اﻟدﯾن واﻟﻌﻠم)( ﺣ ﺎ ﺔ اﻟﻌﻠم واﻟدﯾن ﺑدأت ﻣﻊ ﺑدء اﻹﻧﺳﺎن ،إﻧﻬﺎ ﺣ ﺎ ﺔ طرﻔﺔ:
1ـ ﺧَﻠ ﷲ اﻹﻧﺳﺎن وﺧَﻠ ﻣﻌﻪ اﻟدﯾن واﻟﻌﻠم ﻣﻌﺎ ﺟﻧﺎﺣﯾن ﻟﻪ ،ﻓﺎﻟدﯾن ِ ﺎس ط َرَة ﱠ }ﻓ ْ ﻪﻠﻟااِ ﱠاﻟِﺗﻲ َﻓ َ َ َ ط َر اﻟﱠﻧ َ ً ِ ﻪﻠﻟااِ{ ]اﻟروم ) [30 ،ﻣﺎ ﻌﻠن اﻟﻘرآن اﻟﻛرم( ،واﻟدﯾن »ﻧﺎﻣوس« ﻓﻲ أر اﻟﻌﻬد ﯾﻞ ِﻟ َﺧْﻠ ِ ﱠ َﻋَﻠ ْﯾ َﻬﺎ َﻻ ﺗَْﺑد َ اﻟﺟدﯾد ،وﻗد ُ ﺗب )ﻋﻠﻰ ﺣد ﺗﻌﺑﯾر اﻟﻌﻬد اﻟﻘد م( ﺑﺈﺻ ﻊ ﷲ ﻋﻠﻰ ذات اﻹﻧﺳﺎن. واﻟدﯾن ﺣﺳب أر
ﺎر ﻋﻠﻣﺎء ﺗﺎرﺦ اﻷد ﺎن ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻷﺧﯾر »طﺑ ﻌﺔ أﺻﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن«،
وﻟ س ﻋﻘدة ﻧﻔﺳ ﺔ ﺣﺻﻠت ﻟﺧوف اﻹﻧﺳﺎن أو ﻋﺟزﻩ أو ﺿﻌﻔﻪ أو ﻋواﻣﻞ أﺧر ،ﺑﻞ ﺗؤ د دراﺳﺎت ﻌم اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟ ﺷرﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠﻒ أﻧواﻋﻬﺎ و ﻣﺗد إﻟﻰ أﺳﺑ ﺗﺎرﺧ ﺔ وأﺛرﺔ أن اﻟﺷﻌور اﻟدﯾﻧﻲ ّ ﺗﺟﻣﻌﺎت اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ ﺗﻛو ن ﻫذﻩ اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت. ﺛم أن ﻣﻧط
اﻟﻘﺎﺋﻠﯾن ﺑوﺟود اﻟدﯾن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﻌواﻣﻞ اﻟطﺎرﺋﺔ ﻻ ﯾﺟﯾب ﻋن ﺳؤال أﺳﺎﺳﻲ ﻫو أن
اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺑداﺋﻲ ﻟو ﻟم ﺳﺗﻌﯾن ﻪ؟
ﻔﺳر ﻪ اﻷﺣداث أو ن ﻌرف اﻟدﯾن ﺑذاﺗﻪ ﯾﻒ ﺗﻣ ن أن ﯾﻠﺟﺄ إﻟ ﻪ أو ّ
ﻓﺎﻟدﯾن ﻓﻲ أر ﻣﻧﺎ ﻊ اﻟدﯾن ُوﻟد ﺑوﻻدة اﻹﻧﺳﺎن ،و ؤ د ﻫذا اﻟ أر اﻟﺗﺎرﺦ واﻵﺛﺎر واﻟﺑرﻫﺎن اﻟﻌﻠﻣﻲ. ﻣﻠﺣﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ، أﻣﺎ اﻟﻌﻠم ﻓﺑﺈﻣ ﺎﻧﻧﺎ أن ﻧﺷﻬد وﻻدﺗﻪ ﻣﻊ وﻻدة اﻟطﻔﻞ ،ﺣﯾث ﻧﺷﺎﻫدﻩ ﻓﻲ رﻏ ﺔ ّ
ﺗﺑدو ﻓﻲ ﻋﯾوﻧﻪ وﻧظراﺗﻪ اﻟﻔﺎﺣﺻﺔ ﺛم ﻓﻲ أﺳﺋﻠﺗﻪ اﻟﻼﻣﺣدودة ﻋن ﻞ ﻣﺎ ﺣوﻟﻪ ،وﻫ ذا ﻧﺄﺗﻲ إﻟﻰ وﻟدا و ﻧﺗًﺎ ﻣﻊ وﻻدة اﻹﻧﺳﺎن ﺻورة ﺑداﺋ ﺔ ﻧﻬﺎ ﺔ اﻟﻔﺻﻞ اﻷول ﻣن ﺣ ﺎ ﺔ اﻟدﯾن واﻟﻌﻠم ،ووﺟدﻧﺎﻫﻣﺎ ً وﺳﺎذﺟﺔُ ،وِﻟدا ﻣرﺗ طﯾن ﻓﻲ اﻟﺧﻠ ﺎﻹﻧﺳﺎن.
2ـ ﺧﻠ ﷲ اﻟﻌﻠم واﻟدﯾن ﺗوأﻣﯾن ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺧﻠ اﻹﻧﺳﺎن ﻷن ﺑﯾن اﻟﻌﻠم واﻟدﯾن رط ﻣﺻﯾر وﻫﻣﺎ
ﻘرران ﻣﺻﯾر اﻹﻧﺳﺎن و ﻣﺎﻟﻪ ،ﻓﺎﻟﻌﻠم دون ﺗﻛﻠﻒ ﻓﻠﺳﻔﻲ أو ﺗﺣدﯾد ﻣﻧطﻘﻲ ﻫو ﺿ ﺎء ﻟﻛﺷﻒ اﻟواﻗﻊ وﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ .واﻟﺣﻘ ﻘﺔ ﻫﻲ ِﻓﻌﻞ ﷲ وأﻣرﻩ ،ﻓﺎﻟﻌﻠم طر طﺑ ﻌﻲ ﻟرؤ ﺔ آﺛﺎر اﻟﺧﺎﻟ ، وﺗزداد ﻣﻌرﻓﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﺧﺎﻟ
ﺎزد ﺎد اﻟﻌﻠم.
ﻣﺎ ﺷﻣﻞ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ( أداة ﻟﻛﺷﻒ ﺣﻘ ﻘﺔ اﻟﻛون وﺣﻘ ﻘﺔ اﻹﻧﺳﺎن وارﺗ ﺎ
ﺿﺎ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﻌﺎم )أ اﻟﻌﻠم أ ً اﻹﻧﺳﺎن ﺎﻟﻛون و ﺎﻟﻣوﺟودات ودور اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم وﻓﻲ اﻟﺣ ﺎة وﻓﻲ اﻟﻛون. واﻟدﯾن
ﺷﻒ ﺻورة ﻗﺎطﻌﺔ ﻋن ﻫذا اﻟدور و دﻋو إﻟﻰ ﻗ ﺎم اﻹﻧﺳﺎن ﺑدورﻩ اﻟﻛوﻧﻲ ،ﺑﻞ أن اﻟدﯾن
ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر ﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻫو رط اﻹﻧﺳﺎن ﺎﻟﻛون ،وﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﯾﺗﻔ ﻣﻊ ﺗﻔﺳﯾر اﻟدﯾن اﻟذ ﯾرط
وﻧﺷرت ﻓﻲ ّ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻛﺗﺎب »اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑ ﻌ ﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم« ﻟﻠد ﺗور ﯾوﺳﻒ ﻣروة ﺑﺗﺎرﺦ ُ ،1967/12/19
»ﻣﻧﺑر وﻣﺣراب« ﺑﺗﺎرﺦ .1981/8/31
1
اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺧﺎﻟ
اﻟﻛون ،ﺣﯾث إن اﻷدوار اﻟﻛوﻧ ﺔ ﻫﻲ ﻣن ﺗﺧط ط ﺧﺎﻟ
اﻟﻛون ،ﻓرط اﻹﻧﺳﺎن
ﻋﯾﻧﻪ ﺧﺎﻟ اﻟﻛون ،وﻫو ﻌﯾﻧﻪ رط اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺧﺎﻟ اﻟﻛون. ﺎﻟﻛون ﻫو ﻌﯾﻧﻪ اﻟدور اﻟذ ّ وﻧﺻﻞ ﻫﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ :إن اﻟﻌﻠم ﻫو اﻟطر إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﷲ ،وﻫو اﻟﺟﻬد اﻟ ﺷر ﻹدراك اﻟدور اﻟﻣﻔوض ﻟﻪ اﻟذ ﻫو اﻟدﯾن ،و ﻠﻣﺎ ازداد اﻟﻌﻠم ﯾزداد اﻟدﯾن }أََﻟ ْم ﺗَ َر أ ﱠ اﻟﺳ َﻣﺎء َﻣﺎء َن ﱠ َﻧزَل ِﻣ َن ﱠ ﻪﻠﻟااَ أ َ َﺧرﺟﻧﺎ ِ ِﻪ ﺛَﻣر ٍ ِ ات ﱡﻣ ْﺧَﺗِﻠًﻔﺎ أَْﻟو ُاﻧﻬﺎ و ِﻣ َن اْﻟ ِﺟ ِ ِ ود * ﯾب ُﺳ ٌ َﻓﺄ ْ َ ْ َ ض َو ُﺣ ْﻣٌر ﱡﻣ ْﺧَﺗﻠ ٌ ﺎل ُﺟ َدٌد ِﺑ ٌ َ ﻒ أَْﻟ َو ُاﻧ َﻬﺎ َو َﻏ َارﺑ ُ ََ َ َ َ ِ ِ و ِﻣ َن اﻟﱠﻧ ِ ﻪﻠﻟااَ َﻋ ِز ٌز ﻪﻠﻟااَ ِﻣ ْن ِﻋَ ِﺎد ِﻩ اْﻟ ُﻌَﻠ َﻣﺎء ِإ ﱠن ﱠ ﻒ أَْﻟ َو ُاﻧ ُﻪ َ َذِﻟ َك ِإﱠﻧ َﻣﺎ َﯾ ْﺧ َﺷﻰ ﱠ اب َو ْاﻷ َْﻧ َﻌﺎ ِم ُﻣ ْﺧَﺗﻠ ٌ ﺎس َواﻟ ﱠد َو ّ َ ﻘدم اﻟدﯾن ﻟﻠﻌﻠم ﺧدﻣﺎت ﻣﺻﯾرﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺟﻌﻞ ور{ ]ﻓﺎطر 27 ،ـ .[28وﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫذﻩ اﻟﺧدﻣﺔ ّ َﻏُﻔ ٌ ﻼِﺋ َ ِﺔ ِإِﻧﻲ ﺟ ِ ﺎﻋ ٌﻞ اﻟﻌﻠم ﺳﺑ ًﻼ ﱡك ِﻟْﻠ َﻣ َ وﺣﯾدا ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﻣﻘﺎم ﺧﻼﻓﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻷرضٕ َ : ً ﺎل َر َ ّ َ }وِا ْذ َﻗ َ ﱠ ﱠ ِ ِ ِ ﺎل َﺎ َآد ُم أَﻧِﺑ ْﺋ ُﻬم َﺳ َﻣﺎء ُ ﻠ َﻬﺎ{ ]اﻟ ﻘرةَ} ،[31 ،ﻗ َ }و َﻋﻠ َم َآد َم اﻷ ْ ﻓﻲ اﻷ َْرض َﺧﻠ َﻔ ًﺔ{ ]اﻟ ﻘرةَ ،[30 ، ِ ﱠ ِ َﻫم ِﺄ ِ ِ ِﺄ ِ ِ ِ َﻋَﻠم َﻣﺎ ﺗُْﺑ ُدو َن َﻋَﻠ ُم َﻏ ْﯾ َب ﱠ ﺎل أََﻟ ْم أَُﻗﻞ ﻟ ُﻛ ْم ِإّﻧﻲ أ ْ َﺳ َﻣﺂﺋﻬ ْم َﻗ َ َﺳ َﻣﺂﺋﻬ ْم َﻓَﻠ ﱠﻣﺎ أَﻧَﺄ ُ ْ ْ ْ اﻟﺳ َﻣ َﺎوات َواﻷ َْرض َوأ ْ ُ
َو َﻣﺎ ُ ﻧﺗُ ْم ﺗَ ْﻛﺗُ ُﻣو َن{ ]اﻟ ﻘرة .[33 ،ﺛم ﺣﺎول اﻟدﯾن أن ﺣطم اﻷﺻﻧﺎم واﻟﻌواﺋ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻒ أﻣﺎم ﺳﯾر ﱠِ ﱠِ ﺎدة اﻟﻌﻠم و ّ ﯾن َﻻ َ ْﻌَﻠ ُﻣو َن{ ]اﻟزﻣر ،[9 ،و ﺟﻌﻠﻪ ﻓﺿﯾﻠ ًﺔ وﻋ ً ﯾن َ ْﻌَﻠ ُﻣو َن َواﻟذ َ }ﻫ ْﻞ َ ْﺳﺗَ ِو اﻟذ َ ﻧﺷطﻪَ : اﻟﻠﯾ ِﻞ واﻟﱠﻧﻬ ِﺎر ﻵ ٍ ِ ض و ِْ ِ ﱠ ﺎت ِّﻷُوِﻟﻲ اﻷْﻟ ِ ِ ﺎب * ﻣﺎﻻ ﻟﻺﻧﺳﺎن }ِإ ﱠن ِﻓﻲ َﺧْﻠ ِ ﱠ و ً َ َ ْ اﻟﺳ َﻣ َﺎوات َواﻷ َْر َ اﺧﺗﻼَف ْ َ َ ِ ﱠاﻟ ِذﯾن ﯾ ْذ ُ رو َن ِ ات واﻷ َْر ِ ض َر َﱠﻧﺎ َﻣﺎ َﺧَﻠْﻘ َت ودا َو َﻋَﻠ َﻰ ُﺟ ُﻧوِ ِﻬ ْم َوَﺗََﻔ ﱠ ُرو َن ِﻓﻲ َﺧْﻠ ِ ﱠ ﺎﻣﺎ َوُﻗ ُﻌ ً ّ َ َ ُ اﻟﺳ َﻣ َﺎو َ ﻪﻠﻟااَ ﻗَ ً ِ ِ اب اﻟﱠﻧ ِﺎر{ ]آل ﻋﻣران 190 ،ـ .[191 َﻫذا َﺎطﻼً ُﺳ ْ َﺣ َﺎﻧ َك َﻓﻘَﻧﺎ َﻋ َذ َ ﻣﺻﯾر ﻣﺷﺗرً ﺎ ﺎﻟوﻻدة ،ﻓﻘد اﺑﺗﻠﻲ اﻟدﯾن ًا 3ـ وﻓﻲ أ ﺎم اﻟﺻ ﺎ ودور اﻟطﻔوﻟﺔ ﺎن ﻟﻠدﯾن واﻟﻌﻠم واﻟﻌﻠم ﺄﻣراض ﻣﺷﺎﺑﻬﺔ .ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن اﻟﺑداﺋﻲ إﻧﺣﻧﻰ أﻣﺎم اﻟﻌﺟز واﻟﺟﻬﻞ واﻟﻣرض ،وأﺧﺎﻓﺗﻪ اﻟﻌواﻣﻞ
اﻟﻛوﻧ ﺔ ،وﺳ طرت ﻋﻠ ﻪ اﻷوﺿﺎع اﻹﺟﺗﻣﺎﻋ ﺔ واﻹﻗﺗﺻﺎد ﺔ ،و ﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻐّﻠﺑت ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣﻞ ﻋﻠﻰ أوﻫﺎﻣﺎ ﻋﺎﺷت ﻣﻌﻪ ذات اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣؤﻣن ﻔطرﺗﻪ واﻟﻣﺷﺗﺎق إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ،وﻓرﺿت ﻋﻠ ﻪ ً وراﻓﻘت ﻋﻠﻣﻪ ودﯾﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﺻور اﻟﺟﺎﻫﻠ ﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻬد اﻷﺳﺎطﯾر واﻟﺧراﻓﺎت ،واﻧﺣرف اﻹﻧﺳﺎن
ﻓﺿﻞ ﻓﻲ ﻣﺗﺎﻫﺎت اﻟﺟﻬﻞ وﺻﺣﺎر اﻟﺿ ﺎع. اﻟﻣﺻﺎب ﻓﻲ ﻋﻠﻣﻪ ودﯾﻧﻪ، ّ ﻓ ﺎﻧت ﻣظﺎﻫر دﯾﻧﻪ اﻟﺗوﺳﻞ ﺎﻟﺗﻣﺎﺋم واﻟﺳﺟود أﻣﺎم اﻟﻣوﺟودات اﻟطﺑ ﻌ ﺔ واﻟﻌ وف ﻋﻧد اﻟﺗﻣﺎﺛﯾﻞ ﺿرا ،و ﺎن ﻌﺑد أﺣ ًﺎﻧﺎ ﺑﻧﻲ ﻧوﻋﻪ ،و ﺎن ﺿﻊ ﺟﻣ ﻊ ﻣﺟﻬوﻻﺗﻪ وﺟﻣ ﻊ ﻣﺎ ﻧﻔﻌﺎ وﻻ ً اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻣﻠك ً ﻌﺟز ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺳﺎب دﯾﻧﻪ وﺗﺣت ﺳ طرة اﻹرادة اﻟﻌﯾﻧ ﺔ. ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟوﺿﻌﻪ اﻟدﯾﻧﻲ ،ﻓ ﺎن ﻌﺎﻟﺞ ﺎﻟطﻼﺳم و ﺎﻓﺢ اﻟﺟدب ﺑدﻓن و ﺎن ﻧﺷﺎطﻪ اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣﺷﺎﺑﻬﺎ ً ً طﺑب اﻟﺻداع إﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻷرض ،و ﺎن ﯾﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ اﻟطوﻓﺎن ﺑﺈﻏراق ﺷﺧص ﻓﻲ اﻟ ﺣر ،و ﺎن ّ ﺑﻧﻔﺦ اﻟﺳﺎﺣر ﻓﻲ أذن اﻟﻣﺻﺎب ﻟﻛﻲ ﺗﻌود إﻟ ﻪ روﺣﻪ اﻟﻣﺗوارﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺎ ﺔ واﻟﺗﻲ اﺻطﺎدﻫﺎ اﻟﺳﺎﺣر
وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﻧدوق .و ﺎن ﻔﻬم اﻟﺧﺳوف واﻟﻛﺳوف ﻐﺿب ﻣن اﻟﺷﻣس واﻟﻘﻣر ،أو ﻏﺿب
ﻣﺗﺟﺎوز ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ،و ﺎن ﯾﻧﺟدﻫﻣﺎ ﺑدق اﻟطﺑول ،و ﺎن و ﺎن ...ﻣﻣﺎ ﻣﻸ ﺗﺎرﺦ اﻹﻧﺳﺎن ﺎﻟﻣﺂﺳﻲ. اﺑﺗﻠﻰ اﻟﻌﻠم واﻟدﯾن ﻓﻲ دور اﻟطﻔوﻟﺔ وأ ﺎم اﻟﺻ ﺎ ﻣرض ﻣﺷﺗرك» :اﻷﺳﺎطﯾر واﻟﺧراﻓﺎت«. 2
ِ ِ ﺎب ِﺎْﻟ َﺣ ِّ ِﻟَ ْﺣ ُ م َﺑ ْﯾ َن اﻟﱠﻧ ِ ﺎس{ ]اﻟ ﻘرة، ﯾن ُﻣَ ِّﺷ ِر َن َو ُﻣﻧذ ِر َن َوأ َ ﻪﻠﻟااُ اﻟﱠﻧِﺑِّﯾ َ 4ـ }َﻓَ َﻌ َث ّ َﻧزَل َﻣ َﻌ ُﻬ ُم اْﻟﻛﺗَ َ َ اﻟﺿﯾ اﻟذ ﺻﻧﻌﻪ ،[213وﻟﻛﻲ ﯾﻧﻘذ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻫذا اﻟﻠﯾﻞ اﻟﻣظﻠم و طﻠ ﺳراﺣﻪ ﻣن اﻟﺳﺟن ّ
ﺿﺎ. وﺳﺟن ﻓ ﻪ دﯾﻧﻪ وﻋﻠﻣﻪ أ ً ﺑﻧﻔﺳﻪ ﻟﻧﻔﺳﻪ َ ﻓﺎﻷﻧﺑ ﺎء دﻋوا اﻟﻧﺎس إﻟﻰ اﻟﺗوﺣﯾد :إﻟﻰ ﻋ ﺎدة ﷲ اﻟواﺣد اﻻﺣد اﻟذ }َﻟ ْم َﯾِﻠ ْد َوَﻟ ْم ُﯾوَﻟ ْد{ ]اﻹﺧﻼص، ،[3واﻷﻧﺑ ﺎء ّﻧزﻫوﻩ ﻋن ِ اﻟﺻﻼت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﻣوﺟودات ﺳﻠﺑ ﺔ ٕواﯾﺟﺎﺑ ﺔ ،و ذﻟك أﻋﻠﻧوا ﻋدم
اﻟﻧﺣوﺳﺔ واﻟﻘداﺳﺔ ﻓﻲ اﻷﺷﺧﺎص واﻷﺷ ﺎء واﻷوﺿﺎع.
وأﻛد رﺳﻞ ﷲ ﻫذﻩ اﻟﻣ ﺎدئ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻟ ﻣﻬم ﻣﺧﺗﻠﻒ ﺣﻘوﻟﻬﺎ اﻹ ﻣﺎﻧ ﺔ واﻟﻌﻣﻠ ﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓ ﺔ واﻟﺧﻠﻘ ﺔ،
طﻣوا أﺻﻧﺎﻣﻪ اﻟطﺑ ﻌ ﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﺣرروا اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أوﻫﺎﻣﻪ وﺗﻔﺎﺳﯾرﻩ اﻟﺧﺎطﺋﺔ ﻋن اﻟﻛون واﻟﺣ ﺎة ،وﺣ ّ
إﻟﻰ
ﺗﻛرس ﺣﻘﺎرﺗﻪ وﺗﺟرح راﻣﺗﻪ ،ﻓﺎﻫﺗد ﺎﻧت ﺗﻣﻸ ﺟواﻧ ﻪ ،وأوﺛﺎﻧﻪ اﻟﻣﺻﻧوﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﺎﻧت ّ ﱠِ ِ ﻣت َﻋَﻠﯾ ِﻬ ْم{ ]اﻟﻔﺎﺗﺣﺔ ،[7 ،ﻓ ﺎن اﻟدﯾن ﻠﻪ ﻪﻠﻟ وﻻ ﻣﻌﺑود ﺳواﻩ َﻧﻌ َ اﻟﺻ ار اﻟﻣﺳﺗﻘ م} ،ﺻ َار َ اﻟذ َ ﯾن أ َ ﻣﻬﻣﺎ ﺎن ﻧوﻋﻪ .وُﻓ ﱠ ك اﻟﺣﺻﺎر ﻋن اﻟﻌﻠم اﻟﻣﺳﺟون ،واﻧطﻠ ﺑﺟرأة دون ﺗﻌﻘﯾد أو ﺗﺧوف ﻓﻲ اﻟﺳﯾر
ﻓﻲ اﻵﻓﺎق واﻷﻧﻔس وﻓﻲ اﻗﺗﺣﺎم اﻟﻣوﺟودات ٕواﺟراء اﻟﺗﺟﺎرب ﻓﯾﻬﺎ وﻣﻌرﻓﺗﻬﺎ ٕواﺧﺿﺎﻋﻬﺎ ﻟﻪ. ًا 5ـ وﻟﻛﻲ ﻻ أﻣر ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﺎﻟذات ﻧﺻﺎ ﻣن ﺗﺎب »ﺟورج ﻣرور ﻋﺎطﻔًﺎ دون دﻟﯾﻞ ،أﻧﻘﻞ ً ﺳﺎرﺗون« ،وﻫو أﻓﺿﻞ ﺗﺎب ﺣﺳب ﻣﻌرﻓﺗﻲ ﻓﻲ ﺗﺎرﺦ اﻟﻌﻠم .ﻘول »ﺳﺎرﺗون«:
»إن اﻷﺳس اﻟﻌﻠﻣ ﺔ اﻟﺗﻲ ُﺑﻧﯾت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺻروح اﻟﻌﻠم اﻟﺷﺎﻣﺧﺔ واﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ُوﻟدت أوًﻻ ﻓﻲ ﻣﺻر و ﯾن اﻟﻧﻬرن ٕواﯾران وﻋﻧد اﻹﻏر ﺑﯾن اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن واﻟﻘرن اﻟﺳﺎدس ﻗﺑﻞ ﻣ ﻼد اﻟﻣﺳ ﺢ«.
»وﻓﻲ ﻫذا اﻟوﻗت ﺎﻟذات ﻫو ﻋﺻر اﻧﺗﺷﺎر دﻋوة اﻷﻧﺑ ﺎء اﻟﻛ ﺎر وﺗوﺳﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺳطﯾن ﺑواﺳطﺔ
ﻋﺎﻣوس وﻫوﺷﻊ و ﺎﻩ واﺷﻌ ﺎ ٕوارﻣ ﺎ وﻓﺎﺣوم و ﻌد اﺷﺗﻬﺎر اﻷﺳﻔﺎر اﻟﺧﻣﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻬد اﻟﻘد م و ﻌد
ﺗﺄﺛر اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺷرﻗﻲ ﺑدﻋوة إﺑراﻫ م و ﺗﻧﻘﻼﺗﻪ ﻓﻲ ﻓﻠﺳطﯾن واﻟﺣﺟﺎز و ﯾن اﻟﻧﻬرن و ﻌد ظﻬور زرادﺷت ﻋﻧد اﻟﻔرس و وذا ﻓﻲ اﻟﻬﻧد«. »ﺛم إن ِ اﻟﺻﻼت اﻟﺣﺿﺎرﺔ اﻟﺗﻲ ﺎﻧت ﺑﯾن ﻓﻠﺳطﯾن وﻣﺻر ﻣﻊ اﻷﯾون ﻣﻬد اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﻏرﻘ ﺔ وأﺳﻔﺎر اﻟﺳﻔن اﻟﺻﻐﯾرة ورﺣﻼﺗﻬﺎ ﻣن اﻟﻔرات إﻟﻰ ﻣﯾﻧﺎء ﻣﯾﻠﺗوس ﺗﻔﺳر ﻟﻧﺎ ﺑوﺿوح اﻟﺗﺷﺎ ﻪ اﻟﻣوﺟود ﺑﯾن آﺛﺎر ﻫوﻣﯾروس و ﯾن آﺛﺎر اﻷﻧﺑ ﺎء اﻟﻣذ ورن وﺗﻔﺳر ﻟﻧﺎ اﻟﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﻔﻧ ﺔ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﺷﻌوب ﺎﻟﻧﻘوش اﻟﻣﺻرﺔ اﻟﻘد ﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎج واﻟﺗﻲ ﻧﺟد ﻣﺛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻣراء اﻟﻣر ز اﻟﺳوﻣر اﻟﻘد م«.
اﻧﺗﻬﻰ ﻼم »ﺳﺎرﺗون«.
وﻫﻧﺎ ﻧﺻﻞ إﻟﻰ دﻟﯾﻞ ﻗﺎطﻊ ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟرﻗم ،4ﺣﯾث ﻧﺟد ﺗﻼﻗًﺎ ﺗﺎرﺧًﺎ وﺟﻐراﻓًﺎ ﻋﺟﯾًﺎ ﺑﯾن اﻧطﻼق اﻟﻌﻠم واﻧﺗﺷﺎر دﯾن ﷲ ودﻋوة اﻷﻧﺑ ﺎء ،ﺣﯾث إن ﻣر ز اﻟﻌﻠوم وﻣﻧ ﻊ اﻟﺣﺿﺎرات ﻫو ﻣﺷرق اﻷد ﺎن ،وﻋﻬد اﻟﻌﻠم ﻫو زﻣﺎن اﻟدﯾن ،وﻫﻞ ﻣ ن ﻟﻧﺎ ﺗﻔﺳﯾر ﻫذا اﻟﻠﻘﺎء اﻟﻌﺟﯾب ﺎﻟﺻدﻓﺔ واﻻﺗﻔﺎق؟
6ـ ﻣﺿت ﻣدة ،وُﻗﺿﻲ ﺣﯾن ﻣن اﻟدﻫر ،ﺛم ﺟﺎءت أ ﺎم اﻟﻣﺣﻧﺔ ،ﻣﺣﻧﺔ اﻟظﻠم ﻣن اﻷخ ﻟﺷﻘ ﻘﻪ، وظﻠم ذو اﻟﻘرﻰ أﺷد ﺿراوة .ﺟﺎء دور طﻐ ﺎن اﻟدﯾن ،و ﺗﻌﺑﯾر أدق »طﻐ ﺎن أﻫﻞ اﻟدﯾن« ،ﺣﯾث 3
اﺳﺗﻐﻠوا اﻟدﯾن ﻟﺗﺟﻣﯾد اﻟﻌﻠم ٕواﺧﺿﺎﻋﻪ ﻟﺳﻠطﺎﻧﻬم اﻟواﺳﻊ وﺣﺻرﻩ ﻣﺎ ﺗب اﻟﻘداﻣﻰ اﻟﺗﻲ أﻛﺳﺑﻬﺎ ِ اﻟﻘدم ﻗداﺳ ًﺔ.
ﻗﺎﻟوا إن ﺣﻘﺎﺋ اﻟﻛون ﻠﻬﺎ ﻗد اﻛﺗُﺷﻔت ﺑواﺳطﺔ اﻟﺳﻠﻒٕ ،وان ﻞ ﺟدﯾد اﻧﺣراف وﺿﻼﻟﺔ ،ﻗﺎﻟوا إن اﻟﻘول رو ﺔ اﻷرض أو ﺣر ﺗﻬﺎ ﻔر ٕواﻟﺣﺎدٕ ،وان اﻻﻋﺗراف ﺎﻟﺟراﺛ م وﺗﺄﺛﯾرﻫﺎ ﻓﻲ ﺧﻠ اﻷﻣراض ٍ وﺗﺣد ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺗﻪ اﻟﻣطﻠﻘﺔٕ ،وان اﻹ ﻣﺎن ﻘﺎﻧون اﻟﻌﻠ ﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻ ﺻﺢ ﺣﯾث إﻧﻪ ﺳﻔﻪ وﺟرأة ﻋﻠﻰ ﷲ ّ ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻘﺿﺎء واﻟﻘدر .ﻗﺎﻟوا إن اﻟﺳﻌﻲ ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘو اﻟﻛوﻧ ﺔ اﻟﺧﻔ ﺔ ﻣﺛﻞ اﻟﻛﻬرﺎء واﻟﺟﺎذﺑ ﺔ اﺗﺻﺎل وﺗﺄﺛر ﺎﻟﺟن واﻟﻌﻔﺎرتٕ ،واﻧﻪ ﺳﺣر وﺣرام وﺗﺿﻠﯾﻞ ﻟﻠﻌ ﺎد. ﻗﺎﻟوا ﻫذﻩ وﻧظﺎﺋرﻫﺎ ،و ّﻔروا رﺟﺎل اﻟﻌﻠم ،وأﺣرﻗوﻫم .واﺳﺗﺗﺎﺑوﻫم ﻌد اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ واﻟﺗﻌذﯾب; إﻧﻬم
ﺟﻣودا ﻓﻲ أﺷرف إﻧﺗﺎج ﻟﻺﻧﺳﺎن ،وأوﻗﻔوا ﺳﯾر اﻟﺗﺎرﺦ ﻣﺎ أﻣ ن أن ﻘﻒ ﺗﺟﺎوزوا ﺣدودﻫم ،وﺧﻠﻘوا ً اﻟﺗﺎرﺦ. ﺿﺎ ﺣﯾث ﺟﻣدوﻩ إن اﻟﻌﻬد ﺎن ﺣﻣﻞ طﻐ ًﺎﻧﺎ ﻣﻧﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠم وﻋﻠﻰ ﻞ ﺷﻲء ،وﻗد ظﻠﻣوا اﻟدﯾن أ ً وﻣﻧﻌوا أ إﻧﺗﺎج دﯾﻧﻲ ﺟدﯾد. 7ـ
ﺛم ﻋﺎدت اﻟﻛرة واﻧﻌ ﺳت اﻟﻣﺄﺳﺎة ،ﻓﻣﺎ إن وﺻﻠت اﻟﻘرون اﻟوﺳطﻰ إﻟﻰ ﻗرب ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ ﺣﺗﻰ
اﻟﺗﻌد اﻟﻣﻌﺎﻛس واﻟﺛﺄر. ﺑدا ﻓﻲ اﻷﻓ ﻋﻼﺋم اﻹﻧﺗﻘﺎم و ّ ﺛﺎر اﻟﻌﻠم وﺛﺄر ﻟﻛراﻣﺗﻪ اﻟﻣﺟروﺣﺔ ،ﻓﺣطم أﺑواب اﻟﺳﺟن اﻟذ
ﺻﻧﻊ ﻟﻪ ﺎﺳم اﻟدﯾن ،و دأ ﻌﺗز ُ ﻣﺳرورا ،ﺳ ران ﻣن ﺧﻣرة اﻻﻧﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﺷﻘ ﻘﻪ وﻣ ّﻣﻠﻪ .اﻧﺗﻘم اﻟﻌﻠم ﺑﻧﻔﺳﻪ و ﺣﺗﻘر اﻟدﯾن ﺟذﻻن ً وﻗﯾدا ﯾﺟب ﺳرﻩ ﺳدا ﻣﻧﻊ اﻟﺗﻘدم ً ﻣن اﻟدﯾن ،وﺗﻧ ّ ر ﻟﻪ وﺗﺟﺎﻫﻞ دورﻩ إطﻼًﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﺣ ﺎة ،واﻋﺗﺑرﻩ ً وﺻﻧﻣﺎ ﻣن اﻟﺿرور ﺗﺣط ﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺗﻌﺑﯾر »ﺑ ون«. ً وﻗد ﺑﻠﻎ ﻪ اﻟﻐرور درﺟﺔ ﺗظﻬر ﻓﻲ ﻣ ﺎﻟﻣﺔ ﺟرت ﺑﯾن »ﻧﺎﺑﻠﯾون« و ﯾن أﺣد ﻣﻌﺎﺻرﻪ ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء،
ﺳﺎﺋﻼ» :ﻫﻞ ﻘﻲ ﻓﻲ أﻗطﺎر اﻷرض وآﻓﺎق اﻟﺳﻣﺎء ﻧﻘطﺔ ﻣﺟﻬوﻟﺔ ﻻ ﻣ ن ﻓﻘد ﻗﺎل ﻟﻪ »ﻧﺎﺑﻠﯾون« ً ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ إﻻ ﺎﻋﺗﻣﺎد اﻟﻘو اﻟﻐﯾﺑ ﺔ؟« ،ﻓﻧﺳﻣﻊ ِ اﻟﻌﺎﻟم ﻘول ﻞ ﺑرﺎء» :ﻻ« ...ﻣﻌﺗﺑرن أن دور اﻟدﯾن ﻫو ﺗﻔﺳﯾر اﻷﺣداث اﻟﻛوﻧ ﺔ ووﺿﻊ ﻗواﻧﯾن ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻠم وﻣﻧﺎﻓﺳﺗﻪ ﻓﻲ ﺷﻒ ﻣﺟﻬوﻻت اﻟﻛون.
ﻓﻲ ﺣ ﺎة اﻹﻧﺳﺎن،
ﻋدوا ﻟﻛﻞ ﺛورة إﺟﺗﻣﺎﻋ ﺔ وﻟﻛﻞ ﺗﻐﯾﯾر ﻋﻣﯾ ﺗﻧ روا ﻟﻠدﯾن ،ﻓﺎﻋﺗﺑروﻩ أ ً ﺿﺎ ً واﺗﻬﻣوﻩ ﺣﻣﺎ ﺔ اﻟﻣ ﺎﺳب اﻟظﺎﻟﻣﺔ واﻟﺛراء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع و ﺗﻬدﺋﺔ اﻟﻣظﻠوﻣﯾن وﻣﻧﻌﻬم ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ
ﺣﻘوﻗﻬم .وﻻ ﺗزال اﻟﻣﺄﺳﺎة ﺻورﺗﻬﺎ اﻟﺟزﺋ ﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﻌض أﻓ ﺎرﻧﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋ ﺔ واﻟﻔﻠﺳﻔ ﺔ وﺣﺗﻰ اﻟﺗرو ﺔ. ﻣﺳﺗﻧدا إﻟﻰ وﺿﻊ دﯾﻧﻲ ﻗﺎﺋم ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أورو ﺎ ،و ﺎن واﻟﺣﻘ ﻘﺔ أن ﻫذا اﻟرد اﻟﻌﻧﯾﻒ ﻣن اﻟﻌﻠم ﺎن ً ﻣﺳﺗﻣ ًدا ﻣن اﻷﻋﺻﺎب اﻟﺛﺎﺋرة ﻣن ﺟﻬﺔ وﻣن اﻷوﺿﺎع اﻟﻔﺎﺳدة ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧر . َ 8ـ ﺟﺎء اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرون ،وﻫدأت أﻋﺻﺎب اﻟﻌﻠم ،ازدادت ﺗﺟرﺗﻪ ،ﻓﺎﺻطدم أﻛﺛر ﻣن ذ
ﻗﺑﻞ
ﺎﻟﺣﻘ ﻘﺔ ،ﺷﻌر ﺎﻟﻌﺟز ﻋن إﺳﻌﺎد اﻟ ﺷر وﺣدﻩ ،اﺣس ﺎﻟﻐرﺔ ،وﺻﻞ إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻟم ن ﺣﺳﺑﻬﺎ، 4
ﺗﺟّﻠت ﺑوﺿوح ﻣظﺎﻫر اﻟﺷﻘﺎء ﻟﻺﻧﺳﺎن ،واﻣﺗﻸ اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺂﺳﻲ اﻟﺣروب واﻟظﻠم واﻻﻧﺣراف ،ﻓﻣد اﻟﻌﻠم ﻌد ذﻟك ﯾدﻩ إﻟﻰ ﺷﻘ ﻘﻪ اﻟدﯾن وأﺻ ﺢ ﻔﺗش ﻋن اﻹ ﻣﺎن اﻟﺿﺎﺋﻊ ﻟﻛﻲ ﻌ ش ﻣﻌﻪ و ﺗﻌﺎون ﻣﻌﻪ
ﻓﻲ إﺻﻼح أﻣر ﻣﺎ ﻓﺳد ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ.
ﻘول »اﻟﻌﻘﺎد« ﻓﻲ ﺗﺎ ﻪ »ﻋﻘﺎﺋد اﻟﻣﻔ رن ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرن«» :إن ظﺎﻫرة اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرن ﻫﻲ
أن أﻛﺛر اﻟﻣﻔ رن ﻓ ﻪ ﻣؤﻣﻧون ﺎﻪﻠﻟ ﻌدﻣﺎ ﺎﻧت اﻟظﺎﻫرة ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻫﻲ اﻹﻟﺣﺎد ﻋﻧد اﻟﻣﻔ رن أو ﻋﻧد أﻏﻠﺑﻬم«.
ﺿﺎ ﺑدأوا ﯾدر ون ﺧدﻣﺎت ﺑدأ اﻟﻌﻠم ﯾدرك ﺣﻘ ﻘﺔ اﻟدﯾن ،ﻓﺂﻣن ﻪ ّ وﻗدرﻩ واﻋﺗﻣد ﻋﻠ ﻪ ،وأﻫﻞ اﻟدﯾن أ ً اﻟﻌﻠم ﻟﻬم وﻟﺑﻧﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﺄﯾدوﻩ واﻋﺗرﻓوا ﻪ ،ﻓﺑدأت اﻷﻣور ﺗﺗﺟﻠﻰ وﺗُرﺟﻊ اﻟﻣ ﺎﻩ إﻟﻰ ﻣﺟﺎرﻬﺎ.
ﯾوﻣﺎ ﻌد ﯾوم ﻓﻲ ﺳﻣﻔوﻧ ﺔ ﻣﺗواﻓﻘﺔ ﻣﺗﻧﺎﻏﻣﺔ ﻣن اﻟدﯾن واﻟﻌﻠم، 9ـ ﺑدأﻧﺎ ﻧﺳﻣﻊ ﻧﻐﻣﺎت ﻣوزوﻧﺔ ﺗزداد ً ﻓ ﻞ ﺿرب ﻋﻠﻰ وﺗرﻩ و ؤد دورﻩ دون ٍ وﺳرورا. ﻧور ﺗﻌد أو ﺗﺟﺎوز ،ﻓﯾﺗﻧﺎﺟ ﺎن و ﻣﻶن اﻟﻛون ًا ً ﻧﺣن اﻵن ﻓﻲ أول ﻫذﻩ اﻟطر ،وﻓﻲ أﻓﻘﻧﺎ ﻓﺟر ﺻﺎدق ﯾ ﺷر طﻠوع اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺣﻘﺔ و ظﻬور
ﻧﻬﺎر ﻣﺷرق ﻟﻺﻧﺳﺎﻧ ﺔ ،ﻌ ش اﻹﻧﺳﺎن ﻓ ﻪ ﻞ وﺟودﻩ و ﻞ اﻓرادﻩ و ﻞ ﻔﺎءﺗﻪ. ﺗوز ﻊ اﻟﺻﻼﺣ ﺎت: 10ـ اﻟﻌﻠم ﻌدﻣﺎ ﺳﻣﺎ وارﺗﻔﻊ ،ﺗﺑﯾن ﻟﻪ ﻣد
ﺻﻼﺣ ﺎﺗﻪ وﻏﺎ ﺔ إﻣ ﺎﻧﺎﺗﻪ ،ﻓﻬو دون ﺷك أو ﺗﻌﻘﯾد
ﺿ ﺎء ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ ووﺳﯾﻠﺔ ﺣﻘﺔ ﻟرؤ ﺔ اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠﻒ ﺟواﻧب اﻟواﻗﻊ وﺗﻧوع ﺣﻘول اﻟﺣﻘ ﻘﺔ،
أﻧﻪ ﺷﻒ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ أﻣﺎم اﻹﻧﺳﺎن ،وﻟﻛن اﻟﻌﻠم ﻟ س ِّ داﻓﻌﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺣرً ﺎ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺣ ﺎﺗﻪ وﻻ ً ﺗﻛﺎﻣﻠﻪ ،ﺑﻞ ﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺷﻒ اﻟﺣ ﺎة وﺗوﺿ ﺢ اﻟﺗﻛﺎﻣﻞ. و ِّ طﻣوﺣﺎ ﺳﺎﻋًﺎ ﻧﺣو ﻫدف اﻟﻣﺣرك اﻟﺣﻘ ﻘﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻫو طﺑ ﻌﺗﻪ وﻏراﺋزﻩ وﻣﯾوﻟﻪ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ُﺧﻠ ً ﻣﺣﺑوب ﻟﻪ ﻣﺗﺣرً ﺎ ﻧﺣو ﻣﺎ ﯾراﻩ اﻷﻓﺿﻞ ﻣن اﻟﺣﺎل ،و ﺄﻧﻒ اﻟوﻗوف واﻟﺟﻣود ،وﻟﻛن اﻻﻧدﻓﺎع
اﻟطﺑ ﻌﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻟ س ﻧﺎ ًﻌﺎ ﻣن ﻣؤﺛر واﺣد ،ﻓﻘد ﯾﺗﺣرك ﻟدواﻓﻊ ﺷﺧﺻ ﺔ أو ﻧوﻋ ﺔ ،أو ﻗد ﯾﻧدﻓﻊ ﻷﺳ ﺎب ﻓورﺔ ﺳطﺣ ﺔ ،وﻗد ﻼﺣظ اﻟﻌواﻗب ،وﻗد ﺗؤﺛر ﻓ ﻪ ﻋواﻣﻞ ﻣﺎد ﺔ أو ﻣﻌﻧو ﺔ ،وﻗد ﺣر ﻪ ﺿﺎ ،وﻫذﻩ اﻷﻟوان ﻣن دواﻓﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺳﯾرﻩ ،وﻫﻲ ﺳﻣوا واﻧﺧﻔﺎ ً ﺷﻌور ﯾﺧﺗﻠﻒ ﻋن ﺷﻌور آﺧر ً ﻣﺷﻬودة ﻟﺟﻣ ﻌﻧﺎ ﻧﻌ ﺷﻬﺎ ﺑوﺿوح.
ﻓﺎﻟﻌﻠم ﯾﻧﯾر اﻟطر ،واﻟدواﻓﻊ اﻟﻧﻔﺳ ﺔ اﻟ ﺷرﺔ ﻟﻠﺣر ﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟطر
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﻫﻧﺎ ﻧﺻﻞ إﻟﻰ
اﻟﺷﻌور ﺎﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﻠﺣﺔ إﻟﻰ ﻏرﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟدواﻓﻊ واﺧﺗ ﺎر أﺻﻠﺣﻬﺎ ﻟﻺﻧﺳﺎن. وﻫ ذا ،ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻌض ﺻﻼﺣ ﺎت اﻟدﯾن ﺣﯾث ﯾﺧﺗﺎر اﻟداﻓﻊ اﻷﻓﺿﻞ واﻟﻣﺣرك اﻷﺻﻠﺢ و ﺣﺎول ﺗﻧﻣﯾﺗﻪ ٕواﺑ ارزﻩ وﻣﺳﺎﻋدﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻘ ﺔ اﻟدواﻓﻊ ،وﻷﺟﻞ إ ﺿﺎح ﻫذا اﻟﻣدﻋﻰ ،ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺗﻔ ﻋﻠﻰ أن
اﻟداﻓﻊ اﻷﻓﺿﻞ ﻟﺳﯾر اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺣ ﺎﺗﻪ ﻫو اﻟداﻓﻊ اﻟذ ﻣﺗﻛﺎﻣﻼ. وﺟودﻩ ﻟﻛﻲ ون ﺳﯾرﻩ ً
ﯾؤﻣن ﻧﻣو اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺟﻣ ﻊ ﺟواﻧب ّ
5
اﻹﻧﺳﺎن اﻟذ ُﺧﻠ ذو إرادة وﺣرﺔ ﺑﺧﻼف ﻘ ﺔ اﻟﻣوﺟودات ،واﻹرادة ﻫذﻩ ﺗﺷ ﻞ ﺟﺎﻧًﺎ ﻣن ﺟواﻧب وﺟودﻩ ،وﻫﻧﺎك ﺟﺎﻧب آﺧر ﻣن وﺟودﻩ ﻻ ﻣ ن ﺗﺟﺎﻫﻠﻪ ،وﻫو اﻟﺟﺎﻧب اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ وﻋ ﻪ وﺗﺟﺎرﻪ ،وﻓﻲ ﺣ ﺎﺗﻪ وﻣﺎﺿ ﻪ وﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻪ ،وﻓﻲ أﻛﻠﻪ وﺷرﻪ وﻟ ﺳﻪ وﺻﺣﺗﻪ ،ﻓﻲ ﻞ ﻫذا ﻟ س
أﺑدا. اﻹﻧﺳﺎن إﻻ ﺟزًءا ﻣن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟ ﺷرﺔ ،وﻻ ﯾﻧﻔﺻﻞ ﻋﻧﻬﺎ ً وﻟﻪ ﺟﺎﻧب ﺛﺎﻟث ،وﻫو اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻛوﻧﻲ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺗﻛو ﻧﻪ و ﻘﺎﺋﻪ ﻫو ﺟزء ﻣن اﻷرض واﻟﻬواء
أﺑدا ﻣن ﻫذا اﻟﻛون. وﻣﺎ ﺣ ط ﻪ ،وﻻ ﯾﻧﻔك ً ﻓﺎﻟﻛﻣﺎل اﻟﺣﻘ ﻘﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن ذ اﻹﺳﺗﻘﻼل ﻓﻲ اﻹرادة واﻹﺟﺗﻣﺎع اﻟﻛوﻧﻲ ،اﻟﻛﻣﺎل اﻟﺣﻘ ﻘﻲ ﻟﻪ ﻫو ﺳﯾرﻩ وﻧﻣوﻩ ﻓﻲ ﺟﻣ ﻊ ﻫذﻩ اﻟﺟواﻧب ،وﻟو ﻧﻣﺎ وﺗﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب واﺣد ﻓﻘد اﻧﺣرف وﻫﻧﺎ ﻧﺻﻞ إﻟﻰ
اﻟﻧﻘطﺔ اﻷﺳﺎﺳ ﺔ ،وﻫﻲ أن اﻹﻧﺳﺎن ﻟو ﺗﺣرك ﺑداﻓﻊ اﻟﺟﺎﻧب اﻷول ﻓﻘط ﻓﻬو أﻧﺎﻧﻲ ﻣﻐرور وﻟ س
ﻣﻧﺳﺟﻣﺎ ﻣﻊ واﻗﻌﻪ .ﻣﺎ إﻧﻪ إذا ذاب ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ دون رﻋﺎ ﺔ ﺷﺧﺻﯾﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻘد ً ﺣرم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟوﺟود ﻣن ﻟوﻧﻪ اﻷﺻﯾﻞ و ﻔﺎءاﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،وﻫ ذا :ﻟو ﺳﺎر ﻓﻲ ﺳﺑﯾﻞ وﻧﯾﺗﻪ ووﺟودﯾﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺣد اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﺣدﯾث ﻓﻘد ظﻠم ﻧﻔﺳﻪ وظﻠم ﻋﺎﻟﻣﻪ ﺣﯾث ﻓﻘد ﻣﯾزﺗﻪ اﻹﻧﺳﺎﻧ ﺔ. ﺿﺎ ﻓﺎﻟﺧط اﻟﻣﻔﺿﻞ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻫو اﻟﺧط اﻟﺧﺎص ﻪ اﻟﻣواز ﻟﺧط اﻵﺧرن ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﻪ واﻟﻣﺗواز أ ً
ﻣﻊ ﺳﯾر اﻟﻣوﺟودات اﻷﺧر ،واﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺳﯾرﻩ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧط ﺷ ﻞ ﻧﻐﻣ ًﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣﻊ اﻷﻧﻐﺎم اﻟ ﺷرﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷ ﻞ ﻣﺟﻣوﻋﻬﺎ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋ ﺔ اﻟﻌﺎﻟ ﺔ ،وأن إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺗﻪ ﻫﻲ ﺣ وﻟﯾدة اﻟﻛون ،واﻟﺳﯾر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧط ﻫو ﺳﯾر ﻧﺣو اﻟﻛﻣﺎل اﻟﻣطﻠ ،أ :ﻧﺣو ﷲ ﻏﺎ ﺔ اﻟﺳﯾر
وداﻓﻌﻪ وﻣﺑدأﻩ ،ﻓﻬو أ ﷲ اﻟذ ﺧﻠ اﻟﻛون ﻓﻲ ﺣر ﺔ داﺋﻣﺔ ﻫﺎدﻓﺔ ،وﺧَﻠ اﻹﻧﺳﺎن اﻟذ ﻫو ﺟزء ﻣﻣﺗﺎز ﻣن اﻟﻛون ﻓﻲ طﻣوح وﺗطﻠﻊ داﺋم ﻧﺣو اﻟﻛﻣﺎل.
ﻓﺣر ﺔ اﻟﻔرد اﻟذ ﻫو ﺟزء ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻫﻲ ﺣر ﺔ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣﻊ ﺣر ﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻟﻬﺎ ﻟون ﺧﺎص وطﺎ ﻊ ﻣﻣﯾز .وﻫ ذا ﺣر ﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻔرد واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،اﻹﻧﺳﺎن اﻟذ
ﻫو ﺟزء ﻣن
اﻟﻛون ﻫﻲ ﺣر ﺔ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣﻊ ﺣر ﺔ اﻟﻛون ﻠﻪ ،وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻟﻬﺎ طﺎ ﻌﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﺧﺎص، طﺎ ﻊ ﻗ ﺎدة اﻟﻛون.
واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ أن اﻟداﻓﻊ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻧﻣوﻩ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻞ ﯾﺟب أن ون ﻣﻧﺳًﻘﺎ ﻣﻊ داﻓﻊ زﻣﻼﺋﻪ وأﺑﻧﺎء ﺳﺟودا. ﻣﺟﺗﻣﻌﻪ وﻣﻊ ﻣﺣرك اﻟﻛون ﻠﻪ ﻧﺣو اﻟﺣر ﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﻣﯾﻬﺎ اﻟدﯾن ً
وﻫذا اﻟداﻓﻊ ﻫو إ ﻣﺎﻧﻪ ﺎﻪﻠﻟ و ﻣﺎ ُرﺳم ﻟﻪ ﻣن اﻟدور اﻟﻛوﻧﻲ اﻟﻣﻧﺳ ﻣﻊ ﺳﺎﺋر اﻷدوار. وﻫ ذا ﯾﺑدو أن اﻟﺟﺎﻧب اﻹﻟﻬﻲ ﻣن اﻹﻧﺳﺎن ﻫو ﻓﻲ اﻟﻣ ﺎن اﻟﻌﻠﻲ ﻣن اﻟﺟواﻧب اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻷول ،أ أن ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ﻋﻠﺔ ﻟﻠﺟواﻧب اﻷﺧر وﻣﻧﺳﺟم ﻣﻌﻬﺎ ﺗﻣﺎم اﻹﻧﺳﺟﺎم.
ووﺿﻊ اﻟﻧﻘﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺣروف .واﻹﻧﺳﺎن ﻓﻠﻧﻠﺧص اﻟﺣدﯾث ﻟﻛﻲ ﻧﻘول :إن اﻟﻌﻠم ﻗد ﺷﻒ اﻟطر َ اﻧطﻠ ﻓﻲ اﻟﺧط ﺑداﻓﻊ ﻣن ذاﺗﻪ ،وﻟﻛن اﻟدواﻓﻊ ﺛﯾرة ،واﻟداﻓﻊ اﻟﻣﻔﺿﻞ ﻫو اﻟذ ﺣر ﻪ ﻓﻲ ﺧطﻪ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻞ وﻓﻲ ﻧﻣوﻩ ﻓﻲ ﺟﻣ ﻊ ﺟواﻧب وﺟودﻩ ،وﻫذا اﻟداﻓﻊ ﻫو إ ﻣﺎﻧﻪ ﺎﻪﻠﻟ ،ﻫو دﯾﻧﻪ ،واﻻﻧطﻼق 6
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﺻﺎدر ﻋن إ ﻣﺎﻧﻪ ﺎﻪﻠﻟ ﻫو اﻻﻧطﻼق اﻟﻣﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﻊ اﻟﻛون ﻠﻪ ،ﻻ اﻻﻧطﻼق اﻷﻧﺎﻧﻲ اﻟذ
ﺳﻣﻲ اﻟﻘرآن داﻓﻌﻪ ﺑـ »اﻟﻧﻔس اﻷﻣﺎرة ﺎﻟﺳوء« ،وﻻ اﻻﻧطﻼق اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
ﻣﻊ ﺗﺟﺎﻫﻞ ﺷﺧﺻﯾﺗﻪ ،ذﻟك اﻻﻧطﻼق اﻟذ ﻌﺑر ﻋﻧﻪ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺗﺎ ﺔ ﻟط ﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ِ ورا{ }وﻻَ ﺗَ ْﺟ َﻌ ْﻞ َﯾ َد َك َﻣ ْﻐُﻠوَﻟ ًﺔ ِإَﻟﻰ ُﻋ ُﻧ ِﻘ َك َوﻻَ ﺗَْ ُﺳ ْ وﻣﺎ ﱠﻣ ْﺣ ُﺳ ً ﻣن اﻵ ﺔ اﻟﻛرﻣﺔَ : ط َﻬﺎ ُ ﱠﻞ اْﻟَ ْﺳط َﻓﺗَْﻘ ُﻌ َد َﻣُﻠ ً ون ﻓ ﻪ ﺗﺟﺎﻫﻞ ﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺗﻪ وﻟطﺎ ﻌﻪ اﻟﺧﺎص اﻟذ ]اﻹﺳراء ،[29 ،وﻻ اﻻﻧطﻼق اﻟﻛوﻧﻲ اﻟذ ﻌﺑر ﻋﻧﻪ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﻣﻘﺎم ﺧﻼﻓﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻷرض. ﻓﺗﺳﻠ م اﻟﻘ ﺎدة إﻟﻰ اﻟدﯾن وﻏرﻠﺔ اﻟدواﻓﻊ ﻫو اﻟﺳﺑﯾﻞ ﻻﻛﺗﻣﺎل دور اﻟﻌﻠم واﻏﺗﻧﺎم ﺟﻬد اﻟﻌﻠم ،وﻫذا اﻟدور أ :دور اﻟﻘ ﺎدة وﺧﻠ اﻟﺣ ﺎة اﻟﺣﻘ ﻘ ﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﯾذ رﻩ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم } :ﺎ أَﯾ ﱠ ِ آﻣ ُﻧوْا ﱡﻬﺎ اﻟذ َ ﯾن َ َ َ َن ﻪﻠﻟاا ﺣول ﺑﯾن اْﻟﻣرِء وَﻗْﻠِ ِﻪ وأَﱠﻧﻪ ِإَﻟ ﻪِ ول ِإ َذا دﻋ ُ ِ اﺳﺗَ ِﺟﯾﺑوْا ِّ ِ وِﻟ ﱠﻠرﺳ ِ ﺎﻛم ﻟ َﻣﺎ ُ ْﺣِﯾ ُ ْم َو ْ ََ َ ُ ْ ْ ُ اﻋَﻠ ُﻣوْا أ ﱠ ّ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ
ﺗُ ْﺣ َﺷ ُرو َن{ ]اﻷﻧﻔﺎل .[24 ،ﻻﺣظ ﻠﻣﺔ ﷲ ﺣول ﺑﯾن اﻟﻣرء وﻗﻠ ﻪ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﺗﻌﺑﯾر ﻧﺎﺋﻲ ﻋن ﻣﺻدر اﻟﺣر ﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓدﻋوة اﻟرﺳول ﺣﺳب أر اﻟﻘرآن ﻫﻲ ﻗ ﺎدة ﷲ وﺗوﺟ ﻪ ﻗﻠ ﻪ وﺣر ﺎﺗﻪ وﻏرﻠﺔ دواﻓﻌﻪ ،ﺛم أن اﻟﻐﺎ ﺔ واﻟﻣﻧﺗﻬﻰ ﻫو ﷲ. وﻫ ذا ﻧﺻﻞ إﻟﻰ آﺧر اﻟﺗﺣدﯾد اﻷول ﻟﺻﻼﺣ ﺎت ﻞ ﻣن اﻟدﯾن واﻟﻌﻠم ،ﻓﺎﻟﻌﻠم واﻟدﯾن ﺣرك ﺣر ﺔ ﻗ ﺎد ﺔ و وﺟﻪ اﻟدواﻓﻊ اﻟﻣﺣر ﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺣ ﺎﺗﻪ.
ﺷﻒ اﻟطر ،
ﺟدا ﻓﻲ ﺣﻘﻞ ﺗوزﻊ اﻟﺻﻼﺣ ﺎت ﺑﯾن اﻟﻌﻠم واﻟدﯾن ،وﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﺗﺟﺎوز اﻟﻌﻠم 11ـ وﻫﻧﺎك ﻧﺎﺣ ﺔ ﻣﻬﻣﺔ ً ﺿﺎ. وﺗﺑﻠﻎ ﺟﻣ ﻊ إﻧﺗﺎج اﻟ ﺷر ﻣن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﺻﻧﺎﻋﺔ واﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌ ﺔ واﻷﺧﻼق واﻵداب أ ً ﻫذﻩ اﻟﻧﺎﺣ ﺔ ﺗﻘﺳم اﻟﺻﻼﺣ ﺎت ﺻورة أوﺿﺢ وأدق ﻣن اﻟﺗوزﻊ اﻟﺳﺎﺑ
اﻟﻣذ ور ﻓﻲ رﻗم ،10
ﻓﺎﻹﻧﺗﺎج اﻟ ﺷر ﻓﻲ ﺟﻣ ﻊ ﺣﻘوﻟﻪ اﻟﻔ رﺔ واﻟﺟﺳد ﺔ واﻟﻌﺎطﻔ ﺔ ﯾﺗﻛﺎﻣﻞ ﺗدرﺟًﺎ و ﺗﻣﻞ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻧﺷﺎ اﻹﻧﺳﺎن وﺗﺟﺎرﻪ وﺗﻔ ﯾرﻩ ،وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻛﺎﻣﻞ واﻟﺗﻐﯾر.
ﻓﺎﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﻌﻠوم واﻟﺻﻧﺎﻋﺔ واﻟﺣﻘوق واﻵداب وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن ﺛﻣﺎر ﻧﺷﺎطﺎت اﻟ ﺷر ﻠﻬﺎ ﻣﺗﻐﯾرة وﻣﺗزﻟزﻟﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ،وﻟﻬذا ﻻ ﻣ ن ﺣﺻول اﻹﺳﺗﻘرار اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ ﻟﻠ ﺷر إذا اﺳﺗﻧد
وﺗﻘدم ﺗﻔ ﯾرﻩ ٕواﻧﺗﺎﺟﻪ. ﻋﻠﯾﻬﺎ واﻋﺗﻣد ﻣﻬﻣﺎ ارﺗﻔﻊ وﻋ ﻪ وازدادت ﺗﺟﺎرﻪ ّ إن اﻹﺳﺗﻘرار اﻟﻛﺎﻣﻞ اﻟﻣطﻠ ﻻ ﺣﺻﻞ ﺎﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ ﻏﯾر اﻟﻣطﻠ ،أ إﻟﻰ اﻟﻣﺗﻐﯾر ،ﺑﻞ ﺎﻻطﻣﺋﻧﺎن إﻟﻰ اﻟﻣطﻠ }أَﻻَ ِﺑ ِذ ْ ِر ﻪﻠﻟااِ ﺗَ ْ ِ وب{ ]اﻟرﻋد ،[28 ،و ﺗﻌﺑﯾر أدق ﺎﻟﻐﯾب ّ ط َﻣﺋ ﱡن اْﻟُﻘُﻠ ُ ﻌﯾدا ﻋن اﻟﻘﻠ واﻻﺿطراب. ًا واﻹ ﻣﺎن ﻪ ﻓﻘط ﻣ ن ﺟﻌﻞ اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳﺗﻘر ً
إن اﻟﻌﻠوم وﻓروﻋﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺧﻠوﻗﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،وﻻ ﻣ ن ﻟﻬﺎ أن ﺗﺻ ﺢ ﺧﺎﻟﻘﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ﻓﻣﻬﻣﺎ ﺗﻘدﻣت وازدﻫرت وﺗﻔﺎﻋﻠت ﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﻣ ن ﻟﻺﻧﺳﺎن اﻟذ ﺻﻧﻊ اﻟﻌﻠم واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﺣﻘوق واﻷﺧﻼق أن ﺳﺟد أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻌد اﻟﺻﻧﻊ ،وﻻ أن ﯾر ن إﻟﯾﻬﺎ و ﻌﺑدﻫﺎ ﻣن دون ﷲ ،ﻓﺎﻟﻌﻠم وﻧظﺎﺋرﻩ وﺳﺎﺋﻞ وآﻻت
ﺑﯾد اﻹﻧﺳﺎن :ﺗﺑدأ ﻣن اﻹﻧﺳﺎن وﺗﻧ ﻊ ﻣن اﻹﻧﺳﺎن وﺗﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن.
7
ﯾﺑدأ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﷲ واﻟدﯾن واﻟﻐﯾب ،و ﻌﺗﻣد اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ ﷲ ،وﻫذا اﻻﻋﺗﻣﺎد اﻟذ
ﯾﺑدو ﺿرورًﺎ
ﻓﻲ ﺣ ﺎة اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻛﻲ ﯾﻧﺟو ﻣن اﻟﻘﻠ واﻻﺿطراب ،ﻫذا اﻻﻋﺗﻣﺎد ﯾﺗم ﺣﯾث إن اﻟﻣطﻠ ﻫو ﺻﺎﻧﻊ اﻹﻧﺳﺎن ،وﺣﯾث إن اﻟﻐﯾب ﻻ اﻟﻣﺣﺳوس ﻫو اﻟﻣﺗﻐﯾر اﻟﻧﺳﺑﻲ ،و دﺧﻞ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﷲ
أﺑدا وﻻ ﯾﺗر ﻪ ﻓﻲ ﺣﺎل وﻻ آن ،وﻫ ذا ﯾﺗﺣول ﻣﻌﺗرك اﻟﺣ ﺎة ﺑﺛﻘﺔ ﺎﻣﻠﺔ ،ﺣﯾث ﻻ ﻔﺎرﻗﻪ ﺳﻧدﻩ ً اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ طﺎﻗﺔ ﺑﯾرة ﺗﺗﺣرك دون وﻗوف وﺗﻧﺗﺞ دون ﺗردد ﻓﻲ اﻟﺧط اﻟﺳﻠ م. ﻻ وﺣﯾﻧﻣﺎ اﺗﺿﺢ اﻟﻣ ﺎن اﻟﺛﺎﺑت ﻟﻠدﯾن ﻓﻲ ﺣ ﺎة اﻹﻧﺳﺎن ،ذﻟك اﻟﻣ ﺎن اﻟذ
ﻻ ﻣ ن ﻟﻠﻌﻠم وﻻ
ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ وﻻ ﻟﻠﺣﻘوق وﻻ ﻟﻸﺧﻼق أن ﺗﺣﻞ ﻣﺣﻠﻪ ﻣﻬﻣﺎ ﻋظم ﺷﺄﻧﻬﺎ وﻣﻬﻣﺎ ﺗﻘدﻣت ،ﺣﯾﻧﻣﺎ اﺗﺿﺢ ذﻟك
ﻧ ﺗﺷﻒ ﺣﻘ ﻘﺔ أﺧر :وﻫﻲ أن ﺣر ﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ﻏﯾﺑ ﺔ اﻟداﻓﻊ ٕواﻟﻬ ﺔ اﻟ ﺎﻋث ،وﻟﻛﻧﻬﺎ ﻓﻲ داﺧﻞ ﻫذا اﻹطﺎر اﻟﻐﯾﺑﻲ إﻧﺳﺎﻧ ﺔ اﻟﺻﻧﻊ. وﻫ ذا ﻧر أن اﻟدﯾن ﻻ
ﺗﻔﻲ ﺑﺗﻌﺑﺋﺔ اﻹﻧﺳﺎن وﺗﺣﺿﯾرﻩ ﻟﻼﻧطﻼق ،ﺑﻞ ﺣﺎول ﺻ ﺎﻧﺔ اﻹﻧﺗﺎج
اﻟ ﺷر ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﻌﻠم وﻧظﺎﺋرﻩ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﻘدس ،ﻓ ﻌط ﻪ اﻟﻘداﺳﺔ واﻻﺣﺗرام دون أن ﯾﺟﻌﻞ ﻣﻧﻪ
ﺎﻣﻼ ُﺣﻣد .وﻫذا اﻹطﺎر اﻟﻣﻘدس ﺣول اﻹﻧﺗﺎج اﻟ ﺷر ﯾﺑدو ﺎﻟﺧطو ﻣطﻠًﻘﺎ ﻟﻬﺎ ُﻌﺑد و ً ً ﺟدﯾدا ٕوا ً ﻓﺿﺎء ﻻﻧﻬﺎﺋًﺎ ﺿﺎ اﻟﻌرﺿﺔ ﻓﻲ ﺣ ﺎة اﻹﻧﺳﺎن ،و ﺗﺟﺎوز ﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻋن اﻟﺗﻧﺷ ط واﻟﺗﻘد س ،ﺑﻞ ﯾﻬﯾﺊ أ ً ً
أﻣﺎم اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ طﻣوﺣﻪ اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻲ وﻣﻊ ﺣر ﺗﻪ اﻟداﺋﻣﺔ.
وﻫذﻩ اﻟﺗﻬﯾﺋﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻻﻛﺗﻔﺎء اﻟذاﺗﻲ واﻻرﺗﺿﺎء اﻟﻧﻔﺳﻲ و ﯾن اﻟﺣر ﺔ واﻟﺳﻌﻲ ،وﺗﺟﻌﻞ اﻟﺗﻼﻗﻲ اﻟﺗﻐﯾر ،ﺑﯾن اﻹطﻼق واﻟﻧﺳﺑ ﺔ. ﺑﯾن اﻟﺛ ﺎت و ّ اﻟﺗﻼﻗﻲ: 12ـ وﻧﺟد ﺑﯾن اﻟدﯾن واﻟﻌﻠم ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﺣدﯾد اﻟﺻﻼﺣ ﺎت ﺗﻼﻗًﺎ ﻋﺟﯾًﺎ وﺗﻧﺎﺟًﺎ دﻗ ًﻘﺎ ﻧﻌﺗﺑرﻩ ﺗوﺟﯾﻬﺎ وﻣﺳﺎﻋدة ﻣن اﻟدﯾن ﻟﻠﻌﻠم ،وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻫو ﺗﺄﯾﯾد ﻟطﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺗﻌﺑﯾر اﻟﻔﻘﻬﺎء ،وﻧﻌدﻩ ً ً
وﺷﻬﺎدة ﺣ ﻣن اﻟﻌﻠم ﻟﻠدﯾن .ﻓﻠﻧذ ر ﻌض اﻟﺷواﻫد واﻷﻣﺛﻠﺔ ،وﻧ ﺗﻔﻲ ﺑذ ر ﻣﺛﺎل واﺣد ﻓﻲ ﻞ ﻣن
ﺣﻘول اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻘﯾدة واﻟﺗﺷرﻊ واﻟﺣﻘوق واﻹﺟﺗﻣﺎع واﻟﻌﻠم.
ِ ات وﻣن ِﻓﻲ ْاﻷ َْر ِ أوًﻻ ـ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻘول اﻟدﯾن }أََﻟ ْم ﺗَ َر أ ﱠ ض َن ﱠ ﻪﻠﻟااَ َ ْﺳ ُﺟ ُد َﻟ ُﻪ َﻣن ِﻓﻲ ﱠ اﻟﺳ َﻣ َﺎو َ َ اﻟﺷﺟر واﻟ ﱠدو ﱡ ِ ِ ﱠ ﱠ ﯾر ِﻣ َن اﻟﱠﻧ ِ ﱡ ﺿﺎ: ﺎس{ ]اﻟﺣﺞ .[18 ،و ﻘول أ ً وم َواْﻟﺟَ ُ اب َوَ ﺛ ٌ ّ ﺎل َو َ ُ َ َ َواﻟﺷ ْﻣ ُس َواْﻟَﻘ َﻣ ُر َواﻟﻧ ُﺟ ُ ِ ات وﻣﺎ ِﻓﻲ ْاﻷ َْر ِ ض اْﻟﻣِﻠ ِك اْﻟُﻘ ﱡد ِ وس اْﻟ َﻌ ِز ِز اْﻟ َﺣ ِ مِ{ ]اﻟﺟﻣﻌﺔ ،[1 ،و ﻘول } ُ َﺳِّ ُﺢ ِﱠ ِ َﻣﺎ ِﻓﻲ ﱠ اﻟﺳ َﻣ َﺎو َ َ َ ِ اﻟطﯾر ﱠ ٍ ﱠ ِ ِ ﺿﺎ} :أََﻟ ْم ﺗَ َر أ ﱠ ﺻ َﻼﺗَ ُﻪ َن ﱠ ﻪﻠﻟااَ ُ َﺳِّ ُﺢ َﻟ ُﻪ َﻣن ِﻓﻲ ﱠ أ ً ﺻﺎﻓﺎت ُ ﱞﻞ َﻗ ْد َﻋﻠ َم َ اﻟﺳ َﻣ َﺎوات َو ْاﻷ َْرض َو ْ ُ َ َوﺗَ ْﺳِﺑ َﺣ ُﻪ{ ]اﻟﻧور.[41 ، وﻫذﻩ اﻟﻧظرة اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﻛون ﺗﻌطﻲ ﺻورة ﺧﺎﺻﺔ ﻋن اﻟوﺟود .ﻓﺎﻟﻛون ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻣﺣراب
ﻟﺳﺟود ﺟﻣ ﻊ اﻟﻣوﺟودات وﺗﺳﺑ ﺣﻬﺎ وﺻﻼﺗﻬﺎ ،وﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻔرض اﻟرؤ ﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻛون
اﺣدا ﻧﺣو ﷲ. ﻌﻼ ،اﻟﻣﻧظم ﺑدﻗﺔ ،اﻟﻣﺗﺟﻪ داﺋﻣﺎ ،اﻟواﺣد ﻓ ً اﺗﺟﺎﻫﺎ و ً ً اﻟﻣﺗﺣرك ً 8
وﻫذا ﺗﻌﺑﯾر آﺧر ﻋﻣﺎ دورﻩ
ﺗﺷﻔﻪ اﻟﻌﻠم وﺗﻌﺗرف ﻪ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣن أن ﻞ ﺟزء ﻣن أﺟزاء اﻟﻛون ﯾؤد
طﺎ ﻓﻲ ﻞ دﻗﺔ وﺗﻧظ م ،وﻣن أن اﻟﻛون ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﯾرﺗ ط ﻞ ﺟزء ﻣﻧﻪ ﺄﺟزاﺋﻪ اﻷﺧر ارﺗ ﺎ ً
اﻟﺗﻛو ن واﻟ ﻘﺎء واﻟﻌﻣﻞ واﻟﺗﻔﺎﻋﻞ ،ﻓﺎﻟﻛون ﻣوﺟود واﺣد ﻣﺗﺣرك ﻣﻧظم ،واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗرو ﺔ ﻟﻬذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ٍ ﺧﺎف ﻋﻠﻰ اﻟ ﺻﯾر ،ﺣﯾث ﯾﺟد اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم ﻋﺎﻟم ﻠﻪ ﺣر ﺔ وﺣ ﺎة وﺗﻧظ م اﻟﻛوﻧﻲ ﻏﯾر واﺗﺟﺎﻩ ﻧﺣو ﷲ.
و زد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗرو ﺔ ﺗﻌﺑﯾر} :وﻣن ِﻓﻲ ْاﻷ َْر ِ ض{ ]اﻟﺣﺞ ،[18 ،اﻟذ ََ اﻷرض اﻟﺟﺳﻣﺎﻧﻲ ﻣن اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ﺳﺟودﻩ ،ﺣﯾث إن اﻹﻧﺳﺎن ﺻﺎﺣب اﻹرادة ﯾﺟد ﻘﺻد اﻟﺟﺎﻧب
اﻻﻧﺳﺟﺎم ﻣﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،و ﻘﺗﺿﻲ اﻟﺣر ﺔ واﻟﺣ ﺎة واﻟﺗﻧظ م واﻻﺗﺟﺎﻩ ﻧﺣو ﷲ.
ﺛﺎﻧًﺎ :ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﻌﻘﯾدة ،ﻌﺗﺑر اﻟدﯾن ﻋﻘﯾدة اﻟﺗوﺣﯾد ﻣﺎل ﻟﻺﻧﺳﺎن وﺗﺟﻧﯾد ﻟﻠطﺎﻗﺔ اﻟ ﺷرﺔ ﻧﺣو اﺗﺟﺎﻩ واﺣد ،ﻣﻣﺎ ﯾﺧﻠ ﻗوة ﺧﻼﻗﺔ ﻋظ ﻣﺔ ،و ﻌﺗﺑر اﻟﺷرك وﻫو اﻹ ﻣﺎن ﺑﺗﻌدد اﻵﻟﻬﺔ ﺗﺟزﺋﺔ
ﻟﻺﻧﺳﺎن وﺗﻘﺳ ًﻣﺎ ﻟطﺎﻗﺎﺗﻪ وﺗﺣط ًﻣﺎ ﻟﺷﺧﺻﯾﺗﻪ. واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧ ﺔ ،وﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﺎﻟذات ﻌرف ﻫذﻩ اﻟﺣﻘ ﻘﺔ و درس اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻹﯾﺟﺎﺑ ﺔ واﻟﺳﻠﺑ ﺔ ﻓﻲ ﻞ ﻣن اﻟﺗوﺣﯾد واﻟﺷرك ﻓﻲ اﻟﺣﻘﻞ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ.
ﺛﺎﻟﺛًﺎ :وﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺗﺷرﻊ واﻻﻋﺗﻣﺎد اﻟدﯾﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﻠوب اﻟﺣﻼل واﻟﺣرام وﺗﺻﻧﯾﻒ اﻟﻣوﺟودات ﻘﻒ
اﻟﻌﻠم ﻟﻛﻲ ﯾؤ د ﺻراﺣﺔ أﺧطﺎر ﻌض اﻟﻣﺣرﻣﺎت وﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣ ﺎﺣﺎت وﻟزوم اﻟواﺟ ﺎت ،وﻻ ﯾﻧﻔﻲ ﺻورة ﻗﺎطﻌﺔ ﺻﺣﺔ ﻫذا اﻟﺗﻘﺳ م ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﻣﺟﻬوﻟﺔ ﻟﻪ. وﺗﺄﯾﯾد اﻟﻔ ر اﻟ ﺷر ﻟﻣوﻗﻒ اﻟدﯾن ﻓﻲ اﻋﺗﻣﺎد أﺳﻠوب اﻟﺣرام واﻟﺣﻼل ﯾﺗﺟﺎوز ﻫذا اﻟﺣد و ﺻﻞ إﻟﻰ ﺣث أوﺳﻊ وأﺷﻣﻞ ،ﺣﯾث إن ﺧﺿوع اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣطﻠ
ﻟرﻏ ﺎﺗﻪ وﺣﺎﺟﺎﺗﻪ ﯾؤد
إﻟﻰ ذو ﺎن
ﺷﺧﺻﯾﺗﻪ ﻓﻲ اﻟطﺑ ﻌﺔ ٕواﻟﻰ اﻟﻘ ﺎدة وﺗ ﻌﯾﺗﻪ ﻟﻬﺎ ،ﻟﻛﻧﻪ إذا اﺗﺧذ ﻣﯾزًاﻧﺎ أرﻓﻊ ﻣن اﻟرﻏ ﺔ أو اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﻠﺑﻰ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ إذا اﻧط ﻘت ﻋﻠﻰ ﻣرﺿﺎة ﷲ ،ﻓﻘد ﺗرﻓﻊ وﻗﺎس ﻞ ﻣوﻗﻒ ﺑرﺿﻰ ﷲ أو ﻋدم رﺿﺎﻩ ّ ﻣﻧﻔﻌﻼ، ﻓﺎﻋﻼ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،ﻻ ً ﻋن اﻟطﺑ ﻌﺔ ،وﺗﻣ ن ﻣن اﻟﻘ ﺎم ﺑدور اﻟﻘ ﺎدة ﻟﻠطﺑ ﻌﺔ واﻟﻛون ،ﻓ ون ً
ﻣﻧﻘﺎدا .وﻫ ذا ﻧﺟد اﻟﺣﻼل واﻟﺣرام ﻣدارج ﻟﺻﻌود اﻹﻧﺳﺎن وﻋدم اﻧﻐﻣﺎﺳﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم وﻟﻌدم ﻗﺎﺋدا ﻻ ً ً ﺗﺣوﻟﻪ إﻟﻰ ﺟزء ﺣﻘﯾر ﻣن اﻟﻌﺎﻟم.
ﺑﯾر دور ًا ًا ار ًﻌﺎ :ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺣﻘوق ،ﻫذا اﻟﺣﻘﻞ اﻟوﺳ ﻊ ﻧ ﺗﻔﻲ ﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ أد ﻓﻲ ﺗﻧظ م اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﻠﻣﻲ ﻣﺗﯾن ،و ﺎن ﻣﺻدر إﻟﻬﺎم ﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌ ﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،وﻫو اﻵن ﯾﻧﺎﻓس اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﻌﺎﺻر و ﻔرض ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﺛﯾر ﻣن اﻟﻣواد ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻟﺣﻘوق
ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻ ﺔ وﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣدﻧ ﺔ وﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻣ ﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻷﺻول اﻟﻣوﺿوﻋ ﺔ. ﺧﺎﻣﺳﺎ :ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻹﺟﺗﻣﺎع ،ﻧﺟد اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻌﺎﺻر اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣﺗﺟﻠًﺎ ﻓﻲ اﻟﻣ ﺎدئ اﻟدﯾﻧ ﺔ ،وﻷﺟﻞ ً ِ ِ }وﻻَ ُﺗْﻠُﻘوْا ِﺄ َْﯾد ُ ْم ِإَﻟﻰ اﻟﺗﱠ ْﻬُﻠ َﻛﺔ{ اﻟﻣﺛﺎل ﻧﻘ أر آ ﺔ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺗﻲ ﺗﺄﻣر ﺎﻹﻧﻔﺎق وﺗﻌﻘ ﻪ ًا ﻓور ﻘوﻟﻬﺎَ : 9
ﻸﻧﻔ ِﺳ ُ ْم َو َﻣﺎ ﺗُ ِﻧﻔُﻘو َن ِإﻻﱠ ْاﺑِﺗ َﻐﺎء َو ْﺟ ِﻪ }و َﻣﺎ ﺗُ ِﻧﻔُﻘوْا ِﻣ ْن َﺧ ْﯾ ٍر َﻓ ُ ]اﻟ ﻘرة ،[195 ،وﻓﻲ آ ﺔ ﻗرآﻧ ﺔ أﺧر َ : ظَﻠ ُﻣو َن{ ]اﻟ ﻘرة.[272 ، ﻪﻠﻟااِ َو َﻣﺎ ﺗُ ِﻧﻔُﻘوْا ِﻣ ْن َﺧ ْﯾ ٍر ُﯾ َو ﱠ ف ِإَﻟ ْ ُ ْم َوأَﻧﺗُ ْم ﻻَ ﺗُ ْ ّ ﻓﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗﺄﺛﯾر ﺗﻧﺷ ط اﻟط ﻘﺎت اﻟﺿﻌ ﻔﺔ ٕواﺷراﻛﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذ ﻌود ﺗطورﻩ وازدﻫﺎرﻩ ﺎﻟﻧﻔﻊ ﻟﻠﺟﻣ ﻊ ،وﻟﻠذ
ﯾﻧﻔ ،ﺛم أﺧطﺎر اﻹﻣﺳﺎك ﻋن اﻹﻧﻔﺎق وﻧﺗﺎﺋﺟﻪ اﻟﻣﻬﻠﻛﺔ ﻣن
اﻻﺿط ار ﺎت واﻟﺗﻌﻘﯾدات ،ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌﻠﻣ ﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗُﻘ أر ﻣن ﻣطﺎو اﻷﺣ ﺎم اﻟدﯾﻧ ﺔ.
ﯾﻬﺗم ﻪ ﺗﺎﺑﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ،ﻓﻘد ﺣث ﻋدد ﺑﯾر ﻣن
أﺧﯾرا ،ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﻌﻠوم ،ذﻟك اﻟﺣﻘﻞ اﻟذ و ً ﻣﺛﺎﻻ ﺗﺎرﺧًﺎ ﻟﻼﻟﺗﻘﺎء اﻟدﯾﻧﻲ اﻟ ﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎء اﻟدﯾن واﻟﻌﻠوم اﻟطﺑ ﻌ ﺔ ،وﻟﻬذا ﻓﺳوف أﻧﻘﻞ ً اﻟﻌﻠﻣﻲ) ،(1أﻧك ﺗر اﻟﻘرآن ﯾﺗﺣدث ﻋن ﻓراﻋﻧﺔ ﻣﺻر اﻟﻘداﻣﻰ و ﺄﻧﻪ ﺣ ط ﺑﺗﺎرﺧﻬم اﻟﻌﻠﻣﻲ
اﻟدﻗﯾ
ﺎﻟرﻏم ﻣن أن وﺳﯾﻠﺔ دراﺳﺔ ﺗﺎرﺦ اﻟﻔراﻋﻧﺔ ﻓﻲ أ ﺎم »ﻣﺣﻣد« )ص( وﻣﺋﺎت اﻟﺳﻧﯾن ﻗﺑﻠﻪ
و ﻌدﻩ ﻣﺎ ﺗوﻓرت ﻷﺣد ﻣن اﻟﻣؤرﺧﯾن ،و ﺎن اﺗﺻﺎﻟﻬم ﺑذﻟك اﻟﺗﺎرﺦ اﻟﻣدﻓون ﻓﻲ رﻣﺎل اﻟﺻﺣراء ﻋن
طر اﻟﺗوراة أو اﻷﺳﺎطﯾر اﻟﺷﺎﺋﻌﺔ.
ﻣﺛﻼ ﯾؤ د أن ﺟﺳد اﻟﻔرﻋون اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻟـ »ﻣوﺳﻰ« ﻋﻠ ﻪ اﻟﺳﻼم ﻘﻲ ﻓﻲ اﻟ ﺣر اﻷﺣﻣر ﻓﺎﻟﻘرآن ً ﺧﻼًﻓﺎ ﻟﻧﻘﻞ اﻟﺗوراة وﺧﻼًﻓﺎ ﻟﻧﻘﻞ اﻟﺷﺎﺋﻌﺎت ،ﻓ ﻘول اﻟﻘرآنَ} :ﻓﺎْﻟَﯾ ْوَم ُﻧَﻧ ِّﺟ َك ِﺑَﺑ َدِﻧ َك ِﻟﺗَ ُﻛو َن ِﻟ َﻣ ْن َﺧْﻠَﻔ َك آَ ًﺔ{ ]ﯾوﻧس ،[92 ،و ﺷﯾر ﺑذﻟك إﻟﻰ ﻧﺟﺎة ﺑدن ﻓرﻋون ،و ذﻟك ﯾﻠﺗﻘﻲ ﺻورة ﺣﺗﻣ ﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ اﻛﺗُﺷﻒ أﺑدا اﺧﺗﻔﺎء ﻓرﻋون اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻟﻠﻧﺑﻲ ﻣن ﺗﺎرﺦ اﻟﻔراﻋﻧﺔ واﺟﺳﺎدﻫم ،ذﻟك اﻟﺗﺎرﺦ اﻟذ ﻻ ﺳﺟﻞ ً »ﻣوﺳﻰ« ﻋﻠ ﻪ اﻟﺳﻼم.
و ذﻟك ﺳﻣﻲ اﻟﻘرآن ﻣﺳﺗﺷﺎر اﻟﺣﺎﻛم اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻟـ »ﯾوﺳﻒ« )ع( ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﺳﻣ ﻪ »اﻟﻌزز«، و ﻬذا اﻟﻣوﻗﻒ ﻌﺑر ﺄدق ﻣﺎ ﻣ ن أن ﻌﺑر ﻋن ﻠﻣﺔ » «Putipharoاﻟﺗﻲ ﯾﺗرﺟﻣﻬﺎ اﻻب
» «Vigoureuxﻌد ﺣث دﻗﯾ ﺑـ »ﻋزز اﻹﻟﻪ ﺷﻣس« ،وﻗد اﺧﺗﺎر اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺗﻌو ض »ال« اﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻣﻊ روح اﻟﺗوﺣﯾد. ﻋن اﻟﻣﺿﺎف إﻟ ﻪ ،ﻓﻘﺎل» :اﻟﻌزز« ً ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب: وﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻫذا اﻟﺗﻼﻗﻲ ﻧﺟد ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب أدق ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻗرأت وﺳﻣﻌت طﯾﻠﺔ ﻣطﺎﻟﻌﺎﺗﻲ ،وﻟﻬذا ﻓﻘد أﻛﺑرت واﺣﺗرﻣت ﻫذا اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺳﺧﻲ ﻣن ﻣؤﻟﻔﻪ اﻟﺷﺎب اﻟ ﺎﺣث اﻷﺳﺗﺎذ »ﯾوﺳﻒ ﻣروة« ،ودﻋوت
داﺋﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻛﺗب اﻟﺗﻲ ﻫﻲ أﻣﺎﻣﻲ وﻓﻲ ﻋﻘﻠﻲ وﻗﻠﺑﻲ ،ﺣﯾث إن ﻟﻪ ﺎﻟﺗوﻓﯾ ،وﺳوف أﺿﻊ ﺗﺎ ﻪ ً أﺟواء اﻟدﻋوة اﻟدﯾﻧ ﺔ ﻓﻲ ﯾوﻣﻧﺎ اﻟﻌﺻﯾب ﻫذا ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻣﻧط اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻌزز ،ﻓﻠﻠﻪ درﻩ وﻋﻠ ﻪ أﺟرﻩ ،وﻻ أﺷك أﻧﻪ
ﻓﻬﻧﯾﺋﺎ ﻟﻪ ،ودﻋﺎء ﻟﻠﻣزد ﻣن ﺳب ﺑذﻟك ﺷرف ﻧﯾﻞ رﺿﺎ ﻧﺑ ﻪ اﻟﻌظ م، ً
1
راﺟﻊ ﺗﺎب اﻟظﺎﻫرة اﻟﻘرآﻧ ﺔ ﻟﻣﺎﻟك ﺑن ﻧﺑﻲ. 10
أداء ﻟﻣﺳؤوﻟ ﺔ اﻟﺗﻘد م أن أذ ر ﻌض ﻣﺎ ﺧطر ﻟﻲ ﺎﻟ ﺎل ﻣن ﺗوﻓ ﻘﻪ .و ﺟب ﻋﻠﻲ ﺻ ﺎﻧ ًﺔ ﻟﻠﺣ و ً ّ اﻟﻧﻘد ﻋﻠﻰ ﻣواﺿ ﻊ اﻟﻛﺗﺎب: 1ـ
ﻣﺎ ﻧت أرﺗﺿﻲ ﻟﻸخ »ﯾوﺳﻒ ﻣروة« أن ﺳﺎﯾر اﻟد ﺗور اﻟﻌظم ﻓﻲ ﺗﺣﻣﯾﻞ ﻋﻠﻣﺎء اﻟدﯾن
ﻣﺳؤوﻟ ﺔ ﻋدم ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻧﺻوص اﻟﻘرآﻧ ﺔ واﻟﺳﻧن اﻟﻣطﻬرة ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻌﻠوم اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ﺣﯾث إن
اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ظروف ﻋﻠﻣﺎء اﻟدﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺷﻒ أﻧﻬم ﺑذﻟوا أﺿﻌﺎف إﻣ ﺎﻧﺎﺗﻬم ﻓﻲ ﺳﺑﯾﻞ ﻫذﻩ اﻟﻐﺎ ﺔ اﻟﺷرﻔﺔ وﻗدﻣوا ﻋﺷرات اﻟﻛﺗب ﺑﻬذا اﻟﺻدد ،ﺣﺗﻰ إن ﻌﺿﻬم أﻟﻔوا ﺗًﺎ ﻣن ﺧواص اﻟﻌﻠوم اﺋدا ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻟﯾﻒ ﺗب ﺗﺣﺎول ﻋرض اﻟﻧﺻوص واﻷﺣ ﺎم اﻟدﯾﻧ ﺔ ﺻورة ﻋﻠﻣ ﺔ دﻗ ﻘﺔ اﻟﺗﺟرﺑ ﺔ ،ز ً
ﻓﻲ ﺣﻘول اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻹﻗﺗﺻﺎد واﻹﺟﺗﻣﺎع واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺣﻘوق وﻏﯾرﻫﺎ .وﻟﻛن اﻟﻘ ﺎم ﺑﻬذا اﻟدور ﻟ س
واﺟًﺎ أﺻﻠًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﻣﻔﺳرن ﻣﻘدار ﻣﺎ ﻫو واﺟب أﻣﺛﺎل اﻷﺳﺗﺎذ »ﯾوﺳﻒ ﻣروة« ﻣن اﻟﻣﺗﺧرﺟﯾن ﻣن ﻣﻌﺎﻫد اﻟﻌﻠوم اﻟﻌﻠ ﺎ واﻟﻣطﻠﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘرآن اﻟﻛرم واﻟﺳﻧﺔ اﻟﻣطﻬرة ،وﻗد ﺑدأ ﻫؤﻻء
ﺎﻟﻔﻌﻞ ﺎﻟﻘ ﺎم ﺑواﺟﺑﻬم اﻟدﯾﻧﻲ ،وأﺧص ﻫﻧﺎ ﺎﻟذ ر ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻷﺳﺗﺎذ »اﺣﻣد اﻣﯾن« اﻟﻣوﻓﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﺎ ﻪ »اﻟﺗﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم« اﻟﻣطﺑوع ﻓﻲ اﻟﻧﺟﻒ. ﺗﻔﺳﯾر ﻣﺎدًﺎ ،ﺣﯾث ًا ﺣﺎول ﺗﺎﺑﻧﺎ ﻫذا ﺗﻔﺳﯾر اﻷﻣور اﻟﻣﺟردة واﻟروح واﻷ ﺎم اﻟرو ﺔ 2ـ ﯾوﻣﺎ ﺣﺳب ﺳرﻋﺔ اﻟﺣر ﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔوق ﺳرﻋﺔ اﻟﻧور واﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧرج ﻣن اﻵ ﺎت اﻟﻘرآﻧ ﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻞ ً
ﻋﻧد ﷲ ﺄﻟﻒ أو ﺧﻣﺳﯾن أﻟﻒ ﺳﻧﺔ ،ﺣﺳب ﻫذﻩ اﻟﺳرﻋﺔ ﺛم ﯾؤ د أن ﻟﻣﺛﻞ ﻫذﻩ اﻟﺣر ﺔ آﺛﺎرﻫﺎ
اﻟﻐر ﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺷ ﻪ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺎد ﺔ ﻟﻸﺟﺳﺎم واﻟطﺎﻗﺎت ،وﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ٕوان ﺎن ﯾﻧطﺑ ﻋﻠﻰ أر
اﻟﻣﺣدﺛﯾن ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺷ ﻌﺔ ﻣﺛﻞ اﻟﻣﺣﻘ »ﻣﺣﻣد ﺎﻗر اﻟﻣﺟﻠﺳﻲ« ،وﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾﻧﺳﺟم ﻣﻊ أر ﺎر ّ ﺟﻣ ﻊ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺗﻘر ًﺎ وﻻ ﻣﻊ آراء أﻛﺛر ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺷرﻌﺔ ،ﻓﺈﻧﻬم ﻌﺗﺑرون اﻟﺗﺟرد ﺻﻔﺔ ﺗﺧﺗﻠﻒ ﺻورة أﺳﺎﺳ ﺔ ﻋن ﺻﻔﺔ اﻟﻣﺎد ﺔ ،ﻓﺎﻟﺣر ﺔ واﻟﺗﻐﯾر واﻟﺗدرج واﻟﺗﻛﺎﻣﻞ واﻟﺑدا ﺔ واﻟﻧﻬﺎ ﺔ واﻟﻣ ﺎن واﻟزﻣﺎن ﻠﻬﺎ ﻣن آﺛﺎر اﻟﻣﺎدة ،وﻻ ﺗﻌرض ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺟرد ﺎﻟروح وأﻣﺛﺎﻟﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﺟردات. ﻧت أﺗﻣﻧﻰ أن ُ ﺛر اﻟﻣؤﻟﻒ اﻟﻛرم ﻣن ﺗوﺿ ﺢ ﻧﻘطﺔ أﺳﺎﺳ ﺔ ﻫﻲ ﻣﺛﺎ ﺔ ﺗﺣدﯾد ﺧط ﻋﺎم 3ـ ﻟﻠﻐﺎ ﺔ ﻣن ﻣﺛﻞ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﻣن اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻔ ر اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟدﯾﻧﻲ .وﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﻫﻲ أن اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺗﺎب دﯾن وﻫدا ﺔ وﻟ س ﻣن ﻣﻬﻣﺗﻪ اﻷ ﺣﺎث اﻟﻌﻠﻣ ﺔ وذ ر اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﺟرﺑ ﺔ أو وﺿﻊ أﺳس
ﻟﻺﻧﺗﺎج اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟ ﺷر .ﻓﺎﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺣﺎول أن ﺿﻊ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻛﺎﻣﻞ اﻟذ
ﻫو ﻣﺑدأ اﻟﻌﻠوم
وﻏﺎﯾﺗﻬﺎ و ﺗﻘن ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺄﺣ ﺎﻣﻪ اﻟﻔرد ﺔ واﻹﺟﺗﻣﺎﻋ ﺔ وﺗﻌﺎﻟ ﻣﻪ اﻟﻣﻘدﺳﺔ. وﺗﺄﻛﯾدا ﺗﻛﺛﯾر ﻟﻠﻌﺑرة ًا وﻓﻲ ﻌض اﻟﻣوارد ﺄﺗﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌز ز )اﻟﻘرآن( ﺻدد ذ ر اﻷﻣﺛﺎل ً ﻟﻠﺗر ﺔ ،وﻫذﻩ اﻷﻣﺛﺎل ﺗﺗﻧﺎول اﻟظواﻫر اﻟﻛوﻧ ﺔ أو اﻷﺣداث اﻟطﺑ ﻌ ﺔ أو زوا ﺎ ﺗﺎرﺧ ﺔ .و ﻣﺗﺎز اﻟﻘرآن اﻟﻛرم ﺄن اﻷﻣﺛﺎل ﻫذﻩ ﻻ ﺗﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ اﻟﻌﻠوم اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ٕوان ﺎن ذ رﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرآن ﺄﺗﻲ ﻋﻔوًﺎ، ﻓﺎﻟﻘرآن ﻘول} :وﺗَر اْﻟ ِﺟ ﺎل ﺗَﺣﺳﺑﻬﺎ ﺟ ِ ﺎﻣ َد ًة{ ]اﻟﻧﻣﻞ ،[88 ،وﻟﻛﻧﻪ ﺳﺗﺧﻠص ﻣن ﻫذا اﻟﻘول ﻧﺗﯾﺟﺔ َ َ ْ َ َُ َ َ َ ﻪﻠﻟااِ ﱠاﻟ ِذ أ َْﺗَﻘ َن ُ ﱠﻞ َﺷﻲ ٍء{ ]اﻟﻧﻣﻞ ،[88 ،وﻧﺣن ﻧﻘدر أن ﻧﻘول ﻞ ﺛﻘﺔ }ﺻ ْﻧ َﻊ ﱠ ﺗرو ﺔ ،و ﺿﯾﻒُ : ْ 11
واﻋﺗزاز أن ﺟﻣ ﻊ اﻷﻣﺛﺎل اﻟﻘرآﻧ ﺔ ﻣؤﱠدة ﻣن اﻟﻌﻠم اﻟﺣدﯾث دون اﺳﺗﺛﻧﺎء ،وﻫذا ﯾدل ﻋﻠﻰ أن أﻟﻔﺎ اﻟﻘرآن اﻟﻛرم وﺣﻲ إﻟﻬﻲ ﻣﺛﻞ ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ وﻟ ﺳت ﻣن ﺗﺄﻟﯾﻒ ﺷﺧص ﯾﺗﺣدد ﻣﺳﺗو ﺛﻘﺎﻓﺗﻪ ﻌﺻرﻩ ﻣﻬﻣﺎ ارﺗﻔﻊ ﻫذا اﻟﻣﺳﺗو .
أﻋود ﻷؤ د أن ﺗﻧﺎول اﻟﻘرآن ﻟﻬذﻩ اﻟﻣ ﺎﺣث ﻫو اﺳﺗطراد ذ ر وأﻣﺛﺎل ،وﻟ س ﻣن ﻣﻬﻣﺔ
اﻟﻘرآن وﺿﻊ اﻷﺳس وﻧﻘﻞ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﻠﻣ ﺔ ﺷﺄن اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣ ﺔ. 4ـ
أﻣﺎ ﻣطﺎﻟ ﺔ د» .اﻟﻌظم« إ ﺎ
أن أ ﺣث ﺣول اﻟﺗﺣﻠﯾﻞ اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻋن ﺗطورات اﻟﻧطﻔﺔ
وﺗطﺑﯾ اﻟﻣراﺣﻞ اﻟﻣذ ورة ﻓﻲ اﻵ ﺔ اﻟﻘرآﻧ ﺔ اﻟﻛرﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻵراء اﻟﻌﻠﻣ ﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،إن ﻣطﺎﻟﺑﺗﻪ إ ﺎ ﻫذا اﻟﺗﺣﻠﯾﻞ ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺿرة ﺎﻧت ﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻌرض زاو ﺔ ﻣن اﻟ أر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺣول اﻹﻧﺳﺎن وﻫذﻩ
اﻟزاو ﺔ ﻫﻲ راﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ،أﻗول إن ﻫذﻩ اﻟﻣطﺎﻟ ﺔ ﻗد ﺗﺑدو ﻏر ﺔ وﻓﯾﻬﺎ ﺧروج ﻋن اﻟﻣوﺿوع اﻟذ
ﻻ ﻣ ن ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ إطﻼًﻗﺎ ﻓﻲ دراﺳﺎت ﻧظرﺔ ﺑﻞ ﻓﻲ أ ﺣﺎث ﺗﺟرﺑ ﺔ ﻟم ﺗﻛن ﺿﻣن ﻣوﺿوع
اﻟﻣﺣﺎﺿرة.
12