تحليل سياسات
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط
أسامة نجوم | مارس 5102
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط سلسلة :تحليل سياسات وحدة تحليل السياسات في المركز العربي | مارس 5102 جميع الحقوق محفوظة للمركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات © 5102 ____________________________
التطبيقية االجتماعية االجتماعية والعلوم بحثية عر ّبية للعلوم ّ ّ ّ مؤسسة ّ السياسات ّ بي لألبحاث ودراسة ّ المركز العر ّ ٍ لسياسات أبحاث فهو يولي اإلقليمي والقضايا الجيوستراتيجية .واضافة إلى كونه مركز والتّاريخ اهتماما لدراسة ا ّ ً ّ دولية تجاه المنطقة العر ّبية ،وسواء كانت سياسات ونقدها وتقديم البدائل ،سواء كانت سياسات عر ّبية أو سياسات ّ
مؤسسات وأحزاب وهيئات. ّ حكومية ،أو سياسات ّ
يخية ،وبمقاربات االجتماعية و يعالج المركز قضايا المجتمعات والدول العر ّبية بأدوات العلوم االقتصادية والتار ّ ّ ّ ٍ سمات بي ،ومن وجود قومي وا تكاملية عابرة للتّخصصات .وينطلق من افتراض وجود أمن ومنهجيات ّ ّ نساني عر ّ ّ ّ بي ،ويعمل على صوغ هذه الخطط وتحقيقها ،كما يطرحها كبرامج ومصالح مشتركة ،وا ّ مكانية تطوير اقتصاد عر ّ ٍ البحثي ومجمل إنتاجه. وخطط من خالل عمله ّ ________________ السياسات بي لألبحاث ودراسة ّ المركز العر ّ شارع رقم - 658 :منطقة 88 الدفنة
ص .ب01511 : الدوحــة ،قطــر ّ هاتف | +917 77099111 :فاكس+917 77610820 : www.dohainstitute.org
المحتويات مقدمة
2
تغيرات مفاجئة في أسعار النفط
2
محددات سعر النفط في األسواق العالمية
4
.1معادلة العرض والطلب
.2عوامل أخرى تؤثر في أسعار النفط
خاتمة
5
11 91
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط
مقدمة شغلت االنخفاضات المتتالية ألسعار النفط مع نهاية عام ،2102بال الكثير من المستثمرين وصناع السياسات والمحللين االقتصاديين والسياسيين وحتى عموم الجمهور ،وذلك النعكاساتها المهمة على النشاط االقتصادي العالمي ،وحركة السلع والخدمات فيه ،وعلى مصادر الدخل القومي واإليرادات الحكومية لعدد من االقتصادات اعتمادا على توقعاتها لعوائد النفط والغاز من المصدرة للنفط ،والتي ترسم خططها اإلنمائية وموازناتها المالية، ً السوق العالمية.
تغيرات أسعار النفط وتداعياتها على االقتصاد العالمي ،تتلمس هذه الورقة مسببات مسيرة ًا ونظر ألهمية قضية ّ
أن معادلة العرض والطلب ليست كافية لتفسير االتجاهات األخيرة انحدار أسعار النفط ،منطلقين من فرضية ّ
في أسعار النفط ،واّنما نفترض وجود مجموعة من العوامل المختلفة األثر واالتجاه ،تحدد مسارات أسعار النفط في السوق العالمية.
تغيرات مفاجئة في أسعار النفط بعد ثالثة أعوام من المستويات المرتفعة في سعر برميل النفط وصوًال إلى منتصف عام ،2102فجأة ودون سابق إنذار ،بدأت أسعار النفط باالنخفاض ،وزادت حدة انحدارها بعد قرار منظمة األوبك في شهر تشرين يوميا ،والذي أعقبته انخفاضات الثاني /نوفمبر ،2102اإلبقاء على سقوف اإلنتاج عند 01مليون برميل نفط ً حادة ،وصلت إلى أكثر من %01من قيمة برميل النفط خالل شهر كانون األول /ديسمبر ،2102مقارنة بما كان عليه منتصف العام ،انظر الشكل (.)0 يبدو من الشكل ( )0أنه قد سبق لبرميل النفط الخام أن وصل إلى مستويات قياسية أعلى من المستويات التي الر للبرميل خالل شهر آذار /مارس حققها في حزيران /يونيو ،2102فقد وصل سعر نفط برنت إلى 021دو ًا أن االنحدار المفاجئ في أسعار ،2102وحوالى 001خالل شهر شباط /فبراير .2100كما ّ يبين الشكل ّ
النفط الذي بدأ منتصف عام ،2102ليس غير مسبوق ،وانما حصل في الربع الثاني من عام ،2102عندما انخفضت األسعار بشكل ملحوظ بين شهري آذار /مارس -وحزيران /يونيو. 2
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ إ ًذا ،ماهي مبررات هذا التوجس من االنخفاض األخير في األسعار؟ في الواقع ،لم يأت التوجس من فراغ ،وانما مفاجئا للجميع وعكس كل التوقعات. نجم عن حدة االنخفاض الذي كان ً
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.1
فمثال ،لغاية شهر تشرين فأشد المتشائمين لم يتوقع أن يهبط السعر إلى ما وصل إليه مع نهاية عام ً .2102 األول /أكتوبر ،2102كانت تقديرات وكالة الطاقة األميركية تتوقع أن تبلغ أسعار النفط (72.1 - 79.9 الر) لبرميل نفط برنت عامي ،2102و ،2100على الر) لبرميل غربي تكساس ،و( 010.9 – 012.2دو ًا دو ًا الر) لبرميل غربي تكساس التوالي .وكانت توقعات صندوق النقد الدولي أن يكون السعر ( 72.0 - 7..2دو ًا
الر) لبرميل برنت البريطاني خالل العامين نفسيهما .2لكن االنهيار المفاجئ في األميركي ،و( 012 -010دو ًا 1
قاعدة بيانات آفاق الطاقة القصيرة المدى ،شوهد في ،2100/10/12على الرابط:
2
انظر تقرير تحديث اآلفاق االقتصادية لدولة قطر ،2100 - 2102على الموقع الرسمي لو ازرة التخطيط التنموي واإلحصاء في دولة
http://www.eia.doe.gov/steo/cf_query/index.cfm
قطر ،على الرابطhttp://www.gsdp.gov.qa :
0
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط األسعار في شهري تشرين الثاني /نوفمبر ،وكانون األول /ديسمبر أدى إلى تخفيض توقعات كال الجهتين ألسعار للنفط لعام ،2100فآخر تقديرات وكالة الطاقة األميركية تتوقع أن يسجل سعر خام غربي تكساس الر للبرميل .3لقد الر للبرميل ،وأن يسجل متوسط سعر برنت للتسليم الفوري 0..09دو ًا طا قدره 02.2.دو ًا متوس ً أعقب زيادة حدة االنخفاض في أسعار النفط – وال سيما بعد قرار منظمة األوبك في اجتماعها بتاريخ 29 تشرين الثاني /نوفمبر ،2102بالحفاظ على سقوف اإلنتاج اليومية -جدل كبير حول أسباب االنخفاض ومبرراته وتداعياته المحتملة على االقتصاد العالمي .وقد تباينت التحليالت حول تفسير تغير مسار األسعار، وحول قرار األوبك بخصوص كميات اإلنتاج ،بين من يعزو انخفاض السعر إلى زيادة العرض من خارج األوبك مقصودا ظاهره اقتصادي وباطنه سياسي ورغبتها في الحفاظ على حصصها السوقية من ناحية ،ومن يع ّده ً
لتصفية حسابات إقليمية ودولية ،من ناحية أخرى.
محددات سعر النفط في األسواق العالمية تخضع تغيرات سعر النفط لعدة عوامل متراكبة ومتشابكة ،منها ما هو اقتصادي الطابع ويتعلق بآلية العرض والطلب والتفاعل بينهما؛ إذ يتأثر حجم المعروض العالمي من النفط بالقدرات االنتاجية وتوزيع الحصص اإلنتاجية بين المنتجين العالميين من داخل األوبك وخارجها (جانب العرض) .وفي المقابل ،يتأثر مستوى الطلب العالمي على النفط بمستويات أداء االقتصاد العالمي ونشاطه (مكونات الطلب) .كما تؤثّر العوامل الجيوسياسية يضا. في أسعار النفط ،من خالل تأثيرها في حجم اإلنتاج ،وكميات المعروض العالمي ،وفي مستوى الطلب أ ً
أن الكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات التي تهدد أماكن اإلنتاج ،أو طرق النقل والتوزيع ،أو أماكن ذلك ّ
االستهالك ،تؤثّر في أسعار النفط .كما تتأثر األسعار بدرجة االستقرار السياسي في الدول المنتجة للنفط وبعض
أن حدوث أي نوع من االضطرابات الدول الرئيسة المستهلكة له ،وعلى الصعيدين اإلقليمي والعالمي ،بحيث ّ
السياسية على أي من تلك األصعدة من شأنه أن يؤثّر في مستويات أسعار النفط .ويضاف إلى هذه العوامل
هم جدا في تقلبات أسعار النفط -كونها جملة عوامل أخرى يمكن توصيفها بالسلوكية -ونعتقد أنها ذات شأن م ّ
3
قاعدة بيانات آفاق الطاقة القصيرة المدى.
2
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ تتعلق بسلوك العمالء االقتصاديين والمستثمرين الماليين في ما يخص ق اررات شراء عقود النفط والغاز أو بيعها وغالبا ما تتأثر هذه اعتمادا على عوامل الثقة والتوقع والمضاربة والرغبة في تحقيق األرباح. (المتعددة اآلجال)، ً ً
طا. الق اررات باألوضاع الجيوسياسية وبالتوقعات حول اتجاه تغيرات األسعار صعودا أو هبو ً ً .1معادلة العرض والطلب
وفي ما يخص آلية العرض والطلب ،الشك في أنه من المفترض أن يتأثر سعر النفط بمستويات العرض والطلب تفاعا أو هبوطًا ،بحسب حجم الفجوة بينهما ،انطالقًا من النظرية االقتصادية التي تنص على أنه إذا فاق ار ً الطلب (االستهالك) على سلعة ما عرضها (اإلنتاج) ،فمن الطبيعي أن يرتفع سعرها والعكس صحيح .وبدورهما يتحدد العرض والطلب من خالل جملة من العوامل الخاصة بهما. وفي حالة النفط -المورد الطبيعي -يتأثر مستوى المعروض العالمي منه (اإلمداد) بالمخزون المثبت المتوفر منه ،وبالقدرة االنتاجية (الراهنة والممكنة) على استخراجه وتكريره ،والقدرة والرغبة في توفيره للراغبين فيه عند الحاجة (الراهنة والمستقبلية) .في المقابل ،يتحدد مستوى الطلب (الرغبة) على النفط بمجموعة من العوامل منها عموما ،وفي بعض الدول المحورية ذات الثقل االقتصادي العالمي كأميركا درجة األداء االقتصادي العالمي ً وبعض االقتصادات الناشئة كالصين والهند وغيرها ،فإذا كانت عجلة النشاط االقتصادي تدور وفي أفضل فإن الطلب الكلي على النفط سيزداد لتلبية احتياجات عجلة النشاط االقتصادي ،والعكس صحيح، حاالتهاّ ، كذلك يصح القول إ ّن الطلب على النفط يزداد عند توقع استمرار عجلة النشاط االقتصادي لفترة معينة (كونه
معزز ًا أساسيا لها) ،أو حتى عند توقع بدء تعافي االقتصاد من حاالت سبات أو انكماش (كونه ومدخال داعما ً ً ً أن الطلب (الراهن) على النفط قد يزداد في حالة توقع وجود اختالل في لديناميكية التعافي وداعما لها) .كما ّ ً إمداداته المستقبلية نتيجة أزمات أو اضطرابات جيوسياسية أو كوارث طبيعية ،إذ يلجأ الراغبون فيه (المشترون)
أخير سلعة إستراتيجية محورية ال غًنى عنها. تجنبا لنقصانه لديهم ،فهو أوًال و ًا لزيادة ما يحوزونه منه ً يبين كميات ولفهم تفاعالت العرض والطلب على النفط وأثرها في تحديد األسعار ،سنستعرض الشكل ( )2الذي ّ
اإلنتاج (العرض) واالستهالك (الطلب) على النفط الخام والوقود السائل في العالم ،خالل الفترة ما بين شهري كانون الثاني /يناير ،2102و كانون األول /ديسمبر ،2102ونقارنه بتغيرات األسعار خالل الفترة نفسها. 0
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط أن العرض والطلب قد ارتفعا خالل الفترة المدروسة ،لكن نسبة الزيادة في الطلب (االستهالك) ()%0.0 نالحظ ّ كانت أكبر من زيادة العرض (اإلنتاج) ( ،)%2.9وذلك نتيجة النشاط االقتصادي المحموم في بعض الدول
الناشئة كالصين والهند والب ارزيل وجنوب أفريقيا ،وذلك وفق صندوق النقد الدولي.4
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.5
4
انظر" :تقرير صندوق النقد الدولي تشرين األول /أكتوبر :2102آفاق االقتصاد العالمي إرث ،وغيوم ،واليقين" ،وحدة تحليل السياسات،
المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات ،2100/12/10 ،على الرابط:
http://www.dohainstitute.org/release/86d26d79-2b2e-43b1-be6f-e530ad9e7f59
5
1
قاعدة بيانات آفاق الطاقة القصيرة المدى.
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ أن مستويات العرض فاقت كميات الطلب خالل عام ،2102وقد نتجت هذه الزيادة في ومما ال شك فيه ّ
العرض عن زيادة اإلنتاج من خارج منظمة األوبك ،مقابل استقرار إنتاج أوبك عند مستويات شبه ثابتة (انظر
أن زيادة إنتاج النفط من خارج األوبك تمركزت في منطقة أميركا الشمالية التي الشكل( .))0وكلنا أصبحنا نعلم ّ يوميا بداية عام ،2102إلى ارتفع إنتاجها من النفط والوقود السائل (الصخري) من حوالى 01.7مليون برميل ً
أن متوسط إجمالي 02.1مليون برميل في شهر ديسمبر ( 2102الشكل ( .))2ونالحظ في الشكل (ّ ،)0
حادا في األسعار) اإلنتاج اليومي من خارج األوبك قد انخفض في شهر كانون األول /ديسمبر (شهد انخفاضا ً ً بنحو 011ألف برميل مقارنة بزيادة إنتاج األوبك بـ 201ألف برميل.
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.6
6
المرجع نفسه.
9
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.7
أن انخفاض متوسط إنتاج روسيا االتحادية ( 021ألف برميل) خالل شهر كانون األول /ديسمبر كما نالحظ ّ هو السبب الرئيس في انخفاض اإلنتاج من خارج األوبك ،في المقابل ارتفع متوسط إنتاج أميركا اليومي بـ (001 أن زيادة متوسط اإلنتاج اليومي من العراق ( 2.1ألف ألف برميل) خالل الشهر نفسه( ،الشكل ( .))2ويبدو ّ
برميل) خالل شهر كانون األول /ديسمبر قد عوض انخفاض اإلمدادات الليبية ،وكان المساهم الرئيس في زيادة إنتاج أوبك( ،الشكل (.))0
7
المرجع نفسه.
.
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.
خصوصا األميركي منه ،هي التي دفعت األسعار إلى الهبوط أن زيادة إنتاج النفط الصخري، وترى دول األوبك ّ ً
أن إعادة توازن األسعار يجب أن تتم من خالل تخفيض كميات المعروض العالمي، مع نهاية عام ،2102و ّ
أيضا .وعلى خلفية ما يبدو رفض الموردين من خارج األوبك تخفيض إنتاجهم، وذلك من األوبك ومن خارجها ً
لذا أتى قرار المنظمة في 29تشرين الثاني /نوفمبر بعدم تخفيض سقف إنتاجها اليومي عن مستوياته التاريخية 01مليون برميل ،والذي على ما يبدو زاد من حدة الهلع في األسواق العالمية ،وفاقم من انخفاض األسعار 8 تباعا ،لكن هذا لم يمنع وزير النفط بمقدار %..2خالل يومين من القرار .وقد توالى انخفاض األسعار بعدها ً
الر للبرميل.9 السعودي علي النعيمي من تأكيد التزام دول المنظمة بالقرار ،حتى لو وصل السعر إلى 21دو ًا
8
انظر التقرير الشهري لسوق النفط الصادر عن األوبك شهر كانون األول /ديسمبر ،2102على الرابطhttp://bit.ly/12WiXcu :
9
أتى هذا التصريح خالل لقاء النعيمي مع نشرة "ميس" ( (MEESفي 20كانون األول /ديسمبر ،2102والذي سرى مسرى النار في
أن نشرة ميس هي عبارة عن نشرة مورد عالمي للنفط .نشير هنا إلى ّ الهشيم في معظم وكاالت األنباء العالمية ،كونه يعكس وجهة نظر أهم ّ خصوصا قطاع النفط والغاز وموقعها االلكتروني هو: اقتصادية متخصصة في شؤون الشرق األوسط ً
https://www.mees.com
7
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط مؤخرا ،سنحاول فهم مساهمة اآلن ،وبعد أن استعرضنا مسارات إنتاج النفط وطلبه وتغيرات أسعاره التي حصلت ً
مجددا ،نالحظ أنه ،على العالقة بين العرض والطلب في تحديد السعر .ومن أجل ذلك لنتأمل الشكل ()2 ً العموم ،عندما يفوق الطلب العرض تكون األسعار مرتفعة ،كما هي الحال في النصف الثاني من 2102 و ،2100لكن نالحظ أنه حتى عندما كان الطلب العالمي (االستهالك) يوازي العرض أو أقل منه كما هي نسبيا (لم ينزل دون .1 الحال في النصف األول من عامي ،2102وّ ،2100 تفعا ً فإن مستوى السعر بقي مر ً أن المعروض كان أكبر من دو ًا الر للبرميل) .كما أنه خالل النصف األول من عام - 2102وعلى الرغم من ّ الطلب -قد سجل السعر مستويات مرتفعة قياسية ،وهذا ينافي النظرية االقتصادية .وفقط في الفترة بين شهري تموز /يوليو – وتشرين الثاني /نوفمبر ،2102انخفض السعر إذ كان العرض أكبر من الطلب (بما يتماشى أن الطلب تغلب على العرض مع النظرية االقتصادية) ،لكن في شهر كانون األول /ديسمبر ،وعلى الرغم من ّ فقد تابع السعر انحداره .وهذا يجعلنا نشكك في قدرة آلية العرض والطلب على تفسير تغيرات أسعار النفط في
السنوات األخيرة ،بل أكثر من ذلك ،يجعلنا نقول إّنه في حاالت عدة تبع الطلب السعر وليس العكس! أن االستدالل على عالقة العرض والطلب من النفط بسعره من هنا يجب أن نتوخى الدقة في التحليل ّ ونبين ّ شكاال متعددة؛ أن عقود النفط في األسواق العالمية تأخذ أ ً خالل دراسة تغيراتهما الشهرية قد يخالف الواقع ،ذلك ّ
منها عقود مستقبلية بآجال مختلفة وقد تكون مفتوحة ،ومنها عقود تسليم فوري (حسب حاجة المستهلكين
والتزاماتهم) ،فمن الصعب االعتماد على حركة التغيرات الشهرية لكميات البيع والشراء في السوق الدولية لتقييم أثرها في السعر .وهكذا ،من األفضل أن ننظر إلى حركية المتوسطات الفصلية والسنوية للطلب والعرض وتغييرات السعر المرافقة ،لكي نتوصل إلى حكم أكثر دقة على العالقة بين هذه المتغيرات. يؤكد لنا الشكل ( )1ما خلصنا إليه أعاله من عدم قدرة معادلة العرض والطلب وحدها على تفسير حركية مؤخرا ،فنحن نالحظ أنه خالل فترات تخمة المعروض النفطي في السوق العالمية -كما هو أسعار النفط ً
كبير جدا) والربع الثاني الوضع خالل الربعين األول والثاني من عام ( 2102كان الفارق بين العرض والطلب ًا أسعار مرتفعة ،في حين أنه فقط في الربع ًا من عام 2100واألرباع الثالثة األولى من - 2102حقق النفط
األخير من ،2102عندما تقلص حجم متوسط الفائض اليومي إلى 001آالف برميل ،نتيجة انخفاض العرض الر للبرميل .في المقابل ،في أوقات العالمي بشكل بسيط واستمرار زيادة الطلب ،تناقص السعر إلى 90.01دو ًا 01
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ أخرى عندما لم تكن فوارق الطلب عن العرض كبيرة جدا (في الربعين الثالث والرابع من عام )2102سجل تقبل النظرية القائلة بأن العالقة بين العرض والطلب هي السعر مستويات مرتفعة .وعليه ،نجد أنه من الصعب ّ
العامل الرئيس والوحيد في تحديد سعر النفط على األقل في األعوام األخيرة.
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.
واذا أردنا اختبار فرضيتنا حول دور العالقة بين العرض والطلب في تحديد تغيرات متوسطات األسعار السنوية للنفط فلنتأمل الشكل ( .)9إذ نالحظ أنه عندما كانت مستويات العرض أكبر من الطلب خالل األعوام 211. تفعا .وعندما كانت الفروق بين مستويات العرض -الطلب محدودة جدا ،أو و 2100و ،2102كان السعر مر ً
أشد عندما فاق الطلب على النفط عرضه ،كما هو الحال خالل األعوام 2111و 2119و ،2117كان السعر ّ
ضا عن مستواه عندما تفوق العرض على الطلب. انخفا ً أن مستويات العرض والطلب ليست هي المحدد الوحيد لتغيرات أسعار النفط في األعوام إ ًذا ،يمكن أن نستنتج ّ األخيرة .في المقابل ،قد يقول قائل إنه خالل الفترة ( ،)2102 – 2117القفزات السنوية المتتالية لمستويات
00
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط الطلب -يمكن قياسها بالتغير المئوي السنوي لحجم الطلب بين سنة وأخرى سابقة لها -قد كان لها شأن في صحيحا على اإلطالق ،فيما لو لم تزدد كميات نعد هذا الكالم تحفيز ارتفاع األسعار! في الواقع ،كان يمكن أن ّ ً
سنويا وبنسب فاقت العرض ترافقًا مع زيادة كميات الطلب ،لكن الذي حصل هو ّ أن كميات المعروض ارتفعت ً نسبيا) ،نتيجة للزيادة في نسب زيادة الطلب ً أحيانا ،ومع ذلك لم تنخفض األسعار ّإال عام ( 2102انخفضت ً
العرض التي كانت أكبر من زيادة الطلب.
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.
أن كميات المعروض من النفط والوقود السائل من خارج األوبك قد واذا نظرنا إلى الشكل ( ،)8فإننا نالحظ ّ
ارتفعت من 01.1مليون برميل عام 2117إلى 02.0مليون برميل عام ،2100أي بزيادة حوالى %9مقارنة بزيادة قدرها حوالى %0.0بين شهري كانون الثاني /يناير ،وكانون األول /ديسمبر 2102من 02.9إلى حوالى 01.2مليون برميل (انظر الشكل ( .))2وفي حين ترافقت زيادة اإلنتاج من خارج األوبك خالل الفترة ( )2100 – 2117بارتفاع أسعار نفط غربي تكساس بحوالى ،%0.فإنها في الحالة الثانية أي خالل الفترة (كانون الثاني /يناير – كانون األول /ديسمبر ،)2102ترافقت بانخفاض األسعار بحوالى .%0. 02
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ بالنتيجة ،يمكن القول – نظرًيا -إ ّن توازن مستويات الطلب والعرض له شأن في تحديد أسعار النفط ،لكن
فمثال يبين تقرير لبنك عمليا هناك تباين في تقدير دور معادلة العرض والطلب في تفسير تغيرات السعر مؤخراً ، ً ً
التسويات الدولية -وهو المؤسسة الدولية األقدم في العالم منذ عام ،0701ويضم في عضويته 11بن ًكا أن االنخفاضات التي حصلت في سعر النفط سابقًا عامي 0771و ،211.ترافقت بانخفاض كبير مركزًيا ّ - في الطلب خاللهما وتوسع كبير في اإلنتاج عام .211.في حين أنه في عام ،2102كان اإلنتاج قر ًيبا مما
ثم فتغيراتها (أي العرض والطلب) ال تكفي لتبرير أن الطلب أقل بقليل مما كان كان متوقعا ،و ّ ً ً متوقعا ،ومن ّ حركة األسعار .10في المقابل ،يشير صندوق النقد الدولي إلى احتمال وجود دور لمعادلة العرض والطلب في أن قرار تفسير تغيرات السعر نتيجة زيادة العرض وتراجع الطلب عما كان يضاّ ، متوقعا ،لكن يبين الصندوق أ ً ً
يسمى عامل "التوقعات" أو األوبك بتثبيت اإلنتاج اليومي كان ذا شأن محوري من خالل تأثيره في ما ّ
"المضاربات" في السوق العالمية للنفط .11وهذا ما سنلقي الضوء عليه الحقًا خالل استعراض جملة من العوامل األخرى التي نعتقد أنها تؤثّر في ديناميكية أسعار النفط. الشكل ( )8متوسط إنتاج واستهالك النفط والوقود السائل من األوبك وخارجها
مليون برميل يوميا
60
انتاج خارج االوبك من النفط والوقود السائل
50 40
انتاج االوبك من النفط والوقود السائل
30
20 10 0 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014
المصدر :إدارة معلومات الطاقة األميركية.
10
انظر بنك التسويات الدولية ،على الرابطhttp://www.bis.org/statistics/gli/gli1502graph1.jpg :
11انظرhttp://blog-imfdirect.imf.org/2014/12/22/seven-questions-about-the-recent-oil-price-slump/ :
00
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط
.2عوامل أخرى تؤثر في أسعار النفط من حيث المبدأ ،هناك عوامل أخرى تؤثر في سعر النفط إضافة إلى ديناميكية العرض والطلب -تتحدد بمستويات االنتاج واالستهالك -ولها عالقة مباشرة بمعادلة العرض والطلب ،وبعض هذه العوامل يتعلق بسلوكيات الالعبين الرؤساء وأفعالهم في سوق النفط العالمي ،كالمنتجين والمستهلكين والوسطاء والمضاربين والمستثمرين الماليين .وبعضها اآلخر ينجم عن عوامل ال إرادية ،خارجة عن نطاق التحكم والسيطرة كاالضط اربات السياسية ،والكوارث ،والحروب ،والنزاعات التي تهدد أماكن اإلنتاج أو قنوات التوريد أو حتى أماكن االستهالك. في ما يخص العوامل السلوكية فهي تشمل أفعال مجموعة العارضين (البائعين) ،والمستهلكين (المشترين)، وردات أفعالهم في السوق النفطية والبورصات العالمية .ويمكن التمييز بين والمستثمرين الماليين (المضاربين) ّ هذه العوامل على عدة مستويات .المستوى األول ،ويتعلق بسلوك المنتجين (العارضين) وق ارراتهم حول كميات مثال رغبتهم في حماية حصصهم االنتاج والبيع للسوق العالمية والسعر الذي يقبلون البيع به ،لعوامل عدة منها ً خصوصا عند توفر كميات كبيرة من المعروض ،ما يجعل العارضين في السوق العالمية أمام منافسيهم، ً (المزودين) يدخلون في نوع من حروب أسعار ،تتمثل في تخفيضات على أسعار المبيع للتأثير في قدرة منافسيهم خصوصا في حالة ارتفاع تكلفة اإلنتاج لدى منافسيهم .وهذا ما دأبت منظمة األوبك على تك ارره على البيع، ً
مؤخر لتبرير قرارها في شهر تشرين الثاني /نوفمبر ،2102بعدم تخفيض سقف اإلنتاج من أجل الدفاع عن ًا
أسعار النفط ،وذلك في ظل عدم قبول الموردين من خارج األوبك تخفيض سقوف االنتاج .وهكذا ،في مثل هذه
الحاالت تصبح ق اررات المعروض النفطي مستقلة عن السعر .12وفي هذا السياق ،قد يفسر بعض المحللين لجوء المنتجين إلى استخدام ق اررات المعروض النفطي بمعزل عن مستويات األسعار ،على أنه أداة لممارسة ضغوط اقتصادية على بعض الدول المنافسة التي يمكن أن تتأثر اقتصاداتها بانخفاض األسعار بصورة سلبية، 12 أن درجة االستقالل نسبية ،وقد تكون موقتة ريثما تخدم تحقيق الهدف الذي دفع إلى اتخاذ الق اررات في األصل ،وفي تجدر اإلشارة إلى ّ ضمنيا عنصر التكلفة وهوامش الربح سيعاود ممارسة تأثيره في ق اررات المنتجين. أن عامل السعر الذي يحتوي نهاية األمر ال شك ّ ً
02
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ وقد يؤثر في مواقفها السياسية تجاه عدد من القضايا التي تتباين فيها من حيث وجهات النظر مع الدول المنتجة مؤخر من تفسيرات تعلل موقف منظمة األوبك األخير ًا األخرى .وخير دليل على ذلك ،ما يسود بعض األروقة بعدم تخفيض سقف اإلنتاج ،على الرغم من انخفاض السعر ،بأنه محاولة إللحاق أضرار اقتصادية بعدد من
الدول ومنها إيران وروسيا والعراق ،بغية التأثير في سياساتها المتبعة تجاه قضايا الشرق األوسط ومناطق أخرى. وهنا نود أن ننوه إلى أننا نعتقد في عدم صالحية تفسيرات كهذه -على األقل في الحالة الراهنة -ألن الضرر حجما عن الضرر الذي الذي حاق باقتصاديات الدول المنتجة ضمن األوبك ،نتيجة انخفاض األسعار ،ال يقل ً عجز في أن موازناتها المالية ستحقق ًا أصاب اقتصاديات الدول المنتجة األخرى داخل األوبك وخارجها ،ذلك ّ
العام الجاري في حال استمر وضع األسعار على ما هو عليه أو في حال تدهوره أكثر .وهذا سيهدد خططها التوسعية اإلنمائية ،وسيجبرها على اللجوء إلى احتياطياتها الداخلية والخارجية ،وهو ليس في مصلحتها على طبعا ال ننفي أن الضرر على االقتصاد الروسي واإليراني والعراقي سيكون أكبر ،ولكن يعود ذلك األطالقً . أن العقوبات الغربية -والتي بدأت إلى عوامل أخرى غير انخفاض سعر النفط .ففي حالة روسيا وايران ،يبدو ّ
يضا في حالة العراق، قبل انخفاض سعر النفط – قد أثّرت سلبًيا في اقتصاديهما كما هو تأثير انخفاض النفط .أ ً
النزاع الدائر فيها ،وتكلفة الحرب على ما يسمى داعش يخلقان ضغوطًا كبيرة على اقتصادها ،وقد فاقم انخفاض ئيسا لها .ومن ناحية أخرى ،حتى أميركا التي درج البعض سعر النفط من حجم هذه الضغوط ،ولكنه ليس ً سببا ر ً على اتهامها بالتنسيق مع السعودية لإلضرار باألخرين قد تضررت صناعة النفط فيها ،مع خروج عدد كبير من حفارات النفط الصخري من الخدمة ،نتيجة انخفاض السعر وارتفاع تكلفتها.
فإن حاجاتهم للنفط تتنوع بين راهنة وآجلة ،وكذلك ق ارراتهم بالشراء وفي ما يخص سلوك المستهلكين (المشترين)ّ ، تتأثر بحالة السعر الراهنة ،وبتوقعاتهم المستقبلية له .ففي حالة وجود حاجة ملحة وراهنة للنفط لتلبية احتياجاتهم
اإلنتاجية واالستهالكية ،سيقبلون على شرائه مهما كان سعره ،وهذا قد يفسر جز ًئيا ما حصل خالل الفترة
فإنه قد ازداد حجم الطلب على سلعة ( ،)2100 – 2101ذلك أنه على الرغم من ارتفاع سعر النفط آنذاكّ ، النفط ،نتيجة النشاط االقتصادي في بعض االقتصادات الناشئة .ال بل إنه عندما تسود حالة من االعتقاد أو
تحسبا فإن المستهلكين سيسارعون إلى شراء كميات أكبر (عقود شراء فورية أو آجلة) التوقع بارتفاع األسعارّ ، ً الرتفاع األسعار وأثره في زيادة تكلفة الحصول على النفط ،ما يؤثّر في تكاليف اإلنتاج النهائية.
00
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط في المقابل ،من الطبيعي أن ينخفض مستوى اإلقبال على شراء النفط ،عند تراجع حركة النشاط االقتصادي مرحليا ،ما قد يخلق ضغوطًا نحو انخفاض السعر، فعليا) أو حتى في ظل توقع بدء التراجع ً (عند بدء التراجع ً والذي يعزز من قوتها وفرة المعروض .آنذاك ،وفي حال بدء انخفاض السعر واستم ارره لفترة معينة ،سيعمد
المشترون إلى تخفيض كميات الشراء الفوري (الراهن) ،بما أ ّن حاجتهم له أقل بسبب بطء النشاط االقتصادي توقعا منهم الستمرار انخفاض األسعار ،ووفرة الخيارات لديهم ،كما أنهم قد يمتنعون تما ًما عن الشراء اآلجلً ،
المتاحة للحصول عليه عند الحاجة وبأسعار أقل ،ما يخفض تكلفة حصولهم عليه .وهذا يعني في نهاية المطاف أن مستوى الطلب الكلي العالمي على النفط سينخفض ،األمر الذي من شأنه أن يعزز قوة الضغوط في اتجاه ّ سوء زيادة المعروض العالمي .ونعتقد أ ّن هذا التحليل يفسر إلى حد خفض السعر أكثر فأكثر ،وسيزيد األمر ً ما تغيرات األسعار التي حدثت مع نهاية عام ،2102في ظل توافر تقديرات مسبقة عن انخفاض مستوى
متوقعا لها. الطلب العالمي ،نتيجة بطء حركة االقتصاد عما كان ً أن التحليل السابق قد يستطيع أن يفسر وجود االتجاه التنازلي في األسعار مع منتصف عام ،2102 ال شك في ّ
يوضح مستوى االنخفاض الذي حصل مع نهاية عام ،2102والذي فاق كل التوقعات. لكن من الصعب أن ّ
أن المتابع ألسعار النفط في األعوام األخيرة سيدرك أنها مبالغ وهنا يبرز دور عامل آخر وهو "المضاربة" .ذلك ّ
فيها ،وأنها نجمت عن مضاربات نتيجة عمليات شراء محمومة ألسهم وسندات لشركات نفطية وعقود شراء وبيع طمعا في تحقيق هوامش ربح كبيرة عند تجسيد الصفقات ،وهذا أسلوب متبع في قسم كبير من صفقات مستقبليةً ، األسواق العالمية ،يتبعه المضاربون والمستثمرون الماليون الذين يسعون لتحقيق أرباح كبيرة من خالل فروق
أسعار البيع والشراء الفوري واآلجل .وهم عادة ما يتخذون ق اررات البيع والشراء متأثرين باألوضاع الجيوسياسية (بناء على ودرجة الثقة في االقتصاد العالمي .وبناء عليه ،فهم يسارعون للشراء عند توقعهم ارتفاع األسعار ً مؤشرات جيدة لالقتصاد العالمي ،أو أنباء حسنة عن سيرورة النظام الدولي العالمي والحالة السياسية فيه ،أو
عن تفاهمات دول األوبك في ما بينها ومع غيرها) ،ما يفاقم حدة االرتفاعات في األسعار .كما يسارع المضاربون للبيع عند بدء انخفاض األسعار (سواء في حالة ضعف أداء االقتصاد العالمي ،أو حصول اضطرابات جيوسياسية ،أو نشوب خالفات داخلية بين دول األوبك أو مع الموردين اآلخرين من خارجها) ،وذلك خوفًا من فقدان أرباحهم أو حتى تعرضهم لخسائر ،ما يساهم في تعميق انخفاض األسعار.
01
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ وا ّن أكبر دليل على دور المضاربات في تحديد أسعار النفط ما ورد في بيان األوبك بتاريخ 29تشرين
الثاني /نوفمبر ،عندما قررت الحفاظ على سقف اإلنتاج ،فقد تضمن البيان وبصيغة صريحة أ ّن الدول األعضاء طلبت من األمين العام االستمرار في المتابعة اللصيقة لتطورات السوق ،ومراقبة العوامل األخرى غير الجوهرية
المؤثرة في السعر مثل نشاطات المضاربة ،واطالع الدول األعضاء على آخر المستجدات .وهذا يعكس إدراك األوبك حقيقة مساهمة المضاربات في األسواق المالية في اصطناع سعر زائف لبرميل النفط وتضخيمه .األمر الذي أكده وزير النفط السعودي علي النعيمي خالل مقابلته مع نشرة "ميس" االقتصادية ،13عندما أشار إلى عودا أو نزوًال ألن هناك مستثمرين ومضاربين شغلهم الشاغل دفع األسعار ص ً توقعه استمرار انخفاض السعرّ ،
لكسب المال .كما أشار إليه األمين العام لألوبك عبد اهلل البدري خالل المنتدى اإلستراتيجي العربي الذي عقد في دبي شهر أيلول /سبتمبر ،2102عندما ذكر أنه ال يمكن تفسير انهيار األسعار بعاملي العرض والطلب،
14 أيضا ،على ذلك ّ أن زيادات العرض والطلب كانت طفيفة ،واّنما هناك شأن كبير للمضاربات .ويمكن الوقوف ً
حقيقة دور المضاربات في زيادة حدة هبوط األسعار ،من خالل ما أشارت إليه األوبك في تقريرها عن سوق
النفط لشهر كانون األول /ديسمبر حول نشاطات المضاربة ،ودور عمليات تداول عقود النفط اآلجلة في تخفيض األسعار .152102فنتيجة لتوقعات االستمرار في استمرار انخفاض األسعار لدى المتعاملين في سوق النفط والمضاربين ،جرت عمليات استبدال عقود شراء النفط وبيعه الطويلة األجل والمفتوحة األجل بعقود شراء وبيع مثال ،انخفضت العقود الطويلة األجل في نيمكس غرب تكساس قصيرة األجل .ففي شهر تشرين الثاني /نوفمبرً ، بنسبة ،%0.2وارتفعت العقود القصيرة األجل بنسبة .%21 أن عمليات المضاربة -أي ق اررات شراء أي أصول مالية أو بيعها (أسهم ،أو سندات ،أو وتجدر اإلشارة إلى ّ
غالبا ما ترتبط بعنصر التوقعات حول أوضاع السوق المستقبلية أوراق مالية أخرى) من المستثمرين الماليين ً - أن التغيرات وتغيراته .وهنا نشير إلى ما خلص إليه تقرير حديث أ ّ عده بنك التسويات الدولية ،والذي يشير إلى ّ
13
لقاء النعيمي مع نشرة "ميس" (.(MEES " األمين العام لألوبك يلمح إلى تسبب المضاربين في انخفاض األسعار ويستبعد فرضية الضرر بروسيا وايران" ،الشرق األوسط،
14
.2102/02/02 15
المرجع نفسه.
09
قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط الحادة التي حصلت في أسعار النفط ،هي مرآة لعامل التوقعات لدى المستثمرين الماليين في السوق العالمية الذين أصابهم الهلع ،بعد قرار األوبك عدم تخفيض اإلنتاج اليومي ،ودفع بهم إلى بيع األصول المالية ذات يسمى "عقود المبادالت ،16"SAWPما عمق انخفاض السعر. العالقة بالنفط ً خصوصا ما ّ ضا ،نقطة مهمة -يعتقد البنك أنها ساهمت في امتناع بعض المنتجين عن تخفيض كما يضيء التقرير أي ً
عمق انخفاض أسعار النفط -وهي الزيادة الملحوظة في حجم إنتاجهم من النفط ،بعد بدء تراجع األسعار ،ما ّ
مقدار الديون في قطاع الطاقة ،نتيجة التوسع في عمليات االستكشاف والحفر والتنقيب ،إذ بلغ متوسط معدل
النمو السنوي في حجم الديون في قطاع الطاقة خالل الفترة ( )2102 - 2111حوالى ،%21في دول األوبك والدول الناشئة وحوالى ،%00في دول منظمة التنمية والتعاون االقتصادي وحوالى ،%01في أميركا .بالنتيجة، عرض الميزانيات المالية لهؤالء المنتجين ّ فإن انخفاض السعر الذي حصل في النصف الثاني من عام ّ ،2102 وحد من قدرتهم على دفع الفوائد المستحقة على ديونهم ،ما دفعهم التخاذ قرار الحفاظ على مستويات للخطرّ ، ظا على تدفق العوائد النفطية الالزمة لتسديد التزاماتهم المالية للدائنين ،األمر الذي اإلنتاج وعدم تخفيضها ،حفا ً عزز انخفاض السعر أكثر فأكثر ،17وهذا يجعلنا نطرح أسئلة عن صوابية ق اررات المنتجين بعدم تخفيض اإلنتاج خصوصا بين من هم خارج األوبك ومن هم داخلها، آنذاك ،وعدم التوصل لتفاهمات وتسويات تحمي مصالحهم، ً
وعن إمكانية التوصل لمثل هذه التفاهمات في القريب العاجل ،وعن تداعيات انخفاض األسعار على الدول
المنتجة ،وقدرة تحملها ألعباء التدهور في أسعار النفط.18 فإن القاعدة العامة هي أنه في حال وفي ما يخص أثر الكوارث والحروب والنزاعات في تغيرات سعر النفطّ ،
فإن ذلك يمثّل ضغوطًا تصاعدية على سعر النفط ،نتيجة نشوبها في أماكن اإلنتاج أو تهديدها لطرق اإلمدادّ ،
لتوقع نقص المعروض في السوق العالمية ،ويترافق ذلك عادة مع زيادة طلب المستهلكين على سلعة النفط،
16
وهي نوع من المشتقات المالية التي يتم تداولها في السوق المالية العالمية ،وتستخدم ألغراض التحسب لمخاطر تغيرات أسعار الفائدة أو
أسعار الصرف ،إذ يتم االتفاق بين طرفين على تبادل ملكية أصل مالي ما ،مثل عقود بيع النفط بسعر ثابت ،مقابل عقود بيع النفط بسعر
متغير خالل فترة زمنية معينة. 17 18
انظر الرابط التاليhttp://www.bis.org/statistics/gli/gli1502graph1.jpg : وتمحيصا معمقين. يتطلب الوقوف عند هذه األسئلة بحثًا ً
0.
بي لألبحاث ودراسة السياسات المركز العر ّ خوفًا من عدم توافرها عند الحاجة إليها وزيادة إقبال المضاربين الماليين على شراء األصول المالية المتعلقة بالنفط ،ما يؤدي في نهاية األمر إلى ارتفاع سعره في األسواق العالمية .بالنسبة إلى التغيرات األخيرة ،ال يبدو ألن -في النهاية أن النزاع الدائر في ليبيا والعراق وسورية قد أثر في حركة األسعار نحو الصعود ربما ّ ّ
-كميات المعروض من خارج األوبك طمأنت المتعاملين في األسواق إلى وجود ما يعوض النقص .في المقابل،
أن بيع النفط المسروق من بعض الحقول في تلك الدول بأسعار بخسة ربما قد ساهم في تخفيض السعر. يبدو ّ
خاتمة أن ديناميكية أسعار النفط معقدة ومتشابكة ،وتحمل في طياتها عدة عوامل متباينة في االتجاه الحصيلة ،يبدو ّ حيانا أخرى لمصلحة عوامل أخرى .فمن جهة يؤثر توازن حينا وينحسر أ ً واألثر والثقل ،وقد يطغى ثقل بعضها ً
فإن مجموعة العوامل السلوكية -النفسية العرض والطلب وتغيراتهما في ديناميكية األسعار .ومن جهة أخرىّ ، والمتعلقة برؤية المتعاملين في السوق النفطية والمالية وتوقعاتهم (المنتجين ،والمستهلكين ،والمستثمرين
والمضاربين) لها شأن مهم هي األخرى في رسم اتجاهات األسعار .ناهيك عن دور العوامل واالضطرابات دور هي كذلك ،لكن حجم الدور وأثره يتحدد بمدى تأثيرها في مجموعة العوامل السابقة الجيوسياسية التي تمارس ًا
الذكر.
07