دليل قانوني عملي حول الاجراءات الجزائية المتعلقة بأهم الجرائم الموجهة ضد أفراد LGBTQI+/مجتمع الم-ع

Page 1

‫دليل قانوني عملي حول االجراءات‬

‫الجزائية املتعلقة بأهم الجرائم املوجهة ضد أفراد‬ ‫مجتمع الم‪-‬ع‪LGBTQI+ /‬‬


‫الفهرس‬ ‫تقديم املشروع ‪4 ......................................................................................................‬‬ ‫تقديم الدليل ‪5 ..........................................................................................................‬‬ ‫‪.I‬‬

‫املصادر املعتمدة ‪7 ...................................................................‬‬ ‫الدستور ‪8 ....................................................................................................................‬‬ ‫أهم النصوص الدولية ‪10 ............................................................................................‬‬ ‫االعالن العاملي لحقوق االنسان ‪10....................................................................‬‬ ‫العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية ‪10...................................‬‬ ‫امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ‪13 ................................................‬‬ ‫اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو‬ ‫الالإنسانية أو املهينة ‪14....................................................................................‬‬ ‫اتفاقية حقوق الطفل‪15 .....................................................................................‬‬ ‫اتفاقية القضاء ىلع جميع أشكال التمييز ضد املرأة ‪15 .................................‬‬

‫‪.II‬‬

‫يف عدم مطابقة الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية التونسية‬

‫ألحكام دستور ‪ 2014‬واالتفاقيات الدولية املصادق عليها ‪17..............................‬‬ ‫يف عدم تطابق الفصل ‪ 230‬مع مبدأ حماية الحياة الخاصة‪18 .......................... :‬‬ ‫يف عدم تطابق الفصل ‪ 230‬مع مبدأ حماية الذات البشرية وحرمة الجسد‪19 :‬‬ ‫يف عدم تطابق الفصل ‪ 230‬مع مبدأ عدم التمييز‪20 ........................................ :‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪.III‬‬

‫أهم الجرائم األخالقية يف املجلة الجزائية التونسية ‪23.......‬‬

‫التجاهر عمدا بفحش ‪24 ...........................................................................................‬‬ ‫جريمة التجاهر عمدا بفحش تفترض توفر ثالثة شرط لقيامها‪24.............. :‬‬ ‫االعتداء ىلع األخالق الحميدة ‪25 ...........................................................................‬‬ ‫اللواط أو السحاق ‪25 ..................................................................................................‬‬ ‫جريمة البغاء السري ‪26 .............................................................................................‬‬ ‫خصائص الجرائم األخالقية ‪27 ..................................................................................‬‬ ‫‪.IV‬‬

‫الجوانب اإلجرائية‪29.................................................................‬‬ ‫اثبات جريمة الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية ‪30 ..................................................‬‬ ‫الفحص الشرجي‪30 ............................................................................................ :‬‬ ‫التفتيش والحجز‪32 ............................................................................................ :‬‬ ‫اإلجراءات أمام باحث البداية ‪33 ...............................................................................‬‬ ‫بطالن اإلجراءات ‪34 ...................................................................................................‬‬

‫‪3‬‬


‫تقديم املشروع‬ ‫"توانسة كيفكم" هو مشروع مشترك بين املنظمة الدولية "محامون بال حدود" و‬ ‫الجمعيتين التونسيتين "دمج" الجمعية التونسية للعدالة واملساواة و "الجمعية‬ ‫التونسية للدفاع عن الحريات الفردية"‪ .‬يهدف مشروع "توانسة كيفكم" إلى‬ ‫املساهمة يف مناهضة جميع أشكال العنف والتمييز املسلطة ىلع مجتمع الم‪-‬ع‪/‬‬ ‫‪ LGBTQI+‬يف تونس‪.‬‬ ‫يتمحور املشروع حول ثالثة أهداف محددة ومترابطة‪/1 :‬تسهيل التوصل إلى خدمات‬ ‫املساعدة القانونية املتناسبة مع احتياجات الفئات املستهدفة؛ ‪ /2‬تعزيز قدرات‬ ‫منظمات املجتمع املدني ىلع الدعوة املشتركة ملناصرة و تأييد الحريات الفردية؛‬ ‫‪ /3‬التأثير ىلع السياسات العامة من خالل حمالت تحسيسية تستهدف الجمهور‬ ‫العام‪.‬‬ ‫تتجلى خدمات املساعدة القانونية أساسا يف االستشارات القانونية املقدمة بصفة‬ ‫دورية أو استعجالية‪ ،‬و القيام باإلجراءات القانونية الضرورية للدفاع ىلع حقوق‬ ‫الفئات املستهدفة أمام املحاكم الجنائية‪ ،‬االدارية‪ ،‬املدنية و غيرها‪.‬‬ ‫و من أجل تقديم هذه الخدمات ىلع أحسن وجه‪ ،‬يأتي هذا الدليل كمُكمّل للدورات‬ ‫التدريبية التي تم توفيرها للمحاميات و املحامين و التي غطت جزءا هاما من‬ ‫املصطلحات و املفاهيم املتعلقة بمجتمع الم‪-‬ع‪ LGBTQI+ /‬يف سياقه التونسي‬ ‫و الدولي‪ ،‬املقاربة النفسية التي يتعين ىلع املحاميات و املحامين تبنيها عند‬ ‫تقديم خدماتهم ألفراد مجتمع الم‪-‬ع‪ ،+LGBTQI /‬و االطار القانوني الدولي و‬ ‫الوطني من الناحيتين النظرية و العملية‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫تقديم الدليل‬ ‫يتضمن هذا الدليل أوال تذكيرا باملعايير الدولية و االقليمية املصادق عليها‪ ،‬اضافة‬ ‫إلى أهم النصوص الدستورية التي من شأنها أن تكفل حماية و ممارسة الحقوق و‬ ‫الحريات الفردية ألفراد مجتمع الم‪-‬ع‪ +LGBTQI /‬باعتبارهم أشخاصا كاملي‬ ‫املواطنة‪.‬‬ ‫يستعرض الدليل ثانيا عرضا لنقاط تعارض الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية التونسية‬ ‫مع أحكام دستور ‪ 2014‬واالتفاقيات الدولية املصادق عليها‪ ،‬قبل أن يتطرق ألهم‬ ‫الجرائم األخالقية التي يت م استعمالها ضد الفئات املستهدفة‪ ،‬خصائصها و االجراءات‬ ‫الجزائية املتعلقة بها‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫املادة ‪ 12‬من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان ‪:‬‬

‫ال يجوز تعريضُ أحد لتدخُّل تعسُّفي يف حياته الخاصة أو‬ ‫يف شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسالته‪ ،‬وال لحمالت تمسُّ‬ ‫ن‬ ‫شرفه وسمعته ‪.‬ولكل شخص حقٌّ يف أن يحميه القانو ُ‬ ‫من مثل ذلك التدخُّل أو تلك الحمالت‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫‪ .I‬املصادر املعتمدة‬

‫‪7‬‬


‫الدستور‬ ‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 20‬املعاهدات املوافق عليها من قبل املجلس النيابي واملصادق‬ ‫عليها‪ ،‬أىلع من القوانين وأدنى من الدستور‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 21‬املواطنون واملواطنات متساوون يف الحقوق والواجبات‪ ،‬وهم‬ ‫سواء أمام القانون من غير تمييز‪ .‬تضمن الدولة للمواطنين واملواطنات‬ ‫الحقوق والحريات الفردية والعامّة‪ ،‬وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 22‬الحق يف الحياة مقدس‪ ،‬ال يجوز املساس به إال يف حاالت‬ ‫قصوى يضبطها القانون‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 23‬تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد‪ ،‬وتمنع‬ ‫التعذيب املعنوي واملادي‪ .‬وال تسقط جريمة التعذيب بالتقادم‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ – 24‬تحمي الدولة الحياة الخاصة‪ ،‬وحرمة املسكن‪ ،‬وسرية‬ ‫املراسالت واالتصاالت واملعطيات الشخصية‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 27‬املتهم بريء إلى أن تثبت إدانته يف محاكمة عادلة تُكفل له‬ ‫فيها جميع ضمانات الدفاع يف أطوار التتبع واملحاكمة‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 28‬العقوبة شخصية‪ ،‬وال تكون إال بمقتضى نص قانوني سابق‬ ‫الوضع‪ ،‬عدا حالة النص األرفق باملتهم‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 29‬ال يمكن إيقاف شخص أو االحتفاظ به إال يف حالة التلبس أو‬ ‫بقرار قضائي‪ ،‬ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة املنسوبة إليه‪ ،‬وله أن ينيب‬ ‫محاميا ‪.‬وتحدد مدة اإليقاف واالحتفاظ بقانون‪.‬‬

‫‪o‬‬

‫الفصل ‪- 49‬‬

‫يحدّد القانون الضوابط املتعلقة بالحقوق والحريات‬

‫املضمونة بهذا الدستور وممارستها بما ال ينال من جوهرها ‪.‬وال توضع هذه‬ ‫الضوابط إال لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية‬ ‫حقوق الغير‪ ،‬أو ملقتضيات األمن العام‪ ،‬أو الدفاع الوطني‪ ،‬أو الصحة العامة‪،‬‬ ‫‪8‬‬


‫أو اآلداب العامة‪ ،‬وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها ‪.‬‬ ‫وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك ‪.‬ال يجوز‬ ‫ألي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق اإلنسان وحرياته املضمونة يف‬ ‫هذا الدستور‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫الفصل ‪ - 108‬لكل شخص الحق يف محاكمة عادلة يف أجل معقول‪،‬‬ ‫واملتقاضون متساوون أمام القضاء ‪.‬حق التقاضي وحق الدفاع مضمونان‪،‬‬ ‫وييسر القانون اللجوء إلى القضاء ويكفل لغير القادرين ماليا اإلعانة العدلية‪.‬‬ ‫ويضمن القانون التقاضي ىلع درجتين ‪.‬جلسات املحاكم علنية إال إذا‬ ‫اقتضى القانون سريتها وال يكون التصريح بالحكم إال يف جلسة علنية‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫أهم النصوص الدولية‬ ‫االعالن العاملي لحقوق االنسان‬ ‫املادة الخامسة ‪:‬‬ ‫ال يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو الحاطَّة‬ ‫بالكرامة‪.‬‬ ‫العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‬ ‫املادة الرابعة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫يف حاالت الطوارئ االستثنائية التي تتهدد حياة األمة‪ ،‬واملعلن قيامها‬ ‫رسميا‪ ،‬يجوز للدول األطراف يف هذا العهد أن تتخذ‪ ،‬يف أضيق الحدود‬ ‫التي يتطلبها الوضع‪ ،‬تدابير ال تتقيد بااللتزامات املترتبة عليها بمقتضى‬ ‫هذا العهد‪ ،‬شريطة عدم منافاة هذه التدابير لاللتزامات األخرى املترتبة‬ ‫عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها ىلع تمييز يكون مبرره‬ ‫الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو األصل االجتماعي‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫ال يجيز هذا النص أي مخالفة ألحكام املواد ‪ 6‬و ‪ 7‬و ‪ 8‬الفقرتين ‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪11‬و‬ ‫‪15‬و ‪ 16‬و ‪.18‬‬

‫‪10‬‬


‫‪.3‬‬

‫ىلع أية دولة طرف يف هذا العهد استخدمت حق عدم التقيد أن تعلم‬ ‫الدول األطراف األخرى فورا‪ ،‬عن طريق األمين العام لألمم املتحدة‪ ،‬باألحكام‬ ‫التي لم تتقيد بها وباألسباب التي دفعتها إلى ذلك ‪.‬وعليها‪ ،‬يف التاريخ‬ ‫الذي تنهى فيه عدم التقيد‪ ،‬أن تعلمها بذلك مرة أخرى وبالطريق ذاته‪.‬‬

‫املادة السابعة ‪:‬‬ ‫ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة‬ ‫بالكرامة ‪.‬وىلع وجه الخصوص‪ ،‬ال يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية ىلع أحد‬ ‫دون رضاه الحر‪.‬‬ ‫املادة الرابعة عشر‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫الناس جميعا سواء أمام القضاء‪ .‬ومن حق كل فرد‪ ،‬لدى الفصل يف أية تهمة‬ ‫جزائية توجه إليه أو يف حقوقه والتزاماته يف أية دعوى مدنية‪ ،‬أن تكون‬ ‫قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية‪،‬‬ ‫منشأة بحكم القانون‪ .‬ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور املحاكمة‬ ‫كلها أو بعضها لدواعي اآلداب العامة أو النظام العام أو األمن القومي يف‬ ‫مجتمع دي مقراطي‪ ،‬أو ملقتضيات حرمة الحياة الخاصة ألطراف الدعوى‪ ،‬أو‬ ‫يف أدنى الحدود التي تراها املحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية‬ ‫يف بعض الظروف االستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة‪ ،‬إال أن أي حكم يف‬ ‫قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية‪ ،‬إال إذا كان األمر‬ ‫يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خالف ذلك أو كانت الدعوى تتناول‬ ‫خالفات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية ىلع أطفال‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم‬ ‫قانونا‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫‪.3‬‬

‫لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر يف قضيته‪ ،‬وىلع قدم املساواة‬ ‫التامة‪ ،‬بالضمانات الدنيا التالية‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫أن يتم إعالمه سريعا وبالتفصيل‪ ،‬وفى لغة يفهمها‪ ،‬بطبيعة‬ ‫التهمة املوجهة إليه وأسبابها‪،‬‬

‫ب‪ .‬أن يعطى من الوقت ومن التسهيالت ما يكفيه إلعداد دفاعه‬ ‫ولالتصال بمحام يختاره بنفسه‪،‬‬ ‫ج‪ .‬أن يحاكم دون تأخير ال مبرر له‪،‬‬ ‫د‪.‬‬

‫أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام‬ ‫من اختياره‪ ،‬وأن يخطر بحقه يف وجود من يدافع عنه إذا لم يكن‬ ‫له من يدافع عنه‪ ،‬وأن تزوده املحكمة حكما‪ ،‬كلما كانت مصلحة‬ ‫العدالة تقتضي ذلك‪ ،‬بمحام يدافع عنه‪ ،‬دون تحميله أجرا ىلع‬ ‫ذلك إذا كان ال يملك الوسائل الكافية لدفع هذا األجر‪،‬‬

‫ه‪.‬‬

‫أن يناقش شهود االتهام‪ ،‬بنفسه أو من قبل غيره‪ ،‬وأن يحصل‬ ‫ىلع املوافقة ىلع استدعاء شهود النفي بذات الشروط‬ ‫املطبقة يف حالة شهود االتهام‪،‬‬

‫و‪.‬‬

‫أن يزود مجانا بترجمان إذا كان ال يفهم أو ال يتكلم اللغة‬ ‫املستخدمة يف املحكمة‪،‬‬

‫ز‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫أال يكره ىلع الشهادة ضد نفسه أو ىلع االعتراف بذنب‪.‬‬

‫يف حالة األحداث‪ ،‬يراعى جعل اإلجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة‬ ‫العمل ىلع إعادة تأهيلهم‪.‬‬

‫‪.5‬‬

‫لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء‪ ،‬وفقا للقانون‪ ،‬إلى محكمة أىلع كيما‬ ‫تعيد النظر يف قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه‪.‬‬

‫‪.6‬‬

‫حين يكون قد صدر ىلع شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة‪ ،‬ثم ابطل‬ ‫هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه ىلع أساس واقعة جديدة أو واقعة‬

‫‪12‬‬


‫حديثة االكتشاف تحمل الدليل القاطع ىلع وقوع خطأ قضائي‪ ،‬يتوجب‬ ‫تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك اإلدانة‪ ،‬وفقا للقانون‪ ،‬ما‬ ‫لم يثبت أنه يتحمل‪ ،‬كليا أو جزئيا‪ ،‬املسئولية عن عدم إفشاء الواقعة‬ ‫املجهولة يف الوقت املناسب‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫ال يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب ىلع جريمة سبق أن أدين‬ ‫بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون ولإلجراءات الجنائية يف كل‬ ‫بلد‪.‬‬

‫امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‬ ‫املادة الثانية ‪:‬‬ ‫يتمتع كل شخص بالحقوق والحريات املعترف بها واملكفولة فى هذا امليثاق دون‬ ‫تمييز خاصة إذا كان قائما ىلع العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين‬ ‫أو الرأى السياسى أو أى رأي آخر‪ ،‬أو املنشأ الوطني أو االجتماعي أو الثروة أو املولد أو‬ ‫أى وضع آخر‪.‬‬ ‫املادة السابعة ‪:‬‬ ‫حق التقاضي مكفول للجميع ويشمل هذا الحق‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫الحق يف اللجوء إلى املحاكم الوطنية املختصة بالنظر فى عمل يشكل‬ ‫خرقا للحقوق األساسية املعترف له بها‪ ،‬والتي تتضمنها االتفاقيات‬ ‫والقوانين واللوائح والعرف السائد‪،‬‬

‫ب‪ .‬اإلنسان برئ حتى تثبت إدانته أمام محكمة مختصة‪،‬‬ ‫ج‪ .‬حق الدفاع بما فى ذلك الحق فى اختيار مدافع عنه‪،‬‬ ‫د‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫حق محاكمته خالل فترة معقولة وبواسطة محكمة محايدة‪.‬‬


‫ه‪.‬‬

‫ال يجوز إدانة شخص بسبب عمل أو امتناع عن عمل ال يشكل جرما يعاقب‬ ‫عليه القانون وقت ارتكابه‪ ،‬وال عقوبة إال بنص‪ ،‬والعقوبة شخصية‪.‬‬

‫اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو‬ ‫الالإنسانية أو املهينة‬ ‫املادة األولى‪:‬‬ ‫يقصد« بالتعذيب »أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ‪،‬جسديا كان أم عقليا‪،‬‬ ‫يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص‪ ،‬أو من شخص ثالث‪ ،‬ىلع‬ ‫معلومات أو ىلع اعتراف ‪،‬أو معاقبته ىلع عمل ارتكبه أو يشتبه يف انه ارتكبه‬ ‫‪،‬هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو ارغامه هو أو أي شخص ثالث ‪ -‬أو عندما يلحق مثل‬ ‫هذا األلم أو العذاب ألى سبب يقوم ىلع التمييز أيا كان نوعه‪ ،‬أو يحرض عليه أو‬ ‫يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية وال‬ ‫يتضمن ذلك األلم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو املالزم لهذه‬ ‫العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫اتفاقية حقوق الطفل‬ ‫املادة الثانية‪:‬‬ ‫تحترم الدول األطراف الحقوق املوضحة يف هذه االتفاقية وتضمنها لكل طفل‬ ‫يخضع لواليتها دون أي نوع من أنواع التمييز‪ ،‬بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه‬ ‫أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي‬ ‫أو غيره أو أصلهم القومي أو اإلثني أو االجتماعي‪ ،‬أو ثروتهم‪ ،‬أو عجزهم‪ ،‬أو مولدهم‪،‬‬ ‫أو أي وضع آخر‪.‬‬ ‫تتخذ الدول األطراف جميع التدابير املناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال‬ ‫التمييز أو العقاب القائمة ىلع أساس مرآز والدي الطفل أو األوصياء القانونيين عليه‬ ‫أو أعضاء األسرة‪ ،‬أو أنشطتهم أو آرائهم املعبر عنها أو معتقداتهم‪.‬‬ ‫اتفاقية القضاء ىلع جميع أشكال التمييز ضد املرأة‬ ‫املادة الثانية‪:‬‬ ‫تشجب الدول األطراف جميع أشكال التمييز ضد املرأة‪ ،‬وتتفق ىلع أن تنتهج‪ ،‬بكل‬ ‫الوسائل املناسبة ودون إبطاء‪ ،‬سياسة تستهدف القضاء ىلع التمييز ضد املرأة‪،‬‬ ‫وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫إدماج مبدأ املساواة بين الرجل واملرأة يف دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها‬ ‫املناسبة األخرى‪ ،‬إذا لم يكن هذا املبدأ قد أدمج فيها حتى اآلن‪ ،‬وكفالة‬ ‫التحقيق العملي لهذا املبدأ من خالل التشريع وغيره من الوسائل‬ ‫املناسبة‪،‬‬

‫‪15‬‬


‫ب‪ .‬اتخاذ املناسب من التدابير‪ ،‬تشريعية وغير تشريعية‪ ،‬بما يف ذلك ما‬ ‫يناسب من جزاءات‪ ،‬لحظر كل تمييز ضد املرأة‪،‬‬ ‫ج‪ .‬فرض حماية قانونية لحقوق املرأة ىلع قدم املساواة مع الرجل‪ ،‬وضمان‬ ‫الحماية الفعالة للمرأة‪ ،‬عن طريق املحاكم ذات االختصاص واملؤسسات‬ ‫العامة األخرى يف البلد‪ ،‬من أي عمل تمييزي‪،‬‬ ‫د‪.‬‬

‫االمتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد املرأة‪ ،‬وكفالة‬ ‫تصرف السلطات واملؤسسات العامة بما يتفق وهذا االلتزام؛‬

‫ه‪.‬‬

‫اتخاذ جميع التدابير املناسبة للقضاء ىلع التمييز ضد املرأة من جانب أي‬ ‫شخص أو منظمة أو مؤسسة‪،‬‬

‫و‪.‬‬

‫اتخاذ جميع التدابير املناسبة‪ ،‬بما يف ذلك التشريعي منها‪ ،‬لتغيير أو‬ ‫إبطال القائم من القوانين واألنظمة واألعراف واملمارسات التي تشكل‬ ‫تمييزا ضد املرأة‪،‬‬

‫ز‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫إلغ اء جميع األحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد املرأة‪.‬‬


‫‪ .II‬يف عدم مطابقة‬ ‫الفصل ‪ 230‬من‬ ‫املجلة الجزائية‬ ‫التونسية ألحكام‬ ‫دستور ‪2014‬‬ ‫واالتفاقيات الدولية‬ ‫املصادق عليها‬ ‫‪17‬‬


‫يعد الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية نموذجا عن النصوص القانونية التي تتعارض‬ ‫صراحة مع نص و روح دستور ‪ 2014‬املبني أساسا ىلع مبدأ صون كرامة األفراد‬ ‫واحترام خصوصياتهم و حرمتهم و مع مختلف املعاهدات واملواثيق الدولية الرافضة‬ ‫للتمييز املبني ىلع امليول واالختيارات والتوجهات الجنسية لألفراد‪.‬‬

‫يف عدم تطابق الفصل ‪ 230‬مع مبدأ حماية الحياة‬ ‫الخاصة‪:‬‬ ‫يتعارض الفصل ‪ 230‬مع الفصل ‪ 24‬من الدستور واملادة ‪ 12‬من اإلعالن العاملي‬ ‫لحقوق اإلنسان واملادة ‪ 17‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية و السياسية‪.‬‬ ‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية فإننا نالحظ أن مجال انطباقه باألساس‬ ‫هو املجال الخاص (الحميمي) لألفراد وهو ما يجعل منهم مستهدفين بالتدخالت‬ ‫التعسفية يف مجال حياتهم الخاصة قصد التثبت من مدى حصول الفعل املجّرم‬ ‫(اللواط أو املساحقة)‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫يف عدم تطابق الفصل ‪ 230‬مع مبدأ حماية الذات‬ ‫البشرية وحرمة الجسد‪:‬‬ ‫يتعارض الفصل ‪ 230‬مع الفصل ‪ 23‬من الدستور و هو ما كانت أقرته كل من املادتين‬ ‫‪ 5‬من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان و ‪ 7‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية‬ ‫و السياسية‪.‬‬ ‫وبالرجوع للفصل ‪ 230‬وتطبيقاته نالحظ أنها تحط من كرامة الفرد خاصة عند اللجوء‬ ‫إلى إثبات األفعال املجرمة بمقتضاه عن طريق الفحوصات الطبية لألشخاص‬ ‫املشتبه بهم أو املتهمين بهذه األفعال‪ .‬وهو ما حدا باللجنة الخاصة لألمم املتحدة‬ ‫ملناهضة التعذيب إلى اعتبار فحوصات العذرية والفحوصات الشرجية من األفعال‬ ‫التي تدخل يف باب التعذيب وذلك يف تقريرها السنوي الصادر يف ‪ 3‬أكتوبر ‪.2014‬‬ ‫وأوصت اللجنة يف تقريرها بوجوب حظر هذه الفحوصات لضمان "االحترام الكامل‬ ‫لكرامة االنسان" وحرمة الجسد‪.1‬‬

‫‪ 1‬يجدر االشارة إلى أن املجلس الوطني لنقابة أطباء تونس أصدر بيانا يف ‪ 03‬أفريل ‪ ،2017‬اعتبر فيه أن‬ ‫ممارسة فحص العذرية أو الفحص الشرجي للتحقق من طبيعة املمارسات الجنسية للشخص أو تأكيدها‬ ‫دون موافقته الحرة واملستنيرة ‪ ،‬اعتداءا ىلع كرامته‪ ،‬و دعا األطباء إلى إبالغ األشخاص التي يتعين‬ ‫عليهم فحصهم بحقهم يف رفض مثل هذا الفحص‪ .‬كما أوصت لجنة األمم املتحدة ملناهضة التعذيب‬ ‫يف مالحظاتها الختامية ىلع التقرير الدوري الثالث لتونس (يونيو ‪ )2016‬بأن ىلع الدولة التونسية "إلغاء‬ ‫املادة ‪ 230‬من مجلة العقوبات‪ ،‬و التي تعاقب ىلع العالقات بين البالغين من نفس الجنس"‪ ،‬اضافة إلى‬ ‫حظر الفحوصات الطبية التي ليس لها أي مبرر طبي وال يمكن املوافقة عليها بطريقة حرة ومستنيرة من‬ ‫قبل األشخاص الذين يتعرضون لها‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫يف عدم تطابق الفصل ‪ 230‬مع مبدأ عدم التمييز‪:‬‬ ‫يتعارض الفصل ‪ 230‬مع الفصل ‪ 21‬من الدستور واملادة ‪ 7‬من اإلعالن العاملي لحقوق‬ ‫اإلنسان واملادة ‪ 2‬من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق املدنية والسياسية‬ ‫والحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬ ‫هذا املبدأ األساسي الذي يجعل من كل املواطنين واملواطنات متساوين يف‬ ‫الحقوق بقطع النظر عن اختالفاتهم بما فيها االنتماء لجنس ما‪ ،‬تمت قراءته يف‬ ‫فقه كل الهيئات الدولية املشرفة ىلع إنفاذ الصكوك الدولية ىلع انه يشمل أيضا‬ ‫منع التمييز ىلع أساس امليوالت الجنسية‪ .‬وهو ما أكدته صراحة لجنة الحقوق‬ ‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية يف مالحظتها العامة عدد ‪ 20‬لسنة ‪2009‬‬ ‫(الفقرة ‪ ) 27‬حيث أقرت أن عبارة "‪...‬غير ذلك من األسباب" يندرج يف إطارها التمييز‬ ‫ىلع أساس امليوالت الجنسية‪ .‬وكانت قد أكدت ذلك سابقا يف بعض الحقوق كمنع‬ ‫التمييز ىلع أساس امليول الجنسية يف مجال الشغل (املالحظة العامة للجنة‬ ‫الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية عدد ‪ 18‬فقرة ‪ 12‬ويف مجال الحق يف‬ ‫الصحة (املالحظة العامة عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 2002‬فقرة ‪(18‬‬ ‫نفس هذا التوجه أقرته لجنة مناهضة كل أشكال التمييز ضد املرأة يف املالحظة‬ ‫العامة عدد ‪ 28‬وقراءتها للفصل الثاني من املعاهدة والتي أقرت منع التمييز ىلع‬ ‫أساس امليول الجنسية‪.‬‬ ‫كذلك لجنة حقوق الطفل والتي قدمت توصيتها العامة عدد ‪ 4‬لسنة ‪ 2003‬معتبرة‬ ‫أن الفصل الثاني من معاهدة حقوق الطفل يشمل منع التمييز ىلع أساس‬ ‫التوجيهات أو امليول الجنسية‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫كذلك لجنة مناهضة كل أشكال التعذيب و املعامالت القاسية و الحاطة من الكرامة‬ ‫والتي أقرت نفس هذا التوجه يف مالحظتها العامة عدد ‪ 2‬لسنة ‪ 2008‬ويف قرار‬ ‫مجلس حقوق اإلنسان لألمم املتحدة عدد ‪ 17/1921‬بتاريخ ‪ 15‬جوان ‪ 2011‬عبر هذا‬ ‫األخير عن انزعاجه الشديد فيما يتعلق بالعنف املسلط ىلع األشخاص بسبب‬ ‫توجهاتهم الجنسية‪.‬‬ ‫أما اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان و الشعوب واستنادا إلى امليثاق اإلفريقي‬ ‫لحقوق اإلنسان والشعوب وتحديدًا املادة ‪ 2‬منه واملتعلقة بمنع التمييز‪ ،‬فقد أقرت‬ ‫وجود أقلية جنسية (املثليين) والتي تتعرض النتهاك حقوقها و للعنف (القرار عدد‬ ‫‪ 275‬الدورة العادية عدد ‪ 55‬انغوال من ‪ 28‬افريل إلى ‪ 12‬ماي(‪.‬‬ ‫وبالنظر يف الفصل ‪ 21‬من الدستور‪ ،‬فإن عبارة منع التمييز جاءت ىلع إطالقها‪ .‬ويف‬ ‫قراءة لها متوائمة مع الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان والشرعة اإلفريقية‪ ،‬تكون قراءة‬ ‫منع التمييز بصورة واسعة لتشمل التوجيهات أو امليول الجنسية‪ .‬ويكون الفصل ‪230‬‬ ‫من املجلة الجزائية يف تعارض واضح مع مبدأ منع التمييز‪ ،‬بل انه يكرس التمييز‬ ‫بين املواطنين واملواطنات ىلع أساس امليول الجنسية ويجعل من هذا االختالف‬ ‫فعال مجّرما ويحد بذلك من الحقوق والحريات دونما انسجام مع فصول الدستور‬ ‫وأحكامه‪.‬‬ ‫يف تعارض الفصل ‪ 230‬مع أحكام الفصل ‪ 49‬من الدستور املتعلق بالحدود‬ ‫املفروضة ىلع الحقوق والحريات‪:‬‬ ‫يجرم الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية االختيارات أو التصرفات الحميمية للفرد والتي‬ ‫يمارسها يف فضائه الخاص ىلع نحو ال يتعارض مع أي من القيود املفروضة‬ ‫دستوريا‪ .‬فنظرا لكون الفعل سلوكًا رضائيًا‪ ،‬فهو ال يلحق إذًا أي أذى بالغير ويمارس‬ ‫يف الفضاء الخاص فال عالقة له باآلداب العامة وليس من شانه أن يمس ال باألمن‬ ‫‪21‬‬


‫العام وال بالصحة العامة ويكون منعه وتجريمه متعارضين مع مقومات الدولة‬ ‫املدنية والديمقراطية والتي تقوم أساسا ىلع احترام اختيارات الفرد وصون كرامته‬ ‫وحرمته‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫‪ .III‬أهم الجرائم‬ ‫األخالقية يف‬ ‫املجلة الجزائية‬ ‫التونسية‬

‫‪23‬‬


‫التجاهر عمدا بفحش‬ ‫جريمة التجاهر عمدا بفحش تفترض توفر ثالثة شرط لقيامها‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أوال ‪:‬فعل مادى يخل بالحياء ومغاير لآلداب العامة او تقتضي االخالق و‬ ‫االداب العامة التستر عند ارتكابه سواء اكان الفعل يف ذاته مشروعا او غير‬ ‫مشروع معاقب عليه او غير معاقب عليه‪ ،‬و بذلك فهو امر اعتباري موكول‬ ‫تقديره الجتهاد قاضي املوضوع‪ ،‬مما يستمده من حالة الواقعة و ظروفها‬ ‫بالنظر للوسط الذى وقعت فيه و درجة الحضارة التى كان عليها ذلك‬ ‫الوسط‪ ،‬و غاية املشرع من هذا حماية االداب و محاربة الرذيلة و صيانة‬ ‫الجمهورية من ان يقع نظره ىلع مشهد مغاير لالداب و بذلك‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫ثانيا ‪:‬ال لزوم للبحث هل ان الجانى قد ارتكب فعلته عن شهوة او ىلع‬ ‫سبيل االنتقام او بسبب االنحطاط الخلقى بل يكفي ان يكون ىلع بينة‬ ‫من ان فعلته هو ما تأباه االخالق الفاضلة ‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫ثالثا ‪:‬وقوع ذلك الفعل عالنية بان يُرتكَب الفعل املخل بالحياء يف ظروف‬ ‫يُستفاد منها انه يمكن أن يكون عاما أو ان ذلك الفعل قد ارتُكِب بمكان‬ ‫خاص بمحضر شخص واحد مميز بدون رضاه "قرار تعقيبي جزائي عدد ‪288‬‬ ‫يف ‪ 18‬أوت ‪."1976‬‬

‫‪24‬‬


‫االعتداء ىلع األخالق الحميدة‬ ‫يكون االعتداء ىلع األخالق الحميدة بـ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫اإلشارة‪،‬‬

‫‪.2‬‬

‫القول‪،‬‬

‫‪.3‬‬

‫مضايقة الغير بوجه مخل بالحياء‪.‬‬

‫لقيام جريمة االعتداء ىلع األخالق الحميدة يجب أن يكون الفعل قد تم بمكان عام‬ ‫بما يحقق شرط العلنية‪.‬‬ ‫وقد اعتبرت محكمة التعقيب" أن أي مكان وضع ىلع ذمة العموم يبقى عاما ولو‬ ‫تواجد به شخصان"‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 65154‬يف‪ 13‬مارس )‪ - (1996‬وأن يف‬ ‫خصوص جريمة االعتداء ىلع األخالق الحميدة بالقول‪ ،‬فإنها ال تنهض إال‬ ‫"بالتنصيص ىلع العبارات و األلفاظ التي تحمل ما هو مستنكر من القول" ‪ -‬قرار‬ ‫تعقيبي جزائي عدد ‪ 15382‬يف ‪ 08‬جانفي)‪ - ) 1986‬ويمكن سحب الشرط األخير‬ ‫ىلع نفس الجريمة باإلشارة وبمضايقة الغير بوجه مخل بالحياء‪ ،‬ذلك أنه يجب أن‬ ‫يقع تحديد اإلشارة أو الفعل الذي ضايق الغير بوجه مخل بالحياء للتأكد من أن ذلك‬ ‫القول أو تلك اإلشارة أو ذلك الفعل يشكل جريمة الفصل ‪ 226‬مكرر‪.‬‬

‫اللواط أو السحاق‬ ‫جريمة اللواط أو السحاق تفترض وجود عالقة جنسية بين ذكرين أو أنثيين بالغين‬ ‫وبرضائهما‪ ،‬ىلع اعتبار أنه يف صورة انعدام الرضاء فإن جريمة االغتصاب‪ ،‬عمال‬ ‫بالفصل ‪ 227‬هي التي تكون منطبقة‪ ،‬متى توفر شرط اإليالج ومهما كانت الوسيلة‬ ‫ وليس بالضرورة أن تكون الوسيلة عضوا ذكريا ‪.‬‬‫‪25‬‬


‫و عادة ما يستعمل الفحص الشرجي إلثبات جريمة اللواط‪ ،‬أما جريمة السحاق فتثبت‬ ‫بجميع الوسائل‪ ،‬ىلع اعتبار أن الفحص الشرجي ال يمكن أن يثبت تلك الجريمة‪.‬‬

‫جريمة البغاء السري‬ ‫تفترض توفر ركنين أساسيين وهما ركن تعوّد بيع العرض للرجال والركن الثاني‬ ‫املتمم لألول وهو قبض مقابل أي مبلغ مالي مقابل ذلك البيع ‪ -‬قرار تعقيبي جزائي‬ ‫‪48419‬يف ‪ 17‬جانفي‪. 1995‬‬

‫‪26‬‬


‫خصائص الجرائم األخالقية‬ ‫أغلب الجرائم التي توصف بكونها أخالقية تتميز بكونها جرائم مفتوحة وهي‬ ‫خاصية تشترك فيها مع جرائم أمن الدولة الداخلي والخارجي‪.‬‬ ‫والجريمة املفتوحة هي تلك الجريمة التي تعتمد عبارات فضفاضة ويختلف تأويلها‬ ‫عادة باختالف املكان والزمان‪.‬‬ ‫إن عبارات مثل فحش وأخالق حميدة ومخل بالحياء هي عبارات يمكن أن تستوعب‬ ‫أفعاال أو أقواال غير قابلة للتحديد‪ ،‬بما يعطي للقاضي سلطة كبيرة يف تبيان ما‬ ‫يمثل فعال مجرما‪ ،‬بحسب مرجعيته األخالقية أو عرف املكان‪ ،‬بما يمكن أن يمس‬ ‫بمبدأين دستوريين‪ :‬أوال املساواة بين جميع املواطنين واملواطنات أمام القانون‬ ‫وأمام القضاء كمرفق عام‪ ،‬وشرعية الجرائم والعقوبات الذي يمنع ىلع القاضي‬ ‫التوسع يف تأويل النص الجزائي ويفرض ىلع املشرع الدقة يف صياغة النصوص‪،‬‬ ‫وبمبدأ التوقع املشروع ثانيا‪.‬‬ ‫إن وجود مثل تلك النصوص يمكن أن يشكل خطرا ىلع الحقوق والحريات‪ ،‬خاصة‬ ‫يف مادة جزائية تستوجب التضييق قدر اإلمكان ىلع كل التجاوزات املمكنة‬ ‫وأحاطها دستور الجمهورية األولى ودستور الجمهورية الثانية بضمانات هامة‪،‬‬ ‫كقرينة البراءة ومبدأ املساواة ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات واملحاكمة العادلة‬ ‫ومنع التعذيب‪ ،‬ليمنع كل تسلط أو انتهاك لتلك الحقوق والحريات ووضع ضوابط‬ ‫وحدود لكل قانون يمكن أن يحد منها‪ ،‬بأن منع املساس بجوهر تلك الحقوق‬ ‫والحريات وأن تحترم تلك القوانين مبدأ التناسب والضرورة التي تفرضها دولة مدنية‬ ‫ديمقراطية‪ ،‬عمال بالفصل ‪ 49‬من دستور جانفي ‪.2014‬‬

‫‪27‬‬


‫وإضافة إلى القيمة الدستورية لتلك املبادئ فقد تضمنت عديد االتفاقيات‬ ‫والنصوص الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية التزامات تعلو القانون من‬ ‫حيث القيمة إذا كانت مصادقا عليها وموافقا عليها عمال بالفصل ‪ 20‬من الدستور‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫‪ .IV‬الجوانب اإلجرائية‬

‫‪29‬‬


‫اثبات جريمة الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية‬ ‫ال شك أن إثبات الجريمة يقع ىلع عاتق جهة االدعاء عادة وهي النيابة العمومية‬ ‫كما يقع ىلع عاتق قاضي التحقيق واملحكمة البحث عن أدلة اإلدانة والبراءة ‪.‬‬ ‫وتكون جميع وسائل اإلثبات مقبولة بشرط احترام مبدأ املشروعية والنزاهة‬ ‫اإلجرائية عند جمعها وذلك قصد التوصل إلى الحقيقة القضائية وتوقيع العقاب‬ ‫املناسب متى ثبت ارتكابها ‪.‬‬ ‫الفحص الشرجي‪:‬‬ ‫تثير مسألة إثبات جريمة اللواط عدة إشكاليات‪ ،‬ضرورة أن أغلب املحاكم تتجه إلى‬ ‫إثبات تلك الجريمة من خالل الفحص الشرجي الذي يقع إجراؤه بواسطة خبراء بقسم‬ ‫الطب الشرعي إلثبات حصول اإليالج يف دبر من مارس اللواط السلبي‪.‬‬ ‫وتعود أهم هذه اإلشكاليات إلى تأكيد عديد املختصين ىلع أن النتيجة املتحصل‬ ‫عليها من خالل الفحص الشرجي ال تثبت بما ال يدع مجاال للشك ارتكاب الشخص‬ ‫الذي عُرض ىلع االختبار لتلك الجريمة ‪.‬والحال أنه من املستقر عليه فقها وقضاء‬ ‫أن األحكام يف املادة الجزائية تُبنى ىلع الجزم واليقين ال ىلع الشك والتخمين‪.‬‬ ‫وتطرح ىلع الباحثين أيضا مسألة رفض الخضوع للفحص الشرجي ومدى تأثير ذلك‬ ‫ىلع إثبات وقوع الجريمة‪ ،‬خاصة أن محكمة التعقيب قد تراجعت عن موقفها‬ ‫السابق (‪ )2016‬من جديد بالقول بأن رفض الخضوع للتحليل يعد قرينة ىلع‬ ‫استهالك املواد املخدرة بموجب قرارها املؤرخ يف ‪ 19‬مارس ‪ 2019‬تحت عدد ‪.48098‬‬ ‫تجدر اإلشارة هنا إلى أن التوجه القضائي يف قضايا املخدرات يمكن أن يكون مؤسَّسا‬ ‫ىلع اعتبار أن تلك الجرائم ال تثبت بغير تلك الوسيلة‪ ،‬إضافة إلى أن املحاكم ال‬ ‫تكتفي عادة بقرينة الرفض إلثبات جريمة االستهالك وإنما تعقبها بقرائن أخرى‬ ‫‪30‬‬


‫تتمثل يف ثبوت مسك املتهم أو بقية املتهمين املرافقين له ملادة مخدرة وثبوت‬ ‫تعاطيهم لتلك املادة مثلما هو األمر بالنسبة للقرار التعقيبي املشار إليه‪ .‬أما يف‬ ‫خصوص جريمة اللواط‪ ،‬فإن االثبات فيها يمكن أن يكون بغير تلك الوسائل العلمية‪،‬‬ ‫خاصة أنه كما سبق القول فإن الوسيلة العلمية ال تثبت حصول الجريمة بشكل‬ ‫قطعي‪.‬‬ ‫كما أن املشرع‪ ،‬ملا أراد تجريم رفض الخضوع للتحاليل‪ ،‬قد تدخل صراحة‪ ،‬بموجب‬ ‫الفصل ‪ 87-5‬من مجلة الطرقات‪ ،‬وسلّط العقاب املناسب ىلع من يرفض الخضوع‬ ‫إلجراءات إثبات الحالة الكحولية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لرفض الخضوع للتحليل الجيني‪ ،‬فاملشرع لم يعتبرها قرينة ىلع قيام‬ ‫رابطة األبوة‪ ،‬وأنه ىلع املحكمة أن تبُتّ باالعتماد ىلع ما يتوفر لديها من قرائن‬ ‫متعددة ومتظافرة وقوية ومنضبطة‪ ،‬عمال بأحكام الفصل ‪ 3‬مكرر من القانون عدد‬ ‫‪75‬لسنة ‪ 1998‬املؤرخ ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1998‬املتعلق بإسناد لقب عائلي لألطفال املهملين‬ ‫أو مجهولي النسب أو اتمامها‪.‬‬ ‫وإضافة إلى ما سبق بيانه فإنه ولئِن كان من حق املحكمة أن تعتمد جميع وسائل‬ ‫االثبات املمكنة نفيا أو إثباتا فإنه يجب عليها احترام مبدأ مشروعية االثبات‬ ‫والنزاهة االجرائية وحق املتهم يف عدم إجباره ىلع الشهادة ضد نفسه و املتفرع‬ ‫عن قرينة البراءة‪ ،‬ذلك أنه ال يمكن مثال للطبيب الفاحص أن يجبر املتهم بجريمة‬ ‫اللواط ىلع الخضوع لذلك الفحص وإال اعتبر ذلك االجراء باطال ملخالفته للمبادئ‬ ‫املذكورة‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫التفتيش والحجز‪:‬‬ ‫ومن اجراءات البحث املعتمدة يف إثبات جرائم الفصل ‪ 230‬من املجلة الجزائية‬ ‫التفتيش والحجز‪ ،‬وتعتبر تلك ال اجراءات استثناء لبعض الحقوق الدستورية كحرمة‬ ‫املسكن وسرية املراسالت واالتصاالت والحياة الخاصة عمال بالفصل ‪ 24‬من دستور‬ ‫الجمهورية الثانية والتي يجب أن تحترم مقتضيات الفصل ‪ 49‬منه وبالتحديد مبدأ‬ ‫التناسب وأن يكون وضعها لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية‬ ‫حقوق الغير‪ ،‬أو ملقتضيات األمن العام‪ ،‬أو الدفاع الوطني‪ ،‬أو الصحة العامة‪ ،‬أو اآلداب‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫وبغاية احترام مقتضيات الفصل ‪ 49‬املذكور آنفا عند وضع تلك االستثناءات جعل‬ ‫املشرع من التفتيش والحجز اجراءات يختص بها قاضي التحقيق دون سواه‪ ،‬عدى‬ ‫يف صورة الجنحة أو الجناية املتلبس بها عمال بالفصل ‪ 94‬من مجلة االجراءات‬ ‫الجزائية يف خصوص التفتيش كما وضع ضوابط لتفتيش محالت السكنى عمال‬ ‫بالفصلين ‪ 95‬و‪ 96‬من املجلة املذكورة‪.‬‬ ‫وتكون الجناية أو الجنحة متلبسا بها‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أوال ‪ :‬إذا كانت مباشرة الفعل يف الحال أو قريبة من الحال‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إذا طارد الجمهور ذا الشبهة صائحا وراءه أو وجد هذا األخير حامال‬ ‫ألمتعة أو وجدت به آثار أو عالمات تدل ىلع احتمال إدانته‪ ،‬بشرط وقوع‬ ‫ذلك يف زمن قريب جدا من زمن وقوع الفعلة‪.‬‬ ‫وتشبه الجناية أو الجنحة املتلبس بها كل جناية أو جنحة اقترفت بمحل‬ ‫سكنى استنجد صاحبه بأحد مأموري الضابطة العدلية ملعاينتها ولو لم‬ ‫يحصل ارتكابها يف الظروف املبينة بالفقرة السابقة‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫ويشترط لتطبيق مقتضيات الفصل ‪ 94‬من مجلة االجراءات الجزائية أن يكون التلبس‬ ‫واقعا وثابتا وإال اعتبر اجراء التفتيش باملحالت السكنية من غير قاضي التحقيق‬ ‫باطال وهو ذات الجزاء يف صورة عدم احترام الضوابط املتعلقة بالتوقيت‬ ‫وباصطحاب امرأة أمينة عمال بالفصلين ‪ 95‬و ‪96‬من املجلة املذكورة‪.‬‬

‫اإلجراءات أمام باحث البداية‬ ‫عرفت اإلجراءات أمام باحث البداية يف القانون التونسي تطورا هاما منذ تنقيح‬ ‫مجلة االجراءات الجزائية بموجب القانون عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ يف ‪ 16‬فيفري‬ ‫‪ 2016‬وذلك بعد أن أصبح قرار االحتفاظ مخوال فقط لوكيل الجمهورية دون سواه ولم‬ ‫يعد لباحث البداية حق االحتفاظ باملظنون فيه دون الحصول ىلع إذن يترك أثرا‬ ‫كتابيا‪.‬‬ ‫كما أنه أصبح من حق املحامين الحضور أمام باحث البداية لنيابة املظنون فيهم أو‬ ‫املحتفظ بهم أو املتضررين‪ ،‬اضافة إلى حق االختالء باملنوب املحتفظ به ملدة‬ ‫نصف ساعة‪ ،‬ولم يستثنى من ذلك سوى املحتفظ بهم يف قضية إرهابية‪ ،‬إذ تقرر‬ ‫حرمان املحامي من زيارته واعالن نيابته يف حقه ملدة ‪ 48‬ساعة من تاريخ بداية‬ ‫االحتفاظ‪.‬‬ ‫و فُرض ىلع باحث البداية إعالم املظنون فيه بحقه يف انابة محام ويف طلب‬ ‫عرضه ىلع الفحص الطبي ويف إعالم أحد أفراد عائلته أو أي شخص يختاره‬ ‫املحتفظ به و غير ذلك من الحقوق‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫بطالن اإلجراءات‬ ‫اقتضى الفصل ‪ 199‬من مجلة االجراءات الجزائية أنه "تبطل كل األعمال واألحكام‬ ‫املنافية للنصوص املتعلقة بالنظام العام أو للقواعد اإلجرائية األساسية أو ملصلحة‬ ‫املتهم الشرعية‪ .‬والحكم الذي يصدر بالبطالن يعين نطاق مرماه‪".‬‬ ‫النظام العام واإلجراءات األساسية ومصلحة املتهم الشرعية هي من املفاهيم‬ ‫األكثر غموضا وقد اختلف الفقه والقضاء يف تحديد مدلولها‪.‬‬ ‫إن تحديد حاالت البطالن ليس أمرا هينا‪ ،‬خاصة بالنسبة لتحديد اإلجراء الّذي يمسّ‬ ‫بقواعد النّظام العامّ أو أحكام اإلجراءات األساسيّة‪ ،‬فهي مفاهيم صعبة التّعريف‬ ‫ن‬ ‫وتعطي للقاضي يف هذا اإلطار سلطة تقديريّة واسعة‪ .‬وقد أكد جزء من الفقه أ ّ‬ ‫أساس فكرة النّظام العامّ هي املصلحة العامّة وهذا األساس متغيّر حسب مفهوم‬ ‫كلّ دولة لفكرة املصلحة العامّة وحدودها بداية ونهاية‪ ،‬لكن قد ال يكفي األخذ‬ ‫باملصلحة العامّة دون االعتماد ىلع ما يوليه املجتمع لبعض القيم كحقوق الدّفاع‬ ‫واملساواة بين املتقاضين من األهمية‪ ،‬إذ ال بدّ للقاضي أن يتحلّى بما يجب من‬ ‫س لتبين ما هو من النّظام العامّ وما هي القيمة املحميّة ودرجة تعلّق املجتمع‬ ‫الح ّ‬ ‫بها‪.‬‬ ‫وأمّا بالنسبة لإلجراءات األساسيّة‪ ،‬أو الشّكل الجوهري‪ ،‬فهي تتمثل يف تلك األشكال‬ ‫األساسيّة الّتي‪ ،‬ولو سكت القانون عنها‪ ،‬فإنه ال يمكن فهم وجود وأساس العمل‬ ‫بدونها‪ ،‬فهي بهذا املعنى تلك األشكال الّتي تعطي العمل صفته املميّزة‬ ‫وطبيعته‪ ،‬والّتي بدونها يمكن تقريبا القول بأنّ العمل غير موجود‪ ،‬وتدليال ىلع‬ ‫ذلك وتبسيطا للفكرة ضرب أحد الفقهاء مثال يتعلق باالستدعاء الذي يكون خاليا من‬ ‫بيان اسم املطلوب أو موضوع التهمة أو صفته كشاهد أو كمظنون فيه‪ ،‬فيما أكد‬ ‫‪34‬‬


‫جزء من الفقه أنها ترتبط بحسن سير اإلجراءات ىلع خالف النّظام العامّ الّذي يرتبط‬ ‫بحسن سير تنظيم العدالة‪ ،‬وهي تتبوأ درجة بين مصلحة الخصوم والنظام العام‪.‬‬ ‫ولئن كانت صياغة الفصل ‪ 199‬من م ‪.‬إ‪ .‬ج ‪.‬ال تميز بين البطالن الوجوبي والبطالن‬ ‫االختياري‪ ،‬وجعلت البطالن وجوبيا سواء كان اإلخالل ماسا بالنظام العام‬ ‫واإلجــــراءات األساسية أو بمصلحة املتهم الشرعية‪ ،‬فقد أكد جزء من الفقه أن‬ ‫بطالن اإلجراء يكون وجوبيا إذا تعلق بالنظام العام واختياريا إذا تعلق بمصلحة‬ ‫املتهم الشرعية‪ ،‬ذلك أن املتّهم ال يمكن أن يطلب بطالن العمل اإلجرائي لضرر‬ ‫شخصي إالّ إذا أثبت الخلل الّذي أصابه والضّرر والعالقة السّببيّة بين هذا وذاك‪ ،‬وتأثير‬ ‫الخلل ىلع وجدان القاضي‪ ،‬فالخلل يف هذه الحالة يجب أن يتعلّق بمصلحة املتّهم‬ ‫أي بجانب من جوانب حقّ الدّفاع دون املساس بطبيعة العمل ومميّزاته‪ ،‬وهو ما‬ ‫يؤدي إلى فهم مفاده أن حق الدفاع يتعلق بمصلحة املتهم الشرعية‪ ،‬إال أن ذلك‬ ‫التقسيم يخالف صريح الفصل املذكور الذي لم يميز بين حاالت البطالن‪ -‬بخالف‬ ‫الفصل ‪ 14‬من م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت ‪-‬وجعل البطالن يف كل األحوال وجوبيا‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لنطاق البطالن فإن الحكم يحدد نطاق مرماه‪ ،‬فيمكن أن يبطل محضر‬ ‫السماع أو محضر االستجواب دون أن تبطل كل اإلجراءات‪ .‬فإذا كان البطالن مؤثرا‬ ‫يمس كامل اإلجراءات قضت املحكمة ببطالن اإلجراءات بما يؤدي إلى اخالء سبيل‬ ‫املتهم حتى وإن كان مذنبا لو نظرت املحكمة يف أصل النزاع‪ ،‬وإن كان البطالن‬ ‫غير مؤثر سوى يف أحد املحاضر ال غير يمكن للمحكمة استبعاده واستعمال غيره‬ ‫إلدانة املتهم أو الحكم يف شأنه بعدم سماع الدعوى‪.‬‬ ‫وإضافة إلى البطالن الجوهري كما أورده الفصل ‪ 199‬السابق ذكره والذي يعطي‬ ‫للمحكمة سلطة تقديرية واسعة يف تحديد اإلجراء الباطل وما يمكن أن يمثل‬ ‫مساسا بالنظام العام واالجراءات األساسية ومصلحة املتهم الشرعية فقد رتب‬ ‫‪35‬‬


‫املشرع ىلع عدم احترام موجبات الفصلين ‪ 13‬مكرر جديد و‪ 155‬جديد من مجلة‬ ‫االجراءات الجزائية بطالن ذلك اإلجراء‪ ،‬وذلك من خالل عدم إعالم املظنون فيه‬ ‫بحقوقه القانونية من قبل باحث البداية بالنسبة للفصل ‪ 13‬مكرر ومن خالل إبطال‬ ‫االقوال واالعترافات والتصريحات إذا ثبت أنها صدرت نتيجة التعذيب‪.‬‬

‫‪36‬‬


37


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.