اﻟـﻔـﺼـــــﻞ اﻟـﺨﺎﻣﺲ
ﻣـﺤـﻤـﺪ اﻟﻤﺨـﺘـﺎر اﻟـﺴـﻮﺳﻲ ﻓﻲ اﻟـﺪار اﻟـﺒـﯿـﻀــﺎء 411
( 411ﺑﺤﺚ ﺷﺎرك ﺑﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﺪوة اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﺘﮭﺎ ﺷﻌﺒﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وآداﺑﮭﺎ ﺑﻜﻠﯿﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻧﺴﺎﻧﯿﺔ .ﻋﯿﻦ اﻟﺸﻖ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع" :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ اﻷدﯾﺐ واﻟﻤﻔﻜﺮ" ﯾﻮﻣﻲ 22و 23دﺟﻨﺒﺮ 2004م.
207
ﻗﺪر ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ أن ﯾﺪﺧﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺮﺣﺎل ﻓﻲ ﺳﻦ ﺟﺪ ﻣﺒﻜﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،ذﻟﻚ أﻧﮫ ﺑﺪأ رﺣﻠﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه .ﻓﺒﻌﺪ أن اﻓﺘﺘﺢ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ ﻋﻠﻰ ﯾﺪ واﻟﺪﺗﮫ 412ﺣﻤﻠﮫ واﻟﺪه ﻓﻲ ﺷﮭﺮ ﻣﺤﺮم ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1327ھـ ) ﻓﺒﺮاﯾﺮ 1909م( ﺻﺤﺒﺔ أﺧﻮﯾﮫ أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺒﯿﺐ إﻟﻰ ﻗﺮﯾﺔ 412
( ﺷﺄﻧﻪ ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن ﻘ ﺔ إﺧواﻧﻪ وأﺧواﺗﻪ اﻷﺷﻘﺎء وﻏﯾر اﻷﺷﻘﺎء ،اﻟذﯾن ﺎﻧوا ﺣﻔظون ﺣزﯾن ﻣن اﻟﻘرآن اﻟﻛرم
ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻋﻠﻰ ﯾدﯾﻬﺎ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻠﻣﻬم ﻣ ﺎد ء اﻟﻘراءة واﻟﻛﺗﺎ ﺔ ،ﻗﺑﻞ اﻧﺗﻘﺎﻟﻬم إﻟﻰ ﺗﺎب اﻟﻘرﺔ.
208
)اﻟﻌﺮﻛﻮب( ﺑـ ) إﯾﻐﯿﺮ ﻣﻠﻮﻟﻦ( .413وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺰال ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ. وﺑﮭﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ دﺷﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ رﺣﻼﺗﮫ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﺑﺴﻮس ،اﻟﺘﻲ ﺷﻤﻠﺖ ﻛﺘﺎﺑﯿﻦ ﻗﺮآﻧﯿﯿﻦ،414 وﺛﻼث ﻣﺪارس ﻋﻠﻤﯿﺔ ،415إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻹﻟﻐﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻘﺮﯾﺘﮫ )دوﮔادﯾﺮ(. وﻟﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮ ،ﺑﺪأ رﺣﻠﺔ طﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ إﻟﻰ ﺧﺎرج ﺳﻮس ،وھﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﺣﻮاﻟﻲ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ ،وﺷﻤﻠﺖ اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻵﺗﯿﺔ: ( 1ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺴﺎﻋﺪات )أوﻻد ﺑﻮاﻟﺴﺒﺎع .أﺣﻮاز ﻣﺮاﻛﺶ( .ﺳﻨﺔ واﺣﺪة. ( 2ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ )ﻣﺮاﻛﺶ( .ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات. ( 3ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦ )ﻓﺎس( .أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات. ( 4ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎط ﺳﻨﺔ واﺣﺪة. ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ طﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ،اﺳﺘﻘﺮ اﻟﺴﻮﺳﻲ ﺑﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﺮاﻛﺶ .وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺘﺢ ﺻﻔﺤﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮫ ،ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ أھﺪاﻓﮫ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﻨﻮى ﺗﺤﻘﯿﻘﮭﺎ :أداء ﻣﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ واﺟﺐ ﻧﺤﻮ وطﻨﮫ .ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ وﺗﻄﻮﯾﺮه ،أو ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻋﯿﺔ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ ﺑﻀﺮورة ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺼﻔﻮف ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺮﯾﺮ اﻟﻮطﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ...اﻟﺦ .وھﻲ اﻟﻨﯿﺔ/اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻐﻠﺖ ﺑﺎل ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ رﻓﺎﻗﮫ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﮭﻢ زﻣﻼؤه ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦ .وﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﺗﺄﺛﺮ إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﯿﺪ ﺑﺠﻮ ﻓﺎس اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻮطﻨﻲ اﻟﻨﮭﻀﻮي.416 413 414
( ﺗوﺟد ﻗر ﺎ ﻣن ﺳ
)إﻟﻎ( ﺣﯾث ﺗوﺟد ﻗرﺔ )دو ﺎدﯾر( ﻣﺳﻘ رأﺳﻪ.
( ﻗﺿﻰ ﻓﻲ ﺗﺎب ﻗرﺔ اﻟﻌر وب ﺳ ﻌﺔ أﺷﻬر ،ﺛم اﻟﺗﺣ
ﺗﺎب ﻗرﺔ )إ ﻔرﻣﺎن( ﺑـ )أﯾت ﺎﻛو( ﺷﺗو ﺔ ،اﻟذ
ﻗﺿﻰ ﻪ ﺣواﻟﻲ ﺳﻧﺔ وﺷﻬرن ،أ إﻟﻰ ﺷﻬر رﻣﺿﺎن 1328ﻫـ ) ﺷﺗﻧﺑر 1910م(.
( 415وﻫﻲ 1 :ـ ﻣدرﺳﺔ )إ ﻐﺷﺎن( اﻟﺗﻲ ﻗﺿﻰ ﺑﻬﺎ ﺣواﻟﻲ ﺳﻧﺗﯾن 2 .ـ ﻣدرﺳﺔ )ﺑوﻧﻌﻣﺎن( ،وﻗﺿﻰ ﺑﻬﺎ ﻧﺣو ﺳﻧﺔ واﺣدة.
3ـ ﻣدرﺳﺔ )ﺗﺎﻧ رت( ﺑﺈﻓران اﻷطﻠس اﻟﺻﻐﯾر ،وﻓﯾﻬﺎ ﻗﺿﻰ ﺣواﻟﻲ أرﻊ ﺳﻧوات.
( 416وﻓﻲ ذﻟك ﻘول » :ﻓﻲ ﻓﺎس اﺳﺗﺑدﻟت ﻓ ار ﻔ ر ،ﻓﺗﻛون ﻟﻲ ﻣﺑدأ ﻋﺻر ﻋﻠﻰ آﺧر طراز ،ﻗد ارﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟدﯾن
واﻟﻌﻠم واﻟﺳﻧﺔ اﻟﻘو ﻣﺔ ،ﻓﺷﺟت ﻘﺻﺎﺋد ﺣ ﺔ ،وﻫﻧﺎك ﺗﻌرﻓت ﻋﻠﻰ ﺗطواﻧﯾﯾن ﻓﺎﺿﻠﯾن ﻫﻣﺎ :اﻟﺳﯾد اﻟﺣﺎج ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﺑﻧوﻧﺔ
وأﺧوﻩ اﻟﺣﺎج ﻣﺣﻣد ،ورﺎطﯾﯾن ﻓﺎﺿﻠﯾن ﻫﻣﺎ :اﻟﺷﯾﺦ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣ ﻲ اﻟﻧﺎﺻر ،واﻷﺳﺗﺎذ اﻟﺣﺎج أﺣﻣد ﺎﻻﻓرﺞ ،و ﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﯾﺗﻲ ،وﻗد ﯾﺑﯾﺗﺎن ﻣﻌﻲ ﻓ ﻪ .ﻣﺎ ﻋرﻓت ﻫﻧﺎك اﻷدﯾب أ ﺎ ر ﺑﻧﺎﻧﻲ ،ﺑﻞ ﻫو أول ﻣن ﻋرﻓت ﻓﻲ اﻟرﺎ ،
ﯾردان ﻋﻠﻲ ّ وﻗد ورد إﻟﯾﻬﺎ ﯾوﻣﺎ ،واﻷدﯾب ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﻌ ﺎس اﻟﻘ ﺎج ،واﻟﺣﺎج ﻣﺣﻣد اﻟﻧﺎﺻر اﻟﺷﺎﻋر ،و ﺎﻧت اﻷﻓ ﺎر ﺗﺗ ﺎدل ،ﻓ ﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻣدن اﻟﺛﻼث :ﻓﺎس ،واﻟرﺎ ،وﺗطوان .ﻣر ز اﻟﺗﻔ ﯾر ﻓﻲ ﻓﺟر اﻟﻣﻐرب اﻟﺟدﯾد .وﻣن ﻫﻧﺎك ﺗﻣﺧﺿت اﻟﻔ رة اﻟوطﻧ ﺔ
209
ﺑﯿﺪ أن اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺨﺮط ﻓﯿﮭﺎ وﺑﻘﻮة ،ﻓﻮر ﺣﻠﻮﻟﮫ ﺑﺎﻟﺤﻤﺮاء ـ وھﻲ اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﺘﻲ ﯾﺤﻠﻮ ﻟﮫ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﯾﺜﮫ أو ذﻛﺮه ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﺮاﻛﺶ ـ ﻟﻢ ﺗﺘﺮك اﻟﻤﺤﺘﻠﯿﻦ ﯾﺴﻜﺘﻮن ﻋﻨﮫ أو ﯾﻐﻀﻮن اﻟﻄﺮف ﻋﻦ أﻋﻤﺎﻟﮫ وﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﮫ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺮون ﻓﯿﮭﺎ ﺧﻄﺮا ﻋﻠﻰ وﺟﻮدھﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ،وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻟﺴﻮﺳﻲ أﺣﺪ أواﺋﻞ ﻣﺆﺳﺴﯿﮭﺎ ﺑﻔﺎس ﺳﻨﺔ 1344ھـ1926/م .417وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪر ﻟﮫ أن ﯾﻘﻮم ﺑﻌﺪة رﺣﻼت/ﺗﻨﻘﻼت اﺿﻄﺮارﯾﺔ ﻋﺒﺮ ﻋﺪة ﻣﻨﺎطﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب ،ﺑﺪأت ﺳﻨﺔ 1356ھـ1937/م .واﻧﺘﮭﺖ ﺑﺤﺼﻮل اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺳﻨﺔ 1375ھـ1955/م .وھﻲ: ( 1ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻔﻲ إﻟﻰ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﮫ ﺑـ " :إﻟﻎ " ،داﻣﺖ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﻮات. ( 2ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺶ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮار ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ،داﻣﺖ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات. ( 3ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﺣﯿﻞ/اﻻﻟﺘﺠﺎء إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻟﻼﺳﺘﻘﺮار ﺑﮭﺎ ،وداﻣﺖ ﺳﻨﺘﯿﻦ. ( 4ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎل ﺑـ" :ﺗﯿﻨﺠﺪاد" ﺛﻢ ﺑـ" :أﻏﺒﺎﻟﻮﻧﻜﺮدوس" ،داﻣﺖ ﺳﻨﺔ وﺳﺒﻌﺔ أﺷﮭﺮ. ( 4ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺑﻌﺪ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻦ .داﻣﺖ ﺳﻨﺔ وﺧﻤﺴﺔ أﺷﮭﺮ ( 6ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺮﺑﺎط واﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮل اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل .اﺳﻐﺮﻗﺖ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮه. ھﻜﺬا ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ھﺬا أن ﻣﺤﻤﺪا اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،ﻋﺎش زﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﮫ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ،ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﻋﻼﻗﺔ ﻗﺪﯾﻤﺔ ﺑﮭﺎ .إذ ﺳﺒﻖ ﻟﮫ أن زارھﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺠﺎﺋﮫ إﻟﯿﮭﺎ ﻋﺪة ﻣﺮات. ( 1ﻛﺎﻧﺖ أول زﯾﺎرة ﻟﮫ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺳﻨﺔ 1339ھـ1921/م .وﻛﺎن ﻋﻤﺮه آﻧﺬاك إﺣﺪى وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﻨﺔ ،وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﮫ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﮫ إﻟﻰ "ﺑﻨﻲ زروال" ﻟﺰﯾﺎرة زاوﯾﺔ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺪرﻗﺎوي .وﻓﻲ طﺮﯾﻘﮫ ﻋﺮج ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻣﺪن ،وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﺎل» :وﻓﻲ ﻋﺎم 1339ھـ ﺧﺮﺟﺖ ﺻﺒﺎﺣﺎ اﻟﻣرﺗﻛزة ﻋﻠﻰ اﻟدﯾن واﻷﺧﻼق اﻟﺳﺎﻣ ﺔ ،و ﻧت أﺻﺎﺣب اﻟﻣﻔ رن إذ ذاك ،و ﺎﻧوا ﻧﺧ ﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻔﺔ واﻟﻌﻠم واﻟدﯾن ،ﯾﻧظرون
إﻟﻰ ﻌﯾد« )اﻹﻟﻐ ﺎت.(226/2: 417
( اﻧظر ﺗﺎ ﻪ) :اﻹﻟﻐ ﺎت.(227/2 :
210
أودع ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﻔﺎﺳﻲ ،وﻣﻮﻻي اﻟﻤﮭﺪي اﻟﺠﺒﻠﻲ اﻟﻤﺮاﻛﺸﻲ ـ وﻗﺪ ﻛﻨﺖ ﻣﻌﮭﻤﺎ وﻣﻊ أﺳﺘﺎذﻧﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﻓﻲ رﻓﻘﺔ داﺋﻤﺔ ـ وﻛﺎﻧﺎ ﯾﻘﺼﺪان ﻓﺎﺳﺎ ،ﻓﺈذا ﺑﮭﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺴﯿﺎرات أرﻛﺒﺎﻧﻲ ،وﻟﻢ أﺻﻄﺤﺐ ﻣﻌﻲ ﻻ ﻛﺴﻮة وﻻ درھﻤﺎ ،ﻓﻌﺮﺟﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻓﺎﻟﺒﯿﻀﺎء ﻓﻔﺎس ﺛﻢ إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻢ ﻣﻮﻻي اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺪرﻗﺎوي ،ﻓﺮأﯾﺖ إذ ذاك ﻋﺎﻟﻤﺎ آﺧﺮ ،وزرت ﻣﻮﻻي ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪرﻗﺎوي ،ﺛﻢ أﻛﺪﻧﻲ ﻛﺜﯿﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ ،ﺛﻢ رﺟﻌﻨﺎ أدراﺟﻨﺎ ،ﺛﻢ أدﯾﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ واﺟﺒﻲ ﻣﻦ ﻧﻔﻘﺎت اﻟﺴﻔﺮ ﺑﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﻛﺘﺒﻲ ،ﻷﻧﻨﻲ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺣﺴﺒﻨﻲ ﻣﺆدﯾﺎ ،إذ ﻣﺎ ﺳﺎﻓﺮت إﻻ ﻣﻠﺰﻣﺎ .وﻟﻜﻦ ﺣﯿﻦ ﺳﺌﻠﺖ ﻋﻦ ذﻟﻚ أدﯾﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﻦ ،ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ درﺳﺎ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .وﻣﺎ أﻛﺜﺮ أﻣﺜﺎل ھﺬه اﻟﺪروس اﻟﺘﻲ 418 اﺳﺘﺄﺻﻠﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ اﻹﺷﺮاف إﻟﻰ ﺑﻨﺎت ﺟﯿﻮب ﻏﯿﺮي ﻛﺎﺑﻦ زاوﯾﺔ « ( 2ﺗﻜﺮرت زﯾﺎراﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺧﻼل ﻣﺮﺣﻠﺘﻲ دراﺳﺘﮫ ﺑﻤﺪﯾﻨﺘﻲ ﻓﺎس واﻟﺮﺑﺎط ،اﻟﻠﺘﯿﻦ داﻣﺘﺎ ﻣﻦ ﺑﺪاﯾﺔ ﺳﻨﺔ 1343ھـ ،إﻟﻰ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﻨﺔ 1348ھـ )ﻏﺸﺖ 1924م /ﯾﻮﻧﯿﻮ م .(1929وذﻟﻚ ﻧﻈﺮا ﻟﻜﻮن اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻣﻌﺒﺮا ﺿﺮورﯾﺎ ﻟﮫ ﺧﻼل ﺗﻨﻘﻼﺗﮫ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﮫ وھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺘﯿﻦ .ﺑﯿﺪ أن ﻟﻘﺎءاﺗﮫ ﻣﻊ ﺳﻜﺎن ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺘﺼﺮة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮﺳﯿﯿﻦ اﻟﻤﻘﯿﻤﯿﻦ ﺑﮭﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﮫ ﯾﻌﺪ اﺑﻦ ﺷﯿﺦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪرﻗﺎوﯾﺔ اﻟﺬي ذاع ﺻﯿﺘﮫ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺳﻮس وﺣﺪھﺎ وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎطﻖ اﻟﻤﻐﺮب ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫ ﯾﻨﺤﺪر ـ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﻠﻮم ـ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺳﻮﺳﯿﺔ ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ "ﺗﺎﻓﺮاوت" اﻟﺘﻲ ھﺎﺟﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء وﺗﻌﺎطﻮا اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺤﻮا ﻓﯿﮭﺎ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ ﺑُﻌﯿﺪ ﺷﺮوع ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﻄﺎب رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﻣﺴﻠﻤﯿﻦ وﯾﮭﻮدا ،وأﯾﻀﺎ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﻨﺴﯿﺎت اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ .وﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻛﺜﺮ ﻣﻌﺎرﻓﮫ وأﺣﺒﺎؤه ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ. ( 3ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻘﺎﻣﮫ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﻣﻌﻠﻤﺎ وﻣﺮﺑﯿﺎ وﻣﺠﺎھﺪا ،واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮات ﻛﺎﻣﻠﺔ ،أي ﻣﻦ ﺑﺪاﯾﺔ ﺳﻨﺔ 1348ھـ إﻟﻰ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﻨﺔ 1355ھـ )ﯾﻮﻧﯿﻮ 1929م /ﻣﺎرس 1937م( ،ﻛﺜﺮ ﺗﺮدده ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﻮاﺿﺮ واﻟﻤﺪن اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ، وذﻟﻚ ﺑﮭﺪف ﺗﺤﻘﯿﻖ أھﺪاف رﺟﺎل اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻮطﻨﻲ ،وﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﺨﻼﯾﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ...اﻟﺦ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﻼت اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻋﺒﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ إﻟﻰ ﺣﻤﻞ وإﻗﻨﺎع اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻮﺟﮭﺎء وﺣﺘﻰ ﻣﻦ رﺟﺎل 418
( ﻣﺣﻣد اﻟﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ).اﻹﻟﻐ ﺎت( 224/2 :ـ
211
اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ 419ﻋﻠﻰ إﻧﺸﺎء اﻟﻤﺪارس اﻟﻌﺼﺮﯾﺔ اﻟﺤﺮة ﻟﻔﺎﺋﺪة أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻌﺐ ،ﻟﺘﻠﻘﻦ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻌﺼﺮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻟﺘﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻜﻮﯾﻦ أطﺮ وطﻨﯿﺔ ﻋﻠﯿﺎ ﻣﺘﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﻓﺘﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻟﻠﻤﺪارس اﻟﻤﻔﺮﻧﺴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ إدارة اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﺗﻨﺸﺆھﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺣﺼﺮ ﻣﮭﻤﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﯾﻦ اﻷطﺮ اﻟﺼﻐﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﺴﯿﯿﺮ إدارﺗﮭﺎ .وﻛﺎن ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﮫ اﻟﺒﯿﻀﺎوﯾﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺑﺎدروا ﻣﺒﻜﺮا إﻟﻰ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﺪارس :اﻷﺳﺘﺎذ "اﻟﻔﻘﯿﮫ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻤﺪاوي" ﻣﺆﺳﺲ ﻣﺪرﺳﺔ "اﻷﻣﯿﺮة ﻟﻼ ﻋﺎﺋﺸﺔ " .420ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻋﯿﮫ اﻟﺪؤوﺑﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﺘﻨﻘﻼت إﻟﻰ دﻋﻢ وﻧﺸﺮ أﻓﻜﺎر اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﮭﺎدﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ إدارة اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﺑﺈدﺧﺎل وإﻧﺠﺎز إﺻﻼﺣﺎت ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. وﻟﮭﺬا اﻟﻐﺮض زار ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻣﺮات وﻣﺮات. ( 4وﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻧﻔﯿﮫ إﻟﻰ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﮫ ﺑـ" :إﻟﻎ" ﻟﻢ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﺻﻠﺘﮫ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء .ﻓﮭﺬا ﺗﻠﻤﯿﺬه وﻣﺪﯾﺮ دﯾﻮاﻧﮫ ـ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن وزﯾﺮا ﻟﻠﺘﺎج ـ ﯾﺘﺤﺪث ﻋﻦ زﯾﺎرة ﻟﻠﺴﻮﺳﻲ إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻓﯿﻘﻮل ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎب" :إﯾﻠﯿﻎ ﻗﺪﯾﻤﺎ وﺣﺪﯾﺜﺎ" ﺑﺄن رواج ﺗﻮﻗﯿﻊ وﺛﯿﻘﺔ 11ﯾﻨﺎﯾﺮ 1944ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ ،ﺻﺎدف وﺟﻮد ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺎدﻟﺔ »ﺑﺘﺮﺧﯿﺺ ﻣﻦ ﺣﺎﻛﻢ ﺑﻠﺪه ﻋﻨﺪ ﻣﺮﯾﺪ واﻟﺪه ﺳﯿﺪي إﺑﺮاھﯿﻢ اﺑﻦ اﻟﺒﺼﯿﺮ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻋﺎم ) 1364ص 38ج 12اﻟﻤﻌﺴﻮل( وﻟﻜﻨﮫ اﻧﻔﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء وﻧﺰل ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺎﺿﻞ اﻟﻤﺮﺣﻮم ﺳﯿﺪي أﺣﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺤﺎﺣﻲ ﺻﮭﺮ أﺣﻤﺪ اﻟﺴﻮﺳﻲ اﻟﺬي ﺑﻨﻰ ﺟﺎﻣﻊ درب اﻟﻜﺒﯿﺮ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ،وﺟﻌﻠﮫ إﻣﺎﻣﺎ ﺑﮫ .وﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ ]اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ[ ﯾﻠﺒﺲ إذ ذاك ﺣﺬاﺋﯿﻦ ﻧﻌﻠﮭﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻮف وﺧﻨﯿﻔﺎ ﻏﻠﯿﻈﺎ ﺧﺸﻨﺎ أﺳﻮد وﻣﺘﻌﻤﻤﺎ ﺑﻌﻤﺎﻣﺔ ﯾﺘﺤﻨﻚ ﺑﺒﻌﻀﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎدة أھﻞ ﻣﺎ ﯾﺠﺎور "إﻟﻎ" ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺮاء ﻟﻜﻲ ﻻ ﯾﻌﺮف ،وﻛﻨﺖ آﺗﯿﮫ ﺑﺠﺮاﺋﺪ ذﻟﻚ اﻟﻌﮭﺪ ﻛﺎﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻮداد .وأﺣﻤﻞ إﻟﯿﮫ ﻣﺎ ﺗﺠﺪد ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر ،وﻛﺎن ﻗﺪ ﺗﺮك وﺛﯿﻘﺔ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺗﺮوج ﻟﻠﺘﻮﻗﯿﻊ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ،ﻓﺈذا ﺑﺎﻟﻘﻀﯿﺔ ﺗﺘﻄﻮر ،وإذا ﺑﻔﺮﻧﺴﺔ ﺗﻤﺪ اﻟﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ،وإذا ﺑﮭﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺮﺋﯿﺲ أﺣﻤﺪ ﺑﺎﻻﻓﺮﯾﺞ إﻟﻰ ﻛﻮرﺳﯿﻜﺔ ،ﻓﻠﻤﺎ وردت ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﻨﺪ اﻟﺰوال وﺣﻤﻠﺖ إﻟﯿﮫ ﻣﺎ ﺗﺠﺪد ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر ﺧﺎف أن ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﮫ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻣﻨﻔﺎه ﻓﺘﺠﺪه ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ،ﻓﺘﻤﻨﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﮫ ﺟﻨﺎﺣﺎن ﻟﯿﻄﯿﺮ ﺑﮭﻤﺎ ،وﺗﺄﻣﻞ ﻣﻠﯿﺎ ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﺳﺘﮫ وﻟﻢ ﺗﻠﺒﺚ اﻷﯾﺎم أن 419
( ﻣن ﻗواد اﻹدارة اﻟﻔرﻧﺳ ﺔ اﻟذﯾن اﺳﺗطﺎع اﻟﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ إﻗﻧﺎﻋﻬم ﺑذﻟك :اﻟﻘﺎﺋد "اﻟﻌ ﺎد " ﻗﺎﺋد اﻟرﺣﺎﻣﻧﺔ .اﻟذ
420
( ﻗدر ﻟﻠﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ أن ﻌﺗﻘﻞ ﻓﻲ اﻟدار اﻟﺑ ﺿﺎء ﯾوم 1952/12/14م ﻓﻲ ﺑﯾت ﻫذا اﻟرﺟﻞ و ﺻﺣﺑﺗﻪ.
أﻧﺷﺄ ﻣدرﺳﺔ "ﺑن رر" وﻋﯾن ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ اﻷﺳﺗﺎذ إﺑراﻫ م ﺑن أﺣﻣد اﻹﻟﻐﻲ ،وﻫو أﺣد ﺗﻼﻣﯾذ اﻟﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ اﻟﻧﺟ ﺎء.
212
ﺻﺪﻗﺘﮭﺎ :ﻗﺎل" :ﻗﺪ ﻗﻀﻲ اﻷﻣﺮ وﺗﻔﺮﻗﻌﺖ اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺨﻠﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﻣﻦ ﯾﻘﺒﻞ أن ﯾﻔﺎوﺿﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﻤﺎ دون اﻻﺳﺘﻘﻼل ،ﻛﺒﻌﺾ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ .أﻣﺎ اﻵن وﻗﺪ ﻗﯿﻠﺖ ﻛﻠﻤﺔ اﻻﺳﺘﻘﻼل ،ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﯾﻘﺒﻞ أن ﯾﺘﻔﺎوض ﻋﻠﻰ ﻣﺎ دوﻧﮭﺎ ﺳﯿﺮاه اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺧﺎﺋﻨﺎ اﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺎ ،وﻟﻦ ﯾﺘﺄﺧﺮ اﻻﺳﺘﻘﻼل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﻋﺎﻣﺎ] ...ﺛﻢ ﺳﺮد ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻋﻮدﺗﮫ ﺳﺮﯾﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﻔﺎه[«.421 ﻛﻤﺎ زار اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء زﯾﺎرة ﻋﻠﻨﯿﺔ ،ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﯿﺺ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎت اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﺑﺘﺎﻓﺮاوت .ﯾﺴﻤﺢ ﻟﮫ ﺑﺰﯾﺎرة ﺷﻤﺎل اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ،و ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻗﺒﯿﻞ ﺻﺪور ﻗﺮار اﻹﻓﺮاج اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ ﻋﻨﮫ .وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ ﯾﻘﻮل ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ» :ﺑﻌﺪﻣﺎ أدﯾﻨﺎ ﻟﻠﺤﻤﺮاء ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻮﻗﮭﺎ اﻟﻮاﺟﺒﺔ وﻗﻀﯿﻨﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻟﮭﺎ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻛﺄﺑﻨﺎء ﺑﺮرة ،وﻣﺮاﻛﺸﯿﯿﻦ أﻗﺤﺎح ،وﻟﯿﻨﺎ اﻟﻮﺟﮭﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﺑﺎط ﻣﺎرﯾﻦ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻻ ﻣﺮور اﻟﻜﺮام ﺑﻞ ﻣﺮورا ﺑﺎﻟﻜﺮام ،ﻓﻨﺰﻟﻨﺎ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،وﻗﺪ وﺟﺪﻧﺎ إزاء ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻘﻄﺎر ﻋﺮﺑﺔ ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎرﻧﺎ ﺛﻢ ﻧﺰﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺰب ورﺟﺎل اﻟﺤﺰب ،ﻓﺘﻮاﻓﺪ اﻹﺧﻮان اﻟﺮﺑﺎطﯿﻮن ﻋﻦ إذن اﻟﺤﺰب ﯾﮭﻨﺌﻮن ﺑﺎﻟﺘﺴﺮﯾﺢ« .422ﺛﻢ اﻣﺘﺪ ﺑﮫ اﻟﺴﻔﺮ إﻟﻰ ﻣﺪن أﺧﺮى وﻣﻨﮭﺎ ﻓﺎس ،وﯾﻘﻮل ﺑﺄﻧﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺳﻮس» :ﻣﺮرت ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ،ﺣﯿﺚ أﻗﻤﺖ ﻣﺎ أﻗﻤﺖ ﺛﻢ ﺣﻠﻠﺖ ﺑﺎﻟﺒﯿﻀﺎء ﺣﯿﺚ اﺗﺼﻠﺖ ﺑﺼﺎﺣﺒﻨﺎ اﻷدﯾﺐ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮوداﻧﻲ وإﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﻮطﻨﯿﯿﻦ اﻷﻋﺰاء «.423 أﺳﺒﺎب اﻟﺘﺠﺎﺋﮫ إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺳﻨﺔ 1950م: ﻟﻤﺎ أﻓﺮج ﻋﻦ اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻣﻦ ﻣﻨﻔﺎه ﺑﻤﺴﻘﻂ رأﺳﮫ "إﻟﻎ" ﻓﻲ ﺷﮭﺮ ذي اﻟﻘﻌﺪة ﺳﻨﺔ 1364ھـ/أﻛﺘﻮﺑﺮ 1945م .ﻋﺎد ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ إﻟﯿﮫ ﻣﺮاﻛﺶ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺤﻠﻮ ﻟﮫ ﺗﺴﻤﯿﺘﮭﺎ ﺑـ" :اﻟﺤﻤﺮاء" .ﻓﺄﻗﺎم ﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﺿﻄﺮاره إﻟﻰ ﻣﻐﺎدرﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ رﺑﯿﻊ اﻷول 1370ھـ /دﺟﻨﺒﺮ 1950م. وﻛﺎن ﺳﺒﺐ رﺣﯿﻠﮫ اﻻﺿﻄﺮاري ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺘﻮﺟﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻤﺎرﺳﮫ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﻤﺪة ﻣﻦ أﻧﺸﻄﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮوق اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺔ ،ﻓﮭﻮ: 421 422 423
( ﻣﻘدﻣﺔ ﺗﺎب ":إﯾﻠ ﻎ ﻗد ﻣﺎ وﺣدﯾﺛﺎ " ﻟﻣﺣﻣد اﻟﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ ) ﻘﻠم ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد ﷲ اﻟروداﻧﻲ(. ( ﻣﺣﻣد اﻟﻣﺧﺗﺎراﻟﺳوﺳﻲ" :اﻟرﺳﺎﻟﺗﺎن اﻟﺷوﻗ ﺔ واﻟﺑوﻧﻌﻣﺎﻧ ﺔ" ص.182 : ( اﻟرﺳﺎﻟﺗﺎن :اﻟﺑوﻧﻌﻣﺎﻧ ﺔ واﻟﺷوﻗ ﺔ .ص.196 :
213
( 1أﻋﺎد ﻓﺘﺢ ﻣﺪرﺳﺘﮫ اﻟﺤﺮة اﻟﻤﺸﮭﻮرة ﺑﺤﻲ "اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ" .وھﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ ﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ أن أﻏﻠﻘﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﺻﯿﻒ ﺳﻨﺔ 1938م .أي ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﮭﺮا ﻋﻠﻰ ﻧﻔﯿﮫ .وﻗﺪ اﺳﺘﺮﺟﻌﺖ ھﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺣﯿﻮﯾﺘﮭﺎ وﻧﺸﺎطﮭﺎ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻮطﻨﻲ، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﻠﻘﺎت اﻷدﺑﯿﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺄﻧﻔﺖ ﺣﯿﺎﺗﮭﺎ .ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎع ﺧﻼل ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ إﻗﻨﺎع ﻋﺪد ﻣﻦ ﻗﻮاد إدارة اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﺪارس ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ .وﻗﺪ أﻧﺸﻲء ﻣﻨﮭﺎ: ـ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﯿﺎدي ﺑﻤﺮاﻛﺶ. ـ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻜﻨﺪاﻓﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﯿﺲ. ـ ووﻋﺪه اﻟﺒﺎﺷﺎ اﻟﻜﻼوي ﺑﺒﻨﺎء أرﺑﻊ ﻣﺪارس ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ :درﻋﺔ وﺗﻠﻮات، وﺗﺎﻟﯿﻮﯾﻦ ،وﻣﺴﻔﯿﻮة .ﻋﻠﻰ أن ﯾﺘﻮﻟﻰ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﺗﺴﯿﯿﺮھﺎ وﯾﺘﻮﻟﻰ اﻟﻜﻼوي اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﺑﯿﺪ أن اﻟﻜﻼوي ﻟﻢ ﯾﻒ ﺑﻮﻋﺪه. ( 2اﺳﺘﺄﻧﻒ إﻋﻄﺎء دروﺳﮫ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،وﻟﻘﯿﺖ إﻗﺒﺎﻻ ﺗﺠﺎوز ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺤﻠﻘﺎت دروس ﻣﻦ ﺻﯿﺖ وإﻗﺒﺎل ﺷﻌﺒﻲ ﺧﻼل ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﯿﮫ اﻷول ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﺳﻠﻄﺎت اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺗﺸﺪد ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ،ﻟﺘﺨﻮﻓﮭﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﯿﺮ ھﺬه اﻟﺪروس ﻋﻠﻰ روادھﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻨﮭﻢ ﯾﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻄﺒﻘﺎت واﻟﺸﺮاﺋﺢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ. ( 3ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1366ھـ1947/م .دﻋﺎ إﻟﻰ ﺗﺄﺳﯿﺲ ﺟﻤﻌﯿﺔ ﺗﻜﻔﻠﺖ ﺑﺒﻨﺎء ﻣﺪرﺳﺔ ﺣﺮة ﺑﺤﻲ "رﯾﺎض اﻟﻌﺮوس" ،وھﻲ اﻟﺘﻲ ﺻﺎرت ﺗﻌﺮف ﺑﻤﺪرﺳﺔ "ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ" وﻗﺪ دﺷﻨﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺷﺨﺼﯿﺎ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ أﺑﺮﯾﻞ ﺳﻨﺔ 1950م. »وﻗﺪ ﻻﻗﻰ ]اﻟﺴﻮﺳﻲ[ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﺗﻜﻮﯾﻦ ھﺬه اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﻨﻔﯿﺬ ﻣﺸﺮوﻋﮭﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺎ ﻻﻗﺎه ﻣﻦ ﻋﻨﺖ ،وﻣﻀﺎﯾﻘﺎت ،ﺧﻼل ﺳﻨﺘﻲ 1936و 1937ﺣﯿﻨﻤﺎ أﺷﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﯿﺲ وﺗﺴﯿﯿﺮ اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﺨﯿﺮﯾﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮاﻗﻔﮫ اﻟﻤﺘﺼﻠﺒﺔ ﻣﻊ ﺳﻠﻄﺎت اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ إﺣﺪى اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﮭﺎ ﺗﻌﺮﻗﻞ أﻋﻤﺎﻟﮫ، وﺗﺤﺬر ﻣﻦ ﻧﺸﺎطﮫ ،وﺗﮭﻲء اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺴﺎﻧﺤﺔ ﻻﻋﺘﻘﺎﻟﮫ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن ﺑﻮادر اﻷزﻣﺔ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ اﻧﺘﮭﺖ ﺑﺨﻠﻊ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﻦ اﻟﻌﺮش ﺑﺪأت ﺗﻠﻮح ﻓﻲ اﻷﻓﻖ، ﺑﻞ وﺗﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث«.424 ( 4اﺳﺘﺄﻧﻒ ﻧﺸﺎطﮫ اﻟﻮطﻨﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ـ ﻋﻠﻰ ﻋﺎدﺗﮫ ـ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ اﻧﺘﻌﺸﺖ ،واﻧﺪﻣﺠﺖ ﻓﻲ ﻧﺴﯿﺞ ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﯿﺪ ( 424ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﯿﻞ" :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،دراﺳﺔ ﻟﺸﺨﺼﯿﺘﮫ وﺷﻌﺮه" .ص.99 :
214
اﻟﻮطﻨﻲ .اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫ ﯾﺘﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ أن ﯾﺼﺪر ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻗﺮار ﻧﻔﯿﮫ ﻋﻦ ﻣﺮاﻛﺶ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ،أو ﻗﺮار اﻋﺘﻘﺎﻟﮫ .وھﻮ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺨﺶ اﻻﻋﺘﻘﺎل ،ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺨﺸﻰ أن ﯾﻨﻔﻰ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ إﻟﻰ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﮫ ،ﻓﯿﻌﯿﺶ ھﻨﺎك ـ ﻣﺮة أﺧﺮى ـ ﺣﯿﺎة اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﮫ ورﻓﺎﻗﮫ ﻓﻲ اﻟﻜﻔﺎح. ( 5ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1950م .وﻗﻌﺖ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ أدت إﻟﻰ ﺗﻮﺗﺮ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺒﺎﺷﺎ اﻟﺘﮭﺎﻣﻲ اﻟﻜﻼوي اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أدى ﺑﺠﻼﻟﺘﮫ إﻟﻰ طﺮد اﻟﻜﻼوي ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺮ اﻟﻤﻠﻜﻲ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ﺧﻼل ﺣﻔﻞ أﻗﯿﻢ ﺑﮫ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ذﻛﺮى اﻟﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮي ﻟﺴﻨﺔ 1370ھـ .وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺮد اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﮫ اﻟﻜﻼوي ﺑﺎزدﯾﺎد اﻟﺘﻨﻜﯿﻞ ﺑﺎﻟﻮطﻨﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص ﻋﺰم اﻟﻤﺮاﻛﺸﯿﻮن ﻋﻠﻰ رﻓﻊ ﻋﺮﯾﻀﺔ اﺣﺘﺠﺎج واﺳﺘﻨﻜﺎر ﻟﺘﺼﺮﻓﺎت اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ .ﺑﯿﺪ أﻧﮭﻢ اﺷﺘﺮط ﻋﺪد ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻮطﻨﯿﯿﻦ اﻟﻤﺮاﻛﺸﯿﯿﻦ أن ﯾﻜﻮن أول اﻟﻤﻮﻗﻌﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭﺎ ھﻮ :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﻜﻦ أﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﯿﻊ ﺑﻌﺪه ،إذ ﺑﺪون ذﻟﻚ ﻟﻦ ﯾﺘﻢ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻤﺄﻣﻮل ﻟﮭﺬه اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ/اﻟﺤﻤﻠﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎن آﺧﺮ ﻋﻤﻞ ﻗﺎم ﺑﮫ ﻗﺒﻞ رﺣﯿﻠﮫ ﺑﺪﻗﺎﺋﻖ :ﻗﯿﺎﻣﮫ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﯿﻊ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻌﺮﯾﻀﺔ .وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﻤﻨﺰل أﺣﺪ ﻛﺒﺎر أﺻﺪﻗﺎﺋﮫ اﻟﻤﺮاﻛﺸﯿﯿﻦ وھﻮ ﻣﻮﻻي أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻨﺠﺮة.425 وﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻟﮫ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء اﺗﺨﺬ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻹﺟﺮاءات اﻻﺣﺘﯿﺎطﯿﺔ اﻟﻜﻔﯿﻠﺔ ﺑﺈﻧﺠﺎح ﺧﻄﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﯿﻞ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،وذﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺗﻮﻗﯿﻌﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮﯾﻀﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ،وﻗﺪ ﺗﻢ ذﻟﻚ ﺑﺘﻨﺴﯿﻖ ﺗﺎم ﻣﻊ رﺟﺎل اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺪﯾﻨﺘﻲ ﻣﺮاﻛﺶ واﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء .ﻓﺒﻌﺪ ﺗﻮﻗﯿﻌﮫ إﯾﺎھﺎ ﻟﯿﻼ ﺗﻮﺟﮫ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ ﺳﯿﺎرة أﺣﺪ اﻟﻮطﻨﯿﯿﻦ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء.426 وھﻜﺬا أﻓﻠﺢ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ اﻋﺘﻘﺎﻟﮫ أو إﺑﻌﺎده ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻋﻦ "اﻟﺤﻤﺮاء" إﻟﻰ وﺟﮭﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻼﺋﻤﮫ .واﺳﺘﻄﺎع أن ﯾﺪﺑﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ ﻓﻲ ﺳﺮﯾﺔ ﺗﺎﻣﺔ. 425
( ﺣ ﻰ ﻟﻲ ﻫذﻩ اﻟواﻗﻌﺔ ﻣوﻻ أﺣﻣد اﻟﻣﻧﺟرة رﺣﻣﻪ ﷲ ،وذﻟك ﺧﻼل زﺎرﺗﻲ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﯾﺗﻪ اﻟواﻗﻊ ﺣﻲ اﻟﻣواﺳﯾن
426
( ﻫو اﻟﻣﻌروف ﻓﻲ أوﺳﺎ اﻟﺣر ﺔ ﺑـ" :ﺣﻣﯾدو اﻟﻔﺎرس اﻟوطﻧﻲ" ) ﻧﻘﻼ ﻋن ﺗﻠﻣﯾذ اﻟﺳوﺳﻲ وﺧﻠ ﻔﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر
ﻓﻲ ﺷﻬر ﻣﺎرس 1974م.
ﻣدرﺳﺗﻪ ﻌد ﻧﻔ ﻪ إﻟﻰ ﻣﺳﻘ رأﺳﻪ ﺳﻧﺔ 1937م :اﻟﺳﯾد ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻣﻌﻠم رﺣﻣﻪ ﷲ( ) .أﻣﺎ ﺣﻣﯾدو ﻓﻘد اﻏﺗﯾﻞ رﺣﻣﻪ ﷲ ﺎﻟدار اﻟﺑ ﺿﺎء ﺳﻧﺔ 1970م (.
215
ﻧﺸﺎطﮫ ﻓﻲ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء وﻧﺘﺎﺋﺠﮫ: ( 1ﺗـﺮﺑﻮﯾﺎ دﺷﻦ ﻧﺸﺎطﮫ ﺑﺘﻌﺎطﯿﮫ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ـ ﻛﻌﺎدﺗﮫ داﺋﻤﺎ ـ اﻗﺘﻨﺎﻋﺎ ﻣﻨﮫ أن ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل ھﻮ اﻟﺴﺒﯿﻞ اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﻘﺴﻂ اﻟﻮاﻓﺮ ﻣﻦ ﺗﻮﻋﯿﺔ اﻟﺸﻌﺐ ،ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ أﯾﺔ ﻧﮭﻀﺔ وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻻﺳﺘﻘﻼل واﻷﻣﯿﺔ ﻣﻨﺘﺸﺮة ،واﻟﺠﮭﻞ ﺑﺎﺳﻂ أﺟﻨﺤﺘﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﺔ .وھﻮ ﯾﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﻗﯿﺎﻣﮫ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﮫ» :ﻟﻢ أﻛﺪ أﺳﺘﻘﺮ ﺑـ)اﻟﺒﯿﻀﺎء( ﺣﺘﻰ راﺟﻌﺖ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎم ،ﻓﺎﻟﺘﻒ أﯾﻀﺎ ﺣﻮﻟﻲ طﻠﺒﺔ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ وﺻﻠﻮا إﻟﻰ 70زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﺻﻐﺎر ،وﻗﺪ اﺗﺨﺬت أوﻻ ﻣﺮﻛﺰ ﺗﺪرﯾﺴﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﻤﺤﻤﺪي ،ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺮرت ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺬي ﺑﻨﺎه اﻟﻔﺎﺳﯿﻮن إزاء )درب اﺑﻦ اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ(، ﺣﯿﺚ أﻗﻄﻦ ﻓﻲ دار اﻛﺘﺮاھﺎ ﻟﻲ اﻟﺤﺎج إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺘﻤﻠﻲ اﻟﺘﺎﺟﺮ اﻟﻤﺸﮭﻮر ،وﻗﺪ أﻟﻘﻲ ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﺪروس ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ أذھﺐ ﻓﯿﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ « .427وھﻜﺬا ﻛﺮر ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺳﻠﻮﻛﮫ اﻟﺬي ﻋﺮف ﺑﮫ طﯿﻠﺔ ﻣﻘﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻋﺪدا ﻣﻦ طﻠﺒﺘﮫ ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺶ اﻟﺘﺤﻘﻮا ﺑﮫ ،واﺳﺘﻄﺎع ـ ﻛﻌﺎدﺗﮫ ـ أن ﯾﺘﻜﻔﻞ ﺑﺠﻤﯿﻊ ﻟﻮازﻣﮭﻢ ،ﻣﻦ ﻣﺄﻛﻞ وﻣﻠﺒﺲ وﻣﺴﻜﻦ .ﻣﺴﺘﻌﯿﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎر اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺎرﻋﻮن إﻟﻰ ﺗﻠﺒﯿﺔ طﻠﺒﺎﺗﮫ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻜﻔﻞ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ .ﻓﺺ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫ ﯾﺘﺤﻤﻞ ﺷﺨﺼﯿﺎ ﻧﻔﻘﺎت إﯾﻮاء ﻋﺪد ﻣﻨﮭﻢ ،ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﮫ ﻟﻤﺎ أﻟﻘﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻘﺒﺾ ﻓﻨﻔﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﺘﻘﻞ "أﻏﺒﺎﻟﻮ ﻧﻜﺮدوس" ﺑﺘﺎﻓﯿﻼﻟﺖ ،ﺑﻘﻲ 14طﺎﻟﺒﺎ ﯾﻘﻄﻨﻮن ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ ﻣﻊ أﺑﻨﺎﺋﮫ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎن ﻋﻤﺮ أﻛﺒﺮھﻢ ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز ﺛﻼث ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ .وأوﺻﻰ أھﻞ ﺑﯿﺘﮫ ﺑﺄن ﯾﺒﻘﻰ ھﺆﻻء اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ وأن ﯾﻌﺪوا أﻧﻔﺴﮭﻢ ﻛﺄن ﺷﯿﺌﺎ ﻟﻢ ﯾﻘﻊ وأن أﺳﺘﺎذھﻢ ﻣﺎ زال ﻣﻮﺟﻮدا ﻣﻌﮭﻢ.428 ( 2ﺗﻮﺟﯿﮭﯿـﺎ ﻛﺎن ﺣﺮﯾﺼﺎ ﻋﻠﻰ إﻋﻄﺎء دروس دﯾﻨﯿﺔ وﺗﻮﺟﯿﮭﯿﺔ ﻋﻤﻮﻣﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ وﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺸﺎءﯾﻦ ،وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻧﺎﻟﺖ ھﺬه اﻟﺪروس ﺷﮭﺮة واﺳﻌﺔ 427
( ﻧﻔﺳﻪ :ص.16 .
( 428ﺣ ﻰ ﻟﻲ ﻫذا ﺗﻠﻣﯾذﻩ اﻷﺳﺗﺎذ ﺣﺳن أﻣﯾن اﻟﻬﻼﻟﻲ ،و ﺎن أﺣدﻫم.
216
ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ »ﺣﯿﻦ ﯾﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﻢ اﻟﻐﻔﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﯾﻜﺘﻆ اﻟﻤﺴﺠﺪ«.429 اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺣﻤﻞ اﻹدارة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻠﯿﻒ ﻓﺮق ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺳﯿﺲ واﻟﻤﺨﺒﺮﯾﻦ ﻟﺘﺘﺒﻊ ﻧﺸﺎطﮫ وﺣﻀﻮر دروﺳﮫ ،وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺑﺪأوا ﯾﺴﺘﺪﻋﻮﻧﮫ ﻣﻦ ﺣﯿﻦ ﻵﺧﺮ ﻟﻼﺳﺘﺠﻮاب واﻻﺳﺘﻨﻄﺎق ،ذﻟﻚ »أﻧﮭﻢ ﯾﻌﻠﻤﻮن ﻛﯿﻒ ﯾﻜﺒﺮ اﻟﻨﺎس وﯾﺴﺘﻌﻈﻤﻮن ھﺠﺮﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﯾﺤﻜﻤﮫ ﻣﻦ ھﻮ ﺿﺪ اﻟﻤﻠﻚ ،ﺑﻞ ﺻﺮت إﺣﺪى اﻟﻤﺘﻜﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻜﻲء ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﮭﺎﺟﺮﯾﻦ ﻣﻦ طﻠﺒﺔ )ﻣﺮاﻛﺶ( اﻟﺬﯾﻦ ﺑﺎﻟﻎ ﻣﻦ ﻓﻲ )ﻣﺮاﻛﺶ( ﻓﻲ إھﺎﻧﺘﮭﻢ ﺣﯿﻦ ﺟﻠﺪ ﻛﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﺣﺘﻰ ﻣﺎت أﺣﺪھﻢ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺑﮫ اﻟﺴﯿﺎط ﻣﺒﻠﻐﮭﺎ، ﻓﯿﻤﺎ ذﻛﺮ ﻟﻨﺎ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ وأﻧﺎ أﻋﺮف ﻣﺎ أﺻﻨﻊ ﻣﺎض ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻲ ،ﻋﺎزم ﻋﻠﻰ أداء اﻟﻤﮭﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻄﻌﺖ أن أﻧﻔﻊ ﺑﮭﺎ ﺷﻌﺒﻲ ﻣﻨﺬ أن ﻣﻠﻜﺖ أﻣﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ )ﻣﺮاﻛﺶ( ،ھﺬا اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي رﻓﻊ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻲ وﻛﺴﺎﻧﻲ وأطﻌﻤﻨﻲ ،وأﺳﻜﻨﻨﻲ ،ﺑﻞ وھﯿﺄ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻀﺎء أن أﺑﻨﻲ دارا أﻣﻠﻜﮭﺎ وھﻲ اﻟﺪار اﻟﻮﺣﯿﺪة اﻟﺘﻲ دﺧﻠﺖ ﺗﺤﺖ ﻣﻠﻜﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﺿﻲ ﻋﻤﺮي، وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ھﺠﺮﺗﻲ ھﺬه ،أﻓﻼ ﯾﮭﺘﻢ ﻣﺜﻠﻲ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬا اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﺮﯾﻢ؟«.430 وھﻜﺬا ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺮﺑﺎطﺔ ﺟﺄش ،وﺑﻌﺰﯾﻤﺔ ﺻﻠﺒﺔ .ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻀﻐﻮط واﻟﺘﮭﺪﯾﺪات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺎرس ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﻹدارة ،ﻗﺼﺪ ﺛﻨﯿﮫ ﻋﻦ أداء ﻣﮭﻤﺘﮫ اﻟﺘﻲ ﯾﺼﺮ أﻣﺎم اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﯾﻦ وأذﻧﺎﺑﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﮭﺎ ﻣﺠﺮد ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ ﺷﺆون دﯾﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل دروﺳﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ،وﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻋﻠﻮم اﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ .وﻗﺪ ﺣﻜﻲ ﻟﻲ أﻧﮫ ﻟﻤﺎ ﻋﺰم ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ إﻟﻘﺎء درﺳﮫ اﻷول ﺑﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﻔﺎري ﻓﻮر اﻻﻧﺘﮭﺎء ﻣﻦ ﺑﻨﺎﺋﮫ ،ﺟﺎء ﻋﻨﺪه أﺣﺪ اﻟﻘﯿﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﺣﺎول ﻣﻨﻌﮫ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﺜﺎرت ﺛﺎﺋﺮة اﻟﺤﺎﺿﺮﯾﻦ ﻓﺎﺿﻄﺮ اﻟﻘﯿﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ إﻟﻰ اﻟﺮﺿﻮخ ﻟﻀﻐﻮط اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ اﻟﻤﺼﺮة ﻋﻠﻰ رﻓﺾ أي ﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮ ﯾﻌﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻜﺎن اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ. وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻛﺎن ﯾﺘﺮدد ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻣﺴﺎﺟﺪ ،وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ :اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﻤﺤﻤﺪي ﺑﺤﻲ "اﻷﺣﺒﺎس" ،وﻣﺴﺠﺪ "وﻟﺪ ﺣﺒﯿﺒﺔ" ﺑﺤﻲ ﺑﻮﺷﻨﺘﻮف ،وﻣﺴﺠﺪ "اﻟﺤﻔﺎري" ﺑﺤﻲ ﺑﻦ اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺮﯾﺒﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻜﻨﮫ. ( 3ﺳـﯿـﺎﺳـﯿـﺎ: 429 430
( ﻧﻔﺳﻪ :ص.16 . ( ﻧﻔﺳﻪ :ص.17 .
217
ﻟﻤﺎ اﺧﺘﺎر ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ اﻻﻟﺘﺠﺎء إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﯾﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل داﺋﻢ ﺑﺮﺟﺎل اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻮطﻨﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺻﺎرت ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺳﻨﻮات اﻷرﺑﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﯿﻼدي اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﺗﺘﺰﻋﻢ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﯿﺔ ﺿﺪ اﻟﻮﺟﻮد ﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ،وﺗﻜﻔﻲ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻻﺻﻄﺪاﻣﺎت اﻟﺪﻣﻮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺪث ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﺑﯿﻦ ﺳﻜﺎن ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ وﻗﻮات اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر.431 وﻛﺎن ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﺘﺄﻟﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ إﺧﻔﺎء اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻣﻨﺬ ﺣﻠﻮﻟﮫ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ اﻋﺘﻘﺎﻟﮫ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ دﺟﻨﺒﺮ 1952م .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن داﺋﻢ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺨﻼﯾﺎ وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة ﻋﯿﻮن اﻟﻤﺨﺒﺮﯾﻦ واﻟﺠﻮاﺳﯿﺲ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻠﻔﻮا ﺑﺘﺘﺒﻊ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎﺗﮫ وﺳﻜﻨﺎﺗﮫ .وﻟﻜﻦ ﻣﻘﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ إﺣﺎطﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻨﻘﻼت ﺑﺎﻟﺴﺮﯾﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻮق ﻣﺎ ﻛﺎن أﻋﻮان إدارة اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﯾﺘﺤﻠﻮن ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺪھﺎء وﻣﻦ اﻟﻤﻜﺮ ،ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻼزﻣﻮﻧﮫ ﻓﻲ دروﺳﮫ وﻓﻲ ﻏﯿﺮھﺎ .ﺑﯿﺪ أﻧﮭﻢ ﻋﺠﺰوا ﻋﻦ إﺛﺒﺎت "اﻟﺘﮭﻤﺔ ﻋﻠﯿﮫ" .وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻮﻣﮫ ﯾﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮك ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺄن ،ﻟﻼﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺨﻼﯾﺎ اﻟﺴﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ وﻣﻮزﻋﺔ ﻋﺒﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﺣﯿﺎء اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ .وﻛﺎن اﻟﺴﻮﺳﻲ ﯾﺤﻀﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ،ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻛﺎﺗﮫ وﺳﺎﺋﻞ وﺣﯿﻼ ﻛﺎن ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﺑﮭﺎ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻗﺒﯿﻦ واﻟﺠﻮاﺳﯿﺲ اﻟﻤﺴﺨﺮﯾﻦ ﻟﺘﺘﺒﻌﮫ. وھﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺎﺗﮫ واﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺗﮫ ﺑﺄﻋﻀﺎء ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻼﯾﺎ اﻟﺤﺰﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص ﺷﺒﮫ ﯾﻮﻣﯿﺔ .أﻣﺜﺎل اﻟﺴﺎدة :اﻟﮭﺎﺷﻤﻲ اﻟﻔﯿﻼﻟﻲ ،وﺑﻮﺷﺘﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ،وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻤﺪاوي ،وﻣﺤﻤﺪ ھﺮواش اﻟﺒﺎﻋﻤﺮاﻧﻲ ،وﺣﻤﯿﺪو ﻓﺎرس اﻟﻮطﻨﻲ ،واﻟﺸﺮاﯾﺒﻲ، وﻣﻜﻮار...اﻟﺦ. *** اﻋـﺘـﻘـﺎﻟـﮫ: ﻟﻢ ﯾﻘﺪر ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ أن ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻧﺸﺎطﮫ اﻟﻤﺘﻨﻮع ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 22ﺷﮭﺮا ،ﻟﯿﻨﻔﺬ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮون ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻗﺮار اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻟﺬي ﺟﺎء ﻋﻠﻰ إﺛﺮ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺘﮭﺎ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ دﺟﻨﺒﺮ 1952م .إﺛﺮ اﻏﺘﯿﺎل اﻟﺰﻋﯿﻢ اﻟﻨﻘﺎﺑﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ )ﻓﺮﺣﺎت ﺣﺸﺎد( وﻗﺪ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ ظﺮوف اﻋﺘﻘﺎﻟﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ: ( 431ﻟﻤﺰﯾﺪ اﻟﻮﺳﻊ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﯾﺮاﺟﻊ ﻛﺘﺎب " :اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ" وﻛﺘﺎب " :اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻷوﻟﻰ" .وھﻤﺎ ﻟﻌﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ.
218
»ﺟﺎء ﯾﻮم اﻹﺿﺮاب ﻣﻦ أﺟﻞ اﻏﺘﯿﺎل اﻟﺰﻋﯿﻢ اﻟﻨﻘﺎﺑﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ )ﻓﺮﺣﺎت ﺣﺸﺎد(، وﻛﺎن ذﻟﻚ ﯾﻮم اﻷﺣﺪ ،وﻓﻲ ﯾﻮم اﻻﺛﻨﯿﻦ اﺑﺘﺪأت اﻻﻋﺘﻘﺎﻻت ،ﻓﺎﻋﺘﻘﻞ اﻷخ اﻟﻤﺠﺎھﺪ اﻟﺴﯿﺪ )اﻟﮭﺎﺷﻤﻲ اﻟﻔﯿﻼﻟﻲ( وﻧﻈﺮاؤه ﺑـ )اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء( ﺛﻢ ﺗﻮاﻟﺖ اﻻﻋﺘﻘﺎﻻت ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻧﻮاﺣﻲ )اﻟﻤﻐﺮب(] [...وﻓﻲ ﺻﺒﯿﺤﺔ ﯾﻮم اﻷرﺑﻌﺎء ،ﺗﮭﯿﺄت ﻟﻤﺜﻞ ﻣﺎ أﺻﺎب اﻹﺧﻮان ،وأﻧﺎ ﻣﻮﻗﻦ أﻧﻨﻲ أﺣﺪھﻢ ،وﻗﺪﯾﻤﺎ ﻗﯿﻞ: ﻣـﻦ ﺣﻠـﻘـﺖ ﻟﺤـﯿـﺔ ﺟـﺎر ﻟﮫ
ﻓـﻠﯿﺴﻜﺐ اﻟـﻤﺎء ﻋـﻠﻰ ﻟﺤﯿﺘـﮫ
أﺻﺒﺤﺖ أوﺻﻲ ﻣﻦ أرﯾﺪ ﺗﻮﺻﯿﺘﮫ ﻋﻠﻰ اﻷھﻞ واﻟﺼﺒﯿﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﺧﻠﻔﺘﮭﻢ وراﺋﻲ ﻛﺰﻏﺐ اﻟﻘﻄﺎ ،وﻗﺪ ﻛﻨﺖ آﺧﺬ ﻛﺮاء اﻟﺪار اﻟﺘﻲ ﺑﻨﯿﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﯿﺪي ﻣﻌﺮوف ﻛﺮاء ﯾﻘﻮم ﺑﮫ أود اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﻓﺬھﺒﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺪاء ،ﻓﻮﺻﻠﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻜﺘﺮﯾﻦ وﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﺘﮫ وﺻﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪار ،ﺛﻢ ﻣﺮرت ﺑﺎﻟﺪار ،ﻓﻠﺒﺴﺖ ﺟﺒﺔ ﻏﻠﯿﻈﺔ ووﺿﻌﺖ ﻓﻮﻗﻲ ﺳﻠﮭﺎﻣﺎ ﻏﻠﯿﻈﺎ ،ودﻓﻌﺖ ﻟﻠﺴﯿﺪة ﻛﻨﺎﺷﺔ ﻻ أرﯾﺪ أن أﺻﺎﺣﺒﮭﺎ ﻣﻌﻲ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أن أﻗﻮل ﻟﮭﺎ ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎدﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻒ ،ﺣﻔﻈﺎ ﻟﮭﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺤﺼﻞ ﻟﻠﻌﺎرف ﺑﺎﻷﻣﻮر ﻣﻦ اﻟﮭﻤﻮم اﻟﻤﺨﯿﻤﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻊ اﻟﺤﻮادث ﻗﺒﻞ وﻗﻮﻋﮭﺎ ،ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻊ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ اﻟﻨﺠﯿﺐ ﺳﯿﺪي )أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺴﻔﯿﻮي( ] [...اﻟﺬي ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻔﺎرﻗﻨﻲ إذ ذاك ،ﻓﯿﺴﺎﯾﺮﻧﻲ داﺋﻤﺎ ﺣﯿﺚ أذھﺐ ،ﻓﻤﺮرﻧﺎ ﺑﺰﻗﺎق ﻓﺈذا ﺑﺎﻟﺠﺎﺳﻮس )اﻟﻤﺴﻜﯿﻨﻲ( ] [...وﻛﺎن ﯾﺜﺎﻓﻨﻨﻲ وﯾﺘﺤﯿﺎ ﻟﻲ ،ﻓﻘﺎل :إﻧﻨﻲ اﻟﯿﻮم ﻓﻲ رﺧﺼﺔ ،وﻟﯿﺲ ﻋﻨﺪي أدﻧﻰ ﺧﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﯾﻘﻊ] [...ﺛﻢ ﺗﺠﺎوزﻧﺎه ،ﻓﺼﺮت أﺛﺮﺛﺮ ﺑﻜﻞ رﺑﺎطﺔ ﺟﺄش ﻣﻊ ﺻﺎﺣﺒﻲ اﻟﻤﺴﻔﯿﻮي وأﻗﻮل ﻟﮫ: أرأﯾﺖ أﻧﻨﺎ ﻧﻌﯿﺶ اﻵن ﻓﻲ ﺣﻮادث ﺧﻄﯿﺮة ﺳﯿﻜﻮن ﻟﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﯿﻮم ﺻﺪى ﻋﻤﯿﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺗﺴﺘﺪﻋﻰ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﯿﻦ ﺳﻨﺔ ﻟﺘﻠﻘﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮة ﻋﻤﺎ ﯾﻘﻊ اﻵن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻄﻮر اﻟﺨﻄﯿﺮ اﻟﺬي ﯾﻤﺮ ﺑﮫ )اﻟﻤﻐﺮب( ،ﻓﺎﺳﺘﺤﻀﺮ أﻧﻚ ﻛﻨﺖ ﻣﻊ )اﻟﻤﺨﺘﺎر( ﻓﺸﺎھﺪت ﻣﻨﮫ اﻟﻤﻤﺎزﺣﺔ وﻋﺪم اﻟﻤﺒﺎﻻة ﺑﻤﺎ ﯾﻤﻮج ﺣﻮاﻟﯿﮫ ،وﻗﺪ اﺳﺘﺴﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﯾﻜﻮن، ﺣﺘﻰ إن وﺟﮭﮫ ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﻟﯿﻘﻄﺮ ﺑﺸﺮا ،ﻓﮭﻜﺬا ﺻﺮت أداﻋﺒﮫ ﺣﺘﻰ وﺻﻠﻨﺎ دار اﻷخ اﻷﺳﺘﺎذ )اﻟﺤﻤﺪاوي( ] [...ﻓﮭﻨﺎك ﻓﺎرﻗﺖ ﺻﺎﺣﺒﻲ )اﻟﻤﺴﻔﯿﻮي( ،ﻓﺪﺧﻠﺖ إﻟﻰ اﻷﺳﺘﺎذ )اﻟﺤﻤﺪاوي( وﻗﺪ ﻛﻨﺖ زرﺗﮫ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺘﮫ ﺣﯿﺚ أرﺳﻠﺖ ﻛﻠﻤﺔ ھﺎﺗﻔﯿﺔ إﻟﻰ أﺧﻲ )ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﺎن( ﺑـ )ﻣﺮاﻛﺶ( ﻟﯿﺤﻀﺮ ﻋﻨﺪ اﻷوﻻد ﻓﻲ أول ﯾﻮم ﯾﺼﺪﻣﻮن ﻓﯿﮫ ﺑﺎﺑﺘﻌﺎد واﻟﺪھﻢ ﺗﮭﺪﺋﺔ ﻟﮭﻢ ،وﻋﺴﻰ أن ﯾﺮوح ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻟﯿﮭﺪأ اﻷھﻞ ﻗﻠﯿﻼ ،وإن ﻛﺎن ﻓﻲ ﷲ وﺣﺪه ﻛﻔﺎﯾﺔ ﴿أﻟﯿﺲ ﷲ ﺑﻜﺎف ﻋﺒﺪه﴾ ،ﺛﻢ إﻧﻨﺎ أﻧﺎ واﻷﺳﺘﺎذ ﺟﻠﺴﻨﺎ ﻧﺘﺴﺎءل ﻋﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﻮﻗﻌﮫ ﻣﻌﺎ ،وﻗﺪ ﻗﺮﺑﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ،وﻧﺤﻦ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻏﺮف اﻟﺪار اﻟﻌﻠﯿﺎ ،وﺑﯿﻦ
219
أﯾﺪﯾﻨﺎ ﺻﯿﻨﯿﺔ اﻷﺗﺎي ،ﻓﺈذا ﺑﺠﺮس اﻟﺒﺎب ﯾﺮن ﻓﺄطﻞ ﻣﻄﻞ ﻓﺈذا ﺑﺎﻟﺒﻮﻟﯿﺲ ،ﻓﺤﻘﺖ اﻟﺤﺎﻗﺔ ،وﻧﺰل ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﻗﻌﺎ ،وﻣﺎ ﻟﮫ ﻣﻦ داﻓﻊ «.432 أﺑﻌﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻋﻦ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻟﯿﻌﯿﺶ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ﺣﯿﺎة اﻻﻋﺘﻘﺎل ،اﻟﺘﻲ اﺑﺘﺪأت ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﻌﺪ زوال ﯾﻮم اﻷرﺑﻌﺎء 22رﺑﯿﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ 1372ھـ اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻟـ 10 :دﺟﻨﺒﺮ1952م .ﻟﻜﻦ ﺣﯿﺎة اﻋﺘﻘﺎﻟﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺣﯿﺎة ﺳﺎرة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﯿﮫ ،ﻷﻧﮫ ﻗﻀﻰ اﻟﻘﺴﻂ اﻷوﻓﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺠﻦ رﻓﻘﺔ أﺻﺪﻗﺎﺋﮫ وإﺧﻮﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻜﻔﺎح ،ﻋﻜﺲ ﻣﺤﻨﺘﮫ ﻓﻲ ﺳﻨﻮات اﻟﺜﻼﺛﯿﻦ واﻷرﺑﻌﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺎھﺎ ﻓﻲ ﺑﺎدﯾﺔ ﺳﻮس وﺣﯿﺪا وﺑﻌﯿﺪا ﻋﻦ اﻟﺠﻮ اﻟﺬي أﻟﻔﮫ ﻣﻨﺬ ﺣﻠﻮﻟﮫ ﺑﻔﺎس طﻠﺒﺎ ﻟﻠﻌﻠﻢ.433 وﺻﻒ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻧﻘﻠﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﻌﺘﻘﻞ ﺑﻘﻮﻟﮫ» :ﺑﺪأت اﻟﺴﯿﺎرة ﺗﻘﻄﻒ ﺑﻨﺎ وأﻧﺎ أﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ اﻷخ اﻟﺤﻤﺪاوي وأﻗﻮل ﻟﮫ :اﻟﺤﻤﺪ اﻟﺬي ھﯿﺄ ﻟﻨﺎ ﺑﻔﻀﻠﮫ أن ﺗﺴﯿﺮ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﺤﻮادث ﻛﻤﺎ ﺗﺴﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻠﺤﯿﻦ واﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺴﺎﻋﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺛﻢ أﻟﻘﯿﺖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻲ ھﺬه اﻵﯾﺔ﴿ :وأﻓﻮض أﻣﺮي إﻟﻰ ﷲ إن ﷲ ﺑﺼﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎد﴾ ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻗﻠﯿﻼ اﻟﺘﻔﺖ إﻟﯿﻨﺎ اﻟﺤﺎرﺳﺎن اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺎن اﻟﻠﺬان ﯾﺮﻛﺒﺎن ﻣﻌﻨﺎ ﻓﺄﻣﺮاﻧﺎ ﺑﺎﻟﺼﻤﻮت ،وﻗﺪ ﻛﻨﺖ أرى ﺷﺒﺎﻧﺎ أﻗﻮﯾﺎء ﻛﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﯿﻦ ﻋﻨﺪ رﻛﻮﺑﻨﺎ اﻟﺴﯿﺎرة ﯾﻤﻮﺟﻮن ﺣﻮﻟﻨﺎ ﺑﻜﻞ ﻗﻮة ﻓﻘﻠﺖ :ھﻜﺬا ﻛﺎن ﺷﺒﺎب اﻟﻌﺮب ﺣﯿﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺤﺘﻠﻮن ﺑﻼد اﻟﻔﺮس واﻟﺮوم واﻟﻘﺒﻂ ﻓﻲ أول اﻻﺳﻼم ،ﻓﮭﻞ ﻧﻌﯿﺶ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﺮﺟﻊ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻗﻮﺗﮭﻢ ﻓﯿﻨﺸﻄﻮن ھﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﺑﻜﻞ ﻋﺰة وﻗﻮة؟ ] [...ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﺛﻠﺚ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺮﺑﺎط ﺧﺮﺟﻮا ﺑﻨﺎ] [...ﻓﺈذا ﺑﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﻜﻨﺎس] [...ﻓﺪﺧﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺤﻞ وﺳﻂ ﻓﯿﮫ ﻛﺮاﺳﻲ ﻣﻦ ﻋﻮد ،ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ اﻷخ أﺑﺎ اﻟﻤﺰاﯾﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻜﺘﺎﻧﻲ واﻷخ اﻟﺴﯿﺪ أﺣﻤﺪ ﻣﻜﻮار ،واﻷﺳﺘﺎذ ﺳﯿﺪي ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻠﯿﻦ].[... ﻣﻜﺜﻨﺎ ھﻨﺎك ﻓﻲ ﺻﻤﻮت إﻻ ﺑﻌﺾ اﻟﮭﻤﺴﺎت] [...وﻗﺪ طﻠﺒﻨﺎ ﻣﺎء اﻟﺸﺮب ﻓﻠﻢ ﻧﺆت ﺑﮫ] [...وﻗﺪ طﻠﺒﻨﺎ اﻟﻘﮭﻮة واﻟﺨﺒﺰ وﺑﻌﺪ أن وﻋﺪﻧﺎ ﺑﮭﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺮﻓﺾ ھﻮ اﻟﺠﻮاب اﻷﺧﯿﺮ].[... وﻓﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ ،أﻣﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎم ﻓﺠﻤﻌﻨﺎ اﺛﻨﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ،ﯾﺪ ھﺬا إﻟﻰ ھﺬا ﻓﻜﺎن ﻣﻦ ﻧﺼﯿﺒﻲ ﺷﺎب ﻣﻦ ﻣﻜﻨﺎس ذﻛﺮ ﻟﻲ أن اﺳﻤﮫ 432
( ﻧﻔﺳـﻪ :ص 21ـ .22
( 433إذا ﺎﻧت ﻣرﺣﻠﺔ ﻧﻔ ﻪ إﻟﻰ ﺳوس ﺗﻌد ﻣﺣﻧﺔ ﻓﻲ ﻧظرﻩ ،ﻓﻬﻲ ﺎﻧت ﻧﻌﻣﺔ ﺎﻟﻧﺳ ﺔ إﻟﻰ ﺳوس ،ﻷﻧﻪ ﻟوﻻ ذﻟك اﻟﻧﻔﻲ
ﻟﻣﺎ ﺗﻔرغ إﻟﻰ ﺗﺎ ﺔ اﻟﻌﺷرات ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﺎت ﻋن ﻫذا اﻹﻗﻠ م.
220
)ﻓﻀﻮل( وأﻧﮫ أﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦ ،ﻓﺮﻛﺒﻨﺎ ﺛﻼث ﺳﯿﺎرات وﻧﺤﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮة][...ﻓﻄﻠﻊ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﻔﺠﺮ ﻗﺒﻞ وﺻﻮﻟﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﯿﺪﻟﺖ][...وأﻣﺎﻣﻨﺎ وﺧﻠﻔﻨﺎ ﺳﯿﺎرات ﺟﯿﺐ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺤﺮس وﻣﻌﮭﻢ آﻻت اﻻﺗﺼﺎل ﻣﻊ اﻟﻤﺮﻛﺰ] [...ﺛﻢ ﻟﻤﺎ دﺧﻠﻨﺎ ﻗﺼﺮ اﻟﺴﻮق وﺟﺪﻧﺎ ﺟﺪراﻧﺎ ﺣﻤﺮاء ،وﺟﻮا ﺻﺎﻓﯿﺎ ،وﺳﻤﺎء زرﻗﺎء ﻓﻌﺮاﻧﻲ اﺑﺘﮭﺎج ﺑﮭﺬا اﻟﻤﻨﻈﺮ اﻟﻤﺒﮭﺞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻓﺘﻔﺎءﻟﺖ ﺧﯿﺮا ،ﺛﻢ ﻟﻤﺤﻨﺎ ﺳﯿﺎرات ﺟﯿﺐ ﻛﺜﯿﺮة ﻣﺼﻄﻔﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻓﻠﻢ ﻧﺪر اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﮭﺎ. أﻣﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻨﺰول ،ﺛﻢ وﻗﻔﻨﺎ ﺻﻔﺎ واﺣﺪا وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﻨﺎ اﻹﻋﯿﺎء واﻟﺴﻐﺐ واﻟﺴﮭﺮ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻋﻈﯿﻤﺎ ،وﻟﻢ ﯾﻄﻞ ﺑﻨﺎ اﻟﻮﻗﺖ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﺪﻋﯿﻨﺎ ﻟﻨﻤﺜﻞ أﻣﺎم اﻟﺠﻨﺮال اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ رﺋﯿﺲ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﺗﺎﻓﯿﻼﻟﺖ ،ﻓﺎﺻﻄﻔﻔﻨﺎ أﻣﺎﻣﮫ ،وﻧﺤﻦ ﺑﺠﺎﻣﻌﺎﺗﻨﺎ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻨﺎ ﻛﻼﻣﺎ ﻟﯿﻨﺎ ﻟﻄﯿﻔﺎ ﻣﺤﺼﻠﮫ [...]:أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﺼﺪ ﺗﻌﺬﯾﺐ أﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ وإﻧﻤﺎ ھﺬا اﻟﺴﺠﻦ ﺳﯿﺎﺳﻲ][... ﻓﮭﻜﺬا ﻋﺮﻓﻨﺎ إﻟﻰ أﯾﻦ ﻧﺤﻦ ﺳﺎﺋﺮون ،وﻛﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺼﯿﺮة ﻓﻲ ﻣﺼﯿﺮﻧﺎ ،ﺛﻢ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪه ﻓﺄﻋﻄﻲ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺧﺒﺰة ﻓﺮﻧﺠﯿﺔ ﻣﺴﺘﻄﯿﻠﺔ ].[... ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺳﺘﺮﺣﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ] [...وﻗﻒ ﻣﻨﺎد ﯾﻨﺎدي :أﯾﻦ ﻓﻼن؟ .ﻓﯿﺘﻘﺪم ﻣﻦ ﯾﻨﺎدى ﺑﺎﺳﻤﮫ ﻟﻤﻦ ﺟﺎء ﯾﺘﺴﻠﻤﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻟﺬي ﺳﯿﺬھﺐ إﻟﯿﮫ ،وھﻜﺬا ،وﺣﯿﻦ ﻧﻮدي ﺑﺎﺳﻤﻲ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻓﺴﻠﻤﻨﻲ ﻓﺴﯿﺎن )ﺿﺎﺑﻂ ﺻﻐﯿﺮ( ﺟﺎء ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ )ﺗﯿﻨﺠﺪاد( ،ﺛﻢ ذھﺐ ﺑﻲ إﻟﻰ ﺳﯿﺎرة ﺟﯿﺐ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﻤﺼﻄﻔﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ،ﻓﻮﺟﺪت ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎرة ﻋﻮﻧﯿﻦ ﺑﺴﻼﺣﮭﻤﺎ وھﻤﺎ ﻣﺴﻠﻤﺎن][...ﻓﺪﺧﻠﻨﺎ اﻟﻤﺮﻛﺰ وﻗﺪ ﺣﺎن وﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ. ﻣﺜﻠﺖ أﻣﺎم اﻟﺮﺋﯿﺲ][...ﻓﻤﺎ ﻋﺪا أن ﻛﺘﺐ ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﻤﺪﻧﻲ][...ﺛﻢ ذھﺐ «.434 ﻗﻀﻰ اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻋﺎﻣﺎ وﺳﺒﻌﺔ أﺷﮭﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﺘﻘﻞ اﻟﺠﺪﯾﺪ .وﺑﻌﺪ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﮫ ﻋﺎد إﻟﻰ ﺑﯿﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺑﺪأت ﻓﯿﮫ ﺑﻮادر اﻧﻔﺮاج اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ﺗﻠﻮح ﻓﻲ اﻷﻓﻖ »ﺣﯿﺚ أطﻠﻘﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﻌﺘﻘﻠﯿﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ ،ودﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺗﻤﮭﯿﺪﯾﺔ ﻣﻊ زﻋﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻧﺘﮭﺖ ﺑﻌﻘﺪ ﻣﺆﺗﻤﺮ)إﯾﻜﺲ ـ ﻟﯿﺒﺎن( ﻓﻲ ﺻﯿﻒ 1374ھـ ) (1955وﺑﻌﺪه ﺑﺒﻀﻌﺔ ﺷﮭﻮر ﻋﺎد اﻟﻤﻠﻚ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ إﻟﻰ أرض اﻟﻮطﻦ ،ﻓﻔﺘﺤﺖ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺘﯿﻦ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ،اﻧﺘﮭﺖ ﺑﺘﻮﻗﯿﻊ ﻣﻌﺎھﺪة اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻓﻲ 2ﻣﺎرس .435« 1956 434 435
( ﻣﻌﺗﻘﻞ اﻟﺻﺣراء 24/1:ـ.26
( ﻣﺣﻣد اﻟﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ ،دراﺳﺔ ﻟﺷﺧﺻﯾﺗﻪ وﺷﻌرﻩ .ص 108 :ـ .109
221
ﻟﻢ ﯾﻘﻢ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺧﻼل اﻟﻤﺪة اﻟﻤﺘﺮاوﺣﺔ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ إطﻼق ﺳﺮاﺣﮫ وﻋﻮدة ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ،ﺑﻨﺸﺎط ھﺎم ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ أو اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ» ،ﻧﻈﺮا ﻟﻠﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻮطﻦ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﯿﮫ وﻷﻣﺜﺎﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺳﻠﻄﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺤﺮاﺳﺔ اﻟﻈﺎھﺮة واﻟﺴﺮﯾﺔ ،واﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺘﺪﻋﻮن ﻟﻼﺳﺘﻨﻄﺎق ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺪث ﺣﺎدث ،إذ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﻌﺘﻘﻠﯿﻦ«.436 وﻋﻨﺪ ﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ 02ﺟﻤﺎدى اﻷوﻟﻰ 1375ھـ ) 17دﺟﻨﺒﺮ 1955م( أﺳﻨﺪ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻨﺼﺐ وزﯾﺮ اﻷوﻗﺎف إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ داﻋﯿﺎ إﻟﻰ رﺣﯿﻠﮫ إﻟﻰ اﻟﺮﺑﺎط ﻟﯿﻔﺘﺢ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻦ رﺣﻼﺗﮫ وﺗﻨﻘﻼﺗﮫ ،وأﯾﻀﺎ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﮫ .إذ ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ وﻓﺎﺗﮫ زوال ﯾﻮم اﻷﺣﺪ 30ﺟﻤﺎدى اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ 17) 1383ﻧﻮﻧﺒﺮ ،(1963إﺛﺮ ﺗﻌﺮﺿﮫ ﻟﺤﺎدﺛﺔ ﺳﯿﺮ وھﻮ ﻓﻲ طﺮﯾﻖ ﻋﻮدﺗﮫ ﻣﻦ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﺮاﻛﺶ ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻟﺮﺑﺎط. وھﻲ اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻦ إﺻﺎﺑﺘﮫ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﯾﺸﻒ ﻣﻨﮭﺎ .ودﻓﻦ ﺑﻤﻘﺒﺮة اﻟﺸﮭﺪاء ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ﺟﻮار ﻗﺒﺮ اﻟﺸﮭﯿﺪ "ﻋﻼل ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ". ھﺬه إطﻼﻟﺔ ﺳﺮﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﯿﺎة ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ "اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء". ﺣﺎوﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ ﺟﺮد ﻟﻨﺸﺎطﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ راﺋﺪة ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻮﺟﻮد اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﺑـ "ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ" ) .(1955/1951وﻗﺪ ﺷﺎءت ﻟﮫ اﻷﻗﺪار أن ﯾﻘﻀﻲ ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻟﮫ ﺷﺮف اﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ،ﺳﯿﺎﺳﯿﺎ وﺗﻮﺟﯿﮭﯿﺎ. رﺣﻤﮫ ﷲ وﺟﺰاه ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﯿﺮ اﻟﺠﺰاء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺳﺪاه ﻟﻮطﻨﮫ ﻣﻦ أﯾﺎد ﺑﯿﻀﺎء ،ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻮطﻨﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻘﻼل ،أو ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻜﻔﺎح ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﮭﻮض ﺑﺄﺣﻮال ھﺬا اﻟﻮطﻦ ،دﯾﻨﯿﺎ وﻋﻠﻤﯿﺎ وﺗﺮﺑﻮﯾﺎ.
436
( ﻧﻔﺳﻪ.ص.110 :
222
223
224