الوحدة اإلسالمية واالشكاالت النّفسية و السّياسيّة
العالمة املرجع السيد حممد حسني فضل اهلل ٤٩٩١/٣/٤١ / 02شوال 4141هـ أحبّ يف البداية أن أتساءل :هل إنَّ مشكلة املسلمني يف كلّ تارخيهم، يف ما اختلفوا فيه من شؤون العقيدة وتفاصيلها املعروفة يف علم الكالم ،والَّ يذأ أصرّوا فيه على أن يبقى الفكر واحداً يف كلّ م يذهب ،فال يتغري ،سواء يف شوؤن املوضوعات العقيدية ،أو يف ما اختلفوا فيه من شؤون الفقه .ففي ه يذا اإلطار ،يصعب أن ترى فقيهًا شيعياً يلتزم يف مرحلة من املراحل فقهاً سنياً ،ولو يف بعض املسائل ،أو ترى فقيهاً سنيًا مبثل ه يذه الطريقة. والسؤال :هل ما نثريه ميثّل مشكلة فكرية فحسب ،أو أنَّها مشكلة نفسيّة أيضاً؟ املشكلة نفسية ال فكرية: لقد انطلق التاريخ ـ حتى لدى العلماء ـ على صعيد الفكر الكالمي والفكر الفقهي ـ إذا صحّ التعبري ـ سن ّياً على طول اخلط ،مهما حبث الباحثون ،وشيعياً يف اجلانب
اآلخر على طول اخلط ،مهما حبث الباحثون ،حتى إذا اقرتب أحدهم فاكتشف إمكانية صواب يف فكر اآلخر ،حاول أن يلف ويدور ليتكلّف الكثري ممّا جيعله يقف عند مواقعه من دون أن يتحرك خطوة واحدة. لـم حيصل يف كلّ التاريخ ،ويف كلّ الكتب اليت أُلّفت ،تطور باملعنى الكبري يف مستوى األحباث اليت حبثت ،وإنّين أتساءل :هل ميكن أن تكون هناك جمموعات من النّاس جامدة أمام نصوص ميكن أن يتنوع فيها االجتهاد؟ وهل ميكن أن تبقى عند إن املشكلة ليست مشكلة فكر موقع واحد ال تتحرك خطوة واحدة؟ ماذا يعين ذلك؟ َّ إن املشكلة هي مشكلة نفسية، بني علماء املسلمني ،وال أتكلم عن الشعوب اإلسالميةَّ ، باعتبار أنَّ الشيعي يقرر أن يبقى شيعياً مهما كلفه ذلك من تآويل ،وأنَّ السين يقرر أن يبقى سنياً يف مجيع احلاالت. ليست لدينا ـ يف ما نراه ـ م يذهبية فكرية ،إنَّما لدينا م يذهبية طائفية .حنن نتحرك بروحية عشائرية يف ما نتفق عليه يف ك ّل دائرة من الدوائر اإلسالمية ،فهناك عشرية السنّة وعشرية الشيعة ،واملنطق العشائرأ هو ال يذأ يفرض نفسه ،ال امل يذهب الفكرأ السنّي أو امل يذهب الفكرأ الشيعي ،يف ما يعيشه الوجدان الشيعي أو السنّي. وملا كانت املشكلة نفسية ،حصل الرفض املتبادل ،فالشيعي يفكر يف أن يكون شيعياً قبل أن يفكر يف أن يكون مسلماً يف خط التشيع ،والسنّي يفكر يف أن يكون سنياً قبل أن يفكر يف أن يكون مسلماً يف خط التسنن ،ولو كان اإلسالم هو الفكر ال يذأ نلتزمه ،ألمكننا أن نضيء اإلسالم على كلّ ما اختلفنا فيه ،لنجد نور احلقيقة يف وألن املشكلة كانت نفسية ،بقيت الظروف القاسية املتنوعة تزيد ه يذا ذلك كلّهَّ . التشنج والتوتر النفسي سوءاً ،ل يذلك ،انطلقت آالف الكتب واألحباث يف علم تستطيع أن ختشع أمامه لعمقه ودقته ،ولكنَّ النفوس كانت يف اجتاه آخر ،فكان العقل يكتب الفكرة ،وكانت النفوس تنسف الفكرة. محالت التكفري متنع حرية الفكر:
ولنا أن نتساءل حول ه يذه املسألة :هل تتمحور حول قضية تفاهم فكرأ أو هي قضية حاجز نفسي جيعلنا منتنع عن أن نفكر ولو للحظة ،يف إمكانية أن نلتزم شيئاً من الفكر اآلخر؟ حتى إنّنا إذا أردنا أن ندرس الواقع يف أوضاع ه يذه امل يذاهب ،لرأينا أنَّ هناك حالة قمع فكرأ يف داخل كلّ م يذهب .هل يتجرأ عالـم سنّي يف الدائرة العلمية أن يتبنى رأياً شيعياً يف مسألة كالمية أو فقهية؟ وهل يتجرأ عالـم شيعي قاده اجتهاده إىل ما يوافق الفكر السين يف مسألة كالمية أو فقهية أن يتبنى الفكر السين؟ إنّنا نالحظ يف مثل ه يذه احلالة هنا وهناك ،أنَّ هناك محلة تشويه وتشهري وتضليل وتفسيق ،وإذا تساحمنا كما تساحمنا يف التكفري ،فال مانع من أن تكون هناك محلة تكفري بطريقة وبأخرى. إنَّنا كثرياً ما نتحدث يف املسألة السياسية عن قمع احلريات السياسية ،فالشعب يف ه يذا البلد أو ذاك ال ميلك احلرية يف أن يعبّر عن رأيه السياسي ،نتيجة ضغط احلكام بشكل عام ،ولكن املفارقة يف الوقت نفسه ،أنَّنا ال منلك يف جمتمعاتنا ـ حتى العلمية ـ مثل ه يذه احلرية على املستوى الفكرأ والفقهي ،باعتبار أنَّه ممنوع على الشيعي أن جيتهد خارج نطاق ه يذا اخلطّ ،وممنوع على السين أن جيتهد خارج نطاق ه يذا اخلط. املنهج القرآني ونقاش املسلّمات: إنَّنا نالحظ أنَّ هناك سجاالً بكلّ صراحة يف ك ّل مفردات اخلالف بني السنّة والشيعة ،يف ما هو الفكر السين ال يذأ ينتقده عالـم شيعي ،أو الفكر الشيعي ال يذأ ينتقده عالـم سين ،ولكن قولوا لي :هل تُبحث قضايا كلّ م يذهب يف داخله ،وال سيما يف املسألة الكالمية ،بالطريقة اليت يبحث فيها ما خيتلف فيه الفكر السين عن الفكر الشيعي؟ ومن املعروف أنَّ املسألة الكالمية يف اإلطار الشيعي واإلطار السين تتحرك على أساس إبقاء املسلّمات اليت قد ال تكون مسلّمات عندما ندرسها دراسة علمية.
ول يذلك ،فإنَّين أتصور أنَّ علينا العودة إىل املسألة الفكرية اليت تتحرك مبوضوعية، إن اإلنسان يقف أمام القضية وقفة حيادية أمام ما يلتزمه ،وحنن نقرأ القرآن حبيث َّ كثرياً ،ولكن لو أردنا أن ندرس املنهج يف كلّ حوزاتنا وجامعاتنا ،لرأينا أنَّنا بعيدون عن أن نهتدأ بهدأ القرآن يف أسلوب البحث .هناك آية قد ال يكتشفها الكثريون، كمْ توحي إىل النيبّ(ص) كيف يكون أسلوبه يف حوار الكفار ،اآلية تقول{ :أَوْ إِيَّا ُ َل َعلَى ُهدًى أَوْ فِي ضَاللٍ مُّبِنيٍ] ،}[1وهي توضح أنَّ الشك هو ال يذأ حيكم حركة البحث يف الفكرة ،وهي توجّه احملاور أن ال ينطلق إىل الفكرة على أساس أنَّ احلقّ معه وأنَّ الباطل مع اآلخر ،حتى لو كان مقتنعاً ب يذلك ،بل أن ينطلق على أساس أنَّه واآلخر يقفان على أرض واحدة ،الفكرة أمام االثنني وال أحد ميلك إال أن يرددها بني الضالل واهلدى ،وعند ذلك ،جيرأ البحث املوصل إىل الفكرة ،وليست القناعات السابقة هي اليت تؤثر يف االلتزام بالفكرة. وهل يذا ،كنت أقول إنَّ األسلوب القرآني يتقدم على األسلوب املعروف لدى كثري من علمائنا املتقدمني ،وهو أسلوب يأخ يذ به النّاس" :رأيي صواب حيتمل اخلطأ ورأأ غريأ خطأ حيتمل الصواب" ،ويف رأيي ،إنَّ ه يذا األسلوب حيمل قدراً من ال يذاتية، رأيي صواب بنسبة ،%07ورأأ غريأ خطأ بنسبة ،%07القرآن ال يقول ذلك ،فهو ال كمْ َلعَلَى ُهدًى أَوْ فِي يدخل املسألة ال يذاتية يف املسألة العلمية وإنَّما يقول{ :أَوْ إِيَّا ُ ضَاللٍ مُّبِنيٍ}[2]. كاً وهو ال يذأ جاء بالصدق وصدّق به؟ لـم تكن القضية هل كان النيبّ (ص) شا ّ ك يذلك ،ولكنَّ أسلوب البحث كان يتحرك يف ه يذا االجتاه .يف القرآن الكريم، ينطلق أسلوب البحث من البعد عن اجلو اجلمعي ال يذأ يتحرك فيه النّاس ليكفروا ظكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ وليفسقوا وليؤيدوا{ قُلْ إِنَّمَا أَعِ ُ َتتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِ ِبكُم مِّن جِنَّةٍ }[3].ولقد حترك املوقف وفق ه يذه الصورة ،وكان اجلميع يهتفون "هو جمنون" ،ولـم يردّ عليهم النيبّ(ص) ،حسبما جاء يف القرآن، بأني لست جمنوناً ،ألنَّ الصوت ال يُسمع يف الضجيج ،ولكنَّه قال هلم ختلصوا من
ه يذا اجلو االنفعالي ،ألنَّكم ال تستطيعون يف ظلّه أن متلكوا فكركم ورأيكم ،ولكن تفرقوا مثنى وفرادى ،وستعرفون النتيجة من خالل الفكر ،الفكر اهلادئ والعقل اهلادئ املوضوعي. ل يذلك ،أخشى ،أيُّها األحبة ،أنَّنا حتوّلنا إىل مقلدين يف املسألة الكالمية ،إذا كنّا حنرك االجتهاد يف املسألة الفقهية ،وه يذه نقطة أحبّ أن أثريها على مستوى املنهج. بني الفقه اإلسالمي واخلصوصيات امل يذهبية: وهناك نقطة ثانية يف ه يذا االجتاه ،وهي أنّي أالحظ ،يف ك ّل ما يتم إثارته داخل حوزاتنا وجامعاتنا ،أنَّ هناك تشديداً على التقسيمات الفقهيّة؛ الفقه الشيعي، الفقه السين ،احلنفي ،املالكي ،الشافعي ،إىل آخر ما هناك؛ حماولني دوماً أن نؤكد الفواصل ،وأن نضع احلواجز بني فقه وفقه ،يف الوقت ال يذأ نعرف أنَّ كلّ الفقهاء من سنّة وشيعة ،إنَّما تبنّوا ه يذا الرأأ أو ذاك الرأأ ،انطالقاً من فهم معني هل يذه أن ه يذا الشيء أن ه يذا الشيء واجب ،أو َّ اآلية القرآنية أو تلك ،وب يذلك يتم حتديد َّ مستحب وما إىل ذلك. لـم ينطلق أحدهم يف أحباثه وفهمه من صفة سنية باملعنى ال يذاتي للصفة ،أو من صفة شيعية ،حتى إنَّنا عندما نالحظ بعض األشياء اليت مثّلت حداً فاصالً يف الغالب بني السنّة والشيعة ،كما يف القياس ،نرى أنَّ الكثريين من السنّة ال يذين تبنّوا حجية القياس ،إنَّما تبنوه على أساس ما قدموه من اآليات اليت يرون أنَّها تدل على حجية القياس ،أو من األحاديث الواردة يف السنّة اليت تدل على حجية القياس، وعندما نفى اآلخرون من السنّة ،كامل يذهب الظاهرأ والشيعة ،حجية القياس، أن األحاديث اليت أكدت دعوى أن ه يذه اآليات ال تدل عليه ،كما َّ نفوها من موقع َّ صحته ،ال تثبت أمام النقد من خالل السند ،وال تثبت أمام النقد من خالل املوقف.
إذاً ،املسألة كانت أنَّ هؤالء يتحدثون على أساس الكتاب والسنّة ،وأنَّ أولئك يتحدثون على األساس نفسه ،ليست هناك خصوصية شيعية يف ه يذا الرأأ الرافض، وليست هناك خصوصية سنية يف ه يذا الرأأ املوافق ،حتى إنَّ الشيعة ال يذين نقلوا أحاديث أئمتهم عن "أنَّ السنّة إذا قيست حمق الدين"( ،)4لـم ينقلوها على أساس أنَّها حالة تعبدية ،إنَّما أشاروا إىل احلديث اآلخر الوارد عن أئمة أهل البيت(ع) "أنَّ دين اللّه ال يصاب بالعقول"( ،)2وقالوا إنَّ مشكلة القياس جتعلنا ال نستطيع أن نفهم عمق املصاحل واملفاسد اليت تتحرك يف خلفيات األحكام ،وإذا لـم نعرف املصلحة بشكل قطعي وإنَّما بشكل ظنّي ،فإنَّما نكون قد جانبنا الصواب ،ألنَّ الظنّ ال يغين من احل ّق شيئاً ..وكانت القضية تتحرك يف ه يذا االجتاه. لـم ينطلق القياس يف الرفض الفقهي الشيعي من حالة تعبدية ،وإنَّما انطلق من حالة أصولية عامة تتمحور حول حجية الظنّ أو عدم حجيته يف ما لـم نصل فيه إىل القطع ،وإال فالسنّة والشيعة يتفقون على حجية القياس يف العلة املنصوصة القطعية أو يف القطعيات اليت ميكن أن نقطع فيها ،كما يف بعض القضايا الفكرية الشرعية. وهك يذا عندما نأتي إىل ما خيتلف فيه الشيعة والسنّة يف فهم القرآن ،أو ما خيتلفون فيه يف عموم القرآن واألحاديث ،وال سيما يف مسألة التوثيق وما إىل ذلك ،فإنَّنا نالحظ أنَّ هناك فقهاً إسالمياً قد يتبناه شخص ويرفضه شخص آخر ،متامًا كما هي املسألة يف الدائرة السنية ،وكما هي املسألة يف الدائرة الشيعية ،ل يذلك أتساءل: ملاذا ال ننطلق على أساس أن نطرح الفقه إسالمياً ،أأ بعيداً عن كلّ خصوصية شيعية أو سنية ،فيتحدث العلماء كلّ حبسب دليله املنطلق من املصادر األساسية حلجية التشريع .وحنن نالحظ أنَّ من علماء املسلمني الشيعة من تبنى ه يذا األسلوب ،وهو العالّمة احللي يف كتاب (املنتهى) ويف كتاب (الت يذكرة) ،فقد كان ينقل املسألة ويثري األدلة الواردة عن طريق أهل السنة على نسق ما يثري األدلة عن
طريق أهل الشيعة ،ويتحدث عن اخلالف بأشكال متداخلة ،فال املسألة الشيعية تفصل عن املسألة السنية وال العكس. ل يذا ،احلديث عن الفقه املقارن ،أو الفقه على امل يذاهب األربعة ،أو الفقه على امل يذاهب اخلمسة ،ميثّل تأكيداً للفواصل .ويف رأيي ،أنَّه ال بُدَّ من االنطالق على أساس أن يكون فقهنا املستقبلي فقهاً إسالمياً يعرض األقوال بدون تعقيد .وعلى ه يذا األساس ،فإنَّين أقرتح على أخوتنا يف جممع التقريب ،ال يذين فكروا يف إنشاء جامعة امل يذاهب األربعة أو امل يذاهب اخلمسة ،أن يسموها (:اجلامعة اإلسالمية) ،ألنَّ ذلك يؤكد فكرة أنَّنا مسلمون عندما خنتلف ،كما أنَّنا مسلمون عندما نتفق ،ويؤكد أنَّ خالفنا من داخل اإلسالم وليس من خارجه ،وإذا استطعنا أن نعيش حقيقة أنَّ خالفنا من داخل اإلسالم وليس من خارجه ،فسيؤدأ ذلك إىل أن ميتنع بعضنا من أن يكفّر اآلخر ،ألنَّ لعبة التكفري ه يذه اليت فرضت نفسها على الواقع ،يعود سببها إىل أنَّنا جتاوزنا املفهوم القرآني للكفر واإلميان ،وأصبحنا نتحدث عن الكفر واإلميان على أساس آخر ،لقد وسّعنا دائرة مفهوم الكفر ليشمل إنساناً خالف حديثاً قَ ِبلَهُ آخر ،أو اجتهد يف مفهوم قرآني لـم يتقبله آخر ،علماً أنَّ معايري اخلالف استندت على أساس القرآن والسنة. االستعمار وانقسام املسلمني: وهناك نقطة أخرية أحبّ أن أثريها ،وتنتسب إىل الواقع ال يذأ نعيشه اآلن ،ففي أن مسألة التمزق بني املسلمني ال تعود إىل األسباب الفكرية ،ألن املسلمني تصورأَّ ، استطاعوا أن يتعرفوا إىل كلّ ما عند بعضهم البعض ،سواء ما تعلّق خبرافات موجودة يف كتب السنّة والشيعة ال يلتزمها السنّة والشيعة ،أو قضايا علمية ،بعد أن جرى جدل طويل طول الزمن يف املسائل الفكرية. إن املشكلة اليت أصبحت تفرض نفسها على الواقع اإلسالمي هي مشكلة سياسية، َّ وال أريد أن أقول إنَّها مشكلة سياسية من خالل األوضاع الداخلية للمسلمني ،ولكنّي
أتصور ـ وال أحتـدث عـن ذلـك استنتاجـاً ،ولكنّـي أحتـدث عنـه علـى أساس متابعـة ومعلومات ـ أنَّ هناك تعاونًا أساسيًا سياسياً بني االستكبار العاملي املتمثل يف أمريكا وأوروبا وروسيا اآلن ودول أخرى ،ودوائر التبشري ،لضرب أأ توجه إسالمي وحدوأ .ال نريد به يذا احلديث أن نثري مسألة اإلسالم واملسيحية ،ولكنَّنا نريد أن نثري مسألة الدوائر املوجودة يف العالـم اليت تقف يف مواجهة اإلسالم كلّه .وقد عرفنا ذلك يف ما عشناه من مسألة البوسنة واهلرسك ،ونعرف ذلك يف أكثر من موقع يُفرض على املسلمني فيه ـ كما يف أندونيسيـا وغريها ـ أن يغريوا أمساءهم أو دينهم وما إىل ذلك .ال أريد أن أدخل يف ه يذا اجلدل ،ولكنَّ االستكبار العاملي يعمل على أن ميزق وحدة املسلمني. إن االستكبار العاملي ـ أيُّها األحبة ـ قد وظف عندنا ملوكاً ورؤساء وأمراء ومجعيات، َّ من أجل أن مينع التقارب بني املسلمني ،ومن أجل أن مينع الوحدة اإلسالمية ،ألنَّه ال يريد لإلسالم أن يعود ـ من جديد ـ قوة فكرية روحية تشريعية حركية تصنع للحياة قوتها يف خط اهلل ورسوله ،وختطط هلا طريقها يف منهج الشريعة ،وحترك هلا خطواتها يف ساحات الصراع ،من أجل أن تكون كلمة اهلل هي العليا وكلمة الشيطان هي السفلى ،ولينطلق الوعد اإلهلي للمستضعفني املؤمنني بوراثة األرض وإمامتها يف خط اإلميان واحلقّ والعدل. إنَّنا ـ أيُّها األخوة ـ نريد هل يذه املؤمترات اإلسالمية الوحدوية ،أن تتحرك يف الساحة من أجل التغيري العملي ،من خالل اخلطوط املتحركة فـي الواقـع بالوسائـل الواقعيـة ،وال تكون ـ كأمثـالـها ـ جمـرد اجتماعات للمزيد من اخلطابات احلماسيـة أو األحباث التجريدية والقرارات املتنوعة ،اليت ال تعين شيئاً لواضعيها وسامعيها، حتى ال يكون اجلهد الكبري ضائعاً{ وَقُلِ اعْ َملُواْ َفسَيَرَى اللَّهُ عَ َم َلكُمْ وَ َرسُولُهُ وَالْمُ ْؤمِنُونَ}[4]. *جملة الثقافة اإلسالمية ،العدد 4147 ،70هـ4991 ،م.
( ][1سبأ؛)21 ( ][2سبأ؛)21 ( ][3سبأ؛)14 ( ][4التوبة؛)477