دليل قانوني عملي حول االجراءات
الجزائية املتعلقة بأهم الجرائم املوجهة ضد أفراد مجتمع الم-عLGBTQI+ /
الفهرس تقديم املشروع 4 ...................................................................................................... تقديم الدليل 5 .......................................................................................................... .I
املصادر املعتمدة 7 ................................................................... الدستور 8 .................................................................................................................... أهم النصوص الدولية 10 ............................................................................................ االعالن العاملي لحقوق االنسان 10.................................................................... العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية 10................................... امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب 13 ................................................ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة 14.................................................................................... اتفاقية حقوق الطفل15 ..................................................................................... اتفاقية القضاء ىلع جميع أشكال التمييز ضد املرأة 15 .................................
.II
يف عدم مطابقة الفصل 230من املجلة الجزائية التونسية
ألحكام دستور 2014واالتفاقيات الدولية املصادق عليها 17.............................. يف عدم تطابق الفصل 230مع مبدأ حماية الحياة الخاصة18 .......................... : يف عدم تطابق الفصل 230مع مبدأ حماية الذات البشرية وحرمة الجسد19 : يف عدم تطابق الفصل 230مع مبدأ عدم التمييز20 ........................................ : 2
.III
أهم الجرائم األخالقية يف املجلة الجزائية التونسية 23.......
التجاهر عمدا بفحش 24 ........................................................................................... جريمة التجاهر عمدا بفحش تفترض توفر ثالثة شرط لقيامها24.............. : االعتداء ىلع األخالق الحميدة 25 ........................................................................... اللواط أو السحاق 25 .................................................................................................. جريمة البغاء السري 26 ............................................................................................. خصائص الجرائم األخالقية 27 .................................................................................. .IV
الجوانب اإلجرائية29................................................................. اثبات جريمة الفصل 230من املجلة الجزائية 30 .................................................. الفحص الشرجي30 ............................................................................................ : التفتيش والحجز32 ............................................................................................ : اإلجراءات أمام باحث البداية 33 ............................................................................... بطالن اإلجراءات 34 ...................................................................................................
3
تقديم املشروع "توانسة كيفكم" هو مشروع مشترك بين املنظمة الدولية "محامون بال حدود" و الجمعيتين التونسيتين "دمج" الجمعية التونسية للعدالة واملساواة و "الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية" .يهدف مشروع "توانسة كيفكم" إلى املساهمة يف مناهضة جميع أشكال العنف والتمييز املسلطة ىلع مجتمع الم-ع/ LGBTQI+يف تونس. يتمحور املشروع حول ثالثة أهداف محددة ومترابطة/1 :تسهيل التوصل إلى خدمات املساعدة القانونية املتناسبة مع احتياجات الفئات املستهدفة؛ /2تعزيز قدرات منظمات املجتمع املدني ىلع الدعوة املشتركة ملناصرة و تأييد الحريات الفردية؛ /3التأثير ىلع السياسات العامة من خالل حمالت تحسيسية تستهدف الجمهور العام. تتجلى خدمات املساعدة القانونية أساسا يف االستشارات القانونية املقدمة بصفة دورية أو استعجالية ،و القيام باإلجراءات القانونية الضرورية للدفاع ىلع حقوق الفئات املستهدفة أمام املحاكم الجنائية ،االدارية ،املدنية و غيرها. و من أجل تقديم هذه الخدمات ىلع أحسن وجه ،يأتي هذا الدليل كمُكمّل للدورات التدريبية التي تم توفيرها للمحاميات و املحامين و التي غطت جزءا هاما من املصطلحات و املفاهيم املتعلقة بمجتمع الم-ع LGBTQI+ /يف سياقه التونسي و الدولي ،املقاربة النفسية التي يتعين ىلع املحاميات و املحامين تبنيها عند تقديم خدماتهم ألفراد مجتمع الم-ع ،+LGBTQI /و االطار القانوني الدولي و الوطني من الناحيتين النظرية و العملية.
4
تقديم الدليل يتضمن هذا الدليل أوال تذكيرا باملعايير الدولية و االقليمية املصادق عليها ،اضافة إلى أهم النصوص الدستورية التي من شأنها أن تكفل حماية و ممارسة الحقوق و الحريات الفردية ألفراد مجتمع الم-ع +LGBTQI /باعتبارهم أشخاصا كاملي املواطنة. يستعرض الدليل ثانيا عرضا لنقاط تعارض الفصل 230من املجلة الجزائية التونسية مع أحكام دستور 2014واالتفاقيات الدولية املصادق عليها ،قبل أن يتطرق ألهم الجرائم األخالقية التي يت م استعمالها ضد الفئات املستهدفة ،خصائصها و االجراءات الجزائية املتعلقة بها.
5
املادة 12من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان :
ال يجوز تعريضُ أحد لتدخُّل تعسُّفي يف حياته الخاصة أو يف شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسالته ،وال لحمالت تمسُّ ن شرفه وسمعته .ولكل شخص حقٌّ يف أن يحميه القانو ُ من مثل ذلك التدخُّل أو تلك الحمالت.
6
.Iاملصادر املعتمدة
7
الدستور o
الفصل - 20املعاهدات املوافق عليها من قبل املجلس النيابي واملصادق عليها ،أىلع من القوانين وأدنى من الدستور.
o
الفصل - 21املواطنون واملواطنات متساوون يف الحقوق والواجبات ،وهم سواء أمام القانون من غير تمييز .تضمن الدولة للمواطنين واملواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامّة ،وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم.
o
الفصل - 22الحق يف الحياة مقدس ،ال يجوز املساس به إال يف حاالت قصوى يضبطها القانون.
o
الفصل - 23تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد ،وتمنع التعذيب املعنوي واملادي .وال تسقط جريمة التعذيب بالتقادم.
o
الفصل – 24تحمي الدولة الحياة الخاصة ،وحرمة املسكن ،وسرية املراسالت واالتصاالت واملعطيات الشخصية.
o
الفصل - 27املتهم بريء إلى أن تثبت إدانته يف محاكمة عادلة تُكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع يف أطوار التتبع واملحاكمة.
o
الفصل - 28العقوبة شخصية ،وال تكون إال بمقتضى نص قانوني سابق الوضع ،عدا حالة النص األرفق باملتهم.
o
الفصل - 29ال يمكن إيقاف شخص أو االحتفاظ به إال يف حالة التلبس أو بقرار قضائي ،ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة املنسوبة إليه ،وله أن ينيب محاميا .وتحدد مدة اإليقاف واالحتفاظ بقانون.
o
الفصل - 49
يحدّد القانون الضوابط املتعلقة بالحقوق والحريات
املضمونة بهذا الدستور وممارستها بما ال ينال من جوهرها .وال توضع هذه الضوابط إال لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير ،أو ملقتضيات األمن العام ،أو الدفاع الوطني ،أو الصحة العامة، 8
أو اآلداب العامة ،وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها . وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك .ال يجوز ألي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق اإلنسان وحرياته املضمونة يف هذا الدستور. o
الفصل - 108لكل شخص الحق يف محاكمة عادلة يف أجل معقول، واملتقاضون متساوون أمام القضاء .حق التقاضي وحق الدفاع مضمونان، وييسر القانون اللجوء إلى القضاء ويكفل لغير القادرين ماليا اإلعانة العدلية. ويضمن القانون التقاضي ىلع درجتين .جلسات املحاكم علنية إال إذا اقتضى القانون سريتها وال يكون التصريح بالحكم إال يف جلسة علنية.
9
أهم النصوص الدولية االعالن العاملي لحقوق االنسان املادة الخامسة : ال يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة. العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية املادة الرابعة: .1
يف حاالت الطوارئ االستثنائية التي تتهدد حياة األمة ،واملعلن قيامها رسميا ،يجوز للدول األطراف يف هذا العهد أن تتخذ ،يف أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع ،تدابير ال تتقيد بااللتزامات املترتبة عليها بمقتضى هذا العهد ،شريطة عدم منافاة هذه التدابير لاللتزامات األخرى املترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها ىلع تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو األصل االجتماعي.
.2
ال يجيز هذا النص أي مخالفة ألحكام املواد 6و 7و 8الفقرتين 1و 2و 11و 15و 16و .18
10
.3
ىلع أية دولة طرف يف هذا العهد استخدمت حق عدم التقيد أن تعلم الدول األطراف األخرى فورا ،عن طريق األمين العام لألمم املتحدة ،باألحكام التي لم تتقيد بها وباألسباب التي دفعتها إلى ذلك .وعليها ،يف التاريخ الذي تنهى فيه عدم التقيد ،أن تعلمها بذلك مرة أخرى وبالطريق ذاته.
املادة السابعة : ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة .وىلع وجه الخصوص ،ال يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية ىلع أحد دون رضاه الحر. املادة الرابعة عشر: .1
الناس جميعا سواء أمام القضاء .ومن حق كل فرد ،لدى الفصل يف أية تهمة جزائية توجه إليه أو يف حقوقه والتزاماته يف أية دعوى مدنية ،أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون .ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور املحاكمة كلها أو بعضها لدواعي اآلداب العامة أو النظام العام أو األمن القومي يف مجتمع دي مقراطي ،أو ملقتضيات حرمة الحياة الخاصة ألطراف الدعوى ،أو يف أدنى الحدود التي تراها املحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية يف بعض الظروف االستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة ،إال أن أي حكم يف قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية ،إال إذا كان األمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خالف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خالفات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية ىلع أطفال.
.2
من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا.
11
.3
لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر يف قضيته ،وىلع قدم املساواة التامة ،بالضمانات الدنيا التالية: أ.
أن يتم إعالمه سريعا وبالتفصيل ،وفى لغة يفهمها ،بطبيعة التهمة املوجهة إليه وأسبابها،
ب .أن يعطى من الوقت ومن التسهيالت ما يكفيه إلعداد دفاعه ولالتصال بمحام يختاره بنفسه، ج .أن يحاكم دون تأخير ال مبرر له، د.
أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره ،وأن يخطر بحقه يف وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه ،وأن تزوده املحكمة حكما ،كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك ،بمحام يدافع عنه ،دون تحميله أجرا ىلع ذلك إذا كان ال يملك الوسائل الكافية لدفع هذا األجر،
ه.
أن يناقش شهود االتهام ،بنفسه أو من قبل غيره ،وأن يحصل ىلع املوافقة ىلع استدعاء شهود النفي بذات الشروط املطبقة يف حالة شهود االتهام،
و.
أن يزود مجانا بترجمان إذا كان ال يفهم أو ال يتكلم اللغة املستخدمة يف املحكمة،
ز. .4
أال يكره ىلع الشهادة ضد نفسه أو ىلع االعتراف بذنب.
يف حالة األحداث ،يراعى جعل اإلجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل ىلع إعادة تأهيلهم.
.5
لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء ،وفقا للقانون ،إلى محكمة أىلع كيما تعيد النظر يف قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه.
.6
حين يكون قد صدر ىلع شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة ،ثم ابطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه ىلع أساس واقعة جديدة أو واقعة
12
حديثة االكتشاف تحمل الدليل القاطع ىلع وقوع خطأ قضائي ،يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك اإلدانة ،وفقا للقانون ،ما لم يثبت أنه يتحمل ،كليا أو جزئيا ،املسئولية عن عدم إفشاء الواقعة املجهولة يف الوقت املناسب. .7
ال يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب ىلع جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون ولإلجراءات الجنائية يف كل بلد.
امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب املادة الثانية : يتمتع كل شخص بالحقوق والحريات املعترف بها واملكفولة فى هذا امليثاق دون تمييز خاصة إذا كان قائما ىلع العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسى أو أى رأي آخر ،أو املنشأ الوطني أو االجتماعي أو الثروة أو املولد أو أى وضع آخر. املادة السابعة : حق التقاضي مكفول للجميع ويشمل هذا الحق: أ.
الحق يف اللجوء إلى املحاكم الوطنية املختصة بالنظر فى عمل يشكل خرقا للحقوق األساسية املعترف له بها ،والتي تتضمنها االتفاقيات والقوانين واللوائح والعرف السائد،
ب .اإلنسان برئ حتى تثبت إدانته أمام محكمة مختصة، ج .حق الدفاع بما فى ذلك الحق فى اختيار مدافع عنه، د. 13
حق محاكمته خالل فترة معقولة وبواسطة محكمة محايدة.
ه.
ال يجوز إدانة شخص بسبب عمل أو امتناع عن عمل ال يشكل جرما يعاقب عليه القانون وقت ارتكابه ،وال عقوبة إال بنص ،والعقوبة شخصية.
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة املادة األولى: يقصد« بالتعذيب »أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ،جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص ،أو من شخص ثالث ،ىلع معلومات أو ىلع اعتراف ،أو معاقبته ىلع عمل ارتكبه أو يشتبه يف انه ارتكبه ،هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو ارغامه هو أو أي شخص ثالث -أو عندما يلحق مثل هذا األلم أو العذاب ألى سبب يقوم ىلع التمييز أيا كان نوعه ،أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية وال يتضمن ذلك األلم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو املالزم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
14
اتفاقية حقوق الطفل املادة الثانية: تحترم الدول األطراف الحقوق املوضحة يف هذه االتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لواليتها دون أي نوع من أنواع التمييز ،بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو اإلثني أو االجتماعي ،أو ثروتهم ،أو عجزهم ،أو مولدهم، أو أي وضع آخر. تتخذ الدول األطراف جميع التدابير املناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة ىلع أساس مرآز والدي الطفل أو األوصياء القانونيين عليه أو أعضاء األسرة ،أو أنشطتهم أو آرائهم املعبر عنها أو معتقداتهم. اتفاقية القضاء ىلع جميع أشكال التمييز ضد املرأة املادة الثانية: تشجب الدول األطراف جميع أشكال التمييز ضد املرأة ،وتتفق ىلع أن تنتهج ،بكل الوسائل املناسبة ودون إبطاء ،سياسة تستهدف القضاء ىلع التمييز ضد املرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي: أ.
إدماج مبدأ املساواة بين الرجل واملرأة يف دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها املناسبة األخرى ،إذا لم يكن هذا املبدأ قد أدمج فيها حتى اآلن ،وكفالة التحقيق العملي لهذا املبدأ من خالل التشريع وغيره من الوسائل املناسبة،
15
ب .اتخاذ املناسب من التدابير ،تشريعية وغير تشريعية ،بما يف ذلك ما يناسب من جزاءات ،لحظر كل تمييز ضد املرأة، ج .فرض حماية قانونية لحقوق املرأة ىلع قدم املساواة مع الرجل ،وضمان الحماية الفعالة للمرأة ،عن طريق املحاكم ذات االختصاص واملؤسسات العامة األخرى يف البلد ،من أي عمل تمييزي، د.
االمتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد املرأة ،وكفالة تصرف السلطات واملؤسسات العامة بما يتفق وهذا االلتزام؛
ه.
اتخاذ جميع التدابير املناسبة للقضاء ىلع التمييز ضد املرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة،
و.
اتخاذ جميع التدابير املناسبة ،بما يف ذلك التشريعي منها ،لتغيير أو إبطال القائم من القوانين واألنظمة واألعراف واملمارسات التي تشكل تمييزا ضد املرأة،
ز.
16
إلغ اء جميع األحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد املرأة.
.IIيف عدم مطابقة الفصل 230من املجلة الجزائية التونسية ألحكام دستور 2014 واالتفاقيات الدولية املصادق عليها 17
يعد الفصل 230من املجلة الجزائية نموذجا عن النصوص القانونية التي تتعارض صراحة مع نص و روح دستور 2014املبني أساسا ىلع مبدأ صون كرامة األفراد واحترام خصوصياتهم و حرمتهم و مع مختلف املعاهدات واملواثيق الدولية الرافضة للتمييز املبني ىلع امليول واالختيارات والتوجهات الجنسية لألفراد.
يف عدم تطابق الفصل 230مع مبدأ حماية الحياة الخاصة: يتعارض الفصل 230مع الفصل 24من الدستور واملادة 12من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان واملادة 17من العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية و السياسية. وبالرجوع إلى الفصل 230من املجلة الجزائية فإننا نالحظ أن مجال انطباقه باألساس هو املجال الخاص (الحميمي) لألفراد وهو ما يجعل منهم مستهدفين بالتدخالت التعسفية يف مجال حياتهم الخاصة قصد التثبت من مدى حصول الفعل املجّرم (اللواط أو املساحقة).
18
يف عدم تطابق الفصل 230مع مبدأ حماية الذات البشرية وحرمة الجسد: يتعارض الفصل 230مع الفصل 23من الدستور و هو ما كانت أقرته كل من املادتين 5من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان و 7من العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية و السياسية. وبالرجوع للفصل 230وتطبيقاته نالحظ أنها تحط من كرامة الفرد خاصة عند اللجوء إلى إثبات األفعال املجرمة بمقتضاه عن طريق الفحوصات الطبية لألشخاص املشتبه بهم أو املتهمين بهذه األفعال .وهو ما حدا باللجنة الخاصة لألمم املتحدة ملناهضة التعذيب إلى اعتبار فحوصات العذرية والفحوصات الشرجية من األفعال التي تدخل يف باب التعذيب وذلك يف تقريرها السنوي الصادر يف 3أكتوبر .2014 وأوصت اللجنة يف تقريرها بوجوب حظر هذه الفحوصات لضمان "االحترام الكامل لكرامة االنسان" وحرمة الجسد.1
1يجدر االشارة إلى أن املجلس الوطني لنقابة أطباء تونس أصدر بيانا يف 03أفريل ،2017اعتبر فيه أن ممارسة فحص العذرية أو الفحص الشرجي للتحقق من طبيعة املمارسات الجنسية للشخص أو تأكيدها دون موافقته الحرة واملستنيرة ،اعتداءا ىلع كرامته ،و دعا األطباء إلى إبالغ األشخاص التي يتعين عليهم فحصهم بحقهم يف رفض مثل هذا الفحص .كما أوصت لجنة األمم املتحدة ملناهضة التعذيب يف مالحظاتها الختامية ىلع التقرير الدوري الثالث لتونس (يونيو )2016بأن ىلع الدولة التونسية "إلغاء املادة 230من مجلة العقوبات ،و التي تعاقب ىلع العالقات بين البالغين من نفس الجنس" ،اضافة إلى حظر الفحوصات الطبية التي ليس لها أي مبرر طبي وال يمكن املوافقة عليها بطريقة حرة ومستنيرة من قبل األشخاص الذين يتعرضون لها.
19
يف عدم تطابق الفصل 230مع مبدأ عدم التمييز: يتعارض الفصل 230مع الفصل 21من الدستور واملادة 7من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان واملادة 2من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق املدنية والسياسية والحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية. هذا املبدأ األساسي الذي يجعل من كل املواطنين واملواطنات متساوين يف الحقوق بقطع النظر عن اختالفاتهم بما فيها االنتماء لجنس ما ،تمت قراءته يف فقه كل الهيئات الدولية املشرفة ىلع إنفاذ الصكوك الدولية ىلع انه يشمل أيضا منع التمييز ىلع أساس امليوالت الجنسية .وهو ما أكدته صراحة لجنة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية يف مالحظتها العامة عدد 20لسنة 2009 (الفقرة ) 27حيث أقرت أن عبارة "...غير ذلك من األسباب" يندرج يف إطارها التمييز ىلع أساس امليوالت الجنسية .وكانت قد أكدت ذلك سابقا يف بعض الحقوق كمنع التمييز ىلع أساس امليول الجنسية يف مجال الشغل (املالحظة العامة للجنة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية عدد 18فقرة 12ويف مجال الحق يف الصحة (املالحظة العامة عدد 14لسنة 2002فقرة (18 نفس هذا التوجه أقرته لجنة مناهضة كل أشكال التمييز ضد املرأة يف املالحظة العامة عدد 28وقراءتها للفصل الثاني من املعاهدة والتي أقرت منع التمييز ىلع أساس امليول الجنسية. كذلك لجنة حقوق الطفل والتي قدمت توصيتها العامة عدد 4لسنة 2003معتبرة أن الفصل الثاني من معاهدة حقوق الطفل يشمل منع التمييز ىلع أساس التوجيهات أو امليول الجنسية.
20
كذلك لجنة مناهضة كل أشكال التعذيب و املعامالت القاسية و الحاطة من الكرامة والتي أقرت نفس هذا التوجه يف مالحظتها العامة عدد 2لسنة 2008ويف قرار مجلس حقوق اإلنسان لألمم املتحدة عدد 17/1921بتاريخ 15جوان 2011عبر هذا األخير عن انزعاجه الشديد فيما يتعلق بالعنف املسلط ىلع األشخاص بسبب توجهاتهم الجنسية. أما اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان و الشعوب واستنادا إلى امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب وتحديدًا املادة 2منه واملتعلقة بمنع التمييز ،فقد أقرت وجود أقلية جنسية (املثليين) والتي تتعرض النتهاك حقوقها و للعنف (القرار عدد 275الدورة العادية عدد 55انغوال من 28افريل إلى 12ماي(. وبالنظر يف الفصل 21من الدستور ،فإن عبارة منع التمييز جاءت ىلع إطالقها .ويف قراءة لها متوائمة مع الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان والشرعة اإلفريقية ،تكون قراءة منع التمييز بصورة واسعة لتشمل التوجيهات أو امليول الجنسية .ويكون الفصل 230 من املجلة الجزائية يف تعارض واضح مع مبدأ منع التمييز ،بل انه يكرس التمييز بين املواطنين واملواطنات ىلع أساس امليول الجنسية ويجعل من هذا االختالف فعال مجّرما ويحد بذلك من الحقوق والحريات دونما انسجام مع فصول الدستور وأحكامه. يف تعارض الفصل 230مع أحكام الفصل 49من الدستور املتعلق بالحدود املفروضة ىلع الحقوق والحريات: يجرم الفصل 230من املجلة الجزائية االختيارات أو التصرفات الحميمية للفرد والتي يمارسها يف فضائه الخاص ىلع نحو ال يتعارض مع أي من القيود املفروضة دستوريا .فنظرا لكون الفعل سلوكًا رضائيًا ،فهو ال يلحق إذًا أي أذى بالغير ويمارس يف الفضاء الخاص فال عالقة له باآلداب العامة وليس من شانه أن يمس ال باألمن 21
العام وال بالصحة العامة ويكون منعه وتجريمه متعارضين مع مقومات الدولة املدنية والديمقراطية والتي تقوم أساسا ىلع احترام اختيارات الفرد وصون كرامته وحرمته.
22
.IIIأهم الجرائم األخالقية يف املجلة الجزائية التونسية
23
التجاهر عمدا بفحش جريمة التجاهر عمدا بفحش تفترض توفر ثالثة شرط لقيامها: -
أوال :فعل مادى يخل بالحياء ومغاير لآلداب العامة او تقتضي االخالق و االداب العامة التستر عند ارتكابه سواء اكان الفعل يف ذاته مشروعا او غير مشروع معاقب عليه او غير معاقب عليه ،و بذلك فهو امر اعتباري موكول تقديره الجتهاد قاضي املوضوع ،مما يستمده من حالة الواقعة و ظروفها بالنظر للوسط الذى وقعت فيه و درجة الحضارة التى كان عليها ذلك الوسط ،و غاية املشرع من هذا حماية االداب و محاربة الرذيلة و صيانة الجمهورية من ان يقع نظره ىلع مشهد مغاير لالداب و بذلك.
-
ثانيا :ال لزوم للبحث هل ان الجانى قد ارتكب فعلته عن شهوة او ىلع سبيل االنتقام او بسبب االنحطاط الخلقى بل يكفي ان يكون ىلع بينة من ان فعلته هو ما تأباه االخالق الفاضلة .
-
ثالثا :وقوع ذلك الفعل عالنية بان يُرتكَب الفعل املخل بالحياء يف ظروف يُستفاد منها انه يمكن أن يكون عاما أو ان ذلك الفعل قد ارتُكِب بمكان خاص بمحضر شخص واحد مميز بدون رضاه "قرار تعقيبي جزائي عدد 288 يف 18أوت ."1976
24
االعتداء ىلع األخالق الحميدة يكون االعتداء ىلع األخالق الحميدة بـ: .1
اإلشارة،
.2
القول،
.3
مضايقة الغير بوجه مخل بالحياء.
لقيام جريمة االعتداء ىلع األخالق الحميدة يجب أن يكون الفعل قد تم بمكان عام بما يحقق شرط العلنية. وقد اعتبرت محكمة التعقيب" أن أي مكان وضع ىلع ذمة العموم يبقى عاما ولو تواجد به شخصان" -قرار تعقيبي جزائي عدد 65154يف 13مارس ) - (1996وأن يف خصوص جريمة االعتداء ىلع األخالق الحميدة بالقول ،فإنها ال تنهض إال "بالتنصيص ىلع العبارات و األلفاظ التي تحمل ما هو مستنكر من القول" -قرار تعقيبي جزائي عدد 15382يف 08جانفي) - ) 1986ويمكن سحب الشرط األخير ىلع نفس الجريمة باإلشارة وبمضايقة الغير بوجه مخل بالحياء ،ذلك أنه يجب أن يقع تحديد اإلشارة أو الفعل الذي ضايق الغير بوجه مخل بالحياء للتأكد من أن ذلك القول أو تلك اإلشارة أو ذلك الفعل يشكل جريمة الفصل 226مكرر.
اللواط أو السحاق جريمة اللواط أو السحاق تفترض وجود عالقة جنسية بين ذكرين أو أنثيين بالغين وبرضائهما ،ىلع اعتبار أنه يف صورة انعدام الرضاء فإن جريمة االغتصاب ،عمال بالفصل 227هي التي تكون منطبقة ،متى توفر شرط اإليالج ومهما كانت الوسيلة وليس بالضرورة أن تكون الوسيلة عضوا ذكريا .25
و عادة ما يستعمل الفحص الشرجي إلثبات جريمة اللواط ،أما جريمة السحاق فتثبت بجميع الوسائل ،ىلع اعتبار أن الفحص الشرجي ال يمكن أن يثبت تلك الجريمة.
جريمة البغاء السري تفترض توفر ركنين أساسيين وهما ركن تعوّد بيع العرض للرجال والركن الثاني املتمم لألول وهو قبض مقابل أي مبلغ مالي مقابل ذلك البيع -قرار تعقيبي جزائي 48419يف 17جانفي. 1995
26
خصائص الجرائم األخالقية أغلب الجرائم التي توصف بكونها أخالقية تتميز بكونها جرائم مفتوحة وهي خاصية تشترك فيها مع جرائم أمن الدولة الداخلي والخارجي. والجريمة املفتوحة هي تلك الجريمة التي تعتمد عبارات فضفاضة ويختلف تأويلها عادة باختالف املكان والزمان. إن عبارات مثل فحش وأخالق حميدة ومخل بالحياء هي عبارات يمكن أن تستوعب أفعاال أو أقواال غير قابلة للتحديد ،بما يعطي للقاضي سلطة كبيرة يف تبيان ما يمثل فعال مجرما ،بحسب مرجعيته األخالقية أو عرف املكان ،بما يمكن أن يمس بمبدأين دستوريين :أوال املساواة بين جميع املواطنين واملواطنات أمام القانون وأمام القضاء كمرفق عام ،وشرعية الجرائم والعقوبات الذي يمنع ىلع القاضي التوسع يف تأويل النص الجزائي ويفرض ىلع املشرع الدقة يف صياغة النصوص، وبمبدأ التوقع املشروع ثانيا. إن وجود مثل تلك النصوص يمكن أن يشكل خطرا ىلع الحقوق والحريات ،خاصة يف مادة جزائية تستوجب التضييق قدر اإلمكان ىلع كل التجاوزات املمكنة وأحاطها دستور الجمهورية األولى ودستور الجمهورية الثانية بضمانات هامة، كقرينة البراءة ومبدأ املساواة ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات واملحاكمة العادلة ومنع التعذيب ،ليمنع كل تسلط أو انتهاك لتلك الحقوق والحريات ووضع ضوابط وحدود لكل قانون يمكن أن يحد منها ،بأن منع املساس بجوهر تلك الحقوق والحريات وأن تحترم تلك القوانين مبدأ التناسب والضرورة التي تفرضها دولة مدنية ديمقراطية ،عمال بالفصل 49من دستور جانفي .2014
27
وإضافة إلى القيمة الدستورية لتلك املبادئ فقد تضمنت عديد االتفاقيات والنصوص الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية التزامات تعلو القانون من حيث القيمة إذا كانت مصادقا عليها وموافقا عليها عمال بالفصل 20من الدستور.
28
.IVالجوانب اإلجرائية
29
اثبات جريمة الفصل 230من املجلة الجزائية ال شك أن إثبات الجريمة يقع ىلع عاتق جهة االدعاء عادة وهي النيابة العمومية كما يقع ىلع عاتق قاضي التحقيق واملحكمة البحث عن أدلة اإلدانة والبراءة . وتكون جميع وسائل اإلثبات مقبولة بشرط احترام مبدأ املشروعية والنزاهة اإلجرائية عند جمعها وذلك قصد التوصل إلى الحقيقة القضائية وتوقيع العقاب املناسب متى ثبت ارتكابها . الفحص الشرجي: تثير مسألة إثبات جريمة اللواط عدة إشكاليات ،ضرورة أن أغلب املحاكم تتجه إلى إثبات تلك الجريمة من خالل الفحص الشرجي الذي يقع إجراؤه بواسطة خبراء بقسم الطب الشرعي إلثبات حصول اإليالج يف دبر من مارس اللواط السلبي. وتعود أهم هذه اإلشكاليات إلى تأكيد عديد املختصين ىلع أن النتيجة املتحصل عليها من خالل الفحص الشرجي ال تثبت بما ال يدع مجاال للشك ارتكاب الشخص الذي عُرض ىلع االختبار لتلك الجريمة .والحال أنه من املستقر عليه فقها وقضاء أن األحكام يف املادة الجزائية تُبنى ىلع الجزم واليقين ال ىلع الشك والتخمين. وتطرح ىلع الباحثين أيضا مسألة رفض الخضوع للفحص الشرجي ومدى تأثير ذلك ىلع إثبات وقوع الجريمة ،خاصة أن محكمة التعقيب قد تراجعت عن موقفها السابق ( )2016من جديد بالقول بأن رفض الخضوع للتحليل يعد قرينة ىلع استهالك املواد املخدرة بموجب قرارها املؤرخ يف 19مارس 2019تحت عدد .48098 تجدر اإلشارة هنا إلى أن التوجه القضائي يف قضايا املخدرات يمكن أن يكون مؤسَّسا ىلع اعتبار أن تلك الجرائم ال تثبت بغير تلك الوسيلة ،إضافة إلى أن املحاكم ال تكتفي عادة بقرينة الرفض إلثبات جريمة االستهالك وإنما تعقبها بقرائن أخرى 30
تتمثل يف ثبوت مسك املتهم أو بقية املتهمين املرافقين له ملادة مخدرة وثبوت تعاطيهم لتلك املادة مثلما هو األمر بالنسبة للقرار التعقيبي املشار إليه .أما يف خصوص جريمة اللواط ،فإن االثبات فيها يمكن أن يكون بغير تلك الوسائل العلمية، خاصة أنه كما سبق القول فإن الوسيلة العلمية ال تثبت حصول الجريمة بشكل قطعي. كما أن املشرع ،ملا أراد تجريم رفض الخضوع للتحاليل ،قد تدخل صراحة ،بموجب الفصل 87-5من مجلة الطرقات ،وسلّط العقاب املناسب ىلع من يرفض الخضوع إلجراءات إثبات الحالة الكحولية. أما بالنسبة لرفض الخضوع للتحليل الجيني ،فاملشرع لم يعتبرها قرينة ىلع قيام رابطة األبوة ،وأنه ىلع املحكمة أن تبُتّ باالعتماد ىلع ما يتوفر لديها من قرائن متعددة ومتظافرة وقوية ومنضبطة ،عمال بأحكام الفصل 3مكرر من القانون عدد 75لسنة 1998املؤرخ 28أكتوبر 1998املتعلق بإسناد لقب عائلي لألطفال املهملين أو مجهولي النسب أو اتمامها. وإضافة إلى ما سبق بيانه فإنه ولئِن كان من حق املحكمة أن تعتمد جميع وسائل االثبات املمكنة نفيا أو إثباتا فإنه يجب عليها احترام مبدأ مشروعية االثبات والنزاهة االجرائية وحق املتهم يف عدم إجباره ىلع الشهادة ضد نفسه و املتفرع عن قرينة البراءة ،ذلك أنه ال يمكن مثال للطبيب الفاحص أن يجبر املتهم بجريمة اللواط ىلع الخضوع لذلك الفحص وإال اعتبر ذلك االجراء باطال ملخالفته للمبادئ املذكورة.
31
التفتيش والحجز: ومن اجراءات البحث املعتمدة يف إثبات جرائم الفصل 230من املجلة الجزائية التفتيش والحجز ،وتعتبر تلك ال اجراءات استثناء لبعض الحقوق الدستورية كحرمة املسكن وسرية املراسالت واالتصاالت والحياة الخاصة عمال بالفصل 24من دستور الجمهورية الثانية والتي يجب أن تحترم مقتضيات الفصل 49منه وبالتحديد مبدأ التناسب وأن يكون وضعها لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير ،أو ملقتضيات األمن العام ،أو الدفاع الوطني ،أو الصحة العامة ،أو اآلداب العامة. وبغاية احترام مقتضيات الفصل 49املذكور آنفا عند وضع تلك االستثناءات جعل املشرع من التفتيش والحجز اجراءات يختص بها قاضي التحقيق دون سواه ،عدى يف صورة الجنحة أو الجناية املتلبس بها عمال بالفصل 94من مجلة االجراءات الجزائية يف خصوص التفتيش كما وضع ضوابط لتفتيش محالت السكنى عمال بالفصلين 95و 96من املجلة املذكورة. وتكون الجناية أو الجنحة متلبسا بها: -
أوال :إذا كانت مباشرة الفعل يف الحال أو قريبة من الحال.
-
ثانيا :إذا طارد الجمهور ذا الشبهة صائحا وراءه أو وجد هذا األخير حامال ألمتعة أو وجدت به آثار أو عالمات تدل ىلع احتمال إدانته ،بشرط وقوع ذلك يف زمن قريب جدا من زمن وقوع الفعلة. وتشبه الجناية أو الجنحة املتلبس بها كل جناية أو جنحة اقترفت بمحل سكنى استنجد صاحبه بأحد مأموري الضابطة العدلية ملعاينتها ولو لم يحصل ارتكابها يف الظروف املبينة بالفقرة السابقة.
32
ويشترط لتطبيق مقتضيات الفصل 94من مجلة االجراءات الجزائية أن يكون التلبس واقعا وثابتا وإال اعتبر اجراء التفتيش باملحالت السكنية من غير قاضي التحقيق باطال وهو ذات الجزاء يف صورة عدم احترام الضوابط املتعلقة بالتوقيت وباصطحاب امرأة أمينة عمال بالفصلين 95و 96من املجلة املذكورة.
اإلجراءات أمام باحث البداية عرفت اإلجراءات أمام باحث البداية يف القانون التونسي تطورا هاما منذ تنقيح مجلة االجراءات الجزائية بموجب القانون عدد 5لسنة 2016املؤرخ يف 16فيفري 2016وذلك بعد أن أصبح قرار االحتفاظ مخوال فقط لوكيل الجمهورية دون سواه ولم يعد لباحث البداية حق االحتفاظ باملظنون فيه دون الحصول ىلع إذن يترك أثرا كتابيا. كما أنه أصبح من حق املحامين الحضور أمام باحث البداية لنيابة املظنون فيهم أو املحتفظ بهم أو املتضررين ،اضافة إلى حق االختالء باملنوب املحتفظ به ملدة نصف ساعة ،ولم يستثنى من ذلك سوى املحتفظ بهم يف قضية إرهابية ،إذ تقرر حرمان املحامي من زيارته واعالن نيابته يف حقه ملدة 48ساعة من تاريخ بداية االحتفاظ. و فُرض ىلع باحث البداية إعالم املظنون فيه بحقه يف انابة محام ويف طلب عرضه ىلع الفحص الطبي ويف إعالم أحد أفراد عائلته أو أي شخص يختاره املحتفظ به و غير ذلك من الحقوق.
33
بطالن اإلجراءات اقتضى الفصل 199من مجلة االجراءات الجزائية أنه "تبطل كل األعمال واألحكام املنافية للنصوص املتعلقة بالنظام العام أو للقواعد اإلجرائية األساسية أو ملصلحة املتهم الشرعية .والحكم الذي يصدر بالبطالن يعين نطاق مرماه". النظام العام واإلجراءات األساسية ومصلحة املتهم الشرعية هي من املفاهيم األكثر غموضا وقد اختلف الفقه والقضاء يف تحديد مدلولها. إن تحديد حاالت البطالن ليس أمرا هينا ،خاصة بالنسبة لتحديد اإلجراء الّذي يمسّ بقواعد النّظام العامّ أو أحكام اإلجراءات األساسيّة ،فهي مفاهيم صعبة التّعريف ن وتعطي للقاضي يف هذا اإلطار سلطة تقديريّة واسعة .وقد أكد جزء من الفقه أ ّ أساس فكرة النّظام العامّ هي املصلحة العامّة وهذا األساس متغيّر حسب مفهوم كلّ دولة لفكرة املصلحة العامّة وحدودها بداية ونهاية ،لكن قد ال يكفي األخذ باملصلحة العامّة دون االعتماد ىلع ما يوليه املجتمع لبعض القيم كحقوق الدّفاع واملساواة بين املتقاضين من األهمية ،إذ ال بدّ للقاضي أن يتحلّى بما يجب من س لتبين ما هو من النّظام العامّ وما هي القيمة املحميّة ودرجة تعلّق املجتمع الح ّ بها. وأمّا بالنسبة لإلجراءات األساسيّة ،أو الشّكل الجوهري ،فهي تتمثل يف تلك األشكال األساسيّة الّتي ،ولو سكت القانون عنها ،فإنه ال يمكن فهم وجود وأساس العمل بدونها ،فهي بهذا املعنى تلك األشكال الّتي تعطي العمل صفته املميّزة وطبيعته ،والّتي بدونها يمكن تقريبا القول بأنّ العمل غير موجود ،وتدليال ىلع ذلك وتبسيطا للفكرة ضرب أحد الفقهاء مثال يتعلق باالستدعاء الذي يكون خاليا من بيان اسم املطلوب أو موضوع التهمة أو صفته كشاهد أو كمظنون فيه ،فيما أكد 34
جزء من الفقه أنها ترتبط بحسن سير اإلجراءات ىلع خالف النّظام العامّ الّذي يرتبط بحسن سير تنظيم العدالة ،وهي تتبوأ درجة بين مصلحة الخصوم والنظام العام. ولئن كانت صياغة الفصل 199من م .إ .ج .ال تميز بين البطالن الوجوبي والبطالن االختياري ،وجعلت البطالن وجوبيا سواء كان اإلخالل ماسا بالنظام العام واإلجــــراءات األساسية أو بمصلحة املتهم الشرعية ،فقد أكد جزء من الفقه أن بطالن اإلجراء يكون وجوبيا إذا تعلق بالنظام العام واختياريا إذا تعلق بمصلحة املتهم الشرعية ،ذلك أن املتّهم ال يمكن أن يطلب بطالن العمل اإلجرائي لضرر شخصي إالّ إذا أثبت الخلل الّذي أصابه والضّرر والعالقة السّببيّة بين هذا وذاك ،وتأثير الخلل ىلع وجدان القاضي ،فالخلل يف هذه الحالة يجب أن يتعلّق بمصلحة املتّهم أي بجانب من جوانب حقّ الدّفاع دون املساس بطبيعة العمل ومميّزاته ،وهو ما يؤدي إلى فهم مفاده أن حق الدفاع يتعلق بمصلحة املتهم الشرعية ،إال أن ذلك التقسيم يخالف صريح الفصل املذكور الذي لم يميز بين حاالت البطالن -بخالف الفصل 14من م .م .م .ت -وجعل البطالن يف كل األحوال وجوبيا. أما بالنسبة لنطاق البطالن فإن الحكم يحدد نطاق مرماه ،فيمكن أن يبطل محضر السماع أو محضر االستجواب دون أن تبطل كل اإلجراءات .فإذا كان البطالن مؤثرا يمس كامل اإلجراءات قضت املحكمة ببطالن اإلجراءات بما يؤدي إلى اخالء سبيل املتهم حتى وإن كان مذنبا لو نظرت املحكمة يف أصل النزاع ،وإن كان البطالن غير مؤثر سوى يف أحد املحاضر ال غير يمكن للمحكمة استبعاده واستعمال غيره إلدانة املتهم أو الحكم يف شأنه بعدم سماع الدعوى. وإضافة إلى البطالن الجوهري كما أورده الفصل 199السابق ذكره والذي يعطي للمحكمة سلطة تقديرية واسعة يف تحديد اإلجراء الباطل وما يمكن أن يمثل مساسا بالنظام العام واالجراءات األساسية ومصلحة املتهم الشرعية فقد رتب 35
املشرع ىلع عدم احترام موجبات الفصلين 13مكرر جديد و 155جديد من مجلة االجراءات الجزائية بطالن ذلك اإلجراء ،وذلك من خالل عدم إعالم املظنون فيه بحقوقه القانونية من قبل باحث البداية بالنسبة للفصل 13مكرر ومن خالل إبطال االقوال واالعترافات والتصريحات إذا ثبت أنها صدرت نتيجة التعذيب.
36
37