قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط

Page 1

‫تحليل سياسات‬

‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬

‫أسامة نجوم | مارس ‪5102‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬ ‫سلسلة‪ :‬تحليل سياسات‬ ‫وحدة تحليل السياسات في المركز العربي | مارس ‪5102‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة للمركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات © ‪5102‬‬ ‫____________________________‬

‫التطبيقية‬ ‫االجتماعية‬ ‫االجتماعية والعلوم‬ ‫بحثية عر ّبية للعلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة ّ‬ ‫السياسات ّ‬ ‫بي لألبحاث ودراسة ّ‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫لسياسات‬ ‫أبحاث فهو يولي‬ ‫اإلقليمي والقضايا الجيوستراتيجية‪ .‬واضافة إلى كونه مركز‬ ‫والتّاريخ‬ ‫اهتماما لدراسة ا ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫دولية تجاه المنطقة العر ّبية‪ ،‬وسواء كانت سياسات‬ ‫ونقدها وتقديم البدائل‪ ،‬سواء كانت سياسات عر ّبية أو سياسات ّ‬

‫مؤسسات وأحزاب وهيئات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حكومية‪ ،‬أو سياسات ّ‬

‫يخية‪ ،‬وبمقاربات‬ ‫االجتماعية و‬ ‫يعالج المركز قضايا المجتمعات والدول العر ّبية بأدوات العلوم‬ ‫االقتصادية والتار ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫سمات‬ ‫بي‪ ،‬ومن وجود‬ ‫قومي وا‬ ‫تكاملية عابرة للتّخصصات‪ .‬وينطلق من افتراض وجود أمن‬ ‫ومنهجيات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نساني عر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بي‪ ،‬ويعمل على صوغ هذه الخطط وتحقيقها‪ ،‬كما يطرحها كبرامج‬ ‫ومصالح مشتركة‪ ،‬وا ّ‬ ‫مكانية تطوير اقتصاد عر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫البحثي ومجمل إنتاجه‪.‬‬ ‫وخطط من خالل عمله‬ ‫ّ‬ ‫________________‬ ‫السياسات‬ ‫بي لألبحاث ودراسة ّ‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫شارع رقم‪ - 658 :‬منطقة ‪88‬‬ ‫الدفنة‬

‫ص‪ .‬ب‪01511 :‬‬ ‫الدوحــة‪ ،‬قطــر‬ ‫ّ‬ ‫هاتف‪ | +917 77099111 :‬فاكس‪+917 77610820 :‬‬ ‫‪www.dohainstitute.org‬‬


‫المحتويات‬ ‫مقدمة‬

‫‪2‬‬

‫تغيرات مفاجئة في أسعار النفط‬

‫‪2‬‬

‫محددات سعر النفط في األسواق العالمية‬

‫‪4‬‬

‫‪ .1‬معادلة العرض والطلب‬

‫‪ .2‬عوامل أخرى تؤثر في أسعار النفط‬

‫خاتمة‬

‫‪5‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪91‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬

‫مقدمة‬ ‫شغلت االنخفاضات المتتالية ألسعار النفط مع نهاية عام ‪ ،2102‬بال الكثير من المستثمرين وصناع السياسات‬ ‫والمحللين االقتصاديين والسياسيين وحتى عموم الجمهور‪ ،‬وذلك النعكاساتها المهمة على النشاط االقتصادي‬ ‫العالمي‪ ،‬وحركة السلع والخدمات فيه‪ ،‬وعلى مصادر الدخل القومي واإليرادات الحكومية لعدد من االقتصادات‬ ‫اعتمادا على توقعاتها لعوائد النفط والغاز من‬ ‫المصدرة للنفط‪ ،‬والتي ترسم خططها اإلنمائية وموازناتها المالية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫السوق العالمية‪.‬‬

‫تغيرات أسعار النفط وتداعياتها على االقتصاد العالمي‪ ،‬تتلمس هذه الورقة مسببات مسيرة‬ ‫ًا‬ ‫ونظر ألهمية قضية ّ‬

‫أن معادلة العرض والطلب ليست كافية لتفسير االتجاهات األخيرة‬ ‫انحدار أسعار النفط‪ ،‬منطلقين من فرضية ّ‬

‫في أسعار النفط‪ ،‬واّنما نفترض وجود مجموعة من العوامل المختلفة األثر واالتجاه‪ ،‬تحدد مسارات أسعار النفط‬ ‫في السوق العالمية‪.‬‬

‫تغيرات مفاجئة في أسعار النفط‬ ‫بعد ثالثة أعوام من المستويات المرتفعة في سعر برميل النفط وصوًال إلى منتصف عام ‪ ،2102‬فجأة ودون‬ ‫سابق إنذار‪ ،‬بدأت أسعار النفط باالنخفاض‪ ،‬وزادت حدة انحدارها بعد قرار منظمة األوبك في شهر تشرين‬ ‫يوميا‪ ،‬والذي أعقبته انخفاضات‬ ‫الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ ،2102‬اإلبقاء على سقوف اإلنتاج عند ‪ 01‬مليون برميل نفط ً‬ ‫حادة‪ ،‬وصلت إلى أكثر من ‪ %01‬من قيمة برميل النفط خالل شهر كانون األول‪ /‬ديسمبر ‪ ،2102‬مقارنة بما‬ ‫كان عليه منتصف العام‪ ،‬انظر الشكل (‪.)0‬‬ ‫يبدو من الشكل (‪ )0‬أنه قد سبق لبرميل النفط الخام أن وصل إلى مستويات قياسية أعلى من المستويات التي‬ ‫الر للبرميل خالل شهر آذار‪ /‬مارس‬ ‫حققها في حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2102‬فقد وصل سعر نفط برنت إلى ‪ 021‬دو ًا‬ ‫أن االنحدار المفاجئ في أسعار‬ ‫‪ ،2102‬وحوالى ‪ 001‬خالل شهر شباط‪ /‬فبراير ‪ .2100‬كما ّ‬ ‫يبين الشكل ّ‬

‫النفط الذي بدأ منتصف عام ‪ ،2102‬ليس غير مسبوق‪ ،‬وانما حصل في الربع الثاني من عام ‪ ،2102‬عندما‬ ‫انخفضت األسعار بشكل ملحوظ بين شهري آذار‪ /‬مارس‪ -‬وحزيران‪ /‬يونيو‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫إ ًذا‪ ،‬ماهي مبررات هذا التوجس من االنخفاض األخير في األسعار؟ في الواقع‪ ،‬لم يأت التوجس من فراغ‪ ،‬وانما‬ ‫مفاجئا للجميع وعكس كل التوقعات‪.‬‬ ‫نجم عن حدة االنخفاض الذي كان‬ ‫ً‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.1‬‬

‫فمثال‪ ،‬لغاية شهر تشرين‬ ‫فأشد المتشائمين لم يتوقع أن يهبط السعر إلى ما وصل إليه مع نهاية عام ‪ً .2102‬‬ ‫األول‪ /‬أكتوبر ‪ ،2102‬كانت تقديرات وكالة الطاقة األميركية تتوقع أن تبلغ أسعار النفط (‪72.1 - 79.9‬‬ ‫الر) لبرميل نفط برنت عامي ‪ ،2102‬و‪ ،2100‬على‬ ‫الر) لبرميل غربي تكساس‪ ،‬و(‪ 010.9 – 012.2‬دو ًا‬ ‫دو ًا‬ ‫الر) لبرميل غربي تكساس‬ ‫التوالي‪ .‬وكانت توقعات صندوق النقد الدولي أن يكون السعر (‪ 72.0 - 7..2‬دو ًا‬

‫الر) لبرميل برنت البريطاني خالل العامين نفسيهما‪ .2‬لكن االنهيار المفاجئ في‬ ‫األميركي‪ ،‬و( ‪ 012 -010‬دو ًا‬ ‫‪1‬‬

‫قاعدة بيانات آفاق الطاقة القصيرة المدى‪ ،‬شوهد في ‪ ،2100/10/12‬على الرابط‪:‬‬

‫‪2‬‬

‫انظر تقرير تحديث اآلفاق االقتصادية لدولة قطر ‪ ،2100 - 2102‬على الموقع الرسمي لو ازرة التخطيط التنموي واإلحصاء في دولة‬

‫‪http://www.eia.doe.gov/steo/cf_query/index.cfm‬‬

‫قطر‪ ،‬على الرابط‪http://www.gsdp.gov.qa :‬‬

‫‪0‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬ ‫األسعار في شهري تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر‪ ،‬وكانون األول‪ /‬ديسمبر أدى إلى تخفيض توقعات كال الجهتين‬ ‫ألسعار للنفط لعام ‪ ،2100‬فآخر تقديرات وكالة الطاقة األميركية تتوقع أن يسجل سعر خام غربي تكساس‬ ‫الر للبرميل‪ .3‬لقد‬ ‫الر للبرميل‪ ،‬وأن يسجل متوسط سعر برنت للتسليم الفوري‪ 0..09‬دو ًا‬ ‫طا قدره ‪ 02.2.‬دو ًا‬ ‫متوس ً‬ ‫أعقب زيادة حدة االنخفاض في أسعار النفط – وال سيما بعد قرار منظمة األوبك في اجتماعها بتاريخ ‪29‬‬ ‫تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ ،2102‬بالحفاظ على سقوف اإلنتاج اليومية ‪ -‬جدل كبير حول أسباب االنخفاض‬ ‫ومبرراته وتداعياته المحتملة على االقتصاد العالمي‪ .‬وقد تباينت التحليالت حول تفسير تغير مسار األسعار‪،‬‬ ‫وحول قرار األوبك بخصوص كميات اإلنتاج‪ ،‬بين من يعزو انخفاض السعر إلى زيادة العرض من خارج األوبك‬ ‫مقصودا ظاهره اقتصادي وباطنه سياسي‬ ‫ورغبتها في الحفاظ على حصصها السوقية من ناحية‪ ،‬ومن يع ّده‬ ‫ً‬

‫لتصفية حسابات إقليمية ودولية‪ ،‬من ناحية أخرى‪.‬‬

‫محددات سعر النفط في األسواق العالمية‬ ‫تخضع تغيرات سعر النفط لعدة عوامل متراكبة ومتشابكة‪ ،‬منها ما هو اقتصادي الطابع ويتعلق بآلية العرض‬ ‫والطلب والتفاعل بينهما؛ إذ يتأثر حجم المعروض العالمي من النفط بالقدرات االنتاجية وتوزيع الحصص‬ ‫اإلنتاجية بين المنتجين العالميين من داخل األوبك وخارجها (جانب العرض)‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬يتأثر مستوى الطلب‬ ‫العالمي على النفط بمستويات أداء االقتصاد العالمي ونشاطه (مكونات الطلب)‪ .‬كما تؤثّر العوامل الجيوسياسية‬ ‫يضا‪.‬‬ ‫في أسعار النفط‪ ،‬من خالل تأثيرها في حجم اإلنتاج‪ ،‬وكميات المعروض العالمي‪ ،‬وفي مستوى الطلب أ ً‬

‫أن الكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات التي تهدد أماكن اإلنتاج‪ ،‬أو طرق النقل والتوزيع‪ ،‬أو أماكن‬ ‫ذلك ّ‬

‫االستهالك‪ ،‬تؤثّر في أسعار النفط‪ .‬كما تتأثر األسعار بدرجة االستقرار السياسي في الدول المنتجة للنفط وبعض‬

‫أن حدوث أي نوع من االضطرابات‬ ‫الدول الرئيسة المستهلكة له‪ ،‬وعلى الصعيدين اإلقليمي والعالمي‪ ،‬بحيث ّ‬

‫السياسية على أي من تلك األصعدة من شأنه أن يؤثّر في مستويات أسعار النفط‪ .‬ويضاف إلى هذه العوامل‬

‫هم جدا في تقلبات أسعار النفط ‪ -‬كونها‬ ‫جملة عوامل أخرى يمكن توصيفها بالسلوكية ‪ -‬ونعتقد أنها ذات شأن م ّ‬

‫‪3‬‬

‫قاعدة بيانات آفاق الطاقة القصيرة المدى‪.‬‬

‫‪2‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫تتعلق بسلوك العمالء االقتصاديين والمستثمرين الماليين في ما يخص ق اررات شراء عقود النفط والغاز أو بيعها‬ ‫وغالبا ما تتأثر هذه‬ ‫اعتمادا على عوامل الثقة والتوقع والمضاربة والرغبة في تحقيق األرباح‪.‬‬ ‫(المتعددة اآلجال)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫طا‪.‬‬ ‫الق اررات باألوضاع الجيوسياسية وبالتوقعات حول اتجاه تغيرات األسعار‬ ‫صعودا أو هبو ً‬ ‫ً‬ ‫‪ .1‬معادلة العرض والطلب‬

‫وفي ما يخص آلية العرض والطلب‪ ،‬الشك في أنه من المفترض أن يتأثر سعر النفط بمستويات العرض والطلب‬ ‫تفاعا أو هبوطًا‪ ،‬بحسب حجم الفجوة بينهما‪ ،‬انطالقًا من النظرية االقتصادية التي تنص على أنه إذا فاق‬ ‫ار ً‬ ‫الطلب (االستهالك) على سلعة ما عرضها (اإلنتاج)‪ ،‬فمن الطبيعي أن يرتفع سعرها والعكس صحيح‪ .‬وبدورهما‬ ‫يتحدد العرض والطلب من خالل جملة من العوامل الخاصة بهما‪.‬‬ ‫وفي حالة النفط ‪ -‬المورد الطبيعي ‪ -‬يتأثر مستوى المعروض العالمي منه (اإلمداد) بالمخزون المثبت المتوفر‬ ‫منه‪ ،‬وبالقدرة االنتاجية (الراهنة والممكنة) على استخراجه وتكريره‪ ،‬والقدرة والرغبة في توفيره للراغبين فيه عند‬ ‫الحاجة (الراهنة والمستقبلية)‪ .‬في المقابل‪ ،‬يتحدد مستوى الطلب (الرغبة) على النفط بمجموعة من العوامل منها‬ ‫عموما‪ ،‬وفي بعض الدول المحورية ذات الثقل االقتصادي العالمي كأميركا‬ ‫درجة األداء االقتصادي العالمي‬ ‫ً‬ ‫وبعض االقتصادات الناشئة كالصين والهند وغيرها‪ ،‬فإذا كانت عجلة النشاط االقتصادي تدور وفي أفضل‬ ‫فإن الطلب الكلي على النفط سيزداد لتلبية احتياجات عجلة النشاط االقتصادي‪ ،‬والعكس صحيح‪،‬‬ ‫حاالتها‪ّ ،‬‬ ‫كذلك يصح القول إ ّن الطلب على النفط يزداد عند توقع استمرار عجلة النشاط االقتصادي لفترة معينة (كونه‬

‫معزز‬ ‫ًا‬ ‫أساسيا لها)‪ ،‬أو حتى عند توقع بدء تعافي االقتصاد من حاالت سبات أو انكماش (كونه‬ ‫ومدخال‬ ‫داعما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أن الطلب (الراهن) على النفط قد يزداد في حالة توقع وجود اختالل في‬ ‫لديناميكية التعافي‬ ‫وداعما لها)‪ .‬كما ّ‬ ‫ً‬ ‫إمداداته المستقبلية نتيجة أزمات أو اضطرابات جيوسياسية أو كوارث طبيعية‪ ،‬إذ يلجأ الراغبون فيه (المشترون)‬

‫أخير سلعة إستراتيجية محورية ال غًنى عنها‪.‬‬ ‫تجنبا لنقصانه لديهم‪ ،‬فهو أوًال و ًا‬ ‫لزيادة ما يحوزونه منه ً‬ ‫يبين كميات‬ ‫ولفهم تفاعالت العرض والطلب على النفط وأثرها في تحديد األسعار‪ ،‬سنستعرض الشكل (‪ )2‬الذي ّ‬

‫اإلنتاج (العرض) واالستهالك (الطلب) على النفط الخام والوقود السائل في العالم‪ ،‬خالل الفترة ما بين شهري‬ ‫كانون الثاني‪ /‬يناير ‪ ،2102‬و كانون األول‪ /‬ديسمبر ‪ ،2102‬ونقارنه بتغيرات األسعار خالل الفترة نفسها‪.‬‬ ‫‪0‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬ ‫أن العرض والطلب قد ارتفعا خالل الفترة المدروسة‪ ،‬لكن نسبة الزيادة في الطلب (االستهالك) (‪)%0.0‬‬ ‫نالحظ ّ‬ ‫كانت أكبر من زيادة العرض (اإلنتاج) (‪ ،)%2.9‬وذلك نتيجة النشاط االقتصادي المحموم في بعض الدول‬

‫الناشئة كالصين والهند والب ارزيل وجنوب أفريقيا‪ ،‬وذلك وفق صندوق النقد الدولي‪.4‬‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.5‬‬

‫‪4‬‬

‫انظر‪" :‬تقرير صندوق النقد الدولي تشرين األول‪ /‬أكتوبر ‪ :2102‬آفاق االقتصاد العالمي إرث‪ ،‬وغيوم‪ ،‬واليقين"‪ ،‬وحدة تحليل السياسات‪،‬‬

‫المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،2100/12/10 ،‬على الرابط‪:‬‬

‫‪http://www.dohainstitute.org/release/86d26d79-2b2e-43b1-be6f-e530ad9e7f59‬‬

‫‪5‬‬

‫‪1‬‬

‫قاعدة بيانات آفاق الطاقة القصيرة المدى‪.‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫أن مستويات العرض فاقت كميات الطلب خالل عام ‪ ،2102‬وقد نتجت هذه الزيادة في‬ ‫ومما ال شك فيه ّ‬

‫العرض عن زيادة اإلنتاج من خارج منظمة األوبك‪ ،‬مقابل استقرار إنتاج أوبك عند مستويات شبه ثابتة (انظر‬

‫أن زيادة إنتاج النفط من خارج األوبك تمركزت في منطقة أميركا الشمالية التي‬ ‫الشكل(‪ .))0‬وكلنا أصبحنا نعلم ّ‬ ‫يوميا بداية عام ‪ ،2102‬إلى‬ ‫ارتفع إنتاجها من النفط والوقود السائل (الصخري) من حوالى ‪ 01.7‬مليون برميل ً‬

‫أن متوسط إجمالي‬ ‫‪ 02.1‬مليون برميل في شهر ديسمبر ‪( 2102‬الشكل (‪ .))2‬ونالحظ في الشكل (‪ّ ،)0‬‬

‫حادا في األسعار)‬ ‫اإلنتاج اليومي من خارج األوبك قد انخفض في شهر كانون األول‪ /‬ديسمبر (شهد‬ ‫انخفاضا ً‬ ‫ً‬ ‫بنحو ‪ 011‬ألف برميل مقارنة بزيادة إنتاج األوبك بـ ‪ 201‬ألف برميل‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.6‬‬

‫‪6‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.7‬‬

‫أن انخفاض متوسط إنتاج روسيا االتحادية (‪ 021‬ألف برميل) خالل شهر كانون األول‪ /‬ديسمبر‬ ‫كما نالحظ ّ‬ ‫هو السبب الرئيس في انخفاض اإلنتاج من خارج األوبك‪ ،‬في المقابل ارتفع متوسط إنتاج أميركا اليومي بـ (‪001‬‬ ‫أن زيادة متوسط اإلنتاج اليومي من العراق (‪ 2.1‬ألف‬ ‫ألف برميل) خالل الشهر نفسه‪( ،‬الشكل (‪ .))2‬ويبدو ّ‬

‫برميل) خالل شهر كانون األول‪ /‬ديسمبر قد عوض انخفاض اإلمدادات الليبية‪ ،‬وكان المساهم الرئيس في زيادة‬ ‫إنتاج أوبك‪( ،‬الشكل (‪.))0‬‬

‫‪7‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪.‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.‬‬

‫خصوصا األميركي منه‪ ،‬هي التي دفعت األسعار إلى الهبوط‬ ‫أن زيادة إنتاج النفط الصخري‪،‬‬ ‫وترى دول األوبك ّ‬ ‫ً‬

‫أن إعادة توازن األسعار يجب أن تتم من خالل تخفيض كميات المعروض العالمي‪،‬‬ ‫مع نهاية عام ‪ ،2102‬و ّ‬

‫أيضا‪ .‬وعلى خلفية ما يبدو رفض الموردين من خارج األوبك تخفيض إنتاجهم‪،‬‬ ‫وذلك من األوبك ومن خارجها ً‬

‫لذا أتى قرار المنظمة في ‪ 29‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر بعدم تخفيض سقف إنتاجها اليومي عن مستوياته التاريخية‬ ‫‪ 01‬مليون برميل‪ ،‬والذي على ما يبدو زاد من حدة الهلع في األسواق العالمية‪ ،‬وفاقم من انخفاض األسعار‬ ‫‪8‬‬ ‫تباعا‪ ،‬لكن هذا لم يمنع وزير النفط‬ ‫بمقدار ‪ %..2‬خالل يومين من القرار ‪ .‬وقد توالى انخفاض األسعار بعدها ً‬

‫الر للبرميل‪.9‬‬ ‫السعودي علي النعيمي من تأكيد التزام دول المنظمة بالقرار‪ ،‬حتى لو وصل السعر إلى ‪ 21‬دو ًا‬

‫‪8‬‬

‫انظر التقرير الشهري لسوق النفط الصادر عن األوبك شهر كانون األول‪ /‬ديسمبر ‪ ،2102‬على الرابط‪http://bit.ly/12WiXcu :‬‬

‫‪9‬‬

‫أتى هذا التصريح خالل لقاء النعيمي مع نشرة "ميس" (‪ (MEES‬في ‪ 20‬كانون األول‪ /‬ديسمبر ‪ ،2102‬والذي سرى مسرى النار في‬

‫أن نشرة ميس هي عبارة عن نشرة‬ ‫مورد عالمي للنفط‪ .‬نشير هنا إلى ّ‬ ‫الهشيم في معظم وكاالت األنباء العالمية‪ ،‬كونه يعكس وجهة نظر أهم ّ‬ ‫خصوصا قطاع النفط والغاز وموقعها االلكتروني هو‪:‬‬ ‫اقتصادية متخصصة في شؤون الشرق األوسط‬ ‫ً‬

‫‪https://www.mees.com‬‬

‫‪7‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬ ‫مؤخرا‪ ،‬سنحاول فهم مساهمة‬ ‫اآلن‪ ،‬وبعد أن استعرضنا مسارات إنتاج النفط وطلبه وتغيرات أسعاره التي حصلت‬ ‫ً‬

‫مجددا‪ ،‬نالحظ أنه‪ ،‬على‬ ‫العالقة بين العرض والطلب في تحديد السعر‪ .‬ومن أجل ذلك لنتأمل الشكل (‪)2‬‬ ‫ً‬ ‫العموم‪ ،‬عندما يفوق الطلب العرض تكون األسعار مرتفعة‪ ،‬كما هي الحال في النصف الثاني من ‪2102‬‬ ‫و‪ ،2100‬لكن نالحظ أنه حتى عندما كان الطلب العالمي (االستهالك) يوازي العرض أو أقل منه كما هي‬ ‫نسبيا (لم ينزل دون ‪.1‬‬ ‫الحال في النصف األول من عامي ‪ ،2102‬و‪ّ ،2100‬‬ ‫تفعا ً‬ ‫فإن مستوى السعر بقي مر ً‬ ‫أن المعروض كان أكبر من‬ ‫دو ًا‬ ‫الر للبرميل)‪ .‬كما أنه خالل النصف األول من عام ‪ - 2102‬وعلى الرغم من ّ‬ ‫الطلب ‪ -‬قد سجل السعر مستويات مرتفعة قياسية‪ ،‬وهذا ينافي النظرية االقتصادية‪ .‬وفقط في الفترة بين شهري‬ ‫تموز‪ /‬يوليو – وتشرين الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ ،2102‬انخفض السعر إذ كان العرض أكبر من الطلب (بما يتماشى‬ ‫أن الطلب تغلب على العرض‬ ‫مع النظرية االقتصادية)‪ ،‬لكن في شهر كانون األول‪ /‬ديسمبر‪ ،‬وعلى الرغم من ّ‬ ‫فقد تابع السعر انحداره‪ .‬وهذا يجعلنا نشكك في قدرة آلية العرض والطلب على تفسير تغيرات أسعار النفط في‬

‫السنوات األخيرة‪ ،‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬يجعلنا نقول إّنه في حاالت عدة تبع الطلب السعر وليس العكس!‬ ‫أن االستدالل على عالقة العرض والطلب من النفط بسعره من‬ ‫هنا يجب أن نتوخى الدقة في التحليل ّ‬ ‫ونبين ّ‬ ‫شكاال متعددة؛‬ ‫أن عقود النفط في األسواق العالمية تأخذ أ ً‬ ‫خالل دراسة تغيراتهما الشهرية قد يخالف الواقع‪ ،‬ذلك ّ‬

‫منها عقود مستقبلية بآجال مختلفة وقد تكون مفتوحة‪ ،‬ومنها عقود تسليم فوري (حسب حاجة المستهلكين‬

‫والتزاماتهم)‪ ،‬فمن الصعب االعتماد على حركة التغيرات الشهرية لكميات البيع والشراء في السوق الدولية لتقييم‬ ‫أثرها في السعر‪ .‬وهكذا‪ ،‬من األفضل أن ننظر إلى حركية المتوسطات الفصلية والسنوية للطلب والعرض‬ ‫وتغييرات السعر المرافقة‪ ،‬لكي نتوصل إلى حكم أكثر دقة على العالقة بين هذه المتغيرات‪.‬‬ ‫يؤكد لنا الشكل (‪ )1‬ما خلصنا إليه أعاله من عدم قدرة معادلة العرض والطلب وحدها على تفسير حركية‬ ‫مؤخرا‪ ،‬فنحن نالحظ أنه خالل فترات تخمة المعروض النفطي في السوق العالمية ‪ -‬كما هو‬ ‫أسعار النفط‬ ‫ً‬

‫كبير جدا) والربع الثاني‬ ‫الوضع خالل الربعين األول والثاني من عام ‪( 2102‬كان الفارق بين العرض والطلب ًا‬ ‫أسعار مرتفعة‪ ،‬في حين أنه فقط في الربع‬ ‫ًا‬ ‫من عام ‪ 2100‬واألرباع الثالثة األولى من ‪ - 2102‬حقق النفط‬

‫األخير من ‪ ،2102‬عندما تقلص حجم متوسط الفائض اليومي إلى ‪ 001‬آالف برميل‪ ،‬نتيجة انخفاض العرض‬ ‫الر للبرميل‪ .‬في المقابل‪ ،‬في أوقات‬ ‫العالمي بشكل بسيط واستمرار زيادة الطلب‪ ،‬تناقص السعر إلى ‪ 90.01‬دو ًا‬ ‫‪01‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫أخرى عندما لم تكن فوارق الطلب عن العرض كبيرة جدا (في الربعين الثالث والرابع من عام ‪ )2102‬سجل‬ ‫تقبل النظرية القائلة بأن العالقة بين العرض والطلب هي‬ ‫السعر مستويات مرتفعة‪ .‬وعليه‪ ،‬نجد أنه من الصعب ّ‬

‫العامل الرئيس والوحيد في تحديد سعر النفط على األقل في األعوام األخيرة‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.‬‬

‫واذا أردنا اختبار فرضيتنا حول دور العالقة بين العرض والطلب في تحديد تغيرات متوسطات األسعار السنوية‬ ‫للنفط فلنتأمل الشكل (‪ .)9‬إذ نالحظ أنه عندما كانت مستويات العرض أكبر من الطلب خالل األعوام ‪211.‬‬ ‫تفعا‪ .‬وعندما كانت الفروق بين مستويات العرض ‪ -‬الطلب محدودة جدا‪ ،‬أو‬ ‫و‪ 2100‬و‪ ،2102‬كان السعر مر ً‬

‫أشد‬ ‫عندما فاق الطلب على النفط عرضه‪ ،‬كما هو الحال خالل األعوام ‪ 2111‬و‪ 2119‬و‪ ،2117‬كان السعر ّ‬

‫ضا عن مستواه عندما تفوق العرض على الطلب‪.‬‬ ‫انخفا ً‬ ‫أن مستويات العرض والطلب ليست هي المحدد الوحيد لتغيرات أسعار النفط في األعوام‬ ‫إ ًذا‪ ،‬يمكن أن نستنتج ّ‬ ‫األخيرة‪ .‬في المقابل‪ ،‬قد يقول قائل إنه خالل الفترة (‪ ،)2102 – 2117‬القفزات السنوية المتتالية لمستويات‬

‫‪00‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬ ‫الطلب ‪ -‬يمكن قياسها بالتغير المئوي السنوي لحجم الطلب بين سنة وأخرى سابقة لها ‪ -‬قد كان لها شأن في‬ ‫صحيحا على اإلطالق‪ ،‬فيما لو لم تزدد كميات‬ ‫نعد هذا الكالم‬ ‫تحفيز ارتفاع األسعار! في الواقع‪ ،‬كان يمكن أن ّ‬ ‫ً‬

‫سنويا وبنسب فاقت‬ ‫العرض ترافقًا مع زيادة كميات الطلب‪ ،‬لكن الذي حصل هو ّ‬ ‫أن كميات المعروض ارتفعت ً‬ ‫نسبيا)‪ ،‬نتيجة للزيادة في‬ ‫نسب زيادة الطلب‬ ‫ً‬ ‫أحيانا‪ ،‬ومع ذلك لم تنخفض األسعار ّإال عام ‪( 2102‬انخفضت ً‬

‫العرض التي كانت أكبر من زيادة الطلب‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.‬‬

‫أن كميات المعروض من النفط والوقود السائل من خارج األوبك قد‬ ‫واذا نظرنا إلى الشكل (‪ ،)8‬فإننا نالحظ ّ‬

‫ارتفعت من ‪ 01.1‬مليون برميل عام ‪ 2117‬إلى ‪ 02.0‬مليون برميل عام ‪ ،2100‬أي بزيادة حوالى ‪ %9‬مقارنة‬ ‫بزيادة قدرها حوالى ‪ %0.0‬بين شهري كانون الثاني‪ /‬يناير‪ ،‬وكانون األول‪ /‬ديسمبر ‪ 2102‬من ‪ 02.9‬إلى‬ ‫حوالى ‪ 01.2‬مليون برميل (انظر الشكل (‪ .))2‬وفي حين ترافقت زيادة اإلنتاج من خارج األوبك خالل الفترة‬ ‫(‪ )2100 – 2117‬بارتفاع أسعار نفط غربي تكساس بحوالى ‪ ،%0.‬فإنها في الحالة الثانية أي خالل الفترة‬ ‫(كانون الثاني‪ /‬يناير – كانون األول‪ /‬ديسمبر ‪ ،)2102‬ترافقت بانخفاض األسعار بحوالى ‪.%0.‬‬ ‫‪02‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫بالنتيجة‪ ،‬يمكن القول – نظرًيا ‪ -‬إ ّن توازن مستويات الطلب والعرض له شأن في تحديد أسعار النفط‪ ،‬لكن‬

‫فمثال يبين تقرير لبنك‬ ‫عمليا هناك تباين في تقدير دور معادلة العرض والطلب في تفسير تغيرات السعر‬ ‫مؤخرا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫التسويات الدولية ‪ -‬وهو المؤسسة الدولية األقدم في العالم منذ عام ‪ ،0701‬ويضم في عضويته ‪ 11‬بن ًكا‬ ‫أن االنخفاضات التي حصلت في سعر النفط سابقًا عامي ‪ 0771‬و‪ ،211.‬ترافقت بانخفاض كبير‬ ‫مركزًيا ‪ّ -‬‬ ‫في الطلب خاللهما وتوسع كبير في اإلنتاج عام ‪ .211.‬في حين أنه في عام ‪ ،2102‬كان اإلنتاج قر ًيبا مما‬

‫ثم فتغيراتها (أي العرض والطلب) ال تكفي لتبرير‬ ‫أن الطلب أقل بقليل مما كان‬ ‫كان‬ ‫متوقعا‪ ،‬و ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متوقعا‪ ،‬ومن ّ‬ ‫حركة األسعار‪ .10‬في المقابل‪ ،‬يشير صندوق النقد الدولي إلى احتمال وجود دور لمعادلة العرض والطلب في‬ ‫أن قرار‬ ‫تفسير تغيرات السعر نتيجة زيادة العرض وتراجع الطلب عما كان‬ ‫يضا‪ّ ،‬‬ ‫متوقعا‪ ،‬لكن يبين الصندوق أ ً‬ ‫ً‬

‫يسمى عامل "التوقعات" أو‬ ‫األوبك بتثبيت اإلنتاج اليومي كان ذا شأن محوري من خالل تأثيره في ما ّ‬

‫"المضاربات" في السوق العالمية للنفط‪ .11‬وهذا ما سنلقي الضوء عليه الحقًا خالل استعراض جملة من العوامل‬ ‫األخرى التي نعتقد أنها تؤثّر في ديناميكية أسعار النفط‪.‬‬ ‫الشكل (‪ )8‬متوسط إنتاج واستهالك النفط والوقود السائل من األوبك‬ ‫وخارجها‬

‫مليون برميل‬ ‫يوميا‬

‫‪60‬‬

‫انتاج خارج‬ ‫االوبك من النفط‬ ‫والوقود السائل‬

‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬

‫انتاج االوبك من‬ ‫النفط والوقود‬ ‫السائل‬

‫‪30‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014‬‬

‫المصدر‪ :‬إدارة معلومات الطاقة األميركية‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫انظر بنك التسويات الدولية‪ ،‬على الرابط‪http://www.bis.org/statistics/gli/gli1502graph1.jpg :‬‬

‫‪ 11‬انظر‪http://blog-imfdirect.imf.org/2014/12/22/seven-questions-about-the-recent-oil-price-slump/ :‬‬

‫‪00‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬

‫‪ .2‬عوامل أخرى تؤثر في أسعار النفط‬ ‫من حيث المبدأ‪ ،‬هناك عوامل أخرى تؤثر في سعر النفط إضافة إلى ديناميكية العرض والطلب ‪ -‬تتحدد‬ ‫بمستويات االنتاج واالستهالك ‪ -‬ولها عالقة مباشرة بمعادلة العرض والطلب‪ ،‬وبعض هذه العوامل يتعلق‬ ‫بسلوكيات الالعبين الرؤساء وأفعالهم في سوق النفط العالمي‪ ،‬كالمنتجين والمستهلكين والوسطاء والمضاربين‬ ‫والمستثمرين الماليين‪ .‬وبعضها اآلخر ينجم عن عوامل ال إرادية‪ ،‬خارجة عن نطاق التحكم والسيطرة‬ ‫كاالضط اربات السياسية‪ ،‬والكوارث‪ ،‬والحروب‪ ،‬والنزاعات التي تهدد أماكن اإلنتاج أو قنوات التوريد أو حتى‬ ‫أماكن االستهالك‪.‬‬ ‫في ما يخص العوامل السلوكية فهي تشمل أفعال مجموعة العارضين (البائعين)‪ ،‬والمستهلكين (المشترين)‪،‬‬ ‫وردات أفعالهم في السوق النفطية والبورصات العالمية‪ .‬ويمكن التمييز بين‬ ‫والمستثمرين الماليين (المضاربين) ّ‬ ‫هذه العوامل على عدة مستويات‪ .‬المستوى األول‪ ،‬ويتعلق بسلوك المنتجين (العارضين) وق ارراتهم حول كميات‬ ‫مثال رغبتهم في حماية حصصهم‬ ‫االنتاج والبيع للسوق العالمية والسعر الذي يقبلون البيع به‪ ،‬لعوامل عدة منها ً‬ ‫خصوصا عند توفر كميات كبيرة من المعروض‪ ،‬ما يجعل العارضين‬ ‫في السوق العالمية أمام منافسيهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫(المزودين) يدخلون في نوع من حروب أسعار‪ ،‬تتمثل في تخفيضات على أسعار المبيع للتأثير في قدرة منافسيهم‬ ‫خصوصا في حالة ارتفاع تكلفة اإلنتاج لدى منافسيهم‪ .‬وهذا ما دأبت منظمة األوبك على تك ارره‬ ‫على البيع‪،‬‬ ‫ً‬

‫مؤخر لتبرير قرارها في شهر تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ ،2102‬بعدم تخفيض سقف اإلنتاج من أجل الدفاع عن‬ ‫ًا‬

‫أسعار النفط‪ ،‬وذلك في ظل عدم قبول الموردين من خارج األوبك تخفيض سقوف االنتاج‪ .‬وهكذا‪ ،‬في مثل هذه‬

‫الحاالت تصبح ق اررات المعروض النفطي مستقلة عن السعر‪ .12‬وفي هذا السياق‪ ،‬قد يفسر بعض المحللين‬ ‫لجوء المنتجين إلى استخدام ق اررات المعروض النفطي بمعزل عن مستويات األسعار‪ ،‬على أنه أداة لممارسة‬ ‫ضغوط اقتصادية على بعض الدول المنافسة التي يمكن أن تتأثر اقتصاداتها بانخفاض األسعار بصورة سلبية‪،‬‬ ‫‪12‬‬ ‫أن درجة االستقالل نسبية‪ ،‬وقد تكون موقتة ريثما تخدم تحقيق الهدف الذي دفع إلى اتخاذ الق اررات في األصل‪ ،‬وفي‬ ‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬ ‫ضمنيا عنصر التكلفة وهوامش الربح سيعاود ممارسة تأثيره في ق اررات المنتجين‪.‬‬ ‫أن عامل السعر الذي يحتوي‬ ‫نهاية األمر ال شك ّ‬ ‫ً‬

‫‪02‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫وقد يؤثر في مواقفها السياسية تجاه عدد من القضايا التي تتباين فيها من حيث وجهات النظر مع الدول المنتجة‬ ‫مؤخر من تفسيرات تعلل موقف منظمة األوبك األخير‬ ‫ًا‬ ‫األخرى‪ .‬وخير دليل على ذلك‪ ،‬ما يسود بعض األروقة‬ ‫بعدم تخفيض سقف اإلنتاج‪ ،‬على الرغم من انخفاض السعر‪ ،‬بأنه محاولة إللحاق أضرار اقتصادية بعدد من‬

‫الدول ومنها إيران وروسيا والعراق‪ ،‬بغية التأثير في سياساتها المتبعة تجاه قضايا الشرق األوسط ومناطق أخرى‪.‬‬ ‫وهنا نود أن ننوه إلى أننا نعتقد في عدم صالحية تفسيرات كهذه ‪ -‬على األقل في الحالة الراهنة ‪ -‬ألن الضرر‬ ‫حجما عن الضرر الذي‬ ‫الذي حاق باقتصاديات الدول المنتجة ضمن األوبك‪ ،‬نتيجة انخفاض األسعار‪ ،‬ال يقل ً‬ ‫عجز في‬ ‫أن موازناتها المالية ستحقق ًا‬ ‫أصاب اقتصاديات الدول المنتجة األخرى داخل األوبك وخارجها‪ ،‬ذلك ّ‬

‫العام الجاري في حال استمر وضع األسعار على ما هو عليه أو في حال تدهوره أكثر‪ .‬وهذا سيهدد خططها‬ ‫التوسعية اإلنمائية‪ ،‬وسيجبرها على اللجوء إلى احتياطياتها الداخلية والخارجية‪ ،‬وهو ليس في مصلحتها على‬ ‫طبعا ال ننفي أن الضرر على االقتصاد الروسي واإليراني والعراقي سيكون أكبر‪ ،‬ولكن يعود ذلك‬ ‫األطالق‪ً .‬‬ ‫أن العقوبات الغربية ‪ -‬والتي بدأت‬ ‫إلى عوامل أخرى غير انخفاض سعر النفط‪ .‬ففي حالة روسيا وايران‪ ،‬يبدو ّ‬

‫يضا في حالة العراق‪،‬‬ ‫قبل انخفاض سعر النفط – قد أثّرت سلبًيا في اقتصاديهما كما هو تأثير انخفاض النفط‪ .‬أ ً‬

‫النزاع الدائر فيها‪ ،‬وتكلفة الحرب على ما يسمى داعش يخلقان ضغوطًا كبيرة على اقتصادها‪ ،‬وقد فاقم انخفاض‬ ‫ئيسا لها‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬حتى أميركا التي درج البعض‬ ‫سعر النفط من حجم هذه الضغوط‪ ،‬ولكنه ليس ً‬ ‫سببا ر ً‬ ‫على اتهامها بالتنسيق مع السعودية لإلضرار باألخرين قد تضررت صناعة النفط فيها‪ ،‬مع خروج عدد كبير‬ ‫من حفارات النفط الصخري من الخدمة‪ ،‬نتيجة انخفاض السعر وارتفاع تكلفتها‪.‬‬

‫فإن حاجاتهم للنفط تتنوع بين راهنة وآجلة‪ ،‬وكذلك ق ارراتهم بالشراء‬ ‫وفي ما يخص سلوك المستهلكين (المشترين)‪ّ ،‬‬ ‫تتأثر بحالة السعر الراهنة‪ ،‬وبتوقعاتهم المستقبلية له‪ .‬ففي حالة وجود حاجة ملحة وراهنة للنفط لتلبية احتياجاتهم‬

‫اإلنتاجية واالستهالكية‪ ،‬سيقبلون على شرائه مهما كان سعره‪ ،‬وهذا قد يفسر جز ًئيا ما حصل خالل الفترة‬

‫فإنه قد ازداد حجم الطلب على سلعة‬ ‫(‪ ،)2100 – 2101‬ذلك أنه على الرغم من ارتفاع سعر النفط آنذاك‪ّ ،‬‬ ‫النفط‪ ،‬نتيجة النشاط االقتصادي في بعض االقتصادات الناشئة‪ .‬ال بل إنه عندما تسود حالة من االعتقاد أو‬

‫تحسبا‬ ‫فإن المستهلكين سيسارعون إلى شراء كميات أكبر (عقود شراء فورية أو آجلة)‬ ‫التوقع بارتفاع األسعار‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫الرتفاع األسعار وأثره في زيادة تكلفة الحصول على النفط‪ ،‬ما يؤثّر في تكاليف اإلنتاج النهائية‪.‬‬

‫‪00‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬ ‫في المقابل‪ ،‬من الطبيعي أن ينخفض مستوى اإلقبال على شراء النفط‪ ،‬عند تراجع حركة النشاط االقتصادي‬ ‫مرحليا‪ ،‬ما قد يخلق ضغوطًا نحو انخفاض السعر‪،‬‬ ‫فعليا) أو حتى في ظل توقع بدء التراجع‬ ‫ً‬ ‫(عند بدء التراجع ً‬ ‫والذي يعزز من قوتها وفرة المعروض‪ .‬آنذاك‪ ،‬وفي حال بدء انخفاض السعر واستم ارره لفترة معينة‪ ،‬سيعمد‬

‫المشترون إلى تخفيض كميات الشراء الفوري (الراهن)‪ ،‬بما أ ّن حاجتهم له أقل بسبب بطء النشاط االقتصادي‬ ‫توقعا منهم الستمرار انخفاض األسعار‪ ،‬ووفرة الخيارات‬ ‫لديهم‪ ،‬كما أنهم قد يمتنعون تما ًما عن الشراء اآلجل‪ً ،‬‬

‫المتاحة للحصول عليه عند الحاجة وبأسعار أقل‪ ،‬ما يخفض تكلفة حصولهم عليه‪ .‬وهذا يعني في نهاية المطاف‬ ‫أن مستوى الطلب الكلي العالمي على النفط سينخفض‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يعزز قوة الضغوط في اتجاه‬ ‫ّ‬ ‫سوء زيادة المعروض العالمي‪ .‬ونعتقد أ ّن هذا التحليل يفسر إلى حد‬ ‫خفض السعر أكثر فأكثر‪ ،‬وسيزيد األمر ً‬ ‫ما تغيرات األسعار التي حدثت مع نهاية عام ‪ ،2102‬في ظل توافر تقديرات مسبقة عن انخفاض مستوى‬

‫متوقعا لها‪.‬‬ ‫الطلب العالمي‪ ،‬نتيجة بطء حركة االقتصاد عما كان‬ ‫ً‬ ‫أن التحليل السابق قد يستطيع أن يفسر وجود االتجاه التنازلي في األسعار مع منتصف عام ‪،2102‬‬ ‫ال شك في ّ‬

‫يوضح مستوى االنخفاض الذي حصل مع نهاية عام ‪ ،2102‬والذي فاق كل التوقعات‪.‬‬ ‫لكن من الصعب أن ّ‬

‫أن المتابع ألسعار النفط في األعوام األخيرة سيدرك أنها مبالغ‬ ‫وهنا يبرز دور عامل آخر وهو "المضاربة"‪ .‬ذلك ّ‬

‫فيها‪ ،‬وأنها نجمت عن مضاربات نتيجة عمليات شراء محمومة ألسهم وسندات لشركات نفطية وعقود شراء وبيع‬ ‫طمعا في تحقيق هوامش ربح كبيرة عند تجسيد الصفقات‪ ،‬وهذا أسلوب متبع في قسم كبير من صفقات‬ ‫مستقبلية‪ً ،‬‬ ‫األسواق العالمية‪ ،‬يتبعه المضاربون والمستثمرون الماليون الذين يسعون لتحقيق أرباح كبيرة من خالل فروق‬

‫أسعار البيع والشراء الفوري واآلجل‪ .‬وهم عادة ما يتخذون ق اررات البيع والشراء متأثرين باألوضاع الجيوسياسية‬ ‫(بناء على‬ ‫ودرجة الثقة في االقتصاد العالمي‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬فهم يسارعون للشراء عند توقعهم ارتفاع األسعار‬ ‫ً‬ ‫مؤشرات جيدة لالقتصاد العالمي‪ ،‬أو أنباء حسنة عن سيرورة النظام الدولي العالمي والحالة السياسية فيه‪ ،‬أو‬

‫عن تفاهمات دول األوبك في ما بينها ومع غيرها)‪ ،‬ما يفاقم حدة االرتفاعات في األسعار‪ .‬كما يسارع المضاربون‬ ‫للبيع عند بدء انخفاض األسعار (سواء في حالة ضعف أداء االقتصاد العالمي‪ ،‬أو حصول اضطرابات‬ ‫جيوسياسية‪ ،‬أو نشوب خالفات داخلية بين دول األوبك أو مع الموردين اآلخرين من خارجها)‪ ،‬وذلك خوفًا من‬ ‫فقدان أرباحهم أو حتى تعرضهم لخسائر‪ ،‬ما يساهم في تعميق انخفاض األسعار‪.‬‬

‫‪01‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫وا ّن أكبر دليل على دور المضاربات في تحديد أسعار النفط ما ورد في بيان األوبك بتاريخ ‪ 29‬تشرين‬

‫الثاني‪ /‬نوفمبر‪ ،‬عندما قررت الحفاظ على سقف اإلنتاج‪ ،‬فقد تضمن البيان وبصيغة صريحة أ ّن الدول األعضاء‬ ‫طلبت من األمين العام االستمرار في المتابعة اللصيقة لتطورات السوق‪ ،‬ومراقبة العوامل األخرى غير الجوهرية‬

‫المؤثرة في السعر مثل نشاطات المضاربة‪ ،‬واطالع الدول األعضاء على آخر المستجدات‪ .‬وهذا يعكس إدراك‬ ‫األوبك حقيقة مساهمة المضاربات في األسواق المالية في اصطناع سعر زائف لبرميل النفط وتضخيمه‪ .‬األمر‬ ‫الذي أكده وزير النفط السعودي علي النعيمي خالل مقابلته مع نشرة "ميس" االقتصادية‪ ،13‬عندما أشار إلى‬ ‫عودا أو نزوًال‬ ‫ألن هناك مستثمرين ومضاربين شغلهم الشاغل دفع األسعار ص ً‬ ‫توقعه استمرار انخفاض السعر‪ّ ،‬‬

‫لكسب المال‪ .‬كما أشار إليه األمين العام لألوبك عبد اهلل البدري خالل المنتدى اإلستراتيجي العربي الذي عقد‬ ‫في دبي شهر أيلول‪ /‬سبتمبر ‪ ،2102‬عندما ذكر أنه ال يمكن تفسير انهيار األسعار بعاملي العرض والطلب‪،‬‬

‫‪14‬‬ ‫أيضا‪ ،‬على‬ ‫ذلك ّ‬ ‫أن زيادات العرض والطلب كانت طفيفة‪ ،‬واّنما هناك شأن كبير للمضاربات ‪ .‬ويمكن الوقوف ً‬

‫حقيقة دور المضاربات في زيادة حدة هبوط األسعار‪ ،‬من خالل ما أشارت إليه األوبك في تقريرها عن سوق‬

‫النفط لشهر كانون األول‪ /‬ديسمبر حول نشاطات المضاربة‪ ،‬ودور عمليات تداول عقود النفط اآلجلة في تخفيض‬ ‫األسعار ‪ .152102‬فنتيجة لتوقعات االستمرار في استمرار انخفاض األسعار لدى المتعاملين في سوق النفط‬ ‫والمضاربين‪ ،‬جرت عمليات استبدال عقود شراء النفط وبيعه الطويلة األجل والمفتوحة األجل بعقود شراء وبيع‬ ‫مثال‪ ،‬انخفضت العقود الطويلة األجل في نيمكس غرب تكساس‬ ‫قصيرة األجل‪ .‬ففي شهر تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر‪ً ،‬‬ ‫بنسبة ‪ ،%0.2‬وارتفعت العقود القصيرة األجل بنسبة ‪.%21‬‬ ‫أن عمليات المضاربة ‪ -‬أي ق اررات شراء أي أصول مالية أو بيعها (أسهم‪ ،‬أو سندات‪ ،‬أو‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬

‫غالبا ما ترتبط بعنصر التوقعات حول أوضاع السوق المستقبلية‬ ‫أوراق مالية أخرى) من المستثمرين الماليين ‪ً -‬‬ ‫أن التغيرات‬ ‫وتغيراته‪ .‬وهنا نشير إلى ما خلص إليه تقرير حديث أ ّ‬ ‫عده بنك التسويات الدولية‪ ،‬والذي يشير إلى ّ‬

‫‪13‬‬

‫لقاء النعيمي مع نشرة "ميس" (‪.(MEES‬‬ ‫" األمين العام لألوبك يلمح إلى تسبب المضاربين في انخفاض األسعار ويستبعد فرضية الضرر بروسيا وايران"‪ ،‬الشرق األوسط‪،‬‬

‫‪14‬‬

‫‪.2102/02/02‬‬ ‫‪15‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪09‬‬


‫قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط‬ ‫الحادة التي حصلت في أسعار النفط‪ ،‬هي مرآة لعامل التوقعات لدى المستثمرين الماليين في السوق العالمية‬ ‫الذين أصابهم الهلع‪ ،‬بعد قرار األوبك عدم تخفيض اإلنتاج اليومي‪ ،‬ودفع بهم إلى بيع األصول المالية ذات‬ ‫يسمى "عقود المبادالت ‪ ،16"SAWP‬ما عمق انخفاض السعر‪.‬‬ ‫العالقة بالنفط‬ ‫ً‬ ‫خصوصا ما ّ‬ ‫ضا‪ ،‬نقطة مهمة ‪ -‬يعتقد البنك أنها ساهمت في امتناع بعض المنتجين عن تخفيض‬ ‫كما يضيء التقرير أي ً‬

‫عمق انخفاض أسعار النفط ‪ -‬وهي الزيادة الملحوظة في‬ ‫حجم إنتاجهم من النفط‪ ،‬بعد بدء تراجع األسعار‪ ،‬ما ّ‬

‫مقدار الديون في قطاع الطاقة‪ ،‬نتيجة التوسع في عمليات االستكشاف والحفر والتنقيب‪ ،‬إذ بلغ متوسط معدل‬

‫النمو السنوي في حجم الديون في قطاع الطاقة خالل الفترة (‪ )2102 - 2111‬حوالى ‪ ،%21‬في دول األوبك‬ ‫والدول الناشئة وحوالى ‪ ،%00‬في دول منظمة التنمية والتعاون االقتصادي وحوالى ‪ ،%01‬في أميركا‪ .‬بالنتيجة‪،‬‬ ‫عرض الميزانيات المالية لهؤالء المنتجين‬ ‫ّ‬ ‫فإن انخفاض السعر الذي حصل في النصف الثاني من عام ‪ّ ،2102‬‬ ‫وحد من قدرتهم على دفع الفوائد المستحقة على ديونهم‪ ،‬ما دفعهم التخاذ قرار الحفاظ على مستويات‬ ‫للخطر‪ّ ،‬‬ ‫ظا على تدفق العوائد النفطية الالزمة لتسديد التزاماتهم المالية للدائنين‪ ،‬األمر الذي‬ ‫اإلنتاج وعدم تخفيضها‪ ،‬حفا ً‬ ‫عزز انخفاض السعر أكثر فأكثر‪ ،17‬وهذا يجعلنا نطرح أسئلة عن صوابية ق اررات المنتجين بعدم تخفيض اإلنتاج‬ ‫خصوصا بين من هم خارج األوبك ومن هم داخلها‪،‬‬ ‫آنذاك‪ ،‬وعدم التوصل لتفاهمات وتسويات تحمي مصالحهم‪،‬‬ ‫ً‬

‫وعن إمكانية التوصل لمثل هذه التفاهمات في القريب العاجل‪ ،‬وعن تداعيات انخفاض األسعار على الدول‬

‫المنتجة‪ ،‬وقدرة تحملها ألعباء التدهور في أسعار النفط‪.18‬‬ ‫فإن القاعدة العامة هي أنه في حال‬ ‫وفي ما يخص أثر الكوارث والحروب والنزاعات في تغيرات سعر النفط‪ّ ،‬‬

‫فإن ذلك يمثّل ضغوطًا تصاعدية على سعر النفط‪ ،‬نتيجة‬ ‫نشوبها في أماكن اإلنتاج أو تهديدها لطرق اإلمداد‪ّ ،‬‬

‫لتوقع نقص المعروض في السوق العالمية‪ ،‬ويترافق ذلك عادة مع زيادة طلب المستهلكين على سلعة النفط‪،‬‬

‫‪16‬‬

‫وهي نوع من المشتقات المالية التي يتم تداولها في السوق المالية العالمية‪ ،‬وتستخدم ألغراض التحسب لمخاطر تغيرات أسعار الفائدة أو‬

‫أسعار الصرف‪ ،‬إذ يتم االتفاق بين طرفين على تبادل ملكية أصل مالي ما‪ ،‬مثل عقود بيع النفط بسعر ثابت‪ ،‬مقابل عقود بيع النفط بسعر‬

‫متغير خالل فترة زمنية معينة‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬

‫انظر الرابط التالي‪http://www.bis.org/statistics/gli/gli1502graph1.jpg :‬‬ ‫وتمحيصا معمقين‪.‬‬ ‫يتطلب الوقوف عند هذه األسئلة بحثًا‬ ‫ً‬

‫‪0.‬‬


‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬ ‫المركز العر ّ‬ ‫خوفًا من عدم توافرها عند الحاجة إليها وزيادة إقبال المضاربين الماليين على شراء األصول المالية المتعلقة‬ ‫بالنفط‪ ،‬ما يؤدي في نهاية األمر إلى ارتفاع سعره في األسواق العالمية‪ .‬بالنسبة إلى التغيرات األخيرة‪ ،‬ال يبدو‬ ‫ألن ‪ -‬في النهاية‬ ‫أن النزاع الدائر في ليبيا والعراق وسورية قد أثر في حركة األسعار نحو الصعود ربما ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ -‬كميات المعروض من خارج األوبك طمأنت المتعاملين في األسواق إلى وجود ما يعوض النقص‪ .‬في المقابل‪،‬‬

‫أن بيع النفط المسروق من بعض الحقول في تلك الدول بأسعار بخسة ربما قد ساهم في تخفيض السعر‪.‬‬ ‫يبدو ّ‬

‫خاتمة‬ ‫أن ديناميكية أسعار النفط معقدة ومتشابكة‪ ،‬وتحمل في طياتها عدة عوامل متباينة في االتجاه‬ ‫الحصيلة‪ ،‬يبدو ّ‬ ‫حيانا أخرى لمصلحة عوامل أخرى‪ .‬فمن جهة يؤثر توازن‬ ‫حينا وينحسر أ ً‬ ‫واألثر والثقل‪ ،‬وقد يطغى ثقل بعضها ً‬

‫فإن مجموعة العوامل السلوكية ‪ -‬النفسية‬ ‫العرض والطلب وتغيراتهما في ديناميكية األسعار‪ .‬ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬ ‫والمتعلقة برؤية المتعاملين في السوق النفطية والمالية وتوقعاتهم (المنتجين‪ ،‬والمستهلكين‪ ،‬والمستثمرين‬

‫والمضاربين) لها شأن مهم هي األخرى في رسم اتجاهات األسعار‪ .‬ناهيك عن دور العوامل واالضطرابات‬ ‫دور هي كذلك‪ ،‬لكن حجم الدور وأثره يتحدد بمدى تأثيرها في مجموعة العوامل السابقة‬ ‫الجيوسياسية التي تمارس ًا‬

‫الذكر‪.‬‬

‫‪07‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.