ﻣﻊ اﻟﻣﺳﺗﺷرق ﻫﻧر
ور ﺎن
ﺗﺻدﯾر ﻟﺗرﺟﻣﺔ ﺗﺎب "ﺗﺎر ﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣ ﺔ" ﻟﻬﻧر
ور ﺎن ﺑﺗﺎر ﺦ ﺣز ران ،1966ﻧﺷر ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻌرﻓﺎن اﻟﻣﺟﻠد ،54وﻓﻲ )ﻣﻧﺑر وﻣﺣراب( ﻓﻲ .1981/8/31 ﻓت اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻛﺑﯾر أﺳﺗﺎذ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺑﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺳورون "ﻫﻧر ﻋر ُ اﻟﻘّﻣﺔ وﻣﻘدﻣﺗﻪ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺎب ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻹﺷراق ﻟﻠﺷﯾﺦ ﺷﻬﺎب اﻟدﯾن اﻟﺳﻬرورد .
ورﺎن" ﻣن ﺧﻼل ﻣﻼﺣظﺎﺗﻪ
ﺻرف ﻣن ﻋﻣرﻩ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣﻘﻞ ﻣﺎ ﻋرﻓﺗﻪ ﻣﻬﺗﻣﺎً ﺑدراﺳﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣ ﺔ اﻫﺗﻣﺎﻣﺎً ﺷ ﻪ اﻟﻐرام ﺣﺗﻰ َ ﯾﺗﺟﺎوز ﺧﻣﺳًﺎ وﻋﺷرن ﺳﻧﺔ ،ﻓﺄﺻ ﺢ ﻣطﻠﻌﺎً ﻋﻠﻰ ﻏواﻣﺿﻬﺎ وﺗﺎرﺧﻬﺎ وﺗطوراﺗﻬﺎ. وﻟﻠﻣرة اﻷوﻟﻰ ﺗﻘر ﺎً ﻣن ﺗﺎرﺦ دراﺳﺎت اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﯾن ،وﺟدﺗﻪ ﻣﺗﺿﻠﻌﺎً ﺑدراﺳﺔ ﺻدر اﻟدﯾن اﻟﺷﯾراز ﻣؤﺳس
اﻟﺣ ﻣﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻟ ﺔ وﻣﺟدد اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣ ﺔ ،وﻗرأت رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﻓ ﻪ ﻗّﻣﺔ .
ﺛم اﻟﺗﻘﻰ ﻫو ﻣﻊ أﺳﺗﺎذ ،ﻋﻼّﻣﺔ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺳﯾد ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن اﻟط ﺎط ﺎﺋﻲ ﻣؤﻟﻒ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﯾزان ،ﻓوﺟدت ﻓﯾﻬﺎ وﻓﻲ أﺳﺋﻠﺗﻪ اﻟﻌدﯾدة اﻟﺗﻲ ﺟﻣﻌﺗﻬﺎ ﻣﻊ أﺟو ﺔ اﻟﺳﯾد اﻟط ﺎط ﺎﺋﻲ ﻣﺟﻠﺔ "ﻣ ﺗب ﺗﺷّﻊ" ،وﺟدت ﻓﯾﻬﺎ وﻓﻲ أﺳﺋﻠﺗﻪ ﻋﻣﻘﺎً ﻔوق ﻣﺳﺗو ﺗﻔ ﯾر زﻣﻼﺋﻪ اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﯾنٕ ،واﺧﻼﺻﺎً ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻪ ﻔرﺿﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﺎرﺋﻪ اﻹﺟﻼل . وﻟﻪ ﻣﻊ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﺷﺎب اﻟﻣؤﻣن اﻟد ﺗور ﺳﯾد ﺣﺳﯾن ﻧﺻر ﺟوﻻت ﻓ رﺔ وﻣؤﻟﻔﺎت ﻣﺷﺗر ﺔ ،وﻣن ﻌرف د .ﺣﺳﯾن ﻧﺻر وﺳﻌﺔ اطﻼﻋﻪ ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣ ﺔ واﻟﺣﺿﺎرات اﻟﺗﻲ اﻧﺗﻬﺟﺗﻬﺎ ﻫذﻩ اﻷﻣﺔ طﯾﻠﺔ اﻟﻌﺻور اﻟﻣﺎﺿ ﺔ ،ﻣن ﻌرف اﻟد ﺗور و ﻌرف اﺣﺗراﻣﻪ ﻟﻸﺳﺗﺎذ ورﺎن ﺷﻌر ﺎﺣﺗراﻣﻬﻣﺎ اﺣﺗراﻣﺎً ﻻ ﯾﻧﺎﻟﻪ إﻻ اﻟﻌﻠﻣﺎء
اﻟﻛ ﺎر ..
وﻟﻸﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ورﺎن ﻣؤﻟﻔﺎت ﻗّﻣﺔ وﻣﻼﺣظﺎت ﻧﻔ ﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗب اﻟﻔﻠﺳﻔ ﺔ ،ﻣﻧﻬﺎ :رﺳﺎﻟﺗﻪ ﻋن ﺻدر اﻟدﯾن اﻟﺷﯾراز )ﻣﻼ ﺻدرا( "ﺗﻌﻠﻘ ﺎت" ،وﻣﻘدﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺎب "ﺣ ﻣﺔ اﻹﺷراق" ﻟﺷﻬﺎب اﻟدﯾن اﻟﺳﻬرورد ، وﻋﻠﻰ ﺗﺎب" ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺣ ﻣﺗﯾن" ﻟﻧﺎﺻر ﺧﺳرو اﻟﻌﻠو اﻟﻔﺎطﻣﻲ ،وﻋﻠﻰ ﺗﺎب " ﺷﻒ اﻟﻣﺣﺟوب" ﻷﺑﻲ ﻌﻘوب اﻟﺳﺟﺳﺗﺎﻧﻲ ،وﺷرح ﻟﻘﺻﯾدة ﻓﻠﺳﻔ ﺔ ﻷﺑﻲ اﻟﻬﯾﺛم اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ..
1
ﻣروة ﺗﺎب "ﺗﺎرﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻧت أﻋرف ذﻟك ّﻠﻪ ،وﻟﻛن ﺣﯾﻧﻣﺎ ّ ﻗدم ﻟﻲ اﻷخ اﻟﻔﺎﺿﻞ ﻧﺻﯾر أﺣﻣد ّ ٍ ﺑدﻫﺷﺔ أﻣﺎم ﻫذا اﻟﺟﻬد اﻟﻌظ م وأﻣﺎم ﻫذا اﻹﺧﻼص ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ ﺷﻌرت اﻹﺳﻼﻣ ﺔ "ﻟﻸﺳﺗﺎذ ورﺎن ُ
اﻟﻔﻠﺳﻔ ﺔ ..
وأﻧﺎ ﻻ أﻧﺳﻰ ﺷﻌور
ﺎﻟﻔرح ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻗﺎل ﻟﻲ اﻷﺳﺗﺎذ ﻧﺻﯾر أﻧﻪ ﻣﻊ زﻣﯾﻠﻪ اﻷﺳﺗﺎذ ﺣﺳن ﻗﺑ ﺳﻲ ﺑدآ ﺑﺗرﺟﻣﺔ
أن دار ﻋو دات ﺳوف ﺗط ﻊ اﻟﺗرﺟﻣﺔ وﺗزد ﻋﻠﻰ ﻣ ﺗﺑﺗﻬﺎ اﻟﻔﻠﺳﻔ ﺔ اﻟزاﺧرة ﺛروة ﺑر ﺟدﯾدة . ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ،و ّ وﺗﺻوﻓﻬم وآراﺋﻬم ،ﻓرأﯾت اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷرﺔ وﻓﻠﺳﻔﺗﻬم درﺳت اﻟﻛﺗﺎب وﺗﺻﻔﺣﺗﻪ ،ﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓ ﻣﺎ ﺗَب ﻋن اﻟﺷ ﻌﺔ َ ُ ّ ان اﻟﻛﺗﺎب أن اﻟﻼزم ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﻘ ّدم ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻌرﻲ اﻟﻛرم ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب أن ﻧذ ر ﻣﻼﺣظﺎﺗﻧﺎ ﻋﻠ ﻪ ،ﺣﯾث ّ ّ ﺷﺗﻣﻞ ﻋﻠﻰ أﻫم اﻟﻣ ﺎﺣث اﻟﻌﻘﯾد ﺔ ﻋﻧدﻧﺎ ،ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻋرض ﻫذﻩ اﻟﻣ ﺎﺣث ﻣن دون إﺑداء أر
اﻟﻣذﻫب
ﻓﯾﻬﺎ . ﺗﺑت ﻫذا اﻟﻔﺻﻞ ﻣﻘدﻣ ًﺔ ﻟﻛﺗﺎب "ﺗﺎرﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣ ﺔ " رﺣب اﻷﺳﺗﺎذ أﺣﻣد ﻋو دات ﺑﻬذا اﻟ أر ،ﻓ ُ وﻗد ّ اﻹﺛﻧﻲ ﻟﻠﺑروﻓﺳور ﻫﻧر ورﺎن ،ﺣﯾث ﻧﺎﻗﺷت ﻓ ﻪ اﻟﻧﻘﺎ اﻟرﺋ ﺳ ﺔ اﻟﺗﻲ ُﻧﺳﺑت اﻟﻰ ﻋﻘﺎﺋد اﻟﺷ ﻌﺔ اﻹﻣﺎﻣ ﺔ َ ُ ﻋﺷرﺔ.
اﻟﻐراء ﻟﻛﻲ ُﻌرض ﻋﻠﻰ اﻟﻘراء اﻟﻛرام أﺻﺣﺎب اﻟ أر واﻵن أ ﻌث ﺑﻬذا اﻟﻔﺻﻞ اﻟﻰ ﻣﺟﻠﺔ "اﻟﻌرﻓﺎن " ّ ﺗﻣﻬﯾداً ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻪ ٕواﻛﻣﺎﻟﻪ.
اﻟﻧﯾر ّ
ﺗﺻدﯾر ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﻛﺗﺎب : ﻟﻘد ﻓﺗﺢ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب أﻣﺎم اﻟﻔ ر اﻟﻐرﻲ ﺎ ﺎً واﺳﻌﺎً ﺟدﯾداً ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺷرﻗ ﺔ ،و ﺷﻒ ﻟﻪ ﻧو اًز ﻏﻧ ﺔ ﺎﻹﻧﺗﺎج اﻟدﯾﻧﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ واﻟﺗﺻوف اﻷﺻﯾﻞ.
وﻗد ﺑ َذل اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ اﻟﺑروﻓﺳور ﻫﻧر ورﺎن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻣﻞ اﻟﻛﺑﯾر ﺟﻬداً ﻣﺗواﺻﻼً ُﯾدﻫش اﻟﻘﺎرئ أن اﻷ ﺣﺎث اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣدث ﻋﻧﻬﺎ وُﻠزﻣﻪ ﺎﻟﺗﻘدﯾر واﻹﻋﺟﺎب ،ﻷﻧﻪ ﺗﺟﺎوز ﻓ ﻪ طﺎﻗﺔ اﻟﻔرد واﻷﻓراد ،ذﻟك ّ
ﻣودﻋﺔ ﻓﻲ ﺻدور اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟراﺳﺧﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻠم وﻓﻲ أوراق اﻟﻛﺗب اﻟﻣؤﻟﻒ ﺎﻧت ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻧﻬﺎ َ ﺗﻔرق اﻟﻌﻠﻣﺎء واﻧﺗﺷروا ﻓﻲ أﻗطﺎر اﻟﺷرق اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﺗ ﻌﺛرت اﻟﻛﺗب ﻓﻲ ﺧزاﺋن اﻟﻣ ﺗ ﺎت اﻟﻣﺧطوطﺔ ،وﻗد ّ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠﻒ ﻼد اﻟﻌﺎﻟم.
2
واﻟﻣؤﻟﻒ ﻣﻊ ذﻟك ﺣﺎول ﺻﺑر وﺟَﻠد ﻣﺗﻧﺎﻫﯾﯾن ﺳﺑر أﻏوار ﻫذﻩ اﻷ ﺣﺎث واﻛﺗﺷﺎف ﺟواﻫرﻫﺎ وﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ ﻘدﻣﻬﺎ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣ ﺔ، وﺗﻧﺳ ﻘﻬﺎ ٕواﺧراﺟﻬﺎ ،وﻫذا ﻋﻣﻞ ﯾﺗﺟﺎوز ﺟﻬود ﺛﯾر ﻣن اﻟ ﺎﺣﺛﯾن ،وﺧدﻣﺔ ّ
ﺗﻌﻠو اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﺧدﻣﺎت اﻟﻣؤﺳﺳﯾن.
أﻣﺎ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻌرﻲ ﻓﺳوف ﯾﺟد ﻓﻲ ﺗرﺟﻣﺔ ﻫذا ِ اﻟﺳﻔر اﻟﺟﻠﯾﻞ ﻣﺗﻌﺔ ﻓ رﺔ واﻋﺗ از اًز ﻣﺎ أﻧﺗﺟﻪ اﻟﺷرق ّﻠﻪ، وﻧدﻣﺎً ﻟﺟﻬﻠﻪ )أو ﺗﺟﺎﻫﻠﻪ( ﻟﺗراﺛﻪ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺣﺿﺎر اﻟﻌظ م ،ﺣﺗﻰ أﺻ ﺢ ﺎﻟﻣرآة ﺗﻌ س اﻟﻔ ر اﻟﻐرﻲ ٕواﻧﺗﺎﺟﻪ ،ﻧﺎﺳ ًﺎ أﻧﻪ اﻣﺗداد ﻟﻣؤﺳﺳﻲ أﻛﺑر إﻧﺗﺎج ﺣﺿﺎر وﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﺦ.
ﺗﺣﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﺗرﺟﻣﺎن اﻟﻔﺎﺿﻼن ،واﻟﺟﻬد وﺗرﺟﻣﺔ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ّ ﺗﻘدم ﺑدورﻫﺎ ﻟﻠﻔ ر ﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﻣﺷّﻘﺎت اﻟﺗﻲ ّ اﻟﻣﺗواﺻﻞ اﻟذ ﺑذﻻﻩ ﻟﻠﻌﺛور ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺻوص وﻣﺻﺎدرﻫﺎ وﻹﺗﻘﺎن اﻟﺗرﺟﻣﺔ. وﻟﻛن ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟﻠﯾﻞ ﺣﺗو ﻋﻠﻰ أ ﺣﺎث أﺳﺎﺳ ﺔ ﺗﻘﺑﻞ اﻟﻧﻘد اﻟﻌﻠﻣﻲ وﺗﺳﺗﺣ اﻟﻧﻘﺎش اﻟﻌﺎدل ،وﻓﺿﻞ
ﻔﺿﻠون ﻋدم اﻟﺧوض ﻓﯾﻬﺎ إﯾﺟﺎ ﺎً أو ﺳﻠ ًﺎ. اﻟﻣؤِّﻟﻒ ﻣﺿﺎﻋﻒ ﻷﻧﻪ أﺛﺎر ﻫذﻩ اﻟﻧﻘﺎ اﻟﺗﻲ ﺎن اﻟﻣﻬﺗﻣون ﺑﻬﺎ ّ َ
ﺗﻌﺗﻣد ﻫذﻩ اﻷ ﺣﺎث ﺻورة إﺟﻣﺎﻟ ﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وﺟدﻩ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻓﻲ ﺗب اﻟ ﺎﺣﺛﯾن ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﺻوﻓ ﺔ ﻣن ﻣﻘﺎﻻت ﻻ ﻣ ن اﻟﺗﺷ ك ﻓﻲ ﻧﺳﺑﺗﻬﺎ إﻟﯾﻬم. إﻧﻣﺎ اﻟﺗﺣّﻔظ اﻟﻛّﻠﻲ ﻓﻲ إﺳﻧﺎد ﻫذﻩ اﻵراء اﻟﻰ ﻣذاﻫب اﻟﻣؤﻟﻔﯾن واﻋﺗ ﺎرﻫﺎ ﺟزءاً ﻣن ﻋﻘﺎﺋد ﺗﻠك اﻟﻣذاﻫب، ﻓﺎﻟﺛﺎﺑت ﻫو أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺳﺗط ﻊ أن ُﻧﺳﻧد اﻷ ﺣﺎث اﻟﺗﻲ أﺑدﻋﻬﺎ اﻟﻘس اﻟﻌﻼّﻣﺔ "ﺗ ﻼرد
ﺷﺎردان" اﻟﻰ اﻟﻛﻧ ﺳﺔ
اﻟﻛﺎﺛوﻟ ﺔ ،وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻧﺎ أن ﻧﺣﺎﺳب اﻟﻣذﻫب اﻟﺣﻧﻔﻲ ﻋﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﺗﺎب ﻓﺻوص اﻟﺣ َ م ﻟﻣﺣﻲ اﻟدﯾن ﺑن اﻟﺗﺻوف ﻓﻲ اﻟﺷرق(. ﻋرﻲ )أﺣد أﺳﺎطﯾن ّ
اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﺗوﺿ ﺢ اﻟﻣ ﺎدئ واﻵراء ﻓﻲ اﻷﺻول واﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﻌﻘﯾدة ،وﻫﻲ ﺟزء ﻣن اﻟﻣذﻫب وﻗد ﺣﺎوﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ ّ
واﻟدﯾن ،وﻧﺣن ﻻ ﻧﻘﺻد إﻧ ﺎر ﻣﺎ ﻧﻘﻠﻪ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻋن اﻟﻣﻔ رن وﻻ اﻟﺗﻧ ر ﻟﻪ ،ﻓﺎﻟﻔ ر ﻣﻌﯾن ﻻ
وﻣﻌﺗز ﻣﺎ ﻘول ،واﻟﺻرح اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﯾﻧﺿبُ ،ﯾﻧﺗﺞ و ﻌطﻲ ،وﻻ ﻘﻒ أﺑداً ،ﻓ ﻞ ﻣﻔ ّ ر ﻣﺳؤول ﻋﻣﺎ ﻘول، ّ ﻌﻠو و رﺗﻔﻊ ﺑﻬذا أو ذاك. اﻟظﺎﻫر واﻟ ﺎطن :
3
ﻣن أﻫم اﻟﻧﻘﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺛﯾرﻫﺎ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﻫو ﻣوﺿوع اﻟظﺎﻫر واﻟ ﺎطن ﻓﻲ اﻷﺣ ﺎم وﻓﻲ وﺟﻌﻠﻪ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻛﺛﯾر ﻣن أ ﺣﺎﺛﻪ اﻟدﯾن ﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟرﻣزﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم .ﻓﻘد أﺳﻬب ﻓﻲ ﻫذا اﻷﻣر َ وﻣﻧطَﻠﻘﺎً ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎﺗﻪ ،واﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﻓﻬم ﻣذﻫب اﻟﺷ ﻌﺔ وﺗﻔﺳﯾر ﻣﻌﻧﻰ اﻟوﻻ ﺔ واﻹﻣﺎﻣﺔ واﻹﻣﺎم اﻟﻐﺎﺋب ،وأﺟﺎب ﻋن ﻣﺷ ﻠﺔ اﻧﻘطﺎع اﻟوﺣﻲ و ﻘﺎء اﻟﺣ ﺎة اﻟدﯾﻧ ﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن .
أن اﻟ ﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ اﻷﺣ ﺎم اﻹﺳﻼﻣ ﺔ واﻟﻣﻔﺳرن ﻟﻠﻘرآن اﻟﻛرم ﻻ ﻌﺗﻣدون ﻏﺎﻟ ﺎً ﻋﻠﻰ أﺳﻠوب واﻟﺣﻘ ﻘﺔ ّ اﻟرﻣزﺔ ،وﻻ ﺄﺧذون ﺎﻟظﺎﻫر واﻟ ﺎطن ،ﺑﻞ اﻟﻣﺑدأ اﻟﺷﺎﺋﻊ ﻋﻧدﻫم واﻟطرﻘﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻫﻲ أﺻﻞ ﻣراﺣﻞ اﻹدراك وﻣﺑدأ ﺗﻔﺎوت ﻣراﺗب اﻟﻔﻬم . وﻹ ﺿﺎح ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﺎﻟذات ،أﻧّﻪ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻛرم اﻟﻰ ﻣﺛَﻞ ﻣن اﻟواﻗﻊ اﻟذ اﻟرﺳﺎم ﻐﯾر ﻫذﯾن ﻔﺳرﻫﺎ ّ اﻟطﻔﻞ ﻠﻌ ﺔ ﺣﻠوة ،و ﻔﻬﻣﻬﺎ اﻟﻣرض أو اﻟﻣﺳﺎﻓر ﻫد ﺔ ّ اﻟﻔﻧﺎن ّ طﯾ ﺔ ،و ّ ِ ﻓﺈن ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻋن اﻟوردة ﯾﺧﺗﻠﻒ ﻋن ﺟﻣ ﻊ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﻓﻬو ﯾﺗﻌﻣ ﻓ ﻣﺎ اﻟﻣﻔﻬوﻣﯾن ،أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻟم اﻟطﺑ ﻌﻲ ّ ﯾﺧﻔﻰ ﻋن أ ﺻﺎر اﻵﺧرن ،و ر ﻣن اﻟﻧﺷﺎطﺎت ﻓﻲ ﺧﻼ ﺎ اﻟوردة وﻓﻲ أوراﻗﻬﺎ اﻟظرﻔﺔ ﻣﺎ ﻻ ﯾراﻩ ﻏﯾرﻩ .
ﻧﻌ ﺷﻪ ،ﻓﺎﻟوردة ﯾﻧظر إﻟﯾﻬﺎ
أن ﺟﻣ ﻊ ﻫذﻩ اﻟﺗﻔﺎﺳﯾر واﻻﺗﺟﺎﻫﺎت ﺻﺣ ﺣﺔ وﻻ ﯾﻧﺎﻗض ﻌﺿﻬﺎ ﻌﺿﺎً ،ﺑﻞ ّإﻧﻬﺎ ﺟﻣ ﻌﻬﺎ ،ﻣﻊ ٕواذا ﻻﺣظﻧﺎ ّ ﺗﻔﺎوﺗﻬﺎ ﻌﺿﻬﺎ ﻣﻊ ﻌض ،ﺗﻣﺛّﻞ ﺟواﻧب وﻣراﺣﻞ ﻣن اﻟﺣﻘ ﻘﺔ .أﻗول أﻧﻪ إذا ﻻﺣظﻧﺎ ﺟﻣ ﻊ ذﻟك ﻧﻧﺗ ﻪ اﻟﻰ
ﻣﺑدأ أﺳﺎﺳﻲ ﯾﻠﻘﻲ اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ﺣﺛﻧﺎ ﻫذا.
وﺧﻔﺎء. إن اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ،أّﺔ ﺣﻘ ﻘﺔ ،ﻟﻬﺎ ﺟواﻧب ﻋدﯾدة وﻟﻬﺎ آﺛﺎر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﯾﺗﻔﺎوت ﻌﺿﻬﺎ ﻋن ﻌض وﺿوﺣﺎً ّ ً ِ وﺗﺳرب اﻟﻰ أﻋﻣﺎق اﻟﺣﻘ ﻘﺔ. واﻟﻌﻠم اﻟ ﺷر ﺷﻒ ﺎﻟﺗدرﺞ و درك اﻵﺛﺎر واﺣداً ﺗﻠو اﻵﺧر ﻠﻣﺎ ّ ﺗﻘدم ّ ﺣدﯾن ،اﻟﺣد اﻷول ﻫو ﻣدﻟول اﻟﻛﻠﻣﺔ وﻟﻛن اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺗﺧﺗﻠﻒ ﻋن ﺳﺎﺋر اﻟﺣﻘﺎﺋ ،وﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ﺎد ون ﻣﺣدوداً ّ وﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻲ ﻣن ﺣﻘ ﻘﺔ وﻣﺟﺎز و ﻧﺎ ﺔ ،ﻓﻼ ﻣ ن ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﻠﻣﺔ إﻻ ﻓﻲ ﺣدود ﻣﺣﺗواﻫﺎ وﻣدﻟوﻟﻬﺎ .أﻣﺎ
ﺗﻌدﯾﻧﺎ ﻫذا اﻟﺣد ﻓﺗﺻ ﺢ اﻟﻛﻠﻣﺔ رﻣ اًز وﺗﺗﻐﯾر اﻟدﻻﻟﺔ اﻟوﺿﻌ ﺔ وﺗﺗﺣول اﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﻘﻠ ﺔ . إذا ّ ﻧﻔﺳر ﻼم ﺷﺧص واﻟﺣد اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫو ﻣﺳﺗو ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻗﺻدﻩ ﻣن اﻟﺗﻛﻠم واﻟﻛﻼم ،ﺣﯾث ﻻ ﻣ ن أن ّ ﻣﻌﻧﻰ ﻻ ﻌرﻓﻪ أو ﺣﻘ ﻘﺔ ﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﯾﻬﺎ .و ﻠﻣﺎ ارﺗﻔﻊ ﻣﺳﺗو ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم وازداد ﻋﻠﻣﻪ وﺛﻘﺎﻓﺗﻪ ارﺗﻔﻌت ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻼﻣﻪ و َﺛرت ﻣدﻟوﻻت أﻟﻔﺎظﻪ .ﻓﺎﻟ ﺎﺣﺛون ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘواﻧﯾن وﻧﺻوص اﻻﺗﻔﺎﻗ ﺎت ﻌﺗﻣدون ﻣﺑدأً اﻟﻣﻔﺳرن أن واﺿﻌﻲ اﻟﻘواﻧﯾن أو ﺎﺗﺑﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗ ﺎت ﺑﻠﻐوا ﻣن ﻣﺳﺗو اﻟﺧﺑرة واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺣداً ﻣ ّ ن ﻗطﻌ ﺎً ﻫو ّ ّ ﻣن أن ﯾﺗﻌﻣﻘوا ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻠﻣﺎﺗﻬم وأن ﯾﺑﻠﻐوا درﺟﺎت ﻋﺎﻟ ﺔ ﻣن اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﺄو ﻞ . 4
اﻟﻣﻔﺳرن ﻻ ﺳﻌﻬم إﻻ أن ﻘﻔوا ﻋﻧد ﺣد ﻻ ﯾﺗﺟﺎوزوﻧﻪ ،إﻧﻪ ﺣد ﻣﺳﺗو ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟواﺿﻌﯾن وﻟﻛن اﻟ ﺎﺣﺛﯾن و ّ وﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎب اﻟﻧﺻوص واطﻼﻋﻬم وﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﻬم. ِ ﺣد ﻟﻪ﴿ :وﺳﻊ ﻞ ﺷﻲء أن ﻋﻠم ﷲ ﻋﯾن ذاﺗﻪ وﻻ ّ أﻣﺎ اﻟﻛﻼم اﻹﻟﻬﻲ ﻓﻼ ُ ّ ﺣد ﺗﻔﺳﯾرﻩ ﺎﻟﺣد اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﺣﯾث ّ ﻋﻠﻣﺎ﴾ ]طﻪ .[98:ﻓﺎﻟﻣﺳﺗﻣﻊ ﻟﻠﻛﻼم اﻹﻟﻬﻲ ﺣ ﻟﻪ أن ﻔﻬم ﻣﻧﻪ ﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ أ ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟواﻗﻊ وﻓﻲ اﻟﻣﻔﺳر ﻣدﻟول أ ﺣﻘﻞ ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ و ﺄ درﺟﺔ ﻣن اﻟﻌﻣ واﻟﺧﻔﺎء ﺷر أن ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﻓﻬم اﻟﺳﺎﻣﻊ ّ اﻟﻛﻠﻣﺔ ،وﻻ ﯾﺗﻌد اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻣﺣﺗو اﻟﻛﻼم ودﻻﻻﺗﻪ اﻟوﺿﻌ ﺔ ﺣﻘ ﻘ ًﺔ وﻣﺟﺎ اًز و ﻧﺎ ﺔ . إن ﻼم ﷲ ﻫو ﺎﻟﺣﻘ ﻘﺔ اﻟﻌﯾﻧ ﺔ ،أو ﻫو اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ﻌﯾﻧﻬﺎ ،ﻟﻪ ﺟواﻧب ﻣن اﻟدﻻﻟﺔ وﻣراﺣﻞ ﻣن اﻟﺗﻔﺳﯾر ،ﻞ ّ ﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ وطر ﻟﻠﻣؤﻣن. واﺣد ﻣﻧﻬﺎ ﻣﻘﺻود ﻟﻠﻘﺎﺋﻞّ ، وﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧ ﺣث ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﯾزة اﻟﺗﻲ ﻣﺗﺎز ﺑﻬﺎ ﻼم ﷲ ،واﻟﻰ ﺣد ﺑﯾرُ ،ﻧﻠﺣ
ﻪ ﻼم اﻟرﺳول أﻧﻪ ﻻ ﯾﻧط
ﻋن اﻟﻬو ،وذﻟك ﺷر أن ﺗُﻧﻘﻞ ﻟﻧﺎ ﻧﺻوص ﻼﻣﻪ دون ﺗﺣرﻒ أو ﺗﻔﺳﯾر ﻣن اﻟراو . و ﺟد اﻟ ﺎﺣث اﻟﻣدﻗ ﻓﻲ ﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔﺳرن ﻟﻠﻘرآن اﻟﻛرم وﻓﻲ اﻷ ﺣﺎث اﻟﺗﻲ ﺗدور ﺣول اﻵ ﺎت اﻟﻣ ﺎر ﺔ
أن اﻟﻣﻔﺳرن واﻟ ﺎﺣﺛﯾن ﺣﺎوﻟون اﻟﺗﻌﻣ وﺣول اﻟﺳﯾرة اﻟﻣطﻬرة ،ﯾﺟد ﻫذا اﻟﻣﺳﻠك اﻟذ ﻗﻠﻧﺎﻩ ﺑوﺿوح ،ﻓﯾر ّ ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣ ﺎر ﺔ ﻞ اﻫﺗﻣﺎم ودﻗﺔ ،ﺛم ﯾﺟدون ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻵ ﺎت اﻟﻘرآﻧ ﺔ أو اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺷرﻔﺔ أو ٍ ﻣﻌﺎن ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ اﺗﺟﺎﻫًﺎ ﺗﺷﻔﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ..ﯾﺟدون ﻓﻲ ﻞ ﻫذا ﻗراﺋن ﺟدﯾدة ﻻﻛﺗﺷﺎف اﻷﺣ ﺎم اﻟﻌﻘﻠ ﺔ أو اﻟﻣ َ وﻋﻣﻘﺎً ﻣن ﻫذﻩ اﻵ ﺎت أو اﻟروا ﺎت ،و ﻌﺗﺑروﻧﻬﺎ ﯾﻧﺎﺑ ﻊ ﻟﺗدﻓ ﺣﻘﺎﺋ ﻣﺗﺟددة ﻋﻠﯾﻬم ﯾوﻣﺎً ﻌد ﯾوم .
ﻓﺈﻧﻲ أﻛﺗﻔﻲ ِﺑذ ر ﻣﺛﺎﻟﯾن :ﻓﺎﻟﺷﯾﺦ وﻟﺳﻧﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﺻدد ﺳرد اﻷﻣﺛﺎل ﻟﻠﺣﻘ ﻘﺔ اﻟﺗﻲ ذ رﺗُﻬﺎ ،وﻟﻬذا ّ ﻣرﺗﺿﻰ اﻷﻧﺻﺎر ﻓﻲ ﺗﺎ ﻪ اﻟﺷﻬﯾر ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ )اﻟﻣ ﺎﺳب( ﯾذ ر اﻟﺣدﯾث اﻟﺷرﻒ "إﻧﻣﺎ ﺣﻠﻞ اﻟﻛﻼم و ﺣرم
ﻔﺳرﻩ ﺗﻔﺎﺳﯾر أرﻌﺔ ﯾﺧﺗﻠﻒ أﺣدﻫﺎ ﻋن اﻵﺧر وﺿوﺣﺎً وأﺛ ًار" ،وﻟﻛن اﻟﺟﻣ ﻊ ﻣدﻟول اﻟﻛﻠﻣﺔ وﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﻼم" ،ﻓ ّ اﻟﺣدﯾث" .1واﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻣﺗﺄﺧرون ﻓﺳروا ﻗول اﻟرﺳول "ﻻ ﺿرر وﻻ ﺿرار ﻓﻲ اﻹﺳﻼم" ،وذ َ ر ﻞ ِ ﻋﺎﻟم ّ ﺗﻔﺳﯾ اًر ﯾﺧﺗﻠﻒ ﻋن ﺗﻔﺳﯾر اﻵﺧرن ،ﺣﺗﻰ ﻟﯾﺑﻠﻎ ﻋدد اﻟﺗﻔﺎﺳﯾر اﻟﻣﺷﻬورة ﺧﻣﺳﺔ ،و ﻠﻬﺎ ﻣدﻟوﻻت ﻟﻠﺣدﯾث ظﺎﻫرة ﻻ ﺗﺗﻌد ﻧطﺎق دﻻﻟﺔ اﻟﻠﻔظ.2
إن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾوﺿﺢ ﻟﻠﻘﺎرئ : ّ 1
ﺗﺎب اﻟﻣ ﺎﺳب ﻟﻠﺷﯾﺦ ﻣرﺗﺿﻰ اﻷﻧﺻﺎر ،ﺣث اﻟﻣﻌﺎطﺎة.
2راﺟﻊ رﺳﺎﻟﺔ "ﻻ ﺿرر" ﻟﻠﺷﯾﺦ اﻷﻧﺻﺎر ،ورﺳﺎﻟﺔ "ﻻ ﺿرر "ﻟﻠﻣﺣّﻘ ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن اﻟﻐرو اﻟﻧﺎﺋﯾﻧﻲ.
5
أن اﻵ ﺎت اﻟﻘرآﻧ ﺔ أُﻧزﻟت ﻋﻠﻰ اﻟطرﻘﺔ اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻟﻠﺗﻔﺎﻫم ،وﻫﻲ اﻟطرﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟدﻻﻟﺔ أوﻻًّ : اﻟوﺿﻌ ﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻛﻠم ﺑﻬﺎ ﺟﻣ ﻊ اﻟﻧﺎس ،وﻻ ﺗﻌﺗﻣد أﺻﻼً ﻋﻠﻰ اﻟطرﻘﺔ اﻟرﻣزﺔ واﻟدﻻﻻت اﻟﻌﻘﻠ ﺔ اﻟﻐﺎﻣﺿﺔ، ِ اﻟﺟ َﻣﻞ وﻣﻘﺎطﻊ اﻷﺑﺟد ﺔ . وﻻ ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻷﻋداد وﺣروف ُ
اﻟﻣطﻬرة ﺎﻟذات ﻓﻲ ﺑ ﺎن اﻷﺣ ﺎم وﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻵ ﺎت اﻹﻟﻬ ﺔ، وﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟطرﻘﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺳّﻧﺔ ّ وﻗد ﺣذا ﺣذو اﻟرﺳول ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟطرﻘﺔ ﺧﻠﻔﺎؤﻩ واﻷﺋﻣﺔ ﻣن ﻌدﻩ . ورد ﻓﻲ اﻵ ﺔ 15و 16ﻣن ﺳورة واﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﯾؤّ د ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﺛﯾرة اﻋﺗﻣﺎدﻩ ﻫذﻩ اﻟطرﻘﺔ ،ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ َ اﻟﻣﺎﺋدة﴿ :ﻗد ﺟﺎء م ﻣن ﷲ ﻧور و ﺗﺎب ﻣﺑﯾن ﯾﻬد ﻪ ﷲ ﻣن اﺗ ﻊ رﺿواﻧﻪ ُﺳﺑﻞ اﻟﺳﻼم وُ ﺧرﺟﻬم ﻣن ﻓﺻﻠت آ ﺎﺗﻪ ﻗرآﻧﺎً ﻋر ﺎً ﻟﻘوم ﻓﺻﻠت ﴿ :ﺗﺎب ّ اﻟظﻠﻣﺎت اﻟﻰ اﻟﻧور ﺑﺈذﻧﻪ﴾ و]اﻵ ﺔ 3 :و [4ﻣن ﺳورة ّ ﻌﻠﻣون ﺷﯾ اًر وﻧذﯾ اًر ﻓﺄﻋرض أﻛﺛرﻫم ﻓﻬم ﻻ ﺳﻣﻌون﴾ ،و]اﻵ ﺔ [185 :ﻣن ﺳورة اﻟ ﻘرة﴿ :ﺷﻬر رﻣﺿﺎن
اﻟذ أُﻧزل ﻓ ﻪ اﻟﻘرآن ﻫد ﻟﻠﻧﺎس و ّﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻬد واﻟﻔرﻗﺎن﴾.
اﻟﻣطﻬرة ﺗؤّد ﻫذا ﻓﻲ أﺣﺎدﯾث ﺛﯾرة ،ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺣدﯾث اﻟﻣﺳﺗﻔ ض اﻟﻣﺷﻬور" :إذا اﻟﺗ ﺳت ﻋﻠ م اﻟﻔﺗَن اﻟﺳﻧﺔ و ّ ّ ﻐ ﺎﻫب اﻟﻠﯾﻞ اﻟﻣدﻟﻬم ﻓﻌﻠ م ﺎﻟﻘرآن" )اﻟﻛﺎﻓﻲ :أﺑواب اﻟﻘرآن(.. إن ﻫذﻩ اﻵ ﺎت واﻟروا ﺎت ﺗﻧﻔﻲ ﺑوﺿوح اﻟرﻣزﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن ،وﺗؤ د أن اﻟﻘرآن ﺗﺎب ﻫدا ﺔ ﻟﻠ ﺷر ،ﻞ ّ اﻟ ﺷر ،ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف درﺟﺎت ﻣﻌرﻓﺗﻬم ،ﻧزل ﺑﻠﻐﺔ ﻋر ﺔ ظﺎﻫرة ﻻ رﻣز ﻓﯾﻬﺎ وﻻ ﻏﻣوض . ﺗﻌﻣ ﺛﺎﻧ ﺎًّ : إن ﻣراﺣﻞ إدراك ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺗﺗﻔﺎوت ﻣﺎ ﯾﺗﻔﺎوت إدراك ﺟواﻧب اﻟﺣﻘ ﻘﺔ وآﺛﺎرﻫﺎ .و ﻠﻣﺎ ّ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ آ ﺎت اﻟﻘرآن ﻠﻣﺎ ارﺗﻔﻊ ﻣﺳﺗو ﺛﻘﺎﻓﺗﻪ ،ﻓﺗﻧﻔﺗﺢ أﻣﺎﻣﻪ أﺑواب ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺟدﯾدة ﺗﺧﺗﻠﻒ ﻋن ﻣدر ﺎﺗﻪ اﻟﺳﺎ ﻘﺔ اﺗﺟﺎﻫﺎً وﻋﻣﻘًﺎ ،وﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺄﺟﻣﻌﻬﺎ ﺻﺣ ﺣﺔ ﺣﻘ ﻘ ﺔ ﻻ ﺗﺗﻧﺎﻗض. و ﺧﺗﻠﻒ ﻫذا اﻷﻣر ﺗﻣﺎم اﻻﺧﺗﻼف ﻋن ﻣﺑدأ اﻟرﻣزﺔ وﻣﺑدأ اﻟﻛﻧﺎ ﺎت واﻋﺗ ﺎر ﻣﻔﺎﺗ ﺢ اﻟرﻣوز وﻗراﺋن اﻟﻛﻧﺎ ﺎت ﻋﻧد أﻫﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻣﯾﻞ إﻟ ﻪ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ،ﻓﺎﻟﺗدﺑر ﻓﻲ اﻟﻘرآن ﻣﺛﻞ اﻟﺗدﺑر ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن واﻻﺗﻔﺎﻗ ﺎت ،وﻟﻛن ن ﻧﻬﺞ ﺻورة أﻗو ،وﻗد أﻣر ﷲ ﺎﻟﺗدﺑر ﻓﻲ اﻟﻘرآن ﻧﻔﺳﻪ﴿ :أﻓﻼ ﯾﺗدﺑرو اﻟﻘرآن﴾] اﻟﻧﺳﺎء ،[82:وﻋﻠ ﻪ َ
وﻋرف اﻟﻣﻔﺎﻫﻣﺎت اﻟ ﺷرﺔ . ﺻﺣﺎ ﺔ اﻟرﺳول واﻷﺋﻣﺔ وﻣﻧط اﻟﺗﻛﻠم ُ
ﺛﺎﻟﺛﺎ :وﺗﺧﺗﻠﻒ ﻫذﻩ اﻟطرﻘﺔ أ ﺿﺎً ﻋن طرﻘﺔ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ظواﻫر اﻟﻛﻠﻣﺎت واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣداﻟﯾﻞ اﻟﺑداﺋ ﺔ
ﻔﺳر ﻌﺿﻪ ﻌﺿﺎً"ٕ ،واذا ﻗرأﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم﴿ :وﺟوﻩ ﻣﻧﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻘرآن ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث اﻟﺷرﻒ " ّ أن ﷲ ﯾوم اﻟﻘ ﺎﻣﺔ ﯾر وﻧﺗﺟﺎﻫﻞ ٍ ﯾوﻣﺋذ ﻧﺎﺿرة اﻟﻰ رّ ﻬﺎ ﻧﺎظرة﴾ ]اﻟﻘ ﺎﻣﺔ [24- 23:ﻻ ﺣ ﻟﻧﺎ أن ﻧﻘول ّ 6
اﻵ ﺔ اﻟﻛرﻣﺔ اﻷﺧر ﴿ :ﻻ ﺗدر ﻪ اﻷ ﺻﺎر وﻫو ﯾدرك اﻷ ﺻﺎر﴾ ]اﻷﻧﻌﺎمٕ ،[103:واذا رأﯾﻧﺎ اﻵ ﺔ اﻟﻛرﻣﺔ: ﺎﻟﺗﺟﺳد ،ﻷﻧﻧﺎ ﻧﻘ أر ﻓﻲ ﴿اﻟرﺣﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﻌرش اﺳﺗو ﴾ ]طﻪ ،[5:ﻻ ﻧﻘول ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻌض اﻷﺷﺎﻋرة اﻟﻘداﻣﻰ ّ ﻣواﺿﻊ أﺧر ﻓﻲ اﻟﻘرآن﴿ :ﻟ س ﻣﺛﻠﻪ ﺷﻲء﴾] اﻟﺷور .[11: ﻗراﺋﻪ إدراك ﻣﺻطﻠﺣﺎﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣطﺎﻟﻌﺔ ﻣواﺿ ﻊ ﻋدﯾدة ﻣن ﺗﺎ ﻪ، وﻣن ﺣ ّﻞ ﻣؤّﻟﻒ أن طﻠب اﻟﻰ ّ واﻟﻘﺎرئ ﻟﻛﺗﺎب ﻋﻠﻣﻲ ﻻ ﻣ ﻧﻪ إﻻ رﻋﺎ ﺔ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﻌﻧ ﺔ اﻟﺗﻲ ﻘﺻدﻫﺎ أﻫﻞ ذاك اﻟﻌﻠم ﻣن أﻟﻔﺎظﻪ. واﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﻌﻠن ﻋن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺻورة ﺣﺎﺳﻣﺔ ﻓﻲ ﺳورة آل ﻋﻣران ]اﻵ ﺔ﴿ :[7 :ﻫو اﻟذ أﻧزل ﻋﻠ ك ﻫن أم اﻟﻛﺗﺎب وأُﺧر ﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺎت ﻓﺄﻣﺎ اﻟذﯾن ﻓﻲ ﻗﻠو ﻬم ز ﻎ ﻓﯾﺗ ﻌون ﻣﺎ ﺗﺷﺎ ﻪ اﻟﻛﺗﺎب ﻣﻧﻪ آ ﺎت ﻣﺣ ﻣﺎت ّ ﻣﻧﻪ اﺑﺗﻐﺎء اﻟﻔﺗﻧﺔ واﺑﺗﻐﺎء ﺗﺄو ﻠﻪ وﻣﺎ ﻌﻠم ﺗﺄو ﻠﻪ إﻻ ﷲ واﻟراﺳﺧون ﻓﻲ اﻟﻌﻠم ﻘوﻟون آﻣﻧﺎ ﻪ ﻞ ﻣن ﻋﻧد رّ ﻧﺎ وﻣﺎ ﯾذ ر إﻻ أوﻟوا اﻷﻟ ﺎب﴾. أن ﻫن ّأم اﻟﻛﺗﺎب واﻟﻣرﺟﻊ ﻟﻠﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺎت ،وﻻ ﻣ ن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺷﺎ ﻪ ﻓﻘط ،ﺣﯾث ّ إ ّن اﻟﻣﺣ ﻣﺎت ّ اﻟﻣﺗﺷﺎ ﻪ ﻫو اﻟذ ﯾﺗّﺣد ﻣﻊ اﻟﺷﻲء اﻵﺧر ﻓﻲ ﻌض اﻷوﺻﺎف ،و ﺧﺗﻠﻒ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ،ﻓﺈذا اﻋﺗﻣدﻧﺎ
ﻋﻠﻰ اﻵ ﺎت اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺔ اﻟﺗﻲ ُﻔﻬم ﻣﻧﻬﺎ أﻛﺛر ﻣن ﻣﻌﻧﻰ وﺣﺎوﻟﻧﺎ ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ﺑرﻏ ﺎت ﻧﻔﺳ ﺔ أو ﻗراﺋن ﺧﺎرﺟ ﺔ ﻓﻘد ورد اﻟﻣﺗﺷﺎ ﻪ إﻟﯾﻬﺎ ،وﻫذﻩ اﻟطرﻘﺔ اﻧﺣرﻓﻧﺎ ﻋن اﻟﺧط اﻟﻘرآﻧﻲ اﻟﺳﻠ م اﻟذ ﯾﻠزم اﻟرﺟوع اﻟﻰ اﻵ ﺎت اﻟﻣﺣ ﻣﺔ ّ ﺗﻣﻧﻊ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺳطﺣ ﺔ واﻟﻣداﻟﯾﻞ اﻟﺑداﺋ ﺔ ﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻘرآن اﻟﻛرم.
وﻣﻠﺧص اﻟﻛﻼم أن ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺻﺣ ﺢ ﯾ ﺎﯾن ﻣﺎ ﯾﻧﻘﻠﻪ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤّﻟﻒ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻣن اﻋﺗ ﺎر اﻟﻛﻠﻣﺎت ّ
اﻟﻘرآﻧ ﺔ ظواﻫر ورﻣو اًز اﻟﻰ ﺑواطن وﺣﻘﺎﺋ ،و ﺎﯾن أ ﺿﺎً طرﻘﺔ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺳطﺣ ﺔ واﻻﻛﺗﻔﺎء ظواﻫر ﻌض اﻵ ﺎت دون اﻟﻐور ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻵ ﺎت اﻷﺧر .
أن ﻟﻠﻘرآن ظﻬ اًر و طﻧﺎً ،وﻟ طﻧﻪ ﻫﻧﺎ أود أن أﻗﻒ ﻣﻊ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻟﻛﻲ ﻧ رر ﻗراءة اﻟﺣدﯾث اﻟﻣﻌروف " ّ طن اﻟﻰ ﺳ ﻌﺔ أ طن أو ﺳ ﻌﯾن طﻧﺎ" .ﻓﻧﺣن ﻌد دراﺳﺔ اﻟﻣﺑدأ اﻟﻣذ ور ﻧﻔﻬم اﻟﺣدﯾث ﺻورة أﺧر ﺗﻐﺎﯾر أن ﻣراﺣﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﻣﺗﻌددة ﺳ ﻌﺔ أو ﺳ ﻌﯾن) .ﻟﻌﻞ ﻠﻣﺔ ﺳ ﻌﺔ أو ﻣﺎ ﻓ ِﻬﻣﻪ اﻟﻣؤﻟﻒ ،وﻫﻲ ّ ﺳ ﻌﯾن ﻧﺎ ﺔ ﻋن اﻟﻛﺛرة واﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻞ(. "إن اﻟﻘرآن أُﻧزل ﻋﻠﻰ ﺳ ﻌﺔ أﺣرف" ،ﻫذا اﻟﺣدﯾث ﻗد ُﻓ ّﺳر ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾث اﻷﺧر ﺄﻧﻪ أﻧواع واﻟﺣدﯾث اﻵﺧر ّ اﻟﻣ ﺎﺣث اﻟﻘرآﻧ ﺔ" :أﻧﻪ أﻣر وزﺟر وﺗ ﺷﯾر وﺗﺣذﯾر وﻗﺻص وأﻣﺛﺎل وﺣ َ م ".
7
أﻣﺎ اﻟﺣدﯾث اﻟوارد ﻓﻲ ﻣطﺎو اﻟﻛﺗﺎب "ﻟﻛﻞ آ ﺔ ﻣن ﺗﺎب ﷲ ظﺎﻫر و ﺎطن وﺣد وﻣطﻠﻊ" ﻓﻧﻌﺗﺑرﻩ ﺟﺎﻣﻌﺎً وﺣدﻫﺎ ،واﻟﻣطﻠﻊ ﻣﻌﻧﻰ اﻵ ﺔ ﺑﯾن ﻣﻌﻧﻰ اﻟظﺎﻫر واﻟ ﺎطن وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺣ م واﻟﻣﺗﺷﺎ ﻪ .ﻓﺎﻟﺣد ﻣﺎ ُﻔﻬم ﻣن اﻵ ﺔ ّ ﻌد إرﺟﺎﻋﻬﺎ اﻟﻰ اﻟﻣﺣ ﻣﺎت.
اﻟﺳور : ﻓواﺗﺢ َ ﻣﻠﺣﺔ ﻓﻲ إﻧ ﺎر ﻟﻘد أﺛّر اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑدأ اﻟﻣذ ور ﻋﻧد اﻟﻣﻔﺳرن اﻟﻰ ﺣد ﺑﺗﻧﺎ ﻣﻌﻪ ﻧﺟد ﻋﻧدﻫم رﻏ ﺔ ّ ّ اﻟﺳور ﻧظﯾر :أﻟم ،أﻟر ،ﻬ ﻌص. وﺟود اﻟرﻣوز ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻓواﺗﺢ َ ﻓﺎﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﺗُﺑذل ﻣن اﻟ ﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻟﺗﻔﺳﯾر ﻫذﻩ اﻟﺣروف اﻟﻣﺗﻘطﻌﺔ ﻫﻲ دﻟﯾﻞ ظﺎﻫر ﻋﻠﻰ أﻧﻬم ﺣﺎوﻟون ﻋدم اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑوﺟود رﻣوز ﻓﻲ اﻟﻘرآن واﻋﺗ ﺎر ﺟﻣ ﻊ ﻠﻣﺎت اﻟﻘرآن ﻫد و ّﯾﻧﺎت ﻟﻠﺟﻣ ﻊ .
ﻣﻔﺳرو اﻟﺷ ﻌﺔ ﻋن ﻏﯾرﻫم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻻت .واﻟﻔﻬم اﻟﺳﺎﺋد ﻋﻧدﻫم ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣروف ﻫذﻩ ﻫو وﻻ ﯾﺧﺗﻠﻒ ّ ِ ﺳور أو ﺳورة ﻣﻧﻪ ﻟﻛﻲ أن اﻟﻘرآن ﻗد ّ ّ ﺗﺣد ﻣﺷر ﻲ اﻟﻌرب ﻓطَﻠب ﻣﻧﻬم أن ﺄﺗوا ﻣﺛﻞ اﻟﻘرآن أو ﻋﺷر َ أن ﻫذا اﻟﻘرآن اﻟذ ﻋﺟزﺗم ﯾﺛﺑﺗوا ﺑذﻟك ﺷرﺗﻪ و وﻧﻪ ﻼم إﻧﺳﺎن .ﺛم ﺎَﻟﻎ ﻓﻲ ّ اﻟﺳور ﻓﺄﻋﻠن ّ اﻟﺗﺣد ﻔواﺗﺢ َ ﻣؤﻟﻒ ﻣن اﻟﺣروف اﻟﺗﻲ ﺑﯾن أﯾد م .ﻫو ﱠ ﻋن اﻹﺗ ﺎن ﻣﺛﻠﻪ وﻣﺎ ﺗﻣ ﻧﺗم ﻣن ﻣﻌﺎرﺿﺗﻪ إﻧﻣﺎ ﻫو ﱠ ﻣؤﻟﻒ ﻣن
أن ﺣروف أﻟﻒ وﻻم وﻣ م اﻟﺗﻲ اﻓﺗُﺗﺣت ﺣرف أﻟﻒ وﻻم وﻣ م وراء وأﻣﺛﺎل ذﻟك ..و ّ ﻌزز ﻫذا اﻟﻔﻬم ّأﻧك ﺗﺟد ّ ﺑﻬﺎ ﺳورة اﻟ ﻘرة ﻣﺛﻼً ﻫﻲ أﻛﺛر اﻟﺣروف اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ واﻟواردة ﻓﻲ ﻣﺗن ﻫذﻩ اﻟﺳورة ،و ذﻟك ﺣروف ﻬ ﻌص اﻟﺳور . ﻓﻲ ﺳورة ﻣرم ،وﻫ ذا ﻓﻲ ﺟﻣ ﻊ ﻓواﺗﺢ َ أن ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﻏﺎﻟب اﻟﻔواﺗﺢ ﻫو ﻠﻣﺔ "ﺗﻠك" أو "ذﻟك" ﻣﺷﯾ اًر اﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎب أو اﻵ ﺎت ،ﻣﻣﺎ واﻟﺷﺎﻫد ﻋﻠﻰ ذﻟك ّ أن ﷲ ﺷﯾر اﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﺣروف ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗرّ ب اﻵ ﺎت وﺗؤّﻟﻒ اﻟﻘرآن . ُظﻬر ّ وﻟﻛن اﻻﻋﺗراف ﺑرﻣزﺔ اﻟﺣروف ﻫذﻩ ﻣﺎ ﯾﺗﺑﻧﺎﻫﺎ ﻌض
ﺎر اﻟﻣﻔﺳرن ﻻ ﯾﺛﺑت رﻣزﺔ اﻟﻛﺗﺎب ،ﻧظ اًر ﻟﻘﻠﺔ
اﻟﺳﻧﺔ .وأﺧﯾ ًار :ﻓﺈﻧك ﺛﯾ اًر ﻣﺎ ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت ،وﻟﻬذا ﻓﻘد اﻋﺗرف ﺑرﻣزﺔ اﻟﺣروف ﺛﯾرون ﻣن ﻣﻔﺳر اﻟﺷ ﻌﺔ و ّ ﺗﺟد ﻓﻲ ﻼم اﻟﻣﻔﺳرن ﻟﻬذﻩ اﻟﻔواﺗﺢ ﻫذﻩ اﻟﻌ ﺎرة" :وﻫﻲ ﻣﻣﺎ اﺳﺗﺄﺛر ﷲ وﻧﺑّﻪ ِﻌﻠﻣﻪ".. اﻹﻣﺎم :
ﻌد اﻹﻣﺎم ﻋﻧد اﻟﺷ ﻌﺔ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷرﺔ ﻣرﺟﻌﺎً ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟرﻣوز اﻟﻘرآﻧ ﺔ ،ﻓﻼ رﻣزﺔ وﻻ ﺷﻒ ﻟﺑواطن ﻻ ُ ّ
اﻷﺣ ﺎم ﺎﻹرث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣن اﻟﻧﺑﻲ ،وﻫو ﻟ س ﻗّﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﺎب ﷲ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب .وﻟﻛن ﻣﻌﻧﻰ 8
اﻹﻣﺎم ﻫو أﻧﻪ اﻟﻣﺛَﻞ اﻟﻛﺎﻣﻞ اﻟذ ﻋﺎﻣﺔ ﺷؤوﻧﻪ .
ﻪ ﻓﻲ اﻟدﯾن ،واﻟدﯾن ﯾﺗﺿﻣن ﺟواﻧب وﺟودﻩ وﻓﻲ
ُﺟﻌﻞ إﻣﺎﻣﺎً ﻟ ﻘﺗد
واﻹﻣﺎم ﻫو اﻹﻣﺎم ﻓﻲ ﺟﻣ ﻊ ﻫذﻩ اﻟﺷؤون وﻟﺟﻣ ﻊ ﻫذﻩ اﻟﺟواﻧب ،ﻓﻬو اﻟﻣﻘﺗد
ﻪ واﻟﻧﻣوذج اﻟﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ
وﻓﻌﻠﻪ ،ﻓﻲ ﻓ رﻩ وﻋواطﻔﻪ ،ﻓﻲ أر ﻪ ﺎﻟﻣوﺟودات وﻧظرﺗﻪ اﻟﻰ اﻟﻛون ،ﻓﻲ ﻞ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻟﻔ رﺔ واﻟﺧﻠﺟﺎت اﻟﻘﻠﺑ ﺔ ..وﻫذا ﻣﻘﺎم ﺧطﯾر ﻻ ﯾﺑﻠﻐﻪ إﻻ اﻷوﺣد
ﻣن اﻟ ﺷر ﻌد اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺻﻌ ﺔ واﻟﺟﻬﺎد اﻟﻣﺗواﺻﻞٕ " :واذ
ﻓﺄﺗﻣﻬن وﻗﺎل إﻧﻲ ﺟﺎﻋﻠك ﻟﻠﻧﺎس إﻣﺎﻣًﺎ ،ﻗﺎل وﻣن ذرﺗﻲ ،ﻗﺎل ﻻ ﯾﻧﺎل ﻋﻬد اﺑﺗﻠﻰ إﺑراﻫ م رﻪ ﻠﻣﺎت ّ اﻟظﺎﻟﻣﯾن" ]اﻟ ﻘرة.[124/
"اﻟﻣﻔﺿﻞ" ،ﺣﯾث أﻧﻪ اﻟﻣﺛﻞ اﻟﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ اﻹدراك و أر اﻹﻣﺎم ﻫذا ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻵ ﺎت اﻟﻘرآﻧ ﺔ ﻫو اﻟ أر ّ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻛﻼم ﷲ ،وﺣﯾث أﻧﻪ ﺣﻣﻞ اﻟﺗراث اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟدﯾﻧﻲ ﻣن رﺳول ﷲ .ﻗﺎل اﻹﻣﺎم ﺟﻌﻔر اﻟﺻﺎدق: " ﻞ ﻣﺎ أرو ﻪ ﻟﻛم ﻓﻘد رو ﺗﻪ ﻋن أﺑﻲ اﻟ ﺎﻗر ﻋن أﺑ ﻪ ﻋﻠﻲ ﺑن اﻟﺣﺳﯾن ﻋن أﺑ ﻪ اﻟﺣﺳﯾن ﻋن أﺑ ﻪ ﻋﻠﻲ ﺑن أﺑﻲ طﺎﻟب ﻋن رﺳول ﷲ". ٕواﻧﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﺑ أر اﻹﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺳﯾر وﻓﻲ ﺑ ﺎن اﻷﺣ ﺎم ﻟﻘول اﻟرﺳول" :ﻣﺛَﻞ أﻫﻞ ﺑﯾﺗﻲ ﻣﺛَﻞ ﺳﻔﯾﻧﺔ ﻧوح ﻣن
ر َﺑﻬﺎ ﻧﺟﺎ وﻣن ﺗﺧّﻠﻒ ﻋﻧﻬﺎ ﻏرق" ،وﻟﻘوﻟﻪ )ص(" :إﻧﻲ ﺗﺎرك ﻓ م اﻟﺛﻘﻠﯾن ﺗﺎب ﷲ وﻋﺗرﺗﻲ أﻫﻞ ﺑﯾﺗﻲ ﻣﺎ إن ﺗﻣﺳ ﺗم ﺑﻬﻣﺎ ﻟن ﺗﺿّﻠوا أﺑدا". ﺗﻌﺑر ﻋن ﻫذا اﻷﺻﻞ ،وﻫﻲ أﻧﻪ ّ إن اﻹﻣﺎم ﺟﻌﻔر اﻟﺻﺎدق ﯾﻧﺎﻗش دور اﻹﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻓﻲ ﻠﻣﺔ واﺿﺣﺔ ّ ِ أن اﻟﻘرآن ﻫو ﺳﺄل ﻋﺎﻟﻣﺎً ﻣن ﻣﺗﻛﻠﻣﻲ اﻟﺷﺎم" :ﻣﺎ ﻫو اﻟﺣ م ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إذا اﺧﺗﻠﻔوا ﻌد اﻟﻧﺑﻲ؟" ،ﻓﯾﺟﯾ ﻪ ّ
اﻟﺣ َ م ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إذا اﺧﺗﻠﻔوا واﻟدﻟﯾﻞ ﻟﻬم إذا ﺿّﻠوا .ﻓ ﻌﯾد اﻹﻣﺎم ﻓ ﺳﺄﻟﻪ ﻋﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠﻒ اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻓﻲ
أن ﺟوا ﻪ ﻫو اﻟﺧﻠﻒ اﻟﻣﻧطﻘﻲ ﻣﻌﻧﻰ آ ﺔ ﻣن آ ﺎت اﻟﻘرآن اﻟﻛرم وﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﻞ ،ﻓﯾﺟﯾب ﺣﺎﺋ اًر ﻣﻘﺗﻧﻌﺎً ّ أن اﻟﻐرض ﻫو ﺻورة اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻵ ﺔ ،وﺣﯾﻧﻣﺎ ﻌﺗرف ﺑﻠزوم ﺷﺧص " ﺎﻟﻌودة اﻟﻰ اﻟﻘرآن" ،ﺣﯾث ّ ﻔﺳر اﻟﻘرآن و رﻓﻊ اﻟﺧﻼف ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﯾؤ د ﻟﻪ اﻟﺻﺎدق ذﻟك ﻣﺷﯾ اًر اﻟﻰ اﻟُﻌد اﻟذ ّ اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻠﻘرآن .
ّﺑﯾﻧﺎﻩ ﻣن اﻟﻔﻬم
ﯾدر ون ﺗﻼﻣذﺗﻬم ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘرآن داﺋﻣﺎً ،ﻓﺣﯾﻧﻣﺎ ُﺳﺄل اﻹﻣﺎم اﻟﺻﺎدق ﻣﺛﻼً ﻣن َﻗﺑﻞ و ﺎن أﺋﻣﺔ اﻟﺷ ﻌﺔ ّ أﺣد أﺻﺣﺎ ﻪ ﻋن اﻟﻣﺳﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻘدم ﻓﻲ اﻟوﺿوء ﺣﯾﻧﻣﺎ ون ﻋﻠ ﻪ ﻣ اررة ﻟﻌﻼج اﻟﺟرح وﻻ ﻣ ن رﻓﻊ اﻟﻣ اررة ،ﻘول اﻟﺻﺎدق" :إﻣﺳﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻣ اررة" ،ﺛم ﺿﯾﻒ" :ﻫذا وأﻣﺛﺎﻟﻪ ُﻌرف ﻣن ﺗﺎب ﷲ" ﴿وﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻋﻠ م ﻓﻲ اﻟدﯾن ﻣن ﺣرج﴾ ]اﻟﺣﺞ. [78/ 9
وﻟﻺﻣﺎم ﻓﻲ اﻷﺣ ﺎم دور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،وﻫو دور أوﺟد اﻟﻔرق اﻟﻛﺛﯾر ﺑﯾن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺟﻌﻔر و ﯾن ﻓﻘﻪ ﺳﺎﺋر اﻟﻣذاﻫب ،وﻫذا اﻟدور ﻫو اﻟﺳﺑب )ﻓ ﻣﺎ أﻋﺗﻘد( ﻟﻣﺎ ﻘوﻟﻪ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب" :اﻷﺣ ﺎم إن ﻟﻬﺎ ﺣﻘﺎﺋ و ﺎطﻧﺎً ،وﻻ ﻟ ﺳت اﻟدﯾن ،ﺑﻞ ّ ﻋﺷر ﺻﻔﺗﻬم ورﺛﺔ اﻷﻧﺑ ﺎء "..
ﺷﻒ ﻫذا اﻟ ﺎطن إﻻ اﻹرث اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟذ
ورﺛﻪ اﻷﺋﻣﺔ اﻹﺛﻧﺎ
أن اﻷﺋﻣﺔ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷر ﻗد ﺳﺎﻫﻣوا ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﺑﯾرة ﻓﻲ ﺗوﺳﻌﺔ اﻟﻔﻘﻪ و ﺎن اﻷﺣ ﺎم ،وﻗد ﺳﺎﻋدﻫم واﻟﺣﻘ ﻘﺔ ّ ﻋﻠﻰ ذﻟك أﻧﻬم ﻋﺎﺷوا ﻓﻲ أﺣﻘﺎب ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ أﺷد اﻟﺗﻔﺎوت ﻣﻊ ﻋﺻر اﻟﻧﺑﻲ واﻟﺻﺣﺎ ﺔ وﻋﺻر اﻟﺗﺎ ﻌﯾن ،وأﻧﻬم ﻋﺎﺷوا ﻋﻬود أﺣداث ﻣﻬﻣﺔ وﻣوﺿوﻋﺎت ﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﺣدﺛت ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﺗﺻﺎل اﻟﻌرب ﺳﺎﺋر اﻟﺷﻌوب وﻟﺗﻼﻗﯾﻬم ﺎﻟﺣﺿﺎرات واﻟﺛﻘﺎﻓﺎت اﻹﻏرﻘ ﺔ واﻟﻔﺎرﺳ ﺔ واﻟﻬﻧد ﺔ واﻵﺷورﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ،وأﻧت ﺗﺟد اﻷﺣﺎدﯾث اﻟواردة ﻋن أن ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﺻﺎدق ﻓﻲ اﻷﺋﻣﺔ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷر ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺎﻷﺣ ﺎم واﻟﺗوﺟ ﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋﻞ اﻟﺟدﯾدة ،ﺣﺗﻰ ّ ﺗزو د اﻟﻔﻘﻪ ٕواﻏﻧﺎﺋﻪ ﺑﻠﻐت درﺟﺔ ُﺳ ّﻣﻲ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺷ ﻌﻲ ﺎﻟﻔﻘﻪ اﻟﺟﻌﻔر . وﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻟ ﺳت ﺷﻔًﺎ ﻟﺑواطن اﻷﺣ ﺎم وﻻ إظﻬﺎ ًار ﻟﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ أﺑدًا ،ﺑﻞ ﻧﻘﻼً ﻵراء إﺳﻼﻣ ﺔ وﺳﻧن ﻧﺑو ﺔ
دوﻧوﻫﺎ ورووﻫﺎ ﺎﻹﺳﻧﺎد ﻋن رﺳول ﷲ ،و ﺎﻧت ﻫذﻩ اﻷﺣﺎدﯾث ﻣوﺟودة ﺑﻧﺻوﺻﻬﺎ أو ﻌﻣوﻣﻬﺎ ﻋﻧد ﻋﻠﻲ ّ ﺑن أﺑﻲ طﺎﻟب )ع( ،وﻗد رواﻫﺎ ﻷﺑﻧﺎﺋﻪ وﻷﺻﺣﺎ ﻪ اﻟذﯾن ﺣﺎوﻟوا اﻷﺧذ ﻣﻧﻪ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻣﺗﻧﻊ اﻵﺧرون ﻋن ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻷﺳ ﺎب ﺳ ﺎﺳ ﺔ أو ﻏﯾرﻫﺎ ،وﺗﺎرﺦ اﻟﺳﯾرة ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﺻﺣﺎ ﺔ ﯾﻧﻘﻞ ﻟﻧﺎ اﻟ ﺣث ﻓﻲ ﻋدد ﻣن اﻟﻘﺿﺎ ﺎ وﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟوﺻول اﻟﻰ أر
اﻹﺳﻼم ﻓﯾﻬﺎ ،ﺛم ﯾوﺿﺢ أﻧﻬم ﺳﺄﻟوا ﻋﻠ ﺎً ﻓﻲ ﻌض اﻷﺣ ﺎن ،ﻓﻧﻘﻞ ﻟﻬم ﻣﺎ ﯾرو ﻪ ﻋن
اﻟرﺳول ،ﻓﺎﻋﺗﻣدوا ﻋﻠ ﻪ.
ﻧت وﺣ ﺎة اﻹﻣﺎم ودأ ﻪ اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻷﺧذ اﻟﺗﻌﺎﻟ م اﻟدﯾﻧ ﺔ ﻋن رﺳول ﷲ ﯾﺗﺑﯾﻧﺎن ﻣن ﻠﻣﺔ ﻋﻠﻲ )ع( اﻟﺷﻬﯾرةُ " : ﻣن رﺳول ﷲ ﺎﻟﻔﺻﯾﻞ ﻣن أﻣﻪ أﺣذو ﺣذوﻩ" .وﻗد ﺗﻣ ن اﻹﻣﺎم ﺑذﻟك ﻣن ﺣﻣﻞ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣ ﺎم واﻵراء ﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ اﻟرﺳول ﻓﻲ ﺣدﯾث ﻣﺗواﺗر" :أﻧﺎ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻌﻠم اﻹﺳﻼﻣ ﺔ وﻧﻘﻠﻬﺎ وﺿ طﻬﺎ ﺣﺗﻰ وﺻﻞ اﻟﻰ درﺟﺔ ّ ﻔﺳرﻫﺎ اﻟﻣؤﻟﻒ ،ﺑﻞ و ﻋﻠﻲ ﺎﺑﻬﺎ" ..وﻻ أر ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر ﻠﻣﺔ اﻟﻌﻠم ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌرﻓﺎن GNOSEﻣﺎ ّ ّ اﻟﻣﻧوﻋﺔ ﻻ ﻘﻞ ﻋظﻣﺔ واﺗﺳﺎﻋﺎً ﻋن أ ﺎب ﻣن أﺑواب اﻟﻌﻠم اﻟﻧﺑو ﻫو اﻹﺳﻼم ،واﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﺣﻘوﻟﻪ ّ
اﻟﻣﻌرﻓﺔ .واﻟﻌﻠم اﻟﻧﺑو )أ :اﻟﺷرﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣ ﺔ( ﯾؤﺧذ ﻣن ﺎب اﻟﻣدﯾﻧﺔ ،أ ﻣن ﻋﻠﻲ .وﻗد ﻗﺎم ﻋﻠﻲ ﺑدورﻩ، ﻓرو اﻟﻧﺻوص ،وﻋّﻠم ﻣﺎ ﺎن ﻌﻠم ﻷﺑﻧﺎﺋﻪ وﻷﺻﺣﺎ ﻪ وﻟﻣن ﺣﺎول اﻷﺧذ ﻣﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن .
واﻷﺋﻣﺔ اﻹﺛﻧﺎ ﻋﺷر ﯾروون ﻫذﻩ اﻟﻛﻧوز اﻹﺳﻼﻣ ﺔ ﻧﻘﻼً ﻋن ﻋﻠﻲ ﻋن رﺳول ﷲ ،و ﻔﻬﻣون اﻟﻧﺻوص
اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ اﻟﻣطﻬرة ﻓﻬﻣﺎً ﻧﻣوذﺟ ﺎً إﺳﻼﻣ ﺎً ،و طّﻘون اﻟﻣ ﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻘرآﻧ ﺔ و ّ َ ّ 10
ﺗطﺑ ﻘﺎً دﻗ ﻘﺎً ،و ذﻟك ﻠﻪ ﺗﺻ ﺢ ﻠﻣﺎﺗﻬم ﺣﺟﺟﺎً وﻧﺻوﺻﺎً وﺗﻧطﺑ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺻﻔﻬم اﻟرﺳول ﻪ ﻣن أﻧﻬم
أﺣد ﺛﻘَﻠ ﻪ ﻓﻲ أﻣﺗﻪ وأﻧﻬم ﻣﺛﻞ ﺳﻔﯾﻧﺔ ﻧوح . اﺳﺗﻣرار ﺗﺎر ﺦ اﻹﻧﺳﺎﻧ ﺔ اﻟدﯾﻧﻲ :
اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤّﻟﻒ ﯾﺗﺳﺎءل ﻓﻲ ﺗﺎ ﻪ ،ﻓ ﻘول ﻣﻌﺗ اًز ﺎﻛﺗﺷﺎف " ﯾﻒ ﻣ ن ﻟﺗﺎرﺦ اﻹﻧﺳﺎﻧ ﺔ اﻟدﯾﻧﻲ أن ﺳﺗﻣر ﻌد ﺧﺎﺗم اﻟﻧﺑﯾﯾن ،واﻟﺳؤال واﻟﺟواب ﺷ ّ ﻼن ظﺎﻫرة اﻹﺳﻼم اﻟﺷ ﻌﻲ ".
ﻌﺗﻣدﻩ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻣن اﻟظﺎﻫر واﻟ ﺎطن ،وﻣن
إﻧﻧﺎ ﻧؤّ د اﻟﺳؤال وﻧؤّد اﻟﺟواب ،وﻟﻛن ﻻ ﻟﻠﺳﺑب اﻟذ أن دور اﻟوﻟﻲ اﻟﻘّم ﻋﻠﻰ اﻟ ﺎطن ﯾﺑدأ ﻌد اﻧﻘطﺎع دور اﻟﻧﺑﻲ اﻟﻣ ّﻠﻒ ﺎﻟظﺎﻫر ،وﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑب ّ اﻟذ
"إﻧﻲ ﺗﺎرك ﻓ م اﻟﺛﻘﻠﯾن ﺗﺎب ﷲ وﻋﺗرﺗﻲ أﻫﻞ ﺑﯾﺗﻲ، ﺷﯾر إﻟ ﻪ اﻟرﺳول اﻟﻌرﻲ ﺑﻬذا اﻟﺻدد ،ﻓ ﻘولّ :
ﻣﺎ إن ﺗﻣﺳ ﺗم ﺑﻬﻣﺎ ﻟن ﺗﺿّﻠوإ ،واﻧﻬﻣﺎ ﻟن ﻔﺗرﻗﺎ ﺣﺗﻰ ﯾردا ﻋﻠﻲ اﻟﺣوض ".. ّ
إن اﻟﻘرآن اﻟﻛرم – ﻣﺎ وﺻﻔﻧﺎﻩ -ﻫو ﺗﺎب ﷲ و ﻠﻣﺎﺗﻪ ،ﻓﻬو ﺣﻘ ﻘﺔ وﻧ ﺔ ﺻورﺗﻪ اﻟﻣوﺟودة ،و ﺧﺗﻠﻒ ّ ﺑذﻟك ﺗﻣﺎم اﻻﺧﺗﻼف ﻋن اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟ ﺷرﺔ ،واﻟﺣﻘ ﻘﺔ اﻟﻛوﻧ ﺔ ﺗﺗﺟﻠﻰ وﺗﺑرز ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣن ﺟدﯾد ﻓﻲ أ ﺧطوة ﺗﻘ ﱠدم وﻋ ﻪ ﻓﯾﻬﺎ وارﺗﻔﻊ ﻣﺳﺗو ﺛﻘﺎﻓﺗﻪ ﺑﻬﺎ . وﺗﻘدم اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،وﺣﺎﻣﻞ ﻫذﻩ اﻟﺗطورات واﻟﺗﻘدم اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻫو اﻹﻧﺳﺎن. ﺗطور اﻟﺣﺿﺎرة ّ واﻟﻛون ﻫو ﻣوﺿوع ّ ﻓﺎﻟﻛون واﻹﻧﺳﺎن ﺣﻘ ﻘﺗﺎن ﺗﺗﺟﻠ ﺎن ﻓﻲ ﻞ ﻣرﺣﻠﺔ ﺣﺿﺎرﺔ ﺻورة ﺟدﯾدة .واﻟﻘرآن اﻟﻛرم :ﻫذﻩ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ِ وﺗوﺟﻪ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﺧطوة ﺗﻧ ﺷﻒ ﻓﻲ ﻞ ﻣرﺣﻠﺔ أ ﺿﺎً ﺻورة ﺟدﯾدة ﺗﻧﺎﺳب اﻟﺻور اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠﻛون واﻹﻧﺳﺎنّ ، إﯾﺟﺎﺑ ﺔ ﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻟﻛون . إن ﻫذا اﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟﺣﻘ ﻘﻲ ﺑﯾن اﻟﻛون واﻹﻧﺳﺎن و ﯾن ﺗﺎب ﷲ ﻫو اﻧﺳﺟﺎم ﻓطر ّ ﯾﺑﯾن ﻟﻧﺎ ﺑوﺿوح إﻣ ﺎﻧ ﺔ ﺗﻧظ م اﻟﻛون أو ﻣن ﻣراﺣﻞ إدراك اﻟﻘرآن وﺻورﻩ اﻟﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﻋﻣﻘًﺎ واﺗﺟﺎﻫﺎً ،وﻫو ّ
ﺷﻔﻪ اﻟﻣﺑدأ اﻟذ ذ رﻧﺎﻩ
اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺗﻛو ﻧﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺣد ﺗﻌﺑﯾر اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن ،ﺑواﺳطﺔ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺗﺷرﻌﻲ اﻹﻟﻬﻲ ،أ
اﻟﻘرآن ،ﻓﻲ أ
زﻣﺎن
وﻣﻊ أ ﻋﻬد وﺗطور . اﻟﻘﻣﺔ ﻋﻧد اﻹﻣﺎم اﻟذ وﻟﻛن اﻹدراك اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﻣﯾ ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘرآﻧ ﺔ ﯾﺑﻠﻎ ّ ﻔﺳر اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻘرآﻧ ﺔ ﻓ ﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗطو ر اﻟﻔ ر اﻹﺳﻼﻣﻲ و ﺟﻌﻠﻪ ﺻﺎﻟﺣﺎً ﻟﻘ ﺎدة اﻟﺣ ﺎة اﻹدراك .ﻓﺎﻹﻣﺎم ّ اﻹﻧﺳﺎﻧ ﺔ اﻟﻣﺗطورة . ﻫو اﻟﻣﺛَﻞ واﻟﻘدوة ﻓﻲ ﻫذا
11
ﻔﺳر اﻵ ﺎت ﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧ ﺔ. ﻓﻠﻺﻣﺎم إذن دوران أﺳﺎﺳ ﺎن ﻘوم ﺑﻬﻣﺎ :ﻓﻬو ّ ﯾﺑﯾن اﻷﺣ ﺎم ﻣن ﺟﻬﺔ ،و ّ
ﻣد اﻟﻔ ر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻔﻬ ٍم ﻋﻣﯾ أ -ﻓﻬو ّ
اﻟﻣ ﺎر ﺔ .
ﻟﻠﻘرآن ،و ذﻟك ﯾﺗّﺳﻊ إدراك اﻷﻣﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻟ م اﻟواردة ﻓﻲ اﻵ ﺎت
ﻟﻠﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑو ﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ ،ﺛم ب -وﻫو ﯾرو أﺣﺎدﯾث وﺳﻧﻧﺎً ﻋن اﻟرﺳول ،و ذﻟك ﺷﻐﻞ دو اًر ﻧﻘﻠ ﺎً ﺎﻟﻧﺳ ﺔ ّ
ﯾﻠﻌب دو اًر ﻓﻲ ﺗوﺳ ﻌﻬﺎ ،وذﻟك ﻣﺎ ﺿ ﻔﻪ ﻫو ﻓﻲ ﺳﯾرﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ .وﻫ ذا ﻧﻔﻬم ﻣﻐز ﻗول اﻟرﺳول
أن اﻟﻘرآن واﻟﻌﺗرة ﻟن ﻔﺗرﻗﺎ . )ﺻﻠوات ﷲ ﻋﻠ ﻪ( ﻣن ّ
ﻓﺈن ﻫذا ﻻ ﻣﻧﻊ ﻋﻣوم اﻵ ﺔ أﻣﺎ ﻧزول اﻵ ﺎت اﻟﻘرآﻧ ﺔ ﺻدد أﺷﺧﺎص ﻣﻌﯾﻧﯾن وﻓﻲ ﻣﻧﺎﺳ ﺎت ﻣﺣدودةّ ، وﺷﻣوﻟ ﺔ اﻟﺣ م .ﻓﺎﻟﻣﻧﺎﺳ ﺔ ﻣورد ﻟﻧـزول اﻵ ﺔ وﻗرﻧﺔ ﻟﺑ ﺎن اﻟﺣ م ،إذ ﻟ س اﻟدﯾن ﺗﻌﻠ ﻣﺎً وﺣﺳب ،ﺑﻞ ﻫو أن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﻧﺎﺳ ﺔ ﻫو ﻣن أﻓﺿﻞ اﻟطرق اﻟﺗرو ﺔ . ﺗر ﺔ أ ﺿًﺎ ،وﻟدﯾﻧﺎ ّ
أن اﻟﺗﺷّﻊ وﻓﻲ ﺧﺗﺎم اﻟ ﺣث ﻋن اﻹﻣﺎم :أود أن أﻟﻔت ﻧظر اﻟﻘﺎرئ اﻟﻛرم اﻟﻰ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﻣن ّ أن اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻧد اﻟﺷ ﻌﺔ ﻌﺗﺑر ﻟ س ﻣذﻫ ﺎً ﺧﺎﻣﺳﺎً ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻣذاﻫب اﻷرﻌﺔ ّ اﻟﺳﻧ ﺔ اﻷﺧر .ﻓﺎﻋﺗﻘﺎدﻧﺎ ﻫو ّ اﻟﺳﻧﺔ واﻷﺣﺎدﯾث اﻟﻣرو ﺔ ﻋن اﻷﺋﻣﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛّﻞ ﻓﻬﻣﺎً أﻋﻣ ﻓﻘﻬﺎً إﺳﻼﻣ ﺎً ﺟدﯾداً ﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎب و ّ ﻟﻠﺳﻧﺔ ،ﻣﻣﺎ أوﺟب اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻪ ﻋن اﻟﻘ ﺎس وﻋن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣرﺳﻠﺔ . ﻟﻠﻛﺗﺎب وأوﺳﻊ ّ
أﻣﺎ اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻧد اﻟﻣذاﻫب اﻷﺧر ﻓﻬو ﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻧ طﻬﺎ
ﺎر اﻟﺻﺣﺎ ﺔ
ودّوﻧت ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟرﺳول واﻟﺧﻠﻔﺎء ،وﻫﻲ اﻟﻘﺳم اﻟﻘﻠﯾﻞ واﻟﺗﺎ ﻌﯾن ﻣن اﻟﻘرآن ،وﻋﻠﻰ ّ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻣطﻬرة اﻟﺗﻲ ُرو ت ُ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑو ﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻣﻧﻊ ﺗدو ﻧﻬﺎ وﻧﻘﻠﻬﺎ . ﻣن ّ و ﻌﺗﻣد ﻫذا اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ آراء اﻟﺻﺣﺎ ﺔ اﻟذﯾن ﻋﺎﺷوا ﺟﻣ ﻌًﺎ ﻓﻲ ﻋﺻر ﻣﺗﻘﺎرب وأدر وا ﻧوﻋﺎً واﺣداً ﻣن اﻟﺣ ﺎة ﻌﯾداً ﻋن اﻟﺗطورات واﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﻧﺗﺟت ﻋن ﺗﻼﻗﻲ اﻟﺣﺿﺎرات .
ﺷﺎﻫد اﻟﻔﻘﻪ ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم اﻷﺣداث اﻟﺟﺳﺎم اﻟﺟدﯾدة ،ﻓراﺟﻊ وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب ﺎﻟذات ﻘﻲ اﻟﻣﺷ ﻞ ﻗﺎﺋﻣﺎً ﻌدﻣﺎ َ اﻟﺳﻧﺔ ،ﺛم اﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ آراء اﻟﺻﺣﺎ ﺔ ،ﻓﻣﺎ اﺟﻊ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﻠﯾﻠﺔ ﻣن ّ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘرآﻧ ﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻋﻧدﻩ ،ور َ
وﺟد ﻓﯾﻬﺎ ﺟوا ﺎً ﻟﺟﻣ ﻊ أﺳﺋﻠﺗﻪ وﻻ ﻋﺛر ﻋﻠﻰ ﺣﻞ ﻟﻛﻞ ﻣﺷﺎﻛﻠﻪ ،ﻓﺎﺿطر ﻋﻧدﻫﺎ أن ﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺎت
ﻓﺄﺳس اﻟﻘ ﺎس ،و ﻘﻲ اﻟﻌﺟز ﺎﻟرﻏم ﻣن ﻫذا ﻠﻪ ﻗﺎﺋﻣﺎً ،و ﻘﯾت اﻟﻣوﺿوﻋﺎت واﻟﻧﺻوص اﻟواردة ﻓﯾﻬﺎّ ، اﻟﺟدﯾدة ﻣن دون أﺣ ﺎم ﺷرﻋ ﺔ . 12
وﻫﻧﺎ اﻟﺗﺟﺄ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻰ اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣرﺳﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷ ﻪ اﻟﻰ ﺣد ﺑﯾر وﺿﻊ اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﺗﺷرﻊ ،و ﻬذﻩ اﻟطرﻘﺔ ﺗﻣ ن ﻣن ﺗطو ر ﻧﻔﺳﻪ وﺣﻞ ﻣﺷﺎﻛﻠﻪ ،وﻟﻛﻧﻪ ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ أر ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم ﻣﺷ ﻠﺔ أﺧر ﻫﻲ ﻣﺷ ﻠﺔ أن اﻵراء اﺧﺗﻠﻔت ،وازداد ﻋدم وﺣدة اﻵراء اﻟﻔﻘﻬ ﺔ وﻋدم ﻗرﻬﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ إطﺎر ﻣذﻫﺑﻲ ﻣﻧﺎﺳب ،ﺣﯾث ّ ُﻌد ﻌﺿﻬﺎ ﻋن ﻌض ﺣﺗﻰ ﺎد ذﻟك أن ﯾﺧﺗرق ﺷﻣﻞ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وﻫﻧﺎ اﺿطر اﻟﻔﻘﻬﺎء أن ﺳدوا ﺎب اﻻﺟﺗﻬﺎد . ﻧﻌود اﻟﻰ ﻣﺎ ﻘوﻟﻪ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ،ﻓﻧﻘول : إن وﺟﻪ اﻟﺷَﻪ ﺑﯾن اﻟﻣذاﻫب اﻷرﻌﺔ اﻟﻔﻘﻬ ﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺻﺎدر وﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﺎرﺦ وﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺻﯾر ّ أﻛﺛر ﻣن أن ﺗﺟﻌﻞ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺷ ﻌﻲ ﻗﺳ ﻣﺔ ﻟﻠﻣذاﻫب اﻷرﻌﺔ .ﻓﺎﻟﻔﻘﻪ اﻟﺷ ﻌﻲ ﻘﻊ ﺎﻟﺿرورة اﻟﻣﻧطﻘ ﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺳﻧﻲ ﺛم ﻘﺳم اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺳﻧﻲ اﻟﻰ اﻟﻣذاﻫب اﻷرﻌﺔ . اﻟﻔﻘﻪ ّ اﻟوﻻ ﺔ : أﻣﺎم ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ وﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ،ﻧر اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت ﺧطﯾرة ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب .واﻟﻣﻧﺻﻒ اﻟﻣﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠﻒ ﺗب أن اﺳﺗﺧراج اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺷ ﻌﻲ ﻟﻬذا اﻟﻣﺑدأ ﻫو ﻓﻲ ﻏﺎ ﺔ اﻟﺷ ﻌﺔ :ﻓﻲ اﻟﻛﻼم واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﺣدﯾث واﻟﺗﺎرﺦ ﯾر ّ اﻟﺻﻌو ﺔ .وﻧﺣن ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﺣﺗرم ﺗﻠك اﻵراء واﻷ ﺣﺎث ﻻ ﻣ ﻧﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑرﻫﺎ ﺟزءاً ﻣن ﻋﻘﺎﺋد اﻟﺷ ﻌﺔٕ ،وان ﺎﻧت ﻣﻣﺎ ﯾؤﻣن ﺑﻬﺎ ﻫؤﻻء اﻟ ﺎﺣﺛون إ ﻣﺎﻧﺎً ﻻ ﻘﻞ ﻋن إ ﻣﺎﻧﻬم ﺎﻟﻣ ﺎدئ اﻹﺳﻼﻣ ﺔ أو اﻟﻣذﻫﺑ ﺔ اﻷﺧر .
وﻗد ظﻬرت ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺻورﺗﻬﺎ اﻟﻣذﻫﺑ ﺔ ﻋﻧد اﻟﺷ ﻌﺔ ﻓﻲ ﺣدﯾث اﻟﻐدﯾر ،وﻫو ﺧط ﺔ أﻟﻘﺎﻫﺎ اﻟرﺳول )ص( ﺣﺟﺔ اﻟوداع ﻓﻲ ﻣﺣﻞ ﺧم ﻓﻲ ﺟﺣﻔﺔ ،وﻗﺎل )ص( ﻓﻲ أﺛﻧﺎﺋﻬﺎ ﻣﺧﺎط ًﺎ ﻓﻲ طرﻘﻪ راﺟﻌﺎً اﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣن ّ ﻧت ﻣوﻻﻩ ﻓﻬذا ﻋﻠﻲ ﻣوﻻﻩ" ،ﺛم اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن" :أﻟﺳت أَوﻟﻰ م ﻣن أﻧﻔﺳ م؟" ،ﻗﺎﻟوا" :اﻟﻠﻬم ﺑﻠﻰ" ،ﻗﺎل" :ﻣن ُ ال ﻣن واﻻﻩ ِ ِ وﻋﺎد ﻣن ﻋﺎداﻩ واﻧﺻر ﻣن ﻧﺻرﻩ واﺧذل ﻣن ﺧذﻟﻪ". دﻋﺎ ﻟﻪ ﻘوﻟﻪ" :اﻟﻠﻬم و َ
ﻓ ﻠﻣﺔ اﻟﻣوﻟﻰ وردت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺧط ﺔ ﻣﻘﺗرﻧﺔ ﺎﻟﺳؤال اﻟﻧﺑو اﻟذ
ﺷﯾر اﻟﻰ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿:اﻟﻧﺑﻲ أَوﻟﻰ
ﺎﻟﻣؤﻣﻧﯾن ِﻣن أﻧﻔﺳﻬم ﴾ ]اﻷﺣزاب ،[6 :وﻗد أوﺿﺣت اﻵ ﺔ اﻟﻛرﻣﺔ ﻣدﻟول ﻠﻣﺔ "اﻟﻣوﻟﻰ" ﻓﻲ اﻟﺧط ﺔ .
أن اﻹﻧﺳﺎن إذا ﺑَﻠﻎ وﻷﺟﻞ إ ﺿﺎح ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺟب أن ﻧﻌود اﻟﻰ اﻟ أر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ّ اﻟﺣﻠم و ﺎن رﺷﯾداً أﺻ ﺢ ﺣ اًر ﻣﺳﺗﻘﻼً ﻻ ﺳﻠطﺎن ﻷﺣد ﻋﻠ ﻪ ،وﻟﻛﻧﻪ ط ﻊ ﻓﻲ ﺳﻠو ﻪ اﻟﺷرﻌﺔ اﻹﻟﻬ ﺔ اﻟﺗﻲ ُ
ﺗﻘول ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻌض اﻷﻗﺎو ﻞ ﻷﺧذﻧﺎ ﻣﻧﻪ ﺎﻟ ﻣﯾن ﺛم ﯾﻧﻘﻠﻬﺎ ﻟﻪ رﺳول ﷲ ،إذ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻧط ﻋن اﻟﻬو ﴿وﻟو ّ ﻟﻘطﻌﻧﺎ ﻣﻧﻪ اﻟوﺗﯾن﴾ ]اﻟﺣﺎﻗﺔ.[46-44 ، 13
وﻗد وﺿﻌت اﻵ ﺔ اﻟﻛرﻣﺔ )اﻟﻧﺑﻲ أَوﻟﻰ ﺎﻟﻣؤﻣﻧﯾن ِﻣن أﻧﻔﺳﻬم( ﻣﺑدأً ﺟدﯾداً ﻫو وﺟود ﺳﻠطﺔ ﻟﻠﻧﺑﻲ ﯾﺗﺻرف
ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺗر ﺔ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن وﺗوﺟﯾﻬﻬم ﻟﻛﻲ ﯾﺑﻠﻐوا درﺟﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻛﺎﻣﻞ اﻟذ
ﻫو ﺧﻠ ﻔﺔ ﷲ ﻓﻲ أرﺿﻪ وﻻ
ﺗﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ ﺳﻠطﺎن ﻋﻠ ﻪ ،وﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﺗﺷ ﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺔ واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋ ﺔ ،وﻫﻲ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘ ﺎدة اﻟﺗﻲ ّ آ ﺔ أﺧر ﴿ﻟﻘد ﺎن ﻟﻛم ﻓﻲ رﺳول ﷲ أﺳوة ﺣﺳﻧﺔ﴾ ]اﻷﺣزاب ،[21 :وﺗوﺿﺣﻬﺎ اﻵ ﺔ ﴿وﻣﺎ أﺗﺎﻛم اﻟرﺳول ﻓﺧذوﻩ وﻣﺎ ﻧﻬﺎﻛم ﻋﻧﻪ ﻓﺎﻧﺗﻬوا﴾ ]اﻟﺣﺷر.[7 / أُﻋطﻲ اﻟﻧﺑﻲ ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺗﻰ ﯾؤﺳس ﻣﺟﺗﻣﻌﺎً إﻟﻬ ﺎً ﻣﺛﺎﻟ ﺎً ﯾﺗﻬ ﺄ ﻓ ﻪ ﻞ ﻣواطن وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌ ش وﻧﻣو
أن اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻫﻲ أﻗو ﻋﻧﺎﺻر ﺗر ﺔ اﻟﻔرد اﻟﻛﻔﺎءات واﻟﺗﻘدم اﻟﻣﺳﺗﻣر ،ﺣﯾث ّ وﺗوﺟﯾﻬﻪ . ٕواﻧﻣﺎ اﺧﺗص اﻟﻧﺑﻲ ﺑﻬذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ دون اﻵﺧرن ﻟﻠﺗﺄﺛﯾر اﻟﻌﻣﯾ
اﻟذ
ﺗﺷ ّ ﻠﻪ ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺎ ﺎت
اﻹﺳﻼم وأﻫداﻓﻪ اﻟﺳﺎﻣ ﺔ ،ﻓﻼ ﺳﺗﺄﻫﻠﻬﺎ إﻻ َﻣن ﻌﺻﻣﻪ ﷲ ﻋن اﻷﺧطﺎء وﻋن اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻧﻔﺳ ﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ، ﻫذا ﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﻟزوم ون اﻟوﻟﻲ ﻋﺎرﻓﺎً ﺑﺟﻣ ﻊ ﻣ ﺎدئ اﻟﺷرﻌﺔ وأﺻوﻟﻬﺎ وﻓروﻋﻬﺎ . وﻗد ﺗﺣﺗﺎج ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻰ وﺿﻊ أﺳس ﺗﻧﻔﯾذ ﺔ واﻋﺗﻣﺎد أﺻول ﻣﺳﻠﻛ ﺔ ﻟﻣﺳﺎﺋﻞ اﻟﺣ م واﻟﻘﺿﺎء، وﻫذا ﻣﻣﺎ ﯾزد ﻓﻲ ﺧطورة ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم ودﻗﺔ ﻣوﻗﻒ ﺣﺎﻣﻞ ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ . ﻣﺎرس رﺳول اﻹﺳﻼم ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﺎ ﺻﻔﻬﺎ ﻟﻧﺎ ﺗﺎرﺦ اﻹﺳﻼم ﻌد اﻟﻬﺟرة ﺎﻟﻔﻌﻞ ،ووﺿﻊ ﻣ ﺎدئ وأﺳﺳًﺎ،
أن واﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ أﺳﺎﻟﯾب وطرق ﻫﻲ ﻣن ﺻﻠب ﺳﻠطﺗﻪ اﻹﻟﻬ ﺔ ،أﻋﻧﻲ ﺑﻬﺎ ﺳﻠطﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،وﻻ ﺷك ّ اﻟﺗﺄﺳﻲ ﺑﻬﺎ . ﻫذا اﻟ ﺣث ﻫو ﺣث ﻣﻔﯾد و ﻠﻘﻲ اﻷﺿواء ﻋﻠﻰ ﺳﯾرة اﻟرﺳول اﻷﻋظم و ﻔ ﺔ ّ
ِ ﻣﺗﻣﻣﺔ ﻟﻠرﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺻﻔﻬﺎ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤِّﻟﻒ ،وﻟﻛن ﺎﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟوﻻ ﺔ ﺣﺳب ﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻣﻘﺎم ﻋظ م ،وﺗُ ّ ﻌد ّ أن اﻟوﻻ ﺔ ﺳﻠطﺔ إﻟﻬ ﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺷرﻌﺔ وﻟﺗطﺑﯾ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ :ﺳﻠطﺔ ﻻ ﺗﻌطﻰ إﻻ اﻟذ ﻗﻠﻧﺎ ﻣن ّ
ﺗﺣول اﻟﻰ ﻓ رﺗﻪ وذاب ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﺣﺗﻰ ُﻋ ّد اﺳﺗﻣ ار اًر ﻟﻪ . ﻟﻠرﺳول ﺻﺎﺣب اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،أو اﻟﻰ ﻣن ّ
ﺧﺎص ﻻ ﻌﺗرف ﻪ
اﻟﻧﺑوة ﻓﻬذا أر اﻟﻧﺑوة و ّ أن اﺑﺗداء اﻟوﻻ ﺔ ﻧﻬﺎ ﺔ دور ّ أﻣﺎ ﺗﻔﺳﯾر اﻟوﻻ ﺔ ﺄﻧﻬﺎ ﺎطن ّ اﻟﺷ ﻌﺔ ﻣذﻫب ،وﻻ اﻹﺳﻼم دﯾنٕ ،وان ﺎن اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻪ ﻌض ﺎر اﻟﺻوﻓ ﺔ أو ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ .
إن اﻟوﻻ ﺔ ﺳﻠطﺔ إﻟﻬ ﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺣﺗﺎج اﻟﻰ اﻟﻧص ﺣﺳب أر اﻟﺷ ﻌﺔ ،وﻗد ورد اﻟﻧص ﺑذﻟك ،وﻫﻲ ﻣﻘﺎم ﻋظ م ّ وﻣن اﻣﺗﺣن ﷲ ﻗﻠ ﻪَ ،ﻣن ﯾﻧﺳﻰ ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ذات ﷲ ﻻ ﯾﺑﻠﻐﻪ إﻻ ﻣن ﻣﺛّﻞ ﺻﺎﺣب اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻗوﻻً وﻋﻣﻼً وﻓ اًر َ وﻟﺻﺎﻟﺢ اﻹﺳﻼم ،أ َﻣن ﻋﺎش اﻹﺳﻼم ﻞ وﺟودﻩ .
14
ﺗﺧص ﻪ أﺣﺎدﯾث اﻷﺋﻣﺔ و ﻠﻣﺎت اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟوﻻ ﺔ ﻫو اﻟذ
ﺟﻌﻞ
أن اﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟ ﺎﻟﻎ اﻟذ وﻧﺣن ﻧﻌﺗﻘد ّ أن ﻓ رة اﻟوﻻ ﺔ داﺣﺿﺔ ﻟﻔ رة ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻧﺑوة وﺣﻘ ﻘﺔ اﻟﺷرﻌﺔ ،و ّ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ﻌﺗﺑر ّ أن "اﻟوﻻ ﺔ ﺎطن ّ ﻟﻠﺗﺻوف" وﻏﯾر ﻟﻠﺗﺻوف" ،ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ أر اﻟﻣؤﻟﻒ اﻟﻰ "أن ﺟﻌﻞ اﻟﺗﺷ ﻊ اﻟﯾﻧﺑوع اﻟوﺣﯾد اﻷﺻﯾﻞ اﻟﺗﺷّﻊ ّ ّ ذﻟك ﻣن اﻻﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت .
أن اﻟوﻻ ﺔ ﻋﻧد اﻟﺷ ﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻘﺎم ﺑﯾر ﯾﺗﺟﺎوز ﻞ ﻣﻘﺎم ،وﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﺧﺗﻠﻒ ﺗﻣﺎﻣﺎً ﻋﻣﺎ ﯾوردﻩ اﻟﻣؤﻟﻒ واﻟﺣﻘ ﻘﺔ ّ و ﺳﺗﻧﺗﺟﻪ . ﻫو اﻟطر
اﻟوﺣﯾد ﻟﺗر ﺔ اﻟﻣﺳﻠم ﺗر ﺔ ﺎﻣﻠﺔ .واﻟﺗر ﺔ ﻫذﻩ
إن اﻟوﻻ ﺔ ﺳﻠطﺔ ﻟﺗﻛو ن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻟﻬﻲ اﻟذ ّ ﻫﻲ اﻟﻐﺎ ﺔ ﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻹﺳﻼم ،ﻓﺄﺻ ﺣت اﻟوﻻ ﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ اﻟطر
اﻟوﺣﯾد ﻟﺑﻠوغ اﻹﺳﻼم ﻏﺎﯾﺗﻪ ،وﻷﺟﻞ ﻫذا
ﺗﺟد ﻓﻲ أﺣﺎدﯾث اﻟﺷ ﻌﺔ ُ"ﺑﻧﻲ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺧﻣس :اﻟﺻﻼة ،واﻟز ﺎة ،واﻟﺻوم ،واﻟﺣﺞ ،واﻟوﻻ ﺔ ،وﻣﺎ ﻧود ﺷﻲء ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻧود ﺎﻟوﻻ ﺔ". أن اﻟوﻻ ﺔ ﻣن أﺳس اﻟدﯾن وأﻧﻬﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻹﯾﺟﺎد ظروف ﻓﺎﻟﺣدﯾث ﺷﯾر اﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺟوﻫرﺔ ،و ﻌﺗﺑر ّ ﻣﻼﺋﻣﺔ ﺗﻣ ّ ن ﻟﻠﻌ ﺎدات واﻻﻗﺗﺻﺎد ﺎت واﻟﺳ ﺎﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣ ﺔ أن ﺗؤﺛّر أﺛرﻫﺎٕ .واذًا :ﻓﻘد ﺎﺗت اﻟوﻻ ﺔ ﻓﻲ طﻠ ﻌﺔ اﻟواﺟ ﺎت ،واﻟﺳؤال ﻋﻧﻬﺎ ﯾوم اﻟﻘ ﺎﻣﺔ ﻗﺑﻞ ﺟﻣ ﻊ اﻷﺳﺋﻠﺔ ،و ﺈﻣ ﺎﻧﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑرﻫﺎ ﻗﺎﻋدة أﺳﺎﺳ ﺔ ﻟﺟﻣ ﻊ
أﺣ ﺎم اﻹﺳﻼم . اﻟﻧﺑوة واﻟوﻻ ﺔ ،وﻟﻛن اﻷوﻟ ﺎء ﻣن ﻌدﻩ ﺎن ﻟﻬم ﻣﻘﺎم اﻟوﻻ ﺔ ﻣﻘﺎﻣﻲ ّ وﻗد ﺎن اﻟرﺳول )ص( ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن َ اﻟﻧﺑوة ) ﻣﺎ ﻘول اﻟﻣؤﻟﻒ( .واﻟﻘرآن اﻟﻛرم اﻟﻧﺑوة ،وﻟم ن ﻋﻧدﻫم ﺣﺗﻰ ﻣﺎ ﺷ ﻪ ﻣﻘﺎم ّ ﻓﺣﺳب دون ﻣﻘﺎم ّ ﻘرر ﻣﺑدأ وﺣدة اﻟدﯾن اﻹﻟﻬﻲ وﻧزوﻟﻪ ﺎﻟﺗدرﺞ ﺣﺳب ﺗوارد اﻷﻧﺑ ﺎء واﻟرﺳﻞ ،و ﻌﺗﺑر ﻓﻲ ﺧﺗﺎم اﻟﺷو أن أن اﻹﺳﻼم اﻟﻛﺎﻣﻞ إﻧﻣﺎ ﻫو ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻧﺑﻲ ﻣﺣﻣداً ﺟﺎء ﺎﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣن اﻟدﯾن اﻹﻟﻬﻲ .ﻓﺈذا ﻻﺣظﻧﺎ ّ أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺎ ط ّﻘت إﻻ ﻌد ﻫﺟرة اﻟرﺳول وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻔرد ﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋ ﺔٕ ،واذا ﻻﺣظﻧﺎ ّ
ﻣﻘﺎم اﻟوﻻ ﺔ ،اﻷﻣر اﻟذ ﺟﻌﻞ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻘررون ﯾوم اﻟﻬﺟرة ﻣﺑدأً ﻟﻠﺗﺎرﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ دون ﯾوم اﻟﻣ ﻌث ﻣﺛﻼً،
ﻧﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺛﻞ ﻣﺎ ُﻋّﺑر ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ أﺣﺎدﯾث إذا ﻻﺣظﻧﺎ ﺟﻣ ﻊ ذﻟك ّ ﻧﻘدر ﻋظﻣﺔ ﻣﻘﺎم اﻟوﻻ ﺔ ،و ﺈﻣ ﺎﻧﻧﺎ أن ّ اﻟﺷ ﻌﺔ و ﻠﻣﺎت ﻋﻠﻣﺎﺋﻬﺎ ،ﻣن دون ﻣ ﺎﻟﻐﺔ أو ﺗﻔﺳﯾر ﻻ ﯾرﺿﻲ أﺻﺣﺎب ﻫذﻩ اﻷﺣﺎدﯾث . أن ﻫذﻩ اﻻﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت إن ﻫذﻩ اﻷ ﺣﺎث واﻟﻛﻠﻣﺎت ﻫﻲ اﻟﺳﺑب ﻓﻲ اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ .واﻟﺣﻘ ﻘﺔ ّ ّ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷر ،وﻻ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷر ﺻورة ﻣن اﻟﺻور .ﻓﻼ وﺣﻲ ﻟﻸﺋﻣﺔ َ ﻟ ﺳت واردة ﻓﻲ اﻟﻣذﻫب اﻟﺷ ﻌﻲ َ 15
رؤ ﺔ ﻣﻼك ،وﻻ ﻗ ﻣوﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎﺋ اﻷﺣ ـﺎم ،وﻻ ﺗﻔﺳﯾر ﻟرﻣزﺔ اﻵ ﺎت ،وﻻ ﺳﻠطﺔ ﻹدارة ﺎطن اﻟﺷرﻌﺔ، اﻟﻧﺑوة وﺣﻘ ﻘﺗﻬﺎ. ﺗﻛون ّ ﻟب ّ وﻻ وﻻ ﺔ ّ
اﻟﺗﺻوف واﻟﺗﺷّ ﻊ : ّ وﻣﺣدﺛﯾﻬم وﻣﺗﻛﻠﻣﯾﻬم وﺣﺗﻰ أن ﻠﻣﺎت ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺷ ﻌﺔ ّ اﻟﺗﺻوف ﯾﺑدو ﻏر ﺎً ﺟداً ،ﺣﯾث ّ اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﺗﺷّﻊ و ّ ﻓﻼﺳﻔﺗﻬم ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﻧﻔﻲ أ ﺷ ﻪ. اﻟﺗﺻوف ﻣدرﺳﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋﺎﻟﻣ ﺔ ﺗﺳرت اﻟﻰ اﻟﺷ ﻌﺔ ﻌدﻣﺎ ﻏزت اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ّﻠﻪ و ﻌدﻣﺎ دﺧﻠت إن ّ ّ ﻌد ﻣﻔﺗﺎﺣﺎً ﻻﻧﻔﺗﺎح ﺟﻣ ﻊ اﻷد ﺎن واﻟﻣذاﻫب أن اﻟﺗﺻوف اﻵن ُ ّ ﻓﻲ ﻋﻘﺎﺋد اﻟﻣﺳ ﺣﯾﯾن ﺻورة واﺿﺣﺔ ،ﺣﺗﻰ ّ ّ ﻌﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻌض ،وﻻ ﯾﺧﺗص ﺎﻟﺷ ﻌﺔ ﺗ ﻌﺎً وﻻ ﺳﻧداً.
ﻓرﻗﻬم اﻟﻣﻌروﻓﺔ .ﻓﺎﻟﺷرﻌﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻫﻲ ﻓﺛﻧﺎﺋ ﺔ اﻟﺷرﻌﺔ واﻟﺣﻘ ﻘﺔ ﻏﯾر واردة ﻋﻧد اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣﺧﺗﻠﻒ َ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻹﻟﻬ ﺔ ،و﴿ﻣن ﯾﺗ ﻊ ﻏﯾر اﻹﺳﻼم دﯾﻧﺎً ﻓﻠن ُ ﻘﺑﻞ ﻣﻧﻪ﴾ ]آل ﻋﻣران ،[85 :أﻣﺎ اﺗﺻﺎل ﺎر اﻟﺻوﻓ ﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ أﻗطﺎﺑﻬم اﻟﻰ ﻌض أﺋﻣﺔ اﻟﺷ ﻌﺔ ،واﻋﺗ ﺎر اﻟ ﻌض اﻵﺧر ﺎﻹﻣﺎم ﻣﺣﻣد اﻟﺗﻘﻲ
اﻟﺟواد ﻗﺎدة اﻟﺷرﻌﺔ دون أﺋﻣﺔ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ وأﻗطﺎﺑﻬﺎ ،ﻓﻼ ﺣﻣﻞ ﻣﺳؤوﻟ ﺔ ﻫذﻩ اﻵراء إﻻ اﻟﻘﺎﺋﻠون ﺑﻬﺎ. ﻟﻠﺗﺻوف ،وﻣن وﻣﺎ ﺛﻧﺎﺋ ﺔ اﻟﺷرﻌﺔ واﻟﺣﻘ ﻘﺔ إﻻ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺛﻧﺎﺋ ﺔ اﻟﺟﺳم واﻟروح اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻗﺎﻋدة أﺳﺎﺳ ﺔ ّ أن ﺗﺿﻌﯾﻒ اﻟﺟﺳم واﻟرﺎﺿﺎت اﻟﺟﺳد ﺔ ﻫﻲ أﺳ ﺎب ﻟﺗﻘو ﺔ اﻟروح وﺗﻛﺎﻣﻠﻬﺎ .أﻣﺎ اﻹﺳﻼم ﻓ ّرم ﻧﺗﺎﺋﺟﻬﺎ ّ
اﻟﺟﺳد و ﻌﺗﺑرﻩ ﻧﻌﻣﺔ ﻣن ﷲ ،و ﻣﻧﻊ اﻟرﻫﺑﻧﺔ ،و ﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﺗﺣﺎد اﻟﺟﺳد واﻟروح وﺗﻔﺎﻋﻠﻬﻣﺎ وﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟدﻧ ﺎ واﻵﺧرة. ﻓﺎﻪﻠﻟ ُﻌﺑد ﻓﻲ ﻣﺣراب اﻟﻣﺳﺟد ،وﻓﻲ ﻣﺣﻼت اﻟﺳوق ،وﻓﻲ ﻣ ﺎﺗب اﻹدارة ،وﻓﻲ ﺣﻘول اﻟﻣزرﻋﺔ ،و ﺎﻟﺟﻬﺎد ﻓﻲ ﺳﺑﯾﻞ ﷲ ،و ﺎﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ اﻟ ﻼد ،و ﺎﻟﻛد ﻟﻠﻌ ﺎل ،و ُﺣﺳن اﻟﺗ ّﻌﻞ ﻟﻠزوﺟ ﺔ ،و ﺗر ﺔ اﻷوﻻد. وُﻌﺗﺑر ﻣن ُﻘﺗﻞ دﻓﺎﻋﺎً ﻋن ﻣﺎﻟﻪ ﺷﻬﯾداً ﺎﻟﻣداﻓﻊ ﻋن دﯾﻧﻪ.
ﺗﻛرم ﺎﻟﺻ ﺎﻧﺔ ﻋن اﻟوﻗوع ﻓﻲ واﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺟﺳد ﺔ واﻟرﻏ ﺎت اﻟطﺑ ﻌ ﺔ آﺛﺎر ﻧﻌﻣﺔ ﷲ وﻣن ﻟطﺎﺋﻒ ﺧﻠ ﷲ ،ﱠ اﻟﻣﺣرم ،وﺗﻘ ﱠدس ﺎﻟﺷ ر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻌﻣﺔ .واﻵداب اﻹﺳﻼﻣ ﺔ ﺗﺄﻣر ﺎﻗﺗران اﻷﻛﻞ واﻟﺷرب واﻟﺗﻣﺗّﻊ اﻟﺟﺳد ّ ﻌد ﺗﻌﺎﻟ م اﻟزواج واﻟﺗﺟﺎرة واﻟزراﻋﺔ ﻋ ﺎدات ﻋظ ﻣﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم. ﺎﻟﺷ ر ﻪﻠﻟ ،وﺗُ ّ 16
ﯾﻧ ﻊ ﻣن ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟروح ﻟﻠﺟﺳم و ﺗﻛﺎﻣﻞ
اﻟﺗﺻوف اﻟذ إن ﻫذﻩ اﻷﺣ ﺎم واﻵداب ﻻ ﺗﻧطﺑ ﻋﻠﻰ ّ ّ ﺎﻟﻣﺟﺎﻫدة وﻣﺣﺎرﺔ اﻟﻧﻔس و ﺎﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن رﻏ ﺎت اﻟﺟﺳد ﻣﻬﻣﺎ أﻣ ن . اﻟﻘطب :
ﯾﻧﺎﻗض ﻣﻔﻬوم اﻹﻣﺎم وﻣﻔﻬوم اﻟوﻟﻲ ﻋﻧد اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷرﯾن ﻣﻔﻬوم اﻟﻘطب ﻋﻧد اﻟﺻوﻓ ﺔ ﻠ ًﺎ .ﻓﺎﻹﻣﺎم ﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ
ﻣﺛﻞ ﺎﻣﻞ ،واﻟوﻟﻲ ﻫو اﻟﺣﺎﻛم ﻞ ﻣﺎ ﻟﻠﻛﻠﻣﺗﯾن ﻣن ﻣﻌﻧﻰ وآﺛﺎر وﻧﺗﺎﺋﺞ وأﻫﻣ ﺔ . أﻣﺎ اﻟﻘطب ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟظﺎﻫر ﻋﻧد اﻟﺻوﻓ ﺔ ﻓﻬو اﻟﻣرّﻲ اﻟذ
ﺄﺧذ ﺑﯾد اﻟﺳﺎﻟك ﺧطوة ﺧطوة ﻓﻲ طرﻘﻪ اﻟوﻋر
ِ اﻟﻣﺣدق ﺎﻷﺧطﺎر واﻻﻧﺣراﻓﺎت ﻟﻛﻲ ﯾوﺻﻠﻪ اﻟﻰ اﻟﻛﻣﺎﻻت اﻹﻧﺳﺎﻧ ﺔ ،و ﺎﺷر اﻟﻘطب )وﻫو اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺷﺎﺋك
اﻟﻛﺎﻣﻞ( ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠ ﺔ ﺑواﺳطﺔ أﻧﺻﺎرﻩ وﻣﻌﺎوﻧ ﻪ ،و ﺳﻠك ﻫو ﻣﻌﻬم و ﺳﯾر ﻣﻌﻬم ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟطر . وأﻣﺎ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌﻣ ﻘﺔ ﻟﻠﻘطب ﻓﻬﻲ ّأﻧﻪ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻛﺎﻣﻞ ٕواﻣﺎم اﻟزﻣﺎن وﻣظﻬر اﻟﻧﺑﻲ وﻣﺟّﻠﻲ ذات ﷲ ،ﻓ ﻘﺻدﻩ
اﻟﺳﺎﻟك و راﻩ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺧﺎط ﺔ ﷲ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻘول﴿ :إ ﺎك ﻧﻌﺑد ٕوا ﺎك ﻧﺳﺗﻌﯾن﴾ ،ﺣﯾث أﻧﻪ ﻣرآة ﺻﺎدﻗﺔ ﻟذات ﷲ.
وﻫذان اﻟﻣﻌﻧ ﺎن ﯾﺧﺗﻠﻔﺎن ﻋن ﻣﻌﻧﻰ اﻹﻣﺎم واﻟوﻟﻲ ودورﻫﻣﺎ طرﻘﺎً وﻏﺎ ﺔ .ﻓﻼ ﺣﻘ ﻘﺔ ﻣﻐﺎﯾرة ﻟﻠﺷرﻌﺔ ﺧﻔ ﺔ ﻋن أذﻫﺎن اﻟﻧﺎس ،وﻻ طرق ﺧﺎﺻﺔ ﻞ ﺳﺎﻟك ،وﻻ ﻋﻣﻠ ﺔ ﻗ ﺎدة ﻣ ﺎﺷرة ،وﻻ ﻣظﺎﻫر وﺗﺟّﻠ ﺎت .
وﻻ ﺗﺄﺧذ اﻟﺷ ﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺻوف ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻧظ م اﻟطرﻘﺔ واﻟﻣﺳﺎﺋﻞ اﻟﻣﺳﻠﻛ ﺔ ﻓﺣﺳب ،ﺑﻞ اﻟﺧﻼف أﻋﻣ ، واﻟطر ﻣﺧﺗﻠﻒ ،وأدوار اﻟﻘﺎدة ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﺟداً . وﻫﻧﺎك ﻣﺗﺻوﻓون ﻣن اﻟﺷ ﻌﺔ ﻌﺗﺑرون اﻟﻘطب إﻣﺎم زﻣﺎﻧﻬم ،و ؤﻣﻧون ﺎﻟﻣﻬدو ﺔ اﻟﻧوﻋ ﺔ ،وﻫذا اﺳﺗﻣرار ﻟﺧطﻬم اﻟﻌﺎم ﻣن اﻋﺗ ﺎر اﻷﺋﻣﺔ ،ﻣن ﻋﻠﻲ ﺑن أﺑﻲ طﺎﻟب اﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣوﺳﻰ اﻟرﺿﺎ ،أﺋﻣﺔ اﻟﺷرﻌﺔ وأﻗطﺎب اﻟطرﻘﺔ ،وﻫو ﺗﻔﺳﯾر ﻌود ﻟﻣﻔﻬوم اﻹﻣﺎم ﻋﻧدﻫم . اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺎﺋب : أن أر اﻟﺻوﻓ ﺔ ﻓﻲ اﻟﻘطب ﺗطﺎول ﻋﻠ ﻪ دور ﺑﯾر ﯾﺟب ودور اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺎﺋب اﻟذ اﻋﺗﺑر اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ ّ أن اﻟﻣؤﻟﻒ ﻗد رط ﺑﯾﻧﻪ و ﯾن ﺎطﻧ ﺔ اﻟﺷ ﻌﺔ ،وأﻧﻬم ﯾﻧﺗظرون ﺷﻒ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ﻻ اﻟ ﺣث ﻋﻧﻪ ،ﺧﺎﺻ ًﺔ و ّ
17
أن ﻓ رة اﻹﻣﺎم ظﻬور ﻧﺑﻲ ﺟدﯾد ،أ :ظﻬور وﻟﻲ ﺷﻒ ﺟﻣ ﻊ ﺣﻘﺎﺋ اﻷﺣ ﺎم .واﻋﺗﺑر اﻟﻣؤﻟﻒ أ ﺿﺎً ّ ﻌرﻓﻬﺎ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ . اﻷﻣﺔ و ّ اﻟﻐﺎﺋب ﻫﻲ ﻓ رة اﻟﻬﺎد ﻏﯾر اﻟﻣﻧظور اﻟذ ﻘود ّ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷرﯾن ﻣن اﻟﺷ ﻌﺔ ،ودورﻩ اﻟﻣﻧﺗظر ﻓﻲ أ ﺎم اﻟﻐﯾ ﺔ، واﻷﻧﺳب ﺗوﺿ ﺢ ﻣﻔﻬوم اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺎﺋب ﻋﻧد َ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷرﯾن وﻋﻧد ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺿﺢ ﻣد ﺻﺣﺔ اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت اﻟﻣؤﻟﻒ وﻣد اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻔ رة ﻋﻧد َ اﻹﺳﻣﺎﻋﯾﻠﯾﯾن وﻣد اﻟﻔرق ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻔ رة وﻓ رة اﻟﻘطب اﻟﺻوﻓﻲ .
ﯾ ّﺷر ﺎﻟﻧظﺎم اﻷﻛﻣﻞ و ﻬﯾﺊ ﺟﻣ ﻊ
إن ﻓ رة اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺎﺋب ﻫﻲ ﻌﯾﻧﻬﺎ ﻓ رة ظﻬور اﻟﻣﺻﻠﺢ اﻟﻛﺎﻣﻞ اﻟذ ّ اﻟ ﺷر ﻟﺑﻠوغ ﻣﺎﻟﻬم ،وذﻟك ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ أﻓﺿﻞ ﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗطﺑﯾ أﻓﺿﻞ ﻧظﺎم وﺗﻌﻣ م اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ ﻟﻛﻲ ﺻﻞ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻰ اﻟذروة ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﻌﻠم ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌ ش وﻓﻲ ﺻﻼت اﻟﻧﺎس ﻌﺿﻬم ﺑ ﻌض ،ﻫذﻩ اﻟﻔ رة أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﺷﻌور اﻟﻔطر ﻟﻺﻧﺳﺎن اﻟذ
ﯾدﻓﻌﻪ داﺋﻣﺎً وﻣن دون ﺗوﻗﻒ اﻟﻰ اﻷﻓﺿﻞ ﻓﻲ ﺟﻣ ﻊ ﺣﻘول ﻣﻌرﻓﺗﻪ
أن ﺗﺟﺎرﻪ اﻟداﺋﻣﺔ ﻗد وﻣ ﺎدﯾن ﺣ ﺎﺗﻪ ﻣﻘﻧﻌﺎً إ ﺎﻩ أﻧﻪ ﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﺻﻌود اﻟﻰ ﻣدارج اﻟﺗﻛﺎﻣﻞ و ﺗﻘدم داﺋﻣﺎً و ّ ﺗﻌ س اﻧﻌ ﺎﺳﺎً ﻣؤﻗﺗﺎً ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﻌود ﻋﻧﻪ وﻟو ﺑﻠﻎ ﻋﻣر اﻻﻧﺗﻛﺎﺳﺔ ﻋﺷرات اﻟﺳﻧﯾن أو اﻛﺛر . أن اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺟﻣﻊ ﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﻪ وﺗﺟﺎرﻪ داﺋﻣﺎً ﻟﺗﻛو ن ﻗواﻧﯾن ﺟدﯾدة ﺗزد واﻟﻌﻠم ﻓﻲ ﺳﯾر داﺋم اﻟﻰ اﻷﻣﺎم ،ﺣﯾث ّ اﻟﻣﻧﺳ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻞ . ﻓﻲ داﺋرة ﻋﻠﻣﻪ ،ﻓﺎﻟﻌﻠم ﯾﻧﻣو ﻣن ﺟﻣ ﻊ اﻟﺟواﻧب و وّﻓر ﻟﻺﻧﺳﺎن اﻟﺗﻘدم ّ وﻟﻌﻞ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎم اﻟذ
ورﺛﻪ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺗﻌﺎﻟ م اﻟﺳﻣﺎء ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷد ﺎن ﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾﻧﺗظر ظﻬور ﻣﺻﻠﺢ
ﺗﻣﻧﺎﻩ اﻷﻧﺑ ﺎء ﻟﻠ ﺷر ﺗطﺑ ﻘﺎً ﺎﻣﻼً ﻏﯾر ﻣﻧﻘوص . طﺑ ﻣﺎ ّ ﺎﻣﻞ ﻌﯾد اﻟﺣ اﻟﻰ ﻧﺻﺎ ﻪ و ّ أن واﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺷﯾر ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﻋدﯾدة اﻟﻰ ﻫذا اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻞ ﴿وﻟﻘد ﺗﺑﻧﺎ ﻓﻲ اﻟز ور ﻣن ﻌد اﻟذ ر ّ اﻷرض ﯾرﺛﻬﺎ ﻋ ﺎد اﻟﺻﺎﻟﺣون﴾ ]اﻷﻧﺑ ﺎء﴿ ،[105 :وﻋد ﷲ اﻟذﯾن آﻣﻧوا ﻣﻧ م وﻋﻣﻠوا اﻟﺻﺎﻟﺣﺎت ﻟ ﺳﺗﺧﻠﻔﻧﻬم ﻓﻲ اﻷرض ﻣﺎ اﺳﺗﺧﻠﻒ اﻟذﯾن ﻣن ﻗﺑﻠﻬم وﻟ ﻣ ﻧن ﻟﻬم دﯾﻧﻬم اﻟذ
ارﺗﺿﻰ ﻟﻬم وﻟﯾﺑدﻟﻧﻬم
ﻣن ﻌد ﺧوﻓﻬم أﻣﻧﺎً ﻌﺑدوﻧﻧﻲ ﻻ ﺷر ون ﺑﻲ ﺷﯾﺋﺎ﴾ ]اﻟﻧور.[55 / اﻟﺳﻧﺔ طﺑ اﻹﺳﻼم ﺗطﺑ ﻘﺎً ﺎﻣﻼً و ّ اﻟﻣطﻬرة ﺎﻟرﻏم ﻣن ﺗﻔﺎوت ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﻬﺎ ﺗﺷ ّ ﻞ ﺗواﺗ اًر ظﻬور ﻣﺻﻠﺢ ﺎﻣﻞ ّ ّ و ﻣﻸ اﻷرض ﻗﺳطﺎً وﻋدﻻً ﻌدﻣﺎ ﻣﻠﺋت ظﻠﻣﺎً وﺟو اًر . ﻣن ﻣﺟﻣوع ﻫذﻩ اﻷدﻟﺔ ،ﺗﻛوﻧت ﻓ رة اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺎﺋب ﻋﻧد اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وأﻧﻪ اﻟﻣ ّﺷر ﺑﻬذا اﻟﻧظﺎم اﻟﻛﺎﻣﻞ ،ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻌﺟز اﻹﻧﺳﺎن و ﻘﻒ ﺣﺎﺋ اًر واﻋ ﺎً ﻟﻔﺷﻞ ﺟﻣ ﻊ طرﻗﻪ وأﺳﺎﻟﯾ ﻪ ﯾﻧﺗظر ﻧظﺎﻣﺎً ﯾرﺗﺎح ﻓ ﻪ وﺟﻣ ﻊ أﻓرادﻩ ﺑﺟﻣ ﻊ 18
ﺳﻬﻞ ﻣﻬﻣﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﻣ ّﺷر ﻓﯾﻧﺟﺢ ﻓو اًر ﻓﻲ دﻋوﺗﻪ ﺎﻟرﻏم ﺟواﻧب وﺟودﻩ .وﻫذا اﻻﺳﺗﻌداد ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﻧﺎس ّ اﻟﻬداﻣﺔ واﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﻔﺗّﺎﻛﺔ . ﺗﻘدم اﻟ ﺷر ﻓﻲ اﻟﻘو ّ ﻣن ّ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷر ،وﻫو اﻟﺣﻠﻘﺔ اﻷﺧﯾرة ﻣﻧﻬم ،و ّﻠﻬم ﻧور واﺣد وﺧط ﻓﺎﻹﻣﺎم اﻟﻐﺎﺋب ﻋﻧد اﻟﺷ ﻌﺔ ﻫو أﺣد اﻷﺋﻣﺔ َ أن ﻫذا واﺣد و ﺣﻣﻠون رﺳﺎﻟﺔ واﺣدة ،ودورﻩ ﺗطﺑﯾ ﻣﺎ ﺎﻧوا ﯾ ّﺷرون ﻪ ﻣن رﺳﺎﻟﺔ ﺟدﻫم ﻟ س إﻻ ،وﻻ ﺷك ّ طط اﻟدﯾﻧﻲ ٕوا ﺿﺎﺣﺎً ﻟﺗﻌﺎﻟ م اﻟدور ،ﻣﻊ ﻟﺣﺎ ﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻹﻣﺎم اﻟوﻟﻲ ،ﺷ ّ ﻞ أر ﺎً ﺧﺎﺻًﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺧ ّ
طط وﻟ س ﺷﻔﺎً ﻟﺑواطن اﻷﺣ ﺎم . ﻫذا اﻟﻣﺧ ّ
ﻫذا ﻫو دور اﻹﻣﺎم اﻟﻣﻧﺗظر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻞ ،أﻣﺎ دورﻩ وﻫو ﻏﺎﺋب ﻓﺻ ﺎﻧﺔ اﻷﺣ ﺎم وﻣﻧﻊ اﻧﻌﻘﺎد اﻹﺟﻣﺎع ﻓﻲ اﻷﺣ ﺎم ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ،ﻓﻬو ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ ﻟﺳﺎﺋر اﻟﻔﺗﺎو
ﻣﻧﻊ ﺣﺻول اﻹﺟﻣﺎع ،و ﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣﻧﻊ اﻧﺣراف
اﻟﻔ ر اﻟﺷرﻋﻲ ٕ .واذا ﻻﺣظﻧﺎ ﺻﻌو ﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻔﻘﻬ ﺔ أﻣﺎم اﻷﺣداث واﻟﺗطورات اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،إذا ﻻﺣظﻧﺎ ذﻟك ﻧﻌرف أﻫﻣ ﺔ ﻫذﻩ اﻟﺻ ﺎﻧﺔ ،وﻟﻛن ﻫذﻩ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻏﯾر ﻣﺷروطﺔ ﻣﻌرﻓﺗﻪ وﺷﻬرة اﺳﻣﻪ ،وﻫذا اﻟ ﺣث ﻣﺳﺗوﻓﻰ
ﻓﻲ اﻟﻛﺗب اﻷﺻوﻟ ﺔ وﻓﻲ ﻣوﺿوع ﺣﺟ ﺔ اﻹﺟﻣﺎع ﻓﻲ زﻣن اﻟﻐﯾ ﺔ . واﻹﻣﺎم اﻟﻣﻧﺗظر ﻓﻲ اﻟﻣذﻫب اﻟﺷ ﻌﻲ ﺷﺧص واﺣد ﻏﯾر ﻠﻲ ،ﻓﻼ ﯾﻧطﺑ ﻋﻠﻰ ﻗطب ﻓﻲ ﻞ زﻣﺎن ،وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺎﻟدور اﻟذ
ﻘوم ﻪ اﻟﻘطب وﻻ ﺎﻧﺗظﺎر ﺷﻒ اﻟﺣﻘﺎﺋ و واطن اﻷﺣ ﺎم ﺑواﺳطﺗﻪٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﻧﻔﯾذ
اﻷﺣ ﺎم اﻹﺳﻼﻣ ﺔ ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟذ اﺳﺗﺧﻠﻔﻪ ﷲ ﻓﻲ اﻷرض . ﻣﺑدأ اﻟ ﺎطﻧ ﺔ :
واﻟﻛﻼم ﺣول ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟ ﻪ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣؤﻟﻒ" :ﻓﻣﺎ ﻣن ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣن ﻣﺳﺎﺋﻞ اﻹﺳﻼم اﻟ ﺎطﻧﻲ إﻻ وﻗد أﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ إن اﻟﻛﻼم ﺣول ﻫذﻩ اﻟدﻋو ذو ﺷﺟون . وﻣﻬدوا ﻟﻬﺎ ﺑ ﺣث أو ﻣوﻋظﺔ" ّ اﻷﺋﻣﺔ ّ واﻟﺣﻘ ﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻧﺎ ﻧﻠﺗﻘﻲ ﻓﻲ ﺗب اﻷﺣﺎدﯾث ﻋﻧد اﻟﺷ ﻌﺔ ﻣﺎ ﻋﻧد ﻏﯾرﻫم ﺄﺣﺎدﯾث ُﺳﺗﺷم ﻣﻧﻬﺎ راﺋﺣﺔ اﻟ ﺎطﻧ ﺔ ﺑوﺿوح ،و ﺄﺣﺎدﯾث ﺗدل ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎﻻة وﻏﯾرﻫﺎ ،وﻟﻛن اﻟﻣﻧﺻﻒ اﻟﻣﺗﺄﻣﻞ ﻓﯾﻬﺎ وﻓﻲ إﺳﻧﺎدﻫﺎ ﻌرف ﻋدم ﺻﺣﺔ ﻫذﻩ اﻷﺣﺎدﯾث وﺿﻌﻔﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻛﺎﻓﻲ ﻣﺛﻼً ،وﻫو أﻫم ﺗﺎب ﺣدﯾث ﻋﻧد اﻟﺷ ﻌﺔ ،ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺷرﺣﻪ اﻟﻣﺣدث اﻟﻛﺑﯾر ﻣﺣﻣد ﺎﻗر اﻟﻣﺟﻠﺳﻲ )ﻓﻲ ﺗﺎب ﻣرآة اﻟﻌﻘول( ﯾﻧﺎﻗش ﺛﯾ اًر ﻫذﻩ اﻷﺣﺎدﯾث و ﺷرح أﺣﺎدﯾﺛﻪ ّ
وُﺿﻌﻔﻬﺎ .وﻗد ورد ﻓﻲ ﺗب اﻟرﺟﺎل اﻟﻣﻌﺗﺑرة ﻧﻘد إﺳﻧﺎد اﻟﻛﺎﻓﻲ وﺳﺎﺋر اﻟﻛﺗب اﻟﻣﻌﺗﺑرة ﻣن اﻷﺣﺎدﯾث ﻣﻣﺎ طﻣﺋن اﻟﻘﺎرئ اﻟﻰ اﺧﺗﻼق اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺣﺎدﯾث .
19
أن اﺧﺗ ﺎر ﻫذا اﻟﻌدد ﻫو ﻟﻛوﻧﻪ ﻋدد أﺑراج وﻟﻌﻞ اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺗﻲ ﺗ ﺣث ﻓﻲ ﻋدد اﻷﺋﻣﺔ َ اﻹﺛﻧﻲ ﻋﺷر وﺗذ ر ّ اﻟﺳﻣﺎء وﻋدد اﻟﺷﻬور وﻋدد اﻟﯾﻧﺎﺑ ﻊ اﻟﻣﺗﻔﺟرة ﻣن اﻟﺣﺟر ﻌﺻﺎ ﻣوﺳﻰ ،و ﻠﻬﺎ اﺛﻧﺎ ﻋﺷر ،ﻫذﻩ اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﻣﺧﺗﻠﻘﺎت ،واﻟﻣطﺎﻟﻊ ﻓﻲ اﻟﻛﺗب اﻟﻧﺎﻗدة واﻟﺷﺎرﺣﺔ ﻟﻠﻛﺎﻓﻲ وﻟﻐﯾرﻫﺎ ﯾر ﺑوﺿوح ﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎﻩ. ِﻣن أوﺿﺢ ﻫذﻩ َ
20