عرابة املة ش ال البخاري مدرسة ّ ّ رحيق األقالم طالبيّة) (جملّة إبداعيّة ّ ()2015
الفهرس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت
كلمة مديرة املدرسة4 ........................................................................ ذكرى 5 ..................................................................................... بنفسجة احملبّة 7 .............................................................................. عندليب نفسي 8 ............................................................................ على جناح غيمة 10.......................................................................... مأوى و لكن11.......................................................................... ... صديقيت 12.................................................................................. حتت جذع الشجرة 14........................................................................ يف الكهف15................................................................................ للطّفولة وجه آخر 17......................................................................... وجه آخر19................................................................................. احلياة الضائعة 21............................................................................ غصة أ مل 24.................................................................................. ّ على شاطئ احلياة 25......................................................................... َجرمية يف احلارة 26............................................................................ لوحة 27..................................................................................... يف املقهى 28................................................................................. أحالم تتح ّقق 29............................................................................. 2
أان واألشجار 30............................................................................. الفراشة املشاكسة 33......................................................................... حت ّمد 35...................................................................................... حلظة صمت 38.............................................................................. الصوت 40........................................................................... صدى ّ شعور مكبوت 41............................................................................ أ ًذى 42..................................................................................... ينابيع احلنني 43.............................................................................. وطالت احلكاية44........................................................................ ... الزمان 47............................................................................... أيّها ّ النّجاح 49................................................................................... آية 52...................................................................................... الصداقة54.................................................................................. ّ شوق 55............................................................................ هذاين ال ّ يف البقالة 57................................................................................. خوف ووحدة 58............................................................................. أقداران مكتوبة ..فلنعش هبدوء 61............................................................. ** مالحظة :النصوص الطالبية من ّقحة
3
كلمة مديرة املدرسة السالم ّ
عليكم
هللا
ورمحة
وبركاته
...
وهاج ،وخيال حملّق يف مساء اجلمال ،لذا ما يكتب هو عصارة اإلبداع خالصة فكر ّ
أفكار ومشاعر توضع يف قوالب مجيلة رمستها حروف بريشة أمجل ،فتعلّق لوحات على جدر املعرفة. وبذور اإلبداع هم طالبنا الذين حيتاجون منّا اإلرواء ابملعرفة وأساليب الكتابة كي اخلالق .لعتنا اجلميلة ويطوروا طرائق تفكريهم املبدع و ّ يستطيعوا التّعبري ّ عما يريدونّ ،
عما جيول يف اخلاطر من ببحر كلماهتا ،ومجال أساليبها ميكننا استغالهلا للتّعبري ّ أفكار ،وأحداث ،وصور وما إىل ذلك ،لذا كان لزاما علينا االهتمام بتنمية املواهب
حّت جتهز وخترج حبلل اجلمال الطّالبيّة يف الكتابة اإلبداعيّة ،وصقل هذه املواهب ّ يف نصوص زاهنا البهاء! تطل علينا حبلّة وها هي ذي جملّة ّ طالبنا اإلبداعيّة " رحيق األقالم" بعددها اجلديد ّ
طالبنا املبدعني. بتنوع مواضيعها ،ومشاركة ّ ربيعيّة جديدة مضاهية مجال املوسم ّ
الطالب والطّالبات على مجيل كتاابتكم ،وآمل أن تظلّوا على أعزائي ّ فشكرا لكم ّ هنج اإلبداع سائرين ،وجلميل الفكر والكلم خري انشرين.
ابحرتام مديرة املدرسة اإلعداديّة :ردينة شالعطة
4
ذكرى
تكّبةً لرتسحب ر ر حّت نكاد ال وجتتاز األُفُ َق َ هاجت ّ أش ّعتَها فجأةًْ ، البعيدّ ، س ُم ّ ْ الش ْم ُ ر جة يرحل م ر ر نَراها ،فَإذا بلمعان املياهر اهلائر ر روح ن ا ع ود ُ ّ ً فوس اجلال َ ُ سني ُهناك ،ساحباً َ َ لوِبم ،فقد فقدوا السبب الّذي ي ْدعوهم لر ر االنسجام من قُ ر ر لبقاء ُهناك ،فَأَخ َذ التَّمتُّ رع و ُ ّ َ ُكلٌّ رمنهم حي رزم أَمترعته رِب ر دف العودة إىل حيث أتى. ُ ْ ُ ََ ُ ر فة لر ناء واألح ر ر ر رر ر ر ر فاد ..ما َ مرأى األبْ َ ْ ابت ُكلٌّ مْن ُهم حامالً يف ق ْلبه شرارة من احلنني واللّ ْه ْ تَراهم ّإال ير ُمسو َن أجسادهم يف ُُميرالهتررم الصغريةر ويسبحو َن على شو ر اط رئ اخلَ ر يال ْ َُ ُ ّ ْ ّ َ ْ ر األمو راج فيها. تطام ْ دين ار َ ُمشاه َ ر ر ر ر رر ر ٍ َوكذلرك ُ سب َعةَ األطفالُ ،م ْشتاقو َن ُك َّل ّ دام ْ الش ْوق لُرْؤية لداهتم سالمني ْبع َد غياب َ ّأّيٍم رطوال! انتابتهم مجيعا دو َن ر ف الت تُ ْف رق ُد ُهم َأملَ ُهم رابحلياةر ،وتَ ُد ُّ ب في ره ُم اخلَْو َ استثْناء ختيُّ ٌ ْ والتَ و ُّجس رمن املو ر حني رجي ُّن ض رع الْ ُم ْعتَ رادُ ، ت َورمن احلياةرَ ،علَى َع ْكس الْ َو ْ حيث كانوا َ ْ َ طاهري ر الليل ََيْلُدو َن اىل النَّورم ر الف ْك ر و ر البال. ْ ُْ ر ر ابب ال ُفْن ُد رق ،وطَرقَت ر ت حافر ر لتان اىل ر مسام َع فَفي َذل َ َ ْ وصلَ ْ ومَ ، ك الْيَ ْوَم الْ َم ْش ُؤ َ جوب اإلسر راع اىل احلافر ر ف ُكلٌّ رمنهم قَ ر املسافررين أصوات بو ر ر ص ن ا ، لة اص ًدا ْ ْ َ احلَافرلَةَ ْ َ ُ ْ ُ َ ُ َ ر هل رِب َد ر ف اللّحاق الَّرِت َسبَ َق إليها ..انْطَلَ َقت احلافلَةُ األوىل ّأوًال وكانت متْشي على َم ٍ َ ر ُخرى. ابحلافلَةُ األ ْ
5
ر ٍ ٍ ر رر ر ْبع َد حلظات قليلة ،أُق َّل املُسافرون يف احلافلَة الثّانيَة الحقني ابألوىل ،ولكن شاءَ ر الرّكاب بع َد حل ٍ ظات رمن القدر وحصل ما كا َن َيْشى ُحدوثهُ! حيث فوج َئ ُّ ُ ْ َ ُ اس كانوا قَد وقفوا على جانر الق رِبماهري ر االنْ رط ر ر السري رع يرقبون أمرا ع ر ا الش َب الن ن م ر ّ ّ َ ّ َ ما استَ رعى اهترمامهم .ش ّدان املوقرف لرْلمرور ررِبواررهم وإذ برنا نُب ر صُر حافرلَة زمالئنا. ْ َُ َ َْ ُ ُ ْْ ر ر انْتابنا اجلزعُ لر ر ر ر إخوانرنا يف كار ُمْزع َجةٌ حول ْ َ ََ ُ دارت يف ُُميرّالتنا أفْ ٌ صعوبَة املَْوقف َو َ رر ُخرى ،فَقد هم ُكلٌّ رمنّا ابالتّ ر لك احلافرلَ رة َكي يُ َه ّردئ رمن صال رِبَن يَ ُه ُّمهُ يف تر َ احلافلَة األ ْ ّ ب. َرْو رع ره َويُطَ ْمئر َن قَلْبُهُ على َمن ُرحي ُّ صال رِب ر َخيه سائر رق احلافرلَ رة ّأما سائرق احلافرلَ رة الِّت تُرقلُّنا ف َقَّرَر التَّغَلُّب على َُما روفر ره واالتّر َ صال و ر ر لكن دو َن ج ْدوى .ومل يبق ناك رمن ُجميب! نُعاوُد االتّر َ س ُه َ األ ْ ُخرى ..ولكن ْلي َ مكان ر احلاد ر أمامنا سوى خيار و ر احد ،وهو أن ن ْق ررتب أ ْكثر رمن ر ث لرتَ َف ُّح ر ص األ َْم ر ، ُ َ َ َ ت رِب َْعيُنرنا قريباً رمنّا ،فقد َخ رسَر ُكلٌّ رمنّا ص ْلنا اىل َ حّت َرأَيْنا املَْو َ ذاك املَ ْسلَكّ ، وما إن َو َ ر ر هجَر العا َملَ ات رًكا َخلْ َفةُ أ ْش رطَةَ َعز ًيزا َوحبيبًاَ ،ومْن ُهم َمن كا َن يف ربي ٍع من عُ ْم رهر و َ ر ر ٍ ني َاتٍم رِبَنَّنا مهما نَ ْف رقد رمن األ ر ر ر ر َحبَّة ذ ْكَرّيت ال ََيْلو الف ْكُر مْنها يَ ْوًماَ ،ولَكننَا َعلَى يَق ٍ ّ َْ َ اَّللُ. اك ْ بيب ْاأل ْكبَ ُر َوُه َو َّ يَْب َق ُهنَ َ احلَ ُ
عرايب (التاسع أ) ليان ّ
6
بنفسجة احملبّة
ولدت أان ،ر قت يف قلَب بنفسجةُ احملبّة ،غزيرة املشاعر اجلبّارة الِت خلقها هللا وخل ْ ُ ُ لر أحسها! بل ، اها ر أ ال الِت دريب رفيقة تكون ّ كانت تنمو يوماً بعد ٍ يوم ِبُحاذاةر فُؤادي ،كان ُم ْشرتطاً عل َّي أن أَكون برُقْربرره لررياتح البال ،ولريخلو فُؤادي من مجي رع القاذور ر قلَب وفكري ،لكي أَخطو خطوايت صافريةَ ر ات ُ املتقوقرع رة يف أَسفلر ره ،وَيْلو رمن مجي رع معو ر قات احلياة... ُ َْ َ ُ َّ لن حيلو يل رسوى التّفكري ربه ،ولن ي ر ستنشق رضيين فرعل شيء ال يُرضيه ،فقد ا َ ُ
ٍ وإّيه. لكي أكو َن ّ فُؤادي َّأوَل نَفس ْ
ر ُخ رطئ ،أأتمل أو أفرح ،أو عندما ينتابُين أقوم به ،عندما أ ْ عم ٍل ُ كان ميُْتز ُج امسُهُ يف ُك رّل َ امللل ،وال رأجد شيئاً أقوم ربه ،كنت أذ ُكر امسه ،فيتب عثر يف ر أرجاء فُؤادي صمام املوَّدةر ُ ُ ُ َ َْ َ ُ ّ َ ر سام ٍة لذكره. رج لرين رزع بَسمة شفتاي عن ابت َ ُحلوه ،وتَْنفر ُ َ أَنْعش روحي رعطْر بن ْف ر سجة احملبّ رة لرزم ٍن ٍ وإّن ال أ َْع رتق ُد َّ ك البنفسجةَ أن ترلْ َ طويلّ ، َ ُ ستْن ر قط ُع عن إصدا ر رعط ر الزهورر تذبُ ُل يوماً ما.. ر ، ما يو ها غم أ ّن ُك َّل ُّ َ ْ ُ َ ر الزَم رن ،فكا َن لرلمر َارةر يف عزفْتهُ أانم ُل ّ إنّين أرى أُانسا ْ هليب األرمل على ُك رّل وتَ ٍر َ أحَرقَ ُهم ُ أَفئر َدهترم األَثَُر األَكّبُ.
عرايب (التّاسع أ) ليان ّ
7
عندليب نفسي املطل على قريتنا ،رويدا رويدا ،حّت تبدأ ابالرتقاء عندما تتسلّق ّ الشمس املنحدر ّ
فتطل على ما تريد . لتصل وسط السماء ّ
الستائر وإذ بعندليب يعندل أمام عيين وعلى مسامعي ..ملا رأيته كأّن رأيت فتحت ّ ّ الصغري يريد أن عيين فشعرت كأ ّن هذا العندليب ّ ذهَب اللّون يصل إىل ّ شعاعا ّ يقول يل شيئا . الصغري؟ سألته :ما ابلك أيّها العندليب ّ كل ما حتبّني ،وما ال حتبّني يف ساعات قال :أان عندليب نفسك أعلمك وأخّبك ب ّ السكون حولك ابدأ ِبراجعة ما كان بيومك ،وما كان الليل ّ املتأخرة ،عندما َييّم ّ عليك فعله وما مل يكن ،وإن فعلتها فسأعاقبك . وكيف ستعاقبين ؟ بسيطة ،أجعلك ال تنامني اللّيل ِبكمله . وهل أنت قادر على ذلك ؟ألّن أان ضمريك! سأعذبك ليال وهنارا وسوف أخزك ،وأذكرك ِبا فعلته يف -نعمّ ،
مجيع األوقات.
أفهم من ذلك أنّك تريد مصلحِت ؟ ابلتأكيد فأان هو أنت وأنت أان ،واآلن سأقول لك شيئا سيفرحك كثريا..8
وما هو ّي ترى ؟السادسة وميكنك النّوم عشر دقائق إضافيّة . ما زالت الساعة ّ وما هو مرادك ؟ -إكمال مراجعة دفرت اعمال يومك السابق ...
(السابع ه) سلمى عامر ّ
9
على جناح غيمة كان بياض كبياض اللؤلؤ َييّم حويل ..مددت رأسي لألسفل فبهرت ِبنظر الرمال تشاجر األوراق .صوت الغدير العذب الذي أطرب مسعي جعلين األشجار و ّ
أمحد هللا على نعمه فسبحان هللا ،املهندس األعظم! رفعت رأسي ونظرت حويل وإذ ابلعصافري حتيطين وتزقزق يل بصوهتا الذي أطرب العامل ،الظّامل واملظلوم ، احلاكم واحملكوم .
لكن املنظر الذي جذب نظري هو وقفت فشعرت كأنّين بني ثرّّيت من الغيمّ ، الشمس متأللئة يف مساء الكون ،مؤذنة ببداية يوم جديد .دمعت عندما أشرقت ّ عيناي وقلت سبحان هللا على نعمه الِت ال تعد وال حتصى . قالت أمريه :ح ّقا سبحان هللا ،ولكن هل حصل هذا املوقف معك ّي رميا يف الواقع ؟ جمرد حلم ... أجابت رميا :ال ،إنّه ّ
(السابع ه) سلمى عامر ّ
10
مأوى و لكن... السماء السماء ابلغيوم ،وميض الّبق ،وهزمي الرعد يشت ّد زمهريره ،فتحت ّ تلبّدت ّ أبواِبا ممطرة بوابل من املطر الغزير ..كنت وحدي يف الشارع أركض هاربة من املطر، اسي وفقدت األمل القر فقدت حو ّ ارتعدت فرائصيّ ، وتسمرت مكاّن ..من ش ّدة ّ ابلعثور على مأوى حيميين ،لكن يف تلك اللّحظة عندما كنت على قيد أمنلة من االهنيار التّام ،ملع أمامي ضوء شديد ،مجعت قواي و أدركت أ ّن هناك بصيصا من األمل ،فجهدت يف السري إىل أن وصلت اىل مصدر الضوء. الصمت على املكان ،ومتنّيت لو مل أكن هناك، علي ال ّذعر وسيطرت أذرع ّ سيطر ّ فقد شاهدت من خالل النّافذة منظرا وحشيّا ،وأحسست الكون يضيق يف وجهي علي سدول الفزع ،فهرولت حنو اهلاتف و ّ علي واللّيل احلالك أرخى ّ السماء تطبق ّ ابلشرطة.. العمومي ،واتّصلت ّ ّ الرجال إىل حيث أشرت فلم يروا شيئا ،طرقوا الباب فلم جيب أحد. نظر ّ ِبي طريقة ،فجأة أخذت الرجال أن يدخلوا البيت ّ ازدادت ُماويف ورجوت ّ األصوات تتعاىل يف ال ّداخل منذرة حبصول كارثة هناك! الشرطة البيت ،وإذ ِبحدهم يصرخ مذهوال :أوقفوا التّصوير! دمهت ّ
ميس عاصلة (السابع ه)
11
صديقيت رتّبت برانجمي لذلك اليوم ،أردت مقابلتها لنناقش بعض األمور املتعلّقة بشّت اجملاالت احلياتيّة ..خطّطت ألن أقضي وإ ّّيها بضع ساعات. يف احلقيقة حنن نثرثر كثريا ،ونلهو بعضا من الوقت ،وال يكفينا القليل منه .جلسايت معها تطول وتطول ،وغالبا ال أرتوي من لقاءاتنا املمتعة ج ّدا ،إذ أنين أجد ِبا تواصال روحيّا وحسيّا ال أجده مع اآلخرين .استيقظت يوم عطلتنا فتناولت فطوري حبجة الدراسة ،فهذا بسرعة على غري عاديت ..أخّبت والديت أّن ّ أود زّيرة زميلِت ّ
سيسهل يل ال ّذهاب إليها سيكون شيئا ممّا سننجزه خالل جلستنا .ويف الواقع هذا ّ
دون معارضتها بل سيعفيين من زجمرهتا والتّملّص من أعمال املنزل.
مل حيدث يل هذا من قبل ،حيث مل يفارقين طيفها يف ذلك اليوم ،وكأنين سأقابلها ت سلسلة من احلكاّيت لعرضها خالل اللّقاء .تناولت هاتفي للمرة األوىلُ .ح ْك ُ ّ حّت أح ّدد موعدا مناسبا ،فقد تكون منهمكة هي أيضا ِبساعدة ّأمها ،فأان النّ ّقال ّ
املرة وصديقِت حنمل قليال من عبئهما ،لعلنا جنزيهما مقدار ذرة من تعبهما علينا .يف ّ أقل من دقيقتني عاودت االتّصال ِبا وما زال األوىل كان جهازها مشغوال ،وبعد ّ
مشغوال .غضبت بيين وبني نفسي ومتتمت ببعض الكلمات مثّ استأنفت االتّصال مرة تلو مرة ،ومل جتب .تضاربت نبضات قلَب ..ما خطبها؟ فهي ال تعود االتّصال
مرت ساعتان ،هاتفي ير ّن نغمة االتّصال اخلاصة ِبا ..أجل إ ّهنا هي. يب كعادهتاّ .
الشاحن؟ هرولت أحبث عنه ابلرّد وإذ بشحن بطاريِت صفرّ .ي إهلي! أين ّ مهمت ّ الكم هنا وهناك ،حّت وجدته .دقائق قليلة وأعدت تشغيل هاتفي ،وذهلت من ّ 12
الصوتية منها ..كانت هي .امتألت عيناي ابل ّدموع, الرسائل النّصية و ّ الكبري من ّ الغاصة ابلبكاء أملا منها وعليها .مل أعتد على توبيخها ِبذه وحبست أنفاسي ّ
كل عالقِت بك" احل ّدة .فقد أساءت يل ِبسلوب حازم ال أذكر منه سوى" قطعت ّ
ولكن ملاذا؟ ما الذي فعلته؟ ما اخلطأ الذي صنعته؟ تساؤالت مل أجد أية إجابة عنها. أود زّيرهتا حّت اليوم ّ وابتت عباراهتا كصاعقة هدمتين ،بل كس ّكني به طعنتين .و ّ لكين ما زلت قيد االنتظار... ومراتّ ، مرات ّ فأعاود االتّصال ِبا ّ
رميي نصار (السابع ه)
13
حتت جذع الشجرة كل انبلج الفجر ،وارتفعت ستائر دجى الليل لرتسل ّ الشمس ّ أشعتها العسجديّة إىل ّ مكان ،وقد تعاىل صوت ال ّدجاج ممزوجا ِبمجل أصوات زقزقة العصافري ،فحزمت أمتعِت وانطلقت . جلست بني أحضان تلك اخلمائل املذهلة ،وِبانَب ينساب جدول ماء كأنّه أحد تلتف أشجار األحلان وتتمايل ،ونسمات أهم روافد احلياة ،على مقربة منه ّ ّ الروح الربيع اململوءة ابألمل تداعبها ،وأصوات عندلة العنادل تثلج ّ الصدور ،وحتيي ّ ّ مالئة املكان . الزيتون ،غلبين الكرى ،فغصت يف عباب حبر أحالمي ،وقد يف ظالل أشجار ّ
أيقظين مذعورة صوت عواء ذئب جائع ،كان يرمقين بنظرات مل أعرف تفسريها، جتمد ال ّدم يف عروقي ،إذ مل أص ّدق أنّين سأموت قتال، فتسمرت يف مكاّن ،وقد ّ ّ علي ذلك ال ّذئب وأنّين سألفظ أنفاسي األخرية يف ذلك املكان وحيدة ..و ّ انقض ّ
السرو الذي اللّئيم ،وطفق بتقطيعي والتهامي ،وعندها اصطدم رأسي ِبذع شجرة ّ كنت متّكئة عليه ،صحوت من إغفاءيت وولّيت هاربة.
زينب حسام خربوش (السابع ه)
14
يف الكهف يف ذلك الكهف املظلم املوجود ِبانب ُميّم الكشاف الذي ذهبت إليه ،مسعت أصوات قوية مل يعرف أحد مصدرها ،وقد قيل إ ّن كل من دخل إليه مل َيرج منه. أتمل ّبوابته احلديديّة القدمية ،ومبناه امللغّز ، كل يوم مقابل النّفق ،أ ّ كنت أجلس ّ سره ،فتارة أشعر ببسالة وكانت جتول األفكار يف خاطري على دخوله واستكشاف ّ ابلغة ،واترة اخرى أشعر خبوف شديد على روحي ،فقد أكون كباقي الفضوليّني الذين طاوعتهم انفسهم ووجلوا إليه. كل ُماويف ،فهرولت يف روح ّ يف يوم مفعم ابلنّشاط ،دبّت ّ الشجاعة ،وتغلّبت على ّ إىل أصدقائي ،وبعد حماوالت إقناع كثرية دخلنا الكهف ،وقلوبنا ختفق يف آن واحد السرور بسبب التّوغّل الذي شعران به خفقتني :خفقة اجلزع مما سنراه ،وخفقة ّ سر هذا الكهف بعد قليل. فجأ ًة ،وألنّنا سنعرف ّ الشمس من الثّغور املوجودة شعة ّ ِبيما إّال إذا اقتحمته أ ّ غائرا ً ، كان املكان رطبًا ً ، وطورا ندخل من على جدرانه ،وكان يتفر ّ فطورا ندخل من هنا ً ع لع ّدة مداخلً ، هناك ،إىل أن وصلنا إىل صندوق موضوع على طاولة ممتهنة تكاد تتفتّت ،وما فدب ال ّذعر كدان نلمسهّ ، حّت انسابت يف الكهف عناكب وحشرات مرعبة مجّة ّ ، 15
انقض علينا رجل ارتعدت كل ّ االجتاهات ،وعندها ّ يف نفوسنا ،وطفقنا نرتاكض يف ّ الشمس فرائصنا من كّب هيأته وصالبة وقفته ،يف تلك اللّحظة انسل شعاع ّ ّ عيين ،فنهضت مسرعة ومحدت هللا أ ّن ذلك احللم املرعب مل ّ العسجدي إىل ّ يكتمل.
زينب حسام خربوش (السابع ه)
16
للطّفولة وجه آخر وجلت خيوط النّور سدمي العتمة وأضاء سناها الكون ،وبدأ صباح يوم عطلة مفعم الربيعيّة ،وإذ ِبصوات تع ّكر صفو اجلمال ،وتنشر السماء ّ بزقزقة العصافري ،وصفو ّ الرعب يف قلَب تقول :تظهر أشباح يف غرفتنا وترعبنا كثريا ،وقد يكون البيت ّ
مسكوان مثلما قال ج ّدي.
عندما مسعت هذا الكالم صرحت ِبم: الصباح بضوضائكم. كفى هراءً! لقد ابلغتم يف مزاحكم وأفسدمت سكينة ّ متأخَرين. طلبت منهم تناول طعام اإلفطار؛ أل ّن ّأمي وأيب خرجا للعمل ،وسيعودان ّ مصفرة ،والفرائص مرتعدة ،فبدأ اخلوف يتسلّل إىل نظرت إليهم فرأيت الوجوه ّ
أعماقي ،ولكن كوّن األخت الكّبى وأمحل مل ّفات وصاّي أهلي فال ب ّد أن أبقى الصمود أمامهم .التقطت أنفاسي وطلبت منهم رابطة اجلأش ممسكة بعصا الرزانة و ّ اهلدوء وعدم تصديق خرافات ج ّدي وغريه ممّن يؤمنون ابألشباح ،مثّ صرخت ِبم (ألظهر شجاعِت أمامهم) ال وجود لألشباح! هل فهمتم؟ تركتهم بعدما تناولنا فطوران ،وصعدت اىل غرفِت وبدأت بقراءة اجملالت ،فجأة، ساد الغرفة الظّالم ..فمشت أرجل اخلوف إىل قلَب قبل أن أمشي لتف ّقد سبب انقطاع الكهرابء ،وإذ بصوت خبط أقدام يقرتب ويعلو ،فزادت دقّات قلَب وارجتفت رجالي ،وبصعوبة مت ّكنت من العودة لسريري ،وسألت وأان أرجتف حتت الغطاء :من أنت؟ من القادم؟ هل أنت أيب وتريد املزاح معي؟ أم ر أنت ّأمي؟ 17
توسل إليك! ففتح الباب ودخل شبح أبيض يتمايل أمامي بعينيه تكلّم ..أ ّ ابلصراخ املشوهة ،فبدأت ّ امللون الواسع ذي ّ السن الكبرية ّ املخيفتني ،وفمه ّ
مين قائال: مستنجدة ابجلريان ،لكنّه مل أيبه لصراخي واقرتب ّ
لقد مسعت أن هناك أحدا ال يؤمن يب ،وعرفت أنّه أنت ..هل هذا صحيح؟ ألّن مل أر أي شبح يف حيايت. فقلت :ال ،ال ،أان اآلن أؤمن بك ،فأان مل أصدق ّ فتضاحك مستهزائ وقال :لقد خدعناك! مثّ أشعل النّور وأزال القناع عن وجهه ،وإذ به أخي وخلفه أخِت فصحت :
الصغار! ما هذا؟ تبّا لكم أيّها العفاريت ّ
(السابع ه) صابرين حلو ّ
18
وجه آخر الشمس من مضجعها يذهب ليساعد احملتاجني ,ويعتين ابلفقراء, تراه ما أن خترج ّ حّت ارتقى ويكرتث للصغار .فال ّ ينفك عن عمل اخلري مهما كانت عواقبهّ ، ِبخالقه ومساته ليصبح موضع ثقة اجلميع إّال أ ّن أحداً من أهل القرية مل تكن له تصرفاته وعطفه املبالغ به . وذات ٍ يتأمل تأللؤ القمر يف مساء ٍ ليل ِبي ٍم وقعت ليلة بينما كان ذلك ّ الشخص ّ عينه على الرجل املعطاء مير يف رواق جماوٍر ر لبيته وينظر مينة ويسرة خشية أن يراه ّ ّ ك والقلق يف قلبه ،التمس عذراً للخروج وتتبّعه حّت وصل الش ّ أحد ,فتفاقم ّ
مقصده وما أن رأى ذلك املشهد الذي أضىن قلبه قلقا وعاد مسرعا إىل بيته وأخّب والديه ِبا رأى ومسع ,فعجبا مما قال ومل يصدقاه ولكنّه مل يستسلم بل بقي حياول
الرجل الغريبة حّت ضجر احملاولة فجمع أهل لتصرفات ذلك ّ جذب انتباه والديه ّ الرجل وأراد كشف أمره على املأل وبدأ حديثه قائالً :أعلم أ ّن القرية ِبن فيهم ذلك ّ
احلق , الرجل هو موضع ثقتكم ولكن الب ّد لستار الكذب أن يرفع ليظهر نور ّ هذا ّ
إ ّن تلك النّقود الِت ُمتنح لكم ما هي إّال من عرق جبينكم ،وليس من ذلك الكاذب ،إذ كان يقتحم البيوت ليالً فيسرق من مال أهله ,وَيرج متخفيّا كما
َد َخل فيجلس ِبا على مائدة املقامرة فيب ّذرها على اللّهو وشرب اخلمر ،لكنّه خشية السكينة واألخالق نسيج الظّنون وتراود ّ الشكوك .ب ّدل مالبسه َ وقبع وراء رداء ّ احلسنة ر وبعث الطمأنينة .
19
كان يستبيح اإلنفاق من املال الذي استحوذ عليه لتلبية حاجات من قست عليه ال ّدنيا وأهلكته ابلفقر واحلرمان . فهل ستغفر له اللّقيمات يف بطون الفقراء أم ال ّدراهم يف جيوب احملتاجني ؟
السابع ه) آمال عربي ( ّ
20
احلياة الضائعة ور احد ،اثنان ،ثالثَة ... ر ٍ ها قد َّ اسي جديد ،فيرتاكض اجلميع جر ُ رن َ س املدرسة ليعلن عن انتهاء عام در ٍّ هاربني من ٍ املتلهفة للحصول على غرف حبستهم لشهور ،كالعصافري الصغرية ّ ُ ُحّريتها! الص ر ٍ ف ،وعلى وحيدا يف مؤخرةر َّ جلس ُه َو ً وبينما كا َن اجلميع يقفز ُ بسرور ومحاسُ ، ر لكل املواضيع ،وِبانربره مقعده مصفوفة ٌ كتب قدمية ابلية وثالثة دفاتر استعملها ّ ر للمدرسة الثّانوية . حقيبةُ ظه ٍر مل يُبدهلا ُمن ُذ انتقالرره للسخرية من قربل زمالئه بسبب تسرحية شعره الطّفوليَّةّ ،اال أنّه مل يُف ّكر رغم ُّ تعرضه ُّ ر كل صباح، ً يوما ابلتَّخلّي عنها ،وملَ قد يفعل ،وهي األمر الذي يُذ ّكره بوالدته امليّتة ّ سرحها له والدته يف رسنيه السا ر بتلك الطَّر ر فقد ر يقة الِّت كانت تُ ر بقة عش َق شعرهُ َ ُ ُ ّ ّ ّ اجلميلة.
ر جبهته ، اعه على كل َ اضعا ذر َ جالسا و ً تلك الضَّوضاء وذلك اإلزعاج ،كا َن ً ومع رّ ر ر خترجنا أيّها األمحق" غارقًا ِبفكاره وخياله ،إىل أن قاط َع ّ أتمله أحدهم " :لقد ّ تعرض هلا دائما، رفَع رأسه ونظر إىل الطّّالب نظرة طويلة كئيبة ،فرغم ُّ السخرية الِت ّ عام ره ال ّر وكذلك جتاهل أصدقائرره ال َقدامى له ،إّال أنَّه كان حزينًا بسبب انتهاء ر اسي ر د ُ ّ أشهر كان يستيقظ صباحا يعرف ماذا سيفعل وإىل أين سيذهب.. األخري! فقبل ُ ر ر حيب ،وكان يقضي اللّيل ولكن اآلن عليه اخلُروج للحياة الواقعيَّة ،مل يَنَم مراتحا كما ّ 21
ات مع نفسه ،فكيف له أن ي ُكون ر قاشات وحوار ٍ وض نر ٍ غال خبَ ر ئ نش ً هاد َ بطوله ُم َ ُ َ ر يعلم بعد إذا كانت اجلامعة ستُعطيه املنحةَ ال ّدراسيّة الِت ستُح ّدد لهُ البال َ وهو ال ُ ِبكملره ؟ ُمستقبلَهُ َ كامال يف منزهلما دو َن أن جيلر أيقن َّ ب هلما شهرا ً أن ّ َ عمه وزوجته لن يَرضيا بوجوده ً ر نام َ خترجه وهو يَ ُ بعض املال ،فكيف ُميكن أن يشرتّي البنهما سيارًة جديد ًة ِبناسبة ّ اان يف منزهلما؟! وأي ُكل ويشرب جمّ ً َ رر ع إىل ر ٍ اسع دير املطع رم ً أسر َ ماكرا و َ عجوزا ً أقرب مطعم يف البلدة ،وكا َن ُم ُ َ بعد دوامه َ احليلة ،وسرعان ما أدرك أ ّن الفّت ساذج ال خّبةَ ر ر كل أو حّت م طاع امل عمل يف لديه ّ َ لهُ مجيع م ر هام املطع رم ،صباحا ينظّف األرض صباحا والنوافذ والطاوالت ،ويسلّم َ َ الصحون واملالعق واألكواب . الطّعام ّ للزابئن وأيخذ طلبياهتم ومساءً ينظّف ّ
وبعد شه ٍر ٍ كامل من احلرية ومن سؤاله لنفسه أسئلةً كثريًة مل يعرف جواِبا، أخريا َ و ً ر طويال ،ودو َن أن يلقي التحية أو أن عم ره ،ساعي بريد قد انتظرهُ ً وصل إىل بيت ّ أقفل الباب واستلقى على َ يقول أ َّ ي شيء ،تناول املكتوب بسرعة َ وه َرول للغرفةَ ، ر ر الرسالة سري ه اُملهرتئ ،مجَ َع ُك ّل ما يف قلبه من شجاعة وفتح املكتوب ،ولكنّه مل يَقرأ ّ فه َو قد رسب ابمتحان القبول! ّ الِت توقَّعها ُ ،
وضاعت إىل فجأ ًة ،بَدا وكأ ّن عامله ِبسرهر قد حتطّم ،وأ ّن أحالمه الكبرية قد تالشت َ األبد...
22
ض رحك ضحكةَ استهز ٍ ر ألّيرم من حارة، موع د ب ممزوجة اء ُ َ فكل تلك الساعات وا ّ ّ الدر ر اسة دو َن ٍ توقف ودو َن َملل قد ذهبت ُس ًدى بنظره! ر دما ..سيكمل حياته َسلّم نفسه لقد ره ،وها هو يُكم ُل حياته ويتظاهر ابملضي قُ ً أبدا التقدم فيها. ألي هدف ،فاحلياة تكرهه ! ولن يستطيع ً لسع ري رّ اآلن دو َن ا ّ ٍ للصحون ،ختيّل سنني حياته القادمة ،لن تكون مجيلة َ ذات مساء أثناء تنظيفه ّ تصورها ساب ًقا! وورديّة كما ّ لن يذهب للجامعة ،لن حيصل على وظيفة حقيقية ،لن يتزوج ولن ر يكون ًأاب،
للسخرية واالستهزاء من قبل سيفين حياتَهُ ِبكملها يف هذا املطعم احلقري ّ متعرضا ّ اجلميع... ف ّكَر حلظة وسأل نفسه سؤاًال وجيها: ملاذا أعيش؟ وفعال مل جيد سببا يدفعه للتمسك ابحلياة! ف ّكر مرة أخرىً ،
لقد قرر أن يقتل حياته قبل أن تقتله هي ..وبعد أن أيخذ ر آخَر حبّ رة دو ٍاء ،ير ّن ّ نح يف اجلامعة عن أسفها على خطئها ،وأنّه متّ إعطاؤه هاتفه لتُخّبه املسؤولة عن املر ر املنحة الدراسيّة...
إميان صح (التّاسع أ) 23
غصة أمل ّ
وجعا ،فتخفي دمعا زخات من ر ُ الدموع ،تن رز ُ تتالشى األصوات لتتبعها ّ وتتمزق ً ف ً ر تنسج بيتا من ر دامت األمل فوق قلب ْ مجيع آالمها لتبقى ذات اجلّبوت العازمُ ، طويال ،لتجد نفسها أمام ٍ ث يف ثناّي قلبرها الصّب أحزانهُ ً ابب ينتظر قارعا يشبّ ُ اقص جنبات صدرها ابلفرح. وير ُ
ٍ ٍ ر السرور. ُّ يدب يف صد ها صهيل أمل وشوق ألّيم تغمرها الغبطة و ّ ختاطب نفسها مواسية :أنت وردة جوريّة ال تستحقني سوى البسمة الِت تفرشينها يف طيّات وجنتيك لتداعب وجهك النّاصع .
انتفضي واغلقي ابب اخلزن الذي أمسعك صريرهُ البائس .ال جيب أن يدوم مغل ًقا بغص ٍة يف حلقها تكاد ختنقها لتذ ّكرها ويشل ِبسامريه قلبك احلنون ..هنيهة..وتشعر ّ ّ ِبٍمل ميتلك أحاسيسها ،فتحتل جحافر امس، د ال اد و الس حيث صدرها مروج الليل ل ّ ُ ُ ّ ّ ُ الصّب واإلميان موع ترافقه دالء من ال ّد ر تنهمر من عيوهنا .فتدعو هللا ان يلهمها ّ ُ حمل وخت رطّي األحزان. القوة لتعينها على التّ ّ و ّ
ميس نصار (التّاسع أ)
24
على شاطئ احلياة
اط رئ احلياةر رِبس ٍد َكلر ٍيل ال ي ر ر ر جالرساً هناَ َك علَى َش ر ني َ نيَ ،اتئها بَ ْ َ صد ُر ّإال األن َ ُْ ُ َ ََ َ َ ر ر ثقال ص ْد ُرهُ َويَْن بَ رس ُ طُ ،م ً صاهتاُ ،متَ نَ رهدا َمع َمسَ راع نَغَمات احلَياة وآهاهتا ،يَتَّس ُع َ َختَّر َ مان ،مصغريا لرلصو ر رابنْرفع ٍ االت بر ُك رل ما َْحت رمل رمن مرارةر ر الكْت ر من بَثر رق رم ْن تَالطُرم ت الُ ْ ُ ْ َ ّ َ َْ ُ ََ َ ر ر ر ش الوَد َ اترًة تَْنشلُهُ َم ْو َجةٌ م ْن ُجْرٍح َعم ٍيقُ .م َش َو ُ اعَ ،و َ ْأمواج َْحب ها ،فَت َارًة يَ ْغَر ُق َويَ ُقو ُل َ الف ْكر هوَ ،غريب الطَب رع ،يصارع ُجمرما متطَّرفال ي ْن عت رابحلياةر ،متج ر ر اهالً فُ َؤ َادهُ؛ َخ ْوفا ُ ْ ُ َ ُ ْ َُ ُ َ ُ ََ َُ َ َُ رمن العودةر َكعبد لر َذ َاك الظَ رامل ،ي َّس رخر َك رامل قواه وي ْن تَ رفض َغ ر اضبا ،فَتَ ْد َه ُم َع رشي َقتُ ُه َ َ ْ َ َْ ُ ُ َ َ ُ ََ امل َكا َن أَمام أَبصاره ،فَاترنةٌ رهي مع رششةٌ ريف خ َالّي ر الف ْك ر ت و الر ر َ َ ْ َ ُ َ َ َُ ّ َ ت فَأربَ َك ْ وح ،تَغَنَّ َج ْ َ َ َ ُ َ الذي ْاتب عن احل ر ر ذاك ر ر ر ر الر َجاءَ، لب َ يل َّ َ َ ُّ قَ َ بُ ،حيَ ّد ُق أنْظَ َارهُ بعينيها ،فَتُ ْب تَ َكر ج َهة تُط ُ ي رنُو َْحنوها رخبُطُو ٍ ر يدةٍ؛ لريبوح َهلا برقرار بعده ،مطَ ر ف ئ أط ئ و ات ً َ الرأس يقفُ ،مْرَجت َ َْ َ َ ُ َ َ َ َ َ ر ر رر ر ٍ ر ص َل إىل َم َك راهنَا َونَطَ َق اليَ َديْ رن ُمتَ َرّدداُ ،م ّرددا َما برَق ْلبره م ْن ابْت َهاالت ،لك ْن َما إ ْن َو َ ر وح ره و ر ر ر ر راب ْرمسها ،ارتَ َّد َّ ر ر ر اعي إح َساسهَ ،حاضنا َخْي بَةَ األ ََم رل برذ َر َ الص َدى ليُالط َم َجنبات ُر َ ْ ْ ال َقه ر ،لرريفَع عي نَيه َإىل أعلَى انظرا فَراغا ،فَيجلَس متح رسرا ريف زواّي الن ر َّادبر ر ني ْ ْ َ َ َْ ََ َ َ َُ َ ّ َ التَعر ر يسني ،م ْف َررتشاً يربس اجل ر اكُ ،م ْستَأنرفا مال ،مرتدّي ُسوءَ احلَ رالَ ،اتركاً نَ ْف َسهُ ُهنَ َ ْ َ ُ وح ... َم َس َارهُ رِبَ َس ٍد بر َال ُر ٍ
جنوان نصار (التاسع أ)
25
َجرمية يف احلارة
طَرقَت م ر سامعي أَصوات صر ٍاخ انطَلَ َقت رمن ذلك ر البيت. َ َ ْ ر رت رم ْن َحويل َوإذ يب أرى أضواءً ُم رش َّعةً ،وأمسَ ُع بت ُم َهرروالً إىل ذلك البيت ،نَظَ ُ َذ َه ُ صر ٍاخ تَعلو َوتَعلو... أصو َ ات ُ زاد خويف وتَوتُّري ،أحسست بركا رثٍَة َحت ُد ُ ر داخل ر البيت. َْ ُ َ َ ََ ث َ
ف ،ولرمن أتَو َّجه ،فالساعة كانت ر ومجيع َمن يف احل رّي ة ر متأخ ً َمل أَع ر ُ ف َك َ ّ صَّر ُ َ َ َ ُ يف أتَ َ ُ َ نريام! اطم َّ صوت فَجأةًََ ،خَ َد عاد ال َّ لت إىل ّ الشاررع َ ُ أن قلَب ،ولكن عندما نََز ُ الصوت و َ ر قت َكثريا. يت َكَّرُر ف َقل ُ اخ رل ي ت عَّر ر ر ر ر لض ر ت َّ رب . ضل َ هت إىل الشُّرطَة َواإلسعاف ،فَظَنَ ْن ُ تَ َو َّج ُ أح ًدا يف ال ّد ََ َ ُ أن َ ر ر املكان ،طََرقنا الباب َكثرياً لكن َمل يُفتَح صلَت الشُّرطَة َواإلسعاف إىل ويف احلال َو َ الباب أبداً!
طاعت َك ْسَر الباب ودخول البيت. استَ َ أخريا قُ ّوات الشُّرطَة ْ ر لفاز مفتوحا وال أحد يف ر ر البيت. رع َ ندما َد َخلنا إىل البيتَ ،و َجدان التّ َ َ ً
نسرين عاصلة (التّاسع أ) 26
لوحة
ر صفات رر ٍ مالحمه ،إنَّ ُه بت متسمراتن يف وجه استغر ُ ما إن َرفَ ْع ُ عيينَ ،وإذ ِبما ّ ت ّ ر ظيم . الع يد د ن الص ّ ُ ّ َ ُ لك األعجوبَةَ.. ت فيها تر َ أسَرّن ،لَ َم ْح ُ ّأماه ُش ٌ يب َ عور َغر ٌ ر ر طار وحةً تُظ رهُر ُمعاان َة الث َ تَبَ يَّن ُ ت لَ َ َّكاىل يف احلُروب ،انف َ َس رهَرت َعلَ ريه ر الليايل .
نت فيها َح ّّت ما إن َمتَعَّ ُ فُؤ راد أٍُم ح ٍ نون على من َ
رغم ُك َّل األسى ،تَرقف مثابررًة مقاترلَةً مدافرعةً عن وطَنها مع زوجها ح ر ليفها ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ ك لر َكي تُدافرع وتَرقف برو ر ابلنَّصر ..إنَّه فُؤاد أُم فلَسطينر ض َّحت بر ر جه ل مت ا م ل ك ة ي ُ ُ َ َّ ُ َ َ ُ ّ َ َ َ ّ ر اب َوطَنها رمن َمكر َوظُل رم العُدوان. الطّغيان؛ لتُ َحّرَر تُر َ هذا ما قرأته يف اللوحة ،فاهنَمرت ر سرًة على أ َُّم ٍة ح أسي ر طأطأت ، ُّموع الد يين ع ن م ُ َ َ َ َ َ َ ََ ّ يس َهلا سن ٌد. لَ َ
متعنت يف اللّوحة اثنيةّ ..ي إهلي ،لَوحةٌ َحتوي بر ر داخلرها أيضا ّأما حمصورة داخل ّ َ صبها الع ُدو ،رضيعها يف رع ر رسج ٍن ،وأرضها يغتَ ر داد املوتى ،ما هذا؟! هل َمهُّها َ ُ َ ّ َ َ وطَنُها أم ابنها أم خروجها رمن هذا ر جن اللّعني؟ الس ُ ُ َ ّ َ مقيدة ر بقيود احلَسرةر غم هذا تُقا روم بر َع ٍزم َو رِبصرا ٍر.. ر و ، ُّ َ َُ َ مفعم ابألسى ،ويف ُميّلِت لوحةٌ جديدةٌ! َ غاد ْر ُ ت املكا َن وقلَب ٌ
نسرين عاصلة (التّاسع أ) 27
يف املقهى احملجبة على الطّاولة املقابلة لطاولته ،تطلب القهوة لتبدأ ابلقراءة، جتلس الفتاة ّ أي انتباه ...بدأت ترتشف قهوهتا ،وإذ به ينظر إليها و ّ الشاب حي ّدق فيها فلم تعره ّ
مبتسما ،فتجاهلته مرة أخرى ...
تضع الفنجان على الطّاولة لتكمل قراءهتا ،وبنظرة منها تتأ ّكد أنه أشاح النّظر كل حركة من كل خطوة خلسة ،وقد جذبته ّ عنها ،إّال أ ّهنا تشعر أنّه كان يراقبها يف ّ
حركاهتا ،لكنّها تظاهرت بعدم رؤيته.
مسمرا عينيه دخل ٌ الرجل ّ شاب مفتول العضالت كانت ابنتظاره ،وملّا رأى ذاك ّ فيهما ،اقرتب منه سائال ابمتعاض: الرّد وبدأ بصفعه وضربه بقسوة. هل هنالك أية مشكله أيّها السيد؟ ومل ينتظر ّالرجال احلاضرون يف املطعم إلبعاده ،بعد ذلك خرجت الفتاة مع هجم العاملون و ّ الشاب الذي عرف أنّه خطيبها ،فاستوقفهما أحدمها قائال: هذا ّ
الرجولة يف التّع ّدي على رجل ضرير؟! أين ّ
ران دراوشة (الصف التاسع أ)
28
أحالم تتح ّقق مع والديْها ،يف الريف َ فتاة يف ربيع عمرها وريعان شباِبا تعيش يف بيت صغري يف ّ السيجارة العربيّة كل صباح تستيقظ الفتاة على رائحة ّ اخلمسني من عمريْهما ،يف ّ
الِّت يتبعثر دخاهنا يف أرجاء البيت كلّه .هلا إخوة وأخوات مجيعهم متزوجون ،يسكن
من اإلخوة أن يكمل دراسته األكادمييّة، كل واحد يف بيته ّ اخلاص ،مل يستطع أح ٌد َ ّ مجيعهن؛ فناضلت لذلك كان حلم هذه الفتاة الطّموحة أن تكون مميّزة بني أخواهتا ّ وضحت من أجل أن تكمل طريقها إىل النّجاح؛ فوقفت بوجه والدها الذي كان ّ
أصرت أن تكون قويّة ً معارضا أن تكمل تعليمها وذلك ألسباب اقتصاديّة ،و ّ وشجاعة وأن تكمل تعليمها ودراستها األكادمييّة .
لتجين النقود ،تعمل وتوفر عملت الفتاة ِب ّد ونشاط ،وكانت تذهب ّ كل يوم للعمل َ
حّت كادميي .بقيت على هذه احلالة سنة ونصفا ّ نقودها لتس ّد قسط تعليمها األ ّ استطاعت أن توفر املال الّذي يكفيها مل ّدة سنة ،دخلت اجلامعة ومل تتوقف عن
حّت استطاعت توفري النّقود وس ّددت قسط التّعليم كامال. العمل ،عملت وتعلّمت ّ واآلن بعد إصرارها وإحلاحها أصبحت معلمة انجحة وابرعة ،وما زالت حت ّقق
أهدافها الِّت تضعها وختطّط هلا ابستمرار !
السابع د) رند زكي ّ نصار ( ّ
29
أان واألشجار الصغري .كانت جتلس عندما ُ عدت من املدرسة كانت ّأمي تنتظرّن يف فناء بيتنا ّ وحيدة مكتئبةً حتت شجرة خضراء ،انظرةً عّب أشجار بيتنا ،عندما نظرت إىل مهجور ،وفجأة حملتين ّأمي أقرتب منها فحضنتين.. احلي ّ ٌ الشارع كان فار ًغا ،وكأ ّن ّ سألتها :ملاذا جتلسني وحيدة؟! قالت :انتظرك ّي بُنَ يَِت! كل أمهات العامل مثلك وميل ْكن حنانك وعطفك! ما إن أهنيت فقلت :ليت ّ كثريا، كالمي ّ علي ً حّت وقعت على رأسي مثرة كبرية ،محراء اللّون؛ فقلقت ّأمي ّ وسألتين :أأنت خبري ّي عزيزيت ؟! هل آخذك إىل الطّبيب؟
كل يومّ ،إهنا مثرة ُ قلت هلا :اجلسي فأان خبري! ال داعي هلذا القلق الّذي تعيشينه ّ زجاجا ليجرحين! حجرا ،أو ً كبرية فقط ،وليست ً فقالت :حسنا ّي بنيِّت! سألتها :ما اسم هذه الثّمرة؟ أجابتين :التّفاح. وملاذا لوهنا أمحر وليس أخضر؟ فقالت ّ :ي شهد إ ّن هللا هو من خلقها وجعلها محراءّ .ي بُنَ يَِّت إ ّن هذهأيضا واألصفر. تفاحة منها األمحر ومنها األخضر ً حسنا! وملاذا األشجار عندان كبرية ؟30
كثريا! قالت يل " :شهد أنت بنت عنيدة جدًّا ،وحتبّني األسئلة ً أحب أن أعرف املزيد من املعلومات! ال بل ّفقالت :حسنا حسنًا! الشأن. هيّا اذهَب للقيام بواجباتك البيتيّة ،بعدها سوف نتكلّم ِبذا ّ الشجرة ألعب فرأيت ّ فقلت :حاضر ّي ّأمي! وعندما أهنيت دروسي خرجت لكي َ
الكبرية ج ّدا تصل أغصاهنا إىل احلائط .فقلت ّ :ي إهلي! ّإهنا شجرة متسلّقة وتريد
الضوء. وعندما ذهبت ملشاهدة التّلفاز مسعت كلمات احملادثة الِّت جرت بني ّأمي وأيب، إ ّهنما يريدان قطع األشجار ،فدخلت إليهما و قلت :أان ال أريد أن تقطعا هذه األشجار! قال أيب :ولكن ّي بُنَ يَِت ّإهنا جتلب األوساخ إىل ساحة منزلنا. ويف اليوم التّايل عند عوديت من املدرسة إىل البيت مل يكن أثر لألشجار يف ساحتنا، فذهبت إىل أيب وسألته :أيب! ماذا فعلت ابألشجار؟ هل قطعتها ؟ وملاذا ؟ ألهنا جتلب األوساخ. فقال يل :نعم قطعتها! ووضعتها أان و ّأمك يف شاحنة القمامة ّ ويف اليوم التّايل ذهب أيب إىل العمل فيما أان مل أذهب إىل املدرسة ألنين كنت مريضة .يف املساء جلسنا يف فناء البيت ننتظر عودة أيب ولكنّه أتخر يف العودة إىل
31
البيت فقلقت عليه ..وبعد أن أدغشت ال ّدنيا عاد وعالمات الفرح على وجهه، فسألته عن سبب سعادته ؟ وبعضا من األشجار كي نزرعها يف حديقة فأجابين :اشرتيت بذور الورود واألزهار ً
بيتنا.
السرور ،لقد كنت ُ فقلت له :مرحى! مرحى! و بدأت ابلقفز من ش ّدة الفرح و ّ الشجرة اهلرمة! سعيد ًة جدًّا ،بعد أن خفت على أيب من عقاب إهلي لقلع ّ
عرايب (السابع د) شهد أسامة ّ
32
الفراشة املشاكسة كانت فراشة صغرية تعيش مع والديْها ،وكانت ّأمها تتشاجر دائما مع أبيها ،مل األّيم أخّبت َ ترض الفراشة ّ الصغرية ِبذه احلياة البائسة الِّت ال طعم هلا .يف أحد ّ السرور، ّأمها ّأهنا تريد أن تنتقل إىل مزرعة أخرى وإىل عامل جديد ميأله الفرح و ّ
معا مزرعة أخرى جديدة وافقت الفراشة ّ األم على طلب ابنتها ،فذهبتا وانشأات ً ِبانب رفيقاهتا. ويف اليوم الثّاّن ،جاءت صديقتها وأخّبهتا ِبن ترافقها إىل الغاابت من أجل رؤية زهرة عذبة العطر. الصغرية ّأهنا ستبتعد عن منزهلا هذه املسافة ...مهست يف أُذن مل تتخيّل الفراشة ّ صاحبتها ،جيب أن نعود أدراجنا ،ح ّذرتين ّأمي أن خنرج من املزرعة ،فبدأت تتعاىل ضحكات رفيقتها :جبانة ر أنت! أعلم أنّك جبانة ،هيّا نذهب! سأريك زهرة عذبة العطر. حّت ال الصغرية ّأال تستجيب لنداء رفيقتها ،لكنّها ذهبت معها ّ حاولت الفراشة ّ حّت وصلتا لزهرة تفوح منها رائحة طيّبة كرائحة املسك، يقال عنها جبانة .انطلقتا ّ
الزهرة ،نظرت الفراشتان لبعضهما ،وانطلقتا متايلت الفراشة إعجااب بش ّدة رائحة ّ ٍ الرحيق اللّذيذ بني ثناّي كصاروخ ّ موجه لقلب النّبتة ،أخذات تلتهمان بشره طعم ّ الزهرة. ّ
ر ":إّيك أن تبتعدي خارج املزرعة! ّإّيك أن الصغرية نصيحة ّأمها نسيت الفراشة ّ تقرتيب ممّن ال تعرفني أصله!". 33
الرحيق شعرات وانتبهتا إىل الرحيق ،وبينما أتكالن ّ كل شيء ّإال طعم ّ نسيت الفراشة ّ
الزهرة السبب ،وما هي ّإال حلظات لتطبق أوراق ّ أ ّن هناك خطرا قريبا منهما ،مل تعرفا ّ ظ انقذات من املوت ،نظرت الفراشة إىل حّت راالختناق ،لكن حلسن احل ّ عليهما ّ الصغرية املنقذ فكانت ّأمها ،عادت الفراشتان إىل املنزل ،وعندما وصلت الفراشة ّ املرة األخرية ّي ّأمي. أخذت ّ تردد متلعثمة :أعدك أن تكون هذه ّ وعندما جاء املساء وخلدت الفراشة للنّوم ،ندمت ألهنّا مل تستمع إىل نصيحة ّأمها
وكلماهتا.
عزات عاصلة (الثامن ه) عدانن ّ
34
حت ّمد الضاحك ،وأخذت مت ّد ذيوهلا احلريريّة للفضاء أَشرقَت ّ الشمس بوجهها املبتسم ّ لريصحو الكساىل والنّيام. ر الضوئيّة متسلّلة إىل انفذة غرفِت دخلت خيوطها ّ عيين احلاملتني ،وم ْن مثّ َ لتداعب ّ أطربت اآلذان بصوت أحلان زقزقة العصافري .وثبت رمن ر ذهبت إىل الفراش ألرتّبه، ُ َ ُ َ العامة أان اُّمي طابعة القبل على خديْها وطالبة اإلذن لكي أَذهب للعب يف احلديقة ّ
واألصدقاء.
صباحا، الساعة العاشرة اتصل ُ ً ت ِبرح وساره ورشا معلنةً أنّين ذاهبة إىل احلديقة ّ فاستلقينا تعبنا؛ ْ عندما وصلت كان أَصدقائي قد وصلوا ،أَخذان نركض ونلعب حّت ْ
البيضاء وج ُ السحب ْ على العشب األخضرّ ، السماء؛ فشاهدت ّ هت نَظري إىل ّ حرة مثلهم احلرة تطري دون كلل أو ملل فتمنّيت لو أَنّين ّ اجلميلة شاهدت العصافري ّ
...
عيين وإذا بصديقِت سارة هتتف :اُنظروا ماذا ماذا ؟ ما هذا ّ الصوت ؟ فتحت ّ بكل يفعلون! ّإهنم سيهدمون أَلعابنا، ّ وسيخربون بساطنا األَخضر اجلميل ،وقفت ّ الشخص الّذي بيده خريطة ،أَنت وجهت إصبعي إىل ذلك ّ ثقة ،مدركةً ما سأَفعلهّ ،
يطاوعك قلبك على العامة؟ وكيف َ أّيها أَللعني! كيف جترؤ على ختريب املمتلكات ّ
الشيء رِب ّمنا الطبيعة؟! أمسكت يد مرح وسارة ،وأمسكت رشا ِبَيدينا فعل هذا ّ بقوة ،حاملني راّيت الغضب ِبَرواحنا ،وهتفنا مجيعنا :ال لرلتّخريب! ال لرل ّدمار! ال ّ ر مرددين وراءان ما نقوله. العامة! وانضم إرلينا حشد من األوالد ّ للبناء على ممتلكاتنا ّ 35
تق ّدم الغريب حنوان؛ فأَحسست ابخلوف منه ،لكنّين سرعان ما واجهت هذا اخلوف ودفنته. اقرتب منّا قائال " :كلماتكم أَكّب من أَن يقوهلا أَطفال مثلكم! فصحت به :رِبا الصغرية لكن طريقة تفكريان ،وطريقة حتليلنا هلذا املوضوع ِبَدمغتنا ّ أَجسادان صغرية ّ
تفكريك التّافه احملدود! يفوق حجم َ
قائال ":كالمكم أَقنعين ،لكنّه لن يقنع الباقي" ،فرفعت إرصبعي وأردف الغريب ً مرة اثنية قائلة: بوجهه ّ تفكريكم متشابه أَيّها الكبارّ ،أما حنن فتفكريان ال حدود له ،وحنن مستع ّدون أن نواجه أَلف واحد مثلك لرنقنعه ِبَمهيّة التّفكري ابلطّبيعة ،واآلن حنن هنا! ولن نكرتث وعدو لكالمكم ،وسنرى َم رن الّذي عدوان ّ سيتجرأ ويقطع شجرة واحدة؛ لنتّخذه ّ ّ لن ينساه. درسا ْ الطّبيعة وسنلقنه ً
الصغرية يبدو أَ ّن عزميتك قويّةً ،لكن مل أَفهم الشخص الغريب ً تكلّم ّ قائال :أَيّتّها ّ تتمسكني هكذا ِبذه احلديقة؟! ملاذا ّ كل يوم عطلة أَجبته قائلة :ألَنين ومنذ سنتني تقريبًا وأان آيت إىل هنا مع أصدقائي ّ ر ختربون وت ّدمرون هذا الساحر ،ولن أَدعكم أ ً َبدا ّ لنستمتع ابأللعاب ومجال الطّبيعة ّ املكان اجلميل الذي تعيش فيه الكثري من ّر الذكرّيت اجلميلة. متهوًرا يف هذا القرار لكنّين اآلن فَ رهمت سبب تعلّق النّاس ِبذا املكان. لَُرِبا ُك ُنت ّ
36
الصغرية لت لهُ :هنا يكتمل عامل أحالمي ،هنا ُ فَ ُق ُ بنيت مع أَصدقائي أَحالمنا ّ وطموحاتنا الكبرية ولن نُ َفّرط ِبذا املكان أَبدا ....وأَرجو أَ ْن َْحت رمل راية االهتمام ر ر كل ما حتتاج فال تبخل عليها ابلطّبيعة يف قَلبك وأَّال تُ َفّط ابلطّبيعة؛ أل َّهنا تعطيك ّ يسعون لتوسيع تفكريهم وال يؤمنون ِبن حتميها من هؤالء الكبار التّافهني الّذين ال ْ الصغري ... ِبَن قدراهتم كبرية وهائلة يستطيعون ِبا أَن حيموا عاملنا ّ
لكن تفكريان جيعلنا كبار بعني النّاس وبعني اجملتمع ... حنن صغارّ ،
إميان غضبان (التّاسع هـ)
37
حلظة صمت قصة يف إحدى ليايل ّ الشتاء الباردة ،جلست قرب انفذة غرفِت ألمتتع بقراءة ّ مشوقة . قصة قد جذبتين منذ سنوات لكاتب قدير قد مسعت الكثري عنه ،إنّه الكاتب جنيب ّ
حمفوظ.
الرعد ،وشاهدت وميض ما أروعها من حلظات! حلظات مسعت خالهلا هدير ّ دق قلَب خالهلا دقات سريعة. الّبق ،حلظات ّ ّي هلا من ليلة مميزة ! ال ميكن نسياهنا من ذاكريت ،تلك اللّحظة الِت شعرت ِبا متعنت ِبسلوب ابلتّمتّع أيقظت مشاعري ؛ إهنّا حلظة صمت رهيب حني طالعت و ّ
كل ما فيها تعابري وكلمات هلا معان هذا الكاتب ّ الرائع ،حلظة ال أحلى وال أروع ّ ، واسعة يف النّفوس ،وتزرع األمل واحلياة يف قلب القارئ.
أمتسك ِبسلوب هذا الكاتب ،وبدأت أحبث عن هذه اللّحظة الغريبة جعلتين ّ عل هذه اللّحظة مصادر وكتب خطّها بقلمه ،و ّ أشجع رفاقي على قراءة كتبه ّ اجلميلة تنتاب شعورهم وحياهتم.
أعز األوفياء ،أللقنّهم عبارات احلريّة الِّت تلك اللّحظة الِت ّقررت ِبا أن أواجه ّ اخلالبة الطبيعيّة واملرسومة كلوحة فنان تشكيليّة ،ألواهنا تكاد تّبق تسحر ِبعانيها ّ ِبدق التّفاصيل وأروعها. بل تلمع حني يسبح ابخليال ّ
38
لعلّهم يدركون كم أ ّن هذه اللّحظة تدخل يف أعماق القلوب ،فيبحثون بني دمج حّت يصلوا للهدف املنشود الّذي َيفي داخل ثناّيه تعابري ألواهنا وسحر لوحاهتا ّ الكاتب العظيم املشهور كيف يتمسك ِبسلوبه اجلميل ،وحلمه اجلبّار ،بل بصدق احلروف والكلمات ِبعانيها العطرة ليصدر أروع لوحة فنيّة متثّل ألواهنا كهذه الطّبيعة
الساحرة اهلادئة توقظ املشاعر وتسحر القلوب . ّ
مغروسا يف ذاكرتنا ليبق ح ًقا، وبكل فخر واعتزاز أحيّي هذا الكاتب احملبوب ..و َ ً ّ وذاكرة أجيال من بعدان. كل طالب علم . لتبق نصوصه عّبة ملن اعتّب ً َ لكل معلم بل ّ ومثاال صادقًا وصرحيا ّ لتبق تعابريه مصباحا يضيئ دربنا فنح ّقق به طريق النّور واألمل يف حلياة ,.حن ّقق به املستمر . ّ معزة التّمسك ابحلياة والعطاء ّ كل انسان .أدعو هللا أن يوفقين يف هذه هي رسالته ،بل حلمه الّذي يصبو إليه ّ املثايل لنختار اللّحظة األمجل حلظة صمت رائعة. اختيار األسلوب املميّز والكاتب ّ
نرجس عاصلة (التّاسع هـ)
39
الصوت صدى ّ
ٍ الشمس ختتبئ خلف أجزاء من الشتاء املاطرة ،حيث كانت ّ يف ظهرية يوم من ّأّيم ّ ٍ رمادي اللّون .شعرت ٍ أتنزه كأهنا اكتست فستاان الغيمة ،و ّ ِبلل شديد ،خرجت ّ ّ يعم املكان ،فسرحت خبيايل على ض ّفة النّهر القريب ،جلست هناك حيث اهلدوء ّ
تنهدا طويال اترةً ،وأسرح بنسيج اخلياالت املتواصلة اترًة أخرى .كانت أتنهد ّ ّ نسمات اهلواء اخلفيفة تالمس شعري األسود املسدل على كتفي وحاولت أن أُخرج لسلبيّة الِّت يف داخلي ،لذلك ف ّكرت بصرخة تنسيين مهومي؛ ويف احلال كل الطّاقة ا ّ ّ مرة أخرى صرخت صرخةً ّ وقررت أن أصرخ ّ اهتزت اجلبال هلا فأشعرتين ابرتياحّ ، الصوت برهة فانتظرت علوا ،فإذا بصوت ّ يرد على صويت .صمت ّ بصوت أكثر ّ
عما حيدث يل... وكلّي أمل أن جييب هذا ّ الصوت عن أسئلِت ،أو يسألين ّ جراء اخليوط املنبعثة بدأ لون ّ السماء برتقاليّا ّ تقايل ،وأصبح لون ّ الشمس مييل إىل الّب ّ
ساقي تعودان يب إىل الشمس، من ّ ُ فنهضت عن ذاك العشب أمام النّهر ،ووجدت ّ
أكثر البيوت دفئا .دخلت راكضةً إىل ّأمي وعيناي دامعتان فأخّبهتا ِبمر صراخي بكل حنان قائلة يل :يف بعض األحيان جند وارتياحي نتيجة هذا ّ الصراخّ ، فضمتين ّ صدى صوت بسيط يريح القلب وينثر آاثر االطمئنان يف أنفسنا...
عرايب (التاسع هـ) مراين مسري ّ
40
شعور مكبوت اكتب كلمات مليئة ابل ّدموع تصرخ صرخات عالية لكن يبقى صدى صوهتا الصفحة. ً مسجوان بني سطور تلك ّ أغزل رشعرا قوافيه تنتهي ر ب" آه!" ،تنتهي حبروف وكلمات هلا ألف معىن حزين يريد ً أن يصبح عكس معناه.
أرسم أمال ال وجود له ،كي أنقذ نفسي فقط من ظالم الوحدة ومن شعور األسر، أمال يكّب ،وطموحا يعلو ولكن يف النّهاية تظهر احلقيقة مرة أرسم فيها ً كل ّ ويف ّ أنت حتلمني! استفيقي ر معلنة انتهاء األحالم ِبن تقول استفيقي ر أنت تنسجني خياالت أبعد من الواقع! وجرحا ابلغًا يف املشاعر ..وشرّين كبريا يف القلب ً كسرا ً أمسح دمعة سبب نزوهلا ً روح ممزق يف األعماق . ٍ صفحة بيضاء لتصبح سوداء فرياتح شعور مكبوت يف القلب ،يرتاكم؛ فينفجر يف اهلم. القلب وينزاح ُّ
رمي غامن عاصله (التّاسع ج)
41
أ ًذى
ر الشّر ،وقلب قد انوّي اجتثاثها ورميها يف القبو ،ومضمرا يف عينيه ّ ً متجها حنو هدفه ً صحة نيّته وإذ به الرمحة فيه ،وفأسه ّ حتجر ومل َ احلادة تثبت ّ ّ يبق مكان للعواطف أو ّ ي رهم لقطع الشجرة املعمرة ،فوجئ ٍ بيد تضغط على كتفه وصوت من بعيد يصيح: ّ ّ ّ ال لضربه بل إلخراجه من جهله ..تنازلت عن نيِّت يف ضربه وقلت له: صرف الذي يضاهي جرمية ّي أخي احلطاب ،إ ّّن أنصحك أن ترتاجع عن هذا التّ ّ
ٍ قتل ألنّك سوف تؤذي كائنا حيّا ..أ َو هكذا تسدي املعروف للشجرة ابإلساءة إليها؟! أول م يقل هللا تعاىل" هل جزاء اإلحسان ّإال اإلحسان" والشجرة حتسن ابلرئة اخلضراء. إلينا متنع االحتباس احلراري ول ّقبت أيضا ّ
وجل ،وهذا يعين قدسيّتها وامهيّتها " :والتّني الشجرة قد ذكرت يف كتاب هللا ّ عز ّ الزيتون وطور سينني", وّ
الشجرة هلا فوائد كثرية ويعجز لساّن أنصحك ِبن ال تقدم على هذا العمل أل ّن ّ الشجرة ستجدّن واقفا لك ابملرصاد! عن وصفها وأح ّذرك قائال :إن أردت قطع ّ عدت يف اليوم التّايل ألجد بقاّي فروع قد أتت النّريان على أغلبها!
عبد الرمحن ماضي (التّاسع أ)
42
ينابيع احلنني
هفة ،سرى صداها ب ٍ احلب نغمةً مليئةً بعبار ر الشوقر واللّ ر ر بطء بني َ ات ّ مزمار ّ عزف ُ األرو راح ،وانجاها كل ٍ قلب َّ انسد بصخور الفر راق... ّ ر وسرعا َن ما انتشر ر ر زقاق الذكر ر اهلدوء يف ر بعيدا صفحات وتناثرت ّيت السه ر والبكاء ً ّ َ ر فبقيت األرض فرحةً تشدو ِبذه التّغر ر ر السماء ،ر يف ر األمسية تلك رحاب يدات ...يف َ ُ
اسرتجاع ر ر النفوس ،وعال حنو لألّيم اخلوايل يف تتضمنهُ من ٍ الِت فاح فيها شذا ما ّ ر ر ر ر بقبضة اإلغالق عليها كم َ العُال ليرتبّ َع على صدور األحزان املاضية ُحي ُ ر البشاشة؛ فها هو َيطو خطوته األوىل بعد ص ٍّب و ٍ ابتهال ..عندها تفجرت السكينَةر و ُ ّ ينابيع احلن ر السنني ،وِبذا انتهت رحلة ني ْ وتدفقت بسرعة بعد كتماهنا طوال هذه ّ العناء الطّويلة واجملافاة الالذعة الِت أدبرت ولن تعود .
رشاد عاصلة (التاسع أ)
43
وطالت احلكاية
...
ر ر سين تدور ُمن ُذ صغري ّ الزمان ّ أتَ َذ َّكُر ُك َّل دورة من دورات َع َجلَة ّ الِت ُ وحّت ّ السبعني ..وأعلم َّ ر ف لسماع ديد رمن الد ر ُّموع يف طَريقها إىل أن تَذ رر َ الع َ أن هنال َ ك َ ُ ر ر ب يف قُ ر لوب النّاس، ص َّ صمي رم قلَب لتَ ُ هذه اٌل َكلمات ،الِت أخذت َجمراها من َ ناضل لتح ر ومجيع غاّيهتا ،وتُ رّبز للجمي رع معىن ُحبّها لرلوط رن. ا فه د ه ق ق ّ َو َ َ سوف تُ ر ُ ُ َ َ َ َ شيء كا َن يردعين فيخطُف رمين أملي ويشوش ر اب زماّن ،شيءٌ َسيطََر َعلى ر حم َ ُ َّ ُ َُ َ ُ ّ َ ٌ َشب َك رة أفكاري بوض رع ٍ بداية لثغرة على أحوايل ال رهناية هلا . َ
ر ر مجيع ٌاأل ّّيرم َّ مجيع من كانت لهُ وعز الٌليايل ،من ضحكات َوَحمَبَّة تعُ ُّم َ ثغرة َحمَت َ بصمة صغرية يف فلسطني ..كانت تلك األرض تعمها روح الٌمحبَّ رة والٌن ر َّقاء ..إذ َ ُ َ ُ ُّ تان ُُمتَلرفتَ ر كانت عائرلَ ر فرحو َن ي ذلك.. شابه ما كل و باس ل ال و باع ط ال حيث من ان ّ ّ ُّ ُ ُ َ ُ َ ُخ ّوة والنَّخوة الِت نار لأل ُ مثل ال َ لفرح بعضهم ،ويتشاركو َن احلز َن؛ أل ّن َد َمهم يسري َ الزماَن قد خبَّأ ألهلرها ما َمل أيت على فك ٍر أو خيا ٍل. بينهم ،لكن َّ ُ ليل وال َقه َقهة آخر ٍ ٍ ليلة من ر ات ال ر مجال زهور َّ الزنبَ رق وكانَت سهر ُ يف ليلة ما التفتَت َ َ األرض رت أن يقظت على أصوات الضَّجيج والٌ ُّ صراخ ،وقَد َش َع ُ هذه اللَّيايل ..استَ ُ َ
ٍ ضت كثريا ،وبدأت أُاندي :أيبّ ،أمي ،وال من تَتَ َّ مستجيب ! رَك ُ حرك يب ،خفت ً ر الدي فلم أجدمها.. ألخرج من ابب غُرفَِت حبثا عن و ّ
44
هتتز يب وأان أصرخ يدب يف جسمي ،واألرض ّ بدأت دقات قلَب تتسارع واخلوف ّ ابكيا " وينك ّي إمي"! صدمة ،حيث وجدت ّأمي مستلقيةً على األرض تغطي خرجت وزاد شعوري ابل ّ وجهها الدماء وأخويت الصغار مم ّددين إىل جانبها ..متنّيت أن أستفيق من هذا أحن النّاس ..آن َستين يف وحديت احللم ،لكنّه حقيقةّ ،أمي من رعتين وكانت ّ قصِت وأَ ْشعرتين ابالستقالل والثّقة لقد ذهبت وتركتين! أردت أن أسرد ألحدهم ّ
وأخّبه أن أييت ملساعديت ،لكن مل يكن أحد أيبه يل ،فاجلميع غارق يف ال ّدماء،
يعم املكان ،بقيت على هذه احلال مل ّدة أشهر وأان وحيد صراخ والبيوت مهدومة ،وال ّ ّ ٌ الكل يبكي ويصرخ ،كلما الت ّفت كان عدد املفارقني أانم يف البيوت املهدومة وأرى ّ للحياة يزداد والبيوت هتدم ..بدأت أستوعب ما الذي جيري ،فذهبت إىل زاوية من كل إنسان ؟ زواّي البيوت املهدومة ،وأان جائع مغموم أفكر وأتساءل :أهذا هو قدر ّ أيعقل أ ّن ميوت النّاس بسهولة هكذا؟! ّأمي قد فارقت احلياه وأخذت إخويت صغار ،فلماذا مل أتخذّن معها وتركتين أرى هذه القسوة واملعاانة؟ ال ّ ٌ أيب ال أعلم عنه أيَّةَ أخبار ،فمن املمكن أنّه حزين مثلي!
صغار كم اشتقت لتلك اللّحظات الِت ِبا كنت أستيقظ على صوت أطفال ال ّ صغار كل ال ّ يلهون على عتبة البيت ،وأانم على صوت أ ُّم فيصل حيث كانت جتمع ّ
دو يريد أن يقطف زنبقة هذه احلياه ويسرق منا األشقياء لتحكي هلم حكاية ,الع ّ
أرضنا وقد فعل ذلك..
45
تعم وها قد دارت عجلة ّ التشرد وال ّدمار حالة ّ الزمان واحلال هي احلال ،وال زال ّ معظم البلدان ،وأان أجلس على عتبات احلسرة وأاندي: أمر وأقسى حكاية؟! أين أنت ّي ّأم فيصل لتجمعي األطفال ،وحتكي هلم ّ
عرايب (التّاسع أ) دعاء ّ
46
الزمان أيّها ّ
كانت فتاة صغرية فقرية .قد فارقت أمها احلياة بسبب مرض خبيث .وقد عاشت بقيّة حياهتا يتيمة ومل يزرها جفن الفرح أو املرح .وكانت تتعذب كلّما تذ ّكرت. يف يوم من األ ّّيم وجدهتا جتلس يف ابلقرب من حاوية القمامة .أشفقت على تلك الفتاة املسكينة ومل يرض قلَب أن ال أكلّمها أو أواسيها فاقرتبت منها وسألتها؟ ما ابلك أيّتها الفتاة .مل جتلسني هنا وحيدة؟ قالت يل :فقدت احلياة وأيب رحل ومل يرجع منذ زمن وأان فقريه ,وال أعرف أين أذهب؟ مث بدأت بذرف ال ّدموع .وتقول :هل هذا هو القدر؟ أم أنّين سأموت علي نسيان األمل ،أم فقدان األمل؟ هل هذا عذاب؟ أم أنّه شعور من القهر .هل ّ ينتابين لفرتة ويزول؟
لقد كان قلَب ينبض ابحلياةّ ،أما اآلن فلم تعد تلك النبضات مفرحة ..دقت ابب بيِت األحزان ،وابت الفرح ذكرى!
الزمان ليتك تعود كما كنت ,وترجع يل أمي ويرجع بيت احلب واحلنان. أيّها ّ أيّها الزمان عد كما كنت ... أشفقت عليها للمعاانة الِت مرت ِبا ،مث دعوهتا ملرافقِت إىل بيِت لتسكن مع عائلِت حّت جتد هلا بيتا دافئا. ّ األّيم وإذ ِبحدى العائالت تعلن عن استعدادها ملساعدة من ال بيت هلم، ودارت ّ
وإن أحوج األمر فهم مستع ّدون للتّ ّبين.
47
قرأت اخلّب على مسامعها فسالت ال ّدموع الِت أحسست بلهيبها على خ ّدها، وقلت هلا: أنت أخِت وال ميكنين االبتعاد عنك!
ميار عاصلة (الثامن ج)
48
النّجاح النّجاح طريق ال يستطيع اجتيازه سوى من يزرع األمل على رصيفه ,ويزين حدائقه ابملبادرة. كل فكل شخص منا حيلم أن ينجح يف احلياة ال ّدنيا وحيظى ابآلخرة .ومن املؤّكد أ ّن ّ ّ شخص َيطّط ألحالم يستطيع حتقيقها ،فهذا حيلم أن يصبح طبيبا ،وذلك يريد أن يصبح مهندسا ،لكن ماذا أراد أمحد أن يصبح يف املستقبل ؟! تعلمه يف اجلامعة وهو شاب جمتهد ,تويف والده ,وهو يف أمحد يف السنه األخرية من ّ
بكل معىن الكلمة لقد ربّته وعلّمته بعرق جبينها العاشرة من عمرهّ ،أما ّأمه فهي أم ّ
الصباح مرت ِبا بعد وفاة أيب أمحد .لقد كانت تعمل من ّ ابلرغم من املصاعب الِّت ّ
حّت املساء لتوفّر مستقبال مزهرا البنها أمحد ،وكان حلمها أن تراه طبيبا !! ّ
أ ّما أمحد مل يكن حلمه أن يصبح طبيبا ،بل كان أن يعلم ويساعد يف املدرسة ال ّداخلية األوالد اليتامى واألطفال الذين يعانون من األمراض ..كان حيلم دائما ِبن يلون حياة األطفال وأن يرسم االبتسامة على شفاههم . ّ أهنى دراسته يف اجلامعة وحصل على عالمات ممتازة ..وحان الوقت لتحقيق حلمه لكن ّأمه عارضته ف ّ توجه أمحد إىل أ ّمه ليخّبها بسفره إىل املدينة ليبدأ يف بناء حلمهّ ، وخافت أن يذهب تعبها سدى ،فقالت له :لقد حلمت دائما أن أراك طبيبا
بين أل ّن عالماتك تؤّهلك أن انجحا ألفتخر بك أمام اجلريان ،لكنّك حطّمتين ّي ّ
تصبح طبيبا وليس معلما يف املدرسة ال ّداخلية. 49
فقال هلا أمحد :وما هو اخلطأ ّي أ ّمي ِبن أعلّم وأساعد األطفال الذين حرموا حريّتهم وسلبوا ابتساماهتم؟ وهل تقبلني ّي أ ّماه أن أتعلم موضوعا ال أحبّه ؟ هل تقبلني أن يكون ابنك تعيسا يف حياته ألنّه مل حي ّقق رغبته وح ّقق رغبة ّأمه .هل ستكونني سعيدة؟ بين ،تعلم املوضوع الذي حتبّه فأجابته حبزن ودموعها كادت حترق خديها :ال ّي ّ لتكون سعيدا يف حياتك أل ّن جناح اإلنسان احلقيقي بتحقيق طموحاته وأحالمه وليس طموحات وأحالم ّأمه وأبيه ... بين ،اذهب وساعد األطفال اذهب واب رن حلمك وأكمل جناحك. اذهب ّي ّ اميان فهيم (الثّامن ج)
50
لقاء أرسلت صويت إىل الذين نت أشرعِت ابحلمائ رم واليامسنيَ ،و ُ يف طريقي إىل األرض لََّو ُ القوا حتفهم ،ومع انتهاء جتربة اخلطر بدأت احلرب أللقى النّهاية ،أللقى من اعتزلوا احلياة ودخلوا أبواب النّعيم. أحب من املعتزلني ,حاولت الرحيل أللقى من ّ مع بداية حكاية االعتزال ّقررت ّ استيقظت يف عاٍمل ال فغبت عن الوعي ،وبعد وقت ال أعرف كم م ّدته ُ االنتحار ُ أعرفه حاولت اهلرب فلم أفلح ،طاردّن اجلحيم ففقدت الوعي مثّ استيقظت يف عاٍمل
فتجولت يف أحنائه ووجدت الِت كنت أحبث عنها منذ سنني، يقطنه الطيّبونّ ، احلارة. وجدت ضالِت ،هرعت اليها فاحتة ذراعي وغمرهتا بقباليت ودموعي ّ آه كم اشتقت إليك ّي ج ّديت... فابتسمت يل وقالتّ :ي حبيبِت أمتىن لك التّوفيق والنّجاح ,املستقبل ُكلّه أ ر مامك ال ُ ألّن اليوم بدأت حتزّن ألنّين أان اآلن قد بدأت التّن ّفس فال تعتقدي أنَين حزينة ّ احلياة. السحب البيضاء وستتفاخرين أمام فقلت هلا :ج ّديت سيأيت يوم تتباهني يب أمام ّ اجلميع بنجاحي. ميض ب ٍ رق واختفت لكنها بعثت يف عندها مل أكن أعلم ّ ِبهنا حلظات ملعت َك َو ر َ نفسي األمل والتّح ّدي واإلصرار على النّجاح . ميسون هناد عرايب (الثّامن ه) 51
آية آية فتاة يف املدرسة اإلعدادية يف بلدهتا .هي فتاة جمتهدة وذكيّة ،لكنّها كانت مسينة
قليال ،فخشيت القول عن نفسها ِب ّهنا مجيلة كباقي بنات جيلها ..تقف أمام املرآة
ملونتني كعيين ملى ،ليتين أملك جسدا رشيقا كل صباح وتقول ":ليتين أملك عينني ّ ّ وحنيفا كجسد راوية ،ليتين أملك شعرا انعما وطويال كشعر منال ،وليتين مل أكن
أان ..أريد أن أملك مجيع صفات الفتيات اجلميالت .ملاذا ولدت هكذا ومل أولد شخصا آخر؟ تذهب للمدرسة متشي وحيدة ،ومجيع الفتيات ميشني مع أصدقائهن ،فتطرق رأسها ف. للص ّ حزينة ،وتكمل مشيها ّ تقضي الوقت وحيدة وال أحد يتكلّم معها إّال بوقت االمتحاانت ،حيث يقرتب حّت منها اآلخرون ويضحكون معها ويكسبون ّ ودها مستغلّني ضعفها وطيبة قلبها ّ ب وعطف اآلخرين إليها، ابحلل ،بعد انتهاء االختبارات ينتهي معها احل ّ تساعدهم ّ ويتكرر هذا دائما معها . فرتجع وحيدةّ ،
يوما ما جلست آية أمام املرآة وبدأت تفكر" :ملاذا أعامل اآلخرين جيّدا وهم على
العكس من ذلك معي؟ مل هذه الطّيبة مع أانس ال يستح ّقوهنا؟ ملاذا؟ ملاذا؟ وتعود وتكرر مجلتها ليتين مل أكن أان! ّ يف الغد ذهبت للمدرسة بعد تفكريها العميق ،وكان موعد أحد االمتحاانت ،فلم ي اهتمام ،فأجابت عن األسئلة براحة نفس وطمأنينة تساعد أحدا ومل تعرهم أ ّ وحصلت على عالمة كاملة! 52
ح ّدثت نفسها ":ال أحد ينفعين غري نفسي ،إ ّن طيبة القلب يف يومنا هذا تعتّب غباء وتستغل! لن أقول بعد هذا ليتين وليتين! أان مكتملة وال ينقصين شيء بعد اآلن ،فاجلمال زائل ،وزائلة اان ولن أخلّد ،جيب أن أبقى واثقة بنفسي! اآلن ضاعت كلمة ليتين من قاموسي فاان آية ولست شخصا آخر "
ليان عاصلة (الثّامن و)
53
الصداقة ّ
ابلرغم من بساطتها فهي ّ الصداقة كلمة يصعب على اجلميع فهم قيمها ومعانيها ّ تعين الثّقة ،االحرتام ،واحملبّة. لكنّها مل تعتّبها كذلك ,فقد كسرت الثّقة الِت لطاملا عملنا على بنائها وتقويتها.. الصداقة النّقيّة وتلطيخها ِببشع هدمتها بسهولة ابلغة .لقد متّ استغالل هذه ّ الصداقة . شوهت معىن ّ ّ الصور ،لقد ّ الصداقة ملَ كا َن من السهل ً جدا كسر هذه الثّقة ؟ ملَ أجّبتنا على التّخلي عن هذه ّ الصعب احلفاظ على عليها ومواجهة املصاعب وحلّها كثريا؟ أمل يكن من ّ الِت دامت ً
الصداقة. معا كما تعين ّ ً
كثريا وص ّدقت األكاذيب ألنّك أنت من لقد قدمت الكثري من الفرص ،وساحمت ً
قلتها ،ك ّذبت نفسي ألص ّدقك أنت ،أنت ّي من خنت ثقِت ،لقد ابت من املستحيل إعادتك حيث كنت ،وتصديقك ،وإرجاع ثقِت فيك . ر أنساك ،سوف أختلى عنك ّي من ختلّيت عن الكثريين من قبل ، ال ِبس ،سوف معا. سوف أنتزعك من ذاكريت وصحبة حلظاتنا ً
رمي تيسري غزال (التّاسع ب)
54
شوق هذاين ال ّ تردد ذاك االسم" :أمري" ..حتبّه حبّا مجّا ،تدخل غرفته يوميّا، السرير ّ جالسة يف ّ تقف ابلباب وتبتسم قائلة :كالعادة ..ابين خرج من البيت ومل يرتّب غرفته .جتلس حول املائدة مع عائلتها ،وحني يبدأون بتناول الطّعام متنعهم قائلة :أنسيتم (أمري)؟! سأسكب له احلساء ّأوال ،فأان أعرف كم حيبّه! تنظر العائلة إليها بنظرة مؤملة، كل واحد إىل غرفته كي ال تنهمر دموعه أمامها. ويذهب ّ عندما يعود أبناؤها وزوجها إىل البيت ،ختّبهم أن "أمري" اتصل ليقول ِبنّه مضطر يتوجه األب ألوالده للّسفر كي ينجز عمله ،لكن ال تقلقوا فلن ّ يتأخر يف العودةّ ..
ُماطبا ّإّيهم :علينا أخذ أ ّمكم إىل الطّبيب النّفسي للعالج!
حَب ألمري ،وال حبّه يل! تسمع كالمه فتصرخ بوجهه :أنت ال تفهمين ،وال تفهم ّ حسنا ما أدراك أنّه مسافر؟ هو اتّصل يب وأخّبّن بذلك. كيف! أميكنك أن تتّصلي به اآلن؟!تصمت األ ّم قليال مثّ تبتسم قائلة: أان آسفه ّي عزيزي ..يوجد بيين وبني ابين وسيلة اتّصال ال ميكن ألحد أن يعلم ِبا، فأان أ ّمه كما تعلم! واآلن أستأذن.. إىل اين؟55
لتوديع ابين ..ال ّقررت أن أسافر معه ،فأنتم ت ّدعون أ ّّن مريضة ،سنعيش معا بعيدا
عنكم ،فأنتم ال حتبوننا...
ترتدي العائلة اللّون األسود ،تقرأ الفاحتة واألمطار هتطل بغزارة ،فيما اجلنازة متّجهة حنو املقّبة لدفن أ ّم أمري ِبانب ابنها الذي حتبّه!
ندى عاصلة (الثّامن و)
56
يف البقالة كنت أعمل يف إحدى البقاالت يف قرية بسيطة ..مكان العمل متواضع أعمل فيه ِب ّد ألكسب لقمة املعيشة ،وكان عملي يقتصر على خدمة زابئن ال ّدكان مقابل مبلغ من املال يكفيين ويزيد ..صاحب ال ّدكان شخص لطيف ،ودودة مالحمه، الضحك ،ولكنّه ّ وتدل على احلزم واجلديّة ،ولكنّه عكس ذلك فهو حيب املزاح و ّ يتكلّم كثريا ،وهذا ما يضايقين منه .أشعرّن النّاس ّأهنم حيبّونين إلخالصي يف املرات كان صاحب ال ّدكان يشرف على العمل ويراقبين ،وهو عملي ..يف إحدى ّ جالس خلف طاولة البيع ،وإذ بسيارة ملصق عليها شعار إلحدى شركات الغذاء تقف ابب ال ّدكان ،وينزل منها شخص طويل القامة أمسر البشرة. الشخص مباشرة إىل صاحب ال ّدكان دون ان يلقي عليه التّحيّة ،وراح توجه ذلك ّ ّ الشاحنة مين تفريغ ّ يتح ّدث معه ،ويتسلّى ،فناداّن صاحب احلانوت ،وطلب ّ مين التّأ ّكد من اتريخ صالحيّة املواد وتسجيل وترتيبها على الّرفوف ،طالبا ّ أسعارها ،فتفاجأت ،ومل أفهم املقصود من وراء هذا! فلم يكن هذا جزءا من عملي، الصناديق السمراء الذي أحضر البضاعة ،وبدأت أنقل ّ بل عمل ّ الرجل ذي البشرة ّ إىل ال ّدكان ،والعرق يتصبّب من جبهِت . الرجل نظرة يعلوها احلقد والغرية ،وشعرت ابلظّلم والكره له ،أ ّما هو نظرت إىل ذلك ّ مين ،وإذ به َيلع ذراعيه فكان يضحك ويتسلّى ..وما إن انتهيت ممّا طلب ّ الشفقة . االصطناعيّتني وتعلو صاحب ال ّدكان نظرات ّ أّن ظلمته لكرهي له. وحينها نظرت إليه مستغراب وخجال منه ،وأدركت ّ
رامي كناعنة (الثّامن و) 57
خوف ووحدة كل اثنية.. متر ،وسكني تطعن قلب طفل مسكني ها هي األّيم ّ ّ طفل صغري يف التّاسعة من عمره حبسته احلياة يف دوامة و حكمت عليه ابلوحدة طوال عمره ..خسر روحه ومن كانت أغلى من ميلك! وهي ّأمه ..مل يستطع الرضيع ملقى صريعا إنقاذها ،فقد شلّت حركته عندما رآها تسبح يف دمائها وأخوه ّ إىل جانبها ..لقد صدمته تلك احلياة أكثر عندما رأى النّاس على األرض دون
كل مكان األبرّيء خسروا حياهتم، حراك يف بركة من ال ّدماء .رائحة املوت منتشرة يف ّ وبيوهتم هتدمت ،و أصبحت ركاما فوق ساكنيها ..أمل كبري و وجع ال أحد يستطيع املر والقاسي مع القصف واهلدم أن يعاجله أو يهدئه أو ينساه ..يذوقون طعم احلياة ّ
و يسمعون الصراخ والبكاء وهم داخل علبة مظلمة حمكمة اإلغالق خوفا وجزعا.. يصرخون
وال
أحد
يسمعهم
ويستجيب
الستغاثتهم.
حبق أهليهم.. أولئك األطفال تتقطّع قلوِبم هلعا ورعبا لقسوة ما يرون من جرائم ّ يتكسرون كشظاّي البلّور املكسور! يتساءلون ما ذنبهم وقد حرموا من حنان ّ
ّأمهاهتم ومن احلرية ،فهم يكرهون تلك احلياة الِت قضت عليهم وحكمت عليهم ّي ابلوحدة.. هلا من حياة لعينة وليتها تنتهي وتزول إىل األبد! هذه هي أمانيّهم!
نور عثمان عاصلة (التّاسع ب)
58
السعادة ألوان ّ الصبح نرى الغروب والشروق كل يوم ،نراقب ّ الشمس وهي تنثر نورها يف ّأول ّ وتضمه آخر النهار. ّ
الشروق والغروب األمجل!" هذا ما نقوله. "ما أمجل ّ كل شيء جيّدا ودائما يضحكون هلا األشخاص الّذين يؤمنون بطعم احلياة جيدون ّ
فيتولّد لديهم األمل ليكملوا احلياة بسعادة.
بكل راحة ومتعة ،فهي أان ّ أفضل الناس املستمتعني ..أولئك الذين ميارسون هواّيهتم ّ أفضل تسلية عندهم.
كل ما مل يسبق هلم أن واجهوا مشاكل مع ّقدة يف حياهتم.ما أسهل حياهتم! لديهم ّ
السؤال هنا هل هم حقاً ،أم أ ّان نراهم هكذا؟ حيتاجون له وحيبّونه ،و ّ لكن ّ
ال ميكن لشخص أن حيكم على ما تراه عيناه أنّه يعيش بسعادة ،وميكن التّساول: الشخص حقاً سليم وسعيد؟ أال يوجد مشكلة يف حياته؟؟ هل هذا ّ ختتلف طبيعة النّاس وطبائعهم ،فمنهم من يرضى ابلقليل ويعيش قانعا سعيدا، ويظل جشعا طالبا املزيد ،يشكو ويطلب من غريه االهتمام ومنهم من ميلك الكثري ّ
يهتم ألحد إن طلب مساعدته أو أصابه مكروه. ألمره ،وتراه ال ّ
59
حبب مساعدة اآلخرين وأنّه قلق عليهم وحيبّهم ح ًقا ويهتم وهناك من يتظاهر ّ
كل شخص ألمرهم ،وال ميكن أن َيطر بباهلم أن هذه شفقة مؤقتة وبعدها سيعود ّ وكل شيء لسابق عهده.
فالناس وإن كان اخلري والنّور يف وجوههم ،يظلّون مثل الشمس وقت غروِبا وشروقها ،ينثرون خريهم أول الصبح ،فيكثر مث يبدأ ابهلبوط اىل أن َيتفي مع غروب الشمس ،وهذا ما حيصل عند دعمهم لغريهم. من يريد االستمتاع ابحلياة فلينظر ِبتعة وبتفاؤل إليها ،فاحلياة مجيلة ومليئة ابألمور املثرية. أهناك لوحة أمجل من ألوان البحر الّباقة ووراءها ألوان غروب الشمس الزاهية؟!! إن أردت العيش بسعادة أنظر للحياة بسعادة. قصي عاصلة :الثّامن (ه) هيا ّ
60
أقداران مكتوبة ..فلنعش هبدوء ر ٍ يب ضٍّر فال "وإن ميَْ َس ْس َ ك هللا بر ُ َ هو وإن يُرْد َك خب ري ف ال ر َّاد لفض له يُص ُ كاشف له إالَّ َ ر الرحيم" صدق هللا العظيم. الغفور َّ به من يشاءُ من عباده وهو ُ تلخ ص ك ّل ش يء ع ن القض اء والق در ،األم ور تس ري حبس ب مش يئة هللا، ه ذه اآلي ة ّ كل شيء قدير . ليس هناك شيء َيرج عن إرادته أو مينعه من أ ّ ي شيء ،فهو على ّ
لألس ف ،النّ اس يف أّيمن ا ه ذه ق د نس وا أمهيّ ة الق در وقدس يّته ,فم نهم م ن يس بّه، الس يطرة عل ى حيات ه وم نهم م ن ال ي ؤمن ب ه أص ال ..ك ّل منّ ا يظ ّن أنّ ه ق ادر عل ى ّ ب ابلكام ل واخ رتاق ق وانني احلي اة ،ف اذا حلّ ت مص يبة يب دأ الن اس ّ ابلش كوى وس ّ ال ّذات اإلهلية.
رد مل ال نقت دي برس ولنا حمم د كلّم ا حلّ ت ب ه مص يبة ق ال " :ريب إ ّّن ال اس ألك ّ وحتم ل الق در ح ّّت القضاء ،بل اسألك اللّطف في ه" علين ا أن نص ّب عل ى املص ائبّ ،
ب أن يس معه ،وه و لو مل ّ نرده فإن نزلت ابلعب د مص يبة فه ذه عالم ة أ ّن هللا حيبّه وحي ّ فيعوضه خريا. يدعوه ويصّب ّ
ابملقابل جيب أن ال نقف مكتويف األيدي دون أن حن اول الب دء واملث ابرة ونق ول ه ذا ق در .جي ب أن نس عى لتحقي ق آمالن ا يف احلي اة ،وأن نف ّك ر يف ت رميم مس تقبل لن ا كل ما نريد. وألوالدان ،وِبذن هللا سيتح ّقق ّ علينا أن ننسى ماضينا املؤمل ونكافح يف حاضران ونعمل ملستقبلنا.
61
كل ش يء يس تحق االهتم ام ه و املاضي ال ميكن تغيريه ،املستقبل ال ميكن اكتشافهّ ،
اآلن .
علي عاصلة (الثّامن و)
62