Livre Samaa Arabe

Page 1

‫الطريقة العالوية الدرقاوية الشاذلية‬

‫السماع الصويف‬ ‫تربية آداب و سلوك‬


‫السماع الصوفي‬ ‫تربية آداب و سلوك‬


‫شارع الهاشمي بسكري رقم ‪44‬‬ ‫مستغانم ‪27000‬‬ ‫الجزائر‬ ‫الهاتف‬ ‫‪+213 (0) 45 21 61 73‬‬

‫جمعية الشيخ العالوي‬ ‫للتربية والثقافة الصوفية‬

‫البريد اإللكتروني‬ ‫‪infos@alawi-asso.org‬‬ ‫موقع األنترنت‬ ‫‪www.alawi-asso.org‬‬


‫القائل يف حمكم التنزيل‪ ،‬إمنا يستجيب الذين‬ ‫يسمعون‪ ،‬والصالة والسالم على خامت األنبياء‬ ‫واملرسلني املبعوث رمحة للعاملني القائل‬ ‫ما بعث اهلل نبيا إال حسن الصوت وعلى آله الكرام‬ ‫الطيبني‬


‫‪4‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫تمهيـد‬ ‫عالقة السماع بالمنهج الصوفي عالقة سير وسلوك ‪ ،‬استعمله الصوفية‬ ‫ليخاطبوا به األرواح عن طريق األسماع ‪ ،‬فالسماع كما يقول الشيخ سيدي‬ ‫خالد بن تونس ‪ :‬هو مايرد على السمع ‪ ،‬وهو نعمة وهبها اهلل لنا من جوده‬ ‫وكرم إحسانه ‪ ،‬نتوصل بواسطتها إلى فهم المعاني ‪ ،‬وإدراك األصوات على‬ ‫اختالفها ‪ ،‬وبدونها يتعذر توظيف حاسة النطق ‪ ،‬لذلك وردت في الذكر الحكيم‬ ‫قبل كثير من الصفات قال تعالى في حق نفسه ‪ :‬وهو السميع العليم وقال عز‬ ‫وجل مخبرا عن خلق اإلنسان ‪ ( :‬فجعلناه سميعا بصيرا‪ ) 1‬سميعا قبل بصيرا‬ ‫و بذلك نستنتج من أن تحصيل العلم و إدراك المعرفة ‪ ،‬ال يتمان إال عن طريق‬ ‫السمع فهو الباب ‪ ،‬المدخل إليهما إال منه ‪ ،‬قال صاحب اإلحياء رضي اهلل‬ ‫عنه ‪ :‬ال منفذ إلى القلوب إال من دهليز األسماع‬

‫‪2‬‬

‫لقد أدرك الصوفية برقة أحاسيسهم ‪ ،‬و سالمة أذواقهم ‪ ،‬سلطان األصوات‬ ‫الحسنة واألنغام الجميلة على األسماع ‪ ،‬فذللوا بها مسالك الدخول إلى مكامن القلوب‬ ‫ويسروا عن طريقها الوصول إلى سبر أغوار النفوس ‪ ،‬فقالوا عن السماع ‪ :‬إنه‬ ‫يؤثر على األرواح تأثيرا عجيبا ‪ ،‬فمن األصوات ما يفرح ‪ ،‬ومنها ما يحزن ‪ ،‬ومنها‬ ‫ما ينوم ‪ ،‬و منها ما يضحك و يطرب ‪...‬وال ينبغي أن يظن أن ذلك لفهم معاني‬ ‫الشعر‪ ،‬بل هذا جار في األوتار ‪ ،‬حتى قيل من لم يحركه الربيع و أزهاره‬ ‫و العود و أوتاره ‪ ،‬فهو فاسد المزاج ليس له عالج ‪......‬فإذا تأثير السماع‬ ‫‪ -1‬سورة اإلنسان آية ‪2‬‬ ‫‪ -2‬إحياء علوم الدين اإلمام ابو حامد الغزالي ج‪ 2‬كتاب السماع و الوجد‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪5‬‬

‫في القلب محسوس ومن لم يحركه السماع فهو ناقص ‪ ،‬مائل عن االعتدال‬ ‫بعيد عن الروحانية‬

‫‪3‬‬

‫لقد أثبت علم النفس الحديث أهمية العالج بالموسيقى لكثيرمن العقد‬ ‫النفسية المستعصية‪ ،4‬و نقصد بالموسيقى ‪ ،‬الراقية منها ‪ ،‬العاملة فعال على‬ ‫تقوية الصفات الفاضلة في اإلنسان‬ ‫فالنغم والصوت الحسن ‪ ،‬وسيلتان لتطييب النفس ‪ ،‬واستدراجها إلى‬ ‫محاسن الخالل المحمودة ‪ ،‬لما للموسيقى من التأثيرعلى النفوس ‪ ،‬و ميل النفوس‬ ‫إليها بالفطرة ‪ ،‬وبسبب ما لها من شدة التأثير‪ ،‬حذر الصوفية من الركون إلى‬ ‫مجرد األنغام واالستئناس بها دون التدبر و اإلعتبار‪ ،‬فقالوا ‪ :‬السماع إصغاء‬ ‫و استماع بحضور القلب ‪ ،‬و إدراك الفهم و إزالة الوهم‪ 5‬و قولهم ‪ :‬السماع ‪:‬‬ ‫ما أثار فكرة ‪ ،‬واكتسب عبرة ‪ ،‬وما سوى ذلك فتنة‪ 6‬و السماع مع فقدان الوعي‬ ‫ال يؤدي وظيفته على أحسن وجه ‪ ،‬قال سيدي أحمد العالوي‬ ‫رضي اهلل عنه ‪:‬‬ ‫حادي القوم باهلل يا حـادي‬ ‫إن رميت سهم النطق بيننا‬

‫روح بينهم واجعل نظــرك لي‬ ‫أصابت أذن الواعي ولكبــدي‬

‫إشارة إلى قوله تعالى ‪ :‬و تعيها أذن واعية‪ 7‬أي القلوب الحية ‪ ،‬القوية‬ ‫‪ -3‬إحياء علوم الدين المصدر السابق‬ ‫‪La voix qui guérit - Barraqué P . Ed Jouvence 1999 - La guérison harmonique - Barraqué -4‬‬ ‫‪P . Ed Jouvence 1999 - La musique pour guérir - Bence L . Ed Van de Veld 1988‬‬ ‫‪ -5‬اللمع في التصوف ألبي نسر السراج الطوسي باب سماع العامة ص‪274‬‬ ‫‪ -6‬أبو عبد اهلل الساجي نقال عن كتاب معجم الصوفية تأليف محمد الزوبي مادة سماع‬ ‫‪ -7‬سورة الحاقة آية ‪12‬‬


‫‪6‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫الحضور‪ ،‬قال أبو نصـر السراج في شرحه لقوله عز وجل ‪ :‬إن في ذلك‬ ‫لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪ 8‬قال يعني حاضرالقلب‬

‫‪9‬‬

‫فالحضور شرط في إدراك المعانى ‪ ،‬سئل رويم‪ 10‬عن ما يجده الصوفية عند‬ ‫تعزب عن غيرهم‪ 11‬أي التي تخفى عن‬ ‫السماع ‪ ،‬فقال يشهدون المعاني التي ُ‬ ‫غيرهم ‪ ،‬ويقول اإلمام الغزالي‪ : 12‬وكذلك ذوق السماع بالقلب ‪ ،‬بعد وصول‬ ‫الصوت إلى السمع ‪ ،‬يدرك بحاسة باطنة في القلب ‪ ،‬فمن فقدها عدم ال محالة‬ ‫لذّته‪. 13‬‬ ‫فالسماع ليس مجرد نغمات و أوزان فحسب ‪ ،‬بدون شك لها تأثيرها‬ ‫الخاص على النفوس واألسماع ‪ ،‬بل هو وسيلة لنفاذ المعاني إلى باطن‬ ‫المريد ‪ ،‬ولذلك صنفه الصوفية إلى ثالثة أقسام ‪ ،‬حسب درجة السائرين‬ ‫فالمسموع واحد ‪ ،‬واختلفت األسماع ‪ ،‬قال أبوعثمان الحيري‪ : 14‬السماع‬ ‫على ثالثة أوجه ‪ ،‬فوجه منها للمريدين المبتدئين يستدعون بذلك األحوال‬ ‫الشريفة ‪ ،‬ونخشى عليهم في ذلك الفتنة و المراءات ‪ ،‬والثاني للصادقين‬ ‫يطلبون الزيادة في أحوالهم ‪ ،‬و يستمعون من ذلك ما يوافق أوقاتهم‬ ‫والثالث ألهل االستقامة من العارفين ‪ ،‬فهؤالء ال يختارون على اهلل تعالى‬ ‫‪ -8‬سورة ق آية ‪37‬‬ ‫‪ -9‬اللمع في التصوف المصدر السابق‬ ‫‪ -10‬هو اإلمام الفقيه الزاهد أبو الحسن رويم بن أحمد شيخ الصوفية في عصره كان أيام المأمون العباسي توفي رويم‬ ‫‪303‬هـ أنظرسير أعالم النبالء للذهبي‬ ‫‪ -11‬الرسالة القشيرية ألبي القاسم عبد الكريم القشيري‬ ‫‪ -12‬هو أبو حامد محمد ابن محمد‪...‬الغزالي الطوسي النيسابوري ‪ 450‬هـ ‪ 505‬هـ من مؤلفاته إحياء علوم الدين‬ ‫و المنقذ من الظالل‬ ‫‪ -13‬اإلحياء المصدر السابق‬ ‫‪ -14‬هو أبو عثمان سعيد بن إسماعيل النيسابوري ( ‪289-230‬هـ) ر وى الحديث وكان من كبار الصوفية في‬ ‫عصره(سير أعالم النبالء – الذهبي –البداية و النهاية – الحلية ألبي نعيم و آخرون)‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪7‬‬

‫فيما يرد على قلوبهم من الحركة و السكون‬

‫‪15‬‬

‫من خالل ماقدمنا ‪ ،‬يتضح لنا جليا أهمية السماع وخطورته ‪ ،‬لذلك جعل له‬ ‫الصوفية شروطا و آدابا ‪ ،‬وصنفوا فيه كتبا وأبوابا ‪ ،‬سنحاول الوقوف عند بعضها‬ ‫و تقصي آثارها ‪ ،‬معتمدين على اهلل في الوصول إلى ما به الحاجة ‪ ،‬بعد أن قام‬ ‫بمراجعت هذا الكتاب و اإلشراف عليه ‪ ،‬صاحب المدد ‪ ،‬الشيخ سيدي خالد بن تونس‬ ‫الذي أمدنا بتوجيهاته السديدة المباركة ‪ ،‬فكانت خيرزاد ومعين لنا إلصدار‬ ‫هذا الكتيب بمناسبة الملتقى الدولي األول للسماع الصوفي ‪ ،‬المنظم من طرف‬ ‫جمعية الشيخ العالوي إلحياء التراث الصوفي بالمغرب ‪ ،‬والذي سيعقد بطنجة‬ ‫بتاريخ ‪ 30 -29‬أبريل والفاتح من ماي ‪ 2010‬تحت شعار السماع الصوفي‬ ‫آداب و وجدان ‪ ،‬و اهلل أسال أن يوفقنا للصواب‪.‬‬

‫‪ -15‬الرسالة القشيرية‬


‫‪8‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫سيشتمل هذا الكتاب على المباحث التالية باختصار ‪:‬‬ ‫ا ‪ -‬مشروعية السماع وأدلته من الكتاب و السنة وأقوال العلماء‬ ‫ب ‪ -‬سماع المرأة و أدلته من الكتاب و السنة و أقوال العلماء‬ ‫جـ ‪ -‬شروط السماع وآدابه‬ ‫د ‪ -‬خصوصيات السماع في الطريقة العالوية وآدابه ‪ ،‬ويشتمل على آداب العمارة‬ ‫و آداب الجمع‬

‫عن الزاوية العالوية الكبرى بمستغانم‬ ‫يومه األحد ‪12‬ربيع الثاني ‪ 1431‬الموافق لـ ‪28‬مارس ‪2010‬‬ ‫غ ع غرس اهلل‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪9‬‬

‫المبحث األول‬

‫في مشروعية السماع و أقوال العلماء في ذلك‬ ‫ِط َرة ‪ ،‬أي طبيعة‬ ‫الحديث عن مشروعية السماع يدعونا أوال للحديث عن الف ْ‬ ‫النشأة اإلنسانية ‪ ،‬قال تعــالى ‪ :‬فأقم وجهك للدّين حنيفا فطرة اهلل التي فطر‬ ‫الناس عليها ال تبديل لخلق اهلل ‪ ،‬ذلك الدّين القيم ولكن أكثر الناس ال يعلمـون‬

‫‪16‬‬

‫ومن المعلوم أن اإلنسان يميل بطبعه و ِج ِبلِّته إلى الجمال‪ ،‬فبالذوق يستلذ ما طاب‬ ‫َطــــــرة ‪ ،‬و يستلذ النعومة و اللين باللمس‬ ‫من األطعمة ‪ ،‬و بالشم الروائـــح الع ِ‬ ‫ض َر َة ‪ ،‬و الماء ‪ ،‬و األلوان ‪ ،‬والوجه الحسن بالبصر‪ ،‬في حين يستعذب‬ ‫الخ َْ‬ ‫و يستحسن ُ‬ ‫ور َنَّ ِة األوتار‪ ،‬وما َح ُس َن من أصوات‬ ‫بالسمـــع كل صوت حسن ‪ ،‬كأصوات العنادل َ‬ ‫البشر‪ ،‬و إلى جانب هاته الحواس الحسية ‪ ،‬فقد جمله اهلل بمزايا معنوية ‪ ،‬كالعلم‬ ‫و المعرفة ‪ ،‬والحب ‪ ،‬و الخير و الرحمـة ‪ ،‬و الشفقة ‪ ،‬والرأفة ‪ ،‬وغيرها من‬ ‫األوصاف المحمودة ‪ ،‬التي أمر الشرع بحفظها و صيانتها ‪ ،‬إنها نفس الفطرة‬ ‫التي تجعل الطفل يسكن و يهدأ ‪ ،‬عند سماع الصوت الطيب و ينام‪.‬‬ ‫لقد أثبتت كل البحوث و الدراسات ‪ ،‬فضال عن االستكشافات األثرية‪ 17‬هذه‬ ‫العالقة الفطرية بالموسيقى ‪ ،‬وأن لها أصوال تمتد الى القدم البعيد ‪ ،‬بل وقبل النشأة‬ ‫سئل اإلمام الجنيد ‪ :‬ما بال اإلنسان يكون هادئا‪ ،‬فإذا سمع السماع اضطرب ؟‬ ‫فقال إن اهلل تعالى لما خاطب األرواح في الميثاق األول بقوله ‪ :‬ألست بربكم‬ ‫قالوا بلى استعذبت األرواح سماع النداء اإللهي ‪ ،‬فلما سمعوا السماع في هذا‬ ‫‪ -16‬سورة الروم آية ‪30‬‬ ‫‪ -17‬في سبتمبر من عام ‪ 2008‬عثر علماء آثار على ناي من عاج عمره أكثر من ‪35000‬سنة وكان ذلك في جنوب‬ ‫غرب ألمانية في مغارة تدعى فلس بجبال غورا‬


‫‪10‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫العالم حركهم ذكر ذلك‪ .18‬ويقول الشيخ خالد بن تونس ‪ :‬لهذا السبب تبقى الموسيقى‬ ‫الملهمة على الدوام مفيدة لنا الستحضار تلك الذكريات التي عاشتها في األزل‪.19‬‬ ‫يقول سيدي أبومدين شعيب رضي اهلل عنه في هذا المعنى ‪:‬‬ ‫إذا اهتزت األرواح شوقا إلى الـــلقــــا ترقصت األشبــاح ياجـــــاهل المعـــــــنى‬ ‫أما تنظر الطير المقفص يافــــــــــــتى إذا ذكـر األوطـــــــان حــن إلى المغـــــــنى‬ ‫يفــرج بــالتغـــريد مـا بفـــــــــــــؤاده فتـضطرب األعضاء في الحس و المــــعنى‬ ‫ويرقص في األقفاص شوقا إلى اللــقا فتهـــــتز أربــــــاب العقـــــــول إذا غــــنى‬ ‫كـــذلك أرواح المحبـــــــــين يا فـــتى تهززها األشــــواق للعـــــــــــالم األســـنى‬

‫ورد في األثر‪ ،‬من أن الروح لما أمرها اهلل سبحانه وتعالى ‪ ،‬أن تستقر‬ ‫في جوف آدم ‪ ،‬لم تدخل إال بتسابيح المالئكة و ترانيمهم ‪ ،‬إذ بدا لها أن هذا‬ ‫الجوف اآلدمي سجنا ‪ ،‬بالنسبة لما هي عليه من السَّبحان في عالم الملكوت‬ ‫الحر المطلق ‪ ،‬فلما انتشت بحالوة النغم المالئكي ‪ ،‬دخلت بدون عناء ‪ ،‬لذلك‬ ‫تمنح الموسيقى للروح على الدوام نوعا من السكر والسمو ‪ ،‬يدعوان اإلنسان‬ ‫للخروج عن نطاقه المادي المألوف‬

‫‪20‬‬

‫إنها موسيقى خالدة أزلية ‪ ،‬صداها مستمر الوجود ‪ ،‬سمعها رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم كصلصلة الجرس ‪ ،‬عند نزول الروح األمين بالوحي‬

‫‪21‬‬

‫و سمعها أهل الذكر في خلواتهم ‪ ،‬وهم يناجون محبوبهم ‪ ،‬وسمعها أهل الذوق‬ ‫كما قال الشيخ سيدي المهدي بن تونس ‪ :‬كأجمل سامفونية يعزفها هذا الوجود‬ ‫بأفالكه و مجراته وكل ذرة فيه ‪ ،‬تسبيحا وتمجيدا لعظمة اهلل‪.‬‬ ‫‪ -18‬اآلية من سورة األعراف رقم ‪ 272‬و النص نقال عن الرسالة القشيرية‬ ‫‪ -19‬التصوف قلب اإلسالم معربا عن النسخة الفرنسية ‪Pocket Paris 1996 p197‬‬ ‫‪ -20‬معربا من كتاب الشيخ خالد بن تونس ‪Vivre L’ Iislam Le Relié Gordes2003 p 45‬‬ ‫‪ -21‬حديث الجرس رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين صحيح البخاري كتاب بدء الوحي‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪11‬‬

‫و الموسيقى كما يقول الشيخ سيدي خالد بن تونس ‪ ،‬هي صدى الوحي الرباني‬ ‫والنغم الكوني ‪ ،‬يجعل منها الصوفي المتحقق معراجا إلى عالم التجليات ‪ ،‬لتحرير‬ ‫روحه ‪ ،‬وأنه يسمع األصوات عـلى اختـــالف تقاطيعها في هذا الوجود ‪ ،‬ذكرا‬ ‫ُس ِبّح له السموات السبع و االرض ومن فيهن ‪ ،‬وإن من‬ ‫هلل‪ ،‬ففي الحقيقة ‪ :‬ت َ‬ ‫شيء إال يسبح بحمده ولكن ال تفقهون تسبيحهم‬

‫‪22‬‬

‫ُسلمات أن السماع كان قائما‬ ‫فإذا كان اإلسالم دين الفطرة ‪ ،‬فمن الم َ‬ ‫خالل العصر النبوي ‪ ،‬وعصر الصحابة و التابعين‪ ،‬وإن ظهر اختالف‬ ‫بعد ذلك في مشروعيته فذلك راجع في األساس إلى الدواعي الباعثة عليه‬ ‫والعوارض المحيطة به ‪ ،‬خصوصا إذا علمنا أن مفهوم السماع في لغة العرب‬ ‫يعني الغناء على العموم ‪ ،‬وهذا الذي وقع عليه اإلختالف ‪ ،‬ال السماع‬ ‫الذي أصبح معناه مرادفا لإلنشاد الصوفي ‪ ،‬فهو ‪ ،‬كما يقول اإلمام الغزالي‬ ‫َاع صوت طيب‬ ‫رضي اهلل عنه ‪ :‬من جملة المباحات ‪ ،‬من حيث أنه َسم ُ‬ ‫مـوزون مفهوم ‪ ،‬و إنما تحريمه لعارض ‪ ،‬خارج عن حقيقة ذاته‪ ،23‬ويقصد‬ ‫بالعارض المانع الشرعي ‪ ،‬كأن يصحب السماع محــرما ‪ ،‬أو دعوة إلى عداوة‬ ‫َق السماع‬ ‫و بغضاء ‪ ،‬أو إثارة فتنة ‪ ،‬أو تعطيل مصلحة ‪ ،‬وذلك ال يعقل في ِحل ِ‬ ‫الصوفي ‪ ،‬فهو منزه عن كل خالعة و رذيلة ‪ ،‬إن لم نقل بل هـو قسـم من‬ ‫أقسام الذكر كما سنرى الحقا‪.‬‬ ‫و نعود إلى اإلمام أبي حامد ‪ ،‬إذ يقول في مفتتح االستدالل عــلى السمـاع‬ ‫ما نصـه ‪ :‬اعلـم أن قــول القائل السماع حرام ‪ ،‬معناه أن اهلل يعاقب عليه‬ ‫‪ -22‬سورة اإلسراء آية ‪44‬‬ ‫‪ -23‬إحياء علوم الدين نفس المصدر السابق‬


‫‪12‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫وهذا أمرال يعرف بمجرد العقـل ‪ ،‬بل بالسمع ‪ ،‬فمعـرفة الشرعيات محصورة‬ ‫في النص أو القياس على المنصوص ‪ ،‬وأعني بالنص ‪ :‬ما أظهــره صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم بقوله أوفعله ‪ ،‬وبالقياس المعنى المفهــــوم مـن ألفاظه وأفعاله ‪ ،‬فإن‬ ‫لم يكن فيه نص ‪ ،‬ولم يستقـــــم فيه قياس على منصوص ‪ ،‬بطل القول بتحريمه‬ ‫وبقي فعال ال حـرج فيه كسائر المباحات ‪ ،‬و ال يدل على تحريم السماع نص‬ ‫و ال قياس‬

‫‪24‬‬

‫يقول اإلمام أبوالقاسم القشيري ‪ ،‬في رسالته المشهورة ‪ :‬قال اهلل عز‬ ‫و جل ‪ :‬فبشرعباد الذين يستمعون القــول فيتبعــون أحسنه‪ ،25‬الالم في‬ ‫قوله ‪-‬القول‪ -‬تقتضي التعميم و االستغراق ‪ ،‬والدليل عليه ‪ ،‬أنه مدحهم باتباع‬ ‫األحسن ‪ ،‬واعلم أن سمـاع األشعار باأللحان الطيبة ‪ ،‬و األنغام المستلذة ‪ ،‬إذا‬ ‫لم يعتقد المستمع محظورا ‪ ،‬و يسمع على مذموم في الشرع ‪ ،‬مباح في الجمـلة‬ ‫وال خالف أن األشعار أنشدت بين يدي رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‬ ‫و أنه سمعها ‪ ،‬ولم ينكر عليهم في إنشادها‬

‫‪26‬‬

‫و بمناسبة ارتباط السماع بالشعر و التغني به ‪ ،‬فإنه لم يرد في‬ ‫النصين الشريفين ‪ /‬القرآن و السنة‪ /‬ما يفيد المنع المطلق ‪ ،‬حيث استثنى‬ ‫الحق سبحانه و تعالى من الشعراء ‪ :‬الذين آمنوا و عملوا الصالحات‬ ‫و ذكروا اهلل كثيرا‪ 27‬وقال صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬إن من الشعر لحكمة‪.28‬‬ ‫‪ -24‬نفس المصدر‬ ‫‪ -25‬سورة الزمرآيتي ‪19 - 18‬‬ ‫‪ -26‬الرسالة القشيرية‬ ‫‪ -27‬سورة الشعراء آية ‪224‬‬ ‫‪ -28‬الحديث رواه البخاري في صحيحه في كتاب األدب عن أبي بن كعب و مسلم في كتاب الجهاد‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪13‬‬

‫و روى الترمذي من حديث جابر بن سمرة ‪ :‬كان أصحاب رسول اهلل صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم يتناشدون األشعار و هو يتبسم ‪ .‬و عن أنس رضي اهلل عنه‬ ‫أن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم ‪ ،‬كان ينقل اللِّبن مع القوم في بناء المسجد‬ ‫وهم يرتجزون ويقولون ‪ :‬اللهم ال عيش إال عيش اآلخرة ‪ ،‬فانصراألنصار‬ ‫و المهاجـــرة‪ ،29‬و الرجز كما قال إبن األثير في (النهاية) بحر من بحور الشعر‬ ‫و نوع من أنواعه ‪ ،‬وعن سلمة بن األكوع رضي اهلل عنه قال ‪ :‬خرجنا مع‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم إلى خيبر ‪ ،‬فسرنا ليال ‪ ،‬فقال رجل من القوم لعامر‬ ‫بن األكوع ‪ :‬أال تسمعنا من هنيهاتك ؟ وكان عامر رجال شاعرا ‪ ،‬فنزل يحدو‬ ‫بالقوم يقول ‪:‬‬ ‫اللهم لوال أنت ما اهتدينــا‬ ‫فاغفر فدا ٌء لك ما اقتضينا‬ ‫وألقين سكينة علينــــــــــا‬

‫وال تصدقنا وال صليـنا‬ ‫وثبت األقدام إن القينــا‬ ‫إنا إذا صيح بنا أتينــــا‬

‫فقال رسول اهلل ‪ :‬من هذا السائق؟ قالوا ‪ :‬عامر بن األكوع ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫يرحمه اهلل‪ ...‬الحديث‪ ، 30‬ومنها إنشاد كعب بن زهير قصيدته المشهورة في‬ ‫حضرته صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬لما قدم المدينة تائبا ‪ ،‬رغم مافيها من الغزل‬ ‫و مطلعها ‪:‬‬ ‫بانت سعاد فقلبي اليوم متبول‬ ‫وماسعاد غداة البين إذ ظعنـوا‬

‫متيم إثــرها لم يفد مكبــــــــــول‬ ‫أغن غضيض الطرف مكحول‬ ‫إأل ّ‬

‫وقد يرى البعض أن ال بأس بالشعر و التغني به ‪ ،‬ولكن ليس في المساجد‬ ‫‪ -29‬رواه مسلم في صحيحه‬ ‫‪ -30‬رواه البخاري ومسلم (نقال عن كتاب حقائق عن التصوف عبد القادر عيسى)‬


‫‪14‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫فالجواب عن ذلك‪ ،‬أن الشعرألقي في حضرته صلى اهلل عليه و سلم داخل‬ ‫المسجد كما تقدم في حديث أنس ‪ ،‬و من ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن‬ ‫عائشة رضي اهلل عنها ‪ :‬كان النبي صلى اهلل عليه و سلم ‪ ،‬يضع لحسان منبرا‬ ‫في المسجد ‪ ،‬يقوم عليه قائما ‪ ،‬يفاخر عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪31‬‬

‫وعن سعيد بن المسيب قال ‪ :‬مر عمر في المسجد و حسان ينشد ‪ ،‬فلحظه عمر‬ ‫فقال كنت أنشد وفيه من هو خير منك ‪ 32،‬ونقل أبو طالب المكي‪ 33‬أن جماعة‬ ‫من الصحابة قالوا بإباحة السماع ‪ ،‬منهم عبد اهلل بن جعفر‪ ،‬وعبد اهلل بن الزبير‬ ‫والمغيرة بن شعبة ‪ ،‬وغيرهم ‪ ،‬وقال ‪ :‬قد فعل ذلك كثير من السلف الصالح‬ ‫صحابي وتابعي بإحسان‪.34‬‬ ‫و يرى اإلمام النووي رضي اهلل عنه ‪ :‬أن ال بأس بإنشاد الشعر في المسجد‬ ‫إذا كان مدحا للنبوة ‪ ،‬أو اإلسالم ‪ ،‬أو كان حكمة أو في مكارم األخالق ‪ ،‬و نحو‬ ‫ذلك من أنواع الخير‪ 35‬و هو نفس الرأي الذي ذهب إليه أبو بكر بن العربي‬ ‫المالكي ‪ ،‬شارح سنن الترمذي حيث قال‪ :‬ال مانع من إنشاد الشعر بالمسجد‬ ‫إذا كان في مدح الدين و إقامة الشرع‪ .‬وفيما ذكرنا كفاية لمن اقتصرعليه‪.‬‬ ‫هذا بالنسبة للشعر‪ ،‬أما التغني به وإنشاده باألصوات الحسنة واأللحان‬ ‫فتستوي فيه الحجج تقريضا و إنشادا ‪ ،‬وقد توسع صاحب اإلحياء في االستدالل على‬ ‫‪ -31‬عن ابن ابي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة ‪ -‬أبو داود ‪ 280/5‬الترمذي ‪168/5‬‬ ‫‪ -32‬صحيح البخاري ‪ 2227/5‬كتاب الصالة صحيح مسلم ‪ 1932/4‬و اللفظ لمسلم‬ ‫‪ -33‬هو محمد بن علي بن عطية الحارثي نشأ بمكة و توفي ببغداد على األرجح سنة ‪ 386‬هـ أنظر تاريخ بغداد‬ ‫ولسان الميزان‬ ‫‪ -34‬قوت القلوب في معاملة المحبوب ألبي طالب المكي ص‪102‬‬ ‫‪ -35‬المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج لإلمام النووي كتاب فضائل الصحابة ج‪16‬ص‪45‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪15‬‬

‫ذلك بما فيه الكفاية ‪ ،‬فليراجعه من يريد الزيادة‪ 36‬ولكن ال مانع من ذكر بعض‬ ‫تلك االستدالالت تحصيال للفائدة ‪ ،‬قال بعد كالم ‪ :‬ومهما جاز إنشاد الشعر بغير‬ ‫صوت و ألحان ‪ ،‬جاز إنشاده مع األلحــان ‪ ،‬وعن أنس رضي اهلل عنه أن النبي‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬كان يحدى له في السفر‪ ،‬و أن أنجشة كان يحدو بالنساء‬ ‫و البراء بن مالك كان يحدو بالرجال ‪....‬إلى أن قال ‪ :‬السماع في أوقات السرور‬ ‫تأكيد للسرور ‪ ،‬وهو مباح إن كان ذلك السرور مباحا ‪ ....‬و يدل على هذا من‬ ‫النقل إنشاد النساء على السطوح بالدف و األلحان ‪ ،‬عند قدوم رسول اهلل صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم ( طلع البدر علينا ) فهذا إظهار السرور لقدومه صلى اهلل عليه‬ ‫و سلم ‪ ،‬و هو سرور محمود فإظهاره بالشعر والنغامات والرقص و الحركات‬ ‫أيضا محمود ‪ ،‬فقد نقل عن جماعة من الصحابة رضي اهلل عنهم ‪ ،‬أنهم حجلوا‬ ‫في سرور أصابهم‬

‫‪37‬‬

‫و أخرج الطبري عن جريج ‪ ،‬أنه سأل أستاذه عطاء بن رباح عن الحداء‬ ‫و الشعر والغناء ‪ ،‬فقال ال بأس به ما لم يكن فحشا ‪ ،‬وقال إبن بطال ‪ :‬ما كان في الشعر‬ ‫و الرجز ذكرا هلل تعالى و تعظيما له ‪ ،‬و وحدانيته ‪ ،‬و إيثار طاعته ‪ ،‬واالستسالم‬ ‫له ‪ ،‬فهو حسن مرغب فيه ‪ ،‬وهو المراد من الحديث ‪ :‬إن من الشعر لحكمة ‪ ،‬إلى‬ ‫أن قال ‪ :‬و محصله أن الحداء بالرجز و الشعر‪ ،‬لم يزل يفعل في الحضرة النبويه‬ ‫و ربما التمس ذلك ‪ ،‬وليس هو إال أشعار توزن بأصوات طيبة ‪ ،‬و ألحان موزونة‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫و قال السفاريني‪ 39‬في منظومــــة اآلداب ‪ :‬و قد ذكر بعض العلماء ‪/‬أنه وقع‪ /‬اإلجماع‬ ‫‪ -36‬أنظر كتاب إحياء علوم الدين لإلمام أبي حامد الغزالي الجزء الثاني كتاب السماع و المواجيد‬ ‫‪ -37‬إحياء علوم الدين و الحديث ذكره ابو داود في سننه‬ ‫‪ -38‬فتح الباري في شرح صحيح البخاري البن حجر العسقالني‬ ‫‪ -39‬هو محمد بن أحمد بن سليمان السفاريني ولد بسفارين من قرى نابلس ‪ 1114‬هـ من شيوخه التغلبي و عبد الغني‬ ‫النابلسي ألف نحو ‪ 30‬كتابا منها غذاء األلباب في منظومة اآلداب و معارج األنوار القدسية و غيرها‬


‫‪16‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫على إباحة الحداء‪ 40‬قال الفقيه خليل النحالوي الدمشقي ‪ ،‬في كتابه الحظر واإلباحة‬ ‫الباب السبعون ما نصه ‪ :‬الغناء ‪ :‬و هو السماع ‪ ،‬قال في الفتاوي الخيرية ‪ ،‬بعد‬ ‫أن نقل أقوال العلماء واختالفهم في مسألة السماع ‪...‬و أما سماع السادة الصوفية‬ ‫رضي اهلل عنهم ‪ ،‬فبمعزل عن هذا الخالف ‪ ،‬بل و مرتفع عن درجة اإلباحة‬ ‫إلى رتبة المستحب كما صرح به غير واحد من المحققين‬

‫‪41‬‬

‫ُع ِوزه الدليل الشرعي بقدر‬ ‫إن القائل بعدم مشروعية السماع ال ي ْ‬ ‫ما تعوزه روحانية متفتحة ‪ ،‬وانسجام مع الفطرة ‪ ،‬يؤهالنه للتناغم مع‬ ‫الطبيعــة و التوازن مع الذات ‪ ،‬ذلك التوازن الذي بدونه يفقد اإلنسان‬ ‫عالقته مع الكـــون ‪ ،‬و تختل لديه معالم اإلنسجام ‪ ،‬فما بين اإلنسان‬ ‫و الكون سر دقيق ‪ :‬قال تعالى ‪ :‬الرحمن ‪ ،‬علم القرءان خلق االنسان ‪ ،‬علمه‬ ‫البيان الشمس و القمر بحسبان ‪ ،‬و النجم و الشجر يسجدان والسماء‬ ‫رفعها ووضع الميزان أال تطغوا في الميزان ‪ ،‬وأقيموا الوزن بالقسط‬ ‫و ال تخسروا الميزان‪ .‬قال اإلمام علي كرم اهلل وجهه ‪ :‬و تحسب أنك جرم‬ ‫صغير و فيك انطوى العالم األكبر‬

‫‪ -40‬نقال عن كتاب حقائق عن التصوف (عبد القادر عيسى)‬ ‫‪ -41‬نفس المصدر‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪17‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫في حكم السماع عند املرأة‬ ‫المرأة في منظورالشريعة االسالمية ‪ ،‬شقيقة الرجل في األحكام ‪ ،‬ال فرق‬ ‫بينهما ‪ ،‬إال من حيث خصائص طبيعة الجنسين ‪ ،‬بمعنى ‪ :‬أن للنساء خصوصيات‬ ‫التوجد عند الرجال ‪ ،‬وخصوصيات عند الرجال ‪ ،‬ال توجد عند النساء ‪ ،‬فهما‬ ‫يكمالن بعضهما البعض ‪ ،‬وكما يقول الشيخ خالد بن تونس ‪ :‬األمر الطبيعي‬ ‫رجل واحدة ‪ ،‬فبدونهما اليمكن للمجتمع أن‬ ‫هو أن المجتمع ال يمشي على ْ‬ ‫يواصل سيره ‪ ،‬فال غنى ألحدهما عن اآلخر ‪ ،‬و إنني يضيف قائال ‪ :‬ال أتصور‬ ‫مجتمعا بدون المرأة أو بدون الرجل ‪ ،‬و إذا حصل ذلك تختل موازينه‬

‫‪42‬‬

‫فاختالل موازين المجتمع اإلسالمي ظاهرة ال يمكن تجاهلها ‪ ،‬نظرا‬ ‫لعصراالنحطاط ‪ ،‬الذي عرف جمودا في حركتي الفكر و اإلجتهاد ‪ ،‬في ظل‬ ‫تيارات و مذاهب متشددة يتزعمها فقهاء غالة متزمتون ‪ ،‬أصدروا في حق‬ ‫المرأة فتاوى جائرة ما أنزل اهلل بها من سلطان‪ ، 43‬أقعدتها عن القيام بدورها‬ ‫كامال ‪ ،‬و هنا تطرح مسألة الوأد ؟؟ هل هي مرتبطة بفترة زمنية تعرف‬ ‫بالعصرالجاهلي ‪ ،‬أم أنها حالة تختلف طرق ممارستها من عصرآلخر؟‬ ‫و الحقيقة أن العقلية المتزمتة وأدت فعال المرأة بوسائل التهميش واإلقصاء ‪ ،‬في‬ ‫الوقت الــذي كان يجب أن تكون عنصرا فعاال في سير الحــركة االجتمـاعية‬ ‫و هو نفس الرأي الذي ذهب إليه كثير من العلماء المعاصرين‪ 44‬لذلك نجد أن‬ ‫‪ -42‬الشيخ سيدي خالد بن تونس ملتقى الفلسفة العالوية مستغانم ‪ 1983‬شريط مسجل‬ ‫‪ -43‬أنظر كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة (المقدمات)‬ ‫‪ -44‬أنظر كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة عبد الحليم محمد ابو شقة‬


‫‪18‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫المرأة في عصرالنبوة ‪ ،‬والتابعين بإحسان ‪ ،‬كانت أحسن حاال مما هي عليه‬ ‫اليوم في العالم اإلسالمي‬ ‫وقد النكون مبالغين إذا قلنا أن المرأة وجدت في التصوف مالذا‬ ‫و متنفسا‪ ،‬بعد أن همشها المجتمع ‪ ''،‬فكانت تقصد الـزوايا و األضرحة لملء‬ ‫ذلك الفراغ البارد الذي كانت تعيشه‪ 45‬خصوصا بمنطقة المغرب العربي‬ ‫حيث نشاطات الطرق الصوفية ال تقتصرعلى الرجال ‪ ،‬فكان لها الكثيرمن‬ ‫الوظائف ‪ ،‬كالمرشدة و المقدمة والمربية ‪ ،‬والنقيبة والمسمعة وغيرها‬ ‫و بدوره عرف السماع الصوفي وجها آخر في هذه المنطقة إذ لم يعد مقتصرا‬ ‫على الخاصة من أصحاب األحوال ‪ ،‬بل انتقل إلى عامة الناس في البوادي‬ ‫و المدن ‪ ،‬و أصبح السماع يلقى في المناسبات و األعراس و المآتم ‪ ،‬و األعياد‬ ‫الدينية ‪ ،‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬كان للمرأة دورها الفعال في إثراء هذا الفن الصوفي‬ ‫المتميز‪.‬‬ ‫و بالرجوع إلى األدلة الشرعية في جواز سماع المرأة ‪ ،‬فإن هذا‬ ‫بالضرورة يعود بنا الى العصر النبوي ‪ ،‬لنرى هل كان للمرأة دورا في الحياة‬ ‫العامة ‪ ،‬وهل كان لها حضورا ملحوظا يؤهلها للمشاركة في شتى مناحي‬ ‫الحياة؟ ففي الدراسة التي قدمها األستاذ عبد الحليم محمد ابو شقة‪ 46‬بعنوان‬ ‫تحرير المرأة في عصر الرسالة‪ ، 47‬يقول بعدما استشهد بعدة أحاديث في‬ ‫‪ -45‬من محاضرة ألقاها األستاذ يحيى برقة بدار الثقافة بمدينة مستغانم سنة ‪2000‬‬ ‫‪ -46‬من مواليد حي الجمالية بالقاهرة ‪ 1924 - 8 - 28‬خريج كلية اآلداب جامعة القاهرة توفي سنة ‪ 1995‬يعتبر من‬ ‫فقهاء التجديد في الفقه اإلسالمي من مشائخه الشيخ محمد الغزالي و الشيخ القرضاوي عمل مدرسا باألزهر الشريف‬ ‫‪ -47‬كان قد وافق الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه اهلل على نشر هذا الكتاب على نفقة األزهر و قال إن النظرة‬ ‫الوسطية المتوازنة التي تعامل معها الكتاب تستحق أن يساهم األزهر في إبرازها‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪19‬‬

‫مجال مشاركة المرأة في الحياة العامة في العهد النبوي ‪ :‬إن النصوص التي‬ ‫وردت في هذا الفصل ‪ ،‬تقطع أن مشاركة المرأة و لقاءها الرجال ‪ ،‬سنة من‬ ‫سننه صلى اهلل عليه و سلم ‪...‬إلى أن قال ‪ :‬وإذا كان بعض األسالف قد اختاروا‬ ‫اعتزال النساء الرجال ‪ ،‬و سنوا بذلك سنة جديدة تخالف السنة النبوية ‪ ،‬ففعل‬ ‫رسول اهلل أحب إلينا من فعل غيره ‪ .‬ثم يقول ‪ :‬وإذا ثبت أن مشاركة المرأة‬ ‫و لقاءها الرجال سنة من سنن نبينا صلى اهلل عليه وسلم فهل هذه السنة ظنية‬ ‫أم قطعية ؟‪ 48‬و نعتقد أن الروايات الواردة بمجموعها ‪ ،‬وهي حوالي ثالثمائة‬ ‫نص ‪ ،‬تشمل أفعاال وأقواال‪ ،‬و تقريرات لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تفيد‬ ‫التواتر‪ ،‬وعلى ذلك فهي قطعية الورود‬

‫‪49‬‬

‫فاألحاديث المتواترة في إباحة صوت المرأة ‪ ،‬ال تخفى على‬ ‫ذي اطالع ‪ ،‬لوجودها بكثرة بين ثنايا الصحاح ‪ ،‬كما تقدم ‪ ،‬ولذلك يتفق‬ ‫جمهور العلماء باإلجماع ‪ ،‬من أن حديث ‪ :‬لعن اهلل امرأة رفعت صوتها‬ ‫و لو بذكر اهلل ‪ ،‬حديث موضوع و مردود بالنص القرآني ‪ ،‬لقوله تعالى وقلن‬ ‫قوالمعروفا بعد أن أمرهن بأن ال يخضعن بالقول عند محادثتهن الرجال‬ ‫و كذلك باألحاديث الدالة على أن المرأة خاطبت الرجل دون حرج في العهد‬ ‫النبوي ‪ ،‬يقول اإلمام النووي في شرحه على صحيح مسلم لحديث يشهدن‬ ‫الخير ودعوة المسلمين ‪ :‬فيه استححباب حضور مجامع الخير ‪/‬للنساء‪/‬‬ ‫ودعوة المسلمين ‪ ،‬و حلق الذكر و العلم و نحو ذلك‪ 50‬هذا فيما يخص الصوت‬ ‫‪ -48‬في علم أصول الفقه ‪ ،‬السنة ثالث متواترة ‪ ،‬مشهورة ‪ ،‬آحاد ‪ ،‬المتواترة قطعية الورود عن الرسول ص‬ ‫و المشهورة قطعية الورود عن الصحابة ‪ ،‬و اآلحاد ظنية الورود عن الرسول ص لعدم تواتر و شهرة سندها‬ ‫‪ -49‬تحرير المرأة في عصر الرسالة ص‪ 68 - 67‬الجزء ‪2‬‬ ‫‪ -50‬المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج لإلمام شرف الدين يحي النووي المجلد ‪ 6‬ص ‪157‬‬


‫‪20‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫أما الحدو والغناء فقد وردت فيه هو اآلخر أحاديث تفيد اإلباحة‪.‬‬ ‫فمنها إنشاد األنصريات نشيد( طلع البدر علينا ) فرحا بقدوم رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه و سلم ‪ ،‬و هو تقرير منه صلى اهلل عليه وسلم على إنشاد السماع‬ ‫سواء كان من نساء أو من رجال‪ ،‬و الحديث رواه البيهقي في دالئل النبوة‬ ‫و عن عائشة رضي اهلل عنها أنها قالت ‪ :‬دخل علي رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم ‪ ،‬وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث‪ 51‬فاضطجع على الفراش و حول‬ ‫وجهه ‪ ،‬فدخل أبو بكر رضي اهلل عنه فانتهرني وقال ‪ :‬مزمار الشيطان عند‬ ‫رسول اهلل صلى هلل عليه وسلم فأقبل عليه رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‬ ‫و قال ‪ :‬دعهما‪ ...‬إلى آخر الحديث ‪ ،‬رواه الشيخان في صحيحيهما ‪ ،‬وعنها‬ ‫أيضا ‪ :‬أنها زفت امرأة إلى رجل من األنصار‪ ،‬فقال نبي اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم ‪ :‬هل بعثتم معها جــارية تضرب بالــــــدف و تغني ؟ قلت ‪ :‬تقول ماذا ؟‬ ‫قال‪ :‬تقول أتينـــــاكم أتينــــاكم‬

‫فـــحيـانا وحيـــــاكم وفي رواية ياعائشة‬

‫ماكان معكم لهو؟ فإن األنصار يعجبهم اللهو‬

‫‪52‬‬

‫وعن عامر بن سعد قال ‪ :‬دخلت على قرضة بن كعب وأبي مسعود‬ ‫األنصاري في عرس ‪ ،‬فإذا جوار يغنين فقلت ‪ :‬أي صاحبي رسول اهلل صلى‬ ‫اهلل عليه و سلم وأهل بدر‪ ،‬يفعل هذا عندكم ؟ فقاال اجلس إن شئت فاسمع معنا‬ ‫و ان شئت فاذهب ‪ ،‬فإنه قد رخص لنا في اللهوعند العرس‬

‫‪53‬‬

‫‪ -51‬بعاث حرب في العصر الجاهلي بين االوس و الخزرج قبل البعثة بنحو خمس سنوات كانت الغلبة فيها لالوس‬ ‫‪ -52‬رواه البخاري في كتاب النكاح‬ ‫‪ -53‬رواه الحاكم ‪ 225 /1‬و النسائي ‪135 /6‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪21‬‬

‫فإذا كان هذا مباح في اللهو و الغناء فمن باب أولى و أحرى ‪ ،‬في السماع‬ ‫الصوفي ‪ ،‬و الذي ال يخرج في مضمونه ‪ ،‬عن ذكر ما هلل من الكماالت ‪ ،‬و الثناء عليه‬ ‫و الصالة على رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم ‪ ،‬و المواعظ ‪ ،‬والحكم‬ ‫و مكارم األخالق ‪ ،‬على أن يراعى في ذلك آداب الحشمة ‪ ،‬و حسن النية‬ ‫من الطرفين ‪ :‬المرأة و الرجل ‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬إنما األعمال بالنيات‬ ‫و إنما لكل امرئ مانوى‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫المبحث الثالث‬

‫آداب السماع و شروطه‬ ‫ال خالف في كون مجالس السماع عند الصوفية ‪ ،‬هي مجالس لذكر اهلل‬ ‫ولما كان الحق سبحانه و تعالى جليس الذاكرين ‪ ،‬كان حقا على الذاكر أن‬ ‫يلزم األدب في حضرة مواله ‪ ،‬فمجالس الصوفية السالكين تمتاز بالوقـار‬ ‫و السكينة وإال ال فرق حينئذ بين مجالسهم و مجالس الغوغاء و السوقة‪.‬‬ ‫وإذا كانت كتب الصوفية و دواوينهم ‪ ،‬مليئة بما صنفوه عن شروط السماع‬ ‫وآدابه فإنهم اتفقوا كما قال اإلمام الجنيد ‪ ،‬من أن السماع يحتاج الى ثالثة أشياء ‪:‬‬ ‫الزمان والمكان و اإلخوان‪ 54‬فأما الزمان فمراعاة األوقات المناسبة ‪ ،‬بحيث ال‬ ‫تزاحم فرضا وال تعطل واجبا ‪ ،‬وقيل هو مراعاة األحوال فال سماع بدون داع‬ ‫إذ السماع ال يؤثر في المريد مع حالة الفقد ‪ ،‬وأما المكان فهو اختيار األماكن‬ ‫المناسبة لمجالس السماع كالزوايا و المساجد ‪ ،‬وبيوت اإلخوان والمحبين‬ ‫وكل مكان طاهر خال من الموانع الشرعية ‪ ،‬و الشرط الثالث ‪ :‬اإلخوان‬ ‫أي أهل السماع و محبيه ‪ ،‬فال سماع بفقدانهم ‪ ،‬فبهم يحلو السماع ‪ ،‬ويستلذ‬ ‫اإلصغاء ‪ ،‬ولو في القفار أو على شواطئ البحار‪ ،‬كما أشار إلى ذلك الشيخ‬ ‫سيدي عدة رضي اهلل عنه ‪:‬‬ ‫عـــلى شاطئ اليم و المــــــوج ملتطم‬ ‫من بين شي و شاي دارت كـؤوســه‬ ‫ســــــــــالم على تلك العُصابة إخوتي‬ ‫ســــــــــالم به تبقى المودة زهـــــرة‬ ‫‪ -54‬معجم الصوفية‬

‫كرام تسلت باألنغام وبالذكــــــــــر‬ ‫و عود وألحان أرق من السحـــــر‬ ‫ما فاح عبير العود و الند و النسر‬ ‫تنور على األفاق في البر و البحر‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪23‬‬

‫وإلى جانب هذا هناك شروطا أخرى تتعلق بالمسمع نفسه ‪ ،‬و هي على‬ ‫شطرين ‪ :‬حسية و معنوية ‪ ،‬فالحسية كالطهارة ‪ ،‬ونظافة الثوب و المكان‬ ‫و حسن الهيئة ‪ ،‬و طيب الرائحة ‪ ،‬و حسن الصوت ‪ ،‬وحسن األداء ‪ ،‬واألذن‬ ‫الموسيقية بأن يكون المسمع على دراية ولو بسيطة باألوزان و الطبوع‬ ‫والمقامات ‪ ،‬فال ينتقل من مقام رمل الماية مثال إلى مقام آخر ال يناسبه ‪ ،‬فإن‬ ‫ذلك يؤذي اآلذان السليمة ومثله الصوت الخشن ‪ ،‬والمريد إذا أنصف من نفسه‬ ‫يعلم بطبيعة الحال ‪ ،‬إن كان يصلح للسماع أم ال ‪ ،‬وليستحضرعلى الدوام‬ ‫قول الشيخ العالوي رضي اهلل عنه ‪ :‬لن أسمح للفقير يسمع وهو ال يحسن‬ ‫السماع وال للذي يحسن السماع وال يسمع ‪ ،‬أما الشروط المعنوية فهي كثيرة‬ ‫أهمها ‪ :‬عقد النية على اإلخالص في السماع ‪ ،‬بحيث يكون خالصا لوجهه‬ ‫تعالى التواضع ‪ ،‬و طهارة القلب ‪ ،‬و سالمته من الحسد و الغل و الكبر‪ ،‬وكذلك‬ ‫التسليم لإلخوان ‪ ،‬وأن ال يرى لنفسه مزية عليهم ‪ ،‬هذا بالنسبة للشروط‬ ‫أما اآلداب ‪ ،‬فنقتطف منها هذه المختارات من كتب الصوفية ‪ :‬قال الباخرزي‬

‫‪55‬‬

‫في كتاب أوراد األحباب و فصوص اآلداب ‪ :‬ومن آداب الصوفية في السماع‬ ‫أن يصلوا قبل الحضور في مجلس السماع و أن يقعدوا فيه بالهيبة والوقار‬ ‫و يالزموا السكينة واإلخالص‪ .‬اهـ ومن اآلداب أن اليشرع المسمع في‬ ‫السماع إال بإشارة الشيخ أو من ينوب عنه ‪ ،‬فإذا أشير له بالتوقف فليتوقف‬ ‫ومن اآلداب إجتناب المشوشات ‪ ،‬يقول سيدي أحمد بن عجيبة‪ ، 56‬في كتابه‬ ‫الفتوحات اإللهية ‪ ،‬في شرح المباحث األصلية عند قول السراقسطي‪: 57‬‬ ‫‪ -55‬هو أبو المفاخر يحي بن أحمد الزاهد المتوفى سنة ‪724‬هـ من أصل فارسي‬ ‫‪ -56‬هو الشريف سيدي أحمد بن محمد بن عجيبة الحسني ( ‪1809 - 1747‬م) في قرية الخميس بين طنجة وتطوان‬ ‫من شيوخه في التصوف سيدي محمد البوزيدي المغربي شرح للسراقسطي المباحث األصلية وله تفسير قرآن‬ ‫و ديوان شعر و غيرها‬ ‫‪ -57‬إبن البنا السراقسطي التجيبي ولد بمدينة فاس توفي مابين ‪ 880 850‬هـ‬


‫‪24‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫وال يجوز عنده التكلم‬

‫و ال التالهي و ال التبسم‬

‫فيقول شارحا هذا البيت ‪ :‬اليجوزالتكلم عنده ‪ /‬أي السماع ‪ ،/‬ألنه عند العارفين‬ ‫محل الوجد و الخمرة ‪ ،‬و الكـالم يشـوش القلب و يبعده عن الحضرة ‪ ،‬و يتلفه‬ ‫‪ /‬خصوصا الكالم بين المسمعين أثناء أداء السماع ‪ /‬و قال السلمي ‪ :‬ال يحضر‬ ‫مجالس السماع مـن يضحـك أو يتالهى‪ ،58‬إال التبسم بنية مالطفة اإلخوان ‪ ،‬و رد‬ ‫التحية ‪ ،‬فهذا الحرج فيه‪.‬‬ ‫وقد أفرد اإلمام الغزالي ‪ ،‬بابا خاصا بآداب السماع والوجد ‪ ،‬في كتابه اإلحياء‬ ‫نجتني منه ما يوافـق الحال ‪ ،‬فمن ذلك ‪ :‬اإلصغاء و الحضور بالقلب ‪ ،‬وإطراق‬ ‫الرأس ‪ ،‬وقلة اإللتفات ‪ ،‬و أن اليحدث الحاضر حركات تشوش عـلى اإلخـوان ‪ ،‬وأن‬ ‫يتجنب التنحنح والتثاؤب ‪ ،‬و أن يملك نفسه إذا غلبه الوجـد ‪ ،‬فال يرفع صوته بالبكاء‬ ‫و الصياح أمـا إذا فعل ذلك بدون غلبة الوجد ‪ ،‬فهو رياء و سوء أدب ‪ ،‬خصوصا‬ ‫في حضرة المشايخ ‪ ،‬و من اآلداب موافقة اإلخوان في أحوالهم ‪ ،‬بحيث إذا قاموا‬ ‫للرقص (العمارة) يقوم معهم ويساعفهم ‪ ،‬إهـ‪ .‬و مع موافقة اإلخوان ‪ ،‬كذلك موافقة‬ ‫الحال ‪ ،‬كما قال الشيخ سيدي خالد ‪ :‬على المريد أن يختار من الصيغ و القصائد‬ ‫ُسمع بحال الجالل في مقام الجمال ‪ ،‬وال العكس‬ ‫ما يوافق الحال ‪ ،‬فال ي َ‬ ‫و من اآلداب أن ال يردد الحاضر مع المسمع أثناء السماع ‪ ،‬بل يلتزم الصمت‬ ‫و يصغي لما يقول فالترديد مع المسمع تشويش‪ .‬و بالجملة فعلى المسمع‬ ‫و السامع مراعاة كل أدب في الظاهر و الباطن ‪ ،‬يزيد المجلس رونقا‬ ‫و هيبة‪.‬‬ ‫‪ -58‬الفتوحات اإللهية في شرح المباحث األصلية وهو شرح البن عجيبة على منظومة ابن البنا السراقسطي في‬ ‫التصوف‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪25‬‬

‫المبحث الرابع‬

‫خصوصيات السماع في الطريقة العالوية وآدابه‬ ‫و يشتمل على آ داب العمارة و آداب اجلمع‬ ‫كان ميالد الطريقة العالوية ‪ ،‬عام ‪ 1909‬إيذانا بظهور سير روحي جديد‬ ‫هو امتداد طبيعي للطريقة الدرقاوية الشاذلية ‪ ،‬و التي تلقاها الشيخ العالوي عن‬ ‫شيخه سيدي محمد البوزيدي ‪ ،‬وهو عن شيخه سيدي قدور الوكيلي رضي اهلل عنهم‬ ‫أجمعين ‪ ،‬ثم من شيخ إلى شيخ ‪ ،‬إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فلقن األوراد‬ ‫وسلك بالسائرين وجهة الحق األعلى ‪ ،‬وربى المريدين على النهج الرباني القويم‬ ‫وسن بفضل الفتح اإللهي كثيرا من المناهج التربوية ‪ ،‬روحية وعلمية‬ ‫تتناسب وإنسان هذا العصرالجديد ‪ ،‬ومن هذه المناهج السماع الصوفي ‪ ،‬فنظم‬ ‫مجالسه ‪ ،‬وجعل منها مجالسا للفكر و المحادثات األدبية ‪ ،‬في معاني القصائد‬ ‫المنشودة ‪ ،‬ويشهد على ذلك الشيخ العالمة عبد الحميد بن باديس‪ ، 59‬خالل‬ ‫حفل العشاء الذي أقيم على شرفه بالزاوية العالوية األم بمستغانم سنة ‪1931‬‬ ‫فقال واصفا إحدى تلك المجالس ‪ ،‬رحمه اهلل ‪ :‬و كانت حفلة العشاء عند‬ ‫الشيخ سيدي أحمد بن عليوة‪...‬وبالغ الشيخ في الحفاوة واإلكرام ‪ ،‬وقام على‬ ‫خدمة ضيوفه بنفسه ‪ ،‬فمأل القلوب والعيون‪...‬وبعد العشاء قرأ القارئ آيات‬ ‫ثم أخذ تالميذ الشيخ في إنشاد قصائد من كالم ابن الفارض بأصوات حسنة‬ ‫ترنحت لها األجساد ‪ ،‬ودارت في أثناء ذلك مذاكرات أدبية ‪ ،‬في معاني بعض‬ ‫األبيات ‪ ،‬زادت المجلس رونقا‬

‫‪60‬‬

‫‪ -59‬هو الشيخ عبد الحميد بن مكي بن باديس ( ‪1940 - 1889‬م) قسنطينة رئيس جمعية العلماء الجزائريين‬ ‫‪ -60‬آثار الشيخ اإلمام عبد الحميد بن باديس ص ‪246‬‬


‫‪26‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫ولذكر خصوصيات السماع في الطريقة العالوية ‪ ،‬البد من ذكر الجو‬ ‫العام الفني لمدينة مستغانم ‪ ،‬و لو بإيجاز‪ ،‬فهي مدينة أصيلة ‪ ،‬جمعت كثيرا‬ ‫من الخصائص الفنية ‪ ،‬و استوعبت العديد من أندية الموسيقى األندلسية‬ ‫الغرناطية (مدرسة الصنعة الجزائرالعاصمة)‪ ،‬ويلعب الفن الشعبي المتأثر‬ ‫هو اآلخر بالموسيقى األندلسية ‪ ،‬كنظيره الفن الحوزي ‪ ،‬دورا هاما في‬ ‫حياة الساكنة ‪ ،‬ولهذا قلما تجد مستغانميا ال يميل إلى الفن الشعبي أو‬ ‫األندلسي ‪ ،‬بل تجد الكثير منهم يحفظون عن ظهر قلب بعض الصنائع‬ ‫والقصائد ‪ ،‬و كانت المدينة ال يخلو منها حي بدون ناد موسيقي‬ ‫سواء في المقاهي أو المتاجر‪ ،‬أو في بيوت األثرياء من أهل المدينة‬ ‫ولذلك تأسس (نادي الهالل الثقافي) ليجمع مختلف األندية‬ ‫سنة ‪1912‬م‬

‫‪61‬‬

‫بالمدينة‬

‫‪ ،‬فكان يحضى بالرعاية من أعيان المدينة‬

‫و مشائخها ‪ ،‬خصوصا الشيخ سيدي المهدي بن تونس قدس اهلل روحه‬ ‫الذي كان أحد أعضائه الشرفيين ‪ ،‬وهو نفس النادي الذي تلقى فيه الشيخ سيدي‬ ‫خالد دروس الموسيقى األندلسية بصحبة عدد من مريدي الطريقة العالوية‪.‬‬ ‫فوجود الزاوية داخل هذا الوسط الفني ‪ ،‬جعل السماع يتأثر بمقامات‬ ‫وأوزان وطبوع الموسيقى االندلسية المحلية ‪ ،‬و لذلك كانت تعقد بالزاوية‬ ‫األم بمستغانم دروسا بانتظام في مبادئ السماع والموسيقى ‪ ،‬يتعلم خاللها‬ ‫المريد القصائد و أوزان الشعر‪ ،‬والطبوع السبعة‪ 62‬األساسية وهي ‪ :‬الموال‬ ‫و رمل الماية ‪ ،‬و الزيدان ‪ ،‬والعراق ‪ ،‬والسيكة ‪ ،‬والمزموم ‪ ،‬و الجهاركة‬ ‫‪ -61‬مستغانم و أحوازها عبر العصور عبد القادر بن عيسى ص‪239‬‬ ‫‪ -62‬نوبات الطبوع السبعة حسب مدرسة الجزائر العاصمة هي ‪( :‬موال) الماية ‪ ،‬الديل ‪ -‬رصد الديل (رمل الماية)‬ ‫رمل الماية ‪ -‬الرصد (الزيدان) الزيدان ‪ -‬الرمل ‪ -‬المجنبة (عراق) الحسين ‪ -‬الغريب (سيكة) السيكة (مزموم)‬ ‫المزموم ‪ ،‬اما الجهاركة فنوباته مفقودة ولم يبقى منه إال القلبات و المخالص ‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪27‬‬

‫و كانت تتم كيفية التعليم ‪ ،‬بأن يستوعب الطالب جيدا استخبار(موال) كل‬ ‫طبع ‪ ،‬لتربية أذنه موسيقيا ‪ ،‬حتى يتفادى الخلط بين المقامات عند السماع‬ ‫و هو ضروري للمسمعين تعلمه ‪ ،‬باإلضافة إلى طبوع أخرى ‪ ،‬سواء متفرعة‬ ‫عن األمهات ‪ ،‬أو واردة من هنا وهناك ‪ ،‬و ألوان سماعية أخرى ‪ ،‬كالبدوي‬ ‫والقبائلي‪ ،‬والمغربي والشرقي‪.‬‬


‫‪28‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫آداب اجلمع‬ ‫كنا قد نوهنا بآداب مجالس الذكر ‪ ،‬و السماع عند الصوفية ‪ ،‬و ال بأس أن نزيد‬ ‫عليها هنا آدابا أخرى ‪ ،‬تتعلق بنظام الجمع و آداب السماع ‪ ،‬في الطريقة العالوية‬ ‫وهي ملحق لما سبق من اآلداب‪.‬‬ ‫●‬

‫ففي الزاوية يجتمع المريدون و المحبون مرة أو مرتين في األسبوع‬

‫فيصتفون جالسين كصفوفهم في الصالة بانتظام ‪،‬القادرون منهم في الوسط‬ ‫و المسنون يستندون الحائط ‪ ،‬بينما يجلس الشيخ و المقدمون و كبار الفقراء‬ ‫و العلماء ‪ ،‬و األعيان ‪ ،‬في صدر المجلس ‪( ،‬انظر الصورة) يستحسن للمريد‬ ‫إرتداء اللباس األبيض ‪ ،‬واستعمال الطيب عندما يقصد الجمع ‪ ،‬لقوله تعالى ‪:‬‬ ‫يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد‪.‬‬ ‫مالحظة ‪ :‬األطفال يصطفون وراء صف المسمعين ‪ ،‬ليتعلموا ‪ ،‬هذا في المجامع‬ ‫األسبوعية المحلية ‪ ،‬أما في المجامع الكبرى (اإلحتفاالت) فمن األفضل جلوسهم‬ ‫بمحاذاة أولياء أمورهم‪.‬‬ ‫●‬

‫يفتتح الجمع بالورد‪ ،‬وهو قراءة سورة الواقعة ‪ ،‬وبعدها اإلستغفار ثم‬

‫الصالة على النبي ‪ ،‬ثم كلمة التوحيد ‪ ،‬ويختتم بذكر الحمد والشكر هلل ‪ ،‬ثم بعد‬ ‫الدعاء قراءة الصالة المشيشية ‪ ،‬ثم مقتطفات من المناجاة العالوية ‪ ،‬بعد ذلك‬ ‫ينشد المسمعون حصة من السماع ‪ ،‬ثم يتوقفون ليقرأ الجميع شيئا من كتاب اهلل‬ ‫(اليوزع الشاي أثناء قراءة القرآن وال أثناء المذاكرة) بعد قراءة القرآن الكريم‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪29‬‬

‫يشرع في حصة ثانية من السماع ‪ ،‬يصحبها توزيع الشاي على الحاضرين‬ ‫هذا إذا كان الجمع بدون عمارة ‪ ،‬وإال فالشاي بعد العمارة و المذاكرة‪.‬‬ ‫●‬

‫خالل فترة الشاي ‪ ،‬ال يتوقف المسمع عن السماع ‪ ،‬حتى تجمع كؤوس‬

‫الشاي وعالمة ذلك ‪ :‬أن يرفع الساقي كأس الشيخ من أمامه ‪ ،‬فالشيخ أو من‬ ‫ينوب عنه في الجمع ‪ ،‬أول من يسقى ‪ ،‬وكأسه آخر مايرفع من الكؤوس ‪ ،‬فإذا‬ ‫انتهى جمعها يتوقف المسمع عن السماع ‪ ،‬بعد إشارة من الشيخ ‪ ،‬أو مسير‬ ‫الجمع في غياب الشيخ ‪ ،‬يختم الجمع بقراءة دعاء اللطفية ‪ ،‬من نظم الشيخ‬ ‫سيدي أحمد العالوي رضي اهلل عنه ‪ ،‬فالدعاء ثم جاللة التسريح ‪ ،‬وهي ترديد‬ ‫الهيللة جماعة ‪ ،‬ثم يقوم الجميع لمصافحة بعضهم بعضا ‪ ،‬بسكينة و هدوء‬ ‫بدون أي ضجيج أو تشويش ‪ ،‬أو رفع للصوت بالكالم‪.‬‬ ‫●‬

‫على مسير الجمع أن يراعي الزمن المطلوب ‪ ،‬فال يطيل مدته حتى‬

‫اليتسرب الملل إلى الحاضرين ‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه و سلم ‪ :‬اكلفوا من العمل‬ ‫اليمل حتى تملّوا ‪ ،‬وإن أحب العمل إلى اهلل أدومه و إن‬ ‫ّ‬ ‫ما تطيقون ‪ ،‬فإن اهلل‬ ‫قل‪ .‬ويجب اإلشارة أنه إلى جانب جمع الذكر هذا ‪ ،‬فقد كان الشيخ سيدي خالد‬ ‫أكد على ضرورة إقامة جمع الفكر‪ ،‬سواء مباشرة بعد ختام جمع الذكر أو تختار‬ ‫الجماعة يوما آخر يناسبهم لذلك‪.‬‬ ‫●‬

‫الدخول إلى الجمع يكون بسكون و وقار وانكسار‪ ،‬تعظيما لهيبة الجمع‬

‫ألنه مجلس لذكر اهلل ‪ ،‬ويجلس الوافد حيث انتهى به المجلس وال يتخطى الرقاب‬ ‫فإذا نودي عليه ليتقدم ‪ ،‬يمر مع الممر الخاص بذلك على جانبي المجلس‪.‬‬


‫‪30‬‬

‫●‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫بالنسبة لسقي الشاي ‪ ،‬يبدأ الساقي بالشيخ أو المقدم في غياب الشيخ‬

‫يمسك الصينية بيده اليسرى ‪ ،‬ويعطي الكأس بيده اليمنى ‪ ،‬و يسقي من اليمين‬ ‫إلى اليسار‪ ،‬أما أدب سقي الشاي إلى الشيخ ‪ ،‬فيتم بجلوس الساقي على إحدى‬ ‫ركبتيه ‪ ،‬و يضع الكأس على الزرف‪ 63‬ال في يد الشيخ (انظر الصورة)‪ .‬وكذلك‬ ‫عندما يجمع الكؤوس ‪ ،‬يأخذ الكأس و الزرف معا من أمام الشيخ ‪ ،‬ال من يده ‪،‬‬ ‫بنفس الكيفية التي قدم بها الشاي ‪ ،‬ويمنع على المريد أو الحاضر وضع الكأس‬ ‫على األرض ‪ ،‬إال إذا كان أمامه صحنا خاصا بالكؤوس‪.‬‬ ‫مالحظة ‪ :‬من اآلداب التي يجب مراعاتها السكينة التامة في حالة تقديم الطعام إلى‬ ‫الفقراء ‪ ،‬فعلى القائمين بذلك خاصة داخل قاعة األكل ‪ ،‬عدم الكالم مع بعضهم بعضا‬ ‫فإذا أراد أحدهم شيئا فليطلب ذلك باإلشارة ‪ ،‬كما يحاولون ما أمكن ‪ ،‬حط الصحون‬ ‫و المعالق بدون ضجيج‬

‫‪ -63‬صحن صغير توضع عليه الكؤوس أو الفناجين‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪31‬‬

‫السماع وكيفية الشروع فيه وبعض آدابه‬ ‫●‬

‫الشروع في السماع ال يكون إال بإشارة من الشيخ ‪ ،‬أو المقدم أو من‬

‫ينوب عنهما ‪ ،‬اإلشارة تكون بالعين ‪ ،‬وهو األفضل ‪ ،‬أو بإشارة خفيفة باليد‬ ‫ال بالكالم ‪ ،‬كما ال يجوزإعطاء اإلشارة برمي الديوان إلى المسمع ‪ ،‬وال يجوز‬ ‫للمسمع أن يشرع من تلقاء نفسه‪.‬‬ ‫●‬

‫يجلس المسمع كجلوسه في تحية الصالة ‪ ،‬فإن كان غير قادر فمتربعا‬

‫بدون أن يمد يداه خارج حدود ركبتيه (انظر الصورة)‬ ‫●‬

‫السماع ال يؤدى إال من شخص أو إثنين ‪ ،‬فإن كانوا ثالثة فال بأس‬

‫و ال زائدة على ذلك ‪ ،‬فإن كانوا أكثر من ثالثة يتناوبون السماع‪.‬‬ ‫●‬

‫إذا افتتح الشيخ السماع فال يسمع معه المسمع إال بإشارته ‪،‬وال يرفع‬

‫صوته على صوت الشيخ‬ ‫●‬

‫يفتتح السماع عادة بصيغ الهيللة (الإله اال اهلل) أو مافي هذا المعنى ثم‬

‫بعد ذلك صيغ التصلية (الصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم)‬ ‫●‬

‫كل وصلة من السماع تنقسم إلى ثالثة أوزان ‪ ،‬وزن ثقيل ‪ ،‬ثم متوسط ثم‬

‫خفيف ينشد خاللها المسمعون القصائد بينما الحاضرون الردة (الالزمة)‬ ‫●‬

‫إذا افتتح المسمع سماعه على مقام ما ‪ ،‬فال يتحول إلى مقام آخر ال يناسبه‬

‫فان ذلك يؤذي األسماع ‪ ،‬و يكسر السماع ‪ ،‬وقد يكون سببا في برودة الجمع‬


‫‪32‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫ولذلك يجب على المسمع أن يربي سمعه على الفرق بين مقام و آخر‪ ،‬فهو‬ ‫مطالب بمعرفة المقامات الموسيقية و تعلمها ‪ ،‬فكما يعرف بالبصر األلوان‬ ‫يجب أن يعرف الفرق بين المقامات بالسمع‪.‬‬ ‫احترام سماع المناسبات ‪ ،‬فال يسمع بصيغ (ألحان) وقصائد األفراح‬

‫●‬

‫في المآتم وال العكس ‪ .‬ويتميز سماع األفراح بصيغ التصلية على النبي‬ ‫و قصائد مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫●‬

‫ال بد أن يتوفر المسمع على نصيب من الفطانة و الشعور‪ ،‬فإذا أحس‬

‫مثال أن الصيغة التي بدأ بها ال تناسب الحال العام للجمع ‪ ،‬يبدل فورا لتسخين‬ ‫الجمع‪.‬‬ ‫●‬

‫يجب على المسمع أن يتجنب الصوت الحاد و المرتفع جدا‪ ،‬ألنه‬

‫متعب لألسماع ‪ ،‬ومذهب لحالوة الصوت ‪ ،‬و مشوش على روحانية المريد‬ ‫ويتعب الحاضرين ‪ ،‬فال يستطيعون ترديد الصيغ‪.‬‬ ‫●‬

‫ومن األمور التي أحدثت وليست محمودة في السماع ‪ ،‬المبالغة‬

‫في اإلستخبارات (المواويل) ‪ ،‬فاالستخبار في سماع الطريقة العالوية‬ ‫قد يكون في مجامع األعراس ‪ ،‬أو أثناء العمارة ‪ ،‬أو في وسط الجمع‬ ‫إذا دعا الحال أو أذن فيه الشيخ ‪ ،‬وال يجوز توقيف مسمع أثناء السماع‬ ‫ليمول آخر‪ ،‬فإن ذلك مناف آلداب السماع ‪ ،‬وعلى العموم فالسماع‬ ‫إنما جعـل لذكـراهلل و االعتبار‪ ،‬وليس وصالت غنائية للهو و الترفيه‬ ‫و لذلك يجب أن يكون مصحوبا بكل أدب و سكينة و وقار‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪33‬‬

‫آداب العمارة (احلضرة(‬ ‫العمارة هي االهتزاز وقوفا عند الذكر ‪ ،‬تطرأ على الذاكر عند غلبة‬ ‫الوجد اعتبرها الشيخ العالوي مظهرا من مظاهر الشكر هلل ‪ ،‬عندما يتذكر‬ ‫المريد نعمة اهلل عليه ‪ :‬قال رضي اهلل عنه ‪:‬‬ ‫صفت النظرة طابت الحضرة‬ ‫قــــامو سكارى لذي البشارة‬

‫جاءت البشرى ألهل اهلل‬ ‫جــعلوا عمارة شكرا هلل‬

‫و قد كان استدل على مشروعيتها بالدليل القاطع في كتابه (القول المعروف‬ ‫في الرد على من أنكر التصوف) فليراجع ‪ ،‬وكذلك اإلمام أبي حامد الغزالي‬ ‫في كتابه (إحياء علوم الدين) ‪ ،‬كتاب السماع و الوجد ‪ ،‬و (اللمع في التصوف)‬ ‫البي نصر السراج و( نجوم المهتدين ) لسيدي عبد الكريم الكتاني و( اإلمتاع‬ ‫بأحكام السماع ) لألذرعي ‪ ،‬وغيرها من الكتب ‪ ،‬وقد كنا أشرنا أعاله‬ ‫أن الصحابة حجلوا لسرور أصابهم ‪ ،‬و الحجل لغة هو القفز أو رفع رجل‬ ‫ووضع أخرى‪.‬‬ ‫العمارة ال تقام بالطلب بل بالحال ‪ ،‬أي بالوجد ‪ ،‬ألنهم قالوا ‪ /‬أي الصوفية ‪/‬‬ ‫الوجد من وجد أي صادف الشئ ‪ ،‬و قد تقام بالتواجد قال الشيخ العالوي في تتمة‬ ‫القصيدة أعاله ‪ :‬فمن لم يجد فليتواجد ‪ ،‬ويكون استحضار الحال ‪ ،‬أو التواجد‬ ‫بالسماع الخفيف المثير لألرواح ‪ ،‬أو بترديد كلمة اإلخالص مائة مرة فما فوق‬ ‫نهاية بذكر اسم الجاللة اهلل مكررا بدون عد ‪ ،‬إلى أن يحصل الوجد‬


‫‪34‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫إذا قام الفقراء للعمارة يشكلون دائرة ‪ ،‬واضعين أيديهم في أيد بعض‬ ‫باطن اليد اليمنى فوق باطن اليد اليسرى ‪ ،‬بقبض يسير متاشابك ‪ ،‬بدون‬ ‫تشديد ‪ ،‬فإذا كان عدد الفقراء كثيرا يشكلون دوائر الواحدة داخل األخرى‬ ‫(انظر الصورة)‪.‬‬ ‫ال تقام العمارة إال بوجود ثالثة ‪ :‬المعمر‪ ،‬و المسمع ‪ ،‬و القطب ‪ ،‬دور القطب‬ ‫قيادة العمارة ومراقبة آدابها ‪ ،‬و تنظيم صفوفها ‪ ،‬و يساعده على هذه المهمة النقيب‬ ‫ال يجوز للمريد فتح عينيه أثناء العمارة ‪ ،‬ما عدا القطب و النقيب و المسمع‬ ‫ألن سير نظامها متوقف عليهم ‪ ،‬و على المسمعين أن يتركوا فترات بدون سماع‬ ‫أثناء العمارة ‪ ،‬الستماع ذكر الصدر‪ ،‬يمنع الصياح و العويل في العمارة منعا باتا‬ ‫فإذا صدر ذلك من أحدهم ‪ ،‬يسكته القطب بلطف و أدب ‪ ،‬وذلك بالنداء عليه‬ ‫همسا باسم الجاللة اهلل اهلل اهلل ‪ ،‬قريبا من أذنه ‪ ،‬فإن تمادى يخرجه من‬ ‫الصف بكل أدب منعا للتشويش على إخوانه ‪ ،‬وعلى القطب أن يتجنب التصفيق‬ ‫المستمر‪ ،‬إال إذا دعت الضرورة في حالة اختالل إيقاع و ميزان العمارة‪.‬‬ ‫تبدأ العمارة بالوزن البطيء ثم المتوسط ثم الخفيف ‪ ،‬و خالل دور أو‬ ‫دورتين أي وزن بطيء ثم متوسط ثم خفيف بنفس اإليقاع ‪ ،‬وفي الدور الثاني‬ ‫نفس الشيء بعد ذلك يمكن تغيير اإليقاع إلى ما يسمى بالزروالية ‪ ،‬التي اليجوز‬ ‫البدء بها ‪ ،‬وال اإلنتقال إليها من تلقاء المعمرين ‪ ،‬بل بإشارة من المسمعين‬ ‫عندما يتحولون إلى السماع الخاص بها ‪ ،‬و هو عادة سماع بدوي‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪35‬‬

‫السماع في بداية العمارة غالبا سماع حضري كمقدمة ‪ /‬أي سماع ذو‬ ‫طابع أندلسي‪ ، /‬فإذا حمي وطيس العمارة ‪ ،‬ينتقل إلى النوع البدوي ‪ .‬وهذا‬ ‫محبوب وليس واجبا‬ ‫كل مريد يرغب في الدخول إلى صف العمارة ‪،‬يجب أن يدخل بسكينة‬ ‫و ال يفتح بين إثنين إال بلطافة ‪ ،‬بعد أن يشير إليهما همسا بذكر الصدر‪ ،‬وذلك‬ ‫بالوقوف وراءهما فإن لم يفتحا له ينسحب برفق ‪ ،‬وال يصر على الدخول‬ ‫وعليه أن يبحث عن فجوة بين الصفوف ليمألها خير له ‪ ،‬كما ال يجوز له‬ ‫الدخول إلى الصف مباشرة من الخارج دون تهيء مسبق ‪ ،‬بل يقف فترة وراء‬ ‫الصفوف مغمض العينين ‪ ،‬حتى ينسجم تدريجيا مع حال العمارة ( ألن الداخل‬ ‫مباشرة يؤذي ببرودة يديه روحانية المريد الموجود من البداية في الصف)‬ ‫تختتم العمارة بسماع كلمة اهلل محمد رسول اهلل أو شفيعنا‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فيجلس الجميع حيث هم بدون تبديل‬ ‫األماكن التي كانوا عليها واقفين ‪ ،‬ويتلوا الجميع الصالة على النبي بهذه‬ ‫الصيغة ‪ :‬اللهم صل على سيدنا محمد عبدك و رسولك النبي األمي و على آله‬ ‫و صحبه وسلم تسليما ‪ ،‬بقدرعظمة ذاتك في كل وقت وحين ‪ ،‬ثالث مرات‬ ‫ثم سبحن ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين و الحمد هلل رب‬ ‫العالمين ‪ ،‬ثم يجود القارئ آيات من الذكر الحكيم ‪ ،‬دون تطويل ‪ ،‬وعليه أن‬ ‫يختار من اآليات المبشرات‪.‬‬


‫‪36‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫أحيانا تتبع العمارة بعد التصلية على النبي التي أشرنا إليها أعاله بالسماع‬ ‫بدل التجويد حسب الحال ‪ ،‬ثم قراءة اللطفية ‪ ،‬فالدعاء ‪ ،‬ثم المذاكرة من طرف‬ ‫الشيخ إن كان حاضرا أو من طرف أحد المذكرين ‪ ،‬ثم سماع بصوت منخفض‬ ‫بصيغ التصلية على النبي فبعد هيجان الوجد على الفقير واستغراقه الكلي في‬ ‫الحضرة يكون في حاجة إلى مسكن و مهدئ ‪ ،‬و ليس ذلك إال الصالة على‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه و سلم‪ .‬فكما كان دعاؤه صلى اهلل عليه و سلم للمؤمنين‬ ‫سكن لهم ‪ ،‬كانت صالتنا عليه سكينة لنا صلى اهلل عليه و سلم تسليما وصل‬ ‫عليهم إن صلواتك سكن لهم‪.‬‬ ‫أثناء هذا السماع ‪ ،‬يقدم الشاي إلى الفقراء ‪ ،‬فهذه الفترة تسمح للفقير‬ ‫المكوث حيث هو‪ ،‬مدة زمنية ‪ ،‬حتى ينشف عرقه ‪ ،‬بعد الفراغ من تقديم الشاي‬ ‫يتبع بشئ قليل من السماع ‪ ،‬ثم يختم الجمع بجاللة التسريح‪.‬‬


‫صور توضيحية‬ ‫لبعض اآلداب‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫جيلس املسمعون كجلوسهم يف حتية الصالة‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫جيلس املسمعون كجلوسهم يف حتية الصالة قدّام صدر اجمللس‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫جيلس الشيخ واملقدمون واألعيان والعلماء يف صدر اجمللس‬


‫ترتاص الصفوف مستوية خالل اجلمع‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫ترتاص الصفوف مستوية يف اجلمع برتك فجوات للمرور‬


‫منظر عام للجمع الروحي‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫يشكل املريدون دوائر أثناء العمارة (احلضرة) اليداليمنى فوق اليد اليسرى‬ ‫بينما القطب و النقيب يف الوسط لتنظيم الصفوف‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫أدب سقي الشاي للشيخ‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫سقي الشاي إىل الفقراء‬


‫مجع الفكر‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫مجع الفقريات‬


‫خامتة ‪:‬‬

‫يوصي الشيخ سيدي خالد رضي اهلل عنه الفقراء‬ ‫باحملافظة على هذه اآلداب و اإللتزام هبا قدر املستطاع‬ ‫وأن يتعلموهنا باملمارسة داخل زواياهم‬ ‫واهلل املوفق للصواب و السداد ‪ ،‬آمني‬ ‫و الصالة و السالم على خامت األنبياء املرسلني و على آله وصحبه أمجعني‪ ،‬و احلمد‬ ‫هلل رب العاملني‪.‬‬

‫الزاوية العالوية الكبرى بمستغانم‬ ‫غ ع غرس اهلل‬


‫يا أنا من هو أنا حتى آنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫همت في سكري‬

‫سمعوني طيب ألحان الغن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫فعسـ ـ ــى نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدري‬

‫كي نفيق يا فقرا من سكرتي‬

‫نقروا في العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود‬

‫و أحملوني فوق نعش ك ـ ـ ـ ــرمتي‬

‫عاشق مفقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود‬

‫واجعلوا من مائها في تـ ـ ـ ـ ــربتي‬

‫واعصروا العنق ـ ـ ـ ــود‬

‫عثرعلى هذا الناي ذو الـ ‪ 35‬ألف سنة يف مغارة هويل فلس يف جبال غورا األملانية‬

‫(طوله ‪ 21,8‬سم قطره ‪ 8‬ملم خبمسة ثقوب وضعت بدقة يف املكان املناسب للنوتة)‬


‫ملحق‬ ‫أحاديث و أقوال الصحابة و التابعين‬ ‫و العلماء في إباحة السماع و الغناء‬


‫‪40‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫نصوص من السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصالة‬ ‫وازكىالتسليم‬ ‫●‬

‫عن عائشة قالت إن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى‬

‫تدففان وتضربان وفي رواية تغنيان بما تقاولت األنصار يوم بعاث والنبي‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم عن وجهه فقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وفي رواية يا أبا‬ ‫بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫● روى البخاري عن الربيع بنت معوذ قالت ‪ :‬جاء رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم فدخل علي صبيحة بني بي فجلس على فراشي كمجلسك مني فجعلت‬ ‫جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت‬ ‫إحداهن وفينا نبي يعلم ما في الغد فقال دعي هذه وقولي الذي كنت تقولين‪.‬‬ ‫وفي رواية ابن ماجة عن الحسن المدني قال كنا بالمدينة يوم عاشوراء والجواري‬ ‫يضربن بالدف ويتغنين فدخلنا على الربيع بنت معوذ فذكرنا ذلك لها فقالت‬ ‫دخل علي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صبيحة عرسي وعندي جاريتان‬ ‫يتغنيان وتندبان آبائي الذين قتلوا يوم بدر وتقوالن فيما تقوالن وفينا نبي يعلم‬ ‫ما في غد فقال أما هذا فال تقولوه ما يعلم ما في غد إال اهلل‪.‬‬ ‫●‬

‫عن بريدة خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في بعض مغازيه فلما‬

‫انصرف جاءت جارية سوداء فقالت يا رسول اهلل إني نذرت إن ردك اهلل سالما‬ ‫أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى ‪ .‬فقال لها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪41‬‬

‫"إن كنت نذرت فاضربي وإال فال"‪. .‬رواه أحمد والترمذي وصححه‪.‬‬ ‫يقول الشيخ القرضاوي تعليقا على هذا الحديث‪ :‬والقائلون بالتحريم‬ ‫يخصون مثل ذلك من عموم األدلة على المنع‪ .‬أما المجوزون فيستدلون به‬ ‫على مطلق الجواز لما سلف وقد دلت األدلة على أنه ال نذر في معصية اهلل‬ ‫فاإلذن منه –ص‪ -‬لهذه المرأة بالضرب يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية‬ ‫في ذلك الموطن‪.‬‬ ‫●‬

‫روى النسائي عن السائب بن يزيد أن امرأة جاءت إلى رسول اهلل‬

‫صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬يا عائشة أتعرفين هذه؟ قالت ال يا نبي اهلل‪.‬‬‫فقال هذه قينة بني فالن تحبين أن تغنيك قالت نعم قال فأعطاها طبقا‬ ‫فغنتها فقال النبي صلى اهلل عليه وسلم قد نفخ الشيطان في منخريها‪.‬‬ ‫قال األدفوي ‪ :‬وسنده صحيح وكذا قال الشوكاني والكتاني‪.‬‬ ‫يقول الشيخ القرضاوي ‪ :‬دل هذا على إباحة الغناء من القينة ألنه ‪-‬ص‪-‬‬ ‫ال يأذن في حرام‪.‬كما يدل على وجود القينات المغنيات في العصر النبوي ولم‬ ‫ينكر وجودهن‪ .‬ودل على إباحة الغناء في غير العيد وفي غير العرس على‬ ‫خالف ما يقوله دعاة التحريم‪.‬‬ ‫●‬

‫وأخرج النسائي وغيره عن النبي‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬قال ‪" :‬فصل‬

‫ما بين الحالل والحرام الدف والصوت في النكاح"‪.‬‬ ‫وحسنه الترمذي وقال الحاكم‪ :‬صحيح اإلسناد ووافقه الذهبي‪.‬‬


‫‪42‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫أقوال الصحابة ومواقفهم رضوان اهلل عليهم‬ ‫●‬

‫عبد اهلل بن جعفر‪:‬‬ ‫قال ابن عبد البر في االستيعاب (‪ : )2/276‬كان عبد اهلل ال يرى بسماع الغناء بأسا‪.‬‬

‫وقال الذهبي في "سير أعالم النبالء" (‪ )3/456‬ترجمة ‪:93‬‬ ‫" كان ‪-‬أي عبد اهلل‪ -‬وافر الحشمة كثير التنعم وممن يستمع الغناء"‪.‬‬ ‫وقال العالمة األدفوي في كتابه اإلمتاع ‪" :‬وأما عبد اهلل بن جعفر بن أبي طالب‬ ‫فسماع الغناء عنه مشهور مستفيض نقله عنه الفقهاء والحفاظ وأهل التاريخ‬ ‫األثبات‪" ...‬‬ ‫●‬

‫عبد اهلل بن الزبير وبالل بن رباح ‪:‬‬ ‫قال أبو نعيم في أماليه ‪ :‬حدثنا محمد بن علي ثنا محمد بن الحسن بن‬

‫قتيبه ثنا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن هشام بن عروة عن وهب‬ ‫بن كيسان قال سمعت عبداهلل بن الزبير يترنم بالغناء وقال ما سمعت رجال‬ ‫من المهاجرين إال وهو يترنم‪.‬ورواه البيهقي وابن دقيق العيد بسنديهما عنه‪.‬‬ ‫وروى نحوه الفاكهي في "أخبار مكة" (‪ )3/27‬بسند صحيح‬ ‫●‬

‫حمزة بن عبد المطلب ‪:‬‬

‫ثبت في صحيح مسلم (‪ )4/658‬أنه كان عنده قينة تغنيه‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫●‬

‫‪43‬‬

‫عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف ‪:‬‬ ‫روى البيهقي في سننه (‪ )5/68‬أن الحارث بن عبد اهلل بن عياش أخبر أن‬

‫عبد اهلل بن عباس أخبره أنه بينا هو يسير مع عمر رضي اهلل عنه في طريق‬ ‫مكة في خالفته و معه المهاجرون و األنصار ‪ ،‬فترنم عمر رضي اهلل عنه‬ ‫ببيت ‪ ،‬فقال له رجل من أهل العراق ليس معه عراقي غيره ‪ :‬غيرك فليقلها يا‬ ‫أمير المؤمنين ‪ ،‬فاستحيا عمر رضي اهلل عنه من ذلك و ضرب راحلته حتى‬ ‫انقطعت من الموكب‪ .‬والشاهد‪ :‬لعل استحياء عمر –رضي اهلل عنه‪ -‬بسبب‬ ‫لفظ قاله في ترنمه وإال لقال له العراقي‪ :‬غيرك فليفعلها‪ .‬وقد رواها الحافظ‬ ‫ابن طاهر بسنده وقال فيها‪ :‬وإسناد هذه الحكاية كاألخذ باليد أي في الصحة‪.‬‬ ‫قال الجديع ‪( :‬أثر صحيح أخرجه البيهقي (‪ )5/69‬بإسناد صحيح)‬ ‫وروى كذلك (‪ )10/224‬عن الزهري قال ‪ :‬قال السائب بن يزيد ‪ :‬بينا‬ ‫نحن مع عبد الرحمن بن عوف في طريق الحج و نحن نؤم مكة ‪ ،‬اعتزل عبد‬ ‫الرحمن رضي اهلل عنه الطريق ‪ ،‬ثم قال لرباح بن المغترف ‪ :‬غننا يا أبا حسان‬ ‫‪ ،‬وكان يحسن النصب ‪ ،‬فبينا رباح يغنيهم أدركهم عمر بن الخطاب رضي اهلل‬ ‫عنه في خالفته ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما هذا ‪ ،‬فقال عبد الرحمن ‪ :‬ما بأس بهذا نلهو ونقصر‬ ‫عنا فقال عمر رضي اهلل عنه ‪ :‬فإن كنت آخذا فعليك بشعر ضرار بن الخطاب‪.‬‬ ‫وقال الجديع ‪( :‬أثر صحيح أخرجه البيهقي (‪ )10/224‬و ابن عساكر في‬ ‫"تاريخه" (‪ )24/400‬بإسناد صحيح)‪.‬‬ ‫َر‬ ‫َع ُعم َ‬ ‫قال ‪َ :‬خ َر ْجنا م َ‬ ‫حاطب بن أبي َب ْل َت َعةَ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َو َروى َعبدُالرحمن بن‬ ‫باح‬ ‫َر‪ ،‬حتى إذا كُنا بالروحا ِء ‪ ،‬كَل َم القَو ُم َر َ‬ ‫الخطاب في الحج األكب ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن‬


‫‪44‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫باح‬ ‫َر ِب ‪ ،‬فَقالُوا‪ :‬أسمِعنا يا َر ُ‬ ‫كان َح َس َن الصوت بغِنا ِء الع َ‬ ‫ف َو َ‬ ‫َر ِ‬ ‫بن المغت ِ‬ ‫َ‬ ‫َر فَقالُوا‪ :‬إنا‬ ‫َر‪ ،‬فكلَ َم القَو ُم ُعم َ‬ ‫أفر ُق من ُعم َ‬ ‫قال‪ :‬إني َ‬ ‫المسير‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َوقَصر َعنا‬ ‫باح‬ ‫َقال‪ :‬يا َر ُ‬ ‫َن لهُ‪ ،‬ف َ‬ ‫المسير‪ ،‬فأبى إال أن تأذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُقصر عنا‬ ‫كلمنا َرباحاً يُس ِمعُنا وب ُ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫فارفَع‪َ .‬‬ ‫الس َحر) ْ‬ ‫أسح ْر َت (بلغت وقت َ‬ ‫المسير‪ ،‬فإذا َ‬ ‫َ‬ ‫أس ِم ْعهُم وقصر عنهُم‬ ‫ُون‪.‬‬ ‫ُحرم َ‬ ‫وهم م ِ‬ ‫قير َت َه يتغنى ُ‬ ‫َع َع َ‬ ‫فرف َ‬ ‫اب‪َ ،‬‬ ‫الخط ِ‬ ‫رار بن َّ‬ ‫ض ِ‬ ‫عر ِ‬ ‫َحدا لهُم من ِش ِ‬ ‫وَ‬ ‫قال الجديع ‪( :‬أثر حسن أخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(‪))1/658‬‬ ‫ِن‬ ‫ال َيتَغنى بفَالة م َ‬ ‫َر َر ُج ً‬ ‫ِع ُعم ُ‬ ‫قال‪َ :‬سم َ‬ ‫الخطاب‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بن‬ ‫َر ِ‬ ‫َعن أسلَ َم مَولى ُعم َ‬ ‫وَ‬ ‫الراكب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َقال‪ :‬الغِنا ُء من زا ِد‬ ‫الركبان)‪ ،‬ف َ‬ ‫ِ‬ ‫َه َو يَحدو بغِنا ِء‬ ‫(وفى ِروايَة‪ :‬و ُ‬ ‫األرض ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال الجديع ‪( :‬أثر حسن أخرجه البيهقي (‪ )10/68‬بإسناد حسن)‬ ‫●‬

‫سعد بن أبي وقاص‪:‬‬ ‫روى ابن قتيبة بسنده إلى سليمان بن يسار أنه سمع سعد بن‬

‫أبي وقاص يتغنى بين مكة والمدينة فقال سليمان ‪ :‬سبحان اهلل أتفعل‬ ‫هذا وأنت محرم؟ فقال سعد‪ :‬يا ابن أخي وهل تسمعني أقول هجرا؟‬ ‫الرخصة في السماع البن قتيبة ونقله عنه في اإلمتاع ص ‪ 96‬والتراتيب‬ ‫اإلدارية للكتاني (‪ )2/134‬وإيضاح الدالالت ص ‪13‬‬ ‫●‬

‫أبو مسعود عقبة بن عمرو األنصاري وزيد بن ثابت وقرظة بن كعب‬

‫األنصاري ‪:‬‬ ‫روى البيهقي بسنده عن الزهري أنه سمع أبو مسعود وهو على‬ ‫راحلته وهو أمير الجيش رافعا عقيرته يتغنى النصب‪.‬السنن الكبرى للبيهقي‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪45‬‬

‫(‪.)10/225‬‬ ‫●‬

‫بالل بن أبي رباح ‪:‬‬ ‫روى البيهقي (‪ )10/225‬وعبد الرزاق (‪ )11/5‬بسنديهما إلى عبد اهلل‬

‫بن الزبير قال ‪ :‬تغنى بالل وكان متكئا فقال له رجل ‪ :‬تغني؟فاستوى جالسا ثم‬ ‫قال ‪ :‬وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب؟!‬ ‫●‬

‫عبد اهلل بن األرقم ‪:‬‬ ‫روى البيهقي بسنده إلى الزهري قال‪:‬أخبرني عبيد اهلل بن عبد اهلل‬

‫بن عتبة أن أباه أخبره أنه سمع عبد اهلل بن األرقم رافعا عقيرته يتغنى‪.‬‬ ‫قال عبد اهلل بن عتبة ‪ :‬وال واهلل ما رأيت رجال قط ممن رأيت وأدركت‪,‬أراه‬ ‫قال ‪ :‬كان أخشى هلل من عبد اهلل بن األرقم‪ .‬قال الجديع ‪( :‬أثر صحيح أخرجه‬ ‫البيهقي (‪ )10/225‬بإسناد صحيح)‬ ‫●‬

‫عبد اهلل بن عمر‪:‬‬ ‫روى ابن قتيبة بسنده أنه كان يدعو عبد اهلل بن أسلم وخالد بن أسلم‬

‫فيغنيان له‪( .‬اإلمتاع ص ‪)10‬‬ ‫وذكر ابن حزم بسنده إلى ابن سيرين‪ :‬إن رجال قدم المدينة بجوار‬ ‫فنزل على عبد اهلل بن عمر وفيهن جارية تضرب فجاء رجل فساومه فلم يهو‬ ‫منهن شيئا قال ‪ :‬انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعا من هذا قال ‪ :‬من هو ؟‬ ‫قال ‪ :‬عبد اهلل بن جعفر فعرضهن عليه فأمر جارية منهن فقال ‪ " :‬خذي‬


‫‪46‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫العود " فأخذته فغنت فبايعه ثم جاء إلى ابن عمر ‪ . . .‬إلى آخر القصة‪.‬‬ ‫على اختالف في اسم اآللة التي عزفت بها وصحح إسناده ابن حزم‬ ‫●‬

‫البراء بن مالك ‪:‬‬ ‫روى أبو نعيم والحاكم بسنديهما إلى أنس بن مالك قال‪ :‬كان البراء بن‬

‫مالك رجال حسن الصوت فكان يرجز لرسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪.-‬‬ ‫صححه الحاكم ووافقه الذهبي‪.‬‬ ‫●‬

‫حسان بن ثابت ‪:‬‬ ‫الزنَادِ‪َ ،‬ع ْن‬ ‫ْن أَبِي ِّ‬ ‫ْرهُ‪َ :‬ع ِن اب ِ‬ ‫َغي ُ‬ ‫ِي‪ ،‬و َ‬ ‫َص َمع ُّ‬ ‫جاء في السير للذهبي عن األ ْ‬

‫ض ُر ُه‬ ‫َح ُ‬ ‫ال ي ْ‬ ‫ات‪َ ،‬و َ‬ ‫ْس ِ‬ ‫ُري َ‬ ‫ُو ُن فِي الع َ‬ ‫َان ال ِغنَا ُء َيك ْ‬ ‫َال ‪ :‬ك َ‬ ‫بن َز ْيدٍ‪ ،‬ق َ‬ ‫ار َج َة ِ‬ ‫أَِب ْيهِ‪َ ،‬ع ْن َخ ِ‬ ‫ِت‪،‬‬ ‫ان بن ثَاب ٍ‬ ‫َان ِف ْيهَا َح َّس ُ‬ ‫ْعاةٌ‪ ،‬ك َ‬ ‫ْط َمد َ‬ ‫َان فِي َبنِي نُ َبي ٍ‬ ‫َومِ‪ ،‬ك َ‬ ‫الس َف ِه كَالي ْ‬ ‫ِن َّ‬ ‫َش ْي ٌء م َ‬ ‫َان‪:‬‬ ‫ْشد ِ‬ ‫َان تُن ِ‬ ‫ار َيت ِ‬ ‫َج ِ‬ ‫ِي ‪ -‬و َ‬ ‫وَا ْبنُ ُه ‪َ -‬و َق ْد َعم َ‬ ‫َحد‬ ‫ِن أ َ‬ ‫َاء م ْ‬ ‫ُو َن ال َب ْلق ِ‬ ‫ِس د ْ‬ ‫ُؤن ُ‬ ‫ِّق َه ْل * ت ْ‬ ‫َاب ِجل َ‬ ‫َي ِبب ِ‬ ‫ْظ ْر َخلِ ْيل َّ‬ ‫ان ُ‬ ‫الس َن ِد‬ ‫َان َو َّ‬ ‫ْن ال ُك ْثب ِ‬ ‫ِس َبي َ‬ ‫َحب ِ‬ ‫ِن الـ * ـم ْ‬ ‫َن م َ‬ ‫َاء إِ ْذ َظع َّ‬ ‫َال َش ْعث َ‬ ‫َجم َ‬ ‫أْ‬ ‫ِي‬ ‫ِلجا ِر َيةِ‪ِ :‬ز ْيد ْ‬ ‫ُو ُل ل َ‬ ‫ان َي ْبكِي‪َ ،‬و َهذَا ِش ْع ُر ُه * َوا ْب ُن ُه َيق ْ‬ ‫َل َح َّس ُ‬ ‫َجع َ‬ ‫فَ‬ ‫َو ِف ْي ِه ‪:‬‬ ‫ُو ِه كَال َب َر ِد‬ ‫الوجــ ْ‬ ‫ان ُ‬ ‫ْط ِح َس َ‬ ‫الر * ي ِ‬ ‫ُل فِي َّ‬ ‫َرف ُ‬ ‫ُو ِن ت ْ‬ ‫ْن ُح ْو َر العُيـــ ْ‬ ‫َح ِمل َ‬ ‫يْ‬ ‫ـــاب كَال ِق َد ِد‬ ‫الس َح ُ‬ ‫ـج َعلَ ْي ِه َّ‬ ‫الثلْـ * ِ‬ ‫َل َّ‬ ‫َها َجب ُ‬ ‫ُصرَى َو َخ ْلف َ‬ ‫ُو ِن ب ْ‬ ‫ِن د ْ‬ ‫مـ ْ‬ ‫َه ِد‬ ‫ُجتـــــ ِ‬ ‫ْن م ْ‬ ‫َر ال َي ِمي ِ‬ ‫ِها * ِح ْل َف َة ب ِّ‬ ‫ْحــــــــــــــر َ‬ ‫َت لِ َمن َ‬ ‫ُرب ْ‬ ‫ْن إِ ْذ ق ِّ‬ ‫َوال ُبد ُ‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪47‬‬

‫َح ِد‬ ‫ِن أ َ‬ ‫َّــاك م ْ‬ ‫ْت ُحبِّي إِي ِ‬ ‫َح َبب ُ‬ ‫ِم ِت َو َال * أ ْ‬ ‫ْت َع ْن َع ْه ِد مـــــَا َعل ْ‬ ‫مَا ُحل ُ‬ ‫ُسا ِم ِر ال َغ ِر ِد‬ ‫ص ْو َت الم َ‬ ‫َجـ * ـ ِر َو َ‬ ‫ض ِح الف ْ‬ ‫َان فِي َو َ‬ ‫الن ْدم ِ‬ ‫ْث ُّ‬ ‫َه َوى َح ِدي َ‬ ‫أْ‬ ‫ان‪َ ،‬و َبكَى‪)2/521( .‬‬ ‫َط ِر َب َح َّس ُ‬ ‫فَ‬ ‫وجاء في رسالة الشوكاني (إبطال دعوى اإلجماع ص‪ )2‬عن صالح‬ ‫بن حسان األنصاري قال ‪ :‬كانت عزة الميالء موالة لنا وكانت عفيفة جميلة‬ ‫وكان عبد اهلل بن جعفر وابن أبي عتيق وعمر بن أبي ربيعة يغشونها في‬ ‫منزلها فتغنيهم وكان حسان معجبا بعزة الميالء وكان يقدمها على سائر قيان‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫وجاء في الكامل للمبرد وذكره الزبيدي في شرح اإلحياء وقال ‪ :‬ذكر‬ ‫ذلك أيضا صاحب التذكرة الحمدونية وابن المرزبان (‪ )7/569‬عن خارجة‬ ‫بن زيد قال ‪ :‬دعينا إلى مأدبة فحضرنا وحضر حسان بن ثابت وكان قد ذهب‬ ‫بصره ومعه ابنه عبد الرحمن فجلسنا جميعا على مأدبة فلما فرغ الطعام أتونا‬ ‫بجاريتين مغنيتين إحداهما‪ :‬ربعة واألخرى عزة الميالء فجلست وأخذت‬ ‫بمزهريهما وضربتا ضربا عجيبا وغنتا بشعر حسان ‪:‬‬ ‫فال زال قصر بين بصرى وجلق * عليه من الوسمى جود ووابل‬ ‫فسمع حسان يقول ‪ :‬قد أراني هناك سميعا بصيرا وعيناه تدمعان فإذا سكتتا‬ ‫سكنت عينه وإذا غنتا بكى! وكنت أرى عبد الرحمن ابنه إذا سكنتا يشير إليهما‬ ‫أن غنيا!‬


‫‪48‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫●‬

‫معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ‪:‬‬ ‫روى ابن قتيبة بسنده‪ :‬أن معاوية سمع عند ابنه يزيد الغناء على العود‬

‫فطرب لذلك‪.‬‬ ‫●‬

‫أسامة بن زيد ‪:‬‬ ‫روى البيهقي (‪ )10/224‬وكذلك عبد الرزاق (‪ )11/5‬بسنده‬

‫عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن عبد اهلل بن الحارث بن‬ ‫نوفل قال ‪ :‬رأيت أسامة بن زيد جالسا في المجلس رافعا إحدى‬ ‫رجليه على األخرى رافعا عقيرته قال ‪ :‬حسبته قال ‪ :‬يتغنى النصب‪.‬‬ ‫وفي رواية أخرى عند البيهقي ‪ :‬أنه رأى أسامة بن زيد في مسجد رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬مضجعا رافعا إحدى رجليه على األخرى يتغنى النصب‪.‬‬‫قال الجديع ‪( :‬أثر صحيح أخرجه البيهقي (‪ )10/225‬و ابن عبد البر في‬ ‫"التمهيد" (‪ )22/197‬و إسناده صحيح)‬ ‫●‬

‫عمران بن حصين ‪:‬‬ ‫روى البخاري في األدب المفرد عن مطرف بن عبد اهلل قال ‪ :‬صحبت‬

‫عمران من الكوفة إلى البصرة فقل منزل بنزلة إال أنشدنا فيه الشعر وقال إن‬ ‫في معاريض الكالم لمندوحة عن الكذب‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪49‬‬

‫أقوال التابعين ومواقفهم رضوان اهلل عليهم‬ ‫●‬

‫سعيد بن المسيب ‪:‬‬ ‫روى ابن عبد البر‪ :‬أنه سمع الغناء واستلذ به وضرب برجله وقال ‪ :‬هذا‬

‫واهلل ما يلذ سماعه‪.‬نقله عنه الشوكاني في النيل (‪ )8/106‬واألدفوي ص ‪106‬‬ ‫وأورد القصة كذلك ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص ‪ 251‬وابن السمعاني في‬ ‫الذيل والطبراني‪ .‬وروى ابن سعد في الطبقات (‪ )5/134‬والذهبي في السير‬ ‫(‪ )4/241‬أن سعيد بن المسيب كان يرخص لبنته في الكبر –يعني في الطبل‬ ‫الكبير‪ -‬المدور المجلد من وجهين‪.‬‬ ‫●‬

‫القاضي شريح ‪:‬‬ ‫نقل القاضي أبو منصور البغدادي في مؤلفه السماع قال‪ :‬كان يصوغ‬

‫األلحان ويسمعها من القيان‪.‬‬ ‫وقال الغزالي في اإلحياء (‪ )2/249‬والشوكاني في النيل (‪: )8/106‬‬ ‫كان يسمع الغناء ويعزف األلحان وكان يصوغ األلحان ويميز بين البسيط‬ ‫والمديد والخفيف‪.‬‬ ‫●‬

‫الشعبي ‪:‬‬ ‫نقل القاضي أبو منصور البغدادي قال‪ :‬كان يقسم األصوات إلى الثقيل‬

‫األول وإلى الثقيل الثاني وما بعدهما من المراتب‪ .‬نقله عنه أبو منصور النابلسي‬ ‫في إيضاح الدالالت ص ‪ 17‬والشوكاني في النيل (‪.)8/106‬‬


‫‪50‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫●‬

‫عبد اهلل بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المعروف‬

‫بابن أبي عتيق ‪:‬‬ ‫روى األستاذ أبو منصور البغدادي (نقله عنه النابلسي في‬ ‫إيضاح الدالالت ص ‪ )17‬بسنده أنه ‪ :‬رغم كونه فقيها ناسكا كان‬ ‫يعلم القيان الغناء وسماعه كثير مشهور ال يختلف فيه أهل األخبار‬ ‫باألسانيد الجياد وكان كثيرالبسط والخالعة مع فقه وزهد ونسك وعبادة‪.‬‬ ‫يقول الشيخ القرضاوي ‪ :‬ال يقصد بالخالعة ما هو شائع اليوم من الميل إلى‬ ‫الفسق والفجور وإنما يقصد بها التبسط في اللهو والتوسع في رفاهية العيش‪.‬‬ ‫●‬

‫عطاء بن أبي رباح ‪:‬‬ ‫ونقل ابن قتيبة عن عطاء ‪:‬أنه ختن ولده وعنده األبجر يغني‪.‬‬

‫نقله عنه الشوكاني في النيل (‪ )8/106‬وصاحب إيضاح الدالالت ص ‪18‬‬ ‫وقد روى هذا الفاكهي في أخبار مكة (‪ )3/23‬مع زيادة في القصة‪.‬‬ ‫وقال الغزالي ‪ :‬وكان لعطاء جاريتان يلحنان فكان إخوته يستمعون‬ ‫إليهما‪.‬اإلحياء (‪ )2/248‬وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص ‪.234‬‬ ‫وقال األستاذ أبو منصور‪ :‬إنه كان يقسم األصوات إلى الثقيل األول وإلى الثقيل‬ ‫الثاني وما بعدهما من المراتب‪.‬‬ ‫وروى ابن قتيبة بسنده إلى إبراهيم المخزومي قال ‪ :‬أرسلني أبي إلى‬ ‫عطاء بن أبي رباح أسأله عن مسألة فأتيته فوجدته في دار العقبى وعليه ملحفة‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪51‬‬

‫معصفرة فقالوا له ‪ :‬يا أبا محمد لو أذنت لنا أرسلنا إلى العريض وابن سريج‬ ‫فقال ‪ :‬افعلوا ما شئتم‪...‬فيعثوا إليهما فحضرا وغنيا وعطاء يسمعهما حتى إذا‬ ‫مالت الشمس قام إلى منزله‪.‬‬ ‫●‬

‫عمر بن عبد العزيز‪:‬‬ ‫روى ابن قتيبة أنه كان قبل الخالفة يسمع من جواريه خاصة وال‬

‫يظهر منه إال الجميل وربما صفق بيديه وتمرغ على فراشه طربا‬ ‫وضرب برجليه‪.‬انظر النيل (‪ )8/106‬وإيضاح الدالالت ص ‪18‬‬ ‫وقد أثبت أمثال الذهبي في السير (‪ )5/370‬وتاريخ اإلسالم (‪ )5/19‬والمزي في‬ ‫تهذيب الكمال (‪ )3/1551‬وابن حجر في تهذيب التهذيب (‪ )11/311‬أنه إبان‬ ‫إمرته على المدينة كان يجالس ويأنس بيعقوب بن دينار الماجشون المشهور‬ ‫بتعليم الغناء واتخاذ القيان‪.‬‬ ‫●‬

‫يعقوب بن دينار بن أبي سلمة "أبو يوسف الماجشون" ‪:‬‬ ‫روى الذهبي في السير(‪ )5/370‬وتاريخ اإلسالم (‪ )5/19‬والمزي‬

‫في تهذيب الكمال (‪ )3/1551‬وابن خلكان في وفيات األعيان (‪)6/276‬‬ ‫وابن حجر في تهذيب التهذيب (‪ )11/388‬عن مصعب بن عبد اهلل قال‪:‬‬ ‫كان يعلم الغناء ويتخذ القيان ظاهرا أمره في ذلك مع صدقه في الرواية‪.‬‬ ‫وقال مصعب الزبيري ‪ :‬إنما سمي الماجشون لكونه كان يعلم الغناء ويتخذ‬ ‫القيان وكان يجالس عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز في إمرته للمدينة‪.‬‬ ‫وأورد ابن خلكان بعض أسماء المعازف التي كان يستعملها ومنها الكبر‬


‫‪52‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫والبربط‪.‬‬ ‫●‬

‫عكرمة مولى عبد اهلل بن عباس ‪:‬‬ ‫ذكر الذهبي في السير(‪ )5/27‬قال ‪ :‬قال يزيد بن هارون‬

‫قدم عكرمة البصرة فأتاه أيوب وسليمان التيمي ويونس فبينا هو‬ ‫يحدثهم إذ سمع صوت غناء فقال ‪ :‬امسكوا ثم قال ‪ :‬قاتله اهلل لقد أجاد‪.‬‬ ‫فأما سليمان ويونس فما عادا إليه وعاد إليه أيوب فأحسن أيوب‪.‬‬ ‫●‬

‫سالم بن عبد اهلل بن عمر‪:‬‬ ‫ذكر الحافظ ابن طاهر بسنده أن سالم سمع الغناء من أشعب وساقه ابن‬

‫السمعاني بأسانيده في أوائل الذيل‪.‬‬ ‫●‬

‫سعيد بن جبير‪:‬‬ ‫ذكر ابن طاهر بسنده عن امرأة عمرو بن األصم قالت ‪ :‬مررنا ونحن‬

‫جوار بسعيد بن جبير ومعنا جارية تغني ومعها دف وهي تقول ‪:‬‬ ‫لئن فتنتني فهي باألمس أفتنت * سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم‬ ‫وألقى مفاتيح القراءة واشترى * وصال الغواني بالكتاب المنمنم‬ ‫فقال سعيد‪:‬تكذبين تكذبين!!‬ ‫ورواه الفاكهي في تاريخ مكة وابن السمعاني في الذيل‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪53‬‬

‫أقوال تابعي التابعين ومن بعدهم ومواقفهم رحم اهلل الجميع‬ ‫قال الشوكاني في النيل (‪ : )8/105‬فيما نقله عن ابن النحوي ‪ :‬فهم قوم‬ ‫ال يحصون‪.‬‬ ‫عبد الملك بن جريج وهو من العلماء الحفاظ والفقهاء العباد المجمع على عدالته‬ ‫وجاللته وكان يسمع الغناء ويعرف األلحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف‬ ‫وكان يسمع الغناء فتسيل دموعه على لحيته ثم يقول‪ :‬إن من الغناء لما يذكر بالجنة‪.‬‬ ‫ونقل ذلك عن اإلمام الغزالي في اإلحياء (‪ )2/249‬وذكر ذلك أيضا األستاذ‬ ‫أبو منصور‪.‬‬ ‫قال صاحب التذكرة الحمدونية ‪ :‬قال داود المكي‪ :‬كنا في حلقة ابن جريج‬ ‫وهو يحدثنا وعنده جماعة منهم عبد اهلل بن المبارك وجماعة من العراقيين إذ‬ ‫مر به مغن فقال له‪ :‬أحب أن تسمعني فقال له‪:‬إني مستعجل فألح عليه فغناه‬ ‫فقال له‪ :‬أحسنت أحسنت ثالث مرات ثم التفت إلينا فقال‪:‬لعلكم أنكرتم فقالوا‪:‬‬ ‫إنا ننكره في العراق فقال‪:‬ما تقولون في الرجز يعني الحداء؟ قالوا‪ :‬ال بأس‬ ‫به‪ .‬قال‪ :‬وأي فرق بينه وبين الغناء!‬ ‫أما محمد بن علي بن أبي طالب فقال ابن قتيبة ‪ :‬أنه سئل عن الغناء فقال ‪:‬‬ ‫ما أحب أن أمضي إليه ولو دخل علي ما خرجت منه ولو كان في موضع لي‬ ‫فيه حاجة ما امتنعت من الدخول‪.‬‬


‫‪54‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫أما محمد بن سيرين فقد روى ابن أبي شيبة عن ابن عون قال ‪ :‬كان في‬ ‫آل محمد (يعني ابن سيرين) مالك (أي زواج) فلما أن فرغوا ورجع محمد‬ ‫إلى منزله قال لهن (أي للنساء)‪ :‬أين طعامكن؟ قال ابن عون‪:‬يعني الدف‪.‬‬ ‫●‬

‫إسحاق بن إبراهيم الموصلي ‪:‬‬ ‫َال َم ُة‬ ‫إلمَامُ‪ ،‬الع َّ‬ ‫ترجم له الذهبي في السير (‪ )11/118-121‬فقال ‪ :‬ا ِ‬

‫ِي‬ ‫الت ِم ْيم ُّ‬ ‫ُو ٍن َّ‬ ‫بن َم ْيم ْ‬ ‫اه ْي َم ِ‬ ‫ْر ِ‬ ‫بن إِب َ‬ ‫اق ُ‬ ‫ِس َح ُ‬ ‫ُح َّم ٍد إ ْ‬ ‫ُو ِن‪ ،‬أَبُو م َ‬ ‫ِظ‪ ،‬ذُو ال ُفن ْ‬ ‫الحاف ُ‬ ‫َ‬ ‫ْف‬ ‫َّصا ِني ِ‬ ‫ِق‪َ ،‬والت َ‬ ‫الرائ ِ‬ ‫الش ْع ِر َّ‬ ‫ُو ِسيقَى‪َ ،‬و ِّ‬ ‫اح ُب الم ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫َار ُّي‪َ ،‬‬ ‫َخب ِ‬ ‫ِي‪ ،‬األ ْ‬ ‫صل ُّ‬ ‫َو ِ‬ ‫الم ْ‬ ‫َر َت َبةِ‪.‬‬ ‫ُو الم ْ‬ ‫ْث‪َ ،‬و ُعل ِّ‬ ‫ِالح ِدي ِ‬ ‫َص ِر ب َ‬ ‫َّاس‪َ ،‬والب َ‬ ‫َع ال ِف ْقهِ‪َ ،‬واللُّ َغةِ‪َ ،‬وأَيَّا ِم الن ِ‬ ‫أل َدب َِّيةِ‪ ،‬م َ‬ ‫اَ‬ ‫وبعد أن ذكر شيوخه وتالميذه وبعض وقائع حياته وثناء العلماء عليه‬ ‫َن‬ ‫ُو ُل‪ :‬أل ْ‬ ‫ُنس َب إِلَى ال ِغنَا ِء‪َ ،‬و َيق ْ‬ ‫َن ي َ‬ ‫َكر ُه أ ْ‬ ‫َان ي َ‬ ‫اق‪ :‬أ ََّن ُه ك َ‬ ‫ِس َح َ‬ ‫قال ‪َ :‬ع ْن إ ْ‬ ‫َال َعنِّي‪ُ :‬مغَنِّي‪.‬‬ ‫َن ُيق َ‬ ‫ِن أ ْ‬ ‫َي م ْ‬ ‫َح ُّب إِل َّ‬ ‫َار ِع‪ ،‬أ َ‬ ‫ْسي بِال َمق ِ‬ ‫ُضر َب َعلَى َرأ ِ‬ ‫أ َ‬ ‫َضاءَ‪.‬‬ ‫اق بِال ِغنَاءِ‪ ،‬لَ َولَّ ْيتُ ُه الق َ‬ ‫ِس َح َ‬ ‫ْر ُة إ ْ‬ ‫ال ُشه َ‬ ‫َو َ‬ ‫ُو ُن ‪ :‬ل ْ‬ ‫َال ال َم ْأم ْ‬ ‫َوق َ‬ ‫●‬

‫إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري (شيخ الشافعي) ‪:‬‬ ‫روى الخطيب البغدادي في تاريخه (‪ )6/84‬أنه سئل عن الغناء فأفتي‬

‫بتحليله‪ ،‬وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى‬ ‫فقال لقد كنت حريصا على أن أسمع منك‪ ،‬فأما اآلن فال سمعت منك حديثا أبدا‬ ‫فقال إذا ال أفقد إال شخصك علي‪ ،‬وعلي إن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى‬ ‫أغني قبله ; وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث‬ ‫المخزومية التي قطعها النبي صلى اهلل عليه وسلم في سرقة الحلي فدعا بعود‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪55‬‬

‫فقال الرشيد أعود المجمر؟ قال ال ولكن عود الطرب‪ ،‬فتبسم ففهمها إبراهيم‬ ‫بن سعد‪ ،‬فقال لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني باألمس‬ ‫وألجأني إلى أن حلفت‪ ،‬قال نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه‬ ‫يا أم طلحة إن البين فد أفدا * قل الثواء لئن كان الرحيل غدا‬ ‫فقال الرشيد من كان من فقهائكم يكره السماع؟ قال من ربطه اهلل‪ ،‬قال فهل‬ ‫بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء؟ قال ال واهلل‪ ،‬إال أن أبي أخبرني أنهم‬ ‫اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم من فقهه‬ ‫وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع‬ ‫وهو يغنيهم‬ ‫سليمى أجمعت بينا * فأين لقاؤها أينا‬ ‫وقد قــــالت ألتراب * لها زهر تالقينا‬ ‫تعــــــالين فقد طاب * لنا العيش تعالينا‬ ‫فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم‪.‬‬ ‫●‬

‫المنهال بن عمرو األسدي موالهم الكوفي ‪:‬‬ ‫وهو ثقة من رجال الحديث المعروفين وكان حسن الصوت‬

‫وكان له لحن يقال له ‪ :‬وزن سبعة‪ .‬وكان يأذن لبناته بضرب الطنبور‪.‬‬ ‫قال شعبة بن الحجاج ‪ :‬أتيت منزل المنهال فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت‬ ‫ولم أسأله‪ .‬قال ابن أبي حازم بعد ذكر هذه الحكاية ‪ :‬فإن هذا ليس بجرح إال‬


‫‪56‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫إن تجاوز إلى حد التحريم ولم يصح ذلك عنه وجرحه بهذا تعسف ظاهر‪.‬‬ ‫ذكر ذلك كله ابن عدي في الكامل (‪ )6/233‬والذهبي في الميزان (‪)4/193‬‬ ‫وابن حجر في تهذيب التهذيب (‪ )10/319‬وقال الذهبي‪ :‬وهو ال يوجب غمز‬ ‫الشيخ وقال مثله الحافظ ابن حجر‬ ‫●‬

‫سفيان بن عيينة ‪:‬‬ ‫ذكر ذلك عنه الشيخ الماوردي في "الحاوي" (‪.)2/548‬‬

‫وكذلك نقل عنه الحافظ الزبير بن بكار –وهو تلميذه‪ -‬في الموفقيات (نقله عنه‬ ‫الحافظ النابلسي في إيضاح الدالالت ص ‪ )22‬في قصة قدوم ابن جامع مكة بمال‬ ‫كثير فقال سفيان ألصحابه‪ :‬عالم يعطي ابن جامع هذه األموال؟ قالوا ‪:‬على الغناء‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ما يقول؟ قالوا‪ :‬يقول ‪:‬‬ ‫أطوف بالبيت مع من يطوف * وأرفع من مئزري للعمل‬ ‫وأسجد بالليل حتــى الصباح * وأتلوا من المحكم المنزل‬ ‫قال ‪ :‬أحسن وأصلح ثم ماذا؟ قالوا ‪ :‬يقول ‪:‬‬ ‫عسى فارج الهم عن يوسف * يسخر لي ربة المحمل‬ ‫قال ‪ :‬أفسد الخبيث ما أصلح ال سخرها اهلل له‪ .‬وساقه المبرد في الكامل إال أنه‬ ‫قال ‪ :‬حالال حالال‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪57‬‬

‫وقال الشوكاني في رسالته في السماع ص ‪ :18‬إن السماع بآلة وغيرها‬ ‫من مواطن الخالف بين أهل العلم ومن المسائل التي ينبغي التشديد في النكير‬ ‫على فاعلها‪ .‬وهذا الغرض هو الذي حملنا على جمع هذه الرسالة ألن في‬ ‫الناس من يزعم لقلة عرفانه بعلوم االستدالل وتعطل جوابه عن الدراية‬ ‫باألقوال ‪ :‬إن تحريم الغناء بآلة وغيرها من القطعيات المجمع على تحريمها‪.‬‬ ‫وقد علمت أن هذه الفرية ما فيها مرية وجهالة ال محالة وقصر باع بغير نزاع‪.‬‬ ‫فهذا هو األمر الباعث على جمع هذه المباحث ‪ :‬لما ال يخفى على عارف أن‬ ‫رمي من ذكرنا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وجماعة من أئمة المسلمين‬ ‫بارتكاب محرم قطعا من أشنع الشنع وأبدع البدع وأوحش الجهاالت وأفحش‬ ‫الضالالت فقصدنا الذب عن أعراضهم الشريفة والدفع عن هذا الجناب للعقول‬ ‫السخيفة‪..‬أ‪.‬هـ‬ ‫ويقول ابن كنانة في شرح الخرشي على خليل (‪ :)3/304‬تجوز الزمارة‬ ‫والبوق التي ال تلهي كل اللهو‪.‬‬ ‫ويقول الونشريسي في المعيار (‪ : )11/108‬لما سئل عن الضرب‬ ‫بالطار المزنج واألكف؟ هل ذلك مما يجوز سماعه أو هو مكروه أو محرم‪.‬‬ ‫فأجاب ‪ :‬الطار المزنج والضرب باألكف ال يقال في ذلك إنه حرام بمجرده إال‬ ‫أن يقترن به محرم فيحرم بسبب ما صحبه لكن ضرب األكف من باب اللهو‬ ‫يفتقر ذلك في العرس الذي أباح الشرع فيه بعض اللهو وأما في غير ذلك فهو‬ ‫لعب ولهو وال يتعاطى ذلك مهتم بدينه أ‪.‬هـ‬


‫‪58‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫●‬

‫اإلمام أبو حنيفة النعمان ‪:‬‬ ‫نقل ابن قتيبة في الرخصة‪ :‬عن اإلمام أبي حنيفة أنه كان له رجل وكان‬

‫في كل ليلة يغني وكان يستمع إليه وذات مرة فقد صوته فسأل عنه؟ فقيل ‪ :‬إنه‬ ‫وجد بالليل فسجن فلبس أبو حنيفة عمامته وتوجه إلى األمير ابن عيسى فشفع‬ ‫فيه فأخرج من سجنه‪ .‬أ‪.‬هـ باختصار‪ .‬وذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد‬ ‫وكذلك أوردها بزيادات كثيرة الحافظ أبو محمد عبد الواحد بن علي التميمي‬ ‫المراكشي صاحب كتاب (المعجب في أخبار أهل المغرب)‬ ‫●‬

‫اإلمام مالك بن أنس ‪:‬‬ ‫قال القرطبي في تفسيره (‪ :)14/55‬حكى عنه ‪-‬أي عن مالك‪ -‬زكريا الساجي‬

‫أنه كان ال يرى بالغناء بأسا‪.‬‬ ‫قال الونشريسي في المعيار (‪ :)11/80‬قال معن بن عيسى ‪ :‬أتى ابن‬ ‫سرجون الشاعر إلى مالك وقال له ‪:‬قلت شعرا وأردت أن تراه وتسمعه فقال‬ ‫مالك‪ :‬ال –وظن أنه هجاه‪ -‬فقال‪ :‬لتسمعنه فقال‪:‬هات فأنشده ‪:‬‬ ‫سلوا مالك المفتي عن اللهو والغنا * وحب الحسان المعجبات العواتك‬ ‫فيفتـيكم أنـي مصيب وإنمـا * أسلي هموم النفس عني بذلك‬ ‫فهل محب يكتم الحب والنوى * أثام وهل في صحة المتهـــالك‬ ‫قال ‪ :‬فضحك مالك وكان قليل الضحك‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪59‬‬

‫وقال مالك ‪ :‬إن اللهو الخفيف مثل الدف والكبر فإني أراه خفيفا‪ .‬قاله‬ ‫ابن القاسم والخرشي على مختصر خليل (‪ )3/304‬وانظر التمهيد البن عبد‬ ‫البر (‪ .)10/180‬ونقل الشوكاني عن القفال أن مالكا أباح الغناء والمعازف‪.‬‬ ‫وحكى اإلباحة عنه أبو القاسم القشيري واألستاذ أبو منصور وغيرهما‪.‬‬ ‫ويقول الزبيدي في اإلتحاف (‪ )7/575‬بعد أن ذكر أنه سأل فضالء‬ ‫المالكية عن نص عن مالك في الحرمة فأخبروه أنه ال يوجد فقال ما وبالجملة‬ ‫‪:‬فإذا لم يكن له نص في المسألة فما استنبطوه غير متجه إذ هو محتمل وما نقل‬ ‫عنه باإلسناد أنه سئل عنه فقال‪ :‬إنما يفعله عندنا الفساق محتمل وأنه ال يجوز‪:‬‬ ‫محمول على غناء يقترن به منكر ونحوه جمعا بين النقول التي قدمناها التي‬ ‫هي صريحة وأيضا فقوله‪ :‬إنما يفعله عندنا الفساق محتمل أن الذين نعهدهم‬ ‫أو نعرفهم يسمعونه عندنا وصفهم كذا فال يدل على التحريم كما إذا قلت ‪:‬‬ ‫ما قولك في المتفرجين في البحر؟ فتقول‪ :‬إنما يفعله عندنا أهل اللعب والفساد‬ ‫فال داللة على تحريم فرجة البحر‪.‬‬ ‫●‬

‫اإلمام الشافعي ‪:‬‬ ‫يقول في األم (‪ :)6/209‬إذا كان يرضى بالغناء لنفسه كان مستخفا وإن‬

‫لم يكن محرما بين التحريم‪.‬‬ ‫وقال اإلمام الغزالي في اإلحياء‪ :‬ليس تحريم الغناء من مذهبه أصال‪.‬‬ ‫وقال يونس بن عبد األعلى ‪ :‬سألت الشافعي رحمه اهلل عن إباحة أهل‬ ‫المدينة للسماع؟ فقال‪:‬ال أعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع إال ما كان‬


‫‪60‬‬

‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫منه في األوصاف فأما الحداء وذكر األطالل والمرابع وتحسين الصوت بألحان‬ ‫الشعر فمباح‪ .‬ذكره الزبيدي في شرح اإلحياء (‪.)2/284‬‬ ‫●‬

‫اإلمام أحمد بن حنبل‪:‬‬ ‫يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص ‪ : 221‬وقد روينا أن أحمد‬

‫سمع قواال عند ابنه صالح فلم ينكر عليه ‪ .‬فقال له صالح ‪ :‬يا أبت أليس كنت‬ ‫تنكر هذا ؟ فقال ‪ :‬إنما قيل لي أنهم يستعملون المنكر فكرهته ‪ ،‬فأما هذا فإني‬ ‫ال أكرهه ‪ .‬قال المصنف رحمه اهلل ‪ :‬قلت ‪ ،‬وقد ذكر أصحابنا عن أبي بكر‬ ‫الخالل وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء ‪ .‬وقال بن عقيل في كتابه المسمى‬ ‫بالفصول ‪ :‬صحت الرواية عن أحمد أنه سمع الغناء عن ابنه صالح وذكر‬ ‫ذلك شارح المقفى‪.‬‬ ‫●‬

‫ترجم البخاري في صحيحه باب سنة العيدين ألهل اإلسالم حيث جعل‬

‫الغناء يوم العيد من سنن اإلسالم كما فعل ذلك وقاله رسول اهلل –ص‪.-‬‬ ‫● وترجم اإلمام مسلم باب الرخصة في اللعب الذي ال معصية فيه في أيام العيد‪.‬‬ ‫وعددا في صحيحيهما من تلك السنن‪ :‬غناء الجاريتين في بيت رسول اهلل‬ ‫–ص‪-‬عند عائشة‪.‬‬ ‫● وترجم الحافظ النسائي في سننه "باب الرخصة في االستماع إلى الغناء‬ ‫وضرب الدف يوم العيد" وترجم في النكاح ب"اللهو والغناء عند العرس"‪.‬‬


‫السماع الصوفي تربية آداب و سلوك‬

‫‪61‬‬

‫● وترجم ابن ماجة "باب إعالن النكاح"وذكر ضرب الدف ثم ترجم "باب‬ ‫الغناء والدف"‪.‬‬ ‫● ترجم البيهقي في السنن الكبرى باب ما ال ينهى عنه من اللعب وباب ال‬ ‫بأس باستماع الحداء ونشيد األعراب كثر أو قل‪.‬‬ ‫● ترجم الحاكم في مستدركه بعنوان ‪":‬رخصة الغناء في العرس" رواه عنه‬ ‫ابن الجوزي قال‪ :‬وقد أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو عثمان الصابوني‬ ‫وأبو بكر البيهقي قاال أنبأنا الحاكم أبو عبد اهلل النيسابوري قال ‪ :‬أكثر ما التقيت‬ ‫أنا وفارس بن عيسى الصوفي في دار أبي بكر االبريسمي للسماع من هزارة‬ ‫رحمها اهلل فإنها كانت من مستورات القواالت‪ .‬وعزاه ابن الجوزي لكتاب‬ ‫"تاريخ نيسابور‪.‬‬

‫ويف هذا القدر كفاية و احلمد هلل رب العاملني‬


‫المراجع ‪:‬‬ ‫• إحياء علوم الدين اإلمام ابو حامد الغزالي الجزء الثاني كتاب السماع و الوجد دار المعرفة ‪1982‬‬ ‫•اللمع في التصوف أبو نصر السراج الطوسي باب سماع العامة طبعة ليدن هولندا ‪1914‬‬ ‫•معجم الصوفية محمد الزوبي مطبعة دار الجيل ط ‪ 2004 /1‬مادة سماع‬ ‫•الرسالة القشيرية أبو القاسم عبد الكريم القشيري طبعة دار أسامة ‪1987‬‬ ‫•‪Vivre l’islam chekhe bentounes Le Relié Gordes p45‬‬ ‫•التصوف اإلرث المشترك الشيخ خالد بن تونس النسخة العربية ط‪ 1‬زكي بوزيد للنشر‬ ‫الجزائر ‪2009‬‬ ‫•صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة‬ ‫•المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج لإلمام شرف الدين النووي كتاب فضائل الصحابة‬ ‫ج ‪16‬‬ ‫•صحيح البخاري كتاب الصالة – كتاب النكاح –‬ ‫•قوت القلوب في معاملة المحبوب أبو طالب المكي المجلد ‪ 2‬دار الكتب العلمية بيروت ط‪2‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫•فتح الباري في شرح صحيح البخاري ابن حجر العسقالني‬ ‫• حقائق عن التصوف عبد القادر عيسى انجلترا بدون تاريخ طبعة ‪Norwith Diwane presse‬‬

‫•ملتقى الفلسفة العالوية مستغانم ‪ 1983‬اشرطة مسجلة‬ ‫•تحرير المرأة في عصر الرسالة ‪ ،‬عبد الحليم محمد أبو شقة ج ‪ 1‬دار القلم القاهرة ‪2002‬‬ ‫•آثار اإلمام الشيخ عبد الحميد بن باديس ج ‪ 4‬وزارة الشؤون الدينية مطبعة دارالبعث‬ ‫قسنطينة الجزائر ‪1985‬‬ ‫•مستغانم و أحوازها عبر العصورعبد القادر عيسى ط ‪ 1‬المطبعة العالوية بمستغانم ‪1996‬‬


‫من منشورات‬ ‫مجعية الشيخ العالوي للرتبية والثقافة الصوفية‬


‫يتناول هذا الكتاب أهمية السماع عند الصوفية ومشروعيتة من الكتاب‬ ‫والسنة وأقوال العلماء ويربط عالقته بالمنهج السلوكي عند الصوفية‬ ‫فعالقة السماع بالمنهج الصوفي عالقة سير وسلوك ‪ ،‬استعمله الصوفية‬ ‫ليخاطبوا به األرواح عن طريق االسماع ‪ ،‬فالسماع كما يقول الشيخ سيدي‬ ‫خالد بن تونس ‪ :‬هو مايرد على السمع ‪ ،‬وهو نعمة وهبها اهلل لنا من جوده‬ ‫وكرم إحسانه ‪ ،‬نتوصل بواسطتها إلى فهم المعاني ‪ ،‬وإدراك األصوات‬ ‫على اختالفها‪.‬‬ ‫لقد أدرك الصوفية برقة أحاسيسهم ‪ ،‬و سالمة أذواقهم ‪ ،‬سلطان‬ ‫األصوات الحسنة واألنغام الجميلة على األسماع ‪ ،‬فذللوا بها مسالك الدخول‬ ‫إلى مكامن القلوب ويسروا عن طريقها الوصول إلى سبر أغوار النفوس‬ ‫فقالوا عن السماع ‪ :‬إنه يؤثر على األرواح تأثيرا عجيبا حتى قيل من لم‬ ‫يحركه الربيع و أزهاره و العود و أوتاره ‪ ،‬فهو فاسد المزاج ليس له‬ ‫عالج ‪......‬فإذا تأثير السماع في القلب محسوس ومن لم يحركه السماع‬ ‫فهو ناقص ‪ ،‬مائل عن االعتدال بعيد عن الروحانية‪.‬‬

‫جميع احلقوق محفوظة‬

‫الزاوية العالوية‬ ‫مستغامن‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.