لوكوربوزيه

Page 1

‫يمثل انتاج لوكوربوزيه )‪ ،Le Corbusier (1965-1887‬المعمار الكثر شهرة وتأثيرا في الوسط المهني‪،‬‬ ‫يمثل مرحلة أساسية ومهمة من مراحل تطور "العمارة الحديثة " في فرنسا‪ ،‬فترة ما بين الحربين‪ .‬واعتبرات‬ ‫تقصياته التكوينية وطروحاته السلوبية وأعماله المعمارية بمنزلة امثلة ناصعة للفكر المعماري الحداثي ليس فقط‬ ‫في فرنسا‪ ،‬وإنما في مناطق عديدة من العالم‪.‬‬ ‫ويعد هذا المعمار – واسمه الحقيقي شارل‪ -‬ادورد جانيريه ) ‪ (Charles- Edowrad Jeanneret‬والمولود في‬ ‫قرية سويسرية هي "لو شو دي فون ‪ La Chaux de Fonds‬يعد شخصية متعدد الهتمامات‪ ،‬فبالاضافة إلى‬ ‫كونه معمارا مجددا كان مخططا للمدن‪ ،‬ورساما وكاتبا‪ ،‬ومصمما ومّنرظرا‪ ،‬وساهمت اهتماماته المتعددة تلك إلى‬ ‫تكريس حاضوره اللمع في المشهد المعماري العالمي‪ .‬وعلى الرغم من أن البنية التي نفذها " لوكوربوزيه" تعد‬ ‫قليلة نسبيا لكنها كل منها كان بمثابة خطوة كبيرة في تطور مبادئ "العمارة الحديثة"‪.‬‬ ‫تمتاز المباني التي صممها " لوكوربوزيه" في فترة ما بين الحربين بحاضور وااضح للهندسة الصافية المعتمدة‬ ‫على الشكال الساسية كالمكعب‪ ،‬ومتوازي الاضل ع والسطوانة‪ ،‬وقد كتب مرة "أن مشاكل البناء الحديث‬ ‫الكبرى يمكن حلها فقط عبر استخدام الهندسة المنترظمة" في نفس الوقت كان هم المعمار المهني متجها نحو تألق‬ ‫أشكال " فورمات" المباني التي صممها مع التقاليد المستقاة من العمارة الشعبية والنزعة لستخدام المواد النشائية‬ ‫المصنعة جنبا إلى جنب مع المواد البنائية الطبيعية‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1919‬أصدر لوكوربوزيه مجلة فنية تدعى " اسبيري نوفو‪) "Es[rit Nouveau -‬الروح الجديدة؛‬ ‫الفكر الجديد( بالشتراك مع مجموعة من رجال الفن والتخطيط والعمارة والدب يشاطرونه آرائه الطليعية‬ ‫بوجوب إرساء مفاهيم جديدة لعمارة جديدة‪ ،‬وقد نادى عبر مقالت عديدة فيها باضرورة التغيير الجذري لسس‬ ‫التشكيل المعماري والتوجه نحو تورظيف التقنية الحديثة للوصول إلى تلك الغايات‪ ،‬وقد وجد في الخرسانة المسلحة‬ ‫وكذلك في منرظومات الهيكل النشائي مرجعية جديدة تكفل تحقيق مراميه التكوينية بعيدا عن الساليب التقليدية‪،‬‬ ‫كما سعى لربط طبيعة العمارة المنتجة على هذا الساس‪ ،‬مع جماليات الناتج اللي‪ ،‬مطوعا الشكال الجديدة إلى‬ ‫تكوينات تصميمية تتسم اشكالها بحاضور عاِل للزوايا القائمة‪.‬‬ ‫ولكي ياضفي على المنرظومة الهيكلية التي روج لها كثيرا‪ ،‬بعداً جماليا فقد لجأ لوكوربوزيه عام ‪ ،1915‬وعبر لغة‬ ‫غرافيكية إلى إنشاء هيكل شفاف لبيت سكني دعاه ) دوم‪ -‬اينو –‪ (Dom- Ino‬وهو عبارة عن ستة مساند دقيقة‬ ‫من الخرسانة تستند ثلثة سطوح أفقية‪ ،‬تم ربطها بسلم طليق وبالمكان تغيير طبيعة الفورم في هذه المنرظومة طبقا‬ ‫لنوعية العلقة التي يحددها المعمار‪ ،‬بيد أن الحساس بالفاضاء والهندسية يرظلن يمثلن اساس المعالجات‬ ‫التكوينية للمبنى‪.‬‬ ‫يعتبر لوكوربوزيه مشايعا كبيرا ونصيرا مهما لمفهوم النتاج المتسلسل‪ ،‬والمولع بااضفاء "روح" التكرار في‬ ‫العمارة‪ ،‬كما يحرص ليجاد طرق مثلى لتنرظيم عملية تكرار العناصر النشائية بصورة آلية‪ ،‬وابتداءا من نموذج )‬ ‫دوم‪ -‬اينو( وهو يعمل دائما على تطويع مهام التقييس‪ Stan dardization.‬ووسائل النتاج الصناعي في قاضايا‬ ‫التشكيل المعماري‪ ،‬وساعيا لتقريب العمارة مع خصوصيات عمل اللة‪ ،‬فقد وجد لوكوربوزيه في الخيرة‪،‬‬ ‫مصدرا لعلقة جديدة بين الشكل الفورم ومحتواه الورظيفي‪ ،‬وقد عبر عن طروحاته التصميمية تلك ببلغة عندما‬ ‫رظل يؤكد بأن ) التقنية المعاصرة بإمكانها أن تحمل لنا شاعرية جديدة(‪ .‬ومع اهتمامه العالي بالتكنولوجيا فقد رظل‬ ‫لوكوربوزيه في قرارة نفسه فنانا وجد في الشكال الهندسية المنترظمة لغة فنية لعمارة جديدة تتجاوب على نحو‬ ‫كبير مع عصر ) تصنيع( وسائل الحياة‪ ،‬وهو بهذا قريب جدا من طروحات المعمارين والفنانيين الهولنديين الذين‬


‫أسسوا مجموعة دي ستيل ‪ De Stijle‬في العشرينات‪.‬‬ ‫تعد المباني التي صممها ونفذها لوكوربوزيه في فترة ما بين الحربين‪ ،‬تعد بمثابة أحداث مهمة في تطور نهج‬ ‫"العمارة الحديثة" وتكريس مفاهيمها ولقت تصاميمه ذات اللغة المعمارية المعبرة والمميزة كثيرا من التيا ع سواء‬ ‫في فرنسا ذاتها أم في بلدان أخرى عديدة‪ ،‬ورغم تجاهل الوساط المعمارية الرسمية والكاديمية لطروحاته‬ ‫التصميمية على مدى سنين كثير فقد رظل اسمه يقيم كمؤسس حقيقي "للعمارة الحديثة"‪ ،‬وممثل أصيل لرؤياها‬ ‫وقيمها‪.‬‬ ‫في المعرض الدولي للفنون التزينية المقام في باريس عام ‪ ،1925‬صمم لوكوربوزيه جناحه الخاص المسمى‬ ‫) الروح الجديدة‪ -‬اسبيري‪ -‬نوفو( على اسم المنشور الذي سبق وأن اصدره مع زملءه المعماريين عام ‪،1919‬‬ ‫وأاضحى منشأه الباريسي الول‪ ،‬بالاضافة إلى جناح التحاد السوفياتي للمعمار ميلنيكوف ؛ اضربة المعرض‬ ‫ومفاجأته المثيرة‪.‬‬ ‫أن تصميم الجناح يكرر تصميم وحدة سكنية ذات تكوين فاضائي جديد‪ ،‬سبق وأن تناول لوكوربوزيه فكرتها عام‬ ‫‪ ،1922‬عندما اقترح حل جديدا لمبنى سكني اضمن حدود المدينة وفي إطارها الحاضري‪ .‬والجناح – الشقة‪-‬‬ ‫يتكون من غرفة واسعة ذات ارتفاعين ‪ Double Volume‬تمثل النواة الفاضائية المركزية للتصميم‪ ،‬ويحيط بهذه‬ ‫النواة غرف مساعدة في نفس مستوى منسوبها‪ ،‬أما غرف النوم فقد وقعت في الطابق العلى‪ ،‬وثمة سلم داخلي‬ ‫يربط بين المنسوبين‪.‬‬ ‫يعد الحل التصميمي للوحدة السكنية في الجناح المقترح المنطوي على معالجات فاضائية جديدة حل منطقيا‬ ‫وورظيفيا في آن‪ ،‬إذ يولي التصميم اهتماما خاصا لفاضاء غرفة المعيشة كغرفة رئيسية في الشقة عبر منح بنيتها‬ ‫حجما مميزا وواسعا‪ ،‬مما ساهم مساهمة أكيدة في إثراء الجانب البصري لمكونات الفاضاء الداخلي للوحدة السكنية‪.‬‬ ‫في الشقة المقترحة لم تكن عناصر التأثيث حااضرة بصريا بالمعنى الدارج لهذه الكلمة‪ ،‬فقد استعيض جزءا منها‬ ‫بخزائن داخلية مثبتة بالحائط تحتوي في داخلها الملبس والشراشف والحذية وجميع الحاجيات الخرى التي‬ ‫يمكن استخدامها في أوقات معينة تبعا لنوعية الستعمال وورظيفته‪ ،‬أما وحدات الثاث الخرى فامتازت أشكالها‬ ‫المصممة على قدر كبير من الحداثة وعدم المألوفية‪.‬‬ ‫وبالرغم من كل المزايا اليجابية التي انطوت عليها الوحدة السكنية في جناح " اسبيري‪-‬نوفو" فقد استقبلت‬ ‫الوساط المعمارية المحافرظة وقتذاك طروحات لوكوربوزيه بخصومة عنيفة محاولة تجاهل وإنكار وإهمال كل ما‬ ‫تحقق في الجناح من أفكار معمارية حديثة وقيم تكوينية مبدعة‪.‬‬ ‫وتمثل واقعة مسابقة مبنى قصر المم الخاص بمنرظمة عصبة المم إحدى مرظاهر التعامل الرظالم والقاسي والغير‬ ‫عادل التي جابهت مسيرة لوكوربوزيه المعمارية‪ ،‬فقد استقطبت تلك المسابقة المعمارية التي نرظمتها منرظمة عصبة‬ ‫المم لتصميم مقر لها في مدينة جنيف‪ /‬سويسرا‪ ،‬استقطبت مشاركين عديدين من بلدان مختلفة؛ ووصل عدد‬ ‫المشاريع المقدمة إلى ‪ 360‬مشروعا‪.‬‬ ‫وعدت هيئة تحكيم المسابقة مشرو ع لوكوربوزيه – دون أن تعرف مصممه‪ -‬كأفاضل مشرو ع يتسم على مزايا‬ ‫ورظيفية واقتصادية‪ ،‬وأثنت على خصائصه التكوينية المعّبرة وأشادت بحسن تنرظيم مسارات الحركة فيه سواء‬ ‫لمورظفي المبنى أم للوفود وغير ذلك من المزايا التصميمية‪ ،‬وبالفعل فقد كانت عمارة المبنى المقترح مشّبعة بروح‬ ‫الحداثة والنأي بعيدا عن التقاليد السلوبية الدارجة‪ ،‬فبدل من استخدام مفردات التكوينات المألوفة ذات الطابع‬


‫الرسماني كراواق العمدة في الواجهات لمنح المبنى تداعيات الحساس بمفهوم " القصر" صمم لوكوربوزيه‬ ‫مبنى غير تماثلي ذا شكل بسيط وموقع بشكل جيد اضمن خصوصية البيئة المحيطة وتاضاريسها؛ مع التأكيد على‬ ‫استخدام مفردة السطوح المستوية والنوافذ الشريطية كعناصر معمارية جديدة وطازجة في التشكيل المعماري‬ ‫المقترح‪.‬‬ ‫ومع وجود جميع الحسنات التصميمية في مشرو ع لوكوربوزيه فقد رفاضته هيئة التحكيم بعد أن علمت باسم‬ ‫مصممه‪ ،‬بحجة شكلية واهية‪ ،‬وهي أن المشرو ع منفذ بحبر المطابع وليس باستخدام )الحبر الصيني( كما تقتاضي‬ ‫أعراف الرظهار المعماري! ووااضح جدا أن قرار هيئة تحكيم المسابقة‪ ،‬المؤلفة من أعاضاء جلهم من المعمارين‬ ‫ذوي النزعات المحافرظة والكاديمية‪ ،‬يشم منه رائحة العداء السافر لتوجهات "العمارة الحديثة"‪ ،‬بصورة عامة‬ ‫وأفكار لوكوربوزيه المعمارية‪ ،‬وطروحاته التصميمية على وجه الخصوص‪.‬‬ ‫ويبدو أن هيئة التحكيم بقرارها المجحف ذلك كانت تتوخى الستخفاف من لوكوربوزيه نفسه والبخس من مكانته‬ ‫والستصغار من شعبيته؛ ولم تقدر تقديرا مناسبا ردود الفعل المتوقعة جراء قرارها غير العقلني إذ شن أنصار‬ ‫لوكوربوزيه حملة واسعة من الحتجاجات والعترااضات ساهم بها معماريون كثيرون من بلدان أوروبية مختلفة‪،‬‬ ‫مما وسم تلك الحملة بطابع الفاضيحة الدولية! المر الذي حدى بالكثير من أتباعه وأنصاره إلى المناداة بلزوم ايجاد‬ ‫تنرظيم مؤسساتي بدافع عن مبادئ "العمارة الحديثة" وقيمها‪ ،‬وبالفعل فقد تجمع عددا كبيرا منهم في مدينة لسارا‬ ‫السويسرية معلنين ميلد تنرظيم معماري جديد هو المؤتمر الدولي للعمارة الحديثة ‪Congres Internatioal d‬‬ ‫‪ ( ( 'Architecture Moderne CIAM‬الذي رظل راعيا ومحافرظا ومرجعا لمبادئ "العمارة الحديثة" طيلة‬ ‫سنين عديدة حتى تم حله في نهاية الخمسينات‪.‬‬ ‫في الفترة المحصورة بين العشرينات وبداية الثلثينات صمم لوكوربوزيه عدة فيلت دور سكنية في باريس‬ ‫واضواحيها‪ ،‬وكان الهاجس الساسي في تكوينات هذه المباني الصغيرة نسبيا السعي إلى اختبار مبادئه التصميمية‬ ‫الجديدة التي نادى بها دائما‪ ،‬وامتحانها على أرض الواقع تلك المبادئ التي روح لها في " نقاطه الخمس" الشهيرة‪،‬‬ ‫رفع المبنى عن الرض بواسطة العمدة‪ ،‬السقف الحديقة‪ ،‬المخطط الحر‪ ،‬والنافذة الشريطية والواجهة الحرة‪،‬‬ ‫واضمن سياق هذه الممارسة نفذ فيل اوزا تفان ‪ ،1922‬وفيل لروش ‪ ،1923‬وبيت كوك ‪ ،1926‬وفيل شتاين‬ ‫‪ ،1927‬وفيل سافوي في بواسي ‪ ،1931-1929‬وتبعا لواضوح الشكل المعماري ونقائه وإيجاز الهيئة العامة‬ ‫واقتصارها فإن فيل سافوي تشغل المرتبة الولى اضمن ممارسة تصاميم الفيلت التي أنجزها لوكوربوزيه‬ ‫وقتذاك‪.‬‬ ‫تقع فيل سافوي ‪ savoye‬في بواسي ‪ Puissy‬أحد مروج غابات اضواحي باريس‪ ،‬وترتفع الفيل عن الرض‬ ‫بواسطة أعمدة دقيقة تحمل القسم السكني الرئيسي ذي الشكل المتوازي المستطيلت المنترظم والمحفور من جوانبه‬ ‫بنوافذ شريطية‪ .‬لم يشأ لوكوربوزيه أن يشغل جميع مساحة الطابق الراضي بالبناء‪ ،‬فتركه مبنيا بشكل جزئي ؛‬ ‫فهنا المرآب " الكراج" وغرف مساعدة‪ ،‬وفاضاءات مخصصة للحارس وآخرى إلى الورش‪ ،‬في حين جعل موقع‬ ‫الفاضاءات الساسية للفيل في الطابق الول‪ .‬أن السلم الذي يربط بين مستوى الطابق الراضي مع الطابق العلى‬ ‫السكني؛ له –لهذا السلم‪ -‬ورظيفة خدمية محاضة‪ ،‬ذلك لن مهام التصال الرئيسي في الفيل تنهض بها مرقاة‬ ‫خرسانية مائلة ‪ Ramp‬فالصعود عبر هذه المرقاة وفقا لرؤى لوكوربزيه‪ ،‬يمنح المرء نقاط نرظر مختلفة وأحيانا‬ ‫غير متوقعة للفاضاء الداخلي للفيل‪.‬‬ ‫استخدم لوكوربوزيه منرظومة ما سمي "بالفاضاء المنساب"‪ ،‬بشكل واسع في المعالجات التكوينية لفيل سافوي فهو‬


‫هنا ينز ع بصريا إلى توحيد فاضاء الغرفة الرئيسية ) غرفة المعيشة( في الطابق الول مع الشفة المفتوحة الواقعة‬ ‫بجوارها‪ ،‬إذ أن الجدار الفاصل بينهما المعمول بأكمله من الزجاج ل يعرقل الحساس بالدغام والتوحد بين‬ ‫الشرفة المفتوحة وغرفة المعيشة المستقفة!‬ ‫من ناحية آخرى‪ ،‬سعى لوكوربوزيه إلى ترتيب مكان خاص للتشميس في سطح الفيل‪ ،‬وإحاطة بشاشة عرياضة‬ ‫ذات شكل ملتوي وهذه الشاشة‪ /‬الجدار الرقيقة تدرك من الخارج كأسطوانة بياضاء كبيرة جعلها المعار عنصرا‬ ‫أساسيا في التكوين الحجمي للفيل‪ ،‬مخففا بذلك من صرامة الهيئة الساسية ذات الزوايا المستقيمة‪.‬‬ ‫لقد حرص لوكوربوزيه لن يكون تشكيل الهئية العامة لفيل سافوي متسمة على قدر كبير من الحساس بالهندسية‬ ‫المنترظمة ؛ وتم تأمين ذلك من خلل تورظيف شكل الخطوط الفقية للسطح المستوي والمعالجات البسيطة والمنطقية‬ ‫للواجهات ذات النوافذ الشريطية‪ ،‬وحرصا على تأكيد طبيعة التشكيل الهندسي الساسي للمبنى فقد لجأ المعمار إلى‬ ‫استخدام الحلول الوسيطة‪ ،‬جاعل من أشكال نوافذ الشرفة المفتوحة في الطابق الول أشكال مماثلة إلى نوافذ‬ ‫الغرف السكينة المغلقة‪ ،‬مفسرا ذلك بالرغبة إلى إرهاف المنرظر الخارجي والتشديد عليه من خلل فتحات الجدار‬ ‫المحيط بالشرفة مؤكدا بأن أشكال تلك الفتحات المشغولة في جدار الشرفة بإمكانها أن تؤدي ذات الدور الذي يلعبه‬ ‫الطار في اللوحة الفنية المعلقة بالجدار!‬ ‫يعتبر مبنى سكن الطلبة السويسريين في المدينة الجامعية بباريس ‪ 1932-1930‬من أاضخم المباني التي شيدها‬ ‫لوكوربوزيه في العاصمة الفرنسية‪ ،‬ويعد تنفيذ هذا المبنى ) بالاضافة إلى مبنى اضخم آخر شيد في باريس لحقا‬ ‫هو مبنى جيش الخلص ‪ (1933‬يعد حدثا مؤثرا في حياة المعمار المهنية‪ ،‬إذ منح إمكانية أن يجسد لول مرة‬ ‫مبادئه التصميمية في مبنى عام وبمقياس كبير نسبيا‪ ،‬لقد كانت مهمة تقصي شكل معماري مؤثر لتلك المباني‬ ‫يجري جبنا إلى جنب إيجاد حلول منطقية للمشاكل الهندسية مثل العزل الصوتي‪ ،‬والتقييس‪ ،‬واستخدام العناصر‬ ‫المصنعة والستعمالت الواسعة للوسائل الميكانيكية كتكييف الهواء والخدمات الكهربائية وما شابه‪ ،‬وتأثير كل‬ ‫ذلك على العملية التصميمية ذاتها لتلك المباني‪.‬‬ ‫في الجناح السويسري‪ ،‬وهو السم الذي أطلق على مبنى القسم الداخلي للطلبة السويسريين بالمدينة الريااضية‪،‬‬ ‫يرظل الحجم الموشوري ‪ Parellelped‬أساس المعالجات التشكيلية المعمارية للمبنى‪ ،‬يعالج لوكوربوزيه الواجهة‬ ‫الجنوبية للجناح المطلة على الحديقة الريااضية بتزجيج كامل لها في حين يبقى الجهة الشمالية المقابلة صلدة نوعا‬ ‫ما‪ ،‬عامل بها فتحات لنوافذ صغيرة‪ ،‬تكون كافية لنارة الممر الجانبي الذي يقود إلى غرف الطلبة أما الواجهتان‬ ‫القصيرتان الشرقية والغربية فيتركهما صماء بالكامل‪.‬‬ ‫يرظل المر المثير في الحل التكويني لمبنى الجناح السويسري متمثل في نقاط الرتكاز‪ ،‬بين القسم العلى السكنى‬ ‫الممتلئ والمؤلف من أربعة طوابق سكنية‪ ،‬والقسم السفل الفارغ الذي تخترقه ستة مساند مزدوجة ‪ Pilotis‬ترفع‬ ‫الجزء العلى‪ ،‬وقد تم توقيع المساند الواقعة ليس على خطوط محيط المبنى كما هي العادة‪ ،‬وإنما رتب مواضعها‬ ‫على امتداد المحور الطولي وبصورة عراضية منه؛ المر الذي توخى المعمار منه الحصول على أقصى شعور‬ ‫بجهد المنرظومة التركيبية الحاملة وإعطاء الحساس بتوتر عناصرها النشائية‪ ،‬وليس من دون مغزى أن يتذكر‬ ‫المرء في هذا المقام مقولة لوكوربوزيه من أن "… بمقدور النفعال أن يخلق دراما حقيقية حتى ولو من‪ ...‬المادة‬ ‫الخاملة"!‬ ‫يحاول لوكوربوزيه في مبنى الجناح السويسري أن يؤسس مفهوما تشكيل جديدا ينأى به بعيدا عن الشكال‬ ‫الهندسية الساسية المنترظمة والتي طالما ما استخدمها في تصاميمه السابقة؛ فيحرص على إاضافة حجوم صغيرة‬


‫مهمتها إثراء الحلول التكوينية‪ ،‬الحجمية للمبنى‪ .‬وفي هذا الصدد فإنه يجعل كتلة بهو المدخل وفاضاء المكتبة‬ ‫المجاورة له كتلة مستقلة موقعة خارج إطار الهيئة العامة للجناح‪ ،‬بيد أن هذه الكتلة ترظل متصلة بالمبنى الرئيسي‬ ‫كما يسعى المعمار من ناحية أخرى إلى جعل الحائط المرصوف بالحجر غير المهندم‪ ) ،‬والذي يذكرنا أسلوب‬ ‫رصفه‪ ،‬يرصف جدران العنابر القديمة المنتشرة في الرياف الوروبية( إلى جعله مجاورا إلى الجدارن الملساء‬ ‫لكتلة المبنى الساسية‪ ،‬ذات المواد النشائية المصنعة الحديثة‪ .‬ونزعة التاضاد التي نراها حااضرة في الحلول‬ ‫التكوينية لمبنى الجناح السويسري سوف تتكرر في أغلب المباني التي سينفذها لوكوروبوزيه لحقا‪.‬‬ ‫لقد أثرت عمارة الجناح السويسري تأثيرا عميقا على مسار "العمارة الحديثة" وباتت أساليب صياغاتها التكوينية‬ ‫مرجعا لكثير من المعماريين الذين ساروا على نهج العمارة الحديثة‪ ،‬ويكتب رينر بنهام النقاد النكليزي المعروف‬ ‫حول أهمية الجناح السويسري‪ ،‬على تطور مسار العمارة الحديثة فيقول‪ … " :‬إذا توصلت إلى ادراك الجناح‬ ‫السويسري" فستجد أنك قد قطعت شوطا بعيدا في محاولة فهم العمارة الحديثة‪ ،‬إذ أنه ياضم الشيء الكثير من‬ ‫البراعة الحديثة الساسية التي حافرظت على نقائها خلل جميع تقلبات الساليب السطحية وقد انتشر تأثيره حول‬ ‫العالم‪ ،‬وكان له دوره المتميز في تغيير مجرى العمارة الحديثة إلى البد‪ ،‬كما أنه يجمع بين كل ما هو " القل‬ ‫سطحية" في كل السلوبين الجديد والقديم‪.".‬‬ ‫لقد جعلت الشهرة الواسعة التي حرظي بها لوكوربوزيه جعلت منه معمارا مطلوبا لتنفيذ العديد من المشاريع‬ ‫العمرانية ليس فقط في فرنسا وإنما في بلدان آخرى‪ ،‬وقد ساهم مساهمة فعالة في تخطيط مدينة الجزائر العاصمة‪،‬‬ ‫وتقدم في حينها بمقترحات هامة أثارت الهتمام في قاضايا تنرظيم السكن العمودي‪ ،‬ومشاكل التخطيط الحاضري‬ ‫وكما هو معروف فقد قدم أياضا وأثناء عمله على تصاميم الجزائر مقترحه الخاص ولول مرة عن منرظومة عمل )‬ ‫كاسرات الشمس( ‪ Louvres‬بسطوح أفقية وعمودية مهمتها ترظليل فتحات الواجهات والمحافرظة على الفاضاءات‬ ‫الداخلية من وهج الحرارة وسطو ع الاضياء‪ ،‬وبهذه المعالجة فقد أثرى لوكوربوزيه لغة العمارة الحديثة وأساليبها‬ ‫التصميمية ماضيفا إلى خزين مفرداتها إاضافة هامة وملموسة‪.‬‬ ‫وجاءت إاضافات لوكوربوزيه تلك في مكانها‪ ،‬نرظرا لبروز مخاوف جدية في نهاية الثلثينات من أن لغة "العمارة‬ ‫الحديثة" في طريقها إلى استنفاذ أساليبها الشكلية بعد أن كثر اجترار مفرداتها التصميمية في عمارة المباني‬ ‫المشيدة وفق أسلوب العمارة الحديثة ذلك الجترار الذي انطوى على قدر كبير من العادات الرتيبة والتكرار‬ ‫الممل‪.‬ومن خلل استخدام موتيف كاسرات الشمس في المبنى‪ ،‬فقد ااضاف لو كوربوزيه ااضافة محسوسة لجهة‬ ‫تطّور الشكال المعمارية‪ ،‬تلك الاضافة التى اقترن رظهورها ليس بسبب المتطلبات الورظيفية فحسب ؛ وإنما‬ ‫الحرص على اكساب المبنى قوة تعبيرية فنية أياضا‪.‬‬ ‫لقد كان لوكوربوزيه شخصية نافذة ومتعددة المؤهلت‪ ،‬ومن خلل كتاباته الكثيرة ومحااضراته العديدة التي ألقاها‬ ‫في مختلف البلدان الوروبية وفي أمريكا تعززت مكانتته ومنزلته المعمارية‪ ،‬وأرظهرته كواحد من أشهر‬ ‫المعماريين المحدثين‪ ،‬بيد أنه لم يكن ممثل وحيدا لنهج العمارة الحديثة في فرنسا إبان الفترة الزمنية التي نتكلم‬ ‫عنها‪ ،‬فقد عمل على تطور طروحات المدرسة المعمارية الحديثة وتكريس قيمها في المشهد المعماري الفرنسي‬ ‫مصممون آخرون وكثيرون‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬


‫من اشهر اعماليه‬ ‫ملمح الفكر المعماري عند لوكوربوزييه**‬ ‫‪: 1‬تفريغ المبنى الصندوقي‬ ‫كان للوكوربوزييه وجهة نظر مختلفة في الصندوق الكليسيكي وإن كان لم يهاجم المباني‬ ‫الصندوقية بشكل كبير ‪ ..‬وتتلخص في الحفاظ على شكل الصندوق ولكن بعد عمل تفريغات‬ ‫في الصندوق تسمح باندماج الفراغات الداخلية مع الفراغ الخارجي وكل ذلك داخل الهيئة‬ ‫الهنديسية النقية التي تحدد ملمح الصندوق‪.‬‬ ‫كما يساهمت هذه الفكرة في تحقيق هيئة جديدة للحيز المعماري الداخلي ‪ ..‬صحيح أنها‬ ‫تختلف عن الهيئة التي قدمها ”رايت“ من قبل ولكنها ل تقل عنها من ناحية الرثراء الفكري‬ ‫والفراغي والتشكيلي‪.‬‬ ‫وجهوده في هذا المجال كثيرة وشملت كل جوانب الفراغ‪.‬‬ ‫أو ً‬ ‫ل‪ :‬الفراغ المعماري‪ :‬في هذا الاطار لم يعمد ”لوكوربوزييه“ إلى أن يذهب الفراغ‬ ‫الداخلي إلى الفراغ الخارجي بفكر النسيابية الذي حققه ”رايت“ من قبل ولكنه اعتمد على‬ ‫أن يأتي الفراغ الخارجي لكي يندمج مع الفراغ الداخلي من خلل التجويفات التي فعلها في‬ ‫الصندوق ‪ ..‬أضف إلى ذلك قدرته على وضع الحوائط الداخلية في أي مكان بغض النظر‬ ‫عن اختل ف اطوابق المبنى‪.‬‬ ‫رثانيًا‪ :‬الحدود الخارجية )الحوائط(‪ :‬عمد ”لوكوربوزييه“ إلى تفريغ الصندوق عند الركان‬ ‫بشكل خاص مما يساهم في التصال بين الفراغ الداخلي والخارجي ‪ ..‬كما أنه تمكن من‬ ‫تحرير الحوائط الخارجية من النشاء وبالتالي تمكن من وضعها في أي مكان‪.‬‬ ‫رثالثًا‪ :‬الفتحات‪ :‬باعتماد مبدأ الفتحات الطويلة فقد تمكن ”لوكوربوزييه“ من تحقيق التصال‬ ‫بين الفراغ الداخلي والخارجي من خلل هذه الشراطة الممتدة‪.‬‬ ‫رابعًا‪ :‬السقف‪ :‬حاول ”لوكوربوزييه“ معالجة أيسقف الفراغات الداخلية عن اطريق الفتحات‬ ‫التي عملها في هذه اليسقف وقد اشتهرت أعماله بالفراغات المرتفعة بارتفاع اطابقين‬ ‫”الميزانين“ حيث ينساب الفراغ بين الطابقين‪.‬‬ ‫‪: 2‬مبادئ العمارة الحديثة عند لوكوربوزييه‬ ‫أو ً‬ ‫ل‪ :‬المسقط الحر ‪ :Free or Open Plan‬بحيث يمكن وضع الحوائط في أي مكان‬ ‫من دون الرتبااط بالنظام النشائي ‪ ..‬عكس النظام القديم الذي ارتبطت فيه الوظيفة‬ ‫بالنشاء‪.‬‬ ‫رثانيًا‪ :‬الواجهات الحرة ‪ :Free Facade‬بحيث يمكن وضع الحوائط في أي مكان من‬ ‫دون الرتبااط بالنظام النشائي ‪ ..‬عكس النظام القديم الذي ارتبطت فيه الوظيفة بالنشاء‪.‬‬ ‫رثالثًا‪ :‬الشبابيك الفقية الطويلة ‪ :Ribbon Windows‬حيث تمتد النوافذ أفقيا ً من أول‬ ‫الواجهة حتى آخرها فساعد ذلك على تحقيق ارتبااط قوي بين الفراغ الداخلي والخارجي‪.‬‬ ‫رابعًا‪ :‬رفع المبنى على أعمدة ‪ :Pilots‬بدلً من أن يغوص المبنى في الرض كما هو في‬ ‫الفكر العضوي ‪ ..‬حيث يسمح للرض بأن تمتد تحت المبنى وتستغل في أغراض كثيرة‪.‬‬ ‫خامسًا‪ :‬حديقة السطح ‪ :Roof Garden‬وبهذا يتحقق مجموعة من الفوائد الفنية‬


‫والقتصادية والوظيفية والروحية‪.‬‬ ‫‪: 3‬يسيطرة المبنى على الطبيعة‬ ‫ اختلف ”لوكوربوزييه“ عن ”رايت“ في علقة المبنى بالطبيعة ‪ ..‬حيث رأى‬‫”لوكوربوزييه“ أن تسيطر المباني على الطبيعة‪.‬‬ ‫ كان يقول‪” :‬إن المسكن الذي نبنيه يرغب في أن يرى الريف أكثر من أن نضعه بين‬‫الشجار والحشائش“‪.‬‬ ‫ بالطبع فإن هذا يتوافق مع فكره حول حديقة السطح ورفع المبنى على أعمدة وحول تفريغ‬‫المبنى الصندوقي والحفاظ على الحدود الخارجية له‪.‬‬ ‫‪: 4‬تقنيات جديدة لمعالجة المناخ الحار‬ ‫ كان ولبد من حل لموضوع النوافذ الطويلة وخصوصا ً في حالة المناخ الحار‪.‬‬‫ كانت فكرة كايسرات الشمس والتي اطورها في أعماله بشكل كبير‪.‬‬‫ يقول ”هنري – رويسل هتشكوك“‪” :‬إن كايسرات الشمس التي ايستخدمها لوكوربوزييه قد‬‫أجرى بها تصحيحا ً وظيفيا ً للصناديق الزجاجية“‪.‬‬ ‫ يعتبر البعض هذه التقنية هي النقطة الساديسة ضمن مبادئ العمارة الحديثة التي أعلنها‬‫”لوكوربوزييه“‬ ‫‪: 5‬تقنيات جديدة في اطرق ومواد النشاء‬ ‫ تميز ”لوكوربوزييه“ بايستخدام الخريسانة المسلحة كمادة بناء بإمكانها أن تحقق رغباته في‬‫التشكيلت والنشاءات التي قدمها‪.‬‬ ‫ اقترح ”لوكوربوزييه“ عام ‪1914‬م هيكل بيوت الدومينو وهو يتكون من بلاطتين‬‫محمولتين على يستة أعمدة ومتصلتين بسلم خارجي‪.‬‬ ‫ يقول ”كريستيان نوربرج – شولز“ نقلً عن ”لوكوربوزييه“‪” :‬نحن نستطيع أن نقدم‬‫نظام النشاء ‪ -‬إنشاء العظم ‪ -‬وهو مستقل تماما ً عن الحتياجات الوظيفية لمسقط المسكن‬ ‫يسمح لنا بمجموعات متعددة من التنظيم الداخلي وعمل المعالجات الممكن تخيلها للفتحات‬ ‫في الواجهات“‪.‬‬ ‫ نجح ”لوكوربوزييه“ في أن يحول النشاء إلى وظيفة تعبيرية بتحويله من كونه ويسيلة‬‫تقنية إلى نظام معماري ‪ ..‬وكما يقول عنه ”يسيجفريد جيدين“‪” :‬إن لوكوربوزييه عر ف‬ ‫كيف يوضح السر المدهش للصلة بين النشاء الخريساني واحتياجات النسان والرغبات‬ ‫الملحة التي تأتي على اليسطح ‪ ..‬لقد كانت فكرة لبتكار المساكن بخفة غير مسبوقة“‪.‬‬

‫**أهم أعماله **‬ ‫‪-1‬صالة صدام لللعاب الرياضية في بغداد‬ ‫‪ - 2‬تصميم مبنى توتردام دوزوت عام ‪1956 -1952‬م‬ ‫‪ -3‬تصميم كنيسة الحجاج " ‪ " Pilgrim church‬في رونتشامب في فرنسا‬ ‫‪ -4‬تصميم الجائزة الرابحة لقصر عصبة المم " ‪Palace of the League of‬‬ ‫‪ " Nations‬في جنيف عام‬ ‫‪/1928 -1927‬م ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تصميم أبنية المحكمة العليا قي شتغهاي عام ‪1956 -1952‬م ‪ ،‬والتي تعتبر جزءاً من‬


‫مخططه للمدينة برمتها ‪.‬‬ ‫‪ - 6‬تم تعيينه ً كأحد المهنديسين المشتركين بوضع مخططات المباني الدائمة للجمعية العامة‬ ‫لل ا مم المتحدة في نيويورك ‪.‬‬ ‫‪ -7‬ابتكاره للطوابق المزججة الجدران أو المحااطة بجدران زجاجية خارجية ‪.‬‬ ‫‪ -8‬تصميم المبنى السويسري في المدينة الجامعية عام ‪ 1932 -1931‬م‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.