Jama3at musala7a syria

Page 1

‫الجماعات السلفية املقاتلة‬ ‫في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫ورقة تحليلية‬


‫مركزعمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫مؤسسة بحثية مستقلة ذات دور رائد في البناء العلمي واملعرفي لسوريا دولة ومجتمعا وإنسانا‪ ،‬ترقى لتكون مرجعا لترشيد القرار السياس ي‬ ‫ولرسم االستراتيجيات‪.‬‬ ‫يعمل املركز كمؤسسة بحثية استراتيجية تسعى ألن تكون مرجعا أساسا ورافدا ّ‬ ‫لصناع القرار في سوريا في املجاالت السياسية واالقتصادية‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعية‪ .‬وينتج الدراسات املنهجية املنظمة التي تساند املسيرة العملية ملؤسسات الدولة واملجتمع‪ ،‬وتدعم آليات اتخاذ القرار‪ ،‬وتحقق‬ ‫التكامل املعلوماتي وترسم خارطة األولويات‪.‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫يمكن من وضع الخطط التي ّ‬ ‫يحقق‬ ‫تعتمد أبحاث املركز على الفهم الدقيق والعميق للواقع‪ ،‬ينتج عنه تحديد االحتياجات والتطلعات مما‬ ‫تنفيذها تلك االحتياجات‪.‬‬

‫املوقع اإللكتروني ‪www.OmranDirasat.org‬‬ ‫البريد اإللكتروني ‪info@OmranDirasat.org‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة ‪ 4102‬‬ ‫تاريخ النشر ‪4102 /5/42‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫جدول املحتويات‬

‫مدخل ‪4 ....................... ................................ ................................ ................................ ................................ ................................‬‬ ‫اإلسالمية "املوجهة إلى الدولة الوطنية" ‪3 .................................. ................................ ................................ ................................‬‬ ‫اإلسالمية "املوجهة إلى الخالفة العاملية" ‪5 ................................. ................................ ................................ ................................‬‬ ‫انعكاسات تدفق الجهاديين إقليميا ودوليا ‪2 .............................. ................................ ................................ ................................‬‬ ‫األردن ‪2 ................... ................................ ................................ ................................ ................................ ................................‬‬ ‫تركيا ‪2 ..................... ................................ ................................ ................................ ................................ ................................‬‬ ‫أوروبا ‪7 ................... ................................ ................................ ................................ ................................ ................................‬‬ ‫الصراع على " الخالفة العاملية" ‪7 ............... ................................ ................................ ................................ ................................‬‬ ‫االقتتال مع جبهة النصرة ‪8 .................. ................................ ................................ ................................ ................................‬‬

‫الصفحة ‪| 1‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫مدخل‬ ‫لم يكن الفضاء الثوري املُفعم بمفاهيم الحرية والديمقراطية ليسمح بفكر ّ‬ ‫حد ّي (سلفي أو غير سلفي) بالولوج في بداية‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫التدين التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحراك الثوري‪ ،‬وخاصة أن حالة ّ‬ ‫عبرت عنها العديد من القوى الشابة كانت تشير إلى رؤية أخرى‪ ،‬مغايرة‬ ‫تجاه العالم وتجاه اآلخر‪ ،‬مقارنة بالرؤى التقليدية‪ .‬لكن في املقابل كان النظام السوري في تصريحاته ُي ّ‬ ‫صر على كون‬ ‫السلفية املقاتلة تمثل القائد الفعلي للثورة لكي ّ‬ ‫يسوق لفكرة نزع الشرعية عن مطالب الثورة‪ ،‬فكانت ردة فعل الثوار‬ ‫تجاه مثل تلك االدعاءات إعالء هتافات مثل " ال إخوان وال سلفية‪ ،‬نحن بدنا الحرية"‪ .‬غير أنه مع الوقت ونتيجة للعنف‬ ‫املشحون برمزية طائفية تجاه الثوار واالضطرار إلى انتهاج العمل العسكري حيال بطش اآللة األمنية األسدية‪ ،‬برز مناخ‬ ‫جديد داخل البالد أخذ يعزز الظروف التي من خاللها عثرت القوى السلفية املقاتلة على موطئ قدم لها داخل املشهد‬ ‫اليومي للثورة‪.‬‬ ‫تسعى هذه الورقة إلى البحث في دور املجموعات السلفية املقاتلة في سوريا‪ ،‬عبر عرض مدخل بديل يعتمد على أصناف‬ ‫تحليلية تستند إلى السلوك السياس ي للجماعات القتالية اإلسالمية من خالل تقسيمها إلى مجموعتين أساسيتين‪:‬‬ ‫‪ ‬اإلسالمية "املوجهة إلى الدولة الوطنية"‬ ‫‪ ‬اإلسالمية "املوجهة إلى الخالفة العاملية"‬

‫الصفحة ‪| 2‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫اإلسالمية "املوجهة إلى الدولة الوطنية"‬ ‫ّ‬ ‫تعود الجذور التكوينية لهذه الجماعات إلى املناخ السياس ي واالجتماعي املحلي الساعي إلى تغيير التنظيم االجتماعي‬ ‫والسياس ي للدولة‪ .‬ولذلك فإن ما يميز هذه الجماعات رغم بعض املواقف التي تدعو لـ (تطبيق الشريعة) والتعبير عن‬ ‫برامجها بلغة املعجم اإلسالمي التقليدي‪ ،1‬هو أن مضمون خطابها يبقى حقيقة ذو أبعاد محلية يتمحور حول سوء إدارة‬ ‫الحاكم‪ .‬كما أن انتهاجها للعمل املسلح نابع بشكل رئيس ي عن حكايا االضطهاد والتعذيب والفساد‪ ،‬وهي مسائل لطاملا‬ ‫شكلت املرجعية األساسية للسرديات الليبرالية واليسارية تجاه التغيير السياس ي في العالم العربي‪.2‬‬ ‫وكمثال على هذه الحركات‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى ثالث نماذج أساسية برزت في الثورة السورية‪:‬‬ ‫األول‪ :‬يتمثل بالجبهة اإلسالمية السورية‬ ‫ويمكن وصفها بأنها حركة سلفية وطنية مقاتلة‪ ،‬وبالرغم من تحفظاتها العديدة على املسألة الديمقراطية‪ ،‬فإن قياداتها‬ ‫غالبا ما أبدت في أكثر من مناسبة عن استعدادها لتشكيل جسم سياس ي يشارك األحزاب السياسية األخرى في سوريا‬ ‫املستقبل‪ .3‬وهنا يمكن التأكيد أن الفكرة السياسية عندهم غير متبلورة بعد‪ ،‬وما زالت تتطور وتمش ي في اتجاهات‬ ‫متعددة نتيجة االعتراك مع الواقع من جهة‪ ،‬واملراجعات التأويلية للنصوص من جهة أخرى‪ .‬ولعل وصف هذه التحفظات‬ ‫بأنها غير مستقرة أو نهائية هو الوصف الصحيح‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬يتمثل بجيش املجاهدين‬ ‫وهو ما بات يمثل قوى متنامية أخذت تؤثر في صياغة خريطة القوى العسكرية في سوريا‪ ،‬ويعد نموذجا مختلفا عن‬ ‫ُ​ُ‬ ‫التكتالت والجبهات العسكرية اإلسالمية‪ ،‬باعتباره ال يمثل توجها سلفيا‪ ،‬كما أنه يتألف من ألوية ومقاتلين كثر منهم من‬ ‫كانوا طلبة جامعيين وموظفين مدنيين‪.‬‬ ‫ويميل التجمع كما عبر في بيانه األخير إلى بناء دولة العدل واملؤسسات‪ ،‬وهو مطمح ال يبتعد حقيقة عن املطالب املدنية‬ ‫والسياسية التي تنادي بها غالب التيارات السياسية املدنية في سوريا‪ ،4‬وهنا ال ّبد من التفريق بين خيار السياسات‬

‫‪ -1‬ملزيد من املعلومات يمكن االطالع على ما كتبه الباحث الفرنس ي املتخصص في الحركات االسالمية "فرانسوا بورغا" عن حق العودة إلى املعجم اإلسالمي في كتابه‪:‬‬ ‫“اإلسالم السياس ي في زمن القاعدة"‪ ،‬دار قدمس ‪.4112‬‬ ‫‪ - 2‬يروي معتقل سابق في سجن صيدنايا (فضل عدم ذكر اسمه) ممن ُع ِرف بقربه من جماعة حسان عبود‪ ،‬أن معظم السجناء االسالميين كان قد توصلوا في تلك األيام‬ ‫(‪ )4100-4117‬إلى نتيجة حتمية مفادها أن قتال النظام أمر ال مفر منه حال خروجهم من السجن بسبب التعذيب القاس ي واالهانة التي تعرضوا لها على امتداد فترة‬ ‫ّ‬ ‫محكومياتهم‪.‬‬ ‫‪ - 3‬نعومي دياث‪" :‬مستقبل السلفية املقاتلة بسوريا"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪.3-4103 ،‬‬ ‫‪ - 4‬وثيقة صدرت عن جيش املجاهدين بتاريخ ‪.4142/5/2‬‬ ‫الصفحة ‪| 3‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫االجتماعية وميل أمثال هذه الحركات إلى نمط محافظ أو محافظ جدا وربما مكبل‪ ...‬ال ّبد من التفريق بين هذا وبين‬ ‫القبول بفكرة العمل من خالل مؤسسات سياسية‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬االتحاد اإلسالمي ألجناد الشام‬ ‫وهو كيان إسالمي تشكل من اندماج مجموعة من الفصائل الجماهيرية والهيئات املدنية في سوريا‪ .‬وينطلق هذا الفصيل‬ ‫املقاتل من أن الشريعة االسالمية هي املصدر الوحيد للتشريع‪ ،‬مع مراعاة الواقع واملتغيرات في تطبيق الشريعة من‬ ‫ناحية‪" ،‬وضمان حرية االعتقاد واحترام التنوع الثقافي والفكري التي عاشتها البالد منذ الفتح االسالمي" من ناحية أخرى‪5.‬‬

‫والجدير بالذكر هو التطور اإليجابي في طريقة تفكير هذه الجماعات تجاه املحددات الوطنية‪ ،‬والذي يشير إلى صواب‬ ‫تصنيفنا لهذه الجماعات (الذي حدث أثناء إعداد الورقة)‪ ،‬واملتأتي من املراجعة للوظيفة السياسية والعسكرية لهذه‬ ‫الجماعات باإلضافة إلى تقييم املرحلة السابقة وتالفي سلبيات العمل والنهج املتبع‪ .‬وهذا ما تجلى في "ميثاق الشرف‬ ‫الثوري للكتائب املقاتلة"‪ ،6‬الذي صدر عن االتحاد اإلسالمي ألجناد الشام‪ ،‬فيلق الشام‪ ،‬جيش املجاهدين‪ ،‬الجبهة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ألوية الفرقان‪ .‬وفيما يلي أهم ما جاء في هذا البيان‪:‬‬ ‫‪ ‬يطرح هذا امليثاق محددات ضابطة للعمل الجهادي‪ ،‬حيث أكد على اإلطار الوطني للجهاد وحصره بالجغرافية‬ ‫السورية وباملقاتل السوري‪.‬‬ ‫‪ ‬يؤكد امليثاق على االلتحام واالندماج مع القاعدة الشعبية‪ ،‬انطالقا من قاعدة أن أي مشروع جهادي ينفصل‬ ‫عن قاعدته سينحسر ويتالش ى‪.‬‬ ‫‪ ‬ينطلق امليثاق من أن بلوغ الهدف العسكري للجماعات القتالية‪ ،‬واملتمثل بإسقاط النظام‪ ،‬هو البداية ألي‬ ‫مشروع جمعي‪.‬‬ ‫‪ ‬محددات امليثاق مستمدة من فقه الواقع وسياسة الدين واالبتعاد عن الغلو‪.‬‬ ‫‪ ‬حسم امليثاق قضية عدائه لـ (داعش) وحددها هدفا عسكريا للجماعات املقاتلة املوقعة على امليثاق‪ ،‬كونها‬ ‫تعتدي على السوريين ّ‬ ‫وتكفرهم‪.‬‬ ‫‪ ‬قدم امليثاق أجوبة للتساؤالت املثارة حول هوية الحراك الثوري وتوجهاته املستقبلية ورؤيته ملستقبل سوريا‪،‬‬ ‫وعالقته مع قوى الداخل والخارج‪ ،‬عبر تأكيد الهدف املحلي والهوية الوطنية‪.‬‬

‫‪ -5‬ميثاق االتحاد اإلسالمي ألجناد الشام ‪./http://www. ajnad-shamcom/%D9%85%D9%8A%D8%AB%D8%A7%D9%82%D9%86%D8%A7‬‬ ‫‪ - 6‬لالطالع على امليثاق راجع الرابط التالي‪http://www.elaph.com/Web/News/2014/5/905210.html :‬‬ ‫الصفحة ‪| 4‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫اإلسالمية "املوجهة إلى الخالفة العاملية"‬ ‫تتسم هذه الحركات داخل املشهد السوري بأنها ال تقبل االنضواء في أي من أطر الثورة‪ ،‬السياسية أو العسكرية‪ ،‬وهي في‬ ‫األصل‪ ،‬ال ّ‬ ‫تصنف نفسها حركات ثورية‪ ،‬إذ أن هدفها ورؤيتها عابرة للجغرافية السورية‪ .‬وحتى إذا كان ثمة بينها من ينظر‬ ‫يميز نفسه ّ‬ ‫إلى نفسه في سياق الجهد الرامي إلسقاط النظام‪ ،‬فإنه ّ‬ ‫أهداف أخرى ال تنسجم مع مطالب السوريين‬ ‫بادعاء‬ ‫ٍ‬

‫حول الحرية والكرامة واملساواة‪ .‬ويدخل في هذا التصنيف تنظيمي جبهة النصرة ألهل الشام والدولة اإلسالمية في‬ ‫العراق والشام‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد ال ّبد لنا من سرد جملة من االستنتاجات والتحليالت التي شكلت محددات هامة في تقيمننا للجماعات‬ ‫اإلسالمية املوجهة إلى الخالفة العاملية‪:‬‬ ‫‪ ‬منشأ هذه الجماعات هو منشأ غريب عن البيئة الشعبية السورية‪ ،‬في الفكر والبنية واإلمكانات‪.‬‬ ‫‪ ‬لم تظهر هذه الجماعات في سوريا إال بعد اندالع الثورة السورية بأشهر عدة‪ ،‬ولم تنشط ولم ُ‬ ‫تنم إلى هذه‬ ‫الدرجة‪ ،‬إال في املناطق «املحررة»‪ ،‬التي انتزعت من النظام بجهد غيرهم‪ ،‬واستغلوها ليفرضوا أيديولوجياتهم‬ ‫الصلبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬هذه الجماعات لم تظهر قط باعتبارها نتاجا للمجادالت‪ ،‬أو للحراكات الفكرية والسياسية في إطار الجماعات‬ ‫اإلسالمية في سوريا‪ ،‬أي أن تطورها غير طبيعي وألصقت نفسها في السياق الثوري‪.‬‬ ‫‪ ‬كان موقف الثورة الحيادي منها في البداية يستند إلى أمرين‪ :‬األول لم تطرح هذه الجماعات دفاعها عن الشعب‬ ‫مؤسسة لتطبيق نظريتها الخاصة في الحكم‪ ،‬بل كانت تقاتل صفا بصف مع الكتائب‬ ‫السوري كنقطة ِ‬ ‫العسكرية الثورية‪ ،‬واألمر الثاني كان موقف الثورة منها بمثابة ردة فعل على طائفية وحقد النظام الذي جلب‬ ‫إلى البالد مليشيات شيعية لتشارك جيشه في قمع الحراك الثوري‪.‬‬ ‫‪ ‬منذ أن ظهر تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام "داعش"‪ ،‬أصبحت الثورة الشعبية تعاني األمرين‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫ُسحقت باسم الحرب على اإلرهاب‪ ،‬بينما تركت داعش للعمل واستباحة الدماء وإدخال املفخخات وجلبها من‬ ‫العراق‪ ،‬وكأنها تحقق مآرب النظام في "ردكلة" الثورة وتحويل صورتها ملجموعات إرهابية وإمارات سلفية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬شكل موقف هذه الجماعات من ميثاق الشرف الثوري‪ ،‬عامال حاسما في توضيح اصطفافها العسكري‬ ‫والسياس ي وأهدافها العابرة للجغرافية السورية‪ ،‬واملمتدة منها لتصل العالم‪ .‬واملهم هنا ليس موقف داعش من‬ ‫امليثاق ألنها دأبت ومنذ دخولها الساحة السورية على قتال الجماعات األخرى وافتعال االختالفات معهم‬ ‫متبعين بذلك سياسة اإللغاء واالستحواذ الفردي‪ ،‬بل إن ما يثير االهتمام هو موقف جبهة النصرة الصريح عبر‬ ‫بيانها اإلعالمي رقم (‪ ،7)9‬الذي هاجمت فيه هذا امليثاق بتسع مؤاخذات‪ ،‬مؤكدة رفضها له داعية صراحة‬ ‫املهاجرين ألرض الشام ليسيحوا ويجاهدوا بها حتى إقامة الخالفة العاملية‪.‬‬ ‫‪ - 7‬لالطالع على البيان اإلعالمي رقم (‪ )9‬راجع الرابط التالي‪http://justpaste.it/fjdk :‬‬ ‫الصفحة ‪| 5‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫انعكاسات تدفق الجهاديين إقليميا ودوليا‬ ‫األردن‬ ‫على صعيد الساحة األردنية يبدو أن ما يثير قلق صانع القرار األردني يتركز أساسا على الجماعات القتالية العاملية‪ .‬ذلك‬ ‫أن الجيل األردني الجديد من الجهاديين األردنيين الذي يبلغ بحدود ‪ 4111‬مقاتل ويتبع ‪ %81‬منهم لجبهة النصرة‪ ،8‬بات‬ ‫يعطي األولوية للقضايا اإلقليمية واملحلية‪ ،‬بعكس الجيل السابق الذي أعلن قبل عقد عن إيمانه بجهاد عالمي‪ .‬ولذلك‬ ‫يتخوف البعض من أن النجاح الذي يعتقدون أنهم يحققونه في سوريا سوف يمنحهم زخما‪ .‬وغالب الظن أنه سيدفع بهم‬ ‫نحو السعي إلى تأدية دور سياس ي أكثر نشاطا في األردن‪ ،‬وقد يلجؤون إلى العنف ملعالجة املظالم التي تعاني منها‬ ‫مجتمعاتهم أو لفت االنتباه إلى احتياجاتهم‪ .‬وبرأي بعض املحليين فإن ما يؤكد هذه املخاوف أن الحرب في سوريا شكلت‬ ‫بالنسبة للقوى السلفية الجهادية األردنية تحوال مهما على الصعيد اإليديولوجي‪ ،‬من خالل التركيز على مقوالت "العدو‬ ‫القريب" مقارنة باإليديولوجية السابقة املتمحورة حول "العدو البعيد" والتي عبرت عنها أحداث الحادي عشر من أيلول‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى بذل البعض عدد من املحاوالت إلنشاء ما يسمونه "ديار التمكين" في سوريا‪ ،‬بهدف الحصول على حصن‬ ‫يستطيعون من خالله توسيع أنشطتهم باتجاه الداخل األردني إلعادة توحيد "بالد الشام" التي تشكل سوريا جزءا‬ ‫أساسيا منها على حد تعبيراتهم‪.9‬‬ ‫تركيا‬

‫ّ‬ ‫أما على مستوى حكومة تركيا‪ ،‬فيبدو أن تغيرا ما يجري داخل البالد يتعلق بتشكل بعض الجماعات السلفية املحلية‪،‬‬

‫ومحاولة هذه الجماعات لعب دور أوسع داخل سوريا‪ .‬وخاصة أنها ترى بأن تقسيم سوريا ما هو إال الخطوة األولى للنيل‬ ‫من الداخل التركي الذي يشهد كذلك حالة شبيهة لسوريا فيما يتعلق بالتعدد االثني واملطالب الالمركزية‪ ،‬وبالرغم من أن‬ ‫تاريخ املجال السياس ي لحكومة أنقرة لم يعرف سابقا بعدا جهاديا محليا‪ .‬وخاصة أن التفجيرات التي شهدتها استنبول‬ ‫عام ‪ 4113‬واستهدفت القنصلية البريطانية ومعبدين يهوديين‪ ،‬جرى تنفيذها من قبل جماعات أجنبية‪.‬‬ ‫بيد أنه مع تأصل العمل الجهادي في سوريا‪ ،‬أخذت تشير بعض التسريبات واملعلومات حول تواصل بات يجري بين بعض‬ ‫الشباب األتراك والجهات القائمة على تجنيد الجهاديين في سوريا‪ ،‬في مسعى منهم لتبني القضية‪ .10‬ولذلك بات يتم‬ ‫الحديث منذ قرابة العام‪ ،‬عن وجود مجموعات من املواطنين األتراك ذوي األصول الشيشانية أو من أبناء املناطق‬ ‫املحاذية لسوريا أخذت تعبر الحدود للمشاركة في القتال الدائر‪ ،‬وهو ما انعكس بشكل واضح داخل الشارع التركي عبر‬ ‫الجدال الذي حفزته وسائل اإلعالم التركية في أكثر من مناسبة إثر مقتل بعض هؤالء الشباب والعودة بجثامينهم إلى‬

‫‪ - 8‬ديفيد شنكر‪" :‬السلفيون الجهاديون يزدادون عددا في األردن" دراسة صادرة عن معهد واشنطن لسياسة الشرق األدنى ‪. www. washingtoninstitute.org‬‬ ‫‪ - 9‬منى علمي‪" :‬الجيل الجديد من املقاتلين الجهاديين األردنيين"‪ ،‬مؤسسة كارنيغي للسالم الدولي ‪ ،4102‬رابط الكتروني‪. /http://carnegieendowment.org :‬‬ ‫‪ - 10‬سونرجاغايتاي وآروني‪ .‬زيلين‪" :‬معضلة الجهاد في تركيا"‪ ،‬معهد واشنطن لسياسة الشرق األدنى‪ 4103،‬رابط الكتروني‪. www. washingtoninstitute.org :‬‬ ‫الصفحة ‪| 6‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫تركيا‪ .11‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن تركيا وبحكم موقعها الجغرافي تعمل كقناة بين الشرق األوسط وأوربا وما بعدها‪ .‬ولذلك‬ ‫فهي تخش ى أن أي رحالت جهادية عابرة للحدود تنشأ من سوريا سوف تتم على األرجح عبر تركيا التي تعد البوابة‬ ‫الوحيدة لسوريا تجاه أوروبا‪.‬‬ ‫أوروبا‬ ‫في هذه الظروف أصبح القلق في أوروبا من " العائدين" من سوريا يمثل ما يسمى "املوجة الثالثة" القادمة على الطريق‬ ‫بعد "املوجة األولى" التي جاءت من أفغانستان بعد ‪ 4110‬و"املوجة الثانية" التي جاءت من العراق بعد ‪ .4113‬ويشمل‬ ‫الدول األوربية التي عانت سابقا من اإلرهاب مثل بريطانيا وفرنسا وغيرها‪ ،‬ألن مئات املقاتلين األوربيين املوجودين في‬ ‫سوريا ال يحاربون في صفوف الجهات املعتدلة التي تدعمها الدول األوربية‪ ،‬بل في صفوف التنظيمات املتطرفة التي لها‬ ‫عالقة بتنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة وداعش‪.‬‬ ‫ومصدر القلق والشعور بالخطر هنا بحسب وجهة نظر دوائر صنع القرار األوربية‪ ،‬أنه كلما طال وجود هؤالء الشباب‬ ‫األوربيين في سوريا كلما زادت أفكارهم تطرفا وعداء للدول التي جاؤوا منها‪ .‬وقد وصل األمر إلى طرح خطة شاملة في‬ ‫فرنسا ملعالجة مشكلة الفرنسيين الذين توجهوا إلى سوريا للقتال‪ ،‬بحيث يبدأ التعامل مع املشكلة من اللحظة التي‬ ‫يشاهد فيها شخص ما فيديو "جهادي" في غرفته إلى اللحظة التي يركب فيها الحافلة نحو الحدود التركية السورية‪.‬‬ ‫والقيام بعدد من اإلجراءات اإلضافية‪ ،‬بينها خطة ملنع ُ‬ ‫الق ّ‬ ‫صر من مغادرة فرنسا وخاصة أن الجيل الجديد من املقاتلين‬ ‫أصغر سنا من األجيال السابقة التي عرفتها فرنسا‪ ،‬باإلضافة إلى تشديد الرقابة على املواقع االلكترونية التي تجند‬ ‫املقاتلين‪.12‬‬

‫الصراع على " الخالفة العاملية"‬ ‫عدة‪ ،‬لم تعد أخبار سوريا تخلو يوما من أخبار عن «داعش» ونمط نشاطها االحتاللي‪ ،‬وغالبا ال ّ‬ ‫منذ أشهر ّ‬ ‫تتحدث عن‬ ‫انتصاراتها على النظام السوري أو استهدافها وحدات جيش األسد‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬تقوم بالحديث عن معاركها مع باقي‬ ‫الكتائب املسلحة ذات الطابع الوطني أو العالمي‪.‬‬

‫‪ - 11‬مقابلة خاصة مع معد برامج في وكالة اخالص التركية‪.‬‬ ‫‪ - 12‬خطة فرنسية لردع "الجهاديين الفرنسيين" الجزيرة نت بتاريخ ‪http://www. aljazeera. net/news/pages/b44923f4-1d4c-4bc3-b5e9- 4102/2/44‬‬ ‫‪.fb679f885343‬‬ ‫الصفحة ‪| 7‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫ولعل التطور األهم برز مؤخرا من خالل اشتعال الحرب بين داعش وجبهة النصرة في دير الزور‪ ،‬في سابقة تش ي ّ‬ ‫بأن‬ ‫ٍ‬ ‫داعش أخذت تفتح الباب حول قضايا تتعلق بمنهجها ونفوذها داخل التنظيم العالمي الجهادي (القاعدة) مع الوكيل‬ ‫الرسمي لهذا التنظيم داخل سوريا املتمثل في شخصية أبو محمد الجوالني وجماعته في جبهة النصرة‪.‬‬ ‫االقتتال مع جبهة النصرة‬ ‫بدأت املشاحنات والخالفات بين «داعش» و «النصرة» مع بداية منتصف العام املنصرم‪ ،‬ويبدو ّ‬ ‫أن «الدولة» لم تقبل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مشروع ينضوي تحت مصلحة التنظيم األكبر‪ ،‬بسبب طموح داعش ي في تسلم‬ ‫الدخول بصفتها شريكا لـ «النصرة» في‬ ‫ٍ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقاليد األمور بالكامل ّ‬ ‫حد تطلب‬ ‫بحجة «تأخر النصر»‪ ،‬األمر الذي أدى إلى ارتفاع وتيرة املشاحنات بين الجماعتين إلى‬ ‫ّ‬ ‫ولي األمر األعلى ّ‬ ‫تدخل ّ‬ ‫لحل الخالف‪ ،‬فأصدر الظواهري بيانا مسجال معلنا فيه رفضه هذا التشكيل الوليد (داعش)‬ ‫واعتراضه على عدم استشارته فيه‪ ،‬وموضحا أن دولة العراق اإلسالمية هي ممثلة التنظيم في العراق‪ ،‬وأن النصرة‬ ‫ممثلته في سوريا‪.‬‬ ‫جاء ّرد «الدولة» على الظواهري عبر رفض حكمه والتنصل من إمرته‪ ،‬بل وصل إلى ّ‬ ‫حد تكفيره واعتبار أن «ال طاعة‬ ‫ملخلوق في معصية الخالق»‪ ،‬فبات واضحا ّ‬ ‫أن داعش في تشاحنها مع النصرة تجاوز االختالف على الشكل أو املنهج‬ ‫وأعلنت فيه خروجها عن سطوة تنظيم القاعدة بأكمله‪.‬‬ ‫واستمرت الحرب املسلحة والبيانات االعالمية في آن واحد بين تنظيم القاعدة في سوريا ممثال في جبهة النصرة‪ ،‬وتنظيم‬ ‫الدولة اإلسالمية في العراق والشام‪" ،‬داعش"‪ ،‬ليصدر الظواهري بيانا آخر ندد من خالله بقتل أبو خالد السوري على يد‬ ‫أتباع أبو بكر البغدادي‪ ،‬كما اتهم فيه داعش بوصفهم يعتمدون منهج الخوارج‪ ،‬ليأتي الرد الحقا من قبل داعش عبر أبو‬ ‫محمد العدناني املتحدث باسم الدولة اإلسالمية في العراق الذي قيم دور الظواهري في ما يجري داخل سوريا‪ ،‬من زاوية‬ ‫سعي هذا األخير إلى شق صفوف املجاهدين‪ ،‬ومحاولة "االنزياح عن درب ومنهج بن الدن"‪.‬‬ ‫بناء على ذلك بدأت معركة "إنهاء جبهة الجوالني"‪ .‬عبر عدة هجمات متتالية شنها تنظيم الدولة على معاقل «جبهة‬ ‫النصرة»‪ ،‬وحلفائها في «الجبهة اإلسالمية» بهدف استعادة "والية الخير" وهو االسم الذي يطلقه داعش على دير الزور‪ ،‬في‬ ‫محاولة لتصفية قاعدة الظواهري الشامية من ناحية‪ ،‬وألهمية تلك املنطقة باعتبارها عقدة التواصل الرئيسية مع‬ ‫مناطق األنبار العراقية التي تعد القاعدة األم لألطر الهيكلية واللوجستية لتنظيم داعش من ناحية‪ ،‬ولرغبتها كذلك في‬ ‫خلق مالذ آمن في تلك املناطق وخاصة أن بعض التقديرات تشير إلى نتائج عكسية ملا هو دارج عن نشاطات داعش في‬ ‫سوريا‪ ،‬حيث تؤكد التحليالت الكمية أن نسبة عمليات التنظيم في سوريا للعراق هي ‪ 0‬إلى ‪ ،01‬أي من كل عشر عمليات‬

‫الصفحة ‪| 8‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


‫الجماعات السلفية املقاتلة في سوريا بين "الوطنية" و" العاملية"‬

‫ينفذها في العراق تقابله عملية واحدة فقط في سوريا‪ ،‬وهو ما أخذت تؤكده األحداث األخيرة في منطقة األنبار العراقية‪،‬‬ ‫بشكل قد يدفع إلى تدفق أكثر ملقاتلي " الدولة" من سوريا نحو العراق وليس بالعكس‪.13‬‬

‫وبشكل عام لعل أهم ما يمكن تدوينه في هذا االقتتال ثالثة أمور‪:‬‬ ‫‪ .0‬إنه خالف على السلطة‪ ،‬أي خالف سياس ي بحت يستخدم فيه الخطاب الديني أسلوبا دعائيا للتأثير على‬ ‫القواعد‪.‬‬ ‫‪ .4‬تبرؤ داعش من الكتائب اإلسالمية‪ ،‬حتى السلفي املتشدد منها‪ ،‬وفتحها جبهة الصراع مع الجميع دفعة واحدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫دولة خاص بها‪ ،‬ال يشاركها فيه معارضون وال ناشطون مدنيون وال كتائب إسالمية‪.‬‬ ‫معلنة أن مشروعها مشروع ٍ‬ ‫ويبدو ّ‬ ‫أن موقفها هذا يستند إلى ّ‬ ‫قوة ضخمة ودعم هائل ال تجد معه حرجا في أال تبقي لها حليفا على األرض‬ ‫السورية‪ .‬كل ذلك من شأنه أن يعيد طرح أسئلة االرتباط املباشر والوثيق مع النظام‪.‬‬ ‫‪ .3‬لم يعد الظواهري ‪-‬على األقل حاليا‪-‬هو األمير العام للحركة وذلك الفتقاد أوامره صيغة الطاعة‪.‬‬

‫‪ 13‬للمزيد انظر إلى ما كتبه أحد أهم املختصين حاليا في مسألة الحركات الجهادية العاملية مراد بطل الشيشاني‪ ،‬ما بعد "داعش" في سوريا‪.‬‬ ‫الصفحة ‪| 9‬‬

‫مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫‪www.OmranDirasat.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.