Epsajee 13th February 2022

Page 1


ST AUGUSTINE ON ST JOHN’S GOSPEL EXTRACT FROM TRACTATE 6


COMPARATIVE THEOLOGY A Book by The Thrice Blessed


‫سقطات في هروب يونان‬

‫من كتاب تأمالت في حياة يونان النبي‬ ‫مثلث الطوبى البابا شنوده الثالث‬

‫ً‬ ‫قائل‪ :‬قم‬ ‫بعضا من ضعف يونان في موقفه من دعوة الرب‪ .‬يقول الكتاب "وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاي‬ ‫سنرى ً‬ ‫اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة‪ ،‬ونادِ عليها‪ ،‬ألنه قد صعد شرهم أمامي‪ .‬فقام يونان ليخرج إلى تر شيش من وجه‬ ‫الرب"‪ .‬وهنا نرى يونان النبي وقد سقط في عدة أخطاء‪.‬‬ ‫وكانت السقطة األولى له هي المخالفة والعصيان‪.‬‬ ‫لم يستطع أن يطيع الرب في هذا األمر‪ ،‬وهو النبي الذي ليس له عمل سوى أن يدعو الناس إلي طاعة الرب‪ .‬عندما نقع‬ ‫في المخالفة‪ ،‬يجدر بنا أن نشفق على المخالفين‪ ،‬واضعين أمامنا قول الرسول "اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون أيضا‬ ‫مثلهم‪( " .‬عب ‪ .)3 : 13‬إن كان اهلل القدوس الذي بل خطية وحده يشفق على الساقطين‪ ،‬فاألجدر بنا أن نشفق عليهم‬ ‫نحن الذين نسقط مثلهم‪ .‬ومع ذلك فأن يونان سقط‪ ،‬ولكنه مع ذلك لم يشفق…!‬ ‫على إن سقطة المخالفة التي وقع فيها يونان‪ ،‬كانت تخفى وراءها سقطة أخرى أصعب وأشد هي الكبرياء ممثلة في‬ ‫االعتزاز بكلمته‪ ،‬وترفعه عن أن يقول كلمة وتسقط إلى األرض وال تنفذ‪..‬‬ ‫كان اعتزازه بكلمته هو السبب الذي دفعه إلى العصيان‪ ،‬وحقا أن خطية يمكن أن تقود إلى خطية أخرى‪ ،‬في سلسلة‬ ‫متلحمة الحلقات‪.‬‬ ‫كان يونان يعلم أن اهلل رحيم ورؤوف‪ ،‬وأنه البد سيعفو عن هذه المدينة إذا تابت وهنا سبب المشكلة!‬ ‫وماذا يضيرك يا يونان في أن يكون اهلل رحيماً ويعفو؟‬ ‫يضيرني الشيء الكثير‪ :‬سأقول للناس كلمة‪ ،‬وكلمتي ستنزل إلى األرض‪ .‬سأنادى بهلك المدينة بسبب خطاياها‪ ،‬ثم ال‬ ‫تهلك المدينة‪ ،‬وتسقط كلمتي‪ ،‬وتضيع كرامتي وهيبتي‪ .‬هذا الرب ال أستطيع السير معه على طول الخط‪ .‬لو كان يثبت‬ ‫على تهديده‪ ،‬كنت أثبت معه! لكنى سأنادى بهلك المدينة‪ ،‬فتتوب المدينة‪ ،‬ويعود الرب فيشفق‪ .‬وال تهلك‬ ‫المدينة‪ .‬وتسقط كلمتي‪ .‬فاألفضل أنى ال أذهب حرصاً على كرامتي الشخصية‪ ،‬وحرصا على سمعتي‪ ،‬وعلى هيبة‬ ‫النبوة!!‬ ‫إلى هذا الحد كان يونان متمركزا حول ذاته! لم يستطع أن ينكر ذاته في سبيل خلص الناس‪ .‬كانت هيبته وكرامته‬ ‫وكلمته‪ ،‬أهم عنده من خلص مدينة بأكملها …‬ ‫كان ال مانع عنده من أن يشتغل مع الرب‪ ،‬على شرط أن يحافظ له الرب على كرامته وعلى هيبة كلمته‪ ..‬من أجل هذا‬ ‫هرب من وجه الرب‪ ،‬ولم يقبل القيام بتلك المهمة التي تهز كبرياءه‪..‬‬ ‫صريحا مع الرب في كشف داخليته له إذ قال له فيما بعد عندما عاتبه "آه يا رب‪ ،‬أليس هذا كلمي إذ كنت بعد‬ ‫وكان‬ ‫ً‬ ‫في أرض‪ ،‬لذلك بادرت إلى الهرب إلى تر شيش‪ ،‬ألني علمت إنك إله رؤوف ورحيم بطي الغضب وكثير الرحمة ونادم على‬ ‫الشر" (يون ‪.)2: 4‬‬ ‫وكان هرب يونان من وجه الرب يحمل في ثناياه خطية أخرى هي الجهل وعدم اإليمان‪...‬‬ ‫هذا الذي يهرب من الرب‪ ،‬إلى أين يهرب‪ ،‬والرب موجود في كل مكان؟!‬ ‫إن اهلل موجود في السفينة التي ستركبها‪ ،‬وفي البحر الذي سيحمل السفينة‪ ،‬وفي ترشيش الذي تهرب إليها‪ .‬فأين تريد‬ ‫آن تختفي من وجه الرب؟!‬ ‫صدق داود النبي حينما قال للرب "أين أذهب من روحك؟ ومن وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السموات فأنت‬ ‫هناك‪ .‬وإن فرشت في الهاوية فها أنت‪ .‬أن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر‪ ،‬فهناك أيضا تهديني يدك‬ ‫وتمسكني يمينك" (مز ‪.)10- 7 :139‬‬ ‫أما يونان فكان مثل جده آدم الذي ظن أن يختفي من وجه الرب وراء الشجر‪...‬‬ ‫أكان يونان يظن أن اهلل غير موجود في السفينة أو في البحر‪ ،‬وأنه يمكنه أن يفلت من يده؟! أليس في هذا منتهى‬ ‫عمل طفو لياً لجأ إليه إنسان حائر ال يعرف كيف يتصرف؟! وما‬ ‫ً‬ ‫الجهل وعدم اإليمان بقدرة اهلل غير المحدودة؟! أم تراه‬ ‫درى أن أمر اهلل سيلحقه في كل موضع‪ !..‬حقا أن الخطية تطفئ في اإلنسان نور المعرفة‪ ،‬وتنسيه حتى البديهيات!‬ ‫وجد يونان في يافا سفينة ذاهبة إلى تر شيش‪ ،‬فدفع أجرتها‪ ،‬ونزل فيها‪...‬‬ ‫والعجيب أن الخطية كلفته ً‬ ‫وجهدا‪ .‬دفع أجرة للسفينة ليكمل خطيته‪...‬‬ ‫ماال‬ ‫ً‬ ‫أما النعمة فننالها مجاناً ‪ ...‬عجيب أن نتعب فيها يضرنا‪ ،‬ونبذل وننفق‪ .‬لعلها كانت بركة ليونان لو أنه لم يكن يملك دراهم‬ ‫في ذلك الوقت تساعده على السفر والعصيان‪..‬‬ ‫عندما دفع يونان أجرة السفينة خسر خسارة مزدوجة‪ :‬خسر ماله‪ ،‬وخسر أيضا طاعته ونقاوته‪...‬‬ ‫هذه فكرة عن أخطاء يونان في هروبه وعصيانه‪ ،‬فماذا كان موقف اهلل من ذلك؟‬ ‫العجيب أن اهلل أستخدم عصيان يونان للخير‪ .‬حقا إن اهلل يمكنه أن يستخدم كل شي لمجد اسمه‪..‬‬


‫المسيح في سفر إشعيا ء‬

‫كتا ب لمثلث الرحما ت‬ ‫األنبا بيشو ي مطران دمياط‬

‫تابع ما قبله في العدد الماضي ‪...‬‬ ‫الصليب ومفتاح داود‬ ‫واآلن يلزمنا أن نتأمل في معنى "مفتاح داود" الذي ورد في هذه النبوة وتأكد في كلم السيد المسيح في سفر الرؤيا‪.‬‬ ‫نلحظ أن ما ورد في سفر إشعياء قد جعل المفتاح على كتف السيد المسيح‪ .‬وال يخفى أن السيد المسيح قد‬ ‫وع َو َم َضوا به‪َ .‬ف َخ َر َج َو ُه َو َحام ٌل َصل َيب ُه‬ ‫حمل الصليب على كتفه وهو خارج ليصلب كما ورد في إنجيل يوحنا " َف َأ َخ ُذوا َي ُس َ‬ ‫ال لَ ُه َموض ُع ال ُجم ُج َمة َو ُي َق ُ‬ ‫إلى ال َموضع الَّ ذي ُي َق ُ‬ ‫ال لَ ُه بالعب َران َّية ُجل ُجثَ ُة" (يو‪.)17 :19‬‬ ‫ونفهم من ذلك أن مفتاح داود هو صليب السيد المسيح في أحد معانيه األساسية والذي بواسطته قد تم الفداء‬ ‫والخلص‪ ،‬واقتحام الجحيم وفك المأسورين‪ ،‬وفتح الفردوس وإدخال الذين رقدوا على رجاء الخلص إليه‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫ي ُق َّو ُة اهلل" (‪1‬كو‪.)18 :1‬‬ ‫ين َج َهالَ ٌة َو َأ َّما عن َدنَ ا نَ ح ُن ال ُم َخلَّ ص َ‬ ‫الصليب عن َد ال َهالك َ‬ ‫بقوة الصليب " َفإ َّن َكل َم َة َّ‬ ‫ين َفه َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثَ‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ين‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫"و‬ ‫‪:‬‬ ‫داود‬ ‫والعجيب أن النبوة في إشعياء تشير إلى الصليب بوضوح فتقول عن مفتاح‬ ‫ُ‬ ‫ٍ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ تُ ُ َ تَ ً‬ ‫ٍ‬ ‫ون َعلَ يه ُك َّل َمجد َبيت َأبيه" (إش‪.)24 ،23 :22‬‬ ‫ي َمج ٍد ل َبيت َأبيه َو ُي َعلِّ ُق َ‬ ‫ُكرس َّ‬ ‫وتدا ثابتً ا إلى أبد الدهور وفيه الخلص وفيه األمان إذ هو قوة‬ ‫ما أعجب هذا الصليب الذي دخل في حجارة الجلجثة وصار ً‬ ‫اهلل للخلص‪ .‬وصار ً‬ ‫ي َمج ٍد ل َبيت َأبيه" ملك به على قلوب المفديين الذين اشتراهم بدمه الثمين‪.‬‬ ‫عرشا للملك المسيح " ُكرس َّ‬ ‫وعليه تم تعليق كل مجد بيت اآلب‪ .‬فعلى الصليب تألقت المحبة في أجلى معانيها‪ .‬تتغنى الكنيسة بالصليب في يوم‬ ‫يب ُملك َك" (مز‪ ،6 :44‬عب‪:1‬‬ ‫يب االست َق َ‬ ‫الجمعة العظيمة وتردد المزمور " ُكرس ُّي َك َيا اَ هللُ إلى َدهر ُّ‬ ‫ام ٍة هو َقض ُ‬ ‫الد ُهور‪َ .‬قض ُ‬ ‫‪ .)8‬قيل هذا الكلم عن اإلبن الوحيد الجنس إنه هو اهلل الذي ملك على كرسيه وهو عرش الصليب‪.‬‬ ‫أيضا في سفر‬ ‫ون َعلَ يه ُك َّل َمجد َبيت َأبيه" (إش‪ ،)24 :22‬ورد ً‬ ‫ي َمج ٍد ل َبيت َأبيه َو ُي َعلِّ ُق َ‬ ‫"و َي ُك ُ‬ ‫وعن عبارة َ‬ ‫ون ُكرس َّ‬ ‫ُ‬ ‫ون في َذل َك ال َيوم َأ َّن َأص َل َي َّسى ال َقائ َم َر َاي ًة ل ُّ‬ ‫ون َم َحلُّ ُه‬ ‫اه تَ طلُ ُب األ َم ُم َو َي ُك ُ‬ ‫إشعياء عن السيد المسيح " َو َي ُك ُ‬ ‫لش ُعوب إ َّي ُ‬ ‫َمج ًدا" (إش‪ .)10 :11‬هذا هو مجد المحبة‪ ،‬ومجد الخلص‪ ،‬ومجد أبوة اهلل للبشرية‪ ،‬ومجد الكنيسة‪ .‬هذا هو مجد المصلوب‬ ‫ون َعلَ يه ُك َّل َمجد َبيت َأبيه" (إش‪.)24 :22‬‬ ‫المعلّ ق على الصليب الذي " َُي َعلِّ ُق َ‬

‫المحيي وقبره‬ ‫نبوات عن موت المسيح ُ‬ ‫الموت المحيي‬ ‫حمل السيد المسيح أحزاننا وأوجاعنا الجسدية التي استحققناها بسبب خطايانا‪ ،‬بل وصل األمر من تخطى الحزن والوجع‬ ‫أدى إلى‬ ‫إلى الموت الجسدي الذي اجتمعت فيه األحزان مع اآلالم المبرحة والجراحات الجسدية والنزيف الحاد الذي ّ‬ ‫الموت السريع حينما سلّ م روحه في يدي اآلب بعد أن أكمل ُشرب الكأس إلى النهاية‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن الموت قد أخذ روحه من الجسد؛ إال أن روحه المتحد باللهوت قد هزم الموت‪ .‬مثلما قال القديس مار أفرام‬ ‫السرياني ‪{ :‬ذبح الموت الحياة العادية‪ ،‬ولكن الحياة فوق العادية ذبحته} وهو يقصد بالحياة العادية أي حياة الجسد‪،‬‬ ‫وبالحياة فوق العادية أي الحياة اإللهية التي للسيد المسيح بحسب الهوته‪.‬‬

‫ان َيظُ ُّن َأنَّ ُه ُقط َع من َأرض َ‬ ‫األح َياء‬ ‫َوفي جيله َمن َك َ‬ ‫"من من ُكم ُي َب ِّكتُ ني َعلَ ى َخط َّي ٍة؟" (يو‪.)46 :8‬‬ ‫كان السيد المسيح هو الوحيد بين البشر الذي بل خطية‪ ،‬لذلك قال لليهود‪َ :‬‬ ‫ولذلك لم يكن من المتوقع أن يموت السيد المسيح ألنه لم يرث حكم الموت وال الميل الطبيعي للخطية‪ ،‬ألنه لم يرث‬ ‫ً‬ ‫قابل للموت إال أن اتحاد اللهوت بالناسوت قد منع عنه الفساد بعد الموت‪،‬‬ ‫جسدا‬ ‫الخطية األصلية‪ .‬وبالرغم من أنه أخذ‬ ‫ً‬ ‫كما أنه قد أعطاه قوة التحرر من الموت بالقيامة من األموات‪ .‬ولكن اللهوت لم يتدخل ليمنع عن السيد المسيح األلم‬ ‫والموت عندما حمل خطايا العالم ألنه كالتدبير قد ذاق بنعمة اهلل الموت ألجل كل أحد ليوفى دين جميع الذين مات من‬ ‫ان َيظُ ُّن َأنَّ ُه ُقط َع من َأرض َ‬ ‫األ ح َياء" (إش‪ )8 :53‬أي أنه كان فوق‬ ‫"وفي جيله َمن َك َ‬ ‫أجلهم‪ .‬لذلك يقول إشعياء النبي‪َ :‬‬ ‫اللَّ‬ ‫ي" (مت‪ )16 :16‬أنه من الممكن أن يموت‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ابن‬ ‫يح‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تصور التلميذ الذين آمنوا أنه هو "ال َ‬ ‫ِّ‬ ‫كان التلميذ يتعجبون‪ :‬كيف يموت من أقام لعازر من األموات بعد موته بأربعة أيام بكلمة من فمه القدوس؟!!‬ ‫أيضا‪ :‬كيف من كان له سلطان على الطبيعة تأتمر بأمره‪ ،‬أن ينحدر إلى الموت؟!!‬ ‫وكانوا يتعجبون ً‬ ‫اة " (يو‪ .)25 :11‬ومن قال‪:‬‬ ‫ام ُة َوال َح َي ُ‬ ‫كيف يموت رب الحياة ورئيس الحياة‪..‬؟! كيف يموت من قال عن نفسه‪َ " :‬أنَ ا ُه َو الق َي َ‬ ‫اة لل َعالَ م " (يو‪ .) 33 :6‬ومن قال‪َ :‬‬ ‫"كما‬ ‫"أنَ ا ُه َو ُخبزُ ال َح َياة " (يو‪ )35 :6‬ومن قال‪:‬‬ ‫الس َماء ال َواه ُب َح َي ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫"خبزَ اللَّ ه ُه َو النَّ از ُل م َن َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي باآلب " (يو‪ )57 :6‬ومن قال‪َ :‬‬ ‫اة في َذاته َك َذل َك أعطَ ى االبن أي ًضا أن‬ ‫اآلب لَ ُه َح َي ٌ‬ ‫"ك َما َأ َّن‬ ‫َأر َسلَ ني‬ ‫َ‬ ‫ي َو َأنَ ا َح ٌّ‬ ‫اآلب ال َح ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اة في َذاته" ( يو‪ .)26 :5‬كيف لمن قال كل ذلك أن يموت؟!!‬ ‫ون لَ ُه َح َي ٌ‬ ‫تَ ُك َ‬

‫يتبع في العدد القادم ‪...‬‬


‫عظات القديس مقاريوس الكبير – العظة الخامسة‬ ‫الخليقة الجديدة و بيت الروح األبدي‬ ‫تابع ما قبله في العدد السابق ‪...‬‬ ‫كذلك كل النفوس التي تحب اهلل أعني المسيحيون الحقيقيون فإنه يأتيهم أول الشهور الذي يسمى نيسان‪ :‬الذي هو‬ ‫موسم القيامة‪ .‬وبقوة شمس البر يخرج مجد الروح القدس من الداخل فيكسو ويغطي أجساد القديسين ‪ -‬ذلك المجد‬ ‫مخفيا في داخل نفوسهم‪.‬‬ ‫سابقا‪ ،‬ولكنه كان‬ ‫ً‬ ‫الذي كان لهم‬ ‫ً‬ ‫خارجا من الداخل وينكشف في جسده‪.‬‬ ‫فإن ما يكون لإلنسان اآلن‪ ،‬سوف يظهر بعينه‬ ‫ً‬ ‫يقول الرب “هذا الشهر سيكون أول شهور السنة” (خر ‪ ،) 2 :12‬وهو يجلب الفرح للخليقة كلها فإنه يكسو األشجار العالية‬ ‫الحية ويعطي المرح للكل‪ ،‬هذا بالنسبة للمسيحيين هو نيسان أول الشهور الذي‬ ‫ويفتح األرض وهو يبهج جميع الكائنات‬ ‫َّ‬ ‫ستتمجد أجسادهم بواسطة النور الفائق الوصف الذي هو فيهم منذ اآلن ‪ -‬وأعني به قوة‬ ‫هو موسم القيامة‪ ،‬الذي فيه‬ ‫َّ‬ ‫ورداء وحياة أبدية‪ ،‬ألن كل‬ ‫وسلما‪،‬‬ ‫وفرحا‬ ‫وشرابا وبهجة‬ ‫عاما‬ ‫الروح القدس ‪ -‬والذي سوف يصير لهم فيما بعد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كساء وط ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أهل لقبوله في هذه الحياة الحاضرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جمال البهاء والبريق السماوي سوف يصير لهم من روح اللهوت ذلك الذي ُحسبوا‬ ‫أهل‬ ‫ً‬ ‫فكم ينبغي إذن لكل واحد منا أن يؤمن ويجتهد وأن َيجد في كل سيرة فاضلة‪ ،‬وبرجاء كثير وصبر نطلب أن نحسب‬ ‫ونحن في هذا العالم‪ ،‬لنوال تلك القوة من السماء ومجد الروح القدس في نفوسنا في الداخل‪ ،‬حتى حينما تنحل أجسادنا‬ ‫وأيضا إنه‬ ‫ً‬ ‫حينئذ ما سوف يكسونا ويحيينا‪ .‬كما يقول الرسول “وإن كنا البسين ال نوجد عراة” (‪ 2‬كو ‪،)3 :5‬‬ ‫يكون عندنا‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا بروحه الساكن فينا” (رو ‪.)11 :8‬‬ ‫“سيحيي أجسادنا المائتة ً‬ ‫ألن موسى النبي المبارك أرانا في مثال ‪ -‬بواسطة مجد الروح الذي سطع على وجهه الذي لم يستطع أحد أن يتفرس‬ ‫فيه ‪ -‬كيف أنه في قيامة األبرار ستتمجد أجساد أولئك المستحقين‪ ،‬بمجد تحصل عليه منذ اآلن النفوس المقدسة األمينة‬ ‫أهل القتناء هذا المجد في داخلها‪ ،‬في اإلنسان الباطن‪ .‬ألن الرسول يقول‪“ :‬ونحن ناظرين مجد الرب بوجه‬ ‫ً‬ ‫إذ تُ حسب‬ ‫مكشوف ‪ -‬أي في اإلنسان الباطل ‪ -‬كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد” (‪ 2‬كو ‪.)18 :3‬‬ ‫ماء” (خر ‪ )18 :24‬ولم يكن ممكنً ا‬ ‫وكذلك ُكتب عن موسى أنه لمدة أربعين ً‬ ‫يوما وأربعين ليلة “لم يأكل خبزً ا ولم يشرب ً‬ ‫بطبيعة جسده أن يعيش طوال هذه المدة بدون طعام إن لم يكن قد اشترك في نوع آخر من الطعام الروحاني‪ ،‬هذا‬ ‫الطعام هو الذي تشترك فيه نفوس القديسين منذ اآلن بموهبة الروح بطريقة غير منظورة‪.‬‬ ‫المادية التي سيحصل عليها‬ ‫لذلك فإن موسى المبارك َّبين بطريقتين ما هو مجد النور وما هي أطعمة الروح اللذيذة غير‬ ‫ّ‬ ‫أيضا‬ ‫حينئذ وتنكشف ً‬ ‫خفية‪ ،‬ولذلك فسوف تظهر‬ ‫المسيحيون الحقيقيون في القيامة‪ ،‬والتي تُ منح لهم منذ اآلن بطريقة‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫على أجسادهم‪ ،‬ألن المجد الذي يحصل عليه القديسون اآلن في نفوسهم ‪ -‬أي في الحياة الحاضرة ‪ -‬هو بعينه‪ ،‬كما قلنا‬ ‫ونفسا‬ ‫جسدا‬ ‫سابقا سوف يغطي ويكسو أجسادهم العارية ويختطفهم إلى السماء‪ ،‬فنستريح هناك مع الرب في ملكوته‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إلى األبد‪.‬‬ ‫فإنه حينما خلق اهلل آدم لم يزوده بأجنحة جسدية مثل الطيور ولكن قصد له في األصل أن تكون له أجنحة الروح القدس‪،‬‬ ‫تلك األجنحة التي قصد أن يعطيها له في القيامة لترفعه وتختطفه إلى حيث يشاء الروح ‪ -‬هذه هي األجنحة التي تنال‬ ‫النفوس المقدسة امتياز الحصول عليها منذ اآلن‪ ،‬وتطير في عقولها إلى المجال السماوي‪.‬‬ ‫فالمسيحيون لهم عالم مختلف خاص بهم‪ ،‬ومائدة أخرى وثوب آخر ونوع آخر من التمتع والتنعم‪ ،‬وشركة أخرى وطريقة‬ ‫أخرى للتفكير والعقل‪ ،‬ولهذا السبب فإنهم يتميزون عن باقي البشر‪ .‬إذ أن لهم االمتياز أن ينالوا قوة هذه األمور في داخل‬ ‫نفوسهم منذ اآلن بواسطة الروح القدس‪.‬‬ ‫األبدية هذه‪ ،‬وسوف تختلط بذلك المجد الذي‬ ‫أهل في القيامة للشتراك في خيرات الروح‬ ‫ً‬ ‫لذلك فإن أجسادهم تُ حسب‬ ‫ّ‬ ‫قد عرفته نفوسهم باالختبار في هذه الحياة‪.‬‬ ‫لذلك يجب على كل واحد منا أن يجتهد ويسعى ويجد في كل فضيلة‪ ،‬وأن يؤمن ويطلب من الرب لكي يجعل اإلنسان‬ ‫ً‬ ‫شريكا في ذلك المجد هنا منذ اآلن وأن تصير للنفس شركة في قداسة الروح‪ ،‬لكي ما نتطهر من أدناس الشر‬ ‫الباطن‬ ‫وليكون لنا في القيامة ما نكسو به ُع ري أجسادنا عند قيامتها وما نغطي به عيوبها‪ ،‬وما يحييها وينعشها إلى األبد في‬ ‫ملكوت السموات ألن المسيح سوف ينزل من السماء‪ ،‬ويقيم نسل آدم كله الذين رقدوا من بدء العالم‪ ،‬حسب الكتب‬ ‫جميعا إلى قسمين‪.‬‬ ‫المقدسة وسيقسمهم‬ ‫ً‬ ‫فأولئك الذين يحملون علمته أي ختم الروح سيدعوهم إليه باعتبارهم خاصته وسيقيمهم عن يمينه‪ ،‬كما يقول “ألن خرافي‬ ‫وحينئذ تلتحف أجساد هؤالء بالمجد اإللهي من أعمالهم الصالحة‪،‬‬ ‫تسمع صوتي ‪ -‬وخاصتي تعرفني” (يو ‪)27 ،14 :10‬‬ ‫ٍ‬ ‫ويمتلئون من مجد ال روح‪ ،‬وهكذا إذ نتمجد في النور اإللهي ونختطف إلى السماء لنلقي الرب في الهواء حسب‬ ‫المكتوب (انظر ‪ 1‬تس ‪ ،) 17 :4‬فإننا نكون كل حين مع الرب مبتهجين معه إلى دهر الدهور بل نهاية‪.‬‬

‫يتبع في العدد القادم ‪...‬‬


‫الالهوت المقارن‬ ‫كتاب لمثلث الطوبى‬ ‫البابا األنبا شنوده الثالث‬ ‫تابع ما قبله في العدد القبل الماضي ‪...‬‬

‫الحركة الخمسينية والتكلم بألسنة‬ ‫لعل أبرز ما يميز هذه الحركة‪ ،‬اعتقاد الخمسينيين بمعمودية الروح القدس (غير معمودية الماء‬ ‫والروح)‪.‬‬ ‫هكذا ينادي الخمسينيون في مصر ‪ -‬كما هو واضح من كتبهم‪ -‬وهكذا تنادي جماعة الكرزماتيين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حلوال أو امتلء‪.‬‬ ‫والذين يتبعون الخمسينيين دون أن يعلنوا ذلك يسمون هذا األمر‬ ‫ويرون أن أهم ما يميز معمودية الروح‪ ،‬أو أهم ما يميز هذا الحلول أو االمتلء أو الملء هو التكلم‬ ‫بألسنة‪ .‬فاأللسنة في نظرهم هي العلمة األولى على أن الشخص قد حل عليه الروح‪ .‬لذلك في‬ ‫ضم أي إنسان إليهم‪ ،‬يجاهدون أن يجعلوه يتكلم بألسنة لكي يشابه الرسل في يوم الخمسين‪.‬‬ ‫مفهوما‬ ‫كلما‬ ‫ويهتمون باأللسنة كأنها كل شيء ‪ -‬كما علمهم أساتذتهم ‪ً -‬أيا كانت هذه األلسنة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أو غير مفهوم‪ ،‬وفي غالبية الحاالت إن لم يكن في كلها‪ ،‬تكون هذه األلسنة أصواتً ا ال تعبر عن‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫فما هو تعليم الكتاب عن التكلم بألسنة؟‬ ‫التكلم بألسنة‬ ‫نلحظ النقاط اآلتية من دراسة الكتاب وبخاصة (‪1‬كو‪ )14‬الذي يمكن أن نسميه أصحاح األلسنة‪:‬‬ ‫(‪ )1‬األلسنة هي األخيرة في ترتيب المواهب‬ ‫عندما ذكر بولس الرسول مواهب الروح في رسالته األولى إلى كورنثوس‪ ،‬جعل التكلم بألسنة‬ ‫وترجمة األلسنة في آخر المواهب فقال‪:‬‬ ‫" فأنواع مواهب موجودة‪ ،‬لكن الروح واحد‪ ..‬فإنه لواحد يعطي بالروح كلم حكمة‪ ،‬وآلخر كلم علم‬ ‫حسب الروح الواحد‪ .‬وآلخر إيمان بالروح الواحد‪ ،‬وآلخر مواهب شفاء بالروح الواحد‪ .‬وآلخر أعمال‬ ‫قوات‪ ،‬وآلخر نبوءة وآلخر تمييز األرواح‪ .‬وآلخر أنواع األلسنة‪ ،‬وآلخر ترجمة ألسنة‪ ،‬ولكن هذه كلها‬ ‫قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء" (‪1‬كو‪.)11-4 :12‬‬ ‫يعملها الروح الواحد بعينه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وهكذا جعل التكلم بألسنة‪ ،‬ترجمة األلسنة‪ ،‬في آخر قائمة المواهب‪ ،‬ويسبق األلسنة‪ :‬الحكمة‪،‬‬ ‫والعلم واإليمان‪ ،‬ومواهب الشفاء‪ ،‬وأعمال القوات‪ ،‬والنبوءة وتمييز األرواح‪..‬‬ ‫وقال الرسول أيضا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أناسا في الكنيسة‪ً :‬‬ ‫ثانيا أنبياء ثالثً ا معلمين‪ ،‬ثم قوات‪ ،‬وبعد ذلك مواهب‬ ‫أوال‬ ‫“فوضع اهلل‬ ‫رسل‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫شفاء‪ ،‬أعوانً ا تدابير‪ ،‬وأنواع ألسنة” (‪1‬كو‪.)28 :12‬‬ ‫وهكذا وضع التكلم بألسنة في آخر المواهب‪..‬‬ ‫يكم َ‬ ‫وقال‪" :‬ج ُّدوا لل َم َواهب ال ُحسنَ ى‪َ .‬و َأي ًضا ُأر ُ‬ ‫يقا َأف َض َل‪( ".‬رسالة بولس الرسول األولى إلى أهل‬ ‫طر ً‬ ‫كورنثوس ‪.)31 :12‬‬ ‫وشرح أن هذا الطريق األفضل هو المحبة (‪1‬كو‪ .)13‬وشرح كيف أن هذه المحبة أهم وأعظم من‬ ‫النبوءة وكل علم‪ ،‬ومن كل اإليمان الذي ينقل الجبال‪ ،‬ومن العطاء والنسك‪.‬‬ ‫وشرح أن المحبة أهم من التكلم بالسنة الناس والملئكة‪ ..‬وليس ألسنة الناس فقط‪ .‬فقال‪“ :‬إن كنت‬ ‫صنجا‬ ‫نحاسا يطن أو‬ ‫أتكلم بألسنة الناس والملئكة‪ ،‬ولكن ليس لي محبة‪ ،‬فقد صرت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يرن”‪1( .‬كو‪.)1:13‬‬ ‫يتبع في العدد القادم ‪...‬‬


‫‪ 13‬فبراير ‪2022‬‬

‫‪ 6‬أمشير ‪1738‬‬

‫عدد رقم ‪857‬‬

‫‪VISIT PROGRAM OF‬‬

‫‪HIS GRACE BISHOP DANIEL‬‬ ‫‪Bishop and Abbot of‬‬ ‫‪St Shenouda Monastery - Sydney‬‬ ‫‪Tue 22 Feb 2022 – Sun 27 Feb 2022‬‬

‫فطر يونان النبي‬ ‫‪ 10‬أمشير – ‪ 17‬فبراير‬

‫" َف َق َ‬ ‫وع‪:‬‬ ‫ال َي ُس ُ‬ ‫اس‬ ‫"اج َع ُلوا النَّ َ‬ ‫ان‬ ‫ون"‪َ .‬و َك َ‬ ‫َيتَّ كئُ َ‬ ‫في ال َم َكان ُعش ٌب‬ ‫الر َج ُ‬ ‫ال‬ ‫َكث ٌير‪َ ،‬فاتَّ َك َأ ِّ‬ ‫َو َع َد ُد ُهم نَ ح ُو‬ ‫ف َو َأ َخ َذ‬ ‫َخم َسة َ‬ ‫آال ٍ‬ ‫َ‬ ‫وع األرغ َف َة‬ ‫َي ُس ُ‬ ‫َو َش َك َر‪َ ،‬و َوزَّ َع َع َلى‬ ‫يذ‬ ‫التَّ َلميذ‪َ ،‬والتَّ َلم ُ‬ ‫َأع َ‬ ‫ين‪.‬‬ ‫ط ُوا ال ُمتَّ كئ َ‬ ‫َو َكذل َك م َن‬ ‫الس َم َكتَ ين‬ ‫َّ‬ ‫ب َقدر َما َش ُاءوا‪".‬‬ ‫(يوحنا‪)11-10:6‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.