ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﻴﻒ ﻳ ﱢ ُﻐري ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻣﺎرك ﺳﻜﺎوزن
ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺷﻴﻤﺎء ﻃﻪ اﻟﺮﻳﺪي ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻫﺎﻧﻲ ﻓﺘﺤﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎن
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
EconoPower
ﻣﺎرك ﺳﻜﺎوزن
Mark Skousen
اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ٢٠١٦م رﻗﻢ إﻳﺪاع ٢٠١٥ / ٢٣٥٢٤ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻠﻨﺎﴍ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ املﺸﻬﺮة ﺑﺮﻗﻢ ٨٨٦٢ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٠١٢ / ٨ / ٢٦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ إن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ آراء املﺆﻟﻒ وأﻓﻜﺎره وإﻧﻤﺎ ﱢ ﻳﻌﱪ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ آراء ﻣﺆﻟﻔﻪ ٥٤ﻋﻤﺎرات اﻟﻔﺘﺢ ،ﺣﻲ اﻟﺴﻔﺎرات ،ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﴫ ،١١٤٧١اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻛﺲ+ ٢٠٢ ٣٥٣٦٥٨٥٣ : ﺗﻠﻴﻔﻮن+ ٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥٢ : اﻟﱪﻳﺪ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhindawi@hindawi.org : املﻮﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhttp://www.hindawi.org : ﺳﻜﺎوزن ،ﻣﺎرك. ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد :ﻛﻴﻒ ﻳ ﱢ ُﻐري ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻌﺎﻟﻢ/ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻣﺎرك ﺳﻜﺎوزن. ﺗﺪﻣﻚ٩٧٨ ٩٧٧ ٧٦٨ ٤٥٤ ٥ : -١اﻻﻗﺘﺼﺎد -٢اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن أ -اﻟﻌﻨﻮان ٣٣٠ ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻐﻼف :إﺳﻼم اﻟﺸﻴﻤﻲ. ﻳُﻤﻨَﻊ ﻧﺴﺦ أو اﺳﺘﻌﻤﺎل أي ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮﻳﺔ أو إﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ أو ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ، وﻳﺸﻤﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﰲ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻋﲆ أﴍﻃﺔ أو أﻗﺮاص ﻣﻀﻐﻮﻃﺔ أو اﺳﺘﺨﺪام أﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻧﴩ أﺧﺮى ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﻔﻆ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﺳﱰﺟﺎﻋﻬﺎ ،دون إذن ﺧﻄﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﴍ. Arabic Language Translation Copyright © 2016 Hindawi Foundation for Education and Culture. EconoPower Copyright © 2008 by Mark Skousen. All Rights Reserved. Authorised translation from the English language edition published by John Wiley & Sons, Inc. Responsibility for the accuracy of the translation rests solely with Hindawi Foundation for Education and Culture and is not the responsibility of Wiley. No part of this book may be reproduced in any form without the written permission of the original copyright holder, John Wiley & Sons Inc.
اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت
ﺗﻤﻬﻴﺪ ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ
9 15 17
اﻟﺠﺰء اﻷول :املﺎﻟﻴﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ -١اﻗﺘﺼﺎديﱞ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ملﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪل ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ ﺛﻼث ﻣﺮات -٢ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ -٣ﻧﻌﻢ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ -٤اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ذو اﻟﻌﺎﺋﺪ املﺮﺗﻔﻊ -٥ﻛﻴﻒ ﺻﻨﻌﺖ ﺗﺸﻴﲇ ﺛﻮرة ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ-رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ -٦املﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﺻﻼح اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ دوﻻر ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؟ ٤ -٧آﻻف ٍ -٨ﻛﻴﻒ ﺣ ﱠﻞ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص أزﻣﺘﻪ ﻣﻊ املﻌﺎﺷﺎت -٩املﺼﺎدر اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة
31 35 43 49 61 67 73 77 81 85
اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺪﺧﻠﻮن ﻗﺎﻋﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﴩﻛﺎت -١٠ﺗﺤﺴني اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﴍﻛﺔ -١١ﻛﻴﻒ ﺳﺎﻫﻢ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﰲ إﻧﺸﺎء أﻛﱪ
89 93 97
اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺣﻞ املﺸﻜﻼت املﺤﻠﻴﺔ -١٢اﻧﻈﺮي ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻣﺮورﻳﺔ!
105 109
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
-١٣ﻗﻮة املﺮﻳﺾ -١٤ﻋﻮدة إﱃ اﻷﺳﺎﺳﻴﺎت -١٥ﻣﻌﺮض أﺳﻠﺤﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ -١٦ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني -١٧دور اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص -١٨ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن؟
119 129 135 141 155 161
اﻟﺠﺰء اﻟﺮاﺑﻊ :ﺣﻞ املﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎملﻴﺔ -١٩ﺟﺪل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﻴﺌﻲ -٢٠اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ -٢١ﺣ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻔﻘﺮ املﺪﻗﻊ -٢٢اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺜﺮاء :اﻟﻬﻨﺪ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ -٢٣إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى املﻌﺠﺰ ُة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؟ -٢٤ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻟﻠﻤﴫﻳني؟ -٢٥املﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ -٢٦ﺛﻮرة اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ -٢٧اﻟﺠﺪل ﺣﻮل ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ -٢٨رﺳﻢ ﺑﻴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء -٢٩ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻴﺎﻧﻲ ﻣﺪﻫﺶ -٣٠اﻟﺴﻼم ﻋﲆ اﻷرض ،اﻟﻨﻮاﻳﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺒﴩ
165 169 175 179 185 189 195 199 203 209 217 229 233
اﻟﺠﺰء اﻟﺨﺎﻣﺲ :اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎملﺴﺘﻘﺒﻞ -٣١ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﻜﻬﻨﺎت -٣٢اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت -٣٣ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﺳﻬﻢ -٣٤ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس -٣٥ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ آﺧﺮ؟ -٣٦اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛريًا اﻟﻴﻮم -٣٧ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻠﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون ﻣﻼﺣﻈﺎت
237 241 247 253 261 271 277 281 285
6
إﻫﺪاء إﱃ ﺟﻮن أُو وﻳﺘﻨﻲ ،أﺑﺮز رﻣﻮز ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ. »اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻨﺒﻴﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻮه وﺳﻂ اﻟﺰﺣﺎم«.
ﲤﻬﻴﺪ
ﻣﻨﺬ ﻓﱰ ٍة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺒﻌﻴﺪ ٍة ﻛﺎن اﻟﺘﺸﺎؤم ﻳُﺨﻴﱢﻢ ﻋﲆ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺸﺄن املﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻏري أن اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﻜﺒري أﻟﻔﺮﻳﺪ ﻣﺎرﺷﺎل ﻛﺎن اﺳﺘﺜﻨﺎءً؛ ﻓﻔﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱠ ﱠ َ اﻷوﱃ ،ﻛﺎن ﰲ أو ِْج اﻟﺘﻔﺎؤل ﺑﺎﻟﺠﻴﻞ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺒﱠﺄ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺳﻴ ﱢ ُﻐريون اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻸﻓﻀﻞ .وﻛﺘﺐ إﱃ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﻳﻘﻮل» :ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎء اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ١٩٢٠إﱃ ،١٩٧٠ ﺳﻮف ﺗﺒﺪأ ﻓﱰة ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻤﺘﺪ إﱃ أﻟﻒ ﻋﺎ ٍم ﺗُﻤﺜﱢﻞ ،ﰲ ﱡ ازدﻫﺎر ﻟﻠﻤﺆرﺧني .إن ﺗﻮﻗﻌﻲ ،ﻓﱰ َة ٍ 1 اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ ﻳﺜري اﻫﺘﻤﺎﻣﻲ ﺑﺸﺪة«. ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﰲ ﻋﺎم ١٩٣٠؛ أي ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻛﺘﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﻌﺮوف ً ﻣﻘﺎﻻ ﺻﻐريًا ﻳُﻌﻨﱢﻒ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ — أﺑﺮز ﻣَ ﻦ ﺗﺘﻠﻤﺬ ﻋﲆ ﻳﺪ أﻟﻔﺮﻳﺪ ﻣﺎرﺷﺎل — ﻓﻴﻪ زﻣﻼءه ﻟﺴﻠﺒﻴﺘﻬﻢ املﻔﺮﻃﺔ ﺑﺸﺄن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮاﻛﺪ؛ ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎﻟﻪ »اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻷﺣﻔﺎدﻧﺎ« ،اﻧﺘﻘﺪ ﻛﻴﻨﺰ أﺻﺪﻗﺎءه ﻟﺘﺸﺎؤﻣﻬﻢ ،ﻣُﻌﻠﻨًﺎ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا »ﻣﺨﻄﺌني أﻳﱠﻤﺎ ﺧﻄﺄٍ« ﺑﺸﺄن ً »ﺧﻠﻼ ﻣﺆﻗﺘًﺎ« و»ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ — ﺑﺤﺴﺐ ﻛﻴﻨﺰ — َ )ﻇﻨﻨﺖ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﺳﺘﺸﻬﺪ ﺑﻤﻘﻮﻟﺔ ﻛﻴﻨﺰ اﻟﺸﻬرية» :ﻋﲆ ﺳﻴﺤ ﱡﻞ اﻟﺒﴩ ﻣﺸﻜﻠﺘَﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ«. املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ ﺳﻨﻜﻮن ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﰲ ﻋﺪاد املﻮﺗﻰ «.أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟( ﻟﻘﺪ ﱠ ﺗﻮﻗﻊ »ﺗﻘﺪﻣً ﺎ أﻋﻈﻢ ﻛﺜريًا« ﻣﻤﺎ ﺗﺨﻴﱠﻠﻨﺎه ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؛ إذ ﱠ ﻫﺎﺋﻞ ﻗﺪر ٍ ﺗﻮﻗﻊ أﻧﻪ ﰲ ﻏﻀﻮن ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎ ٍم ﺳﻴﻜﻮن اﻟﺒﴩ ﻋﲆ ٍ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻫﻲ: ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪﱡم ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﺣﺘﻰ إن املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺳﺘﻜﻮن »ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺳﺘﻐﻼل ﺗﺤ ﱡﺮر اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ املﺴﺌﻮﻟﻴﺎت واﻟﻬﻤﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻀﺎﻏﻄﺔ ،وﻛﻴﻔﻴﺔ َﺷﻐﻞ أوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ ،وأيﱡ ﻋﻠ ٍﻢ وأيﱡ ﻓﺎﺋﺪ ٍة ﻣﺮﻛﺒ ٍﺔ ﱠ ٍ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﺣﻘ َﻘﺎ ﻟﻪ ﻣﺂرﺑﻪ ،ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻴﺶ وﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ«. وﺑﺎﺳﺘﻤﺘﺎع ٍ ٍ
2
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ُ ﺻﺤﺔ اﻟﺘﻨﺒﺆات اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ أﻟﻔﺮﻳﺪ ﻣﺎرﺷﺎل وﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ، وﻗﺪ ﺛﺒﺘﺖ واﻟﻔﻀﻞ ﰲ ذﻟﻚ ﻳﺮﺟﻊ — إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري — إﱃ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺘﺎﱄ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻋﺪوا ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻣﻌﺪ ٍ ٍ ٍ ودراﺳﺎت ﺗﺠﺮﻳﺒﻴ ٍﺔ ﻋﻤﻠﻴ ٍﺔ ﱠﻟﺔ ﰲ ﺗﻐﻴري اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ازدﻫﺎر وﺻﻌﻮد ،وﺗﺤ ﱠﺮ ْ رت ﺟﺪﻳﺪ ٍة وﻣﺜرية؛ ﻓﻤﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻌﺎملﻲ ﰲ ٍ واﺑﻞ ﻣﻦ اﻻﺧﱰاﻋﺎت واﻟﺘﻄﻮﱡرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة، رﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﻗﻴﻮدﻫﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ٍ ً ﻋﺎملﻴﺔ وﺑﺮﻏﻢ ﺑﻌﺾ ﻓﱰات اﻟﺮﻛﻮد واﻷزﻣﺎت ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك ،ﺗَﺠﻨﱠﺒﻨﺎ ﻛﺴﺎدًا ﻋﻈﻴﻤً ﺎ آﺧﺮ وﺣﺮﺑًﺎ أﺧﺮى. راﺋﻊ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﺿﻴﺢ اﻟﺪور املﻬﻢ ﺑﻌﻤﻞ ﻟﻘﺪ ﻗﺎم ﻣﺎرك ﺳﻜﺎوزن ٍ ٍ اﻟﺬي ﻟﻌﺒﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﰲ ﻫﺬا اﻻزدﻫﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺬي ﺗﻼ اﻟﺤﺮبَ ،وﻛﻴﻒ أن ً ﺟﻴﻼ ﺟﺪﻳﺪًا ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص املﺆﺛﱢﺮﻳﻦ ﻳﺼﻨﻊ ً ً ﻣﺬﻫﻮﻻ أﻣﺎم ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻓﺎرﻗﺎ .ﺣﺘﻰ إﻧﻲ أﻗﻒ ٍ ٍ وﺣﺼﺎﻓﺔ، ﺑﺤﻜﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺗﻴﺴري اﻻدﱢﺧﺎر ،وﺗﺠﻨﱡﺐ اﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر وإﺧﺮاج ﻣﻼﻳني اﻟﻔﻘﺮاء ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻔﻘﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺋﺘﻤﺎﻧﺎت اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﺼﻐﺮ، واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،وﺗﺤﺴني اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،وﺗﻮﻓري اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﻮال ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت، وﻃﺮح اﻟﴩﻛﺎت ﻟﻼﻛﺘﺘﺎب اﻟﻌﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺰاﻳﺪات أﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ وﻛﻔﺎءة ،وﺗﺨﻔﻴﻒ اﻻﺧﺘﻨﺎق ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻔﱰات اﻟﺬروة ،وزﻳﺎدة أرﺑﺎح اﻟﴩﻛﺎت ﻣﻊ ﻣﻜﺎﻓﺄة ري املﺮوري ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﻨﻴﺎت ﺗﺴﻌ ٍ اﻟﻌﺎﻣﻠني واملﺴﺎﻫﻤني ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺪول ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻌﺠﺰاﺗﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، وﺗﺠﻨﱡﺐ اﻟﴫاﻋﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻻﺣﻈﺖ ،ﱢ ُ وﻛﲇ ﻓﺨﺮ ،أن اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺬﻛﺮﻫﻢ ﻣﺎرك ﰲ ﻫﺬا ﻟﻘﺪ اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺎﻧﻮا أﻋﻀﺎءً ﰲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ أو ﻃﻼﺑًﺎ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،وﻓﻴﻬﻢ ﻧﺠﻮم ﻫﺬا َ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺧﻠﻖ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ، املﺠﺎل أﻣﺜﺎل ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن اﻟﺬي ﻋ ﱠﺮﻓﻨﺎ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ٍ ري ﺗَ ﱡ ﻀﺨﻤﻲ )ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻠﺔ املﺘﺪاوﻟﺔ ،وﺧﻔﺾ املﻼﺋﻤﺔ ﻻﻗﺘﺼﺎدِ ﻧﻤ ﱟﻮ ﻣﺴﺘﻘ ﱟﺮ ﻏ ِ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﺗﺤﺠﻴﻢ ازدﻳﺎد ﺣﺠﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ( ،وﺟﻴﻤﺲ ﺑﻮﺷﻨﺎن ،راﺋﺪ ﻣﺪرﺳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﺎم، ﻃ ً اﻟﺬي ﺣﻮﱠل اﻟﱰﻛﻴ َﺰ ﻣﻦ »إﺧﻔﺎق اﻟﺴﻮق« إﱃ »إﺧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ« ،وﻗﺪﱠم ُ ﺮﻗﺎ ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﻮذ اﻟﺪوﻟﺔ ُ وﺳﻠﻄﺘﻬﺎ ،وﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن أو َل ﻣﻦ ﻃﺒﱠﻖ املﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﻔﺮوع املﻌﺮﻓﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،وروﺑﺮت ﻣﺎﻧﺪل ،أﺣﺪ ﻣﺆﺳﴘ اﻗﺘﺼﺎد ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض، اﻟﺬي اﺳﺘﻌﺮض ﻣﺰاﻳﺎ وﻓﻮاﺋﺪ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ،ﱠ وﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﻧﺰع اﻟﻘﻴﻮد واﻟﻠﻮاﺋﺢ. ﰲ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﻨﴫم وﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺗﻪ ،ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﻮن اﻟﻘﺎدﻣﻮن ﻣﻦ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻳﻌﺎﻣَ ﻠﻮن ﻛﺎﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﱪون َ أﻧﻔﺴﻬﻢ 10
ﺗﻤﻬﻴﺪ
َ َ َ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ِﻷﻟﻔﺮﻳﺪ ﻣﺎرﺷﺎل .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺼﻐرية ﺗﺆﻳﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺴﻼﻟﺔ املﺤﺪودة ،واﻟﻌﻤﻠﺔ املﺴﺘﻘﺮة ،وﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻘﻴﻮد واﻟﻠﻮاﺋﺢ ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢ ،وﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ .وﻛﺎن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ أﻫﻞ املﻬﻨﺔ ﻳُﺴﻤﱡ ﻮﻧﻬﻢ اﻟﺤﻤﻘﻰ .أﻣﺎ اﻵن ﻓﻴﻮﺻﻔﻮن ﺑﺄﻧﻬﻢ اﻟﺤﺎﺋﺰون ﻋﲆ ﺟﻮاﺋﺰ ﻧﻮﺑﻞ. وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺤﻆ ﺣﻠﻴﻔﻲ ﺑﺄن ﻛﻨﺖ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺗﻠﻚ ﰲ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت ُ ﻣﺒﺎﴍ ﰲ ﻣﻴﻼد اﻗﺘﺼﺎد ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض .ﰲ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺎرﻛﺖ وﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ؛ إذ ٍ ٍ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻃﺮق ﺑﺸﺄن اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﺎ ﺑني اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻼدﻧﺎ ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻣﻔﱰق ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ وﺑﻂء اﻟﻨﻤﻮ ،أو ﺗﻐﻴري املﺴﺎر واﻻﺗﺠﺎه ﻟﺨﻔﺾ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎع اﻟﴬاﺋﺐ وﺗﺰاﻳُﺪ ﱡ ٍ وﻣﺪﺧﺮات أﻛﺜﺮ .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ وﺗﻀﺨ ٍﻢ أﻗ ﱠﻞ اﻟﴬاﺋﺐ واﻟﻘﻴﻮد ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻧﻤ ﱟﻮ أﻛﱪَ ﱠ )املﻮﺿﺢ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﴩون( ،اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﻓﻜﺮة أن ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ ً ﺧﻔﻀﺎ ﺣﺎدٍّا ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻻدﺧﺎر واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ٍ ﺑﺈﻳﺮادات أﻛﺜﺮ ،وﻟﻴﺲ أﻗﻞ. واﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي إﱃ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﻳُﻤ ﱢﻜﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺘﱡﻊ ﺗﻨﺎﺳﺒﻲ ﻣﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻘﻞ ﻣﻌﺪل اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺑﺮاﻣﺞ دﻋﻢ اﻟﺪﺧﻞ ٍ ﱟ ً ﻣﺘﻤﺜﻼ ﰲ اﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد .واﻟﺸﻜﻞ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻠﺮﻓﺎﻫﻴﺔ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮن دوﻣً ﺎ ُ ٍ ري ﻣﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ دﺧﻞ ﻣﺮﺗﻔﻊ .ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻻ ﻳُﻜ ﱢﻠﻒ وﻇﻴﻔﺔ ﺟﻴﺪ ٍة ذات ٍ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ َ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ املﺜﲆ ملﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﺮاء ﺷﺨﺺ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن أيﱡ ٍ ﻛﺬﻟﻚ .إن ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﻳُﻤ ِﻜﻨﻪ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﻌِ ﻠﻞ! َ ﻧﻘﻄﺔ اﻧﻄﻼق ﺛﻮرة ﺗﺎﺗﴩ-رﻳﺠﺎن وﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮرة اﻗﺘﺼﺎد ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ﻫﻲ وﻋﻘﻴﺪ ًة ﺟﺪﻳﺪ ًة ﰲ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد .ﻓﻠﻢ ﻳ ﱢ ُ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﰲ ﻋﴫ رﻳﺠﺎن ﻧﻤﻮٍّا اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ُﺤﻔﺰ ﻣﻤﺘﺎ ًزا ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻨﻪ ﱠ ﺣﻔﺰ ً ٍ ﻣﺪﺧﺮات ﻫﺎﺋﻠﺔ .ﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﻨﻈﺮ إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺬي أوﺟ َﺪﺗْﻪ أﻳﻀﺎ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ أن رأﻳﺖ اﻗﺘﺼﺎدًا ﻳﻘﱰب ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﱄ ٍ ري أو ﺻﻐري، ﺣﺪﻳﺚ أو ﻗﺪﻳﻢ، اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺤﺎﱄ .وﻟﻢ أﻗﺮأ ﻋﻦ أي اﻗﺘﺼﺎد، ﻗﺮﻳﺐ أو ﺑﻌﻴﺪ ،ﻛﺒ ٍ ٍ ﻳﻀﺎﻫﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺎﱄ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺒﻼد ﻟﻴﺴﺖ ﻋﲆ ﻳُﻤﻜِﻨﻪ أن َ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﺮام ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗُﻌَ ﱡﺪ أﻓﻀﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ أﻧﺘﺠﻪ ﻫﺬا اﻟﻜﻮﻛﺐ اﻟﻌﺠﻮز إﱃ اﻵن. إن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻴﻮم ﻫﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺘﻄﻮﱢر اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳُﻌﺘﱪ ً أﻳﻀﺎ اﻗﺘﺼﺎ َد ﻧﻤﻮﱟ .وأﻋﺘﻘﺪ أن ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺮاﺋﻌﺔ املﺘﱠﺒﻌﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺨﻤﺴﺔ واﻟﻌﴩﻳﻦ ﱠ ﺑﺸﻜﻞ ﻫﺎﺋﻞ؛ إذ ﺷﺠﱠ ﻊ ﺗﺤﺴﻨ َ ِﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻣً ﺎ املﺎﺿﻴﺔ؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪار ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ٍ ُ ﱠ ﺗﺤﺴﻨ َ ِﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ اﻟﻌﻤ َﻞ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎ َر .ﻛﺬﻟﻚ 11
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﱡ ِ ﻣﻌﺪﻻت ﺮﺟﻢ إﱃ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،ﺣﺘﻰ إن ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻵن ﺛﺎﺑﺖ وﻣﻨﺨﻔﺾ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗُ ِ ﻓﺎﺋﺪ ٍة أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﻘﱰﺿني .وأﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﺘﺠﺎرة أﻛﺜﺮ ﺣﺮﻳﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﺧﻠﻖ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺜﺮوة ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﴍﻛﺎﺋﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳني .وأﺧريًا ﻧﺠﺪ أن اﻟﻘﻴﻮد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ أﻗ ﱡﻞ؛ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻸﺳﻮاق ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ. َ أردت أن ﺗﺮى ﺗﺄﺛري ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻐﻴريات ،ﻳﻜﻔﻲ ﻓﻘﻂ أن ﺗﻨﻈﺮ إﱃ ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ؛ وإذا ﻓﻤﻨﺬ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٦٦ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٨٢ﻛﺎن ﻣﻌﺪ ُل اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺴﻨﻮي املﺮ ﱠﻛﺐ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺎت ملﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠ﺳﺎﻟﺐَ ٦٫١ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﻓ ﱢﻜﺮ ﰲ ذﻟﻚ ﺟﻴﺪًا! ﺑﺴﺒﺐ إﻃﺎر اﺳﻤﻲ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻮاﺋﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ردﻳﺌﺔ ،ﺟﺎء ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﰲ ٍ ﺳﻠﺒﻴﺔ ٍّ ً ﺣﻘﺎ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻀﺨﻤﺔ ﰲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻷﺳﻌﺎر .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺆﻳﺪة ﻟﻠﻨﻤﻮ ﻗﺪ وُﺿﻌﺖ ﰲ ﻓﱰة ﺣﻜﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ روﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن ،ﻓﻘﺪ وﺻﻞ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠إﱃ ﻣﻌﺪل ﻋﺎﺋ ٍﺪ ﺳﻨﻮيﱟ ﻣﺮ ﱠﻛ ٍﺐ ﻗﻴﻤﺘُﻪ ٨٫١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﻴﻮ ١٩٨٢ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم. ﱡ ﺗﺤﺴ ٍﻦ ﺿﺨ ٍﻢ ﰲ املﺼري اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻟﻘﺪ أد ِﱠت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض إﱃ ﻟﺒﻼدﻧﺎ ،وﻫﻲ آﺧﺬة ﰲ اﺟﺘﻴﺎح اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻘﻮ ٍة ً أﻳﻀﺎ. َ وأﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ،ﻓﺈن ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮاﺋﺪ ملﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ً ٍ ٍ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺠﺎﻻت ذﻫﺒﻲ ﻟﻼﻛﺘﺸﺎف؛ ﰲ ﻋﴫ ﺟﻴﻼ ﺟﺪﻳﺪًا ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﺼﺪد دﺧﻮل ﱟ ٍ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن وﻋﻠﻢ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ وﺳﻮق اﻟﺒﻮرﺻﺔ ،ﺣﺘﻰ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺣﺴﻨﻮا ً اﻟﺪﻳﻦ ،واﻟﺴﻌﺎدة ،واﻟﺮﻳﺎﺿﺔ .ﺑﻞ إن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﱠ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺒﺆ! وأﻧﺎ ﺳﻌﻴﺪ أن أرى ﻣﺎرك ﺳﻜﺎوزن ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻧﺠﺎﺣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻦ ﺷﺘﱠﻰ أﻧﺤﺎء اﻷﻃﻴﺎف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .ﻳﺠﺐ أن ﻧُﺸﺠﱢ ﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﻴﺪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻤﻪ ،ﺳﻮاءٌ أﻛﺎن ﻣﻦ أﺗﺒﺎع املﺪرﺳﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ أم اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ ،وأن ﻧﻨﺘﻘﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮديء ،ﺳﻮاءٌ أﻛﺎن ﻣﺼﺪره اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني أم اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني. وﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺰال املﻌﱰﺿﻮن ﻳﺘﻜﻬﱠ ﻨﻮن ﺑﺎﻟﻮﻳﻼت واﻟﻈﻠﻤﺎت ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻣﻨﻬﻢ؛ ﻓﻤﻦ املﺴ ﱠﻠﻢ ﺑﻪ أن ﻫﻨﺎك أﺧﻄﺎءً ﺗُﺮﺗﻜﺐ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ واﻟﻘﻴﻮد واﻟﻠﻮاﺋﺢ املﻔﺮﻃﺔ ﻋﲆ ﺧﻨﻖ وﻻﻳ ٍﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ً وﻻﻳﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ. )إﺧﻼء ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ :ﻟﻘﺪ ﻗﺮرت أن أﻧﻘﻞ أﴎﺗﻲ وﻋﻤﲇ ﻣﻦ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ إﱃ ﺗﻴﻨﻴﴘ؛ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﴐاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ (.وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪﱡم وﻧﺤﻦ ﻋﲆ أﻋﺘﺎب اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ .وإذا ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻮﱡل إﱃ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺆﻳﺪة ﻟﻠﻨﻤﻮ، ﻣﺜﻞ اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ ،وﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻣﺪرﺳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﺎم، 12
ﺗﻤﻬﻴﺪ
ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮي ،ﻓﻤﻦ وزﻳﺎدة ﺣﺠﻢ اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﻊ اﻟﺪول اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،واﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ً ً وﺗﻔﺎؤﻻ .ﻻ ﻳﺰال ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻪ واﻛﺘﺸﺎﻓﻪ، إﴍاﻗﺎ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن رؤﻳﺔ ﻣﺎرك أﻛﺜﺮ ٍ ﻧﺸﺎط ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﻐﻴريه. وﻟﻜﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﻣﻨﺨﺮﻃﺔ ﰲ ﻟﻜﺎدر ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﺎرك ﺳﻜﺎوزن اﻟﺘﻬﻨﺌﺔ ملﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺗﻔﺼﻴﲇ ﱟ ﺗﺠﻤﻴﻊ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ٍ ٍ ٍ ﻣﺘﻘﺪ ٍم ﻣﻦ اﻟﺨﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳﻨﴩون رﺳﺎﻟﺘﻬﻢ ﻟﻌﻮاﻟ َﻢ أوﺳ َﻊ وأوﺳﻊ .وﻛﻤﺎ ﻳﺸري ﻣﺎرك، ٍ ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﺟﺎت داﺋﻤﺔ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻋﻠ ُﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ذﻟﻚ اﻟﻌﻠ َﻢ اﻟﻜﺌﻴﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻤً ﺎ ﻣﺒﻬﺠً ﺎ ﻋﺎملﻴٍّﺎ ﻳﻔﻲ اﻟﺘﺰاﻳﺪ ،وأﻧﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﻟﻜﻮﻧﻲ ﺟﺰءًا ﻣﻨﻪ. آرﺛﺮ ﺑﻲ ﻻﻓﺮ ﻣﺆﺳﺲ ورﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ إدارة ﴍﻛﺔ ﻻﻓﺮ أﺳﻮﺷﻴﻴﺘﺲ
13
ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ
ﻳﺼﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ً ﺟﻴﻼ ﺟﺪﻳﺪًا ﻣﻦ رواد اﻷﻋﻤﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﺒﻘﻮن ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ً ٍ وﺷﺎﺋﻘﺔ ﻓﱰات ﻣﺜري ًة إﺑﺪاﻋﻲ ﻟﺤ ﱢﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬه ﺑﺸﻜﻞ ٍ ﱟ ُ ُ واﺳﺘﴩت اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻨﻬﻢ ،وأود ﺣﺎورت ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴني .ﺧﻼل إﻋﺪاد ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب، ﱟ ﺧﺎص إﱃ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ أﺳﻤﺎؤﻫﻢ: ﺑﺸﻜﺮ أن أﺗﻮﺟﱠ ﻪ ٍ • • • • • • • • • • • • •
ﺧﻮﺳﻴﻪ ﺑﻴﻨريا ،ﻋﺎﻟﻢ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﱠ ﺗﻠﻘﻰ ﺗﺪرﻳﺒﻪ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ،وأﺻﺒﺢ وزﻳ ًﺮا ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ ﺷﻴﲇ ،وﻳﺸﻐﻞ اﻵن ﻣﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ املﺮﻛﺰ اﻟﺪوﱄ ﻹﺻﻼح ﻧﻈﺎم املﻌﺎﺷﺎت. ﻣﺠﺎل ﺟﻮن ﻣﺎﻛﻲ ،املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﺘﺎﺟﺮ ﻫﻮل ﻓﻮدز ﻣﺎرﻛﺘﺲ وﻣﺆﺳﺲ ٍ ﺟﺪﻳ ٍﺪ ﻳﺴﻤﻰ »اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻮاﻋﻴﺔ«. ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ،رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ،واﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻠﺴﻼم ﻋﺎم .٢٠٠٦ ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ. ﺑﻮل ﻣﻴﻠﺠﺮوم ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد. ﺑﻮل ﻛﻠﻴﻤﱪا ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻋﲆ ﻛﺮﳼ إدﺟﻮورث ﺑﻜﻠﻴﺔ ﻧﺎﻓﻴﻠﺪ. روﺑﺮت دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮل اﻻﺑﻦ ،ﻣﺪﻳﺮ دراﺳﺎت اﻟﻨﻘﻞ ﺑﻤﺆﺳﺴﺔ رﻳﺰون. دﻳﻔﻴﺪ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ،املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر ﺑﺼﻨﺪوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ﻟﻠﻬﺒﺎت. ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻜﻠﻴﺔ وارﺗﻮن. رﻳﺘﺸﺎرد ﺗﺎﻟﺮ ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ. ﺑﺮﻳﺠﻴﺖ ﻣﺎدرﻳﺎن ،أﺳﺘﺎذ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد. روﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ. ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك ،رﺋﻴﺲ ﴍﻛﺔ ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت.
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وأو ﱡد ﻛﺬﻟﻚ أن أﺗﻮﺟﱠ ﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ إﱃ :ﻛﻴﻨﺎ ﳼ ﺗﺎﻳﻠﻮر )ﻛﻠﻴﺔ ﻛﻮﻟﻴﻨﺰ( ،وﺳﺘﻴﻒ ﻣﻮر )وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل( ،ودﻳﻔﻴﺪ ﻛﻮﻻﻧﺪر )ﻛﻠﻴﺔ ﻣﻴﺪﻟﱪي( ،وﻻري وﻳﻤﺮ )ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﺠﻬﺎم ﻳﻮﻧﺞ( ،وﺑريﺗﻮن ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ )ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻧﺴﺘﻮن( ،ووﻳﻠﻴﺎم ﺟﻲ ﺷﻴﺒﻤﺎن )ﺳﺘﻴﺖ ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻠﻮﺑﺎل أدﻓﻴﺰورز( ،وﺟﻮن أُو وﻳﺘﻨﻲ )ﻛﻠﻴﺔ إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ( ،ووﻳﻠﻴﺎم إﻳﺴﱰﱄ )ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك( ،وﺟﻴﻤﺲ ﺟﻮارﺗﻨﻲ )ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻻﻳﺔ ﻓﻠﻮرﻳﺪا( ،وﻻري إﻳﺎﻧﻮﻛﻮن )ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرج ﻣﺎﺳﻮن( ،وآرت ﻻﻓﺮ )ﻻﻓﺮ أﺳﻮﺷﻴﻴﺘﺲ( ،وﺟﺮﻳﺞ ﻣﺎﻧﻜﻴﻮ )ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد(. ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻔﺪت ً ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث واملﺤﺎﴐات ُﻗﺪ ْ ٍ ﱢﻣﺖ ﰲ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﺮاﺑﻄﺔ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋُ ْ ﻘﺪت ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٨ﰲ وﻻﻳﺔ ﻧﻴﻮ أورﻟﻴﺎﻧﺰ .ﻗﺎم ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﻌﻴﺸﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻗﺘﺼﺎد« ،اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻟﻜﺘﺎب ﱠ َ اﻟﻌﻨﻮان َ ﻧﻔﺴﻪ. ﻣﻨﻘ ٍﺢ ﻳﺤﻤﻞ ﺑﻠﻮت )ﻛﺎﻟﺘﻚ( ﰲ إﻃﺎر اﻻﺳﺘﻌﺪاد ٍ ْ ﺳﺎﻋﺪت ﰲ ﺗﺤﺮﻳﺮ وإﻋﺎدة ﻫﻴﻜﻠﺔ ﻫﺬا وأﺧريًا ،أو ﱡد أن أﺷﻜﺮ زوﺟﺘﻲ ،ﺟﻮ آن ،اﻟﺘﻲ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺠﻌْ ﻠﻪ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻟﻠﻨﴩ .إﻧﻬﺎ ﻣﺜﺎل املﺰﻳﺞ املﺜﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ واﻟﻔﻜﺎﻫﺔ واﻟﺘﺸﺠﻴﻊ. ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺮﺧﺎء» ،ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻤﺴﺎوي ﺷﺎﻣﻞ ﺟﺎﻣﻊ« ﻣﺎرك ﺳﻜﺎوزن ،ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٨
16
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻋﴫ ذﻫﺒﻲ ﻟﻼﻛﺘﺸﺎف
ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻋﴫًا ذﻫﺒﻴٍّﺎ ﻟﻼﻛﺘﺸﺎف .ﻫﺬه ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ؛ ﱠ املﻔﺼﻠﺔ ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﻮن ﻳُﻘﺪﱢﻣﻮن ﻛﻤٍّ ﺎ وﻓريًا ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد واملﺠﺘﻤﻊ ﺗُﺸ ِﺒﻪ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗْﻬﺎ ﺣﻘﺐٌ أﺧﺮى ﰲ ﻋﻠﻮ ٍم أﺧﺮى. دﻳﺎن ﻛﻮﻳﻞ »اﻟﻌﻠﻢ املﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﻌﺎﻃﻔﺔ«
1
ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٦ذﻫﺒﺖ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻠﺴﻼم ﻷول ﻣﺮ ٍة ﻟﻌﺎﻟِﻢ اﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻤﻨﺬ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن ُ ٍ ﻋﴩات ﻣﻦ ﺟﻮاﺋﺰ ﻧﻮﺑﻞ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻜﻦ ﺟﺎﺋﺰة واﺣﺪة ﻟﺠﻨﺔ ﻧﻮﺑﻞ اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻣﻨﺤﺖ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺟﻮاﺋﺰ ﻧﻮﺑﻞ »ﻟﻠﺴﻼم« ذﻫﺒﺖ ﻟﻌﺎ ِﻟ ٍﻢ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ وﻫﻮ ﺣﺎدث ﻓﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻳﺮﻣﺰ إﱃ اﻟﱪاﻋﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﺘْﻬﺎ املﻬﻨﺔ .ﻟﻘﺪ ﺗﻢ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ،وﻫﻮ رﺋﻴﺲ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻘﺴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﺘﺎﺟﻮﻧﺞ ﺑﺒﻨﺠﻼدﻳﺶ ،ﻟﴩوﻋﻪ ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺑﻨﻚٍ ﺗﺠﺎريﱟ ﱟ ﺷﺨﺺ ﻋﲆ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﻫﻮة اﻟﻔﻘﺮ ﰲ ﺧﺎص )ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني( ﺳﺎﻋﺪ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻣﻠﻴﻮﻧ َ ْﻲ ٍ ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ .إن إرﺳﺎء اﻟﺴﻼم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺠﺎرة واﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻟﺼﻐﺮ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ٍّ ﺣﻼ ﺟﺪﻳﺪًا ْ أدرﻛﺖ ﻟﺠﻨﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺤﺎد؛ أﺣﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻌﺎﻟ َﻢ إﻟﺤﺎﺣً ﺎ ،وﻗﺪ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻧﻮﺑﻞ اﻟﺼﻠﺔ ﺑني اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺴﻼم) .اﻧﻈﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون ﻟﻠﺘﻌ ﱡﺮف ﻋﲆ ﻗﺼﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ودوره ﰲ اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ املﺪﻗﻊ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ(. اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ﻣﻘﺎﻟﻪ املﺘﻔﺎﺋﻞ »اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت ﺣني ﻛﺘﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱡ ﱡ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻷﺣﻔﺎدﻧﺎ« ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٠ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻛﺎن ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻮ َ ً وأﻛﻔﺎءً »ﻋﲆ أﺷﺨﺎﺻﺎ ﻧﺎﻓﻌني ﻧﺰل ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ أﺑﺮاﺟﻬﻢ اﻟﻌﺎﺟﻴﺔ وأﺻﺒﺤﻮا َﻗﺪم املﺴﺎواة ﻣﻊ أﻃﺒﺎء اﻷﺳﻨﺎن« .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻤﺎرﺳني ﻧﺎﻓﻌني ري وﻧﻔﻮذ؛ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻨﺰ ﻟﻢ ﻳﺪرك ﻣﺪى ﻣﺎ ﺳﻴﺼﻞ إﻟﻴﻪ رواد اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺪد ﻣﻦ ﺗﺄﺛ ٍ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ أدﻧﻰ ﻓﻜﺮة ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻋﻦ أن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ،ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎء زﻣﺎﻧﻪ، ﺳﻴُﺨﱪون املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺄن ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻋﲆ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﻣﺨﺎﻃﺮﺗﻬﻢ وﺗﻌﻈﻴﻢ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ٍ ٍ ِ ﻣﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢ ،أو أن املﺴﺌﻮﻟني ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﻨﻮﻳﻊ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﻢ ﰲ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴني ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﻮﻓري املﻼﻳني ﺑﺘﻐﻴري ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﻴﻊ اﻟﺪﻳﻮن ﰲ املﺰاﻳﺪات ،أو أن ﱡ ري ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺼﺐ ﱠ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﴫا َع ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺤﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺤﺮة ﺑني ﻋﺪدٍ ﻛﺒ ٍ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻃﺮﻳﻖ املﻌﺘﻘﺪات املﺘﺼﺎرﻋﺔ ،أو أن املﴩﱢﻋني ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻋﻦ ِ ِ ِ ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح ،أو أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺗﻄﻬريَ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮح ﺗﺮاﺧﻴﺺ إﺻﺪار ﺳﻠﻄﺔ ِ ِ ِ ﺗﺮاﺧﻴﺺ اﻟﺘﻠﻮث ﰲ املﺰاد اﻟﻌﻠﻨﻲ ،أو أن ﻣﺆ ﱢﻟﻔﻲ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺣ ﱡﻞ أﻟﻐﺎز ﺟﺮاﺋﻤﻬﻢ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻣﺒﺎدئ َ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ أوﻟﻴﺔ. ﻣﻦ ﻋﻠ ٍﻢ ﻛﺌﻴﺐ … َﺻ ُ ﻣﺮﺣﺒًﺎ ﺑﻜﻢ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ .ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺷﺎع و ْ ﻒ ﻋِ ﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑ »اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻜﺌﻴﺐ« ،وﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺳﺎﺧﺮ ﺻﺎﻏﻪ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﺗﻮﻣﺎس ﻛﺎرﻻﻳﻞ ٍ ﺑﻌﻨﻒ ﻋﻠﻤﺎءَ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳني ﰲ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ .ﻛﺎن ﻛﺎرﻻﻳﻞ ﻳﻬﺎﺟﻢ ﻗﺮن ﻛﺎﻣﻞ ،ﰲ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺒﱠﺌُﻮا ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ واﻷزﻣﺎت وﻗﺎﻧﻮن اﻷﺟﻮر اﻟﺤﺪﻳﺪي .وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ٍ ٍ ٍ ﻣﺰدوﺟﺔ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﻣﻮﺟﺔ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺣني ﻋﺎﻧﺖ اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻣﻦ ﱡ ﺑﺸﻊ اﻟﺘﻀﺨﻢ وارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﺗﻌ ﱠﺮض ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻠﻨﻘﺪ ملﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺳﺠ ﱟﻞ ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،أو ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ .وﻋﻨﺪ ﺣﺼﻮل ﻓﺮدرﻳﻚ ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻤﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ،أو ﻫﺎﻳﻚ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧٤أﻇﻬﺮ ﻟﻨﺎ املﺰاجَ اﻟﻜﺌﻴﺐَ ﻟﺪى أﻏﻠﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺣني اﻋﱰف ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ إﱃ اﻟﻔﺨﺮ 2 ٍ ﻣﻬﻨﺔ أﻓﺴﺪﻧﺎ اﻷﻣﻮر«. ﻛﺜريًا؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻛﺄﺑﻨﺎءِ 18
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﺧﻼل ﻣﻄﻠﻊ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻣ ﱠﺮ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻔﱰ ٍة ﻣﻦ ﺗﺠﺮﻳﻢ اﻟﺬات اﻟﻨﺮﺟﴘ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﺧﻼل رﻛﻮد ،١٩٩٢-١٩٩١أدﱃ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر روﺑﺮت ﺟﻴﻪ ﺑﺎرو ،اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ،ﺑﻤﺎ ﻳﲇ ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد» :ﻣﺎ اﻟﺴﺒﺐ وراء ﺿﻌﻒ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ؟ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻜﻮن أداء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺧﻼل اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎدم؟ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة؟ إن اﻹﺟﺎﺑﺎت اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ملﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ،ﻛﻤﻘﺎرﺑ ٍﺔ أوﱃ ،ﻫﻲ: 3 ً »ﻻ أﻋﺮف« ،و»ﻻ أﻋﺮف« ،و»ﻻ ﳾء«. ورﻏﺒﺔ ﻣﻦ ﻫﺮﺑﺮت ﺷﺘﺎﻳﻦ ،رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻹدارة اﻷﺳﺒﻖ ملﺠﻠﺲ املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ،ﰲ ﻋﺪم ﺗﻔﻮﱡق أﺣ ٍﺪ ﻋﻠﻴﻪ ،اﻋﱰف ً ﻗﺎﺋﻼ» :إﻧﻨﻲ أزداد اﻧﺒﻬﺎ ًرا أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﺑﺠﻬﲇ … ﻓﻼ أﻋﺮف إن ﻛﺎﻧﺖ زﻳﺎدة ﻋﺠﺰ املﻮازﻧﺔ ﺗُﺤﻔﺰ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ أم ﺗُﻀﻌﻔﻪ .وﻻ أﻋﺮف إن ﻛﺎن ﻣﺆﴍ M1أم M2ﻟﻺﺻﺪار اﻟﻨﻘﺪي ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻧﻔﺎق .وﻻ أﻋﺮف ﻛ ﱠﻢ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﺘﺞ ﻋﻦ زﻳﺎدة ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ املﻌﺪل اﻷﻋﲆ ﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻔﺮدي … وﻻ أﻋﺮف ﻛﻴﻒ أﺗﺨري اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺮاﺑﺤﺔ!« 4وﺑﻌﺪ ﻋﺎم ،ﺟﺎء اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن ،ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن ،اﻟﻔﺎﺋ ُﺰ ﺑﻮﺳﺎم ﺟﻮن ﺑﻴﺘﺲ ﻛﻼرك اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ وراءه اﻟﺠﻤﻴﻊ )وﻫﻲ ﺟﺎﺋﺰة ﺗُﻤﻨﺢ ﻣﺮﺗني ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻷﺑﺮز اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني وأﺑﺮﻋﻬﻢ ً دوﻟﺔ ﻓﻘري ًة إﱃ ﺗﺤﺖ ﺳﻦ اﻷرﺑﻌني( ،ﻟﻴﺆﻛﺪ أن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني »ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻛﻴﻒ ﻳُﺤﻮﱢﻟﻮن ٍ دوﻟﺔ ﻏﻨﻴﺔ ،أو ﻳﻌﻴﺪون ﺳﺤﺮ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺣني ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻗﺪ ذﻫﺐ ﺑﻼ ﻋﻮدة … ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺮف ٍّ ﺣﻘﺎ ملﺎذا اﺳﺘﻄﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أن ﻳﺤﻘﻖ ٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻧﻤﻮٍّا ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﰲ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ١٩٧٣و ١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺮف ٍّ ﺣﻘﺎ ملﺎذا اﻧﻄﻠﻘﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻦ ً ً ﻋﺎملﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻧﺰﻟﻘﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻗﻮ ًة 5 ْ أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ رﺟﻞ ﺑﺒﻂءٍ ﻟﺘﺼﺒﺢ اﻗﺘﺼﺎدًا ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ!« وﻫﺬه املﻘﻮﻟﺔ ﻗﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ٍ »اﻹﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ« »أﺷﻬﺮ اﻗﺘﺼﺎدﻳﱢﻲ ﺟﻴﻠﻪ«. … إﱃ ﻋﻠﻢ إﻣﱪﻳﺎﱄ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،ﺗَ ﱠ ﻐري ْت ﻫﺬه اﻻﻧﻬﺰاﻣﻴﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ؛ ﻓﻘﺪ أﻓﺴﺢ ً َ ﺗﻔﺎؤﻻ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻹﻧﺠﺎز .وﻗﻄ َﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺘﻮﺟﱡ ٍﻪ أﻛﺜﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون ً ً ﻋﻠ ُﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻛﺌﻴﺒًﺎ ،ﺷﻮﻃﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻧﺤﻮ إﻋﺎدة اﻛﺘﺸﺎف ﻧﻔﺴﻪ واﻻﻧﻔﺘﺎح ٍ ٍ ٍ ٍ ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻋﺒﺎر ًة أﺧﺮى ﻟﻮﺻﻒ ﻋﴫ اﻻﻛﺘﺸﺎف ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺑﴪﻋﺔ ﻣﺠﺎﻻت ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻋﲆ ﺟﻴﺶ ﻣُﻐري ،ﻳﺠﺘﺎح ﻋِ ﻠ ُﻢ آدم ﺳﻤﻴﺚ اﻟﻌﻠﻮ َم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﻜ ﱟﻞ: اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻫﺬا .ﻓﻤﺜﻞ ٍ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،واملﺎﻟﻴﺎت ،واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ،واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﺪﻳﻦ ،وﺣﺘﻰ 19
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﻼﺋﻢ أن ﱢ ﻧﻠﻘﺐ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ ﺑ »اﻟﻌﻠﻢ اﻹﻣﱪﻳﺎﱄ«. ﻣَ ﻦ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه؟ ﻳﺸري ﺑﻌﺾ املﺆرﺧني إﱃ ﻛﻴﻨﻴﺚ إي ﺑﻮﻟﺪﻧﺞ ،اﻷﺳﺘﺎذ املﺨﴬم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮرادو ﺑﺒﻮﻟﺪر ،اﻟﺬي ﺗُ ﱢ ﻮﰲ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٣ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره راﺋﺪ ﻋﻠﻢ ٍ أرﺑﻌﺔ ﻣﻘﺎل ﻋﻦ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت املﺘﻌﺪدة؛ ﻓﻘﺪ ﻧﴩ ﺑﻮﻟﺪﻧﺞ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ١٠٠٠ ٍ وﻋﴩﻳﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋً ﺎ ً ْ ﺗﺮاوﺣﺖ ﺑني ﻧﻈﺮﻳﺔ رأس املﺎل واﻟﻜﻮﻳﻜﺮﻳﺔ .وﻟﻜﻦ رؤﻳﺔ ﺑﻮﻟﺪﻧﺞ ﻣﻨﺘﻘﻰ، ﻟﻼﻋﺘﻤﺎد املﺘﺒﺎدل ﺑني ﻓﺮوع املﻌﺮﻓﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ؛ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ اﻻﻗﺘﺼﺎدُ، ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﰲ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﲆ املِ ﻬﻦ اﻷﺧﺮى .وﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮي ،ﻗﺪ ٌر ﻛﺒريٌ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﻫﺬه اﻹﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ ،ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ اﻟﺬي ﺗﻘ ﱠﻠﺪ ﻣﻨﺎﺻﺐ — ﻋﻦ ﺟﺪارة — ﰲ أﻗﺴﺎم ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ،وإدارة اﻷﻋﻤﺎل ،واﻻﻗﺘﺼﺎد. ﻛﺎن ﺑﻴﻜﺮ ،اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻋﺎم ،١٩٩٢واﺣﺪًا ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ٍ ٍ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳُﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ اﻟﺬﻳﻦ اﺗﺠﻬﻮا إﱃ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﱃ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﻌﻨﴫي ،واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،وﺑﻨﻴﺔ اﻷﴎة ،وإدﻣﺎن املﺨﺪرات .وﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﻪ ﻣﺮا ًرا ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﺳﻮف ﺗُﻘﺪﱢم ﻟﻚ ﻫﺬه املﻘﺪﻣﺔ ً ملﺤﺔ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ ﻟﺤﻞ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻀﺨﻤﺔ ،واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎت املﻌﻴﺸﺔ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻜﺎن .وﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،ﺳﻮف ﺗﺮى أن إﻧﺠﺎزات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﴫ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﺤﺎﻳﺪة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ؛ ﻓﺎﻟﺤﻠﻮل اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻃﺮﰲ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﳼ ،وﻣﻦ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴني اﻟﺠﺪد، واملﺸﻜﻼت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻗﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻼ َِ وﻋﻠﻤﺎء اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮق ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،وأﺗﺒﺎع املﺪرﺳﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء .وﰲ اﻧﻌﻜﺎس ﻟﻬﺬا اﻟﺤﻴﺎد ،أﻫﺪى ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ ،أﺣ ُﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني املﺎﻟﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺴ ﱢﻠﻂ ﻫﺬا ٍ اﻟﻜﺘﺎبُ اﻟﻀﻮءَ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻛﺘﺎﺑَﻪ اﻟﺬي ﱠ ﺣﻘﻖ أﻓﻀﻞ ﻣﺒﻴﻌﺎت »أﺳﻬﻢ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ« ٍّ ﻛﻼ ﻣﻦ ﻃﺮﰲ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﳼ. ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﺑﻮل ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن ،اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳ ْﱠني اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﻼن َِ وﻳﻨ ﱡﻢ ﻣﻨﻬﺞ ﺳﻴﺠﻞ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮرات املﺘﻀﺎﻓﺮة اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳ ﱢ ُﺤﻘﻘﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﻴﻮم. ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺘﺎﱄ ،أﺣﺪد اﻷدوات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻌني ﺑﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻟﺘﻐﻴري أﺳﻠﻮب ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ .وﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﻷدوات اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴري ﻇﻮاﻫﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ، ﻣﺜﻞ ملﺎذا ﺗﻀﻊ املﻄﺎﻋﻢ ﺳﻌ ًﺮا أﻋﲆ ﰲ اﻟﻌﺸﺎء ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻮﺟﺒﺔ ﰲ اﻟﻐﺪاء .وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻫﻮ َ ﻫﺪف اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻓﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ،ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎب ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻟﻴﻔﻴﺖ »اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺠﻴﺐ« ،أ ُ ﱢﻟﻒ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﺘﻔﺴري اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻏري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ واﻟﻴﻮﻣﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺨﺘﻠﻒ؛ 20
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﺼ َ ﻓﻬﻮ ﻣُﻮﺟﱠ ﻪ ﺧِ ﱢ ﻴﴡ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻞ ﺑﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺮديﱟ أم ﻛﺄﻣﺔ؛ ﰲ اﻟﻨﻘﻞ ،واﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻟﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺳﻮاءٌ ٍ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،وﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ،واﻹرﻫﺎب ،ﺣﺘﻰ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻌﺎدة .ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أوراق ﺑﺤﺜﻴ ٍﺔ أﻛﺎدﻳﻤﻴ ٍﺔ و ُﻛﺘُ ٍﺐ ﻧﻈﺮﻳ ٍﺔ اﻟﺤﺎﻻت ،ذﻫﺐ ﻫﺆﻻء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن إﱃ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ٍ ٍ ﻣﴩوﻋﺎت ﺗﺠﺎرﻳﺔ، ﺗﺠﺮﻳﺪﻳﺔ؛ إذ ﻧﺠﺪﻫﻢ ﻳُﻄﺒﱢﻘﻮن ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل إدارة وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻻﺳﺘﺸﺎرات ﻟﴩﻛﺎت ،وﺗَﻘ ﱡﻠﺪ ﻣﻨﺎﺻﺐَ ﰲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ً أﻗﻠﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻨﺨﺮﻃني ﰲ ﻣﺠﺎل املﺸﻮرة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﻨﺠﺬﺑﻮن إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ؛ ﻓﺎﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ ً ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﺪارس اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ وﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴني، اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻜﱪى ،ﺗَ ُ ري ﻋﲆ اﻟﻨﻤﺬﺟﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺼﺐﱡ ﺗﺮﻛﻴ َﺰﻫﺎ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ ﻛﺒري ،املﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ .وﻳﺸري اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن إﱃ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﻜري اﻟﻨﻈﺮي ً ﻧﺴﺒﺔ إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎدي دﻳﻔﻴﺪ رﻳﻜﺎردو اﻟﺬي ﻋﺎش ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﺑﺎﻟﺮذﻳﻠﺔ اﻟﺮﻳﻜﺎردﻳﺔ، وﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ دون اﺧﺘﺒﺎرﻫﺎ اﺳﺘﻨﺎدًا إﱃ ٍ ِ أدﻟﺔ ري واﻗﻌﻴ ٍﺔ ﻋﴩ ،وﻗﺎم ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻧﻤﺎذجَ ﻏ ِ واﻗﻌﻴﺔ .وﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮي ،ﺳﺎق ﻫﺬا اﻷﻣ ُﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد إﱃ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺄ .وﻗﺪ أﺷﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻔﺮﻧﴘ ﺟﺎن ﺑﺎﺑﺘﺴﺖ ﺳﺎي إﱃ رﻳﻜﺎردو وﻏريه ﻣﻦ املﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳني ﺑﺄﻧﻬﻢ »ﺣﺎملﻮن ٍ ﻗﺎﺑﻠﺔ أدﺑﻲ ،وﻫﻲ ﻏري ﻓﻀﻮل ﻣﺘﺒﻄﻠﻮن ،ﻻ ﺗُﺸ ِﺒﻊ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗُﻬﻢ ،ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ،ﺳﻮى ٍ ﱟ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ 6 «.وﺑﻌﺪ دراﺳﺔ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﱟ ﺳﺖ ﻣﻦ ﻣﺪارس آﻳﻔﻲ ﻟﻴﺞ ،ﺧﻠﺺ أرﺟﻮ ﻛﻼﻣﺮ ودﻳﻔﻴﺪ ﻛﻮﻻﻧﺪر إﱃ أن »اﻷﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﱃ اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ 7 «.وﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،ﻳﺘﻼﳽ ﻫﺬا اﻻﻧﻔﺼﺎل ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻗﺴﺎم ﰲ ﻛﻠﻴﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎد وإدارة اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺼﺪد ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺮاﻛﺰ ﻷﺑﺤﺎث ﺣﻞ املﺸﻜﻼت ،ﻣﺜﻞ »ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ« اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ إدارة اﻷﻋﻤﺎل؛ ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻷن ﻳﺼريوا أﻛﺜﺮ ً ْ ﻣﻴﻼ إﱃ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ ﻣﻦ أي ٍ وﻗﺖ ﻣﴣ. أدوات اﻟﻘﻮة اﻟﺴﺒﻊ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﺧﻼل ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﻘﻮد املﺎﺿﻴﺔ ،اﻧﺪﻫﺸﺖ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ واملﺘﻨﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺘﺤﻠﻴ ُﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱡ اﻟﺘﺄﺛريَ ﻋﲆ ﻋﻮاﻟﻢ املﺎﻟﻴﺎت ،وإدارة اﻷﻋﻤﺎل، واﻟﻘﺎﻧﻮن ،واﻟﺪﻳﻦ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،واﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى؛ ﻓﺒﺈﻣﻜﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد 21
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
أن ﻳ ﱢ ُﻐري ﺣﻴﺎ َة اﻷﻓﺮاد واﻟﺪول إﱃ اﻷﻓﻀﻞ أو إﱃ اﻷﺳﻮأ ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ ﻣﺪى ا ْﻟﺘﺰاﻣﻪ اﻟﺪﻗﻴﻖ ُ ُ ﺑﺎملﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أو اﻧﺘﻬﺎﻛﻪ ﻟﻬﺎ؛ ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗ ﱢ ﻐري اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﺴﺎ َر اﻟﺘﺎرﻳﺦ. ﻣﺎ ﻫﺬه املﻔﺎﻫﻴﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ؟ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺳﺒﻌﺔ ﻣﺒﺎدئ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗُ ﱢ ﻐري اﻟﻌﺎﻟ َﻢ ٍ ٍ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺸﻜﻼت: ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺣﺎ َل ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﲆ ) (١ا ُملﺴﺎءﻟﺔ :ﺗُﻌَ ﱡﺪ ا ُملﺴﺎءﻟﺔ ﺟﻮﻫ َﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎد .ﻓﻔﻲ أي اﻗﺘﺼﺎدِ ﺳﻮق ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺪﻓﻊ ٍ َ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﺗُﺸﺠﱢ ﻊ اﻻﻧﻀﺒﺎ َ ط املﺴﺘﻔﻴﺪون ﻣﻦ ﺛﻤﺎر اﻟﻌﻤﻞ ﻣُﻘﺎﺑﻠﻬﺎ؛ ﻓﻔﻜﺮة ﺗﺤﻤﱡ ﻞ املﺴﺘﺨﺪِم َ ٌ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ،ﻓﺈن املﺴﺘﺨﺪِم واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﻮﻓريَ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻷﺧﺮى .أﻣﺎ إذا دﻓﻊ َ ً اﻧﺘﺒﺎﻫﺎ .وﺣني ﻻ ﻳﺪﻓﻊ املﺴﺘﻬﻠِﻜﻮن ﻣﻘﺎﺑ َﻞ املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ، اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻻ ﻳُﻌري واﺣﺘﻴﺎﻻ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺗُﻌﺘﱪ ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔً ً َ ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞُ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،وإﻫﺪا ًرا، ﺑﺤﺮص ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳُﻨﻔﻖ أﻣﻮاﻟﻪ؛ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ ﻟﻠﻤُﺴﺎءﻟﺔ؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك أﺣﺪ ﻳُﻨﻔﻖ أﻣﻮا َل ﻏريه ٍ ً ﺷﺨﺼﺎ آﺧﺮ ،أو ﻻ ﻳﺨﺺ أﺣﺪًا ،ﻓﻘﺪ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ إﻫﻤﺎل اﻟﺤﺮص ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺨﺼﻚ ،أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ً أو إﺗﻼف أو ﻓﺮط اﺳﺘﻌﻤﺎل .وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل وﻳﻠﻴﺎم ﺟﺮاﻫﺎم ﺳﻤﻨﺮ» :اﻷﺣﻤﻖ أﻛﺜﺮ ﺣﻜﻤﺔ ﰲ رﺟﻞ آﺧﺮ «.وﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬا املﺒﺪأ ﻋﲆ املﻨﺰل ،واﻟﻌﻤﻞ ،وﻗﺎﻋﺎت ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻴﻢ ﰲ ﻣﻨﺰل ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ) (٢اﻻﻗﺘﺼﺎد وﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ-اﻟﻔﺎﺋﺪة :ﰲ ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺪرة واﻻﺧﺘﻴﺎر ،ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﻜﻮن ﻣﻘﺘﺼﺪًا .وأﻧﺠﺢ اﻟﺒﻴﻮت واﻟﴩﻛﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﻣﻦ َ اﻟﺪﻳﻮن املﻔﺮﻃﺔ؛ ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻀﻴﻠﺔ، أﺟﻞ ﻏ ٍﺪ أﻓﻀﻞ ،وﺗﻌﻴﺶ ﰲ ﺣﺪود ﻣﻮاردﻫﺎ ،وﺗﺘﺠﻨﱠﺐ واملﻨﺎﻓﺴﺔ وداﻓﻊ اﻟﺮﺑﺢ ﻫﻤﺎ أﻓﻀﻞ اﻟﻨ ﱡ ُ ﻈﻢ اﻟﺘﻲ اﺑﺘُ ِﻜ َﺮت ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻟﺨﻔﺾ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ وﺗﺠﻨﱡﺐ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ؛ ﻓﻘﻴﺎس اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ واﻟﻔﻮاﺋﺪ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻷﻣﺜﻞ واﻷﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎء ًة ﻟﻠﻤﻮارد. ) (٣اﻻدﱢﺧﺎر واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻻدﺧﺎر واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻋﻨﴫﻳﻦ َ ﺑﺎﻟﻐ ِﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .وﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﻻﻓﺘﺔ ﻣﻌ ﱠﻠﻘﺔ ﻋﲆ ﺑﺎب اﻟﻨﺠﺎح ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺤﻴﺎة ٍ إﺣﺪى اﻟﴩﻛﺎت» :ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻴﻮ َم ﺑﺂﻻت اﻷﻣﺲ إذا ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻋﻤﺎل ﻏﺪًا «.ﻟﻘﺪ ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺘﺜﺒﻴﻂ ﻋﻘﻠﻴﺔ اﻟﺪﻳﻮن املﻔﺮﻃﺔ ،واﻹﻧﻔﺎق اﻟﺰاﺋﺪ ،واﻹﻫﺪار ﻟﺪى املﺴﺘﻬﻠﻚ-املﺠﺘﻤﻊ ،وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،واﻻﺳﺘﺨﺪام املﺜﻤﺮ ﻟﻠﻤﻮارد اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ. ) (٤اﻟﺤﻮاﻓﺰ :ﻟﻠﺤﻮاﻓﺰ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ .وﻳ ﱢُﺒني ﻗﺎﻧﻮن ﻣُﻨﺤﻨﻰ اﻟﻄﻠﺐ املﻨﺤﺪر ﻷﺳﻔﻞ أﻧﻚ إذا ﺷﺠﱠ َ ﻌﺖ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ املﺰﻳﺪ ﻣﻨﻪ ،وإذا ﻋﺰﻓﺖ ﻋﻦ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﳾء ،ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ َﻗﺪ ٍْر 22
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ٍ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻣﻨﺘﺠﺎت أﻓﻀﻞ أﻗﻞ ﻣﻨﻪ .إن داﻓﻊ اﻟﺮﺑﺢ ﻳُﻌ ﱢﺰز اﻟﻨﻤ ﱠﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱠ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻳﺠﺎد ٍ ُ ُ ُ ﺑﺸﻜﻞ ﺣُ ﱟﺮ ﻫﻲ اﻟﺤ ﱠﻞ اﻷﻣﺜ َﻞ ﻷي ٍ أزﻣﺔ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ اﻟﺴﻌﺮﻳﺔ املﻨﻈﻮﻣﺔ أرﺧﺺ .ﻛﺬﻟﻚ ﺗُﻌﺘﱪ ٍ ٍ ﺑﴪﻋﺔ أﻛﱪ؛ ﻷن ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻓﺄزﻣﺎت اﻟﻨﻘﺺ واﻟﻌﺠﺰ ﻳﺘﻢ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ دون ﱡ ٍ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ﺑﺸﻜﻞ وإﻣﺪادات ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﴩ ﻣﻮار َد ﻳُﺜﺒﱢﻂ اﻻﺳﺘﻬﻼ َك وﻳُﺸﺠﱢ ﻊ ﻧ َ ْ َ ٍ ﱟ ﻳﻤﻜﻦ ً أﻳﻀﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻠﴬاﺋﺐ ﺗﺄﺛري ﻣﻠﺤﻮظ ﻋﲆ اﻟﺤﻮاﻓﺰ .وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻛﺎﻟﻔﻦ ﻛﻮﻟﻴﺪج» :ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗَﺰﻳﺪ اﻟﺮﺧﺎءَ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﺠﺎح ﴐﻳﺒﻴٍّﺎ«. ) (٥املﻨﺎﻓﺴﺔ واﻻﺧﺘﻴﺎر :ﺗﺆدي اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﱃ اﻻﺧﺘﻴﺎر واﻟﻔﺮص؛ ﺣﺮﻳﺔ ٍ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﴩوع ﺗﺠﺎريﱟ ﺟﺪﻳﺪ ،وإﻳﺠﺎد اﻟﺘﺤﺮك ،واﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺗﻌﻠﻴ ٍﻢ أﻓﻀﻞ ،واملﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ ٍ ٍ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮﺧﺎء ﻫﻲ إﻧﺘﺎج ﻣﺎ ﺟﺪﻳﺪة ،واﻟﺘﻌﻴني واﻟﻔﺼﻞ ،واﻟﴩاء واﻟﺒﻴﻊ .وأﻓﻀﻞ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ اﻟﻨﺎس .واﻟﻌﺒﺎرة ﱢ املﻌﱪة ﻋﻦ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻫﻲ ،do ut desﺑﻤﻌﻨﻰ »أﻧﺎ ٍ ﻃﺮﻳﻘﺔ ملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺑﺢ ﻫﻲ إﻧﺘﺎج املﺰﻳﺪ ﻣﻤﺎ أُﻋﻄﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗُﻌﻄﻲ« .وأﴎع ﻛﻌﺎﻣﻞ أم ﻛﺮاﺋﺪ أﻋﻤﺎل. ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ اﻟﻨﺎس ،ﺳﻮاءٌ ٍ وﺧﺪﻣﺔ أﻗﻞ؛ ﻓﺎملﻨﺎﻓﺴﺔ ﺗﺨﻠﻖ ً ٍ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻓﺆ أﺳﻌﺎر أﻋﲆ أﻣﺎ اﻻﺣﺘﻜﺎر ،ﻓﻴﺆدي إﱃ ٍ اﻟﻔﺮص؛ إذ ﺗﺆدي إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻷﺳﻌﺎر ،ﺑﻞ وﻧﴩ ﻣﺒﺪأ »ﺳﻌﺮ واﺣﺪ« ،أي أن ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻨﺘﺞ ﻣﺎ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن وﺿﻌﻚ املﺎﱄ أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ )وﻫﻮ املﺒﺪأ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻌﺮ املﻨﺨﻔﺾ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٍ املﻌﺮوف ﺑﻤﺒﺪأ ﻋﺪم اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ( .إن اﻟﴪ ﰲ إﻧﻬﺎء اﻟﻔﻘﺮ واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص، وﻟﻴﺲ ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﺜﺮوة أو اﻟﺪﺧﻞ املﻔﺮوض ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺪوﻟﺔ؛ ﻓﺎﻷﺣﺮار ﻟﻴﺴﻮا ﻣﺘﻜﺎﻓﺌني ﰲ اﻟﺜﺮوة أو اﻟﺪﺧﻞ ،واملﺘﻜﺎﻓﺌﻮن ﻟﻴﺴﻮا أﺣﺮا ًرا .وﻛﻤﺎ ﻗﺎل وﻧﺴﺘﻮن ﺗﴩﺷﻞ ذات ﻣﺮة» :إن اﻟﻨﻘﻴﺼﺔ املﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ املﺸﺎرﻛﺔ ﻏري املﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﰲ اﻟﻨﱢﻌَ ﻢ؛ واﻟﻔﻀﻴﻠﺔ املﻼزﻣﺔ ﻟﻼﺷﱰاﻛﻴﺔ ﻫﻲ املﺸﺎرﻛﺔ املﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﰲ املﺂﳼ«. ) (٦رﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ :ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻨﺠﺎح ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﻓﺮاد وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺪول ﻋﲆ املﻬﺎرات واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة .ﻣﻦ أﻳﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﱠ ٍ أن »اﻟﺘﻘﺪﱡم اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﺳﺘﻨﺸﺄ اﻟﺘﻄﻮﱡرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؟ ﻳﺪﱠﻋﻲ ﺟﻮزﻳﻒ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ﻋﻦ ﱠ اﻟﺨﻼق« ﻟﻠﺴﻮق؛ وراﺋﺪ اﻷﻋﻤﺎل ﻫﻮ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﺷﱰاﻛﻲ ،ﻳﻌﻨﻲ اﻻﺿﻄﺮاب«؛ أي »اﻟﺘﺪﻣري ﰲ ٍ ﻣَ ﻦ ﻳﺆدي ﻫﺬه اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح .ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺘﻘﺒﱠﻞ املﺠﺘﻤ ُﻊ اﻟﺘﻐﻴري ،اﻟﺬي أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺗﻐﻴريًا ﺟﻮﻫﺮﻳٍّﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻊ ﻣﻬﺎرات اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ورﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل. ) (٧اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :ﱡ ﻳﻨﺺ ﻣﺒﺪأ املﻨﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﴐورة أن ﺗﺤﺎول ﻣﺴﺎﻋﺪة ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ املﺴﺎﻋﺪة .وﻫﺬا ﻫﻮ املﺒﺪأ اﻟﻘﻮﻳﻢ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷدﻳﺎن اﻟﺠﻴﺪة، ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ 23
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺑﺸﻜﻞ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺠﻴﺪﻳﻦ .وﻗﺪ ﻃﺒﱠﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﺤﺎﺋﺰ ﺟﺎﺋﺰ َة ﻧﻮﺑﻞ ﻫﺬا املﺒﺪأ ٍ ﻋﻤﲇ ﱟ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮوض ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني اﻟﺨﺎص ﺑﻪ .وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺻﺪﻗﺎت؛ ﻓﻼ ﺑﺪ أﻻ ﻧﻨﴗ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ملﺒﺪأ املﻨﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ؛ أﻻ وﻫﻮ :إن ﻋﲆ املﺴﺌﻮﻟني اﻟﺘﺰاﻣً ﺎ ﺑ »ﻋﺪم« ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ املﺴﺎﻋﺪة .ﻓﻤﺴﺎﻋﺪة املﺴﺘﻘﻠني ﺗﻌﻨﻲ ﺗﺪﻣري روح املﺒﺎدرة ْ أﻧﺸﺄت ﻟﺪﻳﻬﻢ .وﺗﴪي ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻋﲆ املﻨﺎزل ،واﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ،واﻟﱪاﻣﺞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ؛ ﻓﺈذا ٌ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﺑﴫف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ املﺎدﻳﺔ ،ﻓﺈن َ ٍ ٍ ٍ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻋﲆ ري وﻹﺟﺮاءات اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم املﺠﺘﻤﻊ ﻟﺴﻠﻮكٍ ﻳﺘﱠﺴﻢ ﺑﺎﻟﺨﻤﻮل، ذﻟﻚ ﻳﻔﺘﺢ ﻣﻜﻠﻔﺔ وﻏ ِ ٍّ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﺷﺨﺺ ﰲ إﺣﺪى اﻷﺑﺮﺷﻴﺎت ،ﻏﻨﻴٍّﺎ ﻛﺎن أو ﻓﻘريًا ،ﻛﺎن ﻧﻄﺎق ﻫﺎﺋﻞ .ﺗﺨﻴﱠﻞ ﻟﻮ أن ﻛ ﱠﻞ ٍ ٍ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﻳُﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪة املﺤﺘﺎﺟني ﻳُﻈﻬﺮ ﻣﺠﺘﻤﻌً ﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ملﺴﺎﻋﺪات اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ! إن أي ﱟ ٍ ً ٍ ٍ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ إﻧﻤﺎ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ﻋﻄﻮﻓﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺬي ﻳُﻘﺪﱢم ﻓﻮاﺋﺪ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻣﺠﺎﻧًﺎ أو ﻳُﺨﻤﺪ روحَ اﻻﻧﻀﺒﺎط وﻳﻔﺎﻗﻢ اﻷﻣﻮر. إن ﻣﺒﺎدئ ا ُملﺴﺎءﻟﺔ ،واﻻﻗﺘﺼﺎد ،واملﻨﺎﻓﺴﺔ ،واﻟﺤﻮاﻓﺰ ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،واﻟﻔﺮﺻﺔ ،واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؛ ﺗﴪي ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﻮب وﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺪول .وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻴﻮﻧﺎرد إي رﻳﺪ، ﻣﺆﺳﺲ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎديَ » :د ْع ﻛ ﱠﻞ ﻓﺮ ٍد ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺎء ﻃﺎملﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ آﻣﻨًﺎ «.إن دَور اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﻛﻞ ٍ دوﻟﺔ ﻫﻮ ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻼم واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻖ ﻛﻞ ﻓﺮ ٍد ﰲ اﻟﺤﻴﺎة، ً ً ﱢ واﻟﺤﺮﻳﺔ ،واملﻠﻜﻴﺔ .واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﻴﺪة ﺗُ ﱢ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ وﺗﻮﻓﺮ ﻨﻔﺬ اﻟﻌﻘﻮد ،وﺗﻤﻨﻊ اﻟﻈﻠﻢ، ً ٍ ﻋﻼﻗﺎت ﺟﻴﺪ ٍة ﻣﻊ ﺟرياﻧﻬﺎ .وﻗﺪ ﻋ ﱠﻠﻖ ﺑﻨﺠﺎﻣني ﻓﺮاﻧﻜﻠني، وﻣﺎﻟﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘ ﱠﺮة ،وﺗُﺸﺠﻊ إﻗﺎﻣﺔ وﻫﻮ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺻﺎﺋﺐ ﰲ ﻣﺤﻠﻪً ، ﻗﺎﺋﻼ» :ﻻ ﺗﻮﺟﺪ دوﻟﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق دﻣﱠ ﺮﺗْﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎرة «.ﻋﻼو ًة ٍ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻧﻘﺪﻳ ٍﺔ ﻏري ﺳﻠﻴﻤﺔ .وﰲ ذﻟﻚ ﻗﺎل ﻛﻴﻨﺰ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻗﺎﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺳﻠﻴ ٍﻢ ﻋﲆ ٌ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﱡ ﻋﻦ ﱟ أﺳﺎس ﻗﺎﺋ ٍﻢ ﻣﻦ أ ُ ُﺳ ِﺲ املﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ إﻏﺮاق أدق وﻻ أﺿﻤ ُﻦ ﻟﻬﺪم ﺣﻖ» :ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ٍ اﻟﻌﻤﻠﺔ «.ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺮﺷﻴﺪة ً أﻳﻀﺎ ﻗﻴﺎ َم املﺴﺌﻮﻟني اﻟﺤﻜﻮﻣﻴني ﺑﺪراﺳﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺘﴩﻳﻊ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﻟﻴﺲ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ﻓﻘﻂ .وﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﺑﺎﺳﺘﻴﺎ ً ﻗﺎﺋﻼ» :إن اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﺄرﻗﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﱢ اﻟﺴ ْﻠﻢ واﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺮﺧﺎء ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ «.وأﺷﺎر ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺎرض ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻊ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺄﻗﻞ ٍ ﺑﺤﻜﻤﺔ ً ٍ ﻗﺎﺋﻼ» :ﺣﻜﻢ ٍ ٍ ﺳﻤﻜﺔ ﺻﻐرية؛ دوﻟﺔ ﻛﺒري ٍة َﻛ َﻘ ْﲇ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﺼﻴﻨﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻻو ﺗﺰو َ إﻧﻚ ﺗُﻔﺴﺪﻫﺎ ﺑﻜﺜﺮة اﻟﻨﺨﺲ «.وﰲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﱢ أوﺿﺢ ﻣﺮا ًرا ﻣﻴﺰة ﻫﺬه املﺒﺎدئ اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺸ ﱢﻜﻞ ﻗﻮ َة اﻟﺘﻔﻜري اﻻﻗﺘﺼﺎدي .واملﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﱃ ﻋﻠﻢ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺳﻠﻴﻢ. 24
ﻣﻘﺪﻣﺔ
اﻟﻄﺮق اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني ً ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻼﺳﺘﻘﺼﺎء أد ْ ٍ ﱠت إﱃ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت .وﻳﻀﻢ أدوات ﻃﻮﱠر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺻﻨﺪوق أدواﺗﻬﻢ اﻟﻨﺸﺎ َ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ ،واﻟﺘﻨﻘﻴﺐَ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ،وأﺳﺎﻟﻴﺐَ املﺤﺎﻛﺎة ،واﻟﺘﺠﺎرب، ط ﱠ واﻟﺤﻮاﻓ َﺰ املﺆﺳﺴﻴﺔ ،واﺳﺘﺨﺪا َم اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻻﺧﺘﺒﺎر ﺻﻼﺣﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت وﺻﺤﺘﻬﺎ. وﻳُﻌَ ﱡﺪ املﺬﻫﺐ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ وﻧﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻴﺎﳼ ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ اﻟﺘﻲ ﱠ ﻏريت ً ٍ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺗﻮاﻓﺮ اﻟﻘﺪرة اﻟﺤﺎﺳﻮﺑﻴﺔ اﻟﺰﻫﻴﺪة اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻹﺟﺮاء املﻬﻨﺔ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ، ﺣﺴﺎﺑﻴ ٍﺔ ﻟﻠﻨﻤﺎذج اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﱠ املﻌﻘﺪة .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك دوﻣً ﺎ ﺟﺪال ﻗﻮي وﻧ َ ِﺸﻂ ﺣﻮل أﻓﻀﻞ ٍ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺎت أﻓﻀﻞ؛ ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﺨﺮط اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة وﺑﻨﺎء اﻷدوات ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﰲ اﻟﻄﺮق اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ اﻻﺳﺘﺪﻻﱄ اﻟﺒﺤﺖ واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻛ ﱠﻞ اﻟﺒُﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻌﻤﲇ ،أم ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﺎرﻛﻮا ﰲ اﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﻌﻤﲇ ﻟﻠﻔﺮﺿﻴﺎت واﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت؟ إن ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ اﺧﺘﺎروا اﻟﺨﻴﺎ َر اﻷﺧري ﻗﺪ ﺻﻨﻌﻮا ،ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮي ،أﻫ ﱠﻢ اﻹﻧﺠﺎزات. أدوات َﻗﻴ ً أﻧﺘﺞ ﻣﺠﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ً ٍ ري ﻣﻦ ﱢﻤﺔ ،ﻣﺴﺘﻤ ﱠﺪ ًة أﻳﻀﺎ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ ﻣﺒﺎدئ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاف اﻷﻓﺮاد واملﺠﺘﻤﻊ .وﻳُﻌ ﱡﺪ ﻫﺬا واﺣﺪًا ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ آﺧﺮ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ .وﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﰲ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻔﺎد ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﻋﻠ ٍﻢ ﱟ اﻟﺠﺰء اﻷول ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺒﻬﺮة. وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ ﺣ ﱢﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺻﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ْ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﻮن ﻣُﻌﱰ ًَﻓﺎ ﺑﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ٍ ﻟﻨﺴﺘﻌﺮض ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻗﺖ ﻣﴣ. ﻻﻧﺘﺼﺎر ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد. ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ املﺴﺘﺜﻤﺮون اﻟﺘﻐ ﱡﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق؟ ﺗَ ﱠ ﺤﻘﻖ أﺣ ُﺪ أواﺋﻞ اﻹﻧﺠﺎزات املﺒﻬﺮة ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ .وﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻫﺎري ﻣﺎرﻛﻮﻳﺘﺰ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺧﺮﻳﺠﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮً ، ﻣﻘﺎﻻ ﻋﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﰲ ﻋﺪد ﻣﺎرس ١٩٥٢ﻣﻦ ﺻﺤﻴﻔﺔ »ذي ﺟﻮرﻧﺎل أوف ﻓﻴﻨﺎﻧﺲ« .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ أو َل ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻘﻴﺎس املﻔﻬﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﻤُﺨﺎﻃﺮة ﰲ اﺧﺘﻴﺎر اﻷﺳﻬﻢ وا َملﺤﺎﻓﻆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ. ْ ﺧﺮﺟﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮح ﺛﻼﺛﺔ وﻣِﻦ َرﺣِ ﻢ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺒﺎدئ ،ﻫﻲ (١) :ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪور املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﱡ أرﺑﺎح ﺗﻔﻮق املﺘﻮﺳﻂ دون ﺗﻮﻗﻊ ﺗﺤﻘﻴﻖ ٍ اﻹﻗﺪام ﻋﲆ ﻣﺨﺎﻃ َﺮ أﻋﲆ (٢) .ﺗﻨﻮﻳﻊ اﻷﺳﻬﻢ ﺳﻮف ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﺪات وﻳُﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮة. 25
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ﺗﻐريات ﻋﲆ املﺪى ) (٣اﻷﺳﻮاق ﻟﻬﺎ ﻛﻔﺎءة ﻧﺴﺒﻴﺔ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺤﺪوث ً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ اﻟﺘﻐ ﱡﻠﺐ ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﻘﺼري ﰲ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺴﻮق ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ،املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﻛﻔﺎءة اﻟﺴﻮق ،ﻋﻘﻴﺪ ًة ﺛﻮرﻳﺔ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﻈﻰ اﻵن َ ﺒﻮل ﺑني اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴني ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ، ﺑﻘ ٍ ٍ ﺗﺤﺴﻴﻨﺎت ﻋﲆ ﻫﺬه ﻃﺮق ﻹدﺧﺎل ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﰲ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺑﺼﺪد إﻳﺠﺎد ٍ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻷوﻟﻴﺔ ،وﻗﺪ اﻛﺘﺸﻔﻮا ﺑﻌﺾ اﻟﻄﺮق ﻟﻠﺘﻐ ﱡﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق؛ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ﻋﲆ أي ﺣﺎل. ُﻗﻮﺑﻠﺖ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﺮاج اﻟﻌﺎﺟﻴﺔ ﺑﺎزدراءٍ وﺳﺨﺮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﻣﺪﻳﺮي وول ﺳﱰﻳﺖ املﺘﺨﺼﺼني ،وﻟﻜﻦ ﺛَﻤﱠ َﺔ دراﺳﺎت أﺟﺮاﻫﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻣﺎﻟﻴﻮن ﻣﻨﺬ ﻇﻬﻮر ورﻗﺔ َ ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ .واﻵن ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﺎرﻛﻮﻳﺘﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﻷوﱠﻟﻴﺔ أ ﱠﻛﺪت ﻣﺆﴍات ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ — وﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﻔﺎءة اﻟﺴﻮق — اﻟﻨﻮ َع اﻷﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﺸﱰَﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺒﺎع ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ. ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﺎم :ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺪﻳﺪة وﻣﻄﻮﱠرة ﻧﴩ ﺟﻴﻤﺲ ﺑﻴﻮﻛﺎﻧﺎن وﺟﻮردون ﺗﻮﻟﻮك ،وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓريﺟﻴﻨﻴﺎ ،ﻛﺘﺎبَ »ﺣﺴﺎب ري ﺟﺬريﱟ ﰲ رؤﻳﺔ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟﻠﻤﺎل اﻟﻌﺎم ﻣﻌﺪﱠل اﻟﺮﺿﺎ« ﰲ ﻋﺎم ،١٩٦٢وأدﱠى إﱃ ﺗﻐﻴ ٍ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ .واﻟﻴﻮم أ ُ ْ ﺿﻴﻔﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﺎم ملﻨﻬﺞ ﻛﻞ دور ٍة دراﺳﻴ ٍﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد. زﻋﻢ ﺑﻴﻮﻛﺎﻧﺎن وآﺧﺮون ﻣﻦ واﺿﻌﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﺎم أن اﻟﺴﺎﺳﺔ ،ﻣﺜﻞ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ،ﺗﺪﻓﻌﻬﻢ املﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﺴﻌَ ﻮْن إﱃ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﻧﻔﻮذﻫﻢ ووﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ إﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎﺑﻬﻢ .وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺣﻮاﻓﺰ اﻟﺴﻮق وﻧﻈﺎﻣﻪ ﻏﺎﺋﺒَني ﰲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .ﻓﺎﻟﻨﺎﺧﺒﻮن ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺎﻓﺰ ﻛﺒري ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ ﺗﺠﺎوزات املﴩﱢﻋني ،اﻟﺬﻳﻦ ُ ً اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗَﺪﻋﻢ ِﺑﺪَورﻫﻢ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮن أﻛﺜﺮ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎت املﺼﺎﻟﺢ ذات اﻟﻨﻔﻮذ؛ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ،ﰲ ﺣني ﺗَﻔﺮض ﻟﻮاﺋﺢَ وﴐاﺋﺐَ ﻣﻜ ﱢﻠ ً َ َ املﺼﺎﻟﺢَ ﻔﺔ ﻋﲆ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﻌﺐ. اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺣﻮ ْ ﱠﻟﺖ ﻣﺪرﺳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﺎم ﻣﺤﻮ َر اﻟﻨﻘﺎش ﻣﻦ »إﺧﻔﺎق اﻟﺴﻮق« إﱃ »إﺧﻔﺎق ٍ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻹﻟﺰام اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم املﻀ ﱢﻠﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ« .وأوﴅ ﺑﻴﻮﻛﺎﻧﺎن وآﺧﺮون ً ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺣﻘﻮق اﻷﻗﻠﻴﺔ ،وإﻋﺎدة اﻟﻨﻔﻮذ إﱃ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﺘﴫﱡف ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ،وﻓﺮض ﺣﺪو ٍد ملﺪة اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،وإﻟﺰام اﻷﻏﻠﺒﻴﺎت اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ﺑﺮﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ. 26
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧٢ﻗﺎم رﻳﺘﺸﺎرد إﻳﻪ ﺑﻮﺳﻨﺮ ،وﻫﻮ ﻋﺎﻟِﻢ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،وﻳﻌﻤﻞ ﻗﺎﺿﻴًﺎ ﺑﺎﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻟﺪﻋﺎوى اﻻﺳﺘﺌﻨﺎف ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ٍ )ﺣﻴﺚ ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐَ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻣﺎ ﺑني ﻋﺎﻣَ ﻲ (٢٠٠٠–١٩٩٣؛ ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎب »اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ رﺋﻴﺲ ِ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن« ،اﻟﺬي ﺟﻤﻊ ﻓﻴﻪ أﻓﻜﺎر روﻧﺎﻟﺪ ﻛﻮس ،وﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ ،وإف إﻳﻪ ﻫﺎﻳﻚ، وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻌﻈﺎم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ .وﻣﺮاﻛﺰ »اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻻﻗﺘﺼﺎد« اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ،وﻛﻞ ري ﻣﻦ أﺣﺮام اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺎﴈ ﺑﻮﺳﻨﺮ» :ﻛﻞ ٍ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﻛﺜ ٍ ٍ ﻣﻤﺎرﺳﺔ أو ﺗﻘﻠﻴ ٍﺪ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣني واﻟﻘﻀﺎة وا ُملﴩﱢﻋني ،ﰲ املﺎﴈ أو اﻟﺤﺎﴐ — ﻣﺆﺳﺴﺔ ،وﻛﻞ 8 ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺒﻌﻴﺪ — ﻟﻪ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺪى املﺤﻠﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي«. ﻳُﻄﺒﱢﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻣﺒﺎدئ َ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ-اﻟﻔﺎﺋﺪة واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﲆ ﺷﺘﻰ أﻧﻮاع اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واملﺴﺎﺋﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ؛ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎر ،واﻟﻌﻤﻞ ،واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،واﻟﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،واﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ،واﻟﺠﻮاﺋﺰ .وﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﴩ ،أُﻧﺎﻗﺶ أﻋﻤﺎ َل اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﰲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ واﻟﻌﻘﺎب ،وﻣﺪى ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام ،وﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮاﻧني ﺗﺮاﺧﻴﺺ ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح وﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﺴﻼح ﺗﺮدع اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ .وﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﺪﻋﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻟﻠﺸﻬﺎدة ﰲ اﻟﺪﻋﺎوى اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺼﺪ ًرا ﺟﺪﻳﺪًا ﻣُﺠﺰﻳًﺎ ﻟﻠﺪﺧﻞ. ﻛﺎن ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﰲ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﺳﻌﺎر ﻋﲆ املﺸﻜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ املﻌﺎﴏة ،ﻣﺜﻞ :اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻟﺰواج واﻟﻄﻼق ،واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﻌﻨﴫي، واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨريي ،وإدﻣﺎن املﺨﺪرات .وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ ﰲ أن ﻳُﺴﻤﱢ َﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ املﻮﺟﱠ ﻪ إﱃ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس ً وﻟﻜﻦ ﺑﻴﻜﺮ ﺣﺬﱠر ﻣﻦ أن »ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻢ ﻳ َ ﱠ اﺳﺘﻘﺒﺎﻻ ﺟﻴﺪًا ﻣﻦ َﻠﻖ ﺑﺎﺳﻢ »اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﻴﺎة«. ﱠ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني «.وأن اﻟﻬﺠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺷﻨﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﺘﻘﺪوه ﻛﺎﻧﺖ »ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ً ﻣﻜﺎن ﻣﻦ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺒﺬاءة 9 «.واﻵن ،وﺑﻌﺪ ﻋﻘﻮد ،ﺻﺎر ﻋﻤﻞ ﺑﻴﻜﺮ ﻳُﺤﺎ َﻛﻰ ﰲ ﻛﻞ ٍ ﻃﺮق ﻟﺤ ﱢﻞ املﺸﻜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻋﻦ ٍ ﺧﻄﺔ اﻟﻜﺘﺎب ً ٍ ٍ ﻣﺠﺎﻻت ﻣﻌﺮﻓﻴ ٍﺔ أﺧﺮى؛ ﰲ املﺤﺎﺳﺒﺔ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﻣﻬﻤﺔ ﻋﲆ ﺗﺤﺴﻴﻨﺎت أدﺧﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن واﻟﺪﻳﻦ ،واﻹدارة ،واﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ،ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻤﻴﻢ املﺰادات .وﻳﻘﺪﱢم ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﴩات اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬه اﻷدوات ﻟﺤ ﱢﻞ املﺸﻜﻼت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﻓﺮاد، واملﺠﺘﻤﻌﺎت ،واﻟﺪوﻟﺔ. 27
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻊ اﻷﻣﻮر املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ ﺗُﻌَ ﱡﺪ أﻛﺜﺮ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻧﻔﻌً ﺎ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﺸﺨﴢ .وأﺳﺘﻬﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﺑﺈﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﲆ اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺒﺎﻫﺮة ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ )رﻳﺘﺸﺎرد ﺗﺎﻟﺮ ،وروﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ ،وﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ ،ودﻳﻔﻴﺪ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ،وﺑﺮﻳﺠﻴﺖ ﻣﺎدرﻳﺎن( ﻟﺘﺤﺴني اﻷﻣﻮر املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸﻓﺮاد؛ ﻣﻦ زﻳﺎدة املﺪﺧﺮات ،وﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺪﻳﻮن ،واﻟﺤﺼﻮل َ ﻗﺼﺔ ﺧﺼﺨﺼﺔ ﺷﻴﲇ ملﻨﻈﻮﻣﺔ املﻌﺎﺷﺎت ﻋﲆ ﻋﺎﺋ ٍﺪ أﻓﻀ َﻞ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات .ﻛﺬﻟﻚ أروي ودول أﺧﺮى ﺗَﺒَﻨﱢﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،وﻫﻞ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﺻﻼح ﺟﺬريﱟ ٍ ٍ ً ﻟﱪاﻣﺞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .ﻳﻀﻢ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ً ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻻﻗﺘﺼﺎد »اﻟﺴﻌﺎدة«؛ وﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﻣﺠﺎل ﺟﺪﻳﺪ ﻣُﺒﻬﺮ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﻳﺘﺤﺪث اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻦ ﺗﺄﺛري اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻋﲆ إدارة اﻷﻋﻤﺎل وﻣﻬﻨﺔ املﺤﺎﺳﺒﺔ ،ﺧﺎﺻﺔً دﺧﻮل »اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻷدا َة اﻟﺠﺪﻳﺪ َة ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻟﻘﻴﺎس ﻗﻴﻤﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر وأداء اﻟﴩﻛﺎت .ﻛﺬﻟﻚ أﴎد ﻗﺼﺔ ﴍﻛﺔ »ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت« ،ﻛﱪى اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻛﻴﻒ ﺗﺄﺛﺮت اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﺨﻼﻗﺔ ﻟﺘﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك وﻏريه ﻣﻦ املﺪﻳﺮﻳﻦ ً ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني »اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳني« أﻣﺜﺎل ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس، اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني اﻟﺘﺤ ﱡﺮرﻳني ﺗﺄﺛ ًﺮا وﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﻫﺎﻳﻚ ،وﺟﻮزﻳﻒ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ. ً ُ ٍ ٍ ﻣﺸﻜﻼت اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﻣﺜرية ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳ ﱢُﺒني اﻟﺠﺰءُ ﻣﺤﻠﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري ،واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎم ،واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،وﻗﻀﺎﻳﺎ أﺧﺮى ﺗﺘﺼﺪﱠر ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ .ﻛﺬﻟﻚ أﻛﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺮاﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻤﱠ ﻢ ﺑﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻣﺰادات ﻟﺠﻮﺟﻞ ،وإي ﺑﺎي ،ووﻛﺎﻻت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ أﻓﺎدت ٍّ ٍ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻼ ﻣﻦ املﺸﱰﻳﻦ واﻟﺒﺎﺋﻌني .وﰲ ٍ ً ٍ رواﻳﺎت ﺑﻮﻟﻴﺴﻴ ٍﺔ ﺳﺎﻋﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻋﲆ ﺣ ﱢﻞ ﻟﻐﺰ وﺗﺸﻮﻳﻘﺎ ،أﻧﺎﻗﺶ ﺛﻼث أﻛﺜﺮ إﻣﺘﺎﻋً ﺎ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. ُ ً ﻓﺼﻼ ﻋﻦ ﺣﺮب املﺨﺪرات .ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ أﻋﺘﺰم اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﻔﺘﻘﺪ اﻟﺠﺰءُ املﻮﺿﻮع املﺜري ﻟﻠﺠﺪل ،اﻟﺬي ﺟﺬب أﻧﻈﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻟﻌﻘﻮ ٍد ﻋﺪة ،ﻋﲆ اﻷﺧﺺ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،وﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ ،وﺳﺘﻴﻒ ﻟﻴﻔﻴﺖ ،وآﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﻣﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ .إن ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻌﺎﻛﻔني ﻋﲆ دراﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﺠﺪل ﻳُﺮ ﱢﻛﺰون ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺨﺎص ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﺘﺠﺮﻳﻢ. واﻟﺤﻖ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻘﺪﱡم ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ املﺨﺪرات ،ﺷﻤﻞ إﺑﺎﺣﺔ املﺎرﻳﺠﻮاﻧﺎ اﻟﻄﺒﻴﺔ ً وﺧﻔﻀﺎ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﺣﺘﺠﺎز املﺮاﻫﻘني ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻌﺎﻃﻲ املﻮاد املﺨﺪرة ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻻﻳﺎت، املﺤﻈﻮرة ،وﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ املﺮوﻧﺔ ﰲ اﻷﺣﻜﺎم اﻹﻟﺰاﻣﻴﺔ ﰲ ﺟﺮاﺋﻢ املﺨﺪرات .وﻟﻜﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ُ ﺳﺄﻟﺖ ﺟﻴﻔﺮي إﻳﻪ ﻣريون، أن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻬﻢ ﻋﻼﻗﺔ ﻛﺒرية ﺑﻬﺬه اﻟﺘﻐريات؛ ﻓﻘﺪ 28
ﻣﻘﺪﻣﺔ
َ املﺘﺨﺼﺺ ﰲ ﻗﻀﺎﻳﺎ املﺨﺪرات وﺻﺎﺣﺐَ ﻛﺘﺎب »ﺟﺮاﺋﻢ أﺳﺘﺎذَ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد، ري ﰲ ﺣﺮب ﺣﺮب املﺨﺪرات« )إﻧﺪﺑﻨﺪﻧﺖ إﻧﺴﺘﻴﺘﻴﻮت ،(٢٠٠٤ ،إن ﻛﺎن ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني أيﱡ ﺗﺄﺛ ٍ ٌ ً ﻓﺼﻼ ﻋﻦ ﻃﺒﻌﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب املﺨﺪرات ،وﻛﺎﻧﺖ إﺟﺎﺑﺘﻪ» :ﻟﻴﺲ إﱃ اﻵن «.رﺑﻤﺎ ﺗﻀﻢ ﺳﻴﺎﺳﺔ املﺨﺪرات. ﺑﻨﺠﺎح ﻋﲆ ﺣ ﱢﻞ املﺸﻜﻼت اﻟﺪوﻟﻴﺔ؛ ﻣﺜﻞ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﺠﺰء اﻟﺮاﺑﻊ ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ٍ اﻟﻔﻘﺮ املﺪﻗﻊ ،وﻋﺪم املﺴﺎواة ،واﻟﺘﻠﻮث ،واﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري ،واﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ،واﻟﻌﻮملﺔ، واﻟﴫاع اﻟﻌﺴﻜﺮي ،واﻟﺤﺮوب اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .ﻛﺬﻟﻚ أُزوﱢدك ﺑﺄﺣﺪث املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﺛﻮرة اﻟﴬﻳﺒﺔ َ وأﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى .وﻟﻌ ﱠﻞ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻵﺧﺬة ﰲ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﰲ أوروﺑﺎ َ ُ ُ ِ ﻣﺆﴍات اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻮﱠر وﺗﺼﻘﻞ ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﺛﺎر ًة ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﻣﻦ املﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ،وﻛﻴﻔﻴﺔ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻤ ﱢﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واملﺆﺳﺴﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ،واﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ،وﺟﻬﻮد ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻼم ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ﻏري املﺴﺘﻘﺮة ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ .وأﺧريًا، أُﻟﻘﻲ ﻧﻈﺮ ًة ﻋﲆ ﻣﺠﺎل اﻟﺪﻳﻦ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﻣﻊ ﺑﻴﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﻔﺎﺟﺌﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﺪﻳﻦ واملﻨﺎﻓﺴﺔ. ﻃﺮق ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎملﺴﺘﻘﺒﻞ .ﻣﻦ املﻌﺮوف ﻋﻦ ﻳُﻠﻘﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻀﻮءَ ﻋﲆ ٍ ً ﺳﻴﺌﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ إﱃ اﻟﺘﻐري ﻛﻤﺎ ﱠ ٍ ﻳﺘﺒني ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻬﻨﺎت ﺗﻜﻬﻨﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني وﺿﻌُ ﻬﻢ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ ﺑﻜﻠﻴﺔ وارﺗﻮن وروﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ ً ﻓﺼﻮﻻ ﻋﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ املﺘﺰاﻳﺪة ﻟﻠﺬﻫﺐ درج ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ﻋﻦ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ واﻟﻌﻘﺎرات .ﻛﺬﻟﻚ أ ُ ِ ﱡ واﻟﺘﻀﺨﻢ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎملﻲ ،وإن ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﺗﻜﺮار ﻛﻤﺆﴍ وﺣﻴ ٍﺪ ﻟﻌﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ٍ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ،وإن ﻛﺎن ﻣﻌﺪل إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻣﺆﴍًا ﺟﻮﻫﺮﻳٍّﺎ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺟﻴﺪًا )وﻫﺬا إﻧﺠﺎز ﺧﺎص ﺑﻲ( .ﻳﺘﱠﺠﻪ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧري ﻧﺤﻮ املﺴﺘﻘﺒﻞ وأي ٍ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺳﻮف ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﲆ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة .وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺼﻮل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺆﴍًا ﻋﲆ أيﱢ ﳾء ،ﻓﻬﻲ ﻣﺆﴍ ﻋﲆ أن املﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎد ً ﻣﴩﻗﺎ. واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳﺒﺪو ُ ﺳﻮف ﻳﻼﺣﻆ اﻟﻘ ﱠﺮاء أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻧﻔﻖ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﲆ املﺠﺎﻻت واﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺗﺄﺛري ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻣﺜﻞ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﻣﺆﴍات اﻷﺳﻌﺎر ،واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واملﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﻨﺎﻫﻀﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎر؛ ﺑﻞ ﺣﺎوﻟﺖً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،أن أُر ﱢﻛﺰ ﻋﲆ املﺠﺎﻻت واملﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪة واملﺪﻫﺸﺔ اﻟﺘﻲ أَﺣﺪث ﻓﻴﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ً ﻓﺎرﻗﺎ. 29
اﻟﺠﺰء اﻷول
اﳌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻜﺴﺐ واﻻدﺧﺎر واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر واﻟﺘﻘﺎﻋﺪ
ٍ ﺗﻄﻮرات ﻣﺜري ًة ﰲ ﻣﺠﺎل املﺎﻟﻴﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﺣﻘﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﻮن اﻟﺠﺪد َ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﺴني ﻗﺪرة اﻷﺷﺨﺎص ﻋﲆ اﻟﻜﺴﺐ ،واﻻدﺧﺎر ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،واﻟﺘﻘﺎﻋﺪ، ﺑﺎﻛﺘﺸﺎﻓﻬﻢ ٍ ﺑﺨﻄﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ووﺿﻊ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ،واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن .وأﺳﺘﻬ ﱡﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء املﻬﻢ ﻓﻌﺎﻟﺔ ،ﻟﺪﻳﻬﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪﱠﻻت ادﺧﺎر اﻟﻌﻤﺎل ﺛﻼث ﻣﺮات ،وﻫﻲ ﺑﺼﺪد اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻗﺎﻧﻮن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ )ﻗﺎﻧﻮن ﺣﻤﺎﻳﺔ املﻌﺎﺷﺎت ﻟﻌﺎم ،(٢٠٠٦ﺑﻔﻀﻞ ﺑﺮاﻋﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدي رﻳﺘﺸﺎرد إﱃ ٍ ﺗﺎﻟﺮ ،اﻟﺬي ﻳُﻌ ﱡﺪ راﺋﺪًا ﰲ ﻣﺠﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﻧﺘﻨﺎول ﻛﺬﻟﻚ املﻘﱰﺣﺎت اﻟﺠﺬرﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﺘﺤﺴني اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺧﻄﻂ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﱠ َ أﻣﺎن ﻟﻠﻤﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ وﻓﺮت ﻫﺬه اﻟﱪاﻣﺞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﺷﺒﻜﺔ ٍ واﻟﻔﻘﺮاء ،وﻟﻜﻦ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﻋﻴﺐٌ ﺧﻄري؛ ﻓﺎﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني، ﱡ ﻣﺮن ﻟﻼدﺧﺎر، ﻻ ﻳﺮﻗﻰ إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت املﺮﺟﻮﱠة ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ؛ ﻓﻬﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ رديء وﻏري ٍ وﴐﻳﺒﺔ ﺛﻘﻴﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻣﻠني واﻷﻗﻠﻴﺎت ﻣﻦ ﻣﺤﺪودي اﻟﺪﺧﻞ .وﻳﺼﻒ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني َ ﺧﻄ َ اﻻﺳﺘﻌﺎﺿﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻌﻴﺒﺔ وذات ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﻴﺔ ،وﻳُﺤﺒﱢﺬون ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ املﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﺘﻠﻚ املﻘﺪﱠﻣﺔ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني ٍ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴني )ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر( ،أو ﺣﺴﺎﺑﺎت املﺪﺧﺮات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ املﻮاﻃﻨﻮن ﻣﺘﺨﺼﺺ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ٍ اﻟﺘﺸﻴﻠﻴﻮن اﻵن .ﰲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ،أﴎد ﻗﺼﺔ اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﺗﺸﻴﲇ ﱟ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻫﻮ ﺧﻮﺳﻴﻪ ﺑﻴﻨريا ،اﻟﺬي أﺣﺪث ً ﻓﺎرﻗﺎ ﻛﺒريًا ﰲ ﺑﻼده وﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ْ واﺟﻬﺖ ﻧﻔﺲ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻀﻤﺎن واملﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أن اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻴﻮم؛ وﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻌﺎﺋﻤﺔ .وﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ﻧﺠﺢ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل إﱃ ﺣ ﱟﺪ ري ﰲ ﺣ ﱢﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ املﻌﺎﺷﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻣﻦ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ املﺤﺪدة ﻛﺒ ٍ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت إﱃ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ املﺤﺪدة اﻻﺷﱰاﻛﺎت ،ﻣﺜﻞ ﺧﻄﻂ ) ٤٠١ﻛﻴﻪ( أو ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت ﺗﻘﺎﻋﺪ اﻷﻓﺮاد )آي آر إﻳﻪ(.
34
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
اﻗﺘﺼﺎدي ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ﳌﻀﺎﻋﻔﺔ ﱞ ﻣﻌﺪل ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ ﺛﻼث ﻣﺮات ﻓﺮﺻﺔ اﻟ ٩٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر
ً ٍ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ دروس ﺣﺎﻣﻼ أﻧﺒﺎءً ﺳﺎرة؛ ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﻤﻊ ﺑني ﺟﺌﺖ ٍ وﺑﴚءٍ ﻣﻦ َ اﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ،ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﲆ اﻻدﺧﺎر أﻣ ًﺮا ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ. رﻳﺘﺸﺎرد إﺗﺶ ﺗﺎﻟﺮ 1 ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ إﻧﺠﺎز ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺨﻤﺲ ﻫﺬا أﻫﻢ ٍ اﻷﺧرية. روﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٩ﺣ ﱠﺬ ْ رت دراﺳﺔ أﺟﺮاﻫﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎن ،ﻫﻤﺎ وﻳﻦ ﺟﻮدﱄ وﺑﻴﻞ ٍ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺧﻄرية ،ﰲ إﺷﺎر ٍة ﻣﻨﻬﻤﺎ إﱃ ﺛﻼﺛﺔ ُﴩﻓﺔ ﻋﲆ ﻣﺎرﺗﻦ ،ﻣﻦ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣ ِ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً ٍ ﻣﻐﺎﱃ ﰲ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ ،واﻻﻧﻬﻴﺎر ﰲ اﻻدﺧﺎر اﻟﺨﺎص، اﺧﺘﻼﻻت ﻻ ﺗُﺤﺘﻤﻞ ،ﻫﻲ :ﺳﻮق أﺳﻬ ٍﻢ 2 وزﻳﺎدة ﻣﺰﻋﺠﺔ ﰲ اﻟﺪﻳﻮن. ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد، ﰲ ،٢٠٠١-٢٠٠٠و ََﻗﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ املﺰدﻫﺮ ﻓﺠﺄ ًة ﰲ ْ وﺑﺪأت ﺳﻮق اﻟﺒﻮرﺻﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ اﻧﺤﺪا ًرا وﻫﻮﺟﻤﺖ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﻣﺘﺸﺪدﻳﻦ إﺳﻼﻣﻴني، ً ﻃﻮﻳﻼ أﺧﺬ ﻣﻌﻪ أﺳﻬﻢ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ إﱃ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﻫﺒﻂ ﺑﺄﺳﻬﻢ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﱠ وﺗﺪﺧﻞ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﺪﻋﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻔﺾ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ٧٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ. ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة وزﻳﺎدة ﻛﻤﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪ املﺘﺪاول ،وﺗﻌﺎﰱ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﺳﻮاق. ْ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺸﻜﻼت ﺧﻄرية .ﻳﺪرك ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني واﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني أن وﻟﻜﻦ ٍ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻣﺜﻞ أزﻣﺔ اﻻدﺧﺎر؛ ﻓﺎﻻدﺧﺎر، املﺎل اﻟﺴﻬﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺣ ﱡﻞ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻨﺬ ٍ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،وﺗﻜﻮﻳﻦ رأس املﺎل ﻫﻲ املﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﺗﺨﻠﺺ ُ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻨﻤﻮ )أَﺣﺪﺛُﻬﺎ ﰲ آﺳﻴﺎ( دراﺳﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ إﱃ أن اﻟﺪول اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗُﺸﺠﱢ ﻊ اﻻدﺧﺎ َر واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر؛ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺠﺪﻳﺪة، واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،واملﺎﻛﻴﻨﺎت ﱢ املﻮﻓﺮة ﻟﻠﺠﻬﺪ؛ ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻳُﺴﻔﺮ ٍ ﺑﺄﺳﻌﺎر أﻗﻞ 3 .وﻳﺨﻠﺺ ﺟﺮﻳﺞ ﻣﺎﻧﻜﻴﻮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﺳﺘﻬﻼﻛﻴ ٍﺔ أﻓﻀﻞ ﺑﺪوره ﻋﻦ ٍ 4 ﻫﺎرﻓﺎرد إﱃ أن »زﻳﺎدة اﻻدﺧﺎر ﺗﺆدي إﱃ ﻧﻤ ﱟﻮ أﴎع«. ً ﻃﻮﻳﻼ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻦ ﺗﺪوم ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ وراء ﻣﻮاﺟﻬﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ ً أزﻣﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ؛ ﻓﻘﺪ وﺻﻞ ﺻﺎﰲ اﻻدﺧﺎر اﻟﺨﺎص ﰲ ٍ ٍ ﻧﺤﻮ ﻳﺜري اﻻﻧﺰﻋﺎج .وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﱃ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻋﲆ ٍ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺑني اﻻدﺧﺎر واﻷداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻧﻔﻌﻠﻪ ﺣﻴﺎل اﻻﻧﺤﺪار اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ﰲ ﺻﺎﰲ اﻻدﺧﺎر اﻟﺨﺎص ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؟ ﺗُﺸري أﺣﺪث اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت إﱃ أن ﺻﺎﰲ َ اﻻدﺧﺎر اﻟﺨﺎص — أي اﻟﻔﺎرق ﺑني اﻟﺪﺧﻞ املﺘﺎح واﻹﻧﻔﺎق — ﻗﺪ ﻫﺒﻂ ﻟﻴﺼﻞ إﱃ أدﻧﻰ ﻣﻌﺪﻻﺗﻪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻛﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﺪى ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ )اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ .(1-1 ودول ﻣﺎ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻠﻬﺒﻮط اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ﰲ املﺪﺧﺮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٍ أﺧﺮى؟ ﻳُﺸري اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني إﱃ أن أرﻗﺎم املﺪﺧﺮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻻ ﺗﺸﻤﻞ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻘﺎرات واﻷﺳﻬﻢ املﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﺄﺟﱠ ْ ﻠﺖ أزﻣﺔ املﺪﺧﺮات ﺑﻔﻌﻞ ارﺗﻔﺎع 36
اﻗﺘﺼﺎديﱞ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ملﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪل ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ …
ْ وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻷﺧري ﻟﻸﺳﻮاق اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﻣﻠﻜﻴﺎت اﻟﻌﻘﺎرات وﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ. ﰲ اﻟﻌﻘﺎرات واﻫﺘﺰاز ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ ،ﻗﺪ ﺗﻠﻮح أزﻣﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ اﻟﺤﺪوث ﻗﺮﻳﺒًﺎ. ٢٠
١٥
١٠
٥
٠
٢٠٠٣
٢٠٠٠
ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
١٩٩٥
١٩٩٠
١٩٨٧
اﻟﻴﺎﺑﺎن أملﺎﻧﻴﺎ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
ودول أﺧﺮى.٢٠٠٣–١٩٨٧ : ﺷﻜﻞ :1-1اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪل املﺪﺧﺮات ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٍ
زﻋﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن آﺧﺮون أن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﴐاﺋﺐ اﻟﺪﺧﻞ ﻻ ﻳُﺸﺠﻌﺎن ﻋﲆ اﻻدﺧﺎر؛ ﻓﻤﻊ اﺳﺘﻨﺰاف ﴐاﺋﺐ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﺟﻮر ورواﺗﺐ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،ﻳﺠﻌﻞ ﻧﻈﺎ ُم اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻹﻟﺰاﻣﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﲆ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني أن ﻳ َُﻔﻮا ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ دﺧﻮﻟﻬﻢ .وﴐاﺋﺐ اﻟﻀﻤﺎن ﻣﻨﺰل أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗُﴬ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮاء املﺤﺮوﻣني ﻣﻦ اﻷﻣﻮال اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﴩاء ٍ ﺣﻠﻮل ﺟﺬرﻳ ٍﺔ ﻷزﻣﺔ ﻣﴩوع ﺧﺎص )اﻧﻈﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺣﺘﻰ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﲆ ﺑَﺪء ٍ ٍ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ(. 37
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وأﺳﺒﺎب ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﻳﺰال ﻣﻼﻳني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﺪﱠﺧﺮون ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر، ٍ ْ ﺻﺎرت أﻋﺪاد ا َملﺪﻳﻨني ﺗﻔﻮق أﻋﺪاد املﺪﱠﺧِ ﺮﻳﻦ .ﻣﻦ ﻳُﺼﻠِﺢ ﻫﺬا اﻟﺨﻠﻞ؟ أﺧﺮى ،وﻟﻜﻦ ﻣﺆﺧ ًﺮا ِ املﻠﻴﺎرات ﻳَﺼﺐﱡ املﺴﺘﺜﻤﺮون اﻷﺟﺎﻧﺐ )ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﰲ اﻟﻌﺠﺰ املﺘﺰاﻳﺪ ﰲ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺠﺎرﻳﺔ( ﰲ ﺳﻨﺪات ﺿﻤﺎن اﻟﺪﻳﻮن واملﻠﻜﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،واﻟﺤﺴﺎﺑﺎت املﴫﻓﻴﺔ ،واﻟﻌﻘﺎرات .وﻣﺎ دام َ اﻟﻔﺎرق ،ﻓﺴﻮف ﺗﺒﻘﻰ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﺗﺰدﻫﺮ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺗﻔﻌﻞ املﺴﺘﺜﻤﺮون اﻷﺟﺎﻧﺐُ ﻳﻌﻮﱢﺿﻮن ﺣني ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﻋﻦ ذﻟﻚ؟ ٍ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﻦ واﺷﻨﻄﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻜﺎن اﻟﻌﻤﻞ … ﺑﻤﺴﺎﻋﺪ ٍة ﻣﺪﺧﺮات ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ،ﱠ ٍ وﻗﻊ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻮرج دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٦ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﲆ أزﻣﺔ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن ﺣﻤﺎﻳﺔ املﻌﺎﺷﺎت .ﻳُﺸﺠﱢ ﻊ ﺟﺰء أﺳﺎﳼ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳُﻌﺮف ﺑ »اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ِ اﻟﴩﻛﺎت ﻋﲆ ﺗﺴﺠﻴﻞ املﻮﻇﻔني ﺑﺨﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ) ٤٠١ﻛﻴﻪ( ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ؛ ﻓﻸول ﻣﺮ ٍة اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ« ُﺪرج أﺻﺤﺎبُ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ ﻟﻼﺷﱰاك ﰲ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ. ﺳﻮف ﻳ ِ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺤﺪدٍ وﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻌﺎﻣﻠني اﺧﺘﻴﺎر ﻋﺪم اﻻﺷﱰاك ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻄﻠﺒﻮا إﻋﻔﺎءﻫﻢ ٍ ً ﻣﻌﻤﻮﻻ ﺑﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺰاﻳﺎ املﻮﻇﻔني؛ ﻓﻔﻲ وواﺿﺢ .وﻫﺬا ﻋﻜﺲ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن املﺎﴈ ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺗﺴﺠﻴﻞ أﺳﻤﺎﺋﻬﻢ ﰲ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻟﻼﺷﱰاك ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺜﻠﺚ ﻓﻘﻂ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ .ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻛﺎن ﻋﺪم اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاء اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻳﺴﺎوي اﺧﺘﻴﺎر »ﻻ« .أﻣﺎ اﻵن ،ﻓﺈن ﻋﺪم اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاء اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻳﻌﺎدل اﺧﺘﻴﺎر »ﻧﻌﻢ«؛ وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ،ﺣﺘﻰ ٍ ﺧﻄﺔ ﻣﻦ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ) ٤٠١ﻛﻴﻪ(! املﻤﺎﻃﻠﻮن ﺳﻮف ﻳﺴﺘﺜﻤﺮون ﰲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻫﻨﺎك آﻟﻴﺔ ﻟﺰﻳﺎدة املﺒﻠﻎ املﺪﱠﺧﺮ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ،وﻳﺘﻢ ﱡ ﺣﺚ أﺻﺤﺎب اﻷﻋﻤﺎل ﻋﲆ دﻓﻊ ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ﺑﻌﺾ اﻟﺪوﻻرات اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮﻫﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم .وﺗُﻌﺮف ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑ »زﻳﺎدة اﻻﺷﱰاﻛﺎت« .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﻋﲆ ﻋﻼوة ،ﺳﻮف ﻳﺬﻫﺐ ﺟﺰء ﻣﻦ زﻳﺎدة اﻷﺟﺮ أو اﻟﺮاﺗﺐ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ إﱃ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ. ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ملﺠﻠﺔ »ﺑﻴﺰﻧﺲ وﻳﻚ«، ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻐﻴري اﻟﺒﺴﻴﻂ ﰲ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺗﺄﺛري ﻛﺒري؛ دوﻻر إﺿﺎﻓﻴﺔ ﰲ أﺻﻮل »ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪة أن ﺗﺠﻠﺐ ملﺪﻳﺮي اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ٩٠ﻣﻠﻴﺎر ٍ 5 اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ«.
38
اﻗﺘﺼﺎديﱞ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ملﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪل ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ …
اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺬي ﻳﻘﻒ وراء ﺧﻄﺔ ﺳﻤﺎرت ﻣَ ﻦ وراء ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ؟ إن ﻫﺎﺗني اﻟﻔﻜﺮﺗني اﻟﺠﺪﻳﺪﺗني املﺘﻌﻠﻘﺘني ﺑﺎملﻌﺎﺷﺎت ﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﻨﺎت أﻓﻜﺎر ﺑﺮﻳﺠﻴﺖ ﻣﺎدرﻳﺎن ،أﺳﺘﺎذ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ،ورﻳﺘﺸﺎرد ﺗﺎﻟﺮ ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،وأﺣﺪ اﻟﺮواد ﰲ ﻣﺠﺎل »اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ« اﻟﺠﺪﻳﺪ .ﺣﺼﻠﺖ ﻣﺎدرﻳﺎن ﻋﲆ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋﺎم ،١٩٩٣وﺣﺼﻞ ﺗﺎﻟﺮ ﻋﲆ درﺟﺔ ٍّ ﻣﻨﺸﻘﺎ ﻋﻦ املﻨﻬﺞ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ روﺗﺸﻴﺴﱰ ﻋﺎم ،١٩٧٤وﻳﻌﺘﱪ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي املﺘﱠﺒَﻊ ﻣﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﻫﻮ ً أﻳﻀﺎ ﻣﺆﺳﺲ إﺣﺪى ﴍﻛﺎت إدارة اﻷﺻﻮل. ﺗﺄﻣ ْﻞ ﻋﻨﻮاﻧَﻲ أﺣﺪث ﻛﺘﺎﺑني ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﺣﻮل املﻮﺿﻮع» :اﻟﻄﻔﺮة اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ« ﻟﺮوﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ )اﻟﺬي ﺣﺬﱠر املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٠وﻛﺎن ٍّ ﻣﺤﻘﺎ ﰲ ﺗﺤﺬﻳﺮه ،ﻣﻦ أن اﻟﺴﻮق اﻟﺼﺎﻋﺪة ﰲ ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﱰﻳﺖ ﻟﻴﺴﺖ داﺋﻤﺔ( ،و»ملﺎذا ً ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻓﺎدﺣﺔ« ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺟﺎري ﺑﻴﻠﺴﻜﻲ وﺗﻮﻣﺎس ﺟﻴﻠﻮﻓﻴﺘﺶ. ﻳﺮﺗﻜﺐ اﻷذﻛﻴﺎء أﺧﻄﺎءً وﻟِ َﻔﻬْ ِﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ،ﺗﺄﻣﱠ ِﻞ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: )(١ )(٢ )(٣ )(٤
ﻫﻞ ﺗُﻔﺎﺟﺄ دوﻣً ﺎ ﺑﺤﺠﻢ ﻓﺎﺗﻮرة ﺑﻄﺎﻗﺘﻚ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ؟ ٍ ﺧﻮف ﺟ ﱠﺮاء ﻋﺪم ادﺧﺎرك ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺎﻋﺪك؟ ﻫﻞ ﺗﻌﻴﺶ ﰲ ﻫﻞ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺠﺪ َ ﻧﻔﺴﻚ ﺗﺸﱰي أﺳﻬﻤً ﺎ وﻗﺖ ﺻﻌﻮد اﻟﺴﻮق ،وﺗﺒﻴﻊ وﻗﺖ اﻟﻬﺒﻮط؟ َ ﻓﺸﻠﺖ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺚ وﺻﻴﺘﻚ؟ ﻫﻞ
َ أﺟﺒﺖ ﺑ »ﻧﻌﻢ« ﻋﻦ أيﱟ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ،ﻓ ْﻠﺘﻨﻀ ﱠﻢ إﱃ اﻟﺤﺸﻮد؛ ﻓﻤﻌﻈﻢ رﻓﺎﻗﻚ إذا ﻣﻦ املﻮاﻃﻨني ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺎرب؛ إذ ﻳﺮى ﺛﻠﺜﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني أﻧﻬﻢ ﻳﺪﱠﺧﺮون اﻟﻨ ﱠ ْﺰر اﻟﻘﻠﻴﻞ .وﻣﻦ ﺣُ ْﺴ ِﻦ اﻟﺤﻆ أن اﻟﻨﺠﺪة ﻗﺎدﻣﺔ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻻﺛﻨﺘني ﻣﻦ املﺸﻜﻼت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺬﻛﺮ: اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺰاﺋﺪ وﻋﺪم ادﱢﺧﺎر ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ. ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ ،ﻣﻊ أﺣﺪ املﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد؛ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ، ٍ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ واملﺴﺘﻬﻠﻜني أﻻ وﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ورﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻻ ﻳﺘﴫﻓﻮن دوﻣً ﺎ ً وﻓﻘﺎ ملﻘﻴﺎس »اﻟﺮﺟﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ« املﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﻜﺘﺐ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻌﺎﻧﻮنً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ املﻔﺮﻃﺔ ،واملﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ رد اﻟﻔﻌﻞ ،واﻟﺨﻮف ،واﻟﻄﻤﻊ ،وﻏﺮاﺋﺰ اﻟﻘﻄﻴﻊ ،وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ »اﻹﻗﺪام ﻋﲆ املﺨﺎﻃﺮ 6 اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﺗﻌﺒري ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ. 39
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺗﻘﻮم ﻓﺮﺿﻴﺘﻬﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻋﲆ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺮﺗﻜﺒﻮن أﺧﻄﺎءً ﻃﻮا َل اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﺎﻟﻜﺜري ﺟﺪٍّا ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻊ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻻﺋﺘﻤﺎن ،وﻻ ﻳﺪﺧﺮون ﻣﺎ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ﻳُﴪﻓﻮن ﰲ اﻹﻧﻔﺎق وﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ ،وﻳﺸﱰون أﺳﻬﻤً ﺎ ﰲ ﻓﱰات اﻟﺼﻌﻮد وﻳﺒﻴﻌﻮﻧﻬﺎ ﰲ ﻓﱰات اﻟﻬﺒﻮط ،وﻳُﺨﻔﻘﻮن ٌ ﺻﻔﺎت ﻣﻌﺘﺎدة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﰲ إﻋﺪاد وﺻﻴﺔ؛ ﻓﺎﻹﺧﻔﺎق اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻟﻐﺒﺎء ،واﻧﻌﺪام اﻟﻜﻔﺎءة إﱃ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ .وﻳﻼﺣﻆ روﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ أن »أي ﻧﺰﻋﺔ ﺑﴩﻳﺔ ﻃﺎﻏﻴﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺜﻘﺔ 7 املﻔﺮﻃﺔ« ﺗﺪﻓﻊ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ »إﱃ إﺑﺪاء آراءً ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﻌﻨﱡﺖ واﻻﻧﺪﻓﺎع ﻧﺤﻮ أﺣﻜﺎ ٍم ﻣﺘﻌﺠﻠﺔ«. وﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس» :إن ارﺗﻜﺎب أﺧﻄﺎءٍ ﺧﻼل اﻟﺴﻌﻲ وراء ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻷﻫﺪاف 8 ُ ُ ٌ ٍ واﺳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر«. ﺑﴩﻳﺔ ﺿﻌﻒ ﻧﻘﻄﺔ ً وﻣﻦ ﺣُ ْﺴ ِﻦ اﻟﺤﻆ أن ﻟﻠﺴﻮق ً ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﺘﺠﺰأ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء واﻟﺰﻟﻞ اﻟﺘﺠﺎري؛ آﻟﻴﺔ ﻓﺎﻟﺴﻮق ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻷﺧﻄﺎء وﺗﻜﺎﻓﺊ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺼﺤﻴﺢ .وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل إﴎاﺋﻴﻞ ﻛريزﻧﺮ» :ﻓﺮص 9 اﻟﺮﺑﺢ اﻟﺼﺎﰲ ﺗﻮﺟﺪ أﻳﻨﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ اﻷﺧﻄﺎء«. ﱠ وﻟﻜﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺴﻠﻮﻛﻴني اﻟﺠﺪد ﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ أﺑﻌ َﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺴﻮق اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي؛ إذ ﻳﺠﺎدﻟﻮن ﺑﺄن اﻹﺟﺮاءات املﺆﺳﺴﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة املﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻣﺒﺎدئ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻳﻤﻜﻦ إدﺧﺎﻟﻬﺎ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ وﺳﻮء اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ،دون ﱡ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﻳﺴﺎﻋﺪ ﻗﺎﻧﻮن ﺣﻤﺎﻳﺔ املﻌﺎﺷﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﻜﺒﻮن ﺧﻄﺄ َ ادﺧﺎر اﻟﻨﺰر اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ دﺧﻠﻬﻢ؛ ﻓﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗُﻘﻨِﻊ دون اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة. ﰲ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﰲ أﺗﻼﻧﺘﺎ ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ،٢٠٠٢ﻗﺪﱠم رﻳﺘﺸﺎرد ً ً ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻋﻦ ﺧﻄﺘﻪ اﻻدﺧﺎرﻳﺔ »ﺳﻤﺎرت« ،وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ورﻗﺔ ﺗﺎﻟﺮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮيﱟ وﺑﻐري ﻋﻨﺎء .وﻗﺪ ﺗﺤﺪﱠث ﻟﺰﻳﺎدة ﻣﻌﺪل ﻣﺪﺧﺮات اﻟﻌﺎﻣﻠني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ٍ ﻟﻠﻜﻮﻧﺠﺮس ﻋﻦ ذﻟﻚ ﰲ ﻋﺎم ً ٢٠٠٤ ٍ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﻌﻠﻢ دروس ﻗﺎﺋﻼ» :ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﻤﻊ ﺑني ٍ اﻟﻨﻔﺲ وﺑﴚءٍ ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ،ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﲆ اﻻدﺧﺎر أﻣ ًﺮا ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ٍّ أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﰲ أﺣﺪ أﻋﺪاد ﻣﺠﻠﺔ »ﺟﻮرﻧﺎل ﻣﻘﺎل ﺣﻘﺎ «.وﻗﺪ ﻧُﴩت ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﰲ ٍ ﱟ أوف ﺑﻮﻟﻴﺘﻴﻜﺎل إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻲ« ﰲ ﻋﺎم .٢٠٠٤ﻟﻘﺪ ﻃﻮﱠر ﺗﺎﻟﺮ ،ﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻛﺘﺎب »ﻟﻌﻨﺔ اﻟﺮاﺑﺢ« ً ً ﻣﺆﺳﺴﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪ ًة ﻟﺰﻳﺎدة ﻣﻌﺪﻻت ادﺧﺎر اﻟﻌﺎﻣﻠني. ﻃﺮﻳﻘﺔ وأﺣﺪ روﱠاد اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ، ﻧﺤﻮ ﺑﺎﻟﻎ. أﺷﺎر ﺗﺎﻟﺮ إﱃ أن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﻌﺪﻻت ﻣﺪﺧﺮات اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻋﲆ ٍ وﻳُﺮﺟﻊ ﻛﺜريون ﻫﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ املﻌﺪل إﱃ اﻟﴬاﺋﺐ املﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺘﻄﻊ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ املﺆﻳﺪة ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك واملﻀﺎدة ﻟﻼدﺧﺎر. وﻟﻜﻦ ﺗﺎﻟﺮ أﺷﺎر إﱃ أن ﺟﺰءًا ﻣﻦ املﺸﻜﻠﺔ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ إدارة ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ؛ ﻓﻤﻌﻈﻢ 40
اﻗﺘﺼﺎديﱞ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ملﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪل ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ …
ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺸﱰك ﺑﻬﺎ ﺳﻮى ﻛﱪﻧﺎﻣﺞ ﺗﻄﻮﱡﻋﻲ؛ اﻟﴩﻛﺎت ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ٍ ٍ ﴍﻛﺎت ﰲ ﻣﺤﻴﻂ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺑﺘﺒﻨﱢﻲ ﺛﻠﺚ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﴩﻛﺎت ﻓﻘﻂ .وﻗﺪ أﻗﻨﻊ ﺗﺎﻟﺮ ﺧﻤﺲ ٍ ﺧﻄﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳ ٍﺔ »ﺗﻠﻘﺎﺋﻴ ٍﺔ« ﻣﻦ ﺧﻄﻂ ﺧﻄﺘﻪ وﺟﻌْ ﻞ ﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ ﻳﺪرﺟﻮن أﺳﻤﺎءﻫﻢ ﰲ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ. ﺗﻨﻄﻮي ﺧﻄﺔ ﺗﺎﻟﺮ ،اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﺑﺎﻻﺷﱰاك ﻣﻊ ﻣﻌﺎوﻧﻪ ﺷﻠﻮﻣﻮ ﺑﻴﻨﺎرﺗﺰي ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﺑﻠﻮس أﻧﺠﻠﻮس ،ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺤﺎور (١) :أن ﻳﺴﺘﺜﻤﺮ املﻮﻇﻔﻮن ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ ﰲ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺨﺘﺎروا ﻋﺪم اﻻﺷﱰاك (٢) .اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺰﻳﺎدة ﻣﺪﺧﺮاﺗﻬﻢ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ،وإن ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ رﻓﻀﻮا اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺰﻳﺎدة ﻣﺪﺧﺮاﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر (٣) .ﻳﻮاﻓﻖ املﻮﻇﻔﻮن ﻋﲆ ٍ ﺑﺎﺷﱰاﻛﺎت أﻋﲆ ﻟﺨﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎر ﺟﺰءٍ ﻣﻦ أي زﻳﺎد ٍة ﰲ اﻷﺟﺮ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ ﺑﻬﻢ ،دون ﺗﻘﻠﻴﺺ ﺻﺎﰲ اﻷﺟﺮ. ﻣﻦ ﻣﺪﺧﺮﻳﻦ ﻣﱰددﻳﻦ إﱃ ﻣﺪﺧﺮﻳﻦ ﻣﺘﺤﻤﺴني ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞً : ٍ ﺧﻄﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳ ٍﺔ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﺷﱰاك ٣٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ )ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن ﰲ أي ﻣﺆﺳﺴﻴ ٍﺔ ﻋﺎدﻳﺔ( ،اﺷﱰك ٨٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ .وﰲ ﺧﻼل ١٤ﺷﻬ ًﺮا ﻓﻘﻂ ﻣﻦ وﻗﺖ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺧﻄﺔ ﺳﻤﺎرت ،زاد املﺸﱰﻛﻮن ﻣﻌﺪ َل ﻣﺪﱠﺧﺮاﺗﻬﻢ ﻣﻦ ٣٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ إﱃ ٩٫٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ، وﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣني آﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﺗﻮا ﻳﺪﺧﺮون ١٣٫٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ راﺗﺒﻬﻢ .أي إن ﻣﻌﺪل ادﺧﺎرﻫﻢ ُﻌﺮ ً ٍ ٍ ﻣﺮات ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ووﻗﻊ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺗﻀﺎﻋﻒ أرﺑﻊ ﺿﺔ ﻋﻦ اﻻدﺧﺎر! ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣ ِ ﻛﺘﺐ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﺗﺆﻳﺪ ﺗﺘﱠﺴﻢ ﺧﻄﺔ ﺗﺎﻟﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻌﺎﻟﺔ .وﺑﻌﺪ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻋﺪة ٍ »اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ« وﺧﻄﻂ ﺗﻮﺳﻴﻂ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺪوﻻر 10 ،أُﺑﺪي إﻋﺠﺎﺑﻲ ﺑﺎﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺗﺎﻟﺮ )واﻟﱪوﻓﻴﺴﻮرة ﻣﺎدرﻳﺎن( ﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻤﺎ ﺑﻤﻔﻬﻮم اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ إﱃ ﻣﺴﺘﻮًى ﺟﺪﻳﺪ؛ ﻓﻬﻮ ٍ ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻣﻦ اﻻدﺧﺎر ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ (١) :ﻳُﺸﺠﱢ ﻊ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻌﺪﻻت اﻻدﺧﺎر املﺮﺗﻔﻌﺔ (٢) .ﺗﻤﻴﻞ ﻣﻌﺪﻻت اﻻدﺧﺎر إﱃ اﻟﺰﻳﺎدة ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ. ) (٣ﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ املﺪﺧﺮات ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﻦ اﻹﻋﻔﺎء اﻟﴬﻳﺒﻲ .إن ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ؛ ﻷن اﻷﻣﻮال ﺗﻈﻞ ﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ. ﻣﻜﺎن ﺗﺒﻨﱠﺖ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ ،ﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أن ﺗُﺤﺪِث ﺛﻮر ًة ﰲ ﻟﻮ أن اﻟﴩﻛﺎت ﰲ ﻛﻞ ٍ وادﺧﺎر اﺳﺘﺜﻤﺎر ري ﻟﻠﻌﺎﻣﻠني ،ﺑﻞ ملﻌﺪل ٍ ٍ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻷدﱠت ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ إﱃ ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ أﻛﺜﺮ أﻣﺎﻧًﺎ ﺑﻜﺜ ٍ ُ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ ﻧﻤﻮٍّا اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ أﻛﱪ وﻣﺴﺘﻮًى ﻣﻌﻴﺸﻴٍّﺎ أﻋﲆ ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء أﻋﲆ .وﻗﺪ ﺗﻜﻮن 41
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﻣﻊ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻗﺎﻧﻮن ﺣﻤﺎﻳﺔ املﻌﺎﺷﺎت ﻟﻌﺎم ،٢٠٠٦ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﺑﻨﻤ ﱟﻮ اﻗﺘﺼﺎديﱟ أﻋﲆ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ إذا اﺳﺘُﺜﻤﺮت املﺪﺧﺮات اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ .وﺗﺮوق َ ﺧﻄﺔ اﻻزدﻫﺎر اﻟﻔﻜﺮة ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم واﻟﺨﺎص؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺒﻨﱠﺖ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻟﺘﻲ ﺗَﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺪﻻت ادﺧﺎر آﻻف اﻟﻌﺎﻣﻠني اﻟﺤﻜﻮﻣﻴني واﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﻢ. ٍ ﴍﻛﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد ،اﻟﻔﻜﺮ َة ﻋﲆ وﺗﻌﺮض ﻓﺎﻧﺠﺎرد ،أﻛﱪُ ﻋﻤﻼﺋﻬﺎ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻷﻋﻤﺎل. ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ أن اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻣﺒﺎدرة ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻻ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .وﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹدارﻳﺔ املﺒﺘﻜﺮة واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷﻓﺮا ُد ﺣ ﱠﻞ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﻢ املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ دون ﻣﺴﺎﻋﺪ ٍة ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ .إن ً ﺟﻴﻼ ﺟﺪﻳﺪًا ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳﻌﻜﻒ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﲆ ﺗﻐﻴري اﻟﻌﺎﻟﻢ. َ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻚ؟ أﻳﻦ ﺳﺘَﺴﺘﺜﻤﺮ إذا َ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺘﻈ ٍﻢ وﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ،ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺪﺧﺮات ﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ؛ ﻛﻨﺖ ﺗﺪﱠﺧﺮ ٍ أرﺑﺎح ﺟﻴﺪ ٍة ﻋﲆ أﻣﻮال ﻓﻤﺎ أﻓﻀﻞ ﻛﻴﻔﻴ ٍﺔ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮال؟ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻘﻴﻖ ٍ داﻋﻲ ﻟﻬﺎ؟ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﺎدم. ﺗﻘﺎﻋﺪك دون ﻣﺨﺎﻃ َﺮ ﻻ َ
42
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳌﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﲈرﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐ ﱡﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق؟
ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻗﺮ ٍد ﻣﻌﺼﻮب اﻟﻌﻴﻨني ﻳُﺼﻮﱢب أﺳﻬﻤً ﺎ ﻋﲆ ﺻﻔﺤﺎت املﺎل ﺑﺈﺣﺪى ً ً ٍ ﻣﺤﻔﻈﺔ ﻣﺨﺘﺎر ٍة ﺑﻌﻨﺎﻳ ٍﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﺑﻨﻔﺲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﺤﻔﻈﺔ اﻟﺼﺤﻒ أن ﻳﺨﺘﺎر ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺨﱪاء. ﺑريﺗﻮن ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ »ﺟﻮﻟﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ« )(١٩٧٣ ﺳﻮف ﺗُﻄﻠﻌﻚ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺎﻋﺪك املﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ِ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻜﻮك ﺗُﺨﺎﻣﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﰲ ﺗﺤﺴني ﻣﻬﺎراﺗﻚ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ .وﻛﻤﺎ ﺳﱰى، اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴني ﺑﺸﺄن وﻋﻮد ﺳﻤﺎﴎة اﻟﺒﻮرﺻﺔ ،وﻣﺪﻳﺮي املﺤﺎﻓﻆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ،واﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ َ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺜﺮاء اﻟﴪﻳﻊ ﰲ ﺳﻮق اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﺸﱰﻛﺔ ،و ُﻛﺘﱠﺎب اﻟﻨﴩات املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺄن ﺑﻮﺳﻌﻚ اﻷﺳﻬﻢ .وﻟﻜﻨﻬﻢ ً أﻳﻀﺎ ﻳﻘﺪﻣﻮن ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻠﻮل املﻤﺘﺎزة. وﻧﺒﺪأ ﺑﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺎ ﻳُﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن »ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء« ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر. َ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني؛ ﻓﻔﻲ ﰲ ﻓﱰ ٍة ﻣﺎ أﺿﻤﺮ ﻣﺤﻠﻠﻮ وﻣﺪﻳﺮو املﺤﺎﻓﻆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،راودت اﻷﺳﺎﺗﺬ َة اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴني اﻟﻘﺎدﻣني ﻣﻦ اﻟﱪج اﻟﻌﺎﺟﻲ اﻟﺠﺮأ ُة ﻟﻠﻘﺪوم إﱃ وول ﺳﱰﻳﺖ وإﻧﻜﺎر ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺎﴎ ﻫﺆﻻء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﻮن ،املﻌﺮوﻓﻮن ﺑﺎﺳﻢ »ﻣﻨﻈﺮو اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء« و»اﻟﺴﺎﺋﺮون اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﻮن« ،وأﻋﻠﻨﻮا
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
أن ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺒﺎﻫﻆ واﻟﺪﻗﻴﻖ واﻹدارة اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤَ ﺤﺎﻓﻆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺎ »ﻋﺪﻳﻤَ ِﻲ اﻟﻔﺎﺋﺪة« ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ أﺳﻮأ ﻣﻦ اﻧﻌﺪام اﻟﻨﻔﻊ؛ إذ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻘﻮم ِ ٍ اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﲆ اﺧﺘﻴﺎر اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺑﺨﻔﺾ أداء ﻣَ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ ﺤﻔﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺸﱰى وﻳُﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ ﻟﻠﻤﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ .ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ادﱠﻋَ ﻮْا أن ﺑﻮﺳﻊ ﻗﺮ ٍد أن ﻳُﺒﲇ َ ﺑﻼءً أﻓﻀﻞ ﰲ ﻣﻬﻤﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻷﺳﻬﻢ. ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻘﺮد ﻫﺬه ﻫﻮ ﻳﻮﺟني ﻓﺎﻣﺎ ،وﻫﻮ اﻗﺘﺼﺎدي أﻣﺮﻳﻜﻲ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ درﺟﺔ املﺎﺟﺴﺘري ﰲ إدارة اﻷﻋﻤﺎل ودرﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد واملﺎﻟﻴﺎت ﻣﻦ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ، وﻻ ﻳﺰال ﻳُﺪ ﱢرس ﺑﺸﻴﻜﺎﺟﻮ .وﻗﺪ ﻧ ُ ْ ﴩت رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮراه اﻟﺘﻲ ﺧﻠﺼﺖ إﱃ أن أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻜﻬﻦ ﺑﻬﺎ وأﻧﻬﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ،ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﺳﻠﻮك أﺳﻌﺎر ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ« ﰲ ﻋﺪد ﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩٦٥ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ »ﺟﻮرﻧﺎل أوف ﺑﻴﺰﻧﺲ« ،وﺷﻐﻠﺖ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد »ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ«. ً ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ »ﻓﺮﺿﻴﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء« وﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ وﻗﺪ ﺻﺎرت رﺳﺎﻟﺔ ﻓﺎﻣﺎ »ﻧﻤﻮذج املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ« ﰲ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺰﺋﻲ .إن املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻏري املﻘﻴﺪة ورﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل ﺗﺠﻌﻼن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺘﻐ ﱡﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ،ﻋﲆ ﺣﺪ ﻗﻮﻟﻪ .وﻗﺪ روﱠج ﺑريﺗﻮن ﺟﻲ ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ، أﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن ،ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء ﰲ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم ْ ﺻﺪرت ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ اﻵن ﺗﺴﻊ ١٩٧٣ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﺟﻮﻟﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ« ،اﻟﺬي ُﻮﺟﺰ ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء ،أو املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ،ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ: ﻃﺒﻌﺎت .وﻳ ِ »ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺘﻐريات اﻟﻘﺼرية املﺪى ﰲ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ .وﺧﺪﻣﺎت اﻻﺳﺘﺸﺎرات اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ،وﺗﻮﻗﻌﺎت املﻜﺎﺳﺐ ،وﻧﻤﺎذج املﺨﻄﻄﺎت املﻌﻘﺪة ﻛﻠﻬﺎ ﻋﺪﻳﻤﺔ اﻟﻨﻔﻊ … وإذا ﻣﺎ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻟﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻗﺮ ٍد ﻣﻌﺼﻮب اﻟﻌﻴﻨني ﻳُﺼﻮﱢب أُﺧﺬ ﻫﺬا إﱃ أﻗﴡ ﻣﺪًى ﱟ ً ً اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﺑﻨﻔﺲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﺤﻔﻈﺔ أﺳﻬﻤً ﺎ ﻋﲆ ﺻﻔﺤﺎت املﺎل ﺑﺈﺣﺪى اﻟﺼﺤﻒ أن ﻳﺨﺘﺎر 1 ٍ ﻣﺤﻔﻈﺔ ﻣﺨﺘﺎر ٍة ﺑﻌﻨﺎﻳ ٍﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺨﱪاء«. ﻛﺎن أﻧﺼﺎر ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء ﻳُﺴﻤﱠ ﻮن »اﻟﺴﺎﺋﺮون اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﻮن«؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻻﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ ﺑﺄن اﻟﺘﺤ ﱡﺮﻛﺎت اﻟﻘﺼرية املﺪى ﰲ ﺳﻮق اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﺑَﺪ ْ ٍ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ وﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺑﺤﱠ ٍﺎر َت ﻏري ﺛ َ ِﻤ ٍﻞ ﻳﺘﺴﻜﻊ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ،وأن ﻣﺤﻠﲇ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ وﻣﺪﻳﺮي اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻻ ﻳُﺮﺟﱠ ﺢ أﻧﻬﻢ ﺳﻴﺘﻐﻠﺒﻮن ﻋﲆ اﻟﺴﻮق. ٍ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗُﻘﺎم وﻣﻦ وﺣﻲ ﻛﺘﺎب ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ ،اﺷﱰك ﻣﺤﺮرو »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« ﰲ أﺷﻬﺮ ﺑني ﻣﺤﺮرﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﺘﺎرون أﺳﻬﻤً ﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻟﻘﺎء أﺳﻬ ٍﻢ ﻋﲆ ﻗﻮاﺋﻢ ﻛﻞ ﺳﺘﺔ ٍ 44
ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ
»ﻧﺎﺳﺪاك« ﻟﻸﺳﻬﻢ ،وﻣﺤﻠﻠني ﻣﺤﱰﻓني ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﺘﺎرون أﺳﻬﻤﻬﻢ املﻔﻀﻠﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳ ٍﺔ ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺟَ ﻮﻫﺮيﱟ أو ﻓﻨﻲ .اﺳﺘﻤﺮت املﺴﺎﺑﻘﺔ ملﺪة ١٤ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٨٨ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ٍ .٢٠٠٢واملﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أن املﺤﱰﻓني ﻓﺎزوا ﺑﻤﻌﻈﻢ املﺴﺎﺑﻘﺎت ،ﺑﻤﺘﻮﺳﻂ ﻋﺎﺋ ٍﺪ ﻗﺪره ١٠٫٢ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻟﻠﺨﱪاء ﻣﻘﺎﺑﻞ ٣٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻟﺮﻣﺎة اﻷﺳﻬﻢ. ﻏري أن ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ دﻓﻊ ﺑﺰﻳﻒ املﺴﺎﺑﻘﺔ؛ إذ ﻗﺎل» :ﻫﻨﺎك ﺗﺄﺛري ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ «.ﻣﻮﺿﺤً ﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻋﻼن ﻋﻦ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎرﻫﺎ اﻟﺨﱪاء ،أﺛﱠﺮت اﻟﺠﺮﻳﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻮق .وﻗﺎل ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ» :ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﻋﻦ اﺧﺘﻴﺎرات اﻟﺨﱪاء ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ وﺗﻮﺿﻴﺢ اﻟﺨﱪاء ﻷﺳﺒﺎب اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ أﺳﻬﻤً ﺎ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﺗﺴﺘﻤﺪ اﻷﺳﻬﻢ ﺗﻌﺰﻳ ًﺰا دﻋﺎﺋﻴٍّﺎ «.وأﺿﺎف أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻋﺎد ﺣﺴﺎب ﻋﻮاﺋﺪ أﺳﻬﻢ اﻟﺨﱪاء ﻣﺴﺘﻌﻴﻨًﺎ ﺑﻘﻴﻤﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻨﴩ املﻘﺎل ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻳﻮم ﻧﴩه ،ﻻ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﺨﱪاء ﻋﲆ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ رﻣﺎة اﻷﺳﻬﻢ ﺑﺄي ﺣﺎل. ً ً ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﻤﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺒﺘﻜﺮون ﺛَﻤﱠ َﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب وراء اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺒﻮرﺻﺔ وول ﺳﱰﻳﺖ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ املﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﻌﺎدي .ﻳﺸري ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ وآﺧﺮون إﱃ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﻌﺎﻣﻼت املﺤﺎﻓﻆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺪار ﺑﻜﻔﺎءة ،ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻤﻮﻻت ،وأﺗﻌﺎب اﻷداء ،وﻫﻮاﻣﺶ اﻟﴩاء واﻟﺒﻴﻊ ،واﻟﴬاﺋﺐ .ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺤﻠﲇ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ املﻘﺪﱠرﻳﻦ ﺑﺎﻵﻻف ،اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرات ذات ٍ ٍ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ. ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ،ﻓﻤﺎذا ﻳﻘﱰح ﻓﺎﻣﺎ ،وﻣﺎﻟﻜﻴﻞ ،وﻣﻨ ﱢ ﻈﺮو اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء اﻵﺧﺮون ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ؟ ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺘﺠﻨﱠﺐ اﻷﺳﻬ َﻢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ وﺗُﺮ ﱢﻛﺰ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر املﴫﻓﻴﺔ وﺷﻬﺎدات اﻹﻳﺪاع؟ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ،ﻟﻘﺪ ﺗﻮﺻﻠﻮا إﱃ ﺣ ﱟﻞ ً ﻣﺤﻔﻈﺔ ﻛﺒري ًة ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ، اﺷﱰ ﻋﺒﻘﺮيﱟ وﺑﺴﻴﻂ :ﻛﻦ ﻣﺴﺘﺜﻤ ًﺮا ﺳﻠﺒﻴٍّﺎ ﰲ اﻟﺴﻮق؛ ِ َ ﺻﻨﺪوق ﻣﺆﴍ أﺳﻬﻢ ،واﺣﺘﻔﻆ ﺑﻪ ﻟﻠﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻣﺘﺨﻄﻴًﺎ اﻻﻧﺨﻔﺎﺿﺎت وﻓﱰات أو ً ﻣﺮﺑﺤﺔ إﱃ ﺗﺪﻫﻮر اﻟﺴﻮق .وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬه اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﺴﺎﻃﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ري ﺧﻼل اﻟﺨﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ املﺎﺿﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ وﺻﻮل ﻣﻌﺪل اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺴﻨﻮي املﺮ ﱠﻛﺐ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ملﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠إﱃ ﻧﺤﻮ ١٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ )وﻓﻴﻬﺎ ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح(. ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ،أﺛﺎرت ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ ﺣﺎﻟﺔً ﻣﻦ اﻟﻐﻀﺐ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺸﻌﺮ ﻣﺤﻠﻠﻮ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ وﻣﺪﻳﺮو اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺬﻳﻦ أدﻟﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ ﻳ ﱢ ً َ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗﻬﺪﻳﺪًا ﻳﻮاﺟﻪ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ املﻬﻨﻴﺔ ﺑﻮﺟﻮد ٍ ُﺨﻔﻀﻮن ﻳﺘﻘﺎﺿﻮن أﺟﻮ ًرا 45
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
٣٠ ٢٥ ٢٠ ١٥ ١٠ ٥ ٠
٥أﻋﻮام ٣أﻋﻮام
٥أﻋﻮام ٣أﻋﻮام
ﻋﺎم
ﻋﺎم
إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻌﻮاﺋﺪ ،املﺘﻮﺳﻂ اﻟﺴﻨﻮي )(٪ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ املﺪﻳﺮون اﻷﻛﻔﺎء ﻣﺆﴍ ﻓﻮﺗﴘ ﻟﻜﻞ اﻷﺳﻬﻢ
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة املﺪﻳﺮون اﻷﻛﻔﺎء ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠
٭
٭املﺪﻳﺮون املﴫﻓﻴﻮن ﻟﻠﺼﻨﺎدﻳﻖ املﺆﺳﺴﻴﺔ ،ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﻣﻨﺎء ﻛﺎﺑﺲ
ﺷﻜﻞ :1-2ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﺆﴍات ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﲆ املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني) .املﺼﺪر :ذي ﺑﺘﴫﻳﺢ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﺪة(. إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ ) ٢٩ﻣﺎﻳﻮ ،(١٩٩٩أُﻋﻴﺪ ﻃﺒﻌﻬﺎ ٍ
ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ دﺣﺾ اﻷدﻟﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﺟﺮى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ٍ ٍ ﻟﺪراﺳﺔ أﺟﺮﺗﻬﺎ »إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ« دراﺳﺎت ﻋﺪﻳﺪ ًة ﺗﺆﻛﺪ ادﱢﻋﺎء ﻣﺎﻟﻜﻴﻞ )اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ 1-2 ﰲ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ(؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎع ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ املﺤﱰﻓني أو َ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻋﻮاﺋ َﺪ ﻣﻘﺎرﺑ ٍﺔ ملﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز .٥٠٠ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ املﺸﱰﻛﺔ ﻏري أن وول ﺳﱰﻳﺖ اﻧﻀﻤﱠ ْﺖ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ واﺿﻌﻲ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء ﻣﻦ ﻣﺆﴍ ﺧﻼل إﻧﺸﺎء ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﺆﴍات ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ؛ ﻓﺄﻧﺸﺄ ﺟﻮن ﳼ ﺑﻮﻳﻞ أول ﺻﻨﺪوق ٍ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﺎﻧﺠﺎرد ﻟﻠﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﰲ ﻓﺎﱄ ﻓﻮرج ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺑﻨﺴﻠﻔﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧٦ 46
ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ
وﻳﻌﺘﱪ ﺻﻨﺪوق ﻣﺆﴍ ﻓﺎﻧﺠﺎرد ) ٥٠٠ورﻣﺰه (VFINXاﻵن أﻛﱪ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﺆﴍات ﺑﺄﺻﻮل ﻗﻴﻤﺘُﻬﺎ ٧٢ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر .وﻳﻮﺟﺪ اﻟﻴﻮم آﻻف ﻣﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ٍ ﻟﻮن ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﻴﱡﻠﻪ. املﺆﴍات ﻣﻦ ﻛﻞ ٍ ﻣَ ﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق؟ َ اﻷﻛﻔﺎء واﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻻ ﻳﺰال املﺪﻳﺮون اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﻮن املﺸﱰﻛﺔ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ املﺆﴍات ،وﻧﺠﺢ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﻢ وارﻳﻦ ﺑﺎﻓﻴﺖ ،وﺑﻴﱰ ﻟﻴﻨﺶ ،وﻣﺎﻳﻜﻞ ﺑﺮاﻳﺲ ،وﻓﺎﻟﻴﻮ ﻻﻳﻦ .إن اﻟﴩﻛﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ذات رأس املﺎل ﻣﻨﺎزع أﻧﺠﺢ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﰲ اﻟﺘﻔﻮﱡق ﻋﲆ املﻐﻠﻖ ،ﺑريﻛﺸﺎﻳﺮ ﻫﺎﺛﺎواي ،املﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﺒﺎﻓﻴﺖ ،ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺑﻼ ٍ ﻣﺆﴍات اﻟﺴﻮق ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ .ﻛﺎﻧﺖ ﺑريﻛﺸﺎﻳﺮ ﻫﺎﺛﺎواي )ورﻣﺰﻫﺎ (BRK.Aﺗُﺪاول اﻟﺴﻬﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٢٠دوﻻ ًرا ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،واﻟﻴﻮم ﺗﺒﻴﻊ اﻟﺴﻬﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ١٠٠أﻟﻒ دوﻻر )ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻟﻸﺳﻬﻢ وﻻ ﺣﺼﺺ أرﺑﺎح(. وﻗﺪ ﻛﺎن املﻠﻴﺎردﻳﺮ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ أوﻣﺎﻫﺎ ﻧﺎﻗﺪًا ﺣﺎدٍّا ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء؛ ﻓﻘﺒﻞ إﻧﺸﺎء ﺑريﻛﺸﺎﻳﺮ ﻫﺎﺛﺎواي ،دﺧﻞ ﺑﺎﻓﻴﺖ ﻣﻊ ﻣﺪرﺑﻪ ﺑﻴﻨﺠﺎﻣني ﺟﺮاﻫﺎم ،راﺋﺪ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻷﺳﺎﳼ ،ﰲ ْ ٍ ﺗﺨﺼﺼﺖ ﰲ أﺳﺎﻟﻴﺐ املﺮاﺟﺤﺔ .ﻳﻘﻮل: ﴍاﻛﺔ إن اﻟﺨﱪة املﺘﻮاﺻﻠﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل املﺮاﺟﺤﺔ املﻤﺘﺪة إﱃ ٦٣ﻋﺎﻣً ﺎ ﻟﴩﻛﺔ ﺟﺮاﻫﺎم ﻧﻴﻮﻣﺎن ،وﺑﺎﻓﻴﺖ ﺑﺎرﺗﻨﺮﺷﻴﺐ ،وﺑريﻛﺸﺎﻳﺮ ﺗﻮﺿﺢ ﻣﺪى ﺣﻤﻖ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق ُ ﻛﻨﺖ ﺑﴩﻛﺔ ﺟﺮاﻫﺎم-ﻧﻴﻮﻣﺎن ،أﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺔ ﻋﲆ أرﺑﺎﺣﻬﺎ اﻟﻜﻒء؛ ﻓﺤني ﻣﻦ املﺮاﺟﺤﺔ ،ﺧﻼل اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٥٦–١٩٢٦ﻣﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﴩﻛﺔ .ﻛﺎن ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎﺋﺪات املﻤﻮﻟﺔ ﻣﻦ رأس املﺎل ٪٢٠ﰲ اﻟﺴﻨﺔ .وﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٥٦ ﻗﻤﺖ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﺒﺎدئ ِﺑﻦ ﺟﺮاﻫﺎم ﻟﻠﻤﺮاﺟﺤﺔ ،ﰲ ﺑﺎﻓﻴﺖ ﺑﺎرﺗﻨﺮﺷﻴﺐ ً ُ أوﻻ ﺛﻢ ﰲ ً ً ﺣﺴﺎﺑﻴﺔ دﻗﻴﻘﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺬﻟﺖ ﺟﻬﺪًا ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮ ﺑريﻛﺸﺎﻳﺮ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أ ُ ِ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ملﻌﺮﻓﺔ أن ﻋﺎﺋﺪات اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٨٨–١٩٥٦ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳ ُ ﻄﻬﺎ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ .٪٢٠وﻋﲆ ﻣﺪى اﻟ ٦٣ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻛﺎن اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﺴﻮق اﻟﻌﺎﻣﺔ أﻗﻞ ﻣﻦ دوﻻر ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺰداد ،٪١٠ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ١٠٠٠ ٍ دوﻻر ﻟﻮ أُﻋﻴﺪ اﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺪﺧﻞ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .ﻏري أن ﻣﻌﺪل ﻋﺎﺋ ٍﺪ ﻳﺒﻠﻎ إﱃ ٤٠٥آﻻف ٍ 47
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
٪٢٠ﻛﺎن َﺳﻴُ ِﺪ ﱡر ٩٧ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر .وﻳﺒﺪو ﻟﻨﺎ ذﻟﻚ ً ٍ دﻻﻟﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴ ٍﺔ ﻗﺪ ﻓﺎرﻗﺎ ذا 2 ﻳﺜري ﻓﻀﻮل املﺮء. وﻳﺨﻠﺺ ﺑﺎﻓﻴﺖ إﱃ أﻧﻪ »ﺑﻤﻼﺣﻈﺔ أن اﻟﺴﻮق ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة ،وﻫﻲ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،ﻣَ َﻀﻮا ]أي واﺿﻌﻮ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء[ إﱃ اﺳﺘﻨﺘﺎج أﻧﻬﺎ ذات ﻛﻔﺎء ٍة دوﻣً ﺎ ،وﻫﻮ اﺳﺘﻨﺘﺎج ﻏري ﺻﺤﻴﺢ«. ٍ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت ﺗﻐ ﱠﻠﺒﺖ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق؛ ﻓﻜﺎن ﺑﻌﺾ ﺛَﻤﱠ َﺔ أﻣﺜﻠﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ أﺧﺮى ﻷﻓﺮادٍ أو ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﺪﻳﻢ .وﺗﻐﻠﺒ َِﺖ ﺗﺠﺎر املﻘﺼﻮرة ﰲ ﺑﻮرﺻﺔ أﺳﻬﻢ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻳﺘﻔﻮﻗﻮن ﻋﲆ ﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ ٍ اﻟﴩﻛﺎت املﺪرﺟﺔ ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ »ﻓﻮرﺗﺸﻦ ﻷﻓﻀﻞ ١٠٠ﴍﻛﺔ« ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق .وﻗﺪ ً ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺳﺎﺣﻘﺔ .ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻫﺰم ﺑﻌﺾ ﺗﺠﺎر ﻋﻘﻮد اﻟﺨﻴﺎرات واﻟﻌﻘﻮد املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻣﻨﺎﻓﺴﻴﻬﻢ دوﻻر إﱃ ٨٠ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻠﻊ ﺣﻮﱠل ٣٠أﻟﻒ »ﺳﺤﺮة اﻟﺴﻮق« ،ﻳﺮوي ﺟﺎك ﺷﻮاﺟﺮ ﻗﺼﺔ ٍ ِ ﺗﺎﺟﺮ ٍ دوﻻر؛ وﻣﺤﻠﻞ أوراق ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺳﺎﺑﻖ ﺣﺼﻞ ﺧﻼل ﺳﺒﻌﺔ أﻋﻮا ٍم ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻋﺎﺋ ٍﺪ ﺳﻨﻮيﱟ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﻗﺪ ُره ٢٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ )أي أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٣٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎب اﻟﺴﻨﻮي( ﻣﻦ ﺷﻬﺮيﱟ ٍ املﺘﺎﺟﺮة ﰲ ﻋﻘﻮد اﻷﺳﻬﻢ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﺆﴍات؛ وﺧﺮﻳﺞ ﻗﺴﻢ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﺑﻤﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ رﺑﺢ ﻋﺎﺋﺪًا ﻗﺪره ٢٥٠أﻟﻒ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة ١٦ 4 ً ﻗﺼﺼﺎ ﻣﺪﻫﺸﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ملﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﺘﻔﻮﻗني ﰲ اﻟﺒﻮرﺻﺔ. ﻋﺎﻣً ﺎ 3 .وﻳﺮوي ﺷﻮاﺟﺮ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻳﺬﻫﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﻮن إﱃ أن) :أ( أﻗﻠﻴﺔ ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻓﻘﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﺪﻳﻢ) .ب( اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﻮق ﻋﲆ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻐﻠﺒﻮن ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ٍ اﻟﺴﻮق ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺪوم أﺑﺪًا؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻊ ازدﻳﺎد ﺷﻴﻮﻋﻬﺎ ،ﺳﻮف ﺗﻜﻒ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻋﻦ ً اﻹﺗﻴﺎن ﺑﺜﻤﺎرﻫﺎ .وﻛﻤﺜﺎل ،ﻛﺎﻧﺖ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ أوراق داو ﺟﻮﻧﺰ املﺎﻟﻴﺔ ً ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻟﻠﺘﻐﻠﺐ آﻟﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﰲ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٩١ﻛﺘﺐ ﻣﺎﻳﻜﻞ أُو ﻫﻴﺠﻴﻨﺰ وﺟﻮن اﺷﱰ ١٠أﺳﻬﻢ ﻣﻦ داوﻧﺰ »اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺪاو« ،ووﺻﻔﺎ ﻓﻴﻪ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ أوراق داو املﺎﻟﻴﺔِ : أﺳﻬﻢ داو ﺟﻮﻧﺰ ﺑﺄﻋﲆ ﻋﺎﺋ ٍﺪ رﺑﺤﻲ .وﻗﺪ أﺛﺒﺖ ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻟﻌﺪة ﺳﻨﻮات، وﻟﻜﻨﻪ أﺻﺒﺢ ﺷﺎﺋﻌً ﺎ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﻓﺸﻞ ﰲ أواﺧﺮ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﰲ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻛﻔﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت داو ﺟﻮﻧﺰ ﰲ اﻟﻌﻘﺪ اﻷول ﻣﻦ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة. ﻫﻞ ﻫﻨﺎك اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻳﻮﴆ ﺑﻬﺎ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني؟ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﺎدم.
48
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ
ﻧﻌﻢ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ٍ ﺑﻤﺨﺎﻃﺮة أﻗﻞ
ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح ﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮﺋﻴﴘ اﻟﺬي ﻳﻤﻨﺢ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ملﻌﻈﻢ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺮاﺑﺤﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ. ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ »ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ« )(٢٠٠٥ َ ﱠ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻣﻊ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﻳﴪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن املﺎﻟﻴﻮن ﻋﲆ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ٍ درﺟﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ .ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻓﺮﺿﻴﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء واﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺘﻬﺎ املﻘﱰﺣﺔ؛ أي اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻷﻗﴡ ٍ ٍ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﻠﺐ ﻣﺆﴍات ﺷﺎﻣﻞ ،ﺑﻤﻴﺰ ٍة ﻋﻈﻴﻤﺔ .وﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺴﺆال :ﻫﻞ ﻣﻦ ﰲ ﺻﻨﺪوق ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ؟ ﻻ ﻳﺰال اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ املﺎﻟﻴﺎت ﻫﺬه .أﺣﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ﺣﻘﻘﻮا إﻧﺠﺎ ًزا ﺑﺎﻫ ًﺮا ﻳُﺪﻋﻰ ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ ،أﺳﺘﺎذ املﺎﻟﻴﺎت ﺑﻜﻠﻴﺔ وارﺗﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﻨﺴﻠﻔﺎﻧﻴﺎ .ﺣﺼﻞ ﺳﻴﺠﻞ ﻋﲆ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧١وﻗﺎم ﺑﺘﺪرﻳﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ واملﺎﻟﻴﺎت ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٧٢إﱃ .١٩٧٦وﻳﺘﻮﱃ ﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﻮل ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن )ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ( وﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن )ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ( .وﻗﺪ اﺷﺘُﻬﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ اﺷﺘُﻬﺮ ﱠ وﻟﻜﻦ أﺣﺪث ُﻛﺘُ ِﺒﻪ »ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ« )(٢٠٠٥ ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ »أﺳﻬﻢ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ«، ً اﻛﺘﺸﺎﻓﺎ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ .وﻗﺪ ﻛﺸﻒ ﰲ دراﺳﺎﺗﻪ ﻋﻤﺎ ﺳﻤﱠ ﺎه »ﻣﺼﻴﺪة اﻟﻨﻤﻮ« .ﻛﺎن اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﻳُﻤﺜﱢﻞ ﺑﺤﺜﻲ ﺿﺨﻢ ،أﻻ وﻫﻮ :ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﴩوع ﺳﻴﺠﻞ وﻓﺮﻳﻖ ﻋﻤﻠﻪ ﻗﺪ اﻧﺨﺮﻃﻮا ﰲ ﱟ ٍ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ملﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠اﻟﺸﻬري ﻣﻨﺬ ﻇﻬﻮره ﰲ ﻋﺎم ١٩٥٧؛ ﻓﻘﺪ أراد اﺧﺘﺒﺎر ٍ ٍ ٍ ﴍﻛﺎت أﻗﺪم ﻧﺸﻄﺔ ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﴍﻛﺎت ﺟﺪﻳﺪ ٍة اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮاﺳﺨﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن إﺿﺎﻓﺔ وأﺑﻄﺄ أداءً ﻫﻮ ﴎ اﻟﺴﺠﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ اﻟﻘﻮي اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى ملﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز .٥٠٠ ﻳﺰﻋﻢ واﺿﻌﻮ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺳﻮف ﻳُﺒﻠﻮن ﺑﻼءً ﺣﺴﻨًﺎ إذا َ اﻛﺘﻔﻮْا ﻓﻘﻂ ﺑﴩاء ﺳﻠﺔ أﺳﻬ ٍﻢ واﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻬﺎ .ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت ﻣﺆﴍ داو ﺟﻮﻧﺰ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢ ﰲ ﺗﻐري ﻣﺆﴍ ﺗﻔﻲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﴩوط املﺤﺪدة ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻢ إدراﺟﻬﺎ ﺿﻤﻦ داﺋﻢ .وﻻ ﺑﺪ أن َ ٍ ً ﻣﺆﻫﻠﺔ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﺘﻢ ﺣﺬﻓﻬﺎ أو اﻻﺳﺘﻌﺎﺿﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺄﺳﻬ ٍﻢ أﺧﺮى ﻣﺎ ،واﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠واملﺆﴍات اﻷﺧﺮى ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻣﺆﻫﻠﺔ. ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻏري املﺘﻐرية .ﻳﺨﻀﻊ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠ اﻟﻮاﻗﻊ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻮاﺻﻞِ ،ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﻌﺎﻳري ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺚ واﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻪ ﻋﲆ ٍ ري اﻟﺴﻮق ،واﻟﻌﺎﺋﺪات ،واﻟﺴﻴﻮﻟﺔ؛ و ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن أداءُ اﻟﴩﻛﺎت املﻀﺎﻓﺔ أﻓﻀ َﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﻦ أداء اﻟﴩﻛﺎت املﺤﺬوﻓﺔ؛ ﻓﺎملﺴﺎر ﻟﻴﺲ ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﺑﺮﻏﻢ ﻛﻞ ﳾء .واملﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أﻧﻪ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٠ﰲ ذروة ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،أ ُ ً َ ﴍﻛﺔ ﺟﺪﻳﺪ ًة ﻟﻠﻤﺆﴍ، ﺿﻴﻒ ٤٩ ﺛﻤﺎﻧﻲ وﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٣ﻗﺮب ذروة اﻟﺴﻮق اﻻﻧﺨﻔﺎﺿﻴﺔ ،أﺿﺎف ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز َ ً ٍ ﺗﺤﻮﻻ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ املﺆﴍ ﻣﻦ أﺳﻬ ٍﻢ ﺻﻨﺎﻋﻴ ٍﺔ ﴍﻛﺎت ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻓﻘﻂ .وﻗﺪ أﺣﺪﺛﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﻐريات ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﴍﻛﺎت ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴ ٍﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎ ﱟم إﱃ ٍ ٍ اﻟﺘﺪﻣري اﻟﺨﻼق ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ. ً ﱠ املﻌﻘﺪ ملﺌﺎت ﻋﻤﻼﻗﺎ ﺗﻄ ﱠﻠﺐ ﺗﺘﺒﱡﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ املﺆﺳﴘ ﻛﺎن ﻣﴩوع ﺳﻴﺠﻞ ﻣﴩوﻋً ﺎ اﻟﴩﻛﺎت املﺘﻌﺎﻗﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻼﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻋﺪة ﻋﻘﻮد .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻗﺎرن ﺳﻴﺠﻞ أداء ﻣﺤﻔﻈﺘني اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺘني ﻋﲆ ﻣﺪار ٥٠ﻋﺎﻣً ﺎ :ﻣﺤﻔﻈﺔ »اﻟﻨﺎﺟني«، وﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺳﻬﻢ اﻷﺻﻠﻴﺔ املﺪرﺟﺔ ﰲ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ،٥٠٠وﻣﺤﻔﻈﺔ ْ ٍ ﱠ ﺗﻮﺻﻞ إﱃ أﺿﻴﻔﺖ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨني .وﻗﺪ ﴍﻛﺎت »املﻨﺤﺪرﻳﻦ اﻟ ُﻜﻠﻴني« ،وﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ اﺳﺘﻨﺘﺎج ﻣﺨﻴﻒ ،ورد ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ« ،إذ ﻛﺘﺐ ً ﻗﺎﺋﻼ» :إن اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻋﲆ ٍ اﻟﴩﻛﺎت اﻷﺻﻠﻴﺔ املﺪرﺟﺔ ﺿﻤﻦ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ ﻋﺎﺋﺪات ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار وﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ … أﺳﻬﻢ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺤﺪﱠث ٍ ﻟﻘﺪ ﺗﻔﻮﻗﺖ أﺳﻬﻢ ﴍﻛﺎت ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز اﻷﺻﻠﻴﺔ ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت 50
ﻧﻌﻢ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ
اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ ١٠٠٠ﴍﻛﺔ ،واﻟﺘﻲ أُﺿﻴﻔﺖ إﱃ املﺆﴍ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺘﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن«. ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ؟ اﻟﺴﺒﺐ واﺿﺢ ﺑﺤﺴﺐ ﺳﻴﺠﻞ :اﻧﺘﻈﺎر ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻗﺒﻞ إﺿﺎﻓﺔ ﻫﺬه اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ إﱃ ﻫﺬا املﺆﴍ .ﻟﻘﺪ زاﻳﺪ ﻟﻔﱰ ٍة املﺴﺘﺜﻤﺮون ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﲆ ﺳﻌﺮ ﻫﺬه اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﱃ ﻣﺴﺘﻮًى ﺑﺎﻟﻎ اﻻرﺗﻔﺎع ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أ ُ ْ ﺿﻴﻔﺖ ﻓﻴﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﴩﻛﺎت إﱃ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ،٥٠٠ﻛﺎن املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻗﺪ دﻓﻌﻮا ﻛﺜريًا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .وﻗﺪ ﻋﻜﺴﺖ ﴍﻛﺔ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ﻫﺬه اﻟﻌﺎدة اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ ﰲ ﻣﺆﴍﻫﺎ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز .٥٠٠ ﺻﻮاب ﰲ ﻣﻼﺣﻈﺘﻬﺎ أن اﻟﴩﻛﺎت وﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﻜﺎر أن ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ﻛﺎﻧﺖ ﻋﲆ ٍ ً ٍ ٍ ﺳﻮﻗﻴﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎت وﻣﺒﻴﻌﺎت و ِﻗﻴَﻤً ﺎ ﻋﺎﺋﺪات املﺮﺷﺤﺔ ﻟﺪﺧﻮل املﺆﴍ ﻗﺪ ﺣﻘﻘﺖ وﻗﻌﺖ ﰲ »ﻣﺼﻴﺪة اﻟﻨﻤﻮ« املﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﱡ ْ ﺗﺄﺧﺮﻫﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﻦ إﺿﺎﻓﺔ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .وﻟﻜﻨﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﺠﺮﻳﺌﺔ إﱃ ﻣﺆﴍﻫﺎ. ً ﻃﻮﻳﻼ ﺟﺪٍّا ﺣﺘﻰ ﺣﺬﻓﺖ اﻟﴩﻛﺎت وﻟﻨﻔﺲ اﻟﺴﺒﺐ ،اﻧﺘﻈﺮت ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز اﻟﺨﺎﴎة ﻣﻦ املﺆﴍ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺣﺬﻓﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﴩﻛﺎت أﺧريًا ﻣﻦ املﺆﴍ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺄﻫﺐ وﺗﻌﺪﻳﻞ ﻣﺴﺎر .وﺑﻌﺪ ﺣﺬف ﻫﺬه اﻷﺳﻬﻢ ﻣﻦ املﺆﴍ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺪأ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺤﻮ ٍﱡل ِ ً ﻣﺜﺎﻻ ملﺎ ﰲ اﻻرﺗﻔﺎع؛ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺘﻌﺎﰲ واﻟﻌﻮدة إﱃ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬا ﻳُﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﻮن »اﻻرﺗﺪاد ﻟﻠﻤﺘﻮﺳﻂ« .ﻓﺎﻷﺳﻬﻢ املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺳﻮف ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ وﺿﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻬﺒﻂ اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻟﻘﻴﻤﺔ املﺒﺎ َﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﺘﻌﻮد إﱃ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ .وﻗﺪ اﻛﺘﺸﻒ ﺳﻴﺠﻞ أن ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ﺗﻤﻴﻞ إﱃ ﱡ ﺗﻌﻘﺐ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻬﻢ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﱡ ً ﺗﻮﻗﻌﻪ. ﺷﺎﻣﻞ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ؛ ﻓﺎﻷﻓﺮاد ﻃﺎﺑﻊ وﻳﺤﺬر ﺑﻴﱰ ﻟﻴﻨﺶ ﻣﻦ أن ﻣﺼﻴﺪة اﻟﻨﻤﻮ ذات ٍ ٍ واملﺆﺳﺴﺎت ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء .وﻳﺸري ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ وول ﺳﱰﻳﺖ« إﱃ ﺳﻜﺎﻧﻲ ﺗﺠﻤﻊ أن املﺆﺳﺴﺎت ﺗﻨﺘﻈﺮ »ﴍاء ﺳﻬﻢ وول ﻣﺎرت ﰲ ﺣني ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻨﻔﺬ ﰲ ﻛﻞ ﱟ ٍ ً ﻣﺤﻠﻼ ﻳﺘﺎﺑﻌﻮن اﻟﴩﻛﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﱪز رﺋﻴﺲ ﴍﻛﺔ وول ﻣﺎرت ري ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،وﺧﻤﺴﻮن ﻛﺒ ٍ ً ً ﻋﲆ ﺻﻔﺤﺎت ﻣﺠﻠﺔ »ﺑﻴﺒﻮل« ﻛﻤﻠﻴﺎردﻳﺮ ﻏﺮﻳﺐ اﻷﻃﻮار ﻳﻘﻮد ﺷﺎﺣﻨﺔ ﺻﻐرية ﻟﻠﺬﻫﺎب إﱃ اﻟﻌﻤﻞ .وﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺒﺎع اﻟﺴﻬﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٤٠دوﻻ ًرا «.ﻛﺎن ﻟﻴﻨﺶ ﻳﺸﱰي ﺳﻬﻢ وول ﻣﺎرت ﺣني ﻛﺎن ﺑ ٤دوﻻرات .وﻳﺸري إﱃ أن ﻣﻌﻈﻢ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ املﺘﻤﻜﻨني ﻣﻤﻨﻮﻋﻮن ﻣﻦ ﴍاء أﺳﻬﻢ اﻟﴩﻛﺎت ذات اﻟﻨﻤﻮ املﺤﺪود؛ ﻷن اﻟﺮﺳﻤﻠﺔ أو اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﺗﻜﻮن أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺪ 51
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻷدﻧﻰ ﻟﺴﻌﺮﻫﺎ .وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد ارﺗﻔﺎع ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻬﻢ إﱃ ﺿﻌﻔني أو ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف ،ﺗﻜﻮن ً ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻴﻜﻮن اﻟﺴﻬﻢ ﱠ ﻣﺆﻫ ًﻼ ﻟﻠﴩاء .و»ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬا ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺮﺳﻤﻠﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ٍ ﴍﻛﺎت ﺻﻐري ٍة ﻓﻘﻂ ﺣني ﻻ ﻏﺮﻳﺒﺔ؛ أﻻ وﻫﻲ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻠﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻜﱪى ﺑﴩاء أﺳﻬ ٍﻢ ﰲ ٍ ﺻﻔﻘﺔ راﺑﺤﺔ«. ﺗﻜﻮن اﻷﺳﻬﻢ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ آي ﺑﻲ إم )»اﻷزرق اﻟﻜﺒري«( ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ إﻛﺴﻮن )»إﺣﺪى اﻟﺴﺖ ﴍﻛﺎت اﻟﻜﺒﺎر ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻔﻂ«( ﻳﻌﺮض ﺑﺮوﻓﻴﺴﻮر ﺳﻴﺠﻞ ً ﻣﺜﺎﻻ ملﺼﻴﺪة اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة ٥٣ﻋﺎﻣً ﺎ ) (٢٠٠٣–١٩٥٠ﻟﻌﻤﻼق اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ آي ﺑﻲ إم )وﺗُﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »اﻷزرق اﻟﻜﺒري«( ﺑﴩﻛﺔ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ ﺑﻨﻴﻮﺟريﳼ )اﻻﺳﻢ اﻟﺤﺎﱄ ﻟﻬﺎ إﻛﺴﻮن/ﻣﻮﺑﻴﻞ، ورﻣﺰﻫﺎ ،XOMوﻫﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻔﻂ( .وﻫﻮ ﻳﺼﻒ ِ ﻣﺼﻔﻮﻓﺔ ﻫﺬا ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗُﻤﺜﱢﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﺪﻳﻢ .ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻛﻞ ﻧﻤ ﱟﻮ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻣﺤﻠﻠﻮ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ،ﺗﻔﻮﱠﻗﺖ آي ﺑﻲ إم ﻋﲆ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻌﺎﺋﺪات ،واملﺒﻴﻌﺎت ،واﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﻨﻘﺪي ،واﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺪﻓﱰﻳﺔ ،وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة ٥٣ رﺋﻴﴘ دا ﱞل ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻮ ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﺗﻔﻮﻗﺖ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻟﴩﻛﺔ آي ﺑﻲ إم — وﻫﺬا ﻣﺆﴍٌ ﱞ ٍ ﻧﻘﺎط ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ. اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى — ﻋﲆ ﻋﺎﺋﺪات ﴍﻛﺔ إﻛﺴﻮن ﻣﻮﺑﻴﻞ ﺑﺄﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ﺛﻼث ﻛﻘﻄﺎع أﴎ َع ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻧﻤﻮ ﻗﻄﺎع اﻟﻄﺎﻗﺔ. وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ،ﻛﺎن ﻧﻤﻮ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ٍ ﻏري أن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺻﺎدﻣﺔ؛ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺗﻔﻮﻗﺖ آي ﺑﻲ إم ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ اﻹﺣﺼﺎءات اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ً رﺑﺤﻴﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ؛ ﻓﻤﻊ اﻓﱰاض إﻋﺎدة اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻟﻠﴩﻛﺔ ،ﺟﻠﺒﺖ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ دوﻻر ﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ آي ﺑﻲ إم ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺎوي ٩٦١ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ،ﻓﺈن ١٠٠٠ ٍ دوﻻر ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ ﺳﺘﺎﻧﺪرد دوﻻر ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻓﱰة اﻟ ٥٣ﻋﺎﻣً ﺎ ﻫﺬه ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ١٠٠٠ أﻟﻒ ٍ ٍ ﻣﻠﻴﻮن و ٢٦٠أﻟﻒ دوﻻر؛ أي أﻛﺜﺮ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٣١ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﻫﺬا أوﻳﻞ )إﻛﺴﻮن( وﺻﻠﺖ إﱃ ٍ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻳﻔﱰض إﻋﺎدة اﺳﺘﺜﻤﺎر ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻋﺎﻣﻞ رﺋﻴﴘ. ملﺎذا ﺣﺪث ﻫﺬا؟ ﻷن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا داﺋﻤً ﺎ ﻳﺪﻓﻌﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم ﻣﻘﺎﺑ َﻞ ﺳﻬﻢ آي ﺑﻲ إم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻓﻌﻮن اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺳﻬﻢ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ .ﻟﻘﺪ ارﺗﻜﺐ املﺴﺘﺜﻤﺮون اﻟﺨﻄﺄ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎ َﻟ ٍﻎ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺠﻮﻫﺮي املﺘﻤﺜﻞ ﰲ دﻓﻊ ﺳﻌﺮ ﺳﻬﻢ آي ﺑﻲ إم ﻟﻠﺼﻌﻮد ٍ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،وإﻫﻤﺎل اﻟﺴﻌﺮ املﻨﺨﻔﺾ ﻟﺴﻬﻢ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻗﻴﻤﺘﻪ. 52
ﻧﻌﻢ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ
وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳُﻌﺰى إﱃ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﺋﺪ ،اﻟﺘﻲ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻣﻔﺘﺎﺣً ﺎ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﻠﻴﻢ. ﺗُﻌﺮف ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻬﻢ ﻣﻘﺴﻮﻣً ﺎ ﻋﲆ ﻋﺎﺋﺪ اﻟﺴﻬﻢ اﻟﻮاﺣﺪ .وﻳﻤﻴﻞ املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻟﻠﻤﺰاﻳﺪة ﻋﲆ ﺳﻌﺮ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﴪﻳﻌﺔ اﻟﻨﻤﻮ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻧﺴﺒﺔ َ ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻒ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ،أﻻ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺄﺳﻬﻢ اﻟﻨﻤﻮ .وﺗُﻈﻬﺮ دراﺳﺔ ﺳﻴﺠﻞ وﻫﻲ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﻜﺒﻮن ﺧﻄﺄ ﱡ ﺗﻌﻘﺐ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﰲ ﺣني ﻳﺘﺠﻨﺒﻮن اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ؛ ﻓﺎﻻرﺗﺪاد إﱃ املﺘﻮﺳﻂ ﻳﺤﺪث ﺣﺘﻤً ﺎ ،واﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻣﺜﻞ آي ﺑﻲ إم ﺳﻮف ﺗﻌﻮد إﱃ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﺎ املﺮﺗﻔﻌﺔ، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺼﻌﺪ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻓﻴﻬﺎ ﻧ َِﺴﺐ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻣﺜﻞ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ إﱃ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ دﻋﺎ دﻳﻔﻴﺪ درﻳﻤﺎن ،ﻛﺎﺗﺐ اﻟﻌﻤﻮد ﺑﻤﺠﻠﺔ »ﻓﻮرﺑﺲ« واملﺪﻳﺮ ٍ ﴍﻛﺎت ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻣﻌﺎﻛﺲ ﻟﺠﻤﻊ املﺎل ﻫﻮ ﴍاء ﻧﻬﺞ ٍ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ،ﻟﻼدﱢﻋﺎء ﺑﺄن أﻓﻀﻞ ٍ ﻧﺴﺐ ﺳﻌﺮ أﺳﻬﻤﻬﺎ إﱃ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﺎ. ﺣﺬار ﻣﻦ أﺳﻬﻢ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ِ ٍ ﻧﻮاح ﻋﺪة؛ ﻓﺄﺳﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺗﻮﻓﺮ ﻧﻤﻮٍّا ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻣﻦ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺼﻴﺪة اﻟﻨﻤﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ٍ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ،ﻏري أﻧﻬﺎ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﺼﻴﺐ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺨﻴﺒﺔ أﻣﻞ؛ ﻓﻤﻘﺎﺑﻞ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺮاﺑﺤﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺒﺎرزة ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ أو دﻳﻞ ،ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺌﺎت اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺨﺎﴎة. َ ﻳﻐﺎﱃ ﰲ ﺗﺴﻌريﻫﺎ .وﻳُﺤﺬﱢر اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺳﻴﺠﻞ ﻣﻦ أن وﺣﺘﻰ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺮاﺑﺤﺔ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ »ﺗﺮﻛﻴﺰﻧﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻓﺦ .واﻟﴩﻛﺎت اﻷﻛﺜﺮ اﺑﺘﻜﺎ ًرا وﺗﺠﺪﻳﺪًا ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﻜﻮن املﻜﺎن اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ «.ﻷن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻣﺘﻴﺎز ﱟ ﺧﺎص ﻣﻦ ﴍاء أي ﺑﺸﻜﻞ اﻣﺘﻼك أﺳﻬ ٍﻢ ﰲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ واﻟﺠﺪﻳﺪة .وﻳُﺤﺬﱢر ﺳﻴﺠﻞ ٍ أﺳﻬ ٍﻢ ﺗﺘﺠﺎوز ﻧﺴﺐ ﺳﻌﺮﻫﺎ إﱃ ﻋﺎﺋﺪﻫﺎ ،١٠٠وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻌﺪم اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺘﻤً ﺎ .ﰲ ٍ ﺑﻤﻀﺎﻋﻔﺎت املﻘﺎﺑﻞ ،ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ املﺴﺘﺜﻤﺮون اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ املﺄﻟﻮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻊ ٍ ٍ ً ﻟﺼﻔﻘﺎت راﺑﺤﺔ. ﻓﺮﺻﺎ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻟﻨﺴﺐ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﺋﺪ وﺗﻮﻓﺮ وﺟﺪت دراﺳﺔ ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﺳﻬﻢ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أو اﻻﺗﺼﺎﻻت ﰲ أي ﻗﻮاﺋﻢ ﻷﻓﻀﻞ ٢٠ﺳﻬﻤً ﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷداءُ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻋﻘ ٍﺪ أو أﻛﺜﺮ .واملﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أن ﱠ ﺗﻮﺻﻞ إﱃ ﻧﻔﺲ اﺳﺘﻨﺘﺎج ﺳﻴﺠﻞ! ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻷﻓﻀﻞ ﺑﻴﻌً ﺎ »اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ ﺑﻴﱰ ﻟﻴﻨﺶ ﻗﺪ 53
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﺳﺘﻐﺮاب أن ﻣﻌﻈﻢ أﺳﻬﻤﻲ اﻟﺨﺎﴎة ﻛﺎﻧﺖ ﺳﱰﻳﺖ« ،ﻛﺘﺐ ﻳﻘﻮل» :أﺧريًا أﻻﺣﻆ ﺑﻼ أي ٍ داﺋﻤً ﺎ أﺳﻬﻢ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ!« اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺳﻴﺠﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻳﻘﱰح ﺳﻴﺠﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ ﻣﺼﻴﺪة اﻟﻨﻤﻮ وﺗﻬﺰم اﻟﺴﻮق ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ. وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﻷﺳﻠﻮب املﻘﱰَح ﰲ املﻘﺎرﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪﻫﺎ ﺳﻴﺠﻞ ﺑني ﴍﻛﺘَﻲ آي ﺑﻲ إم وﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ .ﻟﻘﺪ أﴍﻧﺎ إﱃ أﻧﻪ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺑﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﴩﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻀﻞ ﻋﺎﻣً ﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ،ﻓﻘﺪ أﺣﺮزت ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﺎﺋﺪًا إﺟﻤﺎﻟﻴٍّﺎ أﻋﲆ ﻣﻦ آي ﺑﻲ إم ﺻﺎﺣﺒﺔ أﺳﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ .ﻣﺎ اﻟﺬي أﺣﺪث اﻟﻔﺎرق؟ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌً ﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح! ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻮق ﻷﺳﻬﻢ آي ﺑﻲ إم ﻳﺘﻌﺬر ﻣﻌﻪ ﺗﺠﺎوز املﻜﺎﺳﺐ اﻟﺘﻲ ﺗ ﱠﻢ ﺟَ ﻨْﻴُﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ دﻓﻌﺘﻬﺎ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ/إﻛﺴﻮن ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨﻮات .وﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻨﻪ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺳﻴﺠﻞ ،ﻓﺈن ً ﻓﺎرﻗﺎ ﺿﺨﻤً ﺎ ﰲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﺎ «.وﻋﲆ »اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺮﺑﺤﻲ املﺮﺗﻔﻊ ﻟﺴﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ أﺣﺪث ً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺂي ﺑﻲ إم ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻴﻜﺎت أرﺑﺎح اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺒﻴﻌﺎﺗﻬﺎ وﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﺎ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،إذا ﻣﺎ أُﻋﻴﺪ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ ،ﻫﻲ ﻣﺎ أﺣﺪث اﻟﻔﺎرق ﰲ اﻟﺘﻔﻮﱡق أداءً ﻋﲆ ﴍﻛﺔ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ .وﺗُﻈﻬﺮ اﻟﺪراﺳﺎت أن ٩٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻷﺳﻬﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح. ُ وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ آي ﺑﻲ إم داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﺘﺤﻤﺴني ﻻ ﻳﻄﻴﻘﻮن ﺻﱪًا ،ﻳﺪﻓﻌﻮن ﺳﻌﺮﻫﺎ ﻟﻴﺘﺠﺎوز املﺴﺘﻮﻳﺎت املﺘﻮﺳﻄﺔ ،ﻇﻠﺖ ﺳﺘﺎﻧﺪرد أوﻳﻞ ﻋﲆ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ وأ َد ﱠر ْت أرﺑﺎﺣً ﺎ ﺛﺎﺑﺘﺔ ملﺴﺎﻫﻤﻴﻬﺎ. ً ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﺗُﻈﻬﺮ ﻧﻤﻮٍّا ﻃﻮﻳﻞ ﺛَﻤﱠ َﺔ أدﻟﺔ ﻣﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﺸري إﱃ أن اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ أرﺑﺎﺣً ﺎ املﺪى وأﻧﻤﺎ ً ﻃﺎ أﻗﻞ ﻣﺨﺎﻃﺮ ًة ﻣﻦ ﴍﻛﺎت اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺪﻓﻊ أرﺑﺎﺣً ﺎ .وﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ أن ﺗﻜﻮن ﺿﺨﻤﺔ وﻣﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻷﺳﻬﻢ املﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ، ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻘﺪﻳﺮات املﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﴍﻛﺎت اﻟﻨﻤﻮ وﴍﻛﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ إذ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻘﻴﻤﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ.
54
ﻧﻌﻢ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ
وزن اﻟﺤﺼﺔ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺮﺳﻤﻠﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗُﻀﺤﱢ َﻲ ﺑﺎﻷرﺑﺎح ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ أﺳﻬ ٍﻢ رﺑﺤﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ وﺟﺪت دراﺳﺎت أﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ أرﺑﺎح ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﲆ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺣﺪﻳﺜﺔ أن ﻣﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢ املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺤﺼﺺ ٍ املﺆﴍات ذات اﻟﺮﺳﻤﻠﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ .وﻗﺪ ﻧﴩت ﻣﺠﻠﺔ »ﺳﻤﺎرت ﻣﻮﻧﻲ« ﻣﺆﺧ ًﺮا أن »اﻷﺑﺤﺎث املﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﺒﺪو داﻋﻤﺔ ﻷﺻﺤﺎب املﺆﴍات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻌﲆ أﺛﺮ إﻧﺸﺎء ﻣَ ﺤﺎﻓﻆ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﻜﺎﺳﺐ ،أو ﺣﺼﺺ أرﺑﺎح ،أو ﻣﺒﻴﻌﺎت ،أو ﻗﻴﻤﺔ دﻓﱰﻳﺔ ﺗﻌﻮد إﱃ ﺧﻤﺴﺔ أﻋﻮام أﺳﻮاق ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،واملﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة ،وأوروﺑﺎ ،وﺟﻨﻮب وﻋﴩ ٍة وﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ﻋﱪ ٍ ﴍق آﺳﻴﺎ ،واﻟﻴﺎﺑﺎن ،ﺧﻠﺼﺖ إﺣﺪى ﴍﻛﺎت اﻷﺑﺤﺎث ﺑﻠﻨﺪن ،وﻫﻲ ﴍﻛﺔ ﺳﺘﺎﻳﻞ رﻳﺴريش، ٍ ﺑﻤﺆﴍات ﻗﺪ ﺗﻔﻮﱠق أداءً ﻋﲆ ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﺆﴍات املﺮﺟﺤﺔ إﱃ أن اﻟﺮﺑﻂ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻸﺳﻬﻢ 1 ٍ ﺑﻤﺘﻮﺳﻂ ﻳﱰاوح ﺑني ٢و ٪٢٫٥ﰲ اﻟﺴﻨﺔ«. ﺑﺮأس املﺎل وﻳﺸري ﻋﻤﻞ ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ إﱃ أن ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﺆﴍات املﺮﺟﺤﺔ ﺑﺤﺼﺺ اﻷرﺑﺎح أﺳﺎس ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم 2 ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱠﺪ ً ِ ﻓﺎرﻗﺎ ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ ﻣﺆﴍات اﻟﺮﺳﻤﻠﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﺑ ٣٠٠ ٍ ﺿﺨﻤً ﺎ .اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ 1-3اﻟﺬي ﻳﻮﺿﺢ اﻟﻔﺎرق ﰲ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة ٤٤ ﻋﺎﻣً ﺎ. أ َ ِرﻧﻲ املﺎل! ً ً اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﻤﺘﺎز ًة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ، اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ وذﻟﻚ ﻟﻌﺪدٍ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب: ُ ُ ُ ً اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺪﻟﻴ َﻞ املﺎديﱠ اﻟﻮﺣﻴ َﺪ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ اﻟﺤﺼﺔ أوﻻ» :ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح ﻻ ﺗﻜﺬب« :ﺗُﻌَ ﱡﺪ ً ٍ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﻔﻴﺪ ًة ﻟﻌﻤﻼﺋﻬﺎ ،وﺗﻌﻤﻞ ﴍﻛﺔ ﺑﻤﻬﻤﺘﻬﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻨﺘﺠً ﺎ أو ﻋﲆ ﻗﻴﺎم أي ﻟﺼﺎﻟﺢ املﺴﺎﻫﻤني وﻛﺬﻟﻚ املﺴﺌﻮﻟني اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﻟﻠﴩﻛﺔ وﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ .وﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻓﻀﺎﺋﺢ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة وﺧﻄﻂ املﺤﺎﺳﺒﺔ املﺸﻜﻮك ﰲ أﻣﺮﻫﺎ ،وﺗﻘﺎرﻳﺮ اﻷرﺑﺎح اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ،ﻻ إﻳﺪاع ﻧﻘﺪيﱟ ﰲ ﺣﺴﺎب اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﺨﺎص ﺑﻚ ،ﻟﺘُ ِ ﻄﻤﱧ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺜﻞ ﺷﻴﻚٍ ﰲ اﻟﱪﻳﺪ أو ٍ َ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺄن اﻟﴩﻛﺔ ﺗﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﺻﺎﺋﺒًﺎ؛ ﻓﻤﻦ املﺮﻳﺢ أن ﺗﻌﺮف أن اﻟﴩﻛﺔ ﻗﺪ ْ رﺑﺤﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ املﺎل ﻟﺘﺪﻓﻊ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤني .إن ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ً ً ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﻤﺮاﺟﻌﺎت ،ﻣﺜﻞ ﻣﻜﺎﺳﺐ املﺎﴈ؛ ﻓﺎملﻜﺎﺳﺐ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺜرية ﻟﻠﺸﻚ ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ﰲ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت .وﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﰲ اﻟﺴﺠﻼت ﰲ ﻋﺎ ٍم أو ﺑﻀﻌﺔ أﻋﻮام. 55
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
١٠٠٠٠٠٠دوﻻر ٤٦٢٧٥٠دوﻻ ًرا اﻷﻋﲆ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠ ١٣٠٧٦٨دوﻻ ًرا
١٠٠٠٠٠دوﻻر ﻋﺎﺋﺪ ﺗﺮاﻛﻤﻲ
٦٤٩٣٠دوﻻ ًرا اﻷﻗﻞ
١٠٠٠٠دوﻻر
١٠٠٠دوﻻر ٢٠٠٢
١٩٩٨
١٩٩٤
١٩٩٠
١٩٨٦
١٩٨٢
١٩٧٨
١٩٧٤
١٩٧٠
٪١١٫١٨
٪١٧٫٠٢
١٩٦٦
اﻷﻗﻞ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠
٪٩٫٥٠
٪٢٣٫٧٨
١٩٦٢
اﻷﻋﲆ
٪١٤٫٢٧
٪١٩٫٢٩
١٩٥٨
اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺮﺑﺤﻲ
اﻟﻌﺎﺋﺪ
املﺨﺎﻃﺮة
ﺷﻜﻞ :1-3اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ املﺪى ملﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢ املﺮﺟﺤﺔ ﺑﺤﺼﺺ اﻷرﺑﺎح ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢ املﺮﺟﺤﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ.
ﻛﺪﺧﻞ ﻋﺎدي .وﻳﻤﻜﻦ ﺷﻄﺐ اﻟﺪﻳﻮن وﻳﻤﻜﻦ ﺑﻴﻊ أﺻﻮل رأس املﺎل وﺗﺪرج ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ٍ ٍ ﺳﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﺣﺴﺎﺑﻚ ﻫﻮ ﳾء ﻣﻀﻤﻮن، أﻣﻮال ﻛﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﺒﺎﴍة ،أو ﻣﺪ أﺟﻠﻬﺎ .وﻟﻜﻦ إﻳﺪاع ٍ واﺧﺘﺒﺎر ﻣﺼﺪاﻗﻴ ٍﺔ ملﻜﺎﺳﺐ اﻟﴩﻛﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .إﻧﻪ دﻟﻴﻞ ﻣﻠﻤﻮس ﻋﲆ رﺑﺤﻴﺔ اﻟﴩﻛﺔ .ﻻ ْ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻀﺎﺋﺢ املﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﺼﺺ اﻷرﺑﺎح ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪة ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻨﻜﺮ أﻧﻪ ﻗﺪ ً ً ﻣﺎﻟﻴﺔ أو ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻮﻧﺰي .ﻻ ﺑﺪ أن ﺗُﺪﻓﻊ ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح ﻣﻦ ﺣﻴﻠﺔ اﻟﻨﺪرة .إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ املﻜﺎﺳﺐ .وﺣﺴﺐ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎب ﺟرياﻟﺪﻳﻦ واﻳﺲ ،ﻓﺈن »ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح ﻻ ﺗﻜﺬب«.
56
ﻧﻌﻢ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ
ِ املﻨﺘﻈﻢ ﻟﻸرﺑﺎح ﻳﻔﺮض ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﻀﺒﺎط املﺎﱄ ﻟﺪى أي ﴍﻛﺔ« :إن ﺛﺎﻧﻴًﺎ» :اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﱠ اﻷﻣﺮ ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ رﻫﻦ ﻋﻘﺎري ﻋﲆ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ،ﻓﻤُﻼك املﻨﺎزل ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﺤﺎﻓﺰ ﻟﻜﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ املﺎل ﻟﺪﻓﻊ اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري اﻟﺸﻬﺮي .أو ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ً ُ ﺣﺼﺔ رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻷﺳﻬﻢ ﺑﴩﻛﺔ ﻣﻮرﻧﻴﻨﺠﺴﺘﺎر» :اﻟﴩﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ دورﳼ، ً رﺑﺤﻴﺔ ﺗﺸﺒﻪ املﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﺬي ﻳﻠﺘﺰم ﺑﺨﻄﺔ ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ أو ﺧﻄﺔ ادﺧﺎر؛ ﻓﺎملﺎل ﻟﻴﺲ ﰲ ﺟﻴﺒﻚ؛ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ«. وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺒﺪﻳﺪه ﰲ ٍ ﺛﺎﻟﺜًﺎ» :اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻷرﺑﺎح ﺗﺘﻐ ﱠﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق« :ﻛﻤﺎ أﴍﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ُ َ ُ ِ املﺮﺟﺤﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﺑ ٣٠٠ املﺆﴍات املﺮﺟﺤﺔ ﺑﺤﺼﺺ اﻷرﺑﺎح املﺆﴍات ﺗﺘﺨﻄﻰ ﱠ ِ ﺣﺼﺺ رﺑﺤﻴ ٍﺔ أﺳﺎس ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم .واملﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ أﺳﻬ ٍﻢ ذات ﻧﻘﻄﺔ ٍ ٍ ٍ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﲆ اﻷﺳﻬﻢ ﻏري اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ .وﺗﺪﻋﻢ اﻟﺪراﺳﺎت ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻟﺪوﻟﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ. ٍ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮات ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺗﻤﻨﺢ ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﴩاء أﺳﻬ ٍﻢ ً ً ٍ ﺣﺼﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺳﻮﻗﻴ ٍﺔ ﻛﺒري ٍة وﻳُ ِﺪ ﱡر ﻣﺤﻠﻘﺎ ﰲ اﻟﺴﻤﺎء ذا ﻣﻐﺮﻳﺔ .وﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺠﺪ ﺳﻬﻤً ﺎ ً رﺑﺤﻴﺔ ﺻﺤﻴﺔ. راﺑﻌً ﺎ» :اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻷرﺑﺎح أﻗﻞ ﻣﺨﺎﻃﺮة« :ﺗُﻈﻬﺮ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻔﻮق ﻋﲆ اﻷﺳﻬﻢ ﻏري اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺘﻘ ﱡﻠ ٍﺐ أﻗﻞ؛ ﻓﻤﻦ َ ِ املﺨﺎﻃﺮ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ املﺠﺎزﻓﺎت ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﻫﺬه اﻟﴩﻛﺎت املﺴﺘﻘﺮة ،ﺗﺘﺠﻨﱠﺐ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ِ ﻷﺳﻬﻢ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻨﺸﻴﻄﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻲ اﻧﺪﻟﻌﺖ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ؛ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺘﺠﻨﺐ اﻷﺳﻬﻢ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ ﴍﻛﺘَﻲ إﻧﺮون وإي ﺗﻮي .ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻮق ﺻﻌﻮدﻳﺔ ،وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻮف ﺗﺼﻌﺪ اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﰲ ٍ ٍ ٍ ﻣﻠﺤﻮظ ﻣﺜﻞ أﺳﻬﻢ اﻟﻨﻤﻮ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺄﻟﻖ وﺗﱪز ﺧﻼل ﻓﱰات اﻷﺳﻮاق اﻟﺼﻌﻮدﻳﺔ .وﺗﻮزﻳﻊ اﻷرﺑﺎح ﻳﻮﻓﺮ دﻋﻤً ﺎ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴٍّﺎ ﺣني ﺗﺘﺪﻫﻮر أﺳﻬﻢ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ؛ ﻓﻬﻲ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻼذًا آﻣﻨًﺎ ﻟﻠﻤﻀﺎرﺑني .وﻻ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﻬﺬا أﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻨﺨﻔﺾ؛ ﻓﻬﻲ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ً ﻣﺤﺼﻨﺔ ﺿﺪ ﻣﻜﺎﺋﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ أﺳﻬﻢ اﻟﺴﻮق ،وﻟﻴﺴﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺼﻤﻮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺳﻬﻢ املﺎﴈ اﻟﻘﺮﻳﺐ اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ. ﺑﺈذن ﻣﻦ ﴍﻛﺔ ﻧﻴﺪ دﻳﻔﻴﺪ ﻟﻸﺑﺤﺎث ،أن اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ ،2-3املﻨﺸﻮر ٍ ٍ ﺑﺘﻘﻠﺒﺎت أﻗﻞ. أرﺑﺎح ﺗﺘﻔﻮق ﻋﲆ أﺳﻬﻢ اﻟﻨﻤﻮ ﺗُ ِﺪ ﱡر ﺣﺼﺺ ٍ 57
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
٣٩٣٩ ٢٤٣٢ ١٥٠١ ٩٢٧ ٥٧٢ ٣٥٣ ٢١٨ ١٣٥ ٨٣ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﺑﻨﺎ ًء ﻋﲆ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻬﻨﺪﳼ اﻟﺸﻬﺮي املﺮﺟﺢ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎوي ﻹﺟﻤﺎﱄ ﻋﺎﺋﺪات اﻷﺳﻬﻢ املﻜﻮﻧﺔ ملﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ،٥٠٠ﻣﻊ إﻋﺎدة ﺗﺸﻜﻴﻞ املﻜﻮﻧﺎت ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ١٩٧٢ ١٩٧٣ ١٩٧٤ ١٩٧٥ ١٩٧٦ ١٩٧٧ ١٩٧٨ ١٩٧٩ ١٩٨٠ ١٩٨١ ١٩٨٢ ١٩٨٣ ١٩٨٤ ١٩٨٥ ١٩٨٦ ١٩٨٧ ١٩٨٨ ١٩٨٩ ١٩٩٠ ١٩٩١ ١٩٩٢ ١٩٩٣ ١٩٩٤ ١٩٩٥ ١٩٩٦ ١٩٩٧ ١٩٩٨ ١٩٩٩ ٢٠٠٠ ٢٠٠١ ٢٠٠٢ ٢٠٠٣ ٢٠٠٤ ٢٠٠٥ ٢٠٠٦ ٢٠٠٧ اﻷﺳﻬﻢ املﻨﻤﻴﺔ واملﻮﻟﺪة ﻟﺤﺼﺺ اﻷرﺑﺎح املﻜﺴﺐ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ = ١٠٠) ٪١٠٫٩دوﻻر ﺗﺰداد إﱃ ٤٠٥٩دوﻻ ًرا( ﻛﻞ اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ املﻜﺴﺐ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ = ١٠٠) ٪١٠٫٢دوﻻر ﺗﺰداد إﱃ ٣٢٢٣دوﻻ ًرا( اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺪر أرﺑﺎﺣً ﺎ ﺒ/دون ﺗﻐﻴري ﰲ ﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح املﻜﺴﺐ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ = ١٠٠) ٪٨٫٩دوﻻر ﺗﺰداد إﱃ ٢١٠٨دوﻻرات( اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻠﻞ أو ﺗﻠﻐﻲ اﻷرﺑﺎح املﻜﺴﺐ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ = ١٠٠) ٪٣٫٩دوﻻر ﺗﺰداد إﱃ ٣٩٣دوﻻ ًرا ( اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺪر أرﺑﺎﺣً ﺎ املﻜﺴﺐ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ = ١٠٠) ٪٢٫٥دوﻻر ﺗﺰداد إﱃ ٢٤٠دوﻻ ًرا( املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻬﻨﺪﳼ املﺮﺟﺢ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎوي ﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﻌﺎﺋﺪات ملﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز املﻜﺴﺐ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ = ١٠٠) ٪٨٫٦دوﻻر ﺗﺰداد إﱃ ١٨٩١دوﻻ ًرا(
ﺷﻜﻞ :2-3اﻷﺳﻬﻢ ذات اﻷرﺑﺎح ﺗﺘﻔﻮق ﻋﲆ أﺳﻬﻢ اﻟﻨﻤﻮ) .املﺼﺪر :ﻧﻴﺪ دﻳﻔﻴﺪ ﻟﻸﺑﺤﺎث(. 58
٥١ ٣٢
ﻧﻌﻢ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ
ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺗﻌﺎون ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ ﻣﻊ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻷﺳﻄﻮري ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺑﺤﺼﺺ ﺷﺘﺎﻳﻨﻬﺎرد ﻹﻧﺸﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ »وﻳﺰدوم ﺗﺮي« ﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ املﺮﺗﺒﻄﺔ ٍ رﺑﺤﻴﺔ .ملﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت ،اذﻫﺐ إﱃ ﻣﻮﻗﻊ .www.wisdomtree.comﺛَﻤﱠ َﺔ ﺻﻨﺪوﻗﺎن ﻟﻠﻤﺆﴍات املﺘﺪاوﻟﺔ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮان ﰲ أﻓﻀﻞ ١٠٠ﺳﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ،وﻫﻤﺎ :ﺻﻨﺪوق ﻣﺆﴍ وﻳﺰدوم ﺗﺮي ﻷﻓﻀﻞ ١٠٠ﺳﻬ ٍﻢ رﺑﺤﻲ ،وﺻﻨﺪوق ﻣﺆﴍ وﻳﺰدوم ﺗﺮي اﻟﺪوﱄ ﻷﻓﻀﻞ ١٠٠ﺳﻬ ٍﻢ رﺑﺤﻲ .وﻗﺪ ﺗﻔﻮﱠﻗﺎ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﲆ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻬﻤﺎ ﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻋﺎم .٢٠٠٦
59
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ
اﻻﺳﺘﺜﲈر ذو اﻟﻌﺎﺋﺪ اﳌﺮﺗﻔﻊ دروس ﻣﻦ ﺻﻨﺪوق ﻳﻴﻞ ﻟﻠﻬﺒﺎت
ﻳُﻤﺜﱢﻞ اﻟﺘﻨﻮﱡع اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ً ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ اﻻﺗﺠﺎه املﻌﺎﻛﺲ؛ ﻓﻔﺌﺎت اﻷﺻﻮل ذات ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ أﺳﻬ ٍﻢ ﻣﺤﻠﻴﺔ ،واﻷﺳﻬﻢ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،واﻷﺳﻬﻢ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪ املﺮﺗﻔﻊ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ،واﻟﻌﻘﺎرات … ﺗﻴﴪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺤﺴﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﺎﺋﺪ واملﺨﺎﻃﺮة. دﻳﻔﻴﺪ إف ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ً رﺋﻴﺴﺎ ملﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ إرﻓﻴﻨﺠﺘﻮن ،ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﻋﺎﻣَ ﻲ ،٢٠٠٢-٢٠٠١ﻛﻨﺖ ﻧﻴﻮﻳﻮرك .ﻛﺎن ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻈﻴﻢ ﻛﻮاﺣﺪ ٍة ﻣﻦ أﻗﺪم املﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد؛ ُ اﻧﻀﻤﻤﺖ إﱃ إذ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻌﻠﻢ اﻟﻄﻼب واﻟﻜﺒﺎر املﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻴﻢ .ﺣني ً أﺻﺒﺤﺖ ً ُ ٍ ﻫﺒﺎت ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات. ﻣﺴﺌﻮﻻ ﻋﻦ ﺻﻨﺪوق أﻳﻀﺎ املﺆﺳﺴﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻣﺜﻞ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ أﻓﺮادٍ ٍ ﻳﺘﻢ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ً ﻣرياث ً ٍ ٍ ﻣﻮﴅ ﺑﻪ ﰲ ﺑﺸﻜﻞ ﻏري ﻣﻌﻬﻮد ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﰲ ﺷﻜﻞ ﺿﺨﻤﺔ ﺗﱪﻋﺎت ﻳﻘﺪﱢﻣﻮن ٍ ﺑﺸﻜﻞ أﻣﻮال ﻣﺪﺧﺮ ٍة ﻟﻸﻳﺎم اﻟﺤﺎﻟﻜﺔ .وﻫﻲ ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ ،ﻣﺜﻞ وﺻﻴﺔ .ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻬﺒﺎت، ٍ ٍ ٍ ري ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ املﺆﺳﺴﺎت ﻏري اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ؛ ﻷن اﻟﺼﻨﺪوق ﻳﻤﻨﺢ املﺆﺳﺴﺔ ﺳﻨﺪًا اﺣﺘﻴﺎﻃﻴٍّﺎ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻛﺒ ٍ ﺑﺈﻳﻘﺎع ﺑﻄﻲء .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، إﻟﻴﻪ ﰲ اﻷﻳﺎم اﻟﻌﺠﺎف ،ﺣني ﺗﺴري ﺟﻬﻮد ﺟﻤﻊ اﻟﺘﱪﻋﺎت ٍ ﻳﺠﻴﺰ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺠﺎﻟﺲ إدارات املﺆﺳﺴﺎت ﻏري اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺔ اﺳﺘﺨﺪام ﻧﺴﺒ ٍﺔ ﺻﻐري ٍة ﻣﻦ ﺻﻨﺪوق اﻟﻬﺒﺎت ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ.
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺗﺤﻈﻰ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت ﺑﻤﻴﺰة اﻻدﺧﺎر اﻟﱰاﻛﻤﻲ ا ُملﻌﻔﻰ ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ .ﻓﺄي ﻓﺎﺋﺪ ٍة أرﺑﺎح أو ﻣﻜﺎﺳﺐَ ﻋﲆ رأس املﺎل ﺗُﺠﻨﻰ ﰲ اﻟﺼﻨﺪوق ﺗﱰاﻛﻢ دون اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻠﴬاﺋﺐ أو ٍ ٍ ٍ ﻣﺘﺤﻔﻈﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ وﴐاﺋﺐ اﻟﻮﻻﻳﺎت .وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ ﻫﺬه اﻷﻣﻮال ُ ُ ً ﻻﺣﻈﺖ رﺋﻴﺴﺎ ملﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، اﻧﻀﻤﻤﺖ إﱃ ﻣﺠﻠﺲ اﻹدارة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎري ﺣني ٍ ﺳﻨﺪات ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ،و ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ اﺳﺘُﺜﻤﺮ ﰲ أن ٧٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ا َملﺤﻔﻈﺔ اﺳﺘُﺜﻤﺮ ﰲ اﻷﻏﻠﺐ ﰲ أﺳﻬ ٍﻢ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﻮدة؛ ﻓﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت ﻳُﻌﺘﺰ ﺑﻬﺎ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ املﺆﺳﺴﺎت ﻏري اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ ،وﻻ أﺣﺪ ً ﺑﻮﺿﻮح ﺻﻨﺪوق ﻣﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺔ .وﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﱄ اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﰲ ﻗﻴﻤﺔ أي ﻳﺮﻏﺐ ﰲ أن ﻳﺮى ٍ ٍ إﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﱄ ﺳﻠﻄﺔ إدارة ﺻﻨﺪوق اﻟﻬﺒﺎت اﻟﺘﺎﺑﻊ ملﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻣﺎ ﱡ ُ ﻛﻨﺖ ﻷ ُ ﱢ اﻟﺘﺤﻔﻆ ﺗﻠﻚ. ﻏريَ ﻧﺴﺒﺔ اﻟ ٣٠ : ٧٠اﻟﺸﺪﻳﺪة ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻛﺎن ﺻﻨﺪوق ﻫﺒﺎت ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺴﺎﻳﺮ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨني .وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻌﻴﺐ اﻷﺳﺎﳼ ملﻌﻈﻢ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﺪار ﻣﻦ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واملﺆﺳﺴﺎت واﻟﴩﻛﺎت واﻟﻜﻨﺎﺋﺲ واملﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ؛ ﻓﻬﻲ ً ﻧﻄﺎﻗﺎ. ﺑﺸﺪ ٍة وﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻷداء ﻋﻦ ﻣﺆﴍات ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ اﻷوﺳﻊ ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ َ َ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ دﻳﻔﻴﺪ إي ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ،اﻟﺬي ﻋُ ني ﻣﺪﻳ ًﺮا ﺗﻨﻔﻴﺬﻳٍّﺎ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺮؤﻳﺔ ﻳﺘﺤﺪﱠى ﻫﺬه ﻟﺪى ﺻﻨﺪوق ﻫﺒﺎت ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ﰲ ﻋﺎم ١٩٨٥؛ َﻓﺘَﺤْ َﺖ ﻗﻴﺎدﺗِﻪ ،زادت اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﺻﻨﺪوق ﺑﺮﺑﺢ ﺳﻨﻮيﱟ ﻗﻴﻤﺘُﻪ ١٧٫٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻳﻴﻞ ﻣﻦ ٦ﻣﻠﻴﺎرات إﱃ ١٨ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر، ٍ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ املﺎﺿﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎوز ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق ﺑﻨﻘﻄﺘني ﻣﺌﻮﻳﺘني ،وﻳﺘﻔﻮق ﻋﲆ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺤﻔ ً ﻳﻌﺎن ﺻﻨﺪوق ﻳﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﺎ ٍم ﻈﺎ .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ِ اﻧﺨﻔﺎﴈﱟ واﺣ ٍﺪ ﺧﻼل ﻓﱰة ﻫﺒﻮط اﻟﺴﻮق ﻣﺎ ﺑني ﻋﺎﻣَ ﻲ .٢٠٠٣–٢٠٠٠وﻳﻌﺘﱪ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت. ُﻫ َﻮ »ﺑﻴﺐ روث« ِ ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﲆ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺤﺖ إﴍاف ﺟﻴﻤﺲ ﺗﻮﺑني، اﻟﺤﺎﺋﺰ ﺟﺎﺋﺰ َة ﻧﻮﺑﻞ ،ﻋﻤﻞ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻟﺪى ﺑﻨ َﻜ ْﻲ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز وﺳﺎﻟﻮﻣﻮن ﺑﺮاذرز ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﻮد إﱃ ﻳﻴﻞ ﻹﻧﺸﺎء »ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ« ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﻓﺌﺔ اﻷﺻﻮل املﺘﻌﺪدة. ﻳﻮﻇﻒ أﺳﻠﻮب ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻘﺎﻫﺮ ﻟﻠﺴﻮق ﻣﺒﺎدئ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ واﻟﺤﻮاﻓﺰ ﻣﻤﺘﺎز ﺣﺘﻰ اﻵن. ﺑﺸﻜﻞ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺤﺮ واﻻﻗﺘﺼﺎد .وﻗﺪ أﻇﻬﺮ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ٍ ٍ 62
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ذو اﻟﻌﺎﺋﺪ املﺮﺗﻔﻊ
إﻋﺠﺎب ﻟﻸﺳﻠﻮب ﻣﺎ اﻟﺬي ﺻﻨﻊ اﻟﻔﺎرق؟ ﺑﺎدئ ذي ﺑَﺪء ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻳُﻜ ﱡِﻦ أيﱠ ٍ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻬﺒﺎت :املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ )ﻳﻔﻀﻞ أﺳﻬﻢ اﻟﴩﻛﺎت املﻤﺘﺎزة( ،واﻟﺴﻨﺪات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ )ﻳﻔﻀﻞ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ(. وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ اﻟﺘﻮﻟﻴﻔﺔ؛ ﻓﺒﻌﺾ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﺎ أﺳﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺪات ،واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ،ﻣﺜﻞ ﺻﻨﺪوق ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻪ ﺳﻨﺪات أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ. وﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘني ،أدرك ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻣﻘﺪﱠر ﻟﻬﺎ أداءٌ ﻣﺘﻮﺳ ٌ ﻂ أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق. ﻛﺒﺪﻳﻞ ،اﺑﺘﻜﺮ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻳﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﺗﻨﻮﻳﻌً ﺎ أﻛﱪ ﰲ ﻓﺌﺎت اﻷﺻﻮل اﻷﺧﺮى ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ اﻷﺳﻮاق اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،واملﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡط وﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ .وﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻧﺠﺎح ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪي« ،ﻳﺤﺪد ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ٍ ٍ ﻓﺌﺎت ﻟﻸﺻﻮل ﰲ اﻟﻌﻴﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ملﺤﻔﻈﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ،ﺗﺘﺄ ﱠﻟﻒ ﻣﻦ ﺳﺖ ﻟﻸﺻﻮل املﺘﻌﺪدة أﺳﻬﻢ ﻣﺤﻠﻴﺔ
٪٣٠
أﺳﻬﻢ أﺟﻨﺒﻴﺔ
٪١٥
أﺳﻬﻢ اﻷﺳﻮاق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ
٪٥
اﻟﻌﻘﺎرات واملﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ
٪٢٠
ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ
٪١٥
ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ املﺤﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺨﻢ ٪١٥
ﻻﺣﻆ ﻣﺪى اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺸﺎﺳﻊ ﻟﻬﺬه املﺤﻔﻈﺔ املﺘﻌﺪدة اﻷﺻﻮل ﻋﻦ ﺻﻨﺪوق اﻟﺘﱪﻋﺎت ً ٍ ٍ ٍ ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ٧٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﺴﻨﺪات، ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺧريﻳﺔ؛ ﺟﺎﻣﻌﺔ ،أو ﻟﴩﻛﺔ ،أو املﺘﺤﻔﻆ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﺧﻔﺾ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻋﻨﴫ اﻟﺴﻨﺪات إﱃ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﻧﺼﻔﻬﺎ ﰲ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ً وﺑﺪﻻ ﻣﻦ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ ،زاد اﻷﺳﻬ َﻢ إﱃ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﻣﻊ املﺤﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ ﺗﻌ ﱡﺮ ٍض ملﺨﺎﻃ َﺮ ﻛﺒري ٍة ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ .وﻳﺬﻫﺐ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ إﱃ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺼﻨﺪوق ٍ ﺑﺘﻘﻠﺒﺎت أﻗ ﱠﻞ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺻﻮل أﺻﻮل ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق املﻜﻮﱠن ﻣﻦ ٍ ٍ اﺗﺠﺎﻫﺎت داﺧﻞ اﻟﺼﻨﺪوق »ﻏري ﻣﻘﻴﺪة«؛ وﻳﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ أن اﻷﺻﻮل املﺘﻨﻮﻋﺔ ﺗﺘﺤﺮك ﰲ ٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺣني ﺗﺘﻐري اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺴﻮق .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،إذا ارﺗﻔﻊ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺨﻔﺾ اﻷﺳﻬﻢ املﺤﻠﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻘﺎرات واملﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ — املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﱡﻃﺎت ﺿﺪ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري. — ﻗﺪ ﺗﻮازن اﻷﺳﻬﻢ وﺗﺤﻤﻲ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺎ ﱢد ٍ 63
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻨﻜﻢ — ﻗ ﱠﺮاءَ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — ﻟﻦ ﺗﺪﻳﺮ ﺻﻨﺪوق ﻣﻤﺎﺛﻞ ﻋﲆ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗُﺪﻳ ُﺮﻫﺎ ﻧﺤﻮ ٍ ﻫﺒﺎت ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﴪيَ أﺳﻠﻮب ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻋﲆ ٍ ٍ ﻋﺎﺋﺪات ذاﺗﻴٍّﺎ ،أو ﺣﺴﺎب اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﻔﺮدي ،أو أي ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ آﺧﺮ .وﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺤﻘﻖ ً ً ٍ ٍ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﺘﺼﺤﻴﺢ« ﻋﲆ ﻏﺮار ﺗﻠﻚ ﻣﺠﺎﻻت اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳ ٍﺔ »ﻏري راﺋﻌﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﺳﻮﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﻮﱠرﻫﺎ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ. ٍ ﺗﻮﺻﻴﺎت ﻋﺎﻣﺔ: ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻧﺠﺎح ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪي« ،ﻳﻘﺪﱢم ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﺛﻼث ً ﺳﺎﺑﻘﺎ. ) (١ﺗﺤ ﱠﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳ َﻊ ﰲ ﻓﺌﺎت اﻷﺻﻮل اﻟﺴﺖ املﺪرﺟﺔ َ ﻣﻮازﻧﺔ ﻣﺤﻔﻈﺘﻚ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أوزان ﻓﺌﺎت اﻷﺻﻮل اﻟﺴﺖ املﺬﻛﻮرة ) (٢أَﻋِ ْﺪ ً ٍ ٍ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ )ﻣﺮ ًة أو ﻣﺮﺗني ﰲ اﻟﻌﺎم(. ﺑﺼﻔﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ ) (٣ر ﱢﻛﺰ ﻋﲆ ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﺆﴍات املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ وﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر املﺘﺪاوﻟﺔ. وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻣﻦ املﻌﺎرﺿني ﻟﻠﺼﻨﺎدﻳﻖ املﺸﱰﻛﺔ ذات اﻹدارة اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ( ﻧﻈ ًﺮا ﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺮﺳﻮم واﻟﴬاﺋﺐ وﺗﻔﻮﱡق ﻳﺮﺟﱠ ﺢ أن ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻷﺳﻮاق )ﻛﻤﺎ أُﺷريَ املﻨﺎﻓﺴني .وﻳﻀﻊ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮ ﻳﻴﻞ ﻣﻌﺎﻳري ﻋﺎﻟﻴﺔ» :ﻣﻦ ﺑني اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ املﺸﱰﻛﺔ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ٍ ﻋﴩات ﻣﻨﻬﺎ اﻫﺘﻤﺎم ٩آﻻف أو ١٠آﻻف ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺳﻮى ﺑﻀﻊ 1 املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ«. »ﺗﻨﺎو ْل ﻣﺎ ﺻﻨﻌَ ْ ﺖ ﻳﺪا َك!« ﻳﺰﻋﻢ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ اﻟﻔﻮ َز ﰲ ﻟﻌﺒﺔ اﻹدارة اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ أﻣﺮ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ. ﻓﻤﻦ أﻳﻦ ﻟﻚ أن ﺗﺠﺪ »ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﺻﻐرية ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ املﻮﻫﻮﺑني ﺑﺤﻖ« ،ﻣﻦ ﺑني ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ »اﻟﻨﺰاﻫﺔ ،واﻟﺤﻤﺎس ،وﻗﻮة اﻻﺣﺘﻤﺎل ،واﻟﺬﻛﺎء ،واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ،وروح اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ« ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت وﺗﺘﻼﻗﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﻣﻊ ﻣﺼﺎﻟﺤﻚ؟ واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ أن ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻳَ َﻮ ﱡد أن ﻳﺮى ً ً ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒري ًة ﻣﻦ ﺻﺎﰲ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ »اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر املﺸﱰك«؛ أي ﻣﺪﻳﺮﻳﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني ﻳﺴﺘﺜﻤﺮون ﻗﻴﻤﺔ أﺻﻮﻟﻬﻢ ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻘﻬﻢ أو ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﻢ املﺪارة» .إن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﻣﺪﻳﺮي اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻌﺎﱄ 2 اﻟﺠﻮدة ﻳﻔﺘﺨﺮون ﺑ »ﺗﻨﺎوُل ﻣﺎ ﺻﻨﻌَ ْﺖ أﻳﺪﻳﻬﻢ««. ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺪﻳﺮي اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ واملﺪﻳﺮﻳﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني ً ﻗﻠﻴﻼ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﻌﺎوﻧﻲ. ﺑﻞ إن اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ املﺸﱰﻛﺔ ﺗﺤﻮي اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ املﻮازﻳﺔ .وﻟﻌ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﻔﺮﻳﺪة ﻟﺼﻨﺪوق ﻳﻴﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري أن ﻣﺪﻳﺮﻳﻪ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ 64
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ذو اﻟﻌﺎﺋﺪ املﺮﺗﻔﻊ
ٍ ﺣﻔﻨﺔ ﺻﻐري ٍة ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﺮﻳﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني ﻣﺘﺨﺼﺼني ﻟﺪﻳﻬﻢ »ﻣَ ﺤﺎﻓﻆ ﻣﺮ ﱠﻛﺰة« ﰲ اﻷﺳﻬﻢ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ إﻗﺒﺎل؛ ﻓﻬﻢ ﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮن أﺣﺪﻫﻢ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻳﻴﻞ ،وﻳﺘﻢ إﻗﺼﺎء املﺪﻳﺮﻳﻦ املﺨﺘﺎرﻳﻦ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أداؤﻫﻢ ﺟﻴﺪًا ﻣﺜﻞ أﻗﺮاﻧﻬﻢ ،ﰲ ﻣﺜﺎل آﺧﺮ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ »اﻟﺘﺪﻣري اﻟﺨﻼق« ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ. ٍ ﻣﺪارس أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﺪارس آﻳﻔﻲ ﻟﻴﺞ ﺗﺘﺒﻨﱠﻰ ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ ﻟﻢ ﻳﻤﺮ ﻧﻤﻮذج ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻏري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي دون أن ﻳَﻠﻔﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺪارس أﺧﺮى ﻣﺜﻞ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد وﻫﺎرﻓﺎرد ﺗﺘﺒﻊ ﺧﻄﺎه .ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻬﺒﺎت اﻷﻋﲆ أداءً اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت ً ً ٍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺧﻄﻂ املﻌﺎش ﻣﺘﺨﻄﻴﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﺗﺮﺑﺢ ﻧﺤﻮ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ، اﻟﻌﺎدﻳﺔ وﻣﺆﴍات ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺻﻨﺪوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ،اﻟﺬي ﻳﺪﻳﺮه ٍ ﻫﺒﺎت ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﻤﻨﺬ ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻛﺎن ﻧﺤﻮ ٨٠ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺮﻳﺎن ،ﻫﻮ أﻛﱪَ ﺻﻨﺪوق ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﻔﻈﺘﻪ ﻳُﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ واﻟﺴﻨﺪات املﺤﻠﻴﺔ .أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ،ﺗﺤﺖ إدارة اﻟﻌﺮﻳﺎن، ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ إذ ﺻﺎر ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﻪ ﻳُﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ واملﺤﻠﻴﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺪو ٍ وﺳﻨﺪات أﺧﺮى ﺛﺎﺑﺘﺔ اﻟﺪﺧﻞ ،و ١٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ و ٣٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﺴﻨﺪات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮﱡط ،و ٣١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻷﺻﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﻌﻘﺎرات ،واﻷﺧﺸﺎب ،واﻟﻄﺎﻗﺔ. وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻨﻮﻳﻊ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ،ﻧﻤﺎ ﺻﻨﺪوق ﻫﺒﺎت ﻫﺎرﻓﺎرد ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ إﱃ ٣٥ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﰲ اﻟﻌﺎم املﺎﴈ ،ﻣﺘﺨﻄﻴًﺎ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد ٍ ﱟ ﺧﺎص ﻣﻦ ﻣﺤﻔﻈﺔ أﺳﻬﻢ اﻷﺳﻮاق ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻘﺎط ﻣﺌﻮﻳﺔ .وﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎد آﻧﺪ ﺑﻮرز ٥٠٠ﺑﺜﻼث ٍ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٤٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ. ً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ اﻟﺘﻐ ﱡﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻣﺴﺘﺒﻌﺪ ﻛﺜريًا ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ َ ٍ ﻋﺎﺋﺪات ﻓﺎﺋﻘﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻴﻞ ،وﻫﺎرﻓﺎرد، ﺗﺤﻘﻴﻖ اﺳﺘﻄﺎع ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ وﴍﻛﺎؤه اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﻮن ٍ ٍ ٍ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻤﻬﺎرات ﻣﺪرﺳﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﺪارس آﻳﻔﻲ ﻟﻴﺞ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﻣﺪﻳﺮﻳﻦ وأي أﻓﻀﻞ ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﻌﺎدي .ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻧﺠﺎح ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪي« ،ﻳﻨﺼﺢ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ملﻌﻈﻢ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ أن ﻳﻘﻴﺪوا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻤﺆﴍات ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ .وﺑﺤﺴﺐ ﺟريﻣﻲ ﺤﺴﻦ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻚ ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗ ﱠﻞ ً ﺳﻴﺠﻞ وﴍﻛﺘﻪ وﻳﺰدوم ﺗ ِِﺮي ،ﺑﻮﺳﻌﻚ أن ﺗُ ﱢ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ٍ ﺑﺤﺼﺺ رﺑﺤﻴﺔ )اﻧﻈﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ(. ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﻣﺆﴍات أﺳﻬ ٍﻢ ٍ 65
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ﺻﻔﻘﺎت ﺗﻨﻜﺮ اﻟﻨﺴﺨﺔ املﺘﻄﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء اﻟﻘﺪر َة ﻋﲆ إﻳﺠﺎد ِ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﰲ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔِ ،ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻷﺳﻮاق ذات ﻛﻔﺎء ٍة داﺋﻤً ﺎ ٍ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس .وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻼ واملﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻼ ً ٍ ﻣﺘﺎﺣﺔ دوﻣً ﺎ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ .وﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﺟَ ﻨ ْ ُﻲ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﻮال ﰲ أﺳﻬ ٍﻢ ﺻﻐري ٍة ﺗﻜﻠﻔﺔ وﻟﻴﺴﺖ ٍ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻓﺘﻘﺎر اﻟﻨﺎس إﱃ املﻌﻠﻮﻣﺎت؛ ﻓﺎملﻀﺎرﺑﻮن ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ وﻣﺘﺨﺼﺼﻮ اﻟﺘﺪاول ﰲ املﻘﺼﻮرة ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺑﺎﻟﴩﻛﺎت املﻄﺮوﺣﺔ ﻟﻠﺘﺪاول ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺎﻣﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ري ﻟﻠﺸﻔﻘﺔ ،اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ وﻣﻦ أرﺑﺎح .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻳﺠﻬﻞ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺜ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺮﺑﺢ .وﻫﻨﺎك ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﴫﱡ ف ﻋﲆ أﺳﺎس أﺣﺪاث اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ٍ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﻳﺬﻫﺐ إﱃ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ واملﺤﻠﻠني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﴫﻓﻮن ﻋﲆ أﺳﺎس ذﻟﻚ ﻳﺘﺴﺒﺒﻮن ﰲ ﺧﺴﺎر ٍة ﻣﺎﻟﻴﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﱰك اﻟﺒﺎب ﻣﻔﺘﻮﺣً ﺎ ﻟﻸﻓﺮاد ذوي اﻟﺤﻨﻜﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ وﻳﺠﻨﻮن ﻣﻜﺎﺳﺐ ً َ ِ وﻓﻘﺎ ﻟﺬﻟﻚ. اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت واﻟﺪﻫﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻔﻬﻤﻮن ﻟﻘﺪ ﱠ ٍ ﻃﺮق ﻟﺰﻳﺎدة ﻣﺪﺧﺮاﺗﻨﺎ ﻣﻌﺠﺰات ﰲ اﻛﺘﺸﺎف ﺣﻘﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﻮن ٍ واﺳﺘﺨﺪام ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺗﻘﺎﻋﺪﻧﺎ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺤﺼﺎﻓﺔ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻓِ ﻌﻞ اﻟﴚء ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ أي اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؟ ﰲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،أﻋﺎﻟﺞ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ املﺜرية ﻟﻠﺠﺪل ،ﺑﺎدﺋًﺎ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح املﻠﺤﻮظ ﻹﺻﻼح املﻌﺎﺷﺎت ﰲ ﺗﺸﻴﲇ .وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ْ ﻟﻨﺴﺘﻜﺸﻒ ذﻟﻚ ﻣﻌً ﺎ. ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻜﺮار ﻫﺬا اﻟﻨﺠﺎح ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؟
66
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ
ﻛﻴﻒ ﺻﻨﻌﺖ ﺗﺸﻴﲇ ﺛﻮرة ﻋﲈﻟﻴﺔ-رأﺳﲈﻟﻴﺔ
ﻧﺤﻦ ﻧﺼﻨﻊ ﺛﻮرة ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ-رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﺧﻮﺳﻴﻪ ﺑﻴﻨريا ﻣﻬﻨﺪس ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ املﻌﺎﺷﺎت اﻟﺘﺸﻴﻠﻴﺔ ﰲ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،وﺗﺤﺖ إﴍاف ﺗﻴﻮدور ﺷﻮﻟﺘﺰ وأرﻧﻮﻟﺪ ﳼ ﻫﺎرﺑﺮﺟﺮ، ْ أﻧﺸﺄت ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ِ ﻟﻠﻤﻨﺢ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻠﻄﻼب ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﰲ ﺗﺸﻴﲇ .ﺟﻠﺲ ﻋﴩات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺘﺸﻴﻠﻴني ﺗﺤﺖ أﻗﺪام ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،وﺟﻮرج ﺳﺘﻴﺠﻠﺮ ،وﻏريﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﺎﻟﻘﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻟﻠﺘﻌ ﱡﺮف ﻋﲆ ﻣﺰاﻳﺎ اﻷﺳﻮاق واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺞ ﻳﺪﻋﻢ اﻟﺴﻮق اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ .وﻋﺎدوا إﱃ ﺗﺸﻴﲇ ،وﻋُ ﺮﻓﻮا ﺑ »ﺻﺒﻴﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ« ،ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ٍ اﻟﺤﺮة ﺑﻬﺪف ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺸﻜﻼت أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ. ٍ ٍ ُربﱠ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ أﺷﻴﺎءَ ﺻﻐرية؛ ﻓﻘﺪ أدى ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻐري إﱃ ﻣﻜﺎﻓﺂت ﺛﻮر ٍة ﻋﻤﺎﻟﻴ ٍﺔ-رأﺳﻤﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻋﺎملﻴ ٍﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺪﻫﺶ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ ﻧﻔﺴﻪ .وﺑﻔﻀﻞ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺒﺎﻫﺮ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺗﺸﻴﲇ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ املﺨﺼﺨﺺ ،ﺣَ ﺬَا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٣٠دوﻟﺔ اﻟﻴﻮم ﺣﺬْ َو ﺗﺸﻴﲇ وﺣﻮﱠﻟﺖ ﻧﻤﻂ ﻧُﻈﻤﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎملﻌﺎﺷﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ إﱃ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ ﺷﺨﺼﻴ ٍﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴ ٍﺔ ﻣﺆﻳﺪ ٍة ﻟﻠﻨﻤﻮ .وﺗﻌﻜﻒ دول ﻛﱪى ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ اﻵن ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻋﲆ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺒﻨﱢﻲ ﻧﻤﻮذج املﻌﺎﺷﺎت اﻟﺘﺸﻴﲇ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ. ﻛﺎن املﻬﻨﺪس اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻬﺬه اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،ﺧﻮﺳﻴﻪ ﺑﻴﻨريا ،ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺑﺘﺸﻴﲇ ﰲ أواﺧﺮ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ .وﺑﻌﺪ ﺗﺨ ﱡﺮﺟﻪ ﻋﺎم ،١٩٧٠ا ْﻟﺘَﺤﻖ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد؛ ﺣﻴﺚ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ درﺟﺘَﻲ املﺎﺟﺴﺘري واﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .ﻋﺎد ﺑﻴﻨريا إﱃ ﺗﺸﻴﲇ ﰲ ﻋﺎم ١٩٧٥أﺳﺘﺎذًا ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ٍ ٍ ﻛﺎرﺛﺔ أزﻣﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻴﲇ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺑﺘﺸﻴﲇ ،ووﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻣﻌﱰك ﻣﻨﺘﺨﺐ ﻣﺎرﻛﴘ رﺋﻴﺲ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ﻛﱪى ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ أول ٍ ﱟ ٍ ورﻓﻊ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴٍّﺎ؛ ﺳﻠﻔﺎدور أﻟﻴﻨﺪي .ﻓﻘﺪ ﺧﻠﻘﺖ ﺳﻴﺎﺳﺎت أﻟﻴﻨﺪي اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻴ ٍﻢ ٍ ً ٍ وأﺳﻮاﻗﺎ ﺳﻮداءَ وﺗﻀﺨﻤً ﺎ ﺧﺎرﺟً ﺎ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة. أزﻣﺎت ﻟﻸﺟﻮر ورﻗﺎﺑ ٍﺔ ﻋﲆ اﻷﺳﻌﺎر، ٍ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻗﺎم اﻟﺠﻴﺶ ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﺠﻨﺮال أوﺟﺴﺘﻮ ﺑﻴﻨﻮﺷﻴﻪ وﺑﻌﺪ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻤﻲ اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﺎﻧﻘﻼب ﻋﺴﻜﺮيﱟ ﰲ ﺳﺒﺘﻤﱪ ،١٩٧٣واﻧﺘﺤﺮ أﻟﻴﻨﺪي .ﺣني أدى اﻟﺮﻛﻮد ٍ إﱃ ﺗﻔﺎﻗﻢ املﺸﻜﻼت ﰲ ﺗﺸﻴﲇ ،ﻗﺎم ﺑﻴﻨﻮﺷﻴﻪ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎء ﺑﻴﻨريا وﺻﺒﻴﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻹﻋﺎدة ﺧﻔﺾ ﺣﺎ ﱟد ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،وإﻟﻐﺎء اﻟﺘﺄﻣﻴﻢ، ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﺣﺜﱡﻮا ﻋﲆ إﺟﺮاء ٍ ٍ ﺻﺎرﻣﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﺪ املﺘﺪاول. وإﺻﻼح اﻟﻨﻈﺎم اﻟﴬﻳﺒﻲ ،وﺗﻮﺳﻴﻊ اﻟﺘﺠﺎرة ،ووﺿﻊ رﻗﺎﺑ ٍﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻴﻨﻮﺷﻴﻪ ﺗﺄﺛ ًﺮا ﺟﻴﺪًا ﺑﺨﻄﻂ ﺑﻴﻨريا ﻟﻺﺻﻼح اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺘﻲ ،ﻛﻤﺎ وﻋﺪ ،ﺳﺘﺰﻳﺪ ٍ ري ﻣﻦ ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ ﰲ ﺗﺸﻴﲇ. ﻛﺒ ٍ ﺗﻢ ﺗﻌﻴني ﺑﻴﻨريا وزﻳ ًﺮا ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ) ،(١٩٨٠–١٩٧٨ﺛﻢ وزﻳ ًﺮا ٍ إﺻﻼﺣﺎت ﻛﱪى ﰲ ﻟﻠﺘﻌﺪﻳﻦ ) (١٩٨١-١٩٨٠ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻴﻨﻮﺷﻴﻪ .وﻗﺎم ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ أرﺑﻌﺔ ﻣﺨﺼﺨﺺ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻟﻠﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ ﺗﺸﻴﲇ؛ ﻓﻮﺿﻊ أو َل ﻧﻈﺎ ٍم ٍ اﻟﺨﺎص ،وإﻋﺎدة ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،وﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ دﺳﺘﻮرﻳٍّﺎ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ .وﻛﺎن ً أﻳﻀﺎ ﻣﺆﻳﺪًا ﺑﺎر ًزا ﻟﺪﺳﺘﻮر ١٩٨٠اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ً ﻣﻴﺜﺎﻗﺎ ﻟﻠﺤﻘﻮق وﻣﺴﺎ ًرا اﻧﺘﻘﺎﻟﻴٍّﺎ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ. وﺿﻊ ُ اﺷﺘﻬﺮ ﺑﻴﻨريا ﺑﺈﺻﻼﺣﻪ اﻟﺠﺬري ملﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ ﺗﺸﻴﲇ ،وﻫﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻤﱠ ﺖ ﻣﺤﺎﻛﺎﺗﻪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﺑﻴﻨريا ﻫﻮ رﺋﻴﺲ املﺮﻛﺰ اﻟﺪوﱄ ﻹﺻﻼح املﻌﺎﺷﺎت، وﻣﺘﻔﺮغ ﻟﻠﺨﻄﺎﺑﺔ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻻﺳﺘﺸﺎرات ﰲ ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ .وا ْﻟﺘﻘﻰ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ ﺑﻤﻌﻈﻢ ﻗﺎدة اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻹﻗﻨﺎﻋﻬﻢ ﺑﺘﻐﻴري ﺑﺮاﻣﺠﻬﻢ ﻟﻠﻤﻌﺎﺷﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ. ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻤﻞ ﻧﻈﺎم ﺗﺸﻴﲇ اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻤﻌﺎﺷﺎت؟ أدرك ﺑﻴﻨريا ،ﺑﺼﻔﺘﻪ وزﻳ ًﺮا ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ ﺗﺸﻴﲇ ،أن ﻧﻈﺎم ﴏف اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ً أوﻻ ﺑﺄول ٍ ً ﻣﺨﺘﻠﻒ ورﺑْﻂ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﻔﻠﺴﺎ .وﻗﺮر ﺻﺒﻴﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ اﻟﺴري ﰲ اﺗﺠﺎ ٍه ﻛﺎن ﺑﺎﻻﺷﱰاﻛﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ )ﻣﺒﺪأ املﺴﺎءﻟﺔ( .ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﺗُﻮﺟﱠ ﻪ اﻷﻣﻮال املﺴﺘﺜﻤَ ﺮة ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﻌﻤﺎل إﱃ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﻠﻜﻬﺎ اﻟﻌﻤﺎل .وﻛﺎن املﻮﻇﻔﻮن ﻣﻄﺎ َﻟﺒني 68
ﻛﻴﻒ ﺻﻨﻌﺖ ﺗﺸﻴﲇ ﺛﻮرة ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ-رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ
ﺑﺎﻟﺘﱪﱡع ﺑ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﺟﻮرﻫﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﺳﺘﺜﻤﺎر ﺣﺘﻰ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻃﻮاﻋﻴﺔ .وﻛﻤﺎ دول أﺧﺮى ،ﺗُﺨﺼﻢ اﻻﺷﱰاﻛﺎت ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﻋﺎﺋﺪات اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻌﻔﺎة ﻣﻦ ﰲ ٍ اﻟﴬاﺋﺐ إﱃ ﺣني ﺳﺤﺒﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ .وﻋﻨﺪ ﺑﻠﻮغ ﺳﻦ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ — اﻟﺬي ﻳﺤﺪده اﻟﻌﺎﻣﻞ؛ إذ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ِﺳ ﱞﻦ ﻣﺤﺪدة ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ ﰲ ﺗﺸﻴﲇ — ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ أن ﻳُﺤﻮﱢل ﻗﻴﻤﺔ ﺣﺴﺎﺑﻪ إﱃ ﺗﺄﻣني ﻣﻌﺘﻤﺪ ٍة ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻪ ً دﺧﻼ ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﻟﺒﻘﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ .وﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻌﺎش ﺳﻨﻮيﱟ ﻣﻦ ﺧﻼل ﴍﻛﺔ ٍ ٍ ً ً داﻋﻲ ﻟﻠﻤﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺬي ﻳﺤﻴﺎ ﺣﻴﺎة ﻃﻮﻳﻠﺔ أن ﻳﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن ﻧﻔﺎد اﻷﻣﻮال ،وﻟﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻴﺰة ﻻ َ إدارة اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻪ ﺧﻼل ﺳﻨﻮات ادﺧﺎره. ً ﺻﻨﺪوﻗﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني إدارة ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﺑني ٢٠ ٌ ُ ﺧﺎﺻﺔ ﺗُﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ إﻳﻪ إف ﺑﻲ )وﻫﻮ اﺳﻢ ﻣﺄﺧﻮذ ﻣﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎر ﴍﻛﺎت ﻣﺸﱰ ًﻛﺎ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ ٍ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﺪﻳﺮي ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﻌﺎﺷﺎت( .وﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني اﻷﺳﻬﻢ واﻟﺴﻨﺪات واﻟﺪﱠﻳﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ واﻷﺳﻬﻢ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،وﻫﻲ اﻷﺣﺪث .وﻟﻬﻢ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻣﻦ ٍ ﻣﻌﺎﺷﺎت ﻵﺧﺮ .وﺗﺘﻤﻴﺰ ﴍﻛﺎت إﻳﻪ إف ﺑﻲ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺸﺪﻳﺪ ،وﻟﻢ ﻳﺤﺪث أن ﺻﻨﺪوق ﺗﻌ ﱠﺮ ْ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺿﺖ أيﱞ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻺﻓﻼس .وﻳُﻠ َﺰم اﻟﻌﻤﺎل ﺑﺘﻨﻮﻳﻊ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﻢ ﻋﲆ ٍ ٍ ﺻﻨﺪوق واﺣﺪ .وﰲ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮل ﺑﻴﻨريا» :ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻜﺜﻒ ﰲ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺮﻛﻴﺰ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﻢ ٍ ٍ ﻣُﺰﻣﻌً ﺎ ُ ﻟﺨ ﱠ ﻄﺘﻨﺎ أن ﺗﻜﻮن ﺟﺬرﻳﺔ )وﺛﻮرﻳﺔ( ﰲ اﻷﺳﻠﻮب ،وﻣﺘﺤﻔﻈﺔ وﺣﻜﻴﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ. ﻧﺤﻦ ﻧﺜﻖ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﺳﺎذﺟني .ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺮف أﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﴍﻛﺎت ﻗﺪ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ املﺸﺘﻘﺎت املﺎﻟﻴﺔ وﺗﺨﴪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﻮال .وﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺮﻳﺪ أن ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ 1 ُ ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﻌﺎﺷﺎت أﻣﻮا َل اﻟﻌﻤﺎل ﰲ املﺸﺘﻘﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة«. ٍ ﻛﻴﻒ ﺗَ ﱠ ﺗﻨﺎﻓﴘ ﺑﺈدار ٍة ﺧﺎﺻﺔ؟ ﻣﻌﺎﺷﺎت ﻮﺻﻞ ﺻﺒﻴﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ إﱃ ﻓﻜﺮة إﻧﺸﺎء ﻧﻈﺎم ﱟ ﻣﻦ املﺪﻫﺶ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻜﺮ َة ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن .ﻟﻘﺪ ﺟﺎدل ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ،اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم ﻷﺳﺒﺎب اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ١٩٦٢ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ« ،ﺿﺪ ﻧﻈﺎم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ٍ ً ﺑﺪﻳﻼ 2 .وﺑﺤﺴﺐ أرﻧﻮﻟﺪ ﻫﺎرﺑﺮﺟﺮ ،اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ، وأﺧﻼﻗﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳُﻘﺪﱢم ﻓﻘﺪ ﻧﺒﻌﺖ ﻓﻜﺮة اﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﻣﻦ ﺧﻄﻂ املﻌﺎش اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﻤﻌﻠﻤني ،املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ راﺑﻄﺔ اﻟﺘﺄﻣني واملﻌﺎﺷﺎت اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻤني/ﺻﻨﺎدﻳﻖ أﺳﻬﻢ املﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺎت ،ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ؛ ﺣﻴﺚ ﻳُﻌ َﺮض ﻋﲆ أﻋﻀﺎء ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني اﻷﺳﻬﻢ واﻟﺴﻨﺪات .ورأى اﻷﺳﺎﺗﺬة واﻟﺨﺮﻳﺠﻮن اﻟﺘﺸﻴﻠﻴﻮن ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ املﻌﺎﺷﺎت اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ 3 ﻟﻠﻤﻌﻠﻤني ﻧﺎﺟﺤﺔ ،وﺗﺒﻨﱠﻰ ﺑﻴﻨريا اﻟﻔﻜﺮة. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﱰة ﺗﺤﻮ ٍﱡل إﱃ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﺸﻴﻠﻴﺔ ﺗﻌﺮض ﻋﺎﻣﻞ ﻣﺘﻘﺎﻋﺪ .وﻛﺎن اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﰲ ﻣﻌﺎش ﻛ ﱢﻞ أدﻧﻰ ﺣ ﱟﺪ ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن ﻋﲆ ِ ٍ 69
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪ ٍة ﻳُﻤﻨﺤﻮن ﺧﻴﺎ َر اﻟﺒﻘﺎء ﰲ اﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﱪﱠﻋﻮن ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ إﻗﺮار املﻨﻈﻮﻣﺔ .أﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺘﻘﻠﻮن إﱃ املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ﺳﻨﺪ ٍ ﻛﺎن ﻳﻘ ﱡﺮ ﺑﺎﺷﱰاﻛﺎﺗﻬﻢ ﰲ املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻤﺎل ﻳﺘﻘﺎﻋﺪون ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﴫف ﻟﻬﻢ ﺳﻨﺪاﺗﻬﻢ ﻧﻘﺪًا. ﺗﻢ ﺗﺪﺷني ﺧﻄﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ املﺨﺼﺨﺺ ﰲ ١ﻣﺎﻳﻮ ،١٩٨١اﻟﺬي ﻳﻮاﻓﻖ ﻳﻮم ﻋﻴﺪ اﻟﻌﻤﺎل ﰲ ﺗﺸﻴﲇ وﻣﻌﻈﻢ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻛﺎن ﻳﻔﱰض أن ﺗُ ﱠ ﺪﺷﻦ ﰲ ٤ﻣﺎﻳﻮ ،وﻟﻜﻦ ٍ ﺑﻴﻨريا ﱠ ﻟﺤﻈﺔ ﻟﻴﺼﺒﺢ ١ﻣﺎﻳﻮ .وﻋﻦ ذﻟﻚ ﻗﺎل» :ﺣني ﺗﺴﺎءل زﻣﻼﺋﻲ ﻋﻦ ﻏري املﻮﻋﺪ ﰲ آﺧﺮ ُ أوﺿﺤﺖ ﻟﻬﻢ أن ﻳﻮم ١ﻣﺎﻳﻮ ﻳُﺤﺘﻔﻞ ﺑﻪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻴﻮ ٍم ﻟﻠﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺴﺒﺐ، ُ وأﺧﱪت اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ،ﺣني ﻳﺤﺎرب اﻟﻌﻤﺎل أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﻞ وﻛﺄن ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. زﻣﻼﺋﻲ» :ﻟﻨﺒﺪأ ْ ﻫﺬه املﻨﻈﻮﻣﺔ ﰲ ١ﻣﺎﻳﻮ ،ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻦ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﻴﻮم اﻟﻌﻤﺎل 4 ٍ ﻛﻴﻮ ٍم ﺣ ﱠﺮر ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻤﺎ ُل َ رﺳﻤﻠﺔ ﺑﺈدار ٍة ﺧﺎﺻﺔ««. أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻧﺘﻘﻠﻮا إﱃ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﺰاﻳﺎ اﺗﺒﺎع اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﺸﻴﲇ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻴﲇ أوﱃ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺬﻫﻠﺔ؛ ً ﺻﻨﺪوﻗﺎ ﻣﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻓﻘﺪ ﺻﺎر ٩٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻴﻮم ﻣﻘﻴﺪًا ﰲ ٢٠ اﻟﺨﺎﺻﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ .وارﺗﻔﻊ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ اﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ) ١٩٨١ﻗﺎرن ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ اﻟ ١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ( .وﻋﲆ اﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ،ﻋﻤﱠ ْ ﻘﺖ ﺧﻄﺔ ﺗﺸﻴﲇ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ ﺳﻮق رأس ﻣﺎل اﻟﺪوﻟﺔ ﱠ وﺣﻔﺰت اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﺻﻌﺪ ﻣﻌﺪل املﺪﺧﺮات املﺤﲇ إﱃ ٢٦ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ،وزاد ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٨٤ﻓﺼﺎﻋﺪًا .واﻟﻴﻮم ﻳﺘﺠﺎوز إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﺸﻴﲇ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﺷﺎت ١٢٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ،ﺑﻤﺎ ﻳﻤﺜﱢﻞ ٨٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﺘﺸﻴﲇ. إن ﺗﺸﻴﲇ ،ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﺗُﻘﺪﱢم ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻳُﺤﺘﺬى ﻟﻠﺨﺼﺨﺼﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ملﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن ً ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ووﻓﻘﺎ ﻟﺒﻴﻨريا ،ﻓﺈن ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻧﻈﺎم اﻟﺪﻓﻌﺎت إﱃ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. ﱟ ٍ ﻟﻼدﺧﺎر ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ زﻳﺎد ُة ﺗﻜﻮﻳﻦ رأس املﺎل وزﻳﺎدة زﺧﻢ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮيﱟ ٍ ً ٍ ري ﴏاﺣﺔ ﻋﲆ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وإن ﻛﺎن ﺳﻴﻨﻄﻮي ﻣﺸﻜﻼت اﻧﺘﻘﺎﻟﻴ ٍﺔ ﺧﻄري ٍة أﻓﺪحَ ﺑﻜﺜ ٍ 70
ﻛﻴﻒ ﺻﻨﻌﺖ ﺗﺸﻴﲇ ﺛﻮرة ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ-رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻣﻤﺎ واﺟﻬﺘﻬﺎ دوﻟﺔ ﺗﺸﻴﲇ اﻟﺼﻐرية .وﻻ ﻳﺰال ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳﻌﺎرﺿﻮن ﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺘﺠﺮﺑﺘﻪ ﻋﲆ ﻧﺴﺒ ٍﺔ ﺻﻐري ٍة ﻣﻦ ﴐاﺋﺐ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟريَوْا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،اﻗﱰح اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻮرج دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش أن ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻧﻘﻄﺘني ﻣﺌﻮﻳﺘني ﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ إﱃ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻋﺘﻤﺎد ﻣﴩوع اﻟﻘﺎﻧﻮن .وﻗﺪ أﻳ ْ ﱠﺪت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻨﻤﻮذجَ ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ملﺎ أوردﺗﻪ »ﺑﻴﺰﻧﺲ وﻳﻚ« )ﻗﺼﺔ اﻟﺘﺸﻴﲇ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﺠﻠﺔ »ﺗﺎﻳﻢ« و»ﺑﻴﺰﻧﺲ وﻳﻚ«؛ اﻟﻐﻼف» :اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي :ﻣﻘﱰح« ،ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٦ﻳﻮﻟﻴﻮ ،(١٩٩٦ ،ﻓﺈن ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻀﻤﺎن ٍ ِ ادﺧﺎر ﻓﺮدﻳﺔ؛ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌ ﱢﺰ َز ﻣﻤﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺗﺘﻤﻢ ﺑﺤﺴﺎﺑﺎت ﺧﻄﺔ ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ إﱃ ٍ املﺪﺧﺮات اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ وﻳَﺰﻳﺪ املﻤﺘﻠﻜﺎت واملﻌﺪﱠات واملﺼﺎﻧﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑﺤﻠﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮي .وﺳﻴﻜﻮن ﻋﺎم ،٢٠٢٠وﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ٍ ﱡ ري ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ رأس اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﻀﺨﻢ ﻟﻸﻣﻮال ﰲ أﺳﻮاق اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺤ ﱡﺪ ﻣﻦ ﺷﺄن ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ املﺎل وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺮاﺣﻞ ﺑﻤﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، رودي دورﻧﺒﻮش ،اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ داﻋﻤً ﺎ ﻗ ﱡ ﻂ ﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ،ﻣﺆﻳﺪًا ﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻟﺪورﻧﺒﻮش، اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻤﺎ املﺼﺪرﻳﻦ اﻷﺳﺎﺳﻴني ﻟﻠﻨﻤﻮ؛ اﻟﻨﺎﺗﺞ رﻓ َﻊ اﻷﺟﻮر اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻴُﻘﺪﱢم ٍّ ﺣﻼ ﻃﻮﻳ َﻞ ﺳﻮف ﻳﺪﻋﻢ ﺗﻜﻮﻳ ُﻦ رأس املﺎل ِ 5 املﺪى ملﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ اﻟﺬي ﻳﺘﺂﻛﻞ «.وﻳﻌﺘﻘﺪ ﺧﻮﺳﻴﻪ ﺑﻴﻨريا أن اﻟﺪﻓﻌﺔ اﻟﻜﱪى ﻹﺻﻼح اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺳﻮف ﺗﺄﺗﻲ إذا ﺗﺒﻨ ﱠ ِﺖ اﻟﺼني ﻧﻈﺎم اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ »ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺳﺘُﻀﻄﺮ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﱃ اﻟﺘﺤﺮك؛ وإﻻ ﻓﺴﺘﺘﺨﻠﻒ ﻛﺜريًا«. ﱡ ﻟﻨﻠﻖ َ ﻳﺤﺚ ﺑﻌﺾ اﻵن ﻧﻈﺮة أﻋﻤﻖ ﻋﲆ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وملﺎذا ِ ٍ ﻟﺠﺮاﺣﺔ ﺟﺬرﻳﺔ. اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻋﲆ إﺧﻀﺎﻋﻬﺎ
71
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس
اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﺻﻼح اﻟﻀﲈن اﻻﺟﺘﲈﻋﻲ
ﻫﻨﺎك ﻣﻨﻄﻖ ﻗﻮي وراء املﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﻘﻠﻴﺺ دور املﻮازﻧﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﺗﻮﻓري اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻷدﻧﻰ ﺣﺪ. ﻓﻴﺘﻮ ﺗﺎﻧﺰي وﻟﻮدﺟﺮ ﺷﻮﻛﻨﻴﺸﺖ
1
ُ ٍ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ» :ﺑﺮﻓﻊ اﻷﻳﺪي، ﺳﺄﻟﺖ ﺟﻤﻬﻮ ًرا ﻣﻦ ﻋﺪة ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻣﺎﱄ ﱟ ﻋُ ﻘﺪ ﻣﺆﺧ ًﺮا، ﰲ ٍ ﻛﻢ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ؟« ﻟﻢ ﺗُﺮﻓﻊ ﻳ ٌﺪ واﺣﺪة .ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﺴﺎءﻟﺖ: »ﻛﻢ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ؟« ﻓﺮﻓﻊ ﻧﺼﻒ اﻟﺤﻀﻮر أﻳﺪﻳَﻬﻢ )ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄن ﻣﻌﻈﻢ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ املﺆﺗﻤﺮات املﺎﻟﻴﺔ ﻳﺘﺠﺎوزون ٦٥ﻋﺎﻣً ﺎ(. ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺴﺎءﻟﺖ» :ﻛﻢ ﻣﻨﻜﻢ ﺳﻮف ﻳﺤﺼﻞ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ؟« ﻓﺎرﺗﻔﻌﺖ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻳﺪي .وأﺧريًا ﺗﺴﺎءﻟﺖ» :ﻛﻢ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻴُﺪرج ْ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻳﺪي! ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻪ؟« ﻓﺠﺄ ًة ً ُ وأﺧﺬت أﻓ ﱢﻜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪة ﻣﺮات .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻛﻞ املﻮﺟﻮدﻳﻦ ﰲ اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻟﺤﻈﺔ دراﻣﻴﺔ، ﻛﺎﻧﺖ إﻣﺎ ﱠ ﻳﺘﻠﻘﻮْن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ،وإﻣﺎ ﻣﻦ املﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ٍ إﻋﺎﻧﺎت ﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣ ٍﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻴُﻘﻴﱠﺪ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻏﺬاﺋﻴﺔ. ﻟ َﻢ ﻻ؟ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن ﻫﺆﻻء املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ املﻮﴎﻳﻦ ﻏري ﻣﺴﺘﺤﻘني ﻟﻺﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ؛ ﻓﱪﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻫﻮ أﺣﺪ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ اﻷﺷﺪ دوﻻر ﻓﻘ ًﺮا؛ وﻫﻨﺎك ﺑﺤﺚ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ املﺴﺘﺤﻘني )وﺗﻘﺪر اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺑﻨﺤﻮ ٢٥أﻟﻒ ٍ ﻷﴎ ٍة ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ أﻓﺮاد( ،وﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﴬون املﺆﺗﻤﺮات اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻟﻴﺴﻮا ٍ ٍ إﻋﺎﻧﺎت ﻏﺬاﺋﻴﺔ .أﻣﺎ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ، ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺟﺪول :1-6ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ) .املﺼﺎدر :إدارة اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ وزارة اﻟﺰراﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ املﻮازﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .ﺑﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺎم .٢٠٠٢أﻣﺎ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻷﺧﺮى ،ﻓﻬﻲ ﻟﻌﺎم (.٢٠٠٤ اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ )ﺑﺎملﻼﻳني(
املﺘﻠﻘﻮن اﻟﺤﺎﻟﻴﻮن )ﺑﺎملﻼﻳني(
إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ
اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
١٥٣٫٨
٥٢٫٢
٤٩١٫٥ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر
اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ
١٥٧٫٥
٤٠
٢٩٧٫٤ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر
ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ
٢٣٫٩
٢٣٫٩
٢٧ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر
ﻓﻬﻤﺎ ﺧﻄﻂ ﻟﻠﺘﺄﻣني اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻌﺎم .وﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺪﻓﻌﻮن ﴐاﺋﺐ ﻟﻬﺬه اﻟﱪاﻣﺞ ،وﰲ ﺳﻦ ٦٥ﻋﺎﻣً ﺎ )وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ( ﻳﺴﺘﻔﻴﺪون ﻣﻦ ﻣﺰاﻳﺎ اﻟﱪاﻣﺞ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﺤﻤﱡ ﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ واﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﻢ؛ ﻓﻬﻞ ﻫﻨﺎك أي ﻏﺮاﺑ ٍﺔ ﰲ أن اﻟﻨﺎﺧﺒني ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ﺣﻴﺎل اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﻠﻘﻬﻢ ﺑﺸﺄن اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ؟ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 1-6اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﻮاﺿﺢ ﺑني ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ. ﻟ َﻢ ﻻ ﻳُﻄﺒﻖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »رﻋﺎﻳﺔ ﻏﺬاﺋﻴﺔ«؟ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺟﺪﻳ ٍﺪ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺑﻤﻘﱰح َﻫﺐْ أن رﺋﻴﺲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗَﻘﺪﱠم ٍ ٍ ً أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻈﺮيﱟ إﱃ أﻧﻪ ﺑﻤﺎ أن اﻟﻄﻌﺎم أﻛﺜﺮ »اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ«! ﺣﻴﺚ ﻳﺬﻫﺐ ٍ ْ أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ أو أﻣﻮال اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ،ﻳﺠﺐ إذن ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻮاﻃﻦ ﱟ ٍ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ وﺗﻌﻤﻴﻤﻪ ،ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺟﻤﻴﻊ املﻮاﻃﻨني ﻣﺴﺘﺤﻘني ﻟﻺﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ وﻳﺪﻓﻌﻮن ﻟﻠﱪﻧﺎﻣﺞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﺑﺎﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔَ . وﻫﺐْ أن اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻗﺪ واﻓﻖ وأﻗ ﱠﺮ ﺗﴩﻳﻌً ﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؛ ِﺑﻨﺎءً ﻋﻠﻴﻪً ، ٍ إﻋﺎﻧﺎت ﻏﺬاﺋﻴﺔ ،ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﺒﺪأ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ٢٤ﻣﻠﻴﻮن أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ١٥٨ﻣﻠﻴﻮن ﻣﻮاﻃﻦ أو أﻛﺜﺮ ﻓﺠﺄ ًة ﰲ دﻓﻊ ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻹﻋﺎﻧﺎت ،ﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﻳُﻤﺜﱢﻞ ﻧﺤﻮ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﻴﺰاﻧﻴﺎت اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ. 74
املﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﺻﻼح اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ﰲ اﻋﺘﻘﺎدك ،ﻣﺎ اﻟﺘﺄﺛري اﻟﺬي ﺳﺘُﺨ ﱢﻠﻔﻪ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻋﲆ ً واﺳﺘﻐﻼﻻ ،وﻣﺼﺎﻟﺢَ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻐﺬاء؟ أﻟﻦ ﻧﻮاﺟﻪ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻏري ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ،وﺑريوﻗﺮاﻃﻴﺔ، ً ً ْ ً ﻨﻔﱰض أن اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺷﻤﻮﻻ؟ و ْﻟ ﻗﻮﻳﺔ ﰲ املﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳ ٍﺔ ﻏﺬاﺋﻴ ٍﺔ أﻓﻀﻞ وأﻛﺜﺮ ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﻐﻄﻲ اﻟﻮﺟﺒﺎت اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ؛ أﻟﻦ ﻳﺒﺪأ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺘﻐﻄﻴﺔ ٍ ﺑﴪﻋﺔ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق اﻟﺠﺪﻳﺪ؟ أﻟﻦ ﻳ َْﺸﻜﻮا ﻣﻦ أن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻮﺟﺒﺎت اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ ﺗﺮﺗﻔﻊ ً ﺗﺪﺧﻼ رﻫﻴﺒﺔ؟ ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﺑﻤﺠﺮد أن ﻧ َ ْﺴﻠُ َﻚ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﺳﺘﺼﺒﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﺘﻤً ﺎ أﻛﺜﺮ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻐﺬاء .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﻋﲆ ﱟ ﺣﻖ ﺣني ﻗﺎل» :اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﻌﺘﺪﻟﺔ 2 ﺗﺆدﱢي إﱃ اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ«. ﱠ ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ املﺮﻋﺐ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ .ﻓﻤﻦ املﺴﻠﻢ ﺑﻪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﺳﺘﻐﻼل وﻫﺪر ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻜﻔﺎءة ً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ً وﻫﺪر ﺑﺎﻫﻆ اﺣﺘﻴﺎل ﻣﺜﻼ ،املﻌﺮوف ﺑﻤﺎ ﻳﺸﻮﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﻠﻴﻠﺔ ٍ ٍ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ .واملﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أﻧﻪ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٩٥اﻧﺨﻔﺾ ﻋﺪد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني املﻘﻴﺪﻳﻦ ﺑﱪﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ٢٧ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ إﱃ أﻗﻞ ﻣﻦ ٢٤ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ارﺗﻔﻌﺖ دوﻻر إﱃ ٢٧ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر .وﻟﻜﻦ ﻫﻞ اﻧﺨﻔﻀﺖ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻣﻦ ٢٢٫٨ﻣﻠﻴﺎر ٍ ً إﻃﻼﻗﺎ. ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻧﻄﺎﻗﻪ أو اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ؟ ﺷﺒﻜﺔ أﻣﺎن أم ﺷﺒﻜﺔ ﺻﻴﺪ؟ إن اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﻨﺎ واﺿﺢ .ﻳﺠﺐ أن ﺗﻘﺘﴫ ﻧُﻈﻢ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ — إن ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻓﻌﻠﻴ ٍﺔ إﱃ املﺴﺎﻋﺪة .ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ وﺟﻮد ﻣﻦ اﻷﺳﺎس — ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣَ ﻦ ﻫﻢ أن ﺗﻜﻮن ﺷﺒﻜﺎت أﻣﺎن ،ﻻ ﺷﺒﻜﺎت ﺻﻴ ٍﺪ ﺗﺄﴎ اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن إﻧﺸﺎء ﻧﻈﺎ ٍم ﻟﻠﻀﻤﺎن ٍ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﺼﺒﺤﻮن ﺗﺤﺖ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ﺧﻄﺄ ً ﻓﺎدﺣً ﺎ؛ إذ ﺟﻌﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ ٍ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄن اﻟﺮﺋﻴﺲ روزﻓﻠﺖ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﺪ وﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻀﻤﺎن وﺻﺎﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ .أﻧﺎ ﻋﲆ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ ﻋﺎم ُ ١٩٣٥ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻓﻘﻂ إﱃ اﻷﻗﻞ ﺣ ٍّ ٍ ﻛﺨ ِ ﻈﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻄﺔ ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ اﻟﺘﺨﻄﻴ َ ﻂ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى املﺎدي ،ﻷﺻﺒﺢ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻦ أﺟﻮرﻫﻢ ورواﺗﺒﻬﻢ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻳُﻠﺰم داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﺑﺪﻓﻊ ٢إﱃ ٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ أﻗﴡ ٍ ﰲ »اﺷﱰاﻛﺎت« ﴐاﺋﺐ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ١٢٫٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن اﻟﻴﻮم .وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻮﻧﺴﻮن ﻗﺪ اﻗﱰح ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ املﺴﺎﻋﺪة اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮاء ﰲ ﻋﺎم ٍ ٍ ﻛﺨﻄﺔ ﻃﺒﻴ ٍﺔ/اﺳﺘﺸﻔﺎﺋﻴ ٍﺔ ﺗﻜﻤﻴﻠﻴ ٍﺔ ﺗﻘﺘﴫ ﻋﲆ املﻌﻮزﻳﻦ ،ﻟﺼﺎر داﻓﻌﻮ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ١٩٦٥ 75
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﻴﻮم ﻳﺪﻓﻌﻮن ٠٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﺟﻮرﻫﻢ ورواﺗﺒﻬﻢ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ٢٫٩ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن اﻟﻴﻮمً . ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺗ ﱠﻢ ﺗﻌﻤﻴﻢ اﻟﻨﻈﻢ؛ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻧﺘﻬﺎ ًﻛﺎ واﺿﺤً ﺎ ملﺒﺪأ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ املﺤﺪﱠد ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول. وﻷﻧﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻧﺪﻓﻊ وﻛﻠﻨﺎ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ )ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﴤَ أﺟﻠﻨﺎ( ،ﻻ ﻧﻔﻜﺮ داﺋﻤً ﺎ ٍ ﺑﻮرﺻﺔ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻋﻦ ﺑﻮﺿﻮح ﺑﺸﺄن ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :أﺧﱪﻧﻲ ﺳﻤﺴﺎر ٍ ً ﻋﻤﻴﻞ اﺗﺼﻞ ﺑﻪ وﺷﻜﺎ ﺷﻜﻮى ﻣﺮﻳﺮة ﻣﻦ ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺗﺠﺪﻳﺪ وإﺻﻼح ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ٍ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ؛ ﻓﻘﺎل ﰲ ﻏﻀﺐ» :ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎءون ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﻻ ﻳﻘﺮﺑﻮا ﺗﺄﻣﻴﻨﻲ اﻟﺼﺤﻲ!« وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﻤﺴﺎر اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﻳُﻨﺼﺖ ﰲ ﺻ ٍﱪ ُ ﻟﺨﻄﺐ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ املﻄﻮﱠﻟﺔ ،إذا ﺑﻪ ﻳُﺨﺮج ﺣﺴﺎبَ اﻟﻌﻤﻴﻞ ﻋﲆ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﺪى اﻟﻌﻤﻴﻞ ٌ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﱡ َﻞ ﻧﻔﻘﺎت ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺄﻣني ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺗَ ُﻔﻮق ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر! ﻟﻮ أن ﺑﺈﻣﻜﺎن ٍ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن اﻟﻄﺒﻲ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،ﻟﻜﺎن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ .إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﱟ ﻛﺤﻖ ﻟﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﻇﻞ ﻳﻀﻊ أﻣﻮاﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻛﺎن ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻳﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﻔﻮاﺋﺪﻫﺎ. ﺗﺨﻴﻞ ﻣﺎذا ﻛﺎن ﻳﻘﻮل ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس وأﺳﻌﺎر اﻟﻐﺬاء ﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ؟
76
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ
٤آﻻف دوﻻ ٍر ﺷﻬﺮﻳﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﲈن اﻻﺟﺘﲈﻋﻲ؟
ﺳﻮف ﻳﻈﻞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺘﻮازﻧًﺎ ﺗﻮازﻧًﺎ ﺟﻴﺪًا ﻋﲆ ﻣﺪى اﻷﻋﻮام اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ ،ﻓﻼ ﺗﺘﺪﺧﻞ! اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ … ﻣﺎ داﻣﺖ اﻷﻣﻮر ﺗﺴري ﻋﲆ ٍ ﺑﺮوﻓﻴﺴﻮر روﺑﺮت ﻛﻮﺗﻨﺮ »ﺑﻴﺰﻧﺲ وﻳﻚ« ٢٠ ،ﻓﱪاﻳﺮ١٩٩٥ ، إن روﺑﺮت ﻛﻮﺗﻨﺮ ،وﻫﻮ ﻣﻌ ﱢﻠﻖ ﺳﻴﺎﳼ وأﺳﺘﺎذ ﺳﺎﺑﻖ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ،ﻳُﻤﺜﱢﻞ أﻗﻠﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ إن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲً ، ﻣﺄزق ﺧﻼل اﻷﻋﻮام اﻟﻌﴩﻳﻦ وﻓﻘﺎ ملﻌﻈﻢ اﻟﺨﱪاءُ ،ﻣﺘﱠﺠ ٌﻪ ﻧﺤﻮ ٍ اﻟﻘﺎدﻣﺔ .وﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ إﻳﺪاﻋﻬﺎ ﰲ اﻟﺼﻨﺪوق اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻴﺊ .وﻷن املﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن أﻃﻮل؛ ﺗُ َﺸ ﱡﻦ ﻏﺎرة ﻋﲆ اﻟﺼﻨﺪوق ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎ ٍم ﺗﺪار ٍ ﻟﺪﻓﻊ ﺷﻴﻜﺎت اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺸﻬﺮﻳﺔ ملﺘﻠﻘﻴﻪ اﻟﺤﺎﻟﻴني .وﰲ ﻇﻞ اﻟﺰﻳﺎدة ﻏري اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت اﻟﺼﻨﺪوق ﻣﻦ أﺟﻞ املﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴني ،ﻓﻤﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﻔﻠﺲ املﻨﻈﻮﻣﺔ ٍ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺧﻼل اﻷﻋﻮام اﻟﻌﴩﻳﻦ إﱃ اﻟﺜﻼﺛني املﻘﺒﻠﺔ. ﰲ ﻳﺴري ﻧﻈﺎم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ :ﻳﻤﻮﱠل اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﴐاﺋﺐ ﻋﻤﻞ ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ املﻮﻇﻒ ) ٦٫٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ(، املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،وﻫﻲ ﴐﻳﺒﺔ ﻛﺴﺐ ٍ ِ َ ﺧﻄﺔ ادﺧﺎر، وﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ ) ٦٫٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ( ﺑﺎﻟﺘﺴﺎوي .ﻏري أن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻴﺲ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺮوف ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ »ﻣﺤﺪد اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت«؛ ﺣﻴﺚ ﺗُﺴﺘﺨﺪم اﻟﻮاردات اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪﻓﻊ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ .وﰲ ﻛﻞ ﻋﺎ ٍم ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٨٣ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ وﻣﺼﺎدر اﻟﺪﺧﻞ اﻷﺧﺮى ﺗﻔﻮق اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ اﻟﺼﻨﺪوق اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ )وﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻵن ﻧﺤﻮ ٢٫١ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر( .وﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﺰﻳﺎدات املﱰاﻛﻤﺔ ﰲ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻳﺎدات ﺗُﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﺳﺎﻫﻢ ﻫﺬا ﰲ ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﻌﺠﺰ ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم ،وإﺧﻔﺎء املﺴﺘﻮى اﻟﻔﻌﲇ ﻟﻠﻌﺠﺰ .وﺗﺘﻢ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠني املﺴﺘﺤﻘني ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﺧﻞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪي وإﻋﺎﻧﺎت اﻟﻌﺠﺰ؛ ﻓﺈذا ﺗُ ﱢ ﻮﰲ ﻋﺎﻣ ٌﻞ ﻣﺆﻣﱠ ٌﻦ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺤﺼﻞ ﴍﻳﻚ اﻟﺤﻴﺎة واﻷﻃﻔﺎل املﻌﺎﻟﻮن ﻋﲆ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﺒﺎﻗني ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة .وﻟﻜﻦ إذا ﺗُ ﱢ ﻮﰲ أﺣﺪ اﻷﻓﺮاد دون أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ زوﺟﺔ أو أﻃﻔﺎل دون ﺳﻦ ٢١ ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺟﻤﻴﻊ ﺷﻴﻜﺎت اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ أي إن اﻷﻓﺮاد اﻟﻌُ ﱠﺰابَ أو اﻷراﻣﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﻌﻮن أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﰲ املﻨﻈﻮﻣﺔ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻟﻦ ﱠ ﻳﺘﻠﻘﻮْا أي ﳾءٍ ﻣﻦ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎت اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ إذا ﺗُ ﱡ ﻮﻓﻮا ﻗﺒﻞ ﺳﻦ ٦٥ﻋﺎﻣً ﺎ. ﻫﻨﺎك أوﻗﺎت ﻋﺼﻴﺒﺔ ﰲ اﻧﺘﻈﺎر اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ﻓﻴﻘﺪﱠر أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،٢٠١٨ ﺳﻮف ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳ ﱢ ُﺤﺼﻠﻪ .وﺳﻮف ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﻧﺤﻮ دوﻻر ﰲ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻴﻮم ،ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻓﻮاﺋﺪ ،ﻟﺴﺪاد ﺟﻤﻴﻊ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت املﻘﺪﱠرة ﻟﻠﱪﻧﺎﻣﺞ. ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن ٍ ً ﺣﻠﻮﻻ ﻋﺪﻳﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ :رﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ،وإﻟﻐﺎء ﺳﻘﻒ اﻟﺮواﺗﺐ، وﻗﺪ اﻗﱰح اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن وﺧﻔﺾ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ،وزﻳﺎدة اﻟﺪﱠﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وإﻧﻬﺎء اﻟﱪاﻣﺞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،وﺗﻄﺒﻴﻖ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ )ﻛﻤﺎ ﻧﺎﻗﺸﻨﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ(. ﻳﻌﺎرض اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر روﺑﺮت ﻛﻮﺗﻨﺮ واﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ،وﻏريﻫﻤﺎ ﻣﻦ إﺻﻼح ﻋﲆ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن املﺪاﻓﻌني ﻋﻦ ﻧﻈﺎم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺤﺎﱄ ،إﺟﺮاءَ أي ٍ ﱠ وﻟﻜﻦ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﻛﻮن اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﻤﻌﺎﺷﺎت ﻗﺎد ًرا اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﻋﲆ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻪ أم ﻻ .إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺧﻔﺾ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، أو إرﺟﺎء اﻟﺘﻘﺎﻋﺪات ،أو ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺒﺤﺚ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،أو رﻓﻊ ﴐاﺋﺐ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى؛ ﻓﻘﺪ ﺟ ﱠﺮب اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ،وﻻ ﺗﺰال املﻨﻈﻮﻣﺔ ﻏري ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮي. ﺳﻠﻴﻤﺔ ٍ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ إن املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،وﻫﻲ أن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ رديء؛ ٍ دوﻟﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻤﺎﺛﻞ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻔﺮض ﻋﺒﺌًﺎ ﻣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺿﺨﻤً ﺎ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﻛﻞ ﻋﺎﻣﻞ وﻛﻞ ﴍﻛﺔ .وﴐاﺋﺐ ﻓﴬاﺋﺐ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺗﺴﺘﻨﺰف ﺟﻴﻮب ﻛﻞ ٍ اﻟﺮواﺗﺐ زادت ١٧ﻣﺮة ،ﻣﻦ ٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺟﻮر ﺑﺤ ﱟﺪ أﻗﴡ ٦٠دوﻻ ًرا ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٧إﱃ دوﻻر ﻛﺤ ﱟﺪ أﻗﴡ اﻟﻴﻮم .وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ١٢٫٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺎدل ١٢أﻟﻒ ٍ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ملﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ،٢٠١٥ﻳﺘﻮﻗﻊ اﻟﺨﱪاء أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺿﻄﺮار إﱃ رﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ 78
دوﻻر ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؟ ٤آﻻف ٍ
إﱃ ١٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺪﺧﻞ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺘﺂﻛﻞ ﻟﻘﺪرة اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻋﲆ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ املﺪﺧﺮات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر .ﻣﺘﻰ ﺳﻴﺘﻮﻗﻒ ﻫﺬا اﻟﺠﻨﻮن؟ ٌ ادﺧﺎر ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻻ إن املﻔﺎرﻗﺔ املﺄﺳﺎوﻳﺔ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ أﻧﻪ ﺧﻄﺔ ٍ ﺗﺴﺎﻫﻢ ِﺑ ِﺴ ٍ ﻨﺖ واﺣ ٍﺪ ﰲ املﺪﺧﺮات اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻳُﻌﺰى إﱃ ﻛﻮن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﻟﺪﻓﻊ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ً أوﻻ ﺑﺄول؛ ﻓﺎﻻﺷﱰاﻛﺎت ﺗُﴫف ﰲ اﻟﺤﺎل ﰲ ﺳﺪاد اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت. وﴐاﺋﺐ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺗﺬﻫﺐ إﻣﺎ )أ( ﻟﴫف ﻣﺴﺘﺤﻘﺎت ﻣﺘﻘﺎﻋﺪي اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺤﺎﻟﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻫﺬه اﻷﻣﻮال ﰲ ﺳﺪاد اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﻢ ،وإﻣﺎ )ب( ﻟﻠﺼﻨﺪوق اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺜﻤﺮ أﻣﻮاﻟﻪ ﰲ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﴐاﺋﺐ اﻟﺮواﺗﺐ ﺗُﺴﺘﻬ َﻠﻚ ،ﻻ ﺗُﺪﱠﺧﺮ. وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺟﻮزﻳﻒ ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ» :ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﴐﻳﺒﻲ، وﻟﻴﺲ ﺣﺴﺎب ادﺧﺎر«. اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺗﺨﻴﻞ ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻮ اﺳﺘُﺜﻤﺮت ﴐاﺋﺐ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﻔﺮدﻳﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺻﺤﺎبُ اﻷﺟﺮ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎ َر ﰲ اﻷﺳﻬﻢ واﻟﺴﻨﺪات .ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﻣﺎذا ﺳﺘﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻮ اﺳﺘُﺜﻤﺮت أﻣﻮال اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺮ؛ أي ﺻﻨﺪوق ملﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ املﺪﻓﻮﻋﺎت اﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ؟ أُﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٥ﻋﲆ ﻳﺪ وﻳﻠﻴﺎم ﺟﻲ ﺷﻴﺒﻤﺎن ،املﺪﻳﺮ ﺑﴩﻛﺔ ﺳﺘﻴﺖ ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻠﻮﺑﺎل أدﻓﻴﺰورز ،ﺑﻮﺳﻄﻦ ،ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ 1 .ﻓﻘﺪ ﻗﺎم ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺣﺎﻟﺔ اﺛﻨني ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠني ،أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺮﺑﺢ ﻧﺼﻒ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻸﺟﻮر )أي ﻧﺤﻮ ١٢٦٠٠ دوﻻر ﰲ ﻋﺎم ،(١٩٩٥واﻵﺧﺮ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻠﻤﻜﺎﺳﺐ املﻐﻄﺎة ) ٦١٢٠٠دوﻻر(. ٍ ﺳﻮف ﻳﺤﺼﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪﺧﻞ املﻨﺨﻔﺾ اﻟﺬي ﺗﻘﺎﻋﺪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٥ﻋﲆ ٥٥١دوﻻ ًرا ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .وﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﺪ ُﺳﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎر اﺷﱰاﻛﺎﺗﻪ ﰲ أﺳﻬ ٍﻢ أﻣﺮﻳﻜﻴ ٍﺔ ٍ دوﻻر ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ﻟﺒﻘﻴﺔ دﺧﻞ ﻗﻴﻤﺘُﻪ ١٣٠٠ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار ﺳﻨﻮات ﻋﻤﻠﻪ ،ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ ٍ ٍ ﺣﻴﺎﺗﻪ؛ أي ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف دﺧﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻣﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪﺧﻞ اﻷﻛﱪ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﻪ ﺳﺘﺼﺒﺢ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﻠﻮ دوﻻر ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﺪ اﺳﺘﺜﻤﺮ أﻧﻪ ﺗﻘﺎﻋﺪ اﻟﻴﻮم ،ﻟﺤﺼﻞ ﻋﲆ ١٢٠٠ ٍ دوﻻر ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ. دﺧﻞ ﻗﻴﻤﺘُﻪ ٤آﻻف اﻷﻣﻮال ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ ،ﻟﺤﺼﻞ ﻋﲆ ٍ ٍ 79
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً ووﻓﻘﺎ ﻟﺸﻴﺒﻤﺎن ،ﻟﻮ أﻧﻪ ُﺳﻤﺢ ﻟﻸﻓﺮاد ﻣﻮاﻟﻴﺪ ﻋﺎم ١٩٧٠ﺑﺄن ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ، َ املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﰲ ﴐاﺋﺐ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻻﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﻳﺴﺘﺜﻤﺮوا ﰲ اﻷﺳﻬ ِﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺳﺘﺔ أﺿﻌﺎف اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت املﻘﺮر اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ أي ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ١١٧٢٩دوﻻ ًرا ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ .ﺣﺘﻰ اﻟﻌﺎﻣﻞ ذو اﻷﺟﺮ املﻨﺨﻔﺾ اﻟﺬي ﻳﺪﱠﺧﺮ ١٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ دﺧﻠﻪ ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ )اﻓﱰﺿﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﺎﺋﺪًا ﺗﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﺆﴍات اﻷﺳﻬﻢ( .ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻳﺨﻠﺺ ﺷﻴﺒﻤﺎن إﱃ أن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞُ ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ ٌ ٌ ﻣﺄﺳﺎوﻳﺔ ﻟﻠﻤﻮارد. وﻣﻀﻴﻌﺔ رديءٌ اﻷﻣﺮ اﻷﻓﻈﻊ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻻ اﻟﻌﺎﻣﻞ ذو اﻟﺪﺧﻞ املﻨﺨﻔﺾ وﻻ اﻟﻌﺎﻣﻞ ذو اﻟﺪﺧﻞ املﺮﺗﻔﻊ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻠﻜﻴ ٍﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴ ٍﺔ ﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .إن املﺪﺧﺮات اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻤﺮﻳﺮﻫﺎ إﱃ اﻟﻮرﺛﺔ ،وﻟﻜﻦ إذا ﺗُ ﱢ ﻮﰲ أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص ﰲ ﱟ ﺳﻦ ﺻﻐرية ،ﻓﺈن »املﺴﺘﻔﻴﺪ« املﺤﺪد ً ﺳﻠﻔﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .إن ﻧﻈﺎم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﺎدل وﻣﺘﻜﺎﻓﺊ ،وﻟﻜﻦ ً ﻋﺎدﻻ إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﺎﻣﻞ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻣﺒﺎﻟﻎ ملﺪة ٣٠ﻋﺎﻣً ﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ آﺧﺮ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﻘﻠﻴﻞ أو ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﳾءٍ ﻟﻮﻓﺎﺗﻪ ﺻﻐريًا؟ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﺳﻮف ﻳ َُﻀﺦ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ٥٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﰲ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﺗُﻘﺪﱠر ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺼﻨﺪوق اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،املﻮدع ﻟﺴﺪاد اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﺑ ٢٫١ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ،وﻫﻲ ﰲ ارﺗﻔﺎع .ﺗﺨﻴﱠﻞ ﻟﻮ أﻣﻜﻦ إدارة اﻟﺼﻨﺪوق اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﺑﻴﱰ ﻟﻴﻨﺶ ،أو وارﻳﻦ ﺑﺎﻓﻴﺖ ،أو ﺣﺘﻰ ﺻﻨﺪوق ﻣﺆﴍ! ً ً ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ملﺎ ﻳﻮاﺟﻬﻪ اﻟﻀﻤﺎن ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﻘﺪ واﺟَ َﻪ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ٍ ﻋﺎﺋﻤﺔ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﺘﻮﺳﻂ أﻋﻤﺎر اﻟﻨﺎس ارﺗﻔﻊ دﻳﻮن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻴﻮم :ﻣﻠﻴﺎرات ﰲ ٍ ٍ ﻣﺤﺎﻓﻆ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﺎدم ،ﺳﻨﺮى ﻛﻴﻒ ﺑﺸﻜﻞ وأن ﺻﻨﺎدﻳﻘﻬﻢ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ٍ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﻜﱪى ﺑﺤﻞ ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ.
80
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ
ﻛﻴﻒ ﱠ ﺣﻞ اﻟﻘﻄﺎع اﳋﺎص أزﻣﺘﻪ ﻣﻊ اﳌﻌﺎﺷﺎت
ﻣﻦ ﺑني ﺟﻤﻴﻊ املﺆﺳﺴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺗُﻌﺘﱪ اﻟﴩﻛﺔ ﻫﻲ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ أُﻧﺸﺌﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻬﺪف اﻟﴫﻳﺢ اﻟﺨﺎص ﺑﺈﺣﺪاث اﻟﺘﻐﻴري وإدارﺗﻪ … ﻓﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺪﻳﺮ ﺳﻴﺊ. ﺑﻴﱰ إف دراﻛﺮ
1
ﰲ ﺧِ ﻀﻢ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺪاﺋﺮ ﺣﻮل ﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،أﻏﻔﻠﺖ ﻗﺼﺔ ،وﻫﻲ أن ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﺎص ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻗﺪ واﺟﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ املﻌﺎﺷﺎت وﻧﺠﺢ ﰲ ﺣﻠﻬﺎ. إﻟﻴﻚ ﻣﺎ ﺣﺪث .ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،أﺿﺎﻓﺖ اﻟﴩﻛﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻜﱪى ٍ ﻣﻌﺎﺷﺎت ﺳﺨﻴﺔ ﻟﱪاﻣﺞ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ ﻟﺘﻮﻓري اﻟﴬاﺋﺐ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻂ ﺧﻄﻂ ُ ري ﺧﻄﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ؛ »ﻣﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت« ﺗﺤﺎﻛﻲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﴩﻛﺎت ﺗﺪﻓﻊ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻪ املﻮﻇﻔﻮن ﻣﻦ اﺷﱰاﻛﺎت ،وﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻮال ﺗُﺠﻤﱠ ﻊ ﰲ ﱠ وﻳﺨﺼﺺ دﺧﻞ ﺗﻘﺎﻋﺪي ﺷﻬﺮي ﻟﺠﻤﻴﻊ ري ﻳﺪﻳﺮه ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻟﴩﻛﺔ، ﺻﻨﺪوق اﺳﺘﺜﻤﺎريﱟ ﻛﺒ ٍ ٍ املﻮﻇﻔني ﺣني ﻳﺘﻘﺎﻋﺪون ﻋﻨﺪ ﺑﻠﻮغ ﺳﻦ ٦٥ﻋﺎﻣً ﺎ. ﻛﺎن ﺧﺒري اﻹدارة ﺑﻴﱰ إف دراﻛﺮ واﺣﺪًا ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻟﺤﺎملني اﻟﺬﻳﻦ أدرﻛﻮا ﺗﺄﺛري ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة ﻏري املﻨﻈﻮرة ،اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »اﺷﱰاﻛﻴﺔ ﺻﻨﺪوق املﻌﺎﺷﺎت«؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻷن ﻫﺬا ٍ ﺣﺼﺔ ﻣﺘﻨﺎﻣﻴ ٍﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﴩﻛﺎت ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻮﱄ ﻋﲆ ﻣﻦ رأس املﺎل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة 2 .وﻗﺪﱠر دراﻛﺮ أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ﻣﻄﻠﻊ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻷﺳﻬﻢ واﻟﺴﻨﺪات ﺗﺤﺖ إدارة ﻣﺪﻳﺮي ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﻌﺎﺷﺎت. وﻟﻜﻦ دراﻛﺮ )اﻟﺬي ﻻ ﻳَﻐﻔﻞ اﻟﻜﺜري( ﻋﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻮﻗﻮع ﺛﻮر ٍة ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﰲ ﻣﻌﺎﺷﺎت ً ﺧﺎﺻﺔ اﻟﴩﻛﺎت؛ أي ذﻟﻚ اﻟﺘﺤﻮﱡل اﻟﴪﻳﻊ ﻧﺤﻮ ﺧﻄﻂ اﻻﺷﱰاﻛﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ املﺤﺪدة؛ ٍ ﺻﻌﻮﺑﺎت ﺧﻄري ٍة ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ؛ ﻓﻘﺪ أدرك املﺪﻳﺮون اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﻮن ﻟﻠﴩﻛﺎت وﺟﻮ َد ﺑﺨﻄﻄﻬﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ املﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ،وﻫﻲ ﻧﻔﺲ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ اﻟﻀﻤﺎن ً ً ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻊ اﻣﺘﺪاد أﻋﻤﺎر املﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ﻋﺎﺋﻤﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻴﻮم .وواﺟﻬﺖ اﻟﴩﻛﺎت دﻳﻮﻧًﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺘﺤﻔﻆ ﰲ اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وأﺳﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺪﻳﻢ أو واﺳﺘﺜﻤﺎر املﺪﻳﺮﻳﻦ ٍ أﺳﻬﻢ اﻟﴩﻛﺎت املﻤﺘﺎزة .ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻮﻇﻔني اﻟﺠﺪد ﻳﻐﻀﺒﻮن ﺣني ﻳﻨﺘﻘﻠﻮن َ ﻟﻮﻇﺎﺋﻒ أﺧﺮى أو ﻳﺘﻢ ﺗﴪﻳﺤﻬﻢ وﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻋﺪد اﻟﺴﻨﻮات املﻄﻠﻮب ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ٍ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﻣﻦ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﴩﻛﺔ .ﻓﻌﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﻈﻢ ﺧﻄﻂ اﻟﴩﻛﺎت ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﻞ .وﻗﺪ ﻓﺮض ﻗﺎﻧﻮن ﺿﻤﺎن دﺧﻞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻟﻠﻤﻮﻇﻒ ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺣﻘﻮق اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ،وﻟﻜﻦ املﺸﻜﻼت ،واﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ، ﻟﻮاﺋﺢ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺎع ﰲ ﱡ واﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑني ﻋﴫ ﺳﺎد ﻓﻴﻪ ﺧﻔﺾ أﻋﺪاد املﻮﻇﻔني، واﻟﺪﻋﺎوى اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ازدادت ﺧﻼل ٍ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ،وزﻳﺎدة ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﻤﺮ. اﻟﺤﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ :ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺗﴩﻳﻌﻲ آﺧﺮ؛ ﺣﺴﺎب اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﺑﺘﻜﺎر ﻛﺎن اﻟﺤﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﴩﻛﺎت ﻧﺎﺗﺠً ﺎ ﻓﺮﻋﻴٍّﺎ ﻋﻦ ﱟ ٍ ﱠ املﻔﻀ َﻞ ﻟﺪى اﻟﴩﻛﺎت ﻓﻴﻤﺎ اﻟﻔﺮدي .ﻓﴪﻋﺎن ﻣﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﺧﻄﻂ ) ٤٠١ﻛﻴﻪ( ﻫﻲ اﻻﺧﺘﻴﺎ َر ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺨﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ،دون وﺟﻮد إﻣﻜﺎﻧﻴ ٍﺔ ﻟﻠﱰاﺟﻊ .وﻫﺬه اﻟﺨﻄﻂ املﺤﺪدة اﻻﺷﱰاﻛﺎت ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺣ ﱡﻞ ﺟﻤﻴﻊ املﺸﻜﻼت واﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ ﺧﻄﻂ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ املﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت؛ َﻓﺘَﺤْ َﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﺧﻄﻂ ) ٤٠١ﻛﻴﻪ( ،ﻳﺘﺤﻜﻢ املﻮﻇﻔﻮن ،وﻟﻴﺲ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ املﺸﱰﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ اﻟﴩﻛﺎت ،ﰲ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺧﺘﻴﺎر ً اﺳﺘﺤﻘﺎق ﺗﺘﻘﺎﴇ رﺳﻮ َم ﻣﺒﻴﻌﺎت .وﻟﻢ ﺗَﻌُ ِﺪ اﻟﴩﻛﺎت ﺗﻮاﺟﻪ دﻳﻮﻧًﺎ ﻋﺎﺋﻤﺔ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد ٍ ﱠ ﱡ ُ ُ ﻟﻠﺘﻨﻘﻞ ﺑني اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﺘﻮﻗ ٍﻊ ﻣﻀﻤﻮن .وﺻﺎر ﻟﺪى اﻟﻌﺎﻣﻠني واملﺴﺌﻮﻟني اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳ ٍﺪ أو ﺗﺮﺣﻴﻠﻬﺎ إﱃ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ؛ إذ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﻧﻘ ُﻞ ﻣﺪﺧﺮاﺗﻬﻢ ﰲ ﺧﻄﺔ ) ٤٠١ﻛﻴﻪ( إﱃ ٍ ﺣﺴﺎب ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ ﻓﺮدي. 82
ﻛﻴﻒ ﺣ ﱠﻞ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص أزﻣﺘﻪ ﻣﻊ املﻌﺎﺷﺎت
٥٠٠٠٠ ٤٥٠٠٠
٣٥٠٠٠ ٣٠٠٠٠ ٢٥٠٠٠ ٢٠٠٠٠ ١٥٠٠٠ ١٠٠٠٠
ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص )ﺑﺎﻵﻻف(
٤٠٠٠٠
٥٠٠٠ ١٩٧٩ ١٩٨٠ ١٩٨١ ١٩٨٢ ١٩٨٣ ١٩٨٤ ١٩٨٥ ١٩٨٦ ١٩٨٧ ١٩٨٨ ١٩٨٩ ١٩٩٠ ١٩٩١ ١٩٩٢ ١٩٩٣ ١٩٩٤ ١٩٩٥ ١٩٩٦ ١٩٩٧ ١٩٩٨
٠
ﺧﻄﺔ ﻣﺤﺪدة اﻻﺷﱰاﻛﺎت ﺧﻄﺔ ﻣﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﺷﻜﻞ :1-8اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ اﻟﺨﻄﻂ املﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت؛ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻟﺨﻄﻂ املﺤﺪدة اﻻﺷﱰاﻛﺎت(.http://www.epinet.org/Issueguides/retire/charts/dbdc–600.gif) .
ً ٍ ٍ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻟﻮزارة اﻟﻌﻤﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻓﺈن أﺣﺪث ﻧﻈﻢ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت وﻓﻘﺎ ﺑﺎﻟﴩﻛﺎت ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺧﻄﻂ ﻣﺤﺪدة اﻻﺷﱰاﻛﺎت ،وﻟﻴﺴﺖ ﺧﻄ ً ﻄﺎ ﻣﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت )اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ .(1-8وﺟﻤﻴﻊ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى املﺪرﺟﺔ ﻋﲆ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻮرﺗﺸﻦ ٥٠٠ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺗﺤﻮ ْ ﱠﻟﺖ إﱃ اﻟﺨﻄﻂ املﺤﺪدة اﻻﺷﱰاﻛﺎت أو ﺧﻄﻂ »اﻟﺮﺻﻴﺪ اﻟﻨﻘﺪي« املﻬﺠﻨﺔ .وﺗﻀﻢ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﺨﻄﻂ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺟﻨﺮال ﻣﻮﺗﻮرز ،وﺑﺮوﻛﱰ آﻧﺪ ﺟﺎﻣﺒﻞ ،ودﻟﺘﺎ ً إﻳﺮﻻﻳﻨﺰ ،وﴍﻛﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ .أﻣﺎ ﴍﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ٍ ﴍﻛﺔ وﻗﺖ ﻣﺎ ٍ ﺧﻄﺔ ﻟﻠﺮﺻﻴﺪ اﻟﻨﻘﺪي ﰲ أواﺧﺮ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﺪاﺋﻢ ﻣﺪى اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮﱠﻟﺖ إﱃ 83
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً ِ ٍ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻣﻮﻇﻒ ﻣﺎﻧﺤﺔ ﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﻢ ١٠٠أﻟﻒ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ، ً ﻛﻤﺒﻠﻎ إﺟﻤﺎﱄ ﱟ إذا ﻏﺎدروا اﻟﴩﻛﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ .ﰲ ﻓﺮدﻳﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ أﺧﺬﻫﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺗﻘﺎﻋ ٍﺪ ٍ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﻻ ﻳﺰال اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻣ ﱠﺮت ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﰲ اﻟﴩﻛﺔ ﻣﺴﺘﺤﻘني ﻟﺨﻄﺔ آي ﺑﻲ إم املﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .وﻟﻜﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﴍﻛﺎت »اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ« ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ، ﻣﺜﻞ ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ ،وإﻳﻪ أو إل ،وﻫﻮم دﻳﺒﻮت ،ﻻ ﺗﻘﺪم ﺳﻮى ﺧﻄﻂ ) ٤٠١ﻛﻴﻪ( ﻓﻘﻂ. ملﺎذا ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ إﱃ إﺻﻼح ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﴩﻛﺎت ﰲ ﻣﻮﻗﻒ أﺳﻮأ َ ٍ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﻌﺎﺷﺎت .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﻈﻢ ﺧﻄﻂ اﻟﴩﻛﺎت .وﺑﻤﺎ أن أﻗﻞ ﻣﻦ رﺑﻊ إﺟﻤﺎﱄ اﻻﺷﱰاﻛﺎت ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﺻﻨﺪوق اﺋﺘﻤﺎن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻓﺈن اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ أﻗﺮب ﻷن ﻳﻜﻮن ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﻟﺪﻓﻊ ً ً اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﺳﻮف ﺧﻄﺔ ﻣﺤﺪدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت. أوﻻ ﺑﺄول ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن دوﻻر ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟ ٧٥ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻌﺎﺋﻤﺔ ،أو ﻋﺠﺰ ﴐﻳﺒﺔ اﻟﺮواﺗﺐ ٢٠ ،ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن ٍ ﻋﺎﻣً ﺎ اﻟﻘﺎدﻣﺔ .وﻣﻦ أﺟﻞ ﺳﺪاد ﻣﺴﺘﺤﻘﺎت ﻫﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﻜﺒري ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻘني اﻟﺤﺎﻟﻴني ،ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس رﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ﻣﺮا ًرا إﱃ أن وﺻﻠﺖ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ إﱃ ١٢٫٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺟﻮر، وﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺮﻫﻘﺔ ،وﺳﻮف ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﱃ رﻓﻊ ﴐاﺋﺐ اﻟﺮواﺗﺐ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ أﺧﺮى ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ٢٠١٥ﻟﺴﺪ اﻟﻌﺠﺰ املﺘﺰاﻳﺪ 3 .ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺧﻄﻂ اﻟﴩﻛﺎت ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻻﺷﱰاﻛﺎت. ﻳُﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ ﺳﻮء إدارة اﻟﺼﻨﺪوق اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺣﺘﻰ إن اﻟﺨﱪاء ﻳﺸريون إﱃ أن اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺴﻨﻮي ﻋﲆ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻳﺒﻠﻎ ٣٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷزواج ذوي اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻮاﺣﺪ ،و ١٫٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻟﻸزواج ﻣﺰدوﺟﻲ اﻟﺪﺧﻞ وداﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻏري 4 املﺘﺰوﺟني. ِ اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﺮدﻳ ٍﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﺧﻄﻮ ًة ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻻ ﺷﻚ أن ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ إﱃ ٍ ﰲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺳﻴﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺗﺸﻴﲇ و ٣٠دوﻟﺔ أﺧﺮى ﺑﺨﻄﻂ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ .وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ ،ﻻ ﺗﻤﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ — ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ — إﱃ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻻﺑﺘﻜﺎر .وﻛﻤﺎ ﻳﺸري دراﻛﺮ» :ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺣﺠﻤً ﺎ أﻛﱪ 5 ً وﺛﻘﻼ أﻋﻈﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻗﻮ ًة أو ذﻛﺎءً«. 84
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ
اﳌﺼﺎدر اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة ﻫﻞ املﺎل ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ؟
ﻟﻘﺪ ﻣﻠﻠﺖ اﻟﺤﺐ ،وﻣﻠﻠﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﰲ .وﻟﻜﻦ املﺎل ﻳﻤﻨﺤﻨﻲ اﻟﴪور داﺋﻤً ﺎ. ﻫﻴﻠﺮ ﺑﻴﻠﻮك ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ، ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀ َﻞ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ ﺑﺎدﺧﺎر املﺰﻳﺪ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر إذا ﻛﺎن ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ٍ ٍ ﻓﻼ ﺷﻚ أن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﻄﻠﻊ إﱃ ﺳﻨﻮاﺗﻬﻢ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ .إن ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ املﺎل ﰲ ﻓﱰة اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن أﻣ ًﺮا ﻃﻴﺒًﺎ .وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺎل أن ﻳﺸﱰيَ اﻟﺴﻌﺎدة؟ ﻟﻘﺪ ري ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ؛ ﻓﻤﻦ املﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ املﺘﻨﺎﻣﻴﺔ اﺗﺠﻬَ ِﺖ اﻷﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﱃ ﺟﻮاﻧﺐَ ﻏ ِ اﻟﺘﻲ اﺗﺠﻪ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻫﻮ ذﻟﻚ املﻄﺮوح ﰲ املﺠﺎل املﻌﺮوف ﺑ »اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻌﺎدة« .وﻗﺪ ﺻﺎدﻓﺖ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﺸﻮﻳﻖ ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺴﻌﺎدة واﻻﻗﺘﺼﺎد: ﻛﻴﻒ ﻳﺆﺛﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎد واملﺆﺳﺴﺎت ﻋﲆ ﺳﻌﺎدة اﻹﻧﺴﺎن ورﻓﺎﻫﻴﺘﻪ« ،ﻟﻌﺎﻟِﻤَ ﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺮوﻧﻮ إس ﻓﺮاي وأﻟﻮﻳﺲ ﺷﺘﻮﺗﴪ .إﻧﻪ ﻛﺘﺎب ﻣﺘﺨﺼﺺ ،ﻳﺤﻮي اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺨﻄﻄﺎت اﻟﺒﻴﺎﻧﻴﺔ َ ﻗﻴﺎس اﻷرﺑﺎح واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ املﺎدﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻗﻴﺎس ﻣﺸﺎﻋﺮ واملﻨﺤﻨﻴﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ،إﻻ أن ﻫﺪﻓﻪ ﻟﻴﺲ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺠﺮﻳﺪًا. واﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت املﺆﻟﻔني واﺿﺤﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري» :اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﻫﻲ أن اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺪﺧﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ارﺗﺒﺎط ﻣﻮﺟﺐ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ 1 «.ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﻗﺪ ﻻ ﻳﺸﱰي املﺎ ُل ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﴍ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﱢ ﻓﺮص اﻟﺴﻌﺎد َة ﻳﻮﻓﺮ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ املﺰاﻳﺎ واﻟﻔﻮاﺋﺪ ،ﻛﺘﻮﻓري ٍ ٍ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ وﺳﻜﻦ ،ورﻋﺎﻳ ٍﺔ وﻣﻜﺎﻧﺔ أﻋﲆ ﰲ املﺠﺘﻤﻊ ،واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺴﻔﺮ واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻐﺬاءٍ، أﻛﱪ، ٍ ﺻﺤﻴ ٍﺔ ،وﺗﺮﻓﻴ ٍﻪ أﻓﻀﻞ .وﻳﺸري اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت إﱃ أن اﻷﺷﺨﺎص اﻷﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً ﻳﻨﻌﻤﻮن ً ٍ ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت ﺑﺤﻴﺎ ٍة أﻃﻮل .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،املﺎل ﻳﺤﻘﻖ ٍّ أذﻛﺮ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﺗﺒﻴ ُ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻣﺎدﻳٍّﺎ .ﻛﺎن ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﻦ أﻳﺎم ﱠﻨﺖ ﻓﻴﻪ أﻧﻨﻲ ﺳﻮف أﺻﺒﺢ ﺪت إﱃ املﻨﺰل وﻗﺪ ُ اﻟﺼﻴﻒ ﰲ أواﺧﺮ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ﺣني ﻋُ ُ ﱠﻣﺖ ﻟﺰوﺟﺘﻲ أﻛﺜﺮ ُ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺑﺪأﺗﻪ .وﰲ ﻏﻀﻮن ﻋﺎم، ﻣﴩوع ﻟﻠﻄﻠﺐ ﻋﱪ اﻟﱪﻳﺪ ﻣﻦ اﺛﻨﻲ ﻋﴩ ﺷﻴ ًﻜﺎ ﻣﻦ ٍ ﻣﻨﺰل ﻟﻨﺎ ،ﺑﺄﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﺛﻤﻨﻪ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ١٩٨٤ﴏﻧﺎ ﻧﺎﺟﺤَ ْني اﺷﱰﻳﻨﺎ أول ٍ ً ﻛﺎﻣﻠﺔ )ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﻃﻔﺎل( إﱃ ﺟﺰر اﻟﺒﻬﺎﻣﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ »اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ« .ﻟﻘﺪ ﺑﻤﺎ ﻛﻔﻞ ﻟﻨﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﺎﺋﻠﺘﻨﺎ ﻣﻨﺤﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ »اﻷﻣﺎن املﺎدي« ﺟﻮ وآن وإﻳﺎي ﺷﻌﻮ ًرا راﺋﻌً ﺎ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﻧﺘﻘﺎﻋﺪ ﺑﺎملﻌﻨﻰ املﻔﻬﻮم؛ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﻐﻞ وﻗﺖ ﻓﺮاﻏﻨﺎ ﰲ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،واﻹﺑﺤﺎر ،وﻗﻀﺎء ٍ وﻗﺖ ٍ وﻣﺪرﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﻌﻤﻞ اﻟ َﻜﻨَﴘ 2 .وﰲ ﻣﻊ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ،واﻻﻧﺨﺮاط ﰲ أﻧﺸﻄﺔ املﴪح املﺤﲇ، اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﺪﻧﺎ إﱃ اﻟﱪ اﻟﺮﺋﻴﴘ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ اﺳﺘﻤ َﺮ ْرﻧﺎ ﻋﲆ وﺿﻌﻨﺎ ﺷﺒﻪ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪي. ملﺎذا ﻳﺸﻌﺮ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻔﻘﺮاء ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ 1-9اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﺪﺧﻞ واﻟﺴﻌﺎدة ﻋﱪ اﻟﺪول. ٍ اﻟﺪول اﻟﻔﻘرية أﻗ ﱠﻞ ﺷﻌﻮ ًرا ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺪول اﻟﻐﻨﻴﺔ .وأﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب وراء ذﻟﻚ ً ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﻌﻨﻒ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﻼﻳَﻘِني .وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻓﺮاي ﻫﻮ أن اﻟﺪول اﻟﻔﻘرية ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن أﻛﺜ َﺮ وﺷﺘﻮﺗﺰر» :ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻟﻔﺮد دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺎت ً ﻣﻜﻔﻮﻟﺔ أﻛﺜﺮ اﺳﺘﻘﺮا ًرا ﻋﻦ اﻟﺪول اﻟﻔﻘرية … ﻓﻜﻠﻤﺎ ارﺗﻔﻊ اﻟﺪﺧﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺸﻜﻞ أﻛﱪ ،وﻣﺴﺘﻮى اﻟﺼﺤﺔ أﻓﻀﻞ ،وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ أﻛﺜﺮ ﻋﺪاﻟﺔ .وﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺗُﺴﻬﻢ ٍ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ،واﻟﺼﺤﺔ ،وﻋﺪاﻟﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﰲ رﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺴﻌﺎدة ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع 3 اﻟﺪﺧﻞ«. وﻟﻜﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ ﻳﺸري ً ٍ ٍ ﻣﺘﻀﺎﺋﻠﺔ ﰲ اﻟﺴﻌﺎدة. ﻋﺎﺋﺪات أﻳﻀﺎ إﱃ أن املﺎل ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ إن اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﺎرﺗﻔﺎع اﻟﺪﺧﻞ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد أن ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﺪٍّا ﻣﻌﻴﻨًﺎ ،ﻳﺼﺒﺢ ﺗﺄﺛري اﻟﺪﺧﻞ ﻋﲆ اﻟﺴﻌﺎدة ﻣﺤﺪودًا أو ﻣﻨﻌﺪﻣً ﺎ .وﻗﺪ واﺟﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺛﺮﻳﺎء ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻀﺎؤل اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻫﺬا ،وﻫﻢ ﻟﻴﺴﻮا أﻛﺜ َﺮ ﺳﻌﺎد ًة ﻣﻦ أرﺑﺎب اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑﺄي ﺣﺎل .ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ ٍ ﺗﻌﺎﺳﺔ ﺗﺎﻣﱠ ﺔ .وﻳﺨﻠﺺ ﻓﺮاي وﺷﺘﻮﺗﺰر ﻣﻦ ذﻟﻚ إﱃ أن »اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺘﻲ اﻷﺛﺮﻳﺎء ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻊ اﻷﺷﻴﺎء املﺎدﻳﺔ زاﺋﻠﺔ«. 86
املﺼﺎدر اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة
٩ ٨
٦ ٥
اﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﻴﺎة
٧
٤ ٥٠٠٠ ١٠٠٠٠ ١٥٠٠٠ ٢٠٠٠٠ ٢٥٠٠٠ ٣٠٠٠٠ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﲆ ﺗﻌﺎدل اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻋﺎم ١٩٩٥ﺑﺎﻟﺪوﻻر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ
٠
٣
ﺷﻜﻞ :1-9اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﺴﻌﺎدة وﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻟﻔﺮد) .املﺼﺪر :ﺑﺮوﻧﻮ إس ﻓﺮاي» ،اﻟﺴﻌﺎدة ﺑﺘﴫﻳﺢ ﻣﻦ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن(. واﻻﻗﺘﺼﺎد« .أُﻋﻴﺪت ﻃﺒﺎﻋﺘﻪ ٍ
اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة ﻋﻈﺔ ﻋﻦ »املﺼﺎدر اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة« .ﻛﺎن َ ً ُ ٍ اﻟﻘ ﱡﺲ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، ﺳﻨﻮات ﻗﺮأت ﻣﻨﺬ واﻟﱰوﻳﺢ ،واﻟﺤﺐ ،واﻟﻌﺒﺎدة .ﻣﺎذا ﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪ؟ ً ً ﻋﻠﻴﻚ ً أوﻻ ،واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﲆ ﻟﺴﺎﻧﻪ ،أن ﺗﺠﺪ ﻋﻤﻼ ﻣُﺠﺰﻳًﺎ وﴍﻳﻔﺎ ﻛﻲ ﺗﻜﻮن ﺳﻌﻴﺪًا؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد وإﻧﺸﺎء املﴩوﻋﺎت ﻳﻮﻓﺮان اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻓﺎﺋﺾ ﺛﺮوة .ووﺟﻮد ﻣﺎل ﰲ ً إﺣﺴﺎﺳﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ﺑﺎﻷﻣﺎن ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﺎ ﺗﺸﺎء .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻚ ﻳﻤﻨﺤﻚ ذﻟﻚ ،ﺗﻮﺿﺢ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ،ﰲ ﻇﻞ اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻻ ﻳُﻘﺪﱢﻣﻮن ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ وﻻ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ. 87
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً راﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺛﺎﻧﻴًﺎ ،ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﱰوﻳﺢ ﺷﻴﺌًﺎ أﺳﺎﺳﻴٍّﺎ ﻟﺴﻌﺎدﺗﻚ .وﻣﻦ املﻔﻴﺪ أن ﺗﺄﺧﺬ آن ﻵﺧﺮ؛ ﻓﺎﻻﺳﱰﺧﺎء واﻷﻧﺸﻄﺔ ﻋﻨﺎﴏ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﺴﻌﻴﺪة .واﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ٍ ﻳﻘﻀﻮن وﻗﺘًﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم ﰲ اﻟﻌﻤﻞ وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻻﺳﺘﺠﻤﺎم ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ أو أﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﺑﺎملﻨﺰل ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺘﻌﺔ اﻻﺳﺘﺠﻤﺎم وﺑﻬﺠﺘﻪ ﺑﻬﻮاﻳﺔ ،أو رﻳﺎﺿﺔ ،أو ً ٍ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ أوﻗﺎﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﻨﴗ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻟﻌﺐ اﻟﻜﺮة ﻧﺸﺎط آﺧﺮ .إن اﻟﺴﻔﺮ ،أو أي اﻟﻠﻴﻨﺔ أو ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻣﻊ اﻷﺻﺪﻗﺎء ،واﻟﺴﻔﺮ ﻣﻊ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﻋﻄﻠﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﺳﺒﻮع ،أو زﻳﺎرة أﺣﺪ ﻣﺤﺎ ﱢل اﻟﻜﺘﺐ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ ،ﻳﻌﺪ اﻟﺤﺐ واﻟﺼﺪاﻗﺔ ً ﺷﺨﺺ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ أﻳﻀﺎ ﻋﻨﴫﻳﻦ ﻣﻬﻤني ﻟﻠﺴﻌﺎدة؛ ﻓﻜﻞ ٍ ﺷﺨﺺ ﻳﺄﺗﻤﻨﻪ ﻋﲆ أﴎاره ،وﻳﻘﴤ وﻗﺘًﺎ ﻣﻌﻪ ،وﻳﺘﻌ ﱠﻠﻢ ﻣﻨﻪ ،وﻳﺴﱰﺟﻊ ﻣﻌﻪ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت، وﻳﺒﺎدﻟﻪ اﻟﺤﺐ .واﻟﺤﺐ واﻟﺼﺪاﻗﺔ ،ﰲ ﻧﻈﺮ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ،ﻳﺴﺘﻐﺮﻗﺎن وﻗﺘًﺎ وﻣﺠﻬﻮدًا. ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺒﺬل ﺟﻬﺪًا ﻟﺒﻨﺎء ﺻﺪاﻗﺎت ،وﻟﻜﻦ ﻋﻮاﺋﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻚ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ أﺑﺪًا. وأﺧريًا اﻟﻌﺒﺎدة .إن ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﺪى املﺮء ﴐورﻳﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة .ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ إﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ اﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﳾء ،وﻟﻜﻨﻲ أرى أﻧﻬﻢ ﻳﻔﺘﻘﺪون أﺣ َﺪ ﻣﺒﺎﻫﺞ ٍ ﻋﻈﺔ راﺋﻌﺔ ،وإﻧﺸﺎد اﻟﱰاﻧﻴﻢ ،واﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻛﻼم ﷲ ،واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨريي، اﻟﺤﻴﺎة؛ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﱃ واﻟﺘﴬﱡ ع إﱃ ﷲ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻌﻮﻧﻪ ﰲ ﺣ ﱢﻞ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻌﻤﻞ أو املﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ. ﻣﺒﻬﺞ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ املﴪﺣﻲ اﻟﻨﺮوﻳﺠﻲ ﻫﻨﺮﻳﻚ دﻋﻨﻲ أﺧﺘﺘﻢ ﻫﺬا املﻘﺎل ﺑﻤﻘﻄﻊ ﺷﻌﺮيﱟ ٍ ٍ إﺑﺴﻦ ،اﻟﺬي ﺳ ﱠﻠﻂ اﻟﻀﻮءَ ﻋﲆ دور املﺎل ﺑﻤﻨﻈﻮره اﻟﺼﺤﻴﺢ: ﻗﺪ ﻳﻜﻮن املﺎ ُل ﻗﴩ ًة ﺗُﻐ ﱢﻠﻒ أﺷﻴﺎءَ ﻛﺜرية ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ اﻟﻨﻮاة. إﻧﻪ ﻳﺠﻠﺐ ﻟﻚ اﻟﻄﻌﺎم ،وﻟﻴﺲ اﻟﺸﻬﻴﺔ؛ اﻟﺪواء ،وﻟﻴﺲ اﻟﺼﺤﺔ؛ املﻌﺎرف ،وﻟﻴﺲ اﻷﺻﺪﻗﺎء؛ َ اﻟﺨﺪَم ،وﻟﻴﺲ اﻹﺧﻼص؛ أﻳﺎ َم اﻟﻔﺮح ،وﻟﻴﺲ اﻟﺴﻼم أو اﻟﺴﻌﺎدة.
88
اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ
اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺪﺧﻠﻮن ﻗﺎﻋﺎت اﺟﺘﲈﻋﺎت اﻟﴩﻛﺎت
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺎﻫﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﰲ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻤﻴﺰاﻧﻴﺎت اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﴩﻛﺎت؟ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ؛ ﻓﻘﺪ أﺛﱠﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺒﻨﱢﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻟﻘﻴﺎس ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻟﺮأس املﺎل ،وﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺑني أﻗﺴﺎم اﻟﴩﻛﺔ ،وﺗﺸﺠﻴﻊ املﺪﻳﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﺗﺤﻔﻴﺰ ﻣﺮءوﺳﻴﻬﻢ ﺑﺨﻴﺎرات اﻷﺳﻬﻢ و»ﺣﻘﻮق اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار« ،وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺘﻤﻠﻚ ،وﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﻬﺪر وﻋﺪم اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﴩﻛﺎت، واﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ ،وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت وﻣﺰاﻳﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠني .وﻳﻘﺪم اﻟﻔﺼﻼن اﻟﻘﺎدﻣﺎن ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻋﻦ ﻛﻴﻒ ﻳ ﱢ ُﻐري رﺟﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﺎﻟﻢ اﻟﴩﻛﺎت ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ
ﲢﺴﲔ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﳌﻀﺎﻓﺔ
ٌ ﴍﻛﺔ ﻣﺎ رﺑﺤً ﺎ أﻛﱪ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ رأس ﻣﺎﻟﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺨﴪ. إﱃ أن ﺗﺪ ﱠر ﺑﻴﱰ إف دراﻛﺮ ﻋ ﱠﻠﻖ ﻛﺎﺗﺐ املﻘﺎل )واﻻﻗﺘﺼﺎدي( اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي واﻟﱰ ﺑﻴﺠﻬﻮت ذات ﻣﺮ ٍة ً رﺟﻞ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻣﺎ ﻣﻦ ٍ ً رﺟﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻣﻄﻠﻘﺎ«. ﺣﻘﻴﻘﻲ ﰲ ﻗﺮارة ﻧﻔﺴﻪ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻷﳻ ملﻮت إﻧﺠﻠﻴﺰيﱟ ِ ﱟ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺤﻠﲇ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ وﻣﺪﻳﺮي اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاﺣﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ رﺑﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮون ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮ َر ﺣﻴﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﱠ ﺗﻮﺻﻠﻮا إﱃ ﻓﺮﺿﻴﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء وأﺛﺒﺘﻮا أن ٩٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﺘﺨﺼﺼني ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟﺘﻔﻮﱡق ﻋﲆ ﻗﺮ ٍد ﻣﻌﺼﻮب اﻟﻌﻴﻨني ﰲ اﺧﺘﻴﺎر اﻷﺳﻬﻢ .ﻻ ﻳﺤﺐ ﻣﺤﻠﻠﻮ وول ﺳﱰﻳﺖ ذوو اﻷﺟﻮر املﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻬﻢ ﺑﻘﺮو ٍد ﻋﻤﻴﺎء ،وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﻮ ٍد ﻣﻦ اﻟﱰاﺷﻖ املﺤﻤﻮم ﺑني وول ﺳﱰﻳﺖ وأﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻧﺠﺪ أن أرﺑﺎب اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻠﻢ اﻟﻮاﺳﻊ ﺑﺼﺪد اﻟﻔﻮز ﰲ اﻟﻨﺰاع؛ ﻓﻘﺪ ﺻﺎرت ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﺆﴍات اﻟﻴﻮم — وﻫﻲ اﻵﻟﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﻔﻀﻠﺔ ﻟﻸﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﻴني — اﻟﻘﻄﺎ َع اﻷﴎ َع ﻧﻤﻮٍّا ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ،ﺑﺮﻏﻢ ٍ ﺗﻌﺪﻳﻼت ﻋﲆ ﻣﺎ أﴍﻧﺎ إﻟﻴﻪ ﰲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ أن ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻗﺪ أدﺧﻠﻮا ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻒء. وﻟﻌﻞ أﺣﺪث املﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻃﻔﺖ ﻣﻊ ﻛﻠﻤﺎت واﻟﱰ ﺑﻴﺠﻬﻮت ﻫﻢ املﺤﺎﺳﺒﻮن؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪى اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ ،أﺧﺬ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﻘﺎﺑﻌﻮن ﰲ اﻟﱪج اﻟﻌﺎﺟﻲ )ﺗﺤﺪﻳﺪًا اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺪ ﱢرﺳﻮن ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺎﻟﻴﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ( ﰲ اﻟﻬﺠﻮم ﻋﲆ أﻗﺴﺎم املﺤﺎﺳﺒﺔ ،ﻣﻨﺘﻘﺪﻳﻦ إﻳﺎﻫﺎ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
َ َ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻔﺮﺻﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻟﺮأس املﺎل؛ أي املﺒﻠﻎ اﻟﺬي اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻟﻌﺪم وﺿﻌﻬﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣَ ُ ٍ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ. ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎر أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﰲ ﻤﻠﺔ اﻷﺳﻬﻢ ﻛﺴﺒَﻪ ٍ ﻫﻞ اﻷرﺑﺎح املﺤﺎﺳﺒﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؟ ٍ ﻟﺴﻨﻮات ﻣﻦ أن املﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗُﺸﻮﱢه اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﺷﺘﻜﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺳﻌﺮ ﻟﻘﻴﻢ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﰲ ﺗﻘﺎرﻳﺮ أرﺑﺎﺣﻬﺎ وﻛﺸﻮف ﻟﻠﴩﻛﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪم إدراج ٍ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ؛ ﻓﻤﺒﺎدئ املﺤﺎﺳﺒﺔ املﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻌﺎدﻳﺔ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ .وﻋﲆ ذﻟﻚ ﺗﺼﺪر اﻟﴩﻛﺎت املﻄﺮوﺣﺔ ﻟﻠﺘﺪاول اﻟﻌﺎ ﱢم ﺗﻘﺎرﻳ َﺮ رﺑ َﻊ ﺳﻨﻮﻳ ٍﺔ ﱢ ﺗﻮﺿﺢ وﺟﻮد ﻣﻜﺎﺳﺐَ ﻛﺒري ٍة ﻫﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺧﺴﺎﺋﺮ» .إن اﻷرﺑﺎح اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻻ ﺗﺒﺪأ إﱃ أن ﺗﻜﻮن اﻟﴩﻛﺎت ﻗﺪ ﻏﻄﺖ ﻋﺎﺋﺪًا ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر «.ﻫﻜﺬا ﻳُﴫﱢ ح آل إرﺑﺎر ،ﻧﺎﺋﺐ أول رﺋﻴﺲ ﻣﺴﺘﺸﺎري ﴍﻛﺔ ﺳﺘرين ﺳﺘﻴﻮارت آﻧﺪ ﻛﻮ ،املﺘﺨﺼﺼني ﰲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ، 1 وﻫﻲ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻘﻴﺎس أداء اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ. ﻣﺎ املﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ؟ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ )وﺗﺴﻤﱠ ﻰ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ ،ﻫﻲ ﻣﻘﻴﺎس دﻗﻴﻖ ﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺮﺑﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،أو اﻟﺪﺧﻞ املﺘﺒﻘﻲ(، ٍ ً ٍ ﻏﺎﻣﻀﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺳﻮى ﻟﺴﻨﻮات ﻣﻔﻬﻮﻣً ﺎ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻟﺮأس املﺎل .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ .وﻳﺸري ﻣﺼﻄﻠﺢ »ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ« ،اﻟﺬي ﺻﺎﻏﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻨﻤﺴﺎوي ﻓﻌﻞ ﺑﴩيﱟ ﻓﺮﻳﺪرﻳﺶ ﻓﺎﻳﺰر ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،إﱃ املﺒﺪأ اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄن أي ٍ ﻓﺮص أﺧﺮى؛ ﻓﺤني ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ ﺳﻬﻢ ،أو ﺗﻘﺮض ً ﻣﺎﻻ ،أو ﺗﺼﺪر ﻣﻨﺘﺠً ﺎ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﺨﻠﻴًﺎ ﻋﻦ ٍ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ .ﻓﺈذا اﺳﺘﺜﻤﺮت ﰲ ﺳﻬ ٍﻢ ﻣﻦ أﺳﻬﻢ ﺟﺪﻳﺪًا ،ﺗﺘﺨﲆ ﻋﻦ ﻓﺮﺻﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ٍ ﴍﻛﺎت اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ املﺤﻠﻘﺔ ﰲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺸﱰيَ أذون ﺧﺰاﻧﺔ .وإذا ﺑﻨﻴﺖ ﻣﺒﻨًﻰ ٍ ٍّ ﻟﺴﻨﻮات ﰲ اﻹﻧﺸﺎءات وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ ﰲ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﻤﻜﺎﺗﺐ ،ﻓﺈن أﻣﻮاﻟﻚ ﺗﻈﻞ ﻣﻘﻴﺪ ًة ﴍﻛﺔ إﻳﻪ ﺗﻲ آﻧﺪ ﺗﻲ. ً ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﻋﻤﻠﻴٍّﺎ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺪﻳﻢ وﻧﻈﺮﻳﺔ املﺎﻟﻴﺎت ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻗﺪﱠم أﺗﺒﺎع املﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ ﻣﻔﻬﻮم ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ،وﻗﺎم ﻣريﺗﻮن إﺗﺶ ﻣﻴﻠﺮ وﻓﺮاﻧﻜﻮ ﻣﻮدﻳﺠﻠﻴﺎﻧﻲ ،اﻟﺤﺎﺻﻼن ﻋﲆ ﻧﻮﺑﻞ ،ﺑﺘﻄﺒﻴﻘﻪ ﰲ ﻧﻤﻮذﺟﻬﻤﺎ ﻟﻠﴩﻛﺎت ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺮأس املﺎل .وﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،اﺑﺘﻜﺮ ﺟﻲ ﺑﻴﻨﻴﺖ ﺳﺘﻴﻮارت ﻛﻤﻌﻴﺎر ﻣﺎﱄ ﱟ ﻟﻘﻴﺎس ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻔﺮص ﰲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ٍ اﻟﺨﺎﺻﺔ. 94
ﺗﺤﺴني اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ
وﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ أﻣﺮ ﺑﺴﻴﻂ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ وذﻟﻚ ﺑﻄﺮح أرﺑﺎح اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ﺑﻌﺪ اﻟﴬاﺋﺐ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ رأس املﺎل املﻼﺋﻤﺔ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺪﱠﻳﻦ واﻷﺳﻬﻢ اﻟﻌﺎدﻳﺔ .ﻓﺈذا أﺻﺪرت إﺣﺪى اﻟﴩﻛﺎت َدﻳْﻨًﺎ ،ﻓﺈن ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﻌﺪل ﻓﺎﺋﺪة ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ )اﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ اﻵن ٤إﱃ ٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ( ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺨﺎﻃﺮة اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﺠﻬﺔ اﻹﺻﺪار .وإذا أﺻﺪرت اﻟﴩﻛﺔ ﺳﻬﻤً ﺎ ،ﻓﺈن ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺗُﻘﺎس ﺑﺎﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺴﻨﻮي ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻋﲆ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ ،اﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ ١٠إﱃ ١٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﺗﺪرك اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺮﺑﺤﻮا ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻣﺨﺎﻃﺮة رأس املﺎل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري. أﺿﺎﻓﺖ ﻗﻴﻤﺔً ْ ْ رﺑﺤﺖ إﺣﺪى اﻟﴩﻛﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺗﻠﻚ ،ﺗﻜﻮن ﻗﺪ إذا ْ وﺻﻨﻌﺖ ﺛﺮوة ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎءت ﻋﺒﺎرة »اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ملﺴﺎﻫﻤﻴﻬﺎ املﻀﺎﻓﺔ« .وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ ،ﻓﺈن املﺴﺎﻫﻤني واﻻﻗﺘﺼﺎد ً ٍ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻸرﺑﺎح .وﺧﻼف ذﻟﻚ ،ﻳﺘﻌني إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻳﺤﻘﻘﺎن ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺔ أن ﺗﻐﻠﻖ وﺗﺴﺘﺜﻤﺮ أﻣﻮال ﻣﺴﺎﻫﻤﻴﻬﺎ ﰲ أذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ أو ﰲ إﺣﺪى ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﺆﴍات .وﻛﻤﺎ ﻳُﴫﱢ ح اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ ﺟﻮن ﻛﺎي» :ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻟﻦ ﺗﺘﻤﻜﻦ ٍ ﺳﻮق ﺗﻨﺎﻓﺴﻴ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻘﺎء ،وﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺣﺘﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﰲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻔﻖ ﰲ إﺿﺎﻓﺔ ٍ 2 اﻟﺒﻘﺎء«. ً ﺣﺴﻨﺎ ،ﻣﺎ اﻟﻨﻔﻊ اﻟﺬي ﺗﺴﺪﻳﻪ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ملﺪﻳﺮي اﻟﴩﻛﺎت إذن؟ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻋﲆ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﺳﺘﺤﻮاذ املﺤﺘﻤﻠﺔ ،وﺧﻄﻂ اﻟﺘﻮﺳﻊ ،واﻷﺻﻮل ﻏري اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ذات اﻟﻬﺎﻣﺶ واﺿﺢ ﺣني ﺗﻮﺿﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﰲ ﺑﺸﻜﻞ اﻟﺮﺑﺤﻲ املﻨﺨﻔﺾ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﺪ ﱡر أرﺑﺎﺣً ﺎ ٍ ٍ اﻻﻋﺘﺒﺎر .ﻛﺬﻟﻚ ﺗُﺴﺘﺨﺪم اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻛﻨﻈﺎ ٍم ﺗﺤﻔﻴﺰيﱟ ﻟﻠﻤﺪﻳﺮﻳﻦ واملﻮﻇﻔني؛ إذ ﻳﺘﻢ رﺑﻂ املﻜﺎﻓﺂت ﺑﺎملﻜﺎﺳﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺘﺤﻘﻘﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺎملﻜﺎﺳﺐ املﺤﺎﺳﺒﻴﺔ، وﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻓﻌﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ. ﱠ ً ٍ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﴩﻛﺎت؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺗﻄﻮرات ﺣﻘ َﻘ ِﺖ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻋﲆ ٣٠٠ﴍﻛﺔ ﻛﱪى ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻛﻮﻛﺎﻛﻮﻻ ،وإﻳﲇ ﻟﻴﲇ ،وﻫﻮل ﻓﻮدز ﻣﺎرﻛﺖ ،ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻛﺄدا ٍة ﻣﻦ أدوات ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ رأس املﺎل ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻓﻜﺮة أن اﻷرﺑﺎح ﻻ ﺗﺒﺪأ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن اﻟﴩﻛﺎت ﻗﺪ ﻏ ﱠ ﻄﺖ ﻋﺎﺋﺪﻫﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ .وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻣﺤﻠﻠﻮ وول ﺳﱰﻳﺖ َ َ َ ٍ املﻀﺎﻓﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺟﻬﺎت أﺧﺮى، ﰲ ﺟﻮﻟﺪﻣﺎن ﺳﺎﻛﺲ وﻓﺮﺳﺖ ﺑﻮﺳﻄﻦ ،ﻣﻦ ﺑني ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻹرﺑﺎر ،ﺗﺘﻨﺒﱠﺄ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﺑﺄداء اﻷﺳﻬﻢ وﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻷﺳﻬﻢ؛ 95
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻣﺤﺎﺳﺒﻲ آﺧﺮ ،وﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻋﲆ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻌﺎدﻳﺔ، ﻣﻘﻴﺎس اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أي ٍ ﱟ ﱡ واﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﻨﻘﺪي ،واملﻜﺎﺳﺐ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺳﻬﻢ ،أو املﺒﻴﻌﺎت .ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ٍ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻢ، ﺑﺸﻜﻞ أوﺿﺢَ ﻋﲆ ﺧﻠﻖ املﻀﺎﻓﺔ ﻋﲆ ﺟﻌْ ﻞ ﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﴩﻛﺎت ﻳُﺮﻛﺰون ٍ وﺳﻌﺮ أﻋﲆ ﻟﻠﺴﻬﻢ .وﺗُﺼﺪر ﴍﻛﺔ ﺳﺘرين ﺳﺘﻴﻮارت ،وﻫﻲ ﴍﻛﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ٍ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ،ﺗﻘﺮﻳ ًﺮا ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻷﻛﱪ ١٠٠٠ ٍ ٍ وﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪ ٍة ﺗﺼﺪرت إﻧﺘﻞ املﺮﺗﺒﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﴍﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. املﻀﺎﻓﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺬﻳﻠﺖ ﺟﻨﺮال ﻣﻮﺗﻮرز اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ. اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﺗﻔﻮز ﺑﺎملﻌﺮﻛﺔ ً ً ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺪﱠم ﺑﻬﺎ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﻗﺒﻀﺔ ﻻ ﻳﺰال املﺤﺎﺳﺒﻮن ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻟﻠﴩﻛﺎت ،وﻟﻜﻦ ﻧﺠﺎح ﻣﺆﴍ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ أرﻏﻤﻬﻢ ﻋﲆ اﻻﻧﺘﺒﺎه .ﻓﺼﺎرت ﺧﻤﺲ ﴍﻛﺎت ﻣﺤﺎﺳﺒ ٍﺔ ﺗُﻘﺪﱢم إﺣﺼﺎءً ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﻋﲆ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻟﻌﻤﻼﺋﻬﺎ. وﺗﻀﻢ ﻣﻌﻈﻢ ﻛﺘﺐ املﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻗﺴﻤً ﺎ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ،أو ذﻛﺮ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ اﻟﺮﺑﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،أو اﻟﺪﺧﻞ املﺘﺒﻘﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻄﺒﻌﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻮرد أي ٍ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ أو ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ. أﺗﺮﻳﺪ املﺰﻳﺪ؟ ا ﱠ ﻃ ِﻠ ْﻊ ﻋﲆ ﻛﺘﺎب إرﺑﺎر اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ »اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ«، أو ﻛﺘﺎب ﺟﻮن ﻛﺎي اﻟﺮاﺋﻊ »ملﺎذا ﺗﻨﺠﺢ اﻟﴩﻛﺎت« .واﻧﻈﺮ ً أﻳﻀﺎ .www.eva.com إﻧﻨﻲ أﺣﺐ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ .واﻟﴩﻛﺎت املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺒﺪو أﻓﻀ َﻞ أداءً ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﺜﺮوات واﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻢ .وﻟﻜﻦ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻣﺜﺎﻟﺐ؛ ﻓﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ً املﻀﺎﻓﺔ ﺗﻀﻊ ﺿﻐ ً ﻫﺎﺋﻼ ﻋﲆ ﻣﺪﻳﺮي اﻟﴩﻛﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻧﺠﺎز اﻟﻔﺎﺋﻖ وﺧﻠﻖ ﻣﺮاﻛ َﺰ ﻄﺎ ٍ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻔﻮق ﴍﻛﺘﻚ أو رﺑﺢ رﺑﺤﻴ ٍﺔ ﱟ داﺋﻤﺔ ﻓﻮق املﺘﻮﺳﻂ .ﺗﺨﻴ ْﻞ ﻋﺪم ﺗﺤﻘﻴﻖ ٍ ﻗﺴﻤﻚ ﻋﲆ ﻣﺆﴍ داو ﺟﻮﻧﺰ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻟﻠﻌﺎم املﺎﴈ .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻣ ًﺮا ﻣﺤﺒ ً ﻄﺎ .ﺗُﺮى ﻛﻴﻒ ﺳﺘﺒﺪو اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ﻟﴩﻛﺘﻚ ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻘﺎدﻣﺔ؟ أﻣﺮ ﻗﺪ ﻳﺤري اﻟﻌﻘﻮل! ﻗﺪ ﻳﺮﻏﺐ ﺑﻌﺾ املﺪﻳﺮﻳﻦ ﰲ اﻻﻧﻀﻤﺎم إﱃ ﻣﺤﻠﲇ وﻣﺤﺎﺳﺒﻲ وول ﺳﱰﻳﺖ ﰲ إﻃﻼق اﻟﻨﺎر ﻋﲆ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻜﺌﻴﺒني.
96
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ
ﻛﻴﻒ ﺳﺎﻫﻢ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﰲ إﻧﺸﺎء ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﱂ ﴍﻛﺔ أﻛﱪ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﻌﻠﻢ املﻔﺎﻫﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ،واﻟﻘﻴﻤﺔ َ ُ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﰲ ﴍﻛﺘﻲ. ﺑﺪأت اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،واملﻴﺰة اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ،إذ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﻄﺮيﱟ ٍ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك» ،ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺠﺎح« )(٢٠٠٧ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺬي رﻓﻀﻪ اﻟﺒﻨﺎءون ﻗﺪ ﺻﺎر ﺣﺠﺮ اﻟﺰاوﻳﺔ. املﺰﻣﻮر ٢٢ :١١٨ ً ﺗﻌﻠﻴﻘﺎ ﻋﲆ ﻗﺎدة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨﺎص ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ املﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ« ،ﻗﺎل ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﺑﻨﱪ ٍة ﺟﺎﻓﺔ» :ﻫﻨﺎك اﺗﺼﺎل اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺤﺪود ﺑني رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻨﺎﺟﺤني و ُﻛﺘﱠﺎب اﻷﻣﺔ اﻟﺒﺎرزﻳﻦ وﻓﻨﱠﺎﻧﻴﻬﺎ وﻋﻠﻤﺎﺋﻬﺎ .ﻓﻤﻌﻈﻢ »اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ 1 واﻷﻓﻜﺎر««. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻴﺰس ﺳﻴﺠﺪ اﺳﺘﺜﻨﺎءً ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺠﺴﺪًا ﰲ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك ،املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ذي اﻟ ٧١ﻋﺎﻣً ﺎ اﻟﺬي ﺣﻮﱠل ﴍﻛﺔ واﻟﺪه ﻟﺘﻜﺮﻳﺮ اﻟﺒﱰول واﻟﻮﻗﻮد اﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﰲ وﻳﺘﺸﻴﺘﺎ ﺑﻮﻻﻳﺔ ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻫﻲ »ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت« ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﴍﻛﺔ ﻛﺎﻧﺴﺎس ،إﱃ أﻛﱪ ٍ ملﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺨﺘﺎر ٍة ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴني .وﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻄﻤﻮﺣﺔ ﻣﻮﺳﻊ ﺑﺄﻗﻮال اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني واملﻔﻜﺮﻳﻦ ﺑﺸﻜﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ »ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺠﺎح« )وﻳﲇ آﻧﺪ ﺻﻨﺰ( ٍ ٍ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴني أﻣﺜﺎل آدم ﺳﻤﻴﺚ ،وﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﻫﺎﻳﻚ ،وﺟﻮزﻳﻒ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ،وأﻟﱪت أﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ، ٍ ﻣﺮات ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺪ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس وداﻧﻴﺎل ﺑﻮرﺳﺘني ،وﻣﺎﻳﻜﻞ ﺑﻮﻻﻧﻲ ،ﻛﻤﺎ اﻗﺘﺒﺲ ﺳﺖ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
املﺆ ﱠﻟﻒ ﻣﻦ ٩٠٠ﺻﻔﺤﺔ؛ »اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺒﴩي« .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ آﻳﻦ راﻧﺪ ﺳﺘﻔﺨﺮ ﺑﺠﻮن ﺟﺎﻟﺖ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺪﻳﺚ. إن ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ املﺄﺛﻮرة »اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻌﻤﻠﻴﻮن ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ ٍ ﺣِ ﱟﻞ ﻣﻦ أي ﺗﺄﺛريات ﻓﻜﺮﻳﺔ ،ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻋﺒﻴﺪًا ﻻﻗﺘﺼﺎديﱟ راﺣﻞ«؛ 2ﺗﻨﻄﺒﻖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ٍ ﻣﴩوع ﻏﺎﻣﻀﺔ إﱃ ﻋﲆ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك؛ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻋﺒﻘﺮﻳٍّﺎ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻧﻈﺮﻳ ٍﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ٍ ﻣﺮﺑﺢ ،وﻫﺬا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻛﻮك ،ﻣﺴﺘﻌﻴﻨًﺎ ﺑﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﱪج اﻟﻌﺎﺟﻲ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ ٍ ٍ ﻣﺴﺠﻠﺔ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ »اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﻋﻼﻣﺔ أﺳﻠﻮب ﺗﺠﺎريﱟ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻹﻧﺸﺎء ٍ اﻟﺴﻮق«. ﺗﺄﺛري املﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ َ ﻣﺪارس ﺗﻤﻨﺢ درﺟﺔ ملﺎذا املﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ؟ أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻮل إﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣُﺘﺨﺮج ﰲ ﻛﻠﻴ ٍﺔ أو املﺎﺟﺴﺘري ﰲ إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﻋﻦ ﻣﻴﺰس ،وﻫﺎﻳﻚ ،وﻏريﻫﻤﺎ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﻫﺬه املﺪرﺳﺔ ا ُملﻨَﺎدِ ﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮر ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد )رﺑﻤﺎ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﺟﻮزﻳﻒ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ،اﻟﺬي اﺷﺘُﻬﺮ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ﻋﻦ »اﻟﺘﺪﻣري اﻟﺨﻼق«( .ﺣﺎد اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﻮن ﻋﻦ املﺠﺎل اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ إﺑﱠﺎن ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ، وﻳﻐﻴﺐ ذﻛﺮﻫﻢ ﻋﻦ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ )وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻛﺘﺎﺑﻲ اﺳﺘﺜﻨﺎءً ﻟﺬﻟﻚ(؛ ﻓﻌﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻤﺴﺎوي ،ﺑﱰﻛﻴﺰه ﻋﲆ اﻻﺧﺘﻼل ،و»اﻟﺘﺪﻣري اﻟﺨﻼق« اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ ،ورأس املﺎل ﻣﻜﺎن ﻣﺤﺪو ٍد ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم املﺘﻐري ،واﻻﺧﺘﻼﻻت اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ ،واملﺠﺎﻣﻴﻊ اﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺳﻮى ٍ اﻟﺬي ﻳﺴﻮده ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﻜﻴﻨﺰي ،واملﺠﺎﻣﻴﻊ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،وﺑﻨﺎء ﻧﻤﻮذج اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻴﺎﳼ. وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن ﻗﺎدة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ دراﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻤﺴﺎوﻳني ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳُﻌ ﱢﻠﻤﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ .ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻛﻮك ،املﻌﺮوف ﺑﻜﻮﻧﻪ ﻗﺎرﺋًﺎ ﻧﻬﻤً ﺎ ،ﻗﺪ اﻛﺘﺸﻒ ﻣﻴﺰس وﻫﺎﻳﻚ ً ٍ درﺟﺎت ﻋﻠﻤﻴ ٍﺔ ﰲ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﻣﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﻠﻔﻴﺘﻪ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ )ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻞ ﻛﻮك ﻋﲆ ﺛﻼث ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ( ،إذ إن ﺗﺮﻛﻴﺰ املﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج و»اﻟﺘﺪﻣري اﻟﺨﻼق« اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ ،ﻳﺮوق ﻟﻠﻤﻬﻨﺪﺳني. َ املﺮﻓﻮض اﻟﺬي أﺻﺒﺢ املﺤﻮر اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﺪى ﻛﻮك؛ ﻓﺎﻵﻻف ﻳﻌﺪ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﻮن ﻫﻢ اﻟﺤﺠ َﺮ ﻣﻦ ﻣﻬﻨﺪﳼ وﻣﺪﻳﺮي ﻛﻮك اﻟﻴﻮم ﻳُﺪ ﱢرس ﻟﻬﻢ ﻣﻴﺰس وﻫﺎﻳﻚ .وﻣﻨﺬ ﻋﺎﻣني ،أﻧﺸﺄ ﻛﻮك ﻣﻌﻬ َﺪ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ وﻻﻳﺔ وﻳﺘﺸﻴﺘﺎ )(www.mbminstitute.org؛ ﺣﻴﺚ املﻨﻬﺞ اﻟﻨﻤﺴﺎوي ﻫﻮ اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ .وﻟﻌ ﱠﻠﻪ ﰲ ﻳﻮم ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻃﻼب ﻣﺎﺟﺴﺘري إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﺑﻬﺎرﻓﺎرد وﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد ﺑﺈﻋﺪاد رﺳﺎﺋﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب »اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺒﴩي« ملﻴﺰس، 98
ﻛﻴﻒ ﺳﺎﻫﻢ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﰲ إﻧﺸﺎء أﻛﱪ ﴍﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔٍ …
ﻧﺠﺎح ﻛﺒري ٍة ﻟﺘﻐﻴري أو »اﻟﻔﺮداﻧﻴﺔ واﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي« ﻟﻬﺎﻳﻚ .ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﳾء ﻣﺜﻞ ﻗﺼﺔ ٍ أﺻﻮل ﺗﺪرﻳﺲ ﻛﻠﻴﺎت إدارة اﻷﻋﻤﺎل. وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﲆ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻴﻮم ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ،اﻟﺘﻲ ﺣﻮﱠﻟﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ٍ ٍ ٍ َ اﻟﺮﺋﻴﺲ وﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻣﺘﻌﺪد ِة اﻷﻧﺸﻄﺔ؛ ﻓﺤني أﺻﺒﺢ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك ﻋﻤﻼﻗﺔ ﺳﻠﻌﺔ إﱃ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬيﱠ ﻟﴩﻛﺔ روك آﻳﻼﻧﺪ أوﻳﻞ ﻟﺘﻜﺮﻳﺮ اﻟﺒﱰول ﺑﻌﺪ وﻓﺎة واﻟﺪه ﰲ ﻋﺎم ،١٩٦٧ﻛﺎﻧﺖ ِ ٍ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﻨﺠﺎح ﻣﻘﺮﻫﺎ وﻳﺘﺸﻴﺘﺎ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻛﺎﻧﺴﺎس .وﻗﺎم ﺑﺘﻐﻴري ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﴩﻛﺔ ﻋﺒﺎر ًة ﻋﻦ اﺳﻤﻬﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﺗﺨﻠﻴﺪًا ﻟﺬﻛﺮى واﻟﺪه؛ وﻋﲆ ﻣﺪى اﻟ ٤٠ﻋﺎﻣً ﺎ اﻟﻼﺣﻘﺔ ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻀﺨﻢ ﴍﻛﺔ ﺑﺪأ ﰲ ﺗﺤﻮﻳﻞ إرث ﻓﺮﻳﺪ ﻛﻮك إﱃ أﻛﱪ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻧﺪﻣﺎج واﻻﺳﺘﺤﻮاذ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ .وﻟﻜﻦ ﺻﻌﻮد ﻧﺠﻢ اﻟﺴﻴﺪ ﻛﻮك ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺠﻴﺪة )ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻘﺔ وارﻳﻦ ﺑﺎﻓﻴﺖ(؛ ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﺪﻳﺮﻫﺎ .وﺗُﻨﺘِﺞ ً ٍ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺳﺘﻴﻨﻤﺎﺳﱰ ،وﻟﻴﻜﺮا ،وأﻛﻮاب دﻳﻜﴘ .وﺑﺎﺳﺘﺤﻮاذﻫﺎ ﻋﻼﻣﺎت ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ٍ ﻣﻮﻇﻒ ﻋﲆ ﺟﻮرﺟﻴﺎ ﺑﺎﺳﻴﻔﻴﻚ ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﺔ أﻋﻮام ،ﺻﺎر ﻟﺪى ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت اﻵن ٨٠أﻟﻒ ً ٍ ﺟﻴﻞ واﺣﺪ ،زادت دوﻻر ﰲ ﻋﺎم .٢٠٠٧وﰲ ﺑﻌﺎﺋﺪات ﺑﻠﻐﺖ ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻟﺔ ﰲ ٦٠ ٍ ٍ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺪﻓﱰﻳﺔ ﻟﴩﻛﺔ ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٠٠٠ﺿﻌﻒ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ﻋﺎﺋﺪًا ً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎملﺴﺎر اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى ﻟﴩﻛﺔ ﺑريﻛﺸﺎﻳﺮ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻣﺮﻛﺒًﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ، ﻫﺎﺛﺎواي املﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻮارﻳﻦ ﺑﺎﻓﻴﺖ .ﻓﻬﻞ اﻟﻨﻤﻮذج املﺜﺎﱄ اﻟﻘﺎدم ﺑﺼﺪد اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻣﻦ أوﻣﺎﻫﺎ إﱃ وﻳﺘﺸﻴﺘﺎ؟ ً اﻷﻣﺮ اﻷﻛﺜﺮ إدﻫﺎﺷﺎ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﻘﻖ ذﻟﻚ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أﴎ ٍة ﻣﺤ ِﺒ ٍ ﻄﺔ ودﻋﺎوى ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ، ٍ ٍ ٍ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻻﺑﺘﻜﺎر أو اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ري وﺻﻨﺎﻋﺎت واﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ، ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻏ ِ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺒﱰول واﻟﻮﻗﻮد ،واﻟﺴﻠﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،واﻷﻗﻤﺸﺔ ،واملﺎﺷﻴﺔ! واﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ املﻜﺎﺳﺐ اﻟﻜﺒرية اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ ﻛﺎن ﰲ ﻓﱰات اﻟﺘﻐﻴري وﺗﻌﺪﻳﻞ املﺴﺎر. ري ﻣﺘﻨﺎﻣﻴﺔ؟ ﻣﺴﺒﻮق ﰲ ري ﺳﻮق ﻏ ِ إذن ،ﻣﺎ اﻟﴪ وراء ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘْﻪ ﴍﻛﺘﻪ ﻣﻦ ﻧﻤ ﱟﻮ ﻏ ِ ٍ ٍ ﻳﻄﻠﻖ ﻛﻮك ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ اﺳﻢ »اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق« .ﻟﺴﻨﻮات ،ﻇﻞ ﻫﻮ وزﻣﻼؤه ٍ ﴍﻛﺎت ﻳُﺠ ُﺮون ﺗﺠﺎربَ ﻋﲆ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻣﻊ اﺳﺘﺤﻮاذ ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﻋﲆ ﺟﺪﻳﺪة )وﻋﺪدﻫﺎ (٣٧واﻟﺘﺨﺎ ُرج ﻣﻦ أﺧﺮى )وﻋﺪدﻫﺎ .(٤٢وﻳُﻌﺮف ﻛﻮك ﺑﺪﺧﻮﻟﻪ اﻟﴩﻛﺎت ٍ ﺗﺠﺪﻳﺪات ﺗﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻮاﻣﺶ اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ،وﻳﻘﻠﻞ اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ،وﻳُﺪﺧﻞ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﺠﺎﻻت ،وﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮؤﻳﺔ ،واﻟﻨﺰاﻫﺔ واملﻮاﻫﺐ ،وﻋﻤﻠﻴﺎت املﻌﺮﻓﺔ ،وﺣﻘﻮق ٍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻣﻊ اﻟﺪﻗﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ،واملﻜﺎﻓﺂت .واملﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﺜﻞ »اﻟﺮؤﻳﺔ« و»اﻟﻨﺰاﻫﺔ« ﻻ ﺗﺘﻼءم 99
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎب »ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺠﺎح« .وﻟﻜﻦ اﻟﺴﻴﺪ ﻛﻮك ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌني اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ملﻬﻨﺪس .وﻗﺪ ﻏﺰت ﻫﺬه اﻟﺮؤى املﻬﻤﺔ املﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻤﺴﺎوي َ َ املﺎﻧﺤﺔ ملﺎﺟﺴﺘري إدارة اﻷﻋﻤﺎل ودورات إدارة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺪراﺳﻴﺔ .وﰲ اﻟ ُﻜﺘﻴﱢﺐ املﺪارس اﻹرﺷﺎدي ملﺆﺳﺴﺔ »اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق« ،املﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻜﻮك ،ﺻﺎر املﻔﻬﻮم اﻟﻨﻤﺴﺎوي ﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻟﺮأس املﺎل ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ اﻵن »اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ« ،ﻓﻴﻤﺎ ﺻﺎرت ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ ﺗُﻌﺮف ﺑ »ﺣﻘﻮق اﻟﻘﺮار« ،وﺗﱰﺟﻢ ﻗﻮاﻋﺪ ﻫﺎﻳﻚ ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻟﻌﺎدل إﱃ »رﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ املﺒﺎدئ«. أﻋﻤﺎل »ﻟﻢ« ﺗﺴﻤﻊ ﻋﻨﻪ ﻗﻂ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ رﺑﻤﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك أﻧﺠﺢَ رﺟﻞ ٍ أن ﴍﻛﺘﻪ — ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺒﻴﻌﺎت — أﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ ،ودﻳﻞ ،وإﺗﺶ ﺑﻲ .وﻳﺮﺟﻊ ﻫﺬا ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ أو ﺑريﻛﺸﺎﻳﺮ ﻫﺎﺛﺎواي ،إﱃ أن ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ذات ﻣﻠﻜﻴ ٍﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﻮ وﺿﻊ ﻳُﺜﻤﱢ ﻨﻪ ﻛﻮك؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن ﺳﺎرﺑﻴﻨﺰ أوﻛﺴﲇ ،أو اﻷرﺑﺎح رﺑﻊ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ،أو ﻣﻜﺎﻓﺂت ﺧﻴﺎرات اﻷﺳﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴﺌﻮﻟني اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني اﻟﺘﻲ ﺗُﺸﻮﱢه ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻬﻢ، ٍ ﴍﻛﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴ ٍﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻪ ﻳﻘﻮل» :املﻜﺎﻓﺂت اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﺗﺠﻌﻞ إدار َة 3 ً ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ«. ﺗﺪرﻳﺲ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﰲ ﻛﻠﻴﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ﻹدارة اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻇﻬﻮر ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻛﻈﻬﻮر أﺛﻴﻨﺎ ،ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ اﻟﻨﻀﺞ وﻣﺴﻠﺤﺔ ،ﻣﻦ ﺟَ ﺒني زﻳﻮس؛ ﻓﻘﺪ ﻇ ﱠﻞ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎت وﻣﺪارس إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﻳﻄﻮﱢر ً ٍ ﻗﻴﻤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ املﺪى« ﻣﻦ ﺧﻼل إدﺧﺎل ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق، ﻃﺮﻗﺎ »ﻟﺨﻠﻖ ﻣﺜﻞ اﻟﺤﻮاﻓﺰ ،واﻟﻨﺰاﻫﺔ ،وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺮﺑﺢ اﻟﺪاﺧﲇ ،واﻻﺳﺘﻘﻼل املﺤﲇ ،واﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ ،واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻐﺎرﻗﺔ ،واملﻴﺰة اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ،وﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺴﻌﺮ اﻟﻬﺎﻣﴚ )اﻧﻈﺮ ﻛﺘﺎب ﺟﻴﻢ ﻛﻮﻟﻴﻨﺰ» ،ﻣﻦ ﺟﻴ ٍﺪ إﱃ ﻋﻈﻴﻢ« ،ﻟﻼ ﱢ ﻃﻼع ﻋﲆ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ دراﺳﺎت اﻟﺤﺎﻟﺔ( .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻛﻮك ﻟﻴﺲ ﻣﺤﺘﻜ ًﺮا ﻟﻬﺬه املﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺘﻞ اﻟﺼﺪارة ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ املﻨﻬﺠﻲ ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺼﺎرم ملﺒﺎدﺋﻬﺎ ،وﻳﺰﺧﺮ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ملﻌﺎدﻟﺘﻪ املﺘﻄﻮرة) .ﰲ ٍ ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻀﻢ ٨٩ﺟﺎﻧﺒًﺎ — وﻫﻲ »ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ« — ﻟﻜﺘﺎﺑﻪ» ،ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺠﺎح« ،ﻳُﺪرج ﻛﻮك ﻟﻺدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق(. ﻓﻴﺬﻛﺮ ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻛﻴﻒ ﻗﺎﻣﺖ ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح وﺗﺠﺪﻳﺪ ﻣﺰرﻋﺔ ﺑﻴﻔﺮ ﻫﻴﺪ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻣﻮﻧﺘﺎﻧﺎ ،اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﴩﻛﺔ ﻣﺎﺗﺎدور 100
ﻛﻴﻒ ﺳﺎﻫﻢ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﰲ إﻧﺸﺎء أﻛﱪ ﴍﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔٍ …
ﻛﺎﺗﻞ ﻛﻮ؛ ﺣﻴﺚ ﻗﺎم أﺣﺪ املﺤﻠﻠني ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ »املﺤﻔﺰات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺮﺑﺤﻴﺔ« ،وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺈدراج اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ،وأوزان اﻟﻌﺠﻮل ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻄﺎم ،ووزن املﺎﺷﻴﺔ املﻜﺘﻤﻠﺔ اﻟﻨﻀﺞ أو »اﻟﺤﻤﻮﻟﺔ اﻟﺮﻋﻮﻳﺔ« ﻟﻬﺎ .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﻢ ﺧﻔﺾ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﺴﻴﺪ ﻛﻮك ،ورﻓﻊ أوزان اﻟﻔﻄﺎم ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وزﻳﺎدة اﻟﺤﻤﻮﻟﺔ اﻟﺮﻋﻮﻳﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ. ﺗﺤﺴني ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ! وﰲ ﻣﻌﺮض ﴎده ﻟﻘﺼﺔ ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ،ﻳُﺮﺟﻊ ﺗﺸﺎرﻟﺰ اﻟﻔﻀﻞ إﱃ أﺧﻴﻪ دﻳﻔﻴﺪ ،اﻟﺬي أدﱠت ﻗﻴﺎدﺗﻪ إﱃ »زﻳﺎدة ﻣﻌﺪﻻت ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻬﺎ وﻧﺸﺎﻃﻬﺎ اﻟﻬﻨﺪﳼ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٠٠ﺿﻌﻒ 4 «.ﻏري أن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻻ ﻳﺰال ﻳﺸﻜﻮ ﻣﻦ أن ﻧﺠﺎح ﴍﻛﺘﻪ ﰲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻘﻂ. ﰲ ﻛﻠﻴﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ﻹدارة اﻷﻋﻤﺎل ،ﻗﺎم ﺟﻮن وﻳﺘﻨﻲ ﺑﺘﺪرﻳﺲ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ُ وﺣﺬوت ﺣﺬوَه ﻣﺴﺘﻌﻴﻨًﺎ ﺑﻜﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ،وﻫﻮل ﻓﻮدز ﻣﺎرﻛﺖ ،وأﺟﻮرا ﻟﻠﻨﴩ ﻟﺴﻨﻮات، ﻛﺪراﺳﺎت ﺣﺎﻟﺔ .ﻳﻘﻮم ﻋﲆ إدارة ﻫﺬه اﻟﴩﻛﺎت ﻣﺪﻳﺮون ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﻮن ﻣﺘﺤﺮرون ﻳُﻄﺒﱢﻘﻮن ً اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺨﻠﻖ ٍ ٍ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ .وﻻ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻛﻮك ﻣﺤﺘﻜ ًﺮا ﻟﻬﺬه املﻔﺎﻫﻴﻢ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت ً ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ،و ُﻛﺘُﺒُ ُﻪ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﺟﻌﻞ »اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق« اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق زاﺧﺮة ﺑﻌﺪدٍ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎﺣﺎت واﻹﺧﻔﺎﻗﺎت. ٍ ﻫﻞ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻧﺸﺎط ﻛﻮك اﻟﺘﺠﺎري ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺠﺎح«؟ ﻟﻘﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺬل ﺟﻬﺪًا ﺟﺒﺎ ًرا ﻹﺛﺒﺎت أن ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ٍ ﺑﻴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﺗﻴﺪج ﻳ ﱢُﺒني أن ﻋﺎملﻲ وﻣﻮﺿﻮﻋﻲ؛ ﻓﻴﻌﺮض ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ رﺳ ٍﻢ ﱟ ﱟ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻳﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎ ً ﻃﺎ ﻣﺒﺎﴍًا ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻓﺎﻟﺪول اﻟﺘﻲ ً أﺳﻮاﻗﺎ ﺣﺮ ًة ﺗُ ﱢ ﺤﻘﻖ ﻧﻤﻮٍّا اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ أﻛﱪ .وﻟﻨﻔﺲ اﻷﺳﺒﺎب ،ﻳﺰﻋﻢ ﻛﻮك أن ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺗﺘﺒﻨﱠﻰ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق — ﻣﺒﺎدئ »ﻳﺪ ﺧﻔﻴﺔ« ﻣﻮﺟﻬﺔ — ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﻘﺬ اﻟﴩﻛﺎت املﺘﻌﺜﺮة وﺗﺠﻌﻞ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺮاﺑﺤﺔ أﻛﺜﺮ رﺑﺤﻴﺔ. ﻏري أن أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻗﺪ ﺗﻮاﺟﻪ ﻋﺮاﻗﻴﻞ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴ ٍﺔ ِ ﻣﺆﺳﴘ ﻳُﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ اﻷرﺑﺎح رﺑﻊ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ واملﺪﻳﺮﻳﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ املﺪى أن ﺗَﺼﻠﺢ ﰲ ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﱟ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻐريون ﻛﻞ ﺳﺖ إﱃ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات؟ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﻨﺎﺷﺊ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ؟ ﻫﻞ ﺳﺘﺘﻘﺒﱠﻞ اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت واﻟﴩﻛﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ً ﺑﻴﺌﺔ ﺑﻼ رﻗﺎﺑ ٍﺔ ٍ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق؟ ﻟﻌ ﱠﻞ اﻟﺘﺤﺪيَ اﻷﻛﱪَ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ إﻗﻨﺎع أو ﻟﻮاﺋﺢَ وﺗﻨﺴﻠﺦ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﻴ ٍﺔ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﴩﻛﺎت ﺑﺄن اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد أﻳﺪﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﺼﻨﻊ ﺛﺮو ٍة ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ .ﻟﻘﺪ أﺷﺎد ﻃﻼب اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﺑﱪﻧﺎﻣﺠﻲ 101
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﺪراﳼ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ،وﻟﻜﻦ أﺣﺪ رؤﺳﺎء اﻷﻗﺴﺎم ﻏري اﻟﺘﺤﺮرﻳني رﻓﺾ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ،ﺑﺪﻋﻮى أﻧﻪ »ﺳﻴﺎﳼ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ«! )ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﳾءٍ ﰲ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ أن ﻳﻜﻮن »ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ«؟( إن ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك ﺗﺤ ﱡﺮري ﺳﻴﺎﳼ ،وﻣﻦ أﻛﱪ املﺴﺎﻫﻤني ﰲ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ،ﻣﺜﻞ ﻣﻌﻬﺪ ﻛﺎﺗﻮ وﻣﻌﻬﺪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرج ري ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺎت إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﻓﺼﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ. ﻣﺎﺳﻮن .وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﲆ ﻛﺜ ٍ ﻣﻨﺎﻫﺾ ﻟﻠﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ،أم ﻣﻨﺎﻫﺾ ﻟﻠﺪوﻟﺔ؟ ﻻ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻛﻮك ﻣﻦ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل املﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻣﺪى اﻟﺤﻴﺎة ،أو اﻟﺰﻳﺎدات اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻟﻸﺟﻮر ،أو اﻷﻗﺪﻣﻴﺔ ،أو املﴩوﻋﺎت اﻟﻌﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻋﻤﻞ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني ،أو ﻋﻘﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق املﺘﻔﺸﻴﺔ ﺑﻘﻮ ٍة ﰲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى ﺗﻬﺪف إﻻ ﻹﻳﺠﺎد ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﻮي؛ ﻓﻤﻌﻈﻢ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﻜﻮك أو اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﴩ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ٍ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﻫﻢ أﻋﻀﺎء ﻧﻘﺎﺑﻴﻮن ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺘﻤﺘﻌﻮا ﺑﺎملﺮوﻧﺔ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻴﺴﺘﻤﺮون ﺑﺎﻟﴩﻛﺔ. وﻳﺒﺤﺚ ﻛﻮك ﺑﻘﻮ ٍة ﻋﻦ املﻮﻇﻔني ذوي اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ »أ« أو »ب« ﻓﻘﻂ ،أﻣﺎ ﻣﻮﻇﻔﻮ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ »ج«، ً ﻃﻮﻳﻼ .أﺣﺐﱡ ﱠ ﻳﺘﺤﺴﻨﻮا أو ﻳﺮﺣﻠﻮا؛ َﻓﺈن ُﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﻻ ﺗﺘﻬﺎون ﻣﻊ اﻹﺧﻔﺎق ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﺷﻌﺎ َره املﻨﺎﻫﺾ ﻟﻠﻤﺎرﻛﺴﻴﺔ »ﻣﻦ ﻛ ﱟﻞ ﺣﺴﺐ ﻗﺪراﺗﻪ ،إﱃ ﻛ ﱟﻞ ﺣﺴﺐ إﺳﻬﺎﻣﻪ«. ً ﻣﻨﺎﻫﻀﺎ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺨﺎع ،ﻳﻜﺸﻒ ﻛﻮك ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ أﺷﻴﺎءَ وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺳﻮف ﺗﺪﻫﺶ اﻟﺘﺤ ﱡﺮرﻳني .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻳﻤﺎرس ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﺤ ﱡﺮرﻳني »اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ« ﻣﻦ اﻻﻣﺘﺜﺎل ﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺪوﻟﺔ ،أﻣﺎ ﻛﻮك ﻓﻴﺪ ﱢرس »اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ« ﻣﻦ اﻻﻣﺘﺜﺎل ﻟﻠﻘﻮاﻧني اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ .واﻟﻘﻴﺎم ﺑﻐري ذﻟﻚ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻴﻮم املﺸﺎﻛﺲ واملﻮ َﻟﻊ ﺑﺎﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻧﺘﺤﺎر ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﻛﻮك ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﺗﻮاﺟﻪ ١٥٩أﻟﻒ دﻋﻮى ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ وﺗﻮﻇﻒ ١٢٥ﻣﺤﺎﻣﻴٍّﺎ ﺑﺪوا ٍم ﻛﺎﻣﻞ .ﻏري أن ﻛﻮك ،ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﺧﺼﻢ ﴍس ٍ ٍ وﴍﻛﺎت ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ. ملﺆﺳﺴﺎت ﻟﻺﻋﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺪﱢﻣﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺣﺘﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰال اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ،ورﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ املﺒﺎدئ ،وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹدارة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺑﺼﻤﺘﻪ ﺗﺪ ﱠرس ملﺴﺌﻮﱄ اﻟﴩﻛﺔ وﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻫﻨﺎك دوﻣً ﺎ ﻏﻄﺎء ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض ﺑﺸﺄن ﻣﺒﺎدﺋﻪ اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻗ ﱠﺮر اﻵن أن ﻳُﻄﻠِﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﲆ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .وإذا اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ إﺣﺪى اﻟﴩﻛﺎت أن ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺒﺪأ آدم ﺳﻤﻴﺚ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻴﺪ اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻟ »ﺗﻮاﻓﻖ املﺼﺎﻟﺢ« ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑني ﻣﺼﺎﻟﺢ ٍ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻓﻤﻦ ﻋﻤﻼﺋﻬﺎ ،وﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ،وﻣﻮ ﱢردﻳﻬﺎ ،وﻣﺴﺎﻫﻤﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻠﻖ 102
ﻛﻴﻒ ﺳﺎﻫﻢ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﰲ إﻧﺸﺎء أﻛﱪ ﴍﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔٍ …
ً ﻣﺬﻫﻠﺔ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺔ واملﺠﺘﻤﻊ .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻟﻨﻤﻮذج ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮك ﻟﻸﻋﻤﺎل .وﻻ أﺳﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ »ﺛﻮرة« ﰲ وﺻﻒ ذﻟﻚ دون ﻣﱪر؛ ﻓﻬﺬه ٍ وﻣﺆﺳﺴﺔ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻹدارﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗُﺤﺪث ﺛﻮر ًة ﰲ ﻛﻞ ﴍﻛﺔ ،وﺣﻜﻮﻣﺔ، ري رﺑﺤﻴﺔ .وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﺘﻄﻠﺐ ﻋﻼﺟً ﺎ ﻗﻮﻳٍّﺎ وروﺣً ﺎ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة؟ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺤﻘﻖ؟ ﻏ ِ ٍ ﺑﻤﺒﻴﻌﺎت أﻛﱪ ﻣﻦ إن ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻢ اﻟﺴﻴﺪ ﻛﻮك ﰲ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﴍﻛﺘﻪ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ.
103
اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻟﺚ
ﺣﻞ اﳌﺸﻜﻼت اﳌﺤﻠﻴﺔ
ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﺣﻞ املﺸﻜﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺤﻠﻴﺔ ،ﻛﺎﻟﴬاﺋﺐ ،واﻹﻧﻔﺎق ،واﻟﺪﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ .اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺗﻮﺿﺢ ﻛﻴﻒ ْ ٍ ﻣﺠﺎﻻت ﺟﺪﻳﺪة :اﻟﺼﺤﺔ ،واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻟﻨﻘﻞ ،واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﻧﴩت ﻣﻬﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد أﺟﻨﺤﺘﻬﺎ ﰲ واﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،واملﺰادات ،وﺣﺘﻰ اﻷدب.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ
اﻧﻈﺮي ﻳﺎ ﺳﻴﺪﰐ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻣﺮورﻳﺔ! اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري ﻳﺴﺪ ﴍاﻳني ﻣﺪﻧﻨﺎ … إن ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل ذات اﻟﺮﺳﻮم واﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺘﺴﻌري اﻷﺧﺮى ﺗﻤﻨﺤﻨﺎ ً أﻣﻼ ﻛﺒريًا ﰲ ﺣﺪوث ﱡ ﺗﺤﺴ ٍﻦ ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺤﺮﻛﺔ واﻻﻧﺘﻘﺎل ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني. روﺑﺮت دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮول اﻻﺑﻦ، ﻣﺪﻳﺮ ﻗﺴﻢ دراﺳﺎت اﻟﻨﻘﻞ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ رﻳﺰون ﻧﻮاح ﻣﻬﻤﺔ ،اﻧﺘﺼﺎر ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد. إن إدﺧﺎل رﺳﻮم اﻻزدﺣﺎم ﰲ ﻟﻨﺪن ،ﻣﻦ ٍ دورﻳﺔ »إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﻚ ﺑﺮﺳﺒﻴﻜﺘﻴﻔﺰ«
1
ﻳُﻔﱰض ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﺤﺮة أن ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻜﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻮﻗﺖ ،واملﺎل ،واﻟﺘﻮﺗﺮ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻏري اﻟﻔﻌﺎل ﻟﻠﻄﺮق واﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ ﻣﺼﺪ ًرا ﻣﻜﺎن ﻛﺒريًا ﻟﻠﺘﻠﻮث وﺳﻮء اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺒﻴﺌﻲ ﻟﻠﻤﻮارد اﻟﻨﺎدرة .واﻻزدﺣﺎم ﻣﻮﺟﻮد ﰲ ﻛﻞ ٍ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ،وﻳﺰداد ﺳﻮءًا .وﻟﻮ أن ﻫﻨﺎك ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻟﻠﻄﺮق اﻟﺤﺮة املﺨﺰﻳﺔ ،ﻷدرﺟﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ: •
ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس و»إس «١٠١-و»آي ،«٤٠٥-اﻟﺬي ﻳﺴﻔﺮ ﻋﻦ أﻛﺜﺮ ري ﻛﻞ ﻋﺎم. ﻣﻦ ٢٧ﻣﻠﻴﻮن ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺄﺧ ٍ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد • • • • •
ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻫﻴﻮﺳﺘﻦ »آي «٦١٠-و»آي ،«١٠-اﻟﺬي ﻳﻜﻠﻒ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ٢٥ﻣﻠﻴﻮن ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺄﺧري. ﺗﻘﺎﻃﻊ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ »آي «٩٤ / ٩٠و»آي .«٢٩٠-ﻳُﻌﺮف ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ري ﻛﻞ ﻋﺎم. اﻟﺪاﺋﺮي ،وﻳﺆدي إﱃ ٢٥ﻣﻠﻴﻮن ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺄﺧ ٍ ري ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻓﻮﻧﻴﻜﺲ »آي «١٠-و»إس آر ،«٥١-وﻳﺘﺴﺒﺐ ﰲ ٢٢ﻣﻠﻴﻮن ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺄﺧ ٍ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ. ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس »آي «٤٠٥-و»آي .«١٠-ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺎﻃﻊ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﲆ ري ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ. ﻃﺮﻳﻖ ﺳﺎن دﻳﻴﺠﻮ اﻟﺤﺮ ﰲ ٢٢ﻣﻠﻴﻮن ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺄﺧ ٍ ٍ ﻟﺴﺎﻋﺎت ﰲ ﺧﺎﻧﻖ ﻃﺮﻳﻖ واﺷﻨﻄﻦ »آي «٤٩٥-اﻟﺪاﺋﺮي ،اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻖ ﰲ ازدﺣﺎ ٍم ٍ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺬروة ﰲ ﻓﱰﺗﻲ اﻟﺼﺒﺎح وﺑﻌﺪ اﻟﻈﻬرية.
ﻓﺸﻠﺖ ﺷﺒﻜﺔ ﻃﺮق آﻳﺰﻧﻬﺎور اﻟﴪﻳﻌﺔ اﻟﻮاﺻﻠﺔ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ،اﻟﺘﻲ أﻗﻴﻤﺖ ﰲ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت وﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﰲ ﻣﻮاﻛﺒﺔ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻋﺪد اﻟﺴﻴﺎرات ﻟﺜﻼث ﻣﺮات .وﺗﻘﻮل اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات املﺘﺤﻔﻈﺔ ﻟﻮزارة اﻟﻨﻘﻞ واملﻮاﺻﻼت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ إن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺨﴪ ١٦٨ دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري ﻋﲆ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ .وﺧﴪت ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻨﻘﻞ ﻣﻠﻴﺎر ٍ ٍ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺄﺧري اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻟﺰﺣﺎم ﺑﺎﻟﺸﺎﺣﻨﺎت ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٤ﻧﺤﻮ ٢٤٣٠٣٢٠٠٠ املﺮوري ،وذﻟﻚ ً ُ ُ ُ واﻷزﻣﺎت اﻹﻋﺎﻗﺎت وﻓﻘﺎ ﻟﻺدارة اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻜﺒﺪ ُ ِ اﻟﻄﻮارئ واﻟﴩﻃﺔ اﻟﻜﺜريَ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮل إﱃ وﺟﻬﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻴﺎرات املﺮورﻳﺔ ِ املﻨﺎﺳﺐ؛ ﻓﻬﻨﺎك أرواح ﺗُﺰﻫﻖ ﺑﺴﺒﺐ اﻻزدﺣﺎم اﻟﺨﺎﻧﻖ ﻟﻠﻤﻮاﺻﻼت. وﻳﺸﻴﻊ اﻟﺘﺄﺧﺮ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺰﺣﺎم املﺮوري ﰲ املﺪن ً أﻳﻀﺎ؛ ﻓﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﻧﻈﻤﺔ إﺷﺎرات ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺜﺎﱄ ﱟ ﰲ اﻟﺘﻘﺎﻃﻌﺎت .وﻳﺼﻒ املﻮاﻃﻨﻮن واملﻬﻨﺪﺳﻮن ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﺸﻴﻴﺪ املﺮور ﻳﻌﻤﻞ ٍ وإﺻﻼح اﻟﻄﺮق ﺑﺄﻧﻬﺎ ردﻳﺌﺔ .ﺑﻞ إن إﺣﺪى ﺟﻤﻌﻴﺎت املﻬﻨﺪﺳني ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻗﻴﱠﻤﺖ ﺷﺒﻜﺔ ﻃﺮﻗﻨﺎ ﺑ ) ،(Dﻓﻴﻤﺎ ﻣﻨﺤﺖ ﺷﻮارﻋﻨﺎ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ )– (Dﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻛﻔﺎءة إﺷﺎرات املﺮور ﰲ اﻟﺤﻔﺎظ 2 ﻋﲆ ﺗﺪﻓﻖ ﺣﺮﻛﺔ املﺮور ﺑﺎﻧﺴﻴﺎﺑﻴﺔ وأﻣﺎن. ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 1-12ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري ﰲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺬروة املﺘﺼﺎﻋﺪة ﰲ ً ﻣﺨﺘﻨﻘﺎ؛ أﻣﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ١٩٨٣ﻛﺎن ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﺎم ،٢٠٠٣ﻓﻜﺎن ٦٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪ اﻻزدﺣﺎم. ﱡ واﻟﺘﻨﻘﻞ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ املﺰاﻳﺎ ،وﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻤﻨﺤﻨﺎ ﻣﺰﻳﺪًا إن ﻟﺰﻳﺎدة ﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎء .وزﻳﺎدة ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﴪﻋﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻮﻗﻮد وﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺻﻴﺎﻧﺔ 110
اﻧﻈﺮي ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻣﺮورﻳﺔ! ً اﺧﺘﻨﺎﻗﺎ ﻣﺮورﻳٍّﺎ ﰲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺬروة ﻳﺒﻠﻎ ٤٠ﺳﺎﻋﺔ أو ﺟﺪول :1-12املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﴬﻳﺔ ﺗﻮاﺟﻪ أﻛﺜﺮ ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺺ) .املﺼﺪر :ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﺘﻨﻘﻞ اﻟﺤﴬي ﻟﻌﺎم ،٢٠٠٥ﻣﻌﻬﺪ ﺗﻜﺴﺎس ﻟﻠﻨﻘﻞ(. ١٩٨٣
١٩٩٣
٢٠٠٣
ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس
ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس
ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس
ﺑﻮﺳﻄﻦ
دﻳﱰوﻳﺖ
ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ-أوﻛﻼﻧﺪ
دﻧﻔﺮ
ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ-أوﻛﻼﻧﺪ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
ﻧﻴﻮﻳﻮرك
ﺳﻴﺎﺗﻞ
أﺗﻼﻧﺘﺎ
ﻓﻮﻧﻴﻜﺲ
ﺳﺎن ﺟﻮزﻳﻪ
ﻫﻴﻮﺳﺘﻦ
ﺳﻴﺎﺗﻞ
واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
داﻻس-ﻓﻮرت وورث
ﺗﺎﻣﺒﺎ-ﺳﺎﻧﺖ ﺑﻄﺮﺳﱪج رﻳﻔﺮﺳﺎﻳﺪ )ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ(
ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ
ﻣﻴﻨﺎﺑﻮﻟﻴﺲ-ﺳﺎﻧﺖ ﺑﻮل داﻻس-ﻓﻮرت وورث
دﻳﱰوﻳﺖ
ﺗﺸﺎرﻟﻮت
ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ
رﻳﻔﺮﺳﺎﻳﺪ )ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ(
ﻟﻮﻳﺴﻔﻴﻞ
ﻓﻮﻧﻴﻜﺲ
أورﻻﻧﺪو
ﺗﺎﻣﺒﺎ-ﺳﺎﻧﺖ ﺑﻄﺮﺳﱪج
ﺳﺎن ﺟﻮزﻳﻪ
أورﻻﻧﺪو
ﺳﺎن دﻳﻴﺠﻮ
ﻣﻴﺎﻣﻲ
ﺑﻮﺳﻄﻦ
أوﺳﺘﻦ
ﺑﺎﻟﺘﻴﻤﻮر
ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎرة واﺳﺘﻐﻼل وﻗﺘﻨﺎ ٍ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺰﻳﺪ ﺛﺮوة ﻛﻞ واﺣ ٍﺪ ﻣﻨﺎ ﺑﻌﺪة ٍ آﻻف ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات ﻛﻞ ﻋﺎم ،وﻳﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث ً أﻳﻀﺎ. ﻫﻞ ﻳﻮﺟﺪ أي ﺣ ﱟﻞ ملﺸﻜﻠﺔ اﻻزدﺣﺎم املﺮوري املﺰﻋﺠﺔ ﰲ ﻣﺪﻧﻨﺎ وﻃﺮﻗﻨﺎ اﻟﴪﻳﻌﺔ؟ إﻧﻨﻲ أﻋﻤﻞ ﺑﺎملﻨﺰل؛ وﻟﺬا ﻟﻴﺲ ﻋﲇ ﱠ أن أﻗﻠﻖ ﻛﺜريًا ﺑﺸﺄن اﻟﺸﻮارع واﻟﻄﺮق املﺨﺘﻨﻘﺔ ،أو رﺣﻼت ﱡ اﻟﺘﻨﻘﻞ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ .وأﻇﻦ أن ً آﻻﻓﺎ ﻳﺨﺘﺎرون اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ املﻨﺰل ﻟﻨﻔﺲ اﻟﺴﺒﺐ .ﻏري أن ﻫﻨﺎك 111
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ إﱃ اﻟﻌﻤﻞ .ﻓﻨﺤﻮ ﻣﺴﺎﻓﺎت ﻣﻼﻳني ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ وﻣﺮﻏﻤﻮن ﻋﲆ ﻗﻄﻊ ﱡ ً ٍ ووﻓﻘﺎ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻋﻤﻞ. ﺳﺎﻋﺎت ﰲ رﺣﻼت ٣٫٤ﻣﻼﻳني أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﺘﺤﻤﱠ ﻠﻮن ﺛﻼث ملﻌﻬﺪ ﺗﻜﺴﺎس ﻟﻠﻨﻘﻞ ،ﻳﻘﴤ املﻮاﻃﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻌﺎدي ٤٧ﺳﺎﻋﺔ — أي أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺳﺒﻮع ﻋﻤﻞ ﻛﺎﻣﻞ — ﰲ اﻻزدﺣﺎم املﺮوري .وﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻮﻗﺖ ،واﻟﻮﻗﻮد ،واﻹﻫﻼك ،ﻧﺠﺪ أن ٍ 3 دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﰲ اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري. اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﺨﴪون أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٠٠٠ ٍ ملﺎذا ﻻ ﺗُﺠﺪي املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ؟ ﻳﻌﺠﺰ اﻟﺤﻞ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي — املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ ﻓﺮض اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﴐاﺋﺐَ ﻋﲆ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﺛﻢ ﺗﺴﻠﻴﻢ اﻷﻣﻮال ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻟﺒﻨﺎء وﺻﻴﺎﻧﺔ اﻟﻄﺮق — ﻋﻦ ﻣﻮاﻛﺒﺔ ﺣﺮﻛﺔ املﺮور املﺘﺰاﻳﺪة ﻋﲆ ﺷﻮارﻋﻨﺎ وﻃﺮﻗﻨﺎ اﻟﴪﻳﻌﺔ ،وﻻ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻜﺜري ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري .وﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ ﻛﻔﺎءة ﺑﺠﺎﻟﻮن ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮد( ،اﻧﺨﻔﺾ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﴐاﺋﺐ اﻟﺴﻴﺎرات )إذ ﺗﺴري ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻷﻣﻴﺎل ٍ اﻟﻮﻗﻮد )ﻟﻠﺠﺎﻟﻮن اﻟﻮاﺣﺪ( ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻣﻨﺬ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،اﺳﺘُﺨﺪﻣﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻳ ٍﺪ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ املﴩوﻋﺎت املﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﴐﻳﺒﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ٍ وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أﻫﻢ .إن اﻟﻌﻴﺐ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ وﺗﻤﻮﻳﻠﻬﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ أن ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻲ اﻟﻄﺮق ﻻ ﻳﺪﻓﻌﻮن اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﺒﺎدئ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ ﰲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺬروة .وﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﱡ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﴪﻳﻊ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ؛ ﻓﺘﻜﻠﻔﺔ املﺤﺎﺳﺒﺔ واﻟﺘﺴﻌري اﻟﻬﺎﻣﴚ ٍ إﱃ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻮاﺣﺪة داﺋﻤً ﺎ ﺻﻔﺮ ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك رﺳﻢ ﻣﺮور .وﺣﺘﻰ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ رﺳﻢ املﺮور ﺑﻤﺪى ازدﺣﺎم اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﴪﻳﻊ .ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،إن ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ آﻟﻴﺔ اﻟﺘﺴﻌري؛ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ أي ﺟﻬ ٍﺪ ﻳُﺒﺬل ملﻀﺎﻫﺎة اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ ﻣﻊ ﱢ ﻣﺘﻐري؛ ﻓﺴﺎﻋﺔ اﻟﺬروة ،ﰲ ﻇﻞ ﻋﺪم وﺟﻮد ﺳﻌﺮ ،ﺗﻌﻨﻲ أن اﻟﻄﻠﺐ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻌﺮض، ﺳﻌﺮ ٍ ٍ ﺳﻴﺎرات زاﺋﺪ ًة ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﴪﻳﻊ. وأن ﻫﻨﺎك ﺣﻠﻮل ﻻزدﺣﺎم املﻮاﺻﻼت اﻟﺨﺎﻧﻖ ً ﻛﺎﻓﺔ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻠﻮل ملﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻻﺧﺘﻨﺎق ﺗﻘﻮم اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻋﲆ املﺴﺘﻮﻳﺎت ٍ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎرات املﺮوري :زﻳﺎدة ﻋﺪد اﻟﺤﺎرات ،ﺗﺸﺠﻴﻊ ﺗﻘﺎﺳﻢ اﻟﺮﻛﻮب ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ ﺣﺎر ٍة 112
اﻧﻈﺮي ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻣﺮورﻳﺔ!
اﻟﺘﻲ ﺗُﻘ ﱡﻞ ﺷﺨﺼني أو أﻛﺜﺮ )ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل( ،ﺑﻨﺎء اﻟﻘﻄﺎر اﻟﴪﻳﻊ واملﻮاﺻﻼت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻓﺮض ﴐاﺋﺐ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ واﻟﻄﺮق اﻟﻮاﺻﻠﺔ ﺑني ﱠ وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك اﻟﻮﻻﻳﺎت .إن ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻄﺮق ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻮاﻛﺐ اﻟﻄﻠﺐَ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﴬﻳﺔ، ﺣﺪٍّا ﻟﻬﺬه اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ .ﺗﻤﺘﻠﺊ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺑﻌﺪدٍ ﻻ ﺣﴫ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺸﻬﺪ أﺳﻮأ ﻧﺤﻮ اﺧﺘﻨﺎق ﻣﺮوريﱟ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ .وﺗﻌﻤﻞ ﺷﺒﻜﺎت اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻌﺎم وﻣﱰو اﻷﻧﻔﺎق ﺟﻴﺪًا ﻋﲆ ٍ ٍ وﻣﺪن أﺧﺮى ﻛﺒرية ،وﻟﻜﻦ ﻧﺴﺒﺔ اﻷﺷﺨﺎص وواﺷﻨﻄﻦ، وﺷﻴﻜﺎﺟﻮ، ﻧﻴﻮﻳﻮرك، ﰲ ﻣﻌﻘﻮل ٍ ٍ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻌﺎم ﺻﻐري ٌة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ) ٢٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،و ١١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز ١٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺒﻼد(؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﱢ ﻟﻠﻤﺘﻨﻘﻞ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﺎﻫﻈﺔ وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ دﻋﻤﻬﺎ دﻋﻤً ﺎ ﺑﺎﻫ ً ﻈﺎ .واملﺪﻫﺶ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٦٠ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،٢٠٠٠أﺿﺎﻓﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﺤﻮ ٦٣ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎﻣﻞ ،إﻻ أن إﺟﻤﺎﱄ ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠني املﺴﺘﺨﺪﻣني ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻌﺎم اﻧﺨﻔﺾ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﻠﻴﻮﻧني. ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وﺑﺮﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻬﻮد ،ﻻ ﻳﺒﺪو ﻣﻤﻜﻨًﺎ أن ﻳﺘﻮاﻛﺐ اﻟﻌﺮض ﻣﻊ اﻟﻄﻠﺐ داﺋﻢ اﻟﺘﺰاﻳﺪ. ٍ ﻟﺴﻨﻮات ﺑﺤ ﱟﻞ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ »ﺗﺴﻌري ﻓﱰات اﻟﺬروة« ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﰲ أوﴅ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺰاﺋﺪة ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺬروة؛ ﻓﻤﻦ ﺧﻼل رﻓﻊ اﻟﺴﻌﺮ )رﺳﻢ املﺮور( ً ﻃﺮﻗﺎ أﺧﺮى ،أو ﻳﺘﺨﺬون ﰲ ﻓﱰات ذرو ٍة ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﺳﻮف ﻳﺴﻠﻚ ﻗﺎﺋﺪو اﻟﺴﻴﺎرات اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ ﱢ ٍ املﺘﻨﻘﻠﻮن ﻣﻊ أوﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ أي ﰲ ﻏري أوﻗﺎت اﻟﺬروة .وﺳﻮف ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺤﺮ ﰲ ﴍﻛﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﻟﻌﻤﻞ وﺑﺪء اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻓﱰات ﻣﺎ دون اﻟﺬروة .ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ً ٍ وﻃﺮق ﺣﺎرات ﺗﻤﻮﻳﻼ إﺿﺎﻓﻴٍّﺎ ﻟﺼﻴﺎﻧﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ وﺑﻨﺎء ﻧﻔﺴﻪ ،ﺳﻮف ﺗﻮﻓﺮ اﻟﴬاﺋﺐ ٍ ﺟﺪﻳﺪ ٍة أﻳﻨﻤﺎ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﴬورة. اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺴﻨﻐﺎﻓﻮري ﻟﺘﺴﻌري اﻟﺬروة ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة أو َل ٍ دوﻟﺔ ﺗُﺠ ﱢﺮب ﺗﺴﻌري اﻟﺬروة ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى ﻗﻮﻣﻲ ،ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم .١٩٩٨ ﻓﻬﻨﺎك ﻧﻈﺎم رﺳﻮم ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺗﺴﻌري اﻟﻄﺮق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺬروة ﰲ اﻟﺤﻲ اﻟﺘﺠﺎري املﺮﻛﺰي وﻋﱪ ﻃﺮق اﻟﻨﻘﻞ اﻟﴪﻳﻊ واﻟﻄﺮق اﻟﴩﻳﺎﻧﻴﺔ املﺆدﻳﺔ إﱃ داﺧﻞ وﺧﺎرج املﺪﻳﻨﺔ .وﺗﻔﺮض ﻫﻴﺌﺔ املﻮاﺻﻼت اﻷرﺿﻴﺔ رﺳﻮﻣً ﺎ ﺗﱰاوح ﺑني ٠٫٢٥و ٤دوﻻرات ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرﻳﺔ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺰﻣﺎن واملﻜﺎن .وﺗﻔﺮض رﺳﻮﻣً ﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎرات ذات اﻟﱰﺧﻴﺺ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ٍ ٍ ﴏﱠاف آﱄ ﱟ ﻋﲆ دوﻻرات ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرﻳﺔ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ .وﺗﻠﺰم ﻛﻞ ﺳﻴﺎرة ﺑﺘﻌﻠﻴﻖ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ٥ 113
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
زﺟﺎﺟﻬﺎ اﻷﻣﺎﻣﻲ ،ﻣﺜﻞ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﻣﺮور إي زد ،ﺗُﻘﺮأ إﻟﻜﱰوﻧﻴٍّﺎ ﻟﺪى دﺧﻮل اﻟﺴﻴﺎرة املﺪﻳﻨﺔ وﺗُﺨﺼﻢ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﺣﺴﺎب ﺑﻄﺎﻗﺔ اﻟﴫﱠاف اﻵﱄ اﻟﺨﺎص ﺑﻤﺎﻟﻚ اﻟﺴﻴﺎرة. ً ﻣﺴﺘﺴﺎﻏﺎ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺴﺎﺋﻘني ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻧﻈﺎ َم ﺗﺴﻌري اﻟﻄﺮق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ ﻟﻴﺲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳ َﺮوْن أن ﻣﻦ ﺣﻘﻬﻢ دﺧﻮ َل اﻟﻄﺮق ﻣﺠﺎﻧًﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻛﺎﻧﺖ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﻓﺎدت ﻣﺼﻠﺤﺔ املﻮاﺻﻼت اﻷرﺿﻴﺔ ﻣﺆﺧ ًﺮا أن اﻟﺰﺣﺎم املﺮوري ﻗﺪ ﺗﻘ ﱠﻠﺺ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺎت ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻧﻈﺎم ﺗﺴﻌري اﻟﻄﺮق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ ،ﰲ ﻇﻞ اﻧﺨﻔﺎض ﻋﺪد املﺮﻛﺒﺎت ﻣﻦ ٢٧٠ أﻟﻔﺎ إﱃ ً ٢٣٥ ً أﻟﻔﺎ داﺧﻞ املﻨﻄﻘﺔ املﺤﻈﻮرة .وازداد ﺗﻘﺎﺳﻢ اﻟﺮﻛﻮب ،ﻛﻤﺎ زادت ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﴪﻋﺎت ﻋﲆ اﻟﻄﺮق ﺑﻨﺤﻮ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ. وﻧﻈ ًﺮا ﻷن ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﺟﺰﻳﺮة ﺻﻐرية ،ﻓﻘﺪ ﺗﺒﻨﱠﺖ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻟﺸﻬﺎدة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق ﻟﺘﻘﻠﻴﺺ ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎرات .وﺗﺘﺒﻨﱠﻰ ﺑﺮﻣﻮدا ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻣﺸﺎﺑﻬً ﺎ ﻳﺤﺪد ﻟﻜﻞ ﻣﻘﻴ ٍﻢ ﺳﻴﺎر ًة واﺣﺪة. ﱠ وﻟﻜﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﻳﺘﱠﺴﻢ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ املﺮوﻧﺔ؛ ﻓﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺤﺪد إﺟﻤﺎﱄ ﻋﺪد ﺷﻬﺎدات َ اﻟﺴﻜﺎن ﺑﺎملﺰاﻳﺪة ﻋﲆ ﺣﻖ ﴍاء أي ﺳﻴﺎرة .وﻫﻜﺬا ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎرات ﰲ اﻟﺒﻼد ،ﺑﻞ وﺗُﻠﺰم ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﻣﻘﻴ ٍﻢ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮريﱟ اﻣﺘﻼك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺒﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻣﺰادٍ ﻋﻠﻴﻬﺎ. دوﻻر ﺳﻨﻐﺎﻓﻮري ،ﰲ ﺣني ﺗﺘﻜﻠﻒ اﻟﺴﻴﺎرة وﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺗﺒﻠﻎ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺴﻴﺎرة اﻟﺼﻐرية ٤٥أﻟﻒ ٍ دوﻻر ﺳﻨﻐﺎﻓﻮري ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺛﻤﻦ اﻟﺴﻴﺎرة ﻧﻔﺴﻬﺎ. اﻟﻜﺒرية ﻧﺤﻮ ١٠٠أﻟﻒ ٍ رﺳﻮم اﻻزدﺣﺎم ﰲ ﻟﻨﺪن اﺳﺘﻔﺎدت ﻟﻨﺪن ً ْ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻓﺮض رﺳﻮ ٍم ﻋﲆ اﻻزدﺣﺎم؛ ﻓﻤﻊ أواﺧﺮ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ، ﺷﺨﺺ ﻳﺪﺧﻠﻮن وﺳﻂ ﻟﻨﺪن ﰲ ﻳﻮم اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﺎدي .وﺻﺎر املﺮور ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ٍ ﻣﺰدﺣﻤً ﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﺳﻂ ﻟﻨﺪن ﻟﺪرﺟﺔ أن ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﴪﻋﺔ اﻧﺨﻔﺾ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﺬ أﻣﻴﺎل ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم .٢٠٠٢وأﻇﻬﺮت إﺣﺪى ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ إﱃ ٨٫٦ ٍ اﻟﺪراﺳﺎت أﻧﻪ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٨أﻧﻔﻖ ﻗﺎﺋﺪو اﻟﺴﻴﺎرات ﻧﺤﻮ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ وﻗﺘﻬﻢ ﺑﻼ ﺣﺮاك ٍ أﻣﻴﺎل ﴎﻋﺔ أﻗﻞ ﻣﻦ ١٠ ﺧﻼل ﻓﱰات اﻟﺬروة ﰲ وﺳﻂ ﻟﻨﺪن وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ وﻗﺘﻬﻢ ﻋﲆ ٍ ٍ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺮورﻳ ٍﺔ رﻫﻴﺒ ٍﺔ ﰲ ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ .وﰲ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ،اﺷﺘﻜﻰ اﻟﻠﻨﺪﻧﻴﻮن ﻣﻦ »وﺟﻮد ﻟﻨﺪن« ورأَوْا أن ﺣﻞ املﺸﻜﻠﺔ أﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. وﺗﺠﺎ ُوﺑًﺎ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ ،اﻗﱰح ﻛني ﻟﻴﻔﻴﻨﺠﺴﺘﻮن ،أو ُل ﻋﻤﺪ ٍة ﻟﻠﻨﺪن ،ﻓﺮض رﺳﻮم ازدﺣﺎ ٍم ﰲ ﻣﺎﻳﻮ .٢٠٠٠وﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٣ﺑﺪأت ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻨﺪن ﰲ ﻓﺮض رﺳﻮ ٍم ﻳﻮﻣﻴ ٍﺔ ﻋﲆ 114
اﻧﻈﺮي ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻣﺮورﻳﺔ!
اﻟﻘﻴﺎدة أو إﻳﻘﺎف اﻟﺴﻴﺎرات وﺳﻂ ﻟﻨﺪن ﻣﺎ ﺑني اﻟﺴﺎﻋﺔ ٧ : ٠٠ﺻﺒﺎﺣً ﺎ و ٦ : ٣٠ﻣﺴﺎءً ﰲ أﻳﺎم اﻟﻌﻤﻞ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻌﻄﻼت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ .وﺗﻘﻮم ﻛﺎﻣريات ﻓﻴﺪﻳﻮ ووﺣﺪات ﻣﺘﻨﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﺎط ﺻﻮر ﻟﻠﻮﺣﺎت املﺮﻛﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ وﺗﻐﺎدر وﺗﻘﻒ داﺧﻞ املﻨﻄﻘﺔ املﺤﺪدة ،وإذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ٍ ﻗﺎﺋﺪو اﻟﺴﻴﺎرات ﻣﺴﺠﻠني ،ﻳﺘﻢ ﺗﻐﺮﻳﻤﻬﻢ ١٠٠ﺟﻨﻴ ٍﻪ إﺳﱰﻟﻴﻨﻲ .وﺗﻈﻞ ﻋﺎﺋﺪات اﻟﴬﻳﺒﺔ ً ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻨﻘﻞ اﻟﻌﺎم. اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ٍ ﺟﻨﻴﻬﺎت وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺑ ٥ ٍ ﻷﺳﺒﺎب ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، ﺟﻨﻴﻬﺎت إﺳﱰﻟﻴﻨﻴﺔ .وﻟﻜﻦ، إﺳﱰﻟﻴﻨﻴﺔ ،وﺗﻢ رﻓﻌﻬﺎ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني إﱃ ٨ ٍ ﺳﻌﺮ ﻳﻌﺎدل اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ اﻛﺘﺸﻔﻮا أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﻌﻘﻮل وﻻ ﻣﻦ املﻼﺋﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ٍ ﻟﻼزدﺣﺎم .وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ اﻵن أﺛﺒﺘﺖ رﺳﻮم اﻟﺠﻨﻴﻬﺎت اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺻﻼﺣﻴﺘﻬﺎ. ٍ اﻧﺨﻔﺎﺿﺎت ﰲ ﺣﺮﻛﺔ املﺮور واﻟﺰﺣﺎم ﺗﺠﺎوزت وﺟﺎءت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺒﻬﺮة ،إذ أﻇﻬﺮت اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت؛ ﻓﻘﺪ اﻧﺨﻔﺾ ﻋﺪد اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺨﺎﺻﺔ ،واﻟﺸﺎﺣﻨﺎت اﻟﺼﻐرية ،وﺷﺎﺣﻨﺎت اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻜﺒرية اﻟﻘﺎدﻣﺔ إﱃ وﺳﻂ ﻟﻨﺪن ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﻣﺎ ﺑني ً ٦٥ أﻟﻔﺎ إﱃ ٧٠ ٍ رﺣﻠﺔ ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ﺗﺘﻢ .واﻧﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪل اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ﻧﺼﻒ أﻟﻒ اﻟﺤﺮﻛﺔ املﺮورﻳﺔ وﺳﻂ ﻟﻨﺪن إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﻠﺚ ﺑﻘﻠﻴﻞ .وﺗﺸري اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي إﱃ أن أﺷﻜﺎل أﺧﺮى ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ ،إذ ﻳﺰﻳﺪ اﺳﺘﺨﺪام ﻗﻄﺎﻋً ﺎ ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗَﺤﻮﱠل إﱃ ٍ ﺳﻴﺎرات اﻷﺟﺮة ﻋﻦ ٢٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،واﻟﺤﺎﻓﻼت ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،واﻟﺪراﺟﺎت ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٨ أﻣﻴﺎل ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﺑﺰﻳﺎدة ﻧﺤﻮ ١٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ، ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وزاد ﻣﺘﻮﺳﻂ ﴎﻋﺎت اﻟﺘﻨﻘﻞ إﱃ ١٠٫٤ ٍ 4 واﻧﺨﻔﺾ اﻻزدﺣﺎم املﺮوري ﺑﻤﺘﻮﺳﻂ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ. ٍ ٍ ﻣﻠﺤﻮظ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﺧﺎرج ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﺣﺎﻻت اﻛﺘﻈﺎظ ﻣﺮوريﱟ ﱡ اﻟﺘﻨﻘﻞ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﺬروة ﻣﻨﻄﻘﺔ وﺳﻂ ﻟﻨﺪن .ﺑﻞ إن ﻓﱰات اﻟﺼﺒﺎﺣﻴﺔ و ٣٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ رﺣﻼت اﻟﻌﻮدة. ﻛﺎن واﺣﺪًا ﻣﻦ أﻛﺜﺮ املﺸﻜﻼت إزﻋﺎﺟً ﺎ ﺗﺄﺛريُ رﺳﻮ ِم املﺮﻛﺒﺎت ﻋﲆ ﻣﺒﻴﻌﺎت اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ْ ﺗﴬرت ﺑﻌﺾ املﺤﺎ ﱢل ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﺚ املﺘﺴﻮﱢﻗﻮن وﺳﻂ ﻟﻨﺪن؛ ﻓﻘﺪ املﺤﺘﻤﻠﻮن ﰲ املﻨﺰل أو ﻳﺸﱰون ﻋﱪ اﻹﻧﱰﻧﺖ ،إﻻ أن اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي أﺷﺎرت إﱃ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺗﺄﺛري ﻛﺒري ﻋﲆ املﺒﻴﻌﺎت اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ .واﻷﻫﻢ أن اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واملﺤﻠﻴﺔ ﺗﺒﺪو ﻣﺆﻳﺪة ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ رﺳﻮم ﻟﻨﺪن؛ ﻓﻘﺪ ﺷﻌﺮ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ وﺧﻤﺴﻮن ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﻬﺎ أﻧﻪ ﻗﺪ ﱠ ﺣﺴﻨﺖ ﺻﻮرة ﻟﻨﺪن. اﻟﺴﻠﺒﻲ اﻟﻮﺣﻴ َﺪ ﻟﻠﱪﻧﺎﻣﺞ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻫﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐَ ﺗﺒني أن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺗﺪﺷني ﱠ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ،وأن ﺻﺎﰲ َ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻗﺪ اﻧﺨﻔﺾ ﻋﻦ ري ﻣﻦ وﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ أﻋﲆ ﺑﻜﺜ ٍ 115
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ؛ ً ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﻋﺎﺋ ٍﺪ ﻳُﻘﺪﱠر ﺑ ٢٣٠إﱃ ٢٧٠ﻣﻠﻴﻮن ﺟﻨﻴ ٍﻪ إﺳﱰﻟﻴﻨﻲ، املﺴﺘﻮﻳﺎت ٍ إﺳﱰﻟﻴﻨﻲ ﻋﺎﺋﺪات أﻗﻞ ﻣﻦ ١٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﺟﻨﻴ ٍﻪ ﻗﺎﻣﺖ ﻫﻴﺌﺔ ﻟﻨﺪن ﻟﻠﻨﻘﻞ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﺑﺘﺤﺼﻴﻞ ﺻﺎﰲ ﱟ ﰲ .٢٠٠٥-٢٠٠٤ ﺧﻄﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮاﺋﺪة ﻟﺤﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل ٩١ :ﺣﺎرة ﴎﻳﻊ ﰲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ أوراﻧﺞ ،ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﻣﺮور ٍ ٍ ﻟﻌ ﱠﻞ أﺷﻬﺮ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺐء املﺮوري املﺮﺗﻔﻊ ﻫﻮ ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل؛ ٌ ٌ ﴎﻳﻊ ﻣﺰدﺣ ٍﻢ رﺳﻮﻣً ﺎ ﺗﻀﺎﻫﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻮق ﻃﺮﻳﻖ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﲆ ﺣﺎرات ﺣﻴﺚ ﺗَﻔﺮض ٍ ٍ )وﻫﻲ أﺳﻌﺎر ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻈﺮوف اﻟﻄﻠﺐ( ﻣﻦ أﺟﻞ اﻣﺘﻴﺎز اﻟﻘﻴﺎدة ﺑﺄرﻳﺤﻴﺔ ودون ﴎﻳﻊ ﻳُﻘﺪﱢم ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﻃﺮﻳﻖ اﺧﺘﻨﺎق ﻣﺮوري .وﻛﺎن أول ٍ ٍ ٍ إس آر ٩١رﻳﻔﺮﺳﺎﻳﺪ اﻟﺤُ ﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﺑﻂ ﺑني أﻧﺎﻫﺎﻳﻢ ورﻳﻔﺮﺳﺎﻳﺪ ،ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ. ٍ ٍ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﻛﻞ اﺗﺠﺎه. إﻋﺎﻗﺎت ﻛﺎن اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ املﺘﺴﺎرع ﰲ رﻳﻔﺮﺳﺎﻳﺪ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﰲ وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺨﻔﻴﻒ »اﻟﺰﺣﻒ ﰲ ﻛﻮروﻧﺎ« ﻛﻤﺎ ﻛﺎن املﺮاﺳﻠﻮن ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ،أﺑﺮﻣﺖ ري ﻗﺒﻞ ٣٥ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻊ ﴍﻛﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ داﺋﺮة اﻟﻨﻘﻞ واملﻮاﺻﻼت ﺑﻜﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﺄﺟ ٍ ﻣﺮور ﰲ وﺳﻂ ﻃﺮﻳﻖ إس آر ٩١ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ٩١ ﻃﺮﻳﻖ ذي رﺳﻢ ﻟﻠﻨﻘﻞ اﻟﺨﺎص ﻹﻧﺸﺎء ٍ ٍ ﻃﺮﻳﻖ إﻛﺴﱪﻳﺲ ﻟﻴﻨﺰ .ﻛﺎن ٩١إﻛﺴﱪﻳﺲ اﻟﺬي اﻓﺘُﺘﺢ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﰲ ٢٧دﻳﺴﻤﱪ ،١٩٩٥أو َل ٍ ري ري ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ اﻟﻴﻮم .وﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻧﻈﺎ َم ﺗﺴﻌ ٍ ري ﻣﺘﻐ ٍ ذي رﺳﻮ ٍم ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻧﻈﺎم ﺗﺴﻌ ٍ ﺳﺎﺑﻘﺎ ً ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻴﻮم وﻟﻴﺲ ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻟﻼزدﺣﺎم ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ؛ ﻷن ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺮﺳﻮم ﺗُﺤﺪﱠد ﱡ اﻟﺘﺪﻓﻖ املﺮوري أﺷﻬﺮ ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ اﻻزدﺣﺎم اﻟﻔﻌﲇ .وﻟﻜﻦ ﻫﺬه املﻌﺪﻻت ﺗُﻌﺪﱠل ﻛﻞ ﺑﻀﻌﺔ ٍ اﻟﻔﻌﲇ املﻘﻴﺲ ﰲ اﻟﺤﺎرات .وﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠١ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﻮم ﻋﲆ اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻷﻛﺜﺮ ازدﺣﺎﻣً ﺎ ﻃﺮﻳﻖ ذي )ﻣﻦ ٤ : ٠٠إﱃ ٥ : ٠٠ﻣﺴﺎءً ﻳﻮ َم اﻟﺠﻤﻌﺔ( ٩٫٥٠دوﻻرات ،وﻫﻮ أﻋﲆ رﺳ ٍﻢ ﻷي ٍ رﺳﻮ ٍم ﰲ اﻟﺒﻼد .أﻣﺎ أﻋﲆ رﺳ ٍﻢ ﰲ اﻟﺼﺒﺎح ) ٨ : ٠٠-٧ : ٠٠ﺻﺒﺎﺣً ﺎ( ،ﻓﻬﻮ ٤٫٠٥دوﻻرات. ﺑﻨﺠﺎح وﻗﺪ ﻗﻀﺖ ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ إس آر ٩١إﻛﺴﱪﻳﺲ ٍ ﻋﲆ اﻻزدﺣﺎم املﺮوري ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎرات ،ﻣﻊ إﺗﺎﺣﺔ اﻟﺤﺎرات اﻷﺧﺮى »ﻣﺠﺎﻧًﺎ« ملﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن إﻧﻔﺎق اﻟﻮﻗﺖ ً ٍ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ،ﺗﺴري اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ املﺎل .وﺑﻌﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﴩ وﺳﻬﻮﻟﺔ ﻋﲆ ﴎﻋﺔ ً ٦٥ ٍ ﻣﻴﻼ ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﻤﻨﺢ ﻗﺎﺋﺪي ُﴪ املﺮورﻳﺔ ﰲ وﻗﺖ اﻟﺬروة ﺑﻴ ٍ اﻟﺴﻴﺎرات ﰲ ذﻟﻚ املﻤﺮ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ »اﻟﺘﺄﻣني ﺿﺪ اﻻزدﺣﺎم« .وﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٣ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ 116
اﻧﻈﺮي ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻣﺮورﻳﺔ!
أوراﻧﺞ ﺑﴩاء ٩١إﻛﺴﱪﻳﺲ ﻟﻴﻨﺰ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٢٠٧٫٥ﻣﻼﻳني دوﻻر .وواﺻﻠﺖ املﻘﺎﻃﻌﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﺴﻌري اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻻزدﺣﺎم املﺮوري. وﻻﻳﺎت أﺧﺮى ﺗﺘﺒﻨﱠﻰ ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل وﻓﺮض اﻟﺮﺳﻮم ﺣَ ﺬَت وﻻﻳﺎت أﺧﺮى ﺣﺬ َو ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ؛ ﻓﻘﺪ أ ُ ْ ﻧﺸﺌﺖ ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل ذات اﻟﺮﺳﻮم أو ﰲ ﻃﻮر اﻟﺒﻨﺎء ﰲ داﻻس وﻫﻴﻮﺳﺘﻦ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎس ،وواﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺪاﺋﺮي ،ودﻧﻔﺮ ،وﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﻟﺖ ﻟﻴﻚ ،وﺳﻴﺎﺗﻞ ،وﻣﻴﻨﺎﺑﻮﻟﻴﺲ ،وﻣﻴﺎﻣﻲ وأﺗﻼﻧﺘﺎ .وﻗﺪ ﻗﺎل ﻟﻮن أﻧﺪرﺳﻮن ،املﺘﺤﺪث اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻨﺎدي ﻣﻴﺪ أﺗﻼﻧﺘﻴﻚ ،ﺑﺎﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎرات ﰲ ﻋﺎم » :٢٠٠٤ﻟﻘﺪ ﻧﻔﺪت اﻷﻣﻮال ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻨﻘﻞ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﻣﻮال ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮد اﻟﻜﺜريون رؤﻳﺘﻬﺎ .وﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل 5 ﺗﻮﻓﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺮﺻﺔ«. ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎرات اﻟﺮﻛﻮب املﺸﱰك )أو ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل( املﻮﺟﻮدة اﻟﻴﻮم ُﻨﻴﺖ ﰲ اﻷﺳﺎس ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ً ً ﻗﺪ ﺑ ْ ﴎﻳﻌﺔ ﻟﻠﺤﺎﻓﻼت ،وﻟﻜﻦ ﺗﻢ ﻓﺘﺤﻬﺎ ﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺮﻛﻮب ﻃﺮﻗﺎ ٍ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺮورﻳ ٍﺔ ﻛﺎﻓﻴ ٍﺔ ﻟﻠﺤﺎﻓﻼت ﺗﻜﻔﻲ ﻻﺳﺘﺨﺪام أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد املﺸﱰك؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻌﺪم وﺟﻮد ٍ ﴎﻳﻌﺔ أﺧﺮى وﻃﺮق ري ﻣﻦ ﺳﻌﺘﻬﺎ .وﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﺪاﺋﺮي )آي(٤٩٥- ﺟﺰءٍ ﺻﻐ ٍ ٍ ً ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ ملﺮﻛﺒﺎت )آي ٩٥-وآي ،(٣٩٥-ﺳﻮف ﺗﻜﻮن ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل أﺷﺨﺎص أو أﻛﺜﺮ ،وﺷﺎﺣﻨﺎت اﻟﻨﻘﻞ املﺸﱰك ،واﻟﺤﺎﻓﻼت، اﻟﺮﻛﻮب املﺸﱰك اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﻞ ﺛﻼﺛﺔ ٍ وﻟﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻷﻓﺮاد ً أﻳﻀﺎ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺤﺎرات ﻣﻦ ﺧﻼل دﻓﻊ رﺳﻢ ﻣﺮور .ﺳﻮف ﻳﺘﻢ ﺟﻤﻊ اﻟﺮﺳﻮم إﻟﻜﱰوﻧﻴٍّﺎ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺠﻨﱡﺐ أﻛﺸﺎك اﻟﺮﺳﻮم املﺮورﻳﺔ .وﺳﻮف ﺗﻘﻮم اﻟﴩﻃﺔ ﺑﻤﺮاﻗﺒﺔ ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل ﻟﻀﺒﻂ املﺨﺎﻟﻔني وﺗﻐﺮﻳﻤﻬﻢ. ٌ ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻓﺾ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪرس أو ﺗﺨﺘﱪ اﻟﻄﺮق ذات ﺗﻨﺎﻣﺖ اﻟﺮﺳﻮم وﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل .ﻓﻔﻲ ﺗﻜﺴﺎس ،أﺳﺲ أﺣﺪ املﺤﺘﺠني ﺣﺰب ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ إﻧﺸﺎء اﻟﻄﺮق ذات اﻟﺮﺳﻮم ﰲ ﺗﻜﺴﺎس، اﻟﺮﺳﻮم املﺮورﻳﺔ ﺑﺘﻜﺴﺎس ملﻨﺎﻫﻀﺔ ً َ ﺑﻌﺮاﺋﺾ ﻹرﺟﺎء ﺑﻨﺎء واﺻﻔﺎ إﻳﺎﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻃﺮق ﻟﻠﺴﻴﺎرات اﻟﻔﺎرﻫﺔ« ،وﺗَﻘﺪﱠم املﴩﱢﻋﻮن ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ ﻃﺮق اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﺪﻳﺪة .وﻳﺮﻏﺐ املﺤﺎﻓﻆ رﻳﻚ ﺑريي ﰲ ﺑﻨﺎء ﻣﻤﺮ ﺗﺮاﻧﺲ ﺗﻜﺴﺎس، ﻣﻮاز ﻟﻄﺮﻳﻖ آي ٣٥-ﺑني داﻻس وﺳﺎن أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ وﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ذو رﺳﻮ ٍم ﻳﻤﺘﺪ إﱃ ٍ ٣٠٠ ﻣﻴﻞ ٍ املﺰدﺣﻢ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ .ﺳﻮف ﻳﺘﻢ ﺗﺸﻐﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﴍﻛﺔ ﺳﻴﻨﱰا ،وﻫﻲ ﴍﻛﺔ إﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ،ﺳﻮف 117
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎس ١٫٢ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻣﻘﺪﻣً ﺎ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ املﻤﺮ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ٦ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر. وﻫﻨﺎك ﺷﻜﺎوى ﺗُﻘﺪﱠم ﺑﺸﺄن اﺳﺘﺤﻮاذ أﺑﺎﻃﺮة اﻟﻠﺼﻮص اﻷﺟﺎﻧﺐ ﻋﲆ ﻃﺮق ﺗﻜﺴﺎس. وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﰲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺮﺳﻮم املﺮورﻳﺔ ووﺳﺎﺋﻞ ﺗﺴﻌري اﻟﺬروة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ وﺳﻴﻠﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻄﺮق واﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ ،واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﱡ ُﴪ وأﻣﺎن .وﺣﺴﺐ اﺳﺘﻨﺘﺎج روﺑﺮت ﺗﺪﻓﻖ اﻟﺤﺮﻛﺔ املﺮورﻳﺔ ﺑﻴ ٍ دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮول اﻻﺑﻦ ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻷوﱃ واﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺣﻠﻮل اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ،ﻓﺈن ﺣﺎرات املﺮﻛﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻹﺷﻐﺎل ،واﻹﻋﻔﺎء ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮم املﺮورﻳﺔ، ً ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺠﻌﻞ »ﻣﻦ اﻟﴬوري أن واﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت ﺗﺴﻌري ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺬروة؛ ﺗﺠﻠﺐ ﻓﻮاﺋ َﺪ 6 ﺗﺼﺒﺢ ﺟﺰءًا ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﴪﻋﺔ«.
118
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ
ﻗﻮة اﳌﺮﻳﺾ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة املﻮﺟﱠ ﻬﺔ ﺑﺎملﺴﺘﻬﻠﻚ
ﻻ ﺗﻨﻄﺒﻖ املﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺴﻮق ﻋﲆ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻴﻮم؛ ﻓﺎﻷﺳﻌﺎر ﻻ ﺗﺘﺤﺪد وﻓﻖ اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ. »ﻃﺮﻳﺪ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي :ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ« ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ٢٦ ،أﻛﺘﻮﺑﺮ١٩٩٣ ، ﺳﻮق ﺣﺮ ٍة ﻣﺤﺪودة ،وﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع إن ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ٍ ً ﺿ ً اﻟﺘﺪﺧﻼت واﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺰداد َ وﺗﺨﻠﻔﺎ … وﻟﻜﻦ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻌﻔﺎ املﺪﺧﺮات اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺤﻞ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﺑ ُﺮﻣﱠ ﺘﻬﺎ. ﺟﻮن ﻣﺎﻛﻲ ،املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﴩﻛﺔ ﻫﻮل ﻓﻮدز ﻣﺎرﻛﺖ ٍ ﻏﻼف ﻣﻊ ﺗَﺤﻮﱡل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ إﱃ ﻗﻀﻴ ٍﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ،ﻧﴩت ﺻﺤﻴﻔﺔ »ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ« ﻗﺼﺔ ﻛﺎﻣﻞ ﻟﻠﻤﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﻏﻔﺎل ﺗﺰﻋﻢ أن ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ »ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺸﺒﻪ ٍ ٍ ً ً ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وزﻋﻢ اﻟﺼﺤﻔﻲ أن ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ«؛ وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺴﺘﺤﻖ »اﻷﺳﻌﺎر ﺗﺘﺤﺪد وﻓﻖ اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ أو وﻓﻖ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺪاﺋﺮة ﺑني املﻨﺘﺠني .واﻟﺘﺴﻮق ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ أﻣﺮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ،ﻓﺎﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻷﻋﲆ ﻻ ﺗﺨﻔﺾ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ «.ﻓﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﴎﻳﻊ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﺗُﻤﺜﱢﻞ اﻵن ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ، ﻧﺤﻮ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﻋﲆ ٍ ٍ وﻫﻲ أﻋﲆ ﻧﺴﺒ ٍﺔ ﰲ أي دوﻟﺔ. وﻟﻜﻦ ﻫﻞ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ املﻘﺪﱠﻣﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼف ﻋﻦ اﻟﺼﺎﺑﻮن، أو اﻟﺴﻴﺎرات ،أو ﺗﺬاﻛﺮ ﻣﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل؟ ِﻟﻨَﻌُ ْﺪ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى إﱃ ﻣﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺠﺪل اﻟﺪاﺋﺮ ﺣﻮل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ، ْ ﴏﱠﺣﺖ ﺑﻪ »ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ« ،ﻳﻠﻌﺒﺎن وﻟﺴﻮف ﻧﺮى أن اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺎ ﱟم ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻄﺒﻴﺔ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ دورﻫﻤﺎ ٍ ﴎﻳﻊ واﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﺎﺟﺰون ﻋﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ املﻌﻘﻮﻟﺔ؛ ﻷن ﻧﺤﻮ ﻋﲆ ٍ ٍ املﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺤﺪدة ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻻ ﻳُﺘﺎح ﻟﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ؛ ﻓﻤﺴﺘﻮى املﻨﺎﻓﺴﺔ ،واﻟﺤﻮاﻓﺰ ،واملﺤﺎﺳﺒﺔ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ أي اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺣﺮ. ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻻ ﻳﺘﻮاﻛﺐ ﻟ َﻢ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﴪﻋﺔ؟ إن اﻟﻌﺮض، ٍ ﻣﻊ اﻟﻄﻠﺐ .وﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎب ﻋﺪﻳﺪة ﻟﺬﻟﻚ؛ ً أوﻻ :ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ً ﻣﺴﺌﻮﻻ ﻋﻦ ٦٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ واﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ »املﺠﺎﻧﻴﺔ« أو »املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ« ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ .ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻟﻘﻴﻮد املﻔﺮوﺿﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﲆ ﻋﺪد اﻟﻄﻼب املﻘﺒﻮﻟني ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﻄﺐ ،واﻟﺤﺪود املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت املﺴﻤﻮح ﺑﻬﺎ ﻟﻠﻤﻤﺮﺿﺎت ،وﻣﻮﻇﻔﻲ اﻹﺳﻌﺎف ،وﻣﻤﺎرﳼ اﻟﺘﻤﺮﻳﺾ ،وﻣﺴﺎﻋﺪي اﻷﻃﺒﺎء .ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﻧﻈﺎم ٍ ﻃﺮف ﺛﺎﻟﺚ ،اﻟﺬي ﻳﻔﺼﻞ املﺴﺘﺨﺪم ﻋﻦ املﺘﻜﻔﻞ ﺑﺪﻓﻊ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ. اﻟﺪﻓﻊ ﻋﱪ واﻹﺧﻔﺎق اﻷﻛﱪ اﻟﺬي ﺗﻮاﺟﻬﻪ ﺳﻮق اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻦ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑني املﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ واﻟﺪاﻓﻌني ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري؛ ﻓﻤﺒﺪأ املﺴﺘﺨﺪم ً ٍ رﻏﻴﻔﺎ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺪﻓﻌﻮا ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ؛ ﻓﺄﻧﺖ إذا اﺷﱰﻳﺖ ﻳﻘﴤ ﺑﺄن املﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ واﺣﺪًا ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰ ،ﺗﺪﻓﻊ دوﻻ ًرا ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ ،وإذا اﺷﱰﻳﺖ رﻏﻴﻔني ،ﺗﺪﻓﻊ دوﻻرﻳﻦ .وﻟﻜﻦ ﰲ ﱠ ﻳﺘﻜﻔﻞ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ، ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻢ اﻟﻴﻮم ،إذا ذﻫﺒﺖ إﱃ اﻟﻄﺒﻴﺐ، إﻣﺎ ﴍﻛﺘﻚ ،وإﻣﺎ ﴍﻛﺔ اﻟﺘﺄﻣني ،وإﻣﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. وﺣني ﻻ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻨﺎس ،ﻣﺒﺎﴍ ًة ،ﻣﻘﺎﺑ َﻞ اﻟﺨﺪﻣﺎت أو املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ، ﺗﻮﺟﺪ ﻧﺰﻋﺔ ﻧﺤﻮ اﻻﺳﺘﺨﺪام املﻔﺮط ﻟﻠﻤﺰاﻳﺎ املﺘﺎﺣﺔ وﺣﺎﻓﺰ أﻗﻞ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ .واﻟﺼﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ :إذا اﺳﺘﻔﺪت ﺑﺨﺪﻣﺎت ﻃﺒﻴﺐ ،ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﺗﺪﻓﻊ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ .وإذا اﺳﺘﻔﺪت ﺑﺎملﺰﻳﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺪﻓﻊ أﻛﺜﺮ .وإذا اﺳﺘﻔﺪت ﺑﺄﻗﻞ ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺪﻓﻊ ﻧﻔﺲ املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺷﺨﺺ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺑﺎملﺰﻳﺪ. 120
ﻗﻮة املﺮﻳﺾ
وﻟﻸﺳﻒ ،اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﺪاﻓﻌِ ني واملﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﺗﻨﻬﺎر؛ ﻓﻔﻲ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت ،ﻻ ﻳﺪﻓﻊ ﻣﺮﴇ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﻔﺎﺗﻮرة ،وﻳﺘﻜﺒﱠﺪﻫﺎ داﻓﻌﻮ اﻟﴬاﺋﺐ .وﻻ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻌﻤﻼء املﺴﺘﻔﻴﺪون ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ وزﻳﺎرات اﻷﻃﺒﺎء اﻟﻔﺎﺗﻮرة ،وﺗﺘﺤﻤﱠ ﻠﻬﺎ ﴍﻛﺔ اﻟﺘﺄﻣني املﺘﻌﺎﻗﺪة ﻣﻊ اﻟﴩﻛﺔ .وﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻹزﻋﺎج اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻧﺘﺸﺎ َر اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻄﺒﻲ ﱠ ﺗﺘﻜﻔﻞ ﺑﻪ ﺟﻬﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺪﻓﻊ ﻣﻘﺎﺑﻞ زﻳﺎرات اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺮوﺗﻴﻨﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻓﺤني ﻳﻌﻠﻢ اﻟﺬي ً ﺷﺨﺼﺎ آﺧﺮ — ﴍﻛﺔ اﻟﺘﺄﻣني — ﺳﻮف ﻳﺘﻜﻔﻞ ﺑﺴﺪاد اﻟﻔﺎﺗﻮرة ،ﻳﻜﻮن املﻮﻇﻔﻮن أن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻓﺰ أﻗﻞ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻓﻀﻞ ﺳﻌﺮ وﺗﺤﺠﻴﻢ ﻋﺪد اﻟﺰﻳﺎرات ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ أو ﻏﺮﻓﺔ ﻃﻮارئ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل املﺴﺘﺸﻔﻰ .وﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،ﺗﺤﺎول ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ٍ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻋﲆ املﺴﺘﺸﻔﻴﺎت وﺧﺪﻣﺎت اﻷﻃﺒﺎء ،وﻟﻜﻦ املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﺎملﻨﻈﻮﻣﺔ ﰲ ﻣﺄزق ،ﻟﻸﺳﻒ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻌﺪم ﻗﻴﺎم ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ﺑﺮد ﻧﻔﺲ املﺒﻠﻎ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻸﻃﺒﺎء؛ ﻓﴩﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ﺗُﺤﺪﱢد ﻣﺎ ﺳﺘﺪﻓﻌﻪً ، ٍ ٍ ٍ ملﺠﻤﻮﻋﺔ وﻓﻘﺎ ﻹﺟﺮاءات ﻃﺒﻴ ٍﺔ املﺪﻓﻮع ُ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﰱ ﺑﻬﺎ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ .وﺣني ﺗﺪﻓﻊ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻘﻠﻴ َﻞ ﻟﻸﻃﺒﺎء ،ﻳﻌﻤﺪون ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺑﺪاﺋﻞ. ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻳﺮد اﻷﻃﺒﺎء ﻋﲆ ذﻟﻚ ،إﻣﺎ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﻋﺪد ﻣﺮﴇ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺤﺼﻮﻧﻬﻢ ﻛﻞ ﻳﻮم ،أو ﺑﺮﻓﺾ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ً ﻛﻠﻴﺔ .واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﻤﺎرﺳني اﻵن ﻳﻘﺒﻠﻮن املﺮﴇ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ ﻣﺒﺎﴍة ،وﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺴﱰدوا ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني. ﻫﻞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻫﻲ اﻟﺤﻞ؟ ً ً ﺻﺤﻴﺔ رﻋﺎﻳﺔ ﻳﺆﻳﺪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني واملﺜﻘﻔني ﺗﺒﻨ ﱢ َﻲ ﻣﺎ ﺗﺘﺒﻨﱠﺎه ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى: ً داﻓﻊ واﺣﺪ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺳﻮف ﺗﻌﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ أن ﻛﻞ ﻓﺮ ٍد ﺳﻮف ﻳﺤﻤﻞ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻧﻈﺎ َم ٍ ٍ ﺧﻄﺔ واﺣﺪ ٍة ﺗﻘﻮم ﻋﲆ إدارﺗﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ .وﺗُﺴﻤﱠ ﻰ ﺗﺄﻣﻴﻨًﺎ ﺻﺤﻴٍّﺎ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ »اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﻮاﺣﺪ«؛ ﻷن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺗُﺤ ﱢﺮر اﻟﺸﻴﻜﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻔﻮاﺗري اﻟﺨﺪﻣﺎت ً ً داﻓﻊ واﺣ ٍﺪ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺷﺎﻣﻼ ذا ووﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﺆﻳﺪﻳﻦ ،ﻓﺈن ﻧﻈﺎﻣً ﺎ اﻟﻄﺒﻴﺔ. ٍ واﻟﺮوﺗني ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. َ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻟﻜﻦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺗﻨﺘﻬﻚ اﻟﻨﺼﻒ َ ﻷﺷﺨﺎص ﻟﻴﺴﻮا ﰲ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،أﻻ وﻫﻮ أﻧﻬﺎ ﺗُﻘﺪﱢم ﻣﻴﺰ ًة ﻣﻦ ﻣﻴﺰات داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ٍ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﻐﻄﻴ ٍﺔ ﺗﺄﻣﻴﻨﻴﺔ .ﻓﻬﻞ ﻳﺘﻌني ﻋﲆ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﺳﺪاد اﻟﻔﻮاﺗري اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻟﺒﻴﻞ 121
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺷﺨﺺ ﻳﺮﺑﺢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٠٠أﻟﻒ ﺟﻴﺘﺲ ،أو دﻳﻔﻴﺪ روﻛﻔِ ﻠﺮ ،أو — ﺑﻬﺬا اﻟﺼﺪد — أي ٍ دوﻻر ً ﻣﺜﻼ؟ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﺳﻮف ﻳﻘﻮﻟﻮن :ﻻ ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺪﻓﻊ دﻋﻤً ﺎ ﻟﻸﻏﻨﻴﺎء! ﻏري ٍ أن ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ أي ﻧﻈﺎ ٍم ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺠﱪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ اﻻﻧﻀﻤﺎم إﱃ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻓﻊ ﻟﻪ )ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﴬاﺋﺐ( ،ﺣﺘﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﺤﻤﱡ ﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺗﺄﻣﻴﻨﻬﻢ اﻟﺼﺤﻲ اﻟﻄﺒﻲ. ﻣﺎ ﻣﺪى ﺟﻮدة ﻧُﻈﻢ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻟﻜﻨﺪﻳﺔ؟ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺆﻳﺪو ﻧﻈﺎم اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﻮاﺣﺪ إﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻛﻨﺪا ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻤﺎ ﻣﺼﺪ ًرا ﻟﻠﺒﺪاﺋﻞ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ .أُﻧﺸﺌﺖ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻻﺷﱰاﻛﻴني ﺣني ﺗﻮ ﱠﻟﻮُا اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻻ ﻳﺪﻓﻊ املﺮﴇ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ أو ﺧﺪﻣﺎت املﺴﺘﺸﻔﻴﺎت؛ إذ ﻳﺘﻢ ﺳﺪاد ﺟﻤﻴﻊ ٍ وﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪ ٍة ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ. اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺗُﻌَ ﱡﺪ واﺣﺪ ًة ﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﻧُﻈﻢ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﺑﺴﻌﺮ ﻫﺎﻣﴚﱟ ﻣﻨﻌﺪم ،ﻳﺠﺮي اﻵن ﺗﺮﺷﻴﺪ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻓﻤﻊ اﻟﻄﻠﺐ ﻏري املﺤﺪود ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺎت ٍ اﻟﻄﺒﻴﺔ املﻘﺪﱠﻣﺔ ﰲ املﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وﻋﻴﺎدات اﻷﻃﺒﺎء .وﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﻟﻨﺪن، ً ﺳﺎﻋﺔ ﻟﻠﻌﺮض ﻋﲆ ﻃﺒﻴﺐ) .أﻋﺮف ﻫﺬا ﻣﻦ واﻗﻊ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮ املﺮﴇ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٢ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺣني ﻛﺎﻧﺖ أﴎﺗﻨﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﰲ ﻟﻨﺪن ذات ﺻﻴﻒ ،وﺣني أُﺻﻴﺐ اﺑﻨﻲ ذو اﻷﻋﻮام اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ إﺛﺮ ﺳﻘﻮﻃﻪ ،أﺧﺬﻧﺎه إﱃ أﺣﺪ ﻣﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ٍ ﺳﺎﻋﺎت ﻗﺒﻞ أن ﻧﺴﺘﺴﻠﻢ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ وﻧﻌﻮد إﱃ املﻨﺰل(. واﻧﺘﻈﺮﻧﺎ ﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ارﺗﻔﻊ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻹداري ﰲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﴪﻋﺔ اﻟﺼﺎروخ إﱃ ٣٫١ﻣﻮﻇﻔني ﻟﻜﻞ ﻣﺮﻳﺾ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا املﻌﺪل املﺴﺘﺤﺴﻦ ﻇﺎﻫﺮﻳٍّﺎ ﻟﻢ ﻳُﺠْ ِﺪ ﻣﻊ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﺠﺰ؛ ﻷن ﻫﺆﻻء املﻮﻇﻔني ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ وﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻴﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﻼج املﺮﴇ. ﺷﺨﺺ ﺑﻤﻌﺪل اﻟﻨﺼﻒ .وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗُﱪز ﴎة ﻟﻜﻞ أﻟﻒ ٍ وﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٩٤٨اﻧﺨﻔﺾ ﻋﺪد اﻷ َ ﱠ ٍ ٍ ً ﻣﺘﻘﻨﺔ وﻣﺮﴇ ﻣﱰوﻛني ﺑﻼ رﻋﺎﻳ ٍﺔ ﰲ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺟﺮاﺣﻴ ٍﺔ ﻏري ﻗﺼﺼﺎ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ردﻫﺎت املﺴﺘﺸﻔﻴﺎت. ﻣﺎذا ﻋﻦ ﻛﻨﺪا؟ ﻳﺸري ﺑﻌﺾ املﺆﻳﺪﻳﻦ إﱃ ﻛﻨﺪا ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻣﺜﺎﻟﻴٍّﺎ ﻟﺨﻄﺔ اﻟﺪاﻓﻊ ً ً ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﻜﻨﺪﻳني .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻧﻈﺎﻣﻬﻢ ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻟﻮاﺣﺪ؛ ﻓﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻓﺎﺗﻮرة اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ 122
ﻗﻮة املﺮﻳﺾ اﺧﺘﺼﺎﴆ ﰲ ﻛﻨﺪا) .املﺼﺪر: ﺟﺪول :1-13ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻓﱰة اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻟﺘَ ﱢﻠﻘﻲ اﻟﻌﻼج ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﱟ ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ،ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ ،ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻨﺪا(. اﻟﺘﺨﺼﺺ
ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻓﱰة اﻻﻧﺘﻈﺎر )ﺑﺎﻷﺳﺎﺑﻴﻊ(
ﻋﻈﺎم
٣٢٫٢
ﺟﺮاﺣﺎت اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ
٢٨٫٦ ٣٠
ﻋﻴﻮن ﻧﺴﺎء وﺗﻮﻟﻴﺪ
١٥٫٣
أﻧﻒ وأذن وﺣﻨﺠﺮة
١٦٫٤ ١٣
ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺑﻮﻟﻴﺔ ﺟﺮاﺣﺔ اﻷﻋﺼﺎب
٢٠٫١
ﺟﺮاﺣﺔ ﻋﺎﻣﺔ
١٠٫٣
ﺑﺎﻃﻨﺔ
١١٫١
اﻟﻘﻠﺐ واﻷوﻋﻴﺔ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ
١٤٫١
ﻣﻨﺨﻔِ َﺾ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ .وﺗُ ﱢ ﺨﺼﺺ ﻛﻨﺪا ٩٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ، ً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. ﻓﺸﻞ ﰲ ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻄﺒﻴﺔ ري إﱃ ٍ وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ ﺗُﻌﺰى إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ وأﺣﺪث اﻷﺟﻬﺰة واﻹﺟﺮاءات اﻟﻄﺒﻴﺔ .وﺗﺼﻨﻒ ﺿﻤﻦ اﻟﺜﻠﺚ اﻟﺴﻔﲇ ﻣﻦ اﻟﺪول املﺘﻄﻮﱢرة ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻮاﻓﺮ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻣﺜﻞ آﻻت اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺑﺎﻟﺮﻧني املﻐﻨﺎﻃﻴﴘ أو ﻣﺎﻛﻴﻨﺎت ﻏﺴﻴﻞ ٌ ﱢ ُ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﺘَ ﱢﻠﻘﻲ اﻟﻌﻼج ﻋﲆ ﻳﺪ اﻧﺘﻈﺎر ﻓﱰات ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول ،1-13ﻫﻨﺎك اﻟ ُﻜﲆ .وﻛﻤﺎ ٍ اﺧﺘﺼﺎﴆ ﰲ ﻛﻨﺪا. ﱟ ٍ َ ﻣﺘﺨﺼﺼ ْني ﻳﺘﺠﻬﻮن وﺟﺮاﺣﺔ ﻋﻼج وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ ﰲ أن اﻟﻜﻨﺪﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ ٍ ﺟﻨﻮﺑًﺎ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﺣﻴﺚ وﻗﺖ اﻻﻧﺘﻈﺎر ﰲ أدﻧﻰ ﺣﺪوده ،وأﺣﺪث اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻣﺘﻮاﻓﺮة ،ﻫﺬا إذا َ ﻛﻨﺖ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺘﺤﻤﱡ ﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻌﻼج ﺑﻨﻔﺴﻚ. ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ رﻋﺎﻳ ٍﺔ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﻤﻊ ﻣﺮﺷﺤً ﺎ أو ﻗﺎﺋﺪًا ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ ﻳﻘﻮل» :ﻧﺤﻦ ﺻﺤﻴ ٍﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ« ،ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أن ذﻟﻚ اﻟﺸﺨﺺ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻴﻢ. 123
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﺤﻞ اﻟﺴﻮﻗﻲ :ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ أﻗﻞ ،ﺟﻮدة أﻋﲆ ،ودون اﻧﺘﻈﺎر ً ﻣﺠﺪﻳﺔ ﻟﻮ اﺗﺒﻌﺖ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺴﻮق ،ﺗﺄﻣﻞ ﻟﻜﻲ ﻧﻮﺿﺢ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺜﺎﻟني :ﺟﺮاﺣﺔ اﻟﻌﻴﻮن ﺑﺎﻟﻠﻴﺰر ،وﺟﺮاﺣﺔ اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻨﺘﺠﺎت وﺧﺪﻣﺎت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻏﻼءً ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺟﺮاﺣﺔ اﻟﻌني ﺑﺎﻟﻠﻴﺰر .ﻟﻘﺪ أُﺟﺮﻳﺖ ﺟﺮاﺣﺔ اﻟﻠﻴﺰك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳني ﻣﺮ ٍة ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ ،وأﺻﺒﺤﺖ أﻓﻀﻞ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ .وﺗﺤﻈﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻠﻴﺰك ﺑﺄﻋﲆ ﻣﻌﺪل ً ٍ ﺟﺮاﺣﺔ أﺧﺮى .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٨ رﺿﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ املﺮﴇ ﻣﻦ أي دوﻻر ﻟﻠﻌني اﻟﻮاﺣﺪة ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺳﻌﺮ ﺟﺮاﺣﺔ اﻟﻌني ﺑﺎﻟﻠﻴﺰر ﻧﺤﻮ ٢٢٠٠ ٍ ﻣﺮﺗﺒﻜﺔ .أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻓﻘﺪ اﻧﺨﻔﺾ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺴﻌﺮ إﱃ ١٣٥٠دوﻻ ًرا ﻟﻠﻌني اﻟﻮاﺣﺪة؛ أي ﺑﻨﺴﺒﺔ ٣٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ازدﻳﺎد رﺿﺎ اﻟﻌﻤﻼء .ملﺎذا أﺻﺒﺤﺖ ﺟﺮاﺣﺔ اﻟﻌني ﺑﺎﻟﻠﻴﺰر أﻗﻞ ً ﺗﻜﻠﻔﺔ وأﻓﻀﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﺎرت أﺷﻜﺎل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻷﺧﺮى أﻛﺜﺮ ﻏﻼءً؟ اﻷﻣﺮ ﺑﺴﻴﻂ؛ ٍ ﻃﺮف ﺛﺎﻟﺚ، ﻓﺠﺮاﺣﺔ اﻟﻌني ﺑﺎﻟﻠﻴﺰر ﻻ ﻳﻐﻄﻴﻬﺎ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﺨﺎص ﺑﻨﻈﺎم اﻟﺪﻓﻊ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ أو ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ،أو اﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ؛ وﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن ﻟﺪى أﻃﺒﺎء اﻟﻌﻴﻮن ﺣﺎﻓﺰ ﻟﺘﺤﺴني اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ املﺴﺘﺨﺪَﻣﺔ وﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﻦ أﺟﻞ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻋﲆ املﺮﴇ .وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺳﻮق ﺣﺮ ٍة ﺣﻘﻴﻘﻴ ٍﺔ ﻣﻦ ﺟﺮاﺣﺔ اﻟﻌني ﺑﺎﻟﻠﻴﺰر واﺣﺪ ًة ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﰲ ٍ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺴﻌﺮﻳﺔ واﺧﺘﻴﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ. وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺟﺮاﺣﺎت اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ ً ﻣﺜﺎﻻ آﺧﺮ أدﱠت ﻓﻴﻪ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺴﻌﺮﻳﺔ واﺧﺘﻴﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ إﱃ ﺧﻔﺾ اﻷﺳﻌﺎر ورﻓﻊ اﻟﺠﻮدة ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﺎملﺮﴇ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻬﻢ اﻟﺨﺎص ﻣﻘﺎﺑﻞ ٍ ﺟﺮاﺣﺔ اﺧﺘﻴﺎرﻳﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳُﻘﻴﱢﻤﻮن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ وﻓﻮاﺋﺪ ﻛﻞ إﺟﺮاء .ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻳﺨﺘﺎرون ﻃﺒﻴﺒﻬﻢ ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ اﻟﺠﻮدة واﻟﺴﻌﺮ ،ﻻ ﻋﲆ ﻛﻮن اﻟﻄﺒﻴﺐ ﺿﻤﻦ اﻟﺸﺒﻜﺔ أم ﻻ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﻌﺎر 1 ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻛﻞ ﻋﺎ ٍم ﻣﻦ ١٩٩٢ﺣﺘﻰ .٢٠٠١ املﻌﺪﻟﺔ ﰲ ﺿﻮء ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻦ املﺴﺌﻮل؟ ﻳُﻠﻘﻲ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻘﺎل ﺟﺮﻳﺪة »ﺗﺎﻳﻤﺰ« ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﲆ ﻗﻄﺎع ﺑﺸﻜﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﺎص ،إﻻ أن اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﻓﺸﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﺗﺮك اﻟﺴﻮق ﺗﻌﻤﻞ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ، ﻛﺎﻣﻞ .ﻓﺤﺘﻰ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﻄﺒﻲ املﺪﻓﻮع ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ ﺻﻨﻴﻌﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ٍ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ املﺰاﻳﺎ اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ، ﻓﺎرﺗﻔﺎع ﴐاﺋﺐ اﻟﴩﻛﺎت ﻳُﺸﺠﱢ ﻊ اﻟﴩﻛﺎت ﻋﲆ ﺗﻘﺪﻳﻢ وﻫﻲ ﻣﺰاﻳﺎ ﺗُﺨﺼﻢ ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﴩﻛﺎت ودﺧ ٌﻞ ﻣ ً ُﻌﻔﻰ ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﻮﻇﻔني .واﺧﺘﺎرت اﻟﴩﻛﺎت ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬه املﺰاﻳﺎ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ. 124
ﻗﻮة املﺮﻳﺾ
ْ ﻗﺎرن ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﺑﻤﺠﺎل اﻟﻄﺐ اﻟﺒﻴﻄﺮي .إن ﻣﺮاﻛﺰ ﻋﻼج اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻻ ﺗُﻌﺎﻧﻲ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﺠﺎل اﻟﻄﺐ اﻟﺒﴩي )اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ،اﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ، ري إﱃ ﻛﻮن ﻣﻌﻈﻢ ﻓﱰات اﻻﻧﺘﻈﺎر اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﰲ املﻨﺸﺂت اﻟﻄﺒﻴﺔ( ،وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﻣﺒﺎﴍ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ أﺻﺤﺎب اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت .وﻟﻄﺎملﺎ ﻛﺎن ﺑﺸﻜﻞ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺒﻴﻄﺮﻳﺔ ﻳُﺪﻓﻊ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ٍ ٍ ﻣﺠﺎل ﻃﺐ اﻷﺳﻨﺎن ً ﻣﺜﺎﻻ ﺟﻴﺪًا آﺧﺮ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻷن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﻌﻈﻢ ﺧﺪﻣﺎت ﻃﺐ اﻷﺳﻨﺎن ﻇﻠﺖ ٍ ﻣﺒﺎﴍ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ املﺮﴇ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻳﺘﻢ اﺣﺘﻮاؤﻫﺎ .وﻟﺴﻮء ﺑﺸﻜﻞ ﻟﺴﻨﻮات ﺗُﺪﻓﻊ ٍ ٍ اﻟﺤﻆ ،ﺻﺎر املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺆﺳﺴﺎت وﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ،ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،ﻳُﻘﺪﱢم ﺗﺄﻣني اﻷﺳﻨﺎن ٍ ﴎﻳﻊ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺤﻮ ﺑﺎﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ .وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ ﰲ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻓﻮاﺗري ﻋﻼج اﻷﺳﻨﺎن ﻋﲆ ٍ ٍ ٍ ﻃﺮف ﺛﺎﻟﺚ. ﻧﻈﺎم اﻟﺪﻓﻊ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻟﺘﺤﺴني املﻮﻗﻒ؟ إن ﻣﺤﺎﻛﺎة ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﻛﻨﺪا وأوروﺑﺎ ﻟﻦ ﺗُﺠﺪيَ ﻧﻔﻌً ﺎ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻬﻚ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺴﻮق) .إذا أردت أن ﺗﻌﺮف ﻣﻮﻃﻦ اﻟﻀﻌﻒ ﰲ ﻧﻈﺎم اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻜﻞ دوﻟﺔ ،ﻓﺤ ﱢﻠ ْﻞ ﻛﻞ ﻧﻈﺎ ٍم ً وﻓﻘﺎ ملﺒﺎدئ اﻟﺴﻮق (.ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻦ ﺑﺈﻳﺠﺎز ﰲ ﻋﺎم — ١٩٩٣ ﺗﻔﻲ ﺧﻄﺔ ﻫﻴﻼري ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ — اﻟﺘﻲ ﻋُ ﺮﺿﺖ َ ٍ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ً ً ﺑﺎﻟﻐﺮض ً وﻓﻘﺎ ﻟﺪﺧﻞ أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﺧﻄﺔ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ ﱢ ﻣﺒﺎﴍ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺑﺸﻜﻞ املﺘﻠﻘﻲ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ؛ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ املﺴﺘﻔﻴﺪون ﺳﻴﺪﻓﻌﻮن ٍ ٍ ٍ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻋﲆ اﻷدوﻳﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ وﻛﺎﻟﺔ ﻓﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺳﺘﻔﺮض ﺿﻮاﺑﻂ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻷﺧﺮى ذات اﻟﺼﻠﺔ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻄﺒﻲ .وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺳﻴُﺴﻔﺮ ﻋﻦ أزﻣﺎت، َ ٍ ٍ وﺗﻄﻮﻳﺮ أﻗﻞ .وﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ وﺑﺤﺚ وﺧﺪﻣﺎت ﻣﻨﻘﻮﺻﺔ، وﺗﻜﺎﻟﻴﻒ أﻋﲆ، وﺑريوﻗﺮاﻃﻴﺔ، ٍ أُﺟﻬﻀﺖ اﻟﺨﻄﺔ. ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ :ﻗﺼﺔ ﻫﻮل ﻓﻮدز ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ٍّ ﺣﻼ ﻋﻤﻠﻴٍّﺎ ﻟﻸزﻣﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ .وﻗﺪ ﻗﺎم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺑﺘﴩﻳﻊ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ﰲ ٢٠٠٣ﻛﺠﺰءٍ ﻣﻦ ﺣﺰﻣﺔ إﺻﻼﺣﺎت ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ. وﻗﺒﻞ ذﻟﻚ اﻟﺤني ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﻤﱠ ﻰ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﻄﺒﻴﺔ .وﻗﺎم اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ﺑﺈﻗﺮارﻫﺎ ﰲ ﻋﺎم .١٩٩٦ 125
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ﻫﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻣﺆﺟﻠﺔ اﻟﴬاﺋﺐ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻚ ادﺧﺎر املﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ. وﻟﻜﻲ أوﺿﺢ ﻟﻚ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ،وملﺎذا ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺪر ْ ﻣﻦ أﻧﺠﺢ اﻟﴩﻛﺎت ،وﻫﻲ ﴍﻛﺔ »ﻫﻮل ﻓﻮدز أﺳﺘﻌﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح ،دﻋﻨﻲ ٍ ﺑﻤﺜﺎل ﻟﻮاﺣﺪة ٍ ﻣﺘﺎﺟﺮ اﻟﻐﺬاء اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻧﻤﻮٍّا ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺗُﺼﻨﱠﻒ ﰲ ﺳﻼﺳﻞ ﻣﺎرﻛﺖ« ،اﻟﺘﻲ ﺗُﻌَ ﱡﺪ أﴎ َع ِ ِ املﺮﻛﺰ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ »ﻓﻮرﺗﺸﻦ ﻷﻓﻀﻞ ١٠٠ﴍﻛﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻟﺪﻳﻬﺎ« .ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،٢٠٠٣ ﻛﺎن ﻟﺪى ﻫﻮل ﻓﻮدز ﻣﺎرﻛﺖ ﺧﻄﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺳﺨﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﻄﺔ ﻣﻜﻠﻔﺔ ،وﺑﻼ أي ﺣﻮاﻓ َﺰ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد واﻟﺘﺪﺑري .وواﺟﻬﺖ ﻫﻮل ﻓﻮدز ﻋﺠ ًﺰا ﻳُﻘﺪﱠر ﺑ ٧ﻣﻼﻳني دوﻻر ﰲ ٢٠٠٣؛ ﻣﺎ أﺟﱪﻫﺎ ﻋﲆ رﻓﻊ ﻗﻴﻤﺔ اﻷﻗﺴﺎط ﺑﻨﺤﻮ ٣٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ املﻮﻇﻔﻮن )املﻌﺮوﻓﻮن ﺑﻼﻋﺒﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ( ﺳﻌﺪاء ﺑﺨﻄﺔ ﻫﻮل ﻓﻮدز اﻟﻄﺒﻴﺔ. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻮل ﻓﻮدز واﺣﺪ ًة ﻣﻦ أوﱃ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺟ ﱠﺮﺑﺖ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر إﻳﺠﺎﺑﻲ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،ﺗﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺼﺤﻲ ملﻮﻇﻔﻴﻬﺎ .وﻟﻠﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ اﺗﺒﺎع ﱟ ٍ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﴩﻛﺔ »ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺼﺤﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ« 2 .وﺗﺪﻓﻊ اﻟﴩﻛﺔ ١٠٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﻗﺴﺎط ٍ اﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﺄﻣني ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﺪوا ٍم ﻛﲇ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻢ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﻢ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ .ﻏري أن ﻫﻨﺎك دوﻻر ﻣﺴﺘﻘﻄﻌﺔ ﻟﻸدوﻳﺔ دوﻻر ﰲ اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ ،و٥٠٠ ﺗﱰاوح ﺑني ٣٥٠٠و١٠٠٠ ٍ ٍ ٍ دوﻻر ﰲ اﻟﺪﻓﻊ املﺸﱰك .وﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت، ﺑﻮﺻﻔﺔ ﻃﺒﻴﺔ ،و٢٠٠٠ اﻟﺘﻲ ﺗُﴫف ٍ ﻋﻀﻮ ﰲ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﴩﻛﺔ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺧﺼﻢ ﻣﺎﺳﱰﻛﺎرد ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻳُﻤﻨﺢ ﻛﻞ ٍ ٍ ﺑﺪﻗﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﻔﻘﺎت »اﻟﺼﺤﺔ« )ﺗﺮﺻﺪ اﻟﴩﻛﺔ ﻣﴫوﻓﺎت املﺎﺳﱰﻛﺎرد ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗُﺴﺘﺨﺪم إﻻ ﻟﻸﻏﺮاض اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻘﻂ(. إذا ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪم املﻮﻇﻔﻮن اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ،ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻷﻣﻮال املﺘﺒﻘﻴﺔ إﱃ ﺣﺴﺎب ﻟﻼدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ،ﻳﺘﻨﺎﻣﻰ دون اﻟﺨﻀﻮع ﻷي ﴐاﺋﺐَ إﱃ أن ﻳﺘﻢ ﺳﺤﺒﻪ .وﺣﺴﺎﺑﺎت ٍ َ اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ،ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ ﱠﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠني أن ﻳﺄﺧﺬوا ٍ ﴍﻛﺔ أﺧﺮى .وﻫﻜﺬا ﺗﺨﻠﻖ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ﺣﺎﻓ ًﺰا ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﻣﻌﻬﻢ إذا اﻧﺘﻘﻠﻮا إﱃ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠني ﻛﻲ ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻣﺴﺘﻬﻠﻜني أذﻛﻴﺎءَ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ؛ ﻷن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ اﻻﺣﺘﻔﺎ َ ظ ﺑﺄي أﻣﻮال ﱠ ﺗﺘﺒﻘﻰ .وﻟﺪﻳﻬﻢ ﺧﻴﺎران ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أﻣﻮال ﺣﺴﺎب اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗُ َ ﻨﻔﻖ: ٍ •
ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ادﺧﺎر اﻷﻣﻮال )املﻌﻔﺎة ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ( ﻟﻠﻨﻔﻘﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﰲ ٍ ﺣﺴﺎﺑﺎت ذات ﻓﻮاﺋ َﺪ ﺗﱰاﻛﻢ دون اﻟﺨﻀﻮع ﻟﴬاﺋﺐ. 126
ﻗﻮة املﺮﻳﺾ •
ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺳﺤﺐ اﻷﻣﻮال ﻣﻦ ﺣﺴﺎب اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﻨﺔ ،ﻣﺎ داﻣﻮا ﻳﺤﺘﻔﻈﻮن ﺑﺤ ﱟﺪ أدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺮﺻﻴﺪ.
ً ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﴬاﺋﺐ ﻷﻏﺮاض ﻏري ﻃﺒﻴﺔ ،ﻓﺴﻮف ﺗﻜﻮن أﻣﺎ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺳﺤﺒﻬﺎ ٍ ً ٍ ﻟﻐﺮاﻣﺔ ﴐﻳﺒﻴ ٍﺔ ﻗﺪ ُرﻫﺎ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﻳﻘﻮل املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﺟﻮن وﺧﺎﺿﻌﺔ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﺸﻜﻞ ٍ ٍ ﻣﺎﻛﻲ» :ﺑﻌﺾ أﻓﺮاد ﻓﺮﻳﻘﻨﺎ ﺳﻮف ﻳﻮﺿﻊ ﰲ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ،٨٠٠٠و ،٩٠٠٠ﺑﻞ ١٠٠٠٠ دوﻻر .ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﻘﻠﻘﻮا ﻣﻦ اﻹﻓﻼس ﺟﺮاء املﺸﻜﻼت اﻟﻄﺒﻴﺔ«. وﺟﺎءت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ اﻧﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪل ﺗﻐﻴري اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ إﱃ ﻧﺤﻮ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ، وﺻﺎرت اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻟﻠﴩﻛﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻴﻄﺮة؛ ﻓﻨﺤﻮ ٧٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻳﻨﻔﻘﻮن أﻗﻞ ﻣﻦ ٥٠٠ دوﻻر ﻋﲆ ﺣﺴﺎب اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ﺧﺎﺻﺘﻬﻢ ،و ٤٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﻮﻇﻔني ﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ٍ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ .ملﺎذا ﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ؟ ﻷن ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﺤﺎﻓﺰ ﺣﺴﺎب اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﻢ ﻟﻴﻈﻠﻮا أﺻﺤﺎء ،وﻻ ﻳُﻬﺮﻋﻮن إﱃ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﻌﻠﻮا. إن ﻣﻮﻇﻔﻲ ﻫﻮل ﻓﻮدز ﻣﺎرﻛﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﺤﺎﻓﺰ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ٍ ﺻﻔﻘﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ؛ ﻓﺎﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت املﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗُﻘﻠﻞ اﻷﻗﺴﺎط اﻟﺘﺄﻣﻴﻨﻴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻐﻄﻲ املﻮﻇﻔني ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻣﺮاض أو اﻹﺻﺎﺑﺎت املﻔﺠﻌﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺸﺠﻴﻌﻬﻢ ﻋﲆ ﺗﻨﺎول اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ وﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ .وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻋﺪد اﻟﺰﻳﺎرات ﻟﻸﻃﺒﺎء واملﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ،ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ادﺧﺎر املﺎل ﰲ ﺣﺴﺎب اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ ﺧﺎﺻﺘﻬﻢ .وﻳﻄﻠﻖ ﺟﻮن 3 ﻣﺎﻛﻲ ﻋﲆ ذﻟﻚ »ﻧﻤﻮذج ﻣﺸﺠﻊ«. ً وﻓﻘﺎ ﻟﴩﻛﺔ ﻓﻮرﺳﱰ ﻟﻸﺑﺤﺎث ،ﺳﻮف ﺗﻀﻢ ﺳﻮق اﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ ،ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،٢٠١٠ﺑﺮاﻣﺞ ﺻﺤﻴﺔ ﻳُﺤ ﱢﺮﻛﻬﺎ املﺴﺘﻬﻠﻚ )ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻدﺧﺎر اﻟﺼﺤﻲ( .إﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺑﻌﺾ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺤﺴني ﺟﻮدة اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ وﺗﻘﻠﻴﻞ ﺗﻜﻠﻔﺘﻬﺎ: ) (١زﻳﺎدة اﻷﻃﺒﺎء ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺘﺢ اﻷﺑﻮاب ملﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﻄﺐ. ) (٢زﻳﺎدة ﺗﻨﻮﱡع اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ .ﻳﺠﺐ ﻣﻨﺢ ﻣﻤﺎرﳼ اﻟﺘﻤﺮﻳﺾ وﻣﺴﺎﻋﺪي اﻷﻃﺒﺎء ٍ ﻋﻴﺎدات وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺣﻴﺎت ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻋﺪوى اﻷذن ،واﻟﺠﺮوح اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ،واﻹﻧﻔﻠﻮﻧﺰا. ) (٣اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻠﺴﻮق ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ اﻷﺳﻌﺎر ،وﻟﻴﺲ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني. 127
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
) (٤إﺻﻼح ﻗﻮاﻧني اﻟﺘﻘﺼري املﻬﻨﻲ :ﺗﺤﺠﻴﻢ أﺣﻜﺎم أﺧﻄﺎء املﻤﺎرﺳﺔ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﺄﻣني ﺿﺪ أﺧﻄﺎء املﻤﺎرﺳﺔ. ُ ) (٥املﺼﺎرﺣﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ :اﺟﻌﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ إن ﻛﺎن أﺣﺪ اﻷﻃﺒﺎء ﻗﺪ ﺗﻌ ﱠﺮض ﻟﻠﺘﻘﺎﴈ أو أدﻳﻦ ﺑﺎﻹﻫﻤﺎل املﻬﻨﻲ أﻣ ًﺮا أﻛﺜﺮ ﺳﻬﻮﻟﺔ. ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻷﻗﴡ ﺣﺪ، إن اﻟﺤﻞ ﻷزﻣﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ ً ﻛﻔﻴﻼ ﺑﺤﻞ املﺸﻜﻠﺔ وﺣﺪه ﻣﻦ ﺧﻼل وﻟﻴﺲ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎﻗﻪ؛ ﻓﺎﻟﺘﺄﻣني اﻟﺨﺎص ﺳﻴﻜﻮن اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت املﺮﻧﺔ وإﺟﺮاءات اﻟﺪﻓﻊ املﺸﱰك ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺗﺸﺠﻴﻊ املﻨﺎﻓﺴﺔ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻗﻞ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ،وﺗﺤﻔﻴﺰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮات اﻟﻄﺒﻴﺔ ،وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻴﺔ وﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻤﺎرﻳﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ .وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ ﻋﲆ وﺿﻌﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻷﻓﻀﻞ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
128
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ
ﻋﻮدة إﱃ اﻷﺳﺎﺳﻴﺎت املﻨﺎﻓﺴﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﺣﺠﺮة اﻟﺪراﺳﺔ
ﻟﻮ ﺗُﺮك ﻟﻠﻄﻼب ﺣﺮﻳﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ،ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ إﺛﺎرة ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑني ﻣﺨﺘﻠِﻒ اﻟﻜﻠﻴﺎت. آدم ﺳﻤﻴﺚ
1
ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺨﺪم اﻵﺑﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺣﺮﻳﺔ ﺳﻮق ﺗﻌﻠﻴﻤﻴ ٍﺔ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴ ٍﺔ إن وﺟﻮد ٍ ﻃﻔﻞ ﺳﻮف؛ ﻳُﻈﻬﺮ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ اﺧﺘﻴﺎر املﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳ َﺮوْﻧﻬﺎ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻜﻞ ٍ إﺣﺪاث ﺛﻮر ٍة ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن
2
ﻟﻄﺎملﺎ ﻛﺎن اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﳼ اﻟﺒﺎرع آدم ﺳﻤﻴﺚ ﻳﺘﺤﺎﳽ إﻫﺎﻧﺔ ﻗﺮاﺋﻪ ،وﻟﻜﻨﻪ ﺷ ﱠ ﻂ ﻋﻦ ﻫﺬه ﺗﻌﻠﻴﻖ ورد ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺛﺮوة اﻷﻣﻢ«؛ ﻓﻔﻲ إﺷﺎر ٍة إﱃ »املﺤﺎﴐات اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ« اﻟﻘﺎﻋﺪة ﰲ أﺷﻬﺮ ٍ واﺿﺢ أن» :اﻟﻘﻄﺎع ﰲ ﻣﺪرﺳﺘﻪ اﻷم — ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد املﺮﻣﻮﻗﺔ — أﻋﻠﻦ ﺑﺎزدراءٍ ٍ اﻷﻛﱪ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺗﺬة ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد ،ﻋﲆ ﻣﺪار ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﻮات ،ﻗﺪ ﺗﺨ ﱠﻠﻮْا ﻛﻠﻴٍّﺎ ً ﺑﻐﻴﻀﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أﺳﺘﺎذٍ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ اﺻﻄﻨﺎع اﻟﺘﺪرﻳﺲ … ﻻ ﺑﺪ أن اﻷﻣﺮ ﻳﻜﻮن
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻼﺣﻆ أن اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ ﻣﻦ ﻃﻼﺑﻪ ﻳﻬﺠﺮون ﻣﺤﺎﴐاﺗﻪ؛ أو رﺑﻤﺎ 3 ﻳﺤﴬوﻧﻬﺎ وﻋﲆ وﺟﻮﻫﻬﻢ أﻣﺎرات واﺿﺤﺔ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ،واﻻﺣﺘﻘﺎر ،واﻻﺳﺘﻬﺰاء«. ﻟ َﻢ ﻛﺎن آدم ﺳﻤﻴﺚ ﻏﺎﺿﺒًﺎ ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬا اﻟﻐﻀﺐ؟ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ إﺑﱠﺎن اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ، ﻛﺎن املﻌﻠﻤﻮن ﰲ ﻣﻌﻈﻢ املﺪارس ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ أﺟﺮﻫﻢ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﻣﻦ اﻟﻄﻼب )أو آﺑﺎﺋﻬﻢ(؛ وﻟﺬا ﻛﺎﻧﻮا ﻳُﻀﻄﺮون ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﲆ اﻫﺘﻤﺎم ﺗﻼﻣﻴﺬﻫﻢ وآﺑﺎﺋﻬﻢ .وﻟﻜﻦ أﻛﺴﻔﻮرد ﻛﺎن ﻳُﻐﺪَق ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻬﺒﺎت ﺣﺘﻰ إن اﻷﺳﺎﺗﺬة ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ أﺟﺮﻫﻢ ﻣﻦ ً ﻃﺎﻟﺐ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻷﺣﺐ إﻟﻴﻪ، وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﻤﻮﺣً ﺎ ﻷي اﻟﻜﻠﻴﺔ ﰲ اﻷﺳﺎس؛ ٍ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﺗُﻄﻮﱠر ملﺼﻠﺤﺔ املﻌﻠﻤني ،وﻟﻴﺲ اﻟﻄﻼب .وﰲ ﻏﻴﺎب اﻟﺤﻮاﻓﺰ، ﺗﺪﻫﻮرت ﺟﻮدة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد. ً ﻣﻌﺎرﺿﺎ ﻟﻜﻞ أﺷﻜﺎل اﻻﺣﺘﻜﺎر؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺮى أن اﻻﺣﺘﻜﺎر ﻣﻦ ﻛﺎن آدم ﺳﻤﻴﺚ ﺳﻴﺎﳼ ﻳﺘﱠﺴﻢ ﺑﺎرﺗﻔﺎع اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ،واﻟﻬﺪر ،واﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ ،واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ؛ ﻓﺎﻟﻴﺪ ﺷﺄﻧﻪ إﻧﺸﺎء ﻧﻈﺎ ٍم ﱟ ﺑﻨﺠﺎح إﻻ ﰲ وﺟﻮد املﻨﺎﻓﺴﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ .وﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ٍ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ اﻷﺳﻮاق؛ اﻟﺘﺠﺎرة ،واﻟﺪﻳﻦ ،ﺣﺘﻰ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﰲ املﴩوﻋﺎت اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .وﻛﺎن ﻳﺮى أن اﻟﻄﻼب ﺳﻴﺤ َ ﻈﻮْن ﺑﺘﻌﻠﻴ ٍﻢ أﻓﻀﻞ ﻟﻮ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني املﺪارس واملﻌﻠﻤني ﰲ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺐ. رداءة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ املﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻌ ﱢﻠﻤَ ﻪ ﻟﻨﺎ آدم ﺳﻤﻴﺚ اﻟﻴﻮم؟ إﻧﻨﺎ ﻧﺤﻈﻰ ﺑﺤﺮﻳﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻜﻠﻴﺔ واﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ واﻟﺜﺎﻧﻮي؟ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول ،وﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﺣﺘﻜﺎر ﺣﻜﻮﻣﻲ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻳُﻤﻮﱠل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ املﻨﺨﻔﺾ املﺴﺘﻮى ٍ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﻔﻌﲇ ﻟﻜﻞ ﺗﻠﻤﻴ ٍﺬ ﺗﺠﺎوز اﻟﻀﻌﻒ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٩٧٠ﻻ ﻳﺰال اﻟﻄﻼب اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺘﺬﻳﻠﻮن ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ )ﰲ اﻟﻘﺮاءة ،واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت، اﻟﺘﴪب ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ، واﻟﻌﻠﻮم( ﻷﻋﻀﺎء دول ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ واﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﻣﻌﺪﻻت ﱡ ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ .ﺣﺘﻰ املﻌﺮﻓﺔ واﻧﺨﻔﻀﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﰲ اﺧﺘﺒﺎرات اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺎت وﻻ ﺗﺰال اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺪﻫﻮرت ،وﺣﺪث اﻧﺨﻔﺎض ﺗﺪرﻳﺠﻲ ﰲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻊ اﺗﺠﺎه اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻘﻀﺎء ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﰲ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺘﻠﻔﺎز وﻣﻤﺎرﺳﺔ أﻟﻌﺎب اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻫﻨﺎك ﻓﺠﻮة ﻋﺮﻗﻴﺔ ﻣﺨﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،ﻣﻊ ﺗﺨ ﱡﻠﻒ 130
ﻋﻮدة إﱃ اﻷﺳﺎﺳﻴﺎت
اﻟﻄﻼب اﻟﺴﻮد وذوي اﻷﺻﻮل اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ،ﺳﻮاءٌ أﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ ﻣﻮﴎ ًة أم ﻣﺤﺪود َة اﻟﺪﺧﻞ، 4 ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺾ واﻵﺳﻴﻮﻳني. ﻓﻜﺮة ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﻋﻦ اﺧﺘﻴﺎر املﺪرﺳﺔ ً ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻌﺎﴏ ًة ﻵدم ﺳﻤﻴﺚ ،ﻷول ﻣﺮ ٍة ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ املﺒﺎدئ ﻗﺎم ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر واملﻨﺎﻓﺴﺔ ﻋﲆ املﺪارس اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ واﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺸﻬري »اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ« ) .(١٩٦٢وﻗﺪ اﻧﺘﻘﺪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ً ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺷﺒ َﻪ اﺣﺘﻜﺎرﻳ ٍﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﻮد ،واﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ،واﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ، اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ واملﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ املﻌﻠﻤني واﻹدارﻳني أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﻄﻼب واﻵﺑﺎء. ﻣﺎ اﻟﺤﻞ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ؟ ﻟﻘﺪ ﻣﻨﺢ اﻵﺑﺎء ﻗﺪ ًرا ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﻤﺎدات املﺎﻟﻴﺔ ﻳُﻌﺮف ﺑ »ﻗﺴﺎﺋﻢ« ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ أو ﺣﻜﻮﻣﻴ ٍﺔ ﻳﻘﻊ اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ» .إن ﺟﺮﻋﺔ ﻣﺪرﺳﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﱰداد ﰲ أي ٍ ٍ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺪارس. ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺻﺤﻴ ٍﺔ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻔﻌﻞ اﻟﻜﺜري ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ إﻗﺎﻣﺔ وﻟﺴﻮف ﺗﻔﻌﻞ اﻟﻜﺜري ً أﻳﻀﺎ ﻟﻀﺦ املﺮوﻧﺔ ﰲ اﻟﻨﻈﻢ املﺪرﺳﻴﺔ .وﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻞ 5 ً ً ﻣﺘﺠﺎوﺑﺔ ﻣﻊ ﻗﻮى اﻟﺴﻮق «.وﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮل أﻫﻤﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺠﻌﻞ رواﺗﺐ ﻣﻌﻠﻤﻲ املﺪارس ﻫﺮﺑﺮت ﺟﻴﻪ واﻟﱪج ،وﻫﻮ اﻗﺘﺼﺎدي ﱠ ﺗﻠﻘﻰ ﺗﺪرﻳﺒﻪ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ وﻋﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﰲ ﻫﺎرﻓﺎرد وﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد ،ﻓﺈن »املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗُﺨﺮج أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻓﺮاد واملﺆﺳﺴﺎت وﺗﻮﻓﺮ ﻣﻌﺎﻳري ﻟﻘﻴﺎس أداء ﺟﻤﻴﻊ املﺪارس اﺳﺘﻨﺎدًا إﻟﻴﻬﺎ ،واﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻶﺑﺎء ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ املﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻢ أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ وﺗﺤﺜﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺪوره ارﺗﺒﺎ ً ﻃﺎ إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ 6 ﺑﺘﻌ ﱡﻠﻢ اﻟﻄﺎﻟﺐ«. اﻛﺘﺴﺒﺖ ﻓﻜﺮة اﺧﺘﻴﺎر املﺪرﺳﺔ — ﺳﻮاءٌ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ،أو اﻻﻋﺘﻤﺎدات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ، ً ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻣﻤﺘﺪة؛ أو املﺪارس املﺴﺘﻘﻠﺔ — زﺧﻤً ﺎ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن املﻌﺮﻛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎملﻮاﻃﻨﻮن واﻵﺑﺎء املﺤﺒﱡﻮن ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻷﺟﻞ املﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺘﻐﻴريات ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻷﻗﻠﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن أﺑﻨﺎءﻫﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن ﰲ املﺪارس اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ .ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،أﺻﺒﺤﺖ أﻧﻈﻤﺔ املﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ َ ذات ﻃﺎﺑﻊ ﻣﺮﻛﺰيﱟ ٍ وﻧﻘﺎﺑﻲ أﻛﱪ ،ﰲ ﻇﻞ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻧﻘﺎﺑﺎت املﻌﻠﻤني واﻹدارات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﱟ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻐﻴري اﻟﺠﺬري؛ ﻓﻔﻲ ﺣني ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ اﻟﺠﻴﺪ ﻷي ٍ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ املﺪرﺳﻴﺔ واملﺪارس ﻓﻠﻮرﻳﺪا ،وأوﻫﺎﻳﻮ ،ووﻳﺴﻜﻮﻧﺴﻦ ،ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ٍ ﺻﺎدر ﻣﻦ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٢ﻳﺆﻛﺪ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ املﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻣﺴﺘﻔﻴﺪ ًة ﻣﻦ ﺣﻜ ٍﻢ ٍ 131
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻛﻠﻴﻔﻼﻧﺪ ﻟﻠﻘﺴﺎﺋﻢ ،ﻣﻨﻌﺖ ﺑﻌﺾ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ املﻄﺒﱠﻘﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت، ٍ وﻻﻳﺎت ﻣﺜﻞ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،وﻣﻴﺸﻴﺠﺎن ،وﻛﻮﻟﻮرادو ﺑﻔﻀﻞ املﻌﺎرﺿﺔ اﻟﴩﺳﺔ واﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﰲ ﻟﻨﻘﺎﺑﺎت املﻌﻠﻤني واﻹدارﻳني اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴني. وﻗﺪ أُﺟﺮيَ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ رﺟﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﺪراﺳﺔ ﻣﺰاﻳﺎ املﻨﺎﻓﺴﺔ واﻻﺧﺘﻴﺎر ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .وﰲ ﺧِ ﻀ ﱢﻢ اﻟﺠﺪل اﻟﺪاﺋﺮ ﺑني املﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻛﺎن اﻹﺟﻤﺎع ﻋﲆ أن املﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳُﺪﻓﻊ ﻟﻬﺎ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ أوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر ﺗﻤﻴﻞ إﱃ أن ﺗﻜﻮن »أﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎءة ،وأﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ ،وأﻓﻀﻞ ﺻﻴﺎﻧﺔ ،وأﻛﺜﺮ ﺗﺠﺎوﺑًﺎ ﻣﻊ املﻄﺎﻟﺐ اﻷﺑﻮﻳﺔ ﺑﺸﺄن املﻨﺎﻫﺞ« ﻣﻦ املﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ املﻤﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘﺴﺎﺋﻢ أو املﺪارس اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ 7 .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑني اﻷﻗﻠﻴﺎت. ﻣﺤﺪودة اﻟﻨﻄﺎق ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻷوﻟﻴﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ٍ وﺗُﻈﻬﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أُﺟﺮﻳﺖ ﻋﲆ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﰲ واﺷﻨﻄﻦ دي ﳼ ،وﻛﻠﻴﻔﻼﻧﺪ، وﻣﻴﻠﻮﻛﻲ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻗﻠﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﻨﴫي 8 .وﺗﺤﻈﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﺨﱪ ٍة أﻛﺜﺮ ﻣﻊ املﺪارس املﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻓﻴﻘﻮم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ آﻻف ﻣﺪرﺳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻃﺎﻟﺐ ﺑني ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻮاﺋﺢ املﺘﺸﺪدة واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻬﺰﻳﻞ ،ﺗﺘﺴﻢ ﻣﻠﻴﻮن ٍ ً ﺧﺎﺻﺔ ﺑني اﻟﻄﻼب اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻼﺗﻴﻨﻴني ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻹﻗﺒﺎل املﺪارس املﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﺤﺴﻦ اﻷداء، اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ً ﺗﻜﺎﻣﻼ ﰲ اﻟﺴﻮﻳﺪ ،وﻫﻮﻟﻨﺪا ،وﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺘﺸﻴﻚ ،وﺗﺸﻴﲇ؛ ﺣﻴﺚ أُﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺎت أﻛﺜﺮ أُدﺧﻞ ﻧﻈﺎم اﺧﺘﻴﺎر املﺪرﺳﺔ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻧﻈﺎم اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ﻫﻮ اﻷﻗﺪم؛ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأ ﰲ ﻋﺎم ،١٩١٧واﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص اﻵن ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ ٦٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ ﻋﺪد اﻟﻄﻼب. وﺗﺸري ﻫﻮﻟﻨﺪا إﱃ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺮﺿﺎ ﺑني أوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر وارﺗﻔﺎع اﻷداء ﰲ ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺪوﻟﻴﺔ .وﻇﻬﺮت ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﰲ اﻟﺴﻮﻳﺪ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺘﻤﻮﻳﻞ ٨٥ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﺪارس املﻔﻀﻠﺔ )ﺳﻮاءٌ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺨﺎﺻﺔ( .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ، ً ورﺿﺎ أﻛﱪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ أوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر. ﺷﻬﺪت اﻟﺴﻮﻳﺪ ﺗﺤﺴﻨًﺎ ﰲ درﺟﺎت اﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻄﻼب ً ﺷﺎﻣﻼ ﻟﻠﻘﺴﺎﺋﻢ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٨٢ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي أﻧﺸﺄت ﻛﺬﻟﻚ أَدﺧﻠﺖ ﺗﺸﻴﲇ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ )اﻧﻈﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ( .ﺑﺈﻣﻜﺎن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻄﻼب اﺧﺘﻴﺎر ﻣﻨﺸﺄ ٍة ﻓﻴﻪ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ دراﺳﻴ ٍﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،أو ﺧﺎﺻﺔ ،أو دﻳﻨﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ املﺪارس اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ .واﻟﺨﻼﺻﺔ ﻫﻲ أن »اﻟﻄﻼب ﰲ املﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ املﺪﻋﻤﺔ ]أي اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻨﻈﺎم اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ[ ﻳﺘﻔﻮﻗﻮن ﻋﲆ اﻟﻄﻼب ﰲ املﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ« .ﻣﺎذا ﻋﻦ ﺧﻄﺮ إﻏﻼق املﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻨﺰوح اﻟﻬﺎﺋﻞ 132
ﻋﻮدة إﱃ اﻷﺳﺎﺳﻴﺎت
ﻟﻠﻄﻼب إﱃ املﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ؟ إن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﺸﻴﻠﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ؛ إذ إﻧﻬﺎ ﱠ ً ﺗﻤﻮﻳﻼ ﺗﺘﻠﻘﻰ إﺿﺎﻓﻴٍّﺎ ﻹﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ 9 .وﻳﺨﻠﺺ واﻟﱪج إﱃ أﻧﻪ »ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻻﻋﱰاف ﺑﻮﺟﻮد ﺑﻌﺾ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات املﻠﺤﻮﻇﺔ وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ،ﺗُ ِ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺠﻤﻊ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﻮدة ﻋﲆ ٍ ﻛﺎﺳﺢ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ واﻻﺧﺘﻴﺎر اﻷﺑﻮي ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻋﲆ ﻧُﻈﻢ اﻻﺣﺘﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻐﻰ ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت ٍ 10 املﺘﺤﺪة واﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى«. ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﺧﺘﻴﺎر املﺪرﺳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن »ﻣﺠﺰﻳﺔ وﻣﺤﺒﻄﺔ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء« ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ )ﺣﻴﺚ ﺗُ ﱢ ﻮﰲ ﰲ ﻋﺎم (٢٠٠٦؛ ﻓﻘﺪ أﺳﺲ ﻣﻊ ٍ ﻣﻬﻤﺔ وﺣﻴﺪة ،وﻫﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ زوﺟﺘﻪ ﻣﺆﺳﺴﺔ »ﻣﻴﻠﺘﻮن وروز دي ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن« ،ﺑﻬﺪف إﻧﺠﺎز اﻟﺪﻋﻢ ملﺴﺄﻟﺔ اﺧﺘﻴﺎر املﺪارس .ﻗﻢ ﺑﺰﻳﺎرة ﻣﻮﻗﻊ ،www.friedmanfoundation.orgملﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت.
133
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﴩ
ﻣﻌﺮض أﺳﻠﺤﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ
ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻨﻬﺞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ املﺠﺮﻣﻮن ،ﻛﻐريﻫﻢ ،ﻟﻠﺤﻮاﻓﺰ. ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ
1
ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺷﺪﻳ ُﺪ اﻟﻘﻮة وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﺴﺘﺨﺪم ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ أي ﳾءٍ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ. ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ
2
ﻫﺎ ﻫﻢ »ﺻﺒﻴﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ« ﻳﻌﻮدون ﻣﺮ ًة أﺧﺮى .وﰲ ﻫﺬه املﺮة ﻳﺘﺼﺪﱠر أﺳﺎﺗﺬة اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﺼﺤﻒ ﰲ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺨﻼﰲ املﺤﻤﻮم اﻟﺪاﺋﺮ اﻟﻴﻮم ﺣﻮل ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺟﻴﻞ اﻹﻋﺪام واﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻷﺳﻠﺤﺔ .ﻟﻘﺪ أرﳻ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻨﺬ ٍ ٍ ٍ وﺳﻴﺎﺳﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺗﺠﺮﻳﺒﻲ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺪﻗﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﻧﻈﺮﻳ ٍﺔ ﻧﺸﺎط ﻛﺎﻣﻞ ﺑﺎﻹﴏار ﻋﲆ ٍ ﱟ )وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻏري ﻣﺮﻏﻮﺑ ٍﺔ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ( .وﻣﺆﺧ ًﺮا ﻗﺎم ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﲆ ﻃﺮاز ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻟﻴﺸﻤﻞ املﺸﻜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ املﻌﺎﴏة ،ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، واﻟﺰواج ،واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،واﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ ،واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. ﻳﻜﻤﻦ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻴﻪ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺑﻴﻜﺮ ﰲ ﻣﻔﻬﻮ ٍم اﻗﺘﺼﺎديﱟ أﺳﺎﳼ ،وﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﻠﺐ :إذا ارﺗﻔﻊ ﺳﻌﺮ ﺳﻠﻌﺔ ،ﻳﻌﻤﺪ اﻟﻨﺎس إﱃ اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ .وﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﺸﺎط ٍ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻣﺎ ،ﻓﺴﻮف ﻳﻘﻞ ﻋﺪد اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻹﺟﺮاﻣﻲ ،إذا ارﺗﻔﻌﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ وﺧﻄﻮرة ارﺗﻜﺎب املﺮﺗ َﻜﺒﺔ .وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﺎر إﱃ ذﻟﻚ ﺑﻤﺒﺪأ ﺣﺎﻓﺰ اﻟﺴﻮق .وأوﺿﺢ ﺑﻴﻜﺮ أن زﻳﺎدة ﺗﻜﻠﻔﺔ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ٍ إداﻧﺔ أﻋﲆ ﺗُﻘ ﱢﻠﻞ وﻣﺤﺎﻛﻤﺎت أﴎع ،وﻣﻌﺪﻻت اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺣﻜﺎ ٍم أﺷﺪ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ، 3 ﻓﻌﺎل ﻣﻦ ﻋﺪد املﺠﺮﻣني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﻜﺒﻮن ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺴﻄﻮ ،أو اﻟﴪﻗﺔ ،أو اﻻﻏﺘﺼﺎب. ﺑﺸﻜﻞ ٍ ٍ ﻫﻞ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام رادﻋﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ؟ ري ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت أدﱠى إﱃ ﺗﺸري دراﺳﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ إﱃ أن إﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام ﰲ ﻛﺜ ٍ اﻧﺨﻔﺎض ﺑﻨﺴﺒﺔ ٣٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻘﺘﻞ .وﻳﺨﻠﺺ ﺑﺤﺚ ﺟﺪﻳﺪ أﺟﺮاه اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن، ٍ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،إﱃ أن ﻛﻞ إﻋﺪا ٍم ﻳ ﱠ ٍ ﺛﻼث إﱃ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻋﴩة ُﻨﻔﺬ ﻳﺮدع ﻣﺎ ﺑني 4 ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺘﻞ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ. وﻗﺪ أﻇﻬﺮت ورﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻟﻠﻮراﻧﺲ ﻛﺎﺗﺰ ،وﺳﺘﻴﻔﻦ دي ﻟﻴﻔﻴﺖ ،وإﻟني ﺷﻮﺳﺘﻮروﻓﻴﺘﺶ، ﻧُﴩت ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٣ﰲ ﺟﺮﻳﺪة »ذي أﻣﺮﻳﻜﺎن ﻟﻮ آﻧﺪ إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﻜﺲ رﻳﻔﻴﻮ« وﺟﻮ َد »ﻋﻼﻗﺔ ﻷﺳﺒﺎب أﺧﺮى( وﻣﻌﺪل ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ« ﺑني ﺣﺎﻻت اﻟﻮﻓﺎة ﰲ اﻟﺴﺠﻦ )ﺑﺴﺒﺐ اﻹﻋﺪاﻣﺎت أو ٍ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﰲ املﺠﺘﻤﻊ» :ﻣﺎ ﺑني ١٠٠–٣٠ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﻨﻒ وﻋﺪد ﻣﻤﺎﺛﻞ ﻣﻦ ﺟﺮاﺋﻢ املﻤﺘﻠﻜﺎت« 5 ُردﻋﺖ ﻟﻜﻞ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎ ٍة ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ. ٍ ﻏﻼف ﻧُﴩت ﻣﺆﺧ ًﺮا ﰲ »ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ« ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻋﴩ دراﺳﺎت وﻟﺨﺼﺖ ﻗﺼﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،ﻓﻜﺘﺒﺖ ﺗﻘﻮل» :ﺗﻘﺎرن اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ ﻋﺪ َد اﻹﻋﺪاﻣﺎت ﱠ املﻨﻔﺬة ﰲ ﻧﻄﺎق اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﻤﻌﺪﻻت اﻻﻧﺘﺤﺎر ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ — ﻣﻊ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﺒﻌﺎد ﺗﺄﺛريات ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، وﻣﻌﺪﻻت اﻹداﻧﺔ واﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺧﺮى — وﺗﻘﻮل إن ﻣﻌﺪﻻت ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻘﺘﻞ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻻﻧﺨﻔﺎض 6 ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﺗﻨﻔﻴﺬ أﺣﻜﺎم اﻹﻋﺪام«. وﻳﺒﺪو أن دراﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻗﺪ ﱠ ﻏريت اﺗﺠﺎﻫﻬﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﻫﻤﺎ ﻛﺎس آر ﺻﻨﺸﺘﺎﻳﻦ )ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ( وأدرﻳﺎن ﻓريﻣﻴﻮل )ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد( ﰲ ﺟﺮﻳﺪة »ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد ﻟﻮ رﻳﻔﻴﻮ« أن »اﻷدﻟﺔ اﻷﺧرية ﻋﲆ وﺟﻮد رادع ﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام ﺗﺒﺪو راﺋﻌﺔ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﺿﻮء »ﻗﻮﺗﻬﺎ وإﺟﻤﺎﻋﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫ َﺮﻳﻦ … ﺗﺄﺛ ٍ ري ٍ إن ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام ﻗﺪ ﺗُﻨﻘِ ﺬ أرواﺣً ﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ« «.وﻗﺪ دﻓﻌﺖ ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺻﻨﺸﺘﺎﻳﻦ ُﻌﺎرض ﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام إﱃ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ أﻧﻬﺎ إذا ﻛﺎن ﻟﻬﺎ إﱃ ﺗﻐﻴري آراﺋﻪ» .ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻣﻦ ﻣ ٍ 7 ﺗﺄﺛري رادع ﻛﺒري ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﱪرﻫﺎ«. ﻏري أن اﻷدﻟﺔ ﺗﺸري ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو إﱃ أن اﻟﱪاﻣﺞ ﻏري اﻟﺠﺎدة ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ أﺣﻜﺎم اﻹﻋﺪام ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ .وﺑﺤﺴﺐ أﺳﺘﺎذة اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ إﻳﻤﻮري، 136
ﻣﻌﺮض أﺳﻠﺤﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ
ﺟﻮاﻧﺎ إم ﺷﻴﻔﺮد ،ﻻ ﺗﻜﻮن ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام رادﻋﺔ إﻻ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ أَﻋﺪﻣﺖ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ أﺷﺨﺎص ﺑني ﻋﺎﻣَ ﻲ ١٩٧٧و.١٩٩٦ ﺗﺴﻌﺔ ٍ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻷﺳﻠﺤﺔ واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ دﺧﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ً أﻳﻀﺎ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻷﺳﻠﺤﺔ املﺜري ﻟﻠﺠﺪل؛ ﻓﻔﻲ أواﺧﺮ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،أﺛﺒﺖ ﺟﻮن آر ﻟﻮت اﻻﺑﻦ ،زﻣﻴﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺟﻮن إم أوﻟني ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن واﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺸﻴﻜﺎﺟﻮ ،أن اﻟﺘﺴﻠﻴﺢ اﻟﺠﻴﺪ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨني ﻳُﺤﺒﻂ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻌﻨﻒ .وﻗﺪ ﺣ ﱠﻠﻞ ﻟﻮت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ملﻜﺘﺐ اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﻃﻌﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ٣٠٥٤ﻋﲆ ﻣﺪار ١٨ﻋﺎﻣً ﺎ ،ووﺛﺎﺋﻖ ﴍﻃﺔ اﻟﻮﻻﻳﺔ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻏري اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻟﻠﺴﻼح ،ووُﺟﺪت ﻧﺘﺎﺋﺠُ ﻪ املﺬﻫﻠﺔ ،املﻨﺸﻮرة ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺼﺎدر ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻠﺤﺔ ،ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ« أن: •
اﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻣﻌﺪل اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻫﻲ ً أﻳﻀﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ اﻵن أﻛﱪ ٍ ِ ﻣﻌﺪﻻت ﻧﻤ ﱟﻮ ﻟﺘﻤ ﱡﻠﻚ اﻷﺳﻠﺤﺔ. اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺄﻋﲆ
•
ﻓﱰة ﺧﻤﺴﺔ اﻷﻳﺎم اﻧﺘﻈﺎ ًرا اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮن ﺑﺮادي ،وﺑﺮاﻣﺞ إﻋﺎدة اﻟﴩاء، َ ﻋﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ وﻓﺤﺺ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ؛ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺪود ًة أو اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. اﻧﺨﻔﺎﺿﺎت ﻛﺒريةً ٍ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺎزت ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺗﺮاﺧﻴﺺ ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح ﻗﺪ ﺷﻬﺪت ﰲ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻌﻨﻒ. ﻣﻌﺪل اﺳﺘﺨﺪام اﻷﺳﻠﺤﺔ ﰲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻳﻔﻮق ﻣﻌﺪل اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ ارﺗﻜﺎب 8 ٍ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺧﻤﺲ ﻣﺮات.
• •
وﺑﺤﺴﺐ ﻟﻮت ،ﻓﺈن اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ اﻷﺧرية ﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﺴﻼح ﻗﺪ ﺗﻤﻨﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﻮاﻃﻨني املﻠﺘﺰﻣني ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺣﻤﺎﻳﺔ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﺪاء ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ً ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻘﺎﻧﻮن آدم ﺳﻤﻴﺚ ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ ﻏري املﻘﺼﻮدة. ذﻫﺐ ﻟﻮت ً أﻳﻀﺎ إﱃ أن ﻗﻮاﻧني اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻴﺰ ﺣﻤﻞ املﺴﺪﺳﺎت ﺗﺮدع اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ؛ »ﺣني ﺗُﺤﻤﻞ اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﺨﺒﺄة ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ املﺠﺮﻣﻮن ﺗﺤﺪﻳﺪ إن ﻛﺎن اﻟﻀﺤﻴﺔ ﻣﺴﻠﺤً ﺎ ﻗﺒﻞ ً ً ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻬﺠﻮم أم ﻻ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺮ املﻌ ﱠﺮض ﻟﻪ املﺠﺮﻣﻮن 9 «.وأﺟﺮى 137
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت واﻟﺮﺳﻮم اﻟﺒﻴﺎﻧﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺣﺠﺘﻪ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻳﻘﺎرن اﻟﺸﻜﻞ 1-15ﺑني ﻣﺘﻮﺳ َ ﻗﺎﻧﻮن ﻟﺤﻤﻞ اﻷﺳﻠﺤﺔ املﺨﺒﺄة. ﻄ ْﻲ ﻋﺪد ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻌﻨﻒ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻗﺒﻞ وﺑﻌﺪ ﺗَﺒﻨﱢﻲ ٍ وﺗﻌﻴﺪ أﺷﻜﺎل ﻟﻮت اﻟﺒﻴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ إﱃ اﻷذﻫﺎن ﻣﻘﺎل ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﺑﺎﺳﺘﻴﺎ اﻟﺮاﺋﻊ »ﻣﺎ ﻳُﺮى وﻣﺎ ﻻ ﻳُﺮى«؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،١٨٥٠ﻛﺘﺐ ﻫﺬا اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﻔﺮﻧﴘ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻳﻘﻮل» :ﰲ ً ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛريات .ﻣﻦ ﺑني ﻫﺬه املﺠﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎدي … ﻻ ﻳُﺤﺪث ﻗﺎﻧﻮ ٌن ﺗﺄﺛريًا واﺣﺪًا ،ﺑﻞ اﻟﺘﺄﺛريات ،ﻳﻜﻮن اﻷول … ﻫﻮ املﻨﻈﻮر .أﻣﺎ اﻟﺘﺄﺛريات اﻷﺧﺮى ،ﻓﻼ ﺗﻈﻬﺮ إﻻ ً ﻻﺣﻘﺎ؛ ﻓﻬﻲ ﻻ 10 ﺗُﺮى«.
٣٧٥ ٣٥٠ ٣٢٥ ٣٠٠
ﻋﺪد ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻌﻨﻒ ﻟﻜﻞ ١٠٠أﻟﻒ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن
٤٠٠
٦− ٤− ٢− ٠ ٢ ٤ ٦ ﻋﺪد اﻟﺴﻨﻮات ﻗﺒﻞ وﺑﻌﺪ ﺗﺒﻨﻲ ﻗﻮاﻧني ﺣﻤﻞ اﻷﺳﻠﺤﺔ املﺨﺒﻮءة ﺷﻜﻞ :1-15ﺗﺄﺛري ﻗﻮاﻧني ﺣﻤﻞ اﻷﺳﻠﺤﺔ املﺨﺒﺄة ﻋﲆ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻌﻨﻒ) .املﺼﺪر :ﺟﻮن آر ﻟﻮت ﺑﺘﴫﻳﺢ ﻣﻦ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻻﺑﻦ» ،ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻠﺤﺔ ،ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ« ،أُﻋﻴﺪت ﻃﺒﺎﻋﺘﻪ ٍ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ(.
وﺑﺤﺴﺐ ﻟﻮت ،ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻣﺒﺪأ ﺑﺎﺳﺘﻴﺎ ﻋﲆ إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ» :ﻛﺜري ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ري ﻣﻦ اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ ]ﻟﻸﺳﻠﺤﺔ[ ﻻ ﻳُﺒ ﱠﻠﻎ ﺑﻪ اﻟﴩﻃﺔ «.وﻳُﻘﺪﱢم ﻟﻮت ﺳﺒﺒني ﻟﻬﺬا؛ اﻷول :أﻧﻪ ﰲ ﻛﺜ ٍ ﺣﺎﻻت اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻳُﺸﻬَ ﺮ اﻟﺴﻼح ،ﻓﻴﱰاﺟﻊ املﻌﺘﺪي ،وﻻ ﻳﺘﻌ ﱠﺮض أﺣﺪ ﻷذًى؛ وﻟﺬا ﻻ 138
ﻣﻌﺮض أﺳﻠﺤﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ
ﻳﺘﻢ اﻹﺑﻼغ ﻋﻦ ﳾء .واﻟﺜﺎﻧﻲ :أﻧﻪ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻗﻮاﻧني ﻣﺘﺸﺪدة ﻟﻠﺴﻼح ،ﻳﻌﺠﺰ املﻮاﻃﻨﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﺳﻼﺣً ﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻹﺑﻼغ ﻋﻦ اﻟﺤﺎدث؛ ً ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﴩﻃﺔ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻏري اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻟﻠﺴﻼح .وﻋﲆ ذﻟﻚ ﻳﺆ ﱢﻛﺪ رأي ﻣﻮﺳﻌﺔ( اﻟﻌﻤﻞ املﺒﺪﺋﻲ ﻟﺠﺎري ﻛﻠﻴﻚ ،أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻟﻮت )ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت ٍ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ وﻻﻳﺔ ﻓﻠﻮرﻳﺪا ،اﻟﺬي وﺟﺪ أن اﻷﺳﻠﺤﺔ ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﰲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ً ﻣﻮﻗﻔﺎ ري ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ ارﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮاﺋﻢ .وﻟﻄﺎملﺎ ﻛﺎن ﻛﻠﻴﻚ ،ﺑﺎملﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻳﺘﺨﺬ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﺘﺤﻴ ًﺰا ﺿﺪ اﻷﺳﻠﺤﺔ إﱃ أن ﻛﺸﻒ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اﻟﻜﺎﺷﻔﺔ. ٍ ﻻﻧﺘﻘﺎدات ﺷﺪﻳﺪ ٍة ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻗﺘﺼﺎدﻳني آﺧﺮﻳﻦ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﻣﻊ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻟﻮت ﺗﺄوﻳﻠﻪ ﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ أن ﻫﻨﺎك ﻋﻮاﻣ َﻞ أﺧﺮى ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛريًا ﰲ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺧﻼل ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮي، ٍ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻦ واﻧﺤﺴﺎر وﺑﺎء ﺗﻌﺎﻃﻲ اﻟﻜﻮﻛﺎﻳني ،وﻛﺬﻟﻚ اﻹﺟﻬﺎض )وﻗﺪ ﻛﺎن اﻷﺧري ﻣﺤﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻟﻴﻔﻴﺖ ،ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ( .ﻏري أن ﻫﻨﺎك ﺷﻴﺌًﺎ واﺣﺪًا ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺪراﺳﺎت ،أﻻ وﻫﻮ أن ﻗﻮاﻧني ﺣﻖ ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻌﻨﻒ ،وأن ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت ﻳﺜﺒﺖ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﺪ ﻣﻦ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻌﻨﻒ. ً راﺳﺨﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ :ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻨﺎس اﻟﺤﻖ اﻟﺪﺳﺘﻮري ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﻣﺒﺪأ ً ﻗﺎﻧﻮﻧﻴٍّﺎ ﺳﻼح ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻨﻔﺲ. ﰲ اﻣﺘﻼك ٍ
139
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ
ﲪﻰ اﳌﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﲔ ُ ﱠ ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺰادات ﻫﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻗﺼﺺ ﻧﺠﺎح ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد. ﺑﻮل ﻛﻠﻴﻤﱪر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد َ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻟﺠﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻜﺎر ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻮل ﻣﻴﻠﺠﺮوم ٍ ﻣﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻣﺰادات اﻟﻄﻴﻒ املﻘﺪرة ﺑﻌﺪة اﻟﺪوﻻرات .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺗﻔﻜريه اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺪروس واﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﻟﻠﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻳﺴﻬﻤﺎن ﰲ ﻧﺠﺎح املﺰادات. رﻳﺪ ﻫﺎﻧﺖ، اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ٍ ﺑﺤﺚ ﻟﻺﻧﱰﻧﺖ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﰲ ١٩أﻏﺴﻄﺲ ،٢٠٠٤ﻃﺮﺣﺖ ﴍﻛﺔ ﺟﻮﺟﻞ ،أﺷﻬﺮ ﻣﺤﺮك أﺳﻬُ ﻤﻬﺎ ﻟﻠﺘﺪاول واﻻﻛﺘﺘﺎب ،ﺑﺈﺻﺪار ١٩٫٦ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻬ ٍﻢ ﺑﺴﻌﺮ ٨٥دوﻻ ًرا ﻟﻠﺴﻬﻢ .ﻛﺎن اﻟﴚء ﻏري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﺑﺸﺄن اﻟﻄﺮح اﻷوﱠﱄ ﻟﻼﻛﺘﺘﺎب ﻟﴩﻛﺔ ﺟﻮﺟﻞ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ﰲ ﺷﺨﺺ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻋﻄﺎء. اﻟﻄﺮح :ﻣﺰاد ﻋﻠﻨﻲ ﺑﻨﻈﺎم املﻈﺎرﻳﻒ املﻐﻠﻘﺔ ﻣﻔﺘﻮح ﻷي ٍ وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ املﺜرية ﻟﻠﺠﺪل ،ﺗﺠﻌﻞ ﺟﻮﺟﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺳﻌﺮ املﻘﺎﺻﺔ ﺑﻴﺪ ﺟﻤﻬﻮر املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ،وﻟﻴﺲ ﻣﴫﻓﻴﻲ وول ﺳﱰﻳﺖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني. ﻟﻢ ﺗُﺠْ ِﺪ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺨﻼﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﻌﺪل واملﺴﺎواة ﻣﻊ ﺧﱪاء املﺎل ﺑﻮول ﻃﺮح ﻋﺎ ﱟم ﺗﻘﻠﻴﺪي ،ﻳﺘﻌﻬﱠ ﺪ املﴫﻓﻴﻮن اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﻮن ﺑﺘﻐﻄﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﱰﻳﺖ؛ ﻓﻔﻲ أي ٍ ﱠ ً املﺘﻮﻗﻌﺔ .وﻣﻦ ﺳﺎﺑﻘﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﻓﺘﺢ ﻣﺤ ﱠﺪدًا اﻻﻛﺘﺘﺎب ،وﻳﻘﺮرون ﺳﻌ َﺮ ٍ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
إﺻﺪار ﻧﺸﻂ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﴩﻛﺎت اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺗﺨﺼﻴﺺ أﺳﻬ ٍﻢ ﻟﻌﻤﻼﺋﻬﺎ املﻤﻴﺰﻳﻦ. ﺧﻼل إﻧﺸﺎء ٍ ﱢ وﻳﻔﻀﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎ َم ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻟﴩﻛﺎت ،واملﻀﺎرﺑﻮن ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ،واملﺴﺘﺜﻤﺮون اﻻﻋﺘﺒﺎرﻳﻮن، واﻟﻌﻤﻼء ذوو اﻟﺮﺻﻴﺪ املﺎﱄ اﻟﻀﺨﻢ .وﺑﻤﺠﺮد ﻋﺮض اﻟﺴﻬﻢ ﻟﻼﻛﺘﺘﺎب ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ املﻀﺎرﺑﻮن ً ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ واﻟﻌﻤﻼء املﻤﻴﺰون ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎﻟﻔﻬﻢ اﻟﺤ ﱡ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﻟﴩاء اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠﻖ ﻋﲆ ﻆ َ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﻣﺮﺗني أو ﺛﻼﺛًﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﻊ اﻷﺳﻬﻢ ﴎﻳﻌً ﺎ ﺑﻤﺠﺮد ﴍوع ارﺗﻔﺎع، ٍ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ املﺰاﻳﺪة ورﻓﻊ اﻟﺴﻌﺮ ﰲ اﻟﺴﻮق اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ املﻮازﻳﺔ. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﻮﺟﻞ أُوﱃ اﻟﴩﻛﺎت اﺳﺘﺨﺪاﻣً ﺎ ملﺰاد اﻟﻄﺮح اﻟﻌﺎم اﻷوﱠﱄ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ً ﺻﺪﻣﺔ ﻟﻮول ﺳﱰﻳﺖ ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺣﺠﻢ ﺟﻮﺟﻞ ،وﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎوز ﺟﻨﺮال ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻨﻘﺪ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺪﻳﻨني ﻟﺨﱪاء وول ﻣﻮﺗﻮرز .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣ ﱠُﻼك ﺟﻮﺟﻞ اﻟﺼﻐﺎر ً وﺳﻴﻠﺔ ﺳﱰﻳﺖ املﺎﻟﻴني .ﻟﻘﺪ أرادوا ﻃﺮﺣً ﺎ أوﱠﻟﻴٍّﺎ ﻳﻌﻮﱢض ﻣﻮﻇﻔﻴﻬﻢ املﺨﻠﺼني ،وﻳﻈﻞ ﻳﻮﻓﺮ ً ﺷﻜﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ. ﻟﺠﻤﻬﻮر املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ؛ اﺧﺘﺎرت ﺟﻮﺟﻞ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻣﺰادٍ ﻳُﻌﺮف ﺑ »املﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي املﻮﺣﺪ اﻟﺴﻌﺮ« ،وﻫﻮ ﻧﻔﺲ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺬي ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻹدارة ﻣﺪﻳﻮﻧﻴﺘﻬﺎ .وإﻟﻴﻚ ﻛﻴﻒ آﺗﻰ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮ ﻗﺎم املﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ﺛﻤﺎ َره ﻣﻊ ﺟﻮﺟﻞ :ﻗﺎﻣﺖ اﻟﴩﻛﺔ ﺑﺠﻤﻊ اﻟﻌﻄﺎءات ﻣﻦ ﻛﻞ ٍ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﻋﺪد اﻷﺳﻬﻢ املﻄﻠﻮﺑﺔ واﻟﺴﻌﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ املﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ دﻓﻌﻪ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ .وﰲ ﻳﻮم ﺑﱰﺗﻴﺐ ﺗﻨﺎزﱄ ﱟ ﻟﻠﺴﻌﺮ ﺣﺘﻰ اﻟﻄﺮح اﻟﻌﺎم اﻷوﱠﱄ ،ﻗﺎﻣﺖ اﻟﴩﻛﺔ ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ أﺳﻬ ٍﻢ ﻟﻠﻤﺰاﻳﺪﻳﻦ ٍ اﺳﺘﻨﺰاف اﻷﺳﻬﻢ املﺘﺎﺣﺔ )اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ١٩٫٦ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ( .وﻛﺎن اﻟﺴﻌﺮ املﺤﺪد ﰲ آﺧﺮ ﻋﻄﺎءٍ ﺗﻢ ﻣﻠﺆه — واملﻌﺮوف ﺑ »ﺳﻌﺮ املﻘﺎﺻﺔ ﻟﻠﺴﻮق« — ﻫﻮ اﻟﺴﻌ َﺮ اﻟﺬي دﻓﻌﻪ ﺟﻤﻴﻊ املﺰاﻳﺪﻳﻦ اﻟﺮاﺑﺤني ﻷﺳﻬُ ﻤﻬﻢ ) ٨٥دوﻻ ًرا ﻟﻠﺴﻬﻢ(. ري اﻷﺟﻞ ﰲ ﺳﻌﺮ ارﺗﻔﺎع ﻧﻈﺮﻳٍّﺎ ،ﻳﺤﺒﻂ املﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺪوث ﴎﻳﻊ وﻗﺼ ِ ٍ ٍ اﻟﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻄﺮح اﻟﻌﺎم اﻷوﱠﱄ ﰲ أول أﻳﺎم اﻟﺘﺪاول؛ ﻷن ﺳﻌﺮ املﻘﺎﺻﺔ ﻟﻠﺴﻮق ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳُﻤﺜﱢﻞ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر وﺳﻌ ًﺮا ﻳﺘﺴﺎوى ﻋﻨﺪه اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻊ املﻌﺮوض .ﻏري أﻧﻪ ﺣني ُ ﻃﺮح اﻟﺴﻬﻢ ﻟﻼﻛﺘﺘﺎب ﰲ ١٩أﻏﺴﻄﺲ ،٢٠٠٤ﺣﻘﻖ اﻟﺴﻬﻢ ﻗﻔﺰ ًة ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻟﻴﻐﻠﻖ دوﻻر ﻟﻠﺴﻬﻢ .وﻗﺪ ﺟﺎء ﻫﺬا اﻻرﺗﻔﺎع ﻟﺴﺒﺒني ،ﻫﻤﺎ :ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﴍﻛﺎت ﻋﲆ ١٠٠ ٍ اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ املﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﻄﺮح اﻟﻌﺎم اﻷوﱠﱄ ﻟﺠﻮﺟﻞ ﻟﻌﺪد اﻟﻌﻄﺎءات اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ املﺴﺘﺜﻤﺮ ﺳﻌﺮ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻌﺮ املﻘﺎﺻﺔ ﻟﻠﺴﻮق إذا أرادوا. ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ؛ واﺣﺘﻔﺎظ ﺟﻮﺟﻞ ﺑﺨﻴﺎر ﺗﺤﺪﻳﺪ ٍ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﴪﻳﻊ ﻛﺎن أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻗﻔﺰة اﻟﻴﻮم اﻷول اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﻣﻌﻈﻢ أﺳﻬﻢ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﰲ أواﺧﺮ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت )اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ١٠٠إﱃ ٢٠٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ(. 142
ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني
اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن وراء اﻟﻄﺮح اﻟﻌﺎم اﻷوﱠﱄ ﻟﺠﻮﺟﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧُﺮﺟﻊ اﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﻧﺠﺎح اﻟﻄﺮح اﻷوﱠﱄ اﻟﻌﺎم ﻟﺠﻮﺟﻞ إﱃ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني املﺘﺨﺼﺼني ﰲ ﺗﺼﻤﻴﻢ املﺰادات ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد ،ﺑﻮل ﻣﻴﻠﺠﺮوم ،اﻟﺬي أﺳﺲ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل املﺴﺎﻋﺪة ﰲ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻣﺰادات اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻠﺠﻨﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ .وﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني ﺗﻢ اﺳﺘﻨﺴﺎخ وﺗﻌﺪﻳﻞ ﻣﺰادات ﻟﺠﻨﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت ٍ وﺻﻨﺎﻋﺎت أﺧﺮى ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻌﴩات املﺰادات ﰲ أﺳﻮاق اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء دوﻻر ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ. ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر ٍ وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺰاد اﻟﻄﺮح اﻟﻌﺎم اﻷوﱠﱄ ﻟﴩﻛﺔ ﺟﻮﺟﻞ ً ﻣﺜﺎﻻ ﻣﻤﺘﺎ ًزا ملﺪى اﻟﺘﻘﺪﱡم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺬي ﺻﺎرت ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﺠﺎرة ﻋﱪ املﺰادات .وﻳﻤﻜﻦ أن ﻧَﻌﺰيَ اﻟﻨﺠﺎح اﻷﺧري ﻟﻠﻤﺰادات ﰲ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ اﻷﺳﻮاق اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ ﺻﻔﻮ ٍة ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني املﺘﺨﺼﺼني ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب .ﻓﺈﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻃﺮح أﺳﻬﻢ ﺟﻮﺟﻞ ﻟﻼﻛﺘﺘﺎب ،ﻗﺎم ﻫﺆﻻء املﺴﺘﺸﺎرون اﻟﺨﱪاء ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ٍ ٍ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻟﺘَﺬاﻛِﺮ ﻣﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل وﻏﺮف اﻟﻔﻨﺎدق ﻋﲆ ﻣﺰادات ﺗﻘﻨﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﱰﻧﺖ ،واملﻨﺘﺠﺎت واملﻘﺘﻨﻴﺎت ﻋﲆ ﻣﻮﻗﻊ إي ﺑﺎي ،وأذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ واﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،واﻟﴫف اﻷﺟﻨﺒﻲ ،واملﺎﺷﻴﺔ واﻷﺳﻤﺎك واﻟﺨﺸﺐ وﺣﻘﻮل اﻟﺒﱰول، وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺧﺮى ،واﻟﺤﺠﻮزات اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻘﺎرات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﺴﻜﻨﻴﺔ، وﺗﺼﺎرﻳﺢ اﻟﺘﻠﻮث اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻨﻈﺎم اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎﺛﺎت واﻻﺗﺠﺎر ﺑﻬﺎ ،وﻋﺮض اﻟﻨﻄﺎق اﻟﱰددي ملﻮﺟﺎت اﻟﺮادﻳﻮ وﺗﺮاﺧﻴﺺ اﻟﻬﻮاﺗﻒ اﻟﺨﻠﻮﻳﺔ ،واﻷﺻﻮل واﻟﴩﻛﺎت واﻷراﴈ اﻟﺘﻲ ٍ ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺨﺼﺨﺼﺘﻬﺎ .وﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺮر اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﻴ َﻊ ﻣﻮار َد ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺑﺎملﺰاد اﻟﻌﻠﻨﻲ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﺎد ًة ﺗﺴﺘﻌني ﺑﺮﺟﺎل اﻗﺘﺼﺎدٍ ملﺸﺎورﺗﻬﻢ ﺣﻮل ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺼﻤﻴﻢ املﺰاد .ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﻳﺴﺘﻌني املﺰاﻳﺪون ً أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ملﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺎم .واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺳﻮق ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﺳﻌﺔ املﻌﺮﻓﺔ ﻳﺸﻌﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺋﻊ واملﺸﱰي ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ. وﻳﻠﻴﺎم ﻓﻴﻜﺮي ،راﺋﺪ ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺰادات ٍ ﺑﻮرﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴ ٍﺔ ﻧُﴩت ﺗﻘﺮ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺧﱪاء املﺰادات ﺑﺄن ﻋﺎ َﻟﻢ ﺗﺼﻤﻴﻢ املﺰادات اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻗﺪ ﺑﺪأ ﰲ ﺟﺮﻳﺪ ٍة ﻣﻐﻤﻮر ٍة ﰲ ﻋﺎم ١٩٦١ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ وﻳﻠﻴﺎم ﻓﻴﻜﺮي ،أﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ 1 .أوﴅ ﻓﻴﻜﺮي ﰲ ورﻗﺘﻪ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻵن »ﻣﺰاد املﻈﺎرﻳﻒ 143
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ٍ ﻣﻔﻀﻠﺔ ﻟﺘﻌﻈﻴﻢ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻛﻄﺮﻳﻘﺔ املﻐﻠﻘﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ« ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ، َ ً ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺋﻌني واملﺰاﻳﺪﻳﻦ ﰲ املﺰادات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺟﺮ ٍد ﻛﺒرية ﻟﻸﺻﻮل .وﺑﻌﺪ ٍ ﺧﻤﺴﺔ وﺛﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﺣﺼﻞ ﻓﻴﻜﺮي ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺮاﺋﺪ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺰادات )ﻳﺸﺎء اﻟﻘﺪر أن ﻳ ﱠ أﺳﺒﻮع واﺣ ٍﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﲆ ُﺘﻮﰱ ﺑﻌﺪ ٍ اﻟﺠﺎﺋﺰة( .ﺗﻢ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﻋﻤﻞ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﻓﻴﻜﺮي وﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎﻗﻪ ﻋﲆ ﻳﺪ ﻋﴩات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ .إﻧﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ،أﺳﻔﺮت ﻋﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺮؤى املﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﻣﻬﻢ ﻋﲆ ﺗﺼﻤﻴﻢ املﺰادات. وﻻﺳﺘﻴﻌﺎب ﻣﺰاد ﻓﻴﻜﺮي ،ﻛﻤﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺑﻤﺰاد املﻈﺎرﻳﻒ املﻐﻠﻘﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ ،ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﻌﺾ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻋﻦ املﺰادات. إن أﺷﻬﺮ ﻃﺮق ﺑﻴﻊ اﻷﻏﺮاض اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ املﺰاد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﺻﺎﻻت املﺰادات اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺳﻮﺛﺒﻲ وﻛﺮﻳﺴﺘﻲ .وﺑﻤﻘﺘﴣ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ،ﻳﺒﺪأ ﺑﺴﻌﺮ ﻣﻨﺨﻔﺾ ،أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﺮ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ املﺤﺪد ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ املﺎﻟﻚ ،وﻳﴩﻋﻮن ﰲ املﺰاﻳﺪون ٍ املﺰاﻳﺪة ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﺳﻮى ﻣُﺰاﻳ ٍﺪ واﺣﺪ .وﻳﻔﻮز املﺰاﻳﺪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﺠﺎﺋﺰة ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺴﻌﺮ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ اﻟﺬي ﻳُﻘﺪﱢﻣﻪ. املﺰادات اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وﻟﻌﻨﺔ اﻟﺮاﺑﺢ ﻏري أن ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﺒﻴﺎت املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻠﻤﺰاد اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي؛ ً أوﻻ :ﰲ ﺣﺮب املﺰاﻳﺪة اﻟﻌﻠﻨﻴﺔ املﻔﺘﻮﺣﺔ ،ﻗﺪ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺣﻤﱠ ﻰ املﺰادات ،وﰲ وﺟﻮد ﻣﺰاﻳﺪﻳﻦ ﻣﻨﺎﻓﺴني ،ﻗﺪ ﺗُﻘﺪﱢم ﻋﻄﺎءً ﻣﺘﴪﻋً ﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن »ﻟﻌﻨﺔ اﻟﺮاﺑﺢ« .ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ املﺰاد اﻟﺸﻬري اﻟﺬي ِﺑﻴﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺰل ﺟﺎﻛﻠني ﻛﻴﻨﻴﺪي؟ ﻟﻘﺪ دﻓﻊ املﺰاﻳﺪون اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﻮن ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺘﻠﻬﻔني ﱠ َ ٍ املﺘﻮﻗﻌﺔ .وﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺸﺠﱢ ﻊ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف اﻷﺳﻌﺎر ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ »اﻟﻜﺎﻣﻴﻠﻮت«، ﻻﻣﺘﻼك دوﻻر ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻜﺮة اﻟﺘﻲ أﺣﺮز ﺑﻬﺎ ﺑﺎري ﺑﻮﻧﺪز اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل اﻟﺬي دﻓﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮﻧَﻲ ٍ دوﻻر ﺑﻌﺪ ﴐﺑﺘﻪ اﻵﻣﻨﺔ رﻗﻢ ٧٣ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠١ﻟريى ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺗﻬﺒﻂ ﻷﻗﻞ ﻣﻦ ١٠٠أﻟﻒ ٍ ﻃﺮح أ ﱠوﱄ ﱟ ﻋﺎ ﱟم ﻫﺒﻂ ً ﻻﺣﻘﺎ إﱃ اﻟﻨﺼﻒ ذﻟﻚ ﺑﺒﻀﻊ ﺳﻨﻮات .وﺗﻀﻢ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻷﺧﺮى ﺳﻬﻤً ﺎ ﰲ ٍ ﺳﻮق ﺻﻐري ٍة ﻳﺘﻀﺢ أﻧﻪ ﺑﺎﻫﻆ اﻟﺜﻤﻦ ﰲ اﻟﺴﻮق املﻮازﻳﺔ؛ ﻣﺰادًا ﻟﺴﻮق اﻟﻬﻮاﺗﻒ اﻟﺨﻠﻮﻳﺔ ﰲ ٍ ﻣﺒﺎن ﻳﻔﻮز ﺑﻤﺰادٍ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﺣﻘ َﻞ ٍ ﺑﱰول ﻳﺴﺎوي أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ري ﻣﻤﺎ دﻓﻌﻪ ﻣﻨﺘﺞ اﻟﺒﱰول؛ ﻣﻘﺎو َل ٍ ً ﻣﺘﻔﻮﻗﺎ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎﻓﺴﻴﻪ ،وﻟﻜﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ اﻟﺤﺎل ﺑﺨﺴﺎرة أﻣﻮاﻟﻪ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳُﻘﺪﱢر ﺗﻜﺎﻟﻴﻔﻪ ﻧﺤﻮ دﻗﻴﻖ. ﻋﲆ ٍ 144
ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني
ﻳﴩح ﺑﻮل ﻛﻠﻴﻤﱪر ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد املﺘﺨﺼﺺ ﰲ اﻗﺘﺼﺎد املﺰاداتَ ، ﻣﻌﻠﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼت اﻟﺼﻐرية ﰲ ﻟﻌﻨﺔ اﻟﺮاﺑﺢ ﻟﻄﻼﺑﻪ ﺑﻌﺮض ﺑﺮﻃﻤﺎن ﺑﻪ ﻋﺪد ﻏري ٍ ﻣﺰاد .ﻳُﻘﺪﱢر اﻟﻄﻼب ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﱪﻃﻤﺎن ﺛﻢ ﻳﻌﺮﺿﻮن ﺳﻌ ًﺮا أﻗﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﻟﱰك ﻫﺎﻣﺶ رﺑﺢ .وﻟﻜﻦ ،ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮ ٍة ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺎﺋﺰ اﻟﺘﻌﻴﺲ اﻟﺤﻆ ﺑﺎﻟﱪﻃﻤﺎن ﻫﻮ اﻟﻄﺎﻟﺐَ اﻷﻛﺜﺮ ً ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻋﺪد اﻟﻌﻤﻼت؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻜﻮن اﻟﺰﻳﺎدة املﺪﻓﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻫﻲ اﻷﻛﱪ. وﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ،ﻫﻨﺎك ﻃﺮق ﻟﺘﺠﻨﱡﺐ ﻟﻌﻨﺔ اﻟﺮاﺑﺢ. ً ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ ﺗﻮاﻃﺆ ﺑني املﺰاﻳﺪﻳﻦ ﻹﺑﻘﺎء اﻟﺴﻌﺮ ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻗﺪ ﻳﻌﺎﻧﻲ املﺰاد ﻣﻦ ٍ ٍ ﱟ ﺧﺎص ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺼﻄﻨﻊ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻋﻄﺎء ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ .وﻳﴪي ﻫﺬا ٍ ٍ ﻫﺎﺗﻒ ﺧﻠﻮي، املﺰادات ﺑني اﻟﴩﻛﺎت؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺰاﻳﺪ ﻋﺪد ﺻﻐري ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎت ﻋﲆ رادﻳﻮ ،أو أو رﺧﺼﺔ اﺗﺼﺎﻻت ،أو ﻋﻘﺪ إﻳﺠﺎر اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻣﻌﺎدن ﻣﻬﻢ .ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻠﴩﻛﺎت ملﺨﺎﻟﻔﺔ ٍ ﴍﻛﺎت ﻓﻘﻂ ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴ ٍﺔ ﺗﺠﺎرﻳ ٍﺔ ﻷﺣﺪ اﻟﻌﻤﻼء ،ﻓﺒﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﻓﻠﻮ أن ﺑﻀﻊ ً ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻋﲆ أن املﺼﻠﺤﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﺗﻘﺘﴤ ﻋﺮض ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻌﺮ اﺗﻔﺎﻗﺎ ﺿﻤﻨﻴٍّﺎ أن ﻳﻌﻘﺪوا املﺮﺗﻔﻊ واﻗﺘﺴﺎم اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .وإذا اﻧﺸﻖ أﺣﺪ املﻮردﻳﻦ ﻋﻦ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺨﻔﺾ ﺳﻌﺮه ،ﻓﺒﺈﻣﻜﺎن ﺧﺼﻮﻣﻪ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ ﺑﺨﻔﺾ أﺳﻌﺎرﻫﻢ. ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٥ﻋﺮﺿﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ رﺧﺼﺔ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ﻟﻠﻬﻮاﺗﻒ اﻟﺨﻠﻮﻳﺔ ذات اﻟﻨﻄﺎق اﻟﱰددي اﻟﻌﺮﻳﺾ ﰲ ﻣﺰادٍ ﻋﻠﻨﻲ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﴍﻛﺘﺎ »ﺟﻲ ﺗﻲ إي« و»ﺑﻞ أﺗﻼﻧﺘﻴﻚ« ﻣﺆﻫﻠﺘني ﻟﻠﻤﺰاد ،وﻋﺠﺰت ﴍﻛﺔ إم ﳼ آي ﻋﻦ دﺧﻮل ﻫﺬا املﺰادُ . وﺳﻤﺢ ﻟﴩﻛﺔ ﺑﺎﺳﻴﻔﻴﻚ ﺗﻠﻴﻔﻮن ،املﻘﺪم اﻟﻌﻤﻼق ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻬﺎﺗﻒ املﺤﲇ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ،ﺑﺪﺧﻮل املﻨﺎﻓﺴﺔ وأرﻫﺒﺖ ﻣﻨﺎﻓﺴﻴﻬﺎ اﻷﺻﻐﺮ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أن ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺷﺨﺺ ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻣﺪ ﱠرة ﻋﺎﺋﺪًا ﻳُﻘﺪر ﺑ ٢٦دوﻻ ًرا ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺳﻌﺮ املﺰاﻳﺪة ﻋﻨﺪ ٍ ٍ ٍ ﻟﻠﺮﺧﺼﺔ .ﰲ املﻘﺎﺑﻞ اﺳﺘﺒﻌﺪ ﻣﺰاد ﺳﻮق ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻣﻘﺪم ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻬﺎﺗﻒ املﺤﲇ اﻟﺮﺋﻴﴘ؛ ٍ ﴍﻛﺎت ﺻﻐري ٍة ﻗﻮﻳٍّﺎ ،و ِﺑﻴﻌﺖ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﻘﺎﺑﻞ ٣١دوﻻ ًرا وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻛﺎن املﺰاد ﺑني ﻋﺪة ً ُ ري ﻣﻦ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ﻋﻦ ﻛﻞ ﻓﺮد ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌَ ﱡﺪ أﻗ ﱠﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﺜﺎل آﺧﺮ ،ﻗﺎﻣﺖ أملﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٩ﺑﺒﻴﻊ ١٠وﺣﺪات ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻟﻔﺮد .ﰲ ٍ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺮادﻳﻮي ،وﻟﻢ ﻳﻘﺪم ﻋﻄﺎءات ﺳﻮى ﴍﻛﺘَﻲ اﺗﺼﺎﻻت ﻓﻘﻂ ،ﻫﻤﺎ »ﻣﺎﻧﺴﻤﺎن« و»ﺗﻲ ﻣﻮﺑﺎﻳﻞ« .وﻧﻈ ًﺮا ﻷن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺒﻨﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻋِ ﺶ ود َِع اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮا؛ أُﻏﻠﻖ املﺰاد ﺑﻌﺪ ﺟﻮﻟﺘني ﻓﻘﻂ ،ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﺤﻮذ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺰاﻳ ٍﺪ ﻋﲆ ﻧﺼﻒ اﻟﻮﺣﺪات ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﻌﺮ املﻨﺨﻔﺾ.
2
145
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﺑﺘﻜﺮ ﻓﻴﻜﺮي وآﺧﺮون ﻣﻦ واﺿﻌﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب ﻃﺮﻳﻘﺘني ﺟﺪﻳﺪﺗني ﻟﺘﻌﻈﻴﻢ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺒﺎﺋﻌني ﻣﻊ ﺗﺤﺴني درﺟﺔ رﺿﺎ املﺸﱰﻳﻦ ﰲ املﺰادات .ﰲ ﻣﺰاد ﻓﻴﻜﺮي ،ﻳﺪﺧﻞ املﺰاﻳﺪون ﻣﺰادًا ﺑﻨﻈﺎم املﻈﺎرﻳﻒ املﻐﻠﻘﺔ ،وﻳﻔﻮز ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻄﺎء اﻷﻋﲆ، وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺪﻓﻊ ﺳﻌﺮ ﺛﺎﻧﻲ أﻛﱪ ﻋﻄﺎءٍ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ رﺳﻮ ٍم ﺻﻐرية .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻏري ﻣﻨﻄﻘﻲ، ٍ ﻋﻄﺎءات واﻗﻌﻴﺔ، وﻟﻜﻨﻪ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ إذ ﻳﺘﺄ ﱠﻛﺪ اﻟﺒﺎﺋﻌﻮن ﻣﻦ أن املﺸﱰﻳﻦ ﺳﻮف ﻳﻘﺪﻣﻮن ﻋﺮض أﻛﱪ ﻣﻤﺎ ﻗﺪﻣﻮه ﰲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧرية ﻛﻤﺎ وﻻ ﻳﺠﺪ املﺸﱰون داﻋﻴًﺎ ﻟﻠﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن ﺗﻘﺪﻳﻢ ٍ أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﻦ املﺰادات. ﰲ ٍ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺰاد ﻓﻴﻜﺮي ﻗﺒﻞ ﺣﻀﻮر ﻣﺰادٍ ﻣﺒﺎﴍ ،ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻘﻮم املﺸﱰون املﺤﺘﻤﻠﻮن ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺔ ،وﺳﻮف ﻳﻘﺮءون ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻷﺷﻴﺎء املﻌﺮوﺿﺔ ﻟﻠﻤﺰاﻳﺪة ،وﻣﻌﺎﻳﻨﺔ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء إن أﻣﻜﻦ ،وإﺟﺮاء ﺑﻌﺾ اﻷﺑﺤﺎث ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺴﻌﺮ اﻟﻌﺎدل .ﻳﻀﺎف إﱃ ﻫﺬا اﻟﺴﻌﺮ ﻋﺎﻣﻞ املﺮﻏﻮﺑﻴﺔ؛ أي ﺷﻌﻮر املﺸﱰي ﺑﺴﻌﺮ أﻗﴡ املﺤﺘﻤَ ﻞ ﺑﴬورة اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﴚء .واملﺸﱰي اﻟﺤﻜﻴﻢ ﻳﺼﻞ إﱃ املﺰاد ٍ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ،وﻳﻨﺴﺤﺐ ﻣﻦ املﺰاﻳﺪة ﺣني ﻳﺘﺨ ﱠ ﻣﺤﺪدٍ ﻄﻰ املﺰاﻳﺪون اﻵﺧﺮون ﻫﺬا اﻟﺴﻌﺮ .ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺗﺤ ﱡﻞ ﺣﻤﱠ ﻰ املﺰادات ،وﻳﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﺴﻌﺮ ﻣﺘﺠﺎو ًزا اﻟﺤﺪو َد املﺤﺪدة ً ﺳﻠﻔﺎ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ املﺸﱰﻳﻦ ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻌﻮد اﻟﺸﺨﺺ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻷﻋﲆ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺎﻟﴚء ﻣﺤﻞ املﺰاﻳﺪة .ﻏري أن ا ُملﺰاﻳﺪ ﺻﺎﺣﺐ أﻋﲆ ﻋﻄﺎءٍ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺴﻌﺮ اﻷﻗﴡ ﺣﻲ ،داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف املﺰاﻳﺪون اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ ﰲ دﻓﻌﻪ .ﻟ َﻢ ﻻ؟ ﻷﻧﻪ ﰲ أيﱢ ﻣﺰادٍ ﱟ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ .وﺣني ﻳﻨﺴﺤﺐ املﺰاﻳﺪ ﻗﺒﻞ اﻷﺧري ،ﻻ ﻳﻜﻮن ﻋﲆ املﺰاﻳﺪ اﻷﺧري ﺳﻮى ﻋﺮض ٍ أﻛﱪ ً ﺳﻌﺮ ﻟﻠﻤﺰاﻳﺪ املﻨﺴﺤﺐ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ إذا ا ْﻟﺘﺰم املﺰاﻳﺪون اﻟﻬﺪوء وﻟﻢ ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ٍ ﻳﺘﺠﺎوزوا اﻟﺤ ﱠﺪ اﻷﻗﴡ املﺤﺪﱠد ً ﺳﻠﻔﺎ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻮدون إﱃ املﻨﺰل وﻗﺪ دﻓﻌﻮا أﻗﻞ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺪﻓﻌﻪ. أﻣﺎ ﻣﺰاد املﻈﺎرﻳﻒ املﻐﻠﻘﺔ ،ﻓﻬﻮ أﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ؛ إذ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻮاﻃﺆ أﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ؛ ﻓﺎﻟﺴﻌﺮ ﻻ ﻳﺘﺼﺎﻋﺪ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﻣﻊ دﺧﻮل املﺸﱰﻳﻦ املﺤﺘﻤﻠني ﻋﻤﻠﻴﺔ املﺰاﻳﺪة وﺧﺮوﺟﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﻼ ﺑﺪ دﻗﻴﻖ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻤﺒﻠﻎ ﺣﺴﺎب أن ﻳﻘﺪم املﺸﱰون اﻟﻮاﻋﺪون ﻋﻄﺎءً واﺣﺪًا ،ﻣﻘﺪﻣً ﺎ ،ﺑﻌﺪ ٍ ٍ اﻟﺬي ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻹﻧﻔﺎﻗﻪ ،ﺑﻞ ً أﻳﻀﺎ ﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻌﻄﺎء املﺤﺘﻤﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ املﻨﺎﻓﺴني. وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﺧﺎﻃﺌﺔ؟ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﺣﺪدوا ﻣﺒﻠﻎ ١٠آﻻف دوﻻر ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳُﺰاﻳﺪ اﻵﺧﺮون ﰲ ﻧﻄﺎق ﻣﺌﺎت اﻟﺪوﻻرات؟ ﰲ ﻣﺰادٍ ﻣﺒﺎﴍ ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻴﺘﻮﻗﻔﻮن ﻋﻨﺪ ١٠٠٠دوﻻر، ٍ 146
ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني
وﻟﻜﻨﻬﻢ اﻵن ﻣﺘﻮرﻃﻮن ﰲ دﻓﻊ ١٠أﺿﻌﺎف ﻗﻴﻤﺔ اﻟﴚء .وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن املﺴﺘﺜﻤﺮون ﺣﺬرﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺪﻓﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺬرﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﺴﺎرة اﻟﺼﻔﻘﺔ؛ وﻟﺬا إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻮﺳﻌﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺮﻏﺐ اﻵﺧﺮون ﰲ إﻧﻔﺎﻗﻪ ،ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻛﺜﺮ ً ﻣﻴﻼ إﱃ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻋﻄﺎءٍ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻋﻄﺎءٍ أﻋﲆ ،وﻳﻘﻞ رﺑﺢ اﻟﺒﺎﺋﻌني .وﻟﺘﻬﺪﺋﺔ ﻣﺨﺎوف املﺸﱰﻳﻦ ﻣﻦ املﺰاﻳﺪة املﺒﺎﻟﻐﺔ ،ﻳﺘﻌﻬﱠ ﺪ اﻟﺒﺎﺋﻊ ﺑﻤﻨﺢ املﺰاﻳﺪ اﻟﺮاﺑﺢ ﺳﻌ ًﺮا أﻋﲆ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﺳﻌﺮ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﻣﺰاﻳﺪ. وﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﺸﺠﱢ ﻊ املﺰاﻳﺪون ﻋﲆ املﺰاﻳﺪة أﻛﺜﺮ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﺘﻮرﻃﻮا إن ﺗﺠﺎوزوا ﺳﻌﺮ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﻣﺰاﻳﺪ .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،إذا ﻓﺎز املﺸﱰي ﺑﺎﻟﺠﺎﺋﺰة ،ﻓﺈﻧﻪ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ٍ ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ أﻋﲆ ﰲ ﺳﻌﺮ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻤﺎ ﻋﺮﺿﻪ .وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻴﻜﺮي ،ﻳﺤﻈﻰ اﻟﺒﺎﺋﻊ ﻋﲆ ٍ املﺰاد. ﻣﺰادات اﻟﻄﻮاﺑﻊ وﻣﺨﺎوف اﻟﻐﺶ ﺗﻌﺘﱪ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﺰادات املﻈﺎرﻳﻒ املﻐﻠﻘﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ )ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻴﻜﺮي( ﻏريَ ٍ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﰲ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﰲ املﺰادات اﻟﺨﺎﺻﺔ ٍ ﻋﻄﺎءات ﺑﺎملﻈﺎرﻳﻒ املﻐﻠﻘﺔ ﺑﺄﺷﻴﺎء ﻣﺜﻞ اﻟﻄﻮاﺑﻊ واﻷوﺗﻮﺟﺮاﻓﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺒﺎع ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺮﺳﻠﺔ ﻋﱪ اﻟﱪﻳﺪ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﻗﻮاﺋﻢ ﻣﺪرﺟﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﻟﻮﺟﺎت اﻟﺒﻴﻊ .وﻫﻮ إﺟﺮاء ﺗﻘﻠﻴﺪي ﰲ اﻷﺳﻮاق ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﻘﺘﻨﻴﺎت اﻟﻮرﻗﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺑﺎت اﻟﺠﻨﻮد املﺸﺎرﻛني ﰲ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ إﱃ اﻟﻄﻮاﺑﻊ اﻟﱪﻳﺪﻳﺔ .وﻗﺪ أُﻗﻴﻤﺖ املﺰادات اﻷوﱃ ﻟﻠﻄﻮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻋﺎم ١٨٧٠إﱃ ﻋﺎم ،١٨٨٢ وﻛﺎن ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٨٩٠ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﻋﺪة املﻈﺎرﻳﻒ املﻐﻠﻘﺔ ﺳﻌﺮ ﰲ ﻃﻮر اﻟﺘﻔﻌﻴﻞ .اﺳﺘﻤﺮت اﻟﻄﻮاﺑﻊ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺎع ﰲ املﺰادات ﻋﲆ أﺳﺎس ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ٍ املﺒﺎﴍة ﰲ اﺳﺘﺨﺪام املﺰاد اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ،وﻟﻜﻦ ﻣﺰادات اﻟﻄﻠﺐ ﻋﱪ اﻟﱪﻳﺪ ﺗﺤﻮﱠﻟﺖ إﱃ اﻟﻌﻄﺎء ٍ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﻄﺎء .وﰲ ﻋﺎم ،١٨٩٧أﺻﺒﺢ ﻋﲆ أﺳﺎس ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﺳﻌﺮ ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ زﻳﺎد ٍة ﺗﺎﺟﺮ اﻟﻄﻮاﺑﻊ اﻟﺮاﺋﺪ وﻳﻠﻴﺎم ﺑﻲ ﺑﺮاون ﺑﻨﻴﻮﻳﻮرك ،أول ﺗﺎﺟﺮ ﻃﻮاﺑﻊ ﻳُﻘﺪﱢم ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﺰاد، وﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﺘﴩت اﻟﻔﻜﺮة .وﻗﺪ ﴍﺣﺖ ﴍﻛﺔ »ﺗﻮﻟﻴﺪو ﺳﺘﺎﻣﺐ« ﻧﺴﻖ ﻣﺰاداﺗﻬﺎ ﰲ اﻟﻜﺘﺎﻟﻮج اﻟﺘﺎﱄ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻋﱪ املﺰادات اﻟﱪﻳﺪﻳﺔ اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم :١٩٠٧ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺒﻴﻊ ﺑﺎملﺰاد ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،ﻧﻮد أن ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﺎرﻛﻮا ﻧﻘﻮل إن ﻫﺬه واﺣﺪة ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮق ﻟﻺﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻚ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﺑﻊ 147
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺑﻄﺮﻳﻖ آﺧﺮ .ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻘﻂ أن ﺗُﺤﺪﱢد اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺴﺘﻄﻴﻊ ﴍاءﻫﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﺴﻌﺮ ٍ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺎ ،وإذا ﻟﻢ ﻳُﻘﺪﱢم أﺣﺪ ﺳﻌ ًﺮا أﻋﲆ، اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺬي ﺗﺮﻏﺐ ﰲ دﻓﻌﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻓﺴﻮف ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﻄﻮاﺑﻊ .وإذا ﻛﺎن ﻋﻄﺎؤك أﻋﲆ ﻛﺜريًا ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺸﱰي ﻟﻚ ٍ ﻣﺤﻤﻲ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت. ﻃﻔﻴﻔﺔ ﻋﲆ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﻋﻄﺎء؛ ﻟﺬا ﻓﺄﻧﺖ ﺑﺰﻳﺎد ٍة ﱞ ﻳﻜﻤﻦ اﻟﻌﻴﺐ اﻟﻮﺣﻴﺪ ملﺰادات اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﰲ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻼﺣﺘﻴﺎل ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﺎﻋﺔ املﺰادات .ﻓﺈذا ﻗﺪﱠﻣﺖ ﺳﻌﺮك اﻷﻗﴡ ،ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻨﻊ اﻟﺒﺎﺋﻊ إذن ﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻣﻈﺮوف ﻋﻄﺎﺋﻚ املﻐﻠﻖ وادﻋﺎء ﱢ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻄﺎءٍ آﺧﺮ أﻗﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ املﺒﻠﻎ اﻷﻗﴡ اﻟﺬي ﻋﺮﺿﺘﻪ؟ ُ اﻟﺨﻮف اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﻄﻮاﺑﻊ ﻋﻦ إرﺳﺎل ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻄﺎءات إﱃ ﺗﺠﺎر ﻟﻘﺪ أﺛﻨﻰ ﻫﺬا اﻟﻄﻮاﺑﻊ اﻟﺼﻐﺎر املﻐﻤﻮرﻳﻦ .وﻳﻌﱰف أﺣﺪ ﺗﺠﺎر اﻟﻄﻮاﺑﻊ ﰲ ﻛﻮﻧﻴﺘﻴﻜﺖ: ﺑﻌﺪ ﻗﻀﺎء ﻓﱰ ٍة ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ،أﻗﻤﺖ ﻣﺰادًا ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻌﻄﺎءات اﻟﱪﻳﺪﻳﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ ً ﱟ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ .ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﻋﻤﻴﻼ ﺟﻴﺪًا ﻟﻨﺎ وﻛﺎن ﻳﺜﻖ ﺑﻨﺎ ﻣﺴﻦ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺳﻴ ٍﺪ ٍ ً ﻏﺎﺿﺒﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻠﺒﻴﻊ إذا ﺑﺰوﺟﺘﻲ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻳﺮ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌﻲ ،ﺗﻘﺘﺤﻢ ﻣﻜﺘﺒﻲ ً ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺠﻤﻮﻋﺎت املﻌﺮوﺿﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻋﲆ ﻛﻞ وﺿﻌﺖ ﻋﻄﺎءه ﻛﺎن ﻳُﻌﺘﱪ أﻋﲆ ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﻋﻄﺎء .وأﻟﻘﺖ ﺑﻔﺎﺗﻮرﺗﻪ ﻋﲆ ﻣﻜﺘﺒﻲ وﻗﺎﻟﺖ: »ﻟﻢ أﻛﻦ أﻇﻦ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﺮﺗﻜﺐ ﻫﺬا اﻟﺤﻤﻖ!« ﻧﻈﺮت إﱃ اﻷوراق ﻧﻈﺮة ﺧﺎﻃﻔﺔ ري ﻗﻠﺖ» :ﻻ أﺣﺐ أن أُﺿﻄﺮ إﱃ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬا ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ ،وﻟﻜﻦ ودون أدﻧﻰ ﺗﻔﻜ ٍ ﺗﻌﻠﻤني أن ﻗﺮﺿﻨﺎ اﻟﺒﻨﻜﻲ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺴﺪاد ﻏﺪًا «.ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ املﺎﴈ ،ﻋﺮﻓﺖ أن ﻗﺪر ﺑﺸﻜﻞ اﻟﻌﻘﻞ ﻳُﺒﺪع ٍ ٍ ﻣﺬﻫﻞ ﺣني ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺘﱪﻳﺮ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺴﻴﺊ .وﺑﻌﺪ ٍ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜري ،ﻗﺎﻟﺖ» :ﺣﺴﻨًﺎ ،ﺳﻮف أﻓﻌﻞ ﻫﺬا ،وﻟﻜﻦ ﻓﻘﻂ إذا واﻓﻘﺖ ﻋﲆ ﺗﻐﻴري اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﰲ ﻣﺰادﻧﺎ اﻟﻘﺎدم ،ﻟﺘﻨﺺ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻋﲆ أن »ﺟﻤﻴﻊ املﺠﻤﻮﻋﺎت ﺗُﺒﺎع ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻷﻋﲆ ﻣُﺰاﻳﺪ ﻋﱪ اﻟﱪﻳﺪ ﺑﺰﻳﺎدة واﺣﺪة ﻋﻦ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﻋﻄﺎء ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ إﱃ املﺎل« «.وﺑﻬﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ ﺟﺮدﺗﻨﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺘﱪﻳﺮات واﻷﻋﺬار .ﻟﻘﺪ وﺿﻌﺖ ﻣﺮآ ًة أﻣﺎم ﺳﻠﻮﻛﻲ وﻛﺮﻫﺖ ﻣﺎ رأﻳﺖ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪيﱠ اﺧﺘﻴﺎر ﺳﻮى إﻋﺎدة ﺣﺴﺎب َ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻓﻮاﺗريﻧﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺼﻔﻘﺔ ﻟﺘﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻗﻮاﻋﺪﻧﺎ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ 3 ﻗﺮرت ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺮك ﻣﺠﺎل إدارة املﺰادات«.
148
ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني
وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻼﻳني ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ،ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ،ﻟﻴﺴﻮا اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت ﻋﻨﺪ املﺰاﻳﺪة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى ﻣﺜﻞ إي ﺑﺎي وﺟﻮﺟﻞ ،أو اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻳﺘﺒﻨﱠﻮْن ﻣﺰا َد ﻓﻴﻜﺮي ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﴍاء ٍ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻮﺣﺪة .وﻳﺘﻨﺎﻗﺾ املﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ﻣﻊ املﺰاد ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ وﺗﺄﺧﺬ ﰲ اﻻرﺗﻔﺎع .أﻣﺎ ﰲ املﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ،ﻓﻴﻌﻠﻦ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﺪأ اﻷﺳﻌﺎر ﻣﺸﱰ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﺣني اﻟﺒﺎﺋﻊ ﺳﻌ ًﺮا ﻋﺎﻟﻴًﺎ ،ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﺧﻔﻀﻪ إﱃ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻫﻨﺎك ٍ ٍ ﻋﻄﺎءات أﻗﻞ وأﻗﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮم وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺒﻴﻊ ﺻﻜﻮك دَﻳﻦ ،ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺳﻌﺮ ﻣﻘﺒﻮل. ﺑﻴﻊ ﻣﺒﻠﻎ اﻟﺪﱠﻳﻦ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳُﻘﺪﱢم ﻛ ﱡﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﻘﺪﱢم أﺳﻌﺎ ًرا أﻋﲆ أﻗ ﱠﻞ ٍ وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺒﻨﱢﻲ وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ ﻟﻠﻤﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ذي اﻟﺘﺴﻌري املﻮﺣﺪ ﻟﺒﻴﻊ أذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ ً ﺣﺎﻟﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﺘﺄﺛري اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم واﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،١٩٥٩ﻣَ ﺜ ُ َﻞ ﻟﻠﺸﻬﺎدة ﻋﺎﻟِﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،أﻣﺎم اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر ﺑﻮل دوﺟﻼس ﻋﺎﻟِﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﺳﺒﻖ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،واﻗﱰح اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺜﲆ ﻟﺒﻴﻊ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ .واﻧﺘﻘﺪ املﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻮزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ آﻧﺬاك ﻟﻔﺮض رﺳﻮ ٍم ﻋﲆ اﻟﻌﻄﺎءات اﻷﻋﲆ وأﺷﺎر إﱃ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﻮﺳﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ْ ﻛﺴﺐ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺎل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺰادٍ ﻫﻮﻟﻨﺪيﱟ ﻣﻮﺣﺪ اﻟﺘﺴﻌري؛ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺳﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺐ .وﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﺗﺨﺎذ أي إﺟﺮاءٍ ﺣﻴﺎل ﻣﻘﱰح ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،١٩٧٢ﺣني أﺻﺒﺢ ﺟﻮرج ﺷﻮﻟﺘﺰ )ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ً أﻳﻀﺎ( وزﻳ ًﺮا ﻟﻠﺨﺰاﻧﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﻗﻨﻊ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺷﻮﻟﺘﺰ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ املﺰادات اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ ﻟﺒﻌﺾ إﺻﺪارات ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ .وﻗﻴﱠﻢ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ رﺟﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻮزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ أداء إﺻﺪارات اﻟﺴﻨﺪات املﻤﺎﺛﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺒﺎع ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ املﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي وﺑﺎﻹﺟﺮاء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي .وﺧﻠﺺ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن إﱃ ٍ ﺻﻔﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻊ املﺰادات أن »اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﻃﻌﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻠﺖ وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ ﻋﲆ ِ اﻧﺘﻬﺖ اﻟﺘﺠﺎرب ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧٤ﺣني ﺗﻮﱃ ﺑﻴﻞ ﺳﺎﻳﻤﻮن اﻟﻮزارة .ﻛﺎن اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ 4 «.وﻟﻜﻦ ٍ ﺳﻨﺪات ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ،وﻋﺎ َرض ﺑﺸﺪ ٍة ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﺰﻳﺎدة ﺑﻴﻞ ﺳﺎﻳﻤﻮن ﺗﺎﺟﺮ اﻷﻣﻮال ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ. ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩١اﺗﱡﻬﻢ ﺑﻨﻚ ﺳﺎﻟﻮﻣﻮن ﺑﺮاذرز ﺑﺎﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻤﺰادٍ ﻟﻸوراق املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻮزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻔﱰ ٍة وﺟﻴﺰ ٍة ﻗﺎﻣﺖ وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ﰲ املﺰاﻳﺪة ﻋﲆ 149
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ملﺰاد اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﺰاﻳﺪ ٍة ﺗﻨﺎﻓﺴﻴ ٍﺔ ﻣﻮﺣﺪة اﻟﺘﺴﻌري ﺑﻘﻮاﻋ َﺪ ﻓﻴﻜﺮي ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ .ﻳﻘﻮل ﻣﻮﻗﻊ وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ: ﻳﺘﻴﺢ املﺰاد املﻮﺣﺪ اﻟﺴﻌﺮ ،املﻌﺮوف ً أﻳﻀﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ املﺰاد اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ،ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣﺰاﻳ ٍﺪ ً ﻣﻜﺎﻓﺊ ﺑﺴﻌﺮ أوراﻗﺎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﺎﻓﴘ أن ﻳﻤﻨﺢ ري ﺗﻨﺎﻓﴘ ﱟ ٍ ﻧﺎﺟﺢ وﻛ ﱢﻞ ﻣﺰاﻳ ٍﺪ ﻏ ِ ٍ ٍ ٍ ﺳﻌﺮ أو ﻋﺎﺋ ٍﺪ ﻣﻘﺒﻮل .وﻳُﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﺰادات اﻵن ﻟﺠﻤﻴﻊ أذون ﻷﻋﲆ ٍ اﻟﺨﺰاﻧﺔ ،واﻟﺴﻨﺪات اﻹذﻧﻴﺔ املﺘﻮﺳﻄﺔ اﻷﺟﻞ ]واﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﺆﴍ اﻟﺘﻀﺨﻢ[ .ﰲ املﺎﴈ ﻛﺎن ﻫﺬا املﺰاد ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ ﻣﺰادات اﻟﺴﻨﺪات اﻹذﻧﻴﺔ ذات اﻟﻌﺎﻣني وﺧﻤﺴﺔ اﻷﻋﻮام .وﺗﻘﻴﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ املﺰادات ﻟﻬﺬه اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ .وﻋﻨﺪ إﻋﻼن ﺣﺠﻢ ﻣﺰادٍ وﺷﻴﻚ ،ﻳﺘﺎح ﻟﺼﻐﺎر اﻟﻌﻤﻼء ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ٍ ﻋﺮوض ﻏري ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ .وﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﻄﻠﺒﺎت أﻗﻞ ﻋﻄﺎءات أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺪﻳﻢ ٍ دوﻻر ﰲ اﻟﺤﺠﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ ،و ٥ﻣﻼﻳني أو أﻗﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ٍ إﱃ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻹذﻧﻴﺔ وﺳﻨﺪات ﻛﻮﺑﻮن .أﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ املﺸﺎرﻛني ﰲ املﺰاد ،ﻓﻬﻢ ً ٍ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻟﻮزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ .وﺳﻮف ﻋﻄﺎءات اﻟﺘﺠﺎر اﻻﻋﺘﺒﺎرﻳﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﻘﺪﱢﻣﻮن ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ أﺳﻌﺎر اﻟﺘﺠﺎر اﻻﻋﺘﺒﺎرﻳني ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﺴﺘﻮى اﻟﺘﻨﺎﻓﴘ ﻟﻌﻄﺎﺋﻬﻢ .وﺑﻌﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﻞ اﻟﻌﻄﺎءات اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺘﺠﺎر ،ﺳﻮف ﻳﺤﺼﻞ ﺻﻐﺎر اﻟﻌﻤﻼء 5 ﺳﻌﺮ ﻣﻦ املﺰاد ﻳﺘﺤﺪد ﻋﲆ أﺳﺎس ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻄﺎءات اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ. ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻂ ٍ ﻟﺠﻨﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ و ُرﺧﺺ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺨﻠﻮي ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﺑﺪأت ﻟﺠﻨﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ إﺟﺮاءَ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ ﻟﺘﺨﺼﻴﺺ رﺧﺺ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺨﻠﻮي ﰲ املﺪن ﻋﱪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻟﻜﻦ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت أدرﻛﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﴪ ﻣﻼﻳني اﻟﺪوﻻرات ﰲ اﻟﻌﺎﺋﺪات املﺤﺘﻤﻠﺔ. ٍ ٍ ﻋﻄﺎءات ﺗﻨﺎﻓﺴﻴ ٍﺔ ﻣﺰادات ذات وﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٩٩٤أﻗﺎﻣﺖ ﻟﺠﻨﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﺮﺧﺺ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺨﻠﻮي واﻟﺮادﻳﻮي .ﺗُﺪار ﻫﺬه املﺰادات إﻟﻜﱰوﻧﻴٍّﺎ وﻳﻤﻜﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻴﻬﺎ ﻋﱪ ٍ ﻋﻄﺎءات وﻫﻢ ﰲ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ أو ﻣﻜﺎﺗﺒﻬﻢ. اﻹﻧﱰﻧﺖ .وﻫﻜﺬا ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺰاﻳﺪﻳﻦ املﺆﻫﻠني وﺿﻊ ﺑﻤﺘﺼﻔﺢ ﻟﻠﺸﺒﻜﺔ أن ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺷﺨﺺ ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻪ ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻣﺰوﱠد ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ٍ ٍ
150
ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني
ﺳري أي ﻣﺰادٍ وﻳﺸﺎﻫﺪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻛﻞ ﺟﻮﻟﺔ .وﻗﺪ وﺟﺪت ﻟﺠﻨﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ أن ﻣﺰادات اﻟﻄﻴﻒ أﻛﺜﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﰲ ﺗﺨﺼﻴﺺ اﻟﺮﺧﺺ ﻣﻦ ﺟﻠﺴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع املﻘﺎرﻧﺔ أو اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ. ﻣﻦ ﻳﻘﻒ وراء ﻫﺬه اﻟﺘﻐﻴريات؟ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن املﺘﺨﺼﺼﻮن ﰲ ﺗﺼﻤﻴﻢ املﺰادات؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻀﻐﻄﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ املﺰادات ﻟﺴﻨﻮات .وﻛﺎن روﻧﺎﻟﺪ ﻛﻮس ،وﻫﻮ اﻗﺘﺼﺎدي آﺧﺮ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،ﻣﻦ ﺑني أواﺋﻞ اﻟﺪاﻋﻤني ﻟﻄﺮح ﺗﺮاﺧﻴﺺ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺮادﻳﻮي ﻟﻠﻤﺰاد ﰲ ﻋﺎم .١٩٥٩وﻣﻦ أﺣﺪ ﻣﺼﻤﻤﻲ املﺰادات اﻟﺒﺎرزﻳﻦ ﺑﻮل ﻣﻴﻠﻮﺟﺮوم ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد. وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺟﻮزﻳﻒ ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ ،اﻟﺤﺎﺋﺰ ﺟﺎﺋﺰ َة ﻧﻮﺑﻞ ،ﻋﻦ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﻣﻴﻠﻮﺟﺮوم» :إن ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴ ٍﺪ ﻣﻦ ﻣﻦ ﺑني اﻟﺜﻮرات اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد إدرا َك أن اﻷﺳﻮاق ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ٍ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻬﺎ؛ ﻓﺎﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻣﻬﻢ ،وﺗﺼﻤﻴﻢ ﻣﺰاد ﻟﺠﻨَﺔ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﻴﻒ اﻟﺮادﻳﻮي ً اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻟﻌﻬ ٍﺪ ﺟﺪﻳ ٍﺪ ﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟﺴﻮق ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺬي أﺑﺪﻋﻪ ﻣﻴﻠﻮﺟﺮوم إﻧﻤﺎ ﻛﺎن 6 ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ«. اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺠﻌﻞ اﻷﺳﻮاق اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ٍ ﻛﺎن ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد ،ﺑﻮل ﻛﻠﻴﻤﱪر ،دور ﻓﻌﺎل وﻣﺆﺛﺮ ﰲ ﺗﺼﻤﻴﻢ أول ﻣﺰادٍ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﱰاﺧﻴﺺ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻬﻮاﺗﻒ اﻟﺨﻠﻮﻳﺔ .وﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻳﻘﻮل: ً ﻣﺮﻫﻘﺎ ﱄ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﺰاد املﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة ﻛﺎن ﺷﻬﺮ ﻓﱪاﻳﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ٢٠٠٠ﺷﻬ ًﺮا ﻟﻠﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﲆ وﺷﻚ اﻟﺒﺪء .ﻇﻠﻠﺖ ﻟﻌﺎﻣني أﻋﻤﻞ ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﺼﻤﻴﻢ أول ﻣﺰاد ﻃﻴﻒ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺨﺪﻣﺎت »اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ« ﻟﻠﻬﻮاﺗﻒ اﻟﺨﻠﻮﻳﺔ. ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻋﲆ املﺤﻚ .وﻟﻮ ﺳﺎر ﻣﺰادﻧﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ،ﻓﺴﻴﺘﻢ ﺗﺨﺼﻴﺺ اﻟﻄﻴﻒ ﺑﻔﻌﺎﻟﻴ ٍﺔ وﺳﻴﺠﻤﻊ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﻮال ،وﻟﻜﻦ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺰادات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ً ٍ ﻣﺨﺠﻠﺔ وﻓﺸﻞ ﰲ ﺟﻠﺐ املﺒﺎﻟﻎ املﺘﻮﻗﻌﺔ .وﻫﺬه املﺮة ﻛﺎن إﺧﻔﺎﻗﺎت واﺟﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن ﻳﺄﻣﻠﻮن ﰲ ﺟﻠﺐ ﻣﻼﻳني اﻟﺪوﻻرات … وﻟﻢ ﻳﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﺘﻮﺗﺮ إﻻ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﺮﻗﻬﺎ املﺰاد؛ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ،وﻳﻮﻣً ﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮ ٍم ﺗﺼﺎﻋﺪت اﻷﺳﻌﺎر ،وﻟﻜﻦ ﻇﻞ اﻟﻘﻠﻖ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ املﺰاد ٍ ﻧﺤﻮ ﻳﺴﺎورﻧﺎ ﺑﺸﺄن ﻣﺎ ﻗﺪ ﻧﻜﻮن أﻏﻔﻠﻨﺎه ،وﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﺳﺎر ﻋﲆ ٍ ً ﺟﻮﻟﺔ ﻣﻦ املﺰاﻳﺪة ،وﺗﺤ ﱡ ُ ﻄﻢ ﺗﻮاﺻﻞ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﻋﱪ ١٥٠ ﺧﺎﻃﺊ .وﻣﻊ اﻷرﻗﺎم اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ املﺴﺠﻠﺔ واﺣﺪًا وراء اﻵﺧﺮ ،ﺣ ﱠﻠﺖ اﻟﺪﻫﺸﺔ ﻣﺤﻞ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ واﻟﺘﻮﺗﺮ .وﻟﻜﻦ ﺳﺎد ﺷﻌﻮر ﻫﺎﺋﻞ ﺑﺎﻻرﺗﻴﺎح ﺣني ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻄﺮﻗﺔ املﺰاد ﻋﲆ ﺧﻤﺴﺔ 151
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً ً ٍ أﻣﻮاﻻ ﺗﻔﻮق إﺟﻤﺎﻻ ﻋﻦ ٣٤ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر؛ ﻟﻘﺪ ﺟﻤﻊ ﻣﺰادﻧﺎ ﻋﻄﺎءات ﺗﺰﻳﺪ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ 7 ري ﻣﺎ ﺟﻤﻌﻪ أي ﻣﺰادٍ ﺳﺎﺑﻖ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ. ﺑﻜﺜ ٍ ٍ واﻟﴩﻛﺎت ﻟﻴﺴﺖ املﻜﺎن اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻓﻴﻪ املﺰادات ﺷﻌﺒﻴﺔ؛ ﻓﺎﻷﻓﺮاد ﻳﺸﱰون وﻳﺒﻴﻌﻮن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻦ أﺳﻄﻮاﻧﺎت اﻟﺪي ﰲ دي املﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﻋﱪ إي ﺑﺎي، وﻳﺎﻫﻮ ،وأﻣﺎزون ،وﻣﻮاﻗﻊ اﻹﻧﱰﻧﺖ اﻷﺧﺮى؛ ﻓﺎﻟﺘﺠﺎرة اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻨﺸﺎط اﻷﻛﱪ. ٍ وﻗﻴﻤﺔ ﺳﻮﻗﻴ ٍﺔ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑ ٢١ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر. ﻋﻤﻴﻞ وﻳﺤﻈﻰ ﻣﻮﻗﻊ إي ﺑﺎي وﺣﺪه ﺑ ١٠ﻣﻼﻳني ٍ وﻗﺪ ﺗﻌ ﱠﻠﻢ ﻣﺆﺳﺴﻮ إي ﺑﺎي ﻣﻦ وﻳﻠﻴﺎم ﻓﻴﻜﺮي وﻏريه ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني؛ ﻓﻴﺴﺘﻌني ﻫﺬا املﻮﻗﻊ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺒﺎرز ﻋﱪ اﻹﻧﱰﻧﺖ ﺑﻘﻮاﻋﺪ ﻣﺰاد اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ؛ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻠﺰم ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻄﺎء اﻷﻋﲆ إﻻ ﺑﺪﻓﻊ ﻗﻴﻤﺔ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﻋﻄﺎءٍ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ رﺳ ٍﻢ إﺿﺎﰲ .وﻫﻜﺬا ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ املﺘﺒﻌﺔ ﻟﺪى إي ﺑﺎي ﰲ ﺗﺠﻨﱡﺐ ﻟﻌﻨﺔ اﻟﺮاﺑﺢ .ﺛَﻤﱠ َﺔ ﻣﻴﺰة أﺧﺮى ﻫﻲ أﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻟﺴﻠﻊ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ .وﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ً أﻳﻀﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ املﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻣﺪى املﺰاﻳﺪﻳﻦ دراﺳﺔ املﺰادات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ٍ أﻣﺎﻧﺔ وﻣﻮﺛﻮﻗﻴﺔ اﻟﺒﺎﺋﻌني ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺮاءة ردود أﻓﻌﺎل اﻟﻌﻤﻼء ﻋﻨﻬﻢ .وإذا ﻇﻠﻮا ﰲ رﻳﺒ ٍﺔ ﻣﻦ أﻣﺮﻫﻢ ،ﻓﻐﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺮاﻗﺐ املﺰاﻳﺪون ﺳﻠﻮك ﻣﺰاﻳﺪﻳﻦ آﺧﺮﻳﻦ. ﻋﺮض ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺛﻢ وﻳﺤﺚ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﻤﻮﻗﻊ املﺴﺘﺨﺪﻣني ﻋﲆ ﺗﻘﺪﻳﻢ أﻋﲆ ٍ ﻳﺴﱰﺧﻮن؛ ﻓﻠﻦ ﻳﺪﻓﻌﻮا ذﻟﻚ اﻟﺴﻌﺮ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ إﻻ إذا وﺻﻞ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ إﱃ ﻫﺬا وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺮض ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ اﻟﺤﺪ .وﻣﻊ اﻧﻀﻤﺎم آﺧﺮﻳﻦ ،ﻳﺒﺪأ املﻮﻗﻊ ﰲ املﺰاﻳﺪة ﻋﲆ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ٍ ٍ ﺗﺰاﻳﺪي ،ﻣﺨﻔﻴًﺎ اﻟﻌﻄﺎء اﻷﻗﴡ املﻘﺪﱠم ﻣﻨﻚ إﱃ أن ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ املﺰاﻳﺪة ﻟﺘُﻐﻄﻴﻪ .ﻓﺈذا ﻋﺮض أﺣﺪﻫﻢ ﺳﻌ ًﺮا ﻳﻔﻮق ﻋﺮﺿﻚ اﻷﻗﴡ ،ﻓﻼ ﺑﺄس؛ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﺬا اﻟﴚء ﻳﺴﺎوي ﻟﺪى ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺎوﻳﻪ ﻟﺪﻳﻚ .وﻟﻜﻦ ﻛني ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ ،ﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻛﺘﺎب »اﻟﻘﻨﺎﺻﺔ، واﻟﻌﻤﻼء املﺰﻳﻔﻮن ،وأﺳﻤﺎك اﻟﻘﺮش :إي ﺑﺎي واﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﴩي« ﻳﻘﻮل إن ﻫﺬه اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﺒﻜﺮ ﻳﺠﺬب املﻨﺎﻓﺴﺔ .وﺗﻮﺿﺢ اﻟﺪراﺳﺎت ﻋﺮض »ﺳﺎذﺟﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺠﻞ« ،وﻳﻘﻮل إن أي ٍ ٍ ٍ ٍ ﻋﻄﺎءات أﻛﺜﺮ ،ازداد اﺣﺘﻤﺎل أن ﺗﻨﻬﺎل ﻋﻄﺎءات أﺧﺮى؛ ﻟﺬا ،ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺟﻠﺒﺖ اﻟﺴﻠﻌﺔ ﻋﺮض آﺧﺮ ﻋﲆ ﻋﻄﺎﺋﻚ اﻷﻗﴡ ،ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﺸﻬﺪ ﺛﺎﻧﻲ أﻋﲆ ﻋﻄﺎءٍ إذا ﻟﻢ ﻳﺘﻔﻮﱠق أي ٍ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﻛﺒريًا .وﻧﺼﻴﺤﺔ اﻟﺴﻴﺪ ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ» :ﻗﺪﱢم ﻋﻄﺎءك ﻣﺘﺄﺧ ًﺮا؛ ﻓﺎﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻷوﱃ ﻷي ﻣﺰادٍ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺷﻴﺌًﺎ؛ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮاﻧﻲ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻷﺧرية«. ٍ ﻣﺰاﻳﺪات ﻓﻠﺪى إي ﺑﺎي ﻗﺎﻋﺪة »إﻏﻼق ﺛﺎﺑﺖ«؛ أي إﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﻋ ٍﺪ ﻣﺤﺪد ،ﻻ ﻳُﺴﻤﺢ ﺑﺄي 8 أﺧﺮى؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺜري ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻣﺤﻤﻮﻣﺔ ﻣﻦ املﺰاﻳﺪة ﻗﺒﻞ ﻧﺰول املﻄﺮﻗﺔ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ. 152
ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني
ﱡ اﻟﺘﺤﺴﻦ اﻟﺬي أدﺧﻠﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻋﲆ ﺗﺼﻤﻴﻢ وﺧﺘﺎﻣً ﺎ ،ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻔﺎد اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ املﺰادات؛ املﺸﱰون اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﻞ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺪﻓﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ دﻓﻌﻪ ،واﻟﺒﺎﺋﻌﻮن ﺳﻌﺮ أﻓﻀﻞ ﻟﺒﻀﺎﺋﻌﻬﻢ ،وﺻﺎﻻت املﺰادات اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﻆ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺰداد اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺣﺼﻮﻟﻬﻢ ﻋﲆ ٍ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر.
153
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ
دور اﻟﻘﻄﺎع اﳋﺎص اﻗﺘﺼﺎد املﺪرﺟﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ
ً ً ٍ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮﱡر املﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺧﺪﻣﺎت ﺗُﻘﺪﱢم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ٍ ﴍﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ. دوﻧﻬﺎ ،وﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﺳﻨﺎدﻫﺎ إﱃ ﺑﻮل إﻳﻪ ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن إذا ﺗﻠﻘﻴﺖ دورة دراﺳﻴﺔ ﰲ املﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺴﻮف ﺗﺘﻌﺮض دوﻣً ﺎ ملﺴﺄﻟﺔ »اﻟﺴﻠﻊ اﻟﻌﺎﻣﺔ« ﱠ وﺗﺘﻠﺨﺺ ﰲ أن ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺐ اﻟﺠﺪل ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ٍ ٍ ﻛﺎف ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ،ﻣﺜﻞ املﺪارس ،واملﺤﺎﻛﻢ، إﻧﺘﺎج ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ٍ واﻟﺴﺠﻮن ،واﻟﻄﺮق ،واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،واملﻨﺎرات. ﻛﺴﻠﻌﺔ ٍ ٍ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳ ٍﺔ ﰲ ﻣﺮﺟﻊ ﺑﻮل ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن وﻗﺪ ُﺳﻠﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﻣﺜﺎل املﻨﺎرات اﻟﺪراﳼ اﻟﺸﻬري ﻣﻨﺬ ﻋﺎم » :١٩٦٤إن أﺷﻌﺘﻬﺎ اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ ﻣﺮﻣﻰ اﻟﺒﴫ. أﻋﻤﺎل أن ﻳﺒﻨﻴَﻬﺎ ﺑﻐﺮض اﻟﺮﺑﺢ؛ إذ ﻟﻴﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﺨﺪ ٍم وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺮﺟﻞ ٍ ﺑﺴﻌﺮ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ 1 «.ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﺑﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣ ٍﺪ أن ﻳﻤﻨﻊ اﻟﻀﻮء ﻣﻦ أن ﺗﺮاه ﺟﻤﻴﻊ ٍ اﻟﺴﻔﻦ ،ﺑﴫف اﻟﻨﻈﺮ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻗﺪ دﻓﻌﺖ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻘﻴﱢﻤﺔ أم ﻻ ،ﻓﻼ أﺣﺪ ﺳﻴﺪﻓﻊ دون أن ﻳﻜﻮن ﻣﺠﱪًا ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺮض ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴ ٍﺔ أو رﺳﻮ ِم ﻣﻴﻨﺎء.
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺸﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،روﻧﺎﻟﺪ إﺗﺶ ٍ ﻛﻮس ،ﻋﻦ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﻨﺎرات ﰲ إﻧﺠﻠﱰا ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺸﻴﱠﺪ وﺗُﻤﺘ َﻠﻚ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ أﻓﺮادٍ وﴍﻛﺎت ٍ ﻣﺮور ﺧﺎﺻﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ .وﻛﺎﻧﻮا ﻳَﺠﻨﻮن أرﺑﺎﺣً ﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺮض رﺳﻮم ٍ ﻋﲆ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺮاﺳﻴﺔ ﻋﲆ املﻮاﻧﺊ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﻨﻴﺘﻲ ﻫﺎوس ً ٍ ﻟﴩﻛﺔ ذات ﻣﺜﺎﻻ ﻣﻤﺘﺎ ًزا ٍ ﻣﺮور ﻣﻦ اﻣﺘﻴﺎز ﰲ ﻋﺎم ١٥١٤ﻟﺘﺸﻐﻴﻞ املﻨﺎرات وﺗﺤﺼﻴﻞ رﺳﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻤﻨﺢ ﻋﻘﺪ ﻣﻠﻜﻴ ٍﺔ ٍ ٍ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺿﻤﻦ رﺳﻮم اﻟﺮﺳ ﱢﻮ ﰲ اﻟﺴﻔﻦ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ املﻨﺎرة ﺗُﺪرج املﻮاﻧﺊ. وﻣﴣ ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن ﻳﻮﴆ ﺑﺘﻤﻮﻳﻞ املﻨﺎرات ﻣﻦ اﻹﻳﺮادات اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﻟﻜﻦ ً وﻓﻘﺎ ﻟِﻜﻮس، ﻟﻢ ﻳﺠﺮب ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻤﻮﻳﲇ ﻗﻂ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ» :ﻻ ﺗﺰال اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺗﺮﻳﻨﻴﺘﻲ ﻫﺎوس ﺗُﻤﻮﱠل 2 ﻣﻦ رﺳﻮم املﺮور املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻔﻦ«. اﻷﻣﺮ اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎر ًة ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ أن ﻛﻮس ﻛﺘﺐ ﻫﺬا املﻘﺎل املﺒﺪع ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧٤إﻻ أن ٍ ٍ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻮﻓريَﻫﺎ ﻟﺴﻠﻌﺔ ﻛﻨﻤﻮذج ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن اﺳﺘﻤﺮ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام املﻨﺎرة ٍ ﺳﻮى اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﺑﻌﺪ ﺗﻌﻨﻴﻔﻲ ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن ﻋﻠﻨًﺎ ﻟﻌﺠﺰه ﻋﻦ اﻻﻋﱰاف ﺑﻤﺎ ﻛﺸﻒ ﻋﻨﻪ ٍ ٍ ﻋﴫ ﺳﺎﺑﻖ« ﰲ ﺣﺎﺷﻴ ٍﺔ ﰲ ﺧﺎﺻﺔ »ﰲ ﻣﻨﺎرات ﻛﻮس 3 ،اﻋﱰف ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن أﺧريًا ﺑﻮﺟﻮد ٍ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻋﴩة ﻣﻦ ﻣﺮﺟﻌﻪ اﻟﺪراﳼ ،إﻻ أﻧﻪ أﴏ ﻋﲆ أن املﻨﺎرات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻻ ﺗﺰال 4 ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻻﺳﺘﻔﺎدة املﺠﺎﻧﻴﺔ. ﺣﻠﻮل ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺨﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﱡ ٍ ٍ ٍ ٍ اﻟﺘﻜﻔﻞ ﺑﺘﻮﻓريﻫﺎ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﺧﺎﺻﺔ ملﺆﺳﺴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺴﻠﻌﺔ ﻻ ﺗُﻌَ ﱡﺪ املﻨﺎر ُة اﻟﻨﻤﻮذجَ اﻟﻮﺣﻴ َﺪ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﺎص ذو رﺳﻮ ٍم ﰲ ﺟﻨﻮب ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ .وﺗﺪﻳﺮ ﴍﻛﺔ »واﻛﻨﻬﻮت ﻛﻮرﻳﻜﺸﻨﺰ« ً ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺮﺑﺢ .وﺗﻮﻓﺮ املﺪارس اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﻣﺴﺘﻮًى ﺗﻌﻠﻴﻤﻴٍّﺎ أﻓﻀﻞ ﺳﺠﻮﻧًﺎ َ ﺧﻄﺔ رﻋﺎﻳ ٍﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ٍﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻦ املﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﺗﻘﺪم ﻛﻨﻴﺴﺔ املﻮرﻣﻮن اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻮزارة اﻟﺰراﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .وﺗﻘﻮم ﴍﻛﺔ ﻫﺎﺑﻴﺘﺎت ﻓﻮر ﻫﻴﻮﻣﺎﻧﻴﺘﻲ ﺑﺘﺸﻴﻴﺪ ﻣﻨﺎزل ﻟﻠﻔﻘﺮاء املﻌﻴﻠني. ٍ ﻣﺆﺳﺴﺔ واﻵن ،وﻷول ﻣﺮ ٍة ﺧﻼل ٣٨ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺪرج ﺑﻴﺴﺒﻮل ﻳﺸﻴﱠﺪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﻮ اﺳﺘﺎد إﻳﻪ ﺗﻲ آﻧﺪ ﺗﻲ ﺑﺎرك ،املﻘﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻔﺮﻳﻖ ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ﺟﺎﻳﻨﺘﺲ. أﻣﻮال اﻗﱰاع ﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻓﺒﻌﺪ أن رﻓﺾ اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ أرﺑﻊ ﻣﺒﺎدرات ٍ ٍ 156
دور اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص
ﺣﻜﻮﻣﻴ ٍﺔ ﻹﺣﻼل وﺗﺠﺪﻳﺪ اﺳﺘﺎد ﻛﺎﻧﺪل ﺳﺘﻴﻚ ﺑﺎرك املﻬﺠﻮر ،اﻟﺬي ﻻ ﻳﱰدد ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺪد ٍ ﻛﺎف ﻣﻦ اﻟﺮواد ،ﺗﻌﺎون ﺑﻴﱰ ﻣﺎﺟﻮان ،أﺣﺪ ورﺛﺔ ﺳﻴﻔﻮاي آﻧﺪ ﻣريﻳﻞ ﻟﻴﻨﺶ ،ﻣﻊ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ أوراق ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻗﻴﻤﺘُﻪ ١٥٥ ﻗﺮض ﻣﻦ ﺑﻨﻚ ﺗﺸﻴﺲ ﺑﻀﻤﺎن ﻣﺤﻠﻴني ﻟﴩاء اﻟﻨﺎدي ،وﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ٍ ٍ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ،ﻗﺎم ﺑﺒﻨﺎء اﻻﺳﺘﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ٣٤٥ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر .ﻛﻤﺎ أﻣﱠ ﻦ ا ُمل ﱠﻼك ﻋﻘﻮد رﻋﺎﻳ ٍﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﺳﻴﻔﻴﻚ ﺑﻞ ،وﺳﻴﻔﻮاي ،وﻛﻮﻛﺎﻛﻮﻻ ،وﺗﺸﺎرﻟﺰ ﺷﻮاب. وﺣﺘﻰ اﻵن ﻻ ﻳﺰال اﻻﺳﺘﺎد اﻟﻜﺮوي ذو املﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻳ ﱢ ُﺤﻘﻖ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻣﺪوﻳًﺎ؛ إذ ﺗﺒﺎع ٣٠أﻟﻒ ﺗﺬﻛﺮة ملﺒﺎرﻳﺎت املﻮﺳﻢ املﻬﻤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺎد اﻟﺬي ﻳﺴﻊ ٤١أﻟﻒ ﻣﻘﻌﺪ ،وﺗﻨﻔﺪ ﺗﺬاﻛﺮ ﻣﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻌﺒﻬﺎ ﻋﲆ أرﺿﻪ .ﻛﺎن ﻣ ﱠُﻼك اﻟﻔﺮق اﻷﺧﺮى ،اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﻣﺪرﺟﺎﺗﻬﻢ دﻋﻤً ﺎ ﻣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺑﺎﻫ ً ﻈﺎ ،ﰲ رﻳﺒ ٍﺔ ﻣﻦ أﻣﺮﻫﻢ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ ﻣ ﱠُﻼك اﻟﻔﺮق ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺰﻳﺎرة اﻻﺳﺘﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﲆ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻪ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺟﻮرج ﺷﺘﻴﻨﱪﻳﻨﺮ ،اﻟﺬي ﻳﺒﻨﻲ اﺳﺘﺎدًا 5 ٍ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر. ﺟﺪﻳﺪًا ﻟﻠﻴﺎﻧﻜﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﻬﺎﺟﻤﻮن اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻤﻨﺸﺂت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺄﺛﱠﺮ ﺑﺪراﺳﺘني ﺣﺪﻳﺜﺘني ﻣﺘﻌﻤﻘﺘني ﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﺘﺨﺼﺼني ﻳﻬﺎﺟﻤﻮن اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﻘﻰ دﻋﻤً ﺎ ﺣﻜﻮﻣﻴٍّﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎب ،Major League Losersدرس ﻣﺎرك روزﻳﻨﱰوب ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ )وأﺣﺪ ﻛﺒﺎر دﻗﻴﻖ ﻧﺤﻮ ﻣﺪن وأوﺿﺢ ﻋﲆ ٍ ٍ املﺸﺠﻌني اﻟﺮﻳﺎﺿﻴني( ﺗﻤﻮﻳﻞ املﺪرﺟﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﰲ ﺧﻤﺲ ٍ أن اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ ﺗُﻨﺘﺞ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ أو اﻟﺘﺄﺛريات اﻟﺘﻲ ﺗﺰداد اﺗﺴﺎﻋً ﺎ ﰲ املﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﺰع اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري ﻣﻦ ﻣﺤﺎل اﻟﱰﻓﻴﻪ واﻟﻄﻌﺎم ﰲ اﻟﻀﻮاﺣﻲ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ 6 ﻣﺎ ﺗﱰك اﻟﺒﻠﺪﻳﺎت ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﺿﺨﻤﺔ. ﱡ ٍ ﻣﻨﺸﺂت وﻗﺪ ﺗﻮﺻﻠﺖ دراﺳﺔ أﺟﺮاﻫﺎ ﻣﻌﻬﺪ ﺑﺮوﻛﻴﻨﺠﺰ ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ؛ ﻓﺒﻌﺪ ﺗﻔﻘﺪ رﻳﺎﺿﻴ ٍﺔ ﻛﺒري ٍة ﰲ ﺳﺒﻊ ﻣﺪن ،وﺟﺪ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ روﺟﺮ ﺟﻲ ﻧﻮل )ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد( وأﻧﺪرو زﻳﻤﺒﺎﻟﻴﺴﺖ )ﺳﻤﻴﺚ ﻛﻮﻟﻴﺪج( أن ﻫﺬه اﻟﺴﺎﺣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺼﺪ ًرا ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺤﲇ 7 واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ،وأن ﺻﺎﰲ َ اﻟﺪﻋﻢ املﻘﺪﱠم ﻟﻬﺎ ﺗﺠﺎوز املﻨﻔﻌﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ. وﺗﺆﻛﺪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ واﺣﺪًا ﻣﻦ املﺒﺎدئ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ﻟﻠﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺒﺪأ املﺤﺎﺳﺒﺔ :ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ املﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ أن ﻳﺪﻓﻌﻮا ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ .وﻣﻦ املﺪﻫﺶ ﻛﺜﺮة اﻧﺘﻬﺎك اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ﻟﻬﺬا املﺒﺪأ اﻷﺳﺎﳼ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﺣﺎول ﺟﻮن ﻫﻨﺮي، 157
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
دوﻻر وﻣﺎﻟﻚ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﺎرﻟﻴﻨﺰ ﻟﻠﺒﻴﺴﺒﻮل، وﻫﻮ ﺗﺎﺟﺮ ِﺳ َﻠ ٍﻊ ﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺔ ﻧﺸﺎﻃﻪ ٣٠٠ﻣﻠﻴﻮن ٍ ﻗﺎﻧﻮن ﻟﻔﺮض ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﻋﲆ ر ﱠﻛﺎب أن ﻳُﻤ ﱢﺮر ﻋﱪ املﺠﻠﺲ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﻓﻠﻮرﻳﺪا ﻣﴩو َع ٍ ﻣﻠﻌﺐ رﻳﺎﴈﱟ ﺟﺪﻳ ٍﺪ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻴﺎﻣﻲ )ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ اﻟﺒﻮاﺧﺮ اﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﰲ ﺗﻤﻮﻳﻞ ٍ ﻋﺎرض ﺣﺎﻛﻢ املﺪﻳﻨﺔ آﻧﺬاك ،ﺟﻴﺐ ﺑﻮش ،ﻣﴩوع اﻟﻘﺎﻧﻮن(. اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻻ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺒﺪأ املﺤﺎﺳﺒﺔ املﺜﺎ َل اﻟﻮﺣﻴ َﺪ اﻟﺬي ﻳﻄﺒﱢﻖ ﻓﻴﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل واﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻷﺧﺮى؛ ﻓﺎملﻘﺎﻳﻀﺎت ،وﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ،واﻟﺤﻮاﻓﺰ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ً ﻣﻬﻤﺔ ً ﺟﻮاﻧﺐَ أﻳﻀﺎ ﻟﻠﻌﺒﺔ. أﻃﻠﻖ ﺟﻴﻪ ﳼ ﺑﺮادﱄ ،اﻷﺳﺘﺎذ املﺸﺎرك ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ وﻻﻳﺔ ﻛﻴﻨﺴﻮ وﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﺎوث ،اﺳﻤً ﺎ ﻋﲆ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ؛ إذ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺎﺑﺮﻧﻮﻣﻴﻜﺲ .sabernomics واملﻘﻄﻊ اﻷول saberﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻷﺑﺤﺎث اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ) SABRاﺧﺘﺼﺎ ًرا(. ﻳﺠﻤﻊ ﻋﻠﻢ اﻟﺴﺎﺑﺮﻧﻮﻣﻴﻜﺲ ﺑني اﻟﻄﺮق اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ واﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ وﻣﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺨﺘﱪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت املﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﻧﺤﺪار املﺘﻌﺪد وﻃﺮق اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻴﺎﳼ اﻷﺧﺮى .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ملﺎذا ﻳﴬب اﻟﺮﻣﺎة ﰲ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﺪدًا أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﻀﺎرﺑني ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪوري اﻟﻮﻃﻨﻲ؟ إﺣﺪى اﻟﻔﺮﺿﻴﺎت ﰲ ذﻟﻚ أن اﻟﺤﻮاﻓﺰ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﴬب اﻟﻀﺎرﺑني ﻗﺪ ﺗﻐريت ﺣني ﺗﺒﻨﱠﻰ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻀﺎرب املﺨﺘﺎر ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧٣ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻇﻞ اﻟﺪوري اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻳﻠﻌﺐ ﻣﻦ دوﻧﻬﺎ .وذﻫﺐ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني إﱃ أﻧﻪ ﻣﻊ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻀﺎرب املﺨﺘﺎر ،ﻛﺎن اﻟﺮﻣﺎة ﰲ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻹﻓﻼت ﺑﴬب اﻟﻼﻋﺐ اﻟﻀﺎرب؛ إذ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺮاﻣﻲ ﻳُﻀﻄﺮ إﱃ اﻟﺬﻫﺎب ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﴬب واملﺠﺎزﻓﺔ ﺑﺮد اﻟﴬﺑﺔ إﻟﻴﻪ .ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٢١ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،١٩٧٢ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓﺎرق ﻛﺒري ﺑني اﻟﺪورﻳني ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﴬب اﻟﻼﻋﺐ اﻟﻀﺎرب .وﻟﻜﻦ ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٧٣ﺣني اﻋﺘُﻤﺪت ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻀﺎرب املﺨﺘﺎر ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻛﺎن ﻣﻌﺪل ﴐب اﻟﻼﻋﺐ اﻟﻀﺎرب داﺋﻤً ﺎ أﻋﲆ ﰲ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .وﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٧٣ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،٢٠٠٥ﻛﺎن ﻣﻌﺪل ﴐب اﻟﻀﺎرب أﻋﲆ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﺪوري اﻟﻮﻃﻨﻲ .وﻳﺨﻠﺺ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺟﻴﻪ ﳼ ﺑﺮادﱄ 8إﱃ أن »ﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻗﻮي ﻋﲆ أن اﻟﺮﻣﺎة ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮن ﻟ »ﻓﺮوق اﻟﺴﻌﺮ« ﰲ ﴐب اﻟﻀﺎرﺑني ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻄﻠﺐ«. 158
دور اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص
ﺛَﻤﱠ َﺔ ﻗﻀﻴﺔ أﺧﺮى ﰲ رﻳﺎﺿﺎت اﻟﺪورﻳﺎت اﻟﻜﱪى ﻫﻲ ﻣﻴﺰة املﺪن اﻟﻜﱪى املﺰﻋﻮﻣﺔ. ﻫﻞ ﺗﺤﻈﻰ ﻓﺮق اﻷﺳﻮاق اﻟﻜﺒرية ﺑﻤﻴﺰ ٍة ﻃﺒﻴﻌﻴ ٍﺔ ﻋﻦ اﻷﻧﺪﻳﺔ ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻟﺼﻐرية؟ ﻳﺸﻜﻮ اﻟﻨﻘﺎد ﻣﻦ أن ﻣﺪﻧًﺎ ﻣﺜﻞ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ،وﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻤﻴﺰات ﺟَ ﻠﻴﺔ ﻋﻦ ُ ﺗﺠﺎﻫﻞ اﻷﺳﻮاق اﻷﻛﺜﺮ ِﺻﻐ ًﺮا ﻣﺜﻞ ﺳﻴﺎﺗﻞ ،وﺳﻴﻨﺴﻴﻨﺎﺗﻲ ،وﺗﺎﻣﺒﺎ .ﻏري أﻧﻬﻢ ﻳﻤﻴﻠﻮن إﱃ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻟﻬﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة؛ ﻓﻔﺮﻳﻖ اﻟﻴﺎﻧﻜﻴﺰ ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻟﻢ ﻳ َُﻔ ْﺰ ﺑﺎملﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻟﻠﺪراﺳﺎت ﻋﲆ ﻣﺪى ١٣ﻋﺎﻣً ﺎ ﺑني ﻋﺎﻣَ ﻲ ١٩٨١و .١٩٩٥ﻏري أن اﻟﺪﻟﻴﻞ واﺿﺢ؛ ً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺤﺠﻢ اﻷﺳﻮاق ،ﻫﻨﺎك ﻣﻴﺰة واﺿﺤﺔ، اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﺮات اﻟﻔﻮز ﻟﻜﻞ ﻣﻮﺳ ٍﻢ ً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ،ﻟﻔﺮق اﻷﺳﻮاق اﻟﻜﺒرية 9 .وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ً ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق ملﻨﻊ اﻷﺳﻮاق اﻟﻜﺒرية ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة ،ﻣﺜﻞ (١) :ﻗﺮﻋﺎت اﻟﱰﺗﻴﺐ اﻟﻌﻜﴘ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺼﻞ أﺳﻮأ اﻟﻔﺮق ﻋﲆ أﻓﻀﻞ اﻟﻼﻋﺒني اﻟﺠﺪد ً أوﻻ (٢) .ﴐﻳﺒﺔ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ً ٍ ﻣﻌﻴﻨﺔ )ﺗﺼﻞ إﱃ ٤٠ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺤﺪدًا ﺑﺪﻓﻊ ﻧﺴﺒ ٍﺔ ﺗُﻠﺰم اﻟﻔِ ﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎوز رواﺗﺐ ﻻﻋﺒﻴﻬﺎ ﺑﺎملﺎﺋﺔ( ﻓﻮق ذﻟﻚ املﺒﻠﻎ ﻟﻼﺗﺤﺎد (٣) .ﺗﻘﺎﺳﻢ اﻹﻳﺮادات؛ ﺑﺤﻴﺚ ﺗُﻤﻨﺢ اﻟﻔِ ﺮق ذات اﻹﻳﺮادات ً أﻣﻮاﻻ أﻛﺜﺮ .املﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أن ﻣُﺤﺎﻓﻆ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﺴﺎﺑﻖ إدوارد »ﻧﻴﺪ« املﻨﺨﻔﻀﺔ ﺟﺮاﻣﻠﻴﺘﺶ ،أﺣﺪ ﻗﺪاﻣﻰ ﻣﺸﺠﻌﻲ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ،ﻛﺎن ﻣﺪﻳﺮ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﻠﺠﻨﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ دوري اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل اﻟﺮﺋﻴﴘ ،وﻫﻲ ﻫﻴﺌﺔ رﻓﻴﻌﺔ املﺴﺘﻮى ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﱪﻧﺎﻣﺞ ﻟﻠﻔﺮق ﻃﺮق ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻔﺮق املﺘﻌﺜﺮة ﻣﺎدﻳٍّﺎ .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٢أوﺻﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ إﻳﺠﺎد ٍ ٍ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ أرﺑﺎﺣﻬﺎ ﻟﻠﻔِ ﺮق اﻷﻓﻘﺮ .وﻗﺪ ﺗﺒﻨﱠﻰ اﺗﺤﺎد اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﻫﺬه اﻷﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ ٍ إﴐاب وﻗﻊ ﰲ ﻋﺎم .١٩٩٤ اﻟﺨﻄﺔ ﻟﺘﻘﺎﺳﻢ اﻹﻳﺮادات ﻋﻘﺐ ٍ ﻏري أن ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳﻨﺘﻘﺪون ﺗﻘﺎﺳﻢ اﻹﻳﺮادات؛ ﻷﻧﻪ ﻳﺨﻠﻖ ﺣﺎﻓ ًﺰا ﺳﻠﺒﻴٍّﺎ ﻟﻠﻔﻮز، »إن رﺑﻂ اﻹﻳﺮادات ﺑﺎﻟﻔﻮز ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺨﻠﻖ ﺣﺎﻓ ًﺰا ﻗﻮﻳٍّﺎ ﻟﻺدارة ﻟﺪﻓﻊ اﻟﻔِ ﺮق اﻟﻔﺎﺋﺰة ﻧﺤﻮ املﻨﺎﻓﺴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻳ ﱢ ﻧﺼﻴﺐ ُﻔﻀﻞ ﻣﺎﻟﻚ إﺣﺪى ﻓﺮق اﻷﺳﻮاق اﻟﺼﻐرية اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ٍ َ اﻟﻌﻴﺶ ﻋﲆ ﻧﻘﻞ اﻟﺜﺮوة ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻋﻦ أن ﻳﻘﻮم ﻣﻦ إﻳﺮادات ﻓِ ﺮق اﻷﺳﻮاق اﻟﻜﺒرية 10 ﻓﺮﻳﻖ ﺟﻴﺪ«. ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ٍ
159
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ
ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫﻨﺮي ﺳﺒﲑﻣﺎن؟ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ
ﻟﺬا ،إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻧﻤﻮذج واﻗﻌﻲ ﻟﺴﺒريﻣﺎن ،ﺗﻈﻞ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﻟﻐ ًﺰا ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱄ ﱠ. ﻫﺮﺑﺮت ﺷﺘﺎﻳﻦ ،ﺗﻤﻬﻴﺪ رواﻳﺔ »ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ« ً ُ ُ وﻗﺮرت ﻗﺮاءة راﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ أﺧﺬت اﻵن ﻧﻨﺘﻘﻞ إﱃ ﳾءٍ ﻣﺮح .ﰲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻴﻒ املﺎﴈ، ٍ رواﻳﺎت ﺑﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ،ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻣﺎرﺷﺎل ﺟﻴﻔﻮﻧﺰ ،وﻫﻮ اﺳﻢ ﻣﺴﺘﻌﺎر ﻟﻮﻳﻠﻴﺎم ﺛﻼث ﺑﺮﻳﺖ وﻛﻴﻨﻴﺚ ﺟﻲ إﻟﺰﻳﻨﺠﺎ ،أﺳﺘﺎذَي اﻟﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺗﺮﻳﻨﻴﺘﻲ ﺑﺴﺎن أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ وﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓريﺟﻴﻨﻴﺎ ،ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ. اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﺳﺎﳼ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰي واﻃﺴﻮن ﻳﻜﻤﻦ ﴎ روﻋﺔ وإﺑﻬﺎر ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻷﺳﻠﻮب اﻹﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺒﺎرع ملﺆﻟﻔﻴﻬﺎ ﰲ دﻣﺞ املﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﻟﺤﻞ ﻟﻐﺰ اﻟﺠﺮاﺋﻢ؛ ﻓﺎملﻨﻔﻌﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ ،وﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﻠﺐ، وﻓﺎﺋﺾ املﺴﺘﻬﻠﻚ ،وﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ،وﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﺮﺑﺢ ،وﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب ،وﻳﺪ آدم ﺳﻤﻴﺚ اﻟﺨﻔﻴﺔ؛ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا ﰲ ﺗﻄﻮﱡر أﺣﺪاث اﻟﻘﺼﺺ واﻹﻣﺴﺎك ﺑﺎملﺠﺮﻣني ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن ،املﺨﱪ اﻟﺒﻄﻞ ،ملﺤﻘﻖ اﻟﴩﻃﺔ املﺤﻠﻴﺔ ﰲ »ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ«: »اﻷﺳﺎﳼ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰي ﻓﻨﺴﻨﺖ .أﻋﻨﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﺳﺎﳼ!«
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
دﻋﻨﻲ أﻗﺪم ﻟﻚ ً ﻣﺜﺎﻻ ﻣﻦ ﻛﻞ رواﻳﺔ ،دون اﻹﻓﺼﺎح ﻋﻦ اﻟﺤﺒﻜﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ .ﰲ »ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ« )ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن١٩٧٨ ،؛ ُ ٍ ورﻗﻲ ﻋﺎم ،(١٩٩٣ ﺑﻐﻼف ﻃﺒﻌﺖ ﱟ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺳﺒريﻣﺎن اﺳﺘﺒﻌﺎد اﻟﺴﻴﺪة ﻓﻮرﺗﻲ ﻛﻤﺸﺘﺒ ٍﻪ ﺑﻬﺎ ﰲ ﻗﺘﻞ زوﺟﻬﺎ؛ ﻷن »أي اﻣﺮأ ٍة ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ أﻓﻀﻞ ً ري ﻣﻦ ﻗﺘﻠﻪ«. ﺣﺎﻻ ﻣﺎدﻳٍّﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻄﻼق ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜ ٍ وﻧﻔﻘﺔ اﻟﺴﻴﺪة ﻓﻮرﺗﻲ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﺳﺘﺘﺠﺎوز اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﻮﻓﺎة اﻟﺘﻲ ً ﺷﺨﺼﺎ آﺧﺮ ﻗﺪ ﻗﺘﻞ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻮﻟﻴﺼﺔ اﻟﺘﺄﻣني ﻋﲆ ﺣﻴﺎة زوﺟﻬﺎ .ﻻ ﺑﺪ أن اﻟﺴﻴﺪ ﻓﻮرﺗﻲ. ﰲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ »اﻟﺘﻮازن املﻤﻴﺖ« )ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ١٩٨٥؛ ﺑﺎﻻﻧﺘﺎﻳﻦ ﺑﻮﻛﺲ ،ﻏﻼف ورﻗﻲ ،(١٩٨٦ ،ﻳﻜﺸﻒ ﺳﺒريﻣﺎن اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ واﻗﻌﺔ ﱟ ﻏﺶ ﰲ ٍ ﻟﺰﻣﻴﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬة ﻫﺎرﻓﺎرد؛ ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻛﺘﺎب اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﺑﺤﺚ ٍ ً إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺗﻨﺘﻬﻚ ﻗﺎﻧﻮن ﻋﻦ أﺳﻌﺎر اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ ﰲ ﺟﺰﻳﺮة ﻧﺎﺋﻴﺔ ،ﻳﻜﺘﺸﻒ ﺳﺒريﻣﺎن ﺗﻌﻈﻴﻢ املﻨﻔﻌﺔ .وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ اﻟﴩﻃﻲ اﻟﴪي أن زﻣﻴﻠﻪ ﻗﺪ ﱠ ﻟﻔﻖ اﻷرﻗﺎم … وﻟﺬﻟﻚ ﺗﻮرط ﰲ ﺟﺮﻳﻤﺔ اﻟﻘﺘﻞ ﻹﺧﻔﺎء ﺑﺤﺜﻪ املﺰﻳﻒ. ﰲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ» ،ﻓﺘﻮر ﻗﺎﺗﻞ« )ﻛﺎرول آﻧﺪ ﺟﺮاف ،(١٩٩٥ ،ﻳﺴﺎق ﺳﺒريﻣﺎن ٍ ﺑﺤﺎﻟﺔ أﻓﻀﻞ ﺑﻨﻔﺲ ﺷﺨﺺ ﻳﺸﱰي ﺳﻴﺎرة ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻮاﻓﺮ ﺳﻴﺎر ٍة أﺧﺮى ﻟﻼﺷﺘﺒﺎه ﰲ ٍ اﻟﺴﻌﺮ ،ﻟﻴﺴﺘﻨﺘﺞ ﺳﺒريﻣﺎن أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن املﺸﺘﺒﻪ ﺑﻪ ﻳُﻘﺪﱢر ﺷﻴﺌًﺎ ﰲ اﻟﺴﻴﺎرة اﻷوﱃ ﻟﺘﱪﻳﺮ اﻟﻔﺎرق اﻟﻨﻘﺪي ﺑني اﻟﺴﻴﺎرﺗني ،وﻳﻘﻮده ذﻟﻚ اﻟﴚء إﱃ اﻟﻘﺎﺗﻞ. اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﺛَﻤﱠ َﺔ ﺳﻤﺔ ﻣﺤﺒﺒﺔ أﺧﺮى ،ﻫﻲ اﻟﺘﺤﻴﱡﺰ ﻟﻠﺴﻮق اﻟﺤﺮة املﻨﺘﴩة ﰲ ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻷﻟﻐﺎز؛ ﻓﺘﺠﺪ ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن داﺋﻢ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺮر اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﻣﻬﺎﺟﻤﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺷﱰاﻛﻲ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺪﻋﻢ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ،واﻟﻼﻣﺴﺎواة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،واملﻨﺎﻓﺴﺔ ﻏري اﻟﴩﻳﻔﺔ ،وﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ. واﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺴﺘﻌني ﺑﺄﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻃﻴﺎف :ﻋﻠﻤﺎء اﻹﻧﺴﺎن، وﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع ،وﺧﱪاء اﻟﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴني ،واﻟﻜﻴﻨﺰﻳني ،واملﺎرﻛﺴﻴني. ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺆﻳﺪ ﻟﻠﺴﻮق اﻟﺤﺮة؟ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن ،ﻫﺬا املﺆﻳﺪ اﻟﺒﺎرز ﻟﻸﺳﻮاق اﻟﺤﺮة؟ ﻳﻮﺻﻒ ﺳﺒريﻣﺎن ﺑﺄﻧﻪ أﺳﺘﺎذ ً رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،واﺑﻨًﺎ ﺟﺎﻣﻌﻲ ﻗﺼري ،أﺻﻠﻊ ،ﻋﻨﻴﺪ ،رث اﻟﺜﻴﺎب ،ﻛﺎن 162
ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن؟
ﻟ »ﻣﻬﺎﺟ َﺮﻳْﻦ ﻳﻬﻮدﻳ ْﱠني ﻣُﻌﺪِﻣَ ْني« .وﻳﻌﱰف ﺑﺮﻳﺖ وإﻟﺰﻳﻨﺠﺎ ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻳﻔﻜﺮان ﰲ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،إﻻ أن ﺳﺒريﻣﺎن ﻗﺎدم ﻣﻦ ﻫﺎرﻓﺎرد ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ .وﻳﻌﻠﻦ ﺳﺒريﻣﺎن ﰲ »ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ« ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﳾء اﺳﻤﻪ اﻟﻌﺸﺎء املﺠﺎﻧﻲ «.وﻣﺜﻞ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،ﻳﺘﺴﻢ ﺳﺒريﻣﺎن ﺑﺄﻧﻪ ﺷﺨﺺ ﻋﺘﻴﻖ اﻟﻄﺮاز ،إذ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻮرﻗﺔ واﻟﻘﻠﻢً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺟﺪل ﻋﲆ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ،ﻟﺤﻞ املﺴﺎﺋﻞ .ﻏري أن ﻣﺤﻮر ﺗﺮﻛﻴﺰ املﺨﱪ اﻟﴪي املﻐﻤﻮر ﻳﻨﺼﺐﱡ ﺑﻼ ٍ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺰﺋﻲ ﺑﺤﻜﻢ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ،وﻟﻴﺲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ أو اﻟﺘﻨﻈري اﻟﺸﺎﻣﻞ. ري ﻣﻦ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﰲ ﻗﺪر ﻛﺒ ٍ ﺳﻮف ﻳﺴﻌﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﻮن ﺑﺈﻳﺠﺎد ٍ ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن ً أﻳﻀﺎ) .أﺷﻜﺮ روﺟﺮ ﺟﺎرﻳﺴﻮن أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أوﺑﺮن ﻋﲆ ﻫﺬه املﻼﺣﻈﺔ (.ﻓﺎملﺨﱪ-اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﻗﺎﻧﻮن ﺳﺎي ،واﻷﺳﻮاق اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،واﻹﻋﻼن، واملﻨﺎﻓﺴﺔ ،واﻟﻨﻘﻮد اﻟﺴﻠﻌﻴﺔ ،وﺣﺘﻰ اﻻزدواﺟﻴﺔ املﻨﻬﺠﻴﺔ .وﻳﻌﻠﻦ ﺳﺒريﻣﺎن أن »اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻜﺎن ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻜﻴﻤﻴﺎء؛ ﻓﺎملﻨﺎﻫﺞ واﻟﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﺎ ﻳﴪي ﰲ ٍ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ« )»اﻟﺘﻮازن املﻤﻴﺖ«( .وﰲ رواﻳﺔ »ﻓﺘﻮر ﻗﺎﺗﻞ« ،ﻳﻠﻘﻲ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻳﴪي ﰲ ٍ ً ﺧﻄﺒﺔ ﻻ ﺗﻠﻘﻰ ً ﻗﺒﻮﻻ أﻣﺎم ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﺗﻨﺒﱠﺄ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻧﻬﻴﺎر اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ »ﻻ ﺗﺘﺴﻖ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻋﻦ دواﻓﻊ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺒﴩي« .وﻣﺜﻞ ﻣﻴﺰس ،اﻟﺬي ﺗﻜﻬﱠ ﻦ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﺤﺴﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻻﺷﱰاﻛﻲ ،ﺗﻌ ﱠﺮض ﺳﺒريﻣﺎن ﻟﻠﺴﺨﺮﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮﻗﻔﻪ املﺘﻄﺮف. أﻗﺮب إﱃ ﺑﻴﻜﺮ ﻏري أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻗﺮاءة اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺜﻼث ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،ﻳﺮاودﻧﻲ ﺷﻌﻮر ﺑﺄن ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن أﻗﺮب إﱃ ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ ﻣﻦ أي ﺷﺨﺼﻴ ٍﺔ أﺧﺮى؛ إذ ﻳﻄﺒﱢﻖ ﺑﻴﻜﺮ ،اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ واﻟﺤﺎﺋﺰ 1 ﺟﺎﺋﺰ َة ﻧﻮﺑﻞ ،ﻋِ ْﻠ َﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ اﻟﺰواج ،واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،وﻏريﻫﻤﺎ ﻣﻦ املﺠﺎﻻت ﻏري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. وﻫﻜﺬا ﻳﻔﻌﻞ ﺳﺒريﻣﺎن اﻟﺬي »ﻳﻘﺤﻢ ﻋﻠﻤﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ ﻋﻠﻢ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ« ،وﻳﻌﻠﻦ أن »اﻟﺤﺐ، ٍ ﻋﺎﻃﻔﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ آﺧﺮﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ،واﻟﱪ ،واﻟﺤﻘﺪ ،أو أي اﻻﻗﺘﺼﺎدي« )»ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ«(. ﻛﺬﻟﻚ ﻳُﺤﺒﱢﺬ ﺳﺒريﻣﺎن ،ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن ﺑﻴﻜﺮ ،ﺗﻌﺮﻳﻒ أﻟﻔﺮﻳﺪ ﻣﺎرﺷﺎل ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﺑﻮﺻﻔﻪ »دراﺳﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﺳﻴﺎق اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎدي«» .ﻛﺎن ﺳﺒريﻣﺎن ﻳﺄﺧﺬ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺠﺪﻳ ٍﺔ ً ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﻪ اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨٍّﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺎره ٍ ﻛﺎﻧﻮا ﻳ َﺮوْن اﻻﻗﺘﺼﺎد ٍّ ﻷﻟﻐﺎز ﻣﺠﺮد ٍة ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻷﺣﺪاث اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ« )»ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺣﻼ ٍ 163
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺗﺪرﻳﺐ ﰲ اﻹﺣﺼﺎء ،وﻳﺪﻣﺞ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ«( .ﻳﻜﺘﺐ املﺆﻟﻔﺎن أن ﺳﺒريﻣﺎن ﺣﺎﺻﻞ ﻋﲆ ٍ َ َ »ﻣﻌﺎﻳريه املﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ« ﻣﻊ »اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ« )»اﻟﺘﻮازن املﻤﻴﺖ«( .وﺛﻤﱠ ﺔ اﺗﺴﺎق ﺑني ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ املﺨﻠﺺ ملﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺰﺋﻲ ﻋﲆ ﺣﻞ املﺸﻜﻼت ﻣﻊ أﺳﻠﻮب ﻋﻤﻞ ﺳﺒريﻣﺎن .ﻗﺪ ﻻ ﻳﺒﺪو ﺷﺒﻴﻬً ﺎ ﺑﺴﺒريﻣﺎن ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﴫﱠف ﻣﺜﻠﻪ. ٍ ٍ وﺑﺎرﻋﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺘﻜﺮ ٍة إن ﺑﺮﻳﺖ وإﻟﺰﻳﻨﺠﺎ َﻟﻴﺴﺘﺤﻘﺎن اﻟﺘﻬﻨﺌﺔ ملﺎ ﻗﺎﻣﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻟﴩح ﻣﺒﺎدئ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة وﺗﻮﺿﻴﺤﻬﺎ .وﻛﺎن املﺮدود ﻣﺒﻬﺠً ﺎ وﻣﺮﺿﻴًﺎ؛ ﻓﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﻴني ﻳﺠﻌﻠﻮن ﻣﻦ »ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ« واﻟﺮواﻳﺘني اﻷﺧﺮﻳني ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءات املﻄﻠﻮﺑﺔ ﰲ ﻓﺼﻮﻟﻬﻢ .وأﻧﺼﺤﻚ ﺑﺄن ﺗﻀﻌﻬﺎ ﻋﲆ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻗﺮاءاﺗﻚ اﻟﺼﻴﻔﻴﺔ. ﻳﺎ ﺣﺒﺬا ﻟﻮ أن ﺑﺮﻳﺖ وإﻟﺰﻳﻨﺠﺎ ﻓ ﱠﻜﺮا ﺑﻌﻘ َﻠﻴْﻬﻤﺎ املﺒﺪﻋَ ْني ﻣﻌً ﺎ ﻟﻠﺨﺮوج ﺑﻤﴪﺣﻴ ٍﺔ ﻋﲆ ﻏﺮار ﻣﴪﺣﻴﺎت ﺑﺮودواي ﺑﻌﻨﻮان »ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻴﺪ اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ«!
164
اﻟﺠﺰء اﻟﺮاﺑﻊ
ﺣﻞ اﳌﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ
ً ﻓﺎﻋﻼ ﰲ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎملﻴﺔ وﺣ ﱢﻠﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﻔﻘﺮ ﻳﻠﻌﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن دو ًرا اﻟﺤﺎد ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وآﺳﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ،واﻟﺘﻠﻮث واﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺒﻴﺌﻲ ،واﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ، ﻣﺆﴍ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. واﻟﻼﻣﺴﺎواة ﰲ اﻟﺪﺧﻞ واﻟﺜﺮوة ،وﺗﺸﻜﻴﻞ ٍ
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ
ﺟﺪل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﻴﺌﻲ ﻛﻮﻛﺐ ﻏﺎﺿﺐ أم ﻋﺎﻟﻢ ﺟﻤﻴﻞ؟
إن اﻟﻮﻋﺪ اﻟﱪاق ﺑﺄﻟﻔﻴ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﺻﺎر ﻗﺎﺗﻤً ﺎ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪات ﻏري املﺴﺒﻮﻗﺔ ملﺴﺘﻘﺒﻞ اﻹﻧﺴﺎن. ﻣﻌﻬﺪ وورﻟﺪووﺗﺶ٢٠٠٢ ،
1
ٍ ﱡ ﺗﺤﺴﻦ. ﺣﺎﻟﺔ ﺟﻴﺪة … وأرى أن اﻷﻣﻮر ﰲ ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ أن اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﺑﻴﻮرن ﻟﻮﻣﺒﻮرج
2
ﻛﺎن ﺑﻴﻮرن ﻟﻮﻣﺒﻮرج ،وﻫﻮ أﺳﺘﺎذ دﻧﻤﺎرﻛﻲ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻹﺣﺼﺎء ،ﻧﺎﺷ ً ﻄﺎ ﺑﻴﺌﻴٍّﺎ وﻋﻀﻮًا ﺑﺠﻤﺎﻋﺔ ً ﻣﺘﻘﺒﻼ ،دون ﺗﻤﺤﻴﺺ ،ﻟﻶراء املﺎﻟﺘﻮﺳﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﱠ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺴﻼم اﻷﺧﴬ ﻟﺴﻨﻮات .وﻛﺎن ﺑﻮل إرﻟﻴﺘﺶ ،وﻟﻴﺴﱰ ﺑﺮاون ،وﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﺜﻞ ﻣﻌﻬﺪ وورﻟﺪووﺗﺶ ،واﻟﺴﻼم اﻷﺧﴬ ،وﺳﻴريا ﻛﻠﻮب ،ﻣﻦ أن ﻣﺨﺰون اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ املﻮارد املﺘﺠﺪدة ،واملﺎء اﻟﻨﻘﻲ ،وأراﴈ اﻟﻐﺎﺑﺎت ،ﺑﺼﺪد اﻟﻨﻔﺎد؛ وأن اﻷرض ﺻﺎرت أﻛﺜﺮ ﺗﻠﻮﺛٍّﺎ؛ وأن ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻳﺰداد زﻳﺎد ًة ﻫﺎﺋﻠﺔ. ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺟﺎء ﺟﻮﻟﻴﺎن ﺳﺎﻳﻤﻮن ،اﻗﺘﺼﺎدي أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺮﻳﻼﻧﺪ ،ﻟﻴﺘﺤﺪﱠى ﻓﻜﺮ ٍ ﺑﺒﻴﺎﻧﺎت ﺗﺪﻋﻢ رأﻳﻪ ﰲ أن اﻟﺤﻴﺎة وأوراق ﺑﺤﺜﻴ ٍﺔ زاﺧﺮ ٍة ﻛﺘﺐ ﻟﻮﻣﺒﻮرج .ﻧﴩ ﺳﺎﻳﻤﻮن ﻋﺪة ٍ ٍ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً أﺷﺨﺎﺻﺎ أﻗﻞ ﺗﺘﱠﺠﻪ إﱃ اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وأن اﻟﻬﻮاء ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪﱢم ﻳﺼري أﻗﻞ ﺗﻠﻮﺛٍّﺎ ،وأن 3 ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ اﻟﺠﻮع ،وأن اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻳﺘﺒﺎﻃﺄ. ﻗﺪﱠم ﺳﺎﻳﻤﻮن ﺣﺠﺘني ﺳﺎﺣﻘﺘني داﺣﻀﺘني ﻟﻠﻤﺘﺸﺎﺋﻤني؛ اﻷوﱃ :أن املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ً اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﲇ ،ﻏري ﻣﺤﺪود ٍة ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﻷن ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ٍ ﱡ ٍ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت إﺿﺎﻓﻴ ٍﺔ واﻟﻠﺠﻮء إﱃ اﻟﺒﺪاﺋﻞ؛ ﻓﺪاﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم روﱠاد ﻳﺤﺾ ﻋﲆ اﻛﺘﺸﺎف ﻟﻠﻨﺪرة اﻷﻋﻤﺎل واملﺨﱰﻋﻮن ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ووﺳﺎﺋ َﻞ ﻟﺨﻔﺾ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺗُﺘﻴﺢ اﻛﺘﺸﺎف وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ املﻮارد .اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أن اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺒرية واملﺘﺰاﻳﺪة ﺗﺆدي إﱃ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﻌﻴﴚﱟ أﻋﲆ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺨﻠﻖ ﻣﺨﺰون املﻌﺮﻓﺔ املﻔﻴﺪة واﻟﻌﻤﱠ ﺎل املﺪرﺑني. ﻗ ﱠﺮر ﻟﻮﻣﺒﻮرج اﺧﺘﺒﺎر إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﺳﺎﻳﻤﻮن؛ ﻓﻘﺎم ﰲ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم ١٩٩٧ﺑﺎﻻﺷﱰاك ﻣﻊ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻃﻼﺑﻪ ﺑﻔﺤﺺ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ ﺳﺎﻳﻤﻮن ،وﺧﻠﺼﻮا إﱃ أن ﺳﺎﻳﻤﻮن ﻛﺎن ﻋﲆ ﺣﻖ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻗﺎم ﻟﻮﻣﺒﻮرج ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ املﺴﺎر وﻧﴩ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠١ﰲ ﻛﺘﺎب َ ﻏﻀﺐ ﺑني أوﺳﺎط أﻧﺼﺎر اﻟﺒﻴﺌﺔ .وﻛﺎن ﻟﻜﺘﺎﺑﻪ ﺗﺄﺛري ﻋﺎﺻﻔﺔ »اﻟﺒﻴﺌﻲ املﺘﺸﻜﻚ« اﻟﺬي أﺛﺎر ٍ وﺻﻞ إﱃ ﺣﺪ أن ﻗﺎﻣﺖ ﻣﺠﻠﺔ »ﺗﺎﻳﻢ« ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر ﻟﻮﻣﺒﻮرج ﻛﻮاﺣ ٍﺪ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﺎﺋﺔ ﺷﺨﺼﻴ ٍﺔ ﻣﺆﺛﺮ ٍة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. واﻵن ﻳﻨﻀﻢ ﻟﻮﻣﺒﻮرج إﱃ ﺳﺎﻳﻤﻮن ﰲ ﺗﻔﻨﻴﺪ ﻣﻌﻈﻢ ادﻋﺎءات أﻧﺼﺎر اﻟﺒﻴﺌﺔ املﺘﺸﺎﺋﻤني؛ ﻓﻴﻔﻴﺪ ﻟﻮﻣﺒﻮرج ﺑﺄن اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺰاﻳﺪت ﻣﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وأن ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻗﺪ وﺻﻞ إﱃ ذروﺗﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٦٤وأﺧﺬ ﰲ اﻻﻧﺤﺪار ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني ،وأن ٠٫٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع ﻗﺪ اﻧﻘﺮض ﺧﻼل اﻟﺨﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ املﻨﴫﻣﺔ ،وأن ﻋﺪدًا أﻗﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺤﺮوم ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ املﻴﺎه ،وأن ﻣﻌﺪل اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮاض ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وأن ﻋﺪد اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ املﻌﺪﻳﺔ ﻻ ﻳﺰال اﻧﺨﻔﺎض ً أﻳﻀﺎ ،وأن ﺗﻠﻮث اﻟﻬﻮاء ﻳﻘﻞ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻧﺤﺎء ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎ ﱟد ﰲ اﻟﻔﻘﺮ/اﻟﺠﻮع ٍ ٍ اﻟﻌﺎﻟﻢ. دﺣﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ً أﻳﻀﺎ اﻟﺨﺮاﻓﺔ اﻟﺸﻬرية اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن اﻟﺘﻄﻮﱡر اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ اﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺒﻴﺌﻲ؛ ﻓﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ اﻟﻌﻜﺲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري .وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻟﻮﻣﺒﻮرج» :ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻊ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺒﻴﺌﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻓﻔﻘﻂ ﺣني ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻷﺛﺮﻳﺎء 4 ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺤﻤﱡ ﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ«.
170
ﺟﺪل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﻴﺌﻲ
ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري؟ وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري ،ذﻟﻚ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ أن أﺳﻠﻮﺑﻨﺎ املﻌﻴﴚ ذا اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺮأﺳﻤﺎﱄ ﻳ ﱢ ُﻐري املﻨﺎخ وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻠﺤﻖ ﴐ ًرا ﻣﺴﺘﺪﻳﻤً ﺎ ﺑﻨﻈﺎﻣﻨﺎ اﻟﺒﻴﺌﻲ؟ اﻷدﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﻋﲆ أن درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺗﺰاﻳ ٍﺪ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،وﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ اﻷﺳﺌﻠﺔ :ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ﻳُﻌﺰى إﱃ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﻣﺎ أﻓﻀﻞ إﺟﺮاءٍ ﻳﻤﻜﻦ اﺗﺨﺎذه؟ أوﺿﺢ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي أن اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ 5 ً ري ﻣﻦ دﻓﻊ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري. اﻟﻜﺮﺑﻮن ﺳﻴﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺑﻜﺜ ٍ ﰲ أﺣﺪث ﻛﺘﺒﻪ» ،اﻫﺪءوا« ،ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻮﻣﺒﻮرج إﱃ أن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات املﻌﻘﺪة واملﻜﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﱪ اﻵن أﻧﻬﺎ ﺗﻮﻗﻒ اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري ﺳﻮف ﺗﺘﻜﻠﻒ ﻣﺌﺎت املﻠﻴﺎرات ﻣﻦ ً ٍ ٍ اﻓﱰاﺿﺎت ﻋﻠﻤﻴ ٍﺔ ﺑﺤﺘﺔ، اﻓﱰاﺿﺎت ﻋﺎﻃﻔﻴ ٍﺔ وﻟﻴﺲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺪوﻻرات ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﻣﺤﺪود ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﲆ ﺣﺮارة اﻷرض ملﺌﺎت اﻟﺴﻨني .وﻳﺨﻠﺺ إﱃ أﻧﻬﺎ »ﺻﻔﻘﺔ ﺳﻴﺌﺔ« .وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻨﻘﺎش ﻃﺎﺑﻌً ﺎ اﻧﻔﻌﺎﻟﻴٍّﺎ وﺣﺎدٍّا؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﺷﺨﺺ ﻣﻨﺎخ ﻋﻦ أي ٍ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻮل ،ﻳﴪد ﻟﻮﻣﺒﻮرج ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻣَ ﻦ ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﲆ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻠﻤﺎء ٍ ﻳُﻔﻨﱢﺪ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ املﻘﺪﺳﺔ ،ﻣﻮﺿﺤً ﺎ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻄﺎﺑﻊ املﻔﺘﻘﺪ إﱃ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻠﺠﺪل ً ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻔﺼﻴﲇ ﱟ ملﺎذا ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻣﻮﻗﻔﺎ أﻗﻞ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ ،ﻣﻮﺿﺤً ﺎ اﻟﺤﺎﱄ .أﻣﺎ ﻟﻮﻣﺒﻮرج ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻴﺘﺨﺬ ٍ ٍ ٍ ﺧﺮاﻓﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ملﻮاﺟﻬﺔ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺎﻧﻴﻬﺎ .وﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻹﺟﻬﺎز ﻋﲆ اﻟﻨﱪة اﻟﻬﺴﺘريﻳﺔ ﻏري ﺗُﻌ ﱢﺮض ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﻄﺒني ﻟﻠﺨﻄﺮ .ﻳﻨﺎﻗﺶ ﻟﻮﻣﺒﻮرج اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ،ﻣﻮردًا ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﺼﺎدر ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ آل ﺟﻮر ﺣﺘﻰ »اﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﱪﻳﺔ« ،ﺛﻢ ﻣﻮﺿﺤً ﺎ أن ﺳﻜﺎن اﻟﻘﻄﺒني ﻗﺪ ﺗﺰاﻳﺪوا ﺑﻤﻘﺪار اﻟﻀﻌﻒ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ. ﱡ اﻟﺘﻐري املﻨﺎﺧﻲ أﻣﺮ واﻗﻊ وﺣﻘﻴﻘﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻨﻬﺠﻪ املﺴﺘﻨﺪ إﱃ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻟﻮﻣﺒﻮرج ﺑﻘﻮ ٍة أن ً ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺒﺪء ﺑﺄﻛﺜﺮ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﻘﻮده إﱃ ﺣ ﱟﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ؛ ً ﺟﺬرﻳﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴريات اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ املﺪى ،ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻮﻣﺒﻮرج إﱃ أﻧﻨﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ً أوﻻ أن ﻧُﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ ﻣﻮاردﻧﺎ ٍ إﻣﺪادات ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎملﺨﺎوف اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ اﻟﺘﺄﺧري ،ﻣﺜﻞ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ املﻼرﻳﺎ واﻹﻳﺪز ،وﺗﺄﻣني ٍ ٍ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ﻟﻠﻤﻴﺎه اﻟﻨﻘﻴﺔ اﻵﻣﻨﺔ واملﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ وﻫﻲ املﺨﺎوف اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ 6 ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وإﻧﻘﺎذ ﻣﻼﻳني اﻷرواح ﺧﻼل ﻓﱰة ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ.
171
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻮﻻﻳﺔ املﻠﻮﺛﺔ :ﻣﺄﺳﺎة املﺸﺎﻋﺎت ﺷﺪد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ »اﻟﻔﺸﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ« ﰲ اﻟﺠﺪل ﺣﻮل اﻟﺒﻴﺌﺔ؛ ﻓﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗُﻈﻬﺮ أن اﻟﺪول اﻷﻗﻞ ﺗﻘﺪﻣً ﺎ ،وﻓﻴﻬﺎ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺗﻠﻮث أﻛﱪ ،وﻣﻌﺎﻳري ﺻﺤﻴﺔ أﻗﻞ ،وﻣﺨﺎﻃﺮ ﺑﻴﺌﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ .وﻳﺸري اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺎن ٍ أﻣﺜﻠﺔ ﻣﺘﻌﺪد ٍة ﻟﺴﻮء اﻹدارة اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ ﻓﺎملﺘﻨﺰﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺗريي أﻧﺪرﺳﻮن ودوﻧﺎﻟﺪ ﻟﻴﻞ إﱃ ُ إﻫﻤﺎل ﺷﺪﻳﺪ ،وﻫﻴﺌﺔ املﺘﻨﺰﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﺎﻹﴎاف ﻣﺜﻞ ﻳﻠﻮﺳﺘﻮن ﻏﺎرﻗﺔ ﰲ ٍ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق )إذ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺒﻨﺎء ﻣﺒﻨًﻰ إﺿﺎﰲ ﱟ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ٣٣٠أﻟﻒ دوﻻر( ،واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ دﻣﱠ ﺮت ﻣﺼﺎﺋﺪ أﺳﻤﺎك اﻟﻘﺪ ،ﰲ ﺣني أﺟﱪت ﺣﻜﻮﻣﺘﺎ اﻟﱪازﻳﻞ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﺣﺮق 7 ً ﻋﺮﻳﻘﺔ ﰲ ٍ ٍ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ زراﻋﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ. ﻏﺎﺑﺎت ﻣﻄري ٍة ﻛﺎﻧﺖ ً ﻗﺪﱠم اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺣﻠﻮﻻ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻠﻮث واﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺒﻴﺌﻲ .إﺣﺪى املﺸﻜﻼت ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﻣﺄﺳﺎة املﺸﺎع« .ﰲ أﺣﺪ أﻋﺪاد ﻣﺠﻠﺔ »ﺳﺎﻳﻨﺲ« ﻟﻌﺎم ،١٩٦٨ﻛﺘﺐ ﺟﺎرﻳﺖ ﻫﺎردن ،أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ املﺘﻔﺮغ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﺑﺴﺎﻧﺘﺎ ﺑﺎرﺑﺮاً ، ﻣﻘﺎﻻ ﻣﺒﺪﻋً ﺎ ذﻫﺐ ﻓﻴﻪ إﱃ أن أي ﻣﻮر ٍد ﻳﻜﻮن ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻔﺮط اﻻﺳﺘﻐﻼل ﺣني ﻳﻜﻮن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ وﻟﻴﺲ ﻷﻓﺮادٍ ﺑﻌﻴﻨﻬﻢ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺣﺪ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻣﺮﻋً ﻰ ﻣﺎ ،ﻳﻜﻮن ﻟﺪى ﻛﻞ ﺣﻴﻮان آﺧﺮ إﱃ اﻟﻘﻄﻴﻊ إﱃ أن ﺗُﺴﺘﻨﺰف اﻷرض .ﺑﺎملﺜﻞ ،إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺣﺪ راع ﺣﺎﻓﺰ ﻹﺿﺎﻓﺔ ٍ ٍ ً أﺷﺠﺎر ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻏﺎﺑﺔ ﻣﺎ ،ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺪى أﺣﺪ ﺣﺎﻓﺰ ﻟﺰراﻋﺔ ٍ 8 ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ» ،ﺗﺠﻠﺐ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﻮر ٍد ﻣﺸﱰكٍ اﻟﺪﻣﺎ َر ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ«. ﺣﺼﺎد ﺛﻤﺎرﻫﺎ. و ِﺑﻨﺎءً ﻋﻠﻴﻪ ،ﻳﺨﻠﻖ ﻏﻴﺎب ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ وأﺳﻌﺎر اﻟﺴﻮق »ﻣﺄﺳﺎة املﺸﺎع«؛ اﻟﺘﻠﻮث ﻏري اﻟﴬوري ،اﻧﻘﺮاض اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،ﺗﺪﻣري اﻟﻐﺎﺑﺎت ،اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ اﻟﺴﻄﺤﻲ ،وﻏري ذﻟﻚ .ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗُﺤﺒﱢﺬ اﻟﻘﻮاﻧني واﻟﻠﻮاﺋﺢ ﻛﺤ ﱟﻞ ،إﻻ أن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺣﺜﱡﻮا ﻋﲆ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺣﻘﻮق أﺳﻌﺎر ﻣﺼﺎﺣﺒ ٍﺔ ﰲ املﺎء ،واﻟﺼﻴﺪ ،وأراﴈ اﻟﻐﺎﺑﺎت، واﺿﺢ وﺣﺮﻛﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﻜﻴ ٍﺔ ﻣﺤﺪد ٍة ٍ ٍ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻮازن. ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺴﻨﱠﻰ ﻟﻠﻤ ﱠُﻼك املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ ﻫﺬه املﻮارد وﺗﺠﺪﻳﺪﻫﺎ ٍ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت واﻻﺗﱢﺠﺎر ﺑﻬﺎ أم ﴐﻳﺒﺔ اﻟﻜﺮﺑﻮن؟ ﰲ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻟﻌﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن دو ًرا ﻛﺒريًا ﰲ ﺗﻤﺮﻳﺮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻬﻮاء اﻟﻨﻘﻲ ﻟﻌﺎم ،١٩٩٠اﻟﺬي أرﳻ ﻧﻈﺎم »اﻻﺗﺠﺎر ﰲ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت« ﻷول ﻣﺮ ٍة ﻓﻘﺪ أرﳻ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻬﻮاء اﻟﻨﻘﻲ أول ﻧﻈﺎ ٍم ﻟ »اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎﺛﺎت واﻻﺗﺠﺎر ﺑﻬﺎ« وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف اﻟﺘﻘﻠﻴﻞ 172
ﺟﺪل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﻴﺌﻲ
ﻣﻦ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﱪﻳﺖ ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ املﺴﺒﱢﺐ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻤﻄﺮ اﻟﺤﻤﴤ .ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻧﻈﺎم »اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎﺛﺎت واﻻﺗﺠﺎر ﺑﻬﺎ« ﻋﲆ ﻗﻮة اﻟﺴﻮق ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﻏﺎزات اﻟﺪﻓﻴﺌﺔ ٍ وﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ ،ﻳﺨﻠﻖ اﻻﺗﺠﺎر ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ. ﻣﺮن وذي ﺑﺄﺳﻠﻮب واﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻷﺧﺮى ٍ ٍ ٍ ﺑﺎﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﺣﺎﻓ ًﺰا ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث. وإﻟﻴﻚ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺳري ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم؛ ً أوﻻ :ﺗﺘﻮﱃ وﻛﺎﻟﺔ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ وﺿﻊ ﺣ ﱟﺪ )»اﻟﺤﺪ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ أو اﻷﻗﴡ«( ﻋﲆ ﻛ ﱢﻢ اﻟﺘﻠﻮث املﺴﻤﻮح ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت املﺴﻤﻮح ﺑﻬﺎ ﺑﻤﻘﺘﴣ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ اﻟﺠﺪﻳﺪ إﱃ ﺗﺮاﺧﻴﺺ ﻓﺮدﻳﺔ — ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﻌﺎدل ﻃﻨٍّﺎ ﻣﻦ املﻠﻮﺛﺎت — ﺗُﻤﺜﱢﻞ اﻟﺤﻖ ﰲ إﻃﻼق ﻫﺬا اﻟﻜ ﱢﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺼﺒﺢ ﻟﻠﴩﻛﺎت ﺣﺮﻳﺔ ﴍاء وﺑﻴﻊ اﻟﱰاﺧﻴﺺ )»اﻻﺗﺠﺎر«( ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري .وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﴩﻛﺎت ذات اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻷﻗﻞ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎث أن ﺗﺒﻴﻊ ﺗﺮاﺧﻴﺼﻬﺎ ﻟﻠﴩﻛﺎت ذات اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻷﻋﲆ. ً إﺟﻤﺎﻻ؟ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﺗﺮاﺧﻴﺺ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺸﺠﻊ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺧﻔﺾ اﻟﺘﻠﻮث ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ، املﺸﱰي واﻟﺒﺎﺋﻊ ﻣﻦ ﺧﻔﺾ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺘﻠﻮث .ﻓﺈذا ﻛﺎن املﺼﻨﻊ )أ( ﻳُﺤﺪِث ﺗﻠﻮﺛٍّﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ املﺤﺪد ،ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺑﻴﻊ ﺗﺮاﺧﻴﺼﻪ ﻟﻠﻤﺼﻨﻊ )ب( ذي اﻟﺘﻠﻮث اﻟﻌﺎﱄ .وﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻔﺾ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎﺗﻪ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺼﻨﻊ )أ( ﺑﻴﻊ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﱰاﺧﻴﺺ .وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺼﻨﻊ )ب( ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎﺗﻪ ،ﴍاء ﺗﺮاﺧﻴﺺ أﻗﻞ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻮﻓري املﺎل .وﻫﻜﺬا ﻳﻔﻮز اﻻﺛﻨﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث. ً ً وﻫﻜﺬا ﻳﻤﺎرس ﻧﻈﺎم اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ واﻻﺗﺠﺎر ﺑﺎﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﺿﻐﻄﺎ ﻣﺘﻮاﺻﻼ ﻋﲆ املﻠﻮﺛني وﻳﺨﻠﻖ ﺣﺎﻓ ًﺰا ﻣﺎدﻳٍّﺎ ﻟﻠﴩﻛﺎت ﻟﺘﺒﻨﱢﻲ أو اﺑﺘﻜﺎر ﺗﻘﻨﻴ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث ﺗﻔﻲ ﺑﺄﻫﺪاﻓﻬﻢ وﻓﻌﺎل اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ .وﻗﺪ أﺛﺒﺖ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻣﺒﺘﻜﺮ ﺑﺄﺳﻠﻮب أو ﺗﺘﺠﺎوزﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ِ ٍ ٍ ٍ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﺑﻴﺌﻴٍّﺎ واﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ؛ إذ ﻳﺤﺪ ﻣﻦ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﱪﻳﺖ ﺑﻨﺴﺒ ٍﺔ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ املﺘﻮﻗﻌﺔ .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،اﻗﺘﺤﻤﺖ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل ﴍاء وﺳﺤﺐ اﺋﺘﻤﺎﻧﺎت اﻟﺘﻠﻮث؛ وﺑﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺗﺆدي دورﻫﺎ ﰲ ﺧﻔﺾ إﺟﻤﺎﱄ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ورﻓﻊ ﺳﻌﺮ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﺎت املﺘﺒﻘﻴﺔ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻄﻠﺐ .ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﴩﻛﺎت ً أﻳﻀﺎ ﺑﺴﺤﺐ ٍ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻴﺌﻴ ٍﺔ ﻏري رﺑﺤﻴ ٍﺔ ﻣﺴﺘﻔﻴﺪ ًة اﺋﺘﻤﺎﻧﺎت اﻟﺘﻠﻮث اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﱪع ﺑﻬﺎ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﴐﻳﺒﻲ. ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ٍ ﻗﺎم اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ وﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ً أﻳﻀﺎ ﺑﺘﺼﻤﻴﻢ ﻧﻈﻤﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻠﺤﺪ اﻷﻗﴡ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻇﻬﺮت ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺻﺤﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ واﻻﺗﺠﺎر ﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن؛ 173
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ ﺗﺠﺎرة اﺋﺘﻤﺎﻧﺎت اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت .وﺻﻌﺪت اﻟﺒﻮرﺻﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﺻﻌﻮدًا ﻛﺒريًا ﰲ ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻷﺳﻬﻢ ﺑﻮرﺻﺔ املﻨﺎخ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻫﻲ اﻟﴩﻛﺔ اﻷم اﻟﻘﻴﻤﺔ؛ ﻣﻤﺎ أدى إﱃ ﺻﻌﻮ ٍد ٍ ﻟﻠﺒﻮرﺻﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ وﻳﻘﻊ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﰲ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺎن ،ﰲ ﺑﻮرﺻﺔ ﻟﻨﺪن ﻟﻸﺳﻬﻢ .وﻗﺪ ﻗﻔﺰ إﺟﻤﺎﱄ ﻋﻘﻮد اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﰲ اﻟﺒﻮرﺻﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻣﻦ ٩٤٫٣ﻣﻠﻴﻮن ﱟ ﻃﻦ ﻣﱰيﱟ ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٥ إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٦٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﱟ ﻃﻦ ﻣﱰيﱟ ﰲ ﻋﺎم .٢٠٠٧ وﻗﺪ اﻧﺘﻘﺪت ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻧﻈﺎم اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ واﻻﺗﺠﺎر ﻣﻀﻤﻮن ﰲ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺄﻫﺪاف ﺧﻔﺾ اﻟﺘﻠﻮث .وﻗﺪ ﺻﺎر ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﻘﻠﺐ وﻏري ٍ املﺘﺤﺪة ﺗﺮاﺧﻴﺺ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺗﺠﺎر واﻟﺘﺪاول ﻟﺜﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﱪﻳﺖ ﻣﻨﺬ أواﺳﻂ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ أﺳﻌﺎرﻫﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٤٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﻌﺎم .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺘﻘﻠﺐ اﻟﺤﺎد ﰲ اﻷﺳﻌﺎر أن ﻳﺮدع اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺨﴬاء .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ٍ ﻋﺎﺋﺪات ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن إﱃ ذﻟﻚ ،ﻻ ﻳﻮﻓﺮ ﻧﻈﺎم اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ واﻻﺗﺠﺎر أي ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﰲ ﺧﻔﺾ ﴐاﺋﺐَ أﺧﺮى ﺑﻼ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ .وﻳﻔﻀﻞ املﻨﺘﻘﺪون ﻓﺮض ﴐﻳﺒﺔ ﻛﺮﺑﻮن ﻣﺒﺎﴍة ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت .وﺣﺘﻰ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻜﻼت؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪى ﺻﻨﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﴐﻳﺒﺔ ﻣُﺜﲆ؟ ﻟﻘﺪ ﺣﺬر اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻨﻤﺴﺎوي ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﻫﺎﻳﻚ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ،إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ ٍ ﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳ ٍﺔ أن ﺗﻌﺮف املﺴﺘﻮى اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎﺛﺎت واملﻌﺪل اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﴬﻳﺒﺔ. ً ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻟﻘﺪ ﻗﻄﻌﺖ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﰲ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﺷﻮ ً ﻃﻮﻳﻼ ﰲ ﺑﻴﺎن ﻃﺎ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺳﺘﺒﺪال ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺑﻴ ٍﺪ ﺧﻔﻴ ٍﺔ أﻛﺜﺮ اﺧﴬا ًرا .واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﻣﺜﻞ ﻣﺮﻛﺰ أﺑﺤﺎث املﻠﻜﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌﺔ ،وﻣﻌﻬﺪ املﴩوﻋﺎت اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ؛ ﻗﺪ ﺗﺤﺪى ﺳﻴﻄﺮة وﻫﻴﻤﻨﺔ ﻣﻨﻈﻤﺘَﻲ ﺳﻴريا ﻛﻠﻮب واﻟﺴﻼم اﻷﺧﴬ 9 .إن ﻳﻮم اﻷرض ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻛﻌﻬﺪه أﺑﺪًا.
174
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﴩون
اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺪﺧﻠﻮن اﻟﺠﺪل املﺎﻟﺘﻮﳼ
اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ أﺧﻄﺮ ﺗﻬﺪﻳ ٍﺪ ﻟﺴﻌﺎدة اﻹﻧﺴﺎن وﺗﻘﺪﱡﻣﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﱰة اﻟﺤﺮﺟﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﺟﻮﻟﻴﺎن ﻫﻜﺴﲇ )(١٩٦٢
1
ﰲ ﻋﺎم ،١٩٦٨ﻧﴩت ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺳﻴريا ﻛﻠﻮب ﻛﺘﺎﺑًﺎ دق ﻧﺎﻗﻮس اﻟﺨﻄﺮ ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺷﺎبﱟ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد ،ﻫﻮ ﺑﻮل إرﻟﻴﺘﺶ .وﺻﻒ إرﻟﻴﺘﺶ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ« ،ﻟﻌﺎﻟ ٍﻢ ﱟ ً ﻣﺨﻴﻔﺎ ،ﻣﺤﺬ ٍّرا ﻣﻦ أﻧﻪ »ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ املﺘﺄﺧﺮ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﴚءٍ أن ﻳﻤﻨﻊ ﺣﺪوث ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮ زﻳﺎد ٍة ﻛﺒري ٍة ﰲ ﻣﻌﺪل اﻟﻮﻓﻴﺎت اﻟﻌﺎملﻲ … ﻓﻔﻲ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ]اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ[ ﺳﻮف ﻳﺘﻌﺮض اﻟﻌﺎﻟﻢ ملﺠﺎﻋﺎت؛ وﻣﺌﺎت املﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻼت ﺳﻮف ﺗﺘﻀﻮﱠر ﺟﻮﻋً ﺎ ﺣﺘﻰ املﻮت «.ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺠﻠﺐ ﻫﺬه اﻟﻜﺎرﺛﺔ؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن إﻳﺮﻟﻴﺘﺶ ﻳﺘﺤﺪث ﺑﺎﻟﻨﱪة املﺎﻟﺘﻮﺳﻴﺔ: »ﻻ ﺑﺪ أن ﻧﺘﺨﺬ إﺟﺮاءً ﻣﻦ أﺟﻞ إدراك اﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺬي ﻟﺤﻖ ﺑﺒﻴﺌﺘﻨﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳُﻠﺤِ ﻖ اﻟﻀﻐ ُ ﻂ ﺗﻮازن ﺑني ﻣﻌﺪل املﻮاﻟﻴﺪ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﺑﻜﻮﻛﺒﻨﺎ دﻣﺎ ًرا ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ .ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ إﺣﺪاث ٍ 2 وﻣﻌﺪل اﻟﻮﻓﻴﺎت وإﻻ ﻓﺴﻴﺬﻫﺐ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﴩي ﰲ ﻃﻲ اﻟﻨﺴﻴﺎن«. اﻟﻮﻋﻲ ﺑﻘﻀﻴ ٍﺔ ﺟﺬﺑﺖ اﻧﺘﺒﺎه اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ،واملﺆﺳﺴﺎت، ﻟﻘﺪ أﺛﺎر إرﻟﻴﺘﺶ وﺳﻴريا ﻛﻠﻮب َ واﻟﺮاﻏﺒني ﰲ إﺻﻼح اﻟﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﺛﺮﻳﺎء ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻜﺎن ،أﻻ وﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ اﻟﺪول ذات ﻣﻌﺪﻻت املﻮاﻟﻴﺪ املﺮﺗﻔﻌﺔ .وذﻫﺐ إرﻟﻴﺘﺶ ورﻓﺎﻗﻪ إﱃ أن
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﺗُﺸ ﱢﻜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪًا؛ إذ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻗﺪ ًرا ً ﻫﺎﺋﻼ ﻣﻦ املﻮارد اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ،وﺗُﺪﻣﱢ ﺮ اﻟﱪﱢﻳﺔ ،وﺗﻘﻄﻊ ﻗﺪ ًرا ً ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر ،وﺗُﻠﻮث اﻟﺒﻴﺌﺔ .وﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ، ﺣﺬا إرﻟﻴﺘﺶ ﺣﺬو اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺴﻴﺎﳼ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﺗﻮﻣﺎس روﺑﺮت ﻣﺎﻟﺘﻮس — ﺳﻴﺎﳼ ﻳﺜري ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ — ﺣني ﻋ ﱠﺮف »أزﻣﺔ اﻟﻐﺬاء-اﻟﺴﻜﺎن« أول اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﱟ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ املﺘﺴﺎرع، ﺣﻴﺚ »ﻳﺘﺨﻠﻒ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﰲ اﻟﺪول اﻟﻔﻘرية ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ … ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ املﺠﺎﻋﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺒﺪو وﻳﺨﻠﺪ اﻟﻨﺎس إﱃ اﻟﻨﻮم وﻫﻢ أﻛﺜﺮ ﺟﻮﻋً ﺎ 3 أﻣ ًﺮا ﺣﺘﻤﻴٍّﺎ«. أول ﻣﻦ ﻧﺒﱠﻪ ﻟﻠﺨﻄﺮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ :اﻷب ﻣﺎﻟﺘﻮس ﻛﺎن ﺗﻮﻣﺎس روﺑﺮت ﻣﺎﻟﺘﻮس )َ (١٨٣٤–١٧٦٦ﻗ ٍّﺴﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴٍّﺎ ﻗﺎم ﰲ ﻋﺎم ،١٧٩٨ﰲ ﺳﻦ ﻋﻤﻞ ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﻘﺎل ﻋﻦ اﻟﺴﻜﺎن« دون ذﻛﺮ اﺳﻢ املﺆﻟﻒ ،وﻓﻴﻪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﻼﺛني ،ﺑﻨﴩ ٍ ٍ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺳﻜﺎﻧﻴ ٍﺔ داﺋﻤﺔ اﻟﻨﻤﻮ .وﻗﺪ ﺳﺎﻫﻢ زﻋﻢ أن ﻣﻮارد اﻷرض ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻮاﻛﺐ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺬي ﻳﺒﻌﺚ ﻋﲆ اﻟﺘﺸﺎؤم ﰲ ﺗﻐﻴري املﺸﻬﺪ ﻋﲆ ﺳﺎﺣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟﻸﺑﺪ، وﴎﻋﺎن ﻣﺎ أﺟﻬﺾ ﻧﻈﺮة آدم ﺳﻤﻴﺚ ،وﺟﻴﻪ ﺑﻲ ﺳﺎي ،وﺑﻨﺠﺎﻣني ﻓﺮاﻧﻜﻠني ،وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻔﻜﺮي ﻋﴫ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ؛ ﻓﻘﺪ أﻛﺪ ﻣﺎﻟﺘﻮس أن اﻟﻀﻐﻮط ﻋﲆ املﻮارد املﺤﺪودة داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻜﺎﺳﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﴩ ﻋﲆ ﻣﻘﺮﺑ ٍﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻜﻔﺎف. ﻛﺎن ملﺎﻟﺘﻮس ﺗﺄﺛري ﻗﻮي ﻋﲆ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺘﱪ ﻣﺆﺳﺲ ﻋﻠﻢ اﻟﺴﻜﺎن واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ،وﻣﻌﱰَف ﺑﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺮﺷﺪًا وﻣﻌﻠﻤً ﺎ ﻟﻠﻤﻬﻨﺪﺳني اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴني املﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﻠﺘﺤﻜﻢ اﻟﺼﺎرم ﰲ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ووﺿﻊ ﺣﺪو ٍد ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﻳﱪز ﻣﻘﺎﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻜﺌﻴﺒﺔ واﻟﻘﺪرﻳﺔ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واملﺼﻠﺤني اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴني ً ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻀﻐﻮط اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻨﺒﺌﻮن ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ،واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،واملﺠﺎﻋﺎت ،واﻟﺤﺮوب ،واﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺒﻴﺌﻲ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﲆ املﻮارد .ﺑﻞ إﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺼﺪر إﻟﻬﺎ ٍم ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺗﺸﺎرﻟﺰ دارون ﻟﻠﺘﻄﻮر اﻟﻌﻀﻮي، اﻟﺘﻲ ﺗُ ﱢﺒني ﻛﻴﻒ أن املﻮارد املﺤﺪودة اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻏري ﻣﺤﺪود ٍة ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺨﻠﻖ ﻗﻮة اﻻﻧﺘﻘﺎء اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وﺑﻘﺎء اﻷﻗﻮى .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻨﺢ اﻟﺘﺸﺎؤم اﻟﻘﺪري ملﺎﻟﺘﻮس )وﺻﺪﻳﻘﻪ دﻳﻔﻴﺪ رﻳﻜﺎردو( اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﺳﻤﻌﺘَﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ »ﻋﻠﻢ ﻛﺌﻴﺐ«. ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻣﺘﻨﺎ ٍه ﻣﻦ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ أﻃﺮوﺣﺔ ﻣﺎﻟﺘﻮس اﻟﺘﺸﺎؤﻣﻴﺔ ﰲ أن »ﻗﺪرة اﻟﺴﻜﺎن أﻋﻈﻢ ٍ ﻗﺪرة اﻷرض ﻋﲆ ﺧﻠﻖ اﻟﻜﻔﺎف ﻟﻺﻧﺴﺎن«؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ُﻗﺪﱢر ﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺒﴩ أن ﻳﺤﻴَﻮْا وﺟﻮدًا ﻫﻮﺑﺰﻳٍّﺎ 4 .وﻗﺪ ﺣﺪﱠد ﻛﺘﺎﺑُﻪ ﻗﺎﻧﻮﻧني أﺳﺎﺳﻴني ﻣﻦ »ﻗﻮاﻧني اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ«» :اﻷول أن اﻟﺴﻜﺎن 176
اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ
ﻳﻨﺰﻋﻮن إﱃ اﻟﺰﻳﺎدة وﻓﻖ ﻣﺘﻮاﻟﻴ ٍﺔ ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ) (… ٣٢ ،١٦ ،٨ ،٤ ،٢ ،١واﻟﺜﺎﻧﻲ أن إﻧﺘﺎج اﻟﻄﻌﺎم )املﻮارد( ﻳﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺰﻳﺎدة ﺑﻤﺘﻮاﻟﻴ ٍﺔ ﺣﺴﺎﺑﻴﺔ ) (… ٥ ،٤ ،٣ ،٢ ،١ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ وﺳﺎﺋﻞ دﻋﻢ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﴩﻳﺔ »ﻣﺤﺪودة ﺑﻨﺪرة اﻷرض« و»اﻟﻨﺰﻋﺔ املﺴﺘﻤﺮة ﻟﺘﻘﻠﻴﺺ« ﺗﻮاﻓﺮ املﻮارد، ً ً ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻣﻦ أزﻣﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ إﺷﺎر ًة إﱃ ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﻌﺎﺋﺪات .وﺳﻮف ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ 5 ﺳﻜﺎن ﻳﺘﻨﺎﻣَ ﻮْن. ﺗﻔﻲ ﻣﻮارد اﻷرض ،ﻋﲆ أﺛﺮﻫﺎ ،ﺑﻤﺘﻄﻠﺒﺎت »اﻟﺒﺆس واﻟﺮذﻳﻠﺔ« ﻟﻦ َ ٍ ﱞ ﻣﺤﻖ ﺑﺸﺄن »ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ« اﻷول ،أن اﻟﺴﻜﺎن ﻳﺘﺰاﻳﺪون ﺑﻤﺘﻮاﻟﻴ ٍﺔ ﻫﻞ ﻣﺎﻟﺘﻮس رﻫﻴﺐ ﻣﻦ أﻗﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻣﻨﺬ أن ﻛﺘﺐ ﻣﺎﻟﺘﻮس ﻣﻘﺎﻟﻪ ،ازداد ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ٍ ٍ ٍ ﻧﺴﻤﺔ إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٦ﻣﻠﻴﺎرات .ﻏري أﻧﻪ ﺑﺈﻟﻘﺎء ﻧﻈﺮ ٍة أﻋﻤﻖ ﻋﲆ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺤﺎدة ﻣﻦ ﻣﻠﻴﺎر ﰲ ﻋﺪد ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٨٠٠ﻳﺘﺒني ﻟﻨﺎ أن اﻟﺴﺒﺐ ﻟﻴﺲ ﻣﺎﻟﺘﻮﺳﻴٍّﺎ ﰲ ﺟﻮﻫﺮه؛ ﻓﻘﺪ ً راﺟﻌﺔ إﱃ ﻋﺎﻣ َﻠ ْني ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺒﺄ ﺑﻬﻤﺎ ﻣﺎﻟﺘﻮس؛ اﻷول ﻫﻮ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺎد ﰲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻳﺎدة ﻣﻌﺪل وﻓﻴﺎت اﻷﻃﻔﺎل ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض اﻟﺘﻲ ﺗُﺸ ﱢﻜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪًا ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ ،واﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ اﻟﺰﻳﺎدة املﻄﺮدة ﰲ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻓﱰة ﺣﻴﺎة اﻷﻓﺮاد ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﺤﺴﻴﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﻃﺮأت ﻋﲆ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻴﺔ ،واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،واﻟﺘﻐﺬﻳﺔ، وارﺗﻔﺎع املﺴﺘﻮﻳﺎت املﻌﻴﺸﻴﺔ ،واﻹﻧﺠﺎزات اﻟﻄﺒﻴﺔ املﺒﻬﺮة ،واﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻣﻌﺪل اﻟﺤﻮادث؛ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﺻﺎر ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﺼﻠﻮن إﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺒﻠﻮغ واﻟﺮﺷﺪ ،وﺻﺎر ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ٍ ﻟﻔﱰات أﻃﻮل. اﻟﻨﺎس ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎل ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ أن ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﺰاﻳﺪ ﻗﺮﻳﺒًﺎ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﺒﺎﻃﺆ اﻟﺤﺎد ﰲ ﻣﻌﺪل املﻮاﻟﻴﺪ ﺧﻼل اﻟﺨﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ املﺎﺿﻴﺔ ﰲ اﻟﺪول ري إﱃ ﺗﺄﺛري اﻟﺜﺮاء؛ ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء .وﻳُﻌﺰى ﻫﺬا ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ اﻷﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً ﻳﻤﻴﻠﻮن إﱃ إﻧﺠﺎب ﻋﺪدٍ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل )ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﺗﻨﺒﺄ ﺑﻪ ﻣﺎﻟﺘﻮس( .وﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺨﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ املﺎﺿﻴﺔ ،اﻧﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪل املﻮاﻟﻴﺪ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ٢٫٨إﱃ ١٫٩ واﻧﺨﻔﺾ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ ٦٫٢إﱃ .٣٫٩واﻻﺗﺠﺎه واﺿﺢ ﻻ ﻟﺒﺲ ﻓﻴﻪ؛ ﻓﺎﻟﻨﺴﺎء ﻳُﻨﺠﺒﻦ ﻋﺪدًا أﻗﻞ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل ،وﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪﻣً ﺎ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ أوروﺑﺎ ،ﻳﻘﻞ ﻣﻌﺪل املﻮاﻟﻴﺪ ﻗﻠﻖ ﰲ أوروﺑﺎ ﺑﺸﺄن اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻛﺜريًا ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﺣﻼل .وﻻ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻴﻮم أي ٍ املﺎﻟﺘﻮﺳﻴﺔ .ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ؛ ﻫﻢ أﻛﺜﺮ ً ﻗﻠﻘﺎ ﺑﺸﺄن اﻧﺨﻔﺎض ﻋﺪد ﺳﻜﺎن أوروﺑﺎ واﻋﺘﻤﺎدﻫﻢ املﺘﺰاﻳﺪ ﻋﲆ اﻟﻬﺠﺮة.
177
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﺴﻬﻮ ﻟﺪى ﻣﺎﻟﺘﻮس ﻣﺎذا ﻋﻦ »ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ« اﻟﺜﺎﻧﻲ ملﺎﻟﺘﻮس ،اﻟﺬي ﻳﻔﻴﺪ ﺑﺄن املﻮارد ﻣﺤﺪودة وﻣﻘﻴﺪة ﺑﻘﺎﻧﻮن ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﻌﺎﺋﺪات؟ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻟﻢ ﻳَ ْﻠ َﻖ ﻣﺎﻟﺘﻮس دﻋﻤً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻫﻨﺎ؛ ﻓﻘﺎﻧﻮن ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻳﴪي ﻓﻘﻂ إذا اﻓﱰﺿﻨﺎ »ﻣﻊ ﺗﺴﺎوي ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﻮر اﻷﺧﺮى« ،أن اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻛ ﱠﻢ املﻮارد اﻷﺧﺮى ﺛﺎﺑﺘﺎن .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻮر ٍد ﻳﻈﻞ ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﻻ اﻷرض ،وﻻ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،وﻻ رأس املﺎل .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺗﻀﺎءﻟﺖ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻸرض ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻔﻀﻞ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ واﻟﺜﻮرة اﻟﺨﴬاء .ﻟﻘﺪ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﻣﺎﻟﺘﻮس اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ،واﻻﻛﺘﺸﺎف املﺘﻮاﺻﻞ ﻟﻠﻤﻌﺎدن اﻟﺠﺪﻳﺪة واملﻮارد اﻷﺧﺮى ﰲ اﻷرض ،ودور اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺪى ﴎﻋﺔ أو ﺑﻂء اﺳﺘﻬﻼك املﻮارد .ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻓﺸﻞ 6 ﻣﺎﻟﺘﻮس ﰲ إدراك اﻟﱪاﻋﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ. ﻧﺤﻮ ٍ ﻻﻓﺖ ﺧﻄﺄ ﻣﺎﻟﺘﻮس ﺑﺸﺄن إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ،وﻇﻬﻮر ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺰراﻋﺔ، ﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﲆ ٍ ﱡ واﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺸﺎﺳﻊ ﻟﻠﺮي؛ ﻓﻘﺪ زادت ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﴈ املﺴﺘﺰرﻋﺔ وإﻧﺘﺎج واﺳﺘﺨﺪام اﻷﺳﻤﺪة، ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺜري .وﻣﻌﻈﻢ املﺠﺎﻋﺎت ﻳﻤﻜﻦ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﻐﺬاء ٍ ﻏري اﻟﺮﺷﻴﺪة ،وﻟﻴﺲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. إن ﻗﺼﺔ ﺗﻮﻣﺎس ﻣﺎﻟﺘﻮس ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﺗﻮﺟﻴﻬﻲ ﰲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻓﻬﻢ آﻟﻴﺎت أي اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻣﺘﻨﺎ ٍم ٍ وﻛﺜﺎﻓﺔ ﺳﻜﺎﻧﻴ ٍﺔ ﻣﺘﺼﺎﻋﺪة؛ ﻓﻤﻦ املﺴ ﱠﻠﻢ ﺑﻪ أن ﻣﺎﻟﺘﻮس أدرك أن اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞَ ﻋﻜﺴﻴ ٍﺔ ﰲ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ وﻃﺄة اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﻧﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎن؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ اﻧﻀﻢ ٍ ٍ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ )وﻗﺪ ُﺷﻬﱢ َﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻏري إﱃ آدم ﺳﻤﻴﺚ ﰲ ﺗﺒﻨﱢﻲ اﻟﻨﻘﺎد ملﻌﺎرﺿﺘﻪ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻔﻘﺮ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻨﺴﻞ ،وﺣﺘﻰ اﻟﻠﻘﺎﺣﺎت( .وﻟﻜﻨﻪ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﱠ ﺗﺨﲆ ﻋﻦ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﺘﻨﺼﻞ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻷم ،وﻗﺪرة اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﻋﲆ ﻣﻮاءﻣﺔ املﻌﺮوض ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ ،ﰲ ﻟﺴﻜﺎن آﺧﺬﻳﻦ ﰲ اﻟﺘﺰاﻳﺪ .وﻗﺪ ﻓﺸﻞ، ﻣﻦ املﻮارد ﻣﻊ املﺘﻄﻠﺒﺎت املﺘﺰاﻳﺪة ٍ ٍ ﻛﺤﺎﻓﺰ ﻟﱰﺷﻴﺪ اﺳﺘﻬﻼك املﻮارد اﻟﻨﺎدرة ،وﻛﺂﻟﻴ ٍﺔ ﻟﺤﻞ ﻓﻬﻢ دور اﻷﺳﻌﺎر وﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ ٍ ﺳﻜﺎﻧﻲ ﻟﻘﻄﺎع املﺸﻜﻼت .واﻷﺳﻮأ أﻧﻪ ﻗﺪ أﺳﺎء ﻓﻬﻢ آﻟﻴﺎت أي اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺗﺠﺎريﱟ ﻣﺘﻨﺎ ٍم؛ ﻛﻴﻒ ﱟ ٍ أﻓﻜﺎر ﺟﺪﻳﺪ ٍة واﺑﺘﻜﺎر ﺗﻘﻨﻴ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪة. ري أن ﻳﺼﻨﻊ ﺑﺬور رﺧﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺸﻜﻴﻞ ٍ ﻛﺒ ٍ
178
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون
ﱞ ﺣﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﳋﺎص ﻟﻠﻔﻘﺮ اﳌﺪﻗﻊ
إن اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﺼﺤﻴﺤﻲ اﻟﺒﻨﻴﺔ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون وﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ ﻣﺴﺎﻋﺪة … ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻴﻪ ﻫﻮ رأس املﺎل. ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻗﺒﻞ اﺗﺠﺎﻫﻪ إﱃ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،ﻗﴣ اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﻳﻠﻴﺎم إﻳﺴﱰﱄ اﻟﺠﺰءَ اﻷﻛﱪَ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺪى اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ واﻟﻌﻴﺶ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ وﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺪول ري ﻣﻦ اﻹﺷﺎدة »اﻟﺒﺤﺚ املﺮاوغ اﻟﻔﻘرية ﻋﲆ اﻟﺘﺤﻮﱡل إﱃ ٍ دول ﻏﻨﻴﺔ .وﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬي ﻗﻮﺑﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﻮ« ،ﻳُﺤﺬﱢر ﻣﻦ ﻣﺪى ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺧﻠﻖ املﻨﺎخ املﻼﺋﻢ ﻟﻠﻨﻤﻮ املﺴﺘﺪام واﻟﻬﺮوب ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ .وﻟﻜﻦ اﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ املﺤﺎﴐة اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻘﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﺟﻬﺔ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ،ﺑﺸﺄن اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ املﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ وﻣﻌﻈﻢ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻷﺧﺮى املﺘﱠﺒﻌﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ملﺴﺎﻋﺪة اﻟﺪول اﻟﻔﻘرية .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﱰف ﺑﺄﻧﻪ »ﻻ ﻳﻮﺟﺪ إﻛﺴري ﺳﺤﺮي«، 1 ﻳﺒﺪو واﺿﺤً ﺎ أن »اﻟﺤﻮاﻓﺰ ﻣﻬﻤﺔ« وأن »اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻮﱢض اﻟﻨﻤﻮ«. ٍ ﻟﺴﻨﻮات ﻳﺤﺘﺠﱡ ﻮن ﻋﲆ إﻫﺪار ﺑﺮاﻣﺞ املﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ وﺳﻮء ﻇﻞ رﺟﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎد 2 اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ،وﻗﺮوض ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ،وﻣﴩوﻋﺎت اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ .وﻛﺎن اﻟﻠﻮرد ﺑﻴﱰ ﺑﺎور ﰲ اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ﻛﺄﺣﺪ املﻌﺎرﺿني ﻟﱪاﻣﺞ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ؛ ﻓﺨﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ذﻫﺐ ﺑﻘﻮ ٍة إﱃ أن املﺴﺎﻋﺪة اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻷﻣﻢ إﻧﻤﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻘﻂ ﻛﺘﺎب ﻻﺣﻖ ،ﻳُﻄﻠِﻖ إﻳﺴﱰﱄ ﻋﲆ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﻋﲆ ﺗﺄﺧري اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي 3 .وﰲ ٍ َ ﺗﺤﺎﺳﺐ أﻣﺎم أﺣﺪ «.وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ واﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ »ﺑريوﻗﺮاﻃﻴﺎت املﻌﻮﻧﺎت املﺘﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻳﻌﻠﻦ أﻧﻪ »ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٫٣ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ،ﻟﻢ 4 ﻧﺤﻮ ﻳُﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ«. ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻜﺴﺐ ﻛﺒري ﻋﲆ ٍ وﻟﻜﻦ إذا ﺗﻢ إﻟﻐﺎء ﻗﺮوض ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ،واملﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،واﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ، ً ﺷﺨﺺ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺧﺎﺻﺔ ﺑني املﻠﻴﺎر ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ، ٍ ﺑﺪوﻻرﻳﻦ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ أو أﻗﻞ؟ ﻳﺆﻳﺪ ﺑﺎور واﻟﺘﺤﺮرﻳﻮن اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﻮن اﻵﺧﺮون ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺣﻘﻮق ٍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻧﻘﺪﻳ ٍﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ،وﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ أﻣﺎم اﻟﺘﺠﺎرة، املﻠﻜﻴﺔ ،وﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن ،وإرﺳﺎء وزﻳﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﺟﻨﺒﻲ ،وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻷﺳﻮاق اﻟﺤﺮة وﺗﺤﺠﻴﻢ دور اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ داﺧﻠﻴٍّﺎ .وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﻫﺬا؟ اﻹﻗﺮاض املﺘﻨﺎﻫﻲ اﻟﺼﻐﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺎﻫﻠﻪ ﻗﺼﺔ اﻟﻨﺠﺎح املﺘﺴﺎرع ﻟﻠﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص املﻌﺮوﻓﺔ ﺑ »اﻹﻗﺮاض املﺘﻨﺎﻫﻲ َ ِ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺼﻐﺮ ﻷﺻﺤﺎب املﴩوﻋﺎت اﻟﺤﺮة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ اﻟﺼﻐﺮ«؛ أي إﻗﺮاض ٍ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﺑﻨﻮكٍ وﻣﺆﺳﺴﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ .وﻟﻌﻞ أﺷﻬﺮ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻹﻗﺮاض املﺘﻨﺎﻫﻲ اﻟﺼﻐﺮ ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ،اﻟﺬي أ ُ ﱢﺳﺲ ﻋﺎم ١٩٨٣ﻋﲆ ﻳﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﰲ ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ ،أﻓﻘﺮ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﰲ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘﻮد ،ﻓﻌﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ وﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ ً ﻛﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺑﺮاﻣﺞ املﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ املﻬﺪرة. املﺪﻗﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ اﻟ ٢٫٣ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ً ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﰲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻛﺎن ﻳﻮﻧﺲ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﻣﺤﱰﻓﺎ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ٍ ٍ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻋﻦ اﻟﻔﻘﺮ واﻟﻨﻤﻮ ﻟﺴﻨﻮات ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﺸﻴﺘﺎﺟﻮﻧﺞ ﺑﺒﻨﺠﻼدﻳﺶ .وﺑﻌﺪ ٍ زﻳﺎرات ﻟﻪ ﻷﻓﻘﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻗﺮر أﺧريًا أن ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﺣﻴﺎﻟﻪ .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٧٦وﺧﻼل ً ﻗﺮوﺿﺎ ﺻﻐرية اﻟﺒﻴﻮت ﰲ ﻗﺮﻳﺔ ﺟﻮﺑﺮا اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،اﻛﺘﺸﻒ ﻳﻮﻧﺲ أن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗُﺤﺪِث ً ﻟﺸﺨﺺ ﻓﻘري؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أوﻟﺌﻚ اﻟﺴﻴﺪات اﻟﻐﺎرﻗﺎت ﰲ ﻓﺎرﻗﺎ ﻛﺒريًا ٍ اﻟﻔﻘﺮ ﻳﺼﻨﻌﻦ أﺛﺎﺛًﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺰران ،ﱠ ﻗﺮوض رﺑﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ وﻛﻦ ﻳُﻀﻄ َﺮ ْرن إﱃ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ٍ رﺑﺢ ﻻ أﺟﻞ ﴍاء اﻟﺨﻴﺰران ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳَ ِﺒﻌﻨَﻪ ﻟﻠﻤﻘﺮﺿني ﺳﺪادًا ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻘﺮوض .وﰲ ﻇﻞ ٍ ﻳﺘﺠﺎوز ٠٫٥٠ﺗﺎﻛﺎ ﺑﻨﺠﻼدﻳﺸﻴﺔ ) ٠٫٠٢دوﻻر( ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻳﻌﺠﺰن ﻋﻦ إﻋﺎﻟﺔ أﴎﻫﻦ. ﻗﺮض ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻳﻮﻧﺲ ﻳﻌﺎدل ٢٧دوﻻ ًرا ﻟﻜﻞ اﻣﺮأة ،دﻓﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ اﻟﺨﺎص ﻟ ٤٢ ﻓﻜﺎن أول ٍ َ ٍ اﻧﻄﻼﻗﺔ ﻋﺎملﻴﺔ. ﺑﺪاﻳﺔ ﺳﻴﺪ ًة ﰲ ﻗﺮﻳﺔ ﺟﻮﺑﺮا .وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﰲ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴﺒﺘﻜﺮﻫﺎ ﺳﻮى رﺟﻞ ٍ ﺑﻤﻠﻴﺎرات ﻗﺮون ﺗﱪﱠع املﺼﻠﺤﻮن واﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﲆ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪى ٍ 180
ﺣ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻔﻘﺮ املﺪﻗﻊ
ٍ ً أﺷﺨﺎﺻﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻣﻌﻔﺎ ًة ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ملﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﺮاء ،إﻻ أن وأﻗﺎﻣﻮا ﻳﻮﻧﺲ ،ﻣﺪرﺑني ﻋﲆ ﻣﺒﺎدئ املﺤﺎﺳﺒﺔ ،واﻟﺤﻮاﻓﺰ ،واﻟﺮﺑﺢ واﻟﺨﺴﺎرة ،واﻻدﺧﺎر ،واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، رﺑﺤﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﺠﺪيَ ٍّ ﻳﻌﻠﻤﻮن أن ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ﻟﻠﻘﺮوض ﻣﻦ ﺑﻨﻚٍ ﺣﻘﺎ. ﱟ وﺣني أﻗﻮل »ﻗﺮوض ﺻﻐرية« ،إﻧﻤﺎ أﻗﺼﺪ ﺻﻐرية إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻳﺜري اﻻﺳﺘﻐﺮاب اﻟﺸﺪﻳﺪ؛ دوﻻر ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻤﻘﱰض اﻟﻮاﺣﺪ .وﻟﻴﺲ ﻓﺒﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ﻳُﻘﺮض ﻣﺎ ﺑني ٣٠دوﻻ ًرا إﱃ ﻣﺎﺋﺘﻲ ٍ ﻟﺰاﻣً ﺎ ﻋﲆ املﺘﻘﺪﻣني إﺟﺎدة اﻟﻘﺮاءة أو اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮﻧﻮا ً أﻫﻼ ﻟﻠﻘﺮض .وﻟﻴﺲ ﻣﻄﻠﻮﺑًﺎ ٍ ﺿﻤﺎﻧﺎت إﺿﺎﻓﻴ ٍﺔ أو ﺗﻘﺮﻳﺮ اﺋﺘﻤﺎن .واملﺪﻫﺶ أن ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ﻗﺪ ﻣﻨﺢ ﻫﺬه اﻟﻘﺮوض أي املﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻟﺼﻐﺮ ملﻼﻳني اﻷﺷﺨﺎص املﻌﺪِﻣني ﰲ ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ ،وﺑﻠﻎ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ٣ ً ﻣﻨﺤﺔ ﺑﻼ ﻓﻮاﺋﺪ؛ ﻓﺒﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ﻫﻮ ﺑﻨﻚ رﺑﺤﻲ ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر .وﻫﺬه اﻟﻘﺮوض ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻄﺎع ﺧﺎص ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺠﻬﻮد اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻳﻔﺮض ﻓﻮاﺋﺪ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﻫﻞ ﻫﻨﺎك ﻓﻮاﺋﺪ ري ﺗﻌﻮﻳﻀﻴﺔ؟ أﻗﻞ ﻣﻦ ٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﻳﺮﺟﻊ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ إﱃ اﻻﺷﱰاط املﻔﻮﱢض ﺗﺄﺧ ٍ ﻋﻀﻮ ﰲ املﺠﻤﻮﻋﺔ، ﺑﻮﺟﻮب ا ْﻟﺘﺤﺎق املﻘﱰﺿني ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺎت دﻋ ٍﻢ ﺻﻐرية ،وإذا ﺗﺨ ﱠﻠﻒ أي ٍ ﻋﻀﻮ آﺧﺮ اﻗﱰاض املﺰﻳﺪ .وﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن اﻟﻀﻐﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻟﻴﺲ ﻫﻴﺌﺔ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ٍ اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻘﺮوض ﺗﺴﺘﻤﺮ. ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ،اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻘﻮم ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ﺑﺈﻗﺮاض أﺻﺤﺎب املﴩوﻋﺎت ،واﻟﻨﺴﺎء ٍ ٍ ٍ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻟﴩاء اﻟﻠﻮازم واﻷدوات؛ ﻓﻘﺪ ﻳﺮﻏﺐ املﻘﱰﺿﻮن ﰲ دوﻻرات ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻻ ﺑﻀﻌﺔ اﳼ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺰران ،أو ﺑﻴﻊ ﻟﺒﻦ املﺎﻋﺰ ،أو ﻗﻴﺎدة اﻟﻌﺮﺑﺎت ذات اﻟﻌﺠﻠﺘني .وﻣﻦ ﺻﻨﻊ َﻛ َﺮ ﱠ ﺧﻼل ﺗﺠﻨﱡﺐ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﺟﻬﺎت اﻹﻗﺮاض اﻷﺧﺮى )اﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺼﻞ إﱃ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ( ،ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص أﺧريًا ﻣﻦ ﻛﴪ داﺋﺮة اﻟﻔﻘﺮ. ٍ ﺑﻴﻮت ﺟﺪﻳﺪ ٍة أو ﻓﺘﻨﻤﻮ ﻣﴩوﻋﺎﺗﻬﻢ اﻟﺼﻐرية ،واﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺴﺘﻐﻞ أرﺑﺎﺣﻬﺎ ﰲ ﺑﻨﺎء ٍ ﺑﻴﻮت ﻗﺎﺋﻤﺔ )ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻗﺮض املﻨﺰل ﻣﻦ ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني اﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ ٣٠٠ ﺗﺮﻣﻴﻢ ً دوﻻر( .وﻗﺪ ﺻﺎر اﻵﻻف ﻣﻤﻦ اﻗﱰﺿﻮا ﻣﻦ ﺟﺮاﻣني اﻵن ﻳﻤﻠﻜﻮن أراﴈَ ،وﺑﻴﻮﺗﺎ ،ﺑﻞ وﻫﻮاﺗﻒ ﺧﻠﻮﻳﺔ ،وﻳُﺮﺳﻠﻮن أﺑﻨﺎءﻫﻢ إﱃ املﺪارس ،وﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا ﻳﺘﻀﻮﱠرون ﺟﻮﻋً ﺎ .وﻳﻤﻠﻚ ﻳﻮﻧﺲ ﺧﻄ ً ٍ ﺧﺎﺻﺔ وﻃﺮح ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻪ املﻨﺎﻫﺾ ﻟﻠﻔﻘﺮ ﻟﻼﻛﺘﺘﺎب اﻟﻌﺎم ﰲ ﻄﺎ ﻹﺻﺪار أﺳﻬ ٍﻢ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ. وﻗﺪ ﱠ ٍ ﻣﺆﺳﺴﺎت أﺧﺮى ﻟﻺﻗﺮاض املﺘﻨﺎﻫﻲ اﻟﺼﻐﺮ ﺣﻘﻖ ﺑَﻨ ْ ُﻜﻪ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻛﺒريًا ،ﺣﺘﻰ إن ً ﻗﺒﻮﻻ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،إﱃ ﺣﺪ أن اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ، ﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ .واﻛﺘﺴﺐ املﻔﻬﻮم 181
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﻫﻴﺌﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ أﺧﺮى ،وﺣﺘﻰ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﺎﻋﻴﺔ إﱃ اﻟﺮﺑﺢ دﺧﻠﺖ ﰲ ﻣﴩوﻋﺎت أﻣﻮال ﺗﺼﻞ إﱃ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر. اﻟﻘﺮوض املﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻟﺼﻐﺮ ﺑﺮءوس ٍ ﻗﻮل ﻻ ﻟﻠﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻣﻊ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ؛ ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎول ﺳريﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﻳﻮﻧﺲ ﻟﻦ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ »ﻣﴫﰲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻘﺮاء« )اﻟﺬي أﻧﺼﺢ ﺑﻘﺮاءﺗﻪ ﺑﺸﺪة( ،ﻳُﻨﺪﱢد ﻳﻮﻧﺲ ﺑﺎﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ً ﻗﺎﺋﻼ: ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺗﻤﻮﻳ َﻞ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺤﺐ »ﻧﺤﻦ ﰲ ﺑﻨﻚ ﺟﺮاﻣني ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺮﻳﺪ أو ﻧﻘﺒﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ إدارة اﻟﺒﻨﻚ ﻟﻠﻌﻤﻞ «.وﻻ ﻳﺤﺐ املﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻛﺜريًا» :ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﻐﻨﻴﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﻤﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ وﺑﻴﻊ ﺳﻠﻌﻬﺎ ،ﰲ ﺣني ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ ً ﻻﺣﻘﺎ … إن املﴩوﻋﺎت املﻤﻮﱠﻟﺔ ﻣﻦ املﺴﺎﻋﺪات ﺗﺼﻨﻊ ٍ ﺑريوﻗﺮاﻃﻴﺎت ﺿﺨﻤﺔ ،ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﺎﺳﺪة وﻏري ﻓﻌﺎﻟﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺨﻠﻒ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﺿﺨﻤﺔ … ﻓﻼ ﺗﺰال أﻣﻮال املﺴﺎﻋﺪات ﺗﺬﻫﺐ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﺣﺠﻢ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﺎرض ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﻊ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮﻗﻲ … ﻓﺘﺼﺒﺢ املﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻹﺣﺴﺎن ﻟﻸﻗﻮﻳﺎء وذوي اﻟﻨﻔﻮذ ،ﰲ ﺣني ﺗﺰﻳﺪ اﻟﻔﻘﺮاءَ ﻓﻘ ًﺮا 5 «.وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺒﻴﱰ ﺑﺎور أن ﻳ ﱢ ُﻌﱪ ﻋﻦ اﻷﻣﺮ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ. ﻣﻦ املﺎرﻛﺴﻴﺔ إﱃ اﻟﺴﻮق ٍ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻧﺸﺄﺗﻪ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛري اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺗﺘﺴﻢ ﻋﺒﺎرات ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ املﺎرﻛﴘ .وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن ﺣﺼﻞ ﻋﲆ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﺎﻧﺪرﺑﻴﻠﺖ، ﻣﺒﺎﴍ وﻋﻤﲇ ﱟ »ﻛﻴﻒ ﺗُﺤ ﱢﺮر اﻟﺴﻮق ]ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة[ اﻟﻔﺮد« ،رﻓﺾ ﺑﺸﻜﻞ ورأى ٍ ٍ اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ» .إﻧﻨﻲ أُو ِﻣﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﻘﻮة اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة اﻟﻌﺎملﻴﺔ وﺑﺎﺳﺘﻐﻼل اﻷدوات اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ … وأُوﻣِﻦ ً ٍ إﻋﺎﻧﺎت ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ ﻟﻴﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺜﲆ ملﻮاﺟﻬﺔ أﻳﻀﺎ ﺑﺄن ﺗﻘﺪﻳﻢ ٍ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄن أﻋﻤﺎل ﻣﺤﺘﻤﻠﻮن« ،ﻓﺈن ﻳﻮﻧﺲ ﻋﲆ اﻟﻔﻘﺮ «.وﻹﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺄن »ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﴩ ﻫﻢ روﱠاد ٍ اﻟﻔﻘﺮ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺌﺼﺎﻟﻪ ﺟﺬرﻳٍّﺎ ﺑﺈﻗﺮاض اﻟﻔﻘﺮاء رأس املﺎل اﻟﺬي ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻴﻪ ﻟﻠﺪﺧﻮل ً ً ٍ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ أو ﻓﺮض اﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﺰﻳﺎدة ﻣﻨﺤﺔ ﻣﴩوﻋﺎت ﻣﺮﺑﺤﺔ ،وﻟﻴﺲ ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻬﻢ ﰲ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ. 182
ﺣ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻔﻘﺮ املﺪﻗﻊ
وﻳﻄﻠﻖ زﻣﻼؤه املﺎرﻛﺴﻴﻮن ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﺆاﻣﺮة رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﺧﱪه ﺑﺮوﻓﻴﺴﻮر ﺷﻴﻮﻋﻲ ً ﻗﻄﻊ ﺻﻐري ٍة ﻣﻦ اﻷﻓﻴﻮن ﻟﻠﻔﻘﺮاء … ﻓﺘﻬﺪأ ﻗﺎﺋﻼ» :إن ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ إﻋﻄﺎء ٍ 6 ﺣﻤﺎﺳﺘﻬﻢ اﻟﺜﻮرﻳﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺟﺮاﻣني ﻫﻮ ﻋﺪو اﻟﺜﻮرة«. ﻣﺜﺎل ﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ؛ إﻧﻪ ﻋﺪو ﻟﻺﻃﺎﺣﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺑﺎملﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮأﺳﻤﺎﱄ .وﻣﺎ ﻣﻦ ٍ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻳﺸﺠﻊ ﻋﲆ »اﻟﺴﻼم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺠﺎرة« ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ٍ ﻳﻮﻧﺲ ﺟﺪﻳ ًﺮا ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻠﺴﻼم اﻟﺘﻲ ﻓﺎز ﺑﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم .٢٠٠٦
183
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﴩون
اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺜﺮاء :اﳍﻨﺪ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ
ﺗﺘﺤﻜﻢ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻬﻨﺪ ﰲ ﻛﻞ ﳾءٍ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ ﻟﺬا ﻓﺎﻟﺘﻘﺪم ﻣﺤﺪود ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ،ﻻ ﺗﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛﺜريًا … وﺑﻔﻀﻞ ذﻟﻚ ﺗَﻀﺎﻋﻒ ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ. ﺟﻮن ﺗﻤﺒﻠﺘﻮن
1
ﺟَ ﺎبَ ﺟﻮن ﺗﻤﺒﻠﺘﻮن ،أﺣﺪ أﻗﻄﺎب ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ،اﻟﻌﺎﻟ َﻢ ﺧﻼل ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت َ ﱟ ﺧﺎص اﻟﻔﻘ ُﺮ املﺪﻗﻊ ﰲ دوﻟﺘني آﺳﻴﻮﻳﺘني ﺗﺤﺖ ﺑﺸﻜﻞ اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻟﻔﺖ ٍ اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﻫﻤﺎ اﻟﻬﻨﺪ وﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ .وﺑﻌﺪ أرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ؛ أي ﰲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ،ﻋﺎد ً ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ .أﻣﺎ ﺗﻤﺒﻠﺘﻮن ﻟﻴﺸﺎﻫﺪ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى اﻟﻔﻘﺮ املﺮﻳﻊ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ آﻧﺬاك ﱠ ﺑﺸﻜﻞ ﻫﺎﺋﻞ! »ﻟﻘﺪ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ ﰲ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻓﺘﻐريت ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ، ٍ ٍ ﱠ ﻳﺘﺤﺴﻦ أﺿﻌﺎف ﺧﻼل أرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ ﰲ ﻛﺎﻟﻜﺘﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﺪ ﻣﻦ ﻋﴩة 2 ً ﻣﻄﻠﻘﺎ«. اﻟﻴﻮم ،ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ أيﱞ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺘني ﺗﺤﺖ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ ،وﻟﻜﻦ أﺻﺒﺢ اﻻﺧﺘﻼف أﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣً ﺎ؛ ﻓﻨﺠﺪ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﺄﻛﱪ ﺗﺮ ﱡﻛ ٍﺰ ﻟﻠﺜﺮوة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻬﻨﺪ ،ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ 3 ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻣﻦ ﺗﻘ ﱡﺪ ٍم ﻛﺒري ،ﺗُﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﻛﱪ ﺗﺮ ﱡﻛ ٍﺰ ﻟﻠﻔﻘﺮ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ً ﻣﻘﺎﻻ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﻛﺘﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺘﻨﻤﻮي ﺑﻲ ﺗﻲ ﺑﺎور ٍ ﻟﺪوﻟﺔ آﺳﻴﻮﻳ ٍﺔ ﺻﻐريًا ﺷﻬريًا ﺣﻤﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺄﻣﻼت» :ﻛﻴﻒ ﺗُﻘﻴﱢﻢ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ أرض ﻣﺤﺪودة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ )وﺳﻔﻮح ﺗﻼل ﻣﺘﺂﻛﻠﺔ ﻓﻘﻂ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷرض( ،وﺗﻌ ﱡﺪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﴎﻳﻊ ،ﻣﻦ ﺧﻼل أﻛﺜﺮ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ؛ دوﻟﺔ ﺗَﺰاﻳَﺪ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ٍ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﻬﺠﺮة اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء؛ دوﻟﺔ ﺗﺴﺘﻮرد ﻛﻞ ﻧﻔﻄﻬﺎ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﻣﻮادﻫﺎ اﻟﺨﺎم ،ﺑﻞ وﻣﻌﻈﻢ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ؛ دوﻟﺔ ﻻ ﺗﻌﻜﻒ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ،وﻻ ﺗﻀﻊ أي ﺿﻮاﺑ َ ﻂ ﻋﲆ ﺗﺪاول اﻟﻌﻤﻠﺔ أو ﻗﻴﻮ ٍد ﻋﲆ اﻟﺼﺎدرات واﻟﻮاردات اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ؛ دوﻟﺔ 4 ﺗُﻌَ ﱡﺪ املﺴﺘﻌﻤﺮة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة املﺘﺒﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻗﺪر ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ؟« ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ﻛﺌﻴﺒﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺼﻨﻴﻊ ٍ ٍ رﺧﻴﺼﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ ﻟﻠﻐﺮب اﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻧﺠﺤﺖ ﰲ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻨﻔﻮذ ملﻨﻄﻘﺔ ﺟﻨﻮب ﻣﻨﺘﺠﺎت ُ َ ﴍق آﺳﻴﺎ .واﻟﻴﻮم ﺻﺎرت دﺧﻮل ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ ﺗﻨﺎﻓﺲ دﺧﻮل اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴني ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺿﻤﱢ ﻬﺎ ﻣﻴﻞ ﻣﺮﺑﻊ .ﻣﺎ اﻟﺬي ﻛﴪ داﺋﺮة اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ؟ ً وﻓﻘﺎ ﻟﺒﺎور، ٧ﻣﻼﻳني ٍ ﺷﺨﺺ داﺧﻞ ٍ ٤٠٠ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﻌﺠﺰة ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ اﻣﺘﻼك املﺎل ،أو املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،أو املﻌﻮﻧﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،أو ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ ،وإﻧﻤﺎ ﻋﲆ »ﺻﻨﺎﻋﺔ ،وﻣﺒﺎدرة ،وادﺧﺎر، وﻗﺪرة … ﻣﻮاﻃﻨني ﻟﺪﻳﻬﻢ داﻓﻌﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ 5 «.ﻟﻘﺪ اﺗﻀﺢ أن »اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ« ﰲ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ أﺻﻞ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل املﻬﻤﺔ وﻟﻴﺴﺖ ً ﻋﺎﺋﻘﺎ. ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ،ﻟﻢ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺒﻨﱠﺖ ً ً ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﻋﺪا ﻣﺠﺎل اﻹﺳﻜﺎن واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ املﺪﻋﻮﻣني. اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪ ًة ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ وواﺻﻠﺖ اﻟﺼني ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻏري اﻟﺘﺪﺧﲇ ﻣﻨﺬ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٧؛ اﺳﺘﻤﺮت ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ﰲ اﻻزدﻫﺎر ﰲ ﻇﻞ ٍ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ،وﻣﻴﻨﺎءٍ ﺣﺮة ،وﴐاﺋﺐَ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ. ً ﴐﻳﺒﺔ ﻋﲆ أرﺑﺎح رأس املﺎل. ﻳﺒﻠﻎ أﻗﴡ ﻣﻌﺪل ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ ١٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﻻ ﺗﻔﺮض وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ﻳﺼﻨﻒ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ رﻗﻢ واﺣﺪ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﲆ ﻣﺆﴍه ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ 6 اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﻣﻦ ﻫﻨﺪ ﺑﺎﺋﺴﺔ … ٍ ﻧﺴﻤﺔ ﻓﻘﺮاءَ أﻣﺎ اﻟﻬﻨﺪ ،ﻓﻬﻲ ﻗﺼﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﻠﻴٍّﺎ ،ﻓﻼ ﻳﺰال ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﻢ ﻣﻠﻴﺎر ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ .ﻏري أن اﻟﻬﻨﺪ ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ،ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﻮارد ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻗﻴﱢﻤﺔ ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ اﻟﻐﺎﺑﺎت ،واﻷﺳﻤﺎك ،واﻟﻨﻔﻂ ،واﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﺨﺎم ،واﻟﻔﺤﻢ ،واملﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺑني ﻣﻮا ﱠد أﺧﺮى .وﻗﺪ ﺣﻘﻘﺖ اﻻﻛﺘﻔﺎء اﻟﺬاﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء ﻣﻨﺬ اﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٤٧وﻟﻜﻦ ﻇﻞ اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺳﺎﺋﺪًا. ﻳﻠﻘﻲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺨﱪاء اﻟﻠﻮم ﰲ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻬﻨﺪ املﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻧﻈﺎﻣﻬﺎ اﻟﻄﺒﻘﻲ اﻟﺠﱪي ،وﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ،وﻣﻨﺎﺧﻬﺎ اﻟﺤﺎر واﻟﺮﻃﺐ )وﺻﻠﺖ درﺟﺔ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ إﱃ ١١٧درﺟﺔ ﻋﻨﺪ زﻳﺎرﺗﻨﺎ ﻟﺘﺎج ﻣﺤﻞ ﰲ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات(. 186
اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺜﺮاء :اﻟﻬﻨﺪ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ
وﻟﻜﻦ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﺣﺪد املﺴﺌﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺣني ﻛﺘﺐ ﻳﻘﻮل» :اﻟﺘﻔﺴري اﻟﺼﺤﻴﺢ … ﻻ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،أو ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ أﻫﻠﻬﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ 7 اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﱠﺘﻬﺎ اﻟﻬﻨﺪ«. ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺬي أﻋﻘﺐ اﻻﺳﺘﻘﻼل ،ﺗﺄﺛﱠﺮ ﻧﻬﺮو وزﻋﻤﺎء ﻫﻨﺪﻳﻮن آﺧﺮون ﺗﺄﺛ ًﺮا ﺷﺪﻳﺪًا ﺑﻬﺎروﻟﺪ ﻻﺳﻜﻲ ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﻟﻨﺪن ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وزﻣﻴﻠﻪ ﻓﺎﺑﻴﺎﻧﺰ ،اﻟﻠﺬﻳﻦ أﻳﺪا اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي ﻋﲆ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ؛ ﻓﺘﺒﻨﱠﺖ اﻟﻬﻨﺪ ﺧﻄ ً ﻄﺎ ﺧﻤﺴﻴﺔ ،وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ،وﻓﺮﺿﺖ ﻗﻮاﻧني إﺣﻼل اﻹﻧﺘﺎج ﻣﺤﻞ اﻻﺳﺘرياد .واﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﺗﻘﻠﻴﺪ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﺮض ﺿﻮاﺑ َ ﻂ وﻗﻴﻮ ٍد ﻋﲆ ﺗﺪاول اﻟﻨﻘﺪ اﻷﺟﻨﺒﻲ واﺷﱰاط اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺗﺮاﺧﻴﺺ ﻟﺒﺪء املﴩوﻋﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ. وﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ،ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻬﻨﺪ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻛﺎﺑﻮس ﺑريوﻗﺮاﻃﻲ 8 .ﻓﻴﺼﻒ ﺑﺎرث ﺷﺎه ،وﻫﻮ اﻗﺘﺼﺎدي ورﺋﻴﺲ ﻣﺮﻛﺰ »املﺠﺘﻤﻊ املﺪﻧﻲ« ) 9 ،(www.ccsindia.orgﻛﻴﻒ ﻋﺎد ﻣﺆﺧ ًﺮا إﱃ اﻟﻬﻨﺪ واملﻌﺎﻧﺎة اﻟﺘﻲ واﺟﻬﻬﺎ ﻟﻠﻌﺜﻮر ﻋﲆ ٍ ﺷﻘﺔ ﰲ ﻧﻴﻮدﻟﻬﻲ )ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻹﻳﺠﺎرﻳﺔ(، ﺛﻢ ﻛﻴﻒ ﻗﴣ ﻧﺼﻒ ﻳﻮ ٍم ً ﻃﺎﺑﻮر ﻟﺪﻓﻊ ﻓﺎﺗﻮرة ﻫﺎﺗﻔﻪ اﻷوﱃ ،وﻧﺼﻒ ﻳﻮ ٍم آﺧﺮ واﻗﻔﺎ ﰲ ٍ ﻟﺪﻓﻊ ﻓﺎﺗﻮرة اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء .ﺗﻘﻮل ﺟﻴﺘﺎ ﻣﻴﻬﺘﺎ ،وﻫﻲ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ» 10 :ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻔﺴﺎد أﻣ ًﺮا ﻣﻌﺘﺎدًا ﺑني أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﻛﻞ املﺴﺘﻮﻳﺎت «.وﻗﺪ ُ ﺻﻨﱢﻔﺖ اﻟﻬﻨﺪ رﻗﻢ ١٠٠ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨني ﻋﲆ ﻣﺆﴍ ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. … إﱃ ﻫﻨﺪ ﺟﺪﻳﺪة ﻏري أن ﻫﻨﺎك ً أﻣﻼ ﻳﻠﻮح ﰲ اﻷﻓﻖ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،١٩٩١وﻋﲆ أﺛﺮ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻓﻮاﺋﺪ ﺗﺄﺧري ﻋﲆ اﻟﺪﱠﻳﻦ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،ﻃﻮت اﻟﻬﻨﺪ أرﺑﻌﺔ ﻋﻘﻮ ٍد ﻣﻦ اﻟﻌﺰﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ رواد اﻷﻋﻤﺎل؛ ﻓﻘﺎﻣﺖ ﺑﺒﻴﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﴍﻛﺎﺗﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،وﺧﻔﺾ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ واﻟﴬاﺋﺐ ،واﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﻣﻌﻈﻢ ﺿﻮاﺑﻂ اﻷﺳﻌﺎر وﺗﺪاول اﻟﻌﻤﻠﺔ؛ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻬﻨﺪ واﺣﺪًا ﻣﻦ أﴎع اﻻﻗﺘﺼﺎدات ﻧﻤﻮٍّا ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﺑﻤﻌﺪل ﻧﻤ ﱟﻮ ﺑﻠﻎ ﻧﺤﻮ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎ ﱟد ﰲ اﻟﻬﻨﺪ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ازداد اﻷﺛﺮﻳﺎء ﺛﺮاءً ،اﻧﺨﻔﻀﺖ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﻘﺮ ٍ ً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻛﻮﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻬﻨﺪ اﻟﻠﺤﺎق ﺑﻬﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ؟ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻫﺎﺋﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ازدﺣﺎﻣً ﺎ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎن .وﻟﻜﻦ اﻟﻬﻨﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻘ ﱡﺪ ٍم ٍ ﺧﻔﺾ ﻋﺠﺰ املﻮازﻧﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،وﺧﻔﺾ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ واﻟﴬاﺋﺐ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى، 187
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﺧﺼﺨﺼﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﴩوﻋﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،واﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺮوﺗني ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻋﻤﺎل، وإﻋﺎدة اﻟﺜﻘﺔ ﰲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻠﻌﺐ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺪوﱄ دو ًرا ﻛﺒريًا ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ أن اﻟﻬﻨﺪ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻜﱪى ﰲ ﺗﻌﻬﻴﺪ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ .ﻫﺬا أﻣﺮ ﺻﻌﺐ ،وﻟﻜﻨﻪ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﺳﻤﱠ ﺎه آدم ﺳﻤﻴﺚ »اﻟﻮﻓﺮة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺪ ﻟﺘﺼﻞ إﱃ أدﻧﻰ 11 ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺸﻌﺐ«.
188
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﴩون
ﻣﺪى اﳌﻌﺠﺰ ُة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ أي ً إﱃ ﱢ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؟ ٍ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﻟﻠﻤﻮارد ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺠﻌﻞ ﺳﺘﺎﻟني ﻳﻔﺨﺮ ﺑﻬﺎ. ﻟﻘﺪ ﻧﻤﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن، »ﺧﺮاﻓﺔ املﻌﺠﺰة اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ« ،ﻣﺠﻠﺔ ﻓﻮرﻳﻦ أﻓريز ﻧﻮﻓﻤﱪ/دﻳﺴﻤﱪ١٩٩٤ ، ٌ وﺻﻔﺔ ﻣﺎ ﻟﻨﺠﺎﺣﻨﺎ ،ﻓﻬﻲ أﻧﻨﺎ ﻛﻨﺎ داﺋﻤً ﺎ ﻧﺪرس ﻛﻴﻒ ﻧﺠﻌﻞ اﻷﺷﻴﺎء إذا وُﺟﺪِت ﻣﺠﺪﻳﺔ ،أو ﻛﻴﻒ ﻧﺠﻌﻠﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﺟﺪوى. ﱄ ﻛﻮان ﻳﻮ ،رﺋﻴﺲ وزراء ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة اﻷﺳﺒﻖ
1
ٍ ﺻﺪﻣﺔ ﻛﱪى ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﺟﺎءت املﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ﻓﱰة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﻦ اﻟﺨﱪاء اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني .وﰲ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺳﻮى ٍ املﺆرﺧني ﻣﻌﺠﺰات اﻟﺮﺧﺎء اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ وأﴎار اﻟﻨﻤﻮر اﻷرﺑﻌﺔ )ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ،وﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة، وﻛﻮرﻳﺎ ،وﺗﺎﻳﻮان( ،أو اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ )إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،وﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ،وﺗﺎﻳﻼﻧﺪ(. ﺣﺘﻰ املﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻀﻮء إﻻ ﻣﺆﺧ ًﺮا. ً ً وﻏﺎرﻗﺔ ﻣﺎ ﺑني اﻟﻴﺄس واﻟﺠﻮع ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻌَ ﱡﺪ واﺣﺪ ًة ﻣﺤﻄﻤﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻋﺎم ١٩٤٥ ﻣﻦ أﻓﻘﺮ اﻟﺪول ﻋﲆ وﺟﻪ اﻷرض .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻧﺎﻃﺤﺎت ﺳﺤﺎب ،وﻻ ﺑﻨﻮك ﻏﻨﻴﺔ ،وﻻ إﻧﺴﺎن واﺣﺪ ،أﺻﺒﺤﺖ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺳﻴﺎرات وإﻟﻜﱰوﻧﻴﺎت .وﻟﻜﻦ ﰲ ﻏﻀﻮن ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ﻓﱰة ﺣﻴﺎة ٍ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻗﻮة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﻈﻤﻰ؛ إذ ﺗُﺼﻨﱠﻒ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑني أﻏﻨﻰ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ. ٍ ﻣﺸﻜﻼت ﺿﺨﻤﺔ ٦ :ﻣﻼﻳني ﺷﺨﺺ ﻣﻜﺘﻈﻮن داﺧﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ﺗﻮاﺟﻪ ٤٠٠ﻣﻴﻞ ﻣﺮﺑﻊ ،دون ٍ ﻧﻔﻂ أو ﻣﻮار َد ﻃﺒﻴﻌﻴ ٍﺔ أﺧﺮى ،وﻣﻌﻈﻢ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ وﻏﺬاﺋﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮرد، وﴍﻛﺎؤﻫﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳﻮن ﻋﲆ ﺑُﻌﺪ آﻻف اﻷﻣﻴﺎل .ﻏري أن ﻫﺬه املﺴﺘﻌﻤﺮة اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺼﻐرية ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺜﺮ اﻟﺪول رﺧﺎءً ﰲ ﺣﻮض املﺤﻴﻂ اﻟﻬﺎدي. ﻛﴪت داﺋﺮة اﻟﻔﻘﺮ ﻟﺘﺼﺒﺢ َ وﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٩٦٥ﻛﺎن ﻧﻤﻮ اﻟ ٢٣اﻗﺘﺼﺎدًا ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﴍق آﺳﻴﺎ أﴎع ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ْ ﺷﻬﺪت اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻷداء ﻧﻤﻮٍّا ﺑﺎﻟﻎ اﻟﴪﻋﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﺧﺮى؛ ﻓﻘﺪ وارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﰲ اﻟﺪﺧﻮل ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺎد ﰲ ﻧﺴﺒﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻓﻘﺮ ﻣﺪﻗﻊ .وزاد ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﻤﺮ ﻣﻦ ٦٥ﻋﺎﻣً ﺎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٦٠إﱃ ٧١ﻋﺎﻣً ﺎ ﰲ ﻋﺎم ﺣﺎﻟﺔ ٍ 2 .١٩٩٠ اﻟﺴﺒﺐ وراء املﻌﺠﺰة ﻗﺮﻳﺐ ﻗﺼﺺ اﻟﻨﺠﺎح ﻫﺬه؟ رﺑﻤﺎ ﻷن ﻧﻤﻮذج ملﺎذا ﺗﺠﺎﻫﻞ املﺆرﺧﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺣﺘﻰ ﻋﻬ ٍﺪ ٍ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻵﺳﻴﻮي ﻻ ﻳﺘﻼءم ﻣﻊ اﻹﻃﺎر اﻟﻜﻴﻨﺰي واﻟﻮﺻﻔﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺤﺒﱢﺬ املﺴﺘﻮﻳﺎت املﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك ،واﻟﺪﱠﻳﻦ ،واﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ ﻓﻔﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻗﺘﺼﺎدات ﴍق آﺳﻴﺎ اﻟﴪﻳﻌﺔ اﻟﻨﻤﻮ ،ﻛﺎﻧﺖ درﺟﺔ ﻓﺮض اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﺎﻟﻎ ﺑﺎملﻌﺎﻳري اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ املﻮازﻧﺎت ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺪﻻت اﻻدﺧﺎر ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ٍ ً ﻓﺎﺋﻀﺎ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ،وﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺻﻐري ًة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ. اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺗُﺤﻘﻖ وﻛﻤﺎ اﺳﺘﻨﺘﺞ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ﰲ دراﺳﺘﻪ ﻟﻌﺎم » :١٩٩٣ﻛﺎن اﻟﻨﻤﻮ اﻟﴪﻳﻊ ﰲ ﻛﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﻳُﻌﺰى ﰲ اﻷﺳﺎس إﱃ ﺗﻄﺒﻴﻖ 3 وﺗﻮزﻳﻊ أﻓﻀﻞ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء«. ﻟﻠﺴﻮق؛ ﻣﺎ أدى إﱃ ﺗﺮاﻛ ٍﻢ أﻋﲆ ﻟﻠﻤﻮارد ٍ ﺗﺤﺪﱢي ﻛﺮوﺟﻤﺎن اﻵن ﻳﺄﺗﻲ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن ﻟﻴﺸﻜﻚ ﰲ ﻓﻜﺮة املﻌﺠﺰة اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ِﺑ ُﺮﻣﱠ ﺘﻬﺎ .ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻛﺮوﺟﻤﺎن ،اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن ،اﻷﺛري ﻟﺪى اﻹﻋﻼم ،وﻳﺸﺎر إﻟﻴﻪ ﻣﺮا ًرا ً ووﻓﻘﺎ ملﺠﻠﺔ »إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ«» ،أﺷﻬﺮ ﺑﺄﻧﻪ »ﻣﻌﺠﺰة« ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ،وﻓﺎﺋﺰ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ، 190
إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى املﻌﺠﺰ ُة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؟
اﻗﺘﺼﺎدﻳﻲ ﺟﻴﻠﻪ« .ﺑﺤﺴﺐ ﻛﺮوﺟﻤﺎن ،ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﳾء إﻋﺠﺎزي ﺑﺸﺄن اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻵﺳﻴﻮي؛ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺑﺠﺪﻳﺪ؛ إذ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﻜﺮا ًرا ملﻌﺪﻻت اﻟﻨﻤﻮ املﺬﻫﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﰲ ﺣﻘﺒ ٍﺔ ﺳﺎﻟﻔﺔ ) .(١٩٩٠–١٩٢٠وﻳﺮى ﻛﺮوﺟﻤﺎن »ﺗﺸﺎﺑﻬﺎت ﻣﺪﻫﺸﺔ« ﺑني ﴍق آﺳﻴﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ؛ ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ اﻧﺨﺮط ﰲ »ﺗﻌﺒﺌﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮارد«. وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،ﻳﺸري ﻛﺮوﺟﻤﺎن إﱃ أن »املﺨﻄﻄني اﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴني ﻗﺪ ﻧﻘﻠﻮا َ ﺿﻤﻦ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻼﻳني اﻟﻌﻤﺎل ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮل إﱃ املﺪن ،ودﻓﻌﻮا ﺑﻤﻼﻳني اﻟﻨﺴﺎء ِﻟﻴَ ُﻜ ﱠﻦ ٍ ﻟﺴﺎﻋﺎت أﻃﻮل ،وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺑﺮاﻣﺞ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻓﻮق وﻣﻼﻳني اﻟﺮﺟﺎل ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻛﻞ ذﻟﻚ أﻋﺎدوا اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻋﺎﺋﺪات ﻧﺴﺒﺔ داﺋﻤﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﺒﻼد ﰲ ﺑﻨﺎء 4 ﻣﺼﺎﻧﻊ ﺟﺪﻳﺪة«. ً ووﻓﻘﺎ ﻟﻜﺮوﺟﻤﺎن ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻗﺎدة ﴍق آﺳﻴﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺒﺪاد؛ إذ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﺑﻘﺪر ﻣﺬﻫﻞ ﰲ رأس املﺎل ﺑﺎﻟﺴﻜﺎن إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ،وﻳﻄﻮﱢرون ﻣﻌﺎﻳري ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،وﻳﺴﺘﺜﻤﺮون ٍ املﺎدي؛ ﻓﴩق آﺳﻴﺎ ،ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻣﺜﻞ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ؛ إذ »ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺒﺌﺔ املﻮارد«. ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎل ﻟﺘﻀﺎؤل اﻟﻨﻤﻮ ﰲ ﴍق آﺳﻴﺎ ،ﺷﺄﻧﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﺷﺄن اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻘﻴﻮد املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ورأس املﺎل .ﻳﻘﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن: »ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺗﻔﻮﱡق اﻟﻨﻤﻮ ﰲ ﴍق آﺳﻴﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻮ ﰲ اﻟﻐﺮب ﻟﻠﻌﻘﺪ اﻟﻘﺎدم وﻣﺎ ﺑﻌﺪه .وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻦ ﻳﺤﻘﻖ ذﻟﻚ ﺑﻨﻔﺲ إﻳﻘﺎع اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية 5 «.ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﺗﺨﻀﻊ آﺳﻴﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﻌﺎﺋﺪات. اﺳﺘﺒﺪاد اﻷرﻗﺎم ﻟﺪيﱠ ﺗﺤﻔﻈﺎت ﻣﻬﻤﺔ ﺑﺸﺄن ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻛﺮوﺟﻤﺎن اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻠﻤﻌﺠﺰة اﻵﺳﻴﻮﻳﺔً . أوﻻ ،إن ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮي؛ ﻣﻘﺎرﻧﺔ آﺳﻴﺎ ﺑﺎﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻌﻴﺒﺔ ٍ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﺑﺎﻷﺳﺎس اﻗﺘﺼﺎدًا ﻣﻮﺟﱠ ﻬً ﺎ؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺪول اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ )ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺼني( اﻗﺘﺼﺎدات ﺣﺮة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ؛ ﻓﻘﺪ اﻧﺨﺮط اﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴﻮن ﰲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﻟﻌﺴﻜﺮة ﻋﲆ ﺣﺴﺎب ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ .وﰲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ،ﻛﺎﻧﺖ إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ ﱠ ﻣﻠﻔ ً ﻘﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري؛ ﻓﻜﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺨﺒري اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﻣﺎرﺷﺎل ﺟﻮﻟﺪﻣﺎن ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ» :إن ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم آﺧﺬ ﰲ إﻧﺘﺎج ﱡ اﻟﺼﻠﺐ واﻵﻻت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ املﻄﻠﻮب ﻫﻮ اﻟﻐﺬاء، 6 واﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﺪاﺛﺔ«. 191
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ،ﻛﺎن اﻵﺳﻴﻮﻳﻮن ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ املﻮارد ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻧﺘﺎج ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻳ ٍﺪ ﻣﻦ املﻨﺘﺠﺎت املﻄﻠﻮﺑﺔ ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎملﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ زادوا ﻣﺘﻄﻮر ٍة ٍ ٍ ري ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮاﻫﻢ املﻌﻴﴚ. ﻛﺒ ٍ ﻣﻌﺠﺰة ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ دﻋﻨﺎ ﻧﻨﻈﺮ ﻋﻦ َﻛﺜ َ ٍﺐ إﱃ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ً ﻣﺜﻼ؛ ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻗﺘﺼﺎدًا ﻣﻮﺟﱠ ﻬً ﺎ ﻋﲆ اﻟﻄﺮاز اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ، ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن؟ ﺗُﻌَ ﱡﺪ رواﻳﺔ ﱄ ﻛﻮان ﻳﻮ ﻋﻦ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة اﻟﺘﻲ أوردﻫﺎ ﰲ ﺳريﺗﻪ ً ﻛﺎﺷﻔﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد .ﻟﻘﺪ ﺗﻮﱃ ﱄ رﺋﺎﺳﺔ املﺴﺘﻌﻤﺮة اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺼﻐرية املﻌﺪﻣﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﺟﻴﻞ واﺣﺪ ،أﴍف ﻋﲆ ﺗﺤﻮﱡﻟﻬﺎ إﱃ ﻋﻤﻼق آﺳﻴﻮيﱟ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﰲ ﻋﺎم .١٩٦٥وﺧﻼل ٍ ٍ ﻳﺤﻮي اﻟﺨﻄﻮط اﻟﺠﻮﻳﺔ رﻗﻢ واﺣﺪ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وأﻓﻀﻞ ﻣﻄﺎر ،وأﻛﺜﺮ املﺮاﻓﺊ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻔﺮد ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ. دﺧﻞ ازدﺣﺎﻣً ﺎ ،وراﺑﻊ أﻛﱪ ٍ ﱟ ﻛﻴﻒ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻫﺬه املﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؟ ً أوﻻَ ،ﻗ ﱠﺪ َم ﱄ ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺒﺪﻋﺔ ﰲ آﺳﻴﺎ اﺳﺘﻄﺎع ﺗﺤﻘﻴﻖ أﺷﻴﺎء ﻏري ﻋﺎدﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺑﻨﻰ ﻣﺼﻨﻌً ﺎ ﻟﻸﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ،واﺳﺘﻤﺎل اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت، ودﻣﱠ ﺮ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴني ﺑﻌﺪ أن ﺗﺮك اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﻮن ً ﻓﺮاﻏﺎ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ املﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ ،أﴏﱠ ٍ ﻟﻐﺎت رﺳﻤﻴ ٍﺔ ﻣﻨﻄﻮﻗﺔ؛ ﻟﻌﻠﻤﻪ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﺠﻪ ﻋﲆ ﺟﻌْ ﻞ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ واﺣﺪ ًة ﻣﻦ أرﺑﻊ ﴎﻳﻊ إﱃ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻐﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ .ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ٍ ٍ ﺷﺄن دول ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ اﻷﺧﺮى ،ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎملﺤﺴﻮﺑﻴﺔ ،واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،واﻟﻔﺴﺎد املﺴﺘﱰ؛ ﻓﻘﺎم ﱄ ﺑﺘﻄﻬري املﺤﺎﻛﻢ ،واﻟﴩﻃﺔ ،وﻣﻜﺎﺗﺐ اﻟﻬﺠﺮة واﻟﺠﻤﺎرك .واﻟﻴﻮم ﺗُﺼﻨﱠﻒ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة َ ﺣﻤﻠﺔ »ﻧﻈﺎﻓﺔ ﻛﺄﻗﻞ دول آﺳﻴﺎ ﻓﺴﺎدًا .ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﺗﻌﺞﱡ ﺑﺎﻟﻘﺎذورات؛ ﻓﺒﺪأ ﱄ وﺗﺸﺠري« .وﺗﻢ ﺗﻄﻬري اﻷﻧﻬﺎر واﻟﻘﻨﻮات واملﺼﺎرف ،وزراﻋﺔ ﻣﻼﻳني اﻷﺷﺠﺎر واﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﺸﺠريات. ٍ ﺑﻨﺎﻳﺎت ﺑﺸﻘﻖ ﰲ ﻗﺎﻣﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﱄ ﺑﻬﺪم اﻷﻛﻮاخ اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﺳﺘﻌﺎﺿﺖ ﻋﻨﻬﺎ ٍ ﺑﻌﻘﻮﺑﺎت ﻣﻐ ﱠﻠ ٍ ٍ ﻈﺔ ﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﻘﺘﻞ ﺷﺎﻫﻘﺔ .وﻓﺮض ﱄ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﻨﻈﺎم ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ املﻄﺎﻟﺒﺔ وﺟﺮاﺋﻢ أﺧﺮى .واﻟﻴﻮم ﺗُﺼﻨﱠﻒ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة رﻗﻢ واﺣﺪ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷﻣﻦ .وﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﰲ املﺪن اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ،ﻗﺎﻣﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﺑﺈﻧﺸﺎء اﻻﺧﺘﻨﺎق املﺮوري ،اﻟﺬي ﻳﻌ ﱡﺪ ٍ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ملﱰو اﻷﻧﻔﺎق ،وﻓﺮﺿﺖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ إﻟﻜﱰوﻧﻴٍّﺎ ﻟﺘﺴﻌري اﻟﻄﺮق ،ﻓﺘﺤﻤﻞ ﻛﻞ ﺳﻴﺎر ٍة »ﺑﻄﺎﻗﺔ ذﻛﻴﺔ« ﻋﲆ زﺟﺎﺟﻬﺎ اﻷﻣﺎﻣﻲ .وﻳﺘﺒﺎﻳﻦ ﻣﺒﻠﻎ اﻟﺮﺳﻢ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻄﺮﻳﻖ املﺴﺘﺨﺪَم 192
إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى املﻌﺠﺰ ُة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؟
واﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ اﻟﻴﻮم؛ ﻓﻔﻲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺬروة ﻳﺮﺗﻔﻊ اﻟﺴﻌﺮ» ،ملﺎ ﻛﺎن املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻪ اﻟﻨﺎس اﻵن ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ َﻗﺪْر اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ ﻟﻠﻄﺮق ،ﺻﺎر ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻣﺘﻼك اﻟﻌﺪد املﺜﺎﱄ ﻣﻦ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻻزدﺣﺎم املﺮوري 7 «.وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺎﻗﺸﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻠﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎرات ﺑﺄﻗﻞ ٍ ﻟﻠﻨﻘﻞ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ. رﻓﺾ ﱄ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﻄﺮاز واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ املﺤﻠﻴﺔ ،وإن ﻛﺎن ٍ ﺧﻄﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﻮرﻳﻦ ﻟﻮﺿﻊ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﻗﺪ اﺳﺘﻬﺪف ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ﻟﺘﻨﻤﻴﺘﻬﺎ .ﻓﺮ ﱠﻛﺰ ﻋﲆ ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻘﺪﱡم؛ ً أوﻻ :ﻗﺎﻣﺖ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ املﺤﻠﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﲆ ﺟرياﻧﻬﺎ اﻟﻘﺮﻳﺒني ،وإﻗﺎﻣﺔ رواﺑﻂ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪﱢم ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ وأوروﺑﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﺬب املﺼﻨﱢﻌني ﻟﻺﻧﺘﺎج ﰲ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة .أﻣﺎ املﺤﻮر اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻗﻴﺎم ﱄ ﺑﺈﻧﺸﺎء ٍ واﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷول ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺧﻼل إرﺳﺎء أﻋﲆ املﻌﺎﻳري ﰲ اﻷﻣﻦ ،واﻟﺼﺤﺔ، واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻻﺗﺼﺎﻻت ،واﻟﻨﻘﻞ ،وﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ،وﴐاﺋﺐ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،وﺗﺠﺎرة اﻧﻄﻼق ﻟﻠﴩﻛﺎت املﺘﻌﺪدة اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠِﻒ ﺣﺮة .وﻟﺴﻮف ﺗﺼﺒﺢ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﻗﺎﻋﺪة ٍ ٍ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ ،آﺗﻰ ذﻟﻚ ﺛﻤﺎ َره. أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﺑﻌﺪ ﺷﺨﺺ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة ﱄ اﻟﺬﻛﻴﺔ .ﻏري أﻧﻨﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺠﺎوز أﺣﻼ َم أي ﺗﻘﺪﱠﻣﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ٍ ٍ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺠﺎﻫﻞ أﺧﻄﺎﺋﻪ؛ ﻣﻦ ﺗﻜﺘﻴﻜﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ اﻹﺟﺒﺎر ،واﺳﺘﻬﺪاﻓﻪ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺎت ﱡ ٍ ﺻﺤﺎﻓﺔ ﺣﺮة ،وﻋﻘﻮﺑﺎﺗﻪ اﻟﺘﺪﺧﻞ ،وﺑﺮاﻣﺞ اﻻدﺧﺎر اﻹﺟﺒﺎرﻳﺔ ،إﱃ رﻓﻀﻪ ﻟﻮﺟﻮد اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻛﺮﺋﻴﺲ ﻟﻠﻮزراء ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٠وﻟﻜﻨﻪ املﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺠﺮاﺋﻢ ﻣﻌﻴﻨﺔ .ﺗﻨﺤﱠ ﻰ ﱄ ﻋﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ ٍ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﮐ »وزﻳﺮ ﻣﻌﻠﻢ« ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة ﻧﺠﻠﻪ ﻫِ ﺴني ﻟﻮﻧﺞ ،اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﺛﺎﻟﺚ رﺋﻴﺲ وزراء ﻟﻠﺒﻼد ﰲ ﻋﺎم .٢٠٠٤وﻻ ﺗﺰال ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة أﴎع دول آﺳﻴﺎ ﻧﻤﻮٍّا. دروس آﺳﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﻘﻴﻴﻤﻪ اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻵﺳﻴﺎ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٤ﺛﺒﺖ ﺧﻄﺄ ﻛﺮوﺟﻤﺎن؛ ﻓﺤﺘﻰ اﻵن ﻻ ﻳﻮﺟﺪ دﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﺗﻌ ﱡﺮض آﺳﻴﺎ ﻟﺘﻘ ﱡﻠ ٍﺺ ﰲ اﻟﻌﺎﺋﺪات .ﻓﺈن ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺷﻬﺪﻧﺎ أي ﳾء ،ﰲ ﻇﻞ أي ٍ ً وﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ ،ﻳُﻐﻔﻞ ﻛﺮوﺟﻤﺎن اﻟﺼﻮرة ﻧﻤﻮ اﻟﺼني ،ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪﻧﺎ زﻳﺎدة ﰲ اﻟﻌﺎﺋﺪات. ٍ اﻟﻜﱪى .واﻟﺴﺆال اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ :ملﺎذا ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻏريُ ﻋﺪدٍ ﻣﺤﺪو ٍد ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺧﺎرج املﻨﻄﻘﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺻﻨ َﻊ ﻣﻌﺠﺰاﺗﻬﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﺎ؟ وﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ ﺗﻌ ﱡﻠﻤﻪ ﻣﻦ املﻌﺠﺰة اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ؟ 193
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﴎﻳﻊ ﻟﻌﺪدٍ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب؛ ﺑﺸﻜﻞ اﻹﺟﺎﺑﺔ واﺿﺤﺔ .ﻟﻘﺪ ﻧَﻤَ ﺖ اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ٍ ٍ ً أوﻻ :ﻷﻧﻬﺎ ﺻﺪﻳﻘﺔ ﻟﻠﺴﻮق إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري؛ إذ ﺗﺘﺠﻨﺐ ﺿﻮاﺑﻂ اﻷﺟﻮر واﻷﺳﻌﺎر واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ املﻔﺮط ﻟﻠﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري .ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﺗﺸﺠﻊ اﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺠﻨﱡﺐ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ وﻋﺠﺰ املﻮازﻧﺔ ،وﺗﺤﺠﱢ ﻢ ﻧﺸﺎط اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﺗﻤﻨﻊ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ً ً وﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮ ًة وآﻣﻨﺔ )وﺗُﻌَ ﱡﺪ أزﻣﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﺗﻮﻓﺮ ﻧﻈﻤً ﺎ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻋﺎم ١٩٩٧اﺳﺘﺜﻨﺎءً( .راﺑﻌً ﺎ :ﺗﺪﻋﻢ املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻻدﺧﺎر واﺳﺘﺜﻤﺎر ً ﺧﺎﻣﺴﺎ :ﻳُﻘﺪﱢم اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ رأس املﺎل وﻟﻴﺲ اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ املﺮﺗﻔﻊ. ً ً ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﴩﻛﺎت املﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻔﺮض ﴐاﺋﺐ ﺿﺌﻴﻠﺔ ْ ٍ )إن ﴐﻳﺒﻴﺔ إﻋﻔﺎءات ً ﺳﺎدﺳﺎ :ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻓﺮض ﴐاﺋﺐ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس( ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات. اﻟﻌﺎملﻴﺔ ورأس املﺎل اﻷﺟﻨﺒﻲ. ﻣﻦ املﺴ ﱠﻠﻢ ﺑﻪ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻳُﻘﻴﱢﺪ اﻟﺤﺮﻳﺎت املﺪﻧﻴﺔ ،وﻳﺸﺎرك ﰲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،وﻳﻀﻊ ﻗﻴﻮدًا ﻋﲆ اﻟﻮاردات ،وﻳﺨﻔﺾ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻤﻼﺗﻪ ﺻﻮرﻳٍّﺎ ،وﻟﻜﻦ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎ ﱟد ﻛﻤﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ﺗُﻌﺘﱪ درﺟﺔ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﺤﺪودة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،أو ﺗﻢ ﺗﻘﻠﻴﻠﻬﺎ ٍ ﺣﺪث ﰲ اﻟﺼني. ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﲆ ﺗﺒﻨﱢﻲ إﺻﻼﺣﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة وﺻﻨﻊ ﻣﻌﺠﺰاﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ .وﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﺳﺘﻌﺎدة ﻣﻌﺪﻻت ٍ ﺟﺮﻋﺔ ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ،وﺧﻔﺾ ﻧﻤﻮﻫﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺒﻨﱢﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،وﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ودﻋﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺘﺪرﻳﺐ ،وﺗﻨﻈﻴﻢ وﺗﻴﺴري اﻟﻠﻮاﺋﺢ واﻟﻘﻮاﻧني املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ،واﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﻋﺠﺰ املﻮازﻧﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ .وﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس» :إن ﻣﺎل ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻬﺎم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﻴﺪة وأوﻻﻫﺎ إزاﻟﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮق ﺗﺠﻤﻴﻊ رأس ٍ 8 ﺟﺪﻳ ٍﺪ واﺳﺘﺜﻤﺎره«.
194
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﴩون
ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻟﻠﻤﴫﻳﲔ؟
ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎ ﱟم ﻋﻦ اﻻﻋﱰاف ﺑﺎﻷﺧﻄﺎء وﺗﻐﻴري اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﺗﻌﺰف اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ٍ ِ إﱃ أن ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﴬر. ﺑﻲ ﺗﻲ ﺑﺎور وﺑﻲ إس ﻳﺎﻣﻲ
1
ﰲ ﻛﺘﺎب »ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻟﻠﻤﴫﻳني؟« )ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ،(٢٠٠١ ،أﺣﺪ ً ﺳﺆاﻻ وﺟﻴﻬً ﺎ .ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨني ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺮاﺋﺠﺔ ﰲ ﻣﴫ ،ﻳﻄﺮح اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺟﻼل أﻣني ﻫﺎﺋﻞ ﰲ اﻟﻌﻤﺎرة ،واﻟﻔﻠﻚ، ﻣﴫ ﻣﻬ َﺪ واﺣﺪ ٍة ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﺣﻀﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﰲ ﻇﻞ ﺗﻘ ﱡﺪ ٍم ٍ واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،واﻻﻗﺘﺼﺎد .وﻇﻞ اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ﻳﺤﻜﻤﻮن ﻣﴫ ﻟﻘﺮون. وﻟﻜﻦ ﻣﴫ اﻟﻴﻮم دوﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎرة؛ ﻓﻠﺪى وﺻﻮﻟﻨﺎ إﱃ ﻣﻴﻨﺎء اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮﻣً ﺎ ﺳﻨﻮات رأﻳﻨﺎ ُ ٍ ٍ ﻛﺜﻴﻒ ﻋﲆ اﻟﻄﺮق ﺑﺸﻜﻞ اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ واﻟﻐﺒﺎر ﻣﻨﺘﴩَ ﻳﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻷﺣﻼم ،ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻊ ٍ ً ﻣﺎﺋﻴﺔ ﻣﻠﻮﺛﺔ، اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﻟﺪى وﺻﻮﻟﻨﺎ إﱃ اﻟﻘﺎﻫﺮة ملﺸﺎﻫﺪة اﻷﻫﺮاﻣﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،رأﻳﻨﺎ ﻣﺠﺎريَ ً ً ً ٍ ﻣﺮورﻳﺔ ﺻﺎﺧﺒﺔ ،وﻣﻼﻳني ﻣﻜﺘﻈني، وﺣﺮﻛﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﴩب ،وﻓﻘ ًﺮا ﻣﺪﻗﻌً ﺎ، وﻣﻴﺎﻫﺎ ﻏري ً وﺑﺎﻋﺔ ُﻣﻠِﺤﱢ ني ،وﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر. ﺪرج املﺆ ﱢﻟﻔﺔ ﻛﻠري أﺧﺬت ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻋﻦ ﻧﻈﺮة اﻟﻐﺮﺑﻴني ﻟﻠﺤﻴﺎة ﰲ اﻟﻘﺎﻫﺮة .وﺗُ ِ ٍ ﱡ ﺗﺤﺚ اﻷﺟﺎﻧﺐ املﻘﻴﻤني ﻋﲆ إﺣﻀﺎر ﻣﺎ ﻳﲇ ﻣﻌﻬﻢ: ﻓﺮاﻧﴘ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﻗﺺ ﺣﺘﻰ إﻧﻬﺎ ﺟﻬﺎز اﻟﺮد اﻵﱄ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﺗﻒ ،وأﺟﻬﺰة ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ ،وأﺟﻬﺰة ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ،وأﺟﻬﺰة ﻣﻮدم ،وﻃﺎﺑﻌﺎت، وﻫﻮاﺗﻒ ،وأﺟﻬﺰة ﻓﺎﻛﺲ ،وﻣﺴﺘﺤﴬات ﺗﺠﻤﻴﻞ ،وﺑﻄﺎرﻳﺎت ﺿﻮﺋﻴﺔ ،وﺟﻮارب ﺿﻴﻘﺔ، وزﺟﺎﺟﺎت ﻧﺒﻴﺬ ،وﻛﺘﺐ ﺑﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،وﻣﻼﺑﺲ ،وأﺣﺬﻳﺔ! أﺟﻞ ،أﺣﺬﻳﺔ؛ »ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻨﺘﴩ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً ﻣﻘﺒﻮﻻ!« 2أوه ،إﻧﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻫﺎﺋﻞ ،ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ أن ﺗﺠﺪ ﺣﺬاءً ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺤﺎ ﱡل اﻷﺣﺬﻳﺔ ٍ 3 ﺑﺸﺎﺋﺮ ﻗﻮاﻧني إﺣﻼل اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ ﻣﺤﻞ اﻻﺳﺘرياد! ﻏري أن ﻣﴫ ﺗﻤﻠﻚ ﻣﻮارد ﻫﺎﺋﻠﺔ :اﻟﻨﻔﻂ ،اﻟﻘﻄﻦ ،وأراﴈَ ﻣﻦ أﺟﻮد اﻷراﴈ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ً ﺧﺼﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﱪ وادي اﻟﻨﻴﻞ ،وﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ريﱟ ﻣﻦ اﻟﻄﺮاز اﻷول ،وﻗﻨﺎة اﻟﺴﻮﻳﺲ، ﺷﺨﺺ وﻫﻢ ﰲ ﺗﺰاﻳ ٍﺪ ﴎﻳﻊ( .وﻟﻜﻦ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﻗﻮة ﻋﺎﻣﻠﺔ ﺿﺨﻤﺔ )ﻧﺤﻮ ٧٠ﻣﻠﻴﻮن ٍ ﱠ ﻣﺮض ﻣﺴﺘﻮﻃﻦ .إن ﻣﴫ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﻘﻨﻌﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ٍ ٍ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﻠﻜﻔﺎءات؛ إذ ﻳﻌﻤﻞ ٢٫٥ﻣﻠﻴﻮن ﻣﴫي ﺑﺎﻟﺨﺎرج .ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺠﺮ ٍة اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﻣﻌﺪﻻت أﻣﻴ ٍﺔ ﺗﺒﻠﻎ ٦٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑني اﻟﻨﺴﺎء و ٣٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑني اﻟﺮﺟﺎل ،وﺗﺴﺘﻮرد ﻧﺼﻒ ﻏﺬاﺋﻬﺎ ،وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ أﻋﲆ اﻟﺪول املﺘﻠﻘﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﻮﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ إﴎاﺋﻴﻞ. اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺎ اﻟﺴﺒﺐ وراء ﻫﺬا اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدي؟ ﻳُﻠﻘﻲ اﻟﺒﻌﺾ اﻟﻠﻮ َم ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت؛ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﴫﻳني ﻣﺴﻠﻤﻮن ُﺳﻨﱠﺔ ،ﻳُﻔﺮﻃﻮن ﰲ ٍ ﻣﻔﺮط ﻣﻊ اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﺼﻼة ،ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻗﻮل اﻟﻨﻘﺎد )ﺧﻤﺲ ﻣﺮات ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ( ،وﻳﺘﱠﺴﻤﻮن ﺑﺴﺨﺎءٍ )وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺪﻋﻤﻮن دوﻟﺔ رﻓﺎﻫﻴ ٍﺔ اﺷﱰاﻛﻴﺔ( ،وﻳُﻨﺠﺒﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم )إذ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻣﴫ واﺣﺪ ًة ﻣﻦ أﻋﲆ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت املﻮاﻟﻴﺪ( ،وﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﻋﺐءٍ ﻣﺎديﱟ ﺷﺪﻳﺪ )ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﻤﻬﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺰواج( .وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻔﻞ املﴫﻳﻮن ﺑﺎﻹﺟﺎزات ،ﻣﻦ ﺗﻮﻓري املﺴﻜﻦ ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ٍ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن اﻟﺬي ﻳﺘﺄ ﱠﻟﻒ ﻣﻦ ﺻﻴﺎ ٍم ﺧﻼل اﻟﻨﻬﺎر واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻄﻴﺐ اﻟﻄﻌﺎم ﺧﻼل اﻟﻠﻴﻞ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻌﻤﲇ ﻣﺘﺬﺑﺬﺑًﺎ وﻏري ﻣﻨﺘﻈﻢ. وﻟﻜﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻴﺲ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ملﺸﻘﺎت ﻣﴫ؛ ﻓﺎملﺘﻬﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺳﻴﺎﺳﺔ ري اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻣﺠﻬﻮل» :ﻳﺤﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻌﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻗﻮل ﺧﺒ ٍ املﴫي إرث اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد إﱃ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،واﻟﺘﻲ ً ﻣﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎملﺴﺎواة وإﻋﺎﻧﺔ اﻟﻔﻘﺮاء .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺗﺘﱠﺴﻢ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ اﻷﺳﻌﺎر، ﻛﺎﻧﺖ 4 ﱠ وﻗﻄﺎع ﻋﺎ ﱟم ودﻋﻢ اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ، ﻣﻬﻴﻤﻦ وﺳﻴﻄﺮ ٍة ﻟﻠﺪوﻟﺔ «.ﺣني ﺗﻮﱃ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ ٍ ٍ اﻟﻨﺎﴏ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٥٤ﱠ أﺳﺲ »دوﻟﺔ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﺷﱰاﻛﻴﺔ« ،وأﻣﱠ ﻢ ﻛ ﱠﻞ ﳾءٍ ري ﻣﻦ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻤﺲ )ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﴍﻛﺔ اﻟﺒرية املﺤﻠﻴﺔ( ،وزاد ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ 196
ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻟﻠﻤﴫﻳني؟
ﻛﺎﺑﻮس ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،وﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻧﻲ ،ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﴫ ﻣﻦ ٍ ﻣﺘﻤﺜﻞ ﰲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻮرﻗﻴﺔ واﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ. ﺗﻨﻈﻴﻤﻲ ٍ ﱟ ﻛﺎن ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻀﺎرة ﰲ ﻣﴫ ﻗﻮاﻧني إﺣﻼل اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ ﻣﺤ ﱠﻞ اﻻﺳﺘرياد؛ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ،واﻹﻋﺎﻧﺎت ،وﻓﺮض ﻗﻴﻮ ٍد ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ وﺗﻌﺰﻳﺰه ﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،ﻣﻦ اﻷﺣﺬﻳﺔ إﱃ ﻣﻌﺠﻮن اﻷﺳﻨﺎن إﱃ اﻟﺴﻴﺎرات. ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎﺋﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺷﺎﺋﻌً ﺎ ﰲ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻨﺬ أن زﻋﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﻮن أﻣﺜﺎل ﺟﻮﻧﺎر ﻣريدال وﺑﻮل روزﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ رودان أن اﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ اﻻﺳﺘرياد ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ املﺤﻠﻴﺔ واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ؛ ﻓﻔﻲ ﻣﴫ ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، دوﻻر ملﺴﺎﻋﺪة ﻣﴫ ﻋﲆ ﺧﻠﻖ ﺻﻨﺎﻋﺔ أﺳﻤﻨﺖ أﻧﻔﻘﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻧﺤﻮ ٢٠٠ﻣﻠﻴﻮن ٍ ٍ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ أرﺧﺺ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج. ﻣﺤﻠﻴﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻷﺳﻤﻨﺖ أﺛﺒﺘﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت أن ﻟﻬﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻐﺒﺎر اﻟﺬي ﺗﺴﺒﺒﻪ ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻷﺳﻤﻨﺖ املﺤﻠﻴﺔ ﻳﻐﻄﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،وﺧ ﱠﻠﻔﺖ ﻗﻮاﻧني إﺣﻼل اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ ﻣﺤﻞ اﻻﺳﺘرياد ﺣِ ْﺮﻓﻴﺔ ردﻳﺌﺔ وأﺳﻌﺎ ًرا أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﺴﻮق ﰲ اﻷﺣﺬﻳﺔ ،واﻷﺟﻬﺰة املﻨﺰﻟﻴﺔ ،واملﻨﺘﺠﺎت اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ .وﻗﺪ ﱠ ﺗﻐري رأي ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﺸﺄن ﻗﻮاﻧني إﺣﻼل اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ ﻣﺤﻞ اﻻﺳﺘرياد ،واﻋﱰﻓﻮا ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺨﻨﻖ اﻟﻨﻤﻮ .وﰲ ذﻟﻚ ﻳﺸريون إﱃ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﴪﻳﻊ ﻟﺪول ﴍق آﺳﻴﺎ اﻟﺘﻲ اﻣﺘﻨﻌﺖ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎﺿﺔ ﻋﻦ اﻟﻮاردات ور ﱠﻛﺰت ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﲆ إﻧﺘﺎج ﺻﺎدرات 5 زﻫﻴﺪة اﻟﺜﻤﻦ. وﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،ﺑﺪأ أﻧﻮر اﻟﺴﺎدات ،ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻧﺎﴏ ،ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ دور اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. وﺑﻌﺪ ﺣﺎدث اﻏﺘﻴﺎﻟﻪ املﺄﺳﺎوي ﰲ ﻋﺎم ،١٩٨١ﻗﺎم ﺣﺴﻨﻲ ﻣﺒﺎرك ﺑﺘﴪﻳﻊ وﺗرية ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺨﺼﺨﺼﺔ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﺟﻨﺒﻲ واﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﺿﻮاﺑﻂ اﻷﺳﻌﺎر وﺗﺪاول اﻟﻨﻘﺪ .وأﺻﺒﺤﺖ ﴍﻛﺔ اﻟﺒرية املﺤﻠﻴﺔ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ .ﻏري أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ ﺗﺘﻮﱃ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﻮﻇﻴﻒ ٣٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﻻ ﻳﺰال اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ املﻔﺮﻃﺔ. ﱠ ﺣﻘﻘﺖ ﻣﴫ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻘﺪم ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٩٠ﺣني ﺻﻨﻔﻬﺎ ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ﰲ املﺮﻛﺰ ٨٨ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ املﻌﻬﺪ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .واﻟﻴﻮم ﺗُﺼﻨﱠﻒ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﻤﺎﻧني 6 .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﻘﺎدة املﴫﻳني أﻣﺎﻣﻬﻢ ﻃﺮﻳﻖ ﻃﻮﻳﻞ.
197
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﴩون
اﳌﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﻤ ﱟﻮ أﴎع؟
ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎﻗﺔ أن ﻧﻔ ﱢﻜﺮ ﰲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ إﺣﺮاز ﺗﻘ ﱡﺪ ٍم أﻛﱪ ﺑﻜﺜري. ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ
1
ً ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٠ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻛﺘﺐ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ً ﻣﺘﻔﺎﺋﻼ ﺑﻌﻨﻮان ﻣﻘﺎﻻ »اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻷﺣﻔﺎدﻧﺎ« .ﻓﺒﻌﺪ اﻧﺘﻘﺎد أﺗﺒﺎﻋﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺒﱠﺌُﻮا ﺑﻜﺴﺎدٍ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ورﻛﻮ ٍد ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﴩق؛ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل إﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺤﺴﻴﻨﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ وﺗﺮاﻛﻢ داﺋﻢ ،ﺗﻨﺒﱠﺄ ﻛﻴﻨﺰ ٍ رأس املﺎل ،ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺧﻼل املﺎﺋﺔ ﻋﺎم اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،وﺳﻮف ٍ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت وﻓري ًة وزﻫﻴﺪ َة اﻟﺜﻤﻦ ﻟﺪرﺟﺔ ﺳﺘﺠﻌﻞ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﺤﺪيَ ً ٍ ٍ ﻟﺪرﺟﺔ ﻗﺪ ﺗﻬﺒﻂ ﺑﻤﻌﺪﻻت ﻣﻜﻠﻒ ووﻓﻘﺎ ﻟﻜﻴﻨﺰ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺮأس املﺎل أن ﻳﺼﺒﺢ ﻏري اﻷﻛﱪ. اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ ﺻﻔﺮ. ري ﻣﻨﺬ ﻟﻢ ﺗﻬﺒﻂ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ ﺻﻔﺮ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺴﺘﻮاﻧﺎ املﻌﻴﴚ ﺗﻘﺪﱠم ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ .ﺑﻞ إﻧﻨﺎ رﺑﻤﺎ ﺣﻘﻘﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﺒﻮءة ﻛﻴﻨﺰ ﺑﺄن »املﺴﺘﻮى املﻌﻴﴚ ﰲ اﻟﺪول اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎ ٍم ﻣﻦ اﻵن ﺳﻮف ﻳﻜﻮن أﻋﲆ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ اﻵن ﺑﻤﺎ ﻳﱰاوح ﺑني أرﺑﻊ 2 وﺛﻤﺎﻧﻲ ﻣﺮات«.
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﺻﻔﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻻ ﻳﺒﺪو أن اﻗﺘﺼﺎدﻳﻲ اﻟﻴﻮم ﻣﺘﻔﺎﺋﻠﻮن ﻣﺜﻞ ﻛﻴﻨﺰ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ دﺧﻮﻟﻨﺎ ﻋﺎﻣً ﺎ آﺧﺮ ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻧ َ ِﺸ ٍﻂ ﻳﺼﻞ إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ .وﻗﺪ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني املﻌﺮوﻓني ً ِ ٍ ﻣﺴﺘﺪﻳﻤﺔ )ﻃﻮﻳﻠﺔ املﺪى، ﺗﻮﺻﻴﺎت ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻤﻨﺤﻨﺎ إﺻﺪار ﻣﻌﺪﻻت ﻧﻤ ﱟﻮ اﻗﺘﺼﺎديﱟ وﻟﻴﺴﺖ ﻗﺼرية املﺪى( ﺗﺼﻞ إﱃ ٦٫٧أو رﺑﻤﺎ ﺣﺘﻰ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ،ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﻌﺎدة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻘﺼﻮى اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﱠث ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻴﻨﺰ. وأﻋﻠﻨﻬﺎ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﺑﻘﻮة» :ﻏري ﻣﻤﻜﻦ!« وأﺟﺎب روﺑﺮت ﺑﺎرو ،ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻬﺎرﻓﺎرد: »أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة«. وواﻓﻘﻪ اﻟﺮأيَ دﻳﻔﻴﺪ ﻛﻮﻻﻧﺪر ﺑﻜﻠﻴﺔ ﻣﻴﺪﻟﱪي» :إن ﻓﻜﺮة ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ً ٍ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﻬﺪف اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﺳﻨﻮات ﺗﺒﺪو ﰲ ﺧﻼل ﻋﴩ اﻟﺴﺎﺑﻖ «.واﺳﺘﺸﻬﺪ ﺑﻬﺮﺑﺮت ﺷﺘﺎﻳﻦ ﺣني ﻗﺎل» :إن اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄداء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻧﺤﻤﺪ ﷲ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻜﺜري ﻣﻨﻬﺎ«. ﻣﺴﺎر ﻧﺤﻮ ﻣﻌﺪﻻت ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮُ ،ﺧﺼﺺ ﻛﺘﺎب ﻣﻘﺎﻻت ﻛﺎﻣﻞ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ٍ ﻧﻤ ﱟﻮ أﻋﲆ .وﰲ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻜﺘﺎب »املﺪ اﻟﺼﺎﻋﺪ« ،رﻓﺾ داﻧﺎ ﻣﻴﺪ ،املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﴩﻛﺔ ﺗﻴﻨﻜﻮ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻓﻜﺮ َة أن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻻ ورﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ إدارة اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺼﻨﻌني ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺠﺎوز ﻧﻤﻂ ﻧﻤﻮه اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻷﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ ٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ؛ ﻓﻘﺪ ذﻫﺐ إﱃ أﻧﻪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﻤ ﱟﻮ اﻗﺘﺼﺎديﱟ أﴎع دون ﺧﻠﻖ أي أزﻣﺎت ﻋﺠﺰ ،ورﻓﻊ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،ورﻓﻊ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة .وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺟﺎك ﻛﻴﻤﺐ» :ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ رﻓﻊ ﺳﻘﻒ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻦ 3 ٍ ﺗﻐﻴريات رﺷﻴﺪ ٍة ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ«. ﺧﻼل ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻴﺲ ﺟﻤﻴﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﰲ اﻟﻜﺘﺎب ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻣﻊ ﻣﻴﺪ وﻛﻴﻤﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﴏﱠ ح اﻟﺮاﺣﻞ ﺟﻴﻤﺲ ﺗﻮﺑني ،اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ واﻟﺤﺎﺋﺰ ﺟﺎﺋﺰ َة ﻧﻮﺑﻞً ، ﻗﺎﺋﻼ» :ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺴﺎﺳﺔ ﻳﻄﻠﻘﻮن وﻋﻮدًا ﺟﻤﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﻧﻤ ﱟﻮ أﴎع ،ﻻ ﺗﻤﻠﻚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺟﺎﻫﺰة َ اﻟﻮﺻﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻘﻖ ﺑﻬﺎ ﺣﻠﻢ ﻣﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ اﻷدوات ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ 4 «.وﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻛﻴﻨﺰ ﺑﺎﻟﻮﻓﺮة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ. ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ،ﻳﻘﺪﱢم ﻛﺒﺎر وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗَﺸ ﱡﻜﻜﻬﻢ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻌﺪﻻت ﻧﻤ ﱟﻮ أﻋﲆ ٍ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ً ﻃﺮﻗﺎ ﻋﺪة ﻟﺘﺤﺴني ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﻨﻤﻮ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﻓﺄوﴅ اﻟﺮاﺣﻞ رودي دورﻧﺒﻮش ﺑﻤﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺑﺨﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. ﻣﻌﺪل وﺣﺚ اﻻﻗﺘﺼﺎدي روﺑﺮت ﺑﺎرو ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ﻋﲆ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﴐﻳﺒﺔ اﺳﺘﻬﻼكٍ ذات ٍ 200
املﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ
ﺛﺎﺑﺖ ،وإﻋﻔﺎء املﺪﺧﺮات ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ واﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ واﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري ،وﺧﻔﺾ ﺣﺠﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﺣﺬﱠر روﺑﺮت ﻣﺎﻧﺪل اﻟﺤﺎﺋﺰ ﺟﺎﺋﺰ َة ﱠ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت وﻓﻀﻞ ﻧﻮﺑﻞ ﻣﻦ ﺗﻀﺨﻴﻢ اﻹﺻﺪار اﻟﻨﻘﺪي ﻛﺄدا ٍة ﻟﻠﻨﻤﻮ، ﴐﻳﺒﺔ أرﺑﺎح رأس املﺎل واﻟﺪﺧﻞ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺤﺮ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر» ،إن ﺧﻔﺾ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ إﺗﺎﺣﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﺎﺋﺾ املﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ رأس املﺎل وﺗﻨﻤﻴﺘﻪ؛ ري ﰲ أوﻟﻮﻳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك وإﻋﺎدة اﻟﺘﻮزﻳﻊ إﱃ رأس املﺎل اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﺈﺟﺮاء ﺗﻐﻴ ٍ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺗﺤﺴني اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ؛ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺤﺮز 5 ﺑﺄﺛﺮ ﻣﺴﺘﺪﻳ ٍﻢ ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻮ«. ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻛﺒريًا ﰲ رﻓﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ رأس املﺎل ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ٍ اﻟﻨﻤﺮ اﻟﻜﻠﺘﻲ :ﺣﻆ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳني ري ﰲ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .ﻋُ ﺮﻓﺖ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﺗُﻌَ ﱡﺪ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻣﻤﺘﺎ ًزا ﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ إﺣﺪاث ﺗﻐﻴ ٍ ٍ ﻟﺴﻨﻮات ﺑﺄﻧﻬﺎ رﺑﻴﺐ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺼﺎرﻣﺔ ،واﻟﺘﺨﻠﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، واﻟﺮﻛﻮد ،واﻟﻌﻨﻒ ،واﻧﻌﺪام اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﳼ ،ﺣﺘﻰ اﻟﺠﻮع .وﻣﻊ أواﺧﺮ ﻋﺎم ،١٩٨٧ وﺻﻞ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﱃ ١٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ. ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺎﺟﺊ؛ ﻓﺎﻧﻀﻤﺖ أﻳﺮﻟﻨﺪا إﱃ »املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ« ،ﺑﻤﺎ وﻟﻜﻦ ﺗﻐريت اﻷﻣﻮر ٍ ﺗﻀﻤﱠ ﻨﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ إﻗﺮار اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﻤﻠﺔ اﻟﻴﻮرو اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وأﻧﺸﺄت ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ٍ ٍ ﻣﺮﻧﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ املﻬﺎرة .واﺟﺘﻬﺪ اﻟﻘﺎدة ﻋﻤﺎﻟﺔ وأﺑﺮﻣﺖ ﺻﻔﻘﺔ ﻣﻊ اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻟﺘﻮﻓري اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﻮن ﰲ ﻣﻐﺎزﻟﺔ اﻟﴩﻛﺎت املﺘﻌﺪدة اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ٍ ٍ ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﴐﻳﺒﻴ ٍﺔ ﻛﺒرية .واﻟﻴﻮم ﻋﻤﺎﻟﺔ ﻣﺪرﺑ ٍﺔ ﺟﻴﺪًا وﻟﻜﻨﻬﺎ رﺧﻴﺼﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻮﻓري ﻣﻌﺪل ﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﴩﻛﺎت ﰲ أوروﺑﺎ ،ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٢٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﺗﻘﻮم ﺗﺤﻈﻰ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﺑﺄﻗﻞ ٍ ً دول أﺧﺮى ،ﺧﺎﺻﺔ ﻫﺆﻻء ذوي اﻷﺻﻮل ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ذوي املﻬﺎرات املﺘﻄﻮرة ﻣﻦ ٍ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ .ﻛﻤﺎ ﱢ ﺗﻮﻓﺮ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺻﺤﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة وﺑﻨﻴﺔ ﺗﺤﺘﻴﺔ ﻣﻤﺘﺎزة )ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﴐر ً أﻳﻀﺎ ﻣﻦ إﻋﺎﻧﺎت املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ١٫٢ﻣﻠﻴﺎر ﻳﻮرو ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ(. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ ،ﺣﻘﻘﺖ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﻧﻤﻮٍّا ٍ ﻣﺮات ﻣﻦ ﺑﻘﻴﺔ دول أوروﺑﺎ وأﴎع ﻣﺮﺗني ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ أﴎع ﺛﻼث ﺑﻤﻌﺪل ﺳﻨﻮيﱟ ﺑﻠﻎ ١٠ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﻘﺪ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ،ﻧﻤﺎ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ٍ ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﻛﺎن ﻧﻤﻮ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ أﻛﺜﺮ روﻋﺔ؛ إذ ارﺗﻔﻊ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ .وﺻﺎرت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ﰲ ٍ وﻗﺖ ﻣﺎ إﱃ ١٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﻻ وﺟﻮد ﻟﻬﺎ 201
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ .ﻛﺬﻟﻚ ارﺗﻔﻌﺖ اﻷﺟﻮر ،وﺻﺎر ﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪي ﻣﺘﺴﺎوﻳًﺎ ﻣﻊ ﻧﻈريه ﰲ ﺑﻘﻴﺔ دول أوروﺑﺎ .وﻟﻌﻞ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﻠﺒﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ ﺗﻀﺨﻢ اﻷﺳﻌﺎر ،اﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ ﺿﻌﻒ املﻌﺪل اﻷوروﺑﻲ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﰲ ﻋِ ﺪاد اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ اﻟﻬﺮب ﻣﻨﻬﺎ .أﻣﺎ اﻟﻴﻮم، ﻓﻘﺪ ﺻﺎرت دوﻟﺔ ﺗﻔﺨﺮ ﺑﺎﻻﻧﻀﻤﺎم واﻟﻬَ َﺮع إﻟﻴﻬﺎ. املﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻼ ﺣﺪود ﰲ رأﻳﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﻘﻠﻞ ﻣﻦ َﻗﺪْر أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﻦ أن اﺳﺘﺪاﻣﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻏري ﻣﻤﻜﻨﺔ .ﺗﺨﻴﱠﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ملﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻨﺎ املﻌﻴﺸﻴﺔ أن ﺗﺘﻄﻮر إذا ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﲇ: • • • • • •
ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﻴﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﻣﻬﺎﻣﻪ املﴩوﻋﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻼ ﺷ ﱟﻚ أﻗﻞ ﻣﻦ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ. اﺳﺘﺒﺪال ﴐﻳﺒﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﺒﺴﻄﺔ ﻗﺪرﻫﺎ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻧني اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ. ﺧﺼﺨﺼﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،أو اﻷﻓﻀﻞ ﺗﺮك اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﻀﻌﻮن ﺧﻄﻄﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ. ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻏﻄﺎءٍ ﻧﻘﺪيﱟ ﺳﻠﻴ ٍﻢ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ إﺣﺒﺎط اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﻴﺊ ودورة اﻻﻧﺘﻌﺎش واﻟﻜﺴﺎد ﰲ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل. ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻋﺪاﻟﺔ ﻣﻨﺼﻔﺔ ﺗُﺤ ﱢﺮر ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﺤﺎﻣني ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻟﻴﺼﺒﺤﻮا ﻣﻮاﻃﻨني ﻣﻨﺘﺠني. اﻟﻜﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ.
ﺗﺨﻴﻞ اﻟﻄﻔﺮات اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﺪث ﰲ اﻟﻄﺐ ،واﻟﻨﻘﻞ ،واﻹﺳﻜﺎن ،واﻻﺗﺼﺎﻻت، ﱢ املﺤري ﻟﻠﻌﻘﻞ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن واﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺒﻨﱢﻲ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺤﺮ .ﻣﻦ ﻧﻀﺎﻋﻒ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻨﺎ املﻌﻴﺸﻴﺔ ﻣﺮﺗني أو ﺛﻼﺛًﺎ ﰲ ﻓﱰ ٍة ﻗﺼرية .وﰲ ذﻟﻚ ﻧﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﻤﻘﻮﻟﺔ ٍ ٍ ﻣﻬﻤﺔ ،وﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻛﻴﻨﺰ» :ﻫﻜﺬا وﻷول ﻣﺮ ٍة ﻣﻨﺬ ُﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ،ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺳﺘﺨﺪام ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻷﻋﺒﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻠﺤﺔ ،وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺷﻐﻞ وﻗﺖ ﻓﺮاﻏﻪ ،وأي ﻋﻠ ٍﻢ 6 ٍ وﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ«. واﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺤﻜﻤﺔ وﻓﺎﺋﺪ ٍة ﻣﺮﻛﺒ ٍﺔ ﺳﻴﺤﻘﻘﺎن ﻟﻪ ﻣﺂرﺑﻪ ،ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻴﺶ ٍ ٍ
202
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﴩون
ﺛﻮرة اﻟﴬﻳﺒﺔ اﳊﺪﻳﺔ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ ﻳﺼﻞ إﱃ اﻟﻌﺎملﻴﺔ
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ آرﺛﺮ ﻻﻓﺮ واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﻳﺠﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ، واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ،أﻗ ﱠﻞ رواﺟً ﺎ ﺑﺎﻟﺨﺎرج؛ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎملﻲ. ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻣﻮر» ،وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل«
1
ارﺗﺒﻄﺖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض 2 ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،ﺑﺤﺮﻛﺔ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﺑﺎﻟﺠﻬﻮد املﺒﺬوﻟﺔ ﻟﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ؛ ﻓﻘﺪ أدى ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ 3 َي اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت واﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺘﻀﺨﻢ املﺘﻨﺎﻣﻲ ﰲ ﻋﻘﺪ ِ ٍ ﴍﻳﺤﺔ ﴐﻳﺒﻴ ٍﺔ إﱃ أﺧﺮى؛ ﻣﻤﺎ أدﱠى إﱃ ﻧﻘﻞ أﺻﺤﺎب املﺎﴈ ،إﱃ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺪﺧﻮل ﻣﻦ 4 اﻟﺪﺧﻮل ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ املﺘﻮﺳﻄﺔ إﱃ ﴍاﺋﺢَ ﴐﻳﺒﻴ ٍﺔ أﻋﲆ .وﻳﻨﺒﻪ ﺑﺮوس ﺑﺎرﺗﻠﻴﺖ إﱃ أﻧﻪ »ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬاﺋﺐ ،ﺳﻮف ﻳﻘﻞ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﺮه اﻟﻔﺮد ،وﻳﺰداد اﺳﺘﻬﻼﻛﻪ ،وﻳﻘﻞ ﺧﻔﺾ ﺣﺎ ﱟد ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،وﺗﺰداد اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ «.ﻳﺆﻳﺪ أﻧﺼﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض إﺟﺮاء ٍ ٍ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ ،وأرﺑﺎح رأس املﺎل ،وأﺷﻜﺎل اﻟﺜﺮوة اﻷﺧﺮى ﻹﻃﻼق اﻟﻌﻨﺎن ﻟﺮﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل ،واﻻﺑﺘﻜﺎر ،واملﺠﺎزﻓﺔ ،وﻣﻨﻊ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ وأﺻﺤﺎب اﻷﻋﻤﺎل ٍ ﺛﻐﺮات ﻣﺨﺮﺑ ٍﺔ ﻹﻳﺠﺎد ﻣﻠﺠﺄٍ ﴐﻳﺒﻲ. ﻣﻦ اﻟﺘﻮ ﱡرط ﰲ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻣﺎ اﻟﺬي أدﱠى إﱃ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﻮاح ،إﱃ اﻧﺘﺼﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض، واﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ؟ ﻳُﻌﺰى ذﻟﻚ ،ﻣﻦ ﻋﺪة ٍ وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻃﻮرت ﻋﲆ ﻳﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﱢني آرﺛﺮ ﺑﻲ ﻻﻓﺮ ،وﺟﻮد واﻧﻴﺴﻜﻲ ،وﺑﻮل ﻛﺮﻳﺞ روﺑﺮﺗﺲ ،وﺑﺮوس ﺑﺎرﺗﻠﻴﺖ، واﻟﺤﺎﺋﺰ ﺟﺎﺋﺰ َة ﻧﻮﺑﻞ روﺑﺮت ﻣﺎﻧﺪل. ِ ﺗﺄﻣﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺞ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض املﺆﻳﺪة ﻟﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ: )» (١أﻧﺼﺎر ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر رﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل وﻓﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ «.إن ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ،ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻗﻮﻟﻬﻢ ،ﻳ ﱢ ُﺤﻔﺰ اﻟﻨﻤ ﱠﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱠ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻘﻞ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال ً وﻣﻀﻴﻌﺔ ﻟﻠﻤﺎل ،إﱃ ﻗﻄﺎع املﴩوﻋﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻓﻌﺎل ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم ،اﻟﺬي ﻳﻌﺘﱪوﻧﻪ ﻏري ٍ ً وﻣﻨﻌﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﱪوﻧﻪ أﻛﺜﺮ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﻨﻤﻮ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳُﻌَ ﱡﺪ أﻛﺜﺮ ﻓﺎﺋﺪ ًة اﻟﻌﺎدي ﻣﻦ ﺧﻄﻂ إﻋﺎدة ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة ،ﺣﺘﻰ إن ﺟﻮن ﻛﻴﻨﻴﺚ ﺟﺎﻟﱪﻳﺚ اﻋﱰف ذات ﻣﺮ ٍة ً ﻗﺎﺋﻼ» :اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد اﻷﺧرية ،وﻟﻴﺲ إﻋﺎدة ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ 5 ﺟﻠﺒﺖ اﻟﺰﻳﺎدة املﺎدﻳﺔ اﻟﻜﺒرية ،ورﻓﺎﻫﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎدي«. )» (٢ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻌﺎﺋﺪات «.ﺣني ﺗﻜﻮن ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻻرﺗﻔﺎع ٍ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ( ،ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻞ ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪل اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ )ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺠﺎوز ﰲ ﻋﻦ ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ .واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﻪ ﺑﻐﻠﻖ اﻟﺜﻐﺮات املﺼﻤﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺤﺎﻳﻞ ٍ ﺑﻌﺎﺋﺪات إﺟﻤﺎﻟﻴ ٍﺔ أﻋﲆ. ﻋﲆ املﻌﺪﻻت اﻟﺤﺪﻳﺔ اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ ،ﻳﻌﻮض اﻟﺨﻔﺾ ﰲ املﻌﺪﻻت اﻟﺤﺪﻳﺔ ً ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﺮﺑﺤً ﺎ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﻃﺮاف ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺴﺎﺳﺔ. وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ ﻓﺘﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗُﺨﻔﺾ املﻌﺪﻻت اﻟﺤﺪﻳﺔ ،ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ. )» (٣ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ ﻳﻘﴤ ﻋﲆ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﻼﺟﺊ ﴐﻳﺒﻴﺔ ﻣﺨﺮﺑﺔ ً ﺟﻴﻮﺷﺎ وﻏري ﻓﻌﺎﻟﺔ ،وﻳﺤﺪ ﻣﻦ أﻧﺸﻄﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺴﻮداء «.إن املﻌﺪﻻت اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻻرﺗﻔﺎع ﺗﺪﻓﻊ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻃﺮق ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻟﻠﺘﺤﺎﻳﻞ ﻋﲆ ﻣﺄﻣﻮر اﻟﴬاﺋﺐ؛ ﻣﻦ املﺤﺎﺳﺒني واملﺤﺎﻣني إﱃ اﻛﺘﺸﺎف ٍ ٍ ٍ ﺿﺨﻤﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻘﺎرات ،واملﺆﺳﺴﺎت ،وﺻﻨﺎدﻳﻖ أﻣﻨﺎء ﺻﻨﺎﻋﺎت ﺟﺪﻳ ٍﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻳﺘﻢ إﻧﺸﺎء اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻘﻂ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺠﻨﱡﺐ املﺼﺎدرة ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ .وﺧﻔﺾ املﻌﺪل اﻟﺤﺪي ﻳﻘﻠﻞ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻫﺬه املﻼﺟﺊ اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ؛ إذ ﻳﻘﺮر ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص أﻧﻪ ﻣﻦ ٍ ملﴩوﻋﺎت أﻛﺜﺮ رﺑﺤﻴﺔ. اﻷوﻓﺮ دﻓﻊ اﻟﴬﻳﺒﺔ ،وأﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﺼﻴﺺ اﻷﻣﻮال 204
ﺛﻮرة اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ
وﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﺤﺘﻲ )اﻟﺴﻮق اﻟﺴﻮداء( ﻏري اﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻠﴬاﺋﺐ ٍ ٍ ٍ ٍ وﻣﻔﺮﻃﺔ ﰲ ﻣﺘﻀﺨﻤﺔ وﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ أﺣﺪ املﺆﴍات ﻋﲆ وﺟﻮد اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ وﻓﺮض اﻟﻠﻮاﺋﺢ .وﻳﻘﺪﱢر ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني أن ﻧﺼﻒ اﻗﺘﺼﺎد إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻏري ﻣﺴﺠﻞ. ٍ إﴎاف ﰲ ﻓﺮض ﺧﻄﺮ ﻋﲆ وﺟﻮد وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻨﻤﻮ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﺤﺘﻲ ﻋﻼﻣﺔ ٍ ﱢ ٍ اﻟﺘﺤﲇ ﻛﻌﻼﻣﺔ ﻋﲆ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﱃ اﻟﴬاﺋﺐ .وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ ،ﻛﺜريًا ﺟﺪٍّا ﻣﺎ ﻳﺆﺧﺬ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﴫاﻣﺔ وﺗﺸﺪﻳﺪ اﻹﺟﺮاءات ﻋﲆ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ اﻟﻌﺎدل ﻣﻦ ﺧﻼل زﻳﺎدة اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ وﻛﻼء ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﴬاﺋﺐ ﻟﻀﺒﻂ املﺘﻬﺮﺑني ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ. ﻣﻌﻘﻮل ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﻣﻌﺪل ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﻏري أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳﺸريون إﱃ أن ﻓﺮض ٍ ِ ً ﺟﺎذﺑﻴﺔ وﻳﺆدي إﱃ زﻳﺎدة اﻻﻣﺘﺜﺎل اﻟﻄﻮﻋﻲ .وﺑﻌﺪ دراﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد أن ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺘﻬ ﱡﺮب أﻗﻞ اﻟﺘﺤﺘﻲ ،ﺧﻠﺺ اﻻﻗﺘﺼﺎدي دان ﺑﺎوﱄ إﱃ أﻧﻪ »ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﴬاﺋﺐ ﺗﺒﺬل ﻛﻞ ﺟﻬ ٍﺪ 6 ﻟِﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﺳﻨﺖ ﻣﺴﺘﺤَ ﱟﻖ ﻟﻬﺎ ،ﻟﺼﺎرت أﻣﺮﻳﻜﺎ أﻗﺮب ﻛﺜريًا إﱃ ٍ دوﻟﺔ ﺑﻮﻟﻴﺴﻴﺔ«. )» (٤اﻟﴬاﺋﺐ ﺗُﺸﻮﱢه اﻟﺤﻮاﻓﺰ «.ﻳﺘﺴﺎءل اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺎن وﻳﻠﻴﺎم ﺑﻮﻣﻮل وآﻻن ﺑﻠﻴﻨﺪر »ﻣﺎ دﺧﻞ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ١٠٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ اﻟﺬي ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻮ ﺣﺎوﻟﻨﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺴﺎوا ٍة ﻣﺜﺎﻟﻴ ٍﺔ ﺑﻔﺮض ﴐﻳﺒﺔ ٍ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠني؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﺑﺎﻟﺘﺴﺎوي ﺑني اﻟﺴﻜﺎن؟ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﺪى أﺣ ٍﺪ ﺣﺎﻓﺰ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،أو اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،أو املﺨﺎﻃﺮة ،أو اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄي ﳾءٍ آﺧﺮ ﻟﻜﺴﺐ املﺎل؛ ﻷن أي ٍ 7 املﻜﺎﻓﺂت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻬﺬه اﻷﻧﺸﻄﺔ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺳﻮف ﺗﺨﺘﻔﻲ«. وﻳﺬﻫﺐ ﺑﻮل ﻛﺮﻳﺞ روﺑﺮﺗﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺘﺨﺼﺺ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ً ﻋﻘﺒﺔ أﻣﺎم اﻟﻌﻤﻞ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر واﻻدﺧﺎر» ،ﻟﻘﺪ إﱃ أن اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ً ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﺟﻠﺒﺖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ﻣﻨﻈﻮ ًرا ﺟﺪﻳﺪًا ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ؛ ﻋﲆ ﺗﺄﺛريه ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق ،أﻇﻬﺮ أﻧﺼﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض أن املﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ٍ ﻣﻌﺪﻻت ﴐﻳﺒﻴ ٍﺔ أﻗﻞ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺒﺎﴍ ﻋﲆ إﻣﺪاد اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت؛ ﻓﻮﺟﻮد ﺑﺸﻜﻞ أﺛﺮت ٍ ٍ ٍ ملﻜﺎﻓﺂت ﺣﻮاﻓﺰ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،واﻻدﺧﺎر ،واملﺨﺎﻃﺮة ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر .وﻣﻊ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻨﺎس أﻋﲆ ﺑﻌﺪ دﻓﻊ اﻟﴬﻳﺒﺔ ،أو رﺑﺤﻴ ٍﺔ أﻋﲆ ،ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺪﺧﻮل وﺗﻨﻤﻮ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ؛ ﻣﻤﺎ ً ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ إﱃ اﻟﺨﺰاﻧﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﻤﻮ ﻣﻌﺪل اﻻدﺧﺎر؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻮﻓﺮ ﻳﻌﻴﺪ 8 ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﻼﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ واﻟﺨﺎص«.
205
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ ﻳﺸري أﻧﺼﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض إﱃ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ ﻟﺪﻋﻢ زﻋﻤﻬﻢ ﺑﺄن ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﻔﺰ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﺗﺤﺖ اﻟﻈﺮوف املﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ً ً ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ .ﱢ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑني ﻣﺴﺘﻮى ﻋﻼﻗﺔ ﻳﺒني ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ )ﺷﻜﻞ (1-26 اﻟﴬﻳﺒﺔ واﻟﻌﺎﺋﺪات .وﻗﺪ اﺑﺘُﻜﺮ ﻋﲆ ﻳﺪ آرﺛﺮ ﺑﻲ ﻻﻓﺮ ،وﻫﻮ أﺳﺘﺎذ ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ،اﻟﺬي رﺳﻢ املﻨﺤﻨﻰ اﻟﺸﻬري ﻋﲆ ﻓﻮﻃﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ وﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻨﻮب ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﻣﺎﺋﺪ ٍة ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻄﺎﻋﻢ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﰲ أواﺧﺮ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻹﺛﺒﺎت ﻓﻜﺮﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ. ً ﺧﻔﺾ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ ﻋﲆ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻋﺎﺋﺪات وﻓﻘﺎ ملﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ ،ﺳﻮف ﻳﻌﻤﻞ أي ٍ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ داﻣﺖ املﻌﺪﻻت ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻻرﺗﻔﺎع .وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد أن ﻳﺘﺠﺎوز ﻣﻌﺪل اﻟﴬﻳﺒﺔ ٍ زﻳﺎدات أﺧﺮى ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ إﱃ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﻌﺎﺋﺪات؛ ﻷن اﻟﻨﻘﻄﺔ )س( ،ﺗﺆدي أي ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ ﻳُﺤﺒﻂ ﺟﻬﺪ اﻟﻌﻤﻞ وﻳﺸﺠﻊ ﺗﺠﻨﺐ اﻟﴬاﺋﺐ ،ﺑﻞ واﻟﺘﻬﺮب ﻏري ٍ ﻧﻘﻄﺔ ﺣﺮﺟﺔ ،ﻻﺳﺘﻄﺎع املﴩوع .ﰲ اﻟﺸﻜﻞ ،1-26ﻟﻮ أن ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ وﺻﻠﺖ إﱃ ﺧﻔﺾ ﰲ اﻟﴬﻳﺒﺔ )ﻣﻦ ض ١إﱃ ض س( زﻳﺎدة اﻟﻌﺎﺋﺪات )ﻣﻦ ع ١إﱃ ع س( .وﻳﺸري إﺟﺮاء ٍ أﻧﺼﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض إﱃ اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت ﰲ ﴐاﺋﺐ أرﺑﺎح رأس املﺎل اﻟﺘﻲ أُﺟﺮﻳﺖ ﻋﺎﻣَ ﻲ ١٩٧٨و ١٩٩٦ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﺣني أدت اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ زﻳﺎدة اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﻮاردة إﱃ وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ أرﺑﺎح رأس املﺎل. وﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﻮن واملﻨﺘﻘﺪون اﻵﺧﺮون ملﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ ﻋﲆ املﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪه ﻋﲆ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ؛ ﻓﻴﺸريون ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،إﱃ أﻧﻪ ﺣني ﺗﻢ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ رﻳﺠﺎن ﰲ ﻋﺎم ،١٩٨٤اﺗﺠﻪ اﻟﻌﺠﺰ إﱃ اﻷﺳﻮأ ،وﻟﻴﺲ إﱃ اﻷﻓﻀﻞ .وﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ، ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٤ﺣني ﺿﻐﻂ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ،ﻋﱪ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ زﻳﺎد ٍة ﰲ ﻣﻌﺪل ﴐﻳﺒﺔ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ إﱃ ٣٩٫٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﺣﺬﱠر أﻧﺼﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ﻣﻦ أن اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ﺳﻮف ﺗُﻘﻠﻞ اﻟﻌﺎﺋﺪات ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺎﺋﺪات ارﺗﻔﻌﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺧﻼل ﻓﱰة اﻧﺘﻌﺎش ﱡ ﺗﻮﺳﻌﻲ .ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺘﻐريات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﰲ اﻟﺴﻮق. ٍ وﺛﻴﻖ ﺑﺎﻹدارات اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ ﺑﺸﻜﻞ ارﺗﺒﻄﺖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ٍ ٍ ﺧﻔﺾ ﺣﺎ ﱟد ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ روﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن وﺟﻮرج دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش ،اﻟﻠﺬَﻳﻦ أﻳﱠﺪا إﺟﺮاء ٍ اﻟﺤﺪﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺸﺨﴢ ودﺧﻞ اﻟﴩﻛﺎت ،وأرﺑﺎح رأس املﺎل ،وﺣﺼﺺ اﻷرﺑﺎح .وﺗﺒﻨﱠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎدي ﺑﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت 206
ﺛﻮرة اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ
ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﺔ
٪١٠٠ ض
اﻟﻨﻄﺎق املﺎﻧﻊ
١
ض
س
ع
س
ع
٠
١
اﻟﻌﺎﺋﺪات )ﺑﺎﻟﺪوﻻر( ﺧﻔﺾ ﰲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ. ﺷﻜﻞ :1-26ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻻﻓﺮ :إﺟﺮاء ٍ )املﺼﺪر :آرﺛﺮ ﺑﻲ ﻻﻓﺮ وﴍﻛﺎه(.
ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ﻟﺘﺤﻔﻴﺰ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﻧﺸﺄت ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﰲ أوروﺑﺎ، ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎم أﻳﺮﻟﻨﺪا ﺑﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪل ﴐﻳﺒﺔ اﻟﴩﻛﺎت ﻟﺪﻳﻬﺎ إﱃ ١٢٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﺗﺒﻌﺘﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ دول أﺧﺮى ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وأملﺎﻧﻴﺎ ،واﻟﻨﻤﺴﺎ .وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﻲ أﺣﺪث اﻟﺪول املﻨﻀﻤﺔ إﱃ اﻟ ﱠﺮ ْﻛ ِﺐ ،ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻧﻴﻜﻮﻻ ﺳﺎرﻛﻮزي ،اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻄﻂ ﻟﺨﻔﺾ ﴐﻳﺒﺔ ٍ ﻧﻘﺎط ﻣﺌﻮﻳﺔ. اﻟﺪﺧﻞ ﻋﲆ املﴩوﻋﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑﻤﻘﺪار ﺧﻤﺲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﰲ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ﻟﺪراﺳﺘﻪ ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﺤﺘﻲ ،ﻳﻮﴆ دان ﺑﺎوﱄ ﺑﺄن »املﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﺮ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﱢ ري ﻣﻦ املﻌﺪﻻت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ «.وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺬي ﺗﺴﻠﻜﻪ وﻳﺒﺴﻂ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ ٍ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ دول ﻋﺪﻳﺪة .وﻳﺆﻳﺪ أﻧﺼﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض ﻓﺮض ﴐﻳﺒ ٍﺔ واﺣﺪ ٍة ﺑﻌﺪدٍ ﻣﺤﺪو ٍد ﻣﻦ اﻹﻋﻔﺎءات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﻨﻈﺎم اﻟﴬﻳﺒﻲ املﺜﺎﱄ .وﺗﺮﺗﺒﻂ ﺣﺮﻛﺔ وإﻫﺪار ارﺗﺒﺎ ً ٍ ٍ ﻃﺎ وﺛﻐﺮات ﺗﻌﻘﻴﺪات اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﴬﻳﺒﻲ اﻟﺤﺎﱄ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﻮﺑﻪ ﻣﻦ ٍ 207
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً وﺛﻴﻘﺎ ﺑﺜﻮرة ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض؛ ﻓﻌﻘﺐ ﻧﴩ ﻛﺘﺎب »اﻟﴬﻳﺒﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ ،اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ، اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ« ﻟﺮوﺑﺮت إي ﻫﻮل وأﻟﻔني راﺑﻮﺷﻜﺎ ) ،(١٩٨٣اﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺪاﻋﻴﺔ ٍ ٍ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ دﻋﻤً ﺎ وﺗﺄﻳﻴﺪًا ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ اﻟﺪول ﺑﺴﻴﻄﺔ إﱃ وﺿﻊ ﻣﻌﺪل ﴐﻳﺒ ٍﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﻛﺎﻧﺖ إﺳﺘﻮﻧﻴﺎ ﺑﻌﺪ ً ِ ﺳﻨﻮﻳﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٠٠٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻌﺪﻻت ﺗﻀﺨ ٍﻢ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ وﺗﺮاﺟﻌً ﺎ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻨﺴﺒﺔ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى ﻋﺎﻣني .ﺗﺒﻨﱠﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺼﻐرية ﰲ ﻋﻬﺪ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻹﺳﺘﻮﻧﻲ ﻣﺎرت ﻻر ﻣﻌﺪل ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﻓﺮدﻳ ٍﺔ ﻟﻸﻓﺮاد وﻣﻌﺪل ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت ﻗﻴﻤﺘُﻪ ﺻﻔﺮ ﻋﲆ اﻷرﺑﺎح املﻌﺎد اﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻣﺘﺤ ﱢﺮ ٍر ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ .واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺒﻬﺮة ﺣﺘﻰ اﻵن؛ إذ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻌﺪﻻت ﻧﻤ ﱢﻮ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ. ً ً ﺛﺎﺑﺘﺔ ﴐﻳﺒﺔ ﺣﺬت دول أﺧﺮى ﻣﻦ دول ﴍق أوروﺑﺎ اﻟﺤﺬو ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﺘﺒﻨﱠﺖ روﺳﻴﺎ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ١٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ،٢٠٠١واﺧﺘﺎرت أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ﻧﻔﺲ ﻣﻌﺪل اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ً ﻣﻌﺪﻻ ﻗﻴﻤﺘﻪ ١٩ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٤؛ وروﻣﺎﻧﻴﺎ ١٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ٢٠٠٤؛ وأدﺧﻠﺖ ﺳﻠﻮﻓﺎﻛﻴﺎ ﰲ ٢٠٠٥؛ وﺗﺨ ﱢ ﻣﻌﺪل ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ .٢٠٠٨وﺗﺨﻄﻂ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ ﻄﻂ أﻟﺒﺎﻧﻴﺎ ﻟﻮﺿﻊ ٍ اﻟﻴﻮﻧﺎن وﻛﺮواﺗﻴﺎ ﻟﻮﺿﻊ ﻧﻔﺲ املﻌﺪﻻت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﰲ ً ً وﺳﻬﻮﻟﺔ ﰲ اﻟﺤﺴﺎب ﻣﻦ أن ﻳﺪﻓﻊ ﻋﺪاﻟﺔ اﻧﺘﺸﺎر وﺗﻮﺳﻊ .ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ٍ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻧﻔﺲ املﻌﺪل؟ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ً ٍ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻧﺴﺒﺘُﻬﺎ ١٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻔﺮدي أﻳﻀﺎ ﺑﴬﻳﺒ ٍﺔ ﻟﻌﻘﻮ ٍد ﻋﺪﻳﺪة ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗُﻔﺮض ﴐﻳﺒﺔ ﺻﻔﺮﻳﺔ ﻋﲆ أرﺑﺎح رأس املﺎل .ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ٌ ٌ ﴐﻳﺒﻴﺔ أﺧﺮى ﻣﻼذات ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺑﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪﻟﻬﺎ اﻟﴬﻳﺒﻲ ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺲ ﻣﻊ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ .وﺗﺒﻨﱠﺖ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﴐﻳﺒﻴٍّﺎ ﺻﻔﺮﻳٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول ﻗﺪ ﻗ ﱠﻠﺺ ﻋﺪد اﻟﴩاﺋﺢ اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ .وﰲ إﺣﺼﺎءٍ أﺧري ،ﺗﺒﻨﱠﺖ ١٤دوﻟﺔ ﴐﻳﺒﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ ١٠ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ دول اﻟﺴﺘﺎر اﻟﺤﺪﻳﺪي اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﱠ ﺗﺮﺷﺢ ﺳﺘﻴﻒ ﻓﻮرﺑﺲ ،رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺔ »ﻓﻮرﺑﺲ« وﻣﺆﻟﻒ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻛﺘﺎب »ﺛﻮرة اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ« ) (٢٠٠٥ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ ﰲ ﻋﺎﻣَ ﻲ ١٩٩٦و ٢٠٠٠ﻋﲆ ٍ ٍ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﺧﻄﺘﻪ ﻛﺜريًا .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ اﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﻳﺆﻳﺪ ﻓﺮض ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﱟ أن ﻫﻨﺎك ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻟﻠﴬﻳﺒﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺧﺎرج اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. 208
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌﴩون
اﳉﺪل ﺣﻮل ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺛﺮﻳﺎء ﻳﺰدادون ﺛﺮاءً واﻟﻔﻘﺮاء ﻳﺰدادون …
ﺟﺎﺋﺮ ﺑﺄﺳﻠﻮب إن اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة واﻟﺪﺧﻞ ٍ ٍ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ أﺳﻠﻮﺑًﺎ ﻣﺪﻣ ًﺮا ﻣﻦ وﺳﻠﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﱟ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ. ﺟﻮن ﻛﻴﻨﻴﺚ ﺟﺎﻟﱪﻳﺚ
1
ﺑﻌﺪ ﺣﺴﺎب ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻀﺨﻢ ،ﺳﺘﺠﺪ أن أﺟﺮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻌﺎدي ﻗﺪ ارﺗﻔﻊ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ ١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم .٢٠٠٠ ذي إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ ) ١٥ﻳﻮﻧﻴﻮ(٢٠٠٦ ، ﻳﻈﻬﺮ اﻻدﻋﺎء اﻟﺘﺎﱄ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻜﺎن :اﻷﺟﻮر املﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ رﻛﻮد ،وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة واﻟﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺰداد ﺗﻔﺎوﺗًﺎ وﻇﻠﻤً ﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﻨﻮان ﻏﻼﻓﻬﺎ» ،اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻔﺠﻮة املﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ« ،ﺗﺨﻠﺺ ﻣﺠﻠﺔ »ذي إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ« إﱃ أن »ﺟﻤﻴﻊ املﻘﺎﻳﻴﺲ ﺗُ ﱢﺒني ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﻤﻦ ﰲ أﻧﻪ ﻋﲆ ﻣﺪار رﺑﻊ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﻛﺎﻧﺖ أﺣﻮال ﻣَ ﻦ ﰲ اﻟﻘﻤﺔ ﺗﺘﺤﺴﻦ ٍ 2 املﻨﺘﺼﻒ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺠﺎوزوا ﺑﺪورﻫﻢ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﰲ اﻟﻘﺎع«. ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺪول أﺧﺮى ،وﻓﻘﺎً ً اﻟﺪﺧﻞ اﻷﻛﱪَ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻋﺪ ُم املﺴﺎوا ِة ﰲ ِ ﻟﻘﻴﺎﺳﻬﺎ ﺑﻤﻌﺎﻣﻞ ﺟﻴﻨﻲ .وﻳﻌﺮف ﻣﻌﺎﻣﻞ ﺟﻴﻨﻲ ﺑﺄﻧﻪ رﻗﻢ ﻳﻘﻊ ﺑني ٠و١؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﺜﱢﻞ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
َ اﻟﺒﺴ ُ املﺴﺎﺣﺔ ﺑني ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ )اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ (1-27ﻟﻠﺘﻮزﻳﻊ وﺧﻂ اﻟﺘﻮزﻳﻊ املﺴﺘﻘﻴﻢ؛ ﻂ َ املﺴﺎﺣﺔ أﺳﻔﻞ ﺧﻂ اﻟﺘﻮزﻳﻊ املﺴﺘﻘﻴﻢ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺸري اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺎﻣﻞ ﰲ ﺣني ﻳﻤﺜﱢﻞ املﻘﺎ ُم ٍ ﻋﺪاﻟﺔ أﻛﱪ ﰲ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ أو اﻟﺜﺮوة ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸري ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺎﻣﻞ ﺟﻴﻨﻲ إﱃ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﺟﻴﻨﻲ إﱃ ﻣﻦ ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﰲ اﻟﺘﻮزﻳﻊ. ١٠٠ ٨٠
٤٠
٪ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ
٦٠
٢٠
١٠٠
٨٠
٤٠ ٦٠ ٪ﻣﻦ اﻷﴎ
٢٠
٠
٠
ﺧﻂ املﺴﺎواة اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ ﺧﻂ اﻟﻼﻣﺴﺎواة اﻟﺘﺎﻣﺔ ﺷﻜﻞ :1-27ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ.
ﻳﻘﻮم ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ ﺑﻘﻴﺎس اﻟﻨﺴﺒﺔ املﺌﻮﻳﺔ ﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺪﺧﻮل املﻜﺘﺴﺒﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ٍ ٍ ٍ ﻓﺌﺎت ﻟﻠﺪﺧﻞ .ﰲ دوﻟﺔ ﻣﺎ .وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ إﱃ ﺧﻤﺲ ﻓﺌﺎت ﻣﺘﻌﺪدة اﻟﺪﺧﻞ ﰲ ُ ً اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺘﺤﺼﻞ اﻟﺨﻤﺲ اﻷﻋﲆ )ذوو اﻟﺪﺧﻞ اﻷﻋﲆ( ﻋﲆ ٤٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﱠ ﻳﺘﺤﺼﻞ اﻟﺨﻤﺲ اﻷدﻧﻰ )ذوو اﻟﺪﺧﻞ املﺤﺪود( ﻋﲆ ﺣﻮاﱄ ٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ. دﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺤﻮ وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ ،ﺗﺒﺪو ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻟﻠﺪﺧﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ ٍ ً اﺳﺘﻔﺤﺎﻻ ﺑني اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﱪى. ﺧﻄري ،ﺣﺘﻰ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﱪ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷﻛﺜﺮ 210
اﻟﺠﺪل ﺣﻮل ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﺮض ﻣﻨﺘﻘﺪو رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﻮق ﻟﻠﺘﻀﻠﻴﻞ ﺑﻔﻌﻞ املﻘﺎﻳﻴﺲ املﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ ً ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ وﻣﻌﺎﻣﻞ ﺟﻴﻨﻲ .ﻏري أن ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ ﻳﺆﺳﺲ ﻟﻠﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ً ً دﻟﻴﻼ ﻏريَ ِ وﻣﻀﻠﻼ ﻟﻘﻴﺎس اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻟﻨﻔﱰض ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،أن ﻣﻨﺼ ٍﻒ ﻄﺎ ﻣﺜﺎﻟﻴٍّﺎ ﻟﻠﻤﺴﺎواة اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﻋﲆ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ؛ أي إن ُ ﺧ ٍّ اﻟﺨﻤﺲ اﻷﻋﲆ )أﻋﲆ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺪﺧﻮل( ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻓﻘﻂ ﻋﲆ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ دﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺨﻤﺲ اﻷدﻧﻰ )أﻗﻞ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ( ﻳﺰﻳﺪ ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ إﱃ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﻮزﻳﻊ املﺜﺎﱄ؟ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺠﻤﻴﻊ — املﻌﻠﻢ ،واملﺤﺎﻣﻲ ،واﻟﺴﺒﺎك ،واملﻤﺜﻞ — ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ 3 ﻧﻔﺲ اﻟﺪﺧﻞ! ﺑﻤﺎ أن ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺗﺴﺎويَ اﻷﺟﻮر ﺑني اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ً ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﺜﺎﻟﻴٍّﺎ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻻﻧﺘﻘﺎ َل ﻧﺤﻮ املﺴﺎواة اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ ﻣﻼﺋﻢ؟ ٍ ﻟﺪوﻟﺔ ﻣﺎ ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻟﻮرﻧﺰ ﺗﱪﻳﺮ أي زﻳﺎد ٍة ﰲ املﺴﺘﻮى املﻌﻴﴚ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﻬﻮ ﻓﻘﻂ ﻳﻘﻴﺲ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ ،ﰲ ﺣني أن املﺴﺘﻮى املﻌﻴﴚ اﻟﺸﺨﴢ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد ،ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﰲ ﺗﺰاﻳ ٍﺪ ﻋﺎﻣً ﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم. ﻟﻘﻴﺎس اﻟﺘﻐريات ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻋﲆ ﺛﺎن ،ﻫﻮ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ .وﻟﻬﺬا املﻘﻴﺎس ﻋﻴﻮﺑﻪ ً أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺗُﺨﻔﻲ إﺣﺪى ٍ ﻣﻘﻴﺎس ٍ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺘﺤﺴﻴﻨﺎت ﰲ املﺴﺘﻮى املﻌﻴﴚ ﻟﻠﻔﺮد ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻮﻗﺖ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، ري ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت .ﻏري أن ﻳﻜﺎد ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻻ ﻳُﻈﻬﺮ أي ﺗﻐ ٍ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ أﺧﺮى ﻟﻠﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﴫوﻓﺎت املﺴﺘﻬﻠﻚ واﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟﺠﻮدة ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ،ﺗُ ﱢﺒني ﺗﻄﻮ ًرا ﻛﺒريًا ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟ ٣٥ﻋﺎﻣً ﺎ املﺎﺿﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻊ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻣﻌﺪﱠل إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ﺑﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻛﺒري ٍة ﺑﻠﻐﺖ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻟﻮاﺣﺪ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﱰة. وﻛﻤﺎ ﻳﺘﺴﺎءل رﻳﺘﺸﺎرد ﻓﻴﺪر اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أوﻫﺎﻳﻮ» :ﻛﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ ﻋﺎم ١٩٧٥ ٍ أﺳﻄﻮاﻧﺎت ﻣﺪﻣﺠﺔ ،وأﺟﻬﺰة ﻛﺎن ﻳﻤﺘﻠﻚ أﺟﻬﺰة ﻓﻴﺪﻳﻮ ،وأﺟﻬﺰة ﻣﻴﻜﺮوﻳﻒ ،وﻣﺸﻐﻼت ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ؟« ﻋﻤﻞ ﺳﺘﺎﻧﲇ ﻟﻴﱪﺟﻮت رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺘﺎﻧﲇ ﻟﻴﱪﺟﻮت ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺘﻔﺮغ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ وﻳﺴﻠﻴﺎن ،ﻫﻮ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ أﺟﺮى ً ً ٍ ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ املﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ؛ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺄي دراﺳﺎت ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ٍ ً ﺑﺪاﻫﺔ؛ أﻻ وﻫﻮ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ أﺳﻮاق ﻣﺜﻞ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻣﻨﻬﺠً ﺎ أﻛﺜﺮ 211
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺟﺪول :1-27ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت املﻌﻴﺸﺔ ﻣﻦ ﻋﺎم ) .١٩٧٠–١٩٠٠املﺼﺪر :ﺳﺘﺎﻧﲇ ﻟﻴﱪﺟﻮت ،ﻛﺘﺎب »اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ« )ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن(.(١٩٧٦ ، ﺑني ﺟﻤﻴﻊ اﻷﴎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٠٠
ﺑني اﻷﴎ اﻟﻔﻘرية ﰲ ﻋﺎم ١٩٧٠
اﻟﻨﺴﺒﺔ املﺌﻮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎزل اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﺮاﺣﻴﺾ داﻓﻘﺔ
١٥
٩٩
ﻣﻴﺎه ﺟﺎرﻳﺔ
٢٤
٩٢
ﺗﺪﻓﺌﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ
١
٥٨
ﻓﺮد واﺣﺪ )أو أﻗﻞ( ﻟﻠﻐﺮﻓﺔ اﻟﻮاﺣﺪة
٤٨
٩٦
ﻛﻬﺮﺑﺎء
٣
٩٩
أﺟﻬﺰة ﺗﱪﻳﺪ
١٨
٩٩
ﺳﻴﺎرات
١
٤١
املﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﻔﺮدي ﰲ اﻟﻄﻌﺎم واملﻠﺒﺲ واﻹﺳﻜﺎن واﻟﻮﻗﻮد واﻷﻋﻤﺎل املﻨﺰﻟﻴﺔ واﻟﻨﻘﻞ واﻟﺼﺤﺔ واﻟﱰﻓﻴﻪ واﻟﺪﻳﻦ .إن ﻋﻤﻠﻪ ﻣﺒﻬﺮ ٍّ ﺣﻘﺎ! ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻟﻘﺪ ﻃﻮﱠر اﻟﻘﻴﺎﺳﺎت اﻟﻈﺎﻫﺮة ﰲ اﻟﺠﺪول 1-27ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ اﻟﺘﻐريات ﰲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت املﻌﻴﺸﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٠٠إﱃ ﻋﺎم .١٩٧٠ ﱢ ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻴﱪﺟﻮت ﻣﺮا ًرا ﻛﻴﻒ ﺳﻌﻰ ﻋﻤﻞ آﺧﺮ ،ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺴﻌﺎدة«، ﰲ ٍ َ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﻣﺘﺸﻜﻚٍ ﺟﻤﻴﻞ وأﻛﺜﺮ ﻣﻜﺎن وﻗﺎس ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ إﱃ ٍ ٍ ٍ راﺣﺔ؛ ﻓﺎﻟﻌﻘﺎﻗري واملﻨﺸﺂت اﻟﻄﺒﻴﺔ واﻹﺿﺎءة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﱪﻳﺪ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ واﻻﺗﺼﺎﻻت واﻟﱰﻓﻴﻪ واملﻼﺑﺲ اﻟﺠﺎﻫﺰة ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺳﺎﻫﻢ ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻇﺮوف املﻌﻴﺸﺔ. أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﻤﻞ املﺮأة ،ﻓﻴﺸري ﻟﻴﱪﺟﻮت إﱃ أن اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻬﺎم املﻨﺰﻟﻴﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻗﺪ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﻣﻦ ٧٠ﺳﺎﻋﺔ ﰲ ﻋﺎم ١٩٠٠إﱃ ٣٠ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ﺑﺄﻃﻨﺎن ﻣﻦ ١٩٨١؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ رﺑﺔ املﻨﺰل ﰲ ﻋﺎم ١٩٠٠ﺗُﻀﻄﺮ إﱃ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﻣﻮﻗﺪﻫﺎ ٍ اﻟﺨﺸﺐ أو اﻟﻔﺤﻢ ﻛﻞ ﻋﺎ ٍم وﻣﻞء ﻣﺼﺎﺑﻴﺤﻬﺎ ﺑﺰﻳﺖ اﻟﻔﺤﻢ أو اﻟﻜريوﺳني .ﻛﺬﻟﻚ ﻗ ﱠﻠ ِ ﻠﺖ اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ املﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻬﺎم رﺑﺔ املﻨﺰل ،ﻓﻠﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ﻣﻀﻄﺮ ًة إﱃ إزاﻟﺔ ﺑﻘﻊ اﻟﻜريوﺳني املﻜﺮﺑﻦ أو اﻟﻔﺤﻢ أو اﻟﺨﺸﺐ ﻣﻦ املﻼﺑﺲ واﻟﺴﺘﺎﺋﺮ واﻟﺠﺪران ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ﻣﻀﻄﺮ ًة إﱃ ﻛﻨﺲ 212
اﻟﺠﺪل ﺣﻮل ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
اﻷرﺿﻴﺎت واﻟﺴﺠﺎد ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار .وﺟﺎءت اﻷﺟﻬﺰة اﻵﻟﻴﺔ واملﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﻟﺘﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺪﻫﺎ أﻛﺜﺮ … ﻓﺒﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٥٠ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ٩٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷُﴎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﺮاﻓﻖ اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ املﺮﻛﺰﻳﺔ واملﺎء اﻟﺴﺎﺧﻦ واﻟﻐﺎز واﻹﺿﺎءة اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ وأﺣﻮاض اﻻﺳﺘﺤﻤﺎم واملﻜﺎﻧﺲ 4 اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ. وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎملﺎء ،ﻳﻌﻠﻖ ﻟﻴﱪﺟﻮت ﺑﺄن »املﻮاﻃﻦ اﻟﺤﴬي اﻟﻌﺎدي ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﻗﺮاﺑﺔ ٢٠ﺟﺎﻟﻮﻧًﺎ ﻣﻦ املﺎء ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ﰲ ﻋﺎم .١٩٠٠وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪى اﻷﴎ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ أي ﻣﻴﺎ ٍه ﺗﺼﻞ ﻋﱪ املﻮاﺳري ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،و ٥٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻣﺮاﺣﻴﺾ ﺧﺎﺻﺔ … وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٩٠ﻛﺎﻧﺖ اﻷﴎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺨﺼﺺ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻳﻮﻣﺎن ﻣﻦ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻀﺦ 5 ﻧﺤﻮ ١٠٠ﺟﺎﻟﻮن ﻣﻦ املﻴﺎه اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ إﱃ املﻨﺰل ﻋﱪ املﻮاﺳري«. ً رﺧﺼﺎ ﻛﻞ ﳾءٍ رﺧﻴﺺ وﻳﺰداد ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻬﻤﺎ »ﺧﺮاﻓﺎت اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻔﻘﺮاء« ،أﺟﺮى ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ دﺑﻠﻴﻮ ﻣﺎﻳﻜﻞ ﻛﻮﻛﺲ ،اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﻤﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺑﺪاﻻس ،ورﻳﺘﺸﺎرد آﻟﻢ ،اﻟﻜﺎﺗﺐ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺼﺤﻴﻔﺔ ً ً ﻣﻮﺳﻌﺔ ﻋﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت دراﺳﺔ »داﻻس ﻣﻮرﻧﻴﻨﺞ ﻧﻴﻮز«، املﺘﺤﺪة .وﺧﻠﺼﺎ إﱃ أن اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻺﺳﻜﺎن واﻟﻄﻌﺎم واﻟﺠﺎزوﻟني واﻟﻜﻬﺮﺑﺎء وﺧﺪﻣﺔ اﻟﻬﺎﺗﻒ واﻷﺟﻬﺰة املﻨﺰﻟﻴﺔ واملﻠﺒﺲ ،وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺳﻴﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻷﺧﺮى؛ ﻗﺪ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري .اﻷﻣﺜﻠﺔ :ﰲ ﻋﺎم ١٩١٩ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻳﺴﺘﻐﺮق ﺳﺎﻋﺘني و ٣٧دﻗﻴﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ٍ ٍ دﺟﺎﺟﺔ ﺗﺰن ﺛﻼﺛﺔ أرﻃﺎل ،أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻓﻘﺪ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﻫﺬه املﺪة إﱃ ١٤دﻗﻴﻘﺔ .ﰲ ﻋﺎم ﻟﴩاء ،١٩١٥ﻛﺎﻧﺖ املﻜﺎملﺔ اﻟﻬﺎﺗﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺪﺗﻬﺎ ﺛﻼث دﻗﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﻧﻴﻮﻳﻮرك إﱃ ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ﺗﺘﻜﻠﻒ ٢٠٫٠٧دوﻻ ًرا ،أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻓﺼﺎرت ﺗﻜﻠﻔﺘﻬﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ ٥٠ﺳﻨﺘًﺎ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل دﻗﻴﻘﺘني ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷﺟﺮ املﺘﻮﺳﻂ .ﰲ ﻋﺎم ،١٩١٨ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﺎرة ﻓﻮرد ﻣﻮدﻳﻞ ﺗﻲ ﺗﺘﻜﻠﻒ ٨٥٠ ﻣﺼﻨﻊ ﻋﺎدي ،أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻓﻴ ِﻜ ﱡﺪ دوﻻ ًرا؛ ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺟﺮ ﻋﺎﻣني ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻋﺎﻣﻞ ٍ أﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﻟﴩاء ﺳﻴﺎرة ﻓﻮرد ﺗﻮروس. اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻌﺎدي ﻧﺤﻮ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ٍ ً )اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ، ري ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺴﻌﺮ وﻗﺪ اﻧﺨﻔﺾ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻨﺘﺠﺎت ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﺳﻤﻴٍّﺎ( ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟ ٢٥ﻋﺎﻣً ﺎ املﺎﺿﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ :أﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ واﻟﺮادﻳﻮ واﻻﺳﱰﻳﻮ واﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﺎت املﻠﻮﻧﺔ واﻟﻬﻮاﺗﻒ وأﻓﺮان املﻴﻜﺮوﻳﻒ واﻟﺠﺎزوﻟني واملﴩوﺑﺎت اﻟﻐﺎزﻳﺔ وﻣﻌﻈﻢ ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻄريان .وﻳﺸري ﻛﻮﻛﺲ وآﻟﻢ إﱃ اﺳﺘﺜﻨﺎءﻳﻦ :اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﱄ .وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﰲ ﻫﺎﺗني اﻟﺤﺎﻟﺘني ﻳﺬﻫﺒﺎن إﱃ أن اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ﺻﺎرت 213
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
دﺧﻞ أﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺤﻴﺎة. أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ،وأن ارﺗﻔﺎع ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﻔﴤ إﱃ ٍ ﱢ وﻳﻠﺨﺺ ﻛﻮﻛﺲ وآﻟﻢ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻬﻤﺎ» :وﻧﺤﻦ ﻋﲆ ﻣﺸﺎرف اﻟﻘﺮن ،٢١ﻳﺴ ﱢﻠﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ٍ ٍ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﺜﺎ ًرا ﻟﻠﻐﺒﻄﺔ ﰲ ﻃﺒﻘﺔ أﺳﻠﻮب ﺣﻴﺎ ِة ﺑﻘﺪرﺗﻨﺎ ﻋﲆ ﺗﺤﻤﱡ ﻞ أﻋﺒﺎءِ رﻓﺎﻫﻴ ِﺔ ِ 6 أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ إﻧﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻧﺨﻔﺎض اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدٍ دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ«. اﺳﺘﻔﺎد املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻟﻜﻢ ،واﻟﺠﻮدة ،واﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت؛ ﻧﻈ ًﺮا ٍ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺮ؛ ﻓﺎملﻨﺎﻓﺴﺔ ﺗﻘﻠﻞ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ،وﺗﺸﺠﱢ ﻊ ﻋﲆ ﻇﻬﻮر ﺟﺪﻳﺪ ٍة وﺗﺤﺴني اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ،وﺗﻌ ﱢﺰز اﻟﺘﺤﺴﻴﻨﺎت ﰲ اﻟﺠﻮدة .وﰲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،ﺗﺆدﱢي زﻳﺎدة ٍ ﻣﻨﺘﺠﺎت أﻓﻀﻞ وأرﺧﺺ ﺛﻤﻨٍّﺎ. أﺟﻮر أﻋﲆ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠني ﺑﴩاء اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ إﱃ ٍ ﻣﺰاﻳﺎ ﻟﻠﻔﻘﺮاء وﻏري املﺎﻫﺮﻳﻦ ﱠ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻟﻴﱪﺟﻮت ﻋﲆ ﻣﺪى ﺗﺆ ﱢﻛﺪ أﻋﻤﺎل ﺣﺪﻳﺜﺔ ملﺆرﺧني اﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ٍ ﻓﱰات أﻃﻮل؛ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺒﱠﺄ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ ودﻳﻔﻴﺪ رﻳﻜﺎردو ﺑﺄﻧﻪ ﰲ ﻇﻞ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﺳﻮف ﻳﺠﻨﻲ ِ واﻟﻌﻘﺎرات واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﻮن ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب اﻟﻌﻤﺎل .وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﺻﺤﺎبُ اﻷراﴈ ﺑني .وﻗﺪ ﱠ ﻋﲆ ﺧﻄﺄٍ ﱢ ﻟﺨﺺ ﺟﺮﻳﺠﻮري ﻛﻼرك ،رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﰲ داﻓﻴﺲ ،اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺆرﺧني اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻋﻦ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ .واملﺪﻫﺶ أﻧﻪ ﻳﺨﻠﺺ إﱃ أن اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻋﲆ اﻷرض ورأس املﺎل ﻗﺪ اﻧﺨﻔﺾ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﺟﻮر ﻛﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ .وﻳﺄﺗﻲ إﱃ اﻹﻋﻼن اﻟﺼﺎدم ﺑﺸﻜﻞ أﻛﱪ ﺑﺄن »أﺟﻮر اﻟﺬﻛﻮر ﻏري املﺆﻫﻠني ﰲ إﻧﺠﻠﱰا ﻗﺪ ارﺗﻔﻌﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ٍ ﻣﻦ أﺟﻮر اﻟﻌﺎﻣﻠني املﻬﺮة ،وﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﴪي ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدات املﺘﻘﺪﻣﺔ؛ ﻓﻘﺪ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﻋﻼوة اﻷﺟﺮ ﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺒﻨﺎء املﻬﺮة ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ١٠٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ إﱃ ٢٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ اﻟﻴﻮم … وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻜﻮن املﻘﺎﺑ ُﻞ ﻟﻜﻞ وﺣﺪ ٍة ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻏري املﺎﻫﺮة ﻗﺪ ً ً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎملﻘﺎﺑﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷرض ،أو املﻘﺎﺑﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﱪ ارﺗﻔﻊ ٍ 7 ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ رأس املﺎل ،أو ﺣﺘﻰ املﻘﺎﺑﻞ ﻟﻜﻞ وﺣﺪ ٍة ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ املﺎﻫﺮة«. ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻘ ﱠﻠﺼﺖ اﻟﻔﺠﻮةً ، وﻓﻘﺎ ﻟﻜﻼرك ،ﺑني أﺟﻮر اﻟﺮﺟﺎل وأﺟﻮر اﻟﻨﺴﺎء. »ﰲ ﻋﴫ إﻋﺎدة اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﺳﻂ أﺟﻮر اﻟﻨﺴﺎء أﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﺘﻮﺳﻂ أﺟﻮر اﻟﺮﺟﺎل … أﻣﺎ اﻵن ﻓﺘﺘﺤﺼﻞ اﻟﻌﺎﻣﻼت ﻏري املﺎﻫﺮات ﰲ املﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة ﻋﲆ ٨٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﺟﺮ 8 اﻟﺬﻛﻮر ﻏري املﺎﻫﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ«. 214
اﻟﺠﺪل ﺣﻮل ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ﻳﻨﻈﺮ ﻛﻼرك ً أﻳﻀﺎ إﱃ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺪﺧﻞ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﻤﺮ، واﻟﺼﺤﺔ ،وﻋﺪد اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة ،واﻹملﺎم ﺑﺎﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ .وﻳﺸري إﱃ أن اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن أﻃﻮل ً ﻗﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮاء ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،وﻳﺤ َ ﻈﻮْن ﺑﻤﺘﻮﺳﻂ ﺣﻴﺎ ٍة أﻃﻮل، وﻟﻜﻦ اﻟﻔﺎرق ﺗﻘ ﱠﻠﺺ .وﻳﺨﻠﺺ إﱃ أن »اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺑني اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻔﻘﺮاء رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ 9 ﺗﻘﻠﺼﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ«. اﻟﻔﻘﺮاء ﻳﺮﺑﺤﻮن اﻟﻴﻮم ٌ ﻷﻣﻮر ﺟﺪﻳﺪة .ﻟﻘﺪ وﻛﺎﺷﻒ ﻳﺘﺴﻢ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﻨﻈﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺠﺪﱢد ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ٍ ارﺗﻔﻌﺖ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻘﺎس ﺑﺎﻟﻜﻤﻴﺔ ،واﻟﺠﻮدة ،واﻟﺘﻨﻮﱡع ﰲ ﱢ اﻟﺴ َﻠﻊ وﻋﻤﻴﻖ ﰲ اﻟﻘﺮﻧني اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ واﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻟﻠﻨﺎس ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﻓﺌﺎت ري واﻟﺨﺪﻣﺎت ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ ٍ ﻧﻮاح ﻋﺪ ٍة ﻛﺎن اﻟﺘﻄﻮﱡر اﻷﻛﱪ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﻘﺮاء ،وﻫﻢ اﻵن ﻗﺎدرون ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ .وﻣﻦ ٍ إﺳﻜﺎن ﻣﻘﺒﻮل ،واﻣﺘﻼك ﺳﻴﺎرة ،واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺘَﻊ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻌﻴﺶ ﰲ ٍ ُ ﻧﻄﺎق اﻟﺜﻤﻦ اﻟﺴﻔ َﺮ ﻋﲆ اﻟﺮﺧﻴﺼﺔ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻮى اﻷﺛﺮﻳﺎء .ﻓﺘﺘﻴﺢ ﻟﻬﻢ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻄريان ِ ٍ واﺳﻊ .وﻳﻤﻨﺤﻬﻢ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن اﻟﻔﺮﺻﺔ ملﺸﺎﻫﺪة اﻷﺣﺪاث واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ واﻟﻌﺮوض ً وﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﻣﺲ، املﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﴣ ﻣﻘﺘﴫ ًة ﻋﲆ اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ. رﺟﻞ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻠﻚ .وﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ ﻛﻼرك» :ﻟﻘﺪ ﻣﻨﺰل اﻟﻴﻮم ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻗﻠﻌﺔ ،وﻛﻞ ﺻﺎر ﻛﻞ ٍ ٍ 10 ورث اﻟﺤﺎﺳﺪون اﻷرض«.
215
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﴩون
رﺳﻢ ﺑﻴﺎﲏ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء ﻧﺸﺄة ﻣﺆﴍ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أﻣﺮ ﺳﻬﻞ ،أﻣﺎ ﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ ﺳﻤﺎﺗﻬﺎ املﻤﻴﺰة، ﻣﺠﺎل واﺣ ٍﺪ ﺷﺎﻣﻞ ،ﻓﺘﻠﻚ وﺗﺨﺼﻴﺺ أرﻗﺎم ﺗُ ﱢﺒني ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ ،وﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ داﺧﻞ ٍ ً ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺑﻜﺜري. ﻣﻬﻤﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن
1
ﻣﺎ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺜﲆ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﲆ أﻛﱪ ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﺗﺄﻣني اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻣﺰدﻫﺮ؟ ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺨﺘﺎر اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي ،أم ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻋﺪم اﻟﺘﺪﺧﻞ ،أم ﺷﻴﺌًﺎ ﺑني اﻻﺛﻨني؟ ﻣﻦ ﺑني ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ،ﺗﻈﻞ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎر ًة ﻟﻠﺠﺪل؛ ﻓﺎﻟﻌﻮملﺔ ،واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ،وﺗﻔﺎوت اﻟﺪﺧﻞ ،وﻗﻮة اﻻﺣﺘﻜﺎر ،واﻟﻬﺠﺮة ،وﺗﺠﺎوز اﻟﺘﺴﻌرية ،واﻟﻐﺶ واﻻﺣﺘﻴﺎل اﻟﺘﺠﺎري؛ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﺮة ٍ ملﺠﺎدﻻت ﴍﺳﺔ. ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻳُﻌَ ﱡﺪ آدم ﺳﻤﻴﺚ ،أﺳﺘﺎذ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻻﺳﻜﺘﻠﻨﺪي ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ ،راﺋ َﺪ ﻛﺈﻋﻼن ﻟﻼﺳﺘﻘﻼل ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻗﺪ ﻧُﴩت راﺋﻌﺘﻪ »ﺛﺮوة اﻷﻣﻢ« ﰲ ﻋﺎم ١٧٧٦ ٍ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وأﻃﻠﻖ ﻋﲆ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻪ ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻏري املﻘﻴﺪة »ﻧﻈﺎم اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ« ،وﻗﺪ ﺗﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺟﺰاء :اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻘﺼﻮى ،واملﻨﺎﻓﺴﺔ ،واﻟﻌﺪاﻟﺔ .وأﻋﻠﻦ أن: ﻛﻞ ﻓﺮد ،ﻣﺎ دام ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻬﻚ ﻗﻮاﻧني »اﻟﻌﺪاﻟﺔ« ،ﻳُﱰك »ﺣ ٍّﺮا« ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ اﻟﺴﻌﻲ وراء ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﰲ إدﺧﺎل ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ ورأس ﻣﺎﻟﻪ ﰲ 2 ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد. »املﻨﺎﻓﺴﺔ« ﻣﻊ ﺻﻨﺎﻋﺔ ورأس ﻣﺎل أي ﻓﺮ ٍد آﺧﺮ ،أو ري وأﻋﻠﻦ أن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺣﻖ ﻣﻘﺪس: ﺑﻞ إن ﺳﻤﻴﺚ ذﻫﺐ إﱃ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜ ٍ ﺷﻌﺐ ﻋﻈﻴﻢ … ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﺑﻜﻞ اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺰءٍ ﻣﻦ إﻧﺘﺎﺟﻪ، إن ﻣﻨﻊ ٍ ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﺮى أﻧﻬﺎ اﻷﻛﺜﺮ رﺑﺤً ﺎ وﻧﻔﻌً ﺎ ﻟﻪ ،ﻫﻮ أو ﻣﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺑﻀﺎﺋﻌﻪ وﺻﻨﺎﻋﺘﻪ 3 اﻧﺘﻬﺎك واﺿﺢ ﻷﻗﺪس ﺣﻘﻮق اﻟﺒﴩﻳﺔ. وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام رﻣﺰ »اﻟﻴﺪ اﻟﺨﻔﻴﺔ« ،ذﻫﺐ آدم ﺳﻤﻴﺚ إﱃ أن ﻧﻤﻮذﺟﻪ ﻟﻠﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ املﺴﺘﻨرية ﺳﻮف ﻳﻔﻴﺪ املﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﴎه» :إﻧﻪ ﻣﻨﻘﺎد ﺑﻴ ٍﺪ ﺧﻔﻴﺔ … ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﻌﻲ ﺧﻠﻒ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻌ ﱢﺰز ﻣﺼﻠﺤﺔ املﺠﺘﻤﻊ 4 «.اﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ أن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻔﻴﺪ اﻟﺒﴩﻳﺔ؛ ﻓﻬﻲ ﺳﺘﻘﻮد إﱃ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي و»اﻟﻮﻓﺮة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺪ إﱃ أدﻧﻰ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺸﻌﺐ 5 «.ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﻣَ ﻨْﺢُ اﻟﻨﺎس ﺣﺮﻳﺘَﻬﻢ ِ ً ٍ ﻣﻌﻴﺸﻴﺔ أﻋﲆ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،أﻏﻨﻴﺎءَ وﻓﻘﺮاءَ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺤﻘﻖ ﺳﻮاء. اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ :ﺗﻜﻠﻔﺔ أم ﻓﺎﺋﺪة؟ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺒﺪأ آدم ﺳﻤﻴﺚ اﻟﺘﺤﺮري اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ وﻋﺪم اﻟﺘﺪﺧﻞ — أي ﻣﻨْﺤﻚ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻟﺘﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺸﺎء ﻣﺎ دﻣﺖ ﻻ ﺗﴬ اﻵﺧﺮﻳﻦ — ﻣﻔﻬﻮﻣً ﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ املﻠﻜﻴﺎت ﺑﺪﻳﻬﻲ ﻋﲆ ﻣﺪى ﻣﻌﻈﻢ ﻓﱰات اﻟﺘﺎرﻳﺦ .وﺑﻌﺪ ﻧﴩ ﻋﻤﻞ ﻛﺄﻣﺮ واﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺎت ﺗُﺴ ﱢﻠﻢ ﺑﻪ ﱟ ٍ وﺑﺸﻜﻞ ﺟﺪال ﺣﺎ ٍم. آدم ﺳﻤﻴﺚ اﻹﺑﺪاﻋﻲ ،ﺻﺎرت ﻓﻜﺮة اﻟﺤﺮﻳﺔ املﺪﻧﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﺤﻞ ٍ ٍ ﺧﺎص ،ﺻﺎرت اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﺮة ،ﺑﻌﺪ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ واﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻋﺒﺎر ًة ﻏري ﻣﺴﺘﺤﺒ ٍﺔ ﰲ أروﻗﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﰲ ﺣﺮم اﻟﻜﻠﻴﺎت؛ ﻓﻘﺎﻣﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ ٍ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ،ورﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﺗﻀﺨﻴﻢ اﻹﺻﺪار اﻟﻨﻘﺪي، أﻣﺮﻳﻜﺎ واﻟﺨﺎرج ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ وﻓﺮض ﺿﻮاﺑﻂ ﻋﲆ اﻷﺳﻌﺎر وﺗﺪاول اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،وأﻧﺸﺄت َ دوﻟﺔ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ،واﻧﺨﺮﻃﺖ 218
رﺳﻢ ﺑﻴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء
ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ دون ﺣﺪوث ﰲ ﺷﺘﻰ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺚ اﻟﺘﺪﺧﲇ ﰲ ﻛﺴﺎدٍ آﺧﺮ .وﰲ املﺠﺎل اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ ،أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ واملﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻫﻤﺎ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺴﺎﺋﺪ، ً ﻛﺎﻣﻞ ﰲ أﺣﺮام ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﺑﺪوا ٍم وﻋﺎﻧﻰ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ٍ اﻟﻜﻠﻴﺎت. اﺳﺘﻘﺮار ﻛﺎن اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻳُﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻛﺄداة ٍ ً وﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ أواﺧﺮ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ذﻫﺐ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺻﻔﻮة وﻣﺤﻔﺰ ﻟﻠﻨﻤﻮ. آﻟﻴ ٍﺔ ٍ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني إﱃ أن اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي ،ودوﻟﺔ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺳﻮف ﺗﺆدي ً وﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻳﺼﺪق ،ﰲ ﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ملﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ آدم ﺳﻤﻴﺚ. إﱃ ﻣﻌﺪﻻت ﻧﻤ ﱟﻮ »أﻋﲆ«؛ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ٍ أواﺧﺮ ﻋﺎم ،١٩٨٥ﻛﺎن ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ ﺑﻮل ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن )ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ( ووﻳﻠﻴﺎم دي ﻧﻮردﻫﺎوس )ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ( ﻻ ﻳﺰاﻻن ﻳﻌﻠﻨﺎن أن »اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ املﺨﻄﻂ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم … ١٩٢٨ﻗﺪ ﺗﺠﺎوز اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻷﺟﻞ ﻟﻜﱪى اﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺴﻮق 6 «.ﻛﺬﻟﻚ ذﻛﺮ ﻣﺎﻧﻜﻴﻮر أوﻟﺴﻮن ،وﻫﻮ اﻗﺘﺼﺎدي ﺳﻮﻳﺪي ،أﻧﻪ »ﰲ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺰﻋﺔ اﻟﺪول 7 ً ﺿﻌﻴﻔﺔ ،إن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮد ًة ً أﺻﻼ«. ﺑﺸﻜﻞ أﴎع ذات ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻷﻋﲆ ﻷن ﺗﻨﻤﻮ ٍ ﻗﺎم ﻫﻨﺮي ﳼ واﻟﻴﺶ ،وﻫﻮ أﺳﺘﺎذ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ وﻋﻀﻮ ﺳﺎﺑﻖ ﺑﻤﺠﻠﺲ إدارة اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎب ﻳﺪﻓﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﺄن اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺗﺆدي إﱃ ﻧﻤ ﱟﻮ اﻗﺘﺼﺎديﱟ ٍ وﻣﻨﺎﻓﺴﺔ أﻗﻞ .وأﻋﻠﻦ ﺑﺠﺮأ ٍة ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺛﻤﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ« ً ٍ ٍ ﻗﺎﺋﻼ: وﺗﻔﺎوت أﻛﱪ ﰲ اﻟﺪﺧﻞ، أﻗﻞ، »وﻟﻜﻦ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻷﺳﺎس أدا ًة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﻤﻮ ،إﻧﻬﺎ أداة ﻟﺘﺄﻣني اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻷﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮارد «.وذﻛﺮ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ أن »اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻷي اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺣ ﱟﺮ ﻟﻴﺴﺖ اﻹﻧﺘﺎج ،وإﻧﻤﺎ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،واﻟﺤﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﻛﺮﺑﺢ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺜﻤﻦ 8 «.وﻛﺎن ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﻣﺤﺎﻓ ً ﻈﺎ! اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ ً ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﺪ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﺘﻀﺨﻤﻲ ،ﺗﻐريت ﺗﻮﺟﻬﺎت املﺆﺳﺴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ .وﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية أﺣﺮز املﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ آدم ﺳﻤﻴﺚ ﺗﻘﺪﻣً ﺎ ،وادﱠﻋَ ﻮْا ،ﻣﻨﺬ اﻧﻬﻴﺎر ﺳﻮر ﺑﺮﻟني واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ،اﻻﻧﺘﺼﺎ َر ﻋﲆ اﻟﻘﻮى اﻟﻈﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺎرﻛﺴﻴﺔ واﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ .واﻟﻴﻮم ﺗﻌﻤﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ إﻟﻐﺎء اﻟﺘﺄﻣني، واﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ،وﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ،واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،واﻻﻧﺨﺮاط ﰲ ﺷﺘﻰ أﻧﻮاع إﺻﻼﺣﺎت اﻟﺴﻮق .وﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﻴﻮم أن ﻧﺠﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻟﻠﺴﻮق ﰲ ﻣﻌﻈﻢ 219
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
أﻗﺴﺎم ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وأﻏﻠﺐ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﺑﺠﻮاﺋﺰ ﻧﻮﺑﻞ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة. ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺛَﻤﱠ َﺔ أدﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗُﻈﻬﺮ ﺑﻘﻮ ٍة أن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻛﻔﺎﺋﺪة، وﻟﻴﺲ ﻛﺜﻤﻦ؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻋﻘﺪ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،ﺧﻠﺺ أوﻟﺴﻮن إﱃ أﻧﻪ »ﻳﺒﺪو أن اﻟﺪول ذات اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷﻛﱪ )اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ( ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﻤﻌﺪل أﺑﻄﺄ ﻣﻦ اﻟﺪول ذات اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷﺻﻐﺮ 9 «.ﻗﺎرن ذﻟﻚ ﺑﺘﴫﻳﺤﻪ ﻋﻦ ﻋﻘﺪ ٍ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت. ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺆﴍ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻗﺎم ﻣﺎﻳﻜﻞ ووﻛﺮ ،رﺋﻴﺲ ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ﺑﻜﻨﺪا ،ﺑﺠﻤﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﻟريى إن ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا إﻳﺠﺎد ٍ ٍ أدﻟﺔ ﺗﺠﺮﻳﺒﻴ ٍﺔ ﻋﲆ ﻓﺮﺿﻴﺔ آدم ﺳﻤﻴﺚ ﺑﺄن املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﺆدي إﱃ ﻧﻤ ﱟﻮ اﻗﺘﺼﺎديﱟ أﻋﲆ. وﺑﺈﻟﻬﺎ ٍم ﻣﻦ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﻗﻴﺎدة أﻟﻔني راﺑﻮﺷﻜﺎ ﺑﻤﻌﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ ،أﻧﺸﺄ ﻫﺆﻻء اﻟﺨﱪاء ٍ دوﻟﺔ ﻋﲆ ﺣِ َﺪ ٍة ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺰﻣﻦِ ،ﺑﻨﺎءً أﺧريًا »ﻣﺆﴍًا ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ« ﻟﻜﻞ ٍ ﻣﺠﺎﻻت ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ :اﻟﴬاﺋﺐ ،واﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،واﻟﻨﻘﺪ واﻻﺋﺘﻤﺎن، ﻋﲆ ﺧﻤﺴﺔ 10 واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻸﻋﻤﺎل واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ. ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ،أﺻﺒﺢ ﺟﻴﻤﺲ ﺟﻮارﺗﻨﻲ ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ وﻻﻳﺔ ﻓﻠﻮرﻳﺪا ،ﻣﻦ املﺸﺎرﻛني ﰲ املﴩوع ،وﻫﻮ اﻵن اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺮاﺋﺪ ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ املﺆﴍ اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ملﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر .وﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٩٦ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﻣﻌﺎوﻧﺔ ﺟﻮارﺗﻨﻲ ً ووﻓﻘﺎ ﻟﺠﻮارﺗﻨﻲ املﺆﻟﻒ املﺸﺎرك روﺑﺮت ﻻوﺳﻮن ،أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﺑﻴﺘﺎل. وﻻوﺳﻮن ،ﺗﺘﻤﺜﻞ املﻘﻮﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ »اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺸﺨﴢ ،واﻟﺘﺒﺎدل 11 اﻟﻄﻮﻋﻲ ،وﺣﺮﻳﺔ املﻨﺎﻓﺴﺔ ،وﺣﻤﺎﻳﺔ اﻷﻓﺮاد واملﻤﺘﻠﻜﺎت«. وﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة ﺟﻮارﺗﻨﻲ وﻻوﺳﻮن ،أﺻﺒﺢ املﺆﴍ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا .ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﻛﺎن املﺆﴍ ً ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎس اﻟﻜﻤﻲ ،ﻣﺜﻞ ﺣﺠﻢ املﴫوﻓﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﻋﲆ ١٧ﻋﻨﴫًا ً ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺟﺰءًا ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ .ﻏري أﻧﻬﻤﺎ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻛﺘﺸﻔﺎ أن ﺛَﻤﱠ َﺔ ﻋﻨﺎﴏَ ً وﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﺣُ ﺬﻓﺖ ﻣﻦ املﺆﴍ .وﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻫﺬا اﻟﺨﻠﻞ ،أُﺿﻴﻔﺖ ﻋﻨﺎﴏ ﺟﺪﻳﺪة إﱃ املﺆﴍ
220
رﺳﻢ ﺑﻴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء
ﻣﻘﺴ ً ﺧﻼل اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ﻋﺎم .٢٠٠٠–١٩٩٧وﻳﺤﺘﻮي املﺆﴍ اﻵن ﻋﲆ ٣٨ﻋﻨﴫًا ﱠ ﻤﺔ إﱃ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﺠﺎﻻت: )(١ )(٢ )(٣ )(٤ )(٥
ﺣﺠﻢ املﴫوﻓﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ. اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ وﺗﺄﻣني ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ. ﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ. ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ. ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻻﺋﺘﻤﺎن ،واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،وﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل.
ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه املﻌﺎﻳري ،ﻳﺴﻌﻰ ﻣﺆﴍ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ٍ ﱟ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺮﻗ ٍﻢ ﻣﻔﺮ ٍد ﰲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٍ ١٠٠ دوﻟﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .ﻳﻘﻮم ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ً أﻳﻀﺎ ﺑﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻮﻻﻳﺎت واملﻘﺎﻃﻌﺎت ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ .وﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٧ﻗﺎﻣﻮا ﻷول ﻣﺮ ٍة ﺧﺮﻳﻄﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﺼﻨﱢﻔني ﻛﻞ ٍ ٍ ﺑﺄﻟﻮان ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. دوﻟﺔ ﺑﻨﴩ ٍ دراﺳﺔ ﻫريﻳﺘﺎج/وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٩٠ﺻﺎرت ﻣﺆﺳﺴﺔ »ﻫريﻳﺘﺎج« ً أﻳﻀﺎ ﺗﻨﴩ ﻣﺆﴍﻫﺎ اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم .ﻳﺘﻢ ﻧﴩ املﺆﴍ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل«، ٍ ﺑﺄﻟﻮان ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻗﺪ ﺗﻨﻮﱠع ﻣﺆ ﱢﻟﻔﻮ اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﲆ ﺑﺨﺮﻳﻄﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺗﺼﻨﱢﻒ اﻟﺪو َل ﻣﺼﺤﻮﺑًﺎ ٍ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺴﻨني ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺟرياﻟﺪ ﺑﻲ أُو درﻳﺴﻜﻮل اﻻﺑﻦ ،وإدوﻳﻦ ﺟﻴﻪ ﻓﻮﻟﻨﺮ )رﺋﻴﺲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﻳﺘﺎج( ،وﻣﺎري أﻧﺎﺳﺘﺎﺳﻴﺎ أُو ﺟﺮادي. َ َ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻏﻴﺎب اﻹﻛﺮاه أو اﻟﻘﻴﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺗُﻌ ﱢﺮف ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﻳﺘﺎج ﻋﲆ إﻧﺘﺎج ،أو ﺗﻮزﻳﻊ ،أو اﺳﺘﻬﻼك اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺪ اﻟﴬوري ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨني ٍ ﻓﺌﺎت ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ 12 «.وﻳﺴﺘﺨﺪم املﺆﻟﻔﻮن ٥٠ﻣﺘﻐريًا ﰲ ١٠ ٍ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﺗﻘﻴﻴ ٍﻢ ﻟ ١٥٧دوﻟﺔ: )(١ )(٢ )(٣ )(٤
اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ )وﺗُﺴﻤﱠ ﻰ اﻵن ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺎرة(. اﻟﻌﺐء املﺎﱄ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ )اﻟﺤﺮﻳﺔ املﺎﻟﻴﺔ(. اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد )اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ(. اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ )اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ(. 221
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
)(٥ )(٦ )(٧ )(٨ )(٩ )(١٠
ﺗﺪﻓﻘﺎت رأس املﺎل واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﺟﻨﺒﻲ )ﺣﺮﻳﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر(. املﻌﺎﻣﻼت املﴫﻓﻴﺔ واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ )اﻟﺤﺮﻳﺔ املﺎﻟﻴﺔ(. اﻷﺟﻮر واﻷﺳﻌﺎر )ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ(. ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ. اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ )ﺣﺮﻳﺔ اﻷﻋﻤﺎل(. اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺴﻮﻗﻲ ﻏري اﻟﺮﺳﻤﻲ )اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد(.
ٍ درﺟﺔ ﻣﺘﺴﺎو ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﰲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻫريﻳﺘﺎج ،ﺗُﻘﻴﱠﻢ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻌﴩة ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ٍ ٍ ٍ درﺟﺔ إﺟﻤﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺮ إﱃ ١٠٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ؛ ﺣﻴﺚ ١٠٠ﺗﺸري إﱃ أﻋﲆ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸري ﺻﻔﺮ إﱃ أﻗﻞ درﺟﺔ. ﺗﻘﺴﻢ اﻟﺪول إﱃ ﺧﻤﺲ ﻓﺌﺎت: ﺣﺮة :وﻫﻲ دول ﺗﺴﺠﻞ درﺟﺔ إﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻣﻦ ١٠٠–٨٠ﰲ املﺘﻮﺳﻂ. ﺣﺮة ﰲ اﻷﻏﻠﺐ :وﻫﻲ دول ﺗﺴﺠﻞ درﺟﺔ ﻣﻦ .٧٩٫٩–٧٠ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ :وﻫﻲ دول ﺗﺴﺠﻞ درﺟﺔ ﻣﻦ .٦٩٫٩–٦٠ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻘﻴﺪًا :وﻫﻲ دول ﺗﺴﺠﻞ درﺟﺔ ﻣﻦ .٥٩٫٩–٥٠ ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ :وﻫﻲ دول ﺗﺴﺠﻞ درﺟﺔ ﻣﻦ .٤٩٫٩–٠ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻨﻤﻮ ٍ اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺛﱠﻖ ﰲ ﺗﺘﻮﺻﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ دراﺳﺎت ﻓﺮﻳﺰر وﻫريﻳﺘﺎج إﱃ اﻟﺸﻜﻠني 1-28و.2-28 ﻳﺨﻠﺺ ﻛﻼ املﺮﻛﺰﻳﻦ اﻟﺒﺤﺜﻴني إﱃ أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ درﺟﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ أﻛﱪ ،ارﺗﻔﻊ املﺴﺘﻮى املﻌﻴﴚ )ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻴﺎﺳﻪ ﺑﻨﻤﻮ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻠﻔﺮد(؛ ﻓﺎﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺄﻋﲆ ﺑﺸﻜﻞ أﴎع ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮًى ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ )ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﻧﻴﻮزﻳﻼﻧﺪا ،وﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ( ﻧَﻤَ ﺖ ٍ ٍ ٍ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ )ﻣﺜﻞ املﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة ،وﻛﻨﺪا ،وأملﺎﻧﻴﺎ(، ﺑﺪرﺟﺎت اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻘﺪر ﻣﺤﺪو ٍد ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺑﺸﻜﻞ أﴎع وأﴎع ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻞ ٍ ٍ )ﻣﺜﻞ ﻓﻨﺰوﻳﻼ ،وإﻳﺮان ،واﻟﻜﻮﻧﻐﻮ(. 222
رﺳﻢ ﺑﻴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء
٢٦٠١٣دوﻻ ًرا
٢٥٠٠٠ ٢٠٠٠٠ ١٥٠٠٠ ١٠٧٧٣دوﻻ ًرا
١٠٠٠٠ ٦١٠٣دوﻻرات ٣٣٠٥دوﻻرات ٥٠٠٠
اﻷﻗﻞ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﴩاﺋﺢ اﻟﺮﺑﻌﻴﺔ ملﺆﴍ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ
٠
إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻠﻔﺮد ﺑﻨﺎ ًء ﻋﲆ ﺗﻌﺎدل اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ )ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻠﺪوﻻر ﻋﺎم ٢٠٠٥ ،(٢٠٠٠
٣٠٠٠٠
ﺷﻜﻞ :1-28اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺪﺧﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد) .املﺼﺪر :ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر )(.(٢٠٠٦
ﺣني رأى ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﻫﺬا اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ ﻷول ﻣﺮة ،ﺻﺎح ً ﻗﺎﺋﻼ» :إن اﻟﺘﻼزم اﻟﻔﻌﲇ ﺑني ﻣﺆﴍ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﺜري ﻷﻗﴡ اﻟﺤﺪود .ﻣﺎ 13 ٍ ﻳﻀﺎﻫﻲ ﻗﻮة ذﻟﻚ املﺨﻄﻂ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ«. ﻟﻔﻈﻲ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن وﺻﻒ ﻣﻦ َ ﱟ وﺟﺪت دراﺳﺎت ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ً أﻳﻀﺎ أن) :أ( اﻟﺪول املﺤﺪودة اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ٍ ﺑﺸﻜﻞ أﴎع ﻣﻦ اﻟﺪول املﺤﺪودة ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﻨﻤﻮ ٍ ٍ ٍ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻫﻴﻜﻞ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،وأن )ب( وﺟﻮد ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ٍ ﱟ ٍ دوﻟﺔ أن ﻳﺆﻣﱢ ﻦ ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ وﻳﻄﺒﱢﻖ اﻟﻌﻘﻮد وﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن أﻣﺮ أﺳﺎﳼ إذا ُﻗﺪﱢر ﻷي ً وإﺟﻤﺎﻻ ،ﻳﺨﻠﺺ ﺟﻮارﺗﻨﻲ وﻻوﺳﻮن إﱃ أن: ﺗﻨﻤ َﻮ وﺗﺤﻘﻖ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﺮﺗﻔﻌً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ. »ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ وﺟﺪ أن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺘﻼزم إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ ﻣﻊ ﻣﻌﺪل اﻟﺪﺧﻞ ﻟﻠﻔﺮد ،واﻟﻨﻤﻮ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ،واﻧﺨﻔﺎض وﻓﻴﺎت املﻮاﻟﻴﺪ ،وﺗﻄﻮر املﺆﺳﺴﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وارﺗﻔﺎع ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،واﻟﺤﺮﻳﺎت املﺪﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺮﻏﻮﺑﺔ 14 اﻷﺧﺮى«. 223
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
١٠٠٠٠٠دوﻻر
١٠٠٠دوﻻر
١٠٠
٦٠ ٨٠ درﺟﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
٤٠
إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻠﻔﺮد
١٠٠٠٠دوﻻر
١٠٠دوﻻر ٢٠
ﺷﻜﻞ :2-28إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻠﻔﺮد واﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ) .املﺼﺪر :ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﻳﺘﺎج )(.(٢٠٠٧
إﻳﺠﺎﺑﻲ ﺑني اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﺪا أﻧﻬﺎ ﺗُﻈﻬﺮ وﺟﻮ َد ﺗﻼز ٍم ﱟ اﻟﻀﺨﻤﺔ واﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ؟ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،ﻳﺘﻔﻖ ﺟﻮارﺗﻨﻲ وآﺧﺮون ،ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ،ﻋﲆ أن اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻐﻠﻮﻃﺔ وﻣﻀﻠﻠﺔ. وﰲ ﺣﺎﻟﺔ أوروﺑﺎ ،رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﺎﻓﺰ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻹﻋﺎدة اﻟﺒﻨﺎء ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب ﻗﺪ ﻋﺘﻢ ﻋﲆ ﻧﻤﻮ دوﻟﺔ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ .ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﻧﻤﺖ أوروﺑﺎ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ — وﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ .وﻣﺎ إن اﻧﺘﻬﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻋﺎدة اﻟﺒﻨﺎء ﻣﻊ أواﺧﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ،ﺣﺘﻰ ﺑﺪأ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺤﺠﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ُ ٍ ﺳﺄﻟﺖ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺟﻮارﺗﻨﻲ ﻋﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ أدﻫﺸﻪ أﺛﻨﺎء إﻋﺪاد ﻣﺆﴍ ﺳﻨﻮات ﻣﻨﺬ ﻋﺪة اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻓﺄﺟﺎب ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻟﻘﺪ ﱠ ﺗﺒني أن املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ — ﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﺗﺄﻣني ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ ،واﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ املﺴﺘﻘﻠﺔ ،وﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪة — ﻫﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻷﻫﻢ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،واﻟﻌﻨﴫ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وإﻧﺸﺎء ٍ ٍ ري ﻣﻦ املﺘﻐريات اﻷﺧﺮى «.وأﺷﺎر ﺟﻮارﺗﻨﻲ ﻣﺪﻧﻲ .وﻫﻲ ذات دﻻﻟﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴ ٍﺔ أﻛﱪ ﺑﻜﺜ ٍ ً ٍ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻗﻀﺎﺋﻴ ٍﺔ ﻻﺋﻘﺔ؛ إﱃ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﻘﺮ إﱃ 224
رﺳﻢ ﺑﻴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء
اﻟﻔﺴﺎد ،واﻧﻌﺪام ﺗﺄﻣني ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ ،واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﻬﺰﻳﻞ ﻟﻠﻌﻘﻮد ،وﺑﻴﺌﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ، ً ﺧﺎﺻﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ،وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،واﻟﴩق اﻷوﺳﻂ .وﰲ ذﻟﻚ َﻛﺘَﺐ ﺟﻮارﺗﻨﻲ وﻻوﺳﻮن: »إن املﺰاﻳﺎ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﺴﻮق — املﻜﺎﺳﺐ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرة ،واﻟﺘﺨﺼﺺ ،وﺗﻮﺳﻊ اﻟﺴﻮق، 15 ٍ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴ ٍﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ«. وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻀﺨﻢ — ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ دون اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﻔﺴﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ :ﻣﻴﺰة اﻟﺜﺮاء ﻳﺘﺰاﻳﺪ اﻫﺘﻤﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﺎملﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ املﻘﺎرﻧﺔ وﻃﺮق ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﲆ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻔﺴﺎد املﺴﺘﴩي ،واﻟﺮﺷﺎوى ،ودور املﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ .ﻛﺎن املﺤﻠﻠﻮن ً ً ً وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻘﻠﻴﺪيﱟ إﱃ اﻟﻔﺴﺎد ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﻨﻈﺮون ٍ ً ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ واملﺆﺳﺴﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .وﻟﻜﻦ ﺛَﻤﱠ َﺔ دراﺳﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺗُ ﱢﺒني ً ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ. أن اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا أﺳﺎﺳﻴٍّﺎ ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﺴﺎد، وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺴﺎد ﻋﲆ ﻋﺪة ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت :رﺷﻮة املﺴﺌﻮﻟني اﻟﻜﺒﺎر؛ املﺤﺴﻮﺑﻴﺔ واملﺤﺎﺑﺎة؛ اﻹﺗﺎوات واﻟﻌﻤﻮﻻت اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ املﴩوﻋﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ املﺠﺰﻳﺔ؛ اﻟﻘﺮوض واملﻌﻮﻧﺎت ﺧﺎﻃﺊ وﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﺎل ﰲ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺑﻨﻮك ﺳﻮﻳﴪا؛ ﺑﺸﻜﻞ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﱠ ﻪ ٍ ٍ ﻣﺒﻴﻌﺎت اﻟﺴﻠﻊ اﻟﻘﻴﱢﻤﺔ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻮق ،واﻟﺮﺷﺎوى ﻟﺘﺠﻨﺐ اﻟﻠﻮاﺋﺢ ،واﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ واﻟﴬاﺋﺐ؛ املﺤﺎﺑﺎة ﰲ ﻣﻜﺎﻓﺂت ﻋﻘﻮد اﻻﻣﺘﻴﺎز؛ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻨﻔﻮذ .ﺗﻘﻮل ﺳﻮزان روز أﻛﺮﻣﺎن ،وﻫﻲ أﺳﺘﺎذة اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ وﻣﺮﺟﻊ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﰲ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻔﺴﺎد» :ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺮﺷﺎوى رﺳﻮﻣً ﺎ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﺣﻖ اﻻﻧﺘﻔﺎع ،أو ﴐاﺋﺐ ،أو رﺳﻮم اﺷﱰاكٍ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻬﺎﺗﻒ، ٍ ﻗﺮارات ﺗﱰاوح ﺑني ﺣﺠﻢ املﴩوﻋﺎت ﺗُﺪﻓﻊ ﻟﻮﻛﻼء ﺣﻜﻮﻣﻴني .وﺗﺆﺛﺮ ﻫﺬه املﺪﻓﻮﻋﺎت ﻋﲆ 16 اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻧﻮﻋﻴﺘﻬﺎ ،وﻣﺴﺘﻮى اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻠﻮاﺋﺢ اﻷﻋﻤﺎل واﻟﺘﺠﺎرة وﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ«. وﻗﺪ أﺟﺮى ﺟﻴﻜﻮب ﺳﻔﻴﻨﺴﻮن ،وﻫﻮ أﺳﺘﺎذ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﻮﻛﻬﻮﻟﻢ ،أﺑﺤﺎﺛًﺎ ً ﻣﻮﺳﻌﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﺴﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ وﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن .وﻛﻤﺎ ﻳ ﱢُﺒني اﻟﺸﻜﻞ ،3-28ﻓﻘﺪ وﺟﺪ ﺳﻔﻴﻨﺴﻮن أن اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﻌﻬﺪ ﺑﺎﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﺗُﻈﻬﺮ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد ﻋﻦ ﻏريﻫﺎ. ً وﻓﻘﺎ ﻟﺴﻔﻴﻨﺴﻮن واﻗﺘﺼﺎدﻳني آﺧﺮﻳﻦ ،ﻳﻤﻴﻞ اﻟﻔﺴﺎد إﱃ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﻣﻊ اﺗﺠﺎه اﻟﺪول ملﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎء .وﻣﻦ ﺑني اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﱪﻫﺎ ،وﺟﺪ ﺳﻔﻴﻨﺴﻮن أن املﺴﺘﻮى اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ، ﻣﴩوع ﺗﺠﺎريﱟ ؛ واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ اﻟﻮاردات ،وﺣﺮﻳﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ،وﻋﺪد اﻷﻳﺎم اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻧﺸﺎء ٍ 17 ﻛﻠﻬﺎ أﻇﻬﺮت ﺗﻼزﻣً ﺎ واﺿﺤً ﺎ ﺑني ﻫﺬه املﺘﻐريات واملﺴﺘﻮى اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻠﻔﺴﺎد. 225
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
٥ ﻫﺎﻳﻴﺘﻲ
٤
روﺳﻴﺎ اﻷرﺟﻨﺘني ﻣﺎﻛﺎو
٢ اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
ﻣﻌﺪل اﻟﻔﺴﺎد
٣
١
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
٠
ﻓﻨﻠﻨﺪا
٥ ١٠ ٢٠ ٣٠ ١٥ ٢٥ ٣٥ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﰲ ﻋﺎم ١٠٠٠ ،١٩٩٥دوﻻر
٠
ﺷﻜﻞ :3-28ﻣﺆﴍ اﻟﻔﺴﺎد ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ )إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ) .(١٩٩٥ ،املﺼﺪر: »ذي إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ« ٢٣ ،دﻳﺴﻤﱪ(.٢٠٠٦ ،
وﻟﻜﻦ املﺤﻠﻠني اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮن أﻳﱡﻬﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ ً أوﻻ؛ ﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن أم اﻟﺮﺧﺎء .ﻫﻞ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺻﺎر ٍم ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ﻋﲆ اﻟﻔﺴﺎد ،أم أن ارﺗﻔﺎع اﻟﺪﺧﻞ ﻳﺆدي ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺮﺧﺎء ﺑﻘﻴﺎم اﻟﺪوﻟﺔ ٍ ﻃﺒﻴﻌﻲ إﱃ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻔﺴﺎد؟ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﻘﻖ املﻮاﻃﻨﻮن ﻣﺴﺘﻮًى ﺑﺸﻜﻞ ٍ ﱟ أﻋﲆ ﻣﻦ املﻠﻜﻴﺔ ﰲ اﻷﺻﻮل واملﻤﺘﻠﻜﺎت ،ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺎﻓﺰ أﻛﱪ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷﺻﻮل ﺑﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﻗﻀﺎﺋﻴ ٍﺔ وﺗﴩﻳﻌﻴ ٍﺔ أﻓﻀﻞ .وﻗﺪ ﱠ ٍ ﺣﻘﻖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻧﻤﻮٍّا ﺑﺎملﻄﺎﻟﺒﺔ ﴎﻳﻌً ﺎ ﰲ ٍ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ اﻟﻔﺴﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ واملﺤﺎﺑﺎة ﻣﻨﺘﴩَ ﻳﻦ .وﻛﻤﺎ ﺗﻮرد ﺻﺤﻴﻔﺔ »ذي إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ«» :ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻋﲆ أن اﻟﻔﺴﺎد ﻳﺒ ﱢ ﻄﺊ اﻟﻨﻤﻮ ،ﻓﺈن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺳﺪة ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﻤ ﱟﻮ ﴎﻳﻊ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﺪول ﻓﺎﺳﺪة 18 ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻘرية ،وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ«.
226
رﺳﻢ ﺑﻴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء
ﻧﻘﺪ ملﺆﴍات اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻌ ﱠﺮض اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ ملﺤﺎوﻻت ﻣﺆﺳﺴﺘَﻲ ﻓﺮﻳﺰر وﻫريﻳﺘﺎج اﻟﺮاﻣﻴﺔ إﱃ ﻗﻴﺎس اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮ وﻏريه ﻣﻦ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻷﺧﺮى .وﺗﺸﻤﻞ ﱡ دول دﻗﻴﻖ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واملﻘﺎرﻧﺔ ﺑني ﻗﻴﺎس اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ اﻋﱰاﺿﺎﺗﻬﻢ ﺻﻌﻮﺑﺔ ٍ ٍ ٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻣﺎ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ إدراﺟﻬﺎ ،وﻣﺎ اﻟﻮزن اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻨﺤﻪ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﺎ؟ ﻫﻞ ً ٍ درﺟﺎت ﺣﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺼني؟ ملﺎذا ﺗﻤﻨﺢ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﻳﺘﺎج املﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ أﻛﺜﺮ ً ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺪول اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻟﺴﻴﺌﺔ اﻟﺴﻤﻌﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻮﻳﺪ واﻟﺪﻧﻤﺎرك؟ ملﺎذا ﻳﺠﺐ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ املﺮﺗﻔﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ وﺧﻄﻂ اﻻدﺧﺎر اﻹﺟﺒﺎرﻳﺔ؟ ﻫﻞ ارﺗﻔﺎع ﻣﺴﺘﻮى »اﻷﺳﻮاق ﻏري اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ« )اﻷﺳﻮاق اﻟﺴﻮداء( دﻻﻟﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أم ﻋﲆ اﻓﺘﻘﺎدﻫﺎ؟ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺜري اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﻮن واملﺎرﻛﺴﻴﻮن اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﺪى ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ املﺆﴍات ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ واﻟﺪراﺳﺎت ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ أن ﻣﺆﴍات اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻗﺪ أُﻧﺸﺌﺖ ﻋﲆ ﻳﺪ ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﴫﻳﺤﺎت ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﺟﻴﻤﺲ ﺟﻮارﺗﻨﻲ ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ ﺗﺠﺮﻳﺒﻴﺎن ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎن ،ﻓﺪاﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﺎءل املﺮء إﱃ أي ﻣﺪًى ﺗﺆﺛﺮ اﻵراء اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﻨﻬﺠﻴﺘﻬﻤﺎ .ﻻ ﺷﻚ أن ﺗﺄﻳﻴﺪ »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« وﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ ﰲ ﻧﴩ ﻣﺆﴍ ﻫريﻳﺘﺎج ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﻤﻨﺤﻪ ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ أن ﻣﻌﻬﺪ ﻓﺮﻳﺰر ﻳﻘﺪم ﻣﻨﺘﺪًى ﻣﻔﺘﻮﺣً ﺎ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل املﺆﴍ .وﻳﻌﺮض ﻣﻮﻗﻌﻪ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ ﻋﱪ اﻹﻧﱰﻧﺖ أﺑﺤﺎﺛًﺎ ﺗﻢ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ اﻷﻗﺮان ﻋﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ )اﻧﻈﺮ اﻟﺮاﺑﻂ: .(http://www.freetheworld.com/papers.html وﺳﻮاءٌ أﺗﻔﻘﻨﺎ أم ﻟﻢ ﻧﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﺆﴍَي اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻧُﴩا ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﻣﻌﻬﺪ ً ً ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻹد ﻓﻮﻟﻨﺮ، ﺳﻴﺌﺔ ﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ؛ ﺳﻤﻌﺔ ﻓﺮﻳﺰر أو ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﻳﺘﺎج ،ﺗﻜﺘﺴﺐ املﺆﴍات رﺋﻴﺲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﻳﺘﺎج ،ﻳﺘﻠﻬﱠ ﻒ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن ﻟﺮؤﻳﺔ ﺗﺼﻨﻴﻒ املﺆﴍات ﻟﻬﻢ ﻛﻞ ٍ ﻗﺮارات ﻣﺜﻞ ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ وﺧﻔﺾ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻋﺎم ،وﻫﻨﺎك أدﻟﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ ﻳﺘﺨﺬون ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﺰﻳﺎدة ﻣَ ﺮﺗﺒﺘﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺆﴍ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ﰲ
227
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون
ﳐﻄﻂ ﺑﻴﺎﲏ ﻣﺪﻫﺶ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺪﺧﻠﻮن اﻷرض املﻘﺪﺳﺔ
ﺗﺰداد اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ املﺘﺸﺪدة ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاءٍ ﻧﺸﺎ ً ﻃﺎ ً أرض ﻣﺤﺎﻳﺪة. وﺣﺮﻛﺔ ﺣني ﻳُﻀﻄﺮون إﱃ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﲆ أﻋﻀﺎءٍ ﻋﲆ ٍ ﺟﺎري ﺑﻴﻜﺮ
1
ﺛَﻤﱠ َﺔ ﻣﺠﺎل آﺧﺮ ﺗﺮﻛﺖ ﻓﻴﻪ اﻷﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺼﻤﺘﻬﺎ وﻫﻮ اﻟﺪﱢﻳﻦ .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻟﻮراﻧﺲ آر إﻳﻨﺎﻛﻮن )ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرج ﻣﺎﺳﻮن( واﺣﺪًا ﻣﻦ ﻋﺪدٍ ﻣﺤﺪو ٍد ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني املﺘﺨﺼﺼني ﰲ اﻟﺪﱢﻳﻦ واﻻﻗﺘﺼﺎد 2 .ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﻗﺪ أ َ َ ﻧﺸﺌُﻮا ﻣﺆﺳﺴﺘﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻫﻲ »ﺟﻤﻌﻴﺔ دراﺳﺔ اﻟﺪﱢﻳﻦ واﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻘﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋً ﺎ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ملﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺴﺘﺠﺪات اﻟﻌﻠﻢ واملﻌﺮﻓﺔ. ﰲ أواﺧﺮ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ اﺧﺘﱪ إﻳﻨﺎﻛﻮن ﻓﺮﺿﻴﺔ آدم ﺳﻤﻴﺚ ﺑﺄن ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺪﱢﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺆديَ إﱃ ﻣﺴﺘﻮًى أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﻮر ﰲ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﻜﻨﺴﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﻤﻴﺚ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن املﻨﺎﻓﺴﺔ ﺗﻔﻴﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ؛ ﻷن ﻟﺪﻳﻬﺎ اﻟﺤﺎﻓﺰ ﻹﺷﺒﺎع اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ 3 .وﰲ اﺧﺘﺒﺎر ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﻗﺎرن إﻳﻨﺎﻛﻮن ﺑني اﻟﺤﻀﻮر ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ودرﺟﺔ دول ﺑﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴ ٍﺔ وﻛﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴ ٍﺔ ﻋﺪﻳﺪ ٍة ﺑني ﻋﺎﻣَ ﻲ ١٩٦٨و.١٩٧٦ اﻻﺣﺘﻜﺎر اﻟﺪﻳﻨﻲ ﰲ ٍ ٍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ،وﻫﻲ أن اﻟﺤﻀﻮر ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﺧﺘﻠﻒ ﻋﻜﺴﻴٍّﺎ ﻣﻊ اﻟﱰﻛﺰ وأﺳﻔﺮ اﺧﺘﺒﺎره ﻋﻦ اﻟﻜﻨﴘ ﰲ اﻟﺪول اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻌﺪل اﻟﱰدد ﻋﲆ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﺑني اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ً وﻣﻨﺨﻔﻀﺎ ﰲ اﻟﺪول املﺤﺘﻜﺮة ﻣﺮﺗﻔﻌً ﺎ ﰲ اﻟﺪول ذات املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺤﺮة ،ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة،
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺑﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴ ٍﺔ واﺣﺪة ،ﻣﺜﻞ ﻓﻨﻠﻨﺪا .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﺮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ 4 ً دﻳﻨﻴﺔ ،ﻛﺎن اﻟﻨﺎس أﻛﺜﺮ ﺗﺪﻳﱡﻨﺎ )ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻘﺎس ﺑﻤﻌﺪل اﻟﱰدد ﻋﲆ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ(. ﺑﻌﺪ ﻓﱰ ٍة وﺟﻴﺰ ٍة ﻣﻦ اﻧﺘﻬﺎء دراﺳﺔ إﻳﻨﺎﻛﻮن ،ﻗﺎم اﺛﻨﺎن ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﱠ وﺗﻮﺻﻼ إﱃ ﻧﻔﺲ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج :ﻳﺰدﻫﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺴﻮق ﻋﲆ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة؛ ﻓﻘﺪ وﺟﺪ روﺟﺮ ﻓﻴﻨﻜﻲ )ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﻮردو( ورودﻧﻲ ﺳﺘﺎرك )ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ واﺷﻨﻄﻦ( أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﺠﺮﺑ ٍﺔ ﺷﺒﻪ ﻣﺜﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻤﱠ ﻴﺎه اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻏري املﻨﻈﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة .ﻓﻤﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺜﻮرة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻛﺎن اﻻﺿﻄﻬﺎد اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،وﻣﻬﱠ ﺪ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔَ . وﺳﻌَ ِﺖ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ً ﻣﻌﱰﻓﺎ ﺑﻬﺎ رﺳﻤﻴٍّﺎ وﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﴬاﺋﺐ ،ﺑﻞ وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻜﱪى إﱃ أن ﺗﺼﺒﺢ دﻳﺎﻧﺔ اﺗﺤﺎدات ﻣﻨﺘﺠني ﺑﻬﺪف ﻣﻨﻊ املﻨﺎﻓﺴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺧﺎﺑﺖ ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻬﻢ .وﺣَ ﺬَت ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت ٍ ٍ ﻣﻌﱰف ﺑﻬﺎ رﺳﻤﻴٍّﺎ. ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺣﺬو ﻓريﺟﻴﻨﻴﺎ ﰲ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻗﻴﺎم أي ﱠ ﺗﻮﺻﻞ ﻓﻴﻨﻜﻲ وﺳﺘﺎرك إﱃ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﻬﻤﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻧﻤﻮذﺟﻬﻢ اﻟﴫﻳﺢ وﻗﺪ ﻟﻠﺴﻮق ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺪﱢﻳﻦ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ. ً ٍ ارﺗﻔﺎع ﻟﺪﻳﺎﻧﺎت ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﻦ أوﻻ :أﺳﻔﺮت املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﴩﺳﺔ واﻟﺘﻄﻮر املﺴﺘﻤﺮ ٍ ﻣﻄﺮ ٍد ﰲ املﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻜﻨﺴﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻘﺮﻧني املﺎﺿﻴني .واملﺬﻫﻞ أن أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻗﺪ ﺗﺤﻮﱠﻟﺖ ﻣﻦ دﻳﻦ ﻣﻨ ﱠ ﻈ ٍﻢ إﱃ ٍ ٍ دوﻟﺔ ﻳﺸﺎرك ﻧﺤﻮ ﺛﻠﺜﻲ اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ دوﻟﺔ ﻻ ﻳﺸﺎرك ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ ﰲ ٍ دﻳﻦ ﻣﻨﻈﻢ) 5 .اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ 1-29أدﻧﺎه(. ﰲ ٍ ﺣﻠﻢ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻮاﺣﺪة املﺴﺘﺤﻴﻞ ﺛﺎﻧﻴًﺎ :وﺟﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎدي أﻧﻪ ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ ﻟﻌﻘﻴﺪ ٍة واﺣﺪ ٍة أن ﺗﺴﻮد اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ ٍ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻦ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﴩﺳﺔ .ﰲ ﻓﱰات اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،ﻛﺎن اﻷﺑﺮﺷﻴﻮن واﻷﺳﻘﻔﻴﻮن ﻣﻬﻴﻤﻨني، وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ املﻨﻬﺠﻴني ،واﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ،واملﻌﻤﺪاﻧﻴني ﺧﻼل ﻓﱰات اﻟﻨﻬﻀﺔ املﺘﻌﺪدة ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻤﺮ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﴩﻛﺎت ً ﻟﻸﺑﺪ ،ﻳﺒﺪو ﺷﺒﻪ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ً ﻃﻮﻳﻼ. ﻳﻦ ﺳﺎﺋ ٍﺪ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻋﲆ اﻟﻘﻤﺔ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ دِ ٍ ﻧﺠﺎح ﻋﲆ املﺪى وﻳﺨﻠﺺ ﻓﻴﻨﻜﻲ وﺳﺘﺎرك إﱃ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ دِ ﻳﻦ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻣﻦ ٍ ٍ ﺑﻜﻨﻴﺴﺔ واﺣﺪة، اﻟﻘﺼري ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻐري اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﴎه؛ ﻓﺎملﺴﻴﺤﻴﻮن ﻻ ﻳﺒﺪون راﺿني ﻧﻮع واﺣ ٍﺪ ﻣﻦ أﺣﺬﻳﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻔﻖ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﻋﲆ ﻃﺮاز ﺳﻴﺎر ٍة واﺣ ٍﺪ أو ٍ اﻟﺘﻨﺲ .وﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،ﺗﻤﻴﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺳﻮاق — ﺳﻮاءٌ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎرات ،أو اﻷﺣﺬﻳﺔ ،أو 230
ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻴﺎﻧﻲ ﻣﺪﻫﺶ
٧٠ ٦٢
٥٩
٥٦
٦٠ ٥٣
٥١
٥٠
٤٥ ٣٥
٣٧
٤٠
٣٤
٣٠ ١٧
٢٠ ١٠
١٧٧٦ ١٨٥٠ ١٨٦٠ ١٨٧٠ ١٨٩٠ ١٩٠٦ ١٩١٦ ١٩٢٦ ١٩٥٢ ١٩٨٠ اﻟﻌﺎم
٠
ﺷﻜﻞ :1-29ﻣﻌﺪﻻت اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺪﻳﻨﻲ) .١٩٨٠–١٧٧٦ :املﺼﺪر :ﻓﻴﻨﻜﻲ وﺳﺘﺎرك» ،ﻓﺮض ﻧﻈﺎم اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ«(.
اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت — إﱃ إﻇﻬﺎر زﻳﺎد ٍة ﰲ اﻟﻜﻢ ،واﻟﺠﻮدة ،واﻟﺘﻨﻮع .وﻛﻤﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﻓﻴﻨﻜﻲ وﺳﺘﺎرك، ﻛﻴﺎن ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ املﻄﺎﻟﺒﺔ املﺴﺘﻤﺮة ﺑﺄن ﺗﺘﺤﺪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت واﻟﻄﻮاﺋﻒ املﺴﻴﺤﻴﺔ ﰲ ٍ واﺣﺪ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺎءت ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻣﺮا ًرا ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ .إن اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن »ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ« ﻏري دﻗﻴﻘﺔ .ﻓﺎﻟﺘﻨﻮع ﻫﻮ روح اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :اﻛﺘﺸﻒ ﻓﻴﻨﻜﻲ وﺳﺘﺎرك أن اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ اﻟﺴﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﺎوﻣﺖ ﻋﲆ ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ ً وﻓﺸﻼ ﰲ وﺗﺨﻠﺼﺖ ﻣﻦ »ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﺎ اﻟﺼﺎرﻣﺔ« داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮاﺟﻪ رد ًة واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﲆ ﻣﻌﺎﻳريَ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳ ٍﺔ ﻋﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ، َ ُ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ» .ﻧﺤﻦ ﻧﺬﻫﺐ اﻟﺴﻮق ﻋﻤﱠ ﻬﺎ اﻻزدﻫﺎر واﻟﺮﺧﺎء .ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﺗﻜﺎﻓﺊ ﻣﺮا ًرا إﱃ أن املﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺰدﻫﺮ ﻓﻘﻂ إﱃ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﻨﺪه ﻻﻫﻮﺗًﺎ 6 ُﴪيَ ﻋﻦ اﻷرواح وﻳﺸﺠﻊ ﻋﲆ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ«. ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳ ﱢ 231
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
راﺑﻌً ﺎ :دﺣﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺸﺎﺋﻊ ﺑﺄن املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺤﴬﻳﺔ أﻗﻞ ﺗﺪﻳﱡﻨًﺎ ﻣﻦ ﻧﻈريﺗﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ .وﰲ ﺗﻔﻨﻴﺪﻫﻤﺎ ﻷﻛﺬوﺑﺔ اﻟﻮﻋﱠ ﺎظ ﺑﺄن ﺣﻴﺎة املﺪﻳﻨﺔ »ﴍﻳﺮة وﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« ،ﻳﻘﺪﱢم ﻓﻴﻨﻜﻲ وﺳﺘﺎرك ً أدﻟﺔ ﻋﲆ أن ﻣﻌﺪﻻت اﻟﱰدد ﻋﲆ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ أﻋﲆ ﰲ املﺪن 7 ﻣﻨﻬﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ. ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺮى أن ﻣﺒﺎدئ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﺎﻣﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ؛ ﻓﺎﻟﺤﻮاﻓﺰ واملﻨﺎﻓﺴﺔ واﻟﺠﻮدة واﻻﺧﺘﻴﺎر ﻻ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺎدي ،وﻟﻜﻦ ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ املﺠﺎل اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ. ورﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ إرﺳﺎء اﻟﺴﻼم واﻟﺮﺧﺎء ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﺒﺎدئ املﻨﺎﻓﺴﺔ واﻻﺧﺘﻴﺎر واﻷﺳﻮاق اﻟﺤﺮة ﰲ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل وﰲ اﻟﺪﱢﻳﻦ.
232
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﻼﺛﻮن
اﻟﺴﻼم ﻋﲆ اﻷرض، اﻟﻨﻮاﻳﺎ اﳊﺴﻨﺔ ﲡﺎه اﻟﺒﴩ اﻟﺤﺠﺞ املﺆﻳﺪة ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺪﻳﻨﻲ
ً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒري ًة ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ … ﻗﺪ ﺗﺼﺒﺢ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﺘﺤﺮرة ﻣﻦ إن ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺴﺨﻒ ،أو اﻟﺘﺪﻟﻴﺲ ،أو اﻟﺘﻌﺼﺐ. أي ٍ آدم ﺳﻤﻴﺚ
1
أراض ﺧﺼﺒﺔ ﻟﻠﺮﺟﻌﻴﺔ ،واﻟﺘﻌﺼﺐ ،واﻟﻌﻨﻒ. اﻻﻗﺘﺼﺎدات املﻨﻐﻠﻘﺔ ٍ ﺟرياﻟﺪ ﺑﻲ أودرﻳﺴﻜﻮل اﻻﺑﻦ، »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« ﻳﺰﺧﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺎﻟﺤﺮوب اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑني اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ واﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ واملﺴﻠﻤني واﻟﻴﻬﻮد. أﺻﻞ دﻳﻨﻲ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﺴﻼم واﻟﻌﺪاوات اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻴﻮم ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ذات ٍ ﻋﲆ اﻷرض ،واﻟﻨﻮاﻳﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺒﴩ ﺑني اﻟﺪول واﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ؟ إن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻴﻮﻧﺎرد رﻳﺪ ،ﻣﺆﺳﺲ »ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي«، ﺗﻌﻨﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ »اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ« واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻮق املﻤﻨﻮﺣﺔ إﻟﻬﻴٍّﺎ ﻟﻠﻔﺮد ﻛﻤﺎ ﻫﻮ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
إﺑﺪاﻋﻲ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌﻠﻦ ﰲ »إﻋﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل«» :ﻟﻜﻞ ﻓﺮ ٍد اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﰲ اﻟﺘﴫﱡف ٍ ﱟ 2 ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﻗﺪراﺗﻪ وﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻪ؛ ﻓﻼ ﻗﻴﻮد ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ،ﻻ ﻗﻴﻮد أﻳﱠﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ«. ﱢ ٍ ﻃﺒﻌﺔ ﺗﻮﺿﺢ أﺣﺪث ﻣﺎذا ﻳﻘﻮل اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺑﺸﺄن اﻟﴫاع اﻟﻌﺴﻜﺮي واﻟﺪﻳﻨﻲ؟ ﻣﻦ »ﻣﺆﴍ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« ،اﻟﺬي ﺗﻨﴩه ﻣﺆﺳﺴﺔ »ﻫريﻳﺘﺎج« وﺻﺤﻴﻔﺔ »وول َ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻋﺪﻳﺪ ًة ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺼﻨﱠﻒ ﺑﺄﻧﻬﺎ »اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻘﻴﺪًا« أو »ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ« ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« ،أن ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﺴﺎد ،واﻟﴬاﺋﺐ املﻔﺮوﺿﺔ ،واﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ً دوﻟﺔ اﻟﺨﺎﺿﻌﺔ واﻟﺘﻀﺨﻢ ،واﻷﺳﻮاق اﻟﺴﻮداء ،واﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .وﻣﻦ ﺑني اﻟ ١٥٧ ﻟﻠﺒﺤﺚ واﻻﺳﺘﻄﻼع ،ﻳﺤﺼﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻔﻬﺎ ) ٨١دوﻟﺔ( ﻋﲆ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺳﺎﻟﺐ .واﻷﺧﻄﺮ أن ﺗﺮﻛﻴﺰ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺎت »املﻜﺒﻮﺗﺔ« ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﴩق املﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺄﻋﲆ ٍ 3 ً اﻷوﺳﻂ، ﺧﺎﺻﺔ املﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،وإﻳﺮان ،واﻟﻌﺮاق ،وﻟﻴﺒﻴﺎ ،وأﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن .وﻣﻦ واﻗﻊ اﻷﺣﺪاث اﻷﺧرية ،ﺗﺆﻛﺪ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ أﻃﺮوﺣﺔ رﻳﺪ؛ ﻓﻤﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،واﻟﴫاع اﻟﻌﺴﻜﺮي» .إذا ﺗﺴﻠﻂ اﻷﴍار ،ﻳﱧ اﻟﺸﻌﺐ« )ﺳﻔﺮ اﻷﻣﺜﺎل .(٢ :٢٩وﻳﻠﺨﺺ اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻫﻨﺮي ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴ ٍﺪ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إداﻧﺎﺗﻬﺎ ﻫﺎزﻟﻴﺖ اﻷﻣﺮ ٍ 4 ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻹﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ ،ﻫﻲ املﺼﺪ َر اﻷﻛﱪَ ﻟﻠﺤﺮوب اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ«. اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري ﻳﺤﻄﻤﺎن اﻟﺤﻮاﺟﺰ ﺗُﻌﺮف ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﺑﺎﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺎت واﻟﺘﺸﺪﱡد اﻟﺪﻳﻨﻲ .وﻳﺒﺪو أن اﻟﻜﺒﺖ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻟﻜﺒﺖ اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻟﺪﻳﻨﻲ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺆدي اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺴري ﺟﻨﺒًﺎ إﱃ ٍ 5 اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﱃ ﺣﺮﻳ ٍﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴ ٍﺔ ودﻳﻨﻴﺔ .وﻗﺪ أﻗﺎم ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ ،وآدم ﺳﻤﻴﺚ ،وﻏريﻫﻤﺎ ﻣﻦ املﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴني اﻟﺤﺠﺔ ﻋﲆ أن اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري املﺘﺤﺮر وروح اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻳﺤﻄﻤﺎن ﱡ اﻟﺘﻌﺼﺐ واﻟﺘﺸﺪﱡد .وﻗﺪ رأى ﻣﺒﺪأ اﻟﻮﺣﺪاﻧﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻣﺮان ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﰲ »ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺠﺎرة املﺴﺎﻟﻢ«ً ، اﻟﺴﻌﻲ وراء اﻟﺮﺑﺢ ﻗﺎﺋﻼ إن َ ﱡ اﻟﺘﻌﺴﻔﻲ .وﻗﺪ ردع ﺿﺪ اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺤﺮب اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ واﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ أداة ٍ ﴏح ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ ﺑﺄن »اﻟﺘﺠﺎرة ﺗﺪاوي اﻻﻧﺤﻴﺎزات املﺪﻣﺮة .إﻧﻬﺎ ﺗُﻬﺬﱢب وﺗُ ﱢ ﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﺣﺪة اﻷﻋﺮاف واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﱪﺑﺮﻳﺔ … واﻷﺛﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺘﺠﺎرة ﻫﻮ أن ﺗﺆديَ إﱃ اﻟﺴﻼم 6 «.وأﻳﱠﺪ آدم ﺳﻤﻴﺚ ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ وﻋﻠﻤﻨﺎ أن املﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﺠﺎري ﻳﺨﻔﻒ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت وﻳﻤﻨﻊ اﻟﺴﻘﻮط ﰲ ﻏﺎﺑﺔ ﻫﻮﺑﺰﻳﺔ. 234
اﻟﺴﻼم ﻋﲆ اﻷرض ،اﻟﻨﻮاﻳﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺒﴩ
ﻳﺸﺠﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﻨﺎس ﻋﲆ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻣﺘﻌﻠﻤني وﻣﻜﺎﻓﺤني وﻣﻨﻀﺒﻄني ذاﺗﻴٍّﺎ .وﻛﻤﺎ ﻳﻨﻮﱢه أﻟﱪت ﻫريﺷﻤﺎن» :إن روح اﻟﺘﺠﺎرة ﺗﺠﻠﺐ ﻣﻌﻬﺎ روح اﻟﺘﺪﺑري ،وروح اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وروح اﻻﻋﺘﺪال ،وروح اﻟﻌﻤﻞ ،وروح اﻟﺤﻜﻤﺔ ،وروح اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ،وروح اﻟﻨﻈﺎم، وروح اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ 7 «.ورﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻋﻤﻠﻴﻮن؛ ﻓﻬﻢ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﻢ ﻳﻤﻴﻠﻮن إﱃ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ واﻟﺘﻨﺎزل، وﻣﺘﺴﺎﻣﺤﻮن ﻣﻊ وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ اﻷﺧﺮى .ﺑﻞ إن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﺠﺎري ﻫﻮ إﺷﺒﺎع ﺑﻤﻘﺎﺑﻞ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻄﻮﻳﺮ وإﻧﺘﺎج ﳾءٍ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ؛ ٍ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .وﻗﺪ ﻗﺎل ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ذات ﻣﺮة» :ﺧريٌ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﻳﻌﺘﺪيَ ﻋﲆ ﺣﺴﺎﺑﻪ 8 اﻟﺒﻨﻜﻲ ﻣﻦ أن ﻳﻌﺘﺪيَ ﻋﲆ أﺧﻴﻪ املﻮاﻃﻦ«. ﻳﺨﻠﺺ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺎن ﺟرياﻟﺪ ﺑﻲ أودرﻳﺴﻜﻮل اﻻﺑﻦ ،وﺳﺎرة ﻓﻴﺘﺰﺟرياﻟﺪ إﱃ أن »اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺤﻠﻔﺎء واﻟﴩﻛﺎء اﻟﺘﺠﺎرﻳني أﻛﺜﺮ ً ﻣﻴﻼ ﻟﺤﻞ اﻟﺨﻼﻓﺎت وﺗﺴﻮﻳﺘﻬﺎ ٍ ٍ ﻣﺒﺪﻋﺔ ﺣﻠﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﻟﻮﻣﻮن دﺑﻠﻴﻮ ﺑﺪراﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺠﻮء إﱃ اﻟﻨﺰاع املﺴﻠﺢ «.وﻳﺴﺘﺸﻬﺪان ﺑﺎﻟﻮﺗﺸﻴﻚ ٣٠زوﺟً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺪول ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٥٨ﺣﺘﻰ ،١٩٦٧ووﺟﺪ أن املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻷﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري ﺗُﺨﻤﺪ ﻧﺎر اﻟﴫاع» :إن اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺗﺨﻤﺪ اﻟﴫاع؛ ﻷن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﺪاوات ﺗﻬﺪد املﺰاﻳﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻗﻊ اﻟﺒﻠﺪان ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ وﻳﺤﻘﻘﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت؛ ﻓﺎﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺤﺮ ﻟﻠﺴﻠﻊ واﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﻳﺒﻨﻲ اﻟﺜﺮاء واﻟﺮﺧﺎء ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﻃﺮاف 9 املﻌﻨﻴﺔ«. اﻟﺤﺠﺞ املﺆﻳﺪة ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺪﻳﻨﻲ َ َ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ؟ ﺗُﺸﺘﻬﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ً اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻓﺘﻘﺎدﻫﺎ واﻟﺘﻨﻮ َع اﻟﺪﻳﻨﻲ .إن ﺑﻌﺾ املﺴﻴﺤﻴني اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﻳﻌﻴﺸﻮن وﻳﻤﺎرﺳﻮن ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ اﻟﺘﻌﺒﺪﻳﺔ ﻫﻨﺎك ،وﻟﻜﻦ ﺗﻐﻴري اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻣﺤﻈﻮر ،ﺣﺘﻰ ﰲ إﴎاﺋﻴﻞ .واملﴫﻳﻮن ﻳﻨﻘﺴﻤﻮن إﱃ ﻃﺎﺋﻔﺘني ﻣﺴﻠﻤﺘني ﻓﻘﻂ؛ وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻳﻬﻮد ﰲ اﻟﺒﻼد ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وﻻ ﺗﺒﺸريﻳﻮن ﻣﺴﻴﺤﻴﻮن .ﻛﻤﺎ ﻳ ﱡ ُﻜﻦ ً ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﻟﻔﻜﺮة اﻟﻐﺮب )ﻛﻤﺎ ﱠ دﻳﻨﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﺟﻮن ﻟﻮك( ﻋﻦ اﻷﺻﻮﻟﻴﻮن اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن ﱟ ٍ ً ووﻓﻘﺎ ﻷﻧﺪرو ﺳﻮﻟﻴﻔﺎن ،ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﺣ ﱟﺮ ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻋﲆ ﺿﻢ أﻋﻀﺎءٍ إﻟﻴﻬﺎ. ً ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻷرض« ،ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ أﻣﺮﻳﻜﺎ »واﺣﺪة ﻣﻦ أﻛﺜﺮ املﺠﺘﻤﻌﺎت املﺪﻧﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ 10
أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ »ﺗﻘﺮﻳﻊ ﺣﻲ وﻣﻠﻤﻮس ﻟﻜﻞ ﳾءٍ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ )أي ﻃﺎﻟﺒﺎن وﺑﻦ ﻻدن(«. رﺳﻤﻲ ﻳﻮ ﱢﻟﺪ اﻟﺘﻌﺼﺐ ،واﻟﺘﺸﺪد ،واﻻﺿﻄﻬﺎد .واﻷﻣﺜﻠﺔ دﻳﻦ ﱟ وﻳﺰﻋﻢ آدم ﺳﻤﻴﺚ أن أي ٍ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻟﻠﺤﺮوب املﻘﺪﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ املﺴﻴﺤﻴﺔ ،واﻹﺳﻼم ،واﻷدﻳﺎن اﻷﺧﺮى املﺪﻋﻮﻣﺔ 235
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺜﺒﺖ أﻃﺮوﺣﺔ ﺳﻤﻴﺚ .وﻟﻜﻦ ﺳﻤﻴﺚ ذﻫﺐ إﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ إذ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺄن ﺧﻠﻖ ٍ ﺑﻴﺌﺔ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴ ٍﺔ ﺣﺮ ٍة ﰲ اﻷدﻳﺎن أﻣﺮ ﻣﻔﻴﺪ؛ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل إن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﺤﺒﺬ »ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ« ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻮ ﱢﻟﺪ اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ وﻳﺸﺠﱢ ﻊ ﻋﲆ زﻳﺎدة ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺤﻀﻮر ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ» .ﰲ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻔﻮق ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﺗﻜﻮن أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺘﱠﺴﻢ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم واﻻﻧﻀﺒﺎط إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري، ٍ 11 ً ٍ ووﻓﻘﺎ ﻟﺴﻤﻴﺚ ،ﻓﺈن ﻣﻦ ﺷﺄن املﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم«. ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺼﺐ واﻟﺤﻤﻴﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻻﻋﺘﺪال واﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ. ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻄﻊ ﺟﺮﻋﺔ ﺟﻴﺪة ﻣﻦ اﻷﺳﻮاق املﻔﺘﻮﺣﺔ وﻣﻦ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ ﺷﺘﻰ ً ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﺷﻮ ً ﻃﻮﻳﻼ ﻧﺤﻮ إﺣﻼل اﻟﺴﻼم ،وﺟﻠﺐ اﻟﺮﺧﺎء ،واﻟﻨﻮاﻳﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﰲ ﻫﺬا ﻃﺎ اﻟﺠﺰء اﻟﺨﻄري ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ .وإﱃ أن ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ،ﺳﻮف ﻳﻈﻠﻮن ﻳﴫﺧﻮن» :ﺳﻼم ،ﺳﻼم، وﻻ ﺳﻼم« )ﺳﻔﺮ إرﻣﻴﺎ .(١١ :٨
236
اﻟﺠﺰء اﻟﺨﺎﻣﺲ
اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﳌﺴﺘﻘﺒﻞ
ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء اﻷﺧري ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ،أﺗﻨﺎول ﻛﻴﻒ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﻬﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ ﺗﺤﺴني ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺴﻮق اﻷﺳﻬﻢ ،واﻟﺘﻀﺨﻢ ،واﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن أن ﻳﻜﻮﻧﻮا َ ٍ ﺣﺎﻻت ﺑﺎرز ٍة ﻋﺪﻳﺪ ٍة ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆات اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ، أﺿﺤﻮﻛﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎﺑﺎت ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻟﻢ ﻳَﻌُ ِﺪ اﻹﻋﻼم ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻨﻬﻢ.
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي واﻟﺜﻼﺛﻮن
ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﻜﻬﻨﺎت ﻫﻞ زاﻟﺖ ﻟﻌﻨﺔ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ؟
ٍ ﻣﻔﺮط ﺑﺄن ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ، ﺑﺸﻜﻞ ري ﻣﻦ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺜﻘﻮن ٍ ﻻ ﻳﺰال اﻟﻨﺎس ﰲ ﻛﺜ ٍ وﺳﻮق اﻹﺳﻜﺎن ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﺪة ،ﺳﻮف ﺗﺤﻘﻖ أداءً ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺮوﻋﺔ ،وﻫﺬه اﻟﺜﻘﺔ املﻔﺮﻃﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆديَ إﱃ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار. روﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ )(٢٠٠٥
1
ﻳُﻌَ ﱡﺪ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ ) ،(١٩٤٧–١٨٦٧اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ،راﺋﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻘﺪي وﻳﻌﺘﱪه اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني )ﻣﺜﻞ ﺟﻴﻤﺲ ﺗﻮﺑني وﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن( أﻋﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻷب ﻳﻌﻤﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ وُﺟﺪوا ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .وُﻟﺪ ﻓﻴﴩ ﰲ ﻋﺎم ١٨٦٧ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ٍ ﻛﺎﻫﻨًﺎ ،وﺗﻔﻮﱠق ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت وﻛﺎن أول ﺧﺮﻳﺠﻲ دﻓﻌﺘﻪ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ .ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛري اﻟﺪاروﻳﻨﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻳﻠﻴﺎم ﺟﺮاﻫﺎم ﺳﻤﻨﺮ ،ﻧﻤﱠ ﻰ ﻟﺪﻳﻪ اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﻌﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻣﻜ ﱢﺮ ًﺳﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﺪراﺳﺔ املﺎل ،واﻷﺳﻌﺎر ،واﻻﻗﺘﺼﺎد .وﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﲆ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ،ﺗﺰوج وأﻧﺠﺐ واﺳﺘﻘﺮت ﺑﻪ اﻟﺤﺎل ﻋﲆ ﻋﻴﺶ ﺣﻴﺎة اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ واﻟﻜﺎﺗﺐ .أ ﱠﻟﻒ ﻋﴩات اﻟﻜﺘﺐ ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻘﺪي ،واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺼﺤﻴﺔ )ﺑﻌﺪ ﻧﺠﺎﺗﻪ ﻣﻦ ً رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ اﻻﻟﺘﻬﺎب اﻟﺮﺋﻮي( ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ .وﰲ ﻋﺎم ،١٩١٨اﻧﺘُﺨﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﺳﺎﻫﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻴﺎﳼ.
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﻧﻈ ًﺮا ملﺎ ﺣُ ِﺒ َﻲ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﻴ ٍﺔ إﺑﺪاﻋﻴﺔ ،اﺧﱰع ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﻟﻠﺒﻄﺎﻗﺎت املﻔﻬﺮﺳﺔ )املﻌﺮوﻓﺔ اﻟﻴﻮم ﺑﱪﻧﺎﻣﺞ روﻟﻮدﻳﻜﺲ( ،وﻗﺎم ﺑﺒﻴﻌﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺳﻬ ٍﻢ ﰲ ﴍﻛﺔ رﻣﻴﻨﺠﺘﻮن راﻧﺪ .وﰲ ذروة اﻧﺘﻌﺎش ﺳﻮق وول ﺳﱰﻳﺖُ ،ﻗﺪﱢرت ﻗﻴﻤﺔ ﺳﻬﻤﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺔ »أ« اﻟﺬي ﻳﻤﺘﻠﻜﻪ ﰲ رﻣﻴﻨﺠﺘﻮن ﺑﻌﴩة ﻣﻼﻳني دوﻻر .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺗﺪرﻳﺲ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ،أﺻﺒﺢ ﻓﻴﴩ ً ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﺑﺄﻧﻪ »ﻋ ﱠﺮاف وول ﺳﱰﻳﺖ« ،وﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳُﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﺄﻗﻮاﻟﻪ ﻣﺴﺘﺸﺎ ًرا ﻣﺎﻟﻴٍّﺎ وﺻﺎر ﰲ اﻹﻋﻼم املﺎﱄ. ﻛﺎن ﻓﻴﴩ ﻣﻦ ﻣﺘﻔﺎﺋﲇ »اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ« اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﺰﺣﺰﺣﻮن ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ؛ إذ ﻛﺎن ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄن »اﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ« ﺳﻮف ﺗﺆدي إﱃ ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﺟﺪﻳ ٍﺪ وأﻓﻀﻞ .وﻛﺎن ﻣﺆﻳﺪًا ﺑﺸﺪ ٍة ﻟﻠﺴﻮق اﻟﺼﺎﻋﺪة ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ .وﻣﻊ ﺳﻴﻄﺮة ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﲆ املﻨﻈﻮﻣﺔ ٍ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄن دورة اﻷﻋﻤﺎل ﻗﺪ أُﻟﻐﻴﺖ .وﻣﻊ اﺳﺘﻘﺮار اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﻋﻘﺪ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻛﺎن ﻓﻴﴩ ﻋﲆ اﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺒﺎﱄ ﺑ »ﺻﺨﺐ املﻀﺎرﺑﺔ« ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أﺳﻌﺎر ٍ ٍ ﺳﻨﻮات ﻓﻘﻂ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم .١٩٢٩ أﺿﻌﺎف ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ﺧﻼل ﺳﺒﻊ اﻷﺳﻬﻢ ﻗﺪ زادت ﺛﻼﺛﺔ اﻧﻬﻴﺎر ﺣني ﺣﺬﱠر املﺴﺘﺸﺎر املﺎﱄ روﺟﺮ ﺑﺎﺑﺴﻮن ،ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮﺳﻄﻦ ،املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﻦ ٍ وﺷﻴﻚٍ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٢٩اﺳﺘﻨﻜﺮ ﻓﻴﴩ ﻫﺬه اﻟﻨﺒﻮءة املﺨﻴﻔﺔ ﺑﻌﺒﺎرﺗﻪ 2 اﻟﺴﻴﺌﺔ اﻟﺴﻤﻌﺔ» :ﻟﻘﺪ وﺻﻠﺖ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ إﱃ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻫﻀﺒﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة اﻻرﺗﻔﺎع«. َ ﻳﺘﻌﺎف وﺧﺬﻟﺘﻪ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻪ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،واﻧﻬﺎرت ﺳﻤﻌﺘﻪ وﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﰲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت .وﻟﻢ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻣﻤﺎ أﻟ ﱠﻢ ﺑﻪ ،وﻣﺎت ﻛﺴريًا ﻣﺤﻄﻤً ﺎ ﰲ ﻋﺎم .١٩٤٧ ﻟﻢ ﺗﺘﺠﺎوز ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ اﻟﺨﺰيَ اﻟﺬي ﺧ ﱠﻠﻔﺘﻪ ﻧﺒﻮءة ﻓﻴﴩ اﻟﺸﻬرية ،وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺒﺆات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳُﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺮﻳﺒﺔ .وﻛﻤﺎ ﻋ ﱠﻠﻖ ﺑﻮل ﺻﺎﻣﻮﻳﻠﺴﻮن ذات ﻣﺮ ٍة ﻣﺎزﺣً ﺎ: ﺑﺴﺒﻊ ﻣﻦ أزﻣﺎت اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺜﻼث اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ!« »ﻟﻘﺪ ﺗﻨﺒﺄ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ٍ اﻷﻣﺮ املﺜري أﻧﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٨٨ﻗﺎم ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻴﺎﳼ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺘَﻲ ﻫﺎرﻓﺎرد وﻳﻴﻞ ﺑﻤﺮاﺟﻌﺔ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻨﻘﺪي واﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ ٍ ٍ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت ،ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺮﻛﻮد ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد .وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻄﻮ ًرا ِﻟريَوْا إن ﻛﺎن ﺑﻮﺳﻌﻬﻢ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﻬﻴﺎر ﱠ وﺗﻮﺻﻠﻮا إﱃ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج اﻟﺮاﺋﻊ ﻣﻦ أن ﻓﻴﴩ »ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﱪر ﻣﺎ أﺑﺪاه ﻣﻦ واﻟﻜﺴﺎد. ُ ﺗﻔﺎؤل ﺑﺸﺄن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻗﺒﻴﻞ اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺖ اﻻﻧﻬﻴﺎر وﰲ ﻏﻀﻮﻧﻬﺎ« ملﺎذا؟ ﻟﻴﺲ ﻷن ٍ ﻧﻤﻮذج ﻓﻴﴩ ﻛﺎن ﻣﻌﻴﺒًﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻷن اﻧﻬﻴﺎر اﻟﺒﻮرﺻﺔ واﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ ﰲ ﻋﺎم ١٩٢٩ﻛﺎﻧﺎ 3 »ﻏري ﻗﺎﺑ َﻠني ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ!« 242
ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﻜﻬﻨﺎت
ٍ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﻮة ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ ﻗﺮاءة ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ٍ راﺣﺔ ﰲ ﺿﻮء املﺨﺎوف اﻷﺧرية ﻣﻦ اﻻﻧﻌﺪام املﺘﺰاﻳﺪ ﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻴﺎﳼ أي ﻋﺰاءٍ أو اﻟﻘﻴﺎﳼ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻘﺎﻋﺎت اﻟﺒﻮرﺻﺔ واﻟﻌﻘﺎرات اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺜري اﻟﻔﻮﴇ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺎﱄ. ﻧﻤﻮذج ﻛﲇ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﻳﻴﻞ وﻟﻜﻦ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﻮﺟﻬً ﺎ إﱃ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ﰲ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم ،٢٠٠٦راودﻧﻲ ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﻔﺎؤل إزاء ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺘﻜﻬﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ وأن اﻷﻣﻮر رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﻟﺴﻮء اﻟﺬي ﺗﺨﻴﻠﺘﻪ؛ ﻓﻘﺪ ا ْﻟﺘﻘﻴﺖ ﻫﻨﺎك روﺑﺮت ﺷﻴﻠﺮ ،أﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ واﺣ ٍﺪ ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﻜﺘﺐ ﺑﻴﻌً ﺎ ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﻮﻓﺮة اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ« ،وﻗﺪ ﻧُﴩ ﻋﺎم ٢٠٠٠ﰲ ذروة ﺗﺼﺎﻋﺪ اﻟﺴﻮق ﰲ أﺳﻬﻢ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺻﺪر اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﻣﺎرس ﻣﻦ ﻋﺎم ،٢٠٠٠وﻫﻮ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺷﻬﺪ اﻟﻄﻔﺮة اﻟﻜﱪى ﻟﺴﻮق ﻧﺎﺳﺪاك .ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻨﺒﱡﺌﻲ ،ﺗﻨﺒﱠﺄ ﺷﻴﻠﺮ ﺑﺄن »اﻟﺒﻮرﺻﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻟ »ﻓﻘﺎﻋﺔ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ«« ،وﺣﺬر ﻣﻦ أن املﺴﺘﻘﺒﻞ املﺘﻮﻗﻊ ٍّ ً ﻣﺤﻘﺎ ﻫﺰﻳﻼ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ،ورﺑﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﺧﻄريًا 4 «.وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻸﺳﻬﻢ »ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺸﺄن اﺗﺠﺎه اﻷﺳﻮاق ،ﺑﻞ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ً أﻳﻀﺎ. ً ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻮراء ،أﺗﺬﻛﺮ أﻧﻨﻲ اﻋﺘﻘﺪت ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﱃ أن ﻧﻤﻮذﺟﻪ اﻟﺘﻨﺒﱡﺌﻲ ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻤً ﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ وﰲ أواﺧﺮ ﻋﺎم ،٢٠٠٥أﺻﺪر اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ً ﻓﺼﻼ ﺟﺪﻳﺪًا ﻋﻦ ﺳﻮق اﻟﻌﻘﺎرات »اﻟﻮﻓﺮة اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ« .وﰲ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،أﺿﺎف ﻣﺴﺒﻮق وﻏري ﻣﺴﺘﺪﻳ ٍﻢ ﰲ »ﺻﺎروﺧﻲ« ﻏري ري اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ أﺷﺎر ﱟ ﺑﻮﺿﻮح إﱃ ﺗﺄﺛ ٍ ٍ ٍ ﻗﻴﻢ املﻨﺎزل ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم .١٩٩٧وأﻋﻠﻦ أن »ﺷﻌﻮرﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ واﻟﺨﻄﺮ ﻳﺘﺰاﻳﺪ« ،ﻣﺤﺬ ًرا املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﻦ »ﻓﻘﺎﻋﺔ ﺳﻮﻗﻴﺔ« ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎر »ﻣﺤﻔﻮف ً ﺳﺨﻮﻧﺔ )ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ« .وﰲ ﺧﻼل ﻋﺎم ،وﺻﻠﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻌﻘﺎرات ﰲ أﻛﺜﺮ اﻷﺳﻮاق ﻟﻴﻨﺘﻬﻲ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻧﺨﻔﺎض اﻷﺳﻌﺎر، ﻓﻠﻮرﻳﺪا ،وﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،وﻧﻴﻔﺎدا( إﱃ أﻋﲆ ﻣﻌﺪﻻﺗﻬﺎ، َ وارﺗﻔﺎع املﻌﺮوض ،واﻧﻬﻴﺎر ﰲ ﻗﺮوض اﻟﺮﻫﺎﻧﺎت اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﰲ ﻋﺎم .٢٠٠٧ ﺣني ﺣﺎورت اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺷﻴﻠﺮ ،ﻛﺎن أول ﺳﺆال ﻃﺮﺣﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ» :ﰲ ﺿﻮء ﻧﺠﺎﺣﻚ املﺬﻫﻞ ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﻘﻤﻢ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ واﻟﻌﻘﺎرات ،واﻟﻌﺎﺋﺪات املﺬﻫﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ دﻳﻔﻴﺪ ﺳﻮﻳﻨﺴﻦ ﻣﻦ إدارﺗﻪ ﻟﺼﻨﺪوق ﻳﻴﻞ ﻟﻠﻬﺒﺎت ،ﻫﻞ زاﻟﺖ ﻟﻌﻨﺔ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ أﺧريًا ﻋﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ؟« وﺟﺎءت إﺟﺎﺑﺘﻪ ﻣﺘﻔﺎﺋﻠﺔ؛ إذ أﺟﺎب وﻋﲆ وﺟﻬﻪ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ» :ﺣﺴﻨٍّﺎ ،أﻋﺘﻘﺪ ذﻟﻚ«. 243
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻫﻨﺎك ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺑني ﺷﻴﻠﺮ وﻓﻴﴩ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ ﻣﺎ .ﻓﺈﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮﻧﻪ أﺳﺘﺎذًا ﺟﺎﻣﻌﻴٍّﺎ ﺑﺪوا ٍم أﻋﻤﺎل وراﺋﺪ أﻋﻤﺎل .وﻗﺪ أﺳﺲ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﴍﻛﺔ ﺗُﺴﻤﱠ ﻰ ﻛﺎﻣﻞ ،ﻓﺈن ﺷﻴﻠﺮ اﻗﺘﺼﺎدي ورﺟﻞ ٍ أﺳﻮاق ﺟﺪﻳﺪة ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ »ﺻﻨﺎدﻳﻖ »ﻣﺎﻛﺮو ﻣﺎرﻛﻴﺘﺲ املﺤﺪودة« ،ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﺧﻠﻖ ٍ ﺳﻮق ﻟﻠﻌﻘﻮد اﻵﺟﻠﺔ املﺆﴍات املﺘﺪاوﻟﺔ« ،ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق إدارة املﺨﺎﻃﺮ .وﺳﺎﻋﺪ ﰲ إﻧﺸﺎء ٍ واﻻﺧﺘﻴﺎرات ﰲ »ﺑﻮرﺻﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ« ﻟﻠﻌﻘﺎرات اﻟﺴﻜﻨﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ )ﻋﲆ ﻗﻤﺔ اﻟﺴﻮق( .ملﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﴍﻛﺘﻪُ ،ز ْر ﻣﻮﻗﻊ .www.macromarkets.com ﻋﲆ ﺻﻌﻴ ٍﺪ أﺧﻄﺮ ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻴﺰ ﻧﻤﻮذج ﺷﻴﻠﺮ اﻟﺘﻨﺒﱡﺌﻲ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﺎذج اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺸﻠﺖ ﰲ ﺗﻮﻗﻊ اﻟﺘﻐريات ﰲ اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻷﺳﻬﻢ واﻟﺴﻨﺪات واﻟﻌﻘﺎرات؟ إن ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻮﻓﺮة اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ« ﻫﻮ دراﺳﺔ ﰲ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﴩي وﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ املﻀﺎرﺑﺔ ﰲ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ .وﻗﺪ أﺧﱪﻧﻲ ً ﻗﺎﺋﻼ» :اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ واملﺎﱄ ﻳﻜﺘﺴﺒﺎن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺰﺧﻢ، وﻫﻮ اﻟﴚء اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎر ًة اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﰲ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻵن .وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ ﻛﻠﻴﺎت اﻷﻋﻤﺎل«. ﻳﻌﻤﻞ ﺷﻴﻠﺮ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﺎء آﺧﺮﻳﻦ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ،ﻣﺜﻞ رﻳﺘﺸﺎرد ﺗﺎﻟﺮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،وﻛﺎرل ﻛﺎﻳﺲ ﺑﻜﻠﻴﺔ وﻳﺴﲇ ،وﻳﻨ ﱢ ﻋﻤﻞ ﰲ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﰲ »املﻜﺘﺐ ﻈﻢ ورش ٍ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« ﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻘﺎﻋﺎت اﻟﺴﻮق ﰲ اﻷﺳﻬﻢ ،واﻟﺴﻨﺪات ،واﻟﻌﻘﺎرات، واﻟﺴﻠﻊ ،وﻛﻴﻒ ﺗﺼﺒﺢ اﻷﺳﻮاق ﻣﻘﺪر ًة ﺑﺄﻛﱪ أو أﻗﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﺗﺄﺛريات اﻹﻋﻼم، واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،و»أرواح اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت« ،ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﺸﻬرية ﻟﻜﻴﻨﺰ ﻟﻠﺘﻌﺒري ﻋﻦ ﻏﺮﻳﺰة اﻟﻘﻄﻴﻊ .وﻳﻌ ﱢﻠﻖ ﺷﻴﻠﺮ ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻫﺎ ﻧﺤﻦ أﺧريًا ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻧﺘﻨﺒﺄ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ وﻗﺎﺋﻊ املﺎﴈ 5 «.ﻓﺤني ﺗﺘﺤﺮك اﻷﺳﻮاق ﺧﺎرج اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى ،ﻋﲆ ﻛﻼ اﻟﺠﺎﻧﺒني، ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺆﻛ ٍﺪ أن اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت اﻷﺧرية ﰲ اﻷﺳﻌﺎر ﻏري ﻣﺴﺘﺪﻳﻤﺔ ،وأﻧﻬﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ٍ أن ﺗﻌﻮد إﱃ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺣﺎن ﻟﻠﺤﺬر .وﰲ ذﻟﻚ ﻳﻮﺿﺢ ً ﻗﺎﺋﻼ» :إن ﻣﻨﻬﺠﻲ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ر ًؤى ،وﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ٍ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻟريى ﻣﺎ ﻳﺪور .ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت؛ ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﻳﻨﻈﺮ املﺮء إﱃ أوﺳﻊ ﺻﻮر ٍة املﺮء ﻣﻠﻜﺎﺗﻪ اﻟﺤﺪﺳﻴﺔ ،وﻳﺪرك اﻷﻧﻤﺎط«. ووﻓﻘﺎ ﻟﺸﻴﻠﺮ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮاﻗﺐ َ ً اﻟﻔ ِﻄﻦ أن ﻳُﺒﲇ َ ﺑﻼءً ﺣﺴﻨًﺎ ﰲ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ» :إﻧﻪ ﻣﺠﺎل ﻋﻤﻞ ﺗﻨﺎﻓﴘ ،وﻣﻌﻈﻢ املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق .وﻟﻜﻦ ٍ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ﺛَﻤﱠ َﺔ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻟﻠﺒﺤﺚ اﻟﺴﻠﻴﻢ اﻟﺬﻛﻲ .إن اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻨﺎﺟﺢ ﻳﺘﻄﻠﺐ إﻟﻬﺎﻣً ﺎ ،وﺟﻬﺪًا ﻟﺘﻜﺮﻳﺲ اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺠﻬﺪ ،واﻻﻧﺘﺒﺎه واﻟﱰﻛﻴﺰ .وﻟﻌﻞ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب وراء وﻗﻮع املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ 244
ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﻜﻬﻨﺎت
أﺧﻄﺎءٍ ﻫﻮ ﻋﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻮﻟﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻧﺘﺒﺎ ٍه ﻟﻸﻣﺮ .إن اﻟﻨﺎس ﻗﺎدرون ﻋﲆ إﻇﻬﺎر ذﻛﺎءٍ ﻓﻮق اﻟﻌﺎدة ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻳﻦ ﻳﻄﺒﻘﻮﻧﻪ ،ﻓﺘﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﻢ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﺗﺒﺎع اﻟﻘﻄﻴﻊ َ ﻣﺴﺄﻟﺔ ذﻛﺎءٍ ﻓﻘﻂ؛ إﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﺪر ٍة ﻋﲆ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ .إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ واﻟﻌﺰوف ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻜري ٍ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم«.
245
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﻼﺛﻮن
اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺠﻴﺪوﻧﻪ أﻛﺜﺮ!
املﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑني روﱠاد اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺴﺎﻋني ﻟﻠﺮﺑﺢ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻬﺎون ﻣﻊ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺰاﺋﻔﺔ … ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس
1
ﰲ رﺑﻴﻊ ﻋﺎم ،١٩٨٨ﻛﺎن ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬة اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أﻳﻮا — ﻓﻮرﻳﺴﺖ ﻧﻴﻠﺴﻮن، وروﺑﺮت ﻓﻮرﺳﻴﺚ ،وﺟﻮرج ﻧﻴﻮﻣﺎن — ﻳﺘﻨﺎوﻟﻮن اﻟﻐﺪاء ﻣﻌً ﺎ ﺣني ُ ﻃﺮح ﻣﻮﺿﻮع اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت وﻻﻳﺔ ﻣﻴﺸﻴﺠﺎن ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ .ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺳﺘﻄﻼﻋﺎت ﻗﺪ أﻇﻬﺮت ﺗﺼﺪﱡر ﻣﺎﻳﻜﻞ دوﻛﺎﻛﻴﺲ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷوﻟﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ املﻔﺎﺟﺄة أن ﱠ ﺗﺒني ﰲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أن ﺟﻴﴘ ﺟﺎﻛﺴﻮن ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺋﺰ .ﺗﺴﺎءل أﺣﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺜﻼﺛﺔ» :ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺴﺘﻄﻠﻌني أن ﻳﺨﻄﺌﻮا ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ؟« وﻗﺎل آﺧﺮ» :ﻟﻮ أن املﻀﺎرﺑني ﰲ ﻛﻮﻣﻴﻜﺲ ﰲ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻳﺤﺪدون أﺳﻌﺎر اﻟﺬرة ﻟﺸﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﺑﻬﺬا اﻟﺴﻮء ،ﻟﺼﺎروا ﺑﻼ ﻋﻤﻞ!« وﻛﺎن اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ اﻷﺧري ﻫﻮ ﻣﺎ دﻓﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜري .ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺳﻮق ﻟﻠﻌﻘﻮد اﻵﺟﻠﺔ ﰲ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻬﻤﺔ أﻓﻀﻞ ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﻀﺎرﺑني أداء ٍ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺋﻤني ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻄﻼﻋﺎت؟
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﻫﻜﺬا اﻧﻄﻠﻖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ .وﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٩٨٨ﻗﺎﻣﺖ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﻘﺴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻜﻠﻴﺔ ﻫﻨﺮي ﺑﻲ ﺗﻴﺒﻲ ﻟﻸﻋﻤﺎل ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أﻳﻮا ،اﻟﺘﻲ اﻧﺨﺮﻃﺖ ﺑﻘﻮ ٍة ﰲ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻧﺴﺨﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت .ﻳﻘﺪم ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻋﻘﻮدًا آﺟﻠﺔ ﻋﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ واﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ املﻬﻤﺔ. دوﻻر ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻟﻮاﺣﺪ( ﻋﲆ ﻣَ ﻦ ﺳﻴﻔﻮز ﻓﻴﻘﻮم املﻀﺎرﺑﻮن ﺑﺎملﺮاﻫﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد )ﺣﺘﻰ ٥٠٠ ٍ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎق اﻟﺮﺋﺎﳼ وإن ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن أم اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻫﻢ ﻣﻦ ﺳﻮف ﻳﺴﻴﻄﺮون ﻋﲆ اﻟﻜﺎﺑﻴﺘﻮل ﻫﻴﻞ. ﻣﻦ ﻳﺘﻨﺒﺄ أﻓﻀﻞ :ﺟﺎﻟﻮب أم أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ؟ ﻣﺎذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ؟ اﻷدﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻋﲆ أن ﻣﻀﺎرﺑﻲ أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ٍ وﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ﻛﻜ ﱟﻞ ﻳُﺒﻠﻮن ﺑﻼءً أﻓﻀﻞ ﻣﻦ املﺴﺘﻄﻠﻌني املﺤﱰﻓني ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، ً ﺳﻮﻗﺎ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻟﻸدﻟﺔ ﻣﻦ ٤٩ أﻗﻞ ﺑﻜﺜري؛ ﻓﻔﻲ ٍ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﺑني ﻋﺎﻣَ ﻲ ١٩٨٨و ،٢٠٠٠ﺧﻠﺺ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻣﺎﻟﻴﻮن ﻣﻦ أﻳﻮا إﱃ أن: )أ( أﺧﻄﺎء ﻣﻀﺎرﺑﻲ أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﻋﺸﻴﺔ ﻳﻮم اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻛﺎﻧﺖ ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،أﻗﻞ ﻣﻦ ٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ) ،ب( اﺳﺘﻄﻼع اﻟﺮأي ﺛﺒﺖ أﻧﻪ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﺗﻘﻠﺒًﺎ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ) ،ﺟ( ﻟﻨﺤﻮ ٧٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻔﻮﱠق ﻣﻀﺎرﺑﻮ أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻋﲆ املﺴﺘﻄﻠﻌني ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﻨﺴﺐ املﺌﻮﻳﺔ ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت أﺛﻨﺎء ﻓﱰة ﻋﻤﻞ اﻟﺤﻤﻠﺔ .وﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ أدق ﻳﻘﻮﻟﻮن» :ﻳﺒﺪو أن اﻟﺴﻮق ]أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ[ ﺗﺘﻨﺒﺄ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ٍ ﻣﻦ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺸﻬﻮر 2 «.وﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﻀﺎرﺑﻲ أﺳﻮاق ً اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻛﺒريًا ﻋﻦ ٍ ﻋﻴﻨﺔ ﺗﻤﺜﻴﻠﻴ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني. أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﻗﺎم أﺳﺎﺗﺬة أﻳﻮا اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺑﺘﺤﺪﻳﺚ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ووﺟﺪوا أن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﱠ ﺣﺴﻦ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎملﺴﺘﻄﻠﻌني املﺤﱰﻓني. وﻳﺨﻠﺼﻮن إﱃ ﻣﺎ ﻳﲇ» :ﻟﻘﺪ ﻗﺎرﻧﱠﺎ ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﺴﻮق ﺑﺘﻮﻗﻌﺎت ٩٦٤اﺳﺘﻄﻼﻋً ﺎ ﻟﻠﺮأي ﻋﲆ ٍ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت رﺋﺎﺳﻴ ٍﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم .١٩٨٨إن اﻟﺴﻮق أﻗﺮب إﱃ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﺪار ﺧﻤﺴﺔ ري ﰲ أداﺋﻬﺎ ﻋﲆ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٧٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺗﺘﻔﻮق اﻟﺴﻮق ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ 3 اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻬﺎ ً ٍ ﺳﻠﻔﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٠٠ﻳﻮم«. أداء اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ﰲ ﻛﻞ 248
اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت
ﻣَ ﻦ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﰲ ﻋﺎم :٢٠٠٠ﺑﻮش أم ﺟﻮر؟ ً ٍ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت رﺋﺎﺳﻴ ٍﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ أﺳﻮاﻗﺎ ﰲ ﺧﻤﺴﺔ أدار ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ أﻳﻮا ﻟﻸﺳﻮاق اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ٍ ٍ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎب ﺟﻮرج إﺗﺶ دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش ﰲ ﺑﺪﻗﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺒﺄت اﻷﺳﻮاق اﻵﺟﻠﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﺎم ،١٩٨٨وﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٢وإﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎب ﺟﻮرج دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش ﰲ ﻋﺎم ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ﺑﺴﺒﺎق ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﻘﺎرب؛ .٢٠٠٤ﻣﺎذا ﻋﻦ ﻋﺎم ٢٠٠٠؟ ﻫﻨﺎ ﺗﻨﺒﺄت أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻵﺟﻠﺔ ٍ ﻟﻠﺴﻮق اﻵﺟﻠﺔ ،ﻛﺎن ﺟﻮرج دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش وآل ﺟﻮر ﺷﺒﻪ ﻣﺘﻌﺎدﻟني ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ﺣﺘﻰ ﺿﺌﻴﻼ .وﻣﻦ ﺧﻼل املﻨﺎﻇﺮات ﱠ ً ﺗﺒﺨﺮ ﺗﻘﺪﱡم ﺟﻮر ،ﻟﻴﺘﻘﺪم ﺳﺒﺘﻤﱪ ،ﺣني ﺣﻘﻖ ﺟﻮر ﺗﻘﺪﻣً ﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﻔﻴﻒ .وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣني ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ﺗﺤﻮﻟﺖ دﻓﺔ اﻟﺘﻘﺪم إﱃ ﺟﻮر. ﺑﻮش ٍ وأﺧريًا ،ﰲ ﻋﺸﻴﺔ ﻳﻮم اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﺪﻓﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﺎﻟﻜﺎد إﱃ ﺑﻮش .ﰲ املﻘﺎﺑﻞ، ري ﻣﻦ أﺑﺮﻳﻞ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ أﻏﺴﻄﺲ ،ﺛﻢ أﻇﻬﺮت اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ﺗﻘﺪﱡم ﺑﻮش ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ ﻃﻔﺮة ﻛﺒرية ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻟﺠﻮر )ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻔﺮة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﲇ املﺆﺗﻤﺮات اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﺤﺰب( ً واﻧﺘﻌﺎﺷﺎ ﻛﺒريًا ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻟﺒﻮش ﰲ ﻟﻴﻠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت» .ﻫﻜﺬا ،وﺧﻼل ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺳﺒﺘﻤﱪ، ً ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻄﻠﻖ ،أﻛﺜﺮ ﺳﺒﺎﻗﺎ ﻣﺘﻘﺎرﺑًﺎ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،أﻇﻬﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ٍ 4 ﺗﻘﺎرﺑًﺎ ﻣﻤﺎ أﻇﻬﺮﺗﻪ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي«. ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر ﻣﺤﺪو ٍد ﻏري أن ﻣﻀﺎرﺑﻲ أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﺘﻨﺒﺌﻮن ٍ ﰲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺑﻮش ﰲ ﻟﻴﻠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺎز ﺟﻮر ﺑﻨﺴﺒﺔ ٍ ﺑﺼﻮت واﺣﺪ .وﻫﻜﺬا ،ﻛﺎن ﻣﻦ املﺜري ٠٫٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺧﴪ ﺗﺼﻮﻳﺖ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ أن املﻀﺎرﺑني اﻟﺬﻳﻦ دﻓﻌﻮا ﻧﺤﻮ ٥١٠دوﻻرات ﻋﺸﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺮاﻫﻨني ﻋﲆ ﻓﻮز ﺑﻮش ﻗﺪ ﺧﴪوا اﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﻢ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ دﻓﻌﻮا ﻧﺤﻮ ٤٨٠دوﻻ ًرا ﻣﺮاﻫﻨني ﻋﲆ ﻓﻮز ﺟﻮر ﻗﺪ رﺑﺤﻮا ﻋﺎﺋﺪًا ﻗﻴﻤﺘﻪ ١٠٠٠دوﻻر .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻮق اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﻣﺒﺪأ »اﻟﻔﺎﺋﺰ ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ إﺟﻤﺎع اﻷﺻﻮات ،وﻟﻴﺲ ﻋﲆ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻛﻞ ﳾء« ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺮؤﺳﺎء، ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻤﺘﻌﺔً ً أﺻﻮات اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﺎم ٢٠٠٠ ً ﻣﻤﺰوﺟﺔ ﺑﺎملﺮارة ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ املﻀﺎرﺑني اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء. وﻣﺜﻞ اﻷﺳﻮاق اﻵﺟﻠﺔ ﰲ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ وﻧﻴﻮﻳﻮرك ،ﻗﺪ ﻻ ﻳﺰال ﻣﻀﺎرﺑﻮ أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺨﻄﺄ ﻣﻦ املﻀﺎرﺑﺔ ،وﻗﺪ ﻻ ﻳﺰال إﺟﻤﺎع اﻟﺴﻮق اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻳﺮﺗﻜﺐ أﺧﻄﺎءً ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن املﺴﺘﻄﻠﻌني؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺪث ﺧﻄﺄ آﺧﺮ ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﻌﺎم ٢٠٠٦؛ إذ ﺗﻨﺒﱠﺄ ﻣﻀﺎرﺑﻮ أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﺑﻔﻮز اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﺑﺎملﺠﻠﺲ )وﻛﺎن ً ً دﻗﻴﻘﺎ( .وأﻓﻀﻞ ﻣﺎ دﻗﻴﻘﺎ( واﺣﺘﻔﺎظ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﺑﻤﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ )وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﻨﺒ ًﺆا ﺗﻨﺒﱡ ًﺆا 249
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮﻟﻪ ﻫﻮ أن اﻷﺳﻮاق اﻵﺟﻠﺔ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﻤﻴﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻷﺧﻄﺎء ﻷﻗﴡ ﺻﻮاب ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻮﻗﺖ .وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي. ﺣﺪﱟ؛ ﻓﻬﻢ ﻋﲆ ٍ ملﺎذا ﻳﺘﻔﻮﱠق املﻀﺎرﺑﻮن ﻋﲆ املﺴﺘﻄﻠﻌني اﻟﺴﺆال اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎر ًة ﻫﻮ :ملﺎذا ﻳُﺠﻴﺪ ﻣﻀﺎرﺑﻮ اﻷﺳﻮاق اﻵﺟﻠﺔ اﻟﺘﻜﻬﱡ ﻦ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت َ ﺑﻌﺾ املﺰاﻳﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؟ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ املﺴﺘﻄﻠﻌني املﺤﱰﻓني؟ ﻫﻞ ﻫﻮ اﻟﺤﻆ ،أم أن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻳﻘﺪﱢم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺳﺒﺒني أﺳﺎﺳﻴني ﻟﺬﻟﻚ؛ اﻷول :أن املﻀﺎرﺑني ﻳﺒﺪو أن ﻟﺪﻳﻬﻢ داﻓﻌً ﺎ رﺑﺤﻴٍّﺎ أﻗﻮى ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ أي اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت؛ ﻓﻨﻈ ًﺮا ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻀﻌﻮن أﻣﻮاﻟﻬﻢ رﻫﻦ املﺨﺎﻃﺮة، ﻳﻤﻴﻠﻮن إﱃ اﻟﻮﺛﻮق أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﺘﻨﺒﺆات ،وﻫﻢ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺒﺬل اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺠﻬﺪ ﻻﺳﺘﻄﻼع ﻣَ ﻮاﻃﻦ اﻟﻀﻌﻒ واﻟﻘﻮة ﻟﺪى املﺮﺷﺤني ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻤﱡ ﻖ .وﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﻜﺎره أن ﺟﺎﻟﻮب واملﺴﺘﻄﻠﻌني املﺤﱰﻓني اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﻬﻢ ً ٍ ٍ دﻗﻴﻘﺔ ﺗﻨﺒﺆات أﻳﻀﺎ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺎدﻳﺔ ﰲ إﺟﺮاء ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻋﻘﺒﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ؛ ﻓﺎﻹﻋﻼم اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻳﺴﺘﻄﻠﻊ آراء اﻟﻨﺎﺧﺒني ﺑﺴﺆال» :ﻟﻮ أُﺟﺮﻳﺖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻴﻮم ،ملﻦ ﺳﺘﺼﻮت؟« وﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻛﺜﺮ ً دﻗﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺄﻟﻮا اﻟﻨﺎﺧﺒني» :ﻣَ ﻦ ﺳﱰاﻫﻦ ﻋﲆ ﻓﻮزه ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ؟« وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ اﻟﺠﺪ .ﻓﻴﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن إﺟﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﻣﺘﻘﻠﺒﺔ، ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ ﻣﻦ أﺧﺬ اﻟﺴﺆال ﻋﲆ ﻣﺤﻤﻞ ِ ً ري وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ اﻻﺳﺘﻄﻼﻋﺎت املﻨﺸﻮرة وﻗﺪ ﻳﻜﺬﺑﻮن ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن؛ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ .وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻻﺳﺘﻄﻼﻋﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻟﻌﻞ أﺷﻬﺮ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﺑني ﺗﺮوﻣﺎن ودﻳﻮي ﻋﺎم .١٩٤٨ أﻣﺎ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻓﻴﺘﻤﺜﻞ ﰲ أن اﻟﺴﻮق ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت املﻀﺎرﺑني املﺘﻨﻮﻋﺔ ً ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ودﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ .وﻗﺪ أﺷﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻨﻤﺴﺎوي إف إﻳﻪ ﻫﺎﻳﻚ إﱃ ﻫﺬه ﺑﺄﺳﻠﻮب أﻛﺜﺮ ٍ ٍ ﺳﻨﻮات ﺣني ﻧﻮﱠه ﺑﺄن اﻷﺳﻮاق ﻟﻬﺎ دور ﻣﺰدوج؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺨﺼﺺ املﻮارد ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﺜﻤﺮ ﻟﻬﺎ ،وﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻛﺘﺸﺎف ﺗﺴﺎرع إﱃ ﺗﻮﻓري املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺔ أﻗﴡ اﺳﺘﺨﺪا ٍم ٍ 5 ﻫﺬه املﻮارد. ﺗﻮاﺟﻪ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ﻣﺜﻞ اﺳﺘﻄﻼع اﻟﺮأيَ ، ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻘﻮى اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴ ٍﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴ ٍﺔ ﻣﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﻣﻀﺎرﺑﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ أﺳﻮاق أﻳﻮا اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﺑﺪﻣﺞ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ،ودراﺳﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ،وأﺑﺤﺎث اﻟﺴﻮق، واﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔَ ، ٍ وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت أﺧﺮى ﻟﺘﺤﺴني ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻟﺘﻨﺒﱡﺌِﻴﺔ. واﻟﻘﺒﻮل اﻟﻜﺎرﻳﺰﻣﻲ، ﻓﺎﻟﻨﺎﺧﺒﻮن اﻟﻔﺮدﻳﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺎﻓﺰ ﻣﺤﺪود ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ ﻷن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﺧﱪاء ﰲ ﻧﺘﺎﺋﺞ أي 250
اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت
اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت — ﻓﻬﻢ ﻳﻤﻴﻠﻮن إﱃ اﻻﺣﺘﻜﺎم إﱃ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ أو ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ املﻜﺘﺴﺒﺔ — ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت ذات اﻟﺼﻠﺔ ﻗﺪر ﻳﺤﺘﺎج املﻀﺎرﺑﻮن إﱃ أن ﻳﺄﺧﺬوا ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أﻛﱪ ٍ ٍ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺠﺎح ﰲ اﻟﺴﻮق. ﻣَ ﻦ ِﻣﻦ املﺮﺟﺢ أن ﻳﺘﻮﱃ زﻣﺎم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس وﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ أو اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ؟ ُز ْر ﻣﻮﻗﻊ .www.biz.uiowa.edu/iemﻳﻤﻜﻨﻚ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺳﻮاءٌ أراﻫﻨﺖ أم ﻻ.
251
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺜﻼﺛﻮن
ﻣﺎ اﻟﺬي ﳛﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﺳﻬﻢ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ أم اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﺠﺎري؟
ﻗﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﺪرﻛﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :اﻟﺘﺠﺎرة ﻫﻲ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺮﺑﺢ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺨﻠﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻴﺲ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن؛ ﻓﺤني ﺗﻨﺘﺞ اﻟﴩﻛﺎت ٍ وﻇﺎﺋﻒ ﻣﺪ ﱠرة ﻟﻠﺪﺧﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻨﻔﻖ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن .واﻟﴩﻛﺎت املﺮﺑﺤﺔ ً أﻳﻀﺎ ﺗﺸﱰي ﻣﻌﺪ ٍ ﱠات ﺟﺪﻳﺪة؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﺤﺪﻳﺚ وﺗﺠﺪﻳﺪ ﺟﻤﻴﻊ أدواﺗﻬﺎ ،وﻧﻈﻤﻬﺎ، وﺑﺮﻣﺠﻴﺎﺗﻬﺎ. ﻻري ﻛﻮدﻟﻮ» ،ﻛﻮدﻟﻮ آﻧﺪ ﻛﻮﻣﺒﺎﻧﻲ«، ﻗﻨﺎة ﳼ إن ﺑﻲ ﳼ ﻧﺤﻦ ﻧﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﲇ ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﰲ اﻷﺧﺒﺎر: »ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﻫﻮ اﻟﴚء اﻷﻫﻢ«. »إذا ﺗﻮﻗﻒ املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻋﻦ اﻹﻧﻔﺎق ،ﻓﻨﺤﻦ ﰲ ٍ أزﻣﺔ ﻛﺒرية«. »إذا ﻟﻢ ﻳﻨﻔﻖ املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺨﻔﺾ اﻟﴬﻳﺒﻲ ،ﻓﻠﻦ ﻳﺴﺎﻋﺪ ذﻟﻚ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﻌﺎش«. »ﻣﺆﴍ ﺗﻮﻗﻌﺎت املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻫﺬا اﻟﺸﻬﺮ … وﻫﺬا ﺧﱪ ﺳﻴﺊ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد وﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ«.
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺧﻼل آﺧﺮ أزﻣﺎت اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻣﺎ ﺑني ﻋﺎﻣﻲ ،٢٠٠٣–٢٠٠١ر ﱠﻛﺰ ﻣﻌﻈﻢ املﺮاﺳﻠني اﻟﺼﺤﻔﻴني ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠١ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻤﻌﺪل ٍ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻋﺪم إﻗﺒﺎل ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﴩاء ﻛﺎف ،ﺑﺰﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ .وﺣﺬﱠرت ﻣﺠﻠﺔ »ذي إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ« ﻣﻦ أن ﺗﺒﺎﻃﺆ ﻣﺒﻴﻌﺎت اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﰲ أوروﺑﺎ »ﺳﻮف ﻳﻔﺴﺪ اﻟﻨﺠﺎح« .وﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن زﻋﻢ املﺤﻠﻠﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن أن املﺴﺘﻬﻠﻜني اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴني ﻳﺪﺧﺮون أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم ،واﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻹﻃﻼق اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻵﺳﻴﻮي اﻟﻌﻤﻼق ﻫﻲ دﻓﻊ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴني ﻟﻠﻜﻒ ﻋﻦ اﻻدﺧﺎر واﻟﺒﺪء ﰲ اﻹﻧﻔﺎق. وﻗﺪ ﻗﺎل إدوارد ﻣﺎﻛﻴﻠﻔﻲ ،ﻛﺒري ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺒﻨﻚ ﺟﻮﻟﺪﻣﺎن ﺳﺎﻛﺲ» :إن ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻫﻮ اﻟﻘﻀﻴﺔ رﻗﻢ ١ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺸﻬﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي «.وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة، ﺣﺬر اﻟﺨﱪاء ﻋﲆ ﳼ إن إن وﳼ إن ﺑﻲ ﳼ ﻣﺮا ًرا ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠١ﻣﻦ أﻧﻪ »إذا ﺗﻢ ادﺧﺎر اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﺮﻫﺎ ﺑﻮش ،وﻟﻢ ﻳﺘﻢ إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ،ﻓﻠﻦ ﺗﺴﻬﻢ ﺑﴚءٍ ﰲ اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي«. ﻏري أن اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﻮ أن إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻫﻮ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،وﻟﻴﺲ اﻟﺴﺒﺐ ،ﻷي اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻣﺜﻤﺮ ٍ وﺻﺤﻲ .ﻓﺈﻧﻔﺎق اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺴﺎﻋﻴﺔ إﱃ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت ري ﻣﻦ أي ﻃﻔﺮ ٍة ﰲ إﻧﻔﺎق اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ،وﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ،واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ أﻫﻢ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﺴﺎر ﺗﺠﺎرﻳﺔ ،ﻳﺄﺗﻲ اﻹﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ً أوﻻ ،ﻳﺘﺒﻌﻬﻤﺎ املﺴﺘﻬﻠﻚ .وﰲ أي دورة ﺗﻌﺪﻳﻞ ٍ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ﺳﻠﻊ اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ. أﻫﻤﻴﺔ ﻗﺎﻧﻮن ﺳﺎي ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺳﺎﺋﺪة ﰲ اﻟﺴﻮق :اﻟﻌﺮض — وﻟﻴﺲ اﻟﻄﻠﺐ — ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﺎﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ واﻻدﺧﺎر ﻫﻤﺎ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﻗﺪ اﻛﺘُﺸﻒ ﻫﺬا املﺒﺪأ و ُ ﻃﻮﱢر ﻋﲆ ﻳﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻔﺮﻧﴘ اﻟﻌﺒﻘﺮي ﺟﺎن ﺑﺎﺗﻴﺴﺖ ﺳﺎي ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻳُﻌﺮف 1 ﺑﺎﺳﻢ »ﻗﺎﻧﻮن ﺳﺎي«. اﺳﺘﺨﺪم ﺳﺎي ً ﻣﺜﺎﻻ زراﻋﻴٍّﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺪراﳼ ﻹﺛﺒﺎت ﻗﺎﻧﻮن ﺳﺎي .اﻓﱰض أن ﻣﺠﺘﻤﻌً ﺎ زراﻋﻴٍّﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺤﺼﻮل ﺟﻴﺪ» ،ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن املﺤﺼﻮل أﻛﱪ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﱰﻳﺎت اﻟﺰارﻋني أﻋﲆ«. ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻧﻘﺺ أو ﻣﺠﺎﻋﺔ؟ »املﺤﺼﻮل اﻟﺴﻴﺊ ،ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ،ﻳﴬ ﺑﻤﺒﻴﻌﺎت اﻟﺴﻠﻊ ﻛﻜ ﱟﻞ«. 254
ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﺳﻬﻢ
ﺑﻤﺜﺎل ﺣﺪﻳﺚ ،اﻧﻈﺮ إﱃ ﺳﻴﺎﺗﻞ .ﺣني ﻗﺎم ﺑﻴﻞ ﺟﻴﺘﺲ ﺑﺈﻧﺸﺎء وﻟﻼﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ٍ ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ ،أﺻﺒﺢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﻮﻇﻔني ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺜﺮوات ،ﺑﻞ وﻣﻠﻴﻮﻧريات ،واﻧﺘﻌﺶ ﺑﻤﻌﺪل ﴎﻳﻊ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻗﺘﺼﺎد ﺳﻴﺎﺗﻞ ،وارﺗﻔﻊ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺑﻤﻘﺎﺿﺎة ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ ﰲ أواﺧﺮ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ﻓﻬﺒﻄﺖ أﺳﻬﻢ ﻣﺎﻳﻜﺮوﺳﻮﻓﺖ؟ اﻧﺘﻬﺖ ﻣﻮﺟﺔ اﻻﻧﺘﻌﺎش ﰲ ﺳﻴﺎﺗﻞ ﻟﻔﱰة ،وﺗﺒﺎﻃﺄ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ. ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﰲ اﻟﺪورة اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أن إﻧﻔﺎق اﻟﴩﻛﺎت ﻳﺪﻓﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻳﻠﻴﻪ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ. ﻣﺎ ﺗﺨﱪﻧﺎ ﺑﻪ املﺆﴍات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻨﺴﺘﻄﻠ ْﻊ ﻣﻌً ﺎ ﻣﺪى أﻫﻤﻴﺔ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ وﻗﻄﺎع اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﺣني ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎملﺆﴍات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ .ﻧﺮى ﻫﻨﺎ أن ﻛِﻼ اﻟﻘﻄﺎﻋني ﻳﺆﺛﺮ ﻋﲆ اﻷداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أن ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل ﻳﻠﻌﺐ دو ًرا أﻗﻮى .ﻓﺈذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﱃ »ﻣﺆﴍ املﺆﴍات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ دول ﻛﱪى ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳُﻨﴩ ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل »ﻛﻮﻧﻔﺮاﻧﺲ ﺑﻮرد« اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ« ﰲ ﺗﺴﻊ ٍ ) ،(www.conferenceboard.orgﻧﺠﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ: •
•
•
•
ﻣﻦ ﺑني املﺆﴍات اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﺴﻌﺔ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ »ﻛﻮﻧﻔﺮاﻧﺲ ﺑﻮرد« ،ﻳﺘﺼﻞ اﺛﻨﺎن ﺑﺈﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ :ﻣﺆﴍ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ وﻣﺆﴍ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﻠﺨﺪﻣﺎت .أﻣﺎ ﺑﻘﻴﺔ املﺆﴍات ،ﻓﺘﺘﺼﻞ ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج ﰲ املﺮاﺣﻞ اﻷوﱃ، ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻐريات ﰲ املﺨﺰون ،واملﺸﱰﻳﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻠﻤﻌﺪﱠات اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ،وﻃﻠﺒﻴﺎت اﻹﻧﺸﺎء اﻟﺠﺪﻳﺪة. ﻣﻦ ﺑني ﻣﺆﴍات ﻓﺮﻧﺴﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﻌﴩة ،ﻳﺘﺼﻞ اﺛﻨﺎن ﺑﺎملﺴﺘﻬﻠﻚ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑَ ِﻘﻴﱠﺘُﻬﺎ ﺑﺎملﻌﺎﻳري اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ،وﺗﺮاﺧﻴﺺ اﻟﺒﻨﺎء، وﻓﺎرق ﻋﺎﺋﺪ اﻟﺴﻨﺪ وﻋﺎﺋﺪ اﻟﺴﻬﻢ ،واﻟﻄﻠﺒﻴﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة. ﺗﺘﺼﻞ ﻣﺆﴍات املﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﺼﺎدرات ،واﻟﻄﻠﺒﻴﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ،واملﺨﺰوﻧﺎت ،واملﻨﺎزل املﺒﺪوءة اﻹﻧﺸﺎء ،واﻹﺻﺪار اﻟﻨﻘﺪي. ﱠ اﻟﺨﺎص ﺑﺎملﺴﺘﻬﻠﻚ. وﻳُﻌَ ﱡﺪ »ﻣﺆﴍ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ« ﻫﻮ املﺆﴍَ اﻟﻮﺣﻴ َﺪ ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ أيﱞ ﻣﻦ ﻣﺆﴍات اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺑﺎملﺴﺘﻬﻠﻚ :اﻟﻮﻗﺖ اﻹﺿﺎﰲ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ،واﺳﺘﻄﻼع اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،وإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻌﻤﺎل ،وأرﺑﺎح اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،واﻟﻄﻠﺒﻴﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ املﺎﻛﻴﻨﺎت واﻹﻧﺸﺎء. 255
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد •
•
ﺗﻀﻢ ﻣﺆﴍات املﻜﺴﻴﻚ اﻟﺴﺘﺔ ﻣﺴﺤً ﺎ ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ﻟﻠﻤﺨﺰون ،واﻹﻧﺸﺎء اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ، وأﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،وﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ،وﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻨﻔﻂ اﻟﺨﺎم .وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺒﻴﻌﺎت اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻣﺆﴍًا ﺗﺰاﻣﻨﻴٍّﺎ ﰲ املﻜﺴﻴﻚ. ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻳﺴﻠﻂ »ﻛﻮﻧﻔﺮاﻧﺲ ﺑﻮرد« اﻟﻀﻮء ﻋﲆ »ﻣﺆﴍ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ«، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﺼﻞ املﺆﴍات اﻟﺘﺴﻌﺔ اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﺑﻌﻴ ٍﺪ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ،ﻣﺜﻞ ﻃﻠﺒﻴﺎت املﺼﻨﱢﻌني اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ املﻮاد واﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،وﺗﺮاﺧﻴﺺ اﻟﺒﻨﺎء، وﻣﺘﻮﺳﻂ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ،وأﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،واﻟﻄﻠﺒﻴﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻏري اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ.
ﻣﺎذا ﻋﻦ ﻣﺆﴍ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ؟ وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ »ﻣﺆﴍ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ« اﻟﺬي ﺗﱪزه وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻛﻞ ﺷﻬﺮ؟ أﻻ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺆﴍًا ً ﻣﺘﺼﻼ رﺋﻴﺴﻴٍّﺎ؟ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ املﺪﻫﺶ أن »ﻣﺆﴍ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ« ﻳﺒﺪو أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻈﺮوف اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻦ اﺗﺼﺎﻟﻪ ﺑﺘﻮﺟﱡ ﻬﺎت املﺴﺘﻬﻠﻜني .ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻄﺮح ﻋﲆ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ »ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻬﻢ«: ) (١ﻫﻞ اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺟﻴﺪة ،أم ﺳﻴﺌﺔ ،أم ﻋﺎدﻳﺔ؟ ) (٢ﻫﻞ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺟﻴﺪة ،أم ﺳﻴﺌﺔ ،أم ﻋﺎدﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺴﺘﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ؟ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒرية ،أم ﻳﺼﻌﺐ ) (٣ﻫﻞ ﺗﺘﻮاﻓﺮ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺑﻜﺜﺮة ،أم ﻫﻲ ﻏري ﻣﺘﻮاﻓﺮ ٍة اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒرية ،أم ﻳﺼﻌﺐ ) (٤ﻫﻞ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ أﻛﺜﺮ وﻓﺮة ،أم ﻏري ﻣﺘﻮاﻓﺮ ٍة اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺴﺘﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ؟ ) (٥ﻫﻞ ﺗﺨﻄﻂ ﻟﴩاء ﺳﻴﺎرة ﺟﺪﻳﺪة/ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ،ﻣﻨﺰل ﺟﺪﻳﺪ/ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ ،ﺟﻬﺎز ﻣﻨﺰﱄ ﻛﺒري ﺟﺪﻳﺪ/ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ )ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ :ﻛﻞ ﻫﺬه ﺳﻠﻊ اﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻣﻌﻤﺮة ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﺴﻠﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ املﻌﻤﺮة( ﺧﻼل اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺴﺘﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ؟ ) (٦ﻫﻞ ﺗﺨﻄﻂ ﻟﻘﻀﺎء إﺟﺎز ٍة داﺧﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أو ﺑﺎﻟﺨﺎرج ﺧﻼل اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺴﺘﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ؟ 256
ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﺳﻬﻢ
ﻣﺆﴍ ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺆﴍ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﺬي ﻳﺮوﱠج ﻟﻪ ﻛﺜريًا أﻗﺮب إﱃ ٍ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ واﻟﺴﻠﻊ املﻌﻤﺮة ﻣﻨﻪ إﱃ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻤﺒﻴﻌﺎت اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ٍ أﺳﺌﻠﺔ ﻋﻦ أﻧﻤﺎط اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺨﻼف اﻟﺴﻠﻊ وإﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻄﺮح أي املﻌﻤﺮة ،وﻻ ﻳﺴﺄل ﻋﻦ أي ﳾءٍ ﻋﻦ اﻟﻐﺬاء أو املﻠﺒﺲ أو اﻟﱰﻓﻴﻪ ،واملﺸﱰﻳﺎت اﻷﺧﺮى ﺷﻬﺮ ﻵﺧﺮ. اﻟﻘﺼرية املﺪى؛ ﻷن ﻫﺬه املﴫوﻓﺎت ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺘﻐري ﻣﻦ ٍ ﻛﻤﺆﴍ رﺋﻴﴘ؟ ملﺎذا ﻻ ﻳﻀﻢ »ﻛﻮﻧﻔﺮاﻧﺲ ﺑﻮرد« أرﺑﺎحَ اﻟﴩﻛﺎت ٍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ً أﻳﻀﺎ اﻹﺷﺎرة إﱃ أن أرﺑﺎح اﻟﴩﻛﺎت ﻛﺎﻧﺖ واﺣﺪ ًة ﻣﻦ أﻓﻀﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺮﻛﻮد. ﺑﻞ إن أرﺑﺎح اﻟﴩﻛﺎت ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن املﺆﴍَ اﻷو َل ﻋﲆ أي ﺻﻌﻮ ٍد أو ﻛﺴﺎدٍ ﻗﺎدم .ﻓﻬﻲ ﺑﺸﻜﻞ رﺳﻤﻲ .وﻟﻜﻦ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ أَو ِْج ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻋﺎ ٍم ﻣﻦ ﺑَﺪء أي رﻛﻮ ٍد ٍ ﻣﻦ اﻟﻐﺮﻳﺐ أن »ﻣﺆﴍ املﺆﴍات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ« اﻟﺬي وﺿﻌﻪ »ﻛﻮﻧﻔﺮاﻧﺲ ﺑﻮرد« ﻻ ﻳﻀﻢ أرﺑﺎح اﻟﴩﻛﺎت ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺆﴍاﺗﻪ اﻟﻌﴩة! ملﺎذا؟ ﻷن أرﺑﺎح اﻟﴩﻛﺎت ﺗﻌﻠﻦ ﻛ ﱠﻞ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ،أﻣﺎ »ﻣﺆﴍ املﺆﴍات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ« ﻓﻴﺼﺪر ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن أرﺑﺎح اﻟﴩﻛﺎت ﻛﻤﺆﴍ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻈﻢ إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﻣﺜﺎل واﺣ ٍﺪ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت املﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ اﻟﺪورة اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻷﺧﺮى! وﻫﺬا ﻣﺠﺮد ٍ ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﺆﴍ »ﻛﻮﻧﻔﺮاﻧﺲ ﺑﻮرد ﻟﻠﻤﺆﴍات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ«. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺘﺠﺎرة واﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﻳﻤﺜﻼن املﺆﴍات اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد وﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ .ﻓﺈذا أردت أن ﺗﻌﻠﻢ إﱃ أﻳﻦ ﺗﺘﺠﻪ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ ،ﻓﻌﻠﻴﻚ أن ﺗﻨﴗ أﻣﺮ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ وأرﻗﺎم ﻣﺒﻴﻌﺎت اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ،واﻧﻈﺮ إﱃ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﻹﻧﻔﺎق اﻟﺮأﺳﻤﺎﱄ وأرﺑﺎح اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ. اﺣﺬر ﻗﺎﻧﻮن ﻛﻴﻨﺰ إن اﻟﺴﺒﺐ وراء ﻛﺜﺮة ﺳﻤﺎﻋﻨﺎ ﻋﻦ املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺰال ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛري اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻴﻨﺰي؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ »ﻗﺎﻧﻮن ﻛﻴﻨﺰ« اﻟﺬي ﻳﻨﺺ ﻋﲆ أن اﻟﻄﻠﺐ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻌﺮض … ﻓﻘﺎﻧﻮن ﻛﻴﻨﺰ ُﻮﺟﺪ اﻟﻄﻠﺐً . وﻓﻘﺎ ﻟﻜﻴﻨﺰ، ﻫﻮ اﻟﻨﻘﻴﺾ املﺒﺎﴍ ﻟﻘﺎﻧﻮن ﺳﺎي ،اﻟﺬي ﻳﻨﺺ ﻋﲆ أن اﻟﻌﺮض ﻳ ِ ﻳُﻤﺜﱢﻞ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﺪاﻓﻌﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ،واﻻدﺧﺎر أﻣﺮ ﺳﻴﺊ ﺣني ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎد ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﻜﻤﺎش اﻟﻘﺼري اﻷﺟﻞ. ﰲ 257
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﻟﻌﻞ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب وراء أﻛﺬوﺑﺔ »إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ« ﻫﺬه ﻫﻮ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮﻧﺎ ﻟ »إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ« .ﻓﻴﺸري اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن إﱃ أن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺸﺨﴢ ﻫﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻷﻛﱪ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ؛ إذ ﺗُﻤﺜﱢﻞ ﻧﺤﻮ ٧٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﻪ .وﻗﺪ ﻗﺎدت ﻫﺬه اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ٍ ﺗﴫﻳﺤﺎت ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﴫﻳﺢ ﻣﻦ أﺳﻮﺷﻴﺘﺪ ﺑﺮس» :املﺤﻠﻠﻮن ﻳﺮاﻗﺒﻮن اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ إﱃ إﻃﻼق إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﻧﺤﻮ ﺛﻠﺜﻲ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي«. وﻟﻜﻦ ﻫﻞ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻫﻮ اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ واﻷﻫﻢ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ .وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻌﻠﻢ اﻟﺼﺤﻔﻴﻮن أن إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮدًا ﺑﻪ أن ﻳﻜﻮن ً ً ﻛﺎﻣﻼ ﻟﻠﻨﺸﺎط أو اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﺈﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻻ ﻳﻘﻴﺲ ﺳﻮى ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ اﻹﻧﺘﺎج »اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ« ﻟﻠﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻐﻔﻞ ،ﻋﻦ ﻋﻤﺪ ،ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ِﺑ ُﺮﻣﱠ ﺘﻬﺎ، أو اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﻗﻴﺪ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ؛ أي ﻛﻞ ﻣﺒﻴﻌﺎت املﻨﺘﺠﺎت ﰲ املﺮاﺣﻞ اﻷوﱃ ﻟﻺﻧﺘﺎج ،ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻠﺐ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻴﺎرات .ملﺎذا؟ ﻷن إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻣَ ﻌْ ﻨ ﱞِﻲ ﺑﻪ ﻗﻴﺎس اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﺎﻣﺔ اﻟﺼﻨﻊ ﻓﻘﻂ؛ أي املﻨﺘﺠﺎت اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام ﰲ املﻨﺎزل ،واﻟﴩﻛﺎت ،واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ٍ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻀﺎﻋﻒ اﻟﺤﺴﺎب ﻣﺮﺗني وإدراج اﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﻛﻞ وﺛﻼﺛًﺎ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺨﺒﺰ ،ﺳﻮف ﻳﺤﺴﺐ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺪﻗﻴﻖ ﺿﻤﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺨﺒﺰ .ﻏري أن إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻻ ﻳﻌﺒﺄ إﻻ ﺑﺎملﻨﺘﺠﺎت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك؛ أي اﻟﺨﺒﺰ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻬﻠﻜﻪ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺒﻴﺖ. إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت املﺤﻠﻴﺔ :ﻣﻘﻴﺎس ﺟﺪﻳﺪ ﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﻬﺘﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ً أﻳﻀﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ؛ أي ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﱃ املﻨﺘﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ .ﺗﺒﺪأ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﰲ أوﱃ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻮارد إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻌﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ،ﺛﻢ ﺗﻘﻮد إﱃ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﺼﻨﻴﻌﻲ وﺷﺒﻪ اﻟﺘﺼﻨﻴﻌﻲ ،ﺛﻢ ﻗﻨﻮات اﻟﺒﻴﻊ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،وأﺧريًا اﻟﻮﺻﻮل إﱃ املﺒﻴﻌﺎت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ. وﻟﻘﻴﺎس ﻛﻞ املﻌﺎﻣﻼت ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻻ ﺑ ﱠﺪ أن ﻧﻘﻮم ﺑﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﻣﺒﻴﻌﺎت اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ٍ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج ،وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﰲ املﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻼﻳني املﻌﺎﻣﻼت ﰲ ﻛﻞ اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺤﺪث ﻗﺒﻞ ﺑﻴﻊ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت املﻨﺠﺰة ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻜني اﻟﻨﻬﺎﺋﻴني. وﻗﺪ ﻗﻤﺖ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻲ »ﺑﻨﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج« ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ إﺣﺼﺎﺋﻴ ٍﺔ ﻗﻮﻣﻴ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻟﻘﻴﺎس اﻹﻧﻔﺎق اﻹﺟﻤﺎﱄ 2 ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺗُﺴﻤﱠ ﻰ »إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت املﺤﻠﻴﺔ«. 258
ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﺳﻬﻢ
ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،وَﻓﻖ ﺗﻘﺪﻳﺮي ،ﻓﺈن إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت املﺤﻠﻴﺔ — أي إﺟﻤﺎﱄ اﻹﻧﻔﺎق ً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد — ﻟﻌﺎم ٢٠٠٥ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻧﺤﻮ ٢٧ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر، دوﻻر ﻟﻌﺎم .٢٠٠٥وﻛﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ )إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ( اﻟﺬي ﺑﻠﻎ ١٢٫٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن ٍ إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت املﺤﻠﻴﺔ ،وﺻﻠﺖ ﻣﴫوﻓﺎت املﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ إﱃ ٨٫٧٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر ،أو ٣٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻴﺲ ٧٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻛﻤﺎ ﻧُﴩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ،وﺻﻞ إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ — أي ﺣﺎﺻﻞ ﺟﻤﻊ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺨﺎص واﻹﻧﻔﺎق اﻟﺘﺠﺎري اﻟﻮﺳﻴﻂ ﻣﻌً ﺎ — إﱃ ١٤٫٦ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ،أو ﻧﺤﻮ ٥٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ري ﻣﻦ إﻧﻔﺎق ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت املﺤﻠﻴﺔ .وﻫﻜﺬا ﻧﺮى أن اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﺠﺎري أﻛﱪ ﺑﻜﺜ ٍ املﺴﺘﻬﻠﻚ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد. وزارة اﻟﺘﺠﺎرة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗُﻘﺪﱢم إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﺴﻨﻮات املﺎﺿﻴﺔ ،ﺣﺪﱠد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻗﻴﻤﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻮﺳﻴﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ٍ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻹﺣﺼﺎء اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺴﻜﺎن املﺪﺧﻼت-املﺨﺮﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻛﻞ ﺧﻤﺲ وﺑﻴﺎﻧﺎت ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﴬاﺋﺐ .ﻏري أﻧﻪ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية ،ملﺲ »ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي َ ﻣﻘﻴﺎس ﺳﻨﻮيﱟ ﻟﻺﻧﻔﺎق اﻹﺟﻤﺎﱄ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد، اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻮزارة اﻟﺘﺠﺎرة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ« ٍ وﻗﺪﱠم إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﺗُﺴﻤﱠ ﻰ »إﺟﻤﺎﱄ اﻹﻧﺘﺎج« .ﺗﺴﻌﻰ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ إﱃ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻗﻴﻤﺔ املﻨﺘﺞ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج ،وﰲ ذﻟﻚ اﻟﺨﺪﻣﺎت .ﻏري أﻧﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ »إﺟﻤﺎﱄ ً ً ﻛﺎﻣﻼ ﻟﻺﻧﻔﺎق اﻟﻜﲇ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ اﻹﻧﺘﺎج« ﺧﻄﻮ ًة ﰲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻬﻮ ﻳُﻐﻔِ ﻞ ﺑﻌﺾ ﻣﴫوﻓﺎت اﻟﺠﻤﻠﺔ واﻟﺘﺠﺰﺋﺔ .ﻏري أن »إﺟﻤﺎﱄ اﻹﻧﺘﺎج« ﻳﻘﻴﺲ ﻧﺤﻮ 3 ﺿﻌﻒ ﺣﺠﻢ »إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ«. ﺑﺈﻳﺠﺎز ،إن ﺗﺤﻔﻴﺰ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ﺳﻮف ﻳﺸﺠﻊ ﺑﻼ ﺷ ﱟﻚ ﺑﻌﺾ ٍ ﺑﻘﺎﻟﺔ ﻣﺤﲇ ﱟ أو ﺧﻄﻮط اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري .ﻓﺈذا اﻧﺨﺮط اﻟﻨﺎس ﰲ ﻓﻮرة ﴍاءٍ ﰲ ﻣﺘﺠﺮ ﻣﺮﻛﺰ ﺗﺠﺎري ،ﻓﺴﻮف ﻳﺸﻬﺪ اﻟﺘﺠﺎر وﻣُﻮ ﱢردوﻫﻢ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﰲ املﺒﻴﻌﺎت واﻹﻧﺘﺎج .وﻟﻜﻦ ﻓﻮرة ٍ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺣني ﺗﺼﺒﺢ ﻓﻮاﺗري ﺑﻄﺎﻗﺔ اﻻﺋﺘﻤﺎن ﻣﺴﺘﺤﻘﺔ ،واملﺰﻳﺪ ً ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ، ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ ﰲ إﻧﺸﺎء ﺟﴪ ،أو ﺑﻨﺎء ٍ اﺧﱰاع ﺟﺪﻳ ٍﺪ أﺑﺤﺎث ﻟﻌﻼج اﻟﴪﻃﺎن ،أو ﺗﻮﻓري اﻷﻣﻮال ﻣﻦ أﺟﻞ أو اﻟﺪﻓﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ٍ أو ﻋﻤﻠﻴ ٍﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪة .ﻟﻦ ﻳﺆديَ ﻫﺬا اﻟﻐﺮض إﻻ إﱃ وﺟﻮد ﻣﺴﺘﻮًى أﻋﲆ ﻣﻦ اﻻدﺧﺎر. وﻫﻜﺬا ،ﻓﻠﻴﺲ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑًﺎ أن ﺗﺮى ﰲ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ املﺆﻳﺪة ﻟﻺﻧﻔﺎق 259
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ً ً ٍ ﻓﺨﻤﺔ ﻋﲆ ﻃﻮل اﻟﻄﺮق املﺤﻄﻤﺔ واﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ املﺘﻬﺪﻣﺔ؛ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﺗﺠﺰﺋﺔ وﻣﺮاﻛ َﺰ ﻣﺘﺎﺟ َﺮ ٍ ﻧﺤﻮ ﻣﻤﻨﻬﺞ .ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ،وﺟﱠ ﻪ إذ إن ﻧﺴﺒﺔ اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ إﱃ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﺎ ﻏري ﻣﺘﻮازﻧﺔ ﻋﲆ ٍ ﺧﺒري اﻹدارة ﺑﻴﱰ دراﻛﺮ اﻧﺘﻘﺎدًا ﺣﺎدٍّا ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﺴﺒﺐ »أزﻣﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ وﺗﻜﻮﻳﻦ 4 ﻧﻄﺎق ﻫﺎﺋﻞ«. رأس املﺎل« و»اﻧﺨﻔﺎض اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻋﲆ ٍ إن اﻻدﺧﺎر ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،وﺗﻜﻮﻳﻦ رأس املﺎل ﻫﻲ املﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي. ٍ ﻣﻌﺪﻻت ﻟﻠﻨﻤﻮ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗُﺸﺠﱢ ﻊ اﻻدﺧﺎر واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر، واﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺄﻋﲆ وﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺠﺪﻳﺪة ،واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،واﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ،واﻵﻻت ٍ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﺳﺘﻬﻼﻛﻴ ٍﺔ أﻓﻀﻞ املﻮﻓﺮة ﻟﻠﺠﻬﺪ اﻟﺒﴩي .وﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻳُﺴﻔِ ﺮ ﺑﺪوره ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻨﻊ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺄﺳﻌﺎر أﻗﻞ .ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻻ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻻﺳﺘﻬﻼك ٍ ٍ ٍ اﻻدﺧﺎر .رﺑﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻬﻼك املﻔﺮط أو اﻟﱪاﻣﺞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ٍ زاﺋﻒ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆديَ إﱃ رﺧﺎءٍ ﺣﺎﻓﺰ املﴪﻓﺔ ﻋﲆ ﺗﻮﻓري ٍ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ. ﱟ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺈﺣﺼﺎﺋﻴﺘﻨﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ إﺟﻤﺎﱄ املﴫوﻓﺎت املﺤﻠﻴﺔ ،ﻧﺮى اﻵن أن ﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت واﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺗﺄﺛري إﻳﺠﺎﺑﻲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،أﻛﺜﺮ ري ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻳُﻌﺘﻘﺪ ﰲ اﻟﺴﺎﺑﻖ؛ ﻓﺤني ﻳُﻤﺜﱢﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﺠﺎري أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻴﺲ ١٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺨﻔﺾ ﴐاﺋﺐ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻋﲆ اﻟﻔﺎﺋﺪة ،وﺣﺼﺺ ﻧﺤﻮ واﺿﺢ. اﻷرﺑﺎح ،وأرﺑﺎح رأس املﺎل أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ أﺛﺮ ﺗﻀﺎﻋُ ﻔﻲ ﻋﲆ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﲆ ٍ ﺑﺈﻳﺠﺎز ،اﺳﺘﺜﻤﺎر رأس املﺎل ،وﻟﻴﺲ إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤ ﱢﺮك أيﱠ اﻗﺘﺼﺎد .وﻛﻤﺎ ﺗﺤﺴﻦ أﻋﻠﻦ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات» :املﺮاﻛﻤﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺠﻴﺔ ﻟﺮأس املﺎل ﺗﺆدي إﱃ ٍ 5 اﻗﺘﺼﺎديﱟ داﺋﻢ«.
260
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﺜﻼﺛﻮن
ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس ﻋﻮدة ذﻫﺒﻴﺔ
ﻣﻌﻴﺎر أﻗﻞ ارﺗﺒﺎ ً ﻃﺎ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ؛ واﻟﺬﻫﺐ ﻳﻔﻲ ﺑﺎﻟﻐﺮض ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ٍ ﻣﺎرك ﻣﻮﺑﻴﻮس، املﺪﻳﺮ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﻟﺘﻤﺒﻠﺘﻮن ٍ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦِ ،ﻟﻨ َ ُﻘﻞ ﻓﱰات ﻓﱰات ﻳﺤﺘﻔﻆ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﻘﻮﺗﻪ اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺗﻤﺘﺪ ﻟﻨﺼﻒ ﻗﺮن. روي ﺟﺎﺳﱰام» ،اﻟﺜﺎﺑﺖ اﻟﺬﻫﺒﻲ«
1
ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس ،ﺗﺤﴬﻧﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ملﺎرك ﺗﻮﻳﻦ» :ﺗﻘﺎرﻳﺮ وﻓﺎﺗﻲ ﻣﺒﺎ َﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ٍ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﺑﻴﻊ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي وﻫﺒﻮط ﺑﺸﺪة!« ﺧﻼل ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﺑﻌﺪ اﻟﺴﻮق ﰲ ﻣﺠﺎل املﻌﺎدن اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ،أﻋﻠﻨﺖ ﺟﺮﻳﺪة »ﻓﺎﻳﻨﺎﻧﺸﻴﺎل ﺗﺎﻳﻤﺰ« ﻋﻦ »وﻓﺎة اﻟﺬﻫﺐ«. ٍ ﺣﺎﻟﺔ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎت اﻟﺸﺘﻮي. وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻤﺖ ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﰲ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻣﺎ اﻟﴚء املﻔﻘﻮد ﰲ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة؟ ً اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﰲ ﻣﻌﺪﱠل ﺧﻼل ﻋﻘﺪَي ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت وﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺷﻬﺪا اﻟﺘﻀﺨﻢ ،دﺧﻠﺖ ﰲ اﺷﺘﺒﺎكٍ ﻣﻊ ﻣﺤﺮري »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« و»ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ« ﻛﻤﺆﴍ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ اﻟﻌﺎملﻲ وﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﳼ .ﺧﻼل ﻫﺬه ﺣﻮل أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺬﻫﺐ ٍ اﻟﻔﱰة ،ﻛﺎن اﻟﺬﻫﺐ ﻳ َ َ ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس؛ ﻓﻔﻲ ُﺤﺘﴬ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وﺗﺠﺎﻫ َﻠ ِﺖ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ٍ ﻋﻼﻣﺔ ﺻﻔﺤﺎت املﺎل ،ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺮﻳﺪة »ﺗﺎﻳﻤﺰ« ﺗُﻠﻘﻲ اﻟﻀﻮءَ ﻋﲆ اﻟﻨﻔﻂ ،ﻻ اﻟﺬﻫﺐ ،ﻛﺄﻓﻀﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻀﺨﻢ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻷوﱃ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪة »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« ﺗُﺪرج اﺛﻨﻲ ﻋﴩ ﻣﺆﴍً ا ﻟﻠﺴﻮق ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻷﺳﻬﻢ ،واﻟﺴﻨﺪات ،واﻟﻌﻤﻼت ،واﻟﺴﻠﻊ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻔﻂ، ﻛﺮ ﻟﻠﺬﻫﺐ. وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺬف أي ذِ ٍ وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا ﺗﻐري ﰲ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ ﻓﻘﺪ ﻋﺎد اﻟﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﺤﻴﺎة ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٠ ً ً ﺗﻀﺨﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪ ًة ﻣﻦ إﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﺣﻘﺒﺔ ﺑﻌﺪ أن أﻃﻠﻘﺖ اﻟﻬﺠﻤﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ دوﻻر ﻟﻸوﻗﻴﺔ. واﻻﻗﱰاض املﻴﴪ؛ ﻓﻘﺪ وﺻﻞ ﺳﻌﺮه اﻵن ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٨٠٠ ٍ ﻋﻮدة إﱃ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ؟ ﻋﻘﺐ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺪﻟﻌﺖ ﰲ ﻋﺎﻣَ ﻲ ،١٩٩٨-١٩٩٧أﻳﺪ ﻣﺎرك ﻣﻮﺑﻴﻮس، ٍ ٍ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻋﻤﻠﺔ إﻗﻠﻴﻤﻴ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﻤﺒﻠﺘﻮن ﻟﻸﺳﻮاق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻟﺸﻬري ،إﺻﺪا َر ٍ ﻋﻤﻼت ذﻫﺒﻴ ٍﺔ آﺳﻴﻮﻳﺔ» :ﺳﻮف ﺗﺘﺤﻮﱠل ﺟﻤﻴﻊ ﻟﻠﺘﺤﻮﱡل إﱃ ذﻫﺐ ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ إﺻﺪار إﺻﺪاراﺗﻬﻢ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ M1واﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ إﱃ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴﻌﺮ اﻟﺤﺎﱄ ﻟﻠﺬﻫﺐ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻮف ﻳﺘﻢ إﺻﺪار اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ املﻮﺣﺪة ِﺑﻨﺎءً ﻋﲆ وداﺋﻊ اﻟﺬﻫﺐ أو ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل اﻟﺬﻫﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ «.واﻧﺘﻘﺪ ﻣﻮﺑﻴﻮس اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺟﻨﻮب ً ﻓﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ »أﻓﻠﺲ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎت واﻟﺒﻨﻮك ﴍق آﺳﻴﺎ ﻟﺨﻔﻀﻬﺎ املﺘﻬﻮر ﻟﻌﻤﻼﺗﻬﺎ؛ ﻋﱪ املﻨﻄﻘﺔ ،وﺿﺎﻋﺖ ﻣﻠﻴﺎرات اﻟﺪوﻻرات ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻬﺪدة «.ملﺎذا اﻟﺬﻫﺐ؟ »ﻷن اﻟﺬﻫﺐ ﻛﺎن داﺋﻤً ﺎ ﻣﺨﺰﻧًﺎ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ ﰲ آﺳﻴﺎ وﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﻻﺣﱰام ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره املﻼذ اﻷﺧري ﰲ ﻓﱰات اﻷزﻣﺔ .وﺗﺎرﻳﺦ آﺳﻴﺎ زاﺧﺮ ﺑﺎﻟﻌﻤﻼت اﻟﻬﺎﺑﻄﺔ … وﻳﻜﻤﻦ ﺟﻤﺎل اﻟﺬﻫﺐ ﰲ أﻧﻪ ﻳﻘﻴﱢﺪ ﻗﺪرة اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق إﱃ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻨﺪه ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮﺑﺢ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ 2 إﱃ أرﺻﺪﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ«. 262
ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس
ٍ ﺳﻠﻌﺔ أﺧﺮى ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻣﻘﱰح ﻣﻮﺑﻴﻮس اﻟﻨﻘﺪي ﻟﻢ ﻳﺤﻘﻖ أيﱠ ﳾء ،اﺳﺘﻤﺮ ﻣﺪﻳﺮو اﻟﺒﻨﻮك ٍ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ .واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﻨﻚ اﻟﺼني ،ﰲ ﺗﺠﻤﻴﻊ ً ٍ ﺳﻤﺎت ﻓﺮﻳﺪة؛ اﻷوﱃ: ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ،ﻳﺘﻤﻴﺰ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺜﻼث ﺗﺆﻳﺪ ﺧﻄﺔ ﻣﻮﺑﻴﻮس؛ ﺣﺴﺎب ﻣﺴﺘﻘﺮ ًة ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻌﺎملﻲ؛ وﺣﺪ ًة ﺗﻀﺎﻫﻲ »اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻫﻲ أﻧﻪ ﻳﻮﻓﺮ وﺣﺪ َة ٍ ﺑﺸﻜﻞ دﻗﻴﻖ .اﻟﺴﻤﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :أن اﻟﺬﻫﺐ ﻛﺎن ﻟﻪ ﻗﺪرة ﻣﺬﻫﻠﺔ ﻋﲆ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻘﻮﺗﻪ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ« ٍ اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻫﻮ ﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮاﺣﻞ روي ﺟﺎﺳﱰام »اﻟﺜﺎﺑﺖ اﻟﺬﻫﺒﻲ«. أﻣﺎ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﺘﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﻘﺪرة اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻟﻠﻤﻌﺪن اﻷﺻﻔﺮ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺘﻀﺨﻢ وﻧِﺴﺐ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻛﻨﻈﺎ ٍم ﻧﻘﺪيﱟ ﻣﺴﺘﻘﺮ .ﻣﻊ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺴﻠﻊ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻘﻤﺢ أو اﻟﻨﻔﻂ ،ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ري ً وﻓﻘﺎ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﺴﻨﻮي .وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﻟﺬﻫﺐ؛ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ »املﺨﺘﺰﻧﺔ« ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ ﻓﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺆﻛﺪ أن إﺟﻤﺎﱄ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ املﻤﻠﻮك ﻟﻸﻓﺮاد واﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ 3 .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺰداد وﻻ ﻳﻨﺨﻔﺾ ﰲ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ اﻟﻌﺎملﻲ ﻣﺎ ﺑني ١٫٥و ٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺘﺠﺎوز ٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﺑﺈﻳﺠﺎز، ﻫﻨﺎك ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻛﺒري ﻳﺠﻤﻊ ﺑني اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺘﺪرﻳﺠﻴﺔ ﰲ ﻣﺨﺰون اﻟﺬﻫﺐ و»اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺰ ﺑﻬﺎ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وأﻧﺼﺎر اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺗﻔﻊ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻨﻘﺪي ﺑﻤﻌﺪل ﺛﺎﺑﺖ. ٍ ﻗﺎرن اﺳﺘﻘﺮار ﻣﺨﺰون اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻟﺘﻐريات اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﰲ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻮرﻗﻲ اﻟﺬي ﺑﻤﻌﺪل ﺗﺤﻮزه اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ .ﻟﻘﺪ ارﺗﻔﻊ ﻣﺆﴍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﻟﻼﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻨﻘﺪي ٍ ٍ ﻃﻔﻴﻒ ﻗﺪ ُره ٣ وﺑﻤﻌﺪل ري وﺻﻞ إﱃ ١٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ، ٍ ﻛﺒ ٍ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت واﻟﻌﻘﺪ اﻷول ﻣﻦ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ري ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ .ﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﺎملﻴٍّﺎ أن اﻟﺬﻫﺐ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﻠﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻘﻠﺒًﺎ ﺑﻜﺜ ٍ إﻟﺰاﻣﻲ. أﻛﺜﺮ اﺳﺘﻘﺮا ًرا وأﻗﻞ ﺗﻀﺨﻤً ﺎ ﻣﻦ أي ﻧﻈﺎ ِم ﻧﻘ ٍﺪ ﱟ ﻳﺘﻔﻖ اﻟﻨﻘﺎد ﻋﲆ أن اﻟﺬﻫﺐ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﻋﻤﻠﺔ »ﺻﻌﺒﺔ« ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻳﺸﻜﻮن ﻣﻦ أن إﻧﺘﺎج اﻟﺬﻫﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،اﻟﺬﻫﺐ ﻋﻤﻠﺔ ﺻﻌﺒﺔ أﻛﺜﺮ ٍ ﻃﻔﻴﻒ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ٣ ﻣﻦ اﻟﻼزم؛ ﻓﺎﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ ،ﻛﻤﺎ أﴍﻧﺎ ،ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑﻤﻌﺪل ﻧﻤ ﱟﻮ ﺳﻨﻮيﱟ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن أﻗﻞ ﻣﻦ ٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﻤﻮ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎوز ٣أو ٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ٧أو ٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ .واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ؟ ﻳﺼﺒﺢ اﻧﻜﻤﺎش اﻷﺳﻌﺎر 263
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﺻﻮاب ﰲ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻏري املﺤﺘﻤﻞ أن أﻣ ًﺮا ﺣﺘﻤﻴٍّﺎ ﰲ ﻇﻞ ﻗﺎﻋﺪ ٍة ﻟﻠﺬﻫﺐ اﻟﺨﺎﻟﺺ؛ ﻓﺎﻟﻨﻘﺎد ﻋﲆ ٍ ﻳﻮاﻛﺐ ﻧﻤ ﱡﻮ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ اﻟﻨﻤ ﱠﻮ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ .ﻓﻘﻂ أﺛﻨﺎء اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﻜﱪى ﻟﻠﺬﻫﺐ ،ﻛﻤﺎ ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ﰲ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ أو ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﰲ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ،ﻛﺎن ﻧﻤﻮ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت اﻟﺬﻫﺐ اﻟﻌﺎملﻴﺔ أﴎع ﻣﻦ ٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻀﻐﻮط اﻻﻧﻜﻤﺎش ،ﻓﺈن اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺮﺟﻮع ﻋﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﺎﻋﺪ ِة ذﻫﺐ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴ ٍﺔ ﻫﻲ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻣﺴﺘﺒﻌَ ﺪة. ٍ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﺤ ﱡﻮ ً ﻃﺎ ﺿﺪ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﺤ ﱡﻮ ً ﻃﺎ ﺿﺪ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ أوﺿﺢ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر روي ﺟﺎﺳﱰام ،ﺑﺒريﻛﲇ ،وآﺧﺮون اﻻﺳﺘﻘﺮا َر اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻠﺬﻫﺐ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻮﺗﻪ اﻟﴩاﺋﻴﺔ؛ أي ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﲆ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻘﻴﻤﺘﻪ وﻗﻮﺗﻪ اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ .وﻟﻜﻦ ﺑﻘﺪر ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﻋﺒﺎرة املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ؛ ﻓﻌﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ،ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺬﻫﺐ ٍ ري ﻋﲆ ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ وﻟﺬا ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﺤ ﱡﻮ ً ﻃﺎ ﻛﺒ ٍ ﺿﺪ اﻟﺘﻀﺨﻢ. واﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻟﻠﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺬﻫﺐ ﻫﻲ ﻛﺘﺎب »اﻟﺜﺎﺑﺖ اﻟﺬﻫﺒﻲ :اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ «١٩٧٦–١٥٦٠ ،ﻟﺮوي ﺟﺎﺳﱰام ،اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺮاﺣﻞ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،ﺑﺒريﻛﲇ .ﻳﺘﻨﺎول اﻟﻜﺘﺎب ،اﻟﺬي ﻧﻔﺪت ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻵن ،اﻟﺬﻫﺐَ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﺤ ﱡﻮ ً ﻃﺎ ﺿﺪ اﻟﺘﻀﺨﻢ واﻻﻧﻜﻤﺎش ﻋﲆ ﻣﺪار ٤٠٠ﻋﺎم. ﺷﻜﻼن ﺑﻴﺎﻧﻴﺎن ﻣﺬﻫﻼن ﻳﺮوي ﻛﺘﺎب ﺟﺎﺳﱰام واﻟﺒﻴﺎﻧﺎت املﺤﺪﱠﺛﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ املﻌﻬﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ً ﻗﺼﺔ ﻣﺆﺛﺮة: ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺟﺮﻳﺖ ﺑﺎرﻳﻨﺠﺘﻮن ،ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ، ً ﻃﻮﻳﻠﺔ ) (١داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻮد اﻟﺬﻫﺐ إﱃ ﻗﻮﺗﻪ اﻟﴩاﺋﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ،وإن ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻐﺮق ﻓﱰ ًة ﰲ ذﻟﻚ. ) (٢أﺻﺒﺢ ﺳﻌﺮ اﻟﺬﻫﺐ أﻛﺜﺮ ﺗﻘﻠﺒًﺎ ﻣﻊ ﺗﺤﻮﱡل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺤﻮ ﻗﺎﻋﺪ ٍة ﻟﻠﻨﻘﺪ اﻹﻟﺰاﻣﻲ ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .ﻻﺣﻆ ﻛﻴﻒ ﺗﺤ ﱠﺮك اﻟﺬﻫﺐ ﺻﻌﻮدًا وﻫﺒﻮ ً ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎ ﱟد ﻣﻊ ﻃﺎ ٍ 264
ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس
ﻓﻘﺪان اﻟﺠﻨﻴﻪ واﻟﺪوﻻر ﻟﻘﻮﺗﻬﻤﺎ اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻣﻨﺬ إﻃﻼق ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ )اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻠني 1-34 و.(2-34 ﰲ ﻣﺤﺎﴐاﺗﻲ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻜﻠﻴﺔ روﻟﻴﻨﺰ وﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ،ﱢ أوﺿﺢ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺬﻫﺐ ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻌﻤﻠﺔ ﺳﺎﻧﺖ ﺟﻮدﻳﻨﺰ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ذات اﻟﻨﴪ املﺰدوج ﻓﺌﺔ ٢٠ دوﻻ ًرا ﻛﻤﺜﺎل .ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ،١٩٣٣ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺟﻴﻮﺑﻬﻢ ﻛﻨﻘﻮد. ﱠ ﻣﺰدوج واﺣﺪ ،أو ٢٠دوﻻ ًرا. ﻧﴪ وﰲ ﺗﻠﻚ اﻵوﻧﺔ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﴍاء ﺣُ ﱠﻠ ٍﺔ ﻣﻔﺼ ٍﻠﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٍ ٍ واﻟﻴﻮم ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﺔ ذاﺗﻬﺎ — اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎوي ﻣﺎ ﺑني ٩٠٠إﱃ ١٢٠٠دوﻻر ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﱠ املﻔﺼﻠﺔ .إن ﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻨﴪ املﺰدوج ﻗﻴﻤﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ، ﻋﲆ ﻧﺪرﺗﻬﺎ وﺣﺎﻟﺘﻬﺎ — ﴍاء ﻧﻔﺲ اﻟﺤُ ﱠﻠﺔ ٍ ﻗﻴﻤﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ،ﺗﺴﺎوي أو ﻧﺪرة ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ؛ ﻓﻌﻤﻠﺔ ﺳﺒﻴﻜﺔ ذﻫﺒﻴﺔ ﺗﺰن أوﻗﻴﺔ واﺣﺪة ،ﻣﻦ دون ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﻔﻊ دوﻻر ﻓﻘﻂ؛ ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻊ ﺳﻌﺮ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻟﺪوﻻر ﻧﺤﻮ ٩٠٠ ٍ ٍ ٍ ﻋﻤﻼت ﻧﻘﺪﻳ ٍﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. ﺑﻨﻔﺲ ﻣﻌﺪل ارﺗﻔﺎع دوﻻر ﻟﻸوﻗﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﰲ ﻋﺎم ،١٩٨٠وﻇﻞ ﻛﺎن ﺳﻌﺮ ﺳﺒﻴﻜﺔ اﻟﺬﻫﺐ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ٨٠٠ ٍ ٍ ﻫﺒﻮط ﻣﺴﺘﻤ ﱟﺮ ﰲ اﻟﻘﻴﻤﺔ ملﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻋﻘﺪﻳﻦ .وﻫﻮ اﻵن ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﺘﻌﺎﰲ واﺳﺘﻌﺎدة ﰲ ً ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪه .ﻫﻞ ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﺬﻫﺐ ﺗﺤ ﱡﻮﻃﺎ ﺟﻴﺪًا ﺿﺪ اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺗﻮﺿﺢ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ أﻧﻪ ﺣني ﻳﻜﻮن ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺛﺎﺑﺘًﺎ أو ﰲ اﻧﺨﻔﺎض ،ﻳﻜﻮن اﻟﺬﻫﺐ ﺗﺤﻮ ً ﻃﺎ ﺳﻴﺌًﺎ ﺿﺪه؛ ﻧﺤﻮ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ املﺘﺴﺎرع. ﻓﺎملﻌﺪن اﻷﺻﻔﺮ )وأﺳﻬﻢ املﻨﺎﺟﻢ( ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ٍ وﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،اﺣﺘﻔﻆ ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس ﺑﺘﺤﻮﱡﻃﻪ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻋﺘﺒﺎره ﺗﺤﻮ ً ﻃﺎ ري ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻣﺜﺎﻟﻴٍّﺎ أو واﻓﻴًﺎ ،ﺑﻞ إن اﻷﺳﻬﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ أﻧﻬﺎ ﻣﺮﺑﺤﺔ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜ ٍ ﻛﺎﺳﺘﺜﻤﺎر. وﻳﻮﺿﺢ ﻋﻤﻞ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻜﻠﻴﺔ وارﺗﻮن ،ﺟريﻣﻲ ﺳﻴﺠﻞ ،أن اﻷﺳﻬﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻔﻮﻗﺖ ً ﺗﻔﻮﻗﺎ ﻛﺒريًا ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻘﺮﻧني املﺎﺿﻴني .وﻋﲆ ﻏﺮار ﺟﺎﺳﱰام ،ﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﰲ أداﺋﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺬﻫﺐ ﺳﻴﺠﻞ اﺳﺘﻘﺮا َر اﻟﺬﻫﺐ ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ .ﻏري أن اﻟﺬﻫﺐ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻻرﺗﻘﺎء ملﺴﺘﻮى أداء ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .وﻛﻤﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻷﺳﻬﻢ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ« ،ﻓﻘﺪ ﺗﻔﻮﻗﺖ ري ﻋﲆ اﻟﺴﻨﺪات ،وأذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ ،واﻟﺬﻫﺐ .ملﺎذا؟ ﻷن اﻷﺳﻬﻢ اﻷﺳﻬﻢ ﰲ أداﺋﻬﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ً وإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ أﻋﲆ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻌﺖ اﻷﺳﻬﻢ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺣﺎدٍّا ﺗﻤﺜﻞ ﻧﻤﻮٍّا اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺑﺴﺒﺐ اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻜﺒري ﰲ ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ وﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. 265
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
٢٠٠٠٠ اﻟﺬﻫﺐ
١ = ١٥٦٠
١٠٠٠٠ ٠٫٥٠٠٠
N
٩٧/١٥/١٢ ٠٫٢٥٠٠ ٠٫١٢٥٠ ٠٫٠٦٢٥ ٠٫٠٣١٣
اﻟﺠﻨﻴﻪ ٭
٠٫٠١٥٦
١٥٦٠ ١٥٨٠ ١٦٠٠ ١٦٢٠ ١٦٤٠ ١٦٦٠ ١٦٨٠ ١٧٠٠ ١٧٢٠ ١٧٤٠ ١٧٦٠ ١٧٨٠ ١٨٠٠ ١٨٢٠ ١٨٤٠ ١٨٦٠ ١٨٨٠ ١٩٠٠ ١٩٢٠ ١٩٤٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ٢٠٠٠ ٢٠٢٠
٠٫٠٠٧٨
ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻷﺳﻌﺎر اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﻸﻋﻮام ﻣﻦ ١٩٤٥–١٩٣٩
ﺷﻜﻞ :1-34اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺬﻫﺐ واﻟﺠﻨﻴﻪ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ) .٢٠٠٦–١٥٦٠ ،املﺼﺪر :املﻌﻬﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ(.
ﺣني ﻳﺘﺴﺎرع ﺗﻀﺨﻢ اﻷﺳﻌﺎر ،ﺗﻤﻴﻞ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ إﱃ اﻷداء اﻟﻬﺰﻳﻞ ﰲ ﺣني ﺗﺘﺄ ﱠﻟﻖ أﺳﻬﻢ اﻟﺬﻫﺐ .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺪ اﻷﺳﻬﻢ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺳﻴﺠﻞ ،ﺗﺤﻮ ٍ ﱡﻃﺎت ﻣﻤﺘﺎز ًة ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ 4 ﺿﺪ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ »ﻟﻴﺴﺖ ﺗﺤﻮ ٍ ﱡﻃﺎت ﺟﻴﺪ ًة ﺿﺪ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري «.وﺗﻀﺨﻢ اﻷﺳﻌﺎر ﻫﻮ املﺆﴍ اﻟﺮﺋﻴﴘ؛ ﻓﺤني ﻳﱰاﺟﻊ ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻀﺨﻢ ،اﺣﺬر! ﻓﺴﻮف ﺗﺘﻌﺜﺮ اﻷﺳﻬﻢ وﻳﻌﻮد اﻟﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﺤﻴﺎة )اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ .(3-34 ﻣﺎ اﻟﺬي ﱠ ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤﻌﺪن اﻷﺻﻔﺮ؟ أرى وﻇﻴﻔﺘني أﺳﺎﺳﻴﺘني ﻟﻠﺬﻫﺐ؛ اﻷوﱃ :اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻣﺮﺑﺢ ﺣني ﺗﺘﺴﺎرع اﻷﺳﻌﺎر اﻟﻌﺎﻣﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻣﻘﻴﺎس ﻣﻬﻢ ﻟﺘﻀﺨﻢ اﻷﺳﻌﺎر وﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ.
266
ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس
٤٠٠٠٠ اﻟﺬﻫﺐ ٢٠٠٠٠
١ = ١٧٩٢ N
١٠٠٠٠ ٩٧/١٥/١٢
٠٫٥٠٠٠ ٠٫٢٥٠٠ اﻟﺪوﻻر ٠٫١٢٥٠ ٠٫٠٦٢٥ ١٥٦٠ ١٥٨٠ ١٦٠٠ ١٦٢٠ ١٦٤٠ ١٦٦٠ ١٦٨٠ ١٧٠٠ ١٧٢٠ ١٧٤٠ ١٧٦٠ ١٧٨٠ ١٨٠٠ ١٨٢٠ ١٨٤٠ ١٨٦٠ ١٨٨٠ ١٩٠٠ ١٩٢٠ ١٩٤٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ٢٠٠٠ ٢٠٢٠ ﺷﻜﻞ :2-34اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺬﻫﺐ واﻟﺪوﻻر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ) .٢٠٠٦–١٧٩٢ ،املﺼﺪر :املﻌﻬﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ(.
اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﺳﺘﺜﻤﺎ ًرا ﻣﺮﺑﺤً ﺎ ﻣﻨﺬ أﻃﻠﻘﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٧١أﺻﺒﺤﺖ ﺳﺒﺎﺋﻚ اﻟﺬﻫﺐ وأﺳﻬﻢ ً ٍ دورﻳﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ .وﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺤﺬﻳﺮ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ املﺘﻘﻠﺒﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻣﻨﺎﺟﻢ اﻟﺬﻫﺐ ﻟﻠﺬﻫﺐ وأﺳﻬﻢ املﻨﺎﺟﻢ ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن أﺳﻬﻢ املﻨﺎﺟﻢ ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺘﺬﺑﺬب أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ذاﺗﻪ؛ ً ً ﻓﺎدﺣﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ أﺛﻨﺎء ﻓﱰات اﻟﺼﻌﻮد ،وﺧﺴﺎﺋ َﺮ ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻮﻓﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺬﻫﺐ أرﺑﺎﺣً ﺎ أﺛﻨﺎء ﻓﱰات اﻟﻬﺒﻮط. وﻟﻌﻞ أﺣﺪ أﺳﺒﺎب ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻠﺐ املﺮﺗﻔﻊ ﻷﺳﻬﻢ املﻨﺎﺟﻢ ﻫﻮ ﺑُﻌﺪﻫﺎ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﺑﺸﻜﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ؛ ﻓﺎﻟﺘﻌﺪﻳﻦ ﻳُﻤﺜﱢﻞ أوﱃ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج وﻫﻮ ﻛﺜﻴﻒ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻟﺮأس املﺎل ٍ 267
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
١٠٠٠٠٠٠٠٠دوﻻر ١٢٫٧ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر أﺳﻬﻢ
١٠٠٠٠٠٠٠دوﻻر ١٠٠٠٠٠٠دوﻻر
٢١٩٣٩دوﻻ ًرا ﺳﻨﺪات ٥٠٦١دوﻻ ًرا أذون ﺧﺰاﻧﺔ ٣٢٫٨٤دوﻻ ًرا ذﻫﺐ ١٦٫٨٤دوﻻ ًرا ﻣﺆﴍ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ
١٠٠٠٠دوﻻر ١٠٠٠دوﻻر ١٠٠دوﻻر
ﻣﺆﴍ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻌﺎﺋﺪ
١٠٠٠٠٠دوﻻر
١٠دوﻻرات ١دوﻻر
١٨٠١ ١٨١١ ١٨٢١ ١٨٣١ ١٨٤١ ١٨٥١ ١٨٦١ ١٨٧١ ١٨٨١ ١٨٩١ ١٩٠١ ١٩١١ ١٩٢١ ١٩٣١ ١٩٤١ ١٩٥١ ١٩٦١ ١٩٧١ ١٩٨١ ١٩٩١ ٢٠٠١
٠دوﻻر
ﺷﻜﻞ :3-34ﻣﺆﴍات إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻻﺳﻤﻲ ﻟﻸﺳﻬﻢ ،واﻟﺴﻨﺪات ،واﻷذون ،واﻟﺬﻫﺐ–١٨٠٢ : .٢٠٠١
ﺑﺎﻟﻎ وﴎﻳﻊ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺘﻐريات ﰲ ﻧِﺴﺐ اﻟﻔﺎﺋﺪة 5 .ﻓﻴﺠﺐ ﻋﺪم اﻟﻨﻈﺮ إﱃ أﺳﻬﻢ اﻟﺬﻫﺐ ٍ ٍ اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻟﻠﴩاء واﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻬﺎ ،ﰲ ﻇﻞ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ املﺘﻘﻠﺒﺔ املﺘﺄﺻﻠﺔ. ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ً وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻏري أن اﻟﺬﻫﺐ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻘﺪرة املﺬﻫﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺒﺆ ٍ ﺑﺪﻗﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎه املﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎم ﻟﻸﺳﻌﺎر؛ ﻓﻔﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻗﻤﻨﺎ أﻧﺎ وﺟﻮن ﻟﻴﺴﺖ )اﻟﺬي ﻛﺎن آﻧﺬاك ﻋﺎﻟﻢ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺗﻨﺒﺆ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ .ﻓﺎﺧﺘﱪﻧﺎ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻨﱰال ﻓﻠﻮرﻳﺪا ،واﻵن ﰲ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ( ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻧﻤﻮذج ٍ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺆﴍات ﻟﻠﺴﻠﻊ )ﻣﺆﴍ داو ﺟﻮﻧﺰ ﻟﻠﺴﻠﻊ اﻟﺤﺎﴐة ،واﻟﻨﻔﻂ اﻟﺨﺎم ،واﻟﺬﻫﺐ( ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ أﻓﻀﻠﻬﺎ ﰲ ﺗﻮﻗﻊ اﻟﺘﻐريات ﰲ ﻣﺆﴍ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ ﺑني ﻋﺎﻣَ ﻲ ١٩٧٠و .١٩٩٢وﺗﺒني ﻣﺆﴍ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ املﺴﺘﻘﺒﲇ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻘﺎس ﺑﻤﺆﴍ أﺳﻌﺎر أن اﻟﺬﻫﺐ ﻗﺪ أﺛﺒﺖ أﻧﻪ أﻓﻀﻞ ٍ ﺑﻌﻤﻞ ﺟﻴ ٍﺪ ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﺗﺠﺎه املﺴﺘﻬﻠﻚ .وﻳﺒﻠﻎ اﻟﻔﺎرق اﻟﺰﻣﻨﻲ ﻧﺤﻮ ﻋﺎم؛ أي إن اﻟﺬﻫﺐ ﻳﻘﻮم ٍ 268
ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس
ﻣﺆﴍ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﻌﺎم )ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن املﺆﴍات اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺮداءة ﰲ أﺳﺎس ﺷﻬﺮي(. اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺘﻐريات ﰲ ﻣﺆﴍ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻋﲆ ٍ ﺑﺈﻳﺠﺎز ،إذا أردت أن ﺗﻌﺮف ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺗﻀﺨﻢ اﻷﺳﻌﺎر ،ﻓﺮاﻗِ ﺐ املﻀﺎرﺑني ﻋﲆ اﻟﺬﻫﺐ ارﺗﻔﺎع ﻣﺴﺘﺪﻳﻢ ،ﻓﺘﻮﻗﻊ ﰲ ﺳﻮق ﺑﻮرﺻﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،ﻓﺈذا دﺧﻞ اﻟﺬﻫﺐ ﰲ ﻣﻮﺟﺔ ٍ ﺗﻀﺨﻤً ﺎ أﻋﲆ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ. اﻟﻴﻮم ﺗﱪز ﺻﺤﻴﻔﺔ »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« وﻗﻨﺎة ﳼ إن ﺑﻲ ﳼ أﺳﻌﺎر اﻟﺬﻫﺐ. وﻳﺮاﻗﺒﻪ رؤﺳﺎء ﻣﺠﻠﺲ إدارة ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ وﻣﺪﻳﺮو ﺑﻨﻮك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪول اﻟﺴﺒﻊ ﻋﻦ َﻛﺜَﺐ .وﰲ إﺷﺎر ٍة إﱃ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻻﻗﱰاض املﻴﴪ وﻧﺴﺒﺔ اﻟﻔﺎﺋﺪة املﻨﺨﻔﻀﺔ ملﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ،٢٠٠٤-٢٠٠٣ﻛﺘﺒﺖ »وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل« ً ٍ ﺗﻀﺨﻤﻴﺔ ﻟﻢ ﺗُﻠﺤﻆ ﺗﻮﻗﻌﺎت ﰲ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺘﻬﺎ» :ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻛﺎن ﻳﻐﺬي ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .وﺳﻌﺮ اﻟﺬﻫﺐ ﻫﻮ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒﻲ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت، 6 وﻣﺨﻄﻂ اﻟﺬﻫﺐ ﻳﺸري إﱃ ﻣﺪى ﺟﺴﺎﻣﺔ ﺧﻄﺌﻪ«. ً أﻫﻤﻴﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. إن اﻟﺬﻫﺐ ﻫﻮ املﺆﴍ اﻷﻛﺜﺮ
269
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺜﻼﺛﻮن
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﳛﺪث ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ آﺧﺮ؟
اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﺤﺼﻦ ﺿﺪ اﻟﻜﺴﺎد. ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن )(١٩٥٤
1
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث »ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ« آﺧﺮ ﰲ ﻇﻞ اﻧﻬﻴﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،وﺗﺪﻫﻮر أرﺑﺎح اﻟﴩﻛﺎت، واﻻرﺗﻔﺎع اﻟﴪﻳﻊ ﰲ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﱃ ٢٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ أو أﻛﺜﺮ؟ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻊ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،اﻟﺬي أﻟﻘﻰ ﺧﻄﺒﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ﰲ اﻟﺴﻮﻳﺪ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٥٤ذﻫﺐ ﻓﻴﻬﺎ إﱃ أن اﻟﻘﺎدة اﻟﺤﻜﻮﻣﻴني وﻣﺪﻳﺮي اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ ﻳﺘﻔﻬﱠ ﻤﻮن اﻵن أﺳﺎﺳﻴﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎد، وﻟﺪﻳﻬﻢ اﻷدوات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ملﻨﻊ اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﻜﺎﻣﻞ .وأﺷﺎر إﱃ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴريات ً ﻣﺤﺎﻻ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺄﻣني ﻋﲆ وداﺋﻊ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ، املﺆﺳﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺣﺪﺛًﺎ ﻛﻬﺬا واﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،واﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﺣﺠﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﰲ ذﻟﻚ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺗﺄﻣني اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ أدوات ﺣﻔﻆ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻷﺧﺮى .واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻜﺮر أﺧﻄﺎء املﺎﴈ وﻛﻴﻒ ﻳﺘﺠﻨﺐ أيﱠ ٍ ﺳﻴﻮﻟﺔ ﻧﻘﺪﻳ ٍﺔ ﰲ اﻟﺴﻮق واﻟﻨﻈﺎم املﴫﰲ اﻧﻬﻴﺎر ﻧﻘﺪيﱟ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﻠﻒ اﻷﻣﺮ )ﻣﻦ ﺧﻼل ﺿﺦ ٍ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ(. ٍ ﻻ ﺷﻚ أن ﺗﻜﻬﱡ ﻦ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﺑﻌﺪم وﻗﻮع أي أزﻣﺎت ﻛﺴﺎدٍ أﺧﺮى ﻗﺪ ﺛﺒﺘﺖ ﺻﺤﺘﻪ ﺣﺘﻰ اﻵن؛ ﻓﻘﺪ ﻣﺮرﻧﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﱰات اﻻﻧﻜﻤﺎش واﻟﺮﻛﻮد ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﺑﻞ وﺑﻌﺾ اﻻﻧﻬﻴﺎرات ﰲ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺗﺠﻨﺒﻨﺎ اﻷزﻣﺔ اﻟﻜﱪى؛ »ﻛﺴﺎدًا ﻋﻈﻴﻤً ﺎ« ﺿﺨﻤً ﺎ ﻣﺸﺎﺑﻬً ﺎ ﻟﻨﻜﺒﺔ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ. ﻏري أﻧﻨﻲ أود اﻹﺷﺎرة إﱃ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺣﺪوث »ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ« آﺧﺮ ﻗﺪ ً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻣﻘﺎوﻣﻮن ﻟﻠﻜﺴﺎد ،وﻟﻜﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﺟﺤً ﺎ ،ﻓﻤﻦ املﺆﻛﺪ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻣﺤﺼﻨني ﺿﺪه .ﻗﺒﻞ اﻟﴩح واﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ،دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺴﺘﻌﺮض ﻣﻌﻨﻰ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« ،وملﺎذا وﻗﻊ ،وملﺎذا اﺳﺘﻤﺮ ﻟﻠﻔﱰة اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،وﻛﻴﻒ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد. ﺗﺄﺛري اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﺬي وﻗﻊ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ذﻛﺮى ﺧﺎﻓﺘﺔ ﺣﺴ ً ﻣﻠﻤﻮﺳﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ وﻧﻈﺮﻳٍّﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺧﻠﻖ اﻟﻜﺴﺎد ً ﺑﻴﺌﺔ ﱠ ً ﺎﺳﺔ ﺗﺠﺎه اﻵن ،إﻻ أن ﺗﺄﺛريه ﻻ ﻳﺰال ً ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻋﺪم اﻟﺘﺪﺧﻞ وﻣﺆﻳﺪة ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﻮاﺳﻊ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﻋﱪ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ .وﻗﺪ ﻗﺎد اﻟﻜﺴﺎد إﱃ ﻧﺸﺄة دوﻟﺔ اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ وإﻳﻤﺎن ﻻ ﻣﺤﺪود ﺑ »اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ« .ودﻓﻊ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻤﺎرﳼ ﻣﻬﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻧﺠﻠﻮأﻣﺮﻳﻜﻴني إﱃ اﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻠﺴﻮق اﻟﺤﺮة واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺑﺪاﺋ َﻞ ﺟﺬرﻳ ٍﺔ ﻣﻀﺎد ٍة ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻴﺘﺤﻮﱠﻟﻮا ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،واﻗﺘﺼﺎد ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻄﻠﺐ. ﻗﺒﻞ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« ،ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻐﺮﺑﻴني ﻳﺘﻘﺒﻠﻮن املﺰاﻳﺎ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻدﺧﺎر ،واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ذات اﻟﺼﻼﺣﻴﺎت املﺤﺪودة ،واملﻮازﻧﺎت املﺘﻮازﻧﺔ ،وﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ ،وﻗﺎﻧﻮن ﺳﺎي .وﺑﻴﻨﻤﺎ واﺻﻞ ﻣﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺪﻓﺎ َع ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺮ ﻧﻄﺎق اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﺟﺰﺋﻲ ،رﻓﻀﻮا اﻵراء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ﻋﲆ ٍ اﻹﻟﺰاﻣﻲ ﻋﲆ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻜﲇ ﰲ ﻓﱰة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب ،ﻣﺤﺒﱢﺬﻳﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼ َك ﻋﲆ اﻻدﺧﺎر ،واﻟﻨﻘ َﺪ ﱠ اﻟﺬﻫﺐ ،واﻹﻧﻔﺎق ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻋﲆ املﻴﺰاﻧﻴﺔ املﺘﻮازﻧﺔ ،واﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﻨﺸﻂ ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺳﻮق ﺣﺮ ٍة ﻫﻲ ذات اﻟﺼﻼﺣﻴﺎت املﺤﺪودة .واﻗﺘﻨﻌﻮا ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن أي ٍ ٍ ٍ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ واملﻮارد ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺳﻮق ﻏري ﻣﺴﺘﻘﺮ ٍة ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﻔﺮ ﻋﻦ ﻟﻔﱰات ﻏري ﻣﺤﺪودةَ . ٍ وأﻟﻘﻮا ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« ﻋﲆ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ املﺘﺤﺮرة املﻌﻄﻠﺔ وزﻋﻤﻮا أن اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﻀﺨﻢ إﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ وﺣﺪه ﻣﻦ أﻧﻘﺬ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻓﺘﺢ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« اﻟﺒﺎب ﻋﲆ ﻣﴫاﻋﻴﻪ أﻣﺎم ﻣﺒﺪأ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،ﺗﺪارك اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ اﻟﺜﻐﺮات ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺞ، وﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ِﺖ اﻟﺪﻓﺔ ﺑﺒﻂءٍ ﻧﺤﻮ إﻋﺎدة ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة اﻟﻘﺪﻳﻢ .وﻛﺎن ﻫﻨﺎك ً ٍ ٍ ﻃﻮﻳﻼ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ :ﻣﺎ اﻟﺴﺒﺐ وراء »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ«؟ ملﺎذا اﺳﺘﻤ ﱠﺮ أﺳﺌﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ ِ ﻫﻜﺬا؟ ﻫﻞ أﻋﺎدت اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮﺧﺎء؟ وﻗﺪ أﻃﻠﻖ املﺆرخ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ 272
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ آﺧﺮ؟
روﺑﺮت ﻫﻴﺠﺰ ﻋﲆ ﻫﺬه املﺠﺎﻻت اﻟﺠﺪﻟﻴﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ »اﻻﻧﻜﻤﺎش اﻟﻌﻈﻴﻢ« ،و»اﻻﺳﺘﻤﺮار اﻟﻌﻈﻴﻢ« ،و»اﻟﺨﻼص اﻟﻌﻈﻴﻢ«. اﻟﺴﺒﺐ وراء اﻻﻧﻜﻤﺎش اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺣﺎول اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال اﻷول ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﻨﺠﺎﻣني إم أﻧﺪرﺳﻮن ،وﻣﻮراي إن روﺛﺒﺎرد 2 ،إﻻ أن أﺣﺪًا ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺗﺄﺛري ﻳﻀﺎﻫﻲ ﺗﺄﺛري دراﺳﺎت ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺪ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﻓﻘﺪ ﺎل ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺤﺠﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« ﻛﺎن ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻬﻮدُه أو َل ﺟﻬ ٍﺪ ﻓﻌﱠ ٍ ﺻﻨﻴﻌﺔ ﻧﻈﺎ ٍم رأﺳﻤﺎﱄ ﱟ ﻏري ﻣﺴﺘﻘ ﱟﺮ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ .ود ﱠﻟﻞ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن )واملﺆﻟﻔﺔ املﺸﺎرﻛﺔ ﻟﻪ ،آﻧﺎ ﺟﻴﻪ ﺷﻮارﺗﺰ( ﺑﻘﻮ ٍة ﻋﲆ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺮ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ — ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻣﺠﻠﺲ ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪ ٍة ﱠ ٍ ﺗﻮﻗﻒ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﰲ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« .وﰲ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻛ ﱡﻞ ﻣَ ﻦ ﻗﺮءوﻫﺎ ،أﺷﺎر ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﺷﻮارﺗﺰ إﱃ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ :ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺔ اﻟﺪورﻳﺔ ﰲ أﻏﺴﻄﺲ ١٩٢٩إﱃ ﻗﺎع دوري ﰲ ﻣﺎرس ،١٩٣٣اﻧﺨﻔﺾ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ً ﺻﺎدﻣﺔ ﺟﺪٍّا؛ ﻷﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﻮر ﻣﺆ ﱠﻟﻒ اﻟﻨﻘﺪي ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﻠﺚ) 3 .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﻨﴩ اﻷرﻗﺎم اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻨﻘﺪي، ﻣﺜﻞ ،M1و(!M2 أﺛﺒﺖ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﺷﻮارﺗﺰ ً أﻳﻀﺎ أن ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ ﻟﻢ ﺗُﺴﺒﺐ أزﻣﺔ »اﻟﻜﺴﺎد« ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ادﱠﻋﻰ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻜﻴﻨﺰﻳني؛ ﻓﺨﻼل أواﺋﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ارﺗﻔﻊ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ﻗﻴﺎم ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ اﻟﻌﻘﻞ ،ﺑﺮﻓﻊ 4 ﻣﻌﺪل اﻟﺨﺼﻢ وﺳﻤﺢ ﺑﺘﻘﻠﺺ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻨﻘﺪي واﻧﻬﻴﺎر اﻟﺒﻨﻮك. اﻻﻧﺤﺪار املﻤﺘﺪ ٍ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد ﻋﲆ ﻣﺪار ﺣﻘﺒﺔ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت؛ ﻣﺎ أﺻﻴﺐ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ أدﱠى إﱃ ﺗﺤﻮ ٍﱡل ﰲ اﻟﻨﻤﻮذج ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ إﱃ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ .ﻛﺎن ﻓﺮﻳﺪﻳﺮﻳﻚ ﻫﺎﻳﻚ ،اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻨﻤﺴﺎوي اﻟﺬي ﺗﺤﺪى ﻛﻴﻨﺰ ﰲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ،ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻹﺣﺒﺎط إزاء اﻟﺤﺎﻟﺔ ٍ ﻟﺪرﺟﺔ دﻓﻌﺘﻪ إﱃ ﻫﺠﺮ دراﺳﺔ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻷﺟﻞ اﻟﺘﻲ وﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. 273
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ملﺎذا اﺳﺘﻤﺮت أزﻣﺔ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ« ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﱰة؟ ﺑﺪأ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻗﻒ ﻛﺘﺎب ﻣﻮراي روﺛﺒﺎرد »ﻛﺴﺎد أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ« ،وﻗﺖ ﱢ ﺗﻮﱄ ﻓﺮاﻧﻜﻠني دﻳﻼﻧﻮ روزﻓﻠﺖ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٣؛ ﻓﻘﺎﻣﺖ ﺟني ﺳﻤﺎﻳﲇ ﻧﻈﺮ ﻧﻤﺴﺎوﻳ ٍﺔ ﻋﲆ اﻟﺪور اﻟﻔﺎﺳﺪ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ )ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﺎرﻛﻴﺖ( ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ وﺟﻬﺔ ٍ ﰲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت .وﻗﺪ ﻗﻤﺖ ﺑﺘﻠﺨﻴﺺ أﺳﺒﺎب اﻟﺮﻛﻮد واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺴﺘﻤﺮة؛ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻤﻞ ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﺳﻤﻮت-ﻫﺎوﱄ اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ،واﻟﺰﻳﺎدات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ،واﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻟﻠﻮاﺋﺢ 5 اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،واﻟﺘﴩﻳﻊ املﻨﺤﺎز ﻟﻠﻌﻤﺎل. ً ً ﻣﺘﻌﻤﻘﺔ ﻋﻦ أزﻣﺔ دراﺳﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻬ ٍﺪ ﻗﺮﻳﺐ ،أﺟﺮى روﺑﺮت ﻫﻴﺠﺰ ﺑﺎملﻌﻬﺪ املﺴﺘﻘﻞ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ور ﱠﻛﺰ ﻋﲆ ﻏﻴﺎب اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺨﺎص ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﱰةً . وﻓﻘﺎ ﻟﻬﻴﺠﺰ ،ﻛﺎن ٍ ﻋﻘﺒﺎت ﻛﺒري ًة ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺒﺎدرات ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« اﻟﺘﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺨﺎص ﻳﻮاﺟﻪ 6 دﻣﱠ ﺮت املﺴﺘﺜﻤﺮ واﻟﺜﻘﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻫﻤﺎ ﻣﻔﺘﺎح اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي .ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻟﻘﺪ ﻋﻤﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« ﻋﲆ إﻃﺎﻟﺔ ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد. ﻣﺎ اﻟﺬي أﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ؟ ٍ دراﺳﺔ ﻋﺒﻘﺮﻳ ٍﺔ أﺧﺮى ،ﻫﺎﺟﻢ ﻫﻴﺠﺰ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﰲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ أﻧﻘﺬﺗﻨﺎ ﻣﻦ »اﻟﻜﺴﺎد« وأﻋﺎدت اﻻﻗﺘﺼﺎد إﱃ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ .ﻟﻘﺪ أﻋﻄﺖ اﻟﺤﺮب ﱠ اﻟﺨﺎﺻﺎن ﻓﻘﻂ ﻣﻈﻬﺮ اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﺎن اﻻﺳﺘﻬﻼك واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻳﺘﺪﻫﻮران ﰲ ﺣني ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺤﺎرﺑﻮن وﻳﻤﻮﺗﻮن ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺑﻼدﻫﻢ .وﻟﻢ ﺗﺤﺪث أي ﻋﻮد ٍة ﻟﻠﺮﺧﺎء اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ — »اﻟﺨﻼص اﻟﻌﻈﻴﻢ« اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ — ﺣﺘﻰ ﻓﱰة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺤﺮب ،ﺣني أﻟﻐﻴﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ُﻓﺮﺿﺖ وﻗﺖ اﻟﺤﺮب وأُﻋﻴﺪت ﻣﻌﻈﻢ املﻮارد اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﰲ اﻟﺠﻴﺶ إﱃ اﻹﻧﺘﺎج املﺪﻧﻲ 7 .وﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب ﻋﺎد اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر 8 اﻟﺨﺎص ،واﻟﺜﻘﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،وإﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻛ ﱞﻞ إﱃ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪه. ً ً وﺷﺎﻗﺔ ﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة. ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﺑًﺎ وأﺧريًا ،وﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺮاﺋﺪة ﻟﻔﺮﻳﺪﻣﺎن ،وروﺛﺒﺎرد ،وﺳﻤﺎﻳﲇ ،وﻫﻴﺠﺰ وﻋﻠﻤﺎء آﺧﺮﻳﻦ، ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل اﻵن ﺑﺄن املﻌﺮﻛﺔ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺎﻟﻨﴫ.
274
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ آﺧﺮ؟
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻣﺠﺪدًا؟ وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻧﴘ املﺴﺌﻮﻟﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﻮن دروس »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ«؟ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮﻫﺎت املﺤﺘﻤﻠﺔ: ) (١ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺰﻋﺰع اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺎملﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﻟﻮﻋﻮد واﻟﺘﻌﻬﺪات ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ،وﻣﺪﻓﻮﻋﺎت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،واﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﺮﺑﻲ؛ ﻣﺎ ﻳﻬﺪد ﺑﺎﻹﻓﻼس ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﻫﺎﺋﻞ. وﺣﺪوث ) (٢ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺴﺒﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﻧﻜﺒ ٍﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ورﻛﻮ ٍد داﺋ ٍﻢ ﺑﺎﻹﴎاف ﰲ ﻓﺮض اﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺮﻗﺎﺑﻴﺔ ،واﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ ،واﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻷﻋﻤﺎل واﻟﺘﺠﺎرة. ٍ ٍ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ﻛﱪى ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث ﻏري املﺘﻮﻗﻌﺔ أن ﺗﺘﺴﺒﺐ ﰲ ) (٣ﻳﻤﻜﻦ — ﺳﺤﺐ ﻋﲆ اﻟﺪوﻻر ،أو أزﻣﺔ ﻋﻘﺎرﻳﺔ ،أو ﺗﺤﻮﻻت ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﻣﻦ ٍ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل )ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ( إﱃ أﺧﺮى )ﻣﺜﻞ اﻟﺬﻫﺐ ،أو ﻋﻤﻠﺔ ﺻﻌﺒﺔ( ،أو ﻫﺠﻮم إرﻫﺎﺑﻲ ﻛﺒري ،أو ﻛﺎرﺛﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ — ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺪﺣﺮ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ. ُ ً ٍ ٍ وﻣﺰﻋﺰﻋﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻀﺨﻤﻴ ٍﺔ ﻣﺘﻘﻠﺒ ٍﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ املﻨﻈﻮﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻣﺎ داﻣﺖ ﱠ ٍ وأﺳﻮاق ﻋﺎملﻴ ٍﺔ ﺣﺮة ،وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﴫﻓﻴ ٍﺔ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴ ٍﺔ ﺟﺰﺋﻴ ٍﺔ ﻫﺸ ٍﺔ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮار ﻣﻘﱰﻧﺔ ٍ ﺣﺪوث ﻓﻮﴇ وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻜﺒ ٍﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﻬﺎ .ﻟﻘﺪ ﻇﻠﺖ ٍ ٍ ٍ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎت ،وﺗﻌﺎﻓﺖ ملﺠﻤﻮﻋﺔ ﻟﺴﻨﻮات ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﻔﺎﻋﻠﻴ ٍﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ً اﻷﺳﻮاق .وﻟﻜﻦ اﻟﺬﻋﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﺧري ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻴﺲ اﻷﺧري ،وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺮء ﻣﻄﻠﻘﺎ أن ﻓﻌﻞ ﻏري ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ. ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﻗﺪرة اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻋﲆ إﺻﺪار ردة ٍ
275
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس واﻟﺜﻼﺛﻮن
ﺗﺄﺛﲑا اﻟﻴﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻛﺜﺮ ً وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ،ﻛﺎن ﻛﻴﻨﺰ ﻫﻮ ﻣﻦ أُﻃﻴﺢ ﺑﻪ ،و… املﺆﻳﺪ اﻟﴩس ﻟﻸﺳﻮاق اﻟﺤﺮة ،ﻫﻮ اﻟﺒﺎرز ﻋﲆ اﻟﻘﻤﺔ. داﻧﻴﺎل ﻳﺮﺟني وﺟﻮزﻳﻒ ﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻠﻮ
1
اﻣﻸ اﻟﻔﺮاغ! ﻣﻦ ﻫﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺠﻬﻮل اﻟﺬي ذُﻛﺮ اﺳﻤﻪ ﺑﺎﻷﻋﲆ؟ ذﻛﺮ ﻣﻌﻈﻢ زﻣﻼﺋﻲ اﺳﻢ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﻷﻛﺜﺮ ﺑﻴﻌً ﺎ ﻟﺪاﻧﻴﺎل ﻳﺮﺟني وﺟﻮزﻳﻒ ﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻠﻮ وﺳﻠﺴﻠﺔ ﺷﺒﻜﺔ ﺑﻲ ﺑﻲ إس ،ﺣﻞ ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺛﺎﻧﻴًﺎ ﺑﻌﺪ … إف إﻳﻪ ﻫﺎﻳﻚ، اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻨﻤﺴﺎوي! ملﺎذا ﻫﺎﻳﻚ؟ ﻷن ﻫﺎﻳﻚً ، وﻓﻘﺎ ﻟريﺟني وﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻠﻮ ،ﻗﺪ ﻓﻌﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ أي اﻗﺘﺼﺎديﱟ آﺧﺮ ﻟﺪﺣﺾ اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﰲ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ املﺘﻌﺪدة — املﺎرﻛﺴﻴﺔ ،واﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ — وﻟﻠﱰوﻳﺞ ﻟﻸﺳﻮاق اﻟﺤﺮة ﻛﻨﻈﺎ ٍم ﺑﺪﻳﻞ .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺄﺛري ﻫﺎﻳﻚ ﺗﻔﺴريًا ﺗﺎﻣٍّ ﺎ ملﻼﺣﻈﺔ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ﺑﺄن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ،ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ »ﻣﺠﺎﻧني ﰲ ﻛﺮﳼ اﻟﺴﻠﻄﺔ« ﻫﻢ 2 راﺣﻞ ﻣﺎ«. »ﻋﺒﻴﺪ ﻻﻗﺘﺼﺎديﱟ ٍ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎن ﺗﺄﺛري ﻫﺎﻳﻚ واﺳﻊ اﻻﻧﺘﺸﺎر؛ ﻓﻜﻤﺎ ﻳﺸري ﻳﺮﺟني وﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻠﻮ ،ﻓﻘﺪ أﺛﱠﺮ ﻛﺘﺎب »اﻟﻄﺮﻳﻖ إﱃ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ« ﺗﺄﺛريًا ﻛﺒريًا ﻋﲆ ﻣﺎرﺟﺮﻳﺖ ﺗﺎﺗﴩ ﰲ إﺻﻼح ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ وأﺛﺎر ﺷﻜﻮ ًﻛﺎ ﺣﻮل اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ .وأدﱠت اﻧﺘﻘﺎداﺗﻪ ﻟﻠﻜﻴﻨﺰﻳﺔ )ﰲ ﻛﺘﺎب »ﺗﺮوﻳﺾ اﻗﺘﺼﺎد ﻣﺸﺎﻛﺲ«( ﻟﻠﺘﺸﻜﻴﻚ ﰲ إﻧﻔﺎق اﻟﻌﺠﺰ وﻗﺪرة اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﲆ ﺿﺒﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎد .وﻛﺎن
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ٍ اﻛﺘﺸﺎف ﺗﺄﺛريٌ ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻪ ﻋﻦ املﻌﺮﻓﺔ واملﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻛﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ وﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ .وﻛﺎن ﻟﻌﻤﻠﻪ ﻋﻦ دورة اﻟﺘﺠﺎرة ورﻓﻊ اﻟﺘﺄﻣﻴﻢ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻼت ﺗﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ .وﺳﺎﻫﻤﺖ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺟﻤﻌﻴﺔ »ﻣﻮن ﺑﻴﻠﺮﻳﻦ« ﰲ ﻧﴩ ﻋﻘﻴﺪة اﻷﺳﻮاق اﻟﺤﺮة ،وﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ ،واﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﺤﺮري ﻋﱪ اﻟﻜﺮة 3 ٍ ﻟﻐﺎت ﻋﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ. اﻷرﺿﻴﺔ .وﻗﺪ ﺗُﺮﺟﻤﺖ ﻛﺘﺒﻪ إﱃ وﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻜﺸﻒ اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﻪ ﻳﺮﺟني وﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻠﻮ ﰲ ﻛﺘﺎب »اﻟﻘﻮى اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ :املﻌﺮﻛﺔ اﻧﺘﺼﺎر ﺿﺨ ٍﻢ ﻟﻌﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑني اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﺴﻮق اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺪ ﺻﻨﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ٍ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬا أﻣ ًﺮا ﻻﻓﺘًﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻳﺮﺟني ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺻﺤﻔﻴٍّﺎ ﻣﺆﻳﺪًا ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ وﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻛﺘﺎب »اﻟﺠﺎﺋﺰة« ،وﻫﻮ ﻛﺘﺎب ﺣﺎﺻﻞ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﺑﻮﻟﻴﺘﺰر ﻋﻦ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﻜﱪى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻔﻂ. أﺑﻄﺎل ﻧﻤﺴﺎوﻳﻮن آﺧﺮون :دراﻛﺮ وﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ُ ذﻫﺒﺖ ﰲ ﻛﺘﺎب »ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﻗﻔﺺ املﺤﺎﻛﻤﺔ« ﰲ ﻣﻄﻠﻊ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ، إﱃ أن »ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺎدم« ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻫﻮ اﻟﻨﻤﻮذجَ اﻟﻨﻤﺴﺎوي ،ﺑﱰﻛﻴﺰه ﻋﲆ رﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل ،واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺰﺋﻲ ،واﻧﻌﺪام اﻟﺘﻮازن ،وﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻠﻮاﺋﺢ ،واملﺪﺧﺮات ،واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺮ ،واملﺎل املﺴﺘﻘﺮ .وﻟﻜﻦ أيﱠ اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻧﺨﺘﺎر؟ ﻟﻌﻞ أﺷﻬﺮ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳني ﰲ دواﺋﺮ اﻟﺘﺠﺎرة واﻷﻋﻤﺎل ﻫﻮ اﻟﺮاﺣﻞ ﺑﻴﱰ دراﻛﺮ ،املﻌﺮوف ﺑﱰﻛﻴﺰه ﻋﲆ رﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل ،واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ،ورأس ً وأﻳﻀﺎ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎداﺗﻪ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ،واملﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ، املﺎل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري، واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻴﻨﺰي .ﻳﺮى دراﻛﺮ أن اﻟﴩﻛﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻫﻲ املﺆﺳﺴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ املﺜﺎﻟﻴﺔ، وأﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ »اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ املﺠﺎﻧﻴﺔ ﻏري اﻟﺜﻮرﻳﺔ« ،وﺗﺘﻔﻮق ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ً ً ً ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨني .وﻳﺘﺴﻢ أﺳﻠﻮب دراﻛﺮ ﰲ اﻹدارة ﺑﺄﻧﻪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻤﺴﺎوي ﴏف؛ ﻓﺎﻟﺰﻣﻦ ،واﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،واملﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ،واﻟﺘﻐﻴري املﺤﺘﻤﻞ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﻧﺘﺎج — أي ﺟﻤﻴﻊ ﻧﻘﺎط اﻟﱰﻛﻴﺰ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ — داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ واﺳﺘﺸﺎراﺗﻪ .ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن املﺪﻳﺮ راﺋﺪ أﻋﻤﺎل ،وﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد إداري؛ ﻓﺎﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﴐوري. أﻣﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷول ﰲ اﻷوﺳﺎط املﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ ﺟﻮزﻳﻒ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ اﻟﺬي وُﻟﺪ ﰲ اﻟﻨﻤﺴﺎ وﻗﺎم ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﻪ ﻋﺎم .١٩٥٠وﻛﺎن ﻳﺆﻛﺪ ﻋﲆ رﻳﺎدة اﻷﻋﻤﺎل ،وآﻟﻴﺎت اﻷﺳﻮاق اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ،ودورة »اﻟﺘﺪﻣري اﻟﺨﻼق« .ﺑﻞ إن ﺑﻴﱰ دراﻛﺮ ﺗﻨﺒﺄ ﰲ 278
اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛريًا اﻟﻴﻮم
ﻣﻘﺎل ﺑﻌﻨﻮان» :اﻟﺮﺳﻞ اﻟﺠﺪد :ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ أم ﻛﻴﻨﺰ؟« ﺑﺄن »ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ﻫﻮ ﻣَ ﻦ ﺳﻴﺸﻜﻞ ﺑﻘﻴﺔ ٍ 4 ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻸﻋﻮام اﻟﺜﻼﺛني أو اﻟﺨﻤﺴني اﻟﻘﺎدﻣﺔ«. ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺪﻳﻨﺘني ﱠ ﻣﺤﻘﺎن ،إﱃ ﻣﺪرﺳﺘني ﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ﻣﺴﺌﻮﻟﺘني ﻳﺸري ﻳﺮﺟني وﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻠﻮ ،وﻫﻤﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺨﺎص ﻛﺤ ﱟﻞ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ» .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻻﻧﺘﺼﺎر اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻫﺬه ٍّ ﺣﻘﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺪﻳﻨﺘني ،ﻫﻤﺎ ﻓﻴﻴﻨﺎ 5 وﺷﻴﻜﺎﺟﻮ« ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻌﻠﻦ املﺆﻟﻔﺎن. ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ،ﻛﺎن ملﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﻣﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺗﺄﺛري أﻛﱪ ﻣﻦ ﻫﺎﻳﻚ واﻟﻨﻤﺴﺎوﻳني .وﻳﻌﱰف ﻳﺮﺟني ﺑﻔﺮﻳﺪﻣﺎن ﺑﻮﺻﻔﻪ »أﺷﻬﺮ اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ«، ﻣﺸريًا إﱃ أن »ﻣﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺗﺒﺪو ﺑﺎرز ًة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ« ﰲ ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ وﺗﺄﺛريﻫﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ )ﰲ ﻋﻬﺪ رﻳﺠﺎن( .وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺘﺐ دراﺳﻴ ٍﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد أﻗﺴﺎﻣً ﺎ ﻛﺒري ًة ﻋﻦ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻪ ﺗﺘﻀﻤﻦ أﻓﻀ ُﻞ ﻋﴩة ٍ )اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻘﺪي ،واملﻌﺪل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ ،وإﺻﻼح ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، واﻟﺨﺼﺨﺼﺔ( .ﻟﻘﺪ ﺷﻦ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﻣﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺛﻮرة ﻣﻀﺎدة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﺿﺪ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ. املﻨﺤﻨﻰ اﻟﻜﺒري وﻟﻜﻦ ﻫﺎﻳﻚ ﻛﺎن املﻨﺎﻓﺲ اﻷول واﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻜﻴﻨﺰ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .ﻛﺎن ﻫﺎﻳﻚ ﻳُﺪ ﱢرس ﰲ ﻣﺪرﺳﺔ ﻟﻨﺪن ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻛﺎن ﻣﺪاﻓﻌً ﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻻدﺧﺎر ،واملﻮازﻧﺎت املﺘﻮازﻧﺔ ،وﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ ،واﻷﺳﻮاق اﻟﺤﺮة ،ﰲ ﺣني ﻛﺎن ﻛﻴﻨﺰ )ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻣﱪﻳﺪج( ﻳﺆﻳﺪ »ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ« اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻬﻼك ،وإﻧﻔﺎق اﻟﻌﺠﺰ، واﻻﻗﱰاض ﱠ املﻴﴪ ،واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ .وﻓﺎز ﻛﻴﻨﺰ ﺑﺎملﻌﺮﻛﺔ اﻷوﱃ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻓﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﻧَﻴﻞ ﺗﺄﻳﻴﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ،واﺟﺘﺎﺣﺖ ﻓﻜﺮﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑ »اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺨﺘﻠﻂ« املﺠﺎ َل .وﻓﻘﺪ ﻫﺎﻳﻚ ﺣﻈﻮﺗﻪ وﻣﴣ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻬﻤﺔ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﻜﻴﻨﺰ إﱃ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن؛ وﻗﺪ أﻧﺠﺰﻫﺎ ﺑﺤﺮﻓﻴ ٍﺔ وإﺗﻘﺎن. ﺑﻌﺪ ﻓﻮزه ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﻋﺎم ُ ،١٩٧٤ﻛﺘﺐ ﻟﻬﺎﻳﻚ وأﺗﺒﺎع ﻧﺤﻮ ﻣﻤﺎﺛﻞ ،ﺧﺮج ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﻣﺪرﺳﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻣﻦ املﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ ﻣﻴﻼد ﺟﺪﻳﺪ .وﻋﲆ ٍ 279
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
ﻋﺎﻟﻢ املﺠﻬﻮل إﱃ اﻟﻈﻬﻮر واﻟﻮﺟﺎﻫﺔ .ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻛﺎن اﻹﺟﻤﺎع اﻟﻜﻴﻨﺰي ﻳ ﱢ ُﻌﱪ ﻋﻦ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄن »اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻜﻴﻤﺔ ،واﻟﺴﻮق ﻏﺒﻴﺔ« .أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻓﺼﺎر اﻹﺟﻤﺎع املﺘﻨﺎﻣﻲ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ اﺗﺠﺎ ٍه ﻣﻀﺎ ﱟد ﺗﻤﺎﻣً ﺎ» :اﻟﺴﻮق ﺣﻜﻴﻤﺔ ،واﻟﺪوﻟﺔ ﻏﺒﻴﺔ«. وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻷواﻧﻪ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة .ﻟﻘﺪ ﻓﺎزت ﺑﻤﻌﺎرك ،وﻟﻜﻦ اﻟﺤﺮب ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ أﺑﺪًا .وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن» :اﻟﺤﺮﻳﺔ زﻫﺮة ﻧﺎدرة ورﻗﻴﻘﺔ«.
280
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﺜﻼﺛﻮن
ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻠﻘﺮن اﳊﺎدي واﻟﻌﴩون
ﻟﻢ ﺗﻀﻊ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺣﺪٍّا ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻣﺎﻧﻴﻨﺎ. ﻣﺎرﻛﻴﺰ دي ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ﻋﺜﺮت ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻋﲆ املﺆﻟﻔﺎت اﻟﺮاﺋﻌﺔ ملﺎرﻛﻴﺰ دي ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ) ،(١٧٩٤–١٧٤٣وﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ٍ ٍ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﰲ ﻋﴫ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ .وﻗﺪ ﺳﺨﺮ روﺑﺮت ﺒﻲ ﺑﻤﻮﻫﺒ ٍﺔ رﻳﺎﺿﻴﺎت ﱡ ﻓﺮﻧﴘ ﺣُ َ ﻣﺎﻟﺘﻮس ) (١٨٣٤–١٧٦٦ﻣﻦ ﺗﻔﺎؤل ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ﰲ ﻣﻘﺎﻟﻪ اﻟﺸﻬري ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﻘﺎل ﻋﻦ ﱢ ﻣﺼﺎف املﺸﺎﻫري ،ﰲ ﺣني دﺧﻞ ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ اﻟﺴﻜﺎن« ) .(١٧٩٨واﻟﻴﻮم ﺻﺎر ﻣﺎﻟﺘﻮس ﰲ ً وﻓﻄﻨﺔ ﺑﻜﺜري. ﻃﻲ اﻟﻨﺴﻴﺎن .ﻏري أن ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ﻫﻮ ﻣَ ﻦ ﺛﺒﺖ أﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﺑﺼري ًة ﻣﻘﺎل ُﻛﺘﺐ ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٠٠ﻋﺎم ،ﺗُﺮﺟﻢ ﻋﻨﻮاﻧﻪ إﱃ »اﻟﺘﻄﻮر املﺴﺘﻘﺒﲇ ﻟﻠﻌﻘﻞ«، ﰲ ٍ ٍ ٍ ﻋﻤﻼﻗﺔ ﰲ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻌﻤﺎل ،وﺧﻔﺾ ﻗﻔﺰات ﺗﻨﺒﺄ ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ﺑﺎﻟﺜﻮرة اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﺗﺤﻘﻴﻖ ري ﰲ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﻤﺮ، أﻳﺎم أﺳﺒﻮع اﻟﻌﻤﻞ ،وﻇﻬﻮر املﺠﺘﻤﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ، وارﺗﻔﺎع ﻛﺒ ٍ ٍ ٍ ﺳﻜﺎﻧﻲ ﻋﺎملﻲ. واﻧﻔﺠﺎر ﻋﻼﺟﺎت ﻟﻸﻣﺮاض اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ، واﻹﻧﺠﺎزات اﻟﻄﺒﻴﺔ املﺒﻬﺮة ،وﻇﻬﻮر ﱟ ٍ دﻗﻴﻖ اﻟﻘﻮﺗني اﻟ ُﻜﱪﻳني ﰲ اﻟﻘﺮن ﺑﺸﻜﻞ اﺧﺘﺘﻢ ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ﻣﻘﺎﻟﻪ ﺑﻌﺒﺎر ٍة ﺗﺼﻒ ٍ ٍ اﻟﻌﴩﻳﻦ :اﻟﻘﻮة اﻟﺘﺪﻣريﻳﺔ ﻟﻠﺤﺮب واﻟﺠﺮاﺋﻢ ﺿﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،واﻟﻘﻮة املﺒﺪﻋﺔ ﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ٍ ﺑﻔﺼﺎﺣﺔ ﻋﻦ »اﻷﺧﻄﺎء ،واﻟﺠﺮاﺋﻢ ،واﻻﺿﻄﻬﺎدات اﻟﺘﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة اﻟﻌﺎملﻴﺔ .وﻛﺘﺐ ﻻ ﺗﺰال ﺗُﻠﻮﱢث اﻷرض« ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺣﺘﻔﻰ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺑﻜﻮﻧﻨﺎ »أﺣﺮا ًرا ﻣﻦ أﺻﻔﺎدﻫﺎ وﻣﻌﺘَﻘني ﻣﻦ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ املﺼري وﻣﻦ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ أﻋﺪاء ﺗﻘﺪ ِﱡﻣﻬﺎ ،ﻣﺘﻘﺪﻣني ﺑﺨ ً ٍ ٍ وواﺛﻘﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻄﻰ 1 ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،واﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،واﻟﺴﻌﺎدة!«
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
وﻣﻊ دﺧﻮﻟﻨﺎ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ر ﱠﻛﺰ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .وﻳﻌﻜﺲ ﻣﻘﺎل ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ﺳﻤﺘني ﻣﻦ ﺳﻤﺎت ﻫﺬه اﻟﻔﱰة ﻏري املﻌﻘﻮﻟﺔ؛ اﻷوﱃ :ﻫﻲ اﻟﺒﺆس واﻻﺿﻄﻬﺎدات اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻷﻋﻮام املﺎﺋﺔ املﻨﴫﻣﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻫﻲ اﻟﺘﻄﻮرات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ املﺬﻫﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮأت ﺧﻼل ﻧﻔﺲ اﻟﻔﱰة. ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺗﺄرﻳﺦ ﻟﻠﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻳﱪﻫﻦ ﻛﺘﺎب ﺑﻮل ﺟﻮﻧﺴﻮن» ،اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ« ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ أﻓﻀﻞ ٍ ً دﻣﻮﻳﺔ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺎﻟﻢ 2 .وﻓﻴﻤﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺑﻌﻴﺪ ،ﺑﻘﻮ ٍة ﻋﲆ أن ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ﻛﺎن اﻟﻘﺮن اﻷﻛﺜﺮ ﻳﲇ ﻣﻠﺨﺺ ﻟﻠﻤﺬﺑﺤﺔ: ﺟﺪول :1-37ﻣﺪﻧﻴﻮن ُﻗﺘﻠﻮا ﺑﻴﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت. )ﺑﺎملﻼﻳني(
اﻷﻋﻮام
اﻟﺪوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ
٦٢
١٩٩١–١٩١٧
اﻟﺼني )ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ(
٣٥
…–١٩٤٩
أملﺎﻧﻴﺎ
٢١
١٩٤٥–١٩٣٣
اﻟﺼني )ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﻜﻮﻣﻴﻨﺘﺎﻧﺞ(
١٠
١٩٤٩–١٩٢٨
اﻟﻴﺎﺑﺎن
٦
١٩٤٥–١٩٣٦
دول أﺧﺮى
٣٦
…–١٩٠٠
١٧٠ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ
اﻹﺟﻤﺎﱄ
ﺟﺪول :2-37ﻣﺪﻧﻴﻮن ُﻗﺘﻠﻮا ﰲ اﻟﺤﺮب. ﻧﻮع اﻟﺤﺮب
)ﺑﺎملﻼﻳني(
ﺣﺮوب ﻋﺎملﻴﺔ
٣٠
282
ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻠﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون ﻧﻮع اﻟﺤﺮب
)ﺑﺎملﻼﻳني(
ﺣﺮوب أﻫﻠﻴﺔ
٧ ٣٧ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ
اﻹﺟﻤﺎﱄ
ً إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻟﻘﻴﺎس اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺨﺮج ﺗﺤﺖ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ُ ﻇﺮوف اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ،وﻫﺬه اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺗﺴﻤﱠ ﻰ »إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ املﺤﺘﻤﻞ« .ﺗﺨﻴﱠﻞ »إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ املﺤﺘﻤﻞ« ﻟﻮ أن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴني واﻟﻨﺎزﻳني ،وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻄﻐﺎة ،ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻻرﺗﻜﺎب ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺮاﺋﻢ املﻘﻴﺘﺔ ﰲ ﺣﻖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ! ﻛﺘﺐ ﻛﺎﺗﺐ ً ﻣﻘﺎﻻ ﰲ ﻋﺎم ١٨٥٠ﺑﻌﻨﻮان ﻓﺮﻧﴘ ﻋﻈﻴﻢ آﺧﺮ ،وﻫﻮ ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﺑﺎﺳﺘﻴﺎ )،(١٨٥٠–١٨٠١ »ﻣﺎ ﻳُﺮى وﻣﺎ ﻻ ﻳُﺮى« 3 .ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺮى اﻟﻔﻦ ،واﻷدب ،واﻻﺧﱰاﻋﺎت ،واملﻮﺳﻴﻘﻰ ،واﻟﻜﺘﺐ، واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨريي ،واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺠﻴﺪة ﻟﻠﻤﻼﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻘﺪوا ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﰲ املﻌﺘﻘﻼت اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ، وﻣﻌﺴﻜﺮات اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻟﻨﺎزﻳﺔ ،وﺣﻘﻮل ﺑﻮل ﺑﻮت ﻟﻠﻘﺘﻞ. ﻣﻌﺠﺰة اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻏري أن اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻛﺎن ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﻌﺼﻮر ً أﻳﻀﺎ ملﻦ ﻧﺠَ ﻮْا ﻣﻦ اﻟﺤﺮوب واﻟﻘﻤﻊ؛ ﻓﻘﺪ أُﻋﺘﻖ ﻣﻼﻳني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،واﻷوروﺑﻴني ،واﻵﺳﻴﻮﻳني ﻣﻦ ﻛﺪ وﻣﺸﻘﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻃﻮال اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻹﻋﺠﺎزﻳﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻻﺗﺼﺎﻻت ،واﻟﺰراﻋﺔ ،واﻟﻨﻘﻞ، واﻟﻄﺎﻗﺔ ،واﻟﻄﺐ .وﻟﻌ ﱠﻞ أﻓﻀﻞ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ ﻫﺬه املﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻮ ﻛﺘﺎب ﺳﺘﺎﻧﲇ ﻟﻴﱪﺟﻮت »اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺴﻌﺎدة :املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ« )ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻳﻨﺴﺘﻮن .(١٩٩٣ ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﰲ اﻟﻐﺬاء ،واﻟﺘﺒﻎ واﻟﻜﺤﻮل ،واملﻠﺒﺲ ،واﻹﺳﻜﺎن ،واﻟﻮﻗﻮد ،واﻷﻋﻤﺎل املﻨﺰﻟﻴﺔ ،واﻟﺼﺤﺔ ،واﻟﻨﻘﻞ ،واﻻﺳﺘﺠﻤﺎم، واﻟﺪﻳﻦ ،ﻳﻮﺿﺢ ﺑﻘﻮ ٍة ﻛﻴﻒ أن »املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻗﺪ ﺳﻌَ ﻮْا ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻋﺎ َﻟﻢ ﻣﺘﺸﻜﻚٍ وﻗﺎس ﰲ ٍ 4 ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،رﻓﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻣﺴﺘﻮاﻫﻢ املﻌﻴﴚ ﻣﻜﺎن أﺟﻤﻞ وأﻛﺜﺮ راﺣﺔ«. اﻟﻐﺎﻟﺐ إﱃ ٍ ٍ أﺿﻌﺎف ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺧﻼل اﻷﻋﻮام املﺎﺋﺔ املﻨﴫﻣﺔ. ﻋﴩة ﻣﺎ اﻟﻬﺪف اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻀﻌﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﰲ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؟ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أﻻ ﻳﻜﺮر أﺧﻄﺎء املﺎﴈ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺤﺘﺎج ،ﰲ أروﻗﺔ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،واﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ، 283
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ،إﱃ ﻧﺒﺬ وﺣﺸﻴﺔ املﺎرﻛﺴﻴﺔ ،وﻧﻔﻮذ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ،وﻋﻬﺮ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ اﻟﺬي ﺗﻤﺎرﺳﻪ اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﺘﺪﺧﻠﻴﺔ .واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻳﺤﺘﺎج اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﻘﺎﺑﻌﻮن ﰲ اﻟﱪج اﻟﻌﺎﺟﻲ إﱃ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ )ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎب ﻟﻴﱪﺟﻮت( ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺬﺟﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ املﺘﻜﻠﻔﺔ .وﻋﱪ ﺻﻔﺤﺎت ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺳ ﱠﻠ ُ ﻄﺖ اﻟﻀﻮءَ ﻋﲆ اﻟﺘﻄﻮﱡرات اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ واملﺬﻫﻠﺔ أﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻟﺘﻲ أدﺧﻠﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﻮن ﻋﲆ املﺎﻟﻴﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،واﻷﻋﻤﺎل ،واﻟﻘﺎﻧﻮن ،واﻟﺪﻳﻦ. ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ إﻳﺠﺎﺑﻲ ،ﻓﻴﻤﻜﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﻴﺢ أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ إﻳﺠﺎد ٍ ﻣﻘﺎل ﻋﻦ »ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺎدم« ﻛﺘﺒﻪ ﺧﺒري اﻹدارة اﻟﻜﺒري اﻟﻨﻤﺴﺎوي اﻷﺻﻞ ﺑﻴﱰ إف ﰲ ٍ دراﻛﺮ ،ﻗﺒﻞ ﻧﺤﻮ ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ» :رأس املﺎل ﻫﻮ املﺴﺘﻘﺒﻞ … وﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺎدم ﺳﻮف ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺼﺒﺢ اﻗﺘﺼﺎدًا ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى وأن ﻳﱰﻛﺰ ﻋﲆ اﻟﻌﺮض «.وﻃﺎﻟﺐ دراﻛﺮ ﺑﻨﻈﺮﻳ ٍﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ﺗﺴﺘﻬﺪف »ﺗﺤﺴني اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ« ،اﻟﺬي ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻔﻴﺪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻗﻰ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧًﺎ ،ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﺎﺋﺰ واملﺴﺘﻬﻠﻜني 5 .واملﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أن دراﻛﺮ اﻗﺘﺒﺲ، ٍ ٍ وﻋﻤﻠﺔ ﻋﺎملﻴ ٍﺔ ﺟﺎﺋﺰ َة ﻧﻮﺑﻞ ،روﺑﺮت ﻣﺎﻧﺪل ،املﻌﺮوف ﺑﺘﺄﻳﻴﺪه ﻻﻗﺘﺼﺎد ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض، ٍ ﻣﺪﻋﻤﺔ ﺑﻐﻄﺎء ذﻫﺐ. اﺣﺬر اﻟﻌﺪو إن ﻗﻮى اﻟﺴﻮق ﻗﺎدﻣﺔ؛ ﻓﻘﺪ أدﱠى اﻧﻬﻴﺎر اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ ،ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺒري ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،إﱃ ﺗﺤﻮﻳﻞ »اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ اﻟﺰاﺣﻔﺔ« إﱃ »اﺷﱰاﻛﻴﺔ ﻣﺘﻬﺎوﻳﺔ« .وﻟﻜﻦ دﻋﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﻘﻂ ﰲ ﻓﺦ اﻟﺨﺪاع واﻟﺘﻀﻠﻴﻞ! إن اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺴﻴﺌﺔ ،واﻟﺘﻔﻜري اﻻﺷﱰاﻛﻲ ،واﻟﺤﻘﺪ اﻟﻄﺒﻘﻲ ﺗﻤﻮت ﺑﺒﻂء ،وإن ﻟﻢ ﻧﺘﻴﻘﻆ ،ﻓﺴﻮف ﺗﻌﻮد اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺮﺧﺎء اﻟﺸﺎﻣﻞ إﱃ ﺟﺒﻬﺔ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻠﻮاﺋﺢ واﻟﻀﻮاﺑﻂ ،واﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ،وﺧﻔﺾ اﻟﺪﻓﺎع ﻣﺮ ًة أﺧﺮى .ﻧﺤﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﻓﺘﺢ اﻟﺤﺪود ،واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،وﻣﻮازﻧﺔ املﻴﺰاﻧﻴﺎت ،وﺟﻌْ ﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﺗﻤﺎرس ﺳﻠﻄﺘﻬﺎ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ املﻨﺎﺳﺒﺔ .ﻧﺤﻦ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻧﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻟﻴﻜﻦ ﻫﺪﻓﻨﺎ ﻟﻠﺤﻘﺒﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻫﻮ :اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ﻟﻜﻞ اﻟﺸﻌﻮب!
284
ﻣﻼﺣﻈﺎت
ﺗﻤﻬﻴﺪ (1) Letter of Alfred Marshall to C. R. Fay, February 23, 1915, in Arthur C. Pigou, ed., Memorials of Alfred Marshall (London: Macmillan, 1925), 489-490. (2) John Maynard Keynes, Essays in Persuasion (New York: W. W. Norton, 1963 [1931]), 366-367.
ﻣﻘﺪﻣﺔ (1) Diane Coyle, The Soulful Science: What Economists Really Do and Why It Matters (Princeton University Press, 2007), 232. (2) Friedrich A. Hayek, “The Pretence of Knowledge,” Nobel Prize Lecture (December 11, 1974). (3) Robert J. Barro, “Cut Taxes,” Wall Street Journal (November 21, 1991). (4) Herbert Stein, “The Age of Ignorance,” Wall Street Journal (June 11, 1993). (5) Paul Krugman, Peddling Prosperity (New York: W. W. Norton, 1994), 9, 24. His previous book, The Age of Diminishing Expectations, came out
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد in the early 1990s, just when Third World nations began throwing off socialism and Marxism, and sensed rising expectations for the first time. The decade of the 1990s turned out to be an explosion in economic and stock market growth. (6) J-B. Say, A Treatise on Political Economy, 4th ed. (New York: Augustus M. Kelly, 1971 [1880]), xxi, xxxv. (7) Arjo Klamer and David Colander, The Making of an Economist (Boulder, Colorado: Westview, 1990), xv. (8) Richard A. Posner, Law and Literature, 2nd ed. (Cambridge: Harvard University Press, 1998), 182. (9) Gary S. Becker and Guity Nashat Becker, The Economics of Life (New York: McGraw-Hill, 1997), 3.
اﻗﺘﺼﺎديﱞ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ملﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪل ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ:اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﺛﻼث ﻣﺮات (1) Testimony of Richard H. Thaler, Graduate School of Business, University of Chicago, before the U.S. Senate Panel, Helping Americans Save, March 10, 2004. (2) “Living on Borrowed Time,” The Economist (November 6, 1999). (3) See Klaus Schmidt-Hebbel and Luis Servén, eds., The Economics of Saving and Growth (New York: Cambridge University Press, 1999). (4) N. Greg Mankiw, Macroeconomics, 2nd ed. (New York: Worth Publishers, 1994), 86. (5) Dawn Kopecki, “Wrestling for the 401(k) Purse,” BusinessWeek (September 10, 2007), 60. (6) References to “animal spirits” and “waves of irrational psychology” can be found in John Maynard Keynes, The General Theory of Employment, Interest and Money (New York: Macmillan, 1973 [1936]), 161-162.
286
ﻣﻼﺣﻈﺎت (7) Robert Shiller, Irrational Exuberance (Princeton University Press, 2000), 142. (8) Ludwig von Mises, Theory and History (New Haven: Yale University Press, 1957), 268. However, Mises refuses to call bad decisions “irrational.” He states, “Error, inefficiency, and failure must not be confused with irrationality. He who shoots wants, as a rule, to hit the mark. If he misses it, he is not ‘irrational,’ he is a poor marksman.” (9)
Israel M. Kirzner, “Economics and Error” in Perception,
Opportunity, and Profit (Chicago: University of Chicago Press, 1979), 135. (10) Mark and Jo Ann Skousen, High Finance on a Low Budget (Chicago: Dearborn, 1994), Mark Skousen’s 30-Day Plan for Financial Independence (Washington, D. C.: Regnery, 1998).
ﻧﻈﺮﻳﺔ املﺤﻔﻈﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ (1) Burton G. Malkiel, A Random Walk Down Wall Street, 5th ed. (New York: Norton, 1990), 24. (2) Warren Buffett, “Remarks,” Berkshire Hathaway Annual Report (1988). (3) Jack D. Schwager, The New Market Wizards: Conversations with America’s Top Traders (New York: Collins, 1994). (4) Jack D. Schwager, Stock Market Wizards: Interviews with America’s Top Stock Market Traders (New York: Collins, 2003).
ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق … ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ٍة أﻗﻞ، ﻧﻌﻢ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ (1) Lawrence Carrel, “Index Wars,” Smart Money, August 16, 2006. (2) The term market cap refers to the total market capitalization of a publicly traded company (price of the stock times numbers of shares
287
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد outstanding). A market-cap index is a stock index where stocks are ranked according to their market-cap size. Dividend-weight index refers to an index that is ranked according to the dividend each company pays.
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ذو اﻟﻌﺎﺋﺪ املﺮﺗﻔﻊ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ (1)
David S. Swensen, Unconventional Success: A Fundamental
Approach to Personal Investment (New York: Free Press, 2005), 297. (2) Swensen, Unconventional Success, 298.
رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ- ﻛﻴﻒ ﺻﻨﻌﺖ ﺗﺸﻴﲇ ﺛﻮرة ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ (1) José Piñera, “The Success of Chile’s Privatized Social Security,” Cato Policy Report, http://www.cato.org/pubs/policy_report/pr-jajp.html. (2) Milton Friedman, Capitalism and Freedom (University of Chicago Press, 1962), 182–89. Friedman later endorsed the Chilean model and favored privatization of Social Security in the United States. (3) Private interview with Arnold C. Harberger at the Mont Pelerin Society meetings in Salt Lake City, August 18, 2004. TIAA-CREF isn’t the only pension system in the United States that offers individualized pension accounts. The federal government’s Thrift Savings Plan (TSA) offers federal employees a variety of fund choices in their personal retirement accounts. (4) José Piñera, “The Success of Chile’s Privatized Social Security,” Cato Policy Report, http://www.cato.org/pubs/policy_report/pr-jajp.html. (5) Rudi Dornbusch, “Dole Blew a Chance to Be Bold,” BusinessWeek, September 2, 1996.
288
ﻣﻼﺣﻈﺎت
املﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﺻﻼح اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس (1) Vito Tanzi and Ludger Schuknecht, Public Spending in the 20th Century; A Global Perspective (Cambridge: Cambridge University Press, 2000), 201. (2) Ludwig von Mises, Planning for Freedom, 4th ed. (South Holland, Ill.: Libertarian Press, 1980), 18–35. This argument applies equally to pharmaceutical drugs under Medicare coverage.
دوﻻر ﺷﻬﺮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؟ آﻻف٤ :اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ٍ (1) William G. Shipman, “Retiring with Dignity: Social Security vs. Private Markets,” Cato Institute Policy Analysis (August 14, 1995): http:// www.cato.org/pubs/ssps/ssp2es.html.
ﻛﻴﻒ ﺣ ﱠﻞ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص أزﻣﺘﻪ ﻣﻊ املﻌﺎﺷﺎت:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ (1) Peter F. Drucker, “The Sickness of Government,” in The Age of Discontinuity (New York: Harper, 1969), 229, 236. (2) Peter F. Drucker, The Unseen Revolution: How Pension Fund Socialism Came to America (New York: Harper & Row, 1976). This book was reprinted with a new introduction as The Pension Fund Revolution (New Brunswick, N.J.: Transaction, 1996). (3) Andrew G. Biggs, “Social Security: Is It a Crisis That Doesn’t Exist?” Cato Social Security Privatization Report 21 (www.cato.org), October 5, 2000, 3. (4) Ibid., 32. (5) Drucker, The Age of Discontinuity, 241.
289
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
املﺼﺎدر اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ (1) Bruno S. Frey and Alois Stutzer, Happiness and Economics (Princeton, N.J.: Princeton University Press, 2002), 81. (2) See my article “Easy Living—My Two Years in the Bahamas” at www.mskousen.com. Frey and Stutzer, 75. (3) Ibid., 78. In fact, Frey and Stutzer publish a graph showing that “Per capita income in the United States has risen sharply in recent decades, but the proportion of persons considering themselves to be ‘very happy’ has fallen over the same period” (p. 77).
ﺗﺤﺴني اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻀﺎﻓﺔ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ (1) Al Ehrbar, EVA: The Real Key to Creating Wealth (New York: Wiley & Sons, 1998), viii. (2) John Kay, Why Firms Succeed (New York: Oxford University Press, 1995), 19.
ٍ ﴍﻛﺔ ﻛﻴﻒ ﺳﺎﻫﻢ ﻟﻮدﻓﻴﺞ ﻓﻮن ﻣﻴﺰس ﰲ إﻧﺸﺎء أﻛﱪ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ (1) Ludwig von Mises, The Anti-Capitalist Mentality (Libertarian Press, 1972 [1956]), 19. (2) John Maynard Keynes, The General Theory of Employment, Interest and Money (London: Macmillan, 1936), 383. (3) Charles Koch, The Science of Success (New York: Wiley, 2007), 149. (4) Koch, The Science of Success, 15.
290
ﻣﻼﺣﻈﺎت
! ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻣﺮورﻳﺔ، اﻧﻈﺮي ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ (1) Jonathan Leape, “The London Congestion Charge,” Journal of Economic Perspectives 20: 4 (Fall 2006): 157. (2) National Transportation Operations Coalition, National Traffic Signal Report Card, 2005. (3) Ted Balaker and Sam Staley, The Road More Traveled (New York: Rowman & Littlefield, 2006), xiii. (4) Jonathan Leape, “The London Congestion Charge,” Journal of Economic Perspectives 20: 4 (Fall 2006): 165-166. (5) Quoted in Robert W. Poole, Jr., “HOT Lanes Advance in Seven States,” Budget & Tax News (Chicago: Heartland Institute, March 2004). (6) Peter Samuel and Robert W. Poole, Jr., “The Role of Tolls in Financing 21st Century Highways” (Los Angeles: Reason Foundation, 2007), Executive Summary.
ﻗﻮة املﺮﻳﺾ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ (1) Michael F. Cannon and Michael D. Tanner, Healthy Competition (Washington, D.C.: Cato Institute, 2005), 7. (2) Technically, they are Health Reimbursement Accounts (HRAs), which have fewer rules and restrictions than HSAs. Whole Foods Market is considering switching to HSAs in the future. (3) John Mackey, “Whole Foods Markets’ Consumer-Driven Health Plan,” speech at the State Policy Network meeting, October 2004, Austin, Texas, http://www.world.congress.com/news/Mackey_Transcript.pdf
ﻋﻮدة إﱃ اﻷﺳﺎﺳﻴﺎت:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ (1) Adam Smith, The Wealth of Nations (New York: Modern Library, 1965 [1776]), 719.
291
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد (2) Milton Friedman, “Prologue: A Personal Retrospective” Liberty and Learning: Milton Friedman’s Voucher Idea at Fifty, ed. by Robert C. Enlow and Leonore T. Ealy (Washington, D.C.: Cato Institute, 2006), x. (3) Adam Smith, The Wealth of Nations, 718, 720. (4) Robert C. Enlow and Leonore T. Ealy, eds., Liberty and Learning (Cato Institute, 2006), viii, 4. (5) Milton Friedman, Capitalism and Freedom (Chicago: University of Chicago Press, 1982 [1962]), 93. (6) Herbert J. Walberg, School Choice: The Findings (Washington, D.C.: Cato Institute, 2007), 104. (7) Andrew Coulson, “A Critique of Pure Friedman: An Empirical Reassessment of ‘The Role of Government in Education,’” Liberty and Learning, 116. (8) Herbert J. Walberg, School Choice, 47–49. (9) Herbert J. Walberg, School Choice, 51–53. (10) Herbert J. Walberg, School Choice, flyleaf.
ﻣﻌﺮض أﺳﻠﺤﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﴩ (1) Gary S. Becker and Guity Nashat Becker, The Economics of Life (New York: McGraw-Hill, 1997), 143. (2) Quoted in David Colander, The Making of an Economist, Redux (Princeton University Press, 2007), 190. (3) Becker and Becker, Economics of Life, 137. (4) John R. Lott, Jr., Freedomonomics (Washington: Regnery, 2007), 134-135. (5) Lawrence Katz, Steven D. Levitt, and Ellen Shustorovich, “Prison Conditions, Capital Punishment, and Deterrence,” American Law and Economics Review, 2003 (5:2), 318-343.
292
ﻣﻼﺣﻈﺎت (6) Adam Liptak, “Does Death Penalty Save Lives? A New Debate on an Old Question,” New York Times (November 18, 2007), p. 1. (7) Ibid., 32. (8) John R. Lott, Jr., More Guns, Less Crime (Chicago: University of Chicago Press, 1998), 5. (9) Ibid. (10) Frederic Bastiat, “What Is Seen and What Is Not Seen,” Selected Essays on Political Economy (Irvington-on-Hudson, N.Y.: Foundation for Economic Education, 1995 [1850]), 1.
ﺣُ ﻤﱠ ﻰ املﺰادات ﺗﺼﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ (1) William Vickrey, “Counterspeculation, auctions, and competitive sealed tenders,” Journal of Finance 16 (1961), 8–37. (2) Paul Klemperer, Auctions: Theory and Practice (Princeton University Press, 2004), 105, 107. (3) Quoted in David Reiley, “Vickrey Auctions in Practice: From Nineteenth Century Philately to Twenty-First Century E-commerce,” Journal of Economic Perspectives 16:3 (Summer 2000), 183–192. (4) Milton and Rose Friedman, Two Lucky People (University of Chicago Press, 1998), 385-386. (5) www.treas.gov/auctions/. (6) www.cambridge.org/uk/economics/milgrom/reviews.htm. (7) Paul Klemperer, Auctions: Theory and Practice (Princeton University Press, 2004), preface. (8) “Why we do what we do on eBay: Economists mine the online auction site to find out why shoppers act irrationally,” Christian Science Monitor (July 16, 2007).
293
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
دور اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ (1) Paul A. Samuelson, Economics, 6th ed. (New York: McGraw-Hill, 1964), 159. (2) Ronald H. Coase, “The Lighthouse in Economics” in The Firm, the Market, and the Law (Chicago: University of Chicago Press, 1988), 213. Coase’s article originally appeared in The Journal of Law and Economics (October 1974). (3) Mark Skousen, “The Perseverance of Paul Samuelson’s Economics,” Journal of Economic Perspectives (Spring 1997), 145. (4) Paul A. Samuelson and William D. Nordhaus, Economics, 16th ed. (New York: McGraw-Hill, 1998), 36n. (5) Peter Waldman, “If You Build It Without Public Cash, They’ll Still Come,” Wall Street Journal, March 31, 2000, 1. (6) Mark S. Rosentraub, Major League Losers: The Real Cost of Sports and Who’s Paying for It (New York: Basic Books, 1997). (7) Roger G. Noll and Andrew Zimbalist, Sports, Jobs, and Taxes: The Economic Impact of Sports Teams and Stadiums (Washington, D.C.: Brookings Institution, 1997). (8) J.C. Bradley, The Baseball Economist (New York: Dutton, 2007), 8-9. However, it should be noted that since 1994, the hit batter rates narrowed between the two leagues. Bradley suggests two reasons: the league expansion in the 1990s, which diluted the quality of players, and the “doublewarning” rule for hitting batters. See Bradley, The Baseball Economist, 10-11. (9) J.C. Bradbury, The Baseball Economist, 74–81. (10) J.C. Bradbury, The Baseball Economist, 81. See his website, www .sabernomics.com.
294
ﻣﻼﺣﻈﺎت
ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫﻨﺮي ﺳﺒريﻣﺎن؟:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ (1) See, for example, Gary Becker, The Economic Approach to Human Behavior (Chicago: University of Chicago Press, 1976).
ﺟﺪل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﻴﺌﻲ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ (1) Worldwatch Institute, The State of the World 2002 (New York: Norton, 2002), xvii. (2)
Bjorn Lomborg, The Skeptical Environmentalist: Measuring
the Real State of the World (Cambridge: Cambridge University Press, 2001), 30, 32. (3) See Julian L. Simon, The Ultimate Resource 2 (Princeton University Press, 1998) and The State of Humanity (New York: Blackwell, 1995). (4) Lomborg, Skeptical Environmentalist, 33. (5) Lomborg, Skeptical Environmentalist, 318. (6) Bjorn Lomborg, Cool It: The Skeptical Environmentalist’s Guide to Global Warming (New York: Knopf, 2007). (7)
Terry
L.
Anderson
and
Donald
R.
Leal,
Free-Market
Environmentalism, 2nd ed. (New York: Palgrave, 2001), 47–58. (8) Garrett Hardin, “The Tragedy of the Commons,” reprinted in Garrett Hardin and John Baden, eds., Managing the Commons (San Francisco: W.H. Freeman, 1977), 20. (9) Two additional sources written from a free-market perspective are Michael Sanera and Jane S. Shaw, Facts, Not Fear: A Parent’s Guide to Teaching Children About the Environment (Washington, D.C.: Regnery, 1996), and Ronald Bailey, ed., Earth Report 2000 (New York: McGraw Hill, 2000).
295
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﴩون (1) Julian Huxley, “Too Many People,” in Fairfield Osborn, ed., Our Crowded Planet: Essays on the Pressure of Population (New York: Doubleday, 1962), 223. (2) Paul R. Ehrlich, The Population Bomb (New York: Sierra Club, 1968), preface. (3) Ehrlich, Population Bomb, 17. (4) Robert Malthus, Essay on Population (New York: Penguin Books, 1985 [1798], 71. (5) Malthus, Essay on Population, 67–80, 225. (6) For an alternative view to Malthusianism, see Julian L. Simon, ed., The State of Humanity (1995) and The Ultimate Resource 2 (1996).
ﺣ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻔﻘﺮ املﺪﻗﻊ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون (1) William Easterly, The Elusive Quest for Growth (Cambridge, Mass.: MIT Press, 2001), 291. (2) Recent examples include Paul Craig Roberts and Karen LaFollette Araujo, The Capitalist Revolution in Latin America (New York: Oxford University Press, 1997), and James A. Dorn, Steve H. Hanke, and Alan A. Walters, eds., The Revolution in Development Economics (Washington, D.C.: Cato Institute, 1998). (3) See P.T. Bauer, The Development Frontier (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1991), Equality, the Third World and Economic Delusion (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1981), and Dissent on Development (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1976). (4) William Easterly, The White Man’s Burden: Why the West’s Efforts to Aid the Rest Have Done So Much Ill and So Little Good (New York: Penguin, 2006).
296
ﻣﻼﺣﻈﺎت (5) Muhammad Yunus, Banker for the Poor (New York: Public-Affairs, 1999), 145-146. (6) Yunus, Banker to the Poor, 203–205.
اﻟﻬﻨﺪ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ: اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺜﺮاء:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﴩون (1) Quoted in William Proctor, The Templeton Prizes (New York: Doubleday, 1983), 72. (2) Quoted in Proctor, Templeton Prizes, 72. (3) For an excellent survey of India, see “Unlocking India’s Growth,” The Economist, June 2, 2001. (4) P.T. Bauer, “The Lesson of Hong Kong,” in Equality, the Third World and Economic Delusion (London: Weidenfeld and Nicolson, 1981), 185. (5) P.T. Bauer, “The Lesson of Hong Kong,” 189. (6)
James Gwartney and Robert Lawson, with William Easterly,
Economic Freedom of the World, Annual Report 2006 (Vancouver, B.C.: Fraser Institute, 2006), 13. (7) Milton Friedman, Friedman on India (New Delhi: Centre for Civil Society, 2000), 10. (8) See John Stossel’s amazing example in his ABC Special “Is America #1?” available on videotape from Laissez Faire Books, 800-326-0996. (9) The other free-market think tank, the Liberty Institute, is run very capably by Barun Mitra. Shah and Mitra hosted my visit to India in June 2001. Go to www.libertyindia.org. (10) Gita Mehta, Snakes and Ladders: A Modern View of India (London: Minerva, 1997), 16. (11) Adam Smith, The Wealth of Nations (New York: Random House, 1965 [1776]), 11.
297
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى املﻌﺠﺰ ُة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؟:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﴩون (1) Lee Kuan Yew, From Third World to First: The Singapore Story, 1965–2000 (New York: Harper Collins, 2000), 291. (2) For an excellent survey of the region, see The World Bank, The East Asian Miracle (New York: Oxford University Press, 1993). (3) East Asian Miracle, vi. (4) Paul Krugman, “The Myth of Asia’s Miracle,” Pop Internationalism (Cambridge: MIT Press, 1996), 173. Originally published in Foreign Affairs (Nov./Dec., 1994). (5) Krugman, “Myth of Asia’s Miracle,” Pop Internationalism, 184. (6) Marshall Goldman, USSR in Crisis: The Failure of an Economic System (New York: W.W. Norton, 1983), 2. (7) Lee Kuan Yew, From Third World to First: The Singapore Story, 1965–2000 (New York: Harper Collins, 2000), 687. (8) Ludwig von Mises, “Capital Supply and American Prosperity,” Planning for Freedom, 4th ed. (South Holland, Ill.: Libertarian Press, 1980), 214. I highly recommend this talk on economic development, given by Mises in 1952.
ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻟﻠﻤﴫﻳني؟:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﴩون (1) P.T. Bauer and B. S. Yamey, The Economics of Underdeveloped Countries (Cambridge: Cambridge University Press, 1957), 157. (2) Claire E. Francy, Cairo: The Practical Guide, 10th ed. (Cairo: American University in Cairo Press, 2001), 68. This guidebook is both shocking and indispensable for anyone moving to or studying this unusual nation. I placed exclamation points on practically every page. (3) Import substitution laws are laws passed by the local government to prohibit foreign consumer products in the country, such as shoes,
298
ﻣﻼﺣﻈﺎت toothpaste, or cars, thus forcing local companies to produce these products at considerably higher prices (and usually less quality). (4) Cited in W.W. Rostow, Theorists of Economic Growth from David Hume to the Present (New York: Oxford University Press, 1990), 423. (5) Doug Bandow, “The First World’s Misbegotten Economic Legacy to the Third World,” in James A. Dorn, Steve H. Hanke, and Alan A. Walters, eds., The Revolution in Development Economics (Washington, D.C.: Cato Institute, 1998), 217, 222-223. (6)
James Gwartney and Robert Lawson, Economic Freedom of
the World, Annual Report 2006 (Vancouver, B.C.: Fraser Institute, 2006), 9-10.
املﻌﺠﺰة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﴩون (1) John Maynard Keynes, “Economic Possibilities for Our Grandchildren,” Essays in Persuasion (New York: Norton, 1963), 365. (2) Keynes, Essays in Persuasion, 365. (3) Quoted in Jerry J. Jasinowski, ed., The Rising Tide (New York: John Wiley & Sons, 1998), xxi. (4) James Tobin, “Can We Grow Faster?,” in The Rising Tide, 44. (5) Robert A. Mundell, “A Progrowth Fiscal System,” in The Rising Tide, 203-204. (6) Keynes, Essays in Persuasion, 367.
ﺛﻮرة اﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺤﺪﻳﺔ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﴩون (1) Stephen Moore, “Reaganomincs 2.0,” Wall Street Journal (August 31, 2007), A8. (2) Supply-side economics is the study of how economic growth can be influenced by incentives to produce (supply) goods and services,
299
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد as opposed to Keynesian economics, which focuses on ways to control the demand for goods and services. (3) Progressive taxation means those who earn more income pay a higher income tax rate. (4) Bruce Bartlett, “Supply-Side Economics and Austrian Economics,” The Freeman (April, 1987). (5) John Kenneth Galbraith, The Affluent Society (Boston: Houghton Mifflin, 1958), 96. (6) Dan Bawley, The Subterranean Economy (New York: McGraw-Hill, 1982), 135. (7) William Baumol and Alan Blinder, Economics: Principles and Policy, 4th ed. (New York: Harcourt Brace Jovanovich, 1988), 835. (8) Paul Craig Roberts, The Supply Side Revolution (Cambridge: Harvard University Press, 1984), 25.
اﻟﺠﺪل ﺣﻮل ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌﴩون (1) John Kenneth Galbraith, The Good Society: The Humane Agenda (Boston: Houghton Mifflin, 1996), 50. (2) “The Rich, the Poor, and the Growing Gap Between Them,” The Economist, June 15, 2006. (3) For a critique of the Lorenz curve, see my work Economics on Trial (Homewood, Ill.: Irwin, 1991), 187–197. (4) Stanley Lebergott, Pursuing Happiness: American Consumers in the Twentieth Century (Princeton, N.J.: Princeton University Press, 1993), 58. It should also be noted that by 2000, over half of couples were sharing housework duties. (5) Lebergott, Pursuing Happiness, 117-118. See also Lebergott’s work, Consumer Expenditures (Princeton, N.J.: Princeton University Press, 1996).
300
ﻣﻼﺣﻈﺎت (6) Michael Cox and Richard G. Alm, “Buying Time,” Reason Magazine, August/September 1998, 42. See also their book, Myths of Rich and Poor: Why We’re Better Off Than We Think (New York: Basic Books, 1999). (7) Gregory Clark, A Farewell to Alms: A Brief Economic History of the World (Princeton University Press, 2007), 276, 278. (8) Clark, Farewell to Alms, 277. (9) Clark, Farewell to Alms, 283-284. (10) Clark, Farewell to Alms, 16.
رﺳﻢ ﺑﻴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻳﺒﻮح ﺑﻜﻞ ﳾء:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﴩون (1) Milton Friedman, “Forward,” Economic Freedom of the World, 1975–1995, by James Gwartney, Robert Lawson, and Walter Block (Vancouver, BC: Fraser Institute, 1996). (2) Adam Smith, The Wealth of Nations (New York: Modern Library, 1965 [1776]), 651. (3) Smith, Wealth of Nations, 549. (4) Smith, Wealth of Nations, 423. (5) Smith, Wealth of Nations, 11. (6) Paul A. Samuelson and William D. Nordhaus, Economics, 12th ed. (New York: McGraw-Hill, 1985), 776. (7) Mancur Olson, How Bright Are the Northern Lights? (Stockholm: Lund University, 1990), 10. (8) Henry C. Wallich, The Cost of Freedom (New York: Collier Books, 1960), 9, 146. (9) Olson, How Bright Are the Northern Lights?, 88. (10) See Michael A. Walker, “The Historical Development of the Economic Freedom Index,” in James Gwartney, Robert Lawson, and Walter
301
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد Block, eds., Economic Freedom of the World 1975–1995 (Vancouver, BC: Fraser Institute, 1996). Early participants in these meetings included Milton and Rose Friedman, Michael Walker, Lord Peter Bauer, Gary Becker, Douglass C. North, Armen Alchian, Arnold Harberger, Alvin Rabushka, Walter Block, Gordon Tullock, and Sir Alan Walters. (11) James Gwartney and Robert Lawson, Economic Freedom of the World 2004 (Vancouver: Fraser Institute, 2004), 5. (12) Marc A. Miles, Edwin J. Feulner, and Mary Anastasia O’Grady, 2005 Index of Economic Freedom (New York and Washington D.C.: Wall Street Journal. and the Heritage Foundation, 2005), 58. For the latest index, go to www.heritage.org. (13) Milton Friedman, “Forward,” Economic Freedom of the World, 1975–1995 (1996). (14) Gwartney and Lawson, Economic Freedom of North America, 2004 Annual Report, 4. (15) James Gwartney and Robert Lawson, Economic Freedom of the World, 2004 Annual Report (Fraser Institute, 2005), 35. (16) Susan Rose-Ackerman, “The Role of The World Bank in Controlling Corruption,” Law and Policy in International Business (Fall, 1997). (17) Jakob Svensson, as cited in The Economist (December 23, 2006), 126. (18) “The etiquette of bribery,” The Economist (December 23, 2006), 126.
ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻴﺎﻧﻲ ﻣﺪﻫﺶ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون (1) Gary S. Becker and Guity Nashat Becker, The Economics of Life (New York: McGraw-Hill, 1997), 16. (2) Another is Robert H. Nelson, author of two excellent books, Reaching for Heaven on Earth: The Theological Meaning of Economics
302
ﻣﻼﺣﻈﺎت (Savage, Md.: Rowman & Littlefield, 1991) and Economics as Religion: From Samuelson to Chicago and Beyond (University Park: Penn State Press, 2001), both of which deal with economics as religion rather than the economics of religion. (3) Adam Smith, The Wealth of Nations (New York: Modern Library, 1965 [1776]), 744–748. (4) Lawrence Iannaccone, “The Consequences of Religious Market Structure,” Rationality and Society (April 1991), 156–177. See also “Adam Smith’s Hypothesis on Religion,” chapter 10 in Edwin G. West, Adam Smith and Modern Economics (Hants, England: Edward Elgar, 1990). (5) Roger Finke and Rodney Stark, The Churching of America, 1776– 1990: Winners and Losers in Our Religious Economy (New Brunswick, N.J.: Rutgers University Press, 1992), 1. (6) Finke and Stark, Churching of America, 32. (7) Finke and Stark, Churching of America, 5.
اﻟﻨﻮاﻳﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺒﴩ، اﻟﺴﻼم ﻋﲆ اﻷرض:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﻼﺛﻮن (1) Adam Smith, The Wealth of Nations (New York: Modern Library, 1965 [1776]), 745. (2) Leonard Read, Anything That’s Peaceful, 2nd ed. (New York: Foundation for Economic Education, 1998), 30. (3) Tim Kane, Kim R. Holmes, and Mary Anastasia O’Grady, 2007 Index of Economic Freedom (Washington, D.C.: Heritage Books, 2007). (4) Henry Hazlitt, The Foundations of Morality, 3rd ed. (New York: Foundation for Economic Education, 1998 [1964]), 339. (5) See Milton Friedman, Capitalism and Freedom (Chicago: University of Chicago Press, 1962), chapter 1. (6) Charles Montesquieu, The Spirit of the Laws (Cambridge: Cambridge University Press, 1989 [1748]), 338.
303
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد (7) Albert O. Hirschman, The Passion and the Interests, 2nd ed. (Princeton: Princeton University Press, 1997), 72. I highly recommend this brilliant book. For more discussion of the peaceable nature of capitalism, see my book, The Making of Modern Economics (New York: M. E. Sharpe, 2001), chapter 1. (8) John Maynard Keynes, The General Theory of Interest, Money and Employment (London: Macmillan, 1936), 374. Today we might say, “Better that a person tyrannize over his favorite sports team or his favorite stock than over his fellow citizen.” (9) Gerald O’Driscoll, Jr., and Sara J. Fitzgerald, “Trade Promotes Prosperity and Security,” Heritage Foundation Backgrounder #1617 (December 18, 2002). (10) Andrew Sullivan, “This Is a Religious War,” New York Times Magazine, October 7, 2001, 53. (11) Adam Smith, The Wealth of Nations, 747-748.
ﻧﻤﻮذج ﻳﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﻜﻬﻨﺎت:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي واﻟﺜﻼﺛﻮن (1) Robert Shiller, Irrational Exuberance, 2nd ed. (Princeton University Press, 2005), xii. (2) Irving Fisher was quoted in the October 16, 1929, issue of the New York Times. (3) Kathryn M. Dominquez, Ray C. Fair, and Matthew D. Shapiro, “Forecasting the Depression: Harvard Versus Yale,” American Economic Review, September 1988, 605. The authors ignored the Austrian economists Ludwig von Mises and Friedrich Hayek, as well as the sound money camp of E. C. Harwood and Benjamin Anderson, who did anticipate economic trouble. See my paper, “Who Predicted the 1929 Crash?” in Jeffrey M. Herbener, ed. The Meaning of Ludwig von Mises (New York: Kluwer Publishers, 1993), 247–283.
304
ﻣﻼﺣﻈﺎت (4) Shiller, Irrational Exuberance, xviii. (5) Shiller, Irrational Exuberance, 14.
اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﻼﺛﻮن (1) Ludwig von Mises, Human Action, 3rd ed. (Chicago: Regnery, 1966), 337-338. (2) Joyce Berg, Forrest Nelson, and Thomas Rietz, “Accuracy and Forecast Standard Error of Prediction Markets,” University of Iowa Working Draft, (November 2001), 10. (3) Joyce Berg, Forrest Nelson, and Thomas Rietz, “Prediction Market Accuracy in the Long Run,” University of Iowa Working Draft (August 2007), abstract. (4) Berg, Nelson, and Rietz, “Accuracy and Forecast Standard Error of Prediction Markets” (2001), 13. (5) Friedrich A. Hayek, “The Use of Knowledge in Society,” American Economic Review 35 (1945), 519–530.
ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﺳﻬﻢ:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺜﻼﺛﻮن (1) For more information, see Chapter 2 of my book, The Making of Modern Economics (Armon, N.Y.: M. E. Sharpe Publishers, 2001). (2) For more information on Gross Domestic Expenditures (GDE), see my book, The Structure of Production (New York: New York University Press, 1990, 2007), which includes a new introduction. Also, see my article, “What Drives the Economy: Consumer Spending or Saving/Investment? Using GDP, Gross Output and Other National Income Statistics to Determine Economic Performance,” Backgrounder, 2004, Initiative for Policy Dialogue, http://www-1.gsb.columbia.edu/ipd/j_gdp .html.
305
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد (3) For information on how the BEA figures Gross Output, go to www .bea.gov and look under “GDP by Industry,” then “interactive tables.” For the differences between GO, GDE, and GDP, see xv–xvi in the introduction to The Structure of Production (2007 edition). (4) Peter F. Drucker, Toward the Next Economics and Other Essays (New York: Harper & Row, 1981), 8. (5) Ludwig von Mises, “Capital Supply and American Prosperity,” in Planning for Freedom, 4th ed. (Spring Mills, PA: Libertarian Press, 1980), 197.
ﻣﻌﺪن ﻣﻴﺪاس:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﺜﻼﺛﻮن (1) Roy W. Jastram, The Golden Constant: The English and American Experience, 1560–1976 (New York: Wiley & Sons, 1977), 132. (2) Mark Mobius, “Asia Needs a Single Currency,” Wall Street Journal, February 19, 1998, A22. (3) See my book, Economics of a Pure Gold Standard, 3rd ed. (New York: Foundation for Economic Education, 1997), 82. Note how the world monetary stock of gold never has declined between 1810 and 1933, when the West was on the classical gold standard. (4) Jeremy J. Siegel, Stocks for the Long Run, 3rd ed. (New York: McGraw-Hill, 2002), 195. (5) For further discussion regarding the inherent volatility of the mining industry, see my work The Structure of Production (New York: New York University Press, 1990, 2007), 290–294. (6) “The Song of Bernanke,” Wall Street Journal lead editorial, August 31, 2007, A8.
306
ﻣﻼﺣﻈﺎت
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ آﺧﺮ؟:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺜﻼﺛﻮن (1) Milton Friedman, “Why the American Economy is DepressionProof,” Dollars and Deficits (Englewood Cliffs, N.J.: Prentice Hall, 1968), 72–96. (2) Benjamin M. Anderson, Economics and the Public Welfare (Indianapolis: Liberty Press, 1979 [1949]), and Murray N. Rothbard, America’s Great Depression (Princeton N.J.: D. Van Nostrand, 1963). (3) Milton Friedman and Anna J. Schwartz, A Monetary History of the United States, 1867–1960 (Princeton N.J.: Princeton University Press, 1963), 299. (4) Friedman and Schwartz, Monetary History, 360-361. (5) Gene Smiley, “Some Austrian Perspectives on Keynesian Fiscal Policy and the Recovery of the Thirties,” Review of Austrian Economics (1987), 1:146–179, and Mark Skousen, “The Great Depression,” in Peter Boettke, ed., The Elgar Companion to Austrian Economics (Cheltenham, UK: Edward Elgar, 1994), 431–439. (6)
Robert Higgs, “Regime Uncertainty: Why the Great Depres-
sion Lasted So Long and Why Prosperity Resumed After the War,” The Independent Review (Spring 1997), 1:4, 561–590. (7) Robert Higgs, “Wartime Prosperity? A Reassessment of the U.S. Economy in the 1940s,” Journal of Economic History 52 (March 1992): 41– 60. See also Richard K. Vedder and Lowell Gallaway, “The Great Depression of 1946,” Review of Austrian Economics 5, no. 2 (1991): 3–31. (8) Higgs’ papers on the Great Depression have all been compiled into one anthology, Depression, War, and Cold War: Studies in Political Economy (Oxford University Press, 2006).
307
ﻗﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛريًا اﻟﻴﻮم:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس واﻟﺜﻼﺛﻮن (1) Daniel Yergin and Joseph Stanislaw, The Commanding Heights: The Battle Between Government and the Marketplace That Is Remaking the Modern World (New York: Simon & Schuster, 1998), 15. (2) John Maynard Keynes, The General Theory of Employment, Interest and Money (London: Macmillan, 1936), 383. (3) For a good overview of Hayek’s works, see The Essence of Hayek, ed. Chiaka Nishiyama and Kurt R. Leube (Stanford, Calif.: Hoover Institution, 1984). For a partial autobiography, see Hayek on Hayek (Chicago: University of Chicago Press, 1994). A full-scale intellectual biography of Hayek has been written by Alan Ebenstein, Friedrich Hayek, A Biography (New York: St. Martins Press, 2001). (4) Peter F. Drucker, “Modern Prophet: Schumpeter or Keynes?” in The Frontiers of Management (New York: Harper & Row, 1986), 104. (5) Yergin and Stanislaw, Commanding Heights, 141. Also see my book, Vienna and Chicago, Friends or Foes? (Washington, D.C.: Capital Press, 2005).
ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻠﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون:اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﺜﻼﺛﻮن (1) Marquis de Condorcet, “The Future Progress of the Human Mind,” The Portable Enlightenment Reader, ed. Isaac Kramnick (Penguin Books, 1995), 38. Several of Condorcet’s writings can be found in this excellent anthology. (2) Paul Johnson, Modern Times: The World from the Twenties to the Nineties, rev. ed. (New York: Harper, 1992). The best survey of the horrors of communism is The Black Book of Communism: Crimes, Terror, Repression (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1999), written by six French scholars, some of whom are former communists.
308
ﻣﻼﺣﻈﺎت (3) Frederic Bastiat, Selected Essays on Political Economy (Irvingtonon-Hudson, N.Y.: Foundation for Economic Education, 1995 [1964]). (4) Stanley Liebergott, Pursuing Happiness: American Consumers in the Twentieth Century (Princeton University Press, 1993), flyleaf. (5) Peter F. Drucker, Toward the Next Economics, and Other Essays (New York: Harper & Row, 1981), 1–21.
309