في مسالة الدعم العمومي للثقافة

Page 1

‫في مسألة الدعم العمومي للثقافة مرة أخرى‪..‬‬ ‫حسن الزكريتي *‬

‫ال‬

‫شك أن مسألة الدعم العمومي للثقافة بقدر ما استأثرت باىتمام الفاعلُت الثقافيُت و الرأي العام‪ ،‬بقدر‬ ‫ما بدأت تتشكل مالمح منظومتها و تعقيدات مسالكها‪ .‬و ىي منظومة ال تتحمل فيها "وزارة الثقافة"‬ ‫ادلسؤولية بقدر ما ىي مسؤولية قطاعات أخرى أيضا (وزارة ادلالية و الوزارة ادلكلفة باحلكامة مثال)‪ ،‬بل‬

‫مسؤولية الدولة باعتبارىا الكيان أو اجلماعة الوطنية اليت تتوفر على الشخصية ادلعنوية و من خصائصها‬ ‫االستمرار خبالف الوزارات اليت ىي كيانات قطاعية قابلة للتحول أو "الذوبان"‪ ،1‬ذلذا متت اإلشارة يف مقال سابق إىل‬ ‫ضرورة طرح نقاش عمومي حول الدعم العمومي بعيدا عن أي رؤية قطاعية‪.2‬‬ ‫لكن ال مناص ‪ -‬يف سياق مقاربة ادلوضوع ‪ -‬من قراءة دلنظومة الدعم لدى "وزارة الثقافة" باعتبارىا منظومة‬ ‫موجهة بشكل صريح للفاعلُت الثقافيُت خبالف القطاعات االجتماعية األخرى أو حىت اجلماعات الًتابية اليت تساىم‬ ‫بشكل واضح يف دعم العمل الثقايف‪ 3‬من خالل دعم اجلمعيات حيث تتقاطع أنشطة جلها –إن مل نقل كلها – يف‬ ‫العمل الثقايف‪ .4‬و لنا يف إعالنات دعم اجلمعيات الثقافية اليت قامت هبا الوزارة مثال سنوات ‪2012‬و ‪ 2013‬و‬ ‫‪ 2014‬خَت منوذج للقراءة‪.5‬‬

‫‪1‬دأب ادلشرع و معو رجال القانون على تسمية القطاعات الوزارية بــ"السلطة العمومية ادلكلفة ب ــ‪"..‬حىت ال يتم السقوط يف التسمية‬ ‫كمتغَت‪.‬‬ ‫‪2‬انظر‪ :‬حسن الزكرييت "دعم الثقافة و دور الدولة‪ :‬أي مالئمة؟"‪ ،‬جريدة اجلسور عددي ‪ 127‬و ‪ 10( 121‬و ‪ 15‬أبريل ‪)2014‬‬ ‫ص‪12.‬أو على الرابط اإللكًتوين ‪.http://aljassour.com/writers/3818.html:‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ 3‬ال يعتمد دعم اجلماعات الًتابية للعمل الثقايف على منظومة بقدر ما يعتمد على معايَت غَت واضحة ادلعامل ديتزج فيها الدعم ادلباشر‬ ‫(منح) و غَت ادلباشر (توفَت وسائل عمل لوجستية)‬ ‫‪ 4‬انظر حسن الزكرييت‪ ،‬ادلصدر نفسو‪.‬‬ ‫‪ 5‬كان الدعم موجودا قبل سنة ‪ 2012‬طبعا‪ ،‬غَت أنو مل يكن متاحا على مستوى ادلعلومة بشكل واسع حىت ارتأت الوزارة نشر اإلعالن‬ ‫يف موقعها الرمسي على شبكة اإلنًتنت‪.‬‬


‫دأبت "وزارة الثقافة" منذ عقد من الزمن –أو يزيد – على دعم الفرق ادلسرحية من خالل عملييت "دعم‬ ‫اإلنتاج" و "دعم الًتويج"‪ ،6‬مث ظهرت يف السنوات القليلة ادلاضية ما يسمى بدعم النشر (و ىي عملية و إن تأخرت‬ ‫كثَتا و لكنها جديرة بالتنويو من حيث ادلبدأ على األقل)‪ ،‬و تزامنت مع عملية دعم اجلمعيات الثقافية بشىت مآرهبا و‬ ‫يتم اإلعالن عنها مع مطلع كل سنة‪ ،‬حيث مت وضع معايَت دقيقة تتوخى منها اإلدارة ربقيق نوع من "احلكامة" و‬ ‫"ترشيد ادلال العام" و سندىم القانوين و التنظيمي يف ذلك ىي دورية الوزير األول رقم ‪ 2003/7‬بتاريخ ‪ 26‬ربيع‬ ‫الثاين ‪ 1424‬ادلوافق ‪ 27‬يونيو ‪ 2003‬وادلتعلق بالشراكة بُت الدولة واجلمعيات (ىكذا) مع العلم بوجود ادلرسوم‬ ‫(الصادر يف ‪ 13‬ماي ‪ 7)2013‬و الذي ينظم مسألة الدعم للمشاريع الثقافية‪ ،‬و ال ندري دلاذا مت إغفالو و ىو‬ ‫األجدر بالذكر و ليس دورية ‪ 2003‬اليت تقل درجة عن ادلرسوم يف سلم النصوص التنظيمية‪.‬‬ ‫و بقراءة سريعة للمرسوم ادلذكور‪ ،‬يتبُت أن اإلدارة تسعى إىل تأسيس منظومة معيارية من خالل ربديد‬ ‫األىداف من ىذا التقنُت (ادلادة ‪ ،)2‬و ادلوارد ادلالية و البشرية ادلتاحة (ادلادة ‪ 3‬و ‪ ،)4‬و كيفية أجرأتو ( ادلادة ‪ ،)5‬و‬ ‫ذلك يف سياق "قواعد احلكامة و الشفافية ادللزمة للمؤسسات و الفرق و اذليئات الثقافية و الفنية" (ادلادة ‪ 2‬الفقرة‪.)6‬‬ ‫بيد أن ادلرسوم‪ ،‬يف سياق ربديد اجملاالت ادلستهدفة (ادلسرح‪ ،‬ادلوسيقى‪ ،‬الكتاب‪ ،‬التظاىرات)‪ ،‬يدرج معها "اجلمعيات‬ ‫و اذليئات الثقافية و النقابات الفنية"(ىكذا) مع العلم أن ىذه األخَتة ليست رلاال من اجملاالت الثقافية بل فاعال ثقافيا‬ ‫ال معٌت لوجوده يف غياب اجملاالت ادلذكورة و العكس صحيح !‬ ‫مث تأيت ادلادة الثالثة لتزيد األمر حَتة‪ ،‬حيث إهنا تشَت يف فقرهتا األوىل أن متويل اجملاالت األربع (ادلسرح و‬ ‫ادلوسيقى و الكتاب و التظاىرات) يأيت من "الصندوق الوطٍت للعمل الثقايف" بينما الفقرة الثانية تفيد أن موارد الدعم‬ ‫للجمعيات و اذليئات تأيت من ادليزانية العامة لوزارة الثقافة (ىكذا) أي بشكل منفصل !كما لو أننا أمام دعم مزدوج‪:‬‬ ‫مصدر متويل أول موجو للمجاالت الثقافية و مصدر متويل ثان موجو للجمعيات و اذليئات اليت تقدم مشاريع تندرج يف‬ ‫اجملاالت ادلذكورة كحقول لالشتغال و اليت يتم "متويلها" من ادلصدر األول!‬ ‫و إن كانت ادلادة الرابعة تقتضي – يف سياق دراسة و انتقاء ادلشاريع ادلقًتحة ‪ -‬إشراك أعضاء من قطاعات‬ ‫وزارية معنية و –إذا اقتضت الضرورة ‪ -‬أشخاصا من ذوي اخلربة يف اجملاالت ادلعنية‪ ،‬فإننا ال جند مكانا سوى دلوظفُت‬ ‫من وزارة الثقافة (مع مشاركة يتيمة سنة ‪ 2014‬دلمثل من وزارة الداخلية !)‪.‬‬ ‫و باإلضافة للمرسوم ادلذكور‪ ،‬حري بنا الوقوف لوىلة على نص مرجعي وضع معايَت ادلشاركة و االختيار يعود‬

‫لسنة ‪،8 2012‬حيث توخت الوزارة الشفافية و احلكامة و ادلقاربة التشاركية (مع ادلديريات اجلهوية)‪.9‬و ىو ينص على‬ ‫حرص اإلدارة على تفادي الدعم ادلتعدد لبعض اجلمعيات كما نصت على توسيع دائرة االستفادة من الدعم و لو من‬ ‫‪ 6‬من ادلفارقات أن الوزير الذي أسس ذلذه ادلنظومة السيد زلمد األشعري اعًتف بنفسو بتدىور مستوى و جودة اإلنتاج ادلسرحي‬ ‫كنتيجة ذلذا الدعم !‬ ‫‪ 7‬ادلرسوم رقم ‪ 2.12.5313‬الصادر فب ‪ 2‬رجب ‪ 13( 1434‬ماي ‪ )2013‬يتعلق بدعم ادلشاريع الثقافية و الفنية‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ 8‬الرابط اإللكتروني‪www.minculture.gov.ma/images/stories/pdf/rapport_sub_ass_cult.pdf :‬‬ ‫‪ 9‬يتعلق األمر بتقرير ‪ 2102‬و لكن شقو األول يمكن اعتباره مرجعا من حيث المنهجية‪.‬‬


‫سبيل التناوب و لكن يف احًتام جلودة ادلشاريع اليت تعتربه احملدد الرئيس يف قبول ادلشروع‪.‬لكن ىذه الوثيقة ال يتم نشرىا‬ ‫يف كل إعالن بالرغم من كوهنا وثيقة مرجعية – و لو من باب االستئناس ‪ -‬و حجبها لسبب من األسباب سيؤدي هبا‬ ‫إىل السقوط يف دائرة النسيان‪.‬‬ ‫كما أن التقارير ادلنشورة تعترب وثائق ىامة الستقراء منظومة الدعم ادلباشر للفاعلُت الثقافيُت من النسيج‬ ‫اجلمعوي‪ ،‬للوقوف على مكامن اخللل و إدراك مدى جناح ادلنظومة و اتساع دائرهتا و مدى تقليصها لالختالالت و‬ ‫التباينات اجملالية من حيث ادلشاريع الثقافية ادلرتبطة أساسا بالتجهيزات الثقافية‪.10‬‬

‫و من جهة أخرى ذبدر اإلشارة أن تنوع ادلقاربات و الصيغ ردبا بسبب تغَت أعضاء اللجنة و زلرري التقارير‬ ‫أفرز معطيات متباينة لكنها تشًتك يف معطيات ثابتة ‪ :‬عدد اجلمعيات ادلًتشحة‪ ،‬عدد اجلمعيات ادلستفيدة (يف شقُت)‬ ‫و توزيعها اجلغرايف على مستوى اجلهات ال ـ ـ ‪ 16‬و أحيانا على مستوى ادلدن (يف غياب واضح للجماعات القروية)‪ .‬و‬ ‫ديكن اعتبار تقرير ‪ 2013‬دقيقا نسبيا مقارنة بسابقيو (‪ 2011‬و ‪ )2012‬و الحقو (‪ ،)2014‬حيث قدم نسب مئوية‬ ‫الستفادة كل جهة من إمجايل الدعم باإلضافة دلبالغ الدعم لكل جهة‪ ،‬بينما فضل زلررو تقرير ‪ 2014‬عدم إدراج‬ ‫عددالًتشيحات ادلوزعة حسب اجلهات‪.‬‬ ‫و بنظرة سريعة يتضح نوع من التذبذب يف األرقام بشكل يبعث على احلَتة !مما يصعب على الدارس استخراج‬ ‫مؤشرات حقيقية‪ ،‬ردبا يتحقق ذلك لو توفرت ادلعطيات على ادلدى البعيد (كعقد من الزمن أو أكثر)‪.‬‬ ‫كما يالحظ أيضا أنو كلما اقًتبنا من أحد األقطاب احلضرية و الثقافية قلت الًتشيحات (و بالتايل الدعم‬ ‫كنتيجة حتمية) بشكل يبعث على االستغراب ! و لنا يف جهيت "الغرب شراردة بٍت احسن" و "الشاوية ورديغة"‬ ‫(ادلتامختُت تباعا جلهيت "الرباط سال زمور زعَت" و "الدار البيضاء الكربى" (فضال عن جهة دكالة عبدة ادلتامخة من جهة‬ ‫جلهة الدار البيضاء الكربى وجهة مراكش تانسيفت من جهة ثانية) خَت دليل‪ ،‬ردبا مرد ذلك الستئثار القطبُت‬ ‫بالتجهيزات الثقافية اذلامة على حساب اجلهات اجملاورة اليت تعاين من خصاص كبَت من حيث االستثمار يف التجهيزات‬ ‫الثقافية بسبب قرهبا لألقطاب بدون شك ! و ىي وضعية تعيشها أيضا اجلهات النائية نظرا العتبار أصحاب القرار‬ ‫االستثمار فيها "غَت ذي جدوى" بسبب العزلة و بعدىا عن ادلركز و قلة عدد ساكنتها‪ ،‬بينما نرى اجلهات ادلتوسطة‬ ‫"أوفر" حظا نسبيا منهما‪ ،‬و ىي مفارقة غريبة تستدعي الدراسة و التدقيق‪.‬‬ ‫لكن ما يستدعي االنتباه ىو وجود مجعيات "شريكة لإلدارة" (كما تشَت التقارير بشكل صريح ) و ىي اليت‬ ‫تستفيد من مبلغ يفوق ‪50.000‬درىم و يصل إىل ‪ 200.000‬درىم و ىي بذلك تستفيد من الدعم للصفة اليت تتوفر‬ ‫عليها و ليس من خالل ادلشروع اليت تقدمو‪ ،‬و ىي مجعيات ذات "حضور وطٍت" و بعضها يتوفر على صفة ادلنفعة‬

‫‪3‬‬

‫‪10‬انظر يف فيما خيص التوزيع اجلغرايف للتجهيزات الثقافية‪:‬‬ ‫‪DIAGNOSTIC REGIONAL DE L’ECONOMIE PATRIMOINE CULTUREL AU MAROC, AAHD, 2010‬‬


‫العامة‪ .11‬و ال ندري ما اجلدوى من صياغة مشروع إذا كانت الصفة تشفع باالستفادة من الدعم العمومي و دببالغ‬ ‫كبَتة؟ و ادلعروف أن ىذه اجلمعيات تستفيد من منح سنوية من الدولة باعتبارىا شريكا ذلا و فروعها تستفيد كذلك‬ ‫زلليا و جهويا‪ ،‬و ال يتالءم وجودىا كمتنافس مع اجلمعيات الصغرى أو ادلتوسطة ذات االمتدادات احملدودة‪ .‬و إال‬ ‫سيكون عاديا أن نرى أحزابا سياسية –و ىي مجعيات سياسية – تطلب من الدولة الدعم ادلباشر ألنشطتها "الثقافية"!‬ ‫و ىذا األمر يدعونا للتساؤل بإحلاح حول جدوى و مالئمة استفادة اذليئات ادلهنية (كالنقابات مثال)‪ ،‬فماذا‬ ‫ديكن أن تقدم كمشروع ثقايف يتوخى اإلشعاع؟ و على مستوى آخر‪،‬ماذا ديكن أن تقدم "األوركسًتا الفيالرمونية‬ ‫ادلغربية"‪Orchestre Philarmonique‬من مشروع ثقايف سوى عرض موسيقي؟ و ماذا ديكن أن تقدم مؤسسة من حجم‬ ‫"شرق غرب" مثال كمشروع و ىي يف الوقت ذاتو شريك لإلدارة و"منافس" ذلا (على مستوى االستثمار و اإلشعاع) ؟‬

‫ال‬

‫شك أن األزمة ألقت بظالذلا على حجم الدعم الذي تقلص خالل فًتة من الفًتات (انظر ادلبيان رقم ‪ 3‬و ‪4‬‬ ‫و ‪)5‬و ىذا من شأنو أن جيعل ادلعايَت أكثر إلزاما للجمعيات ادلرشحة ‪ ،‬أو ىكذا بدا األمر !‬ ‫فكيف نفسر مثال أن سنة ‪ 2012‬كانت سنة مفصلية يف مسلسل الدعم ؟ حيث أن الدعم عرف احندارا‬

‫بالنسبة للجمعيات "الشريكة" قبل أن ينطلق دلستواه السابق‪ ،‬و العكس متاما ما حدث بالنسبة للجمعيات "غَت‬ ‫الشريكة" و احلاملة دلشاريع ثقافية‪ ،‬بينما حجم الدعم اإلمجايل عرف استقرارا نسبيا من حيث القيمة ادلطلقة دبعدل‬ ‫يقارب ‪( 5.672.500‬انظر ادلبيان رقم ‪ .)3‬و كيف نفسر أيضا يف السياق نفسو‪ ،‬ادلنحٌت ادلقعر ‪ concavité‬يف‬ ‫الفئة األوىل و ادلنحٌت احملدب ‪ convexité‬يف الفئة الثانية (انظر ادلبيان رقم ‪ )5‬و التزايد من حيث العدد للفئة‬ ‫األوىل و تناقص الفئة الثانية عدديا ؟ (انظر ادلبيان رقم ‪ 3‬و ‪ .)4‬األكيد أننا أمام وضعية كما لو أن األموال انتقلت من‬ ‫الفئة الثانية إىل الفئة األوىل ألسباب تستدعي التحري و االستجالء‪.‬‬ ‫إذا كانت مسألة الدعم للجمعيات الثقافية و احلاملة دلشاريع ثقافيةال تستدعي مناقشة داخلية فحسب‪ ،‬بل‬ ‫نقاشا عموميا‪ ،‬من أجل تطوير آلياهتا‪ ،‬فإن الدعم ادلباشر للمجاالت الثقافية اخلمس(الكتاب و النشر‪ ،‬ادلسرح و فنون‬ ‫الفرجة‪ ،‬ادلوسيقى و الفنون الكوريغرافية‪ ،‬الفنون التشكيلية و البصرية‪ ،‬التظاىرات الثقافية و الفنية) يفتقد لعنصر‬ ‫ادلشروعية و ادلالئمة و يستدعي نقاشا عموميا‪ ،‬لذلك ال ̛ترى أي جدوى من تفكيك ىذه ادلنظومة باعتبارىا مؤسسة‬ ‫على ثقافة الريع !‬

‫‪4‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 11‬متثل ىذه اجلمعيات حوايل ‪ % 22‬من رلموع اجلمعيات ادلستفيدة من الدعم الذي يفوق ‪ 50.000‬درىم إىل ‪ 200.000‬درىم و تستفيد‬ ‫بنسبة تًتاوح بُت ‪ % 21‬إىل ‪ %25‬من إمجايل الدعم للفئة األوىل‪.‬‬ ‫‪12‬انظر‪ :‬حسن الزكرييت‪ ،‬ادلصدر نفسو‪.‬‬


‫ىناك أشكال دعم يعلن عنها كل سنة ‪ ،‬لكنها تفتقد دلقاربة تقييمية من خالل مؤشرات‪ ،‬ألن األرقام كثَتة و‬ ‫ال تكفي وحدىا لتصحيح االختالالت و من واجب اإلدارة توفَت مؤشرات حىت يسهل على ادلسؤولُت أخذ قرارات‬ ‫معقولة و قريبة ما أمكن من الصواب‪ .13‬فماذا يفيدنا مثال أن يعلم الرأي العام حبجم مبالغ الدعم و ادلستفيدين منو إذا‬ ‫مل تصاحب ادلعطيات مؤشرات كمية و نوعية مالئمة بعيدة عن التالعب باألرقام و النسب؟لذلك وجب بعد ىذا‬ ‫الًتاكم من حيث برامج الدعم اعتماد مؤشرات حبيث ال جيب أن يكون اختيارىا اعتباطيا بل مالئما من أجل معرفة‬ ‫التطورات و التوجهات‪ ،14‬مث الوقوف على االختالالت اليت لن تستثٍت حتما بعض االختالالت الدائمة كالتوزيع غَت‬ ‫العادل للتجهيزات و ادلؤسسات الثقافية على ادلستوى الوطٍت و اجلهوي و اإلقليمي (ادلركز مقابل اذلامش) و اجلماعي‬ ‫(احلضري مقابل القروي)‪ ،‬و القصور يف التواصل و التأطَت على مستوى صياغة ادلشاريع‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫إن احلديث عن الدعم العمومي و منظومتو يتطلب أكثر من مقال‪ ،‬و يتطلب دراسة جادة جيب أن ذبد‬ ‫طريقها إىل الرأي العام عوض أن تبقى حبيسة األدراج (و تصرف عليها ادلاليُت بدون نتائج)‪.‬‬ ‫جيب مراجعة منظومة الدعم الثقايف يف مشوليتها‪ ،‬كما جيب الًتكيز على الدعم غَت ادلباشر على أن يصَت ىو‬ ‫القاعدة و الدعم ادلباشر ىو االستثناء و ليس العكس‪ ،‬و ال مناص من التذكَت أن قطاع الكتاب – باعتباره صناعة‬ ‫ثقافية – ىو األجدر بالدعم أكثر من أي رلال ثقايف آخر و باعتباره "الشعبة الثقافية" األضعف من حيث اإلنتاج‬ ‫(العرض) و اإلقبال (الطلب) و يتطلب استثمارا خاصا و ترسانة قانونية متماسكة‪ ،‬بينما اجملاالت األخرى تتطلب‬ ‫استثمارا عموميا من حيث البنيات األساسية و التجهيزات و ىو ما تسعى إليو الوزارة الوصية من خالل توسيع دائرهتا‬ ‫بفضل شراكات متعددة فيما خيص التمويل (التمويل ادلشًتك‪ )Financement Croisé‬و اإلجناز (اإلشراف ادلنتدب‬ ‫على ادلشروع ‪.)Maîtrise d’Ouvrage Déléguée‬‬ ‫ال ديكن احلكم على ادلنظومة يف صيغتها اجلديدة (بعد إصدار ادلرسوم ادلنظم لعملية الدعم الصادر سنة ‪2013‬‬

‫و إعالنات الدعم برسم سنة ‪ )2015‬ألن األمر يتطلب مسافة زمنية كافية للتقييم خصوصا يف أفق اجلهوية ادلوسعة و‬ ‫إفرازاهتا على مستوى التقطيع الًتايب الذي سيجعل من عملية التقييم ىاتو مقاربة منهجية غَت سليمة‪.‬‬

‫‪ 13‬جيب احلرص من باب الشفافية أن تنشر أيضا ادلشاريع اليت أىلت اجلمعيات لالستفادة من الدعم حىت يتبُت مدى مصداقية اللجنة اليت ربسم‬ ‫يف ملفات الًتشيح‪ ،‬و درءا لكل ما من شأنو التشكيك يف مصداقيتها‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫انظر النماذج ادلقًتحة يف الرسوم البيانية من‪ 1‬إىل ‪5‬‬

‫‪ 15‬مثلما ىو متبع يف منظومة ادلبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث نشرت الوزارة الوصية دليال للراغبُت يف االستفادة من التمويل و الدعم (انظر‬

‫‪5‬‬

‫ادلوقع‪)www.indh.gov.ma :‬‬


‫لكن ال شك أن ىناك رلهودات لتطويرمنظومة الدعم و آلياهتا حسب ما ىو وارد يف إعالنات الدعم برسم‬ ‫سنة ‪ 2015‬اليت جاءت بصيغ و عناصر جديدة (كناش التحمالت‪ ،‬دورتان يف شعبيت الكتاب و ادلشاريع الثقافيةـ‪،‬‬ ‫التوطُت لفائدة الفرق ادلسرحية‪ 16)..‬لكنها مل تأت دبضامُت جديدة ‪ -‬باستثناء التوجو حنو التعاقد و ىو شكلي على‬ ‫كل حال ‪ -‬بدليل أن اذليئات "الشريكة" ال زالت تستفيد من الدعم بغض النظر عن طبيعة ادلشروع و جودتو‪ ،‬و ال‬ ‫زالت النتائج غامضة من حيث طبيعة ادلشاريع على مستوى اجلمعيات خصوصا‪.‬‬ ‫لكن يبقى من الغريب ‪-‬يف سياق احلكامة ادلنشودة ‪ -‬أن يتجو الدعم ادلباشر إىل رلاالت فنية من ادلفروض أن‬ ‫تلج السوق و يكون الطلب زلددا لبقائها من عدمو‪ .17‬فال ديكن للوضع أن يستقيم و حنن نشاىد تدخل الدولة ‪-‬‬ ‫بواسطة موظفُت عموميُت ‪ -‬يف اختيار األعمال بدل ادلتلقي و شرائها بامسو من مال دافعي الضرائب‪ !18‬و مهما‬ ‫سعت "وزارة الثقافة " إىل مشاطرة ادلعلومة مع الفاعلُت الثقافيُت و الرأي العام‪ ،‬فإن مسلسل عدم الرضا و السخط‬ ‫لدى الفاعلُت الثقافيُت الذين مل ينالوا نصيبهم من الدعم لن ينتهي‪ ،‬كما أن دور اجمللس األعلى للحسابات مهم يف‬ ‫ىذا السياق ليس من أجل احملاسبة فحسب بل من أجل تصحيح االختالالت يف تدبَت ادلال العام‪ ،‬دون نسيان دور‬ ‫ادلفتشية العامة للمالية )‪ (IGF‬اليت تضطلع هبذا الدور منذ عقود‪ ،‬لكن آليات ادلراقبة ىاتو (أو االفتحاص كما يصطلح‬ ‫عليو) ال زالت ̛ترى بعُت الريبة و التوجس مع األسف‪.19‬‬ ‫* إطار باحث في الشأن الثقافي‬

‫‪16‬من ادلفارقات أن يأيت التوطين للفرق ادلسرحية ‪ -‬كبديل للجوالت ادلرىقة بدنيا و ادلكلفة ماديا و لوجستيا للفرق ‪ -‬ليفرز دعما يفوق الدعم‬ ‫الذي كان خيصص للجوالت (يف إطار اإلنتاج أو الًتويج)‪ ،‬و بالتايل تنتفي ىنا الغاية من الًتشيد‪.‬‬ ‫‪17‬نفسو‪.‬‬ ‫‪18‬نفسو‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪19‬مل يرق االفتحاص ‪ Audit‬يف ادلؤسسات العمومية دلا بلغو ىذا األسلوب التقييمي و التصحيحي لالختالالت يف التدبَت لدى مؤسسات‬ ‫القطاع اخلاص‪ ،‬ردبا لداللة الكلمة بالعربية (اليت ربيل على "الفحص" بينما اللفظ الالتيٍت حييلنا إىل "االستماع" ) دور كبَت يف ذلك‪.‬‬


‫وادي الذهب الكويرة‬ ‫‪1%‬‬

‫تادلة أزيالل العيون بوجدور‬ ‫‪1%‬‬ ‫الساقية الحمراء‬ ‫دكالة عبدة‬ ‫‪2%‬‬ ‫‪1%‬‬

‫سوس ماسة درعة‬ ‫‪8%‬‬ ‫تازة الحسيمة تاونات‬ ‫‪3%‬‬ ‫مكناس تافياللت‬ ‫‪7%‬‬ ‫الشاوية‬ ‫ورديغة‬ ‫‪3%‬‬

‫الدار البيضاء الكبرى‬ ‫‪11%‬‬

‫الرباط ‪-‬سال زمور زعير‬ ‫‪26%‬‬

‫فاس بولمان‬ ‫‪7%‬‬

‫الغرب‬ ‫شراردة بني‬ ‫احسن‬ ‫‪2%‬‬

‫طنجة تطوان‬ ‫‪10%‬‬

‫كلميم السمارة‬ ‫‪5%‬‬ ‫الجهة الشرقية‬ ‫‪5%‬‬

‫مراكش تانسيفت الحوز‬ ‫‪7%‬‬

‫مبيان استفادة الجمعيات الثقافية من الدعم المباشر لوزارة الثقافة ‪2014-2011‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫وادي تادلة العيون دكالة‬ ‫الذهب أزيالل بوجدور عبدة‬ ‫الساقية‬ ‫لكويرة‬ ‫الحمراء‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬

‫‪0‬‬

‫سوس تازة مكناس الشاوية الغرب فاس كاميم الشرقية مراكش تطوان الرباط الدار‬ ‫سال البيضاء‬ ‫تانسيفت طنجة‬ ‫شراردة يولمان السمارة‬ ‫ماسة الحسيمة تافياللت‬ ‫زمور الكبرى‬ ‫الحوز‬ ‫بني‬ ‫درعة تاونات‬ ‫زعير‬ ‫احسن‬ ‫‪2011 12‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪17‬‬

‫‪8‬‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬

‫‪5‬‬

‫‪12‬‬

‫‪14‬‬

‫‪11‬‬

‫‪13‬‬

‫‪19‬‬

‫‪39‬‬

‫‪15‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪16‬‬

‫‪5‬‬

‫‪11‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪13‬‬

‫‪6‬‬

‫‪9‬‬

‫‪13‬‬

‫‪17‬‬

‫‪40‬‬

‫‪17‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪9‬‬

‫‪5‬‬

‫‪8‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪11‬‬

‫‪38‬‬

‫‪15‬‬

‫‪2014‬‬

‫عدد الجمعيات المستفيدة‬

‫‪25‬‬


‫تطور حجم الدعم الموجه للجمعيات الثقافية بين سنوات ‪2014-2011‬‬ ‫المبالغ المالية المخصصة للدعم‬

‫‪7.000.000‬‬ ‫‪6.000.000‬‬ ‫‪5.000.000‬‬ ‫‪4.000.000‬‬ ‫‪3.000.000‬‬ ‫‪2.000.000‬‬ ‫‪1.000.000‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2.840.000‬‬

‫‪2.295.000‬‬

‫‪2.030.000‬‬

‫‪3.095.000‬‬

‫‪50 000 - 200 000‬‬

‫‪2.650.000‬‬

‫‪3.505.000‬‬

‫‪3.770.000‬‬

‫‪2.505.000‬‬

‫‪< 50 000‬‬

‫‪5.490.000‬‬

‫‪5.800.000‬‬

‫‪5.800.000‬‬

‫‪5.600.000‬‬

‫‪total‬‬

‫‪200‬‬ ‫عدد الجمعيات المستفيدة من‬ ‫الدعم (‪ 50.000‬درهم ‪-‬‬ ‫‪ 200.000‬درهم)‬

‫‪150‬‬ ‫‪100‬‬

‫عدد الجمعيات المستفيدة من دعم‬ ‫يقل عن ‪ 50.000‬درهم‬

‫‪50‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2013‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2011‬‬

‫مبيان يوضح التطور و التباين على مستوى النوعين من الدعم (‪)2014 -2011‬‬

‫‪3 505 000‬‬

‫‪3 77 0 000‬‬ ‫‪2 505 000‬‬

‫‪2 650 000‬‬ ‫‪2 295‬‬

‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2013‬‬

‫‪2014‬‬ ‫‪< 50 000‬‬

‫‪3.000.000‬‬

‫‪2.000.000 3 095 000‬‬ ‫‪1.000.000‬‬ ‫‪2 030 000‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪2 840 000‬‬

‫‪8‬‬

‫‪4.000.000‬‬

‫‪50 000 - 200 000‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.