مجلة فكر - العدد 2

Page 1

‫جملة ثقافية تعني بالفكر والثقافة‬ ‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪ r‬أدب السجون‪:‬‬ ‫أين اختفى هذا النوع من‬ ‫األدب؟‬

‫‪ r‬قصر الحمراء مكان‬ ‫يتوقف فيه الزمن‬ ‫‪ r‬العنصرية واإلرهاب في‬ ‫األدب الصهيوني‬ ‫الفريح ‪:‬‬ ‫‪ r‬محمد ً‬ ‫يضع حلوال لتسويق الكتاب‬

‫‪ r‬أمير تاج السر يكتب عن‬ ‫ذاكرة الكتابة‬


‫موضوع الغالف‬

‫المحتويات‬

‫ر�أي‬

‫‪10‬‬

‫بني ال�سطور‬

‫‪12‬‬

‫�أفكار م�ضيئة‬

‫‪16‬‬

‫درا�سة‬

‫‪22‬‬

‫حياتنا‬

‫‪34‬‬

‫كتب‬

‫‪39‬‬

‫مراجعات‬

‫‪42‬‬

‫فنون‬

‫‪51‬‬

‫معامل وح�ضارات‬

‫‪54‬‬

‫�صدر حديث ًا‬ ‫دبل كليك‬

‫‪59‬‬ ‫‪64‬‬

‫للجرافيكس والتحرير‬

‫علوم‬

‫‪67‬‬

‫‪ALMUBTKER For‬‬ ‫‪Graphics and Editing‬‬

‫‪2012‬‬ ‫نقطة �ضوء‬

‫‪69‬‬

‫جملة ثقافية ف�صلية تعني بالفكر والثقافة‬ ‫فكر الثقافية‬ ‫‪h t t p ://w w w .f a c e b o o k .c o m /p r o fi l e .‬‬ ‫‪php?id=100005076097339‬‬

‫يف العدد الثاين من جملة والثقافية نطل عليكم للمرة الثانية ع�سى �أن‬ ‫نوفق لتقدمي ماهو جديد يف الفكر والثقافة‪.‬‬ ‫ميكنكم يف هذا العدد من جملة فكر ا�ستخدام الروابط بالنقر عليه‬ ‫كي يو�صلكم �إىل املواقع الأخرى على �شبكة االنرتنت ومل�شاهدة مقاطع‬ ‫الفيديو والأفالم الوثائقية كل ذلك من �أجل املتعة والفائدة‪.‬‬

‫المـــحــتــويــات‬

‫مو�ضوع الغالف‬

‫‪3‬‬

‫أدب السجون‪ :‬أين اختفى هذا النوع‬ ‫من األدب؟‬ ‫�أدب ال�سجون هو الأدب الإن�ساين الن�ضايل الذي ولد يف عتمة وظالم الأقبية والزنازين‬ ‫وخلف الق�ضبان احلديدية‪ ،‬وخرج من رحم الوجع اليومي واملعاناة النف�سية والقهر الذاتي‪،‬‬ ‫واملعب عن مرارة التعذيب و�آالم التنكيل وهموم الأ�سري وتوقه لنور احلرية وخيوط ال�شم�س‪.‬‬ ‫رّ‬ ‫و�إبداعات �أدب ال�سجون فريدة امللمح‪ ،‬تغرف من خمزون قلم هو مزيج نفثات وخطرات‬ ‫و�آهات‪ ،‬جمبولة برتنيمات عوامل الروح الغارقة يف الت�أمل ومبفردات التجربة املريرة‪..‬‬

‫‪70‬‬

‫‪almubtker@gmail.com‬‬ ‫املبتكر للجرافيك�س‬

‫في هذا العدد يكتب لكم‪:‬‬

‫معامل وح�ضارات‬

‫حممد الفريح‪ :‬كيف ت�سوق كتابك‬ ‫مي�سون �أبو بكر‪ :‬اعتذار‬ ‫�أمري تاج ال�سر‪ :‬ذاكرة الكتابة‬ ‫نواف القدميي‪ :‬روايات �أدب ال�سجون عن ذكريات‬ ‫وجتارب املعتقلني‬ ‫ر�شا املالح‪:‬رواية ال�سجن تتمرد على الكال�سيكية ق�صر احلمراء مكان يتوقف فيه الزمن‬ ‫فنون‬ ‫�أحمد ال�صمعاين‪ :‬العالج بالقر�آن‬ ‫ع����ارف ع��ب��د ال���رح���م���ن‪ 28 :‬ف��ك��رة �إب��داع��ي��ة‬ ‫ال�ستخدام تويرت يف جمال التعليم‬ ‫د‪ .‬خليل ح�سونة‪:‬العن�صرية والإره��اب يف الأدب‬ ‫ال�صهيوين‬ ‫رانيا منري‪ :‬الإعالنات يف ال�شوارع مدينة ترحب‬ ‫بها و�أخرى حتظرها‬ ‫نا�صر الزمل‪ :‬ه�ؤالء غريوا حياة الب�شرية – تاريخ‬ ‫فن الر�سم على الر�صيف بالأبعاد الثالثية‬ ‫الربيد الألكرتوين‬ ‫‪2‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫حياتنا‬

‫الإعالنات يف ال�شوارع‬ ‫علوم‬

‫الثنائيات الع�ضوية ‪-‬‬ ‫م�صدر جديد لل�ضوء‬

‫تنتهي‪ ،‬عن دورها يف �صقل م�ستوى خرباتهم‪،‬‬ ‫هكذا يو�صف بع�ض النقاد واملحللني ماهية‬ ‫ً ومدهم ب�أدوات ومهارات الرواية املتقنة‪ ،‬املحاكية‬ ‫الأعمال الروائية التي كتبها مثقفون كرث‪ ،‬يوما‬ ‫روح الواقع‪ ،‬وكذا الن�ضج من عمق الوجدان‬ ‫ما‪ ،‬بينما كانوا يقبعون خلف ق�ضبان ال�سجن‪،‬‬ ‫الإن�ساين‪.‬‬ ‫�إذ �سجلوا فيها ومعها‪� ،‬أروع مناذج جتاربهم‪،‬‬ ‫ومن بينهم �صنع اهلل �إبراهيم‪،‬الذي قال يف �أحد ويف ال�سبعينيات من القرن الع�شرين كان‬ ‫حواراته‪� ،‬إنه غري نادم على الفرتة التي ق�ضاها ي�صعب تعميدك ككاتب مبدع �إن مل تقر�أ‬ ‫يف ال�سجن‪ ،‬بل يرى �أنه مدين �إليها كونها �أتاحت املجلدات ال�سميكة والكتب ذات القطع املتو�سط‬ ‫له القدرة على التفكري ب�صفاء‪ ،‬ومراقبة الب�شر وال�صغري التي كانت لها عالقة حربية �صميمية‬ ‫والتعرف �إىل �سلوكهم‪ ..‬فهل حق ًا‪ ،‬مُيكن القول ب�أدب ال�سجون واملعتقالت‪ ،‬وكان يبدو من العيب‬ ‫�إن جتربة ال�سجن لدى الكاتب‪ ،‬نبع خ�صب‪ ،‬على �أي مثقف ي�ضع نف�سه يف م�صاف الكتاب‬ ‫كونه ي�ستفيد من زخمها‪ ،‬وينجح يف تروي�ضها الطليعيني‪� ،‬أال يعرف �شاعر تركيا العظيم ناظم‬ ‫حكمت وحبيبة �أ�سره (منور) التي انتظرته ملدة‬ ‫وت�شكيلها؟‬ ‫تزيد على الـ‪ 30‬عام ًا‪.‬‬ ‫ال يرتدد روائيون كرث‪ ،‬عاي�شوا واختربوا جتربة‬ ‫ً‬ ‫ال�سجن‪ ،‬يف الت�أكيد �ضمن �أحاديثهم‪ ،‬على �أنهم وكان من ال�صعب �أي�ضا على القارئ الذي‬ ‫يحنون �إىل ذكرى فرتة ال�سنوات التي ق�ضوها يت�سم باملواظبة‪ ،‬ولديه ال�سجل الكامل باملعتقلني‬ ‫يف ال�سجن‪ ،‬وجندهم يروون �سري ًا وحكايات ال املنا�ضلني من كتاب العامل �أال ميتلك القدرة على‬

‫املواظبة يف تتبع �أخبارهم‪� ،‬إذ �إنه من العيب عليك‬ ‫و�أنت املتابع لكل الق�ضايا التي ترجت لوقعها الثقافة‬ ‫العاملية‪� ،‬أال تتبع النفي الذي عا�شه �شاعر �إ�سبانيا‬ ‫العظيم (روفائيل الربتي) الذي عا�ش منفي ًا عن‬ ‫وطنه �إ�سبانيا ملدة تزيد على الـ(‪ )39‬عام ًا‪ .‬و�أال‬ ‫تعرف املعاناة التي عا�شها �شاعر ت�شيلي العظيم‬ ‫بابلو نريودا‪ ،‬و�أال تكون قد قر�أت كتابه ذائع‬ ‫ال�صيت �آنذاك (�أعرتف ب�أين قد ع�شت)‪.‬‬ ‫ويقول الكاتب خليل قنديل‪ :‬الأمر ذاته كان‬ ‫ينطبق على الكتاب الأمثل عن �أدب ال�سجون الذي‬ ‫كتبه الروائي الرو�سي دو�ستفي�سكي واملو�سوم‬ ‫بـ(مذكرات من بيت املوتى)‪ ،‬والذي يتحدث عن‬ ‫عذاب املعتقلني الرو�س يف منطقة �سيبرييا‪.‬‬ ‫�أما بخ�صو�ص الكتابات الإبداعية العربية‬ ‫فجميع جيلي ال�سبعيني يذكر رواية (الكرنك)‬ ‫التي كتبها �صاحب (نوبل) الروائي جنيب‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪3‬‬


‫موضوع الغالف‬ ‫حمفوظ‪ ،‬وتلك ال�ضجة التي �أحدثتها تلك الرواية‬ ‫يف جمال �أدب ال�سجون واملعتقالت‪ ،‬وجميع‬ ‫�أفراد جيلي من املواظبني على مثل هذا النوع‬ ‫من القراءات ال يزالون يذكرون ارتعا�شة �أيدينا‬ ‫ونحن نهرب رواية (�شرق املتو�سط) للروائي‬ ‫الراحل عبد الرحمن منيف‪ ،‬ونحن نرتع�ش خوف ًا‬ ‫على بطلها رجب الذي ذاق الأمرين يف ال�سجون‬ ‫واملعتقالت ال�سيا�سية العربية‪.‬‬

‫موضوع الغالف‬ ‫فجاءك العيد يف �أغمات م�أ�سورا �صحفه وجمالته و�أدبياته ‪(:‬االحتاد) و(اجلديد)‬ ‫و(الغد)‪ .‬فها هو ال�شاعر الراحل حممود دروي�ش‬ ‫ترى بناتك يف الأطمار جائعة‬ ‫يكتب من داخل زنزانته ق�صيدة (�آخر الليل)‬ ‫يغـزلـن للنا�س ما ميلك قـطـمريا التي يقول فيها‪:‬‬ ‫برزن نحوك للت�سليم خا�شعة‬ ‫�أب�صارهــن حــ�سـريات مكا�ســريا‬ ‫يط�أن يف الرتاب والأقدام حافية‬

‫وطني‬ ‫يعلمني حديد �سال�سلي‬ ‫عنف النور‬

‫و�أنا مازلت �أذكر الرواية الوثائقية التي كتبها‬ ‫الكاتب الفل�سطيني توفيق فيا�ض وحملت عنوان‬ ‫(املجموعة ‪ ،)778‬وهي تر�صد اعتقال خلية‬ ‫ما كنت �أعرف حتت جلودنا‬ ‫يقول الباحث �شاكر فريد ح�سن‪� :‬أما يف احلالة‬ ‫فل�سطينية منا�ضلة بتوثيقية ُمده�شة‪ ،‬وكان قد‬ ‫العربية املعا�صرة فثمة الكثري مما كتبه املبدعون ميالد عا�صفة‬ ‫كتبها فيا�ض على ورق ال�سجائر وحينما �أفرج عنه‬ ‫العرب‪ ،‬الذي �أم�ضوا الأيام اخلوايل والليايل‬ ‫�إثر املعاهدة امل�صرية الإ�سرائيلية قام بطباعتها‬ ‫وعر�س جداول‬ ‫املتعبة يف ال�سجون‪ ،‬وخا�ضوا التجربة القا�سية‬ ‫ون�شرها‪.‬‬ ‫يف �سجون وزنازين الأنظمة العربية القمعية �سدوا علي النور يف زنزانة‬ ‫وجميعنا ك ّنا نقف خلف ال�شاعر الفل�سطيني اال�ستبدادية‪ ،‬التي بد�أت بالت�ساقط واالنهيار‬ ‫فتوهجت يف القلب‬ ‫املقاوم وهو يهجو عدوه بالكتابات التي كانت الواحدة تلو الأخرى‪ .‬ومن �أبرز الذين مروا بتجربة‬ ‫قادرة على حتريك مظاهرات‪.‬‬ ‫االعتقال‪ ،‬الروائي واملثقف امل�صري �صنع اللـه �شم�س جداول‬ ‫�إبراهيم‪ ،‬الذي ينتمي جليل ال�ستينيات‪ ،‬ونزيل‬ ‫وعرف الأدب العربي على مر الع�صور واحلقب‬ ‫بينما ال�شاعر �سميح القا�سم فيكتب ق�صيدته‬ ‫ال�سجون امل�صرية‪ ،‬الذي كتب عن هذه التجربة‬ ‫التاريخية املختلفة �أدب الأ�سر وجتربة االعتقال‪،‬‬ ‫(ر�سالة املعتقل)‪ ،‬التي تنطوي على حتد وا�ضح‬ ‫امل ّرة يف روايته (تلك الرائحة)‪ .‬ويف ال�سجن تعلم‬ ‫فمث ًال �أبو فرا�س احلمداين ال�شاعر والفار�س‪،‬‬ ‫لل�سجان‪ ،‬وتفا�ؤل ثوري عميق بدنو النهار ‪:‬‬ ‫املعنى احلقيقي للعدالة والتقدم وحب الوطن‪،‬‬ ‫الذي ال يهاب املوت‪ ،‬كتب يف ال�سجن �أروع ق�صائده‬ ‫و�أنه يعترب ال�سنوات التي ق�ضاها خلف الق�ضبان �أومن يا �أماه‬ ‫(الروميات) يف الأ�سر‪ .‬لن�سمعه يقول يف ق�صيدته‬ ‫هي التي �صنعت منه روائي ًا متميز ًا‪ .‬وقد قال مرة‬ ‫ال�شهرية (�أراك ع�صي الدمع)‪:‬‬ ‫�أومن �أن روعة احلياة‬ ‫يف لقاء �صحفي �أُجري معه‪�«:‬إين غري نادم على‬ ‫الفرتة التي ق�ضيتها يف ال�سجن‪ ،‬و�أرى �إين مدين تولد يف معتقلي‬ ‫�أراك ع�صي الدمع �شيمتك ال�صرب‬ ‫لها بالكثري‪ ،‬فهي التي �أتاحت يل فر�صة مراقبة‬ ‫�أومن �أن زائري الأخري ‪ ..‬لن يكون‬ ‫�أما للهوى فهي عليك وال �أمر الب�شر والتعرف على �سلوكهم وعلى عوامل ثرية‬ ‫و�شخ�صيات مهمة ووفية‪ ،‬مل �أكن لأتعرف عليها خفا�ش ليل ‪ ..‬مدجل ًا بال عيون‬ ‫نعم �أنا م�شتاق وعندي لوعة‬ ‫و�أنا خارج ال�سجن»‪ .‬و�أ�ضاف قائ ًال‪«:‬لو عاد الزمن‬ ‫ال بد �أن يزورين النهار‬ ‫ولكن مثلي ال يذاع لــه �س ـ ــر �إىل الوراء وخريت �س�أختار خو�ض جتربة ال�سجن‬ ‫م ّرة ثانية دون تردد رغم الفرتة التي ق�ضيتها »‪.‬‬ ‫ومن الأعمال الأدبية التي �صورت التجربة‬ ‫�إذا الليل �أ�ضواين ب�سطت يد الهوى‬ ‫ويقول‪ :‬يف �أدبنا الفل�سطيني املقيم يف هذا االعـتـقالـية كتاب املـنـا�ضـلة والـناقـدة والكاتبة‬ ‫و�أذللت دمع ًا من خالئقه الكرب اجلزء الناب�ض من الوطن الفل�سطيني (داخل املـ�صـرية التقدمية فـريدة الـنقـا�ش (الـ�سـجـن‪،‬‬ ‫يف حني جند املعتمد بن عباد‪ ،‬ملك �أ�شبيلية حدود ‪ )48‬فقد كان للدور الثقايف الذي لعبه الوطن) الذي حتكي فيه عن فرتة الأ�سر املمزوجة‬ ‫وال�شاعر املجيد الذي كان يع�شق الأدب‪ ،‬قد �صور �شعراء و�أدباء املقاومة يف تنمية وت�أ�صيل الوعي وامل�ضمخة بالأمل والقهر الإن�ساين والتطلع �إىل‬ ‫عذابه و�أمله وجتربته يف ال�سجن‪ ،‬بلغة �شاعرية الثوري املقاتل وتعميق ال�شعور القومي‪ ،‬املناه�ض الآتي‪.‬وكذلك رواية (�شرق املتو�سط) لعبد الرحمن‬ ‫م�ؤثرة‪ ،‬و�صور فنية غنية‪ ،‬ودالالت عميقة املعنى‪ ،‬لل�سيا�سة القهرية واال�ضطهادية ال�سلطوية‪ ،‬منيف‪ ،‬ورواية (تلك العتمة الباهرة) للطاهر‬ ‫و�أ�سلوب �شفاف ووا�ضح‪ .‬ومن �أ�شعاره التي �أثارت و�صيانة الهوية الفل�سطينية‪� ،‬سبب ًا يف اعتقال بن جلون‪ ،‬ورواية (القلعة اخلام�سة) لفا�ضل‬ ‫غرائزنا وم�شاعرنا‪ ،‬والم�ست �أحا�سي�سنا و�شغاف ه�ؤالء ال�شعراء واملبدعني املنا�ضلني واملكافحني الغزاوي‪ ،‬و�سرية �شريف حتاتة (العني الزجاجية)‬ ‫قلوبنا‪ ،‬ما كتبه وهو يف �سجن( �أغمات) التون�سي يف خم�سينيات و�ستينيات القرن الع�شرين‪ ،‬والذين وغريها الكثري‪.‬‬ ‫‪ ..‬حيث قال‪:‬‬ ‫كانوا ينتمون للحزب ال�شيوعي‪ ،‬وي�ؤمنون بفكره ويف ال�سبعينيات افتتح �إبراهيم �صموئيل‬ ‫فيما م�ضى كنت بالأعياد م�سرورا‬ ‫الإيديولوجي الطبقي‪ ،‬وين�شرون �إبداعاتهم يف �أدب ال�سجون احلديث يف �سوريا‪ ،‬مبجموعاته‬ ‫ك�أنـهـا مل تط�أ مـ�سـك ًا وكافـ ـ ـ ــورا‬

‫‪4‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫ورقة املتفائل‬

‫الق�ص�صية الثالث‪( ،‬رائحة اخلطو الثقيل)‪،‬‬ ‫و(النحنحات) و(الوعر الأزرق)‪ .‬كان �صموئيل‬ ‫ي�ؤرخ فيها لتجربة حقيقية وعميقة‪ ،‬لكن بلغة‬ ‫رفيعة وبح�سا�سية خ ّالق‪ ،‬الأمر الذي جعل تلك‬ ‫الق�ص�ص مبثابة مانيف�ست عن ال�سجون ال�سورية‪،‬‬ ‫ال تزال الأيدي تتداوله حتى اليوم‪.‬‬ ‫وافتتحت هبة دباغ تاريخ ًا �آخر حني �أ�صدرت‬ ‫كتابها (خم�س دقائق فح�سب‪ :‬ت�سع �سنوات يف‬ ‫�سجون �سوريا) يف لندن‪ .‬ويبدو �أنها كتبته قبل‬ ‫ذلك ب�أكرث من ع�شر �سنني‪ .‬و�إىل الآن كانت‬ ‫كتابات ال�سجون يف جمملها ب�أقالم معتقلني‬ ‫ي�ساريني‪ ،‬وكتاب هبة الدباغ هو الأول ت�صدره‬ ‫معتقلة (�إخوانية) عن جتربتها‪ ،‬بعدما �أ�صدر‬ ‫حممد �سليم حماد‪ ،‬وهو �شاب �أردين �سجن يف‬ ‫�سوريا‪ ،‬كتابه (تدمر‪� ...‬شاهد م�شهود) عام‬ ‫‪ .1998‬وتقدم الكاتبة هبة دباغ وثيقة �صادمة مل‬ ‫يتم ف�ضحها من قبل‪.‬‬ ‫ويف ‪� 2005‬صدر للمغربي حممد الرحوي كتاب‬ ‫يحكي عن جتربة ت�سع �سنوات من االختطاف يف‬ ‫مدافن (الكومبليك�س) بالرباط و�أكنز و�سكورة‬ ‫وقلعة مكونة خالل ال�سبعينيات والثمانينيات دون‬ ‫حماكمة‪ ،‬ويلقي الكتاب على جزء مظلم من تاريخ‬ ‫املغرب‪.‬‬ ‫وكتاب (تزمارة ‪ )234‬وهي �سرية ذاتية من‬ ‫�أدب ال�سجون للكاتب املغربي حممد م�صدق‬ ‫بنخ�ضرا‪ ،‬يقول �صاحب الكتاب �إنه ا�سم مركب‬ ‫من (تزمامرت) و(متارة)‪� .‬إذ �إن تركيب هذا‬ ‫اال�سم يرجى منه التنبيه �إىل اال�ستمرارية‬ ‫يف منطق �سنوات الر�صا�ص‪ ،‬فاملعتقل ال�سري‬ ‫(تزمامرت) عرف بانتهاكات ج�سيمة حلقوق‬ ‫الإن�سان من تقتيل وتعذيب مور�س يف حق‬ ‫املواطنني املعار�ضني لنظام احلكم (حكم امللك‬ ‫الراحل احل�سن الثاين) �أو امل�شكوك يف �أمرهم‪.‬‬ ‫ال�شيء الذي جعل للمغرب �صفحة �سوداء يف‬ ‫تاريخه ال�سيا�سي والإن�ساين‪ .‬وكانت تلك ال�سنوات‬ ‫و�صمة عار يف جبني املغرب العريق‪.‬‬ ‫هزيمة السجان‬ ‫تعر�ضت نخبة من الكتاب واملفكرين والأدباء‪،‬‬ ‫�إىل �ألوان القهر والظلم‪ ،‬من خالل ال�سجن‪� ،‬سعي ًا‬ ‫�إىل ك�سر حدة �أقالمها وت�أطري ر�ؤاها‪ ،‬ومنعها من‬ ‫التعبري عن الوجدان املجتمعي بجر�أة و�شفافية‪،‬‬ ‫ومن بني �أبرز الأ�سماء يف هذا ال�صدد‪� :‬صنع‬

‫عب عن �سجنه‪ ،‬من‬ ‫اهلل �إبراهيم‪ ،‬جمال الغيطاين‪ ،‬م�صطفى �أمني‪ ،‬ه�ؤالء فخري لبيب‪ ،‬الذي رّ‬ ‫عبد الرحمن الأبنودي‪� .‬إذ ذاق ه�ؤالء مرارات خالل كتاب (عريان بني الذئاب)‪.‬‬ ‫االعتقال واحلب�س‪.‬‬ ‫وت�ستعر�ض �سلوى بكر‪ ،‬قيمة �أدب ال�سجون‪،‬‬ ‫لكنهم انت�صروا‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬على �سجانهم عرب الفتة �إىل �أنه ي�سجل معاناة الإن�سان يف زمن ما‪،‬‬ ‫حتويلهم تلك املواقع خلف الق�ضبان‪� ،‬إىل مرتع وداخل ال�سياق التاريخي اخلا�ص بهذا الزمن‪،‬‬ ‫فكر وت�أمل‪ ،‬بل وزوادة ثرية املكونات‪ ،‬حت�صن حتى ال نن�سى‪ ،‬ومو�ضحة �أنه �أدب ميثل ظاهرة‬ ‫جتربتهم الإبداعية‪ ،‬فتهزم توليفة القهر والكبت‪ ،‬يف جمتمعاتنا العربية‪ ،‬تتعلق بالقمع ال�سيا�سي‪،‬‬ ‫لتحول الظالم ف�ضاءات نور توقد جذوتها بقوة‪ ،‬ووا�صفة هذا الأدب ب�أنه �أدب م�ؤمل وي�ضغط‬ ‫فت�شع كا�شفة غوام�ض وخبايا احلياة خارج على الروح‪ .‬كما تتحدث عن جتربة اعتقالها‪:‬‬ ‫ال�سجن‪ ،‬معززين �إميانهم‪ ،‬خاللها‪ ،‬بقدرة الكلمة «تع ّر�ضت لالعتقال مع جمموعة من املثقفني‬ ‫احلرة على مواجهة الظلم‪ ،‬والت�صدي لطغيان وال�صحافيني‪ ،‬بتهمة حماولة قلب نظام احلكم‪،‬‬ ‫احلاكم امل�ستبد‪.‬‬ ‫وحتري�ض العمال على الإ�ضراب‪ ،‬خالل حكم‬ ‫الرئي�س املخلوع حممد ح�سني مبارك‪..‬‬ ‫(عريان بين الذئاب)‬ ‫وعلى الرغم من �أن جتربة اعتقايل مل ت�ستمر‬ ‫حتكي الأديبة �سلوى بكر‪ ،‬عن ر�أيها يف �ش�أن‬ ‫�سوى ‪ 15‬يوم ًا‪ ،‬ق�ضيتها يف �سجن القناطر‪ ،‬ف�إنها‬ ‫�سمات وتاريخ (�أدب ال�سجون)‪ ،‬مبينة �أنه‬ ‫كانت غنية‪� ،‬إذ التقيت بال�سجينات ووجدتهن يف‬ ‫ظاهرة �أدبية قدمية‪� ،‬إذ �إن وجود القهر الإن�ساين‬ ‫�صورة وهيئة �سببت يل �صدمة بالغة؛ �إذ ر�أيت‬ ‫واال�ستعباد‪ ،‬دائم ًا ما كانا ال�سبب يف وجود هذا‬ ‫جانب ًا مل �أ�شاهده من قبل‪ ،‬يف املجتمع امل�صري‪،‬‬ ‫النوع من الأدب‪ .‬وت�شري �سلوى �إىل �أن �أول من‬ ‫باعتباره بعيد ًا عن الأ�ضواء‪ ،‬وال ُيرى يف احلياة‬ ‫كتب عن �أدب ال�سجون يف م�صر‪ ،‬هو حممد‬ ‫ً اليومية العادية‪ ،‬وهو ما دفعني �إىل الكتابة‬ ‫�شكري اخلرباوي‪ ،‬وقدم كتابا بعنوان‪ 55( :‬يوما‬ ‫عن امل�سجونات ك�ضحايا‪ ،‬وعن �أ�شكال التمييز‬ ‫يف خمب�أ)‪.‬‬ ‫املوجودة يف املجتمع‪ ،‬فكانت كتابة �أدبية بعيدة عن‬ ‫ال�سجن ال�سيا�سي‪ ،‬كما كتبت �أي�ض ًا رواية لتب ّيان‬ ‫حقيقة �أن القمع ال�سيا�سي ال ي�ستجيب من الوهلة‬ ‫الأوىل»‪.‬‬ ‫حكاية ثالثة مقاالت‬ ‫ي�ؤكد الكاتب �صالح عي�سى �أن �أدب ال�سجون‪،‬‬ ‫منوذج لأ�صدق الكتابات التي يكتبها �صاحبها‪،‬‬ ‫فهو ناجت عن معاناة حقيقية‪ ،‬يحياها م�ؤلفها‬ ‫يعب عنها‪� ،‬إال من خالل الورقة‬ ‫وال ي�ستطيع �أن رّ‬ ‫والقلم‪ ،‬لي�ص ّور معاناته داخل ال�سجن‪.‬‬ ‫�سلوى بكر‬

‫وت�ضيف‪�« :‬إن من �أبرز الكتاب الذين مروا بهذه‬ ‫التجربة‪� ،‬أي�ض ًا‪ ،‬الروائي �صنع اهلل �إبراهيم الذي‬ ‫عب عن جتربة �سجنه‪ ،‬من خالل رواية (تلك‬ ‫رّ‬ ‫الرائحة)‪ ..‬كما �أن الأديب الراحل عبا�س حممود‬ ‫العقاد‪ ،‬تعر�ض لل�سجن‪ ،‬بتهمة �سب الذات الإلهية‪.‬‬ ‫وجند �أن بع�ض املنا�ضلني‪ ،‬ولي�س الكتّاب فقط‪،‬‬ ‫خلقت فيهم جتربة ال�سجن‪ ،‬الرغبة يف الإم�ساك‬ ‫بالقلم؛ لت�سجيل التجربة التي م ّروا بها‪ ،‬ومن بني‬

‫ويروي عي�سى حكايته مع �أدب ال�سجون فيقول‪:‬‬ ‫«يف عام ‪ ،1966‬ن�شرت ثالث مقاالت يف �إحدى‬ ‫املجالت اللبنانية‪ ،‬حتت عنون (ثورة ‪ 23‬يوليو‬ ‫بني امل�سري وامل�صري)‪ ،‬وبعدها �أمر الرئي�س جمال‬ ‫عبد النا�صر‪ ،‬باعتقايل‪ ،‬بتهمة الإ�ساءة �إىل الثورة‬ ‫ول�شخ�صه‪ ،‬وو�ضع العيب يف النظام اال�شرتاكي‪.‬‬ ‫وذلك رغم �أن ق�صدي مل يكن �أبد ًا الإ�ساءة �إىل‬ ‫الثورة �أو �إىل �شخ�ص الرئي�س الراحل‪ ،‬بل كان‬ ‫لتو�ضيح الو�ضع ال�سيا�سي غري الدميوقراطي‪،‬‬ ‫الذي كانت تعانيه م�صر‪ ..‬و�أود �أن �أ�شري هنا‪� ،‬إىل‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪5‬‬


‫موضوع الغالف‬

‫موضوع الغالف‬ ‫�أنني‪ ،‬ويف الفرتة نف�سها‪ ،‬كنت من�ضوي ًا يف �إطار على قيد احلياة‪ ،‬فاتخذت من القلم والورقة‬ ‫خنجر ًا لأقتل به الهزمية‪ ،‬ون�شرت ‪ 15‬مقا ًال ‪..‬‬ ‫تنظيم �سيا�سي �سري»‪.‬‬ ‫حتت ا�سم م�ستعار يف جريدة (امل�ساء)‪ ،‬و�ألفت‬ ‫ويتابع عي�سى‪� ،‬سارد ًا مالمح وجوانب ما مر به‪،‬‬ ‫‪ 72‬رواية وجمموعة ق�ص�ص ق�صرية‪ ،‬جمعتها‬ ‫�أثناء تلك الفرتة‪« :‬نقلت �إىل �سجن اال�ستجواب‬ ‫يف كتاب (بيان م�شرتك �ضد الزمن)‪� ،‬إىل �أن‬ ‫تويف نا�صر‪ ،‬وخرجت من ال�سجن متمني ًا �أن نحيا‬ ‫ع�صر ًا دميوقراطي ًا خمتلف ًا عن ذي قبل‪ ،‬ولكني‬ ‫وجدت �أن الو�ضع مل يتغري كثري ًا يف عهد ال�سادات‪،‬‬ ‫وتتابع‪�« :‬أردت تخليد هذه الذكرى وتلك التجربة‪،‬‬ ‫واعتقلت �شهور ًا عديدة‪� ،‬إىل �أن �أتى عهد الرئي�س‬ ‫ف�ألفت كتاب (ال�سجن دمعتان‪ ..‬ووردة)‪ ،‬كتبت فيه‬ ‫مبارك‪ ،‬فق ّررت التفرغ التام لل�صحافة والبحث‬ ‫ما �أ�ضحكني وما �أبكاين»‪.‬‬ ‫التاريخي»‪.‬‬ ‫خيوط الظالم‬ ‫أصعب المراحل‬ ‫يتطرق الكاتب التون�سي �سمري �سا�سي‪� ،‬إىل‬ ‫ت�صف الكاتبة فريدة النقا�ش‪ ،‬رئي�سة حترير‬ ‫جتربة �سجنه‪ ،‬على �أ�سا�س ما �أفادته به من‬ ‫�صالح عي�سى‬ ‫�صحيفة (الأهايل)‪ ،‬فرتة اعتقالها‪ ،‬ب�أنها من‬ ‫�إن�ضاج خلرباته‪ ،‬و�صقل لإمكاناته‪ ،‬ويو�ضح �أنه‬ ‫�أ�صعب املراحل التي م ّرت بها يف حياتها‪ ،‬ففي‬ ‫بقي م�سجون ًا لأكرث من ع�شر �سنوات‪ ،‬بينما كان‬ ‫الوقت نف�سه‪ ،‬كان زوجها رهن االعتقال‪ ،‬وتويف‬ ‫املوجود يف �سجن القلعة‪ ،‬والذي تنف�صل فيه كل‬ ‫يف مقتبل العمر‪ ،‬وذلك بتهمة االنتماء �إىل جمعية‬ ‫�أخوها �أثناء اعتقالها‪ ،‬م�ؤكدة �أنه مل يه ّون عليها‬ ‫عالقة للإن�سان بالعامل اخلارجي‪ ،‬فال �صحف وال‬ ‫غري م�صرح لها‪.‬‬ ‫الأمر‪� ،‬إال �إميانها بالإ�صالح الذي كانت ت�سعى‬ ‫مذياع وال �أهل �أو �أ�صدقاء‪ ،‬وبقيت على تلك احلال‪،‬‬ ‫�إليه‪ ،‬م�شرية �إىل �أنه يف املرة الأوىل التي ُ�سجنت‬ ‫حتى نقلت �إىل �سجن طرة‪ ،‬فبد�أ يحدث االختالط‬ ‫فيها‪ ،‬كان معها ‪ 24‬امر�أة‪ ،‬ومن بينهن الكاتبات‪:‬‬ ‫بيني وبني امل�ساجني الي�ساريني والإ�سالميني‪..‬‬ ‫نوال ال�سعداوي ولطيفة الزيات و�أمينة ر�شيد‪.‬‬ ‫وكان احل�صول على الكتب‪ ،‬من �ضمن ال�صعوبات‬ ‫فريدة النقا�ش‬ ‫التي تواجهنا؛ ذلك بفعل ت�شديد �إدارة ال�سجن على‬ ‫عدم دخول �أي �أوراق �أو كتب �إىل امل�ساجني‪ ،‬وكان‬ ‫احلل الوحيد �أمامنا‪ ،‬التحايل على �إدارة ال�سجن‪،‬‬ ‫بزعم �أننا نريد �إعادة التقدم �إىل امتحانات‬ ‫ال�شهادة الثانوية العامة‪ ،‬بغر�ض حت�سني املجموع‬ ‫الكلي‪ ،‬وبهذا الإجراء كنا ن�ستطيع �إدخال الكتب‬ ‫�سمري ال�سا�سي‬ ‫�إىل ال�سجن»‪.‬‬ ‫وي�ضيف‪« :‬كنت يف ذلك الوقت‪� ،‬ضمن الفريق‬ ‫صالونات ثقافية (سجنية)‬ ‫الطالبي التابع جلمعية النه�ضة‪ ..‬وجنحت‪ ،‬فعلي ًا‪،‬‬ ‫يف االنت�صار على ال�سجن‪ ،‬لأنني مل �أدعه يهزمني‪،‬‬ ‫وعن طبيعة قراءاته‪ ،‬وكيفية �إثرائها خمزونه‬ ‫فحركت جذوة الإبداع يف مكنوناتي‪ ،‬و�صقلت‬ ‫الإبداعي‪ ،‬يقول عي�سى‪« :‬بد�أت �أكتب يف ال�سجن‬ ‫معاريف وخرباتي‪ ،‬ومن ثم كتبت و�أنا يف ال�سجن‪،‬‬ ‫بعد �أن تزودت بقراءات مهمة لكتب تاريخية‬ ‫رواية (خيوط الظالم) التي تف�ضح ال�سجون‬ ‫و�سيا�سية متنوعة‪ ،‬وكنا اعتدنا‪ ،‬نحن ال�سجناء‪،‬‬ ‫التون�سية يف عهد الرئي�س املخلوع زين العابدين‬ ‫�إقامة فعاليات �صالونات ثقافية يف ال�سجن‪،‬‬ ‫بن علي‪ ،‬حيث و�صفت من خالل هذه الرواية‪،‬‬ ‫وا�ستمرت هذه الن�شاطات‪� ،‬إىل �أن خرجت منه‪..‬‬ ‫�أ�صناف التعذيب التي تتم �ضد امل�سجونني»‪.‬‬ ‫ولكن �سرعان ما عدت �إليه‪ ،‬مرة �أخرى‪ ،‬بتهمة‬ ‫وتلفت فريدة �إىل �أنه‪ ،‬ولكرثة اعتقالها‪ ،‬كانت‬ ‫توزيع املن�شورات يف التظاهرة الطالبية التي‬ ‫حقيبة ال�سجن لديها‪ ،‬جاهزة دائم ًا‪� ،‬إال �أنها‪ ،‬ويبني �سا�سي‪� ،‬إىل �أن فرتة الت�سعينيات من‬ ‫خرجت‪ ،‬احتجاج ًا‪.‬‬ ‫ورغم هذا‪ ،‬مل تنقطع عن القراءة طوال فرتات القرن املا�ضي‪� ،‬شهدت تع ّر�ض الكثري من املثقفني‬ ‫وتعبري ًا عن الغ�ضب ال�شعبي لنك�سة ‪ ،1967‬االعتقال‪ ،‬وخا�صة قراءاتها العميقة يف جمال والنا�شطني التون�سيني‪� ،‬إىل ال�سجن ال�سيا�سي‪،‬‬ ‫فعندها غ�ضب عبد النا�صر‪ ،‬و�أق�سم �أنني لن التاريخ امل�صري وال�سيا�سي عموم ًا‪ .‬وتختار هنا وي�سرت�سل‪« :‬كان �أمامي خياران؛ �إما الر�ضا مبا‬ ‫�أخرج من ال�سجن طوال الفرتة التي يكون فيها الإ�شارة �إىل جتربة حمددة يف ما تعر�ضت �إليه من يعر�ضه اجلالد �أو ال�صرب‪ ،‬وال�صرب �أي�ض ًا كان‬ ‫اعتقاالت‪� ،‬إذ �إنها �سجنت عقب قرارات �سبتمرب‬ ‫الأ�سود‪ ،‬وو�ضعت يف عنرب يطلق عليه ا�سم (عنرب‬ ‫اجلرب)‪ ،‬فتعرفت فيه على �صوت الفنانة عزة‬ ‫بلبع‪ ،‬والتي كانت تغني مع ال�شيخ �إمام عي�سى‪،‬‬ ‫ثم اعتادت‪ ،‬حينها‪ ،‬هي وزميالتها‪ ،‬على تنظيم‬ ‫برنامج ثقايف‪ ،‬ي�شارك اجلميع فيه‪ ،‬فيجري‬ ‫النقا�ش عربه‪ ،‬حول كتاب �أو موقف ما‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫نوعني‪� ،‬إما ال�سلبي منه �أو الإيجابي‪ ،‬فاخرتت‬ ‫تزودت بقراءات مهمة لكتب تاريخية و�سيا�سية‬ ‫النوع الثاين‪.‬‬ ‫متنوعة‪ ،‬وكنا اعتدنا‪ ،‬نحن ال�سجناء‪� ،‬إقامة‬ ‫وهو ال�صرب الإيجابي الذي ق ّررت �أن �أح ّوله �إىل فعاليات �صالونات ثقافية يف ال�سجن‪ ،‬وا�ستمرت‬ ‫�صرب جميل و�إبداع جمايل‪ ،‬وحاولت �أن � رّ‬ ‫أعب عن هذه الن�شاطات‪� ،‬إىل �أن خرجت منه»‪.‬‬ ‫جتربة ال�سجن يف البداية من خالل ال�شعر‪ ،‬ولكن‬ ‫مل ت�ستطع الق�صائد �أن حتكي بعمق عن هول ما وال�س�ؤال املُربك فع ًال‪ ،‬الذي ينه�ض ك�ضربة قفاز‬ ‫ر�أيت‪ ،‬فكان احلل الأمثل عن طريق الرواية‪ ،‬وبذا م�ؤمل يف وجه من ي�س�أله هو‪� :‬أين اختفى هذا النوع‬ ‫من الأدب الذي كان يفر�ض نف�سه علينا ب�إجالل‬ ‫خرجت (خيوط الظالم)»‪.‬‬ ‫خا�ص يقرتب من التقدي�س؟ وهل املعتقالت‬ ‫ً‬ ‫ويختم الروائي التون�سي م�ؤكدا على �أن هذه ال�سيا�سية العربية نظيفة �إىل الدرجة التي ال تكاد‬ ‫التجربة‪ ،‬ال تزال حمفورة يف وجدانه‪ ،‬وال ميكن حت�صل على عمل �إبداعي ير�صد عذابات املعتقلني‬ ‫ن�سيانها‪ ،‬فالإن�سان ال ي�ستطيع �أن ين�سى كرامته فيها‪� ،‬أم �أن الكتابة يف هذا النوع من الأدب قد‬ ‫التي �أهينت‪ ،‬فما كان خاللها‪� ،‬أ�شياء ال ميكن ا�ستنفدت �أغرا�ضها؟‬ ‫حموها من الذاكرة‪� ،‬إال �إنها‪ ،‬ال يجب �أن تكون‬ ‫عائق ًا �أمام ا�ستمرار احلياة‪ ،‬بل حافز ًا على لكن الإجابة ال�صحيحة عن هذا الفراغ الذي‬ ‫تركه غياب الكتابة يف هذا النوع يقول �إن ال�سلطة‬ ‫العطاء‪.‬‬ ‫ال�سيا�سية العربية كانت قد بد�أت تربم ميثاقاً‬ ‫قراءات السجن‬ ‫مع الكتاب العرب منذ مطلع الت�سعينيات ومع‬ ‫ي�شرح الكاتب �صالح عي�سى كيفية �إثراء تقو�ض االحتاد ال�سوفياتي ون�شوء الدميوقراطيات‬ ‫قراءاته يف ال�سجن جتربته الإبداعية‪ ،‬ومن ثم العربية الطازجة واالنفتاح الربملاين وت�شرد‬ ‫الن�شاطات الفكرية التي كان ينظمها وزمال�ؤه‪ ،‬الثورة الفل�سطينية يف �أكرث من عا�صمة عربية‪،‬‬ ‫�ضمن ال�سجن‪« :‬بد�أت �أكتب يف ال�سجن بعد �أن فهو ميثاق يقوم على عالقة ليربالية جديدة‬

‫ا�ستطاعت �أن تدخل املثقف كحليف للنظام‬ ‫ال�سيا�سي العربي‪ ،‬وك�شريك يف معظم القرارات‬ ‫امل�صريية‪.‬‬ ‫كل هذا �ساعد على حتا�شي االعتقال ال�سيا�سي‬ ‫مثلما �ساعد على طم�س الكتابة عن ال�سجون‬ ‫العربية واملعتقل العربي‪ ،‬لكن الأعتى من كل هذا‬ ‫�أن ال�سلطة ال�سيا�سية العربية اكت�شفت �أنها � ّ‬ ‫أرق‬ ‫و�أعدل بكثري من املثقف العربي حني يت�سلط على‬ ‫�شقيقه املثقف الآخر‪.‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪7‬‬


‫موضوع الغالف‬

‫موضوع الغالف‬ ‫روايات أدب السجون عن ذكريات وتجارب المعتقلين‬ ‫كاتب ومفكر وصحافي‬

‫نواف القديمي‬ ‫‪(.1‬ذكريات من منزل الأموات) دو�ستويف�سكي‪ ..‬وفيه‬ ‫ت�صوير مبدع لتجربة االعتقال يف �سيبرييا‪.‬‬ ‫‪ (.2‬تلك العتمة الباهرة) الطاهر بن جلون‪ ..‬ق�صة‬ ‫عذابات االعتقال يف �سجن تزمامارت باملغرب‪.‬‬ ‫‪�(.3‬شرق املتو�سط) عبد الرحمن منيف‪ ..‬رواية عن‬ ‫جتربة االعتقال يف ال�سجون العربية‪.‬‬ ‫‪(.4‬الآن هنا) عبد الرحمن منيف‪ ..‬جزء ثاين ‪ -‬وم�ستقل‬ ‫عن الأول ‪� -‬أكرث �أمل ًا وب�شاعة لرواية �شرق املتو�سط‪.‬‬ ‫‪(.5‬الكراديب) تركي احلمد‪ ..‬رواية حتكي ق�صة‬ ‫االعتقال يف ال�سجون ال�سعودية �أواخر ال�ستينيات‪.‬‬ ‫‪(.6‬ال�سجن) نبيل �سليمان‪ ..‬رواية حتكي جتربة االعتقال‬ ‫يف ال�سجون ال�سورية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪(.7‬رحلة هلل) جنيب الكيالين‪ ..‬رواية ت�سرد جزءا من‬ ‫جتربة اعتقاالت الإخوان مب�صر يف ال�ستينيات‪.‬‬ ‫‪(.8‬ليل وق�ضبان) جنيب الكيالين‪ ..‬رواية حتكي عن‬ ‫جتربة ال�سجن غري ال�سيا�سي مب�صر‪.‬‬ ‫‪(.9‬من بالط ال�شاه �إىل �سجون الثورة) �إح�سان نراغي‪..‬‬ ‫جتربة االعتقال يف �سجون الثورة الإيرانية‪.‬‬ ‫‪(.10‬هروبي �إىل احلرية) علي عزت بيغوفيت�ش‪ ..‬ت�أمالت‬ ‫و�أفكار �أثناء فرتة االعتقال يف يوغ�سالفيا‪.‬‬ ‫‪(.11‬كرا�سات ال�سجن) �أنطونيو غرام�شي‪ ..‬تدوين لأفكار‬ ‫وت�أمالت مفكر مارك�سي �أثناء اعتقاله ب�إيطاليا بدايات‬ ‫القرن الع�شرين‪.‬‬ ‫قاومة) �سهى ب�شارة‪ ..‬ق�صة اعتقال �شابة م�سيحية‬ ‫‪ُ (.12‬م َ‬ ‫منا�ضلة بعد حماولتها اغتيال قائد جي�ش لبنان اجلنوبي‬ ‫العميل لإ�سرائيل‪.‬‬ ‫‪(.13‬ال�سجينة) مليكة �أوفقري‪ ..‬جتربة مريرة يف املعتقالت‬ ‫املغربية لعائلة كاملة بعد حماولة �أوفقري الأب اغتيال ملك‬ ‫املغرب‪.‬‬ ‫‪(.14‬ق�صتي) �سمري القنطار‪ ..‬جتربة ‪� 30‬سنة يف‬ ‫املعتقالت الإ�سرائيلية بعد عملية ن�ضالية جريئة �ضد‬ ‫ال�صهاينة‪.‬‬ ‫‪(.15‬باخلال�ص يا �شباب) يا�سني احلاج �صالح‪ ..‬ق�صة‬ ‫اعتقال �شاب ي�ساري مدة ‪� ١٦‬سنة يف �سوريا‪.‬‬ ‫‪�(.16‬ألف يوم يف زنزانة العزل االنفرادي) مروان‬ ‫الربغوثي‪ ..‬مذكرات الزعيم الفتحاوي داخل معتقالت‬ ‫�إ�سرائيل‪.‬‬ ‫‪(.17‬يف طريقي �إىل ال�سجن) حممد عبد القادر‬ ‫اجلا�سم‪ ..‬جتربة امل�ضايقات و ‪ 3‬اعتقاالت لكاتب ونا�شط‬ ‫�سيا�سي يف ال�سجون الكويتية‪.‬‬ ‫‪(.18‬ال�سجني ‪ )32‬حممد �سعيد طيب‪ ..‬جتربة عدة‬ ‫اعتقاالت لنا�شط �سيا�سي قومي يف ال�سعودية‪.‬‬ ‫‪(.19‬الثورة) وائل غنيم‪ ..‬وفيه تفا�صيل اعتقاله �أيام‬ ‫الثورة امل�صرية‪.‬‬ ‫‪( .20‬يف �ضيافة كتائب القذايف) �أحمد فال بن الدين‪..‬‬ ‫مرا�سل قناة اجلزيرة يروي ق�صة اعتقاله يف ليبيا �أيام‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪(.21‬ر�سائل من ال�سجن) �أحمد طالب الإبراهيمي‪..‬‬ ‫ر�سائل كتبها امل�ؤلف لأ�صدقائه من داخل ال�سجون‬ ‫اجلزائرية قبل اال�ستقالل‪.‬‬ ‫‪�(.22‬سنة �أوىل �سجن)‪ ،‬و( �سنة ثانية �سجن)‪ ،‬و(�سنة‬ ‫ثالثة �سجن) م�صطفى �أمني‪ ..‬جتربة اعتقال ال�صحفي‬ ‫امل�صري ال�شهري �أيام النا�صرية‪.‬‬ ‫‪(.23‬جمرد ذكريات) ‪� 3‬أجزاء رفعت ال�سعيد‪ ..‬يروي يف‬ ‫مذكراته بع�ض جتارب اعتقال ال�شيوعيني �أيام النا�صرية‪.‬‬ ‫‪(.24‬مذكراتي يف �سجن الن�ساء) نوال ال�سعداوي‪ ..‬حتكي‬ ‫فيها جتربة اعتقالها ملدة �شهرين �آخر �أيام ال�سادات‪.‬‬ ‫‪�(.25‬أيام من حياتي) زينب الغزايل‪� ..‬صفحات من‬ ‫جتارب اعتقال الإخوان يف زمن النا�صرية‪.‬‬ ‫‪(.26‬يف الزنزانة) علي جري�شة‪ ..‬جتربة اعتقال م�ست�شار‬ ‫قانوين �إ�سالمي يف �سجون عبد النا�صر‪.‬‬ ‫‪�(.27‬أحرا�ش الليل) �أمينة قطب‪� ..‬أخت �سيد قطب تروي‬ ‫ق�صة �أخرى من داخل �سجون عبد النا�صر‪.‬‬ ‫‪(.28‬ملك ال�سجن) عبد احلليم خفاجي ‪ -‬حممود حامد‪..‬‬ ‫جتربة ظريفة ملعتقل كان يتحايل على قيود ال�سجن زمن‬ ‫النا�صرية‪.‬‬ ‫‪(.29‬مذابح الإخوان يف �سجون نا�صر) جابر رزق‪..‬‬ ‫ق�ص�ص التعذيب والقتل للإخوان يف ال�سجون النا�صرية‪.‬‬ ‫‪(.30‬ذكريات من بيت املوتى) ت�أليف‪ :‬دو�ستويف�سكي‬ ‫ترجمة‪ :‬حممد باكري‪.‬‬ ‫‪(.31‬البوابة ال�سوداء)‪ ،‬مذكرات �أحمد رائف‪..‬‬ ‫‪(.32‬ال�سجينة‪/‬الغريبة‪/‬حدائق امللك) احلياة بني يدي‪..‬‬ ‫لعائلة �أوفقري يف املغرب‪.‬‬ ‫‪ .33‬كتاب (يا �صاحبي ال�سجن) للدكتور �أمين العتوم ‪..‬‬ ‫مذكرات اعتقاله ال�سيا�سي يف �سجون الأردن‪.‬‬ ‫‪.34‬كتاب (خيانات اللغة وال�صمت) لل�شاعر فرج بريقدار‬ ‫تغريبته يف ال�سجون ال�سورية‪.‬‬ ‫‪(.35‬يوميات مهاجر �سري) ر�شيد نيني‪.‬‬ ‫‪.36‬كتاب نيل�سون مانديال (رحلتي الطويلة من �أجل‬ ‫احلرية)‪.‬‬ ‫‪(.37‬ثنائيات ال�سجن و الغربة) ‪� ..‬أجمل كتاب يوثق جتربة‬ ‫املارك�سيني يف ال�سجون امل�صرية‪.‬‬ ‫‪(.38‬عندما غابت عنا ال�شم�س) ‪� ..‬أ�شمل كتاب يوثق‬ ‫جتربة الأخوان يف ال�سجون امل�صرية‪.‬‬ ‫‪(.39‬رواية الفرا�شة) ‪....‬هرني �شاريري‪.‬‬ ‫‪(.40‬عامل ال�سدود و القيود) ‪ ..‬ملخ�ص جتربة العقاد يف‬ ‫ال�سجن‪.‬‬ ‫‪(.41‬ال�ساعة اخلام�سة والع�شرون) ‪ -‬فريجيل جيورجيو‬ ‫‪(.42‬عدو حمارب) معظم بيغ ‪ ..‬الربيطاين امل�سلم الذي‬ ‫�سجن يف باغرام وغوانتانامو‪.‬‬ ‫‪(.43‬بني ال�سجن واملنفى) ‪ ..‬لأحمد عطار ‪ ..‬يحكي عن‬ ‫�سجنه يف مكة والريا�ض يف عهد امللك عبد العزيز‪.‬‬

‫‪�(.44‬سجن رومية �أن حكي) للم�ؤلف عمر ن�شابه‪.‬‬ ‫‪(.45‬زمن لل�سجن و�أزمنة للحرية) ‪ ..‬علي الدميني‪.‬‬ ‫‪(.46‬عندما غابت ال�شم�س) ‪ ..‬عبد احلليم خفاجي‪.‬‬ ‫‪(.47‬حوار مع ال�شيوعيني حتت �أقبية ال�سجون) عبد‬ ‫احلليم خفاجي‪.‬‬ ‫‪(.48‬الإن�سان يبحث عن املعنى) لفيكتور فرانكل‪.‬‬ ‫‪(.49‬درب موالي ال�شريف الغرفة ال�سوداء) جواد‬ ‫مديد�ش‪ -‬عن جتربته الواقعية لالحتجاز والتعذيب من‬ ‫طرف الأجهزة املغربية‪.‬‬ ‫‪(.50‬نيجاتيف) ‪ ..‬رواية توثيقية للمعتقالت ال�سيا�سيات‬ ‫يف �سوريا ت�أليف‪ :‬روزا يا�سني ح�سن‬ ‫‪(.51‬لي�سكانو يف عربة املجانني) و�سرية ال�سجن والتعذيب‬ ‫على �أيدي البولي�س ال�سري �إثر م�شاركته يف حماولة انقالب‬ ‫يف الأرغواي‪.‬‬ ‫‪�(.52‬أبواب اجلحيم) ملحمد عبد الوهاب يتحدث يف عن‬ ‫التعذيب يف ال�سجون‪.‬‬ ‫‪(.53‬من تدمر �إىل هارفارد) د‪ .‬براء ال�سراج �سجني‬ ‫لأكرث من ‪� 10‬سنوات يف �سجن تدمر ب�سوريا‪.‬‬ ‫‪(.54‬حوارات �سجني ملخ�ص حوارات هيجل يف ال�سجن)‬ ‫بقلم املنا�ضل فكتور انبيلوف‬ ‫‪(.55‬ثنائية ال�سجن والغربة) مذكرات جميلة للمنا�ضل‬ ‫ال�شيوعي فتحي عبد الفتاح‪.‬‬ ‫‪(.56‬خم�س دقائق وح�سب) لهبة الدباغ‪.‬‬ ‫‪(.57‬زغاريد ال�سجون) لل�شيخ رائد �صالح‪.‬‬ ‫‪�(.58‬شاهد عيان ذكريات احلياة يف عراق �صدام‬ ‫ح�سني) حتكي امل�ؤلفة جمان كبة عن ق�ص�ص اعتقال‬ ‫ال�شعب العراقي فرتة �صدام وما قبله‪.‬‬ ‫‪(.59‬نقطة تفتي�ش) ملحمد احل�ضيف‪.‬‬ ‫‪�(.60‬ستائر العتمة)‪ ،‬و(مدافن الأحياء)‪ ،‬و(�أبوهريرة يف‬ ‫هدرمي) لوليد الهوديل عن جتربة االعتقال يف ال�سجون‬ ‫الإ�سرائيلية‪.‬‬ ‫‪(.61‬يوميات متل�ص�ص) مل�صطفى خليفة‪.‬‬ ‫‪(.62‬من ال�صخريات �إىل تزمامرت‪ :‬تذكرة ذهاب و�إياب‬ ‫�إىل اجلحيم) ملحمد الراي�س‪.‬‬ ‫‪(.63‬يوميات امر�أة يف ال�سجون ال�سعودية) عالية فريد‪.‬‬ ‫‪�(.64‬أرخبيل غوالج) لألك�سندر �سوجلين�ستني ‪ -‬رواية عن‬ ‫جحيم املعتقالت ال�سوفياتية �إبان عهد �ستالني‪.‬‬ ‫‪(.65‬القلعة اخلام�سة) لفا�ضل العزاوي‪.‬‬ ‫‪(.66‬الأوردي)‪ ،‬و(مذكرات �سجني �سابق) لـ�سعد زهران‬ ‫معتقل �أثناء العهد النا�صري‪.‬‬ ‫‪(.67‬م�ساء ذبول الوردة) لـ الرتكي �أردال �أوز‪.‬‬

‫‪(.68‬يوم �أ�شرقت ال�شم�س من الغرب) لـ ندمي جندي‬ ‫‪(.69‬مذكرات �سجني ليبي) عبد القادر الفيتوري‪.‬‬ ‫‪(.70‬التحليق داخل القف�ص) مذكرات �سجني بدوي يف‬ ‫�إيران‪.‬‬ ‫‪(.71‬معذبتي) بن�سامل حمي�ش عن التعذيب يف ال�سجون‬ ‫‪(.72‬ال�سنوات الرهيبة) جلنكيز �ضاغجي‪.‬‬ ‫‪(.73‬مذبحة القلعة وغياهب غوانتنامو) وليد حممد‬ ‫احلاج ‪ -‬جتربة قرابة �سبع �سنوات يف �سجن غوانتنامو‬ ‫ب�أمريكا‪.‬‬ ‫‪(.74‬رواية �أمرية ‪ )2‬حتكي عن ظلم املعتقالت الأمريكية‬ ‫يف العراق للكاتب حممد ال�شمراين‪.‬‬ ‫‪(.75‬معذبو الأر�ض) لفرانتز فانون‪.‬‬ ‫‪ 76(.76‬ال�سجن �ضيق يف املكان‪ ،‬وفائ�ض يف الزمان)‬ ‫علي عزت بيغوفيت�ش‪.‬‬ ‫‪(.77‬ثورة العد�س) للكاتب عبداهلل بن حممد‪.‬‬ ‫‪(.78‬الطريق �إىل تدمر ‪ -‬كهف يف ال�صحراء) املهند�س‬ ‫�سليمان �أبو اخلري‪ ،‬رواية واقعية يف �سجن تدمر الع�سكري‬ ‫‪.79‬كتاب (ال�سجن‪ ،‬الوطن) لفريدة النقا�ش‪.‬‬ ‫‪ .80‬كتاب (العني الزجاجية) ل�شريف حتاتة‪.‬‬ ‫‪(.81‬يف �سجن �أبو غريب) م�صطفى عثمان ‪ ..‬من كوالي�س‬ ‫احلرب على العراق‪.‬‬ ‫‪(.82‬ق�صة �أيامي) ك�شك‪.‬‬ ‫‪(.83‬عندما يحكم الطغاة) جري�شة‪.‬‬ ‫‪.84‬كتاب (احلرية يف املرة القادمة) جون بليجر ي‬ ‫‪(.85‬حملة تفتي�ش) لطيفة الزيات‪.‬‬ ‫‪(.86‬نقطة انتهى التحقيق)‪ ،‬ق�ص�ص من �أدبيات‬ ‫ال�سجون تروي ‪ 40‬ق�صة لآالم من كانوا يف ال�سجن بني‬ ‫‪ 1979‬و ‪ 1980‬يف �سوريا‪.‬‬ ‫‪(.87‬تدمر �شاه ٌد وم�شهود) حممد �سليم ح ّماد‪.‬‬ ‫‪(.88‬ظالم ال�سجن‪ :‬مذكرات ومفكرات �سجني هارب‬ ‫تنكر واختفى) ملحمد علي الطاهر‪.‬‬ ‫‪.89‬كتاب (الأ�سر وال�سجن يف �شعر العرب) الدكتور �أحمد‬

‫خمتار البزرة‪.‬‬ ‫‪(.90‬حلم ال�سلتي) رواية ملاريو بارغا�س يو�سا عن منا�ضل‬ ‫و�سجني �أيرلندي �أعدمته انكلرتا‪.‬‬ ‫‪.91‬من ذكريات معتقل �سيا�سي ل�صليب �إبراهيم‬ ‫‪.92‬مذكرات طالل الأن�صاري‪.‬‬ ‫‪.93‬كتاب (خطوات يف الليل) ملحمد احل�سناوي‪.‬‬ ‫‪�(.94‬سجني �سيا�سي) ملحمد منري حوارات مع معتقلني‬ ‫�سيا�سيني‪.‬‬ ‫‪�(.95‬سرنامة) رواية لعزيز ني�سني الكاتب الرتكي ال�ساخر‬ ‫عن حالق دخل ال�سجن ظلما ‪.‬‬ ‫‪(.96‬مذكرات �سجني عراقي يف �إيران) �إ�ضحوي ال�صعيب‪.‬‬ ‫‪).97‬رواية جاجني) لطاهر الزهراين عن �سجن القلعة‬ ‫وغونتاموا‪.‬‬ ‫‪(.98‬جدار بني ظلمتني) للعراقي رفعت اجلادرجي‬ ‫وبلقي�س �شرارة‪.‬‬ ‫‪(.99‬زنزانة بال جدران) للطفي حداد‪.‬‬ ‫‪(.100‬القيود املحطمة) عبد الرحيم دو�ست‪ ،‬عن‬ ‫ذكرياته يف �سجون باغرام وغوانتنامو‪.‬‬ ‫‪(.101‬االنقالب بيع الوهم على الذات) لعادل اللباد‬ ‫‪(.102‬مذكرات هارب) حل�سن ع�شماوي‪.‬‬ ‫‪(.103‬معتقل هاك�ستب‪ :‬مذكرات ومفكرات) ملحمد علي‬ ‫الطاهر‪.‬‬ ‫‪�(.104‬أدباء ال�سجون) عبد العزيز احللفي‪.‬‬ ‫‪(.105‬مقاالت �ست بعنوان امل�شاهري وال�سجون) لعي�سى‬ ‫ا�سكندر املعلوف ن�شرها يف جملة الهالل‪.‬‬ ‫‪(.106‬تزممارت‪ ،‬الزنزانة رقم ‪ )10‬لأحمد املرزوق‪.‬‬ ‫‪.107‬رواية (القوقعة ) مل�صطفى خليفة‪.‬‬ ‫‪(.108‬حمامات الدم يف �سجن تدمر) لعبد اهلل الناجي‪.‬‬ ‫‪(.109‬باخلال�ص يا �شباب ‪ 16‬عام ًا يف ال�سجون‬ ‫ال�سورية) ليا�سني احلاج �صالح‪.‬‬ ‫‪(.110‬ال�سجون و�أثرها يف الأدب العربية‪ :‬يف الع�صرين‬ ‫الأموي والعبا�سي) لوا�ضح ال�صمد‪.‬‬

‫‪.111‬رواية (الغريب) اللبري كامو‬ ‫‪(.112‬ريا�ض الرتك؛ مانديال �سورية) لطفي حداد‪.‬‬ ‫‪(.113‬الأ�سر وال�سجن يف �شعر العرب) �أحمد خمتار‬ ‫البزرة‪.‬‬ ‫‪(.114‬حكايتي مع �صدام) الدكتور طالب البغدادي‪.‬‬ ‫‪(.115‬طفولة قلب) الدكتور �سلمان العودة‪.‬‬ ‫‪(.116‬القب�ض على اجلمر) ملحمد حور‪.‬‬ ‫‪(.117‬دفاتر فل�سطينية) معني ب�سي�سو �سرية ذاتية ل�شاعر‬ ‫معظمها يف ال�سجون عن ن�ضال ال�شيوعيني يف فل�سطني‬ ‫و�أحيان ًا م�صر‪.‬‬ ‫‪(.118‬مدفن الأحياء �شهادات من معتقل �سجن الرملة‬ ‫فل�سطني) وليد الهوديل‪.‬‬ ‫‪(.119‬مذكرات جزائري) لأحمد طالب الإبراهيم‪.‬‬ ‫‪�(.120‬سبعة �أ�شهر يف �سجون بغداد) ليون�س بحري‪.‬‬ ‫‪�(.121‬سبعة �أبواب) لعبد الكرمي غالب‪.‬‬ ‫‪�(.122‬أدب ال�سجون) لنزيه فا�ضل‪.‬‬ ‫‪(.123‬مذكرات �ضابط ليمان) لأنور ما�ضي‬ ‫‪(.124‬يوميات قلعة املنفى‪ :‬ر�سائل ال�سجن ‪- 1972‬‬ ‫‪ 1980‬لعبد اللطيف اللعبي ترجمة علي تيزلكاد‪.‬‬ ‫‪(.125‬رياح التغيري يف اليمن) لأحمد بن حممد ال�شامي‪.‬‬ ‫‪(.126‬احلياة جميلة يا �صاحبي) لناظم حكمت‪.‬‬ ‫‪(.127‬الولد ال�شقي يف ال�سجن)‪ ،‬و(الطريق �إىل زم�ش)‬ ‫كالهما ملحمود ال�سعدين‪.‬‬ ‫‪(.128‬ال�سجني ‪� )32‬أحالم حممد �سعيد طيب‬ ‫و(هزائمه) لأحمد عدنان‪.‬‬ ‫‪(.129‬مذابح و�أغالل‪ :‬مذكرات من �سجون حجة)‬ ‫لأحمد عبد الرحمن املعلمي‬ ‫‪(.130‬الغرفة ‪ )7‬رواية ملطلق العتيبي عن واقع ال�سجون‬ ‫ال�سعودية‪.‬‬ ‫ومن �أهم الأعمال ال�سينمائية التي تناولت جتربة ال�سجن‬ ‫و�أذكر عملني ( �إحنا بتوع الأتوبي�س) و(قطار منت�صف‬ ‫الليل)‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪9‬‬


‫رأي‬

‫رأي‬

‫رواية السجن تتمرد على الكالسيكية‬ ‫رشا المالح‬ ‫كاتبة وأديبة وصحافية في اإلمارات العربية المتحدة‬

‫قالت الكاتبة الربيطانية فريجينيا وولف (‬‪1882‬‬

‫ـ ـ ‬‪ )1942‬يف �أدب ال�سجون‪« ،‬رواية ال�سجون ‪..‬‬ ‫تتجاوز الن�سق الروائي الكال�سيكي امل�ألوف القائم‬ ‫�أ�سا�س ًا على قانون ال�سببية‪ ،‬واملت�صالح �أ�ص ًال مع‬ ‫منط العالقات واملفاهيم الأخالقية ال�سائدة»‪.‬‬ ‫يعترب �أدب ال�سجون جزء ًا ال يتجز�أ من الأدب‬ ‫العاملي‪ ،‬ويكت�سب خ�صو�صيته من م�صداقية‬ ‫�أحداثه التي تنتقل من الواقع �إىل �أدب اخليال‬ ‫لت�سليط ال�ضوء على معاناة �إن�سان �أو جمموعة‬ ‫احتجزت يف دون �إرادة منها يف معتقل‪ ،‬وهذا‬ ‫املعتقل يرتاوح ما بني ال�سجن‪ ،‬والإقامة اجلربية‬ ‫�إىل املنفى‪.‬‬ ‫تاريخ الأدب العاملي حافل بالعديد من الأعمال‬ ‫الكال�سيكية التي تندرج حتت �أدب ال�سجون‪،‬‬ ‫ابتداء من الع�صور القدمية وحتى الزمن الراهن‬ ‫�سواء يف الغرب �أو ال�شرق‪.‬‬ ‫ونظر ًا ل�سعة هذا املو�ضوع‪� ،‬سيتم الرتكيز على‬ ‫�أدب الرواية‪ ،‬و�أبرز الأعمال التي تناولت هذا‬ ‫اجلانب يف العاملني‪.‬‬ ‫ا�ستلهم معظم الروائيني يف هذا احلقل من‬ ‫الأدب‪� ،‬أعمالهم من جتربتهم ال�شخ�صية التي‬ ‫كتبوها �إما خالل تواجدهم يف ال�سجن �أو بعد‬ ‫�إطالق �سراحهم‪ ،‬ويف بع�ض الأحيان من خالل‬ ‫�سرد جتربة ال�سجني لأحد الروائيني الذي يقوم‬ ‫بتوثيق جتربته ب�صورة �أدبية والأمثلة على ذلك ال‬ ‫تعد وال حت�صى‪.‬‬ ‫‪ 10‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫الأدب الغربي‬ ‫ا�ستلهم الروائي اال�سباين ميغيل �سريفانت�س‬ ‫(‬ ‪ )1616‬ -1547‬روايته ال�شهرية (دون‬ ‫كيخوته) التي ن�شرت عام ‬‪ 1605‬من الفرتة‬ ‫التي ق�ضاها �سجين ًا‪ ،‬بعد اعتقاله عام ‬‪ 1575‬مع‬ ‫فريق ال�سفينة التي كانت تنقل فريقا من اجلي�ش‬ ‫اال�سباين �إىل بر�شلونة‪.‬‬ ‫�أم�ضى �سريفانت�س خم�س �سنوات ك�أ�سري �أو‬ ‫بالأحرى كعبد‪ ،‬مع �أربع حماوالت فا�شلة للهرب‪.‬‬ ‫ومل يطلق �سراحه �إال بعد دفع عائلته وهيئة‬ ‫م�سيحية لفدية كبرية‪ .‬و�إىل جانب روايته ال�شهرية‬ ‫التي تعترب الرواية الأهم لبدايات الأدب احلديث‬ ‫كتب م�سرحيتني من وحي تلك املرحلة‪.‬‬ ‫�سطر الروائي وال�سجني الفار الفرن�سي هرني‬ ‫�شاريري (‬‪ 1906‬ـ ـ ‬‪ )1973‬جتربته يف ال�سجن‬ ‫من خالل روايته (الفرا�شة)‪ .‬اتهم �شاريري‬ ‫بجرمية قتل �أحد القوادين و�أدين على الرغم‬ ‫من براءته‪ ،‬ولفقت التهمة ب�شاهد زور و�أ�صدر‬ ‫احلكم عليه بال�سجن امل�ؤبد مع الأ�شغال ال�شاقة يف‬ ‫‬‪ 26‬ت�شرين الأول‪�/‬أكتوبر ‬‪ 1931‬وبعد �سجنه يف‬ ‫كايني لفرتة م�ؤقتة مت نقله �إىل �سجن م�ستعمرة‬ ‫غويانا الفرن�سية‪ .‬ويف عام ‬‪� 1970‬أ�شعل �شاريري‬ ‫النار يف العامل‪ ،‬حينما ن�شر روايته (الفرا�شة)‬ ‫التي حتكي جتربته احلياتية على مدى ‬‪ 13‬عام ًا‪،‬‬ ‫ابتدا ًء من ‬‪ 1932‬وحتى ‬‪ 1945‬و�صور يف روايته‬ ‫الب�ؤ�س واملعاملة الال �إن�سانية للنظام الفرن�سي‬ ‫ب�ش�أن املحكوم عليهم‪ .‬وقد حقق كتابه فور ن�شره‬ ‫جناح ًا وا�سع ًا وبيعت ماليني الن�سخ وتربع على‬

‫قائمة الكتب الأكرث مبيع ًا يف خمتلف الأزمنة‪.‬‬ ‫�أدب ال�شرق الأق�صى‬ ‫�أم�ضى ال�شاعر والروائي زانغ كزليانغ الذي‬ ‫ولد عام ‬‪ ،1936‬اثنني وع�شرين عام ًا من حياته‬ ‫يف ال�سجون ومع�سكرات �إعادة الت�أهيل خالل حكم‬ ‫ماو ت�سي تونغ‪ .‬وبد�أ بكتابة ون�شر ق�صائده حينما‬ ‫كان يف الثالثة ع�شرة من عمره‪.‬‬ ‫و�ساهمت درا�سته للفن والأدب يف الأربعينيات‬ ‫واخلم�سينيات يف تكوين �أ�سا�س �صلب �ساعده يف‬ ‫ال�صمود خالل �سنوات الأ�سر يف املع�سكرات‪.‬‬ ‫وتغطي �أحداث روايته (ن�صف الرجل امر�أة)‬ ‫املرحلة الأخرية من الثورة الثقافية التي تنتهي‬ ‫مبقتل الثائر زو ابنالي يف يناير وقبل موت ماو يف‬ ‫‪ .1976‬وتبد�أ �أحداثها يف ربيع عام ‬‪ ،1966‬حني‬ ‫كانت الثورة الثقافية ت�ستعد لالنطالق بهدفها يف‬ ‫تغييب �إرادة الإن�سان ل�صالح ال�سلطات‪.‬‬ ‫و�أثارت روايته ثورة عارمة �سواء بني العامة‬ ‫�أو الأو�ساط الأدبية وذلك ب�سبب تناوله لثالوث‬ ‫املحرمات يف ال�صني الذي ي�شمل ال�سيا�سة والهوى‬ ‫وعدم التكيف‪.‬‬ ‫الأدب الأفريقي‬ ‫كتب الروائي النيجريي كني �سارو ويوا (‬‪1941‬‬ ‫ـ ـ ‬‪ )1995‬خالل وجوده يف ال�سجن يف خ�ضم‬ ‫احلرب الأهلية ما بني ‬‪� 1967‬إىل ‬‪ 1970‬روايته‬ ‫(الفتى �سوزا)‪ ،‬ويحكي فيها ق�صة فتى قروي‬ ‫�ساذج مت تعيينه يف اجلي�ش خالل احلرب الأهلية‪.‬‬ ‫ويتطرق يف عمله �إىل الف�ساد ال�سيا�سي واحلكام‬

‫والنظام الع�سكري‪.‬‬ ‫�صور الروائي اجلنوب �أفريقي �أليك�س الغوما‬ ‫(‬‪ 1925‬ـ ‬‪ )1985‬وقائد جمموعة �شعب جنوب‬ ‫�أفريقيا امللون‪ ،‬يف روايته (يف �ضباب نهاية‬ ‫املو�سم) التي كتبها خالل تواجده يف ال�سجن‪،‬‬ ‫�سريته الذاتية �إىل جانب حياة �أفراد املقاومة‬ ‫ال�سرية يف مدينة كيب تاون �ضد التمييز‬ ‫العن�صري‪ ،‬الذين كانوا يخاطرون بحياتهم لأجل‬ ‫حريتهم كل يوم‪ ،‬وقد ن�شر الرواية عام ‬‪.1972‬‬ ‫الأدب العربي‬ ‫قال حممد �أمني العامل الناقد امل�صري الكبري‬ ‫عن الرواية العربية يف �أدب ال�سجون‪« ،‬تندرج‬ ‫رواية ال�سجون �أ�سا�س ًا يف �إطار الرواية الدرامية‬ ‫حيث ي�شكل املعتقل يف حد ذاته احلدث‪ ،‬يف حالة‬ ‫الفعل واحلركة‪.‬‬ ‫�إنه احلياة يف ذروة احتدام ال�صراع بني‬ ‫احلدود الق�صوى ملكوناتها يف مكان �ضيق تنح�صر‬ ‫فيه العالقة بني ال�ضحية وجمابهة جالدها»‪.‬‬ ‫كما تتنوع تقنيات رواية ال�سجن بني التداعيات‬ ‫واالنتقال بني الزمان واملكان الداخلي واخلارجي‪.‬‬

‫وقد كتب العديد من الروائيني العرب يف �أدب‬ ‫ال�سجون منهم على �سبيل املثال‪ :‬عبد الرحمن‬ ‫منيف رواية (�شرق املتو�سط)‪ ،‬عبد اللطيف‬ ‫اللعبي رواية (جمنون الأمل)‪ ،‬فا�ضل الغزاوي‬ ‫رواية (القلعة اخلام�سة)‪ ،‬الطاهر بن جلون‬ ‫رواية (تلك العتمة الباهرة)‪� ،‬إىل رواية (وطن‬ ‫خلف الق�ضبان) للروائي ال�سوداين خالد عوي�س‪،‬‬ ‫ويف �أدب ال�سرية الذاتية والرواية الوثائقية‬ ‫كتاب (�سجينة) ملليكة بوفقري‪ ،‬و(�أحلم بزنزانة‬ ‫من كرز) ل�سهى ب�شارة وكوزيت خوري‪ ،‬و�سمري‬ ‫القنطار (ق�صتي) التي وثقها ح�سان الزين‪.‬‬ ‫تناول الروائي ال�سعودي عبد الرحمن منيف‬ ‫(‬‪ 1933‬ـ ـ ‬‪ )2004‬يف روايته (�شرق املتو�سط)‬ ‫التي ن�شرها عام‬‪ ،1975‬معاناة �سجني ابتداء من‬ ‫اللحظة الأوىل لدخوله ال�سجن وحتى وقوفه على‬ ‫ظهر الباخرة التي �ستقله �إىل املغرب ليتعالج من‬ ‫الروماتيزم الذي �أ�صابه يف �أقبية ال�سجون‪ .‬وتبقى‬ ‫�شخ�صية بطله رجب الذي عا�ش حياة ال�سجون‬ ‫على مدى خم�س �سنوات‪ ،‬يف ذاكرة القارئ لزمن‬ ‫طويل بعد االنتهاء من قراءتها‪.‬‬

‫العالج بالقرآن‬ ‫ال يخفى عليك عزيزي القارئ �أن القر�آن الكرمي‬ ‫جاء �شفاء ملا يف ال�صدور و�أنزله اهلل رحمة للعاملني‬ ‫انت�شرت يف الآونة الأخرية عدة مراكز ملكافحة‬ ‫ال�سرطان وعياداتٌ ا�ست�شارية تحُ اول �أن تُكافح‬ ‫هذا املر�ض وبعد ال ُعلوم والأبحاث تبني �أن من‬ ‫�أبرز الأ�سباب الر ِئي�سة لهذا املر�ض هو ال�سهر‬ ‫أقلم على انتكا�س الفطرة‪ ،‬وكما �أثبت ال�ساد ُة‬ ‫والت� ُ‬ ‫الأطباء والعلماء �أن يف اجل�سم غدة تدعى الغدة‬ ‫ال�صنوبرية ‪ Pineal gland‬تزن ‪180‬مل جرام ًا‬ ‫تفرز مادة بعد �صالة الع�شاء مبا�شرة ت�سمى‬ ‫هرمون امليالتونني وتقف عن الإفراز قبل �صالة‬ ‫الفجر ب�ساعتني ووظيفتها متنع الأك�سدة باجل�سم‬ ‫فتمنع مر�ض ال�سرطان ب�إذن اهلل وكما اكت�شف‬ ‫العلم احلديث وب�إثباتات علمية �أن جميع غدد‬ ‫اجل�سم تعمل وتقف على مواقيت ال�صالة فقبل‬ ‫‪1400‬عام حني جاء قوله تعاىل‪:‬‬

‫وما �أك�سب تلك الرواية قيمتها الإن�سانية‬ ‫معاجلتها جلوانب �أخرى من واقع احلياة كاجلانب‬ ‫االجتماعي و�إ�شكالية العالقة بني ال�شرق والغرب‪،‬‬ ‫وحال املر�أة يف العامل العربي‪.‬‬ ‫جاءت رواية ( تلك العتمة الباهرة ) لـلروائي‬ ‫املغربي الطاهر بن جلون (‬‪ 1944‬ـ ـ ‬‪،)2010‬‬ ‫بـ�أحداثها امل�ؤملة �شهادة حية �أخرى على تواتر‬ ‫�أدب ال�سجون‪ .‬ا�ستلهم بن جلون مو�ضوع عمله من‬ ‫�أحد معتقلي �سجن (تزما مارت) الذي ق�ضى فيه‬ ‫ع�شرين عام ًا قبل �أن يطلق �سراحه عام ‬‪.1991‬‬ ‫وقال النقاد �إن قيمة الرواية الأدبية م�ستمدة‬ ‫من معادلة التوازن بني قيمة احلدث‪ ،‬وقيمة‬ ‫�شخ�صية البطل من تكوينها وتداعياتها النف�سية‪،‬‬ ‫وحبكة التغيريات التي ت�ؤثر يف معامل ال�شخ�صية‪.‬‬ ‫وتتجلى هذه القيمة �أي�ضا يف التوازن الفني لهيكل‬ ‫الرواية بني الطرفني الذي يبنى على احلدث‪.‬‬

‫أحمد الصمعاني‬ ‫صحافي في جريدة الشرق السعودية‬

‫�أي �أن الإر�شادات الواردة يف القر�آن والأحاديث‬ ‫ال�شريفة هي املوافقة لل�ساعة البي ُولوجية التي‬ ‫اتفق على �صحتها معظم العلماء والأطباء‬ ‫فالقر�آن الكرمي �صرح بالعقبات و�أخلى م�س�ؤوليته‬ ‫متام ًا عمن يخالف هذا النظام كما جاء يف الآية‬ ‫الكرمية (وجعلنا الليل والنهار �آيتني فمحونا �آية‬ ‫الليل وجعلنا �آية النهار مب�صرة) وكما جاء يف‬ ‫�أحاديث الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم �أنه ( �صلى‬ ‫الع�شاء فنام ) ومل ير َو �أنه �صلى الع�شاء ف�سهر‪،‬‬ ‫وباملنا�سبة يوجد عديد من الأحاديث ال�صحيحة‬ ‫عن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬عبارة عن‬ ‫و�صفات طبية مثل عالج الطاعون قال النبي �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم (�إذا �سمعتم بالطاعون ب�أر�ض فال‬ ‫تدخلوها و�إذا وقع ب�أر�ض و�أنتم بها فال تخرجوا‬ ‫منها) ‪ ،‬فالطاعون مر�ض بكترييا معدٍ وحاد‪ ،‬وهو‬ ‫من الأمرا�ض امل�شرتكة بني الإن�سان واحليوان فقد‬ ‫ا�شتُهر عند العلماء يف �أوربا ببكترييا الري�سينية‬ ‫الطاعونية (بالالتينية‪،Yersinia pestis :‬‬

‫وكما وجه العلم احلديث بطرق الوقاية منه‬ ‫بالعزل كما و�ضح الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم‪،‬‬ ‫َق�سم الإمام ابن القيم رحمه اهلل يف كتاب الطب‬ ‫النبوي العالج بالطب النبوي ق�سمني الأدوية‬ ‫النبوية الطبية والأدوية الإلهية‪ ،‬و�صنف عدة‬ ‫مراحل وطرق للعالج وهي خربات عديدة جاء‬ ‫بها الأنبياء عليهم ال�سالم‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪11‬‬


‫بين السطور‬ ‫من قرأ أدب السجون يقرأ بجانب معاناة السجين‬ ‫اليومية حصاد ذاكرته‪ ،‬التي كانت تحلق في الماضي‬ ‫باستمرار‪ ،‬وتلتقط أنفاسًا من الحرية‬

‫د‪.‬أمير تاج السر‬

‫ذاكرة الكتابة‬

‫أخصائي أمراض باطنية وكاتب‬ ‫في الجزيرة نت وروائي‬

‫�أعتقد �أن من �أهم الأ�شياء التي ينبغي على الكاتب‬ ‫�أن ميتلكها وهو مي�ضي يف �سكة الكتابة ‪ -‬خا�صة‬ ‫من احرتف كتابة الأعمال الواقعية �أو الرواية‬ ‫املمزوجة بال�سرية الذاتية ب�شكل �أو ب�آخر‪ -‬هي‬ ‫(ذاكرته)‪ ،‬تلك الع�صا ال�سحرية التي متكنه من‬ ‫نب�ش املا�ضي ب�سهولة وا�ستخراج ما ي�صلح لكتابته‬ ‫وما ال ي�صلح �أي�ض ًا من �أجل تعديله وتنقيته‬ ‫و�إدراجه يف الن�صو�ص التي ينتجها‪ .‬ولطاملا كانت‬ ‫الذاكرة املدربة جيد ًا مفتاح ًا ال ميكن اال�ستغناء‬ ‫عنه يف كل كتابة ناجحة‪.‬‬ ‫الذاكرة هنا ال تقت�صر على حياة الكاتب فقط‪،‬‬ ‫�أي ما عا�شه من �أيام م�ضت بخريها �أو ب�ش ّرها‪،‬‬ ‫ولكن �أي�ضا يف ا�ستدعاء اخلربات التي اكت�سبها‬ ‫بعد �أن كرب‪ ،‬مثل درو�س اللغة والعلوم املت�شعبة‬ ‫التي تعلمها يف املدار�س وقراءاته ملن �سبقوه‬ ‫و�أثروا يف كتابته ومن انتقدوا �أعماله وا�ستفاد‬ ‫من نقدهم‪ ،‬و�أي�ض ًا من قر�ؤوا �أعماله من القراء‬ ‫العاديني و�أدلوا بر�أي فيها �سلب ًا �أو �إيجاب ًا‪.‬‬ ‫لكن هل بال�ضرورة تولد الذاكرة القوية مع كل‬ ‫‪ 12‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫بين السطور‬

‫مبدع مثل موهبته؟‬ ‫ال �أعتقد ذلك‪ ،‬فاملوهبة ثبت �أنها تولد مع املبدع‬ ‫مع �أول نف�س يف احلياة وتر�سم له الطريق بعد‬ ‫ذلك‪ .‬هناك من يولد �شاعر ًا ومن يولد ر�سام ًا‬ ‫ومن يولد كاتب ًا‪ ،‬وما عليه �سوى اتباع امل�سار‬ ‫الذي ر�سم له وتقوية خطواته بعد ذلك باكت�ساب‬ ‫املعارف التي تخ�ص ذلك الطريق‪ ،‬بعك�س الذاكرة‬ ‫التي قد تكون �شحيحة بع�ض ال�شيء‪ ،‬ولكن بكثري‬ ‫من التدريب ميكن تقوية حبالها النت�شال ما هو‬ ‫بعيد يف املا�ضي وي�ستحق عناء انت�شاله‪.‬‬ ‫وقد �ساهم ع�شق ال�شعر وحفظه وتداوله يف‬ ‫املا�ضي لدى �أجيال �سابقة من املبدعني يف تقوية‬ ‫ذاكراتهم ب�شدة‪ ،‬كذلك �أولئك الذين عا�صروا‬ ‫زمن الكتاتيب‪� ،‬أو (اخلالوي) بلغة �أهل ال�سودان‪،‬‬ ‫حيث يدر�س القر�آن ويحفظ بوا�سطة ال�شيوخ‪.‬‬ ‫ه�ؤالء اكت�سبوا ذاكرة مدربة �سرتتهم كثري ًا يف ما‬ ‫بعد و�سدت فقرات الن�سيان التي رمبا كانت حتوم‬ ‫يف ذاكراتهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫و�أعتقد �أن كتابا مثل (الأيام) لطه ح�سني من تلك‬ ‫النماذج التي كتبت بذاكرة خ�صبة للغاية‪ ،‬مل تن�س‬ ‫�أي تفا�صيل كان من �ش�أنها �أن ترثي الكتابة‪ ،‬وكذا‬ ‫�أعمال �أخرى لأبناء جيله‪.‬‬ ‫وقد �شاهدتُ الروائي الراحل خريي �شلبي قبل‬ ‫وفاته بعدة �أ�شهر يقر�أ �شعر ًا جمي ًال حفظه من‬ ‫�ستينيات القرن املا�ضي بذاكرة �صافية‪ ،‬ومل‬ ‫�أ�ستغرب من ذلك‪ ،‬و�أعرف كل ما كتبه ذلك‬ ‫احلكاء العظيم معتمد ًا فيه على ذاكرته‪.‬‬ ‫يف قراءة مت�أنية ملا ت�صطاده الذاكرة الإن�سانية‬ ‫عادة وحتتفظ به ال�ستدعائه عند ال�ضرورة‬ ‫ا�ستوقفتني ال�سري املوجعة �أكرث من تلك املفرحة‪،‬‬

‫مبعنى �أن ما يبقى طوي ًال يف الذاكرة هو ما �آمل‬ ‫�صاحبها �أو �أحدث �صدمة بداخله‪ ،‬مثل معا�صرته‬ ‫حلرب �أهلية �أو جماعة �أو كارثة ما‪� ،‬أو تعر�ضه‬ ‫�شخ�صي ًا حلادث طارئ‪.‬‬ ‫يف الطب النف�سي يوجد ما ي�سمى �أعرا�ض ما بعد‬ ‫احلادث‪ ،‬تلك التي ت�ستعيدها الذاكرة مرار ًا وال‬ ‫متل من ا�ستعادتها وغالب ًا يف �شكل كوابي�س ليلية‪،‬‬ ‫لذلك جتد مادة خ�صبة عند الكتاب وال�شعراء‬ ‫الذين عا�صروا احلروب العاملية وت�شردوا �أو‬ ‫فقدوا �أحباءهم ب�سببها‪ ،‬ومن عا�شوا حروب‬ ‫�أفريقيا الأهلية‪ ،‬والذين عا�صروا نكبة فل�سطني‬ ‫يف بدايتها وحرب العراق احلديثة‪.‬‬ ‫وكل ذلك �أنتج �أدب ًا رفيع امل�ستوى‪ ،‬لي�س يف فنياته‬ ‫بال�ضرورة و�إمنا يف غنى الذاكرة التي دلقته‬ ‫بعد ذلك‪ .‬وكلنا يعرف ما كتبه �شعراء مثل‬ ‫معني ب�سي�سو وكتّاب مثل �إميل حبيبي عن الأزمة‬ ‫الفل�سطينية‪.‬‬ ‫من العوامل الأخرى يف تدريب الذاكرة م�س�ألة‬ ‫االغرتاب‪� ،‬أي �أن يفارق املبدع وطنه لفرتة طويلة‪،‬‬ ‫هنا ت�أتي م�س�ألة احلنني القوي للوطن‪ ،‬مما يوقد‬ ‫الذاكرة ب�شدة ويجعلها ت�ستدعي كل حلظة عا�شها‬ ‫املبدع يف الوطن حتى لو كانت بال معنى‪ ،‬مثل �أن‬ ‫يتذكر طفولته يف احلواري والأزقة و�سط �أ�صدقاء‬ ‫ي�ستدعي مالحمهم �أي�ض ًا‪ ،‬يتذكر حبه الأول لفتاة‬ ‫اجلريان ويتذكر �أي �سلوى عابرة ميكن �أن تطفئ‬ ‫احلنني‪.‬‬ ‫هنا يعمل الكاتب بال وعي منه يف تدريب ذاكرته‬ ‫با�ستمرار‪ ،‬وبالتايل يحتفظ مبفتاحه ال�سحري‬ ‫جديدا والمع ًا وجيد ًا ال�ستخدامه يف �أي كتابة‬ ‫يكتبها‪.‬‬ ‫لقد تعر�ض غابرييل غار�سيا ماركيز مل�س�ألة‬ ‫احلنني هذه يف روايته (احلب يف زمن الكولريا)‬ ‫وو�صفها ب�أنها متلك ح ّي ًال �شر�سة ومتنوعة جلر‬

‫‪Author: Tina Barseghian‬‬ ‫املغرتب �إىل وطنه‪ ،‬و�أ�ضيف لو�صف ماركيز �أنها‬ ‫‪Original Name: 28 Creative Ideas for Teaching with Twitter‬‬ ‫متلك �أي�ض ًا مزيال لل�صد�أ عن الذاكرة‪.‬‬ ‫ورواية مثل (مو�سم الهجرة لل�شمال) للطيب ‪Link://blogs.kqed.org/mindshift/201128-/07 /creative-ideas-‬‬ ‫�صالح التي كتبها �أثناء اغرتابه الطويل يف لندن ‪for-teaching-with-twitter/‬‬ ‫الذي ا�ستمر حتى وفاته‪� ،‬أعتقد جازم ًا �أن احلنني‬ ‫�أثر فيها ب�شكل �أو ب�آخر و�أوقد ذاكرة مبدعها‪،‬‬ ‫لتخرج رواية خالدة‪ .‬وروايته (عر�س الزين)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫�أي�ضا كانت عن �شخ�صية عا�صرها �صغريا وكتب نقله إلى العربية‪ :‬عارف عبدالرحمن‬ ‫تفا�صيلها كلها يف مغرتبه البعيد‪.‬‬ ‫عطية – نائب مدير إدارة النشر‬ ‫يف رواية يل ا�سمها (العطر الفرن�سي) كتبت والترجمة – شركة العبيكان للتعليم‬ ‫عن م�س�ألة تدريب الذاكرة لدى بطل الرواية‬ ‫(علي جرجار) الذي كان يقاوم ال�شيخوخة‬ ‫بذلك التدريب اليومي‪ .‬كتبت �أحداث ًا تذكرها‬ ‫�أثناء انهماكه يف تدريب ذاكرته مثل زجاجة‬ ‫عطر (الريفدور) التي �سقطت من رف يف بيت‬ ‫�أ�سرته وانك�سرت‪ ،‬ومثل �شاي �سقطت عليه ذبابة‬ ‫ذات م�ساء‪ .‬وقد كنت بال وعي مني �أكتب بع�ض‬ ‫الأحداث التي �أتذكرها من طفولتي �شخ�صي ًا‪.‬‬ ‫والذين قر�ؤوا رواية (ق�صة عن احلب والظالم)‪،‬‬ ‫تلك الق�صة املده�شة للإ�سرائيلي عامو�س عوز‪،‬‬ ‫فكرة إبداعية الستخدام‬ ‫ال بد ي�ستغربون من تلك الأ�صداء املتالحقة من‬ ‫تويتر في مجال التعليم‬ ‫زمن بعيد لطفل جاء �إىل (�أر�ض امليعاد) ب�صحبة‬ ‫�أهله وعا�ش طفولة غريبة يف وطن �أقنعوه ب�أنه‬ ‫وطنه‪ ،‬وهو يرى �أهل الوطن احلقيقيني منفيني‬ ‫ي�ستخدم املعلمون املبادرون «تويرت» بطرق‬ ‫يف وطنهم‪.‬‬ ‫�إبداعية بهدف جذب التالميذ داخل وخارج‬ ‫�أعتقد �أن ذلك كان وليد ذاكرة دربها عامو�س الف�صل الدرا�سي على حد �سواء‪ ،‬ولكي ح�صلوا لطريقة جمع املعلومات �آنفة الذكر‪ ،‬يقوم بع�ض‬ ‫على �أن ت�شع بتلك العن�صرية‪ ،‬وتلتقط كل ما على الأخبار املتعلقة بالتعليم �أو ًال باول بالإ�ضافة املدر�سني بتب�سيط الطريقة من خالل حتفيز‬ ‫كان من �ش�أنه �أن ينتج �أدب ًا موالي ًا متام ًا للم�شروع �إىل امكانية التوا�صل امل�ستمر مع كل من الزمالء التالميذ للإجابة على الأ�سئلة على «تويرت»‬ ‫الإ�سرائيلي الكبري‪.‬‬ ‫والطالب‪.‬‬ ‫بد ًال من رفع �أيديهم للإجابة عليها يف الف�صل‬ ‫العزلة �أي�ض ًا من و�سائل التعليم الكربى التي هذه امل�شاركة التي �أ�ضافها م�ؤخر ًا «�أف�ضل كلية الدرا�سي‪.‬‬ ‫تدرب ذاكرة املبدعني‪ .‬العزلة مبعناها اجل�سدي على االنرتنت» والتي عددت ‪ 28‬طريقة ال�ستخدام تلك الطريقة الرائعة تعزز عملية التدري�س‬ ‫والنف�سي‪� ،‬أن ينعزل املبدع عن اخلارج املحيط به «تويرت» يف الف�صل الدار�سي‪.‬‬ ‫وخا�صة �أن الطالب من املمكن بكل �سهولة �أن‬ ‫ويبد�أ يف ت�شييد عامل داخلي خا�ص به‪ ،‬ولي�س ثمة‬ ‫ي�ستعر�ضوا «الو�سم» الذي مت اعتماده لكل ف�صل‬ ‫�صلة و�صل بينه وبني اخلارج �سوى الذاكرة التي ‪ .1‬التغذية الراجعة الفورية‪� :‬أ�شارت «مونيكا درا�سي‪.‬‬ ‫حت�صل على تدريب جيد بال �شك‪ ،‬وال�سجون تعد رانكن» ‪�-‬أ�ستاذة التاريخ يف جامعة داال�س‪�-‬إىل ‪ .3‬التمكن من ا�ستمرار املناق�شات خارج الف�صل‬ ‫من الأماكن التي تتيح العزلة بجدارة وت�شحذ فيه مواقع مثل ‪ ReadWriteWeb‬و ‪ Mashable‬الدرا�سي‪:‬‬ ‫الذاكرة‪.‬‬ ‫ناق�شت طريقتها يف كيفية ا�ستخدام «تويرت» )ديفيد باري( �أ�ستاذ و�سائل الإعالم احلديثة يف‬ ‫ومن قر�أ �أدب ال�سجون يقر�أ بجانب معاناة احل�صول على تغذية راجعة يف ذات الوقت‪.‬‬ ‫جامعة تك�سا�س‪ ،‬حتدث عن «تويرت» و«‪»Mashable‬‬ ‫ال�سجني اليومية ح�صاد ذاكرته‪ ،‬التي كانت حتلق ير�سل الطالب �أ�سئلة �إىل مدونة م�صغرة م�شيد ًا بوجود املدونات امل�صغرة وا�ستخدامها يف‬ ‫يف املا�ضي با�ستمرار‪ ،‬وتلتقط �أنفا�س ًا من احلرية والتي يتم جتميعها يف تلك املدونة خالل �إلقاء كل مكان باعتبارها طريقة رائعة لتحفيز طالبه‬ ‫عا�شها املبدع ذات يوم‪ .‬و�أظن �أن �صنع اهلل املحا�ضرات ثم تقوم «رانكن» بت�شجيع التالميذ على ا�ستمرارية املناق�شات بعد االنتهاء منها‪،‬‬ ‫�إبراهيم من الذين كتبوا عزلة ال�سجون بذاكرة لدرا�سة وجهة نظر الطالب الآخرين من خالل و�أ�شار �إىل �أنهم يفعلون ذلك ب�شكل متكرر‪.‬‬ ‫م�ضيئة‪ ،‬وكذلك �أدباء �آخرون من تون�س واملغرب الإجابة على تلك الأ�سئلة‪.‬‬ ‫‪ .4‬التعاميم‪ :‬العديد من املعلمني وجدوا �أنه من‬ ‫و�سوريا‪.‬‬ ‫‪ .2‬الإجابة على الأ�سئلة‪ :‬ويف ا�سرتاتيجية مماثلة الأ�سهل بكثري �إر�سال ما يفيد بتغيري �أو �إلغاء موعد‬

‫‪28‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪13‬‬


‫بين السطور‬

‫بين السطور‬

‫حما�ضرة �أو تعميم �أو خرب هام يف �شكل تغريدة‬ ‫على «تويرت» بد ًال من �إر�سال �إمييل‪.‬‬ ‫بهذا ميكن ‪ -‬بكل ت�أكيد ‪-‬جتنب برامج فرز‬ ‫الربيد غري الهام «‪ »spam‬والتي كثري ًا من متنع‬ ‫ا�ستالم ر�سائل على درجة عالية من الأهمية يجب‬ ‫�أن يعرفها الطالب يف نف�س الوقت‪.‬‬ ‫‪� .5‬إ�شعار باكتمال املهام املطلوبة‪ :‬ويف اجلانب‬ ‫الآخر‪ ،‬ي�ستخدم الآن العديد من الطالب «تويرت»‬ ‫بهدف �إبالغ املعلمني ب�أنهم قد �أنهوا املهام‬ ‫املطلوبة منهم‬ ‫هذه اال�سرتاتيجية تكون ذات فاعلية عالية يف‬ ‫�إطار الدورات التي يتم تنظيمها عرب االنرتنت‬ ‫تلك التي يحقق الف�صل الدرا�سي ميزة التجهيزات‬ ‫التقنية وتوفر االنرتنت‪.‬‬ ‫‪ »TwitLit« .6‬تقدم خا�صية الـ ‪ 140‬حرف‬ ‫حتدي لطيف وب�سيط للطلبة واملبدعني من‬ ‫املعلمني وامل�ؤلفني على حد �سواء يف و�ضع مالحظة‬ ‫�أو �شد االنتباه با�ستخدام تلك اخلا�صية‪ ،‬مثل‬ ‫‪ 14‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫كتابة �أ�شعار �أو ق�ص�ص ق�صرية �أو �أي كتابات‬ ‫�أخرى متام ًا‪ ،‬ف�إن طبيعة املوقع املتميزة تقدم‬ ‫بع�ض الو�سائل املمتازة للتعبري املبدع واملخت�صر‬ ‫‪ .7‬تت ُّبع الكلمة واالجتاهات والآراء والو�سم‬ ‫(‪ :)hashtag‬لتبقى على اطالع م�ستمر على ما‬ ‫يتكلم عنه النا�س‪ ،‬ومن خالل �أفق وا�سع ب�شكل ال‬ ‫يكاد ي�صدقه عقل‪ ،‬يتطلب منك فقط �أن ت�شرتك‬ ‫مع �شخ�ص بعينه �أو �أن تتتبع و�سم حمدد �أو اجتاه‬ ‫�أو كلمات مفتاحية ميكنها �أن تفتح لك نافذة‬ ‫جمانية وحرة وب�سيطة على العامل ب�أ�سره‪.‬‬ ‫‪ .8‬متابعة امل�ؤمترات‪:‬‬ ‫يريد بع�ض املعلمني من طالبهم �أن يتابعوا‬ ‫�أخبار م�ؤمترات بعينها و�أن يكونوا على �إطالع‬ ‫على ما يحدث من تطورات يف �صناعة حمددة من‬ ‫خالل متابعة تلك امل�ؤمترات‪� ،‬إن التغريدات الأكرث‬ ‫فاعلية‪ ،‬هي تلك التي حتتوي يف �أغلب الأحيان‬ ‫على روابط مقاطع �صوتية �أو فيديو‪.‬‬ ‫‪ .9‬التوا�صل مع املتخ�ص�صني‪:‬‬

‫بد ًال من جمرد �أن نطلب من املتعلمني �أن‬ ‫«يتبعوا» ف�إننا ميكن �أن نطلب منهم �أن يطرحوا‬ ‫الأ�سئلة �أو يثريوا مناق�شة �أو على الأقل يحاولوا �أن‬ ‫يفعلوا ذلك‪.‬‬ ‫وبالن�سبة لطالب املرحلة الثانوية وطالب‬ ‫اجلامعة‪ ،‬ف�إن تلك املمار�سات قد ت�ساعدهم ب�شكل‬ ‫كبري وفعال على ا�ستك�شاف �أهدافهم وميولهم‬ ‫املهنية امل�ستقبلية‪.‬‬ ‫‪ .10‬ت�سجيل املالحظات‪ :‬على نحو م�شابه لإثارة‬ ‫مناق�شة مفتوحة‪ ،‬ف�إن «تويرت» يقدم طريقة �سريعة‬ ‫لكل من الطالب واملعلمني على حد �سواء لتدوين‬ ‫املالحظات‪ ،‬وذلك من خالل وجود اجلميع يف‬ ‫قائمة منظمة‪ ،‬يكون ت�سجيل املالحظات �أ�سهل‬ ‫من جمرد مراجعة االختبارات واملهام‪.‬‬ ‫‪ .11‬م�شاركة ق�صة‪� :‬ضع مل�سة ال�شبكات االجتماعية‬ ‫على الف�صول التقليدية ب�أن تطلب من التالميذ‬ ‫�أن يكتبوا ق�صة متتابعة ب�شكل ممتع وك�أنها لعبة‬ ‫ي�شارك فيها اجلميع‪.‬‬ ‫يقوم �صاحب التغريدة الأوىل بكتابة �أول عبارة‬ ‫يف الق�صة ثم يتبعه الثاين والثالث ‪ ...‬وهكذا‬ ‫من الأف�ضل �أن جتعل و�سم خا�ص بتلك الق�صة‬ ‫حتى تتمكن من قرائتها ومتابعتها ب�سرعة و�سهولة‪.‬‬ ‫‪ .12‬خريطة االجتاهات (التوجهات)‪� :‬إن الدمج‬ ‫بني ال�شبكات االجتماعية و«التتبع اجلغرايف»‬ ‫و«خريطة تويرت» قد وفرت للم�ستخدمني خا�صية‬ ‫حتديد �أماكن الأ�شخا�ص الذين يتحدثون عن‬ ‫مو�ضوع معني‪.‬‬ ‫�سوف ت�ساعد تلك التقنية طالب علم االجتماع‬ ‫والت�سويق ب�شكل �أف�ضل على فهم االحتياجات‬ ‫واملتطلبات الدميوغرافية للم�ستهلكني‪.‬‬ ‫‪ .13‬متكني �أولياء الأمور من االطالع ب�شكل م�ستمر‬ ‫على م�ستوى �أبنائهم‪:‬‬ ‫يف �إطار تعليم طالب ريا�ض الأطفال وال�صفوف‬ ‫الأولية‪ ،‬قد يحتاج �أولياء الأمور �أن يتابعوا ما‬ ‫يحدث يف عملية تعلم �أبنائهم ومعدالت حت�صيلهم‬ ‫اليومي‪.‬‬ ‫يتم هذا من خالل تغريدات تفيدهم ب�شكل‬ ‫م�ستمر عن الدرو�س والأن�شطة التي حتدث يف‬ ‫الف�صل الدرا�سي مما يحقق درجة عالية من‬ ‫االرتباط بني الف�صل واملنزل‪.‬‬ ‫‪� .14‬إثارة لعبة اجلغرافيا‪ :‬اطلب من طلبة‬ ‫متحم�سني �أومتطوعني �أن يحددوا موقعهم‪ ،‬ثم‬ ‫�ضع خطة م�شروع لتحديد موقع هذا مكان يف‬ ‫العامل‪.‬‬

‫بالن�سبة للمتعلمني ال�صغار‪ ،‬يكفي �أن يعرفوا‬ ‫امل�سافة بني هذا املوقع واملكان �أو املدينة التي‬ ‫يعي�شون فيها‪.‬‬ ‫تلك الطريقة اللطيفة �ستجعلهم يعرفون �أكرث عن‬ ‫الأماكن و الأ�شياء الأخرى ذات العالقة باملدن �أو‬ ‫القرى التي يعي�شون فيها‪.‬‬ ‫‪� .15‬إجراء اقرتاع‪:‬‬ ‫قد يرغب املعلم يف �إجراء اقرتاع بني طالبه �أو‬ ‫امل�شرتكني يف املدونه‪.‬‬ ‫هذه املمار�سة حمدودة فقط مبن لديه �إبداع‬ ‫يف جمال معني‪،‬وذلك لكي يح�صل على عالوة �أو‬ ‫ميزة ‪ ..‬كما ميكن ربط االقرتاع بنوع من التتبع‬ ‫اجلغرايف ‪.‬‬ ‫‪� .16‬شيء ما خم�ص�ص لهذا اليوم‪ :‬ال يهم �إن كان‬ ‫كتاب �أو كلمة �أو �أغنية �أو مقولة �أو �أي �شيء �آخر‪.‬‬ ‫ميكن �أن ميثل هذا ارتباط ممتاز مع در�س ذلك‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫ويف حال طالب ريا�ض الأطفال وال�صفوف الأولية‪،‬‬ ‫ميكنك �أن تخرب �أولياء الأمور بتلك التغريدات وتقوم‬ ‫بت�شجيعهم على التحدث عنها يف املنزل‪.‬‬ ‫‪� .17‬أن تبد�أ نادي كتاب‪ :‬يف جمال معني خارج‬ ‫الف�صل الدرا�سي‪ ،‬جماعة من املتعلمني ميكن �أن‬ ‫ي�ست�ضيفوا �أندية الكتاب املن�ضمني لها وميكنهم‬ ‫من خالل الو�سم و�شبكات التوا�صل �أن يتبادلوا‬ ‫وجهات النظر والتقييمات والآراء حول والكتب‬ ‫املقرتحة للقراءة‪.‬‬ ‫‪ .18‬متابعة رجال ال�سيا�سة‪ :‬على �أي االحوال‪� ،‬إن‬ ‫الف�صل الدرا�سي لي�س هو املكان املنا�سب حل�شد‬ ‫امل�ؤيدين! على الرغم من ذلك ف�إن متابعة رجال‬ ‫ال�سيا�سة على تويرت �سوف ميكن الطالب من‬ ‫تكوين فكرة عامة عن حياة و�آراء ه�ؤالء الذين‬ ‫ميثلون بالدهم يف �أكرث من جمال يف كافة �أنحاء‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫‪ .19‬مواكبة الأحداث اجلارية‪ :‬على نحو م�شابه‬ ‫ف�إن املعلمني ميكنهم �أن يحددوا جمموعة من‬ ‫م�صادر الأخبار املتنوعة يقومون باال�شرتاك‬ ‫فيها‪ ،‬مما ي�سمح لطالبهم بالإطالع امل�ستمر على‬ ‫الأحداث اجلارية‪.‬‬ ‫‪ .20‬العرو�ض‪/‬امل�شاركات املخت�صرة‪ :‬حتفيز‬ ‫املتعلمني يف كافة املراحل التعليمية على كتابة‬ ‫م�شاركاتهم حول الكتب والأفالم و�أي مواد‬ ‫يتم تداولها يف الف�صل الدرا�سي‪ ،‬من خالل‬ ‫ا�سرتاتيجية الـ ‪ 140‬حرف‪� ،‬سوف يتعلمون‬

‫التعبري عن الفكرة ب�شكل خمت�صر‪ ،‬وبالتايل‬ ‫�سيتعلم املتابعني لهم نف�س اال�سرتاتيجية‪.‬‬ ‫‪ .21‬التوا�صل بني الف�صول الدرا�سية‪ :‬بالإ�ضافة‬ ‫�إىل تي�سري التوا�صل بني الطالب داخل الف�صل‬ ‫الواحد‪ ،‬ميكن �أن يجد املعلم فكرة مرتبطة‬ ‫بالدر�س ولكنها لدى درا�سني يف مدينة �أخرى‬ ‫�أو بلد �آخر‪ ،‬وجتد تلك الفكرة ا�ستح�سان املعلم‪.‬‬ ‫فيمكنه �أن ين�شيء «و�سم» للطالب واملخت�صني‬ ‫على حد �سواء بهدف تبادل الأفكار والآراء‬ ‫والدرو�س‪.‬‬ ‫‪ .22‬ا�ست�ضافة املتابعني ال�سلبيني‪ :‬بهدف املتعة‬ ‫والتعلم‪ ،‬ميكن للطالب �أن ينظموا خطة ال�صطياد‬ ‫املتابعني ال�سلبيني‪.‬‬ ‫رمبا من خالل معرفة ما �إذا كان الف�صول‬ ‫الأخرى تريد اال�شرتاك �أم ال!‬ ‫كما هو وا�ضح يف تلك املو�ضوعات والو�سائل‪،‬‬ ‫ف�إنه ميكن ا�ستخدام هذه الطريقة على قطاع‬ ‫عري�ض من امل�ستويات واملو�ضوعات الأكادميية‪.‬‬ ‫‪ .23‬اال�ستمتاع بالبيانات والتواريخ‪ :‬بع�ض املعلمني‬ ‫يطلبون من الطالب امل�شاركة يف و�ضع بيانات‬ ‫متتابعة عن �أرقام‪/‬تواريخ على درجة عالية من‬ ‫الأهمية‪.‬‬ ‫كذلك ميكن ربط تلك البيانات مع عامل �أو فنان‬ ‫�أو �شخ�صية ق�ص�صية �أو �إىل ماهو �أبعد من ذلك‬ ‫بكثري‪.‬‬ ‫‪� .24‬إبد�أ منط تعبري عن الثقافة «‪:»meme‬‬ ‫يف الواقع «منط التعبري عن الثقافة» موجود قبل‬ ‫االنرتنت بفرتة طويلة‪ ،‬ولكن العامل االفرتا�ضي‬ ‫لعب دور ًا حيوي ًا يف �أن ت�صبح تلك الظاهرة حمل‬ ‫انتباه النا�س‪.‬‬ ‫يتمكن اي فرد يدر�س علم االجتماع �أو علم‬ ‫النف�س �أو علم االت�صال �أن ي�ستفيد ب�شكل كبري من‬ ‫تتبع تلك النماذج �أو �أن ين�شيء مناذجه اخلا�صة‪.‬‬ ‫‪� .25‬إثراء درو�س تعلم اللغات الأجنبية‪� :‬إن‬ ‫الطريقة الفريدة التي يتبعها «تويرت» يف احلد‬ ‫الأق�صى حلروف كل تغريدة‪ ،‬يجعل الأمر �شيق ًا‬ ‫العتباره طريقة الكت�ساب وتعلم اللغات الأجنبية‪.‬‬ ‫ميكنك �أن تطلق تغريدة باللغة الأجنبية يف‬ ‫ال�صباح �أو عند بداية كل در�س ثم تطلب من‬ ‫التالميذ �أن يقومون برتجمتها �أو �أن ي�ستجيبوا لها‬ ‫ب�شكل �سريع‪ ،‬تلك طريقة �إ�ضافية �سهلة وال معاناة‬ ‫فيها �إىل حد ما‪.‬‬ ‫‪ .26‬التنقيح والتطوير‪�« :‬آنا دومينجيز» معلمة‬

‫يف ريا�ض الأطفال تف�ضل ا�ستخدام «املدونات‬ ‫امل�صغرة» الأكرث �شيوع ًا ك�أداة لتطوير الأن�شطة‬ ‫اليومية التي تقوم بها‪ ،‬كما ت�ستخدمها يف �أن‬ ‫تخرب �أولياء الأمور والزمالئها من املدر�سني ب�أي‬ ‫�أمر جديد و�شيق متعلق باملجال‪.‬‬ ‫هذا الأمر ال يقت�صر فقط على م�ساعدتهم‬ ‫على درو�سهم وزجمالهم و�إمنا يفيد �أي�ض ًا يف �أنه‬ ‫طريقة لطيفة لتقدمي معلومات �أكرث عن ال�شبكات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ .27‬م�ساعدة الطلبة على �شهرة �أ�سمائهم‪ :‬يطمح‬ ‫�أع�ضاء هيئة التدري�س �أن يعززوا امل�ستقبل املهني‬ ‫لتالميذهم‪ ،‬وقد يكون هذا من خالل تعليمهم‬ ‫طرق اقتنا�ص فر�ص وظيفية من خالل ال�شبكات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫بالن�سبة للدار�سي �إدارة الأعمال‪ ،‬ميكننهم‬ ‫اال�ستفادة من هذه اال�سرتاتيجية حتديد ًا يف درا�سة‬ ‫ما ي�سمة بـ «العالمة التجارية ال�شخ�صية»‪.‬‬ ‫‪� .28‬إن�شاء �شبكة خارج �إطار «تويرت» �أو �أن‬ ‫جتعل تالميذك يقومون ب�إن�شائها‪ ،‬وا�ستقطاب‬ ‫متعلمني �أو خمت�صني من ف�صول درا�سية �أخرى‪.‬‬ ‫تلك ال�شبكات لن ت�ساعد فقط على تو�سيع �آفاق‬ ‫الدار�سني‪ ،‬بل �أي�ض ًا �ستقدم در�س ًا عملي ًا وممتع ًا‬ ‫عن دور ال�شبكات االجتماعية يف لعب دور حيوي‬ ‫يف حياتهم �سواء كان �إيجابي �أو �سلبي‪.‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪15‬‬


‫أفكار مضيئة‬

‫أفكار مضيئة‬

‫توفر على القاريء الوقت واجلهد لقراءة ملخ�ص عن الكتب يغنية عن تقلبة‬ ‫و�أخذ وقت لأخذ قرار ال�شراء من عدمه خ�صو�ص ًا مع هذا الع�صر املت�سارع‬ ‫يف التقنية ب�شكل الي�صدق‪.‬‬ ‫مالحظة ‪ :‬جميع دور الن�شر العاليمة لديها نبذ تعريفية مكتبوية على �أيد‬ ‫حمرتفني يف الت�سويق التعريفي وبد�أت يع�ض دور الن�شر العربية التي تعمل‬ ‫مبعايري عاملية ب�أخذ هذا النهج يف الت�سويق ‪.‬‬ ‫مثال ‪ :‬ع�شرة مهرجني اليكونون �سريك ًا‪.‬‬ ‫الرابط‪:‬‬

‫كيف تسوق كتابك‬ ‫وسائل عملية لتسويق الكتاب‬ ‫من خالل تنفيذ بعض المعطيات‬ ‫محمد بن عبدالله الفريح‬

‫‪http://www.neelwafurat.com/itempage.‬‬ ‫‪aspx?id=lbb197877-‬‬

‫كاتب ومفكر ومدير إدارة النشر والترجمة ‪ -‬شركة العبيكان للتعليم‬

‫ال �شك �أن احلديث عن الكتاب حديث مهم‪ ،‬كيف ال‪ ،‬والكتاب وعاء الثقافة الر�صينة والفكر امل�ستقر‪ ،‬وهو خزانة املعارف الإن�سانية‪ ،‬وم�ستودع‬ ‫التجارب الب�شرية املرتاكمة‪ ،‬يحفظها ال�سلف للخلف كي ينطلق اخللف منها ويبني عليها‪.‬‬ ‫�إن �صناعة وت�سويق الكتاب يف الدول املتقدمة حتقق دخ ًال كبري ًا يفوق بع�ض الأحيان دخل العديد من ال�صناعات الأخرى‪ ،‬بل رمبا يفوق الدخل‬ ‫الذي يحققة املنتج نف�سه‪ ،‬بينما جندها مازالت يف بع�ض الدول النامية حتتل موقع ًا هام�شي ًا على اخلريطة االقت�صادية‪ ،‬وذلك نتيجة لبع�ض الظروف‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية وال�سيا�سية ال�سائدة يف هذه الدول والتي منها كثري من الدول العربية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويف الآونة الأخرية خطى الكتاب العربي ب�صفة عامة خطوات مهمة وقفز قفزات نوعية من حيث العناية به ت�أليفا ون�شرا يف العديد من كربيات دور‬ ‫الن�شر العربية‪� ،‬إال �أنه ال يزال يعاين من بع�ض املعوقات التي تعوق ت�سويقه �سوا ًء داخل الدول العربية نف�سها �أو خارجها‪ .‬ومما يلفت النظر وي�ستحق‬ ‫التوقف عنده كثري ًا ذلك الرقم املنخف�ض لعدد الكتب التي تطبع من كل عنوان جديد‪ ،‬حيث ذكر بع�ض �أ�صحاب دور الن�شر العربية �أنهم يطبعون من‬ ‫‪� 500‬إىل ‪ 1000‬ن�سخة من كل عنوان وبالكاد يتم ت�صريفها‪ .‬وعند مقارنة هذا الرقم املتدين مع ما يطبع يف الدول املتقدمة يظهر لنا الفارق الكبري‬ ‫جدً ا‪ ،‬فبماذا يعزى هذا؟‬ ‫وحيث �أن الكتاب العربي يف الوقت احلايل بالذات بحاجة ما�سة �إىل الدعم امل�ستمر من �أطراف عديدة لكي يكون يف متناول اجلميع ف�إننا يف هذه‬ ‫الأ�سطر�سوف نلقي ال�ضوء على مو�ضوع تنفيذ بع�ض الو�سائل العملية لت�سويق الكتاب من خالل تنفيذ بع�ض الأفكار‪.‬‬ ‫ويعنى ت�سويق الكتاب مبفهومه العلمي احلديث جميع الأن�شطة التجارية (الفنية والتقنية والإدارية) املتعلقة بتو�صيل الكتاب من النا�شر �إىل القارئ‪.‬‬ ‫وتهدف هذه الأ�سطر ب�صفة عامة �إىل خدمة ودعم الكاتب وامل�ؤلف والنا�شر العربي وم�ساعدته يف تغيري طريقة تفكريه نحو ت�سويق كتبه‪ ،‬وذلك‬ ‫مبحاولة التعرف على بع�ض الأ�ساليب العلمية املتطورة التي ت�ساعد على الرتويج للكتاب بالقدر املنا�سب الذي يتالئم مع املتغريات يف هذه ال�صناعة‪،‬‬ ‫ومن امل�ؤكد ب�أنه كلما ازدادت �أعداد الن�سخ املوزعة من كل كتاب ف�إن هذا ينعك�س بالطبع �إيجاب ًا على م�سرية التنمية عموم ًا وعلى الرثاء املعريف للب�شر‬ ‫ب�شكل �أو�سع‪ ،‬ويرفع بالتايل من م�ستوى الفرد العلمي والثقايف واملعريف‪ .‬وحول مو�ضوع ت�سويق الكتاب تتلخ�ص الق�ضايا التي �سيتم �إ�ستعرا�ضها يف‬ ‫هذه الأ�سطر على النقاط التالية والتي مت ذكرها ب�شكل مقتظب و�سريع مع ذكر مثال عليها مع رابط على ال�شبكة لزيادة املعلومات ملن �أراد التو�سع‬ ‫يف �أي نقطة من النقاط املذكورة راجي ًا من اهلل �أن تكون ذات قيمة م�ضافة للقاريء وامل�ؤلف والنا�شر على حد �سواء‪.‬‬

‫�أو ًال‪ :‬العنوان الت�سويقي‬ ‫تعترب كثري من دور الن�شر العاملية �أن اختيار عنوان يجب �أن يخ�ضع ملعايري‬ ‫الت�سويق العايل الكفاءة بالدرجة الأوىل وتكون �أب��رز مالحمة‪ :‬التعبري‪،‬‬ ‫الغمو�ض‪ ،‬عدم املبا�شرة‪ ،‬لفت الإنتباه‪،‬الرمزية‪ .‬وقد حققت هذه املعايري‬ ‫تغري ًا ملحوظ ًا يف منط ال�شراء لدى القاريء مبجرد البدء ب�إ�ستخدام هذه‬ ‫الطريقه‪ ،‬ومن �أب��رز مالمح هذة الطريقة االبتعاد عن النمطية باختيار‬ ‫العناوين ب�شكل جذري‪.‬‬ ‫مثال ‪ :‬التهم هذا ال�ضفدع‪� :‬إبد�أ بالأهم ولوكان �صعب ًا‬ ‫الرابط‪:‬‬

‫‪http://www.ghrib.net/vb/showthread.php‬‬ ‫‪http://www.abunawaf.com/post-9589.html‬‬

‫‪ 16‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫ثانياً‪ :‬العنوان ال�شارح الت�سويقي‬ ‫مبا �أن العنوان �سيكون مبهم ًا �أو غام�ض ًا �أو غري مبا�شر �سمه ما�شئت ف�إن‬ ‫من ال�ضروري �أن يكون هناك عنوان �شارح ت�سويقي م�شوق ي�ضطر معه‬ ‫القاريء ل�سرب �أغوار هذ الكتاب ويثري الف�ضول لديه للإطالع عليه وتقليبه‪،‬‬ ‫ومبجرد ح�صول هذا الأمر ف�إن العنوان ال�شارح يكون قد �أدى دروه بالفعل‬ ‫وجنحت يف جذب �إنتباه القاريء‪ ،‬من املهم جد ًا �أن يكون العنوان ال�شارح‬ ‫قليل العبارات دقيق التو�صيف ليكون �أكرث جذب ًا وت�شويق ًا‪ .‬ولكي تت�أكد من‬ ‫دقه و�صف العنوان ال�شارح ميكن عر�ضة على بع�ض �أ�صدقائك م�ستق ًال عن‬ ‫العنوان وطلب ر�أيهم فيه ف�إن �إ�ستطاعو معرفة مو�ضوع الكتاب من خالله‬ ‫تكون قد حققت الهدف مبا�شرة من هذا االختيار‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬كتاب هل مديرك جمنون‪ :‬الدليل احلا�سم يف كيفية التعامل مع مديرك‬ ‫الرابط‪:‬‬ ‫‪http://www.saudiinfocus.com/ar/forum/showthrea‬‬ ‫‪html.49-http://www.albiladpress.com/article174623‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الغالف الت�سويقي‬ ‫�شخ�صي ًا �أعترب مو�ضوع ت�صميم غالف الكتاب مربط الفر�س يف العملية‬ ‫الت�سويقة للكتب‪ ،‬حي �أثبتت بع�ض درا�سات دور الن�شر العاملية �أن ت�صميم‬ ‫الغالف ي�شكل مان�سبته ‪ % 62‬من �أ�سباب ت�سويق الكتاب‪ ،‬ويخ�ضع هذا املعيار‬ ‫لأهمية بالغة ودرا�سات م�ستفي�ضة و�إ�ستفتاءات لأراء القراء ب�شكل اليقبل‬ ‫االجتهاد والأراء ال�شخ�صية التي تغلب على ت�صميم �أغلفة الكتب العربية‪،‬‬ ‫وعلى �سبيل املثال تقوم �شركة ‪ McGraw Hill‬للن�شر بعمل ‪ 36‬ت�صميم‬ ‫لغالف الكتاب الواحد يقوم بها ‪ 12‬م�صمم بواقع ‪� 3‬أغلفة لكل م�صمم‬ ‫ومن ثم يتم الفرز بينها الختيار الأن�سب ت�سوقي ًا‪ :‬ويف حال االختالف مع‬ ‫امل�ؤلف فيتم �إحالة مو�ضوع االختيار لال�ستفتاء مع القاريء من خالل قواعد‬ ‫بيانات معيارية معدة لهذا الأمر‪ ،‬يذكر �أن �أحد �أغلفة كتب هذا النا�شر قد‬ ‫كلفت مايقارب ‪ 60.000‬دوالر �أمريكي‪ ،‬لكن النتيجة كانت �أن مت بيع قرابة‬ ‫‪ 100.000‬ن�سخة فقط يف الواليات املتحدة من هذا الكتاب‪ ،‬الأمر الآخر �أنه‬ ‫يجب على امل�ؤلف �أو الكاتب �أو النا�شر الإبتعاد عن الإنطباع ال�شخ�صي والذوق‬ ‫الفردي يف هذا الأمر وهذا للأ�سف مانلم�سة يف كثري من الكتب العربية حيث‬ ‫يخ�ضع الأمر للقناعة ال�شخ�صية البحتة �أكرث من املنهج العلمي‪ ،‬مما يفقد‬ ‫الكتاب الكثري من فر�ص الت�سويق والبيع‪.‬‬ ‫مثال للغالف الت�سويقي ‪ :‬كتاب ‪The Chance‬‬ ‫الرابط‪:‬‬

‫‪http://www.amazon.com/Chance-Novel-Karen‬‬‫‪Kingsbury/dp‬‬

‫رابعاً‪ :‬النبذة الت�سويقية‬ ‫تعترب النبذة اخلا�صة بالكتاب �أم��ر ًا مهم ًا للغاية يف التعريف بالكتاب‬ ‫والت�سويق له من خالل مايقارب ‪� 150‬أىل ‪ 250‬كلمة تكون �شاملة ووافية عن‬ ‫الكتاب‪ ،‬كما �أن كتابة هذة النبذة يجب �أن تكون على �أيد حمرتف بالكتابة‬ ‫الت�سويقية للكتب ويجب �أن يكون مطلع ًا ومدرك ًا ملحتوى الكتاب و�أن ي�ضمن‬ ‫النبذة مايغرى القاريء ويجذبه لإقناء وقراءة الكتاب‪ ،‬كما وتعترب دور الن�شر‬ ‫وامل�ؤلفني املحرتفني �أمر النبذة التعريفية للكتاب �أم��ر ًا ال مفر منه اليوم‬ ‫لزيادة التعريف بالكتاب ون�شرة وبثه عرب مواقع الت�سويق املختلفة‪ ،‬كا �أنها‬

‫خام�ساً‪ :‬املقدمة الت�سويقة‬ ‫اليتختلف اثنان على �أن مقدمة الكتاب كانت والت��زال �أحد �أب��رز معايري‬ ‫احلكم على الكتاب‪ ،‬و�أحد مربرات اقناءه من عدمها‪ ،‬و�إن كانت املقدمة‬ ‫تكتب يف الغالب من قبل امل�ؤلف �إال �أنها حتتاج �إىل عناية خا�صة ومراجعة‬ ‫فاح�صة قبل �إعتمادها‪ ،‬كما يف�ضل عر�ضها على �أ�صحاب اخت�صا�ص يف‬ ‫كتابة املقدمات ويف نف�س التخ�ص�ص‪ ،‬كما تعتمد معظم حمركات بحث‬ ‫الكتب على النبذة الت�سويقة واملقدمة يف الرتويج للكتب ومن ذلك على �سبيل‬ ‫املثال �أمازون وقوقل و�أثونومي وقود رديز‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬كتاب �إعجاز القر�آن عرب التاريخ‬ ‫الرابط‪:‬‬ ‫‪http://books.google.com.sa/books?id=NypiS5vP1REC‬‬

‫�ساد�ساً‪ :‬الألوان الت�سويقية‬ ‫يعترب هذا املعيار �أحد الفنون التي بد�أت تنتهجها بع�ض دور الن�شر العاملية‬ ‫التي تطبيق معايري متقدمة يف الت�سويق‪ ،‬ذلك �أن تنا�سق �أل��ون الكتاب �أو‬ ‫ال�سل�سة وكذلك ال�صور بداخل الكتاب �إن وج��دت وخلفية الكتاب كذلك‬ ‫و�أي�ض ًا اخلطوط الداخلية للكتاب ت�شكل منعطف ًا مهم ًا بالغ الأهمية يف‬ ‫الت�سويق والرتويج للكتب‪ ،‬وال �أدل على ذلك من قيام دار الن�شر ‪giftbooks‬‬ ‫املتخ�ص�صة بكتب الهدايا يف بريطانيا ب�إعتماد �ألوان وخطوط حمددة لكل‬ ‫�إ�صادارت الدار من الكتب‪ ،‬والقت هذه الطريقة رواج ًا غري م�سبوق لكتب‬ ‫الدار كما بد�أت هذه العدوى تنت�شر بني بع�ض دور الن�شر وذلك من خالل‬ ‫�إعتماد معايري قيا�سية ل�ل�أل��وان واخل��ط��وط وف��ق معايري خمتلفة بح�سب‬ ‫تخ�ص�ص الكتب ومقا�ساتها والنطاق اجلغرايف للتوزيع‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬كتاب ‪!Birthday Boy‬‬ ‫الرابط ‪:‬‬ ‫‪http://shop.helenexleygiftbooks.com/giftbooks/series‬‬

‫�سابعاً‪ :‬املقا�س الت�سويقي‬ ‫يعترب املقا�س من الأمور التي يجب �أن ت�ؤخذ باحل�سبان عند تنفيذ ت�صميم‬ ‫الكتاب‪ ،‬حيث �أن بع�ض التخ�ص�صات الحتتمل بع�ض املقا�سات‪ ،‬فكتب تطوير‬ ‫الذات مث ًال‪ :‬لها مقا�س معتمد عاملي ًا وجتاوزة �إىل غري قد ي�ضر بالكتاب من‬ ‫الناحيتني الت�سويقية وطريقة عر�ضة على ال��رف يف املتاجر‪ ،‬كذلك كتب‬ ‫ال��رواي��ات يجب �أن تخ�ضع ملقيا�س حمدد ي�ضمن عر�ضه وت�سويقه ب�شكل‬ ‫�إيجابي‪ ،‬والأمر ينطبق على الأطال�س وكتب الديكور والطبخ‪ ،‬ويجب يف هذا‬ ‫ال�صدد حتدي ًا االبتعاد عن القناعة ال�شخ�صة والذوق اخلا�ص حيث �أن هذين‬ ‫الأمر ين من �أكرث الأمور �إزهاق ًا لروح الكتاب واحلد من ترويجه ونفاذه �إىل‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪17‬‬


‫أفكار مضيئة‬ ‫الأ�سواق‪.‬‬ ‫مثال‪Adventures of an IT Leader :‬‬ ‫الرابط‪:‬‬

‫‪http://hbsp.harvard.edu/list/book-chapters‬‬

‫ثامناً‪ :‬املحا�ضرات الت�سويقية عن الكتب‬ ‫من �أبرز امل�سلمات لدى كثري �إن مل يكن كل دور الن�شر واملوزعني �أن الكتاب‬ ‫الذي يحظى بح�ضور �إعالمي وب�أي �شكل من خالل م�ؤلفه �أو غريه‪ ،‬و�سواء‬ ‫كانت ب�شكل مبا�شر �أو غري مبا�شر ي�ساهم ب�شكل كبري يف ت�سويق الكتاب‬ ‫والرتويج له والتعريف به لدى �شريحة وا�سعة من القراء واملهتمني‪ ،‬كما �أنه‬ ‫ي�سهم ب�شكل فاعل يف زيادة مبيعات الكتاب على املديني املتو�سط والبعيد‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬معجم الفردو�س معجم �إجنليزي‪-‬عـربي للكلمات الإجنليزية ذوات‬ ‫الأ�صول العـربية‬ ‫الرابط‪:‬‬

‫‪http://twitmail.com/email/42342609714//%D985%%‬‬ ‫‪http://m.youtube.com/watch?hl=ar‬‬

‫أفكار مضيئة‬ ‫املختلفة لزيادة الوعي واملعرفة للكتب وغريها من املنتجات‪ .‬هذا وتُعد‬ ‫قنوات الإعالم الإجتماعية واحدة من الو�سائل الأكرث منو ًا يف هذا العقد‪،‬‬ ‫و ال زالت تنمو ب�سرعة فائقة‪ ،‬حتى �أ�صبح من املر�شح �أن عدد ال��زوار �إىل‬ ‫مواقع و�سائل الإع�لام الإجتماعية �سيتجاوز قريب ًا عدد الأ�شخا�ص الذين‬ ‫ي�ستخدمون حمركات البحث‪ ،‬ولذلك ف�إن مواقع ال�شبكات الإجتماعية مثل‬ ‫في�سبوك‪ ،‬يوتيوب‪ ،‬لينكد�إن‪ ،‬وتويرت‪� ،‬إذا ما ا�ستخدمت ب�شكل �صحيح‪ ،‬ت�سمح‬ ‫لدور الن�شر وامل�ؤلفني والكتاب لإ�شهار �أنف�سهم وكتبهم وك�سب ال�شعبية على‬ ‫�شبكة الإنرتنت عن طريق ا�ستخدام �أنواع خمتلفة من تقنيات الويب ‪2.0‬‬ ‫املتاحة‪ ،‬مثل املدونات والفيديو ومواقع م�شاركة ال�صور ومواقع م�شاركة‬ ‫الروابط الإجتماعية‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد �إتخذ الت�سويق االجتماعي الن�سخة‬ ‫الإلكرتونية للت�سويق عرب “كلمة الفم” (�إن �صح التعبري) �أو ما ُيعرف‬ ‫بـ ‪ word of mouth advertising‬بالإجنليزية‪ .‬ولذلك ف�إن �إ�ستخدام‬ ‫مثل هذه التقنيات بالطريقة ال�صحيحة ي�ؤدي �إىل املزيد من الزبائن‪ ،‬املزيد‬ ‫من املبيعات‪ ،‬وارتفاع م�ستوى احل�ضور على الإنرتنت ب�شكل �أكرب من �أي‬ ‫وقت م�ضى‪ .‬على �سبيل املثال‪ ،‬وفق ًا لتقارير �صدرت حديث ًا‪ ،‬ف�إن ‪ ٪ 59‬من‬ ‫م�ستخدمي الإنرتنت يقوموت بعمليات ال�شراء على �أ�سا�س التو�صيات التي‬ ‫وردت من خالل مواقع و�سائل الإعالم الإجتماعية‪ .‬وعليه‪ ،‬ف�إن �إ�ستخدام‬ ‫�سائل الإعالم الإجتماعية للت�سويق �أمر يحدث الآن بالفعل‪ .‬النا�س يتحدثون‬ ‫عنك‪ ،‬عن كتبك‪ ،‬وعن خدماتك‪ ،‬وعن ال�شركة اخلا�صة بك‪ ،‬على مواقع‬ ‫و�سائل الإعالم الإجتماعية مثل الفي�سبوك‪ .‬ب�إخت�صار‪� ،‬إن قنوات الإعالم‬ ‫الإجتماعية هي املكان حيث يتواجد النا�س‪ .‬دعنا نقول �أن هناك معر�ض َا‬ ‫�سيح�ضره ‪ 300‬مليون �شخ�ص‪ ،‬و�أنا �أقمت لك ك�شك ًا جمان ًا‪ ..‬هل �ست�أتي؟‬ ‫�أعتقد ذلك‪ .‬الفي�سبوك على �سبيل املثال يحتوي على �أكرث من ‪ 700‬مليون‬ ‫م�شرتك و ال زال ينمو مبعدل ‪ 600،000‬م�ستخدم جديد يومي ًا‪ .‬هل ميكن‬ ‫لك �أن ت�ستغني عنه؟‬ ‫مثال ‪ :‬كتاب �أ�سئلة الثورة‬ ‫الرابط‬

‫‪ 18‬فكر‬

‫‪http://www.e-mall.com.sa/arabic/buyer/pages/‬‬ ‫‪productdetails.aspx‬‬ ‫‪http://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=1000‬‬ ‫‪http://saudi.souq.com/sa-ar‬‬ ‫‪/http://www.neelwafurat.com‬‬ ‫‪/http://warqat.com‬‬

‫‪http://www.nooonbooks.com/catalogsearch/resul‬‬

‫‪http://www.goodreads.com/book/show/13516777‬‬

‫تا�سعاً‪ :‬حفالت توقيع الكتب‬ ‫هي احتفالية تقوم بها دار ن�شر الكتاب �أو مكتبة �أو الكاتب نف�سه للتحدث‬ ‫عن الكتاب والتوقيع عليه للقراء‪ ،‬وتعترب ه��ذه الطريقة من الأ�ساليب‬ ‫الت�سويقية والتعريفية احلديثة للكتاب حيث يعترب الكثري من القراء �أن توقيع‬ ‫امل�ؤلف على الكتاب تزيد من قيمته املعنوية‪ .‬كما �أن كثري من القراء يحر�ص‬ ‫على ح�ضور هذه احلفالت و�شراء ن�سخة من الكتاب والإحتفاظ بها مع توقيع‬ ‫امل�ؤلف عليها‪ ،‬وهي تعترب �أحد الو�سائل اجليدة للتعريف بالكتاب والرتويج له‬ ‫وغالب ًا مايكون هذا للإ�صدارات اجلديدة من الكتب �أو الطبعة ذات القيمة‬ ‫امل�ضافة عن الطبعات ال�سابقة‪.‬‬ ‫�إحدى ع�شر‪ :‬الت�سويق عرب مواقع البيع الإلكيرتوين‬ ‫مثال‪ :‬كتاب ق�ص�ص �أعجبت طالبي‬ ‫ً‬ ‫تعترب هذة الطريقة من �أحدث الطرق ن�سبيا يف املنطقة العربية‪ ،‬و�إن مل‬ ‫الرابط‪:‬‬ ‫‪http://www.facebook.com/‬‬ ‫تكن جديدة يف مفهوم الت�سوق الإلكرتونية فمتجري �أمازون وبارنز �آند نوبل‬ ‫‪ OPBookcafe?ref=stream&filter=3‬ومايعادلهما بالن�سخة العربية نيل وفرات وجملون خري مثال على ذلك‪� ،‬إال‬ ‫عا�شراً‪ :‬الت�سويق عرب �شبكات التوا�صل االجتماعي‬ ‫�أن هذا الأمر بالن�سبة للكتاب العربي يواجه �صعوبات بالغة تتعلق بطيبعه‬ ‫وهو يعني �إ�ستخدام تقنيات الت�سويق التي توفرها ال�شبكات الإجتماعية وثقافة امل�ستهلك العربي جتاة الكتب‪ ،‬وكذلك من حيث طبيعة عالقة املوزع‬ ‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫الإليكرتوين مع م�ؤلفي ومنتجي الكتب العربية‪� ،‬إال �أنه يف ال�سنتني الأخريتني‬ ‫ظهرت بع�ض املواقع العربية التي ت�ستحق الإ�شادة منها ماهو متخ�ص�ص‬ ‫بالكتب ح�صر ًا‪ ،‬ومنها ماهو عام جلميع املنتجات مبا فيها الكتب‪ ،‬ووجود‬ ‫الكتاب �ضمن هذه الأ�سواق والتعريف به يتيح لها قدر من الإنت�شار والت�سويق‬ ‫والتعريف غري التقليدية‪ ،‬كما يو�سع من عملية تداول املعلومات والتو�صيات‬ ‫اخلا�صة بالكتاب‪.‬‬ ‫مثال‪� 1000 :‬س�ؤال وجواب يف علم الأع�شاب‬ ‫الروابط‪:‬‬

‫عليها من عمل جتاري �أو فني �أو حريف وتلك العوائد توفر لك دخال �أكرب‪،‬‬ ‫علم يحاول فهم ما الذي يجعل الفرد‬ ‫يجعلك تعي�ش حياة �أف�ضل‪ .‬الت�سويق ُ‬ ‫منا يوافق على �شراء �سلعة ‪ /‬خدمة بعينها‪ ،‬منفق ًا من ماله الذي كد يف‬ ‫جمعه‪ .‬الت�سويق هو جمموعة من ال��ق��رارات الذكية تتخذها عندما تبد�أ‬ ‫ن�شاطا فني ًا‪ ،‬وهذا الأمر ينطبيق على الكتاب بحذافرية �إال �إنه يختلف عن‬ ‫غريه من املنتجات بطرق عر�ضة‪ ،‬حيث يحتاج القاريء �أحيان ًا ليقوم بتلم�س‬ ‫الكتاب وت�صفحه وتقليبه قبل اتخاذ قرار ال�شراء وهذا مامل ولن يح�صل من‬ ‫خالل الن�سخة الإفرتا�ضية �أوالورقية عرب الإنرتنت ما احلل؟ بكل ب�ساطة‬ ‫�إتاحة مايقارب من ‪� 25‬إىل ‪ % 35‬من الكتاب جمان ًا عرب كل منافذ الت�سويق‬ ‫واملواقع الإلكرتونية‪ ،‬مما �سي�ساعد على جذب القاري وزيادة ثقتة بالكتاب‬ ‫و�سرعة �أخذ قرار ال�شراء‪ ،‬وذه النهج تتبعة معظم �إن مل يكن كل دور الن�شر‬ ‫وامل�ؤلفني املتابعني حلركة وتطور العلالقة بني الكتاب والقاريء بل �إن بع�ض‬ ‫امل�ؤلفني قام ب�إتاحة كتابة بالكامل جمان ًا ويف نهاية الكتاب كتبت العبارة‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫«�إذا �أعجبك الكتاب و�أح�س�ست �أن��ه �أ�ضاف لك �شيئ ًا فيمكن امل�ساهمة‬ ‫بدعمة من خالل �شراء ن�سخة ورقية منه»‬ ‫وهناك جتربة �شخ�صيه قمت بعملها قبل ‪� 3‬سنوات حيث متت �إتاحة‬ ‫كتاب « فن �إدارة املواقف �إلهام للقرار ال�صحيح» عرب كل و�سائل الت�سويق‬ ‫الإليكرتونية جمان ًا والي��زال‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إىل حتميل مايقارب مليوين‬ ‫ن�سخة ح�سب تقرير متجر نون للكتب الإلكرتونية‪ ،‬الذي �أدى يف النهاية �إىل‬ ‫بيع طبيعنت مكونة من ‪ 10.000‬ن�سخة خالل �سنتني ون�صف‪.‬‬ ‫مثال ‪ :‬كتاب فن �إدارة املواقف‬ ‫الرابط‪:‬‬

‫الت�سويق عرب الربيد الإليكرتوين‬ ‫هي طريقة تقليدية وغري مبتكرة �إال �أنها كثري ًا ماتوتي ثمارها وب�سرعة‬ ‫�شديدة وبكفلة قليلة ن�سيب ًا مع بع�ض و�سائل الرتويج احلديثة‪ ،‬الأمر الآخر‬ ‫�سهولة تعريف من تربطك بهم عالقة من �أي نوع مبنتجك‪ ،‬وكتابة ماتريد‬ ‫ع��ن الكتاب بحرية و�إ���ض��اف��ة بع�ض املقتطفات ع��ن الكتاب �أو ج��زء منه‬ ‫بالإ�ضافة �إىل الغالف مع الر�سائل �أمر حمبب للقاريء ويزيد من فر�ص بيع‬ ‫الكتاب والتعريف به ومتريره عرب و�سائل الربط االجتماعي الأخرى‪ .‬وميكن‬ ‫�إثنا ع�شر‪ :‬الت�سويق ب�إتاحة الن�سخة الإليكرتونية‬ ‫القيام بذهة العملية من خاللك �شخ�صي ًا �أي بالإ�شرتاك ببع�ض مواقع الربيد‬ ‫كثرية هي التعريفات التي حاولت �شرح املق�صد من كلمة ت�سويق‪ ،‬لكنها الإليكرتوين‪ ،‬او من خالل �شركات تقوم بهذة اخلدمة نيابة عن امل�ؤلف او‬ ‫ميكن �أن ت�صاغ ب�شكل �سهل‪ :‬الت�سويق هو و�سيلة لزيادة العوائد التي حت�صل النا�شر ومن مزايا هذه اخلدمة �أن النظام اخلا�ص بالر�سائل ي�صطيك‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪19‬‬


‫أفكار مضيئة‬ ‫تقرير مف�صل بهذة الر�سائل من حيث عدد العناوين املدرجة‪ ،‬عدد الربيد‬ ‫الراجع‪ ،‬عدد من قاموا بفتح الر�سالة‪ ،‬عدد من قاموا بالغ�ضط على الروابط‬ ‫داخل الر�سالة وهكذا‪.‬‬ ‫رابط �إ�ضايف للمزيد ‪:‬‬ ‫‪h t t p ://w w w .f o r b e s m i d d l e e a s t .c o m /r e a d .‬‬ ‫‪php?story=1026‬‬

‫روابط ل�شركات بريد �إليكرتوين تقوم ب�إعطائك خا�صية التحكم بر�سائل‬ ‫وتقاير الربيد املر�سل‬

‫أفكار مضيئة‬ ‫‪/http://www.goodreads.com‬‬ ‫‪/http://authonomy.com‬‬

‫روابط �إ�ضافية لبع�ض املواقع العربية التي تقوم بالتعريف املجاين للكتب‬

‫‪/http://beta.kotob.me‬‬ ‫‪http://bazaralketab.com/BooksMain.aspx‬‬

‫‪http://www.neelwafurat.com/browse‬‬

‫‪https://www.icontact.com/features/email-marketing‬‬‫‪solutions‬‬ ‫ ‪h t t p s ://w w w .i c o n t a c t .c o m /a ff o r d a b l e -e m a i l‬‬‫‪/marketing‬‬

‫روابط ل�شركات تقوم بتقدمي اخلدمة نيابة عن امل�ؤلف �أو النا�شر �أو املوزع‬

‫‪www.gulfsender.com‬‬ ‫‪www.clickjordan.net‬‬

‫العربية عليها يف املعار�ض الدولية للكتب مما ي�ساعد على الرتويج للكتب‬ ‫حمالت ‪BR‬‬ ‫وهذه احلمالت غالب ًا تقوم بها جهات �أو �أفراد متخ�ص�صني ل�صالح امل�ؤلف والتعريف بها ب�أمناط حتاكي التغري احلا�صل يف املعرفة الب�شرية‪.‬‬ ‫�أو دار الن�شر �أو جهة ما‪ ،‬وحتتاج هذه الطريقة لتحديد اجلهات امل�ستهدفة مثال‪ :‬املرجع يف تربية املوهوبني‬ ‫وطرق الإعالن وكلفته قبل البدء باحلملة‪ ،‬وهذه الطريقة ت�ؤتي نتائج جيدة الرابط‪:‬‬ ‫‪http://www.goodreads.com/book/show/13515311‬‬ ‫للتعريف الأويل للكتاب فقط‪ ،‬وه��ذا يعتمد ب�شكل �أ�سا�سي على التحرير‬ ‫اجليد للمادة املراد الإعالن عنها وذكلك اختيار الأوقات والأماكن املنا�سبة واليفوتني يف نهاية هذه الأ�سطر �أن �أذك��ر �أن هذه الو�سائل لي�ست هي‬ ‫للإعالن وقد تكون النتائج غري متوقعة من حيث البيع �إال �أنها ممتازة من الوحيده يف الت�سويق والرتويج والتعريف بالكتاب‪� ،‬إذ رمبا توجد هناك طرق‬ ‫�أخ��رى فاتت على العبد الفقري‪ ،‬ورمبا بل من امل�ؤكد �أن امل�ستقبل �سي�شهد‬ ‫حيث التعريف بالكتاب و�إعطاء ملعومات تف�صيلية عند �صدوره‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حتوال نوعيا يف منو وتطور ت�سويق الكتب والتعريف بها ب�شكل غري م�سبوق‬ ‫مثال‪ :‬كتاب «الثورة الآن»‬ ‫وغري تقليدي‪ .‬وال �أدل على ذلك من و�صول رابط يل قبل يومني فقط ملكتبة‬ ‫الرابط‪:‬‬ ‫‪ http://al-mashhad.com/News/aspx‬تقوم باتاحة الكتاب كام ًال ملدة �أ�سبوعنب جمان ًا‪ ،‬ومن ثم تقوم برفعه من‬ ‫احل�ساب‪ ،‬ليقوم القاريء بعد ذلك ب�شراء الكتاب �إما بن�سختة الورقية �أو‬ ‫الإتاحة املجانية للكتب‬ ‫الإليكرتونية‪ ،‬وبذلك تكون هذه الطريقة غري م�سبوقة يف عامل الن�شر‪.‬‬ ‫ويق�صد بها �إتاحة الكتاب �إليكرتوني ًا ب�شكل كامل �إما لفرتة موقتة �أو دائمة‪،‬‬ ‫مثال‪The Big Four :‬‬ ‫وهذا يعطي مثا ًال حي ًا للت�سويق والرتويج خارج النطاق امل�ألوف وبد�أت هذه‬ ‫الرابط‪:‬‬ ‫الظاهرة بالإنت�شارعموم ًا يف الواليات املتحدة من خالل كتاب جون ماك�سويل‬ ‫‪/http://openlibrary.org‬‬ ‫يف كتابة التوا�صل الفعال‪ :‬كثريون يتحدثون قليلون يتوا�صلون‪ ،‬حيث �أدت هذة‬ ‫الطريق �إىل مايلي‪:‬‬ ‫‪ p‬الرتويج الورقي للكتاب ب�شكل غري متوقع‪.‬‬ ‫‪ p‬ح�صول امل�ؤلف على ‪ 7000‬تعليق على الكتاب‪.‬‬ ‫‪ p‬و�صول ‪ 300‬ن�صيحة للم�ؤلف عن الكتاب قام ب�إ�ضافتها للكتاب يف ن�سختة‬ ‫الورقية والإليكرتونية الالحقة‪.‬‬ ‫‪ p‬منو العالقة الطردية بني امل�ؤلف وقرائه وحمبيه ب�شكل الفت يف ظاهرة‬ ‫بد�أت ت�أخذ بالإت�ساع يف العامل الغربي ب�شكل مت�سارع‪.‬‬ ‫مثال‪Everyone Communicates, Few Connect: What the :‬‬ ‫‪Most Effective People Do Differently‬‬

‫الرابط‪:‬‬ ‫الروابط الت�سويقية‬ ‫هي طريقة حديثة ن�سبي ًا وتعني و�ضع البيانات اخلا�صة بالكتاب والغالف‬ ‫وكذلك جزء منه عرب �أحد املواقع من ثم �إر�سال الرابط ل�شبكة من القراء‬ ‫حمددين �سلف ًا عرب ر�سائل الربيد‬ ‫وال��وت�����س �أب و‪sms ,mms‬‬ ‫وهذه اخلدمة يجب �أن يديرها‬ ‫امل���ؤل��ف �أو ال��ن��ا���ش��ر �أو امل���وزع‬ ‫بنف�سه والي�سمح الحد ب�إداراتها‬ ‫نظر ًا خلطروة �إ�ساءة الإ�ستخدام‬ ‫او الإزعاج والتي قد تنعك�س �سلب ًا على‬ ‫حمالت الت�سويق‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬تعريفات ور�سائل امل�ؤلف الداعية حممد املنجد عرب الوات�س �أب‬ ‫الرابط‪:‬‬

‫التعريف بالكتاب عرب بع�ض املواقع املتخ�ص�صة‪.‬‬ ‫ونق�صد به حتديد ًا بع�ض املواقع العاملية والعربية املتخ�ص�صة بت�سويق‬ ‫الكتب والتعريف بها ب�شكل مبا�شر دون تكاليف على امل�ؤلف �أو النا�شر �أو‬ ‫املوزع وهي ت�ساهم ب�شكل مبا�شر بربط امل�ؤلف بالقراء وحمبي الكتاب من‬ ‫خالل هذه املواقع وتلقي هذه الطريقة رواج ًا و�إجنذاب ًا غري م�ألوف‪ ،‬كما �أنها‬ ‫ت�سهم ب�شكل مبا�شر ب�إرتفاع مبيعات الكتاب ب�شكل غري متحيز ومنهجي ي�ضع‬ ‫‪+966582129438‬‬ ‫القاريء يف حاله ت�صويب قرار ال�شراء من عدمه‪.‬‬ ‫رابط �شركات تقدم خدمة الر�سائل الن�صية اجلماعية ‪ BulkSMS‬ب�أ�سعار‬ ‫مثال‪:‬‬ ‫جيدة‬ ‫الرابط‪:‬‬ ‫‪http://strust.com/Default.aspx?pad=1‬‬ ‫روابط �إ�ضافية ملواقع عاملية تقوم بالتعريف املجاين للكتب‬ ‫‪http://www.yamamah.com/Index.asp‬‬ ‫‪http://www.amazon.com/books-used-books‬‬

‫‪ 20‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪http://www.amazon.com/Everyone-Communicates‬‬‫‪Few-Connect-Differently‬‬

‫‪ p‬التوزيع املقنن على بع�ض القطاعات والأفراد‪.‬‬ ‫ه��ذه الطريقة تنتهجها بع�ض دور‬ ‫الن�شر ال��ع��امل��ي��ة وب��ع�����ض دور الن�شر‬ ‫ال��ع��رب��ي��ة وامل���ؤل��ف�ين وه���ي ع��ب��ارة عن‬ ‫تخ�صي�ص مايقارب ‪ % 6‬من عدد‬ ‫ال��ن�����س��خ امل��ط��ب��وع��ة ل��ل��ت��وزي��ع على‬ ‫القطاعات املعنية مبو�ضوع الكتاب‪،‬‬ ‫وبع�ض ال�صحف واملجالت واملواقع‬ ‫الإل��ي��ك�ترون��ي��ة‪ ،‬وك��ذل��ك على بع�ض‬ ‫الأف���راد من �أ�صحاب التخ�ص�ص‪،‬‬ ‫ك��م��ا ت���ط���ورت ه����ذه ال��ف��ك��رة‬ ‫الحق ًا لت�شمل بع�ض �أ�صحاب‬ ‫احل�������س���اب���ات ال���ك���ب�ي�رة ع��ل��ى‬ ‫�شبكات التوا�صل االجتماعي‬ ‫كفي�س بوك وتويرت ويويتيوب‪،‬‬ ‫وه��ذه الطريقة �أثبتت جتربتها مدى‬ ‫جناحها من خ�لال اعتماد بع�ض دور الن�شر‬

‫للتوا�صل مع الكاتب ‪:‬‬

‫‪https://twitter.com/malfriah‬‬ ‫‪http://www.facebook.com/profile‬‬ ‫‪http://www.linkedin.com/inbox/messages/received‬‬

‫امل�صادر ‪:‬‬ ‫ت�سويق الكتاب العربي �أعده د‪�.‬سليمان بن �صالح العقال‬ ‫‪http://tasweek-online.com/what-we-do/social-media‬‬‫‪/marketing‬‬ ‫‪http://ar.wikipedia.org/wiki‬‬ ‫‪http://www.arabicebook.com/items/item-display.‬‬ ‫‪aspx?IID=667‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪21‬‬


‫دراسة‬

‫دراسة‬

‫العنصرية واإلرهاب في األدب الصهيوني‬

‫الظاهرة الأدبية ال�صهيونية ال تخرج عن‬ ‫كونها تنظري للفكر ال�صهيوين وتكنيك ًا لآلية‬ ‫فعله‪ .‬فالأيديويجيا هي جمموعة من الت�صورات‬ ‫والأفكار املرتابطة واملتالحمة التي ت�ؤدي معنى‬ ‫حمدد ًا للعالقات االجتماعية‪ .‬وما �أق�صده‬ ‫ب�أداء املعنى هنا‪ .‬هو �أن امل�شرتكني يف هذه‬ ‫العالقات يجدون �أن تلك الأيجيولوجيا طبيعية‬ ‫مقبولة �صحيحة ومربرة وم�شروعة‪ .‬وهكذا‬ ‫ف�إن �أ�صحاب �أيديولوجية معينة ي�شاركون فيها‬ ‫وميار�سونها عفوي ًا دون �أن يكونوا مكرهني على‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ا�ستطاعت الأيديولوجيا ال�صهيونية خلق‬ ‫ج�سم مرتابط من الأفكار املنبثقة عن‬ ‫املعتقدات والأ�ساطري واحلوادث التاريخية‬ ‫حقيقية كانت �أم مزيفة‪ ،‬لتخفي بذلك التناق�ض‬ ‫ال�صارخ القائم بني �شكلها وم�ضمونها‪ .‬وهي‬ ‫بذلك تقوم على «دمياغوجية اجتماعية» بال‬ ‫حياء وت�ؤثر على �أنا�س م�ؤمنني غري ثابتني‬ ‫�أيديولوجيا‪ ،‬وغري واعني �سيا�سي ًا‪ ،‬وهي لأنها‬ ‫مبنية ب�شكل دقيق قادرة على التكيف ح�سب‬ ‫الظروف املختلفة‪ .‬بحيث �أ�صبح وعي ماليني‬ ‫النا�س يهود ًا وغري يهود عاجز ًا عن التميز‬ ‫بني احلقيقة واخليال «امليتافيزيقيا» بني ما‬ ‫هو �صحيح وما هو مزيف تاريخي ًا ةوتدعي‬ ‫ال�صهيونية ب�أنها متثل جميع يهود العامل‬ ‫و�أنهم جميع ًا �أينما وجدوا يدينون بالوالء لها‬ ‫وي�ستجيبون لدعواتها دون متييز‪ ،‬فهناك من‬ ‫يرف�ض �إ�صباغ التف�سريات القومية ال�ضيقة على‬ ‫الديانة اليهودية وقيمها الأخالقية مبدلولها‬ ‫الإن�ساين‪.‬‬

‫‪ 22‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫د‪.‬خليل حسونة‬ ‫كاتب وأديب فلسطيني‬

‫ومن ه�ؤالء «املجل�س الأمريكي لليهودية الذي‬ ‫اتهم من قبل احلركة ال�صهيونية بالتنكر للدين‬ ‫اليهودي وخيانة �أ�صولها وحماباة العرب وت�أييد‬ ‫ق�ضاياهم‪.‬‬ ‫من هنا ميكن االفرتا�ض ب�شيء كبري من الدقة‬ ‫«�أن ال�صهيونية واليهودية فكرتان متداخلتان بعد‬ ‫�أن عمدت ال�صهيونية �إىل تزوير ال�شريعة املو�سوية‬ ‫حتى يت�سنى لها ا�ستعمار فل�سطني‪ ،‬وعلى �أ�سا�س‬ ‫ما كتب هرتزل من «�أن الغاية تربر الو�سيلة»‪ .‬وهي‬ ‫القاعدة التي انح�صرت فيها الأفكار الرئي�سة‬ ‫لل�صهيونية كما �صاغها كال�سيكيوها هرتزل‬ ‫وبن�سكر وبوروخوف وغريهم واملتمثلة يف‪:‬‬ ‫ـ اليهود هم �شعب اهلل املختار‪.‬‬ ‫ـ اليهود هم �شعب ذو م�صري تاريخي و�سمات‬ ‫خا�صة ال تت�صف بها ال�شعوب الأخرى‪.‬‬ ‫ـ كل يهودي ينتمي �إىل الأمة اليهودية ويجب على‬ ‫اليهود �أن يطمحوا للعودة �إىل موطنهم القدمي‬ ‫فل�سطني!‬ ‫على هذه الأ�س�س ا�ستطاعت ال�صهيونية �أدجلة‬

‫الأفكار وتوظيف الأدب لتحقيق م�آربها‪ .‬فباتت‬ ‫ال�صهيونية الأدبية هي الوجه الأحدث لل�صهيونية‬ ‫ال�سيا�سية بحيث واكبتها من مرة �إىل �أخرى مطوقة‬ ‫نف�سها ح�سب كل مرحلة‪ .‬ففي الع�شرينات كانت‬ ‫النظرة جتاه العرب تتمثل يف‪« :‬العربي امل�سلم هو‬ ‫ذلك البدوي املتوح�ش القا�سي الذي يتاجر يف‬ ‫العبيد‪ ،‬ومع بداية ال�سبعينات حتول �إىل بدوي ثري‬ ‫عربيد نهم للن�ساء‪ .‬لت�صل ال�صورة يف الت�سعينات‬ ‫�إىل الإرهابي الأ�صويل املتع�صب الذي ال ي�صلي‬ ‫قبل �أن يقدم على قتل الأبرياء وتفجريهم‪ .‬فهو‬ ‫�شخ�ص همجي �أ�شعت الر�أ�س‪ ،‬يتحدث بلكنة ثقيلة‬ ‫ي�شتهي �أن ميلك �أموال العامل‪ ،‬ي�شبه اخلنزير يف‬ ‫كيفية ابتالعه للطعام‪ ،‬ويقتل الأطفال بال رحمة‬ ‫�إذا مل يغت�صبهم» لذلك ال يحق له الأر�ض التي‬ ‫يعي�ش فيها‪ .‬فهي �أر�ض �إ�سرائيل‪ .‬هذه الأفكار‬ ‫املزروعة داخل وجدان الإ�سرائيليني ت�ؤكد �إىل �أي‬ ‫مدى و�صل الت�ضليل ال�صهيوين الب�شع‪ .‬و�أن معظم‬ ‫الأدب الإ�سرائيلي �أدب عدواين‪ .‬ميثله العديد‬ ‫من الكتاب ال�صهاينة‪�« .‬آمنون حيفر» م�ستوطن‬ ‫�إ�سرائيلي يف ال�ضفة الفل�سطينية يكتب للتالميذ‬ ‫والطلبة الإ�سرائيليني حماو ًال �إعطائهم �إح�سا�س ًا‬ ‫عميق ًا باالرتباط بالأر�ض بعد مئات ال�سنني من‬ ‫ال�شتات وحياة «اجليتو» على حد قوله‪ .‬يف كتابه‬ ‫«موا�ضيع مركزية يف تاريخ ال�شعب والدولة» ويف‬ ‫م�ستهل ف�صل بعنوان «تعلم كيف جتيب على‬ ‫ال�س�ؤال ب�صدد حقوقنا على الأر�ض» يقول‪�« :‬إن‬ ‫كل الأقوال ب�ش�أن احلقوق التاريخية التي يحفل‬ ‫بها النقا�ش بيننا وبني العرب تفتقر �إىل احلقيقة‬ ‫وناجمة على �أي الأحوال لدينا عن قلة الفهم وقلة‬ ‫املعرفة والدراية بتاريخ اال�ستيطان اليهودي على‬ ‫�أر�ض �إ�سرائيل‪� .‬إن �أميتنا ولدت فر�ضيات كاذبة‬ ‫بينها تلك الفر�ضية القائلة �أنه لدى عودتنا �إىل‬ ‫البالد‪ ،‬بعد هجرة دامت �ألفي �سنة‪ ،‬وجدنا البالد‬ ‫م�ستوطنة من قبل �شعب �آخر‪� ،‬أقام هنا مئات‬ ‫ال�سنني‪ .‬وهذا غري �صحيح ال من قريب وال من‬ ‫بعيد‪ .‬احلقيقة هي �أننا عندما �أتينا �إىل هنا الآن‬ ‫مل بالت�أكيد �شعب ًا �أقام مئات ال�سنني»‪.‬‬

‫�سمات احلياة الأدبية الإ�سرائيلية‬ ‫ي�شري النقاد �إىل ثالث �سمات يف احلياة الأدبية‬ ‫الإ�سـرائيلية ت�ؤكـد مـاهـية الـثـقـافـة التي جتـري‬ ‫ممار�ساتها بهدف خدمة الأيديولوجية ال�صهيونية‪.‬‬ ‫هذه ال�سمات هي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬هناك تدخل فظ يف حرية التعبري الأدبي‬ ‫الإ�سرائيلي �إذا جنح �إىل خمالفة جوهر �أهداف‬ ‫ال�سلطة الإ�سرائيلية وهو �أمر ميثل اجلانب‬ ‫ال�ضيق من عملية �شاملة ت�ستهدف جتنيد الأدباء‬ ‫الإ�سرائيليني من �أجل العودة �إىل مفاهيم ال�سيا�سة‬ ‫الإ�سرائيلية ومرتكزات الفكر ال�صهيوين‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الأدب العربي يف �إ�سرائيل يواكب �أهداف‬ ‫ال�سلطة وهو �أداة يف يدها لتحريك اجلماهري‬ ‫اليهودية وهو �أدب يحمل �سمات ال�صنعة‪ ،‬والأدباء‬ ‫العربيون «�أبواق ال�سلطة احلاكمة وال�صهيونية‬ ‫هدفها �إقناع القارئ العربي ب�أن لي�س �أمام العربي‬ ‫�إال الر�ضوخ ملا متليه عليه ال�صهيونية و�أن العرب‬ ‫ال يفهمون �إال لغة القوة»‪.‬‬ ‫‪ - 3‬هناك �أدب يتحرك خلدمة الدعوة ال�صهيونية‬ ‫ملا ي�سمى «بالقومية اليهودية» وارتباطها بفل�سطني‬ ‫�أر�ض ًا وتاريخ ًا‪ .‬وفق ًا «للمبادئ التي قام قادة‬ ‫احلـركـة ال�صهيونية يخـو�ضـون على �أ�سـا�سـهـا‬ ‫حمالتهم ال�سيا�سية لتحقيق الأهداف ال�صهيونية»‬ ‫وقد عرب عن ماهية هذه الدعوة يف �إطارها الأدبي‬ ‫الكاتب ال�صهيوين «حاييم هزار» الذي �شغل‬ ‫ذات مرة من�صب رئي�س احتاد الكتاب العربيني‬ ‫حني قال «�إن عن�صرية ال�شعب اليهودي تكمن يف‬ ‫ذاكرته التي ظلت تعي على امتداد ع�شرين قرن ًا‬ ‫كونه وحدة غري قابلة للتفتت» وحينما يقول هزار‪،‬‬ ‫هذا �إمنا يريد �أن ينفذ منه دور الأديب ال�صهيوين‬ ‫وحتديده‪� .‬أن هذا الدور يتحدد يف العمل على‬ ‫تغذية الذاكرة اجلماعية لدى �أبناء الطوائف‬ ‫اليهودية و�إثارة م�شاعر االنتماء القومي املوهوم‬ ‫لديهم‪ .‬والعزف على وتر العالقة التاريخية التي‬ ‫تربط بني اليهودي والأر�ض الفل�سطينية» وكما‬ ‫جاء يف �سفر ارميا «�أيها الرب‪ ،‬رجاء �إ�سرائيل كل‬ ‫الذين يرتكونك يخزون»‪.‬‬ ‫الأر�ض التاريخية ومعاداة ال�سامية‬ ‫�إن درا�سة الوثائق ال�صهيونية و�أفعال احلكومة‬ ‫الإ�سرائيلية تبينان لنا مفاتيح املذهب ال�صهيوين‬ ‫والذي هو مدون يف نظريات و�أفعال هرتزل‬ ‫ووايزمن وبن غوريون وغولدا مئري وقيادات‬ ‫�صهيونية �أخرى‪ .‬ون�ستطيع �أن نوجز جممل‬ ‫�آراءهم‪:‬‬

‫‪� - 1‬أن العامل اخلارجي الاليهودي هو عامل‬ ‫بطبيعته �ضد ال�سامية و�سيلج�أ هذا العامل �أخري ًا‬ ‫�إما لتدمري اليهود و�إما المت�صا�صهم!‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ال مفر لكل اليهود يف العامل من مغادرة‬ ‫�أوطانهم التي يعي�شون فيها «املنفى»!! ويعودون‬ ‫�إىل �أر�ض �إ�سرائيل اخلا�صة واملطلقة لهم‪.‬‬ ‫والهدف من العودة �أحياء دولة داود و�سليمان‬ ‫القدمية‪ ،‬بحدودها املقد�سة وبلطيف العبارة فهذه‬ ‫الأر�ض وطن اليهود!‬ ‫‪ - 3‬يف �سبيل احلفاظ على نقاء العن�صر اليهودي‬ ‫يجب طرد كل �إن�سان غري يهودي و�إذا ما رف�ضوا‬ ‫ف�إنهم يجب �أن يعي�شوا حتت �شروط �سيكولوجية‬ ‫قادرة على خلق جدار منيع يف�صل بني املجتمع‬ ‫املقد�س والغرباء وهذا تعبري م�أخوذ من التوراة‪.‬‬ ‫ويحمل االزدراء واال�ستخفاف‪ .‬من هنا ت�سلحت‬ ‫ال�صهيونية ومنذ البداية بطرق ت�شوه الوقائع‬ ‫التاريخية حماولة ا�ستخدام احلوادث الغابرة‬ ‫خلدمة �أهدافها‪ .‬لهذا يركز ال�صهاينة يف وثائقهم‬ ‫ون�شاطهم الدعائي على حماولة الربهان على حق‬ ‫اليهود يف فل�سطني كوطن تاريخي لهم طردوا‬ ‫منه بالقوة‪ ،‬وذاقوا الأمرين طيلة عدة قرون‪.‬‬ ‫ولكنهم ظلوا يحلمون بالعودة �إىل هناك لهذا‬ ‫�أتقنت ال�صهيونية كل دعوة لعداء اليهود لدفعهم‬ ‫لالنغالق واملحافظة على «اجلوهر اليهودي» ثم‬ ‫دفعهم لتحقيق امل�آرب ال�صهيونية لإجناز الوطن‬ ‫املزعوم وهنا باتت الهجرة واال�ستيطان �ضروريني‬ ‫لتحقيق قيام �إ�سرائيل على الأر�ض التاريخية‬ ‫املزعومة‪ .‬ولقد �أ�شار بيجني ذات مرة يف‬ ‫برناجمه االنتخابي �إىل الهجرة و�أهميتها للكيان‬ ‫ال�صهيوين قائ ًال‪�« :‬ستعمل احلكومة على ت�شجيع‬ ‫الهجرة باعتبارها على ر�أ�س الأولويات» من هذا‬ ‫املنطلق مت ذبح قرى ب�أكملها على الطريقة النازية‬ ‫و�إ�صدار القوانني امل�ساعدة لال�ستيالء على‬ ‫الأر�ض‪ .‬وو�صم كل من ينتقد ت�صرفاتهم ب�صفة‬ ‫الال�سامية ورغبة �إبادة اليهود‪.‬‬ ‫ومبا �أن الظاهرة الأدبية ال�صهيونية ظاهرة‬ ‫م�صطنعة لعدم وجود �أدب يهودي باملعنى‬ ‫العلمي لهذه الكلمة نظر ًا لأنه ال يغو�ص يف العمق‬ ‫�إمنا ي�سري باجتاه ال�سطح لغاية �إعالمية تخدم‬ ‫�أهداف ًا �سيا�سية يف الع�صر احلا�ضر كما كانت‬ ‫يف الع�صور الو�سطى بينما كان هدفه قدمي ًا‬ ‫خلق نوع من النزوع املتعايل بوجه الأحداث‬ ‫التاريخية واالن�ضواء الجرتار تعاليم �أثرت ت�أثري ًا‬ ‫مبا�شر ًا على بنية اليهود ال�سيكولوجية والفكرية‬

‫والإيحاءات الدينية امل�ستمرة ومنها انطلق ت�صور‬ ‫م�شرتك كحل مل�شكلتهم باللجوء �إىل «اجليتوات»‬ ‫ف�أدى ذلك بهم �إىل العن�صرية ال�شوفينية وبالتايل‬ ‫�إىل توقفهم �أمام تيارات التغري ونوامي�س التطور‪.‬‬ ‫ومتثل رواية «الع�شب الأحمر ي�شتعل ببطء‪،‬‬ ‫النهر الأخ�ضر يتدفق للأبد» للكاتب ال�صهيوين‬ ‫العن�صري بنحا�س �سادية منوذج ًا رمزي ًا للكتابة‬ ‫الأدبية ال�صهيونية فيها يحاول الكاتب بث توحد‬ ‫�صويف يف نف�س قارئه بالأر�ض العربية عرب مقولة‬ ‫«الأر�ض التاريخية» م�ستمد ًا رموزه واحلدث يف‬ ‫الق�صة من املوقف الراهن املبا�شر دون ا�ستخدام‬ ‫رموز تراثية �أو خو�ض �صريح فيما ي�سمى بالعالقة‬ ‫التاريخية وجت�سد ال�شخ�صيات الثالثة الرئي�سية‬ ‫يف الق�صة ذلك البناء الفل�سفي الذي تقوم عليه‬ ‫الق�صة والذي يرتبط بال�شوق ال�صويف للأر�ض‬ ‫واحللم التوراتي الذي ي�صوره �أر�ض �إ�سرائيل‪.‬‬ ‫«قالت‪� :‬شيء ما بداخلي يغني‪ .‬لكن دون نغم‬ ‫ـ مباذا يغني؟‬ ‫ـ �إنه يغني هكذا‪ ...‬الع�شب الأحمر ي�شتعل ببطء‪،‬‬ ‫النهر الأخ�ضر يتدفق للأبد‪.‬‬ ‫ـ ماذا بعد ذلك؟‬ ‫ـ لي�س بعد ذلك �شيء‪ .‬فما قلته يتكرر‪ ...‬ويتكرر‬ ‫للأبد»‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪23‬‬


‫دراسة‬ ‫التوحد ال�صويف بني الأر�ض وامل�ستوطن‬ ‫هذا هو التوحد ال�صويف بني الأر�ض العربية‬ ‫وامل�ستوطن ال�صهيوين الذي يحاول عرب �أغنيته‬ ‫اال�ستحواذ عليها ب�صورة تزيف الواقع واحلقائق‬ ‫التاريخية والتوحد هنا بني «افيجيل» الأر�ض‪.‬‬ ‫و»اف�شالوم» ال�شعب اليهودي الذي ت�صلها به‬ ‫و�شيجة الدم كما يقول الكاتب ال�صهيوين‪ ،‬وهنا‬ ‫«التزييف احلقيقي يف �أبرز مظاهره» �إذ �أنه‬ ‫ينفي وجود ال�شعب العربي يف �صورة فا�ضحة ال‬ ‫تتم�شى وحقائق التاريخ وي�ستمر ذلك ليقول‪� :‬إنها‬ ‫«الأر�ض» حمرو�سة منه بال �إرادة منها �أو منه «�أي‬ ‫�أن العالقة هنا قدرية ت�ستح�ضر الرتاث اليهودي‬ ‫«لن�سلك �أعطي هذه الأر�ض»‪.‬‬ ‫ورغم مرور �أحداث كثيفة �أبعدت هذه العالقة‪،‬‬ ‫�إال �أنها ال تنتقل عنه‪ ،‬ففي �أعماقها ترتدد دائم ًا‬ ‫�أغنية التوحد به‪� ،‬أغنية الع�شب الأحمر التي تذوي‬ ‫يف باطنها رغم الأ�ضواء والرياح ال�ساخنة والدور‬ ‫القامتة الغارقة يف ال�سبات واملتداخلة يف حروف‬ ‫اللغة العربية وهنا �إ�شارة �إىل الوجود العربي‪،‬‬ ‫الذي رف�ض الكاتب ال�صهيوين جذريته فنعته‬ ‫باللون الباهت‪.‬‬ ‫«عندما خرج اف�شالوم من الأزقة املتداخلة‬ ‫املت�شابكة كحروف اللغة العربية‪ .‬كانا قد و�صال‬ ‫�إىل �سوق‪ ،‬حمنة يهودا‪ ،‬املقفرة» هنا تخيالت �أدبية‬ ‫ملا يقال ب�صراحة يف و�صف حالة الأر�ض املقد�سة‬ ‫عرب ما ي�سمى ب�سنوات النفي لليهود هي ال تي�أ�س من‬ ‫عودة اف�شالوم فها هي «الكراكي املهاجرة» طالئع‬ ‫الهجرة اليهودية تب�شرها بقرب و�صولها‪.‬‬ ‫«مرت �أ�سـراب و�أ�سـراب من الكـراكـي متتابعة‬ ‫متالحقة‪ .‬كانت هذه الأ�سراب فيما يبدو قوام‬ ‫اجلماعة املهاجرة الرئي�س‪� .‬أما ما كان قد ظهر‬ ‫منها قبل ذلك فلم يكن �سوى طالئع للقوة الأ�سا�سية‬ ‫على فرتات متباعدة كان يرتدد �صوت �أ�شبه بنداء‬ ‫ق�صري‪ .‬وفيما عدا هذا كان ال�سكون خميم ًا‪ .‬من‬ ‫�أ�سراب الكراكي ما كان �صغري ًا ي�ضم خم�سة �أو �ستة‬ ‫طيور ومنها ما كان ي�ضم ع�شرين �أو �أكرث‪ .‬غري �أنهم‬ ‫جميع ًا كانوا يتحركون على �شكل ر�أ�سي �صوب هدف‬ ‫ال يحيدون عنه» وهي �صورة و�ضحها بن غوريون‬ ‫يف ر�سائله حينما قال «وفل�سطني لي�ست �إال �إحدى‬ ‫البالد التي غزوها ـ يق�صد العرب ـ �أما �أهل البالد‬ ‫الأ�صليون فهم اليهود!! وقد اعتربوها وطنهم عرب‬ ‫�أجيال النفي والت�شتت» وقد يكون الكاتب اعتمد‬ ‫على قول بن غوريون هذا فحر�ض يف ق�صته على‬ ‫الت�سرع يف الفعل وتكثيف الهجرة نحو الأر�ض‬ ‫‪ 24‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫دراسة‬ ‫املقد�سة التي يدعي ـ زورا ـ �أنها لهم «الليلة‪..‬‬ ‫الليلة �أ�ستطيع» هنا دعوة حقيقية للإ�سراع بهذا‬ ‫الفعل‪« .‬الحت الدموع يف عينيها‪� ..‬أم�سك وجهها‬ ‫بني يديه ف�أح�س مبدى �سخونة وجنتيها‪� .‬أح�س‬ ‫برائحة جلدها و�شعرها امل�سكرة كانت �شفتاها‬ ‫ترتع�شان وعيناها امل�شرقتان تطفحان بتعبري من‬ ‫الأمل والر�ضا يف نف�س الوقت‪ .‬وكانت بكل ما فيها‬ ‫بتلك اللحظات جزء ًا من حلم» �إنه يقارن هنا بني‬ ‫الوجود العربي وطالئع الغزو ال�صهيوين وارتباط‬ ‫ذلك بالأر�ض التي هي يف حالة حلم وذهول‬ ‫بعينيها امل�شرقتني تطفحان بتعبري من الأمل‬ ‫لوجودها حتت ال�سارية العربية‪ .‬والر�ضا لبداية‬ ‫الوجود اليهودي الذي باتت حتلم به‪.‬‬ ‫«وفج�أة بد�أت ترتع�ش �أراد �أن يطمئنها ف�ضمها‬ ‫�إليه وجعل يداعب �شعرها وكتفيها العاريتني يف‬ ‫رقة �أح�س ب�أنفا�سها احلارة على وجهه وعنقه‬ ‫و�سمعها تتمتم بكلمات خمتلفة‪ .‬كلمات غريبة‬ ‫رمبا قالتها يف �أوقات �أخرى وطفت على �سطح‬ ‫ذاكرتها امل�ضطربة» عله ي�شري هنا �إىل الوجود‬ ‫العربي‪ ،‬وارتباط عرب فل�سطني بلغتهم ودياناتهم‬ ‫وعاداتهم وتقاليدهم‪ ،‬ويعترب ذلك دخي ًال عربي ًا‬ ‫على الأر�ض يف فل�سطني كما ي�صور الكاتب‪ .‬لكن‬ ‫اف�شالوم «ال�شعب» وهو راقد بني اليقظة واملنام‬ ‫تطالعه ر�ؤيا التوحد بـ «افيجيل» التي التحقت بدار‬ ‫الدعارة وفقدت طهارتها لأنها تعي�ش يف كنف‬ ‫العرب ويعي�ش اف�شالوم ب�أمل تطهرها من الدن�س‪.‬‬ ‫ويتج�سد هذا التطهر يف دمائها عندما تذبح‬ ‫لتبعث من جديد �أي عندما تغ�سلها الدماء من‬ ‫�آثار العرب‪ .‬الكاتب ال�صهيوين �سادية يدعو هذا‬ ‫�صراحة لقتل العرب‪ ،‬يدعو للمذابح اجلماعية‬ ‫التي بها وحدها ي�سيطر اليهود على البالد لت�صبح‬ ‫الأر�ض ظاهرة خال�صة للقادمني اليهود‪ ،‬وهو‬ ‫هنا ي�ستح�ضر ما قام به «يو�شع» عندما ا�ستطاع‬ ‫باخلديعة واملذابح اال�ستيالء على «�أريحا» من‬ ‫�أهلها الكنعانيني العرب قبل �آالف ال�سنني والذين‬ ‫ال زالوا ميار�سونه حتى الآن باعتبار «�أن ال�شعوب‬ ‫غري اليهودية خارج القانون» ويذكرنا هذا بحال‬ ‫بني �إ�سرائيل بعد ظهور امل�سيح ثم بحال الذين‬ ‫دانوا باليهودية من الأقوام الأخرى‪ .‬والذين‬ ‫�صاروا غالبية اليهود وعا�شوا يف �أوروبا ال�شرقية‬ ‫والو�سطى فقد عا�شوا يف جو الأ�سفار وتلقيناتها‬ ‫ينظرون �إىل غريهم نظرة ا�ستعالء وكيد وكره‬ ‫ومكر و�شر‪ .‬وخالل م�سرية «�أف�شالوم» و»ايفيجيل»‬ ‫يف الطريق الطويل نحو اللحظة املرجوة لتحقيق‬

‫الر�ؤيا يظهر لهما ال�شخ�ص الغريب املفزع‪ ،‬هذا‬ ‫الغريب «املق�صود به العربي �صاحب الأر�ض‬ ‫احلقيقي» يعرت�ض امل�سرية‪ .‬ويظهر متل�ص�ص ًا‬ ‫مرتب�ص ًا يف الظالم‪« .‬فج�أة �أفاقت ايفيجيل»‬ ‫وهبت واقفة‪ ،‬جعلت ت�صيخ ال�سمع وراحت تنظر‬ ‫فيما حولها دون �أن ترى �شيئ ًا عدا ب�ضع �أ�شجار‬ ‫هنا وهناك‪ ،‬و»�أف�شالوم» ينظر �إليها م�شدوها‬ ‫قالت يف �صوت خافت‪� :‬أ�شعر �أنه هنا‪.‬‬ ‫ـ من؟ �أنك مري�ضة بالأوهام يا ايفيجيل‪.‬‬ ‫ـ كال… �أنه يختبئ رمبا خلف �إحدى الأ�شجار‪.‬‬ ‫ـ �س�أبحث عنه‪ ...‬قال «اف�شالوم» وهو ينه�ض من‬ ‫مكانه‪.‬‬ ‫ورغم التزوير الوا�ضح للتاريخ لأن العربي ال‬ ‫يواجه يف الظالم‪� ،‬إال �أن عن�صرية الكاتب �أثرت‬ ‫على ر�ؤياه ف�أ�سقط ما يدور يف نف�س اليهود على‬ ‫العرب‪ ،‬فهم الذين يعملون يف الظالم وهم الذين‬ ‫�سرقوا فل�سطني بالد�سائ�س والت�آمر‪ .‬و�صهيونيتهم‬ ‫هي التي جعلت دور الدين بالن�سبة لليهود «يختلف‬ ‫عن دور الدين عند ال�شعوب الأخرى وذلك بهدف‬ ‫جعل الوجه الديني للحياة اليهودية م�صدر ًا للوعي‬ ‫ال�صهيوين الذي هدف منذ قيام ال�صهيونية �إىل‬ ‫ا�ستعمار فل�سطني وما حولها» ب�أية طريقة وهذا‬ ‫لن يكون �إال بالقوة لقد ظلت هي العامل الأكرب يف‬ ‫ت�أكيد املقولة ال�صهيونية «الأر�ض التاريخية» وبكل‬ ‫انعكا�ساتها على الأدب والأدباء‪ ،‬فها هي الكاتبة‬ ‫ال�صهيونية «روث املوجي» تدعو يف ق�صتها «كان‬ ‫ميكن �شراء مدفع بهذا املال» «العتماد هذه القوة‬ ‫من وقت قريب وزعوا عندنا منح ًا مالية على‬ ‫الأدباء �أمل يكن من املمكن �شراء مدفع بهذا املال‪.‬‬ ‫يكفينا اخلبز‪ ،‬ع�ش الغراب من الكماليات متام ًا‬ ‫مثل احللوى»‪.‬‬ ‫تدعو الكاتبة هنا �إىل احلرب التي ال ميكن‬ ‫بدونها �أن تتوحد بالأر�ض فالكاتبة «روث» يف‬ ‫ق�صتها هي الأر�ض وميخائيل بطل الق�صة هو‬ ‫ال�شعب والأر�ض هي التي تطلبه وب�أي ثمن لتتوحد‬ ‫به وعرب جو جن�سي يربز هذا التوحد «كان يف‬ ‫مقدوري �أي�ض ًا �أن �أقول له‪� :‬أن ال�صلة اجل�سدية هي‬ ‫غالب ًا العدو رقم واحد ولأنها ت�ؤدي بنا يف الواقع‬ ‫�إىل حتويل احلب» حتويل احلب من النظري �إىل‬ ‫العملي‪ ،‬من احلياة يف �أوروبا وغريها‪ ،‬من موطن‬ ‫اليهود �إىل التوجه نحو فل�سطني �أي �أنها تدعو‬ ‫لرف�ض االندماج يف املجتمعات الغربية واملواطن‬ ‫الأ�صلية لليهود‪ .‬يف ق�صته «ال لون للخوف» التي‬ ‫تتحدث عن احلرب للكاتب جدعون تلباز قد‬

‫يبدو للقارئ ال�سطحي من تتبع �أحداث الق�صة‬ ‫�أن الكاتب يت�أمل للحرب و�أنه يقف منها موقف ًا‬ ‫راديكالي ًا‪ .‬ولكن متتبع ًا لأحداث الق�صة ي�ؤكد‬ ‫عك�س ذلك‪� .‬إذ �أن املوقف الراديكايل واملو�ضوعي‬ ‫للكاتب ومن الناحية الإن�سانية على الأقل يتطلب‬ ‫تو�ضيح حقوق الآخرين‪ ،‬والآخرون ـ الفل�سطينيون‬ ‫ـ ولكن الكاتب ال يتطرق �إىل ذلك‪� .‬إنه يت�أمل للقتلى‬ ‫اليهود الذين يذهبون لالعتداء على الغري لتحقيق‬ ‫مقولة الأر�ض التاريخية‪.‬‬ ‫«كان املوت �أ�سهل الطرق بالن�سبة �إليه وجدوه‬ ‫حمرتق ًا وخمتلط ًا بجزئيات �إحدى الدبابات كان‬ ‫من امل�ستحيل معرفة �أين تبد�أ جثته و�أين تنتهي‬ ‫جثة الدبابة مل يبق على �أ�صله الأول �سوى الأ�شالء‬ ‫وقطع ال�صلب املغطاة بالرتاب �أما �سائر الأ�شياء‬ ‫فكانت منتمية �إىل املا�ضي‪ .‬كالدودة املتحجرة‬ ‫�أما احلا�ضر فقد كان الذباب‪ ،‬ذباب اجليل يف‬ ‫بداية الوح�شة النظيفة» ورغم الأمل الذي يبديه‬ ‫الكاتب للقتيل اليهودي �إال �أنه يظهر �إعجابه‬ ‫برباعة الطيار اليهودي املقاتل الذي يالحق‬ ‫الأعداء «الأغيار» الذين يقلقون اليهود ويظهر‬ ‫الكاتب بهذا املعنى فوقيته البغي�ضة وهو بهذا ال‬ ‫يخرج عن مقوالت ال�صهيونية يف تفوق العن�صر‬ ‫اليهودي الذي ي�ستعمر الأر�ض ويجلب لها اخلري‬ ‫على حد زعمه «لن يجلب جميئنا �إىل غور بي�سان‬ ‫�أي �ضرر على عرب املنطقة‪ ،‬العك�س هو ال�صحيح»‬ ‫وي�ستدل ال�صهاينة على هذا بقول �أحد اخلونة‬ ‫قبل عام ‪ 1948‬ح�سب ما �أورد ذلك بع�ض الكتاب‬ ‫ال�صهاينة على ل�سان عربي من حوران‪�« :‬إ�سمع‪..‬‬ ‫�أعمل يف منطقتكم �أكرث من �سنة‪ .‬وكذلك يف‬ ‫منطقة حيفا و�أرى التقدم وبناء البيوت عندكم‬ ‫وكل هذا ب�سبب الهجرة اليهودية �إىل فل�سطني‬ ‫ب�سبب املهاجرين الذين يبنون البيوت واحلدائق‪،‬‬ ‫ومزارع الأبقار وال�شوارع والأر�صفة �إنهم بحاجة‬ ‫�إىل العمل وكل عائلة يهودية ت�ستوطن فل�سطني‬ ‫تعيل ثالث عائالت عربية‪ ،‬هذا هو �سبب تقدمكم‬ ‫هنا‪ .‬وعدم تقدمنا يف حوران لأنه ال توجد عندنا‬ ‫هجرة يهودية»‪.‬‬ ‫هذه هي ال�صهيونية وهذا هو اال�ستيطان‬ ‫والغطر�سة‪ .‬عائلة يهودية تعيل ثالث عائالت‬ ‫عربية‪ ،‬والعرب يرحبون باليهود يف حوران‬ ‫«�سوريا» وهذا كله لن يكون �إال بالقوة‪ .‬يقول تلباز‬ ‫يف نهاية ق�صته وبعدها اختفت جلبة املحرك من‬ ‫�أذنيه وفتح الطيار عينيه وا�ستقبلته �أح�ضان حارة‬ ‫وربتات على الكتف وهو ينزل �إىل املمر‪.‬‬

‫ـ هل لدى �أحدكم �سيجارة؟ �س�أل‪.‬‬ ‫من كل جانب مدت �إليه علب مفتوحة �سحب‬ ‫�سيجارة من �إحداها و�أ�شعلها له �أحدهم جذب‬ ‫الطيار نف�س ًا عميق ًا ثم �أطلق الدخان من رئتيه‬ ‫ثم �ألقى ال�سيجارة ودا�سها بقدمه‪ .‬وما زال كل‬ ‫هذا غري حقيقي‪ ،‬ذلك �أنه مل يبد�أ يف الإح�سا�س‬ ‫ب�صالبة الأر�ض حتت قدميه �إال بعد اخلطوة‬ ‫العا�شرة» يعني �ضرورة اال�ستمرار يف القتل حتى‬ ‫النهاية‍!؟‪.‬‬ ‫يف ق�صة «�ش‪.‬دويفني» بعنوان «م�أخذ ال�شيطان‬ ‫على فاو�ست» نرى منوذج ًا فني ًا مركب ًا لأدب مقولة‬ ‫«معاداة ال�سامية» ودفع اليهود للهجرة �إىل الأر�ض‬ ‫التاريخية يف جانبها الو�صفي و�إذ �أن املعروف‬ ‫�أن ال�شيطان يف �سفر �أيوب يلعب دور ال�شر‪.‬‬ ‫وال�سفر من كتابات الت�أمل اليهودية املتناثرة‬ ‫بروح احلكمة والتفل�سف اليوناين خالل فرتة‬ ‫احلكم اليوناين يف ال�شرق وهو يناق�ش م�س�ألة‬ ‫ال�شر يف العامل ويطرح ت�سا�ؤالت حمددة حول‬ ‫مربرات العذاب الإن�ساين الذي يلحق الأخيار من‬ ‫النا�س‪ ،‬ال�شيطان يف �سفر �أيوب يوعز �إىل الرب‬ ‫لإنزال �ضربات متالحقة ب�أيوب الختبار �إميانه‬ ‫لأن ذلك �سيك�شف زيف عقيدته وي�ستجيب الرب‬ ‫لل�شيطان وي�أمره بالت�صرف «�أب�سط الآن يدك‬ ‫وم�س عظمه وحلمه ف�إنه يف وجهك يجذف عليك»‬ ‫هذا هو دور ال�شيطان يف �سفر �أيوب دور حمر�ض‬ ‫القوى ال�سماوية العليا على �إلقاء العذاب بالنا�س‬ ‫ودوره يف م�سرحية «فاو�ست» كما يفهمه كاتب‬ ‫الق�صة دور ال�شرير الذي يغوي الب�شر ليعر�ض‬ ‫عليهم ممار�سة ال�شر والوقوع يف اخلطيئة‪ .‬فما‬ ‫الدور الذي ينيطه كاتب الق�صة هنا بال�شيطان؟‬

‫يو�ضح د‪ .‬البحراوي يف حتليله لهذه الق�صة «�أن‬ ‫الكاتب �أبرز ال�شيطان وجعل له دور ًا �أ�سا�سي ًا فيها‬ ‫فهو الراوية ومقدم التقارير للذات الإلهية وبرغم‬ ‫�شروره‪� .‬إال �أن العذاب الذي �أ�صاب اليهود جعله‬ ‫يرق لهم �أي �أن من يعذب اليهود �أ�شد �ضراوة من‬ ‫ال�شيطان نف�سه»!‬ ‫«يبدو ال�شيطان �أكرث اجلميع ده�شة‪� ،‬إنه يحاول‬ ‫�أن يحد من انفعاالته البد �أنه �سيثور معرب ًا عن‬ ‫موقفه بو�ضوح غري �أنه لعجب اجلميع‪ ،‬فيما عدا‬ ‫النائب‪ ،‬ال يفعل مل يجد �أمامه �سوى النائب ولكن‬ ‫يبدو �أن ده�شته الكبرية مل تكن بالقدر الكايف‬ ‫لإخراجه عن �صمته‪.‬‬ ‫�س�أل النائب عن الرجل الذي يتعذب من �سنني‬ ‫يف �أو�شفيت�س قال النائب «�أعني الرجل الذي ال‬ ‫يكف عن اال�ست�شهاد ب�سفر �أيوب»‪.‬‬ ‫�أي �أن الكاتب يريد �أن يقول لنا �أن هناك العديد‬ ‫من املعتقلني يف �سجون النازي ورغم هذا ال يهمه‬ ‫منهم �سوى اليهودي ذلك الذي «ال يكف عن‬ ‫اال�ست�شهاد ب�سفر �أيوب» �أي التوراة وهنا حماولة‬ ‫رخي�صة لغزو العقل الإن�ساين و�شده للتعاطف مع‬ ‫اليهودي امل�سكني و�إبراز الأنانية التي يتميز بها‬ ‫اليهود وهذا يو�ضح احرتام اليهود وعدم قتلهم �أو‬ ‫اعتقالهم دون �أي اعتبار �إىل الآخرين‪ ،‬ويف �أتون‬ ‫ذلك املوقف تربز فوقية الكاتب وغطر�سته لتت�ضح‬ ‫الثقافة العن�صرية لل�شعب املختار!! الذي مييز‬ ‫بالبطولة الفذة‪ ،‬حتى الأطفال فيه يجابهون الأملان‬ ‫ويتخطون �أ�سالكهم ال�شائكة املنيعة وهذه لهجة‬ ‫«ال�سوبر طفل» الإ�سرائيلي بكل تعاليها والتي تكرث‬ ‫يف �أعمال الكتاب ال�صهاينة مثل كرميلي و�سروج‬ ‫و�سيرت وغريهم وق�صة «ديندين» الطفل اليهودي‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪25‬‬


‫دراسة‬ ‫املقاتل الذي يهزم الأعداء يف كل زمان ومكان»‪،‬‬ ‫يف ق�صة «�أنا مهاجر» يدعو �أي‪�.‬ش‪ .‬م�أمور اليهود‬ ‫للعمل يف فل�سطني خلدمة ال�صهيونية‪.‬‬ ‫«املهاجر هو اليهودي الذي ي�سافر �إىل �إ�سرائيل‬ ‫لتكري�س حياته من �أجل الوطن وم�صاحله‪،‬‬ ‫عندما �سمعت هذا التعريف تذكرت يهودي ًا كنت‬ ‫�أعرفه عرف كلمة «حالوت�س» رائد الهجرة ـ ب�أنه‬ ‫كتلة احلديد اخلام الذي يخلق للوطن ما يحتاج‬ ‫�إليه‪ .‬مل يكن ا�سم ذلك اليهودي «�سا�شا» بالطبع‬ ‫و�إن كان ا�سمه قريب ًا من هذا يف جر�سه «�أو�سيا»‬ ‫ترومبلدور وهنا دعوة لالقتداء مبن ي�سمون يف‬ ‫احلركة ال�صهيونية بالرواد الأوائل ومنهم هذا‬ ‫املدعو «ترومبلدور» ومن جانب �آخر دعوة ل�صهينة‬ ‫اليهود الرو�س وعدم اندماجهم يف جمتمعهم‬ ‫الرو�سي حيث ولدوا وعا�شوا‪ ،‬لهذا ي�ستح�ضر‬ ‫�شخ�صية «ترومبلدور» احلالوت�سي الأول «املهاجر»‬ ‫الذي حارب يف رو�سيا ويف ال�شرق‪ ،‬وفقد ذراعه‬ ‫وقرر �أخري ًا الذهاب �إىل فل�سطني للعمل والقتال‬ ‫فيها من �أجل ال�صهيونية فهو «�سا�شا» الرو�سي‪،‬‬ ‫ولكنه ا�ستبدله ب�أو�سيا ترومبلدور وهكذا ترتجم‬ ‫مقولة الأر�ض التاريخية القا�ضية بحق امللكية‬ ‫املطلق للأر�ض العربية يف فل�سطني يف �شكل‬ ‫فني تتداخل فيه مقولة العداء لل�سامية ال�ساعي‬ ‫للق�ضاء على اليهود مع الأر�ض التاريخية لليهود‪،‬‬ ‫واليهود وحدهم‪.‬‬ ‫العن�صرية والتفوق‬ ‫الدور الذي لعبه الأدب ال�صهيوين على ال�صعيد‬ ‫الدويل ال يقل عن الدور ال�سيا�سي الذي قام‬ ‫به رواد ال�صهيونية ال�سيا�سية الأوائل‪ ،‬والأثر‬ ‫النف�سي الذي �أحدثته روايات وكتابات «بن�سكر‬ ‫وهرتزل و�أحاد هاعام» الأدبية ال تقل �أهمية‬ ‫عن كتاباتهم ال�سيا�سية والأيديولوجية‪ .‬لقد‬ ‫وقف الأدب ال�سيا�سي ال�صهيوين �أمام الت�سامح‬ ‫بقوة ومنذ البداية مقاوم ًا �أي تطلع جدي حلل‬ ‫امل�شكلة اليهودية‪ ،‬ممار�س ًا التزوير وقلب احلقائق‬ ‫ومرتكز ًا على �أحداث املا�ضي لتربير �أحداث‬ ‫م�ستحدثة ليتعدى ذلك الزمان وذلك املكان مثري ًا‬ ‫عداء ال�شعوب ب�سلوكيته ال�شاذة على ال�صعيد‬ ‫العملي والنظري و�إذا كان جام الغ�ضب �صب‬ ‫على العرب قدمي ًا وحديث ًا‪ .‬فانهم ركبوا املركب‬ ‫جتاه ال�شعوب الأخرى فلم ي�سلم �أحد من �شعوب‬ ‫الأر�ض من �سهامهم العن�صرية املوروثة وملا كان‬ ‫الأدب ال�صهيوين �أدب ًا موجه ًا ف�إنه بالتايل يعك�س‬ ‫�سيا�سة وفكر ًا وفل�سفة تتبناها ال�صهيونية جميعها‬ ‫‪ 26‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫دراسة‬ ‫وتعززها لتلعب دورها املر�سوم واملخطط لها‬ ‫وت�شكل فكرة التفوق �أحد املكونات الأ�سا�سية للفكر‬ ‫ال�صهيوين والتفوق الذي يحدث عنه ال�صهاينة‬ ‫تفوق �شامل بالإ�ضافة �إىل �أنه �أبدي �أي �أنه لي�س‬ ‫مرهون ًا بفرتة زمنية معينة متتد منذ �صراع اليهود‬ ‫مع فرعون ودخول «يو�شع بن نون» �أريحا ووقوف‬ ‫اليهود �ضد الرومان وحتى احلروب احلديثة بكل‬ ‫ما يرتبط بذلك من �أ�ساطري وخرافات قدمية‬ ‫وغطر�سة وتزوير متعمد لتاريخ املنطقة‪ ،‬لأن‬ ‫ربط هذا التفوق مبرحلة تاريخية معينة ي�ؤدي‬ ‫�إىل حرمان احلركة ال�صهيونية من ا�ستثمار‬ ‫هذا املفهوم �أيديولوجي ًا ومن �أجل ذلك ترى‬ ‫ال�صهيونية �أن بيجن مث ًال هو �صهيوين نقي‪ ،‬ف�إن‬ ‫يكن املرء يهودي ًا يعني عند ال�صهاينة �أنه متفوق‬ ‫بذاته ولذا يح�سده الأغيار ويودون لو يزيحوه‬ ‫من طريقهم‪ ،‬فالذات اليهودية هي حمور العامل‬ ‫وال يهم �أن يكون للأغيار �أي ن�صيب‪ ،‬ويذكرنا‬ ‫هذا يف الوقت نف�سه بقول بن غوريون «ال يهمني‬ ‫ماذا يقول العامل بل اليهود»‪ .‬لأن ال�صهيونية يف‬ ‫نظر اليهود جزء من �إرادة ال�سماء و�أن اليهود‬ ‫قد توحدوا بالرب و�أن الفرق بني اليهودي وغري‬ ‫اليهودي هو من النوع الذي ينطبق عليه التعبري‬ ‫ال�سائد «ال وجه ال�شبه» ففي حني يجل�س اليهودي‬ ‫يف املرتبة العليا وينحدر من ال�صنف الأ�سمى تقبع‬ ‫بقية الأمم من الدرك الأ�سفل وتنحدر من �أدنى‬ ‫�صنف‪ .‬وهكذا نرى �أنه من العبث البحث عن وجه‬ ‫لل�شبه بينهما‪ .‬وح�سبما جاء يف كتاب «هاجر»‬ ‫املقد�س عندهم «ف�إن اجل�سد اليهودي يختلف‬ ‫كلي ًا عن �أج�ساد بقية ال�شعوب وذلك من حيث‬ ‫�أكلهم و�شربهم وطينتهم و�إن كنا نرى ثمة ت�شابها‬ ‫يف الأج�ساد فما ذلك �إال يف املظهر اخلارجي فقط‬ ‫�أما داخلي ًا فالفرق بينهم كبري �إىل حد يجعل‬ ‫اجل�سد اليهودي ال ميت ب�أية �صلة كانت �إىل �صنف‬ ‫بقية الأج�ساد لأبناء الأمم الأخرى وما ي�صح على‬ ‫اجل�سم «املادة» ي�صح �أي�ض ًا على النف�س «الروح»‬ ‫�إذ �أن �أ�صل �أرواح بني �إ�سرائيل هي من الروح‬ ‫املقد�س ذاته» ولهذا ف�إن االنت�صارات اليهودية‬ ‫احلديثة كما يرى ال�صهاينة «لي�ست فقط لأف�ضلية‬ ‫�إ�سرائيلية بل للمميزات �أخالقية‪� ،‬أي �أن يف اليهود‬ ‫روحانية متيزهم وجتعلهم يتفوقون وينبغون �أكرث‬ ‫من غريهم» من هنا ا�ستنبطت مفاهيم �سيا�سية‪،‬‬ ‫التع�صب �إحدى �أبرز �سماتها‪ .‬كما تقول ال�شاعرة‬ ‫العن�صرية ال�صهيونية «�أنا جرينو» يف �إحدى‬ ‫ق�صائدها التي تتعاىل فيها على العامل‪:‬‬

‫قالت يل �أمي ب�أين‬ ‫ابنة ل�شعب غني بالأ�سفار‪ ..‬والأغيار جهلة‬ ‫حدثتني �أن �أكون باملقدمة‬ ‫لأين يهودية‬ ‫قالت �أمي «�إنني ابنة �شعب ال يقبل ال�ضياع‬ ‫واجبي موا�صلة الدرب‪ ..‬درب �أبي‬ ‫ملواجهة الأغيار الأعداء‬ ‫ولو كانوا كل العامل‪.‬‬ ‫مقابل هذا اال�ستهزاء بالآخرين ف�إن هذا الأدب‬ ‫ما برح ي�ضخم املميزات الذاتية املكونة ملاهية‬ ‫ال�صهيوين‪ .‬فهو باعث ح�ضارة الأمم ودافع‬ ‫عجلة تقدم ال�شعوب و�أ�سا�س املدنية‪� .‬إن النظرية‬ ‫ال�صهيونية تعترب بحق من �أكرث النظريات‬ ‫الرجعية العن�صرية ال�شوفينية خطر ًا على الفكر‬ ‫التقدمي العاملي وذلك من خالل جوهرها الذي‬ ‫ينم عن معاداة ال�شعوب يف العامل �أجمع لأن‬ ‫«املفاهيم» الفل�سفية التي تعتمدها ال�صهيونية‬ ‫�سالح ًا �أيديولوجي ًا تكمن يف جوهرها حقيقة‬ ‫العقيدة الدينية الو�ضعية اجلامدة للديانة‬ ‫اليهودية وهي تتجلى يف الأ�سطورة التي تتحدث‬ ‫عن احتاد اليهود مع اهلل واالعتقاد با�ستثناء‬ ‫اليهود والرجعية املعتمدة يف هذا الكيان لها‬ ‫طابع �أكرث تو�سع ًا وعمق ًا ومن هنا كانت دعوات‬ ‫ال�صهيونية البحث عن �أر�ض ت�ضفي �صفة‬ ‫ال�شرعية لكيانها ب�أي و�سيلة حتى ولو كان القتل‬ ‫واالغت�صاب �أ�سا�س ًا لها‪ ،‬يف مقطع بارز لل�شاعر‬ ‫«جربائيل الي�شع» يظهر و�ضوح ما تكنه احلركة‬ ‫ال�صهيونية للإن�سانية من كره ها هو يقول‪:‬‬ ‫ال تطلب الغفران كقط �ساعة النزو‬ ‫هذا زمن الذئاب املغت�صبة‬ ‫ال التن�سك وال�صومعة‬ ‫هكذا ا�ستطاع املنظرون ال�صهاينة النفاذ �إىل‬ ‫�أعماق الفرد ال�صهيوين بالإيحاء امل�ستمر ب�شبح‬ ‫الديا�سبورا «ال�شتات»‪ .‬وكان الأدب الو�سيلة‬ ‫املمكنة القتحام نفو�س اليهود وال�سيطرة على‬ ‫غرائزهم العدوانية فالأديب ال�صهيوين «حانوخ‬ ‫برطوف» يرى �أن التغري هو معرفة القتل وامل�شكلة‬ ‫هي م�شكلة وجود يهودي‪ .‬لكي ي�ستطيع الوجود‬ ‫يتوجب عليه القتل‪ ،‬بهذا املنطق غمرت الكتب‬ ‫الأدبية �أ�سواق الأر�ض املحتلة‪ .‬وكلها ت�شيد‬ ‫باجلندي ال�سوبرمان واجلي�ش الذي ال يقهر‬ ‫يف الوقت نف�سه وبنف�س القوة حتاول احلط من‬ ‫القدرات العربية وتنتق�ص من مبادئها الإن�سانية‬ ‫وتراثها‪.‬‬

‫يف ق�صة «الينبوع» يف�سر الكاتب ال�صهيوين‬ ‫«ف�شرن» �أعمال �أبطاله العدوانية يف فل�سطني‬ ‫ب�سبب الأعمال النازية يف �أملانيا‪ :‬اليهودي بات‬ ‫املفجوع مبقتل حبيبته �سارة التي لقيت م�صرعها‬ ‫على يد النازيني بقتل العرب ث�أر ًا من الأملان «كان‬ ‫متعب ًا ولكنه �أح�س ج�سده خفيف ًا ب�صورة ال ت�صدق‬ ‫وا�ستدار نحو الدبابتني هذا من �أجلك يا �سارة من‬ ‫�أجلك» وجوزيف يف رواية ل�صو�ص الليل ميار�س‬ ‫الإرهاب يف فل�سطني ملاذا؟ لأن «دينا» قتلت يف‬ ‫�أملانيا‪� ،‬أما �إذا كان الكاتب مثالي ًا فق�صته �ستن�ضج‬ ‫بطوالت خارقة وقدرة تفل احلديد‪ ،‬ميكن معها‬ ‫�إدراجها �ضمن الأ�ساطري وق�صة «�ساعة واحدة‬ ‫لإ�سرت» للكاتب ال�صهيوين «كونراد برم�ش» ت�سري‬ ‫بهذا االجتاه‪.‬‬ ‫يف ق�صة «خربة خزعة» يورد القا�ص «يزهار‬ ‫�سمولن�سكي» �أحاديث كثرية ومتنوعة بني اجلنود‬ ‫الإ�سرائيليني قبيل احتالل القرية وبعد احتاللها‪،‬‬ ‫وميكن �أن نفهم من هذه الأحاديث نف�سية‬ ‫اجلندي الإ�سرائيلي «البطل!!» ور�أيه يف العرب‬ ‫من النواحي النف�سية واالجتماعية والثقافية‬ ‫فيدرك القارئ ماذا ت�ضمره هذه ال�شخ�صية من‬ ‫�شعور جتاه العرب‪.‬‬ ‫مما ال�شك فيه �أن ق�صة «�سمولن�سكي» خربة‬ ‫خزعة هي �صور متعددة انتزعها امل�ؤلف مما‬ ‫و�صل �إليه من فظائع احلرب الفل�سطينية وفيها‬ ‫تظهر �آثار الرتبية ال�صهيونية للنا�شئة �أنذاك‬ ‫وما ح�شدته فيهم من غطر�سة و�شعور بالتفوق‬ ‫والت�سامي‪ .‬والكاتب «عامو�س عوز» يف ق�صته‬ ‫«الرجل والأفعى» يربر هذه الأعمال �ضدهم‬ ‫فلقد جاء يف ق�صته هذا الن�ص‪« :‬البدوي ي�شم‬ ‫رائحة ال�ضعف من بعيد ف�إذا الطفته بكلمة‬ ‫طيبة �أو ابت�سامة يهجم كاحليوان املفرت�س‬ ‫يحاول اغت�صابك حتى �أنني هربت منه‪� .‬أنا ال‬ ‫�أرجتف من املياه الباردة بقدر ما ارجتف من‬ ‫اال�شمئزاز‪ .‬ما �أ�شد ا�سوداد �أ�صابعه كيف �أم�سك‬ ‫بي من رقبتي فقط بال�ضرب وبالرف�س هربت منه‬ ‫يجب �أن �أغت�سل بال�صابون» �إن �صورة العربي يف‬ ‫هذه الق�صة كما ر�سمها «عوز» حاالت �صراع بني‬ ‫«الإن�سان املتح�ضر الذي ميثله عادة اليهودي �إبن‬ ‫الكيبوت�س والطبيعة املهددة باخلطر وممثلوها‬ ‫هنا هم «بنات �آوي العرب واجلبال»‪.‬‬ ‫�إذن هل يحق له�ؤالء العرب‪ ،‬يف ر�أي ال�صهاينة‪،‬‬ ‫احلياة؟ بالطبع ال‪ ،‬وهنا تكون البطولة هي القتل‪،‬‬ ‫والقتل فقط ومن يقتل هو البطل‪ ،‬ففي ق�صيدة‬

‫«�أيوناثان غيفن» حتت عنوان «عدت من �إجازتي»‬ ‫يقول ال�شاعر القاتل‪:‬‬ ‫يجب عليك �أن تقتل‬ ‫حني تعود وتق�ص على والدتك‬ ‫�أ�شياء كثرية وجميلة‬ ‫�أ�شياء جميلة‬ ‫ملاذا القتال!؟‬ ‫ملاذا هذا ال�سلوك من العرب!؟‬ ‫لأن العربي ح�سب الأدباء ال�صهاينة ال يفهم‬ ‫�سوى لغة واحدة‪ ،‬فهو يحرتمك كلما عاملته‬ ‫بق�سوة وفظاظة‪ .‬القوة هي اللغة الوحيدة التي‬ ‫يجب �أن يعامل بها‪ ،‬و�إذا ما ارتفعت عنه القوة‬ ‫وعومل بليونة ف�إنه يعتقد �أنك تخ�شاه فيتمرد‪،‬‬ ‫�إذن فالعربي يف نظر الكاتب العربي يجب �أن‬ ‫ال يعامل عن طريق الند للند وكثري ًا ما جند‬ ‫�أن هذه العبارة يف ق�ص�ص الأدباء ال�صهاينة‬ ‫«�إن العرب ال يحرتمون جار ًا �ضعيف ًا‪ .‬وي�ضيف‬ ‫«يهوذا �آ�شربري» يف ق�صته «القائد الأول ليهوذا»‬ ‫اعتداءات العرب املتكررة �صباح ًا وم�سا ًء على‬ ‫اليهود الذين ي�سكنون على احلدود بني يافا وتل‬ ‫�أبيب ب�أنها ت�سلية يت�سلى بها العرب «وك�أنهم لي�سوا‬ ‫�أ�صحاب ق�ضية» وهنا �إ�شارة �إىل �أنهم قتلة همهم‬ ‫االعتداء فقط ويقول الكاتب‪� :‬إن جمموعة من‬ ‫ال�شبان اليهود قرروا االنتقام ومهما كان الثمن‪.‬‬ ‫وفع ًال توقف اعتداء العرب بل وتقدموا بال�شكوى‬ ‫�إىل ال�سلطات الربيطانية‪ ،‬وهذا الر�أي �شائع بني‬ ‫اليهود يف فل�سطني املحتلة‪ ،‬فلقد �أجرى «يوحنا‬ ‫بري�س» وهو �أ�ستاذ يف جامعة تل �أبيب ا�ستطالع ًا‬ ‫للر�أي دل على �شيوع هذه الفكرة بني �أبناء‬ ‫الطوائف ال�شرقية ب�شكل خا�ص �إذ �أجاب ‪% 89‬‬ ‫منهم بوجود مثل هذه الفكرة عن العرب‪ ،‬وجتدر‬ ‫الإ�شارة �إىل �أن كاتب الق�صة مل يذكر الأ�سباب‬ ‫احلقيقية التي حفزت العرب لقيام بهذا الهجوم‬ ‫�سوى �أنه كان انتقام ًا لالعتداء على ل�ص �آثم‬ ‫«الل�ص هنا هو العربي» مل يذكر الكاتب ملن كانت‬ ‫هذه الكروم واملزارع وهنا تزوير حققي للتاريخ!!‬ ‫ويتبع �شموئيل عجنون لإبراز هذا املعنى يف‬ ‫ق�صته «من عدو �إىل حمب» �أ�سلوب ًا رمزي ًا فهو‬ ‫يتحدث عن �صراع مع الأيام ذلك ال�صراع الذي‬ ‫بد�أ عندما نزل الكاتب يف منطقة «تلبيوت» �إحدى‬ ‫�ضواحي القد�س حيث بنى خيمته فيها‪« :‬قبل �أن‬ ‫تبني تلبيوت كان يحكم كل البالد ملك الرياح‬ ‫ووزرائه وعماله‪ .‬رياح قوية ت�سكن يف اجلبل ويف‬ ‫ال�سهل‪ ،‬والتل‪ ،‬والرباري وتعمل ما ت�شاء‪ ،‬وك�أن‬

‫البالد �أعطيت لها وحدها فقط» وتعرت�ض الرياح‬ ‫�سبيله وت�س�أله ماذا يفعل هناك فيجيب ب�أنه يتجول‬ ‫وتهز�أ منه الرياح فتهب وتوقع الأذى به وبخيمته‬ ‫وال يدع «عجنون» الأ�سى يت�سرب �إىل نف�سه ويعود‬ ‫ليبني بعزمية ون�شاط بيت ًا قوي ًا ذا �أ�سا�سات عميقة‬ ‫يف املكان نف�سه يف «تلبيوت» وت�أتي الرياح فال‬ ‫ت�ستطيع هدم البيت بل تهدم ما حوله وتخربه‬ ‫ويقوم عجنون بزراعة الأر�ض وت�أتي الرياح لتفعل‬ ‫فعلها من جديد ولكنها تف�شل لأن الأ�شجار �ضربت‬ ‫جذورها و�صمدت �أمام الرياح ومنذ ذلك احلني‬ ‫�أ�صبحت الرياح تزور الدار ب�صورة مهذبة وكذلك‬ ‫تعرفت �أنا عليها ومنذ ذلك الوقت �أ�صبحنا‬ ‫�أ�صدقاء»‪ .‬هذه الق�صة �إ�شارة وا�ضحة لل�صراع‬ ‫العربي ال�صهيوين بت�سل�سله التاريخي فالريح هم‬ ‫العرب وقفوا يف وجه الهجرة ال�صهيونية املبكرة‬ ‫«اخليمة» لكن ازدياد هذه الهجرة و�ضرب اخليمة‬ ‫�أوتادها بتكوين دولة الكيان ال�صهيوين �أف�شلت‬ ‫الفعل العربي فكانت هزمية ‪« 1948‬الأ�شجار‬ ‫�ضربت جذورها و�صمدت �أمام الرياح» فلم‬ ‫ت�ستطع الرياح هدم الدار عندما �صارت متينة‬ ‫الأ�سا�س قوية حماطة ب�أ�شجار عميقة اجلذور‪،‬‬ ‫و�أن هذه القوة غلبت العرب وفر�ضت عليهم �أن‬ ‫يحبوا �صاحب البيت «�إ�شارة �إىل ال�سالم املبني‬ ‫على القوة الذي يجب على العرب االقتناع به»‬ ‫لأن دبابات اجلي�ش الإ�سرائيلي كما قال ديان‬ ‫«هي التي ت�أتي بال�سالم» والأدب العربي يظهر‬ ‫العربي �إن�سان ًا خمتلف ًا ال يعرف كيف يت�صرف‬ ‫و�أنه بعيد عن الثقافة والتح�ضر‪« .‬فمو�شيه‬ ‫�ستابي�سكي» ي�ؤكد «�أن �شروط النظافة واملحافظة‬ ‫على ال�صحة تكاد تكون منعدمة بني العرب»‬ ‫وي�ضيف «�إن عادة اال�ستحمام تكاد تكون غري‬ ‫م�ألوفة عندهم با�ستثناء غ�سل بع�ض �أع�ضاء‬ ‫اجل�سم من �أجل ال�صالة والو�ضوء»‪ .‬ويدعي زورا‬ ‫�أنه نقل عن امر�أة �أنها «�أق�سمت باهلل �أنها ولدت‬ ‫�ستة �أوالد دون �أن مي�س املاء ج�سدها» وال ي�شعر‬ ‫«�ستابي�سكي» بالكذب عندما يقول �إنه «ال ي�ستبعد‬ ‫�أن يب�صق �صانع القهوة يف الفناجني كي ينظفها»‪،‬‬ ‫يف ق�صته «بالد بنات �آوى» يو�ضح «عامو�س عوز»‬ ‫على ل�سان �شاب يهودي يدعى «متيتياهو» بع�ض‬ ‫تخيالته التي هي �صورة خميفة ل�سيل جارف من‬ ‫القذارة «جمهور قذر غامق اللون‪ ،‬يق�شر القمل‬ ‫والرباغيث وله رائحة كريهة‪ ،‬واجلوع والكراهية‬ ‫ب�سبب جفاف وجهه تتوقد عيونهم توقد ًا جنوني ًا»‪.‬‬ ‫وقد امتدت هذه الأو�صاف لت�شكل توجه ًا‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪27‬‬


‫دراسة‬

‫تربوي ًا لأطفال ال�صهاينة بكل ما يخلقه من �شعور‬ ‫باال�ستخفاف املهني بالعرب‪ .‬ويرى علماء االجتماع‬ ‫�أن الإ�سقاط الذي يدفعه ال�صهاينة ويل�صقونه‬ ‫بالعرب يدخل يف �إطار ما يعرف باالجتاه العرقي‬ ‫والذي يق�صد به «اجتاه يتبناه ال�شخ�ص حيال‬ ‫بع�ض �أو كل �أع�ضاء جماعة عرقية ب�شرط �أن يت�أثر‬ ‫هذا االجتاه مبعلومات مفرت�ضة حيال الأفراد‬ ‫واجلماعات»‪.‬‬ ‫وبنا ًء على ما �سبق ف�إن القيم ال�صهيونية والتي‬ ‫ت�شكل معيار ًا لأ�صحابها وترتكز على جمموعة‬ ‫نظم من املعتقدات يف جانبها الأدبي تتمثل يف‬ ‫امل�ضمون النوعي من االجتاهات كحالة مركزية‬ ‫حتدد �سلوك الأفراد يف املجتمع ال�صهيوين ورغم‬ ‫�أنه قد ال يعي ال�شخ�ص القيم التي ت�شكل ن�سقه‬ ‫على امل�ستوى ال�شعوري وبالتايل ف�إن التعبري‬ ‫ال�صريح عنها يكون م�ضل ًال �إال �أننا نرى يف �أعمال‬ ‫ال�صهاينة وبدون ا�ستثناء قوالب من العداء ثابتة‬ ‫�ضد كل ما هو عربي كاخليانة والقذارة والتخلف‬ ‫�أي الهمجية ب�شكل عام‪� .‬إذن ينبغي �أن ينتهي‬ ‫العربي املتوح�ش القذر ويبقى اليهودي املتح�ضر‬ ‫وامل�سامل!! الذي يعمر املنطقة ويبقى عليها �سمات‬ ‫ح�ضارية رفيعة‪ ،‬هذا التزوير انعكا�س ل�صفات‬ ‫اليهود «ال�سلبية» الكثرية �أبرزه الكتاب العامليون‬ ‫فقد و�صف ت�شو�سر اليهودي ب�أنه يحمل �صفات‬ ‫‪ 28‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫دراسة‬

‫�سلبية خمتلفة كاخلائن وقاتل امل�سيح واملتوح�ش‬ ‫وغريها‪ .‬وقال مالرو يف رواية يهودي مالطا‪:‬‬ ‫«�إن اليهودي م�سبب النت�شار الأوبئة» كما �أطلق‬ ‫نف�س ال�صفات على اليهود الأديب الربيطاين‬ ‫وولرت �سكوت وتكررت �أ�سطورة �شايلوك يف رواية‬ ‫ايفينهو ويف رواية �أولفرتوي�ست لديكنز كما مل�سنا‬ ‫�صورة اليهود عرب القناعات الثابتة يف �أعمال‬ ‫برايت وانتوين ترولوب وداموريا‪ .‬وغريهم وجاء‬ ‫بحث لروينجر ب�أن �صفة اليهودي يف الأدب‬ ‫الإجنليزي ظلت ثابتة مل تتغري و�أن التغيري الذي‬ ‫طر�أ عليها كان غري ذي �أهمية و�سيطرت عليها‬ ‫القوالب الثابتة ورغم هذا حتاول ال�صهيونية‬ ‫�إ�سقاط �صفاتها على العرب ويف حماولتها تر�سيخ‬ ‫هذه الفكرة ا�صطدمت مبقاومة ال�شعب العربي‬ ‫الفل�سطيني الذي مل ت�ستطع �أن تنفي وجوده‬ ‫كلية و�أوقعها هذا يف تناق�ض حاولت جتاوزه من‬ ‫خالل تركيز دعايتها على �شخ�صية العربي القذر‬ ‫الذي يتنازل عن �أر�ضه را�ضي ًا‪ .‬ومن الأمثلة على‬ ‫ذلك �شخ�صية «ر�شيد بك» يف كتاب هرتزل‬ ‫«الأر�ض القدمية اجلديدة» التي ترحب بامل�شروع‬ ‫ال�صهيوين مبا يعني �أن العربي ال ي�ستحق هذه‬ ‫الأر�ض‪.‬‬ ‫وهذا ين�سفه ما ورد يف يوميات «يو�سف فاي�س»‬ ‫مدير �شعبة الأرا�ضي والأحرا�ش حول تخطيط‬

‫وتنفيذ عمليات الت�شريد «وقد الذ الأهلون بال�صمت‬ ‫التام عدا رجل واحد انربي قائ ًال‪ :‬لي�س على وجه‬ ‫املعمورة كلها �أف�ضل من ترابنا وال �أعدل من‬ ‫مناخنا و�أن حفنة تراب بني �صخورها ت�ساوي‬ ‫�سهول العامل ب�أ�سره»‪.‬‬ ‫كتب �أحد طالب املدار�س العليا مو�ضوع ًا �إن�شائي ًا‬ ‫حول العرب فقال‪�« :‬إن العرب يريدون موا�صلة ما‬ ‫بد�أه الأملان وقتل جميع اليهود يف �أر�ض �إ�سرائيل»‪.‬‬ ‫وقال تلميذ �آخر يف و�صف العربي‪« :‬وجهه غريب‬ ‫�صغري‪ ،‬مثري للغ�ضب‪ ،‬و�شعر �أخ�ضر من بالد‬ ‫لي�ست بالدنا» ومن املالحظ هنا وجود عبارة «ذو‬ ‫�شعر �أخ�ضر» وهي تدل على البعد الهائل وانعدام‬ ‫االلتقاء واجلهل «وك�أن العبارة مقتب�سة من �أدب‬ ‫العلوم اخليالية الذي ي�صف خملوقات غريبة‬ ‫ومثرية للرعب‪ ،‬تهددنا لكونها غريبة عنا» �إذن‬ ‫الفكرة ال�صهيونية توجه الأجيال اليهودية عرب‬ ‫كتّابها نحو عن�صرية �ضد العرب يحاولون غر�سها‬ ‫يف نفو�س الطالب‪ .‬ففي �س�ؤال من جمموع �أ�سئلة‬ ‫امتحان «الإعانة» لطالب «جفعون» عام ‪1971‬‬ ‫جاء ما يلي‪:‬‬ ‫«مل يتوقف ا�ستيطان اليهود لفل�سطني �أبد ًا‪.‬‬ ‫وبغ�ض النظر عن عددهم الإجمايل يف البالد‪،‬‬ ‫كان الكثريون منهم مفكرون وحكماء ومبدعني‬ ‫وباملقارنة معهم ف�إن العرب وامل�سيحيني الذين‬

‫ا�ستقروا يف هذا املكان مل ينتجوا يف فل�سطني‬ ‫�أي �شيء له �أهمية بالرغم من قد�سية البالد‬ ‫لأديانهم»‪ ،‬ويف كتاب قواعد اللغة العربية املقرر‬ ‫على مناهج الثانوية نقر�أ عن العرب يف �صفحة‬ ‫‪ :277‬العرب �سلبوا‪ ،‬وقتلوا‪.‬‬ ‫ونقر�أ عن اليهود يف �صفحة ‪« :117‬اليهود جلبوا‬ ‫احل�ضارة �إىل ال�شرق الأو�سط» ويف مقدمة كتاب‬ ‫درا�سي �أعده الدكتور «ت�سفروين» ورد الت�أكيد‬ ‫على �أن «�شعب �إ�سرائيل هو �صفوة ال�شعوب كلها‪،‬‬ ‫و�أكرث العنا�صر افتخار ًا لأنه تكون عن طريق‬ ‫انتقاء الأف�ضل» وجاء يف و�صف العرب وحتديد‬ ‫طابعهم «هذا العن�صر الغريب يف البالد بطينته‬ ‫والدخيل على ر�سالتها وتطلعاتها يعي�ش الآن فوق‬ ‫ترابها وي�ستغل خرياتها‪ .‬والبد من �أن نحاربه كما‬ ‫حاربنا من �سبقه من الغزاة والأجانب الذين‬ ‫ا�ستولوا على البالد يف العهود الغابرة ونهبوا‬ ‫ثرواتها» وبالتايل فه�ؤالء العرب غرباء يف العرف‬ ‫ال�صهيوين يجب طردهم �أو قتلهم‪ .‬وهذه حقيقة‬ ‫الفكرة ال�صهيونية‪.‬‬ ‫يف ملحق �صحيفة «ه�آرت�س» ين�شر �شاعر‬ ‫�صهيوين يدعى «اكور» بتاريخ‬ ‫‪ 1982/7/2‬ق�صيدة له بعنوان «لو كنت قائد ًا‬ ‫جلي�شنا الأ�سطورة» ‪« ..‬لو كنت قائد ًا ملنطقة‬ ‫بريوت املحا�صرة واملختنقة ل�صرخت يف وجه‬ ‫كل �أولئك الذين يطالبون ب�إعادة املياه وي�صرخون‬ ‫ويت�أملون ويطلبون �إعادة الدواء والطعام �إىل‬ ‫املدينة املحا�صرة»‪.‬‬ ‫وال يتوقف «اكور» عند حد ال�صراخ فهو ذو مزاج‬ ‫خمتلف وعمله يتطلب �أكرث من ذلك‪ ،‬القتل‪ ،‬لكنه‬ ‫يطالب ب�أكرث من و�سيلة «لو كنت قائد ًا جلي�شنا‬ ‫العظيم لزرعت املوت والدمار يف كل املزارع‬ ‫وال�شوارع يف كل امل�ساجد والكنائ�س»‪.‬‬ ‫فالفل�سطينيون يف نظره �شعب زائد �أو فائ�ض‬ ‫عن حاجة الب�شرية لذا يجب �إلغا�ؤه فال وجود له‬ ‫يف وطنه وهذا يذكر مبقوالت منظري ال�صهاينة‬ ‫هرتزل وجابوتن�سكي كتج�سيد قانون لأحد‬ ‫�أبرز �أ�شكال ال�صهيونية وهو العن�صرية التي‬ ‫تقت�ضي فل�سفتها الق�ضاء على حقوق ووجود‬ ‫الأمم الأخرى‪ .‬وال�شاعر هنا يتقم�ص �شخ�صية‬ ‫«يو�شع» يف تدمريه لأريحا فيتخيل الدماء ت�سيل‬ ‫�أمامه في�سعده املنظر لذا يطلب املزيد لي�س‬ ‫للمحاربني بل جلميع �أفراد ال�شعب‪ .‬وهنا ميكن‬ ‫القول �أن الأمثلة التي �أوردناها تثبت بدون �شك‬ ‫نظرة الأدب ال�صهيوين العن�صري �ضد العرب مبا‬ ‫يتنافى مع الدور الإن�ساين الذي ي�ستحق احل�صول‬

‫على جائزة «نوبل» فهو �أدب ميكافيللي بكل �أبعاده‬ ‫تخلى عن واجبات الأدب ال�ضرورية «احلق‪،‬‬ ‫واخلري‪ ،‬واجلمال» و�آثار االلت�صاق بالتوراة التي‬ ‫جعلت مفهوم املطلق واجلوهر يف خدمة الأحبار‬ ‫وبالتايل فقد جاء �أدب ًا م�صطنع ًا ير�شح بالكراهية‬ ‫واحلقد �إىل �أبعد احلدود‪.‬‬ ‫الرباءة الزائفة والأحزان املو�ضوعية‬ ‫يقع دار�س الأدب العربي �أ�سري ًا حلالة من‬ ‫احلرية والده�شة لدى اطالعه على اجتاهات‬ ‫هذا الأدب بعد حرب �أكتوبر ‪ 1973‬وحماولة‬ ‫�إيجاد عالقة انعكا�س وت�أثر تربط بني االجتاهات‬ ‫العامة يف هذا الأدب وبني التغريات التي �أحدثتها‬ ‫احلرب فلقد حلقت بالنموذج الفكري ال�صهيوين‬ ‫الذي ي�صوغ املوقف من العرب والأر�ض العربية‬ ‫ارتعا�شه �أثارت موجة املراجعات الفكرية فبد�أت‬ ‫تظهر يف امل�صادر ال�صهيونية ت�أمالت فل�سفية‬ ‫تطرح �أ�سئلة من نوع «هل كانت الأيديولوجية‬ ‫ال�صهيونية يف �أ�سا�سها �أيديولوجية عنف و�أنانية‬ ‫قومية �أم كانت �أيديولوجية ت�سعى �إىل العدل‬ ‫وتن�شد التفاهم مع �شعوب العامل مبا يف ذلك‬ ‫ال�شعوب العربية!؟ وراحت تطرح تو�صيفات للو�ضع‬ ‫الأيديولوجي ال�سائد قال عنه �أحد ال�صهاينة «�أنا‬ ‫ال اعتقد �أن دولة �إ�سرائيل �أو ال�صهيونية جواب‬ ‫�شاف على ق�ضية ال�شعب اليهودي»‪.‬‬ ‫من حتليلنا لن�صو�ص ما بعد حرب �أكتوبر‬ ‫نرى اال�ستجابة الأدبية ال�صهيونية وما تالها‬ ‫من ارتعا�شات يف قاعدة املقوالت الزائفة مبثابة‬ ‫�إ�ضافات كمية مل تبلغ القدر الكايف لإحداث‬ ‫حتول كيفي يف �أو�ضاع احلياة الإ�سرائيلية �سواء‬ ‫يف م�ستوى الوجود املادي �أو م�ستوى الوعي فيها‪.‬‬ ‫�أ�صبحت املقوالت ال�صهيونية بني مد وجزر‬ ‫ترتبط بالعالقة اجلدلية بني الرف�ض العربي‬ ‫وحلم القبول بها‪.‬‬ ‫ومن هنا ا�ستمرت يف الأدب الإ�سرائيلي حتى‬ ‫الآن تلك اال�ستجابة املكونة من �شعبتني «�شعبة‬ ‫الت�أمل والتوجع املو�ضوعي‪ ،‬و�شعبة الرباءة الزائفة‬ ‫يف تف�سري ما حدث يف �إطار املقوالت ال�صهيونية‬ ‫والأدب تعبريات و�أحا�سي�س ذاتية وانعكا�سات‬ ‫للمجتمع على نف�س الأديب الذي يتكلم لغته ويحيا‬ ‫ظروفه‪ .‬ومعاناة الأديب جزء من معاناة اجلمهور‬ ‫ولكن الإ�ضاءات الإن�سانية مفقودة يف النتاجات‬ ‫الأدبية ال�صهيونية فهي �إما ا�سقاطات مر�ضية‬ ‫ت�ستهزئ بقيم الغري �أو ان�ضواء واجرتار لتواريخ‬ ‫معينة‪� ،‬إنها �أكرث جت�سيد ًا ملعاناة امل�ستوطن‪.‬‬

‫بنا ًء على ما �سبق �أو املفرت�ض على الأقل �أن‬ ‫تكت�سب �صورة العربي يف الر�ؤية الأدبية مالمح‬ ‫خمتلفة فال يعود ذلك القاتل املتعط�ش للدم‬ ‫اليهودي دون دافع �سوى غريزة معاداة ال�سامية‪،‬‬ ‫و�أن تتغري بالتايل يف هذه الر�ؤية �صورة املحارب‬ ‫الإ�سرائيلي ذلك الإن�سان «امل�سامل» الذي ي�ضطر‬ ‫�إىل القتال والبالء املجيد فيه �ضد موجة اخلطر‬ ‫اجلديد الذي بثه العرب‪ ،‬يف ق�صيدة «احلرب‬ ‫املقبلة» لل�شاعر ال�صهيوين «يعقوب با�سار» التي‬ ‫كتبت عام ‪ 1962‬يت�صور القارئ �أن ال�شاعر‬ ‫راف�ض للمقوالت ال�صهيونية و�أنه متمرد �ضد‬ ‫�أ�صول ال�سيا�سة ال�صهيونية‪:‬‬ ‫ويف قاع العيون جمالن يف لون الليل البهيم‬ ‫ير�شف كالهما من فم الآخر‬ ‫مياه الرعب اخل�ضراء‬ ‫ذلك لأننا ن�ستنبت يف ت�أن وثقة‬ ‫زهرات احلديد يف احلرب املقبلة‬ ‫ما بني حجرات النوم وحجرات الأوالد‬ ‫�إذا ما تنبهنا �إىل هذه الفقرة من الق�صيدة‬ ‫و�إىل �صورة اجلملني الأ�سودين اللذين يتبادالن‬ ‫احلقد وير�شف كل منهما من الآخر مياه العرب‬ ‫الكت�شفنا �أن الر�ؤية التي حتكم ال�شاعر ر�ؤية‬ ‫مو�ضعية ال تتجاوز اال�ستجابة لوقع الآالم التي‬ ‫تت�أمل �أ�صول ال�صراع ودوافع �إثارته فلي�س‬ ‫اجلمالن �سوى طريف ال�صراع وال�شاعر يختار‬ ‫رمز اجلمل للإ�شارة �إىل كل منهما على �أ�سا�س‬ ‫ت�صوره �أن العرب ال�ساميني املنحدرين من �أ�صول‬ ‫�صحراوية ال يجابهون اليوم �سوى العربيني‬ ‫ال�ساميني املنحدرين من نف�س الأ�صول‪ .‬من جانب‬ ‫�آخر �أ�ستطيع االدعاء بل الت�أكيد ب�أن عن�صرية‬ ‫ال�شاعر وارتباطاته الأيديولوجية ال�صهيونية‬ ‫تربز يف التعبري امل�ستلهم من ال�صحراء مبعنى‬ ‫ارتباط اليهود بهذه املنطقة وجذريتهم فيها‪،‬‬ ‫وهذا تزوير للتاريخ فالوجود اليهودي يف املنطقة‬ ‫كان عابر ًا ولفرتة ق�صرية جد ًا لي�س لها وزنها‬ ‫باملطلق يف التاريخ وهذا يلغي بالطبع تعريف‬ ‫ال�صهيونية للقومية اليهودية القائل بعدم‬ ‫جتريدها من الأر�ض‪ .‬لأنه لو مت ذلك لكان هذا‬ ‫ق�ضاء على طابعها املميز الذي ي�ستهدف الوجود‬ ‫العربي كله ومع ما يف طرح ال�شاعر ال�صهيوين‬ ‫من خط�أ تاريخي حيث �أن ال�صهيونية لي�ست‬ ‫تعبري ًا عن امتداد �سامي �ساللي ًا �أو ح�ضاري ًا �أو‬ ‫عرقي ًا‪ ،‬ف�إن ال�شاعر رغم براءته الزائفة ينت�صر‬ ‫لهذه ال�صهيونية‪ ،‬فهو يف كونه و�ضع الطرفني يف‬ ‫و�ضع مت�ساو «اجلمالن» فكالهما يبادل الآخر‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪29‬‬


‫دراسة‬ ‫احلقد والرعب‪ .‬لكن عدم تو�ضيح ال�شاعر من‬ ‫املعتدي عليه يجعل حزنه مو�ضعي ًا دون �أن ي�شري‬ ‫�إىل الطرف �صاحب امل�س�ؤولية يف ذلك ويحاول‬ ‫ال�شاعر الإرهابي �أن يلب�س جلد حمل ويربز براءته‬ ‫و�أنه �ضد احلرب والقتل‪ ،‬ولكن لي�س كل القتل فهو‬ ‫يحزن لقتل ال�صهاينة فقط لأنه يزور التاريخ‬ ‫ب�إبراز �أن �أر�ض ال�شعب الفل�سطيني له‪.‬‬ ‫و�ضع الأقلية العربية ال�صعب‬ ‫يف درا�سة �أجراها �أحد �أ�ساتذة االجتماع يف‬ ‫فل�سطني املحتلة على طالب املدار�س االبتدائية‬ ‫خرج بالنتيجة التي تقول �أن ‪ % 60‬من ‪1066‬‬ ‫طالب ًا قابلهم يف مقابالت مفتوحة وترتاوح‬ ‫�أعمارهم بني ‪ 9‬ـ ‪� 14‬سنة �أيدوا الإفناء الكلي‬ ‫للعرب املدنيني املقيمني يف �إ�سرائيل يف حالة �أي‬ ‫�صراع م�سلح مع الدول العربية ويف مثل هذا اجلو‬ ‫النف�سي ميكننا �أن نت�صور اجلو الإرهابي اخلانق‬ ‫الذي تعي�ش فيه الأقلية العربية يف فل�سطني‬ ‫املحتلة‪ .‬والرغبة يف الإفناء التام لي�س جمرد‬ ‫تفكري �صبياين بل عقيدة‪ .‬ولي�س �أدل على ذلك‬ ‫من �أن ال�صهاينة يعتربون مرتكب جمزرة احلرم‬ ‫الإبراهيمي من ال�شهداء والقدي�سني‪.‬‬ ‫وتقوم حرب �أكتوبر ويتحرك الأدباء ال�صهاينة‬ ‫لإبراز براءة الذئب ال�صهيوين وي�صبح ال�سالم‬ ‫خمرج ًا‪ ،‬ولكن �أي �سالم هو املرغوب‪ .‬ال�شاعرة‬ ‫ال�صهيونية «حدفاه هركابي» تبني ذلك فتقول‪:‬‬ ‫لذا‪ ...‬ف�إين �أقول‬ ‫احلزن هو جمرد حزن والأمل لي�س �سوى الأمل‬ ‫حتى اجلبال ميكن حتريكها‬ ‫رغم قدرتها على الرف�ض‬ ‫تريد ال�شاعرة �أن حترك اجلبال العربية‬ ‫وتزحزحها لتت�سنى لها حياة هادئة مع رجلها على‬ ‫ح�ساب الآخرين‪.‬‬ ‫يف ق�صيدة حتمل عنوان «�أغاين �أر�ض �صهيون»‬ ‫كتبها ال�شاعر يهودا عميحاي عام ‪ 1974‬ميزح‬ ‫ال�شاعر بني الآالم ال�صهيونية املدعاة و�ضرورة‬ ‫�إنهاء هذه الآالم عن طريق اال�ستيالء على الأر�ض‬ ‫العربية «واالحتفاظ ب�أر�ض فل�سطني عام ‪»1948‬‬ ‫مربز ًا مقولة �أحد امل�ستوطنني الأوائل «ترومبلدور»‬ ‫ب�شكل �إيحائي ليتبني �ضرورة التم�سك بذلك‪.‬‬ ‫وهذه الق�صيدة تتميز برتكيب الر�ؤية والبناء‬ ‫ال�شعري فهي تقدم املقوالت ال�صهيونية يف حالة‬ ‫الت�شابك واالت�ساق الهند�سي الداخلي‪ .‬وهذه هي‬ ‫حالة املقوالت يف ن�سقها الفل�سفي‪:‬‬ ‫لعل الكلمات الأخرية التي لفظها «ترومبلدور»‬ ‫‪ 30‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫دراسة‬ ‫القدمية وقد ر�سمت ال�شاعرة «�أنا جنرينو»‬ ‫م�سرية هذه الأزمة النف�سية يف ق�صيدة لها بعنوان‬ ‫«البداية» تقول فيها‪:‬‬ ‫وقر�ضت �أ�شعار نحيب متعددة‬ ‫حتى مل يبق يل ما �أقوله‬ ‫�إذن هنا حالة نف�سية مت�أزمة‪ .‬قرف من القتل‬ ‫املتبادل‪ ،‬وقتل الأطفال‪ .‬لكن دون التخلي عن‬ ‫جوهر ال�صهيونية‪ .‬ونرى هذا بو�ضوح يف ق�صيدة‬ ‫ال�شاعرة ال�صهيونية «داليا رابينوفت�ش»‪ ،‬يف‬ ‫ق�صيدة لها بعنوان «حجارة» تقول فيها‪:‬‬ ‫بني اعتقال واعتقال‬ ‫ورمبا �ضربة هراوة‬ ‫ورمبا ر�أ�س جمروح ويد مك�سورة‬ ‫كل �شيء جائز بالن�سبة لهم‬ ‫�أيها الأوالد‪ .‬الأوالد‪ .‬الأوالد‬ ‫عودوا �إىل البيت �أيها الأوالد‬ ‫كيف �ستعي�شون بال ا�سرتاحة‬ ‫ماذا تريد ال�شاعرة �أن تقول؟ هل هي تت�أمل هنا‬ ‫من �أجل الأطفال الفل�سطينيني؟ يبدو �أن الأمر‬ ‫كذلك �إذا نظرنا �إىل الق�صيدة نظرة �سطحية‬ ‫لكننا �إذا ما تعمقنا يف بنيانها الداخلي جند �أنها‬ ‫ت�ستبق الأحداث فرتثي وجود الكيان برمته‪ .‬فلقد‬ ‫�أ�صبحت االنتفا�ضة هاج�س ًا مرعب ًا لكل الأجنحة‬ ‫ال�صهيونية بل «دقت طبول القبيلة يف نفو�س‬ ‫�أولئك الذين كانوا يقولون عن �أنف�سهم �أنهم‬ ‫تقدميون ومتنورون»‪.‬‬ ‫�إذن فال�شاعرة تدعو الأطفال لي�ستكينوا حتى‬ ‫ال ي�صابوا باجلراح‪ .‬وتلتقي �أج�سامهم الغ�ضة مع‬ ‫الهراوات الغليظة جلنود االحتالل‪ .‬وكان �أجدر‬ ‫بال�شاعرة �أن تدعو �إىل ان�سحاب ه�ؤالء اجلنود بل‬ ‫و�إىل تقوي�ض املجتمع ال�صهيوين �إذا كانت تدعي‬ ‫التقدمية والإن�سانية وهذا ال ميكن �أن يكون �إال �إذا‬ ‫فرغ اليهودي من �صهيونيته فهل يحدث هذا!؟‬ ‫بالطبع ال ميكن لأن ال�صهيونية مرتبط بالتوراة‬ ‫والأفكار التلمودية التي هي �أ�سا�سها وبالتايل ف�إن‬ ‫ال�شاعرة تعالج �إذن ظاهرة جمتز�أة من �سياقها‬ ‫االجتماعي وال�سيا�سي وك�أن الأمر يتعلق بلعبة‬ ‫خطرة ميار�سها الأطفال على ح�ساب العودة‬ ‫�إىل البيت واال�سرتاحة ولكن �أي بيت!؟ و�أية‬ ‫ا�سرتاحة!؟‬

‫ما �أحلى املوت يف �سبيل �أر�ضنا بنو الوطن‬ ‫اجلديد‬ ‫مثل نخل احلقل يف جمموعات جمنونة‬ ‫حتى ولو مل تكن هذه كلماته‬ ‫�أو �أنه قالها ثم اختفت‬ ‫لظل مكانها حمفور ًا كالكهف‬ ‫فاق املالط والأحجار �صالبة‬ ‫هذا هو وطني‬ ‫ال�شاعر هنا يجرت قول «هرتزل» عن الدولة‬ ‫املرجتاة «الالتينية» على قاعدة التم�سك بالأر�ض‬ ‫حيث يدعى �أن اليهود هم الذين عمروها فهي‬ ‫�صحراء بدونهم ومقفرة بدون جهودهم وهنا‬ ‫ترديد غري مبا�شر ملقولة «�شعب بال �أر�ض لأر�ض‬ ‫بال �شعب» بكل ما فيها من زيف وت�ضليل وخداع‬ ‫وت�آمر‪.‬‬ ‫الوطن املتعني الذي يراه ال�صهاينة والذي‬ ‫اكت�سب مالط بنائه �صالبة ومتا�سك ًا يفوقان‬ ‫�صالبة ومتا�سك الأحجار «مقولة الأر�ض‬ ‫التاريخية املمزوجة بالوجد اليهودي الكلي»‬ ‫حيث ميار�س اليهودي حياته العادية على ح�ساب‬ ‫الآخرين باال�ستب�سال حتى املوت لأن كنوز هذه‬ ‫الأر�ض «فل�سطني» فلي�ست من املعادن الطبيعية بل‬ ‫من عظام املوتى اليهود الذين قاتلوا يف �سبيلها‬ ‫ليحققوا لها الو�صول �إىل ع�صر «امل�سحاء»‪.‬‬ ‫«ع�صر اخلال�ص اليهودي املطلق» الأمر الذي‬ ‫يعني �أن الطرف الآخر يف املواجهة لي�س �سوى‬ ‫ذلك العدو الال�سامي الذي يحاول �أن يقطع طريق‬ ‫�شعب يف التزاوج مع �أر�ضه‪ .‬وهذه لي�ست �سوى‬ ‫نف�س الر�ؤية التي تغ�ص بها املقوالت ال�صهيونية‪.‬‬ ‫بعد حرب ‪ 1967‬ومرور ًا حتى االنتفا�ضة‬ ‫الفل�سطينية ‪ 1987‬انبثقت عن الأدب ال�صهيوين‬ ‫تطلعات وتوجهات متباينة ح�سب الظروف‬ ‫واملتغريات‪ ،‬فهي تدعو لالغت�صاب والقتل بعد‬ ‫كل انت�صار �صهيوين وتدعو �إىل ال�سالم املزيف‬ ‫مغلفة برباءة غري حقيقية تعتمد على الإحباط‬ ‫الذي يعانيه امل�ستوطنون ال�صهاينة فيجرتون‬ ‫�آالمهم دون �أن يتخلوا متام ًا عن املقوالت‬ ‫ال�صهيونية‪ ،‬وميكننا ر�صد حركة ت�أثر املعنويات‬ ‫ومالحظة احلالة النف�سية ال�صهيونية املنعك�سة‬ ‫على الأدب بعد االنطالق لالنتفا�ضة املظفرة يف‬ ‫فل�سطني والتي ي�سفح بها الأطفال بقوة الغطر�سة‬ ‫ق�صة الأ�سري‬ ‫ال�صهيونية‪ .‬فها هي الدالئل ت�ؤكد مدى ت�أثري‬ ‫القدرات الن�ضالية للأجيال الفل�سطينية اجلديدة ال �شك �أن ق�صة الأ�سري من �أ�شهر ق�ص�ص‬ ‫مما خلق يف اجلانب ال�صهيوين انتكا�سه حقيقة‪ .‬الرباءة الزائفة «ليزهار �سمولن�سكي» تتحدث‬ ‫عن راع عربي يدعى «ح�سن �أحمد»‬ ‫فاحلجارة تزداد معها الآالم‪ ،‬فتذكر بالآالم هذه الق�صة‬

‫�أ�سرته فرقة ع�سكرية �صهيونية بينما كان‬ ‫يجل�س حتت �شجرة متفيئ ًا ظلها يف يوم �صيف‬ ‫قائظ ويرقب قطيع �أغنامه باطمئنان ويو�ضح‬ ‫الكاتب كيف كانت املعاملة �سيئة «�شتم‪� ،‬إهانات‪،‬‬ ‫�ضرب‪� ،‬سخرية» وتو�ضح الق�صة ال�صراع النف�سي‬ ‫عند اجلندي الذي طلب منه نقل الأ�سري �إىل‬ ‫مع�سكر قريب‪ .‬هذا ال�صراع املتماوج بني‬ ‫الواجب والإن�سانية اجلندي يخاطب نف�سه يف‬ ‫حوار داخلي‪« :‬يجب �أن توقف ال�سيارة وتطلق‬ ‫�سراح هذا الأ�سري‪ ،‬وهكذا �ستكون النهاية نهاية‬ ‫خمتلفة»‪ .‬لكنه ي�صحوا �إىل نف�سه ويت�ساءل‪« :‬كيف‬ ‫�أ�ستطيع لي�س الأمر يف يدي‪ ..‬ال‪ ..‬ال‪ ..‬هذا غري‬ ‫�صحيح ل�ست �صاحب الأمر �أنا جمرد رجل ينفذ‬ ‫الأوامر ولي�س على ذنب فيما �أ�صابه»‪.‬‬ ‫«�سمولن�سكي» يف هذه الق�صة يريد �أن ي�ضرب‬ ‫ع�صفورين بحجر يغذي القارئ بالقيم الإن�سانية‬ ‫للدعاية ال�صهيونية والتم�سك بالواجبات الع�سكرية‬ ‫يف وقت واحد و�إن كان يف نهاية الأمر قد رجح‬ ‫الدافع الع�سكري على الروح الإن�سانية‪ .‬من جانب‬ ‫�آخر جند �أن �سمولن�سكي الذي يدعى الإن�سانية‬ ‫مل ي�ستطع �أن ينزع من نف�سه �صفة التعايل التي‬ ‫�أ�صبحت طابع ًا عام ًا يف الأدب العربي فاختار‬ ‫للق�صة بط ًال �ساذج ًا «عربي طبع ًا» الأمر الذي‬ ‫يظهر كثري ًا يف الأدب العربي‪.‬‬ ‫عن هذه الق�صة يقول غ�سان كنفاين «�إنها‬ ‫حماولة لت�صوير ما تردده و�سائل الإعالم عن‬ ‫البطوالت اليهودية اخلارقة‪� ،‬إن البطل العربي يف‬ ‫الق�صة ما زال يختار بعناية ودقة لي�ؤدي دوره يف‬ ‫املوزاييك ال�صهيوين �إنه تقريب ًا‪ ،‬بهلول «�ساذج»‬ ‫فثمة حرب وهو خارجها متام ًا وبكلمة �أخرى �إنه‬ ‫العربي غري القادر على مواجهة خ�صمه!» �أما‬ ‫الدكتورة «حياة جا�سم» فتقول عنها‪« :‬مل يكن‬ ‫هناك �شر يف العامل يحذر من �شرور �آتية»‪.‬‬ ‫وب�شكل عام ف�إن �سمولن�سكي يوجه النقد‬ ‫لأ�صحاب االدعاءات ال�صهيونية ولكن هذا‬ ‫التجاوب مع العقالنية ال يغري �صورة العربي‬ ‫عنده فهو عدو ال يزال جبان ًا و�أخرق �أمام‬ ‫�شجاعة ال�صهيوين‪ .‬وبو�سع جندي �صهيوين‬ ‫واحد �أن يعبث مبجموعة من اجلنود العرب‬ ‫وي�سخر منهم والأ�سري العربي هنا ي�ستدر عطف‬ ‫الكاتب ل�سذاجته ال لعدالة ق�ضيته‪� .‬إن جتاوبه‬ ‫مع ال�شخ�صية العربية جتاوب ظاهري و�سلبي وال‬ ‫يخرجه عن دائرة الوالء لل�صهيونية‪� ،‬سمولن�سكي‬ ‫يعاين �صراع ًا مرير ًا لإطالق �سراح الأ�سري العربي‬ ‫ولكن والءه لل�صهيونية‪ .‬يتغلب على نداء العدالة‬

‫يف نف�سه فري�سل الأ�سري العربي �إىل حتفه وهو‬ ‫ما ين�سحب على معظم �أعمال �سمولن�سكي ففي‬ ‫ق�صته «خربة خزعة» التي يتحدث فيها عن قرية‬ ‫عربية احتلها فرقة من اجلنود الإ�سرائيليني عام‬ ‫‪ 1948‬يف هذه الق�صة يدور حوار بني الكاتب‬ ‫وجمموعة من الأفراد اللذين ي�ؤمنون ب�آرائه من‬ ‫جهة وجماعة �أخرى من اجلنود ممن ي�ؤيدون‬ ‫احلرب واالحتالل والطرد والقتل‪ .‬من جهة �أخرى‬ ‫ومن ثنايا الق�صة ي�صور الكاتب خمتلف الآراء‬ ‫جتاه العرب لدى فئات متعددة من الإ�سرائيليني‬ ‫يقول «�سمولن�سكي»‪:‬‬ ‫«و�شاهدنا امر�أة عربية مع بع�ض رفيقاتها‬ ‫وكانت مت�سك ب�إحدى يديها ولد ًا يف ال�سابعة من‬ ‫عمره» هذه النزعة الإن�سانية ين�سفها �سمولن�سكي‬ ‫متام ًا عندما يكرر يف ثناياها الإ�شارة امل�ستمرة‬ ‫�إىل ما حل باليهود يف العهد النازي ويدعى �أنه‬ ‫خجل �أمام املر�أة العربية «لقد �شعرت باخلجل‬ ‫�أمامها و�أ�شحت بنظري عنها ولقد ر�أينا فيها‬ ‫امر�أة لب�ؤة‪ .‬عربت تقاطيع وجهها عن �صرب‬ ‫واحتمال �أنها م�ستعدة لتحمل امل�شاق‪ .‬وت�أبى �أن‬ ‫تنهار �أمامنا على الرغم مما حل بها ولقد مل�سنا‬ ‫ما يعتمل يف نف�س طفلها �أن تقاطيع وجهه تدل‬ ‫على ما �سيكون يف امل�ستقبل‪ ،‬الطفل ال�ضعيف‬ ‫الذي ال ي�ستطيع غري البكاء �سيكون �أفعى �سامة»‪.‬‬ ‫ادعاءات �إن�سانية زائفة‬ ‫عجيب �أمر �سمولن�سكي الذي يدعى الإن�سانية‬ ‫�أنه ال يريد الطفل الذي �سي�صبح رج ًال �أن يقاتل‬ ‫الذين انتزعوا �أر�ضه‪ ،‬ويوا�صل �سمولن�سكي يف‬ ‫ق�صته القول «وبعد قليل حتركت ال�سيارة الثالثة‪.‬‬ ‫�أي جمود ي�سيطر علينا و�أية ال مباالة ك�أننا مل‬ ‫نكن الجئني �أبد ًا وك�أننا مهاجرون فقط لكن ما‬ ‫هو املخرج!؟» �سمولن�سكي هنا يدعى �أنه �ضد‬ ‫التهجري وطرد الفل�سطينيني لكنه ال يقدم على‬ ‫عمل مينع ذلك �سوى �أن يذهب �إىل النازحني‬ ‫ويقول لهم عودوا �إىل بيوتكم ولكنه مل يفعل هذا‬ ‫�إذن ما الفائدة من �سرد هذه الأفكار وما فائدة‬ ‫وقوفه مكتوف اليدين‪� .‬إنها الرباءة التي تظهر‬ ‫زيفها �إذ �أنه ال يختلف مع معار�ضيه ولعله �شاء‬ ‫�أم �أبى‪� ،‬شريكهم يف عملية التهجري يف ق�صة‬ ‫«على حد ر�صا�صة» بقلم «يت�سحاق �أورباز» جند‬ ‫فكرة م�شابهة للفكرة التي �أوردها �سمولن�سكي يف‬ ‫«الأ�سري» غري �أن �أحداث الق�صة كتبت بعد حرب‬ ‫�سيناء عام ‪ .1956‬وهي كذلك تدور حول حياة‬ ‫جندي عمل يف قطاع غزة ويف �سياق هذه الق�صة‬

‫ي�أتي اجلندي �إىل �أحد املغاور يف تلك املنطقة‬ ‫فيجد عربي ًا م�سلح ًا ولكن هذا العربي �سرعان‬ ‫ما يلقي بندقيته‪ .‬ويبد�أ بالتو�سل �إىل اجلندي‬ ‫الإ�سرائيلي وي�صل به الأمر �إىل تقبيل قدميه كي‬ ‫ال يقتله‪ .‬و�أخذ يزعم يف تو�سله �أنه يحب اليهود‬ ‫وت�ستمر الق�صة «وعندما كنا جال�سني نه�ض‬ ‫�إبراهيم فج�أة و�أخذ يرك�ض ولكنه ا�صطدم‬ ‫بال�شجرة و�سقط و�أم�سكت بالعوزى «البندقية»‬ ‫لكي �أفعل �شيئ ًا بهذا العربي‪ .‬وفج�أة ر�أيت �أفعى‬ ‫�سامة»‪.‬‬ ‫رغم �أن الكاتب هنا يود �أن يلمح ب�أن هذا العربي‬ ‫قد ال يكون جيد ًا فقد يكون نافع ًا‪� .‬إذ �أنه حاول‬ ‫�إنقاذ اليهودي من الأفعى‪� .‬إال �أنه «الكاتب» مل‬ ‫ي�ستطع �أن يه�ضم ذلك يف عقله الباطن ف�أظهر‬ ‫فوقيته وعن�صريته وك�أن هذا العربي �شيء مهمل‬ ‫ك�أي جماد مث ًال «و�أم�سكت بالعوزى لأفعل �شيئ ًا ما‬ ‫بهذا العربي «�أي رغم املوقف الذي يبدو �إن�ساني ًا‬ ‫يف هذه الق�صة �إال �أن الكاتب مل يتحرر من نزعة‬ ‫�سادية نحو العرب ك�أن يهوى الأ�سري العربي نحو‬ ‫قدمي اجلندي يقبلهما‪ ،‬ويعلق �أحد الكتاب على‬ ‫هذه الق�صة فيقول «�أنه من جهة واحدة ي�صعب‬ ‫على الكاتب �أن يعامل الأ�سري معاملة �إن�سان يبدو‬ ‫له �أن هذا الإن�سان بدون �صفات �إن�سانية �أنه‬ ‫جمرد حيوان»‪.‬‬ ‫وهكذا تفت�ضح الرباءة ال�صهيونية والأحزان‬ ‫املو�ضعية لبع�ض الكتاب لكن �صهيونيتهم تدفعهم‬ ‫يف النهاية لالنت�صار لرتبيتهم الفوقية وغطر�ستهم‬ ‫�ضد العرب فهم �إن�سانيون مع اليهود فقط‪� .‬أما‬ ‫العرب اجلهلة فال داعي لذلك‪.‬‬ ‫كتبت الروائية الإجنليزية ماريا �إدجورت عام‬ ‫‪ 1817‬رواية بعنوان «هارجنتون» قدمت فيها‬ ‫�شخ�صية يهودية تتمتع ب�صفات طيبة‪� .‬إال �أن‬ ‫الكاتب ال�صهيوين «بنامني دزرائيلي» يرد عليها‬ ‫بروايته «دافيد �ألوري» عام ‪ 1833‬باعطاء بطله‬ ‫ال�صفات التي امتازت بها ال�صهيونية‪ :‬العنف‪،‬‬ ‫العن�صرية‪ ،‬العظمة والإميان برب اجلنود بهدف‬ ‫�إيقاظ ال�شعور القومي احلربي لدى اليهود‪ ،‬كي‬ ‫يتذكروا ذلك الرب املحارب الذي كان يقاتل‬ ‫معهم يف حروبهم وجمازرهم يف فل�سطني‪� .‬إن‬ ‫�إعادة التذكري «برب اجلنود» من �ش�أنه �أن يثري‬ ‫تلك الفئة املحاربة التي مل تعرف يف حياتها‬ ‫اال�ستقرار‪� .‬إال من خالل احلرب �ضد ال�شعوب‬ ‫�أو من خالل اخل�ضوع وال�سبي‪ .‬وهذا ما الحظناه‬ ‫يف تاريخ بني �إ�سرائيل واليهود ومنهم املقهورين‬ ‫الذين تبنوا هذه العقائد ليكونوا حماربني وليكون‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪31‬‬


‫دراسة‬ ‫اله احلرب ورب اجلنود متنا�سب ًا مع تطلعاتهم‬ ‫احلربية والع�سكرية �إن هذا التعلق املن�سي البد �أن‬ ‫يثري اليهود وي�ستثريهم للقفز مرة �أخرى والتحفز‬ ‫للعدوان‪� .‬إذن فاالغت�صاب والقهر واال�ضطهاد‬ ‫ت�شكل جوهر الفكر ال�صهيوين ومنطلقاته الأ�سا�سية‬ ‫«فالذئاب» �سادة الأر�ض ال الإن�سانيون املت�ساحمون‪.‬‬ ‫وال غرو يف ذلك ف�سل�سلة تاريخهم تروي‬ ‫تعط�شهم للدواء حتى �إذا مل يجدوا من يقتلونه‬ ‫�أ�سقطوا حقدهم على �أنف�سهم �إىل درجة و�صلوا‬ ‫بها �إىل قتل �أنبيائهم‪ .‬يف زيارة لها ملنطقة‬ ‫اجلليل تتوقف «جولدا مئري» فج�أة‪ .‬وترتجل من‬ ‫�سيارتها �أمام �شاخ�صة ت�شري �إىل ا�سم قرية‬ ‫عربية‪ .‬كتب عليها اال�سم بالعربية والعربية‬ ‫فت�أمر مرافقيها بحزم بطم�س اال�سم املكتوب‬ ‫بالعربية و�إبقاء الكتابة العربية قائل ًة‪« :‬ال مكان‬ ‫للعرب �أو العربية يف دولة اليهود» وهذا يو�ضح‬ ‫�أن كل ما هو عربي مكروه عند اليهود‪� ،‬أو غريب‬ ‫غري مفهوم‪ .‬و�إ�سرائيل حماطة بدائرة كبرية‬ ‫من الظالم وهذه الدائرة اخلارجية هم العرب‬ ‫بال ريب وهي حتارب الدائرة الداخلية امل�شعة‬ ‫بالنور �أي �إ�سرائيل مبعنى �أن �إ�سرائيل هي املمثل‬ ‫للح�ضارة يف ال�شرق العربي‪ ،‬وما العرب �إال �أعداء‬ ‫احل�ضارة الإن�سانية وهكذا كان النفاذ �إىل �أعماق‬ ‫الفرد ال�صهيوين‪ ،‬وكان الأدب الو�سيلة املمكنة‬ ‫القتحام نفو�س اليهود وال�سيطرة على غرائزهم‬ ‫العدوانية‪ .‬فالأديب ال�صهيوين «حانوخ برطوف»‬ ‫يرى �أن «الوجود ال�صهيوين لكي ي�ستطيع البقاء‬ ‫توجب عليه القتل»‪ ،‬وقد خل�ص الكاتب ال�صهيوين‬ ‫«مو�شيه �شامري» �أهداف الأدب ال�صهيوين يف‬ ‫املرحلة ال�سابقة‪ ،‬فكان البطل فيه عام ًال �ضد‬ ‫الظلم النازي عرب �صور ال تخلو من الغزل وها‬ ‫هو ال�شاعر «�شمعون هالكن» يناجي هذا البطل‬ ‫و�أمثاله فيقول‪:‬‬ ‫هال كنتم كالقدماء حتدي ًا‬ ‫يا حرا�س املزامري املقد�سة‬ ‫وليكن بعدها ما يكون‬ ‫�أنتم يا �أحرار اجليتو تخلفون الأغيار‬ ‫وراءكم يف املحيطات‬ ‫ومهما تريدون يكون‬ ‫تتعلمون منذ ال�صغر‬ ‫القطاف من الأمم وليكن ما يكون…‬ ‫فهذا طريقنا لي�س �إال…‬ ‫البطل يف الأدب الإ�سرائيلي‬ ‫ي�أتي دور البطل ال�صهيوين يف رف�ض االندماج‬ ‫‪ 32‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫دراسة‬ ‫الذي ال ير�ضي الرتكيب الع�ضوي للبنية ال�صهيونية‬ ‫والعقل ال�صهيوين املتزمت‪ ،‬ولقد و�ضح «ه�س»‬ ‫ذلك حني قال‪« :‬وقد ي�صبح اليهودي مواطن ًا يف‬ ‫بلد ي�أخذ جن�سيته‪ ،‬لكنه لن يقنع الأغيار �أبد ًا‬ ‫بانف�صاله عن قوميته» وهذه كانت وظيفة الأدب‪:‬‬ ‫زرع بذور الأفكار والرغبات اجلديدة التي بد�أت‬ ‫ت�أخذ فاعليتها بالعداء للأملان‪ ،‬وهنا ي�صبح‬ ‫الأدب ال�صهيوين دون ر�سالة تخدم الب�شرية‪.‬‬ ‫بل هو منظومة من النتاجات ميكن �إدراجها‬ ‫حتت ا�سم «الأدب العن�صري» الذي يحمل بني‬ ‫طياته االزدراء للآخرين والدعوة �إىل العنف‬ ‫واالغت�صاب واحتقار ال�شعوب �صراح ًة‪ ،‬ويت�ضح‬ ‫هذا العداء لل�شعوب يف ق�صيدة ن�شرتها �صحيفة‬ ‫«دافار»‪:‬‬ ‫ليل الأملان طويل ونور عمرهم �ضئيل‬ ‫فنحن خالقو �أملانيا بيد حديدية فتية‬ ‫ونحن قادرون على �صنع نع�شها بال اعرتا�ض‬ ‫�أر�ض �أملانيا طوع يدنا وروحها ترتعد‬ ‫بعد اجلربوت ك�أ�س �ستجرعه مرار ًا‬ ‫وهنا تظهر �صورة البطل ال�صهيوين بقدر ما‬ ‫لديه من رغبة يف االنتقام‪ .‬فهو عادة جمازف‬ ‫وخارق ال يعرف ال�شفقة وال ميلك ح�س ًا �أخالقي ًا‬ ‫�أو �إن�ساني ًا بل �صور ًا وكوابي�س ت�سيطر على قواه‬ ‫العقلية ناجتة عما �سمع به من جمازر حلقت‬ ‫باليهودي وتدفعه التخاذ املوقف ذاته �ضد العرب‬ ‫�إال �أن هذه الر�ؤيا وهذا املنطق يحتم على الكاتب‬ ‫تربير التزام �أبطاله لهذه الأخالقية وهو الذي‬ ‫يدعي �أنه عانى �أهوال املعتقالت والإبادة مما‬ ‫يدفعه للوقوع يف التناق�ضات‪ .‬لذا ي�صبح هذا‬ ‫البطل على ر�أي «بياليك»‪:‬‬ ‫ال يقيم �صداقات ف�إرثه الأمل‬ ‫والقلب ي�ضمر العوا�صف‬ ‫والعا�صفة دم‪.‬‬ ‫هذا القلب ال�صهيوين هو الذي انتزع �شعر‬ ‫العربية الفل�سطينية «خديجة» وهو الذي �سحق‬ ‫ال�سجناء يف «كفاريونا» وقام بالعديد من املذابح‪،‬‬ ‫وي�سحق البيوت كل يوم على قاعدة �أن �إ�سرائيل‬ ‫«هي �أر�ض لنا»‪ .‬والعرب الذين يعي�شون فيها �إذا‬ ‫�ضايقونا نطردهم‪ ،‬ولو رجعنا �إىل ما كتب «دايان»‬ ‫عام ‪ 1967‬نرى �أ�شكال الأدب ال�صهيوين كما ركز‬ ‫على �إبراز ال�شخ�صية الإ�سرائيلية املحاربة وك�أنها‬ ‫«ال�سوبرمان» الذي ال يختبئ وال ي�ؤ�سر ال يهرب‪،‬‬ ‫وقد تراود ال�شاعر بع�ض الأفكار هنا �أو هناك‬ ‫ولكن بطله دائم ًا يحب القتل‪ .‬فها هو يو�ضح ذلك‬ ‫بقوله‪:‬‬

‫�أرى العيون امليتة ال�صامتة‬ ‫�أرى حكمة الدولة‬ ‫حكمة احلرب يف �أفواه املجانني‬ ‫احل�ساب �سنجريه فيما بعد‬ ‫�أما الآن ف�أنا القاتل‬ ‫قد يعتقد قارئ هذا الن�ص �أن ال�شاعر يحتج على‬ ‫القتل ويدعو ملحا�سبة الطغمة الع�سكرية املحركة‬ ‫لل�سيا�سة ال�صهيونية ولكن يتنا�سى �أنه �شارك يف‬ ‫القتل‪ .‬وكان ي�ستطيع �أن يرف�ض امل�شاركة برف�ض‬ ‫قتل الأبرياء ولكن عن�صريته �أبت عليه ذلك‪.‬‬ ‫«مناحيم بيجني» كان طموح ًا لتثبيت قيادته‬ ‫عرب مبا�شرته مذبحة دير يا�سني فتفاخر بقتل‬ ‫‪ 245‬رج ًال وامر�أة وطف ًال يف هذه املذبحة‪ .‬ف�أفكار‬ ‫هرتزل ما زالت حية يف فل�سطني املحتلة‪ ،‬فالقتل‬ ‫طهارة عند اليهودي وهذه «نعمة �شيمر» تو�ضح‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫لو �أنهم تالميذ جمتهدون‬ ‫لكانوا ا�ستخدموا الدبابة من م�سافة قريبة‬ ‫ودمروا البيوت وال�شوارع ومل يرتكوا �أحد ًا‬ ‫وبهذا يكونون قد حافظوا على طهارة ال�سالح‬ ‫و�إذا مل يكن القتل فاحتجاز ال�ضحية يف قريته‬ ‫�أو منطقته ومنعه من مغادرتها للقيام ب�أي عمل‬ ‫كان‪ ،‬لفرتة غري حمددة وقد كرث ب�صورة خا�صة‬ ‫ا�ستعمال هذه القيود �ضد مواطنني عرب لهم‬ ‫ارتباط مبنظمات �سيا�سية �أو لهم ن�شاط اجتماعي‬ ‫�أو ثقايف ال ير�ضى عنه احلكم الع�سكري‪.‬‬ ‫من املحزن وامل�أ�ساوي �أن نحاول فهم امل�س�ألة‬ ‫اليهودية وال�صهيونية و�إ�سرائيل يف الأدب خارج‬ ‫�سياق التاريخ العام ومبعزل عن النظام العاملي‪.‬‬ ‫فال�صهيونية ت�ستمد خ�صائ�صها من خ�صائ�ص‬ ‫النظام ال�سائد يف الع�صر الراهن وبالتايل ف�إن‬ ‫ف�ضح خ�صائ�ص هذا النظام ف�ضح خل�صائ�ص‬ ‫ال�صهيونية‪ ،‬وعندما نت�صدى لبع�ض املقوالت‬ ‫امللفقة واخلاطئة التي فر�ضتها القوة الغا�شمة‬ ‫و�أنتجتها الأوهام والأخطاء ف�إن ذلك يعني حكم ًا‬ ‫الت�صدي للمقوالت ال�صهيونية‪.‬‬ ‫مل يرث اليهود العهد القدمي فقط‪ ،‬بل �أي�ض ًا‬ ‫تاريخي ًا طوي ًال من الال�شعور اجلمعي‪ .‬بكل‬ ‫حمتوياته ومكوناته وعقده النف�سية «ال�شعور‬ ‫بالذنب»‪ ،‬وعقدة �أوديب‪ ،‬ال�شعور بالدونية‬ ‫والتعايل‪� ...‬إلخ‪ .‬وفل�سفتهم وكتبهم زاخرة‬ ‫بالأقوال التي تدلل على تلك احلاالت‪ .‬يف التوراة‬ ‫ميكن االطالع على مئات الكلمات مثل‪ :‬ال�سيطرة‪،‬‬ ‫القتل‪ ،‬التعايل‪ ،‬ال�شاذ‪ ،‬القذر‪ ،‬النج�س‪ ،‬وكلها‬ ‫كلمات معروفة يف العيادات النف�سية ويرى‬

‫امل�سيحيون �أن ال�شعور بالذنب عند اليهود ناجت‬ ‫عن اجلرمية التي ارتكبوها بحق امل�سيح بينما‬ ‫يرى «فرويد» �أن ال�سبب وراء ذلك كان قتلهم‬ ‫مو�سى‪ ،‬فالقتل غري املربر وغري املت�سامي بحد‬ ‫ذاته ي�شكل �سبب ًا �سواء �أكان املقتول امل�سيح �أم‬ ‫مو�سى �أم ال�شعوب‪� ،‬أما اخللود فتبلورت فكرته‬ ‫عند اليهود نتيجة الأحداث ال�صعبة التي زجوا‬ ‫�أنف�سهم يف �أتونها وهام بها اليهودي تفادي ًا‬ ‫للتحلل املحتمل يف املجتمعات‪ .‬من هنا �أ�صيب‬ ‫اليهودي بعقد نف�سية بالغة حيث ال�سقوط‬ ‫الفجائي من ال�شعور بالعظمة �إىل الدونية‪ .‬فعلى‬ ‫عاتقهم تقع م�س�ؤولية �إنقاذ الب�شرية �إىل جانب‬ ‫اعتبار «الغوييم» حيوانات يف خدمة «�شعب اهلل‬ ‫املختار»‪ .‬وهذه العقدة الال�شعورية ت�ستحث تكرار ًا‬ ‫امل�شاهد عرب الت�سارع وهذا ما تتبناه ال�صهيونية‬ ‫ال�سيا�سية وقبلها ال�صهيونية الأدبية لإعادة تربية‬ ‫الأجيال وفق ال�سلوكية املر�ضية هذه واملنطلقات‬ ‫امليتافيزيقية التي ال تخ�ضع للمنطق العلمي‪ .‬وبات‬ ‫الأدب مقت�صر ًا على طرح هذه الأفكار‪ .‬ففي‬ ‫ق�صيدة ن�شرتها «معاريف» بتاريخ ‪1978/5/10‬‬ ‫نقر�أ الآتي‪:‬‬ ‫اعتمر اخلوذة ا�ستعداد ًا مل�سرية الدم‬ ‫جائ ًال بعينني �إىل النار احلمقى‬ ‫امت�شاق ال�سيف جزء من �آدميته‬ ‫لرع�شة الفرح واحالة احلرب �إىل �سعادة‬ ‫�إن ال�صهيونية �سبقت «النيت�شوية» بعدة قرون‬ ‫بفكرة الرجل اليهودي املتفوق‪.‬‬ ‫الرجل النقي الذي هو غاية يف حد ذاته والذي‬ ‫خلق العامل من �أجله‪� ،‬إذن فالبطل ال�صهيوين‬ ‫هو املحارب الذي يعتمر اخلوذة وميت�شق ال�سيف‬ ‫والدبابة ليجعل العامل من �أجله‪ ،‬ولقد و�ضح‬ ‫«بيجن» �أن عادة حمل ال�سيف �إمنا هي عادة‬ ‫يهودية قدمية ولي�ست ميزة �صهيونية‪ ،‬وهذا الأمر‬ ‫يو�ضح �أن التاريخ ال�صهيوين تاريخ ع�سكري ملفق‬ ‫ا�ستخدمت يف تلفيقه براعة �شيطانية ال ميكن‬ ‫�إنكارها‪ ،‬فاليهود �أكرث ح�شد ًا‪ ،‬واملفاج�أة دائم ًا‬ ‫معهم رغم �أن يف التاريخ اليهودي مل توجد يف‬ ‫�أي حرب وال يف �أي معركة �ضمن هذه احلروب‬ ‫«مواجهة» باملعنى ال�صحيح على هذه القاعدة‬ ‫�سارت ال�صهيونية الأدبية ف�أ�صبحت الق�صائد‬ ‫التي تت�ضمن مفهوم ًا �سيا�سي ًا يف ال�شعر ال�صهيوين‬ ‫با�ستثناء ردة الفعل النف�سية ال تخرج عن الأطر‬ ‫العامة التي حددتها امل�سرية ال�صهيونية‪ .‬فكلها‬ ‫�سواء ال�صريحة منها �أو الرمزية ال تتخلى عن‬ ‫الهدف اال�سرتاتيجي‪ ،‬فكان يجب على البطل‬

‫تنفيذ هذه الثوابت التي يطرحها «ديدي منو�س»‬ ‫عندما ج�سد مبادئ «كامب ديفيد» يف ق�صيدة‬ ‫«الغيبوبة ال�ساحرة»‪:‬‬ ‫كذلك تذكر الأ�ساطري‬ ‫جمرى �أحداث و�أمور‪ ،‬ومواقف‬ ‫دمر «بيت امللكة» قبل الإذن‬ ‫رغم الي�أ�س والبكاء‬ ‫بكامب ديفيد تكمن احلياة‬ ‫هناك «�إذا مل حتكم الرغبة»‬ ‫ف�سيفر�ض ال�سالح نف�سه‬ ‫دونية العربي مقابل ال�صهيوين‬ ‫«يهودا بورال» قا�ص �صهيوين يظهر البطل يف‬ ‫ق�صته «زوج يف �شعبه» خمل�ص ًا لق�ضيته يقدم‬ ‫كل �شيء من �أجلها‪ .‬يتخلى عن املك�سب واملال‬ ‫يف �سبيل �إجناح مهمته «فلقد قبل جدعون املهمة‬ ‫املناطة به‪� ،‬شراء الأ�سلحة‪ ،‬دون نقا�ش‪ ،‬وقام‬ ‫بتنفيذها على �أح�سن وجه وحكمة»‪ ،‬بينما يظهر‬ ‫لنا العربي غبي ًا يرتاجع ب�سهولة �أمام املغريات‬ ‫املادية‪ ،‬ومع �أنه يعرف كما ذكر «بورال» يف ق�صته‬ ‫«�أن ال�سالح �سي�صل �إىل الهاجاناة»‪ ،‬بورال هنا‬ ‫يتفق مع «�سمولن�سكي» يف ق�صته «يف ظل البيارات»‬ ‫الذي �أورد على ل�سان �إحدى العائالت اليهودية‬ ‫التي تعي�ش يف بريوت «�إنك ت�ستطيع �شراء العرب‬ ‫باملال‪ ،‬لأن املال عندهم هو كل �شيء»‪ ،‬وهنا تزوير‬ ‫حقيقي للتاريخ‪ ،‬ففرق كبري بني العربي يف مروءته‬ ‫وبني اليهودي يف جبنه و�شحه القاتل‪ .‬ولي�س غريب ًا‬ ‫ما �أو�ضحته الآداب العاملية من هذا الأمر و�أبرزها‬ ‫«ق�صة تاجر البندقية»!!‬ ‫مفهوم البطولة عند ال�صهاينة‬ ‫والبطولة عند ال�صهاينة قاعدة عري�ضة‬ ‫متتد لت�صل للأطفال �أي�ض ًا‪ .‬فلقد برزت لهجة‬ ‫«ال�سوبر طفل» الإ�سرائيلي‪ .‬بكل �صلفها ووقاحتها‬ ‫وعنفها وا�ستخفافها يف �أعمال الكتاب ال�صهاينة‬ ‫«كرميلي‪ ،‬وعوديد‪ ،‬ووان �سرتنغ‪ ،‬و�ستمري‪ ،‬فكل‬ ‫�أعمال ه�ؤالء متجد بطل اليهود كبطل �أ�سطوري‪،‬‬ ‫حتى كالب اليهود �أف�ضل من كالب العرب‪.‬‬ ‫فالكلبة «غريت» تو�صل الورقة ملع�سكر اجلي�ش بل‬ ‫وتبلغ عن ن�شاط القوات ال�سورية �أي �أن اليهودي‬ ‫يرى يف الكالب �أف�ضلية على العرب ويرى ه�ؤالء‬ ‫الكتاب �أن اليهود عندما يبد�أون ب�إطالق النار‬ ‫ي�صاب اجلنود العرب بالهلع ويركنون �إىل‬ ‫الفرار»‪.‬‬

‫خامتة‬ ‫وهكذا يت�ضح لنا �أن اال�ستيطان واال�ستيالء على‬ ‫الأر�ض منذ البدايات الأوىل للهجمة ال�صهيونية‬ ‫واكبتها حركة �أدبية وفكرية ن�شطة تدعو المتالك‬ ‫الأر�ض حماولة تزوير التاريخ ب�أن هذه الأر�ض‬ ‫بدون �سكان‪ .‬و�أن ال�صهاينة الرواد هم الذين‬ ‫عمروها بعد �أن كانت م�ستنقعات و�صحاري مليئة‬ ‫باحل�شرات والأمرا�ض‪ .‬وما رواية �شموئيل عجنون‬ ‫«بالأم�س الأول» �إال �صورة وا�ضحة لل�صهيونية‬ ‫الأدبية املبكرة‪.‬‬ ‫اال�ستيطان هذا وباملفهوم ال�صهيوين ال حدود‬ ‫له‪ ،‬فهو قدمي جديد ومتجدد حتكمه عوامل القوة‬ ‫وا�ستغالل الظروف العاملية مبا يف ذلك االتكاء‬ ‫على حليف قوي ميكن �أي�ض ًا ا�ستبداله يف الوقت‬ ‫املنا�سب‪ .‬ويف هذا املجال ها هي ال�صهيونية‬ ‫تعمل كل يوم على تهيئة الظروف املالئمة البتالع‬ ‫املزيد من الأر�ض عن طريق العدوان املتكرر هنا‬ ‫وهناك‪ .‬ومب�ساندة الإمربيالية الأمريكية املعادية‬ ‫للأقطار العربية مت�شي ًا مع ال�سيا�سة الثابتة التي‬ ‫تقوم على فر�ض الأمر الواقع‪ .‬وقت �شكلت هذه‬ ‫احلملة اال�ستيطانية ذروة خطرية لهذه ال�سيا�سة‬ ‫التو�سعية العدوانية دون �أدنى اعتبار للمواثيق‬ ‫الدولية �أو قرارات الأمم املتحدة التي تدين‬ ‫�سيا�سة �ضم الأرا�ضي بالقوة‪.‬‬ ‫على هذه القاعدة من الوعي الأيديولوجي‬ ‫ال�سلبي‪ .‬وظفت ال�صهيونية الأدب والفن‬ ‫لتمرير �سيا�ستها اال�ستيطانية وخللق اجليل‬ ‫الإ�سرائيلي امل�شوه فكري ًا بزرع الأفكار ال�سامة‬ ‫والهدامة يف عقله على �أ�سا�س �أن هذه الأر�ض‬ ‫للإ�سرائيليني فقط‪ .‬ومن عليها من �سكان من‬ ‫غري الإ�سرائيليني غرباء وبقايا م�ستعمر قدمي‪.‬‬ ‫بل تطرقت ال�صهيونية الأدبية لل�شخ�صية‬ ‫العربية مربزة �إياها يف �أدنى مراحل االنحطاط‬ ‫الب�شري اجل�سماين وال�سلوكي‪ .‬وك�أن العرب من‬ ‫بقايا احللقات املفقودة يف كائنات علم التطور‪.‬‬ ‫فالعربي جاهل‪� ،‬سارق‪ ،‬جبان‪� ،‬سيئ‪ ،‬ي�شبه‬ ‫اخلنزير يف تناوله للطعام‪ ،‬دموي وقاتل‪ ،‬وغريب‬ ‫املالمح �شعره �أخ�ضر و�أ�شعث يحب القتل والن�ساء‬ ‫ويغت�صب الأطفال‪ .‬ورجل هذه �صفاته الأجدر‬ ‫به �أن ميوت‪ .‬هذه املفاهيم تزرعها ال�صهيونية‬ ‫يف نفو�س الأطفال كل يوم‪ ،‬وحتقن بها �أفكارهم‬ ‫وعقولهم‪ .‬وتت�شكل منهم بلدوزر الفعل العدواين‬ ‫القادم �ضد العرب‪ ،‬بل و�ضد �أنف�سهم �أي�ض ًا‪.‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪33‬‬


‫حياتنا‬

‫حياتنا‬

‫اإلعالنات في الشوارع مدينة‬ ‫ِّ‬ ‫ترحب بها وأخرى تحظرها‬ ‫تختلف الإعالنات يف �شوارع املدن والأماكن‬ ‫اخلارجية ع��ن غريها لأ�سباب كثرية ت�شمل‬ ‫توجهها �إىل جمهور �شبه حم��ك��وم ب��االط�لاع‬ ‫عليها وال ي�ستطيع تالفيها‪ ،‬وبالتايل متتعها‬ ‫بفاعلية ترويجية ق��د تكون �أك�بر م��ن غريها‬ ‫من و�سائل الإع�لان‪� .‬إ�ضافة �إىل �أن ح�ضورها‬ ‫الكبري واملتنامي يف املدن احلديثة ح َّولها �إىل‬ ‫ق�ضية جمالية وبيئية ت�شغل امل�����س���ؤول�ين عن‬ ‫البلديات وتنظيم املدن‪.‬‬ ‫ران��ي��ا م��ن�ير ت��ع��ر���ض �أوج����ه ه���ذه الق�ضية‪،‬‬ ‫واجل��ه��ود املبذولة �إىل �ضبط ع��امل اللوحات‬ ‫الإع�لان��ي��ة ال��ذي يبدو متجه ًا با�ستمرار �إىل‬ ‫مزيد من الت�ضخم بفعل دوره الكبري يف احلياة‬ ‫التجارية واال�ستهالكية‪ ،‬حتى بات ي�شكل جزء ًا‬ ‫�أ�سا�سي ًا من ن�سيج املدينة احلديثة و�شك ًال من‬ ‫�أ�شكال الهوية املميزة لبع�ضها الآخر‪.‬‬

‫رانيا منير‬

‫الزاهية‪ ،‬وكذلك طائر الوقواق يعلن من خالل‬ ‫�صوته تودده ل�شريكه‪.‬‬ ‫كما كان الإع�لان اخلارجي لدى العرب قدمي ًا‬ ‫يتمثل يف �شخ�صية املنادي الذي ي�ستخدمه الأمراء‬ ‫واحلكام للإعالن عن قراراتهم وما يودون �إعالنه‬ ‫لل�شعب‪ ،‬ثم �أ�صبح التجار ي�ستخدمونه للإعالن‬ ‫عن و�صول �سفنهم وب�ضائعهم‪ .‬وقد انتقلت هذه‬ ‫العادة للغرب‪ ،‬ومل ي�أخذ الإعالن �شكله احلقيقي‬ ‫حتى بداية ع�صر الطباعة يف القرن اخلام�س‬ ‫ع�شر وال�ساد�س ع�شر حيث �أ�صبح على �شكل‬ ‫�أ���ص��ب��ح الإع��ل�ان ال��ي��وم ث��ق��اف�� ًة وف��ن�� ًا و�صناعة من�شورات ت���و َّزع باليد‪ .‬فظهر ع��ام ‪� 1477‬أول‬ ‫م�ستقلة‪ ،‬وتن َّوعت و�سائله و�أ�ساليبه بني �إعالنات �إعالن يهدف �إىل زيادة مبيعات كتاب‪ ،‬ويف القرن‬ ‫ال�����ص��ح��ف واجل���رائ���د وال�����س��ي��ن��م��ا وال��ت��ل��ف��زي��ون ال�سابع ع�شر بد�أ ظهور الإعالن يف اجلرائد‪.‬‬ ‫والإع�ل�ان���ات اخل��ارج��ي��ة وم��واق��ع الإن�ترن��ت‪ ،‬ولو ظهور اإلعالن الخارجي‬ ‫�ألقينا نظرة على تاريخ �صناعة الإعالنات لوجدنا لكن احلاجة امللحة للإعالن ظهرت مع بداية‬ ‫�أنه فن قدمي‪� ،‬إذ يعود تاريخ ا�ستخدام الإن�سان ال��ث��ورة ال�صناعية‪ ،‬وت��دف��ق كميات ك��ب�يرة من‬ ‫للإعالن �إىل �أكرث من ‪� 4000‬سنة قبل امليالد‪.‬‬ ‫الب�ضائع‪ .‬فكان ال بد من الرتويج لها وتعريف‬ ‫فقد كان امل�صريون القدماء والإغريق والرومان امل�ستهلكني بها ع��ن ط��ري��ق الإع��ل�ان‪ .‬فظهرت‬ ‫ي�ستخدمون ورق الربدي للإعالن عن الب�ضائع‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �إع�لان��ات اجل��رائ��د واملل�صقات‬ ‫كما وجدت ر�سوم جدارية متثل دعاية جتارية يف اجلدارية‪� ،‬أ�شكال �أخ��رى من الإع�لان كبالونات‬ ‫�أج��زاء من �آ�سيا و�إفريقيا و�أمريكا‪ .‬وكان بع�ض الهيليوم‪ ،‬وكتابة الإع�لان على القطار وو�سائل‬ ‫ِّ‬ ‫ال�ص َّناع يعلقون �أدوات م�صنوعة من اخل�شب النقل العامة‪.‬‬ ‫�أو احلديد ف��وق حملهم وترمز لطبيعة عملهم وم��ع ب��داي��ة ع��ام ‪ 1820‬زاد انت�شار الدعاية‬ ‫ِّ‬ ‫كاحلداد ال��ذي كان يعلق ح��دوة ح�صان و�صانع يف ال�شوارع‪ ،‬وبالتايل ارتفعت ر�سوم ال�ضرائب‬ ‫ِّ‬ ‫الأحذية الذي يعلق حذا ًء‪ .‬بل �إن الطبيعة نف�سها املفرو�ضة عليها‪ ،‬وازداد التناف�س على م�ساحات‬ ‫من حولنا ترينا من مظاهرها ما ي�شري �إىل وجود املل�صقات‪ ،‬مما جعل املعلنني يبحثون عن �أفكار‬ ‫ً‬ ‫الإعالن فيما حولنا‪� ،‬إذ طاملا كان الإعالن دائما وطرق جديدة جلذب انتباه املارة‪ .‬ففكروا بجعل‬ ‫و�سيلة الطبيعة للتوا�صل مع خملوقاتها قبل �أن الدعاية متنقلة‪ ،‬ب�أن يرفع �شخ�ص لوحة �إعالنية‬ ‫ً‬ ‫ي�صبح و�سيلة التجار للربح التجاري‪ ،‬فهي مثال ويتنقل بها يف ال�شوارع �أو �أن يرتدي ال�شخ�ص‬ ‫ت�ستخدم الرائحة واللون وتغري �سلوك خملوقاتها الذي يعمل كلوحة �إعالنية مالب�س غريبة حتمل‬ ‫لتعلمنا بو�صول الربيع‪ ،‬والطاوو�س يعلن عن نف�سه الر�سالة التي يعلن عنها‪ .‬فقد ارتدى �أحدهم قبعة‬ ‫ليجذب �شريكه من خالل التباهي بري�شه و�ألوانه‬ ‫‪ 34‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫�أطول بثالث مرات من القبعات املعتادة يف ذلك‬ ‫الوقت وكتب عليها «زوج من الأحذية بـ ‪ 12‬فرنك ًا»‪.‬‬ ‫كما ظهر ما �سمي بـ «�سندوي�ش اللوحة الإعالنية»‬ ‫وكانت عبارة عن قالب من الإعالن يلف الرجل به‬ ‫ج�سمه فيبدو فيه ك�سندوي�شة ليقر�أ النا�س الإعالن‬ ‫املكتوب حوله‪ .‬وما زالت هذه الطريقة موجودة‬ ‫حتى الآن‪ ،‬فنجد الكثري من رجال الإعالن بزيهم‬ ‫الغريب يتنقلون يف �شوارع وي�ستمن�سرت حيث منعت‬ ‫اللوحات الإعالنية الكبرية‪.‬‬ ‫وه��ك��ذا ب��د�أ الإع�ل�ان ُيعد ال��وج��ه الآخ���ر للنمو‬ ‫االق��ت�����ص��ادي‪ ،‬وي�ش ِّكل دع��م�� ًا ك��ب�ير ًا لالقت�صاد‬ ‫الوطني ب�شرط �أال يكون م�ضل ًال للم�ستهلك فيفقد‬ ‫�صدقيته‪ .‬ويف ع��ام ‪ 1841‬ظهرت �أوىل وكالة‬ ‫دعاية و�إعالن يف بو�سطن‪� ،‬أ�س�سها فولني باملري‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬ومع انت�شار املحطات الإذاعية يف �أعوام‬ ‫‪� 1920‬أ�صبحت الإذاعة و�سيلة �إعالن و�سرعان ما‬ ‫حلق بها التلفزيون يف مطلع الأربعينيات‪.‬‬ ‫خصوصية اللوحة اإلعالنية‬

‫ومع بداية ال�ستينيات من القرن الع�شرين‪ ،‬بد�أت‬ ‫�صناعة الإع�لان تنحو منحى جديد ًا‪� ،‬إذ مل تعد‬ ‫الدعاية الب�سيطة املبا�شرة تكفي لإث��ارة انتباه‬ ‫امل�ستهلكني‪ ،‬لهذا بد�أ البحث عن �أف�ضل املواهب‬ ‫والأفكار الإبداعية اجلديدة‪ .‬و�أ�صبحت الدعاية‬ ‫ف��ن�� ًا بحد ذات���ه‪ ،‬حيث ت��ق��وم ���ش��رك��ات الإع�ل�ان‬ ‫بدرا�سة املنتج درا�سة وافية وت�صميم �شعار له‬ ‫وعالمة جتارية خا�صة به‪ ،‬و�إعداد حملة �إعالنية‬ ‫للرتويج له‪ .‬ففي �إعالنات التلفزيون �أو الراديو قد‬ ‫يتاح للم�صمم م�ساحة تعبري �أكرب يف ا�ستخدام‬ ‫ال�����ص��ورة وال�����ص��وت واحل��رك��ة والأل�����وان جلذب‬ ‫انتباه امل�ستهلك‪ ،‬بينما يف الإعالنات اخلارجية‬ ‫فهي تُعد حتدي ًا حقيقي ًا مل�صمم الإع�لان حيث‬

‫لوحات دعائية يف �أحد �شوارع نيويورك‬

‫�إن امل�شاهد يكون متحرك ًا‪ ،‬وغالب ًا م�ستعج ًال‪ ،‬لذا‬ ‫يجب �أن تكون الفكرة خمت�صرة ومق َّدمة ب�شكل‬ ‫وا���ض��ح يحقق ال��ت���أث�ير امل��ط��ل��وب‪ .‬وم��ن مميزات‬ ‫الإعالن اخلارجي انخفا�ض تكلفته مقارنة ببقية‬ ‫�أن��واع الإع�لان‪ ،‬وبهذا يتمكن �أ�صحاب ال�شركات‬ ‫والأعمال املتو�سطة وال�صغرية من �إيجاد فر�ص‬ ‫للإعالن من دون تكاليف باهظة‪.‬‬ ‫وف��� ً‬ ‫��ض�لا ع��ن �أه��م��ي��ة املل�صق ال��ت��ج��اري��ة‪ ،‬فهو‬ ‫يرتبط ارت��ب��اط�� ًا وثيق ًا بفن ال��ر���س��م‪ .‬وك��ان من‬ ‫رواده و�أ�ساتذته يف �أوروبا جول دي �شاريت وتولوز‬ ‫لوتريك اللذين كانا ير�سمان املل�صقات للم�سرح‬ ‫وال�����س�يرك و�أغ��ل��ف��ة ال��ك��ت��ب وع���ب���وات زج��اج��ات‬ ‫العطور‪ .‬وكذلك ق��دم بابلو بيكا�سو الكثري من‬ ‫الأعمال املميزة يف فن املل�صق حيث كان حوايل‬ ‫العام ‪ 1946‬وملدة عدة �أ�شهر يرتدد على �شارع‬ ‫دي �شابرول ويعمل يومي ًا ك�أي م�صمم للطباعة‬ ‫احلجرية‪.‬‬ ‫يف الوقت احلا�ضر‪ ،‬انت�شرت وك��االت الإع�لان‬ ‫املتخ�ص�صة‪ .‬وراح��ت تتناف�س يف ابتكار الأفكار‬ ‫وال��و���س��ائ��ل الإع�لان��ي��ة اجل��دي��دة‪ .‬ف���إ���ض��اف��ة �إىل‬ ‫امل��ل�����ص��ق��ات وال��ل��وح��ات الإع�لان��ي��ة ت��ق��وم بع�ض‬ ‫�شركات الإعالن بتحويل �شعار ال�شركة �أو العالمة‬

‫التجارية �إىل ت�صميم ثالثي الأب��ع��اد على �أي‬ ‫�سطح كالأر�ضيات �أو الع�شب يف �سهل �أو حقل �أو‬ ‫منحدر �أو �أر�ضية ملعب �أو �شاطئ البحر‪ .‬وبعد‬ ‫نهاية احلملة يتم �إزال���ة الإع�ل�ان دون �أن ي�ضر‬ ‫بالبيئة �أو يرتك �أي �أثر‪ .‬وقد القى هذا النوع من‬ ‫الإعالنات رواج�� ًا كبري ًا لغرابة الفكرة وجاذبية‬ ‫الت�صميم‪ ،‬فقامت ال�صحف بنقل ه��ذه ال�صور‬ ‫وانت�شرت كذلك عرب الإنرتنت من خالل هواتف‬ ‫املارة الذين كانوا يلتقطون ال�صور لها مما جعلها‬ ‫و�سيلة فعالة تخ ِّلف الده�شة والإث��ارة حول املنتج‬ ‫وحتقق له حملة �إعالنية ناجحة‪.‬‬ ‫السيطرة الكاملة على المشهد‬ ‫البصري للمدن‬

‫ال يتوقف الأمر على اللوحات الإعالنية ور�سوم‬ ‫اجل���دران والأر���ض��ي��ات‪ ،‬بل �إن تقنيات الدعاية‬ ‫املعا�صرة جعلت م��ن املمكن حتويل ال�سيارات‬ ‫والقطارات وال�شاحنات واحلافالت والطائرات‬ ‫�إىل لوحات �إعالنية متنقلة‪ .‬وقد جاء يف ن�شرة‬ ‫لإح��دى �شركات الإع�لان تعرف بطبيعة عملها‪:‬‬ ‫«ه��ل تعتقد حق ًا �أن الأر�صفة وال�شوارع وجدت‬ ‫فقط للم�شي؟ و�أن النوافذ وج��دت فقط للنظر‬ ‫من خاللها؟ والأبنية وجدت فقط للعي�ش والعمل‬

‫فيها؟ وال�شاحنات لنقل احل��م��والت فقط؟ و�أن‬ ‫و�سائل النقل العامة وج��دت لنقل ال��رك��اب من‬ ‫مكان لآخر فقط؟»‪.‬‬ ‫وهذا ما ي�شري �إىل �أن ظاهرة الإعالنات اليوم‬ ‫باتت تغطي كل مكان‪ ،‬و�أ�صبح من ال�صعب �إيجاد‬ ‫�أي��ة م�ساحة فارغة ال ت�شغلها الإع�لان��ات‪ .‬بل �إن‬ ‫عدم ا�ستغالل هذه امل�ساحة �أ�صبح ُيعد نوع ًا من‬ ‫ال�سذاجة و�إ�ضاعة فر�صة لتحقيق الربح‪ .‬فهذه‬ ‫الو�سائل‪� ،‬إ�ضافة لوظيفتها الأ�سا�سية يف نقل‬ ‫الب�ضائع وال��رك��اب‪ ،‬باتت حتمل ر�سالة وحتقق‬ ‫مبيعات و�أرباح ًا‪.‬‬ ‫لقد �سيطر الإعالن متام ًا على امل�شهد الب�صري‬ ‫مل��دن ال��ع��امل‪ .‬و�أ���ص��ب��ح ظ��اه��رة ب�صرية عاملية‪،‬‬ ‫لدرجة �أننا قد ال نالحظها �أحيان ًا وال نلتفت لها‪.‬‬ ‫يف طوكيو مث ًال من املمكن جد ًا �أن ترى �شاحنات‬ ‫كبرية من دون �أية حمولة تتج َّول يف املدينة بهدف‬ ‫عر�ض الإع�لان املل�صق على جانبيها فقط‪ .‬كما‬ ‫ت�ستهدف اللوحات الإعالنية واملل�صقات مواقف‬ ‫احلافالت وحمطات القطار باعتبارها الأماكن‬ ‫الوحيدة التي يقف النا�س فيها من دون فعل �شيء‪،‬‬ ‫�سوى االن��ت��ظ��ار‪ .‬وب��ه��ذا يكون لديهم مت�سع من‬ ‫الوقت لقراءة الإعالن‪ .‬لهذا تكون هذه الأماكن‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪35‬‬


‫حياتنا‬ ‫مغطاة متام ًا بالإعالنات‪ ،‬بل �أ�صبح الإعالن ميثل‬ ‫�شخ�صية ب�صرية لهذه الأماكن‪.‬‬ ‫شروط اللوحة اإلعالنية‬

‫ي��ج��ب �أن ي��ت��واف��ر يف ال��ل��وح��ة الإع�لان��ي��ة ع��دة‬ ‫�شروط لتتمكن من �إي�صال ر�سالتها للمتلقي‪ .‬فهي‬ ‫موجهة �إىل امل�ستهلك املار يف ال�شارع‪ ،‬وعليها �أن‬ ‫تلفت انتباهه خالل ب�ضع دقائق �أو �أثناء مروره‬ ‫على طريق عام �أو �شارع مزدحم‪ ،‬وتخ ِّلف لديه‬ ‫انطباع ًا قوي ًا يجعله يفكر بها‪ .‬لهذا يجب �أن‬ ‫تكون الكلمات وا�ضحة وموجزة و�ألوانها متنا�سقة‬ ‫و�أحيان ًا قد تغني ال�صورة املعربة عن الكلمات‪،‬‬ ‫حتى �إن «احل��ك��م��ة» الغالية على قلوب كثريين‬ ‫وتقول «�إن ال�صورة تُغني عن �ألف كلمة» ظهرت‬ ‫�أ�سا�س ًا من تقييم نوعية الإعالن على ال�سيارات يف‬ ‫�أمريكا خالل الن�صف الأول من القرن الع�شرين‪.‬‬ ‫كما يجب �أن يراعى اختيار مكان اللوحة على‬ ‫الطريق‪ ،‬فال تو�ضع يف اجت��اه معاك�س للمرور‪،‬‬ ‫وعلى الرتكيز على انت�شارها يف الطرق العامة‬ ‫اخلالية �أن يكون مفيد ًا لل�سائقني بحيث تدلهم‬ ‫على مراكز الطعام والوقود‪.‬‬ ‫محاذير موضع خالف‬

‫يف �أوروب����ا تُ��ع��د ال��ل��وح��ات الإع�لان��ي��ة عن�صر ًا‬ ‫�أ�سا�سي ًا ي�شكل املظهر العام للمدن وم�صدر دخل‬ ‫مهم للبلديات واحلكومات‪ .‬وقد قدر الإنفاق على‬ ‫الإعالن عام ‪ 2007‬بحوايل ‪ 150‬مليار دوالر يف‬ ‫الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬و‪ 385‬مليار دوالر‬ ‫يف بقية �أنحاء العامل‪ .‬ففي �أمريكا ك��ان هناك‬ ‫ما يقارب ‪ 450000‬لوحة �إعالنية على الطرق‬

‫حياتنا‬ ‫العامة فقط يف �سنة ‪ .1991‬وقد ا�شتكت بع�ض‬ ‫اجلماعات من تلك اللوحات ملا ت�سببه من �إزالة‬ ‫مفرطة للأ�شجار وتتطفل على املناظر الطبيعية‬ ‫املحيطة‪� ،‬إ�ضافة �إىل �ألوانها ال�صاخبة و�إنارتها‬ ‫التي قد ت�شتت انتباه ال�سائق مما ي�شكل خطر ًا‬ ‫على ال�سالمة العامة‪ .‬ولكن يف املقابل‪ ،‬كان هناك‬ ‫جماعة �أخرى ترى �أن اللوحات الإعالنية ت�سهم‬ ‫ب�شكل كبري يف ت�شكيل الثقافة اجلمالية وتوفري‬ ‫�شعور باالكتمال والر�ضا لدى امل�ستهلك من خالل‬ ‫ما توفره من ب�ضائع وخدمات‪.‬‬ ‫وقد بد�أت منذ عام ‪ 1909‬املحاوالت يف عدد من‬ ‫الواليات لو�ضع قوانني حظر و�ضبط لعملية انت�شار‬ ‫اللوحات الإعالنية‪ .‬ويف عام ‪ 1971‬و�ضع قانون‬ ‫حلظر الإعالنات التي ميكن �أن تهدِّ د ال�سالمة‬ ‫املرورية وت�ش ِّو�ش انتباه ال�سائق ولكن �سرعان ما‬ ‫�ألغي يف عام ‪ 1981‬لأنه يحظر اللوحات التجارية‬ ‫وغري التجارية على حد �سواء‪.‬‬ ‫املوجهة �إىل اللوحات الإعالنية‪،‬‬ ‫ورغم االتهامات َّ‬ ‫�أثبتت درا�سة قام بها باحثون يف جامعة كارولينا‬ ‫عام ‪� 2001‬أن بع�ض العنا�صر يف ال�سيارة كالإذاعة‬ ‫واللوحات الإعالنية والتحكم يف درجة احلرارة ال‬ ‫تُعد من الأمور امل�شتِّتة‪ .‬كما قام خرباء ال�سالمة‬ ‫امل��روري��ة بدرا�سة العالقة بني وج��ود الإعالنات‬ ‫اخلارجية واحلوادث املرورية التي وقعت منذ عام‬ ‫‪ 1950‬فلم يجدوا �أي دليل علمي موثوق يثبت �أن‬ ‫لهذه اللوحات �أية عالقة باحلوادث املرورية‪� .‬إال‬ ‫�أنه مت الت�شكيك مب�صداقية نتائج هذه الدرا�سات‪،‬‬ ‫واتهامها بالتحيز كونها ممولة من قبل وكالة‬ ‫الدعاية اخلارجية الأمريكية‪.‬‬

‫لوحة دعائية عبارة عن حار�س مرمى يت�صدى للكرة‬ ‫‪ 36‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫ومن جهة ثانية ت�ؤكد �إح�صاءات وزارة النقل‬ ‫و�شركات الت�أمني يف الواليات املتحدة التي تقوم‬ ‫بدرا�سة مف�صلة حل��وادث امل��رور عدم وج��ود �أية‬ ‫عالقة ب�ين الإع�لان��ات واحل���وادث امل��روري��ة‪ .‬بل‬ ‫على العك�س‪ ،‬تُعد اللوحات الإعالنية يف املناطق‬ ‫النائية م�صدر �إنارة و�أمان ل�سائقي الد َّراجات‪،‬‬ ‫وت�ساعد على تبديد امللل ل��دى ال�سائق‪ .‬وبهذا‬ ‫ت��ك��ون م�ساهمة يف ت��وف�ير امل��زي��د م��ن ال�سالمة‬ ‫املرورية على الطرق العامة‪ .‬ولهذا �أعلنت وزارة‬ ‫الطرق العامة الفيدرالية �أن اللوحات النظامية ال‬ ‫ت�ش ِّكل �أي خطر على ال�سالمة املرورية‪� ،‬شرط �أن‬ ‫حتدد معايري متفق عليها بني حكومات الواليات‬ ‫حول حجم و�إ�ضاءة وم�ساحة اللوحات الإعالنية‬ ‫وتعي مناطق حم��ددة لها‪ .‬ومتنع‬ ‫امل�سموح بها‪َ ،‬نّ‬ ‫احلكومة عن �إزال��ة اللوحات املخالفة دون دفع‬ ‫تعوي�ض للمالك‪.‬‬ ‫ورغ��م وج��ود ه��ذه املعايري والأنظمة التي حتد‬ ‫اللوحات الإعالنية النظامية �إال �أن وجودها ما‬ ‫زال مو�ضوع نقا�ش حاد من قبل خ�براء �سالمة‬ ‫الطرق حول العامل‪ .‬وكمحاولة من بع�ض املدن‬ ‫للحد من التلوث الب�صري الذي ميكن �أن ي�سببه‬ ‫االنت�شار الكبري للإعالنات‪ ،‬قامت مدينة �أثينا‬ ‫يف ع��ام ‪ 2000‬بحملة ا�ستمرت ���س��ن��وات �أرب��ع‬ ‫لإزالة اللوحات الإعالنية التي كانت تغطي متام ًا‬ ‫�سطوح املنازل والأبنية وت�شوه املعامل الهند�سية‬ ‫املميزة فيها‪ ،‬وكانت تُعد خمالفة للقوانني ولكن‬ ‫مت جتاهلها‪� ،‬إىل �أن بد�أ التح�ضري لأوملبياد �صيف‬ ‫‪ .2004‬فكانت هذه احلملة الناجحة من �ضمن‬ ‫التح�ضريات لتجميل املدينة وحت�سني مظهرها‬ ‫�أمام ال�سياح القادمني حل�ضور الألعاب الأوملبية‬ ‫رغم اعرتا�ض املعلنني ومالكي الأبنية‪.‬‬ ‫�أم���ا يف مدينة ���س��ان ب��اول��و يف ال�برازي��ل‪ ،‬فقد‬ ‫فر�ض عام ‪ 2007‬حظر للوحات الإعالنية لعدم‬ ‫وجود نظام قابل للتطبيق يخ�ص �صناعة اللوحات‬ ‫الإعالنية‪ .‬ويتم العمل حالي ًا مع �شركات خارجية‬ ‫لإع���ادة بناء الهيكل ال��ع��ام اخل��ارج��ي للمدينة‪،‬‬ ‫وو�ضع القيود وال�ضوابط التي تنظم هذه اللوحات‪،‬‬ ‫وحتد من منوها الع�شوائي‪.‬‬ ‫ويف بريطانيا ي��ت��م �ضبط ان��ت�����ش��ار ال��ل��وح��ات‬ ‫الإعالنية كجزء من نظام التخطيط‪ .‬و ُيعد وجود‬ ‫�أي �إع�لان خمالف مل يح�صل على موافقة من‬ ‫�سلطة التخطيط خمالفة للقانون يدفع مرتكبها‬ ‫غرامة تقدر بـ ‪ 2500‬جنيه لكل مل�صق‪ .‬وكذلك‬ ‫احل��ال يف مدينة تورنتو يف كندا حيث فر�ضت‬ ‫�ضريبة حملية على ل��وح��ات الإع�ل�ان يف �أبريل‬

‫‪ 2010‬يذهب ج��زء منها لتمويل برامج الفنون‬ ‫اجلميلة‪.‬‬ ‫بينما ما زالت املدن العربية تعاين من فو�ضى‬ ‫الإعالنات التجارية وع�شوائية اللوحات الإعالنية‬ ‫واملل�صقات‪ ،‬التي ت�س ِّبب تلوث ًا ب�صري ًا �شديد ًا‬ ‫يتمثل يف غياب التوحيد واالن�سجام لالفتات‬ ‫�أ���س��م��اء ال�����ش��وارع والعناوين باملدينة‪ ،‬وتداخل‬ ‫الإع�لان��ات التجارية واالحتفالية والإر���ش��ادي��ة‪،‬‬ ‫وفقدان الر�سالة الإعالمية اخلربية‪ ،‬مع حجب‬ ‫الر�ؤية الب�صرية للمعامل التاريخية �أو املعمارية‬ ‫�أو اجل��م��ال��ي��ة‪ ،‬و�إه���م���ال جت��دي��ده��ا وال��ع��ن��اي��ة‬ ‫بنظافتها و���س�لام��ت��ه��ا‪ ،‬وجت��اه��ل �إزال�����ة بع�ض‬ ‫اللوحات والبانرات والإعالنات عن �أوجه ن�شاط‬ ‫واحتفاليات قامت بها مدينة ما وقد متر �شهور‬ ‫على نهاية هذه االحتفاليات دون �أن ت��زال هذه‬ ‫الإعالنات املنتهية ال�صالحية‪ ،‬مما ي�سبب فو�ضى‬ ‫وتلوث ًا ب�صري ًا وت�شويه ًا للوجه اجلمايل للمدينة‪.‬‬ ‫ففي �سوريا مث ًال وملنا�سبة احتفالية دم�شق‬ ‫عا�صمة للثقافة العربية �أزيلت ‪ 100000‬لوحة‬ ‫�إعالنية من �شوارع دم�شق القدمية‪� .‬إال �أنه ال يزال‬ ‫هناك الكثري من املخالفات والت�شويه لوجه املدينة‬ ‫ومعاملها الأثرية‪.‬‬ ‫وقد حاول مدير الإعالنات بامل�ؤ�س�سة العربية‬ ‫للإعالن تربير ذلك قائ ًال‪« :‬رغ��م معرفتنا ب�أن‬ ‫اللوحات الإعالنية املوجودة يف دم�شق ت�سهم يف‬ ‫التلوث الب�صري وبالتايل ع��دم �إظهار جمالية‬ ‫املدينة وت�شويه معاملها‪� ،‬إال �أننا ال ن�ستطيع منعها‪.‬‬ ‫ف��الإع�لان ح��اج��ة اقت�صادية ال �أح���د ي�ستطيع‬ ‫اال�ستغناء عنها‪ ،‬ال امل�ستهلك وال املنتج‪ .‬وملعاجلة‬ ‫هذه الظاهرة �سمحنا فقط بو�ضع لوحات ذات‬ ‫خ�صائ�ص فنية عالية‪ ،‬وذلك على �أ�سا�س معايري‬ ‫حددتها اللجان الإعالنية امل�ش َّكلة من فنانني‬ ‫ت�شكيليني و�أع�ضاء من حمافظة دم�شق واملتمثلة يف‬ ‫و�ضع معيار جمايل يحقق ال�سالمة العامة‪ .‬فمث ًال‬ ‫يجب �أ َّال تعوق اللوحات ال�سري �أو امل�شاة �أو ت�ؤدي‬ ‫�إىل حوادث‪ .‬ولذلك قمنا ب�إزالة �أعداد كبرية منها‬ ‫على الطرقات العامة‪ ،‬و�أبقينا تلك التي تتمتع‬ ‫باملظهر اجلمايل والقيمة الفنية العالية‪� .‬أما يف‬ ‫مراكز املدينة مثل ال�صاحلية و�شارع العابد‪ ،‬فقد‬ ‫عو�ضنا عن اللوحات ب�أخرى و�ضعت على الأر�صفة‬ ‫للداللة‪ .‬وقمنا بحمالت �إعالنية يف التلفزيون‬ ‫واجلرائد والإذاع���ات لتوعية النا�س من م�ضار‬ ‫ه��ذا التلوث‪ ،‬وفر�ضنا غ��رام��ات على �أ�صحاب‬ ‫اللوحات الإعالنية املبعرثة ع�شوائي ًا‪ .‬ومل يكن‬ ‫الق�صد من الغرامة هو العقوبة‪ ،‬بل تنبيه النا�س‬

‫�إىل �أن ما يفعلونه هو من املحرمات القانونية ملا‬ ‫له من �أ�ضرار على البالد»‪.‬‬ ‫ويف الأردن‪ ،‬ورغ��م املطالبة ب���إزال��ة الالفتات‬ ‫الإعالنية التي تغطي البنايات واجل��دران وت�شوه‬ ‫جمال ع�� َمّ��ان‪ ،‬ف���إن ال�شركات الإعالنية رف�ضت‬ ‫�إزالتها بحجة �أن ذلك ي�سبب خ�سائر فادحة لها‪،‬‬ ‫و�أن التطورات االقت�صادية التي ت�شهدها اململكة‬ ‫تفر�ض وجود هذه الإعالنات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫�أما يف اململكة‪ ،‬ف ُيعد الو�ضع �أف�ضل حاال مما هو‬ ‫عليه يف معظم البلدان العربية‪ .‬ففي الريا�ض مث ًال‬ ‫متت �إزال��ة اللوحات الإعالنية التي ت�سبب تلوث ًا‬ ‫ب�صري ًا وتُعد خمالفة �أو غري مطابقة للموا�صفات‬ ‫التي �أعدتها وزارة ال�ش�ؤون البلدية والقروية‪ .‬كما‬ ‫تُعد مدينة اخلرب حالة منوذجية لواحد من �أكرث‬ ‫�أ�شكال توزيع اللوحات الإعالنية تنظيم ًا‪� .‬إذ �إن‬ ‫معظمها يحتل م�ساحات م�ؤطرة وموحدة على‬ ‫�أعمدة الإن��ارة يف ال�شوارع الكربى ذات م�ساحة‬ ‫معقولة‪ ،‬ت�سمح بفعل تكرارها ب�إي�صال ر�سالتها‬ ‫�إىل امل��ارة يف ال�شوارع وذات مقايي�س معتدلة ال‬ ‫تعوق �أنظار ال�سائقني وال م�شاهدة معامل ال�شوارع‪.‬‬ ‫يف حني �أن اللوحات الإعالنية العمالقة ت�أخذ �شكل‬ ‫�أ�سوار حتيط بالأرا�ضي غري املبنية فال حتجب‬ ‫ر�ؤية �أي �شيء ي�ستحق الر�ؤية‪� .‬أما امل�شكلة الوحيدة‬ ‫التي يواجهها بع�ض هذه اللوحات‪ ،‬وخا�صة تلك‬ ‫املتع ِّلقة مبنا�سبات حمددة‪ ،‬فهي بقا�ؤها طوي ًال يف‬ ‫ال�شوارع بعد املنا�سبة وك�أنها من�سية‪� ،‬أو ك�أن من‬ ‫ع َّلقها غري م�س�ؤول عن نزعها بعد انتهاء املنا�سبة‪.‬‬ ‫وح��ال اللوحات الإعالنية يف م��دن اململكة هو‬ ‫نف�سه بتنظيمه و�إيجابياته و�سلبياته املحدودة‬ ‫ينطبق على حالها يف معظم دول اجلوار اخلليجي‪،‬‬ ‫حيث بلغ التنظيم امل��دين مكانة مهمة‪ ،‬ويحظى‬ ‫باهتمام كبري من امل�س�ؤولني عن البلديات‪.‬‬ ‫ويف م�صر‪ ،‬حت َّولت القاهرة �إىل معر�ض دائم‬ ‫للوحات الإعالن واملل�صقات‪ .‬لهذا عمل املجل�س‬ ‫الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية على و�ضع‬ ‫�أ�س�س ومعايري التن�سيق احل�ضاري للإعالنات‬ ‫وال�لاف��ت��ات ل��ع��ام ‪ 2008‬مب��ا يحقق املتطلبات‬ ‫املرورية والعمرانية والب�صرية‪ .‬وت�شمل الأهداف‬ ‫العامة للدليل الأ�س�س التالية‪« :‬ت�صحيح ال�صورة‬ ‫الب�صرية وامل��ح��اف��ظ��ة على جماليات املدينة‪،‬‬ ‫و���ض��ع �أ���س�����س وق��واع��د ت��ق�نن ع�لاق��ة الإع�لان��ات‬ ‫وال�لاف��ت��ات ب��ح��رم ال��ط��ري��ق وامل��ج��ال العمرانى‬ ‫املبا�شر له‪ ،‬حتديد امل�سافات البينية للإعالنات‬ ‫والالفتات باختالف �أنواعها ور�سالتها الإعالنية‬ ‫�أو الإر���ش��ادي��ة �أو التوجيهية‪ ،‬حت��دي��د موا�ضع‬

‫الإعالنات والالفتات فى حرم الطريق وجماله‬ ‫والبيئة املحيطة‪ ،‬و�ضع القواعد املعيارية ملقا�سات‬ ‫و�أح��ج��ام و�أ�شكال كافة الإع�لان��ات والالفتات‪،‬‬ ‫وزوايا الر�ؤية واجتاهات احلركة الآلية وامل�شاة‪،‬‬ ‫حتقيق ال�سالمة منع ًا للحوادث واملخاطر املمكنة‪،‬‬ ‫�ضمان توافق ت�صميم الإعالنات والالفتات مع‬ ‫البيئة العمرانية‪ ،‬و�ضع اال���ش�تراط��ات املنظمة‬ ‫لنوعية وم�ستويات الإعالنات والالفتات‪ ،‬و�ضع‬ ‫�ضوابط لعدم منو ع�شوائيات الإعالنات والالفتات‬ ‫يف املدن‪ ،‬وما ينتج عنها من تلوث ب�صري وجمايل‬ ‫لرتاخ‬ ‫وعمراين للبيئة»‪ .‬ولكن رغم ه��ذا‪ ،‬ورمب��ا ٍ‬ ‫يف تطبيق ه��ذا الدليل‪ ،‬م��ا زال��ت القاهرة تعج‬ ‫باللوحات الإعالنية‪ ،‬وب�شكل ال يختلف كثري ًا عما‬ ‫كان عليه احلال قبله‪.‬‬ ‫حالة ق�صوى‬ ‫وتتجلى مظاهر ق�ضية ال��ل��وح��ات الإع�لان��ي��ة‬ ‫ب�أو�ضح �صورها‪ ،‬وبكل �سلبياتها و�إيجابياتها يف‬ ‫�أماكن حمددة �أكرث من غريها‪ ،‬ومنها لبنان مث ًال‪.‬‬ ‫ففي بريوت وعلى طول الطريق ال�سريع الوا�صل‬ ‫ما بني العا�صمة وامل��دن الرئي�سة‪ ،‬تبدو جنبات‬ ‫الطريق وك�أنها غابة من ال�صور العمالقة التي‬ ‫يختلط فيها كل �شيء بدء ًا من الرتويج للمالب�س‬ ‫والعطور واجلواهر و�صو ًال �إىل الدعاية ال�سيا�سية‬ ‫لالنتخابات وتكرمي ال�شهداء‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من اجلهود املو�سمية التي تبذلها‬ ‫احل��ك��وم��ة وال��ب��ل��دي��ات ل�ضبط ه���ذه ال�صناعة‬ ‫ال�ضخمة‪ ،‬وال��ت��ي ت�سفر ع��ن �إزال����ة بع�ض هذه‬ ‫ال��ل��وح��ات م��ن ح�ين �إىل �آخ����ر‪ ،‬ف����إن �أ�ضعافها‬ ‫يقوم الحق ًا م�ستفيد ًا �إم��ا من يل ذراع القانون‬ ‫وتف�سرياته‪ ،‬و�إما من طغيان اهتمام عام بق�ضية‬ ‫�أخرى غري ق�ضية الإعالنات يف ال�شوارع‪ .‬بحيث‬ ‫ا�ستباح املعلنون كل �أعمدة الإن��ارة على طولها‪،‬‬ ‫وجدران الأبنية املجاورة وكل م�ساحة غري مبنية‬ ‫ميكنهم �أن ين�صبوا فوقها لوحة معدنية ت� َّؤجر‬ ‫للمعلنني املختلفني تباع ًا‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من عدم توافر �أرق��ام دقيقة عن‬ ‫حجم �صناعة الإع�ل�ان يف لبنان‪ ،‬فمن املرجح‬ ‫�أنها �ضخمة جد ًا‪ ،‬وعلى الأرجح هي الأكرب عربي ًا‬ ‫مقارنة بعدد ال�سكان‪ ،‬وب�إجمايل الناجت الوطني‪.‬‬ ‫وم��ن ث��م��ار ازده����ار ه��ذه ال�صناعة ال��ت��ي يعمل‬ ‫فيها الأل��وف من امل�صممني والعمال واملوزعني‬ ‫(غري املنتج وامل�ستهلك) هو بلوغ فن الت�صميم‬ ‫فيها م�ستوىً رفيع ًا‪ ،‬بات ينتزع اعرتاف اجلميع‬ ‫بجدواه‪ .‬حتى �أن العقد الأخري �شهد حتول الإعالن‬ ‫ال�سيا�سي من عهدة الأح��زاب �إىل عهدة وكاالت‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪37‬‬


‫كتب‬

‫حياتنا‬

‫ً‬ ‫الكتب العشرة األكثر تأثيرا في تاريخ البشرية !‬ ‫التقدم الهائل الذي و�صلت �إليه الب�شرية اليوم‪ ،‬مل يظهر بني يوم وليلة ‪� ..‬إمنا جاء من تراكم هائل‬ ‫للخربات واملعلومات والر�ؤى والنظريات والأبحاث‪ ،‬التي توارثتها الأجيال جي ًال بعد جيل ‪ ..‬وقرن ًا‬ ‫بعد قرن ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫يف هذه املقالة ‪ ،‬ن�ستعر�ض معا الكتب الع�شرة ال��ذي �أث��رت يف تاريخ (الب�شرية) ب�شكل كامل‬ ‫‪ ..‬نتحدث هنا عن الأ�صول ‪� ..‬أمهات ال ُكتب كما ُي�سميها البع�ض‪ ،‬التي ارتكزت عليها احل�ضارة‬ ‫الإن�سانية‪ ،‬وقامت بالبناء عليها والتطوير فيها ‪ ،‬حتى و�صلنا �إىل ما و�صلنا �إليه الآن‪..‬‬ ‫هذه ال ُكتب الع�شر لي�ست من اختياري �أنا طبع ًا ‪ ..‬بل هي نتيجة �إجماع عدد من كبار املُفكرين‬ ‫والعلماء على عدد ُمعني من الكتب‪ ،‬اعتربوها �أ�صل العلوم الإن�سانية والطبيعية والتقدمية‪ ،‬التي‬ ‫ت�ستخل�ص منها الب�شرية دائم ًا وحي التجربة الأوىل ‪..‬‬ ‫باخت�صار ‪ ..‬هي الع�شرة كتب الأ�سا�سية – غري الكتب ال�سماوية – التي لو مل ت ُكن قد وجدت ‪..‬‬ ‫بالت�أكيد مل نكن لنعي�ش بالطريقة التي نعي�شها الآن !‬ ‫الكتاب األول‪ :‬األميــــر ‪ -‬ميكيافيللي‬

‫�ساحة تيامي �سكوير يف نيويورك تعج ب�إعالنات املديا والطباعة‬

‫الت�صميم التي �صارت تنتج املل�صقات االنتخابية‬ ‫و�شعارات الأحزاب ومل�صقات املنا�سبات‪.‬‬ ‫خ��ت��ام�� ًا‪� ،‬أ���ص��ب��ح مظهر امل���دن ال��ي��وم حمكوم ًا‬ ‫بالطريقة التي ت�سوق من خاللها لنف�سها الثقافة‬ ‫التجارية ال�سائدة‪ .‬وعلى امل�س�ؤولني عن املدن �أن‬ ‫يتمكنوا من �ضبط عملية انت�شار هذه الإعالنات‬ ‫وتنظيمها والنهو�ض بها �إىل م�ستوى جمايل يرتفع‬ ‫بذائقة امل�شاهد ويح�سن من مظهر املدينة بدل‬ ‫ت�شويهها‪ .‬فالإعالن اخلارجي �أخطر من �إعالن‬ ‫التلفاز �أو ال�صحف‪� ،‬إذ ميكنك �أ َّال ت�شاهد الأول �أو‬ ‫�أن ال تقر�أ الثاين‪ .‬بينما ال ميكنك جتاهل الإعالن‬ ‫اخلارجي الذي يفر�ض وجوده �شئت �أم �أبيت‪.‬‬ ‫هل هناك قاعدة عامة ميكن لفر�ض تطبيقها �أن‬ ‫ي�ؤ�س�س �إىل تقييم دقيق للإعالنات يف ال�شوارع‪،‬‬ ‫في�ساعد على التخل�ص من �سلبياتها ويبقي على‬ ‫�إيجابياتها؟‬ ‫لو �أخذنا حالة العا�صمة اليونانية �أثينا التي ورد‬ ‫ذكرها يف منت ه��ذا املقال‪ ،‬وحيث توجب �إزال��ة‬ ‫مئة �أل��ف لوحة �إعالنية لتح�سني مظهر املدينة‬ ‫ع�شية الأل��ع��اب الأوملبية‪ ،‬لوجدنا �أن ك�ثرة هذه‬ ‫الإع�لان��ات كانت �سلبية‪ ،‬وت�ش ِّوه منظر املدينة‬ ‫ومعاملها الأثرية والتاريخية‪ .‬ولكن ماذا لو �أزلنا‬ ‫مئة �أل��ف لوحة �إعالنية من مدينة ال�س فيغا�س‬ ‫الأمريكية؟ هل �سيبقى منها ما مييزها كثري ًا‬ ‫عن �صحراء نيفادا املحيطة بها؟ ونحن نعرف‬ ‫‪ 38‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫�أن �صخب هذه اللوحات ب�أ�ضوائها التي ال تعد وال‬ ‫حت�صى بات ِّ‬ ‫ي�شكل البطاقة الربيدية ال�سياحية‬ ‫لهذه املدينة‪ .‬متام ًا كما ِّ‬ ‫ت�شكل �صور الإعالنات‬ ‫ال�ضخمة هوية «تاميز �سكوير» يف نيويورك ورمز ًا‬ ‫للمدينة ب�أ�سرها‪.‬‬ ‫مما ال�شك فيه �أن الإعالنات يف ال�شوارع �سوا ًء‬ ‫�أكانت مل�صقات ورقية �أم م�ضيئة �أم رقمية على‬ ‫�شا�شات عمالقة باتت ج��زء ًا من ن�سيج املدينة‬ ‫احلديثة‪ .‬ولو قارناها باحلدائق العامة (التي هي‬ ‫من ن�سيج املدن نف�سها) لوجدنا �أن هذه الأخرية‬ ‫تقام بجهد كبري كواجب وك�ضرورة‪ ،‬يف حني �أن‬ ‫لدواع اقت�صادية‬ ‫الإعالنات تفر�ض نف�سها فر�ض ًا ٍ‬ ‫وجتارية و�أي�ض ًا ثقافية واجتماعية‪ .‬ومتيل �إىل‬ ‫�إع��ادة الظهور والنمو حتى ولو مت اقتالعها من‬ ‫مكان ما‪ ،‬و�أحيان ًا لبع�ض الوقت فقط‪ ..‬فامل�س�ألة‬ ‫�إذن ال تخ�ضع لقاعدة عامة‪ ،‬وتبقى مرتبطة بحالة‬ ‫كل مدينة على ح��دة‪ ،‬بخ�صو�صيتها العمرانية‬ ‫وتخطيطها واهتمامات �سكانها وغري ذلك‪ ..‬ويف‬ ‫احلالة اللبنانية التي �أ�شري �إليها يف منت املقال‪،‬‬ ‫ميكن ال��ق��ول �إن ك�ثرة الإع�لان��ات يف ال�شوارع‪،‬‬ ‫رغم �سلبياتها الكثرية التي تواجه بالنقد‪ ،‬باتت‬ ‫ِّ‬ ‫ت�شكل جزء ًا من معامل املدن وامل�ساحات والطرق‬ ‫الوا�صلة ما بينها‪ .‬ولهذا ميكن للبع�ض‪ ،‬وخا�صة‬ ‫ال�سياح �أن يتطلعوا �إليها باهتمام‪ ،‬ورمبا ب�شيء‬ ‫من الإعجاب �أي�ض ًا‪.‬‬

‫�أما النقطة الثانية التي ت�ستدعي التوقف �أمامها‬ ‫فتتعلق مبحتوى اللوحة‪ .‬فهذا املحتوى موجه �إىل‬ ‫اجلمهور العام‪� ،‬أي �إىل كل �شرائح املجتمع‪ .‬ومثل‬ ‫هذا التوجه يفر�ض م�ستوى عالي ًا من اجلدية يف‬ ‫التعامل مع اللوحة عند �إنتاجها‪.‬‬ ‫���ص��ح��ي��ح �أن ال���ك���ل ي��ع��ل��م �أه��م��ي��ة ال��ع��ن��ا���ص��ر‬ ‫الت�صميمية‪ .‬ولكن قلة تنتبه �إىل �أن خط�أ ب�سيط ًا‬ ‫يف التعبري الن�صي �أو الت�صويري ميكنه �أن ي�ؤدي‬ ‫�إىل نتائج عك�سية متام ًا‪ ،‬فيثري النقد وال�سخرية‬ ‫وال��ن��ف��ور مم��ا ي��ف�تر���ض ل�ل�إع�لان �أن ي���روج ل��ه‪.‬‬ ‫�أم��ا �سباق الفنانني �إىل التميز عن نظرائهم‪،‬‬ ‫واعتبارهم �أن كل الو�سائل مقبولة طاملا �أن الغاية‬ ‫هي لفت النظر‪ ،‬فيمكنها �أن ت���ؤدي �إىل الوقوع‬ ‫يف فخ الف�شل نف�سه‪ .‬ففي �أمريكا تع َّر�ض معلنون‬ ‫للمقا�ضاة لأن �إعالناتهم كانت تت�ضمن تلميحات‬ ‫ذات ط��اب��ع عن�ضري م��ث ً‬ ‫�لا‪ .‬ويف لبنان �أي�����ض�� ًا‪،‬‬ ‫ت�صدّى رج��ال الدين وامل�س�ؤولون �أك�ثر من مرة‬ ‫َ‬ ‫لإعالنات م�سيئة �إىل الآداب العامة‪.‬‬ ‫وكما هو احلال بالن�سبة �إىل كل �إعالن ووجوب‬ ‫تقييمه على حدة‪ ،‬ف�إن حال جمموعة الإعالنات‬ ‫يف مدينة ما‪ ،‬ال تق َّيم �إال وفق �شخ�صية هذه املدينة‬ ‫وهويتها‪.‬‬ ‫الكتب الع�شرة الأكرث ت�أثري ًا يف تاريخ الب�شرية !‬ ‫التقدم الهائل الذي و�صلت �إليه الب�شرية اليوم‪،‬‬

‫ه��ذا الكتاب م��ن �أك�ثر الكتب ذائ��ع��ة ال�صيت‬ ‫والت�أثري يف الوعي الإن�ساين‪ ،‬خا�صة �إذا تعلق الأمر‬ ‫بالنظام ال�سيا�سي والإداري و�ش�ؤون ا ُ‬ ‫حلكم ‪..‬‬ ‫وعلى الرغم من ُ�سمعته ال�سيئة لدى الكثريين‬ ‫من النا�س ُمبختلف ثقافاتهم‪ ،‬خ�صو�ص ًا مبد�أ‬ ‫(الغاية تُربر الو�سيلة) التي �أ�س�سها ميكيافيللي‪،‬‬ ‫وال��ت��ي �أ���ص��ب��ح��ت مُ���رادف��� ًا ل�لان��ت��ه��ازي��ة ع��ل��ى مر‬ ‫الع�صور ‪� ..‬إال �أنه يبقى تراث ًا �إن�ساني ًا �أحدث نقلة‬ ‫هائلة يف ُنظم الإدارة واحلكم وت�أ�سي�س الدول ‪..‬‬ ‫الكتاب مت ت�أليفه يف ال��ع��ام ‪ ،1513‬و�صدرت‬ ‫طبعته الأوىل يف العام ‪� ،1532‬أي يف فرتة القرون‬ ‫الو�سطى املت�أخرة ‪ ..‬وكان ميكيافيللي يهدف من‬ ‫خالله نقل خرباته ال�سيا�سية يف الإدارة واحلكم‬ ‫�إىل الأمري ( لورنزو دي ميديت�شي )‪ ،‬ليعلمه كيف‬ ‫ي�صل �إىل ال�سلطة ويحتفظ بها‪..‬‬ ‫غالف كتاب الأمري‬

‫غالف كتاب املبادئ‬

‫فيما بعد مت االعتماد علي على ه��ذا الكتاب‬ ‫ب�شكل كبري من قبل الدول الأوروبية يف �أ�ساليب‬ ‫ا ُ‬ ‫حلكم والإدارة‪ ،‬وال مُيكن لأحد �إىل يومنا هذا –‬ ‫حتى ُمنتقدي الكتاب – �أن ُينكر دور ما جاء فيه‬ ‫من ن�صائح وتوجيهات يف ُمنتهى الدهاء والذكاء‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬م���ازال حتى ال��ي��وم بع�ض ال�سا�سة‬ ‫ينتهجون هذه القواعد‪ ،‬وت�ؤتى ثمارها على �أف�ضل‬ ‫نحو ممكن !‬ ‫غي نظم ا ُ‬ ‫حلكم وال�سيا�سة يف‬ ‫الأمي ــر ‪ ..‬كتاب رّ‬ ‫العامل �أجمع بال �شك ‪..‬‬ ‫غيها �إىل الأف�ضل �أو الأ���س��و�أ ‪ ..‬ه��ذا ا ُ‬ ‫حلكم‬ ‫رّ‬ ‫مرتوك لك �أنت !‬

‫لأنه كان �ضيق الأفق جد ًا ! ‪ ، -‬وهو الكتاب الذي‬ ‫و�ضع فيه قوانني احلركة الثالثة ال�شهرية التي‬ ‫يعرفها اليوم طالبنا يف املدار�س الثانوية‪ ،‬والتي‬ ‫ا�ستطاع من خاللها تف�سري كل ما هو معروف عن‬ ‫احلركة يف الكون‪ ،‬وحتليل الظواهر امليكانيكية‬ ‫الطبيعية حتلي ًال ُمتناهي ًا يف الدقة !‬ ‫ه��ذا الكتاب العبقري جعل ع���دد ًا ك��ب�ير ًا من‬ ‫العلماء – من الذين عا�صروه والذين جا�ؤوا بعده‬ ‫– يتذمرون من نيوتن لأنه مل يرتك لهم �شيئ ًا‬ ‫ي�شتغلون به ! حتى �إن �أح��د العلماء الفرن�سيني‬ ‫الكبار ( بيري دو البال�س) قال عنه‪:‬‬ ‫الكتاب الثاني‪ :‬المبادئ – إسحاق‬ ‫«�إن نيوتن كان حمظوظ ًا مرتني ‪ ..‬املرة الأوىل‬ ‫نيوتن‬ ‫لأنه كان ميلك قدرة هائلة الكت�شاف �أ�سا�س الكون‬ ‫ه��ذا الكتاب مت االت��ف��اق عليه �أن��ه م��ن �أعظم‬ ‫فيزيائي ًا ‪ ..‬واملرة الثانية لأنه ال مُيكن �أن يكون له‬ ‫الكتب التي �أنارت تاريخ الب�شرية على الإطالق‪،‬‬ ‫مناف�س �أبد ًا ‪ ..‬لأنه ال يوجد �سوى كون واحد فقط‬ ‫و ُيعترب هو النواة الأوىل للطفرة العلمية الفيزيائية‬ ‫مُيكن اكت�شافه» !‬ ‫والريا�ضية‪ ،‬التي اعتمد عليها �سائر العلماء‬ ‫ال��ك��ت��اب ال��ث��ال��ث‪ :‬ال��ن��س��ب��ي��ة – أل��ب��رت‬ ‫والفيزيائيني والريا�ضيني يف كافة اكت�شافاتهم أينشتاين‬ ‫واخرتاعاتهم العلمية �إىل يومنا هذا‪..‬‬ ‫النظرية التي �سمع عنها اجلميع تقريب ًا‪ ،‬وال‬ ‫(املبادئ الريا�ضية للفل�سفة الطبيعية) لل�سري يوجد �أحد يف العامل – مهما كانت ميوله الثقافية‬ ‫�إ�سحاق نيوتن ‪ ..‬واح��د من �أعظم �شخ�صيات – مل ي�سمع عنها ‪ ..‬ولكن �أغلب من �سمعوا عنها‬ ‫التاريخ الإن�ساين‪ ،‬واعتربه البع�ض زينة للجن�س ال يفهمونها !‬ ‫ً‬ ‫الب�شري ‪ ..‬حتى �أن كتاب ( �أعظم ‪� 100‬شخ�صية ولكن فهم الفكرة العامة لها كاف جدا للغري‬ ‫يف التاريخ) و�ضعه يف املرتبة الثانية مبا�شرة‪ ،‬بعد متخ�ص�صني طبع ًا‪..‬‬ ‫الر�سول العظيم �سيدنا حممد �صلى اهلل عليه ن�شر العبقري �أين�شتاين بحثه ع��ن النظرية‬ ‫و�سلم !‬ ‫الن�سبية العامة يف العام ‪ ،1916‬بعد ع�شر �سنوات‬ ‫نيوتن كتب هذا الكتاب باللغة الالتينية حتى كاملة من التفكري والبحث ‪ ..‬فتو�صل من خالل‬ ‫يتجنب اجلدال العقيم مع غري املُتخ�ص�صني – نظريته تلك �إىل العالقات الأ�سا�سية للكون وقام‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪39‬‬


‫كتب‬ ‫بربطها ببع�ضها البع�ض ‪..‬‬ ‫النظرية الن�سبية هي باخت�صار �شديد واحدة‬ ‫من �أهم و�أبدع النظريات التي تو�صل لها الإن�سان‬ ‫م��ن خ�لال عقل �أل�ب�رت �أين�شتاين ‪ ،‬ال���ذي كان‬ ‫غريب الأطوار جد ًا كما يعرف اجلميع‪ ،‬وكما ترى‬ ‫يف ال�صورة ! ‪ ..‬ولكن – عادة – ما يكون غريبو‬ ‫الأط���وار هم العباقرة الذين ُي�ساهمون يف نقل‬ ‫الب�شرية جمعاء �إىل الأمام‪..‬‬ ‫املكان ب�أبعاده الثالثة ‪ ..‬والزمان كبعد رابع ‪..‬‬ ‫ومركب (الزمكان) املُرتبط مع �سرعة ال�ضوء‬ ‫‪ ..‬وه��دم نظريات تقليدية‪ ،‬و�إط�لاق احلياة يف‬ ‫نظريات �أخ��رى ك��ان يعتربها اجلميع نظريات‬ ‫خاطئة وفا�شلة !‬ ‫كل هذه املُتع العلمية – املُعقدة طبع ًا – جتدها‬ ‫يف كتاب لواحد من �أعظم العباقرة الذين �أجنبتهم‬ ‫الب�شرية على الإطالق ‪� ..‬ألربت �أين�شتاين !‬

‫كتب‬ ‫والفل�سفية‪ ،‬والتي امتدت حتى يومنا هذا‪..‬‬ ‫و�صف �أحد كبار العلماء – توما�س كون – نظرية‬ ‫التطور ب�أنها منوذج ًا للثورة العلمية احلديثة؛‬ ‫لأنها يف نظره لي�ست مجُ��رد نقلة علمية تقنية‬ ‫�شهدها العامل‪ ،‬بقدر كونها ت�أ�صي ًال ملنهج جديد‬ ‫يف التفكري‪ ،‬وتغيري ًا جذري ًا يف العديد من املفاهيم‬ ‫العلمية والإن�سانية والفل�سفية والوجودية‪..‬‬ ‫لذلك‪� ،‬صنف العديد من علماء الع�صر احلديث‬ ‫كتاب (�أ�صل الأنواع) الذي ا�ستعر�ض فيه داروين‬ ‫نظريته للتطور‪ ،‬ب�أنه يف �أهميته يعترب ر�أ�س ًا بر�أ�س‬ ‫مع كتاب نيوتن (املبادئ) ‪ ..‬بل واعترب البع�ض‬ ‫نظرية التطور �أكرث �أهمية من النظرية الن�سبية‬ ‫لألربت �أين�شتاين‪ ،‬لأنها جمعت بني القفزة العلمية‬ ‫من ناحية‪ ،‬ونظرة الإن�سان �إىل هويته من ناحية‬ ‫�أخرى‪..‬‬ ‫نظرية التطور – بال �شك – �أحد �أهم و�أعقد‬ ‫النظريات املُثرية للجدل ‪ ،‬والتي – �سوا ًء قبلتها �أو‬ ‫رف�ضتها – ال مُيكن �أبد ًا جتنبها �أو تنحيتها جانب ًا‪،‬‬ ‫ملا ج��اءت به من �أدل��ة وبراهني علمية ومنطقية‬ ‫دقيقة‪..‬‬

‫الأكاذيب والغباء واجلنب)‪� ،‬إال �أن النا�شر اقرتح‬ ‫عليه ت�سميته (كفاحي) كعنوان �أف�ضل للكتاب ‪..‬‬ ‫وهو ما كان ‪..‬‬ ‫وقد اعرتف الكثري من ال�سا�سة الأوروبيني �أنهم‬ ‫كانوا يف منتهى احلماقة والغباء لأنهم مل يقر�ؤا‬ ‫هذا الكتاب‪� ،‬أو مل يقر�ؤوه باجلدية الالزمة‪ ،‬لأنهم‬ ‫�أدركوا فيما بعد �أن الكتاب بب�ساطة كان ي�ضم كل‬ ‫خطط هتلر ور�ؤيته ال�سيا�سية والإ�سرتاتيجية‪،‬‬ ‫والتي نفذها حرفي ًا خالل احلرب العاملية الثانية !‬ ‫زعامة تقرتب من الت�أليه ‪�ُ ..‬سلطة ُمطلقة ‪..‬‬ ‫�إرادة ذاتية مبثابة قوانني للحزب احلاكم والدولة‬ ‫‪ ..‬نظرة �سيا�سية دكتاتورية �شمولية كاملة ‪..‬‬ ‫عن�صرية ‪ ..‬عرقية ‪ ..‬ال�سيادة ل�ل�أق��وى ‪ ..‬حق‬ ‫القوة ولي�س قوة احلق!‬ ‫هذه هي �أفكار هتلر املجنونة التي و�ضعها على‬ ‫الورق يف كتابه ال�شهري ‪ ..‬والتي نفذها على �أر�ض‬ ‫الواقع بعدها بعدة �سنوات‪..‬‬ ‫واملح�صلة‪� :‬أكرث من ‪ 60‬مليون قتيل يف �أعنف‬ ‫حرب �شهدها التاريخ الإن�ساين ‪� ..‬أي حوايل ‪2.5‬‬ ‫‪ %‬من �إجمايل تعداد ال�سكان العاملي وقتها !‬

‫العاملي املعا�صر‪..‬‬ ‫�آدم �سميث االقت�صادي اال�سكتلندي البارز‪،‬‬ ‫ال��ذي عا�ش يف ال��ق��رن الثامن ع�شر‪ ،‬اعترب �أن‬ ‫ثروة الأمم تُقا�س بقدراتها الإنتاجية يف الأ�سا�س‬ ‫الأول‪ ،‬و�أن الإنتاجية – كمقيا�س للرثوة – مُيكن‬ ‫م�ضاعفتها بتق�سيم العمل – على عك�س املوارد‬ ‫الطبيعية‪..‬‬ ‫نظرية �سميث تطرقت ب�شكل مو�سع �إىل توزيع‬ ‫ال�ثروات على املجتمع‪ ،‬وو�سائل تنظيم التجارة‬ ‫وتق�سيم العمل‪ ،‬ف�ض ًال ع��ن نظرياته يف حرية‬ ‫ال�سوق‪ ،‬والعالقة بني ال�سوق وتنظيم العمل ودور‬ ‫الدولة‪ ،‬وطرق دفع احلركة االقت�صادية وت�شجيع‬ ‫اال�ستثمار‪ ،‬وغريها‪..‬‬ ‫ث��روة الأمم ‪ ..‬كتاب قامت على �أف��ك��اره نظم‬ ‫اقت�صادية كاملة‪ ،‬تطورت تدريجي ًا حتى و�صلنا‬ ‫�إىل م��ع��اين االق��ت�����ص��اد ال��ع��امل��ي وال��ر�أ���س��م��ال��ي��ة‬ ‫واالق��ت�����ص��ادي��ات احل���رة وال��ع��ومل��ة‪ ،‬وغ�يره��ا من‬ ‫املفاهيم املرتابطة ‪..‬‬

‫امل��ن��ازع��ات االجتماعية والإن��ت��اج ال��ر�أ���س��م��ايل‪،‬‬ ‫ور�ؤيته ملعنى التطور ال�صناعي للبلدان‪ ،‬وحتليل‬ ‫الب�ضائع‪ ،‬واالقت�صاديات ال�سيا�سية لر�أ�س املال‪،‬‬ ‫وق���وى البيع وال�����ش��راء‪ ،‬وال��ع��دي��د م��ن املفاهيم‬ ‫ال�سيا�سية واملجتمعية والدينية واالقت�صادية‪..‬‬ ‫يجب �أن �أقول �أن الكتاب ُمعقد جد ًا على �إفهام‬ ‫الكثريين‪ ،‬ويجب �أن يكون لدى القارئ ال�صرب‬ ‫واحل�س النقدي والتحليلي ال��ذي ي�ؤهله لقراءة‬ ‫هذا الت�صورات‪..‬‬ ‫الكتاب �ضخم فع ًال ‪ ،‬ويت�ألف من ‪ 9‬جملدات ! ‪..‬‬

‫كتاب ر�أ�س املال‬ ‫غالف كتاب ثورة الأمم‬ ‫غالف كتاب �أ�صل الأنواع‬

‫غالف كتاب الن�سبية‬ ‫الكتاب الرابع‪ :‬أصل األنواع – تشارلز‬ ‫داروين‬

‫ه��ذا الكتاب حت��دي��د ًا ‪ ،‬يعترب من �أك�ثر الكتب‬ ‫التي �أح��دث��ت �ضجة هائلة يف ع�صره‪ ،‬ا�ستمر‬ ‫ت�أثريها حتى يومنا هذا‪ ،‬رمبا ال�صطدامها جزئي ًا‬ ‫باملوروثات الدينية ‪..‬‬ ‫(�أ�صل الأنواع) الكتاب ال�شهري الذي �ألفه العامل‬ ‫داروي����ن يف ال��ع��ام ‪ ،1859‬يعترب – ب��ع��ي��د ًا عن‬ ‫النقاط املثرية للجدل – �أحد �أبرز الأعمال التي‬ ‫�أثرت يف علم الأحياء التطوري ب�شكل هائل‪ ،‬ف�ض ًال‬ ‫عن كونها حجر الأ�سا�س للعقلية الأوروبية البحثية‬ ‫‪ 40‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫كتاب كفاحي‬ ‫الكتاب الخامس‪ :‬كفاحي – أدولف‬ ‫هتلر !‬

‫كتاب غني عن التعريف طبع ًا ‪� ،‬ألفه الديكتاتور‬ ‫الأمل��اين الأ�شهر يف تاريخ الب�شرية �أدول��ف هتلر‬ ‫وهو يف ال�سجن‪ ،‬و ُن�شر يف العامني ‪ 1925‬و ‪1926‬‬ ‫‪ ..‬وهو عبارة عن خليط جمنون من خطط هتلر‬ ‫الطموحة‪ ،‬و�سيا�ساته التو�سعية ونظراته ال�سيا�سية‬ ‫‪ ،‬ف�ض ًال عن �سريته الذاتية‪..‬‬ ‫الكتاب كان عنوانه الأ�صلي الذي اختاره هتلر‬ ‫له ه��و‪�( :‬أرب���ع �سنوات ون�صف من الكفاح �ضد‬

‫الكتاب السادس‪ :‬ثروة األمم – آدم‬ ‫سميث‬

‫كتاب حمل نواة الفكر االقت�صادي الر�أ�سمايل‬ ‫ال���ع���امل���ي‪ ،‬ال�����ذي ا���س��ت��ط��اع ت��غ��ي�ير ال��ن��ظ��ري��ات‬ ‫االقت�صادية التقليدية �إىل مفاهيم االقت�صاد‬ ‫احلر‪..‬‬ ‫الكتاب ي�ستحيل �أال يتعرف عليه �أي ُمهتم بعلم‬ ‫االقت�صاد‪ ،‬لأن��ه بب�ساطة �شديد �أب��و الإقت�صاد‬ ‫احلديث باملعنى احلايل الع�صري‪ ،‬و�أحد الأ�س�س‬ ‫الرئي�سية التي ق��ام عليها االقت�صاد الليربايل‬

‫الكتاب الثامن‪ :‬المقدمة – ابن خلدون‬

‫هذا الكتاب الذي مازال حتى يومنا هذا رمز ًا‬ ‫لعبقرية احل�ضارة العربية الإ�سالمية‪ ،‬وال��ذي‬ ‫يحمل يف طياته ت�أ�صي ًال مبا�شر ًا لعلم االجتماع �أو‬ ‫ال�سو�سيولوجيا‪ ،‬و�أتى فيها مبا مل ي�ستطع �أحد من‬ ‫قبله �أن ي�أتي مبثله‪..‬‬ ‫اب��ن خلدون العامل العربي املُ�سلم‪ ،‬ال��ذي كان‬ ‫– ك�أغلب العلماء العرب امل�سلمني – مو�سوعة‬ ‫علمية وثقافية متنقلة ت�سري على قدمني؛ فقد‬

‫كان فلكي ًا واقت�صادي ًا وم�ؤرخ ًا وا�سرتاتيجي ًا وعامل ًا‬ ‫للريا�ضيات وفيل�سوف ًا ‪ ..‬ولكنه ا�شتهر �أكرث بكونه‬ ‫مُ�ؤ�س�س علم االجتماع‪..‬‬ ‫ٌمقدمة ابن خلدون جعلت الكثريين ممن جا�ؤوا‬ ‫بعده يجدون �صعوبة بالغة يف الزيادة على ما و�صل‬ ‫�إليه يف كتابه الق ّيم ‪ ..‬لهذا ال�سبب – وغريه –‬ ‫يحتفي به العامل �أجمع احتفا ًء �شديد ًا حتى يومنا‬ ‫هذا‪..‬‬ ‫الكتاب التاسع‪ :‬تفسير األحالم –‬ ‫سيجموند فرويد‬

‫الكتاب الذي ُيعترب التنظري العلمي الأ�سا�سي‬ ‫والأ�شهر يف علم النف�س‪ ،‬نظر ًا ل�شهرة ومكانة‬ ‫م���ؤل��ف��ه الطبيب �سيجموند ف��روي��د ب�ين علماء‬ ‫ع�صره‪..‬‬ ‫و���ض��ع ف��روي��د ف��ى ك��ت��اب��ه (تف�سري الأح��ل�ام)‬ ‫العديد من النظريات النف�سية‪ ،‬التي تُعد الآن‬ ‫مرجع ًا رئي�سي ًا لكل امل�شتغلني يف الطب النف�سي‬ ‫�أو املجاالت ذات ال�صلة بعلم النف�س‪ ،‬والتي حاول‬ ‫من خاللها الو�صول �إىل تف�سريات علمية قاطعة‬ ‫ملاه ّية الأحالم وكيفية تف�سريها نف�سي ًا ‪..‬‬ ‫الكتاب ملئ باملُفردات العلمية النف�سية املُعقدة‬ ‫التي تُ�ساهم ه��ي ذات��ه��ا يف جلب ك��ل الأم��را���ض‬ ‫النف�سية املمكنة �إليك �أثناء القراءة ! ‪ ..‬ف�ض ًال عن‬ ‫كون الرجل ُمقتنع ًا متام ًا �أن (اجلن�س) هو ال�سبب‬ ‫الرئي�سي يف كل امل�شاكل النف�سية التي ُيعانى منها‬ ‫الإن�سان !‬ ‫ك��ت��اب (تف�سري الأح��ل�ام) ل�سيجموند فرويد‬ ‫‪ ..‬كتاب �أ�ضاف الكثري جد ًا – بال �شك – لعلم‬ ‫النف�س الإن�ساين‪ ،‬ب�شكل يجعله – عن جدارة –‬ ‫واحد ًا من �أكرث ال ُكتب ت�أثري ًا يف تطور الب�شر ‪..‬‬

‫الكتاب السابع‪ :‬رأس المال – كارل‬ ‫ماركس‬

‫�أح���دث ه��ذا الكتاب ث��ورة عقلية واقت�صادية‬ ‫واجتماعية كبرية جد ًا ‪� ،‬أدت الن�شقاقات عقائدية‬ ‫وحروب باردة طالت نحو ن�صف قرن من الزمان‬ ‫‪ ..‬وحت���ول ا���س��م م���ؤل��ف��ه (ك����ارل م��ارك�����س) �إىل‬ ‫مذهب �سيا�سي واجتماعي واقت�صادي وديني هو‬ ‫(املارك�سية)!‬ ‫ً‬ ‫الكتاب يعرفه الكثريون ‪ ..‬ولكن قليلون جدا هم‬ ‫من قر�ؤوه‪..‬‬ ‫الكاتب الأمل��اين العظيم‪ ،‬الذي عا�ش يف القرن‬ ‫التا�سع ع�شر‪ ،‬تناول يف كتابه ه��ذا العالقة بني‬

‫غالف كتاب تف�سري الأحالم‬ ‫غالف كتاب مقدمة ابن خلدون‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪41‬‬


‫مراجعات‬ ‫الكتاب العاشر‪ :‬دورة األفالك السماوية‬ ‫– كوبرنيكوس‬

‫مثل هذا الكتاب بداية االنقالب الكامل على‬ ‫النظريات الفلكية التقليدية‪ ،‬التي كانت �سائدة‬ ‫يف ذلك الوقت‪ ،‬ب�أن الأر�ض هي مركز الكون‪ ،‬و�أن‬ ‫الأجرام ال�سماوية مبا فيها ال�شم�س هي التي تدور‬ ‫حول الأر�ض‪..‬‬ ‫كوبرنيكو�س �أحد �أهم و�أعظم العقول الب�شرية‪،‬‬ ‫التي �ساهمت يف �إط�ل�اق علم الفلك مبنظوره‬ ‫احل��دي��ث‪ ،‬عندما �أث��ب��ت �أن ال�شم�س ه��ي مركز‬ ‫امل��ج��م��وع��ة ال�شم�سية‪ ،‬وان الأر�����ض وال��ك��واك��ب‬ ‫الأخرى هي التي تدور حولها‪ ،‬ولي�س العك�س‪..‬‬ ‫ا�صطدم طبع ًا كوبرنيكو�س بطرحه ه��ذا مع‬ ‫العقل اجلمعي الرجعي الذي كان �سائد ًا يف �أوروبا‬ ‫ه��ذه الفرتة من القرن ال�ساد�س ع�شر‪ ،‬ف�ض ًال‬ ‫ع��ن االت��ه��ام��ات بالزندقة والتكفري والت�شكيك‬ ‫يف امل�سيحية‪ ،‬وغريها من االتهامات التي كانت‬ ‫�سائدة وقتئذ يف �أوروبا‪..‬‬ ‫م��ن ق��ر�أ الكتاب ع ّلق عليه �أن��ه متعة حقيقية‬ ‫عندما جت��د ع��ق ً‬ ‫�لا ن�شط ًا ذك��ي�� ًا يحطم القيود‬ ‫التقليدية التي كانت �سائدة يف ذل��ك الوقت‪،‬‬ ‫و ُيعمل عقله يف مو�ضوع كان يتعامل معه اجلميع‬ ‫ك�أمر ُم�س ّلم به متام ًا وال يقبل النقا�ش �أو ال�شك‪..‬‬ ‫كتاب دورة الأف�لاك ال�سماوية للفلكي العظيم‬ ‫كوبرنيكو�س‪ُ ،‬يعترب ه��و املفتاح الرئي�سي لعلم‬ ‫الفلك مبعناه احلديث بال �أدن��ى �شك ‪ ..‬لذلك‬ ‫ا�ستحق طبع ًا �أن يكون من �ضمن الع�شرة كتب‬ ‫التي �أثرت على الب�شرية !‬ ‫�أي م��ن ه��ذه الكتب الع�شرة ت��رى �إن��ه��ا الأك�ثر‬ ‫ت�أثري ًا يف التاريخ الإن�ساين من وجهة نظرك؟‬

‫غالف كتاب دورة الأفالك ال�سماوية‬ ‫‪ 42‬فكر العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫مراجعات‬ ‫رأفة العرب باليهود خالل الحرب العالمية الثانية‬ ‫محمد عيساوي‬ ‫ح�ين ن��ق��ر�أ ال�لائ��ح��ة ال��ت��ي و�ضعتها م�ؤ�س�سة‬ ‫(ي��اد فا�شيم) الإ�سرائيلية التي تعنى ب�إح�صاء‬ ‫(ال�صاحلني بني الأمم) ‪� -‬أي الأ�شخا�ص الذين‬ ‫�أن��ق��ذوا ي��ه��ود ًا م��ن ي��د ال��ن��ازي�ين خ�لال احل��رب‬ ‫العاملية الثانية‪ -‬ال نعرث على �أي ا�سم عربي �أو‬ ‫م�سلم من فرن�سا �أو املغرب العربي‪.‬‬ ‫�أكرث من ذلك‪ ،‬ال تزال �صورة العرب وامل�سلمني‬ ‫يف الغرب و�إ�سرائيل خالل تلك املرحلة ال�سوداء‬ ‫حم�صور ًة يف العالقات التي ربطت هتلر مبفتي‬ ‫القد�س �آنذاك �أمني احل�سيني و»بفرقة احلماية»‬ ‫(‪ )SS‬التي ت�أ ّلف عديدها ح�صر ًا من امل�سلمني‪.‬‬ ‫ولتبديد هذا اجلهل الفا�ضح بوقائع تلك املرحلة‪،‬‬ ‫و���ض��ع ال�صحفي اجل���زائ���ري الفرن�سي حممد‬ ‫عي�ساوي بحث ًا مثري ًا �صدر حديث ًا يف كتاب عن دار‬ ‫ن�شر (غاليمار) الباري�سية حتت عنوان (النجمة‬ ‫ال�صفراء والهالل)‪.‬‬ ‫وجتدر الإ�شارة بداي ًة �إىل �أن هذا البحث تط ّلب‬ ‫من عي�ساوي فرتة عامني ون�صف العام من اجلهد‬ ‫الد�ؤوب قام خاللها بنب�ش وثائق وتت ّبع �آثار �شهود‬ ‫وجمع �شهادات ّ‬ ‫خطية و�شفهية قبل خ ّ��ط كتابه‬ ‫الذي ُي�ش ّكل من دون �شك مرجع ًا فريد ًا ب�ش�أن هذا‬ ‫املو�ضوع ويرت ّكز خ�صو�ص ًا على الدور الذي لعبه‬ ‫م�سجد باري�س و�أئ ّمته يف �إنقاذ الكثري من اليهود‬ ‫موت حمتّم على يد النازيني‪.‬‬ ‫من ٍ‬ ‫ويف هذا ال�سياق كان لقاء عي�ساوي مع املخرج‬ ‫ال�سينمائي اجلزائري دري بركاين الذي �أخرج‬ ‫الفيلم ال��وث��ائ��ق��ي (م�سجد ب��اري�����س‪ ..‬مقاومة‬ ‫من�سية) الذي ُي�ش ّكل �شهاد ًة دامغة على دور هذا‬ ‫امل�سجد وعميده �آن��ذاك �سي قدور بن غربيت يف‬ ‫�إنقاذ العديد من اليهود عرب �إيوائهم يف �أماكن‬ ‫�س ّرية يف امل�سجد وت�سليمهم �أوراق��ا م��ز ّورة تثبت‬ ‫اعتناقهم الديانة الإ�سالمية‪ ،‬وذل��ك ب�شهادة‬ ‫اليهوديي �أل�بر �أ�سولني واملغني ال�شهري �سليم‬ ‫نْ‬ ‫هياليل‪.‬‬ ‫ويف ال�سياق ذاته كان لقاء عي�ساوي باليهودي‬ ‫الفرن�سي ال�شهري �سريج كالر�سفيد (حمامي‬ ‫�أبناء اليهود املبعدين عن فرن�سا خالل احلرب)‬ ‫الذي �أق ّر له ب�أن �أمه ح�صلت بدورها على �أوراق‬ ‫مز ّورة تثبت �أنها عربية م�سلمة‪ ،‬من دون �أن يحدّد‬ ‫اجلهة التي منحتها هذه الأوراق‪.‬‬ ‫مدونة و�شهادات‬

‫�صورة غالف الكتاب‬

‫�أم����ا يف ق�����س��م الأر���ش��ي��ف ل�����وزارة اخل��ارج��ي��ة‬ ‫الفرن�سية‪ ،‬فقد عرث عي�ساوي على مد ّونة ر�سمية‬ ‫وجهها املدير ال�سيا�سي لهذه الوزارة �إىل اجلرنال‬ ‫ّ‬ ‫فيغان الذي كان يحتل �آنذاك من�صب وزير الدفاع‬ ‫يف حكومة في�شي‪ ،‬ويقول فيها «�سلطات االحتالل‬ ‫ت�شتبه يف ّ‬ ‫موظفي م�سجد باري�س مبنح �أفراد من‬ ‫العرق اليهودي �شهادات تثبت �أنهم من الطائفة‬ ‫الإ�سالمية‪ .‬لقد مت �إنذار الإمام‪ ،‬ب�شكل تهديدي‪،‬‬ ‫باالمتناع عن �أي ممار�سة من هذا النوع»‪.‬‬ ‫ومن ال�شهادات املهمة الأخرى‪ ،‬التي نقر�ؤها يف‬ ‫بحث عي�ساوي ال�ش ّيق عن �شهامة عميد م�سجد‬ ‫باري�س‪� ،‬شهادة الفرن�سي مي�شال تارديو التي �أكد‬ ‫فيها �أن �أم��ه اليهودية �أورو بوغانيم التي كانت‬ ‫تعمل ممر�ضة يف م�ست�شفى بوبينيي �أخربته مرار ًا‬ ‫�أن بن غربيت ات�صل بها هاتفي ًا لإبالغها ب�أن‬ ‫الأملان يد ّققون يف �أ�سماء موظفي امل�ست�شفى بحث ًا‬ ‫عن اليهود ون�صحها بالهروب فور ًا‪.‬‬ ‫وكذلك �شهادة حمزة بن �إدري�س عثماين الذي‬ ‫و�ضع �سرية ل�بن غربيت �أ���ش��ار فيها �إىل �إنقاذ‬ ‫هذا الأخري عازفة بيانو يهودية تدعى جورجيت‬ ‫�أ���س��ت��ورغ ع�بر �إي��وائ��ه��ا يف م�سجد باري�س خالل‬ ‫ب�ضعة �أيام ثم ت�سهيل عبورها �إىل مدينة تولوز‪،‬‬ ‫و�شهادة الفكاهي الفرن�سي ال�شهري فيليب بوفار‬ ‫التي �أ ّكد فيها دور بن غربيت الرئي�سي يف حترير‬ ‫والده بالتب ّني‪ ،‬اليهودي جول لوزاتو‪ ،‬من قب�ضة‬ ‫الغي�ستابو‪.‬‬ ‫ولأن ب��ن غ�بري��ت مل ي��ك��ن ال�شخ�ص الوحيد‬ ‫النا�شط يف ه��ذه امل�س�ألة داخ��ل م�سجد باري�س‪،‬‬

‫يقدّم عي�ساوي �شهادات على دور معاو َنني له ن�شط ًا‬ ‫يف ت�سليم �أوراق مز ّورة ليهود فرن�سيني من �أ�صل‬ ‫مغاربي‪ ،‬و�ساعدا الكثريين منهم على الفرار �إىل‬ ‫دول املغرب العربي‪ ،‬كالإمام اجلزائري حممد‬ ‫بنزواو ومواطنه الإمام عبد القادر م�صلي الذي‬ ‫انخرط يف املقاومة الفرن�سية ون�شط يف مدينة‬ ‫بوردو قبل �أن يتم توقيفه على يد عنا�صر الغي�ستابو‬ ‫و�سجنه يف مع�سكر «ف��ور دو ه��ا» ثم �إب��ع��اده �إىل‬ ‫مع�سكر (موتاو�سن) فمع�سكر(داخاو)‪.‬‬ ‫وال يقت�صر بحث عي�ساوي على �سلوك بن غربيت‬ ‫ومعاونيه النبيل جتاه اليهود خالل احلرب العاملية‬ ‫ال��ث��ان��ي��ة‪ ،‬ب��ل ي��ت��ن��اول �أي�����ض�� ًا �سلوك �شخ�صيات‬ ‫وجمموعات عربية و�أمازيغية كثرية ن�شطت يف‬ ‫هذا االجتاه �آنذاك‪.‬‬ ‫ومن ه�ؤالء اجلزائري علي زيتوين الذي اتهمته‬ ‫�شرطة باري�س باالنتماء �إىل (كتيبة �أفريقيا‬ ‫ال�شمالية) النازية و�سجنته عام ‪ 1944‬قبل �أن‬ ‫يتبينّ �أنه �أنقذ عدد ًا كبري ًا من اليهود عرب منحهم‬ ‫�أوراق�� ًا تثبت �أنهم م�سلمون بحكم عمله يف �أحد‬ ‫املحاميي‬ ‫�أق�سام ال�شرطة يف باري�س‪ ،‬ب�شهادة‬ ‫نْ‬ ‫اليهوديني رونيه هايو وبيناجيال ع ّيا�ش‪.‬‬ ‫هناك �أي�ضا التون�سي علي �س ّكات ال��ذي �أنقذ‬ ‫نحو �ستني يهودي ًا تون�سي ًا ف ّروا من مع�سكر للعمل‬ ‫الإج��ب��اري‪ ،‬ومواطنه خالد عبد ال��وه��اب ال��ذي‬ ‫ا�ستقبل عائلتَني يهوديتني يف مع�صرة الزيت التي‬ ‫كان ميلكها‪ ،‬ب�شهادة امل�ؤ ّرخ روبري �ساتلوف‪.‬‬ ‫�أمني احل�سيني‬ ‫وال ين�سى عي�ساوي التوقف عند �سلوك ال�سلطان‬ ‫حممد اخلام�س يف املغرب ومن�صف باي يف تون�س‬ ‫اللذين رف�ضا االل��ت��زام بقوانني حكومة في�شي‬ ‫التي حاولت عبث ًا �أن تفر�ض على يهود بلدَ يهما‬ ‫و�ضع جنمة �صفراء على مالب�سهم وانتزاع ملكية‬ ‫متاجرهم‪.‬‬ ‫وكما توقف عند ن�ضال «املجموعة الأمازيغية»‬ ‫�ضد النازيني يف باري�س و�إ���ص��داره��ا بعد فرتة‬ ‫وجيزة من انطالق حملة االعتقاالت �ضد اليهود‬ ‫بيان ًا بعنوان (مثل �أطفالنا) قالت فيه‪« :‬البارحة‪،‬‬ ‫عند الفجر‪ ،‬مت توقيف جميع اليهود يف باري�س‪،‬‬ ‫�أطفا ًال ن�سا ًء وعجزة‪� .‬إنهم يف املنفى مثلنا‪� .‬إنهم‬ ‫ع ّمال مثلنا‪� .‬إنهم �إخوتنا‪� .‬أطفالهم مثل �أطفالنا‪.‬‬ ‫�إذا التقى �أحدكم بواحد منهم‪ ،‬عليه �إنقاذه‪ .‬يا‬ ‫رجال وطننا‪ ،‬قلبكم كبري»‪.‬‬ ‫�أما يف ما يتع ّلق ب�أمني احل�سيني ف ُيذ ّكر عي�ساوي‬ ‫يف نهاية بحثه �أن �سلطة االنتداب الربيطاين على‬

‫فل�سطني التي كانت عليمة بعدائه لليهود هي‬ ‫التي ع ّينته مفتي ًا للقد�س بهدف �إحداث فتنة بني‬ ‫العرب واليهود وتطبيق مبد�أ (ف ّرق ت�سد)‪.‬‬ ‫وم��ع ذل���ك‪ ،‬مل يتبع ه��ذا ال��رج��ل يف مغامرته‬ ‫النازية �سوى حفنة قليلة من العرب مقارن ًة بعدد‬ ‫الأوروبيني املتعاونني الهائل‪ .‬فوفق ًا للأرقام التي‬ ‫مينحنا �إياها الباحث اللبناين جيلرب �أ�شقر يف‬ ‫كتابه املرجعي «العرب واملحرقة اليهودية» الذي‬ ‫ي�ست�شهد عي�ساوي به‪ ،‬ال يتجاوز عدد العرب الذين‬ ‫التحقوا بتنظيمات ع�سكرية نازية ‪ ،6300‬يف حني‬ ‫بلغ عدد العرب الذين التحقوا بجيو�ش احللفاء‬ ‫‪� 259‬ألف ًا‪ ،‬بينهم ‪ 9000‬فل�سطيني‪.‬‬ ‫س��ق��وط غ��رن��اط��ة ف��ي (ظ�لال‬ ‫شجرة الرمان)‬

‫�صورة غالف الرواية‬

‫غرناطة ب�أمر من (راه��ب ال�شيطان) الأ�سقف‬ ‫خمينيث دي �سي�سنريو�س الناطق بل�سان الكني�سة‬ ‫والتاج معا‪ ،‬ولكن ب�ضع مئات من الكتب جنت من‬ ‫املحرقة بحيلة من جنود كانوا يلقون املخطوطات‬ ‫الأثقل وزن�� ًا على عتبات �أب��واب مغلقة‪ ،‬فيت�سلل‬ ‫رجل ملثم ويلتقطها ثم عربت تلك املخطوطات‬ ‫�إىل مدينة فا�س باملغرب‪.‬‬ ‫وطارق علي ‪ -‬الذي ولد يف باك�ستان عام ‪1943،‬‬ ‫وت�سجل مقدمة الرواية �أنه كان رئي�س احتاد طالب‬ ‫جامعة البنجاب‪ -‬در���س الفل�سفة واالقت�صاد يف‬ ‫ل��ن��دن‪ ،‬و�أ�صبح ع��ام ‪ 1965‬رئي�س احت��اد طالب‬ ‫جامعة �أوك�سفورد وتوىل رئا�سة حترير عدة �صحف‬ ‫وجمالت منها (الي�سار اجلديد)‪.‬‬ ‫وهو يعد من �أب��رز مناه�ضي العوملة ومعار�ضي‬ ‫النموذج الأمريكي ومن م�ؤلفاته (باك�ستان حكم‬ ‫ع�سكري �أم �سلطة �شعبية؟) (‪ )1970‬و(الثورة‬ ‫من �أعلى‪ :‬االحتاد ال�سوفياتي �إىل �أين؟) (‪)1988‬‬ ‫و(�صدام الأ�صوليات‪ :‬احلمالت ال�صليبية واجلهاد‬ ‫واحلداثة) (‪� )2002‬إ�ضافة �إىل رواي��ات �أبرزها‬ ‫(خما�سية الإ�سالم) التي يتناول فيها جوانب من‬ ‫تاريخ احل�ضارة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫وتقع الرواية يف ‪� 320‬صفحة متو�سطة القطع‬ ‫وترجمها ال��ك��ات��ب امل�����ص��ري حممد عبد النبي‬ ‫وراجعها املرتجم امل�صري طلعت ال�شايب ون�شرت‬ ‫يف القاهرة عن (الكتب خان للن�شر والتوزيع)‬ ‫التي �ست�صدر تباع ًا الأج���زاء الأرب��ع��ة الأخ��رى‬ ‫وه��ي (كتاب �صالح ال��دي��ن) و(ام���ر�أة احلجر)‬ ‫و(�سلطان يف بالريمو) و(ليلة الفرا�شة الذهبية)‪.‬‬

‫يف رواي��ت��ه (ظ�ل�ال ���ش��ج��رة ال���رم���ان) يتوقف‬ ‫املفكر الربيطاين طارق علي �أمام م�شهد تاريخي‬ ‫عا�صف ت��رك ب�صماته على م�ستقبل العامل يف‬ ‫�سنوات �أعقبت �سقوط غرناطة‪ ،‬ولكن امل�ؤلف‬ ‫ال يلج�أ �إىل مقوالت ج��اه��زة‪ ،‬بل ين�سج خيوط ًا‬ ‫معقدة ومتداخلة ل�شبكة من العالقات االجتماعية‬ ‫والفل�سفات والأديان يف دراما �أ�شبه بالرتاجيديات‬ ‫الكال�سيكية‪.‬‬ ‫و�سقوط غرناطة عام ‪1492‬م‪ ،‬مل يكن ت�سليم ًا‬ ‫طوعي ًا ملدينة و�إمن���ا �إن��ه��اء ملرحلة وفتح �أب��واب‬ ‫اجلحيم على املنتمني �إليها من امل�سلمني واليهود‬ ‫مع ًا واال�ستيالء على �أم�لاك��ه��م وتق�سيمها بني‬ ‫الكني�سة الكاثوليكية والعر�ش «وحترمي ممار�سة‬ ‫ال�شعائر الإ�سالمية �أو التحدث بالعربية وحتويل‬ ‫غرناطة �إىل حمرقة خطرة»‪.‬‬ ‫ويف اال�ستعرا�ض الدرامي لهذا املوقف ال مييل‬ ‫طارق علي �إىل ت�صوير الأندل�س كفردو�س مفقود‬ ‫و�إمنا ير�صد على ل�سان �أبطاله ومن خالل �سلوكهم‬ ‫ما ميكن اعتباره حتمية تاريخية جعلت النهاية‬ ‫غري مفاجئة‪ ،‬حيث خري امل�سلمون بني التحول �إىل‬ ‫الكاثوليكية �أو القتل‪ ،‬فاختار البع�ض �أن يتحول‪،‬‬ ‫يف حني جل�أ �آخرون للثورة امل�سلحة التي ال يكتب‬ ‫لهم فيها الن�صر‪.‬‬ ‫وقبل الثورة واملواجهة امل�سلحة التي تنتهي بها‬ ‫الرواية �أو بالتزامن معها حدد املنت�صر هدفه‬ ‫وهو حمو ذاكرة املهزوم‪ .‬ففي امل�شهد االفتتاحي نهاية �أ�سرة و�أمة‬ ‫للرواية يف نهاية عام ‪1499‬م يحرق نحو مليوين وتدور �أحداث (ظالل �شجرة الرمان) يف قرية‬ ‫خمطوط (ال�سجل العامر لثمانية قرون) وجمعت (هذيل) القريبة من غرناطة‪ ،‬والتي �أ�س�ستها‬ ‫م��ن مكتبات ‪ 12‬ق�صر ًا و‪ 195‬مكتبة عامة يف ع�شرية الهذيل يف القرن العا�شر امليالدي وكان‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪43‬‬


‫مراجعات‬ ‫امل�ؤ�س�س ابن فريد يجمع بني �شجاعة الأ�سد ومكر‬ ‫الثعلب‪ ،‬ومل يبق منه بعد خم�سة قرون �إال �سيف‬ ‫ورث��ه حفيده عمر بن عبد اهلل رب الأ�سرة التي‬ ‫�ست�شهد نهاية غرناطة‪.‬‬ ‫وت�����ض��م الأ����س���رة مربيته وم��ر���ض��ع��ت��ه العجوز‬ ‫ال�صارمة وزوج��ت��ه زب��ي��دة وول��دي��ه زه�ير ويزيد‬ ‫وابنتيه كلثوم وهند �إ�ضافة �إىل �أخته زهرة والعم‬ ‫اب��ن ه�شام وال��ع��م ميغيل ال���ذي حت��ول ظاهريا‬ ‫و�أ�صبح �أ�سقف ًا‪.‬‬ ‫وتتتبع ال��رواي��ة تداعيات �سقوط غرناطة من‬ ‫خ�لال �سردية طويلة لتلك الأ���س��رة التي حتاول‬ ‫كغريها البقاء على قيد احل��ي��اة وال��ه��روب من‬ ‫الت�صفية بعد انهيار عاملهم ون�شوء عامل �آخر معاد‬ ‫ال يعرف الت�سامح‪ .‬وكانت �شجرة الرمان بظاللها‬ ‫الوارفة التي �شهدت اجتماعات الأ�سرة ولقاءات‬ ‫الع�شاق واملحبني فيها هي نف�سها التي �شهدت على‬ ‫نهايتها‪.‬‬ ‫وال مييل الروائي الباك�ستاين الأ�صل �إىل ت�صنيف‬ ‫النا�س �إىل �أ�شرار و�أخيار‪ ،‬ففي الرواية يت�صدى‬ ‫لعن�صرية الأ�سقف خمينيث دي �سي�سنريو�س رجل‬ ‫عاقل هو الكونت دون �أنيجيو لوبيز دي مندوثا‬ ‫القائد العام لغرناطة وعمدتها‪ .‬وتبدو �أفكاره‬ ‫قريبة من �آراء خلفه �أورتادو دي مندوثا (‪1506‬م‪-‬‬ ‫‪1575‬م) ال�شاعر واملحارب والدبلوما�سي الذي‬ ‫�سجل �شهادته على مواجهات بني الإ�سبان والأقلية‬ ‫امل�سلمة التي كانت حتارب ب�أ�سلحة بدائية وتنتظر‬ ‫عونا من الأت���راك وامل��غ��رب واجل��زائ��ر يف كتاب‬ ‫(ح��رب غرناطة) بني عامي ‪1568‬م و‪1570‬م‬ ‫وي��وب��خ دي م��ن��دوث��ا دي �سي�سنريو�س ق��ائ ً‬ ‫�لا �إن‬ ‫امل�سلمني مل يحرقوا معابد اليهود �أو الكنائ�س‬ ‫ليقيموا مكانها م�ساجدهم‪ ،‬و�إن �سفك الدماء‬ ‫�سي�ؤدي �إىل مقاومة امل�سلمني «و���س��وف ي�سفك‬ ‫املزيد من ال��دم دمهم ودمنا‪ ،‬حمكمة التفتي�ش‬ ‫جتمع ثروة فاح�شة من �أجل الكني�سة‪ .‬كان �إحراق‬ ‫كتبهم عار ًا كبري ًا‪ ،‬لطخة لوثت �شرفنا»‪ ،‬م�شدد ًا‬ ‫على �أن املخطوطات العلمية العربية ال نظري لها‪.‬‬ ‫وت��وج��ه ال��رواي��ة �أ�صابع االت��ه��ام �إىل امل�سلمني‬ ‫�أنف�سهم عن ما انتهت �إليه �أحوالهم �إذ يقول‬ ‫(وجيد الزنديق) يف الرواية «ندير �أعناقنا على‬ ‫ال��دوام نحو املا�ضي بد ًال من التطلع للم�ستقبل‪،‬‬ ‫ف�شلنا يف تر�سيخ ق��واع��د �سيا�سية ق���ادرة على‬ ‫حماية جميع مواطنينا �ضد ن��زوات احلكام‪ ،‬مل‬ ‫ن�ستطع �أن نتلم�س الطريق نحو اال�ستقرار وحكم‬ ‫ينه�ض على العقل»‪.‬‬ ‫‪ 44‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫مراجعات‬ ‫ظروف النكبة وحقائقها في‬ ‫كتاب مرجعي‬ ‫وليد خالدي‬

‫غالف الكتاب‬

‫ي�شكل كتاب (نكبة) للم�ؤرخ الفل�سطيني وليد‬ ‫خالدي خري م�ساهمة يف ت�أريخ الأحداث امل�أ�ساوية‬ ‫التي ح�صلت يف فل�سطني بني عامي ‪ 1947‬و‪1948‬‬ ‫وكانت نتيجتها ط��رد نحو ‪� 800‬أل��ف فل�سطيني‬ ‫من وطنهم على يد ال�صهاينة �ضمن ما ي�سميه‬ ‫الفل�سطينيون النكبة‪.‬‬ ‫ويت�ألف الكتاب ‪ -‬الذي �صدر عن دار ن�شر (�أكت‬ ‫�سود) الباري�سية بالتعاون مع معهد الدرا�سات‬ ‫الفل�سطينية يف بريوت‪ -‬من �ستة مقاالت مطولة‬ ‫وموثقة ن�شرت للم�ؤرخ بني عامي ‪ 1959‬و‪.1993‬‬ ‫ملاذا رحل الفل�سطينيون؟‬ ‫ففي امل��ق��ال الأول ال���ذي حمل ه��ذا ال��ع��ن��وان‪،‬‬ ‫ينق�ضّ خ��ال��دي على الأ���س��ط��ورة ال��ت��ي ر ّوج لها‬ ‫الإ�سرائيليون يف ال��غ��رب ل��ل��ت�برّ�ؤ م��ن م�س�ؤولية‬ ‫الالجئني الفل�سطينيني‪ ،‬ومفادها �أن ه�ؤالء نزحوا‬ ‫�إىل الدول العربية املجاورة �إثر �أوامر تل ّقوها من‬ ‫احل��كّ��ام العرب بوا�سطة ال��رادي��و حت�ضّ هم على‬ ‫الرحيل م�ؤ ّقتا بهدف فتح الطريق �أمام اجليو�ش‬ ‫العربية النظامية‪.‬‬ ‫بحث وتدقيق يتبينّ خلالدي عدم وجود‬ ‫فبعد ٍ‬ ‫�أي دليل ُيثبت االدع����اءات الإ�سرائيلية‪ ،‬ال يف‬ ‫امل�صادر ال�صهيونية لعام ‪ 1948‬علم ًا ب�أنه كان‬ ‫من البديهي العثور فيها على �أثر لهذه الأوام��ر‪،‬‬

‫وال يف �أر�شيف جامعة الدول العربية الذي يت�ض ّمن‬ ‫جميع الت�صريحات ال�صادرة عنها خ�لال تلك‬ ‫املرحلة‪ ،‬وال يف �أبرز ال�صحف العربية‪ ،‬وال �سيما‬ ‫�أنه من امل�ستحيل �إهمال هذه الأخرية لأوامر بهذه‬ ‫ب�سطر واحد!‬ ‫اخلطورة وعدم الإ�شارة �إليها ولو‬ ‫ٍ‬ ‫بل �إن كل ما وجده خالدي يف هذه ال�صحف هو‬ ‫قرار اللجان املركزية التي ت�ش ّكلت �آنذاك يف لبنان‬ ‫و�سوريا وم�صر بعدم منح �إقامات للفل�سطينيني‬ ‫الذين جل�ؤوا �إىل هذه الدول والقادرين على حمل‬ ‫ال�سالح‪ ،‬و�إر�سالهم �إىل اجلبهة الفل�سطينية‪.‬‬ ‫وك��ذل��ك الأم���ر بالن�سبة �إىل ن�شرات وب��رام��ج‬ ‫الإذاعات العربية عام ‪ 1948‬التي ا�ستمع امل�ؤ ّرخ‬ ‫�إليها يوم ًا بيوم ومل يعرث على �أي �أثر لأوامر من‬ ‫ه��ذا النوع بل على ال��ق��رار امل��ذك��ور �أع�لاه وعلى‬ ‫دعوات من (املجل�س العربي الأعلى) للفل�سطينيني‬ ‫املوجودين يف فل�سطني‪ ،‬من ّ‬ ‫موظفني وعنا�صر‬ ‫�شرطة ورج��ال قادرين على حمل ال�سالح‪� ،‬إىل‬ ‫البقاء يف وطنهم ومتابعة عملهم‪.‬‬ ‫�سقوط حيفا‬ ‫ك��ان ه��ذا عنوان املقال الثاين ال��ذي يبينّ فيه‬ ‫خالدي �أن هجوم منظمة الهاغاناه ال�صهيونية‬ ‫على الأح��ي��اء العربية م��ن مدينة حيفا يف ‪21‬‬ ‫و‪� 22‬أبريل‪/‬ني�سان ‪� 1948‬شكل جزء ًا من هجوم‬ ‫ع�سكري �شامل هدفه �إح�ل�ال دول��ة يهودية يف‬ ‫فل�سطني ب��ق��وة ال�����س�لاح‪ ،‬و�أن ه��ذا ال��ه��ج��وم مت‬ ‫تن�سيقه ب�شكل وث��ي��ق م��ع اجل�ن�رال الربيطاين‬ ‫�ستوكويل الذي مار�س �أي�ض ًا �ضغوط ًا كبرية على‬ ‫املفاو�ضني الفل�سطينيني كي يقبلوا اال�ست�سالم‬ ‫بال�شروط التي فر�ضتها الهاغاناه‪.‬‬ ‫�أم��ا النزوح الكثيف ل�سكان امل��دن العربية فال‬ ‫عالقة له ب�أي �أوامر ُو ّجهت �إليهم من قبل ا ُ‬ ‫حل ّكام‬ ‫العرب بل �سببه الإرهاب واحلرب النف�سية اللذين‬ ‫مار�ستهما املنظمة ال�صهيونية امل��ذك��ورة خالل‬ ‫هجومها‪.‬‬ ‫يف امل��ق��ال ال��ث��ال��ث يك�شف خ��ال��دي تفا�صيل‬ ‫ّ‬ ‫(خمطط داليه) ال�صهيوين كما ُن�شر يف كتاب‬ ‫(تاريخ الهاغانا) «املكتبة ال�صهيونية بتل �أبيب»‬ ‫الذي يتج ّلى فيه مبا ال يقبل ال�شك �أن العمليات‬ ‫الع�سكرية املتالحقة التي قام بها ال�صهاينة عام‬ ‫‪ 1948‬يف خمتلف �أن��ح��اء فل�سطني مل ترتابط‬ ‫م�صادف ًة كما ادّعى امل�ؤ ّرخون الإ�سرائيليون فيما‬ ‫مل�شروع وا�ضح و�شامل‬ ‫بعد‪ ،‬بل مت تنفيذها وفق ًا‬ ‫ٍ‬ ‫غايته طرد الفل�سطينيني من بيوتهم وم�صادرة‬ ‫�أرا�ضيهم م��ن �أج��ل منحها ملئات �آالف اليهود‬

‫الذين كان مقرر ًا ا�ستقبالهم يف الدولة العربية‬ ‫اجلديدة‪.‬‬ ‫ويف هذا ال�سياق مت تفريغ ‪ 369‬قرية فل�سطينية‬ ‫من �سكانها بالقوة والرتهيب قبل �أن يتم تدمري‬ ‫هذه القرى كل ًّيا بهدف منع �سكانها من العودة‬ ‫�إليها‪.‬‬ ‫قرار التق�سيم‬ ‫ويف امل��ق��ال ال���راب���ع ي��ت��ف��حّ�����ص خ��ال��دي ق��رار‬ ‫الأمم املتحدة الذي اتخذ عام ‪ 1947‬و�أدّى �إىل‬ ‫تق�سيم فل�سطني �إىل دول��ت�ين يهودية وعربية‪،‬‬ ‫حم ّل ًال م�ضمونه على �ضوء الوقائع الدميغرافية‬ ‫والعقارية يف فل�سطني �آن���ذاك وكا�ش ًفا نتائجه‬ ‫امل�أ�ساوية واجلائرة بحق ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬ ‫فعلى خالف ا ّدع��اء الأمم املتحدة ب�أن م�شروع‬ ‫التق�سيم ه��و �صيغة ت�سوية �شرعية و�أخالقية‬ ‫وعادلة ومتوازنة‪ ،‬يبينّ خالدي �أوال عدم �شرعية‬ ‫ه��ذه ال�صيغة ن��ظ��ر ًا �إىل ع��دم ا�ستجابة الأمم‬ ‫املتحدة للمطالب ال�شرعية التي تقدّمت البعثات‬ ‫العربية بها‪.‬‬ ‫وي��ظ��ه��ر ال��ق��رار الأمم����ي ع���دم �أخ�لاق��ي��ة ه��ذه‬ ‫ال�صيغة نظر ًا �إىل الوثائق العديدة التي ت�شهد‬ ‫على ال�ضغوط وعمليات التهويل التي مار�ستها‬ ‫وا�شنطن على الدول ال�صغرية كي ت�ص ّوت ل�صالح‬ ‫القرار‪ ،‬قبل �أن يف�ضح جور هذه ال�صيغة وعدم‬ ‫توازنها من منطلق �أن قرار التق�سيم منح اليهود‬ ‫ومعظمهم من املهاجرين حديث ًا �إىل فل�سطني‪-‬‬‫‪ % 55‬من الأرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬عل ًما ب�أنهم كانوا‬ ‫ي�ش ّكلون �أقل من ثلث �سكان فل�سطني وميلكون �أقل‬ ‫من ‪ % 7‬من �أرا�ضيها‪.‬‬ ‫وبينما ير�صد خالدي مقاله اخلام�س لف�ضح‬ ‫انتقادات امل���ؤ ّرخ الإ�سرائيلي بيني موري�س غري‬ ‫املبنية واملُغر�ضة لكتابه (قبل �شتاتهم)‪ ،‬يتناول‬ ‫يف مقاله ال�ساد�س �سذاجة ا ُ‬ ‫حل ّكام العرب خالل‬ ‫نهاية مرحلة االنتداب الربيطاين على فل�سطني‬ ‫وثقتهم غري امل�برّ رة بالربيطانيني والأمريكيني‪،‬‬ ‫وانق�سامهم وع��دم جاهز ّيتهم الع�سكرية‪ ،‬حتى‬ ‫بعد ق��رار الأمم املتحدة تق�سيم فل�سطني‪� ،‬إىل‬ ‫جانب �صراع العوا�صم العربية الكربى من �أجل‬ ‫ال�سيطرة على اجلامعة العربية‪.‬‬

‫م�ؤلف هذا الكتاب �أ�ستاذ الل�سانيات واللغات‬ ‫احلديثة ومدير الربنامج العربي يف جامعة �سفك‬ ‫ببو�سطن بالواليات املتحدة الأمريكية‪.‬‬ ‫ل��ه ‪ 24‬كتاب ًا �أل��ف��ه �أو ترجمه �أو ح���رره‪ ،‬منها‬ ‫�أرب��ع جمموعات �شعرية للراحل حممود دروي�ش‬ ‫مرتجمة �إىل الإجنليزية‪� ،‬إ�ضافة �إىل ت�أليفه كتبا‬ ‫عديدة بالعربية عن الواليات املتحدة الأمريكية‪،‬‬ ‫من منظور نقدي‪ .‬يف عام ‪ 1983‬ح�صل على و�سام‬ ‫�أوروبا‪ ،‬قدمه له ماريو زكاري نائب رئي�س الربملان‬ ‫الأوروبي تقدير ًا جلهوده يف (حوار احل�ضارات)‪،‬‬ ‫مب��ا يعني �أن��ه �شخ�صية علمية وفكرية حتظى‬ ‫باحرتام عرب احل�ضارات‪ ،‬علم ًا ب�أنه يعرف نف�سه‬ ‫ب�أنه �سوري املولد فل�سطيني باالختيار‪.‬‬ ‫هو �أي�ض ًا رئي�س حترير جملة (ج�سور) ‪jusoor‬‬ ‫الإجنليزية‪ ،‬وم�ؤ�س�سها �أي�ض ًا‪ ،‬والتي ي�صدرها‬ ‫بالتعاون مع جامعة �سرياكو�س الأمريكية‪.‬‬

‫م�ؤلف‪� ،‬أرى �أنه يتناول مو�ضوع ًا ميكنني االدعاء‬ ‫ب���أين مطلع عليه‪ ،‬يبد�أ بالعنوان حيث كثري ًا ما‬ ‫�أجتنب اقتناء �أي م�ؤلف حمتواه ذو طابع يحمل‬ ‫الإثارة‪.‬‬ ‫بعدها �أق��ر�أ �صفحة املحتوى‪ ،‬واملقدمة و�أقفز‬ ‫بعد ذلك �إىل قراءة اال�ستنتاجات‪ .‬ف�إن تبني يل‬ ‫توافر التنا�سق العلمي بني املكونات الثالث‪� ،‬أبد�أ‬ ‫بالقراءة‪ ،‬متجاه ًال العنوان (الإث��اري) منطلق ًا‬ ‫غي من عنوان م�ؤلف يل‪،‬‬ ‫من جتربتي مع نا�شر رّ‬ ‫خالف ًا للعقد‪ ،‬وو�ضع بد ًال منه عنوان ًا �إثاري ًا جر‬ ‫علي غ�ضب نقاد وزم�لاء‪ ،‬ونقمتهم‪ ،‬ظن ًا منهم‬ ‫َّ‬ ‫�أين امل�س�ؤول عن ذلك‪.‬‬ ‫هذا تو�ضيح للقارئ غري املطلع على بع�ض خفايا‬ ‫الن�شر يف عاملنا‪ ،‬وال عالقة ل��ه بنا�شر الكتاب‬ ‫مو�ضوع هذه القراءة‪ ،‬ولذا وجب التنويه‪.‬‬ ‫كنت من قبل قر�أت كتب ًا علمية تتعامل نقدي ًا مع‬ ‫تاريخ الواليات املتحدة الأمريكية كتبها مفكرون‬ ‫�أوروب���ي���ون و�أم�يرك��ي��ون ويف مقدمتهم امل����ؤرخ‬ ‫الأمريكي هَ َو َرد زِن �صاحب كتاب (التاريخ ال�شعبي‬ ‫ل��ل��والي��ات امل��ت��ح��دة الأمريكية‪)APeople›s/‬‬ ‫‪ )History of the United States‬الذي رحل‬ ‫عنا �أخري ًا‪� ،‬إ�ضافة �إىل كتاب م�ؤرخ تاريخ الكني�سة‬ ‫الأول عاملي ًا الأمل��اين كارلهاين�س د�شرن �صاحب‬ ‫كتاب (املولوخ – �إله ال�شر‪ .‬تاريخ نقدي للواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية) فقلت لنف�سي‪ :‬هل ثمة من‬ ‫جديد يف تاريخ تلك البالد‪/‬الدولة مل نقر�أه بعد‪.‬‬ ‫�أكرث ما �أثار ده�شتي يف امل�ؤلف ودفعني لقراءته‬ ‫برتكيز �إ�شارة الكاتب يف املقدمة �إىل معلومات‬ ‫ر�سمية عن اق�تراح برنامج حكومي �أمريكي يف‬ ‫وثيقة و�ضعها هرني كي�سنغر عام ‪ 1974‬لقطع‬ ‫دابر ن�سل ‪ 13‬دولة بينها م�صر العربية‪� ،‬ضمن‬ ‫فرتة ربع قرن‪ .‬وت�أكيده �أن هذه ال�سيا�سة متبعة‬ ‫�إىل الآن‪ ،‬يف عهد الرئي�س الأ�سود الب�شرة‪ ،‬و�إن‬ ‫حتت م�سميات حمايدة ذات م�ضمون �إن�ساين‪.‬‬

‫�صفحات املحتوى‬ ‫عندما اقتنيت ه��ذا الكتاب لقراءته‪ ،‬عنوانه‬ ‫دفعني للظن ب�أين �س�أقر�أ بيان ًا دعائي ًَا �سيا�سي ًا‪،‬‬ ‫وهو‪ ،‬وبكل �صراحة ما �أخر اقتنائي له ودفعني‪،‬‬ ‫امل��رة تلو الأخ���رى‪ ،‬لتجنب املزيد من ارتفاع يف‬ ‫�ضغط الدم والإحباط‪ ،‬مع �أين كنت �أتابع كتابات‬ ‫الدكتور منري العك�ش باهتمام حقيقي‪ ،‬حيثما‬ ‫توفرت الفر�صة‪.‬‬ ‫لكنني اكت�شفت بعدما عاينت الكتاب‪ ،‬للت�أكد‬ ‫من منحاه العلمي‪ ،‬ب�أين كنتُ خمطئ ًا‪ .‬تقوميي لأي‬

‫التخل�ص من الن�سل‬ ‫مو�ضوع الكتاب �إذن هو التخل�ص من ن�سل �أمم‬ ‫ترى امل�ؤ�س�سة التي حتكم الواليات املتحدة �أنها‬ ‫ت�شكل عبئ ًا على براجمها‪ .‬كنت �سمعت عن هذه‬ ‫الوثيقة ال�سرية عندما �أف��رج عنها‪ ،‬لكنني كنتُ‬ ‫من�شغ ًال وقتها يف عامل �آخر‪ .‬ومعنى ذلك �أي�ض ًا �أن‬ ‫حماربة الفقر واجلهل تتم بالتخل�ص من الفقراء‬ ‫واملهم�شني وامل�ست�ضعفني‪.‬‬ ‫امل����ؤل���ف اخ���ت���ار الإ�����ش����ارة �إىل ه���ذه ال��وث��ي��ق��ة‬ ‫م��دخ ً‬ ‫�لا للخو�ض يف ت��اري��خ ن�ش�أة عقدة التفوق‬

‫أميركا واإلبادات الجنسية‬ ‫منير العكش‬ ‫عر�ض‪ /‬زياد منى‬

‫غالف الكتاب‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪45‬‬


‫مراجعات‬

‫مراجعات‬ ‫الأنغلو�سك�سوين على بقية خملوقات الأر����ض‪،‬‬ ‫فتبني له‪ ،‬وعن حق‪� ،‬أن �أ�صولها تكمن يف التطرف‬ ‫الديني الربوت�ستانتي‪ ،‬الذي يعد نف�سه اال�ستثناء‬ ‫وخليفة اهلل على الأر�ض (ينقل امل�ؤلف عن ممثلي‬ ‫هذا املنحى العن�صري قناعتهم‪ ،‬بل �إميانهم ب�أن‬ ‫الواليات املتحدة يحدها �شما ًال القطب ال�شمايل‪،‬‬ ‫والقطب اجلنوبي جنوب ًا‪� ،‬أما حدودها ال�شرقية‬ ‫ف��ت��ب��د�أ ب��الإ���ص��ح��اح الأول م��ن �سفر التكوين‪،‬‬ ‫وحدودها الغربية يوم القيامة)‪� .‬أي �إنها مملكة‬ ‫ال��رب على الأر����ض وه��ي وريثته يف ه��ذا العامل‪،‬‬ ‫ثقافي ًا واقت�صادي ًا‪.‬‬ ‫ال �شك يف �أن �أي �إن�����س��ان ع��اق��ل �سينظر �إىل‬ ‫هكذا فكر بابت�سامة على «هبل» �أ�صحابه‪ ،‬لكن‬ ‫عندما يعلم املرء اتكاء هذه الأفكار والنظريات‬ ‫على م��راج��ع ع��ن امل��و���ض��وع‪ ،‬ك��ث�يرة‪� ،‬أ���ش��ار �إليها‬ ‫ال��ك��ات��ب �ضمن امل���ؤل��ف ويف قائمة امل��راج��ع‪ ،‬مل‬ ‫يكتبها جمذوبون م�صابون بجنون العظمة‪ ،‬و�إمنا‬ ‫علماء خريجو جامعات ي�شكلون م�ؤ�س�سة قائمة‬ ‫بذاتها ترعاها �إدارة امل�ؤ�س�سة احلاكمة يف تلك‬ ‫البالد وجامعات منها جامعتا وا�شنطن وجون‬ ‫هبكنز اللتان تبنيتا وثيقة هرني كي�سنغر املوما‬ ‫�إليها �أعاله‪ ،‬فال بد من �أن ي�صاب بالهلع‪ ،‬ال بل‬ ‫بالرعب‪ ،‬وهذه ال�صفة (كتاب رعب) التي �أُطلقها‬ ‫على هذا الكتاب املهم فع ًال‪ ،‬لأنه مي�س حياة كل‬ ‫منا يف ديار العرب والإ�سالم � ً‬ ‫أي�ضا‪ ،‬لكنه مي�س‬ ‫غرينا من ال�شعوب �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫ال��رع��ب يت�ضاعف ع��ن��دم��ا نعلم م���دى ال��ق��وة‬ ‫الع�سكرية التي متلكها الإدارة الأمريكية هذا‬ ‫يذكرين بقول معلق �سوفياتي يف ثمانينيات القرن‬ ‫املا�ضي‪ :‬القدرات الع�سكرية (‪)Fire Power‬‬ ‫ل��ل��والي��ات امل��ت��ح��دة ال تخيفنا‪ .‬م��ا يخيفنا حق ًا‬ ‫قدراتها العقلية (‪.)Brain Power‬‬ ‫امل�ؤلف عاد �إىل جذور فكرة التفوق العن�صري‬ ‫فعرث عليه يف ال��ب��داي��ات‪ ،‬يف وه��م ال��ت��ح��در من‬ ‫�إ�سرائيل ال��ت��وراة‪ ،‬وب��ال��ت��ايل وه��م ح��ق امتالك‬ ‫الأر����ض وم��ا عليها‪ .‬فغزو �أوروب���ا ال��غ��رب‪ ،‬عنى‬ ‫ل�ل�أغ��ل��ب��ي��ة يف ذل���ك ال���وق���ت‪ ،‬مت����ا ٍه م��ع (خ���روج‬ ‫العربانيني) �إىل الأر�ض التي تفي�ض لبن ًا وع�س ًال‪،‬‬ ‫كما تقول ال��ت��وراة‪ ،‬وه��ذا م��ا ي�شرح تكرر ورود‬ ‫�إطالق املهاجرين اجلدد �أ�سماء مثل (فل�سطني‪،‬‬ ‫�أريحا‪ ،‬دم�شق‪ ،‬لبنان‪� . . .‬إلخ) على م�ستقراتهم‬ ‫اجلديدة يف (�أم�يرك��ا) التي قطنها وق��ت الغزو‬ ‫الأوروب���ي �أك�ثر من مئة مليون هندري (الهنود‬ ‫احلمر) ف�أبادهم الغزاة القادمون من ال�شرق‪،‬‬ ‫‪ 46‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫وفق برامج وخطط‪ ،‬ولي�س بال�صدفة‪ ،‬كما يثبت‬ ‫ال��ك��ات��ب‪ ،‬اع��ت��م��اد ًا على م���ؤل��ف��ات م��ن ���ش��ارك يف‬ ‫�أع��م��ال الإب����ادة امل��روع��ة تلك‪ ،‬وال��ت��ي ���ش��ارك يف‬ ‫بع�ضها �أ�شخا�ص �صاروا ر�ؤ�ساء على تلك الدولة‬ ‫املت�شكلة حديث ًا‪.‬‬ ‫يالحظ القارئ �أن ن�صف �صفحات امل�ؤلف حتوي‬ ‫الهوام�ش وقائمة املراجع وكلها �صادرة يف الغرب‪،‬‬ ‫م��ا مينح الكتاب �صفة علمية بامتياز‪ ،‬م��ع �أن‬ ‫امل�ؤلف �أنهاه مبلحق حمتواه �سيا�سي متام ًا‪ ،‬ورغم‬ ‫�أنه ا�ستخدم يف بع�ض الأحيان �أ�سلوب ًا �أو تعبريات‬ ‫تهكمية‪.‬‬ ‫وامل����رء ي��ع�ثر ع��ل��ى ج����ذور وَهَ ����م ت��ف��وق ال��ع��رق‬ ‫الأنغلو�سكوين يف �أ�صل ا�سم �إجنلرتا (‪،)England‬‬ ‫الذي يعني‪ ،‬وفق قوامي�س اال�شتقاق الإجنليزية‬ ‫(�أر���ض املالئكة‪ ،)Angels Land /‬وثمة كتب‬ ‫كثرية �صدرت يف القرنني الثامن ع�شر والتا�سع‬ ‫ع�شر ت�ؤكد ! حتدر الإجنليز من عربانيي التوراة‪،‬‬ ‫متام ًا كما ت�ؤكد َوهً م الدامناركيني ب�أنهم يتحدرون‬ ‫م��ن �سبط دان ال��ت��ورات��ي اخل����رايف‪ ،‬ول���ذا وجب‬ ‫التوجه غرب ًا (لكن هذا عك�س الفهم التقليدي‬ ‫جلغرافية اخلروج التوراتي)‪.‬‬ ‫ع��ق��دة ال��ت��ف��وق تعني‪ ،‬تطبيقي ًا‪ ،‬ح��ق التحكم‬ ‫مب�صري ال�شعوب الأخرى والتخل�ص من �أي معوق‬ ‫لذلك‪ .‬هذه الأفكار العن�صرية ن�ش�أت لي�س حديث ًا‪،‬‬ ‫و�إمن���ا جندها يف م���ؤل��ف��ات تدعي العلمية تعود‬ ‫للقرنني الثامن ع�شر والتا�سع ع�شر‪ .‬ومن املثري‬ ‫لال�شمئزاز �أي�ض ًا النظريات التي تدعي العلمية‬ ‫بخ�صو�ص التكاثر ال�سكاين وكيفية التغلب على‬ ‫ال�صعوبات الناجتة منه واملرافقة له‪ ،‬ذات منبع‬ ‫ديني ومنها نظرية مالتو�س الذي يرى �أن احلروب‬ ‫والأوب��ئ��ة نعم �إلهية لأنها تق�ضي على (فائ�ض)‬ ‫ال�سكان يف العامل‪.‬‬ ‫وهنا ت��رد نظريات (الداروينية االجتماعية)‬ ‫= (البقاء للأف�ضل)‪ ،‬حيث �صرحت مرغريت‬ ‫�سانغر �إح��دى جنومها بالقول‪� :‬أرح��م ما تفعله‬ ‫الأ���س��رة الكبرية ل��واح��د م��ن �أطفالها �أن تقتله‬ ‫انطال ًقا من مبد�أ (حق الت�ضحية بالآخر)‪.‬‬ ‫وانطالق ًا من ه��ذه الفر�ضيات الال�إن�سانية‪،‬‬ ‫التطبيقية يف ال�سيا�سة‪ ،‬يرى امل�ؤلف‪ ،‬ككثري من‬ ‫نقاد هذه االجتاهات العن�صرية املخيفة‪� ،‬أن هتلر‪،‬‬ ‫�صاحب املحرقة‪ ،‬ما هو �إال تلميذ حمرقة �أمريكا‪،‬‬ ‫حيث طبق م��ا ق��ال ب��ه الآب���اء امل�ؤ�س�سون للفكر‬ ‫العن�صري وتفوق ن�سل ب�شري على �آخر (يوجيني‪/‬‬ ‫‪ = Eugenics‬علم حت�سني الن�سل)‪ ،‬لكنه قرر يف‬

‫نهاية املطاف �أن العن�صر الآري يتفوق على غريه‪.‬‬ ‫امل�ؤلف‪ ،‬كما العديد من العلماء يتم�سكون ب�صحة‬ ‫ا�ستخدام م�صطلح املحرقة للإ�شارة �إىل �إبادة‬ ‫�أكرث من مئة مليون هندري‪ ،‬رغم عنف معار�ضة‬ ‫ال�صهاينة املتم�سكني بفرادية حمرقة هتلر‪.‬‬ ‫حمرقة النازية‬ ‫وهنا ينوه الكاتب �إىل �أن حمرقة النازية ق�ضت‬ ‫على (غري اليهود) �أ�ضعاف ال�ستة ماليني يهودي‬ ‫املفرت�ض �أن��ه��م ق�ضوا فيها‪ ،‬حيث �أب���ادت نحو‬ ‫ع�شرين مليون �ساليف (�شعوب االحتاد ال�سوفياتي‬ ‫�سابق ًا) عدا عن قتلها نحو ن�صف مليون �سندي‬ ‫ورومة (الغجر)‪� ...‬إلخ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وم��ن الأم����ور غ�ير الطريفة �إط�لاق��ا يف مقام‬ ‫احلديث عن العن�صر الآري املوجود يف العقول‬ ‫املري�ضة فقط‪ ،‬ما يدعى عن لون ب�شرتهم الأبي�ض‬ ‫وزرق عيونهم و�شقر �شعورهم التي هي �صفات‬ ‫ال�شعوب ال�سالفية‪ .‬العن�صر الآري‪� ،‬إذا �صح‬ ‫الكالم يف هذا هم حمر ال�شعر‪ ،‬ذوو ب�شرة لونها‬ ‫مييل للحمرة مع كثري من النم�ش‪ ،‬ول��ون عيون‬ ‫داكن‪.‬‬ ‫من الأمور املحزنة التي ينوه �إليها امل�ؤلف تورط‬ ‫بع�ض العاملني يف املجال الفني يف الرتويج لأبطال‬ ‫وهميني كل ما عرف عنهم قتلهم �آالف الهنادرة‬ ‫ب�سلخ جلودهم وحرقهم‪� . . .‬إلخ‪ ،‬ومنهم �سدين‬ ‫بوالك خمرج فيلم (جرميا ُجن�سن) الذي عرف‬ ‫عنه �أكل �أكباد الهنادرة الذين قتلهم‪ ،‬مع �أنه ينفي‬ ‫ذل��ك‪ ،‬عل ًما ب���أن املمثل وامل��خ��رج ال�شهري ُرب��رت‬ ‫ردفرد �أدى دور البطولة فيه‪.‬‬ ‫الكتاب‪ ،‬رغم �أنه مكثف �إىل حد كبري‪ ،‬هو مدخل‬ ‫مهم لفهم كثري من منابع �سيا�سات التفوق التي‬ ‫ميار�سها الغرب‪ ،‬لي�س جتاه الآخ��ر فقط‪ ،‬و�إمنا‬ ‫جتاه الغري هم �ضحايا نظام اقت�صادي قائم على‬ ‫حت�صيل الربح‪� ،‬أي ًا كانت الو�سائل‪ ،‬متام ًا كما بد�أ‬ ‫هتلر بتطبيق النظريات العن�صرية على الآخر‪،‬‬ ‫غري الآري‪ ،‬ثم انتقل‪ ،‬نطقي ًا‪� ،‬إىل متييز الآري‬ ‫ال�صالح من الآري الطالح‪.‬‬ ‫ليت امل�ؤلف يجد الوقت لإعادة كتابة م�ؤلفه هذا‪،‬‬ ‫بالتفا�صيل املطلوبة‪� ،‬آخ��ذي��ن يف االعتبار عدم‬ ‫توافر هكذا مراجع مهمة يف بالدنا وبلغتنا‪.‬‬

‫كيف خسرت إسرائيل؟‬ ‫للصحفي اليهودي بن كرامر‬

‫عر�ض‪ /‬بدر حممد بدر‬ ‫هل خ�سرت �إ�سرائيل؟ وماذا خ�سرت بال�ضبط؟‬ ‫وما هي الأ�سباب التي �أدت �إىل خ�سارتها؟ وكيف‬ ‫ميكن عالج هذه اخل�سارة؟ هذا ما يتحدث عنه‬ ‫الكتاب‪ ،‬ال��ذي نعر�ض له يف هذه امل�ساحة‪ ،‬عرب‬ ‫ف�صوله الأرب��ع��ة التي تطرح �أربعة �أ�سئلة‪ :‬ملاذا‬ ‫نهتم ب�إ�سرائيل؟ ومل���اذا ال يكون للفل�سطينيني‬ ‫دول��ة؟ وم��ا املق�صود بدولة يهودية؟ ثم مل��اذا مل‬ ‫يتحقق ال�سالم؟‬ ‫وم�ؤلف الكتاب (بن كرامر) هو �صحفي يهودي‬ ‫�أم�يرك��ي اجلن�سية‪ ،‬ن�����ش���أ يف م��دي��ن��ة رو�ش�سرت‬ ‫بنيويورك‪ ،‬وعمل مرا�س ًال لعدد م��ن ال�صحف‬ ‫الأمريكية يف منطقة ال�شرق الأو�سط‪ ،‬عاين من‬ ‫خاللها الكثري من الأحداث واملواقف والآراء على‬ ‫اجلانبني‪.‬‬ ‫ويلخ�ص املرتجم يف البداية وجهة نظر امل�ؤلف‬ ‫فيقول‪� :‬إن �إ�سرائيل خ�سرت بالفعل ق�ضيتها‪،‬‬ ‫وخ�سرت تعاطف ال��ر�أي العام العاملي الذي كان‬ ‫يقف �إىل جانبها يف ال�سابق‪ ،‬وبخا�صة الواليات‬ ‫املتحدة و�أوروب����ا‪ ،‬ومل ت��راع ال��ت��ط��ورات املحلية‬ ‫والعاملية‪.‬‬ ‫خ�سرت ق�ضيتها التي �أوهمت العامل بعدالتها‬ ‫من خالل الدعاية ال�صهيونية‪ ،‬ورحالت الرتويج‬ ‫والتف�سري والتربك بالأرا�ضي املقد�سة‪ ،‬التي كانت‬ ‫تنظمها ملنا�صريها ال�سذج يف �أوروبا و�أمريكا‪ ،‬قبل‬ ‫�أن ت�صبح �إ�سرائيل دول��ة حمتلة لأرا���ض��ي الغري‬ ‫بالقوة يف حرب الأيام ال�ستة‪ ،‬حيث احتلت �أرا�ضي‬ ‫�سيناء ومرتفعات اجلوالن وال�ضفة الغربية وقطاع‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫وخ�سرت ق�ضيتها �أي�ض ًا عند ما ب��د�أت �سيا�سة‬ ‫هدم البيوت و�ضم الأرا�ضي واالغتياالت والتمييز‬ ‫العن�صري‪ ،‬و�أ�صبحت تباهي بذلك على نحو‬ ‫علني‪ ،‬وخ�سرت ق�ضيتها لأنها تريد �أن حت�صل‬ ‫على كل �شيء‪ ،‬وال ترغب يف التخلي عن �شيء‪� ،‬إنها‬ ‫تريد الأر�ض كما تريد ال�سالم الذي ال متلكه‪� ،‬إنها‬ ‫دول��ة تعي�ش على �شيئني‪ :‬الوهم ب�أنها ال�ضحية‪،‬‬ ‫وال�صراع يف املنطقة‪.‬‬

‫غالف الكتاب‬

‫ويف بع�ض مناطقها ال يزيد عر�ضها على ع�شرة‬ ‫�أميال‪ ،‬وب�إمكانك قطعها بال�سيارة من �شمالها �إىل‬ ‫جنوبها يف ن�صف يوم‪ ،‬وهي �أي�ض ًا لي�ست باملكان‬ ‫الرثي وال بالدولة العريقة‪ ،‬وهي �أي�ض ًا بال ت�أثري‬ ‫�سيا�سي‪ ،‬ومل يكن لها ناقة وال جمل فيما �سماه‬ ‫(بو�ش) الأب‪ :‬النظام العاملي اجلديد‪ ،‬ويف الأمم‬ ‫املتحدة على �سبيل املثال ال ميكنك اخل��روج عن‬ ‫امل���أل��وف للح�صول على دع��م �إ�سرائيل‪� ،‬إال �إذا‬ ‫كنت حتتاج �إىل وقوف الأغلبية ال�ساحقة من دول‬ ‫العامل الثالث �ضد قرارك‪.‬‬ ‫وع��ن يهود ال��والي��ات املتحدة يقول امل���ؤل��ف‪� :‬إن‬ ‫قدرتهم الت�صويتية كانت ‪ ،% 3‬انخف�ضت �إىل ‪2‬‬ ‫‪ %‬فقط‪ ،‬وهم �أقل التجمعات يف �أمريكا متا�سك ًا‪،‬‬ ‫و�أط��ف��ال اليهود ال��ي��وم يف حالة ميكن �أن نطلق‬ ‫عليها‪ :‬ال مباالة‪ ،‬ومن زعموا �أن (بو�ش) االبن قد‬ ‫�شن احلرب على العراق خ�ضوع ًا لرغبة �إ�سرائيل‪،‬‬ ‫ق��د ف�شلوا يف مالحظة �أن منظمي املظاهرات‬ ‫الكبرية املناه�ضة للحرب كانوا � ً‬ ‫أي�ضا من اليهود‪.‬‬

‫اليمني امل�سيحي‬ ‫وي�شري ب��ن ك��رام��ر �إىل �أن اليمني الأم�يرك��ي‬ ‫امل�سيحي ي�ؤمن ب�أن اليهود يجب �أن ينالوا الأرا�ضي‬ ‫املقد�سة‪ ،‬يف املقام الأول لأن الكتاب املقد�س ذكر‬ ‫ذلك‪ ،‬وذكر �أي�ض ًا �أن املجيء الثاين للم�سيح يتطلب‬ ‫(جتمع) اليهود مرة �أخ��رى على �أر���ض �صهيون‪،‬‬ ‫الأمر الذي ي�ؤدي �إىل ن�شوب معركة (�أرجمدون)‪،‬‬ ‫التي ت�ؤدي �إىل عودة امل�سيح (عليه ال�سالم)‪ ،‬كما‬ ‫�أن هناك التقا ًء �سيا�سي ًا للأفكار‪ ،‬يعود �إىل الأيام‬ ‫�سر االهتمام‬ ‫ويت�ساءل امل�ؤلف يف الف�صل الأول‪ :‬مل��اذا نهتم التي ر�أى فيها اليمني امل�سيحي يف اليهود احل�صن‬ ‫ب��ـ(�إ���س��رائ��ي��ل)؟ م��ع �أن��ه��ا ذل��ك ال�شريط الرفيع احل�صني للقيم اليهودية امل�سيحية‪ ،‬ال�شجاعة‬ ‫من الأرا�ضي على �شاطئ �شرق البحر املتو�سط‪ ،‬امل�ضادة لل�سوفيات (وم�ؤخر ًا امل�ضادة للإ�سالم)‪.‬‬

‫ومن املثري للده�شة ‪-‬كما يقول امل�ؤلف‪� -‬أن هذا‬ ‫ال�سبب الغام�ض الأخري هو الأق��رب �إىل الإجابة‬ ‫عن �س�ؤال‪ :‬ملاذا نهتم ب�إ�سرائيل؟ ومن هذا املنطلق‬ ‫ال توجد م�صلحة منطقية للواليات املتحدة من‬ ‫الناحية ال�سيا�سية العملية لدعم �إ�سرائيل‪� ،‬سواء‬ ‫على امل�ستوى ال��دويل �أو على م�ستوى احلمالت‬ ‫االنتخابية داخ���ل �أم�يرك��ا‪ ،‬ف�لا ي��وج��د ل��وب��ي �أو‬ ‫جماعة يف الواليات املتحدة قادرة على ال�ضغط‬ ‫على احلكومة‪ ،‬جلعل �إ�سرائيل املتلقي رقم واحد‬ ‫للمعونة الأمريكية (ثالثة مليارات دوالر كل عام‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل مليارين �ضمانات ق��رو���ض‪ ،‬قبل‬ ‫�أن نبد�أ يف �إ�ضافة املعونة الع�سكرية اخلا�صة‪،‬‬ ‫وامل��ع��ام�لات ال��ت��ج��اري��ة اخل��ا���ص��ة‪ ،‬وغ�يره��ا من‬ ‫ال�صفقات ال�سرية)‪.‬‬ ‫دولة فل�سطني‬ ‫ويطرح امل�ؤلف يف الف�صل الثاين ت�سا�ؤ ًال مفاده‪:‬‬ ‫ملاذا ال يكون لدى الفل�سطينيني دولة؟ ويجيب ب�أن‬ ‫الفل�سطينيني مل يتعلموا من اليهود كيفية التحكم‬ ‫يف روايتهم القومية‪ ،‬وا�ستخدامها بالتايل لتحقيق‬ ‫�أهدافهم‪ ،‬ونتيجة لذلك ف�إننا بب�ساطة ال نعرف‬ ‫(ك�أمريكان) ق�صتهم‪ ،‬وهو ما يعرتف به كثري من‬ ‫الفل�سطينيني‪.‬‬ ‫ويتحدث الكتاب عن �سيا�سة (الإغ�لاق) التي‬ ‫يقوم بها اجلي�ش الإ�سرائيلي ملناطق يف ال�ضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬الفت ًا �إىل �أن �شعب ًا عربي ًا متعلم ًا ومثقف ًا‬ ‫يزيد ت��ع��داده على ثالثة ماليني ن�سمة يتعر�ض‬ ‫ل�ل�إذالل ب�شكل دائ��م‪ ،‬ومن الناحية االقت�صادية‬ ‫يجري دفعهم ب�شكل ثابت وخطة وا�ضحة‪� ،‬إىل‬ ‫العي�ش يف ظل ع�صر ما قبل ال�صناعة‪ ،‬و�أي جزء‬ ‫من �أرا�ضيهم يرغب فيه حمتلوهم من املمكن‬ ‫�أن ي�ؤخذ منهم يف �أي وقت لأغرا�ض ع�سكرية �أو‬ ‫لإقامة م�ستوطنات �أو لإن�شاء نطاق �أمني �أو طريق‬ ‫�أو حتى �سياج‪.‬‬ ‫وطوال معظم فرتات االحتالل مل يحظ �أي �شيء‬ ‫بناه الفل�سطينيون بال�صفة القانونية يف املحاكم‬ ‫الإ�سرائيلية‪ ،‬ولذلك ال �شيء يبنى من �أجل اخلري‪،‬‬ ‫والفل�سطينيون �شعب �أعزل ال ميلك قوة ع�سكرية‬ ‫ت�ستحق �أن يطلق عليها هذا اال�سم‪ .‬ال مدرعات‬ ‫وال مدفعية وال �سفن حربية وال طائرات‪ ،‬وذلك‬ ‫يف مواجهة يومية �ضد جي�ش من �أف�ضل جيو�ش‬ ‫العامل‪ ،‬عالوة على ذلك ف�إن هذا اجلي�ش الذي‬ ‫يواجهونه يخدم �سيا�سة م�صممة لتعويق وتنغي�ص‬ ‫احلياة املدنية اليومية‪ ،‬التي متثل �أب�سط حقوق‬ ‫وواجبات الوجود الإن�ساين‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪47‬‬


‫مراجعات‬

‫مراجعات‬ ‫ويقول امل�ؤلف‪ :‬عندما ت�س�أل الفل�سطينيني عن‬ ‫ال�سبب يف �أن��ه��م �آخ���ر �شعب يف ال��ع��امل �ستكون‬ ‫له دول��ة‪ ،‬ف���إن الإجابة تتلخ�ص يف كلمة واح��دة‪:‬‬ ‫�إ���س��رائ��ي��ل‪ ،‬وت����رد‪ :‬ول��ك��ن ال��ق��رق��ي��ز والطاجيك‬ ‫والأوزبك والرتكمان واجلورجيني لكل منهم دولة‬ ‫الآن‪ ،‬وكانت �أمامهم م�شكلة �صغرية مكونة من‬ ‫كلمة واحدة‪ :‬رو�سيا‪ ،‬ولكنهم جنحوا يف النهاية‪،‬‬ ‫حتى الأك��راد تعي�سو احلظ رمبا تكون لهم دولة‬ ‫قبل الفل�سطينني‪ ،‬فلماذا؟ هل كان هناك �سبب‬ ‫العتقاد العامل ب�أنه من املمكن و�ضع اليهود يف‬ ‫فل�سطني بد ًال من العرب املوجودين هناك؟ وملاذا‬ ‫تكون الـ‪ % 22‬الأخ�ي�رة م��ن فل�سطني (يق�صد‬ ‫ال�ضفة الغربية وغ���زة) ه��ي حم��ل �إق��ام��ة �أط��ول‬ ‫احتالل بالقوة يف التاريخ احلديث؟‬ ‫يهودية الدولة‬ ‫ويناق�ش الف�صل الثالث مو�ضوع يهودية الدولة‪،‬‬ ‫حيث يرى امل�ؤلف �أن هذه امل�شكلة بد�أت يف الظهور‬ ‫مع �أول اجتماعات للكني�ست يف عهد بن غوريون‪،‬‬ ‫لكن كثري ًا من م�ؤ�س�سي «�إ�سرائيل» كانوا ملحدين‬ ‫وال ي��رغ��ب��ون يف تعكري �صفو جنتهم الفا�ضلة‬ ‫احلديثة من خزعبالت احلاخامات‪ ،‬وكان هناك‬ ‫منذ البداية جمتمعان من اليهود يف �إ�سرائيل‪،‬‬ ‫�أحدهما جمتمع املت�شددين الأرثوذك�س‪ ،‬والآخر‬ ‫ي�سمح ب��ر�ؤى متعددة للعقيدة‪ ،‬لكنه ال يرغب يف‬ ‫فعل �أي �شيء جتاه املت�شددين‪ ،‬والعداوة بينهما‬ ‫كانت متبادلة بالطبع‪ ،‬فاحلاخامات ال يكفون عن‬ ‫اتهام قادة املجتمع العلماين يف �إ�سرائيل ب�أنهم‬ ‫�أعداء �ألداء لليهود واليهودية‪ ،‬واملجتمع العلماين‬ ‫يهاجم املت�شددين �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫وي�شري الكتاب �إىل �أن �إ�سرائيل لديها م�شكلة‪,‬‬ ‫وه��ي لي�ست م�شكلة هينة ولكنها �أزم���ة ك�برى‪،‬‬ ‫وحينما يجر�ؤ الإ�سرائيليون على احلديث عنها‬ ‫ف�إنهم يطلقون عليها «القنبلة الزمنية»‪ ،‬وذلك‬ ‫عند م��ا جت��يء اللحظة التي ي��رى فيها اليهود‬ ‫ال��ع��رب‪ ،‬وق��د اندفعوا نحوهم حينما ي�صبحون‬ ‫�أغلبية يف هذه الأر�ض‪.‬‬ ‫البع�ض ي��ق��ول �إن ذل���ك ���س��وف ي��ح��دث خ�لال‬ ‫ع�شرة �أع���وام‪ ،‬والبع�ض الآخ��ر يقول �إن��ه حدث‬ ‫بالفعل‪ ،‬وحينما تنظر �إىل امل�س�ألة �سوف جتد �أن‬ ‫هناك ثالثة خيارات فقط‪ ،‬جميعها لي�ست �سهلة‪،‬‬ ‫فهم (�أي الإ���س��رائ��ي��ل��ي��ون) ي�ستطيعون التخلي‬ ‫عن الأرا���ض��ي املحتلة‪ ،‬يودعون الأر���ض والعرب‬ ‫وي��رح��ل��ون‪ ،‬ولكن ه��ذا يعني بالطبع القتال مع‬ ‫يهود �آخرين وهم امل�ستوطنون وال �أحد يرغب يف‬ ‫‪ 48‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫ذلك‪� ،‬أو ميكنهم التم�سك بالأر�ض وحماولة قتل (أرض المدامع) سطوة الواقع‬ ‫�أو طرد ب�ضعة ماليني من العرب‪ ،‬وهذا كابو�س‬ ‫وذاكرة األلم‬ ‫نازي ودعائي ال يزال يراود البع�ض‪� ،‬أو ميكنهم‬ ‫االح��ت��ف��اظ ب��الأر���ض وال�سكان واحل��ك��م بقب�ضة‬ ‫البشير الدامون‬ ‫حديدية ع�بر �سيا�سة التمييز العن�صري‪� ،‬أي‬ ‫�إن الأغلبية ال تكون لها حقوق �سيا�سية‪ ،‬وهذا‬ ‫عر�ض‪�/‬إبراهيم احلجري‬ ‫االختيار هو احلادث الآن تبع ًا للأمر الواقع‪.‬‬ ‫لقد تطلب ال�صراع يف ال�شرق الأو�سط املزيد غري بعيد عن العامل املقيت‪ ،‬ال��ذي �صوره يف‬ ‫من اليهود‪ ،‬وبعد كل هذه ال�سنوات من اجلدال رواي��ت��ه (���س��ري��ر الأ����س���رار) ال�����ص��ادرة ع��ن دار‬ ‫ب�ش�أن من هو اليهودي؟ �أ�صبح اجلميع يعلمون �أن الآداب �سنة ‪� 2008‬أطلق الروائي املغربي الب�شري‬ ‫القادمني من رو�سيا مث ًال لي�سوا يهود ًا‪ ،‬وك�شفت ال��دام��ون روايته اجلديدة (�أر���ض امل��دام��ع) عن‬ ‫درا�سة لوزير �ش�ؤون يهود اخلارج عن املهاجرين املركز الثقايف العربي‪ ،‬وتنطلق الرواية اجلديدة‬ ‫ال��ق��ادم�ين م��ن االحت���اد ال�سوفياتي خ�لال عام من نف�س الف�ضاء القدمي (ال���دار الكبرية) �أو‬ ‫‪� 2000‬أن اثنني من كل ثالثة لي�سوا يهود ًا‪ ،‬و�أ�صبح املاخور‪ ،‬وك�أنه ي�سلح ال�شخ�صية نف�سها لينطلق‬ ‫ال�س�ؤال‪ :‬من هو اليهودي ال يهم كثري ًا‪ ،‬بل ما هو بها يف رح��اب جديدة من احلبكات والتحوالت‬ ‫ال�صالح لليهود‪� ،‬أو ما هو ال�صالح ملا يرغب اليهود وال�صراعات‪.‬‬ ‫فعله بدولتهم اليهودية‪.‬‬ ‫تنتقل الفتاة ال��ت��ي فتحت عينيها يف (ال���دار‬ ‫الكبرية) لت�ستقر م��ع �أ���س��رة حمافظة تتبناها‬ ‫هل يتحقق ال�سالم؟‬ ‫ويطرح امل�ؤلف يف الف�صل الرابع الأخري �س�ؤاله‪ :‬ومتنحها ال��رع��اي��ة ال�لازم��ة ك��ي ت��در���س وتتفوق‬ ‫ملاذا ال يتحقق ال�سالم؟ ويجيب‪� :‬إن �أي يهودي غري يف تعليمها‪ ،‬ثم تنتقل �إىل اجلامعة ال�ستكمال‬ ‫�إ�سرائيلي ال يعاين من �أي �أمرا�ض نف�سية‪ ،‬ميكنه درو���س��ه��ا‪ ،‬لتجد نف�سها يف دوام���ة ج��دي��دة من‬ ‫حل م�شكلة ال�سالم الإ�سرائيلية يف ع�شر دقائق العالقات والتحديات‪ ،‬خا�صة بعد دخولها جتربة‬ ‫لو فكر تفكري ًا مركز ًا‪ ،‬ومقارنة مب�شكلة قرب�ص الن�ضال ال�سيا�سي وم�شاركتها يف �أحداث الريف‬ ‫�أو �إيرلندا ال�شمالية‪ .‬احلقيقة �أن العرب واليهود الدامية �سنة ‪.1984‬‬ ‫ع��ا���ش��وا يف ���س�لام ف��ط��ري مل��ئ��ات ال�سنني حتت �سطوة الواقع‬ ‫حكم الأت��راك‪ ،‬ومعاداة ال�سامية (�أو الإح�سا�س ت�شكل(�أر�ض املدامع) رواية يتقابل فيها الواقع‬ ‫مبعاداة اليهود) مت ا�سترياده من �أوروب��ا‪ ،‬متام ًا والأحالم‪ ،‬ويفر�ض التاريخ �سحره ويعلن احلا�ضر‬ ‫مثل ال�صهيونية‪ ،‬ولي�س من قبيل امل�صادفة �أنهما �سطوته وق�سوته‪ ،‬حيث ال�ساردة وال�سارد يهيمان‬ ‫�أ�صبحا را�سخي اجلذور يف الوقت نف�سه‪.‬‬ ‫يف رحلة الك�شف عن �سر ي�ضيء وجودهما وعن‬ ‫وهناك حقيقة �أخرى تتمثل يف �أن العنف املنظم كنز يعيان �أن الطريق �إليه حارق‪.‬‬ ‫م��ن جانب الفل�سطينيني �ضد اليهود‪ ،‬مل يبد�أ هي رواية عن احلب والفقدان والثورة والأحالم‬ ‫م��ع و���ص��ول اليهود الأوائ����ل‪ ،‬وال حتى م��ع و�صول وعن انتكا�سات متبوعة بقدرة كبرية على املقاومة‬ ‫ال�صهاينة الأوائل �إىل فل�سطني‪ ،‬بل بد�أ مع برنامج واالنبعاث‪ .‬رواية قا�سية ملا حتمله بني طياتها من‬ ‫بناء امل�ستوطنات وامل�صادرات واالغتياالت‪ ،‬بعد �أمل متعدد‪� :‬أمل الذات التي قدر لها �أن تكون فاقدة‬ ‫حت��ول �سيا�سة �إ�سرائيل جت��اه فل�سطني والعرب للهوية لقيطة بال �أ�صول‪ ،‬و�أمل الواقع العفن الذي‬ ‫الذين يعي�شون فيها‪ ،‬وبعد �أن �أ�صبح تربير اليهود ي�ستهرت باحلقوق‪.‬‬ ‫مل�صادرتهم وا�ستيالئهم على الأرا�ضي واحتاللهم واق��ع يتعامل فيه مع الب�شر على �أ�سا�س �أنهم‬ ‫وعنفهم للحفاظ عليها‪ ،‬على �أ�سا�س كونهم يهود ًا‪� ،‬أ�شياء تافهة‪ :‬فقر وع��ري وف�ساد وقهر وعنف‬ ‫وعلى �أ�سا�س الوعد الإلهي بهذه الأر�ض‪.‬‬ ‫وتهمي�ش وم�صادرة لأب�سط حقوق العي�ش‪ .‬و�أمل‬ ‫�إن من م�صلحة �إ�سرائيل ‪-‬كما يقول الكاتب‪ -‬النح�س املطارد لل�شخو�ص الروائية التي ف�شل‬ ‫�أن تتو�صل ب�شكل فوري �إىل اتفاق‪ ،‬بينما ال تزال �أغلبها يف بلوغ مراميه‪ ،‬وحتقيق برناجمه ال�سردي‬ ‫قاب�ضة على �أوراق اللعب‪ .‬كل ه��ذه الأ�شياء ما املتمثل يف الكنوز املبحوث عنها‪ ،‬والتي �أ�ضحت‬ ‫زالت حقيقية‪ ،‬لكن ال�سالم ال يبدو قريب ًا الآن‪ ،‬كلها فخاخ ًا ومتاهات تتعرث فيها وبوا�سطتها‬ ‫وهو يف الواقع يبدو جمرد حلم بعيد املنال‪.‬‬ ‫خطوات الرواة وال�شخ�صيات‪.‬‬

‫فال�ساردة عانت ع��ذاب�� ًا نف�سي ًا داخلي ًا ج��راء‬ ‫حرمانها من والديها اللذين تخليا عنها قبل �أن‬ ‫تفتح عينيها على العامل‪ ،‬وج��راء عار مل ترتكبه‬ ‫ظ��ل ي��ط��ارده��ا طيلة حياتها مثل نح�س‪ .‬العار‬ ‫ال��ذي �سببته لها ن�ش�أتها يف ماخور‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫امل���أ���س��اة التي عا�شتها و�سكان مدينتها تطوان‬ ‫ب��ف��ع��ل م�����ش��ارك��ت��ه��م يف �أح�����داث ال���ري���ف‪ ،‬حيث‬ ‫حتولت �شوارع املدينة �إىل فو�ضى من احلرائق‬ ‫واجلثامني والدماء‪ ،‬و�أ�صابت اجلي�ش لوثة قوية‬ ‫لإ�شعال العنف واالعتقال والتع�سف والتعذيب‬ ‫لكل من �شارك يف املظاهرات ال�صاخبة للمطالبة‬ ‫بالإ�صالح والتغيري‪ ،‬ق�صد ًا �أو �صدفة‪.‬‬ ‫ف�ض ًال ع��ن ذل��ك‪ ،‬فاملحكي ال��روائ��ي للدامون‬ ‫ي�ستعر�ض نتفا من تاريخ املغرب يف �شقيه القدمي‬ ‫على العهد الروماين‪ ،‬واحلديث على عهد النظام‬ ‫ال�سابق �إب���ان �سنوات الر�صا�ص‪ ،‬حيث ح�صد‬ ‫القمع الهمجي �أرواح الآالف وع���ذب ع�شرات‬ ‫الأل��وف يف �سجون جمهولة حتت الأر���ض ب�سبب‬ ‫االنتفا�ضات ال�شعبية التي عرفتها ك��ل جهات‬ ‫املغرب بت�أطري من الف�صائل ال�شيوعية التي نادت‬ ‫بالتغيري ال�شامل واحلكم اجلمهوري بدل امللكية‪.‬‬ ‫يف ظل الأحزان التي ي�ؤججها م�سرد الرواية مل‬ ‫يتبق لل�شخو�ص �سوى الهروب عرب اخليال ملعانقة‬ ‫�أحالم قد ال جتيء �إال على �سبيل املجاز‪ ،‬وذاك ما‬ ‫فعلته ال�ساردة بطلة الرواية عرب حلمها بحوريات‬ ‫ينت�شلنها م��ن كوابي�س ال��واق��ع‪ ،‬قبل �أن تقرر‬ ‫الإف�لات والعودة يف حني الذ �أحمد ‪-‬رفيقها يف‬ ‫الن�ضال‪ -‬باجلنون‪ ،‬والذ �أمري و�أ�سرته بالهروب‬ ‫�إىل �إ�سبانيا بحثا عن وكر هانئ‪.‬‬ ‫كنوز ومدامع‬ ‫رتب الروائي حمكيه وفق متف�صالت متداخلة‬ ‫وعنون كال منها مب��دام��ع‪ ،‬كل مدمع ينجم عن‬ ‫كارثة �أو خ�سارة �سببها ا�ستتباع كنز م��ا‪ .‬هذه‬ ‫الكنوز تعد مبثابة املحرك لل�شخ�صيات‪ ،‬و�أولها‬ ‫كنز الثورة حيث احللم بالتغيري التي تن�شدها‬ ‫ال�ساردة ان�سجاما مع متغريات جمتمعية ناجمة‬ ‫ع��ن عمل ال��ت��ي��ارات املارك�سية وت�شكل ف�صائل‬ ‫حزبية وتنظيمات �سيا�سية تتبناها يف مغرب‬ ‫ال�سبعينيات والثمانينيات‪.‬‬ ‫�آن���ذاك ق��ادت تعبئة جماهريية �شاملة توجت‬ ‫ب�إ�ضرابات ومظاهرات عارمة ودموية يف العديد‬ ‫من املناطق املغربية طالبت بالتغيري و�أن�شدت‬ ‫توجهات �شيوعية‪ ،‬ومنها منطقة ال��ري��ف التي‬ ‫تتحدث عنها ال��رواي��ة‪� ،‬إذ قوبلت بقمع �شر�س‬

‫الفن اإلس�لام��ي وال��ع��م��ارة ‪..‬‬ ‫العقيدة واإلبداع‬ ‫ريتشارد اتنغهاوزن‬ ‫أوليغ غرابار‬ ‫ماريلين جنكينس‬ ‫ترجمة‪:‬عبد الودود العمراني‬

‫�أحمد ال�شريقي‬

‫غالف الرواية‬

‫من قبل اجلي�ش �أودى بعدد كبري من ال�ضحايا‪،‬‬ ‫وامتلأت خاللها مقابر جماعية‪ .‬فتحولت تلك‬ ‫الأح�لام كوابي�س وجنونا لدى الكثري ممن حلم‬ ‫بالكنز‪.‬‬ ‫كنز ال��ذه��ب املتوهم ال���ذي �أرق عائلة ق�صر‬ ‫ال��ب��ا���ش��ا م��دف��وع�ين ب��ر�ؤي��ة م��زع��وم��ة م��ن ط��رف‬ ‫الطائفة ال��ك��ن��اوي��ة باملدينة ال��ت��ي ت�ستند على‬ ‫رواي��ات تاريخية غري دقيقة‪ ،‬مما �سبب كوارث‬ ‫نف�سية ومادية �أدتها الأ�سر املتعاقبة على الق�صر‪،‬‬ ‫وورود مثل هذه الهواج�س ي�أتي لإبراز التناق�ضات‬ ‫التي يحبل بها املجتمع‪ ،‬ففي الوقت الذي متوت‬ ‫فيه الأل��وف من �أجل حت�سني الو�ضع االجتماعي‬ ‫وال�سيا�سي واالقت�صادي للبلد‪ ،‬ينهمك �آخ��رون‬ ‫يف البحث ع��ن كنوز وهمية ال وج��ود لها �إال يف‬ ‫معتقداتهم الواهية‪.‬‬ ‫كنز اجل�سد‪ ،‬الذي ي�ؤرق ال�ساردة خا�صة و�أنها‬ ‫متهمة يف عر�ضها بكونها ت��رع��رع��ت يف دور‬ ‫الدعارة وتربت على يد و�سيطة‪ ،‬لذلك فهي ت�سعى‬ ‫للحفاظ على طهارة ج�سدها وعفتها‪ ،‬وق�ضت‬ ‫�أوقات ًا ع�صيبة ت�صارع الذات والآخر حفاظا على‬ ‫�شرفها املهدد يف جمتمع ذك��وري ال يرحم‪ ،‬و�إن‬ ‫كانت هذه املناعة تهاوت يف كثري من اللحظات‬ ‫�أمام غول احلب والرغبة القاهرتني‪.‬‬ ‫وب�ين ه��ذه التمف�صالت والأح�ل�ام واخليبات‪،‬‬ ‫تبقى رواي��ة (�أر����ض امل��دام��ع) حفرية ثانية من‬ ‫حفريات الدامون يف تاريخنا ال�شخ�صي املن�سي‪،‬‬ ‫وت��رم��ي��م��ا ل�����ش��روخ ذاك����رة �أف��زع��ت��ه��ا العوا�صف‬ ‫والهبات العنيفة‪.‬‬

‫غالف الكتاب‬

‫يتجاوز كتاب الفن الإ�سالمي والعمارة (‪-650‬‬ ‫‪ )1250‬مل�ؤلفيه ري��ت�����ش��ارد ات��ن��غ��ه��اوزن و�أول��ي��غ‬ ‫غرابار وماريلني جنكين�س‪ ،‬ومرتجمه عبد الودود‬ ‫العمراين‪ ،‬كونه جمرد �شغف ا�ست�شراقي بالفن‬ ‫الإ���س�لام��ي ‪-‬وه��و املنهج ال��ذي طبع كتبا كثرية‬ ‫وق��ع��ت يف �أ���س��ر فتنة ال��ف��ن الإ���س�لام��ي لفرتات‬ ‫طويلة‪� -‬إىل اعتباره واحد ًا من املراجع احلديثة‬ ‫للفن والعمارة الإ�سالمية لر�صانته العلمية وحفره‬ ‫العميق يف �أ���س�����س ال��ف��ن الإ���س�لام��ي ك��ج��زء من‬ ‫خمرجات احل�ضارة الإ�سالمية منذ بزوغ جنمها‬ ‫يف بدايات القرن ال�سابع امليالدي‪.‬‬ ‫كما يتعدى الكتاب الأن��ي��ق مبحتوياته الإب��ه��ار‬ ‫ال��ب�����ص��ري‪ ،‬ب��ا���ش��ت��م��ال��ه ع��ل��ى روائ������ع ال��ت��ح��ف‬ ‫الإ���س�لام��ي��ة‪ ،‬وال��رح��ل��ة ال�سياحية الب�صرية يف‬ ‫العمارة الإ�سالمية‪ ،‬بل وظف تلك التحف كدالالت‬ ‫علمية �ضمن �إطار ال�صنعة الإ�سالمية‪ ،‬وت�أثرها‬ ‫مبا عا�صرها وجاورها و�سبقها من فنون انفتحت‬ ‫عليها قريحة الفنان امل�سلم عرب �ستة قرون من‬ ‫الإبداع‪ ،‬وهو ما يربز درا�سة ومنهجية الكتاب‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪49‬‬


‫مراجعات‬ ‫و�إذا كان من ال�صعب التوقف عند مقوالت الكتاب‬ ‫الذي يقع يف ثالثمائة وخم�سني �صفحة من القطع‬ ‫الطويل و�ضمن ثمانية ف�صول وهوام�ش طويلة‪،‬‬ ‫ف�إنه ال ب�أ�س من املرور ال�سريع على بع�ض مفاتيح‬ ‫الكتاب الذي ال غنى لأي باحث ودار�س يف جمال‬ ‫الفن يف الع�صر الإ�سالمي الأول عن هذا الكتاب‪،‬‬ ‫�سواء من الناحية العلمية والأكادميية الرفيعة �أو‬ ‫من ناحية �أ�سلوب كتابته املب�سط الذي ال يحتاج‬ ‫�إىل معرفة م�سبقة مبو�ضوعه‪.‬‬ ‫بيد �أن اللغة املب�سطة للكتاب يقف خلفها مرتجم‬ ‫متمكن هو عبد الودود العمراين‪ ،‬بح�سب امل�ؤلفني‬ ‫الذين وجدوا �أنه «مل يكتف ب�إظهار قدرة نادرة يف‬ ‫معاجلة البنية املعقدة لن�ص علمي طويل وح�سب‪،‬‬ ‫بل تعامل ب�أريحية مع مفردات تقنية ال يوجد لها‬ ‫مقابل يف كثري من الأحيان باللغة العربية‪� ،‬أبعد‬ ‫من ذل��ك جل���أ العمراين يف معاينته للن�ص �إىل‬ ‫احلفر يف مفردات �أجنبية ورده��ا �إىل �أ�صولها‬ ‫العربية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا فيما يتعلق مع �أ�سماء لتقنيات‬ ‫فنية ا�ستخدمها الفنانون يف ع�صور غ��اب��رة‪،‬‬ ‫وكادت �أن تطم�س من قامو�س العربية‪.‬‬ ‫دواعي الن�شر‬ ‫ويحدد م�ؤلفو الكتاب دواعي ن�شره‪ ،‬فقد حظي‬ ‫الفن الإ���س�لام��ي يف العقود الأخ��ي�رة‪ ،‬باهتمام‬ ‫بدرا�سته متجاوز َا ما كان يعد اهتماما ح�صري ًا‬ ‫للم�ؤرخني والعارفني خا�صة يف الغرب‪ ،‬لي�شمل‬ ‫ت�شكيلة عري�ضة من القراء يف بلدان عديدة على‬ ‫�أن الزيادة الأهم يف القراء هي بني �أو�ساط الطلبة‬ ‫والعلماء وجامعي التحف الفنية‪.‬‬ ‫ويلحظ الكتاب �أن رغبة القراء يف التعرف على‬ ‫هذا الفن �إمنا هي ناجمة عن �إدراك متزايد منهم‬ ‫للإ�سهامات العظيمة التي قدمتها احل�ضارة‬ ‫الإ�سالمية للفن العاملي‪.‬‬ ‫ومن هذه الإ�سهامات احل�ضارية خمتلف طرائق‬ ‫الفن والت�شييد‪ ،‬وت�صنيع التحف الفنية وا�ستخدام‬ ‫التقنيات املزخرفة وهو ما يعرف بالفن الوظيفي‪،‬‬ ‫وع��ل��ى ه���ذا الأ���س��ا���س ف��ق��د ا�ستخدمت التحف‬ ‫املزخرفة من النا�س بكافة م�شاربهم من حكام‬ ‫منتمني �إىل �أ���ص��ول عرقية خمتلفة �إىل جتار‬ ‫و�أث��ري��اء و���ص��و ًال �إىل النا�س الب�سطاء‪ ،‬ورب��ات‬ ‫البيوت من الن�ساء ومن �أق��وام خمتلفة من غري‬ ‫امل�سلمني‪ ،‬م�سيجيني ويهود وزرد�شتيني ووثنيني‪.‬‬

‫‪ 50‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫فنون‬ ‫يف ال��ك��ت��اب ي��ب�ين امل���ؤل��ف��ون منهجيتهم التي‬ ‫تتبدى يف الف�صول الثمانية‪ ،‬والتي ترتكز على‬ ‫االن�صراف عن حتديد ودرا���س��ة تاريخية الفن‬ ‫عرب ال�سالالت احلاكمة للأقاليم الإ�سالمية‪،‬‬ ‫�إىل اعتماد منهج يقوم على ن�سبة هذا الفن �إىل‬ ‫�أقاليم حمددة وهي الأقاليم الإ�سالمية الو�سطى‪،‬‬ ‫والغربية‪ ،‬وال�شرقية‪� ،‬إ�ضافة �إىل درا�سة خا�صة‬ ‫بالفن الإ�سالمي وغري امل�سلمني‪.‬‬ ‫ي�سبق احلديث عن كل �إقليم بتمهيد تاريخي‬ ‫يدر�س ويتابع ويعر�ض للفن و�إرها�صاته وت�شكله‪،‬‬ ‫وم��ن ب�ين كتب قليلة ي��ذه��ب امل���ؤل��ف بعيدا �إىل‬ ‫�إره��ا���ص��ات وب��داي��ات الفن ال��ذي ن�ش�أ و�أزه���رت‬ ‫�إبداعاته يف ف�ترة ق�صرية ن�سبي ًا‪ ،‬ويف حتديده‬ ‫ملفهوم الفن الإ���س�لام��ي باعتباره �أح��د مفاتيح‬ ‫منهج ال��ت���أل��ي��ف ي��رى وا���ض��ع��و ال��ك��ت��اب �أن الفن‬ ‫الإ�سالمي ي�شري �إىل كل املن�ش�آت و�آث��ار الثقافة‬ ‫املادية التي �أن�ش�أها امل�سلمون �أو �أنتجت للنا�س‬ ‫الذين عا�شوا يف ظل حكام م�سلمني‪� ،‬أو يف كيانات‬ ‫اجتماعية وثقافية ت���أث��رت بقوة‬ ‫ب�أمناط احلياة والفكر‬ ‫التي متيز الإ�سالم‪.‬‬ ‫قرون من الفتنة‬ ‫يلحظ الكتاب ال�سرعة الهائلة‬ ‫التي انت�شر فيها الإ�سالم و�أث��ر ذلك‬ ‫على الفن‪ ،‬ففي عام ‪ 622‬ميالدي هاجر‬ ‫النبي �صلى اهلل عليه و�سلم �إىل املدينة‬ ‫ويف العام ‪ 750‬ميالدي كانت اجليو�ش الإ�سالمية‬ ‫قد اخرتقت جنوب فرن�سا‪ ،‬ويف الأثناء ت�أ�س�ست‬ ‫مدن جديدة يف �شمال �أفريقيا‪ ،‬كما �شيدت قبة‬ ‫ال�صخرة يف القد�س‪.‬‬ ‫ويف خال�صة ف���إن الفن الإ�سالمي مل يتطور‬ ‫تدريجيا عند التقاء الدولة والعقيدة اجلديدتني‪،‬‬ ‫ب�أية تقاليد قدمية توا�صلت يف املناطق التي امتد‬ ‫�إليها النفوذ بل يكاد يكون بروز الفن الإ�سالمي‬ ‫فجائيا مثل عقيدته ودولته‪.‬‬ ‫ويف قراءته للمناخ الفني لدى ظهور الإ�سالم‬ ‫يعرج الكتاب على املعمار قبل ظهور الإ���س�لام‬ ‫والف�ضاءات التي حكمت بنيته‪ ،‬م�شري ًا �إىل الكعبة‬ ‫ال�شريفة‪ ،‬وبيت النبي �صلى اهلل عليه و�سلم والذي‬ ‫يت�ألف من باحة مربعة ب�سيطة وع��دد قليل من‬ ‫ال��غ��رف على اجل��ان��ب ورواق م��ن ج���ذوع النخل‬

‫مغطى ب�سعف‪ ،‬ويحوي الكتاب م�سقطا للبيت‪.‬‬ ‫يتابع الكتاب قراءته يف ف�صل ثان‪ ،‬للفنون يف‬ ‫الأقاليم الإ�سالمية الو�سطى والتي يقع �ضمنها‬ ‫قبة ال�صخرة امل�شرفة‪ ،‬التي تعد �أق��دم من�ش�أة‬ ‫معمارية �إ�سالمية مازالت قائمة حتى ال�ساعة‪،‬‬ ‫وكان قد اكتمل بنا�ؤها العام ‪ 71‬هجري املوافق‬ ‫لـ‪ 691‬م��ي�لادي‪ ،‬كما يقع �ضمن ه��ذا الإقليم‬ ‫اجلامع الأم��وي يف دم�شق والعديد من الأماكن‬ ‫املعمارية الأخرى‪.‬‬ ‫بخال�صة ف�إن كتاب الفن الإ�سالمي ال�صادر عن‬ ‫هيئة �أبو ظبي لل�سياحة والثقافة وهو اجلزء الأول‬ ‫�ضمن م�شروعها يف التعريف بالفن الإ�سالمي‬ ‫ميثل يف لوحاته وعرو�ضه ومتهيداته التاريخية‬ ‫���س��ي��اح��ة حقيقية يف ق���رون الإب�����داع وال��ع��م��ارة‬ ‫الإ�سالمية تنقل مت�صفح الكتاب �إىل قرون من‬ ‫الده�شة والفتنة‪.‬‬

‫فن الرسم على الرصيف باألبعاد الثالثية‬ ‫يف عام ‪ 1970‬ظهرت �أول م�سابقة للر�سم يف‬ ‫ال يكف الفنانون من الإبداع بها‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫ال�شوارع وكان الهدف من امل�سابقة لت�سجيل ون�شر‬ ‫�أنه لي�ست جميع �أنواع الفن تقدر �إال �أن هذا النوع‬ ‫�أعمال (الذين يعتقد �أن) املمار�سني الأخريين‬ ‫من الفنون هو حالة ا�ستثنائية �إذ �أنه با�ستخدام‬ ‫م��ن ه��ذا ال�شكل الفني الغري تقليدي‪ .‬وك��ان‬ ‫قطع من الطبا�شري بالإمكان �أن ترى �أجمل لوحة‬ ‫ً‬ ‫وهمية على الإطالق‪.‬‬ ‫الر�سامني بالفعل يف �سن الـ ‪ 90‬عاما‪ ،‬لذلك الر�سم يف‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ش‬ ‫�‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ع�ل�ى‬ ‫و تكرث هذه القطع الفنية الرائعة على العديد‬ ‫ك��ان هناك اهتمام �شديد باالحتفاظ �ضمن �أ�شهر الفنون يف �أ الر�صيف من‬ ‫مري‬ ‫ب�أعمالهم ويف ع��ام ‪ 1983‬ظهر‬ ‫من الأر�صفة وال�شوارع يف جميع �أنحاء العامل‪.‬‬ ‫ال �ر� �س �م ع�ل�ى ال �� �ش��ارع �أو كا و�أورب��ا يتم‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ر‬ ‫ب��ع�����ض الأ����ش���خ���ا����ص ال��ذي��ن‬ ‫وهو بالأ�سا�س فن ب�صري ن�ش�أ وتطور يف �أطر‬ ‫ميكن �إزالتها ب�سهولة و ��ص�ي�ف مب �واد‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ع�شقوا هذا الفن‪ .‬و�سرعان‬ ‫ح�ضرية‪� ،‬أي الطرقات وال�ساحات العامة‪ .‬فكان‬ ‫يف �إيطاليا يف القرن ال� ب�د�أ هذا الفن‬ ‫سا‬ ‫د‬ ‫�‬ ‫ما الق��ى رواج�� ًا كبري ًا يف جل‬ ‫عفوي ًا ومل ميول من طرف احلكومات‪ .‬وقد حتدى‬ ‫ي���س�ت�خ�دم ل �ت �زي�ين ال� ��� � س ع�شر‪ ،‬وكان‬ ‫ش‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫وار‬ ‫العوا�صم بعد �أن ق��ام الفنان‬ ‫الفنانون ال�صورة النمطية للفن عرب �إخراجه‬ ‫واجلدران يف املهرجانات ع والأر� �ص �ف �ة‬ ‫والأ‬ ‫الأم��ري��ك��ي ك�ي�رت وي�ن�ر ب���إدخ��ال‬ ‫من ال�سياقات الفنية القدمية‪ .‬وال يطمح ر�سامو‬ ‫عياد الدينية‪.‬‬ ‫تقنية الر�سومات ثالثية الأبعاد على‬ ‫الطريق �إىل تغيري مفهوم العمل الفني و�إمنا �إىل‬ ‫هذا الفن ليمنحه بذلك بعد ًا جديد ًا‪.‬‬ ‫�إث��ارة �أ�سئلة عن الواقع الراهن وب�شكل تعبريي‬ ‫ال��ر���س��م ث�لاث��ي الأب���ع���اد يف ال�����ش��وارع هو‬ ‫جمدد عرب طرح موا�ضيع اجتماعية راهنة بطرق‬ ‫ف��ن يقوم على اخل��دع الب�صرية‪ .‬يتخذ الفنان اجلدران‪.‬‬ ‫وقيم جمالية خمتلفة‪.‬‬ ‫من �شارع �أو ف�ضاء عام م�سطح بالكامل مكان ًا وق���د ينظر ق��ل��ة �إىل ال��ر���س��م ع��ل��ى ال��ط��رق��ات و�سرعان م��ا حت��ول �إىل ثقافة �شعبية عاملية‪،‬‬ ‫لر�سمه‪ ،‬ثم يحدد زاوي��ة ر�ؤي��ة معينة‪ ،‬وعلى هذا الرئي�سة وال�ساحات العامة على �أنه عمل تخريبي يزداد امل�شاركون فيه كل يوم من خمتلف املدن‪.‬‬ ‫النحو ميكن �أن يوهم امل�شاهدين �أن ما يرونه وخم��ل باملنظر ال��ع��ام للمدينة‪ ،‬يف ح�ين يعتربه ي�شاركون يف ور���ش��ات الر�سم على الطريق يف‬ ‫لي�س �شارع ًا م�سطح ًا و�إمنا بناية �أو نهر �أو حفرة �أغ���ل���ب امل��ت��اب��ع�ين ل��وح��ات‬ ‫�أو �أي �شيء �آخ���ر‪ .‬فهو يهيئ للناظر م��ن بعيد فنية رائعة ومعربة تنم عن‬ ‫�أ�شياء لي�ست حقيقة‪ ،‬مثل وجود �أ�شخا�ص �آخرين �إبداع وخيال وا�سع وجمدد‪،‬‬ ‫ال وجود لهم‪� ،‬أو وجود حفرة عميقة �أو �شالالت ي�شد امل��ارة وي�سحر الأعني‪.‬‬ ‫مياه و�أ�شياء �أخرى‪ ،‬تده�ش وت�سحر‪ .‬وحني تقرتب ف��ال��ف��ن والإب�����داع مي��ك��ن �أن‬ ‫منها‪ ،‬تذهلك حقيقة اخل��دع الب�صرية ب���أدوات يولدا يف �أي مكان وزم��ان‪.‬‬ ‫ب�سيطة كالطبا�شري امللون على الأر�ض‪ .‬كما يقوم وه��و يف ال��واق��ع ف��ن ظاهره‬ ‫الر�سام املبدع ب�ضبط و�ضعية الر�سومات مع زاوية ت�سلية وتعبري وباطنه مواقف‬ ‫الت�صوير لتكون النتيجة جمموعة من الأعمال تتداعى بني القبول بالواقع‬ ‫ورف�����ض��ه‪ .‬وم��ه��م��ا ي��ك��ن من‬ ‫�شديدة الواقعية‪.‬‬ ‫ويف هذا ال�صدد يقول عامل االجتماع الفرن�سي �أم��ر‪ ،‬فالر�سم على الطريق‬ ‫ه�نري ليفيفر يف كتابه (ال��ث��ورة احل�ضارية‪� ،‬أ���ص��ب��ح حقيقة وان��ت�����ش��ر يف‬ ‫‪� )1970‬أ�صبح املجتمع ح�ضري ًا بالكامل‪ ،‬و�أ�صبح كثري من املدن العاملية الكربى ليغري من �شكلها نيويورك ولندن وبرلني وطوكيو وريو دي جانريو‬ ‫ال�شارع مكان ًا للعب والتعلم‪ .‬ال�شارع فو�ضى‪ ،‬ويجلب االن��ت��ب��اه‪ .‬وع���ادة م��ا يتجمع امل���ارة حول وغ�يره��ا‪ .‬كما ظ��ه��رت جم�لات متخ�ص�صة يف‬ ‫فو�ضى ن�شيطة‪� .‬شارع يخرب وي�سحر‪ .‬والف�ضاء الر�سام فيده�شون خلفة يده ودقة لوحاته التي عر�ض �إنتاجات فن الر�سم على الطرقات ودور‬ ‫احل�ضري لل�شارع �أ�صبح مكان ًا للحديث وتبادل حتمل ر�سالة وم�ضمون ًا‪ .‬فهي �شكل من �أ�شكال عر�ض للتعريف بالر�سامني و�أعمالهم‪ .‬واهتمت‬ ‫����د الحتكار بع�ض ال�شركات التجارية ال��ك�برى ب��ه��ذا الفن‬ ‫الكلمات والعالمات والأ�شياء‪ .‬مكان ي�صبح فيه التعبري وامل��ق��اوم��ة وال��ط��م��وح‪ ,‬وحت ٍ ّ‬ ‫الكالم كتابة‪ ،‬مكان ميكن �أن يتحول فيه الكالم ال�شركات الكربى للف�ضاء العمومي من خالل و�سعت �إىل ا�ستقطاب ال�شباب واجلمهور املولعني‬ ‫�إىل فعل همجي‪ .‬وهذا (الكالم)‪ ،‬بتحديه للقواعد الإعالنات التجارية م�سبقة الدفع‪.‬‬ ‫بالر�سم والت�صميم‪.‬‬ ‫وامل���ؤ���س�����س��ات‪ ،‬ق��د ح�شر نف�سه يف ال��ط��رق��ات �أو وتعترب �أوهام الب�صر نوع من �أنواع الت�سلية التي وت��خ��ت��ل��ف ال���دواف���ع والأه������داف ال��ت��ي حركت‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪51‬‬


‫فنون‬

‫الفنانني على الر�سم على الطرقات باختالف‬ ‫�أهدافهم وتوجهاتهم‪ .‬فقد يكون هذا ال�شكل من‬ ‫الر�سم و�سيلة فعالة عند البع�ض للو�صول �إىل‬ ‫املجتمع بهدف حت�سي�س �أفراده مب�سائل اجتماعية‬ ‫�أو �سيا�سية معينة‪ .‬ونال عديد الر�سامني اهتمام ًا‬ ‫عاملي ًا بف�ضل �أعمالهم التي عر�ضوها يف �شوارع‬ ‫مب��دن رئي�سة �أخ���رى‪ .‬وه��م الآن ج��زء مهم من‬ ‫الف�ضاء الأو�سع للفن املعا�صر والثقافة املرئية‪.‬‬ ‫فهذا ال�صنف من الفن ي�ؤلف ومي��رر مفردات‬ ‫ب�صرية وجمموعة م��ن ال�سجالت الأ�سلوبية‪،‬‬ ‫التي �أ�صبحت متداولة عرب الثقافة اجلماهريية‬ ‫ال��وا���س��ع��ة‪ .‬كما �أث��ب��ت ف��ن الر�سم على الطريق‬ ‫�أن الف�ضاء احل�ضري ال ميكن �أن يكون ف�ضاء‬ ‫حمايد ًا‪ ,‬فقد �أ�صبحت الر�سومات املعرو�ضة �أمام‬ ‫اجلميع تناق�ش وتلهم وتثري الر�سام واملتقبل على‬ ‫حد �سواء‪.‬‬ ‫‪ 52‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫فنون‬

‫ومن �أ�شهر ر�سامي ال�شوارع يف العامل نذكر كل‬ ‫من جوليان بيفري‪ ،‬الذي يعترب �أحد �أ�شهر فناين‬ ‫ر�سم ال�شوارع على الإطالق بف�ضل حتكمه املذهل‬ ‫يف منظور الر�سومات واللوحات‪ ،‬والتي تبدو كما لو‬ ‫كانت �أ�شكا ًال حقيقية جم�سمة باحرتاف‪ .‬وير�سم‬ ‫جوليان بيفري لوحاته ب�شوارع مدن عاملية كربى‬ ‫مثل لندن ونيويورك وباري�س وبرلني‪� .‬إ�ضافة �إىل‬ ‫�إدجار مويالر الذي ال يقل �شهرة هو الآخر‪ .‬ولكنه‬ ‫على عك�س جوليان‪ ،‬يتخ�ص�ص يف الر�سومات التي‬ ‫متتد على م�ساحات �شا�سعة‪ ،‬لدرجة �أن��ه يقوم‬ ‫�أحيان ًا بتزيني �شارع ب�أكمله‪ .‬والفنانة تراي�سي‬ ‫يل التي اكت�سبت هي الأخ��رى �شهرة وا�سعة يف‬ ‫ه��ذا امل��ج��ال‪ ،‬ولها ر�سومات �شهرية لزعماء يف‬ ‫العامل‪ .‬كما الميكن يف هذا ال�صدد امل��رور دون‬ ‫التطرق اىل الر�سام �إيريك ج��روه ال��ذي يتميز‬ ‫ع��ن الفنانني ال�سابقني بر�سمه خل��دع ب�صرية‬

‫مده�شة على اجلدران بد ًال من �أر�ضيات ال�شوارع‪،‬‬ ‫وحيث جتربك يف احلال درجة واقعيتها على ت�أمل‬ ‫ال�صورة م��رار ًا وتكرار ًا حتى تتيقن �أنها جمرد‬ ‫ر�سم‪.‬‬ ‫وتكمن ق��وة الأف��ك��ار املج�سدة ل��ه��ذا ال��ف��ن يف‬ ‫خديعة الإيهام بال�سقوط يف حفرة �أو منحدر �أو‬ ‫بركة ماء‪ ،‬حيث ير�سم الفنان عمله ثالثي الأبعاد‬ ‫على ال�شارع با�ستخدام الطبا�شري فتبدو واقعية‬ ‫ب�شكل مده�ش‪ ،‬بحيث يخيل للناظر بوجود هوة‬ ‫فيه متتد �إىل باطن الأر�ض‪.‬‬ ‫�إن الإبداع ين�أى بالفرد عن التقليد �أو التكرار‪،‬‬ ‫بل �إن املبدع هو ال�شخ�ص الذي يكون بال�ضرورة‬ ‫الن�سخة امل��ج��ددة وال��ف��ري��دة‪ .‬وال يتم ذل��ك �إال‬ ‫بالتجديد امل�ستمر للنف�س والفكر والطموحات‪،‬‬ ‫وهو ما يدفعه لتفجري طاقته الإبداع ّية الكامنة‬ ‫بداخله وتوظيفها يف خدمة الأه��داف‪ ،‬فكل فرد‬

‫هو مبدع يف ذاته �شرط الطموح للأعلى والتحلي‬ ‫به ّمة عالية ونف�س جديد‪.‬‬ ‫ولد جوليان بيفيري يف �شولتهامي باململكة املتحدة‬ ‫ع��ام ‪ 1959‬وت��رع��رع يف ميلتون‪ .‬در���س الفن يف‬ ‫جامعة ليدز بني �سنتي ‪ .1983-1979‬بد�أ الر�سم‬ ‫بالطبا�شري يف �أوا�سط ت�سعينيات القرن الع�شرين‪.‬‬ ‫وق��د امتهن الر�سم يف ع��دة دول منها �أمريكا‬ ‫و�أ�سرتاليا و�أورب��ا‪ .‬ويف �سنة ‪� 2007‬أجنز �سل�سلة‬ ‫تلفزيونية من ع�شرة �أجزاء‪ .‬ويف ‪ 2011‬كتب كتاب ًا‬ ‫ا�سماه (فنان الر�صيف بالطبا�شري)‪ .‬وكان كلما‬ ‫ر�أى �شيئ ًا �أعجبه ر�سمه يف ال�شارع ب�إتقان حماو ًال‬ ‫�إثارة انتباه املارة و�إعجابهم مع ًا‪ .‬يقول يف موقعه‬ ‫على االنرتنيت‪ .‬عن بداياته يف الر�سم الثالثي‬ ‫الأبعاد على الر�صيف‪« :‬بد�أت الر�سم عندما كنت‬ ‫يف �شارع للم�شاة يف بروك�سل حيث �أزيلت حديقته‬ ‫القدمية‪ .‬وترك ذلك قطعة م�ستطيلة على بالط‬ ‫الر�صيف �أعطاين ذلك فكرة لتحويله �إىل بركة‬

‫�سباحة»‪.‬‬ ‫ال��ب��ع�����ض ي��ط��ل��ق ع��ل��ي��ه ا���س��م‬ ‫(بيكا�سو الر�صيف) وه��و الآن‬ ‫مطلوب من ال�شركات التجارية‬ ‫الكربى حيث عمل يف ‪ 28‬دولة‬ ‫خمتلفة وهو ال يزال يجد الوقت‬ ‫الكايف لإجناز ر�سوماته �إر�ضا ًء‬ ‫لنف�سه وحتقيق ًا مل�صالح تلك ال�شركات‪.‬‬ ‫كل ر�سم ير�سمه ينبغي النظر �إليه من نقطة‬ ‫معينة و�إذا ِح��دت عنها يعر�ضها ذل��ك للت�شويه‬ ‫فتفقد معناها وجماليتها وبالتايل ي�صعب التعرف‬ ‫عليها‪ ،‬مبعنى يجب النظر �إىل ر�سوماته من وجهة‬ ‫حمددة لرتاها ب�أبعادها الثالثية‪ .‬وهو بهذا حتدى‬ ‫قوانني املنظور‪.‬‬

‫بقي �أن ن�شري �إىل �أن جوليان بيفيري ير�سم �أي�ض ًا‬ ‫ب��الأل��وان الزيتية على اجل��دران واحل��وائ��ط وهو‬ ‫يف ذلك فنان مبدع ومتميز غري �أن حبه للر�سم‬ ‫الثالثي الأب��ع��اد على الر�صيف طغى على بقية‬ ‫مواهبه‪.‬‬ ‫ميكنكم زيارة الرابط‪:‬‬

‫‪http://www.youtube.com/watch?v=wi3yJ6KH9qI‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪53‬‬


‫معالم وحضارات‬

‫معالم وحضارات‬

‫قصر الحمراء مكان يتوقف فيه الزمن‬ ‫حينما ي�صل الزائر �إىل الأثر التاريخي املعروف ق�صر احلمراء‪ ،‬ي�شعر وك�أنه يدخل �إىل عامل �آخر‪،‬‬ ‫�إىل مكان توقف فيه الزمن عند ‪� 500‬سنة م�ضت‪ .‬يقول �أهل غرناطة‪� ،‬إن ق�صر احلمراء له �سحر‬ ‫معني‪ ،‬وك�أن �ساحرة قد �ألقت عليه تعويذة جتعل ال�سائح يعود �إليه مرة ثانية وثالثة ورابعة‪.‬‬ ‫لقد راود هذا الإح�سا�س ‪ 2.31‬مليون �شخ�ص �سنة ‪ ،2011‬وهو حتديد ًا عدد من زاروا ذلك الأثر‬ ‫الذي يعترب �أ�شهر �أثر �إ�سباين يف العامل‪ ،‬وهذا الرقم ميثل زيادة قدرها ‪ 6.74‬يف املائة عن عدد‬ ‫ال�سياح يف العام ال�سابق‪.‬‬

‫ق�صر احلمراء جزء من معامل مدينة غرناطة‬ ‫الأثرية الواقعة على بعد ‪ 267‬مي ًال جنوب مدينة‬ ‫مدريد‪ ،‬فبعد �أن ا�ستوطن بنو الأحمر بغرناطة‬ ‫�أخذوا يبحثون عن مكان منا�سب يوفر لهم القوة‬ ‫واملنعة فا�ستقر بهم املطاف عند موقع احلمراء‬ ‫يف ال�شمال ال�شرقي من غرناطة‪ .‬ويف هذا املكان‬ ‫املرتفع و�ضع �أ�سا�س ح�صنهم اجلديد (ق�صبة‬ ‫احلمراء)‪ ،‬واتخذ بنو الأحمر من هذا الق�صر‬ ‫مركز ًا مللكهم‪ ،‬و�أن�����ش���ؤوا فيه ع��دد ًا من الأب��راج‬ ‫املنيعة‪ ،‬و�أقاموا �سور ًا �ضخم ًا ميتد حتى م�ستوى‬ ‫اله�ضبة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويعد ق�صر احلمراء واح��دا من �أروع الق�صور‬ ‫يف تاريخ العمارة الإ�سالمية‪ ،‬ومن �أعظم الآثار‬ ‫الأندل�سية الباقية حتى اليوم مبا حواه من بدائع‬ ‫ال�صنع والفن‪ ،‬وق��د زيّ��ن �صناع غرناطة املهرة‬ ‫الق�صر ب�أبدع مناذج ال ت�ستطيع الب�شرية الإتيان‬ ‫مبثله‪.‬‬ ‫ومن املرجح �أن �سبب ت�سمية احلمراء هو لون‬ ‫حجارتها ال�ضارب للحمرة‪ .‬واحل��م��راء عبارة‬

‫‪ 54‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫ع��ن جمموعة �أب��ن��ي��ة حم��اط��ة ب���أ���س��وار تقع على‬ ‫ربوة عالية ت�سمى ال�سبيكة يف اجلانب ال�شمايل‬ ‫ال�شرقي من مدينة غرناطة‪ .‬وهذه الأبنية على‬ ‫ثالثة �أق�سام‪ :‬الق�سم الع�سكري ويقع �شمال �شرقي‬ ‫الق�صر وهو عبارة عن قلعة حتر�س احلمراء ولها‬ ‫برجان عظيمان‪ ،‬ثم الق�صر امللكي يف الو�سط ثم‬ ‫احلمراء العليا املخ�ص�صة للخدم‪.‬‬ ‫يتحدث الق�صر عن مملكة غرناطة وملوكها‬ ‫وح�ضارتها و�آثارها وجهادها دفاع ًا عن ا�ستقاللها‬ ‫حينما غدت �آخر معاقل العرب وامل�سلمني يف �شبه‬ ‫جزيرة �إيربية‪ .‬وبعد �أن ت�ل�ألأت ح�ضارتها نحو‬ ‫مئتي �سنة‪ ،‬انطف�أت م�شاعلها وظهرت مبانيها‬ ‫دون حياة‪.‬‬ ‫مل يكن ق�صر احلمراء �سوى ج��زء من مدينة‬ ‫احلمراء �أو (ق�صبة احلمراء) التي ت�شمل ق�صر‬ ‫احلاكم والقلعة التي حتميه‪ .‬وكانت مباين دور‬ ‫ال���وزراء واحلا�شية تنمو م��ع ال��وق��ت حتى غدت‬ ‫قاعدة ملكية ح�صينة‪.‬‬ ‫يرجع بناء احلمراء �إىل القرن الرابع الهجري‪/‬‬ ‫العا�شر امليالدي‪ .‬وكانت‬ ‫ه��ن��اك (قلعة احل��م��راء)‬ ‫فوق اله�ضبة الواقعة على‬ ‫�ضفة نهر حدره الي�سرى‪.‬‬ ‫وعندما توىل زعيم الرببر‬ ‫بادي�س ب��ن حبو�س حكم‬ ‫غرناطة‪ ،‬بعد ظهور دول‬ ‫الطوائف يف بداية القرن‬ ‫اخلام�س الهجري‪� ،‬أن�ش�أ‬ ‫�سور ًا منيع ًا حول اله�ضبة‬ ‫التي قامت عليها (قلعة‬ ‫احل���م���راء)‪ ،‬وب��ن��ى داخ��ل‬

‫ه��ذا ال�سور ق�صر ًا �أو مركز حكومته‪ ،‬و�سميت‬ ‫القلعة (الق�صبة احلمراء)‪ ،‬و�صار ق�صر احلمراء‬ ‫جزء ًا منها‪ ،‬وغدت معقل غرناطة الهام‪.‬‬ ‫وات��خ��ذ حممد ب��ن الأح��م��ر الن�صري مركزه‬ ‫يف الق�صبة ع��ام ‪635‬هـ‪1238/‬م و�أن�ش�أ داخل‬ ‫�أ�سوارها ق�صره احل�صني واتخذه قاعدة مللكه‪.‬‬ ‫وجلب �إليه املاء من نهر حد ّره‪ .‬و�أن�ش�أ حوله عدة‬ ‫�أبراج منيعة منها‪:‬‬ ‫ـ ال�برج الكبري (ب��رج احلرا�سة)‪ .‬وبنى حوله‬ ‫�سور ًا �ضخم ًا ميتد حتى م�ستوى اله�ضبة‪ .‬وبنى‬ ‫م�سكنه اخل��ا���ص يف جهة اجل��ن��وب الغربي من‬ ‫احل�صن (يف املكان نف�سه الذي ُّ�شيد عليه ق�صر‬ ‫و�سميت الق�صبة اجلديدة‬ ‫الإمرباطور �شارلكان)‪ُ .‬‬ ‫با�سم (احل��م��راء) تخليد ًا ال�سمها القدمي من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫ويف �أواخر القرن ال�سابع الهجري‪� ،‬أن�ش�أ حممد‬ ‫بن حممد بن الأحمر الغالب باهلل ‪ -‬ثاين �سالطني‬ ‫غ��رن��اط��ة ‪ -‬م��ب��اين احل�صن اجل��دي��د والق�صر‬ ‫امللكي‪.‬‬ ‫ثم �أن�ش�أ ولده حممد يف جوار الق�صر م�سجداً‬ ‫قامت حم ّله فيما بعد كني�سة �سانتاماريا‪.‬‬ ‫ثم جاء ال�سلطان �أبو الوليد �إ�سماعيل فزاد يف‬ ‫الق�صر واهتم بجماله‪ .‬وتدين احلمراء بفخامتها‬ ‫وجمالها املعماري والفني �إىل ول��ده ال�سلطان‬ ‫يو�سف �أبي احلجاج الذي كان ملك ًا �شاعر ًا وفنان ًا‬ ‫موهوب ًا‪ .‬بنى معظم الأجنحة والأب��ه��اء امللكية‪،‬‬ ‫و�أغ��دق عليها من روائ��ع الفن والزخارف‪ ،‬وبنى‬ ‫باب ال�شريعة املدخل الرئي�سي حالي ًا للحمراء‪.‬‬ ‫تقع مدينة (احلمراء) فوق ه�ضبة مرتفعة يبلغ‬ ‫طولها بني ‪736‬م و‪740‬م وعر�ضها نحو ‪200‬م‬ ‫يحيط بها �سور �ضخم بقيت منه �أج��زاء كبرية‪،‬‬ ‫ولل�سور �أب��راج و�أب��واب عدة م��ازال معظمها حتى‬ ‫ّ‬ ‫اليوم‪ .‬ومن �أهم الأبراج الباقية‪:‬‬ ‫ـ برج ُقمار�ش ‪ Torre de Comares‬فوق قاعة‬ ‫ال�سفراء‪.‬‬ ‫ـ برج املتزين ‪.Torre de Peinador‬‬ ‫ـ برج العقائل ‪.Torre de Las Damas‬‬ ‫ـ برج الآكام ‪.Torre de los Picos‬‬ ‫ـ برج الأ�سرية ‪.Torre de La Cautiva‬‬ ‫ـ برج الأمريات ‪.Torre de Las Infantas‬‬ ‫واجلدير بالذكر �أن هذه الأبراج تقع يف �شمال‬

‫اله�ضبة‪ ،‬وت��ط�� ّل على مدينة غرناطة اجلميلة‬ ‫وامل���رج‪ .‬وهناك ب��رج امل��اء ‪Torre del Agua‬‬ ‫يف الطرف ال�شرقي من اله�ضبة‪ ،‬وبرج الر�ؤو�س‬ ‫‪ Torre de Las Cabezas‬يف جنوب اله�ضبة‪.‬‬ ‫و�أهم الأبواب الباقية هي‪:‬‬ ‫ـ باب الغدور ‪.Puerta de Las Pozas‬‬ ‫ـ ب���اب ال��طّ��ب��اق ال�سبع ‪Puerta de Siete‬‬ ‫‪ Suelos‬وهناك برج بهذا اال�سم‪ .‬وقيل �أن �أبا‬ ‫عبد اهلل ال�صغري ا�ستقبل الأ�سبان يوم الت�سليم يف‬ ‫هذا املكان‪ .‬وهناك �أي�ض ًا‪:‬‬ ‫ـ باب ال�شريعة املدخل الرئي�سي حالي ًا للحمراء‪.‬‬ ‫ال�سالح ‪ Puerta de Las Armas‬يف‬ ‫ـ باب ّ‬ ‫�شمال الق�صبة قرب برج احلرا�سة‪.‬‬ ‫ـ باب ال�شراب داخل الأ�سوار‪.‬‬ ‫ويف ال��ط��رف ال��غ��رب��ي م��ن اله�ضبة ت��ق��ع بعد‬ ‫الق�صبة قلعة ق��دمي��ة ا�سمها ح�صن الأب���راج‬ ‫احلمراء ‪.Castillo de Torres Bermejas‬‬ ‫يتميز موقع ه�ضبة احلمراء بجمال الطبيعة‪.‬‬ ‫وي��ط�� ّل م��ن جهة ال�شمال وال��غ��رب على مدينة‬ ‫غرناطة وبرجها البديع‪ .‬كما ي�شرف من جهة‬ ‫ال�شرق واجلنوب على �آكام (جبال �سيريا نيفادا‬ ‫‪ )Sierra Nevada‬املعروفة عند العرب با�سم‬ ‫جبل �شُ ي ّلر �أو (جبل الثلج)‪ .‬وهي قريبة �إىل �أحياء‬ ‫املدينة يف اجلهة ال�شمالية الغربية‪ .‬وت�شرف على‬ ‫جمرى نهر حد ّرة وعلى حي الب ّيازين (البائ�سني)‪.‬‬ ‫يجتاز ال��زائ��ر ق�صر احل��م��راء من مدخل يقع‬ ‫مقابل ق�صر الإم�براط��ور �شارلكان‪ .‬وتبدو على‬ ‫ميني وي�سار هذا املدخل �أبهاء عدة عالية ي�شغلها‬ ‫(متحف احلمراء)‪ .‬وتق�سم مباين ق�صر احلمراء‬ ‫�إىل جناحني كبريين هما‪:‬‬ ‫ـ جناح قمار�ش‪ :‬ي�ضم قاعة ال�سفراء‪ .‬وبرج‬ ‫قمار�ش الذي يعلوه‪.‬‬ ‫ـ جناح الأُ�سود‪ :‬يتو�سطه فناء الأ�سود‪.‬‬ ‫فناء الريحان الكبري‪ :‬تتقدمه �ساحة الربكة‬ ‫‪� Patio de Alberca‬أو (فناء الريحان) الكبري‬ ‫امل�ستطيل ال�شكل‪ ،‬تتو�سطه بركة املياه وتظللها‬ ‫�أ�شجار الريحان اجلميلة‪.‬‬ ‫ونق�شت يف زوايا فناء الريحان عبارة «الن�صر‬ ‫والتمكني والفتح املبني ملوالنا �أبي عبد اهلل �أمري‬ ‫امل�ؤمنني ‪ »...‬والآية الكرمية )وما الن�صر �إال من‬ ‫عند اهلل العزيز احلكيم(‪.‬‬ ‫ويف النهاية اجلنوبية لهذا البهو ب��اب عربي‬ ‫�ضخم‪ ،‬ه��دم��ت امل��ب��اين ال��ت��ي ك��ان��ت وراءه‪ ،‬ومل‬ ‫يبق منها �سوى �أط�لال‪ .‬وتوجد يف هذه الأطالل‬ ‫بع�ض النقو�ش مثل «ال غالب �إال اهلل» «ع ّز ملوالنا‬

‫بد�أ ال�سلطان �أبو الوليد �إ�سماعيل �إن�شاء ق�صر‬ ‫قمار�ش يف بداية القرن الثامن الهجري‪ .‬ثم �أكمله‬ ‫من بعده ولده يو�سف �أبو احلجاج الذي �أن�ش�أ برج‬ ‫قمار�ش وبهوه‪ .‬كما �أن�ش�أ جناح احلمامات ال�سفلي‬ ‫القريب منه‪ .‬ثم �أن�ش�أ ولده حممد الغني باهلل بهو‬ ‫الربكة‪ .‬و�أن�ش�أ ق�صر ال�سباع‪ .‬وتعد زخارف قبته‬ ‫�أجمل ما يف بهو قمار�ش‪.‬‬

‫ال�سلطان �أبي عبد اهلل الغني باهلل» ورمبا كانت‬ ‫هذه الأط�لال بقية اجلناح اخلا�ص الذي هدمه‬ ‫�شارلكان ليقيم مبنى ق�صره يف جوار احلمراء‪.‬‬ ‫وي����ؤدي ب��اب فناء الريحان ال�شمايل �إىل بهو‬ ‫�صغري ا�سمه «بهو الربكة»‪.‬‬ ‫ب��ه��و ال�����س��ف��راء‪ :‬ي�����ؤدي ال��ب��ه��و ال���ذي ي��ل��ي فناء‬ ‫الريحان من اجلهة ال�شمالية �إىل بهو ال�سفراء‬ ‫�أو بهو قمار�ش الذي يعد �أ�ضخم �أبهاء احلمراء‬ ‫ال�سرو‬ ‫فناء ّ‬ ‫�سع ًة‪� ،‬أ�ضف �إىل ذلك ارتفاع قبته ‪23‬م‪ .‬ولهذا‬ ‫ي����ؤدي بهو ال�برك��ة م��ن جهة اليمني �إىل باحة‬ ‫البهو �شكل م�ستطيل �أب��ع��اده ‪11 × 18‬م‪ .‬وفيه‬ ‫ال�سرو‪ .‬و�إىل جانبها احلمامات امللكية‪ ،‬و�أول‬ ‫كان يعقد جمل�س العر�ش‪ .‬يعلو بهو ال�سفراء برج‬ ‫ما يلفت النظر غرفة ف�سيحة زخارفها متعددة‬ ‫قمار�ش امل�ستطيل‪.‬‬ ‫الألوان مع بروز اللون الذهبي ثم الأزرق والأخ�ضر‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪55‬‬


‫معالم وحضارات‬

‫معالم وحضارات‬ ‫ل��وح��ة رخ��ام��ي��ة ت��ذك��اري��ة ت��ذك��ر �أن���ه ك��ان مقام ًا‬ ‫للكاتب الأمريكي (وا�شنطن �إيرفنج) عام ‪1829‬‬ ‫ال��ذي ا�شتهر بكتابته (فتح غرناطة) و(ق�صر‬ ‫احلمراء)‪.‬‬ ‫الزاوية والرو�ضة‬ ‫وهناك منطقة مهجورة من الق�صر يف جهة‬ ‫الغرب كانت زاوية �أو م�ص ّلى فيها مي�ض�أة وقاعدة‬ ‫م�أذنة وكانت خرائب الرو�ضة مدفن ًا مللوك بني‬ ‫ن�صر ملوك غرناطة يف جهة جنوب باحة ال�سباع‪.‬‬ ‫وع�ثر يف الرو�ضة على �شواهد ع��دة لقبور تعود‬ ‫مللوك غرناطة‪.‬‬ ‫امل�سجد والكني�سة‬ ‫وح�� ّل حمل م�سجد احلمراء يف و�سط اله�ضبة‬ ‫يف جنوب الرو�ضة مبنى كني�سة �سانتاماريا‪ .‬وقد‬ ‫�أمر ال�سلطان حممد الثالث ‪ 1309-1302‬ببنائه‬ ‫وجعله �أفخم م�ساجد غرناطة‪.‬‬

‫والأحمر ويف و�سطها نافورة ماء �صغرية‪ ،‬وتعرف‬ ‫با�سم غرفة االنتظار‪� .‬أم��ا احلمامات فتغمرها‬ ‫الأنوار الداخلة عرب كوات ب�شكل ثريات و�أر�ضها‬ ‫مر�صوفة بالرخام الأب��ي�����ض‪ ،‬وم��ن احل��م��ام يتم‬ ‫الدخول �إىل غرفة االمت�شاط واال�سرتاحة التي‬ ‫تكرث فيها الر�سوم الغريبة عن الفن الإ�سالمي‪،‬‬ ‫ويتخلل احلمامات �أبهاء �صغرية‪.‬‬ ‫قاعة الأختني‬ ‫تقع يف �شرق بهو الربكة‪ُ .‬عرفت ه��ذه القاعة‬ ‫بهذا اال�سم لأن �أر�ضها حتتوي على قطعتني من‬ ‫الرخام مت�ساويتني و�ضخمتني‪.‬‬ ‫بهو الأ�سود‬ ‫ت����ؤدي ق��اع��ة الأخ��ت�ين م��ن بابها اجلنوبي �إىل‬ ‫بهو الأ�سود �أ�شهر �أجنحة ق�صر احلمراء‪ .‬قام‬ ‫ب�إن�شاء هذا اجلناح ال�سلطان حممد الغني باهلل‬ ‫(‪755‬هـ‪793-1354/‬هـ‪1391/‬م)‪� .‬إن��ه بهو‬ ‫م�ستطيل ال�شكل �أبعاده ‪35‬م × ‪2‬م حتيط به من‬ ‫اجلهات الأربع �أروقة ذات عقود يحملها ‪/124/‬‬ ‫عمود ًا من الرخام الأبي�ض �صغرية احلجم ولكنها‬ ‫ك��ث�يرة اجل��م��ال وال��ر���ش��اق��ة وعليها �أرب���ع قباب‬ ‫م�ض ّلعة‪ .‬يف و�سط البهو نافورة الأ�سود اجلميلة‪،‬‬ ‫على حو�ضها املرمري امل�ستدير �إثنا ع�شر �أ�سد ًا‬ ‫من ال��رخ��ام اجلميل‪ ،‬تخرج املياه من �أفواهها‬ ‫بح�سب �ساعات النهار والليل‪ .‬وقد تعطلت خمارج‬ ‫‪ 56‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫املياه يف هذه الربكة حيث حاول الفرجنة التعرف‬ ‫على �سر انتظام تدفق املياه بال�شكل الزمني الذي‬ ‫كانت عليه‪ .‬وم��ن اجلدير بالذكر �أن احل�ضارة‬ ‫الإ���س�لام��ي��ة ا�ستخدمت ال���ف���وارات يف زخ��رف��ة‬ ‫احل��دائ��ق العامة واخلا�صة‪ ،‬وق��د و�صلت براعة‬ ‫املهند�سني امل�سلمني يف القرن الرابع الهجري‪/‬‬ ‫العا�شر امل��ي�لادي ح���د ًا ك��ب�ير ًا يف �صنع �أ�شكال‬ ‫خمتلفة م��ن ال���ف���وارات ي��ف��ور منها امل���اء كهيئة‬ ‫ال�سو�سنة‪ ،‬ويتم تغيريها ح�سب احلاجة ليفور‬ ‫املاء كهيئة الرت�س ويف �أوقات زمنية حمددة‪ ،‬ولقد‬ ‫و�صلت تقنية الفوارات قمتها يف الأندل�س حيث‬ ‫تناف�س املهند�سون الأندل�سيون يف تزيني حدائق‬ ‫وق�صور اخللفاء والأم��راء‪ ،‬ومتثل ف��وارات ق�صر‬ ‫احلمراء وجنة العريف منوذج ًا متطور ًا ملا و�صلت‬ ‫�إليه �إبداعات امل�سلمني يف ذلك الوقت‪.‬‬ ‫قاعة بني �سراج‬ ‫يف م��ن��ت�����ص��ف ال��ن��اح��ي��ة اجل��ن��وب��ي��ة م���ن بهو‬ ‫الأ�سود مدخل قاعة بني �سراج ‪Sala de Los‬‬ ‫‪ Abencerrajes‬الغرناطيني الذين كان لهم دور‬ ‫كبري يف الأح��داث الأخ�يرة‪ .‬ولهذه القاعة �شكل‬ ‫م�ستطيل �أبعاده (‪12‬م × ‪8‬م)‪ .‬فر�شت �أر�ضها‬ ‫بالرخام‪ .‬وتعلوها قبة عالية يف جوانبها نوافذ‬ ‫يت�سرب منها ال��ن��ور‪ .‬ويف و�سط القاعة حو�ض‬ ‫نافورة م�ستديرة من الرخام‪.‬‬

‫قاعة امللوك (�أو قاعة العدل)‬ ‫يف جهة �شرق بهو الأ�سود مدخل قاعة امللوك‬ ‫‪ .Sala de Los Reyes‬زي���ن �سقف احلنية‬ ‫الو�سطى ب�صور ع�شرة من ملوك غرناطة تعلوهم‬ ‫العمائم‪ ،‬تعرب مالحمهم عن الوقار والكربياء‪.‬‬ ‫�أولهم حممد الغني باهلل‪ .‬و�آخرهم ال�سلطان �أبو‬ ‫احل�سن والد �أبي عبد اهلل‪ .‬وهناك �صور فر�سان‬ ‫وم�شاهد �صيد‪.‬‬ ‫منظرة اللندراخا‬ ‫يف جهة �شمال بهو الأ�سود وقاعة الأختني بهو‬ ‫منظرة اللندراخا ‪.Mirador de Lindarata‬‬ ‫حمرف‬ ‫وذهب بع�ضهم يف تف�سري هذا اللفظ ب�أنه ّ‬ ‫لثالث كلمات عربية (عني دار عائ�شة)‪ .‬واجلدير‬ ‫بالذكر �أن عائ�شة كانت �إحدى ملكات غرناطة يف‬ ‫القرن الرابع ع�شر امليالدي‪ .‬و�إن لفظ (عني)‬ ‫يفيد (نافذة)‪ .‬وتت�ألف هذه القاعة من بهو �صغري‬ ‫م�ض ّلع‪.‬‬ ‫متزين امللكة ‪Peinador de La Reina‬‬ ‫جناح علوي �صغري يف نهاية الطرف ال�شمايل‬ ‫ل��ل��ح��م��راء‪ .‬حت��ت (ب���رج امل��ت��زي��ن) ‪Torre de‬‬ ‫‪ Peinador‬الذي يعود �إىل عهد ال�سلطان يو�سف‬ ‫�أبي احلجاج‪.‬‬ ‫واجل��دي��ر بالذكر �أن اجل��ن��اح امل��ج��اور ل�ساحة‬ ‫الإم�براط��ور �شارلكان من جهة اجلنوب يحمل‬

‫نقو�ش الأبراج‬ ‫زينت الأب��راج بنقو�ش جميلة مثل برج الأ�سرية‬ ‫‪ Torre De La Cautiva‬الذي بناه ال�سلطان‬ ‫يو�سف �أبو احلجاج‪.‬‬ ‫جنة العريف‬ ‫بالقرب من ق�صر احلمراء وعلى بعد ‪1000‬م‬ ‫منه ي��وج��د ق�صر جنة ال��ع��ري��ف ال���ذي �شيد يف‬ ‫�أواخ����ر ال��ق��رن ال�سابع ال��ه��ج��ري‪/‬ال��ث��ال��ث ع�شر‬ ‫امل��ي�لادي‪ ،‬وي��ق��ع �شمال �شرقي ق�صر احل��م��راء‬ ‫فوق رب��وة م�ستقلة ومن ورائ��ه جبال الثلج‪ .‬وقد‬ ‫غر�ست يف �ساحات الق�صر و�أفنيته الرياحني‬ ‫والزهور الفائقة اجلمال حتى �أ�صبح هذا الق�صر‬ ‫املثل امل�ضروب يف الظل املمدود وامل��اء امل�سكوب‬ ‫والن�سيم العليل وقد اتخذه ملوك غرناطة منتزه ًا‬ ‫للراحة واال�ستجمام‪.‬‬ ‫ق�صر الإمرباطور �شارلكان‬ ‫ق�ضى �شارلكان على ت��راث الأندل�س و�آثارها‪.‬‬ ‫وه��دم ق�سم ًا ك��ب�ير ًا م��ن ق�صر احل��م��راء ليبني‬ ‫ق�صره ع��ام ‪1527‬م‪ ،‬وتابع ول��ده فيليب الثاين‬ ‫(‪ )1598-1556‬ت��خ��ري��ب ق�����ص��ر احل��م��راء‬ ‫وت�����ش��وي��ه��ه‪ .‬و�أدى الإه���م���ال �إىل اخل����راب‪ .‬ويف‬ ‫ع���ام ‪ 1590‬ح���دث ح��ري��ق �أحل���ق ال�����ضّ��رر بهذا‬ ‫الق�صر الأث��ري‪ .‬ويف فرتة الغزو الفرن�سي ن�سف‬ ‫الفرن�سيون بع�ض �أب��راج ق�صر احل��م��راء‪ .‬ومنذ‬ ‫منت�صف القرن التا�سع ع�شر �أدرك���ت �إ�سبانيا‬ ‫يف عهد �شارل اخلام�س �إىل املعماريني ‪Pedro‬‬ ‫‪ Luis de Mechuea‬برتميم الق�صر واعتباره‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪57‬‬


‫معالم وحضارات‬ ‫�أث��ر ًا للنه�ضة الإ�سبانية‪ ،‬وفائدة املحافظة عليه‬ ‫لل�سياحة‪.‬‬ ‫وبعد ذلك مرت فرتة طويلة من الإهمال ال�شامل‬ ‫حتى عام ‪ 1828‬حيث عهدت الأعمال ال�ضخمة‬ ‫لإع��ادة الق�صر وترميمه وت�أهيله �إىل املهند�س‬ ‫املعماري ‪ jose Contraras‬ومن ثم تابع العمل‬ ‫ابنه ‪ Rafael‬ثم حفيده ‪ Mariano‬الذين قادوا‬ ‫العمل و�أو�صلوا الق�صر �إىل احلالة الراهنة‪.‬‬ ‫وي��ع��ت�بر ق�صر احل��م��راء �إىل ج��ان��ب وجاهته‬

‫صدر حديثًا‬

‫احل�ضارية الإ�سالمية �أي�ض ًا متحف ًا غني ًا يحتوي‬ ‫ع��ل��ى جم��م��وع��ة ك��ب�يرة م��ن الأث�����اث الإ���س�لام��ي‬ ‫وال��رخ��ام والأواين اخلزفية امل�سماة باحلمراء‬ ‫وهي مناذج نادرة من الفن الإ�سالمي الأندل�سي‪،‬‬ ‫وال��ي��وم ت�سعى �أ�سبانيا للحفاظ على ه��ذا الأث��ر‬ ‫احل�ضاري والإ�سالمي الراهن ملا جتنيه من فوائد‬ ‫�إعالمية ح�ضارية وثقافية و�سياحية وكذلك مادية‬ ‫كبرية ج��د ًا من خالل ماليني ال�سائحني الذين ‪h t t p ://w w w .y o u t u b e .c o m /‬‬ ‫‪watch?v=6J2LB8v435I‬‬ ‫يزورونه �سنوي ًا‪.‬‬ ‫ويبقى ق�صر احلمراء درة احل�ضارة الإ�سالمية‬ ‫ت��رم��ز �إىل ال��ت��ق��دم يف ف��ن ال��ع��م��ارة وال��زخ��رف��ة‬ ‫الإ�سالمية �أينما ُوجدت‪.‬‬ ‫لقد ق�ضى الإ�سبانيون على دولة غرناطة ولكن‬ ‫�آثار العرب وامل�سلمني فيها مازالت خالدة تبهج‬ ‫الأب�صار ومتلأ النفو�س مب�شاعر احلزن‪.‬‬ ‫رابط لفيلم وثائقي لق�صر احلمراء‪:‬‬

‫غرناطة‬ ‫يف مدخل (احلمراء) كان لقا�ؤنا‬ ‫ما �أطيب اللقيا بال ميعا ِد‬

‫العربي‪ ،‬يف الثغر الذي‬ ‫وجهك‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫�شمو�س بالدي‬ ‫ما زال خمتزن ًا‬ ‫َ‬

‫داوان ‪ ..‬يف َح َجر ْيهِ ما‬ ‫عينان َ�س ْو ِ‬ ‫تتول ُد الأبعا ُد من �أبعا ِد‬

‫يف طيب جنات (العريف) ومائها‬ ‫الريحان‪ ،‬يف الكبا ِد‬ ‫يف ال ُف ِل‪ ،‬يف‬ ‫ِ‬ ‫‪Z‬‬ ‫�سارت معي ‪َ ..‬‬ ‫وال�ش ْع ُر يلهثُ خلفها‬ ‫ْ‬ ‫ُركت بغري ح�صا ِد ‪..‬‬ ‫ك�سنابل ت ْ‬ ‫ٍ‬

‫�صحت قرو ٌن �سبع ٌة‬ ‫غرناط ٌة !‬ ‫ْ‬ ‫يف َت ْي َ‬ ‫نك العين ِني ‪ ..‬بعد ُرقا ِد‬

‫يت�أ َّلقُ ال ُق ْر ُط الطوي ُل بجيدها‬ ‫َ‬ ‫مثل ال�شموع بليل ِة امليال ِد ‪..‬‬

‫و�أُم َّي ٌة ‪ ..‬راياتُها مرفوع ـ ٌة‬ ‫وجيادُها مو�صول ٌة بجيا ِد ‪..‬‬

‫وم�شيتُ مثل الطفل خلف دليلتي‬ ‫كوم رما ِد ‪..‬‬ ‫وورائي التاريخُ ‪ُ ..‬‬ ‫َ‬

‫أغرب التاريخَ ‪ ..‬كيف �أعادين‬ ‫ما � َ‬ ‫حلفيد ٍة �سمرا َء ‪ ..‬من �أحفادي‬

‫الزخرفاتُ �أكا ُد �أ�سم ُع َن ْب َ�ضها‬ ‫ال�سقوف تنادي‬ ‫والزرك�شاتُ على‬ ‫ِ‬

‫دم�شقي ‪ ..‬ر�أيتُ خالل ُه‬ ‫وج ٌه‬ ‫ٌّ‬ ‫بلقي�س ‪ ..‬وجيدَ ُ�سعا ِد‬ ‫�أجفانَ‬ ‫ٍ‬

‫قالت‪ :‬هنا احلمرا ُء ‪َ ..‬ز ْه ُو جدو ِدنا‬ ‫ْ‬ ‫فاقر�أ على جدرانها �أجمادي‬

‫ور�أيتُ منز َلنا القد َمي و حجر ًة‬ ‫كانت بها �أ ّمي مت ُّد و�سادي‬ ‫ْ‬

‫�أجمادُها!! وم�سحتُ جرح ًا نازف ًا‬ ‫وم�سحتُ جرح ًا ثاني ًا بف�ؤادي‬

‫�صعت بنجومها‬ ‫واليا�سمين َة‪ُ ،‬ر ْ‬ ‫والبرِْ َك َة الذهب َّي َة الإن�شا ِد ‪..‬‬ ‫‪Z‬‬ ‫دم�شقُ ‪� ..‬أين تكونُ ؟ قلتُ ‪ :‬ت َر ْينها‬ ‫املن�ساب نه َر �سوا ِد‬ ‫�شعرك‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫أدركت‬ ‫يا ليت وارثتي اجلميل َة � ْ‬ ‫�أنَّ الذين َع ًن ْت ُه ُم �أجدادي‪...‬‬ ‫‪Z‬‬ ‫عانقتُ فيها عندما و َّدعتُها‬ ‫َ‬ ‫(طارق بنَ زيا ِد)‪..‬‬ ‫رج ًال ي�س َّمى‬

‫أنت �إ�سبان َّي ٌة ‪� ..‬ساءلتُها‬ ‫هل � ِ‬ ‫قالت‪ :‬ويف غرناط ٍة ميالدي ‪.‬‬ ‫ْ‬

‫‪ 58‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫نزار قباني‬

‫ك��ت��اب ج��دي��د ي��س��ت��ع��رض ت��اري��خ‬ ‫أم���ري���ك���ا م����ن روزف����ل����ت ح��ت��ى‬ ‫أوباما‬

‫عند حايف الأغ��اين)‪�( ،‬أخ�شى امل�ساحة التي تلي‬ ‫العتمة)‪.‬‬ ‫وتعترب ه��ذه املجموعة الثانية ملو�سى حوامدة‬ ‫التي ت�صدر يف القاهرة بعد املختارات ال�شعرية‬ ‫التي �أ�صدرتها الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫�ضمن �سل�سة �آفاق عربية والتي جاءت حتت عنوان‬ ‫)�ساللتي الريح عنواين املطر( عام ‪.2010‬‬

‫طرحت يف املكتبات الفرن�سية‪� ،‬أح��دث الكتب‬ ‫التي تتناول تاريخ الواليات املتحدة الأمريكية‪،‬‬ ‫يف �إط��ار �سل�سلة الكتب‪ ،‬التي ت�صدرها �صحيفة‬ ‫(لوموند) الفرن�سية ك�برى ال�صحف و�أو�سعها (ك�����ل ح���ري���م ال���ه���ان���م) ك��ت��اب‬ ‫انت�شار ًا على م�ستوى ال��ع��امل‪ ،‬والكتاب بعنوان يرصد صراع سوزان مبارك مع‬ ‫(الواليات املتحدة من روزفلت حتى �أوباما)‪ ،‬من‬ ‫قرينات الملوك والرؤساء‬ ‫�إعداد �آالن فرا�شويد‪.‬‬ ‫ي��ت��ع��ر���ض ال��ك��ت��اب ل��ت��اري��خ ال���والي���ات امل��ت��ح��دة محمد عيداروس‬ ‫الأمريكية عقب احل��رب العاملية الثانية؛ حيث‬ ‫�أ�صبحت قائدة يف املع�سكر الغربي‪ ،‬وا�ستطاعت‬ ‫�أن ت�صدر �أ�سلوب حياتها ومنتجاتها �إىل العامل‬ ‫اخلارجي ‪.‬‬ ‫ويك�شف الكتاب و�ضع الواليات املتحدة‪ ،‬التي‬ ‫�أ�صبحت القوة االقت�صادية والثقافية وال�سيا�سية‬ ‫يف العامل‪ ،‬كما يتحدث عن مناف�سة ال�صني لها‪،‬‬ ‫وال��ت��ي تهددها ب�أنها �ستنزع منها ال��ري��ادة يف‬ ‫العامل‪ ،‬خا�صة بعد �أن �سببت الأزمة االقت�صادية‪،‬‬ ‫التي يتعر�ض لها العامل اليوم يف �ضعفها‪ ،‬رغم‬ ‫حماوالتها العديدة لتخطي هذه الأزمة‪.‬‬ ‫(موتى يجرون السماء) ديوان‬ ‫الشاعر موسى حوامدة‬

‫غالف ديون (موتى يجرون ال�سماء)‬

‫�صدر حديث ًا عن الهيئة امل�صرية العامة للكتاب‬ ‫�ضمن �سل�سلة (�إبداع عربي) ديوان �شعر بعنوان‬ ‫(موتى يجرون ال�سماء) لل�شاعر مو�سى حوامدة‪.‬‬ ‫وي�ضم الديوان ‪ 21‬ق�صيدة منها‪( :‬حني ي�أتى‬ ‫املوت)‪( ،‬ال�شبيهة)‪�(،‬شجرة املوتى)‪( ،‬كما ليلى‬ ‫يطرق باب الفجر)‪( ،‬مقام الده�شة)‪( ،‬هناك‬

‫غالف كتاب (كل حرمي الهامن)‬

‫�صدر قبل �أي��ام يف القاهرة كتاب (ك��ل حرمي‬ ‫الهامن) للكاتب حممد عيدارو�س يتناول فيه عدد ًا‬ ‫كبري ًا من ال�شخ�صيات الن�سائية التي الت�صقت‬ ‫ب�سوزان مبارك زوجة الرئي�س امل�صري املخلوع‬ ‫ح�سني مبارك وكن �سبب ًا يف حتويلها �إىل �شخ�صية‬ ‫ديكتاتورية �أو كانت هي �سبب ًا يف حتويلهن �إىل‬ ‫�شخ�صيات هامة يف م�صر‪.‬‬ ‫و�صدر الكتاب عن دار (بوك هاو�س) للن�شر يف‬ ‫‪� 220‬صفحة من القطع املتو�سط وير�صد احلقبة‬ ‫التي حكم فيها (مبارك) م�صر من خالل رحلة‬ ‫زوجته التي كانت حتلم يف طفولتها ب���أن تكون‬ ‫راق�صة باليه ف���إذا بها تتحول �إىل �سيدة م�صر‬ ‫الأوىل مرور ًا بالن�ساء الالتي �أثرن يف حياتها بداية‬ ‫من ال�سيدة الرو�سية التي علمتها فن الإتيكيت‬ ‫ونهاية بالوزيرات و�سيدات الأعمال الالتي دخلن‬ ‫�إىل عامل الرثوة و ال�سلطة من خاللها‪.‬‬ ‫ومل يكن كاتب م�صري على مدار �سنوات حكم‬ ‫(مبارك) يجر�ؤ على احلديث عن زوجته �سوزان‬

‫ثابت التي ك��ان معروف ًا �أن لها �سطوة‬ ‫قوية وتتدخل ب�شكل �صريح يف الكثري من‬ ‫�ش�ؤون البالد‪.‬‬ ‫وي�ضم الكتاب العديد م��ن الق�ص�ص‬ ‫املثرية التي تفوح منها رائحة الف�ساد‬ ‫ب���د�أه���ا ال��ك��ات��ب ب��ت��ن��اول �أدق �أ����س���رار‬ ‫�سوزان ثابت منذ طفولتها ويف مراحلها‬ ‫الدرا�سية املختلفة مرور ًا بق�صة زواجها‬ ‫م���ن (م����ب����ارك) وع�لاق��ت��ه��ا ب��ج��ي��ه��ان‬ ‫ال�سادات زوجة الرئي�س امل�صري الأ�سبق‬ ‫�أنور ال�سادات‪.‬‬ ‫ويق�سم الكاتب فرتة حكم (مبارك)‬ ‫م��ن وج��ه��ة نظر زوج��ت��ه �إىل مرحلتني‬ ‫الأوىل تلك التي ابتعدت فيها عن �أمور‬ ‫احلكم والثانية التي تدخلت فيها يف كل‬ ‫�صغرية وكبرية يف م�صر حتى �أ�سقطت‬ ‫ع��ن عمد احل��د الفا�صل ب�ين خزائن‬ ‫الدولة وحقيبة يدها ف�أ�صبح كل �شيء‬ ‫م�ستباح ًا لها‪.‬‬ ‫ويتوغل الكتاب يف عمق عالقة �سوزان‬ ‫بنجلها جمال وتف�ضيلها له على �شقيقه‬ ‫عالء وكيف كان يدار بيت الرئي�س من‬ ‫الداخل �سواء يف ال��زواج �أو امل�شكالت‬ ‫العائلية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويحاول الكاتب جاهدا ر�صد �أ�سباب‬ ‫تلقيب ���س��وزان ثابت ب��ـ (ال��ه��امن) من‬ ‫خالل ال�سمات التي عرفت عنها من‬ ‫غرية وح�سد وحب لالنتقام خا�صة يف‬ ‫عالقاتها ب��زوج��ات امللوك والر�ؤ�ساء‬ ‫و�صراعها ال�صريح مع بع�ضهن مثل‬ ‫ال�شيخة موزة زوجة �أمري قطر‪.‬‬ ‫ول��ك��ن يبقى اجل���زء الأك�ث�ر ت�شويق ًا‬ ‫يف الكتاب ه��و ذل��ك ال��ذي يغو�ص يف‬ ‫عالقات ال�سيدة الأوىل ال�سابقة دائمة‬ ‫التوتر مع املذيعات والفنانات الالتي‬ ‫ظنت �أنهن يحاولن تقليدها �أو خطف‬ ‫الأ�ضواء منها‪.‬‬ ‫وينتقل الكتاب بعد ذلك لر�صد رحلة‬ ‫�صعود العديد م��ن ال�سيدات الالتي‬ ‫اق�ترن ا�سمهن ب�سوزان ثابت خا�صة‬ ‫ال�لات��ي �أغ���دق���ت عليهن م��ن ث���روات‬ ‫البالد بعدما �أدرك اجلميع �أن مفاتيح‬ ‫ال�ثروة وال�سلطة ترتكز يف يدها حيث‬ ‫ك��ان معروف ًا احتفاظها لنف�سها على‬ ‫مدار �سنوات طوال بن�سبة حمددة يف‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪59‬‬


‫صدر حديثًا‬

‫صدر حديثًا‬ ‫التقدم‪ ،‬وك���أن الكتابة عن دبلن هي الكتابة عن‬ ‫قلب كل مدن العامل‪.‬‬ ‫يذكر �أن جيم�س جوي�س ولد يف دبلن ب�أيرلندا‬ ‫يف �أ�سرة كاثوليكية‪ ،‬وهو واحد من كتاب احلداثة‬ ‫الكبار يف القرن الع�شرين‪ ،‬ومتتاز �أ�ساليبه الأدبية‬ ‫املتناق�ضة واملتنوعة بخربة �أدبية كال�سيكية غنية‬ ‫وم��ه��ارة لغوية م��ث�يرة للجدل‪ ،‬وغام�ضة يف �آن‬ ‫واح��د‪ ،‬ترجمت له �إىل العربية (�صورة الفنان‬ ‫ك�شاب)‪ ،‬و(عولي�س)‪ ،‬وم�سرحيتي (د‪�.‬ستيفن)‪،‬‬ ‫و(منفيون)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثورة المصرية‪ :‬الدوافع‬ ‫واالتجاهات والتحديات‬

‫املنا�صب الوزارية والقيادية يف م�صر‪.‬‬ ‫وي��دخ��ل الكتاب م��ع ح��رمي ال��ه��امن يف‬ ‫جم��م��وع��ة م��ن الق�ص�ص ال�شيقة عن‬ ‫ال�سيدة التي �ضمنت ���س��وزان ثابت يف‬ ‫�أق�����س��اط (ث�لاج��ة) يف ب��داي��ة حياتها‬ ‫ف��ردت لها اجلميل ب���أن �أهدتها جانب ًا‬ ‫من دخل ب�ترول م�صر و�أخ��رى انحنت‬ ‫على يدها لتقبلها ف�أبقتها على كر�سي‬ ‫ال������وزارة وث��ال��ث��ة راف��ق��ت��ه��ا كمر�شدة‬ ‫�سياحية يف رح�لات��ه��ا ل��ب�يروت فكان‬ ‫الثمن �إهداء زوجها كر�سي الوزارة رغم‬ ‫تقارير �أمنية حذرت منه‪.‬‬ ‫كما يحكي الكتاب عن �سيدة �أخرى‬ ‫كانت �أ�ستاذتها يف اجلامعة الأمريكية‬ ‫مجموعة من المؤلفين‬ ‫و�ساعدتها يف �إعداد �أبحاثها فكاف�أتها‬ ‫مبقعد رئا�سة املجل�س القومي للمر�أة‪.‬‬ ‫ومتت تربئة �سوزان ثابت من ق�ضايا‬ ‫ك��ث�يرة �أق��ي��م��ت ���ض��ده��ا وخ��رج��ت من‬ ‫ال�سجن بعد قليل من الثورة امل�صرية‬ ‫التي �أطاحت بحكم زوجها بعدما دفعت‬ ‫‪ 24‬مليون جنيه خلزينة الدولة قالت‬ ‫�إنها كل ما متلك بينما يرى كثريون �أن‬ ‫الأموال التي ح�صلت عليها بدون وجه‬ ‫حق تقدر مبئات املاليني ويطالبون‬ ‫مبحا�سبتها على ف�ساد مايل و�سيا�سي‪.‬‬ ‫(ناس من دبلن)‬ ‫جيمس جويس‬

‫غالف كتاب الثورة امل�صرية‬ ‫خالد وليد حممود‬

‫ترجمة عنايات عبد العزيز‬

‫�أ���ص��در (امل��رك��ز ال��ع��رب��ي ل�ل�أب��ح��اث ودرا���س��ة‬ ‫ال�����سّ��ي��ا���س��ات) ك��ت��اب�� ًا ج��دي��د ًا ع��ن��وان��ه (ال��ثّ��ورة‬ ‫امل�صر ّية‪ :‬الدّوافع واالجتاهات والتحديات) يف‬ ‫‪� 608‬صفحات من القطع الكبري‪.‬‬ ‫وي��ع��د ه��ذا الكتاب م��ن الأع��م��ال القليلة ج��دً ا‬ ‫التي �صدرت حتى الآن‪ ،‬وت�صدت بالتحليل لل ّثورة‬ ‫امل�صر ّية يف حماولة الكت�شاف الدوافع احلقيق ّية‬ ‫ل��ه��ا؛ ه���ذه ال���ثّ���ورة ال��ت��ي اع��ت�بره��ا حم��م��ود عبد‬ ‫الف�ضيل يف تقدميه لهذا الكتاب حلقة جديدة‬ ‫من حلقات ال ّثورة الوطن ّية الدميوقراط ّية منذ‬ ‫ث��ورة �أحمد عرابي يف �سنة ‪ 1882‬م��رور ًا بثورة‬ ‫‪ ،1919‬حتى ثورة ‪ 23‬يوليو ‪ ،1952‬وو�صفها ب�أنها‬ ‫(عودة ال��روح) �إىل ال�شعب امل�صري بعد �أربعني‬ ‫ال�سيا�سي‪ .‬وهذا الكتاب‬ ‫عام ًا من املوت والركود‬ ‫ّ‬ ‫يقدم قراءة حتليل ّية وتوثيق ّية متعدّدة الأبعاد لهذه‬

‫�صدرت عن الهيئة امل�صرية العامة‬ ‫للكتاب �ضمن �سال�سل مكتبة الأ�سرة‪،‬‬ ‫امل��ج��م��وع��ة الق�ص�صية (ن��ا���س من‬ ‫دب��ل��ن) جليم�س جوي�س (‪1882 -‬‬ ‫‪ ،)1941‬ترجمة عنايات عبد العزيز‪،‬‬ ‫وتعالج هذه املجموعة حياة الأهايل‬ ‫يف دبلن وعاداتهم وتقاليدهم واحلالة‬ ‫ال��روح��ي��ة يف ال��ف�ترة ب�ين االح��ت�لال‬ ‫واال�ستقالل‪.‬‬ ‫وتك�شف املجموعة �أي�����ض�� ًا‪ ،‬طموح‬ ‫جيل لالنتقال �إىل مثل �أعلى‪ ،‬باحث ًا‬ ‫ع��ن اجل���ذور التي تبنى عليها حياة‬ ‫جديدة ترتبط باحلياة احلديثة وقيم‬ ‫‪ 60‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫ال ّثورة‪ ،‬وي�ضع بني �أي��دي القراء ورج��ال التاريخ‬ ‫والإعالم �شبه يوميات لهذه احلركة‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫يتيح لنا اكت�شاف ق�� ّوة ال�شعارات التي رفعتها‪،‬‬ ‫وال �س ّيما �شعار (احل��ريّ��ة والعدالة والكرامة)‪،‬‬ ‫وك��ذل��ك ال��زخ��م الكبري للقدرة ال�شعب ّية ال��ذي‬ ‫رمب��ا يجد تف�سريه يف حجم الغ�ضب ال��ذي كان‬ ‫كام ًنا يف �صدور النا�س الذين طاملا �شعروا ب�إهانة‬ ‫كراماتهم‪ ،‬وجت�سد يف ميدان التحرير الذي بات‬ ‫ف�ضا ًء ج��دي��د ًا للحر ّية متكن من فتح فجوة يف‬ ‫الدميوقراطي‪.‬‬ ‫ال�سيا�سي نحو التغيري‬ ‫اجلدار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫و�شارك يف ت�أليف هذا الكتاب نخبة من الباحثني‬ ‫الذين توزعت درا�ساتهم على اجلوانب املتعددة‬ ‫ل��ل��ثّ��ورة امل�����ص��ريّ��ة‪ ،‬وج���اءت على النحو ال��ت��ايل‪:‬‬ ‫مل��اذا قامت ال��ثّ��ورة؟ (علي ليلة)؛ حماولة لفهم‬ ‫الرجال)؛ القائد والفاعل‬ ‫ال ّثورة امل�صر ّية (علي ّ‬ ‫وال ّنظام (�أمل حمادة)؛ رمز ّية ميدان التحرير‬ ‫(�آي��ة ن�صار)؛ االجت��اه��ات املناطق ّية وعالقتها‬ ‫باملركز (جمال زهران)؛ توثيق ال ّثورة وعالقتها‬ ‫باملركز (حممد �صابر عرب)؛ التعدد ّية احلزب ّية‬ ‫وال ّثورة (�أحمد عبد رب��ه)؛ الإ�سالميون وال ّثورة‬ ‫(�أميمة عبد اللطيف)؛ الإعالم اجلديد وفر�ص‬ ‫التح ّول الدميوقراطي (نرمني �سيد)؛ املعار�ضة‬ ‫الدميوقراطي‬ ‫االلكرتون ّية وعالقتها بالتح ّول‬ ‫ّ‬ ‫(ع�ل�اء ال�����ش��ام��ي)؛ الإع��ل�ام امل�����ص��ري وال��ثّ��ورة‬ ‫(حممد �شومان)؛ ال ّثورة امل�ضادّة (رابحة �سيف‬ ‫عالم)؛ اقت�صاد ما بعد ال ّثورة (غادة مو�سى)؛‬ ‫حم�����دّدات م�����س��ار ال��تّ��ح��ول يف م�����ص��ر (�شيماء‬ ‫حطب)؛ املجل�س الأعلى للقوات امل�س ّلحة حاكم ًا‬ ‫�سيا�سي ًا (باكينام ال�شرقاوي)؛ م�ستقبل العالقات‬ ‫امل�صر ّية – الإ�سرائيل ّية (عبد العليم حممد)؛‬ ‫فاعل ّية الإرادة و�إدارة الفاعل ّية (عبد الرحمن‬ ‫ح�سام)‪.‬‬ ‫أوراق مهربة من األراضي‬ ‫المحتلة‬ ‫مرمر القاسم‬

‫�صدر حديث ًا ع��ن دار ف�ضاءات ك��ت��اب(�أوراق‬ ‫مهربة من الأرا�ضي املحتلة) للكاتبة الفل�سطين ّية‬ ‫م��رم��ر القا�سم‪�( ،‬أوراق مهربة م��ن الأرا���ض��ي‬ ‫املحتلة) مت ّرد فتاة على ازدواجية الواقع‪ ،‬الذي‬ ‫�أ�صبح بفعل االحتالل عاملها كله‪ ،‬الذي ال ميكنها‬ ‫الفرار منه‪ .‬ومن هنا يك�سب �أهمية �إ�ضافية �إذ‬ ‫ي�صف دواخ��ل ن�ساء كثريات ورج��ال كرث داخل‬ ‫اخلط الأخ�ضر‪.. .‬‬ ‫حيث تكتب القا�سم ‪:‬‬

‫ال اح��د يختار م�صريه يف مثل ه��ذا الظالم‬ ‫و�صمته الرهيب‬ ‫يف وقفتي العزالء بني ال�سيف والدهر‬ ‫ويف زمن الذل والهوان‬ ‫نخر العه ُر رداء الكرامة ‪..‬‬

‫رواية الطيور الصفراء‬ ‫كيفن باورز‬

‫نقاد ب�أن امل�ؤلف ال�شاب جنح يف التعبري‬ ‫بح�سا�سية عالية عن رجال يف حرب رمبا‬ ‫مع �أنف�سهم قبل الآخرين‪.‬‬ ‫�إن��ه��ا ق�����ص��ة ت�����س��ت��دع��ى ����س����ؤا ًال ك��ب�ير ًا‬ ‫وم��رك��ب�� ًا‪« :‬م���ا ال���ذي ح���دث بال�ضبط؟‬ ‫وماذا عن التكاليف الإن�سانية وخرائط‬ ‫الروح حتى بالن�سبة للقتلة ال ال�ضحايا؟‬ ‫وهل تكفى مياه دجلة والفرات لتطهري‬ ‫�أيادي مقرتيف كل هذه اجلرائم يف حق‬ ‫العراقيني والإن�سانية كلها»؟‪.‬‬ ‫أب���ي ال يجيد ح��راس��ة‬ ‫القصور‬ ‫زياد محافظة‬

‫غالف كتاب �أوراق مهربة‬

‫طموح لم يتحمله بشر‬ ‫د‪ .‬رشا الجندى‬

‫�أ�صدرت مكتبة الأجنلو امل�صرية‪ ،‬م�ؤخر ًا‪ ،‬كتاب ًا‬ ‫للدكتورة ر�شا اجلندى بعنوان (طموح مل يتحمله‬ ‫ب�شر) ويجمع الكتاب بني �سيكولوجية (العلم‪،‬‬ ‫النف�س‪ ،‬ال�سيا�سة‪ ،‬االقت�صاد‪ ،‬الدين‪ ،‬املتعة) يف‬ ‫�آن واحد‪.‬‬ ‫كما �أو�ضحت الكاتبة �أن الكتاب هو نتاج لع�شر‬ ‫�أع����وام م��ن البحث امل��ت��وا���ص��ل‪� ،‬أج���رت خاللها‬ ‫لقاءات مع ت�سعني عامل ًا ب�أنحاء العامل مبجاالت‬ ‫(علم النف�س ‪ -‬ال�سيا�سة ‪ -‬االقت�صاد ‪ -‬القانون‬ ‫ الدين ‪ -‬الرتبية ‪ -‬التنمية الب�شرية ‪ -‬املناهج‬‫– الإعالم)‪.‬‬

‫غالف رواية الطيور ال�صفراء‬

‫�صدور رواي��ة (الطيور ال�صفراء) �شهادة يف‬ ‫قالب ق�صة عن الغزو الأمريكي للعراق‪ ،‬كتبها‬ ‫ج��ن��دي �أم��ري��ك��ي ق�ضى ع��ام�ين م��ا ب�ين املو�صل‬ ‫وتلعفر‪ ،‬وهى املدة ذاتها التي يق�ضيها بطل ق�صته‬ ‫يف خ�ضم احلرب على هذا البلد العربي‪.‬‬ ‫الق�صة كتبها كيفن باورز‪ ،‬لتكون باكورة �أعماله‬ ‫يف عامل الق�صة و�إطاللته الأوىل على هذا العامل‬ ‫الإبداعي‪.‬‬ ‫وت��ت��ح��دث ع��ن ج��ن��دي ���ش��اب يف ق���وات ال��غ��زو‬ ‫الأم��ري��ك��ي للعراق كتب عليه �أن ي�شهد �أه���وال‬ ‫احلرب و�أن يتورط يف جرائمها با�سم الواجب‪،‬‬ ‫وبني م�شيئة املقادير واحل��رب التي ت�أخذ كل ما‬ ‫ميكنها �أن ت�أخذه وتداهم اجلندي ال�شاب جون‬ ‫بارتل يف �أحالمه مت�ضى الق�صة ب�إيقاع مثري يحمل‬ ‫فى كلماته امل�شحونة حمنة فقد �شاب فيها براءة‬ ‫الروح‪ ،‬ف�ضال عن الدمار الأخالقي والنف�سي‪.‬‬ ‫ويرتبط بطل الق�صة ب�صداقة مع جاوي�ش يف‬ ‫جماعته يدعى (�ستريلينج) يعتنق فل�سفة عدمية‬ ‫ويتفوق يف قتل العراقيني‪ ،‬ورغم كراهية اجلندي‬ ‫ال�شاب جون بارتل جلرائم الرقيب �ستريلينج‪،‬‬ ‫ف�إنه عاجز عن اخلال�ص من �صداقته فهو ي�شكل‬ ‫له «�ضرورة» باملعنى النف�سي العميق‪.‬‬ ‫وم��ع �أنها الق�صة الأوىل لكيفن وم��ع الت�سليم‬ ‫ب�ضرورة عدم التعجل يف �إط�لاق �أحكام قاطعة‬ ‫من قبيل القول مبولد قا�ص م��وه��وب‪ ،‬فقد نوه‬

‫غالف املجموعة الق�ص�صية‬

‫�صدرت عن دار ف�ضاءات للن�شر يف‬ ‫ع��مّ��ان‪ ،‬جمموعة ق�ص�صية للروائي‬ ‫الأردين زياد �أحمد حمافظة‪ ،‬بعنوان‪:‬‬ ‫(�أبي ال يجيد حرا�سة الق�صور)‪.‬‬ ‫زي����اد حم��اف��ظ��ة ال��ق��ا���ص وال���روائ���ي‬ ‫الأردين‪ ،‬مير بلغته ال�شفيفة كن�صل‬ ‫املاء‪ ،‬ي�سكنك لتظل ت�شعر بخفة عا�شق‬ ‫م��ر وم���ا ت��رك��ك �إال و�أق�����ام‪ ،‬ترت�شف‬ ‫ن�صه لكنك حت�س بعط�ش كلما قابلت‬ ‫االرت��واء‪ ،‬قا�ص ي�ؤثث مل�شهد ق�ص�صي‬ ‫متميز‪ ،‬فهو يحفر ا�سمه حفر الواثق‬ ‫من بنائه ال�سردي ومفردته املتعددة‬ ‫ال��دالل��ة وك����أن ن�صه يف قمة �سرديته‬ ‫املحكمة ق�صيدة �شعر تتق�صد تكثيف‬ ‫املعنى‪.‬‬ ‫وت�����ش��ك��ل امل��ج��م��وع��ة ال��ق�����ص�����ص��ي��ة‪،‬‬ ‫انعطاف ًا نحو عامل داخلي‪ ،‬فهي ت�ؤ�شر‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪61‬‬


‫صدر حديثًا‬ ‫بعبثية ل���ز ّالت احل��ي��اة قبل �أي �شيء‬ ‫واقع نتفادى‬ ‫�آخر‪ ،‬وبقدر ما تنب�ش يف ٍ‬ ‫التحر�ش ب��ه‪ ،‬ب��ق��در م��ا ّ‬ ‫ت�شف لتك�شف‬ ‫َ‬ ‫�ضعف الإن�سان حني تتطلب احليا ُة قو ًة‬ ‫و�صالبة‪ ،‬وجربوته حني تق�ضي احلاج ُة‬ ‫رف��ق�� ًا ولين ًا‪ .‬ولعلها بب�ساطة حماول ٌة‬ ‫م��اك��رة ل�ل�إي��ق��اع ب���الآخ���ر‪ ،‬ع�بر دفعه‬ ‫للتعرف ب�صدق على ذاته‪ ،‬والوقوف ولو‬ ‫دقيقة واحدة على وجعها وانك�سارها‪.‬‬ ‫تعي�شُ النماذج الب�شرية التي تبني‬ ‫عليها امل��ج��م��وع��ة الق�ص�صية عاملها‬ ‫ُ‬ ‫تفكك العادي‬ ‫احلكائي بيننا‪ .‬فهي‬ ‫وال��ي��وم��ي م���ن ح��ي��اة ال��ب�����ش��ر‪ ،‬وع�بر‬ ‫ا�ستدراجهم للبوح ب�شفافية‪ ،‬مت�ضي‬ ‫بهم نحو فهم �أك�ثر عمق ًا لواقعهم‬ ‫املربك‪ .‬ولعلها متثل وفق هذا ال�سياق‪،‬‬ ‫ف�سح ًة للت�أمل يف هذه العامل الغارق يف‬ ‫فو�ضاه‪ ،‬ورهان ًا على الآتي؛ على الإن�سان‬ ‫الب�سيط‪ ،‬ال�ساعي دوم ًا لالمتالء بذاته‪،‬‬ ‫بعيد ًا ع��ن جت��اذب��ات احل��ي��اة وعراكها‬ ‫املتوا�صل‪ ،‬وهي �أي�ض ًا حماول ٌة للإ�صغاء‬ ‫لأول���ئ���ك ال����ذي مي���� ّرون ق��رب��ن��ا ب��دون‬ ‫�أن نلتفتَ �إليهم‪ ،‬لأ�صحاب ال�صوت‬ ‫اخلافت‪ ،‬الأكرث �صدق ًا وعفوية‪.‬‬ ‫ت�ضم املجموعة اثنتي ع�شرة ق�صة‬ ‫ق�����ص�يرة حملت ع��ن��اوي��ن‪( :‬ث���وب يف‬ ‫املطار‪� ،‬سرية ذاتية برغوة القهوة‪،‬‬ ‫امل���وت���ى ال ي��ف�����ش��ون الأ�����س����رار‪� ،‬أب���ي‬ ‫ال ي��ج��ي��د ح��را���س��ة ال��ق�����ص��ور‪ ،‬م��واء‬ ‫ال��ق��ط��ط‪ ،‬ال�شخ�ص ال���ذي ال ميلك‬ ‫ج�����س��ده‪ ،‬م��ع��ارك يف مقهى ال�شرق‪،‬‬ ‫و�شاية العندليب‪ ،‬حرية املالئكة عند‬ ‫�صالة الع�شاء‪ ،‬عندما تبكي اخليول‪،‬‬ ‫اخل����ارج����ان ع���ن ال���ن�������ص‪ ،‬وح��ظ��ك‬ ‫اليوم)‪.‬‬ ‫وحمافظة كاتب وروائي �أردين مقيم‬ ‫يف �أب���و ظ��ب��ي‪ ،‬يحمل ع�ضوية رابطة‬ ‫الكتّاب الأردن��ي�ين‪ ،‬وع�ضوية منت�سبة‬ ‫الحتاد كتاب و�أدباء الإمارات‪ ،‬ورابطة‬ ‫�أبو ظبي الدولية للت�صوير الفوتوغرايف‪،‬‬ ‫�صدرت له يف بريوت رواية‪( :‬بالأم�س‬ ‫كنت ه��ن��اك)‪ ،‬ورواي���ة (ي��وم خذلتني‬ ‫ال��ف��را���ش��ات) التي تر�شحت للقائمة‬ ‫الطويلة جلائزة ال�شيخ زاي��د للكتاب‬ ‫‪.2012‬‬ ‫‪ 62‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫صدر حديثًا‬ ‫التاريخ الوجيز لمحاكم‬ ‫التفتيش بإسبانيا‬ ‫جوزيف بيريز‬ ‫ترجمة‪ :‬د‪.‬مصطفى أمادي‬

‫غالف التاريخ الوجيز ملحاكم التفتي�ش ب�إ�سبانيا‬

‫�أ�صدر م�شروع (كلمة) للرتجمة يف هيئة �أبوظبي‬ ‫لل�سياحة والثقافة كتاب ًا جديد ًا بعنوان‪( :‬التاريخ‬ ‫ال��وج��ي��ز ملحاكم التفتي�ش ب�إ�سبانيا) للم�ؤلف‬ ‫جوزيف برييز‪ ،‬ونقله �إىل العربية د‪.‬م�صطفى‬ ‫�أمادي‪.‬‬ ‫يتحدث الكتاب عن حماكم التفتي�ش الإ�سبانية‬ ‫التي عاقبت املهرطقني والآالف من ال�ضحايا‬ ‫الأبرياء‪ ،‬من �أجل م�ساعدة الكني�سة على التحكم‬ ‫يف ال�ش�أن ال�سيا�سي والعام‪.‬‬ ‫وي���أخ��ذ امل���ؤل��ف بعني االعتبار يف ه��ذا الكتاب‬ ‫التاريخي‪ ،‬جمموعة من امل�ساهمات التي كتبت‬ ‫ح���ول حم��اك��م ال��ت��ف��ت��ي�����ش‪ ،‬ح��ي��ث ي��ح��ل��ل بنظرة‬ ‫تاريخية عميقة و�إن كانت م��وج��زة‪ ،‬عن عالقة‬ ‫الفكر بال�سيا�سة‪ ،‬ويطرح كذلك‪ ،‬جمموعة من‬ ‫الت�سا�ؤالت ذات ال�صلة بنظام وحماكم التفتي�ش‬ ‫ومتويلها‪ ،‬كما يو�ضح الأه��داف من �إن�شاء هذه‬ ‫املحاكم والعواقب املرتتبة عنها‪ ،‬و�إ�صدار فهار�س‬ ‫ب�أ�سماء الكتب املحظورة‪ ،‬بالرغم من �أهميتها‬ ‫وقيمتها املعرفية‪.‬‬ ‫كما يعالج الكتاب ال�صورة التي كانت عليها‬ ‫حماكم التفتي�ش ب�إ�سبانيا‪ ،‬يف املناطق التي كانت‬ ‫حتت �سلطة امللكني فرديناند و�إيزابيال‪ ،‬ثم حتت‬

‫حكم �آل هاب�سبورغ‪ ،‬و�أخ�ي�ر ًا‪ ،‬حتت حكم �أوائ��ل‬ ‫البوربونيني‪ .‬ويتعر�ض �إىل موا�ضيع م��ن مثل‪:‬‬ ‫امل�سلمني‪ ،‬ال��ع��رب‪ ،‬اللوثرية والإيرا�سمو�سية‪،‬‬ ‫التحوالت ال�صوفية‪ ،‬الإمي��ان والأخ�لاق‪ ،‬اجلهاز‬ ‫الإداري وامل���ايل ملحاكم التفتي�ش‪ ،‬املحاكمات‬ ‫وال�سلطات التنفيذية وال�سيا�سية ملحاكم التفتي�ش‪،‬‬ ‫�إلخ‪...‬‬ ‫وامل�ؤلف جوزيف برييز من مواليد �سنة ‪1931‬‬ ‫بفرن�سا‪� ،‬أ�ستاذ متخ�ص�ص يف التاريخ واحل�ضارة‬ ‫الإ�سبانية بجامعة بوردو‪ ،‬ورئي�س اجلامعة نف�سها‬ ‫من �سنة ‪� 1978‬إىل ‪.1983‬‬ ‫تقلد ع��دة منا�صب م��ث��ل‪ :‬م��دي��ر م�ؤ�س�سة دار‬ ‫بيال�سكيث ب�إ�سبانيا وع�ضو مرا�سل ملجموعة من‬ ‫الأكادمييات الدولية‪� .‬أ َلّ��ف ما يزيد على �أربعني‬ ‫كتاب ًا‪ ،‬ترجمت �إىل العديد من اللغات كالإ�سبانية‬ ‫والإيطالية والأملانية والإجنليزية واليابانية‪.‬‬ ‫نقل الكتاب �إىل العربية الدكتور م�صطفى �أمادي‬ ‫�أ�ستاذ بجامعة احل�سن الثاين يف الدار البي�ضاء‪،‬‬ ‫من�سق وحدة البحث يف املخطوط الأندل�سي ورئي�س‬ ‫مركز الدرا�سات الإيبريية والإيبريو �أمريكية‪ ،‬من‬ ‫بني م�ؤلفاته‪ :‬م�سار املخطوط الأندل�سي ‪،2008‬‬ ‫واملخطوط ال�صويف الأندل�سي ‪ ،2010‬وتاريخ‬ ‫تطور امل�صطلحات من �أ�صل عربي يف القوامي�س‬ ‫الإ�سبانية ‪ .2010‬ترجم العديد من امل�ؤلفات‪ .‬وهو‬ ‫ع�ضو يف العديد من املجالت والدوريات الثقافية‬ ‫و�أ�ستاذ حما�ضر مبجموعة من اجلامعات الدولية‬ ‫كالربازيل و�شيلي‪ ،‬و�إ�سبانيا وفرن�سا والكويت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في خيمة القذافي‬ ‫غسان شربل‬

‫يف كتابه ال�صادر م�ؤخر ًا عن دار (ريا�ض الر ّي�س‬ ‫للكتب والن�شر) يف ب�يروت‪ ،‬وال��ذي حمل عنوان‬ ‫(يف خيمة الق ّذايف)‪ ،‬يتناول الكاتب وال�صحايف‬ ‫اللبناين غ�سان �شربل �شخ�صية الرئي�س الليبي‬ ‫الراحل العقيد مع ّمر القذايف وتاريخه و�سريته‪،‬‬ ‫ع�بر �أح��ادي��ث م��ع جمموعة م��ن عارفيه الذين‬ ‫«يك�شفون خفايا عهده»‪ ،‬كما ورد على الغالف‪،‬‬ ‫وهم‪ :‬عبد ال�سالم جلود الذي كان لفرتة طويلة‬ ‫ال�شخ�ص ال��ث��اين يف ح��ك��م ليبيا‪ ،‬ع��ب��د املنعم‬ ‫الهوين‪ ،‬عبد الرحمن �شلقم‪ ،‬علي عبد ال�سالم‬ ‫الرتيكي ونوري امل�سماري‪.‬‬ ‫ورغم �أن الكتاب يجمع بني ال�صحافة والتاريخ‪،‬‬ ‫ويك�شف عن �شغف م�ؤ ّلفه بال�سيا�سة والأمن‪ ،‬ف�إنه‬ ‫لي�س جمموعة حوارات �صحافية فح�سب‪ ،‬وال هو‬

‫غالف كتاب يف خيمة القذايف‬

‫كتاب توثيق لأربعة عقود من تاريخ ليبيا حتت‬ ‫حكم القذايف‪ ،‬بل �شهادات ووقائع يرويها خم�سة‬ ‫من قادة الثورة التي �أطاحت النظام امللكي الليبي‬ ‫عام ‪ 1969‬بزعامة معمر القذايف‪ ،‬والذي حت ّول‬ ‫يف �سنوات �إىل احلاكم الأوح��د حتى مقتله عام‬ ‫‪ ..2011‬ويف املح�صلة‪ ،‬تتعدّد قراءة هذا الكتاب‪.‬‬ ‫فمن �شاء �أن يقر�أه �سيا�سي ًا‪ ،‬فهو يجد فيه �ضا ّلته‪.‬‬ ‫ومن �شاء �أن يقر�أه ت�أريخي ًا وتوثيقي ًا‪ ،‬فهو يكت�شف‬ ‫فيه مادّة مهمة‪ ،‬ال �سيما يف ما يرتبط بثورة الفاحت‬ ‫من �سبتمرب وتفا�صيلها الع�سكرية وكذلك احلقبة‬ ‫التي �أحكم امل�ستب ّد قب�ضته فيها‪ .‬ومن �أراد البحث‬ ‫ع��ن موا�صفات ال��ق��ذايف ب�صفته (دي��ك��ت��ات��ور ًا)‬ ‫منوذجي ًا‪ ،‬متف ّرد ًا مبالحمه وعاداته و (خ�صاله)‬ ‫غري احلميدة‪ ،‬فهو يواجه حكايات ووقائع غريبة‬ ‫تفوق الت�ص ّور‪.‬‬ ‫ويف ح���وارات���ه م��ع ال��رج��ال اخل��م�����س��ة‪ ،‬اعتمد‬ ‫�شربل �أ�سلوب (الدرد�شة)‪ ،‬كما يقول‪ ،‬م�ستنطق ًا‬ ‫وم�ستدرج ًا �إي��اه��م‪ .‬وك��ي تكتمل ال�صورة �أم��ام‬ ‫ال���ق���ارئ‪ ،‬ك��� ّرر بع�ض الأ���س��ئ��ل��ة ع��ل��ى حم��اوري��ه‪،‬‬ ‫ف�أجمعوا كلهم على بع�ض الأمور‪ ،‬و�أخفى بع�ضهم‬ ‫�أ�شياء و�ص ّرح ب�أمور �أخرى‪ ،‬وتكتّم بع�ضهم‪ ،‬ف�إذا‬ ‫باحلوارات جمتمعة تك�شف ما خبّ�أه البع�ض‪ ،‬و�إذا‬ ‫بالكتاب يبدو �أ�شبه مب�سرحية يتناوب على الكالم‬ ‫فيها خم�سة �أ�شخا�ص‪ ،‬يك�شفون �سمات خف ّية وغري‬ ‫خف ّية يف �شخ�صية الرجل ويف حياته‪ ،‬مبا يتيح‬ ‫للقارئ �أن ي�ستخل�ص �صورة مر ّكبة عن رجل‪ ،‬مل‬ ‫يكن طاغية فح�سب‪ ،‬بل كان �شخ�صية ا�ستعرا�ضية‬ ‫مع ّقدة‪� ..‬أما الكاتب‪ ،‬فيقارب الأحداث من دون‬

‫(ت��اب��وات) م�سبقة وم��ن دون هواج�س مقلقة‪،‬‬ ‫وي�سجل ويناق�ش ويح ّلل‬ ‫�إذ ي�س�أل ويح ّرر وي��د ّون‬ ‫ّ‬ ‫ويقارن املعلومة‪ ،‬ويتجاوز كل ذلك �إىل الف�ضاء‬ ‫الأو�سع‪ ،‬و�إىل ما يجمع بني (الطغاة) يف املنطقة‪،‬‬ ‫ويحاول �أن يخرق بحذر �شديد الثوابت الثقافية‬ ‫والأيديولوجية وال�سيا�سية القائمة‪.‬‬ ‫من �شخ�صية �إىل �أخ��رى‪ ،‬ومن حوار �إىل �آخر‪،‬‬ ‫ي��ب��دو ال��ك��ت��اب �أ���ش��ب��ه ب��االع�تراف��ات ال�سيا�سية‬ ‫القائمة عن �أنظمة حكمت با�سم (�أيديولوجيات)‬ ‫تر�سخت يف اعرتافات اخلم�سة‬ ‫ظ ّلت قائمة‪� ،‬إذ ّ‬ ‫مفاهيم القمع على ال�صعد ك��اف��ة‪ ..‬وب�أ�سلوبه‬ ‫الأدبي الو�صفي‪ ،‬يقول �شربل يف مقدمة الكتاب‪،‬‬ ‫والتي ر�سم فيها �صورة منوذجية للق ّذايف كما‬ ‫ا�ستخل�صها بوقائعها وتفا�صيلها‪ :‬ال يلتفت امل�ستبد‬ ‫�إىل �ساعته‪� .‬شم�سه لن تغرب‪� .‬أوف��ده التاريخ يف‬ ‫مهمة مفتوحة‪ .‬ك ّلفه اخرتاع بالده‪� .‬إخراجها من‬ ‫ركامها‪.‬‬ ‫م���ن خ��وف��ه��ا امل���زم���ن وان���ت���ظ���اره���ا ال��ط��وي��ل‪.‬‬ ‫ك ّلفه و�أط��ل��ق ي��ده‪ .‬تفوي�ضه م��ن رح��م الأم���ة‪ ،‬ال‬ ‫يحتاج �إىل ا�ستجداء ال�شرعية من (العمالء)‬ ‫و(العبيد) و(اجل���رذان) و(ال��ك�لاب ال�ضا ّلة)‪.‬‬ ‫وي�ضيف‪« :‬كان ي�ستعذب اللعب بامل�صائر‪ .‬يخرتع‬ ‫�أ�شخا�ص ًا ويخرتع لهم �أدوار ًا‪ .‬يدفعهم �إىل �أعلى‬ ‫ث��م يخف�ضهم‪ .‬يدخلهم ال�سجن ويعيدهم �إىل‬ ‫مكاتبهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ينظم �أعمارهم على عقارب مزاجه املتق ّلب‪.‬‬ ‫�سيث�أر من فقر طفولته ومن ا�ست�ضعاف الآخرين‬ ‫لعائلته املبا�شرة‪.‬‬ ‫�سيحتقر اجلميع‪ ،‬ويف �ساعة الغ�ضب �سيقول‬ ‫للنا�س‪ :‬من �أنتم؟»‬ ‫ي�صف �شربل القذايف بـ(النكبة التاريخية)‪،‬‬ ‫م�ستعري ًا بع�ض ما قيل عن (القائد التاريخي)‪،‬‬ ‫ف�إن الغالف الأخري للكتاب ّ‬ ‫يلخ�ص حكم الرجل‬ ‫بـكل اخليوط يف يد رجل واحد‪ ،‬والرجل مري�ض‪.‬‬ ‫يحب توقيع‬ ‫يهرب �إىل ال�صحراء مع خيمته‪ .‬ال ّ‬ ‫الأوراق‪ .‬الأوام����ر �شفهية‪��� ،‬س��واء كانت لإنفاق‬ ‫املاليني �أو للقتل‪ .‬احتقاره ل�شعبه ال ينف�صل عن‬ ‫احتقاره لكل القواعد الدولية والأع��راف‪ .‬ير�سل‬ ‫املتفجرات يف كل اجت��اه‪ .‬و�ستنفجر عبواته جو ًا‬ ‫وب��ح��ر ًا وب����ر ًا‪ .‬ويف ب��ل��دان قريبة وب��ع��ي��دة‪ .‬كان‬ ‫يبتهج ب�إ�ضرام النار يف الرداء الأمريكي‪ .‬ويكره‬ ‫ال�سوفييت وي�شرتي منهم الرت�سانات‪.‬‬

‫ح����اك����م����ة ق������رط������اج‪..‬‬ ‫االستيالء على تونس‬ ‫نيكوالبو وكاترين غراسياي‬ ‫ترجمه عمر ب��ن ض��و وكمال‬ ‫البجاوى وإبراهيم بن صالح‬

‫غالف كتاب حاكمة قرطاج‬

‫(ح��اك��م��ة ق���رط���اج‪ ..‬اال���س��ت��ي�لاء على‬ ‫تون�س) كتاب جديد �أ���ص��درت��ه الهيئة‬ ‫امل�صرية العامة للكتاب‪ ،‬وهو من �إعداد‬ ‫نيكوالبو وكاترين غرا�سياي‪ ،‬وترجمه‬ ‫للعربية عمر بن �ضو وكمال البجاوى‬ ‫و�إبراهيم بن �صالح و�آخرون‪.‬‬ ‫والكتاب يعد واح���د ًا م��ن �أه��م الكتب‬ ‫التي �صدرت يف الفرتة الأخ�يرة‪ ،‬فقد‬ ‫كان احل�صول عليه �أمر بالغ ال�صعوبة‪،‬‬ ‫فهو يف�صل القول وير�صد �سرية حياة‬ ‫ليلى الطرابل�سي زوجة زين العابدين‬ ‫بن علي الرئي�س التون�سي الهارب بدء ًا‬ ‫من �أ�سرتها املتوا�ضعة ودرا�ستها يف‬ ‫معهد احلالقة ثم حياتها القلقة وحتى‬ ‫�أ�صبحت �صاحبة ال�سيادة يف تون�س‪.‬‬ ‫والكتاب يتناول �ألوان الف�ساد ال�سيا�سي‬ ‫وامل���ايل داخ��ل ال��ب�لاد التون�سية‪ ،‬كما‬ ‫ير�صد للفنت والد�سائ�س داخل ق�صر‬ ‫ق��رط��اج وك��ي��ف ك��ان��ت تتحرك الأم���ور‬ ‫وت����دار ال���دول���ة‪ ،‬وي��ت��ك��ون م��ن مقدمة‬ ‫وت�سعة ف�صول �إ�ضافة للخامتة و�صدر‬ ‫يف نحو مائتي �صفحة ‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪63‬‬


‫دبل كليك‬

‫دبل كليك‬

‫هؤالء غيروا حياة البشرية‬ ‫تاريخ البريد األلكتروني‬

‫ناصر الزمل‬ ‫كاتب وصاحب موسوعة‬ ‫أحداث القرن العشرين‬

‫ث�ل�اث م��ن و���س��ائ��ل االت�����ص��ال غ�ي�رت �أ�ساليب‬ ‫التخاطب واالت�صال بني بني الب�شر يف �أرج��اء‬ ‫املعمورة كافة‪ ،‬و�صارت تواريخ ابتكارها نقاط ًا‬ ‫م�ضيئة يف ت��اري��خ ال��ب�����ش��ري��ة احل���دي���ث‪ ،‬وب��ات‬ ‫خمرتعوها من امل�شاهري الذين لوالهم‪ ،‬ملا بدت‬ ‫الدنيا كما هي اليوم‪.‬‬ ‫يف الرابع والع�شرين من �أيار‪/‬مايو ‪� 1844‬أر�سل‬ ‫�صامويل ب‪ .‬مور�س‪ ،‬خم�ترع التلغراف‪ ،‬برقية‬ ‫كتب فيها‪« :‬م���اذا خلق اهلل!»‪ .‬مل يكن مور�س‬ ‫يعلم �أن��ه ب�إر�ساله تلك الربقية �إمن��ا كان ي�صنع‬ ‫التاريخ‪ ،‬ولكنه ك��ان كذلك يف واق��ع الأم��ر‪ ،‬فقد‬ ‫كانت تلك �أول برقية تر�سل يف التاريخ‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫اليوم ومور�س واحد من عظماء العامل يف جمال‬ ‫االخرتاعات العلمية‪.‬‬ ‫ويف العا�شر من �آذار‪/‬م��ار���س ‪ ،1876‬ات�صل‬ ‫الك�سندر ج��راه��ام ب��ل‪ ،‬خم�ترع الهاتف‪ ،‬ب�أحد‬ ‫م�ساعديه قائ ًال‪�« :‬سيد وات�سون ‪ . .‬تعال‪� ،‬أريدك‬ ‫هنا»‪ .‬وذعر وات�سون الذي كان ي�ستمع �إىل �صوت‬ ‫يفرت�ض يف ح�سابات املنطق وامل��ع��روف �آن��ذاك‬ ‫�أنه �آت من مكان بعيد ال ميكن لل�صوت �أن ي�صل‬ ‫خالله �إال مبعجزة وكانت تلك معجزة حق ًا‪ .‬فقد‬ ‫‪ 64‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫ك��ان وات�سون ي�ستمع �إىل �أول مكاملة هاتفية يف‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫وال��ي��وم‪ ،‬ال ي��ك��اد ي��وج��د م��ن ال ي��ع��رف م��ن هو‬ ‫الك�سندر ج��راه��ام ب��ل؟ فحتى تالميذ املدار�س‬ ‫ال�صغار يعرفون �أنه خمرتع الهاتف‪.‬‬ ‫ويف ال��ع��ام ‪� 1895‬أر���س��ل االي��ط��ايل جولييلمو‬ ‫م���ارك���وين‪��� ،‬ص��وت��ه ع�ب�ر ال���ه���واء م��د���ش��ن�� ًا �أح���د‬ ‫�أعظم خمرتعات ع�صرنا‪ ،‬و�أعني به االت�صال‬ ‫الال�سلكي‪ ،‬وعلى الرغم من �أنه حرم من ت�سجيل‬ ‫كلماته الأوىل عرب اخرتاعه‪ ،‬ف�إن ماركوين نال ما‬ ‫مل ينله �سابقاه‪ ،‬جراهام بل ومور�س من �شهرة‬ ‫وتقدير‪ ،‬فقد كرم ماركوين بح�صوله على جائزة‬ ‫نوبل للفيزياء عام ‪.1909‬‬ ‫لقد غ�يرت و�سائل االت�صال ه��ذه وج��ه العامل‬ ‫وح��ف��رت �أ���س��م��اء خمرتعيها عميق ًا يف �سجل‬ ‫التاريخ‪ ،‬فمن ميكنه ت�صور احلياة احلديثة من‬ ‫دون و�سائل االت�صال التي قدمها ه���ؤالء الثالثة‬ ‫للب�شرية؟‬ ‫لكن االخرتاعات يف جمال االت�صاالت مل تتوقف‬ ‫عند ه�ؤالء املخرتعني الثالثة‪ ،‬فقد جاء اخرتاع‬ ‫راب��ع ليمثل ذروة االت�صاالت بني بني الب�شر يف‬ ‫عامل اليوم‪ ،‬و�أعني بذلك الربيد االلكرتوين الذي‬ ‫دخل حيز الوجود يف �سبعينيات القرن املا�ضي‪،‬‬ ‫وال��ذي �أ�صبح االت�صال عربه عنوان احلداثة يف‬ ‫عاملنا املعا�صر‪.‬‬ ‫لقد كان كل من هذه االخرتاعات ثورة يف عامل‬ ‫االت�صال‪ ،‬و�صنع كل منها ملخرتعه جمد ًا ي�ستحقه‬ ‫وخلده يف كتب التاريخ‪� ،‬إال رابع ه�ؤالء املخرتعني‬ ‫الذي جحده اخرتاعه وتفوق عليه �شهرة‪ ،‬وا�ضع ًا‬

‫�إي��اه يف الظل‪ ،‬ففي حني حاز املخرتعون الثالثة‬ ‫الأوائ��ل �شهرة مدوية وكتبت �أ�سما�ؤهم يف �سجل‬ ‫اخللود‪ ،‬ما زال خمرتع الربيد االلكرتوين ووا�ضع‬ ‫�أ�س�سه جمهو ًال يقبع يف الظل‪ .‬كما بقيت جمهولة‬ ‫ل�ل�أك�ثري��ة م��ن م�ستخدمي االن�ترن��ت‪ ،‬الطريقة‬ ‫التي اخرتع بها و�سيلته االت�صالية احلديثة‪ .‬فمن‬ ‫�سمع عن ب��راي توميلن�سون؟ �إن��ه خمرتع الربيد‬ ‫االل��ك�تروين ال��ذي يعي�ش حياة عادية موظف ًا يف‬ ‫�شركة �أمريكية منذ �أك�ثر م��ن خم�سة وثالثني‬ ‫عام ًا‪ .‬دون �أدنى حماولة لتعريف العامل ب�أنه �أحد‬ ‫رجال التاريخ‪ ،‬فتوميلن�سون فخور مبا اخرتعه‪،‬‬ ‫وهذا يكفيه‪.‬‬ ‫ُيعد الربيد االلكرتوين �أك�ثر الطرق حتى الآن‬ ‫لنقل ال��ب��ي��ان��ات‪ ،‬وم��ل��ف��ات الن�صو�ص وال�صور‬ ‫الرقمية‪ ،‬وملفات ال�صوت والفيديو من جهاز‬ ‫كمبيوتر �إىل �آخر عرب �شبكة االنرتنت‪ ،‬ومل ت�صبح‬ ‫هذه الظاهرة ال�شعبية حتى عام ‪ ،1990‬والآن‬ ‫هي الأع��م��ال التجارية الرئي�سية‪ ،‬واالت�صاالت‬ ‫ال�شخ�صية‪ ،‬وك���ان ل��ه ت���أث�ير رائ���ع ع��ل��ى كمية‬ ‫املعلومات التي يتم �إر�سالها يف جميع �أنحاء العامل‪.‬‬ ‫ويف بداياته كان الرتا�سل بالربيد يتوجب ولوج‬ ‫ك ً‬ ‫�لا من الرا�سل و املر�سل �إليه �إىل ال�شبكة يف‬ ‫الوقت ذاته لتنتقل الر�سالة بينهما �آنيا كما هو‬ ‫احل��ال يف حمادثات الرتا�سل اللحظي املعروفة‬ ‫ال��ي��وم‪� ،‬إال �أن الربيد الإل��ك�تروين الحق ًا �أ�صبح‬ ‫مبني ًا على مبد�أ التخزين والتمرير‪ ،‬حيث تحُ فظ‬ ‫الر�سائل ال��واردة يف �صناديق بريد امل�ستخدمني‬ ‫ليطلعوا عليها يف الوقت الذي ي�شا�ؤون‪.‬‬ ‫ك��ان��ت وزارة ال��دف��اع الأم��ري��ك��ي��ة ق��د اخ��ت��ارت‬ ‫�شركة ( بي بي ان ) التي يعمل فيها املهند�س‬ ‫راي توملين�سون لكي تقوم ببناء ‪ARBANET‬‬ ‫�أربانت‪ ،‬وهي �أحرف ترمز �إىل ال�شبكة التي تربط‬ ‫املعاهد العلمية واجلامعات يف الواليات املتحدة‬ ‫الأمريكية بع�ضها ببع�ض‪ ،‬وجتعلها على ات�صال‬ ‫فيما بينها‪ ،‬وتعترب �أربانت هي الركيزة الرئي�سية‬

‫ال��ت��ي انطلقت منها �شبكة امل��ع��ل��وم��ات العاملية‬ ‫(الإنرتنت) حالي ًا‪.‬‬ ‫كان راي توملين�سون قد �شارك يف ت�صميم تلك‬ ‫ال�شبكة بربنامج لكتابة الر�سائل الإلكرتونية‬ ‫ي�سمى‬ ‫‪ SNDMSG‬وذل���ك ل��ك��ي يتمكن ال��ع��ام��ل��ون‬ ‫ع�بر �شركة �أرب��ان��ت م��ن االت�����ص��ال فيما بينهم‬ ‫ع���ن ط��ري��ق ال��ر���س��ائ��ل ال��ت��ي ت��ر���س��ل لبع�ضهم‬ ‫البع�ض‪ ،‬وهذا الربنامج ال يرقى مل�ستوى الربيد‬ ‫الإل��ك�تروين احل��ايل‪ ،‬ولكنه كان النواة التي بد�أ‬ ‫منها ( توملين�سون ) للو�صول للربيد احل��ايل ‪.‬‬ ‫و�أهمية هذا الربنامج �أنه ي�صنع ملف ًا تُو�ضع فيه‬ ‫الر�سالة‪ ،‬وه��و م��ا يعني �أن��ه ال ي�ستعمل �إال بني‬ ‫�شخ�صني �أو �أك�ثر ي�شرتكون يف جهاز كمبيوتر‬ ‫واح��د‪ .‬من تلك الأجهزة التي كانت متوافرة يف‬ ‫املعاهد واجل��ام��ع��ات امل�شرتكة ب�شبكة �أرب��ان��ت‪،‬‬ ‫فالكمبيوترات ال�شخ�صية مل تكن ق��د ظهرت‬ ‫بعد‪ .‬حيث كان عليه �أن ينتظر حتى عام ‪1981‬‬ ‫لتظهر حمدثة التحول الأكرب يف عامل التكنولوجيا‬ ‫احلديثة التي ت�سيطر على عاملنا اليوم‪.‬‬ ‫وكان الربيد الإلكرتوين يف وقت مبكر من القرن‬ ‫الع�شرين لي�س كما ما نعرفه يف هذه الأيام بل هو‬ ‫مبثابة ملف دليل تو�ضع الر�سالة بداخل الدليل‬ ‫مل�ستخدم �آخر يف مكان حيث ميكن �أن يرى ذلك‪.‬‬ ‫متام ًا مثل ترتك مذكرة على مكتب �شخ�ص ما‪.‬‬ ‫وكان نظام الربيد الإلكرتوين الأول من هذا نوع‬

‫�أُ�ستخدم يف معهد ما�سات�شو�ست�س للتكنولوجيا‬ ‫ع��ام ‪ .1965‬وو�ضع برنامج �آخ��ر ‪SNDMSG‬‬ ‫لإر�سال الر�سائل على الكمبيوتر ‪.‬‬ ‫يقول توميلن�سون «مل يكن �صندوق الربيد �إال‬ ‫ملف ًا يكتب فيه امل�ستخدم ر�سالته‪ ،‬وال ميكن‬ ‫للقارئ �إع���ادة الكتابة عليه �أو حت��ري��ره‪ ،‬ميكنه‬ ‫قراءته فقط»‪ .‬وكما ذكرنا‪ ،‬فقد كان الهدف ترك‬ ‫الر�سائل من ال�شخ�ص ال��ذي انتهى عمله على‬ ‫اجلهاز لل�شخ�ص الذي �سيتوىل �أم��ره من بعده‪،‬‬ ‫من دون احلاجة للقاء‪.‬‬ ‫يف ع��ام ‪ 1981‬ح��دث التحول الكبري يف عامل‬ ‫االت�����ص��االت ال���ذي �سيطر على ال��ع��امل ال��ي��وم ‪،‬‬ ‫فقد �صمم توملين�سون برناجم ًا �أخ��ر ي�سمى (‬ ‫�سيبنت) ‪ CYPNET‬ي�سمح بنقل امللفات من‬ ‫جهاز كمبيوتر �إىل �آخر ب�شرط �أن يكون اجلهازين‬ ‫مرتبطني ب�شبكة ( �أربانت) ‪.‬‬ ‫وهنا فكر توم�سلينون ملي ًا يف برنامج ي�سمح له‬ ‫بالربط بني الربناجمني ال��ذي �سبق و�صممهما‬ ‫وهم ‪ SNDMSG‬والذي ي�سمح ب�إر�سال الر�سائل‬ ‫والثاين ‪ CYPNET‬والذي ي�سمح بنقل امللفات‬ ‫من جهاز �إىل �آخر وهنا ربطهما بربنامج واحد‬ ‫وهنا ولد الربيد الإلكرتوين‪.‬‬ ‫�أت��اح هذا االبتكار الفر�صة للجميع ال�ستخدام‬ ‫الربيد الإل��ك�تروين‪ ،‬ولكن امل�شكلة �أن الر�سالة‬ ‫كانت حتى ذل��ك الوقت ال حتمل �أي دليل على‬ ‫مكان مر�سلها‪ .‬وكانت هذه امل�شكلة هي التي �أرقت‬

‫توميلن�سون‪ ،‬ف�شبكة (�أربانت) موزعة على ‪15‬‬ ‫جهاز ًا يف �أماكن متفرقة من الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫منها ما هو موجود يف ما�سا�شو�ست�س‪ ،‬حيث مقر‬ ‫�شركة (بي بي �إن) التي يعمل فيها توميلن�سون‪،‬‬ ‫هذا الت�شتت هو الذي جعل توميلن�سون يفكر يف‬ ‫ابتكار رمز يو�ضع بني ا�سم املر�سل واملوقع الذي‬ ‫يفرت�ض �أن تر�سل منه الر�سالة‪.‬‬ ‫يقول توميلن�سون‪« :‬ت�أملت لوحة املفاتيح‪ .‬حاولت‬ ‫العثور على رمز ال ي�ستعمله الأ�شخا�ص عادة �ضمن‬ ‫�أ�سمائهم‪ ،‬مل �أرد �أن يكون هذا الرمز رقم ًا‪ .‬فكان‬ ‫ال��رم��ز @ ه��و م��ا اخ�ترت��ه م��ن ال��رم��وز امل��وج��ودة‬ ‫على ل��وح��ة امل��ف��ات��ي��ح‪� .‬إن���ه ح��رف اجل��ر الوحيد‬ ‫املوجود على اللوحة»‪ .‬وبالطبع ف���إن هذا الرمز‬ ‫الذي وقع اختيار توميلن�سون عليه يقر�أ على �أنه‬ ‫حرف اجلر(‪ )at‬باللغة الإجنليزية والذي ي�شري‬ ‫�إىل املكان الذي تنطلق منه الر�سالة‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫الرمز غري متداول �آنذاك ب�صفة ر�سمية �سوى يف‬ ‫تزيني ال�صفحات‪.‬‬ ‫يف عام ‪� 1971‬أر�سل راي توملين�سون �أول ر�سالة‬ ‫حتمل @ للف�صل ب�ين ا�سم امل�ستخدم وعنوان‬ ‫احلا�سوب كما ا�ستقر عليه الو�ضع اليوم وذلك‬ ‫عرب �شبكة �أربانت‪.‬‬ ‫وق��د متكن يف ذل��ك ال��ع��ام ‪ 1971‬م��ن �إر���س��ال‬ ‫ملفات عرب �شبكة حملية بدائية �إىل جهاز �آخر‬ ‫ق��ام املهند�س بعد ذل��ك بتطوير ب��رن��ام��ج �آخ��ر‬ ‫يتيح �إر�سال الر�سائل �إىل �أ�شخا�ص �آخرين عرب‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪65‬‬


‫دبل كليك‬ ‫�صناديق بريدية الكرتونية ليقوم بعدها بتحقيق‬ ‫اجنازه الفعلي عندما و�ضع عالمة @ لتخ�صي�ص‬ ‫ا�سم املر�سل �أو امل�ستخدم املراد �إر�سال الر�سائل‬ ‫االلكرتونية �إليه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مل يتوقع توملين�سون �أبدا �أن يكون لهذا الرمز‬ ‫ال��ذي اختاره الأث��ر ال��ذي يبدو عليه الآن‪ ،‬حيث‬ ‫بات حرف ًا قائم ًا بذاته‪ ،‬ي�ستخدم �ضمن �أ�سماء‬ ‫ال�شركات وعلى اللوحات الإعالنية‪ ،‬مثل �أي حرف‬ ‫�آخر‪ .‬ويقول‪« :‬لقد ا�ستغرق الأمر مابني ‪ 20‬و ‪40‬‬ ‫ثانية للتفكري» ما كان يق�صده توملين�سون هو �أن‬ ‫يو�ضح املر�سل هو �أن يو�ضح املر�سل مكان وجوده‬ ‫عند �إر�سال الر�سالة‪ ،‬ولي�س �أك�ثر‪� .‬أي �أنه ي�ضع‬ ‫الرمز بني ا�سمه ومكان وجوده‪ ،‬فيت�ضمن العنوان‬ ‫ا�سم املر�سل ومكان وجوده‪.‬‬ ‫ظ��ه��رت امل��را���س�لات ع�بر �أج��ه��زة احلا�سب يف‬ ‫عام ‪ 1971‬بف�ضل جهود توملين�سون‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫اليوم �أ�صبحت هذه العالمة هي الرمز الر�سمي‬ ‫وامل�سجل دولي ًا للربيد الإلكرتوين الذي كان بدوره‬ ‫نقلة ج��دي��دة حلقبة زمنية ق��ادم��ة تعتمد عليه‬ ‫ممهدة بذلك التح�ضري الندثار الربيد التقليدي ‪.‬‬ ‫ب��ح��ل��ول ع���ام ‪ 1974‬ك���ان ه��ن��اك م��ئ��ات من‬ ‫م�ستخدمي الربيد الإلكرتوين على �شبكة �آربانت‬ ‫التابعة ل��وزارة الدفاع الأمريكية مما ت�سبب يف‬ ‫حدوث حتول جذري يف �أهداف �أربانت‪.‬‬ ‫و���س��ارت الأم����ور ب�����س��رع��ة؛ ح��ي��ث اخ�ت�رع الري‬ ‫روب��رت�����س بع�ض جم��ل��دات ال�بري��د الإل���ك�ت�روين‬ ‫لرئي�سه يف العمل حتى يتمكن من ف��رز بريده‪،‬‬ ‫وحدث هذا تقدم ًا كبري ًا‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1975‬و�ضع جون فيتال بع�ض الربامج‬ ‫لتنظيم الربيد الإلكرتوين‪ ،‬ويف عام ‪ 1976‬انطلق‬ ‫الربيد الإلكرتوين بحزم جتارية‪.‬‬ ‫ك��ان واح��د ًا من التطورات اجلديدة �أو ًال عند‬ ‫ظهور �أجهزة الكمبيوتر ال�شخ�صية على ال�ساحة‪.‬‬ ‫مت و�ضع ‪� SMTP‬أول معيار للربيد الإلكرتوين‪،‬‬ ‫�أو ال�بروت��وك��ول الب�سيط لنقل الر�سالة‪ ،‬وك��ان‬ ‫بروتوكول نقل الربيد الإل��ك�تروين ب�سيطة جد ًا‬ ‫والتي ال تزال م�ستخدمة ‪ -‬ومع ذلك وكان هذا‬ ‫الربوتوكول �ساذج ًا �إىل حد م��ا‪ ،‬حيث ك��ان من‬ ‫ال�سهل ج���د ًا ال��ت��زوي��ر (وال ي���زال) يف عناوين‬ ‫الربيد الإلكرتوين‪ .‬وكانت هذه العيوب الأ�سا�سية‬ ‫يف بروتوكول مت ا�ستغالله من قبل الفريو�سات‬ ‫والديدان‪ ،‬وعمليات االحتيال وتزوير الهويات‪ .‬وال‬ ‫تزال بع�ض هذه امل�شاكل تعالج حتى عام ‪.2004‬‬ ‫يف ع���ام ‪� 1982‬أر���س��ل راي توميلن�سون �أول‬ ‫ر�سالة الكرتونية يف التاريخ وقد و�صلت الر�سالة‬ ‫‪ 66‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫علوم‬ ‫�إىل العنوان الذي �أر�سلت �إليه يف نف�س اللحظة‪،‬‬ ‫وق��د ك��ان ( راي ) �أر�سلها لنف�سه‪ ،‬وال يذكر‬ ‫توميلن�سون ما كانت حتتويه الر�سالة بال�ضبط‪،‬‬ ‫كل ما يذكره �أنها كانت جتميع ًا لعدد من الأحرف‬ ‫ال��ت��ي كتبت يف ���ص��ورة ع�����ش��وائ��ي��ة م��ك��ون��ة كلمة‬ ‫(‪� ،)QWERTYIOP‬أو �شيء من هذا القبيل‪.‬‬ ‫ومت يف ه��ذا العام ‪ 1982‬من ا�ستخدام اال�سم‬ ‫‪. email‬‬ ‫عندما ظهرت ال�شبكة العاملية للمعلومات (‬ ‫الإن�ت�رن���ت) �أدى ذل��ك الخ��ت��ف��اء �شبكة �أرب��ان��ت‬ ‫للأبد و�أ�صبح مئات املاليني ي�ستخدمون الإمييل‬ ‫والربيد الإلكرتوين يف العامل ومل يبق من الربيد‬ ‫الإلكرتوين الذي اخرتعه توملين�سون �إال املبادئ‬ ‫الأ�سا�سية‪.‬‬ ‫ولكن مع بداية تطور الربيد الإل��ك�تروين وقد‬ ‫�أخذ بع�ض امليزات الأنيقة جد ًا‪ ،‬وكان نظام يودورا‬ ‫واحد ًا من الأنظمة التجارية الأوىل اجليدة‪ ،‬والتي‬ ‫و�ضعها �ستيف دورنر يف عام ‪. 1988‬‬ ‫و ُيعد عام ‪ 1989‬عام ًا حا�سم ًا يف تاريخ ن�شر‬ ‫خدمة الربيد االل��ك�تروين ب�شكل جت��اري منظم‬ ‫للم�شرتكني‪ ،‬وكانت �شركتا ‪COMPUSERVE‬‬ ‫و‪ MCI‬هي �أوىل ال�شركات املقدمة للخدمة ‪.‬‬ ‫يف ع��ام ‪ 1993‬قامت �شركة �أمريكا �أون الين‬ ‫‪ AMERICA ON LINE‬و���ش��رك��ة ديفلي‬ ‫‪ DELPHI‬ب��رب��ط خ��دم��ات��ه��ا ال�بري��دي��ة عرب‬ ‫االنرتنت لتحول هذه ال�شبكة الربيدية �إىل و�سيلة‬ ‫لالت�صال‪.‬‬ ‫وال���ي���وم‪ ،‬ي�ستخدم م�لاي�ين الأ���ش��خ��ا���ص ح��ول‬ ‫ال��ع��امل ال�بري��د االل���ك�ت�روين‪ ،‬وق��ل��ة منهم فقط‬ ‫ت��ذك��ر خم�ترع��ه راي توملين�سون ال���ذي تو�صل‬ ‫�إىل اخ�تراع��ه م�����ص��ادف��ة‪ ،‬مت��ام�� ًا مثل ع�شرات‬ ‫االخ�تراع��ات التي غ�يرت وج��ه التاريخ‪ ،‬وه��و ما‬ ‫يت�ضح من خالل هذا اال�ستخدام الوا�سع له‪ .‬وال‬ ‫�شك يف �أن ذلك ي�ؤكد �أن هذا االبتكار كان حتمي ًا‪،‬‬ ‫و�أنه لو مل يوجد‪ ،‬لكان من ال�ضروري �إيجاده‪ .‬و�أن‬ ‫ك��ان كل اخ�تراع على ه��ذه ال��درج��ة من الأهمية‬ ‫يذكر ويذكر معه �صاحبه ف�إن الربيد االلكرتوين‬ ‫يذكر وك�أن وجوده من طبيعة الأمور‪� ،‬أما �صاحبه‬ ‫فال �أحد يكرتث له �أو به حتى لو كان على درجة‬ ‫من العبقرية مثل راي توملين�سون الذي مل ي�ستغرق‬ ‫منه ابتكار و�سيلة االت�صال هذه التي غريت وجه‬ ‫التاريخ �سوى ‪ 30‬ثانية‪.‬‬ ‫ويكمل الربيد الإلكرتوين هذه ال�سنة ‪ 41‬عام ًا‬ ‫م��ن ع��م��ره‪ ،‬م��� ّر خ�لال��ه��ا مب��راح��ل ت��ط��ور كبرية‬ ‫ح��ت��ى و���ص��ل �إىل ال�شكل ال���ذي ن��ع��رف��ه ح��ال��ي�� ًا‪،‬‬

‫ك�أ�سرع و�أ�سهل و�سيلة للتوا�صل عرب �شبكة من‬ ‫الكمبيوترات املوزعة حول العامل‪.‬‬ ‫ويرجع ال�سبب يف �ضياع حق راي توملين�سون‬ ‫بال�شهرة على الأقل يف اخرتاعه للربيد الإلكرتوين‬ ‫�إىل الفرق بني الإنرتنت ال�شبكة العاملية و( �أربانت‬ ‫) ال�شبكة املحلية لذلك مل ينت�شر ابتكار تومنلي�سون‬ ‫�إال بني فئة �ضيقة بني م�ستخدمي �أربانت وانتهت‬ ‫تلك املرحلة واب��ت��د�أت مرحلة جديدة باخرتاع‬ ‫الإنرتنت‪ ،‬ولأن تومنلي�سون مل يقم بت�سجيل الربيد‬ ‫الإلكرتوين كرباءة اخرتاع با�سمه ‪� ..‬أ�صبح الربيد‬ ‫الإلكرتوين بدون مالك وانت�شر بني كل م�ستخدمي‬ ‫الإن�ترن��ت وكما �ساعدت الإن�ترن��ت على انت�شار‬ ‫الربيد الإلكرتوين بني النا�س ف�إنها �ساعدت �أي�ض ًا‬ ‫على �ضياع ا�سم راي توملين�سون و�أ�صبح الربيد‬ ‫الإلكرتوين اخرتاع ًا دون خمرتع حتى وقتنا هذا ‪.‬‬ ‫مل ين�شر توملين�سون اخرتاعه على امللأ فور ًا‪،‬‬ ‫وطلب م��ن م�ساعده بريت�شفيل �أال يخرب �أح��د ًا‬ ‫ع��ن امل��و���ض��وع‪ ،‬فلم يطلب منه �أح���د م��ث ً‬ ‫�لا هذا‬ ‫االخ�تراع‪ .‬لكن قلق توملين�سون �سرعان ما زال‬ ‫عندما �أخ�بره زميل ثالث يدعى الري روبرت�س‬ ‫�أن��ه �سي�ستخدم اخ�تراع��ه‪ .‬وخ�لال ف�ترة وجيزة‬ ‫ب��ات اخ�تراع توملين�سون و�سيلة ات�صاله املثلى‬ ‫بالزمالء الآخرين وات�صالهم ببع�ضهم البع�ض‬ ‫الآخ��ر‪ ،‬ومل مي�ض الكثري من الوقت حتى اكت�سح‬ ‫اخرتاع توملين�سون اجلديد م�ستخدمي �أربانت‪،‬‬ ‫وجلهم من املحا�ضرين يف اجلامعات الأمريكية‪،‬‬ ‫و�أظهرت الدرا�سات التي �أجريت يف تلك الفرتة‬ ‫�أن ‪ 75‬يف امل���ائ���ة م���ن االت�������ص���االت يف �شركة‬ ‫�أربانت كانت تتم با�ستخدام الربيد االلكرتوين‬ ‫اجلديد‪ .‬ال��ذي يرى توملين�سون �أن �أه��م ما فيه‬ ‫هو �أن ا�ستخدامه ال ي�شرتط وجود �أي من مر�سل‬ ‫الر�سالة �أو م�ستقبلها‪ ،‬كما هو احلال يف اخرتاع‬ ‫الهاتف مث ًال‪.‬‬ ‫ال يزال راي توملين�سون يعمل يف ال�شركة ذاتها‪،‬‬ ‫(بي بي �إن)‪ ،‬التي ابتاعتها يف العام ‪� 2010‬شركة‬ ‫(جي تي �إي) و�ضمتها �إىل جمموعتها‪ .‬وين�صب‬ ‫عمل توملين�سون الآن على تطوير برجميات‬ ‫التجارة الإلكرتونية‪ ،‬جلعلها �أك�ثر �أم��ن�� ًا‪ ،‬وعلى‬ ‫غي باخرتاعه العامل‪ ،‬ف�إنه مل يتغري‪ ،‬بل‬ ‫رغم �أنه رّ‬ ‫ً‬ ‫�إن ذلك مل يزده �إال توا�ضعا‪ ،‬فمكتبه يف كيمربدج‬ ‫يف والية ما�سا�شو�ست�س‪ ،‬ال يثري االهتمام �أبد ًا‪ .‬ومل‬ ‫جتعله فكرة ثراء بع�ضهم باالعتماد على اخرتاعه‬ ‫هو نادم ًا على �شيء‪.‬‬ ‫يقول وه��و ي�ضحك «ع���ادة م��ا ينتهي االبتكار‬ ‫مبكاف�أة‪ .‬لكن هذا االبتكار كان ا�ستثناء»!‬

‫الثنائيات العضوية ‪ -‬مصدر جديد للضوء‬

‫ورق اجل���دران املتوهج و�شا�شات العر�ض‬ ‫القابلة للطي والنوافذ الزجاجية القادرة على‬ ‫�إنتاج التيار الكهربائي‪ ..‬كل هذا �سيكون يف‬ ‫متناول اليد‪ ،‬بف�ضل �صمامات ال�ضوء الثنائية‬ ‫الع�ضوية(‪.)OLED‬‬

‫مدينة دري�����س��دن الأمل��ان��ي��ة حتت�ضن الباحثني‬ ‫الذين يقفون وراء هذه الثورة‪.‬‬ ‫���ض��وء امل�����س��ت��ق��ب��ل ي��ت��وه��ج ب��ال��ف��ع��ل يف خمترب‬ ‫الربوفي�سور ك��ارل ليو يف دري�سدن وه��و عبارة‬ ‫ع��ن ل��وح م�سطح مربع الأ���ض�لاع‪ .‬وعلى طاولة‬ ‫املكتب اخلا�صة برئي�س معهد فراونهوفر للأنظمة‬ ‫ال�ضوئية الدقيقة(‪ ،)IPMS‬يوجد �صمام ال�ضوء‬ ‫الثنائي الع�ضوي (‪ .)OLED‬وه��و مكون من‬ ‫طبقات رقيقة م��ن �أ�شباه املو�صالت الع�ضوية‬ ‫التي يتم طال�ؤها على الزجاج ورقائق املعدن �أو‬ ‫البال�ستيك لينبعث منها ال�ضوء‪ ،‬وهي قادرة على‬ ‫�إ�ضاءة م�ساحات وا�سعة‪.‬‬ ‫وهكذا متثل م�صابيح ‪ OLED‬ث��ورة يف عامل‬ ‫ال�ضوء‪� ،‬إذ �إن الأجيال التي �سبقتها ابتدا ًء من‬ ‫امل�صباح الكهربائي العادي ومرور ًا بتلك املوفرة‬ ‫للطاقة وانتهاء بال�صمام ال�ضوئي ‪ ،LED‬قادرة‬ ‫فقط على �إ�ضاءة م�ساحة حم��دودة‪� ،‬أو ت�شوبها‬ ‫بع�ض ال�سلبيات مثل �إهدار قدر كبري من الطاقة‪،‬‬ ‫عرب حتويلها �إىل حرارة ال يتم اال�ستفادة منها‪.‬‬ ‫وعلى العك�س م��ن ذل��ك ف���إن الإ���ض��اءة بوا�سطة‬ ‫�صمامات ال�ضوء الثنائية الع�ضوية ‪،OLED‬‬ ‫تتميز بفعالية ك��ب�يرة‪ .‬وه��ي تتفوق بذلك حتى‬ ‫على الأنابيب امل�ضيئة التي تتمتع حاليا بالريادة‬ ‫يف ال�سوق‪ .‬كما �أنها تتمتع �أي�ض ًا مبرونة كبرية‪� ،‬إذ‬ ‫ميكن ا�ستخدامها على �أ�سطح مرنة وقابلة للطي‪،‬‬ ‫مم��ا يجعلها تكت�سب جاذبية خا�صة بالن�سبة‬ ‫للم�صممني واملهند�سني املعماريني‪.‬‬

‫‪ 2000‬كانت بداية العمل فعلي ًا يف دري�سدن يف‬ ‫جمال �أبحاث �صمامات ال�ضوء الثنائية الع�ضوية‬ ‫‪� .OLED‬أما القاعة الرئي�سية يف للمعهد فتبلغ‬ ‫م�ساحتها ‪ 900‬م�تر م��رب��ع‪ ،‬وق��د �أن�شئت لتكون‬ ‫مبثابة حمطة �إنتاج جتريبية‪.‬‬

‫�إن الأفكار التي كانت تعترب حتى الآن �ضرب ًا من‬ ‫اخليال‪� ،‬أ�صبحت ممكنة التحقيق بف�ضل ‪OLED‬‬ ‫التي يعكف الباحثون يف دري�سدن على تطويرها‪.‬‬ ‫وميكن م�ستقب ًال �أن ي�أتي ال�ضوء يف غرفة املعي�شة‬ ‫من ورق اجلدران امل�ضيء‪� ،‬أو من زجاج النوافذ‬ ‫املزودة ب�صمامات ال�ضوء الثنائية الع�ضوية‪ .‬كما‬ ‫م�سحوق يتحول �إىل �ضوء‬ ‫من املمكن �أن ت�صبح �شا�شة الكمبيوتر مرنة بحيث‬ ‫ميكن طيها‪ ،‬وكذلك من املمكن �أن حتل الأوراق يف عملية معقدة يتم طالء الطبقات الع�ضوية‬ ‫الإلكرتونية يف امل�ستقبل مكان الورق العادي كما الباعثة لل�ضوء ب�شكل تدريجي على امل��ع��ادن �أو‬ ‫هو م�ستخدم اليوم‪.‬‬ ‫الزجاج �أو الرقائق‪ .‬ويف البداية يتكون ما ي�شبه‬ ‫امل�سحوق‪ ،‬مكون من جزيئات الكربون التي تتكد�س‬ ‫نوافذ ت�ضئ وتنتج الكهرباء‬ ‫بدورها على �شكل طبقات منف�صلة يف �شكل ميكن‬ ‫وق��د رك��ز فريق عمل على عك�س امل��ب��د�أ ال��ذي مقارنته ب�شطائر اخلبز (�أو ال�ساندويت�ش)‪.‬‬ ‫تعمل عليه �صمامات ال�ضوء الثنائية الع�ضوية وتنتقل الإل��ك�ترون��ات ع�بر �أ���ش��ب��اه املو�صالت‬ ‫‪� ،OLED‬أي توليد الكهرباء بوا�سطة اخللية وتتحول طاقة من الإلكرتونات �إىل �ضوء‪ .‬وحلماية‬ ‫ال�شم�سية امل�صنوعة من م��واد ع�ضوية م�ضيئة‪ .‬هذا ال�ضوء من املاء والهواء والغبار‪ ،‬يتم �إغالق‬ ‫ولهذا الغر�ض يتم ا�ستبدال طبقة ‪ OLED‬امل�شعة كل �شيء بغطاء‪ ،‬وهذا ما ي�سمى بعملية التغليف‪.‬‬ ‫بطبقة قادرة على امت�صا�ص ال�ضوء‪ .‬وعرب هذه وبالرغم من كل االجن��ازات والنجاحات �إال �أن‬ ‫التقنية‪� ،‬ستكون النوافذ يف امل�ستقبل قادرة على الطريق ال يزال طوي ًال �أمام الباحثني يف دري�سدن‪،‬‬ ‫�إذ �إن �إ�ضاءة منطقة وا�سعة تكلف الكثري من املال‪.‬‬ ‫�إنتاج الكهرباء‪.‬‬ ‫ومنذ عام ‪ 2008‬دخلت الأبحاث التي يجريها لذلك ي�شجع كارل ليو العاملني معه يف املقام الأول‬ ‫العلماء يف دري�����س��دن‪ ،‬مرحلة تبلور الأف��ك��ار يف على حت�سني عمليات الت�صنيع‪ ،‬وكما يقول كارل‬ ‫�شكل خطوات عملية‪ ،‬حيث مت ت�أ�سي�س املركز ليو‪« :‬ن�سعى على املدى الطويل �إىل تخفي�ض ال�سعر‬ ‫الأكرث تطورا يف �أوروبا لأبحاث �أ�شباه املو�صالت من ‪ 100‬يورو للمرت املربع الواحد‪� ،‬إىل الن�صف‬ ‫ال��ع�����ض��وي��ة‪ ،‬وذل���ك حت��ت مظلة ‪� COMEDD‬أي �إىل ‪ 50‬ي��ورو‪ .‬ولتحقيق ه��ذا ال��ه��دف‪ ،‬يجب‬ ‫‪� “Center for Organic Materials and‬أن تتحول مراكز الإنتاج التجريبي �إىل مرافق‬ ‫‪ .”Electronic Devices Dresden‬ويف عام للإنتاج التجاري بكميات كبرية‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪67‬‬


‫علوم‬ ‫لقد اكت�سب املعهد يف دري�سدن �سمعة دولية طيبة‬ ‫خالل ال�سنوات الأخرية‪ ،‬و�ساهم يف هذا النجاح‬ ‫الذي حققه املعهد‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل براءات االخرتاع‬ ‫التي �سجلها‪� .‬إن االبتكارات التي مت حتقيقها �أدت‬ ‫بدورها �إىل ح�سني ورفع نوعية ال�ضوء املكت�سب‬ ‫بوا�سطة �صمام ال�ضوء الثنائي الع�ضوي ‪،OLED‬‬ ‫�إذ تبني عرب التعطيل املق�صود للبنية البلورية‬ ‫الداخلية املكونة من �أ�شباه املو�صالت الع�ضوية‪،‬‬ ‫ي�ساهم يف رف��ع القدرة املتاحة لتو�صيل ال�ضوء‬ ‫وي�ساهم بالتايل يف زي��ادة كمية ال�ضوء‪� .‬إن نقل‬ ‫الأفكار القابلة للتطبيق لل�شركات املبتدئة ال يعترب‬ ‫�أم��ر ًا ن��ادر ًا‪ ،‬حيث �ساهم املعهد ل�سبع م��رات يف‬ ‫تزويد تلك ال�شركات بالأفكار‪ .‬ومنذ عام ‪2003‬‬

‫تعمل �شركة ن��وف��ال��د ‪ ،Novaled‬على تزويد‬ ‫ال�شركات العاملة يف قطاع �صناعة الإ�ضاءة يف‬ ‫جميع �أنحاء العامل‪ ،‬بالدراية الفنية والتكنولوجيا‬ ‫الالزمة لإنتاج ال�ضوء بوا�سطة �صمامات ال�ضوء‬ ‫الثنائية الع�ضوية ‪.OLED‬‬ ‫�أم��ا الفرع الآخ��ر لل�شركة ‪ Heliatek‬وال��ذي‬ ‫ت�أ�س�س يف عام ‪ ،2006‬فقد ب��د�أ يف بناء من�ش�أة‬ ‫خا�صة لإنتاج اخلاليا ال�شم�سية الع�ضوية‪ .‬ويعترب‬ ‫مدير املعهد الربوفي�سور كارل ليو العقل املدبر‬ ‫الذي وقف وراء ت�أ�سي�س ال�شركتني‪ ،‬وهو ال يطمح‬ ‫�إىل �أن يجني يف نهاية م�شواره العلمي النجاح‬ ‫التقني ل�صمامات ال�����ض��وء الثنائية الع�ضوية‬ ‫فح�سب‪ ،‬و�إمنا النجاح االقت�صادي كذلك‪.‬‬ ‫ميكنكم م�شاهدة التقرير من خالل الرابط‪:‬‬

‫‪http://www.youtube.com/watch?v=xsPCIMq3HGg‬‬

‫االتصال عبر الضوء – أسلوب مبتكر في‬ ‫عالم االتصاالت‬

‫عندما ي��ق��وم ع��دد كبري م��ن ال��ن��ا���س ب���إج��راء‬ ‫مكاملات هاتفية يف نف�س الوقت �أو بالدخول �إىل‬ ‫�شبكة االنرتنت‪ ،‬ف�إن ال�ضغط ي�صبح كبري ًا الأمر‬ ‫الذي ي�ؤدي �إىل �إبطاء االت�صال بال�شبكة‪ .‬وهذا‬ ‫�أم��ر يحدث ب�شكل يومي مع م�ستخدمي �أجهزة‬ ‫‪ I-Pad‬و ‪.I-Phone‬‬ ‫�إن ال�ضغط ي�صبح كبري ًا ب�شكل خا�ص يف فرتة ما‬ ‫بعد الظهر‪ ،‬لدرجة ينقطع معها االت�صال ب�شبكة‬ ‫االنرتنت‪ .‬قام هارالد ها�س بتطوير �شكل جديد‬ ‫من �أ�شكال نقل البيانات ال�سلكي ًا‪ ،‬وهو يطلق عليه‬ ‫تقنية ال�ضوء القادر على التحدث‪ .‬وميكن لتقنية‬ ‫االت�صال الب�صري الال�سلكي هذه �أن تفتح الباب‬ ‫على م�صراعيه لتطور جديد‪.‬‬ ‫واملبد�أ الذي تقوم عليه هذه التقنية ب�سيط‪� :‬إذ‬ ‫تعمل م�صابيح ‪ LED‬احلديثة على �إظهار �أ�شعة‬ ‫�ضوئية يتعذر ر�ؤيتها بالعني املجردة‪ ،‬وتلك الأ�شعة‬ ‫قادرة على نقل املعلومات التي ميكن ا�ستقبالها‬ ‫ب��وا���س��ط��ة حم��ط��ة �إر����س���ال وا���س��ت��ق��ب��ال م��رك��ب��ة‪.‬‬ ‫وميكن لهارالد ها�س �إثبات �أن ال�ضوء قادر على‬ ‫التحدث‪ ،‬الأمر الذي ميكن �أن ميثل ثورة يف عامل‬ ‫نقل البيانات‪ ،‬وبالتايل �ستتوفر طرق االت�صال‬ ‫الال�سلكي يف كل مكان وب�سرعة �أكرب من تلك التي‬ ‫تعودنا عليها �أثناء واجدنا يف املنزل �أو املكتب‪.‬‬ ‫يتزايد با�ستمرار عدد النا�س الذين يرغبون يف‬ ‫الدخول �إىل �شبكة االنرتنت دون االرتباط مبكان‬ ‫حم��دد‪ .‬وه��ذا هو بالتحديد ه��دف املعهد الذي‬ ‫يديره هارالد ها�س‪ .‬لكن كيف ميكن نقل كم هائل‬ ‫من البيانات ال�سلكي ًا عرب ال�ضوء وب�سرعة عالية ؟‬ ‫‪ 68‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫يقوم هارالد ها�س ب�إجراء الأبحاث يف موقعني‬ ‫خمتلفني‪ ،‬فهو يعمل ك�أ�ستاذ يف معهد االت�صاالت‬ ‫الرقمية يف جامعة �أدن�ب�ره يف ا�سكتلنده‪ ،‬و يف‬ ‫نف�س ال��وق��ت ي�شغل من�صب �أ���س��ت��اذ ف��خ��ري يف‬ ‫جامعة ب��رمي��ن‪ .‬وه��ن��اك ق��وا���س��م م�شرتكة بني‬ ‫اجلامعتني‪ ،‬وهي اعتماد اللغة الإنكليزية ح�صر ًا‬ ‫كلغة للتخاطب‪ ،‬ووجود جن�سيات من بالد العامل‬ ‫املختلفة‪ .‬وهذا ينطبق على الطالب الذين ي�شرف‬ ‫عليهم هارالد ها�س‪ ،‬والذين يبلغ عددهم حوايل‬ ‫ع�شرة‪ ،‬فهم ينحدرون من بلدان عديدة‪ ،‬منها‬ ‫الهند وال�صني ورومانيا وم�صر وبلغاريا و�أملانيا‪.‬‬ ‫يف ب��رمي��ن‪ ،‬ي��ت��م ال�ترك��ي��ز ع��ل��ى الأ���ش��ع��ة حتت‬ ‫احلمراء كو�سيلة ات�صاالت ونقل البيانات‪ ،‬وذلك‬ ‫على عك�س �أدن�ب�ره حيث يرتكز االه��ت��م��ام على‬ ‫ال�ضوء الأبي�ض‪ .‬و ُيعترب ها�س من �أبرز الباحثني‬ ‫يف ه��ذا امل��ج��ال‪ ،‬وي��ق��ود �أي�����ض�� ًا بنف�سه اجلهود‬ ‫الرامية لت�سويق تقنيته املبتكرة‪� .‬إن ال�شركة التي‬ ‫�أ�س�سها لهذا ال��ه��دف �ستتوىل مهمة بيع جهاز‬ ‫الإر���س��ال واال�ستقبال املزدوج‪،Transceiver‬‬ ‫الذي ال يزيد حجمه عن ر�أ�س الدبو�س‪ .‬وعرب هذا‬ ‫اجلهاز �سيت�سنى نقل البيانات بوا�سطة ال�ضوء‪.‬‬ ‫وقد حاول ها�س �إقناع ال�شركات الكبرية بدمج‬ ‫جهاز الإر�سال واال�ستقبال اجلديد يف الطائرات‬ ‫والهواتف الذكية �أو م�صابيح (‪LED‬امل�صابيح‬ ‫الثنائية الباعثة لل�ضوء)‪� ،‬أو �أجهزة الت�صوير‬ ‫بالرنني املغناطي�سي‪ .‬وقد لقي ا�ستجابة بالفعل‬ ‫من بع�ض تلك ال�شركات‪.‬‬

‫الحصاد الثقافي في ‪2012‬‬

‫ول��د ال��ع��امل الفيزيائي ك��ارل ليو يف ‪10‬‬

‫متوز‪/‬يوليو ‪ ،1960‬وتخ�ص�ص يف جمال‬ ‫الإلكرتونيات ال�ضوئية‪ ،‬وهو جمال يجمع‬ ‫بني تخ�ص�صي الب�صريات وااللكرتونيات‬ ‫املو�صالت‪ ،‬مما يتيح حتويل البيانات‬ ‫�أ�شباه ِّ‬ ‫والطاقة املولدة الكرتوني ًا �إىل �ضوء ونقلها‬ ‫عرب هذا الطريق‪.‬‬

‫ول��د هرالد ها�س يف ‪ 15‬م��ار���س‪� /‬آذار‬ ‫‪ .1965‬بعد فرتة ت�أهيل مهني يف جمال‬ ‫التقنيات الإلكرتونية يف جمال الإعالمي‪،‬‬ ‫تابع درا�سته اجلامعية حيث ن��ال درجة‬ ‫الدكتوراه يف جمال االت�صاالت الكهربائية‬ ‫وتقنيات االت�صاالت والهاتف املحمول‪.‬‬ ‫وهو يعمل حاليا ك�أ�ستاذ متنقل يف ادنربه‪،‬‬ ‫وك�أ�ستاذ فخري يف جامعة برمين‪.‬‬ ‫وقريب ًا ج��د ًا قد تتبادل ال�سيارات التحذيرات‬ ‫ب�ش�أن االختناقات امل��روري��ة �أو احل���وادث‪� ،‬أو قد‬ ‫نتمكن من الدخول �إىل �شبكة الإنرتنت ب�سهولة‬ ‫وب���دون م�شاكل‪� ،‬أث��ن��اء حتليقنا بالطائرات �أو‬ ‫خالل ال�سفر بالقطارات ال�سريعة‪� .‬إن الأبحاث‬ ‫اجل��اري��ة يف الوقت ال��راه��ن يف جامعتي �أدن�بره‬ ‫وبرمين �ستغري حياتنا ب�شكل جذري‪ .‬وكما يقول‬ ‫ه��ارال��د ها�س «االت�����ص��االت ع�بر ال�ضوء املرئي‬ ‫‪� Visible-Light-Kommunikation‬ست�ؤدي‬ ‫�إىل ارتباط �أوثق بني الب�شر والآالت»‪.‬‬ ‫ميكنكم م�شاهدة التقرير من خالل الرابط‪:‬‬

‫‪http://www.youtube.com/watch?v=DNHYhQspins‬‬

‫�سقوط روم��ا)‪ ،‬التي يحاول فيها تف�سري كيفية‬ ‫‪ 2012‬في الجوائز العالمية‪:‬‬ ‫ن�شوء العوامل املثالية وازدهارها ثم �سقوطها‪ ،‬كما‬ ‫على م�ستوى اجلوائز الأدبية العاملية والعربية‬ ‫جاء يف حيثيات منح اجلائزة‪.‬‬ ‫منحت الأكادميية ال�سويدية ال��روائ��ي ال�صيني‬ ‫مو يان جائزة نوبل ل�ل�آداب للعام ‪ ،2012‬وجاء ‪ 2012‬في الثقافة السورية‪:‬‬ ‫يف حيثيات منح اجل��ائ��زة �أن الكاتب ال�صيني يف �سوريا تعر�ض العديد من الكتاب لالغتيال‬ ‫«ا�ستخدم مزيج ًا من اخليال والواقعية واجلوانب والت�صفية‪ ،‬ويف �سنة ‪ 2012‬تويف الكاتب حممد‬ ‫التاريخية واالجتماعية‪ ،‬ليخلق عاملا يذكر القارئ منر امل��دين حتت التعذيب يف مدينة دير ال��زور‪،‬‬ ‫بكتابات وليام فوكرن وغابرييل غار�سيا ماركيز»‪ .‬واغتالت الكاتب �إبراهيم اخلريط قوات النظام‬ ‫وت ّوج الروائي اللبناين ربيع جابر بجائزة البوكر �أو ملي�شياته‪.‬‬ ‫العاملية للرواية العربية للعام ‪ 2012‬التي متنحها وك��ان م��ن �أه��م نتائج ال��ث��ورة ال�سورية خ��روج‬ ‫جائزة البوكر الربيطانية وتدعمها هيئة �أبو ظبي العديد من املثقفني من عباءة امل�ؤ�س�سات الثقافية‬ ‫لل�سياحة والثقافة ب��الإم��ارات عن روايته (دروز التي حتتكرها ال��دول��ة خا�صة (احت���اد الكتاب‬ ‫العرب)‪ ،‬حيث �أ�س�ست رابطة الكتاب ال�سوريني‬ ‫بلغراد‪ ..‬حكاية حنا يعقوب)‪.‬‬ ‫وتناف�ست ���س��ت رواي����ات ع��ل��ى اجل���ائ���زة‪ ،‬هي و�أ���س��ن��دت رئا�ستها �إىل امل��ف��ك��ر ���ص��ادق ج�لال‬ ‫(العاطل) للم�صري نا�صر ع��راق و(عناق عند العظم بعد م�ؤمتر بالقاهرة‪ .‬كما ت�أ�س�س (جتمع‬ ‫ج�سر بروكلني) للم�صري عز الدين �شكري ف�شري الت�شكيليني ال�سوريني امل�ستقلني) و(جتمع فناين‬ ‫و(�شريد املنازل) للبناين جبور الدويهي و(دمية ومبدعي �سوريا الأح��رار) وغريها من املنظمات‬ ‫النار) للجزائري ب�شري مفتي و»ن�ساء الب�ساتني» امل�ستقلة عن الهيئات الر�سمية‪.‬‬ ‫للتون�سي احلبيب ال�ساملي‪� ،‬إ�ضافة �إىل الرواية وبينما تتوا�صل عمليات االع��ت��ق��ال والتنكيل‬ ‫والقتل الذي تعر�ض له املثقفون‪ ،‬ودفعت �أغلبهم‬ ‫الفائزة‪.‬‬ ‫ويف هولندا حاز الكاتب ال�سوري املعار�ض يا�سني �إىل م��غ��ادرة �سوريا �أو ال��ت��واري‪ ،‬تتعر�ض �أي�ضاً‬ ‫احلاج �صالح على جائزة الأمري كالو�س الهولندية معامل تاريخية هامة تعد من �أقدم املعامل الأثرية‬ ‫�إىل جانب مفكرين وكتاب وخمرجني حول العامل‪ ،‬يف العامل لبط�ش �أ�شد من خالل عمليات التدمري‬ ‫وذلك لإ�سهاماتهم يف جماالت الثقافة والتنمية يف جراء العمليات القتالية التي ت�ستخدم فيها �أ�سلحة‬ ‫ثقيلة �أو النهب وتهريب قطع �أثرية خارج البالد‪.‬‬ ‫بالدهم‪.‬‬ ‫كما ت�سلم ال��ك��ات��ب امل�����ص��ري ع�لاء الأ���س��واين و�أثناء املعارك تعر�ض ال�سوق الأثري يف مدينة‬ ‫جائزة (تيزيانو تريزاين) الإيطالية للأدب للعام حلب وقلعتها ال�شهرية واجلامع الأم��وي باملدينة‬ ‫‪ 2012‬عن كتابه (هل �أخط�أت الثورة امل�صرية) لدمار كبري وكذلك قلعة حماة و�آثار مدينة معرة‬ ‫ال��ذي �أطلقه يف العام ‪ 2011‬وترجم للإيطالية النعمان ومتحفها التي تزخر باملواقع الأثرية‪.‬‬ ‫حتت عنوان (الثورة امل�صرية) وقامت بن�شره دار ومع احتدام املعارك وانت�شارها يطول التهديد‬ ‫كل الإرث التاريخي من متاحف وقالع وم�ساجد‬ ‫(فيلرتينيلي)‪.‬‬ ‫ويف �إجنلرتا فازت الكاتبة الإجنليزية (هيالري و�أ���س��واق وم��دن مغرقة يف القدم‪ ،‬ب��دء ًا من قلعة‬ ‫مانتل) بجائزة م��ان بوكر للرواية عن روايتها ق�صر احل�ير الغربي يف البادية ال�سورية‪ ،‬التي‬ ‫(‪� )Bring Up the Bodies‬أو (�أخ��رج��وا تعود �إىل الع�صر الإ�سالمي املبكر‪� ،‬إىل مدينة‬ ‫اجلثث)‪ ،‬لتكون �أول امر�أة‪ ،‬و�أول بريطانية تفوز �أوغ���اري���ت (م��وط��ن �أول �أب��ج��دي��ة يف ال��ت��اري��خ)‬ ‫باجلائزة مرتني‪ ،‬و(�أخرجوا اجلثث) هي اجلزء وتدمر ومعلوال‪ ،‬واحلفريات يف (تل حلف) قرب‬ ‫الثاين من روايتها التاريخية التي تتناول حياة تركيا‪ ،‬وانتهاء باملعامل الأثرية من �أواخر الع�صر‬ ‫ال�سيا�سي الإجنليزي توما�س كرومويل‪ ،‬و�سبق الروماين وبدايات الع�صر الإ�سالمي يف منطقة‬ ‫ملانتل ال��ف��وز باجلائزة نف�سها ع��ام ‪ 2009‬عن حوران على احلدود الأردنية‪.‬‬ ‫جزئها الأول (قاعة الذئب)‪.‬‬ ‫وفيات ‪:2012‬‬ ‫وم��ن��ح��ت ج��ائ��زة ال��غ��ون��ك��ور ‪ -‬ال��ت��ي ت��ع��د �أرف���ع‬ ‫اجلوائز الأدب��ي��ة الفرن�سية‪ -‬للروائي الفرن�سي ‪ 7‬كانون الثاين‪/‬يناير الروائي امل�صري �إبراهيم‬ ‫ال�شاب جريوم فرياري عن روايته (الق�سم حول �أ�صالن ‪ 76‬عام ًا‪.‬‬

‫‪2012‬‬ ‫‪ 8‬كانون الثاين‪/‬يناير ال�صحفي املغربي قا�سم‬ ‫جداين ‪ 73‬عام ًا‪.‬‬ ‫‪ 17‬كانون الثاين‪/‬يناير الكاتب امل�صري �أحمد‬ ‫حميده ‪ 63‬عام ًا‪.‬‬ ‫‪� 1‬شباط‪/‬فرباير ال�شاعرة البولندية في�سوافا‬ ‫�شيمبور�سكا ‪ 88‬حا�صلة على ج��ائ��زة نوبل يف‬ ‫الأدب عام ‪.1966‬‬ ‫‪��� 27‬ش��ب��اط‪/‬ف�براي��ر ال��ك��ات��ب امل�����ص��ري ث��روت‬ ‫عكا�شة ‪ 91‬عام ًا‪.‬‬ ‫‪� 25‬آذار‪/‬م���ار����س الكاتب الإي��ط��ايل �أنطونيو‬ ‫تابوكي ‪ 68‬عام ًا‪.‬‬ ‫‪ 5‬حزيران‪/‬يونيو الكاتب الأمريكي راي برادبري‬ ‫‪ 91‬عام ًا‪.‬‬ ‫‪ 8‬ح��زي��ران‪/‬ي��ون��ي��و ال�����ص��ح��ف��ي وال�����س��ي��ا���س��ي‬ ‫والدبلوما�سي اللبناين غ�سان تويني عن عمر ‪86‬‬ ‫عام ًا‪.‬‬ ‫‪ 13‬حزيران‪/‬يونيو الكاتب والفيل�سوف الفرن�سي‬ ‫روجيه غارودي ‪ 98‬عام ًا‪.‬‬ ‫ويف ‪ 11‬متوز‪/‬يوليو ال�صحفي امل�صري �سالمة‬ ‫�أحمد �سالمة ‪ 80‬عام ًا‪.‬‬ ‫ويف ‪ 14‬مت��وز‪/‬ي��ول��ي��و الأدي���ب امل�صري حممد‬ ‫الب�ساطي عن عمر ‪ 75‬عام ًا‪.‬‬ ‫ويف ‪ 14‬متوز‪/‬يوليو ال�شاعر امل�صري حلمي‬ ‫�سامل ‪ 56‬عام ًا‪.‬‬ ‫ويف ‪� 13‬آب‪�/‬أغ�سط�س الكاتبة الأمريكية هيلني‬ ‫براون ‪ 90‬عام ًا‪.‬‬ ‫ويف ‪� 25‬آب‪�/‬أغ�سط�س نيل �آرم�سرتونغ �أول رائد‬ ‫ف�ضاء �أمريكي مي�شي على �سطح القمر عن عمر‬ ‫‪ 82‬عام ًا‪.‬‬ ‫ويف ‪ 9‬ت�شرين الثاين‪/‬نوفمرب ال�شاعر والأديب‬ ‫امل�صري د‪.‬جابر قميحة ‪ 78‬عام ًا‪.‬‬ ‫‪ 3‬كانون الأول‪/‬دي�سمرب ال�شاعر الليبي رجب‬ ‫املاجري ‪ 82‬عام ًا‪.‬‬ ‫‪ 2012‬في العلوم والتكنولوجيا‪:‬‬

‫�أبرز ما تر�سخ يف ‪ 2012‬هو انت�شار احلوا�سيب‬ ‫اللوحية‪ ،‬حتى بات من امل�ؤكد �أنها �ستحل حمل‬ ‫احلوا�سيب املحمولة‪ ،‬خا�صة مع �إطالق احلوا�سيب‬ ‫الهجينة التي جتمع بني اللوحي واملحمول وازداد‬ ‫ان��ت�����ش��اره��ا بف�ضل ن��ظ��ام وي���ن���دوز ‪ 8‬اجل��دي��د‪،‬‬ ‫و�ساهم بانت�شار احلوا�سيب اللوحية جهازا �آيباد‬ ‫و�آي��ب��اد ميني م��ن �أب���ل‪ ،‬وح��ا���س��وب �سريف�س من‬ ‫مايكرو�سوفت‪ ،‬كما ال نن�سى �شركة �أم��ازون التي‬ ‫فتحت الطريق وا�سع ًا �أم��ام احلوا�سيب اللوحية‬ ‫امل�صغرة ب�إنتاجها �سل�سلة حوا�سيب كيندل فاير‬ ‫رخي�صة الثمن‪.‬‬ ‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪69‬‬


‫نقطة ضوء‬ ‫غالف العددالأول من جملة العربي عام ‪.1958‬‬ ‫كانت الفتاة من الكويت تدعى عواطف العي�سى‬ ‫القناعي‪ .‬فيما كانت اخللفية لتمور العراق‬

‫اعتذار‬ ‫ميسون أبو بكر‬ ‫بعد كل عام و�أنتم بخري قرائي الكرام ومتنياتي بعام جديد �أف�ضل من �سابقه الذي‬ ‫ندعو �أال يعيد اهلل مثله على �أمتنا العربية‪� ،‬أود �أن �أقدم اعتذاري بل اعتذاراتي ما‬ ‫ا�ستطعت يف هذه الف�سحة املتاحة يل هنا‪.‬‬ ‫�أعتذر من الفرحة التي وقفت على �أبوابنا املغلقة طوي ًال دون �أن جتد لها منفذ ًا‬ ‫�إلينا‪� ،‬أعتذر من الطفولة التي �سفكت دون رحمة على الأرا�ضي املمتدة من غزة �إىل‬ ‫�سوريا ثم باقي وطننا العربي‪� ..‬أعتذر �أمام الدمى التي لطخها دم الأطفال الذين‬ ‫�صرخوا دون جدوى‪� .‬أود �أن �أقدم اعتذار ًا للف�ضاءات التي اختنقت بزعيق �ضيوف‬ ‫القنوات التي كانت تغطي احلدث‪ ،‬كم يا ترى من عبارات االعتذار تكفي لنقدم‬ ‫للتاريخ‪ ..‬للما�ضي الذي دا�سته الدبابات ب�أنياب عجالتها الفوالذية وحرائق النريان‬ ‫التي ا�شتعلت وما انطف�أ رمادها‪ ،‬للم�آذن وال�شوارع واحلارات احلبلى بذاكرة اختنقت‬ ‫بدمار يرتب�ص باملا�ضي‪.‬‬ ‫أديبة وشاعرة ومذيعة في ‬ ‫القناة الثقافية السعودية‬

‫�أعتذر لأطفالنا الذين هم على قيد احلياة و�شهدوا ما �شهدوه من قتل وموت حول‬ ‫الواقع لفيلم رعب حقيقي‪ ،‬و�أ�شفق على م�ستقبلهم الذي �سي�ستقبل �أطفا ًال ب�أمرا�ض‬ ‫نف�سية �أ�صابهم بها ما �شهدوه بطفولتهم دون �أن يتلقوا تف�سريا من �آبائهم‪.‬‬ ‫�أعتذر من املدار�س التي �أقفرت‪ ،‬واجلامعات التي تعطلت وتخ َّرج �أبنا�ؤها مع وقف‬ ‫التنفيذ‪.‬‬ ‫�أقدم اعتذاري للقيم التي انتهكت‪ ،‬وعقول �شبابنا التي غزتها تقنية فتكت بها‪،‬‬ ‫�أقدم اعتذاري �سيدي القارئ لكل من مل �ألبي دعوته للتوا�صل معه عرب الوات�س �أب‬ ‫(االخرتاع الذي حوله ا�ستخدام بع�ضنا الغري بريء له ل�شبح)‪.‬‬ ‫�أقدم اعتذاري للحرب الذي كثري ًا ما فر من بني �أناملي فلم �أ�ستطع البوح مبا يجي�ش‬ ‫داخلي‪.‬‬ ‫و�أعتذر منك قارئي الكرمي �أن ا�ستقبلت العام اجلديد بهذا الكم من احلزن‪.‬‬ ‫من �آخر البحر‬ ‫تعايل نلملم �أ�شواقنا‬ ‫وكل الذي كان ما بيننا‬ ‫نلم �ضفائرها الذكريات‬ ‫ون�سرج منها تالال تعانق ليل عمان‬ ‫ومن �شرفة الغيم حيث التقينا‬ ‫اطل عليك‬ ‫متد امل�سافات دربي �إليك‬ ‫و�صمت يهدهد ع�شقي يبوح‬

‫‪ 70‬فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 2‬يناير ‪2013‬‬

‫‪71‬‬


‫جملة ثقافية تعني بالفكر والثقافة‬ ‫العدد ‪� 1‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫أدب الربيع العربي في ظل الثورات العربية‬ ‫السفر عبر الزمن بين الخرافة والخيال العلمي‬ ‫كوكوشكا ‪ ..‬نقطة التقاء مدارس فنية عديدة‬

‫مراجعات كتب‬

‫الصالونات الثقافية هل هي ضرورة أم ترف ؟‬ ‫أضواء على الصالونات الثقافية‬ ‫أمير تاج السر يكتب‬

‫عن الكتابة واالغتراب‬

‫لقراءة مجلة فكر العدد األول من خالل الرابط‪:‬‬ ‫ _ ‪h t t p : / / i s s u u . c o m / fi k r m a g a z i n e / d o c s / 1‬‬‫=‪__________-______?mode=window&viewMode‬‬ ‫‪singlePage‬‬

‫ولتحميل مجلة فكر العدد األول من خالل الرابط‪:‬‬ ‫‪http://download.saqafa.com/bwNzWT‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.