أسرار الكون بين العلم والقرآن
جميع الحقوق محفوظة الطبعة األولى
1427هـ 2006 -م
تم إصدار هذه الطبعة بإشراف:
موقع موسوعـة اإلعجـاز العلمي في الـقرآن والس َّـنة www.55a.net
مدير التوزيع :محمد لجين الزين ـ البريد اإللكتروني:
هاتف:
ص.ب105:
ـ حرستا ـ دمشق ـ سورية
lujainzin@hotmail.co.uk
5311791 11 963+
جوال:
503039 93 963+
الرِح ِيم الر ْح َم ِن َّ بِ ْسِم اللَّ ِه َّ َحس ُن قَواًل ِم َّم ْن َدعا إِلَى اللَّ ِه وع ِم َل صالِحا وقَ َ ِ ِ ين سلِ ِم َ ََ َ ال إِ َّنني م َن ا ْل ُم ْ َو َم ْن أ ْ َ ْ َ ا َ [فصلت]33 :
أسرار الكون بين العلم والقرآن
مقدمة الحمد هلل الذي أنعم علينا بهذا القرآن ،وجعله نو اًر لنا في ظلمات هذه الحياة، وشفاءه ونور مامه النبي وصلّى اهلل على هذا األمي الذي كان القر ُ َ آن ُخلُقَه وا َ ّ ّ قلبه ،وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليماً كثي اًر.
إن أجمل لحظة يعيشها المؤمن عندما يتّخذ من العلم طريقاً لإليمان باهلل تعالى بعظَ َمة كتابه ومعجزته الخالدة .وما الحقائق العلمية والكونية الغزيرة واليقين َ
هيأها اهلل تبارك وتعالى لك ّل مؤمن ليزداد بها التي يفيض بها القرآن إالّ وسيلة ّ إيماناً بهذا الخالق العظيم ،ووسيلة لك ّل ملحد يرى من خاللها نور اإليمان ونور القرآن وصدق رسالة اإلسالم.
وفي هذا البحث العلمي سوف نعيش مع آية جديدة ومعجزة مبهرة وحقائق
َّ يقينية تحدث عنها القرآن قبل أربعة عشر قرناً ،ويأتي علماء الغرب اليوم في القرن الحادي والعشرين ِّ ليرددوها بحرفيتها!!
وال نعجب إذا علمنا أن العلماء قد بدءوا فعالً بالعودة إلى نفس التعبير القرآني! وهذا الكالم ليس فيه مبالغة أو مغالطة ،بل هو حقيقة واقعة تثبت لكل من
َّ يدعي بأن القرآن ليس معج اًز من الناحية العلمية والكونية ،أن القرآن وان كان
كتاب هداية وتشريع ،فهو كذلك كتاب علوم ،كل عالم يجد فيه معجزة تناسب
اختصاصه العلمي.
وفي هذه السلسلة من األبحاث العلمية القرآنية سوف نعيش رحلة إيمانية في
مصدقاً لكتاب اهلل تعالى ومطابقاً له. رحاب آيات هذا القرآن ،وكيف يأتي العلم ّ بل إننا نرى دائماً تفوق القرآن على العلم ،وذلك ألن القرآن كتاب اهلل ومعجزته
الدائمة.
ومن خالل الحقائق العلمية الكونية في هذا البحث سوف نبحر في بعض اآليات التي تحدثت عن بناء السَّماء ،وجاء العلم حديثاً ليؤكد أن الكون كلَّه بناء محكم ،وال وجود فيه ألي خلل أو فراغ أو اضطراب.
فالعلماء يؤكدون الغنى الذي يظهره الكون في البنية المحكمة ،ويؤكدون رؤيتهم
للنسيج الكوني وكأنه نسيج ُحبِك بمنتهى اإلتقان واإلبداع ،وأن النجوم والمجرات تَظهر كالّآللئ التي تزّين العقد.
وقد نعجب إذا علمنا أن القرآن الكريم قد تحدث عن كل هذه الحقائق بمنتهى َّ الدقة والبيان واإليجاز واإلعجاز. ّ فالحق تبارك وتعالى يقول عن السَّماء﴿ :اللهُ َِّ ص َوَرُك ْم َوَرَزقَ ُك ْم ِم َن ض قَ َرًا ص َّوَرُك ْم فَأ ْ الذي َج َع َل لَ ُك ُم ْاأل َْر َ َح َس َن ُ اء َو َ اء بَِن ً َّم َ ار َوالس َ ِ الطَّيِّب ِ ك اللَّهُ َر ُّ ين﴾ [غافر .]64 :هذه اآلية ات َذلِ ُك ُم اللَّهُ َرُّب ُك ْم فَتََب َار َ َ ب اْل َعالَم َ العظيمة تؤكد أن السَّماء بناء ،وهذا ما سنراه في الفقرات اآلتية من هذا الكتاب.
أما النسيج الكوني فقد تحدث القرآن عنه أيضاً في قوله تعالى ُم ْق ِسماً بالسَّماء: اء َذ ِ ﴿والسَّم ِ ات اْل ُح ُب ِك﴾ [الذاريات .]7 :وقد تم ّكن العلماء حديثاً جداً من رؤية َ َ مكبرة فظهر تماماً كالنسيج المحبوك ،حتى إننا نجد أدق الكون على مقاييس ّ اء َذ ِ وصف للمشهد الذي رآه العلماء حديثاً هو اآلية الكريمة﴿ :والسَّم ِ ات َ َ ِ المحكم! اْل ُح ُبك﴾ ،فتبارك اهلل مبدع الكون ومبدع هذا النسيج ُ
سوف نشاهد حديث القرآن عن الدخان الكوني في مرحلة من مراحل الكون، وقد أثبت العلماء بالدليل القاطع والتحليل المخبري لذرات غبار ملتقطة من
الفضاء الخارجي أن أدق وصف لهذه الذرات هو كلمة "دخان". وهنا تتجلى عظمة القرآن الذي سبق العلماء إلى هذا االسم في قوله تعالى: ﴿ثَُّم استَوى إِلَى السَّم ِ ال لَهَا ولِ ْْل َْر ِ ط ْو ًعا أ َْو َك ْرًها قَالَتَا ض ِا ْئتَِيا َ اء َو ِه َي ُد َخان فَقَ َ َ َ َْ ِِ ين﴾ [فصلت .]11 :وفي هذه اآلية معجزتان :األولى :حديث القرآن أَتَْيَنا طَائع َ عن الدخان في مرحلة من مراحل تطور الكون الكون ،وهذا ما يؤكده العلماء
اليوم .والثانية :حديث القرآن عن قول السماء في تلك المرحلة ،وقد اكتشف العلماء حديثاً أن الكون في بداياته بعد االنفجار الكبير أصدر موجات صوتية!
إن وجود هذه الحقائق العلمية والمكتشفة حديثاً في كتاب أُنزل قبل أربعة عشر
قرناً لهو دليل مادي على أن هذ القرآن كالم اهلل تعالى ،وأنه كتاب صالح لكل زمان ومكان .إن كثي اًر من المشككين بكتاب اهلل تعالى َّ يدعون اليوم بأن القرآن بح َّجة أن اآليات التي تحدثت عن الظواهر الكونية غير ال يناسب عصرنا هذاُ ، صحيحة من الناحية العلمية. ولذلك فإن هذا البحث يمثل خطوة في تصحيح هذه النظرة لديهم ،والحقائق التي
سنشاهدها والتي سنعتمد فيها على أقوال علمائهم في وكالة الفضاء "ناسا" هي خير دليل على التطابق الكامل بين ما توصل إليه العلماء اليوم ،وبين ما جاء
عز وج ّل قبل مئات السنين. في كتاب اهلل ّ وعسى أن تكون هذه السلسلة العلمية القرآنية وسيلة لتذكرة المؤمن بعظمة كتاب ربه سبحانه وتعالى ،ووسيلة لهداية غير المؤمن ليعلم أن القرآن هو الحق. َِّ ين أُوتُوا اْل ِعْل َم أََّنهُ اْل َح ُّ ق ِم ْن َرِّب َ ك فَُي ْؤ ِم ُنوا بِ ِه فَتُ ْخبِ َ ت لَهُ ﴿ولَِي ْعلَ َم الذ َ يقول تعالىَ : صر ٍ ِ ِ َِّ َّ اط ُم ْستَِق ٍيم﴾ [الحج.]54 : ُقلُ ُ وبهُ ْم َوِا َّن اللهَ لَهَاد الذ َ ين َآ َم ُنوا إِلَى َ المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com
بداية القصة إن أروع اللحظات هي تلك التي يكتشف فيها المؤمن معجزة جديدة في كتاب اهلل تعالى ،عندما يعيش للمرة األولى مع فهم جديد آلية من آيات اهلل ،وعندما َّ ّ َّ ك يتذكر قول ونهَا َو َما َرُّب َ ﴿وُق ِل اْل َح ْم ُد لِلَّ ِه َسُي ِري ُك ْم َآياتِ ِه فَتَ ْع ِرفُ َ الحق عز وجلَ : ِ ون﴾ [النمل.]93 : بِ َغاف ٍل َع َّما تَ ْع َملُ َ وقد بدأت قصتي مع هذه السلسلة من األبحاث عندما كانت تستوقفني آيات من
كتاب اهلل تعالى ال أجد لها تفسي اًر منطقياً أو علمياً ،وبعد رحلة من البحث بين المواقع العلمية وما ُّ يجد من اكتشافات في علوم الفلك والفضاء والكون ،إذا بي
أُفاجأ بأن ما يكتشفه العلماء اليوم قد َّ تحدث عنه القرآن بمنتهى الوضوح والدقّة والبيان!
لظنهم بأن عندما بدأ العلماء باكتشاف الكون أطلقوا عليه كلمة «فضاء» ،وذلك ّ الكون مليء «بالفراغ» .ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا رؤية بنيته بدقة مذهلة ،و أروا نسيجاً كونياً محكماً ومترابطاً ،بدءوا بإطالق مصطلح
جديد هو «بناء».
وتجمعاتها تش ّكل لبنات إنهم بالفعل بدءوا برؤية بناء هندسي ُمحكم ،فالمجرات ّ وأساس هذا البناء ،وتشترك هذه المجرات مع الغبار الكوني والدخان الكوني لتشكيل بناء شديد اإلتقان.
كما بدءوا يتحدثون عن هندسة بناء الكون ويطلقون مصطلحات جديدة لم نعهدها من قبل مثل الجسور الكونية ،والجدران الكونية ،وأن هنالك مادة غير
سموها بالمادة المظلمة ،وهذه المادة تمْل الكون وتسيطر على توزع مرئية ّ المجرات فيه ،وتشكل جسو اًر تربط هذه المجرات بعضها ببعض. لقد بدءوا يطلقون مصطلحات غريبة أيضاً ،فالصور التي رسمتها أجهزة السوبر كمبيوتر أظهرت الكون وكأن المجرات فيه آللِئ تزّين العقد! لقد اكتشفوا أشياء
كثيرة وما زالوا.
وفي كل يوم نجدهم يطلقون أبحاثاً جديدة وينفقون باليين الدوالرات في سبيل
هذه االكتشافات ،بل ويؤكدون هذه االكتشافات عبر آالف األبحاث العلمية
التي تطالعنا بها كل يوم مواقع اإلنترنت والمجالت والصحف العلمية. تطـابـق مذهل فوقفت أمامها خاشعاً في محراب جاللها ما أكثر اآليات التي استوقفتني طويالً، ُ
ِّ ومتدب اًر ِدالالتها متأمالً دقّة بنائِها واحكامها ،وروعةَ أسلوبها وسحرها، وجمالهاِّ ، ِّ ومتفك اًر في عجائبها وعلومها ومعجزاتها. ومعانيها، كيف ال أقف هذا الموقف وأنا أمام أعظم وأجمل وأروع كتاب على اإلطالق، علمه فقال﴿ :ل ِـك ِن اللّهُ َي ْشهَ ُد بِ َما أال وهو الكتاب الذي وضع اهلل تعالى فيه َ ِ ك أ َ ِ ِِ ون َو َكفَى بِاللّ ِه َش ِهيداً﴾ [النساء.]166 : َنز َل إِلَْي َ أَ َنزلَهُ بِعْلمه َواْل َمآلئ َكةُ َي ْشهَ ُد َ
شكل ( )1عندما ننظر إلى السماء من خالل المناظير المكبرة (التليسكوبات) نرى بناء محكما من النجوم والغاز والغبار والدخان ،وتظهر النجوم بألوان زاهية تزين السماء.
فتأمل عظمة هذا البناء الكوني ،وتأمل أيضا كيف تحدث القرآن عنه بقوله تعالى: اها﴾ [النازعات.]28-27 : ش ُّد َخ ْلقاا أَِم َّ ﴿أَأَ ْنتُ ْم أَ َ س َّو َ اء َب َن َ س ْم َك َها فَ َ اها * َرفَ َع َ الس َم ُ
شكل ( )2تأمل معي أخي القارئ عظمة البناء الكوني ،ماليين الماليين من النجوم والمجرات والدخان الكوني جميعها َيمأل أرجاء الكون ،فال تجد أي فراغ أو خلل أو اضطراب أًل يدل ذلك على عظمة خالق الكون سبحانه وتعالى؟ يقول تعالى﴿ :الَّ ِذي الر ْحم ِن ِم ْن تَفَ ٍ ق س ْبع سمو ٍ ات ِط َباقاا َما تََرى ِفي َخ ْل ِ ص َر َه ْل تََرى ِم ْن اوت فَ ْار ِج ِع ا ْل َب َ ُ َخلَ َ َ َ َ َ َ ق َّ َ ِ ِ ِ فُطُ ٍ ير﴾ [الملك-3 : ص َر َك َّرتَ ْي ِن َي ْن َقل ْب إِلَ ْي َك ا ْل َب َ ور * ثَُّم ْار ِج ِع ا ْل َب َ ص ُر َخاس ائا َو ُه َو َحس ٌ .]4
إنه علم اهلل الذي يعلم أسرار الكون والذي أودع في كتابه هذه األسرار ،وقال ِّر ِفي الس ِ ات و ْاأل َْر ِ ان َغفُو اًر َّر ِحيماً﴾ َنزلَهُ الَِّذي َي ْعلَ ُم الس َّ عنهُ ﴿ :ق ْل أ َ ض إَِّنهُ َك َ َ َّم َاو َ [الفرقان.]6 : والعجيب جداً أن القرآن الكريم تحدث بدقة فائقة عن حقائق كونية نراها اليوم!
حجة قوية جداً والدالئل التي سنشاهدها ونلمسها في هذا البحث العلمي هي ّ على ذلك. سوف نضع أقوال أهم الباحثين والمكتشفين على مستوى العالم بحرفيتها، وبلغتهم التي ينشرون بها أبحاثهم ،ومن على مواقعهم على اإلنترنت ،والتي يمكن لكل إنسان أن يرى ويتأمل هذه األقوال مباشرة .ونتأمل بالمقابل كالم اهلل
نحمل هذه اآليات ما ال تحتمله من نتدبر دون أن ِّ ّ الحق ّ عز وج ّل ،ونقارن و ّ التأويالت أو التفسيرات.
سوف نرى التطابق الكامل بين ما يكشفه العلم اليوم وبين ما تحدث عنه القرآن بد أن نقف على أحد قبل قرون طويلة .ولكن قبل التعرف إلى هذه الحقائق ال ّ االنتقادات المزعومة التي تُ َّ السنة النبوية وجه لإلعجاز العلمي في القرآن الكريم و ّ
المطهرة.
هجوم على اإلعجاز العلمي أصحابها :إذا كانت هذه الحقائق العلمية صدرت بعض المقاالت مؤخ اًر يتساءل ُ والكونية موجودة في القرآن منذ 1400سنة ،فلماذا تنتظرون الغرب حتى
تحملون النص يكتشفها ثم تقولون إن القرآن قد سبقهم للحديث عنها؟ ولماذا ّ القرآني ما ال يحتمل من التأويل والتفسير؟ والجواب نجده في نفس اآليات التي جاء فيها التطابق بين العلم والقرآن ،فهذه
اآليات موجهة أساساً للملحدين الذين ال يؤمنون بالقرآن ،خاطبهم بها اهلل تعالى بأنهم ُه ْم َمن سيرى هذه الحقائق الكونية ،وهم من سيكتشفها.
﴿س ُن ِري ِه ْم َآياتَِنا ِفي ْاآلفَا ِ ق َوِفي أَنفُ ِس ِه ْم َحتَّى لذلك نجد البيان اإللهي يقول لهمَ : ق أَولَم ي ْك ِ ِّك أََّنهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهيد﴾ [فصلت.]53 : ف بِ َرب َ َيتََبَّي َن لَهُ ْم أََّنهُ اْل َح ُّ َ ْ َ هذه اآلية الصريحة تخاطب أولئك الذين يش ّككون بالقرآن ،وأن اهلل سيريهم آياته
ومعجزاته حتى يدركوا ويستيقنوا أن هذا القرآن هو الحق ،وأنه كتاب اهلل تعالى. ان ِم ْن آن َولَ ْو َك َ ون اْلقُْر َ ويخاطبهم أيضاً بل ويناديهم بقوله تعالى﴿ :أَفَالَ َيتَ َدَّب ُر َ ِع ِند َغ ْي ِر اللّ ِه لَوج ُدوْا ِف ِ اختِالَفاً َكثِي اًر﴾ [النساء.]82 : يه ْ ََ إذن لو كان هذا القرآن من عند بشر أي من عند غير اهلل تعالى ،لرأينا فيه االختالفات والتناقضات ،ولكن إذا رأيناه موافقاً ومطابقاً للعلم الحديث وال يناقضه أبداً ،فهذا دليل علمي على أنه صادر من اهلل تبارك وتعالى فهو خالق
من ّزل القرآن. الكون وهو َ
وهذا هو هدف اإلعجاز العلمي ،أن نرى في هذا القرآن التناسق في ك ّل شيء، وال نجد فيه أي خلل أو خطأ أو تناقض ،وهذه مواصفات كتاب اهلل تعالى. بينما كتب البشر مهما أتقنها مؤلفوها سيبقى فيها التناقض واالختالف واألخطاء.
وأكبر دليل على ِ يغيرون صدق هذه الحقيقة القرآنية أن العلماء بدءوا ّ
مصطلحاتهم الكونية :مثل (فضاء) إلى (بناء) .إذن هم اكتشفوا أنهم مخطئون أصح منها بعدما اكتشفوا المادة في هذه التسمية فعدلوا عنها إلى ما هو ّ أدق و ّ المظلمة. المن َّزل من الذي يعلم أسرار السماوات واألرض ،أعطانا التعبير ولكن القرآن َ يه اْلب ِ ِِ اط ُل ِم ْن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َوَال الدقيق مباشرة ،وهو القائل عن كتابه الكريمَ ﴿ :ال َيأْت َ ٍِ ٍِ ِ ِِ ِ فصلت.]42 : م ْن َخْلفه تَْن ِزيل م ْن َحكيم َحميد﴾ [ ّ تمت على أيدي مؤمنين ثم قالوا إنها موجودة في القرآن إن هذه االكتشافات لو َّ إذن َّ لشكك الملحدون بمصداقيتها ،وقالوا بأنها غير صحيحة .ولكن المعجزة أنك تجد من ينكر القرآن ِّ يردد كلمات هذا القرآن وهو ال يشعر!! وفي هذا
تم االكتشاف على أيدي المؤمنين. إعجاز أكبر مما لو َّ
ولو تتبعنا آيات القرآن الكونية نجدها غالباً ما تخاطب الملحدين البعيدين عن
كتاب اهلل والمنكرين لكالمه تبارك وتعالى .فالمؤمن يؤمن بكل ما أنزل اهلل سبحانه وتعالى ،وهذه الحقائق العلمية تزيده يقيناً وايماناً بخالق هذا الكون ص ْن َع اللَّ ِه الَِّذي أَتْقَ َن ُك َّل َش ْي ٍء إَِّنهُ َخبِير ومبدعه وهو القائل عن إبداع خلقهُ ﴿ : ون﴾ [النمل.]88 : بِ َما تَ ْف َعلُ َ ينظر أما الملحد الذي ينكر القرآن وال يؤمن برسالة اإلسالم ،فيجب عليه أن َ ويتأم َل ليصل إلى إيمان عن قناعة ،وليدرك من وراء هذه الحقائق صدق هذا َّ النبيين عليه أفضل الصالة والتسليم. الدين وصدق خاتم ّ
عظمة الكون هنالك أنواع متعددة من المجرات تسبح في الكون وتشكل لبنات بناء في هذا الكون الواسع .وتوجد في الكون المرئي من هذه المجرات أو "اللبنات" مئات
الباليين!! وبالرغم من ذلك ال تشكل إال أقل من 5بالمئة من البناء الكوني، أما الـ 95بالمئة الباقية فهي مادة مظلمة ال تُرى .إن كل مجرة من هذه المجرات تحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم! فسبحان مبدع هذا البناء
العظيم.
إن الضوء يقطع في الثانية الواحدة 300ألف كيلو مت اًر تقريباً ،وهو يقطع في
المجرة التي تبعد عنا بليون سنة سنة كاملة 9.5تريليون كيلو مت اًر تقريباً ،و َّ
ضوئية ،يحتاج ضوؤها للوصول إلينا إلى بليون سنة! خالل هذا الزمن يقطع
ضوء هذه المجرة مسافة قدرها 9.5ألف مليون مليون مليون كيلو متر!!
شكل ( )3الكون كما يظهر باألجهزة المكبرة الحديثة ،وتظهر فيه النجوم والغبار
والدخان الكوني ،إنها عظمة الخالق تبارك وتعالى .إنه بناء ُمحكم ًل وجود فيه للخلل أو الفراغ أو الفروج والشقوق .إن هذا المشهد المهيب ينبغي أن يكون وسيلة لمزيد
بالخالق تبارك وتعالى والخوف من عقابه ،كيف ًل وهو القائل عن عباده المؤمنين: السماو ِ ين ي ْذ ُكر َ َّ ِ َّ ِ ات َو ْاأل َْر ِ ون ِفي َخ ْل ِ ض اما َوقُ ُع ا ودا َو َعلَى ُجنُوِب ِه ْم َوَيتَفَ َّك ُر َ ق َّ َ َ ﴿الذ َ َ ُ ون الل َه ق َي ا ِ ِ اب َّ الن ِ ار﴾ [آل عمران.]191 : س ْب َحا َن َك فَق َنا َع َذ َ َرَّب َنا َما َخ َل ْق َت َه َذا َباط اال ُ
تزين الكون كما تزين الآللئ العقد :في هذه الصورة تظهر المجرات شكل ( )4المجرات ّ البعيدة بألوانها الحقيقية تمام ا كالزينة ،وقد حدثنا عنه القرآن عن هذا المشهد قبل أن السم ِ ِ ف اء فَ ْوقَ ُه ْم َك ْي َ يراه العلماء بقرون طويلة في قوله تعالى﴿ :أَ َفلَ ْم َي ْنظُ ُروا إلَى َّ َ وج﴾ [ق.]6 : اها َو َما لَ َها ِم ْن فُُر ٍ اها َوَزي ََّّن َ َب َن ْي َن َ
الكون لبنات بناء رددها علماء غر ّبيون حديثاً ،وهي واآلن سوف نستعرض مثاالً على كلمات ّ
موجودة في القرآن قبل مئات السنين! ففي أحد األبحاث التي أطلقها المرصد
يفضلون استخدام كلمة يصرح مجموعة من العلماء بأنهم األوروبي الجنوبي ّ ّ مجرات] ،ويؤكدون أن الكون مزَّين [لبنات بناء من المجرات] بدالً من كلمة [ َّ بهذه األبنية تماماً كالخرز المصفوف على العقد أو الخيط!!
ففي هذا البحث يقول الدكتور بول ميلر مكتشف النسيج الكوني وزمالؤه، يقولون بالحرف الواحد: "إن المجرات األولى ،أو باألحرى لبنات البناء األولى من المجرات ،سوف تحدد تتشكل في خيوط النسيج .وعندما تبدأ ببث الضوء ،سوف تُرى وهي ّ مختلف الخيوط غير المرئية ،وتشبه إلى حد كبير الخرز على العقد". السَّماء بناء أبحرت في الكثير من المقاالت واألبحاث العلمية والصادرة حديثاً حول وبعد أن ُ تأكدت أن هذا العالِم ليس هو الوحيد الذي يعتقد بذلك ،بل الكون وتركيبه، ُ
جميع العلماء يؤكدون حقيقة البناء الكوني ،وال تكاد تخلو مقالة أو بحث في
علم الفلك من استخدام مصطلح [بنية الكون] .وهذا يدل على أن العلماء وذهبت مباشرة إلى متفقون اليوم على هذه الحقيقة العلمية ،أي حقيقة البناء. ُ شت عن كلمة ﴿بناء﴾ ،وما هي دالالت هذه كتاب الحقائق – القرآن ،وفتَّ ُ
الكلمة.
للسماء في قوله تعالى﴿ :اللَّهُ الَِّذي وكانت المفاجأة أن هذه الكلمة وردت كصفة ّ ص َوَرُك ْم َوَرَزقَ ُكم ِّم َن ض قَ َار اًر َو َّ ص َّوَرُك ْم فَأ ْ َج َع َل لَ ُك ُم ْاأل َْر َ َح َس َن ُ الس َماء ِب َناء َو َ
ِ الطَّيِّب ِ ك اللَّهُ َر ُّ ين﴾ [غافر .]64 :وفي آية ات َذلِ ُك ُم اللَّهُ َرُّب ُك ْم فَتََب َار َ َ ب اْل َعالَم َ َِّ اء﴾ [البقرة: أخرى نجد قوله ض ِف َار ًشا َو َّ تعالى﴿ :الذي َج َع َل لَ ُك ُم ْاأل َْر َ اء ِب َن ا الس َم َ ً .]22
وسبحان اهلل تعالى! كلمة يستخدمها القرآن في القرن السابع الميالدي ،ويأتي
العلماء في القرن الحادي والعشرين ليستخدموها بحرفيتها بعدما تأكدوا َّ وتثبتوا بأن هذه الكلمة تعبِّر تعبي اًر دقيقاً عن حقيقة الكون وأنه بناء محكم ،فهل هذه مصادفة أم معجزة؟! يقول تعالىُ ﴿ :ق ِل ْانظُروا ما َذا ِفي الس ِ ات و ْاأل َْر ِ ض َو َما َ ُ َ َّم َاو َ ات َو ُّ ون﴾ [يونس.]101 : تُ ْغنِي ْاآلََي ُ الن ُذ ُر َع ْن قَ ْوٍم َال ُي ْؤ ِم ُن َ آللئ تزيِّن العقد!
عندما رأى العلماء هذا الكون بمناظيرهم المقربة والمكبرة ،و أروا ما فيه من نجوم ومجرات وغبار كوني وجدوا أنفسهم أمام بناء هندسي كوني فسارعوا إلطالق مصطلح [البناء] على هذا الحشد الضخم من المجرات والدخان والغبار ،و أروا فيه ألواناً وزينة فشبهوها بالآللئ!
شكل ( )5تمثل المادة المظلمة أكثر من %95من حجم الكون ،هذه المادة ًل نراها ولكنها موجودة وهي التي تسيطر على توزع المادة المرئية في الكون .وحجم المادة
المرئية في الكون أقل من %5وهنا تتجلى عظمة القرآن عندما تفوق على العلم بتسمية السماء ﴿بناء﴾ وليس كما يسميها العلماء "فضاء".
شكل ( )6مجرة حلزونية تسير في الكون وفق نظام محكم ،وتبعد أكثر من 130 ألف سنة ضوئية!! ويوجد أكثر من مئة ألف مليون مجرة في الكون أكبر وأصغر من
هذه .إن السماء كما يقول العلماء بناء محكم بل السماء تظهر غنى في البناء ،وهذا السم ِ اها﴾ اء َو َما َب َن َ ما حدثنا عنه القرآن بل إن البارئ سبحانه قد أقسم بهذا البناءَ : ﴿و َّ َ [الشمس.]5 :
وفي أقوال العلماء عندما تحدثوا عن البناء الكوني نجدهم يتحدثون أيضاً عن تشبيه جديد وهو أن المجرات وتجمعاتها تشكل منظ اًر رائعاً بمختلف األلوان
األزرق واألصفر واألخضر مثل الخرز على العقد ،أو مثل الآللئ المصفوفة
بناء وزينةً. على خيط .أي أن هؤالء العلماء يرون ً
ففي إحدى المقاالت العلمية نجد كبار علماء الفلك في العالم يصرحون بعدما
أروا بأعينهم هذه الزينة:
"إن المادة في الكون تشكل نسيجاً كونياً ،تتشكل فيه المجرات على طول الخيوط للمادة العادية والمادة المظلمة مثل الآللئ على العقد".
إذن في أبحاثهم يتساءلون عن كيفية بناء الكون ،ثم يقررون وجود بناء محكم،
ويتحدثون عن زينة هذا البناء .ويقررون أن الكون يمتلئ بالمادة العادية المرئية والمادة المظلمة التي ال تُرى ،أي ال وجود للفراغ أو الشقوق أو الفروج فيه .لقد وجدت أن القرآن يتحدث بدقة تامة وتطابق مذهل عن هذه الحقائق في آية ُ واحدة فقط!!! واألعجب من ذلك أن هذه اآلية تخاطب الملحدين الذين كذبوا بالقرآن، يخاطبهم بل ويدعوهم للنظر والتأمل والبحث عن كيفية هذا البناء وهذه الزينة وتأمل ما بين هذه الزينة كإشارة إلى المادة المظلمة ،تماماً مثلما الكونيةُّ ،
يرون!!!
ِ اها َو َما َلهَا ِمن َّماء فَ ْوَقهُ ْم َك ْي َ اها َوَزَّي َّن َ ف َب َن ْي َن َ يقول تعالى﴿ :أَ َفلَ ْم َينظُ ُروا إلَى الس َ فُُرو ٍج﴾ [ق .]6 :والفروج في اللغة هي الشقوق. واليوم نحن نشاهد من خالل الصور البناء الكوني كما ظهر للعلماء في أضخم عملية حاسوبية ،وتظهر المجرات كلبنات البناء التي تزين السماء ،وتظهر
المادة المظلمة بلون أسود. إذن تأمل معي قول العلماء بأن السماء بناء ،ومزينة ،وال فروج أو فراغ فيها،
ِ اها َّماء فَ ْوقَهُ ْم َك ْي َ ف َبَن ْيَن َ وتأمل كذلك قول اهلل تعالى﴿ :أَ َفلَ ْم َينظُ ُروا إلَى الس َ اها َو َما لَهَا ِمن فُُرو ٍج﴾ ،أال تصور لنا اآلية الكريمة ما يراه العلماء اليوم َوَزَّيَّن َ
بأحدث األجهزة؟
وتأمل أيضاً أخي القارئ كيف يتحدث هؤالء العلماء في أحدث اكتشاف لهم
السماء كما تزين عن كيفية البناء لهذه المجرات ،وكيف تتشكل ،وكيف تُزّين ّ ظنه العلماء أنه ٍ خال تمام ًا، الآللئ العقد! حتى الفراغ بين المجرات والذي ّ اتضح حديثاً أنه ممتلئ تماماً بالمادة المظلمة ،وهذا يثبت أن السماء خالية من أية فروج أو شقوق أو فراغ ،وبما يتطابق تماماً مع النص القرآني الكريم. كلمات قرآنية في مصطلحات الغرب! ُّ الحق تعالى يطلب منهم أن ينظروا إلى السماء وسبحان الذي أنزل هذا القرآن!
من فوقهم ،ويطلب منهم أن يبحثوا عن كيفية البناء وكيف زَّينها ،وهم يتحدثون عن هذا البناء وأنهم يرونه واضحاً ،ويتحدثون عن شكل المجرات الذي يبدو
لهم كالخرز الذي يزين العقد .ونجدهم في أبحاثهم يستخدمون نفس كلمات
القرآن! ففي المقاالت الصادرة حديثاً نجد هؤالء العلماء يطرحون سؤاالً يبدءونه بنفس
الكلمة القرآنية« :كيف تشكل البناء الكوني» .ويستخدمون نفس الكلمة القرآنية وهي كلمة «كيف» ولو قرأنا هذه المقالة نجد أنها تتحدث عن بنية الكون وهو
اها﴾! ما تحدثت عنه اآليةَ ﴿ :ك ْي َ ف َبَن ْيَن َ حتى إننا نجد في القرن الحادي والعشرين الجوائز العالمية تُمنح تباعاً في سبيل اإلجابة عن سؤال طرحه القرآن قبل أربعة عشر قرناً ،أليس هذا إعجا اًز مبه ًار لكتاب اهلل تعالى؟!
تأملت مشتقات هذه الكلمة أي كلمة ﴿بناء﴾ ،أن ولكن الذي أذهلني عندما ُ المصطلحات التي يستخدمها العلماء وما يؤكدونه في أبحاثهم وما يرونه يقيناً اليوم ،قد سبقهم القرآن إلى استخدامه ،وبشكل أكثر دقة ووضوحاً وجماالً.
ولو بحثنا في كتاب اهلل ج ّل وعال عن اآليات التي تناولت بناء الكون ،لوجدنا أن البيان اإللهي يؤكد دائماً هذه الحقيقة أي حقيقة البناء القوي والمتماسك ِ اها﴾ [النازعات.]27 : اء َبَن َ َّم ُ والشديد .يقول تعالى﴿ :أَأ َْنتُ ْم أَ َش ُّد َخْلقًا أَم الس َ والعلماء يؤكدون أن القوى الموجودة في الكون تفوق أي خيال .ويمكن للقارئ الكريم الرجوع للمراجع في نهاية البحث ألخذ فكرة عن ضخامة القوى التي
تتحكم بالكون .وفي هذه اآلية الكريمة إشارة واضحة إلى هذه القوى من خالل
كلمة ﴿أ ُّ َشد﴾ ،والتي تعني القوة والشدة.
عز وج ّل قد أقسم بهذا البناء فقال﴿ :والسَّم ِ اها﴾ [الشمس: بل إن اهلل ّ اء َو َما َبَن َ َ َ .]5واهلل تعالى ال ُيقسم إال بعظيم. وهذا هو أحد علماء الغرب يؤكد أن الكون بأكمله عبارة عن بناء عظيم فيقول: «إن من أكثر الحقائق وضوحاً حول الكون أنه يظهر ِ نى في البناء على كافة غ ُ ً
المقاييس من الكواكب والنجوم والمجرات وحتى تجمعات المجرات والتجمعات
المجرية الكبيرة الممتدة لعدة مئات من الماليين من السنوات الضوئية». اإلعجاز العلمي أرقى أسلوب لخطاب الملحد
هؤالء العلماء ينكرون كالم اهلل تعالى وهو القرآن ،ويقولون إنه من صنع محمد صلى اهلل عليه وسلم!!! وربما ال يؤمنون بوجود خالق لهذا الكون ،ألنهم في
عز تخبط واختالط .والعجيب أن اهلل تعالى يصف حالهم هذه في قوله ّ حالة ّ ﴿ب ْل َك َّذ ُبوا بِاْل َح ِّ اء ُه ْم فَهُ ْم ِفي أ َْم ٍر َم ِري ٍج﴾ [ق .]5 :أي أن هؤالء وج ّلَ : ق لَ َّما َج َ الحق ،هم في حيرة واختالط من أمرهم وفي حالة عدم المكذبين بالقرآن وهو ّ استقرار.
وعلى الرغم من ذلك يدعوهم اهلل تعالى في اآلية التالية مباشرة للنظر والتأمل في كيفية بناء وتزيين الكون ،ويؤكد لهم أنه هو الذي بنى هذه المجرات وهو اها﴾ ،بل ويسخر الذي جعلها كالزينة للسماء ،يقول تعالىَ ﴿ :ك ْي َ اها َوَزَّيَّن َ ف َبَن ْيَن َ لهم أسباب هذا النظر وأسباب هذه االكتشافات ،وذلك ليستدلوا بهذا البناء على
الباني سبحانه وتعالى. ُّ وتخبطهم ويتفكروا في هذا البناء الكوني المتناسق وليخرجوا من حيرتهم َ
المحكم ،ليستيقنوا بوجود الخالق العظيم تبارك وتعالى .والسؤال :أليست هذه وُ دعوة من اهلل تعالى بلغة العلم لإليمان بهذا الخالق العظيم؟ إن الدين الذي يتعامل مع غير المسلمين بهذا المنهج العلمي لإلقناع ،هل هو
دين تخلف وارهاب ،أم دين علم وتسامح واقناع؟!! أال نرى في خطاب اهلل
قمةَ التسامح حتى مع أعداء اإلسالم؟ أليس تعالى لغير المسلمين خطاباً علمياً َّ
اإلعجاز العلمي أسلوباً حضارياً للدعوة إلى اهلل تعالى؟
إذا كان اإلعجاز العلمي والذي هو األسلوب الذي تعامل به القرآن مع أعدائه ودعاهم للنظر والتدبر ،إذا كان هذا اإلعجاز ـ كما يقول بعضهم ـ وسيلة غير
ناجحة للدعوة إلى اهلل تعالى ،إذن ما هي الوسيلة التي نخاطب بها الملحدين في عصر العلم والمادة الذي نعيشه اليوم؟ يقول تعالىْ ﴿ :ادعُ إِلَى سبِ ِ ك بِاْل ِح ْك َم ِة َواْل َم ْو ِعظَ ِة يل َرِّب َ َ ض َّل َع ْن َسبِيلِ ِه َو ُه َو َح َس ُن إِ َّن َرَّب َ ك ُه َو أ ْ أْ َعلَ ُم بِ َم ْن َ .]125
اْل َح َس َن ِة َو َج ِادْلهُ ْم بِالَّتِي ِه َي ِ ين﴾ [النحل: أْ َعلَ ُم بِاْل ُم ْهتَد َ
في رحاب تفسير هذه اآلية قال اإلمام الطبري رحمه اهلل تعالى في تفسيره لمعنى البناء" :وقوله عز وجل: ﴿أَ َفلَ ْم َي ْنظُ ُروا﴾ يقول تعالى ذكره :أفلم ينظر هؤالء المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتننا على إحيائهم بعد بالئهم﴿ ،إِلَى السَّم ِ اها اء فَ ْوَقهُ ْم َك ْي َ ف َبَن ْيَن َ َ فسويناها سقفاً محفوظاً ،وزَّيناها بالنجوم؟ ﴿ َو َما لَهَا ِم ْن فُُرو ٍج﴾ يعني اها﴾ َّ َوَزَّيَّن َ :وما لها من صدوع وفتوق".
وقال اإلمام القرطبي في قوله تعالى﴿ :أَ َفلَم ي ْنظُروا إِلَى السَّم ِ اء فَ ْوقَهُ ْم﴾ "أي ْ َ ُ َ اها﴾ نظر اعتبار وتفكر وأن القادر على إيجادها قادر على اإلعادة ﴿ َك ْي َ ف َبَن ْيَن َ اها﴾ بالنجوم ﴿ َو َما لَهَا ِم ْن فُُرو ٍج﴾ جمع فرج وهو فرفعناها بال عمد ﴿ َوَزَّيَّن َ الشق .وقال الكسائي ليس فيها تفاوت وال اختالف وال فتوق". ّ
وفي تفسير الطبري رحمه اهلل تعالى نجده يقول" :القول في تأويل قوله تعالى:
لعلوها على اء﴾ ،قال أبو جعفر :وانما سميت السماء سماء ِّ ً اء بَِن ً َّم َ ﴿ َوالس َ األرض وعلى سكانها من خلقه ،وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماة .ولذلك قيل لسقف البيت :سماوة ،ألنه فوقه مرتفع عليه .فكذلك السماء اء سميت لْلرض سماءِّ ، َّم َ لعلوها واشرافها عليها .وعن قتادة في قول اهللَ ﴿ :والس َ اء﴾ قال :جعل السماء سقفاً لك". بَِن ً
ونتساءل اآلن :أليس ما فهمه المفسرون رحمهم اهلل تعالى من هذه اآليات ،هو ما يكتشفه العلماء اليوم؟ أليست المادة تمْل الكون؟ أليست النجوم والمجرات
كالزينة في السَّماء؟ أليست هذه السماء خالية من أي فروج أو شقوق أو
فراغات؟ وهذا يؤكد وضوح وبيان النص القرآني وأن كل من يق أر كتاب اهلل
تعالى ،يدرك هذه الحقائق ٌّ كل حسب اختصاصه وحسب معلومات عصره. تطور الحقائق العلمية
في القرن السابع الميالدي عندما نزل القرآن الكريم ،كان االعتقاد السائد عند الناس أن األرض هي مركز الكون وأن النجوم والكواكب تدور من حولها .فلم يكن ألحد علم ببنية الكون أو نشوئه أو تطوره .لم يكن أحد يتخيل األعداد
الضخمة من المجرات ،بل لم يكن أحد يعرف شيئاً عن بنية هذه المجرات.
وبقي الوضع كما هو حتى جاءت النهضة العلمية الحديثة ،عندما بدأ العلماء
بالنظر إلى السماء عبر التليسكوبات المكبرة ،وتطور علم الفضاء أكثر عندما استخدم العلماء وسائل التحليل الطيفي لضوء المجرات البعيدة .ثم بدأ عصر
جديد عندما بدأ هؤالء الباحثون استخدام تقنيات المعالجة بالحاسوب للحصول
على المعلومات الكونية. ولكن وفي مطلع األلفية الثالثة دخل علم الفضاء عص اًر جديداً باستخدام السوبر
كومبيوتر ،عندما قام العلماء برسم مخطط للكون ثالثي األبعاد ،وقد كانت النتيجة اليقينية التي توصل إليها العلماء هي حقيقة أن كل شيء في هذا الكون
بناء ُمحكماً. يمثل ً ِ اء َّم َ ولكن الذي استوقفني طويالً قوله تعالى يصف هذه النجومَ ﴿ :وَزَّيَّنا الس َ ُّ ك تَ ْق ِد ُير اْل َع ِز ِ يز اْل َعلِ ِيم﴾ [فصلت .]12 :وقد أدهشني يح َو ِح ْفظًا َذلِ َ صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ بالفعل أن العلماء التقطوا صو اًر رائعة للنجوم شديدة اللمعان أو الكوازرات، وأدركوا أن هذه النجوم تضيء الطريق الذي يصل بيننا وبينها .لذلك أطلقوا
عليها اسماً ََ جديداً وهو «المصابيح» ،وسبحان الذي سبقهم إلى هذا االسم اء ُّ يح﴾ [فصلت: صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ ﴿وَزَّيَّنا الس َ فقال عن النجوم التي تزين السماءَ : .]12
تأمل عزيزي القارئ هذه النجوم التي سماها العلماء "بالمصابيح" ولكن القرآن قد
اء ُّ يح﴾ صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ سبقهم إلى هذا االسم قبل ذلك في قوله تعالىَ ﴿َ :زَّيَّنا الس َ [فصلت .]12 :أليس القرآن هو كتاب الحقائق الكونية؟؟ َمن الذي علّم محمداً هذه الكلمات؟ محمد تساؤالت نكررها دائماً في هذه األبحاث وهو :لو كان القرآن من تأليف َّ
النبي عليه صلوات اهلل وسالمه ،إذن كيف استطاع وهو األمي أن يطرح سؤاالً ُّ ُّ على الملحدين ويدعوهم للنظر في كيفية بناء الكون؟
وكيف َّ حدد أن النجوم تزّين السماء؟ ومن أين أتى بمصطلحات علمية مثل ﴿بناء﴾ و ﴿مصابيح﴾!؟ بل كيف علم بأن الكون ال يوجد فيه أية فراغات أو شقوق أو فروج أو تفاوت؟ من الذي علَّمه هذه العلوم الكونية في عصر الخرافات الذي عاش فيه؟ إن وجود تعابير علمية دقيقة ومطابقة لما يراه العلماء اليوم دليل على إعجاز القرآن الكوني ،ودليل على السبق العلمي لكتاب اهلل تعالى في علم الفلك
الحديث.
بتوسعه القرآن أول كتاب يربط بناء الكون ّ وفي كتاب اهلل تعالى نجد أن كلمة ﴿بناء﴾ ارتبطت دائماً بكلمة ﴿السماء﴾، اها بِأ َْي ٍد َوِاَّنا اء َبَن ْيَن َ َّم َ ﴿والس َ وكذلك ارتبطت بزينة الكون وتوسعه ،يقول تعالىَ : ِ ون﴾ [الذاريات.]47 : لَ ُموس ُع َ والعجيب أننا ال نكاد نجد بحثاً حديثاً يتناول البناء الكوني ،إال ونجدهم يتحدثون
فيه عن توسع الكون!! وهذا ما فعله القرآن تماماً في هذه اآلية العظيمة عندما ِ ون﴾. ﴿بَن ْيَن َ تحدث عن بنية الكون َ اها﴾ وعن توسع الكون ﴿لَ ُموس ُع َ أي أن القرآن هو أول كتاب ربط بين بناء الكون وتوسعه .ويمكن للقارئ الكريم أن يطلع على بعض المقاالت في نهاية البحث من مصادرها األساسية ليرى
هذا الربط في األبحاث الصادرة حديثاً.
وسؤالنا من جديد :ماذا يعني أن نجد العلماء يستخدمون التعبير القرآني َّ ك بحرفيته؟ إنه يعني شيئاً واحداً وهو أن اهلل تعالى يريد أن يؤكد لكل من يش ّ
بد في النهاية أن يعودوا للقرآن! بهذا القرآن ،أنهم مهما بحثوا ومهما تطوروا ال ّ يحدد من سيكتشف البناء الكوني القرآن ّ هنالك إشارة مهمة في هذه اآليات وهي أنها حددت من سيكتشف حقيقة البناء
الكوني ،لذلك َّ وجهت الخطاب لهم .ففي جميع اآليات التي تناولت البناء الكوني نجد الخطاب للمشككين بالقرآن ،ليتخذوا من اكتشافاتهم هذه طريقاً للوصول إلى اهلل واليقين واإليمان برسالته الخاتمة.
واستمع معي إلى هذا البيان اإللهي الذي يدعو الناس لعبادة اهلل ويذكرهم ببناء َّ اعب ُدوا رَّب ُكم الَِّذي َخلَقَ ُكم والَِّذ ِ ِ ﴿يا أَُّيهَا َّ ون السماءَ : ين م ْن قَْبل ُك ْم لَ َعل ُك ْم تَتَّقُ َ ْ َ َ الن ُ اس ْ ُ َ ُ السماء ِب َناء وأ َْن َز َل ِمن الس ِ * الَِّذي جع َل لَ ُكم ْاألَر ِ َخ َرَج بِ ِه اء فَأ ْ ُ ْ َ َ َّماء َم ً ََ َ ض ف َار ًشا َو َّ َ َ ا َ َِّ ِ ِ ِ ون ﴾ [البقرة.]22-21 : م َن الثَّ َم َرات ِرْزقًا لَ ُك ْم فَ َال تَ ْج َعلُوا لله أ َْن َد ًادا َوأ َْنتُ ْم تَ ْعلَ ُم َ ك كذلك يتحدث القرآن عن جحود الملحدين وكيف يذكرهم ببناء السماءَ ﴿ :ك َذلِ َ َّ َِّ ِ َّ ِ يؤفَ ُ َِّ ار ض قَ َرًا ون * اللهُ الذي َج َع َل لَ ُك ُم ْاأل َْر َ ين َك ُانوا بِآََيات الله َي ْج َح ُد َ ك الذ َ ُْ َحسن صورُكم ورَزقَ ُكم ِمن الطَّيِّب ِ ات َذلِ ُك ُم اللَّهُ َرُّب ُك ْم َ ص َّوَرُك ْم فَأ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ اء َو َ اء بَِن ً َّم َ َوالس َ ِ ك اللَّهُ َر ُّ ين﴾ [غافر .]64-63 :وهكذا آيات كثيرة جاء فيها فَتََب َار َ ب اْل َعاَلم َ اإلعجاز والبيان من اهلل تعالى ،فهل تخشع قلوبنا أمام عظمة هذا الكتاب؟ وهل
عز وجل في تعميق نظرتنا للكون من نستفيد من اإلعجاز العلمي لكتاب اهلل ّ ون اْلقُ ْ َآر َن أَم َعلَى ُقلُ ٍ وب حولنا ،وهل نستجيب لنداء الحق ج ّل وعال ﴿ :أَفَ َال َيتَ َدَّب ُر َ ْ
أَ ْقفَالُهَا﴾ [محمد.]24 :
الح ُبك والسماء ذات ُ
واآلن نتناول االكتشاف الحديث جداً حول النسيج الكوني ،وكيف أن المجرات وتجمعاتها تشكل نسيجاً مترابطاً كالخيوط المحبوكة ،ونتناول كيف أشار القرآن اء َذ ِ الكريم إلى هذا النسيج في قوله تعالى﴿ :والسَّم ِ ات اْل ُح ُب ِك﴾ [الذاريات.]7 : َ َ
وسوف نرى أن القرآن يتوافق مع الحقائق العلمية الثابتة واليقينية ،وأن هذا التوافق يشهد على أن القرآن كتاب اهلل تعالى ،وأنه معجز من الناحية العلمية والكونية. وسوف نعتمد في مراجع البحث على أهم علماء الغرب الذين اكتشفوا هذا النسيج وألفوا مئات األبحاث حوله ،وعلى األبحاث المنشورة حديثاً ،والموثقة من
قبل أهم مواقع الفضاء على شبكة اإلنترنت مثل موقع وكالة الفضاء األمريكية
ناسا. اء َذ ِ يقول تعالى عن السماء﴿ :والسَّم ِ أت هذه ات اْل ُح ُب ِك﴾ [الذاريات .]7 :لقد قر ُ َ َ وكررتها م ار اًر في محاولة لفهم معنى ﴿اْل ُحُب ِك﴾ ،فكانت توحي اآلية منذ سنوات ّ
إلي هذه الكلمة بالنسيج المحبوك! ّ
﴿الح ُبك﴾ تفسير كلمة ُ ووجدت أن أكثرهم قد فهم رجعت إلى أقوال المفسرين رحمهم اهلل تعالى، ولكنني ُ ُ من كلمة ﴿اْل ُح ُب ِك﴾ النسيج المحبوك والشديد والمحكم ،وقالوا بأن قوله تعالى: اء َذ ِ ﴿والسَّم ِ ات اْل ُح ُب ِك﴾ أي ذات الشكل الحسن وذات الشدة وذات الزينة وذات َ َ الطُّ ُرق. فعدد سبعة معاني فهذا هو اإلمام القرطبي رحمه اهلل تعالى قد توسَّع في تفسيره ّ
ِ الح ُبك﴾ .فهو يقول: لكلمة ﴿الح ُبك﴾ الواردة في قوله تعالى﴿ :والسَّماء ذات ُ ُ الخْلق "وفي ﴿الح ُبك﴾ أقوال سبعة :األول قال ابن عباس وقتادة ومجاهدَ : ُ
نس َج الثوب فأجاد الحسن المستوي ،وقاله عكرمة قال :ألم َتر إلى النسَّاج إذا َ نس َجهُ ،يقال منه حبك الثوب يحبِكه حبكاً ،أي أجاد نسجه .قال ابن األعرابي ْ كل شيء أحكمتَه وأحسنت عمله فقد احتبكته.
والثاني :ذات الزينة ،قاله الحسن وسعيد بن جبير .وعن الحسن أيضا :ذات ﴿الح ُبك﴾ تكسر كل شيء كالرمل إذا النجوم وهو الثالث .الرابع قول الفراء: ُ مرت به الريح الساكنة والماء القائم إذا مرت به الريح .الخامس :ذات الشدة، ﴿وبَن ْيَنا فَ ْوقَ ُك ْم َس ْبعاً ِش َداداً﴾ [النبأ .]12 :والمحبوك الشديد قاله ابن زيد وق أرَ : الخلق من الفرس وغيره. وفي الحديث :أن عائشة رضي اهلل عنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصالة، أي تشد اإلزار وتحكمه .السادس :ذات الصفاقة قاله خصيف ومنه ثوب صفيق المجرة التي في السماء ووجه صفيق بيِّن الصفاقة .السابع :أن المراد بالطرق َّ سميت بذلك ألنها كأثر المجر". ِّ
أين هذا النسيج كنت أتساءل :أين هذا النسيج المحكم في السماء ونحن ال نرى إال ولكنني ُ النجوم والكواكب؟ وبحثت في بعض المراجع التي تتناول علم الفلك وبنية الكون ،ولم أعثر على ما يشير إلى أي نسيج وقتها.
وبقيت هذه اآلية في ذاكرتي عدة سنوات وال أجد لها تفسي اًر دقيقاً ،حتى قبل أيام َ كنت أتصفَّح بعض المواقع العالمية عن بنية من كتابة هذا البحث ،عندما ُ
الكون ،وآخر ما وصلوا إليه من حقائق يقينية وثابتة عن السماء ،وكانت
أت خب اًر أطلقه المرصد األوروبي الجنوبي من خالل موقعه المفاجأة عندما قر ُ على اإلنترنت عنوانه" :لمحة عن النسيج الكوني المبكر جداً". أدركت بأن القرآن الكريم قد سبق وبعدما قرأت األسطر األولى من هذه المقالة ُ وسماه هؤالء العلماء بأربعة عشر قرناً إلى الحديث عن هذا النسيج الكوني َّ
﴿اْل ُح ُبك﴾ ،بل إن اهلل تعالى قد أقسم به.
﴿الحُبك﴾ المدلول اللغوي لكلمة ُ ولكن المسألة ليست بهذه البساطة ،فنحن أمام كتاب اهلل تبارك وتعالى ،والقول عز وج ّل .وأنه ال في كتاب اهلل بغير علم ُيهلك صاحبه ِّ ويعرضه لغضب اهلل ّ معنى ال تحتمله ،وال ينبغي أن أسوق نفسي أحمل هذه اآلية يجوز لي أبداً أن ِّ ً
باتجاه فهم جديد لهذه اآلية أو غيرها من آيات اهلل تعالى ،إال إذا أيقنت حقيقةً ُ أن اهلل تعالى يقصد هذا المعنى تماماً. التسرع في تفسير آية من آيات القرآن باالعتماد على نظريات علمية بل إن ُّ
يمس كتاب اهلل تعالى ،ويكون َّ حجة بيد ربما يثبت خطؤها في المستقبل ،قد ُّ
أعداء اإلسالم للنيل من هذا الدين الحنيف ،بهدف التشكيك في اإلعجاز
العلمي للقرآن الكريم.
لذلك كان ال بد من اللجوء أوالً إلى اللغة العربية التي نزل بها القرآن ،والبحث
عن معاني هذه الكلمة ،وهذا ما فعلته .فبعد رحلة في عالم المعاجم اللغوية،
ك) وأن العرب تقول: وجدت بأن هذه الكلمة قد جاءت من الفعل ( َحَب َ ُ
وشده ك ك) الحائ ُ "حبك النساج الثوب" أي َن َس َجه ،و( َحَب َ الثوب أي أجاد صنعه ّ َ و﴿الح ُبك﴾ هي جمع لكلمة (حبيكة) وهي الطريق. وأحكمه، ُ ﴿الحُبك﴾ تتضمن معاني ونرى من خالل المعاني اللغوية لهذه الكلمة أن كلمة ُ أساسية تدور حول النسيج والخيوط المحبوكة بإحكام والمشدود بعضها إلى بعض. ولكن المفسرين رحمهم اهلل تعالى لم يدركوا أبعاد هذا المعنى ألن العصر الذي عاشوا فيه لم تتوفر لديهم علوم الفلك الحديثة ،بل إن فكرة النسيج الكوني حديثة
جداً ال يعود تاريخها إال إلى بضع سنوات فقط!
شكل ( )7صورة النسيج الكوني كما ظهر في أضخم عملية حاسوبية في القرن
العشرين .إن الخيوط التي نراها تشبه النسيج المحبوك هي في الحقيقة باليين المجرات ﴿الح ُبك﴾ ،بل وأقسم بهذا التي تصطف وتتناسق بشكل محكم ،وهذا ما سماه القرآن بـ ُ اء َذ ِ السم ِ ات ا ْل ُح ُب ِك﴾ [الذاريات.]7 : النسيج فقالَ : ﴿و َّ َ
شكل ( )8صورة أخرى للنسيج الكوني ،وتمثل النقاط المضيئة أماكن تجمع المجرات.
كالعقد التي تربط الخيوط ببعضها ،وكأننا أمام خيوط نسيجية مرتبطة ومحبوكة وتظهر ُ تعبر حبكا متناهي الدقة .وتأمل عزيزي القارئ هذه اآلية ﴿والسماء ذات الحبك﴾ أًل ّ
تعبيرا دقيق ا عن هذه الصورة التي كلفت ماليين الدوًلرات؟!
مفاجأة جديدة أيقنت من خالل هذا المعنى اللغوي أن شكل هذا النسيج الكوني َّ البد أن لقد ُ
يكون كالنسيج ذي الخيوط المتشابكة والمربوطة بعضها ببعض .وقد كانت
أيت صورة هذا النسيج كما رسمته أضخم أجهزة المفاجأة الثانية عندما ر ُ الكمبيوتر ،وكان تماماً عبارة عن خيوط مترابطة بنسيج رائع ومحكم يدل على
عظمة الخالق سبحانه!
وتُظهر لنا الصور الجديدة النسيج الكوني كما رسمته أجهزة السوبر كومبيوتر ألول مرة في القرن 21وهو يضم مئات الباليين من المجرات ،وكل مجرة تضم مئات الباليين من النجوم ،وتمثل النقاط المضيئة تجمعات المجرات
الضخمة .وجميعها رتبها اهلل تعالى في هذا الكون الواسع ببنية نسيجية رائعة كالنسيج المحبوك ،بل وأقسم بها فقال﴿ :والس ِ ِ الحُب ِك﴾ [الذاريات!]7 : َّماء َذات ُ َ ولكن هذه المقالة العلمية حول مالمح النسيج الكوني ال تكفي أبداً ،فقد تكون
نظرية وليست حقيقة علمية ،وأنا كمؤمن ينبغي أن أتأكد من أية معلومة جديدة وأتثبت من صدقها قبل أن أقتنع بها ألبني عقيدتي على أسس علمية سليمة. بدأت بمطالعة مئات األبحاث حول النسيج الكوني والخيوط الكونية لذلك ُ وجميعها صدر منذ بضع سنوات .ووجدت بأن جميع العلماء يؤكدون هذه الحقيقة بل هي من أهم الحقائق الواضحة والمؤكدة في القرن الحادي والعشرين. مزيد من المعاني والدالالت أيت هذا النسيج بالمعادالت الرقمية والصور التي رسمها الكمبيوتر، وبعد أن ر ُ تحدث صراحة عن النسيج الكوني الذي يفتخر علماء الغرب أدركت بأن القرآن ّ ُ اليوم بأنهم هم أول من تحدث عنه.
تأمل المعاني ولكن هنالك المزيد من الدالالت والمعجزات ،فقبل الشروع في ُّ
الغزيرة التي تحملها هذه اآلية ينبغي أن نتأمل أوالً ما كشفته أبحاث القرن الحادي والعشرين في مجال العلوم الكونية.
فقد الحظ العلماء في السنوات القليلة الماضية أن كل مان اره في هذا الكون ال يشكل إال أقل من 5بالمئة ،وأن أكثر من 95بالمئة من الكون يتألف من مادة غير مرئية ال نبصرها هي المادة المظلمة. ونرى من خالل الصور المادة المظلمة ويمثلها في هذا النسيج الكوني اللون األسود ،وهي المادة التي تمْل المكان بين المجرات وتسيطر على توزع المادة
في الكون المرئي ،وقد رسمت هذه الصورة الكونية بواسطة السوبر كومبيوتر حيث تمثل كل نقطة فيها تجمع يضم آالف المجرات وربما الماليين ،فتأمل عظمة الكون وعظمة خالق الكون سبحانه وتعالى الذي أبدع هذا النسيج الرائع!
ٍ ٍ َّ رون * وما ال وتذكر معي هنا قو َل ّ الحق تبارك وتعالى﴿ :فال أُ ْقس ُم بما تُْبص َ ِ رون﴾ [الحاقة .]39-38 :فقد أنبأنا القرآن عن أشياء ال نبصرها بل تُْبص َ حق ،أال تتضمن هذه اآلية إشارة غير مباشرة للمادة وأقسم بها أن القرآن ّ المظلمة التي يكتشفها العلماء اليوم؟ علماء الفلك يستخدمون تعابير القرآن! ولكن السؤال :كيف استطاع علماء الغرب اكتشاف المادة المظلمة إذا كنا ال نبصرها؟ وكيف اكتشفوا النسيج الكوني؟ بل من أين جاءت هذه التسمية وهم لم يطّلعوا على القرآن؟
وهنا كان من الضروري القيام برحلة جديدة من رحالت البحث في أحدث ما
وصل إليه العلماء في هذا المجال .وكانت المفاجأة المذهلة من جديد عندما قرأت تأكيداً على لسان العلماء الذين اكتشفوا هذا النسيج ورأوه للمرة األولى
يقولون فيه" :إننا ال نكاد نشك بأننا وللمرة األولى نرى هنا خيطاً كونياً صغي اًر
في الكون المبكر".
ثم يقولون بعد ذلك بالحرف الواحد" :نحن نراه (أي هذا الخيط) في زمن عندما
كان عمر الكون فقط 2بليون سنة ،الفلكيون يمكنهم أن «يروا» توزع المادة في الكون المبكر". ولكن الذي لفت انتباهي أن هؤالء العلماء يستخدمون كلمة "نرى" بل ويضعون هذه الكلمة ضمن قوسين للداللة على أنها كلمة جديدة االستخدام مع العلم أن
هذه الصور التي يرونها لهذا النسيج تعود إلى 13بليون سنة!
وبعد تفكير طويل في السبب الذي جعل هؤالء العلماء يصرون على رؤيتهم
تذكرت قول الحق تعالى مخاطباً هؤالء المنكرين لكتابه لمالمح هذا النسيج، ُ َن الس ِ َِّ ين َكفَ ُروا أ َّ ناه َما﴾؟ ض َك َانتَا َرتْقاً فَفَتَ ْق ُ َّم َاوات َو ْاأل َْر َ المجيد﴿ :أ ََولَ ْم َي َر الذ َ َ [األنبياء.]30 :
فسبحان اهلل!! إن اهلل عز وجل يقول﴿ :أولم َير﴾ ،وهم يقولون «إننا نرى» وكأنهم يرددون كالم اهلل تعالى وهم ال يشعرون! واهلل يقول﴿ :الذين كفروا﴾ وهم يعترفون بإلحادهم وعدم إيمانهم بالقرآن.
واهلل تعالى يحدد الزمن بكلمة ﴿كانتا﴾ أي في الماضي ،وهم يقولون« :الكون
﴿رتْقاً﴾. المبكر» واهلل تعالى يقولَ : وهم يعترفون بأنهم بدأوا برؤية أول خيط في هذا الرتق الكوني بقولهم" :خيطاً
كونياً صغي اًر" .أليست هذه معجزة قرآنية ينبغي على كل مؤمن أن يتفكر فيها؟ بل ويفتخر بهذا الكتاب العظيم الذي هو بحق كتاب العجائب والحقائق ،وليس
يدعون أنه كتاب أساطير وخرافات. كما ّ أفال يؤمنون ؟ وأمام هذه المعجزة القرآنية ،معجزة خطاب القرآن للكفار بأنهم سيرون هذا الرتق
الكوني في بداية الكون ،وهم قد أروا هذا النسيج فعالً من خالل أجهزتهم
وحواسبهم.
أفال يستيقنون بأن هذا القرآن هو من عند اهلل تعالى الذي خلقهم ويسَّر لهم هذا االكتشاف وحدثهم عنه في كتابه قبل أن يكتشفوه بأربعة عشر قرناً! لقد اكتشفوا بداية هذا النسيج وتتراءى لهم مالمح هذه الخيوط الكونية ،ولكننا نراهم
يستمرون بالبحث عن هذا الرتق الكوني .لذلك نجد البيان اإللهي في هذه اآلية الكريمة يسألهم﴿ :أفَال يؤمنون﴾ ؟؟؟ السد والفتق تعني الشق وكما نعلم من معاجم اللغة العربية كلمة الرتق تعني ّ وكلتا الكلمتين تتضمن إشارة صريحة إلى النسيج .والسؤال :أليس هؤالء العلماء
يرددون هذه اآلية وهم لم يطلعوا عليها؟ ّ
وعندما صرح القرآن بأن الكون كان رتقاً أي نسيجاً متماسكاً كالسد المنيع ،نرى
علماء هذا العصر يؤكدون وبشدة أنهم يرون هذا النسيج في المراحل المبكرة
من عمر الكون!! بل إن هؤالء العلماء ال يش ّكون أبداً في وجود هذا النسيج ،حتى إنهم بدأوا
يتساءلون عن الكيفية التي ُحبكت فيها هذه الخيوط الكونية العظمى .وتأمل معي هذا النسيج الذي رسمه الكومبيوتر على شبكة ثالثية األبعاد لجزء كبير من الكون المرئي ونرى فيه بوضوح أن ما نبصره في هذا الكون أقل بكثير مما ال نبصره! حقائق علمية يقينية نتعرف على الكيفية التي جعلت علماء الفلك يجزمون واآلن ينبغي علينا أن ّ بهذا النسيج ،بل ويجمعون على ذلك .وتبدأ القصة عندما بدأ علماء الكون برسم خرائط للنجوم والمجرات والحظوا وجود مناطق تتجمع فيها هذه المجرات بما يسمى عناقيد المجرات ووجدوا بأن هذا الكون يحوي أكثر من مئتي ألف مليون مجرة! وعندما توفرت إمكانية الحسابات الضخمة باستخدام السوبر كومبيوتر َّ فكر العلماء بإدخال جميع المعلومات الالزمة إلى هذا الكومبيوتر العمالق والتي تتضمن بيانات رقمية حول موقع المجرة وبعدها عنا بالسنوات الضوئية وشدة
إشعاعها ،باإلضافة إلى معلومات حول التجمعات المجرية الضخمة ومعلومات أخرى تشمل أكثر من مليون مجرة. وعندما نفّذ الكومبيوتر العمليات الرقمية كانت الصورة الناتجة تشبه النسيج، وهذا ما جعل العلماء مباشرة يطلقون عليها اسم النسيج الكوني.
واآلن... لو توجهنا اليوم بسؤال لهؤالء العلماء الذين اكتشفوا هذا النسيج المعقد ،وصرفوا باليين الدوالرات في سبيل رسم هذه الصورة الكونية ،وقلنا لهم: ما رأيكم أن الشيء الذي تكتشفونه في القرن الحادي والعشرين ،قد تحدث عنه كتاب موجود منذ القرن السابع الميالدي! إنهم سيسارعون للقول بأن ذلك سيكون مستحيالً ،والسبب هو أن التنبؤ بوجود
بنية نسيجية للكون والحديث عن الرتق والفتق ،يحتاج إلى عدسات مكبرة ومراصد تتوضع في مختلف أنحاء العالم ،ويحتاج آلالف الباحثين لرسم خرائط
لماليين المجرات ،وتحديد أماكنها وتحليل أطيافها. وسوف يتطلَّب ذلك وجود أجهزة سوبر كومبيوتر عمالقة ،والى تكاليف باهظة.
ٍ لبشر أن َّ يتنبأ وهذه اإلمكانيات لم تتوفر إال في نهاية القرن العشرين ،فأنى
بنسيج كهذا؟؟
ونقول لهم نعم! إن قولكم صحيح لو كان القرآن من صنع بشر ،ولكن هذا
رب البشر تبارك وتعالى! فهل تخشع قلوبكم أمام هذه المعجزة القرآن هو كالم ّ التي هي دليل مادي على صدق كتاب اهلل عز وجل وصدق رسالة اإلسالم؟ آن أَن ُي ْفتََرى ِمن ان َهـ َذا اْلقُْر ُ ﴿و َما َك َ إذن استمعوا معي إلى هذا البيان اإللهيَ : اب الَ رْيب ِف ِ يق الَِّذي ب ْين ي َد ْي ِه وتَ ْف ِ ُد ِ ِ ِ يل اْل ِكتَ ِ يه ِمن َّر ِّ ب ص َ ص ِد َ َ َ ون اللّه َولَـكن تَ ْ َ َ َ َ ِ ين﴾ [يونس.]37 : اْل َعالَم َ
السماء تتكلّم قرأت مقالة ألحد الكتّاب يهاجم اإلعجاز العلمي في القرآن الكريم ،هذا الكاتب لم ُيرق له أن يكون كتاب اهلل معج اًز من الناحية الكونية والعلمية .فهو يستغرب من أي حقيقة كونية يتحدث عنها القرآن تكون بعيدة عن المنطق المألوف.
ويحملون ويقول :إن كتّاب اإلعجاز العلمي يفسرون اآليات كما يحلوا لهم ّ النصوص القرآنية غير ما تحتمل من الدالالت والمعاني والتأويل. لت إلى بعض المواقع تحو ُ وسبحان اهلل! وبعدما قرأت هذه المقالة ،وكعادتي ّ العلمية لمتابعة أخبار الفضاء وجديد االكتشافات ،وبينما أقلب صفحات اإلنترنت ظهرت لي مقالة غريبة بعنوان "الكون الناشئ يتكلم"!!
وظننت بادئ األمر أن هذا عنوان قصة من قصص الخيال العلمي أو قصيدة ُ وجدت بأن هذا الخبر يبثه أحد أشهر مواقع شعر أو قصة قصيرة ،ولكن ُ
الفضاء في العالم
www.space.com
وصاحب هذا االكتشاف الجديد هو أحد
علماء الفضاء وهو البروفيسور مارك ويتل من جامعة فيرجينيا.
لقد أثبت هذا العالم في بحثه أن الكون عندما كان في مراحله األولى أي في
مرحلة الغاز والغبار والح اررة العالية ،أصدر موجات صوتية .وقد ساعد على انتشار هذه األمواج وجود الغاز الكثيف الذي يمْل الكون والذي عمل كوسط مناسب النتشار هذه األصوات. وقد كان هذا االكتشاف هو نتيجة لدراسة اإلشعاع الميكرويفي لخلفية الكون في مراحله األولى بعد االنفجار الكبير.
وقلت من جديد :سبحان اهلل! لماذا ال ُيبدي صاحبنا كاتب الهجوم استغرابه ألمر كهذا؟ وهل يملك الكون لساناً وحنجرة ليتكلم بهما؟ وليت هذا الكاتب يعلم بأن القرآن تحدث بصراحة عن هذا األمر! بل سوف نرى أكثر من ذلك ،فقد
تحدث القرآن عن أشياء أكثر دقة وبعبارات مباشرة وواضحة وال تحتاج لتأويل،
سوف نأتي اآلن بأقوال هؤالء العلماء الماديين من أفواههم ،ونرى في كتاب اهلل
تعالى حديثاً عنها ،ليكون هذا إعجا اًز كونياً مذهالً؟ أمواج صوتية تُسمع من بدايات الكون جاء في هذا الخبر العلمي الذي نشرته العديد من المجالت المتخصصة والمواقع العلمية على لسان كاتب المقال وبالحرف الواحد:
توسع الكون بسرعة بعد االنفجار الكبير ،خالل فترة تدعى التضخم .فيما "لقد ّ بعد ،تابع الكون توسُّعه بشكل أبطأ مما أدى إلى تبرد الغاز وتكثـفه وتشكيله للنجوم .كل هذا الوقت ،ساهمت تغيرات الكثافة في تشكيل خصائص الصوت المحدد من قبل فريق ويتل".
نرى من خالل تصريحات العلماء واكتشافهم أن الكون في مراحله المبكرة أي
عندما كان في مرحلة الغاز الحار ،وعندما بدأت النجوم بالتشكل من هذا الغاز استمر حتى أصبح عمر الكون مليون سنة ،وقد الكوني ،أصدر الكون صوتاً ّ أمكن تحديد مواصفات هذا الصوت واتضح بأنه هادئ ومطيع ،وبعد ذلك بدأت
النجوم بالتشكل.
وجدت بأن كتاب اهلل تعالى قد تحدث عن هذه االكتشافات قبل والعجيب أنني ُ
ِ ض ِفي ون بِالَِّذي َخلَ َ ق ْاأل َْر َ أربعة عشر قرناً في قوله تعالىُ ﴿ :ق ْل أَئَّن ُك ْم لَتَ ْكفُُر َ ب اْلعالَ ِمين * وجع َل ِفيها رو ِ اس َي ِم ْن فَ ْوِقهَا ون لَهُ أ َْن َد ًادا َذلِ َ َي ْو َم ْي ِن َوتَ ْج َعلُ َ ك َر ُّ َ َ َ َ َ َ ََ ك ِفيها وقَ َّدر ِفيها أَ ْقواتَها ِفي أَربع ِة أََّي ٍام سو ِ ِِ استََوى إِلَى اء للسَّائل َ ين * ثَُّم ْ ََ ً َْ َ َوَب َار َ َ َ َ َ َ َ السَّم ِ ال لَهَا ولِ ْْل َْر ِ ين * ط ْو ًعا أ َْو َك ْرًها قَالَتَا أَتَْي َنا َ ض ِا ْئتَِيا َ اء َو ِه َي ُد َخان فَقَ َ ط ِائ ِع َ َ َ ٍ ِ ٍ ِ ِّ اء ُّ الد ْنَيا ض ُ فَقَ َ َّم َ اه َّن َس ْبعَ َس َم َوات في َي ْو َم ْي ِن َوأ َْو َحى في ُكل َس َماء أَ ْم َرَها َوَزَّيَّنا الس َ ك تَ ْق ِد ُير اْل َع ِز ِ يز اْل َعلِ ِيم﴾ [فصلت.]12-9 : يح َو ِح ْف ً ظا َذلِ َ صابِ َ بِ َم َ
وجدت في هذا الكشف الكوني الجديد إجابة عن تساؤل شغلني لفترة طويلة لقد ُ استََوى إِلَى في محاولة لفهم معنى قوله تعالى عن الكون في بدايات خلقه﴿ :ثَُّم ْ السَّم ِ ال لَهَا ولِ ْْل َْر ِ ين﴾ ط ْو ًعا أ َْو َك ْرًها قَالَتَا أَتَْي َنا َ ض ِا ْئتَِيا َ اء َو ِه َي ُد َخان فَقَ َ ط ِائ ِع َ َ َ [فصلت.]11 : ووجدت أكثرهم يؤكد بأن كالم السماء هنا هو كالم فقد قرأت تفاسير القرآن ُ حقيقي .فهذا هو اإلمام القرطبي رحمه اهلل تعالى يقول في تفسير قوله تعالى: ِِ ين﴾" :وقال أكثر أهل العلم :بل خلق اهلل فيهما الكالم ﴿قَالَتَا أَتَْيَنا طَائع َ فتكلمتا كما أراد تعالى". ذبذبات كونية هادئة ولكن هذه الحقيقة العلمية هل هي حقيقة فعالً ،أم أنها نظرية وتوقع؟ وكما نعلم
وتثبت .لذلك ال يجوز لنا أبداً أن نقول في كتاب اهلل عز وجل برأينا دون يقين ّ فقد تطلّب هذا األمر مني جولة واسعة في عالم األخبار العلمية الجديدة ووجدت بأن وسائل اإلعالم الغربية قد تناولت هذا الخبر ،وبالطبع لم يعارضه ُ أحد ألنه مدعوم بالمنطق العلمي والعملي.
شكل ( )9رسم يمثل مراحل تطور الكون من اًلنفجار الكبير حتى يومنا هذا .ويعتقد
العلماء أن الكون بدأ قبل 13.7بليون سنة بانفجار كبير وًل زال يتوسع حتى اآلن، وهذا ما سبق به القرآن علماء هذا العصر بقوله تعالى عن توسع الكون﴿ :والسماء
بنيناها بأيد وانا لموسعون﴾ [الذاريات.]47 :
شكل ( )10بدأ الكون بانفجار عظيم ،ثم تباعدت أجزاؤه مشكلة المجرات والنجوم، والعجيب أن القرآن قد تحدث عن جميع هذه المراحل بدقة تامة ،يقول تعالى﴿ :أ ََولَ ْم َي َر اهما وجع ْل َنا ِم َن ا ْلم ِ السماو ِ ش ْي ٍء َح ٍّي ين َكفَ ُروا أ َّ اء ُك َّل َ ات َو ْاأل َْر َ الَّ ِذ َ ض َكا َنتَا َرتْقاا فَ َفتَ ْق َن ُ َ َ َ َ َن َّ َ َ َ
ون﴾ [األنبياء.]30 : أَفَ َال ُي ْؤ ِم ُن َ
إن الذي يتأمل القوانين الرياضية التي أودعها اهلل تعالى في الدخان أو الغاز يجد ومن خالل ما يسمى بهندسة ميكانيك السوائل أن أي غاز عندما يتمدد
ويكبر حجمه يصدر عن هذا التمدد موجات قد تكون صوتية .وذلك بسبب
التغير في كثافة الغاز وحركة جزيئاته واحتكاكها ببعض مما يولد هذه األمواج. وهذا ما حدث فعالً في بداية نشوء الكون عندما كان دخاناً ،فالتوسع والتمدد
أدى إلى احتكاك وتصادم مكونات هذا الحساء الكوني الحار ،واطالق هذه األصوات التي تشبه حفيف الشجر .حتى إن بعض العلماء قد رسموا خطاً
بيانياً يمثل هذه الذبذبات الكونية.
إن هذه اآلية تتحدث بوضوح شديد عن كالم للكون وهو في مرحلة الدخان، سمى اهلل تعالى تلك المرحلة المبكرة من عمر الكون بالدخان؟ إن ولكن لماذا َّ هذه الكلمة هي األقدر على التعبير عن حقيقة الكون في ذلك الزمن .فالكون
كان ممتلئاً بالغاز الحار جداً باإلضافة إلى الغبار الكوني ،وكان هذا الغاز يشبه الغيوم.
وبالفعل نجد أن العلماء استطاعوا رؤية غيوم من الغاز حول أحد النجوم البعيدة جداً على حافة الكون المرئي ،ويؤكدون أن النجوم تتشكل من غيوم
الغاز هذه.
وتُظهر الصور الملتقطة ألحد النجوم أنه محاط بسحب من الدخان ،ويبدو كالمصباح المنير ،فلوال هذا المصباح الكوني لم نستطع رؤية الغاز والغبار البراقة بالمصابيح فقال﴿ : حوله ،وصدق اهلل تعالى عندما سمى هذه األجسام َّ اء ُّ يح﴾ [فصلت ،]12 :فتأمل! صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ َوَزَّيَّنا الس َ بكاء السَّماء ولكن من األشياء الغريبة والملفتة لالنتباه والتي يصرح بها العلماء اليوم ما
يقوله البروفيسور ويتل في خبر علمي: "يمكننا سماع البكاء الناتج عن والدة الكون". وتخطر ببالي آية تحدث فيها البارئ تبارك وتعالى عن بكاء السماء فقال﴿ :فَ َما
ِ ين﴾ [الدخان .]29 :ولكن ض َو َما َك ُانوا ُم ْن َ َب َك ْ اء َو ْاأل َْر ُ ظ ِر َ َّم ُ ت َعلَْيه ُم الس َ األعجب من ذلك أن هذه اآلية التي تتحدث عن بكاء السماء وردت في سورة
الدخان!!!
وهذا الخبر العلمي يعطي إمكانية حدوث الصوت والبكاء وغير ذلك مما لم
نكن نفهمه من قبل .وهذا يؤكد أن كل كلمة في القرآن هي الحق ،بل لماذا ال يكون هذا الصوت الكوني هو امتثال ألمر اهلل تعالى؟ إن جميع العلماء اليوم يؤكدون أن توسع الكون وتمدد الغاز فيه أحدث هذه األصوات ونتج عن هذا التمدد النجوم التي نراها اليوم .إذن المرحلة الثانية بعد
مرحلة الغاز أو الدخان هي مرحلة النجوم ،هذا ما يراه العلماء يقيناً.
شكل ( )11رسم بياني للذبذبات الصوتية التي أصدرها الكون في مراحله المبكرة. ويظهر من خالل تحليل العلماء لهذه الذبذبات أن الكون كان هادئا ومطيعا ،وهذا
يوافق قول اله تعالى عن السماء في بداية الخلق﴿ :ثم استوى إلى السماء وهي دخان
فقال لها ولألرض إتيا طوع ا أو كره ا قالتا أتينا طائعين﴾ [فصلت.]11 :
المشعة التي تضيء ما حولها ،حتى إننا شكل ( )12نجوم بعيدة وتظهر كالمصابيح َّ نرى بواسطتها الدخان الكوني! ويقول العلماء عن هذه النجوم :لوًلها لما أمكن رؤية
ما حولها من الكون ،إذن هي تعمل على إضاءة السماء من حولها ،إذن هي مصابيح َّ السماء الدنيا بمصابيح﴾ منيرة وهذا اًلسم سبق به القرآن في قوله تعالى: ﴿وزينا َّ
[فصلت.]12 :
من الدخان إلى المصابيح ولكن ماذا عن المرحلة التالية للدخان في القرآن؟ ماذا يخبرنا كتاب اهلل تعالى؟ لو تأملنا اآلية التي تلي آية الدخان مباشرة نجد قول الحق عز وجل:
ٍ ِ ٍ ِ ِّ اء ض ُ ﴿فَقَ َ َّم َ اه َّن َس ْبعَ َس َم َوات في َي ْو َم ْي ِن َوأ َْو َحى في ُكل َس َماء أ َْم َرَها َوَزَّيَّنا الس َ ُّ ك تَ ْق ِد ُير اْل َع ِز ِ يز اْل َعلِ ِيم﴾ [فصلت .]12 :وكما نرى يح َو ِح ْف ً ظا َذلِ َ صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ
اآلية تتحدث عن تزيين السماء بالنجوم ،وهذا ما يقوله العلماء اليوم بالحرف
الواحد كما رأينا! فجميع العلماء يؤكدون أن المرحلة التالية للدخان هي مرحلة تشكل المصابيح أو النجوم شديدة اللمعان ،وهذا ما أخبرنا به القرآن ،عندما تحدث عن الدخان
أوالً﴿ :وهي دخان﴾ ،ثم تحدث في اآلية التالية مباشرة عن النجوم الالمعة: اء ُّ يح﴾ ،فهل جاء هذا الترتيب بالمصادفة أم هو صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ ﴿ َوَزَّيَّنا الس َ بتقدير اهلل سبحانه وتعالى القائل﴿ :ذلك تقدير العزيز العليم﴾؟؟ المصابيح الكونية
فجميع علماء الفضاء يقررون أن الكون كان مليئاً بغز حار ثم تبرد وأول ما تشكل هو النجوم .والقرآن يقرر بأن السماء أو الكون كان دخاناً ثم زَّين اهلل
بد من تساؤل: السماء بالنجوم وسماها المصابيح ،وهنا ال ّ
لماذا لم يقل اهلل تعالى في هذه اآلية بالذات( :وزينا السماء الدنيا بنجوم ،أو
مجرات)...؟ لماذا ذكر المصابيح في هذه المرحلة من عمر الكون كواكب ،أو َّ عندما كان دخاناً؟ ونحن نعلم من خالل معاجم اللغة العربية بأن المصباح يستخدم إلضاءة الطريق ،ونعلم بأن ضوء هذه النجوم ال يكاد يرى ،فكيف سمى القرآن هذه النجوم بالمصابيح ،فماذا تضيء هذه المصابيح؟
هذا التساؤل تطلب مني رحلة شائكة في عالم االكتشافات الكونية حول الكون
المبكر وتشكل النجوم والدخان الكوني ،ولكن الذي أدهشني بالفعل أن العلماء
التقطوا صو اًر رائعة للنجوم شديدة اللمعان أو الكوازرات.
وقد أدركوا أن هذه النجوم هي األقدم في الكون تضيء الطريق الذي يصل بيننا
وبينها ،وبل بواسطتها استطاع العلماء دراسة ما حولها واستفادوا من إضاءتها الهائلة والتي تبلغ ألف شمس كشمسنا!!! لذلك أطلقوا عليها اسماً ََ جديداً وغريباً وهو "المصابيح الكاشفة" أي ،وسبحان الذي سبقهم إلى هذا االسم فقال عن النجوم التي تزين السماء: اء ُّ ك تَ ْق ِد ُير اْل َع ِز ِ يز اْل َعلِ ِيم﴾ [فصلت: يح َو ِح ْف ً ظا َذلِ َ صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ ﴿وَزَّيَّنا الس َ َ .]12
flashlights
إن العلماء اليوم يسمون هذه النجوم "مصابيح" وقد سبقهم القرآن إلى هذا االسم
اء ُّ يح﴾ ،أليست هذه معجزة صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ قبل 1400سنة ،فقالَ ﴿ :وَزَّيَّنا الس َ واضحة للقرآن؟ أال نرى من خالل هذا االسم التطابق الكامل بين ما يكشفه العلم من حقائق كونية يقينية ،وبين كلمات القرآن الكريم؟ ولكي يكون كالمنا
رد على أولئك المشككين باإلعجاز العلمي والكوني لكتاب موثقاً وعلمياً وفيه ّ اهلل تعالى ،سوف نأتي بأقوال العلماء بحرفيتها ومن مصادرها. اكتشافات تؤكد صدق القرآن لقد جاء في إحدى المقاالت بعنوان" :متى تشكلت األبنية الكونية األولى" ويقولون بالحرف الواحد: "بما أن النجوم الالمعة تُنير كل المادة على طول الطريق الواصل إلينا ،فإن
هذه النجوم تعمل مثل مصابيح كاشفة بعيدة تكشف خصائص الكون المبكر".
البراقة وقد ُ وجدت بأن جميع العلماء عندما يتحدثون عن هذه النجوم المبكرة ّ يشبهونها بالمصابيح ،حتى إن أحد هؤالء العلماء يقول: "إن هذه النجوم تعمل مثل المصابيح األكثر لمعاناً". إن هؤالء العلماء عندما أروا هذه النجوم البعيدة ،أروا تطابقاً تاماً بينها وبين
المصابيح التي تضيء لهم الطريق ،ولذلك سارعوا إلى تسميتها بهذا االسم، وسبحان من سبقهم إلى هذا االسم ،كيف ال يسبقهم وهو خالق المصابيح
وخالق الكون! يرى العلماء اليوم هذه النجوم البراقة أو الكوا ازرات على حافة الكون المرئي،
وتبعد عنا آالف الماليين من السنوات الضوئية ،وتظهر تماماً كالمصباح
المضيء في وسط الظالم الدامس .إن إضاءة هذا النجم أكبر من إضاءة المجرات التي تظهر من حوله .وتبارك اهلل العظيم الذي خلق هذه النجوم وزين بها السماء وسماها قبل هؤالء العلماء بالمصابيح! ونتساءل... ما معنى هذا التطابق والتوافق بين ما يكشفه العلماء في القرن الحادي والعشرين وبين كتاب أُنزل قبل أربعة عشر قرناً؟ وما معنى أن يسمي العلماء األشياء التي يكتشفونها تسميات هي ذاتها في القرآن وهم لم يقرءوا القرآن؟
إنه يعني شيئاً واحداً وهو أنكم أيها الملحدون المنكرون لكتاب اهلل وكالمه،
مهما بحثتم ومهما تطورتم ومهما اكتشفتم ،فسوف تعودون في نهاية الطريق
إلى هذا القرآن ،وسوف ترجعون إلى خالقكم ورازقكم والذي سخر لكم هذه
األجهزة لتشاهدوا خلق اهلل تعالى وآياته ومعجزاته ،والذي تعهّد في كتابه بأنه سيريكم آياته في اآلفاق وفي القرآن حتى تستيقنوا بأن هذا القرآن هو كالم اهلل ُ
الحق؟ تبين لكم ّ الحق .فهل ّ
﴿س ُن ِري ِه ْم َآَياتَِنا ِفي ْاآلَفَا ِ ق إذن استمعوا معي إلى هذا البيان اإللهي المحكمَ : ق أَولَم ي ْك ِ ِ ك أََّنهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهيد ف بِ َرِّب َ َوِفي أ َْنفُس ِه ْم َحتَّى َيتََبَّي َن لَهُ ْم أََّنهُ اْل َح ُّ َ ْ َ * أ ََال إَِّنهم ِفي ِمري ٍة ِم ْن لِقَ ِ اء َرِّب ِه ْم أ ََال إَِّنهُ بِ ُك ِّل َش ْي ٍء ُم ِحيط﴾ [فصلت-53 : َْ ُْ
.]54
الدخان الكوني والقرآن يدعي بعض المستشرقين أن القرآن مليء بالتعابير العلمية الخاطئة ويقولون: وحجتهم في ذلك أن التعريف العلمي إن القرآن قد أخطأ في كلمة (دخان)!! ّ للدخان ال يتطابق مع الحالة السائدة في بداية الكون ،حيث كان الكون وقتها يتألف من عنصرين هما غاز الهيدروجين وغاز الهليوم. ﴿ثَُّم أَتَْيَنا
استَوى إِلَى السَّم ِ ان اء َو ِه َي ُد َخ ٌ َ َْ َ ِِ ين﴾ [فصلت ،]11 :غير طائع َ
وأن كلمة (دخان) الواردة في قوله تعالى: فَقَا َل لَهَا ولِ ْْل َْر ِ ط ْو ًعا أ َْو َك ْرًها َقالَتَا ض ِا ْئتَِيا َ َ دقيقة من الناحية العلمية ،وبالتالي هذا يثبت أن القرآن ال يمكن أن يكون صاد اًر من عند اهلل تعالى ألن اهلل ال يخطئ!
ونجدهم يقولون :إن كلمة (غاز) هي األنسب من الناحية العلمية من كلمة
يوجهها أعداء اإلعجاز العلمي لهذه اآلية، (دخان). وتذكرت االنتقادات التي ّ ُ
بل ويشككون في مصداقيتها ويقولون :إن محمداً صلى اهلل عليه وسلم هو من كتب هذه اآلية وأخطأ في وصفه للكون المبكر بكلمة (دخان)!
أستغفرك يارب من قول هؤالء فأنا ال أشك أبداً بأي كلمة من كلمات كتابك
المجيد .وثقتي بما في القرآن هي أكبر من ثقتي بما أراه وألمسه ،ألن الحواس قد تخطئ ولكن رب هذا الكون سبحانه ال ُيخطئ .وقلت في بداية األمر :بما أن القرآن نزل في بيئة صحراوية فقد خاطب الناس وقتها بما يدركون .وكلمة
(غاز) غير موجودة في اللغة العربية ،ألنها كلمة أجنبية ،ولذلك يمكن التعبير عنها بكلمة (دخان) ،إذن المسألة محسومة. ولكن تذكرت على الفور بأن القرآن لم ينزل للعرب وحدهم ،بل نزل لكل البشر! ولم ْينزل لبيئة محددة أو عصر من العصور ،بل نزل لكافة العصور ولكل بدأت رحلة من البحث بين المكتشفات الكونية زمان ومكان! فما هو العمل؟ لقد ُ الجديدة.
بد من تأكيد من علماء الغرب أنفسهم ولكن إلقناع هؤالء المشككين كان ال ّ يعترفون فيه بأن الكون كان دخاناً ،وهذه مهمة صعبة جداً ولكن ليس هذا على ِ َّ ِ ِ ين ين َعلَى اْل ُم ْؤ ِمن َ ﴿ولَ ْن َي ْج َع َل اللهُ لْل َكاف ِر َ اهلل بعزيز .فهو سبحانه القائلَ : من اهلل علينا أن وجدنا بالفعل جميع علماء َسبِ ً يال﴾ [النساء .]141 :وقد ّ
الغرب الذين لم يق أروا القرآن ولم يطلعوا على هذه الكلمة فيه يؤكدون بل
ويفتخرون باكتشافهم الجديد وهو ما أسموه بالحرف الواحد "الدخان الكوني"!!!
ولكن كيف بدأت القصة؟
غاز أم غبار أم دخان؟
لقد اكتشف العلماء أن الكون في مراحله األولى امتْل بالغاز ،gasوخصوصاً
غاز الهيدروجين وغاز الهيليوم ،ولكنهم اكتشفوا بعد ذلك غبا اًر كونياً
cosmic
dustينتشر بين النجوم ،ويقولون إنه من مخلفات اإلنفجارات النجمية.
ولكن الغاز يختلف عن الغبار ويختلف طبعاً عن الدخان .فكيف يمكن التوفيق نحمل اآلية ما ال تحتمله من المعاني بين العلم والقرآن ،ونحن طبعاً نرفض أن ّ والدالالت ،لكي ال تكون وسيلة للطعن في هذا الدين.
وبدأت جولة في عالم المكتشفات الكونية وكانت المفاجأة عندما قرأت تصريحاً ُ ألحد علماء الغرب يعترف فيه أن ما كشفوه من غبار كوني ال ُّ يمت بصلة
للغبار الذي نعرفه وال يشبهه أبداً ،وأن هذا الغبار أشبه ما يكون بدخان
السيجارة!!!
فهذا هو الدكتور دوغالس بيرس يقول بالحرف الواحد" :الغبار الكوني -والذي اليشبه الغبار المنزلي -في الحقيقة يتألف من حبيبات صلبة دقيقة (وغالباً من
الكربون والسيليكون) تسبح في الفضاء بين النجوم ،وحجمها مشابه لحجم دخان السيجارة". يسمون هذا الغبار بالدخان الكوني ،بعد أن وجدوا أنه ولذلك وجدت بأن العلماء ُّ ُ ال يشبه الغبار ،بمعنى آخر :التسمية التي أطلقها علماء الفلك خاطئة! ولو تأملنا األبحاث الصادرة حديثاً نجد أنها تؤكد على هذه التسمية ،بل هنالك من العلماء من يصرح بأن أفضل وصف لحقيقة الكون المبكر هي كلمة (دخان). أفضل كلمة لوصف الكون المب ّكر هي الدخان
وهذه إحدى المقاالت العلمية الحديثة يصرح كاتبها بالحرف الواحد: "ذرات الغبار الممزوج بالغاز دقيقة ،وحجمها يساوي جزء من الميكرون والميكرون هو جزء من ألف من الميليمتر فقط ،ولذلك فإن أفضل وصف لها
"دخان" .وسبحانك يا من أحكمت آيات كتابك العظيم! يحتار العلماء في مصطلحاتهم وتعابيرهم ،فتارة يقولون عن الكون البدائي "غاز" ثم تتطور
معرفتهم بالكون فيقولون "غبار" ثم بعد ذلك يتضح لهم أن الغبار ال يشبه
الغبار الذي نعرفه ،ويدركون بعد سنوات طويلة بأن الكلمة األفضل لوصف
حالة الكون في مراحله األولى هي "دخان" أي
smoke
أعطانا الكلمة األنسب منذ 1400سنة ولم تتغير!
،بينما كتاب اهلل تعالى
في البداية ظن العلماء أن الكون في مراحله المبكرة كان يحوي الغاز فقط أي غاز الهيدروجين والهيليوم ،لذلك أطلقوا عليه كلمة .gasلقد اكتشف العلماء بعد ذلك أن الكون مليء بالغبار ،وليس الغاز فقط .لذلك أطلقوا عليه اسم آخر هو الغبار الكوني
cosmic dust
.وأخي اًر وبعد أن فحص العلماء الغبار الكوزني،
تبين أنه ال يشبه الغبار وأن هذه التسمية خاطئة ،وأنه يشبه إلى حد كبير الدخان في حجمه وتركيبه ،فأطلقوا عليه اسم الدخان
smoke
.
وهذا االسم األخير ثبت لهم يقيناً بعدما استطاعوا أن يحللوا عينات ملتقطة
حديثاً من الغبار الكوني ،وتبين أنها تعود إلى باليين السنين وهي تمثل الكون
في مراحله األولى ،وهذا يتطابق مئة بالمئة مع قوله تعالى﴿ :ثم استوى إلى
السماء وهي دخان﴾ ،فهل هذه مصادفة أم معجزة؟!
شكل ( )13الدخان الكوني كما رآه العلماء حديث ا بأجهزتهم الفلكية المتطورة .هذا
الدخان يتكون من جزيئات تشبه إلى حد كبير الدخان الذي نعرفه على األرض مثل دخان السيجارة ،ويقول العلماء إن أفضل كلمة يمكن أن نصف به هذا المشهد هي
"دخان" فسبحان الذي سبق هؤًلء العلماء إلى هذا اًلسم فقال﴿ :ثم استوى إلى السماء
وهي دخان﴾.
شكل ( )14الكون مليء بالدخان وعندما التقط العلماء ذرات من هذا الدخان وحللوه في مخابرهم صرحوا بأن أفضل كلمة يمكن أن يعبروا بها عن هذه الذرات الكونية هي «دخان» ،بما يتطابق مئة بالمئة مع الكلمة القرآنية .وهذا يدل على أن القرآن الكريم قد أعطانا الكلمة الدقيقة مباشرة.
لحظة حوار ونريد أن نسأل أولئك الذين يظنون بأن اإلعجاز العلمي هو تحميل لآلية معاني ال تحتملها ،والصاق مفاهيم مصطنعة ال تناسب كلمات القرآن ،وأن
كتَّاب اإلعجاز العلمي يلوون أعناق النص القرآني ليتناسب مع الكشوفات
الجديدة ،ونقول:
﴿د َخان﴾ ،وهي الكلمة الدقيقة لوصف حالة الكون إن كلمة smokeتعني تماماً ُ البدائي قبل باليين السنوات ،وهذه الكلمة موجودة في القرآن بحرفيتها ،أليست هذه معجزة مبهرة لكتاب اهلل تعالى؟ وهل نحن نحمل الكلمة فوق معناها أم أن هذا هو معناها؟ حتى إن علماء الفضاء ومن على أكبر مواقع الفضاء في العالم يدرسون هذا الغبار الكوني ويقولون بالحرف الواحد: "ذرات الغبار الكوني صغيرة جداً .ولكي نفهم حجمها وقوامها ،فإن أفضل طريقة هي أن نقارنها بدخان السيجارة".
إذن جميع العلماء يصرحون بأن كلمة الدخان هي األفضل لفهم هذا الغبار
الكوني ،الذي ساد الكون قبل 10بليون سنة .وهذا الدخان فيه دليل قوي على َن الس ِ َِّ ين َكفَ ُروا أ َّ ض َك َانتَا َرتْقًا َّم َاوات َو ْاأل َْر َ صدق قوله تعالى﴿ :أ ََولَ ْم َي َر الذ َ َ ٍ ِ ِ ون﴾ [األنبياء.]30 : فَفَتَ ْقَن ُ اه َما َو َج َعْلَنا م َن اْل َماء ُك َّل َش ْيء َح ٍّي أَفَ َال ُي ْؤ ِمُن َ ففي هذه اآلية تأكيد من رب العزة سبحانه بأن الكون كله كان نسيجاً محبوكاً
بشدة ثم فتقه اهلل تعالى ،وما الدخان الذي يكتشفه العلماء إال بقايا االنفجار الكوني الكبير وهو من نواتج الفتق الذي حدثنا عنه كتاب اهلل تعالى قبل أن
يكتشفه العماء بأربعة عشر قرناً. ولكن هل هذه حقائق يقينية أم نظريات ؟
نحن يجب أال ننقاد وراء أي اكتشاف حتى نتأكد من مصداقيته وحقيقته ،وال
نقحم في كتاب اهلل إال ما ُثبت يقيناً .لذلك قد يسأل سائل :كيف يتأكد العلماء من معلوماتهم ،وكيف عرفوا أن هذا الغبار هو في حقيقته دخان؟ وهذا يقودنا لعرض االكتشاف الذي تم مؤخ اًر حيث استطاع العلماء التقاط
بعض ذرات الدخان الكوني من الفضاء ،وتحديداً على حدود كوكب المشتري .
وقاموا بتحليله بأجهزتهم ورؤيته وتصويره ومعرفة كل شيء عنه بدقة مذهلة،
وهنا ال يمكن ألحد أن ينكر هذه التجارب أبداً.
وجاء في نتيجة التحليل المخبري لهذا الغبار ،وبالحرف الواحد: "حبيبات الغبار بين النجوم والكواكب يتراوح حجمها بين []1.4-0.6ميكرون، وهي ملتقطة من الغالف الجوي للمشتري ،أو من منطقة التأثير المغناطيسي
وفقاً للدراسة .حبيبات كهذه أصغر من قطر شعرة اإلنسان وهي بحجم ذرات الدخان".
شكل ( )15جدار من النجوم والدخان الكوني يبلغ طوله 1500سنة ضوئية ،هذا
الجدار يوجد منه الماليين في الكون جميعها تقوم من دون أعمدة ،وهذا أحد البنى السماو ِ ِ ات ِب َغ ْي ِر َع َم ٍد الكونية التي حدثنا القرآن عنها في قوله تعالى﴿ :اللَّ ُه الَّذي َرفَ َع َّ َ َ استََوى َعلَى ا ْل َع ْر ِ س َّخ َر َّ س ًّمى ُي َد ِّب ُر ْاأل َْم َر س َوا ْلقَ َم َر ُك ٌّل َي ْج ِري ِأل َ تََر ْوَن َها ثَُّم ْ َج ٍل ُم َ الش ْم َ ش َو َ ات َلعلَّ ُكم ِبلِقَ ِ ص ُل ْاآلَي ِ ون﴾ [الرعد.]2 : ُيفَ ِّ اء َرِّب ُك ْم تُوِق ُن َ َ َ ْ
شكل ( )16يقول العلماء اليوم بأن النجوم شديدة اللمعان هي أول نجوم تكونت بعد مرحلة الدخان الكوني .وهذا الشكل يمثل وًلدة النجوم األولى من الدخان ،والعجيب أن القرآن هو أول كتاب تحدث عن هذا التسلسل الزمني لخلق النجوم من الدخان ،يقول
تعالى﴿ :ثم استوى إلى السماء وهي دخان﴾ ثم يقول في اآلية التالية مباشرة﴿ :وزينا السماء الدنيا بمصابيح﴾.
إن اآلية الكريمة تتحدث عن مرحلة مبكرة من عمر الكون في بدء الخلق، استََوى عندما كان الغاز الحار يمْل الكون ،وهذا ما نجده في قوله تعالى﴿ :ثَُّم ْ
إِلَى السَّم ِ اء َو ِه َي ُد َخان﴾. َ ان﴾، لقد عبرت اآلية أيضاً عن حقيقة الكون وقتها بكلمة واحدة هيُ ﴿ :د َخ ٌ وهذه الكلمة تعبر تعبي اًر دقيقاً عن حقيقة تلك المرحلة من عمر الكون
واختصرت الجمل الكثيرة التي يطلقها العلماء للتعبير عن تلك المرحلة بكلمة
واحدة فقط .وهذا إعجاز مذهل للقرآن الكريم في دقة كلماته وتوافقها مع العلم الحديث والحقائق اليقينية.
القرآن سليم من الناحية العلمية وهنا يثبت يقيناً بأن القرآن سليم من الناحية العلمية ،فقد وصف حالة الكون بقوله تعالى﴿ :ثَُّم استَوى إِلَى السَّم ِ اء َو ِه َي ُد َخان﴾ [فصلت .]11 :وليت هؤالء َ َْ العلماء قرءوا القرآن ووفروا على أنفسهم عناء البحث والدراسة وتغيير المصطلحات. بل نجد أن العلماء في القرن الحادي والعشرين قد بدءوا فعالً باستخدام الكلمات القرآنية ذاتها ،مثل كلمة (فضاء) والتي اتضح فيما بعد أنها ال تعني شيئاً ،فال وجود للفراغ في الكون ،بل كله بناء محكم .وهكذا بدءوا يستخدمون كلمة (بناء)
أي
.building
والسؤال :هل يمكن أن تكون هذه اللفتة اإلعجازية في كتاب اهلل جل جالله معجزة يعقلها ويتدبرها كل منصف وعاقل؟ وهنا نذكر كل من لم يخشع قلبه
أمام عظمة هذا القرآن وأمام ما أنزل اهلل من الحقِّ ، نذكرهم بنداء اهلل تعالى لهم﴿ :أَلَم يأ ِ َِِّ وبهُ ْم لِ ِذ ْك ِر اللَّ ِه َو َما َن َز َل ِم َن اْل َح ِّ ق َوَال ين َآ َم ُنوا أ ْ َن تَ ْخ َش َع ُقلُ ُ ْ َ ْن للذ َ
ِ ي ُك ُ َِّ وبهُ ْم َو َكثِير ِم ْنهُ ْم اب ِم ْن قَْب ُل فَ َ ط َ ال َعلَْي ِه ُم ْاأل ََم ُد فَقَ َس ْ ت ُقلُ ُ ين أُوتُوا اْلكتَ َ َ ونوا َكالذ َ ِ ون﴾ [الحديد.]16 : فَاسقُ َ وبمن ّزل القرآن جل وصدق اهلل العظيم عندما قال مخاطباً كل مشكك بهذا القرآن َ ِ ِ ِ ق وِفي أ َْنفُ ِس ِه ْم َحتَّى َيتََبَّي َن لَهُ ْم أََّنهُ اْل َح ُّ ِ ق أ ََولَ ْم وعالَ : ﴿س ُن ِريه ْم َآَياتَنا في ْاآلَفَا َ ِ ِ ٍ ِ ِ ِ ٍ ي ْك ِ ف بِ َرب َ ِّك أََّنهُ َعلَى ُك ِّل َش ْيء َش ِهيد أ ََال إَِّنهُ ْم في م ْرَية م ْن لقَاء َرِّب ِه ْم أ ََال إَِّنهُ َ بِ ُك ِّل َش ْي ٍء ُم ِحيط﴾ [فصلت.]53 : نتائج البحث ووجه اإلعجاز -1بما أن جميع المفسرين وجميع علماء اللغة ُيجمعون في تفسيرهم على أن ﴿الح ُبك﴾ جاء من النسيج المحبوك ،فيكون القرآن بذلك هو أول أصل كلمة ُ كتاب تحدث عن هذا النسيج الكوني وربطه بالسماء في قوله تعالى﴿ :والسَّم ِ اء َ َ َذ ِ ات اْل ُح ُب ِك﴾ [الذاريات.]7 : وفصَّل القول عن اآللية الهندسية التي جعلت هذا الرتق المنسوج ينفتق وينشق َِّ ين َكفَ ُروا أ َّ َن في قوله تعالى مخاطباً الكفار بما سيرونه بأعينهم﴿ :أ ََولَ ْم َي َر الذ َ الس ِ ناه َما﴾؟ [األنبياء.]30 : ض َك َانتَا َرتْقاً فَفَتَ ْق ُ َّم َاوات َو ْاأل َْر َ َ -2ومن النتائج المهمة لهذا البحث وجود إشارة واضحة في كتاب اهلل تعالى إلى أن ما نراه اآلن في الكون من مجرات ال يمثل شكلها اليوم ،بل هو الشكل
﴿كانتَا﴾ :أي في الذي كانت عليه في الماضي ،في قوله تعالى في هذه اآلية: َ سبق علمي للقرآن في الحديث عما يسميه العلماء اليوم «الكون الماضي .وهذا ْ في مراحله المبكرة».
-3الكلمات التي يستخدمها القرآن دقيقة جداً من الناحية العلمية ،والدليل على
ذلك أن علماء الفلك في القرن 21بدأوا يستخدمون نفس الكلمات القرآنية في
اه َما﴾ جميعها تحمل أبحاثهم .فكلمة ﴿رتْقاً﴾ وكلمة ﴿فَفَتَ ْقَن ُ ُ ﴿الح ُبك﴾ وكلمة َ إشارة مباشرة للنسيج المحبوك ،والعلماء يستخدمون هذا االسم للتعبير عن
الكون ،أي النسيج الكوني.
-4أكدت اآلية أن الذين سيرون هذا الرتق الكوني هم من الكفار الذين ال َِّ ين َكفَ ُروا﴾ ،وهنا نتساءل من يؤمنون بالقرآن ّ فوجهت الخطاب لهم﴿ :أ ََوَل ْم َي َر الذ َ جديد ونطرح سؤاالً على كل من يظن أن القرآن من تأليف محمد صلى اهلل عليه وسلم:
يتنبأ بأنه سيأتي كيف استطاع هذا النبي األمي عليه صلوات اهلل وسالمه أن ّ ّ أناس بعده بألف وأربع مئة سنة وهم من غير المؤمنين وأنهم سيكتشفون بنية الكون النسيجية ،وأنهم سيرون خيوط هذا النسيج الكوني؟ بل لو كان محمد صلى اهلل عليه وسلم هو من لفّق هذه اآليات فلماذا لم ينسب هذا االكتشاف العظيم لنفسه أو لقومه ،بل نسبه ألعداء اإلسالم؟؟؟ وجوه متعددة إلعجاز اآليات في اآليات السابقة َّ عدة معجزات ال يمكن إنكارها ،وسوف نناقش هذه المعجزات دون أي تأويل ،بل سنبقى في المعنى المباشر والواضح لآليات .وسوف نرى
أن هذه المعاني شديدة الوضوح ،وبما يتناسب مع االكتشافات الكونية الحديثة. تحدث القرآن عن قول السماء في ذلك الوقت وطاعتها لخالقها ،وقد يستغرب
البعض من هذا األمر ،فكيف تتكلم السماء؟ ولكن األبحاث واالكتشافات
الجديدة أثبتت إمكانية إصدار األمواج الصوتية من الكون في مرحلة الدخان أو
الغاز. لقد حددت اآلية المرحلة التي تكلمت فيها السماء ،وهي مرحلة الدخان ،وهذا ما اكتشفه العلماء اليوم .فهم وجدوا بأن الكون في مرحلة الغاز الحار والغبار أصدر موجات صوتية نتيجة تمدده. المنحنيات البيانية التي رسمتها أجهزة الكومبيوتر لكالم الكون جاءت متناسبة مع قوله تعالى﴿ :أَتَْيَنا َ ِ ِ ين﴾ .فهذه المنحنيات لم يظهر فيها أية نتوءات طائع َ حادة أو عنف أو تمرد ،بل كما أكد العلماء كان صوت الكون هادئاً وشبهوه بصوت الطفل الرضيع!
يقول العلماء :إن المرحلة التالية للدخان (أو الغاز الحار والغبار) كانت تشكل النجوم الالمعة أو الكوا ازرات ،وعندما درسوا هذه النجوم وجدوها تعمل عمل المصابيح فهي تكشف وتنير الطريق الواصل إلينا ويمكن بواسطتها رؤية
األجسام المحيطة بها. واإلعجاز األول هنا يتمثل في السبق العلمي للقرآن في تسمية هذه النجوم بالمصابيح ،بما يتطابق مئة بالمئة مع ما يراه العلماء اليوم .أما اإلعجاز الثاني فيتمثل في أن القرآن حدد المرحلة الزمنية التي تشكلت فيها هذه النجوم وهي
المرحلة التالية لمرحلة الذخان.
اء ُّ يح﴾ ،حديثاً عن زينة صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ ﴿وَزَّيَّنا الس َ إننا نجد في قول اهلل تعالىَ :
السماء بالنجوم البراقة ،وهذا ما يتحدث عنه العلماء اليوم .فهم يشبهون هذه
النجوم والمجرات والتي تشكل النسيج الكوني بالآللئ التي تزين السماء!! وهذا سبق علمي للقرآن في استخدام التعابير الدقيقة والمتوافقة مع الواقع.
لو تأملنا النص القرآني لوجدنا بأن الخطاب فيه موجه للكفار الذين ال يؤمنون ِ ض ِفي َي ْو َم ْي ِن ون بِالَِّذي َخلَ َ ق ْاأل َْر َ بالخالق تبارك وتعالىُ ﴿ :ق ْل أَئَّن ُك ْم لَتَ ْكفُُر َ ب اْلعالَ ِمين * وجع َل ِفيها رو ِ ك ِفيهَا اس َي ِم ْن فَ ْوِقهَا َوَب َار َ ون لَهُ أ َْن َد ًادا َذلِ َ َوتَ ْج َعلُ َ ك َر ُّ َ َ َ َ َ َ ََ وقَ َّدر ِفيها أَ ْقواتَها ِفي أَربع ِة أََّي ٍام سواء لِلسَّائِلِين * ثَُّم استَوى إِلَى السَّم ِ اء َو ِه َي َ ََ ً َْ َ َ َ َ َ َ َ َْ ِِ ال لَها ولِ ْْلَر ِ ِ ِ اه َّن َس ْب َع ض ُ ين * فَقَ َ ض ا ْئتَيا طَ ْو ًعا أ َْو َك ْرًها قَالَتَا أَتَْيَنا طَائع َ ُد َخان فَقَ َ َ َ ْ ٍ ِ ٍ ِ ِّ اء ُّ يح صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ َّم َ َس َم َوات في َي ْو َم ْي ِن َوأ َْو َحى في ُكل َس َماء أ َْم َرَها َوَزَّيَّنا الس َ ك تَ ْق ِد ُير اْل َع ِز ِ يز اْل َعلِيم﴾ [فصلتِ.]12-9 : َو ِح ْفظًا َذلِ َ وهذا يشير إلى أن هؤالء الملحدين هم من سيكتشف هذه الحقائق الكونية ،وهم من سيراها ،وهذا سبق علمي للقرآن في تحديد من سيرى هذه الحقائق ،لذلك
َّ وجه الخطاب لهم.
رد على منتقدي اإلعجاز العلمي ّ رد على دعوى أولئك الذين يهاجمون اإلعجاز العلمي في هذه الوجوه المتعددة ّ ورد على كل من يعتقد بأن المسلمين ما داموا متخلفين علمياً لكتاب اهلل تعالىّ ، ورد على من يقول بأن وتقنياً ،فال يجب عليهم أن يبحثوا في اإلعجاز العلمي! ّ المسلمين ينتظرون دائماً الغرب الملحد ليقدم لهم الحقائق واالكتشافات العلمية، ثم ينسبوا هذه االكتشافات للقرآن.
بل على العكس من ذلك! ففي اكتشافات الغرب لهذه الحقائق وحديث القرآن
عنها بدقة مذهلة وخطاب القرآن لهؤالء الملحدين ،في كل ذلك أكبر دليل على
حق .ولو كان هذه القرآن من تأليف محمد صدق كتاب اهلل تعالى ،وأنه كتاب ّ لنسب هذه االكتشافات لنفسه ،لماذا ينسبها ألعدائه من صلى اهلل عليه وسلم، َ الملحدين ويخاطبهم بها؟؟ وفي نهاية هذا البحث ال نملك إال أن نسجد خشوعاً أمام عظمة كتاب اهلل
﴿وُق ِل تعالى وأمام عظمة إعجازه ،وال نملك إال أن ّ نردد قول الحق ج ّل وعالَ : ونها وما رُّب َ ِ ِِ َِّ ِ ون﴾ [النمل.]93 : ك بِ َغاف ٍل َع َّما تَ ْع َملُ َ اْل َح ْم ُد لله َس ُي ِري ُك ْم َآَياته فَتَ ْع ِرفُ َ َ َ َ َ المراجع العربية
-1القرآن الكريم. -2التفاسير المعروفة :تفسير اإلمام ابن كثير ،تفسير اإلمام الطبري ،تفسير اإلمام القرطبي رحمهم اهلل تعالى. -3معاجم اللغة العربية :لسان العرب ،الصحاح ،القاموس المحيط. -4أبحاث الدكتور زغلول راغب النجار. -5أبحاث الشيخ عبد المجيد الزنداني.
-6أبحاث موقع موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة ،وعنوانه على شبكة اإلنترنت:
www.55a.net
السنة ،وعنوانها على -7أبحاث الهيئة العالمية لإلعجاز العلمي في القرآن و ّ شبكة اإلنترنتwww.nooran.org : -8
أبحاث
علمية
على
موقع
المؤلف
"أسرار
إعجاز
القرآن"
www.kaheel7.com
المراجع األجنبية فيما يلي أهم المقاالت واألبحاث الكونية الصادرة حديثاً والتي تناولت
االكتشافات العلمية المتعلقة بالبناء الكوني والنسيج الكوني والدخان الكوني
والمادة المظلمة حياة النجوم وتطور الكون ونشوئه ومراحل خلق النجوم والمجرات:
-1مقالة بعنوان (لمحة عن النسيج الكوني) لثالثة من علماء الغرب األكثر شهرة في هذا المجال وهم :عالم الفلك بول ميلر من معهد الفيزياء الفلكية
بألمانيا وجون فينبو من نفس المعهد ،وبارن تومسون من معهد الفيزياء والفلك
بالدانمارك ،على موقع المرصد األوروبي الجنوبي بألمانيا على الرابط:
http://www.eso.org/outreach/press-rel/pr-2001/pr-11-01.html
-2خبر علمي بعنوان" :كيف تشكل البناء الكوني" جائزة كارفورد لعام
2005
والصادرة عن األكاديمية السويدية الملكية للعلوم ،والمقالة هي للباحثين الثالثة: جيمس كان وجيمس بيبلس من جامعة برينستون األمريكية ،ومارتين ريز من
معهد الفلك في جامعة كامبريدج البريطانية .هذه المقالة متوفرة على الرابط: http://www.kva.se/KVA_Root/files/newspics/DOC_2005217592_1 296017045_popcrafoord05eng.asp
-3مقالة بعنوان" :متى تشكلت األبنية الكونية األولى" :على موقع وكالة ناسا للفضاء على الرابط: http://map.gsfc.nasa.gov/m_uni/uni_101firstobj.html
-4مقالة بعنوان" :االنفجار الكبير تكلّم مثل همهمة عميقة" على الرابط: http://www.newscientist.com/article.ns?id=dn4320
-5انظر مقالة بعنوان" :الكون بدأ بفحيح وليس انفجار" على الرابط: http://www.newscientist.com/article.ns?id=dn5092
-6مقالة بعنوان" :سماع بكاء والدة الكون" على أخبار بتاريخ
2004-6-23
BBC
في خبر منشور
والرابط هو:
http://news.bbc.co.uk/1/hi/sci/tech/3832711.stm
المجرات" على موقع الكون -7انظر مقالة بعنوان "المادة المظلمة في قلب ّ اليوم: http://www.universetoday.com/am/publish/dark_matter_concentr ated.html
How Filaments
" "كيف يتم حبك الخيوط في النسيج الكوني: مقالة بعنوان-8
:متوفرة على الرابط
are Woven into the Cosmic Web
http://arxiv.org/abs/astro-ph/9512141
"بليون سنة
10
سر عمره ً "االنفجارات النجمية الدخانية تحل ّا: مقالة بعنوان-9 :متوفرة على الرابط
/http://outreach.jach.hawaii.edu/pressroom/2003_casa
:! على الرابطThe Explosive Origin of Dust : انظر مقالة بعنوان-10 http://www.astro.cf.ac.uk/groups/cosmo/SNe/sne.html