اﻟﻔﺼﻞ اﻟــﺜـــﺎﻟــــﺚ
ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻗﺮاءة دﯾﻮان " اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت89
( 89ﻣﺪاﺧﻠﺔ ﺷﺎرك ﺑﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﺪوة اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﮭﺎ اﺗﺤﺎد ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻐﺮب ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺒﻠﺪي ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أﻛﺎدﯾﺮ أﯾﺎم 21ـ 23دﺟﻨﺒﺮ 1984م .وﻧﺸﺮت ﻓﻲ ﻛﺘﺎب " :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻤﺴﺘﻌﺎدة" اﻟﺬي ﯾﻀﻢ أﻋﻤﺎل ھﺬه اﻟﻨﺪوة .ص 151 :ـ .172
49
أﻧﮭﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ " ﻣﺴﯿﺮة" طﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﺧﻼل اﻟﺮﺑﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1929م .ﻓﺘﻮﺟﮫ إﻟﻰ ﻣﺪﯾﻨﺔ "ﻣﺮاﻛﺶ" ﻓﻲ ﺷﮭﺮ ﯾﻮﻧﯿﻮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﯿﺔ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﮭﺎ ،وﻛﺎن ﻣﻘﺎﻣﮫ ﺑﺎﻟﺰاوﯾﺔ اﻟﺪرﻗﺎوﯾﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄھﺎ واﻟﺪه اﻟﺤﺎج ﻋﻠﻰ اﻟﺪرﻗﺎوي اﻹﻟﻐﻲ 90اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺪرب اﻟﺰاوﯾﺔ ﺑﺤﻲ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﻣﺴﺠﺪ ﺑﺎب دﻛﺎﻟﺔ.91 وﻓﻮر ﺣﻠﻮﻟﮫ ﺑﮭﺬه اﻟﺰاوﯾﺔ ،ﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﯾﻞ ﺟﺰء ﻣﻨﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ ﺗﻜﻮن وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﻮاﺟﺒﮫ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل »اﻟﺘﺪرﯾﺲ واﻟﺘﻮﺟﯿﮫ اﻟﺪﯾﻨﻲ واﻟﻨﻀﺎل اﻟﻮطﻨﻲ، وﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﺴﻮس ﺧﺎﺻﺔ وﻟﻠﻮطﻦ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ « .92وﯾﺒﺪو أن اﺧﺘﯿﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻋﺪة أﺳﺒﺎب ،ﻣﻨﮭﺎ: ﻛﻮﻧﮭﺎ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻋﺮﯾﻘﺔ ،ﻟﻌﺒﺖ أدوارا ﺧﺎﻟﺪة ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﮭﻤﺔ (1 وﻣﺸﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ـ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﻠﻮم ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﺮاﺑﻄﯿﻦ واﻟﻤﻮﺣﺪﯾﻦ واﻟﺴﻌﺪﯾﯿﻦ ...ـ ﻣﻮﻗﻌﮭﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ ﯾﻌﻄﯿﮭﺎ أھﻤﯿﺔ ﻛﺒﺮى ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﺴﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ (2 ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻟﺒﺎﻗﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻮطﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ،ﻓﮭﻲ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎء أﻗﺎﻟﯿﻢ ﻋﺪة ﻛﺎﻟﺤﻮز ،واﻟﺸﯿﺎظﻤﺔ ،وﻋﺒﺪة ،وﺳﻮس، واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ. ﻛﺎن إﻗﻠﯿﻢ ﺳﻮس ﻏﯿﺮ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﯿﺘﺨﺬه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻮطﻨﺎ ﻟﮫ ﯾﺴﮭﻞ (3 ﻋﻠﯿﮫ أداء اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ آل ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮭﺎ .ﻓﺎﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﺠﺒﻠﯿﺔ اﻟﺴﻮﺳﯿﺔ ﻻ ﺗﺰال ـ ﺣﯿﻨﺌﺬ ـ ﺗﺨﻮض اﻟﺤﺮب ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،واﻟﻈﺮوف اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ،واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ،واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ، واﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ،ﻟﯿﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺮام ،ذﻟﻚ أﻧﮫ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﺮب ھﺬه ،ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك اﻟﻤﺠﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺿﺮﺑﺖ اﻹﻗﻠﯿﻢ ﺳﻨﺔ 1926م. (90ﺗﺮﺟﻢ ﻟﮫ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ:ـ اﻟﻤﻌﺴﻮل 184 /1 :ـ 342ـ ـ اﻟﺘﺮﯾﺎق اﻟﻤﺪاوي ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﺸﯿﺦ ﺳﯿﺪي اﻟﺤﺎج ﻋﻠﻲ اﻟﺪرﻗﺎوي ـ ـ ﻣﻨﯿﺔ اﻟﻤﺘﻄﻠﻌﯿﻦ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺰاوﯾﺔ اﻹﻟﻐﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﻤﻨﻘﻄﻌﯿﻦ. (91ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﺷﮭﺮ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﺮاﻛﺶ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺴﻌﺪﯾﯿﻦ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﯾﺪ اﻟﺴﯿﺪة ﻣﺴﻌﻮدة اﻟﻮزﻛﯿﺘﯿﺔ واﻟﺪة أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻨﺼﻮر اﻟﺬھﺒﻲ. (92ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﯿﻞ " :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ،دراﺳﺔ ﻟﺸﺨﺼﯿﺘﮫ وﺷﻌﺮه" ) .ﻟﺘﺤﯿﯿﻦ ھﺬه اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ص .61ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ.
50
(4وﺟﻮد زاوﯾﺔ واﻟﺪه ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﺧﻔﻒ ﻋﻨﮫ ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻷﻋﺒﺎء ،ﺣﯿﺚ اﺗﺨﺬھﺎ ﻣﺴﻜﻨﺎ ﻟﮫ ،وﻣﻘﺮا ﻟﻤﺪرﺳﺘﮫ اﻵﻧﻔﺔ اﻟﺬﻛﺮ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن أول ﻓﻮج ﻣﻦ ﺗﻼﻣﯿﺬھﺎ ﯾﺘﻜﻮن ﻣﻦ »ﺻﻐﺎر إﺧﻮﺗﮫ ،وﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺻﺒﯿﺎن أﺳﺮﺗﮫ] ،[...ﻓﻠﻢ ﯾﻜﺪ ﺟﯿﺮان اﻟﺰاوﯾﺔ ﯾﺤﺴﻮن ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﺻﺎروا ﯾﺴﻮﻗﻮن إﻟﯿﮭﺎ أوﻻدھﻢ ،ﺛﻢ ﺻﺎر ﻏﯿﺮھﻢ 93 ﻋﻠﻰ إﺛﺮھﻢ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺰاوﯾﺔ ﺻﻮرة ﻣﻜﺒﺮة ﻟﻠﺰاوﯾﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮﯾﺔ ﺑﻔﺎس« 94 اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺑﮭﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ أﺣﺪ اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﯿﻦ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن طﺎﻟﺒﺎ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦ . ﺛﻢ ﺗﻮاﻟﻰ ﺗﺪﻓﻖ أﻓﻮاج اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎطﻖ ﻋﺪﯾﺪة ﺧﺎرج ﻣﺮاﻛﺶ ،ﻣﻦ ﺳﻮس ،واﻟﺼﺤﺮاء ،واﻟﺸﯿﺎظﻤﺔ ،وﻋﺒﺪة ،واﻟﺮﺣﺎﻣﻨﺔ ...ﺣﯿﺚ ﺗﺠﺎوز ﻋﺪدھﻢ اﻟﺜﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ) (300ﻓﻲ ﻓﺘﺮة وﺟﯿﺰة .وﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﺘﻮﻟﻰ ﺷﺆوﻧﮭﻢ اﻟﻤﺎدﯾﺔ واﻟﻤﻌﻨﻮﯾﺔ، ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻮﻓﺮه ﻟﻠﻮاﻓﺪﯾﻦ ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ :ﻣﺄوى وﻣﺄﻛﻞ وﻣﻠﺒﺲ ،ﻣﺴﺘﻌﯿﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﻨﻮﻋﯿﻦ اﻟﻤﺪاﺧﯿﻞ: (1ﻛﺎن ﯾﺘﻌﺎطﻰ اﻟﻔﻼﺣﺔ وﺗﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻮاﺷﻲ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاك ﻣﻊ ﻓﻼﺣﯿﻦ ﺑﻤﻨﻄﻘﺘﻲ اﻟﺴﺮاﻏﻨﺔ واﻟﺮﺣﺎﻣﻨﺔ. (2ﻛﺎن ﯾﺘﺼﻞ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎر اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،اﻟﺬﯾﻦ أﻛﺒﺮوا ﻓﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺗﻀﺤﯿﺘﮫ وﻧﺒﻞ رﺳﺎﻟﺘﮫ ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﯾﻘﺪﻣﻮن ﻟﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮن ،وﻣﻨﮭﻢ أﻓﺮاد ﺗﻌﮭﺪوا ﺑﺘﺤﻤﻞ ﻧﻔﻘﺎت ﺗﻠﻤﯿﺬ أو أﻛﺜﺮ طﯿﻠﺔ ﻣﺪة اﻧﺘﻤﺎﺋﮫ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ. وﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﺰﻣﻦ ﺻﺎر ﺗﻼﻣﯿﺬ ﻣﺪرﺳﺔ "اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ" ﻣﻨﻘﺴﻤﯿﻦ إﻟﻰ ﺛﻼث طﺒﻘﺎت: (1طﺒﻘﺔ اﻟﺼﻐﺎر :وھﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻮﺟﮭﻮن أوﻻ إﻟﻰ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﻠﻰ أﯾﺪي طﻠﺒﺔ ﯾﺴﺘﻘﺪﻣﮭﻢ ﻟﮭﺬا اﻟﻐﺮض ﻣﻦ ﺳﻮس ﻏﺎﻟﺒﺎ. (2طﺒﻘﺔ اﻟﻤﺒﺘﺪﺋﯿﻦ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ :وھﻢ اﻟﺬﯾﻦ اﺳﺘﻮﻓﻮا ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ إﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،وإﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ،وھﺆﻻء ﯾﺘﻠﻘﻮن ﻣﺒﺎدئ اﻟﻌﻠﻮم ﻋﻠﻰ أﯾﺪي ﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ. (3طﺒﻘﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ :وھﻢ اﻟﺸﺒﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﻗﻄﻌﻮا أﺷﻮاطﺎ ﻣﮭﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻌﻠﻮم ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﮫ ،ﻓﺼﺎر ﻋﺪد ﻣﻨﮭﻢ ﯾﻘﻔﻮن ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷدﺑﺎء ،ﺣﯿﺚ ﯾﻌﺪ ﺧﺮﯾﺠﻮ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ اﻟﻤﻨﺘﻤﯿﻦ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺸﺮات ،وﻛﺎن ﻟﻌﺪد ﻣﻨﮭﻢ ـ وﻻ ﯾﺰال ـ دور ﻣﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷدﺑﯿﺔ واﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ،اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺳﻨﻮات (93ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻟﺮوداﻧﻲ :ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎب " إﯾﻠﯿﻎ ﻗﺪﯾﻤﺎ وﺣﺪﯾﺜﺎ" ﻟﻠﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ. (94ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ " :اﻹﻟﻐﯿﺎت" .227 /2
51
اﻟﺜﻼﺛﯿﻦ ،95ﻓﻨﺎﻟﺖ ﺑﺬاك ﺷﮭﺮة ﻛﺒﯿﺮة ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ ﻣﺮاﻛﺶ ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻮطﻨﻲ .إذ ﺗﻤﯿﺰت ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص ﺑﻤﮭﺮﺟﺎﻧﮭﺎ اﻷدﺑﻲ اﻷﺳﺒﻮﻋﻲ اﻟﻤﻌﺮوف )ﺑﺴﻮق ﻋﻜﺎظ( ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻘﺎم ﻣﺴﺎء ﻛﻞ أرﺑﻌﺎء .وھﻮ ﻣﮭﺮﺟﺎن ﯾﺨﺼﺺ ﻹﻟﻘﺎء اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻌﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﮭﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ دﯾﻮان "اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت". إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﺰھﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﻨﻈﻤﮭﺎ ﻛﻞ ﯾﻮم ﺟﻤﻌﺔ ،واﻟﺘﻲ ﯾﺸﺎرك ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻼﻣﯿﺬه اﻟﻤﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ طﺒﻘﺔ " اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ" ﺻﺤﺒﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎء اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷدﺑﺎء واﻟﻮطﻨﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﻣﺮاﻛﺶ أو ﻣﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻔﺪون ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺪن اﻷﺧﺮى ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺑﺎط وﺳﻼ وﻓﺎس .وﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﻨﺰه ﺗﻮﺣﻲ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪ أدرج ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪﯾﻮان ،وأدرج ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﮫ. ﻓﺪﯾﻮان " اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت" وﺻﻔﮫ ﺻﺎﺣﺒﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ» :ﻣﺠﻤﻮع ﻗﺼﺎﺋﺪ وﻣﻘﻄﻌﺎت ﻛﻨﺖ أﺧﺎطﺐ ﺑﮭﺎ ﺗﻼﻣﯿﺬي أو أﺟﯿﺒﮭﻢ ﺑﮭﺎ إن ﺧﺎطﺒﻮﻧﻲ ﺑﺸﻌﺮ ،أو أﻗﻮﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ ﺻﻐﺎرھﻢ ﺗﻔﺎﺧﺮا« .96وﺗﺤﺪث ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﺑﻘﻮﻟﮫ» :وھﻮ ﻛﺘﺎب ﺟﻤﻊ ﻓﯿﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺼﺪر ﻣﻦ أﺳﺘﺎذ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﻼﻣﯿﺬه«.97 وﺑﻘﺮاءة أوﻟﯿﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﺪﯾﻮان ﯾﺘﻀﺢ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺎن ﯾﺮﻣﻲ ﻣﻦ وراء ھﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷھﺪاف ﻟﻌﻞ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ: اﺳﺘﻨﮭﺎض ھﻤﻢ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ اﻟﻨﺎﺷﺌﯿﻦ ،وﺗﺮﻏﯿﺒﮭﻢ ﻟﻠﺴﯿﺮ ﺣﺜﯿﺜﺎ ﻓﻲ ﻣﺪارج (1 اﻟﺘﺤﺼﯿﻞ واﻟﺘﻌﻠﻢ ،وﻧﺸﺮ روح اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺒﺮﯾﺌﺔ ﺑﯿﻨﮭﻢ. ﺑﺚ روح اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﮭﻢ ﻣﺒﻜﺮا ﺣﺘﻰ ﯾﺸﺒﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﺐ اﻟﻮطﻦ، (2 واﻟﻌﺰم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻀﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺮﯾﺮه ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻤﮭﯿﻤﻦ ﻋﻠﯿﮫ. ﺗﻘﻮﯾﻢ اﻻﻋﻮﺟﺎج اﻟﺬي ﯾﻠﻤﺴﮫ ﻓﻲ أﻓﺮاد ﻣﻨﮭﻢ :ﺳﻠﻮﻛﺎ ،وﺗﻌﻠﯿﻤﺎ، (3 واﺟﺘﮭﺎدا ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﺻﻼﺣﮭﻢ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﺗﺮﺑﻮﯾﺔ ﻣﻌﯿﻨﺔ ،ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﯾﻌﺘﺮف ﺑﺬﻧﺒﮫ ،وﯾﺘﻌﮭﺪ ﺑﺎﻟﻜﻒ ﻋﻤﺎ ﺷﻐﻠﮫ ﻋﻦ دراﺳﺘﮫ أو اﻧﺤﺮف ﺑﮫ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺴﻮي. (4ﺗﻨﻤﯿﺔ ذوﻗﮭﻢ اﻷدﺑﻲ ،ورﺻﯿﺪھﻢ اﻟﻠﻐﻮي ،اﻗﺘﻨﺎﻋﺎ ﻣﻨﮫ ﺑﺄن اﻟﺸﻌﺮ ﯾﻌﺪ وﺳﯿﻠﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ ،وﻟﺬﻟﻚ ﺣﺮص ﻋﻠﻰ رﻋﺎﯾﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﯿﺬه (95ﻣﻦ ﺧﺮﯾﺠﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ ﻣﻦ اﻷدﺑﺎء :ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻟﺮوداﻧﻲ ،وإﺑﺮاھﯿﻢ اﻹﻟﻐﻲ ،واﻟﺤﺴﻦ اﻟﺘﻨﺎﻧﻲ ،وﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺣﺴﻦ ،وﻣﺤﻤﺪ اﻟﻮذﯾﻊ اﻵﺳﻔﻲ :وأﺣﻤﺪ اﻟﺠﻮﻣﺎري ،وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ .وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺴﺎدة :ﻋﻠﻰ ﺑﻦ اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﻤﺮاﻛﺸﻲ، واﻟﺤﺴﯿﻦ وﺟﺎج ،وأﺣﻤﺪ اﻟﻌﺪوي .وﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﺒﺪ ﷲ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻷﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺤﻀﺮ دروﺳﮫ وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ. (96اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ) :اﻟﻤﺆﻟﻔﻮن اﻟﺴﻮﺳﯿﻮن( ﻣﺨﻄﻮط. (97اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ :اﻹﻟﻐﯿﺎت .138 /3
52
اﻟﺬﯾﻦ ﻻﺣﻆ ﻓﯿﮭﻢ ﻣﯿﻼ إﯾﺠﺎﺑﯿﺎ إﻟﻰ اﻷدب ،ﻓﺘﻮﻻھﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﯿﮫ واﻟﺘﺸﺠﯿﻊ ﺣﺘﻰ أظﮭﺮ ﻣﻮھﺒﺘﮭﻢ اﻟﺸﻌﺮﯾﺔ ،ﻓﺼﻘﻠﮭﺎ ،وﻧﻤﺎھﺎ ،وﺻﺎروا ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺑﮫ ﻓﺮض وﺟﻮدھﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻷدﺑﯿﺔ ﺧﻼل اﻟﺨﻤﺴﯿﻦ ﺳﻨﺔ اﻷﺧﯿﺮة. ﯾﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺪﯾﻮان 98ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﺨﻤﺴﯿﻦ ،ﺗﻜﻮّ ن ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﮭﺎ رﺻﯿﺪا ﺷﻌﺮﯾﺎ ﻓﻲ أزﯾﺪ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﯿﻦ وﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﺑﯿﺖ ،وﯾﻤﻜﻦ ﺗﺼﻨﯿﻔﮭﺎ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ: (1ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﻘﻮﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ ﺗﻼﻣﯿﺬه. (2ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻛﺎن ﯾﺨﺎطﺒﮭﻢ ﺑﮭﺎ. اﻟﻘﺴﻢ اﻷول: ﻓﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻛﺎن ﯾﻨﻈﻢ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ اﻟﺬي ﯾﺆﻣﺮ ﺑﺤﻔﻈﮭﺎ ،وﺷﺮﺣﮭﺎ ،وﺗﺤﻠﯿﻠﮭﺎ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻟﻐﻮﯾﺎ وأدﺑﯿﺎ ،وﻛﺎن اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﯾﺘﺴﺎﺑﻘﻮن وﯾﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻟﯿﺤﻈﻮا ﻣﻦ أﺳﺘﺎذھﻢ ﺑﻘﺼﯿﺪة ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﻮع ،ﻷﻧﮭﻢ ﯾﻌﺘﺒﺮوﻧﮭﺎ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻣﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻟﻠﺘﻠﻤﯿﺬ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ ﯾﻌﺘﺒﺮھﺎ وﺳﯿﻠﺔ ﺗﻌﻠﯿﻤﯿﺔ ﺗﺜﻘﯿﻔﯿﺔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ. ﯾﺸﺘﻐﻞ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ طﯿﻠﺔ اﻷﺳﺒﻮع ﺑﺎﻟﻘﺼﯿﺪة اﺳﺘﻌﺪادا ﻟﻤﺠﻠﺲ ﯾﻮم اﻷرﺑﻌﺎء، وﻋﻨﺪ ﺣﻠﻮل اﻟﻤﻮﻋﺪ اﻟﻤﺤﺪد ﯾﺘﻘﺪﻣﻮن ﻹﻟﻘﺎء " ﻗﺼﺎﺋﺪھﻢ" أﻣﺎم أﺳﺎﺗﺬة وﺿﯿﻮف وﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﻤﺪرﺳﺔ. وﯾﻜﻮن اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻠﻘﻮن "ﻗﺼﺎﺋﺪھﻢ" ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﯾﻮم اﻷرﺑﻌﺎء ﻣﺴﺘﻌﺪﯾﻦ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮﯾﻦ ﻓﻲ "ﻗﺼﺎﺋﺪھﻢ" ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺘﯿﻦ :اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ واﻷدﺑﯿﺔ ،ﻓﻌﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﺠﯿﺒﻮا اﻟﺤﺎﺿﺮﯾﻦ ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺘﮭﻢ وﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﺤﺎوروھﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻲ اﻷﺑﯿﺎت ،وﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ واﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺣﮭﺎ ،وھﻨﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺤﻀﯿﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮﻣﻮن ﺑﮭﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺜﻮل أﻣﺎم اﻟﺤﺎﺿﺮﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺿﺮورﯾﺔ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻌﺪوا وﯾﺘﺄھﻠﻮا ﻟﻤﻮاﺟﺔ ﻣﺤﺎورﯾﮭﻢ واﻟﺮد ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺘﮭﻢ اﻟﺪﻗﯿﻘﺔ واﻟﻌﻤﯿﻘﺔ واﻟﻤﺤﺮﺟﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﯿﺎن ،ﺳﻌﯿﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺗﻘﺪﻣﮭﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻷدﺑﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ. ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ـ ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ـ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺤﻠﻘﺎت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻷدﺑﯿﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﯿﺔ »ﺳﻮق ﻋﻜﺎظ« ﺗﯿﻤﻨﺎ ﺑﮭﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻷدﺑﻲ اﻟﻤﻌﺮوف ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎھﻠﻲ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻹﻟﻘﺎء اﻟﺸﻌﺮ ،وﺗﯿﻤﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺠﺎھﻠﯿﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﺒﺎرون (98اﻟﺪﯾﻮان ﻻ ﯾﺰال ﻣﺨﻄﻮطﺎ ،ﺑﯿﺪ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ أورد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﮭﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ )اﻹﻟﻐﯿﺎت(: ص 145 .ـ .165
53
ﻓﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﯿﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﻔﺘﯿﺔ اﻟﻤﺘﻔﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﻨﮭﻢ ﻓﺘﺼﺒﺢ ذات ﺷﺄن ﻋﻈﯿﻢ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷدب ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﻨﻀﺞ وﺗﺘﻤﺮس وﺗﻌﺒﺪ ﻟﻨﻔﺴﮭﺎ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﺑﺪاع اﻟﺸﻌﺮي. ﺑﻌﺜﺖ ھﺬه اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ أو »اﻟﺤﻠﻘﺎت« اﻷﺳﺒﻮﻋﯿﺔ روح اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ أوﺳﺎط ﺗﻼﻣﯿﺬ »اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ« ﻓﺪﻓﻌﺖ ﺑﮭﻢ إﻟﻰ ﺑﺬل اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺪ ﻟﻠﺘﻔﻮق ﻓﻲ دراﺳﺘﮭﻢ ،رﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻧﯿﻞ ﻗﺼﯿﺪة ﺗﺸﺠﯿﻌﯿﺔ ﻣﻦ أﺳﺘﺎذھﻢ .وﻛﻠﻤﺎ ظﮭﺮ ﻟﻸﺳﺘﺎذ أن ﺗﻠﻤﯿﺬا ﺑﺬل ﺟﮭﻮدا ﺗﻘﺪم ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺼﯿﻞ ،وﻗﻄﻊ أﺷﻮاطﺎ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻛﺎﻓﺄه ﺑﻘﺼﯿﺪة ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﮫ، ﯾﻔﺎﺧﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﺑﺘﻔﻮﻗﮫ ﻋﻠﻰ أﻗﺮاﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ ،واﻣﺘﯿﺎزه ﻋﻨﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك واﻟﻤﻮاظﺒﺔ .وھﺬه ﻗﺼﯿﺪة ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺎدوري اﻟﻤﺮاﻛﺸﻲ ﯾﺴﺘﮭﻠﮭﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻧﺎل ﺷﺮﻓﺎ ﻋﻠﻤﯿﺎ ،وﻏﺮف ﻣﻦ ﺑﺤﺮ اﻟﻌﻠﻮم ،ﻓﻨﺎل ﻓﯿﮭﺎ ﻗﺼﺐ اﻟﺴﺒﻖ وﺗﻔﻮق ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ أﻗﺮاﻧﮫ: وﯾـﻜـﺮع ﻣـﻦ ﺑﺤـﺮ اﻟﻌﻠـﻮم وﯾﻐـﺮف وﻏﯿـﺮي ﺑﻤﯿـﺪان اﻟﺠﮭﺎﻻت ﯾـﻘـﻄـﻒ أطـﻞ ﻋـﻠﻰ اﻷﻗـﺮان ﻣـﻨـﮭﺎ وأﺷـﺮف ﻓـﺘﻰ ﻓـﻮﻗـﮫ ﺑـﻨـﺪ اﻟﻤـﻌﺎﻧﻲ ﯾـﺮﻓـﺮف؟ درى ﻛﯿﻒ ﯾﺠﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺒﺎب وﯾﻘﻄﻒ وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺸﺮﻓﮫ اﻟﺼﺒﺎ ﻛﯿـﻒ ﯾﺸـﺮف؟ 99 ﺑﺪور ﻷﺑﺼﺎري ﻓﻘﻞ ﻛﯿﻒ أﻋﺴﻒ؟
ﺷﺮﻓـﺖ وﻣﺜـﻠﻲ ﺑﺎﻟﻤﻌـﺎرف ﯾﺸـﺮف وﺟـﺌﺖ ﺟـﻮادا ﻓﻲ اﻟﺮھـﺎن ﻣـﺠـﻠﯿـﺎ طـﻠﻌـﺖ ﻋـﻠﻰ أﻓـﻖ اﻟﻨﺠﺎﺑـﺔ ﻣـﻔـﺮدا أﻟـﻢ ﺗـﺮ أﻧﻲ واﻟﺴـﻌـﻮد ﺗـﺤـﯿـﻂ ﺑـﻲ ﺧﻄﻮت إﻟﻰ اﻟﻌـﻠﯿﺎء ﺧﻄﻮة ﻋـﺎرف ﻓﺄﺷـﺮﻓﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺠـﺪ اﻟﻤﺆﺛـﻞ ﯾﺎﻓـﻌـﺎ ﻓﻌﺰﻣﻲ وﺣﺰﻣﻲ واﺟﺘﮭﺎدي وﻓﻜﺮﺗﻲ
وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﺮد ﻋﻠﻰ زﻣﻼﺋﮫ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺄﺧﺬون ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺂﺧﺬ ،وﯾﺘﮭﻜﻤﻮن ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺜﺮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﺗﺄدﯾﺒﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﺳﺘﺎذه: ﻓﯿﺎ وﯾﺢ ﻗﻮﻣﻲ ﺻﺤﻔﻮا اﺳﻤﻲ وﺣﺮﻓﻮا أﺗـﺖ ﻛـﻠـﻢ وﻓـﻖ اﻟـﺼـﻮاب وأﺣــﺮف ﻓـﻤـﺎ زﻟـﺖ ذﯾـﺎك اﻟـﺬي أﻧـﺖ ﺗـﻌـﺮف ﻟـــﺪاﻧـﺎ إذا ﻟـﻢ ﯾـﻌـﺘــﻮرھـﺎ اﻟـﻤـﺜـﻘــﻒ إﻟـﻲ ﻟـﺪى ﺧـﻮض اﻟـﻌـﻠـﻮم ﻟـﺘـﻌـﺮﻓﻮا
ﻓـﺈﻧﻲ )اﻟـﺒﺪوري( اﻟـﺬي ﺗـﻌـﺮﻓـﻮﻧــﮫ ﻓـﺈن زل ﺣﺮف ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻓـﻜﻢ وﻛـﻢ أو ان ﺳﺆت واﻹﻧﺴﺎن ﺗﻌﺮوه ﻋـﺜـﺮة أم ان ﻣﺴﻨﻲ اﻟﺘﺄدﯾﺐ ﻓﺎﻟﺴﻤﺮ ﻻ ﺗﺮى دﻋـﻮﻧﻲ ﻣـﻦ ذﻛـﺮ اﻟﮭـﻨـﺎت وأﻗـﺒـﻠﻮا
وﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﻗﺼﯿﺪة ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺪﻓﺎﻟﻲ ﻣﺸﯿﺮا إﻟﻰ ﺗﺄﻟﻘﮫ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻌﺰﯾﻤﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺘﻌﺐ: إذا ﻣﺎ ﺟﺮى ﻏﯿـﺮي ﺑﺄﺟـﺮد ﻓـﻮاز وﻗﺪ ﻧﻠﺖ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻮرى ﻛﻞ إﻋﺰاز ﯾﺼـﻢ ﺻـﺪاه ﻣـﺴـﻤﻌﻲ ﻛـﻞ ﻏـﻤـﺎر
أطﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﯿﺎء ﺑﺄﺟﻨﺤـﺔ اﻟﺒﺎزي أﻣﺮ ﻛﺨـﻄﻒ اﻟﺒـﺮق ﺛﻤﺖ أﻧـﺜــﻨﻲ ﯾـﻈـﻞ أﺛﯿـﺮ اﻟﺠـﻮ ﻓﻲ ﻧﻘـﻞ ﻛـﻞ ﻣﺎ (99دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،وﺗﻮﺟﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ " اﻹﻟﻐﯿﺎت".146 /3 :
54
ﺑـﻼ ﺳﻤﺔ أﺧـﺮى وﻏـﯿﺮي ﻛﺄﻟـﻐـﺎز وﻣﻦ ذا أﻧﺎ إن ﻟﻢ أﻛﻦ ﺟﺪ ﻓﻮاز؟
أﻟﺴﺖ اﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﯾﻌﺮﻓﻨﻲ اﻟﻮرى أﻟﻢ أك رب اﻟﻔﻮز ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺴﺒـﻖ؟
100
وﯾﺴﺘﺮﺳﻞ ﻓﻲ ﻣﻮاﺻﻠﺔ ذﻛﺮ ﻣﻔﺎﺧﺮه اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﮫ ﻣﺘﻔﻮﻗﺎ ﻋﻠﻰ أﻗﺮاﻧﮫ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﻟﮫ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻣﻌﺒﺮﯾﻦ ﻋﻦ إﻋﺠﺎﺑﮭﻢ ﺑﮫ ،ﺛﻢ ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻘﻨﻊ ﺑﻤﺎ وﺻﻞ إﻟﯿﮫ ،ﺑﻞ ھﻮ ﻋﺎزم ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻨﮭﻞ: إذا ﺟﻠـﺖ ﻓﻲ ﻛـﻞ اﻟﻌﻠـﻮم ﺑﺈﺣـﺮاز ﻗﺮﯾـﻀﺎ ﻛـﻤﺎ ﯾـﺮﻧﻲ ﻟـﺪﻛﺎن ﺑــﺰاز أﯾـﻘـﻨﻊ ﯾﻌـﺒﻮب ﺑﺴــﺮﻋـﺔ ﻧـﮭـﺎز؟ ﯾﺮى ﻋﻨﺪھﺎ ﻛﻞ اﻟﺼﺪور ﻛﺄﻋﺠﺎز
ﻛـﺬاك أﻧـﺎ ﯾـﺎ ﻗـﻮم أظﻔـﺮ داﺋـﻤـﺎ إﻟﻰ أن ﺗﺠﻠﻰ ﺑﯿـﻨﻜﻢ ﻣـﺎ ﺗـﺮوﻧـﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﻨﻲ ﻣﺎ إن ﻗﻨﻌﺖ ﺑﻤﺎ أرى وﻟﻦ ﯾﻘﻨﻌـﻨﻲ ﻏـﯿـﺮ رﺗﺒﺔ ﻣﻔــﺮد
وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﺜﺎل اﻟﻨﺠﺎﺑﺔ واﻟﺠﺪ ،واﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ ﻧﯿﻞ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ ،ﺑﻌﻜﺲ اﻟﻨﻤﻮذج اﻷول اﻟﺬي ﺧﺘﻤﮫ ﺑﺄﺑﯿﺎت ﯾﻌﺘﺮف ﻓﯿﮭﺎ )اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ( ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ﯾﺰال ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻄﺮﯾﻖ ،وأﻧﮫ ﯾﺼﻄﺪم ﺑﺼﻌﻮﺑﺎت ﯾﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮭﺘﮭﺎ وﺗﺠﺎوزھﺎ ﺑﺼﺒﺮ وﺛﺒﺎت وﻋﺰﯾﻤﺔ وإﺻﺮار ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺒﺘﻐﺎه. واﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﺮاﻋﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺴﺘﻮﯾﺎت ﺗﻼﻣﯿﺬه ،وواﻗﻌﮭﻢ اﻟﺪراﺳﻲ وھﺬا ﻣﺎ ﯾﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨﻤﻮذج .ﻓﺼﺎﺣﺒﮫ ـ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﯿﻀﺎوي ـ أﺗﻢ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ وھﻮ اﺑﻦ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﯿﻦ ،وﺑﮭﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ـ وﺗﺨﻔﯿﻔﺎ ﻟﻮﻗﻊ ﺗﺄدﯾﺐ ﻣﻦ أﺳﺘﺎذه أﺣﺪث ﻟﮫ ﺟﺮﺣﺎ ﻓﻲ ﺟﺒﯿﻨﮫ ـ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﮫ: ﻛﯿﻒ ﻧﻮري ﯾﻌﺸﻰ ﻟﺤﺎظ اﻟﻌﯿﻮن ﻏـﯿـﺮ أن اﻟﻜﺴـﻮف ﻻ ﯾﻌﺘـﺮﯾـﻨﻲ ﯾـﻚ ﻣـﻦ ﺳـﺮ رﻓﻌـﺘﻲ ﻓﻲ ﯾـﻘـﯿـﻦ وأﻧـﺎ ﺑـﻌـﺪ دون ﺗــﺴــﻊ ﺳـﻨـﯿــﻦ 101 أﺗـﻠـﻘـﺎه ﻣـﻦ ﯾــﺪي ﺟـﺒـﺮﺋـﯿـﻦ
أرأﯾـﺘـﻢ وﻗـﺪ ﻟـﻤـﺤـﺘـﻢ ﺟـﺒـﯿـﻨـــﻲ أﺗــﻸﻷ ﻛـﺰﺑـﺮﻗـــﺎن ﻣـــﻄـــــــﻞ ﻣـﻦ ﯾـﺸـﺤـﻨﻲ وﯾﻜﺘﻨﮫ ﻛﻨﮫ ﻗـﺪري ﻗﺪ ﺣﻔﻈﺖ اﻟﻘﺮآن ﻋﻦ ظﮭﺮ ﻗﻠﺒﻲ ﻓـﺤـﻮﯾـﺖ اﻟـﻮﺣﻲ اﻟـﺮطﯿﺐ ﻛﺄﻧﻲ
وﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﺗﻠﻤﯿﺬ آﺧﺮ ـ واﺳﻤﮫ ﺳﻌﯿﺪ ﻣﻨﻮ ـ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ: إذا ﻛـﻨـﺖ ﻻ أﺑﺘﺎع ﻋﻠﻘﺎ ﻓﻼ ﺳﻤـﺖ ـﻤﺪارك ﻣﺎ ﯾﮭﺪي إﻟﻰ ﻣﺜﻠﮫ اﻟﺴﻤـﺖ ﺗﻤﮭﺪ ﻟﻲ إدراك ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻗـﺪ رﻣـﺖ ﺗﻄﺎوﻋﻨﻲ اﻷﻣﻮاج ﻓﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﻋﻤـﺖ ﺑـﻤﺎ ﯾﺒﮭـﺮ اﻷﻟﺒﺎب إن ﻣﻨﮫ ﻧﻈﻤـﺖ 102 أﻟﻮح ﺑﮭﺎ ﺑﺮﻗﺎ ﺧﻄﻮﻓﺎ إذا ﺷﻤﺖ
ﺑـﺤـﺰﻣﻲ وإﻗـﺪاﻣـﻲ وﻋـﺰﻣﻲ ﺗـﻘـﺪﻣـــﺖ ﺳﻤﺘﺖ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﻓﺎن ﺣﺘﻰ وﺻﻠﺖ ﻓﻲ اﻟـ ﻧـﮭـــﺪت إﻟــﻰ درﺳــﻲ ﺑـﻜــﻞ ﺟــــﻼدة ﻓﻮطـﺊ ﻟـﻲ ﺑـﺤـﺮ ﻣــﻦ اﻟـﻌـﻠـﻢ زاﺧــــﺮ أﺧـﻮض ﻋـﻠﻰ اﻟـﺪر اﻟـﺜـﻤـﯿـﻦ ﻓـﺄﻧـﺜـﻨـﻲ وﻗـﺪ ﻓـﺰت ﻓـﻲ ﯾـﻮﻣـﻲ ﺑـﺄﺳـﻄــــﻊ درة (100ﻧﻔﺴﮫ ،واﻧﻈﺮ )اﻹﻟﻐﯿﺎت(.146/3 : (101دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎﺗـ وﺗﻮﺟﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ " اﻹﻟﻐﯿﺎت".151/3 : (102ﻧﻔﺴﮫ ،واﻧﻈﺮ " اﻹﻟﻐﯿﺎت".148/3 :
55
وﺗﺴﯿﺮ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﻣﺴﮭﺒﺔ ﻓﻲ ﺳﺮد ﻣﺎ ﺣﺼﻠﮫ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة ،ﻣﺨﺎطﺒﺎ زﻣﻼءه ﺑﻤﻔﺎﺧﺮه اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻀﯿﻔﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ورﺛﮫ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﺧﺮ وأﻣﺠﺎد أﺳﺮﺗﮫ ،ذﻟﻚ أن أﺑﺎه ﻛﺎن ﺑﺎﺷﺎ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﺮاﻛﺶ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻮﻻي ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ، واﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻮﻻي ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻔﯿﻆ ،زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ أن أﻓﺮادا آﺧﺮﯾﻦ ﻣﻦ أﺳﺮﺗﮫ ھﺬه ﺗﻮﻟﻮا ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺎﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﯾﻠﺢ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻜﺘﻔﻲ ﺑﮭﺬا اﻹرث ،ﺑﻞ ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﺤﻘﻖ ﻟﻨﻔﺴﮫ ﻣﺠﺪا آﺧﺮ أﺳﻤﻰ ،ذﻟﻚ ھﻮ ﻣﺠﺪ اﻟﻌﻠﻢ وﺷﺮف اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،وھﻮ ﻣﺠﺪ ﻟﻦ ﯾﺘﻤﺘﻊ ﺑﮫ وﺣﺪه ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺳﯿﻀﺎف إﻟﻰ أﻣﺠﺎد أﺳﺮﺗﮫ اﻵﻧﻔﺔ اﻟﺬﻛﺮ: ﻓﺨﺎري ﺑﻤﺎ أﺣﺮزﺗﮫ ﯾﻮم ﺻﻤﻤﺖ ﻓـﺨﺎري اﻟﺬي ﺷﯿﺪﺗﮫ ﯾﻮم ﻋﻠـﻤـﺖ ﻓﺒﯿـﻦ طﺮوﺳﻲ واﻟﯿـﺮاع ﺗﻘـﺪﻣـﺖ ﻓﺒﺎﻟﺪرس ﻓﻲ ﻋﻠﯿﺎ اﻟﻤﺠﺎدة أﻟﻤﻤﺖ
ﻓﻤﺎ ﻓﺨﺮي ﻓﺨﺮ اﻟﺠﺪود وإﻧــﻤﺎ أﻻ ﻓﻠﯿﺰﯾﺪن آل ﻣـﻨـﻮ ﻟـﻔـﺨـﺮھﻢ ﻓﺈن ﻧﺎل ﻣـﻨﻮ ﺑﺎﻟـﺤـﺴـﺎم ﺗـﻘﺪﻣـﺎ وإن ﺣﺎز ﻣـﻨﻮ ﺑﺎﻟـﺒﺴﺎﻟﺔ ﻣـﺠﺪه
وﻓﻲ ھﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﯾﻨﺤﻮ "اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ" ﻣﻨﺎﺣﻲ ﺷﺘﻰ ﻓﻲ اﻓﺘﺨﺎرھﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮭﻢ ،ﻓﮭﻢ أﺣﯿﺎﻧﺎ ﯾﺘﺸﺒﮭﻮن ﺑﻤﺸﺎھﯿﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷدﺑﺎء ،ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل )اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ( ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺒﺰﯾﻮي، اﻟﺬي ﯾﺘﻌﮭﺪ ﺑﺄﻧﮫ ﻋﺎزم ﻋﻠﻰ أن ﯾﺘﺄﻟﻖ ﻓﻲ اﻷدب ﻟﯿﺨﻠﺪ اﺳﻤﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻛﻤﺎ ﺧﻠﺪه اﻷدﯾﺐ واﻟﻤﺆرخ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﻔﺸﺘﺎﻟﻲ:103 ﻛـﯿـﻒ اﻟـﻔـﻌﺎل ﺑﻘﻮﻟـﺔ اﻟـﻔـﺸﺘﺎﻟﻲ ﺧﯿﻠﻲ اﻟﻌﺘﺎق ﺗﺮون ﻛﯿﻒ ﻣﺠـﺎﻟﻲ ﻛﻲ ﺗﺴﺘﺒﯿـﻨـﻮا ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻲ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻗـﻠـﻤﻲ اﻟـﺒﻠﯿﻎ رواﺋﻊ "اﻟﻔﺸﺘﺎﻟﻲ" 104 ﻓـﻲ ﻧـﻈـﻢ در ﻗـﺼﯿﺪة ﻣﺘــﻼﻟﻲ
ﻗـﻮﻟـﻮا وﺳـﻮف ﺗـﺮون ﻋـﻦ ﻣــﻘﺎﻟـﻲ ﺟـﻠـﺘـﻢ وﻟـﻜـﻦ ﺣـﯿـﻦ أرﺳـﻞ ﺑـﯿـﻨﻜـﻢ ﻗـﻮﻣـﻮا إﻟـﻲ وﺣـﺪﻗـﻮا ﺑـﻌــﯿــﻮﻧـﻜــﻢ )ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ( أﻧـﺎ وﺳﻮف ﺗﺮون ﻣﻦ أﺑـﺪي ﻟـﻜـﻢ وأﻋـﯿـﺪ إن ﺟـﺎﻟـﺖ ﯾــﺪي
وأﺣﯿﺎﻧﺎ ﯾﺬھﺐ ھﺆﻻء اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﮭﻢ ﻋﺎزﻣﻮن ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﻌﺒﮭﻢ، ﻣﺼﻤﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﮭﻮض ﺑﺄﻣﺘﮭﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻒ ﻓﻲ ﻣﺼﺎف اﻟﺪول اﻟﺮاﻗﯿﺔ ،وھﻨﺎ ﻧﺠﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﺴﺘﻐﻞ ھﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻟﻠﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮه اﻟﻮطﻨﯿﺔ، واﻟﺘﺰاﻣﮫ ﺑﻘﯿﺎﻣﮫ ﺑﻮاﺟﺒﮫ ﻣﻦ أﺟﻠﮫ ،وإﯾﺮاده ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ ﺗﻼﻣﯿﺬه ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﮭﺪف اﻟﻮطﻨﻲ اﻟﻤﺘﺠﻠﻲ ﻓﻲ ﻏﺮس ﺑﺬور اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﺤﻘﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﮭﻢ اﻟﻐﻀﺔ ،وﻓﺘﺢ ﻋﯿﻮﻧﮭﻢ ﻣﺒﻜﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻨﺘﻈﺮھﻢ ﻣﻦ أﻋﺒﺎء ﺗﺤﺮﯾﺮ وطﻨﮭﻢ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺼﺒﺤﻮن ﺷﺒﺎﻧﺎ ﻗﺎدرﯾﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ. ( 103ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﻔﺸﺘﺎﻟﻲ)956ھـ1031/ھـ( وزﯾﺮا ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﺴﻌﺪي أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻨﺼﻮر اﻟﺬھﺒﻲ .ﻟﮫ ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻣﻨﮭﺎ )ﻣﻨﺎھﻞ اﻟﺼﻔﺎء ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﺸﺮﻓﺎء( و)ﻣﺪد اﻟﺠﯿﺶ( وﻟﮫ دﯾﻮان ﺷﻌﺮ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺪراﺳﺘﮫ وﺗﺤﻘﯿﻘﮫ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻧﺠﺎة اﻟﻤﺮﯾﻨﻲ )طﺒﻊ ﺑﻤﻄﺒﻌﺔ اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﺠﺪﯾﺪة ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ﺳﻨﺔ 1985م(. (104ﻧﻔﺴﮫ ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﯿﺎت.154 / 3 :
56
ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻮطﻨﯿﺔ/اﻟﺘﻠﻤﯿﺬﯾﺔ ـ ﻓﻲ آن واﺣﺪ ـ ﻧﻮرد ﻣﻘﻄﻌﺎ أﻧﺸﺪه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻟﻤﻌﺪري: وذﻗـﺖ ﻓﻜﻨﺖ اﻟﺒﺎرد اﻟﺸـﺒﻢ اﻟﻌـﺬﺑﺎ ﺳﻨﺎﺑﻜﮫ اﻹﻋﺼﺎر ﻓﻲ اﻟﺠﻮ ﻗﺪ ھﺒﺎ 105 ﻓـﺄﻟﻔﯿـﺖ ﯾﺎﻗـﻮﺗـﺎ وﻟـﻤﺎ ﯾـﺴﻢ ﺛـﻘـﺒﺎ
ﺑﻠﯿﺖ ﻓﻜﻨﺖ اﻟﺼﺎرم اﻟﺨﺬم اﻟﻌﻀﺒﺎ وأﺟﺮﯾﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺪان ﻣﺬﻛﻲ ﻛﺄﻧـﻤﺎ وأﻟﻘﯿﺖ ﻓﻮق اﻟﻨﺎر ﻻﻓـﺤـﺔ اﻟﻠـﻈﻰ
وﯾﻄﯿﻞ ﻓﻲ وﺻﻒ )ﺷﺠﺎﻋﺘﮫ( اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻀﺎھﻰ ،ﺛﻢ ﯾﺨﺘﻢ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﺑﮭﺬﯾﻦ اﻟﺒﯿﺘﯿﻦ: أﻗﻮم ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺐ ﻛﻲ أﻧﮭﺾ اﻟﺸﻌﺒﺎ ﺗـﻮد ﻟـﮭﺎ اﻟﯿـﺎﺑﺎن ﻟـﻮ ﺻـﺎرت اﻟﻐﺮﺑـﺎ
ﻋﻠﻰ أﻧﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺳﻮف ﺗﺮون ﻣﺎ ﻓﻼ ﻛﻨﺖ إن ﻟﻢ أﻟﻔﺢ اﻟﻐﺮب ﻧﮭﻀﺔ
وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﯾﻘﻮل ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﺑﻦ أﺧﯿﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺒﯿﺐ: أﺷﻊ ﺑﻨﻮري ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺎرب واﻟﺸﺮق ﻓـﺄي ﻣـﻘـﺎم طﺎﻟـﻨﻲ ﺑـﻌـﺪ ﻣـﻦ ﻓﻮق؟
أﻧﺎ ﺗﻠﻜﻢ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻤﺬﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﺗﻔـﻮﻗـﺖ ﺣﺘﻰ ﻟـﻢ أﺟـﺪ ﻣـﺘـﻔـﻮﻗـﺎ
وﯾﺨﺘﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﺑﮭﺬا اﻟﻤﻘﻄﻊ ،وھﻮ ﺻﺮﺧﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺪى ﻟﻮﻋﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،وھﻮ ﯾﻌﻤﻞ ﺟﺎھﺪا ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺤﻮ اﻟﻮﺟﻮد اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ﻓﻲ اﻟﺒﻼد: أﺣﺎدﯾﺜﮫ ﻓﻲ اﻷرض واﻟﺠﻮ واﻷﻓـﻖ إذا رد ﺑﻲ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻣﺎ ﺿﺎع ﻣﻦ ﺣﻖ ﺷﻌـﻮب طـﻮاھـﺎ اﻟﺠﮭﻞ طﯿﮭﻢ ﻟﻠﺮق 106 ﻟﺘﺤﻄﯿﻢ ﻣﺎ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻣﻦ رﺑﻘﺔ اﻟﺮق
ﺳـﯿﻌـﺮف ﻣـﻨﻲ اﻟـﺨـﺎﻓـﻘـﺎن ﻣـﺸـﮭــﺮا أﻧﺎ اﺑﻦ اﻟﺤﺒﯿﺐ اﻟﺸﮭﻢ ﻓﺎﺻﻐﻮا ﻟﺴﯿﺮﺗﻲ ﻓـﻼ ﺻـﺤـﺒـﺘـﻨﻲ ﻣﮭﺠـﺔ ﻻ ﺗـﺬوذ ﻋــﻦ ﻓـﻔﻲ اﻟـﯿـﻮم درس ﺛـﻢ ﻓﻲ اﻟـﻐـﺪ وﺛـﺒـﺔ
وﻟﯿﺴﺖ ﻛﻞ ﻗﺼﺎﺋﺪ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻓﺨﺮﯾﺔ ﺗﻤﺠﺪ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﮫ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻣﻦ ﺗﻘﺪم أو ﺗﻔﻮق ،ﺑﻞ ﺗﻜﻮن أﺣﯿﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ "اﻋﺘﺮاﻓﺎت" ﯾﺬﻛﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ اﻟﻌﺜﺮات اﻟﺘﻲ وﻗﻌﻮا ﻓﯿﮭﺎ، او اﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت اﻟﺘﻲ أﻗﺪﻣﻮا ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻓﯿﺘﻌﮭﺪون ﺣﯿﻨﺎ ﺑﺈﺻﻼح ﻣﺎ ﻓﺴﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﮭﻢ ،أو ﯾﺸﯿﺮون إﻟﻰ ذﻟﻚ وﯾﻘﻔﻮن ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ اﻟﺤﺪ ،وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺮاھﺎ اﻷﺳﺘﺎذ/اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ اﻟﺬي ﻗﯿﻠﺖ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﮫ. ﻓﮭﺬا ﺗﻠﻤﯿﺬ ﯾﺪﻋﻰ :اﻟﺤﺴﯿﻦ اﻟﺰﻧﺰﻣﻲ اﻟﺤﺎﺣﻲ ،ﺳﺒﻖ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ أن ﻗﺎل ﻓﯿﮫ ﻗﺼﯿﺪة ﻓﺨﺮﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﺘﻲ أوردﻧﺎھﺎ ،ﺑﯿﺪ أن اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ أﻗﺪم ﻋﻠﻰ ﺑﯿﻊ أﺻﻞ اﻟﻘﺼﯿﺪة اﻟﻤﻜﺘﻮب ﺑﺨﻂ أﺳﺘﺎذه إﻟﻰ أﺣﺪ زﻣﻼﺋﮫ ـ ذﻟﻚ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺎن ﯾﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ إﻟﻰ ﺗﻼﻣﯿﺬه ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺨﻄﮫ ﻛﺸﮭﺎدة وﺗﺬﻛﺎر ﻣﻨﮫ إﻟﯿﮭﻢ ـ ﻓﻘﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﮫ: (105ﻧﻔﺴﻪ ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﻴﺎت.155 / 3 : (106ﻧﻔﺴﻪ ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﻴﺎت.164 / 3 :
57
ﻗﺪ ﺑﻌﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺴـﻮق ﺑﺎﻟﻘـﺮش أن ﯾﺰﺟﻲ اﻟﺤﯿﺎة ﻓﻲ اﻟﻨـﻌـﺶ 107 وﻣﺎ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ أﺿﺮب اﻟﻐـﺶ
ﻗـﺪ ﻛـﺎن ﻟـﻲ ﻣـﺠــﺪ وﻟـﻜـﻨـﻨﻲ ﻟﻢ ﯾﺮﯾﺪ اﻟﺼﺮح ﻣﻦ ﯾﺮﺗـﻀﻲ ﻋـﻨـﻲ ﺑـﺎﻟـﺪﻧـﯿـﺎ وزﺧــﺮﻓــﮭـﺎ
وﺗﺴﺘﻤﺮ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﻓﻲ ﺳﺮد آراء اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ/اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة وﻣﺒﺎھﺠﮭﺎ ،ﺑﺮؤﯾﺔ ﻓﯿﮭﺎ زھﺪ وﻓﯿﮭﺎ إﺣﺠﺎم ﻋﻦ ﻣﻐﺮﯾﺎت اﻟﺪﻧﯿﺎ. اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧـــﻲ: أﻣﺎ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺪﯾﻮان ﻓﯿﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﺨﺎطﺐ ﺑﮭﺎ ﺗﻼﻣﯿﺬه ،وھﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺗﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ،ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت أو ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻷھﺪاف .وﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻔﺮق اﻟﻤﻮﺟﻮد ﺑﯿﻦ اﻟﻘﺴﻤﯿﻦ ،أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن ﯾﺘﻮﺟﮫ إﻟﻰ ﺻﻐﺎر اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻓﯿﻨﻈﻢ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺘﮭﻢ ﻣﺸﺠﻌﺎ إﯾﺎھﻢ ﺣﯿﻨﺎ وﻣﻌﺎﺗﺒﺎ ﺣﯿﻨﺎ آﺧﺮ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ »ﻗﺎﻣﻮﺳﯿﺔ« ﻣﺘﯿﻨﺔ ﺗﻌﻤﺪ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺗﻠﻘﯿﻦ ﺗﻼﻣﯿﺬه رﺻﯿﺪا ﻟﻐﻮﯾﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻤﯿﻖ ﻣﺤﺼﻮﻟﮭﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ،وﻣﻦ ﺷﺄﻧﮫ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﯿﺴﯿﺮ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ اﻟﺪراﺳﯿﺔ .ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺎطﺐ ﻛﺒﺎر اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﺗﺤﻘﯿﻘﺎ ﻟﻸھﺪاف ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺸﺠﯿﻊ واﻟﻌﺘﺎب ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﻗﺴﻄﺎ ﻣﮭﻤﺎ ﻣﻦ ھﺬا ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻘﺴﻢ ﻛﺎن ﯾﺼﺪر ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻮاﺑﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ أﺧﺮى ﻛﺎن ﺗﻼﻣﯿﺬه/اﻟﺸﻌﺮاء ﯾﺨﺎطﺒﻮﻧﮫ ﺑﮭﺎ اﻋﺘﺮاﻓﺎ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﻤﺨﺎﻟﻔﺎت ارﺗﻜﺒﻮھﺎ ،أو ﺗﻮﺑﺔ ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻦ اﻧﺤﺮاﻓﺎت اﻧﺴﺎﻗﻮا إﻟﯿﮭﺎ ،أو ﺗﻤﺠﯿﺪا ﻣﻨﮭﻢ وﺗﻘﺪﯾﺮا ﻟﺠﮭﻮد أﺳﺘﺎذھﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺒﺬﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮم ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄدوار أﺳﺎﺳﯿﺔ. وھﻜﺬا ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﺣﺚ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﺘﻼﻣﯿﺬه ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد واﻟﮭﺎدف ﻣﺸﺠﻌﺎ إﯾﺎھﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ ﺑﺬل أﻗﺼﻰ اﻟﺠﮭﻮد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ طﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ،أو ﺗﻜﻮﯾﻦ ﺷﺨﺼﯿﺎﺗﮭﻢ ﺧﻠﻘﯿﺎ ووطﻨﯿﺎ ،ﺣﺘﻰ ﯾﻨﺸﺄوا رﺟﺎﻻ ﺻﺎﻟﺤﯿﻦ ﻣﺰودﯾﻦ ﺑﺎﻷدوات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺠﻌﻠﮭﻢ ﻣﻨﺘﺠﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﮭﻢ ،وﻗﺎدرﯾﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺎت اﻟﻘﯿﺎدﯾﺔ ﻓﻲ وطﻨﮭﻢ .ﻓﻜﺎن ﯾﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﻤﺲ ﻓﯿﮭﻢ ﺧﺼﻠﺔ ﺣﻤﯿﺪة ،ﻓﯿﺒﺮزھﺎ ﻟﻠﺘﻼﻣﯿﺬ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺨﺬوھﺎ ﻗﺪوة ﻟﮭﻢ ،ﺳﺎﻋﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﻤﺜﻠﮭﺎ .وﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﺘﻮﺟﮫ ﺑﺎﻟﻠﻮم واﻟﺘﺄﻧﯿﺐ إﻟﻰ ﻣﻦ ﯾﺮى ﻓﯿﮭﻢ اﻧﺤﺮاﻓﺎ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻘﻮﯾﻢ (107دﯾﻮان اﻟﺮﻣﻠﯿﺎت ،وﻛﻨﺎش اﻷﺳﺘﺎذ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﻣﺮﺷﺪ اﻟﺴﻮﺳﻲ )أﺣﺪ ﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﺸﺎﻋﺮ( ،واﻧﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ :ﺷﻌﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ )اﻟﻤﻠﺤﻖ( ﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ .ص.510 .
58
اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺒﺬل أﻗﺼﻰ اﻟﺠﮭﻮد ﻟﺘﻮﺟﯿﮫ ﺗﻼﻣﯿﺬه إﻟﯿﮫ ،ﻣﻌﺒﺮا ﻋﻦ ﺧﯿﺒﺔ أﻣﻠﮫ ﺗﺎرة ،أو ﻋﻦ أﻣﻠﮫ ﻓﻲ رﺟﻮع ﺗﻠﻤﯿﺬه إﻟﻰ ﺟﺎدة اﻟﺼﻮاب ﺗﺎرة أﺧﺮى. وﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺗﻠﻘﻰ ـ ﺑﺪورھﺎ ـ ﻓﻲ اﻟﻠﻘﺎء اﻷدﺑﻲ اﻷﺳﺒﻮﻋﻲ "ﺳﻮق ﻋﻜﺎظ " اﻵﻧﻒ اﻟﺬﻛﺮ. 1ـ ﻓﻤﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه اﻟﺘﺸﺠﯿﻌﯿﺔ: ھﺬه اﻟﺪاﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎطﺐ ﺑﮭﺎ اﺑﻦ أﺧﺘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺘﻨﺎﻧﻲ ﺣﯿﺚ أﺑﺮز ﯾﮭﺎ إﻋﺠﺎﺑﮫ ﺑﺬﻛﺎﺋﮫ اﻟﺬي أھﻠﮫ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻓﻲ طﻠﺒﮫ ﻟﻠﻌﻠﻢ ،ﻣﻤﺎ ﺳﯿﺆھﻠﮫ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺪ أﺳﺮﺗﮫ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻓﺄﺑﻮه ﻋﺎﻟﻢ وأدﯾﺐ وﻣﺘﺼﻮف ،وأﻣﮫ ـ أﺧﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮ ـ ﻣﻦ ﺑﯿﺖ ﻋﻠﻢ وأدب وﺗﺼﻮف ﻛﺬﻟﻚ: ﺧـﯿـﺮ ﻓـﺘﻰ ﻣﺴﺘﻔﯿـﺪ ﺟــﺮى ﻟﺸﺄو ﺑﻌـﯿـﺪ ﻛــﺬي ﻣﻘـﺎم ﻋـﺘـﯿـﺪ ﯾﻘﻮل ھﻞ ﻣﻦ ﻣﺰﯾـﺪ ﻋــﺎﺋـﺸــﺔ وﺳـﻌـﯿـﺪ ﺑــﺠـﺪه واﻟــﺠـــﺪود ﯾـﻜـﻮن ﺳﻌﺪ اﻟﺴﻌﻮد 108 أھﻞ اﻟﺮﺑﺎ واﻟﻮھﻮد
ﻣـﺤـﻤـﺪ ﺑـﻦ ﺳـﻌـﯿﺪ ﺗـﻌـﻠـﻢ اﻟـﻌـﻠـﻢ ﺣـﺘﻰ ﻓـﮭﻮ وإن ﻛﺎن طﻔﻼ ذﻛـﺎؤه ﻓـﻲ ازدﯾـــﺎد ﻓـﻤﻦ ﯾﻜﻦ ﺟﺰﻟﮫ ﻣﻦ ﯾﺼـﻞ ﻣـﻘـﺎم اﻟﺜـﺮﯾﺎ ﯾﺤـﻔـﻈﮫ ﷲ ﺣـــﺘﻰ ﻓــﯿـﮭـﺘـﺪي ﺑـﮭـــﺪاه
وﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﯾﻤﺎﺛﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة اﻟﺘﻲ ﺧﺎطﺐ ﺑﮭﺎ ﺗﻠﻤﯿﺬه إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﺤﻔﻮظ اﻷدوزي اﻟﺬي ﯾﻨﺘﺴﺐ ـ ﺑﺪوره ـ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ ﻋﻠﻢ وأدب: ﻧﻈﯿﺮك ﻣﻦ ﯾﺤﻮي ﺑﮭﻤﺘﮫ اﻟﻤﺠﺪا ﻓﻜـﻢ ﻓﯿـﻚ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﻟﻄﯿﻒ ﻛﺄﻧﻤﺎ أﺗﺴﻜـﻦ ھﺎﺗﯿـﻚ اﻟﺠﺒﺎل ﺣـﻘـﯿـﻘـﺔ ﺟﻤﻌﺖ اﻟﻄﺮﯾﻒ ﻟﻠﺘﻠﯿﺪ ﻓﻤﻦ ﯾﺮى ﻓﻠﻠـﮫ درك ﻣـﻦ ﻧـﺸـﺄت ﻟـﺪﯾـﮭــﻢ
وﯾﺤﯿﺎ ﺑﻤـﺎ ﻓـﯿﮫ وﺣـﯿﺪ اﻟـﻮرى ﻓـﺮدا ﯾﻤﺲ ﻧﺴﯿﻢ اﻟﺼﺒﺢ ﻣﻦ روﺿﮫ وردا وﻓﯿـﻚ ﺳﺠﺎﯾـﺎ ﻣﻨـﮭـﻢ ﺳـﻜـﻨـﻮا ﻧﺠـﺪا ﯾﻜـﻮن ﻟـﻤﻦ ﻗـﺪ ﺣـﺎز ﻣﺎ ﺣـﺰﺗـﮫ ﻧﺪا 109 ﺑﻨﺸﺄة ﻣﻦ ﯾﺴﺘﻌﺬﺑﻮن اﻟﻌـﻼ وردا
وﯾﺨﺎطﺐ ﺗﻼﻣﯿﺬه أﺣﯿﺎﻧﺎ ﻣﻨﻮھﺎ ،وﻣﺸﺠﻌﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﻐﻔﻞ ﺗﻨﺒﯿﮭﮭﻢ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻤﺴﮫ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﮭﻢ ﻣﻦ ﺛﻐﺮات ،ﻛﻘﻮﻟﮫ ﻓﻲ )اﻟﺴﻌﯿﺪ اﻟﻮرزازي( ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﻟﻤﺎ ﻗﺮأت ﻣﻔﯿﺪا
أﻧﺖ اﻟﺴﻌﯿﺪ وﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﺳﻌﯿﺪا (108دﻳﻮان اﻟﺮﻣﻴﻠﻴﺎت ،واﻧﻈﺮا :اﻹﻟﻐﻴﺎت.164/3 :
(109دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻧﻈﺮ اﻟﻤﻌﺴﻮل.147/5 : (110دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻧﻈﺮا اﻹﻟﻐﯿﺎت.153/3 :
59
110
2ـ أﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻌﺘﺎب: ﻓﯿﺠﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻀﻄﺮا إﻟﻰ إﺑﺪاء ﺗﺨﻮﻓﮫ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﺒﻌﺾ ﺗﻼﻣﯿﺬه :إﻣﺎ ﻻﻧﺼﺮاﻓﮭﻢ ﻋﻦ اﻟﺪروس ،أو ﻻﻧﺸﻐﺎﻟﮭﻢ ﺑﺄﻣﻮر ﻻ ﺗﺘﻔﻖ وﻣﺎ ﯾﻔﺮﺿﮫ ﻋﻠﯿﮭﻢ طﻮر اﻟﺘﺤﺼﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺪ واﻟﺠﺪ .أو ﻟﻤﯿﻠﮭﻢ إﻟﻰ ﺳﻠﻮك ﺗﺤﻔﮫ ﺷﻜﻮك ﯾﺨﺸﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ أن ﯾﺆدي ﺑﺘﻼﻣﯿﺬه إﻟﻰ اﻻﻧﺤﺮاف .ﻓﺤﯿﻨﻤﺎ ﯾﻠﻤﺲ ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ أﺣﺪ ﺗﻼﻣﯿﺬه ،ﯾﺒﺎدر إل ﺗﻨﺒﯿﮭﮫ أو ﺗﺄدﯾﺒﮫ ،وﺣﺜﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺳﻠﻮﻛﮫ اﻟﻄﺎﺋﺶ واﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ طﺮﯾﻖ اﻟﺼﻮاب ،ﻣﺒﯿﻨﺎ ﻣﺨﺎطﺮ اﻟﺴﻠﻮك ﻏﯿﺮ اﻟﺴﻮي اﻟﺬي ﺳﯿﻨﺤﺮف ﺑﮫ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﮭﺎوﯾﺔ ،داﻋﯿﺎ ﺗﻠﻤﯿﺬه إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎف ﺑﻤﺎ ﻋﮭﺪه ﻓﯿﮫ ـ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ـ ﻣﻦ اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ واﺟﺘﮭﺎد ﻗﺒﻞ أن ﺗﻔﻮﺗﮫ اﻟﻔﺮﺻﺔ. وﻟﻌﻞ أﺷﮭﺮ ﻗﺼﯿﺪة ﺻﺪرت ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب :ﻣﯿﻤﯿﺔ ﺗﻌﺪ إﺣﺪى ﻣﻄﻮﻻﺗﮫ اﻟﺸﻌﺮﯾﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻓﮭﻲ ﻓﻲ ﺗﺴﻊ وﺳﺒﻌﯿﻦ ﺑﯿﺘﺎ. ﺧﺎطﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﮭﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة أﺣﺪ ﺗﻼﻣﯿﺬه اﻟﻨﺠﺒﺎء وھﻮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﻤﺮاﻛﺸﻲ 111اﻟﺬي »ﻛﺎن ﻟﮫ ﯾﻮم ﻛﺎن ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﻤﺘﺎزة وإﻛﺒﺎب ﻋﺠﯿﺐ وﻧﺠﺎﺑﺔ ﻏﺮﯾﺒﺔ« .112وﺗﺘﻜﻮن اﻟﻘﺼﯿﺪة ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ أﻗﺴﺎم أﺳﺎﺳﯿﺔ ،ﺧﺼﺺ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﻣﻨﮭﺎ ﻟﺬﻛﺮ ﻣﺎﺿﻲ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﺣﺮﯾﺼﺎ ﻋﻠﻰ طﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ، ﻣﻮاظﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻼزﻣﺔ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﺪروس ،واﻋﯿﺎ ﺑﺄھﻤﯿﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪراﺳﻲ اﻟﺬي أﻗﺒﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻜﻠﯿﺘﮫ: ﻓـﻤـﺎ ھـﻜـﺬا أﺣـﺠـﻮك ﯾﺎ اﺑـﻦ اﻟـﻤـﻌـﻠﻢ ﺻﻮى اﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﺗﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻠﻢ ﻓـﻘـﻀـﯿـﺘـﮭﺎ ﺳـﯿـﺮا ﺑـﻨـﮭــﺞ اﻟـﺘـﻌـﻠــﻢ وﻣـﻦ ﯾـﺪري أن اﻟـﺒـﺎب ﯾـﻔـﺘـﺢ ﻓﯿﻠﺰم 113 ﻓـﺈن ﻋـﻦ ﻣـﻦ ﻋـﺴﺮ ﺗﺼﻤﻢ ﻓﺘﻘـﺪم
أﺳـﯿـﺮك ھــﺬا ﻓـﻲ ﻏـــﺪ أن ﺗـﻘـــــﺪم ﻓـﻤـﻨـﺬ ﺛـﻼث ﻛـﻨـﺖ ﺗـﻌـﮭـﺪ ﺗــﺎﺑــﻌـﺎ وﺗـﻌـﺮف ﻣـﺎ ﻗـﺪ ﻛـﻨـﺖ ﻣﻨﺘﺼﺒﺎ ﻟــﮫ وﻣﺎ ﺣﺪت ﻋﻦ ﺑﺎب اﻟﻤﻌﺎرف ﺳﺎﻋﺔ ﺗـﻮاظـﺐ ﻻ ﺗـﺪري اﻟﺘﺨـﻠـﻒ واﻟﻮﻧﻰ
وﯾﺴﺘﺮﺳﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ذﻛﺮ ﺻﻔﺎت ﺗﻠﻤﯿﺬه اﻟﻨﺎدرة :ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺑﺔ ،واﻟﺘﮭﺎم ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﺼﺎدﻓﮫ ﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪ ،وﻗﺮاءة ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ ﻷي ﻛﺘﺎب ﯾﻘﻊ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ،وﺷﻐﻒ ﻛﺒﯿﺮ ﺑﺎﻷدب ،واﻣﺘﯿﺎزه ﻋﻠﻰ أﻗﺮاﻧﮫ ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﺒﺪﯾﮭﺔ ،وﺑﺬﻛﺎﺋﮫ اﻟﻮﻗﺎد ،وﻗﺪرﺗﮫ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ (111ھﻮ أﺣﺪ ﻋﻠﻤﺎء ﻣﺮاﻛﺶ اﻟﺒﺎرزﯾﻦ ،ﻛﺎن ﻣﺤﺎﻓﻈﺎ ﻟﺨﺰاﻧﺔ اﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﻟﻤﺪة ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺎﻟﻘﺼﯿﺮة ،وھﻮ اﻟﺬي ﺗﻮﻟﻰ ﺗﺴﯿﯿﺮ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ ﺳﻨﺔ 1937م إﺛﺮ ﻧﻔﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ ﻣﺮاﻛﺶ ،ﻗﺒﻞ إﺻﺪار ﺳﻠﻄﺎت اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﻗﺮار إﻏﻼﻗﮭﺎ. (112اﻟﻤﻌﺴﻮل.110/16 : (113دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻧﻈﺮ اﻟﻤﻌﺴﻮل 110/16:ـ .114
60
ﻓﮭﻢ أﻋﻮص اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ، ،وﺣﻔﻆ أﺻﻌﺐ اﻟﻘﻮاﻋﺪ .ﺛﻢ ﯾﻨﺘﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﯿﺪة إﻟﻰ وﺻﻒ اﻧﺼﺮاف ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻧﺤﺮاﻓﮫ ﻋﻦ اﻟﺠﺎدة: ﻛـﺄن ﻟـﻢ ﯾـﻜـﻦ ﺻـﻮاﻟـﺔ ﺑـﻤـﺨــﺬم ﻗـﻮاﺻـﺒـﮫ ﻟﻠـﻔـﻞ ﺑــﻞ ﻟﻠـﺘـﺤـﻄـــﻢ ﻏــﺪا ﻓـﻲ ﺗــﻮان وارﺗـﺨـﺎ وﺗﺒـﺮم ﺑـﺒﺤﺮ ﺑـﻄﺎﻻت ﺧـﻀـﻢ ﻏﻄﻤﻄــﻢ ﻋـــﻠـﻰ ﻛـﺘـﺒـﮫ ﻓـﻲ دارة ﻟﻠـﺘـﻔﮭــﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرس ﺣﺘﻰ ﯾﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﻮھـﻢ ﺟﺮت ﻣﻨﮫ ﻓﻲ أﻋﺼﺎﺑﮫ ﺟﺮﯾﺔ اﻟﺪم
إذا ﺑﻌـﻠﻲ ﻗـﺪ ﺗـﻀـﻌـﻀـﻊ واﺧـﺘـﺜﻰ ﺳﺮت ﻧﺤﻮه ﻋﺪوى اﻟﺘﺨﻠﻒ ﻓﺎﻧﺜﻨﺖ ﻓـﻤـﻦ ﺑـﻌـﺪ أن ﻛـﺎن اﻟـﺴـﺒﻮق ﺑﺠﺪه ﻓـﮭﺎ ھـﻮ ذا ﯾـﻤﺴﻲ وﯾﺼـﺒﺢ ﺳﺎﺑﺤﺎ ﺗـﻔـﻘـــﺪ ﻣــﺮات ﻓــﻼ ھــﻮ ﻣــﻨــﺰو وﻻ ھــﻮ ﻋـﻨـﺪ اﻟـﻤـﻨـﺘـﺪﯾـﻦ ﺳﻮاﺋﻨﺎ ﯾــﺪور ﻛـﻤـﺄﺧــﻮذ ﺑـﻤـﺴـــﺔ ﺟــﻨـﺔ
وﯾﻨﺘﻘﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺳﺮد ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ ﺗﮭﺎوﻧﮫ وإھﻤﺎﻟﮫ واﻧﺼﺮاﻓﮫ ﻋﻦ أﺳﺘﺎذه ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﯿﺪة ،داﻋﯿﺎ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﮭﺪاﯾﺔ ،ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻮد إﻟﻰ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﮭﺪه ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺘﺤﺼﯿﻞ: ﺷـﻔـﺎ ﺟـﺮف ھـﺎر إذا ﻟـﻢ ﯾﺪﻋـﻢ ﺑـﻨـﺎ ﻗـﺒـﻞ إﻟـﻤﺎم اﻟﻨﺰﯾﻞ اﻟﻤﺨـﯿﻢ ﻟﮫ ﻗﻠﺐ ﺻﻠﺪ ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺨﺮم ﯾﻘﺮض ﻓﻲ اﻷﻏﺮاض أن ﯾﺘﻔﮭﻢ
ﻣﻈﺎھﺮ ﺗﻘﻀﻲ أن ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ طﻮى رﺟﻠﮫ ﻋﻨﺎ ﻛﺄن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟـﮫ وﯾﻨﻔﺾ ﻣﻨﺎ راﺣﺘﯿﮫ ﺻﻨﯿـﻊ ﻣـﻦ وﻟـﻜـﻨـﮫ ﻻ ﻻ ﻋـﺪﻣـﻨـﺎه ذو ذﻛــﺎ
ﺛﻢ ﯾﻨﺘﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﯿﺪة إﻟﻰ ﺗﻮﺟﯿﮫ اﻟﻨﺪاء إﻟﯿﮫ ﺑﺎﻹﺻﻐﺎء إﻟﻰ ﻧﺼﺢ أﺳﺘﺎذه اﻟﺬي ﯾﺤﺜﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮدة ﻟﻼرﺗﻮاء ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺑﻊ اﻟﻌﻠﻮم ،اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺠﻌﻠﮫ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮف ﻣﺮة أﺧﺮى ﻣﻔﺘﺨﺮا ﻋﻠﻰ أﻗﺮاﻧﮫ ،ﺣﯿﺚ أدﻟﻰ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺄﻣﻞ أن ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻤﯿﺬه ،ﺣﺘﻰ ﯾﻨﺼﺮف ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﺆدي ﺑﮫ إﻟﻰ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ اﻟﮭﺎوﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻮﺟﺪ اﻵن ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺘﮭﺎ: ﻟﺪيّ وأﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﺎﺻﺮم أﻟـﯿـﺲ ﺑـﻌـﺎر ﻧـﺒﺬ ﻧﺼﺢ اﻟﻤﻌﻠﻢ؟ ﻟـﻤـﺜـﻠﻚ أن ﯾــﺮﺗــﺪ ﺑـﻌـﺪ اﻟـﺘﻘﺪم
أﺑﺎ ﺣﺴﻦ ﻣﮭﻼ ﻟﺘﺴﻤﻊ ﻛـﻠـﻤــــﺔ ﺗﺮﯾﺚ ﻗﻠﯿﻼ واﺳﺘﻤﻊ ﻟﻨﺼﯿﺤـﺘﻲ روﯾﺪك ﻻ ﺗﻐـﻠـﻂ ﻓﺄﻋـﻈـﻢ ﻏﻠﻄﺔ
وﺑﻌﺪ أن ﯾﺒﺮھﻦ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﺣﺼﻠﮫ ﻟﺤﺪ اﻵن ﻟﯿﺲ ﺑﺬي ﻗﯿﻤﺔ ،وأﻧﮫ إن ﻟﻢ ﯾﻮاﺻﻞ دراﺳﺘﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﮭﺎ ﻓﺴﯿﻌﻮد إﻟﻰ ﺳﺎﻟﻒ ﻋﮭﺪه :ﺟﺎھﻼ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﺬﻛﺮه ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ ﻗﺒﻞ اﺗﺼﺎﻟﮫ ﺑﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ ،وﺑﻤﺎ ﺻﺎر ﻋﻠﯿﮫ اﻟﯿﻮم ﻣﻦ ﺗﻘﺪم ﯾﻐﺒﻂ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻣﺤﺬرا إﯾﺎه ﻣﻦ ﻣﻐﺒﺔ ﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﯿﻞ وﻧﺴﯿﺎن ﻣﺎﺿﯿﮫ اﻟﻘﺮﯾﺐ: ﯾـﺮاد أﻟـﻢ ﺗـﻔـﻘـﮫ؟ أﻟــﻢ ﺗـﺘـﻘــــﺪم؟ ﻓﮭﺎ أﻧﺖ ذا ﻓﻠﺘﻨﺼﻔﻦ إن ﻟﻢ ﺗﺤﻜـﻢ ﻗـﻮاﻋـﺪ ﺗـﺆﺗـﻲ أﻛـﻠـﮭـﺎ أن ﺗـﻌـﻠـﻢ ﻟﺪى اﻟﻨﺶء ﺑﺪرا ﻣﺸﺮﻗﺎ ﺑﯿﻦ أﻧﺠﻢ
ﻧﻈﯿﺮك ﯾﺎ ھﺬا أﻣﺎ ﻧـﻠﺖ ﺑـﻌـﺾ ﻣـﺎ أﺗﯿﺖ وﻟﻤّﺎ ﺗﻌﺮف اﻷرض ﻣﻦ ﺳﻤﺎ أﻣﺎ ج أﻣﺎ ﺟـﺌـﺘـﻨﺎ ﺻﻔـﺮا ﻓـﺄﺑـﺖ ﻣـﻮﻗــﺮا ﻓﺄص ﻓـﺄﺻـﺒـﺤـﺖ واﻟـﻤـﻨـﺎت وﺣـــﺪه 61
ودﯾـﺪﻧـﮭـﻢ أن ﯾـﻜـﻔـﺮوا ﻛـﻞ أﻧﻌـﻢ ﺳﻮى ﻟﻤﻌﺎن اﻵل ﻓﻲ ﻣﻘﺘﻠﻲ ظﻤﻲ وﻣـﻦ ﻻ ﯾـﺤـﺘـﻘـﺮ أﻋﻤﺎﻟﮫ ﻻ ﯾﺘﻤـﻢ
أﻋﯿﺬك أﻋﯿـﺬك أن ﺗـﻐـﺪو ﻛـﻘـﻮم ﻋﮭﺪﺗـﮭـﻢ ﯾﻔﻮھﻮ ﯾﻔـﻮھـﻮن ﺑﺎﻷﻟـﻔﺎظ ﺟـﻮﻓـﺎء ﻣـﺎﻟﮭـﺎ وﻣﺎ ذا وﻣـﺎ ذاك إﻻ أﻧـﮭــﻢ ﻟـــﻢ ﯾـﺘـﻤـﻤــﻮا
وﯾﺨﺘﻢ ﻗﺼﯿﺪﺗﮫ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻋﻆ واﻟﺤﻜﻢ ،ﺗﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎھﻠﻲ زھﯿﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﻰ 114ﻓﻲ ﻣﻌﻠﻘﺘﮫ: ﻓﮭﯿﮭﺎت أن ﯾﺠـﻨﻲ ﺛﻤﺎر اﻟﺘﻌـﻠـﻢ ﻓﻼ ﯾﻄﻤﻌﻦ ﻣﻨﮫ )ﺑﺤﺒﺔ( ﺳﻤﺴـﻢ ﻓﻜﯿﻒ ﯾﺮى ﻓﯿﮭﺎ ﻟـﮫ ﻣـﻦ ﺗﻘـﺪم؟ دﻻء أﺗﺮﺟﻮ ﻣﻨﮫ ﻛﺮﻋﻚ ﺑﺎﻟـﻔـﻢ؟ وإﻻ ﻓـﻘـﺪ أدﯾــﺖ ﺣــﻖ اﻟـﻤـﻌﻠﻢ
وﻣـﻦ ﻟـﻢ ﯾﻮاظﺐ ﺣﻘﺒﺔ ﺑﻌﺪ ﺣـﻘـﺒـــﺔ وﻣـﻦ ﻟـﻢ ﯾـﮭـﺐ ﻟﻠـﻌـﻠـﻢ ﻛـﻞ ﺣﯿﺎﺗــﮫ وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺨﺎطﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ ﺑﻨﻔﺴــﮫ إذا ﻛـﺎن ﻣـﺎء ﻣـﻦ ﻗـﻠـﯿﺐ وﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ ﻓﮭﺬي ﻛﺬﻛﺮى إنأَﺻَ ﺨْ ﺖَ ﻟﮭﺎ أﺳـﺖ
وھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻛﺜﯿﺮ ﻓﻲ رﻣﯿﻠﯿﺎﺗﮫ :ﺷﻌﺮ اﻟﻌﺘﺎب ،واﻟﺘﺄﻧﯿﺐ ،واﻟﺪﻋﻮة ﻟﻠﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺳﺎﻟﻒ اﻟﻌﮭﺪ ﻓﻲ اﻟﻜﺪ واﻟﺠﺪ واﻟﻤﺜﺎﺑﺮة ،ﻓﻤﻤﻦ ﺧﻮطﺒﻮا ﺑﮭﺬا اﻟﻨﻮع: ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺪﻓﺎﻟﻲ :ﻗﺪم اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻘﺼﯿﺪﺗﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﺑﻘﻮﻟﮫ: »وﺧﺎطﺒﺘﮫ 1353ھـ وﻗﺪ رأﯾﺖ ﻣﻨﮫ ﺑﻌﺾ ﻧﻜﻮص ﻋﻦ اﻟﺪروس« ﻓﻤﺘﻰ ﺣﺴﺒﺖ ﺑﺄن ﻣﺜﻠﻚ ﯾـﻨـﻜﺐ؟ أﺻﺒﺤﺖ واﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪ ﯾـﺘـﻘـﻠــﺐ أوَ ﻣﺎ ﻋﮭﺪت ﻓﺘﻰ ﯾﻜﺐ وﯾـﺪأب؟ ﻣﺎ ذا ﺟﺮى ﺣﺘﻰ رأﯾﺘﻚ ﺗﻠﻌـﺐ؟ 115 ﺣﺘﻰ ﺗﺒﯿـﻦ ﻣﻨـﻚ ﺑـﺮق ﺧﻠـﺐ
ﻋﺠﺒﺎ وﻣﺜﻠﻲ ﻣﻦ ﻧﻜﻮﺻﻚ ﯾﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن ﺣﻠﻘﺖ ﻓﻲ أوج اﻟﻌـﻼ ﻣﻦ ذا ﯾﻈﻨﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﻧﻲ ھـﻜـﺬا؟ ﻗـﺪ ﻛـﻨـﺖ ﻣـﻌـﺮوﻓـﺎ ﺑـﺠــﺪ داﺋـﻢ ﻗﺪ ﻛﻨﺖ أطﻤﻊ ﻣﻨﻚ ﺑﺮﻗﺎ ﻣﻤﻄـﺮا
وﺧﺎطﺐ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﻮﻻي اﻟﺤﺴﻦ اﺑﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻮﻻي ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻔﯿﻆ: ﻓﺈﻧـﻨﻲ ﻣـﺎ ﺣـﺪت ﻋﻦ ﻣﺬھـﺒﻲ ﻓﻠﻨﺴـﺄل اﻟـﻨﺎس ﻋـﻦ اﻟﻤـﺬﻧـﺐ ﻓﻜـﻨﺖ ﻋﻨﺪي اﻟﺒﺮ ﻋﻨـﺪ اﻷب ﯾـﺠـﺪ ﻧـﻤـﯿـﺮ اﻟﻤﺎء ﯾﺴﺘـﻌـﺬب
أﺑـﻌـﺪ ﻣـﺎ ﺷـﺌـﺖ أو ﻓـﺎﻗـــﺮب أھﻮى اﻟﻠﻘﺎء وﺗﻨﺜﻨﻲ ﻣﻌﺮﺿـﺎ ﻓـﯿـﻤـﺎ ﻣـﻀـﻰ ﻛﻨﺖ ﺗﺮاﻓـﻘـﻨﻲ ﺗﻐﺸﻰ دروﺳﻲ ﻛﻞ ﺣﯿﻦ وﻣﻦ
( 114ھﻮ ﺣﻜﯿﻢ ﺷﻌﺮاء اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎھﻠﻲ .ﺗﻮﻓﻲ ﺣﻮاﻟﻲ ﺳﻨﺔ 605م .ﻛﺎن أﺑﻮه ﺷﺎﻋﺮاً ،وﺧﺎﻟﮫ ﺷﺎﻋﺮاً ،وأﺧﺘﮫ ﺳﻠﻤﻰ ﺷﺎﻋﺮة ،واﺑﻨﺎه ﻛﻌﺐ وﺑﺠﯿﺮ ﺷﺎﻋﺮﯾﻦ ،وأﺧﺘﮫ اﻟﺨﻨﺴﺎء ﺷﺎﻋﺮة .ﻋﺮﻓﺖ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﺑﺎﻟﺤﻮﻟﯿﺎت ﻟﻤﺎ ﯾﻘﺎل ﻋﻨﮫ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻋﺘﻨﺎﺋﮫ ﺑﺘﻨﻘﯿﺢ ﺷﻌﺮه ،ﻓﻼ ﯾﻨﻈﻢ إﻻ ﻗﺼﯿﺪة واﺣﺪة ﻋﻠﻰ رأس ﻛﻞ ﺳﻨﺔ .ﻛﺎن ﻣﻌﻤﺮا واﺷﺘﮭﺮ ﺑﻤﻌﻠﻘﺘﮫ " اﻟﺤﻜﻤﯿﺔ" وﻣﻄﻠﻌﮭﺎ: ﺑﺤﻮﻣﺎﻧﺔ اﻟﺪراج ﻓﺎﻟﻤﺘﺜﻠﻢ
أﻣﻦ أم أوﻓﻰ دﻣﻨﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻠﻢ (115ﻧﻔﺴﮫ ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﯿﺎت.147/3 :
62
ﺗـﺒـﺎﻋـﺪ اﻟـﺴـﻠـﯿﻢ ﻋﻦ أﺟـﺮب ﺻـﺪاﻗـﺔ ﺗـﻌـﺰ ﻋـﻦ ﻣـﻄـﻠـﺒﻲ ﻛﯿﻒ ﯾﺮى اﻟﻈﻠﻢ ﻣﻦ اﺑﻦ اﻟﻨﺒﻲ 116 ﺗﻌﺮو وﻣﻦ ﻻ ﯾﺒﺘﻌﺪ ﯾﺠـﺮب
ﺛـﻢ ھـﺠـﺮت ﻣـﺠـﻠـﺴﻲ ﻧـﺎﺋـﺒﺎ ﻟـﻢ ﺗـﺮع ﻟﻲ ﺣـﻖ اﻟﺠﻮار وﻻ ﺳـﺠـﯿـﺔ ﻣـﺎ ﻛـﻨـﺖ أھـﻼ ﻟـﮭـﺎ ﻟـﻜـﻨـﮭـﺎ ﺧـــﻼ ﺋـــﻖ رﺑــﻤـــﺎ
وﯾﺤﺬره ﻣﻦ أن ﯾﻠﻘﻰ ﻣﺼﯿﺮ ﺻﻨﻮه اﻟﺬي اﻧﻘﻄﻊ ـ ھﻮ أﯾﻀﺎ ـ ﻋﻦ دروﺳﮫ، وﯾﺬﻛﺮه ﺑﺄﻧﮫ أﺧﻠﺺ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﯿﻤﮭﻤﺎ وإرﺷﺎدھﻤﺎ ،ﻟﻜﻨﮭﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻐﻼ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺮﺻﺔ. ﻓﻲ اﻟﺠﮭﻞ واﻟﻠﮭﻮ وﻓﻲ اﻟﻤﻠﻌﺐ ﻣـــﻦ اﻟــﺬي أورث ﺧـﯿــﺮ أب ھـﺪاﯾــﺔ ﻟﻠـﻤـﻨـﮭــﺞ اﻷﻟــﺤــــﺐ ﻻ ﯾﺤﺘـﺮس ﻓﻲ ﺧـﻄـﻮه ﯾﻌﻄﺐ
ﻟﻮ ﻛﻨﺖ أدري ﻣﻨﻜﻤﺎ رﻏﺒـﺔ أو ﻛﻨﺖ أدري ﻣﻨﻜﻤﺎ رﻏﺒـﺔ ﻣﺎ ﺳـﻤﻌﺖ أذﻧﺎﻛﻤﺎ ﻣﻦ ﻓـﻤﻲ ﻟﻜـﻨﻨﻲ ﺣﺴـﻨـﺖ ظـﻨﻲ وﻣـﻦ
3ـ وﯾﻈﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ رﻣﯿﻠﯿﺎﺗﮫ ،ذﻟﻚ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻤﺨﻠﺺ ﻓﻲ أداء رﺳﺎﻟﺘﮫ اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ ،اﻟﺤﺮﯾﺺ ﻋﻠﻰ ﺗﺘﺒﻊ أﺣﻮال ﺗﻼﻣﯿﺬه ،اﻟﻤﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ أﺳﺮارھﻢ وﻣﺸﺎﻛﻠﮭﻢ ،ﻣﺸﺎرﻛﺎ إﯾﺎھﻢ ﻓﻲ ﺳﺮاﺋﮭﻢ وﺿﺮاﺋﮭﻢ ،ﻓﯿﺰور ﻣﻦ ﻣﺮض ﻣﻨﮭﻢ ،وﯾﻮاﺳﻲ ﻣﻦ أﺻﯿﺐ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﺈﺣﺪى ﻣﻜﺮﺑﺎت اﻟﺤﯿﺎة ،ﻓﯿﻌﺰي وﯾﻮاﺳﻲ ﺑﻘﺼﯿﺪة ﯾﻀﻤﻨﮭﺎ ﻣﺸﺎﻋﺮه وﻋﻮاطﻔﮫ وأﺣﺎﺳﯿﺴﮫ ﻧﺤﻮ ﺗﻠﻤﯿﺬه. وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﻓﻲ ﻣﻮﻻي اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﻮﻻي ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻔﯿﻆ اﻟﺴﺎﻟﻒ اﻟﺬﻛﺮ ،وﻗﺪ أﻟﻢ ﺑﮫ ﺳﻘﻢ ﻓﻠﻢ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻋﯿﺎدﺗﮫ ،ﻓﻮاﺳﺎه ﺑﻘﻮﻟﮫ: ﻓﺈﻧـﻤـﺎ أﻧـﺖ ﻓـﯿـﻨﺎ اﻟـﻤـﺠـﺪ واﻟـﻜـﺮم ﯾـﻠـﺘـﺎح ﻣـﻨـﮫ إذا ﺟـﺎﻟـﺴـﺘـﻨـﺎ ﻋـﻠــﻢ ﺟﻤﺮ اﻷﺳﻰ ﯾﺎﺗﻈﻲ ﻓﯿﻨﺎ وﯾﻀﻄﺮم ﺷـﺮﻓـﺖ ﻣﻨـﮭﺎ وﺗﺄﺳﻰ ﺑﻌﺪك اﻟـﻨﻌـﻢ
ﻋﻮﻓﯿﺖ ﻛﯿﻤﺎ ﯾﻌﺎﻓﻰ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﻜﺮم ﻻ ﻛﺎن ﯾﻮم ﻋﺪﻣﻨﺎ ﻣـﻨﻚ ﻓﯿﮫ ﺳـﻨﻰ ﯾﻮﻣﺎن ﻗﺪ ﻣﻀﯿﺎ ﻋﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻋـﻠﻰ ﻧﺄﺳﻰ ﻋﻠﯿﻚ ﻛﻤﺎ ﺗﺄﺳﻰ ﻧﻀﺎﺋﺪ ﻗـﺪ
وﯾﻌﺒﺮ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﻋﻦ أﺳﻔﮫ ﻟﻌﺪم ﺗﻤﻜﻨﮫ ﻣﻦ ﻋﯿﺎدﺗﮫ ﻓﻲ ﻓﺮاش اﻟﻤﺮض ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻤﺎت اﻟﻄﺒﯿﺐ اﻟﺬي ﻣﻨﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ زﯾﺎرﺗﮫ ،طﺎﻟﺒﺎ ﻣﻨﮫ اﻹﺳﺮاع ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻄﻤﺌﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﮫ: ﻗـﺪ ﻛـﻨـﺖ أﻧـﻮي ﻋـﯿـﺎدات ﻓـﺤﺮﻣـﮭـﺎ ﻓـﻨـﺎب ﻋـﻦ ﺧـﻄـﻮاﺗﻲ ﻣﺎ ﺑـﻌـﺜﺖ ﺑـﮫ اﻗﺮأ اﻟﻜﺘﺎب وأرﺳﻞ ﻟﻲ اﻟﺠﻮاب ﻓﻠﻲ
أﻣـﺮ اﻟـﻄـﺒـﯿـﺐ وأﻣـﺮ اﻟـﻄـﺐ ﻣـﺤـﺘﺮم وﻧـﻌـﻢ ﻣـﺎ ﯾـﺴـﺘـﻨـﯿـﺐ اﻟـﻌـﺎﺟـﺰ اﻟـﻘـﻠـﻢ 117 ﺷﻮﻗﻲ ﺷﺪﯾﺪ ﻷدري ھﻞ ﻣﻀﻰ اﻷﻟﻢ
وﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﻄﻮل ﻏﯿﺒﺔ أﺣﺪھﻢ ،ﯾﺒﺎدر اﻟﺸﺎﻋﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﺆال ﻋﻨﮫ ،ﻣﺴﺘﻔﺴﺮا ﻋﻦ أﺧﺒﺎره ،ﻣﺴﺘﻄﻠﻌﺎ أﺣﻮاﻟﮫ ،ﻛﻘﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺮﺣﻤﺎﻧﻲ )ﺳﻨﺔ 1352ھـ1933/م( (116ﻧﻔﺴﮫ ،وﻛﻨﺎش اﻷﺳﺘﺎذ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﻣﺮﺷﺪ اﻟﺴﻮﺳﻲ )أﺣﺪ ﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﺸﺎﻋﺮ( .واﻧﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ :اﻟﻤﺮﺷﺪ إﻟﻰ دﯾﻮان ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ )وھﻮ ﻛﺘﺎب ﻣﺨﻄﻮط ﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ(. (117دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﯿﺎت.157/3 :
63
أﻧﺖ ﻋﻨﺪي ﻣﻦ أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎس وﺻﻔﺎ 118 ـﺪان ﯾـﺠـﻨﻲ اﻷﺛﻤﺎر ﯾﻘﻄﻒ ﻗﻄﻔﺎ
ﻛـﯿـﻒ أﻧـﺖ وﻛـﯿـﻒ ﺣـﺎﻟـﻚ ﻛـﯿـﻔـﺎ أﻧﺖ ﺷﮭﻢ واﻟﺸﮭﻢ ﯾﺴﺒﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﯿـ
4ـ وﺗﺼﻞ ﻓﺮﺣﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺘﻼﻣﯿﺬه اﻷوج ،ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺘﻮﺑﻮن ﻋﻤﺎ ﺻﺪر ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﻧﺼﺮاف ﻋﻦ اﻟﺪروس ،أو ھﺠﺮ ﻟﻸﺳﺘﺎذ واﻧﻘﻄﺎع ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻟﺴﮫ: ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﯾﻌﻮد اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ دروس أﺳﺘﺎذه ،ﺗﺎﺋﺒﺎ ﻋﻦ ذﻧﺒﮫ ،ﻧﺎدﻣﺎ ﻋﻤﺎ ﺻﺪر ﻣﻨﮫ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﺘﺼﺮف ،ﻣﺘﻌﮭﺪا ﺑﺎﻟﺘﺰام ﺟﺎدة اﻟﺼﻮاب ،واﻻﻧﻘﻄﺎع ﻋﻦ ﺳﻮء ﺳﻠﻮﻛﮫ ،ﻋﺎزﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻜﻤﺎل ﺗﻌﻠﻤﮫ ،واﺳﺘﺪراك ﻣﺎ ﻓﺎﺗﮫ .ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ـﯿﺴﺘﻘﺒﻠﮫ أﺳﺘﺎذه ﻓﺮﺣﺎ ﻣﺒﺘﮭﺠﺎ ،راﺿﯿﺎ ﻋﻨﮫ ﻛﻞ اﻟﺮﺿﺎ ،ﻛﻘﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻧﻔﺴﮫ )ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺮﺣﻤﺎﻧﻲ( وﻗﺪ ﺑﻌﺚ إﻟﯿﮫ رﺳﺎﻟﺔ اﺳﺘﻌﻄﺎف: ﻓﺎﻟﯿﻮم أرﺿﻰ ﻋﻨﻚ ﻛﻞ اﻟﺮﺿﺎ ﻋـﮭـﺪك وﺿـﺎح اﻟﺴـﻨﺎ أﺑـﯿـﻀﺎ ﻛـﻔـﺎك ﻓـﺎرﺗــﺪا اﻟـﺬي ﻗـﻮﺿــﺎ ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺘﺎب ﻛﻞ اﻟﻘﻀـﺎ ـﻮﺻﻞ ﻛﺄن ﻗﺪ ﺷﺐ ﻓﻲ اﻟﻔﻀـﺎ ﻗـﻠـﺒـﻲ ﺑـﻤـﺎ أﺻﻠـﯿـﺘـﮫ ﻣﺮﻣﻀﺎ 119 أﺷﻤﺘﻨﻲ ﺑﺮق اﻟﮭﻨﺎ ﻣﻮﻣﻀـﺎ
إﻟﯿﻚ ﻓﺎﻟـﮭﺠـﺮان ﻣـﻨﻲ اﻧـﻘـﻀـﻰ ﻗﺪ ﻋﺪت ﻓﻲ ﻋﯿﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ رﻗـﯿـﺘـﻨﻲ ﺑﺎﻟﺴـﺤـﺮ ﻣـﻤـﺎ وﺷــﺖ أرﺳـﻠـﺘـﮭـﺎ رﺳـــﺎﻟــــﺔ ﻓــــــــﺬة ﻓـﮭـﺎ أﻧـﺬا ﻓﻲ اﺷـﺘـﯿـــﺎق إﻟـﻰ اﻟـ ﻓـﻘــﺪ ﻏــﺪا ﺑـﻌــﺪ ﻓــﺮاﻗــــﻚ ﻟـﻲ ﻓــﺄﺳــﺮع اﻟــﺨــﻄــﻮ إﻟـﻲّ ﻓـﻘـــﺪ
وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﻓﻲ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺪﻧﻲ »اﻟﺬي اﺗﺼﻞ ﺑﺎﻷﺳﺘﺎذ ﻟﻤﺎ ﺣﻞ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﻓﺎﻓﺘﺘﺢ ﻋﻨﺪه دروس اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻤﺸﻰ ﻓﯿﮭﺎ أﺷﻮاطﺎ /ﺛﻢ اﺧﺘﺎره اﻷﺳﺘﺎذ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﺎﻟﺰاوﯾﺔ ] [...ﻓﻤﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﮫ ھﺬا ﻧﺤﻮ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ،ﺛﻢ اﺗﺼﻞ ﺑﺒﻌﺾ ﺳﻔﻠﺔ اﻟﻨﺎس ،ﻓﺎﻧﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ،ﻓﺼﺎر ﯾﺰﻟﻖ زﻟﻘﺎت ﻣﺘﻮاﻟﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﺪع ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺼﺒﺮ واﻹﻏﻀﺎء ] [...ﻓﻔﺼﻠﮫ ﻋﻦ اﻟﺘﺪرﯾﺲ وھﻮ آﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﻗﮫ ،ﺛﻢ ﺗﻘﻠﺒﺖ ﺑﮫ اﻷﺣﻮال ﻣﻦ ھﻨﺎ وھﻨﺎك ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،ﻓﻜﺘﺐ إﻟﻰ اﻷﺳﺘﺎذ رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﺎدى اﻷوﻟﻰ 1355ھـ )ﻏﺸﺖ 1934م( ﯾﻌﺘﺬر ﻓﯿﮭﺎ ﺑﻌﺒﺎرات ﻣﺆﺛﺮة ﺣﺎرة ﻋﻤﺎ ﻓﺮط ﻣﻨﮫ، وﯾﺴﺘﻐﻔﺮ وﯾﺴﺘﺴﻤﺢ اﻷﺳﺘﺎذ ،وﯾﻜﺜﺮ ﻣﻦ ذﻛﺮ ﺣﯿﺎﺋﮫ ﻣﻤﺎ ﺻﺪر ﻣﻨﮫ ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ اﻷﺳﺘﺎذ 120 ﻓﻲ 1355/6/11ھـ ﺑﮭﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة« إن اﻟـﻘـﻀـﺎء ﻣـﻘـﺎود اﻹﻧـﺴـــﺎن ﻣﻦ ذا اﻟﺬي ﻣﺎ زل ﻓﻲ اﻟﻮﺧﺪان؟ ﻣـﻤـﺎ ﯾـﺰﻋـﺰع ﺟـﺎﻧـﺒﻲ ﺛـﮭــﻼن
ﻣﮭـﻼ ﻋـﻠـﯿـﻚ ﻓـﻠـﺴـﺖ أول ﺟـﺎن ﻣﻦ ذا اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺠﺘﺮح ﻓﻲ ﻋﻤﺮه ﻣـﺎ ﻣـﻦ ﻓـﺘﻰ إﻻ وﯾـﻌـﻢ ان ﺟﻨﻰ (118ﻧﻔﺴﮫ ،واﻧﻈﺮاﻹﻟﻐﯿﺎت.145/3 : (119دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﯿﺎت.145/3 : (120ﻛﻨﺎش اﻷﺳﺘﺎذ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﻣﺮﺷﺪ اﻟﺴﻮﺳﻲ )ﻣﺤﻄﻮط(.
64
ﯾـﺴـﻤـﻊ ﻣـﻘـﺎرﻓـﮫ ﺳـﻮى اﻟﻠـﻌـﺎن ﻣـﻦ ﻣـﺄﺛـﻢ ﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻣـﻦ ﻋﺼﯿﺎن
ﻣـﻦ ﻛـﻞ ذﻧـﺐ ﻟـﻮ ﺑـﺪا ﻟﻠﻨﺎس ﻟﻢ ﻟـﻮ ﻛـﺎن ﻟﻺﻧﺴـﺎن أن ﻻ ﯾﺠـﺘـﻨﻲ
وﺑﻌﺪ أن ﯾﺴﺮد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻋﻆ ،ﯾﻨﺘﻘﻞ ﻻﺳﺘﻌﺮاض ﻣﺎ ﯾﺘﺼﻒ ﺑﮫ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﺎدة ﻣﻦ ﺣﯿﻮﯾﺔ وﺟﺮأة ،وﺳﺮﻋﺔ اﻧﺴﯿﺎق وراء اﻷھﻮاء ،ﻣﻤﺎ ﯾﻮﻗﻌﮭﻢ ﻓﻲ ﻣﺰاﻟﻖ وﺧﯿﻤﺔ اﻟﻌﻮاﻗﺐ ،وﯾﻮﺿﺢ أن رﺣﻤﺔ ﷲ واﺳﻌﺔ ،وأن اﻟﻌﻨﺎﯾﺔ اﻟﺮﺑﺎﻧﯿﺔ ﺗﺤﯿﻂ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺄ إﻟﻰ ﷲ ﺗﺎﺋﺒﺎ .ﺛﻢ ﯾﺨﺎطﺐ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﺆﻛﺪا أﻧﮫ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ أﺑﯿﮫ ،وأﻧﮫ ﺷﺪﯾﺪ اﻟﻐﯿﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺘﮫ ،ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﯾﺘﺄﻟﻢ ﻟﻤﺎ ﺻﺪر ﻣﻦ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﺎت ﻛﺎدت ﺗﻠﻘﻲ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﮭﺎوﯾﺔ .وﯾﺨﺘﻢ اﻟﻘﺼﯿﺪة ﺑﺄﺑﯿﺎت ذات ﻣﺴﺤﺔ دﯾﻨﯿﺔ وطﻨﯿﺔ: ﻓـﺎﻟـﺪﯾـﻦ ﻟﻠـﺨـﻼق ﻻ ﻟـﻺﻧـﺴﺎن ﺷـﺘﻰ إذا ﻣــﺎ ﺗـﺒــﺖ ﻟﻠـﺮﺣـﻤــﻦ وإذا اھـﺘﺪﯾـﺖ ﺗﻔﻮز ﺑﺎﻟﺮﺿـﻮان اﻟــﺬﻧــﺐ واﻟـﺘـﻮﺑــﺎت ﻟﻠـــﺪﯾـــﺎن ﺑـﺎﻟــﺰھــﺪ واﻹﺣـﺴـﺎن واﻹﯾﻤﺎن زﯾﺮ اﻟﺤﺴﺎن وﺧﻠﻒ ﺑﻨﺖ اﻟﺤـﺎن ﻗﺪ ﻋﻮﺿﺖ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺧﺴﺮان ﻣــﻦ رﺑــﮫ ﺑـﺘـــﻼوة اﻟـــﻘـــﺮآن ﻓــﻐــﺪا ﺑــﺬﻟــﻚ ﺳـﯿـﺪ اﻷوطــﺎن ﺣﺴﺮى اﻟﻌﯿﻮن ﻧﻮاﻛـﺲ اﻷذﻗـﺎن 121 ﺗـﻀـﻔﻲ ﻋﻠـﯿﻨﺎ ﺣـﻠـﺔ اﻟﻐﻔﺮان
أﻣـﺤـﻤـﺪ اﻟـﻤـﺪﻧﻲ ﻻ ﺗـﮭﻠﻚ أﺳــﻰ ﻻ ﯾـﺬھـﺒـﻦ ﺑـﻚ اﻟـﺤـﯿـﺎء ﻣـﺬھـﺒـﺎ ﻗﺪ ﻛﻨﺖ أﻏﻀﺐ إذ ﻣﺸﯿﺖ ﺗﻌﺴﻔـﺎ ﻣﺎ اﻟﺬﻧﺐ ذﻧﺒﻲ ﻻ وﻻ اﻟﺘﻮﺑﺎت ﻟﻲ ﻛـﻢ ذي ﺻـﻼح أﺷـﺮﻗﺖ ﺟـﻨﺒﺎﺗـﮫ ﻗﺪ ﻛﺎن ﻓﯿﻤﺎ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﻋﻤـﺮه ﻟـﻜـﻨـﮫ ﻣـــﺬ ﺗـﺎب ﺗـﻮﺑـﺔ ﺻــﺎدق وأﺷـﺎح ھـﻤـﺘﮫ إﻟﻰ ﻧﯿـﻞ اﻟـﺮﺿﻰ وﯾــﺬود ﻋــﻦ أوطﺎﻧــﮫ أﻋـﺪاءھـﺎ ﯾـﺎ رﺑـﻨـﺎ إﻧـﺎ وﻗــﻔــﻨــﺎ ﺧــﺸــﻌــﺎ ﻓﺎﻣـﻨـﻦ ﻋـﻠـﯿـﻨـﺎ أﺟـﻤﻌـﯿﻦ ﺑﺘـﻮﺑـﺔ
5ـ وﻣﻦ أﺑﺮز ﻣﺎ ﺗﻨﺎوﻟﮫ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ "اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت" ﻗﺼﺎﺋﺪ ﯾﺮﺷﺪ ﻓﯿﮭﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﺗﻼﻣﯿﺬه اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺼﺪر ﻋﻨﮭﻢ ﻣﺤﺎوﻻت أدﺑﯿﺔ أوﻟﯿﺔ ،ﻗﺪ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻋﺎدة ﻣﻦ ﺛﻐﺮات ،ﻓﯿﻌﻤﻞ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺒﯿﮫ ﺗﻠﻤﯿﺬه إﻟﻰ ذﻟﻚ وﯾﺤﺜﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ واﻻﺳﺘﻤﺮار ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﮭﺪف اﻟﻤﻨﺸﻮد ،وذﻟﻚ ﺑﺈرﺷﺎده إﻟﻰ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ إﻧﺘﺎﺟﮫ اﻷدﺑﻲ .ﻣﺸﺠﻌﺎ إﯾﺎه ﻟﯿﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺻﻘﻞ ﻣﻮھﺒﺘﮫ ،وﺗﻘﻮﯾﻢ ﻟﺴﺎﻧﮫ وﻗﻠﻤﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ اﻷدﺑﯿﺔ اﻟﻤﺮﺟﻮة. ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺧﺎطﺐ ﺑﮫ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺮﺣﻤﺎﻧﻲ )ﻓﻲ ﺻﻔﺮ 1355ھـ /أﺑﺮﯾﻞ 122 1936م( .ﻋﻠﻰ إﺛﺮ إﻧﺸﺎده » ﻗﻄﻌﺔ ﻣﺨﺘﻠﺔ اﻟﻮزن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺑﯿﺎﺗﮭﺎ« وﻻ ﻣـﺪرﻛـﺎ ﻣـﻦ ﺑـﯿﻦ أﺣﺠـﺎره اﻟﺪرا ﻓﯿﺨﻄﻲء ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻨﻰ وﯾﺨﺘﺮق اﻟﺒﺤﺮا
أرى ﺳﺎﻟﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﺮف اﻟﻤﺪ واﻟﺠﺰرا ﯾﺠﻲء إﻟﻰ اﻷﺷﻌﺎر ﻛﯿﻤﺎ ﯾﺼﻮﻏـﮭﺎ
(121دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،وﻛﻨﺎش اﻷﺳﺘﺎذ إﺑﺮاھﺒﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ .واﻧﻈﺮ :اﻟﻤﺮﺷﺪ إﻟﻰ دﯾﻮان ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ )ﻣﺨﻄﻮط ﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ(. (122اﻹﻟﻐﯿﺎت.146/3 :
65
ﻣـﺤـﺮﻗـــﺔ واﻵل ﯾــﺒــﮭـــﺮه ﺑــﮭـــﺮا إﻟﻰ أﯾﻦ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﯿﺎﻟﻚ اﻟـﺼـﺤـﺮا
ﻛﻤﻦ ﺿﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻣﺎء ﺑﯿﻦ ھﻮاﺟـﺮ ﻓﯿﺒـﻘﻰ ﺷـﺮﯾﺪا ﻗـﺪ ﺗﺤـﯿـﺮ ﻣـﺎ درى
123
وأﻟﻘﻰ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻧﻔﺴﮫ »ﺧﻄﺒﺔ طﻨﺎﻧﺔ ﯾﻮﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻔﻞ وھﻲ ﻣﻦ إﻧﺸﺎﺋﮫ« 124ﻓﻜﺘﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ھﺬه اﻷﺑﯿﺎت ﺗﺸﺠﯿﻌﺎ ﻟﮫ: ﻛﺬا ﻛﺬا ﻓﻠـﯿﺨـﻂ اﻟـﻨـﺜﺮ ﻣــﻦ ﻛـﺘـﺒـﺎ واﻟﻌﻘﻞ ﯾﻈﮭﺮ ﻓﻲ ﺷﯿﺌـﯿـﻦ روﻧـﻘـﮫ )ﻣﻦ ﯾﺤﺴﻦ اﻟﺸﻲء ﻻ ﯾﻌﺪم ﺟﻮازﯾﮫ
وﻟـﯿـﺒـﺬل اﻟﻨﺼـﺢ ﻟـﻺﺧـﻮان ﻣـﻦ ﺧﻄـﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻄﻖ إن ﻗﺎل أو ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ إن ﻛﺘﺒﺎ 125 ھﯿﮭﺎت ﯾـﺬھﺐ ﺳـﻌﻲ اﻟﻤﺤﺴﻨﯿﻦ ھـﺒـﺎ(
6ـ وﻧﺨﺘﻢ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ دﯾﻮان "اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت" ﺑﮭﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺬي ﯾﻌﺪ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﻔﺴﮫ ﻗﺪ أدى اﻷﻣﺎﻧﺔ ،وﺑﻠﻎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺣﯿﻨﻤﺎ أﯾﻨﻌﺖ اﻟﺜﻤﺎر اﻟﺘﻲ ﻏﺮﺳﮭﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﺒﻠﻮغ اﻟﻤﻮاھﺐ اﻷدﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ رﻋﺎھﺎ ﺳﻨﯿﻦ ﻋﺪﯾﺪة اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻼﺋﻘﺔ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﯿﺪان اﻟﺸﻌﺮ واﻷدب ،وﺻﺎرت ﺗﺨﺎطﺐ أﺳﺘﺎذھﺎ ﻟﯿﺲ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪ أﻧﺸﺪھﺎ ھﻮ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ ھﺬه اﻟﻤﻮاھﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﺻﺎرت ﺗﺨﺎطﺒﮫ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪ ھﻲ وﻟﯿﺪة ﻗﺮاﺋﺤﮭﺎ اﻟﺸﻌﺮﯾﺔ اﻟﻤﺸﺒﻌﺔ ﺑﻌﻠﻢ وأﻓﻜﺎر أﺳﺘﺎذھﺎ. وﯾﺴﺘﻤﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﻲ أداء رﺳﺎﻟﺘﮫ اﻟﺘﻮﺟﯿﮭﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﮭﺞ اﻟﻤﻌﮭﻮد ﻓﯿﮫ ،ﻓﯿﺒﺎدل ﺗﻼﻣﯿﺬه "اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻨﺎﺷﺌﯿﻦ" اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ وزﻧﺎ ﺑﻮزن ،وﻗﺎﻓﯿﺔ ﺑﻘﺎﻓﯿﺔ ،وﻓﻜﺮة ﺑﻔﻜﺮة .دون أن ﯾﻨﺤﺮف أو ﯾﻜﻒ ﻋﻦ إﺑﺪاء اﻟﻨﺼﺢ ي ﺳﻠﻮﻛﮭﻢ ،وﻓﻲ ﺗﺄﻟﻘﮭﻢ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﻌﺮ، ﻣﺸﺠﻌﺎ إﯾﺎھﻢ ـ ﻛﻌﺎدﺗﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ـ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﻤﺎ وﺻﻠﻮا إﻟﯿﮫ ،ﺑﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﻮاﺻﻠﻮا طﻠﺐ اﻟﻤﺰﯾﺪ. ﻧﻌﺮض ﻣﻦ ﻧﻤﺎذج ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻓﻲ رﻣﯿﻠﯿﺎﺗﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: أ( »ﻓﻲ 1935/10/4م ﺧﺎطﺐ اﻷدﯾﺐ أﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ أﺳﺘﺎذه] [...ﺑﮭﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة اﻟﻔﺬة اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻮب ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻣﻮر أﻟﻢ ﺑﮭﺎ ﻣﻤﺎ ﻻ ﯾﺸﺬ ﻋﻨﮫ أي ﺷﺎب ،وﯾﻌﻠﻦ ﻟﮫ ﻓﯿﮭﺎ أﻧﮫ اﻧﻘﺎد ﻟﻨﺼﺤﮫ اﻟﺬي ﯾﻠﻘﯿﮫ ﻋﻠﯿﮫ ،وھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة ﻣﻦ ﻣﺴﮭﻼت ﺷﻌﺮ اﻷدﯾﺐ ﺷﻮﻗﻲ ،وﻗﺪ أﺟﺮى ﻓﯿﮭﺎ أﺳﺘﺎذه ﻗﻠﻢ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎ ﻋﻠﻰ روﺣﮭﺎ ،ﻟﯿﻌﻠﻤﮫ ﻛﯿﻒ ﯾﻨﻈﻢ 126 اﻟﻜﻼم ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻤﻘﺎم« روﯾﺪك ﯾﻜﻔﯿﻨﻲ اﻟﺬي ذﻗﺖ ﻣﻦ ﻣﺮ ﻣﺘﺎﺑﺎ وﻣﺜﻠﻲ ﻣﻦ إذا زل ﯾﺮﻋــﻮي
ﻓـﻠـﺴـﺖ إذا ﻋـﺎودت ﺑـﺎﻟـﺮﺟــﻞ اﻟﺤـﺮ وﻣﻦ ﺗﺎب ﯾﺴﺒﻞ دوﻧﮫ ﺳﺎﺑﻎ اﻟﺴﺘﺮ؟
127
(123دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت .وﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﯿﺎت.146/3 : 124دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﯿﺎت.145/3 : (125ﻧﻔﺴﮫ. (126ﻛﻨﺎش اﻷﺳﺘﺎذ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﻣﺮﺷﺪ اﻟﺴﻮﺳﻲ )ﻣﺨﻄﻮط(. (127ﻧﻔﺴﮫ.
66
إﻟﻰ آﺧﺮھﺎ وھﻲ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ وﺛﻼﺛﯿﻦ ﺑﯿﺘﺎ» .ﺛﻢ أﺟﺎﺑﮫ أﺳﺘﺎذه«: ﺑﺄﯾﮭـﻤﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﯾﺮﻗﺮق ﻓﻲ ﺻـﺪري؟ ﻓﺠﺎء ﺑﺪﯾﻊ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﺸﻜﺮ ﺑﺄﺧﺮى ﻓﯿﺎ ﺑﺸﺮاي ﺑﺎﻟﺮﺷﺪ واﻟﺸﻌﺮ 128 ﺟـﺪﯾـﺪ ﺑﺪﯾـﮫ اﻟـﻘـﻮل ﻣﺘﻘﺪ اﻟﻔـﻜﺮ
ﺑﺈﺛﻤﺎر ﻧﺼﺤﻲ أو ﺑﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﻧﺼﺤﺖ إذا ﺑﺎﻟﺠـﺮح أﺟـﺪى إﺳــﺎؤه ﺗـﻄـﻠـﺒﺖ ﺑـﮭﺎ ﻣﻨﻚ ﺧﻠﺔ ﻓـﺸـﻔـﻌـﺘـﮭـﺎ وﯾـﺎ ﻓــﺮﺣـﻲ إﻧـﻲ ظـﻔـﺮت ﺑـﺸـﺎﻋﺮ
وﯾﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ذﻛﺮ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﻗﺼﯿﺪة ﺗﻠﻤﯿﺬه ،ﻣﺘﻔﺎﺋﻼ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻠﮫ ﻓﻲ ﻗﺮض اﻟﺸﻌﺮ، ﺧﺎﺻﺔ وأن ھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة أﺧﺬت ﺑﻠﺐ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﮭﺎ ﻣﻦ أوﻟﯿﺎت ھﺬا اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ .وﯾﺬھﺐ اﻷﺳﺘﺎذ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﯿﺸﺒﮫ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﺑﺎﻟﺒﺤﺘﺮي ،ﺑﻞ ﯾﺮى أن ﺗﻠﻤﯿﺬه ﺳﯿﻔﻮق ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ اﻟﺒﺤﺘﺮي ﺑﻌﺪ طﻮل ﻣﻤﺎرﺳﺘﮫ ﻟﻘﺮض اﻟﺸﻌﺮ. ﺑـﺂﺑـﺪة ﺗـﻐـﺪو ﺑــــﮭﺎ ﺷــﺎﻋــﺮ اﻟـﻘـﻄـﺮ إذا ازددت ﻓﻲ اﻹﻧﺸﺎء ﻓﻲ ﻣﻘﺒﻞ اﻟﻌﻤﺮ ﻓﻜﯿﻒ ﺗﺮى ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟـﺒﺪر؟
ﺗﻘﻤﺼﺖ روح اﻟﺒﺤﺘﺮي ﻓﺠـﺌﺘﻨـﺎ إذا ﻛﺎن ھﺬا ﻓﻲ اﺑﺘﺪاء ﻓﻤﺎ ﺗـﺮى إذا ﻛـﺎن ھـﺬا ﻣـﺴـﺘﮭﻠﻚ ﻣـﺸـﺮﻗﺎ
وﯾﺤﺜﮫ ﻓﻲ اﻷﺧﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺴﯿﺮ ﻓﻲ درب اﻷدب واﻟﻌﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺮﺟﻮة: ﻓـﺪم ﻟﻠﻤﻌـﺎﻟﻲ ﻣﺜـﻞ ﻣﺎ ﺗﺒﺘﻐﯿـﮫ ﻣـﻦ ﺗﻮاظﺐ ﻓﻲ ﻧﯿﻞ اﻟﻤﻌﺎرف ﺳـﺎھﺮا ﻓﻤﺜﻠﻚ ﻣﻦ ﯾﻌﻄﻲ اﻟﻤﻌﺎرف ﻋﻤﺮه
ﻧـﻈـﯿـﺮك ﻋـﻒ اﻟـﻨـﻔﺲ ﻣﺘـﺰن اﻟﺴـﺮ وھﻞ وھﻞ ﺗﺨﻄﺐ اﻟﻐﯿﺪ اﻟﺤﺴﺎن ﺑﻼ ﻣﮭﺮ؟ إﻟﻰ »إﻟﻰ أن ﯾﺮى ﻛﺎﻟﺒﺤﺮ ﯾﺰﺧﺮ ﺑﺎﻟﺪر«
وﺧﺎطﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺎﺷﺊ "ﻋﺮﻓﺔ اﻟﻔﺎﺳﻲ" أﺳﺘﺎذه ﻗﺎﺋﻼ: وﺗـﻌـﻠـﻮ ﻋـﻠـﻮا ﺷـﺎﻣـﺨـﺎ وﺗـﺴـــﻮد درى ﻛـﯿـﻒ ﻟﻠﻌـﻠـﯿﺎء ﯾـﻮﻣـﺎ ﯾﻮطـﺪ ﺗﺮﻓﺮ ﻓﻔﻮق اﻟﺸﻌﺐ واﻟﺸﻌﺐ ﯾﺼﻌﺪ ﺳـﯿـﻤـﻨـﺤـﻜـﻢ ﻋـﺰا وذﻛــﺮا ﯾـﻤﺠـﺪ ﯾـﻔﻲ ﺑـﺤـﻘـﻮق اﻟـﻤﺠـﺪ ﺣـﯿـﻦ ﯾﺸﯿـﺪ 129 ﻓـﻨـﺤـﻔــﻆ ﻣـﺎ أﺣـﯿـﯿـﺘـﮫ ﻓـﺘـﺴﺪد
ﺑـﻤـﺜـﻠـﻜـﻢ ﺗـﺰھـﻮ اﻟـﺒـﻼد وﺗـﺴـﻌــﺪ وﺗﺨﻄﻮ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﯿﺎء ﺧﻄﻮة ﻓـــﺎرس أﻻ أﯾـﮭـﺎ اﻷﺳـﺘــﺎذ إن ﺑــﻨـﻮدﻛـــــﻢ ﻓﮭﺎ ھﻮ ذا اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮوف ﺑﻘﺪرﻛﻢ أﻣﻮﻻي إن اﻟﻤﻐـﺮب اﻟﻮطـﻦ اﻟـﺬي ﺳـﯿـﻤـﻨـﺤـﻜـﻢ ﺗـﺎج اﻹﻣـﺎرة واﻟﻌـﻼ
ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻘﺼﯿﺪة ﯾﻌﺒﺮ ﻓﯿﮭﺎ أوﻻ ﻋﻦ ﺧﺠﻠﮫ أﻣﺎم اﻹطﺮاء اﻟﺬي ﺻﺪر ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻣﻦ ﺗﻠﻤﯿﺬه ،ﻣﻮﺿﺤﺎ ﻟﮫ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ ذﻟﻚ اﻟﻤﺪح وﻛﻞ ذﻟﻚ اﻟﺜﻨﺎء اﻟﻮاردﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﯿﺪة: وﻣـﻦ ﻛـﻨـﺖ ﺣـﺘﻰ ﺑـﺎﻟـﺜـﻨﺎء أﺧـﻠـﺪ؟ ﺑﻘﺪري ﻓﯿﻌﻠﻮ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻣﻘﻌـﺪ ﻛـﻮارﺛـﮫ اﻟﺸـﺘﻰ ﻓـﺘـﻌﺮف ﻟﻲ اﻟﯿﺪ؟
أﻣـﺜـﻠﻲ ﺑـﺬﯾـﺎك اﻟــﺒـﯿـﺎن ﯾــﻤـﺠــــﺪ؟ ﺑــﺄي ﻓــﻌــﺎل أﺳـﺘـﺤـــﻖ إﺷـــــﺎدة؟ وأي ﯾـﺪ ﻗـﺪﻣـﺖ ﻟﻠـﺸـﻌﺐ وھـﻮ ﻓـﻲ
(128دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻟﻜﻨﺎش ،واﻟﻤﺮﺷﺪ إﻟﻰ دﯾﻮان ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ) ﻣﺨﻄﻮط(. (129ﻛﻨﺎش اﻷﺳﺘﺎذ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﻣﺮﺷﺪ اﻟﺴﻮﺳﻲ ،وھﻲ ﻓﻲ 19ﺑﯿﺘﺎ.
67
ﺛـﻨـﺎء ﺑـﺂﯾـﺎت اﻟـﻘـﺮﯾـﺾ ﯾـــــﺮدد؟ ﺑـﺨـﻮﺿـﮭـﻢ ﺟــﻠـﻰ ﺗـﻘـﯿـﻢ وﺗـﻘـﻌـﺪ ﯾـﺸـﺎﯾﻌـﮫ اﻟـﺴـﯿـﻒ اﻟﺼﻘﯿﻞ اﻟﻤﮭـﻨـﺪ ﻣـﺮاﺗـﺐ ﻋـﻠـﯿـﺎ ﺑـﺎﻟـﺨـﻤﻮل وأﻣـﺠﺪ 130 ﺗـﺸـﺮﻓـﻨﻲ ﺑـﯿـﻦ اﻟـﻤـﻼ وﺗـﺴـﻮد
وﻣﺎذا اﻟﺬي ﺿﺤﯿﺖ ﺣﺘﻰ ﯾﻄﯿﺐ ﻟﻲ أﯾﺒﺘﺎع ﻣﻦ ذاذوا ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﻣﺠﺪھﻢ أﯾﻤﺠﺪ ﺑﺎﻹﻣﻌﺎن ﻓﻲ اﻟـﺬود ﺑــﺎﺳــﻞ؟ وأرﻗﻰ أﻧﺎ ﻋﻔـﻮا وﯾـﻘـﺮع أﺧـﻤﺼـﻲ وأطـﻤـﻊ ﺑـﺎﻷﺷـﻌـﺎر ﻧـﯿـﻞ ﻣـﻜـﺎﻧـــﺔ
ﺛﻢ ﯾﻨﺘﻘﻞ اﻷﺳﺘﺎذ ﻟﯿﺒﺎرك ﻟﺘﻠﻤﯿﺬه ﻣﻮھﺒﺘﮫ اﻟﺸﻌﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻤﺖ وﺗﻄﻮرت ،وھﻲ ﻣﻮھﺒﺔ ارﺗﻜﺰت ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﻓﻨﯿﺔ ﺟﻌﻠﺖ ھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة ﺗﻘﻒ ﻓﻲ ﺻﻒ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻣﺸﺎھﯿﺮ اﻟﺸﻌﺮاء: أﯾﺎ اﺑـﻦ اﻟﺴﻌﯿـﺪ ذا ﻗـﺮﯾﻀـﻚ أم ﺑـﮫ ﻓـﻌـﮭـﺪي ﺑـﻤـﺎ ﺣـﺒـﺮﺗـﮫ ﻻ ﯾـﺠـﯿــﺪه أوﺣﻲ ﺟـﺪﯾﺪ ﺻـﺮت ﺗﺘﻠـﻮه واﻟﺴﻤﺎ وإﻻ ﻓـﻤـﻦ أﯾـﻦ أﺗـﯿـﺖ ﺑـﻤـﻌـﺠــﺰ؟
أﻟﻢ اﻟﻮﻟﯿﺪ 131واﺑﻦ أوس 132وأﺣﻤﺪ133؟ ﻣـﻦ اﻟـﻨـﺎس أﻣـﻠـﻮد ﻧـﻈـﯿـﺮك ﻓــﺮھــﺪ ﺗـﺼـﯿـﺦ وأﻋـﯿـﺎد اﻟـﻤـﻼﺋــﻚ ﺷــﮭـــﺪ؟ ﯾــﻘـﺎم ﻟـﺘﮫ ﻋـﻨـﺪ اﻟـﻨـﺸـﯿـﺪ وﯾـﻘـﻌـــــﺪ؟
وﯾﺨﺎطﺒﮫ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﺘﺮة اﻵﺳﻔﻲ 134ﺑﻘﺼﯿﺪة ﻣﻄﻠﻌﮭﺎ:
ﻓﺈﻧﻲ ﻣـﺄﺧـﻮذ ﺑـﻤـﺎ ﻟـﻚ ﻣـﻦ ﻓﺨﺮ ﻓﻜﯿﻒ إذا ﯾﺄﺗﻲ ﻟﺪرﻛﻢ ﻓﻜـﺮي؟
ﺑﺄي ﻋﺒﺎرات أﺑـﺮھـﻦ ﻋـﻦ ﻓـﻜـﺮي؟ أﻏﻮص وﻗﻌﺮ اﻟﺒﺤﺮ أﻋﻤﻖ ﻣﺎ ﺗﺮى
135
ﻓﯿﺠﯿﺒﮫ أﺳﺘﺎذه ﺑﻘﺼﯿﺪة: وﺗﮭﺘﺎﺟﻮن ﻣﺎ ﻋﻔـﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﯾـﺪ اﻟـﺪھـﺮ ﻣـﺮﺗـﮭــﺎ ﯾـﺪ إﻻ ﺑـﺮﺷــﺢ ﻣــﻦ اﻟـــﺪر أﺟـﯿﺪ إذا ﻣـﺎ ﻣـﺎل ﻓﻜـﺮي إﻟﻰ اﻟﺸﻌـﺮ 136 ﺑﺄن ﻟﺴﺖ ﻗﺒﻞ اﻟﯿﻮم ﻏﯿﺮ ﻓﺘﻰ ﻏﺮ
أﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم ﺗﺴﺘﺸﯿﺮون ﺑﺎﻟﺸﻌـﺮ؟ وﺗﻤـﺮون ﻣﻨﻲ ﻓﻜﺮة ﻻ ﺗﺒـﺾ أن أﺟـﻞ ﻛﻨـﺖ ﻗﺒﻞ اﻟﯿﻮم أزﻋـﻢ أﻧﻨﻲ وﻟﻜـﻨﻨﻲ ﻓﻲ اﻟـﯿـﻮم أﻋﻠـﻦ ﻟﻠﻮرى
وﺑﻌﺪ ھﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﯾﻨﺘﻘﻞ ـ ﻛﻌﺎدﺗﮫ ـ إﻟﻰ اﻹﺷﺎدة ﺑﻤﺎ وﺻﻞ إﻟﯿﮫ ﺗﻠﻤﯿﺬه ﻓﻲ ﺗﻮﺷﯿﺔ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺑﺪﯾﻌﺔ: (130دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻟﻜﻨﺎش ،واﻧﻈﺮ اﻹﻟﻐﺒﺎت.161/3: ( 131ھﻮ اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ اﻷﻣﻮي ) 88ـ 126ھـ( ،ﺗﻮﻟﻰ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻟﻤﺪة ﻗﺼﯿﺮة ،واﺷﺘﮭﺮ ﺑﺸﻌﺮه اﻟﺮﻗﯿﻖ ،اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻐﻠﺐ ﻓﯿﮫ أﻏﺮاض اﻟﻐﺰل واﻟﻤﺠﻮن ( 132ھﻮ ﺣﺒﯿﺐ ﺑﻦ أوس اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺄﺑﻲ ﺗﻤﺎم ) 188ـ 231ھـ( ،ﯾﻌﺪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﺷﻌﺮاء اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻷول ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺒﺤﺘﺮي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻌﺎﺻﺮا ﻟﮫ. ( 133ھﻮ أﺑﻮ اﻟﻄﯿﺐ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ) 303ـ 354ھـ( ﯾﻌﺪ ﻋﻠﻰ رأس ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﮭﺠﺮي ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻣﻦ أﺷﮭﺮ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻌﺮب ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ. ( 134ھﻮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻮدﯾﻊ اﻵﺳﻔﻲ ،وﻟﺪ ﺑﺂﺳﻔﻲ ﺳﻨﺔ 1923م ،وﻗﺪ درس ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﻮات اﻟﺜﻼﺛﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﯿﻼدي اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ،ﻛﺎن أﺣﺪ ﻛﺒﺎر اﻟﻤﻜﺎﻓﺤﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺳﺠﻨﻮا ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ وﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل، أﺻﺪر ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1968م اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻷﺳﺒﻮﻋﯿﺔ"ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ" ،اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻦ اﻟﺼﺪور ﺳﻨﺔ 1971م .ﺧﻠﻒ دﯾﻮاﻧﯿﻦ ﺷﻌﺮﯾﯿﻦ: "اﻟﺠﺮح اﻟﻌﻨﯿﺪ" )1979م( و "اﻷرض" )1983م(. (135دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻟﻜﻨﺎش. (136دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ،واﻟﻜﻨﺎش ،واﻟﻤﺮﺷﺪ إﻟﻰ دﯾﻮان ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ.
68
أﺧﻲ اﻵﺳﻔﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺒﺎھﺮ اﻟﺬي ﻓﻤِ ﻦَ أﯾﻦ ﺗﻌﻠﻤﺖ اﻟﺒﻼﻏـﺔ ﻗـﻞ ﻟـﻨـﺎ وإﻻ ﻓـﻤﺎ ھـﺬا اﻟـﺨـﯿﺎل اﻟـﺬي أﺗﻰ ﻓـﻘـﺪ ﺳـﺤـﺮﺗـﻨﺎ ﻣﻨﻚ ﻧﻔﺜﺔ ﺷـﺎﻋــﺮ أھﺬا وﻟﻤﺎ ﯾﻤﺾ ﺣﻮل ﻓﻜﯿـﻒ إن ﻛــﺬاك اﻟـﻨـﺒــﻮغ اﻵﺳـﻔﻲ ﻓـﺈﻧـــﮫ
ﺑـﮫ وﺛـﺒـﺎت اﻟـﻄـﺮف ﻓﻲ أﺑـﻄـﺢ ﯾـﺠـﺮي أﻛـﻨـﺖ ﺑـﺸـﺎم أم ﺑـﺒـﻐـــﺪاد أم ﻣــﺼــــﺮ؟ ﺑـﻤـﺎ ﻗـﻠـﺘـﮫ ﺑـﺎﻷﻣـﺲ ﻓـﻲ ذﻟـﻚ اﻟـﺸـﻌـﺮ؟ درى ﻛﯿﻒ ﺻﻮغ اﻟﺤﻠﻲ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺺ اﻟﺘﺒﺮ ﻣـﻀـﺖ ﺳـﻨـﻮات ﻓـﻲ ﻣـﺘـﺎﺑـﻌـﺔ اﻟـﺴـﯿﺮ؟ ﯾـﺒـﯿـﺾ ﻧـﮭـﺎرا ﺑـﻌــﺪ أن ﻛـﺎن ﻛـﺎﻟـﻔـﺠـﺮ
وﺗﺼﻞ ﻓﺮﺣﺘﮫ ﺑﻨﺒﻮغ ﺗﻼﻣﯿﺬه إﻟﻰ اﻷوج ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺮاھﻢ ﯾﺘﺄﻟﻘﻮن ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷدب ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺸﻌﺮ ﺧﺎﺻﺔ ،و» ﺟﺮﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎدﺗﮫ ﻓﻲ إﻧﮭﺎض اﻟﮭﻤﻢ أردف ﻗﻄﻌﮭﻢ ﺑﮭﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة] [...اﻟﺘﻲ ﺗﻈﺎھﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄﻧﮫ أﻟﻘﻰ إﻟﯿﮭﻢ راﯾﺔ اﻟﺸﻌﺮ ،ﺗﺸﺠﯿﻌﺎ ﻟﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ 137 أراد ﻣﻦ اﺳﺘﻜﻤﺎل ﺷﺎﻋﺮﯾﺘﮭﻢ وﺛﻨﺎء ﻋﻠﻰ ھﻤﻤﮭﻢ« ﻓﻤﺎ ھﻜﺬا ﻋﻮدت إن ﺟﺌﺖ ﺑﺎﻟـﺸـﻌـﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﯾﺘﻠﻮھﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤﻌﻲ ﻏﯿﺮي وﻟﻜﻦ ﻛﺄﻧﻲ ﻗﺪ ﻓﻜﺮي ﻣﻦ اﻟـﺼـﺨـﺮ وﻟـﻜـﻦ ﻣﺮﺋﻲ ﻻ ﯾـﺪر ﺑـﮫ ﻓـﻜــــﺮي ﺳﻤـﺎواﺗـﮫ روﺣـﻲ ﺑـﺄﺟـﻨـﺤـﺔ اﻟﻨﺴـﺮ
إﻟﻰ أﯾﻦ ذﯾـﺎك اﻟﺒـﯿـﺎن اﻟﺬي أدري؟ أأﻋﺠـﺰ ﻋﻦ ﺑـﯿـﺖ وﺣـﯿﺪ وﻗﺪ أرى وھـﺬا ﻣـﻜـﺎن اﻟﻘﻮل ﻟﻮ ﻛـﻨﺖ ﻗﺎﺋـﻼ أھﻲء ﻗﺮطﺎﺳﻲ وأﺷﺮع ﻣـﻦ ﻓـﻤﻲ ﻛﺄن ﻟﻢ أﻗﻞ ﺷﻌﺮا ﻛﺄن ﻟﻢ ﺗﺠﻞ ﻋﻠﻰ
وﯾﺨﺘﻢ ھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة اﻟﻄﻮﯾﻠﺔـ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﺛﻨﯿﻦ وﺳﺒﻌﯿﻦ ﺑﯿﺘﺎ ﺑﻘﻮﻟﮫ: ﻓـﮭـﺎ أﻧـﺬا ﻗـﺴـﺮا ﺗـﺴـﻠـﻢ ﻋــﻨـﺪﻛــﻢ وأﺣﻨﻮ ﻟﻜﻢ رأﺳﻲ وأطﺮق ﻋﻨـﺪﻛـﻢ ھﻨﯿﺌﺎ ﻣﺮﯾﺌﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨـﺶء ﻓـﺎﻣـﺮﺣﻮا ﻓﻤﺎ ﺿﺮﻛﻢ ﺣﺪﺛﺎن اﻟﺴﻦ إذا اﻧﺘﺤﺖ وأﻣـﺎ ﻧـﻈـﯿﺮي ﻓـﻠـﯿـﻘـﻞ رﻏـﻢ أﻧـﻔﮫ
ﯾـﺪي وﻛـﺬاك اﻟـﺸـﯿـﺦ ﯾـﺆﺧـﺬ ﺑـﺎﻟـﻘـﮭـﺮ ﺑﺮﻏﻤﻲ ﻛﺬا اﻷﻗﺪار ﻓﻲ ﺳﯿﺮھﺎ ﺗﺠـﺮي ﻛـﻤـﺎ ﺷـﺌـﺘـﻢ أﻋـﻠـﯿـﻦ ﻣـﺮﺗـﻔـﻌـﻲ اﻟﻘـﺪر ﺑـﻜـﻢ ھـﻤـﻢ ﺷـﻤـﺎء ﻟﻠــﺮﺗـﺒــﺔ اﻟـﺒــﻜـــﺮ 138 ﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ
*** وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ دﯾﻮان " اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت" اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﺨﺎطﺐ ﺑﮭﺎ ﺗﻼﻣﯿﺬه ،أﻧﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻨﻮع اﻷول اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻨﺸﺪه ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ ﺗﻼﻣﯿﺬه ،إذ أن ﻣﺤﻮرھﺎ اﻷﺳﺎﺳﻲ ھﻮ :اﻹﺻﻼح ،واﻹرﺷﺎد، وﺗﻘﻮﯾﻢ اﻻﻋﻮﺟﺎج ،وھﻮ ﻻ ﯾﺘﺮك أﯾﺔ ﻓﺮﺻﺔ أو ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ إﻻ وﯾﺴﺘﻐﻠﮭﺎ أﯾﻤﺎ اﺳﺘﻐﻼل ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ذﻟﻚ اﻟﮭﺪف اﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﺘﻮﺟﯿﮭﻲ. واﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ اﺷﺮﻧﺎ إﻟﯿﮭﺎ ﻛﻤﺤﺎور ﻟﺪﯾﻮان " اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت" ﻻ ﻧﺴﺘﮭﺪف ﺑﮭﺎ اﺳﺘﻘﺼﺎء ﺟﻤﯿﻊ ﺟﺰﺋﯿﺎت اﻟﻤﻮﺿﻮع ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻔﺖ ( 137اﻟﻜﻨﺎش. (138اﻟﺪﯾﻮان ،واﻟﻜﻨﺎش ،وﻣﺸﯿﺨﺔ اﻹﻟﻐﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻮاﺿﺮ /واﻟﻤﺮﺷﺪ إﻟﻰ دﯾﻮان ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ.
69
اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ أن ﻗﺼﺎﺋﺪ ھﺬا اﻟﺪﯾﻮان ﺟﺪﯾﺮة ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ،وﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻤﺘﺄﻧﯿﺔ ،ﺑﻤﻨﮭﺞ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪﯾﻮان، واﻷھﺪاف اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ ﻛﺎن ﯾﻮظﻒ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﯾﻜﺎد ﯾﻨﻔﺮد ﺑﮭﺎ ﻋﻦ ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﯾﻦ ﻟﮫ. ﺑﯿﺪ أﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺎن ﺣﺮﯾﺼﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ دﯾﻮان اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت ـ ﺑﻘﺴﻤﯿﮭﺎ ـ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻨﺤﻮ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻨﺤﻰ ﻣﺸﺎھﯿﺮ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻌﺮب ﻋﺒﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﺼﻮر ازدھﺎر اﻟﻘﺼﯿﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎھﻠﻲ ﻷو اﻟﻤﻮي أو اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ،ﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺤﺮص ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﺧﺘﯿﺎر أﺳﻠﻮب ﻣﺘﯿﻦ ﻏﻨﻲ ﺑﺄﻟﻔﺎظ وﻋﺒﺎرات ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻓﺼﯿﺤﺔ وأﺻﯿﻠﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﮭﺪف ﺗﺰوﯾﺪ طﻠﺒﺘﮫ ﺑﺮﺻﯿﺪ ﻟﻐﻮي ﻋﺮﺑﻲ أﺻﯿﻞ، ﯾﺠﻌﻠﮭﻢ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ ﯾﺘﺬوﻗﻮن ﺟﻤﺎل اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﺗﻌﺒﯿﺮا وﺑﻼﻏﺔ ،وﯾﺸﻮﻗﮭﻢ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى إﻟﻰ طﻠﺐ اﻟﺮﻗﻲ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﺑﮭﺬه اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺘﻌﺼﺐ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﯾﺒﺬل ﻗﺼﺎري ﺟﮭﺪه ﻣﻦ أﺟﻞ طﻤﺲ ﻣﻌﺎﻟﻢ ھﺬه اﻟﻠﻐﺔ ،واﻟﺤﻂ ﻣﻦ ﻗﯿﻤﺘﮭﺎ وﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺘﮭﺎ ﺗﺠﺎه اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻐﺔ اﻟﺘﺪرﯾﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﻄﺎت اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﺗﻔﺘﺤﮭﺎ ـ ﻓﻲ ﺣﺪود ﺟﺪ ﺿﯿﻘﺔ ـ ﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻷطﻔﺎل اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ.
70
71
72
73
74