طوق الياسمين العدد 29

Page 1

‫مجلة طوق الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫شمس‬

‫حركة شباب من سوريا‬ ‫نؤمن بالحرية و نعمل لها‬ ‫نحن حركة شباب من سوريا ( شمس )‬ ‫نعمل عىل األرض السورية و نكافح مع‬ ‫أبناء الشعب السوري بكل اتجاهاته‬ ‫و طوائفه و التي انصهرت جميعاً يف‬ ‫بوتقة الثورة لتؤكد أن هذه األرض‬ ‫هي أرض التسامح و التعايش السلمي‬ ‫لتفرز شباباً ال يطيق الضيم و ال يعيش‬ ‫بالظالم ليشع شمساً تنري الغد املرشق‬ ‫الذي ينعم بدولة حرة دميوقراطية ال‬ ‫مكان للحاكم األوحد و الحزب األوحد‬ ‫فيها ‪.‬‬ ‫هدفنا األول هو ماصدحت به حناجر‬ ‫شعوب الربيع العريب جمعاء ضد الظلم‬ ‫و الفساد و القمع (( الشعب يريد‬ ‫إسقاط النظام )) ليزهر هذا الربيع‬ ‫عىل أرضنا السورية‬ ‫حراكنا هو حراك ثوري اجتامعي‬ ‫سيايس يفخر مبن فيه من شباب كام‬ ‫أننا نعمل عىل إغاثة املترضرين من‬ ‫قمع عصابات األسد و وحشيتها عىل‬ ‫أرضنا السورية الغالية‬ ‫دمتم و دامت سوريا حرة أبية ‪..‬‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫مجلة طوق الياسمين‬ ‫الننا نؤمن بشباب الثورة و لنكون معهم يف ثورتهم أطلقت‬ ‫حركة شباب من سوريا ‪ -‬شمس مجلة طوق الياسمني الثورية‬ ‫مع انطالقت عمل الحركة لتكون هذه املجلة هي الحاضنة‬ ‫لكتابات الشباب للثورة التي رسموا مالمحها بأقالمهم‬ ‫الندعي االحرتاف بالعمل االعالمي و لكن ما نحن متأكدين‬ ‫منه أن كل سطر كتب فيأوراق املجلة هو ينطق برائحة‬ ‫الياسمني الثائر هذا الياسمني الذي فتح الطريق لكرس قيود‬ ‫العبودية التي كانت تقيد الكلمة و الحرف‬ ‫نكتب هنا بلغت الشباب ‪.....‬‬ ‫نكتب و نعمل لكلامتهم ‪......‬‬ ‫نعمل معهم لنكون كلمة الحرية ‪....‬‬ ‫للغد املرشق الذي تنريه كتاباتهم ‪......‬‬ ‫شاركونا بكتاباتكم عىل الربيد االلكرتوين ‪jasmine.shams.d@gmail.com :‬‬


‫مجلة طوق الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫ديرالزور ‪....‬‬

‫ف‬

‫ي مطلــع ا لعــا م ا لجد يــد ‪ ،‬تختلــف‬ ‫رد ود ا ألفعــا ل ‪ ،‬و يبقــى للمــرء عــا د ًة‬ ‫مــا يجعلــه ما ضي ـاً يف هــذ ه ا لحيــا ة‬ ‫وقــت ا لســلم ‪ ،‬إ ال أن هــذ ا ال ينطبــق‬ ‫عــى أ بنــا ء مد ينــة د يــر ا لــزو ر ‪ ،‬ا ملد ينــة ا لســور ية‬ ‫ا لتــي تقبــع رشقـاً‪ ،‬فــو ق كـ ٍّم ها ئــلٍ مــن ا لســوا د‬ ‫وا لخــذ الن وا لد مــا ء مــن شــد ة ا لعــذ ا ب ‪ ،‬فــا أحــد‬ ‫يعبــأ ملصا بهــا ‪ ،‬أ و يســعى إ ىل تلبيتهــا ‪ ،‬فــا حيــا ة‬ ‫ملــن تنــا د ي ‪ .‬د يــر ا لــزو ر غــد ت مجــرد تجر بــة‬ ‫مر يــرة ‪ ،‬يُحــ ّذ ر مــن تكرا رهــا ا لعقــاء ‪ ،‬كأن تتذكــر‬ ‫أ فغا نســتا ن ‪ ،‬وتعــد ل ا لنــا س عــن أن تكــو ن‬ ‫مد ينتهــم كذ لــك يومــاً مــا ! و يتنــا ىس ا لجميــع ‪،‬‬ ‫بقصــد ‪ ،‬أن لهــذ ه ا ملحا فظــة نصــف كأ ســها ا ملــي ء‬ ‫با إل يجا بيــا ت ‪ ،‬و رصيــد عــا ٍل مــن ا لتضحيــا ت‬ ‫وا لقرا بــن وا لتجــا رب ‪ ،‬ا لتــي ضحــت بهــا وعا شــتها‬ ‫كــا كل ا ملحا فظــا ت ا لســور ية ا لتــي ســعت إ ىل‬ ‫ا لحصــول عــى كرا متهــا وحر يتهــا با لــورود وأ غصــا ن‬ ‫ا لز يتــو ن يف مطلــع مــا رس ‪ /‬آذ ا ر ‪ ،2 0 1 1‬قبــل أن‬ ‫ـر ا ألســد طا غوتهــا ا أل ول عــن أ نيا بــه بوجــه‬ ‫يُكـ ّ‬ ‫ا لثــوا ر ‪ ،‬و يســحقهم كأ ي فرعــو ن يخــى عــى‬ ‫ملكوتــه يف مطلــع ا لعــا م ا لجد يــد ‪ ،‬تختلــف رد ود‬ ‫ا ألفعــا ل ‪ ،‬و يبقــى للمــرء عــا د ًة مــا يجعلــه ما ضي ـاً‬ ‫يف هــذ ه ا لحيــا ة وقــت ا لســلم ‪ ،‬إ ال أن هــذ ا ال‬ ‫ينطبــق عــى أ بنــا ء مد ينــة د يــر ا لــزو ر ‪ ،‬ا ملد ينــة‬ ‫ا لســور ية ا لتــي تقبــع رشقـاً‪ ،‬فــو ق كـ ٍّم ها ئــلٍ مــن‬ ‫ا لســوا د وا لخــذ الن وا لد مــا ء مــن شــد ة ا لعــذ ا ب ‪،‬‬ ‫فــا أحــد يعبــأ ملصا بهــا ‪ ،‬أ و يســعى إ ىل تلبيتهــا ‪،‬‬ ‫فــا حيــا ة ملــن تنــا د ي ‪ .‬د يــر ا لــزو ر غــد ت مجــرد‬ ‫تجر بــة مر يــرة ‪ ،‬يُحــ ّذ ر مــن تكرا رهــا ا لعقــاء ‪ ،‬كأن‬ ‫تتذكــر أ فغا نســتا ن ‪ ،‬وتعــد ل ا لنــا س عــن أن تكــو ن‬ ‫مد ينتهــم كذ لــك يومــاً مــا ! و يتنــا ىس ا لجميــع ‪،‬‬ ‫بقصــد ‪ ،‬أن لهــذ ه ا ملحا فظــة نصــف كأ ســها ا ملــي ء‬ ‫با إل يجا بيــا ت ‪ ،‬و رصيــد عــا ٍل مــن ا لتضحيــا ت‬

‫وا لقرا بــن وا لتجــا رب ‪ ،‬ا لتــي ضحــت بهــا‬ ‫وعا شــتها كــا كل ا ملحا فظــا ت ا لســور ية ا لتــي‬ ‫ســعت إ ىل ا لحصــول عــى كرا متهــا وحر يتهــا‬ ‫با لــورود وأ غصــا ن ا لز يتــو ن يف مطلــع مــا رس ‪/‬‬ ‫ـر ا ألســد طا غوتهــا‬ ‫آذ ا ر ‪ ،2 0 1 1‬قبــل أن يُكـ ّ‬ ‫ا أل ول عــن أ نيا بــه بوجــه ا لثــوا ر ‪ ،‬و يســحقهم‬ ‫كأ ي فرعــو ن يخــى عــى ملكوتــه عــا م آخــر‬ ‫يأ فــل عــى د يــر ا لــزو ر ا ليــوم ‪ ،‬وهنــا ك أ منيــا ت‬ ‫كثــرة مل تجــد طر يقــاً لهــا نحــو ا لتحقــق ‪،‬‬ ‫وثــا را تٌ ج ّمــة مــع كل مــن قتلهــا وخذ لهــا‬ ‫وتركهــا صلــد ا ً‪ ،‬فح َّيــا ا لجــورة وا لقصــور‬ ‫ا لقا بعــا ن تحــت ســيطرة نظــا م ا ألســد يف ا ملد ينــة‬ ‫يكتمــل عــا م عــى جــو ع أ بنا ئهــم ‪ ،‬ليكــو ن عــا م‬ ‫‪ 2 0 1 5‬ا ألســوأ يف حيا تهــم ‪ ،‬بســبب حصــا ر ا ألســد‬ ‫وا لد ولــة ا الســامية لهــم ‪ ،‬إ ذ أ نهــم ا حتفلــوا عــى‬ ‫طر يقتهــم ‪ ،‬ا ليــوم ‪ ،‬بــأن جعلــوا مــن ا ألطعمــة‬ ‫ا لتــي كا نــوا يحصلــو ن عليهــا قبــل ا لحصــا ر‬ ‫صــور لحســا با تهم ا لشــخصية عــى ا لوا تــس‬ ‫آب ‪ ،‬نو ع ـاً مــن ا ألمنيــة يف هــذ ا ا لعــا م ا لجد يــد‬ ‫ال يقتــر وجــع هــذ ه ا ملحا فظــة يف حيــي‬ ‫ص يْــن فقــط ‪ ،‬بــل ميتــد‬ ‫ا لجــورة وا لقصــور ا مل ُحا َ َ‬ ‫إ ىل قســمها ا ملحــرر عــى أ يــد ي ا لجيــش ا لحــر ‪،‬‬ ‫قبــل مجــي ء ا لد ولــة ا الســامية ‪ ،‬إ ليهــا و بســط‬ ‫ا حتال لهــا كأ ي عــد وا ن غر يــب ‪ ،‬وتغيريهــا ا ســم‬ ‫ا ملحا فظــة ‪ ،‬ونفــي أ بنا ئهــا ‪ ،‬وج ـ ّز ا لــرؤوس ‪ ،‬و رفــع‬ ‫ا لرا يــا ت ا لســود ا ء ‪ ،‬الســيام يف ا لعــا م ا لــذ ي مــى ‪،‬‬ ‫لتغــد و بذ لــك د يــر ا لــزو ر ‪ ،‬ا ليــوم ‪ ،‬قند هــا ر‬ ‫بحــق ‪ ،‬بعــد أ كــر مــن عــا م عــى جرا ئــم ا لد ولــة‬ ‫ا الســامية وتجا و زا تهــا بحــق ا لــد م وا ألخــاق‬ ‫فيهــا ‪ ،‬و يكــو ن بذ لــك ا لعــا م ا أل ثقــل عــى أ هــا يل‬ ‫ا لرشقية ‪ .‬ميــي هــذ ا ا لعــا م عــى ا لد يــر ‪ ،‬ومــا‬ ‫تــزا ل آلــة ا لجــو ع تحصــد ا أل روا ح ا لرب يئــة كل‬ ‫يــوم بــا هــوا د ة ‪ ،‬وســكني مــا تفتــأ تشــتهي رقــا ب‬ ‫أ بنــا ء ا لد يــر بــا حــد شــبع ‪ .‬أ َمــا وأ ننــا ا آلن‬ ‫أي أ ثــر ملــا ينبــئ‬ ‫نشــهد رحيــل هــذ ا ا لعــا م ‪ ،‬بــا ّ‬ ‫با لخــر يف ا ألفــق ‪ ،‬ســوى ا ألمــل ا لســا ذ ج ا لــذ ي‬ ‫مــا زلنــا نوهــم أ نفســنا برس يا نــه بيننــا بــن حــن‬ ‫و آ خر‬

‫ليبقى لنا األمنيات التي نرجوها ‪ ،‬بأن تعود دير الزور لتكون من أرايض مرشوع الثورة‬ ‫الذي نحلم‪ ،‬وبأن يعود أبناؤها الذين هجروها وهم مكسورو الخاطر‪ ،‬ليبنوها من‬ ‫جديد‪ ،‬وال يبقى الفرات وحيدا ً‪ ،‬بال من يرمتي بأحضانه‪ ،‬بغية الشكاية من كل يشء‬ ‫يؤرقه‪ ،‬كام اعتدنا‪ ،‬وهو ذلك‬


‫ً‬ ‫سيا يوما ما!‬

‫بعد الياسمني‬ ‫روسياطوق‬ ‫أكاد أجزم أن الغضب املفتعل الذي أبدته مجلة‬ ‫حادث‬ ‫إسقاط الطائرة الروسية التي اخرتقت األجواء الرتكية مل يكن‬ ‫حقيق ًّيا إال يف شأن مقتل الطيار الرويس‪ ،‬وما عدا ذلك فقد‬ ‫مفتعل وله أسبابه ومقوماته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان‬ ‫أقول ذلك ألنني أعتقد جاز ًما أن روسيا كانت تعلم أن‬ ‫الطائرة سيتم إسقاطها‪ ،‬بل عملت كل ما بوسعها ليك يفقد‬ ‫األتراك أعصابهم ويقوموا بتلك الفعلة التي خلقت مرب ًرا لهم‬ ‫لتنفيذ أجندة معينة كان يجري اإلعداد لها منذ زمن‪ .‬فقد‬ ‫سبقت هذه الحادثة عمليات اخرتاق جوي متعددة لألجواء‬ ‫الرتكية من اليوم األول إلقحام روسيا نفسها يف الشأن السوري‬ ‫بوساطة الطريان الحريب‪ ،‬وجرى تحذير السلطات الروسية‬ ‫واستدعاء ممثيل السفارة الروسية يف أنقرة لالحتجاج عىل ما‬ ‫يجري‪.‬‬ ‫أرى أن الخطة املبيتة قد ُرسمت يوم التقى الرئيس الرويس‬ ‫فالدميري بوتني بالرئيس الرتيك أردوغان يف قمة مجموعة‬ ‫العرشين يف مدينة أنطاليا الرتكية‪ ،‬فقد قال الرئيس أردوغان‬ ‫برصيح العبارة‪ :‬إن القوات الرتكية ستقوم بالتصدي ألية‬ ‫طائرة تخل باألمن القومي الرتيك وتخرتق مجالها الجوي‪ ،‬بل‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫أعلن ذلك لوسائل اإلعالم املحلية والعاملية ً‬ ‫إذن ما الذي حدث؟ ما حدث كان أم ًرا مدب ًرا الستدراج‬ ‫تركيا لهذه العملية التي كان الروس يعلمون علم اليقني‬

‫أن املجتمع الدويل ودول حلف شاميل األطليس (ناتو) ستقف إىل جانب تركيا بشأنها ما دام األمر واض ًحا‬ ‫ومعتم ًدا بالتسجيالت الصوتية واإلحداثيات املرسومة‪ .‬تم التعامل مع الطائرة يف األجواء الرتكية‪ ،‬أما موضوع‬ ‫الترضر الكامل ملحتويات الصندوق األسود للطائرة الذي تم اإلعالن عنه‪ ،‬وهو أمر ال يحدث إال مرة يف‬ ‫ومدروسا بعناية‪.‬‬ ‫املليون‪ ،‬فام هو إال تربير وهروب من الواقع املسجل ألن األمر كان مدب ًرا‬ ‫ً‬ ‫من هذا املنطلق نرى ما أنتجه هذا الحادث من وقائع ومربرات تجيز وتخدم التدخل الرويس‪ .‬فقد أقفلت‬ ‫مثل ألي تدخل تريك لفرض منطقة آمنة يف الشامل السوري‪ ،‬ومتت تغطية األجواء السورية‬ ‫األجواء السورية ً‬ ‫خاصة املتاخمة للحدود الرتكية مبظلة روسية بدعوى االشرتاك يف العمليات الحربية ضد تنظيم «داعش»‪،‬‬ ‫بينام واقع الحال يظهر أن هذه العمليات ال تتم إال تجاه املدنيني وأولئك الذين يحاربون النظام السوري‪.‬‬ ‫أمر آخر خطط له الروس وهو منع القوات الرتكية من التدخل إذا عربت القوات املوالية لـ«حزب العامل‬ ‫الكردستاين» املصنفة دوليًّا كمنظمة إرهابية إىل مناطق غرب الفرات؛ ما كان سيمنع تحقيق الحلم املراد‬ ‫تنفيذه بإخالء املناطق املتاخمة للحدود من الرتكامن والعرب السوريني بالقوة‪ .‬إذا قرأنا كل هذه الوقائع‬ ‫بإمعان نستطيع أن نستشف املخطط األكرب الذي يريد الروس تنفيذه بعد أن رأوا التخاذل األمرييك وقرروا‬ ‫االستفادة من ذلك لفرض أمر واقع جديد‪ .‬ففي العراق عندما سقطت سنجار بأيدي مقاتيل «داعش» بدأت‬ ‫الحركات العسكرية برية وجوية الستعادتها‪ ،‬وعندما تم تحريرها مل يرجع أغلب سكانها إليها ألنها استبيحت‬ ‫وتم إشغالها من قبل قوات البيشمركة الكردية‪ ،‬وال يجهل أحد أن سيطرة قوات “داعش” عىل قضاء تلعفر‬ ‫وهو أكرب قضاء إداري يف العراق أدت إىل نزوح كامل سكانها من تركامن العراق إىل مناطق أخرى‪ ،‬ويظهر أن‬ ‫الطلعات الحربية وهجامت البيشمركة سيخطط لها بعد تحرير الرمادي ليك يدخل إليها عنارص البيشمركة‬


‫طوق أنالياسمني‬ ‫وال مجلة‬ ‫سيطرة قوات “داعش” عىل قضاء تلعفر وهو أكرب قضاء‬ ‫يجهل أحد‬ ‫إداري يف العراق أدت إىل نزوح كامل سكانها من تركامن العراق إىل مناطق‬ ‫أخرى‪ ،‬ويظهر أن الطلعات الحربية وهجامت البيشمركة سيخطط لها بعد‬ ‫تحرير الرمادي ليك يدخل إليها عنارص البيشمركة ويحولوا دون رجوع أهلها‬ ‫األصليني إال إذا حزمت سلطات الحكومة العراقية املركزية أمرها ومنعت‬ ‫أصل ضمن املناطق التي ُسميت زو ًرا‬ ‫ذلك؛ حيث إن هذه املناطق ليست ً‬ ‫باملناطق املتنازع عليها خاصة بعد االستيالء سابقًا عىل دهوك وإفراغها‬ ‫تقري ًبا من أهلها األصليني املسيحيني‪ ،‬وبذلك تكون املناطق املتاخمة لألرايض‬ ‫الرتكية خالصة لألكراد‪.‬‬

‫ستندم روس‬

‫املوضوع نفسه يجري التخطيط له يف سوريا‪ ،‬وما األزمة األخرية املفتعلة‬ ‫بسبب الطائرة إال عنوان جديد لتوحيد الكانتونات الكردية يف الشامل‬ ‫السوري وتصفية أهل تلك املناطق األصليني من تركامن وعرب ليك يكون‬ ‫هناك رشيط متواصل قد يصل يو ًما إىل تخوم البحر األبيض املتوسط‪.‬‬

‫وقد يتساءل البعض‪ ،‬ملاذا تريد روسيا ذلك؟ والجواب واضح وهو أن روسيا‬ ‫أدركت ضعف موقعها يف منطقة الرشق األوسط برمته‪ ،‬وأدركت أن مخطط‬ ‫الدولة الكردية الكربى ال ينال الرضا التام من ِقبل األمريكيني فقدمت نفسها‬ ‫كبديل مقبول؛ ما يتيح لها أن تحصل عىل ضامنات إضافية وقواعد أخرى‬ ‫باعتبار أن انهيار النظام السوري الحايل قد يحرمها من هذه االمتيازات‬ ‫مستقبل‪ ،‬عالوة عىل إضعاف وحدة الرتاب العراقي والسوري وخلق فجوة‬ ‫ً‬ ‫كربى يف هذا املجال لتنفيذ أجنداتها املستقبلية‪.‬‬

‫أيضا استشعروا‬ ‫أال يظهر الرتدد اإليراين األخري وما قيل عن سحب بعض القوات اإليرانية من األرايض السورية أن اإليرانيني ً‬ ‫الخطر القادم عليهم بسبب هذه الجهود الروسية فأرادوا أن يستبقوا املوضوع‪ .‬ولن أستغرب إذا رأيت اإليرانيني يتجهون إىل‬ ‫اإلسهام يف حل املعضلة السورية بدل تأجيج أوارها يف املستقبل القريب بسبب هذا الخطر املحدق‪.‬‬ ‫لقد أدركت روسيا أن زمن الشعارات االشرتاكية قد وىل وأن ال موطئ قدم لها يف املنطقة العربية إال إذا ابتزت كيانات‬ ‫أيضا ولو عىل استحياء أنها بذلك تقوي شوكة منظامت إرهابية طاملا تشدقت أنها ستحاربها‬ ‫مصطنعة جديدة‪ ،‬ولكنها تدرك ً‬ ‫بكل رضاوة‪.‬‬ ‫ما تنساه روسيا أنك إذا خلقت وحشً ا فسريجع هذا الوحش ويلتهمك يف النهاية‪ ،‬وهذا ما سرتاه روسيا يو ًما عندما تدرك أنها‬ ‫خرست الكل بعد أن قامرت عىل القليل‪ .‬ترقبوا معي‪ ،‬فستندم روسيا يو ًما ما‪.‬‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫ارشد هورموزلو‬

‫حكي جرايد‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫بروح الثورة مستمرون‬ ‫هناك يف بالد املهجر‪,‬حيث فرضت الوقائع أن يستمروا بثورتهم‬ ‫عىل ٍ‬ ‫أرض غري أرضهم ‪ .‬مبعدين يكاد أن يقتلهم الحنني للعودة‬ ‫إىل بيوتهم و ذكرياتهم أطلق عدد من الشباب شعارهم‬ ‫ليستمروا بعهدهم للثورة ( بروح الثورة مستمرون ) هذا هو‬ ‫الشعار الذي حلموا به و أطلقوا صيحاتهم يف شوارع وساحات‬ ‫مدينة غازي عنتاب الرتكية تظاهروا بعدد من األماكن لعلهم‬ ‫يجدون من يسمعهم و أن يجدوا الراحة يف القلوب املتعبة‬ ‫من الحنني و األمل عىل ما يحدث يف وطنهم وأكدت املجموعة‬ ‫يف تظاهراتها “لرفع الهمم واالستمرار يف ثورة الكرامة السورية‬ ‫حتى تطهري سورية من عصابات األسد وميليشيات إيران‬ ‫الطائفية واالحتالل الرويس الغاشم” و التنديد بالسكوت‬ ‫الدويل عن الجرائم الحاصلة يف سوريا ‪ ،‬مع متنيات الناشطني‬ ‫للشعب السوري الثائر بتحقيق أمانيه يف النرص والقصاص من‬ ‫املجرمني‬ ‫وكتب أحد املشاركني يف الحملة ملجلة طوق الياسمني ‪:‬‬ ‫“تتبارى دول العامل عىل بطولة من يرصف املزيد من املاليني‬ ‫لتقديم عروض مبهرة المثيل لها يف األلعاب النارية احتفاالً‬ ‫برأس السنة‪ ،‬لكن التفوق يبقى لنا‪ ،‬فالعامل املنافق واملجرم‬ ‫األول بشار األسد ومن خلفه روسيا وايران رصفوا املليارات‬ ‫لتقديم العروض النارية غري املسبوقة يف سوريا عىل مدار‬ ‫السنة وليس يف ليلة رأس السنة فقط ! كل عام وهم مجرمون‬ ‫جميعاً كل عام وأنتم عىل قيد الحياة “‬ ‫أمنيات كثرية أطلقها هؤالء الشباب لتستمر ثورتهم و ليتابع‬ ‫عملهم الشباب السوري املؤمن بالثورة السورية يف مناطق‬ ‫نزوحهم و تهجريهم القرسي‬ ‫شباب رسموا الحلم مع إرشاقة شمس الصباح لترشق شمس‬ ‫الحرية يف قلوب السوريني ليكونوا عىل موعد مع ارشاقة‬ ‫شمس الحرية‬ ‫‪#‬بروح_الثورة_مستمرون‬ ‫فرحان العسكر‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫الالجئون قصة ال تنتهي‬ ‫الميكن أن نكتفي بتوزيع اللعانات رشقاً و غرباً ‪ ،‬قريباً وبعيدا ً‬ ‫‪ ،‬قبل أن نوجهها إىل أنفسنا عندما نشاهد آالف السوريني‬ ‫الذي هجرهم العدو الرويس و قوات االحتالل االيراين ونحن‬ ‫جالسون ‪ ،‬و لن تنفع اللعنات اذا مل تشمل عىل رأس القامئة‬ ‫املعارضة السورية الخارجية و املنظامت االنسانية السورية‬ ‫التي تقدر باملئات ‪ ،‬عندما تغييب عن املشهد القاتل الذي‬ ‫يعانيه النساء و األطفال و الشيوخ النازحون من حلب و درعا‬ ‫و املرميون عىل الحدود الرتكية و األردنية بدون أن يجدو شيئاً‬ ‫إال أرضاً جرداء و سامء تدر عليهم املاء ‪.‬‬ ‫آالف السوريني ممن التقطت الكمريات صورا ً لهم عىل املعابر‬ ‫الشاملية و ٌ‬ ‫آالف مثلهم عىل املعابر الجنوبية مل يستطع أحد‬ ‫أن ينقل صورا ً حتى لو كانت صامتة ‪ ،‬ليكونوا وحدهم متاماً و‬ ‫ال يحظوا إال ببعض الدعاء من القلة الذين سمعوا و مل يرو‪.‬‬ ‫الميكن لنا أن ال نهاجم تركيا و األردن ‪ ،‬و كل الدول التي‬ ‫تقاعست و تتقاعس عن املآساة التي يواجها اآلالف من أبناء‬ ‫سوريا املكلومة و الثكىل ألرضها و املحاربة بأظافرها وحوش‬ ‫األرض و شيطاينها ‪ ،‬و لكن يف الوقت ذاته لن نصب كل هذا‬ ‫عىل الخارج و لنا الحق الكامل يف توجيه اللعنات لكل من‬ ‫يحمل صفة معارضة صمت أو اكتفى بذرف بعض الدمعات ‪،‬‬ ‫والقى بنفسه عىل رسيره و قرر النوم بانتظار يوم جديد من‬ ‫التنديد‪.‬‬ ‫و من ضمن الحقوق التي منتلكها هو السؤال عن املنظامت‬ ‫التي تنشط عىل أنها سوريا و التي تقدر باملئات و لديها جيش‬ ‫من املوظفيني و الناشطني الذين يتغنون بأعاملهم ‪ ،‬و يبدعون‬ ‫يف عملية التوثيق لكل ابرة يتم منحها للسوريني ‪ ،‬يف حني‬ ‫هناك غياب شبه تام لها عىل األرض ‪ ،‬و عجز مخيف اتجاه‬ ‫هذه الحالة االنسانية التي لن نقول أنها تلوث جبني البرشية‬ ‫فحسب ‪ ،‬بل تقتل الروح االنسانية لدى كل ذي حس ‪.‬‬ ‫خليط من املشاعر التي أقلها القهر ‪ ،‬تعترص األرواح عىل‬ ‫الصمت الذي يجتاح الجميع اتجاه هذه الحالة ‪ ،‬اليعني‬ ‫البيانات أو التبايك كالماً بل هو صمت و صمت لعني ‪.‬‬ ‫شيفاز‬ ‫‪#‬طوق_الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫الرشق األوسط بني الربيع واملؤامرة‬ ‫يقولــو ن أ نهــا مؤا مــرة د ا خليــة خا رجيــة‬ ‫مســتند ين عــى تحليــات وا تها مــا ت‬ ‫يقولــو ن فيهــا أ ننــا ا رد نــا ســحق جيوشــنا‬ ‫و زعزعــة ا ســتقرا رنا وتد مــر بنا نــا‬ ‫ا لتحتيــة وأ ننــا ســبب هجــرة ا لعقــول عــن أي‬ ‫جيــوش يتحد ثــو ن وهــم يعلمــو ن أ نهــا جيــوش‬ ‫متها لكــة متكــرة منســية مهمتهــا تكد يــس‬ ‫ا آل ليــا ت ا ملعطلــة الســتخد ا مها للرسقــة بحجــج‬ ‫ا إلصــاح ورشا ء قطــع ا لغيــا ر وعــن أي ا ســتقرا ر‬ ‫يتحد ثــو ن ونحــن شــعوب مذ لولــة مخضعــة‬ ‫با لحد يــد وا لنــا ر مــن يرفــع رأ ســه بفكــرة أ و‬ ‫بكلمــة حــق يقتــل أ و يفقــد وعــن أي بنــى‬ ‫تحتيــة يتحد ثــو ن ومــن ا ملســتحيل أن ميــر عــا م‬ ‫عــى ا لو طــن ا لعــر يب د ون فيضا نــا ت وقطــر‬ ‫وا أل رد ن أ قــرب مثا لــن وهــا هــي لبنــا ن تغــرق‬ ‫مبشــا كل ا لقام مــة علــا بــأن ا لر بيــع ا لعــر يب أ و‬ ‫ا ملؤا مــرة مل تعصــف بهــا بعــد وعــن أي هجــرة‬ ‫عقــول يتحد ثــو ن وكأن أ صحــا ب ا لعقــول‬ ‫معزز يــن مكرمــن يف أ وطا نهــم الينتظــرون‬ ‫أ ول فرصــة للخــروج مــن هــذ ا ا ملســتنقع ا لــذ ي‬ ‫يقتــل و يكبــت أ صحــا ب ا لكفــا ء ا ت أ ال يعرفــو ن‬ ‫أن مــر وحد هــا لد يهــا مثا نــن أ لــف مغــرب‬ ‫مــن أ صحــا ب ا لشــها د ا ت وا لعلــا ء ‪ .‬شــا ب يف‬ ‫ا لعقــد ا لثــا ين مــن عمــره ســلبت منــه عر بتــه‬ ‫فأ حــرق نفســه ا حتجا جــا ‪ . .‬فهــل أحــرق نفســه‬

‫مــن أجــل عر بــة ؟ ؟ ال ‪ . .‬أل نهــا ســتكو ن رد ة‬ ‫فعــل مبا لــغ فيهــا غــر منطقيــة ‪ . .‬ا لعر بــة‬ ‫كا نــت ا لشــعرة ا لتــي قصمــت ظهــر ا لبعــر‬ ‫قصمــت ســنني مــن ا لــذ ل وا لتعــب وا لحرمــا ن‬ ‫كا نــت ا لــرا رة ا لتــي ا نتظرتهــا ا لشــعوب‬ ‫ا لعر بيــة للخــروج عــى جالد يهــا وطغا تهــا‬ ‫رشا رة ا متــد ت مــن تونــس إ ىل ليبيــا فمــر‬ ‫فا ليمــن فســور يا حيــث أن أ طفــا ل د رعــا‬ ‫كا نــوا آخــر حوا جــز ا لخــو ف لــد ى ا لســور يني‬ ‫وســتمتد لتشــمل ا لــرق ا أل وســط كلــه ‪. . .‬‬ ‫وقا لــوا أن ثورا تنــا صنــع ا لغــرب وأ ننــا كنــا‬ ‫مطا يــا لهــم فــا هــذ ا ا لغبــا ء وكأن حكا منــا‬ ‫مالئكــة نزلــت مــن ا لســا ء تأ مــر با ملعــروف‬ ‫وتنهــى عــن ا ملنكــر وكأن ا لغــرب مل يكــن هــو‬ ‫مــن و ىل هــؤالء ا لرعــاع علينــا فعــن أي غــرب‬ ‫يتحد ثــو ن وهــو ا لــذ ي قــا ل ســنو يل عليهــم‬ ‫ســفلة قومهــم ‪ . .‬أ يتحد ثــو ن عــن ا لغــرب‬ ‫ا لــذ ي ســا عد ا الغتيــا الت ا لتــي أ زا حــت حكــم‬ ‫ا لنهضــة يف تونــس أ م عــن ا لغــرب ا لــذ ي ســلح‬ ‫حفــر ليقــف بوجــه فجــر ليبيــا أ م عــن ا لغــرب‬ ‫ا لــذ ي د عــم ا ال نقــاب ا لعســكري عــى أ ول‬ ‫رئيــس رشعــي منتخــب يف مــر أ م يتحد ثــو ن‬ ‫عــن ا لغــرب ا لــذ ي ســا هم بحصــا ر غــزة بــرا‬ ‫و بحــرا وجــوا‬

‫ماحدث مل يكن يف الحسبان وأحمق كل من يقول أنهم كانوا يعرفون هذا اليوم أو‬ ‫أنهم أعدوا له عدته فالضغط يولد االنفجار ومن املستحيل أن تتنبأ بوقته أو مبكان‬ ‫حدوثه فالثورات العربية عموما والثورة السورية خصوصا كانت الخنجر املغروس يف‬ ‫خرص الغرب فعن أي غرب يتحدثون والعاقل اليرى املؤامرة إال عىل الشعوب الثائرة‬

‫أحمد عاروض‬ ‫‪#‬طوق_الياسمني‬


‫ي الحي القطة‬

‫مجلة طوق الياسمني‬

‫هناك بعض التفاصيل التي قد تندثر يف ثنايا ذاكرة البعض‬ ‫منكم والتي مازالت واقر ًة يف ذاكريت‪ ،‬أقصها عن سوريا يف‬ ‫عالقة بالتسعة أشهر األوىل من اندالع الهبة الشعبية فيها‪،‬‬ ‫خصوصا وأننا يف زمن متايز فيه الحق بالباطل وكُتم فيه الحق‬ ‫ً‬ ‫وأهله يعلمون‪.‬‬ ‫هذه األحداث اآليت ذكرها تخص األيام األوىل من عمر‬ ‫الثورة يف سوريا‪ ،‬أيام مل يكن لإلرهابيني واإلرهاب حديث وال‬ ‫ٍ‬ ‫صفصف باسم القومية‬ ‫مكان‪ ،‬وقبل أن تتحول سوريا إىل قاع‬ ‫العربية واملامنعة واملقاومة وكل تلك املصطلحات التي‬ ‫سئمتها النفوس وتقيأتها األفئدة‪.‬‬ ‫هل تتذكرون عاطف نجيب؟‬ ‫هو ابن خالة بشار األسد وهو الذي يشغل منصب محافظ‬ ‫لدرعا ورئيس لجهازها العسكري الفرعي‪ ،‬هذا الرجل تلقى‬ ‫أوام ًرا من ابن خالته رئيس الدولة بأن يخمد الثورة التي‬ ‫انطلقت من تلك املحافظة بالنار والحديد‪.‬‬ ‫مجموعة من األطفال الدارسني بإحدى املعاهد هناك‬ ‫خرجوا من معاهدهم وكتبوا عىل جدرانها مطالب من قبيل‬ ‫“إصالحات إدارية”‪“ ،‬ال للمحسوبية”‪“ ،‬ال للقبضة األمنية”‪،‬‬ ‫و”ال للظلم” وأشياء أخرى‬

‫ليك ال يجدوا بعد ذلك غري النار مصبوبة‪ ،‬عندما قُبض عليهم وأُخذوا حيث كرست أظافرهم عىل يد الجيش‬ ‫يف دهاليز مراكز الرشطة؛ ما استوجب تدخل مشايخ درعا لدى املحافظ مطالبني إياه بإطالق رساح الصغار‬ ‫عىل أن يعاقبوهم هم بالطريقة املناسبة‪ ،‬فكان رد عاطف نجيب بأن‪“ :‬عودوا إىل أمهاتهم وأخربوهم بأن‬ ‫أطفالهن قد ذهبوا إىل غري رجعة وانصحوهن بأن ينجنب خالفهم‪ ،‬وإذا عجز رجالكم عن ذلك فإين مستعد‬ ‫ألن أنوبهم فيه”‪ ،‬وقد كانت تلك لحظة الحسم‪ ،‬حيث ثار أهل درعا بسبب هذا الرجل وتعاليه وحديثه‬ ‫خصوصا وأن طبيعة مشايخ هذه املنطقة موسومة بالقبلية والتعصب‬ ‫الغارق يف الفخار واألنفة والغرور‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ألعراضهم وأطفالهم وحرائرهم‪.‬‬ ‫هل أتاكم حديث الشهيد حمزة عيل الخطيب؟ هو طفل سوري مل يتجاوز الثالثة عرشة من عمره‪ ،‬كان‬ ‫متزعم ثلة من زمالئه يف‬ ‫فت ًيا ناشطًا يحمل هم أهله من السوريني وكان يخرج من معهده اإلعدادي يوم ًيا‬ ‫ً‬ ‫مظاهرات احتجاجية مناوئة للنظام أوقفه “الجيش العريب السوري” يف مخافر استخباراته العسكرية مبحافظة‬ ‫درعا يف يوم من أيام فتوحاته ضد “أعداء سوريا”‪ ،‬حيث ث ُقب جسده بآلة ثقب الجدران وقُطع ذكره بسكني‬ ‫ثم ألقي يف الشارع وسط ذهول أهل درعا وارتيابهم مام جرى ويجري حتى لألطفال القرص‪.‬‬ ‫إبراهيم القاشوش هو فنان شعبي من محافظة حامه وله أهازيج سورية شعبية معروفة‪ ،‬كان من أهمها‬ ‫أهزوجة “يال ارحل يا بشار” التي انترش صداها يف كل املحافظات الثائرة لتتحول إىل مصدر إزعاج كبري لبشار‬ ‫رأسا‪ ،‬هذا الذي قرر إصدار أوامر بنفسه إليقاف ابراهيم القاشوش والنيل منه ليكون عربة ملن يعترب‬ ‫األسد ً‬ ‫بعد مدة وجيزة ُوجد القاشوش ملقى يف نهر العاص من محافظة حامه وقد اقتلعت حنجرته من مكانها‬ ‫وشوه وجهه باللكم والركل قبل إلقائه هناك‪.‬‬


‫مجلةال طوق‬ ‫الياسمنياعرتفنا بأن قيادات من حامس كانوا يف املايض‬ ‫نغايل إذا‬ ‫نحن‬ ‫يشيدون بدور نظام األسد يف دعم املقاومة الفلسطينية‪ ،‬ال‬ ‫رصا أساس ًيا يف محور “املامنعة”‬ ‫نغايل إذا قلنا إن بشار كان عن ً‬ ‫الذي ضم إيران يف وقت من األوقات (من باب توافق اإلرادات‬ ‫والتقاء املصالح طب ًعا)‪ ،‬وال نبالغ إذا اعرتفنا بأن الجيش السوري‬ ‫يعترب من أقوى جيوش املنطقة العربية عد ًة وعتا ًدا وأن سوريا‬ ‫كانت املنتج األول للقمح عرب ًيا (احتياطي من القمح يكفي‬ ‫لخمس سنوات دون إنتاج)‪.‬‬ ‫نعرتف بكل هذا ونعرتف بأن استقرار سوريا يف “بعض” املناحي‬ ‫كان يقلق العديد من الدول التوسعية التي لها مشاريعها‬ ‫املعلوم منها واملخبوء‪ ،‬إىل ذلك‪ ،‬فبإمكاننا االفرتاض جدالً بأن‬ ‫أطرافًا دولية تدخلت عبثًا يف الثورة السورية‪ ،‬وساهمت من‬ ‫خاللها مبارشة أو من خالل وكالئها يف إدخال املجاهدين ‪-‬‬ ‫أو اإلرهابيني إذا أردنا ‪ -‬من أجل املساهمة يف تدمري سوريا‬ ‫واستنزاف جيشها وإضعافه فلنفرتض كل هذه القراءات‬ ‫ثم نسأل‪ :‬من الذي نفذ هذه األجندات لصالح أعداء األمة‬ ‫واملتآمرين عن ٍيد وهو صاغر؟ أليس بشار األسد؟‬ ‫لقد ركزت أجهزة أمن األسد عىل تصفية القادة والرواد األوائل‬ ‫للثورة السورية “السلمية”‪ ،‬مثل غياث مطر ويحيى الرشبجي‪،‬‬ ‫واعتقالهم وتعذيبهم حتى املوت‪ ،‬أو تهجريهم ومالحقتهم‪،‬‬ ‫لتتحول الثورة إىل حركة عصيان مسلحة ذات طابع إسالمي‬

‫ساقطة في‬ ‫ولكل‬ ‫ٍ‬

‫إذ إنه عىل امتداد تسعة أشهر من تاريخ انطالق االنتفاضة السورية مل يثبت بدليل وال بغري دليل أن أطرافًا خارجية مسلحة‬ ‫نفذتْ إىل قلب الثورة‪ ،‬ومع هذا فإن القتل عىل يد الجيش السوري كان مستع ًرا‪ ،‬وحتى ذلك الحني مات األلوف من الشعب‬ ‫األعزل‪ ،‬مبا أوصل إمكانية التصالح بينه وبني النظام (الذي استمرأ القتل منذ أربعني سنة) إىل سدرة املنتهى‪ ،‬وقوض أي‬ ‫إمكانية للرجوع إىل وراء‪.‬‬ ‫عنجهية بشار األسد وظلمه وغطرسته هي أسباب إفالت ‪ 65%‬من األرايض السورية من يديه لصالح “املؤامرة الكربى” ومن‬ ‫يقودها‪ ،‬وجنون العظمة الذي ورثه عن أبيه هو سبب تهجري املاليني من ديارهم بعد تدمريها وقتل أكرث من ثالمثائة ألف‬ ‫آخرين‪.‬‬ ‫ما كان لكل هذا أن يكون لو أن نظام األسد تخلص من الرسطان الخبيث الذي نهش عقول كل حكامنا العرب لعقود‪ ،‬رسطان‬ ‫امللكية العامة للبالد والعباد والظن بأن الله خلقنا لنكون وقفًا تاب ًعا لهم ولعائالتهم ومن يسبح يف فلكهم جمي ًعا‪.‬‬ ‫ما كان لكل هذا أن يحدث‪ ،‬ومع هذا ال بد للشعب السوري أن ينترص يو ًما‪ ،‬ولكل ساقط ٍة يف الحي القطة‪.‬‬

‫حنظلة‬ ‫‪#‬طوق_الياسمني‬


‫حج فاضل‬

‫ة الفرات‬

‫مجلة طوق الياسمني‬

‫بعد خروج العثامنيني ‪1918‬م من “دير الزور”‬ ‫بقيت املدينة بال سلطة‪ ،‬وخوفاً من النهب‬ ‫والسلب‪ ،‬كان من الرضورة أن توجد سلطة‬ ‫قوية تحمي املدينة‪ ،‬فأوجد األهايل فيام بينهم‬ ‫مجلساً محلياً سموه “حكومة الحاج فاضل‬ ‫األوىل”‪ ،‬لكونه رئيساً للبلدية آنذاك‪ ،‬وأطلق‬ ‫عليها “الديريون” اسم “حكومة الفلتان” ألنها‬ ‫مل تكن تتبع إىل أي سلطة مركزية‪.‬‬ ‫“فاضل العبود” «هو فاضل بن عبود الحسن‬ ‫من عشرية البو عبيد الحسينية التي تنتمي‬ ‫إىل قبائل البكارة “العبد الكريم”‪ ،‬ولد يف “دير‬

‫رحيل األتراك عن “دير الزور” وجد أهايل “دير الزور” أنفسهم دون سلطة مركزية تتبع لها‬ ‫مترصفيتهم‪ ،‬التي نشأت يف نهايات الحكم الرتيك‪ ،‬وكان الخوف الذي يشعرون به من املحيط‬ ‫العشائري الذي يسور مدينتهم‪ ،‬فالعشائر اعتادت الغزو والنهب والسلب سواء من بعضهم بعضاً‪،‬‬ ‫أم بدخول املدن ونهب البيوت‪ ،‬فكان من الرضورة أن توجد سلطة قوية تحمي املدينة وأهلها‪،‬‬ ‫وريثام يتفقون عىل السلطة التي يريدون تابعيتها‪ ،‬اتفقوا عىل تشكيل حكومة محلية تضبط‬ ‫أمور األمن‪ ،‬وتسري شؤون املدينة مؤقتاً فأوجدوا فيام بينهم مجلساً محلياً سموه “حكومة الحاج‬ ‫فاضل األوىل”‪ ،‬ألن رئيسها هو رئيس البلدية الحاج فاضل العبود‪ ،‬أو ما سامه أهل البلد‪“ ،‬حكومة‬ ‫الفلتان” ألنها ال تتبع سلطة مركزية وبعد نقاشات بينهم اتفقوا عىل تشكيل املجلس عىل أن يضم‬ ‫‪ 21‬عضوا ً سبعة أعضاء عن كل حي تتناوب رئاسته ما بني زعامء األحياء الثالثة يف املدينة‪ :‬حي‬ ‫الرشقيني‪ ،‬وحي الوسطيني‪ ،‬وحي أهل الغرب‪ ،‬واستمرت الحكومة ‪ 23‬يوماً حتى األول من كانون‬ ‫األول من عام ‪ 1918‬ثم أفل نجمها بوصول الرشيف نارص ابن عم األمري فيصل بن الحسني يف‬ ‫‪ 4‬كانون األول ثم وصول مرعي باشا املالح يف السابع من شهر كانون األول ‪1918‬؛ حيث انتهت‬ ‫مهمة تلك الحكومة وأصبحت “دير الزور” تابعة إىل “دمشق”‪ ،‬لقد رضب األهايل بتلك الحكومة‬ ‫األمثال فقالوا‪( :‬مثل حكومة حاج فاضل)»‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫ما تم الحصول عليه من معلومات ووثائق‬ ‫تؤكد بروز سامت القيادة فيه بشكل واضح‬ ‫منذ نعومة أظفاره وعىل مختلف الصعد‪ ،‬فقد‬ ‫كان ناجحاً يف القيادة بعد تسلمه لها‪ ،‬وناجحاً‬ ‫يف التجارة وإدارة االقتصاد عىل الرغم من أنه‬ ‫مل يتلق تعليامً آنذاك فهو ليس غريباً؛ فهو ابن‬ ‫عبود الحسن صاحب الديوان الشهري‬ ‫والرجل املعروف يف هذا البلد وكان رشيكاً‬ ‫تجارياً كبريا ً مع السيد “حمود العزاوي” اللذين‬ ‫كانا قد أقاما عالقات تجارية واسعة مع األتراك‬ ‫والحلبيني كآل “العكام والصالحية” ومع أبناء‬ ‫عمومته “النجار” وآل “طيفور” يف “حامة‬

‫حكومة الح‬

‫من ذاكرة‬

‫الفضل يعود إىل الحج فاضل يف تأسيس حكومة رشعية حمت مدينة “دير الزور” إبان املرحلة التي تلت خروج‬ ‫العثامنيني من املنطقة وتلتها حكومته الثانية بعد الدخول الفرنيس إىل املنطقة‪ ،‬وقد قادته الثورات املتالحقة يف‬ ‫“دير الزور” إىل السجن يف قلعة “حلب” التي التقى فيها املناضل الكبري “إبراهيم هنانو” ومن ثم نفي إىل جرس‬ ‫الشغور وقد عاد منها إىل “دير الزور” ليلتقي مع الزعامء الوطنيني آنذاك وعىل رأسهم تاج الدين الحسني”‬ ‫الذي أصبح رئيساً للجمهورية فيام بعد‬ ‫كانت مترصفية “دير الزور” ملحقة باآلستانة مبارشة فلام جال األتراك عن مدينة “عانا العراقية” عني اإلنكليز‬ ‫أحد ضباطهم حاكامً عليها حتى يبت يف أمر الحدود وملا بلغ مسامع الديريني قيام الحكومة العربية يف الشام‪،‬‬ ‫طلبوا إىل الرشيف “عيل نارص” أن يتوسط لديها الحتالل مدينتهم وإلحاقها بها‪ ،‬فرتبت الحكومة العربية‬ ‫املذكورة مفرزة من لواء الهجانة احتلت “دير الزور” يف منتصف كانون األول عام ‪1918‬م‪ ،‬وعني “عيل مرعي‬ ‫باشا املالح” مترصفاً للواء كام عني الرشيف عيل نارص قائدا ً للدرك فيها وملا دخل اإلنكليز إىل املنطقة بعد‬ ‫تحريرها واصطدموا فيها استنجدوا بحاكم الرقة “رمضان شالش” الذي دخل إىل “ديرالزور” وحررها من اإلنكليز‬ ‫بعد ‪ 10‬كانون األول عام ‪1919‬م‬ ‫‪#‬طوق_الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫ذاكرة انثى‬ ‫تعاين النساء السوريات‪ ،‬خاصة الالجئات منهن من انتهاكات لحقوقهن وسوء املعاملة‬ ‫يف أماكن العمل أثناء كفاحهن من أجل إعالة أرسهن يف املنفى‪ ،‬وقد يصبحن عرضة‬ ‫لقسوة أرباب العمل‪ ،‬خاصة بعد وفاة األزواج أو اختفائهم‪.‬‬ ‫تحمل ابنها بني ذراعيها وهي تتذكر آخر مرة شاهدت فيها زوجها‪ ،‬حني طبع قبلة‬ ‫عىل وجنتي ابنه‪ ،‬قبل أن يغادر املنزل إىل دكان القامش الذي ميلكه‪ .‬هي يف الثانية‬ ‫والعرشين من العمر والجئة يف منطقة ال تعرفها‬ ‫تتابع كالمها “كان ذهابه للعمل يشكل خطرا ً عىل حياته‪ ،‬إذ عليه اجتياز ثالث نقاط‬ ‫تفتيش للنظام قبل الوصول إىل دكانه‪ ،‬وكان يقول إن عليه أن يكسب املال يك نبقى‬ ‫عىل قيد الحياة”‪.‬‬ ‫اختفى زوجها ‪ .‬عملت لفرتة يف مصنع لأللبان واألجبان‪ ،‬لكنها تركته‪“ :‬‬ ‫تنظر إىل أصابع يدها وتقول‪ ،‬إنها باعت خاتم الزواج مبائة دوالر إلطعام ابنها‪ ،‬ومل‬ ‫يعد لها الكثري للتذكري بحياتها قبل الحرب‪ ،‬غري أنها دامئا ما تروي قصصاً البنها عن أبيه‬ ‫وحياتهم يف سوريا ‪ ،‬التي كان تعج بالحياة‪“ .‬أشعر بالخواء بدونه” ثم تنظر اىل األرض‬ ‫وتضيف “أفتقد كيف كان يالعب طفلنا”‪.‬‬ ‫كان األمل يخيم عىل كالمه لتكرس الصمت بكلمة واحدة ( حرية ) هذا ما كان دامئاً‬ ‫يردده أمامي و سأعلمه ألبني ليعلمها آلبنائه يف املستقبل و سأعلمه أيضاً أن يحب‬ ‫وطنه كام أحبه الكثري الذين دفنوا يف مناطق متفرقة كمجهولني للهوية كام دفن والده‬ ‫سأكون كأي أنثى سورية فقدت زوجها لهذه الكلمة اختتمت كالمها و ذهبت متسح‬ ‫دموعها بعيدا ً عن أنضار الناس لتكون رمزا ً للثورة السورة و الزوجة التي سوف تريب‬ ‫إبنها بعنفوان‬ ‫شموع الخرض‬ ‫‪#‬طوق_الياسمني‬


‫ا لثــو ر ة‬

‫طوقًعا‪،‬الياسمني‬ ‫مل ِ‬ ‫مجلة جمي‬ ‫يكف ثورتَنا اليتيمة ما لق َيته من ظلم وهوان وهجران من الناس‬ ‫فعانت ‪-‬فوق ذلك كله‪ -‬من ظلم طائفة من أبنائها‪َ ،‬عقّوها وظلموا َعلَمها‬ ‫فقاطعوه وطرحوه‪ ،‬بل إن منهم من دعسه بحذائه أو أرضم فيه النار‪.‬‬ ‫نشأ هذا املوقف السلبي املحزن من مغالطتني كبريتني‪ ،‬رشعية وتاريخية‪ ،‬فقد‬ ‫اعتمد خصوم راية الثورة وعلم االستقالل عىل مق ّدمة رشعية موغلة يف الخطأ؛‬ ‫فوصلوا إىل نتيجة بعيدة عن الصواب‪ ،‬وراجت بينهم معلوماتٌ تاريخية مضلّلة‬ ‫أفاضل‬ ‫ُ‬ ‫زادتهم من َعلَم ثورتهم نفو ًرا‪ .‬فهذه دعوة أوجهها لهؤالء الناس‪ ،‬وهم‬ ‫كرا ٌم م ّنا ومن ثورتنا‪ ،‬ليك يقرؤوا املناقشة التاريخية والرشعية لتلك االفرتاءات‪،‬‬ ‫حتى ال يكونوا رشكاء يف الظلم والعقوق‪.‬‬ ‫علم‪ ،‬بحسن ن ّية أو بسوئها‪ -‬أ ّن علَم االستقالل‬ ‫ر ّوج بعض املتحمسني ً‬ ‫جهل أو ً‬‫األخرض هو علم االنتداب الفرنيس‪ .‬ومل ّا كان االنتداب كري ًها فإ ّن َعلَمه البد أن‬ ‫يكون كري ًها مثله‪ ،‬وما دمنا حربًا عىل االستعامر واالنتداب وكل صور االحتالل‬ ‫حرب عىل كل َعلَم من أعالم‬ ‫املبارش وغري املبارش لبلدان املسلمني فإننا ‪-‬قط ًعا‪ٌ -‬‬ ‫املحتلّني واملستعمرين‪.‬‬ ‫إذا كان هذا العلَ ُم هو علَم االنتداب حقيق ًة فسوف أكون أول املطالبني‬ ‫نتقص املسألة‬ ‫بإسقاطه وسأدعو إىل متزيقه وتحريقه ّأن ُوجد‪ ،‬ولك ْن دعونا َّ‬ ‫مبنهجية دقيقة قبل املجازفة بالحكم العشوايئ‪ :‬متى ُولد هذا العلم؟ وماذا‬ ‫كانت أعالم سوريا قبل والدته؟ للجواب عن هذه األسئلة نحتاج إىل استعراض‬ ‫بعض األحداث املهمة يف تاريخ سوريا املعارص‪ ،‬فهل ّموا بنا نستعرض م ًعا هذه‬ ‫األحداث‪.‬‬

‫كان من الثمرات املريرة للحرب العاملية األوىل سقوط الدولة العثامنية ومتزقها واحتاللها‪ ،‬فدخلت الجيوش الربيطانية والفرنسية واألمريكية واإليطالية‬ ‫واليونانية إىل األناضول‪ ،‬وفُرضت عىل السلطان محمد وحيد الدين “معاهدة سيفر” التي تخلّت الدول ُة العثامنية مبوجبها عن جميع أمالكها الخارجية‪ ،‬مبا‬ ‫فيها بالد الشام‪ .‬عىل األثر اجتمع “املؤمتر السوري العام” يف دمشق يف الثامن من آذار (مارس) عام ‪ 1920‬وأعلن استقالل سوريا بحدودها الطبيعية (مبا فيها‬ ‫لبنان واألردن وفلسطني) وإنشاء حكومة مسؤولة أمام املؤمتر وتنصيب األمري فيصل بن الحسني ملكًا عىل البالد‪.‬‬ ‫نفسه عل َم الدولة الرتكية إىل اليوم) ونُرش محلّه‬ ‫يف ذلك اليوم طُوي علم الدولة العثامنية‪ ،‬العلم األحمر الذي يتوسطه هالل أبيض ونجمة بيضاء (وال يزال هو ُ‬ ‫َعلَم اململكة السورية‪ ،‬وهو شبيه بعلم األردن الحايل‪ ،‬إال أن الرشيطني األخرض واألبيض فيه معكوسان‪.‬‬ ‫بعد ستة أسابيع اجتمع الحلفاء املنترصون يف سان رميو ورفضوا اإلعالن السوري‪ ،‬وأصدروا قرار االنتداب الذي وضع سوريا الشاملية تحت الوصاية الفرنسية‬ ‫وسوريا الجنوبية مع العراق تحت الوصاية اإلنجليزية‪ ،‬وكان ذلك اإلعالن هو التطبيق العميل التفاقية سايكس بيكو السيئة الذكر التي اتفق فيها وزيرا‬ ‫خارجية فرنسا وبريطانيا‪ ،‬جورج بيكو ومارك سايكس‪ ،‬عىل اقتسام تركة الدولة العثامنية بينهام وتنفيذ وعد بلفور بتقديم فلسطني لليهود‪.‬‬ ‫بعد ذلك و ّجهت فرنسا إنذارها الشهري إىل الحكومة السورية التي كان رئيسها هاشم األتايس ووزير دفاعها يوسف العظمة‪ ،‬وكان من رشوط اإلنذار ترسيح‬ ‫وحل الجيش‪ ،‬لكن الحكومة السورية رفضته‪ ،‬ومن ث َ ّم كانت املواجهة بني جيشني غري متكافئني يف‬ ‫الجيش وتسليم البالد للفرنسيني‪ .‬قَبِل األمري فيصل اإلنذار ّ‬ ‫سالح يف أيديهم سوى البنادق‪،‬‬ ‫ميسلون يف ذلك اليوم الحزين‪ ،‬الرابع والعرشين من متوز (يوليو) سنة ‪ :1920‬جيش سوري ع ّدته ثالثة آالف من املتطوعني ال َ‬ ‫بل إن بعضهم قد خرج بعصاه فحسب! وجيش فرنيس عدته اثنا عرش ألفًا من الجنود املحرتفني معه املدافع والدبابات والطيارات‪.‬‬ ‫استمرت املعركة عدة ساعات‪ ،‬واستُشهد يوسف العظمة ومئات من رفاقه‪ ،‬و ُهزم الجيش‪ ،‬ودخل غورو دمشق‪ ،‬وف ّر فيصل إىل فلسطني ثم إىل أوروبا‪،‬‬ ‫وسقطت سوريا يف يد الفرنسيني‪.‬‬ ‫مستطيل أزرق‬ ‫ً‬ ‫يخفق يف سامء سوريا غ َري ثالثة أسابيع‪ ،‬وحل محله عل ُم االنتداب الذي كان‬ ‫سقطت سوريا وسقطت اململكة السورية فسقط عل ُمها ومل ّا ْ‬ ‫تتوسطه دائرة بيضاء ويف زاويته العليا اليرسى علم فرنسا الثاليث األلوان‪ ،‬واستمر لسنتني‪ ،‬ثم استُبدل به عل ٌم أخرض يتوسطه رشيط أبيض مع بقاء العلم‬ ‫رش سنني‪.‬‬ ‫الفرنيس املصغّر يف زاويته العليا اليرسى‪ ،‬واستمر هذا العلم ع َ‬


‫مجلة طوق الياسمني‬ ‫يف عام ‪ 1925‬تفجرت الثورة السورية الكربى التي انترشت يف طول البالد وعرضها‬ ‫وغطّت سوريا كلها من أقىص الشامل إىل أقىص الجنوب‪ ،‬واستمرت ملدة سنتني‪،‬‬ ‫ويف إثرها رضخت فرنسا ملطالب السوريني‪ ،‬فأجريت سنة ‪ 1928‬انتخابات شارك‬ ‫فيها سكان البالد وانتخبوا جمعية تأسيسية برئاسة هاشم األتايس‪ ،‬ثم كلفت‬ ‫الجمعي ُة التأسيسية إبراهيم هنانو بتأليف لجنة لتصميم العلَم وكتابة الدستور‪،‬‬ ‫تصميم للعلم السوري‪ ،‬وهو العلم‬ ‫فوضعت اللجنة دستو ًرا جدي ًدا للبالد وقدمت‬ ‫ً‬ ‫األخرض الذي صار علم سوريا بعد االستقالل ثم صار علم الثورة املباركة اليوم‪.‬‬

‫علــم‬

‫رصا استحقّه‬ ‫لقد ُولد هذا ال َعلَم مع الدستور الجديد رغم أنف الفرنسيني‪ ،‬وكان ن ً‬ ‫السوريون بدمائهم وتضحياتهم التي قدموها يف الثورة السورية الكربى ومل يكن‬ ‫م ّنة من الفرنسيني وال هدية منهم‪ ،‬ويكفي إلثبات نظافة ورشف هذا العلم أن‬ ‫يكون إبراهيم هنانو هو رئيس اللجنة التي قامت بتصميمه‪ .‬هل تعرفون هذا‬ ‫الرجل وهل تعرفون سريته وجهاده؟‬ ‫كان إبراهيم هنانو واح ًدا من كبار املجاهدين يف التاريخ السوري الحديث‪ُ .‬ولد‬ ‫ونشأ يف كفرتخاريم يف إدلب ودرس الحقوق يف اسطنبول‪ ،‬ومل ّا احتل الفرنسيون‬ ‫سوريا سنة ‪ 1919‬كان رئيس ديوان والية حلب‪ ،‬فجمع أعيان حلب وإدلب‬ ‫والالذقية والحفة وأنطاكية وأعلن الثورة عىل الفرنسيني‪ ،‬وشكّل جيشً ا من‬ ‫املجاهدين املتطوعني وألّف حكومة وطنية شامل سوريا استمرت عرشين شه ًرا‪،‬‬ ‫خاض خاللها سب ًعا وعرشين معركة مع الفرنسيني ظفر فيها جمي ًعا‪ ،‬واتسع‬ ‫نفوذه ولُقّب باسم “املتوكل عىل الله”‪ ،‬ثم اعتقله اإلنجليز يف فلسطني وسلّموه‬ ‫للفرنسيني الذين حاكموه محاكمة شغلت سوريا شهو ًرا وانتهت باعتبار ثورته‬ ‫“سياسية مرشوعة”‪،‬‬

‫إن إبراهيم هنانو مجاهد حر رشيف‪ ،‬من أرشف وأصدق قادة الجهاد يف سوريا أيام الفرنسيني‪ ،‬وهو الذي رأس لجنة تصميم ال َعلَم وصياغة الدستور يف ظل‬ ‫جمعية تأسيسية منتخَبة استحقها السوريون بثورتهم وجهادهم بال فضل وال م ّنة من دولة االنتداب‪ ،‬فكيف يُقال ‪-‬بعد ذلك كله‪ -‬إنه َعلَم االنتداب؟‬ ‫بل إن من املعروف والثابت تاريخيًّا أ ّن الفرنسيني غدروا ونكثوا بعهدهم فعطّلوا الجمعية يف السنة التالية ورفضوا توصياتها‪ ،‬فثار السوريون وانترشت‬ ‫املظاهرات يف طول سوريا وعرضها خالل عام ‪ ،1930‬فرضخت فرنسا مرة ثانية وسعت إىل تسوية مع القوى الوطنية‪ ،‬فوافقت عىل الدستور وعىل ال َعلَم الجديد‪،‬‬ ‫ف ُرفع للمرة األوىل يف سامء سوريا يف الثاين عرش من حزيران (يونيو) سنة ‪ ،1932‬ثم أصبح هو ال َعلَم الرسمي بعد االستقالل‪ ،‬إىل أن أُعلنت الوحدة مع مرص سنة‬ ‫طويل‪ ،‬فام‬ ‫فلم تم االنفصال عام ‪ 1961‬أعاد ضباط االنفصال الوطنيون َعلَم االستقالل األخرض‪ ،‬ولكنه مل يعش ً‬ ‫‪ 1958‬فاستُ ِبدل به ال َعلَم األحمر ذو النجمتني‪ّ ،‬‬ ‫لبث البعثيون أن قاموا بانقالبهم املشؤوم‪ ،‬فسلبوا السوريني حريتهم وكرامتهم وحرموا سوريا من استقاللها ومن علَم االستقالل‪.‬‬ ‫الخالصة‪-‬‬‫إنتاج سوري وطني خالص‪ ،‬ال عالق َة لسلطة االنتداب الفرنسية به من قريب وال بعيد‪ ،‬بل‬ ‫إ ّن َعلَ َم االستقالل الذي اعتمدته الثور ُة السورية املباركة ً‬ ‫علم لها هو ٌ‬ ‫إن تلك السلطة قاومته وأعاقت رفعه يف سامء سوريا ملدة أربع سنني بعدما قامت بتصميمه املعارض ُة السورية الوطنية بقيادة املجاهد الكبري إبراهيم هنانو‪.‬‬ ‫بذلت‬ ‫أما اإلشاعة التي انترشت أخ ًريا وتزعم أن نجامت العلم الثالث ترمز للدويالت السنية والعلوية والنصريية فإنها كذبة من أقبح وأسخف الكذبات‪ ،‬وقد ُ‬ ‫جهدي يف تت ّبعها فوجدت أنها ُولدت يف صفحات تشبيحية موالية للنظام ثم تلقفتها حسابات داعشية فر ّوجتها عىل أنها حقيقة‪ ،‬والحقيقة أن اللون األخرض يف‬ ‫ال َعلَم يرمز للعرص اإلسالمي األول‪ ،‬واألبيض للعهد األموي‪ ،‬واألسود للعبايس‪ ،‬وترمز النجوم الحمراء للتضحية ودماء الشهداء‪.‬‬ ‫هذا هو التفسري الذي قدمته اللجنة التي ص ّممت ال َعلَم‪ ،‬وهو التفسري الحقيقي لشكل ال َعلَم وألوانه‪ ،‬أما ربطه بالدويالت الطائفية فإنه خياالت خبيثة رو ّجتها‬ ‫وأفضل ر ّد عليهم هو رفعها يف كل محفل واعتامدها‬ ‫ُ‬ ‫طوائف من املرىض والخونة والعمالء؛ لتدفعنا إىل التخيل عن الراية التي س ّودت أيامهم وأقضّ ت مضاجعهم‪،‬‬ ‫من ِقبَل فصائل الثورة كلها‪ ،‬ولو كره الكارهون‪.‬‬


‫مجلة طوق الياسمني‬


‫مقــا و م ‪. .‬‬

‫مجلة طوق الياسمني‬

‫كنت أنا “ الدكتو َر “ يف ال ِّدراس ْة‬ ‫فإ ْن ُ‬ ‫مقاو ٌم بالرثثرة‬ ‫فاح‪..‬‬ ‫فإنني َّ‬ ‫مامن ٌع بالرثثرة‬ ‫اب و َّ‬ ‫الس ُ‬ ‫القص ُ‬ ‫القاتل بالوراث ْة !‬ ‫و ُ‬ ‫له ملاذا يصبح اللسان ابيض ُم َّدعٍ‪..‬‬ ‫دكتورنا “ الفهام ْن “‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫كسيف عنرتة‬ ‫يصول يف شوار ِع الشَّ ِام‬ ‫ُ‬ ‫الساطو َر يف جراح ِة اللسا ْن‬ ‫يكا ُد يلتَّ ُف عىل الجوالنِ والقنيطرة‬ ‫يستعمل ّ‬ ‫َم ْن َ‬ ‫قال ‪ “ :‬ال “ ِم ْن شعب ِه‬ ‫الح‬ ‫مقاو ٌم مل يرفعِ ِّ‬ ‫الس َ‬ ‫يف غفل ٍة ع ْن أع ِني ال َّزما ْن‬ ‫ملْ يرسل إىل جوالن ِه دباب ًة أو طائر ْة‬ ‫يرحم ُه الرحم ْن‬ ‫يطلق ال ّنار عىل العد ِو‬ ‫مل ِ‬ ‫بالد ُه سج ٌن‪..‬‬ ‫عب‬ ‫لك ْن حينام تكلَّ َم الشّ‬ ‫ُ‬ ‫كل شعب ِه إما سج ٌني عند ُه‬ ‫و ُّ‬ ‫صحا من نوم ِه‬ ‫أو أنَّ ُه س َّجا ْن‬ ‫صاح يف رجال ِه‬ ‫و َ‬ ‫بالد ُه مقربةٌ‪..‬‬ ‫مؤامرة !‬ ‫رض‬ ‫مؤامرة !‬ ‫أشجارها ال ُ‬ ‫تلبس األخ َ‬ ‫السوا َد و األكفا ْن‬ ‫عب‬ ‫و أعل َن‬ ‫الحرب عىل الشَّ ِ‬ ‫تلبس َّ‬ ‫لك ْن ُ‬ ‫َ‬ ‫حزناً عىل اإلنسا ْن‬ ‫الكالم‪..‬‬ ‫و كا َن ر ُّد ُه عىل ِ‬ ‫أحاك ٌم لدول ٍة‪..‬‬ ‫َمجزر ْة‬ ‫عب الذي يحكم ُه‬ ‫يطلق ال َّنا َر عىل الشَّ ِ‬ ‫السياس ْة َم ْن ُ‬ ‫الطب كام يفه ُم يف ّ‬ ‫مقاو ٌم يفه ُم يف ِّ‬ ‫أ ْم أنَّ ُه قرصا ْن ؟‬ ‫استقال ِمن عياد ِة العيونِ‬ ‫ال ِ‬ ‫تبك يا سوريّ ْة‬ ‫يعمل يف “ عياد ِة الرئاسة “‬ ‫يك َ‬ ‫ال تعلني الحدا َد‬ ‫عب‪..‬‬ ‫رش َح الشّ َ‬ ‫ف َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فوق جسد الضح َّية‬ ‫و با َع لحم ُه وعظم ُه‬ ‫الجرح‬ ‫ال تلثمي‬ ‫و ق َّد َم اعتذار ُه لشعب ِه ببالغِ الكياس ْة‬ ‫َ‬ ‫و ال تنتزعي الشّ ظ ّي ْة‬ ‫عذرا ً لك ْم‪..‬‬ ‫القطر ُة األوىل ِم َن ال َّد ِم الذي نزفتهِ‬ ‫عب‬ ‫يا أيَّها الشَّ ُ‬ ‫ستحس ُم القض ّي ْة‬ ‫جعلت من عظام ِه مداسا‬ ‫الذي‬ ‫ُ‬ ‫عذرا ً لكم‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫رجليك يا ميسونَ‪..‬‬ ‫قفي عىل‬ ‫عب‬ ‫يا أيَّها الشَّ ُ‬ ‫بنت بني أم ّي ْة‬ ‫يا َ‬ ‫الذي رسقت ُه يف نوب ِة الحراس ْة‬ ‫قفي كسنديان ٍة‪..‬‬ ‫عذرا ً لكم‪..‬‬ ‫كل بندقية‬ ‫كل طلق ٍة و ِّ‬ ‫يف وج ِه ِّ‬ ‫عب الذي طعنت ُه يف ظهر ِه‬ ‫يا أيَّها الشَّ‬ ‫ُ‬ ‫قفي كأي ورد ٍة حزين ٍة‪..‬‬ ‫يف نوب ِة الحراس ْة‬ ‫تطل ُع َ‬ ‫فوق رشف ٍة شام ّي ْة‬ ‫عذرا ً‪..‬‬ ‫و أعلني الرصَّخ َة يف وجوهه ْم‬ ‫حريّة‬


‫و ر قــة ا لقيقــب ا لحمــر ا ء‬

‫مجلة طوق الياسمني‬

‫يف ساعة متأخرة من الليل كان ما يزال مستيقظ ا يجايف النوم عينيه ‪ ،‬ساهم ا يف جدرانالغرفة الرطبة ‪ ،‬ليس الربد الذي ينخر عظامه و ال سعال ابنته اليافعة‬ ‫املصابة بالربو وال قصف الرعد يف الخارج ‪ ،‬كان سبب ا ألرقه ‪ ،‬هذه الليلة مل تكن كسابقاتها ‪ ،‬مل يفكركام اعتاد ببيته الذي غادره يف الحفة ‪ ،‬مل تأخذه‬ ‫الذكرياتإىل صور االقصف و الدمارو ال استبد به الحنني كام هي العادة لكأس متة يف مقهى حارتهم ‪ ،‬مل يشغل باله أيالطرقات سيسلك و أي األمكنة سيذهب‬ ‫غد ا ليجد ما يسد رمق عائلته يف مدينة ال يحفظ شوارعها و ال يفهم لغتها‪ ،‬هذه الليلة مل يع يه التفكري بنظرات األىس يف عيني زوجته ‪ ،‬و مل يهتم بصعوبة‬ ‫االتصال بابنه ابراهيم الذي ركب قوارب املوت ووصل اليونان يف رحلة مل يكن ميتلك كلفتها لوال مساعدة قريب يف الخليج ‪ ،‬هذه الليلة مل يبا ل بإمكانية‬ ‫الوصول لسالل اإلعانة و مل يحنق عىل املنظامت اإلغاثية التي تتذكر جارتهم مشبوهة السمعة و تنىس أطفاله ‪ ،‬هناك سبب مختلف مينع النوم أن يتسلل‬ ‫لجفونه ولو للحظات ‪ ،‬شعور يبدو غريب عليه شعور هجره منذ أمد طويل ليس فيه خوف و ال قهر و ال وجع ‪ ،‬إنه التشوق للغد ‪ ،‬يفكر يف غده و يتبسم ‪،‬‬ ‫نعم شفاهه عىل عكس ما اعتقد ما تزال تعرف التبسم و تقاسيم وجهه بها بقية حياة ‪ ،‬يفكر و يحلم ‪ ،‬يحلم و يحلم ‪ ،‬ورود و حدائق و شمس دافئة و‬ ‫مسكن فسيح و ثياب جديدة ‪ ،‬طعام ألطفاله ‪ ،‬دواء البنته ‪ ،‬رمبا عطر لزوجته ‪ ،‬رمبا أيضا حاسوب له ‪ ،‬من يعرف !! ‪ ،‬يبحر يف أفكاره ‪ ،‬يطري مع خياالته ‪ ،‬ليست‬ ‫مجرد أماين ‪ ،‬بدءا من الغد ستكون حقيقة ‪ ،‬ينظر للمرة املئة يف جواله املتهالك ‪ ،‬الحمدلله ‪ ،‬مل يبعه ‪ ،‬ماذا كان سيحصل لو باعه لقد هم بذلك مرار ا ‪ ،‬ينظر‬ ‫للمرة األلف إىل الساعة ‪ ،‬متى تجيء التاسعة ؟ ‪ ،‬يا الله هل حصل ذلك حق ا ؟ ‪ ،‬يا رب هل فتحت الدنيا أبوابها لعبدك الفقري ؟ ‪ ،‬يسرتجع االتصال‬ ‫للمرة املليون كام يراجع تلميذ م جد دروسه ‪:‬‬ ‫ مرحب ا ‪ ،‬صباح الخري‬‫ أهال ‪ ،‬صباح النور‬‫ حرضتك األستاد نادر الراعي ؟‬‫)من هذه التي تلقبه باستاد بعد تلك السنوات العجاف ؟!‪ ،‬هل تسخر منه ! (‬ ‫ نعم أنا هو‬‫ معك الرا من منظمة الهجرة الدولية ‪ ،‬لقد تم ترشيحكم من قبل مرشوع إعادة التوطني‬‫لتكونوا من بني من تستقبلهم حكومة كندا عىل أراضيها ‪ ،‬هل يهمك األمر ؟‬ ‫برتدد و ذهول ‪ - :‬نعم نعم‬ ‫ إذ ا علينا التأكد من البيانات ‪ :‬استاد نادر ‪ ،‬انت مواليد ‪ 1968‬؟‬‫ نعم‬‫ عدد أفراد األرسة ‪ 7‬؟‬‫ نعم‬‫ تقطنون حايل ا يف أنطاكيا ؟‬‫ نعم‬‫ أود التأكد منك و بشكل نهايئ ‪ :‬هل توافق أن تهاجر أنت وأرستك كاملة إىل كندا ؟؟‬‫ آه ‪ ،‬نعم ‪ ،‬بالتأكيد‬‫ هل أنت عىل يقني من موافقة أرستك أم أنك تحتاج ملشاورتهم ؟‬‫ نعم متأكد ‪ ،‬ال داعي للمشاورة‬‫ إذا ‪ ،‬غد ا ‪ ،‬الثالثاء ‪ ،‬يف الساعة التاسعة متام ا ‪ ،‬يجب أن تكون أنت وعائلتك يف كراج أنطاكيا ‪ ،‬ستكون هناك حافلة تقلكم مع آخرون ملدينة عينتاب ‪،‬‬‫سيتم استقبالكم يف فندق ريثام يتم استكامل اإلجراءات الروتينية و مقابلة مندوب من السفارة الكندية ‪،‬سيستغرق األمر بضعة أيام ‪ ،‬أسبوع كحد أقىص ‪ ،‬ثم‬ ‫ستغادرون عىل منت طائرة إىل كندا‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫نعم هذا تم فعال ‪ ،‬مل يكن يهلوس ‪ ،‬لشدة بهجته مل يعرف كيف يجيب صديقه أبو جابر الذي كان يسأله عن فحوى اإلتصال ‪ ،‬و عندما عاد إىل بيته جهد كثري ا‬ ‫ليرشح لزوجته ‪ ،‬انتهى زمن الشقاء ‪ ،‬هكذا قال لها ‪ ،‬ثم صفق و ضحك ‪ ،‬نعم يريدون أن نكون يف عينتاب غد ا ‪ ،‬وجهها إشارات استفهام و تعجب و يف خلدها‬ ‫أسئلة ال حد لها ‪ ،‬استدار نحو ابنته التي مل تكن أقل حرية من أمها ‪ ،‬كندا كندا يا سوسن ‪ ،‬أخربيها ‪ ،‬إنها عىل حدود أمريكا ‪ ،‬أال تعرفني أمريكا ‪ ،‬صدقيني لقد‬ ‫اتصلوا ‪ ،‬ابدأي بحزم أمتعتنا ‪ ،‬يضحك مجدد ا بصوت عال و زوجته تحملق فيه ‪ ،‬استطرد ‪ :‬ال ‪ ،‬ال تحزمي يشء ‪ ،‬ال داعي لألمتعة ‪ ،‬سنجد كل شيئ هناك و‬ ‫يضحك ‪ ،‬يحمل طفله الذي استغرب رؤية أبيه عىل هذا الحال ‪ ،‬يعانقه و يضحك ‪ ،‬سنبقى أيام يف فندق ثم نطري فوووووووو ‪.‬‬ ‫عىل العكس من تلك الليلة الطويلة جد ا ‪ ،‬مر عىل نادر يومني برسعة الربق ‪ ،‬قضاها يف جناح فندق ) ديوان ( ذو الخمسة نجوم يف مدينة عينتاب ‪ 3 ،‬وجبات‬ ‫يومي ا ‪ ،‬وما تشتهي النفس من مرشوبات ساخنة ‪ ،‬أطفاله الصغار مل يستوعبوا ما يحدث حولهم ‪ ،‬أما ابنته اليافعة استنزفت كل وقتها أمام املرآة الكبرية‬ ‫وهي تقيس الثياب التي قدمت لها أول وصولهم واحد تلو األخر ‪ ،‬مل يعكر صفو اليومني إال سيل االتصاالت التي جائته من أقارب و أباعد و أصدقاء قدامى‬ ‫و أشخاص نيس جلهم ‪ ،‬يسألونه عن كيفية الهجرة إىل كندا وعن السبل التي اتبعها ليختاروه هو تحديد ا دون غريه ‪،‬مل يقتنع أحد منهم بإجاباته ‪ ،‬بعضهم‬ ‫عرض عليه املال و بعضهم توسل إليه ‪ .‬يف الساعة الواحدة ظهر ا من يوم الخميس ‪ ،‬كان نادر مع العائلة أمام مكتب مندوب السفارة ينتظرون بشغف دورهم‬ ‫للمقابلة ‪ ،‬و رغم أن نادر كان يتوترمبجرد رؤيته زي الرشطة و يحاول قدر اإلمكان تجنب كل ما يتعلق بهم ‪ ،‬إال أنه اآلن يضع عينيه بعني الرشطي الواقف عىل‬ ‫الباب ‪ ،‬يحملق فيه ‪ ،‬ينتظر أن ينطق باسمه ‪ ،‬فتح الباب و خرج منه أبو الحسن و عائلته ‪ ،‬ابتسم أبو الحسن لنادر ‪ ،‬كانوا قد تعرفوا عىل بعضهم يف الفندق ‪،‬‬ ‫تحدث أبو الحسن بوجه متهلل و بلهجته الحلبية ‪ :‬غدا طائرتنا ‪ ،‬ستنطلق الساعة الحادية عرشة إن شاء الله ‪ ،‬أتوقع أنكم ستكونون معنا عىل ذات الطائرة ‪،‬‬ ‫مل يتمكن نادر من الرد بأكرث من كلمة إن شاء الله ‪ ،‬حيث سمع صوت الرشطي يناديه للدخول إىل املكتب دخل نادر مع زوجته و أوالده املكتب وهم يكادون‬ ‫يتعرثون بخطاهم ‪ ،‬جلسوا جميعهم عىل الكنبة الكبرية املقابلة ملكتب املندوب ‪ ،‬بعد بضع كلامت ترحيب من املندوب الذي كان يتحدث عربية مكرسة ‪،‬‬ ‫قال املندوب ‪ :‬مسجل لدي سبعة أشخاص ‪ ،‬و أنتم ستة ‪ ،‬أين الشخص األخري قلب األوراق أمامه قليال ثم أردف ‪ :‬أتوقع أن إبراهيم هو الفرد الناقص‬ ‫رد نادر ‪ :‬نعم إنه ابني البكر ابراهيم ‪ ،‬مل يجد ما يفعله هنا ‪ ،‬فهاجر قاصدا أملانيا ‪ ،‬و هو اآلن عالق يف اليونان ‪ ،‬لو كنا نعلم بكرم كندا ) وهنا نظر نادر بود إىل‬ ‫املندوب (‬ ‫ملا استدنا املبالغ الطائلة لرحلته الشاقة‬ ‫اعتدل املندوب يف جلسته ‪ ،‬مللم اإلضبارة من عىل املكتب بحركة رسيعة ‪ ،‬قال بلهجة‬ ‫جدية و كأنها صادرة عن ألة تسجل ‪:‬‬ ‫أعتذر لكم باسم حكومة كندا ‪ ،‬الجميع أو ال أحد ‪ ،‬ال ميكن لحكومة كندا أن تستقبل عىل‬ ‫أرضايها ضمن برنامج إعادة التوطني إال عوائل كاملة ‪ ،‬كام ال ميكن أن تستقبل عائلة‬ ‫يلجأ أحد أفرادها إىل دول اإلتحاد األوريب‬ ‫قبل أن يستجمع نادر أفكاره لريد ‪ ،‬و قبل أن تتذوق زوجته ملوحة دموعها الهاطلة‬ ‫عىل خديها ‪،‬‬ ‫كان الرشطي قد أشار لهم بالخروج ‪ ،‬بينام نوبة سعال جارح تتنازع سوسن ‪.‬‬

‫بقلم ‪ :‬أنس الفتيح‬ ‫‪#‬طوق_الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫ا لبــكا ء‬ ‫طفل مذهوالً من الحرب‪ ،‬بساق‬ ‫حني خرج ٌ‬ ‫واحدة ‪.‬‬ ‫ال تستطيع حمل ما بقى من بيته املتهدم ‪،‬‬ ‫مرفوعاً عىل كتفه … وكان ينظر إىل الفراغ‬ ‫…‬ ‫كان يف الحقيقة ينتظر بزوغ يشء ما من‬ ‫رحم الغابة املمتلئة بالالمعنى …‬ ‫أن تنشق صخرة الحياد عن ماء يغسل دماً‬ ‫طازجاً قبل أن تجرفه الذاكرة ‪ ،‬مع بقايا‬ ‫جثث األشجار والرصاص املجعد والنهار‬ ‫الذى ميضغه دخان أزرق … والسامء التي‬ ‫تغور يف الالوعي كفكرة عتيقة عن النجاة‬ ‫املجانية …‬ ‫األرض كلها لفخا ٍخ‬ ‫قبل أن تتحول ُ‬ ‫طفل ؛‬ ‫وال ينجو ٌ‬ ‫خرج من الغبار عىل هيئ ِة ورد ٍة من‬ ‫االحتامالت‬ ‫كان ينتظر أن يخرج الحلم عىل هيئة طريٍ‬ ‫أو غيم ٍة … أو شجر ٍة … أو أي هيئ ٍة‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫تفهم تلك العالق َة الحميمة بني اللحم‬ ‫واللحم …‬

‫حتى يستطيع البكا َء‪.‬‬ ‫وحده األمل ما مينح للبكاء جدوى‬ ‫البكاء آلية لتدمري كراهية العامل لنفسه‬ ‫البكاء فعل مضاد للوحشية‬ ‫ولكنه سيكون فارغاً وخاوياً من الداللة‬ ‫مل لو توجد قو ٌة خارج سياق الحرب نفسها‬ ‫لتكون سلط ًة مضادة …‬ ‫دامئا يكون البكاء‪،‬‬ ‫فأساً تنغرس يف بطن الفراغ‬ ‫دون أن يسيل ح ٌرب‬ ‫أو ل ٌنب متخرث ألم جائعة للعودة إىل البيت‪،‬‬ ‫أو قافل ٌة تتهجى أسام َء الريح …‬ ‫…‪.‬‬ ‫البكاء ‪..‬مجرد كلمة فقط‬ ‫ليس لها إحالة معرفية خارج نسق‬ ‫القصيدة؛‬ ‫كعض ٍو مبتور!‬ ‫فرحان العسكر‬ ‫‪#‬طوق_الياسمني‬


‫مجلة طوق الياسمني‬

‫مجلة طوق الياسمين الثوري‬ ‫صادرة عن حركة شباب من سوريا ‪ -‬شمس‬ ‫بأقالم شباب الثورة‬ ‫‪jasmine.shams.d@gmail.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.