جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

Page 1





‫جريمة المحاكمات العسكرية‬ ‫للمدنيين فى مصر‬ ‫‪ -‬اإلئتالف العالمي للحقوق و الحريات ‪-‬‬


‫‪6‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫المحتوى‬ ‫املقدمة ‪8 .........................................................................................................................‬‬ ‫القسم األول ‪ :‬واقع املحاكامت العسكرية للمدنيني ىف مرص ‪10 ..................................................‬‬ ‫ما قبل ثورة ‪ 25‬يناير ‪10 ..................................................................................................... 2011‬‬ ‫ما بعد ثورة ‪ 25‬يناير ‪10 ..................................................................................................... 2011‬‬ ‫خطوات إحالة املدنيني إىل القضاء العسكري بعد أحداث ‪ 30‬يونيو‪10 ........................................ 2013‬‬ ‫سلسلة الترشيعات التي مهدت بها سلطات االنقالب العسكري ىف مرص لرشعنة املحاكامت العسكرية للمدنيني‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬إقرار الدستور املرصي الجديد ‪11 ..........................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إصدار التعديالت عىل قانون القضاء العسكري ‪11 ...................................................................‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬إصدار قانون حامية املنشأت ‪13 ..........................................................................................‬‬ ‫رابعا ‪ :‬إصدار الكتاب الدوري للنائب العام رقم ‪ 14‬لسنه ‪13 ................................................... 2014‬‬

‫القسم الثاين ‪ :‬الطبيعة القانونية للقايض و القضاء العسكري ‪15 .................................................‬‬ ‫الطبيعة القانونية للقضاء العسكري يف مرص ‪15 ...............................................................................‬‬ ‫املركز القانوين للقايض العسكري ‪16 ...............................................................................................‬‬

‫القسم الثالث ‪ :‬انتهاكات املحاكم العسكرية ملعايري حقوق اإلنسان ‪18 .......................................‬‬ ‫أوالً ‪ :‬املحاكم العسكرية وانتهاك ضامنات املحاكمة املنصفة واستقالل القضاء ‪19 .................................‬‬ ‫املالحظة األويل‪ :‬املحاكم العسكرية انتهاك مستمر الستقالل القضاء والحق يف املحاكمة‬ ‫العادلةواملنصفة ‪20 ....................................................................................................................‬‬ ‫املالحظة الثانية‪ :‬تعيني قضاة املحاكم العسكرية يتعارض مع استقالل السلطة القضائية ‪20 ...................‬‬ ‫املالحظة الثالثة‪ :‬القضاء العسكري يخرج عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانون‬ ‫اإلجراءات الجنائية ‪21................................................................................................................‬‬ ‫املالحظة الرابعة‪ :‬عدم صالحية الضباط العسكريني كقضاة بخصوص محاكمة املدنيني ‪21......................‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫املالحظة الخامسة‪ :‬القضاء العسكري يخل بالحق يف الدفاع يف حاالت عدة ‪22 ......................................‬‬ ‫املالحظة السادسة‪ :‬عدم فاعلية القضاء العسكري يف القضاء نهائيا عىل أعامل البلطجة والعنف‬ ‫اإلجرامي أو حوادث التعرض للمنشأت العامة ‪22 ............................................................................‬‬

‫ضامنات الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة املنصوص عليها يف املواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬الحق يف عدم التعرض للقبض عليه أو االعتقال التعسفي ‪23 .......................................................‬‬ ‫ثانياً ‪ :‬الحق يف إبالغ أرسة املتهم بنبأ القبض عليه ‪23 ........................................................................‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬الحق يف إعادة النظر يف االحتجاز ‪23 ......................................................................................‬‬ ‫رابعاً ‪ :‬الحق يف افرتاض الرباءة ‪23 ..................................................................................................‬‬ ‫خامساً‪ :‬الحق يف رسعة إجراء العدالة ‪23 .........................................................................................‬‬ ‫سادساً‪ :‬الحق يف عالنية املحاكمة ‪23 ...............................................................................................‬‬ ‫سابعاً‪ :‬إتاحة ما يكفي من الوقت والتسهيالت للدفاع ‪24 .................................................................‬‬ ‫ثامناً‪ :‬استقالل السلطة القضائية ‪24 ...............................................................................................‬‬

‫الخامتة و التوصيات ‪25 .......................................................................................................‬‬

‫‪7‬‬


‫‪8‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫المقدمة‬ ‫يبدو أننا سنظل نعاين من نزيف املحاكامت العسكرية للمدنيني‪ ،‬الذي مل يتوقف منذ االنقالب العسكري ىف ‪ 2591‬وإعالن‬ ‫ ‬ ‫الجمهورية ليومنا هذا‪ ،‬فمنذ هذا التاريخ أصبح املدنيني ىف مرص عىل موعد مع موجات من املحاكامت العسكرية للمدنيني‪ ،‬ىف مشهد‬ ‫يعطي داللة أن هذا البلد مازال تحت قبضة العسكريني إدارة وسياسة وقضاء ‪.‬‬ ‫العسكريني ىف مرص اعتمدوا ىف كل مرة فرضوا فيها املحاكامت العسكرية وقدموا مدنيني أمامها عىل عدد من التربيرات قانونية كانت‬ ‫أو اجتامعية ألنهم يعلمون جيدا ً أن هذا النوع من املحاكامت منبوذ فقهاً وقانوناً عىل الصعيد الداخيل أو الدويل ‪.‬‬ ‫الشاهد أن ذروة استخدام عقاب املحاكامت العسكرية ضد املدنيني ىف مرص كان مرتبطا بشكل كبري باستيالء العسكر عىل السلطة أو‬ ‫وجودهم ىف سدة الحكم‪ ،‬بحيث تأيت معه كل أدواته القمعية فتنزل املجتزرات إىل الشوارع ويعود الحاكم العسكري إىل رئاسة األحياء‬ ‫واملدن واملحافظات وتعود املحاكامت العسكرية للواجهة إلضفاء املرشوعية الجنائية عىل من يلقي القبض عليه‪.‬‬ ‫واملحاكم العسكرية تعد أقوى صورة من صور انتهاك الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة‪ ،‬فهي ال تختص مبحاكمة العسكريني فقط‬ ‫أو الجرائم العسكرية‪ ،‬بل امتد سلطان اختصاصها ليشمل املدنيني املرتكبني لبعض الجرائم الواردة بالباب األول من الكتاب الثاين من‬ ‫قانون العقوبات‪.‬‬ ‫لقد أرست العديد من صكوك حقوق اإلنسان الدولية الحق يف محاكمة منصفة وعلنية‪ .‬وتنص املادة ‪ 01‬من اإلعالن العاملي لحقوق‬ ‫اإلنسان عىل أن “لكل إنسان‪ ،‬عىل قدم املساواة التامة مع اآلخرين‪ ،‬الحق يف نظرنا منصفاً وعلنياً‪...‬يف أية تهمة جزائية توجه إليه”‪.1‬‬ ‫وتضيف املادة ‪ 11‬أن “كل شخص متهم بجرمية يعترب بريئا إىل أن يثبت ارتكابه لها قانوناً يف محاكمة علنية‪ ”...‬وباإلضافة إىل ذلك‪،‬‬ ‫تنص املادة ‪ 41‬من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل أنه “‪...‬من حق كل فرد لدى الفصل يف أية تهمة جزائية توجه‬ ‫إليه أو يف حقوقه والتزاماته يف أية دعوى مدنية‪ ،‬أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة وحيادية‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫منشأة بحكم القانون‪”.‬‬ ‫وباإلضافة إىل ذلك‪ ،‬تضمن املعاهدات اإلقليمية الحق يف محاكمة منصفة وعلنية‪ .‬حيث تنص املادة ‪ 8‬البند (‪ )5‬من االتفاقية األمريكية‬ ‫لحقوق اإلنسان عىل أن تكون اإلجراءات الجنائية علنية‪ ،‬بينام ت ُريس املادة ‪ 6‬من االتفاقية األوروبية لحامية حقوق اإلنسان والحريات‬ ‫األساسية حق كل شخص يف أن تكون قضيته محل نظر علني “عند الفصل يف حقوقه والتزاماته املدنية أو يف أي تهمة جزائية توجه‬ ‫إليه‪ ”3...‬كام أن املادة ‪ 7‬من امليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب تضمن أن لكل فرد الحق يف أن يُنظر يف قضيته‪.4‬‬ ‫وعمالً بالبند ‪ 3‬من املادة ‪ 41‬من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‪ ،‬فإن لكل شخص أن يتمتع أثناء النظر يف قضيته‬ ‫وعىل قدم املساواة التامة بالضامنات الدنيا التالية الالزمة للدفاع عنه‪:‬‬ ‫(أ) أن يتم إعالمه رسيعا وبالتفصيل ‪ ،‬ويف لغة يفهمها‪ ،‬بطبيعة التهمة املوجهة إليه وأسبابها‪.‬‬ ‫(ب) أن يُعطى من الوقت ومن التسهيالت ما يكفيه إلعداد دفاعه ولالتصال مبحام يختاره بنفسه‪.‬‬ ‫ ‪1‬‬ ‫‪ 2‬‬ ‫‪ 3‬‬ ‫‪ 4‬‬

‫أنظر اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان ‪http://www.un.org/ar/documents/udhr/‬‬ ‫أنظر العهد الدويل للحقوق املدنية و السياسية ‪http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b003.html‬‬ ‫أنظر ‪http://www1.umn.edu/humanrts/arab/am2.html‬‬ ‫أنظر ‪http://www1.umn.edu/humanrts/arab/a005.html‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫(ج) أن يحاكم دون تأخري ال مربر له‪.‬‬ ‫(د) أن يحاكم حضوريا‪ ،‬وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره‪ ،‬وأن يُخطَر بحقه يف وجود من يدافع عنه‪ ،‬وأن‬ ‫تزوده املحكمة حكام‪ ،‬كلام كانت مصلحة العدالة تقتيض ذلك‪ ،‬مبحام يدافع عنه‪ ،‬دون تحميله أجرا عىل ذلك إذا كان ال ميلك الوسائل‬ ‫الكافية لدفع هذا األجر‪.‬‬ ‫(هـ) أن يناقش شهود االتهام بنفسه أو من قبل غريه‪ ،‬وأن يحصل عىل املوافقة عىل استدعاء شهود النفي بذات الرشوط املطبقة يف‬ ‫حالة شهود االتهام‪.‬‬ ‫(و) أن يُز َّود مجانا برتجامن إذا كان ال يفهم أو ال يتكلم اللغة املستخدمة يف املحكمة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫(ز) أال يُكره عىل الشهادة ضد نفسه أو عىل االعرتاف بذنب‪.‬‬

‫النظام اإلجرايئ املرصي عرف عددا ً كبريا ً من املحاكم الخاصة‪ ،‬إال أن أهم تلك املحاكم وأخطرها هي املحاكم العسكرية والتى نظمت‬ ‫بقانون األحكام العسكرية رقم ‪ 52‬لسنة‪ ، 6691‬وجعل اختصاصها منوطا مبعايري ثالثة‪ :‬وهي املعيار الشخيص‪ ،‬واملكاين‪ ،‬واملوضوعي‪،‬‬ ‫فاألول يعني اختصاص املحاكم العسكرية بنظر الدعاوى الجنائية للجرائم التى تقع من األشخاص الخاضعني لقانون األحكام العسكرية‪،‬‬ ‫أو تلك التى تقع عىل أحد االشخاص الخاضعني لقانون األحكام العسكرية‪.‬‬ ‫أما املعيار املكاين فهو يقصد به الجرائم التى تقع يف املعسكرات والثكنات أو املؤسسات أو غريها من املنشات العسكرية‪ ،‬واملعيار‬ ‫الثالث وهو املوضوعي فهو يجعل املحكمة العسكرية مختصة بالجرائم التى تقع عىل معدات ومهامت وأسلحة وذخائر ووثائق وأرسار‬ ‫عسكرية ‪.‬‬ ‫ويف هذا اإلطار يأيت تقرير االئتالف العاملي للحريات و الحقوق” جرمية املحاكامت العسكرية للمدنيني ىف مرص “ ‪ ،‬متضمنا النقاط‬ ‫التالية ‪:‬‬ ‫أوالُ‪ :‬واقع املحاكامت العسكرية للمدنيني ىف مرص ‪.‬‬ ‫ثانياً ‪:‬الطبيعة القانونية للقايض و القضاء العسكري ‪.‬‬ ‫ثالثاً ‪ :‬انتهاكات املحاكم العسكرية ملعايري حقوق اإلنسان‬ ‫رابعا ‪ :‬الخامتة والتوصيات ‪.‬‬

‫ملزيد من املعلومات التفصيلية عن املعايري الدولية لإلنصاف يف املحاكامت‪ ،‬أنظر التقرير املقدم من أعضاء اللجنة الفرعية ستانيسالف شرينيشينكو ووليام‬ ‫‪ 5‬‬ ‫تريت‪E/CN.4/Sub.2/1994/24 (1994) ،‬‬

‫‪9‬‬


‫‪10‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫القسم األول ‪ :‬واقع المحاكمات‬ ‫العسكرية للمدنيين فى مصر‬ ‫ما قبل ثورة ‪ 52‬يناير ‪. 1102‬‬

‫يف غضون التسعينيات من القرن املايض و يف ظل تصاعد حدة أعامل العنف املسلح من قبل بعض الجامعات اإلسالمية املسلحة‪ ،‬بدأ‬ ‫مسلسل إحالة املدنيني إىل املحاكامت العسكرية‪ ،‬و كانت أوىل تلك القضايا يف اكتوبر ‪ 2991‬حينام أحال رئيس الجمهورية ‪ 84‬متهام يف‬ ‫القضية التى عرفت اعالميا باسم العائدون من افغانستان و تنظيم الجهاد‪ ،‬و أصدرت املحكمة العسكرية آنذاك أحكاما مغلظة حيث‬ ‫حكمت بإعدام مثانية متهمني ‪ ،‬و قد توالت عملية إحالة املدنني إىل املحاكم العسكرية إىل أن أصبح عدد القضايا التى أحيلت إىل‬ ‫املحاكم العسكرية ‪ 63‬قضية‪ ،‬كان نصيب جامعة اإلخوان املسلمني منها ‪ 7‬قضايا كان آخرها قضية املحكمة العسكرية التي اتهم فيها‬ ‫‪ 04‬شخصا؛ وقد حكمت تلك املحاكم العسكرية بالعديد من أحكام اإلعدام عىل أعداد كبرية من املتهمني املاثلني أمامها وتم تنفيذ تلك‬ ‫األحكام عىل ما ال يقل عن ‪ 79‬مواطن مرصي لقوا حتفهم شنقاً‪.‬‬

‫ما بعد ثورة ‪ 52‬يناير ‪. 1102‬‬

‫مل تشهد مرص ىف تاريخها مثل هذا الكم من املدنيني الذين قدموا إىل املحاكامت العسكرية مثلام شهدته إبان الثورة الشعبية ىف ‪52‬‬ ‫يناير ‪ ،1102‬فقد تم إحالة أكرث من ‪ 11‬ألف مدين إىل املحاكامت العسكرية مابني الفرتة من ‪ 11‬فرباير ‪ 1102‬إىل ‪ 03‬يونيو ‪ ، 2102‬وهي‬ ‫الفرتة التي توىل املجلس العسكري فيها قيادة البالد ‪.‬‬ ‫و استمر الوضع يف عهد الدكتور مريس‪ ،‬فقد شهد أيضاً إحالة عددا من املعتقلني إىل القضاء العسكري‪ ،‬رغم أنه أطلق رساح أغلبية‬ ‫املحاكمني بقضايا عسكرية ىف عهد املجلس العسكري‪ ،‬إال أنه ورغم ذلك شهد عهده ما يقرب من ‪ 86‬مدنياً تم إحالتهم إىل املحاكامت‬ ‫العسكرية أشهرها ىف قضية جزيرة قرصاية ‪.‬‬ ‫بعد أحداث ‪ 03‬يونيو عادت املحاكامت العسكرية مرة أخرى إىل الواجهة بشكل كبري ليعود املئات ويُقدموا إىل املحاكامت العسكرية‬ ‫ىف أحداث جنائية أو سياسية‪ ،‬حيث قُدم إىل املحاكمة العسكرية ما يقارب ‪ 1421‬مدنياً حتي قبل إقرار قانون املنشأت الذي أقره‬ ‫السييس ىف ‪ 72‬أكتوبر‪ 4102‬املايض معظمهم كان يف مرىس مطروح و السويس و اإلسامعيلية وبورسعيد ‪.‬‬ ‫وبعد إقرار قانون املنشأت يف ‪ 72‬أكتوبر ‪ 4102‬املايض الذي فوض فيه السييس الجيش ىف حامية املنشأت العامة باعتبارها خاضعة‬ ‫لحامية الجيش وتحويلها إىل منشأت عسكرية يرسي فيها ما يرسي بحق املعسكرات والدشم و الهناجر العسكرية‪ ،‬وحتى كتابة هذه‬ ‫السطور تم إحالة ما اليقل عن ‪ 0701‬من املعتقلني التابعني لجامعة اإلخوان املسلمني إىل املحاكامت العسكرية ليكون مجموع ما تم‬ ‫إحالتهم إىل القضاء العسكري منذ أحداث ‪ 03‬يونيو و حتى اآلن ‪ 1132‬مدين ‪.‬‬

‫خطوات إحالة املدنيني إىل القضاء العسكري بعد أحداث ‪ 03‬يونيو‪. 3102‬‬

‫إن التوسع الشديد من قبل السلطة الحاكمة ىف مرص يف إحالة املدنيني للمحاكامت العسكرية منذ ‪ 03‬يونيو ‪ 3102‬وحتى اآلن يشكل‬ ‫يف حقيقة األمر عقاباً جامعياً بهدره لطائفة واسعة من الحقوق والحريات سواء ملن أحيلوا فعالً لتلك املحاكامت الجائرة‪ ،‬أو ملن مل‬ ‫يُحالوا إليها فهو يظل سيفاً معلقاً عىل حقوق املواطنني وحرياتهم‪ ،‬فمن حيث إن الترصف املتعلق بإحالة املدنيني للقضاء العسكري‬ ‫يستلزم منا تقيص األبعاد القانونية والبحث عن مدى مرشوعية األطر الحاكمة له‪ ،‬من حيث الواقع والقانون عىل ٍ‬ ‫حد سواء‪ ،‬وخاصة أن‬ ‫هذا الترصف بطبيعته االستثنائية الشاذة يجب أال يتعدى الحدود التي فرضها الواقع‪ ،‬ورسمها القانون‪.‬‬ ‫ومنذ أحداث ‪ 03‬يونيو‪ 3102‬كانت هناك سلسلة من الترشيعات مهدت بها سلطات االنقالب العسكري ىف مرص لرشعنة املحاكامت‬ ‫العسكرية للمدنيني وهي تظهر كاآليت‪.:‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫أوال ‪ :‬إقرار الدستور الجديد لعام ‪. 4102‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬إصدار تعديالت عىل قانون القضاء العسكري ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬إصدار قانون حامية املنشأت ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬إصدار الكتاب الدوري للنائب العام ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬إقرار الدستور املرصي الجديد‬

‫كان إجراء تحويل املدنيني للقضاء العسكري مطعون بعدم دستوريته أيام مبارك‪ ،‬لهذا سعت املؤسسة العسكرية مع كتابة دستور‬ ‫جديد للبالد إىل إقرار هذه املحاكامت دستورياً‪ ،‬وكانت املحطة األوىل يف دستور ‪ 2102‬الذي أقرها‪.‬‬ ‫يف ديسمرب ‪ 2102‬أسفرت نتائج االستفتاء الشعبي عن اعتامد دستور جديد للبالد‪ ،‬وقد تم التصديق عىل نسخة معدلة منه طبقًا‬ ‫الستفتاء شعبي آخر يف يناير ‪ ،4102‬ورغم أن الدستورين أتيا بالتأكيد عىل ضامن احرتام حقوق اإلنسان خالل فرتة الحبس االحتياطي‬ ‫وخالل املحاكمة‪ ،‬إال أن الدستورين أقرا جواز محاكمة املدنيني أمام القضاء العسكري‪ ،‬وهو ما يعد انتهاكًا لحقوق اإلنسان يف حد ذاته‪،‬‬ ‫تتفاقم تداعياته بالنظر ملا تفتقده اإلجراءات العسكرية من ضامنات للمحاكمة العادلة‪.‬‬ ‫إذ تنص املادة ‪ 402‬من دستور ‪ 4102‬عىل أنه “القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة‪ ،‬يختص دون غريه بالفصل ىف كافة الجرائم‬ ‫املتعلقة بالقوات املسلحة وضباطها وأفرادها ومن ىف حكمهم‪ ،‬والجرائم املرتكبة من أفراد املخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة‪.‬‬ ‫رشا عىل املنشآت العسكرية أو معسكرات القوات‬ ‫وال يجوز محاكمة مدين أمام القضاء العسكري‪ ،‬إال ىف الجرائم التى متثل اعتدا ًء مبا ً‬ ‫املسلحة أو ما ىف حكمها‪ ،‬أو املناطق العسكرية أو الحدودية املقررة كذلك‪ ،‬أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو‬ ‫رشا عىل ضباطها‬ ‫أرسارها العسكرية أو أموالها العامة أو املصانع الحربية‪ ،‬أو الجرائم املتعلقة بالتجنيد‪ ،‬أو الجرائم التى متثل اعتدا ًء مبا ً‬ ‫أو أفرادها بسبب تأدية أعامل وظائفهم‪ .‬ويحدد القانون تلك الجرائم‪ ،‬ويبني اختصاصات القضاء العسكري األخرى‪ .‬وأعضاء القضاء‬ ‫‪6‬‬ ‫العسكري مستقلون غري قابلني للعزل‪ ،‬وتكون لهم كافة الضامنات والحقوق والواجبات املقررة ألعضاء السلطة القضائية”‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى توسعت املادة ‪ 402‬يف الجرائم التي سينظر فيها القضاء العسكري‪ ،‬حيث شملت االعتداء املبارش عىل منشآت القوات‬ ‫العسكرية أو معسكراتها أو ما يف حكمها أو املناطق العسكرية أو الحدودية املقررة كذلك‪ ،‬أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو‬ ‫ذخائرها‪ ،‬أو وثائقها أو أرسارها العسكرية أو أموالها العامة أو املصانع الحربية أو الجرائم املتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي متثل‬ ‫اعتدا ًء مبارشا ً عىل ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعامل وظائفهم‪ ،‬ويحدد القانون تلك الجرائم‪ ،‬مام أدى إىل توسيع مجال لهذه‬ ‫املحاكامت “ألسباب ليس لها صلة مبارشة بسالمة وأمن القوات املسلحة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إصدار التعديالت عىل قانون القضاء العسكري ‪.‬‬ ‫كان إلصدار تعديل قانون القضاء العسكري ىف ‪ 4‬فرباير ‪ 4102‬والذي عىل أساسه تم تعديل املحاكم العسكرية لتكون مثلها مثل‬ ‫املحاكم الطبيعية‪ ،‬فتم إنشاء محكمة للجنح ومحكمة للجنح املستأنف ومحكمة للجنايات و محكمة للطعون العسكرية ‪.‬‬ ‫حيث أصدر الرئيس املؤقت وقتها عدىل منصور قرارا ً بقانون بتعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري الصادر بالقانون رقم ‪52‬‬ ‫لسنة ‪ ،6691‬مبا يضمن إنشاء درجة ثانية للتقايض بأسم “اللجنة القضائية العليا”‪ ،‬تجيز الطعن عىل قرارات اللجان القضائية للقوات‬ ‫املسلحة أمامها‪ ،‬إىل جانب رضورة أخذ رأي املفتي يف األحكام الصادرة باإلعدام كضامنة للمحكوم عليهم‪ ،‬وتطبيق اإلجراءات املنصوص‬ ‫عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية بشأن األحكام الغيابية‪ ،‬وتعديل مسمى املحاكم العسكرية ليتامىش مع مسميات املحاكم يف القضاء‬ ‫العادي‪ ،‬التي وردت بقانون السلطة القضائية ‪.‬‬ ‫حيث يكون هناك ‪ 4‬أنواع للمحاكم العسكرية‪ ،‬هي املحكمة العسكرية العليا للطعون‪ ،‬واملحكمة العسكرية للجنايات‪ ،‬واملحكمة‬ ‫العسكرية للجنح املستأنفة‪ ،‬واملحكمة العسكرية للجنح‪ ،‬وتختص كل منها دون غريها بنظر الدعوى واملنازعات التي ترفع إليها طبقاً‬

‫‪ 6‬‬

‫أنظر ‪dostour.eg/2013/topics/regime/army-2-5/comment/86125/‬‬

‫‪11‬‬


‫‪12‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫للقانون‪.‬‬ ‫وسيحل هذا النظام بالكامل بدالً من النظام القائم حالياً‪ ،‬الذي يتضمن محاكم عسكرية مركزية‪ ،‬ومحاكم عسكرية مركزية ذات‬ ‫سلطة عليا‪ ،‬وينتهي باملحكمة العليا للطعون العسكرية‪ .‬وتشكل املحكمة العسكرية العليا للطعون بذات التشكيل الخاص باملحكمة‬ ‫العليا للطعون العسكرية السابقة من دائرة واحدة مقرها القاهرة‪ ،‬مؤلفة من رئيس هيئة القضاء العسكري برتبة عقيد عىل األقل‪،‬‬ ‫وتختص دون غريها بنظر الطعون املقدمة من النيابة العسكرية أو املحكوم عليهم يف جميع جرائم القانون العام‪ .‬كام تشكل املحكمة‬ ‫العسكرية للجنايات من عدة دوائر‪ ،‬وتؤلف كل دائرة من ‪ 3‬قضاة عسكريني برئاسة أقدمهم وال تقل رتبته عن عقيد‪ ،‬وممثل للنيابة‬ ‫العسكرية وتختص بنظر قضايا الجنايات‪ ،‬بينام تشكل املحكمة العسكرية للجنح من عدة دوائر‪ ،‬وتؤلف كل منها عىل قاض واحد ال‬ ‫تقل رتبته عن رائد وممثل للنيابة العسكرية وتختص بقضايا الجنح واملخالفات‪ .‬وتشكل محكمة الطعن عليها واملسامة بـ”املحكمة‬ ‫العسكرية للجنح املستأنفة” من عدة دوائر‪ ،‬وتؤلف كل دائرة من ‪ 3‬قضاة عسكريني برئاسة أقدمهم عىل أال تقل رتبته عن مقدم‬ ‫وممثل للنيابة العسكرية أو املحكوم عليهم يف األحكام النهائية الصادرة من املحكمة العسكرية للجنح‪ .‬وتنص املادة ‪ 08‬املعدلة من‬ ‫القانون عىل أنه ال يجوز للمحكمة العسكرية للجنايات أن تصدر حكامً باإلعدام إال بإجامع آراء أعضائها‪ ،‬ويجب عليها قبل أن تصدر‬ ‫هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية‪ ،‬ويجب إرسال أوراق القضية إليه‪ ،‬فإذا مل يصل رأيه إىل املحكمة خالل األيام العرشة التالية‬ ‫إلرسال األوراق إليه‪ ،‬يجوز للمحكمة الحكم يف الدعوى‪.‬‬ ‫ومن ثم ميكن إجامل التعديالت الجوهرية فيام ييل‪:‬‬ ‫بدل من درجة واحدة‪.‬‬ ‫تقرير حق الطعن يف األحكام الصادرة يف الجنح‪ ،‬لتكون عىل درجتني ً‬ ‫رضورة أخذ رأي املفتي يف األحكام الصادرة باإلعدام كضامنة للمحكوم عليهم ولتحقيق التامثل مع ما يتم يف القضاء العادي‬ ‫تطبيق اإلجراءات املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية بشأن األحكام الغيابية‪.‬‬ ‫تعديل مسمى املحاكم العسكرية لتتامىش مع مسميات املحاكم يف القضاء العادي التي وردت بقانون السلطة القضائية‪.‬‬ ‫ويالحظ أن هذه التعديالت هو مخالفتها للدستور وتحديدا ً للامدة ‪ 651‬منه‪ ،‬والتي حددت سلطة رئيس الجمهورية ىف إصدار قوانني‬ ‫ىف غ ّيبها مجلس النواب فقط ىف حالة “حدوث ما يوجب اإلرساع يف اتخاذ تدابري ال تحتمل التأخري”‪ ،‬وبالتايل فإصدارها ىف غيبة ممثيل‬ ‫الشعب هو عدوان عىل حق الشعب املرصي ىف النظر فيها ومناقشتها‪.‬‬ ‫كام أن هذه التعديالت لن تفيد املعتقلني الذين تم الحكم عليهم من قبل ويقضون العقوبة‪ ،‬ولكنها من املمكن أن تفيد املعتقلني‬ ‫الجدد‪ .‬وما يجري ما هو إال محاولة لتجميل القضاء العسكري الذي سيظل قضاء استثنائياً للعسكريني فقط وليس للمدنيني‪ .‬مؤكدين‬ ‫أن هذه التعديالت “شكلية” ولكنها لن تلغي محاكمة املدنيني أمام القضاء العسكري‪ ،‬ألنها ستظل موجودة بفضل الدستور الجديد‪.‬‬ ‫وفيام يخص أخذ رأي املفتي يف أحكام اإلعدام فهذه ليست بضامنة‪ ،‬ال أمام القضاء العسكري أو العادي‪ ،‬ألن رأي املفتي غري ملزم عىل‬ ‫اإلطالق وال يغري من الحكم الصادر شيئاً‪ ،‬أما القول بأن التقايض أصبح عىل درجتني فيام يتعلق بالجنح‪ ،‬فالجنح مادياً وعقابياً أخف‬ ‫وطأة من الجنايات‪ ،‬وحيث أتت التعديالت الدستورية بجواز الطعن يف أحكام الجنايات أمام القضاء العادي‪ ،‬وطاملا تصدى رئيس‬ ‫الجمهورية لعمل تعديالت عىل قانون القضاء العسكري فكان عليه أن يعمم الحكم عىل الجنح والجنايات”‪.‬‬ ‫كم أن هذه التعديالت لن تعطي ميزة جديدة‪ ،‬فالقضاء العسكري كان يتيح التظلم والنظر يف هذا التظلم‪ ،‬ما يعني أن هناك يف كل‬ ‫األحوال درجتني للتقايض ‪.‬‬ ‫لذلك كان إقدام السلطة عىل إدخال تعديالت جديدة عىل قانون القضاء العسكري تحت ادعاء أنها تتسق مع مبادئ العدالة والكرامة‬ ‫اإلنسانية هو اعرتاف من الدولة بأن املحاكامت العسكرية التي سبقت هذه التعديالت كانت محاكامت تتناىف مع هذه املبادئ‪ .‬كام أن‬ ‫مضمون هذه التعديالت ال يتناول املشاكل الرئيسية باملحاكم العسكرية‪ ،‬وأنه أهتم بأمور شكلية تتعلق بإجراءات املحاكمة‪ ،‬مل تتطرق‬ ‫لحرمان املجني عليه يف القضايا العسكرية من توكيل محامني للدفاع عنه‪ ،‬كام مل تتطرق للحاالت التي يجوز فيها محاكمة املدنيني أمام‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫املحاكم العسكرية‪ ،‬وكذلك مل تتناول نص املادة ‪ 84‬من القضاء العسكري والتي تعطي املحاكم العسكرية وحدها تحديد اختصاصها‪.‬‬ ‫ويف السياق ذاته مازال القضاء العسكري هيئة تابعة لوزارة الدفاع‪ ،‬والقضاة العسكريني خاضعون ألنظمة القوات املسلحة كونهم من‬ ‫ضباطها‪ ،‬وال يزال نظام التصديق عىل األحكام باملحاكم العسكرية موجودا ً‪ ،‬وهو النظام الذي يبيح لضابط من غري أعضاء املحكمة‬ ‫العسكرية إلغاء األحكام القضائية أو تعديلها‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬إصدار قانون حامية املنشأت ‪.‬‬

‫ىف ‪ 72‬أكتوبر ‪ 4102‬والذي عىل أساسه تم تحويل املنشآت العامة لحامية الجيش واعتبارها منشأة عسكرية وأعطي صفة الضبط‬ ‫القضايئ للقوات املسلحة ملدة عامني ‪.‬‬ ‫وكان القرار بالقانون رقم ‪ 631‬لسنة ‪ ،4102‬والذي يوسع من اختصاص القضاء العسكري‪ ،‬ليشمل جرائم التعدي عىل طيف واسع‬ ‫من املنشئات واملرافق العامة‪ ،‬مبا فيها “محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البرتول وخطوط السكك الحديدية‬ ‫وشبكات الطرق والكباري وغريها من املنشآت واملرافق واملمتلكات العامة وما يدخل يف حكمها”‪ ،‬عىل أن ميتد العمل بهذا القانون‬ ‫ملدة عامني‪ .‬وتسمح أحكام القانون مبحاكمة أي مدين متهم بتخريب املمتلكات عامة املشار إليها‪ ،‬أو قطع طرق عامة أمام محكمة‬ ‫عسكرية‪ ،‬وهي االتهامات التي كث ًريا ما توجه إىل املتظاهرين املتهمني مبعارضة الحكومة‪ ،‬والتي سبق وتم توجيهها ملسئولة ملف‬ ‫العدالة االنتقالية يف املبادرة املرصية للحقوق الشخصية‪ ،‬يارا سالم عىل سبيل املثال ال الحرص‪.‬‬ ‫وميثل توسيع اختصاص املحاكم العسكرية يف محاكمة املدنيني خرقًا للامدة ‪ 402‬من دستور ‪ ،4102‬والتي اشرتطت ملحاكمة املدنيني‬ ‫أمام القضاء العسكري أن يكون هناك اعتداء مبارش عىل املنشآت العسكرية أو معسكرات القوات املسلحة‪ ،‬أما القانون الجديد فهو‬ ‫مبثابة حالة طوارئ غري معلنة‪ ،‬إذ يتم االلتفاف عىل هذا القيد الدستوري عن طريق تكليف القوات املسلحة بحامية املنشآت واملرافق‬ ‫العامة بالتعاون مع الرشطة‪ ،‬مام يستتبعه مثول املواطنني أمام قايض عسكري‪ ،‬وليس قاضيهم الطبيعي‪ ،‬وقد يؤدي إىل إحالة اآلالف إىل‬ ‫محاكامت عسكرية تفتقر إىل الحد األدىن من معايري املحاكامت العادلة واملنصفة‪ ،‬وترسيخ نظام قضايئ مواز‪.‬‬ ‫ويرتبط هذا القانون بقانون آخر ما زال ساري املفعول‪ ،‬أصدره الرئيس املعزول محمد مريس‪ ،‬مطلع عام ‪( ،3102‬رقم ‪ 1‬لسنة ‪،)3102‬‬ ‫وأجاز فيه لرئيس الجمهوريّة أن يطلب من وزير الدفاع كلام اقتضت الحاجة‪ ،‬أن تساعد القوات املسلّحة الرشطة يف حفظ األمن يف‬ ‫البالد‪ ،‬وأن يصدر وزير الدفاع قرارا ً بتحديد األماكن التي سيتوىل الجيش حاميتها ومهام أفراده يف هذه الحامية‪.‬‬ ‫لذلك كان لزاما عىل وزير الدفاع صدقي صبحي‪ ،‬أن يقوم بتحديد األماكن التي ستتوىل القوات املسلّحة حاميتها مع الرشطة‪ ،‬باعتبار‬ ‫أنّه ال ميكن تطبيق قانون السييس بدون قانون مريس‪ ،‬حيث أمتنع وزير الدفاع طوال الفرتة السابقة عن إعالن هذه األماكن وطبيعة‬ ‫التنسيق بني الجيش والرشطة‪ ،‬رغم أنه من الواجب إعالن ذلك أمام العامة حتى ميكن نفاذ آثار القانون‪ ،‬حيث أن هذا القانون مل‬ ‫يُفصح عن جميع املنشآت التي ستُط ّبق عليها حامية الجيش‪ ،‬بل ذكر أنّها “املنشآت العامة والحيويّة”‪ ،‬بعبارة غامضة قابلة للتأويل‪.‬‬ ‫يشار أىل أن محكمة القضاء اإلداري كانت قد أصدرت حكام تاريخيا يف شهر يونيو ‪ ،2102‬ببطالن قرار وزير العدل مبنح ضبّاط القوات‬ ‫املسلحة سلطة الضبطية القضائية‪ ،‬والذي ش ّدد عىل أ ّن “الدساتري املرصيّة فصلت بني األحكام املنظمة للقوات املسلحة والرشطة‪ ،‬عن‬ ‫وعي وبصرية‪ ،‬بسبب اختالف الوظيفة واالختصاص بني الجهتني”‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬إصدار الكتاب الدوري للنائب العام رقم ‪ 41‬لسنه ‪. 4102‬‬

‫ىف ‪ 11‬نوفمرب ‪ 4102‬والذي عىل أساسه رشعن النائب العام وأجاز لوكالء النيابة إحالة ملفات القضايا التي مازلت تحت التحقيق ىف‬ ‫أحداث سابقة عىل إقرار قانون املنشآت العامة إىل النيابة العسكرية ‪.‬‬ ‫أن الكتاب الدوري الصادر من النائب العام رقم ‪ 41‬لسنه ‪ 4102‬بتاريخ ‪ 11‬نوفمرب ‪ 4102‬املايض‪ ،‬رشعن للنيابة العامة إحالة قضايا‬ ‫سابقة إلقرار قانون حامية املنشآت إىل النيابة العسكرية‪.7‬‬ ‫‪ 7‬‬

‫أنظر ‪https://www.facebook.com/Egypt.O.R.f‬‬

‫‪13‬‬


‫‪14‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫كام أن إحالة وقائع سابقة عىل إقرار القانون إىل املحاكم العسكرية تعترب مخالفة واضحة ورصيحة ملبدأ األثر الفوري‪ ،‬حيث تقيض‬ ‫القاعدة العامة يف تطبيق قانون العقوبات من حيث الزمان بإعامل األثر الفوري للنص العقايب ‪.‬‬ ‫ويقصد باألثر الفوري يف تطبيق قانون العقوبات أن يتم تطبيق قانون الواقعة ‪ .‬ويُقصد بقانون الواقعة ذلك القانون الذي كان نافذا‬ ‫وقت ارتكاب الجرمية ‪ .‬فإذا صدر قانون جديد ومل يكن أصلح للمتهم فإنه يتعني تطبيق القانون الجنايئ السابق عىل األفعال التي‬ ‫وقعت قبل إلغائه بالقانون الجديد‪.‬‬ ‫كام أن ذلك أيضاً مخالفة رصيحة وواضحة للدستور املرصي‪ ،‬فاملادة ‪ 59‬من الدستور املرصي تنص عىل أنه “ العقوبة شخصية‪ ،‬وال‬ ‫جرمية وال عقوبة إال بناء عىل قانون‪ ،‬وال توقع عقوبة إال بحكم قضايئ‪ ،‬وال عقاب إال عىل األفعال الالحقة لتاريخ نفاذ القانون”‪.8‬‬ ‫و الناظر إىل قانون حامية املنشآت و الكتاب الدوري للنائب العام‪ ،‬يجد أنه يشوبها انحراف عن دائرة املرشوعية‪ ،‬وميثل توسيع‬ ‫اختصاص املحاكم العسكرية يف محاكمة املدنيني خرقًا للامدة ‪ 402‬من دستور ‪ ،4102‬والتي اشرتطت ملحاكمة املدنيني أمام القضاء‬ ‫العسكري أن يكون هناك اعتداء مبارش عىل املنشآت العسكرية أو معسكرات القوات املسلحة‪ ،‬أما القانون الجديد فهو مبثابة حالة‬ ‫طوارئ غري معلنة‪ ،‬إذ يتم االلتفاف عىل هذا القيد الدستوري عن طريق تكليف القوات املسلحة بحامية املنشآت واملرافق العامة‬ ‫بالتعاون مع الرشطة‪ ،‬مام يستتبعه مثول املواطنني أمام قايض عسكري وليس قاضيهم الطبيعي ‪.‬‬ ‫حيث أنه مخالف لنصوص واضحة و رصيحة ىف الدستور املرصي خصوصا نص املادة ‪ 59‬منه‪ ،‬و التي نصت عىل أنه “العقوبة شخصية‪،‬‬ ‫وال جرمية وال عقوبة إال بناء عىل قانون‪ ،‬وال توقع عقوبة إال بحكم قضايئ‪ ،‬وال عقاب إال عىل األفعال الالحقة لتاريخ نفاذ القانون”‬ ‫و بالتايل ميىس قرار النيابة العامة مخالف لرصيح القانون‪ ،‬إذ أنها أضفت صفة مرشوعية عىل إحالة قضايا سابقة عىل إقرار و إنفاذ‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫وتعترب مخالفة نصوص الدستور ىف إحالة املدنيني ىف وقائع سابقة عىل إقرار القانون للقضاء العسكري انعداماً مطلقاً‪ ،‬هذا اإلنعدام‬ ‫ينعكس أثره يف ناحيتني‪ :‬األوىل وهي بطالن محاكمة املدنيني أمام املحاكم العسكرية‪ ،‬ومن ناحية ثانية فإن حلول الجيش محل الرشطة‬ ‫أو مشاركتها صفة الضبطية القضائية كام أعطاها قانون حامية املنشات يرتب آثارا ً قانونية بالغة األهمية من حيث اختصاص القضاء‬ ‫العادي ال العسكري بنظر الجرائم التي ارتكبها عسكريون خالل الفرتة التي سيتمتعون فيها بحق الضبطية القضائية ‪.‬‬ ‫ألن حلول القوات املسلحة محل الرشطة ألحق بتلك األوىل ذات الحقوق والواجبات‪ ،‬وكذا املراكز واألحكام القانونية التي تخضع لها‬ ‫الثانية‪ ،‬فينعقد االختصاص للقضاء العادي بشأن أي جرائم ترتكب من القوات املسلحة (التي هي يف األصل حلت محل هيئة الرشطة‬ ‫أو شاركتها الضبطية القضاية )‪ ،‬وهو ما يقتضيه بحكم اللزوم تلك الحالة االستثنائية‪.‬‬ ‫إال أنه وبأي حال من األحوال مل يكن هناك أي سند من الدستور والقانون أو حتى مثة مربر من حاالت الرضورة لحلول القضاء‬ ‫العسكري محل القضاء العادي‪ ،‬حيث أنه ال مجال للحديث عن أن الرشطة العسكرية أو أفراد القوات املسلحة هم الذين يقومون‬ ‫بأعامل الضبط ـ املنوطة أصالً بهيئة الرشطة املدنية ـ ومن ثم ينعقد االختصاص فيام يقوم به أفراد القوات املسلحة من أعامل‬ ‫الضبط إىل القضاء العسكري‪ ،‬فهذه الحجة باطلة لتجاوزها مقتضيات الظرف االستثنايئ‪ ،‬كام أنها تتعارض مع التنظيم القانوين الحايل‬ ‫الختصاصات القضاء العسكري‪.‬‬ ‫فضالً عن أنه ولنئ كان الحلول جائزا ً يف األعامل اإلدارية إال أنه غري جائز يف األعامل القضائية‪ ،‬كام قىض حكم املحكمة اإلدارية العليا‬ ‫يف الطعن رقم ‪ 7211‬لسنة ‪34‬ق ـ جلسة ‪.0002/ 5/ 12‬‬

‫‪ 8‬‬

‫أنظر ‪http://dostour.eg/2013/topics/rule-of-law/Legislative-19a-4/‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫القسم الثاني ‪ :‬الطبيعة القانونية‬ ‫للقاضي و القضاء العسكري‬ ‫وبعد أن ناقشنا واقع إحالة املدنيني إىل القضاء العسكري ومخالفته الواضحة للدستور‪ ،‬بقي أن نوضح وبجالء أنه وبالرغم من‬ ‫الترشيعات املتتالية التي أراد فيها العسكر ىف مرص تحويل القضاء العسكري و إصباغ الصفة الطبيعية عليه بدال من االستثنائية ىف‬ ‫محاكمته للمدنيني‪ ،‬إال أن القضاء العسكري يفتقر إىل الكثري من الضامنات األساسية للمحاكمة العادلة واملنصفة‪ ،‬حيث يخضع لسلطة‬ ‫وزير الدفاع‪ ،‬وجميع القضاة وأفراد النيابة عسكريون يحملون مختلف الرتب ويخضعون لكافة لوائح الضبط والربط املبينة يف قوانني‬ ‫الخدمة العسكرية‪ ،‬ويقوم وزير الدفاع بناء عىل توصيات رئيس هيئة القضاء العسكري بتعيني القضاة‪ ،‬وهم غري قادرين عىل محاكمة‬ ‫األعىل منهم رتبة‪ ،‬وال تعترب أحكامهم نافذة قبل التصديق عليها من ضابط ليس عضوا ً يف املحكمة من صالحياته إلغاء الحكم أو إيقاف‬ ‫تنفيذه أو تخفيفه أو حتى إعادة املحاكمة‪ ،‬وكل ذلك مام ينتزع منهم أي استقالل أو قدرة عىل الحياد حتى وإن أرادوا إظهار غري‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ناهيك عن عدم تقيد املحاكم العسكرية بسالمة االجراءات سواء من حيث عدم إبالغ املتهمني بالتهم املوجهة لهم أو احتجازهم‬ ‫لفرتات طويلة دون إبالغ ذويهم بأماكن االحتجاز التي قد تكون سجون عسكرية غري مراقبة مام يصعب من القدرة عىل أثبات أو‬ ‫التحقيق يف أي انتهاكات أو تعذيب قد يتعرض له املحتجزين ‪ ،‬أو من حيث انعقادها يف ثكنات عسكرية مام يصعب من قدرة‬ ‫املحامني و ذوي املتهمني من الوصول إليها ودخولها مام يضيف إىل معاناتهم نتيجة لتلك املحاكامت الجائرة‪.‬‬

‫الطبيعة القانونية للقضاء العسكري ىف مرص‪:‬‬

‫تنص املادة األوىل من قانون األحكام العسكرية رقم ‪52‬لسنه ‪ 6691‬القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة‪ ،‬تتكون من محاكم ونيابات‬ ‫عسكرية وفروع قضاء أخرى طبقا لقوانني وأنظمة القوات املسلحة‪.‬‬

‫ويختص القضاء العسكري دون غريه بنظر الجرائم الداخلة ىف اختصاصه وفق أحكام هذا القانون وغريها من الجرائم التي يختص بها‬ ‫وفقاً ألي قانون آخر ‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫وتقوم عىل شأن القضاء العسكري هيئة تتبع وزارة الدفاع ‪.‬‬

‫‪ ‬كام تنص املادة الثانية عىل‪ -:‬يتكون القضاء العسكري من رئيس وعدد كاف من األعضاء يتوافر فيهم فضال عن الرشوط الواردة‬ ‫بقانون رشوط الخدمة والرتقية لضباط القوات املسلحة الصادر بالقانون ‪ 232‬لسنة ‪ ، 9591‬الرشوط الواردة ىف املادة ‪ 83‬من قانون‬ ‫السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم ‪ 64‬لسنة ‪.10 2791‬‬ ‫ويكون شأن شاغيل وظائف القضاء العسكري شأن أقرانهم ىف القضاء والنيابة العامة عىل النحو املبني بالجدول املرفق ىف مجال‬ ‫تطبيق هذا القانون ‪..‬‬ ‫ومن مطالعة النصني تتبني خصائص القضاء العسكري وهى‪-:‬‬ ‫‪ -1‬القضاء العسكري يقوم عىل شأن (هيئة) وهذا مصطلح إداري وظيفي‪.‬‬ ‫‪ 9‬‬

‫مادة (‪ ( )1‬مستبدلة بالقانون ‪ 16‬لسنة ‪) 2007‬‬

‫مــادة (‪ ()2‬مســتبدلة بالقانــون رقــم ‪ 7‬لســنة ‪ 1968‬ثــم اســتبدلت عبــارة وزيــر الحربيــة بوزيــر الدفــاع مبوجــب القانــون ‪ 46‬لســنة ‪ 1979‬ثــم‬ ‫‪ 10‬‬ ‫اســتبدلت بالقانــون ‪ 16‬لســنة ‪) 2007‬‬

‫‪15‬‬


‫‪16‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫‪ -2‬إنها إحدى إدارات القيادة العليا مثل إدارة املركبات وإدارة املهامت‪ ......‬إلخ‪.‬‬ ‫‪ -3‬يرأسها رئيس(يعنى موظف إداري)‪.‬‬ ‫‪ -4‬يتبع وزير الدفاع (وهو أحد أعضاء السلطة التنفيذية)‪.‬‬ ‫إذًا‪ ....‬رئيس املحكمة العسكرية العليا هو موظف يف إدارة املحاكم‪ -‬التي تتبع هيئة ويرتأسها رئيس والتي تتبع وزير الدفاع‪ -‬الذي يتبع‬ ‫رئيس مجلس الوزراء‪ -‬الذي يتبع رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية و بالتايل انتفت صفة االستقاللية عن تلك املحاكم ‪.‬‬ ‫‪ ‬إذًا‪ ....‬رئيس املحكمة العسكرية العليا موظف يف السلطة التنفيذية يأيت بعد كل من‪ -1 :‬رئيس السلطة التنفيذية‪ -2- .‬رئيس الوزراء‬ ‫‪ -3‬وزير الدفاع ‪ -4-‬رئيس محاكم القضاء العسكري‪.‬‬‫‪ ‬وهؤالء جمي ًعا عسكريون (يعيّنهم رئيس الجمهورية ويعفيهم من مناصبهم عمالً بأحكام الدستور املادة ‪ 351‬من الدستور التي تنص‬ ‫عىل أن‪:‬‬ ‫“يعني رئيس الجمهورية املوظفني املدنيني‪ ،‬والعسكريني‪ ،‬واملمثلني السياسيني‪ ،‬ويعفيهم من مناصبهم‪ ،‬ويعتمد املمثلني السياسيني للدول‬ ‫والهيئات األجنبية‪ ،‬وفقاً للقانون”‪.11‬‬ ‫هذا باإلضافة إىل ما نص عليه الدستور أيضً ا باملادة ‪“ 861‬يتوىل الوزير وضع سياسة وزارته بالتنسيق مع الجهات املعنية‪ ،‬ومتابعة‬ ‫تنفيذها‪ ،‬والتوجيه والرقابة‪ ،‬وذلك ىف إطار السياسة العامة للدولة‪ .‬وتشمل مناصب اإلدارة العليا لكل وزارة وكيالً دامئا‪ ،‬مبا يكفل تحقيق‬ ‫االستقرار املؤسيس ورفع مستوى الكفاءة ىف تنفيذ سياستها”‪.12‬‬ ‫إذًا القايض العسكري هو ينفذ سياسة وزارة يف حدود السياسة العامة للدولة‪ ،‬وليس من اختصاصه إقامة العدالة بني الناس‪ ،‬ويرتتب‬ ‫عىل ذلك بداهة انتفاء استقالل القايض العسكري‪.‬‬

‫املركز القانوين للقايض العسكري‪:‬‬

‫إذا كان القايض العسكري ليس مستقالً كام بينا فإنه أيضً ا ال يتمتع بأي حصانة عىل اإلطالق سواء يف (التعيني أو الندب أو اإلعادة أو‬ ‫العزل واملساءلة)وذلك عىل النحو التايل‪ -:‬من خالل أحكام القانون ‪52‬لسنه ‪.6691‬‬ ‫‪ -1 ‬يصدر بتعيني القضاة العسكريني قرار من نائب القائد األعىل للقوات املسلحة (وزير الدفاع) بناء عىل اقرتاح مدير القضاء العسكري‬ ‫(بدون اشرتاط أي مواصفات خاصة) حيث تنص املادة من القانون عىل أن “يصدر بتعيني القضاة العسكريني قرار من وزير الدفاع بناء‬ ‫عىل اقرتاح مدير القضاء العسكري” ‪.13‬‬ ‫‪ -2‬يخضع القضاة العسكريون لكافة األنظمة املنصوص عليها يف قوانني الخدمة العسكرية‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 75‬من القانون عىل أن‬ ‫“يخضع القضاة العسكريون لكافة األنظمة املنصوص عليها يف قوانني الخدمة العسكرية” ‪.14‬‬ ‫وبالتايل فإنه يظهر من ذلك جيدا أن القضاة العسكريون ليسوا مستقلني ال ىف التعيني وال يف استقالليتهم وخضوعهم للقانون و الدستور‬ ‫و ليس لقوانني الخدمة العسكرية ‪.‬‬ ‫ملا كان ذلك وكان الدستور ينص يف املادة ‪ 49‬منه عىل أنه ‪:‬‬ ‫“سيادة القانون أساس الحكم يف الدولة‪.‬‬ ‫‪1 1‬‬ ‫‪ 12‬‬ ‫‪ 13‬‬ ‫‪ 14‬‬

‫انظر ‪http://dostour.eg/2013/topics/regime/Chief-of-state-141-5/‬‬ ‫أنظر ‪http://dostour.eg/2013/topics/regime/Justice-system-175-4/‬‬ ‫أنظر ‪http://old.qadaya.net/node/1969‬‬ ‫أنظر املصدر السابق‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫وتخضع الدولة للقانون‪ ،‬واستقالل القضاء‪ ،‬وحصانته‪ ،‬وحيدته‪ ،‬ضامنات أساسية لحامية الحقوق والحريات”‪.15‬‬ ‫إن استقالل القضاء وحصانته ليست مزية للقضاء بقدر ما هي ضامنة لحقوق املواطن وحرياته‪ ،‬وكأن القضاء العسكري مجرد هيئة‬ ‫إدارية لها اختصاص قضايئ ال يتمتع أعضاؤها بأي قدر من الحصانة وال االستقالل‪ ،‬ويتبعون تبعية بعيدة املدى ألكرث من ست سلطات‬ ‫تنفيذية تابعة للسلطة التنفيذية‪.‬‬ ‫‪ ‬فإنه تضحى الحقوق والحريات بال أدىن قدر من الحامية والرعاية وىف ذلك مصادمة رصيحة ومخالفة مفضوحة ألحكام الدستور‪.‬‬

‫‪ 15‬‬

‫أنظر ‪http://dostour.eg/2013/topics/rule-of-law/Legislative-19-4/‬‬

‫‪17‬‬


‫‪18‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫القسم الثالث ‪ :‬انتهاكات المحاكم‬ ‫العسكرية لمعايير حقوق اإلنسان‬ ‫تعترب إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية من أبرز انتهاكات الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة‪ ،‬وهو أمر يتناقض مع املواثيق‬ ‫الدولية املعنية بحقوق اإلنسان حيث نصت املادة ‪41‬من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية عىل أنه‪:‬‬ ‫‪ .1‬الناس جميعا سواء أمام القضاء‪ .‬ومن حق كل فرد لدى الفصل يف أية تهمة جزائية توجه إليه أو يف حقوقه والتزاماته يف أية دعوى‬ ‫مدنية‪ ،‬أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية‪ ،‬منشأة بحكم القانون‪ .‬ويجوز منع‬ ‫الصحافة والجمهور من حضور املحاكمة كلها أو بعضها لدواعي اآلداب العامة أو النظام العام أو األمن القومي يف مجتمع دميقراطي‪،‬‬ ‫أو ملقتضيات حرمة الحياة الخاصة ألطراف الدعوى‪ ،‬أو يف أدىن الحدود التي تراها املحكمة رضورية حني يكون من شأن العلنية يف‬ ‫بعض الظروف االستثنائية أن تخل مبصلحة العدالة‪ ،‬إال أن أي حكم يف قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية‪ ،‬إال‬ ‫إذا كان األمر يتصل بأحداث تقتيض مصلحتهم خالف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خالفات بني زوجني أو تتعلق بالوصاية عىل أطفال‪.‬‬ ‫‪ .2‬من حق كل متهم بارتكاب جرمية أن يعترب بريئا إىل أن يثبت عليه الجرم قانونا‪.‬‬ ‫‪ .3‬لكل متهم بجرمية أن يتمتع أثناء النظر يف قضيته‪ ،‬وعىل قدم املساواة التامة‪ ،‬بالضامنات الدنيا التالية‪:‬‬ ‫(أ) أن يتم إعالمه رسيعا وبالتفصيل‪ ،‬وىف لغة يفهمها‪ ،‬بطبيعة التهمة املوجهة إليه وأسبابها‪.‬‬ ‫(ب) أن يعطى من الوقت ومن التسهيالت ما يكفيه إلعداد دفاعه ولالتصال مبحام يختاره بنفسه‪.‬‬ ‫(ج) أن يحاكم دون تأخري ال مربر له‪.‬‬ ‫(د) أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره‪ ،‬وأن يخطر بحقه يف وجود من يدافع‬ ‫عنه إذا مل يكن له من يدافع عنه‪ ،‬وأن تزوده املحكمة حكام‪ ،‬كلام كانت مصلحة العدالة تقتيض ذلك‪ ،‬مبحام يدافع عنه‪ ،‬دون‬ ‫تحميله أجرا عىل ذلك إذا كان ال ميلك الوسائل الكافية لدفع هذا األجر‪.‬‬ ‫(هـ) أن يناقش شهود االتهام‪ ،‬بنفسه أو من قبل غريه‪ ،‬وأن يحصل عىل املوافقة عىل استدعاء شهود النفي بذات الرشوط‬ ‫املطبقة يف حالة شهود االتهام‪.‬‬ ‫(د) أن يزود مجانا برتجامن إذا كان ال يفهم أو ال يتكلم اللغة املستخدمة يف املحكمة‪.‬‬ ‫(ز) أال يكره عىل الشهادة ضد نفسه أو عىل االعرتاف بذنب‪.‬‬ ‫‪ .4‬يف حالة األحداث‪ ،‬يراعى جعل اإلجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لرضورة العمل عىل إعادة تأهيلهم‪.‬‬ ‫‪ .5‬لكل شخص أدين بجرمية حق اللجوء‪ ،‬وفقا للقانون‪ ،‬إىل محكمة أعىل يك تعيد النظر يف قرار إدانته وىف العقاب الذي حكم به عليه‪.‬‬ ‫‪ .6‬حني يكون قد صدر عىل شخص ما حكم نهايئ يدينه بجرمية‪ ،‬ثم أُبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه عىل أساس واقعة جديدة‬ ‫أو واقعة حديثة االكتشاف تحمل الدليل القاطع عىل وقوع خطأ قضايئ‪ ،‬يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك‬ ‫اإلدانة‪ ،‬وفقا للقانون‪ ،‬ما مل يثبت أنه يتحمل‪ ،‬كليا أو جزئيا‪ ،‬املسئولية عن عدم إفشاء الواقعة املجهولة يف الوقت املناسب‪.‬‬ ‫‪ .7‬ال يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب عىل جرمية سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهايئ وفقا للقانون ولإلجراءات‬ ‫الجنائية يف كل بلد‪.‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫والتي تؤكد عىل حق كل فرد يف محاكمة منصفة ومستقلة ومحايدة وقامئة استنادا ً إىل القانون‪ ،‬وكذا مع اإلعالن الدستوري الصادر عن‬ ‫‪16‬‬ ‫املجلس األعىل للقوات املسلحة الذي أكد يف مادته ‪ 12‬عىل حق جميع املواطنني يف املثول أمام قاضيهم الطبيعي‪”.‬‬ ‫ونصت املادة ‪ 01‬من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان لتؤكد عىل حق جميع املواطنني يف املحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة‪،‬‬ ‫حيث نصت عىل أن “ لكل إنسان عىل قدم املساواة التامة مع اآلخرين‪ ،‬الحق يف أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة‪ ،‬نظرا ً‬ ‫منصفاً وعلنياً‪ ،‬للفصل يف حقوقه والتزاماته ويف أية تهمة جزائية توجه إليه” ‪.17‬‬ ‫كام جاء املبدأ الخامس من مبادئ األمم املتحدة األساسية بشأن استقالل السلطة القضائية ليؤكد عىل حق كل فرد يف املحاكمة أمام‬ ‫املحاكم العادية‪ ،‬وعدم جواز إنشاء هيئات قضائية تنتزع والية املحاكم العادية حيث نص عىل “ لكل فرد الحق يف أن يحاكم أمام‬ ‫املحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق اإلجراءات القانونية املقررة‪ ،‬وال يجوز إنشاء هيئات قضائية ‪...‬ال تطبق اإلجراءات‬ ‫القانونية املقررة حسب األصول والخاصة بالتدابري القضائية‪ ،‬لتنتزع الوالية القضائية التي تتمتع بها املحاكم العادية أو الهيئات‬ ‫‪18‬‬ ‫القضائية”‬ ‫ومن املعروف أن األنظمة العسكرية املتعاقبة ىف مرص قد دأبت عىل استخدام سالح املحاكم العسكرية يف وجه خصومه ومعارضيه ‪،‬‬ ‫ولكن بعد سقوط نظام مبارك كان من املتوقع أن تسقط أدواته كاملة‪ ،‬لكن عىل العكس استمرت إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية‬ ‫بعد ثورة ‪ 52‬من يناير‪ ،‬تلك الثورة السلمية التي انطلقت من الرغبة يف إطالق الحريات العامة للمواطنني والعمل عىل تطبيق كافة‬ ‫املعايري والضامنات الدولية املعنية بحقوق اإلنسان ومنها الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة وصوال ملجتمع دميقراطي‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬املحاكم العسكرية وانتهاك ضامنات املحاكمة املنصفة واستقالل القضاء‬

‫يحدد القانون رقم ‪ 52‬لسنة ‪ 6691‬اختصاصات وصالحيات وتشكيل املحاكم العسكرية‪ .‬ويعترب هذا القانون إخالالً مببدأ تجانس القضاء‬ ‫ووحدته‪ ،‬وهو يسلب من املحاكم العادية اختصاصاتها‪ ،‬ويسلب من الشخص ضامناته املكفولة أمام قاضيه الطبيعي‪ ،‬حيث يقىض‬ ‫القانون مبد اختصاص املحاكم العسكرية عىل املواطنني املدنيني العاملني بالقوات املسلحة وعىل جرائم أمن الدولة املنصوص عليها يف‬ ‫الباب األول والثاين من قانون العقوبات‪.‬‬ ‫وقد شهد شهر إبريل لعام ‪ 7002‬موافقة مجلس الشعب عىل تعديل بعض أحكام قانون األحكام العسكرية‪ ،‬وجاء هذا التعديل شكليًا‪،‬‬ ‫حيث ما زال هناك قصور شديد يف بنيته الترشيعية‪ ،‬يتمثل يف استمرار محاكمة املدنيني أمام املحاكم العسكرية التي تفتقد للمعايري‬ ‫األساسية للمحاكمة العادلة واملنصفة املكفولة مبقتىض الدستور املرصي واملواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬واستمرار املادة ‪84‬‬ ‫والتي مبوجبها نجد أن السلطات القضائية العسكرية وحدها هي التي تقرر ما إذا كان الجرم داخالً يف اختصاصها أو ال دون أن متلك‬ ‫أية جهة قضائية أخرى منازعتها يف ذلك‪ ،‬فإذا ما انتهت تلك السلطات إىل اختصاصها بجرمية معينة وجب عىل القضاء العادي أن‬ ‫يتخىل عىل الفور عن نظرها‪.‬‬ ‫وبشكل عام؛ فإن هذا القانون قد تعارض مع مرشوع اإلعالن العاملي الستقالل القضاء الذي يقرص والية املحاكم العسكرية عىل‬ ‫العسكريني فقط‪ ،‬كام أن هذا القانون يخل مببدأ استقالل القضاء ويسلب حق املواطنني يف املثول أمام قاضيهم الطبيعي‪ ،‬حيث يقيض‬ ‫هذا القانون مبد اختصاص املحاكم العسكرية عىل املواطنني املدنيني العاملني بالقوات املسلحة وعىل جرائم أمن الدولة املنصوص عليها‬ ‫يف الباب األول والثاين من قانون العقوبات‪ .‬وتخول املادة السادسة من القانون لرئيس الجمهورية يف ظل حالة الطوارئ إحالة أياً من‬ ‫الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر‪ ،‬وتنزع أحكام هذا القانون املدنيني من قضاتهم الطبيعيني ملحاكمتهم‬ ‫عن جرائم ال متس النظام العسكري سواء يف الظروف العادية أو االستثنائية أمام جهة قضائية ذات طبيعة استثنائية‪ ،‬كام أن العديد‬ ‫من ضامنات التخصص واالستقالل والحيدة املفرتضة يف القضاء الطبيعي و املكفولة مبوجب أحكام املادة الرابعة عرش من العهد الدويل‬ ‫الخاص بالحقوق املدنية والسياسية تتقلص يف ظل القضاء العسكري‪ ،‬حيث ال يشرتط يف املحاكم العسكرية التي يقترص تشكيلها عىل‬ ‫ضباط القوات املسلحة رغم عدم حصولهم عىل التأهيل القانوين املناسب‪ ،‬كذلك فإن استقالل املحاكم العسكرية مشوب بالعديد من‬ ‫‪1 6‬‬ ‫‪ 17‬‬ ‫‪ 18‬‬

‫أنظر ‪http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b003.html‬‬ ‫أنظر ‪http://www.un.org/ar/documents/udhr/‬‬ ‫أنظر ‪http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b050.html‬‬

‫‪19‬‬


‫‪20‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫أوجه النقض بالنظر إىل أنها جزء من اإلدارة العامة للقضاء العسكري أحدى إدارات القيادة العليا للقوات املسلحة‪ ،‬باإلضافة إىل أن‬ ‫قضاتها يعينون ملدة سنتني قابلة للتجديد بقرار من وزير الدفاع وهو ما يتعارض مع مبدأ قابلية القضاة للعزل‪.‬‬ ‫كام خرج قانون األحكام العسكرية عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬فهو مل يحدد أقىص مدة للحبس‬ ‫االحتياطي‪ ،‬كام مل يأخذ مبا ينص عليه قانون اإلجراءات الجنائية بالنسبة للمحاكامت الغيابية من بطالن ما تم من إجراءات املحاكمة‪،‬‬ ‫أو الحكم إذا سلم املتهم نفسه أو ألقي القبض عليه قبل انتهاء املحاكمة مبا يستتبع ذلك من إعادة محاكمته حضوريا‪.‬‬ ‫وهنا فأن إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية يعد إخالالً بضامنات املحاكمة العادلة واملنصفة التي أكدتها املواثيق الدولية املعنية‬ ‫بحقوق اإلنسان‪ ،‬ونطرح يف ذلك بعض املالحظات عىل قانون األحكام العسكرية وذلك عىل النحو التايل‪:‬‬

‫املالحظة األويل‪ :‬املحاكم العسكرية انتهاك مستمر الستقالل القضاء والحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة‬

‫أصبحت اإلحالة للمحاكم العسكرية شبه قانونية خاصة بعد الفصل يف مدى قانونية قرار رئيس الجمهورية رقم ‪ 2991/573‬بإحالة‬ ‫املتهمني يف القضيتني ‪ 2991/193 ،693‬أمن دولة عليا(العائدون من أفغانستان‪ ،‬تنظيم الجهاد) للمحاكمة أمام القضاء العسكري من‬ ‫قبل القضاء اإلداري‪ ،‬حيث أقام محامو املتهمني دعوى أمام القضاء اإلداري ضد رئيس الجمهورية للمطالبة بوقف قرار اإلحالة‪ ،‬ويف‬ ‫جلسة ‪ 2991/2/8‬أصدرت محكمة القضاء اإلداري حكمها بوقف هذا القرار وما يرتتب عليه من أثار‪ ،‬فقامت هيئة قضايا الدولة ممثلة‬ ‫للحكومة برفع دعوى رقم ‪ 515‬لسنة ‪ 63‬قضائية للمطالبة بإلغاء حكم محكمة القضاء اإلداري ورفض طلب وقف تنفيذ قرار رئيس‬ ‫الجمهورية‪.‬‬ ‫ويف ذات الوقت تقدمت الحكومة بطلب للمحكمة الدستورية العليا من أجل تفسري نص املادة ‪ 6‬من قانون األحكام العسكرية التي‬ ‫تنص عىل ( ترسي أحكام هذا القانون عىل الجرائم املنصوص عليها يف البابني األول والثاين من الكتاب الثاين من قانون العقوبات وما‬ ‫يرتبط بها من جرائم والتي تحال إىل القضاء العسكري بقرار من رئيس الجمهورية‪ ،‬ولرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن‬ ‫يحيل إىل القضاء العسكري أي من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر)‪.‬‬ ‫حيث أن أساس الخالف بني الحكمني ( محكمة القضاء اإلداري واملحكمة اإلدارية العليا) هو حول تفسري عبارة أي من الجرائم‪ ،‬حيث‬ ‫ذهبت محكمة القضاء اإلداري إىل أن املقصود بكلمة الجرائم وهي التي حددها املرشع بنوعها تحديدا مجردا أو كانت معينه بذاتها‬ ‫بعد ارتكابها هذا‪ ،‬يف حني ذهبت املحكمة اإلدارية العليا إىل أن كلمة جرائم يتسع مدلولها ليشمل كل جرمية معاقب عليها قانونا سواء‬ ‫كانت بنوعها تحديدا مجردا أو كانت معينه بذاتها بعد ارتكابها‪ .‬وانتهت املحكمة الدستورية العليا يف ردها عىل طلب التفسري إىل أن‬ ‫عبارة أي من الجرائم الواردة بنص املادة ‪ 6‬من قانون األحكام العسكرية تشمل الجرائم املحددة بذاتها‪ ،‬والجرائم املحددة بنوعها‪.‬‬

‫املالحظة الثانية‪ :‬تعيني قضاة املحاكم العسكرية يتعارض مع استقالل السلطة القضائية‬

‫يقترص تشكيل املحاكم العسكرية عىل ضباط القوات املسلحة التابعة إلدارة القضاء العسكري‪ ،‬وهي أحدى إدارات القوات املسلحة‬ ‫التي تخضع بدورها لوزير الدفاع‪ ،‬ويعني قضاة املحاكم العسكرية بقرار من وزير الدفاع ملدة عامني قابلة للتجديد بقرار من وزير‬ ‫الدفاع دون سواه‪ ،‬وذلك وفقا لنص املادة ‪ 95‬من قانون األحكام العسكرية‪ ،‬وهو ما يتعارض مع مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل‬ ‫واستقاللهم وعدم التأثري عليهم يف أحكامهم‪ ،‬وتخضع األحكام الصادرة من املحاكم العسكرية لسلطة رئيس الجمهورية أو من يفوضه‬ ‫يف ذلك من ضباط القوات املسلحة للتصديق عىل األحكام‪ ،‬وللضابط املصدق أن يصدق عىل الحكم وهو ما يعني تأييد الحكم وله أن‬ ‫يخفف العقوبة الواردة به أو أن يحفظ القضية‪ ،‬كام له أن يرفض الحكم الصادر ويأمر بإعادة إجراءات املحاكمة مرة أخرى وهو ما‬ ‫يتعارض مع مبدأ حجية األمر املقيض به‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر هنا أن ما سبق ذكره يتعارض مع املبادئ ‪ 4 ،3 ،2 ،1‬من املبادئ األساسية املتعلقة باستقالل السلطة القضائية‪،19‬‬ ‫والتي تؤكد عىل أنه ال يجب أن يخضع القضاة كهيئة وكأفراد ألي تدخل سواء من جانب الدولة أو من األشخاص العاديني‪ ،‬ويجب أن‬ ‫تضمن الدولة هذا االستقالل املكفول بأن تنص عليه قوانينها بل وتحرتمه جميع املؤسسات الحكومية‪ ،‬وينبغي أن تضمن الدولة وجود‬ ‫‪ 19‬‬

‫للتفاصيل أنظر ‪http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b050.html‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫ضامنات هيكلية ووظيفية ضد أي تدخل سيايس أو غري سيايس يف تطبيق العدالة‪.‬‬

‫املالحظة الثالثة‪ :‬القضاء العسكري يخرج عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية ‪.‬‬

‫يخرج قانون األحكام العسكرية عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية بالنسبة للمحاكامت الغيابية من‬ ‫بطالن ما تم من إجراءات املحاكمة أو الحكم إذا سلم املتهم نفسه أو ألقي القبض عليه قبل انتهاء املحاكمة مبا يستتبعه ذلك من‬ ‫إعادة محاكمته أو إعادة اإلجراءات بعد صدور الحكم‪ ،‬وهو ما تختلف عنه قواعد قانون األحكام العسكرية والتي ال تنص عىل بطالن‬ ‫اإلجراءات يف حالة املحاكامت الغيابية بل تلزم املقبوض عليه من املحكوم عليه غيابيا بتقديم التامس إعادة نظر وللمحكمة العسكرية‬ ‫أن تقبله أو ترفضه‪.‬‬ ‫يضاف إىل ذلك خروج قانون األحكام العسكرية عن قانون اإلجراءات الجنائية يف عدم تحديده أقىص مدة للحبس االحتياطي‪ ،‬بينام‬ ‫يحدد قانون اإلجراءات الجنائية مدة أقىص للحبس االحتياطي‪ .‬كام إن إحالة متهمني مدنيني للمحاكم العسكرية يشكل حجبا للقضاء‬ ‫العادي يف بسط واليته عىل الوقائع التي يرتكبها املواطنون املدنيون ومتثل افتئاتا عىل حق املتهم يف املثول أمام قاضيه الطبيعي‪،‬‬ ‫واعتداءا ً عىل حق املجتمع يف الحفاظ عىل استقاللية القضاء ونهوضه باملهام املنوط به أدائها‪.‬‬

‫املالحظة الرابعة‪ :‬عدم صالحية الضباط العسكريني كقضاة بخصوص محاكمة املدنيني‬

‫أقر الدستور املرصي حق كل مواطن يف اللجوء لقاضيه الطبيعي‪ ،‬كام أكد عىل استقالل القضاة وغري قابليتهم للعزل وال سلطان عليهم‬ ‫يف قضائهم‪ ،‬وال يجوز ألي سلطة التدخل يف القضايا أو يف شئون العدالة‪ ،‬وأكدت املادة ‪ 76‬من قانون السلطة القضائية عىل أن القضاة‬ ‫غري قابلني للعزل وضامنة عدم القابلية للنقل‪ ،20‬كام اشرتط قانون السلطة القضائية يف مادته رقم ‪ 83‬فيمن يتوىل القضاء أن يكون‬ ‫حاصالً عىل إجازة الحقوق‪.21‬‬ ‫وننتهي مام سبق إىل أن هناك مجموعة من الخصائص يجب توافرها يف القايض ليك يكون قاضيا طبيعياً‪ ،‬هي الحيدة واالستقالل‬ ‫والحصانة والتأهيل‪ .‬ويف املقابل نجد أن القايض العسكري يفتقد لكل هذه الضامنات‪ ،‬حيث أنه ال يشرتط فيه أن يكون مجازا ً يف‬ ‫الحقوق حيث مل يتطلب قانون األحكام العسكرية التأهيل القانوين الالزم إال بالنسبة ملدير اإلدارة العامة للقضاء العسكري ( مادة ‪2‬‬ ‫من القانون) دون باقي القضاة أو أعضاء القضاء العسكري‪.‬‬ ‫فضالً عن أن القايض العسكري يخضع لكافة األنظمة املنصوص عليها يف قانون الخدمة العسكرية وذلك مبقتيض نص املادة ‪ 75‬من‬ ‫قانون األحكام العسكرية‪ ،‬كام أن القايض العسكري قابل للعزل كل عامني يف حالة عدم التجديد له أو بقرار من وزير الدفاع وذلك‬ ‫وفقا لنص املادة ‪ 95‬من قانون األحكام العسكرية‪.‬‬

‫‪ 20‬‬

‫برضائهم‬

‫مادة ‪-67‬رجال القضاء والنيابة العامة – عدا معاوين النيابة – غري قابلني للعزل وال يقل مستشارو محكمة النقض إىل محاكم االستئناف أو النيابة العامة إال‬

‫مادة ‪ -38‬يشرتط فيام يوىل القضاة‪:‬‬ ‫‪ 21‬‬ ‫‪1‬أن يكون متمتعا بجنسية جمهورية مرص العربية وكامل األهلية املدنية‪:‬‬‫‪2‬أال يقل سنة عن ثالثني سنة إذا كان التعيني باملحاكم االبتدائية وعن مثان وثالثني سنة إذا كان التعيني مبحاكم االستئناف وعن أربعني سنة إذا كان التعيني‬‫مبحكمة النقض‬ ‫‪3‬أن يكون حاصال عىل أجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات جمهورية مرص العربية أو عىل شهادة أجنبية معادلة لها وأن ينجح يف الحالة‬‫األخرية يف امتحان املعادلة طبقا للقوانني واللوائح الخاصة بذالك‬ ‫‪4‬إال يكون قد حكم عليه من املحاكم أو املجالس التأديب ألمر محل بالرشف ولو كان قد رد إليه اعتباره‬‫‪5-‬أن يكون محمود السرية حسن السمعة‬

‫‪21‬‬


‫‪22‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫املالحظة الخامسة‪ :‬القضاء العسكري يخل بالحق يف الدفاع يف حاالت عدة‬

‫أن حق املتهم يف أن يتاح له الوقت الكايف إلعداد دفاعه قد أهدر يف العديد من القضايا عىل نطاق واسع يف ظل الرسعة الهائلة التي‬ ‫كان يجري بها نظر القضايا املختلفة من قبل املحاكم العسكرية‪ ،‬وخالل نظر القضايا أمام املحاكم العسكرية تكررت شكاوى املحامني و‬ ‫أعضاء هيئة الدفاع من عدم قدرتهم عىل مجاراة املحكمة يف رسعتها يف الفصل يف الدعاوى وتعرضهم لإلرهاق الشديد بالنظر الستمرار‬ ‫الجلسات ملدد قصرية والفصل فيها من أول جلسة أحياناً ويف أحيان أخرى تم رصد حاالت صدر بشأنهم حكم بالسجن خالل ‪ 27‬ساعة‬ ‫من وقت إلقاء القبض عليه ‪.‬‬ ‫هذا الترسع يخل بالضامنات التي يتطلبها إعداد الدفاع القانوين وعرضه بصورة كاملة مبا يسمح بتنفيذ كافة االدعاءات وتقديم الدفوع‬ ‫املختلفة‪ ،‬كام يشكل ذلك إخالالً أيضاً بأحكام املادة الرابعة عرش من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية يف إحدى فقراتها التي‬ ‫تقر بحق كل متهم يف أن مينح من الوقت التسهيالت وما يكفيه إلعداد دفاعه واالتصال مبحام يختاره بنفسه‪.‬‬ ‫كام أن عدد ليس بقليل من املحامني مل ميكن من الحصول عىل نسخ كاملة من ملفات القضايا ومل يتسنى له الوقت الكايف إلعداد‬ ‫دفوعه‪ ،‬ووجد أن قانون األحكام العسكرية ينص يف مادته رقم ‪ 13‬عىل أن ( تعترب إجراءات التحقيق والنتائج التي تسفر عنها من‬ ‫األرسار ويجب عىل أعضاء النيابة وأعضاء الضبط القضايئ ومساعديهم من الخرباء وغريهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحرضونه بسبب‬ ‫وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها وأال وقعوا تحت طائلة العقوبات املقررة يف القانون) وهو ما يعترب إخالالً بحق لدفاع يف اإلطالع‪.‬‬

‫املالحظة السادسة‪ :‬عدم فاعلية القضاء العسكري يف القضاء نهائيا عىل أعامل البلطجة والعنف اإلجرامي أو حوادث‬ ‫التعرض للمنشآت العامة ‪.‬‬

‫يدعي البعض أن القضاء العسكري له فاعلية كربى يف مواجهة الجرائم والحد منها مستندين يف ذلك إىل أن أحكامه رادعة ورسيعة‪،‬‬ ‫لكن هذا مردود عليه بأن املحاكم العسكرية أصدرت مئات بل آالف األحكام بشأن العديد من القضايا وكانت األحكام مشددة يف‬ ‫حاالت عدة‪ ،‬وعىل سبيل املثال جاء الحكم يف القضية رقم ‪ 179 ،079‬لسنة ‪ 1102‬جنح عسكرية اإلسكندرية بحق عدد من املواطنني‬ ‫املتهمني بالبناء بدون ترخيص بالسجن املشدد ملدة خمس سنوات‪ ،‬إالّ أن ظاهرة البناء بدون ترخيص مل تتوقف‪ ،‬كام صدرت أحكام‬ ‫بالسجن املشدد لعرش سنوات وأخرى باإلعدام لعدد من املتهمني بالبلطجة ومثريي الشغب‪ ،‬وبالرغم من ذلك مل تتوقف أعامل‬ ‫البلطجة وفرض اإلتاوات وإثارة فزع املواطنني وبث الرعب يف نفوسهم‪ ،‬وهو ما يدل عىل رضورة أن تحال كافة القضايا للقضاء العادي‬ ‫بدالً من إحالتها للقضاء العسكري ألنه صاحب الوالية األصيلة‪.‬‬ ‫ويدفع البعض بأن القضاء العسكري هو أحد أبرز صور العدالة الناجزة وهو أمر مردود عليه بأن رسعة الفصل يف القضايا ليست‬ ‫املعيار الوحيد عىل عدالة املحكمة وصحته‪ ،‬بل أن رسعة الفصل يف القضايا قد متثل يف أغلب األحيان إخالالً بحق الدفاع وإضاعة‬ ‫فرصته يف إثبات براءة املتهمني‪ ،‬وهناك ادعاءات من قبل العديد من املحكوم عليهم من قبل القضاء العسكري وأرسهم بأن االتهامات‬ ‫املوجهة لهم ملفقة بواسطة رجال رشطة إما لخالفات سابقة‪ ،‬أو إلثبات قيام رجال الرشطة بأعاملهم‪ ،‬وصل األمر يف بعض األحيان إىل‬ ‫ادعاء البعض بأنهم قد تم تلفيق القضايا لهم تنكيال لهم‪ ،‬ويدعي أغلب هؤالء بأنهم مل ميكنوا من إثبات براءتهم نظرا لرسعة الفصل يف‬ ‫القضايا وعدم استطاعتهم إثبات ما يدعونه أو إحضار شهود إثبات‪ ،‬أو عدم األخذ باألدلة املقدمة منهم مثل القضية رقم ‪ 3011‬لسنه‬ ‫‪1102‬ج ع القاهرة حيث رفضت املحكمة العسكرية األخذ بشهادة شاهد النفي يف القضية؛ ألنه غري مقيم بذات العقار بالرغم من‬ ‫إقامته بالعقار املجاور وحضوره للحادثة منذ بدايتها‪ ،‬ما سبق يتضح أن املحاكامت العسكرية مل تقيض نهائياً عىل الجرائم التي تحاكم‬ ‫مرتكبيها أو متثل صورة من صور العدالة الناجزة وينبغي إحالة كافة املدنيني أمام قاضيهم الطبيعي‪.‬‬ ‫وميكن القول أنه ويف ضوء اإلطار القانوين الوطني املنظم للقضاء العسكري فإن هناك العديد من املعوقات التي تعيق اعتباره قضاءا ً‬ ‫طبيعياً مستقالً‪ ،‬وبالتايل فإنه ميكن القول بأن إحالة املدنيني هي وبحق أحد أكرث صور انتهاك ضامنات الحق يف املحاكمة العادلة‬ ‫واملنصفة ‪.‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫وبصفة عامة ميكن القول أن محاكمة املدنيني أمام املحاكم العسكرية تفتقر لضامنات الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة املنصوص‬ ‫عليها يف املواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان ‪ ،‬وعليه فإن الحاالت سالفة الذكر فقد انتهكت حقوقها يف عدم التعرض للقبض أو‬ ‫االعتقال التعسفي وإبالغ األرسة بنبأ القبض عليه وخالفه‪ ،‬وميكن بيان ما سبق ذلك عىل هذا النحو ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الحق يف عدم التعرض للقبض عليه أو االعتقال التعسفي‬

‫ينص العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل عدم جواز القبض عىل أحد أو اعتقاله تعسفاً‪ ،‬وعىل رفض حرمان أحد من‬ ‫حريته إال ألسباب ينص عليها القانون وطبقاً لإلجراء املقرر فيه‪ .‬وقد ذكرت اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان أن مصطلح “ التعسف “‬ ‫ال يعني فقط أن اإلجراء “مخالف للقانون”‪ ،‬بل يجب تفسريه تفسريا ً أوسع ليتضمن بعض العنارص األخرى‪ ،‬مثل عدم اللياقة والظلم‬ ‫وعنرص املفاجأة‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬الحق يف إبالغ أرسة املتهم بنبأ القبض عليه‬

‫من حق كل شخص إبالغ أرسته بنبأ القبض عليه حيث تنص القاعدة ‪ 29‬من (القواعد النموذجية الدنيا ملعاملة السجناء) عىل‬ ‫أنه يجب السامح للمتهم بأن يقوم فورا ً بإبالغ أرسته بنبأ احتجازه‪ ،‬وأن يُعطَى كل التسهيالت املعقولة لالتصال بأرسته وأصدقائه‬ ‫واستقبالهم‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الحق يف إعادة النظر يف االحتجاز‬

‫من حق كل شخص أن َ ْيثُل عىل وجه الرسعة أمام القضاة بعد القبض عليه أو احتجازه؛ بهدف إعادة النظر قضائياً يف أمر احتجازه‪،‬‬ ‫وهو ما يعرف يف بعض البلدان باسم “حق الحضور”‪ ،‬وهو حق منصوص عليه رصاحة يف املواثيق الدولية املختلفة والهدف من ذلك‬ ‫البت فيام إذا كانت هناك أسباب قانونية تربر القبض عىل املتهم‪ ،‬وإذا ما كان احتجازه قبل املحاكمة رضورياً كام يرمي كذلك إىل‬ ‫ضامن سالمة املتهم وعدم تع ُّرضه النتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬الحق يف افرتاض الرباءة‬

‫تنص املادة ‪ 11‬من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان عىل أن “ كل شخص متهم بجرمية يُعترب بريئاً إىل أن يثبت ارتكابه لها قانوناً يف‬ ‫محاكمة علنية تكون قد ُوفِّرت له فيها جميع الضامنات الالزمة للدفاع عن نفسه”‪ ،‬وهذا الحق منصوص عليه يف املادة ‪ 41‬من العهد‬ ‫الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية مام يؤكد رضورة أن افرتاض الرباءة سارياً منذ لحظة إلقاء القبض عىل الشخص؛ حتى يتم‬ ‫تأكيد اإلدانة يف مرحلة االستئناف النهائية‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬الحق يف رسعة إجراء العدالة‬

‫تنص املادة ‪ 9‬من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل أن‪ “ :‬كل مقبوض عليه أو ُمحتجز بتهمة جنائية يجب أن‬ ‫باشة وظائف قضائية‪ ،‬ويكون من حقه أن يُحاكم خالل مدة معقولة أو‬ ‫يُحال رسيعاً إىل أحد القضاة أو أحد املوظفني امل ُخ َّولني قانوناً ُم َ َ‬ ‫أن يفرج عنه”‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬الحق يف عالنية املحاكمة‬

‫يعنى حضور ممثلني عن منظامت حقوق اإلنسان لجلساتها من أجل التأكد من نزاهتها‪ ،‬فتكفل املادة ‪ 41‬من العهد الدويل الخاص‬ ‫بالحقوق املدنية والسياسية الحق يف املحاكمة العلنية‪ ،‬باعتبار ذلك عنرصا ً أساسياً من عنارص املحاكمة العادلة وال يجوز منع الجمهور‬ ‫وأجهزة اإلعالم من حضور جانب من املحاكمة‪ ،‬أو من حضورها كلها‪ ،‬إال عىل ظروف استثنائية كأ ْن يكون اإلعالن عن بعض املعلومات‬ ‫الخاصة بالقضية مصدر خطر حقيقي عىل أمن الدولة‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫‪24‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫سابعاً‪ :‬إتاحة ما يكفي من الوقت والتسهيالت للدفاع‬

‫مبحام يختاره‬ ‫من حق كل متهم بارتكاب جرمية ما أن يتاح له من الوقت ومن التسهيالت ما يكفي إلعداد دفاعه بنفسه ولالتصال ٍ‬ ‫بنفسه وكفالة حقه يف دفاعا قانونيا مناسبا وحقيقيا وليس صوريا‪ ،‬فيلزم أن يتوافر له الدفاع وفرصة لتوضيح براءته بكافة السبل‬ ‫املتاحة ‪ ،‬وذلك تطبيقا لنص املادة ‪ 41‬من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‪.‬‬

‫ثامناً‪ :‬استقالل السلطة القضائية‬

‫ليس من املحتمل أن تتسم املحاكمة باألنصاف‪ ،‬بل ولن يرى الناس أنها منصفة إذا كان املسئولون عن إصدار األحكام والعقوبات‬ ‫يفتقرون إىل االستقالل والحياد‪ ،‬ويقر اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية بأن البعد عن‬ ‫التحيز رشط جوهري‪ ،‬بصفة مطلقة‪ ،‬إلجراء املحاكمة العادلة‪.‬‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫الخاتمة و التوصيات‬ ‫‪ .1‬إلغاء كافة القوانني واملحاكم االستثنائية مع توفري ضامنات استقالل السلطة القضائية‪ ،‬والحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة‪.‬‬ ‫‪ .2‬التوقف الفوري عن إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية وإحالتهم لقاضيهم الطبيعي ‪ ،‬كام ينبغي تعديل قانون األحكام العسكرية‬ ‫رقم ‪ 52‬لسنة ‪ 6691‬وتعديالته لتقترص املحاكم العسكرية عىل محاكمة العسكريني املتهمني بارتكاب جرائم عسكرية فقط والجرائم‬ ‫الواقعة داخل الوحدات والثكنات العسكرية‪ ،‬وكذلك إلغاء املادة ‪ ٨٤‬من القانون والتى تعطي للقضاء العسكري وحده تحديد‬ ‫اختصاصه‪.‬‬ ‫‪ .3‬إحالة كافة القضايا املحكوم فيها عسكريا والقضايا التي ال تزال تنظر أمام القضاء العسكري إىل النيابة العامة أو القضاء الطبيعي‬ ‫وإعادة إجراءات املحاكمة فيها وفق قانون العقوبات املرصي ‪ ،‬حتى يتمكن املتهمون من حصولهم عىل حقهم يف كفالة الدفاع القانوين‬ ‫املناسب التهاماتهم‪.‬‬ ‫ويف هذا اإلطار‪ ،‬وضعت مجموعة العمل يف األمم املتحدة املختصة مبتابعة حاالت االعتقال التعسفي قواعد واضحة بشأن املحاكم‬ ‫العسكرية‪ ،‬حيث اعتربت أنه يف حال استمرار وجود القضاء العسكري فإنه يتعني األخذ باملبادئ التالية‪:‬‬ ‫• أن تكون املحاكم العسكرية غري مؤهلة ملحاكمة املدنيني‪.‬‬ ‫• أن تكون املحاكم العسكرية غري مؤهلة ملحاكمة العسكريني إذا كان املجني عليهم مدنيون‪.‬‬ ‫كام اعتربت اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب يف قرارها الصادر يف نوفمرب ‪ 9991‬أن “الهدف من املحاكم العسكرية هو‬ ‫تحديد املخالفات ذات الطبيعة العسكرية البحتة املرتكبة من طرف العسكريني‪ .‬وحتى يف مثل هذه الحاالت‪ ،‬يتعني عىل هذه املحاكم‬ ‫احرتام رشوط املحاكمة العادلة‪ .‬ويف مطلق الحاالت ال يجب توليها صالحية محاكمة املدنيني ويف نفس السياق‪ ،‬مينع عىل املحاكم‬ ‫الخاصة النظر يف القضايا التي تدخل ضمن صالحيات املحاكم العادية”‪ .‬ويأيت هذا االتجاه من جانب اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان‬ ‫والشعوب ليتسق مع املبادئ التوجيهية بشأن الحق يف املحاكمة العادلة واملساعدة القانونية يف أفريقيا الصادرة عن اللجنة يف تقريرها‬ ‫الثاين والذي جاء به‪:‬‬ ‫• الهدف الوحيد من وراء املحاكم العسكرية هو تحديد املخالفات ذات الطبيعة العسكرية املرتكبة من قبل العسكريني‪.‬‬ ‫• يجب أال يكون للمحاكم العسكرية يف أية ظروف صالحية محاكمة املدنيني‪ ،‬كام يتعني أال تنظر هذه املحاكم يف الجرائم التي‬ ‫تدخل ضمن اختصاص املحاكم العادية‪.‬‬ ‫‪ -4‬اإلفراج الفوري عن املدنيني الصادر بحقهم أحكام من املحاكم العسكرية وإصدار قرا ًرا من رئيس الجمهورية بإلغاء األحكام الصادرة‬ ‫من املحاكم العسكرية ضد املدنيني وفقا لقواعد التصديق عىل األحكام الواردة ىف قانون القضاء العسكري املادة ‪ ٨٩‬وحتى ‪٦١١‬‬ ‫وخاصة البند الرابع من املادة ‪ ٩٩‬من القانون سالف الذكر ‪ ،‬عىل أن يتضمن قرار إلغاء األحكام الصادرة من املحاكم العسكرية بحق‬ ‫املدنيني الفرتة من فرباير‪ 1102‬وحتى اآلن‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫‪26‬‬

‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬


‫اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات‬

‫‪27‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.