪﺑﲑ ﻭﺇﻋﻤﺎﻝ ﻟﻌﻘﻠﻪ.
71
-ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺐ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﲡﻠﻴﺎﺗﻪ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﳍﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ
ﻭﺍﻗﻊ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻭﻟﻠﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﲤﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ،ﻭﻫﻮ ﺗﻴﺎﺭ ﺷﻐﻠﻨﺎ ﻟﻌﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﲔ ،ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻬﻔﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻣﻦ ﰒ ﻻ ﺃﺭﻯ ﻣﺎ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ.
ﻆ ﲝﻀﻮﺭ -ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ،ﻭﻫﻮ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺃﺭﺑﻌﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳌﺎﺿﻲ ،ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﱂ ﳛ ﹶ
ﲨﺎﻫﲑﻱ ﺫﻱ ﺷﺄﻥ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻛﻤﻨﺤﻰ ﻓﻜﺮﻱ ﻭﻓﻠﺴﻔﻲ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻟﺪﻯ ﻓﺌﺔ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ،ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﳎﺮﺩ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺳﻴﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﻋﻤﻠﻴﺔ "ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ" ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ،ﺃﻭ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺃﺩﺍﺓ ﺣﺚ ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﺑﻐﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ.
ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﺼﺮﻑ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻷﻭﻟﻮﻟﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﻟﻠﻮﻃﻦ ﺃﻱ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦﻭﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ.
ﻫﺬﻩ ﺃﺭﺑﻊ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺭﺋﻴﺴﺔ ،ﻗﺪ ﺗﺘﺪﺍﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ﻭﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ،ﻭﳚﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﺮ ﺑﻌﺪﻡ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﺴﻠﺢ ،ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺳﻠﻤﻴﺎ ﻭﺿﻤﻦ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ .ﻗﺪ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﺷﺘﺮﺍﻁ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻭﻧﺎﺷﻄﺔ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﻧﻈﺮﺍﺋﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﻟﻠﻮﻃﻦ ،ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺃﻭ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺃﻭ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﲢﺖ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﻋﺼﺒﻴﺘﻬﺎ ﺍﳌﻘﻴﺘﺔ ﻭﺍﳌﻌﻴﻘﺔ ﻟﻜﻞ ﲢﻀﺮ ﻭﺗﻘﺪﻡ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﻟﻴﺒﻴﺔ ﰲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻗﻮﻝ ﻓﺼﻞ ﰲ ﺷﺆﻭﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﺗﻮﺍﺻﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﺸﺎﺔ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻏﲑ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻣﻨﻀﻤﺔ ﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ ﺑﻠﺪﺍﺎ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﺇﻻ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻭﻃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﺄﺕ ﻓﻴﻪ .ﻭﳚﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﺃﻭ ﻧﺘﻨﺎﺳﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺄﺳﺮﻩ ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺘﻮﺍﺻﻼ ﻣﺘﺼﻼ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﺑﻘﺎﻋﻪ ،ﻓﺜﻮﺭﺓ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻭﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﺆﺛﺮ ،ﻭﻻ ﻋﻴﺐ ﻭﻻ ﺧﻠﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ،ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﲡﺎﺭﺏ ﻏﲑﻧﺎ ﻭﻣﻀﺎﻫﺎﺓ ﺃﻓﻜﺎﺭﻧﺎ ﲟﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ .ﻫﺬﺍ ﺭﺃﻱ ﺭﺃﻳﺘﻪ ،ﻻ ﺃﲡﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻋﻢ ﺑﺼﺤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻹﻃﻼﻕ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈﻞ ﺭﺃﻳﹰﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﻵﺭﺍﺀ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﺑﻐﲑﻩ 72
! ﻧﺸﺮﺕ ﰲ 22ﺃﻏﺴﻄﺲ 2008
73
ﳕﺎﺫﺝ ﻣﻦ ﺃﻧﺸﻄﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻫﺸﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺸﻠﻮﻱ
ﺿﻤﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﺍﻷﺳﻄﻰ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺘﻀﻨﻪ ﲨﻌﻴﺔ ﺑﻴﺖ ﺩﺭﻧﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻗﻤﻴﺖ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻣﺲ ﺍﻻﺛﻨﲔ ﺣﻠﻘﺔ ﻧﻘﺎﺵ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﲤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻭﺍﻟﻨﺼﻒ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﺑﺒﺎﺣﺔ ﲨﻌﻴﺔ ﺑﻴﺖ ﺩﺭﻧﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻭﺳﻂ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺑﲔ ﺍﳌﺎﻃﺮﺓ ﻭﺍﳌﺸﻤﺴﺔ ،ﺗﺮﻛﺰﺕ ﳏﺎﻭﺭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺣﻮﻝ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ، ﺭﺻﺪ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻋﱪ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﲡﺮﺑﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ ﻟﻠﺘﺤﻮﻝ ﺍﻹﳚﺎﰊ ،ﺩﻭﺭ ﺍﳌﺜﻘﻒ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺍﶈﻮﺭ ﺍﻷﺧﲑ ﱂ ﻳﻄﺮﺡ ﻟﻠﻨﻘﺎﺵ ﻧﻈﺮﺍ ﻹﻟﻐﺎﺀ ﺣﻠﻘﺔ ﻧﻘﺎﺵ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﺇﺟﺮﺍﺅﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﳌﺴﺎﺋﻴﺔ ،ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ ﻃﻔﻴﻔﺔ ﻃﺮﺃﺕ ﻷﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺪﻋﻮﻳﻦ ﱂ ﻳﺘﻴﺴﺮ ﳍﻢ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻥ ﻛﺎﻟﺴﻴﺪﺓ ﺃﻡ ﺍﻟﻌﺰ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺪ ﻧﻮﺭﻱ ﺍﳌﺎﻗﲏ ،ﺃﺩﺍﺭ ﺣﻠﻘﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﺮﺑﻊ ﻇﻬﺮﺍ. ﺍﻓﺘﺘﺢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﳊﻠﻘﺔ ﺑﺎﺳﺘﻌﺮﺍﺿﻪ ﻟﻠﻤﺤﺎﻭﺭﺍﳌﺘﻨﺎﻗﺶ ﺣﻮﳍﺎ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻓﺘﺢ ﺃﻓﺎﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﻨﻬﻮﺽ ﺑﺎﺘﻤﻊ ،ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻥ ﻛﻮﻥ ﲨﻌﻴﺔ ﺑﻴﺖ ﺩﺭﻧﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻫﻲ ﻧﺘﺎﺝ ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ . ﰒ ﻗﺪﻡ ﺭﺿﺎ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ﻟﻌﺮﺽ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺣﻮﻝ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺿﺢ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﰲ ﺗﺮﺍﺛﻪ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﻭﻭﺟﻮﺩ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻳﻘﻮﻣﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺗﺘﻤﺎﻳﺰ ﻋﻦ 74
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﺎﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻹﲢﺎﺩﺍﺕ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻹﻧﺘﻤﺎﺀ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﺎﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻌﺴﻔﻴﺔ. ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﲢﺪﻳﺪ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ،ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﻓﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﰲ ﺃﻱ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻧﻈﻢ ﺍﳊﻜﻢ ؛ ﻟﻴﱪﺍﱄ ؛ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﱁ .ﰒ ﻋﺮﺝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺯﺍﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﰊ ﺇﱃ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﲤﺎﺭﺱ ﺃﻧﺸﻄﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﺑﻞ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﻋﺪﻡ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﺇﻥ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﰱ ﺑﺴﻂ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﳎﺎﻻﺕ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﺘﻤﻌﻴﺔ ﻣﺎ ﳚﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺃﺩﺍﺓ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻭﻋﺎﺋﻘﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ . ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﺎﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺎ ،ﻭﺍﺎﻻﺕ ﻭﺍﳋﺘﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﲤﺘﻠﻜﻬﺎ ﻭﺍﻟﻄﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ ﻻﺣﺘﻼﻝ ﻛﻞ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ،ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺃﺟﻬﺰﺎ ﻭﺁﻟﻴﺎﺎ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻗﺪ ﳜﻔﻲ ﺿﻌﻔﺎ ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﻭﻭﺟﻮﺩﺍ ﻫﺸﺎ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻭﺳﻂ ﻣﺘﺨﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﲏ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻗﻮﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ . ﰒ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﳌﺴﻤﺎﺭﻱ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﺓ ﻋﺰﺓ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﳌﻘﻬﻮﺭ ﺍﶈﺎﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﻄﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 19ﻟﺴﻨﺔ 2001ﻡ ﺑﺸﺄﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ .ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫﺓ ﻋﺰﺓ ﺃﻥ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 19ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﺗﻨﺎﺳﻰ ﺃﻭ ﺃﻏﻔﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﳛﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 111ﻟﺴﻨﺔ 1970ﻡ ﺍﳌﻠﻐﻲ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 19ﻓﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 111ﻟﺴﻨﺔ1970ﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺳﺎﺭﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺪﺛﻪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ . 19ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 19ﺃﻧﻪ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎﺎ ،ﻭﱂ ﻳﻨﺺ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﳎﺎﻝ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﺇﻻ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﳎﺎﻝ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺿﻤﻦ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 19ﺣﺪﺩ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 19ﻋﺪﺩ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺃﻳﺔ ﲨﻌﻴﺔ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﲞﻤﺴﲔ ﻋﻀﻮﹰﺍ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺗﻮﻓﺮﻩ ﻭﺗﻮﻓﲑﻩ ،ﺃﻳﻀﺎ ﱂ ﻳﻨﺺ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺘﺴﺒﻮ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ،ﺇﺫ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻏﲑ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﺍﻹﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﱃ ﺃﻳﺔ ﲨﻌﻴﺔ ﺃﻫﻠﻴﺔ .ﺇﻻ ﺃﻥ
75
ﺗﻐﻠﻐﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻣﺸﺪﺩﺓ ﺑﻮﺿﻊ ﺷﺮﻭﻁ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﲡﻌﻞ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻭﳑﺎﺭﺳﺔ ﻧﺸﺎﻁ ﺃﻫﻠﻲ ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ . ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﱵ ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 19ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺫﻥ ﻣﺴﺒﻖ ﻟﻌﻤﻠﻬﺎ ،ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﺿﻄﺮﺕ ﺗﺸﻜﻴﻼﺕ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻭﻣﺪﻧﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﺫﻥ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﺗﻘﻊ ﲢﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺑﻴﺔ .ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﺴﻬﻞ ﻭﺗﺴﺎﻋﺪ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺮﻗﻞ ﻭﺗﺸﺪﺩ ﰲ ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ ﻹﻧﺸﺎﺀ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻭﻣﺪﻧﻴﺔ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﻬﺾ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﻭﺍﺣﺪﺓ . ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﳌﺴﻤﺎﺭﻱ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻔﻴﻆ ﻏﻮﻗﺔ ﺍﶈﺎﻣﻲ ﻭﻧﻘﻴﺐ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻌﺮﺽ ﲡﺮﺑﺔ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻛﺄﺣﺪﻯ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 23ﻟﺴﻨﺔ 1428ﻭﺭ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻹﲢﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ،ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 23ﺃﻋﻄﻰ ﻓﺮﺻﺔ ﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﳊﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﳑﺎﺭﺳﺔ ﻧﺸﺎﻃﺎﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﻭﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻭﺗﺮﻙ ﺍﺎﻝ ﻟﻠﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﻌﺪ ﺃﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭﻟﻮﺍﺋﺤﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ،ﻭﺭﻓﻊ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻭﻭﺻﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻨﻬﺎ .ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺑﺈﻋﺪﺍﺩ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﻭﻟﻮﺍﺋﺤﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ،ﻭﺍﹸﻋﺘﻤﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﺃﺩﺍﺀ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻳﺘﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻬﺎﺕ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ، ﻓﻮﺟﺪﺕ ﰲ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻄﺖ ﻷﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﺣﻘﻴﺔ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺇﺫ ﺗﺪﺧﻠﺖ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻭﻋﺎﺛﺖ ﻓﺴﺎﺩﺍ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻭﰎ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ،ﻓﻮﺿﻊ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺃﺻﻴﻞ ﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻀﻊ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻋﺪﱘ ﺍﳉﺪﻭﻯ ﻭﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻟﻪ .ﻣﺎ ﺃﻭﺩ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺪﱐ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻭﻓﺎﻋﻞ ﻫﻮ ﺿﻤﺎﻧﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻮﻳﺔ . ﰒ ﺃﹸﻋﻄﻴﺖ ﺍﳌﺪﺍﺧﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﻼﻗﻲ ﺍﶈﺎﻣﻲ ﻭﺃﻣﲔ ﻋﺎﻡ ﲨﻌﻴﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﲟﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻘﺬﺍﰲ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﳋﲑﻳﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﺷﻜﺮ ﺇﱃ ﲨﻌﻴﺔ ﺑﻴﺖ ﺩﺭﻧﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻻﺣﺘﻀﺎﺎ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻬﺮﺟﺎﻥ ﻭﳑﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﻼﻗﻲ ﺍﻧﻪ ﻻ ﺧﻼﻑ ﻟﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺑﻞ ﳔﺎﺻﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ 76
ﻫﻴﻤﻨﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻭﺷﻠﺖ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ .ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻗﺪ ﲣﻄﺊ ﻫﻨﺎ ﺃﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ،ﰒ ﺍﺳﺘﻌﺮﺽ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﱵ ﻭﺍﺟﻬﺖ ﻋﻤﻞ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﺭﻓﻀﺖ ﻣﻨﺤﺔ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﲞﺼﻮﺹ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﳌﺪﺓ ﺳﻨﺘﲔ ،ﻭﻗﻠﻨﺎ ﳍﻢ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺘﺨﺐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺨﺐ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﻟﻸﻣﺎﻧﺔ ﻟﻘﺪ ﻗﺒﻠﺖ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺤﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻗﺎﻝ ﺳﻨﺴﻌﻰ ﻟﺮﻓﺾ ﺃﻳﺔ ﻭﺻﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺍﶈﺎﻣﲔ ﻛﻮﺎ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ،ﻭﺧﺘﻢ ﻣﺪﺍﺧﻠﺘﻪ ﻗﺎﺋﻼ ﻋﺎﺷﺖ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﺣﺮﺓ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺭﻏﻢ ﻛﻴﺪ ﺍﻟﻜﺎﺋﺪﻳﻦ . ﻛﺎﻧﺖ ﲡﺮﺑﺔ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﲝﻀﻮﺭﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻜﻜﻠﻲ ﺍﻟﻘﺎﺹ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻫﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﻗﺪﳝﺔ ،ﻭﻧﺸﺄ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﱪﺟﻮﺍﺯﻳﺔ. .ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻷﻫﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻷﻫﻠﻲ ﻏﲑ ﻃﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺣﲔ ﺃﻥ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻃﻮﻋﻴﺔ ﻭﺣﺮﺓ .ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻣﻌﺎﺭﺿﹰﺎ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﺗﻠﺠﺄ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺇﱃ ﻗﻤﻊ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﻛﻮﺎ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﻌﺎﺭﺿﻪ ﻟﻠﺤﺮﻳﺎﺕ .ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻤﻌﺮﻭﻑ ﺃﻧﻪ ﺻﺪﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﺑﻮﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻣﻔﺼﻞ ﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﳏﺪﺩﻳﻦ ﻭﻣﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﺪ ﻭﻗﺼﺪ ﻓﺎﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ ﺍﳊﺎﱄ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻭﺳﺤﺒﺖ ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﺎ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﳛﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﲤﺜﻠﻬﻢ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺳﺤﺒﻮﺍ ﺛﻘﺘﻬﻢ ﻭﺣﺠﺒﻮﻫﺎ ﻋﻨﻬﺎ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﲡﺎﻭﺯ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕ ﺣﻴﺚ ﺍﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻣﺆﲤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﲢﺪﺙ ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ ﰲ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺃﺷﺨﺎﺹ ﱂ ﻳﺼﺪﺭ ﺎ ﻗﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ . ﰒ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﺍﺧﻠﺔ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺣﺴﲔ ﺍﳌﺰ ﺩﺍﻭﻱ ﺣﻮﻝ ﲡﺮﺑﺔ ﲨﻌﻴﺔ ﻣﺰﺩﻩ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 111 ﻟﺴﻨﺔ 1970ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 19ﻟﺴﻨﺔ 2001ﻡ .ﰲ ﳏﺎﻭﻟﺘﻨﺎ ﻹﻧﺸﺎﺀ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﱂ ﻧﻌﺮﻑ ﺃﻳﻦ ﻧﺬﻫﺐ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﺫﻥ ﲟﺰﺍﻭﻟﺔ ﻧﺸﺎﻃﻨﺎ ،ﰲ ﺍﻷﺧﲑ ﺫﻫﺒﻨﺎ ﺇﱃ ﺍﻷﺥ ﺃﻣﲔ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﺳﺄﻋﺮﺽ ﺕ ﺍﻟﺮﺩ ﺇﱃ ﺍﻵﻥ ،ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ ﺿﺂﻟﺘﻨﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﻟﻠﺮﺩ ﻭﻣﻦ ﺷﻬﺮ 1991 /5ﱂ ﻳﺄ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﰎ ﺇﺷﻬﺎﺭ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ /1990 12/12ﻡ .ﰒ ﺍﺳﺘﻌﺮﺽ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﺮﺽ ﺳﲑ ﻋﻤﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ . 77
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﺍﺧﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﺑﺸﻮﻥ ﻋﻀﻮ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻷﻭﳌﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻭﻋﻀﻮ ﺍﲢﺎﺩ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ ﻭﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﻭﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻲ ،ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻧﺪﻳﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﱵ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻛﻠﻴﺎ ،ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻧﺪﻳﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱐ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﺎﺕ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﺩﺧﻞ ﺍﳌﺒﺎﺭﻳﺎﺕ . ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺪﺓ ﻣﺪﺍﺧﻼﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻘﺎﺿﻴﺔ ﻧﻌﻴﻤﺔ ﺟﱪﻳﻞ ﻭﺍﻟﱵ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 19ﻋﻘﺪ ﻣﻮﺍﺯﻧﺔ ﺑﲔ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻭﺑﲔ ﺣﻘﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ،ﰒ ﺍﺳﺘﻌﺮﺿﺖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﻭﺍﳌﻐﺮﰊ ﻭﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻀﻮﺍﺑﻂ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﰒ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﺍﺧﻠﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﲢﺮﻳﺮ ﻣﻮﻗﻊ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺩ ﺇﱃ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻗﺎﺩﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﺃﻧﻪ ﳚﺐ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﺄﳘﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﻫﻠﻲ ﻭﺍﳌﺪﱐ ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻋﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﰲ ﳔﺐ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ . ﻧﺸﺮﺕ ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﺍﻭﻳﺎ ـ 19ﻣﺎﻳﻮ 2009
78
ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﺑﺪﺭﻧﻪ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻭﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻹﺷﻬﺎﺭ! ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﺳﺮﻗﻴﻮﻩ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺎﺩﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﻭﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺩﺭﻧﻪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳛﺴﺒﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺗﺴﲑ ﰱ ﺇﻃﺎﺭ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﳎﺘﻤﻌﹰﺎ ﻣﺪﻧﻴﺎﹰ ﻳﻜﻔﻞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﺴﺎﻧﺪﺗﻪ ﻭﺩﻋﻤﻪ ﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﻋﻘﺒﺔ ﰱ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺭﻗﻢ ) (19ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﺸﺄﻥ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻣﻮﺍﺩﹰﺍ ﺗﻘﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﰱ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻹﺷﻬﺎﺭ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﲡﻬﺰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺘﻤﺎﺳﻚ ﻣﺘﺤﺎﺏ ﺧﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﺗﺸﺪ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﻟﻠﺨﻠﻒ ﻭﲡﱪﻩ ﻟﻠﺴﲑ ﰱ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﺍﻟﱴ ﻻ ﲣﺪﻡ ﺇﻻ ﻧﻔﺴﻬﺎ . ﻓﻤﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﲔ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺩﺭﺳﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﻭﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﺗﻘﺪﱘ ﻛﻞ ﺍﳌﺴﺘﻨﺪﺍﺕ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻭﺍﻟﱴ ﺗﺴﺘﺠﺪ ﺑﺎﳋﺼﻮﺹ ﺣﱴ ﻭﺻﻠﺖ ﺍﳌﺴﺘﻨﺪﺍﺕ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﻭﻫﻮ ﺇﺳﺘﻼﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﻹﻋﻄﺎﺀ ﺍﻹﺫﻥ ﺑﺎﻹﺷﻬﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﺤﺮﻯ ﻋﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ،، ﺣﻴﺚ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﳉﻨﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺇﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻠﻴﱮ ﻟﻪ ﺣﻖ ﰱ ﺍﻹﳔﺮﺍﻁ ﰱ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﻣﺎ ﱂ ﳛﺮﻡ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ...ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺭﺃﺕ ﺃﻥ ﻃﻠﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﳉﻬﺔ ﺭﲟﺎ ﺳﻴﻌﺠﻞ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻹﺷﻬﺎﺭ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﺑﻘﺖ ﺍﳌﺴﺘﻨﺪﺍﺕ ﻟﺪﻯ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﰱ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﻄﻰ ﺃﻯ ﺗﱪﻳﺮ ﻹﻳﻘﺎﻑ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﳌﺘﺒﻌﺔ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺩﺧﻞ ﰱ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﳌﺜﻞ ﺍﻟﺸﻌﱮ )ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻚ ﺃﻳﻮﺩﺭ ﺍﻹﺑﺮﺓ( ﻏﲑ ﺃﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﱂ ﻳﻔﻘﺪﻭﺍ ﺍﻷﻣﻞ ﻭﻃﺮﻗﻮﺍ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﰱ ﻛﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺘﺎﺡ ﳍﻢ ﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﲔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﺤﻔﻰ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻋﻴﺴﻰ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻭﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﱴ ﻭﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺪﺍ ًﺀ ﺇﱃ ﺍﳌﻬﻨﺪﺱ ﺳﻴﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ﻹﺎﺀ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺇﺷﻬﺎﺭ ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺑﺪﺭﻧﻪ . ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﳌﺆﻣﻨﺔ ﺑﺪﻭﺭ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱏ ﰱ ﺃﺧﺬ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺮ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﻴﻼﺩﻟﻔﻴﺎ ﰱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﱏ ﻟﻨﺸﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﳌﻬﻨﺪﺱ ﺳﻴﻒ 79
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﺠﺎﺏ ﳌﻄﻠﺐ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﳋﱪ ﺗﻠﻚ ﺍﻹﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺱ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺳﺘﺒﺸﺮﻭﺍ ﳍﺬﻩ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺎﻗﻠﺖ ﺍﳋﱪ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ..ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﻟﻸﺳﻒ ﺣﱴ ﺗﺎﺭﳜﻪ ﱂ ﻧﺴﺘﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻯ ﲢﺮﻳﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﻭﻻ ﺯﺍﻟﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﰱ ﺍﻹﻧﺘﻈﺎﺭ ﺣﱴ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺁﺧﺮ! ﻭﻛﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﻮﺭ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺃﻭ ﺭﲟﺎ ﳚﻬﻞ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻓﻬﻢ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﳌﻌﻨﻴﺔ ﻟﺪﻭﺭ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ . ﻭﻟﻘﺪ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺇﺻﺮﺍﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﰱ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺬﻯ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻀﻴﻒ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ /ﲨﻌﻪ ﺇﻋﺘﻴﻘﻪ ﻭﺍﻷﺳﺘﺎﺫ /ﻣﻴﻼﺩ ﺍﳊﺎﺭﺍﺗﻰ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﳌﺖ ﻛﺜﲑﹸﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺎﺑﻼﺕ ﺍﻟﱴ ﺃﺟﺮﺍﻫﺎ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﰱ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻭﺍﻟﱴ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺟﺮﻳﺖ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﺃﻥ ﳚﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ )ﻣﻌﲎ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱏ؟( ﻭﻗﺪ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺟﺎﻫﺪﹰﺍ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺧﻠﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﺩﻭﻥ ﺟﺪﻭﻯ ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﻣﺴﺒﻖ ﻟﻠﻤﺪﺍﺧﻼﺕ ﻷﺷﺨﺎﺹ ﺑﻌﻴﻨﻬﻢ! ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻧﺴﲑ ﰱ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻠﺘﻮﻳﺔ ﻭﻏﲑ ﻭﺍﺿﺤﺔ ...ﻭﳍﺬﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻯ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﰱ ﲨﻴﻊ ﺍﺎﻻﺕ ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻷﻛﻼﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﻧﺸﺮ ﺍﳊﺐ ﻭﺍﻟﻮﺩ ﺑﲔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻯ ﻓﻘﺪﻧﺎﻩ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻰ ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﲨﻌﻴﺎﺕ ﻟﻨﺸﺮ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﺣﻴﺚ ﻳﻼﺣﻆ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻭﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻨﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻹﺑﺘﺴﺎﻣﺔ)ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺛﺮﻭﺍﺗﻨﺎ ﺍﻟﻄﺎﺋﻠﺔ( ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰱ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺑﺪﻭﻥ ﺗﻜﺎﺗﻒ ﻭﺣﺐ ﻭﻣﻮﺩﺓ ﻭﺇﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻹﺑﺘﺴﺎﻣﺔ )ﺇﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ( ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ. ﻣﺎ ﺃﻭﺩ ﻗﻮﻟﻪ ﻫﻨﺎ ﻭﺑﻜﻞ ﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ﻭﻭﻃﻨﻴﺔ ﻣﻌﻬﻮﺩﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻫﻰ ﲨﻌﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺭﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻠﻴﱮ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺃﻯ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻏﲑ ﻣﻌﻠﻨﺔ ﻷﻧﻨﺎ ﺗﻌﻮﺩﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ ﻭﺃﻥ ﳎﺮﺩ ﺣﺠﺐ ﺇﺷﻬﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﳌﺪﺓ ﻗﺎﺭﺑﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻨﺘﲔ ﻳﻌﺪ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻏﲑ ﻣﻨﺼﻒ ﰱ ﺣﻖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻭﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺄﻣﻠﻮﻥ ﺗﻘﺪﱘ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﱪﺓ ﰱ ﳎﺎﻝ ﻋﻤﻞ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ . ﻭﺇﲰﺤﻮﺍ ﱃ ﺃﻥ ﺃﺗﻮﺟﻪ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﺭﲟﺎ ﺳﻴﻌﺘﱪﻩ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺳﺬﺍﺟﺔ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺇﻃﻼﻉ ...ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﲣﻮﻑ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﳉﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﻫﻰ ﺍﻟﱴ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱏ ﺣﻴﺚ ﺇﺭﺗﻔﻌﺖ ﰱ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺃﺻﻮﺍﺕ 80
ﳍﺎ ﺷﺄﺎ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﱏ؟ ﻭﻫﻮ ﺍﻹﲡﺎﻩ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺍﻟﺬﻯ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﲟﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻐﺪ ﺃﻭ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ . ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻯ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻟﻪ ﺳﻮﻯ ﺃﻧﲎ ﺇﻗﺘﻨﻌﺖ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺗﻌﻠﻦ ﻭﻻ ﺗﻄﺒﻖ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻳﺼﺪﻕ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺸﺮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﺲ ﺑﻪ ﺇﺷﺎﻋﺎﺕ ..ﻭﻟﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﻔﻰ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻋﻴﺴﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﲨﻌﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﲰﻨﺖ ﻟﻜﺎﻥ ﺇﺷﻬﺎﺭﻫﺎ ﰱ ﺣﻴﻨﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﲔ ﻻ ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻋﻦ ﻣﻼﺣﻢ ﺍﳉﻬﺎﺩ .. ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﳍﺎ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻳﻮﻡ ﺃﻥ ﻟﻌﺒﺖ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﻭﻃﻨﻴﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻓﺮﲟﺎ ﰎ ﺣﺴﺎﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﲢﺴﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﻣﺎ ﻓﻨﺴﻮﺍ ﺃﻥ ﲨﻌﻴﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﱴ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﰱ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻳﻮﻧﻴﻪ ﺳﻨﺔ 1943ﻫﻰ ﺍﻟﱴ ﻧﺎﺩﺕ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻹﻧﻔﺼﺎﻟﻴﻮﻥ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺟﻬﻮﻯ ﻭﻣﻨﺎﻃﻘﻰ ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻭﺃﺅﻛﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺃﻯ ﻫﺪﻑ ﺳﻴﺎﺳﻰ ﺑﻞ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﺘﻤﻊ ﻭﺭﺑﻄﻪ ﺑﻮﻃﻨﻪ ﻭﺗﺮﺍﺛﻪ ﻭﺗﺎﺭﳜﻪ. ﺃﲤﲎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﰱ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻹﺫﻥ ﺑﺈﺷﻬﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻓﻼ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺍﻥ ﻧﺴﻤﻊ ﺫﻟﻚ ﻋﻼﻧﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻠﻴﱮ .ﻓﻼ ﺩﺍﻋﻰ ﻟﻠﻤﻤﺎﻃﻠﺔ ﻭﺣﱴ ﻳﺘﻢ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺸﻚ ﺑﺎﻟﻘﲔ ﻭﻟﻘﻄﻊ ﺧﻂ ﺍﻟﺮﺟﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻭﺟﻰ ﺍﻹﺷﺎﻋﺎﺕ .ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻟﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﱮ. ﻧﺸﺮﺕ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﻴﻼﺩﻟﻔﻴﺎ ـ 1ﻳﻮﻧﻴﻮ 2008
81