ﭘﭙ ﭚﭛ
بقلم
محمد عبد الواحد األزهري الحنبلي
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
ﭑ ﭒﭓﭔ احلمد هلل وحده ،والصالة والسالم على من ال نيب بعده ،وعلى آله وصحبه ،أما بعد: فإن من األمور املستقرة يف شريعة اهلل جل وعال أن اهلل سبحانه أخذ امليثاق على أهل العلم أن يبينوا الحق للناس وأن ال يكتموه وأن ال يلبسوا الحق بالباطل ،وأحال اهلل تعاىل العامة على أهل العلم ليسألوهم عن شرع اهلل ،فقال :ﮋ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﮊ [النحل]٣٤ :
فجعل العلماء هم الواسطة بني اهلل وخلقه
يف البيان والتبليغ. فكما أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم هو الواسطة بني اهلل وخلقه يف البيان والتبليغ والتعريف باهلل ومبراده وحمابه ومراضيه ومساخطه، ولذلك أمره اهلل بالبيان التام فقال :ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮊ[املائدة]٧٦ :
=فكذلك
ورثته من أهل العلم جيب أن يبينوا بيانا واضحا شافيا ال لبس فيه وال 2
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
كتمان وال غموض؛ إذ لو كتم هؤالء أو أبهموا =مل يكن سبيل لعموم املكلفني أن يتبينوا مراد اهلل ورسوله يف معظم التكاليف. وهلذا اال اهلل سبحانه :ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦﮊ [آل عمران]٧٨٦ :
وكان احلسن يفسر اوله تعاىل :ﮋﭘ ﭙ ﭚ ﭛﮊ فيقول" :لتتكلمن باحلق ،ولتصدِّانه بالعمل". واال تعاىل :ﮋﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﮊ [البقرة]٧٥١ :
اال ابن جرير رمحه اهلل" :يعين تعاىل ذكره
بقوله :ﮋﮰ ﮱ ﯓﮊ هؤالء الذين يكتمون ما أنزله اهلل من أمر حممد صلى اهلل عليه وسلم وصفته وأمر دينه أنه احلق -من بعد ما بيَّنه اهلل هلم يف كتبهم -يلعنهم بكتماهنم ذلك ،وتركهم تبيينه للناس". 3
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
فالواجب على أهل العلم البالغ املبني ،وكل كالم مجمل ال بيان فيه =فهو من الكتمان المحرم املتوعد عليه بالعذاب واللعنة؛ اال تعاىل :ﮋﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮊ[البقرة]٣٤ :
اال ابن جرير رمحه اهلل" :يعين بقوله :ﮋﮒ
ﮓﮊ ال ختلطوا ،واللَّْبس هو :اخللط ،يقال منه :لبست عليه هذا األمر ألبسه لبسا :إذا خلطته عليه". وإن خاصة أهل السنة بيان الحق بالعبارات الواضحة التي ال لبس فيها وال غموض وال اشتراك يوقع السامع في االلتباس والخلط ،وخاصة أهل البدع استعمال األلفاظ المشتركة والمجملة والغامضة ليزينوا بها بدعتهم وليَلبسوا على العامة دينهم. اال اإلمام أمحد رمحه اهلل يف وصف أهل احلق وأهل البدع واألهواء" :احلمد هلل الذي جعل يف كل زمان فرتة من الرسل بقايا من أهل العلم؛ يدعون من ضل إىل اهلدى ،ويصربون منهم على ويبصرون بنور اهلل أهل العمى؛ األذى ،حييون بكتاب اهلل املوتىِّ ، فكم من اتيل إلبليس اد أحيوه ،وكم من ضال تائه اد هدوه ،فما 4
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
أحسن أثرهم على الناس ،وما أابح أثر الناس عليهم ،ينفون عن كتاب اهلل حتريف الغالني ،وانتحال املبطلني ،وتأويل اجلاهلني الذين عقدوا ألوية البدعة ،وأطلقوا عنان الفتنة ،فهم خمالفون للكتاب خمتلفون يف الكتاب جمتمعون على مفاراة الكتاب ،يقولون على اهلل ويف اهلل ويف كتاب اهلل بغري علم ،يتكلمون بالمتشابه من الكالم، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم ،فنعوذ باهلل من فنت املضلني". ف َّبني رمحه اهلل أن أهل البدع واألهواء يتكلمون باملتشابه من الكالم وخيدعون جهال الناس مبا يشبهون عليهم. وهذا الكالم املتشابه الذي خيدعون به جهال الناس هو الذي يتضمن األلفاظ املتشاهبة اجململة اليت يعارضون هبا نصوص الكتاب والسنة ،وتلك األلفاظ تكون موجودة مستعملة يف الكتاب والسنة وكالم الناس لكن مبعان أخر غري املعاين اليت اصدوها هم هبا، فيقصدون هم هبا معاين أخر فيحصل االشتباه واإلمجال! ومن األصول الكلية أن يعلم أن األلفاظ نوعان: 5
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
/1نوع جاء به الكتاب والسنة؛ فيجب على كل مؤمن أن يقر مبوجب ذلك ،فيثبت ما أثبته اهلل ورسوله وينفي ما نفاه اهلل ورسوله، فاللفظ الذي أثبته اهلل ورسوله أو نفاه اهلل ورسوله =حق؛ فإن اهلل يقول احلق وهو يهدي السبيل. ومن متام العلم أن يبحث عن مراد رسوله هبا ليثبت ما أثبته وينفي ما نفاه من املعاين. /2والنوع الثاين :األلفاظ اليت ليست يف الكتاب والسنة وال اتفق السلف على نفيها أو إثباهتا؛ فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حىت يستفسر عن مراده؛ فإن أراد هبا معىن يوافق خرب الشارع احلكيم =أار هبذا املعىن ،وإن أراد هبا معىن خيالف ذلك =أنكره. ويبقى بعد ذلك النظر يف التعبري عن املعاين الصحيحة املرادة بتلك األلفاظ؛ فإن كان في هذه األلفاظ اشتباه أو إجمال =فالواجب أن يعبر بغيرها ،أو ي َّبني املراد الصحيح هبا ،حبيث حيصل تعريف احلق بالوجه الشرعي؛ ألن استعمال اجملمالت واملبهمات يف هذا املقام من أسباب واوع الفراة واالختالف بني األمة ،وهو مما هنينا عنه؛ فإن كثريا من نزاع الناس سببه ألفاظ جمملة 6
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
مبتدعة ومعان مشتبهة؛ حىت جتد الرجلني يتخاصمان ويتعاديان على إطالق ألفاظ ونفيها ،ولو سئل كل منهما عن معىن ما االه مل يتصوره فضال عن أن يعرف دليله ،ومع ذلك فال يلزم أن من خالفه يكون خمطئا؛ بل اد يكون يف اوله نوع من الصواب ،واد يكون هذا مصيبا من وجه وهذا مصيبا من وجه ،واد يكون الصواب يف اول ثالث. وقد قيل :أكثر اختالف العقالء من جهة اشتراك األسماء! وكثريا ما ختفى آثار الرسالة يف بعض األمكنة واألزمنة حىت ال يعرف ما جاء به الرسول صلى اهلل عليه وسلم؛ إما لفظا وإما معىن، فحينئذ يصري من جهل ذلك يف نوع جاهلية بسبب عدم نور النبوة، ومن ههنا يقع الشرك وتقع البدع ويتفرق الدين شيعا؛ فالفنت القولية والعملية هي من اجلاهلية بسبب خفاء نور النبوة؛ كما اال اإلمام مالك" :إذا ا َّل العلم ظهر اجلفاء ،وإذا الت اآلثار ظهرت األهواء". وهلذا شبهت الفنت بقطع الليل املظلم.
فالواجب إذا أن تفسر األلفاظ اجململة باأللفاظ املفسرة املبينة، وكل لفظ حيتمل حقا وباطال فال يطلق إال مبينا به املراد احلق دون الباطل. 7
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
وإن من الباليا العظيمة في هذا الزمان أن يتكلم بعض أهل العلم في خطاب العامة بكالم مجمل يستعمله السياسيون معاني فيها مضادة للشرع ومحادة كثيرا والمبطلون ويريدون به ً َ هلل ورسوله ،ثم يقع بعض المتشرعة في استعمال هذه األلفاظ وهم يريدون بها المعاني الصحيحة التي تحتملها ،فيبقى العامة في اختالط والتباس ،وتبقى مرادات اهلل ورسوله غير واضحة، وتبقى هذه األلفاظ تكئة للمبطلين أن يستعملوها في معانيها الباطلة ليضلوا الناس بغير علم. اال ابن القيم" :إن هؤالء املعارضني للكتاب والسنة إمنا يبنون أمرهم يف ذلك على أاوال مشتبهة حمتملة حتتمل معاين متعددة، ويكون ما فيها من االشتباه يف املعىن واإلمجال يف اللفظ يوجب تناوهلا حبق وباطل؛ فبما فيها من احلق يقبل من مل حيط هبا علما ما فيها من الباطل؛ ألجل االشتباه وااللتباس ،مث يعارضون مبا فيها من الباطل نصوص األنبياء ،وهذا منشأ ضالل من ضل من األمم ابلنا، وهو منشأ البدع كلها؛ فإن البدعة لو كانت باطال حمضا ملا ابلت، ولبادر كل أحد إىل ردها وإنكارها ،ولو كانت حقا حمضا مل تكن بدعة وكانت موافقة للسنة ،ولكنها تشتمل على حق وباطل ويلتبس 8
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
فيها احلق بالباطل كما اال تعاىل :ﮋﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮊ؛ فنهى عن لبس احلق بالباطل وكتمانه ،ولبسه به :خلطه به ،حىت يلتبس أحدمها باآلخر .ومنه التلبيس وهو :التدليس والغش الذي يكون باطنه خالف ظاهره؛ فكذلك احلق إذا لبس بالباطل يكون فاعله اد أظهر الباطل يف صورة احلق وتكلم بلفظ له معنيان؛ معىن صحيح ومعىن باطل، فيتوهم السامع أنه أراد املعىن الصحيح ،ومراده الباطل ،فهذا من اإلمجال يف اللفظ .وأما االشتباه يف املعىن؛ فيكون له وجهان ،هو حق من أحدمها وباطل من اآلخر ،فيوهم إرادة الوجه الصحيح، ويكون مراده الباطل؛ فأصل ضالل بين آدم من األلفاظ اجململة واملعاين املشتبهة ،وال سيما إذا صادفت أذهانا خمبطة ،فكيف إذا انضاف إىل ذلك هوى وتعصب؟! فسل مثبت القلوب أن يثبت البك على دينه وأن ال يواعك يف هذه الظلمات".
[الصواعق املرسلة
(])١٤٧/٤
ومن بديع كالم أهل العلم يف ذلك ما االه ابن القيم أيضا" :إن هؤالء يف معارضتهم للوحي سلكوا طريقا سحروا هبا عقول ضعفاء الناس وبصائرهم ،فشبهت عليهم وخيل إليهم أهنا حق ،فأصاهبم يف 9
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
ذلك مثل ما أصاب السحرة حني عارضوا عصى موسى مبا خيل إىل أبصار الناظرين أنه حق؛ فإن هؤالء عمدوا إىل ألفاظ جمملة حتتها معان مشتبهة حتتمل يف لغات األمم معاين متعددة ،وأدخلوا فيها من املعاين غري املفهوم منها يف لغات األمم ،مث ركبوها وألفوها تأليفا طويال بنوا بعضه على بعض ،ففكروا فيه وادروا وأطالوا التفكري وهولوه يف نفوس من مل يفهمه ،وال ريب والتقدير ،مث عظَّموا اوهلم َّ أن فيه داة وغموضا ملا فيه من األلفاظ اجململة واملعاين املشتبهة ،فإذا دخل معهم الطالب وسع منهم ما تنفر عنه فطرته فأخذ يعرتض عليهم =االوا له :أنت ال تفهم هذا ،وهذا ال يصلح لك ،وهذا أمر اد صقلته األذهان على تطاول األزمان ،وتلقته العقول بالقبول والتسليم ،وفزعت إليه عند التخاصم والتحاكم؛ فيبقى ما يف النفوس من احلمية واألنفة حيملها على تسليم تلك األمور ابل حتقيقها، وعلى ترك االعرتاض عليها خشية أن ينسبوه إىل نقص العلم والعقل، فيأخذها مسلَّمة ،فإذا جاءت لوازمها مل جيد بدا من التزامها ،ويرى أن التزام تلك اللوازم أهون عليه من القدح يف تلك القواعد وإبطاهلا؛ فهذا أصل ضالل من ضل من أهل النظر والبحث يف املعقوالت ،وأما األعمى املقلد فليس معه أكثر من :هكذا اال العقالء!".
[الصواعق املرسلة (])١١٥/٤ 01
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
"فمن طلب األمور العلية -كما اال ابن تيمية -من غري الطرق النبوية =اادته اسرا إىل املناهج الفلسفية ،ومن طلب أمرا عاليا من غري طريقه مل حيصل إال على ضده .فالواجب على من يريد كشف ضالل هؤالء وأمثاهلم أن ال يوافق على لفظ جممل حىت يتبني معناه ويعرف مقصوده ،فيكون الكالم يف معىن معقول يتوارد النفي واإلثبات فيه على حمل واحد ،ال يف لفظ جممل مشتبه املعىن ،وهذا نافع يف الشرع والعقل والدين والدنيا".
[الصواعق املرسلة (])١١٧/٤
وهو باب عظيم اخلطر إذا تأمله الذكي الفطن رأى منه عجائب، وخلصه من ورطات تورط فيها أكثر الطوائف. وحينئذ فاملتعني على أهل العلم أن جيعلوا ما أنزله اهلل من الكتاب واحلكمة أصال يف مجيع هذه األمور ،مث ي ردوا ما تكلم فيه الناس إىل ذلك ،ويبينوا ما يف األلفاظ اجململة من املعاين املوافقة للكتاب والسنة فتقبل ،وما فيها من املعاين املخالفة للكتاب والسنة فرتد. وأما األلفاظ المجملة فالكالم فيها بالنفى واإلثبات دون االستفصال =يوقع في الجهل والضالل والفتن والخبال والقيل؛ ألن يف استعمال العبارات اجململة املتشاهبة املشتملة علي حق وباطل =إثبات حق وباطل ،ويف نفيها نفي حق وباطل ،ولذلك ينع من كال اإلطالاني؛ خبالف النصوص اإلهلية؛ فإهنا فراان فرق اهلل هبا بني 00
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
احلق والباطل؛ وهلذا كان سلف األمة وأئمتها جيعلون كالم اهلل ورسوله هو اإلمام والفراان الذي جيب اتباعه ،فيثبتون ما أثبته اهلل ورسوله وينفون ما نفاه اهلل ورسوله ،وينعون من إطالق العبارات احملدثة اجململة املتشاهبة نفيا وإثباتا ،وال يطلقون اللفظ وال ينفونه إال بعد االستفسار والتفصيل؛ فإذا تبني املعين أثبت حقه ونفي باطله، خبالف كالم اهلل ورسوله فإنه حق جيب ابوله وإن مل يفهم معناه، وكالم غري املعصوم ال جيب ابوله حىت يفهم معناه. وانظر -رحمك اهلل -إلى تلك العبارات المجملة الموهمة تأثرا بجو التي صار كثير من أهل العلم يعبرون بها في بالدنا ً الثورات ومطالبات الطوائف المنحرفة من العلمانيين والليبراليين وأشباههم ،واستثارة لعواطف العامة؛ من مثل :الحريات، والمواطنة ،والمساواة ،وحق التظاهر واالعتصام ،وحق التعبير، وحق المعارضة ،وأشباه هذه العبارات المجملة المتشابهة التي نجزم أن مراد أعداء الدين بها مضاد لشريعة اهلل ،ومع ذلك يقع كثير من الدعاة والمتشرعة في استعمالها من غير نص صريح على المراد الصحيح منها ،حتى استقر في نفوس كثير من العامة صحة استعمالها ،ورأوا ذلك مواف ًقا للشرع ،ولو استمر الوضع 02
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
كذلك=فسينشأ الناشئ بعد ذلك على إلف هذه األلفاظ بمعانيها الشائعة ويراها هي الحق الذي ترد به النصوص الشرعية والقواعد المرعية ويتهم دعاة الحق –إن خالفوا تلك األهواء- بالتخلف والرجعية! اال ابن تيمية" :واد تقدم التنبيه على منشأ الضالل يف هذا السؤال وأمثاله ،وما يف ذلك من العبارات املتشاهبات اجملمالت املبتدعات سواء كان احملدث هو اللفظ وداللته ،أو كان احملدث هو استعمال ذلك اللفظ يف ذلك املعين ...وأنه إذا منع إطالق هذه اجملمالت احملدثات يف النفي واإلثبات وواع االستفسار والتفصيل =تبني سواء السبيل .وبذلك يتبني أن الشارع عليه الصالة والسالم نص على كل ما يعصم من املهالك نصا ااطعا للعذر ،واال تعاىل: ﮋﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮊ واال تعاىل :ﮋﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮊ واال تعاىل: ﮋ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ ﮋﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﮊ واال :ﮋﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﮊ واال تعاىل :ﮋﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ 03
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﮊ واال تعاىل :ﮋﭽ ﭾﭿ ﮀﮁﮂﮃ ﮄﮅ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗ ﮊ واال أبو ذر رضي اهلل عنه" :لقد تويف رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه يف السماء إال ذكر لنا منه علما". واال صلى اهلل عليه وسلم" :تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ال يزيغ عنها بعدي إال هالك" .واال" :ما بعث اهلل من نبي إال كان خيرا لهم ،وينهاهم عن حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه ً شر ما يعلمه شرا لهم".
وهذه اجلملة يعلم تفصيلها بالبحث والنظر والتتبع واالستقراء والطلب لعلم هذه املسائل يف الكتاب والسنة؛ فمن طلب ذلك وجد يف الكتاب والسنة من النصوص القاطعة للعذر يف هذه املسائل ما فيه غاية اهلدى والبيان والشفاء. 04
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
وذلك يكون بشيئني :أحدمها :معرفة معاين الكتاب والسنة. والثاين :معرفة معاين األلفاظ اليت ينطق هبا هؤالء املختلفون ،حىت حيسن أن يطبق بني معاين التنزيل ومعاين أهل اخلوض يف أصول الدين فحينئذ يتبني له أن الكتاب حاكم بني الناس فيما اختلفوا فيه".
[درء التعارض (])٤٦/٧
"وهلذا جيب على من يريد كشف ضالل هؤالء وأمثاهلم :أن يوافقهم على لفظ جممل حىت يتبني معناه ويعرف مقصوده ويكون الكالم يف املعاين العقلية املبينة ال يف معان مشتبهة بألفاظ جمملة...فعلينا أن نؤمن مبا االه اهلل ورسوله ،فكل ما ثبت أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم االه فعلينا أن نصدق به وإن مل نفهم معناه؛ ألنا اد علمنا أنه الصادق املصدوق الذي ال يقول على اهلل إال احلق .وما تنازع فيه الناس من األلفاظ اجململة فليس على أحد أن يقبل مسمى اسم من هذه األساء ال يف النفي وال يف اإلثبات حىت يتبني له معناه ،فإن كان املتكلم بذلك أراد معىن صحيحا موافقا لقول املعصوم =كان ما أراده حقا ،وإن كان أراد به معىن خمالفا لقول املعصوم =كان ما أراده باطال .ويبقى النظر يف إطالق ذلك اللفظ ونفيه وهي مسألة مهمة ،فقد يكون المعنى صحي ًحا ويمنع
مشروعا من إطالق اللفظ لما فيه من مفسدة ،وقد يكون اللفظ ً 05
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
ولكن المعنى الذي أراده المتكلم باطل؛ كما اال علي رضي اهلل عنه ملن اال من اخلوارج املاراني" :ال حكم إال هلل" :هذه كلمة حق أريد هبا باطل"!
[درء التعارض (])٤١٧/٧
وأما إطالق األلفاظ غري واضحة املعاين يف مقام التبليغ والبيان فهو حال أهل البدع؛ كما سبق. اال ابن تيمية يف بيان حال الفراة الناجية" :فال ينصبون مقالة وجيعلوهنا من أصول دينهم ومجل كالمهم إن مل تكن ثابتة فيما جاء به الرسول؛ بل جيعلون ما بعث به الرسول من الكتاب واحلكمة هو األصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه ،وما تنازع فيه الناس من مسائل ...يردونه إىل اهلل ورسوله ،ويفسرون األلفاظ اجململة اليت تنازع فيها أهل التفرق واالختالف؛ فما كان من معانيها موافقا للكتاب والسنة أثبتوه؛ وما كان منها خمالفا للكتاب والسنة أبطلوه ،وال يتبعون الظن وما هتوى األنفس؛ فإن اتباع الظن جهل ،واتباع هوى النفس بغري هدى من اهلل ظلم .ومجاع الشر :اجلهل والظلم". ولقد راجت اصطالحات كثيرة بين الناس اليوم ،وأريد للشريعة أن تحمل على َوفقها ،بل أن تجعل معانيها هي مقاصد الشريعة، ولما استعمل المتشرعة تلك االصطالحات واأللفاظ المجملة 06
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
كثيرا من أتباعهم المخلصين ،وفوق تفرق الناس؛ فخسروا هم ً ذلك -وألنهم لم يحسنوا مجاراة المبطلين وتأثروا بكثير من كثيرا من العامة ،وكان الباطل ووقعوا في تناقضات -خسروا ً بعض المتشرعة يقولون :ال نريد أن نفرق الناس لو استعملنا المصطلحات الشرعية المحضة في واقع غير مهيأ لذلك ،فوقعوا في عين ما هربوا منه ،ولكن وقعت تلك الفرقة على غير نور وبصيرة وهدى من اهلل ،وفي كل مرة وكل جولة تتفتت الوحدة وتتشرذم األمة وي ّدعى مع ذلك الحفاظ على الثوابت والسعي عامل كثير من المعارضين لهؤالء المتشرعة إلى إعادة الهوية! ثم ي َ على أنهم معارضون للشريعة ،مع أن الدعوة لم تكن للشريعة المحضة ،بل هي ألمور مختلطة وألفاظ محدثة ملتبسة ال يصلح أن تكون معقد والء وبراء ،وال سبب تفريق بين الناس، والمؤسف أن تدغدغ عواطف العامة من المتدينين بأمور ال تحققها تلك الدعاوى ،ونظل في حالة استقطاب وتفريق أدت بنا إلى ما نعيشه اليوم من صراع وفرقة وتربص بالتيار اإلسالمي وسوء ظن به وتكذيب له. 07
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
اال ابن تيمية" :وليس ألحد أن يتحن الناس بلفظ جممل ابتدعه هو من غري بيان ملعناه".
[الفتاوي الكربى (])٤٣٧/٧
وكذلك تفريق الناس بأساء أحزاب وطوائف ووالءات على غري املتربأ من فاعله. اإلسالم والسنة =من التفريق املنهي عنه َّ
اال شيخ اإلسالم ابن تيمية" :واهلل تعاىل اد سانا يف القرآن
املسلمني املؤمنني عباد اهلل ،فال نعدل عن األساء اليت سانا اهلل هبا إىل أساء أحدثها اوم وسوها هم وآباؤهم ما أنزل اهلل هبا من سلطان؛ بل األساء اليت اد يسوغ التسمي هبا مثل انتساب الناس إىل إمام كاحلنفي واملالكي والشافعي واحلنبلي ،أو إىل شيخ كالقادري والعدوي وحنوهم ،أو مثل االنتساب إىل القبائل كالقيسي واليماين، وإىل األمصار كالشامي والعرااي واملصري =فال جيوز ألحد أن يتحن الناس هبا ،وال يوايل هبذه األساء وال يعادي عليها؛ بل أكرم اخللق عند اهلل أتقاهم من أي طائفة كان".
[جمموع الفتاوي (])٣٧٥/٤
إن الواجب على الدعاة واملصلحني أن يسلكوا مسلك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف دعوة الناس ويف مجعهم ،فرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قد أعلن حقيقة دعوته للناس من أول يوم، وهكذا أنبياء اهلل ورسله ،من الدعوة إلى توحيد اهلل واتباع رسوله 08
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
والبراءة من الشرك وأهله ،ولم يقل أحد منهم للناس :إننا جئنا بإصالح األوضاع االجتماعية وال بنهضة وال بتحقيق رفاه ،وذلك وإن كان قد يتحقق =فليس هو مما يقصد باألصالة بل بعضه ال يقصد حتى بالتبَع ،فجذب العامة إلى الشريعة بما لم تأت الشريعة لتحقيقه وال يملك المتشرعة مفاتحه =ضرب من اللبس وحملته ،والتكذيب والخيانة وإيقاع الناس في سوء الظن بالشرع َ بوعد اهلل تعالى لعباده المؤمنين بنصرتهم وعزتهم.
وإن من املؤسف أن كثريا من املعاين الفاسدة واأللفاظ املتشاهبة كان أهل العلم والدعاة ينبهون عليها من ابل يف ظل األنظمة الفاسدة السابقة رغم ما كانوا يعانونه من ظلم واضطهاد وفتنة ضراء، مث اليوم صاروا يستعملون هذه األلفاظَّ ، وخفت حدة إنكارهم على كثري من معانيها ،ويف ذلك فتنة للعامة وملن كانوا يناوؤوهنم على حد سواء! إن وظيفة العامل هي البيان الواضح والبالغ املبني ،وليس التسويغ والتماس احليل واالحتماالت البعيدة لتمرير ما تريده سلطة كائنة ما كانت. 09
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
واد يبقى للساسة بعض العذر يف استعمال بعض هذه املصطلحات احملتملة إن ااتضت الضرورة الشرعية ذلك ،ولكن بيان أهل العلم ال عالاة له هبذه الضرورة ،وال يرفع الواجب عنهم إنكار خفي ال يسمع ،أو بيان ليس إال ركزا. "لقد بعث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأخصب بالد العرب وأغناها ليست يف يد العرب ،إمنا هي يف أيدي الفرس والروم ،فبالد الشام كلها يف الشمال خاضعة حلضارة الروم وحكمها ،وبالد اليمن كلها يف اجلنوب خاضعة حلضارة الفرس وحكمها ،وليس يف أيدي العرب إال احلجاز وجند وما إليهما من الصحاري القاحلة اليت تتناثر فيها الواحات اخلصبة هنا وهناك! واد كان يكن للنيب صلى اهلل عليه وسلم أن يثريها اومية عربية تستهدف جتميع ابائل العرب اليت أكلتها الثارات ومزاتها النزاعات، فيوجه دعوته وجهة اومية الستخالص أرض العرب املغتصبة من اإلمرباطوريات األخرى وإعالء راية العروبة ،ورمبا لو دعا إىل ذلك كانت ستستجيب له معظم ابائل العرب ،بدال من أن يعاين ثالثة عشر عاما يف اجتاه معارض ألهواء أصحاب السلطان يف اجلزيرة حىت إذا استجابت له العرب وولته فيها القيادة والسيادة وحاربت حتت لوائه ودانت له بالسمع والطاعة =استخدم ذلك كله يف إارار عقيدة 21
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
التوحيد اليت بعث هبا لتعبيد الناس لسلطان رهبم بعد حقق هلم مآرهبم الدنيوية. ولكن النيب صلى اهلل عليه وسلم مل يفعل ذلك ،بل دعا إىل كلمة التوحيد وإىل حتقيقه يف الناس ،وحتمل األذى يف سبيل ذلك، وانقسم الناس بدعوته الواضحة إلى شقي وسعيد وكافر ومؤمن؛ فاالنقسام واالختالف حيث كان وااعا ال حمالة وادرا مقدورا ال سبيل إىل رفعه وال مفر منه =فليكن على حمجة واضحة وسبيل اومي. وكذلك فإن النيب صلى اهلل عليه وسلم اد بعث هبذا الدين وإن العرب بعامة يف أسوأ حالة اجتماعية ،من الفراة والنزاعات واحتكار الثروات واجلاه ،وغياب العدالة يف توزيع األموال عامة وخاصة ،وظلم للنساء وللرايق ،واد كان يكن أن يرفعها النيب صلى اهلل عليه وسلم راية اجتماعية ،وأن يثريها حربا على طبقة األشراف والسادة ،وأن يطلقها دعوة تستهدف تعديل األوضاع اجلائرة ،وإعادة توزيع الثروات وحتقيق العدالة االجتماعية وكرامة العيش واحلرية ،وكان سيتبعه حينئذ فئام كثرية من الناس ليقفوا يف وجه طغيان املال والشرف واجلاه ،وتبقى القلة القليلة معارضة له ،بدال من أن يقف اجملتمع كله يف وجه (ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل) اليت مل يقبلها يف ذلك الوات إال القليل من الناس ،حىت إذا استجابت له الكثرة 20
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
وتوىل ايادها ،وحقق هلا مرادها ،وغلب هبا القلة واادها =استخدم مكانته السامقة يومئذ وسلطانه يف إارار عقيدة التوحيد اليت بعثه هبا ربه ،ويف تعبيد الناس لسلطان رهبم بعد أن عبدهم لسلطانه البشري. ولكن كل ذلك لم يكن؛ بل كانت الدعوة واضحة جلية متمحضة في أن يكون الدين كله هلل. وبعث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كذلك واملستوى األخالاي يف اجلزيرة العربية يف الدرك األسفل يف جوانب شىت ،حيث كان الظلم فاشيا يف اجملتمع ،تعرب عنه حكمة الشاعر اجلاهلي زهري بن أيب سلمى: ومن مل يذد عن حوضه بسالحه ** يهدَّم ومن ال يظلم الناس يظلم ...وكانت اخلمر وامليسر من تقاليد اجملتمع الفاشية ،ومن مفاخره كذلك ،يعرب عن هذه اخلصال الشعر اجلاهلي جبملته...وكانت الدعارة يف صور شىت من معامل هذا اجملتمع اجلاهلي املنحرف شأنه شأن كل جمتمع جاهلي ادمي أو حديث... واد كان يكن للنيب صلى اهلل عليه وسلم أن يعلنها دعوة إصالحية ،تتناول تقومي األخالق ،وتطهري اجملتمع ،وتزكية النفوس، وكان ال حمالة واجدا نفوسا طيبة يؤذيها هذا الدنس ،وتأخذها النخوة لتلبية دعوة اإلصالح والتطهري. 22
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
ولو أنه صنع ذلك لكانت اد تبتعه مجهرة صاحلة تتطهر أخالاها وتزكو أرواحها ،فتصبح أارب إىل ابول العقيدة ومحلها ،بدال من أن تثري دعوة (ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل) املعارضة القوية منذ أول الطريق. ولكن شيئا من ذلك مل يكن؛ ألن اهلل يعلم أن األخالق ال تقوم إال على أساس متني من عقيدة تضع املوازين وتقرر القيم ،كما تقرر السلطة اليت تستند إليها هذه املوازين والقيم ،واجلزاء الذي متلكه هذه السلطة ،وتواعه على امللتزمني واملخالفني ،وأنه ابل تقرير هذه العقيدة وحتديد هذه السلطة تظل القيم كلها متأرجحة ،وتظل األخالق اليت تقوم عليها متأرجحة كذلك بال ضابط وال سلطان وال جزاء. فلما تقررت العقيدة بعد اجلهاد الشاق والدعوة الواضحة وتقررت السلطة اليت ترتكن إليها هذه العقيدة وعرف الناس رهبم وعبدوه وحده وآمنوا برسوله صلى اهلل عليه وسلم وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه =حترروا من سلطان العبيد ومن سلطان الشهوات سواء ،وصنعت دعوة التوحيد بأهلها كل شيء صاحل مما يقرتحه املقرتحون ،وتطهرت األرض من الرومان والفرس ال ليتقرر فيها سلطان العرب ،ولكن ليتقرر فيها سلطان اهلل رب العاملني الذي له 23
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
اخللق واألمر ،فلم يزل طاغوت غربي أو شرقي ليأتي طاغوت عربي ،ولم يزل أشخاص نظام ليأتي آخرون يدورون في نفس الفلك وإن تغيرت بعض المظاهر التي ال تغير من الحقيقة شيئًا، بل تطهر المجتمع من الشرك والظلم االجتماعي بجملته واألخالق السافلة والعادات الباطلة ،واام النظام اإلسالمي يعدل بعدل اهلل ،ويزن مبيزان اهلل ويرفع راية العدالة االجتماعية باسم اهلل وحده ويسميها راية اإلسالم ،اليت ليست شراية وال غربية ،فلم يقرن إليها اسا آخر ،وتطهرت القلوب واألخالق ،وزكت النفوس العليلة؛ فغدت يف سعادة وسرور ،ورضوان وحبور؛ ألن الراابة اامت هناك يف الضمائر ،وألن الطمع يف رضا اهلل وثوابه واخلوف من غضبه وعقابه اد متكن من النفوس ،وي زع اهلل بعد ذلك بالسلطان ما ال يزع بالقرآن ،وارتفعت البشرية يف نظامها وأخالاها وايمها وحياهتا كلها إىل القمة السامقة اليت مل ترتفع إليها من ابل اط ،ومل ترتفع إليها من بعد إال يف ظل اإلسالم. لقد مت هذا كله ألن الذين أااموا هذا الدين يف صورة دولة ونظام وشرائع وأحكام كانوا اد أااموا هذا الدين من ابل يف ضمائرهم ويف حياهتم ،يف صورة عقيدة وخلق وعبادة وسلوك ،وكانوا اد وعدوا 24
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
على إاامة هذا الدين وعدا واحدا ال يتعلق بشيء من هذه الدنيا، هو رضوان اهلل والفوز جبنته ،فسواء اام الدين على أيديهم أو ماتوا وهم يسعون إىل إاامته وملا يقم؛ كل ذلك ال يؤثر شيئا. فلما أن ابتالهم اهلل فصربوا ،وملا أن فرغت نفوسهم من حظوظها ،وملا أن علم اهلل منهم أهنم ال ينتظرون جزاء يف هذه األرض كائنا ما كان ،ولو كان هو انتصار هذه الدعوة على أيديهم وايام هذا الدين يف األرض جبهدهم ،وملا مل ي عد يف نفوسهم اعتزاز مبجد دنيوي ،وال بقومية وال برهط ،وال بوطن وال بأرض ،ملا أن علم اهلل منهم ذلك كلَّه علم أهنم اد أصبحوا أمناء على هذه األمانة الكربى اليت خلق اهلل اخللق ألجلها ،وأمناء على السلطان الذي يوضع يف أيديهم ليقوموا به على شريعة اهلل فينفذوها ،وعلى عدل اهلل فيقيموه ،دون أن يكون هلم من ذلك السلطان شيء ألنفسهم وال لعشريهتم وال لقومهم وال جلنسهم ،إمنا السلطان هلل والدين كله له. ومل يكن شيء من هذا املنهج املبارك ليتحقق على هذا املستوى الرفيع إال أن تبدأ الدعوة ذلك البدء وترفع هذه الراية وحدها واضحة ال لبس فيها وال غموض ،يفهمها املخالف كاملوافق ،والعجمي كالعريب".
[معامل يف الطريق ،باختصار ،ص]٤3-٤٤ 25
ﭘﭙ ﭚ ﭛ
مث لن يصلح أمر آخر هذه األمة إال مبا صلح به أوهلا ،وال طريق للصالح والفالح وسعادة الدارين إال بتحقيق ما كان عليه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه علما وعمال ،مع مراعاة أحوال املخاطبني وحسن دعوهتم ،وعدم خلط الوسائل باملقاصد ،وتضييع الغايات استغرااا يف وسائلها. واهلل سبحانه ينصر رسله والذين آمنوا يف احلياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد ،ﮋﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮﮊ
26
[التوبة]٤٤ :