للنشر الفوري
تونس :يجب رفض مشروع قانون يهدف إلى تفكيك المجتمع المدني
قيود تعسّفية ورقابة حكومية مفرطة
(تونس 6 ،نوفمبر/تشرين الثاني – )2023قالت ثماني منظمات حقوقية اليوم ّ إن مشروع قانون الجمعيات المطروح أمام البرلمان التونسي والذي قدّمه 10أعضاء من البرلمان في 10أكتوبر /تشرين األول 2023 ويعرض الفضاء المدني من شأنه ،في حال إقراره بصيغته الحالية ،أن ينتهك الحق في حرية تكوين الجمعيات ّ في تونس للخطر. وسيح ّل مشروع القانون ،في حال إقراره ،مح ّل المرسوم عدد 88لسنة 2011المتعلّق بتنظيم الجمعيات، متنوع في أعقاب الثورة التونسية .ويهدّد مشروع القانون بصيغته والذي ُ سمح بموجبه بظهور مجتمع مدني ّ الحالية بإنهاء أكثر من عشر سنوات من األعمال والنشاطات التي قامت بها المجموعات المستقلة في تونس. ووفقا لما تفيد به بيانات رسمية ،يتجاوز عدد منظمات المجتمع المدني المس ّجلة حاليا لدى السلطات التونسية قر مشروع القانون 24ألفا ،وإن لم تتوفّر معلومات واضحة عن عدد المنظمات النشطة بينها .وفي حال أ ُ ّ بشكله الحالي ،فسيمنح الحكومة رقابةً مفرطةً على تشكيل ونشاط وتمويل المجموعات المستقلّة التي تمثّل اليوم أحد األثقال الموازنة القليلة المتبقية في وجه الحكم االستبدادي للرئيس قيس سعيّد. نص مشروع القانون يد ّعي الحفاظ على نظام التصريح عند تكوين جمعيات جديدة ،إالّ أنّه في في حين أن ّ الواقع يستحدث نظام تسجيل مقنّع ،يمنح سلطةً تقديرية إلدارة في رئاسة الحكومة لمنع المنظمة من حق العمل خالل شهر من تسلّم التصريح (الفصل .)2-9كما يمنح الحكومة ،من دون إجبارها على تقديم أي أسباب، القدرة على التقدّم بعريضة تطلب فيها إبطال اإلعالن إلى القضاء للفصل فيه (الفصل .)3-9 باإلضافة إلى ذلك ،لن يُسمح للمنظمات الجديدة بالعمل ما لم تنشر إدارة الجمعيات في رئاسة الحكومة إعالنا في "الرائد الرسمي" ،ما يترك االحتمال مفتوحا أمام رفض تسجيل الجمعية .في الوقت الحاضر ،وبموجب بمجرد قيام ممثلها بإخطار الرائد الرسمي المرسوم عدد 88لسنة ،2011يجوز للجمعية مباشرة العمل ّ بتسجيل الجمعية. وبموجب مشروع القانون ،ت ُلزم المنظمات الدولية بالحصول على ترخيص مسبق من الوزارة المكلّفة بالشؤون الخارجية قبل التسجيل (الفصالن 8و .)19ال يشير القانون إلى المعايير التي يمكن استخدامها لمنح التراخيص أو رفضها ،كما أنه ال يحدّد مهال نهائية لهذه العملية ،بل يمنح وزارة الخارجية صالحية منح التراخيص بصفة مؤقتة أو سحب التراخيص وتعليقها وفقا لتقديرها الخاص (الفصل .)20وبالتالي ،قد يت ّم رفض تسجيل المنظمات الدولية ألي سبب من األسباب ومن دون مراعاة األصول القانونية ،بحسب المنظمات الحقوقية. المقرر الخاص لألمم المتحدة المعني بالحق في حرية التج ّمع السلمي وتكوين في العام ،2012أوصى ّ الجمعيات في تقريره بشأن أفضل الممارسات المتعلقة بالحق في حرية تكوين الجمعيات باعتماد "إجراء التصريح" بدال من "إجراء الترخيص المسبق" الذي يقتضي الحصول على موافقة السلطات إلنـشاء جمعية وتنص المبادئ التوجيهية بشأن حرية تكوين الجمعيات وحرية التج ّمع في أفريقيا الصادرة ككيان قانوني ،كما ّ عن اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب على أن "يتم تنظيم التسجيل عبر التصريح بدالً من نظام
الترخيص حيث يتم افتراض الصفة القانونية عند استالم التصريح" وعلى أنّه "يتعين على الهيئة التي تتولّى تسجيل الجمعيات أن تؤدي وظائفها بحيادية ونزاهة". وينص مشروع القانون في خطوطه العريضة على أن تعمل الجمعيات وفق "ثوابت المرجعية الوطنية"، ّ وتلتزم "بعدم خرق القوانين المتعلقة باألخالق الحميدة" و"عدم اإلخالل باألمن العام" و"عدم النيل من وحدة التراب الوطني ومن النظام الجمهوري" و"عدم انتهاك السيادة الوطنية" .ومن الجدير باإلشارة إلى ّ أن هذه سفية وفضفاضة ،وبالتالي ال تمتثل لمبدأ الشرعية .نتيجةً لذلك ،تبقى اللغة المستخدمة مبهمة ،وغير دقيقة ،وتع ّ سفية أو إغالق هذه المفاهيم عرضةً لتفسيرات واسعة ومن الممكن أن تستخدمها السلطات لتبرير القيود التع ّ الجمعيات التي ال تروق لها ،بحسب المنظمات. صة "لإلشراف والرقابة" على ووفقا لمشروع القانون ،تتبع كل جمعية وطنية حسب نشاطها الوزارة المخت ّ أنشطتها ،فيما تختص اإلدارة العامة برئاسة الحكومة باإلشراف والرقابة على أنشطة المنظمات األجنبية (الفصل .)6وال يذكر مشروع القانون بصيغته الحالية ما تنطوي عليه عملية "اإلشراف والرقابة" المذكورة، ّ مخطط لها (الفصل .)13 ويلزم الجمعيات بإعالن اإلدارة بأي أنشطة ويعدّ مشروع القانون مثيرا للقلق فيما يتعلّق بالمراقبة أيضا بما أنّه يمنح السلطات صالحية تكوين قاعدة للمتطوعين في الجمعيات واألعمال التطوعية (الفصل .)14 بيانات ّ سر مقتضياته العديدة المبهمة بطريقة وإذا ما ت ّم إقرار مشروع القانون بصورته الحالية ،يجوز للسلطات أن تف ّ تعمل من خاللها على حظر الجمعيات أو حلّها .ويحجر مشروع القانون تأسيس الجمعيات على أسس دينية أو عرقية .باإلضافة إلى ذلكّ ، سر على أنه فإن اشتراط أن يكون النشاط في المجموعة "تطوعياً" يمكن أن يف ّ ّ وينص مشروع القانون من جهة أخرى حظر للعمل المأجور من قبل الجمعيات غير الربحية (الفصل .)2 ّ على أن تقوم رئاسة الحكومة بح ّل ك ّل الجمعيات ذات الخلفية أو الشبهة اإلرهابية "بصفة آلية" (الفصل ،)24 من دون أي مراجعة قضائية. يجمع النص أيضا وعلى نحو خطير بين الجمعيات والنقابات واالتحادات (الفصل )15التي تخضع بشكل منفصل حاليا لمجلة الشغل ،من دون تقديم أي ضمانات خاصة أو حماية كافية لحقوقها. يمنع مشروع القانون التمويل األجنبي للجمعيات الوطنية من دون موافقة مسبقة من رئاسة الحكومة (الفصل ،)18وتكون الجمعيات المخالفة لهذا المعيار عرضةً لتعليق نشاطها أو حلّها فورا (الفصل .)24 ويلزم مشروع القانون الجمعيات القائمة بـ"تصحيح" أوضاعها بما يتفق مع نصوصه في ظرف سنة من تاريخ صدوره. المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التج ّمع السلمي وتكوين الجمعيات في تقريره في العام ،2013أ ّكد ّ ّ على ّ يتجزأ من أن حصول منظمة المجتمع المدني على التمويل من مصادر محلية وأجنبية ودولية "جزء ال الحق في تكوين الجمعيات" .وعليهّ ، فإن إلزام الجمعيات بالحصول على موافقة مسبقة من الحكومة قبل تلقي سفيا في إعمال التمويل األجنبي ومن دون تحديد أسباب الرفض أمر يتنافى مع مبدأ الشرعية ويش ّكل تد ّخال تع ّ الحق في حرية تكوين الجمعيات.
وفقا ً للمادة 38من المبادئ التوجيهية بشأن حرية تكوين الجمعيات وحرية التج ّمع في أفريقيا ،ال يجوز للدول أن تشترط على الجمعيات الحصول على إذن قبل تلقي التمويل. ينص على ضمانات وإجراءات كافية لضمان حصول وقالت المنظمات إ ّن المرسوم عدد 88لسنة 2011 ّ مجموعات المجتمع المدني على التمويل بشفافية وبما يتوافق مع القانون .بيد ّ أن مقتضيات التمويل األجنبي كما ترد في مشروع القانون عرضة لسوء التطبيق ويمكن أن تستخدم لمعاقبة المنظمات التي تنتقد الحكومة ورفض تمويلها. في شهر فيفري/شباط ،2022ت ّم تسريب مشروع قانون حول الجمعيات أعدّته السلطة التنفيذية ووصفته ّ منظمات المجتمع المدني في تونس بالتقييدي ،لكونه يهدّد ضمانات حقوق اإلنسان .وبعد فترة وجيزة في 24 فيفري/شباط ،أعلن الرئيس سعيّد نيّته إصدار قانون "يمنع التمويل األجنبي للجمعيات" .وإزاء ذلك ،أعرب خبراء األمم المتحدة عن مخاوفهم حيال مشروع القانون آنذاك في بالغ إلى السلطات التونسية في أفريل/نيسان ،2022أجابت عنه الدولة التونسية في يونيو/حزيران ،2022مؤ ّكدة ً نيتها تعديل المرسوم عدد .88 ومنذ 25جويلية/تموز ،2021يعمل الرئيس سعيّد على تفكيك المؤسسات الديمقراطية في تونس ،وتقويض استقاللية القضاء ،وتضييق الخناق على ممارسة حرية التعبير ،وقمع المعارضة. تونس ملزمة باحترام ،وحماية ،وتعزيز ،وإعمال الحق في حرية تكوين الجمعيات ،المكفول بموجب المادة 22من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" ،والمادة 10من الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان ي قيود على ممارسة هذا الحق إال عندما تكون محد ّدة بنص القانون ،وأن والشعوب .وال يجوز أن ت ُفرض أ ّ تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي؛ أي باستخدام أق ّل الوسائل تقييدا وبما يعكس القيم األساسية للتعدّدية والتسامح. كما يجب أن تكون القيود "الضرورية" متناسبة؛ أي أنها متوازنة بعناية مع السبب المحدد لفرضها في المقام األول .وباإلضافة إلى ذلك ،ال يجوز أن تكون تمييزيةً ،بما في ذلك على أساس األصل القومي أو الرأي السياسي أو المعتقد. وقالت المنظمات ّ إن على السلطات التونسية االمتناع عن اعتماد مشروع القانون المقترح ،وبدال من ذلك، يجب أن تلتزم بضمان الحق في حرية تكوين الجمعيات على النحو المنصوص عليه في المرسوم عدد ،88 وبموجب القانون الدولي لحقوق اإلنسان الملزم لتونس ،كما يجب أن تضمن السلطات قدرة الجمعيات على مبرر لها. العمل دون تد ّخل سياسي ،أو ترهيب ،أو مضايقة ،أو قيود ال ّ المنظمات الموقّعة: .1أكسس ناو .2األورو-متوسطية للحقوق .3الخدمة الدولية لحقوق اإلنسان .4اللجنة الدولية للحقوقيين .5محامون بال حدود
.6معهد التحرير لسياسات الشرق األوسط .7المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب .8هيومن رايتس ووتش