Pensée sociale et résonances avec l’extrémisme violent (Arabe)

Page 1

‫البعد االجتماعي في فهم ظاهرة‬ ‫التطرف العنيف‬ ‫ّ‬



‫البعد االجتماعي في فهم ظاهرة‬ ‫التطرف العنيف‬ ‫ّ‬ ‫أنجزت هذه الدراسة من قبل المنتدى التونسي للحقوق االقتصادية واالجتماعية و محامون بال حدود‬ ‫تم إعداد هذه الدراسة من قبل‪:‬‬ ‫ريم بن اسماعيل‬ ‫درة بن عليا‬ ‫ماهر حنين‬ ‫محمد اإلمام‬ ‫المقدم‬ ‫منجي‬ ‫ّ‬ ‫نوفمبر ‪2020‬‬



‫‪5‬‬

‫توطئة‬ ‫تم انجاز هذه الدراسة كجزء من مشروع مشترك بين المنتدى التونسي للحقوق االقتصادية‬ ‫واالجتماعية ومنظمة محامون بال حدود‪ .‬وتهدف هذه الدراسة إلى معاينة وتحليل العوامل‬ ‫واألسباب المالئمة أو التي تدفع لتبني أفكار التطرف العنيف في السياق التونسي‪.‬‬ ‫خالل السنوات التسع الماضية‪ ،‬انطلقت تونس لتحقيق االنتقال الديمقراطي عبر إعادة‬ ‫تشكيل مؤسسات الدولة وإرساء دولة القانون بعد انقضاء الثورة التونسية‪ ،‬ثورة الحرية‬ ‫والكرامة‪ .‬تتميز هذه الثورة غير المسبوقة في العالم العربي بمحورين من المطالب‪ ،‬وهما‬ ‫إرساء سيادة القانون والتقاسم العادل للثروة‪.‬‬ ‫خالل هذه المرحلة االنتقالية التي لم تكتمل بعد‪ ،‬واجهت تونس العديد من التحديات األمنية‬ ‫نظرا الختالل االستقرار السياسي واألمني في شمال أفريقيا ومنطقة الشرق األوسط‪،‬‬ ‫ووقوع العديد من الهجمات اإلرهابية بتونس مما شكل خطرا على تنفيذ اإلصالحات‬ ‫المؤسساتية والدستورية الضرورية وتلبية المطالب الشعبية‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار أصبح جليا أنه وجب العمل على مكافحة هذا التهديد وتحييده الستكمال‬ ‫االنتقال الديمقراطي‪ ،‬وبالتالي فهم الظاهرة التي تسفر هذا النوع من العنف والخسائر‬ ‫وكذلك أسبابها الجذرية التي يتردد صداها في أفكار العديد من أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫لم تكن هذه الدراسة لتتم لوال فريق الخبراء الذي كلف بإنجازها‪ ،‬والذي تنسقه السيدة ريم‬ ‫بن إسماعيل‪ .‬ويتألف الفريق من السيدة درة بن علية‪ ،‬والسيد ماهر حنين‪ ،‬والسيد محمد‬ ‫مقدم‪.‬‬ ‫ليمام‪ ،‬والسيد منجي‬ ‫ّ‬ ‫يتوجه المنتدى التونسي للحقوق االقتصادية واالجتماعية ومنظمة محامون بال حدود بالشكر‬ ‫الى كل أعضاء فريق الخبراء وجميع الذين ساعدوا في إعداد هذه الدراسة‪.‬‬



‫‪7‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪12‬‬

‫مقدمة‬ ‫ّ‬ ‫السياق السياسي‪-‬القانوني وعالقته بظاهرة‬ ‫«التطرف العنيف»‬ ‫ّ‬

‫‪21‬‬

‫الدراسة والتحليل‬ ‫خصوصيات الوسط موضوع ّ‬ ‫والكبارية‪،‬‬ ‫المقارن بين أحياء المنزه‪ ،‬والمروج‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وسيدي حسين‬

‫‪27‬‬

‫أي عالقة باالنخراط في‬ ‫التّ هميش واإلقصاء‪ّ :‬‬ ‫التطرف العنيف؟‬ ‫ّ‬

‫‪54‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪57‬‬ ‫الفهرس‬

‫االستنتاجات‬ ‫بيبليوغرافيا‬ ‫المالحق‬



‫‪9‬‬

‫مقدمة‬ ‫ّ‬ ‫شهدت تونس‪ ،‬غداة ‪ 14‬جانفي ‪ ،2011‬موجة عارمة من التطلّ عات واالنتظارات المتناقضة‬ ‫لم تشمل التفاوتات الجهوية فحسب‪ ،‬بل وضعت وجها لوجه العلمانيين‪ ،‬واللّ يبراليين‪،‬‬ ‫والسلفيين وأطرافا راديكالية أخرى‪ .‬ولم تترك مختلف هذه األصوات‪ ،‬التي‬ ‫والمحافظين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ليقدروا مطالب مختلف الفئات التقدير الصحيح‪.‬‬ ‫لجمها النظام السابق‪ ،‬الفرصة للتونسيين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحرية لكنّ ها بدت وكأنّ ها ال‬ ‫إلى‬ ‫ع‬ ‫التطلّ‬ ‫من‬ ‫مختلفة‬ ‫أشكال‬ ‫عن‬ ‫للتعبير‬ ‫كثيرة‬ ‫أصوات‬ ‫وارتفعت‬ ‫ّ‬ ‫تنصت إلى بعضها البعض‪.‬‬ ‫ثم جاءت االغتياالت والعمليات اإلرهابية‪ ،‬وعقبها تسفير أعداد كبيرة من الشباب إلى مناطق‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف وأولوية مقاومته عن طريق التدابير‬ ‫مسألة‬ ‫قاش‬ ‫النّ‬ ‫مدار‬ ‫على‬ ‫لتضع‬ ‫زاع‬ ‫النّ‬ ‫ّ‬ ‫األمنية والحال أنّ ه يستدعي مقاربة شاملة األبعاد تراعي‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬الجانب األمني‪،‬‬ ‫والسياسي‪ ،‬والجيوستراتيجي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والنّ فسي‪.‬‬ ‫الشك‪ ،‬واستثناء ضمن محيطه العربي‬ ‫ّ‬ ‫إن تونس التي غالبا ما اعتُ برت بلدا حداثيا ال يرقى إليه‬ ‫ّ‬ ‫خاصة بها كانت وراء انتشار العديد من مظاهر‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬ولّ دت بدورها‪ ،‬عوامل عميقة‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‪.‬‬ ‫الشبان في‬ ‫الراديكالية وانخراط أعداد من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إرادية وفوقية‪ ،‬وعاش طيلة‬ ‫ظل نظام استبدادي‪ ،‬حداثة‬ ‫ّ‬ ‫فالمجتمع التونسي عرف‪ ،‬في‬ ‫ّ‬ ‫عشريات حكم بن علي حالة من الخوف والمهانة‪ .‬كما عرفت تونس على مدى تلك العشريات‬ ‫خطة اإلصالح‬ ‫أوال في الجانب االقتصادي في عالقة بتطبيق ّ‬ ‫ضغطا دوليا مزدوجا‪ ،‬تمثّ ل ّ‬ ‫الهيكلي‪ ،‬وإرغام البالد على االندماج في االقتصاد العالمي الزّ احف‪ ،‬وتبنّ ي منطق نيولبرالي‬ ‫للدولة وانتهاج سياسة عمومية غير مكترثة بالمكاسب‬ ‫الدور االجتماعي ّ‬ ‫ترتّ ب عنه تفكيك ّ‬ ‫االجتماعية كان لها نتائج كارثية على الفئات االجتماعية األكثر هشاشة‪ .‬في حين تمثّ ل الجانب‬ ‫ثم األوروبي‪ ،‬في مجال االستراتيجية األمنية المفروضة‬ ‫الثاني في ّ‬ ‫الضغط األمريكي‪ّ ،‬‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬وهذا المنطق األمني لم يتح للتونسيين إمكانية‬ ‫والمتعلّ قة بمعالجة خطر‬ ‫ّ‬ ‫السطح بعد رحيل بن علي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫توقع أو استشراف بوادر المظاهر التي ستطفح على ّ‬ ‫المكونات‬ ‫لقد اعتمدت الدولة التونسية منذ بداية ‪ 2002‬استراتيجية وطنية مستندة إلى‬ ‫ّ‬ ‫والرصد (المتابعة)‪ ،‬والمواجهة‪ .‬وكما سنحاول توضيحه‬ ‫ّ‬ ‫األربعة المتمثّ لة في‬ ‫التوقي‪ ،‬والحماية‪ّ ،‬‬ ‫الضغوط‬ ‫توفقت في االستجابة إلى ّ‬ ‫فإن استراتيجية من هذا القبيل قد تكون ّ‬ ‫في هذا العمل‪ّ ،‬‬ ‫الدولية لما بعد ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬لكنّ ها لم تبادر بتسليط األضواء على السياسات العمومية‬ ‫ّ‬ ‫إن‬ ‫ولم تخضعها إلى المراجعة باعتبارها عوامل كامنة‬ ‫طرف العنيف‪ّ .‬‬ ‫تفسر االنخراط في التّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الظاهرة يترتّ ب عنها تغيير الموقف على المستوى العالمي في عالقة بالحلول‬ ‫كونية هذه ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫األولوية للتّ دابير‬ ‫فخطة العمل التي طرحها األمين العام لألمم المتحدة تمنح‬ ‫ّ‬ ‫المطلوبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بأن هذه التدابير‬ ‫الوقائية في مكافحة‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬ونحن إذ نباشر هذا العمل‪ ،‬فالقتناعنا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‬ ‫محل تفكير محليا وأن تستند إلى األسباب العميقة وراء ظهور‬ ‫ّ‬ ‫يجب أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫وانتشاره‪.‬‬ ‫العام ‪ A/70/674-24 (24 :‬ديسمبر ‪.)2015‬‬ ‫التطرف العنيف»‪ ،‬تقرير األمين‬ ‫«خطة العمل للوقاية من‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1‬بان كي مون (‪)2015‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪10‬‬

‫أن االنخراط في الجهاد على الطريقة السارية اليوم‪ ،‬إنّ ما يقوم على‬ ‫وتجدر اإلشارة هنا إلى ّ‬ ‫ول‪-‬القوميات سواء من النّ احية االجتماعية أو السياسية‪.‬‬ ‫الد‬ ‫ّ‬ ‫منطق يقطع تماما مع نمط ّ‬ ‫وهو ما جعل التيار الجهادي ُيصنّ ف من طرف عديد الباحثين في العلوم االجتماعية على‬ ‫أنّ ه «إيديولوجيا سياسية إسالمية»‪ ،‬ويوصف عادة باعتماد مفاهيم «الراديكالية ‪»radicalité‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الراديكالية ‪.»radicalisation‬‬ ‫ّ‬ ‫ومشتقاتها من «نهج راديكالي ‪ »radicalisme‬أو «نزوع نحو ّ‬ ‫يعرفه كوسروكوفار (‪ )2014‬على أنّ ه «السيرورة الذي تجعل الفرد أو‬ ‫وهذا المفهوم األخير ّ‬ ‫متطرفة (‪ .»)...‬وهو‬ ‫المجموعة يتبنّ يان شكال عنيفا من العمل مرتبطا مباشرة بإيديولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫مفهوم تترتّ ب عنه فكرة االنتقال‪ ،‬على نفس المسار‪ ،‬من قطب غير عنيف و»معتدل» إلى‬ ‫«متطرف» عنيف‪.‬‬ ‫قطب‬ ‫ّ‬ ‫بالتطرف العنيف‬ ‫فعملنا هذا يندرج‪ ،‬في اآلن ذاته‪ ،‬ضمن التواصل مع هذه األدبيات المعنية‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف هم في‬ ‫أن الشبان المنخرطين في هذا‬ ‫ّ‬ ‫والقطيعة معها‪ .‬وفعال‪ ،‬فنحن نعتقد ّ‬ ‫الشبان‬ ‫ثمة بالنسبة لهؤالء‬ ‫حالة انتقال أو سيرورة‬ ‫ّ‬ ‫تطورية لكنّ نا نطرح السؤال التّ الي‪ :‬أليس ّ‬ ‫ّ‬ ‫الراديكالي والمرور إلى الفعل‬ ‫سيرورة واستمرارية‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬في مستوى الفكر ّ‬ ‫التطرف العنيف‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫يبين ّ‬ ‫إن تحليل األدبيات الجهادية‪ ،‬كعمل سابق لدراسة الميدان‪ّ ،‬‬ ‫العنيف؟ ّ‬ ‫المميزة‪ ،‬يشتغل وفق قواعد غير قواعد الفكر الديني المشترك‬ ‫نظام فكري له خصائصه‬ ‫ّ‬ ‫بأن األمر ال يتعلّ ق بانتقال في اتّ جاه‬ ‫علية في طور النّ شر)‪ .‬وهو ما يحمل على االعتقاد ّ‬ ‫(بن ّ‬ ‫أن الذين ينخرطون في هذا اإلطار الفكري‬ ‫القطب األقصى بل بتغيير إطار التفكير‪ ،‬بمعنى ّ‬ ‫تامة مع بقية النّ اس العاديين‪ .‬فالفكر الجهادي‬ ‫هم‪ ،‬عكس ما ُيعتقد‪ ،‬ليسوا في قطيعة ّ‬ ‫تصاد» بينه وبين عدد‬ ‫ٍ‬ ‫لئن استطاع أن يستقطب تلك األعداد من األنصار فبسبب «حدوث‬ ‫تصور الفكر الجهادي وإدراكه لهما‪،‬‬ ‫الدولة والمجتمع في‬ ‫ّ‬ ‫من مآخذ جزء من المواطنين على ّ‬ ‫الظروف المعيشية ضمن السياق االجتماعي والسياسي‪ .‬فموضوع المؤاخذات‬ ‫فضال عن ّ‬ ‫الدولة والمجتمع إصافة إلى المعاناة من معيش يومي يتّ سم بعنف‬ ‫يتعلّ ق بمنازعة شرعية ّ‬ ‫العالقات السلطوية االجتماعية والسياسية‪ .‬وما المرور إلى استعمال العنف سوى صدى‬ ‫للتعبير عن العنف الساري بين مواطنين عاديين‪.‬‬ ‫للتحقق من فرضياتنا‪ ،‬ارتأينا القيام ببحث ميداني شمل مجموعة من الشبان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وسعيا منّ ا‬ ‫وشابة (بين ‪ 18‬و‪30‬‬ ‫شاب‬ ‫الموجه إلى ‪805‬‬ ‫واعتمدنا في ذلك منهجية تجمع بين االستبيان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(الكبارية‪ ،‬سيدي حسين‪ ،‬المروج‪ ،‬المنزه) إلى‬ ‫سنة) من ساكني أربعة أحياء من تونس الكبرى‬ ‫ّ‬ ‫شبان هذه األحياء‪ .‬وكان الهدف من بؤر النّ قاش هذه تعميق‬ ‫جانب مجموعات نقاش ثالث من ّ‬ ‫الشبان حول معيشهم‬ ‫سرديات‬ ‫قراءات النتائج الكمية األولية للبحث الميداني اعتمادا على‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحياتهم اليومية‪.‬‬ ‫كان الهدف من اختيار هذه األحياء العمل على صنفين من أحياء تونس المهيكلة منها وغير‬ ‫أن األحياء التي وقع عليها االختيار ال تكفي وحدها لتوفير تحليل ضاف عن‬ ‫المهيكلة‪ .‬وأكيد ّ‬ ‫توفر‬ ‫الريفية والمناطق الحدودية بإمكانها أيضا أن ّ‬ ‫ظاهرة على غاية من التّ عقيد‪ ،‬فاألوساط‬ ‫ّ‬ ‫هامة عن هذه المسألة‪.‬‬ ‫إضاءة‬ ‫ّ‬ ‫‪radicalité, radicalisme, radicalisation 2‬‬


‫‪11‬‬

‫ويهدف‪ ،‬أيضا‪ ،‬هذا العمل المنجز من طرف المنتدى التونسي للحقوق االقتصادية واالجتماعية‬ ‫التطرف العنيف‬ ‫الشبان في‬ ‫إلى تقديم إضاءات عن العوامل الكامنة وراء انخراط أعداد من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعرضوا له في حياتهم‬ ‫استنادا على إدراكهم للعنف‬ ‫وتصورهم وتمثّ لهم له على أساس ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليومية‪ .‬وقد ُق ّسم هذا العمل إلى جزأين‪.‬‬ ‫السياق القانوني‪-‬السياسي المتعلّ ق باإلرهاب إلى جانب‬ ‫األول التّ مهيدي إلى ّ‬ ‫يتطرق الجزء ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقديمه تحليال اجتماعيا‪-‬اقتصاديا لألحياء األربعة المختارة‪ ،‬وهي إضاءات تسمح بتوفير عناصر‬ ‫الدراسة‪ ،‬وسبر مشاعرهم‬ ‫تحليل تساعد على فهم معيش الشباب في هذه األحياء موضوع ّ‬ ‫يحسون به‪.‬‬ ‫والوقوف على ما‬ ‫ّ‬ ‫المجمعة من‬ ‫اهتم الجزء الثّ اني بتقديم نتائج االستقصاء الميداني وتحليل البيانات‬ ‫في حين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزّ اويتين البسيكولوجية والسوسيولوجية‪ .‬‬


‫‪12‬‬

‫«التطرف العنيف»‬ ‫السياق السياسي‪-‬القانوني وعالقته بظاهرة‬ ‫ّ‬ ‫محمد اإلمام‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬فالنّ شاط الحثيث للواليات‬ ‫سجل مطلع األلفية الثانية منعرجا في مكافحة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحريات األساسية‪.‬‬ ‫الحقوق‬ ‫من‬ ‫يمس‬ ‫استثنائي‬ ‫نظام‬ ‫رافقه‬ ‫األوروبيين‬ ‫وحلفائها‬ ‫حدة‬ ‫المتّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما في تونس‪ ،‬فلم ننتظر‪ ،‬طبعا‪ ،‬هذا المنعرج على المستوى العالمي للمساس بالحقوق‬ ‫ّ‬ ‫والحريات إذ ظلّ ت البالد تعيش‪ ،‬منذ االستقالل إلى يوم ‪ 14‬جانفي ‪ ،2011‬تحت نير االستبداد‪.‬‬ ‫ضد كنيس الغريبة بجربة في‬ ‫أن العملية االنتحارية التي ّ‬ ‫نفدها عنصر من تنظيم القاعدة ّ‬ ‫بيد ّ‬ ‫السلط التونسية‪ ،‬بدفع من القوى األجنبية‪ ،‬إلى االنخراط في‬ ‫‪ 11‬أفريل ‪ 2002‬سوف تحمل ّ‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬ولم يكن انخراط تونس نتيجة تفكير عميق من طرف‬ ‫حركة واسعة لمكافحة‬ ‫ّ‬ ‫السلط العمومية أو نتيجة مشاورات مع منظمات المجتمع المدني‪ ،‬التي كان بعضها تابعا‬ ‫أن هذا االنخراط لم يأت كثمرة أعمال لخبراء‬ ‫للسلطة والبعض اآلخر مستبعدا تماما‪ ،‬كما ّ‬ ‫الدولية والتي سرعان ما وقع‬ ‫معترف بهم‪ .‬كان األمر بمثابة االستجابة السلبية ّ‬ ‫للضغوط ّ‬ ‫الشرعية على االنحرافات االستبدادية للنّ ظام‪ ،‬وتصعيد العنف البوليسي‬ ‫توظيفها إلضفاء ّ‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬وعلى‬ ‫والمهمشين الذين سرعان ما اعتُ بروا مصدر‬ ‫تّ جاه األحياء الفقيرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الظاهرة دون وقوف أصحاب القرار السياسي على‬ ‫صعيد آخر‪ ،‬حالت المعالجة األمنية لهذه ّ‬ ‫الراديكالية‬ ‫القسط‬ ‫الصحيح في دفع الشباب نحو ّ‬ ‫الدولة وتقديرهم له التقدير ّ‬ ‫الهام لعنف ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‪.‬‬ ‫والمرور إلى‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‬ ‫أن عنف ّ‬ ‫السياق السياسي‪-‬القانوني التونسي هذا الواقع بما ّ‬ ‫لقدك أكّ دت دراسة ّ‬ ‫موجهة نحو المعالجة‬ ‫قد تواصل من خالل سياسات غير مجدية‪ ،‬مستندة إلى ترسانة قانونية‬ ‫ّ‬ ‫جديا من‬ ‫يغير‬ ‫طرف العنيف‪ .‬وحتّ ى‬ ‫ّ‬ ‫التحول السياسي الذي طرأ منذ ‪ 2011‬لم ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمنية للتّ ّ‬ ‫ترجح‬ ‫السلط العمومية التي ظلّ ت خاضعة إلى ّ‬ ‫الدولية التي ّ‬ ‫الضغوط ّ‬ ‫هذا المعطى من ناحية ّ‬ ‫توقفا في الخروقات‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬هكذا لم نشهد‬ ‫ملف‬ ‫التوجه األمني في معالجة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارية والقضائية‪ .‬فهذه‬ ‫لط‬ ‫الس‬ ‫طرف‬ ‫من‬ ‫األساسية‬ ‫والحريات‬ ‫الحقوق‬ ‫مجال‬ ‫في‬ ‫المرتكبة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حد ذاتها‪ ،‬شكال آخر من‬ ‫في‬ ‫ل‪،‬‬ ‫التطرف العنيف في تونس تمثّ‬ ‫الطريقة في إدارة مسألة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عنف يجد تعبيره في سياسيات عمومية منافية للعقل‪.‬‬

‫الدولي‬ ‫ملف‬ ‫‪ .1‬إدارة‬ ‫التطرف العنيف تحت الضغط ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولي‬ ‫لقد انخرطت تونس في مكافحة‬ ‫السياق ّ‬ ‫تم بضغط من ّ‬ ‫التطرف العنيف لكنّ ه انخراط ّ‬ ‫ّ‬ ‫تجسد ذلك في فيض اإلنتاج المعياري‪ ،‬عالوة على‬ ‫الذي تزايد منذ اعتداءات ‪ .2001‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫ثم االتحاد األوروبي الذي اعتبر‬ ‫تصنيف مجموعة العمل المالي (الغافي ‪ )GAFI‬لسنة ‪ّ 2017‬‬ ‫تونس بلدا يشكو من نقائص استراتيجية في مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب‪ ،‬وهو‬ ‫يخص‬ ‫أدى إلى التّ سريع في نسق اإلصالحات سواء بالنسبة للترسانة المعيارية أو فيما‬ ‫ّ‬ ‫ما ّ‬ ‫التطرف واإلرهاب أو‬ ‫المؤسساتية من قبيل وضع استراتيجية وطنية لمكافحة‬ ‫التعديالت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بعث اللّ جنة الوطنية لمكافحة اإلرهاب‪.‬‬


‫‪13‬‬

‫الدولي‬ ‫أ‌) ّ‬ ‫الضغط ّ‬ ‫للشرق األوسط وشمال إفريقيا العاملة‬ ‫قررت مجموعة العمل المالي ّ‬ ‫في ‪ 27‬أفريل ‪ّ ،2016‬‬ ‫‪3‬‬ ‫آلية المتابعة المعزّ زة ‪ .‬وفي ‪ 26‬أفريل‬ ‫تحت إشراف مجموعة العمل المالي إدراج تونس في ّ‬ ‫للشرق األوسط وشمال إفريقيا (الغافيمون �‪GAFI‬‬ ‫‪ ،20177‬صادقت مجموعة العمل المالي ّ‬ ‫‪ )MOAN‬على تقرير التقييم المشترك المتعلّ ق بمكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب‪،‬‬ ‫كل من الغافي والغافيمون تُ عتمد في قرارات لجنة االتحاد األوروبي‬ ‫أن تقييمات ّ‬ ‫وأن ّ‬ ‫علما ّ‬ ‫الخاصة بالتشريعات التي تشكو من نقائص استراتيجية‬ ‫السوداء‬ ‫ّ‬ ‫الدول ضمن القائمة ّ‬ ‫لتصنيف ّ‬ ‫في مجال مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب‪.‬‬ ‫تتهدد تونس هي الفساد‪،‬‬ ‫أهم المخاطر التي‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بين هذا التّ قرير‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ّ ،‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫الصعبة‪ .‬وإلنجاز تقييمها‪ ،‬تلجأ الغافيمون‪ ،‬إلى‬ ‫وتمويل اإلرهاب‪ ،‬والتّ هريب‪ ،‬واالتجار بالعملة ّ‬ ‫التثبت من جميع المنظومات المؤسساتية‪ ،‬والقانونية‪ ،‬والبشرية التي يضعها البلد موضوع‬ ‫ّ‬ ‫بي ِن مدى التزامه بمكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب‪ .‬ورغم الجهود التي‬ ‫لتَ‬ ‫المراقبة‬ ‫ُّ‬ ‫كل من الغافيمون والغافي واالتحاد األوروبي‪ ،‬لم يمنع ذلك‬ ‫بذلتها تونس لالمتثال لتوصيات ّ‬ ‫من إدراجها‪ ،‬بموجب قرارات صدرت تباعا في ‪ 3‬نوفميبر و‪ 13‬ديسمبر ‪ ، 2017‬ضمن القائمة‬ ‫السوداء للتشريعات التي تشكو نقائص استراتيجية في مكافحة غسل األموال وتمويل‬ ‫اإلرهاب‪ ،4‬كان لزاما على تونس أن تشرع في اإلصالحات المطلوبة لتفادي تصنيفها ضمن‬ ‫السوداء‪ ،‬فوضعت استراتيجية وطنية لمكافحة اإلرهاب صادقت عليها‪ ،‬على عجل‪،‬‬ ‫القائمة ّ‬ ‫في جويلية ‪ 2016‬لجنة وطنية لمكافحة اإلرهاب ُأحدثت سنة ‪ 2015‬بقرار من رئيس الحكومة‬ ‫الصيد‪ ،‬وضبط األمر الحكومي عدد ‪ 2015-1777‬بتاريخ ‪ 25‬نوفمبر ‪ 2015‬إجراءات‬ ‫الحبيب ّ‬ ‫جدا‪.‬‬ ‫تنظيمها وطرق سيرها التي وردت على غاية من االقتضاب في ستّ ة فصول قصيرة ّ‬ ‫الدوليين ال تعدو أن‬ ‫وهذه الطريقة في بعث‬ ‫المؤسسات‪-‬الواجهة بهدف خداع الشركاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصيد التخلّ ص‬ ‫تكون ممارسة موروثة عن زمن بن علي‪ ،‬ولم يستطع رئيس الحكومة الحبيب ّ‬ ‫منها‪ .‬ونظرا لورود نقائص أخرى في عالقة بتوصيات الغافي‪ ،‬فقد صدر القرار في شتاء‬ ‫ملف مكافحة غسل‬ ‫السلط العمومية في إدارة‬ ‫‪ 2017‬ليعاقب عدم‬ ‫ّ‬ ‫الجدية التي أظهرتها ّ‬ ‫ّ‬ ‫األموال وتمويل اإلرهاب‪.‬‬ ‫وتمت المصادقة على عشرات‬ ‫وللخروج من هذه القائمة‪ ،‬تكثّ فت ديناميكية اإلصالحات‬ ‫ّ‬ ‫ينقح‬ ‫النّ صوص والقرارات مثل األمر الحكومي عدد ‪ 2019-524‬بتاريخ ‪ 17‬جوان ‪ 2019‬الذي ّ‬ ‫الصيغة‬ ‫ويكمل األمر الحكومي عدد ‪ 2015-1777‬بتاريخ ‪ 25‬نوفمبر ‪،2015‬‬ ‫ويحسن بذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بسن ثالثة أبواب تشتمل على ‪ 17‬فصل‪.‬‬ ‫األولى‬ ‫ّ‬ ‫‪GAFIMOAN, 2017, 2nd Enhanced Follow-Up Report for Tunisia Re- Ratings Request Anti-Money Launde� 3‬‬ ‫‪.ring and Combating the Financing of Terrorism, p.1‬‬ ‫[‪.]En ligne : http://www.fatf-gafi.org/media/fatf/documents/reports/mer-fsrb/FUR2-Tunisia-Dec-2017.pdf‬‬ ‫‪COMMISSION EUROPEENNE, 2017, Règlement Délégué (UE) …/... de la Commission du 13.12.2017 por� 4‬‬ ‫‪tant modification du règlement délégué (UE) 2016/1675 complétant la directive (UE) 2015/849 du Parlement‬‬ ‫‪européen et du Conseil en ce qui concerne l’ajout de Sri Lanka, de Trinité-et-Tobago et de la Tunisie dans le‬‬ ‫‪.tableau figurant au point I de l’annexe, C (2017) 8320 final, Bruxelles‬‬


‫‪14‬‬

‫أن عدم استقاللية اللّ جنة‪ ،‬لكونها ملحقة برئاسة الحكومة‪ ،‬والمكانة المهيمنة لرئيسها‪،‬‬ ‫بيد ّ‬ ‫الدائمة واإلجبارية للمجتمع المدني فضال عن تركيبتها الحكومية الحصرية‪،‬‬ ‫وغياب التمثيلية ّ‬ ‫الرماد على العيون بدعوة‬ ‫ذر ّ‬ ‫وجه‪ ،‬وستحاول ّ‬ ‫يؤدي إلى االعتقاد بأنّ ها ستحافظ على نفس التّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫المجتمع المدني من حين إلى آخر لمناقشة المسألة‪ ،‬وتتمادى في خطابها عن ضرورة‬ ‫طرف العنيف‪.‬‬ ‫المقاربة ّ‬ ‫الشاملة لظاهرة التّ ّ‬ ‫الرؤية االستراتيجية للّ جنة تعيد‬ ‫عالوة على ذلك‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫فإن هذه المخاوف تتعزّ ز عندما نرى ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرصد‬ ‫ّ‬ ‫بمكوناتها األربعة‪:‬‬ ‫حرفيا‪ ،‬تقريبا‪ ،‬نفس صياغة االستراتيجية الوطنية‬ ‫التوقي‪ ،‬الحماية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(المتابعة)‪ ،‬المواجهة‪ .‬فاستنساخ مصطلحات االستراتيجية الوطنية دون توظيفها في‬ ‫بالرضا‬ ‫ينم عن كسل فكري فحسب بل يفصح‪ ،‬أيضا‪ ،‬عن شعور ّ‬ ‫خاصة باللّ جنة ال ّ‬ ‫استراتيجية ّ‬ ‫تجاه االستراتيجية الوطنية المذكورة‪ .‬ودون الخوض عميقا في هذه األخيرة‪ ،‬وهو ما ال تتسع‬ ‫الدوائر‬ ‫ورد‬ ‫له هذه األسطر‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أنّ ها أقرب إلى أسلوب أدبي‬ ‫صدى لضغط ّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫وخاصة منها االتحاد األوروبي والغافي من شيء آخر‪ .‬وإذ نورد المعطيات التي‬ ‫الدولية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كشف عنها البحث الميداني الحالي‪ ،‬فذلك من باب التذكير‪.‬‬ ‫األهم تتمثّ ل في غياب إعادة النّ ظر في السياسات العمومية باعتبارها‬ ‫الداللة‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫يبقى ّ‬ ‫الدولة والراديكالية‬ ‫ثم إلى‬ ‫التطرف العنيف‪ ،‬ونعني‪ ،‬هنا‪ ،‬عنف ّ‬ ‫ّ‬ ‫عوامل تدفع إلى الراديكالية ّ‬ ‫والتطرف العنيف‪.‬‬ ‫السجون وكذلك الخلط بين الجريمة في األوساط الحضرية‬ ‫ّ‬ ‫المكتسبة داخل ّ‬ ‫فهناك‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬جهد كان من المفروض أن تقوم به اللّ جنة إلكساب صيغ االستراتيجية‬ ‫الوطنية الفضفاضة معنى ملموسا‪ .‬عالوة على أنّ ه‪ ،‬رغم التزام عديد األطراف المانحة تجاه‬ ‫للظاهرة‬ ‫ّ‬ ‫جدي من شأنه معالجة األسباب العميقة‬ ‫أي مبادرة أو برنامج ّ‬ ‫سجل ّ‬ ‫اللّ جنة‪ ،‬لم تُ ّ‬ ‫باستثناء المشاركة في بعض النّ دوات أو األحداث التي تترك أثرها في خزائن الفنادق أكثر‬ ‫المنظمات غير الحكومية‬ ‫ّ‬ ‫فإن غياب التّ عاون مع‬ ‫من أثرها في السياسات العمومية‪ .‬بالمقابل‪ّ ،‬‬ ‫المناضلة من أجل سياسات بديلة في إدارة المسألة‪ ،‬لدليل على محدودية المقاربة الحالية‬ ‫الضغط‬ ‫المنتهجة من السلط العمومية‪ ،‬وهي مقاربة تُ واصل في إنتاج المعهود وإدارة ّ‬ ‫رد الفعل‪ ،‬ومحاولة خداع الشركاء‪ ،‬ومحاولة تحويل‬ ‫الدولي كالمعتاد‪ ،‬أي البقاء في منطق ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالحات لخدمة السياسات االستبدادية المعهودة‪.‬‬ ‫مما يعيق صياغة‬ ‫ويفسر هذا ّ‬ ‫السلط العمومية ّ‬ ‫الدولي أيضا بالكسل الفكري لدى ّ‬ ‫الضغط ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخاص‪ ،‬وهو‬ ‫التونسي‬ ‫السياق‬ ‫من‬ ‫معطياتها‬ ‫تستمد‬ ‫تفكير‬ ‫عملية‬ ‫من‬ ‫نابعة‬ ‫وطنية‬ ‫سياسة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف تولّ د عنها إنتاج معياري مستفيض‬ ‫أدى إلى تبنّ ي مقاربة أمنية لمسألة‬ ‫ّ‬ ‫ما ّ‬ ‫مصحوب بممارسات على مشارف الشرعية‪.‬‬ ‫ب‌) إنتاج معياري مستفيض‬ ‫التطرف‬ ‫يعد هائال‪ ،‬إذ بلغ مجموع النّ صوص المتعلّ قة مباشرة بمكافحة‬ ‫إن اإلنتاج المعياري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نصا‪ ،‬موزّ عة كالتّ الي‪:‬‬ ‫العنيف ‪ّ 73‬‬


‫‪15‬‬

‫الصنف‬ ‫ّ‬

‫العدد‬

‫قانون أساسي‬

‫‪02‬‬

‫قانون‬

‫‪21‬‬

‫مشروع قانون‬

‫‪01‬‬

‫أمر رئاسي‬

‫‪01‬‬

‫مرسوم‬

‫‪01‬‬

‫أمر‬

‫‪13‬‬

‫قرار وزاري‬

‫‪12‬‬

‫قرار (إداري)‬

‫‪11‬‬

‫منشور‬

‫‪02‬‬

‫المصدر‪ :‬ديكاف‪ -‬مركز جنيف لحوكمة قطاع األمن‪ ،‬تشريع قطاع األمن بتونس‬

‫‪5‬‬

‫ومن بين هذه النصوص القانونية الواحدة والعشرين‪ ،‬يتعلّ ق ثالثة أرباع منها بانخراط تونس‬ ‫يدل‬ ‫ّ‬ ‫التطرق العنيف والمصادقة عليها‪ .‬وهو ما‬ ‫الدولية المتعلّ قة بمكافحة‬ ‫ّ‬ ‫في االتفاقيات ّ‬ ‫يتبين‬ ‫الدولية في السياسة التّ ونسية في هذا المجال‪ .‬كما ّ‬ ‫على أهمية النصوص والصكوك ّ‬ ‫بشدة‪ ،‬على المعالجة األمنية وتدفع بتونس إلى‬ ‫الدولية تركّ ز‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن هذه الصكوك واالتفاقيات ّ‬ ‫ّ‬ ‫الداخلي والعمل بمقتضاها بنفس المنحى األمني‪.‬‬ ‫إدراجها في نظامها ّ‬ ‫المشرع التونسي تحت تأثير الديناميكية‬ ‫أن القوانين‪ ،‬المصادق عليها من طرف‬ ‫ّ‬ ‫يترتّ ب عن ذلك ّ‬ ‫أن النصوص‬ ‫ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬دون‬ ‫شك‪ ،‬تحمل بصمة هذا المنحى األمني‪ ،‬عالوة على ّ‬ ‫األمنية ّ‬ ‫ولعل القانون عدد ‪2003-‬‬ ‫ّ‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫التونسية متأثّ رة بالطرق االستبدادية في إدارة الشؤون‬ ‫ّ‬ ‫كل مظاهر‬ ‫‪ 75‬بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،2003‬المتعلّ ق المجهود الدولي الرامي إلى مكافحة ّ‬ ‫اإلرهاب والتصدي لمصادر تمويله ومنع غسل األموال المتأتية من الجريمة‪ ،‬يمثّ ل التجسيد‬ ‫الدولية التي عقبت اعتداءات نيويورك‬ ‫األمثل لإلنتاج المعياري التونسي‪ ،‬إذ يترجم ّ‬ ‫الضغوط ّ‬ ‫‪ ،2001‬ويستجيب‪ ،‬في اآلن ذاته‪ ،‬إلى رغبات بن علي في تلجيم المجتمع بأسره‪ ،‬ووضع جميع‬ ‫التجمعات المهنية تحت سيطرته‪ .‬فالفصل ‪ 22‬من هذا القانون يقضي بأنّ ه‪« :‬يعاقب بالسجن‬ ‫ّ‬ ‫من عام إلى خمسة أعوام وبخطية من ألف إلى خمسة آالف دينار كل من يمتنع‪ ،‬ولو كان‬ ‫االطالع عليه من أفعال‬ ‫ّ‬ ‫للسر المهني‪ ،‬عن إشعار السلط ذات النظر فورا بما أمكن له‬ ‫خاضعا‬ ‫ّ‬ ‫وما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم اإلرهابية‪.».‬‬ ‫‪DCAF, Législation du secteur de la sécurité en Tunisie https://legislation-securite.tn/fr/search?f%5B0%5D=in� 5‬‬ ‫&=‪dex%3A1915&f%5B1%5D=text_type%3A2210&f%5B2%5D=text_type%3A2211&search_api_fulltext‬‬‫‪=field_identifier=&field_year=All&field_text_type=All&field_institution=All&field_gazette_number‬‬


‫‪16‬‬

‫والمتمم للقانون األساسي عدد ‪2015-‬‬ ‫المنقح‬ ‫ِّ‬ ‫أن القانون األساسي عدد ‪،2019-9‬‬ ‫ِّ‬ ‫صحيح ّ‬ ‫‪ 26‬بتاريخ ‪ 7‬أوت ‪ 2015‬والمتعلّ ق بمكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال‪ ،‬قد حرص على تحوير‬ ‫السلط‪ ،‬ولكنّ ه لم يقطع‪،‬‬ ‫واألطباء‪،‬‬ ‫الفصل ‪ 22‬ليستثني المحامين‪،‬‬ ‫والصحفيين من واجب إبالغ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬مع المقاربة األمنية المفرطة والمنتهكة للحريات التي طبعت النّ صوص السابقة‪.‬‬ ‫التطرف العنيف في تواصل مع النهج االستبدادي‬ ‫وحتّ ى في زمن الثورة‪ ،‬ظلّ ت مكافحة‬ ‫ّ‬ ‫الدولي ذريعة لتبرير سياسة ال‬ ‫الدوليين‪ ،‬واستعمال االنخراط ّ‬ ‫الساعي إلى مغالطة الشركاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫أثر لها في الواقع‪ .‬لقد استدعى األمر تصنيف تونس‪ ،‬من طرف الغافي ثم االتحاد األوروبي‪،‬‬ ‫كبلد يشكو نواقص استراتيجية في مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب قبل أن تبادر‬ ‫السلط العمومية بإطالق ديناميكية جديدة دون أن يترتّ ب عنها سياسة فعلية قادرة على‬ ‫التخلّ ص من منطق غلبة األمن الوطني على متطلبات احترام حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ .2‬ممارسات تنتهك الحقوق والحريات األساسية‬ ‫الدولية‪ .‬وهناك‪ ،‬في العديد منها‪،‬‬ ‫هام من االتفاقيات‬ ‫صادقت تونس على عدد‬ ‫والصكوك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتعين سواء على المتّ همين‬ ‫والحريات األساسية التي‬ ‫تأكيد على ضمان حقوق اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن المعاملة تجاه هؤالء األشخاص من طرق السلط‬ ‫أو المحكوم عليهم االنتفاع بها‪ .‬بيد ّ‬ ‫والضمانات المنصوص عليها في تلك‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارية والقضائية أبعد من أن تكون متطابقة للقواعد‬ ‫يتعرضون إلى تقلّ بات‬ ‫أن المعنيين مباشرة بأعمال إرهابية‬ ‫ّ‬ ‫الصكوك واالتفاقيات‪ .‬فال يكفي ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن أصنافا أخرى من األشخاص يمكن أن‬ ‫بل‬ ‫العادلة‪،‬‬ ‫المحاكمة‬ ‫بمعايير‬ ‫العابئ‬ ‫غير‬ ‫القضاء‬ ‫فقه‬ ‫ّ‬ ‫مورطة دون أن تكون أفعالهم مصنّ فة في خانة األعمال اإلرهابية وذلك بحكم‬ ‫تجد نفسها‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف والجريمة الخضرية‪ ،‬مثال‪.‬‬ ‫أدى إلى خلط بين‬ ‫ّ‬ ‫مما ّ‬ ‫توسيع مجال األمن الوطني ّ‬ ‫أ‌) فقه القضاء التونسي‪ :‬رحلة البحث عن محاكمة عادلة‬ ‫بلغ عدد القضايا في مرحلة التحقيق أمام القطب القضائي ‪ 2100‬قضية إلى حدود ‪2016‬؛‬ ‫حولت ‪ 140‬قضية أمام الدوائر الجنائية ورفع ‪44‬‬ ‫تم تحويلها إلى دوائر االتّ هام‪ ،‬كما ّ‬ ‫‪ 120‬منها ّ‬ ‫منها إلى طور االستئناف‪ .‬وبلغ عدد الموقوفين في قضايا إرهابية ‪ُ 1673‬حكم على ‪145‬‬ ‫‪6‬‬ ‫السلط اإلدارية‬ ‫قدمت شبكة مالحظة العدالة التونسية تقريرا ُيدين‬ ‫تصرفات ّ‬ ‫ّ‬ ‫منهم ‪ .‬وقد ّ‬ ‫الصادرة عن‬ ‫والقضائية حيث أشارت إلى عديد التجاوزات في سير المحاكمات وفي األحكام ّ‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫القضاء‪ ،‬من‬ ‫ّ‬ ‫بمدة زمنية معقولة‪ .‬وتعتبر‬ ‫تبين أن ال أحد من المتّ همين انتفع‬ ‫ّ‬ ‫مدة جلسات االستماع حيث ّ‬ ‫• ّ‬ ‫سيما في حالة المخالفات الخطيرة التي قد تصل عقوبتها إلى‬ ‫مؤشرا‬ ‫ّ‬ ‫مدة االستماع‬ ‫هاما ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحكم باإلعدام‪.‬‬ ‫الحق في االنتفاع بمساعدة محام‪ :‬لم يتمكّ ن المتّ همون من االنتفاع بحضور محام في الـ‪48‬‬ ‫ّ‬ ‫•‬ ‫ساعة األولى من اإليقاف‪ ،‬والتمتّ ع بمساعدته‪.‬‬ ‫المحك»‪ ،‬محامون بدون حدود‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 6‬شبكة مالحظة العدالة التونسية‪ ،‬مكافحة اإلرهاب والتطبيقات القضائية‪« :‬المحاكمة العادلة على‬ ‫تونس‪ ،‬ديسمبر ‪ /2016‬ص‪9.‬‬


‫‪17‬‬

‫• انتهاكات خطيرة لقرينة البراءة‪.‬‬ ‫الدفاع والمتّ همين‪ ،‬و‪ 37‬حالة أثارها‬ ‫• ممارسات تعذيب وسوء معاملة‪ 32 :‬حالة أثارها محامو ّ‬ ‫المتّ همون وحدهم‪.‬‬ ‫العام‪ ،‬مخالفا في أغلب‬ ‫والحق‬ ‫ّ‬ ‫والدفاع‪،‬‬ ‫تصرف المحكمة‪،‬‬ ‫الدولية‪ :‬كان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫• عدم احترام المعايير ّ‬ ‫يخص األطراف‬ ‫األحيان لشروط برتوكول إسطنبول والمبادئ األساسية لألمم المتّ حدة فيما ّ‬ ‫الثالثة المذكورة‪.‬‬ ‫السفر واإلقامة الجبرية‪.‬‬ ‫• تمثّ لت أخطر االنتهاكات وأكثرها تكرارا في المنع من ّ‬ ‫أن اإلدارة لم‬ ‫عسفية‪ :‬أكّ د جميع الذين ُفرضت عليهم اإلقامة الجبرية ّ‬ ‫• اإلقامة الجبرية التّ ّ‬ ‫تسلّ مهم قرارا معلّ ال ولم تتخذ اإلجراءات الضرورية لضمان مصدر عيشهم وعيش عائالتهم‪.‬‬ ‫الحق في محاكمة عادلة‪ ،‬ويكشف‬ ‫ّ‬ ‫يتعرض إلى الخروقات الواضحة في‬ ‫فإن التّ قرير‬ ‫ّ‬ ‫وإجماال‪ّ ،‬‬ ‫والحريات األساسية‪.‬‬ ‫منتهكة لحقوق اإلنسان‬ ‫عن ممارسات‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫نمي مشاعر اإلقصاء‪،‬‬ ‫الدولة حيث تُ ّ‬ ‫وتمثّ ل هذه اإلخالالت واالنتهاكات مظهرا من مظاهر عنف ّ‬ ‫الحي أو أفراد العائلة أو األقارب)‪.‬‬ ‫الشباب (سواء شباب‬ ‫التطرف لدى ّ‬ ‫وتساهم في تغذية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فهؤالء الشبان شديدو الحساسية لهذا النّ وع من التجاوزات التي تحيلهم إلى واقعهم اليومي‬ ‫الطوارئ السارية في تونس منذ‬ ‫المحفوف بالعنف البوليسي واإلقصاء‪ .‬وقد زادت حالة ّ‬ ‫سيما في األحياء التي ينتمي إليها األشخاص المتّ همون‬ ‫الدولة‪ ،‬ال ّ‬ ‫سنوات من تصاعد عنف ّ‬ ‫متطرفة عنيفة‪ .‬وقد أصبح األمر نوعا من‬ ‫أو الذين ثبتت في شأنهم تهمة القيام بأعمال‬ ‫ّ‬ ‫العقاب الجماعي الذي يطال‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬األولياء‪ ،‬واألصهار‪ ،‬والجيران‪ ،‬واألصدقاء‪.‬‬ ‫لمجرد‬ ‫الصياد البالغ من العمر ‪ 42‬سنة أفضل دليل على ذلك إذ أدرج في اآللية ‪17‬‬ ‫ولعل مثال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪7‬‬ ‫االشتباه في التحاق زميله بالجهاد في سوريا ‪.‬‬ ‫والحريات األساسية‪:‬‬ ‫ب‌) األمن القومي مقابل حقوق اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫الطوارئ للتغطية على انتهاكات حقوق‬ ‫السلط اإلدارية تستخدم حالة ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫تبين التّ جارب المقارنة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولعل في المثال البريطاني أفضل داللة على ذلك‪ .‬فقانون‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان والحريات األساسية‪.‬‬ ‫مكافحة اإلرهاب والجريمة واألمن العام ‪ 2001‬البريطاني (‪l’Anti-Terrorism, Crime and‬‬ ‫يتضمن من أكثر األحكام إثارة للجدل نظرا لمخالفتها للفصل ‪ )1( 5‬من‬ ‫‪)Security Act 2001‬‬ ‫ّ‬ ‫المعاهدة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ .‬فهو يبيح إيقاف األجانب المقيمين ببريطانيا العظمى‬ ‫دون محاكمة في حالة االشتباه في ارتباطهم بأوساط إرهابية‪ ،‬ودون إمكانية طردهم بدعوى‬ ‫حماية حقوق اإلنسان‪ .‬وللتّ مكّ ن من إدراج هذا اإلجراء‪ُ ،‬أجبرت الحكومة البريطانية عن اإلعالن‬ ‫األمة»‪.‬‬ ‫عن «حالة طوارئ بسبب تهديد يطال حياة ّ‬ ‫‪Amnesty International, ‘They never tell me why’ arbitrary restrictions on movement in Tunisia, 2018. Online: 7‬‬ ‫‪https://www.amnesty.org/download/Documents/MDE3088482018ENGLISH.pdf‬‬


‫‪18‬‬

‫بأن «إدماج المعاهدة األوروبية لحقوق اإلنسان في القانون‬ ‫الداخلية البريطاني ّ‬ ‫صرح وزير ّ‬ ‫كما ّ‬ ‫‪8‬‬ ‫البريطاني مثّ ل إحدى أكبر األخطاء التي اقتُ رفت أثناء العهدة األولى من حكومة بلير» ‪.‬‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬تتحول حقوق اإلنسان إلى أداة سياسية يمكن تطبيقها بشكل انتقائي‪ .‬على‬ ‫«أي حرب أخرى‪،‬‬ ‫أن مكافحة اإلرهاب هي مثل‬ ‫ّ‬ ‫صرح أحد الوزراء ّ‬ ‫سبيل المثال في فرنسا‪ّ ،‬‬ ‫‪9‬‬ ‫الحريات األساسية» ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ضيق‬ ‫بالضرورة من َح ْيز ّ‬ ‫تُ ِّ‬ ‫ب‪ )1‬دولة قوية ومنظومة استثنائية أو المنطق المقلوب لحماية الحقوق والحريات‪:‬‬ ‫الدولية لحقوق الحقوق في عالقة بمكافحة‬ ‫تمثّ ل السنوات ‪ 2000‬منعطفا في تجاوز المعايير ّ‬ ‫أوال ببريطانيا‪،‬‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬فاعتداءات نيويورك ‪ 2011‬جعلت طوني بلير‪ ،‬عندما كان وزيرا ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن شروط أمننا القومي قد‬ ‫ألحد أن َي ُش ّ‬ ‫ٍ‬ ‫يصرح‪« :‬ال ينبغي‬ ‫تغيرت‪ّ .‬‬ ‫أن قواعد اللّ عبة قد ّ‬ ‫ك في ّ‬ ‫ّ‬ ‫محل تساؤل‪ ،‬ويمكننا‪ ،‬إذا لزم األمر‪ ،‬تعديل القانون المتعلّ ق بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫تغيرت‪ .‬بوسعنا أن نضعها‬ ‫ّ‬ ‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ألن‬ ‫»‬ ‫عف‬ ‫الض‬ ‫ّ‬ ‫دولة‬ ‫ليست‬ ‫القانون‬ ‫«دولة‬ ‫أن‬ ‫فكرة‬ ‫إلى‬ ‫تستند‬ ‫الحجج‬ ‫هذه‬ ‫مثل‬ ‫»‬ ‫اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للضعف‪ ،‬فستحكم على نفسها بالفناء‪ ، »12‬والحال‬ ‫تحولت إلى «مرادف ّ‬ ‫الديمقراطية إذا ما ّ‬ ‫قوتها من احترام حقوق اإلنسان وحماية الحريات‬ ‫قوية هي التي‬ ‫أن ديمقراطية‬ ‫تستمد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتطرفة أكثر‬ ‫الدولة ويجعل الجماعات‬ ‫ّ‬ ‫وليس من انتهاكها‪ .‬فاالنتهاك يبعث برسالة عن ضعف ّ‬ ‫والدولة عندما تكون صارمة في مجال احترام الحقوق‬ ‫الهدام‪.‬‬ ‫تشبثا بمشروعهم‬ ‫عنفا وأكثر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هاما من حجج هذه الجماعات‪ ،‬وتقلّ ص من رصيد التّ عاطف الذي يمكن أن‬ ‫والحريات‪ ،‬تفنّ د جزءا‬ ‫ّ‬ ‫المهمشين فقط‪ .‬فسياسة‬ ‫يتمتّ عوا به لدى مختلف الفئات االجتماعية وليس في أوساط‬ ‫ّ‬ ‫جسده‬ ‫بن علي القمعية تجاه اإلسالميين لم تزد رصيد التّ عاطف معهم سوى تعزيزا‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫الساحق لحزب النّ هضة في انتخابات أكتوبر ‪.2011‬‬ ‫االنتصار ّ‬ ‫التطرف العنيف تبعات‬ ‫ملف‬ ‫فهناك‪ ،‬إذن‪ ،‬خشية من أن يترتّ ب عن الطريقة الحالية في إدارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متوقعة‪ .‬ويمكن استشفاف بعض العالمات في عالقة بمسألة عودة التونسيين‬ ‫ّ‬ ‫عكسية غير‬ ‫الذين سافروا إلى سوريا وليبيا وبعض الذين سافروا إلى العراق‪ .‬هذه الطريقة الفوضوية‬ ‫السلط التّ ونسية تستفزّ مشاعر عائالت وأصدقاء األشخاص الذين‬ ‫في إدارة‬ ‫الملف من طرف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة تكيل بمكيالين كلّ ما تعلّ ق األمر بالفئات‬ ‫التحقوا بمناطق النّ زاع‪.‬‬ ‫بأن ّ‬ ‫وتحتج هذه العائالت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليتم التعتيم عن األعمال اإلرهابية التي ارتكبها هؤالء‬ ‫الهشة‪ .‬هكذا يقع تحويل المشكل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشبان الذي سافروا إلى سوريا ليتمحور النّ قاش حول السياسة غير العادلة واإلقصائية‬ ‫ّ‬ ‫للدولة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يبرر األنظمة االستثنائية المنتهكة للحقوق‬ ‫بأن األمن القومي ّ‬ ‫لقد أظهر الخطاب القائل ّ‬ ‫والحريات حدوده على ضوء التّ جارب المقارنَ ة‪ .‬تقول إيفا جولي ‪ ،Eva Joly‬وهي قاضية سابقة‪،‬‬ ‫‪.Blunkett D., The Independent, 12 novembre 2001 8‬‬ ‫‪ 9‬برنارد دوبري‪ ،‬وزير سابق محافظ‪ ،‬جريدة الفيغارو‪ 12 ،‬نوفمبر ‪.2001‬‬ ‫‪.George Jones, «Blair to Curb Human Rights in War on Terror », Daily Telegraph, 6 Aug 2005 10‬‬ ‫‪ 11‬روبرت بادنتار‪ ،‬سيناتور اشتراكي‪ ،‬جريدة لوموند‪ 29 ،‬أكتوبر ‪.2011‬‬ ‫‪ 12‬برنارد دوبري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪19‬‬

‫ضد اإلرهاب‪ ،‬لم‬ ‫بأن قانون الباتْ ِريورت ‪ Patriot Act‬في الواليات المتّ حدة‪ ،‬باعتباره قانونا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي هجوم إرهابي منذ ‪ 14‬سنة بل سمح بالتعذيب‪ ،‬واالختطافات الخارجة عن القانون‪،‬‬ ‫يمنع‬ ‫ّ‬ ‫وإنشاء سجون «البالك سايتس ‪( »black sites‬المواقع السوداء)‪.13‬‬ ‫التطرف العنيف‪:‬‬ ‫ب‪ )2‬توسيع النطاق العملياتي لمكافحة‬ ‫ّ‬ ‫أشكال أخرى من‬ ‫ً‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬يتواصل توسيع نطاق هذه المنظومة االستثنائية ليشمل‬ ‫ولعل إحدى‬ ‫ّ‬ ‫ومعقدة إلى أبعد الحدود‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تدعي الحقيقة‪،‬‬ ‫الجريمة استنادا إلى نغمة زائفة ّ‬ ‫الخصائص الرئيسية لهذا الخلط بين الجريمة والتطرف العنيف‪ ،‬كما تشير إلى ذلك أنستازيا‬ ‫تسوكاال ‪ ،Anastassia Tsoukala‬هي «توسيع نطاق مكافحة اإلرهاب ليشمل مجال األمن‬ ‫وثيقا بالجريمة المنظمة وتنامي‬ ‫ً‬ ‫ارتباطا‬ ‫ً‬ ‫الداخلي بأكمله إذ تأكّ د بوضوح أن اإلرهاب مرتبط‬ ‫انعدام األمن عموما‪« :‬فاإلرهابيون ال يشاركون فقط في أعمال اإلرهاب؛ بل هم متورطون‬ ‫أيضا في أشكال أخرى من الجريمة من أجل تمويل أنشطتهم اإلرهابية وتسهيل القيام بها‪.‬‬ ‫ملف هذه الجرائم‪ .»14‬كما أكدت ذلك‬ ‫يمر عبر إدارة‬ ‫فإدارة‬ ‫ّ‬ ‫ملف اإلرهاب من طرف الشرطة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أناستاسيا تسوكاال‪ ،‬وعلى ضوء «التمثّ ل المفرط لسكان الضواحي المحرومة [في تونس‬ ‫الكبرى] في إحصائيات الشرطة حول أنواع معينة من الجرائم‪ ،‬يقدم المدافعون عن هذه‬ ‫األطروحة سكان هذه المناطق على أنّ هم تهديد متعدد األشكال ألمن البالد وبالتالي يجب‬ ‫التعامل معهم بنفس القانون‪ »15‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب والتطرف العنيف‪.‬‬ ‫ويمكن القول‪ ،‬اقتداء بديدييه بيجو ‪ ،Didier Bigo‬أن النقاشات السياسية تُ خرج الوقائع عن‬ ‫المشوه‬ ‫ّ‬ ‫تخص عالقة الجريمة باإلرهاب‪ .‬هذا التمثّ ل‬ ‫سياقها وتختزلها في تعميمات‬ ‫تعسفية ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪16‬‬ ‫تتحول إلى إيمان ذاتي أو جماعي أو إلى أيديولوجية ‪ ،‬فيقع االكتفاء‬ ‫يخلق معرفة زائفة‬ ‫ّ‬ ‫ائي الجريمة‪ ،‬وينتج عن ذلك خلط مستراب‬ ‫بتوليد خطاب استنادا إلى تقارير البوليس‬ ‫وأخص ّ‬ ‫ّ‬ ‫حاسما إذ يسمح‬ ‫أمرا‬ ‫بين‬ ‫ً‬ ‫التطرف العنيف والجريمة الكبرى‪ .‬هكذا أصبح استخدام اللغة األمنية ً‬ ‫ّ‬ ‫بإقامة ترابط بين الوقائع المنفصلة‪ ،‬مثل الهجرة‪ ،‬واإلرهاب‪ ،‬واألصولية اإلسالمية‪ ،‬والتهريب‪،‬‬ ‫والمخدرات‪ ،‬واختزالها في مجموعة واحدة دالّ ة يسميها دجاف هويسمان ‪Jef Huysmans‬‬ ‫الرهانات‬ ‫«مجال األمن»‪ .17‬فهذه الفئات‬ ‫المهمشة‪ ،‬ليست‪ ،‬خالفا لما ُيعتقد‪ ،‬عاجزة على فهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن «من بين ‪ 150‬متّ هما يوجد ‪ 31‬شخصا (‪)21%‬‬ ‫بينت إحصائيات ‪ّ 2016‬‬ ‫وراء هذا الخلط‪ ،‬إذ ّ‬ ‫أن أكثر‬ ‫من مستوى تعليم جامعي مقابل ‪ 70‬شخصا (‪ )46%‬من مستوى تعليم ثانوي أي ّ‬ ‫األميين ‪،5%‬‬ ‫المتوسط‪ .‬في حين لم تتجاوز نسبة‬ ‫من ‪ 67%‬لهم مستوى دراسي أرفع من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪18‬‬ ‫وبلغت نسب المتهمين من مستوى تعليم ابتدائي ‪. »28%‬‬ ‫‪ 13‬إيفا جولي ‬ ‫‪https://www.lalibre.be/debats/ripostes/limiter-nos-libertes-pour-assurer-notre-securite 564b841e3570ca6ff8f6e183‬‬ ‫‪Anastassia Tsoukala, « La légitimation des mesures d’exception dans la lutte antiterroriste en Europe », 14‬‬ ‫‪Cultures & Conflits [Online], 61 | printemps 2006, p.3. Online since 17 May 2006, connection on 30 October‬‬ ‫‪2019. URL : http://journals.openedition.org/conflits/2036 ; DOI : 10.4000/conflits.2036‬‬ ‫‪ 15‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪Pierre Favre. « Didier Bigo, Polices en réseaux. L’expérience européenne », Revue française de science 16‬‬ ‫‪.politique, vol. 47, no. 2, 1997, pp. 227-232‬‬ ‫‪Jef Huysmans., « Dire et écrire la sécurité : le dilemme normatif des études de sécurité », Cultures & 17‬‬ ‫‪Conflits, n°31-32 (1998) pp. 177-202‬‬ ‫‪ 18‬شبكة المالحظة للعدالة االنتقالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪11.‬‬


‫‪20‬‬

‫األم ّيين‪.‬‬ ‫مكونة من‬ ‫المتطرفين ليست‬ ‫أن الفئة التي خرجت منها فرق‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يكفي القوال‪ ،‬إذن‪ّ ،‬‬ ‫كل‬ ‫األميين‪ ،‬فلن يمنع الكلّ فين بالتجنيد من استغالل ّ‬ ‫أهم من‬ ‫مكونة نسبة‬ ‫وحتّ ى إذا كانت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة وتفسير رهانات اإلقصاء‪ ،‬بطريقتهم‬ ‫السلط وتحويله إلى خطاب‬ ‫ضد ّ‬ ‫ّ‬ ‫خلط تمارسه ّ‬ ‫الدولة تجاههم‪.‬‬ ‫الخاصة‪ ،‬وعنف ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل هذا‪ ،‬ترفض تونس وحتى فرنسا مثال‪ ،‬تغيير منظورهما وخطابهما اللذين يعتبران‬ ‫رغم ّ‬ ‫وأن اإلرهاب‬ ‫أنّ ه منذ سبتمبر ‪« 2001‬ما فتئت األزمة تفاقم انعدام األمن اليومي‪ ،‬ال سيما ّ‬ ‫والجريمة الكبرى متالزمين ويتغذّ يان من تربة األحياء الحزامية»‪.19‬‬ ‫السلط العمومية التي تمعن في في اختزال‬ ‫إن خطابا من هذا القبيل لدليل على قصر نظر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الظاهرين‪،‬‬ ‫ثمة‪ ،‬فعال‪ ،‬ارتباط بين ّ‬ ‫إن‬ ‫ه‬ ‫أنّ‬ ‫متناسين‬ ‫واإلرهاب‬ ‫الجريمة‬ ‫في‬ ‫الحزامية‬ ‫األحياء‬ ‫ّ‬ ‫فألنّ ها تركت األمر يستفحل سواء بحكم عدم الكفاءة أو نتيجة زواج المال بالسياسية‪ .‬والنتيجة‬ ‫حد عالقة اإلقصاء‬ ‫السلط تحاول‪ ،‬عن قصد أو عن غير قصد‪ ،‬أن تختزل إلى أقصى ّ‬ ‫أن هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫مجرد سوء فهم أو‬ ‫األمر‬ ‫كان‬ ‫وسواء‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫دائما‬ ‫يقترن‬ ‫ال‬ ‫الفقر‬ ‫أن‬ ‫متناسية‬ ‫باإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالتطرف‬ ‫اقترانه‬ ‫من‬ ‫أكثر‬ ‫الكرامة‬ ‫من‬ ‫مزيد‬ ‫بطلب‬ ‫يقترن‬ ‫الفقر‬ ‫فإن‬ ‫الظاهرة‪،‬‬ ‫امتناع عن فهم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العنيف‪.‬‬

‫‪.Plasait B., sénateur « Républicains et indépendants », Le Monde, 1er novembre 2001 19‬‬


‫‪21‬‬

‫الدراسة والتحليل المقارن‪20‬بين أحياء المنزه‪،‬‬ ‫خصوصيات الوسط موضوع‬ ‫ّ‬ ‫والكبارية‪ ،‬وسيدي حسين‬ ‫والمروج‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المقدم‬ ‫منجي‬ ‫ّ‬ ‫الشبان الذين شملهم البحث‪ ،‬بادرنا بتحليل‬ ‫سعيا منّ ا لفهم أفضل للوسط التي نشأ فيه‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة‪ ،‬وهي‬ ‫الخصوصيات االقتصادية األساسية لألحياء األربعة بتونس الكبرى موضوع ّ‬ ‫ارية‪ ،‬وسيدي حسين‪ .‬وتشمل هذه الخاصيات الديمغرافيا‪،‬‬ ‫كل من المنزه‪ ،‬والمروج‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والكب ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل ذلك بهدف إبراز المشترك بين‬ ‫والسكن‪ّ .‬‬ ‫والتربية‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬ووسائط اإلعالم واالتّ صال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هذه األحياء والمختلف بينها‪.‬‬

‫الديمغرافية‬ ‫‪ .I‬الخصوصيات ّ‬ ‫‪ .1‬الفئة العمرية األكثر عددا‬ ‫سيدي حسين‬

‫المنزه‬

‫أكثر من ‪ 60‬سنة‬ ‫(‪)18,79%‬‬

‫‪ 20-29‬سنة‬ ‫(‪)18,01%‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫‪ 20-29‬سنة‬ ‫(‪)17,71%‬‬

‫المروج‬

‫‪ 20-29‬سنة‬ ‫(‪)18,67%‬‬

‫الحي‪ ،‬خالفا لبقية األحياء الثالثة التي أنشأت الحقا‪،‬‬ ‫بقدم هذا‬ ‫فسر شيخوخة سكّ ان المنزه ِ‬ ‫ّ‬ ‫تُ َّ‬ ‫يفسر ارتفاع نسبة الشباب بين سكانها كما يؤكّ ده الجدول التالي للنسب المئوية‬ ‫وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫للسكّ ان دون ‪ 30‬سنة‪.‬‬ ‫النسبة المئوية للسكّ ان دون ‪ 30‬سنة‬

‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫(‪)41,36%‬‬

‫(‪)51,37%‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫(‪)46,79%‬‬

‫المروج‬ ‫(‪)49,47%‬‬

‫‪ .2‬السبب الرئيسي للهجرة‬ ‫المنزه‬

‫السكنى وظروف العيش‬ ‫األفضل (‪)38,37%‬‬

‫سيدي حسين‬ ‫إسناد العائلة‬ ‫(‪)31,65%‬‬

‫‪ 20‬البيانات المستخدمة في هذه الوثيقة متأتية من‪:‬‬ ‫والسكنى‪.2014 ،‬‬ ‫للسكّ ان‬ ‫ّ‬ ‫ المعهد الوطني لإلحصاء‪ :‬التّ عداد العام ّ‬‫العامة للتنمية الجهوية‪ :‬الواليات في أرقام‪.2017 ،‬‬ ‫ المندوبية‬‫ّ‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫إسناد العائلة‬ ‫(‪)37,17%‬‬

‫المروج‬

‫إسناد العائلة‬ ‫(‪)38,49%‬‬


‫‪22‬‬

‫ارية‪ ،‬سيدي‬ ‫يعتبر إسناد العائلة السبب الرئيسي للهجرة في األحياء الثالثة (المروج‪،‬‬ ‫الكب ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالسعي إلى امتالك سكنى والحصول‬ ‫حي المنزه‬ ‫تفسر الهجرة في‬ ‫حسين)‪ ،‬في حين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السفر إلى الخارج في األحياء الثالثة األولى تمليه الضرورة‬ ‫أي أن ّ‬ ‫على شروط عيش أفضل‪ّ .‬‬ ‫العائلية وأمر مفروض ال خيار فيه في حين أنّ ه يمثّ ل‪ ،‬بالنسبة لسكّ ان المنزه‪ ،‬نوعا من الخيار‬ ‫اإلرادي‪.‬‬

‫‪ .II‬الخصوصيات التربوية‬ ‫‪ .1‬المستوى التعليمي (‪)%‬‬ ‫الحي‬ ‫ّ‬

‫تعليم عالي‬

‫المنزه‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫سيدي حسين‬

‫المروج‬ ‫‪23,9‬‬

‫‪49,2‬‬

‫‪7,0‬‬

‫‪14,0‬‬

‫تعليم ثانوي‬

‫‪33,4‬‬

‫‪40,1‬‬

‫‪44,8‬‬

‫‪48,2‬‬

‫تعليم ابتدائي‬

‫‪13,0‬‬

‫‪37,3‬‬

‫‪28,9‬‬

‫‪22,3‬‬

‫ال شيء‬

‫‪4,5‬‬

‫‪15,6‬‬

‫‪12,3‬‬

‫‪5,5‬‬

‫المترفهة‬ ‫ّ‬ ‫يفسر سوى بالحالة‬ ‫إن بلوغ نصف السكّ ان تقريبا مستوى التعليم العالي ال يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لهؤالء السكّ ان خالفا لبقية األحياء حيث تمثّ ل هذه النسبة ‪ %23,9‬في المروج‪ ،‬وال تتجاوز‬ ‫الكبارية و‪ 7%‬في سيدي حسين‪.‬‬ ‫‪ 14%‬في‬ ‫ّ‬ ‫واألمر نفسه بالنسبة لمستوى التعليم االبتدائي الذي ينزل إلى ‪ 13%‬بالمنزه مقابل نسبة‬ ‫الكبارية‪،‬‬ ‫أعلى في بقية األحياء حيث ُس ّجلت نسبة ‪ %22,3‬في المروج‪ ،‬و ‪ %28,9‬في‬ ‫ّ‬ ‫و‪ %37,3‬في سيدي حسين‪.‬‬ ‫ونالحظ نفس البنية لدى الفئة التي لم تلتحق بتاتا بالمدرسة حيث ُس ّجلت نسبة ‪ %15,6‬في‬ ‫الكبارية‪ ،‬و‪ %5,5‬في المروج‪ ،‬و‪ %4,5‬في المنزه‪.‬‬ ‫سيدي حسين‪ ،‬و‪ %12,3‬في‬ ‫ّ‬ ‫الحي‬ ‫أن مستوى العيش في‬ ‫ّ‬ ‫أما عن مستوى التّ عليم الثانوي فيمثّ ل استثناء نظرا إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫يفسر لوحده النّ سب المتقاربة بين األحياء والمتراوحة بين ‪ %33,4‬في المنزه‪،‬‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫بالكبارية‪.‬‬ ‫و‪ %48,2‬بالمروج‪ ،‬و‪ %40,1‬بسيدي حسين‪ ،‬و‪%44,8‬‬ ‫ّ‬

‫‪.2‬النّ فاذ إلى األنترنات (بالنسبة المئوية ‪)%‬‬ ‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫‪77,73‬‬

‫‪34,49‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬ ‫‪48,68‬‬

‫المروج‬ ‫‪64,23‬‬


‫‪23‬‬

‫كل من المنزه والمروج بالنسب األعلى (‪%77,73‬‬ ‫بالنسبة إلى النّ فاذ إلى أنترنات‪ ،‬يستأثر ّ‬ ‫و‪ %64,23‬تباعا) في حين تنحدر نسبيا هذه النّ سب في األحياء الفقيرة (‪ %48,68‬بالكبارية‪،‬‬ ‫و‪ %34,49‬بسيدي حسين)‪.‬‬

‫‪ .3‬االلتحاق بالتعليم العالي (‪)%‬‬ ‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫‪75,89‬‬

‫‪34,24‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬ ‫‪49,45‬‬

‫المروج‬ ‫‪61,67‬‬

‫ال يشذّ التّ مدرس بالتعليم العالي عن القاعدة حيث ُس ّجلت نسب أعلى بكثير في المنزه‬ ‫بالكبارية‪ ،‬و‪ %34,24‬بسيدي حسين‪.‬‬ ‫الكبارية (‪ )%49,45‬مقابل ‪%49,45‬‬ ‫ثم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ّ )%75,89‬‬

‫‪ .4‬نسب النّ جاح في البكالوريا (‪)%‬‬ ‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫‪73,41‬‬

‫‪44,24‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬ ‫‪38,37‬‬

‫المروج‬ ‫‪46,70‬‬

‫يحتل المرتبة‬ ‫ّ‬ ‫الحي‪ .‬فالمنزه‬ ‫إن النّ جاح في امتحان البكالوريا مرتبط‪ ،‬بدوره‪ ،‬بمستوى التنمية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ثم سيدي حسين (‪ ،)%44,24‬والكبارية (‪.)%38,37‬‬ ‫األولى (‪ ،)%73,41‬يليه المروج (‪ّ ،)%46,70‬‬ ‫تحدد‪ ،‬بدرجة كبيرة‪ ،‬ترتيب األحياء‬ ‫وتجدر المالحظة هنا إلى أن ظروف العيش هي التي‬ ‫ّ‬ ‫أن األحياء األفضل‬ ‫األربعة‪ ،‬كالتالي‪ :‬المنزه‪ ،‬المروج‪،‬‬ ‫ارية‪ ،‬وأخيرا سيدي حسين‪ ،‬بما يعني ّ‬ ‫الكب ّ‬ ‫ّ‬ ‫األقل فقرا وتتمتّ ع‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬بظروف تربوية‪-‬تعليمية أفضل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ترتيبا هي‬

‫‪ .III‬الخصوصيات االقتصادية‬ ‫‪ .1‬نسبة النشاط (‪)%‬‬ ‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫‪50,62‬‬

‫‪51,34‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬ ‫‪48,93‬‬

‫المروج‬ ‫‪52,79‬‬


‫‪24‬‬

‫معدالت النّ شاط متقاربة في األحياء‬ ‫فإن‬ ‫ّ‬ ‫بالنسبة للسكان الذين تفوق أعمارهم ‪ 15‬سنة‪ّ ،‬‬ ‫هامة فيما يتعلّ ق بتوزيع السكّ ان المشتغلين حسب المستوى‬ ‫األربعة‪ .‬بالمقابل‪ ،‬نجد فوارق‬ ‫ّ‬ ‫التّ عليمي‪:‬‬ ‫توزيع السكان المشتغلين حسب المستوى التّ عليمي‬

‫الحي‬ ‫ّ‬

‫تعليم عالي‬

‫المنزه‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫سيدي حسين‬

‫المروج‬ ‫‪39,21‬‬

‫‪70,60‬‬

‫‪10,56‬‬

‫‪24,36‬‬

‫تعليم ثانوي‬

‫‪19,27‬‬

‫‪42,88‬‬

‫‪46,96‬‬

‫‪44,12‬‬

‫تعليم ابتدائي‬

‫‪7,02‬‬

‫‪37,60‬‬

‫‪23,30‬‬

‫‪14,47‬‬

‫ال شيء‬

‫‪3,65‬‬

‫‪8,96‬‬

‫‪5,38‬‬

‫‪2,20‬‬

‫عال مقابل شخص واحد على ‪ 10‬من‬ ‫ففي المنزه‪ 7 ،‬مشتغلين على ‪ 10‬لهم مستوى تعليم ٍ‬ ‫والكبارية‪،‬‬ ‫المشتغلين‪ ،‬في سيدي حسين‪ ،‬بلغ التعليم العالي‪ .‬بالنسبة ألحياء سيدي حسين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن النسبة األكبر من المشتغلين هم من مستوى التعليم الثانوي (‪ 4‬على ‪.)10‬‬ ‫والمروج‪ّ ،‬‬

‫‪ .2‬التوزيع حسب قطاع النّ شاط (‪)%‬‬ ‫الحي‬ ‫ّ‬

‫تعليم عالي‬

‫المنزه‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫سيدي حسين‬

‫المروج‬ ‫‪36,44‬‬

‫‪40,16‬‬

‫‪20,45‬‬

‫‪32,88‬‬

‫تعليم ثانوي‬

‫‪11,34‬‬

‫‪17,91‬‬

‫‪17,18‬‬

‫‪16,20‬‬

‫تعليم ابتدائي‬

‫‪6,95‬‬

‫‪22,41‬‬

‫‪18,18‬‬

‫‪17,28‬‬

‫ال شيء‬

‫‪4,21‬‬

‫‪16,83‬‬

‫‪7,45‬‬

‫‪5,90‬‬

‫والصحة والخدمات اإلدارية» بالنسبة األعلى بين السكان في األحياء‬ ‫يستأثر قطاع «التربية‬ ‫ّ‬ ‫خاصة للمنزه بـ ‪ 4‬أشخاص على ‪10‬يشتغلون في هذا القطاع من إجمالي‬ ‫األربعة مع أفضلية ّ‬ ‫السكان المشتغلين‪ .‬يلي ذلك المروج بنسبة ‪ 36%‬من السكان المشتغلين المنتمين إلى‬ ‫يتميز بنسب انتداب‬ ‫وتفسر هذه الوضعية بكون هذا القطاع ذو طابع عمومي‬ ‫هذا القطاع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عالية‪.‬‬

‫معدالت البطالة (‪)%‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫ّ‬ ‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫‪6,24‬‬

‫‪16,47‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬ ‫‪18,41‬‬

‫المروج‬ ‫‪12,38‬‬


‫‪25‬‬

‫تسجل أعلى نسبة‬ ‫الكبارية التي‬ ‫يتميز المنزه بنسبة بطالة ضعيفة في حين أنّ ها ترتفع في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحي غالبا‬ ‫في‬ ‫البطالة‬ ‫مستوى‬ ‫وأن‬ ‫‪،%15,50‬‬ ‫حدود‬ ‫في‬ ‫الوطني‬ ‫المعدل‬ ‫وأن‬ ‫علما‬ ‫بـ‪%18,41‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للحي المعني‪.‬‬ ‫واالجتماعي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الوضع‬ ‫توصيف‬ ‫عند‬ ‫داللة‬ ‫وذو‬ ‫ا‬ ‫جدي‬ ‫ّ‬ ‫ما يمثّ ل‬ ‫ّ‬ ‫مؤشرا ّ‬

‫‪ .4‬البطالة حسب الفئات العمرية (‪)%‬‬ ‫المنزه‬

‫الفئة العمرية‬

‫سيدي حسين‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫المروج‬ ‫‪22,13‬‬

‫‪20-24‬‬

‫‪13,16‬‬

‫‪27,79‬‬

‫‪23,72‬‬

‫‪25-29‬‬

‫‪35,83‬‬

‫‪27,27‬‬

‫‪30,47‬‬

‫‪35,37‬‬

‫‪30-34‬‬

‫‪22,49‬‬

‫‪15,41‬‬

‫‪18,07‬‬

‫‪19,99‬‬

‫‪35-39‬‬

‫‪11,70‬‬

‫‪6,95‬‬

‫‪8,71‬‬

‫‪7,75‬‬

‫تضررا في األحياء األربعة هم المنتمون إلى الفئة العمرية‬ ‫أن السكان األكثر‬ ‫ّ‬ ‫يبين هذا الجدول ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشباب» أو‬ ‫الظاهرة المتّ فق على تسميتها بـ»بطالة ّ‬ ‫المنحصرة بين ‪ 25‬و‪ 29‬سنة‪ .‬وهي ّ‬ ‫تضررا هي تلك المتراوحة‬ ‫األقل‬ ‫ّ‬ ‫أن الفئة‬ ‫ّ‬ ‫«بطالة أصحاب الشهادات العليا»‪ .‬مع اإلشارة إلى ّ‬ ‫بين ‪ 35‬و‪ 39‬سنة‪.‬‬

‫‪ .IV‬الخصوصيات األسرية حسب امتالك وسائل اإلعالم واالتّ صال (‪)%‬‬ ‫الحي‬ ‫ّ‬

‫حاسوب‬

‫ربط باألنترنات‬

‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫‪82,56‬‬

‫‪24,90‬‬

‫‪46,97‬‬

‫‪81,04‬‬

‫‪18,97‬‬

‫‪42,13‬‬

‫المروج‬ ‫‪66,11‬‬ ‫‪61,27‬‬

‫تتصدر ُ‬ ‫األ َسر في المنزه الترتيب في امتالك وسائل اإلعالم واالتّ صال بنسبة امتالك ‪ 8‬أسر‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ثم الكبارية (‪ 4‬أسر على‬ ‫على ‪ 10‬لحاسوب وربط باألنترنات‪ ،‬تليها المروج (‪ 6‬أسر على ‪ّ )10‬‬ ‫‪ ،)10‬ويأتي في سيدي حسين في آخر الترتيب بـأسرتين على ‪.10‬‬

‫‪ .V‬خصوصيات المساكن‬ ‫‪ .1‬أصناف المساكن (‪)%‬‬ ‫الحي‬ ‫ّ‬

‫شقة‬ ‫ّ‬ ‫فيال أو‬

‫مساكن متالصقة‬

‫المنزه‬

‫سيدي حسين‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬

‫‪80,16‬‬

‫‪10,41‬‬

‫‪17,92‬‬

‫‪16,00‬‬

‫‪84,52‬‬

‫‪78,19‬‬

‫المروج‬ ‫‪35,41‬‬ ‫‪50,71‬‬


‫‪26‬‬

‫حي وآخر‪ .‬ففي حين تبلغ‬ ‫يبين الجدول أعاله االختالف الكبير في أصناف المساكن بين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإن هذه النسبة ال تتجاوز ‪10%‬‬ ‫المنزه‪،‬‬ ‫في‬ ‫‪80%‬‬ ‫ة‬ ‫والشق‬ ‫ّ‬ ‫الفيال‬ ‫صنف‬ ‫من‬ ‫المساكن‬ ‫نسبة‬ ‫ّ‬ ‫الحيين تمثّ ل المساكن المتالصقة الصنف‬ ‫بالكبارية‪ .‬وفي هذين‬ ‫بسيدي حسين‪ ،‬و‪18%‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتحتل المروج وضعية وسطا بنسبة ‪ 35%‬بين فيالت‬ ‫ّ‬ ‫الرئيسي للمساكن (‪ 84%‬و‪.)78%‬‬ ‫وشقق وحوالي ‪ 50%‬مساكن متالصقة‪.‬‬

‫الصحي (‪)%‬‬ ‫والصرف‬ ‫‪ .2‬نسبة ربط المساكن بشبكات الماء والكهرباء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحي‬ ‫ّ‬

‫المنزه‬

‫المروج‬

‫سيدي حسين‬

‫الكهرباء‬

‫‪99,87‬‬

‫‪98,62‬‬

‫الكبارية‬ ‫ّ‬ ‫‪99,46‬‬

‫الغاز الطبيعي‬

‫‪90,57‬‬

‫‪37,20‬‬

‫‪64,19‬‬

‫‪75,79‬‬

‫ماء الشركة الوطنية لتوزيع المياه‬

‫‪96,72‬‬

‫‪94,61‬‬

‫‪96,52‬‬

‫‪96,44‬‬

‫الصحي‬ ‫الصرف‬ ‫ّ‬ ‫الربط بشبكة ّ‬

‫‪98,93‬‬

‫‪87,27‬‬

‫‪98,01‬‬

‫‪97,83‬‬

‫‪98,91‬‬

‫الصحي‪،‬‬ ‫والصرف‬ ‫تتشابه األحياء األربعة بنسب ربط عالية بالنسبة للربط بشبكات الكهرباء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للتزود بالغاز الطبيعي فالبون شاسع‬ ‫أما بالنسبة‬ ‫ّ‬ ‫زود من الشركة الوطنية لتوزيع المياه‪ّ .‬‬ ‫والتّ ّ‬ ‫بين النسب ويتراوح من ‪ 90%‬في المنزه إلى ‪ 37%‬بسيدي حسين في حين يصل إلى ‪75%‬‬ ‫بالكبارية‪.‬‬ ‫بالمروج و‪64%‬‬ ‫ّ‬

‫الخاتمة‬ ‫المؤشرات االجتماعية‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫تعرضنا في هذا التحليل المقارن إلى أربعة أحياء مختلفة من حيث‬ ‫ّ‬ ‫وتبين أن‬ ‫االقتصادية‪ .‬وقد الحظنا وجود أوجه شبه بقدر ما وقفنا على اختالفات صارخة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫متوسط‪ ،‬في حين‬ ‫حي المنزه هو األفضل من حيث مستوى العيش‪ ،‬يليه المروج بمستوى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكبارية وسيدي حسين‪ .‬ولئن‬ ‫من‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫صعوبة‬ ‫أكثر‬ ‫االجتماعية‪-‬االقتصادية‬ ‫الظروف‬ ‫تصبح‬ ‫ّ‬ ‫فسر نوعا من‬ ‫أن درجة الفقر والتهميش بين سكان هذه األحياء بإمكانها أن تُ ِّ‬ ‫كان من المؤكّ د ّ‬ ‫سببية مباشرة بين ظروف العيش الصعبة‬ ‫النّ زوع إلى العنف فإنّ ه من الخطإ إقامة عالقة‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة إذ تسمح‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬وتكتسي هذه اإلضاءة‬ ‫واالنخراط في‬ ‫أهميتها في هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشبان ولتطلّ عاتهم بعد تغيير النّ ظام‪.‬‬ ‫بفهم أفضل للظروف التي نشأ فيها هؤالء‬ ‫ّ‬


‫‪27‬‬

‫التطرف العنيف؟‬ ‫أي عالقة باالنخراط في‬ ‫ّ‬ ‫التّ هميش واإلقصاء‪ّ :‬‬ ‫علية‪ ،‬ريم بن إسماعيل‪ ،‬ماهر حنين‬ ‫درة بن ّ‬ ‫ّ‬

‫مقدمة‬ ‫ّ‬ ‫التامة‪،‬‬ ‫يتحرك‪ ،‬في خلفيته الفكرية‪ ،‬بمنطق القطيعة‬ ‫التيار الجهادي في صيغته الحالية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدول‪-‬القوميات‪ .‬ذلك ما جعله ُيصنَّ ف كـ»إيديولوجيا سياسية‬ ‫اجتماعيا وسياسيا‪ ،‬مع نموذج ّ‬ ‫بالرجوع إلى مفاهيم «الراديكالية ‪ « radicalité‬أو «المنهج‬ ‫إسالمية» ويوصف‪ ،‬عموما‪ّ ،‬‬ ‫الراديكالي ‪ »radicalisme‬أو «النّ زوع نحو الراديكالية ‪.»radicalisation‬‬ ‫يعرفه كوسروكوفار ‪ ،Khosrokhavar (2014‬ص‪21 8.‬على أنّ ه‬ ‫وهذا المفهوم األخير‬ ‫ّ‬ ‫«السيرورة التي تجعل الفرد أو المجموعة يتبنّ يان شكال عنيفا من العمل المرتبط مباشرة‬ ‫متطرفة «‪ .‬ويترتّ ب عن هذا المفهوم فكرة االنتقال‪ ،‬على نفس المسار‪ ،‬من‬ ‫بإيديولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫يبين أنّ نا أمام منظومة‬ ‫قطب «معتدل» إلى قطب‬ ‫أن تحليل األدبيات الجهادية ّ‬ ‫«متطرف»‪ .‬غير ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة‪ ،‬وتشتغل وفق قواعد غير قواعد الفكر الديني المشترك (انظر‬ ‫فكرية لها مميزاتها‬ ‫ّ‬ ‫‪22‬‬ ‫التطرف داخل نفس المسار‬ ‫علية‪ ،‬قيد النّ شر) ‪ .‬يعني ذلك أن األمر ال يتعلّ ق بانحياز نحو‬ ‫ّ‬ ‫بن ّ‬ ‫بل يتعلّ ق بتغيير إطار التّ فكير‪.‬‬ ‫أن الذين ينخرطون في هذا اإلطار الفكري هم‪ ،‬عكس ما ُيعتقد‪ ،‬ليسوا في‬ ‫وهو ما يعني ّ‬ ‫تامة مع بقية النّ اس العاديين‪ .‬فالفكر الجهادي لئن استطاع أن يستقطب تلك األعداد‬ ‫قطيعة ّ‬ ‫تصاد» (‪ )Snow & Benford, 1988‬بينه وبين عدد من مآخذ‬ ‫ٍ‬ ‫من األنصار فبسبب «حدوث‬ ‫تصور الفكر الجهادي وإدراكه لهما‪ ،‬فضال‬ ‫الدولة والمجتمع ‪ ,‬في‬ ‫ّ‬ ‫جزء من عامة الناس على ّ‬ ‫الظروف المعيشية ضمن السياق االجتماعي والسياسي‪ .‬فموضوع المؤاخذة‪ ،‬هنا‪ ،‬هو‬ ‫عن ّ‬ ‫وتعرضهم إلى العنف في حياتهم اليومية وفي‬ ‫الدولة في رأي الجهاديين‬ ‫ّ‬ ‫عدم شرعية ّ‬ ‫عالقات القوى االجتماعية والسياسية‪.‬‬ ‫السلفي‬ ‫إن األعمال التي حاولت الوقوف على العوامل‬ ‫المؤدية إلى االنخراط في التيار ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والكلية (الماكرو)‬ ‫(الميزو)‬ ‫طة‬ ‫والمتوس‬ ‫(الميكرو)‬ ‫الجزئية‬ ‫التحاليل‬ ‫مستويات‬ ‫على‬ ‫اشتغلت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتراوحة بين الجيوستراتيجي والبسيكولوجي مرورا بالسوسيولوجي والعلوم السياسية‪.‬‬ ‫كل من هذه المستويات‪ ،‬تتفاعل وتتظافر جملة من العوامل التي تساهم في تفسير‬ ‫وفي ّ‬ ‫وهيلنغرن �‪Hylleng‬‬ ‫ّ‬ ‫بـ»التطرف العنيف» (رونستور ب ‪Ranstorp‬‬ ‫ما أطلق على تسميته‬ ‫ّ‬ ‫تخطيها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والصعوبة التي لم يقع‬ ‫الظاهرة‬ ‫تعقد هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫يدل على مدى‬ ‫ّ‬ ‫‪ .)ren، 2013‬وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫التوقي من األعمال العنيفة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى اليوم‪ ،‬في إيجاد مخرج يمكّ ن من‬ ‫‪.Képel, G. (2008). Al-Qaïda dans le texte, nouv. éd., Puf 21‬‬ ‫‪D. Ben Alaya (à paraître). Jihadism as a form of lay thinking : a « re-anchorage » process hypothesis, In 22‬‬ ‫‪Stamos Papastamou & Pascal Moliner (Ed.), Serge Moscovici’s work : Legacy and perspective, Presses Univer‬‬‫‪.sitaires de La Méditerranée, Coll. :Psychologie, Santé, Société‬‬


‫‪28‬‬

‫التدين في البلد األصلي هي التي تمثّ ل‬ ‫فال درجة الفقر‪ ،‬وال المستوى التعليمي أو نسبة‬ ‫ّ‬ ‫المعدل العام للبطالة بين الذّ كور في البالد له ارتباط بأعداد‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫عوامل حاسمة‪ .‬على أنّ ه يبدو ّ‬ ‫‪23‬‬ ‫المنتدبين‪ ،‬حسب تقرير البنك العالمي (‪ )2016‬لكن‪ ،‬في نفس الوقت وحسب نفس‬ ‫الساحقة‪ ،‬بأنّ هم مارسوا مهنة‬ ‫صرحوا‪ ،‬في أغلبيتهم ّ‬ ‫فإن هؤالء الملتحقين بالجهاد ّ‬ ‫التّ قرير‪ّ ،‬‬ ‫أميين‪.‬‬ ‫يتبين‪ ،‬على ضوء هذا التّ قرير‪ ،‬أنّ هم أبعد من أن يكونوا ّ‬ ‫قبل التحاقهم بالتنظيم‪ .‬كما ّ‬

‫الدراسة‬ ‫‪ .I‬أهداف ّ‬ ‫‪24‬‬ ‫الدراسة بتناول‬ ‫بالنظر إلى صعوبة رسم مالمح نمطية للجهادي العنيف‪ ،‬بادرنا في هذه ّ‬ ‫عما يمكن أن يمثّ ل في أوساط السكان العاديين‬ ‫المسألة من منظور مختلف يتمثّ ل في البحث ّ‬ ‫يميز الجهاديين عن بقية السكان‪.‬‬ ‫أرضية مواتية‬ ‫عما ّ‬ ‫لتقبل الفكر الجهادي‪ ،‬عوضا عن البحث ّ‬ ‫ّ‬

‫الدولة التونسية قد فقدت مصداقيتها ورصيد الثقة‬ ‫بأن جزءا كبيرا من‬ ‫مؤسسات ّ‬ ‫ّ‬ ‫لنبدأ بالقول ّ‬ ‫التي كانت تتمتّ ع به لدى السكان‪ .‬هذا األمر الواقع يرافقه‪ ،‬لدى الشباب‪ ،‬شعور ملموس‬ ‫بالظلم‪ ،‬والمهانة‪ ،‬وقلّ ة االعتراف (مليتي وموسى ‪ ،)2018‬وهو ما يجعل الخطاب الجهادي‬ ‫ّ‬ ‫األول من‬ ‫ظل غياب هذه الثّ قة‪ .‬فمن منظور هذه الفرضية‪،‬‬ ‫يفرض نفسه في ّ‬ ‫يتحدد الهدف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ثبت من العالقة بين طموحات جزء من شباب السكان العاديين في‬ ‫الدراسة أال وهو التّ ّ‬ ‫هذه ّ‬ ‫تطبيق حوكمة إسالمية‪ ،‬وبين تمثّ الت ومواقف متعلّ قة بالحياة االجتماعية والسياسية تحيل‬ ‫إلى معيش يومي يعاني من عنف السلطة‪ .‬ويتمثّ ل األمر‪ ،‬تحديدا‪ ،‬في إجراء مقارنة بين‬ ‫األشخاص الذين هم مع تطبيق حوكمة دينية‪ ،‬وآخرون من الذين يعيشون ظروفا اجتماعية‬ ‫للدولة‪ ،‬وللعالقات الطبقية االجتماعية‪،‬‬ ‫وسياسية‪ ،‬ويحملون عددا من التمثّ الت‬ ‫والتصورات ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما الهدف الثاني‪ ،‬فيتعلّ ق بمقاربة الفوارق االجتماعية وواقع اإلقصاء‬ ‫والعنف‬ ‫المؤسساتي‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ويعنى الهدف الثالث‪ ،‬بمفاهيم العنف‬ ‫في عالقة بانخراط الشباب في‬ ‫التطرف العنيف‪ُ .‬‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‪.‬‬ ‫كمقدمة لالنخراط في‬ ‫لدى الشباب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للشبان وتمثّ التهم في عالقة بالمعطى‬ ‫سنقدم عرضا للواقع المعيش‬ ‫أول‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ففي جزء ّ‬ ‫ونتعرض في الجزء الثاني إلى اإلدماج والتهميش‬ ‫الديني وتطلّ عهم إلى الحوكمة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويعنى الجزء‬ ‫تصور هؤالء‬ ‫في‬ ‫الشبان في عالقة بمختلف أشكال االنخراط أو االلتزام‪ُ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويتعرضون لها‪ ،‬إضافة‬ ‫الشبان‬ ‫يتصورها هؤالء‬ ‫الثالث‪ ،‬واألخير‪ ،‬بمختلف أشكال العنف كما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‪.‬‬ ‫إلى عالقتهم باالنخراط في‬ ‫ّ‬

‫والتصورات‪ ،‬والتمثّ الت في عالقة بظروف العيش‪،‬‬ ‫‪ .II‬المعيش اليومي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والدولة‪ ،‬والمجتمع‬ ‫ّ‬ ‫تصورات‬ ‫أن أكثر من نصف األشخاص المستجوبين لهم‪ ،‬في أغلب الحاالت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة ّ‬ ‫تبين ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪En ligne [http://www.worldbank.org/en/region/mena/brief/mena-economic-monitor-fall-2016-key-mes� 233‬‬ ‫‪.sages], consulted in 26/11/2018‬‬ ‫نتردى فيه في صورة‬ ‫لعل عنوان التقرير «‪ »nuances de terrorisme 137‬يحمل في ذاته أكثر من داللة عن المأزق الذي‬ ‫ّ‬ ‫‪24‬‬ ‫ّ‬ ‫التركيز حصريا على المميزات الفردية لألشخاص ومساراتهم من أجل فهم األعمال الجهادية‪ .‬انظر‬ ‫‪.Hecker, M. (2018). Les djihadistes en France face à la justice. Etudes de l’IFRI, Focus stratégique, 79‬‬


‫‪29‬‬

‫الدولة والعالقات االجتماعية‪ .‬وهذه‬ ‫وتمثّ الت سلبية عن ظروف عيشهم في تونس‪ ،‬وعن ّ‬ ‫إن عددا من هذه المواقف‬ ‫اآلراء والمواقف تتفاعل‪ ،‬في أغلبها‪ ،‬إيجابيا مع بعضها البعض‪ ،‬بل ّ‬ ‫العام ونفس المبدأ الذي يضفي عليها معنى معينا‬ ‫تصب في نفس الموقف‬ ‫واآلراء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫توصلنا‪ ،‬على ضوء تحليل إحصائي‪ ،‬إلى تلخيص هذه المواقف في ‪ 8‬عوامل‪.‬‬ ‫ويفسرها‪ .‬وقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫تصورات تتطابق مع عناوين مختلفة هي التالية‪ :‬اإلدماج‪ ،‬التهميش‪،‬‬ ‫وقد مكّ نت من بلورة ‪8‬‬ ‫ّ‬ ‫الدولة المانحة‪ ،‬شعور الفرد بأنّ ه فاعل في بالده‪،‬‬ ‫العنف‬ ‫المتصور والمسلّ ط على األشخاص‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تمثّ ل العنف المجتمعي والعنف األسري‪ ،‬ومدى تعاطف الطبقات الميسورة‪.‬‬ ‫الدولة ال تكترث ألحوال‬ ‫أن ّ‬ ‫يبين مدى الترابط بين فكرة غياب اإلنصاف وفكرة ّ‬ ‫فعامل اإلدماج ّ‬ ‫الغنية‪ ،‬ولكنّ ه يشمل أيضا مجموعة عوامل أخرى‬ ‫وتهتم أكثر بالطبقات‬ ‫الطبقات الفقيرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة تريد له‬ ‫مرتبطة بمدى شعور‬ ‫الشاب بأنّ ه محترم أم غير محترم في بالده‪ ،‬وإن كانت ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخير أم ال‪.‬‬ ‫أن العامل الذي أطلقنا عليه تسمية «التهميش» يشمل الفوارق االجتماعية‪،‬‬ ‫في حين ّ‬ ‫السلطة بل حتّ ى‬ ‫والشعور‬ ‫بالتعرض للتّ مييز‪ ،‬واالضطهاد‪ ،‬وإحساس الشاب بأنّ ه ضحية تجاوز ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضحية الحرمان من العيش في بالده‪.‬‬ ‫الدولة على تلبية‬ ‫بالدولة المانحة‪ ،‬فيجمع بين تطلّ عات الشباب إلى قدرة ّ‬ ‫أما العامل المرتبط ّ‬ ‫ّ‬ ‫والصحة‪ ،‬واالقتصاد‪.‬‬ ‫التربية‪،‬‬ ‫في‬ ‫األساسية‬ ‫الحاجيات‬ ‫ّ‬ ‫ويشير العامل اآلخر‪ ،‬الذي يمكن تسميته «بشعور الفرد أن يكون فاعال في مصيره»‪ ،‬إلى‬ ‫أن قدرة الفرد على فعل شيء ما لفائدة بلده‪ ،‬وشعوره بأنّ ه معني‬ ‫الفكرة التي مفادها ّ‬ ‫يتطور إلى األحسن‪ ،‬مرتبطة بالتصويت في االنتخابات من‬ ‫وأن وضع البالد يمكنه أن‬ ‫ّ‬ ‫ببلده‪ّ ،‬‬ ‫يتحسن وال شيء يمكن‬ ‫أن وضع البالد لن‬ ‫ّ‬ ‫أن األشخاص الذين يعتقدون ّ‬ ‫عدمه‪ .‬وقد الحظنا ّ‬ ‫فعله في هذا المجال‪ ،‬يعتقدون‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬أنّ ه ال فائدة تُ رجى من االنتخابات‪.‬‬ ‫المتصور والمعيش‪ ،‬فهي تنتظم حول عوامل ثالثة‬ ‫يخص األجوبة المتّ صلة بالعنف‬ ‫وفيما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتصور العنف المجتمعي؛‬ ‫منفصلة‪ ،‬وهي العنف المعيش أو المسلّ ط على الشخص؛‬ ‫ّ‬ ‫المتعددة للعنف األسري‪.‬‬ ‫واألشكال‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‪ ،‬والعنف‬ ‫وتشمل أشكال العنف المسلّ ط على الشبان الشعور بأنّ هم ضحايا عنف ّ‬ ‫والحي‪ ،‬والشارع‪.‬‬ ‫صلب اإلدارة‪ ،‬وفي العمل‪ ،‬وبالجامعة أو المدرسة‪ ،‬وكذلك في الملعب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫للدولة وكذلك المواطنين‬ ‫أما ما‬ ‫سميناه بالعنف المجتمعي‪ ،‬فنعني به إدراك المستجوب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة على العناية بالطبقات الثرية ُينظر إليه‬ ‫أن حرص ّ‬ ‫في ممارستهم للعنف‪ .‬فالجدير بالذّ كر ّ‬ ‫كنوع من العنف المجتمعي‪.‬‬ ‫يحسون بما يعيشه‬ ‫أن «األشخاص المنتمين إلى الطبقات الميسورة‬ ‫فإن‬ ‫وأخيرا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تصور ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األشخاص المنتمين إلى الطبقات الفقيرة» أي تعاطف الطبقات الميسورة مع الفئات‬ ‫للمستوجبين‪ ،‬أنّ ه موقف منفصل تماما عن‬ ‫مستقل‪ ،‬إذ يبدو‪ ،‬بالنسبة‬ ‫ّ‬ ‫الفقيرة‪ ،‬يبرز كعامل‬ ‫َ‬ ‫بأن الفرد فاعل في بلده‪.‬‬ ‫البقية وال يخضع إلى نفس مبادئ اإلدماج أو الشعور ّ‬


‫‪30‬‬

‫أنّ ك تعيش في مجتمع يتّ سم بالمساواة؟‬ ‫الطريقة على الجميع؟‬ ‫تطبق بنفس ّ‬ ‫أن القوانين في تونس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تهتم بالمشاكل الحقيقية للمواطنين؟‬ ‫ونسية‬ ‫التّ‬ ‫ولة‬ ‫الد‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫بالطبقات الفقيرة؟‬ ‫ّ‬ ‫تهتم‬ ‫الدولة التّ ونسية‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّ ك تعيش في مجتمع منصف؟‬ ‫أن صوتك مسموع في بالدك؟‬ ‫ّ‬ ‫الدولة التّ ونسية تريد لك الخير؟‬ ‫أن‬ ‫ّ ّ‬ ‫أن لك اعتبار في بالدك؟‬ ‫ّ‬ ‫أنّ ك تحظى باالحترام في بالدك؟‬ ‫أن لك نصيبك في بالدك؟‬ ‫ّ‬ ‫تهتم بالطبقات الفقيرة أكثر من اهتمامها‬ ‫التونسية‬ ‫ولة‬ ‫الد‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫بالطبقات الميسورة؟‬ ‫تتعرض إلى الحرمان في بالدك؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬ ‫مهمش في بالدك؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬ ‫تتعرض إلى مظلمة في بالدك؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬ ‫الالمساواة؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫تتعرض إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّ ك عرضة للتّ مييز في بالدك؟‬ ‫أنّ ك مضطهد في بالدك؟‬ ‫ضحية تجاوز للسلطة في بالدك؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬

‫أنّ ك ضحية عنف في المدرسة أو الجامعة؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في اإلدارة؟‬ ‫الشارع؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في ّ‬ ‫الدولة؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف ّ‬ ‫حيك؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في ّ‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في بالدك؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في الملعب؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في العمل؟‬

‫تلبي حاجيات التربية للتّ ونسي؟‬ ‫الدولة التّ ونسية ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫تلبي الحاجيات األساسية للتونسي؟‬ ‫ونسية‬ ‫التّ‬ ‫ولة‬ ‫الد‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫الصحة للتونسي؟‬ ‫حاجيات‬ ‫ي‬ ‫تلب‬ ‫ونسية‬ ‫التّ‬ ‫ولة‬ ‫الد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫تلبي الحاجيات االقتصادية للتونسي؟‬ ‫الدولة التّ ونسية ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّ ك تستطيع فعل شيء ما لتحسين أوضاع بالدك؟‬ ‫للتحسن في المستقبل؟‬ ‫أن وضع البالد قابل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عني ببالدك؟‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫أنّ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫أن التصويت في االنتخابات يصلح لشيء ما؟‬ ‫ّ‬

‫العامل ‪1‬‬ ‫اإلدماج‬

‫العامل ‪2‬‬ ‫التهميش‬

‫العامل ‪3‬‬ ‫إدراك العنف‬ ‫المسلّ ط عليك‬

‫العامل ‪4‬‬ ‫الدولة المانحة‬ ‫ّ‬ ‫العامل ‪5‬‬ ‫الشعور بأنّ ك‬ ‫فاعل في‬ ‫بالدك‬


‫‪31‬‬

‫مهتمة بالطبقات الثرية؟‬ ‫الدولة التونسية‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن التونسيين عنيفون فيما بينهم؟‬ ‫ّ‬ ‫الدولة التّ ونسية تمارس العنف؟‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬

‫العامل ‪6‬‬ ‫إدراك العنف‬ ‫المجتمعي‬

‫ضحية العنف المسلّ ط عليك من طرف أسرتك؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬

‫العامل ‪7‬‬ ‫العنف داخل‬ ‫األسرة‬

‫يحسون بما يعيشه‬ ‫أن األشخاص المنتمين إلى الطبقات الميسورة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األشخاص المنتمين للطبقات الفقيرة؟‬

‫العامل ‪8‬‬ ‫تعاطف‬ ‫الطبقات‬ ‫الميسورة‬

‫‪ .1‬المعيش الشخصي في عالقة بالسياق االجتماعي والسياسي‬ ‫الظلم‪،‬‬ ‫يتّ صف المعيش الشخصي بالشعور باالستنقاص في االعتراف بالفرد‪ ،‬وبشعور ّ‬ ‫المتصور والمسلّ ط‪ .‬وهي مظاهر تأخذ تعبيرات مختلفة‪:‬‬ ‫واللمساواة‪ ،‬والعنف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن صوتهم غير مسموع في بالدهم‪.‬‬ ‫‪ 73,9%‬يعتبرون ّ‬ ‫‪ 55,2%‬أنّ هم ال يحظون باالحترام‪.‬‬ ‫‪ 55,2%‬أنّ ه ليس لهم اعتبار‪.‬‬ ‫مهمشون‪.‬‬ ‫‪ 60,5%‬أنّ هم‬ ‫ّ‬ ‫‪ %51,6‬أنّ هم مضطهدون‪.‬‬ ‫‪ 54,2%‬أنّ هم عرضة للتمييز‪.‬‬ ‫‪ 62%‬أنّ هم عرضة للحرمان‬ ‫‪ 70,49%‬أنّ هم ال يتمتّ عون بنصيبهم‬ ‫يتعرضون إلى مظلمة‬ ‫‪ 60,15%‬أنّ هم‬ ‫ّ‬ ‫يتعرضون إلى عدم المساواة‬ ‫‪ 56,76%‬أنّ هم‬ ‫ّ‬ ‫‪ 56,5%‬أنّ هم ضحايا العنف‬ ‫بالدولة‬ ‫الخاصة‬ ‫• اإلحساس بالعالقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 57,38%‬من المستجوبين يعتبرون أنّ هم‪ ،‬شخصيا‪ ،‬ضحايا عنف مورس عليهم من طرف‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫ّ‬


‫‪32‬‬

‫الخاصة بالمجتمع‬ ‫• اإلحساس بعالقته‬ ‫ّ‬ ‫‪ 76,23%‬من المستجوبين يعتبرون أنّ هم‪ ،‬شخصيا‪ ،‬ضحايا عنف مورس عليهم من طرف‬ ‫غيرهم من التونسيين‪.‬‬ ‫ـمثُّ ل المجتمع‬ ‫• تَ َ‬ ‫‪71,3%‬‬ ‫‪83,1%‬‬ ‫‪83,6%‬‬ ‫‪76,4%‬‬

‫أن المجتمع التونسي غير قائم على أسس صحيحة‪.‬‬ ‫يعتبرون ّ‬ ‫يعتبرون أنّ ه مجتمع ال مساواة‪.‬‬ ‫يعتبرون أنّ ه مجتمع غير منصف‪.‬‬ ‫أن الطبقات الميسورة ال تكترث للطبقات المحرومة‪.‬‬ ‫يعتبرون ّ‬

‫الدولة‬ ‫ـمثُّ ل ّ‬ ‫• تَ َ‬ ‫* دولة ُينظر إليها على أنّ ها عاجزة‬ ‫‪69,7%‬‬ ‫‪41,9%‬‬ ‫‪65,7%‬‬ ‫‪79,2%‬‬ ‫‪76,2%‬‬

‫تلبي الحاجيات األساسية‪.‬‬ ‫الدولة ال ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫يعتقدون ّ‬ ‫الصحية‪.‬‬ ‫تلبي الحاجيات‬ ‫ّ‬ ‫أنّ ها ال ّ‬ ‫تلبي الحاجيات التّ ربوية‬ ‫أنّ ها ال ّ‬ ‫تلبي الحاجيات االقتصادية‪.‬‬ ‫أنّ ها ال ّ‬ ‫أنّ ها ال تكترث للمشاكل الحقيقية للنّ اس‪.‬‬

‫* دولة ُينظر إليها على أنّ ها ال تضمر الخير‬ ‫الدولة ال تضمر الخير‪.‬‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ 70,2%‬يعتقدون ّ‬ ‫الدولة تمارس العنف‪.‬‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ 70,1%‬يعتقدون ّ‬ ‫* دولة ُينظر إليها على أنّ ها غير عادلة وغير منصفة‬ ‫تفضل األغنياء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الدولة ال تساعد الفقراء‪ ،‬و‪ 81,6%‬يعتقدون أنّ ها‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ 80,4%‬يعتقدون ّ‬ ‫* دولة ُينظر إليها على أنّ ها تمارس الالمساواة‬ ‫تطبق بنفس الطريقة على الجميع‪.‬‬ ‫أن القوانين ال‬ ‫ّ‬ ‫‪ 82,4%‬يعتقدون ّ‬ ‫الدولة والمجتمع كبيئة معادية‪.‬‬ ‫وعموما‪،‬‬ ‫فإن أكثر من نصف المستجوبين ينظرون إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫حد ذاتها عامل عنف اجتماعي‬ ‫فحسب مختلف‬ ‫الدولة دورها بل هي في ّ‬ ‫تؤدي ّ‬ ‫التصورات‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومادي (عنف فعلي‬ ‫(عدم المساواة‪ ،‬انعدام العدالة‪ ، )...‬ورمزي (عدم االحترام‪ ،‬التهميش‪،)...‬‬ ‫ّ‬ ‫تعرضوا له)‪.‬‬ ‫ّ‬


‫‪33‬‬

‫تؤدي وظيفتها فحسب بل‬ ‫الدولة ال‬ ‫وقد سمحت المجموعات‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫البؤرية من إبراز فكرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما عن‬ ‫تعمل في االتجاه المعاكس لما أنشأت من أجله أي التعديل االقتصادي واالجتماعي‪ّ .‬‬ ‫والدولة‪،‬‬ ‫حد ذاته‪ ،‬كمصدر عنف وانقسامات‪ .‬هكذا يبدو المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫فينظر إليه‪ ،‬في ّ‬ ‫المجتمع‪ُ ،‬‬ ‫والظلم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والالمساواة‪،‬‬ ‫تصاد من حيث العنف‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫والتصورات‪ ،‬في‬ ‫في مستوى التمثّ الت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عامة بالضيق والقلق (يعيشها الشخص‪ ،‬على‬ ‫إن ما تفصح عنه هذه النتائج هي حالة شعور ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالدولة والمجتمع)‪ .‬كما تبرز أيضا فكرة الشرخ الكبير بين‬ ‫عالقاته‬ ‫في‬ ‫الفردي‪،‬‬ ‫المستوى‬ ‫ّ‬ ‫الطبقات االجتماعية‪ ،‬وبين أصحاب القرار والمواطنين‪ ،‬وبين الحاكم والمحكومين‪.‬‬ ‫بأن المجتمع التونسي غير‬ ‫بالتوازي مع ذلك‪ ،‬يذهب ‪ 71,3%‬من المستجوبين إلى االعتقاد ّ‬ ‫أهم التهديدات المتمثَّ لة‪ ،‬نجد‬ ‫مهدد من داخله‪ .‬ومن بين‬ ‫قائم على أسس سليمة‪ ،‬وأنّ ه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما عن أسباب انعدام األسس المتينة‬ ‫السياسيين‪ ،‬و»اإلرهابيين»‪ ،‬و»العقلية»‪ ،‬والفساد‪ّ .‬‬ ‫جدا دون اعتبار الفقر الذي يعود باستمرار‬ ‫التي يقوم عليها المجتمع‪ ،‬فنجد حججا متشابهة ّ‬ ‫الحجة أو األطر المرجعية‬ ‫في عالقة بهذا الجانب‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنّ ه يندر اللّ جوء إلى‬ ‫ّ‬ ‫الدينية عند تعداد األسباب‪.‬‬ ‫مستعدا لتقديم «جهد إضافي لفائدة‬ ‫الشخص‬ ‫عما إذا كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫على أنّ ه‪ ،‬عندما نسأل بوضوح ّ‬ ‫أهم من البالد وغيرها من االنتماءات‬ ‫يحتل مكانة‬ ‫ّ‬ ‫الدين‬ ‫أقربائه‪ ،‬أو بالده‪ ،‬أو دينه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحتل‬ ‫ّ‬ ‫فالدين‬ ‫الحي‪ ،‬األصدقاء‪ ،)...‬باستثناء اإلخوة واألولياء‪.‬‬ ‫الدفاع عنها (الجهة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المفروض ّ‬ ‫المقربة‪.‬‬ ‫أهم من العائلة‬ ‫األهمية‪ ،‬بل لعلّ ها‬ ‫بوضوح مرتبة بالغة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ .2‬المعيش الشخصي في عالقة بالسياق االجتماعي والسياسي وبالحوكمة الدينية‬ ‫المقدمة‬ ‫• تأثير العامل الديني على التفسيرات‬ ‫ّ‬ ‫يتبين‪ ،‬كلّ ما‬ ‫يعبرون‪ ،‬تلقائيا‪ ،‬عن تطلّ ع واضح إلى حوكمة دينية‪ ،‬فإنّ ه ّ‬ ‫أن المستجوبين ال ّ‬ ‫رغم ّ‬ ‫سألناهم بطريقة غير مباشرة‪ ،‬ظهور نوع من اللّ جوء‪ ،‬والتعلّ ق‪ ،‬والتطلّ ع إلى العامل الديني‪.‬‬ ‫• تمثّ ل المجتمع والحوكمة الدينية‬ ‫تطبق بنفس الطريقة على الجميع) في‬ ‫أن القوانين ال‬ ‫ّ‬ ‫إن فكرة الالمساواة أمام القانون (أي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن وضع البالد مرتبط بتطبيق شرع اللّ ه (شرع ّربي) من عدمه‪.‬‬ ‫عالقة مع فكرة ّ‬

‫وضع البالد مرتبط بتطبيق شرع اللّ ه (شرع ّربي) من عدمه‬

‫‪DL‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3,3‬‬

‫‪0,03781‬‬


‫‪34‬‬

‫أن‬ ‫إن‬ ‫تصور المجتمع (المساواة‪ ،‬اإلنصاف‪ ،‬العدالة‪ ،‬التعاطف‪ ،‬العنف) له عالقة أيضا بفكرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمة‬ ‫إلى‬ ‫باالنتماء‬ ‫والشعور‬ ‫جهة‪،‬‬ ‫من‬ ‫اإللهية‪،‬‬ ‫بالقوانين‬ ‫د‬ ‫التقي‬ ‫يستوجب‬ ‫وضعه‬ ‫تحسين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫‪Effect – DF‬‬

‫األمة اإلسالمية‬ ‫االنتماء إلى ّ‬

‫التقيد بالقوانين اإللهية‬ ‫ّ‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪16‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0,009519‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5,4‬‬

‫‪0,000286‬‬

‫حد ذاتها‪،‬‬ ‫أن هذه اآلراء ليست مرتبطة بإرادة صريحة في تطبيق الحوكمة اإلسالمية في ّ‬ ‫بيد ّ‬ ‫معين لكونه‬ ‫التقيد بقانون‬ ‫بتفهم عدم‬ ‫للدين أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وال باالستعداد لتقديم تضحيات كبرى خدمة ّ‬ ‫للدين‪.‬‬ ‫مناف ّ‬ ‫أن هذا التطلّ ع إلى احترام «القوانين اإللهية» في إدارة المجتمع ال يعني تطلّ عا‬ ‫جليا‪ّ ،‬‬ ‫يبدو‪ّ ،‬‬ ‫المهم‪ ،‬إذن‪ ،‬التمييز بين ُبعدين اثنين‪ :‬التطلّ ع إلى‬ ‫إلى حوكمة سياسية من نوع ديني‪ .‬فمن‬ ‫ّ‬ ‫مجتمع يحترم القواعد الدينية‪ ،‬وهو تطلّ ع قائم لدى أولئك الذين يعتبرون المجتمع غير عادل‪،‬‬ ‫والتطلّ ع إلى نظام سياسي ديني‪ ،‬وتطلّ ع بقي دون أثر لدى هؤالء‪.‬‬ ‫تصور المجتمع في عالقة األجوبة عن األفضل من بين‬ ‫أي تأثير على‬ ‫ّ‬ ‫وأخيرا‪ ،‬نشير إلى غياب ّ‬ ‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬أو التي تقوم على‬ ‫أنواع الحوكمة سواء منها التي‬ ‫تطبق ّ‬ ‫ّ‬ ‫تفوق اإلطار المرجعي الديني على اإلطار‬ ‫الصالح‬ ‫العام‪ .‬هكذا يظهر ّ‬ ‫ّ‬ ‫إرادة الشعب‪ ،‬أو على ّ‬ ‫المدني عندما يتعلّ ق األمر بتقييم النّ ظام االجتماعي لكن دون أن تترتّ ب عن ذلك تطلّ ع إلى‬ ‫حوكمة سياسية ذات طابع ديني‪.‬‬ ‫الدولة والحكومة الدينية‬ ‫• تمثّ ل ّ‬ ‫لم نالحظ تأثيرا ُيذكر الحترام الدين من عدمه أو تطبيق «القوانين اإللهية» (شرع ّربي) من‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫عدمه تمثّ ل ّ‬ ‫المستوجب مسلما أو غير مسلم أو أنّ ه ينتمي‬ ‫فإن الشعور بكون‬ ‫الهوية‪،‬‬ ‫وفي مستوى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‪ .‬ونلحظ نفس عياب التأثير على‬ ‫األمة اإلسالمية أو ال ينتمي‪ ،‬ال عالقة له بتمثّ ل ّ‬ ‫إلى ّ‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫يخص االستعداد لبذل جهود أو تضحيات من أجل ّ‬ ‫هذا التمثّ ل فيما ّ‬ ‫والتقيد‬ ‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫بالمقابل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن التطلّ ع إلى العمل على احترام ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‪ .‬ويبدو‪ ،‬من جهة‬ ‫«بالقوانين اإللهية»‪ ،‬وتطبيق حوكمة دينية‪ ،‬لها تأثيرها على تمثّ ل ّ‬ ‫والديني) ليسا في تناقض من حيث تأثيرهما‬ ‫(الديمقراطي‬ ‫أن اإلطارين‬ ‫ّ‬ ‫المرجعيين ّ‬ ‫ّ‬ ‫أولى‪ّ ،‬‬ ‫أن الحوكمة‬ ‫الدولة (فجزء من المستجوبين ينخرط في االثنين معا)‪ ،‬فيما يرى آخرون ّ‬ ‫على تمثّ ل ّ‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫الدينية وتطبيق «شرع ّربي» يمكن أن‬ ‫يقدما ّ‬ ‫حال لفشل ّ‬ ‫ّ‬


‫‪35‬‬

‫السجلّ ين الديني والمدني في تفكير المستجوبين في النتائج‬ ‫ويتجسد عدم التناقض بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬يعتقدون أنّ ه‬ ‫أن وضع البالد مرتبط بالمسار ّ‬ ‫ ‪ 43,34%‬من الذين يعتبرون ّ‬‫مرتبط أيضا بمدى تطبيق أو عدم تطبيق «القوانين اإللهية ‘» شرع ّربي»)‬ ‫الدمقرطة يرون أنّ ه مرتبط باحترام الدين من عدمه‪.‬‬ ‫ ‪ 46,4%‬من الذين يعتبرون أن مسار ّ‬‫ ‪ 52,8%‬يعتبرون أنّ ه مرتبط في نفس الوقت بـتطبيق حقوق اإلنسان وتطبيق «شرع ّربي»‪.‬‬‫أن ذلك مرتبط في نفس الوقت بتطبيق حوق اإلنسان واحترام الدين‪.‬‬ ‫ ‪ 59,8%‬يعتبرون ّ‬‫ ‪ 64,3%‬من الذين يعتقدون أن تحسين وضع البالد يتطلّ ب تطبيق «شرع ّربي» (‪61,62%‬‬‫الديمقراطية‬ ‫من المستجوبين) يعتقدون أيضا أنّ ه يجب تطبيق القواعد ّ‬ ‫ ‪ 67,54%‬من الذين يعتقدون أن تحسين وضع البالد يتطلّ ب تطبيق «شرع ّربي» (‪61,62%‬‬‫أن يجب تطبيق حقوق اإلنسان (‪ 67,33%‬من المستجوبين)‪.‬‬ ‫من المستجوبين) يعتقدون أيضا ّ‬ ‫الدينية (‪ 44,25%‬من المستجوبين)‪،‬‬ ‫ ‪ 66,9%‬من الذين يعتقدون بوجوب تطبيق الحوكمة‬‫ّ‬ ‫يعتقدون أنّ ه يجب أيضا تطبيق حقوق اإلنسان (‪ 67,33%‬من المستجوبين)‪.‬‬ ‫الدينية (‪ 44,25%‬من المستجوبين)‪،‬‬ ‫ ‪ 63,55%‬من الذين يعتقدون بوجوب تطبيق الحوكمة‬‫ّ‬ ‫الديمقراطية (‪ 63,12%‬من المستجوبين)‪.‬‬ ‫يعتقدون أنّ ه يجب أيضا تطبيق قواعد ّ‬ ‫‪Effect – DF‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪9‬‬

‫‪6‬‬

‫‪0,000000‬‬

‫تطبيق الحوكمة الدينية‬

‫‪9‬‬

‫‪5‬‬

‫‪0,000005‬‬

‫تطبيق الديمقراطية‬

‫‪9‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0,042342‬‬

‫تطبيق حقوق اإلنسان‬

‫‪9‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0,000161‬‬

‫التقيد بالقوانين اإللهية‬ ‫ّ‬

‫والديمقراطية ليسا‬ ‫فإن «شرع ّربي»‬ ‫ّ‬ ‫يؤكّ د الشبان‪ ،‬صلب بؤر النّ قاش‪ ،‬هذه النتيجة‪ .‬وفعال‪ّ ،‬‬ ‫يف َواحِ ْد ِي َصلِّ ي في الجامع‬ ‫متضاربين‪ .‬فشرع اللّ ه مقترن بمجموعة من القيم األخالقية‪« .‬كِ ْ‬ ‫الصالة ويخرج وال يشتم غيره‪،‬‬ ‫ؤدي ّ‬ ‫يس ِّب ْش‪َ ،‬‬ ‫ويخْ ُر ْج ما ِ‬ ‫الشخص واجب ّ‬ ‫يق ِّد ْر العبد‪( »...‬عندما ُي ّ‬ ‫ُ‬ ‫أن جزءا من المواطنين تنقصه التربية الدينية وهو ما‬ ‫فإنّ ه ُيمنح قدره‪ ،»...‬فالبعض يعتقد ّ‬ ‫يفسر أنّ هم يعيشون داخل وسط يسوده الفساد‪ ،‬وعدم االحترام‪ ،‬والعنف‪.‬وهذا الرأي توكّ ده‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫ل‬ ‫تمثّ‬ ‫على‬ ‫الحوكمة‬ ‫أنواع‬ ‫من‬ ‫نوع‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫الممنوحة‬ ‫الشرعية‬ ‫بتأثير‬ ‫قة‬ ‫المتعلّ‬ ‫النتائج‬ ‫ّ‬ ‫‪Effect – DF‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫الحوكمة األكثر شرعية هي تلك القائمة على‬ ‫الشعب‬ ‫إرادة ّ‬

‫‪9‬‬

‫‪3‬‬

‫‪0,005158‬‬

‫القائمة على اإلرادة اإللهية‬

‫‪9‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0,000028‬‬

‫العامة‬ ‫القائمة على المصلحة‬ ‫ّ‬

‫‪9‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0,864542‬‬


‫‪36‬‬

‫الدولة‬ ‫وبقدر ما يؤثّ ر التطلّ ع إلى حوكمة ديمقراطية (قائمة على إرادة الشعب) على تمثّ ل ّ‬ ‫فإن نفس هذا التأثير في التطلّ ع إلى حوكمة متطابقة مع اإلرادة اإللهية‪ ،‬في حين أنّ ه ال تأثير‬ ‫ّ‬ ‫العام‪ .‬فالذي‬ ‫الح‬ ‫الص‬ ‫على‬ ‫قائمة‬ ‫حوكمة‬ ‫إلى‬ ‫ع‬ ‫بالتطلّ‬ ‫قة‬ ‫المتعلّ‬ ‫األولى‬ ‫للنقطة‬ ‫بالنسبة‬ ‫يذكر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن فكرة «إرادة الشعب» و»اإلرادة اإللهية» ليستا متعارضتين في‬ ‫يمكن استخالصه‪ ،‬هنا‪ ،‬هو ّ‬ ‫فـ»الشعب» يطمح‪ ،‬بالنسبة للمستجوبين‪ ،‬إلى تطبيق اإلرادة اإللهية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مستوى التمثّ الت‪.‬‬ ‫الشعب» مع «إرادة اللّ ه»‪.‬‬ ‫وهكذا تتناغم «إرادة ّ‬ ‫فإن االتجاه نحو عدم االمتثال للقانون المنافي للدين يفهم في عالقة بهذا التمثّ ل‬ ‫وأخيرا‪ّ ،‬‬ ‫للدولة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للدين‬ ‫هذا القانون مخالف ّ‬

‫‪Effect – DF‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪36‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0,030457‬‬

‫محددين في العالقة بالقوانين المدنية‪.‬‬ ‫بالديني‬ ‫ّ‬ ‫الدولة والعالقة ّ‬ ‫فتمثّ ل ّ‬ ‫• المعيش الشخصي ضمن السياق االجتماعي والسياسي والعالقة بالحوكمة الدينية‬ ‫أن المعيش الشخصي ضمن السياق االجتماعي والسياسي له عالقة واضحة‬ ‫يبدو‪ ،‬واضحا‪ّ ،‬‬ ‫المتصورة لحوكمة قائمة على اإلرادة اإللهية وكذلك لحوكمة ديمقراطية قائمة‬ ‫بالشرعية‬ ‫ّ‬ ‫يخص إمكانية‬ ‫على إرادة ّ‬ ‫الشعب‪ .‬فنفس المالحظة التي أوردناها سابقا تبقى صالحة فيما ّ‬ ‫وجود نفس المعادلة‪ ،‬لدى المستجوبين‪ ،‬بين إرادة الشعب وإرادة اللّ ه (ما يريده الشعب هو‬ ‫ما يريده اللّ ه‪ ،‬والعكس صحيح أيضا)‪ .‬يضاف إلى ذلك‪ ،‬وخالفا لما الحظناه بالنسبة لتمثّ ل‬ ‫العام‪ .‬فظروف الحياة كما يعيشها‬ ‫الصالح‬ ‫الدولة‪ ،‬عنصر الشرعية‬ ‫ّ‬ ‫المتصورة القائمة على ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المستجوب لها عالقة بإحساسه‪ ،‬وتصبح المصلحة الشخصية‪ ،‬هنا‪ ،‬مرتبطة بمصلحة المجموعة‬ ‫في مواجهة السلطة السياسية‪.‬‬

‫الحوكمة األكثر شرعية هي تلك القائمة على إرادة‬ ‫الشعب‬ ‫ّ‬ ‫القائمة على اإلرادة اإللهية‬

‫العامة‬ ‫القائمة على المصلحة‬ ‫ّ‬

‫‪Effect – DF‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪22‬‬

‫‪3‬‬

‫‪0,000001‬‬

‫‪22‬‬

‫‪3‬‬

‫‪0,000001‬‬

‫‪22‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0,045643‬‬

‫معين‪ ،‬بدعوى تعارضه مع الدين‪ ،‬لها عالقة بالمعيش‬ ‫أن نزعة عدم االمتثال لقانون‬ ‫ّ‬ ‫نالحظ ّ‬ ‫الشخصي نسبة إلى السياق السياسي واالجتماعي‪.‬‬ ‫للدين‬ ‫هذا القانون مخالف ّ‬

‫‪Effect – DF‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪88‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0,000181‬‬


‫‪37‬‬

‫خالفا لما نالحظ‪ ،‬عندما يتعلّ ق األمر بتأثير احترام الدين من عدمه وتطبيق شرع اللّ ه على‬ ‫الدولة وفي عالقة بوضع البالد ومستقبله‪ ،‬فإنّ ه مرتبط بالمعيش الشخصي نسبة إلى‬ ‫تمثّ ل ّ‬ ‫السياق االجتماعي والسياسي‪ .‬وتكون الحساسية لهذه المسألة أكبر بقدر ما تكون ظروف‬ ‫الدولة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحياة الشخصية‬ ‫محل رهان (أسوة بما يحدث بالنسبة لتمثّ ل ّ‬ ‫تستحق االنتباه‪ .‬فعندما يتعلّ ق األمر بالوضع الحالي للبالد‪ ،‬يصبح األمر‬ ‫ّ‬ ‫بيد أنّ ه هناك مسألة‬ ‫فعليا)‪ .‬بالمقابل‪ ،‬عندما يتعلّ ق‬ ‫مطبقة‬ ‫أن «التعاليم اإللهية» ليست‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متعلّ قا باحترام الدين (أي ّ‬ ‫محددا‪ .‬هذه النقطة من شأنها أن تؤكّ د‬ ‫األمر بمستقبل البالد يصبح تطبيق هذه التعاليم‬ ‫ِّ‬ ‫أن المعيش اليومي نسبة إلى السياق االجتماعي والسياسي له عالقة بالرغبة في‬ ‫فكرة ّ‬ ‫تطبيق حوكمة دينية‪ .‬مع التّ ذكير‪ ،‬هنا‪ ،‬بأنّ ه كلّ ما تعلّ ق بإضفاء عوامل على وضع المجتمع‪ ،‬نجد‬ ‫تأثير فكرة تطبيق «القوانين اإللهية» من عدمه وازنا‪.‬‬ ‫الدين حتى‬ ‫للدفاع عن ّ‬ ‫األمة اإلسالمية‪ ،‬من جهة‪ ،‬واالستعداد ّ‬ ‫فإن شعور االنتماء إلى ّ‬ ‫وأخيرا‪ّ ،‬‬ ‫معين‪.‬‬ ‫لو كلّ ف ذلك تضحيات كبرى‪ ،‬يبقى على عالقة بالمعيش الشخصي ضمن سياق‬ ‫ّ‬ ‫األمة اإلسالمية‬ ‫ّ‬

‫الدين حتى إن لزم تقديم تضحيات كبيرة‬ ‫الدفاع عن ّ‬ ‫ّ‬

‫‪Effect – DF‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪88‬‬

‫‪1.7‬‬

‫‪0,000136‬‬

‫‪110‬‬

‫‪1.8‬‬

‫‪0,000001‬‬

‫أي نموذج نختار؟‬ ‫• ّ‬ ‫أي‬ ‫توجهنا بالسؤال إلى‬ ‫عندما‬ ‫الشبان عن النموذج المطلوب السير على منواله‪ ،‬لم يحظ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تم عرضهم على المستجوبين‪.‬‬ ‫نظام سياسي باإلجماع من بين ‪ 66‬بلدا أو نظام سياسي ّ‬ ‫وحدهما تركيا (‪ )13‬وألمانيا (‪ )9,97‬برزتا نسبيا ضمن المجموعة‪ .‬ولم تحظ «دولة عمر بن‬ ‫الخطاب اإلسالمية» أو ما عرفت بـ»الدولة اإلسالمية الحقيقية»’ سوى بـ ‪ .0,24‬في حين لم‬ ‫ّ‬ ‫الدولة اإلسالمية الحالية (داعش) أبدا كنموذج مثالي‪.‬‬ ‫تذكر ّ‬ ‫التوجه الذي الحظناه أحيانا في طلب حوكمة مستلهمة من «شرع ّربي» ال‬ ‫يتبين بوضوح أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فالطرف الفاعل‪ ،‬هنا‪ ،‬منشطر‪ ،‬كما يقول‬ ‫ّ‬ ‫«الدولة اإلسالمية» الحالية‪.‬‬ ‫تعني أبدا انخراطا في‬ ‫ّ‬ ‫ماكس فيبر ‪ ، ،M. Weber 25‬بين معيشه اليومي المخترق من طرف توتّ رات ناجمة عن عوالم‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫يتوفق في عقلنتها على طريقته‬ ‫ّ‬ ‫اجتماعية وذهنية مختلطة تبدو متنافرة لكنّ ه‬ ‫ّ‬ ‫يجرنا إلى طرح مشكلة التزام الشباب على ضوء عديد العوامل المذكورة سابقا‪.‬‬ ‫وهو ما ّ‬

‫‪M.Weber le savant et le politique ; paris Plon 1959 PP 83-85 25‬‬


‫‪38‬‬

‫الجنس‬ ‫الحي‬ ‫ّ‬

‫الحي‬ ‫الجنس ‪x‬‬ ‫ّ‬

‫‪Effect – DF‬‬

‫‪F‬‬

‫‪P‬‬

‫‪40‬‬

‫‪2,5‬‬

‫‪0,000002‬‬

‫‪320‬‬

‫‪2,7‬‬

‫‪0,000000‬‬

‫‪320‬‬

‫‪1,3‬‬

‫‪0,001333‬‬

‫• النّ وع والمعيش اليومي‬ ‫الحي على المواقف المتعلّ قة‬ ‫نالحظ‪ ،‬من جهة‪ ،‬تأثير النّ وع أو الجنس‪ ،‬ومن جهة أخرى تأثير‬ ‫ّ‬ ‫والدولة‪ ،‬والعنف المعيش وتمثّ التها‪ ،‬ونلحظ من جهة أخرى‪ ،‬تفاعال بين‬ ‫بتصورات المجتمع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحي‪.‬‬ ‫الجنس‬ ‫ّ‬ ‫والدولة‪ ،‬والعنف‬ ‫الرجال فيما يتعلّ ق بظروف الحياة‪،‬‬ ‫فالنساء‬ ‫ّ‬ ‫لهن تقييم أكثر صرامة من ّ‬ ‫ّ‬ ‫تهتم بالمشاكل الحقيقية للنّ اس وقضية العنف‬ ‫الدولة ال‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫المعيش‪ ،‬بصرف النّ ظر عن فكرة ّ‬ ‫المسلّ ط على الشباب في المالعب (في عالقة مع معدالت التوافد على هذه األخيرة)‪.‬‬

‫التطرف‬ ‫‪ .III‬انعدام المساواة والتهميش‪ :‬ما هي العالقة بانخراط الشباب في‬ ‫ّ‬ ‫العنيف؟‬ ‫بتحوالت اجتماعية وسياسية طالت عديد‬ ‫متميز‬ ‫ُأنجز االستبيان الميداني ضمن سياق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والدولة هي نفسها (دوبري‪،‬‬ ‫القطاعات حيث لم تعد عالقات الفاعلين بالتعبير‪ ،‬والفضاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،26)1986‬وهو ما مكّ ننا من الوقوف على تمثّ الت شباب األحياء األربعة النعدام المساواة‪،‬‬ ‫واإلقصاء‪ ،‬وتداعياتها على ديناميكيات انخراط الشبان أو عدم انخراطهم كفاعلين اجتماعيين‬ ‫وسياسيين‪.‬‬ ‫البعد االقتصادي واالجتماعي فحسب‬ ‫فبالنسبة لهؤالء الشبان‪ ،‬ال تحيل عدم المساواة إلى ُ‬ ‫بأن صوتهم‬ ‫بل ُينظر إليها كمظلمة سياسية‪ ،‬ورمزية‪ ،‬ومعنوية‪ ،‬حيث يعتقد ‪ 74,6%‬منهم ّ‬ ‫غير مسموع‪ ،‬في حين يرى ‪ 55,3%‬أنّ هم ال يحظون باالحترام‪ .‬وعالوة عن العنف االقتصادي‬ ‫والتّ مييز االجتماعي المقترنين باالحتقار الطبقي أو الفئوي االجتماعي‪ ،‬أثار الشبان مسألة‬ ‫يمهد‬ ‫الجرح المعنوي الذي يمثّ ل واقعا أكثر وجعا‪ ،‬ويصبح الشعور بالخزي والمهانة مصدر استياء ّ‬ ‫فسر الفوارق الطبقية والجهوية‪ ،‬في‬ ‫لمشاعر الغضب والتعبير عنها عن طريق العنف‪ .‬ولئن تُ ّ‬ ‫فإن الجروح المعنوية تستدعي نظرية االقتصاديات‬ ‫أغلب األحيان‪ ،‬بنظرية العدالة التوزيعية‪ّ ،‬‬ ‫‪28‬‬ ‫األخالقية ‪( 27‬طومبسن ‪ ،Thompson، 1963‬وفاسين ‪.) Fassin، 2009‬فحسب هذا األخير‪،‬‬ ‫توفر شرط الظروف االقتصادية ضروري لبروز االحتجاج‪ ،‬فهو غير كاف‬ ‫أن ّ‬ ‫إذا ما قبلنا بفكرة ّ‬ ‫التعرف على المرونة «الهيكلية» للمنظومات االجتماعية‬ ‫المتعددة القطاعات أي‬ ‫‪ 26‬تعتمد هذه المقاربة على فهم التعبئة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتعددة‪.‬‬ ‫القطاعية‬ ‫التعبئات‬ ‫دوبري‬ ‫يسميه‬ ‫بما‬ ‫المرتبطة‬ ‫األزمة‬ ‫ديناميكيات‬ ‫المعقدة والسيولة السياسية في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.D Fassin. Les économies morales revisités. Annales HSS, novembre-décembre 2009, n°6, p. 1237-1266 27‬‬ ‫‪.D Fassin les économies morales revisités Annales HSS, novembre-décembre 2009, n°6, p. 1237-1266 28‬‬


‫‪39‬‬

‫رد فعل على وازع الجوع بل يمكن أن تنشأ عن أبعاد‬ ‫ألن االنتفاضة ليست‪ ،‬فقط‪ّ ،‬‬ ‫كاف ّ‬ ‫وتطلعات أخرى‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يمكن أن نفهم‪ ،‬انطالقا من هذه الزاوية‪ ،‬األبعاد والمعاني التي‬ ‫بأي نوع من أنواع‬ ‫يأخذها مفهوم الكرامة لدى الشباب‪« :‬أن تعتزّ بكرامتك يعني ّ‬ ‫أال تقبل ّ‬ ‫االحتقار و‪/‬أو اإلهانة»‪.‬‬ ‫تسيسا‪ ،‬إذ يعتقد ‪ 82,4%‬من‬ ‫أما التعبير اآلخر عن غياب العدل فيتجلّ ى في سلّ م أكثر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المستجوبين اعتقادا راسخا في عدم المساواة أمام القانون حيث تسود الزّ بونية‪ ،‬والمحاباة‪،‬‬ ‫الشبان‪.‬‬ ‫وسلطة األقوى وتقديم «المعارف»‪ ،‬و»الناس الواصلة» على البقية‪ ،‬كما يقول‬ ‫ّ‬ ‫تطبق‬ ‫ويعتقد ‪ 82,6%‬من الشبان المستجوبين أنّ هم يعيشون في مجتمع غير منصف‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫فيه القوانين على الجميع على نحو عادل‪ .‬فبعد انقضاء تسعة أعوام على الثورة‪ ،‬يرون ّ‬ ‫وأن‬ ‫الدولة ما زالت غير عادلة مع المواطنين‪ ،‬وأنّ ها‪ ،‬في نظرهم‪ ،‬ليست دولة جميع الفاعلين‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الديمقراطية الناشئة ليست سوى ديمقراطية واجهة‪ ،‬وديمقراطية دون ديموس أي دون‬ ‫شعب‪.‬‬ ‫«الدولة‬ ‫ألن‬ ‫تحدثنا عن «االنتقال»‪ ،‬فهو في طريق مسدود في نظر هؤالء‬ ‫ّ‬ ‫الشبان ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإذا ما ّ‬ ‫محل تساؤل أمام عدم فاعليتها في‬ ‫ّ‬ ‫الجديدة» المفروض أن تنبثق من روح الثّ ورة أصبحت‬ ‫الهوة‪ .‬يكفي اإلشارة إلى صعوبات إدماج الشباب كمثال على الفشل في مجال العيش‬ ‫ردم‬ ‫ّ‬ ‫المشترك فضال عن تعبيرات أخرى يصعب حصرها عن التفكّ ك االجتماعي‪ ،‬بما يجعل الجسم‬ ‫أي‬ ‫الدولة سوى‬ ‫تبين إلى ّ‬ ‫الدراسة الميدانية ّ‬ ‫جزئيا‪ .‬فهذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي غير ممثّ ل من طرف ّ‬ ‫جتمع ْين يديران‬ ‫مدى نحن أمام دولة واحدة على المستوى القانوني بقدر ما نحن أمام ُم‬ ‫َ‬ ‫الظهر إلى بعضهما البعض‪.‬‬ ‫بالظلم يزداد تأكيدا طالما أنّ ه ال يطال الفرد فحسب بل‬ ‫ّ‬ ‫فإن هذا الشعور‬ ‫وبأكثر وضوح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويولّ د‬ ‫الكل»‪ .‬إنّ ه بمثابة الجرح الذي‬ ‫ّ‬ ‫يتعداه إلى المجموعة بأكملها‪« ،‬الحومة‬ ‫يمس الكبرياء ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشبان إلى‬ ‫مرده اإلقصاء وعدم االندماج في المجتمع‪ ،‬وهو يحيل هؤالء‬ ‫وجعا متقاسما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪29‬‬ ‫ويشجع على اللّ جوء إلى روابط تضامن آلية ‪ ،‬ويضخّ م من انعدام‬ ‫صورة سلبية عن أنفسهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الدولة والعزوف عنها وعن المجتمع بأكمله باعتبارهما فضاءين عاجزين عن اإلدماج‪.‬‬ ‫الثقة في ّ‬ ‫وهذا الشعور له تبعاته على العالقة بالفضاء وبديناميكيات التآلف االجتماعي لدى الشباب‪.‬‬ ‫الحسي في ُبعدين اثنين‪:‬‬ ‫ويتجلّ ى الشعور باإلقصاء وعدم االعتراف وإدراكهما‬ ‫ّ‬ ‫الشبان مجموعة اجتماعية متضامنة‪ ،‬ومتجانسة‬ ‫أوال‪ُ ،‬ب ْع ٌد ديمغرافي (صراع األجيال) حيث يشكّ ل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعرف‬ ‫في مواجهة اآلخرين‪ ،‬أي األكبر سنّ ا والماسكين‬ ‫بالسلطة‪ .‬فمختلف أطياف الشباب ّ‬ ‫ّ‬ ‫السن»‪ ،‬وترى نفسها الجهة الفاعلة‬ ‫هوية معارضة «للشيوخ أو كبار‬ ‫نفسها على أساس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سيما وأنّ ها تعتبر نفسها المجموعة االجتماعية‬ ‫الوحيدة الممكنة والقادرة على التّ غيير ال‬ ‫ّ‬ ‫األكثر نشاطا وإسهاما في الثورة‪.‬‬ ‫الروابط الخفية التي تجمع بين األفراد والتي تجعل‬ ‫الدوركهايمي (نسبة إلى دوركهايم) المتوافق مع ّ‬ ‫يجرنا هذا إلى التعريف ّ‬ ‫‪ّ 29‬‬ ‫المجتمع «قائما»‪ :‬التضامن هو «إسمنت» المجتمع‪ .‬ويمكن لهذا التضامن أن يأخذ مظهرين في سوسيولوجية دوركهايم ‪ :‬مظهر‬ ‫قائم على تشابه سلوكات األفراد والقيم داخل المجتمع (أي التضمن اآللي) وآخر قائم على تكامل األنشطة ووظائف األفراد‬ ‫(أي التضامن العضوي)‪.‬‬


‫‪40‬‬

‫و»الزوالي»‪،‬‬ ‫بعد مرتبط بتراتبية هرمية اجتماعية تخلّ ت عن الفقير‬ ‫ّ‬ ‫بعد طبقي‪ ،‬وتحديدا ٌ‬ ‫ثانيا‪ٌ :‬‬ ‫الشبان مسؤولية وضعهم إلى السياسات العمومية‬ ‫يحمل أغلب هؤالء‬ ‫والمعدم‪ .‬ولئن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫للدولة‪ ،‬فمن األهمية بمكان التأكيد على اآلثار المأساوية لهذه الهشاشة والخصاصة المرتبطة‬ ‫ّ‬ ‫‪30‬‬ ‫يتحول إلى ضيق نفسي وفراغ وجودي‪ .‬فعدم‬ ‫فإن هذا الفقر االقتصادي‬ ‫ّ‬ ‫بالفقر ‪ .‬وفعال‪ّ ،‬‬ ‫يحوله إلى‬ ‫امتالك‬ ‫الشاب‪ ،‬ضحية الخصاصة‪ ،‬إلى شيء ما‪ ،‬كمتاع اجتماعي فعلي أو رمزي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫«فرد افتراضي» حسب عبارة روبرت كاستال ‪ .)R. Castel (1944‬وهذه الهشاشة يرى فيها‬ ‫جورغ سيمال ‪ )G. Simmel (1918‬ظاهرة اجتماعية محلية يصبح فيها الفقير ذلك الّ ذي يجد‬ ‫حددتها المجموعة االجتماعية التي ينتمي إليها ‪.31‬‬ ‫نفسه عاجزا عن تلبية الحاجيات التي ّ‬ ‫وتصرفهم‪،‬‬ ‫الشبان‪ ،‬وطريقة تفكيرهم‪،‬‬ ‫وقد ساعدنا هذا البحث الميداني على فهم مواقف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالظلم‪ .‬كما ساهم في فهم أفضل ألشكال التزام الشباب الجديدة و‪/‬أو عدم‬ ‫ّ‬ ‫وشعورهم‬ ‫التزامه‪.‬‬ ‫والهوية‬ ‫• الشعور باالنتماء‬ ‫ّ‬

‫العائلة‬

‫األمة اإلسالمية‬ ‫ّ‬

‫مجموعة األصدقاء‬ ‫الحي‬ ‫ّ‬ ‫الموسعة‬ ‫العائلة‬ ‫ّ‬ ‫الجهة‬

‫البلد‬

‫األمة العربية‬ ‫ّ‬

‫الطبقة االجتماعية‬ ‫المدرسة‬

‫المدينة أو القرية‬

‫المجموعة المهنية‬

‫أنتمي‬ ‫بقوة‬ ‫ّ‬

‫‪84,5%‬‬

‫الشعور باالنتماء‬ ‫أنتمي‬ ‫نسبيا‬

‫ال أنتمي‬

‫ال أنتمي‬ ‫بتاتا‬

‫ال أعرف‬

‫‪9,6%‬‬

‫‪3,4%‬‬

‫‪1,4%‬‬

‫‪1,0%‬‬

‫‪67,5%‬‬

‫‪16,4%‬‬

‫‪4,3%‬‬

‫‪5,6%‬‬

‫‪5,8%‬‬

‫‪64,3%‬‬

‫‪23,0%‬‬

‫‪5,2%‬‬

‫‪4,1%‬‬

‫‪2,6%‬‬

‫‪53,9%‬‬

‫‪31,6%‬‬

‫‪6,6%‬‬

‫‪5,1%‬‬

‫‪2,5%‬‬

‫‪48,0%‬‬

‫‪37,5%‬‬

‫‪8,4%‬‬

‫‪3,2%‬‬

‫‪2,5%‬‬

‫‪46,7%‬‬

‫‪36,6%‬‬

‫‪8,4%‬‬

‫‪5,0%‬‬

‫‪3,2%‬‬

‫‪45,0%‬‬

‫‪28,3%‬‬

‫‪10,6%‬‬

‫‪12,0%‬‬

‫‪3,1%‬‬

‫‪39,4%‬‬

‫‪27,5%‬‬

‫‪9,6%‬‬

‫‪14,8%‬‬

‫‪8,2%‬‬

‫‪37,5%‬‬

‫‪31,1%‬‬

‫‪10,1%‬‬

‫‪8,7%‬‬

‫‪12,4%‬‬

‫‪31,4%‬‬

‫‪34,3%‬‬

‫‪13,2%‬‬

‫‪11,8%‬‬

‫‪9,1%‬‬

‫‪30,3%‬‬

‫‪47,3%‬‬

‫‪13,0%‬‬

‫‪6,1%‬‬

‫‪2,7%‬‬

‫‪24,1%‬‬

‫‪25,1%‬‬

‫‪11,4%‬‬

‫‪8,2%‬‬

‫‪31,1%‬‬

‫المتعدد األبعاد‪ ،‬وفق أرقام المعهد الوطني لإلحصاء ‪ 28,87% ،2014‬من مواطنينا (منهم ‪ 16,88%‬في المناطق‬ ‫يمس الفقر‬ ‫‪30‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحضرية‪ ،‬و‪ 54,34%‬في المناطق الريفية)‪.‬‬ ‫الدريدي‪ ،‬إدراك الفقر عند الشبان‪ ،‬الفصل ‪ 4‬من مؤلّ ف‪:‬‬ ‫‪ 31‬انظر العربي ّ‬ ‫‪Quand les jeunes parlent de l’injustice sous la dir de Imed Melliti et Hayet Mousse l’Harmattan 2018‬‬ ‫والعدد الخاص من‬ ‫‪cahiers de CERS série sociologie) article de Noureddine Abdi « Implications théoriques et méthodologiques‬‬ ‫‪.des notions de pauvreté , d’exclusion sociale et de marginalisation », 1994‬‬


‫‪41‬‬

‫أن هذه األخيرة تبقى إطار تضامن وإنصات‪ .‬فـ ‪ 84,5%‬من‬ ‫تبين العالقة بالعائلة‪ ،‬أيضا‪ ،‬كيف ّ‬ ‫ّ‬ ‫جدا بالنسبة لهم لكونها مصدر حماية‬ ‫ة‬ ‫هام‬ ‫ها‬ ‫أنّ‬ ‫ويعتقدون‬ ‫للعائلة‬ ‫ة‬ ‫هام‬ ‫مكانة‬ ‫يولون‬ ‫ان‬ ‫الشب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضحية انعدام العدالة مثلهم‪.‬‬ ‫لهم‪ ،‬وفي نفس الوقت‬ ‫ّ‬ ‫بالحي أهمية إذ نجد ‪ 53,9%‬متعلّ قين بالمكان الذي يعيشون فيه وباأللفة‬ ‫تقل العالقة‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫ّ‬ ‫ويبين هذا التعلّ ق بمجموعة القرب والذي ينشأ بحكم المعيش اليومي‪ ،‬والجوار‪،‬‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والتّ قاسم‪ ،‬إضافة إلى الوصم الجماعي المسلّ ط من الخارج‪ ،‬أو ما وصفه راتزل ‪)Ratzel (1908‬‬ ‫المتوارثة عن المعاشرة‪ .‬ويولّ د هذا االنتماء‪ ،‬النّ ابض‬ ‫بالرابطة الروحية التي تنشأ بحكم العادة‬ ‫َ‬ ‫للحي تناقضا بين القريب المحلّ ي (مكان العيش) واالجتماعي الشامل (مصدر‬ ‫حيوية وحياة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اريون»‪.‬‬ ‫عبر عن ذلك شباب‬ ‫«كب ّ‬ ‫الكبارية من خالل غرافيتي عمالق يحمل كلمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلقصاء)‪ .‬وقد ّ‬ ‫أي مدى يكون فيه‬ ‫حد ذاتها‪،‬‬ ‫تحول‬ ‫ويبين إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحي إلى هوية في ّ‬ ‫ّ‬ ‫يعبر عن كيفية ّ‬ ‫وهو ما ّ‬ ‫الداخلية‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫الشرخ الترابي غير مقتصر على الجهات فحسب‪ ،‬أي الشريط الساحلي‪/‬المناطق ّ‬ ‫يذهب إلى ذلك عديد الكتّ اب‪ ،‬بل بين داخل المناطق الحضرية‪ ،‬أيضا‪ ،‬حيث تتعايش عالمات‬ ‫العام تخترقه مواجهة علنية‪ ،‬أحيانا‪ ،‬وخفية‪ ،‬أحيانا‬ ‫الثراء وتعبيراته مع عالمات الفقر‪ .‬فالفضاء‬ ‫ّ‬ ‫أخرى‪ ،‬بين سكان داخل األسوار (المدينة) وسكان خارج األسوار (األحزمة)‪.‬‬ ‫وتحولت إلى فضاءات‬ ‫تحت هذا التأثير‪ ،‬أصبحت األحياء الحزامية شبه مناطق مغلقة (غيتو)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ان لفظهم‬ ‫هاما‪ ،‬ويتنامى فيها الشغف‬ ‫تلعب فيها العاطفة دورا‬ ‫بالحي الذي يجمع بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شب ٍ‬ ‫المسمى «حداثي» لكنّ ه غير العادل وغير المتسامح مع الفقر بالخصوص‪.‬‬ ‫النّ موذج االجتماعي‬ ‫ّ‬ ‫الظلم واإلقصاء‪ ،‬إلى فضاء موات‬ ‫الحي‪ ،‬في المجتمع الشامل الذي يتبلور فيه ّ‬ ‫يتحول‬ ‫هكذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمقاومة الجماعية‪.‬‬ ‫أما العامل اآلخر الملفت لالنتباه‪ ،‬والمنبثق عن الدراسة الميدانية‪ ،‬فهو أهمية عزوف الشباب‬ ‫ّ‬ ‫والدولة الوطنية‪ .‬فقد أصبح الشبان ُي َولّ ون وجوههم نحو نموذج مثالي آخر‬ ‫عن المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫فإن ثنائية‬ ‫األمة (اإلسالمية بنسبة ‪ 67,5%‬أو العربية ‪ .)39,4%‬وفي هذا االتجاه‪ّ ،‬‬ ‫يتمثّ ل في ّ‬ ‫الجماعة‪-‬المجتمع التي أصبحت متنافرة في المخيال الجماعي للشبان يمكن أن تنزاح باتجاه‬ ‫الشامل كمجال مفترض للتضامن‬ ‫الجماعة‪-‬األمة وتُ سقط من ذهنها فكرة المجتمع ّ‬ ‫متالزمة‬ ‫ّ‬ ‫اإليديولوجية‪-‬الرمزية‬ ‫ويتحول هذا المجتمع‪ ،‬من منظور شبكة القراءة‬ ‫العضوي واإلدماج‪،.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬إلى مجتمع كافر‪ ،‬وجاهل يجب االنسحاب منه أو محاربته‪.‬‬ ‫الشبان المتعلّ قين‬ ‫هكذا يمكن للمواجهة أن تلبس ثوبا أيديولوجيا آخر وأن تجعل في تعارض‬ ‫ّ‬ ‫والد ْين األخالقي)‪ ،‬واألجوار واألصدقاء‬ ‫الدم‬ ‫بعائالتهم القريبة أو عائالتهم‬ ‫ّ‬ ‫الموسعة (روابط ّ‬ ‫ّ‬ ‫«الع ْش َرة») والمتعلّ قين ضمنيا أيضا بنموذج مثالي هووي‪ .‬عالوة‬ ‫ِ‬ ‫(روابط الوفاء والتضامن‬ ‫المصدر لالحتقار‪.‬‬ ‫المتغربة والمجتمع‬ ‫الدولة غير العادلة تبدو أقرب إلى تلك النخبة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫على ّ‬ ‫السعي إلى‬ ‫فالديمقراطية التمثيلية عندما تؤول إلى الفشل أو تصبح في أزمة‪ ،‬يتّ جه ّ‬ ‫تحوله اإليديولوجية إلى مثال سياسي‪-‬اجتماعي‪.‬‬ ‫الرشيدة نحو نموذج مثالي ديني ّ‬ ‫الحوكمة ّ‬ ‫ويفسر الشباب هذا االختيار باعتباره نموذجا مثاليا أكثر ضمانة للقيم األخالقية‪ .‬ولئن كان‬ ‫ّ‬ ‫أن سقوط النظام السياسي قد فسح المجال أمام ظهور‬ ‫سابقا‪،‬‬ ‫أوردنا‬ ‫كما‬ ‫األكيد‪،‬‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫فإن هذه الفئة االجتماعية واصلت التعبير‬ ‫تعبيرات أكثر حرية وتلقائية في أوساط الشباب‪ّ ،‬‬ ‫عن غضبها والمطالبة بحقوقها‪ .‬وقد انجذب‪ ،‬أحيانا‪ ،‬بعض الشباب‪ ،‬في جهاتهم‪ ،‬وفضاءات‬


‫‪42‬‬

‫التحركات التي قامت دون استراتيجية مسبقة‪ ،‬ويحدث‪،‬‬ ‫عيشهم المشتركة أي األحياء‪ ،‬إلى‬ ‫ّ‬ ‫وبقوة‪.‬‬ ‫العام بشجاعة‬ ‫في بعض الحاالت أن يتّ خذوا موقف المقاومين الجدد‪ ،‬فيحتلّ وا الفضاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن النّ موذج المثالي‬ ‫وتبين نتائج االستبيان‬ ‫والسرديات المعروضة ضمن مجموعات النّ قاش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتوقع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يظل مزدوجا وبالتّ الي مفتوحا على الممكن وغير‬ ‫ّ‬ ‫والمحفز على التّ غيير‬ ‫ّ‬ ‫المرجعي‬ ‫الهوية‬ ‫ّ‬

‫أشعر بنفسي‬ ‫تماما‬

‫أشعر بنفسي‬ ‫نسبيا‬

‫ال أشعر‬ ‫بنفسي‬

‫ال أشعر‬ ‫بنفسي بتاتا‬

‫ال أعرف‬

‫‪72,8 %‬‬

‫‪21,4 %‬‬

‫‪2,1 %‬‬

‫‪2,1 %‬‬

‫‪1,6 %‬‬

‫‪62,4 %‬‬

‫‪17,5 %‬‬

‫‪5,4 %‬‬

‫‪11,4 %‬‬

‫‪3,4 %‬‬

‫‪47,5 %‬‬

‫‪18,2 %‬‬

‫‪11,4 %‬‬

‫‪12,7 %‬‬

‫‪10,2 %‬‬

‫‪41,7 %‬‬

‫‪27,6 %‬‬

‫‪12,7 %‬‬

‫‪13,5 %‬‬

‫‪4,5 %‬‬

‫‪35,3 %‬‬

‫‪33 %‬‬

‫‪12,2 %‬‬

‫‪11,9 %‬‬

‫‪7,6 %‬‬

‫‪30,8 %‬‬

‫‪38,5 %‬‬

‫‪15,6 %‬‬

‫‪9,6 %‬‬

‫‪5,5 %‬‬

‫‪25,5 %‬‬

‫‪30,2 %‬‬

‫‪22,3 %‬‬

‫‪13 %‬‬

‫‪8,9 %‬‬

‫مسلم‬

‫تونسي‬

‫مواطن كوني‬ ‫عربي‬

‫مغاربي‬

‫إفريقي‬

‫متوسطي‬ ‫ّ‬

‫ومنجية في عالم ينعدم فيه‬ ‫مقدسة‬ ‫الدين هي‪ ،‬في نفس الوقت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن القيم التي يحملها ّ‬ ‫ّ‬ ‫يعرفون أنفسهم كمسلمين (مقابل ‪ 47,5%‬كمواطنين‬ ‫العدل‪ ،‬فـ ‪ 72,8%‬من المستجوبين ّ‬ ‫لألمة العربية‬ ‫من العالم‪ ،‬و‪ 41,7%‬كعرب)‪ .‬وهذا التداخل بين المعنيين السياسي‪-‬الثقافي‬ ‫ّ‬ ‫رد على إفالس‬ ‫ببعدها الديني‪ ،‬والذي يحيل إلى مدينة فاضلة‪ ،‬ليس سوى ّ‬ ‫واألمة اإلسالمية ُ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة والنظام االجتماعي‪.‬‬ ‫شرعية‬ ‫ّ‬ ‫• الديمقراطية‪ ،‬والتعلّ ق بحقوق اإلنسان‪ ،‬وعدم احترام القانون‬

‫تغيير العقليات لدى التونسيين‬ ‫تغيير سلوكات التونسيين‬ ‫تغيير الحكومة‬

‫تطبيق حقوق اإلنسان‬

‫الديمقراطية‬ ‫تطبيق مبادئ ّ‬

‫التقيد بالقوانين اإللهية‬ ‫ّ‬ ‫الدستور‬ ‫تغيير ّ‬

‫تطبيق حوكمة دينية‬ ‫تطبيق العلمانية‬

‫تحسن أوضاع المجتمع يتطلّ ب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪78,9%‬‬ ‫‪74,2%‬‬ ‫‪69,7%‬‬ ‫‪67,3%‬‬ ‫‪62,7%‬‬ ‫‪61,2%‬‬ ‫‪59,3%‬‬ ‫‪44,0%‬‬ ‫‪18,8%‬‬


‫‪43‬‬

‫والحرية بالْ غالِ ط‪ ...‬موش‬ ‫الشبان يمارسون نقدا ذاتيا‪« :‬اِ حنا فهمنا الديمقراطية‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نالحظ هنا ّ‬ ‫أن التّ غيير‬ ‫فاهمين الحدود» (نحن فهمنا الديمقراطية والحرية غلطا‪ ...‬لم نفهم الحدود)؛ ويرون ّ‬ ‫العبد تونس تتصلّ ح» (مشكلة تونس هي‬ ‫العقليات‪« :‬مشكلة تونس الْ َعبد‪ ،‬تصلِّ ح‬ ‫هو تغيير‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫وأن المشكل يكمن أيضا في سلوكات التونسيين‬ ‫اإلنسان‪ ،‬يكفي إصالحه لتصلح تونس)؛ ّ‬ ‫وخاصة الحكومة‪ .‬عندما سألناهم في هذا الموضوع ضمن مجموعة النّ قاش‪ ،‬كانت اإلجابة‬ ‫ّ‬ ‫أن المشكل هو غياب الممارسات السليمة‪ ،‬والحوكمة الرشيدة‪ ،‬وفساد النخب الحاكمة‪ .‬فـ‬ ‫ّ‬ ‫يمر عبر تطبيق حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫أن تحسين وأوضاع البالد ّ‬ ‫‪ 67,3%‬يعتقدون ّ‬ ‫تشق الشباب وقد تبدو متضاربة‪ ،‬إنّ ما‬ ‫ّ‬ ‫هذه المرجعية المزدوجة بين هووية وحداثية‪ ،‬والتي‬ ‫خط‬ ‫والتوجه الحداثي»‪ .‬وهو ّ‬ ‫خط الفصل الحقيقي بين «التوجه المحافظ‬ ‫يدل على ّ‬ ‫هي تعبير ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول إلى اإلشكالية الصعبة‬ ‫الدين»‪ .‬ويحيلنا ّ‬ ‫خط الفصل ّ‬ ‫فصل مختلف عن «الالئكية مقابل ّ‬ ‫‪32‬‬ ‫والمتواصلة في العالقة بين الكوني والخصوصي ‪.‬‬ ‫الحوكمة األكثر شرعية هي‪:‬‬ ‫القائمة على رفاهة األفراد‬ ‫الشعب‬ ‫القائمة على إرادة ّ‬

‫العام‬ ‫الصالح‬ ‫ّ‬ ‫القائمة على ّ‬ ‫القائمة على اإلرادة اإللهية‬

‫‪76%‬‬ ‫‪73%‬‬ ‫‪64%‬‬ ‫‪47%‬‬

‫مؤيدة لهذه النتيجة‪ ،‬إذ تحيل إلى‬ ‫تأتي اإلجابة عن السؤال المتعلّ ق بالحوكمة األكثر شرعية‬ ‫ّ‬ ‫رفاهة المواطنين وإرادة الشعب بنسبة ‪ 73%‬مقابل ‪ 47%‬لإلرادة الربانية‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬حاولنا معرفة ما إذا كان هناك فرق بين بين الرجال والنساء في النّ ظر إلى‬ ‫الشرعية المستلهمة من التعاليم الربانية‪.‬‬

‫«إن الشخص أو المجموعة بإمكانهم أن يلحق بهم ضرر حقيقي إذا ما عكس لهم النّ اس الذين‬ ‫‪ 32‬شارل تايلور ‪ّ ،)C.Taylor (1992‬‬ ‫محقرة»‪ ،‬التعددية الثقافية‪ ،‬واالختالف‪ ،‬والديمقراطية ‪Multiculturalisme, différence et dé� .‬‬ ‫ّ‬ ‫حولهم صورة مهينة عنهم أو‬ ‫‪mocratie‬‬


‫‪44‬‬

‫الحي‬ ‫ّ‬ ‫الكبارية‬ ‫الكبارية‬

‫المجموع‬

‫سيدي حسين‬ ‫سيدي حسين‬ ‫المجموع‬ ‫المنزه‬ ‫المنزه‬

‫المجموع‬ ‫المروج‬ ‫المروج‬

‫المجموع‬

‫الجنس‬ ‫ذكر‬

‫حوكمة مستندة إلى‬ ‫اإلرادة اإللهية ‪0 -‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪62‬‬

‫‪121‬‬

‫‪98‬‬

‫‪103‬‬

‫‪201‬‬

‫‪32‬‬

‫‪54‬‬

‫أنثى‬

‫‪39‬‬

‫ذكر‬

‫‪70‬‬

‫أنثى‬

‫‪22‬‬

‫ذكر‬

‫‪35‬‬

‫أنثى‬ ‫ذكر‬

‫‪81‬‬

‫مجموع العمود‬

‫‪41‬‬

‫‪80‬‬

‫‪77‬‬

‫‪92‬‬ ‫‪43‬‬

‫أنثى‬

‫حوكمة مستندة إلى‬ ‫اإلرادة اإللهية ‪1 -‬‬

‫إجمالي‬ ‫المعدالت‬ ‫ّ‬

‫‪147‬‬

‫‪109‬‬

‫‪201‬‬

‫‪54‬‬

‫‪97‬‬

‫‪69‬‬

‫‪78‬‬

‫‪104‬‬

‫‪123‬‬

‫‪201‬‬

‫‪19‬‬

‫‪96‬‬

‫‪25‬‬

‫‪77‬‬

‫‪158‬‬

‫‪106‬‬

‫‪44‬‬

‫‪426‬‬

‫‪202‬‬ ‫‪805‬‬

‫‪379‬‬

‫كل منها على نسبة أكبر‪ ،‬بشكل‬ ‫والكبارية‪ ،‬وسيدي حسين يشتمل ّ‬ ‫أن أحياء المنزه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتبين ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملحوظ‪ ،‬من المستجوبين ( ‪ )0.0003‬الذين يعتقدون في حوكمة وفق اإلرادة الربانية قياسا‬ ‫الصنف من الحوكمة أكبر من‬ ‫ّ‬ ‫فإن نسبة الرجال الذين‬ ‫يفضلون هذا ّ‬ ‫بالمروج‪ .‬ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬ ‫سجل فيها اختالف ُيذكر بين الجنسين‪.‬‬ ‫النساء‪ ،‬بشكل ملحوظ‪ ،‬باستثناء المروج التي لم ُي ّ‬ ‫تصورهم للقيم التي‬ ‫توجهنا لهم بأسئلة حول‬ ‫ّ‬ ‫تفهمهم للعصيان‪ّ ،‬‬ ‫ولفهم انخراط الشباب أو ّ‬ ‫تفسر عدم احترام القانون‪.‬‬ ‫قد‬ ‫ّ‬ ‫أتفهم إلى‬ ‫ّ‬ ‫حد ما‬ ‫ّ‬

‫أتفهم‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫حد ما‬ ‫إلى‬ ‫ّ‬

‫ال أفهم‬ ‫تماما‬

‫ال أعرف‬

‫‪31,7%‬‬

‫‪17,9%‬‬

‫‪12,0%‬‬

‫‪24,3%‬‬

‫‪13,9%‬‬

‫‪28,3%‬‬

‫‪16,1%‬‬

‫‪9,7%‬‬

‫‪26,8%‬‬

‫‪18,8%‬‬

‫مناف للمصالح الشخصية‬

‫‪24,2%‬‬

‫‪6,5%‬‬

‫‪11,6%‬‬

‫‪42,7%‬‬

‫‪14,8%‬‬

‫ال تبدو له ذات أهمية‬

‫‪17,4%‬‬

‫‪7,6%‬‬

‫‪11,6%‬‬

‫‪41,6%‬‬

‫‪21,6%‬‬

‫منافية لمصالح األقارب‬

‫‪15,0%‬‬

‫‪12,2%‬‬

‫‪19,0%‬‬

‫‪38,9%‬‬

‫‪14,4%‬‬

‫مخالف لحقوق اإلنسان‬ ‫للدين‬ ‫مناف ّ‬

‫أتفهم‬ ‫ّ‬ ‫تماما‬

‫كرد على عدم احترام حقوق اإلنسان ‪ 31,7%‬أو التنافي مع‬ ‫مبرر على نحو‬ ‫أهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫فالعصيان ّ‬ ‫الدين ‪.28,3%‬‬


‫‪45‬‬

‫التنوع وعدم تناغم التمثّ الت‬ ‫أن هذه النتائج تحملنا أيضا على التساؤل عن مظاهر‬ ‫ّ‬ ‫والخالصة ّ‬ ‫الشبان كانحراف‬ ‫تحررت غداة الثّ ورة‪ .‬فالتعبيرات المحافظة ال يعيشها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والطاقات الكامنة التي ّ‬ ‫هوية حقيقية فرض‬ ‫في مجال المواطنة بل على العكس من ذلك‪ ،‬يعيشونها كتعبير عن‬ ‫ّ‬ ‫أن التطلّ ع إلى‬ ‫عليها االستبداد قناعا‪ ،‬واكتسبت اليوم ُبعدا مثاليا‪ .‬وتجدر اإلشارة‪ ،‬هنا‪ّ ،‬‬ ‫والحريات يتوافق أيضا مع القطع مع الممارسات القديمة التي استنكرها‬ ‫الديمقراطية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وندد بها‪ .‬فشبكتا القراءة المتعلقتين بالتعبير عن المحافظة والتطلّ ع إلى‬ ‫‪2011‬‬ ‫منذ‬ ‫الشباب‬ ‫ّ‬ ‫يؤدي‬ ‫أن‬ ‫شأنه‬ ‫من‬ ‫أخرى‬ ‫دون‬ ‫واحدة‬ ‫اعتماد‬ ‫وإن‬ ‫متناقضتين‪.‬‬ ‫ليستا‬ ‫الديمقراطية‬ ‫مزيد الحريات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف‪.‬‬ ‫إلى أخطاء ويقلّ ص من منظور قراءة ظاهرة االنخراط في‬ ‫ّ‬ ‫والتصورات‬ ‫• العالقات بين االلتزام‬ ‫ّ‬ ‫–أي كان نوعه (نقابي‪ ،‬جمعياتي‪ -)...،‬يترتّ ب عنه‪ ،‬عموما‪ ،‬تأثير على إدراك‬ ‫إن االنخراط أو االلتزام ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصدد‪،‬‬ ‫بالدولة‪ ،‬والمجتمع‪ ،‬والعنف الذي‬ ‫ظروف العيش‪ ،‬والعالقات‬ ‫يتعرض له‪.‬وفي هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدراسات‬ ‫حاولنا استجواب‬ ‫أن عديد ّ‬ ‫الشبان فيما يتعلّ ق بالتزامهم‪ ،‬مع اإلشارة‪ ،‬هنا‪ ،‬إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن نسبة كبيرة من الشبان تبدو غير ملتزمة بالسياسة وغير‬ ‫بينت ّ‬ ‫السابقة قد ّ‬ ‫واالستبيانات ّ‬ ‫مكونة من مواطنين سلبيين‪.‬‬ ‫مهتمة بها‪ ،‬وغالبا ما توصف بكونها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإن ‪ 55%‬من السكان المتراوحة أعمارهم‬ ‫فحسب تقرير صادر عن األمم المتّ حدة (‪،)2014‬‬ ‫ّ‬ ‫األول لـ‪55%‬‬ ‫وأن ّ‬ ‫الشغل يمثّ ل الهاجس ّ‬ ‫بين ‪ 15-29‬سنة‪ ،‬يعاني ‪ 33,2%‬منهم من البطالة‪ّ ،‬‬ ‫فإن نسبة الملتزمين فعليا ال تتجاوز ‪3%‬‬ ‫الشبان‪ .‬وعلى المستوى السياسي‪،‬‬ ‫من هؤالء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشبان الذي يعيشون في‬ ‫وصرح ‪ 91,2%‬من‬ ‫المؤسساتي‪.‬‬ ‫في حين يفكّ ر ‪ 5%‬في االنخراط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسط ريفي و‪ 68,7%‬من شبان الوسط الحضري أنّ هم ال يثقون في عالم السياسة‪.‬‬ ‫التوجه بالنسبة اللتزامهم سواء الجمعياتي‪ ،‬أو ضمن‬ ‫وتؤكّ د إجابات الشبان المستجوبين هذا‬ ‫ّ‬ ‫مجموعات األنصار‪ ،‬أو النقابي أو غيرها من أشكال المشاركة‪.‬‬ ‫الدولة ما زالت غير عادلة تجاه مواطنيها‬ ‫أن ّ‬ ‫فبعد تسع سنوات من الثورة‪ ،‬يؤكّ د هؤالء الشبان ّ‬ ‫وأن الديمقراطية النّ اشئة‬ ‫وال يمكنها أن تكون‪ ،‬في نظرهم‪ ،‬دولة جميع األطراف الفاعلة‪ّ ،‬‬ ‫ليست سوى ديمقراطية الواجهة‪ ،‬فهي ديمقراطية بدون ديموس أي بدون شعب‪.‬‬ ‫هل سبق أن انتميت أو تنتمي حاليا إلى‪:‬‬

‫جمعية‬ ‫مجموعة أنصار (فيراج)‬ ‫نقابة‬ ‫تجمع مهني‬ ‫حزب سياسي‬ ‫ودادية‬

‫‪17%‬‬ ‫‪16%‬‬ ‫‪8%‬‬ ‫‪7%‬‬ ‫‪6%‬‬ ‫‪3%‬‬


‫‪46‬‬

‫إن األطر التقليدية للتآلف االجتماعي واالنخراط المدني مثل الجمعيات‪ ،‬أو حتى الجديدة‬ ‫ّ‬ ‫أن النقابات (الطالبية واألجراء) التي هي‬ ‫كما‬ ‫االرتياد‪.‬‬ ‫ضعيفة‬ ‫األنصار‪،‬‬ ‫مجموعات‬ ‫قبيل‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫فضاءات انتماء مهني‪ ،‬تشكو بدورها من ضعف االنتماء إليها عموما‪ .‬وتجدر اإلشارة أيضا إلى‬ ‫تهم الشبان المستجوبين الذين لهم مستوى دراسي متفاوت (‪ 33%‬منهم‬ ‫أن هذه األرقام ّ‬ ‫ّ‬ ‫فقط من مستوى جامعي) ويعاني ‪ 36,9%‬منهم من البطالة‪.‬‬ ‫فاالنخراط في حزب سياسي لغير الذين لم يبلغوا التعليم العالي أو غير الحاصلين على‬ ‫جدا (‪ .)6%‬ويصف الشبان أنفسهم في حالة إبحار بين‬ ‫شغل (المعطلين عن العمل) ضعيف ّ‬ ‫حملَ ة لُ خْ َرى‬ ‫ور َّو ْ‬ ‫ْ‬ ‫حزب‬ ‫شيت مع‬ ‫ْ‬ ‫«ام‬ ‫حت‪ ،‬وفي’’ الْ ْ‬ ‫خذيت ‪ 50‬دينار وكسكروت َ‬ ‫ْ‬ ‫تعبئة وأخرى‪ْ ...‬‬ ‫دينار‬ ‫رين‪ ،‬نورمال‪ ،‬عادي‪ ،‬أحنا الفلوس تَ ْعمينا» (رافقت أحد األحزاب مقابل ‪50‬‬ ‫ْ‬ ‫مشيت مع لُ خْ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ثم عدت أدراجي‪ ،‬وفي التهويمة الثانية التحقت بآخر‪ ،‬أمر عادي‪ ،‬فنحن تعمي النّ قود‬ ‫ولمجة ّ‬ ‫يعبر شبان عن عدم احترامهم لذلك النّ وع من التّ عبئة السياسية‪ ،‬إذ يعتبرون‬ ‫أبصارنا)‪ .‬هكذا ّ‬ ‫أن السياسيين ال يقصدونهم سوى في الفترات االنتخابية‪ .‬وحتّ ى في هذه الفترات يصعب‬ ‫ّ‬ ‫يحبوش‬ ‫ما‬ ‫المواضيع‪،‬‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫تحكي‬ ‫الكل‬ ‫ّ‬ ‫«األحزاب‬ ‫المتنافسة‪:‬‬ ‫األحزاب‬ ‫بين‬ ‫مييز‬ ‫التّ‬ ‫ّ‬ ‫تتحدث في نفس المواضيع‪ ،‬هم ال يريدون اإلصالح)‪ .‬رغم ضعف‬ ‫يصلّ حو» (جميع األحزاب‬ ‫ّ‬ ‫بالتعرف عن تأثير هذا االنخراط على تمثّ ل‬ ‫نسب انخراط الشبان‪ ،‬بادرنا في الجزء الموالي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالدولة‪ ،‬والمجتمع مع التمييز بين‬ ‫تصوره لظروف العيش‪ ،‬والعالقات‬ ‫الشباب وإدراكه أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االنخراط في نقابة عن االنخراط في جمعية‪.‬‬ ‫الدولة والمجتمع‬ ‫* تأثير االنتماء إلى نقابة على‬ ‫تصور ّ‬ ‫ّ‬ ‫بتصور حرص‬ ‫هاما بين المنخرطين في نقابة وغير المنخرطين فيما يتعلّ ق‬ ‫نالحظ اختالفا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‪،‬‬ ‫الدولة على االهتمام بالطبقات الفقيرة نسبة إلى الطبقات الغنية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وعنف ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعرض له شخصيا المستجوب‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬ويالحظ‬ ‫والشارع‪،‬‬ ‫والحي‪ ،‬واإلدارة‪ ،‬والعنف الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإن االنتماء إلى نقابة من‬ ‫الفرق أيضا في الشعور بالحرمان لدى الفرد داخل بالده‪ .‬وأخيرا‪ّ ،‬‬ ‫عدمه يترتّ ب عنه فرق في مستوى في الشعور بالقدرة على فعل شيء ما لتحسين وضع‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫نقابة‬

‫أن الدولة التونسية حريصة على العناية بالطبقات الفقيرة أم ال‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الدولة التونسية حريصة على االهتمام بالطبقات الميسورة أم ال‪.‬‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتعرض إلى الحرمان بالعيش في بالدك‪.‬‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬

‫أنّ ه بوسعك فعل شيء ما لتحسين وضع البالد‪.‬‬

‫الدولة التونسية تمارس العنف؟‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬

‫الدولة التونسية؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف صادر عن ّ‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في الشارع؟‬ ‫حيك؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في ّ‬

‫أنّ ك ضحية عنف في اإلدارة‬

‫‪t-value‬‬

‫‪DF‬‬

‫‪P‬‬

‫‪3,12138‬‬

‫‪801‬‬

‫‪0,001865‬‬

‫‪2,61003‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,009222‬‬

‫‪2,51774‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,012005‬‬

‫‪2,96382‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,003128‬‬

‫‪3,59329‬‬

‫‪800‬‬

‫‪0,000346‬‬

‫‪2,30136‬‬

‫‪801‬‬

‫‪0,021627‬‬

‫‪-2,05081‬‬

‫‪801‬‬

‫‪0,040611‬‬

‫‪-2,72257‬‬

‫‪799‬‬

‫‪0,006619‬‬

‫‪2,42503‬‬

‫‪800‬‬

‫‪0,015527‬‬


‫‪47‬‬

‫الدولة والمجتمع‬ ‫*تأثير االنتماء إلى جمعية على‬ ‫تصور ّ‬ ‫ّ‬ ‫بتصور غياب العدل‪،‬‬ ‫هامة فيما يتعلّ ق‬ ‫إن االنخراط في جمعية من عدمه يترتّ ب عنه اختالفات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة أو‬ ‫والحرمان‪ ،‬واالضطهاد‪،‬‬ ‫والتعرض إلى التّ مييز‪ ،‬والعنف الممارس سواء من طرف ّ‬ ‫ّ‬ ‫من التونسيين فيما بينهم‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬نالحظ نفس هذه االختالفات بالنسبة للعنف‬ ‫والحي‪.‬‬ ‫المسلّ ط في الملعب‪ ،‬والشارع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جمعية‬

‫تتعرض إلى مظلمة في بالدك؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬

‫تتعرض إلى الحرمان في بالدك؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬ ‫أنّ ك ضحية تمييز في بالدك؟‬

‫أنّ ك مضطهد في بالدك؟‬

‫الدولة التونسية تمارس العنف؟‬ ‫أنّ ك ّ‬

‫أنّ ك التونسيين عنيفين فيما بينهم؟‬

‫أنّ ك ضحية عنف في الملعب؟‬

‫الدولة؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف صادر عن ّ‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في الشارع؟‬ ‫حيك؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف في ّ‬

‫‪t-value‬‬

‫‪DF‬‬

‫‪P‬‬

‫‪3,99181‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,000072‬‬

‫‪3,14452‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,001725‬‬

‫‪-2,69622‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,007160‬‬

‫‪2,56703‬‬

‫‪798‬‬

‫‪0,010439‬‬

‫‪3,72977‬‬

‫‪800‬‬

‫‪0,000205‬‬

‫‪2,98444‬‬

‫‪797‬‬

‫‪0,002928‬‬

‫‪-3,49157‬‬

‫‪800‬‬

‫‪0,000507‬‬

‫‪2,38513‬‬

‫‪801‬‬

‫‪0,017305‬‬

‫‪-2,35834‬‬

‫‪801‬‬

‫‪0,018596‬‬

‫‪-2,12350‬‬

‫‪799‬‬

‫‪0,034019‬‬

‫أن االنخراط من عدمه في جمعية يلزم الفرد أكثر من انخراطه في نقابة تجاه فكرة العنف‬ ‫يبدو ّ‬ ‫االجتماعي المسلّ ط (تمييز‪ ،‬وغياب العدل‪ ،‬واالضطهاد‪ .)...‬ولم نالحظ‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬اختالفا‬ ‫تصورهم لقدرتهم‬ ‫يذكر بين المنخرطين وغير المنخرطين في جمعية بالنسبة إلدراكهم أو‬ ‫ّ‬ ‫على فعل شيء ما لتحسين وضع البالد‪ ،‬خالفا لالنخراط في النّ قابة الذي يبدو مقترنا أكثر‬ ‫الشخص فاعال في التّ غيير‪.‬‬ ‫بفكرة القدرة على أن يكون ّ‬ ‫الشباب خارج أطره التقليدية وخارج العائلة‬ ‫إن ديناميكيات التآلف االجتماعي الجديدة لدى ّ‬ ‫ّ‬ ‫تبدو‪ ،‬في غالب األحيان‪ ،‬أكثر جاذبية‪ .‬فهذه األشكال العرضية داخل األحياء أو صلب مجموعات‬ ‫الفيراج تتغذّ ى بمشاعر جماعية‪ ،‬وشغف متقاسم يسمح بخلق ضمير جماعي مشترك (نحن)‬ ‫هوية جماعية جديدة تساعد على خالص الذّ اتيات التي تعاني من عدم االعتراف‬ ‫يتحول إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بوجودها‪ ،‬وتشكو من نقص في احترام الذّ ات‪.‬‬ ‫أن طريقتهم في احتالل مكان ما تتمثّ ل في‬ ‫الدراسة‪ّ ،‬‬ ‫شبان األحياء موضوع ّ‬ ‫فالذي يتداوله ّ‬ ‫والطقوس التي قد تصل أحيانا إلى توليد‘’ميثولوجية جماعية‬ ‫ّ‬ ‫والرموز‪،‬‬ ‫بالدالالت‪،‬‬ ‫شحنه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحي‪ ،‬والمقاهي‪ ،‬والساحات‪ ،‬مثل المدارج الجانبية للمالعب‬ ‫فتتحول جدران‬ ‫متخيلة‘’‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الروابط االجتماعية‪.‬‬ ‫(الفيراج) المآلنة أجسادا وأغان‪ ،‬إلى ميدان للممارسات الثقافية وتعزيز ّ‬ ‫الظاهري ليس دائما في قطيعة مع أشكال أخرى من األلفة‬ ‫التسيس ّ‬ ‫فإن عدم‬ ‫ّ‬ ‫بالمقابل‪ّ ،‬‬ ‫االجتماعية التلقائية‪ ،‬والمفتوحة‪ ،‬وغير التّ قليدية‪ .‬فأثناء العمل مع مجموعة النقاش‪َ ،‬س َرد‬ ‫حيهم وتختلف تماما عن أشكال االنخراط‬ ‫عدد من‬ ‫الشبان تجارب انخراط عديدة وقعت في ّ‬ ‫ّ‬ ‫التقليدية‪.‬‬


‫‪48‬‬

‫كل من كوركوف ‪ P. Corcuff (2005( 33‬و ج‪ .‬إيون‪ J. Ion 34‬بين صنفين‬ ‫يميز ّ‬ ‫الصدد‪ّ ،‬‬ ‫وفي هذا ّ‬ ‫من االنخراط أو االلتزام‪:‬‬ ‫• االلتزام النضالي‪ ،‬التقليدي‪ ،‬المنغرس في انتماءات جماعية (عائلية أو محلية و‪/‬أو مهنية)‬ ‫الدراسة‪ .‬هذا النّ وع من االلتزام‬ ‫شبان األحياء التي شملتها ّ‬ ‫يعبر بها عن ذلك ّ‬ ‫بالطريقة التي ّ‬ ‫يفضل «نحن» الجماعية‪ ،‬ويشتغل على‬ ‫ّ‬ ‫يقوم على االندماج العمودي الطويل المدى‪ ،‬والذي‬ ‫طريقة تفويض السلطة واالنخراط بمعنى «االلتصاق»‪.‬‬ ‫يثمنون‬ ‫• االلتزام مع أخذ مسافة معينة‪ ،‬ويفترض وجود أشخاص منفصلين عن انتماءاتهم‪ّ ،‬‬ ‫محددة‪ ،‬مع تفضيل الفعل‬ ‫لمدة‬ ‫الموارد الشخصية‪ ،‬ويتجنّ دون ظرفيا من أجل أهداف محدودة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المباشر والجدوى السريعة األثر حتّ ى لو كانت محدودة‪.‬‬ ‫هذا النوع الثاني من االلتزام يبدو أنّ ه يستجيب أكثر إلى ديناميكية الشباب‪ ،‬وقد يساعدنا‬ ‫التطرف العنيف وقصر المدد التي تفصل بين‬ ‫على فهم أفضل لالنخراط المحتمل في‬ ‫ّ‬ ‫‪35‬‬ ‫القوي‪ .‬فظاهرة « الذّ ئب المنفرد‬ ‫االنتقال من عدم االلتزام الظاهري والمعلن إلى االلتزام‬ ‫ّ‬ ‫توفر للشبان الذين هم في حالة معاناة‪،‬‬ ‫والدولة اإلسالمية‪ ،‬كنموذج لاللتزام عن بعد‪ّ ،‬‬ ‫»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أو جرحى‪ ،‬أو ثائرين‪ ،‬إمكانية االنتقال من وضعهم إلى القيام بأفعال لم تكن تراودهم بتاتا‪.‬‬ ‫الشبان عن هذا االلتزام بنفس الطريقة التي أوردها‬ ‫تحدث‬ ‫ّ‬ ‫ففي صلب مجموعات النقاش‪ّ ،‬‬ ‫كوزوكوفار ‪ Khosrokhavar 36‬أي كراديكالية متأسلمة أكثر منها انخراطا في إسالم راديكالي‬ ‫بالمعنى الذي تذهب إليه القراءات الماهوية أو على معنى التأطير األيديولوجي والسياسي‬ ‫التّ قليدي المعروف لدى الحركات اإلسالمية النضالية‪.‬‬

‫التطرف العنيف؟‬ ‫أي عالقات مع‬ ‫ّ‬ ‫‪ .IV‬مظاهر العنف وتمثالته‪ّ :‬‬ ‫في أعقاب دراسة الواقع المعيش للشبان ومستويات إدراكهم وتمثّ التهم لظروف عيشهم‪،‬‬ ‫وللدولة‪ ،‬والمجتمع؛ وعلى ضوء العمل الذي قمنا به حول االلتزام أو االنخراط‪ ،‬سنتناول في‬ ‫ويتعرضون له‪ .‬رغم أنّ نا واعون بما يمثّ له التّ هميش‬ ‫مرحلة ثالثة مفهوم العنف كما يدركه الشبان‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي أو االقتصادي‪ ،‬والشعور باإلدماج أو التهميش من أشكال عنف مختلفة‪ ،‬فالتحليل‬ ‫أن أشكال‬ ‫المقدم هنا استنادا إلى المكونات األساسية قد مكّ ننا من الوقوف على حقيقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتصورة (المدركة)‪ ،‬والمسلّ طة‪ ،‬سواء منها العائلية أو المؤسساتية‪ ،‬تستجيب إلى‬ ‫العنف‬ ‫ّ‬ ‫أكثر من منطق مختلف‪.‬‬ ‫‪Corcuff P. (2005), « Le pari démocratique à l’épreuve de l’individualisme contemporain », Revue du MAUSS, 33‬‬ ‫‪.2005/1 (n° 25), pp 65-78‬‬ ‫‪Ion J. et Peroni M. (1997), Engagement public et exposition de la personne, Ed° de L’aube, in J. Ion (dir) 34‬‬ ‫‪L’engagement au pluriel, Presses de L’université de Saint-Etienne 2001. In J Ion – Franguiadakis S., Viot P.,‬‬ ‫‪.(2005), Militer aujourd’hui, Ed° Autrement‬‬ ‫‪ 35‬لقد اعتمد أعضاء القاعدة هذا األسلوب فيما بين ‪ 2002‬و‪ 2010‬بعد أن حرمتهم الحرب المعلنة على أفغانستان‪ ،‬إثر عملية‬ ‫ترجح هذه المقاربة التحليلية في‬ ‫‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬من قاعدتهم الترابية‪( .‬وقد احتدم النّ قاش حول هذا المفهوم في أوروبا بين آراء ّ‬ ‫فهم العنف الراديكالي للشبان اإلسالمين وآراء أخرى تربط الراديكالية بالوسط العائلي والمجموعات المسلمة في أوروبا التي‬ ‫تُ عتبر معادية لقيم الغرب)‪.‬‬ ‫‪ 36‬حوار ورد في جريدة «لوطون ‪ le temps» 25‬جوان ‪2015‬‬


‫‪49‬‬

‫فإدراك العنف المسلّ ط على الشبان صلب المجتمع ليس مقترنا بالعنف المسلّ ط من طرف‬ ‫المقدم لهذا‬ ‫أن العنف العائلي خاضع إلى منطق مغاير‪ .‬والتفسير‬ ‫ّ‬ ‫العائلة‪ .‬وفعال‪ ،‬فإنّ ه يبدو ّ‬ ‫أن العنف المسلّ ط من العائلة يكتسي صبغة عادية‪ ،‬فهو‬ ‫االستنتاج من طرف‬ ‫الشبان هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقبول رغم عدم االستهانة به‪ .‬فالشبان يضفون على هذا العنف قيمة إيجابية‪« :‬قد يضربك‬ ‫الضرب أيضا لحمايتك‪ ،‬والحال ليس كذلك خارج الخلية العائلية»‪.‬‬ ‫أخوك أو أبوك لكنّ ه قادر على ّ‬ ‫الظلم وحتى تجريد‬ ‫فخارج هذه الخلية العائلية يسير العنف وفق نموذج آخر فيكتسي داللة ّ‬ ‫بالضرب الذي يمكن أن يسلّ ط من باب‬ ‫ّ‬ ‫الفرد من إنسانيته‪ .‬وال يوصف العنف في المدرسة‬ ‫الشاب‪ .‬ويتناول محور ثالث‬ ‫يتعرض لها‬ ‫العقوبة «بهدف التربية» بل يقاس بالمظالم التي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة بالطبقات‬ ‫مظهرا من مظاهر العنف أال وهو العنف المجتمعي الذي يشمل اعتناء ّ‬ ‫وأن التّ ونسيين عنيفون فيما بينهم‪.‬‬ ‫الميسورة دون الفقيرة‪ ،‬فضال عن ممارستها العنف‪ّ ،‬‬ ‫هذا العنف المجتمعي الذي يعيشه الشبان‪ ،‬نقلوه إلينا على اعتباره عنفا يرافق يوميات‬ ‫بمجرد وجودهم خارج أحيائهم‪.‬‬ ‫حياتهم وكلّ ما وقع إيقافهم أو تفتيشهم من طرف البوليس‬ ‫ّ‬ ‫أن هناك عنف‬ ‫أن ‪ 70%‬من الشبان يعتقدون ّ‬ ‫األول للعنف المجتمعي ّ‬ ‫نالحظ في هذا العامل ّ‬ ‫أن التونسيين عنيفين فيما بينهم‪ .‬وقد أشار الشبان مرارا‪،‬‬ ‫في المجتمع‪ ،‬و‪ 77%‬يعتقدون ّ‬ ‫الدولة للعنف‪ ،‬وأنّ هم يعيشون في أحياء يسود فيها‬ ‫صلب مجموعات النّ قاش‪ ،‬إلى ممارسة ّ‬ ‫العنف‪ .‬فالعنف أصبح طريقة تعبير وكذلك طريقة في الوجود‪« ،‬إذا لم تكن عنيفا فليس‬ ‫بوسعك أن تعيش»‪.‬‬ ‫أن ‪ 57,7%‬من المستجوبين يعتبرون أنفسهم‬ ‫وبالنسبة للعنف المسلّ ط عليهم‪ ،‬الحظنا ّ‬ ‫األول الذي‬ ‫الدولة‪ ،‬و‪ 56,8%‬ضحية العنف في بالدهم‪ .‬ويبقى ّ‬ ‫الشارع الفضاء ّ‬ ‫ضحية عنف ّ‬ ‫يتعرضون فيه إلى العنف (‪ )45,8%‬تليه اإلدارة (‪.)38,3%‬بيد أنّ ه توجد اختالفات في إدراك‬ ‫ّ‬ ‫(الكبارية‬ ‫مهيكل‬ ‫غير‬ ‫أو‬ ‫والمروج)‬ ‫(المنزه‬ ‫مهيكال‬ ‫الحي‬ ‫كان‬ ‫ما‬ ‫إذا‬ ‫حسب‬ ‫آخر‬ ‫إلى‬ ‫حي‬ ‫من‬ ‫العنف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسيدي حسين)‪.‬‬ ‫أي مدى تعتقد‪:‬‬ ‫إلى ّ‬ ‫أنّ ك ضحية العنف في اإلدارة؟‬

‫التونسيين عنيفين فيما بينهم؟‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضخية العنف العائلي؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬

‫أنّ ك ضحية العنف في العمل؟‬

‫الشارع؟‬ ‫أنّ ك ضحية العنف في ّ‬ ‫حيك؟‬ ‫أنّ ك ضحية العنف في ّ‬ ‫الدولة؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف ّ‬

‫أنّ ك ضحية العنف في الملعب؟‬

‫أنّ ك ضحية العنف في المدرسة أو الجامعة؟‬

‫المتصور‬ ‫مزيد من العنف‬ ‫ّ‬ ‫داخل األحياء المهيكلة‬ ‫المتصور‬ ‫مزيد من العنف‬ ‫ّ‬ ‫داخل األحياء غير المهيكلة‬

‫ال فرق بين األحياء المهيكلة‬ ‫واألحياء غير المهيكلة‬

‫نالحظ أنّ ه ال اختالف يذكر بين األحياء عندما يتعلّ ق األمر بالعنف في المالعب أو المدرسة أو‬ ‫وأن‬ ‫شبان األحياء المهيكلة يرون أكثر من غيرهم أنّ هم عرضة لعنف اإلدارة‪ّ ،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫الجامعة‪ .‬على ّ‬ ‫فإن نسبة إدراكهم للعنف‬ ‫أما بالنسبة لألحياء غير المهيكلة‪ّ ،‬‬ ‫التّ ونسيين عنيفين فيما بينهم‪ّ .‬‬


‫‪50‬‬

‫أن العنف ال يتأتّ ى من كونهم‬ ‫عبر شبان األحياء غير المهيكلة عن ّ‬ ‫صلب مجموعات النّ قاش‪ّ ،‬‬ ‫ضحايا التهميش االقتصادي بقدر ما يتأتّ ى من التهميش الحقيقي عندما يجرؤون على الخروج‬ ‫بالحي‪ ،‬سواء‬ ‫كل مكان‬ ‫حيهم‪ ،‬ويأمرهم البوليس بالعودة إليه‪ .‬والعنف موجود في ّ‬ ‫ّ‬ ‫أحيانا من ّ‬ ‫أن العنف في أشكاله‬ ‫في المنزل أو الشارع‪ ،‬ويبدو منتشرا في جميع دوائر الحياة‪ .‬ويبدو ّ‬ ‫التطرف العنيف‪ .‬وهؤالء الشبان ال يصفون‪ ،‬صلب مجموعات‬ ‫كل انخراط في‬ ‫القصوى يسبق ّ‬ ‫ّ‬ ‫حيهم الذين التحقوا بالقتال بأنّ هم أكثر عنفا منهم أو يفوتونهم في المناداة‬ ‫النّ قاش‪ ،‬أبناء ّ‬ ‫بالعنف بل هم ذهبوا بسبب انعدام األفق وفقدان األمل‪.‬‬ ‫الحي‪ ،‬فإنّ هم يصفونها بمفردات عنيفة‪:‬‬ ‫وحتّ ى عن انخراطهم في أعمال أو أنشطة داخل‬ ‫ّ‬ ‫بأن صوتهم‬ ‫«افتككنا‬ ‫بالقوة» هذا الفضاء أو ذاك لممارسة نشاط ما‪ .‬فهم يصفون أنفسهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحي‪.‬‬ ‫القوة ضروري للوجود داخل‬ ‫وأن استعمال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫غير مسموع‪ ،‬وال اعتبار لهم لدى اآلخرين‪ّ ،‬‬ ‫المؤسساتي‪.‬‬ ‫وتُ عتبر المواجهة مع البوليس من بين المواجهات األكثر داللة للعنف‬ ‫ّ‬ ‫• عن العنف البوليسي‬ ‫المصرح بها ضمن مجموعات النقاش‪ ،‬يبرز إجماع على صورة البوليس الذي‬ ‫في األقوال‬ ‫ّ‬ ‫الشبان المستجوبون حيث ُطلب‬ ‫يمارس العنف‪ .‬وهذا العنف يبدو مالزما للتمثّ ل الذي يحمله‬ ‫ّ‬ ‫بمجرد سماع كلمة «بوليس» ‪.‬‬ ‫منهم إطالق أوصاف أو خواطر‬ ‫ّ‬ ‫«الجبن»‬ ‫األول (‪ )17,5%‬لوصف البوليس‪ ،‬يليهما‬ ‫ُ‬ ‫تظهر «الرشوة» و»الفساد» في المقام ّ‬ ‫«طحانة» ‪ .‬والغريب في األمر‬ ‫اط»‪،‬‬ ‫«س َّق ْ‬ ‫في المرتبة الثانية (‪)15,6%‬‬ ‫ّ‬ ‫المعبر عنه بـ»كالب»‪ُ ، ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحق في ممارسته‬ ‫ّ‬ ‫بأن للبوليس‬ ‫فسر ّ‬ ‫أن العنف لم يرد سوى في ‪ 4%‬من األجوبة مما قد ُي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق في‬ ‫ّ‬ ‫وهي إجابة ترتّ بت عن سؤال ُطرح أثناء عمل مجموعة النقاش‪« :‬ولكن أليس لهم‬ ‫ونروحو‬ ‫أن يكونوا عنيفين؟»‪ .‬هناك عند بعض‬ ‫كف ّ‬ ‫الشبان نوع من تبسيط العنف‪« :‬أحنا ناكلو ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما‬ ‫ّ‬ ‫نرقدو وآكهو‪ ،‬نورمال» (نحن‬ ‫ثم نعود إلى البيت لننام‪ ،‬ال أكثر‪ ،‬عادي»‪ّ .‬‬ ‫نتلقى صفعة ّ‬ ‫التمثّ الت ذات القيمة اإليجابية في مضمون كلمات من قبيل «األمن»‪ ،‬و»االستقرار»‪،‬‬ ‫لقوات األمن‪.‬‬ ‫«حماية»‪ ...‬فيقع إغراقها في تمثّ ل سلبي ّ‬ ‫فإن فكرة الفساد تتعايش‪ ،‬عند توصيف البوليس من طرف المستجوبين‪،‬‬ ‫عالوة على ذلك‪ّ ،‬‬ ‫والسلطة‪ ،‬واالستغالل‪ ،‬وتبقى كلمة «األمن» العنصر اإليجابي‬ ‫والظلم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مع العنف‪ ،‬والجبن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الوحيد من بين جميع هذه المفردات‪.‬‬ ‫أن كلمة «طاغوت» المنتمية إلى القاموس الجهادي‪ ،‬ال تظهر سوى لدى ‪5‬‬ ‫والمالحظ ّ‬ ‫مستجوبين في وصف البوليس‪.‬‬


‫‪51‬‬

‫الروابط بين مختلف األجوبة في توصيف البوليس (توارد األفكار أو عالقات التشابه)‬ ‫الرسم ‪ّ :1‬‬

‫جدا رغم‬ ‫أن البوليس يمثّ ل‪ ،‬بصفته عنصرا فاعال‪ ،‬طرفا معاديا ّ‬ ‫يتبين من خالل االستنتاجات ّ‬ ‫ّ‬ ‫عبر الشباب‪ ،‬ضمن مجموعات النقاش‪ ،‬على هذه‬ ‫وقد‬ ‫السياق‪.‬‬ ‫ضمن‬ ‫(«أمن»)‬ ‫ضروري‬ ‫أنّ ه‬ ‫ّ‬ ‫الكل‪ ،‬راهو كي نكرهو على سبب‪ ...‬عندي ولد‬ ‫ّ‬ ‫االزدواجية بقولهم «ما نكرهوش البوليسية‬ ‫معين‪...‬‬ ‫حومتي بوليس‪ ،‬صاحبي» (نحن ال نكره جميع أعوان البوليس‪ ،‬وعندما نكره فلسبب‬ ‫ّ‬ ‫الصديق‪ ،‬أو الجار‪ ،‬أو أحد‬ ‫لي صديق بوليس من أبناء‬ ‫الحي)‪ .‬فالبوليس يمكن أن يكون هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرتش‪ ،‬يخدم النظام الفاسد (السيستام)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أما عدا ذلك فتَ َمثُّ لُ ه ال يخرج عن كونه‬ ‫األقارب ّ‬

‫الدولة التونسية تمارس العنف‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬

‫التونسيين عنيفين فيما بينهم؟‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّ ك ضحية العنف في الملعب؟‬ ‫الدولة؟‬ ‫أنّ ك ضحية عنف ّ‬

‫ضحية العنف العائلي؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬

‫أنّ ك ضحية العنف في العمل؟‬

‫الشارع؟‬ ‫أنّ ك ضحية العنف في ّ‬

‫أنّ ك ضحية العنف في المدرسة أو الجامعة؟‬

‫ضحية العنف في اإلدارات؟‬ ‫أنّ ك‬ ‫ّ‬ ‫حيك؟‬ ‫أنّ ك ضحية العنف في ّ‬

‫ ‪Mean‬‬‫‪Masculin‬‬

‫ ‪Mean‬‬‫‪Féminin‬‬

‫‪t-value‬‬

‫‪DF‬‬

‫‪P‬‬

‫‪103,2296‬‬

‫‪103,6220‬‬

‫‪-4,17489‬‬

‫‪805‬‬

‫‪0,000033‬‬

‫‪102,9205‬‬

‫‪103,1227‬‬

‫‪-2,16002‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,031067‬‬

‫‪103,9144‬‬

‫‪103,3700‬‬

‫‪6,88166‬‬

‫‪804‬‬

‫‪0,000000‬‬

‫‪103,8875‬‬

‫‪104,1346‬‬

‫‪-2,81733‬‬

‫‪805‬‬

‫‪0,004961‬‬

‫‪103,1208‬‬

‫‪103,1677‬‬

‫‪-0,46405‬‬

‫‪806‬‬

‫‪0,642740‬‬

‫‪103,9646‬‬

‫‪103,9480‬‬

‫‪0,19892‬‬

‫‪805‬‬

‫‪0,842372‬‬

‫‪103,3917‬‬

‫‪103,3976‬‬

‫‪-0,06711‬‬

‫‪805‬‬

‫‪0,946509‬‬

‫‪103,9937‬‬

‫‪104,0644‬‬

‫‪-0,66424‬‬

‫‪802‬‬

‫‪0,506726‬‬

‫‪104,2902‬‬

‫‪104,3119‬‬

‫‪-0,20984‬‬

‫‪804‬‬

‫‪0,833845‬‬

‫‪103,2213‬‬

‫‪103,3374‬‬

‫‪-1,15915‬‬

‫‪803‬‬

‫‪0,246741‬‬


‫‪52‬‬

‫الدولة على النحو الذي ورد سابقا‪ ،‬باستخالص‬ ‫يسمح هذا التمثّ ل‪ ،‬مضاف إليه‬ ‫تصور عنف ّ‬ ‫ّ‬ ‫للسلطة ودوائرها حسبما خَ ِبره جزء كبير من‬ ‫أن العنف المؤسساتي شبه مالزم‬ ‫ّ‬ ‫فكرة ّ‬ ‫المستجوبين‪.‬‬ ‫تصوره‪ ،‬سواء‬ ‫الرجال والنساء من حيث إدراك العنف أو‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬توجد فروق‬ ‫ّ‬ ‫هامة بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة أو من المواطنين أنفسهم‪ .‬هذا ولم نلحظ اختالفا يذكر بالنسبة‬ ‫كان ممارسا من طرف ّ‬ ‫يتعرضون في مختلف مستويات العمل‪ ،‬والشارع‪ ،‬والجامعة‪ ،‬واإلدارة‪،‬‬ ‫ألشكال العنف الذي‬ ‫ّ‬ ‫والحي‪ ،‬وحتّ ى العائلة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كل عمل عنيف أو مظهر سلوكي يهدف إلى المساس بالحرمة الجسدية أو المعنوية للغير‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬ ‫معينا‪ ،‬ويبعث برسالة إلى الشخص أو مجموعة األشخاص المستهدفين‪.‬‬ ‫معنى‬ ‫ذاته‬ ‫في‬ ‫يحمل‬ ‫ّ‬ ‫فاألعمال العنيفة المرتكبة في هذا اإلطار‪ ،‬أو التي ُيعلَ ن عنها في إطار أيديولوجي‪ ،‬تحيل‬ ‫الرمزي ما يمثّ له‬ ‫إلى حدود وقع تجاوزها في المساس بالغير‪ ،‬وتستهدف على المستوى ّ‬ ‫الشخص في نظر المجموعة التي ينتمي إليها‪.‬‬ ‫هذا ّ‬ ‫أن النّ زاع بين «هم» و»نحن» سابق الوجود‪ ،‬أي بين الذين‬ ‫تبين استنتاجات هذه الدراسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحي‪ .‬وكما ذكر‬ ‫بيدهم سلطة القرار‪ ،‬والسلطة االقتصادية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬و»نحن» شباب‬ ‫ّ‬ ‫الب َي ْار‪ ،‬في األثناء كانت‬ ‫بعضهم ضمن مجموعة النقاش‪« :‬كنّ ا داخل قاعة في‬ ‫الحي نلعب ِ‬ ‫ّ‬ ‫متكرر‪ .‬وإذا بالكثير منّ ا‪ ،‬عند خروجهم من‬ ‫تبث رسائل كراهية وعنف على نحو‬ ‫ّ‬ ‫الموسيقى‬ ‫ّ‬ ‫القاعة‪ ،‬لم يعد لهم‪ ،‬ال شعوريا‪ ،‬من غاية أخرى سوى االلتحاق بأولئك الذين سافروا إلى‬ ‫مناطق النّ زاع»‪.‬‬ ‫المحرض على العنف يتصادى هنا مع المعيش اليومي‪ .‬وبتعبير‬ ‫المتطرف‬ ‫فالخطاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪37‬‬ ‫إن التماسك المقنع لأليديولوجيا هو الذي يصبح مصدر خطر وتهديد‬ ‫حنّ ا آرنت (‪ّ ، )1952‬‬ ‫بالمرور إلى الفعل العنيف‪ .‬فاالنخراط األيديولوجي يكتسب‪ ،‬إذن‪ ،‬شكل أعمال عنيفة تتجاوز‬ ‫ثم يأتي الخطاب‬ ‫رد فعل على مظلمة‬ ‫متصورة‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫القانون وتمثّ ل‪ ،‬وفق منطق االستمرارية‪ّ ،‬‬ ‫ليبرر الحقا تلك المتعة النّ ابعة من ممارسة العنف‪ ،‬ويضمن بذلك‬ ‫األيديولوجي العقالني‬ ‫ّ‬ ‫تماسكا نفسيا من خالل إضفاء المعنى على فيض النزوات الطافحة‪.‬‬ ‫إن االنخراط في هذه المجموعات‪ ،‬والذي يصفه البعض بأنّ ه منزلق انحداري‪ ،‬يحدث عندما‬ ‫ّ‬ ‫لفض نزاع نفسي داخلي مع الذّ ات‪ ،‬وتغدو الطريقة‬ ‫ّ‬ ‫تصبح األيديولوجيا الوسيلة الوحيدة‬ ‫الوحيدة لمكافأة معاناة ذاتية‪ ،‬والتعويض عن هشاشة نرجسية‪ .‬وطالما يملك الشخص موارد‬ ‫ضد هذا االنحياز‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ذاتية أو اجتماعية تساعده على عدم االنقياد إلى هذا الخطاب‪،‬‬ ‫يظل محميا ّ‬ ‫فعديد الشبان من الذين قابلناهم يشعرون بأنّ هم عاجزون على االنتماء إلى خلية إرهابية أو‬ ‫قضية إخوتهم‪ ،‬أو أصدقائهم‪،‬‬ ‫أن األمر استحال عليهم‪ ،‬لكنّ هم يشعرون أنّ هم جزء ال يتجزّ أ من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يبررون عدم التحاقهم‬ ‫الدراسة أو جار يدافعون عنه‪ .‬وهم ال ّ‬ ‫أو زمالئهم السابقين في ّ‬ ‫بالجهاد بدواع أيديولوجية بل ألسباب أخرى مثل العائلة‪ ،‬والخوف‪...‬‬ ‫‪.ARENDT H., (1952), Idéologie et terreur, trad. fr. Paris, Hermann, 2008 37‬‬


‫‪53‬‬

‫إن ذلك النّ وع من التّ يه الهووي الذي يسكن هؤالء الشبان‪ ،‬الباحثين عن االعتراف بهم‪ ،‬هو‬ ‫ّ‬ ‫متوهم لسعيهم‬ ‫كحل‬ ‫ّ‬ ‫وراديكالي‬ ‫ف‬ ‫متطر‬ ‫عمل‬ ‫وأسلوب‬ ‫قضية‬ ‫ي‬ ‫تبنّ‬ ‫إلى‬ ‫يدفعهم‬ ‫الذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتحول تأثير على نفسية الفرد‪ ،‬وغياب لعنصر‬ ‫المشوش أو‬ ‫الهووي‪ .‬وقد يترتّ ب عن الواقع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيتوفر عامل التشجيع على ارتكاب أفعال عنيفة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التنازع في داخله‬ ‫المشوش للواقع الخارجي أو االجتماعي ينتج عن غياب رؤية استراتيجية ومعيش‬ ‫فاإلدراك‬ ‫ّ‬ ‫أي تغيير ملموس منذ نهاية النظام االستبدادي‪.‬‬ ‫يومي من المظالم والتهميش دون ّ‬ ‫متطرفة للدفاع عن الهوية‪ ،‬يساعده في ذلك‬ ‫ويكتسي الفعل األيديولوجي العنيف محاولة‬ ‫ّ‬ ‫خلل يطال ما فوق األنا بحيث لم يعد ممكنا حجب النزوات الطافحة أو كبتها وفق مبدأ الواقع‬ ‫كل من ما فوق األنا‪ ،‬والنّ ظام‪،‬‬ ‫الشمولي ترتّ ب عنه فشل في بناء ّ‬ ‫ومتطلباته‪ .‬فالنّ ظام ّ‬ ‫أي‬ ‫والسلطة المعنوية‪ ،‬وأصبح الشبان ينظرون إليها بصفتها فاشلة وتمارس العنف دون ّ‬ ‫ّ‬ ‫عقالنية‪.‬‬ ‫الشمولي قد أضفى على المؤسسات العمومية صبغة قمعية وعنيفة‪.‬‬ ‫أن النّ ظام ّ‬ ‫كما ّ‬ ‫كأول منظومة يعيش‬ ‫فالمدرسة‪ ،‬المفترض فيها اكتساب طابع اجتماعي‪ ،‬أصبحت توصف ّ‬ ‫فيها الفرد التفاوتات والالمساواة المولِّ دة للكبت واحتقار الذّ ات‪ .‬ولم يعد للفرد وجود سوى‬ ‫الحي كانت تحوم حول أنشطة الحزب‬ ‫من أجل خدمة النظام‪ ،‬فـ»حتّ ى األنشطة الموجودة في‬ ‫ّ‬ ‫يتحولوا إلى‬ ‫القائم»‪ .‬فبعد النداءات الثورية في طلب الكرامة‪ ،‬أصبح الشبان يطالبون بأن‬ ‫ّ‬ ‫حيهم‪ ،‬رغم أنّ هم يرون الطريق صعبا بل مستحيال أحيانا‪.‬‬ ‫فاعلين في حياتهم‬ ‫الخاصة‪ ،‬وفي ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطرف العنيف الخيار الوحيد النتهاج طريق الهدم المطلق‪.‬‬ ‫هكذا يصبح االنخراط في‬ ‫ّ‬


‫‪54‬‬

‫االستنتاجات‬ ‫حي‬ ‫قصة‬ ‫ّ‬ ‫قصة حياة إنسان و‪/‬أو ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫بين ّ‬ ‫يندرج هذا العمل ضمن موجة األعمال البحثية الذي تُ ّ‬ ‫معينة وتدفعه إلى ارتكاب أعمال عنيفة‬ ‫يمكن أن تقود الفرد إلى االنخراط في أيديولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫باسمها‪ .‬ويقترح هذا العمل دراسة التّ واصل بين الفكرة واالنتقال إلى الفعل‪ .‬فاالنخراط أو‬ ‫الشخص في‬ ‫يتعرض لها ّ‬ ‫االلتزام اإليديولوجي يندرج هنا كمخرج ممكن لوقائع حياة صعبة‬ ‫ّ‬ ‫بكل فرد‪ ،‬وكذلك بتأثيرات الواقع الخارجي الذي غالبا ما‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة‬ ‫عالقة باإلشكاالت النفسية‬ ‫ّ‬ ‫يعيشه‪ ،‬هذا الفرد‪ ،‬كعنف مسلّ ط عليه‪.‬‬ ‫الديني على اإلطار المدني كلّ ما تعلّ ق‬ ‫ويظهر من نتائج االستبيان‬ ‫تفوق اإلطار المرجعي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الضوء على‬ ‫األمر بالحكم على النّ ظام االجتماعي‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تسلّ ط هذه النتائج ّ‬ ‫أن اإلطارين‬ ‫نقطة‬ ‫هامة مخالفة لما يعتبر من المسلّ مات أو يدخل في باب البديهيات وهي ّ‬ ‫ّ‬ ‫والديني) ليسا في تناقض مع بعضهما البعض عندما يتعلّ ق األمر‬ ‫المرجعيين (الديمقراطي‬ ‫ّ‬ ‫الدولة (جزء من المستجوبين ينخرطون في االثنين معا)‪ .‬وتعتبر مجموعة من الشبان‬ ‫بتمثّ ل ّ‬ ‫حال لفشل‬ ‫أن فكرة الحكم الديني وتطبيق «القوانين اإللهية» يمكن أن يكونا ّ‬ ‫المستجوبين ّ‬ ‫يؤدي ذلك إلى االلتزام الصريح باإلسالم السياسي‪ .‬في نفس االتّ جاه‪،‬‬ ‫الدولة‪ ،‬دون أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشعب» و»اإلرادة الربانية» ليسا متعارضين‬ ‫أن «إرادة ّ‬ ‫المستجوبين‬ ‫الشبان‬ ‫من‬ ‫أغلبية‬ ‫ترى‬ ‫ّ‬ ‫فـ»الشعب»‪ ،‬في رأيهم‪ ،‬يتطلّ ع إلى تطبيق اإلرادة الربانية‪ .‬فـ»إرادة‬ ‫ّ‬ ‫في مستوى التمثّ الت‪.‬‬ ‫الشعب» و»اإلرادة الربانية» متناغمين تماما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الدينية‪ ،‬وهو تطلّ ع‬ ‫لذا‪ ،‬من‬ ‫البعدين‪ُ ،‬بعد التطلّ ع إلى مجتمع يحترم القواعد ّ‬ ‫المهم التمييز بين ُ‬ ‫ّ‬ ‫وبعد التّ طلّ ع إلى نظام سياسي‬ ‫أن المجتمع غير عادل؛ ُ‬ ‫نجده لدى الشبان الذين يعتبرون ّ‬ ‫أن النّ زعة‪ ،‬التي الحظناها‬ ‫جليا‪ّ ،‬‬ ‫ديني‪ ،‬وهو تطلّ ع غير مؤثّ ر في المجموعة المستجوبة‪ .‬ويظهر‪ّ ،‬‬ ‫أحيانا‪ ،‬في طلب حوكمة مستلهمة من «القوانين اإللهية» ال تعني البتّ ة انخراطا في فكرة‬ ‫تلقفهم‬ ‫أن ذلك ال يمنع‪ ،‬في رأينا‪ّ ،‬‬ ‫الدولة اإلسالمية على النّ مط المطروح اليوم‪ .‬بيد ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالظلم والمعاناة من العنف‪ .‬فالخطاب‬ ‫ّ‬ ‫متطرف قادر على توظيف اإلحساس‬ ‫خطاب‬ ‫لصدى‬ ‫ّ‬ ‫الجهادي الذي يعتمد‪ ،‬كرأس حربة‪ ،‬استرجاع الكرامة بإضفاء معنى جديد عليها بالنّ ظر إلى‬ ‫ظل العنف واإلهانة والظلم‪ ،‬قد يجد في هذا الواقع تربة خصبة لما‬ ‫ّ‬ ‫الواقع المعيش في‬ ‫يبرر‬ ‫ّ‬ ‫تعوض مشاعر الضيق بالحياة برؤية تمجيدية‪،‬‬ ‫وتبث خطابا إيديولوجيا ّ‬ ‫يقدمه من بدائل ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيتحول الشبان الملفوظين إلى شبان «الفظين»‬ ‫األدوار‪،‬‬ ‫ويقلب‬ ‫المجتمع‪،‬‬ ‫مع‬ ‫القطيعة‬ ‫ّ‬ ‫الحق والعدل لمحاربته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بدورهم للمجتمع غير العادل والكافر‪ ،‬ويتجنّ دون باسم اللّ ه أي باسم‬ ‫يؤديها القانون والمحظور‪ ،‬لم تعد فاعلة في مناخ يسوده غياب‬ ‫إن الوظيفة المهيكلة‪ ،‬التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫والدولة‪.‬‬ ‫البوليس‬ ‫إلى‬ ‫للغاية‬ ‫سلبية‬ ‫نظرة‬ ‫أعقاب‬ ‫وفي‬ ‫والتهميش‪،‬‬ ‫العدل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتكفل العامل الديني بهذه الوظيفة المهيكلة‪ ،‬ويعيد بناء ما وراء اإلطار (الميتا‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫وهنا سوف‬ ‫يوفر ميتا‪-‬إطار‬ ‫لكل بناء نفسي‪ .‬فطابعه العادل‪ ،‬واألخالقي‪ ،‬والثابت ّ‬ ‫إطار) الذي هو ضروري ّ‬ ‫الـمثُ ل المفقودة‬ ‫َم َط ْمئِ ن وقابل ألن يكون مرجعا موثوقا من شأنه إضفاء المعنى على ُ‬ ‫ويمنحها قيمتها‪.‬‬ ‫الدراسة‪ ،‬فهو مالزم للعالقات االجتماعية‪،‬‬ ‫أما عن العنف الذي أشار إليه الشباب في هذه ّ‬ ‫ّ‬


‫‪55‬‬

‫يعوض العيش المشترك؛ فال ننسى‬ ‫وهو عنف مبثوث‬ ‫درك كمعطى مجتمعي ّ‬ ‫ومعمم ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫حرية التّ عبير مكانها إلى الوساطة والتعبير عن العنف‪.‬‬ ‫نمر بمرحلة تركت فيها ّ‬ ‫أنّ نا ّ‬ ‫ويشجعان‪،‬‬ ‫إن اإلرهاب وعنف الحشود يثيران األهواء والمشاعر‪ ،‬وسوء الفهم‪ ،‬والخوف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في أغلب األحيان‪ ،‬المواطنين األكثر سلمية على مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة‪،‬‬ ‫ولعل أفضل‬ ‫ّ‬ ‫تشرع الباب أمام جميع التجاوزات األمنية‪.‬‬ ‫الطوارئ التي‬ ‫وعنيفة مثل إعالن حالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشبان المستجوبين في قوله‪« :‬من المفروض‬ ‫تعليق هو ذلك الذي ورد على لسان أحد‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‪،‬‬ ‫أن الشعب هو الذي يكون في حالة طوارئ بالنّ ظر لما‬ ‫يتعرض له من قمع من طرف ّ‬ ‫ّ‬ ‫نظم النّ اس في شبكات‪ ،‬وتُ راقب حركتهم داخل فضاء هندسي‪،‬‬ ‫وليس العكس»‪ .‬فأن ُي ّ‬ ‫ويدارون كأشياء‪ ،‬أ ليس ذلك شكال من أشكال العنف؟‬ ‫تحولت إلى عادة متداولة في القبول السلبي‬ ‫لقد ولّ دت سياسة الترهيب في تونس ظاهرة ّ‬ ‫باألمر الواقع («ال تحشر أنفك فيما ال يعنيك»)‪ ،‬وعدم اإلشارة إلى األشخاص الحاملين ألفكار‬ ‫فك ارتباط كامل بهم وتحويلهم‬ ‫حد خلق عملية ّ‬ ‫متطرفة وتحاشيهم قدر اإلمكان‪ ،‬بل بلغ األمر ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى غرباء عنّ ا‪ .‬هذه السياسة األمنية التي تستهدف الشباب‪ ،‬باألساس‪ ،‬جعلت منه ما يمكن‬ ‫الشبان أقصى درجات التهميش‬ ‫تسميته بـ «طبقة خطيرة»‪ .‬وهو ما يعني بالنسبة لهؤالء‬ ‫ّ‬ ‫تستقر فيها‬ ‫هوة العدم التي‬ ‫ّ‬ ‫التي يمكن تشبيهها بالمرآة التي توضع أمامهم ليروا فيها ّ‬ ‫فيتحولون‪ ،‬كما يقول ب‪ .‬أوجيلفي‬ ‫ذواتهم‪ ،‬ولم يعد لهم ما يخسرونه في هذه الحياة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫للرمي به في سلّ ة المهمالت‪،‬‬ ‫(‪ B. Ogilvie )2012‬إلى ما يمكن تسميته باإلنسان القابل ّ‬ ‫للرمي به»‪.‬‬ ‫أو في سياقنا نحن «الشباب القابل ّ‬ ‫يعد االنخراط في التطرف العنيف جوابا عن هذا العنف؟‬ ‫فهل ّ‬ ‫معين‪ ،‬التماهي مع ضحايا بريئين‪،‬‬ ‫الرعب الذي يثيره‪ ،‬في جانب‬ ‫ّ‬ ‫تبين مدى ّ‬ ‫إنّ ه لمن المذهل ّ‬ ‫اإلرهابيين أنفسهم في‬ ‫حد كبير‪ ،‬المنطق الذي يستند إليه‬ ‫ّ‬ ‫رد فعل يشبه‪ ،‬إلى ّ‬ ‫وما يولّ ده من ّ‬ ‫‪/‬ه ْم» يتعزّ ز باستمرار باألعمال اإلرهابية‪ ،‬ال‬ ‫يظل هذا التقابل العدائي‬ ‫ّ‬ ‫خطاباتهم‪ .‬هكذا‬ ‫«نحن ُ‬ ‫ُ‬ ‫الدراسة‬ ‫فقط في خُ طب السياسيين بل في ردود فعل الماليين من األناس العاديين‪ .‬فهذه ّ‬ ‫أي مدى أنتجت السنوات الطويلة من السياسات األمنية‪ ،‬القائمة على الخوف من‬ ‫تبين إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتصور والمسلّ ط‪ .‬إن» االستسالم للعنف يعني‪ ،‬بطريقة ما‪ ،‬تبنّ ي‬ ‫اآلخر‪ ،‬مزيدا من العنف‬ ‫ّ‬ ‫أما االستسالم للخوف‪،‬‬ ‫سيما من حيث توسيع الفجوة وخطر التّ ماهي)‪ّ .‬‬ ‫نفسية المعتدي (ال ّ‬ ‫فيعني االنتصار الماكر لإلرهاب‪.‬‬


56

‫بيبليوغرافيا‬ Abdi N., (1994), « Implications théoriques et méthodologiques des notions de pauvreté, d’exclusion sociale et de marginalisation », Numéro spécial des cahiers de CERS, série sociologie. Arendt H., (1952), Idéologie et terreur, trad. fr. Paris, Hermann. Ayari M. (2017), « Les facteurs favorisant l’extrémisme violent dans la Tunisie des années 2010”, Rapport PNUD. Ben Alaya D. (à paraître). Jihadism as a form of lay thinking : a « re-anchorage » process hypothesis, In Stamos Papastamou & Pascal Moliner (Ed.), Serge Moscovici’s work : Legacy and perspective, Presses Universitaires de La Méditerranée, Coll. :Psychologie, Santé, Société. Bronner G. (2009), La pensée extrême : Comment des hommes ordinaires deviennent des fanatiques, Paris, Ed Denoel. Commission Européenne (2017), Règlement Délégué (UE) …/... de la Commission du 13.12.2017 portant modification du règlement délégué (UE) 2016/1675 complétant la directive (UE) 2015/849 du Parlement européen et du Conseil en ce qui concerne l’ajout de Sri Lanka, de Trinité-et-Tobago et de la Tunisie dans le tableau figurant au point I de l’annexe, C (2017) 8320 final, Bruxelles. Corcuff P. (2005), « Le pari démocratique à l’épreuve de l’individualisme contemporain », Revue du MAUSS, 2005/1 (n° 25), pp 65-78. Dobry M. (1986), Sociologie des crises politiques, Presses de la Fondation nationale des sciences politiques Paris, Politique, n° 12 , p. 123-128. Favre P (1997), « Didier Bigo, Polices en réseaux. L’expérience européenne », Revue française de science politique, vol. vol. 47, no. 2, pp. 227-232. Fassin D., (2009), « Les économies morales revisités », Annales HSS, novembre-décembre 2009, n°6, p. 1237-1266. Gafimoan, C. 2016, Anti-money laundering and counter-terrorist financing measures: Tunisia Mutual Evaluation Report, p.4. Gafimoan, C. (2017), 2nd Enhanced Follow-Up Report for Tunisia Re- Ratings Request Anti-Money Laundering and Combating the Financing of Terrorism, p.1. Hecker, M. (2018). Les djihadistes en France face à la justice. Etudes de l’IFRI, Focus stratégique, 79. Huysmans J., (1998), « Dire et écrire la sécurité : le dilemme normatif des études de sécurité », Cultures & Conflits, n°31-32, pp. 177-202.
 Ion J. et Peroni M., (1997), Engagement public et exposition de la personne, Ed° de L’aube. Kepel, G., (2008). Al-Qaïda dans le texte, nouv. Ed. Puf. Khosrokhavar F., (2014), Radicalisation, Editions de la Maison des Sciences de l’Homme. Melliti I. et Moussa H., (Dir.) (2018), Quand les jeunes parlent de l’injustice, l’Harmattan. Olgilvie B. (2012), L’homme jetable : Essai sur l’exterminisme et la violence extrême, Ed° Amsterdam. Taylor, C. (1992), Multiculturalism and the Politics of Recognition (Edited by Amy Gutmann). Princeton University Press, Princeton. Tsoukala A ;, « La légitimation des mesures d’exception dans la lutte antiterroriste en Europe », Cultures & Conflits [Online], 61 | printemps 2006, p.3. Weber M., (1959), Le savant et le politique, Plon, pp 83-85.


‫‪57‬‬

‫المالحق‬


58


59


60


61


62


63


64


65


66


67


68


69





Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.