بصائر العدد الثالث

Page 1

‫ومضــــات إســـــــــالم اية‬ ‫من اخالق الحبيب صلى هللا عليه وسلم‬ ‫الوفاء بالعهد‬ ‫لقد جبل هللا نبيه صلى هللا عليه وسلم على األخالق العالية‬ ‫الرفيعة حتى كان نورا يستضاء به في األخالق ‪ ،‬فجاء‬ ‫الثناء عليه من قبل هللا تعالى حين قال ( َوإ ِنَّ َك لَ َعلَى ُخلُق‬ ‫َع ِظ يم) القلم (‪ )4‬هذه أخالقه صلى هللا عليه وسلم مع‬ ‫العدو والصديق والكافر والمسلم على حد سواء‬ ‫ومن هذه األخالق وفائه بالعهد للناس أجمعين حتى لو‬ ‫كانوا مشركين محاربين في أحلك الظروف وأشدها على‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقد أخرج مسلم عن‬ ‫ُح َذ ْيفَ ُة ْبنُ ا ْل يَ َما ِن‪ ،‬قَال َ‪َ :‬ما َم نَ َع نِ ي أ َ ْن أ َ ْ‬ ‫شهَ َد بَدْ را إ ِ َّ​ّل أ َنِّ ي‬ ‫س ْيلٌ‪ ،‬قَال َ‪ :‬فَأ َ َخ َذ نَا ُكفَّا ُر قُ َر ْيش‪ ،‬قَالُوا‪:‬‬ ‫َخ َر ْج ُ‬ ‫ت أ َنَا َوأ َ ِب ي ُح َ‬ ‫إ ِنَّ ُك ْم تُ ِر يدُونَ ُم َح َّمدا‪ ،‬فَقُ ْل نَا‪َ :‬ما نُ ِر ي ُد ُه‪َ ،‬ما نُ ِر ي ُد إ ِ َّ​ّل ا ْل َم ِد ي نَ َة‪،‬‬ ‫ص ِرفَنَّ إِلَى ا ْل َم ِد ي نَةِ‪َ ،‬و َّل‬ ‫فَأ َ َخ ُذوا ِم نَّا َع ْه َد هللاِ َو ِم ي ثَاقَ ُه لَ نَ ْن َ‬ ‫سلَّمَ‪،‬‬ ‫هللا َعلَ ْيهِ َو َ‬ ‫سول َ هللاِ َ‬ ‫نُقَا تِل ُ َم َعهُ‪ ،‬فَأ َتَ ْي نَا َر ُ‬ ‫صلَّى ُ‬ ‫ص ِرفَا‪ ،‬نَفِ ي لَهُ ْم ِب َع ْه ِدهِ ْم‪،‬‬ ‫فَأ َ ْخ بَ ْر نَاهُ ا ْل َخ بَ َر‪ ،‬فَقَال َ‪« :‬ا ْن َ‬ ‫َو نَ ْس تَ ِع ينُ هللاَ َعلَ ْيهِ ْم»‬ ‫لذلك جعل النبي صلى هللا عليه وسلم عدم الوفاء بالعهد‬ ‫صفة من صفات المنافقين وإذا عاهد غدر وفي المقابل‬ ‫جاء المديح لمن أوفى بعهده فقال تعالى ( َوا ْل ُموفُونَ‬ ‫ِب َع ْه ِدهِ ْم إ ِ َذا َعا َهدُوا) البقرة (‪)711‬‬ ‫فالزموا إخوتي نهج حبيبنا صلى هللا عليه وسلم وأوفوا‬ ‫بالعهود حتى ّل تكونوا في زمرة المنافقين‬

‫الهيئة الشرعية‬

‫‪8‬‬

‫قواعد استخدام القوة‬ ‫والسالح في الشرع‬ ‫تتمتع بعض اجهزة الدول الملقى على عاتقها إنفاذ‬ ‫الشرع ‪ ،‬صالحيات اللجوء الى استخدام بعض‬ ‫مظاهر الشدة والعنف لبسط سلطتها ‪ ،‬مما يتعارض‬ ‫ظاهريا بشكل او بآخر مع المبادئ اّلساسية‬ ‫لحماية حقوق اّلنسان بهدف تنفيذ اّلمر الشرعي‬ ‫الصادر عن الجهة المشرعة ‪ .‬وبسط سلطة وهيبة‬ ‫الهيئة الشرعية ‪ ،‬ومن جهة اخرى يجب ان ّل‬ ‫يبرر ذلك اللجوء الى استخدام مثل هذه اّلساليب‬ ‫إّلا ضمن قيود و ضوابط محددة شرعا ‪ ،‬حتى ّل‬ ‫تشكل خرقا للشرع نفسه من جهة ‪ ،‬وحق اّلنسان‬ ‫في الحياة الكريمة من جهة اخرى ‪ ،‬التي تعد من‬ ‫اهم اّلمور التي تجب حمايتها من قبل الشرعية‬ ‫أصال ‪.‬‬ ‫فالشرطة الشرعية عند قيامها بعملها ضابطة‬ ‫عدلية شرعية مساعدة للمسؤول الشرعي (‬ ‫القاضي ) وفي احوال محدودة قد يضطر منفذو‬ ‫اّلمر الشرعي الى اللجوء ّلستخدام القوة مما‬ ‫يشكل مساسا بحق المشتبه به ( المتهم ) ‪ .‬لحقه‬ ‫في الحياة والسالمة الجسدية ‪،‬‬ ‫وعلى ذلك سنتناول في ابحاثنا القادمة ( مواضع‬ ‫استخدام القوة ) واّلسلحة النارية من قبل الشرطة‬ ‫الشرعية ‪ ،‬وبهذا ننوه بجهل عناصر الشرطة‬ ‫الشرعية بالعلم الشرعي وقلة الخبرة لديهم ‪ ،‬ما‬ ‫يترتب على هيئة علماء حمص من تدريب وتعليم‬ ‫العناصرؤ القواعد واّلصول والعلم الشرعي لحسن‬ ‫تعاملهم مع تنفيذ اّلوامر ‪.‬‬

‫محمد أمين الضاهر‬

‫المحقق في الهيئة الشرعية‬ ‫ياسر بكور‬

‫لطرح آرائكم ومقترحاتكم ‪ ،‬ولنشر مقاّلتكم في الصحيفة ‪ ،‬يرجى التواصل معنا على‬ ‫البريد اّللكتروني ‪islamislam52@gmail.com :‬‬ ‫‪ -‬او الصفحة الرسمية على الفيس بوك ( صحيفة بصائـر )‬

‫او في أحد مكاتب هيئة علماء حمص‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ش ًدا ))‬ ‫َم ِرَنا َر َ‬ ‫(( َربَّ َنا َآت َنا م ْن َل ُد ْن َك َر ْح َم ًة َو َهيِّ ْ‬ ‫ئ َل َنا م ْن أ ْ‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬ ‫ِي فَ َعلَ ْي َها َو َما أَ َنا َعلَ ْي ُك ْم ِب َحفِيظ (‪)714‬‬ ‫ص َر فَلِ َنفْسِ هِ َو َمنْ َعم َ‬ ‫صائ ُِر مِنْ َر ِّب ُك ْم فَ َمنْ أَ ْب َ‬ ‫اء ُك ْم َب َ‬ ‫قَدْ َج َ‬ ‫االنعام‬

‫نصف شهرية‬

‫العدد الثالث ‪ 71‬صفر ‪ 7411‬هـ الموافق ‪ 4174 / 7 / 1‬م‬ ‫كلمــــــة التحرير‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬ ‫في زمن الثورة المباركة وما يصاحبها من‬ ‫فوضى البد منها ‪ ,‬لتفتح العقول وكثرة‬ ‫الغزو باسم الدين للجاهلين والمتحمسين‬ ‫المتعطشين لإلسالم ‪ ,‬بعد عقود من االستبداد‬ ‫والظلم ‪ ,‬يظهر لك ‪ ,‬وامامك ‪ ,‬من يتبجح‬ ‫بالعدالة المطلقة ‪ ,‬واقامة الحدود على الكبار‬ ‫قبل الصغار ‪ ,‬و يظهر لك من حيث ال يشعر‬ ‫ما يجب ان يخفيه ‪ ( ,‬عندما يتباكى على ايام‬ ‫االسد ) وعدل االسد ‪ ,‬وخبز االسد ‪ ,‬وغاز‬ ‫االسد ‪ ......‬يطالبك في هذه االيام ( بعدل‬ ‫عمر ) ‪ ..‬و ( كرم عثمان ) وشجاعة علي‬ ‫رضي هللا عنهم ‪ ,‬ويتناسى – جهآل او خبثا –‬ ‫ان الحال يشابه ايام الدعوة االولى من تعذيب‬ ‫وجوع و ايذاء واستهزاء وجوع وحصار ‪....‬‬ ‫هذا الشخص وامثاله ( وما اكثرهم ) ال يحتاج‬ ‫الى شرح او بيان ‪ ,‬فال عالقة له بالثورة ‪,‬‬ ‫ذليل ‪ -‬جبان يحن الى الكفار و الظلمة لمثل‬ ‫هؤالء قولوا ‪ ...‬ونقول ‪ :‬ارحلوا سريعا الى‬ ‫االسد ‪ -‬ونبشرهم أن ‪:‬‬ ‫( من احب قوما حشر معهم )‬

‫اقرأ في هذا العدد‬ ‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫كلمة رئيس هيئة العلماء ‪ :‬العالم اجتمع‬ ‫علينا فلما ّل نتحد ص ‪4‬‬ ‫الحرية والشريعة ‪ ...‬تعارض ام تكامل ؟؟‬ ‫بقلم ابو اسالم الحمصي ص ‪1‬‬

‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫في ظالل آية ص ‪1‬‬ ‫الهيئة الشرعية ‪ :‬قواعد استخدام القوة‬ ‫والسالح في الشرع ص ‪8‬‬

‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫عظمة الرب ص ‪1‬‬

‫مع مواضيع اخرى منوعة تهم كل مسلم‬ ‫نرجو لكم من خاللها المتعة والفائدة في الدنيا‬ ‫و اآلخرة‬


‫هيئة علماء حمص‬ ‫العالم اجتمع علينا ‪ .........‬فلما ّل نتحد‬ ‫عندما قامت ثورتنا المباركة ‪ ،‬صاحبتها مواقف عربية‬ ‫ودولية مشجعة ظاهريا ‪ ،‬وتنامت هذه المواقف مع‬ ‫تعالى صيحات المتظاهرين ‪ ،‬وكانت كذبة البداية نزع‬ ‫الشرعية التي أكدوا من خاللها على شرعية األسد أوّل‪،‬‬ ‫وهذا يكذب ثورتنا التي فجرت لعدم الشرعية دينا ودنيا‪،‬‬ ‫وبعده تجمع األعداء بثوب األصدقاء ‪ ،‬وتتالت‬ ‫التصريحات وانتظارها ‪ ،‬واّلجتماعات وخطبها الرنانة ‪،‬‬ ‫التي تتناسب مع اجرام عصابة األسد ‪ ،‬وتشكلت أثناء‬ ‫ذلك المعارضات‪ ،‬التي تتماشى مع العدو وتسمع وتطيع‬ ‫لمن وضعها ويدفع لها وكل هذا كان له تأثيرا واضحا‬ ‫على الثورة والثوار ‪ ،‬فظهر الكالم هنا وهناك ‪ ،‬لما‬ ‫التظاهر ‪ ،‬ولماذا الجهاد و التصعيد فوزير فرنسا‬ ‫سينزع الشرعية ‪ ،‬ورئيس أمريكا هدد و أرعد و أزبد ‪،‬‬ ‫واجتماع األصدقاء (األعداء ) القادم سيسقطه‬ ‫وخصوصا أن عدد الحاضرين فاق مائة دولة وشيئا‬ ‫فشيئا يسمحون لعميلهم بشار ويعلمونه كيف يقضي‬ ‫على الثورة ‪ ،‬فكل كلمة تحذير معناها افعل كذا حتى‬ ‫الخطوط الحمر من حماه حتى الكيماوي كانت أوامر‬ ‫من األسياد لعبدهم نفذها على الفور ‪ ،‬وتمضي السنوات‬ ‫مليئة بالشهداء والجرحى واإلعاقات والتشريد والدمار‬ ‫ومازال البعض منا ينتظر أن يحل األعداء قضيتنا‬ ‫بجنيف ظاهريا ‪ ،‬وتحت الطاوّلت وما أكثرها ‪ ،‬فهال‬ ‫أفقنا من هذا التخدير والمسكن الذي ثبط هممنا وابعد‬ ‫عنا اّلعتماد على ربنا فلعبة أمريكا وأتباعها وروسيا‬ ‫وأذنابها ‪ ،‬في مجلس األمن وغيره مكشوفة لكل عاقل و‬ ‫السيدة اسرائيل التي تغطي على كل كبيرة من كبائر‬ ‫األسد بطيرانها هي التي تقرر؛وما اجتماع الحلفاء‬ ‫بسرعة إّل أكبر دليل ‪.‬فما العمل وما الحل ‪ ......‬الجواب‬ ‫واضح وصريح‪ :‬أن نعتمد على هللا أوّل ثم نعتمد على‬ ‫أنفسنا فنتحد فالذي يجمعنا هو اإلسالم وان نأخذ‬ ‫باألسباب متوكلين على مسببها واثقين بأن النصر بيد‬ ‫هللا وحده سبحانهوهذا ما نقوم به في هيئة علماء‬ ‫حمص من خالل تعلمنا وتعليمنا اإلسالم الذي يجمعنا‬ ‫وبه ننتصر إن شاء هللا ونحرر قدسنا الذي قال عنه‬ ‫الفاروق عمر رضي هللا عنه على مشارفه ( نحن قوم‬ ‫أعزنا هللا باإلسالم فمهما ابتغينا العزة بغيره أزلنا هللا‬ ‫)‪ ...........‬وللحديث بقية‬ ‫رئيس هيئة علماء حمص‬ ‫الشيخ عبد العزيز بكور‬

‫‪4‬‬

‫من القصص النبوي‬

‫كنز المعلومات‬

‫ص َوأَ ْق َر َع َوأَ ْع َمى‬ ‫أَ ْب َر َ‬

‫‪.1‬أطلق على الصحابي الجليل جندب بن جنادة اسم‬ ‫(أبو ذر) ْلنه كان إذا لقي في طريقه ذرا حملها‬ ‫ورفعها عن الطريق‪.‬‬ ‫‪.2‬عدد الذين حملوا اسم "محمد" قبل النبي صلى هللا‬ ‫عليه وسلم ‪ 8‬أشخاص وقد أدرك أحدهم اْلسالم‬ ‫فأسلم وهو محمد بن سلمة‪.‬‬ ‫‪.3‬تسمى القصص اْلسطورية وغير المعقولة والتي‬ ‫يصعب تصديقها تسمى (قصص خرافية) وذلك‬ ‫نسبة إلى رجل اسمه خرافة من بني عذرة أدعى أن‬ ‫الجن خطفته وبقي عندهم فترة من الزمن ثم عاد إلى‬ ‫قومه يروي لهم مغامراته مع الجن وكان يصعب‬ ‫تصديقها لغرابتها وبعدها عن المعقول‪.‬‬ ‫‪.4‬المولود الوحيد الذي ولد داخل الكعبة هو حكيم‬ ‫بن حزام‪ ,‬واْلية الوحيدة التي نزلت في جوف‬ ‫ت إهلَى‬ ‫هللا َيأْمُرُ ُك ْم أَن ُتؤدو ْا اْلَ َما َنا ه‬ ‫الكعبة هي‪( :‬إهن ّ َ‬ ‫أَهْ لههَا ‪[ )...‬النساء‪.]88 :‬‬ ‫‪.8‬أكبر جزء من فيتامينات الفاكهة يوجد في قشرها‪,‬‬ ‫ولذلك ينبغي أن نأكلها بقشرها كلما استطعنا ذلك‪.‬‬ ‫‪.6‬ليست جهنم ‪-‬أعاذنا هللا منها ‪ -‬حمراء كما يعتقد البعض‬

‫روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال ‪:‬‬ ‫هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ « :-‬هإن ثَ َالثَة هفي َب هني‬ ‫قال رسول ه‬ ‫ص َوأ َ ْق َر َع َوأَعْ َمى فَأ َ َرا َد هللا أ َ ْن يَ ْبتَلهيَهُ ْم‪ ,‬فَبَ َع َ‬ ‫ث‬ ‫هإسْ َرائهي لَ أ َ ْب َر َ‬ ‫ك؟»‬ ‫ص فَقَا لَ ‪« :‬أَي شَيْ ء أ َ َحب هإلَ ْي َ‬ ‫هإلَي هْه ْم َملَكا‪ .‬فَأَتَى ْاْل َ ْب َر َ‬ ‫ْ‬ ‫ب َعنِّي الذه ي قَ ْد قَذه َر هني‬ ‫قَا لَ ‪« :‬لَ ْون َح َسن َو هج ْلد َح َسن َويَذ َه ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي ل ْونا َح َسنا َو هجلدا‬ ‫ب َع ْن ُه قَ َذ ُرهُ َوأُعْ طه َ‬ ‫الناسُ »‪ .‬فَ َم َس َح ُه فَ َذ َه َ‬ ‫َح َسنا‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫اْل هب لُ أ َ ْو قَا لَ ْالبَقَ ُر»‪.‬‬ ‫ال أ َ َحب إهلَ ْي َ‬ ‫قَا لَ ‪« :‬فَأَي ْال َم ه‬ ‫ك؟»‪ ,‬قَا لَ ‪ « :‬ه‬ ‫ص أ َ ْو‬ ‫[شَك هإسْ َح ُق ـ أحد رواة الحديث ـ ‪ :‬هإال أَن ْاْل َ ْب َر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ي نَاقَة‬ ‫اْل هب لُ‪َ ,‬وقَا لَ ْاْل َخ ُر ْالبَقَ ُر]‪ .‬فَأُعْ طه َ‬ ‫اْل ْق َر َع قَا لَ أ َح ُد ُه َما‪ :‬ه‬ ‫ك فهيهَا»‪َ.‬أَتَى ْاْل َ ْق َر َع فَقَا لَ ‪« :‬أَي‬ ‫ك هللا لَ َ‬ ‫ُعشَ َرا َء‪ ,‬فَقَا لَ ‪« :‬بَا َر َ‬ ‫ك؟»‬ ‫شَيْ ء أ َ َحب هإلَ ْي َ‬ ‫ب َعنِّي َه َذا الذه ي قَ ْد قَذه َر هني‬ ‫قَا لَ ‪« :‬شَ َعر َح َسن‪َ ,‬ويَ ْذ َه ُ‬ ‫ي شَ َعرا َح َسنا‪.‬‬ ‫ب َع ْنهُ‪َ ,‬وأُعْ طه َ‬ ‫الناسُ »‪ .‬فَ َم َس َح ُه فَ َذ َه َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي بَقَ َرة‬ ‫ك؟» قَا لَ ‪« :‬البَقَ ُر»‪ .‬فَأعْ طه َ‬ ‫ال أ َ َحب إهلَ ْي َ‬ ‫قَا لَ ‪« :‬فَأَي ْال َم ه‬ ‫َ‬ ‫ك فهيهَا» ‪.‬‬ ‫ك هللا ل َ‬ ‫َحامه ال‪ ,‬فَقَا لَ ‪« :‬بَا َر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك؟» قا لَ ‪« :‬أ ْن يَرُد‬ ‫فَأَتَى ْاْلَعْ َمى فَقَا لَ ‪« :‬أي شيْ ء أ َحب إهل ْي َ‬ ‫اس»‪.‬‬ ‫ص هري فَأُب ه‬ ‫ْص َر هب هه الن َ‬ ‫هللا هإلَي َب َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك؟»‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫هللا‬ ‫د‬ ‫فَ َم َس َح ُه فَ َر‬ ‫ال أ َ َحب هإلَ ْي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ي شَاة َوالهدا‪.‬‬ ‫قَا لَ ‪ْ « :‬ال َغنَمُ»‪ .‬فَأُعْ طه َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫اْل هب هل َولههَ َذا َواد مه ْن‬ ‫ان َو َول َد َه َذا‪ .‬فَ َك َ‬ ‫فَأ ْن هت َج َه َذ ه‬ ‫ان لههَ َذا َواد مه ْن ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫صو َر هت هه‬ ‫ص هفي ُ‬ ‫ْالبَقَ هر َولههَذا َواد مه ْن ال َغنَ هم ‪ .‬ثم إهن ُه أتَى اْل ْب َر َ‬ ‫ْ‬ ‫َو َه ْيئَ هت هه فَقَا لَ ‪َ « :‬ر ُج ل مه سْ كهين قَ ْد ا ْنقَ َ‬ ‫ط َع ْ‬ ‫ي ال هحبَا لُ هفي‬ ‫ت هب َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك ـ هبالذه ي‬ ‫ك‪ ,‬أسْ أل َ‬ ‫َسفَ هري فَ َال بَ َال َغ لهي ْاليَ ْومَ إهال هباهلل ثُم هب َ‬ ‫ْ‬ ‫أَعْ َ‬ ‫ل ـ َبعه يرا أَتَ َبل ُغ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ك الل ْو َن ْال َح َس َن َو ْال هج ْل َد ْال َح َس َن َو َ َ‬ ‫طا َ‬ ‫ل ‪ْ « :‬ال ُحقُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وق َكثهي َرة»‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫»‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َعلَ ْي ه‬ ‫َ‬ ‫َ ه‬ ‫ك الناسُ ‪ ,‬فَقهيرا‬ ‫ص يَ ْق َذ ُر َ‬ ‫ك أَلَ ْم تَ ُك ْن أ َ ْب َر َ‬ ‫فَقَا لَ لَ ُه‪َ « :‬كأَنِّي أَعْ هرفُ َ‬ ‫فَأَعْ َ‬ ‫ك هللا»‪ .‬فَقَا لَ ‪ « :‬هإن َما َو هر ْث ُ‬ ‫ت َه َذا ْال َما لَ َك هابرا َع ْن‬ ‫طا َ‬ ‫ت»‪.‬‬ ‫ك هللا هإلَى َما ُك ْن َ‬ ‫َك هابر» ‪.‬فَقَا لَ ‪ « :‬هإ ْن ُك ْن َ‬ ‫صي َر َ‬ ‫ت َكاذه با فَ َ‬ ‫صو َر هت هه فَقَا لَ لَ ُه مه ْث لَ َما قَا لَ لههَ َذا‪َ ,‬و َرد‬ ‫َوأَتَى ْاْل َ ْق َر َع هفي ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك هللا‬ ‫َعلَ ْي هه مه ْث لَ َما َرد َعلَى َهذا‪ .‬فَقَا لَ‪ :‬إه ْن كن َ‬ ‫صي َر َ‬ ‫ت َكاذه با فَ َ‬ ‫صو َر هت هه َو َه ْيئَ هت هه فَقَا لَ ‪:‬‬ ‫ت‪َ .‬وأَتَى ْاْلَعْ َمى هفي ُ‬ ‫إهلَى َما ُك ْن َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي ال هحبَا لُ هفي َسف هري‬ ‫« َر ُج ل مه سْ كهين َوابْنُ َس هبيل انق ط َعت هب َ‬ ‫ك‬ ‫ك هبالذه ي َرد َعلَ ْي َ‬ ‫ك‪ ,‬أَسْ أَلُ َ‬ ‫فَ َال َب َال َغ لهي ْال َي ْو َم هإال هباهلل ثُم هب َ‬ ‫ك شَاة أَتَ َبل ُغ هب َها هفي َسفَ هري» ‪.‬‬ ‫ص َر َ‬ ‫َب َ‬ ‫فَقَا لَ ‪« :‬قَ ْد ُك ْن ُ‬ ‫ت‬ ‫ص هري؛ فَ ُخ ْذ َما شه ْئ َ‬ ‫ت أَعْ َمى فَ َرد هللا هإلَي بَ َ‬ ‫هلل» ‪.‬‬ ‫ك ْاليَ ْومَ شَيْئا أ َ َخ ْذتَ ُه ه ه‬ ‫َودَعْ َما شه ْئتَ؛ فَ َوهللا َال أَجْ هَ ُد َ‬

‫ك‬ ‫ك فَإهن َما ابْ ُتلهي ُت ْم‪ :‬فَقَ ْد رُ ضه َي َع ْن َ‬ ‫َف َقا َل‪« :‬أَمْ سه كْ َمالَ َ‬ ‫َو ُسخه َ‬ ‫ك»‪.‬‬ ‫صاحه َبيْ َ‬ ‫ط َعلَى َ‬

‫‪1‬‬

‫حصن المسلم‬ ‫في ظالل آية‬

‫بل هي سوداء‪ْ ,‬لن هللا أوقد عليها ألف سنة حتى‬ ‫احمرت‪ ,‬ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت‪ ,‬ثم أوقد‬ ‫عليها ألف سنة حتى اسودت‪ ,‬فهي سوداء كقطع الليل‬ ‫المظلم ال يضيء لهيبها‪..‬‬ ‫‪.7‬الوحيد الذي أقسم هللا بحياته في القرآن الكريم هو نبينا‬ ‫ك هإنهُ ْم‬ ‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ,‬قال هللا تعالى ‪( :‬لَ َعمْ ُر َ‬ ‫ُون ) [ الحجر ‪ .] 72:‬يقول ابن عباس‪:‬‬ ‫لَ هفي َس ْك َرت ههه ْم يَعْ َمه َ‬ ‫ما خلق هللا وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم على هللا من محمد‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪ ,‬وما سمعت هللا أقسم بحياة أحد‬ ‫غيره‪.‬‬ ‫‪.8‬هناك صحابيان عاش كل واحد منهما ‪ 66‬سنة في‬ ‫الجاهلية‪ 66 ,‬سنة في اْلسالم وماتا بالمدينة عام ‪84‬هـ‬ ‫وهما حكيم بن حزام وحسان بن ثابت‪.‬‬ ‫‪.9‬هناك ‪ 4‬لم تحمل بهم أنثى وهم ‪ :‬آدم ‪ -‬حواء ‪ -‬كبش‬ ‫فداء إسماعيل ‪ -‬وناقة صالح (حيث خرجت من الصخرة)‬ ‫‪.16‬كثير من الصحابة ‪ -‬رضي هللا عنهم ‪ُ -‬كفت أبصارهم‬ ‫في أواخر حياتهم ومنهم عبد هللا بن عباس‪ ,‬وكعب بن‬ ‫مالك‪ ,‬وعبد هللا بن عمرو‪ ,‬وسعد بن أبي وقاص‪,‬‬ ‫وغيرهم‪ ,‬وقد قيل لسعد بن أبي وقاص‪ :‬لم ال تسأل ربك‬ ‫أن يعيد إليك بصرك وأنت مستجاب الدعاء؟ قال‪ :‬بلغني‬ ‫أن هللا تعالى قال في الحديث القدسي "من أفقدته حبيبتيه‬ ‫(عينيه) وصبر فله الجنة "‪.‬‬

‫ت لَي َْس َت ْخله َفنهُ ْم فهي‬ ‫« َوعَ دَ هللا ُ الذهينَ آ َمنُوا هم ْنكُ ْم َوعَ مهلُوا الصالهحا ه‬ ‫َْ‬ ‫ض َك َما ْ‬ ‫ف الذهينَ م ْهن َق ْبل ههه ْم َولَيُ َمكِّ َنن لَهُ ْم دهي َنهُمُ ال هذي‬ ‫اس َت ْخلَ َ‬ ‫اْل ْر ه‬ ‫ْ‬ ‫ار َتضى لَهُ ْم َولَيُ َب ِّدلَنهُ ْم م ْهن َب ْع هد َخ ْوف ههه ْم أَ ْمنا‪َ .‬ي ْعبُ ُدو َننهي ال يُ ْش هركُونَ بهي‬ ‫َش ْيئا‪َ .‬وم َْن َك َفرَ َب ْعدَ ذلهكَ َفأُولئهكَ هُ ُم الْفاسه قُونَ » ‪..‬‬ ‫ذلك وعد هللا للذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمة محمد ‪ -‬صلى هللا‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬أن يستخلفهم في اْلرض‪ .‬وأن يمكن لهم دينهم الذي‬ ‫ارتضى لهم‪ .‬وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمنا‪ ..‬ذلك وعد هللا‪ .‬ووعد‬ ‫هللا حق‪ .‬ووعد هللا واقع‪ .‬ولن يخلف هللا وعده‪..‬‬ ‫إن حقيقة اْليمان التي يتحقق بها وعد هللا طاعة هلل واستسالم ْلمره‬ ‫في الصغيرة والكبيرة‪ ,‬ال يبقى معها هوى في النفس‪ ,‬وال شهوة في‬ ‫القلب‪ ,‬وال ميل في الفطرة إال وهو تبع لما جاء به رسول هللا ‪ -‬صلى‬ ‫هللا عليه وسلم ‪ -‬من عند هللا‪.‬يتمثل هذا في قول هللا سبحانه في اْلية‬ ‫نفسها تعليال لالستخالف والتمكين واْلمن‪َ « :‬ي ْعبُ ُدو َننهي ال يُ ْش هركُونَ‬ ‫هبي َش ْيئا » والشرك مداخل وألوان‪ ,‬أما حقيقة االستخالف في‬ ‫اْلرض؟إنها ليست مجرد الملك والقهر والغلبة والحكم‪.‬إن‬ ‫االستخالف في اْلرض قدرة على العمارة واْلصالح‪ ,‬ال على الهدم‬ ‫واْلفساد‪ .‬وقدرة على تحقيق العدل والطمأنينة‪ ,‬ال على الظلم‬ ‫والقهر‪ .‬ليحققوا النهج الذي أراده هللا ويقرروا العدل الذي أراده هللا‬ ‫ويسيروا بالبشرية خطوات في طريق الكمال المقدر لها يوم أنشأها‬ ‫هللا‪..‬أما الذين يفسدون في اْلرض‪ ,‬وينشرون فيها البغي والجور‪,‬‬ ‫وينحدرون بها إلى مدارج الحيوان‪ ..‬فهؤالء ليسوا مستخلفين في‬ ‫اْلرض‪ .‬إنما هم مبتلون بما هم فيه‪ ,‬أو مبتلى بهم غيرهم‪َ «.‬ولَيُ َمكِّ َنن‬ ‫لَهُ ْم دهي َنهُمُ ال هذي ْ‬ ‫ار َتضى لَهُ ْم» ‪ ..‬وتمكين الدين يتم بتمكينه في‬ ‫القلوب‪ ,‬كما يتم بتمكينه في تصريف الحياة وتدبيرها‪.‬‬ ‫« َولَيُ َب ِّدلَنهُ ْم م ْهن َب ْع هد َخ ْوف ههه ْم أَ ْمنا» ‪ ..‬ولقد كان أصحاب رسوهللا‬ ‫خائفين‪ ,‬ال يأمنون‪ ,‬وال يضعون سالحهم أبدا ثم أظهر هللا نبيه على‬ ‫جزيرة العرب‪ ,‬فأمنوا ووضعوا السالح‪ .‬ثم إن هللا قبض نبيه ‪ -‬صلى‬ ‫هللا عليه وسلم ‪ -‬فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان‪.‬‬ ‫حتى وقعوا فيما وقعوا فيه‪ ,‬فأدخل هللا عليهم الخوف فاتخذوا الحجزة‬ ‫والشرط‪ ,‬وغيروا فغير بهم‪َ « ..‬وم َْن َك َفرَ َب ْعدَ ذلهكَ َفأُولئهكَ هُمُ‬ ‫الْفاسه قُونَ » ‪ ..‬الخارجون على شرط هللا‪ .‬ووعد هللا‪ .‬وعهد هللا‪..‬‬ ‫لقد تحقق وعد هللا مرة‪ .‬ووعد هللا مذخور لكل من يقوم على الشرط‬ ‫من هذه اْلمة إلى يوم القيامة‪ .‬إنما يبطئ النصر واالستخالف‬ ‫والتمكين واْلمن‪.‬لتخلف شرط هللا في جانب من جوانبه الفسيحة أو‬ ‫في تكليف من تكاليفه الضخمة ‪.‬فهذه هي العدة‪ ..‬االتصال باهلل‪,‬‬ ‫وتقويم القلب بإقامة الصالة‪ .‬واالستعالء على الشح‪ ,‬وتطهير النفس‬ ‫والجماعة بإيتاء الزكاة‪ .‬وطاعة الرسول والرضى بحكمه‪ ,‬وتنفيذ‬ ‫شريعة هللا في الصغيرة والكبيرة‪.,‬‬ ‫فإذا استقمتم على النهج‪ ,‬فال عليكم من قوة الكافرين‪ .‬وقد ال تكونون‬ ‫في مثل عدتهم من الناحية المادية‪ .‬ولكن القلوب المؤمنة التي تجاهد‬ ‫تصنع الخوارق واْلعاجيب‪.‬‬ ‫أال وإن وعد هللا قائم‪ .‬أال وإن شرط هللا معروف‪ .‬فمن شاء الوعد‬ ‫فليقم بالشرط‪ .‬ومن أوفى بعهده من هللا؟‬

‫في ظالل الفرآن للشهيد سيد قطب (باختصار) ‪.‬‬

‫أبو جهاد‬


‫مشـــــــــــا ركا ت‬ ‫عظمة الرب‬ ‫ض َجمه يعا‬ ‫قال هللا تعالى ‪َ { :‬و َما َق َد ُروا هللاَ َح ق َق ْد هر هه َو ْاْلَرْ ُ‬ ‫ت َم ْط هويات هبيَمه ي هن هه ُس ْب َحان ُهَ‬ ‫اوا ُ‬ ‫ضتُ ُه يَ ْومَ ْال هقيَا َم هة َوالس َم َ‬ ‫قَ ْب َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ون )‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َوتَ َع‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫اْليمان باهلل أحد أركان اْليمان‪ ,‬بل هو أفضلها وأصلها‪,‬‬ ‫وأعظمها‪ ,‬وليس اْليمان مجرد قول باللسان من غير‬ ‫معرفة بالرب وأسمائه وصفاته ‪ .‬بل حقيقة اْليمان ‪ :‬أن‬ ‫يعرف العبد الرب الذي يؤمن به‪ ,‬ويبذل جهده في معرفة‬ ‫أسمائه وصفاته‪ ,‬ومعرفة آالئه وإحسانه‪ ,‬حتى يبلغ درجة‬ ‫اليقين‪ ,‬وكلما ازداد معرفة بربه زاد إيمانه‪ ,‬وكلما نقص‬ ‫نقص إيمانه‪.‬هللا تبارك وتعالى هو العظيم في ذاته‪ ,‬العظيم‬ ‫في أسمائه‪ ,‬العظيم في صفاته‪ ,‬العظيم في خلقه وأمره‪,‬‬ ‫العظيم في دينه وشرعه‪ ,‬العظيم في ملكه وسلطانه‪ .‬وهو‬ ‫سبحانه العظيم الذي خلق المخلوقات‪ ,‬وأوجد الموجودات‪,‬‬ ‫وصور الكائنات‪ ,‬وخلق اْلرض والسموات‪ .‬وهو سبحانه‬ ‫القدير الذي قدر اْلقدار ‪ ,‬وكل شيء عنده بمقدار ‪ :‬قال‬ ‫ال) وهو سبحانه‬ ‫تعالى { َعالهمُ ْال َغيْبه َوالشهَا َد هة ْال َك هبي ُر ْال ُمتَ َع ه‬ ‫القوي الذي خضعت اْلعناق لعظمته‪ ,‬وخشعت اْلصوات‬ ‫لهيبته‪ ,‬وذل اْلقوياء لقوته‪ ,‬وقهر الخالئق بقدرته‪.‬‬ ‫وهو سبحانه الملك المتفرد بالخلق واْليجاد‪ ,‬والتصريف‬ ‫والتدبير‪ ,‬كل يوم هو في شأن‪ ,‬يخلق ويرزق‪ ,‬ويحيي‬ ‫ويميت‪ ,‬ويعز ويذل‪ ,‬ويعطي ويمنع‪ ,‬ويرفع ويخفض‪ ,‬ال‬ ‫راد لقضائه‪ ,‬وال معقب لحكم وهو سبحانه الغني الذي‬ ‫يرزق الخالئق‪ ,‬ويهب اْلوالد‪ ,‬ويقسم اْلرزاق‪ ,‬ويرسل‬ ‫الرياح‪ ,‬وينزل المياه‪ ,‬ويجيب المضطر إذا دعاه ‪,‬‬ ‫ويكشف السوء‪ ,‬ويطعم الخلق‪ ,‬ويدبر اْلمر‪ .‬يفعل ذلك‬ ‫كله متى شاء ‪ ..‬وفي أي وقت شاء ‪ ..‬وبأي قدر شاء‪.‬‬ ‫وهو سبحانه الكبير الذي له الكبرياء‪ ,‬الجبار الذي قهر‬ ‫الجبابرة بجبروته‪ ,‬وعالهم بعظمته‪ ,‬القاهر فوق عباده‪,‬‬ ‫القاهر لهم على ما أراد‪ ,‬الفعال لما يشاء‪ .‬وهو سبحانه‬ ‫القوي العزيز الذي ال يعجزه شيء‪ ,‬وال يغلبه شيء‪ ,‬وال‬ ‫يعزب عنه شيء‪ ,‬القادر على كل شيء‪ ,‬المالك لكل‬ ‫شيء‪ ,‬المحيط بكل شيء‪ ,‬العالم بكل شيء‪ ,‬الذي يفعل ما‬ ‫يشاء‪ ,‬ويحكم ما يريد ‪ .‬حجابه النور‪ ,‬لو كشفه ْلحرقت‬ ‫سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه‪ ,‬ال تراه‬ ‫العيون‪ ,‬وال تخالطه الظنون‪ ,‬وال يصفه الواصفون كما‬ ‫س‬ ‫ينبغي لجالل وجهه‪ ,‬وعظيم سلطانه‪ :‬قال تعالى {لَ ْي َ‬ ‫صي ُر) مالك الملك‪ ,‬يعز من‬ ‫َكمه ْثله هه شَيْ ء َو ُه َو السمه ي ُع ْالبَ ه‬ ‫ك ْال ُم ْلكه‬ ‫يشاء‪ ,‬ويذل من يشاء ‪ :‬قال تعالى {قُ هل اللهُم َماله َ‬ ‫ك مه م ْن تَشَا ُء َوتُعه ز َم ْن‬ ‫ك َم ْن تَشَا ُء َوتَ ْن هز ُع ْال ُم ْل َ‬ ‫تُ ْؤ هتي ْال ُم ْل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك َعلى ك لِّ شَيْ ء قَده ير‬ ‫ك ال َخ ْي ُر إهن َ‬ ‫تَشَا ُء َوتُذه ل َم ْن تَشَا ُء هبيَده َ‬ ‫(‪)26‬‬

‫تتتــامة‬

‫‪1‬‬

‫عــــــــــــــــا مـــة‬

‫ار َوتُوله ُج الن َها َر هفي الل ْي هل َو ُت ْخ هر ُج ْال َحي‬ ‫تُوله ُج الل ْي َ‬ ‫ل هفي الن َه ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي َوتَرْ ز ُق َم ْن تَشَا ُء هب َغي هْر‬ ‫ت مه َن ال َح ِّ‬ ‫مه َن ْال َميِّته َوتخ هر ُج ال َميِّ َ‬ ‫هح َساب ) و قال النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ْ « :-‬العه ز‬ ‫ْ‬ ‫از ُع هني َعذ ْبتُ ُه»وهللا جل‬ ‫هإ َزا ُرهُ‪َ ,‬وال هكب هْريَا ُء هر َداؤُ هُ‪ ,‬فَ َم ْن يُنَ ه‬ ‫جالله عظيم ال تراه العيون‪ ,‬وال تدركه اْلبصار‪ :‬قال‬ ‫صا َر َو ُه َو‬ ‫صا ُر َو ُه َو ي ُْد هر ُ‬ ‫ك ْاْل َ ْب َ‬ ‫تعالى { َال تُ ْد هر ُك ُه ْاْل َ ْب َ‬ ‫الل طه يفُ ْال َخ هبي ُر ) وحين جاء موسى ‪ -‬صلى هللا عليه‬ ‫وسلم ‪ -‬لميقات ربه‪ ,‬تشوفت روحه واشتاقت نفسه لرؤية‬ ‫ربه‪ ,‬فطلب من ربه أن ينظر إليه‪ ,‬فأعلمه هللا أنه ال يطيق‬ ‫أن يراه‪ ,‬وأمره أن ينظر إلى الجبل الذي هو أمكن وأثبت‬ ‫وأكبر من اْلنسان‪ ,‬فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ‪ .‬ومن‬ ‫رهبة الموقف خ ّر موسى صعقا‪ ,‬ف ُغشي عليه‪ ,‬وغاب عن‬ ‫وعيه كما قال سبحانه ‪َ { :‬ولَما َجا َء ُمو َسى لهمه يقَا هتنَا َو َكل َم ُه‬ ‫ك قَا لَ لَ ْن تَ َرا هني َولَك ههن ا ْن ُ‬ ‫ب أَر هني أ َ ْن ُ‬ ‫ظرْ‬ ‫ظرْ إهلَ ْي َ‬ ‫َرب ُه قَا لَ َر ِّ ه‬ ‫َ‬ ‫ف تَ َرا هني فَلما تَ َجلى َرب ُه‬ ‫إهلَى ْال َجبَ هل فَإه هن اسْ تَقَر َم َكانَ ُه فَ َس ْو َ‬ ‫ك‬ ‫صعه قا فَلَما أَفَاقَ قَا لَ ُس ْب َحانَ َ‬ ‫ل ْهل َجبَ هل َج َعلَ ُه َد ّكا َو َخر ُمو َسى َ‬ ‫تُ ْب ُ‬ ‫ك َوأَنَا أَو لُ ْال ُم ْؤمه نهين ) وهللا سبحانه هو الخالق‬ ‫ت هإلَ ْي َ‬ ‫العليم‪ ,‬الذي خلق السموات واْلرض‪ ,‬وخلق الشمس‬ ‫والقمر‪ ,‬وخلق الليل والنهار‪ ,‬وخلق البر والبحر‪ ,‬وخلق‬ ‫السهول والجبال‪ ,‬وخلق اْلنس والجن‪ ,‬وخلق الروح‬ ‫والمالئكة‪ ,‬وخلق الجبال والرياح ‪{ :‬هللاُ َخال ُهق ُك لِّ شَيْ ء‬ ‫َو ُه َو َعلَى ُك لِّ شَيْ ء َوكهيل} فسبحان ذي الجبروت‬ ‫والملكوت والكبرياء والعظمة‪ ,‬الغني عما سواه‪ .‬وسبحان‬ ‫الذي له ملك السموات واْلرض وهو على كل شيء قدير‪.‬‬ ‫وسبحان من بيده اْليجاد واْلنشاء‪ ,‬واْلماتة واْلحياء‪,‬‬ ‫ك السموات‬ ‫واْلعادة واْلبداء‪ . ,‬يأتي يوم القيامة «يُمْ سه ُ‬ ‫ْ‬ ‫يَ ْومَ ْال هقيَا َم هة َعلَى إهصْ بَع‪َ ,‬واْل َر ه‬ ‫ين َعلَى إهصْ بَع‪َ ,‬وال هجبَا لَ‬ ‫ض َ‬ ‫َوالش َج َر َعلَى إهصْ بَع‪َ ,‬و ْال َما َء َوالث َرى َعلَى إهصْ بَع‪َ ,‬و َسا هئ َر‬ ‫ك»‬ ‫ْال َخ ْل هق َعلَى هإصْ بَع‪ ,‬ثُم يَهُزهُن فَيَقُو لُ‪ :‬أنَا ْال َملهكُ‪ ,‬أنَا ْال َمله ُ‬ ‫أين الجبارون أين المتكبرون أين فرعون أين هامان أين‬ ‫قارون أين رؤساء العرب وحكامهم أين الذين أذاقوا‬ ‫المؤمنون سوء العذاب ( َو َخشَ َعته ْاْلَصْ َوا ُ‬ ‫ت لهلرحْ َم هن فَ َال‬ ‫تَسْ َم ُع هإال َهمْ سا َي ْو َمئهذ َال تَ ْنفَ ُع الشفَا َع ُة هإال َم ْن أَذه َن لَ ُه‬ ‫يه ْم َو َما‬ ‫الرحْ َمنُ َو َر ه‬ ‫ض َ‬ ‫ي لَ ُه قَ ْوال (‪ )169‬يَعْ لَمُ َما بَي َْن أَيْده ه‬ ‫ْ‬ ‫َخ ْلفَهُ ْم َو َال يُح ُ‬ ‫ي‬ ‫ون هب هه عه ْلما (‪َ )116‬و َعنَته ْالوُ ُجوهُ لهل َح ِّ‬ ‫هيط َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ظ ْلما (‪َ )111‬و َم ْن َيعْ َم ْل مه َن‬ ‫ب َم ْن َح َم َ‬ ‫وم َوقَ ْد َخا َ‬ ‫القَي ه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الصاله َحاته َو ُه َو ُم ْؤمه ن فال يَخافُ ظلما َوال َهضْ ما)‪.‬‬

‫إضــــــــــــاءات‬

‫‪1‬‬

‫الحرية و الشريعة‬ ‫– تعارض أم تكامل‬ ‫من ميزات اْلحاث الحالية التي تمر بها اْلمة‬ ‫االسالمية أنها قد محصت النخب والعوام على حد‬ ‫سواء وعلى العكس من المتوقع كانت المعاناة في‬ ‫مواكبة اْلحداث عند بعض النخب هي أسواء مما‬ ‫كان متوقعا من عموم الشارع ‪,‬وعلى سبيل المثال‬ ‫حصول تصادم بين مطالبة الناس بالحرية كمطلب‬ ‫جماهيري يشعر الناس بفطرتهم أنه من مقاصد‬ ‫الشريعة االسالمية وال يمكن أن يتعارض معها‪ ,‬فان‬ ‫ذلك دعى بعض النخب االسالمية الى التحفظ على‬ ‫هذه المطالبة والنظر اليها نظرة شك وريبة اعتمادا‬ ‫على قناعتهم بأنه ال حرية في االسالم وانما هي‬ ‫عبودية صرفة للخالق و ال مجال لوجود الحرية‬ ‫كمطلب وهدف تسعى وتنادي به الجماهير ‪ ,‬فهل‬ ‫فعال ال حرية في االسالم وهل فعال ما يطلبه الناس‬ ‫هو مخالف للشريعة ولمبدأ العبودية الذي أقره‬ ‫االسالم استدالال بقوله تعالى ( وما خلقت الجن و‬ ‫االنس اال ليعبدون )ان النظرة السطحية قد تعطي‬ ‫هذا المدلول ولكن هل من المتوقع أن يكون دين هللا‬ ‫عز وجل الذي كرم االنسان وأعطاه العزة وسجدت‬ ‫له المالئكة أن يكون منزوعا من الحرية وكرمه‬ ‫بأفضل نظام مقارنة باْلنظمة الوضعية ليفاجىء بأن‬ ‫هذه الشريعة الغراء تتصادم مع مبدأ الحرية الذي‬ ‫تطالب به الجماهير وهل من المعقول أن تكون هذه‬ ‫الشريحة الواسعة من الناس مضحوكا عليها وتطالب‬ ‫بشيء يخالف عقيدتها ‪ .‬اذا نظرنا الى الحرية من‬ ‫ناحية التشريع طبعا فمن الواضح أن اْلحكام‬ ‫الشرعية الخمسة ( حرام ‪,‬مكروه ‪ ,‬مباح ‪ ,‬مندوب ‪,‬‬ ‫فرض ) تشمل كافة اْلفعال البشرية وبالتالي ال‬ ‫يوجد أي فعل اال وله حكم شرعي فاذا كان المقصود‬ ‫من الحرية هو وضع مرجعية غير المرجعية‬ ‫الشرعية من الكتاب و السنة فان هذا الكالم صحيح‬ ‫تماما فال حرية في التشريع في االسالم وانما هي‬ ‫عبودية صرفة فال اجتهاد فيما ورد فيه نص و ال‬ ‫حرية كبديل عن اْلحكام الشرعية ‪ ,‬ولكن هذه‬ ‫النظرة القاصرة ليست ما ينادي به الشارع المسلم‬ ‫الذي يعاني من الظلم والقهر على مستوى الفرد‬ ‫واْلمة منذ سنين طوال و أيضا ليست هي حقيقة‬ ‫العالقة بين الحرية واالسالم‬

‫وليست أصال ما يطالب به الناس في تحركاتهم‬ ‫الشعبية من رفض لحاكمية هللا عز و جل واستبدالها‬ ‫بشرائع وضعية ‪ ,‬وبالتالي فان مواجهة الناس برفض‬ ‫فكرة الحرية ( جملة وتفصيال ) كمطلب أساسي هو‬ ‫اجحاف واتهام للناس باالبتعاد عن روح الشريعة‬ ‫وكأن المسلمون يطالبون بفكرة اباحية وان ذلك‬ ‫يسبب لدى الناس شعورا باالحباط لمفاجئتهم بأن دين‬ ‫هللا عز و جل ال حرية فيه وبالتالي فمطلبهم الذي‬ ‫ينادون به ويقدمون أرواحهم من أجله هو مطلب‬ ‫خارج عن الشريعة من وجهة نظر بعض النخب ‪.‬‬ ‫المشكلة أن هذه النخب تنظر بسطحية الى طلب‬ ‫الجماهير المسلمة في تحقيق الحرية وترد عليها‬ ‫بسذاجة يتبعها نوع من القمع الفكري يشعر الناس‬ ‫أنهم قد أحبطوا وغرر بهم ويتولد لديهم شعورا داخليا‬ ‫كاذبا أن هناك تناقض بين االسالم والحرية التي هي‬ ‫حاجة انسانية ومكرمة لالنسان وهذا الشعور‬ ‫بالتناقض بين الحرية والشريعة هو حقيقة مفتعل‬ ‫بسبب اْلزمة الفكرية لدى بعض النخب والتي لم‬ ‫تسعفها اْلدلة الشرعية التي تحملها على الوصول‬ ‫الى الفهم الصحيح لالسالم الذي وصل له العامة من‬ ‫الناس بالفطرة ودون الحاجة الى كتب صفراء تعقد‬ ‫الموقف أكثر مما توضحه‪.‬‬ ‫هناك شطرين البد من التمييز بينهما هما شطر‬ ‫التشريع الذي هو عبودية صرفة ‪ ,‬وشطر االيمان‬ ‫والعقيدة الذي هو قبل التشريع كمرحلة ايمانية وهو‬ ‫قائم على حرية االختيار في االيمان وحتى الحرية‬ ‫في االلتزام و التنقل بين اْلحكام الشرعية وامتالك‬ ‫االرادة على ذلك مع االقرار بالمحاسبة على صحة‬ ‫هذا االختيار يوم القيامة‪.‬‬ ‫أي ان ما نعنيه أن شطر االيمان والعقيدة الذي يسبق‬ ‫التشريع ( االيمان قبل العمل واْلحكام ‪ -‬كنا نتعلم‬ ‫االيمان قبل القرآن فلما تعلمنا القرآن ازددنا ايمانا)‬ ‫فان هذا الشطر قائم على الحرية في االختيار أساسا‬ ‫واال فال معنى لمبدأ المحاسبة في حال لم توجد‬ ‫الحرية القائمة على االختيار‪ ,‬فالمقصود بالحرية هنا‬ ‫هي اعطاء الخالق عز وجل االنسان القدرة على‬ ‫االختيار بين طريق االيمان وطريق الكفر مثال‪,‬‬ ‫وطريق االلتزام بالحكم الشرعي أو رفضه وبالنهاية‬ ‫الحساب قائم على االختيار‪ (..‬يتبع في العدد القادم)‬

‫د ‪ :‬أبو اسالم الحمصي‬


‫المكتب التعليمي‬

‫‪4‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫صفات الخطيب‬ ‫صفات الخطيب سلسلة يقدمها المكتب التعليمي لكل طالب‬ ‫علم يدعو إلى سبيل هللا على بصيرة إذ أنّ صفات‬ ‫الخطيب كما أورد أهل العلم بهذا االختصاص تنقسم إلى‬ ‫صفات تتعلق بذات الخطيب وصفات تتعلق بمظهر‬ ‫الخطيب علما أن الصفات التي تتعلق بذات الخطيب تنقسم‬ ‫إلى قسمين ‪- 1‬قبل الخطبة ‪- 2‬أثناء الخطبة وسنبدأ بالحديث‬ ‫عن الصفات المتعلقة بالخطيب قبل الخطبة ‪ - 1‬االستعداد‬ ‫الفطري ‪ - 2‬قوّ ة البيان وفصاحة اللسان ‪ - 3‬الزاد العلمي‬ ‫‪ - 4‬قوّ ة الشخصية ‪ - 8‬حسن الخلق – ‪ - 6‬اْلخالص‬ ‫االستعداد الفطري‪:‬سأل سيدنا معاوية بن أبي سفيان‬ ‫رضي هللا عنهما صحار بن عباس العبيدي ما هذه‬ ‫البالغة التي فيكم ؟فأجابه صحار ‪ :‬شيء تجيش به‬ ‫صدورنا فتقذفه على ألسنتنا ‪.‬و ذكر أبو دؤاد في الخطابة‬ ‫كالما قال فيه ‪:‬رأس الخطابة الطبع ‪ ,‬و عمودها الدربة‬ ‫‪.‬فالخطابة إذا تستمد معينها من الفطرة ‪ ,‬و تستند إلى‬ ‫عطاء الطبع ‪ ,‬و الخطيب الحق هو من ولد معه االستعداد‬ ‫و القدرة على أداء الخطبة دون تصنع أو تكلف ‪ ,‬و إنما‬ ‫يجيء منه الكالم الخطابي عفو الخاطر دون عناء ‪ ,‬و‬ ‫لكنه يحتاج إلى الدربة و الممارسة ؛ ليشحذ مقدرته‬ ‫الخطابية ‪ ,‬و ينميها ‪ ,‬و يقويها ‪ ,‬و يهذبها ‪.‬و أما إذا فقد‬ ‫ي للخطابة ؛ فإنه مهما بذل و اجتهد‬ ‫المرء استعداده الفطر ّ‬ ‫و تدرب ‪ ,‬فلن يبلغ مبلغ من كانت الخطابة أصيلة في‬ ‫فطرته مغروسة في طبعه ‪ .‬وكم من إنسان عميق الفكر‬ ‫واسع العلم لم يفلح في مجال الخطابة ‪ ,‬و لم ينجح في‬ ‫أدائها ـ على نسق من كانت الخطابة طبعه ـ ‪ ,‬فتجده إذا‬ ‫تكلم في موقف الخطيب كبا جواد لسانه ‪ ,‬والنت قناة‬ ‫منطقه ‪ ,‬و لكنك قد تجده في مجال آخر يرقى أعلى‬ ‫المنازل ‪ ,‬فهو إذا كتب أبدع ‪ ,‬وبلغ ببيانه و سداد قلمه ما‬ ‫لم يبلغه الخطيب المه صقع ‪.‬‬ ‫فنجاح الخطبة و روعتها وقوة تأثيرها يتوقف على‬ ‫االستعداد الفطري عند الخطيب ‪ ,‬وهذا ال يعني أن نغض‬ ‫من شأن الدربة وننزل من قدرها ؛ فهي تغني بعض‬ ‫الشيء فيمن لم يملك االستعداد الفطري للخطابة ‪ ,‬ولكن‬ ‫ال ترقى به إلى مصاف الخطباء المبدعين الذين يشار‬ ‫إليهم بالبنان ‪ ,‬ويتمتعون بقوة الخطبة و طالقة اللسان ‪,‬‬ ‫إال أنه ال يُستغنى عنها في دعم االستعداد الفطري و‬ ‫تنميته ‪ ,‬كما ذكرنا من قبل ‪ .‬وإلى أن نتحدث في العدد‬ ‫القادم عن صفة قوة البيان و فصاحة اللسان و الزاد‬ ‫العلمي و السالم عليكم ‪.‬‬

‫غريب الدار‬

‫نحو جيل جديد‬

‫مكتب القضاء‬

‫قصة موسى عليه السالم مع قومه من أكثر قصص‬ ‫القران تكرارا ولكنك كلما قرأتها تجد عبرة وعظة جديدة‬ ‫؛ فذلك هو شأن الكتاب العزيز وآياته العظام ‪ ,‬التي‬ ‫أعيت وأعجزت حتى اْلقحاح عن مجاراتها‬ ‫فأنت مثال إذا جمعت أجزاء هذه القصة كلها في مخيلتك‬ ‫حتى تصبح متكاملة ‪ ,‬ستجد الهدف اْلسمى والعبرة منها‬ ‫تأمل ‪ ,‬قوم مستضعفون يملكهم حكا م ظالمون يذيقونهم‬ ‫أصناف العذاب ‪ ,‬فيرسل هللا لهم نبيا منهم ؛ ويمده‬ ‫بالمعجزات والبراهين التي يؤمن بها حتى السحرة ‪,‬ثم‬ ‫ينجيهم من عدوهم في معجزة ما مر على البشرية مثلها‬ ‫‪,‬ويريهم هالك عدوهم بأم أعينهم ؛ ليعلموا كيف تكون‬ ‫عاقبة الظالمين ‪ .‬ولكن عندما تركهم أربعين يوما ‪ ,‬عبدوا‬ ‫عجال ال يملك لهم ضرا وال نفعا ‪ .‬ترى لماذا عبدوه بعد‬ ‫كل تلك المعجزات ؟‬ ‫وعندما قال لهم‪ :‬ادخلوا اْلرض المقدسة ‪,‬خافوا ‪,‬وقالوا‬ ‫له‪:‬اذهب أنت وربك فقاتال ‪.‬فكانت عاقبتهم من هللا أن‬ ‫يتيهوا في سيناء أربعين سنة‪ .‬فلماذا هذه العقوبة بالذات‬ ‫؟؟كانت هذه العقوبة بالذات؛ ْلن هذا الجيل الذي تربى‬ ‫على الذل والضعف والخوف‪ ,‬ال يمكن أن يكون أهال‬ ‫للعدل والنصر والتمكين ‪ ,‬وبالتالي ال يمكن أن يكون أهال‬ ‫لدخول اْلرض المقدسة‪.‬هذا الجيل العفن وإن استطاع‬ ‫بطريقة أو بأخرى أن يقتلع ظالمه‪ ,‬فإنه سيملك آخرا من‬ ‫جلدته ؛ ليكون اشد ظلما من سلفه ‪ .‬وهذا اْلمر واقع‬ ‫حي عايشناه في ثوراتنا العربية ‪,‬وبالتالي هو السبب‬ ‫اْلول لفشل هذه الثورات ‪.‬‬ ‫والجيل الذي عاش الذل والتبعية والخضوع ‪,‬وكان بعيدا‬ ‫عن المبادئ والثوابت ال يمكن إصالحه ؛ ليعيش عزيزا‬ ‫كريما قويا صاحب مبدأ وعقيدة ‪ ,‬ومستقال بقراره‬ ‫وإرادته‪ .‬وهذا هو سبب الخلل في الجانب العسكري في‬ ‫ثورتنا ‪.‬لذلك كانت تلك العقوبة من هللا سبحانه ؛ حتى‬ ‫يخرج منهم جيل يعيش بعيدا عن الظلم والذل والخوف‪,‬‬ ‫و يعيش الكرامة والعزة والرجولة‪ .‬وقبل كل ذلك يعيش‬ ‫اْليمان باهلل؛ ليكون أهال لدخول اْلرض المقدسة ‪.‬‬ ‫فهذا هو العالج الوحيد الفريد ْلمتنا المريضة بكل‬ ‫اْلسقام ‪ .‬هذا العالج الذي يجب علينا أن نسهر ليلنا‬ ‫‪,‬ونجهد نهارا من أجله ؛ حتى نبنيه‪.‬ذالك الجيل الذي يعبد‬ ‫هللا وحده وال يشرك به شيئا ؛ال يأكل إال من كسب يده ‪,‬‬ ‫ويعيش بكرامة وعزة وقوة‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫بل ويقدم نفسه وأوّلده واحدا تلو اآلخر؛ حتى‬ ‫يكونوا مشاعل في طريق بناء أمتهم ورقيها‬ ‫وقوتها‪.‬‬

‫عصام جمعة‬

‫ّل جريمة وّل عقوبة إّلا بنص‬ ‫( قاعدة شرعية أم وضعية ؟ )‬ ‫يحلو لكثير من طالب العلم إنكار كل قاعدة ‪,‬‬ ‫كانت معروفة على زمن النظام البائد ‪,‬‬ ‫العتقادهم بأن النظام من وضعها ‪ ,‬وبالتالي من‬ ‫يعتقد بصحتها كافر ‪ ,‬باالستناد أن الحاكمية هلل‬ ‫إلى أن الحاكمية هلل ‪ ,‬ومن هذه القواعد قاعدة(ال‬ ‫جريمة وال عقوبة إال بنص ) وهي قاعدة‬ ‫شرعية أول من جاء بها اْلسالم ولم تعرفه‬ ‫أوربا إال في عام ‪1789‬م وهي تستند إلى‬ ‫نصوص خاصة صريحة نورد منها قوله تعالى‬ ‫( وما كنا معذبين حتى نبعث رسوال ) اْلسراء‬ ‫(‪)18‬‬ ‫ان َرب َك ُم ْهل َهك الْقُ َرى َحتى‬ ‫وقال تعالى ( َو َما َك َ‬ ‫َيب َْع َ‬ ‫ث فهي أُ ِّم َها َر سُ وال َي ْتلُو َعلَ ْي هه ْم آ َياته َنا َو َما ُكنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُون) القصص‬ ‫ُم ْهلهكهي الق َرى هإال َوأ ْهل َها ظالهم َ‬ ‫َ‬ ‫هللا‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫اس‬ ‫هلن‬ ‫ه‬ ‫ون ل ه َ‬ ‫(‪ )89‬وقال تعالى (له َئال َي ُك َ‬ ‫ان هللاُ َع هزيزا َحكهيما) النساء‬ ‫حُجة َبعْدَ الر سُ هل َو َك َ‬ ‫(‪)168‬وقوله ( َال ُي َكلِّ‬ ‫هللا َنفْ سا هإال وُ سْ َع َها)‬ ‫فُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هين َكفَرُ وا هإنْ‬ ‫البقرة (‪ )286‬وقوله تعالى (ق ْل لهلذ َ‬ ‫ف) اْلنفال (‪)78‬‬ ‫َي ْن َتهُوا ي ُْغفَرْ لَ ُه ْم َما قَ ْد َسلَ َ‬ ‫فهذه النصوص قاطعة في ال جريمة إال بعد‬ ‫بيان ‪ ,‬وال عقوبة إال بعد إنذار ‪ ,‬وأن هللا تعالى‬ ‫ال يأخذ الناس بعقاب إال بعد إنذار فينذرهم على‬ ‫لسان رسله وأنه ال يكلف نفسا إال بما تطيقه‬ ‫لذلك يجب علينا أن ال نطلق اْلحكام حتى نتبين‬ ‫القاضي‪.‬‬

‫جمال سعيد األشقر‬

‫‪5‬‬

‫المكتب المالي‬ ‫يا لها من قضية ظالمة تطال الحجر‪ !!...‬فهو المثال‬ ‫الذي يخطر ببالك دوما عندما تريد أن تضرب مثاال‬ ‫عن الجمادات ‪ ,‬هو صلب نعم ‪ ..‬هو ميت نعم ‪,‬ولكن‬ ‫‪ ..‬ليس أقسى من قلوب بعض البشر بل إنك لتشاهد ‪-‬‬ ‫بما وهبك هللا من بصر وبصيرة ‪ -‬أن الماء قد يتفجر‬ ‫من بعض الحجارة في الوقت الذي ال يمكن لقلب ما‬ ‫أن يتفجر بالعواطف ‪ ...‬قلبي على ولدي وقلب ولدي‬ ‫على حجر ‪!!...‬إن الحجر الذي ال تقيم له وزنا قد‬ ‫استهلك من عمر الكون ماليين السنين حتى تشتبك‬ ‫وتتالصق ذراته ليعطي لإلنسان قطعة رخام مفيدة أو‬ ‫حجرا كريما على اختالف مسمياته‬ ‫زبرجد ‪,‬عقيق‪,‬فيروز‪ ..‬في غاية الجمال ‪,‬أوأداة القتل‬ ‫اْلولى التي نال بها أحد ابني آدم من أخيه ‪.‬إنه‬ ‫الحجر عندما ينطق يتحدث عن الحضارة فهذا حجر‬ ‫الرشيد الذي فك رموز اللغة الهيروغليفية التي‬ ‫اندثرت منذ قرون ‪ ,‬بل إنه لم يصلنا من آثار‬ ‫الحضارات القديمة إال الحجارة التي كانت كافية‬ ‫للحكم على مدى تقدم هذه الحضارة‪ ,‬وأذكر أنني‬ ‫جاورت آثار أفاميا لمدة خمسة عشر يوما ولم أذهب‬ ‫لرؤيتها (تخلفي يغلب ذكائي غالبا) في الوقت الذي‬ ‫يظل فيه اْلجانب يدخرون رواتبهم سنوات لكي يأتوا‬ ‫لرؤي للحجر مكانة متدرجة في العلو أو االنخفاض‬ ‫بدءا من الحجر الذي يستعمله المرء بعد قضائه‬ ‫حاجته إلى الحجر الذي يعلقه برقبته كحجر كريم أو‬ ‫حتى إله يعبده الذين نزلوا بالعقل البشري إلى‬ ‫حضيضه ‪ ,‬ومن سوء حظ الحجر (أوالبشر) أن‬ ‫الحجر سيكون وقودا لنار جهنم مع العصاة الذين‬ ‫كانوا بقلوب وعقول متحجرة عن رؤية الحق ‪.‬ولعل‬ ‫أقدس اْلحجار التي نراها اليوم هو الحجر اْلسود‬ ‫الذي جاء به جبريل إلى نبي هللا إبراهيم ليكون جزء‬ ‫من الكعبة المشرفة وقد سرقه القرامطة وبقي عندهم‬ ‫اثنين وعشرين عاما ولم يبق منه اليوم سوى ثمان‬ ‫حصيات بحجم حبة التمر‪..‬وكم زحفت الحضارة‬ ‫اْلنسانية (كواع وركب) حتى خرجت من عصرها‬ ‫الحجري إلى عصرها الذهبي ‪ ...‬دعك مما بينهما‬ ‫من معاناة بشرية ‪ !!..‬ليأتي من يعيدها إلى نشأتها‬ ‫اْلولى مرورا بعصر الجلة الذي بدأ بوقاحة يطل‬ ‫برأسه مبتسما ابتسامة النصر على باقي العصور ‪...‬‬ ‫عبد الصبور الحسن‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.