اﻟـﻔـﺼــﻞ اﻟــﺜـﺎﻧﻲ ﺛــﻘــﺎﻓــﺘــــﮫ
وأﺛـﺮھـﺎ ﻓﻲ ﺗـﻌـﺪد آﻓـﺎق ﺷـﺨـﺼـﯿـﺘـﮫ
325
( 325ﻣﺪاﺧﻠﺔ ﺷﺎرك ﺑﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﺪوة اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﺘﮭﺎ ﺑﻔﺎس ﺟﻤﻌﯿﺔ ﻓﺎس ﺳﺎﯾﺲ وﺟﻤﻌﯿﺔ إﯾﻠﯿﻎ أﯾﺎم 24 :ـ 26 ﻧﻮﻧﺒﺮ 1990م .ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع" :اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻜﺮا وﻣﻤﺎرﺳﺔ".
155
إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،326اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﺑﺎدﯾﺔ ﺳﻮس ﻟﯿﺲ ﻛﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت اﻟﺴﻮﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ظﮭﺮت وﻧﺒﻐﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﯿﻼدي اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ،ذﻟﻚ أن ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ طﺒﻊ ﺣﯿﺎﺗﮫ ﺑﻄﺎﺑﻊ ﺟﻌﻞ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫ ﺧﺎﻟﺪة ﺧﻠﻮدا ﻓﺮﯾﺪا ﻣﻦ ﻧﻮﻋﮫ .وﯾﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﺎه ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ طﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﮭﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ إﺑﺮاز ﺗﻨﻮع ( (326وﻟﺪ رﺣﻤﮫ ﷲ ﺑﻘﺮﯾﺔ دوﻛﺎدﯾﺮ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺒﺴﯿﻂ إﻟﻎ ـ وھﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺣﻮاﻟﻲ 110ﻛﻠﻢ ﺷﺮق ﺗﯿﺰﻧﯿﺖ ـ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ ﺻﻔﺮ ﺳﻨﺔ 1318ھـ /ﯾﻮﻧﯿﻮ 1900م .وﺗﻮﻓﻲ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ﯾﻮم 30ﺟﻤﺎدى اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ 1383ھـ 17 /ﻧﻮﻧﺒﺮ 1963م.
156
رواﻓﺪ ﺛﻘﺎﻓﺔ ھﺬا اﻟﻌﻼﻣﺔ وأﺛﺮ ھﺬا اﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ ﺗﻜﻮﯾﻦ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫ اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﻤﺠﺎﻻت واﻟﻐﺰﯾﺮة اﻟﻌﻄﺎءات. ﻓﮭﻮ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺳﻮس اﻟﺘﻲ داﻣﺖ 16ﺳﻨﺔ ﺗﻨﻘﻞ ﺑﯿﻦ ﻋﺪة ﻣﺪارس ﻗﺮآﻧﯿﺔ وﻋﻠﻤﯿﺔ ،ﺗﺘﻤﯿﺰ ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺨﺼﻮﺻﯿﺎت ﺑﯿﺌﯿﺔ وﻓﻜﺮﯾﺔ وﻋﻠﻤﯿﺔ .وﻗﺪ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﻘﻮﻟﮫ» :دﺧﻠﺖ ﺳﻨﺔ 1329ھـ ،ﺛﻢ ﻣﺮت ﻋﻠﻰ وﻓﺎة اﻟﻮاﻟﺪ ﺷﮭﻮر ،وﻛﻨﺖ إذ ذاك ﻗﺪ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﺒﻊ ﺧﺘﻤﺎت] [...ﻓﺒﺪا ﻟﻸخ اﻷﻛﺒﺮ واﻟﻤﺸﯿﺮﯾﻦ ﻋﻠﯿﮫ أن أﻟﺤﻖ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻓﺎﻓﺘﺘﺤﻨﺎ ﻗﻠﯿﻼ ﻓﻲ اﻟﺰاوﯾﺔ
327
ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﺳﯿﺪي أﺣﻤﺪ
ﺑﻮﻟﻮﻗﺘﻲ اﻟﺘﯿﺰﻧﯿﺘﻲ .ﺛﻢ ذھﺐ ﺑﻨﺎ أﻧﺎ وأﺧﻲ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ وﺳﻂ ﺳﻨﺔ 1329ھـ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ )إﯾﻐﺸﺎن( ] [...ﻓﻔﺘﺤﻨﺎ ﻋﻨﺪ أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﺳﯿﺪي ﻋﺒﺪ ﷲ اﻹﻟﻐﻲ] [...ﻓﻘﺮأﻧﺎ اﻷﺟﺮوﻣﯿﺔ ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أظﻦ ،وﻻﻣﯿﺔ اﻟﻤﺠﺮادي ﻓﻲ أﺣﻜﺎم اﻟﺠﻤﻞ ،وﻻﻣﯿﺔ اﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺮﯾﻒ ،وﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺰواوي ،واﻟﻤﺒﻨﯿﺎت ﻟﻠﺒﺮاﻏﻲ ،وﺷﯿﺌﺎ ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ اﺑﻦ أﺑﻲ زﯾﺪ اﻟﻘﯿﺮواﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ ،وأﻟﻔﯿﺔ اﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﺤﻮ] [...وﻻﻣﯿﺔ اﻟﻌﺠﻢ ﻟﻠﻄﻐﺮاﺋﻲ][... ﺣﻠﻠﺖ )ﺑﻮﻧﻌﻤﺎن( ﺑﺄﻣﺮ أﺧﻲ ﺳﯿﺪي ﻣﺤﻤﺪ][...وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ رﻣﻀﺎن 1331ھـ. ﻓﺼﺮت آﺧﺬ وأﻧﺎ أدل ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺖ أوﻛﺄت ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻣﻦ ﻟﻐﻮﯾﺎت وﻧﺤﻮﯾﺎت وأدﺑﯿﺎت ،ﻓﺄذﻛﺮ أﻧﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺄﺧﺬ ھﻨﺎك اﻷﻟﻔﯿﺔ واﻟﻤﻘﺎﻣﺎت واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ ﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ ﺳﯿﺪي أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﯾﺄﻣﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺒﯿﺖ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ ﺳﻔﻠﻲ] [...ﻓﺄطﺎﻟﻊ ﺷﺮﺣﺎ ﺻﻐﯿﺮا ﻋﻠﻰ ﻻﻣﯿﺔ اﻟﻌﺠﻢ] .[...ﺛﻢ ﻏﺎدرت )ﺑﻮﻧﻌﻤﺎن( ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﺳﻨﺔ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ )ﺗﺎﻧﻜﺮت( ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻹﯾﻔﺮاﻧﻲ ﺑﺈﺷﺎرة ﻣﻦ ﺷﯿﺨﻨﺎ ﺳﯿﺪي ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺘﻨﺎﻧﻲ] .[...وﻗﺪ (327ﯾﻘﺼﺪ زاوﯾﺔ واﻟﺪه اﻟﺸﯿﺦ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرﻗﺎوي ﺑﻤﺴﻘﻂ رأﺳﮫ )إﻟﻎ(.
157
ﺑﻘﯿﺖ ھﻨﺎك إﻟﻰ أواﺧﺮ 1336ھـ .وﻗﺪ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻣﺎ ﺷﺎء ﷲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ،وإن ﻟﻢ أﺳﺘﻔﺪ ﻛﺜﯿﺮا إﻻ ﻓﻲ اﻷدب ،ﻓﮭﻮ اﻟﺬي ﺷﺪوت ﻣﻨﮫ ﺑﺒﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﻮﻻي ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺒﻮزاﻛﺎرﻧﻲ][...ﻧﻌﻢ ،ﺗﻔﺘﺤﺖ ﻓﻜﺮﺗﻲ ھﻨﺎك ﻓﺼﺪرت ﻋﻨﻲ ﻣﻘﻄﻮﻋﺎت ورﺳﺎﺋﻞ أوﻟﯿﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ إرھﺎﺻﺎ ﻟﻤﺎ أﺗﻰ ﺑﻌﺪ واﻟﺤﻤﺪ «.328 وﯾﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻧﺘﻘﺎﻟﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺴﺎﻋﺪات اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﻘﺒﯿﻠﺔ أوﻻد ﺑﻮاﻟﺴﺒﺎع )ﺷﺮق ﻣﺮاﻛﺶ( اﻟﺘﻲ ﻗﻀﻰ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة ،وأﺧﺬ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻦ أﺳﺘﺎذﯾﮫ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﺴﺒﺎﻋﻲ وﺻﻨﻮه اﻟﻀﻮء اﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ،329وﻣﻨﮫ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺶ. وﯾﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﻗﺎﺋﻼ" :وﻛﺎن دﺧﻮﻟﻲ ﻟﻤﺮاﻛﺶ ﻓﯿﻤﺎ أﺣﺴﺐ أول ﻋﺎم 1338ھـ ،وﻓﻲ رﻣﻀﺎن ﻣﻨﮫ ﺑﻠﻐﻨﺎ اﻧﺘﻘﺎل ﺳﯿﺪي ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺘﻨﺎﻧﻲ
330
إﻟﻰ ﺑﻠﺪه ،ﻓﺎرﺗﺤﻠﺖ إﻟﯿﮫ زاﺋﺮا ،ﻓﺼﺎر ﯾﺤﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮاءة وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻮم ]اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ[ ﻛﺜﯿﺮا ،ﻓﻼزﻣﺖ اﻟﻘﺮاءة ﺑﺎﻻﻧﻜﺒﺎب ،وﺑﻘﯿﺖ ﻓﻲ اﻧﺰواﺋﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﺎﻣﻊ ﻧﺤﻮ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات أو أﻛﺜﺮ ،وﻟﻢ أﻛﻦ أﺧﺎﻟﻂ إﻻ ﻗﻠﯿﻼ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ ،وﻛﻨﺖ آﺧﺬ ذاك ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أﺧﺬت ﻋﻨﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻠﺨﯿﺺ ،واﻟﺴﻠﻢ ،واﻻﺳﺘﻌﺎرات. وﻛﺎن ﯾﻌﯿﺮﻧﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ،وﺣﻀﺮت ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺴﺮﻏﯿﻨﻲ ﻗﻠﯿﻼ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﯿﺔ ،وﻋﻨﺪ ﺳﯿﺪي ﺑﻮﺷﻌﯿﺐ اﻟﺒﮭﻠﻮﻟﻲ أواﺋﻞ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮ ،وﻋﻨﺪ ﻣﻮﻻي اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺴﺮﻏﯿﻨﻲ أواﺳﻄﮫ ،وﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﻤﺮ اﻟﺠﺮاري ﻓﻲ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮ واﻟﺘﺤﻔﺔ ،وﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ أﺣﻤﺪ اﻷﺧﺼﺎﺻﻲ ﺑﯿﺒﯿﺲ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻌﺎرات ،وﻋﻨﺪ ﻣﻮﻻي أﺣﻤﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ (328اﻹﻟﻐﯿﺎت 217 /2 :ـ .220 (329ﻧﻔﺴﮫ.222 / 2 : (330ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺘﻨﺎﻧﻲ ھﻮ زوج أﺧﺖ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ .وﻛﺎن ﻣﻦ أواﺋﻞ أﺳﺎﺗﺬﺗﮫ ﻓﻲ إﻟﻎ ﻋﻨﺪ ﺷﺮوﻋﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ .وھﻮ ﯾﺸﯿﺮ ﻛﺜﯿﺮا إﻟﻰ ﺷﺪﯾﺪ ﺗﺄﺛﺮه ﺑﮫ.
158
اﻷﺻﻮل ،وﻋﻨﺪ ﺳﯿﺪي اﻟﯿﺰﯾﺪ اﻟﺮوداﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺮوض ،وأﺧﺬي ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺪور ﻟﯿﺲ ﺑﻤﺘﺴﻊ ،ﻷﻧﻲ أﺳﺘﻔﺮغ ﺟﮭﺪي ﻓﻲ اﻷدب ﻛﺜﯿﺮا« .331ﺑﯿﺪ أن ﻣﺤﻤﺪا اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ـ أﺛﻨﺎء وﺟﻮده ﺑﻤﺮاﻛﺶ ـ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﺳﻨﺔ 1342ھـ )1923م( ھـ ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺤﻮل ﻣﮭﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮫ ،ﻓﯿﺘﺤﺪث ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﮫ » :ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1342ھـ طﻠﻊ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﺴﻌﺪ ﺑﻄﻠﻮع اﻟﺸﯿﺦ أﺑﻲ ﺷﻌﯿﺐ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ ،ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ إﺟﺎﻓﺔ ﻟﺒﺎب ،وﻓﺘﺤﺎ ﻟﺒﺎب آﺧﺮ][...ﻓﺎﻧﻘﺸﻌﺖ اﻟﻐﺸﺎوة وﺗﻨﺒﮭﺖ ﻟﻠﺘﻔﺮﯾﻂ اﻟﻌﻈﯿﻢ اﻟﺬي ﻣﺮ ﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺣﻔﺰﺗﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﺘﺘﺒﻊ ،ﻓﺄﻗﺒﻠﺖ إﻗﺒﺎﻻ ﻛﻠﯿﺎ«
332
وﻣﻦ ﻣﺮاﻛﺶ رﺣﻞ إﻟﻰ ﺑﻔﺎس ،ﻓﯿﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺷﯿﻮﺧﮫ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦ ﺣﯿﺚ ﻗﻀﻰ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﯿﻘﻮل» :ﻛﻨﺖ أﺧﺬت ﻓﻲ ﻓﺎس ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻤﻮﻛﻲ واﻟﺤﺠﻮﺟﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻄﯿﺐ اﻟﺒﻜﺮاوي،واﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻨﺎﻧﻲ ،وﻣﻮﻻي أﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮن اﻟﺒﻠﻐﯿﺜﻲ ،واﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﻠﻮي،و اﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻜﺘﺎﻧﻲ ،وﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﻟﻔﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﺎب ،واﻟﺤﺒﯿﺐ اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺔ ،واﻟﺸﯿﺦ اﺑﻦ اﻟﺤﺒﯿﺐ«.333 ﺑﯿﺪ أن ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﺎس ﯾﻌﺘﺒﺮھﺎ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻓﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮫ ﻓﯿﻘﻮل» :ﻓﻲ ﻓﺎس اﺳﺘﺒﺪﻟﺖ ﻓﻜﺮا ﺑﻔﻜﺮ .ﻓﺘﻜﻮن ﻟﻲ ﻣﺒﺪأ ﻋﺼﺮي ﻋﻠﻰ آﺧﺮ طﺮاز. ﻗﺪ ارﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﯾﻦ واﻟﻌﻠﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻮﯾﻤﺔ .ﻓﺸﺠﺖ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪ ﺣﯿﺔ [...].وﻛﻨﺖ أﺻﺎﺣﺐ ﻛﻞ اﻟﻤﻔﻜﺮﯾﻦ إذ ذاك .وﻛﺎﻧﻮا ﻧﺨﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻔﺔ واﻟﻌﻠﻢ واﻟﺪﯾﻦ .ﯾﻨﻈﺮون إﻟﻰ ﺑﻌﯿﺪ .وﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎس إذ ذاك ﻻ ﺗﺰال ﻣﺘﺄﺧﺮة ﻋﻦ اﻟﺮﺑﺎط وﺗﻄﻮان ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ (331ﻧﻔﺴﮫ 223 /2 :ـ .224 ( 332ﻧﻔﺴﮫ.225/2 : (333ﻧﻔﺴﮫ.227 /2 :
159
اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻐﻂ ﻏﻄﯿﻄﮭﺎ ﻗﺒﻞ دروس ﻣﻮﻗﻆ اﻟﮭﻤﻢ أﺳﺘﺎذﻧﺎ اﻟﻤﻔﻜﺮ ﺳﯿﺪي ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﻠﻮي .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﺠﻠﺴﮫ ﻧﺪوة اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة .وإن ﻛﺎن ھﻮ إﻧﻤﺎ ﯾﺤﻮم ﺟﮭﺮا ﺿﺪ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮﻓﯿﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺗﺤﺖ ظﻞ ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻮطﻨﻲ اﻟﻌﺎم .ﻓﺈذ ذاك ﺳﻜﺮت ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة .وأﻧﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺘﺤﺖ ﻟﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺑﺠﺮاﺋﺪھﺎ وﺟﻐﺮاﻓﯿﺘﮭﺎ وﻛﺘﺒﮭﺎ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ .واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ واﻟﺘﺮﻛﯿﺔ واﻟﺴﻮرﯾﺔ واﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ واﻟﮭﻨﺪﯾﺔ واﻷﻓﻐﺎﻧﯿﺔ واﻹﯾﺮاﻧﯿﺔ واﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ .وﺣﺮﻛﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ. ھﺬه ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺮن ﻓﻲ اﻵذان رﻧﯿﻦ اﻷﺟﺮاس اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻗﻆ اﻟﻨﺎﺋﻤﯿﻦ .وﺣﻜﻮﻣﺔ )اﻟﻤﻐﺮب( إذ ذاك ﻻ ﺗﺰال ﻏﺎﻓﻠﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ .وﻟﻤﺎ ﺗﻨﺘﺒﮫ إﻟﻰ ﻣﻨﻊ ذﻟﻚ وﺧﻨﻘﮫ ﻓﻲ ﻣﮭﺪه .ﻓﺴﺪرﻧﺎ ﻓﻲ اﻵﻣﺎل ،وﺗﺼﻮرﻧﺎ اﻟﺒﻌﯿﺪ ﻗﺮﯾﺒﺎ«.334 وﻣﻦ ﻓﺎس رﺣﻞ اﻟﺴﻮﺳﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ )اﻟﺮﺑﺎط( ،ﺣﯿﺚ ﻗﻀﻰ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة أﺧﺬ ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺎھﯿﺮ ﺷﯿﻮﺧﮭﺎ ﻣﺎ أﺧﺬه ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم ـ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻗﺼﺮ ھﺬه اﻟﻤﺪة ،وﯾﻘﻮل» :وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﺎط ﻓﻌﻦ ﺷﯿﺨﻨﺎ ﺳﯿﺪي اﻟﻤﺪﻧﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻨﻲ اﻟﻤﺤﺪث ،وﻋﻦ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﺼﻠﺢ أﺑﻲ ﺷﻌﯿﺐ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ ،وﻋﻦ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﻔﻜﺮ ﺳﯿﺪي اﻟﺴﺎﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ واﻷًﺻﻮل واﻻﺻﻄﻼح .واﻟﺘﻔﺴﯿﺮ واﻟﻔﻘﮫ. ﻓﻘﺪ أﺧﺬﻧﺎ )ﺑﻠﻮغ اﻟﻤﺮام( ﻛﻠﮫ ،وأﻟﻔﯿﺔ اﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻛﻠﮭﺎ .واﻟﺰﻗﺎﻗﯿﺔ واﻟﺘﻠﺨﯿﺺ ﻋﻦ ﺳﯿﺪي اﻟﻤﺪﻧﻲ .وﻣﻦ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ واﻟﺘﺤﻔﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺷﻌﯿﺐ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ .وﺑﻌﺾ )اﻟﻌﻤﺪة( ﻋﻦ اﻟﺴﯿﺪ اﻟﺴﺎﯾﺢ .ﻣﻊ إﻗﺒﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪارﺳﺎت ﺷﺘﻰ وﻣﻄﺎﻟﻌﺎت .ﻓﺴﺮت ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻟﺬي ﻛﻨﺖ أﺿﻌﺘﮫ .واﻷﺻﻮل واﻟﺤﺪﯾﺚ وﻣﺜﻞ ذﻟﻚ أﺷﻮاطﺎ .ﻓﻜﻨﺖ أﻋﺎﻧﻲ اﻟﺘﺪرﯾﺲ ﻛﻠﻤﺎ ﻗﻤﺖ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ ھﺆﻻء اﻷﺷﯿﺎخ .ﻓﺪرﺳﺖ ﻗﻮاﻧﯿﻦ اﺑﻦ ﺟﺰي ،وأﺣﻜﺎم اﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ، (334ﻧﻔﺴﮫ 226/2 /ـ .227
160
واﻟﻤﻐﻨﻲ وﻏﯿﺮھﺎ .وﺑﺎﺧﺘﺘﺎم ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ اﻧﻘﻀﻰ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ أن آﺧﺬه ﻓﻲ دور ﺗﻌﻠﻤﻲ اﻟﺬي اﻣﺘﺪ ﻧﺤﻮ ﺗﺴﻊ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ«.335 وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺎل ﻻ ﯾﺘﺴﻊ ﻟﻤﺰﯾﺪ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ،ﻓﻨﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺣﺼﯿﻠﺔ ھﺬه اﻟﻤﺴﯿﺮة اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ھﻮ: 1ـ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد ﻛﺒﺎر ﺷﯿﻮﺧﮫ ﺛﻼﺛﯿﻦ ﺷﯿﺨﺎ .درس ﻋﻠﻰ ﺳﺘﺔ ﻣﻨﮭﻢ ﻓﻲ ﺳﻮس. ودرس ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺴﺎﻋﺪات )أوﻻد ﺑﻮاﻟﺴﺒﺎع( .و درس ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﻤﺮاﻛﺶ .ودرس ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﻔﺎس .وﺧﺘﻢ ﻣﺴﯿﺮﺗﮫ ﺑﻤﺎ ﺗﻠﻘﺎه ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﺑﺎط. 2ـ درس ﺧﻼل ھﺬه اﻟﻤﺴﯿﺮة اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﻋﻠﻤﺎ وﻓﻨﺎ ،ﻧﻮردھﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ: اﻟﻨﺤﻮ ـ اﻟﺼﺮف ـ اﻟﺒﻼﻏﺔ ـ اﻟﻌﺮوض ـ اﻟﺸﻌﺮ ـ ﻓﻨﻮن اﻟﻨﺜﺮ اﻷدﺑﻲ ـ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ـ اﻟﺴﯿﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ـ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺸﺮﯾﻒ ـ ﻋﻠﻮم اﻟﺤﺪﯾﺚ ـ اﻟﻔﻘﮫ ـ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﮫ ـ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ـ اﻟﻤﻨﻄﻖ ـ اﻟﻔﺮاﺋﺾ ـ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ـ اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺎ ـ اﻟﺤﺴﺎب ـ ﻓﻨﻮن وﻋﻠﻮم أﺧﺮى... 3ـ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎور ﺑﺎرزة ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﮫ ﺳﺒﻌﯿﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎ، ﻧﺸﯿﺮ ﻣﺜﻼ إﻟﻰ أن ﻋﺪد ﻛﺘﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺘﻲ درﺳﮭﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﻋﺸﺮة ﻛﺘﺐ ،وﻋﺪد اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ درﺳﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ وأﺻﻮﻟﮫ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ .وﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻓﻲ اﻷدب واﻟﻠﻐﺔ...اﻟﺦ
336
(335اﻹﻟﻐﯿﺎت .228 /2 :وھﻮ ﺑﻤﺪة 19ﺳﻨﺔ :اﻟﻤﺪة اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺎھﺎ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻌﻮﻟﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﺴﺘﺜﻨﯿﺎ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺴﺒﻊ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺎھﺎ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺧﺘﻤﮫ ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺳﺒﻊ ﺧﺘﻤﺎت. ( 336ﻟﻤﺰﯾﺪ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﯾﺮاﺟﻊ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ" :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،دراﺳﺔ ﻟﺸﺨﺼﯿﺘﮫ وﺷﻌﺮه" .ﺻﻔﺤﺎت: 115ـ .144
161
وھﻜﺬا ﻋﺎﯾﺶ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ دراﺳﺘﮫ أﺟﻮاء ﺛﻘﺎﻓﯿﺔ وﺣﻀﺎرﯾﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ .ﺳﺎﻋﺪﺗﮫ ـ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻜﻮﯾﻨﮫ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺘﯿﻦ ـ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻨﺸﺄ ﺗﻨﺸﺌﺔ وطﻨﯿﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ .وأھﻠﺘﮫ ﻟﻼﺿﻄﻼع ﻓﻮر اﺧﺘﯿﺎره اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﺤﯿﺎة اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﺮاﻛﺶ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1330ھـ )1931م( ،ﻟﻜﻲ ﯾﺘﺼﺪر اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﮭﺎم اﻟﺮاﺋﺪة واﻟﺼﻌﺒﺔ. ﻓﻤﺎ ھﻮ أﺛﺮ ھﺬا اﻟﺘﻌﺪد/اﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ ﻏﺰارة ﻋﻄﺎءاﺗﮫ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ واﻷدﺑﯿﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ؟ إن ﺗﻨﻮع اﻟﺒﯿﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎش ﻓﯿﮭﺎ واﺗﺴﺎع أﻓﻖ ﻣﻮاﻛﺒﺘﮫ ﻟﻠﺤﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤﺮرﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ آﻧﺬاك ﺗﺠﺮي ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺟﻌﻠﮫ ﯾﺘﺸﺒﻊ ﺑﺮوح وطﻨﯿﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ،أھﻠﺘﮫ ﻟﯿﻌﺮف ﻋﻦ ﻗﺮب ﻣﺪى ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ وھﻮ ﯾﺤﺎرب اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺑﺸﺘﻰ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ .وھﺬا اﻷﻣﺮ دﻓﻌﮫ ﻟﯿﻜﻮن ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺸﺒﺎن اﻟﻤﻨﺎدﯾﻦ ﺑﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻮﺟﻮد اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺟﺪﯾﺪة ،ﻓﺪﻋﺎ ـ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﮫ ـ إﻟﻰ ﺗﺄﺳﯿﺲ ﻣﻨﻈﻤﺎت ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺤﺮﯾﺮ اﻟﻮطﻦ ﺑﻄﺮق ووﺳﺎﺋﻞ ﻏﯿﺮ ﻣﺴﻠﺤﺔ ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ ﻣﺤﺎرﺑﺔ ظﺎھﺮة اﻟﺠﮭﻞ اﻟﻤﺘﻔﺸﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،وﻟﮭﺬا ﻧﺠﺪه ﯾﻨﺨﺮط ﻣﺒﻜﺮا ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﻤﺪارس اﻟﺤﺮة ،ﻓﻜﺎن ـ وھﻮ طﺎﻟﺐ ﺑﻔﺎس ـ أﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎن اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﯾﺲ ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﺴﮭﺎ اﻟﻔﻘﯿﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﻏﺎزي اﻟﻤﻜﻨﺎﺳﻲ ﺑﻔﺎس ،وﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﺣﻀﻮر ﺑﺎرز ﻓﻲ ﺷﻌﺮه .ﻓﻘﺎل ﻣﺘﺤﺴﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ آﻟﺖ إﻟﯿﮫ أوﺿﺎع اﻟﻤﻐﺮب: ﺣﺘﻰ ﻣﺘﻰ ﺷﻌﺒﻲ ﯾﻌﺒﺪه اﻟﺠــﮭـﻞ؟
ﻛﺄن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻗﻄﺐ اﻟﺴﯿﺎد ﻣﻦ ﺑـﻌـﺪ؟
ﻛﺄن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻮﻣﺎ ﻣﺪﯾﺮ ﻟﺘﻠﻜﻢ اﻟـــ
ﻣﻤﺎﻟﯿﻚ ﯾﺤﻤﻲ ﻣـﺎ ﯾـﺸــﺎء وﯾﺤـﺘـﻞ
ﻛﺄن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻌﻮب ﻣﺤﻜـﻤﺎ
إذا ﻗﺎل ﯾﺤﻨﻲ اﻟﺮأس ﻣﻦ رأﯾﮫ ﯾﻌﻠﻮ 162
إﻟﻰ أن ﯾﻘﻮل: ﻟﺘﺴﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﻷرض واﻟﺴﻤﺎوات وﻟﺘﻘـﻢ
ﻗﯿﺎﻣﺔ ﺷﻌﺒﻲ ﻓﺎﻟﮭﻼك وﻻ اﻟـﺠـﮭــﻞ
ﻓﻘﺪ ﺿﺎق ﺑﺎﻟﺸﻌﻮب اﻟـﺠـﮭـﻮل ﺧـﻨـﺎﻗـﮫ
وﻗﺪ ﺳﺎء ﻣﺤﯿﺎه وﻗﺪ طـﻔـﺢ اﻟـﻜـﯿـﻞ
ﻓﮭﻠﻚ ﯾـﺮﯾﺢ اﻟـﺒـﺎل أوﻟﻰ ﻣـﻦ ان ﺗـﺮى
337
ﻣﻼﯾﯿﻦ ﺳﺒﻌﺎ ﻻ ﺷﻌﻮر وﻻ ﻋﻘﻞ
وﻗﺪ ﺳﺮه ﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﻟﻤﺴﮫ ﻣﻦ ھﻮ ﻧﻔﺴﮫ ﻟﻤﺎ رأى ﺣﻀﻮر ورﺳﻮخ اﻟﺮوح اﻟﻮطﻨﯿﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس ﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮﯾﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻣﺎ ﺗﻠﻘﻮه ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬﺗﮭﻢ، اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﯿﻌﺎ ﻣﻦ طﻠﺒﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦ ،واﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا اﻟﻘﺪوة اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻟﻐﯿﺮھﻢ ﻓﯿﻤﺎ أﻋﻄﻮه وﻗﺪﻣﻮه ﻣﻦ ﺗﻀﺤﯿﺎت ،ﺗﺠﻠﺖ ﺛﻤﺎرھﺎ ﻓﻲ ھﺆﻻء اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ اﻟﻮاﻋﯿﻦ ﺑﻤﺎ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫ ﻧﺤﻮ ﺑﻠﺪھﻢ اﻟﺬي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﯾﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ ﻓﻘﺎل ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ: ﺷﺒـﺎب اﻟﻤﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ ﯾﻔﯿــﻖ
ﻟﯿﺤﻲ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﺤﺴﺐ اﻟﻌﺮﯾﻖ
أراھﻢ ﯾﻄﻤﺤــﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﻌــﺎﻟﻲ
وﻣﺎ ﯾﺮﻗﻲ اﻟﺒﻼد وﻣﺎ ﯾــﺮوق
وﯾﺠـﺮي ﻓﻲ دﻣــﺎﺋﮭــﻢ ﺷﻌـــﻮر
ﺗﺜﻮر ﺑﮫ اﻟﺸﺮاﯾﻦ واﻟﻌــﺮوق وﯾﺬﻛﺮون واﻟﺬﻛﺮى ﺗﺸﻮق
ﻓﯿﺸﺘـــﺎﻗــﻮن ﻟﻠﺸــﺮف اﻟﻤــﻮﻟﻰ
338
وﻟﻌﻠﮫ اﺧﺘﺎر ﻋﻦ ﻗﺼﺪ وﻋﻦ "ﺳﺒﻖ إﺻﺮار" اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺶ واﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﮭﺎ ،واﺗﺨﺎذھﺎ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﺤﺮك ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﺄداء رﺳﺎﻟﺘﮫ اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ اﻟﺘﺜﻘﯿﻔﯿﺔ، واﺿﻄﻼﻋﮫ ﺑﺪوره اﻟﺮﯾﺎدي ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﺚ اﻟﺘﻮﻋﯿﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ واﺳﺘﻨﮭﺎض اﻟﮭﻤﻢ وﺗﺠﻨﯿﺪ اﻟﻄﺎﻗﺎت ﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ .ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺶ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ إﻏﻼق اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮﯾﺔ وإﺑﻌﺎد ﻣﺪﯾﺮھﺎ ﻏﺎزي ﻋﻦ ﻓﺎس واﻟﺬھﺎب ﺑﮫ (337ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺎس اﻟﻘﺒﺎج" :اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ".64/2 . (338اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ.65/2 :
163
إﻟﻰ ﻣﻜﻨﺎس ،ﺣﯿﺚ ﺧﺸﻲ أن ﯾﻠﺤﻘﮫ ﻣﺎ ﻟﺤﻖ اﻟﻮطﻨﻲ ﻏﺎزي ،ﻓﺘﻤﻮت ﺑﺬرة اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﺮﺳﮭﺎ وزﻣﻼءه ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻣﻮا ﻓﻲ ﻓﺎس ﺑﺘﺄﺳﯿﺲ ﺟﻤﻌﯿﺘﻲ اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ واﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺴﺮﯾﺔ. اﺧﺘﯿﺎره ﻣﺮاﻛﺶ ،رأى ﻓﯿﮭﺎ ھﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻷﻧﺴﺐ ﻟﯿﻤﺎرس أداء رﺳﺎﻟﺘﮫ اﻟﻮطﻨﯿﺔ وﯾﻮاﺟﮫ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺮاھﺎ ﻣﻼﺋﻤﺔ .ﻓﺤﻮل ﻓﯿﮭﺎ زاوﯾﺔ واﻟﺪه ،إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﻛﺮس ﺟﮭﻮده ﻛﻠﮭﺎ ﻻﺳﺘﻨﮭﺎض ھﻤﻢ أھﻞ ﻣﺮاﻛﺶ ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ واﻟﺪﻓﻊ ﺑﮭﻢ ﻟﻼﻧﺨﺮاط ﺑﻘﻮة ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﺗﺪرﯾﺠﯿﺔ ﻻ ﺗﺜﯿﺮ اﻧﺘﺒﺎه اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ وأذﻧﺎﺑﮫ ،اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﻢ ﺑﺎﺷﺎ ﻣﺮاﻛﺶ )اﻟﺘﮭﺎﻣﻲ اﻟﻜﻼوي(. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺗﺼﻮر ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻲ أن ﻣﺮاﻛﺶ ﻛﺎﻧﺖ ھﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻐﺮب، وﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﺮاﺑﻄﯿﻦ واﻟﻤﻮﺣﺪﯾﻦ واﻟﺴﻌﺪﯾﯿﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ داﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻣﺮﻛﺰا ﻻزدھﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻜﺮ ،وﻟﻌﻠﮫ ﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻟﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أن ﺗﺴﺘﺮﺟﻊ اﻟﯿﻮم دورھﺎ اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ وﺗﺠﺪد ﻧﺸﺎطﮭﺎ اﻹﺷﻌﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر. ﻟﻘﺪ ﺷﻌﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﺑﺄن ﻓﺎس ﻟﮭﺎ رﺟﺎﻟﮭﺎ وﻣﻦ ﯾﺤﺮﻛﮭﺎ ،وﺣﯿﺚ إن ﻣﺮاﻛﺶ ھﻲ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻓﺎس ﻓﻲ ﺗﺴﯿﯿﺮ ﺷﺆون اﻟﻤﻐﺮب وﺗﻮﺟﯿﮫ ﻗﺎﻓﻠﺘﮫ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر، ﻓﯿﺠﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ إذن أن ﻻ ﺗﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ ﻓﺎس ،ﻛﻤﺎ أن ﺗﺤﺮﯾﻚ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺘﯿﻦ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﯿﻦ ﺳﯿﻤﻜﻦ ﻓﻌﻼ ﻣﻦ ﺗﺴﺮﯾﻊ ﻧﺸﺮ ﻧﺸﺎط اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﺬي ﺳﯿﺆدي إﻟﻰ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻤﺆدﯾﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل .ﻓﻜﺎن ﻣﺨﻄﻄﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻧﺎﺟﺤﺎ 164
وﻣﻮﻓﻘﺎ ،ﻷﻧﮫ اﺳﺘﻄﺎع ﻓﻮر اﺳﺘﻘﺮاره ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ أن ﯾﺤﺪث ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺤﻮﻻ ﻛﺒﯿﺮا .وأن ﯾﻀﻢ إﻟﯿﮫ رﺟﺎﻻ وﻋﻠﻤﺎء ﻣﻦ ﻛﻠﯿﺔ اﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ،وھﺬا ﻣﺎ أﻓﻀﻰ إﻟﻰ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺧﻄﻮرة وﺟﻮد ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﻓﺎﺿﻄﺮ إﻟﻰ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار إﺑﻌﺎده ﻋﻦ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺠﻨﻮب وﻧﻔﯿﮫ إﻟﻰ إﻟﻎ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﮫ ﺑﺴﻮس ﺳﻨﺔ 1937م. ﻣﻤﺎ ﯾﺴﺠﻞ ﻟﮫ ،ﻛﺸﺨﺼﯿﺔ وطﻨﯿﺔ ،وﯾﺘﻤﯿﺰ ﺑﮫ ھﻮ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺤﺐ اﻟﻈﮭﻮر ﻛﺰﻋﯿﻢ ﺳﯿﺎﺳﻲ ،وﻟﻜﻨﮫ وﺑﻜﻞ ﺻﺪق ،ﻛﺎن ﺣﺎﺿﺮا ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﺮﺟﺎل اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﺳﻮاء ﺧﻼل ﻣﻘﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ أو ﺧﻼل ﻣﻘﺎﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء .وﻛﻤﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أذﻛﺮ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺘﮫ ﻣﻦ أﺣﺪ رﻓﺎﻗﮫ اﻟﻤﺮاﻛﺸﯿﯿﻦ وھﻮ اﻟﺴﯿﺪ ﻣﻮﻻي أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻨﺠﺮة ـ وھﻮ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ وﺷﮭﯿﺮة ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ ـ ﯾﻘﻮل" :ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ وﻗﻊ ﻓﯿﮭﺎ اﻧﻘﺴﺎم اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﺑﻔﺎس ﻓﺄدى ﻷﻣﺮ إﻟﻰ ظﮭﻮر ﺗﺸﻜﯿﻠﺘﯿﻦ ﺳﯿﺎﺳﯿﺘﯿﻦ ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺘﯿﻦ ،طﻠﺐ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ اﻟﺘﻮﺳﻂ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻮزاﻧﻲ اﻟﺬي ﺗﺰﻋﻢ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻤﻨﺸﻘﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ ،وﻛﺎن وﺻﻮل ﻣﺒﻌﻮث ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﺣﻤﻞ رﺳﺎﻟﺘﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع إﻟﻰ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ )وھﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻜﺘﺎﻧﻲ( ﺻﺎدف اﻟﻠﯿﻠﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬت ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﻗﺮار إﺑﻌﺎد اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻋﻦ ﻣﺮاﻛﺶ وﺗﺮﺣﯿﻠﮫ إﻟﻰ ﺳﻮس وﻧﻔﯿﮫ إﻟﻰ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﮫ "إﻟﻎ" .وﻗﺪ ﺗﺨﻠﺺ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ ﻓﻲ "ﺗﯿﺰﻧﺘﺎﺳﺖ" .وھﻮ ﻓﻲ طﺮﯾﻘﮫ إﻟﻰ ﻣﻨﻔﺎه ﺑﺴﻮس ،ﺑﺪﻓﻨﮭﺎ ﺗﺤﺖ ﺻﺨﺮة ھﻨﺎك.
165
ﺷﻲء آﺧﺮ ﯾﺘﻤﯿﺰ ﺑﮫ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ھﻮ أﻧﮫ ﻣﺘﺼﻮف وھﻮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ أﺣﺪ رواد اﻟﺴﻠﻔﯿﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ،ورﺑﻤﺎ ﯾﺒﺪو أن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﻌﺎرﺿﺎ ،واﻷﻣﺮ ﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ إذ ﻛﺎن ﻟﻠﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﻔﮭﻮم ﺧﺎص ﻟﻠﺘﺼﻮف ﯾﺸﯿﺮ إﻟﯿﮫ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ "اﻟﺘﺮﯾﺎق اﻟﻤﺪارى ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﺸﯿﺦ ﺳﯿﺪي اﻟﺤﺎج ﻋﻠﻲ اﻟﺪرﻗﺎوي" ﺣﯿﺚ ﯾﺬﻛﺮ أن اﻟﺘﺼﻮف ھﻮ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﻘﻮﯾﻤﺔ ،وﻣﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮف ﻓﻲ ﺷﻲء ،وﯾﻘﻮل إن ھﻨﺎك ﻣﻤﺎرﺳﺎت ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﺗﻈﮭﺮ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﺎﺗﮭﻢ وﺗﺼﺮﻓﺎﺗﮭﻢ ﯾﺆاﺧﺬون ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻋﻦ ﺟﮭﻞ ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻤﻨﺘﻤﯿﻦ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺰواﯾﺎ .وﻻ ﯾﻌﻘﻞ أن ﺗﻌﻤﻢ ھﺬه اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺰواﯾﺎ .وھﻮ ﯾﺮى أن ھﻨﺎك زواﯾﺎ ﺷﺠﻌﺘﮭﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ أﻧﺸﻄﺘﮭﺎ اﻟﺘﺪﺟﯿﻠﯿﺔ ﻧﻜﺎﯾﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻘﻮم ﺑﮫ رﺟﺎل اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻣﺤﺎرﺑﺘﮭﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﮭﺎ ﻣﻦ ﺿﺮر ﻛﺒﯿﺮ ﺑﻨﮭﻮض اﻷﻣﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ. ﻻ أھﻤﻞ اﻟﺠﺎﻧﺒﯿﻦ اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ واﻷدﺑﻲ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،ﻓﺘﻨﻮع ﺛﻘﺎﻓﺘﮫ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺑﺮوزه ﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﺠﺎﻧﺒﯿﻦ ،وﻟﻌﻞ ﺷﮭﺮﺗﮫ ﻛﺄدﯾﺐ وﻣﺆرخ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺤﺮص أن ﯾﺤﻈﻰ ﺑﮭﺎ ،ﻓﮭﻮ ﯾﺰﻋﻢ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺨﻠﻖ ﻟﻠﺴﯿﺎﺳﯿﺔ وﻟﻜﻨﮫ ﻣﺠﺮد ﻋﺎﻟﻢ وأدﯾﺐ وﻣﺆرخ. إن ﻣﻜﺎﻧﺘﮫ اﻷدﺑﯿﺔ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋﻦ اﻷھﻤﯿﺔ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﻛﺎن أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻤﺪارس اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﺳﻮس ﯾﻌﻄﻮﻧﮭﺎ ﻟﻸدب ﺷﻌﺮا وﻧﺜﺮا .وﻟﮭﺬا ﻛﺎن ﯾﻜﺮر ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت أﻧﮫ إﻧﻤﺎ ﺧﻠﻖ ﻟﻸدب وﺣﺪه ،وﻗﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ذﻟﻚ أﻧﮫ ﺗﺮك رﺻﯿﺪه ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع اﻷدﺑﻲ ﻛﺒﯿﺮا ﺟﺪا
339
(339ﻟﻤﺰﯾﺪ اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ ﯾﺮاﺟﻊ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ" :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،دراﺳﺔ ﻟﺸﺨﺼﯿﺘﮫ وﺷﻌﺮه".
166
وﺑﺮوزه ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻛﺎن ﺑﺮوزا ﻣﺘﻤﯿﺰا إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺸﺮات ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﮭﺎ ﻋﻦ إﻗﻠﯿﻢ ﺳﻮس ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺻﺮﯾﮫ أرﺧﻮا ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﺪن اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ﻓﮭﻮ اﺧﺘﺺ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﺎدﯾﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ اﻟﺴﻮﺳﯿﺔ ،وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ "ﺳﻮس اﻟﻌﺎﻟﻤﺔ" وأﯾﻀﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ "اﻟﻤﻌﺴﻮل" ﯾﺘﺤﺪث ﺑﺘﻔﺼﯿﻞ ووﺿﻮح ﻋﻦ اﻷھﺪاف اﻟﺘﻲ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻘﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﮫ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ.
340
واﻟﺨﻼﺻﺔ أن ﻣﺎ ﺗﺘﻤﯿﺰ ﺑﮫ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻋﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺻﺮﯾﮫ ﯾﺮﺟﻊ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﺼﻮﻓﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄ ﻓﯿﮭﺎ ،واﻟﺘﻲ طﺒﻌﺖ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫ ﺑﺴﻠﻮﻛﮫ اﻟﺮزﯾﻦ اﻟﺬي ﻻ ﻧﻈﯿﺮ ﻟﮫ .وﻋﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺘﮫ وﺣﻀﻮره وﻣﺘﺎﺑﻌﺎﺗﮫ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺠﺎﻻت واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ ﻋﺼﺮه ،وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ. وﻻ ﻧﻨﺲ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﺘﮫ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،ﻓﺤﻀﻮره ﻓﯿﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻗﻠﯿﻼ ،وﺗﻜﻔﻲ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺘﺨﻠﻒ ﯾﻮﻣﺎ ،ﺳﻮاء أﺛﻨﺎء ﻣﻘﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ ) ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1929إﻟﻰ .1937ﺛﻢ ﻣﻦ 1946إﻟﻰ .(1951أو ﻓﻲ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء )ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1951م إﻟﻰ .1952ﺛﻢ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1954إﻟﻰ ﺳﻨﺔ 1955م( .أو ﻓﻲ اﻟﺮﺑﺎط )ﻣﻦ 1955م .إﻟﻰ ﺳﻨﺔ 1963م( .أﻗﻮل ﻟﻢ ﯾﺘﺨﻠﻒ ﯾﻮﻣﺎ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﺴﻨﻮات ﻛﻠﮭﺎ ﻋﻦ إﻋﻄﺎء دروس ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮي واﻟﻔﻘﮫ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺎﺟﺪ ھﺬه اﻟﻤﺪن. ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺣﺮﺻﮫ ﺧﻼل ﻋﮭﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻠﻰ إﻟﻘﺎء دروس إذاﻋﯿﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷﻣﺎزﯾﻐﯿﺔ ﺧﻼل ﺷﮭﺮ رﻣﻀﺎن ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ. (340راﺟﻊ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ اﻟﻤﺬﻛﻮر.
167
ﻓﮭﺬه ﻛﻠﮭﺎ ظﺮوف وﻣﻮاﻗﻒ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ اﻟﺰﻣﺎن ﺑﺄﻣﺜﺎﻟﮭﺎ إﻻ ﻗﻠﯿﻼ ،رﺣﻤﮫ ﷲ وﺟﺰاه وزﻣﻼءه ﻣﻦ اﻟﻮطﻨﯿﯿﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺨﻠﺼﯿﻦ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺳﺪوه ﻟﮭﺬا اﻟﻮطﻦ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﺟﻠﯿﻠﺔ وأﯾﺎد ﻣﺪﯾﺪة ،ﻧﺤﻦ اﻟﯿﻮم ﻧﺠﻨﻲ ﺛﻤﺎرھﺎ.
168