دعم الثقافة و دور الدولة

Page 1

‫حسن الزكريتي*‬ ‫أثارت مسألة الدعم للجمعيات و ال زالت تثير العديد من النقاشات و أسالت‬ ‫الكثير من المداد خصوصا مع نشر تقرير يفيد أن ‪ 10‬في المائة من الجمعيات تستفيد‬ ‫من ‪ 80‬في المائة من أموال الدعم‪ .‬و شكل هذا التقرير الصادر عن وزارة العالقات‬ ‫مع البرلمان و المجتمع المدني فرصة للنقاش حول جدوى الدعم العمومي‬ ‫للجمعيات إذا كانت االستفادة هامشية نسبيا و تعكس اختالال صارخا في التوزيع‬ ‫داخل النسيج الجمعوي الذي أصبح شريكا لإلدارة و الدولة بشكل عام حيث تمثل‬ ‫الشعبة الثقافية نسبة هامة من النشاط الجمعوي يتقاطع فيها النشاط الفكري و الفني و‬ ‫التحسيسي و الحقوقي و الرياضي‪ ،‬فباستثناء الجمعيات المهنية و التعاونيات و‬ ‫التعاضديات يمكن اعتبار النسيج الجمعوي فاعال ثقافيا بامتياز‪.‬‬ ‫و أمام هذا الوضع تناسلت التحليالت و التأويالت بخصوص هذه النسب و مسبباتها بين من يرد ذلك‬ ‫إلى انعدام الشفافية و الموضوعية و تراجع الحكامة و ضبابية معايير األهلية و غياب المالئمة و بين من يرد‬ ‫ذلك إلى الفساد و المحسوبية و الزبونية‪.‬‬ ‫الدعم العمومي للثقافة و السياقات التاريخية‬ ‫ال شك أن الدعم حاضر في جميع األنظمة المعاصرة بشكل و بآخر‪ ،‬إما بشكل مباشر من خالل ضخ‬ ‫األموال في القطاعات اإلستراتيجية المتضررة أو غير مباشر من خالل اإلجراءات التحفيزية الجبائية‪ ،‬و‬ ‫منظومة الدعم تتوخى في الغالب الحفاظ على تنافسية االقتصاديات الوطنية على مستوى بعض القطاعات‬ ‫(الفالحة خصوصا) و الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك‪.‬‬ ‫لكن الحقل الثقافي له من الخصوصيات التي تميز المنتوج الثقافي عن باقي المنتجات و الخدمات‬ ‫السوقية ‪ biens et services marchands‬ويكاد ينفصل تماما عن اآلليات االقتصادية التقليدية كما أن‬ ‫المحللين االقتصاديين الذين انكبوا على اقتصاديات الثقافة و الفن – على قلتهم – أسسوا بعض النظريات التي‬ ‫تكاد تكون استثناءات بالنسبة لقواعد و قوانين كانت إلى عهد قريب من المسلمات كقانون العرض و الطلب و‬ ‫‪1‬‬ ‫الفائدة الحدية المتناقصة ‪.utilité marginale décroissante‬‬ ‫و إن كانت مسألة الدعم في قطاعات حيوية مثل الطاقة و الفالحة و األبناك لم تعد تثير االستغراب بل‬ ‫أصبحت ضرورية و ملحة حتى في األنظمة الليبرالية نظرا العتبارات عديدة منها الحفاظ على تنافسية‬ ‫االقتصاد و الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين (كما سبقت اإلشارة إلى ذلك)‪ ،‬فإن الدعم للفاعلين الثقافيين‬ ‫لم تتأسس بعد على االعتبارات المذكورة‪ ،‬ألن المنتوج الثقافي مازال في العديد من البلدان يعتبر نوعا من البذخ‬ ‫و الترف ‪ luxe‬و لم يجد له منفذا إلى األدبيات االقتصادية إال من خالل الصناعات الثقافية (السينما‪ -‬الموسيقى‪-‬‬ ‫الكتاب) و بشكل محتشم من خالل فنون الفرجة ‪ Performing arts‬أو الفرجة الحية ‪spectacles vivants‬‬ ‫أو الفنون التشكيلية َ‪.2‬‬ ‫و إذا كان دعم االقتصاديات على مستوى القطاعات الحيوية و القطاع الثالث ‪tiers secteur‬‬ ‫(التعاضديات أو التعاونيات) اكتسب شرعية بعد أن أملته الظروف االقتصادية التي عاشها العالم بين الحربين‬ ‫نتج عنها تدخل الدولة في الشأن االقتصادي بحيث أصبحت الدولة فاعال اقتصاديا ‪ agent économique‬فهي‬ ‫في الوقت ذاته دولة منتجة (للخدمات) و دولة موزعة (للدخل) و دولة ناظمة (لالقتصاد) و دولة ميسرة‬ ‫(لمناخ األعمال) حتى صارت ما يسمى في بعض األنظمة الليبرالية بالدولة الراعية ‪Etat Providence /‬‬ ‫‪ ،welfare state‬فإن نظام رعاية الثقافة و الفنون ‪ mécénat‬يعود إلى حقب زمنية بعيدة وكانت شأنا ملكيا‬ ‫أو أميريا بامتياز‪ ،‬و كان يغلب عليه الطابع اإلحساني‪ ،‬حتى تطورت تدريجيا و اتخذت طابعا مؤسساتيا بعد‬ ‫‪David Throsby, Economics and Culture, Cambridge University Press, 2001 1‬‬ ‫‪William Bowen & Willam Baumol, Performing Arts: The Economic Dilemma, MIT Press, 1968 2‬‬


‫انخراط األغنياء و رجال األعمال في منظومة الرعاية و عرفت الدول و ال زالت إنشاء العديد من المؤسسات‬ ‫الراعية ‪ Fondations/Foundations‬تتأرجح حسب المنظومات القانونية بين اإلحسان ‪ Mécénat‬و‬ ‫التروست ‪( Trust‬كما هو متداول في األنظمة األنجلوساكسونية)‪.‬‬ ‫أما انخراط الدولة في رعاية الثقافة‪ ،‬فهو حديث نسبيا حيث إن العديد من الدول لم يكن لها قطاع‬ ‫وزاري يعنى بالثقافة و ال زالت دول عظمى ال تتوفر حتى اآلن على وزارة للشؤون الثقافية ولكنها طورت‬ ‫بالمقابل آليات للرقي بهذا القطاع (بريطانيا و أمريكا مثال)‪ ،‬لكن األكيد أن معظم الدول بعد الحرب العالمية‬ ‫الثانية انخرطت في العمل الثقافي من خالل االستثمار في البنيات و التجهيزات الثقافية من مسارح و معاهد‬ ‫الموسيقى و المكتبات و المتاحف‪ ،‬لكن أزمة الطاقة التي ضربت اقتصاديات العالم بعد ‪ 1973‬و األزمة‬ ‫االقتصادية العالمية سنة ‪ 1982‬و أفرزت ما يسمى ببرامج التقويم الهيكلي ‪Plan d’ajustements‬‬ ‫‪ structurels‬قلصت بشكل كبير ميزانيات القطاعات االجتماعية (التعليم و الصحة) إلى مستويات متدنية‪.‬‬ ‫لكن بعد الخروج من هذه األزمة بدا االهتمام من جديد بالمكون الثقافي كعنصر أساسي فيما يسمى‬ ‫بالتنمية المستدامة التي تم التأسيس لها في قمة األرض سنة ‪ 1992‬بريو دي جانيرو كامتداد مفاهيمي و إجرائي‬ ‫‪3‬‬ ‫لتقرير السيدة برونتلند ‪ Bruntland‬سنة ‪.1987‬‬ ‫لم يختف الدعم العمومي للثقافة و إنما اتخذ أشكاال أخرى من خالل مساهمة الجماعات الترابية و‬ ‫القطاع الخاص في نوع من التباري حول التموقع ‪ Positionnement‬في سياق التنافسية االقتصادية و‬ ‫التنافسية الترابية ‪ Compétitivité territoriale‬حيث صارت المراهنة على الثقافة و خصوصا على‬ ‫الحدث الثقافي ‪( évènementiel‬المهرجانات الكبرى) أمرا حتميا لتحقيق الجاذبية ‪ attractivité‬و جلب‬ ‫االستثمار استطاعت الجماعات الترابية تبريره بتجارب "ناجحة" في بلدان أخرى "تحققت" التنمية من خالل‬ ‫توفير و تحسين الدخل للجماعات البشرية المقيمة باإلقليم أو القطاع‪.‬‬ ‫لم تتخل الدول عن الدعم باعتباره إرثا يصعب التخلي عنه العتبارات عديدة من أهمها‪ :‬ارتباطه‬ ‫بالتنمية البشرية التي تكفله الدولة من خالل خدمات و مؤسسات تندرج في ما يسمى بالمرفق العام ‪service‬‬ ‫‪ ،public‬و مهما اختلف الدعم من حيث الغايات بين ما هو موجه للقطاع و بين الفاعلين الثقافيين بشكل خاص‬ ‫فإنه يرمي إلى تحقيق الحد األدنى من "الوجود الثقافي"‪ ،‬خصوصا مع المطالب الهوياتية التحصينية أمام المد‬ ‫الجارف للعولمة و التي أفرزت ما يسمى بـــ"االستثناء الثقافي" في منظومة المنظمة العالمية للتجارة ‪OMC‬‬ ‫التي تهدف إلى إلغاء الحدود الجمركية في وجه المبادالت‪.‬‬ ‫الدعم العمومي للفاعلين الثقافيين و سؤال الشرعية‬ ‫من البدهي أن كل األفراد و الجماعات تتنفس الثقافة‪ ،‬و كلنا ممارسون للفعل الثقافي (بالتعبير‬ ‫األنثروبولوجي) بشكل أو بآخر من خالل منظومة القيم التي ننخرط فيه و األنساق السلوكية النابعة من الوعي‬ ‫الجماعي‪ .‬و ال شك أن الثقافة هي من مداخل التنمية البشرية و من محددات الهوية (كما هو وارد في إعالن‬ ‫مكسيكو لسنة ‪ 1982‬عن السياسات الثقافية)‪.4‬‬ ‫ال يمكن أن ننكر أن الفعل الثقافي يعتبر متنفسا للمواطنين و ال سبيل لإلنكار أيضا أن الفنانين المبدعين‬ ‫في شتى التعابيرالفنية أمتعونا بأعمالهم‪ ،‬مما خلق لدينا تراكما معرفيا ثقافيا يصطلح عليه أحيانا بالرأسمال‬ ‫الثقافي (حسب تعبير بيير بورديو ‪ ،)Pierre Bourdieu‬كما أن الجميع – مهتما كان أم متلقيا – يأسف‬ ‫للوضع االجتماعي الذي انحدر إليه معظم الممارسين للنشاط الفني في بالدنا‪ ،‬لدرجة استجداء أصحاب القلوب‬ ‫الرحيمة‪ .‬فهل نقوم بمجاراة العاطفة و المشاعر اإلنسانية أم العقل كما يقتضيه ترشيد المال العام أو تحت مسمى‬ ‫الحكامة الرشيدة؟‬ ‫إذا كان البعض ال يستطيع العيش من إنتاجه الفني‪ ،‬فهل يبرر ذلك الدعم العمومي؟ و هل الدولة يجب‬ ‫أن تلعب دور الراعي أو المحسن ‪mécène‬؟‬ ‫يقال إن الثقافة ليس منتجا كباقي المنتجات‪ ،‬و مع ذلك أن يكون المرء فنانا أو صانعا فالمعادلة سهلة‬ ‫للغاية‪ :‬إن المنتج للعمل الفني الذي يعيش فقرا اجتماعيا يعني أنه غير قادر أن يروج منتوجه‪ ،‬و ذلك راجع‬ ‫‪3‬تقرير برونتلند ‪Bruntland Report‬هو اختصار لتقرير اللجنة الدولية حول البيئة و التنمية لدى األمم المتحدة (‪ ،)1987‬ترأستها النرويجية غ‪.‬هـ‪.‬‬ ‫برونتلنـد )‪ (G.H. Bruntland‬كان عنوانه"مستقبلنا المشترك ‪ " Our common Future/‬و لكنه اشتهر باسمها‪.‬‬ ‫‪ 4‬المؤتمر العالمي للسياسات الثقافية المنعقد بالمكسيك سنة‪1982‬‬


‫أساسا لسببين رئيسين‪ :‬إما موهبته ليست موضوع طلب ‪ ،‬أو أنه ال يتوفر عليها أصال ! في كلتا الحالتين‪،‬‬ ‫الجمهور ليس مستعدا إلنفاق ماله على المنتوج الثقافي المعروض‪ .‬مما يدفعنا للتساؤل عن جدوى و شرعية‬ ‫إنفاق مال الملزمين جبائيا؟ و لماذا تقتني الدولة – باسم الجماعة ‪ /‬الشعب‪ -‬ما يرفض اقتناؤه بشكل فردي؟‬ ‫إذا كانت بعض المنتجات تحت المسمى الثقافي ال تجد لها منفذا في السوق فليس على الدولة أن تتدخل‬ ‫بالضرورة‪ ،‬فما على أصحاب المنتجات إال أن يدرجوا أعمالهم في خانة الهواية أو الترفيه و إيجاد نشاط حقيقي‬ ‫مدر للدخل‪ .‬على غرار باقي الناس لهم الحق في اختيار مهن تكفل لهم العيش الكريم‪.‬‬ ‫بيد أن الدولة تتوفر على آليات لتشجيع اإلنتاج الثقافي‪ ،‬فعوض أن تجعل القرار في يد موظفين‬ ‫عموميين يقررون في مكان المواطن من هم جديرون بالمال العمومي الذي هو مال الشعب‪ ،‬يكفي أن تقوم‬ ‫بتقليص أو إلغاء الرسوم على المنتجات الثقافية لتكون في متناول المواطنين‪.‬‬ ‫من نافلة القول إن الثقافة رافعة للتنمية االقتصادية و االجتماعية وإن التنمية المنشودة لن تتأتى إال عن‬ ‫طريق دعم الفاعلين الثقافيين و الفنانين‪ ،‬بل إن أصحاب القرار يلوحون دائما باالنعكاسات اإليجابية على الدخل‬ ‫استنادا على نظريات اقتصادية مستمدة من المحاسبة الوطنية ‪ comptabilité nationale‬التي تعتمد على‬ ‫معطيات مغلوطة أقل ما يقال عنها إنها خارج السياق السليم‪ .5‬بل إن هذه المعطيات تستند على دراسات ال يزال‬ ‫إجماع االختصاصيين حولها معلقا‪ ،‬حيث يتطلب البحث الميداني وقتا طويال و تكلفة باهظة تتجاوز ما يمكن‬ ‫جنيه من تظاهرة ثقافية كمهرجان مثال‪ .‬و من بين االنزالقات المنهجية الخطيرة هي احتساب التكلفة اإلجمالية‬ ‫لتظاهرة كدخل للفئات المستفيدة‪ ،‬و بالتالي يستحيل إيجاد أي تظاهرة غير مربحة ! أما اآلثار المباشرة ‪effets‬‬ ‫‪ directs‬و اآلثار غير المباشرة‪ effets induits‬على االقتصاد المحلي فيستحيل تقويمها بشكل مضبوط‪ ،‬لذلك‬ ‫يعمد إلى تضخيم النتائج و المؤشرات لتبرير اإلنفاق انطالقا من المعطيات المتوفرة (و هي مهارة ال يعرف‬ ‫سرها إال الخبراء في المحاسبة و المالية)‪.‬‬ ‫على األقل في الدول التي تحترم مواطنيها‪ ،‬هناك دراسات عديدة الهدف منها تبرير اإلنفاق العمومي‬ ‫عن طريق الدعم للفنانين بغض النظر عن مصداقيتها علميا و منهجيا‪ ،‬أما في المغرب فمثل هذه الدراسات هي‬ ‫في مرحلة جنينية‪( 6‬نذكر على سبيل المثال دراستي األستاذ مصطفى السحيمي و األستاذة نعيمة لهبيل‬ ‫تاجموعتي) و لم تتبن الوزارة الوصية على القطاع دراسة لشعبة من الشعب الثقافية لتبرير دعمها للجمعيات‬ ‫الثقافية‪.7‬‬ ‫من أجل تشجيع أي قطاع منتج إما يكون الدعم على مستوى اإلنتاج أو على مستوى االستهالك‪ ،‬و‬ ‫الحقل الثقافي – كقطاع يستحيل إقصاؤه من المنظومة االقتصادية – ليس استثناء أو ال يجب أن يكون كذلك‪.‬‬ ‫من األنسب أن يكون الدعم موجها للمستهلك كإلغاء الرسوم أو الضريبة على القيم المضافة‪ ،‬على األقل‬ ‫من باب دعم قدرته الشرائية و ممارسة حقه في اختيار ما يرغب في استهالكه من المنتجات الثقافية ما دام‬ ‫الفنان يمتلك الحق في اختيار ما يرغب في إنجازه من أعمال‪.‬‬ ‫إن إجراء من هذا القبيل يتطلب شجاعة سياسية‪ ،‬ألن الذين دأبوا على تلقي الدعم تعودوا على ذلك و ال‬ ‫شك أنهم سيدافعون عن هذا "الحق" المكتسب – مع مرور الزمن‪ -‬بشراسة ألنها صارت لديهم مسالة حياة أو‬ ‫موت (كما حدث عندما ألغى الوزير السابق بنسالم حميش تعويضات األدباء في المعرض الدولي للكتاب لسنة‬ ‫‪ 2011‬و أقام العديد من األدباء الدنيا و لم يقعدوها احتجاجا على هذا اإلجراء)‪.‬‬ ‫إن ولوج السوق هو الكفيل بإفراز الصالح من الطالح في الحقل الثقافي و الفني فال يعقل أن يقتات الفنان‬ ‫من أموال دافعي الضرائب بحجة أنه "يضحي من أجل إمتاع اآلخرين" بينما يقوم المواطن العادي بالعمل‬ ‫طوال النهار لضمان قوته و يؤدي ضرائبه فوق ذلك‪ ،‬و ليس من المعقول أيضا أن تستفيد فئة ميسورة من‬ ‫المنتج الثقافي دون أن تدفع مقابل ذلك‪ ،‬مع العلم إن المجانية ال تتيح بالضرورة ولوج الكل (بسبب إكراهات‬ ‫الفضاءات و البعد الجغرافي و الفوارق الترابية إلخ‪ )..‬كما إن المجانية (كنتيجة للدعم) تفرز مستوى فنيا‬ ‫متواضعا ال يقوى على التنافس أمام الفن الراقي الذي يستدعي الخلق و اإلبداع الدائمين‪.‬‬ ‫‪ 5‬أنظر مؤلف األستاذ محمد عبد الوهاب العاللي الثقافة و االتصال و المجتمع (الفصل المتعلق بالصناعات الثقافية) و الدراسة التي قام بها األستاذ‬ ‫مصطفى السحيمي حول المقاوالت الثقافية في المغرب (منشور بالفرنسية)‪.‬‬ ‫‪ 6‬أنظر‪:‬‬ ‫‪Mustapha Sehimi, Les entreprises culturelles au Maroc : aspects socio-économiques, Agence‬‬ ‫‪intergouvernementale de la Francophonie (AIF), 2003‬‬ ‫‪Naima Lahbil Tagemouati (dir.), Diagnostic du patrimoine culturel au Maroc, AAHD, 2010‬‬ ‫‪ 7‬لألمانة قامت األستاذة بالدرا سة المذكورة للشعبة التراثية للثقافة المغربية من منظور اقتصادي بطلب من وزارة الثقافة و تمويل من "صندوق تحقيق‬ ‫أهداف األلفية " ) ‪ )MDG‬في إطارالبرنامج المشترك "التراث الثقافي و الصناعات الخالقة" (‪)2011-2008‬‬


‫األجدر أن تقوم الدولة بدورها كــعامل ميسر ‪ agent facilitateur‬لالستثمار الخصوصي في الحقل‬ ‫الثقافي بواسط ة التشجيع على خلق المقاوالت الثقافية و التعاونيات الثقافية مع مواكبتها بتحفيزات جبائية مباشرة‬ ‫(إعفاءات ضريبية) و غير مباشرة (القرض الضريبي ‪ )Crédit d’impôt‬و تيسير الولوج للقروض‬ ‫المصرفية‪ ،‬و تأهيل الجمعيات الفنية لالنخراط في هذه الحركية‪ ،‬و تفعيل دور صندوق الضمان للصناعات‬ ‫الثقافية (‪ (FGIC‬كمؤسسة من شأنها لعب دور كبير في تحفيز االستثمار في الصناعات الثقافية (الكتاب –‬ ‫الموسيقى – السينما) والمركز السينمائي المغربي )‪ (CCM‬و الصندوق الوطني للعمل الثقافي (‪)FNAC‬‬ ‫والمكتب المغربي لحقوق التأليف (‪.)BMDA‬‬ ‫‪8‬‬ ‫و قبل الختام‪ ،‬ال شك أن االقتصاديات الكبرى )‪ (OCDE‬و النامية ‪( Pays émergents‬كمجموعة‬ ‫البريكس‪9)BRICS‬التي انخرطت فيما يسمى باقتصاد المعرفة أفرزت منتجات ذات حمولة إبداعية عالية و‬ ‫قيمة مضافة عالية جدا‪ ،‬و لكنها لم تهمل أهم صناعة عرفها تاريخ اإلنسانية ‪ :‬الكتاب‪ .‬فرغم سيطرة تكنولوجيا‬ ‫المعلومات و االتصال )‪ (TIC‬على جميع مناحي الحياة العصرية في هذه البلدان‪ ،‬فإن الكتاب لم يفقد بريقه و‬ ‫صناعة الكتاب من الصناعات الثقافية التي لم تتأثر كثيرا ألن القراءة شأن عمومي و صيرورة اجتماعية‪ ،‬بل إن‬ ‫التكنولوجيا المعلوماتية ساهمت بشكل كبير في الترويج للكتاب حتى ال تتدنى نسبة المقرؤية في هذه البلدان‪.‬‬ ‫بينما في بلدنا مثال رغم أن الكتاب منتج ثقافي بامتياز ال يمكن أن تخطئه عيننا يوميا و لكننا ال ندرك أهميته‬ ‫بالنسبة لنهضة األمم و مصيرها لهذا لم يرق إلى مستوى الصناعة الثقافية ألن الكثير يرى في تكنولوجيا‬ ‫المعلومات بديال حتميا للكتاب بينما في الدول المتقدمة ال زال الكتاب حاضرا في المشهد الثقافي و اإلعالمي و‬ ‫السينمائي و الحضري‪.‬‬ ‫في كل األحوال مسألة الدعم تتطلب نقاشا وطنيا جادا على جميع المستويات تنويرا للرأي العام للتخلص‬ ‫من رواسب الدعم الذي أصبح عرفا أفرز فئة تعيش على ريع الثقافة (كقطاع حكومي) و تتنفس ثقافة الريع‬ ‫فمن المفارقات أن نسمع على هامش النقاش حول جدوى الدعم عن منظومتي الدعم المسرحي في اإلنتاج و‬ ‫الترويج أو دعم األغنية المغربية مثال‪ ،‬كما لو أن األغنية صارت شأنا عموميا ال يمكن أن يستقيم الوضع الثقافي‬ ‫بدونها‪ ،‬و هي كباقي فنون الفرجة ال مفر لها – لتضمن بقاءها في المشهد الثقافي‪ -‬من الولوج إلى اقتصاد‬ ‫التسلية ‪. Entertainement economics‬‬ ‫و لمن يقول " ال يمكن أن تكون الثقافة بدون الدعم العمومي " يكفينا أن نتساءل معه ألم تكن الثقافة‬ ‫موجودة قبل إنشاء ما يسمى بوزارة الثقافة سنة ‪1974‬؟‬

‫* إطار مشتغل بقطاع الثقافة‬ ‫‪hassan_zakriti@yahoo.fr‬‬

‫‪( Organisation du Commerce et de Développement Economique 8‬منظمة التجارة و التنمية االقتصادية) و هي تضم بلدان متقدمة من‬ ‫أوروبا و آسيا و أمريكا الشمالية‪.‬‬ ‫‪ 9‬تضم هذه المجموعة ‪ :‬البرازيل و روسيا و الهند و الصين و جنوب إفريقيا‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.