الوحدة اللسليمَّية بين الشيعة والسنة
العليمة المرجع السيد يمحمد حسين فضل ا ٢١/٩/١٩٩٧ / 19جمادى 1418 2هـ
للحديث عن "الوحدة اللسليمية" في حياة العايملين لللسل،م ،طعم الحلم الكبير ،وذلك بالنظر إلى المشاكل الكثيرة التي ُيعانيها المسلمون ،بسبب حالة التم ّز ق التي يعيشونها ،لسواء بين المذاهب أو الطوائف ،وبفعل يما يعيشونه يمن خصويمات ويمشاحنات ،يما أ ّدى إلى المزيد يمن الضعف السيالسي والجتماعي والعسكري والتقتصادي ،وإلى الشعور بانقسا،م الشخصية إلى شخصيات يمتعددة ،يتقوتقع كّل واحد يمنها داخل إطار يمغلق ،يما يجعل التفكير يمستغرتقاً في الحالة الطائفَّية ،بعيداً عن الشخصّية اللسليمية المنفتحة. وتقد الستطاع هذا الواتقع أن يبعد اللسل،م عن حركة الحياة ،وأن ُيخضع المسلمين لقوى اللستعمار واللستكبار ،التي الستخديمت نقطة الضعف هذه ،فحَّولت البلد اللسليمية إلى يما يشبه تقطع الشطرنج التي تلعب بها كما تشاء ،وتحّركها كما تريد ،ولسيطرت على كّل يمقدرات المسلمين ،وأبعدت حركة الحكم والتشريع في حياتهم عن اللسس اللسليمية ،وجعلتهم يعيشون إلسليمهم ضمن دوائر تاريخية وعملية ضّيقة ،يختزنون في داخلها كّل يما يملكون يمن حسالسيات وأحقاد ولسلبيات، وهيأت لـهم ـ في كّل يمرحلة يمن يمراحل نموهم ـ عوايمل التفتيت والضعف والتقسيم ،وتقادتهم إلى حروب طائفية ل يملكون يمعها إل أدوات القتل والتديمير لبعضهم البعض. وهذا هو الذي دفع الواعين في الّيمة ،إلى طرح شعار "الوحدة اللسليمية" ،كهدف إلسليمي كبير يعملون له بألساليب يمتنوعة ،ويبّينون يمـن خللـه النتائج السلبية للنقسا،م في حياة المسلمين ،في يمقابل النتائج اليجابية التي يحصلون عليها يمن خل ل التحاد ،أو التعاون ،أو الوحدة.
الوحدة بين الطروحة المثالَّية والواتقعَّية: لقد اختلفت الطروحات حو ل الوحدة ،فهناك الطروحة المثالية التي تواجه المشكلة بالروح الغيبية الضبابية ،التي تحاو ل إبعاد المشاكل الحّية عن تفكير الّيمة ،باليحاء أَّنه ل خلفات صعبة بين المسلمين ،وأَّن علينا تنالسي القضايا الهايمشية، والوتقوف صفاً واحد ًا كالبنيان المرصوص في يمواجهة العداء .وهكذا ،يغر ق النسان المسلم في يما يشبه الحل،م ،في أجواء عاطفية ،فيستسلم لهذا الخدر اللذيذ ،ث َّم يرجع إلى الواتقع في داخل حياته اليويمية ،فيجد أيمايمه أكثر يمن يمشكلة حاّدة، وأكثر يمن خلف يمتحّرك في عمق يممارلساته وعلتقاته. َّ وهناك الطروحة الواتقعية التي تؤّكد يمواطن اللقاء ،كما تؤكد يمواطن الخلف ،ولكنها ل تضع يمواطن الخلف في الجانب الذاتي الشعوري للّيمة ،بل تضعها في الجانب الفكري يمن نشاطها ،وتوحي ،في هذا التجاه ،بأَّن يمثل هذه الخلفات ليست يمقتصرة على الفئات الكبيرة يمن المسلمين فيما بينها ،بل هي يموجودة في داخل كّل طائفة أو يمذهب ،وفي أكثر يمن جانب فقهي أو كليمي ،ث َّم تثير أيما،م المسلمين تقواعد الحوار القرآني ،الذي يريد للّيمة أن تناتقش تقضاياها في الداخل وفي الخارج، يمن يموتقع التفكير الموضوعي الهادئ ،الهادف إلى يمعرفة الحقيقة يمن أتقرب طريق ،بالحجة والبرهان الواضح ،وتقودهم إلى اللسلوب الخلتقي في الصراع ،الذي ل يستخد،م كلمات السباب والشتائم في حركة الخلف ،بل يتحّرك يمن يموتقع الجدا ل بالتي هي أحسن ،واختيار النكتة الحسن واللسلوب الحسن الذي يدفع بالعداء إلى أن يتحّولوا إلى أصدتقاء ،ويوحي لهم بالروحية التي يحملون فيها هّم المسلمين في أعما ق يمشاعرهم ،ليتوّجهوا إلى ا أن يساعدهم على جمع الكلمة ،ولـّم الشعث ،وحقن الديماء. وتقد عاش المسلمون تجارب الوحدة على أكثر يمن صعيد ،لسواء في التجارب الثقافية التي أكدت الفا ق الوحدوية في الثقافة اللسليمية ،وعملت على إرجاع الخلفات إلى ألسس فكرية تتصل بالمصادر اللسليمية ،كالكتاب والسنة وأيمثالهما ،في ألسلوب إيجابي يركز على الطابع الجتهادي العلمي لهذا الخلف ،أو في التجارب الجتماعية والسيالسية ،التي دعت إلى أكثر يمن أرض إلسليمية واحدة في يما يعيشه المسلمون يمن تقضايا اجتماعية ولسيالسية يمشترك .على أَّن هذه التجارب اصطديمت بأكثر يمن عقبة ،بفعل يما واجهته يمن يمشاكل الروالسب التاريخية ،والعقد النفسية ،والوضاع اللستعمارية التي تثير السلبيات ،وتع ّقد الوضاع ،وتخلق المزيمات على أكثر يمن صعيد ،ويما تزا ل القضية تتفاعل لتضع في كّل يو،م عقبة جديدة ويمشكلة جديدة. *** والن ،يماذا عن الشيعة والوحدة؟! إَّننا نريد أن نناتقش الموضوع يمن ناحيتين: الناحية الولى :نظرة الشيعة إلى الوحدة. الناحية الثانية :نظرة المسلمين غير الشيعة إلى الوحدة يمع الشيعة. نظرة المسلمين الشيعة إلى الوحدة: أّيما في الناحية الولى ،فإَّن هناك اتجاهين في نظرة الشيعة إلى الوحدة: التجاه الو ل ،يرى أ َّن يمشروع الوحدة يعمل على تذويب الشيعة في المحيط اللسليمي العا،م ،ويؤدي إلى فقدان الركائز اللسالسية لفكرة التشّيع ،وهي اليمايمة ،ويما يتبعها يمن تقضايا فكرية وشرعية ،فيتحّو ل الشيعة ،بفعل ذلك ،إلى لسّنة ،وبذلك، لن تكون عملية الوحدة إل ألسلوب اً يمن ألساليب احتواء فئة يمن المسلمين لفئة أخرى ،ل عملية جمع للمسلمين على ألساس الح ّ ق .ويضيف هؤلء :إ َّننا تقد نوافق على عملية التذويب والنديماج إذا كانت القضية هايمشية طارئة ،يمكن للنسان أن ّ يتجاومزها كما يتجاومز الكثير يمن القضايا الحياتية الطارئة ،للمحافظة على المصلحة العايمة ،ولكَّن القضية تمثل ،في وعينا الفكري ،تقضية التزايمنا اللسليمي بخ ّ ط الح ّ ق في العقيدة والتشريع ،لَّن يمسألة اليمايمة ليست يمسألة شخص أو أشخاص ،أو يموتقف لسيالسي يمعين ،بل هي يمسألة القاعدة الشرعية التي انطلقت القناعة فيها يمن الدليل والبرهان ،فل يمكن للنسان أن يتنامز ل عنها ،انطلتقاً يمن تسوية خاضعة لوضاع يمعينة. وهكذا كانت نظرة هذا التجاه إلى يمسألة الوحدة ،نظرة لسلبية تحمل الكثير يمن الحذر والخوف والشك والرتياب. التجاه الثاني ،يرى أَّن يمسألة الوحدة ليست يمسألة إدخا ل الشيعة في يمحيط السّنة أو العكس ،بحيث تستهدف تذويب الشخصية الفكرية الخاصة التي يحملها كّل واحد يمنهما ،بطريقة عاطفية ،بل هي يمسألة روحية نفسية في البداية ،كما هي يمسألة فكرية علمية في النهاية ،ل َّن تقاعدة التفكير الوحدوي ،ترتكز على ألساس اليحاء للمسلمين بضرورة التمسك بالروحية اللسليمية التي ينبغي أن تطبع شخصيتهم فيما تمّثله الشهادتان يمن عقيدة والتزا،م وحركة في حياتهم العايمة والخاصة ،يمهما اختلفت نظرتهم إلى التفاصيل ،اليمر الذي يثير فيهم يمشاعر الوحدة ،ويحّلق بهم في آفاتقها ،ويوحي لهم بمسؤولياتها ،لتكون هذه الروحية لسبيلً يمن ُلسبل اللقاء الذي يساعد على التفاهم والتحاور والتعاون ،فيمكن للشيعي أن يقنع السّني بطريقته في فهم اللسل،م وفي يممارلسته ،كما يمكن للسّني أن يقنع الشيعي بطريقته وبممارلسته ،ويمكن لهما أن يكتشفا ،يمن خل ل اللقاء الفكري ،لسبيلً آخر. ويضيف أصحاب هذا التجاه تقائلين :إَّن النتائج اليجابية التي يحصل عليها المسلمون الشيعة في يمسألة الوحدة ،ل ُتقاس بالنتائج السلبية التي يعيشونها في يمسألة الفرتقة والخلف الفكري والعملي ،الذي يتحّرك يمن يموتقع العقدة الذاتية ل يمن يموتقع المصلحة العايمة.
ي صاحب فكر تتعاطى يمع المحيط العا،م بروحية يمنفتحة إيجابية ،تقد تستطيع أن تحّقق لفكرها الكثير يمن ويرون أَّن حركة أ ّ ّ المواتقع المتقّديمة ،يمن خل ل يما تملكه يمن حرية الجّو ،ويمن طبيعة النفتاح ،يمّما ل تستطيع أن تحققه في إطار الحدود الفاصلة التي تفصل بين هذا الفريق أو ذاك ،ل َّن هذا الفصل يوحي لكّل يمنهما بالحاجة إلى اللستعداد المسبق لتحصيل ي شيء يثيره الفريق الخر ،يمن أفكار المناعة ضّد إيمكانات التأّثر بالفريق الخر ،وبالتالي ليجاد حاجز نفسي ضّد أ ّ وطروحات وحلو ل ،يما يجعل يمن الحالة النفسية لكّل يمنهما ،هي كيف يمكن أن يسّجل نقطة ضّد الفكار التي يثيرها ،ل كيف يناتقشها وينظر في طبيعتها الفكرية يمن حيث الخطأ والصواب. وينتهي أصحاب هذا التجاه إلى الفكرة التي تقو ل :إَّننا ،كشيعة ،يمكننا إتقناع المسلمين الخرين بصحة أطروحتنا الفكرية في فهم اللسل،م ،فيما نعتقد أَّنه الحّق ،يمن خل ل يما نملك يمن أدلة وبراهين ،وذلك في نطا ق الوحدة ،أكثر يمما نستطيع ذلك في ظّل الوضع الطائفي الحاتقد. نظرة المسلمين غير الشيعة إلى الوحدة: أ ّيما يمن الناحية الثانية ،وهي نظرة المسلمين غير الشيعة إلى الوحدة يمع الشيعة ،فهناك ثلثة اتجاهات: التجاه الو ل ،ينظر إلى الشيعة ،بأَّنهم خارجون عن اللسل،م في يما ينسبه إليهم يمن عقائد بالغلّو ،والشرك ،وتحريف القرآن ،أو إيمانهم بقرآن آخر غير هذا القرآن ،ويما إلى ذلك يمن يمفاهيم ل تلتقي يمع اللسس العقيدية التي رَّكز اللسل،م عليها فكره وشريعته ،وبذلك ،ل يمعنى لطرح تقضية الوحدة يمعهم ،التي يجب أن تطرح يمع المسلمين ،ل يمع المنحرفين عن خطّ اللسل،م ،كما أَّن إتقحايمهم في داخل المجتمع اللسليمي ،يمّثل لوناً يمن ألوان الخطر على صفاء العقيدة اللسليمية ،وعلى لسليمة المجتمع اللسليمي ،وذلك يمن خل ل يما يثيرونه يمن شبهات وأضاليل ويمؤايمرات على اللسل،م والمسلمين. وهذا التجاه يتمّثل في الغلب في الطريقة السلفية الوهابية ،التي عملت على تعميق الهّوة بين السّنة والشيعة ،بمختلف اللساليب العليمّية والضغوط المادّية والمعنوّية ،وحاولت أن تستغل اليمكانات المادية والرلسمية في تشويه صورة الشيعة لدى المسلمين وغير المسلمين ،حتى رأينا القائمين عليها ،يتسايمحون يمع التجاهات الكافرة بما ل يتسايمحون فيه يمع الشيعة ،لَّنهم يرون أَّن الكفر المقَّنع الذي يمّثله الشيعة ،أكثر خطورة يمن الكفـر الصريـح الذي يمّثلـه الكافرون الصريحون، كما انطلقوا ـ في لسائـر أنحـاء العالـم ـ يعملون على عز ل شباب المسلمين السّنة ،بمن فيهم العايملون في خ ّ ط اللسل،م ي تعاون فكري أو لسيالسي أو اجتماعي فيما بينهم ،يمهما بلغت التحديات العملية الحركي ،عن شباب المسلمين الشيعة ،لمنع أ ّ ض ّد اللسل،م والمسلمين .وتقد تداخلت لدى هؤلء الخلفيات المذهبية بالخلفيات السيالسية في يما يخافونه على يمراكز نفوذهم في المجالت التي يملكون فيها ألسباب السلطة والسلطان. ولعّل يمشكلة هذا التجاه ،أ َّن أصحابه يرفضون الحوار حو ل القضايا المختلفة التي يعتقدون انطل ق المذهب الشيعي يمنها، لتصحيح نظرتهم إلى طبيعة هذه القضايا ،ول لسيما أَّن كثيراً يمنها تقد تكون النسبة فيه إلى الشيعة غير صحيحة. التجاه الثاني ،ل يرى في الشيعة هذا الرأي ،بل يرى أَّنهم يمسلمون في يما يرتكز عليه اللسل،م يمن عقيدة وشريعة ،وأَّن الخلفات بينهم وبين السّنة ،كالخلفات بين السّنة أنفسهم في بعض تفاصيل العقيدة والشريعة ،فهم يمسلمون يمخطئون في ي يمسلم يمخطئ في اجتهاده ،فإَّن الخطأ ل يخرجه عن إلسليمه ،بل يكون يمسلما ً خاطئاً بعض يما يعتقدون ،فحالهم حا ل أ ّ يمأجورًا. ولكَّن أصحاب هذا الرأي ل يرون يمصلحة في الوحدة يمع الشيعة ،لَّن هذه الفكار الخاطئة تقد تنفذ يمن خل ل يمجتمع الوحدة إلى ذهنية المسلمين يمن أهل السّنة ،فتسيء إلى الفكار السليمة الصحيحة الصافية ،كما أَّن طبيعة الوضاع الشيعية ،في يما تمّثله يمن خلفيات لسيالسية يمعينة ،تقد تسيء إلى يمستقبل الّيمة. ورَّبما يلتقي هذا الفريق يمع فريق التجاه الو ل في ألساليب العمل ضّد تقضية الوحدة ،ولكَّنهم ُيمارلسون ألساليب المجايملة ،في يما تقتضيه اللياتقات الجتماعية ،أو المصالح السيالسية ،عنديما يطرحون تقضية الوحدة ،تمايما ً كما ُيمارلسها التجاه الشيعي الذي يقف يموتقفا ً لسلبي ًا يمن الوحدة ،عنديما يطرح الوحدة كشعار في الحالت الطارئة ،ولكن بحذر شديد ،وبدون إخلص أو إيمان بذلك. ولعّل الواتقع الذي يعيشه جمهور المسلمين يمن أهل السّنة ،يعيش عمق هذا التجاه ،ولكن بدرجات يمتفاوتة. التجاه الثالث ،ينطلق في حركته يمن يموتقع اليمان بوحدة المسلمين الواتقعية ،في يما يلتقي عليه المسلمون يمن عقائد ويمفاهيم وشريعة ،وبأ َّن الخلفات في يما يختلفون فيه ،ل تضّر هذه الوحدة ،كما لـم تضّر خلفات المذاهب بين بعضها البعض وحدتهم اللسليمية .وعلى هذا اللساس ،رأى أصحاب هذا التجاه في الوحدة أيمراً واتقعياً في عمق الشخصَّية اللسليمَّية، يتط َّلب تحويله إلى خطوة عملَّية في حركة اللسل،م في الحياة ،وحالة شعورية في داخل وجدان المسلم .وهم يعتبرون أَّن ي فريق في المجتمع اللسليمي ،ل يمّثل خطراً على يما يعتقد الفريق الخر أَّنه الح ّ ق ،يما دايمت القضايا المتنامزع دخو ل أ ّ عليها تعيش في داخل الجواء التي تثيرها القضايا المتفق عليها ،ويما دا،م المنطق الفكري القائم على الحجة والبرهان ،هو الذي يحكم الحوار في الساحة ،يما يجعل الموتقف في يمصلحة الفريق الذي يملك الحجة التقوى ،والمنطق الفضل ،وليست ي فريق في يما يخسره يمن أفكار تقد يثبت له أَّنها خاطئة يمن خل ل الحوار ،يما دايمت الروحية الجديدة التي هناك أّية يمشكلة ل ّ ً ي إطار آخر. تحكم يمساره ،هي روحية اللسل،م الصافي الصحيح ،بعيدا عن أ ّ ويتم ّثل هذا التجاه في الحركات اللسليمية الواعية غير الخاضعة لعقلية النظمة المرتبطة باللستعمار ،وفي الشخصيات الفكرية المسلمة التي تعيش يمسؤولية اللسل،م يمن خل ل الفا ق الرحبة الوالسعة ،ل يمن خل ل الفا ق الضّيقة الخانقة.
وتقد لساهم أصحاب هذا التجاه في خلق جّو وحدوي عا،م ،وفي صنع يمجتمعات يمتنوعة هنا وهناك ،تعيش روحية الوحدة بانفتاح وإيمان ،وذلك يمن خل ل اللقاء بالتجاه الثاني الموجود في يمجتمع المسلمين الشيعة ،الذي يرى في الوحدة عنصراً إيجابي ًا في حركة اللسل،م العايمة .وتقد انطلقت هذه الحركة الوحدوية بقوة يمواكبة لحركة الثورة اللسليمية في إيران ،التي طرحت شعار الوحدة اللسليمية كهدف كبير ل بَُّد للمسلمين يمن أن يجتمعوا حوله ،يمن أجل تحويله إلى حركة واتقعية حّية، وذلك باعتماد اللساليب المرنة الحكيمة التي تعمل على الوصو ل إلى الهدف بالطريقة المرحلية المرتكزة على التخطيط الدتقيق في حركة المراحل نحو الهدف. ول يزا ل الصراع حو ل الوحدة تقائماً بين أصحاب هذه التجاهات المختلفة في نطا ق الشيعة والسّنة ،ويما تزا ل الساحة تمتلئ في كّل يو،م بالجديد يمن النتائج السلبية واليجابية في هذا الخ ّ ط أو ذاك ،يمما يعتبره كّل اتجاه يمنها دلي ً ل له أو عليه ،ويما يزا ل المستقبل اللسليمي ينتظر النتائج النهائية لهذا الصراع ،ليلتقي بالوحدة اللسليمية كنتيجة إيجابية للوعي اللسليمي الجديد. خطوات ضرورية على طريق الوحدة: والن ،ويمن جديد ،نطرح السؤا ل :يماذا عن الشيعة والوحدة؟ إَّننا نتبّنى اتجاه السير في حركة الوحدة اللسليمية ،ونرى أَّنه السبيل اليمثل لنطلتقة اللسل،م في العالـم ،اليمر الذي يمثلّ النهج الشرعي للسير العملي للنسان المسلم في يما ُيرضي ّ ا ،وفي يما يقرب إليه ،كما يمّثل النهج الواتقعي للستعادة لسيطرة اللسل،م على الحياة ،وتحقيق العزة والكرايمة للمسلمين ،في جميع يمجالتهم السيالسية والجتماعية والتقتصادية ،وذلك على ألساس عّدة نقاط: ً ً ً 1ـ إَّن يمشروع الوحدة اللسليمية ،ليس يمشروعا الستعراضيا عاطفيا ،يريمي إلى إلغاء المواتقف الفكرية بحركة انفعالية لسريعة ،بل هو يمشروع يريمي إلى تكوين عقلية يموضوعية هادئة ،تناتقش المواتقف الفكرية بهدوء واتزان ويمسؤولية ،لتكون الساحة للفضل والتقرب إلى الحقيقة اللسليمية ،يمن تقاعدة الحجة والدليل ،وبذلك ،فإَّنها تلغي الخوف يمن الحتواء ،يمن خل ل تأيمين الضمانات العملية ،للوصو ل إلى ذلك الهدف. ّ ي فريق إلسليمي القدرة النفسية على 2ـ إَّن النطل ق يمن صفة اللسل،م في أ ّ ي تحّرك فكري أو عملي ،هو الذي يحقق ل ّ يمواجهة أّية تقضية فكرية أو شرعية ،بجدية الهتما،م ،وبسعة الفق ،ورحابة الصدر ،والبعد عن التشنج وإثارة الحسالسيات الذاتية ،لَّن القضية عنده ـ في يمجملها ـ هي يماذا يقو ل ّ ا ورلسوله ،ويما يقوله اللسل،م يمن خل ل ذلك ،بعيداً عن كّل يمألوف أو يموروث ،فإ ّيما أن تكون هذه المسائل الشرعية والفكرية ثابتة بالطر ق الصحيحة الجتهادية ،فتقبل ،وإّيما أن تكون غير ثابتة ،ف ُترفض ،وهذا هو الذي يوحي بتغليب الصفة العايمة على الصفة الخاصة ،أو تأكيد الصفة الخاصة بمقدار انسجايمها يمع أجواء الصفة العايمة. وتقد يكون يمن الطبيعي أن نر ّكز على دور التربية السليمة في الحصو ل على هذا اللسلوب ،في بناء الشخصية اللسليمية، فيجد السّني صفة السّنية كوجهة نظر في فهم اللسل،م ،كما يجد الشيعي صفة الشيعية يمنهج فكر في فهم اللسل،م ،وبذلك، تتحّو ل الخصوصية إلى ولسيلة فكرية لفهم الفكرة العايمة. 3ـ أن تتح ّو ل صيغة البحاث الفكرية القائمة على يمناتقشة الفكار اللسليمية المختلفة ،يمن صيغة تتخذ صفة الهجو،م والدفاع ،التي تثير ـ في داخلهـا ويمن حولـها ـ أجواء الحماس والنفعا ل ،عند تسجيل نقطة هنا ونقطة هناك ،إلى صيغة تأخذ شكل البحث والتحليل الدتقيق للقضايا المطروحة في البحث ،لَّن هذه الصيغة توحي بانطل ق البحث يمن يمصادره الصيلة، بطريقة هادئة يموضوعية ،تلتقي بالفكرة ،أيما،م احتمالين يتحركان في نطا ق وجهتي نظر يمتنوعة ،وبذلك ،يمكن الوتقوف يمعهما ،أيما،م الجذور العميقة للفكرة ،لُيعرف في نهاية المطاف ،كيف يلتقي هذا أو ذاك بالجذور ،ليكون هذا هو الوجه الصحيح للفكرة ،بعيد ًا عن أن يكون هذا الحتما ل وجهة نظر مزيد أو وجهة نظر عمرو ،وهذا هو المنهج القرآني الذي ركز على الموضوعية والحكمة والطريقة التي هي أحسن ،والنطل ق يمن يمواضع اللقاء إلى يمواطن الخلف. 4ـ أن يعمل الشيعة على توضيح الخ ّ ط اللسليمي الصيل في يما يعتنقونه يمن أفكار ويمفاهيم في جانب العقيدة ،أو في نطا ق الشخاص ،أو في تفاصيل الشريعة ،وذلك باللساليب المتحركة في لساحة الصراع ،وبالعمل على كتابة ذلك بطريقة واضحة صريحة ،وألسلوب علمي ل تعقيد فيه ،وتسهيل وصو ل النشرات المتضمنة لهذه الفكار إلى كّل يمكان في العالـم، يمن أجل تطويق الدعايات المضادة التي تعمل على تشويه الصورة اللسليمية لفكرة التشّيع ،ول لسيما في يما يتعّلق بالموامزين اللسليمية لفكرة التوحيد والشرك ،والغلّو والعتدا ل في الشخاص ،وتقضية تحريف القرآن ،أو يموضوع يمصحف فاطمة، وعصمة الئمة ،ويما إلى ذلك يمن اليمور التي ُيراد إثارتها يمن أجل إبقاء الهّوة عميقة بين الجماهير اللسليمية ،يمن السّنة والشيعة. 5ـ أن نعمد يمن جديد إلى غربلة العقائد والعادات والفتاوى الشائعة لدى الّيمة ،يمن أجل إخضاعها للمقاييس الفنية الجتهادية في فهم الكتاب والسّنة ،وفي تقويم الحاديث في صحتها وضعفها ،انطلتقاً يمن درالسة شخصية الراوي ،ويمتن الّرواية ،لَّننا نلحظ أَّن كثيراً يمن القضايا التي يحملها الّناس في أفكارهم ،ل ترجع إلى يمصادر اجتهادية صحيحة ،بل إلى التسايمح في القضايا التي ل تمّثل حكما ً شرعيًا ،كقضايا الثواب ،أو العقاب ،أو الفضائل ،أو غير ذلك يمن اليمور ،يمّما تقد ضاعون والغلة والضعفاء ،الذين ل تقو،م برواياتهم حجة في دين أو دنيا. يرويه الو ّ
ي إ َّن ذلك هو السبيل للوصو ل إلى اللسل،م الصحيح في كّل المفاهيم الفكرية والحكا،م الشرعية ،اللزايمية وغيرها ،لَّن أ ّ ي حكم ،إ َّنما هو جزء يمن اللسل،م ،فإذا انحرفت الصورة فيه ،انحرفت الصورة اللسليمية في وعي النسان يمفهو،م وأ ّ المسلم. ول يقتصر هذا اليمر على الشيعة وحدهم ،بل يعّم السّنة أيضًا ،فيما لديهم يمن تركة ثقيلة يمن الحاديث الضعيفة أو الموضوعة ،التي كّونت يمفاهيم يمتنوعة غير إلسليمية في يمصادرها الصيلة. 6ـ أن نعمل على تشجيع اللقاءات بين الفعاليات اللسليمية العلمية ،يمن السّنة والشيعة ،يمن أجل إيجاد علتقة حميمة فيما بينها يمن جهة ،وتحويلها إلى علتقة علمية فكرية يتّم فيها التعارف والتلتقي بين الفكار ،ثَّم الحوار العلمي الهادئ يمن جهة أخرى ،ليعي كّل يمنهما الطريقة التي يفكر بها الخر ،ليعرف أَّنه ل يتحّرك يمن يموتقع الرغبة في الخطأ يمن تقاعدة الخطأ ،بل يتحّرك يمن يموتقع الخلص للح ّ ق يمن تقاعدة الحّق ،حتى لو أخطأ طريق الوصو ل ،وبذلك ،يعرف الفريقان أَّنهما يخطئان، إذا أخطئا ،يمن يموتقع اجتهادي ،كما يصيبان ،إذا أصابا ،يمن الموتقع نفسه. 7ـ أن يعيش الشيعة في تحّركهم السيالسي يمن يمواتقع السيالسة اللسليمية العايمة ،لَّنهم ل يستطيعون الوصو ل إلى الهداف الكبرى في الحرية والعزة واللستقل ل السيالسي والتقتصادي ،إل في الدائرة اللسليمية الكبيرة ،لَّن دروس اللستعمار علمتنا أ َّنه يملك كّل أورا ق اللعب في الدائرة الطائفية ،بينما يفقد أكثر الورا ق في الدائرة اللسليمية ،فل يمجا ل للتفكير في أَّن هناك تقضية شيعية يمكننا أن نطرحها في الساحة الدولية ،لَّن اللستعمار لسيطرح أيمايمها تقضية لسنية ،وبذلك ،يشغل الساحة بالنزاع الطائفي الذي يمهد له السبيل للسيطرة على الموتقف كّله. إَّن يمثل هذا الخ ّ ط تقد يواجه يمصاعب كثيرة في الساحة الفعلية ،وذلك بفعل وجود أوضاع طائفية حادة في المجتمع اللسليمي الخر ،الذي تقد ُيصّور اندفاع الشيعة في الدائرة اللسليمية الكبيرة ،بأَّنها حالة ضعف أو الستضعاف ،بهدف يمنع لسلوك هذا التوجه ،أو الستغل ل ذلك لمصالح فئوية خاصة. ولكَّننا نؤكد هذا الخ ّ ط ،على ألساس الهدف الكبير ،الذي ل بَُّد يمن طرحه في الساحة ،لتوعيتها ودفعها للنطل ق بالقضايا اللسليمية في الفضاء الرحب والهواء الطلق ،على أن يتحّرك العايملون بسيالسة المراحل التي تحمي الساحة يمن ردود الفعل الصعبة التي تقد تهد،م البيت على رؤوس الجميع. ّ وأخيرًا ،إَّننا نعتقد أَّن الخلص للقضايـا الكبيرة التي جعلهـا ا أيمانة في أعناتقنا ،يقتضي يمّنا يمرونـة إلسليميـة عميقـة، وهـذا يمـا عشناه في اللسلـوب العملي الذي أرادنا أهل البيت)ع( أن نسير عليه .ونجد أيمايمنا ـ في هذا المجا ل ـ ألسلوب اليما،م علّي أيمير المؤيمنين)ع( ،في الفترة التي عاشها بين وفاة الرلسو ل)ص( وخلفته ،في يما حّدثنا عنه يمن أجوائها ،ويموتقفه يمن تلك الجواء: "فما راعني إلَّ انثيا ل الّناس على فلن يبايعونه ،فأيمسكت يدي ،حتى رأيت راجعة الّناس تقد رجعت عن اللسل،م يريدون ي أعظم يمن يمحق دين يمحَّمد)ص( ،فخشيت إن أنا لـم أنصر اللسل،م وأهله ،أن أرى فيه ثلما ً أو هديمًا ،تكون المصيبة به عل َّ فوت وليتكم ،التي إَّنما هي يمتاع أيا،م تقلئل يزو ل يمنها يما مزا ل كما يزو ل السراب ،أو كما يتقشع السحاب ،فنهضت في تلك الحداث ،حتى مزاح الباطل ومزهق ،واطمأَّن الدين وتنهنه").(1 وكما في تقوله)ع( عنديما لسمع تقويماً يمن أهل العرا ق يسُّبون أهل الشا،م" :إّني أكره لكم أن تكونوا لسَّبابين ،ولكَّنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتـم حالهم ،كان أصوب في القو ل وأبلغ في العذر ،وتقلتم يمكان لسّبكم إّياهم :رَّبنا احقن ديماءنا وديماءهم ،وأصلح ذات بيننا وبينهم ،واهدهم يمن ضللتهم ،حتى يعرف الح ّ ق يمن جهله ،ويرعوي عن الغّي والعدوان يمن لهج به").(2 ُّ وتقو ل اليما،م الصاد ق)ع( في حديث عن يمعايملة الشيعة لبقية المسلمين" :صلوا في عشائرهم ،واشهدوا جنائزهم ،وعودوا يمرضاهم ،وأدوا حقوتقهم ،فإَّن الّرجل يمنكم إذا ورع في دينه ،وصد ق في حديثه ،وأدى اليمانة ،وحسن خلقه يمع الّناس ،تقيل هذا شيعي ،فيّسرني ذلك ،اتقوا ّ ا ،وكونوا مزيناً ول تكونوا شينًا").(1 إ َّن هذه الكلمات وأيمثالها ،تثير فينا الروح اليجابية في يمواجهة الخطاء الكبيرة التي تواجه الواتقع اللسليمي .ونحن ل نعتقد أ َّن الخطار التي واجهت اللسل،م والمسلمين في عهد الخلفاء ،والتي تعاطى يمعها اليما،م علّي)ع( بروحية اللقاء والتعاون لتحقيق يمصلحة اللسل،م العليا ،هي أشّد يمن الخطار التي تواجه اللسل،م الن ،بل نعتقد أَّنها أشّد يمن الماضي ،وذلك هو وحده الذي يفرض علينا النفتاح على الساحة اللسليمية الكبرى ،لنكون جزءاً يمن الّيمة في تقضاياها الكبيرة ،لنلتقي عنديما نلتقي يمن يموتقع اللسل،م ،لمصلحة اللسل،م ،ولنختلف عنديما نختلف يمن يموتقع اللسل،م ،لمصلحة اللسل،م ،ولنعطي تقضية اللسل،م كّل يما عندنا يمن فكر وحركة وجهاد وإيمان ،ولنستجيب لنداء ّ ا} :إَّن هذه أّيمتكم أّيمة واحدة وأنا رّبكم فاعبدون{ )النبياء؛.(92 ) (1نهج البلغة والمعجم المفهرس للفاظه ،الكتاب ،62:ص.340: )،) (2م.ن( ،الخطبة ،206:ص.236: ) (1بحار النوار ،ج ،78:باب ،29:ص ،372:رواية.1: