اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒﲑ واﻟﺼﻔﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒﲑ واﻟﺼﻔﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻗﺼرية ﺟﺪٍّا
ﺗﺄﻟﻴﻒ إرﻳﻚ راﺷﻮاي
ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺿﻴﺎء و ﱠراد ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻫﺎﻧﻲ ﻓﺘﺤﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎن
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
The Great Depression and
إرﻳﻚ راﺷﻮاي
The New Deal Eric Rauchway
اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ٢٠١٥م رﻗﻢ إﻳﺪاع ٢٠١٤ / ١٣٢٦١ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻠﻨﺎﴍ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ املﺸﻬﺮة ﺑﺮﻗﻢ ٨٨٦٢ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٠١٢ / ٨ / ٢٦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ إن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ آراء املﺆﻟﻒ وأﻓﻜﺎره وإﻧﻤﺎ ﱢ ﻳﻌﱪ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ آراء ﻣﺆﻟﻔﻪ ٥٤ﻋﻤﺎرات اﻟﻔﺘﺢ ،ﺣﻲ اﻟﺴﻔﺎرات ،ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﴫ ،١١٤٧١اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻛﺲ+ ٢٠٢ ٣٥٣٦٥٨٥٣ : ﺗﻠﻴﻔﻮن+ ٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥٢ : اﻟﱪﻳﺪ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhindawi@hindawi.org : املﻮﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhttp://www.hindawi.org : راﺷﻮاي ،إرﻳﻚ. اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة :ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻗﺼرية ﺟﺪٍّا/ﺗﺄﻟﻴﻒ إرﻳﻚ راﺷﻮاي. ﺗﺪﻣﻚ٩٧٨ ٩٧٧ ٧١٩ ٩٥٠ ٦ : -١اﻟﻜﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎدي -٢اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ -٣اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ – اﻷﺣﻮال اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أ -اﻟﻌﻨﻮان ٣٣٠٫٩ ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻐﻼف :إﻳﻬﺎب ﺳﺎﻟﻢ. ﻳُﻤﻨَﻊ ﻧﺴﺦ أو اﺳﺘﻌﻤﺎل أي ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮﻳﺔ أو إﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ أو ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ، وﻳﺸﻤﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﰲ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻋﲆ أﴍﻃﺔ أو أﻗﺮاص ﻣﻀﻐﻮﻃﺔ أو اﺳﺘﺨﺪام أﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻧﴩ أﺧﺮى ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﻔﻆ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﺳﱰﺟﺎﻋﻬﺎ ،دون إذن ﺧﻄﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﴍ. ُ ﻧُﴩ ﻛﺘﺎب اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ً أوﻻ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻋﺎم .٢٠٠٨ﻧﴩت ﻫﺬه اﻟﱰﺟﻤﺔ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ اﻟﻨﺎﴍ اﻷﺻﲇ. Arabic Language Translation Copyright © 2015 Hindawi Foundation for Education and Culture. The Great Depression and The New Deal Copyright © 2008 by Oxford University Press, Inc. The Great Depression and The New Deal was originally published in English in 2008. This translation is published by arrangement with Oxford University Press. All rights reserved.
اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت
ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ -١اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن -٢ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ -٣اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد -٤إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث -٥إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ -٦ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ -٧ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﻗﺮاءات إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﺼﺎدر اﻟﺼﻮر
7 9 17 33 49 67 83 99 117 137 145 155
ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ
ُ ﻧﻘﻠﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻣﺘﻦ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻛﻤﺎ أﺷﻌﺮ أدﻳﻦ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻷﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﻞ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜني اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﻻﻣﺘﻨﺎن ﺗﺠﺎه آﻻن ﺑﺮﻳﻨﻜﲇ ،وﺟﺮﻳﺞ ﻛﻼرك ،وأﻧﺪرو ﻛﻮﻳﻦ ،وﻣﻴﺞ ﺟﻴﻜﻮﺑﺰ ،وآري ﻛﻴﻠﻤﺎن، ودﻳﻔﻴﺪ ﻛﻴﻨﻴﺪي ،وﺑﻴﱰ ﻟﻴﻨﺪرت ،وآﻻن أوملﺴﺘﻴﺪ ،وﻛﺎﺛﻲ أوملﺴﺘﻴﺪ ،وﺳﺘﻴﻒ ﺷﻴﻔﺮﻳﻦ ،وآﻻن إم ﺗﺎﻳﻠﻮر ،وﻟﻮﻳﺲ وارﻳﻦ ،وﻃﻠﺒﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﰲ دﻳﻔﻴﺲ ،املﻘﻴﱠﺪِﻳﻦ ﰲ ﺻﻒ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ١٧٤ب ﰲ رﺑﻴﻊ ،٢٠٠٧واﻟﻘﺎﺋﻤني ﻋﲆ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﻨﺴﺦ اﻷوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺐ ،واﻟﻌﺎﻣﻠني املﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﺑﺎملﻄﺒﻌﺔ؛ ملﺎ ﱠ ﻣﺤﺎدﺛﺎت ﻗﻴ ٍ ٍ ٍ ٍ ﱢﻤﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا ﺛﻤﻴﻨﺔ ،وﻣﺎ دار ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎت ﺗﻠﻘﻴْﺘُﻪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب.
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٢ﺷﻬﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أﻋﺘﻰ ﻧﻮﺑﺎت ﻛﺴﺎده ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ .أﻗﺎم ٌ ﻣﺨﻴﻤﺎت ﰲ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،وﻧ ﱠ ٍ ﻈﻤﻮا ﺟﻴﺶ ﻣﻦ ُﻗﺪاﻣَ ﻰ املﺤﺎرﺑني اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺴريات ﺟﺎﺑَﺘْﻬﺎ ،وﺑﻠﻎ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺣﻮاﱄ ٢٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﺑﺪا أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﴎه ﻳﺘﺒﺎ َ ﻃﺄ ﺣﺘﻰ ﱠ ﺗﻮﻗ َ ِ اﻷزﻣﺔ ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ ﺗﺮﺷﻴﺢ اﻟﺤﺰب ﻒ ﺑﻼ ﺣَ ﺮاك .وأﻗ َﺪ َم ﻓﺮاﻧﻜﻠني دي روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ ﻣﻮاﺟَ ﻬﺔ 1 ملﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ،ﻣﺘﻌﻬﱢ ﺪًا ﺑ »ﺻﻔﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ«. اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻟﻪ ِ َ َ وﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺒﺔ وﺣﺪﻫﺎ ،ﺗﻀﻤﱠ ﻨ ْﺖ ﻋﻨﺎﴏُ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« زﻳﺎدة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ودﻋ َﻢ َ وﺧﻔﺾ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ وأﻳﺎﻣﻪ، أﺳﻌﺎر املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﻓﺘﺢَ أﺳﻮاق رﻫﻮﻧﺎت ﺟﺪﻳﺪة، وﺗﻨﻈﻴ َﻢ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ،واﺳﺘﻌﺎد َة اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وإﻋﺎد َة ﺗﺸﺠري اﻟﺮﻳﻒ ،وإﻟﻐﺎءَ اﻟﺤﻈﺮ ﻋﲆ اﻟﺨﻤﻮر .وﺑﻌﺪ أن ﱠ ﺗﻮﱃ روزﻓﻠﺖ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٣ﺗﻌﺎو ََن ﻣﻊ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻦ أﺟﻞ َ ُ ﻧﻄﺎق املﻮاﻓ َﻘﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﺪاﺑري ﻛﻠﻬﺎ وﻏريﻫﺎ؛ وﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ ،ﻛﺎن اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻗﺪ اﺗﱠ َﺴ َﻊ ﻟﻴﺸﻤ َﻞ اﻟﺘﺄﻣ َ ني اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺿﺪ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻹﻋﺎﻗﺔ، وإدار َة ﻣﺴﺘﺠﻤﻌﺎت املﻴﺎه ،ودﻋ َﻢ إﻧﺸﺎء اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﱠ ﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺘﺄﻣ َ ني ﻋﲆ اﻟﻮداﺋﻊ ،وﺗﻌﺰﻳ َﺰ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،ﻣﻦ ﺑني ﺟﻤﻠﺔ ﺧﻄﻮات ﻣﺒﺘ َﻜ َﺮة أﺧﺮى. ﱢﻋﺔ ﻣﻦ املﻜﻮﻧﺎت اﻟﺘﻲ َ ُ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮ ً ً َ ٍ ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﻨﺎﻗ َﻀ ْﺖ أﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ ُة ﺿﻤﱠ ِﺖ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻳُﻌﺎﻧُﻮن ﺣﺘﻰ اﻵن ﰲ إﺟﻤﺎﻟﻬﺎ .وﻳﺘﻔﻖ املﺆرﺧﻮن ﻛﺜريًا ﻣﻊ رأي أﺷﻌﻴﺎ ﺑﺮﻟني ﻋﻤﻼ ﻣﺜريًا ﻟﻺﻋﺠﺎب أﺣﺪ َ اﻟﺬي ﻗﺎل ﰲ ﻋﺎم ١٩٥٥إن اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻛﺎﻧﺖ ً َث ﺗﻮازﻧًﺎ 2 ﺑﻘﺪرﺗﻪ ﻋﲆ »اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑني اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ … واﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ اﻟﻼزم ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﺴﻠﻄﺔ«. َ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ »ﻳُﻨ َ ﻈﺮ وﻟﻜﻦ — ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل دﻳﻔﻴﺪ إم ﻛﻴﻨﻴﺪي — ﻻ ﻳﺴﻌﻨﺎ أن ﻧﺮى ﺗﺎرﻳﺨﻲ 3 «.ﻓﺒﻌﺪ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﱃ اﻟﺘﻌﻬﱡ ﺪات اﻟﺘﻲ ﻗ َ ﻄﻌَ ﻬﺎ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺑﻤﻨﻈﻮر إﻟﻴﻬﺎ ﱟ ٍ ُﺠﺮي اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻹﺻﻼﺣﺎت ﰲ اﻷﻳﺎم املﺎﺋﺔ اﻷوﱃ ﻋﺎم ،١٩٣٢وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس وﻫﻮ ﻳ ِ
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻣﻦ إدارﺗﻪ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٣وﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﻳﺘﺼﺪﱠى ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺎت ﻣﻦ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ واﻟﺨﺼﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٥واﻻﺳﺘﻤﺎع إﱃ روزﻓﻠﺖ وﻫﻮ ﻳﻘﺪﱢم َ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ُ اﺳﺘﴩاف ﻣﺎ ﺑَﺪَا ﺟﻠﻴٍّﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء »راﺋﺪ« ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﴩﻛﺎت ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٦؛ ﻛﺎن ﺳﻴﺼﻌﺐ وﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ٌ ً ﺷﺨﺺ َ ﴍع ﰲ ﺧﻠﻖ اﻟﻌﻘﺪ. أدﻟﺔ ﻛﺜري ٌة ﻋﲆ أن روزﻓﻠﺖ أو أيﱠ آﺧﺮ َ َ ٍ َ املﺘﻮازن اﻟﺬي ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ ﻓﻘﺪ ﻧﺸﺄ ﻣﻊ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺻﻤﱢ َﻢ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻟﻴﻤﺜ ﱢ َﻞ اﻟﻨﻈﺎم ِ ﱢ املﺘﻐري اﻟﺬي ﴐَ ﺑَﻪ اﻟﻜﺴﺎدُ. وﺟﻤﻬﻮر اﻟﻨﺎﺧﺒني واﻟﻌﺎ َﻟ ِﻢ واﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﻠﻘﻀﺎءِ ِ ُ َ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻘﺮاءﺗﻲ اﻷوﱃ ﻟﻬﺬه أﻋﺮض ﰲ ﻫﺬه املﻘﺪﻣﺔ اﻟﻘﺼرية ﺟﺪٍّا، اﻷزﻣﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ،وﻣﺎ اﺳﺘﺠﺎﺑﺖ ﺑﻪ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻦ ﺗﴩﻳﻌﺎت ﻻ ﺗﺰال ﻣﺆﺛﱢﺮة ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا؛ ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي اﻧﻬﺎر ﰲ ﻋﺎم ١٩٢٩اﻧﻬﺎر ﻷﺳﺒﺎب ﻗﺪ ﺗﻨﺒﱠﺄ ﺑﻬﺎ َﺳ َﻠ ًﻔﺎ املﺮاﻗﺒﻮن اﻟﺜﺎﻗِ ﺒُﻮ اﻟﻨﻈﺮ. اﻟﴬر إﻧﻤﺎ ﻧﺠﻢ ﻋﻦ أﺧﻄﺎء واﺿﺤﺔ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ إن اﻟﻔﺸﻞ اﻟﻼﺣﻖ وﺷﺒﻪ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﰲ إﺻﻼح ِ ً ﻃﻮﻳﻼ ﺑﻤﻼﻳني اﻟﺒﴩ. اﻟﺒﺆس اﻟﺬي أ َﻟ ﱠﻢ واﻟﻘﺮارات ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ِ وﻗﺪ ﱠ ﺣﻘ َﻖ روزﻓﻠﺖ وﻧﻮﱠابُ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ ﺑﺎﻫ ًﺮا ﺑﺘﺼﺤﻴﺤﻬﻢ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﺧﻄﺎء .ﻟﻜﻨﻬﻢ ً أﻳﻀﺎ ارﺗﻜﺒﻮا ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ أﺧﻄﺎءً ،وأﻧﺎ ﻻ أﻗ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﻢ ﺑﻘﻮﱄ ﻫﺬا .وﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﺎم ،١٩٣٦ﻃﻠﺐ أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ ﻃ ْﺮح اﻷﺧﻄﺎء ﺟﺎﻧﺒًﺎً ، املﴤ ﰲ ﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ ،و َ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﻄﺮق اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎدﺗﻬﻢ ِ ﱠ َ َ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﺳﻴﺌﺔ اﻟﺴﻤﻌﺔ ﻛﻠﻬﺎ .وأﺻﺒﺤَ ْﺖ روحُ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﱪاﺟﻤﺎﺗﻲ ﻫﺬه ﻫﻲ ﻳَ َﺮوﻧﻬﺎ ﺟﻴﻞ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﰲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻪ إﻳﻤﺎ ُن ٍ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﺻﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻳﺴﺎو ُر َك ﺷ ﱞﻚ ﰲ أن املﻮﺿﻮع ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔْ ، واﻵنْ ، وإن َ ﻛﻨﺖ إن ﻛﺎن ِ ٍ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﻘﻴﻴﺪات وﺗﻔﺼﻴﻞ ،ﻓﻌﲇ ﱠ أن أﻗ ﱠﺮ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؛ ﺗﴫﱡ ﻋﲆ أن ﻫﺬه اﻟﺠُ ﻤَ ﻞ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﰲ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﺤﺪود اﻟﺘﻲ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﲇ ﱠ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎبُ املﻮﺟَ ُﺰ ،ﻓﺈﻧﻨﻲ أ ُ ﱡ ﻛﻦ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻻﺣﱰام ً اﻟﺤﻘﺒﺔ ﻣﻦ ﱡ ُ ُ واﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ. ﺗﻌﻘﺪ وﻣﺎ أﺛﻤ َﺮ ْت ﻋﻨﻪ ملﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻪ ﻫﺬه َ ٍ ِ ﺑﺘﻮﺻﻴﺎت ﺳﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻘﺮاءة ﺑﺪاﻓﻊ رﻏﺒ ٍﺔ أﻛﻴﺪ ٍة ﰲ اﻹملﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﺤﻘﺒﺔ ،ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻜﺘﺎب أﻧﻚ ﻟﻘﺮاءات إﺿﺎﻓﻴ ٍﺔ ْ إن أرد َ ٍ ْت اﻻﺳﺘﺰادة .أﻣﺎ ﻣﺘﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻴﻠﺘﺰم ﺑﻬﺬه اﻟﺤﺠﺞ اﻷﺑﺴﻂ ﻋﲆ ٍ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻔﻴﺪ ٍة ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع. أﺳﺎس أﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﻣﻘﺎم ﺑﺪأ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ﰲ أواﺧﺮ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻟﻢ ﻳﺘﺰاﻣَ ْﻦ ﺑﺎﻟﴬورة ﻣﻊ »اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﻜﺒري« ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٩وﻟﻜﻨﻪ ﺣﺪث ﰲ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻪ ،وأﺻﺎب ﻋﺎ َﻟﻤً ﺎ ﺗﺮﺑﻂ أواﴏَه أﻧﻮا ٌع ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن :دﻳﻮن داﺧﻠﻴﺔ ودﻳﻮن ﺧﺎرﺟﻴﺔ .وﻳُﻠﻘِ ﻲ اﻟﻔﺼ ُﻞ اﻷول 10
ﻣﻘﺪﻣﺔ
اﻟﻀﻮءَ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻌﺎ َﻟﻢ ،وﻋﲆ املﻮﻗﻊ اﻟﻔﺮﻳﺪ اﻟﺬي اﺣﺘ َﻠﺘْﻪ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻴﻪ ،ﺷﺎرﺣً ﺎ ﻛﻴﻒ اﺧﺘﻠﻒ ﱢ ِ ﻣﻮاﻃ َﻦ اﻟﻀﻌﻒ ﰲ اﻟﻨﻈﺎم ﻛﻤﺎ وﻣﻮﺿﺤً ﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺎ َﻟﻢ ﻋﻦ ﻋﺎ َﻟﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ، أﺑﺮزﻫﺎ ﱠ املﻌﺎﴏون؛ وﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ أن ﺷﺒﻜﺔ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ رﺑ َ ﻄ ْﺖ أواﴏَ ﻫﺬا اﻟﻌﺎ َﻟﻢ ﺑﺪ ْ ِ َت اﻟﻨﻘﺎد ﱠ ﻫﺸ ًﺔ ﰲ ﺗﺤﻠﻴﻞ أدق ﻣﺮاﻗ ِﺒﻴﻪ. وﻳﻨﺎﻗﺶ اﻟﻔﺼ ُﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ردو َد اﻷﻓﻌﺎل َ املﺘﺨﺬَة إزاءَ اﻷزﻣﺔ؛ ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻣﻘﺎم اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،واﻧﺘﻬﺎء ﺑﺪور اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ واﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس .وﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎ َﻟﻬَ ﺎ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳني ،ﻟﻢ ﻳﻘﻒ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﻣﻜﺘﻮﰲ اﻷﻳﺪي ،وﻟﻜﻦ املﺒﺎدئ اﻟﺘﻲ ارﺗ َﻜ َﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻮﻓﺮ َ ٍ ٍ ﻣﺮوﻋﺔ ﰲ ﻓﱰة رﺋﺎﺳﺘﻪ. ﺑﺪرﺟﺔ وﺗﻔﺎﻗﻤَ ِﺖ اﻷزﻣﺔ ﻣﻨﻌَ ﺘْﻪ ﻣﻦ أن ﻳﺒﺬل اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻜﺎﰲ، َ ﱢ ﺟﺴﺎﻣﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ﺗﻌﻮد إﱃ ﺗﺄﺛريه اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق؛ ﻓﻘﺪ ﻳﻮﺿﺢُ اﻟﻔﺼ ُﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ أن َ ﻛﺎﻓﺔ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﻟﻢ .ورﺑﻤﺎ اﻷﻛﺜﺮ أﺻﺎب ً أﻫﻤﻴﺔ أﻧﻪ ﺷﺠﱠ َﻊ املﻤﻮﱢﻟني واﻟﻨﺎﺧﺒني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻋﲆ أن ﻳﻌﺪوا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻔﺌﺔ اﻟﻜﺒرية ذات اﻟﺤ ﱢ ﻆ اﻟﻌﺎﺛﺮ ،ﻻ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺔ املﺤﻈﻮﻇﺔ. وﺗﻨﺎ ُوﻟُﻨﺎ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻘﺘﴤ — ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت ﻋﲆ اﻧﺘﻘﺎﺋﻲ ﻟﺘﻔﺴري ﻣﺎ ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺖ ﻫﺬا اﻟﻌﻨﻮان وﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺘﻪ. ﻫﺬا املﻨﻮال — ﺗﺒﻨﱢﻲ ﻣﺒﺪأ ﱟ وﺳﺘﺠﺪ ﻣﺒﺪأﻳﻦ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب؛ اﻷول ﺗﺎرﻳﺨﻲ :ﰲ ﺣني ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟ ُﻜﺘﱠﺎبُ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺼﻄﻠﺢَ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« ﻟﻺﺷﺎرة إﱃ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،أو ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ ﱡ ﺗﻮﺳﻊ اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﻇ ﱢﻞ أي إدارة ﻷي ﻏﺮض ﻣﻦ اﻷﻏﺮاض ﺑﻌﺪ ﻋﻬﺪ روزﻓﻠﺖ )وﻫﻮ َ ً املﻔﻬﻮم اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ أﺣﻴﺎﻧﺎ اﺳﻢ »ﻧﻈﺎم اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة«(؛ ﻓﻘﺪ آﺛ ْﺮ ُت اﻟﱰﻛﻴ َﺰ ﻫﻨﺎ ﻋﲆ ﻓﱰة اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ — اﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ ارﺗﺄى روزﻓﻠﺖ وﻣﻌﺎﴏوه أن اﻟﺼﻔﻘﺔ ﱠث إﻻ ﺑﺈﻳﺠﺎز ﻋﻦ إرث ﻫﺬه اﻟﻔﱰة اﻟﺬي َ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻗﺪ اﻧﺘﻬَ ْﺖ — وﻟﻦ أﺗﺤﺪ َ ﺧﻠﻔﺘْﻪ ﰲ ﺳﻨﻮات ُ ﻗﺴﻤﺖ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ ﺛﻼﺛﺔ أﺟﺰاء(١) : اﻟﺤﺮب 4 .أﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ وﻇﻴﻔﻲ؛ ﻓﻘﺪ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻲ أﺣﺮ َز ْت ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﰲ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻋﺠﻠﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري إﱃ اﻻﺗﺠﺎه املﻌﺎﻛﺲ(٢) . أﺧﻔﻘ ْﺖ (٣) .اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﱢ َ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻜﺜري ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻜﺎرﺛﺔ آﻧﺬاك وﻟﻜﻨﻬﺎ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻲ ﻋﻤ َﻠ ْﺖ ﻋﲆ اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻛﻮارث ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ أو اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻨﻬﺎ. ﺑﺮﺟﻞ ﺣ ﱟﺮ« ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺑﺨﻼف إﻳﻤﺎن روزﻓﻠﺖ اﻟﺮاﺳﺦ ﺑﺄن »اﻟﺮﺟﻞ املﻌﺪِم ﻟﻴﺲ ٍ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﻤﻊ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة 5 .ﻓﻠﻢ ﱢ ﻣﻨﻬﺞ ﺗﺠﺴﺪ ﺑﺮاﻣﺞُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أيﱠ ٍ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻹدارة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻢ ﺗَ ِﺮ ْد ﰲ ﻛﺘﺎب أو ﺧﻄﺒﺔ أو ﺑﻨﺎت أﻓﻜﺎر أﺣﺪﻫﻢ، 11
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺑﻞ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻟﻢ ﻳﺴﺎﻫﻢ روزﻓﻠﺖ ﻧﻔﺴﻪ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﴩﻳﻌﺎت أو ﺣﺘﻰ ُ ﺿﻬﺎ ﻟﺘﺘﻜﺸﻒ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ وﻧﺠﺎﺣﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔَ . ﻋﺎ َر َ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ ﺑﺰﻏ ِﺖ ﺧﻼل اﻟﴫاﻋﺎت اﻟﺘﻲ دا َر ْت َرﺣﺎﻫﺎ ﺑني اﻟﺮﺋﻴﺲ واﻟﻜﻮﻧﺠﺮس واملﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،وﻛﺎن ﻛ ﱞﻞ ٍ أﺻﻮات اﻧﺘﺨﺎﺑﻴ ٍﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﰲ ﺗﺄﺟﻴﺞ ﻫﺬا اﻟﻌﺮاك ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺘﺄﺛ ﱢ ًﺮا ﺑﻤﺎ ﺳﻴﺠﻨﻴﻪ ﻣﻦ املﺴﺘﻤﺮ ،ﻣﻦ أﺟﻞ إﻗﺎﻣﺔ ﺑﻠﺪ أﻗﻮى. ُ ﻳﻐ ﱢ اﻟﺼﻔﻘﺔ ﻄﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ،ﺑﻌﻨﻮان »إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث« ،ﻣﺎ ْأﻗﺪَﻣَ ْﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﲆ اﺳﺘﻘﺮار ﺑﻨﻮك أﻣﺮﻳﻜﺎ وﻋُ ﻤْ ﻠﺘﻬﺎ واﺋﺘﻤﺎﻧﻬﺎ ودَﻋْ ﻤﻬﺎ ،واﻟﺠﻬﺪ املﺴﺘﻤﺮ املﺒﺬول ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻓري اﻟﻐﻮث اﻟﻔﻮري ﻟﻠﻤﻼﻳني اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻊ ﻋﺪم املﺴﺎس ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واملﺆﺳﺴﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .ﻛﺎن ﺳﻴﺘﺴﻨﱠﻰ ﻟﻬﺬه اﻟﺠﻬﻮد وﺣﺪﻫﺎ — إن ﺟﺮى اﻟﺴﻌﻲ ٌ ﻃﻤﻮﺣﺎت أﻛﱪ. وراءﻫﺎ ﺑﻘﻮ ٍة — أن ﺗُ ِﻨﻬﻲ اﻟﻜﺴﺎد ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻟﺪى أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ِ ِ اﻟﺼﻔﻘﺔ ﻣﺤﺎوﻻت ﻳﴩح اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ،ﺑﻌﻨﻮان »إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ«، اﻟﺠﺪﻳﺪة إﻋﺎد َة ﺧﻠﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﺷﻬ َﺪﺗْﻪ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ﰲ زﻣﻦ ﱢ اﻟﺴ ْﻠﻢ ﺧﻼل أزﻣﺔ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻬﻮد ﻣﺤﻞ أﺧ ٍﺬ ور ﱟد ﰲ ً ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﺗﺒﺪو ﻣﻔﺘﻘِ ﺮة ﺑﺸﺪة إﱃ اﻟﻨﺼﺢ اﻟﺮﺷﻴﺪ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﺳﺎﻋﺪت إﺧﻔﺎﻗﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ املﺘﻮازﻧﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ. اﻵﻟﻴﺔ ِ ﻳﺴﺘﻌﺮض اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ،ﺑﻌﻨﻮان »ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ« ،ﱡ اﻟﺴﺒُ َﻞ اﻟﺘﻲ ﺣﺎ َو َل ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺻﺤﺎبُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﻋﺎد َة ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻨﻔﻮذ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .ﻟﻢ ﻳﻠﺠﺌﻮا إﱃ إﻋﺎدة اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻟﻠﺜﺮوة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ودﻓﻌﺎت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، َ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﺟﻤﺎﻋﺎت أﺻﺤﺎب املﺼﺎﻟﺢ واﻷﻓﺮاد املﺸﺎرﻛني ﻋﲆ اﻟﺘﴫﱡف ﺑﻞ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ أرﺑﺎب ﻋﻤﻠﻬﻢ. ٍ ً ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ،١٩٣٦ﻛﺎن اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة املﻜﺎﻓﺌﺔ ﻗﺪ أﺻﺒَﺢَ ﺧﺼﻴﺼﺔ ﻣﻤﻴﺰ ًة ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ َ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻘﻮة املﻜﺎﻓﺌﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﺑﺪًا ﺑﻘﺪر ﻛﻔﺎءة ﱡ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة .وﺣﻴﺚ إن ُ ِ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﺮوزﻓﻠﺖ ،ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻗﻮل ﺑﺮﻟني» ،إرﺳﺎءَ ﻗﻮاﻋ َﺪ ﺟﺪﻳﺪ ٍة املﺒﺎﴍ ،ﻓﻘﺪ أﺗﺎﺣﺖ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ … دون إﺟﺒﺎر ﺑﻠﺪه ﻋﲆ ارﺗﺪاء ﺟﻠﺒﺎب ﻣﻦ املﻌﺘﻘﺪات ﻻ ﻓِ ﻜﺎك ﻣﻨﻪ — ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺘﻘﺪات اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ أو رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ — أو ﺗﺒﻨﱢﻲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ُ ُ اﻟﻨﺎزﻳﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره »اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ« 6 «.ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬه اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ أﻋ َ اﻟﺬي َ ﻄ ِﺖ اﻷﻧﻈﻤﺔ ﺗﺒﺎﻫ ْﺖ ﺑﻪ 12
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ُ َ ٍ ِ ﺳﻮق ﺻﻔﻘﺎت أﻓﻀﻞ ﰲ اﻷﺿﻌﻒ ﰲ املﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺪر َة ﻋﲆ إﺑﺮام املﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ٍ ﻟﻢ ﺗﺆﺛﱢﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺄﺛريًا ﻛﺒريًا ﰲ اﻷﺳﺎس. ﻳﺘﻨﺎوَل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺘﺎﻣﻲ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب ﻛﻴﻒ أن اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺟﺪﱠدوا ﺛﻘﺘﻬﻢ ﰲ َت ﰲ اﻟﻨﴫ اﻟﺴﺎﺣﻖ اﻟﺬي ﱠ ﺗﺠﺴﺪ ْ ﱠ ﺣﻘ َﻘﻪ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٦وﻳﴩح روزﻓﻠﺖ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﺣﺘﻰ ﱠ أﺳﺒﺎبَ ﺗﺒﺎ ُ ِ ﺗﻮﻗ َﻔ ْﺖ — ﻣﻊ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ — ﰲ ﻏﻀﻮن ﺑﻀﻊ ﻃ ِﺆ ﺳﻨﻮات ﺗَ َﻠ ْﺖ ذﻟﻚ اﻟﻨﴫَ .ﻛﺎن ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ دورﻫﺎ ﰲ ذﻟﻚ ،وﻛﺎن ﻟﻄﻤﻮح روزﻓﻠﺖ اﻟﺬي ﺗﺨ ﱠ ﻄﻰ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت دوره ً أﻳﻀﺎ ،وﻻ ﻧﻐﻔﻞ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺪو َر اﻟﺬي ﻟﻌﺒَﺘْﻪ ﻧﺘﺎﺋﺞُ أوﱃ ﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ ﰲ ﺗﻐﻴري ﻋﻘﻮل ﺑﻌﺾ أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة .وﺧﺘﺎﻣً ﺎ ،ﻳﱪز اﻟﻜﺘﺎب ﻛﻴﻒ أن اﻟﺤﺮبَ اﻟﺘﻲ َ َ ﱠ ﺗﺘﺨﲆ ﻋﻦ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ﻟﻬﺎ ،ﺟﻌ َﻠ ِﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻮح ﰲ اﻷﻓﻖ، ﺣﺬرﻫﺎ املﺎﱄ وﺣﺮﺻﻬﺎ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﻧﻬﺖ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري .ﻓﻜﻤﺎ أﻃﻠﻊ ﻣﻮاﻃ ٌﻦ أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﺎﴏَ ﻓﱰة اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺳﺘﺎدز ﺗريﻛﻴﻞ ،ﻓﺈن »املﺼﺎﻧﻊ اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠَ ْﺖ ُ َ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﻌﺪﻻت أﺳﻠﺤﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﻧﻬَ ِﺖ اﻟﻜﺴﺎ َد اﻟﻜﺒري 7 «.ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ 8 اﻟﺘﻲ َ ﺑﻠﻐﺘْﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٢٩ﺣﺘﻰ ﻋﺎم .١٩٤٣ﻟﻜﻦ رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ أن ﻧﻘﻮل إن ﺑﻨﺠﺎح ،ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﻄﻊ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﱢ ﺗﺤﻘﻖ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ؛ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻢ ﺗﺘﻢ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ٍ ﻓﺨﻼل ﻓﱰة اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺬي أﺻﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﺗﺤﺴﻨًﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪ ﻣﻌﺪ ُل اﻟﻨﻤ ﱢﻮ زﻳﺎد ًة َ ﱡ ﺑﻠﻐ ْﺖ ٪٨ اﻟﻔﱰة ،١٩٣٨-١٩٣٧ﺷﻬﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﰲ اﻟﻔﱰة ،١٩٣٧–١٩٣٣و ٪١٠ﰲ اﻟﻔﱰة ،١٩٤١–١٩٣٨ﰲ ﺣني َ أﺧﺬَ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻳﱰاﺟَ ﻊ ﺑﺎ ﱢ املﺒﻬﺮ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﺸﻮط اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻃﺮاد 9 .وﻳﺬ ﱢﻛﺮﻧﺎ ﻣﻌﺪ ُل ِ اﻟﺘﻌﺎﰲ ِ املﺘﺤﺪة أن ﺗﻘﻄﻌَ ﻪ ﻛﻲ ﺗﺘﻌﺎﰱ ﺑﻌﺪ ﻋﻬﺪ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺗﻔﺴري أﺳﺒﺎب ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻫﺬا اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺴﻴﺎﳼ. ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة — ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻹﺻﻼح اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ واﺟَ ﻬَ ِﺖ ً ﻏﺎﻣﻀﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻏﺎﻣﺖ ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺪﺧﻮل ﰲ اﻟﺤﺮب .ﺑﺪأت اﻟﺼﻔﻘﺔ واﻟﻌﺎملﻲ — َﻗ َﺪ ًرا ٍ ملﺸﻜﻠﺔ ذات أﻫﻤﻴ ٍﺔ ﻋﺎملﻴ ٍﺔ ،واﺳﺘﻤﺮت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ ﺻﻮرة ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺣﻠﻮل أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا املﻨﻮال ﰲ اﻷﺳﺎس ،ﻣﻊ أن اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻷﻧﺠﻠﻮ-أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٨ﻛﺎن ُ ﻧﻬﺞ دوﱄ ﱟ ﻹﺣﻴﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ .وﰲ ﺣني أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﺳﺎ َد ﺑﻌﺪ اﻟﻬﺪف ﻣﻨﻬﺎ رﺳ َﻢ ٍ اﻟﺤﺮب — اﻟﺬي ﺳﺎﻋَ َﺪ روزﻓﻠﺖ ﰲ آﺧِ ﺮ ﺳﻨﻮاﺗﻪ ﰲ إﻗﺎﻣﺘﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﺎ َﻟﻢ — ﻳﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻜﺜري ِ إﱃ ُ ﻃ ُﺮ ِق اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﱪاﺟﻤﺎﺗﻲ وﻧﻘﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻣﺘﻨﺎو َِل 13
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﱠ ُ دروس اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻟﻢ ﺑﻮﺿﻮح ﺗﺘﺠﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺸﻮب اﻟﺤﺮب ﻗﺒﻞ أن ٍ ﻳﺴﺘﻄﻊ املﺮاﻗﺒﻮن ﱠ ﻓﺾ اﻻﺷﺘﺒﺎك ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑني اﻟﺤﺪﺛني اﻟﻌﻈﻴﻤني .إن اﻟﻮﺿﻮح اﻷﺧﻼﻗﻲ َ ً ﻏﻤﻮﺿﺎ ﻋﲆ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﺼﻌﺒﺔ واﻟﻨﺠﺎﺣﺎت اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ أﺿﻔﻰ ﰲ أرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ واملﺴﺎوَﻣَ ﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟَ َﺮ ْت ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن ﻧﻔﺴﻪ. وﰲ ﺧﺎﺗﻤﺔ اﻟﻜﺘﺎب أُﻟﻘِ ﻲ ﺑﺎﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﺗﺄﺛري اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ ﻋﺎ َﻟﻢ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب، ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺎم ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز اﻟﺬي ﺗﻤﺜﻞ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻬﺎدﻓﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻟﺬي ﻇ ﱠﻞ ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ، وﻟﻢ ﺗﺒﺪأ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰ ِة اﻟﱰاﺟُ َﻊ ﻋﻦ ﺻﻔﻘﺘﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة داﺧﻠﻴٍّﺎ وﺧﺎرﺟﻴٍّﺎ. ُ َ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺣﻴﺎء أﻓﻜﺎر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ﺗﻌﺎﻗﺐ ﻋﺪة ﻋﻘﻮد ﻗﺎ َد اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن إﺑﱠﺎﻧﻬﺎ وﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ً َ وﻟﻴﺴ ْﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ،١٩٢٩زاﻋﻤني ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﻤﺜﱢﻞ ٍّ ﺣﻼ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻻﻟﺘﺰام اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺘﺤﻤﱡ ﻞ املﺴﺌﻮﻟﻴﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﻋﻦ اﻷﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﺸ ﱡﻜﻜﻬﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﲆ املﴫﻓﻴني واﻟﺴﻤﺎﴎة اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﺑﺎﻟﴩﻛﺎت، ﻟﻢ ﻳَﻤ ْ ُﺖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. وﺳﻴﺠﺪ اﻟﻘﺎرئ ﺑني ﺻﻔﺤﺎت ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن ﻫﺬه اﻟﺘﻔﺴريات ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﺒﻌُ ﻬﺎ إملﺎﻣً ﺎ ﻄﺎ ﺑﺄﺣﺪاث املﺎﴈ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ً ﺑﺴﻴ ً أﻳﻀﺎ ﻣﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎت ذﻛﻴﺔ أﺟﺮاﻫﺎ ﻣﺮاﻗﺒﻮن ﻣﻌﺎﴏون .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﻨﻌﻤﻮن ﺑﻤﺰﻳﺔ وﺟﻮد ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ ذي اﻟﻘﺪرات اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﻔﺬة ﰲ وﻗﺘﻲ ﱢ اﻟﺴﻠﻢ واﻟﺤﺮب ،ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺟﻴ ٌﻞ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴني وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ املﺤﻠﻠني اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني .وﻳﻌﺘﻤﺪ َ واﺳﺘﻘﻮا ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺜريًا ﻋﲆ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻘﺪر اﻋﺘﻤﺎده ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺧﻠﻔﻮﻫﻢ َ ٍ ﺑﻮﺻﻒ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن رؤاﻫﻢ .واﺗﺒﺎﻋً ﺎ ﻟﻨﺼﻴﺤﺔ أﺣﺪ أذﻛﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻧﺒﺪأ اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻌﺮج ﺣﺘﻰ ﱠ ﺗﻮﻗ َ ﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ .١٩١٨–١٩١٤ ﻫﻮاﻣﺶ (1) “Text of Governor Roosevelt’s Speech at the Convention Accepting the Nomination,” New York Times, January 3, 1932, 8. (2) Isaiah Berlin, “President Franklin Delano Roosevelt,” in The Proper Study of Mankind: An Anthology of Essays, ed. Henry Hardy and Roger Hausheer (London: Chatto and Windus, 1997), 636-37.
14
ﻣﻘﺪﻣﺔ (3) David M. Kennedy, Freedom from Fear: The American People in Depression and War, 1929–1945 (New York: Oxford University Press, 1999), 365. (4) Steve Fraser and Gary Gerstle, eds., The Rise and Fall of the New Deal Order, 1930–1980 (Princeton: Princeton University Press, 1989). On the New Deal’s contribution to the later growth of the executive branch, see Theodore Lowi, The End of Liberalism: The Second Republic of the United States (New York: W. W. Norton, 1979). (5) Cited in Kennedy, Freedom from Fear, 280. See also Berlin, “President Franklin Delano Roosevelt.” (6) Berlin, “President Franklin Delano Roosevelt,” 629-30. (7) Studs Terkel, Hard Times: An Oral History of the Great Depression (New York: The New Press, 2000), 57. (8) Susan B. Carter et al., eds., Historical Statistics of the United States, Earliest Times to the Present, Millennial Edition (New York: Cambridge University Press, 2006), series Ba475. Unemployment as a percentage of the civilian labor force was 2.9 percent in 1929; 3.1 percent in 1942 and 1.8 percent in 1943. (9) Christina D. Romer, “What Ended the Great Depression?,” Journal of Economic History 52, no. 4 (1992): 757.
15
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
اﻟﻌﺎﱂ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن
رﻏﻢ ﻇﻬﻮر ﺗﻔﺴريات ﻣﺘﻨﻮﱢﻋﺔ ﻟﻠﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺸﱰك ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﰲ إدراك أن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي اﻫﺘ ﱠﺰ ْت أرﻛﺎﻧﻪ ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻷزﻣﺔ ﰲ أواﺧﺮ اﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻳﺨﺘﻠﻒ أﻳﻤﺎ اﺧﺘﻼف ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﰲ رﺑﻮﻋﻪ أﻏﻠﺐُ اﻟﻨﺎس .وﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎدٍ ً ِ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ؛ ﻓﻘﺪ ﺻﻌﱠ ﺒ َِﺖ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺘﻐﻴريات ﻋﻤﻴﻘﺔ واﺣ ٍﺪ اﻟﺤﺮبُ ﻋﲆ اﻟﻨﺎس واﻟﺒﻀﺎﺋﻊ واﻷﻣﻮال اﻻﻧﺘﻘﺎ َل ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﱠ ﻏريت املﺴﺎر اﻟﺬي ﱠ ﺗﺘﺪﻓﻖ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﴏ .وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ أن اﻟﺤﺮب وﺿﻌَ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ﻛﺎﻧﺖ ﻏري َْت ً ﻗﻠﺐ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻓﻘﺪ ﱠ أﻳﻀﺎ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻣﺤﻮﻟﺔ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ املﻤﻴﺰة ﻷﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ً ﻧﺎﺋﻴﺔ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺤﻮر ﺷﻮاﻏﻞ اﻟﻜﻮﻛﺐ .وﻟﻴﺴﺖ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث ،وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ أن ﺗﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﻛﺎرﺛﺔ ،واﺿﺤﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮرﻧﺎ اﻟﺤﺎﱄ وﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ رﺻﺪﻫﺎ ﺑﻌﺾ املﺮاﻗﺒني وﻗﺘﻬﺎ ﺗﻠﻮح ﰲ اﻷﻓﻖ. ً اﺳﺘﴩاﻓﺎ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺎﻫﺪة ﻓريﺳﺎي ﺗﻨﺒﱠﺄ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ — ﰲ ﻋﺎم — ١٩١٩ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻣﻦ »ﻛﺴﺎد ﻳﺼﻴﺐ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﻴﺸﺔ ﺳﻜﺎن ً ً ٍ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻟﻠﺒﻌﺾ )وﻫﻲ املﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ روﺳﻴﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺠﺎﻋﺔ ﻟﺪرﺟﺔ ﺳﺘﻌﻨﻲ أوروﺑﺎ َ واﻟﻨﻤﺴﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ( .واﻹﻧﺴﺎن … ﰲ وﻗﺖ اﻟﺸﺪة ﻗﺪ ﻳُﺴﻘِ ﻂ اﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ وﻳﻘﴤ َ ٍ ِ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ا ُملﻠِﺤﱠ َﺔ 1 «.وﻛﺘﺐ اﻟﺤﺎﺟﺎت ﺑﺎﺳﺘﻤﺎﺗﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﻀﺎرة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﺳﻌﻴﻪ ﻷن ﻳُﺸ ِﺒﻊ ﻛﻴﻨﺰ أن اﻟﻜﺴﺎد واﻟﻴﺄس وﺗﻔ ﱡﻜﻚ اﻟﺤﻀﺎرة ﺳﺘﻨﺠﻢ ﻋﻦ »اﻟﺘﺒﻌﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﱰﺗﱢﺒﺔ ﻋﲆ َ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﻮﺷﻴﻜﺔ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ ﻧﺼﻮص اﻟﺴﻼم «.وﻣﻊ أن ﻛﻴﻨﺰ ﻋَ َﺰا — رﺑﻤﺎ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺨﻄﺄ — املﻌﺎﻫﺪة ،ﻓﻘﺪ َ اﻧﺘﻘ َﺪ ً اﻟﻌﺎملﻲ أﻳﻀﺎ إﻏﻔﺎﻻﺗﻬﺎ 2 .ﻓﺮﺑﻤﺎ اﺳﺘﻌﺎ َد ﻗﺎدة اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﻓريﺳﺎي اﻟﻨﻈﺎ َم ﱠ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪًا ﰲ اﻟﻔﱰة ١٩١٤–١٨٧٠وﻋﻤﻠﻮا ﻋﲆ ﺗﻘﻨﻴﻨﻪ ،وﻫﻮ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي وﺻﻔﻪ
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
َ اﻟﻔﺮﺻﺔ وﺧﻠﻘﻮا ﻋﺎ َﻟﻤً ﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻛﻴﻨﺰ ﺑﺄﻧﻪ »ﻳﻮﺗﻮﺑﻴﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« .ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮا 3 ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎ. ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ،١٩١٤ﻛﺎن اﻟﻨﺎس واﻟﺒﻀﺎﺋﻊ واﻷﻣﻮال ﻳﻌﱪون اﻟﺤﺪود اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﺘﻤﺘﻌني ﺑﺤﺼﺎﻧﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ .وﺑﻨﺎءً ﻋﻠﻴﻪ ،ﻛﺎن ﻣﺘﺎﺣً ﺎ ﻟﻬﻢ أوﺳﻊ ﻧﻄﺎق ﻣﻤﻜﻦ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻜﺎن ﺳﻴ ُِﺜﻤﺮ ري ﺗﺼﺪﻳ َﺮ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻓﻴﻪ أﻋﲆ رﺑﺢ ﻣﻤﻜﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﱪ اﻟﺤﺪود ﺗﻌﻨﻲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ دول أوروﺑﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻔﺎﺋﺾ ﻟﺪﻳﻬﺎ. ﺑني ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ واﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ارﺗﺤَ َﻞ ﺣﻮاﱄ ٥٥ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﻣﻦ أوروﺑﺎ ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ ﻓﺮﺻﺘﻬﻢ ﻟﺪى دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،وملﺎ ﻛﺎن أﻏﻠﺒﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﺳﻮق ﻋﺎملﻴﱠ ٍﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﻤﻠﻬﻢ ،ﻓﻘﺪ أد ْ ﱠت ﻣﻐﺎدرﺗﻬﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴني اﻟﺴﺎﻋني وراء أﺟﻮر أﻋﲆ ﰲ ٍ أوروﺑﺎ إﱃ اﻧﺨﻔﺎض املﺘﺎح ﻣﻦ اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻫﻨﺎك؛ ﻣﻤﺎ زاد ﻣﻦ أﺟﻮر اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺧ ﱠﻠﻔﻮﻫﻢ وراءﻫﻢ .وﻗﺪ ﺳﺎﻋَ َﺪ وﺻﻮﻟﻬﻢ إﱃ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻷراﴈ ﻋﲆ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﺠﺎل ﻋﺎﺋﻖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .إذا وﺻﻔﻨﺎ اﻷﺳﻮاق اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺤﺪود ،ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﺤﺪث ﻫﺬه اﻟﻬﺠﺮ ُة دون ٍ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﺑﺄﻧﻬﺎ أﺳﻮاق ﻋﺎملﻴﺔ ﱟ ﺑﺤﻖ ﻓﻬﺬا ﻣﻦ ﺑﺎب املﺒﺎ َﻟﻐﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ ري ﻣﻨﻪ إﱃ أن دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﱠ ﻓﻀ َﻠ ْﺖ َ ﺑﻌﺾ أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﲆ أﺟﺰاء أﺧﺮى ﰲ ﺟﺰءٍ ﻛﺒ ٍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﻠﻘﺖ ً ﺳﻮﻗﺎ ﻋﺎﺑﺮ ًة ﻟﻠﺤﺪود ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل .واﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﺳﱰاﻟﻴﺔ ﰲ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﺑﺪأت ﰲ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﻫﺠﺮة اﻟﺼﻴﻨﻴني إﻟﻴﻬﺎ، ٍ ﻋﻘﺒﺎت وﺑﺤﻠﻮل ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻛﻨﺪا وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ﻗﺪ وﺿﻌَ ْﺖ ِ ﺗﻜﺘﻒ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻛﺒري ًة أﻣﺎم اﻟﻬﺠﺮة ﻣﻦ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺼني واﻟﻴﺎﺑﺎن؛ وﰲ ﻋﺎم ١٩١٧ﻟﻢ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ »ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺤﻈﻮرة« ﻣﻨﻌَ ْﺖ ﻫﺠﺮة ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺳﻜﺎن آﺳﻴﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﺑﻞ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ اﺧﺘﺒﺎ َر إﺟﺎدة اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﺘﺨﻔﻴﺾ ﻋﺪد اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ ،إﻻ أن ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻮد ﺳﻤﺤَ ْﺖ ملﻼﻳني املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﻮب وﴍق أوروﺑﺎ ،ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎل إﱃ وﻇﺎﺋﻒ أﻓﻀﻞ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ. َ ِ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﻋﱪ اﻟﺤﺪود، ﺣﺮﻳﺔ إﺑﱠﺎن اﻟﻔﱰة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،دﻋﻤﺖ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ وأﺗﺎح ﻣﺮو ُر اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ املﻌﻔﺎة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮم ﺑني اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻜ ﱢﻞ ٍ اﻷﻧﺴﺐ ﻟﻬﺎ ﰲ اﻷﺳﺎس .وﻣﻊ أن اﻟﺒﻼد ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﺒﺔ وﺿﻌَ ْﺖ ﺣﻮاﺟﺰ دوﻟﺔ أن ﺗﻨﺘﺞ ِ َ ﻓﺮﺿ ْﺖ ﺑﻼد أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ أﻣﺎم اﻟﺘﺠﺎرة ﻛﻤﺎ وﺿﻌَ ﺘْﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﻬﺠﺮة — ﺣﻴﺚ ً ٍ ﺑﺎﻫﻈﺔ — ﺗﺤ ﱠﺮ َﻛ ِﺖ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﺑﺤُ ﺮﻳﱠﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺨﺼﻮص ﺑﺎﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻛﺎن ﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﺮﻳﺎدة ﰲ اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻋﲆ ﻓﺮض ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت 4 أﻗﻞ. 18
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن
أ ﱠﻛﺪ املﺮاﻗﺒﻮن أن اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣ ِ ً ري ﻣﻦ ُﺜﻤﺮ ًة ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺜ ٍ اﻟﺒﻼد اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ دﻋﻤﺖ اﻟﺒﻨﻮ ُك اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣَ ﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن َ ﺑﺸ ﱢﻖ اﻟﻄﺮق وﻣَ ﱢﺪ ﺧﻄﻮط اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ وﺣَ ْﻔ ِﺮ اﻟﻘﻨﻮات ،ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﱠ ﺗﻮﺳﻌَ ْﺖ ﻓﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد واﺗﺠﻬﺖ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﺎ ُ ً زراﻋﺔ اﻟﺤﻘﻮل اﻟﻌﺎﻟ َﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ وﻣﺮوﺟﻬﺎ .ﺟﻌ َﻠ ْﺖ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ،وﺳﺎﻋَ َﺪ اﻟﺒﻼ َد اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ َ وﺧﻠﻘ ْﺖ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﻣﻮال، ﻘﺮض — ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ — ﻋﲆ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ. ﺑﻴ ُﻊ املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ إﱃ ا ُمل ِ ﻣﻘﱰ ً ﻧﺔ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ واﻟﻨﺎس ،داﺋﺮ ًة ﻣﻦ املﻨﺎﻓﻊ ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ أوروﺑﺎ ﻣﻌﻨﻴﺔ. ِ وﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ اﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﰲ ﻋﺎم » :١٩٠٩ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺜﻤﺎرﻧﺎ ﻟﺮأس املﺎل ﰲ ﺑﻼد أﺧﺮى ،ﻧﺤﻦ ﺑﺬﻟﻚً ، املﻘﱰﺿﺔ ﺑﺎملﺎل اﻟﺬي ﻣﻨﺤَ ﻬﺎ اﻟﻘﺪر َة ﻋﲆ أوﻻ :ﻧﻜﻮن ﻗﺪ زوﱠدﻧﺎ اﻟﺒﻼد ِ ﴍاء اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ .ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﻣ ﱠﻜﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ رﻓﻊ ﻣﻌﺪﻻت إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ملﻌﺪﻻت ﻛﺒرية ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺴﻨﱠﻰ ﻟﻬﺎ ﺳﺪا ُد اﻟﻔﺎﺋﺪة واﻷرﺑﺎح املﺴﺘﺤﻘﺔ ﻋﲆ أﻣﻮاﻟﻨﺎ، 5 ً وأﻳﻀﺎ ﴍاء ﻛﻤﻴﺎت ﺿﺨﻤﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ«. ﻛﺎن ﻛﻴﻨﺰ ﱡ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ًرا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻻﺣﱰام ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺒﺎﺋﺪ؛ ﻷﻧﻪ ﺳﻤﺢ ﻷوروﺑﺎ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ ﺑﺄن ﱢ ﻧﺤﻮ ﺗﺨﻔﻒ ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺬي ﺗﻔﺮﺿﻪ زﻳﺎد ُة اﻟﺴﻜﺎن ﻋﲆ ﻣﻮارد اﻟﻄﻌﺎم ﻋﲆ ٍ ﺗﺘﻌﺬﱠر اﻟﺴﻴﻄﺮ ُة ﻋﻠﻴﻪ .وﻳﴩح ﻛﻴﻨﺰ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻣﻊ ﻧﻤﻮ ﻋﺪد ﺳﻜﺎن أوروﺑﺎ ،زاد ﻋﺪد املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻟﻔﻼﺣﺔ اﻷرض ﺑﺎﻟﺒﻼد اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى زاد ﻋﺪد اﻟﻌﻤﱠ ﺎل املﺘﺎﺣني ﰲ أوروﺑﺎ ﻹﻋﺪاد املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻠﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﱢ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﴬورﻳﺎت ﻟﻠﺴﻜﺎن ﻣﻦ املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﰲ أوﻃﺎﻧﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻟﺒﻨﺎء ﺧﻄﻮط اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ واﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﻄﻌﺎم واملﻮاد اﻟﺨﺎم ﻣﻦ املﺼﺎدر اﻟﺒﻌﻴﺪة ﰲ أوروﺑﺎ 6 «.إﻻ أن اﻟﺤﺮب ﻋ ﱠ ﻄ َﻠ ْﺖ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ،وﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻟﻨﺎس أو اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟﺘﺤ ﱡﺮك ﺑﺤُ ﺮﻳ ٍﺔ ،وﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ْﺖ ﻃﺎﻗﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣُﻨﺘِﺠﺔ ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻧﺤﻮ اﻟﺪﻣﺎر ،وﻏﺬﱠت اﻷﻣﻮال اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﺮب ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺬﻫﺐ إﱃ ﺣﺪود اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،واﻷﺳﻮأ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ أن وﺿﻌَ ِﺖ اﻟﺤﺮبُ أوزارﻫﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﱢ اﻟﺴ ْﻠﻢ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﻌﺎﻟﻢ املﻔﻘﻮد .ﻳﻘﻮل ﻛﻴﻨﺰ ﱢ ﻣﺘﺄﻓ ًﻔﺎ» :ﻟﻢ ﺗﺘﻀﻤﻦ املﻌﺎﻫﺪة أيﱠ ﻧﺼﻮص ﺑﺨﺼﻮص إﻋﺎدة اﻟﺘﺄﻫﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻷوروﺑﺎ … 7
أو إدﺧﺎل ﺗﻌﺪﻳﻼت ﻋﲆ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ أو اﻟﺠﺪﻳﺪ«. ُﺴﺘﻌﺮ ً ﺿﺎ أﺣﺪاث ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن ﻛﺘﺐ املﺆرخ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ إي إﺗﺶ ﻛﺎر ﻣ ِ اﻟﻌﴩﻳﻦ» :ذﻫﺒﺖ زﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﻋﺎم ،١٩١٨ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة … إﻻ أﻧﻬﺎ رﻓﻀﺘﻬﺎ 8 «.اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة َ رﻓﻀ ْﺖ أن ﺗﻘﻮد اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ إﻋﺎدة ﺧﻠﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﺪﻳﻢ املﻔﺘﻮح ،ﺑﻞ ﺗﺤ ﱠﺮ َﻛ ْﺖ ﰲ اﻻﺗﺠﺎه املﻌﺎﻛﺲ ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ. 19
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺣﺎو َﻟ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب ،وﻟﻜﻨﻬﺎ اﺿﻄﻠﻌﺖ ﺑﺎملﻬﻤﺔ ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻬﻤﺔ ،ﱠ وﺣﻘ َﻘ ْﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪ ًرا أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح؛ ﻓﻘﺪ ﺣ ﱠﺪ َد اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﺤﺪو َد اﻟﻘﺼﻮى ﻟﻠﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺑﻤﻮاﻓﻘﺘﻪ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮﻧ َ ْﻲ ١٩٢١و ،١٩٢٤ﰲ ﺣني ﻣﻨﻌَ ْﺖ ﺑﻼ ُد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻷﺧﺮى اﻟﻬﺠﺮ َة ﺑﻄﺮﻗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻓﺒﻌﻀﻬﺎ اﻧﻀ ﱠﻢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ﺣﻈﺮ اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴني اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني وﻓﺌﺎت املﺠﺮﻣني أو اﻟﻔﻘﺮاء أو املﻌﺎﻗني ،وﺣﺎ َو َل اﻟﱪازﻳﻠﻴﻮن ﺗﻮﺟﻴ َﻪ اﻟﻬﺠﺮة إﱃ املﺰارعً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ املﺪن .وأﺗﺎح ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻬﺠﺮة ﺑﻜﻨﺪا ﻟﻌﺎم ١٩١٩ﻟﻠﻤﺴﺌﻮﻟني ﺣَ ْ ﻈ َﺮ »املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ … اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﻌﺘﱪون ﻏري ﻣﻨﺎﺳﺒني ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ، وﻋﺎداﺗﻬﻢ ،وأﻧﻤﺎط ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ« 9 .وﺻﻌﱠ ﺒ َْﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻮ ُد ﻋﲆ اﻷوروﺑﻴني إﻳﺠﺎ َد ﻓﺮص ﺧﺎرج ﺑﻼدﻫﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺒﱠﺄ ﻛﻴﻨﺰ ﰲ ﻋﺎم .١٩١٩ ُ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻘﻮاﻧني املﻘﻴﺪة ً أﻳﻀﺎ؛ ﺣﻴﺚ رﻓﻌﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺎﻃﺄ َ ْت املﺘﺤﺪة اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﰲ ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩٢١و ،١٩٢٢وﺑﺪأت ﺑﻼد أﺧﺮى ﺗﺤﺬو ﺣَ ﺬْوﻫﺎ .وﻋﻘﺪ ٍ ﻣﺆﺗﻤﺮات دَﻋَ ِﺖ اﻟﻮﻓﻮ ُد اﻟﺘﻲ ﺣﴬَ ﺗْﻬﺎ إﱃ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﻮن املﻨﺰﻋِﺠﻮن ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات رﻓﻊ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﺋﻖ ،وآ َل اﻷﻣ ُﺮ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ ﻋﻘﺪ املﺆﺗﻤﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺬي دَﻋَ ْﺖ إﻟﻴﻪ ُ ﻋﺼﺒﺔ اﻷﻣﻢ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٧واﻟﺬي أﻋ َﻠ َﻦ ﻣﻌﺎرﺿﺘَﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ،وﻟﻜﻦ دون أن ﱢ ٍ ﻧﺘﻴﺠﺔ .ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺎرﻳﺦ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻦ ﻓﺮض اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ اﻣﺘ ﱠﺪ ﻋﱪ ﻳﺤﻘﻖ أيﱠ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒ َْﺖ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٦ﱠ ﺗﻐري َِت اﻟﻈﺮوف ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني» :ﻻ ﻳﺤﺘﺎج اﻷﻣ ُﺮ إﱃ ﺧﺒري اﻗﺘﺼﺎدي ﺳﻴﺎﳼ ﻻﺳﺘﻨﺘﺎج أن ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ ﺗﻐري ﱡ ﺗﻐريًا ﺟﺬرﻳٍّﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺖ ﻋﺎم ١٩١٤؛ ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺠﺎرة ﱠ َ ً املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ١٩١٤أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني ﻏريَ ِ ﻣﻨﺎﺳﺒ ٍﺔ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ،وﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺳﺪا َد ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻨﺎ اﻟﻀﺨﻤﺔ واملﺘﺰاﻳﺪة 10 ﰲ اﻟﺨﺎرج إﻻ إذا ﻗﺒﻠﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺪﱢﻣﻪ ﻟﻨﺎ ﻣﺪﻳﻨﻮﻧﺎ اﻷﺟﺎﻧﺐ«. ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،ﻓﺘﺤﻮﻟﺖ — ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺑني ﻋﺸﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺤﺮب ﺗﺒﻮﱠأ َ ِت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﺮﻛ ًﺰا وﺿﺤﺎﻫﺎ — ﻣﻦ أﻛﱪ ﻣﺪﻳﻦ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ أﻛﱪ داﺋﻦ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺣ ﱠﻠﺖ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻣﺤﻞ ﻟﻨﺪن ﻘﺮض اﻟﺮﺋﻴﴘ ﰲ ﺷﺒﻜﺔ اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﻌﺎملﻴﺔ .وﻛﺎن ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻐ ًﺰى أﻛﱪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ا ُمل ِ َ اﺧﺘﻠﻔ ْﺖ ﻋﻦ اﻗﱰاض ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﻟﺘﺤﻮﱡل ﰲ املﺮﻛﺰ أو اﻟﺮﻳﺎدة؛ ﻓﺪﻳﻮن ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب؛ ﻓﺎملﻘﱰﺿﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ أﻧﻔﻘﻮا اﻟﻘﺮوض اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺪ اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ وإﻗﺎﻣﺔ املﺰارع ،ﻛﻲ ﻳﺮﺳﻮا اﻷﺳﺎس ﻟﺠﺪارﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺴﺪاد ملﻘﺮﺿﻴﻬﻢ .أﻣﺎ اﻟﺪول املﻘﱰﺿﺔ اﻟﺘﻲ رﻓﻌﺖ راﻳﺔ اﻟﺤﺮب ،ﻓﻘﺪ َ َ اﻟﻘﺮوض اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ أﻧﻔﻘ ِﺖ ِ 20
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن
ً ﻗﺎﺿﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺪارة .أﻣﺎ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟَ ْﺖ وﻗﺖ اﻟﺤﺮب ﻋﲆ اﻟﺬﺧﺎﺋﺮ واﻟﻘﺬاﺋﻒ، ً َ اﻗﱰﺿ ْﺖ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ املﺎل ﻟﺴﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﱰض ﺟﺮﻳﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب ﻓﻘﺪ ِ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎت املﺤﺎرﺑﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﺴﺪﱢد ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻟﺘﺴﺪﱢد ﻣﺴﺘﺤﻘﺎت اﻟﺪول ِ أﻣﺮﻳﻜﺎ. ً وﻣﺮوﻧﺔ ﻣﻦ ﺳﺎﺑﻘﻪ — اﻋﺘﻤﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ — اﻟﺬي ﻛﺎن أﻗﻞ اﻧﻔﺘﺎﺣً ﺎ ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﻋﲆ اﺳﺘﻤﺮار اﻹﻗﺮاض اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺳﺪاد اﻟﺪﻳﻮن، أﻓﻘ َﺮﺗْﻪ اﻟﺤﺮب .ﱠ وﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﻌﺠﻮزات اﻟﺴﺎﺋﺪة ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي َ وﺣﻘﻖ اﻹﻗﺮاض اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻫﺬا اﻟﻐﺮض ﻟﻔﱰة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ،إﻻ أﻧﻪ ﱠ ﺗﻮﻗ َ ﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ ،١٩٢٨ﻓﺄدﱠى ذﻟﻚ إﱃ ﺣﺪوث رﻛﻮد ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ وﺑﻮﻟﻨﺪا واﻟﱪازﻳﻞ واﻷرﺟﻨﺘني وأﺳﱰاﻟﻴﺎ وﻛﻨﺪا 11 .وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أَﻋْ ُني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻮﺟﱠ ﻬَ ًﺔ إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻌﺜﱢﺮ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ أﻧﻈﺎرﻫﻢ ﻣﺘﱠ ِﺠ ً ٍ ﺑﴪﻋﺔ ﻛﺒري ٍة ﻬﺔ إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺘﻨﺎﻣﻲ ﰲ وﻃﻨﻬﻢ. ﺗﻌﺎﻓ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺬي َ َ أﻋﻘﺐَ اﻟﺤﺮب ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢١ﻧﻤﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺑﻤﻌﺪل ﺳﻨﻮيﱟ ﻛﺒري ،وأﻧﺘﺞ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺑﻜﻔﺎء ٍة أﻋﲆ، اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ ٍ ﻓﺰاد ْ َت دﺧﻮﻟﻬﻢ ،وإن ﻟﻢ ﺗَ ِﺰ ْد ﺑﻨﻔﺲ ﴎﻋﺔ زﻳﺎدة أرﺑﺎﺣﻬﻢ اﻟﺘﻲ أد ﱠرﻫﺎ ارﺗﻔﺎ ُع ﻣﻌﺪل إﻧﺘﺎﺟﻴﺘﻬﻢ 12 .وزاد ً أﻳﻀﺎ ﺗﻔﺎؤل ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻇﻨٍّﺎ ﻣﻨﻬﻢ أﻧﻬﻢ وﻟﺠﻮا ﻋﻬﺪًا ﺟﺪﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎء ،ﺗﻠﻤﱠ ُﺴﻮه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻤ ﱠﻜ َﻦ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ ﴍاء ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﻌﻴﺸﻴ ٍﺔ أﻓﻀﻞ ،ﻣﺎدﻳٍّﺎ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ،ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﴣ .وﺑﻠﻎ اﻗﺘﻨﺎﻋﻬﻢ واﻟﻌﻴﺶ ﰲ َ ﻋﺮوض اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﺘﻲ أُﺗِﻴﺤﺖ ﻷول ﻣﺮة ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﺣﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﻘﺒﻠﻮن ﻛﻲ ﻳﺸﱰوا ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪورﻫﻢ ﴍاؤه ﻣﻦ ﺟﻴﻮﺑﻬﻢ ،وﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺣﻴﺎ ًة أﺗﺨﻤَ ﺘْﻬﺎ اﻟﺪﻳﻮن. ﺑﻤﻌﺪل ﻳﺰﻳﺪ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻷﴎة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﺗﺴﺘﺪﻳﻦ ٍ زﻳﺎد ًة ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت؛ زﻳﺎدة رﺑﻤﺎ ﺗﺒﻠﻎ ٤دوﻻرات ﻋﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﻳﺴﺒﻘﻪ ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ارﺗﻔﻊ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺰﻳﺎدة ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﺜﺎل اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻴﺒﻠﻎ ١٤دوﻻ ًرا ﰲ اﻟﺴﻨﺔ 13 .ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺸﱰون ﺑﻬﺬا املﺎل املﻘﱰض اﻟﺒﻀﺎﺋ َﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ زاد ﻣﻌﺪل إﻧﺘﺎﺟﻬﻢ ﻟﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ واملﻌﻤﺮة واﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﱠ وﻓ َﺮ ْت ﻟﻬﻢ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﱰﻓﻴﻪ املﺘﻨﻮﱢﻋﺔ ،وأﻋْ َﻠ ْﺖ ﻣﻦ آﻣﺎﻟﻬﻢ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻈﺮوﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة. َ ﺣﻘﺒﺔ اﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت ﱡ وﺻﺎﺣَ ﺐَ ﺑﺚ اﻟﱪاﻣﺞ اﻹذاﻋﻴﺔ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎ ٍم ،وﴍاء اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻷﺟﻬﺰة اﻟﺮادﻳﻮ 21
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
واﻟﻔﻮﻧﻮﺟﺮاف ،ﻛﻤﺎ اﺷﱰَوا اﻷﺟﻬﺰ َة املﻨﺰﻟﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺜﻼﺟﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ،واﻷﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣً ﺎ ﻣﻤﺎ 14 ُ اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ اﺷﱰوﻫﺎ. ﺳﺒﻖ َ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﺮﺧﺎء اﻟﺬي ﻧﻌﻤﺖ ﺑﻪ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻗﺎد إﻧﺘﺎجُ اﻟﺴﻴﺎرات وﴍاؤﻫﺎ وﺗﻤﻮﻳﻠﻬﺎ وإدرا َﻛﻪ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .زاد إﻧﺘﺎج ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻟﺴﻴﺎرات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻀﻌﻒ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﻘﺪ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠَ ﺘْﻬﺎ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٢٩واﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ٤٫٤ﻣﻼﻳني ﺳﻴﺎرة ،ﺗﺸ ﱢﻜﻞ اﻟﺠﺰء ذا اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻜﱪى ﻣﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ ﻛﺎن ﺣﻮاﱄ ٤٤٧أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎرات؛ أي أﻗﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﻌﺪد اﻟﻌﺎﻣﻞ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺪ واﻟﺼﻠﺐ اﻟﺬي ﻳ َ ُﻌﺘﱪ أﻛﱪ ﺻﻨﺎﻋﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ .ﻓﻜﻠﻤﺎ زاد ﻋﺪد اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ،زاد ﻃﻠﺒﻬﻢ ﻋﲆ َ ﱡ اﻟﺘﻮﺳ ِﻊ ﰲ ﻣ ﱢﺪ اﻟﻄﺮق ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺰﺟﺎج واملﻄﺎط واﻟﺼﻠﺐ واﻟﺒﻨﺰﻳﻦ .وﻗﺪ ﻗﺎد ﻣﺸﱰو اﻟﺴﻴﺎرات وﺑﻨﺎء املﻨﺎزل ﺑﺎﻟﻀﻮاﺣﻲ وإﻧﺸﺎء ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺴﻮق وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﺠﺬب ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺒ َِﻲ 15 اﻟﻄﺮﻳﻖ. ﰲ ﻋﺎم ١٩٢٠ﺳﺠﱠ َﻠ ْﺖ ﻣﻜﺎﺗﺐ اﻟﺴﻴﺎرات وﺟﻮ َد ﺳﻴﺎرة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ ﻣﺴﺠﱠ َﻠﺔ ﻟﻜ ﱢﻞ ﺛﻼث أ ُ َﴎ ،وﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ اﻣﺘﻠ َﻜ ْﺖ ﻛ ﱡﻞ أﴎة ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ اﻟﺒﻠﺪ ﺳﻴﺎر ًة .ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺣﻮاﱄ ٢٣ ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻴﺎرة ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٩ﰲ ﺑﻠﺪ ﺑﻠﻎ ﺗﻌﺪاد ﺳﻜﺎﻧﻪ ﺣﻴﻨﻬﺎ ١٢٣ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴﻤﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ وﻫﺬا ﻣﻌﻨﺎه أﻧﻪ ﻟﻮ أن ﻛ ﱠﻞ ﺳﺘﺔ أﺷﺨﺎص اﺳﺘﻮﻋﺒَﺘْﻬﻢ ﺳﻴﺎرة واﺣﺪة ،ﻻرﺗﺎد اﻟﺒﻠﺪ ﺑﺄﴎه 16 اﻟﻄﺮﻗﺎت ﰲ ٍ وﻗﺖ واﺣﺪٍ. ُ َ ﻗﺪﱠﻣَ ْﺖ ﴍﻛﺔ ﻫﻨﺮي ﻓﻮرد ﻟﻠﺴﻴﺎرات ﺑﻌﺾ اﻻﺑﺘﻜﺎرات ﰲ املﺠﺎل اﻟﺘﻘﻨﻲ وﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻬﱠ ﺪ َِت اﻟﺴﺒﻴ َﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﺘﻐﻴريات .وﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،اﺳﺘﻘ ﱠﺮ ﻓﻮرد ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻮذج »ﻣﻮدﻳﻞ ﺗﻲ« ﻟﻴﻜﻮن اﻟﺴﻴﺎرة اﻟﺘﻲ ﺳﺘُﻄ َﺮح ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﺘﻔﻲ ﺑﺠﻤﻴﻊ أﻏﺮاﺿﻪ، ً واﺑﺘ َﻜ َﺮ ﺧ ﱠ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﻜﺜﻴﻒ ،وﺑﺪأ ﻳﺮوﱢج ﻟﻸﺟﻮر املﺮﺗﻔﻌﺔ ﻂ اﻟﺘﺠﻤﻴﻊ املﺘﺤ ﱢﺮك ﻟﻴﻜﻮن اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﻪ ،ﻣﻦ ﺑﺎب ﺿﻤﺎن وﻻﺋﻬﻢ وﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ ﴍاء ﻣﻨﺘﺞ اﻟﴩﻛﺔ اﻟﺮﺋﻴﴘ ،اﻟﺬي ﺗﺮاﺟَ َﻊ ﺳﻌﺮه أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﺑﻤﺮور اﻟﺴﻨني ،ﻟﻴﻨﺨﻔﺾ ﻣﻦ ﺣﻮاﱄ ٩٥٠ 17 دوﻻ ًرا ﰲ ﻋﺎم ١٩٠٩إﱃ ٢٩٠دوﻻ ًرا ﰲ ﻋﺎم .١٩٢٦ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﴍﻛﺔ ﻓﻮرد ﺗﻤﺜﱢﻞ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎرات ،وﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﱢﻞ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻘﻄﺎع اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻟﻜﺎن اﻟﺤﺎل ُ ُ ٍ ﻛﺎﻵﺗﻲِ : واﻧﺨﻔﺎض اﻷﺳﻌﺎر واﻹﻧﺘﺎجُ ﻟﺴﻠﻌﺔ ﻗﻴﺎﺳﻴ ٍﺔ ﻋﲆ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻜﺜﻴﻒ ﻋﻤ َﻞ ارﺗﻔﺎ ُع اﻷﺟﻮر َ ٍ ٍ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺳﻠﻌﺔ ﺳﻠﻌﺔ ﺗﺮﻓﻴ ٍﻪ إﱃ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﴣ 22
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن
ٍ ﺑﻮﺟﻪ املﻮﻗﻒ اﻟﺴﺎﺋﺪ؛ ﻓﺮﻏﻢ اﻧﺨﻔﺎض ﺳﻌﺮ »املﻮدﻳﻞ ﺗﻲ« ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻠﻊ املﻌﻤﺮة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻋﺎ ﱟم ﺗﻜﻠﻒ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﺠﺎت اﻷﺧﺮى ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺸﱰ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺗﻠﻚ املﻨﺘﺠﺎت ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻤﻴﺎت ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ رﺧﻴﺼﺔ ،ﺑﻞ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب ،وﻟﻢ ِ 18 ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﱰوﻧﻬﺎ رﻏﻢ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ. أﺗﺎﺣﺖ اﻟﺴﻴﺎر ُة »ﻣﻮدﻳﻞ ﺗﻲ« اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ رﺧﻴﺼﺔ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﻓﺮﺻﺔ ٍ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ أن ﻳﺸﱰي ﺳﻴﺎرة، اﻣﺘﻼك ﺳﻴﺎرة .وﻟﻜﻦ ﰲ ﻣﻦ ﺳﻴﺸﱰي ﺳﻴﺎرات ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؟ ﻟﺬا ﻗ ﱠﺮ َر ْت ﴍﻛﺔ ﺟﻨﺮال ﻣﻮﺗﻮرز أن ﺗﺘﺄ ﱠﻛﺪ ﻣﻦ أن ُ ٍ ِ اﻟﺴﺒﻖ ﻃﺮازات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎرات؛ ﻓﻜﺎن ﻟﻬﺎ ﺳﻴﻮاﺻﻠﻮن ﴍاءَ اﻷﺷﺨﺎص أﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ اﻟﺘﺨﺮﻳﺪ املﺨ ﱠ ﻄﻂ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻐﻴري اﻟﻄﺮازات اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .وﻹﺗﺎﺣﺔ اﻟﱰف ﰲ ﺳﻴﺎراﺗﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺑﺪأ َ ْت ﺟﻨﺮال ﻣﻮﺗﻮرز ﰲ ﻣﻨﺢ اﻻﺋﺘﻤﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺟﻨﺮال 19 ﻣﻮﺗﻮرز أﻛﺴﻴﺒﺘﺎﻧﺲ ﻛﻮرﺑﻮرﻳﺸﻦ. ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن املﺎل املﻘﱰَض املﺘﺎح ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ﺑﺎﻫﻈﺔ؛ 20 ﻓﻜﺎن ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺴﻨﻮي ﻋﲆ ﺧﻄﺔ ﺗﻘﺴﻴﻂ ﴍاء ﺳﻴﺎرة ﺟﺪﻳﺪة ﻳﺒﻠﻎ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ. وﻣﻊ أن دﻋﺎة اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت — اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻫﻨﺮي ﻓﻮرد ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ — ﻛﺎﻧﻮا َﻗﻠِﻘني ﺑﺸﺄن اﻟﻨﻄﺎق املﺘﺰاﻳﺪ ﻟِﻤَ ﺎ ﺑﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺮون أﻧﻬﻢ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﴍاءه ،ﻓﺈن املﺴﺘﻬﻠﻜني أﻧﻔﺴﻬﻢ أذﻋﻨﻮا ﱡ اﻟﺤﻖ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ اﻟﴬورﻳﺔ 21 «.اﻟﺘﻲ روﺟﺖ ﻟﻬﺎ ملﻘﻮﻟﺔ» :ﻟﻜ ﱢﻞ أﻣﺮﻳﻜﻲ ُوﻟِﺪ ﺣ ٍّﺮا ﻣﺠﻠﺔ »أدﻓريﺗﺎﻳﺰﻳﻨﺞ آﻧﺪ ﺳﻴﻠﻴﻨﺞ« ﰲ ﻋﺎم .١٩٢٦وﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﻘﺪ ازداد ﻃﻮل ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺤﺎﺟﺎت اﻟﴬورﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة. إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪور اﻻﺋﺘﻤﺎن ﺗﻮﻓري املﺎل إﱃ اﻷﺑﺪ؛ ﻓﻨﻈﺎم اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻂ َ أرﺳ َﻞ اﻟﻔﻮاﺗريَ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎ ٍم دون ﱡ ﱠ ﻳﺘﺤﺼﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻋﲆ دﺧﻮﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﻗ ٍﻒ ،ﰲ ﺣني ﻟﻢ املﻮﺛﻮﻗﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺪورﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻮح داﺋﻤً ﺎ ،وﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻮﺟﻮدًا ملﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ؛ ﻟﺬا ﻛﺎن ﻋﲆ املﺸﱰﻳﻦ ﱢ ﺗﻮﺧﻲ اﻟﺤﺬر ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﻘﻄﻮا ﰲ دواﻣﺔ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ٍ ﻟﱪﻫﺔ اﻷﺟﻞ ،ﻓﺄي ﻏﻤﻮض ﻳﺮاه املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﰲ اﺳﺘﴩاﻓﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﻤﻬﱠ ﻠﻮن، ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ،ﻟﺮؤﻳﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث وﻳﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ رواﺗﺒﻬﻢ .وﰲ زﻣﻦ اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﱡ اﻟﺘﻮﻗﻒ — وﻟﻮ ً ﻗﻠﻴﻼ — ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﴩاء إﱃ ﺗﺒﺎﻃﺆ ﺧﻄﻮط اﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ أو أن ﻳﺆدﱢي ﺣﺘﻰ ﱡ ﺗﻮﻗﻔﻬﺎ. وﻣﻊ ﺷﻐﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺑﺄﺷﻜﺎل اﻹﻏﺮاء اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪَﻣَ ﻬﺎ املﻌﻠِﻨﻮن ،اﻗﱰﺑﻮا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ َ اﻛﺘﺸﻔ ِﺖ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻘﱰض ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٢٨ﻣﺎ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﺴﻦ ﻃﺎﻟﻌﻬﻢ. 23
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺣﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ َ ﻧﻀﺒ َْﺖ ﻣﻨﺎﺑ ُﻊ اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﺎ اﻛﺘﺸﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﺎن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺎ َ ﻃﺄ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ اﻟﺬي ﻳﻐﺬﱢﻳﻪ اﻻﺋﺘﻤﺎن؛ ﻓﺒﺤﺚ اﻻﺛﻨﺎن ﻋﻦ ﻣﺼﺪر ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻤﺎ، وﻋﻦ اﻟﺤﻠﻮل املﻤﻜﻨﺔ ﰲ ﻣﻨﺒﻊ اﻟﺪﻳﻦ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ. إذا ﻣﺜ ﱠ ْﻠﻨﺎ اﻗﺘﺼﺎ َد اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﰲ ﺻﻮرة دواﺋﺮ ﻣﺘﺤﺪة املﺮﻛﺰ، ﻓﺴﻨﺠﺪ أن اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﺗﻀ ﱡﻢ اﻟﺸﻌﻮبَ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ املﺮﻛﺰ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﻗ ﱠﻠﻤَ ﺎ ﺗﺘﺄﺛﱠﺮ ﺑﻔﱰات ازدﻫﺎره أو رﻛﻮده ،أﻣﺎ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ﻓﺘﻀ ﱡﻢ اﻟﺪو َل اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ اﻟﺪﻳﻮ ُن ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻳﻌﻘﺐ ذﻟﻚ أﻏﻠﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني أﻧﻔﺴﻬﻢ ﱠ ﻣﻘﺴﻤني إﱃ دواﺋﺮ أﺻﻐﺮ :ﻣﻜ ﱠﻮﻧَﺔ ﻣﻤﱠ ْﻦ ِ ﻳﻨﺎﺿﻠﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﻴﺶ اﻟﻜﻔﺎف ،ﺛﻢ املﻮﴎﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺪﻳﻨﻮن ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻣﺸﱰﻳﺎﺗﻬﻢ اﻟﺮوﺗﻴﻨﻴﺔ ،ﻳﻠﻴﻬﻢ اﻷﻗﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ ﺣَ ﻤَ َﻠﺔ اﻷﺳﻬﻢ ،ورﺑﻤﺎ ﺗﻘ ﱡﻞ ﻧﺴﺒﺘﻬﻢ ُ اﻟﻄﺒﻘﺔ ﺷﺒﻪ اﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﺔ؛ أي املﻤﻮﱢﻟﻮن ﻋﻦ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ 22 .وإﱃ اﻟﺪاﺧﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨﺬون ﻗﺮارات ﺗﺤﺪﱢد ﻣﺪى ﺳﻬﻮﻟﺔ أو ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺣﺼﻮل َ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﲆ أﻣﻮاﻟﻬﻢ ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮاﻗﺒﻮن ﺣﺮﻛﺔ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﰲ ﻋﺼﺒﻴ ٍﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪةٍ. ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ وﺣﻮﻟﻬﺎ ﰲ ﺟﻨﻮب ﻣﺎﻧﻬﺎﺗﻦ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻛﺜﺮ اﺟﺘﻬﺎدًا وﻧﻔﻮذًا ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ .وﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻗﺎﴈ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ املﺴﺘﻘﺒﲇ ﺗﺸﺎرﻟﺰ إﻳﻔﺎﻧﺰ ﻫﻴﻮز ،ووزﻳﺮ اﻟﺤﺮب ﻫﻨﺮي ﺳﺘﻴﻤﺴﻮن ،وﺣﺎﻛﻢ ﻧﻴﻮﻳﻮرك املﺴﺘﻘﺒﲇ ﻫﺮﺑﺮت ﻟﻴﻤﺎن ،واﻟﺮﺋﻴﺲ املﺴﺘﻘﺒﲇ املﻌﺎدي أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﺜﱢﻠﻪ وول ﺳﱰﻳﺖ :ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ 23 .ﻓﺘﻮ ﱠﻟﻮا ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻧﺪﻣﺎج وﻃﺮح اﻷﺳﻬﻢ وﻛﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﺒرية اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ ﴍﻛﺎت اﻟﺪوﻟﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﻮ ﱠﻟﻮا ً ٍ ﻣﻌﺎﻣﻼت أﺧﺮى .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، أﻳﻀﺎ ،ﻣﻊ ﺟريان ﻟﻬﻢ أﻗﻞ ﺷﻬﺮ ًة، ٍ ﻛﺎف ﻣﻦ رأس املﺎل ،إﻧﺸﺎءُ ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪور ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ،ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﺒﻠﻎ »ﺻﻨﺪوق ﻣﺸﱰك« ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ﺧِ ﱢ ﺼﻴﴡ ﺑﺴﻌﺮ ﺳﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ ،ﻓﻜﺎن أﻋﻀﺎء اﻟﺼﻨﺪوق ٍ أوﻗﺎت وﺑﺰﻳﺎدات ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ ﻟﻺﻳﺤﺎء ﺑﻘﺼﺔ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ﻳﺒﻴﻌﻮن وﻳﺸﱰون ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﰲ ﻟﺴﻤﺴﺎر ﻣﻦ ﻏري أﻋﻀﺎء اﻟﺼﻨﺪوق ﻳﺮاﻗِ ﺐ ﴍﻳﻂ ﻃﺎﺑﻌﺔ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ .واﻷرﻗﺎم املﻄﺒﻮﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﴩﻳﻂ اﻟﺘﻲ ﺗُﺒﺪِي ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﺪاول اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻟﻠﻌﻴﺎن ﻻ ﺗﻜﺬب ،إﻻ أن ﻧﻤﻂ اﻷرﻗﺎم ً ﺷﻐﻮﻓﺎ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺳﻤﺎﴎة اﻟﺼﻨﺪوق .وﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﻗﺪ ﻳﺨﺪع ﻣﺮاﻗِ ﺒًﺎ واﺳ َﻊ اﻟﺨﻴﺎل ُﺠﺮﻳﻬﺎ أﻋﻀﺎء اﻟﺼﻨﺪوق ﺳﻴﻮﺣﻲ اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﺬي ﺗﻨﺘﺎﺑﻪ وﻫﺒﻮط ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﴩاء اﻟﺘﻲ ﻳ ِ ﺷﺨﺼﺎ ﻣﺎ ،ﰲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ،ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر ﻣ ﱠ ً ﻄﻠﻌﺔ ﺑﺄن ﺳﻌﺮ ﺳﻬﻢ اﻟﻬﻮاﺟﺲ ﺑﺄن ﴍﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎت ﺳريﺗﻔﻊ؛ ﻓﻴﺘﻜﺎﻟﺐ املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻋﲆ ﴍاء ﺳﻬﻢ اﻟﺼﻨﺪوق؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ 24
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن
ﻋﲆ رﻓﻊ ﺳﻌﺮه ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﻢ رﻓﻌﻮا ﺳﻌﺮه إﱃ أﻗﴡ ﺣ ﱟﺪ ﻟﻪ ،ﻳﺴﱰ ﱡد أﻋﻀﺎء اﻟﺼﻨﺪوق َ َ ﻃﻴﻠﺔ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺴﻬﻢ ،ﻓﻴﻌﻮد ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻬﻢ إﱃ ﻣﺴﺘﻮاه اﻟﺴﺎﺑﻖ .ﻛﺎن ﻫﺬا ﻳﺤﺪث اﻷﺻﻠﻴﻮن ً أﺻﻼ؛ ﻓﻘﺪ أورد ْ َت ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا وول ﺳﱰﻳﺖ اﻟﻮﻗﺖ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴٍّﺎ ،ﺑﻞ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﴎﻳٍّﺎ ﺟﻮرﻧﺎل ﺗﻘﺮﻳ ًﺮا ﻋﻦ اﺗﺠﺎﻫﺎت أﺳﻬﻢ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ،وﻧﴩت ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻷﺷﺨﺎص املﺴﺌﻮﻟني ﻋﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎدﺗﻬﺎ أن ﺗﻄﻮف ﺑني آراء املﺤ ﱢﻠﻠني ﺑﺨﺼﻮص اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺟﺬﺑﺖ ﺣﻤﺎس املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﺟﻬﺎﻟﺔ ﻣﻨﻬﻢ )وﻳﻘﻮل أﺣﺪ املﺤ ﱢﻠﻠني إن اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ 24 ﺗﺠﺬب املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ »ﻛﻬﺮﺑﺎء أو إﻧﺎرة أو ﻃﺎﻗﺔ ﰲ اﺳﻤﻬﺎ«(. أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﻔ ﱢﺮﻗﻮن ﺑني ذﻟﻚ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺬي ﻳُﻄﻠِﻘﻮن ﻋﻠﻴﻪ »ﻣﻀﺎ َرﺑﺔ« وﺑني اﻟﴩاء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻸﺳﻬﻢ اﻟﺬي ﻳُﻄﻠِﻘﻮن ﻋﻠﻴﻪ »اﺳﺘﺜﻤﺎ ًرا« ،وﻛﺎن املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻳﺸﱰون اﻷﺳﻬﻢ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺳﻤﻌﺔ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻣﺨﺘﺎرﻳﻦ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﴩﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ ﺳﺘﺆدﱢي ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺑﺠﺪار ٍة املﻀﺎرﺑﻮن ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺸﱰون اﻷﺳﻬﻢ وﻳﺒﻴﻌﻮﻧﻬﺎ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﰲ اﻟﺸﻬﻮر واﻟﺴﻨني اﻟﻘﺎدﻣﺔ .أﻣﺎ ِ ﺣﺪﺳﻬﻢ ﺣﺴﺐ اﻧﺪﻓﺎﻋﺎت ﻏريﻫﻢ ﻟﻠﺒﻴﻊ واﻟﴩاء ﰲ اﻟﺴﻮق ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺣﻴﺚ إن ﻧﺸﺎط املﻀﺎ َرﺑﺔ ﺗﻔﻮ َﱠق ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرَ ، َ املﻀﺎرﺑني وأﺧﺬ ﻋﺪ ُد املﺮاﻗﺒني اﻟﺴﻮق ﻋﺪ ٌد أﻛﱪ ﻣﻦ دﺧ َﻞ ِ اﻟﺬﻳﻦ أﺻﺎﺑﻬﻢ اﻟﻘﻠﻖ ﻳﺮﺗﻔﻊ. ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٢٨أدرك رﺟﺎل وول ﺳﱰﻳﺖ — وأ ﱠﻛﺪ ْ َت ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا وول ﺳﱰﻳﺖ 25 ﺟﻮرﻧﺎل ذﻟﻚ — أﻧﻬﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ »ﺳﻮق ﺗﺪ ﱡر ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻤﻮﻻت أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺪ ﱡر ﻋﻠﻴﻬﻢ أرﺑﺎﺣً ﺎ«. وﻣﻊ ذﻟﻚ ،أراد ﻋﺪد ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻟﻌﺐ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ املﺰﻳﱠﻔﺔ ﺑﻮﺿﻮح ،واﺗﺠﻪ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﺎﻋﻲ إﱃ اﻟﺮﺑﺢ اﻟﻜﺒريِ ،آﻣﻠني ﰲ املﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ .وﺣﺘﻰ اﻟﺨﺴﺎرة ﻧﺤﻮ ﱟ ﻋﲆ ٍ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻤﻨﺤﻬﻢ اﻟﺸﻌﻮ َر ﺑﺈﺛﺎر ِة ﻣﻨﺎ َ ﻃ ِ املﻀﺎرﺑني. ﺤﺔ ﻛﺒﺎر ِ وملﺎ اﻧﺘﺒﻪ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﺰﻳﺎدة ﺣﺠﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﰲ أﺳﻮاق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻻﻗﱰاض ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﰲ أﺳﻮاق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ،ﻗ ﱠﺮ َر رﻓﻊ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻗﱰاض املﺎل؛ ﻣﺴﺒﻮق ﻣﻦ وﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٢٨ﻧﻮ َﱠﻫ ْﺖ ﻧﴩ ُة اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﻦ »ﺣﺠ ٍﻢ ﻏري ٍ ِ ﻣﺘﻮاﺻ ٍﻞ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ« ،ﰲ ﺣني »ﺑﻠﻐﺖ ﻗﺮوض وارﺗﻔﺎع املﻌﺎﻣﻼت ﺑﺴﻮق املﺎل، ٍ َ وواﺻ َﻠﺖ اﻻرﺗﻔﺎع« .وﻫﻜﺬا ﺑﺪأ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﺴﻤﺎﴎة رﻗﻤً ﺎ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻐﻪ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ … 26 ﰲ »ﺳﺤﺐ اﻷﻣﻮال ﻣﻦ ﺳﻮق اﻷﻣﻮال«. إﻻ أن املﻀﺎ َرﺑﺔ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ْت ﰲ اﻻزدﻫﺎر ﰲ اﻟﻌﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ؛ ﻓﻔﻲ أواﺋﻞ ﻋﺎم — ١٩٢٩ ً رﺋﻴﺴﺎ ﺑﻔﱰة وﺟﻴﺰة — ﺣﺬر اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﻠﻨًﺎ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻗﺒﻴﻞ ﺗﻨﺼﻴﺐ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ 25
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
أوراق ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻋﺎﻟﻴ ِﺔ ﻗﺮوض ﺑﻀﻤﺎن ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﺒﻨﻮ ُك أﻣﻮا َﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ »ﺗﻘﺪﻳﻢ ٍ ٍ املﺨﺎﻃﺮ« 27 .ورﻏﻢ اﺳﺘﻤﺮار املﻀﺎ َرﺑﺔ ﺑﻤﻌﺪل ﻣﺮﺗﻔﻊ ،ﻓﺈن اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﻬﺬا املﻌﺪل؛ ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻏﺎدرت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٢٥إﱃ ﻋﺎم ١٩٢٨ﺣﻮاﱄ ٨٠٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ،ﻟريﺗﻔﻊ إﱃ ١٢٥٠ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٨وﻟﻜﻦ ﻟﻴﻨﺨﻔﺾ إﱃ ٦٢٨ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٩وﺑﻠﻎ 28 ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻷﻣﻮال ﺣﻮاﱄ ٣٦٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٢٩إﱃ ﻋﺎم .١٩٣٢ ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻷﻛﺜﺮ إﺣﻜﺎﻣً ﺎ اﻟﺘﻲ ﻓ َﺮ َ ﺿﻬﺎ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﲆ إﺑﻄﺎءِ ﻓﻘﺪ ﺳﺎﻋﺪ َِت ﺧﺮوج اﻷﻣﻮال اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ إﱃ اﻟﺒﻼد اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،وﺑﺪأت دول ﻣﺜﻞ أملﺎﻧﻴﺎ — اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪت ﻋﲆ ِ اﻟﻘﺮوض اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ — ﱡ ﺗﺸﻖ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺑﺼﻌﻮﺑ ٍﺔ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻫﺬا املﻌﻮﱢق. ً ﺗﻔﺎؤﻻ ﻏري ﺣﺬر — ﺗﻤﺜ ﱠ َﻞ وﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻼﺣﻘﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﴫﻳﺤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﰲ اﻹﴏار ﻋﲆ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻨﻌﻢ اﻟﺠﻤﻴ ُﻊ ﺑﺎﻟﺜﺮاء ،وأن اﻷﻣﻮر ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮن ٍ ﻗﺼﺔ ﺗُﺮوَى ﻋﻦ »اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﻜﺒري« .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻋﲆ أﻓﻀﻞ وﺟﻪ — رﻛﻨًﺎ أﺳﺎﺳﻴٍّﺎ ﰲ ﻛ ﱢﻞ اﻟﺘﴫﻳﺤﺎت ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎت ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ ﺟﺪٍّا َمل ْﻦ ﺳﻤﻌﻮﻫﺎ ﺣﻴﻨﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺒﺪو اﻵن ً ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ﺳﺒﻘ ْﺖ ﱡ اﻟﺘﻬﻮر .وﻗﺪ ﺑﺮزت ﻫﺬه املﻼﺣﻈﺎت ﺑﻮﺿﻮح ﰲ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻟﺘﻲ َ ﺗﻮﻗﻔﻬﺎ اﻟﺘﺎم ،ﻓﻌﺎدة ُ ﱢ املﺘﺨﺼﺼني ﻣﻦ املﺘﻠﻄﻔني أﺻﺤﺎب اﻵراء املﺒﻬﺠﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ اﻟﺼﺤﻒ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻹﻋﻄﺎء ﺗﴫﻳﺢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻻ ﱠ ٍ ﻋﻘﺒﺎت ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ .وﻟﻜﻦ ﺑﺤﻠﻮل ﻳﺘﻮﻗﻌﻮن ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺗﻨﺎﻣﻰ ﻋﺪد املﴫﻓﻴني واﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﺸﻌﺮوا أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﻤﱡ َﻞ اﻷوﺿﺎع املﺎﻟﻴﺔ آﻧﺬاك؛ ﻓﻌﺪد ﻛﺒري ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻗﱰ ََض أﻏﺮاض ﻏري ﻣ ِ ُﺜﻤﺮة .وﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﺘﺐ اﻟﺨﺒري ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺿﺨﻤﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم ﻟﻴﻨﻔﻘﻮﻫﺎ ﻋﲆ ٍ املﺎﱄ ﺑﺮﻧﺎرد ﺑﺎروخ» :ﰲ ﺣني أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ أن ﺗﺸﱰي ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺗﻚ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺧﻄﺔ اﻟﺴﺪاد ﱡ وﺗﺤﺴﻦ املﻌﻴﺸﺔ ،ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﺠﺰﺋﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺆدﱢي ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ إﱃ ﺗﻨﺎﻣﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدات أن ﻳﺨﺮج اﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﺴﻴﻄﺮة .وأﺧﴙ ﻣﺎ أﺧﺸﺎه أن ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﺧﺮج ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻦ 29 ﻧﻄﺎق اﻟﺴﻴﻄﺮة«. وﻟﻢ ﱠ ﻳﺘﺒﻖ ﺳﻮى ﻋﺪدٍ ﻗﻠﻴﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات املﻮﺛﻮق ﺑﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻟﻢ ُ اﻟﺴﻮق ﴐﺑًﺎ ﻣﻦ ﻳﺸﱰ اﻷﺳﻬ َﻢ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺳﻮى ﻋﺪدٍ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤَ ِﺖ ِ ﱠ ﴐوب اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ :ﻣﺸﻬﺪًا ﻣﺮﺗﺒًﺎ ﻣﻦ دردﺷﺔ ﻓﺎرﻏﺔ .وﺷﻴﻮع ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ اﻟﺴﻮق ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻛﺎن ﺗﺤﺬﻳ ًﺮا ﻟﻠﻤ ﱠ ﻄﻠِﻌني ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺎن وﻗﺖ اﻟﻘﻔﺰ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻗﺒﻞ ﻓﻮات اﻷوان .وﻗﺪ ﻧﺼﺢ اﻟﺨﺒري املﺎﱄ ﺟﻮزﻳﻒ ﺑﻲ ﻛﻴﻨﻴﺪي — اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﺎع اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻛﱪ ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻪ ﻗﺒﻞ ﺻﻴﻒ 26
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن
َ ﻆ ﺑﺄﻣﻮاﻟﻪ ﻧﻘﺪًا — ﺻﺪﻳﻘﻪ ً واﺣﺘﻔ َ ﻗﺎﺋﻼ» :اﻷﺣﻤﻖ وﺣﺪه ﻣَ ﻦ ﺳﻴﻨﺘﻈﺮ أﻋﲆ ﺳﻌﺮ«. ١٩٢٩ ود َﻟ َ ﻒ اﻟﺤﻤﻘﻰ املﺪرﻛﻮن ﻟﺤﻤﺎﻗﺘﻬﻢ إﱃ اﻟﺴﻮق ﺑﺎﻓﱰاض اﺳﺘﻤﺮار وﺟﻮد ﻋﺪد أﻛﱪ ﻣﻦ ِ ﺳﻴﻮاﺻﻠﻮن ﴍاء اﻷﺳﻬﻢ .وﺗﻄ ﱠﻠﺐَ اﻷﻣ ُﺮ ﺧﺒريًا ﻣﺤﻨ ًﻜﺎ ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺤﻤﻘﻰ اﻟﺬﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻴﻘ ﱢﺮر ﻣﺘﻰ ﺳﻴﻨﻔﺪ ﻣﺨﺰو ُن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻘﻰ. ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ،ﻣَ ﻦ ﱠ ٍ ﺗﻮﻓﺮت ﻟﻬﻢ ُﺳﺒُ ُﻞ ﻣﻐﺎدرة ﻣﺎﻧﻬﺎﺗﻦ ﰲ اﻟﺼﻴﻒ اﻋﺘﱪوا ﻣَ ﻦ ﻣﻜﺜﻮا ﻫﻨﺎك ﺣﻤﻘﻰ ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ أﻏﺴﻄﺲ ،١٩٢٩وﻫﻮ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي اﻋﺘﺎ َد ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻜﺎ ُن اﻟﻬﺮبَ ﻣﻦ ﺣﺮارة املﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﻄﺎق ،ﻇ ﱠﻞ رﺟﺎل املﺎل ﺑﺎملﺪﻳﻨﺔ ﻟريوا ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪورﻫﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺴﻮق اﻵﺧﺬة أﺳﻌﺎر أﺳﻬﻤﻬﺎ ﰲ اﻟﺼﻌﻮد .ﻣﻜﺜﻮا ﻫﻨﺎك ﺣﺘﻰ ﰲ ﻋﻴﺪ اﻟﻌﻤﺎل ،وﺣﺘﻰ ﰲ ُ اﻷﻳﺎم املﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﻋَ ﺪ ْ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ ،إﱃ ﻳﻮم ٣ﺳﺒﺘﻤﱪ اﻟﺬي ﺷﻬﺪ َت ﻓﻴﻬﺎ ُ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻮق ﺑﻘﺪر ذروة ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻮق ،ﺛﻢ أﻋﻘﺐ ذﻟﻚ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﻳﺎم َ 31 ٍ ﺑﺴﻴﻂ آﺧﺮ ،ﻛﻤﺎ اﻧﻜﴪت ﺣﺪة املﻮﺟﺔ ﺑﻘﺪر ﺑﺴﻴﻂ ،وﺑﻌﺪ أﺳﺒﻮﻋني اﻧﺨﻔﻀﺖ اﻷﺳﻌﺎ ُر ٍ اﻟﺤﺎرة ً أﻳﻀﺎ .وﴎت اﻹﺷﺎﻋﺎت ﺑﺄن املﺘﺤﻜﻤني ﺑﺎملﻮﻗﻒ ﻗ ﱠﺮروا أن ﻳﺮوا ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ أن ﻳ ِ ُﻌﻤﻠﻮا ﺣِ ﻴَﻠﻬﻢ ﰲ اﻻﺗﺠﺎه املﻌﺎﻛِﺲ وﻳﺨﻔﻀﻮا ﻣﻦ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،وﰲ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻧﺨﻔﻀﺖ اﻷﺳﻌﺎر ﰲ اﻟﺴﻮق ﺛﻢ ارﺗﻔﻌﺖ ﺛﻢ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى. ﰲ ﺻﺒﻴﺤﺔ ٢٤أﻛﺘﻮﺑﺮ ،ﺳﺎرت اﻟﺤﺸﻮد ﰲ ﻫﺪوء ﰲ ﺷﻮارع ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺑﺎﺗﺠﺎه وﺳﻂ ٍ ﺻﻤﺖ ووﻗﻔﻮا ﻧﺎﻇﺮﻳﻦ إﱃ ﺑﻮرﺻﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك، املﺪﻳﻨﺔ ﺣﺘﻰ وول ﺳﱰﻳﺖ ﺣﻴﺚ ﺗﺠﻤﱠ ﻌﻮا ﰲ ً واﺿﺤﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﺠﺄ ًة ،ﻟﺘﺸﻬﺪ ﻋﲆ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن أﻧﺸﻄﺘَﻬﺎ اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﻔﻬﻢ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻫﻲ ﺑﺼﺪد أن ﺗﻠ ﱠﻢ ﺑﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ آﻧﺬاك 32 .ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻮم اﻟﺨﻤﻴﺲ اﻷﺳﻮد؛ ارﺗﻔﻌﺖ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﰲ اﻟﺴﻮق ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،إﻻ أﻧﻬﺎ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻗﺪ أﻋﻠﻦ ﻋﻤﻼق اﻟﺒﱰول ﺟﻮن دي روﻛﻔﻴﻠﺮ أﻧﻪ »ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ أوﺿﺎع اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﱪﱢر اﻟﻬﺒﻮ َ ط اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻟﺤﻖ ﺑﺎﻷﺳﻌﺎر« ،ﻛﻤﺎ أﻋﻠﻦ أﻧﻪ ﻣﺸﻐﻮل ﺑﴩاء اﻷﺳﻬﻢ 33 .وﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء أو اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ اﻷﺳﻌﺎ َر ﻣﻦ اﻟﻬﺒﻮط ،وﺑﺤﻠﻮل ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ ﻗﻴﻤﺔ ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﱠ 34 ﻗﺪ ﺗﺒﺨ َﺮ. ﱢ ﻟﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﻫﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻮر ﺣﺪوﺛﻪ إﻻ ﻋﲆ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،إﻻ أن ﻛﺜﺐ ،واﻋﺘﱪوا اﻻﻧﺨﻔﺎض ﱢ َ ﻣﺆﴍًا ﻋﲆ أﻗﺪارﻫﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮﻫﻢ، اﻵﺧﺮﻳﻦ راﻗﺒﻮا اﻟﺴﻮق ﻋﻦ ٍ ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ أوﻗﻔﻮا ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﺑﻮﺻﻔﻪ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ،ﻛﺘﺐ ﺟﻮزﻳﻒ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ» :ﺷﻌﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﺄن اﻷرض ﺗﺘﺪاﻋﻰ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ أﻗﺪاﻣﻬﻢ 35 «.وملﺎ ﻛﺎن ً ً ٍ ﻣﻬﻤﺔ ﺑﺎﻹﺣﺠﺎم ﻋﻦ ﻗﺮارات ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﺗﻜﺘﻨﻔﻪ اﻟﺸﻜﻮك ،ﻓﺈﻧﻬﻢ اﺗﺨﺬوا اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﻮاﺟﻬﻮن 30
27
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻟﴩاء ،وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﱠ ﺗﻮﻗﻔﻮا ﻋﻦ ﴍاء اﻟﺴﻠﻊ ا ُملﻌﻤﱢ ﺮة اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ اﻟﺜﻤﻦ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻴﺎرات ﺗﻮﻗﻴﻊ ﻳﺨ ﱡ ﻄﻪ املﺴﺘﻬ ِﻠ ُﻚ ﻋﲆ ﻋﻘ ٍﺪ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮا ﴍاءﻫﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ .ﻛﺎن ﻛ ﱡﻞ ٍ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺗﻨﺒﱡ َﺆه ﺑﻘﺪرﺗﻪ ﻋﲆ اﻟﺴﺪاد ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻓﺠﺄ ًة ﺷﻌﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺑﻌﺪم ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﺳﺘﴩاف املﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﻜﺎﰲ ﻟﻠﺘﻨﺒﱡﺆ ﺑﺘﻨﺒﺆات ﺳﺪﻳﺪة ،وﰲ ﻏﻀﻮن ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ َ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎرات ﺑﺤﻮاﱄ اﻟﺮﺑﻊ ﻋﻦ اﻟﺮﻗﻢ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻻﻧﻬﻴﺎر 36 ﺳﺒﺘﻤﱪ ،وﰲ ﻋﺎم ١٩٣٠اﻧﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ا ُملﻌﻤﱢ ﺮة ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٠ 37 َ َ وأﻓﻠﺴ ِﺖ اﻟﺒﻨﻮ ُك ،وﺑﻠﻎ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ وأﻏﻠﻘ ِﺖ املﺼﺎﻧ ُﻊ أﺑﻮاﺑﻬﺎ ﺑﺎملﺎﺋﺔ، ﻣﻌﺪﻟﻪ ﰲ ﻋﺎم .١٩٢٩ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣١زار ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﰲ ﻣﺤﺎﴐة أﻟﻘﺎﻫﺎ ﻋﺰا اﻟﻜﺴﺎ َد املﺘﺰاﻳﺪ اﻟﺤﺪة إﱃ »ﺧﺒﻞ ﻏري ﻋﺎدي« 38 .وﻳﺘﻔﻖ املﺮاﻗِ ﺒﻮن ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ :ﻓﺜﻤﺔ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ارﺗ َﻜﺐَ ﺧﻄﺄ ً ﻓﺎدﺣً ﺎ ،واﺳﺘﻨﺎدًا إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ املﺎﱄ اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﻓﺈن ﻋﻨﻮان ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻨﺘﻬﻴًﺎ ﺑﻌﺒﺎرة »اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ« .ﻛﺎن املﺘﻬﻢ اﻟﺮﺋﻴﴘ — آﻧﺬاك وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ — ﻫﻮ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ ،اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﰲ ً وﻣﺘﻔﻘﺎ ﻣﻊ رأي ﻛﻴﻨﺰ اﻟﺴﺎﺑﻖ» :ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻜﺴﺎد ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ ﻣﺪاﻓِ ﻌً ﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ 39 ً اﻟﻜﺒري ﺣﺮب «.١٩١٨–١٩١٤إﻻ أن ﻓﺮﺻﺔ ﻫﻮﻓﺮ ﻟﻠﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﻠﻮم ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﺒرية؛ ﻓﻘﺒﻞ ﻋﺎم ١٩٣٠ﻛﺎن ﺟﻮزﻳﻒ ﻛﻴﻨﻴﺪي ﻳﻬﺎﺗﻒ أﺣﺪ ﻣﺆﻳﱢﺪي ﻫﻮﻓﺮ ﻟﻴﻘﻮل ﻟﻪ» :اﻛﺘﺐ اﺳﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ 40 اﻟﻘﺎدم … إﻧﻪ ﻓﺮاﻧﻜﻠني دي روزﻓﻠﺖ«. ﻫﻮاﻣﺶ (1) John Maynard Keynes, The Economic Consequences of the Peace (London: 1919), 213. (2) On Keynes’s critique of reparations, see Niall Ferguson, The Pity of War: Explaining World War I (New York: Basic Books, 1999), 395–432. (3) Keynes, Economic Consequences, 8. (4) Christopher Blattman, Michael A. Clemens, and Jeffrey G. –Williamson, “Who Protected and Why? Tariffs the World Around, 1870 1938,” in Conference on the Political Economy of Globalization (2002), 30.
28
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن (5) Eric Rauchway, Blessed among Nations: How the World Made America (New York: Hill and Wang, 2006), 156. (6) Keynes, Economic Consequences, 7. (7) Ibid., 211. (8) Edward Hallett Carr, The Twenty Years’ Crisis, 1919–1939, 2nd ed. (London: Macmillan, 1962), 234. (9) Immigration Act, chap. 25 of 9-10 George V, p. 7, sec. 13, consulted online 2/27/2007, www.canadiana.org/ECO/ItemRecord/9_08048. (10) Rauchway, Blessed among Nations, 157. (11) Barry Eichengreen, “The Origins and Nature of the Great Slump Revisited,” Economic History Review 45, no. 2 (1992): 223. (12) George Soule, Prosperity Decade: From War to Depression, 1917– 1929 (New York: Rinehart, 1947), 220. (13) Martha L. Olney, Buy Now, Pay Later: Advertising, Credit, and Consumer Durables in the 1920s (Chapel Hill: University of North Carolina Press, 1991), 91. (14) Ibid., 40. (15) Peter Fearon, War, Prosperity, and Depression: The U.S. Economy, 1917–1945 (Oxford: Philip Allan, 1987), 55-56. (16) Soule, Prosperity Decade, 164. (17) John Bell Rae, American Automobile Manufacturers (Philadelphia: Chilton Company, 1959), 107–9; John Bell Rae, The American Automobile (Chicago: The University of Chicago Press, 1965), 61, 88. (18) Olney, Buy Now, 182. (19) Roland Marchand, Advertising the American Dream: Making Way for Modernity, 1920–1940 (Berkeley: University of California Press, 1985), 156; Olney, Buy Now, 127. (20) Olney, Buy Now, 115.
29
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة (21) Marchand, Advertising the American Dream, 160. (22) Peter Fearon, Origins and Nature of the Great Slump, 1929–1932 (Atlantic Highlands, NJ: Humanities Press, 1979), 34. (23) John Brooks, Once in Golconda: A True Drama of Wall Street, 1920–1938 (New York: Wiley Investment Classics, 1999), 58-59. (24) “Market Comment,” Wall Street Journal, 3/21/1928, 22. (25) “Broad Street Gossip,” Wall Street Journal, 1/13/1928, 2. (26) Federal Reserve Bulletin 14:6 (June 1928), 373. (27) John Kenneth Galbraith, The Great Crash, 1929 (Boston: Houghton Mifflin, 1972), 38. (28) United Nations, International Capital Movements during the Inter-War Period (New York: Arno, 1979), 10, table 1. (29) Bernard M. Baruch, Baruch, 2 vols. (New York: Holt, 1957–60), 2:218. (30) Richard J. Whalen, The Founding Father: The Story of Joseph P. Kennedy (New York: New American Library, 1964), 104. (31) Brooks, Once in Golconda, 110. (32) Ibid., 117. (33)
“Rockefeller Buys, Allaying Anxiety,” New York Times,
10/31/1929, 1. (34) Brooks, Once in Golconda, 119. (35) Joseph A. Schumpeter, Business Cycles: A Theoretical, Historical, and Statistical Analysis of the Capitalist Process (New York: McGraw-Hill, 1939), 2:911. (36) Christina D. Romer, “The Great Crash and the Onset of the Great Depression,” Quarterly Journal of Economics 105, no. 3 (1990): 606. (37) Fearon, Origins and Nature, 34. (38) Robert Skidelsky, John Maynard Keynes: The Economist as Saviour, 1920–1937, vol. 2, John Maynard Keynes (London: 1992), 391.
30
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﰲ ﴍاك اﻟﺪﻳﻮن (39) Herbert Hoover, Memoirs, 3 vols. (New York: Macmillan, 1951), 3:2. (40) Whalen, Founding Father, 113.
31
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ
ﰲ رﺑﻴﻊ ١٩٣١زﻋﻢ اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر روﺑﺮت واﺟﻨﺮ )دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻣﻦ ﻧﻴﻮﻳﻮرك( أن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ ﻟﻸزﻣﺔ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ »ﺳﻮى اﻟﺘﺸﺒﱡﺚ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني اﻟﺘﻲ ﻋَ َﻔﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪﻫﺮ :ﻋﺪم اﺗﺨﺎذ أي إﺟﺮاء ،وﰲ ﺣﺎل زﻳﺎدة اﻟﻀﻐﻮط ﻟﺪرﺟﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﱠ ﻳﺘﻌني اﺗﺨﺎذ أﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﺟﺮاءات 1 «.ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﻫﺮﺑﺮت ﻟﻢ ﻳﻜﻦ »ﻋﺪم ﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﺎ اﺗﺨﺎذ أي إﺟﺮاء« ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺨﺬ إﺟﺮاءات ﻛﺎﻓﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ .ﺑﻞ اﻧﺘﻬﺞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻹدارة اﻷزﻣﺎت ﻛﺎن ﻗﺪ أرﺳﺎﻫﺎ ﺑﻮﺿﻮح. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺎض ﻫﻮﻓﺮ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٨رﺑﻂ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺑﻴﻨﻪ وﺑني اﻟﻜﻔﺎءة ﰲ إدارة اﻷزﻣﺔ .وﰲ ﺣني أﺑﺪى ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻴﺎدﻳني اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﺗﺸ ﱡﻜﻜﻬﻢ؛ إذ اﺷﺘﻜﻰ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﺎﻟﻔني ﻛﻮﻟﻴﺪج ،اﻟﺬي ﱠ ﺗﻮﱃ ﻫﻮﻓﺮ ﺣﻘﻴﺒﺔ وزارة اﻟﺘﺠﺎرة ﰲ إدارﺗﻪً ، ﻗﺎﺋﻼ» :ﻗ ﱠﺪ َم 2 ﱄ ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ ﻧﺼﺎﺋﺢَ ﻟﻢ أﻃﻠﺒﻬﺎ ملﺪة ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ،وﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺌﺔ «.إﻻ أن ً أزﻣﺔ ِ ﺑﻤﺤﺎﺳﻦ ﻫﻮﻓﺮ. ﻃﺎرﺋﺔ ﺟﺪﻳﺪة ذ ﱠﻛ َﺮ ِت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني َ ارﺗﻔ َﻊ ﻣﻨﺴﻮب املﻴﺎه ﰲ ﻧﻬﺮ املﺴﻴﺴﻴﺒﻲ ﺟ ﱠﺮاء اﻷﻣﻄﺎر ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم ،١٩٢٧وﰲ َ واﺧﺘﻔ ْﺖ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻨﺘﺼﻒ أﺑﺮﻳﻞ اﻧﻬﺎرت ﺣﻮاﺟﺰ اﻟﻨﻬﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻛﺎﻳﺮو ،إﻟﻴﻨﻮي. ﻣﻦ اﻟﻬﻜﺘﺎرات ﺗﺤﺖ املﺎء ،واﻧﻬﺎ َر املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﻮاﺟﺰ اﻟﻨﻬﺮ ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ﱠ َ ﻋني ﻛﻮﻟﻴﺪج — اﻟﺬي ﱠ ﱡ ﺗﺤﺴﻦ املﻮﻗﻒ — ﻫﻮﻓﺮ ﻟﻴﱰأﱠس ﻓﻀ َﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻋﺪ َم اﺗﺨﺎذِ أي إﺟﺮاء ﻋﲆ أﻣﻞ َ ﺗﻌﺪﻳﻦ ﻧﺎﺟﺤً ﺎ ،وﻗﺪ ﺗﺤ ﱠﻮ َل إﱃ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻬﻨﺪس ﻟﺠﻨﺔ ﻃﻮارئ .ﻛﺎن ﻫﻮﻓﺮ ٍ أن ﺟﻤﻊ ﺛﺮوﺗﻪ .وإﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﺟﻌﻞ وودرو وﻳﻠﺴﻮن ﻫﻮﻓﺮ ﻋﲆ رأس اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺮاﻣﻴﺔ ﻟﺘﻮﻓري اﻟﻄﻌﺎم وﻏريه ﻣﻦ ُﺳﺒ ُِﻞ اﻟﻐﻮث َمل ْﻦ ﺳﻠﺒَﺘْﻬﻢ اﻟﺤﺮبُ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ، ً َ ﺳﻤﻌﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ﻟﻮﺟﻴﺴﺘﻴﺔ .وﻛﺘﺐ ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ ،اﻷﻣني اﻟﻌﺎم واﻛﺘﺴﺐَ ﻫﻮﻓﺮ َ رﺋﺎﺳﺔ املﺴﺎﻋﺪ ﻟﻠﺒﺤﺮﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﰲ ﻋﺎم » :١٩٢٠ﻗﻄﻌً ﺎ إﻧﻪ َﻟﻤﻌﺠﺰة ،وأﺗﻤﻨﱠﻰ أن ﻧﻮ ﱢﻟﻴَﻪ
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة 3 «.وﻳﺪﻳﻦ ﻫﻮﻓﺮ ﺑﻘﺎﺳﻢ ﻣﻦ ﺳﻤﻌﺘﻪ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﻬﺎ إﱃ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﺳﺘﻐﻼل اﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ ،وﺑﻘﺎﺳﻢ َ آﺧﺮ إﱃ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﺳﺘﻐﻼل اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ؛ ﻓﻘﺪ 4 ﻗﺎل ذات ﻣﺮة» :إن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳُﻜﺘَﺐ ﰲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ«. و ﱠملﺎ ﻛﺎن ﻫﻮﻓﺮ ﻋﲆ رأس ﺟﻬﻮد ﻏﻮث املﻨﻜﻮﺑني ﻣﻦ ﻓﻴﻀﺎﻧﺎت ﻋﺎم ،١٩٢٧أﻇﻬَ َﺮ ﻣﺪى ﻣﻮاﻫﺒﻪ وﺣﺪودﻫﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ َ وأﴍَف ﺗﻮﱃ ﺗﻨﻈﻴﻢ وإدارة ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺟﻼء وإﻧﻘﺎذ اﻷرواح، ﻋﲆ إﻧﺸﺎء املﺨﻴﻤﺎت ﻹﻳﻮاء اﻟﻼﺟﺌني ،ودﻋﻢ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻋﲆ إدارة ﺷﺌﻮن اﻷﻧﻬﺎر ملﻨﻊ ﺣﺪوث ﻛﻮارث ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﱠ ﻴﺾ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴني ﻟﻠﻨﺎزﺣني ﻏﺾ ﻫﻮﻓﺮ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ ﻣﻨﻊ اﻟ ِﺒ ِ اﻟﺴﻮد ﻣﻐﺎدرة املﺨﻴﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺮاﺳﺔ ﺧﺸﻴﺔ أن ﻳﻔﻘﺪ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﺪده ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ اﺳﺘﻐ ﱠﻞ ﻣﺨﺎوف اﻟﺒﻴﺾ ملﺼﻠﺤﺘﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﻟﺮﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل املﺤﻠﻴني ﻣﻬ ﱢﺪدًا ً ﺷﻤﺎﻻ ﺑﺪءًا ﻣﻦ اﻟﻴﻮم« إذا ﻟﻢ ﻳﺴﺎﻫﻤﻮا ﺑﺎملﺎل ﰲ إﻳﺎﻫﻢ» :ﺳﺄرﺳﻞ اﻟﺰﻧﻮج اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻟﺪﻳﻜﻢ 5 ﺻﻨﺪوق إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر. ﱠ ﻣﻬﻨﺪﺳﺎ ،ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻫﻮﻓﺮ ﺗﺼﻤﻴﻢ ٍ ً آﻟﺔ ﻟﺤ ﱢﻞ املﺸﻜﻠﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﺘﻮﻗﻊ وﺑﻮﺻﻔﻪ ﺷﺨﺺ َ ﱠ ٌ آﺧﺮ ﺗﺸﻐﻴﻠﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺟﻤﱠ ﻊ ١٣ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻗﺮوض ﻳﺘﻮﱃ أن إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ،وﺗﺄ ﱠﻛ َﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺬﻟﻚ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺄ ﱠﻛﺪ ﻣﻦ أن املﺎل ﺳﻴﺠﺮي إﻗﺮاﺿﻪ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ املﻨﻜﻮﺑﺔ ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث إﻗﺮاض اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ ﻣﻦ املﺎل ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺗﻠﻚ املﻨﻄﻘﺔ .ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،رﻏﻢ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻫﻮﻓﺮ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ملﺒﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺤﺴﻴﻨﺎت اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﰲ إدارة اﻷﻧﻬﺎر ،ﻓﻘﺪ ﻋﺎ َر َ ض زﻳﺎدة اﻟﺪور اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ؛ ﺣﻴﺚ 6 أﻋﻠﻦ» :ﻻ ﺗﻮﺟﺪ رﻏﺒﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ملﺴﺎﻋﺪات ﻏﻮث ملﻨﻜﻮﺑﻲ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت«. وملﺎ ﻛﺎن ﻫﻮﻓﺮ ﱠ ﻣﺮﺷﺤً ﺎ رﺋﺎﺳﻴٍّﺎ ﻣﺤﺘﻤَ ًﻼ ،أدرك أن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳَﻌِ َﺪ اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻟﺴﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻮﺗﻮن ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻋﺎد ًة ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ واﻻﻫﺘﻤﺎم ،دون أن ﻳﻘﴢ اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻟﺒﻴﺾ املﺤﺘﻤﻠني؛ ﻓﺄﺑﺪى ﻟﻠﺰﻋﻤﺎء اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ أﻧﻪ ﱢ إﻋﻤﺎر ﻳﻔﻀﻞ ﺧﻄﺔ إﻋﺎدة ٍ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﺗﻘﺴﻴﻢ املﺰارع اﻟﻜﺒرية ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﻏﻤﺮﺗﻪ ﻣﻴﺎه اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت إﱃ ﻗِ َ أراض ﻄﻊ ٍ ﺻﻐرية وﺗﺨﺼﻴﺼﻬﺎ ﻟﻠﻤﺰارﻋني ﻣﻦ اﻟﺴﻮد ،ﻟﻜﻨﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ رﻓﺾ دﻋﻢ اﻟﺨﻄﺔ — أو اﻟﻨﺎزﺣني ﻣﻦ اﻟﺴﻮد — ﺑﺄي ﺻﻮرة ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ 7 .ﻣﻨﺢ اﻟﻔﻴﻀﺎن ﻫﻮﻓﺮ اﻟﻘﺪر َة ﻟﻴﺪﱠﻋِ ﻲ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻪ إﺑﺪاء ﻛﻴﺎﺳﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﻀﻐﻮط .ﻛﺎن املﺘﺸ ﱢﻜﻜﻮن ﰲ ﻫﻮﻓﺮ ً ﻗﻠﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺷﺪﻳﺪي ً ﻗﺎﺋﻼ إن اﻟﺬﻛﺎء؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ إﺗﺶ إل ﻣﻴﻨﻜني ،اﻟﺼﺤﻔﻲ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺘﻴﻤﻮر ﻋﻦ ﻫﻮﻓﺮ 8 »إﻧﺠﺎزاﺗﻪ ﺗﻘ ﱡﻞ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻨﺪ إﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ«. وﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،١٩٢٨اﺗﻀﺢ أن ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﻮﻓﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذا ﺗﺄﺛري ﻛﺒري؛ ﻓﻠﻢ ﻳ َُﻔ ْﺰ ﻫﻮﻓﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ،وإﻧﻤﺎ ملﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺼﻤﻪ آل ﺳﻤﻴﺚ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻛﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴٍّﺎ .ﺗﻘ ﱠﻠ َﺪ ﺳﻤﻴﺚ 34
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ
ﻣﻨﺎﺻﺐ أﺧﺮى ،أﺑﺮزﻫﺎ ﺣﺎﻛﻢ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وﻛﺎن ً أﻳﻀﺎ ﻋﻀﻮًا ﰲ ﺟﻤﻌﻴﺘﻬﺎ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ،وﻋﺮف ﻋﻨﻪ أﻫ ُﻞ ﻧﻴﻮﻳﻮرك أﻧﻪ ﺗﻘﺪﱡﻣﻲ ﺳﺎﻋَ َﺪ ﰲ إﺻﻼح دﺳﺘﻮر اﻟﺒﻼد واﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﰲ ﺣﺮﻳﻖ ﻣﺼﻨﻊ ﺗﺮاﻳﻨﺠﻞ اﻟﺸﻬري ،ﻛﻤﺎ أﻳﱠ َﺪ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺻﺎﻟﺢ ﺻﺤﺔ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﻌﻤﻞ وأﻣﺎﻧﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ املﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻷﻃﻔﺎل 9 .إﻻ أن إﻧﺠﺎزاﺗﻪ وإﻧﺠﺎزات ﻫﻮﻓﺮ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء ﱠ ﺗﺒ ﱠﺪد ْ املﻔﻀﻞ :اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ؛ ﻓﻔﻲ َت وﺳﻂ ﺣﺮب ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻮز ﺷﻨﱠﻬﺎ ﻫﻮﻓﺮ ﻣﺴﺘﺨﺪِﻣً ﺎ ﺳﻼﺣﻪ ﺣني ﻧﺄى ﻫﻮﻓﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ أﻗﺒﺢ اﻻﻓﱰاءات ،ﻫﺎﺟَ َﻢ ﺣﻠﻔﺎؤه ﺳﻤﻴﺚ ﻋﲆ ﺧﻠﻔﻴﺔ أﻧﻪ ﻳﻤﺜﱢﻞ »ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك املﺄﻫﻮﻟﺔ ﺑﺎﻷﺟﺎﻧﺐ … ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واﻟﺘﻬ ﱡﻜﻢ« ،وأﻧﻪ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب أﻣﺎم »ﻟﻌﺐ اﻟﻮرق ،وﴍاب اﻟﻜﻮﻛﺘﻴﻞ ،وﻛﻼب اﻟﺒﻮدل ،وإﺑﺎﺣﺔ اﻟﻄﻼق واﻟﺮواﻳﺎت واﻟﺤﺠﺮات اﻟﺨﺎﻧﻘﺔ واﻟﺮﻗﺺ ،وﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻄﻮر ،واملﺤﺎﻣﻲ ﻛﻼرﻧﺲ دارو ،واﻹﴎاف ﰲ اﻟﻄﻌﺎم ،واﻟﻔﻦ 10 اﻟﻌﺎري ،واملﻼﻛﻤﺔ ،واملﻤﺜﻠني ،وﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻜﻼب اﻟﺴﻠﻮﻗﻴﺔ ،واﻟﺤﺪاﺛﺔ«. وﺑﺬا ﺑﺎﺗﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎب املﻬﻤﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ — اﺧﺘﻴﺎر ﻗﺎﺋﺪ ﻟﻔﱰة ﺗﺸﻬﺪ أزﻣﺔ ﺧﻄرية — ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻏري ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﴫاع اﻟﺜﻘﺎﰲ .ﻛﺎﻧﺖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﲆ ﻗﺪر ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻟﺴﺒﺒني أﺳﺎﺳﻴني؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺮ َﻛ ْﺖ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳني اﻟﺴﻴﻄﺮ َة ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ َ ﻧﺼﺒ َْﺖ ﻫﻮﻓﺮ — اﻟﺬي ﻋﺎ َر َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ،ﻛﻤﺎ ﱠ ض اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺎم ﻋﲆ اﻟﻐﻮث ﺣﺘﻰ ﰲ وﻗﺖ ً ﻣﺴﺌﻮﻻ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻷزﻣﺔ ،واﻟﺬي آﻣَ َﻦ ﺑﻘﻮة ﻣﺎ ﻳُﻜﺘَﺐ ﰲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ — اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﻜﺎرﺛﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﰲ ٢٥أﻛﺘﻮﺑﺮ — ١٩٢٩اﻟﻴﻮم اﻟﺬي أﻋﻘﺐ اﻟﺨﻤﻴﺲ اﻷﺳﻮد — ﻗﺎل ﻫﻮﻓﺮ ﻟﻠﻤﺮاﺳﻠني اﻟﺼﺤﻔﻴني» :إن اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺒﻼد — وﻫﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ — ﺗﺴري ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺳﻠﻴﻢ وﺗﺰدﻫﺮ 11 «.وﺣﺴﺐ ﻣﺎ أوردﺗﻪ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل ،ﺟﺎءت »ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ« ﻣﻊ رأي ﻛﺒﺎر املﴫﻓﻴني وأﻗﻄﺎب اﻟﺼﻨﺎﻋﻴني ،اﻟﺬﻳﻦ أ ﱠﻛﺪوا ﻋﲆ رﺳﺎﻟﺔ ﻫﻮﻓﺮ ِ أن »اﻟﺘﻌ ﱡ ﺗﻘﻨﻲ داﺧﻞ اﻟﺴﻮق ،وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺮﻛﺎﺋﺰ اﻻﻗﺘﺼﺎد 12 «.وﻋﻘﺐ ﻄﻞ … ﺳﺒﺒﻪ ﱞ ذﻟﻚ ﺑﺄﺳﺎﺑﻴﻊ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﺟ ﱠﺪ َد ﻫﻮﻓﺮ إﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺴﻼﻣﺔ املﴩوع اﻷﻣﺮﻳﻜﻲً ، ﻗﺎﺋﻼ» :إن أي ﺷﻚ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي أو اﻟﻘﻮة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة َﻟﻬﻮ ﺣﻤﻖ؛ ﻓﻘﺪرﺗﻨﺎ 13 اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد واﻟﺘﻌﺎون اﻟﺬﻛﻲ ﺿﻤﺎﻧﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ«. اﻋﺘﻤﺪ ﻫﻮﻓﺮ اﻋﺘﻤﺎدًا ﻛﺒريًا ﻋﲆ »اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺬﻛﻲ«؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺮى ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺸﺠﱢ ﻌً ﺎ ﻟﻠﻤﴩوع اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،ﻻ ﺣَ َﻜﻤً ﺎ ،أو ﻣﺪ ﱢرﺑًﺎ ،أو ﻻﻋﺒًﺎ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻜﺎن ﻳﺤﺾ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ ﱠ ﻣﺤﻘ ًﻘﺎ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ودﻋﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎت ﺑﺎرزة ﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ وﻳﺄﻣﻞ أن ﻳﺮاه اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻼﺟﺘﻤﺎع ،ﻃﺎ ِﻟﺒًﺎ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺘﻔﺎﻫ َﻢ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ،ﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ 35
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﱠ وﺣﺚ أرﺑﺎبَ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻋﺪم ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪل اﻷﺟﻮر ،واﺗﻔﻘﻮا دون ﺗﺤﻮ ِﱡل اﻻﻧﻬﻴﺎر إﱃ ﻛﺴﺎدٍ ، ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎون ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ 14 .وﻟﻢ ﻳﻨﻔﻚ ﻫﻮﻓﺮ ﻳﺘﻤﺎدى أﻛﺜﺮ ﰲ ﻃﻠﺒﺎﺗﻪ ،ﻓﺎﻟﺘﻤﺲ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﻲ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴني املﺤﻠﻴني اﻹﴎاع ﰲ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟ ﱡ ﻄ ُﺮ ِق وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ »اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻻ ﺑﺄس وزﻳﺎدة ﻫﺬا اﻹﻧﻔﺎق ،ﻣﻌﺘﻘِ ﺪًا أﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺨﺰاﺋﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﱞ 15 واﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﴪﻋﺔ«. ﺑﻪ ﻻﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءٍ ِ ﻟﻢ ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺐ أيﱞ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﺗﺨﺎذَ أيﱟ ﻣﻦ ﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ أيﱠ إﺟﺮاءٍ ﻳﺘﺠﺎوز ﺗﺮدﻳﺪ ﻋﺒﺎرات اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻣﻦ وﻗﺖ َ ﻵﺧﺮ .ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺪﱢم أي ﻣﺴﺌﻮل ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أي َ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ً ﻣﺎﻻ ،واﻋﺘﻤﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ ﻣَ ﻦ ﻫﻢ ﺧﺎرج ﻋﻮن ﻓﻮري ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ،وﻟﻢ ﻳﻜ ﱢﻠﻒ أﺣ ٌﺪ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ملﻨﻊ اﻟﻜﺎرﺛﺔ .ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺢ أيﱞ ﻣﻦ ﻫﺬا .ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻄ ﱠﺮق ﺗﻌﻬﱡ ُﺪ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﻣﻌﺪﻻت اﻷﺟﻮر إﱃ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺨﻔﻴﻀﻬﻢ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ أو ﺗﴪﻳﺢ اﻟﻌﻤﺎل؛ وﻗﺪ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﻷﻣﺮﻳﻦ .وﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻳﻨﺎﻳﺮ ،١٩٣٠أوردت ﻣﺠﻠﺔ ﺑﻴﺰﻧﺲ وﻳﻚ أن »ﺑﻌﺾ ﴍﻛﺎت ﴎﺣَ ْﺖ ﻣﻮ ﱠ ﻇﻔِ ﻴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑَﺪَا أﻧﻪ ﻋﺠﻠﺔ ﻣﺘﻬﻮﱢرة« 16 .أﻣﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺴﻴﺎرات … ﱠ اﻷﺻﻐﺮ ﺣﺠﻤً ﺎ — اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا أﻛﺜﺮ ﻋﺪدًا وأدﻧﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻦ أن ﻳُﺪﻋَ ﻮا إﱃ واﺷﻨﻄﻦ — ﻓﺮأوا أﻧﻬﻢ ﰲ ﺣِ ﱟﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﻌﻬﺪ ﺑﻌﺪم ﺧﻔﺾ اﻷﺟﻮر .وﻋﻠﻴﻪ ،ارﺗﻔﻊ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻧﺨﻔﻀﺖ ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎمﱟ ،ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ اﻷﺟﺮ اﻻﺳﻤﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ. اﻷﺟﻮر ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪور اﻟﺴﻠﻄﺎت املﺤﻠﻴﺔ أو ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ملﻨﺎﺷﺪة ﻫﻮﻓﺮ؛ ﻓﻘﺪ أﻧﻔﻘﻮا ﺑﻌﺾ املﺎل ﻋﲆ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﺘﺸﻴﻴﺪ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار اﻷزﻣﺔ َ ﺗﻨﺎﻗ َ ﺺ ﻣﺎ ﺑﺤﻮزﺗﻬﻢ .وﻫﺒﻂ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ وارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﺎﺗﻮرة ﻏﻮث اﻟﻔﻘﺮاء املﺴﺘﻨﺰﻓﺘﺎن ﻟﻠﻤﻴﺰاﻧﻴﺎت املﺤﻠﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ، املﺤﻠﻴني .وأﺟﱪت ﻫﺎﺗﺎن اﻟﻨﺘﻴﺠﺘﺎن ِ 17 ﺑﺎملﺌﺎت ،ﻋﲆ إرﺟﺎء دﻓﻌﺎت دﻳﻮﻧﻬﺎ املﺴﺘﺤﻘﺔ ،إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺘﻨﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ .وﺗﻠﻚ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت ﺿﻌﻴﻒ َ ﰲ وﻓﺎء اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﺎ وﺿﻌَ ْﺖ ﺿﻐﻮ ً ٍ آﺧﺮ ﰲ ﺧﻄﺔ ﻫﻮﻓﺮ؛ وﻫﻮ رﻛﻦ ﻃﺎ ﻋﲆ ٍ اﻋﺘﻤﺎده ﻋﲆ ﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ » ١٩٢٩اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﻟﻌﻤﻞ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،واﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻪ املﺼﺎرف« 18 .وﻗﺪ اﺗﻀﺢ أن ﺗﻘﻴﻴﻤﻪ ﻫﺬا ﺗﺸﻮﺑﻪ اﻟﻨﻘﺎﺋﺺ. ﻓﻤﻨﺬ ﺑﺪء اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻋﺎم ،١٩١٤ﻛﺎن ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﻘﻮم ﻣﻘﺎم ﺑﻨﻚ ً ﱠ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﻳﺘﻮﱃ ﺗﻨﻈﻴﻢ إﻣﺪادات اﻻﺋﺘﻤﺎن ﻣﺮﻛﺰي ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻛﺎن ﻳﻔﱰض ً أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ واﻟﱰ ﺑﺎدﺟﻴﺖ ﻋﺎم » ،١٨٧٣اﻹﻗﺮاض دون ﻗﻴﻮد« ﰲ أوﻗﺎت اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ملﻨﻊ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺬﻋﺮ ﻗﺒﻞ ﺣﺪوﺛﻬﺎ. 36
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ
ً ﱡ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ وﻗﺖ واﺿﺤﺔ ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻀﻊ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻗﻮاﻋ َﺪ ٍ ﺑﴪﻋﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﺒﺎق اﻟﻜﺎرﺛﺔ، اﻷزﻣﺎت؛ ﻓﺎﻟﺒﻌﺾ ارﺗﺄى أن اﻟﻨﻈﺎم ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺤﺮك ُ ﺑﻴﻨﻤﺎ رأى َ اﻵﺧﺮون أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ أﻣﻮاﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺘ ﱠﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ .وﻛﺎن ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻣﻴﺰان اﻟﺮأي داﺧﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﱰو ًﻛﺎ ﰲ ﻳﺪ ﻣﺆﻳﱢﺪي ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﺪم ﱠ وﻇﻦ أﻏﻠﺐ ﻛﺎن ﻣﱰو ًﻛﺎ ﻟﻬﻢ ﰲ داﺋﺮة ﻣﻬﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد إﺑﱠﺎن ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ. ﻳﻮاﺟﻪ ً ﱡ أزﻣﺔ ،وأن اﻟﺒﻨﻮك واﻟﴩﻛﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﺪم اﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺬي ِ ُ اﻷﺿﻌﻒ ﺳﺘُﻔﻠِﺲ ،وذﻫﺒﻮا إﱃ أﻧﻪ إﺑﱠﺎن ﻓﱰ ٍة ﻣﻦ ﻓﱰات اﻻزدﻫﺎر أﺟﺮى ﺑﻌﺾ رﺟﺎل ً ٍ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛري اﻹﻓﺮاط ﰲ اﻟﺘﻔﺎؤل؛ ﻓﺎﻗﱰﺿﻮا ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻃﺎﺋﻠﺔ ،وأﻧﺘﺠﻮا ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻷﻋﻤﺎل ﻫﺎﺋﻠﺔ وﺧ ﱠﺰﻧﻮﻫﺎ ﱡ ﱠ ً ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻗ ﱡ ٍ ﻂ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ. ﺗﺮﻗﺒًﺎ ﻟﻠﻄﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،إﻻ أن ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻛﻤﻴﺎت ﱠ ﻇﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن أن ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﺳﺎﻋَ ﺪ ْ َت ﻋﲆ ﺣﺪوث اﻷزﻣﺔ ﰲ املﻘﺎم اﻷول، وأن اﻟﺪور املﻼﺋﻢ اﻟﺬي ﻳﻠﻌﺒﻪ اﻟﺮﻛﻮ ُد ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﺗﺼﺤﻴﺢ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺳﻮء اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻫﺬا .وﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل أﻏﻠﺐ ﻛﺘﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺪ ﱠرس ﺣﻴﻨﻬﺎ» :إذن ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ … ﻳﺠﺮي اﻹﺑﻘﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻨﺨﻔِ ًﻀﺎ إﱃ أن ﻳُﺘﺨ ﱠﻠﺺ ﻣﻦ املﺨﺰون اﻟﻔﺎﺋﺾ ،وﻻ ﻳُﻠﺘ َﺰم ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺿﻤﺎن ﻣﻌﻘﻮل ﺑﺘﺤﺼﻴﻞ أرﺑﺎح؛ أي إن ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد ،ﻋﲆ ﻇﻼﻣﻬﺎ وﻛﺂﺑﺘﻬﺎ ،ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣ ﱠ ُﺘﻨﻔﺲ 19 ﻟﻸﻋﻤﺎل«. ً ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎ ﱟم ﻋﲆ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﲆ ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻟﻮ ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﱡﻮن ﻗﺪ اﺟﺘﻤﻌﻮا ً ﱡ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ وﻗﺖ اﻷزﻣﺔَ ،ﻟﻮﺟﺪ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ .ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪى اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﻮﻗﻴﺖ اﺳﺘﻔﺤﺎل اﻷزﻣﺔ إﱃ اﻟﺤ ﱢﺪ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻠﺰم إﺣﺼﺎءات ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ أو ﺣﻮل اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻹﺟﻤﺎﱄ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻧﻈﺎم ﻟﺤﺴﺎب اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ 20 ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ اﻋﺘﻤَ َﺪ اﻟﺠﺪ ُل اﻟﺪاﺋﺮ ﺑني ﻣﴫﻓﻴﱢﻲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﲆ ٍ ٍ اﻓﱰاﺿﺎت ﺳﻤﻌﻴ ٍﺔ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺪور ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد. أدﻟﺔ أو وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻋﻘﺐ اﻻﻧﻬﻴﺎر َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ،اﺗﺨﺬ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎط اﻟﻔﻴﺪراﱄ َ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﻴﺴري إﻗﺮاض اﻷﻣﻮال واﻗﱰاﺿﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻟﻢ ﻳُﺠ ِﺪ اﻟﻨﻈﺎم ﻛﺜريًا ،واﻧﺰﻋﺞ ﺑﻌﺾ أﻋﻀﺎء اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻦ ﺟﻤﻮده اﻟﻨﺴﺒﻲ ،ﻻﻓﺘني اﻻﻧﺘﺒﺎه إﱃ أن اﻟﻜﺴﺎد ﻳﺒﺪو أن رﻗﻌﺘﻪ ﺗﺘﺴﻊ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻳﺼﻴﺐ املﺪﻳﻨني ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص. وﰲ رﺑﻴﻊ ،١٩٣٠أﺟﺮى ﺟﻮرج إل ﻫﺎرﻳﺴﻮن ،ﻣﺤﺎﻓِ ﻆ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،زﻳﺎر ًة ﻷوروﺑﺎ وﻻﺣَ َ »ﻧﻘﺺ ﰲ رأس املﺎل اﻟﻌﺎﻣﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ وﺟﻮد ﻗﻴﺪ ﻆ وﺟﻮد ٍ 37
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
املﺘﻌﴪة اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﻋﲆ اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ،ﰲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺒﻼد … ﺗﺄﺛ ﱠ َﺮ ْت ﺑﺎﻟﻈﺮوف اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﱢ َ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ« 21 .ورأى ﻫﺎرﻳﺴﻮن أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أن ﱢ ﻳﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻗﻴﻮده ﻋﲆ اﻻﺋﺘﻤﺎن ،إﻻ أن أﻏﻠﺐ ﻣﺤﺎﻓِ ﻈﻲ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺧﺎ َﻟﻔﻮه اﻟﺮأي. ﻋَ ِﻤﻞ ﺣﺬر اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس واﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﲆ اﻻﺗﺠﺎه ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ﱡ َ ِ ٍ ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﻮﻗﻒ؛ ﻓﻔﻲ ١٧ﻳﻮﻧﻴﻮ ،١٩٣٠أﺻ َﺪ َر ﻫﻮﻓﺮ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺷﺒﻪ اﻟﻌﺎملﻲ إﱃ ﺳﻤﻮت-ﻫﺎوﱄ اﻟﺬي َ رﻓ َﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﻮاردات إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ً وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ املﺰارﻋني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﻧَﻮا اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻗﺪ ﻇﻬ َﺮ ْت ﻋﺎم ١٩٢٨ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ َ ً ً املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﻤﺮﻳﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﻋﺎ َر َ ض ﻛﺜري ﻣﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﻋﺼﻴﺒﺔ ﻓﱰ ًة املﺰارﻋني أﺣﻜﺎﻣﻪ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﺤ ﱢﺮرو اﻟﺼﺤﻒ وﺑﻌﺾ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﺑﺎﻟﴩﻛﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ وﻋﺪ ٌد ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ رأت أن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺳﻴﻔﺼﻞ اﻟﺴﻮق اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻣﻤﺎ ﺳﻴﱰﺗﱠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻮاﻗﺐ وﺧﻴﻤﺔ .وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص اﻧﺰﻋَ ﺞَ أرﺑﺎبُ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎرات ،اﻟﺘﻲ ﺷ ﱠﻜ َﻠ ْﺖ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺎدرات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ 22 ،وﻗﺪ ﺣﺬﱠر أﺣﺪ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﺑﴩﻛﺔ ﺟﻨﺮال ﻣﻮﺗﻮرز ﻣﻦ ذﻟﻚ ً ﻗﺎﺋﻼ» :إن اﻷﻣﺔ املﻘﺮﺿﺔ … ﻋﻠﻴﻬﺎ ْ إن ﻛﺎﻧﺖ 23 ﺗﻄﻤﺢ إﱃ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ازدﻫﺎرﻫﺎ … أن ﺗﺸﱰي اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع «.ﰲ ﺣني ﻗﺎل ﺗﻮﻣﺎس ﻻﻣﻮﻧﺖ ،اﻟﴩﻳﻚ ﰲ ﺑﻨﻚ ﺟﻴﻪ ﺑﻲ ﻣﻮرﺟﺎن آﻧﺪ ﻛﻮﻣﺒﺎﻧﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري إﻧﻪ »ﻛﺎد َ ﱠ ﻳﻌﱰض ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﻫﺎوﱄ-ﺳﻤﻮت ﻟﻴﺘﻮﺳﻞ إﱃ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ ﻛﻲ ﻳﺨ ﱠﺮ ﻋﲆ رﻛﺒﺘﻴﻪ 24 اﻟﻐﺒﻴﺔ«. إﻻ أن ﻓﺮض ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ أﻋﲆ ﺑَﺪَا ﻓﻜﺮ ًة ﻃﻴﺒﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ دواﺋﺮ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ أﺧﺮى، ً ﻓﺎﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﱠ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺸﻜﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﻓﻀﻠﻮا اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻛﺴﺎد ﻋﺎم ١٩٢١اﻟﺬي أﻋﻘﺐ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،وﺑَﺪَا أﻧﻬﺎ آﺗَ ْﺖ ﺛﻤﺎ َرﻫﺎ ﺣﻴﻨﻬﺎ؛ ﻟﺬا ﻓﻌﻠﻮا ﻫﺬا ﻣﺠﺪدًا ،إذ ﺻﻮﱠت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﴩوع اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻋﺎ َر َ ﺿﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب؛ وﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﺻﻮ َ ﱠت ٧٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﴩوع اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﺑﻴﻨﻤﺎ 25 ﻋﺎ َر َ ﺿﻪ ٨٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني. وﻣﺎ أﻋﻘﺐ ذﻟﻚ أﺛﺒ ََﺖ ﺻﺤﺔ رأي اﻟﻨﻘﺎد؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔَ ، اﻧﺘﻘﻤَ ْﺖ ﺑﻼد أﺧﺮى ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻧﺸﺎء ﺣﻮاﺟﺰﻫﺎ اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ،واﻧﺨﻔﺾ ﺣﺠﻢ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﺑﻤﻌﺪل اﻟﺮﺑﻊ، وﺻﻌﱠ ﺐ ﻣَ ﻨْﻊ اﻟﺒﻼد اﻷﺧﺮى ﻣﻦ دﺧﻮل اﻷﺳﻮاق اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺪرة اﻟﻘﻮى اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﲆ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ املﺴﺘﺤﻘﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ .وﻛﻤﺎ أوﺿﺢ أﺣ ُﺪ اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا 38
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ
ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ» :ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ذﻫﺐ ٍ ﻛﺎف ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﺪاد ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ؛ وﻟﺬا ﺳﺘُ ﱢ ﺤﺼﻞ 26 أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻗﺮوﺿﻬﺎ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺴﻠﻊ املﺒﻴﻌﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ «.وﻣﻊ ﺣﻈﺮ اﻻﺋﺘﻤﺎن ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٨ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮوض ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻗﺪ ﺑﺪأَت ﰲ اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ،وﻣﻊ ﺣﻈﺮ اﻟﺘﺠﺎرة ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٠ﺑﺪأت اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ املﺒﻴﻌﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﰲ اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ً أﻳﻀﺎ ،وأﻋﻘﺐ ذﻟﻚ أن ﺑﺪأت اﻟﺪﻓﻌﺎت املﺴﺪﱠدة إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﰲ اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ،ﺣﻴﺚ ﺳﻌَ ِﺖ اﻟﺪو ُل إﱃ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ .ﻛﺎن ﱡ اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﺪوﱄ ﻟﻠﻤﺎل املﻘﱰَض. ﺧﻔﺾ اﻟﺘﺠﺎرة ﻳﻌﻨﻲ ﺧﻔﺾ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،١٩٣٠ﺗﺠ ﱠﻠ ْﺖ أﺧريًا اﻵﺛﺎ ُر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ اﻗﱰاض املﺎل؛ ﻓﻔﻲ ً اﻟﺸﻬﺮﻳﻦ اﻷﺧريﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ،ﻋ ﱠﺮ َ ُ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ،وﻫﻲ ﻣﺒﺎﻟﻎ إﻓﻼﺳﺎت اﻟﺒﻨﻮك وداﺋ َﻊ ﺿ ْﺖ 27 ﺗﻔﻮق ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌ ﱠﺮ َ ﺿ ْﺖ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺤﺎﻻت ﺗﻌﻠﻴﻖ اﻟﻨﺸﺎط ﰲ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ .ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﺬﻋﺮ ً أﻳﻀﺎ ،ﻓﺎﺳﺘﻤ ﱠﺮ اﻻﻧﻬﻴﺎ ُر ﻏري املﻨﺘﻈﻢ ﻟﻠﻨﻈﺎم املﴫﰲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﺧﻼل وﻻﻳﺔ 28 ﻫﻮﻓﺮ أﻓ َﻠ َﺲ أﻛﺜ ُﺮ ﻣﻦ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. وﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪات ﻫﻮﻓﺮ اﻟﺘﻄﻤﻴﻨﻴﺔ ،ﻛﺎن اﻟﻨﻈﺎم املﴫﰲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻴﻪ؛ ﻓﻘﻮاﻧ ُ ﱢ ري ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﻨَﻌَ ِﺖ اﻟﺒﻨﻮ َك ﻣﻦ إﻧﺸﺎء ﻓﺮوع ﻣﻦ ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻒ ني ﻛﺜ ٍ ٍ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ،وﺗﻘﺮض ﺑﻔﺮوع ﻛﺜري ٍة ﻣﴫﻓﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ إن اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ٍ املﻘﱰﺿني ،اﻋﺘﻤﺪ ْ َت ﺑﻤﻌﺪل أﻗﻞ ﻋﲆ ﺛﺮوات ﻣﻜﺎن املﺎ َل ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ملﺨﺘﻠﻒ أﺻﻨﺎف ِ ٍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ اﻟﺒﻨﻮ ُك ﺑﻌﻴﻨﻪ ،وﻛﺎن ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﺠﺎ ُو ُز أيﱢ أزﻣﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻛﱪى ،ﺑﻴﻨﻤﺎ َﻓ ِﺸ َﻠ ْﺖ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻓﺮوع أو وﺣﺪات ﻣﴫﻓﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﺎﻟﻔﺮوع املﴫﻓﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺑﻨﻮك أﻗﻮى وأﻗﺪر ﻋﲆ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻋﻤ َﻠ ْﺖ ﻋﲆ إزاﺣﺔ اﻟﺒﻨﻮك اﻷﺿﻌﻒ ﻋﻦ املﻨﺎﻓﺴﺔ ُ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻓﱰ َة اﻟﻜﺴﺎد ﺑﻨﻈﺎ ٍم ﻣﺎﱄ ﱟ أﻗﻮى وأﻛﺜﺮ اﺳﺘﻘﺮا ًرا، أو اﺳﺘﺤﻮذَ ْت ﻋﻠﻴﻬﺎ .دﺧﻠﺖ ﻫﺬه وﺑﺎملﺜﻞ ﺗﺠﺎ َو َز اﻟﻨﻈﺎم املﴫﰲ اﻟﻜﻨﺪي اﻟﻜﺴﺎ َد ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ،ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻓﺮوع ﻣﴫﻓﻴﺔ 29 ﻛﺜﻴﻔﺔ. ً ﻗﺮوﺿﺎ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﴐب اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﻜﺒري ﺑﻨﻮ َك أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﻘﺴﻮةٍ؛ ﻓﺒﻌﻀﻬﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻄﻲ أﺻﻮﻻ أﺟﻨﺒﻴﺔ أﻓ َﻠ َﺴ ْﺖ ،ﺣﻴﺚ ﱠ واﻟﺒﻌﺾ َ ُ ً ﺗﻮﻗ َﻔ ِﺖ اﻟﺪﻳﻮ ُن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻵﺧﺮ ﻛﺎن ﻳﻤﻠﻚ املﻀﺎ َرﺑﺔ، ِ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﺪو ُل اﻷﺧﺮى اﻟﻮﻓﺎءَ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻷﻫﻢ ﻫﻮ أن ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺒﻨﻮك ﺑﺎﻟﺨﺎرج وﻟﻢ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﻬﺎ أن ﻋﻤﻼء ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻨﻮك ﻋﺎﻧَﻮا وﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﻢ أو إﺟﺮاء إﻳﺪاﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﰲ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻻد َ ﱢﺧﺎر ﺧﺎﺻﺘﻬﻢ؛ ﻓﺎملﺒﺎﻟﻎ ﻋﲆ اﻟﻘﺮوض واﻟﻮداﺋﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺪ َر اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻠﺒﻨﻮك ،وﻣﻊ ﻧﻀﻮب دﺧﻞ اﻟﺒﻨﻮك ،ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﺴﺪا َد 30 ﻟﺪاﺋﻨﻴﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﺰاﻳﺪ ْ إﻏﻼق اﻟﺒﻨﻮك أﺑﻮاﺑﻬﺎ. َت وﺗري ُة ِ 39
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺟﻨﺢ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ إﱃ رأي ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ أﻋﻀﺎﺋﻪ ﺑﺄن اﻟﺒﻨﻮك املﻨﻬﺎرة ﺟﺰء ﻃﺒﻴﻌﻲ — وإن ﻛﺎن ﻣُﺆﻟِﻤً ﺎ — ﻣﻦ دورة ﺣﻴﺎة ﻋﺎ َﻟﻢ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﺣﺎﻻت اﻹﻓﻼس ﺗﻠﻚ أو ﻳﺤﻮل دون ﺣﺪوث ﺣﺎﻻت أﺧﺮى ،وﻛﺎن ﻋﺪ ُم اﺗﺨﺎذﻫﻢ ﻷي إﺟﺮاءٍ ﻣﺘﻮاﻓِ ًﻘﺎ ﻣﻊ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪًا ﺣﻴﻨﻬﺎ ،إﻻ أن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎد ْ َت ﰲ ً ً ً ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺗﺤﺪ ْ وﻣﻮﺛﻮﻗﺎ ﺑﻬﺎ أرﺳﺎﻫﺎ ﺑﺎدﺟﻴﺖ ﰲ ﻋﺎم ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﱠت ً إﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻷدﻟﺔ اﻟﺒﺎدﻳﺔ أﻣﺎﻣﻬﻢ .واﺳﺘﻤﺮ إﻓﻼس اﻟﺒﻨﻮك ،ﰲ ﻣﻮﺟﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﺋﺐ ١٨٧٣ ِ إﻏﻼق ﺑﻤﻮﺟﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺨﻮف ملﺪًى أﺑﻌ َﺪ ﺣﺎﻟﺔ أﺛﺎ َر ْت ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮﻋﺐ ،ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺜ َ ْﺖ ﻛ ﱡﻞ ٍ َ اﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﺑﻨﻮﻛﻬﻢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي زاد ﻧﻄﺎق أوﺳﻊَ ،وﺑﺪأ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﻔﻘﺪون وﻋﲆ ٍ ﺣﺼﻮل اﻟﺒﻨﻮك ﻋﲆ أﻣﻮال. ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑ ِﺔ ِ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻛﺜريٌ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻋﲆ ﻫﻮﻓﺮ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﻔﻲ ﺣني أﻧﻪ ﻧﺎل اﺣﱰام اﻵراء ﰲ وﻗﺘﻪ، َ ً راﺳﺨﺎ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻛﺎن ﻳﺪﻋﻮه إﱃ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ أدر َﻛﺘْﻬﺎ ﺣﻮاﺳﻪ وﺗﻘﻠﻴﺪًا ﺗﺤﺪﱠى ﻫﻮﻓﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻣﻘﺎ َر ً ً َ ﺗﺤ ﱡﺮكٍ ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ وﺟﺪ ﻫﻮ ً ﻧﺔ اﺋﺘﻤﺎن ﺗﺰداد ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻳﻀﺎ ٍ ﺑﺎﻷوﻗﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .وﰲ ﺑﺪاﻳﺔ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،١٩٣٠أ ﱠﻛ َﺪ ﻫﻮﻓﺮ ﻋﲆ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ملﺸﻜﻼت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻟﻢ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ اﻟﻜﺴﺎد دﺧﻞ ﺟﺰء ﻛﺒري ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻨﺎ … إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﺪﺧﻞ ﺗﺄﺛ ﱠ َﺮ ﺑﺎملﺨﺎوف واﻟﺘﺸﺎؤم اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻻ داﻋﻲ ﻟﻬﻤﺎ «.وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻮﺟﻮب اﺗﺨﺎذ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻹﺟﺮاءٍ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ،ﺳﻤﺢ ﻫﻮﻓﺮ ﻟﻬﺎ ﺑﺨﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ أرﺑﺎح رأس املﺎل؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺳﻴﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ أرﺑﺎح اﻟﺘﺪاول 31 .وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ،ﻋﺸﻴﺔ ذﻛﺮى ٍ ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺟﻠﺴﺔ ﺷﺎﺋﻌﺎت ﺑﺸﺄن دﻋﻮﺗﻪ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﻼﻧﻌﻘﺎد ﰲ اﻟﺨﻤﻴﺲ اﻷﺳﻮد ،د َرأ َ ﻫﻮﻓﺮ ﻻﺗﺨﺎذ إﺟﺮاء ملﻮاﺟَ ﻬﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﺣﻴﺚ أﻋﻠﻦ ً ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺟﻠﺴﺔ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﴐورة ﻟﻌﻘﺪ ﱡ ﻓﺤﺲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺘﻄﻮﱡﻋﻲ وروح اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻔﻴﺎ ﻣﻦ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ؛ إﻳﻤﺎن ﻫﻮﻓﺮ ﺑﻘﻮة اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ 32 «.ﻟﻢ ﺗﺨﺐُ ﺟﺬو ُة ِ ٍ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻘﺪرة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻄﻮﱡﻋﻲ املﺪﻧﻲ ﻏري اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ. ﻳﺮى أن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ َ ٌ وﻋﻘﺐ ذﻟﻚ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊَ ، ﻓﻘﺪ ْ وﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ﻣﺮة ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﻮة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني َت واﺣﺪة :إﻧﻬﻢ ﺟﻤﻬﻮرﻳﻮ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس؛ ﻓﻔﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب َ ﻓﻘ َﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ٥٢ﻣﻘﻌﺪًا ﻟﺘﺌﻮل اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني 33 ،أﻣﺎ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ،ﻓﻘﺪ َ ﻓﻘ َﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ٨ﻣﻘﺎﻋﺪ، ﻓﻠﻢ ﺗﺮﺟﺢ ﻛﻔﺔ أيﱢ اﻟﺤﺰﺑني ﻟﻴﺼﺒﺢ اﻟﺤﺰب ذا اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ املﻄﻠﻘﺔ. ﱢ ﻣﻮﺿﺤً ﺎ ﰲ ٣ﻓﱪاﻳﺮ ،١٩٣١ﺟ ﱠﺪ َد ﻫﻮﻓﺮ ﻣﻌﺎرﺿﺘﻪ ﻟﻠﺪﻋﻢ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ملﺴﺄﻟﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ، أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻌﺘﻤﺪ ذﻟﻚ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ »ﻳﺤني اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻌﺠ ُﺰ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻄﻮﱡﻋﻴﺔ، 40
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ
إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺴﻠﻄﺎت ﻋﲆ املﺴﺘﻮى املﺤﲇ وﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﻋﻦ إﻳﺠﺎد املﻮارد ملﻨﻊ اﻟﺠﻮع واملﻌﺎﻧﺎة 34 «.وﻋﲆ ﻏﺮار اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﰲ ﺣﺠﺮات ﻣﺤﺼﻨﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻔﻠﺲ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻨﻮك ،ﻟﻦ ﻳﻔﺘﺢ ﻫﻮﻓﺮ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻧﻬﻴﺎر املﺆﺳﺴﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ واملﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ املﺤﻠﻴﺔ .ﻓﻘﺪ ﻋﺎ َر َ ض ﻓﻜﺮ َة اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﺒﺪأ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺳﻴﻮاﺟﻬﻮن ﺧﻄ َﺮ »اﻻﻧﺰﻻق إﱃ َ ُ ﻣﺒﺎﴍ ًة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺪﻋ َﻢ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ وﺳﻴﻄﺮة اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج« إذا ﻣﺎ ﻗﺪﱠﻣَ ِﺖ 35 إﱃ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ. ﻧﺤﻮ ﺗﺎمﱟ؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺎ َو َﻟ ْﺖ ﺑﻌﺾُ وﻟﻢ ﻳﺬﻫﺐ دﻋﻤﻪ ﻟﻠﺠﻬﻮد اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ واملﺤﻠﻴﺔ ﻫﺒﺎءً ﻋﲆ ٍ ُ َ ﴍﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻴﻜﱰﻳﻚ ﻋﺪ َد اﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت وﺧﻔﻀ ْﺖ اﻟﴩﻛﺎت أن ﺗُﺒﻘِﻲ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮ ًة، ﻋﻤﻞ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣١ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﺑﻬﺎ املﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ،واﻟﺘﺰﻣَ ْﺖ ﺑﺨﻤﺴني أﺳﺒﻮ َع ٍ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﻠﻮا ﻟﺪى اﻟﴩﻛﺔ ﺳﻨﺘني أو أﻛﺜﺮ .وﺗﻌﺎ َوﻧ َ ْﺖ ﺑﻌﺾ اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺸﺎء ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺗﺄﻣني ﺿﺪ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وأﻋﺎد ْ َت ﺑﻌﺾ اﻟﴩﻛﺎت اﻷﺧﺮى ﺗﺪرﻳﺐَ ﻋﻤﱠ ﺎﻟﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻧﻘﻠﻬﻢ داﺧﻞ اﻟﴩﻛﺔ ،ﰲ ﺣني ﱠ دﺷﻦ اﻟﺒﻌﺾ َ ُ اﻵﺧﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻨﺢ ﻗﺮوض ﻟﻠﻌﺎﻃﻠني 36 .وﻓﻌﻠﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻌﻠﻪ، ﻓﻄﻠﺐ ﻓﺮاﻧﻜﻠني دي روزﻓﻠﺖ ﺣﺎﻛِﻢ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺑﺮﻧﺎﻣﺞَ ٍ ﻏﻮث ﻃﺎرﺋًﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﺻﻴﻒ ،١٩٣١واﺳﺘﺠﺎﺑ َْﺖ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ أﻟﺒﺎﻧﻲ ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ ٢٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ أﺟﻞ ﻏﻮث أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٣٠٠أﻟﻒ أﴎة ،وﺣﺬَ ِت اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﺧﺮى ﺣﺬوﻫﺎ ،ﻓﺄﻧﻔﻘﺖ ﻋﴩات املﻼﻳني ﻣﻦ 37 اﻟﺪوﻻرات ملﺴﺎﻋﺪة ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ. ً إﻻ أن ﻫﺬه اﻟﺠﻬﻮد ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﺎﻓﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﻳﻨﻔﻘﻮن ﺑﺤﺬر ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻘﺪون اﻟﺜﻘﺔ ،وﻻ ﻳﻨﻔﻘﻮن ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﴪون وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ؛ ﻓﻌﺎﻧﺖ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﺜﻘﺔ .وﻗﺪ ﺧﺎ َ اﻋﺘﻤﺪ ْ ٍ ﻃﺐَ ﺟﻴﻤﺲ ﻓﺎرﻳﻞ — رﺋﻴﺲ َت ﻋﲆ اﺳﺘﻤﺮار اﻗﱰاض املﺴﺘﻬﻠﻜني اﻟﴩﻛﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﺼﻠﺐ — إﺣﺪى ﺟﻠﺴﺎت اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ً ١٩٣١ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺧﻠﻖ ﻋﻤﻞ ﺑﻤﻨﺄًى ﻋﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت املﺸﱰﻳﻦ 38 «.وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ اﻟﴩﻛﺎت ﺗﴪح اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻓﻴﻬﺎ ،أﺧﺬ ﻋﺪد املﺴﺘﻬﻠﻜني اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق ﻳﻘ ﱡﻞ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ. ﱢ ﻟﻢ ﻳﺤﺠﻢ ﻫﻮﻓﺮ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاء ﻓﻴﺪراﱄ؛ ﻓﻔﻲ ﻓﱪاﻳﺮ ،١٩٣١ﱠ وﻗ َﻊ ﻋﲆ ﺗﴩﻳﻊ ﺑﺈﻧﺸﺎء املﺠﻠﺲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ،واﻟﺬي ُﻛ ﱢﻠ َ ﻒ ﺑﻮﺿﻊ إﻃﺎر زﻣﻨﻲ ﻟﻺﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﲆ اﻹﻧﺸﺎء ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ملﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﺠﻢ ﻫﺬا ﻣﻀﺾ ،وﻗﺪ أ ْ ﻃ َﻠ َﻊ أﺣ َﺪ ﻣﻌﺎوﻧﻴﻪ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻛﺎن اﻹﻧﻔﺎق 39 ،وﻟﻜﻨﻪ أﻳﱠ َﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻧني ﻋﲆ ٍ 41
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
»ﺧﻔﺾ اﻟﻨﻔﻘﺎت ،وأن ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ملﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻣﺘﻮازﻧﺔ« ،وﻋﺎ َر َ َ ﱢ ض ﻳﻔﻀﻞ ﺗﴩﻳﻌً ﺎ َ ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ 40 .ﻛﻤﺎ أﻣﺮ ﻫﻮﻓﺮ ً ﱡ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ أﻛﺜﺮ أﻳﻀﺎ آﺧﺮ ٍ ً ﴏاﻣﺔ ﻟﺘﴩﻳﻌﺎت ﺣﻈﺮ اﻟﻬﺠﺮة ،وﰲ ﻣﺎرس ،١٩٣١أوردت ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ َزﻋْ َﻢ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ أن »اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻫﻮﻓﺮ ،ﰲ إﻃﺎر ﺟﻬﻮده ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ … أﺑﻌَ َﺪ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻮاﱄ ١٠٠أﻟﻒ ﻣﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ ﻛﺎن ﺳﻴُﺴﻤَ ﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺪﺧﻮل اﻟﺒﻼد ﰲ ﻇ ﱢﻞ 41 ﻇﺮوف اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ«. وﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ،١٩٣١ﺗﺤ ﱠﻮ َل ﻫﻮﻓﺮ إﱃ إﻳﻘﺎف اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﺪوﱄ ﻟﻼﻧﻬﻴﺎرات اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ، ﻣُﻌ ِﻠﻨًﺎ اﻟﺴﻤﺎحَ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت املﺪﻳﻨﺔ ﺑﺘﺄﺟﻴﻞ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ ملﺪة ﻋﺎم ،ووﺟﱠ ﻪ ﻋﻴﻨَﻴْﻪ ﺻﻮب أملﺎﻧﻴﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺌﻮﻧﻬﺎ املﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﺬر ﺑﺎﻟﺘﺪﻫﻮر .وﻗﺪ ﻋ ﱠﻠ َﻘ ْﺖ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ً ﻗﺎﺋﻠﺔ» :ﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ أن ﺛﻤﺔ ﻣﺨﺎوف ﻣﻦ ﻧﺸﻮب ﺣﺮب ﻫﻨﺎك« ،ﺑﻞ »اﻷﻣﺮ ﺗﺎﻳﻤﺰ ﻋﲆ املﻮﻗﻒ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﺟﻬﺎز ﻋﺼﺒﻲ واﺣﺪ ﻓﺤﺴﺐ ﻟﻠﻌﺎ َﻟﻢ املﺘﺤﴬ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ« ،وأي إﺻﺎﺑﺔ ﺗﻠﺤﻖ 42 ﺑﻄﺮف ﻣﻦ اﻷﻃﺮاف ﺗﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ اﻟﺠﺴﺪ ﺑﺄﴎه. رﺑﻤﺎ ﱠ أﺧ َﺮ اﻟﺴﻤﺎحُ ﺑﺘﺄﺟﻴﻞ ﺳﺪاد اﻟﺪﻳﻮن املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻴﺎر املﺎﱄ اﻟﻌﺎملﻲ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻏﻮث ﻓﻮري ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ،واﺳﺘﻤﺮ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ اﻻرﺗﻔﺎع. وﺗﺸري اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول ﻫﺬه اﻟﻔﱰة إﱃ أن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻣﻦ ﺣﻮاﱄ ٩ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٠إﱃ ١٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣١ﺛﻢ ﺗﺼﺎﻋﺪت إﱃ اﻟﻨﺴﺒﺔ املﺮوﻋﺔ ٢٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻋﺎم .١٩٣٢وإﺑﱠﺎن ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد ،وﺿﻊ إﺣﺼﺎﺋﻴﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ — إدرا ًﻛﺎ ً َ ﻗﻴﺎس اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ورﻏﺒﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﻗﻴﺎس ﻧﺴﺒﻬﺎ — ﻣﻔﺎﻫﻴ َﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻸزﻣﺔ املﺴﺘﻔﺤﻠﺔ، وﻃﺮق ِ َ اﻷﺳﺎس ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ .إﻻ أن ﺑﺎﻛﻮرة ﻋﻤﻠﻬﻢ أﻓﺮ َز ْت وﺗﺤﺪﻳﺪﻫﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺷ ﱠﻜ َﻠ ِﺖ أرﻗﺎﻣً ﺎ ﻛﺌﻴﺒﺔ ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﻨﱠﻰ إدار ُة ﻫﻮﻓﺮ أن ﺗﺴﻤﻊ وﺗﴫﱢ ح ﺑﻪ .وأﺟﱪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ إﺣﺼﺎءات اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺎﻋُ ﺪ ،ﻛﻤﺎ أوردت ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ» :ﺻﺎح ﻣﺪﻳ َﺮ ِ 43 ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻣﺘﻘﺎﻋﺪ! ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ ﻻ ﺗﻘﻠﻬﺎ ﻫﻜﺬا ،ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻫﺬه ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ««. ً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧرية وﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻳﺎﺋﺴﺔ ﻣﻦ ﻫﻮﻓﺮ ،وﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﻹﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ،أﻗ ﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻹﻧﻬﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﺴﺎد .وملﺎ ﻛﺎن ﻫﻮﻓﺮ ﻣﻨﺰﻋِﺠً ﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﻮﺷﻴﻚ ﻟﺒﻨﻚ »ﺑﺎﻧﻚ أوف أﻣﺮﻳﻜﺎ« اﻟﻜﺎﺋﻦ ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،دﻋﺎ ﻫﻮﻓﺮ ﻹﻋﺪاد ﺗﴩﻳﻊ ﻃﺎرئ ملﺴﺎﻋﺪة ﺑﻨﻮك اﻟﺪوﻟﺔ 44 .وﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ،١٩٣٢أﻗ ﱠﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﺑﺈﻧﺸﺎء »ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر« ،ﺑﺮأس ﻣﺎل ٥٠٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻرُ ، وﺳﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺈﺻﺪار أوراق ﻧﻘﺪﻳﺔ إﱃ ﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﱃ ١٫٥ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﻦ إﻗﺮاض املﺎل ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ إﱃ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن )ﺣﻴﺚ 42
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ( ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ املﻠﺠﺄ اﻷﺧري ﻟﻺﻗﺮاض وﺗﻨﻘﺬ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ املﺎﻧﺤﺔ ﻟﻼﺋﺘﻤﺎن .واﺿﻄﻠﻌﺖ املﺆﺳﺴﺔ ﺑﻌﻤﻠﻬﺎ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻧﻪ إذا ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ْﺖ ﻣﻦ ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻀﻐﻂ ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك ،ﻓﺴﺘﻤﻨﺢ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﺤﺒﻮﺣﺔ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﻤﻘﱰﺿني ﻣﻨﻬﺎ. وﰲ ﻏﻀﻮن أﺳﺒﻮﻋني ﻣﻦ إﻧﺸﺎء ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﻨﺢ ﻣﺎﺋﺔ ﻗﺮض 45 ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ. ﱠ ً ﻛﻤﺎ وﻗﻊ ﻫﻮﻓﺮ أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﻣﴩوع ﻗﺎﻧﻮن ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ ١٢٥ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻟﻨﻈﺎم ﺑﻨﻮك اﻷراﴈ اﻟﻔﻴﺪراﱄ؛ وﻫﻮ ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك أ ُ ِ ﻧﺸﺌﺖ ﰲ ﻋﺎم ١٩١٦ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻓري اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ؛ ﻓﺎملﺎل اﻹﺿﺎﰲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺪﻋﻢ اﻟﺒﻨﻮك أﻣﺎم املﻘﱰﺿني املﺘﻌﴪﻳﻦ واملﺪﱠﺧِ ﺮﻳﻦ املﻄﺎﻟﺒني ﺑﻮداﺋﻌﻬﻢ .وﺑﺎملﺜﻞ أﺻﺪر ﻫﻮﻓﺮ ﰲ ﺻﻴﻒ ١٩٣٢ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻧﻈﺎم ﺑﻨﻮك َ أﻗﺮﺿ ِﺖ املﺎ َل ﻣﻦ أﺟﻞ رﻫﻮﻧﺎت أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل .ﻛﻤﺎ ﻗﺮوض اﻹﺳﻜﺎن ﻟﺪﻋﻢ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻲ ﱠ ﻗﺎﻧﻮن َ آﺧﺮ ﺑﺎﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻨﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ وﻗﻊ ﻣﴩو َع ٍ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وإﻳﻼء ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻗﺪ ًرا أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﺤ ﱡﻜﻢ ﰲ أﺳﻌﺎر 46 اﻟﻔﺎﺋﺪة. اﻷرﺟﺢ أن ﻫﺬه اﻟﺘﺪاﺑري ﻛﺎﻓﺔ ﺳﺎﻋَ ﺪ ْ َت ﰲ ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ اﻻﺋﺘﻤﺎن وﺗﻤﻜني املﴫﻓﻴني ورﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻦ اﻹﻗﺮاض واﻻﻗﱰاض ﺑﺤﺮﻳﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي رﺑﻤﺎ أدﱠى ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ إﻋﺎدة ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻋﺪدٍ ﻻ َ ﺑﺄس ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﺪﱢم أيﱠ ﳾء ﻓﻮري ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ ﻏري املﴫﻓﻴني؛ ﻓﺪاﻋِ ﻤُﻮ ﻫﻮﻓﺮ أداﻧﻮا ﺟﻬﻮدﻫﻢ دون ﻗﺼ ٍﺪ ﻣﻮﺿﺤني أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا أيﱠ ﳾء ﻣﻮﺟﱠ ﻪ َ ﱢ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﻟﻠﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻌﺎدي .وﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻗﻮل ﻣﻨﻬﻢ، َ املﺘﻌﺎﻓﻴﺔ واﻟﺒﻨﱠﺎء َة أوﺟﺪﻳﻦ ﻣﻴﻠﺰ ،وزﻳﺮ اﻟﺨﺰاﻧﺔ ،ﻓﺈن ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺮﺋﻴﺲ »ﺣ ﱠﺮ َر ِت اﻟﻘﻮى ٌ ﻓﺮﺻﺔ ﻛﻲ ﻳﻔﻌﻞ داﺧﻞ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻧﻔﺴﻪ … وﻟﺬا رﺑﻤﺎ ﺗﺘﺎح ملﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ 47 ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﺘﻄ ﱠﻠﻊ إﱃ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻠﻚ املﺼﻠﺤﺔ«. ملﺼﻠﺤﺘﻪ أﺷﻴﺎءَ ﻻ ﺗﻘﺪِر اﻟﺘ َﺰ َم ﻫﻮﻓﺮ ﺑﺄﺳﺲ اﻟﻐﻮث اﻟﺘﻲ أرﺳﺎﻫﺎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٢٧؛ اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻴﺔ، واﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻌﻮن ﻟﻠﻤﻘﺮﺿني ،وﻋﺪم ﺗﻮﺟﻴﻪ أي ﻣﺴﺎﻋَ ﺪ ٍة ﻣﺒﺎﴍة إﱃ اﻟﻌﻤﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني .ﱠ ﺗﻨﺼﻞ ﻫﻮﻓﺮ ﻣﻦ أي اﺗﺼﺎل ﺑﺎملﻮاﻃﻨني ،ﻣﻌ ﱢﻠ ًﻼ ذﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ ارﺗﺄى أن اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ُﻣﻨِﺤﺖ »ﺳﻠﻄﺔ ﻟﻘﻴﺎد ٍة ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑني ﻗﻮى ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل واﻟﺤﻴﺎة ً ﻋﺮﺿﺔ ﻻﻧﺘﻘﺎد اﻟﺤﺎﻛﻢ روزﻓﻠﺖ ،اﻟﺬي أﻋﻠﻦ ﰲ أﺑﺮﻳﻞ ١٩٣٢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ« 48 .ﻓﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ أن »اﻹدارة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ … إﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﻧﺴﻴﺖ أو ﻻ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺘﺬ ﱠﻛﺮ املﺸﺎة ﰲ ﺟﻴﺸﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي. إن ﻫﺬه اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ … ﺧﻄ ً ﻄﺎ … ﺗﺒﻨﻲ ﺑﻨﺎءً ﺗﺼﺎﻋﺪﻳٍّﺎ وﻟﻴﺲ ﺗﻨﺎزﻟﻴٍّﺎ، 43
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﱡ ُﻗﻮ ِﺑ َﻞ ﺧﻄﺎب روزﻓﻠﺖ49 «.املﻨﴘ ﻋﻨﺪ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻬﺮم ﺗﺒﺚ اﻹﻳﻤﺎن ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﰲ ا ُملﻮاﻃﻦ ﱢ وﻟﻜﻦ ﺑﺤﻠﻮل،ﺑﺎﻻﺳﺘﻬﺠﺎن ﺣﺘﻰ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﺣﺰﺑﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﺆﻟﺐ اﻟﺠﻤﺎﻫري ﻋﲆ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﱠ وﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ أﻃﺎح ﺑﻬﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ،املﺮﺷﺢ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺼﻴﻒ أﺻﺒﺢ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ أﻣﻞ أﻧﻪ ﺳﻴﻤ ﱡﺪ ﻳ ﱠﺪ اﻟﻌﻮن إﱃ،اﻧﺘﺼﺎر ﺳﺎﺣِ ٍﻖ ﻓﺎﺋ ًﺰا ﺑﻤﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ،ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ ٍ ً وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻫﻮﻓﺮ،اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎدﻳني .وﻓﻘﺎ ﻟﻘﻨﺎﻋﺎﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻫﻮاﻣﺶ (1) “Wagner Puts Party in Progressive Role,” New York Times, 5/15/31, 2. (2) John M. Barry, Rising Tide: The Great Mississippi Flood of 1927 and How It Changed America (New York: Simon and Schuster, 1997), 270. (3) Timothy Walch and Dwight M. Miller, eds., Herbert Hoover and Franklin D. Roosevelt: A Documentary History (Westport, CT: Greenwood, 1998), 6. (4) Barry, Rising Tide, 266. (5) Ibid., 368. (6) Ibid., 401. (7) Ibid., 384–93. (8) H. L. Mencken, On Politics: A Carnival of Buncombe, ed. Malcolm Moos (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 1956), 148. (9) Robert A. Slayton, Empire Statesman: The Rise and Redemption of Al Smith (New York: Free Press, 2001), 98. (10) Ibid., 314, 316. (11)
“Hoover Asserts Business Sound,” Wall Street Journal,
10/26/1929, 1. (12) “Leaders Call Break Technical,” Wall Street Journal, 10/26/1929, 13.
44
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ (13) “Text of Hoover’s Announcement of Plan for National Conference on Business Aid,” New York Times, 11/16/1929, 1. (14) Albert U. Romasco, The Poverty of Abundance (New York: Oxford University Press, 1965), 29. (15) “Text of Hoover’s Announcement,” New York Times, 11/16/1929, 1. (16) Romasco, Poverty of Abundance, 59. (17) Lester V. Chandler, American Monetary Policy, 1928–41 (New York: Harper and Row, 1971). (18) “Text of Hoover’s Announcement,” New York Times, 11/16/1929, 1. (Capitalization of “system” as in original.) (19) Chandler, American Monetary Policy, 119. (20) Ibid., 116. (21) Ibid., 151. (22) Barry Eichengreen, “The Political Economy of the Smoot-Hawley Tariff,” NBER Working Paper no. 2001 (1986), 17. (23)
“Urge Tariff Cuts to Aid World Amity,” New York Times,
6/10/1930, 2. (24) David M. Kennedy, Freedom from Fear: The American People in Depression and War, 1929–1945 (New York: Oxford University Press, 1999), 50. (25) Douglas Irwin, “From Smoot-Hawley to Reciprocal Trade Agreements: Changing the Course of U.S. Trade Policy in the 1930s,” in The Defining Moment: The Great Depression and the American Economy in the Twentieth Century, ed. Claudia Goldin, Eugene N. White, and Michael D. Bordo (Chicago: The University of Chicago Press, 1998), 334. (26) Edwin L. James, “Peril to War Debts Seen in our Tariff,” New York Times, 6/18/1930, 1.
45
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة (27) Ben S. Bernanke, “Nonmonetary Effects of the Financial Crisis in the Propagation of the Great Depression,” American Economic Review 73, no. 3 (1983): 262. (28) Chandler, American Monetary Policy, 105. (29) Mark Carlson and Kris James Mitchener, “Branch Banking, Bank Competition, and Financial Stability,” NBER Working Paper no. 11291 (2005); Richard S. Grossman, “The Shoe That Didn’t Drop: Explaining Banking Stability During the Great Depression,” Journal of Economic History 54, no. 3 (1994). (30) Chandler, American Monetary Policy, 105-6. (31)
“Hoover Asks Bankers to Take Lead,” New York Times,
10/3/1930, 1. (32)
“Work for Jobless Put at $450,000,000,” New York Times,
10/25/1930, p. 4. (33)
Clerk of the House website, www.house.gov, consulted
2/27/2007. The Seventy-first Congress had 270 Republicans and the Seventy-second had 218. (34)
“Text of President Hoover’s Statement,” New York Times,
2/4/1931, 2. (35)
Joan Hoff Wilson, Herbert Hoover, Forgotten Progressive
(Prospect Heights, IL: Waveland, 1992), 151. (36) Romasco, Poverty of Abundance, 135–38. (37) Ibid., 169-70. (38) Ibid., 139. (39)
“Wagner Act Signed by the President,” New York Times,
2/11/1931, 2. (40) Wilson, Herbert Hoover, Forgotten Progressive, 150. (41) “Alien Order Bars 96, 885 in 5 Months,” New York Times, 3/27/1931, 22.
46
ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ (42) “No Splendid Isolation,” New York Times, 6/20/1931, 11. (43) “Labor Commissioner Stewart Quits Post,” New York Times, 7/3/1932, 3. (44) James S. Olson, Herbert Hoover and the Reconstruction Finance Corporation, 1931–1933 (Ames: Iowa State University Press, 1977), 33–35. (45) Ibid., 42. (46) Romasco, Poverty of Abundance, 190–93. (47) Ibid., 197. (48) Ibid., 200. (49) James S. Olson, Saving Capitalism: The Reconstruction Finance Corporation and the New Deal, 1933–1940 (Princeton: Princeton University Press, 1988), 55.
47
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
ﻣ ﱠﺮ ِت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻔﱰات ﻛﺴﺎد ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ إﻻ أن اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺬي ﺷﻤﻠﻪ واﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﺮﻗﻬﺎ وﺣﺪاﺛﺔ ﺗﺴﺠﻴﻞ وﻗﺎﺋﻌﻪ ،أدﱠى ً أﻳﻀﺎ إﱃ اﻧﻀﻐﺎط ﻋﻈﻴﻢ ﰲ اﻷﺟﻮر؛ ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ املﱰاﺑﻄﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ )ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪور اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ َ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻏﺮﺑﻴﺔ، اﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت ﻣﻦ أﻋﻤﺎرﻫﻢ أن ﻳﺘﺬ ﱠﻛﺮوا ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ( أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻬﺎ املﺬﻳﺎع واﻷﻓﻼم اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ املﺪن ﻛﻲ ﺗﻌﺮف ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﺷﻌﺒﻬﺎ ﻳﻌﺎﻧﻲ .وﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻜﺴﺎد ،أﺧﺬ ﻳﻀﻊ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﰲ ﻇﺮوف اﻟﻔﻘﺮاء ،وﺷﺠﱠ ﻊ ﻋﲆ املﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ ﺑني اﻟﻄﺒﻘﺎت. ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﺗﺬ ﱡﻛ ُﺮ آﺧِ ﺮ ﻛﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ ﻣ ﱠﺮ ﺑﻬﻢ، ﻋﻨﺪﻣﺎ أدﱠى اﻻﺿﻄﺮاب اﻟﻌﺎملﻲ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ إﱃ إﴐاﺑﺎت ﻣﺨﻴﻔﺔ ،ودﻓﻊ ﺟﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ إﱃ أن ﻳﴬﺑﻮا اﻷرض إﱃ اﻟﺮﻳﻒ ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺠﺪوه .وﰲ ﻏﻤﺮة اﻟﻜﺴﺎد ،أدﱃ أﻏﻠﺐ املﺼﻮﺗني ﺑﺄﺻﻮاﺗﻬﻢ ﺿﺪ وﻳﻠﻴﺎم ﺟﻨﻴﻨﺠﺰ ﺑﺮاﻳﻦ ،اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﺬي ادﱠﻋَ ﻰ أﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪﱠث ﺑﻠﺴﺎن املﻘﻬﻮرﻳﻦ .وﻟﻜﻦ ﺑﻮﺳﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ ً أﻳﻀﺎ أن ﻳﺘﺬ ﱠﻛﺮوا أن ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ وﻗﻌَ ْﺖ إﺑﱠﺎن ﻋﴫ ﻣﻦ اﻟﻌﻮملﺔ ،وأن ﻳﺘﺬ ﱠﻛﺮوا ﻛﺬﻟﻚ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻋﺪد ﻛﺒري ﺟﺪٍّا ﻣﻦ آﺧﺮُ . اﻟﻌﻤﺎل ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ؛ أي ﻣﻦ ﺷﻌﺐ َ وﻗﺒﻴﻞ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ذﻟﻚ ﱠ ﻫﻮ اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﻴﻨﻬﺎ؛ ﻓﺎﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ أﺑﻄﺄت ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮة ﺣﺘﻰ ﻛﺎد ْ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ، َت ﻛﻤﺎ أوﺻﺪ ﺗﴩﻳ ُﻊ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ املﻘﻴﱢﺪ ﻟﻠﻬﺠﺮة اﻟﺒﺎبَ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﲆ ﱠ ﻧﺤﻮ ﺷﺒﻪ ﻛﺎﻣﻞ ،وﺑﺪا أن املﺼﺎﻧﻊ ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ﺗﻌﺞﱡ ﺑﺎﻟﻌﻤﺎل اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﻘﺎدﻣني ﺣﺪﻳﺜًﺎ؛ وﺑﺬﻟﻚ ٍ ْ ُﺳﺪﱠت إﺣﺪى اﻟﻔﺠﻮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺼﻞ ،ﻣﻨﺬ ﺟﻴﻞ ﻣﴣ ،ﺑني اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ.
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﺷﺪة ﻧﺎﺋﺒﺔ اﻟﻜﺴﺎد ﻋﲆ ﺗﻘﻠﻴﺺ املﺴﺎﻓﺔ ﺑني اﻷﺛﺮﻳﺎء واملﻌﻮزﻳﻦ؛ ﻓﺎﻧﺘﻘﻞ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳ ٍﺪ ﻳﺸﻌﺮون اﻟﻜﺜريون ﻣﻦ ﻓﺌﺔ إﱃ أﺧﺮى ﴎﻳﻌً ﺎ ،ﺣﺘﻰ إن اﻟﻌﺎﻣﻠني أﺧﺬوا ﻋﲆ ٍ ﺑﺎملﺸﺎﻋﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﺒﻨﻲ ﺟﻠﺪﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ .ﺗﻀﺎءﻟﺖ اﻟﻔﺠﻮة ﺑني ﴍاﺋﺢ اﻟﺪﺧﻞ ،وﻣﻊ أن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻴﻤﺎ ﻣﴣ — وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ ً ً ﻛﺴﻮﻻ ،وﻟﺮﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﺷﺨﺼﺎ ﺷﺨﺺ دون ﻋﻤﻞ ري أيﱠ ٍ وﻗﺖ ﺑﻌﻴﺪ — ﻳﻌﺘﱪون دون ﺗﻔﻜ ٍ ﻳﻌﺘﱪون ً ً ﺷﺨﺼﺎ ذا أﻓﻜﺎر أﻳﻀﺎ أيﱠ ﺷﺨﺺ ﻳﺪﱠﻋِ ﻲ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻘﺪﻳ ُﻢ اﻟﻌﻮن ﻟﻪ رادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ،ازدادت ﻧﻈﺮﺗﻬﻢ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ إﱃ املﻼﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ أﻧﺎس ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﻋﻨﻬﻢ ﻛﺜريًا ،ﻋﻤﻠﻮا ﻟﺒﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺑَﺪَا آﻧﺬاك أﻧﻬﺎ ﺗﻨﻬﺎر. وﻳﺴﺎﻋﺪ زوال اﻟﻬﻮة ﺑني اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻋﲆ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺳﺒﺐ اﺣﺘﻔﺎء اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺑﺄﻏﻨﻴﺔ إي واي ﻫﺎرﺑريج »أﺧﻲ! ﱠ ﻫﻼ أﻋﻄﻴﺘﻨﻲ ﻋﴩة ﺳﻨﺘﺎت؟« اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد: اﻋﺘﺎدوا أن ﻳﻘﻮﻟﻮا ﱄ إﻧﻨﻲ أﺷﻴﺪ ﺣﻠﻤً ﺎ، ﴎ ُت ﻣﻊ اﻟﺠﻤﺎﻫري. ﻟﺬا ِ ْ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣَ ﻦ ﻳﺤﺮث اﻷرض أو ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺴﻼح، ُ ﻛﻨﺖ داﺋﻤً ﺎ ﻫﻨﺎك أؤدﱢي ﻋﻤﲇ … ﻣﺮ ًة ﺷﻴﱠﺪت ﺧﻂ اﻟﺴﻜﺔ اﻟﺤﺪﻳﺪ ،وﺟﻌﻠﺖ اﻟﻘﻄﺎر ﻓﻮﻗﻪ ﻳﺴري، ﻓﻮﻗﻪ ﻳﻄري ﻣﺘﺤ ﱢﺪﻳًﺎ اﻟﺰﻣﻦ. ﻣﺮ ًة ﺷﻴﱠﺪت ﺧﻂ اﻟﺴﻜﺔ اﻟﺤﺪﻳﺪ ،واﻵن اﻧﺘﻬﻰ اﻷﻣﺮ. أﺧﻲ! ﻫﻼ أﻋﻄﻴﺘﻨﻲ ﻋﴩة ﺳﻨﺘﺎت؟ وﻛﻤﺎ ﴍح ﻫﺎرﺑريج» ،ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل :أﻧﺎ ﻣَ ﻦ ﺷﻴﺪت ﺧﻄﻮط اﻟﺴﻜﻚ ُ ﺧﻀﺖ ﺣﺮوﺑﻜﻢ … أﻧﺎ ﻣَ ﻦ ﺿﺤﱠ ﻴ ُْﺖ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ،أﻧﺎ ﻣَ ﻦ ﺷﻴﺪت ﻫﺬا اﻟﱪج ،أﻧﺎ ﻣَ ﻦ 1 أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ .أﻳﻦ ﺣﺼﺘﻲ ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح ﺑﺤﻖ اﻟﺴﻤﺎء؟« ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ — وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻤﺜﱢﻠﻮن أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ — َ ٍ أوﻗﺎت أﺧﺮى ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻠﺪﻫﻢ، ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻮا ﻫﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﻐﺎﺿﺐ املﺘﺄ ﱢﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻮا ﰲ أن وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﺷﺘﺪاد اﻟﻈﺮوف ﻗﺴﻮ ًة ،ﻗ ِﺒ َﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪورﻫﻢ ﺑﺬل ﳾءٍ ﻋﲆ 2 ﻗِ ﱠﻠﺘﻪ ،ﺑﺼﺤﺔ اﻟﺪﻋﻮى ،وﻛﻤﺎ أوردت ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم :١٩٣٣ ﻗﺮﻳﺐ ُﺠﺰﻟني اﻟﻌﻄﺎء ﻟﻸﻳﺎدي املﻤﺪودة «.ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻘﺴﻤَ ْﺖ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻛﺒرية ﻣﻨﺬ وﻗﺖ »ﻣ ِ ٍ 50
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
إﱃ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻋِ ﺮﻗﻴﺔ وإﺛﻨﻴﺔ ،أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﺗﺘﻘﺎرب اﻵن ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﻘﺪر ﺑﺴﻴﻂ. ُ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻌﺎ َ ﻇﻤَ ِﺖ اﻷزﻣﺔ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﻬﻴﺎر إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺮوع ،ﻟﺪرﺟﺔ أن أﺑﻌﺎد اﻷزﻣﺔ ﺑﻤﻜﺎن .وﻋﻨﺪﻣﺎ ارﺗﻔﻊ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻟﻨﺤﻮ رﺑﻊ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ أﺻﺒﺢ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑُﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ٍ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٢ﻓﻘﺪ ﺣﻮاﱄ ١١٫٥ﻣﻠﻴﻮن أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﻤﻠﻬﻢ .وﻟﻘﺮاءة املﻮﻗﻒ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺨﻴﱠﻞ أن ﻛ ﱠﻞ ﺳﻜﺎن ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ آﻧﺬاك أﻛﺜﺮ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺳﻜﺎﻧًﺎ ،ﻓﻘﺪوا ﻋﻤﻠﻬﻢ؛ أي إﻧﻪ ﻣﻦ أﻗﴡ ﴍق ﻟﻮﻧﺞ آﻳﻼﻧﺪ إﱃ ﺷﻮاﻃﺊ ﺑﺤرية إﻳﺮي ،وﻣﻦ اﻟﺤﺪود اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ إﱃ ﺑﻨﺴﻠﻔﺎﻧﻴﺎ ،ﻓﻘﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻤﻠﻬﻢ. َ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ ﻓﺒﻌﺾ ﺳﻜﺎن ﻧﻴﻮﻳﻮرك إﻻ أن زاوﻳﺔ اﻟﻘﺮاءة ﻫﺬه ﻻ ﺗﻌﻄﻲ اﻟﺼﻮر َة َ وﻇﺎﺋﻒ رﺳﻤﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﺪد اﻟﺒﺎﻟﻎ — اﻷﻃﻔﺎل واﻟﺰوﺟﺎت ا ُملﻌﺎﻻت — ﻛﺎﻧﻮا ﻋﺎد ًة ﻻ ﻳﻤﺘﻬﻨﻮن َ َ ﻳﺘﻘﺎﺿﻮن ﻋﺎﻃﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﺎن ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻓﻘﻂ »اﻟﻌﻤﱠ ﺎل« اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻠﻴﻮن ١١٫٥ ٍ ﴎا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﻲ ﺗﺠﺪ ﻗﻮﺗﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺎﻟﻨﺴﺒﺔ رواﺗﺐ ،وﻛﺜري ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻮﻟﻮن أ ُ َ ً اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ١١٫٥ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎﻃﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﺣﻮاﱄ ﺛﻼﺛني ﻣﻠﻴﻮن أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻓﻘﺪوا ﻣﺼﺪر دﺧﻠﻬﻢ 3 .وﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻟﻌﻞ رﺑﻊ اﻟﺴﻜﺎن ﻛﻜ ﱟﻞ وﺟﺪوا أﻧﻔﺴﻬﻢ دون أﻣﻮال ﻛﺎﻓﻴﺔ 4 ﻟﴩاء املﺄوى أو اﻟﻄﻌﺎم. ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم ،ﻋﲆ ﻗﺪر اﻷﺛﺮ اﻟﻔﻈﻴﻊ اﻟﺬي ﺗﺨﻠﻔﻪ ،ﻻ ﺗُﻄﻠِﻌﻨﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻋﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﻜﺴﺎد .ﻓﻬﺬه اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻔﻲ ﻧﻮﻋً ﺎ َ آﺧﺮ وﻫﻮ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ؛ ﻓﺎملﺤﻈﻮﻇﻮن ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ اﺣﺘﻔﻈﻮا ﺑﻮﻇﺎﺋﻔﻬﻢ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺷﻬﺪوا َ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺳﺎﻋﺎت ﻋﻤﻠﻬﻢ وأﺟﻮرﻫﻢ ،ﻓﻘﺪ أراد أرﺑﺎبُ اﻟﻌﻤﻞ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎﻟﻌﻤﱠ ﺎل ا َملﻬَ َﺮة ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن؛ ﻟﺬا ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﴪﻳﺢ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ،ﺣﺜﱡﻮا اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﻢ اﻟﻌﺐء ً ﻋﺎدﻻ؛ وﻋﻠﻴﻪ ﺑﺤﻠﻮل ﺻﻴﻒ ،١٩٣٢ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﲆ ﻛﺎﻫﻠﻬﻢ ،وﺑَﺪَا اﻷﻣﺮ ﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻮﻇﻔني ﺟﺰﺋﻲ ،ﻣﺤﺘﻔﻈني ﺑﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻣﻘﺪارﻫﺎ ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﺆدﱡون ﻋﻤﻠﻬﻢ ﺑﺪوا ٍم ﱟ 5 ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ٥٩ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ وﻇﻴﻔﺔ وأﺟﺮ اﻟﺪوام اﻟﻜﺎﻣﻞ. ﻣﻀﺾ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺟﱪﺗﻬﻢ ﻛﺎن املﻌﻮزون ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﻄﻠﺒﻮن املﺴﺎﻋﺪة ﻋﲆ ٍ ْ َ اﻟﻈﺮوف ﻋﲆ ﻃﻠﺐ املﺴﺎﻋﺪة ،ﺗﻮﺟﱠ ﻬﻮا إﱃ اﻷﻗﺮﺑني ﻣﻨﻬﻢ ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ وﻗﺖ اﻟﻜﺴﺎد ﺧﺬﻟﺘﻬﻢ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺼﺎدرﻫﻢ اﻻﻋﺘﻴﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺪﻋﻢ ،واﺣﺪًا ﺗﻠﻮ َ اﻵﺧﺮ .وﻛﻤﺎ ﴏح أﺣﺪ املﺴﺌﻮﻟني ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٢ﻓﺈﻧﻪ »ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻌﺪ ربﱡ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﻨﻔﺪ ﻣﺪﺧﺮاﺗﻪ إن ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس … وﻳﻘﱰض ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ وﻣﻦ أﻗﺮﺑﺎﺋﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻄﻴﻘﻮن ﺗﺤﻤﱡ ﻞ 51
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺷﻜﻞ :1-3ﻳﻘﻒ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﰲ ﻃﺎﺑﻮر اﻟﺨﺒﺰ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻋﺎم .١٩٣٢
ﻫﺬا اﻟﻌﺐء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ .وﻳﺄﺧﺬ اﻟﺴﻠﻊ ﻣﻦ اﻟﺒﻘﺎل ﺑﺎﻟﺤﻲ ،واﻟﻠﺤﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﺰار ﺑﺎﻵﺟﻞ. ﱠ وﻳﺘﻌني اﻟﻘﻴﺎم وﻳﺆﺟﱢ ﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻘﺎر ﺗﺤﺼﻴﻞ اﻹﻳﺠﺎر ﺣﺘﻰ ﻳﺤني دﻓﻊ اﻟﻔﺎﺋﺪة واﻟﴬاﺋﺐ ﺑﴚءٍ ﻣﺎ .ﻳﺴﺘﻨﻔﺪ ﻛﻞ ﻫﺬه املﺼﺎدر ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ 6 اﻟﴬوري ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻨﺎس ،اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺎﺟﺔ أﺑﺪًا ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،أن ﻳﻄﻠﺒﻮا املﺴﺎﻋﺪة«. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺬﻟﺖ اﻷﴎة واﻟﺠريان اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ،ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ أﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ املﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ املﺴﺎﻋﺪة املﺸﱰﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺠﺮي ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ ﻣﺜﻞ ﺧﻄﻂ اﻷﻳﺎم اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ﱢ ﻳﺨﺼﺼﻬﺎ اﺗﺤﺎد ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أو أﻣﻮال اﻷراﻣﻞ واﻷﻳﺘﺎم اﻟﺘﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ املﺪﻧﻲ .وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ أﻋَ ﱠﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﻂ ﰲ إﻃﺎر ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ أو اﻟﻌِ ﺮﻗﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻜﱪﻳﺎء ،ﻟﻠﺤﺌﻮل دون اﺿﻄﺮار واﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺟﻠﺪﺗﻬﻢ إﱃ ً ﻣﻬﺎﻧﺔ ،وﻫﻮ اﻟﻠﺠﻮء اﻟﻠﺠﻮء إﱃ املﺆﺳﺴﺎت اﻟﺨريﻳﺔ أو إﱃ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﻌﺮون أﻧﻪ أﻛﺜﺮ إﱃ اﻟﻐﻮث اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .وﻟﺬ اﺳﺘﻤﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻟﺒﻮﻟﻨﺪﻳﻮن واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻷملﺎن وﻛﻨﺎﺋﺲ اﻷﺑﺮﺷﻴﺎت وﻣﺮﺗﺎدوﻫﺎ وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ املﺠﺘﻤﻌﺎت ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻮﻛﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺣﺎو َﻟ ْﺖ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻌﻮن إﱃ املﻜﺮوﺑني ﻣﻨﻬﻢ وﻣﺆازرﺗﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻴﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ .وﻗﺪ ﴏﱠ حَ أﺣﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ 52
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻟﻴﻜﻦ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﱪﻳﺎء ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ »ملﻨﻌﻨﺎ« ﻣﻦ أن ﻧﻘﺘﺎت ﻋﲆ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ، 7 ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺰال ِﺑﺮ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺄﺑﻨﺎﺋﻬﺎ«. إﻻ أن ﺷﺒﻜﺎت اﻟﺪﻋﻢ ﻫﺬه ،اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﻳﻮ ِم ﱡ ﻋﺎرض ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺪى ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺗﻮﻗ ٍﻒ ٍ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،اﻧﻬﺎرت ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺼﻤﺖ ﻇﻬﺮﻫﺎ ،وﻋﲆ ذﻟﻚ ازدا َد ﺗﺤ ﱡﻮ ُل اﻟﻨﺎس ﰲ ﱠ ﻳﺘﻤﺴﻜﻮن ﺧﺠﻞ إﱃ ﻣﺼﺎدر اﻟﻐﻮث اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،ﻣﻊ أن ذﻟﻚ ﻛ ﱠﻠ َﻔﻬﻢ ﻛﺜريًا ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﺎﺣﱰاﻣﻬﻢ ﻟﺬاﺗﻬﻢ وﻳﻤﺘﻨﻌﻮن ﻋﻦ ﻃﻠﺐ املﺴﺎﻋﺪة ،ﻹﻧﻘﺎذ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،ﻟﻔﱰ ٍة أﻃﻮل ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ. ﻳﺘﺬ ﱠﻛﺮ ﻃﺒﻴﺐ ﻳﻌﻤﻞ ﰲ ﻋﻴﺎدة ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﺣﺪث ً َ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ، ﻗﺎﺋﻼ: »ﺣﺼ َﻞ اﻟﻔﻘﺮاءُ ﻋﲆ ٍ ري ﻗﺪر وﻓ ٍ وﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ املﺴﺘﻮﺻﻔﺎت املﺠﺎﻧﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻓﺤﺼﻠﻮا ﻋﲆ ٍ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺳﺪاد ﺛﻤﻨﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﻜﺒرية اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﱠ ﺗﺘﻠﻖ أيﱠ رﻋﺎﻳﺔ .ﻟﻘﺪ وﺻﻞ اﻟﺤﺎل ﻛﺜريًا ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ إﱃ ﺣﺎل اﻟﻔﻘﺮاء ﻳﺸﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺜريًا ﻗﺒﻮل اﻹﺣﺴﺎن … ﻛﻞ ﻳﻮم … ﺷﺨﺺ ﻳ َ … واﻟﻨﺎس ﰲ ﻫﺬا املﻮﻗﻒ ﱡ ُﻐﴙ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﺮﺑﺔ اﻟﱰام ،ﻓﻴﺤﴬوﻧﻪ إﱃ ﻫﻨﺎ ،وﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮن أﻳﺔ أﺳﺌﻠﺔ … إﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻋﻠﺘﻪ! 8 اﻟﺠﻮع! وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻴﺪ وﻋﻴﻪ ،ﻳﻌﻄﻮﻧﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻴﺄﻛﻠﻪ«. ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻛﺎﻧﺖ املﺪن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﻘﺪﱢم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺰاﺋﻨﻬﺎ املﺴﺎﻋﺪ َة ﻟﻠﻔﻘﺮاء، وﺻ َ وﻟﻜﻦ ﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﺎ ﻋﺠﺰت املﺪن ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ .وﰲ ﻋﺎم َ ،١٩٣٢ ﻒ ﻣﺴﺌﻮ ٌل ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ دﻳﱰوﻳﺖ املﻮﻗﻒ ﻛﻤﺎ ﻳﲇ: ري ﻣﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﴬورﻳﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﺟﺮى ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻛﺜ ٍ ﻣﻮاﻃﻨِﻲ املﺪﻳﻨﺔ وأﻣﺎﻧﻬﻢ … ُ ِ وﺧﻔﻀﺖ اﻟﴬوري دون ﺷ ﱟﻚ ﻟﺤﻔﻆ ﺻﺤﺔ ﻣﺮﺗﺒﺎت ﻣﻮﻇﻔﻲ املﺪﻳﻨﺔ ﻣﺮﺗني … وﺟﺮى ﺗﴪﻳﺢ ﻣﺌﺎت املﻮﻇﻔني املﺨﻠﺼني. ُ َ املﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ أﻣﻮال اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻛﻲ ﺗُﺒﻘِﻲ اﻗﱰﺿ ِﺖ وﻫﻜﺬا اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻜﻔﺎف … واﻧﻬﺎرت ﺧﻄﺔ اﻷﺟﻮر اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻋﻢ ١١أﻟﻒ أﴎة اﻟﺸﻬ َﺮ املﻨﻘﴤ؛ ﻷن املﺪﻳﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻏري ﻗﺎدرة ﻋﲆ ﺗﺪﺑري أﻣﻮال ﻟﻠﺪﻓﻊ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻌﺎﻃﻠني ،وﻫﻢ رﺟﺎل ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺄﻣﻠﻮن ﰲ أن ﻳﻜﺴﺒﻮا ﻗﻮﺗﻬﻢ .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﺎم اﻟﺘﺎﱄ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻮﺟﺪ أﻳﺔ إﻣﻜﺎﻧﻴ ٍﺔ أﻣﺎم ﻣﺼﺎدر دﻳﱰوﻳﺖ 9 ﻏري املﺪﻋﻮﻣﺔ ملﻨﻊ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺠﻮع واملﻮت اﻟﺒﻄﻲء ﺟﻮﻋً ﺎ. وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﺗﺠﺪ أﻣﻮال اﻟﺒﻠﺪﻳﺎت ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﱃ املﺤﺘﺎﺟني ﻣﻦ ﺧﻼل ُﺳﺒ ٍُﻞ ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ؛ َت وزارة اﻟﺼﺤﺔ أن ً ﻓﻔﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،ﺣﻴﺚ وﺟﺪ ْ ﻃﻔﻼ ﻣﻦ ﺑني ﻛﻞ ﺧﻤﺴﺔ أﻃﻔﺎل ﺑﺎملﺪرﺳﺔ 53
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
َ ﺳﺎﻫ َﻢ ﻣﺪ ﱢرﺳﻮ املﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ ،املﻬﺪﱠدون ﺑﺨﻔﺾ أﺟﻮرﻫﻢ، ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ، 10 ﺻﻨﺪوق ﻣﻦ ﺟﻴﻮﺑﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ملﺴﺎﻋﺪة ﺗﻼﻣﻴﺬﻫﻢ .وﻣﻊ ﺗﺪاﻋِ ﻲ املﻨﻈﻤﺎت املﺪﻧﻴﺔ ﰲ ٍ واﻟﺴﻠﻄﺎت ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻷزﻣﺔ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻌﺎﺋﻼت؛ ﻓﻘﺪ أ ْ ﻃ َﻠ َﻊ أﺣﺪ ﻣﺮاﺳ ًﻼ ﺻﺤﻔﻴٍّﺎ ً ِ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻟﻴﺲ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺮﺟﻞ دون ﻋﻤﻞ!« 11ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني ً ﺷﻌﺮوا ﺑﺸﻌﻮر ﻣﺨﺘﻠﻒ — اﻟﺬﻳﻦ ﺻﻨﻌﻮا ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺧﺎرج ﻣﻜﺎن اﻟﻌﻤﻞ، ﱡ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻨﺎءَ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻠﻤﻮن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ أزواﺟً ﺎ وآﺑﺎء وأﺻﺪﻗﺎء وﻫﻮا ًة ﻣﺎ ِ ﺑﻘﺪر أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻠﻴﺔ ﻋﺪدًا .وﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ أﺣﺪ اﻷزﻣﺔ — ﺗﺤﻤﱠ ﻠﻮا ﻋﺐء ٍ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع» :ﻛﺎن املﻮاﻃﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ املﺘﻮﺳﻂ ﻳﺸﻌﺮ أن اﻟﻌﻤﻞ … ﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻜﺮﻳﻢ ً وﺳﻴﻠﺔ اﻷوﺣﺪ ﻟﻠﺤﻴﺎة … وﰲ ﺣني أن اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳُﻔﱰَض ﺑﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳٍّﺎ أن ﺗﻜﻮن 12 ﻟﺤﻴﺎة ﻛﺮﻳﻤﺔ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻐﺎﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ املﻜﺎﻧﺔ اﻷﻋﲆ«. وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺮﺟﺎل ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻬﺬا اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻠﻤﻮن أن ﺻﻐﺎرﻫﻢ ﻳﺮاﻗﺒﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ،وﻳﻌﺮﻓﻮن ﻛ ﱠﻢ اﻷﺷﻴﺎء املﻌ ﱠﻠﻘﺔ ﻋﲆ اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﻢ اﻟﺤﺼﻮ َل ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻋﲆ ﻋﻤﻞ ﺑﺴﻴﻂ ،وﻳﺪرﻛﻮن ﻛ ﱠﻢ اﻟﴪور اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﺪﺧِ ﻠﻪ ذﻟﻚ اﻟﺤﺰن اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻋﻨﻬﻢ .وﻳﺬﻛﺮ أﺣﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺒﻴﺖ ،أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻛ ﱠﻢ ِ اﻷﺷﺨﺎص ،وﻛﺎن ﺻﺒﻴٍّﺎ إﺑﱠﺎن اﻟﻜﺴﺎد: ﻛﺜريٌ ﻣﻦ اﻵﺑﺎء — وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ أﺑﻲ — ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻋﺎدة املﻐﺎدَرةِ ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﻐﺎدرون … ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ … وﻳﱰﻛﻮن اﻷﴎة ﺧﻠﻔﻬﻢ ﺑﺎملﻨﺰل ،ﰲ ﱡ ﺗﺮﻗ ٍﺐ وﻋﲆ أﻣﻞ أن ﻳﺠﺪ ربﱡ اﻷﴎة ﺷﻴﺌًﺎ .وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك داﺋﻤً ﺎ ﻣﺤﻨﺔ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺴﺒﺖ واﻟﺘﺴﺎؤل إذا ﻛﺎن ربﱡ اﻷﴎة ﺳﻴﻌﻮد إﱃ املﻨﺰل ﺑﺄﺟﺮه أم ﻻ … وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻋﻤﻞ ملﺪة أﺳﺒﻮع … راﺋﺤﺔ ﻧﺸﺎرة اﻟﺨﺸﺐ اﻟﺴﻤﺎء وﻳﺤﺼﻞ ربﱡ اﻷﴎة ﻋﲆ ٍ املﻨﺸﻮرة ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻋﲆ ﺑﺬﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎر ،ووﺟﻮد اﻟﻮاﻟﺪ ﺑﺎملﻨﺰل ،وﺗﻮاﻓﺮ أﺟﺮ أﺳﺒﻮع … ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﻌﻴﺪ اﻟﺬي ﺗﺘﺬ ﱠﻛﺮه .ﺛﻢ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺤﺰﻳﻦ؛ َ ﺻﻨﺪوق أدواﺗﻪ ﻋﲆ ﻛﺘﻔﻪ أو ﰲ ﻳﺪه؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮى واﻟﺪك ﻋﺎﺋﺪًا إﱃ املﻨﺰل ﻳﺤﻤﻞ 13 ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻧﺘﻬﻰ. وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻮد اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻏﺎدروا ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﻗﻂ ،ﻟﻴﺠﺪوا ﻣﺄواﻫﻢ ﰲ ﻣﺪاﺧﻞ اﻟﺒﻴﻮت واﻷﻧﻔﺎق وﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﻛﻮاخ ﻋﻨﺪ أﻃﺮاف املﺪن أو ﻣﻘﺎﻟﺐ اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ،اﻟﺘﻲ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن »ﻣﺪن ﻫﻮﻓﺮ« .ﻛﺎن اﻷﻃﻔﺎل أﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﻠﻐﻮا ﺳﻨٍّﺎ 54
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
ﻣﻨﺎﺳ ً ﺒﺔ وﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻳﻐﺎدرون املﻨﺰل ،ﺿﺎرﺑني ﰲ اﻷرض ً ِ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ ُ َ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ املﺜﻘﻠني ﺑﺎﻷﻋﺒﺎء ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺆﻻء املﺘﺠﻮﱢﻟﻮن ﺷﺒﺎﺑًﺎ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﻠﺬود ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻳﻬﺮﻋﻮن ﻟ ﱠﻠﺤَ ﺎق ﺑﻌﺮﺑﺎت اﻟﺸﺤﻦ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎرات واﻟﺴﻔﺮ دون دﻓﻊ اﻟﺘﺬﻛﺮة .وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﻐﺾ ﻣﻔﺘﱢ ُﺸﻮ اﻟﺴﻜﺔ اﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﻢ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻏري املﺨ ﱠ ﻣﺎ ﱡ ﻄﻂ ﻟﻬﺎ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺧﺮى ﻻ ﻳﻐﻀﻮن اﻟﻄﺮف ﻋﻨﻬﺎ .ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ،رﺑﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺣﻮاﱄ ﻣﻠﻴﻮﻧني ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني 14 ِ اﻟﻄﺮﻗﺎت ﻣﻨﺎز َﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒ َِﺖ اﻻﻧﻬﻴﺎ َر. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﻳُﻌﻠِﻨﻮن ﻋﻦ وﻇﺎﺋﻒ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻤﺘﱠﻌﻮن ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ اﻧﺘﻘﺎء ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪٍ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ،ورﺑﻤﺎ أﺧﻀﻌﻮا ذﻟﻚ ﻟﺘﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ وﺗﺤﻴﱡﺰاﺗﻬﻢ .وﻋﲆ ٍ ﺑﺨﺪﻣﺎت اﻟ ِﺒﻴﺾ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب ﺧﱪة اﻟﻌﻤﻞ أو ﻳ ُ ُﺒﻘﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﺗﺎرﻛني اﻟﺼﻐﺎر واﻟﻜﺒﺎر ً ً ﺿﺨﻤﺔ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ ﴍﻳﺤﺔ واﻟﻨﺴﺎء واﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﻤﺜﱢﻠﻮن اﻟﻌﺎﻃﻠني .وﻗﺒﻞ اﻻﻧﻬﻴﺎر ،ﻣﻊ اﻧﻀﻤﺎم املﺮأة إﱃ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻷول ﻣﺮة ﺑﺄﻋﺪاد ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ، وﺟﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻪ إذا ﻋﻤ َﻠ ِﺖ املﺮأة ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﱢ ﺳﻴﻮﻓﺮ ﺳﺒﻴ َﻞ ﺑﺒﺬخ ،وأﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮﻳﻢ أن ﺗﻌﺘﻤﺪ املﺮأة ﻋﲆ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي أن ﺗﻨﻔﻖ املﺎل ٍ اﻟﻌﻴﺶ ﻟﺰوﺟﺘﻪ وأﻃﻔﺎﻟﻪ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ربﱠ اﻷﴎة .وﰲ ﻇ ﱢﻞ وﻓﺮة اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد ،ﻛﺎن أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ — أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﻦ ﺑﺎب ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﻤﻞ وأﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻌﺎدة ﻓﺤﺴﺐ — ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮن ﺑﺨﺪﻣﺎت ﻋﺪد أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء املﺘﺰوﱢﺟﺎت ،وأﺧﺬوا ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻳﺴﺘﻐﻨﻮن ﻋﻦ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﻼت ﻟﺪﻳﻬﻢ 15 .إﻻ أﻧﻪ ازدادت وﺗرية ﺑﺤﺚ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻟﻠﺤﻔﺎظ 16 ﻋﲆ اﻷﴎة ﺑﻤﺄﻣﻦ ﻣﻦ املﺼﺎﻋﺐ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻟﻠﺘﻤﺘﱡﻊ ﺑﺤﻴﺎة اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ رﻏﻢ اﻟﻜﺴﺎد. ً ﺳﻮﻗﺎ أﺻﻌﺐ ﻣﻤﺎ واﺟﻬﻬﺎ آﺑﺎؤﻫﻦ وأزواﺟﻬﻦ وإﺧﻮاﻧﻬﻦ وأﺑﻨﺎؤﻫﻦ. وﻗﺪ واﺟﻪ اﻟﻨﺴﺎءُ ُ ﱠ وإن اﺿ ُ ﴎﻫﻦ ،ﻓﺎﻟﺤﻴﺎة ﰲ اﻟﺸﺎرع ﻣﺜ َﻠ ْﺖ ﻟﻬﻦ ﺗﻬﺪﻳﺪًا ﺑﺎﻻﺳﺘﻐﻼل ﻄﺮ ْر َن إﱃ ﻣﻐﺎدرة أ َ ِ ِ ﱠ ُ ْ َ اﻟﺒﺪﻧﻲ أﺧﻄﺮ ﺑﻜﺜري ﻣﻤﺎ ﻣﺜﻠﺘﻪ ﻷﻗﺮﺑﺎﺋﻬﻦ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر .واﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﺗﺮوَى ﻋﻦ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺋﻲ ﺗﺮﻛﻦ ﻋﻤﻠﻬﻦ واﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺋﻲ ْ ٍ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﴎ؛ ﺗﺤﻜﻲ ﻋﻦ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﻦ ﻋﺸ َﻦ دون أ ُ َ ٍ املﺘﻮاﺿ َ ِ ِ واﻟﺤﺠﺮات اﻟﺼﻐري َة ،وﺗﻨﻈﻴﻤﻬﻦ ﻣﻨﺎوﺑﺎت ﻌﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ أﻧﻔﺴﻬﻦ ،وﺗَﺸﺎ ُرﻛﻬﻦ املﻮار َد ﴎ ِة واملﻼﺑﺲ .وﻗﺪ ﱠ ﻋﻘﺐ أﺣﺪ اﻟﺴﺎﺳﺔ ﺑﺄن املﺮأة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻷ َ ِ ﱠ 17 »اﻟﻴﺘﻴ َﻢ اﻷو َل ﰲ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ«. َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﰲ ﻗﺴﻮة إن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻫﻮ وﺿﻊ اﻟﻨﺴﺎء ،ﻓﻘﺪ ﺗﺒﻌﻬﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﻮد َ اﻟﻈﺮوف؛ ﻓﻔﻲ ﻣﺪن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪةَ ، وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ ﻓﻘ َﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻣﻦ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑﻤﻌﺪل أﴎع ﻣﻦ أﻗﺮاﻧﻬﻢ ﻣﻦ اﻟ ِﺒﻴﺾ .وﻗﺪ ﻋﺎﻧَﻰ اﻟﺴﻮد ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﺳﻮء ﺣ ﱟ ﻆ ﻣﺮدﱡه إﱃ ٍ 55
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺷﻜﻞ :2-3أﻛﻮاخ واﺿﻌﻲ اﻟﻴﺪ ﺗﺤﺘ ﱡﻞ ﺿﻔﺘَ ْﻲ ﻧﻬﺮ وﻳﻼﻣﺖ ﰲ إﺣﺪى »ﻣﺪن ﻫﻮﻓﺮ« ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺑﻮرﺗﻼﻧﺪ ،ﺑﻮﻻﻳﺔ أورﻳﺠﻮن.
اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ؛ ﻓﺎﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻟﺴﻮد ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺳﻜﺎﻧًﺎ ﻟﻠﺮﻳﻒ ،اﻧﺘﻘﻠﻮا ﻋﻤﻮﻣً ﺎ إﱃ املﺪن ﻣﻨﺬ ٍ وﻗﺖ ﻟﻴﺲ ﺑﺒﻌﻴﺪ ،وأُﺗِﻴﺤﺖ ﻟﻬﻢ ُﻓ َﺮ ٌ ص أﻗﻞ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ املﻬﻨﻴﺔ ُ ﻧﻘﺺ املﻬﺎرات اﻟﻨﺴﺒﻲ إﻻ ﻛﻌﻤﱠ ﺎل ﻣَ ﻬَ َﺮة ﻣﻘﺎ َرﻧ َ ًﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺒﻴﺾ .وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺸ ﱢﻜﻞ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪى اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻻﺣَ َ ﻆ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺴﻮد أﻧﻬﻢ »آﺧِ ﺮ ﻣَ ﻦ ﻳ ﱠ ُﻌني ،وأول ﻣَ ﻦ ﻳُﻄ َﺮد ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ« ،وأن أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﻳﴪﺣﻮن اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺴﻮد ﻋﻦ ﻋﻤ ٍﺪ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺴﺘﺒﺪﻟﻮا ﺑﻬﻢ ﻋﻤﱠ ًﺎﻻ ً ﺑﻴﻀﺎ .وﻗﺪ ﺧﻠﺼﺖ دراﺳﺔ أﺟﺮﺗﻬﺎ ً ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺟﺪٍّا ﺑﻤﺎ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺤﴬﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣١إﱃ أﻧﻪ »ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه املﻤﺎرﺳﺔ ٍ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻳﺠﻌﻞ املﺮء ﻳﺠﺪ ﻣﺎ ﻳﱪﱢر ﻇﻨﻪ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﻛﺎن ﻳﺠﺮي ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ 18 اﻋﺘﺒﺎر ﻟﺘﺒﻌﺎت ذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺰﻧﻮج«. ﺑﻄﺎﻟﺔ اﻟﺒﻴﺾ دون ٍ 56
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
وﻗﺪ ﺿﻤﻨ َ ْﺖ ﺣﺎﻻت ﻋﺪم ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص ﻫﺬه ﰲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ أن أﺻﺒﺢ ﺟُ ﱡﻞ اﻟﻄﺒﻘﺔ وﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎ ﱟم ﺑﺪ ْ ٍ َت ﻫﺬه اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺾ ،وأﻏﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر، اﻟﻄﺒﻘﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﺠﺎﻧ ُ ًﺴﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﺐ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .ﻛﺎن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل املﺘﻘ ﱢﻠﺪون اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻳﺠﻤﻌﻬﻢ اﻟﻜﺜريُ ﰲ ﻣﻈﻬﺮﻫﻢ ،وﺗﻀﺎءﻟﺖ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﴫاع اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺤﻮذَ ْت ﻋﲆ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ ﺣﻘﺐ ﺳﺎﺑﻘﺔ ،واﻧﺼﺐﱠ اﻫﺘﻤﺎم اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﲆ ربﱢ اﻷﴎة اﻟﺬﻛﺮ اﻷﺑﻴﺾ 19 ﻗﻠﻖ ِ اﻷﻣﺔ. املﻌﺮض ﻟﻠﺨﻄﺮ ،اﻟﺬي ﻳﺮون أن اﻟﺼﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﻳ ِ ُﻮاﺟﻬﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺒﻌﺚ ِ وﺗﺠﺎو َز ْت ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻌﺎب اﻟﺘﻲ اﻧﺘﴩت ﺑﻄﻮل اﻷﻣﺔ وﻋﺮﺿﻬﺎ اﻟﻔﻮاﺻ َﻞ ﺑني ﺳﻜﺎن ٍ درﺟﺔ ﻏري ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ؛ ﻓﺎﻟﺒﻄﺎﻟﺔ — ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ دورﻳﺔ — اﻟﺤﴬ وﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ إﱃ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﴬب املﺪن ﻣﺎ داﻣﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺪن ،وﻛﺎن ﻟﺪى اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺷﻌﺒﻲ ﺑﺎﻟﻌﻮدة ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد .وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﺘﻊ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ إﱃ اﻟﺮﻳﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺰﻟﻖ املﺪن إﱃ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﺼﺎﻧﺔ ﻣﻦ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﴬب املﺪن ،وﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد ﺑﺤﺚ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﻦ أﻣﺎن ﱢ ﺰارع إﱃ ﺗﻮﻓﺮه ﻣﺰرﻋﺔ إﻋﺎﺷﺔ؛ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٢ارﺗﻔﻊ ﻋﺪد ﺳﻜﺎن ا َمل ِ ً ٍ أﻋﲆ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺒﺎت ﻧﻘﻄﺔ وﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﺎ ﺑني اﻟﺤﺮﺑني اﻟﻌﺎملﻴﺘني 20 .إﻻ أن ُ أد ْ اﻟﺮﻳﻒ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ﻛﻤﺎ ﻋﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﻨﻪ املﺪن. ﱠت إﱃ أن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺑﻠﻐﺖ دﺧﻮل املﺰارع ذروﺗﻬﺎ ﰲ ﻓﱰة اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﺨﺎﻃﺮ املﺰارﻋني اﻟﺸﺤﻦ وﺷﻴﻮع اﻟﻨﺪرة ﻋﲆ رﻓﻊ ﺳﻌﺮ املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﺷﺠﱠ َﻊ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ِ ﻋﲆ زراﻋﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷراﴈ ،وﺳﻤﺤﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﺠﺮارات املﺘﺎﺣﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﺑﺤﺮﺛﻬﺎ ﺑﴪﻋﺔ. ً َ اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﺣﺎدٍّا، اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ أﺳﻌﺎر املﺰارع وأﻋﻘﺐ ذﻟﻚ ﰲ ﻓﱰة ﻛﺴﺎد ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب أن ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪﻣﺎ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻣﺠ ﱠﺪدًا ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،إﻻ أن أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻋﲆ املﺰارﻋني ﴍاؤﻫﺎ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﺑﻤﻌﺪل أﻛﱪ ،وﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻵﻻت ري ،وﻣﻊ ﻇﻬﻮر اﻟﺰراﻋﺔ أن اﻧﺨﻔﻀﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ إﻧﺘﺎج ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق ﻛﺒ ٍ ٍ َ اﻟﺮﻳﻒ اﻟﺠﺮارات رﺣﻞ اﻟﺒﻐﺎل واﻟﺮﺟﺎل؛ ﻓﻐﺎدرت اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ »اﻟﺘﻲ ﻃﺮدﺗﻬﺎ اﻟﺠﺮارات« ﻣﻜﺎن َ ٍ آﺧﺮ 21 .وﺣﺘﻰ رﺧﺎء املﺪﻳﻨﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ أﴐﱠ ﺑﺎﻟﻔﻼﺣني؛ ﻓﻤﻊ ﻓﺮﺻﺔ ﰲ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ٍ ﱠ ﱡ ﻳﺘﺨريون أﻧﻈﻤﺘﻬﻢ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺗﺤﺴﻦ اﻷﺣﻮال املﻌﻴﺸﻴﺔ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ﺑﺎﻟﺤﴬ ،ﻛﺎﻧﻮا اﻟﻄﻌﻢ وﻟﻴﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ؛ ﻓﻔﻴﻤﺎ ﻣﴣ ﻛﺎن اﻟﺨﴫ اﻟﺴﻤني ً دﻟﻴﻼ ﻋﲆ اﻟﺼﺤﺔ واﻟﻨﺠﺎح ،أﻣﺎ ﺣﻴﻨﺬاك ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﻨﺤﺎﻓﺔ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﴫﻳٍّﺎ ،ﻓﺎﻧﺨﻔﺾ دﺧﻞ ﻣﻨﺘﺠﻲ اﻟﻐﺬاء .ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،اﻗﱰ ََض اﻟﻔﻼﺣﻮن ،ﻣﺜﻞ ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،دﻳﻮﻧًﺎ ﰲ إﻃﺎر ﱡ ﺗﻮﺳﻌﻬﻢ وإدﺧﺎﻟﻬﻢ 22 ً ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺼﺪﻣﺔ. ﻟﻠﻤﻴﻜﻨﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻬﻢ 57
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻫﺘ ﱠﺰت أرﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﺟ ﱠﺮاء اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﺗﻬﺎو َِت اﻟﺪﻋﺎﺋﻢ اﻟﻬﺸﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤ َﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻔﻼﺣﻮن ،واﺗﺠﻬﺖ دﺧﻮل املﺰارع ﻧﺤﻮ اﻟﻬﺒﻮط ،وأﺟﱪ اﻟﺪاﺋﻨﻮن اﻟﻔﻼﺣني ﻋﲆ ﺑﻴﻊ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ دﻓﻌﺎت اﻟﺪﻳﻮن املﺘﺄﺧﺮة 23 .وﺣﺎول اﻟﻔﻼﺣﻮن وﺟرياﻧﻬﻢ ،ﰲ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪٍ ،إﺣﺒﺎ َ ط ﻣﺤﺎوﻻت ﺗﺠﺮﻳﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ؛ ﻓﺮﺑﻤﺎ اﺗﺤﺪوا أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن وﻋﲆ ٍ ﱢ املﺘﺄﺧﺮة ،ﺛﻢ أﻋﺎدوﻫﺎ إﱃ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻌً ﺎ واﺷﱰوا املﻤﺘﻠﻜﺎت املﻌﺮوﺿﺔ ﰲ ﻣﺰادات اﻟﺪﻳﻮن ﻗﴪا إﱃ ﺑﻴﻊ املﻤﺘﻠﻜﺎت. دون ﻣﻘﺎﺑﻞ ،أو رﺑﻤﺎ ﻫﺪﱠدوا رﺟﺎ َل اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬﻳﻦ َﺳﻌَ ﻮا ً وﺗﺂﻣَ ﺮ اﻟﻄﻘﺲ ﻣﻊ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن؛ ﻓﺒﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٣١ﻗ ﱠﻠ ْﺖ ﻣﻌﺪﻻت َ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ﺗﺤﺖ املﺴﺘﻮى اﻟﴬوري ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻫﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر ﻋﲆ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌﻈﻤﻰ ﺣﺘﻰ ﱠ ﻋﲆ املﺤﺎﺻﻴﻞ .وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﱠ ً ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ،وأﺻﺒﺤﺖ وﺗﺸﻘ َﻘ ْﺖ ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ﺟﻔ ِﺖ اﻟﱰﺑﺔ 24 ﺗﺬروﻫﺎ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﺸﺪﻳﺪة ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. ﱢ اﻟﺮق ،ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﺠﻨﻮب وﻋﺎﻧَﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻦ ﺳﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻻ َزﻣَ ﺘْﻪ؛ ﻓﻤﻨﺬ ﻋﻬﺪ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﲆ وﻇﺎﺋﻒ املﺰارع اﻟﺰﻫﻴﺪة اﻷﺟﺮ ﻟﻴﺠﺪوا ﻣﺎ ﻳﺴ ﱡﺪ رﻣﻘﻬﻢ .وﻣﻊ أن اﻟﺠﻨﻮب ﻻ ﻳﻘﻄﻨﻪ ﺳﻮى ﺣﻮاﱄ رﺑﻊ ﺳﻜﺎن اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺸ ﱢﻜﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٤٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﱠ ﺎل أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺰراﻋﻴني ،وﻛﺎﻧﻮا أﺳﻮأ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل أﺟﻮ ًرا ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ 25 .وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺰارﻋني ﻣﺴﺘﺄﺟَ ِﺮﻳﻦ ﻳﺪﻳﻨﻮن ﺑﺠﺰء ﻣﻦ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻮﻧﻬﺎ ﱠ ملﻼك اﻷراﴈ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺳﻴﻄﺮة ﻋﲆ أﺳﺒﺎب ُ ﺿﺌﻴﻞ .ﺗﺘﺬﻛﺮ إﺣﺪى اﻟﺴﻴﺪات ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﻘﺪر وﺳﺒُﻞ ﻋﻴﺸﻬﻢ إﻻ ٍ ٍ ً ُ ﻛﻨﺖ أﻧﺎ وزوﺟﻲ ﻣﻦ املﺰارﻋني املﺴﺘﺄﺟَ ِﺮﻳﻦ ﻧﺴﺪﱢد اﻹﻳﺠﺎر ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻠﺔ» :ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٩ ُ ً اﻟﻌﻴﺶ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺤﺼﻮﻻ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻓﺄﺧﺬه ﻣﻨﱠﺎ املﺎﻟﻚ ﻛﻠﻪ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ املﺤﺼﻮل ،وﻗﺪ أﻧﺘﺠﻨﺎ ِ ً 26 ُ اﻟﻔﻈﻴﻌﺔ ﻫﺬه ﺣﻴﺎة«. وﻣﻊ ﻋﻤﻞ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﻜﺎرﺛﺔ ﻋﲆ دﻓﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ املﺰارعَ ، ﻓﻘ ْﺪ ﻏﺎدروﻫﺎ، ُ ﻛﺴﻨﱠﺔ اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ ُﻓ َﺮ ٍص أﻓﻀﻞ .وﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ املﻬﺎﺟﺮون ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺴﺎد، ﺗﻮﺟﱠ َﻪ ﻛﺜريٌ ﻣﻨﻬﻢ ﺻﻮب اﻟﻐﺮب ،إﱃ وﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،ﻋﲆ أﻣﻞ أن ﺗﻜﻮن ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ أﻓﻀﻞ ،وﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻄﻘﺲ ﺑﻬﺎ ﻋﻤﻮﻣً ﺎ أﺣﺴﻦ ً ﺣﺎﻻ .وﻗﺪ وﻓﺪ إﻟﻴﻬﺎ املﻬﺎﺟﺮون اﻷوﻓﺮ 27 ﺣ ٍّ ﻈﺎ ﺑﺴﻴﺎراﺗﻬﻢ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ١٩٣١دﺧﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٨٠٠أﻟﻒ ﺳﻴﺎرة اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ. أﻣﱠ ﺎ املﻬﺎﺟﺮون اﻷﻗﻞ ﺣ ٍّ ﻈﺎ ﻓﺄﺗﻮا ﻣﺴﺘﻘﻠني اﻟﻘﻄﺎر؛ ﻓﺨﻼل ﺷﻬﺮ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٣٢ ﻗﺪﱠرت ﴍﻛﺔ ﺧﻄﻮط ﺟﻨﻮب اﻟﺒﺎﺳﻔﻴﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺪ ﺧﻄﻮ ُ ﻃﻬﺎ ﺑﻄﻮل ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ، ً أﻧﻬﺎ ﻃﺮد ْ ﺧﻠﺴﺔ 28 .واﻧﺘﻬﻰ َت ﻣﻦ ﻗﻄﺎراﺗﻬﺎ ٨٠أﻟﻒ ﺷﺨﺺ اﺳﺘﻘﻠﻮا ﻋﺮﺑﺎت اﻟﺸﺤﻦ ري ﻣﻦ ﻛﻼ اﻟﻨﻮﻋني ﻣﻦ املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ إﱃ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺨﻴﻤﺎت ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ودﻳﺎن ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﻟﺤﺎل ﺑﻜﺜ ٍ 58
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻋﺎﺷﻮا ﰲ ﺧﻴﺎم وﻛﺒﺎﺋﻦ ﺻﻐرية ،ﻳﻠﺘﻘﻄﻮن املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺘﻲ ُز ِرﻋﺖ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻴﺶ ،ﻣﻘﺘﺎﺗني اﻟﻔﻮل واﻷرز وﻗﺪ ﻻ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ .ووﻓﻖ ﺗﻘﺪﻳﺮات املﺮاﻗﺒني ﻓﺈن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ رﺑﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﰲ ﺗﻠﻚ املﺨﻴﻤﺎت ﻋﺎﻧَﻮا ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﺑﻌﻀﻬﻢ َ واﻓﺘْﻪ 29 املﻨﻴﱠﺔ. ُ ً وﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﻄﺒﻌﺖ ﺻﻮرة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺠﺪون ﺷﻴﺌﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻋﻠﻴﻪ — ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ اﻟﻘﺤﻂ واﻟﺮﻳﺎح ﺧﺎرج دﻳﺎرﻫﻢ ،وﻫﻢ ﻳﺮزﺣﻮن ﺗﺤﺖ ﻧِري املِ ﺤَ ﻦ وﻳﺜﺎﺑﺮون ﺑﻘﻮة إرادﺗﻬﻢ — ﰲ ﻋﻘﻮل اﻟﻨﺎس ﰲ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﻟﺪوﻟﺔ .وﰲ اﻷﻋﻮام اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﰲ رواﻳﺎت اﻟﺼﺤﻔﻴني ،وﰲ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﻨﺎﺟني ،وﰲ املﺸﺎﻫﺪ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻘ َ ﻄﻬﺎ ووﻛﺮ إﻳﻔﺎﻧﺰ ودوروﺛﻴﺎ ﻻﻧﺞ، وﰲ ﻗﺼﺺ ﺟﻴﻤﺲ أﺟﻲ وﻟﻮرﻳﻨﺎ ﻫﻴﻜﻮك ،ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺻ ﱠﻮ َر ِت اﻟﻔﻘ َﺮ ﰲ أرض اﻟﻮﻓﺮة املﺄﻣﻮﻟﺔ ،ﺗﺮﻣﺰ إﱃ اﻟﻜﺴﺎد. وﻟﻜﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ً أﻳﻀﺎ أن ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة ﻟﻢ ﺗﺮﻣﺰ وﺣﺪﻫﺎ إﱃ اﻟﻜﺴﺎد ،وﺑﻨﻈﺮة ﻣﺤﺎﻳﺪة إﱃ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻟﻌﻞ املﺤﻨﺔ املﻔﺎﺟﺌﺔ اﻟﺘﻲ أ ﱠملﺖ ﺑﺎملﻮﴎﻳﻦ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺤﻮذَ ْت ﻋﲆ ﻗﺪر أﻛﱪ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم .ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺟﻤﻴﻊ املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ اﻟﺴﻴﺌﻲ اﻟﺤﻆ ﻳﻨﺘﻤﻮن ٍ إﱃ اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘﺎدوا اﻟﻔﻘﺮ أو ﺣﺘﻰ إﱃ ﻃﺒﻘﺔ اﻟﻌﻤﺎل؛ ﻓﻜﺜري ﻣﻨﻬﻢ وﺟﺪوا أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻗﺪ ﺧﴪوا ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ ﺗﺮاﺟُ ِﻊ اﻗﺘﺼﺎد املﻨﻄﻘﺔ واﺳﺘﺴﻼﻣﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻼﻧﻬﻴﺎر .وﻳﺘﺬﻛﺮ اﺑﻦ أﺣﺪ ﺑﺎﺋﻌﻲ اﻟﺠﺮارات اﻟﻨﺎﺟﺤني ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻛﻨﱠﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ٍ ري ﺟﺪٍّا ،وﻧﺘﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﺑﻴﺖ ﻛﺒ ٍ 30 ري .وﻓﺠﺄة! ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻟﺪى واﻟﺪي وﻇﻴﻔﺔ«. ٍ ﻣﺎل وﻓ ٍ ْ وﻣﻊ اﻫﺘﺰاز أرﻛﺎن اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ — إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ اﻧﻬﺎرت ﺗﻤﺎﻣً ﺎ — ﺟﺎء اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻓﻴﻪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن املﻮﴎون — اﻟﺬﻳﻦ ﻗﻠﻤﺎ ﻓﻜﺮوا ﰲ ﺷﺄن اﻟﻔﻘﺮاء — ﻳﻔﻜﺮون ﻣﻠﻴٍّﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ،رﻏﻢ أﻧﻬﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،رﻏﻢ أن اﻟﻜﺴﺎد أﺗﺎح ﻟﻬﺆﻻء اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني — ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﻌﺎﻛﺲ — أن ﻳﻌﻴﺸﻮا ﺣﻴﺎة أﻓﻀﻞ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ أﻗﻞ ،ﻷن اﻟﺒﺎﺋﻌني ﺧﻔﻀﻮا ﻣﻦ أﺳﻌﺎرﻫﻢ ً ﻳﺄﺳﺎ ﻣﻨﻬﻢ .ﺑَﻴْ َﺪ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ أﺣﺪ أن ﻳﻌﻴﺶ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ دون ﻗﻠﻖ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳُﺼﻠِﺤﻮن ﺟﻠﻮد أﺣﺬﻳﺘﻬﻢ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮرق املﻘﻮﱠى ،وﻳﻠﺤﻤﻮن أﺟﺰاء أﻏﻄﻴﺔ اﻟﻔﺮاش ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ 31 .ﱠ وﺣﻘ َﻖ ﻣﻨﺘﺞ اﻟﺴﻴﻠﻮﻓﺎن اﻟﻼﺻﻖ املﻄﺮوح ﺣﺪﻳﺜًﺎ، ٍ ﻣﺒﻴﻌﺎت ﻛﺒري ًة ﺑﺴﺒﺐ أوﻟﺌﻚ واﻟﺬي ﻋُ ِﺮف ﺑﺎﺳﻢ اﺳﻜﻮﺗﺶ ﺗﻴﺐ أو اﻟﴩﻳﻂ اﻻﺳﻜﺘﻠﻨﺪي، 32 اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎوﻟﻮا إﺻﻼح ﻣﺎ ﰲ ﺣﻮزﺗﻬﻢ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﴍاء اﻟﺠﺪﻳﺪ. ً ً واﺳﺘﻔﺤﻠﺖ اﻷزﻣﺔ ملﺪًى أﻛﱪ ،وﺑﺪ ْ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻣﻦ ذي ﻗﺒ ُﻞ، ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ وأﻛﺜﺮ َت أﻛﺜﺮ َ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻣَ ﺄ ْ ِزﻗﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ازداد وازداد اﻗﺘﻨﺎع اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺳﻮء اﻟﺤﻆ 59
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻗﺘﻨﺎﻋﻬﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻎ ذﻛﺎء ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻷﻣﺔ وﺟﺪﻳﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻓﺈن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﱠ ﻳﺘﺨﲆ ﻋﻨﻪ اﻟﺤﻆ ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم .وﻣﻊ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﻢ أن ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ املﺤﻠﻴﺔ ﻏري ﻋﺮﺿﺔ ﻷن َ ﻗﺎدرة ﻋﲆ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻜﺎرﺛﺔ ،اﺳﺘﻤﻌﻮا أﻛﺜﺮ إﱃ اﻷﺻﻮات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠ ْﺖ إﻟﻴﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ املﺬﻳﺎع. ﻛﺎن أﺣﺪ ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻮات ﺻﻮت اﻷب ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮﻛﻔﻠني اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮاﻣﺠﻪ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﺗﺼﻞ إﱃ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﱪ املﺬﻳﺎع 33 .ﺑﺪأ ﻛﻮﻛﻠني ﻋﻤﻠﻪ ﰲ ﻣﺠﺎل ٍّ ﻣﺴﺘﻬﻼ ﻣﻮﺟﺎت ﱢ اﻟﺒﺚ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻹذاﻋﺔ ﰲ أﺑﺮﺷﻴﺔ ﺧﺎرج دﻳﱰوﻳﺖ، اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺑﻤﻮاﺟﻬﺔ ﺟﻤﺎﻋﺔ »ﻛﻮ ﻛﻠﻮﻛﺲ ﻛﻼن« املﺤﻠﻴﺔ ،وﻗﺪ أﻛﺴﺒﺘﻪ ﻣﻮاﻫﺒﻪ وآراؤه ﺣﻮل ً ﺟﻤﺎﻫريﻳﺔ ﻣﺎ اﻧﻔ ﱠﻜ ْﺖ ﺗﺰداد ،وﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﻘﻮﻟﻮن إﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﻣﺨﺘﻠﻒ املﻮﺿﻮﻋﺎت ﻗﺎﻋﺪ ًة أن ﺗﺴري ﻟﻌﺪة ﻣﺮﺑﻌﺎت ﺳﻜﻨﻴﺔ ﰲ املﺪن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻛﻮﻓﻠني ﻳﺘﺤﺪث ﻋﱪ ﻣﻮﺟﺎت اﻟﺮادﻳﻮ دون أن ﺗﻔﻮﺗﻚ ﻛﻠﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻜﺎﻫﻦ ﺗﻨﺴﺎب ﻣﻦ ﻧﻮاﻓﺬ ﺑﻴﻮت ﻣﺴﺘﻤﻌﻴﻪ املﺨﻠﺼني إﱃ اﻟﺸﺎرع .وملﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﺤﺪﱠث ﻋﱪ ﺷﺒﻜﺔ ﺗﺼﻞ إﱃ اﻷﻣﺔ ﺑﺄﴎﻫﺎ ﰲ وﻗﺖ اﻟﻜﺴﺎد، 34 ﻓﻘﺪ زاد ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. أﻧﺎس أﺣﺒ ِﱠﺖ ﻛﺎن ﻛﻮﻛﻠني ﻳﺘﺤﺪﱠث إﱃ ﺟﻤﻬﻮر ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﰲ اﻷﺳﺎس ،إﱃ ٍ ٍ اﻷﺷﻴﺎءَ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻻﻧﻬﻴﺎر ،ﻣﻊ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻤﻠﻜﻮا اﻟﻜﺜريَ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻌﺰﻟﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﺄﺛريات املﺎدﻳﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻜﺴﺎد 35 .ﻫﺎﺟَ َﻢ ﻛﻮﻛﻠني اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﻤﺎ ﴏﱠ حَ أﻣﺎم إﺣﺪى ﺟﻠﺴﺎت اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،رأى أن اﻟﻘﻮة املﺤ ﱢﺮﻛﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻟﻠﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴني املﺘﻌﻨﺘني ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﻫﻨﺮي ﻓﻮرد ،اﻟﺬي ﺑﺈﻧﻜﺎره ﱠ ﺣﻖ ﻋﻤﱠ ﺎﻟﻪ املﻨﻄﻘﻲ ﰲ املﻄﺎﻟﺒﺔ ﻌﺔ ،ﺗﻌ ﱠﺮ َ ﻣﺘﻮاﺿ ٍ ِ ﻟﺨﻄﺮ ﻣﻄﺎﻟﺒ ٍﺔ ﺛﻮرﻳ ٍﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﺑﻜ ﱢﻞ ﳾء 36 .وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ض ﺑﻤﺴﺎﻋﺪ ٍة ِ ،١٩٣٢ﻛﺎن ﻟﺪى ﻛﻮﻛﻠني واملﺴﺘﻤﻌني ﻟﻪ ﺳﺒﺐٌ وﺟﻴﻪ ﻟﻮﺿﻊ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ ﺿﻤﻦ اﻟﻔﺌﺔ ض ﻣﻄﺎ َﻟ ً ﺻﻴﻒ ﻗﻀﺎه ﻫﻮﻓﺮ ﰲ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،ﻋﺎ َر َ ٍ ﺒﺔ اﻟﻌﻨﻴﺪة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻓﻮرد .وﰲ آﺧِ ﺮ ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني؛ وﻫﻢ ﻗﺪاﻣﻰ املﺤﺎرﺑني. ﴍﻳﺤﺔ ﺑﺎملﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﺻﻮ َ ﱠت اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﻋﺎم ١٩٢٤ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ ﴏف ﻣﺒﻠﻎ إﺿﺎﰲ ﺧﺎص أو ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻣﺤﺎرﺑﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﺪة اﻟﺨﺪﻣﺔ وﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ،وأﺻﺪرت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ َ ﱠ ﺷﻬﺎدات ﱢ ٍ املﺴﺘﺤﻖ ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺎرب ،وﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ إﻣﺎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٤٥أو املﺒﻠﻎ ﺗﺒني ﺣﺎل وﻓﺎﺗﻪ .وﻣﻊ اﺷﺘﺪادِ اﻟﻈﺮوف ﻗﺴﻮ ًة وﺗَﻮ ِْق املﺤﺎرﺑني إﱃ ﺗﻠﻚ املﺒﺎﻟﻎ املﺴﺘﺤَ ﱠﻘﺔ ﻟﻬﻢ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻇﻨﻮا أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻠني وﺗﺪﻓﻊ ﻟﻬﻢ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﰲ ٍ وﻗﺖ أﻗﺮب؛ ﻓﻤﻜﺎﻓﺄة ﻣﺴﺘﺤَ ﱠﻘﺔ ﻟﻬﻢ ﺣﺎل وﻓﺎﺗﻬﻢ ﻟﻦ ﺗﻔﻴﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﻜﺜري؛ ﻟﺬا ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ 60
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
َ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر .وﻛﺎن اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻗﺪ أﻧﺸﺄ ﻟﺘﻮﱢه ،ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﻨﺎﺷﺪة اﻟﺮﺋﻴﺲ، ﱡ ﺳﺘﻀﺦ ﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﱃ ﻣﻠﻴﺎري دوﻻر إﱃ اﻟﺒﻨﻮك واﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ﻛﻲ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ،اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻋﻤﻠﻬﺎ .وﺗﺴﺎءَ َل ﻛﻮﻛﻠني» :إذا ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪور اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﺪﻓﻊ ﻣﻠﻴﺎري دوﻻر إﱃ 37 املﴫﻓﻴني وﻗﻄﺎع اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ،ﻓ ِﻠ َﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺪﻓﻊ ﻣﻠﻴﺎري دوﻻر إﱃ اﻟﺠﻨﻮد؟« ﻗ ﱠﺮ َر ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻨﻮد اﻟﺬي ﻓ ﱠﻜﺮوا ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ ﻧﻔﺴﻪ أن ﻳﺘﻮﺟﱠ ﻬﻮا إﱃ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻟﻌﺮض ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ .أﺗﻰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻜﺒري اﻷول ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮرﺗﻼﻧﺪ ﺑﻮﻻﻳﺔ أورﻳﺠﻮن، وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ اﻧﻘﻀﺎء وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ أﻟﻬﻤَ ْﺖ أﺧﺒﺎ ُر اﻟﺘﺤﺮك ﻣﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ َ آﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﺮادى وﺟﻤﺎﻋﺎت. ﺑﺪأت ﴍﻃﺔ واﺷﻨﻄﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻮﺻﻮل ﻋﴩﻳﻦ أﻟﻒ رﺟﻞ ،أُﻃﻠ َِﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ »ﺟﻴﺶ املﻜﺎﻓﺄة«، ُ اﻟﴩﻃﺔ اﻟﴪﻳﺔ املﺴري َة ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻬﺪﻳﺪات ،ووﺟﺪ ْ ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎ ﱟم ﻛﺎن ﻫﻨﺎك َت »أﻧﻪ وﺗﺴ ﱠﻠ َﻠ ِﺖ ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴني … وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻢ ﺗﺄﺛري ﻳُﺬ َﻛﺮ ﻋﲆ ﺗﻔﻜري اﻟﺮﺟﺎل .ﻛﺎن املﺤﺎرﺑﻮن اﻟﻘﺪاﻣﻰ أﻣﺮﻳﻜﻴني ﺳﻴﺌﻲ اﻟﺤﻆ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ﻟﻺﻃﺎﺣﺔ ﺑﺤﻜﻮﻣﺘﻬﻢ« 38 .وﰲ ٧ﻳﻮﻧﻴﻮ ،ﻧ ﱠ ﻈ َﻢ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد ﻣﺴري ًة ﰲ أﻧﺤﺎء 39 املﺪﻳﻨﺔ أﻣﺎم ﻣﺎﺋﺔ ٍ أﻟﻒ ﻣﻦ املﺸﺎﻫﺪﻳﻦ املﻬ ﱢﻠﻠني ﻟﻬﻢ. ﻗﻴﱠ َﻢ َ ٍ ﻣﺨﺘﻠﻒ .ﺑﺪأ اﻟﺠﻨﺮال ﻧﺤﻮ آﺧﺮون ﻣﻦ ﺑني املﺪاﻓﻌني ﻋﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ املﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﲆ ٍ دوﺟﻼس ﻣﺎك آرﺛﺮ ،رﺋﻴﺲ أرﻛﺎن اﻟﺠﻴﺶ آﻧﺬاك ،ﻳﺤﺸﺪ اﻟﻘﻮات ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪﺑﺎﺑﺎت ،ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ املﺪﻳﻨﺔ ﺿﺪ ﺗﻬﺪﻳﺪ املﺘﴩدﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪءوا ﻳُﻘِﻴﻤﻮن ﻣﺨﻴﻤﺎت ،ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﴍﻃﺔ املﺪﻳﻨﺔ، ﺑﻄﻮل ﻧﻬﺮ أﻧﺎﻛﻮﺳﺘﻴﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻜﺎﺑﻴﺘﻮل .وﺣﻴﺚ إن املﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﱠ ﺗﻠﻘﻮا ﺗﺤﺬﻳﺮات ﻛﺜرية ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮون ﺑﻤﻈﻬﺮ املﺨ ﱢﺮﺑنيَ ، راﻗﺐَ املﺘﻈﺎﻫﺮون أﻧﻔﺴﻬﻢ دون ﻫﻮادة ،وﻧ ﱠ ﻈﻤﻮا ﻣﺤﺎﻛﻢ وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت أﻗﻞ رﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺘﺨ ﱡﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴني ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﺎﺋﺪة؛ ﻓﻘﺪ ﻋ ﱠﻠﻖ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺟﻠﺴﺎﺗﻪ دون أن ﻳﺼﻮﱢت ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ﻟﻬﻢ ﻋﲆ املﺴﺎﻋﺪة ،وازداد اﻧﺸﻐﺎل اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ واﻟﺠﻴﺶ ﺑﺄﻣﺮﻫﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﻃﺎل املﻘﺎم ﺑﻬﻢ .وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻳﻮﻟﻴﻮ ،ﻗ ﱠﺮر ﻣﺎك »ﻛﴪ ﺷﻮﻛﺔ« ﺟﻴﺶ املﻜﺎﻓﺄة ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ، آرﺛﺮ ،ﺣﺴﺐ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ، َ ﻓﺘﻘ ﱠﺪ َم اﻟﺠﻨﻮ ُد وﺛﺒﱠﺘﻮا اﻟﺤِ ﺮاب ﺣﻮل ﻓﻮﻫﺎت أﺳﻠﺤﺘﻬﻢ ،وأﻃﻠﻘﻮا اﻟﻐﺎز املﺴﻴﻞ ﻟﻠﺪﻣﻮع ﻋﲆ املﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ واملﺎرة ً أﻳﻀﺎ ،وﺗﻘ ﱠﺪ َم اﻟﻔﺮﺳﺎن وﺳﻂ اﻟﺤﺸﻮد .ﻳﺘﺬﻛﺮ اﻟﺮاﺋﺪ ﺟﻮرج إس ﺑﺎﺗﻮن ﻫﺬا اﻟﺤﺪث ً ٍ ﺑﺼﻮت ﻳﺒﻌﺚ ﻋﲆ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻃﺎر اﻟﻄﻮب ﰲ اﻟﻬﻮاء ،وارﺗﻔﻌﺖ اﻟﺴﻴﻮف ﻟﺘﻬﻮي 40 اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ،وﻓ ﱠﺮ ﺣﺸﺪ اﻟﻐﻮﻏﺎء «.ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،زﻋﻢ ﻣﺎك آرﺛﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن دأﺑﻪ داﺋﻤً ﺎ ،أﻧﻪ ﺳﻤﻊ 41 ﺻﻴﺤﺎت اﻻﻣﺘﻨﺎن ﻣﻦ املﺎرة. ً ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻛﺎن ﻣﺆﻳﺪو ﻣﺎك آرﺛﺮ أﻗﻠﻴﺔ ،ﻫﺬا ْ إن و ُِﺟﺪوا .أﻇﻬﺮت ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻷﻓﻼم اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋ َﺮ َ ٍ دﺑﺎﺑﺎت ﺗﺠﻮل ﰲ ﺷﻮارع ﺿ ِﺖ اﻟﺼﺪا َم ﺑني اﻟﺠﻴﺶ املﺴ ﱠﻠﺢ واﻟﺠﻴﺶ ﻏري املﺴ ﱠﻠﺢ 61
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
٢٥
١٢٠٠٠٠٠ ١٠٠٠٠٠٠
٢٠
٨٠٠٠٠٠ ١٥ ٦٠٠٠٠٠ ١٠ ٤٠٠٠٠٠ ٥
٢٠٠٠٠٠
١٩٤٠
١٩٣٩
١٩٣٨
١٩٣٧
١٩٣٦
١٩٣٥
١٩٣٤
١٩٣٣
١٩٣٢
١٩٣١
١٩٣٠
١٩٢٩
٠
٠
اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻛﻤﻘﻴﺎس ﻟﻠﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ املﺪﻧﻴﺔ، ﺷﻜﻞ :3-3ﻣﻌﺪﻻت إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ٍ ﻣﻘﻴﺴﺔ ﻋﲆ املﺤﻮر اﻟﺮأﳼ اﻷﻳﴪ ،وإﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﺎملﻼﻳني ﺣﺴﺐ ﻗﻴﻤﺔ ً ﻣﻘﻴﺴﺎ ﻋﲆ املﺤﻮر اﻟﺮأﳼ اﻷﻳﻤﻦ. اﻟﺪوﻻر ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٦
واﺷﻨﻄﻦ ،وﻣﺨﻴﻢ املﺤﺎرﺑني اﻟﻘﺪاﻣﻰ وﻫﻮ ﻳﺤﱰق ،واﻟﺪﺧﺎن ﻳﺘﺼﺎﻋﺪ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻗﺒﺔ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻜﺎﺑﻴﺘﻮل .وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻣﺎك آرﺛﺮ وﻫﻮﻓﺮ أﻧﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺼﺪ َﱢﻗﺎ ﻗ ﱡ ﻂ أن اﻟﺮﺟﺎل ﻛﺎﻧﻮا — ﰲ اﻷﺳﺎس — ﻣﺤﺎرﺑني ﻗﺪاﻣﻰ ،إﻻ أن اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﱢ ﺗﺠﺴﺪ ﺟﻨﻮدًا أﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﻄﺎردون ﺟﻨﻮدًا أﻣﺮﻳﻜﻴني أﻋﻴﺎﻫﻢ اﻟﻔﻘﺮ ﻳﻨﺎﺷﺪون ﻧﻮاﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﺠﺮس؛ اﺳﺘ َﺪ ﱠر ْت ﺗﻌﺎ ُ ﻃ َ ﻒ املﺸﺎﻫﺪﻳﻦ .وﻗﺪ 42 ُ »ﺷﻌﺮت ﺑﺄﻧﻨﻲ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﻢ«. ﻗﺎﻟﺖ إﺣﺪى اﻟﺴﻴﺪات: ﱠ واملﺮﺷﺢ وﰲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ أﻟﺒﺎﻧﻲ ،ﻗﺮأ ﻓﺮاﻧﻜﻠني دي روزﻓﻠﺖ — ﺣﺎﻛﻢ وﻻﻳﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك اﻟﺮﺋﺎﳼ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ — ﻋﻦ »ﻣﺴرية املﻜﺎﻓﺄة« ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ،وﺑﻌﺪﻣﺎ أﻟﻘﻰ ﻧﻈﺮ ًة ﻋﲆ اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ،أ ْ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻜﺎرﺛﺔ إﱃ ﻃ َﻠ َﻊ أﺣ َﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻪ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا 62
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد
ْ وﻗﺎل روزﻓﻠﺖ إﻧﻪ رﺑﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻒ ﻋﲆ ﻫﻮﻓﺮ.أﺧﺬ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﻫﻮﻓﺮ ﻋﲆ ﻣﺤﻤﻞ اﻟﺠﺪ إن ﻟﻢ ﻳﻈﻦ روزﻓﻠﺖ ﻧﻔﺴﻪ، وﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ.ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻒ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﲆ املﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻗﺎﻧﻮن أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺎدرة ﻋﲆ دﻓﻊ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻟﻠﺮﺟﺎل — ﺑﻞ إﻧﻪ ﻛﺎن ﺳريﻓﺾ ﻣﴩو َع ِ املﻜﺎﻓﺄة إن ﻛﺎن ﻫﻮ اﻟﺮﺋﻴﺲ — وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﺮى أن اﻟﺮﺟﺎل ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ وأﺧﺬ ﻳﻔ ﱢﻜﺮ ﻟﱪﻫﺔ وﻫﻮ ﱢ،اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺪاﻋﻢ ﻟﻘﻀﻴﺘﻬﻢ ﺛﻢ ﻗﺎل إن اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﺟﱠ ﻬﻮا،ﻳﺪﺧﻦ 43 َ .« »ﻳﺸ ﱢﻜﻠﻮن ﻣﻮﺿﻮﻋً ﺎ ﻟﺤﻤﻠﺘﻪ،اﻟﺘﴫﱡف ﻣﻌﻬﻢ وأﺳﺎءت اﻹدار ُة،ﺑﻤﻄﺎﻟﺒﻬﻢ إﱃ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻫﻮاﻣﺶ (1) William L. Manchester, The Glory and the Dream: A Narrative History of America, 1932–1972 (Boston: Little, Brown, 1974), 27; Studs Terkel, Hard Times: An Oral History of the Great Depression (New York: New Press, 2000), 20-21. (2) “The Lyrical Mr. Harburg,” New York Times, 1/8/1933, X2. (3) Lester V. Chandler, America’s Greatest Depression, 1929–1941 (New York: Harper and Row, 1970), 34. (4) David E. Kyvig, Daily Life in the United States, 1920–1940: How Americans Lived through the “Roaring Twenties” and the Great Depression (Chicago: Ivan R. Dee, 2002), 208. (5) Chandler, America’s Greatest Depression, 35. (6) Ibid., 41. (7) Lizabeth Cohen, Making a New Deal: Industrial Workers in Chicago, 1919–1939 (Cambridge: Cambridge University Press, 1990), 218–21. (8) Terkel, Hard Times, 145. (9) Chandler, America’s Greatest Depression, 44. (10) “20.5% of City Pupils Are Found Underfed,” New York Times, 10/29/1932, 17. (11) Mirra Komarovsky, The Unemployed Man and His Family (New York: Arno Press, 1971), 133.
63
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة (12) Ibid., 82. (13) Terkel, Hard Times, 107-8. (14) James R. McGovern, And a Time for Hope: Americans in the Great Depression (Westport, CT: Praeger, 2000), 10. (15)
Claudia Dale Goldin, Understanding the Gender Gap: An
Economic History of American Women (New York: Oxford University Press, 1990). (16) Winifred D. Wandersee Bolin, “The Economics of Middle-Income Family Life: Working Women During the Great Depression,” Journal of American History 65, no. 1 (1978): 70-71. (17) William H. Chafe, The Paradox of Change: American Women in the 20th Century (New York: Oxford University Press, 1991), 71. (18) William A. Sundstrom, “Last Hired, First Fired? Unemployment and Urban Black Workers During the Great Depression,” Journal of Economic History 52, no. 2 (1992): 421. (19) See also Gary Gerstle, American Crucible: Race and Nation in the Twentieth Century (Princeton: Princeton University Press, 2001), 177. (20) Susan B. Carter et al., eds., Historical Statistics of the United States, Earliest Times to the Present, Millennial Edition (New York: Cambridge University Press, 2006), series Da2; Peter Fearon, War, Prosperity, and Depression: The U.S. Economy, 1917–1945 (Oxford: Philip Allan, 1987), 176. (21)
Kevin Starr, Endangered Dreams: The Great Depression in
California (New York: Oxford University Press, 1996), 224. (22) Chandler, America’s Greatest Depression, 56. (23) Ibid., 63. (24) Donald Worster, Dust Bowl: The Southern Plains in the 1930s (New York: Oxford University Press, 1979), 11.
64
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد (25) Kyvig, Daily Life, 211; Bruce J. Schulman, From Cotton Belt to Sunbelt: Federal Policy, Economic Development, and the Transformation of the South, 1938–1980 (Durham, NC: Duke University Press, 1994), 3. (26) Terkel, Hard Times, 232. (27) Starr, Endangered Dreams, 23. (28) Ibid., 226. (29) Ibid., 229. (30) James N. Gregory, American Exodus: The Dust Bowl Migration and Okie Culture in California (New York: Oxford University Press, 1989), 16. (31) Manchester, Glory and the Dream, 35. (32) Kyvig, Daily Life, 227. (33) Alan Brinkley, Voices of Protest: Huey Long, Father Coughlin, and the Great Depression (New York: Vintage, 1983), 92. (34) Ibid., 94. (35) Ibid., 197-98. (36) Ibid., 102. (37) Paul Dickson and Thomas B. Allen, The Bonus Army: An American Epic (New York: Walker and Company, 2004), 51. (38) Ibid., 82. (39) “7,000 in Bonus Army Parade in Capital, Orderly but Grim,” New York Times, June 8, 1932, 1. (40) Dickson and Allen, Bonus Army, 176. (41) Ibid., 174. (42) Ibid., 193. (43) Rexford Guy Tugwell, The Brains Trust (New York: Viking, 1968), 357–59.
65
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث
ً رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ ﰲ ٤ﻣﺎرس ،١٩٣٣ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ أدﱠى ﻓﺮاﻧﻜﻠني دﻳﻼﻧﻮ روزﻓﻠﺖ اﻟﻴﻤني ﺗﺮس ﻣﻦ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻗﺪ ﺗﻌ ﱠ ﻄ َﻞ ،ﻓﺎﻟﺒﻨﻮك واملﺰارع واملﺼﺎﻧﻊ واﺿﺤً ﺎ أن ﻛ ﱠﻞ ٍ واﻟﺘﺠﺎرة ﻛﻠﻬﺎ َ أﻓﻠﺴ ْﺖ. ﺑﺪأ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر اﻟﻌﻤ َﻞ ﻋﲆ إﺻﻼح اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﻣﻊ أﻧﻪ ﺳﻮف ﻳﻮﱄ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ أﻗﻞ .وﻛﻤﺎ أﺷﺎر أﺷﻌﻴﺎ ﺑﺮﻟني ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺮﻳ َْﺖ دون اﻛﱰاث ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﺑﻌ ُﺪ ﻓﺈن »ﺗﺠﺮﺑﺔ روزﻓﻠﺖ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ أ ُ ِ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ اﻻﻧﻌﺰاﻟﻴﺔ «.ﻋﻤﻠﺖ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ ﺣﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺤﺌﻮل دون ﻛﺎرﺛﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﺣﺪﻫﺎ ،وﺑﻄﺮق أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ» ،ﻣﻊ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ]ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﺗﻌﺒري ﺑﺮﻟني[ ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﻌﺮف اﻟﺴﻴﺎﳼ 1 اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ«. ﺗﻨﺎﻣﺖ أﺟﻨﺪة ﻋﻤﻞ روزﻓﻠﺖ ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ :ﻓﺎﻷﺟﺰاء اﻟﺘﻲ ﺛﺒﺘﺖ ﺟﺪواﻫﺎ ﺻﻤﺪت ،أﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﻣﺼﺪرﻫﺎ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺣﺼﻞ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻋﲆ اﺳﻤﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ وﺣﺪﻫﺎ؛ ﺣﻴﺚ اﺳﺘﺨﺪم روزﻓﻠﺖ ﻋﺒﺎرة »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« 2ﻋﻨﺪ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺗﺮﺷﻴﺢ اﻟﺤﺰب ً ﻋﺠﺒ َِﺖ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرة .ﺣﻤﻠﺖ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻟﻪ رﺋﻴﺴﺎ ،وأ ُ ِ ﺟﺪﻳﺪة ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﱢ ﺗﺒﴩ ﺑﴚء ﻣﺤﺪﱠد؛ ﻟﻘﺪ ﺛﺒﺘﺖ ﺟﺪواﻫﺎ ﻓﺼﻤﺪت. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ اﻹدارة ﻹﻧﻌﺎش اﻷﻣﻮال واﻻﺋﺘﻤﺎن ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ ،ﺟﻨﺒًﺎ إﱃ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺠَ ﺘْﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ املﻌﺎﻧﺎة اﻵﻧﻴﱠﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،ﻣﻦ ﺑني اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت اﻷ ُ َ وﱃ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻷﻛﺜﺮ ﺻﻤﻮدًا .ﻓﻤﻨﺬ ﺑﺪء ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٣ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﺮﺑﻲ ﰲ ﻋﺎم — ١٩٤٠ ﺑﻤﻌﺪل ﺑﻠﻎ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء رﻛﻮد اﻟﻔﱰة — ١٩٣٨-١٩٣٧ﻧﻤﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ٍ
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ً َ اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﻛﺒريًا ﺟﺪٍّا اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻣﻦ ٨إﱃ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﻌﺎم .وﺑﺎملﺜﻞ، ﻋﻦ املﻌﺪﻻت اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم .١٩٣٢وإذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺪف اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺳﻮى ﻋﻼج اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻘﺎﺋﻢ ،ﻓﻠﻌﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻐﻮث وإﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد، ً ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻷداء املﻬﻤﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ ﻧﺠﺎﺣﻬﺎ اﻟﻮاﺿﺢ ﰲ اﻟﺘﻲ ﺟﺮى ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﺑﻬﻤﺔ وﺛﺒﺎت ،ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺳﻢ ﻛﺒري ﻣﻨﻪ إﱃ رﻏﺒﺔ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻨﺎﺧﺒني ﰲ دﻋﻢ روزﻓﻠﺖ. ﺑﺪأ روزﻓﻠﺖ ﺑﺈﻧﻘﺎذ اﻟﺒﻨﻮك ،ﻓﺒﻌﺪ ﻳﻮﻣني ﻣﻦ ﺗﻮ ﱢﻟﻴﻪ ﻣﻨﺼﺒﻪ ،أﻋﻠﻦ أن ﺑﻨﻮك اﻷﻣﺔ َ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﲆ ﻳﺠﺐ أن ﺗُﻮﻗِﻒ ﺗﻌﺎﻣﻼت اﻟﺬﻫﺐ ،وﺑﺬﻟﻚ أﻏﻠﻘﻬﺎ ،وﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ،ﻓﺎﻣﺘﺜ َﻞ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﻘﺎﻧﻮن املﺼﺎرف اﻟﻄﺎرئ ﰲ ٩ﻣﺎرس ،اﻟﺬي أﻗ ﱠﺮ ﺑﺼﺤﺔ ُ ﺳﻠﻄﺔ إﻋﺎد ِة ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺒﻨﻮك إن دَﻋَ ِﺖ ﻗﻀﺎﺋﻲ ﻟﻪ ﺣﺎرس إﺟﺮاء روزﻓﻠﺖ ،وﻗﺎم ﺑﺘﻌﻴني ٍ ﱟ اﻟﴬورة ﻟﺬﻟﻚ .وإﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﺧ ﱠﻮ َل اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن ﴍاء أﺳﻬﻢ اﻟﺒﻨﻮك إﱃ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ،وأﺗﺎح ﻗﺪ ًرا أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻟﻨﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻹﺻﺪار اﻟﻌﻤﻠﺔ، َ ﻧﺤﻮ أﻛﱪ 3 .وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻳﺎم ﺧﻄﺐ وﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﻛﻼ اﻟﺘﺪﺑريﻳﻦ إﺗﺎﺣﺔ اﻷﻣﻮال ﻋﲆ ٍ روزﻓﻠﺖ ﰲ اﻷﻣﺔ ﻋﱪ أﺛري اﻹذاﻋﺔ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ »أﺣﺎدﻳﺚ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺪﻓﺄة« ،اﻟﺘﻲ ﴍح ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺒﻨﻮك ،وﻣﺎ ﺗَ ﱠﻢ إﻧﺠﺎزه ،وﻗﺎل ً أﻳﻀﺎ» :آﻣﻞ أن ﺗَ َﺮوا ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﴩح اﻟﺒﺴﻴﻂ ملﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﺣﻜﻮﻣﺘﻜﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﳾء ﱠ ﻣﻌﻘﺪ ،أو رادﻳﻜﺎﱄ ،ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ 4 «.وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ ١٣ﻣﺎرس ،ﻓﺘﺤَ ِﺖ اﻟﺒﻨﻮ ُك أﺑﻮاﺑﻬﺎ ،وأﺗﺎح ﻣﴩوع اﻟﻘﺎﻧﻮن ﰲ ٍ ﴍوط ،وإﻋﺎدة ﻓﺘﺢ رﺑﻌﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻓﺘﺢ ﻧﺼﻒ ﺑﻨﻮك اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ دون اﻷﺳﺎس إﻋﺎد َة ِ اﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﺤﺐ ،وأﻋﺎد ﺗﻨﻈﻴﻢ ُﺧﻤﺴﻬﺎ ،وأﻟﺰم اﻟﺒﻘﻴﺔ — ﺣﻮاﱄ ١٠٠٠ﺑﻨﻚ — 5 ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ. وﺿﻌَ ْﺖ إﺟﺎزة اﻟﺒﻨﻮك ﻧﻤ ً ﻄﺎ ﻣﺘﻜ ﱢﺮ ًرا ﻟﺘﴩﻳﻌﺎت اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻮارد أن ً ٍ ﴎﻳﻌﺔ ،ﻣﺸﻜﻮ ًﻛﺎ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ ﺳﻨﺪﻫﺎ اﻟﺪﺳﺘﻮري؛ وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ، إﺟﺮاءات ﻳﺘﺨﺬ اﻟﺮﺋﻴﺲ ٍ ﺳﻠﻄﺔ ﻹﻏﻼق اﻟﺒﻨﻮك إﱃ ﻗﺎﻧﻮن اﻻﺗﱢﺠﺎر ﻣﻊ اﻟﻌﺪو اﻟﺬي اﺳﺘﻨﺪ روزﻓﻠﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﺘﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳُﻄﺒﱠﻖ ﺑﺸﻔﺎﻓﻴ ٍﺔ ،واﻟﺬي َ َ واﻓﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس إﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،وﻳﻌﻄﻲ ﺻﻼﺣﻴﺎت إﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب 6 .وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺬﻋﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﻣ ُِﻀ ً ٍ ﻴﻔﺎ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ً أﺻﻼ؛ وﰲ ري ﺗﺠﺎوزت ﺑﻜﺜري ﻣﺎ ﻛﺎن روزﻓﻠﺖ ﻳﻨﺘﻈﺮه اﻷﺣﻴﺎن إﱃ ﻣﴩوع اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺗﺪاﺑ َ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻌﺪﱢل اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻗﺎﻧﻮن اﻻﺗﱢﺠﺎر ﻣﻊ اﻟﻌﺪو ﻟﺘﻀﻤني ﺣﺎﻻت اﻟﻄﻮارئ ﰲ وﻗﺖ ﱢ ﺳﺎﺑﻖ اﺗﺨﺬﺗﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، اﻟﺴ ْﻠﻢ ،ﺑﻞ أﺿﺎف ﻗﺎﻧﻮن املﺼﺎرف اﻟﺬي اﻋﺘﻤﺪ ﻋﲆ إﺟﺮاءٍ ٍ وﻋﲆ ﺗﺪاﺑري ﺑﺤﺜﻬﺎ املﴩﱢﻋﻮن ﺑﻌﻨﺎﻳ ٍﺔ إﺑﱠﺎن إدارة ﻫﻮﻓﺮ .وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ إﻗﻨﺎع اﻟﺮأي 68
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث
ﺷﻜﻞ :1-4ﻓﺮاﻧﻜﻠني دي روزﻓﻠﺖ ﺟﺎﻟﺲ ﺧﻠﻒ املﻴﻜﺮوﻓﻮن أﺛﻨﺎء أﺣﺪ أﺣﺎدﻳﺜﻪ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺪﻓﺄة ﰲ ﻋﺎم .١٩٣٧
اﻟﻌﺎم اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﻬﺬا اﻹﺟﺮاء ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ املﺰﻳﺞ اﻟﺴﺎﺣﺮ ﻣﻦ ﻟﻜﻨﺘﻪ اﻷرﺳﺘﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ وﻟﻐﺘﻪ اﻟﻮاﺿﺤﺔ؛ وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻦ ﻳﺴﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺳﻮى أن ﻳﻘﻮﻟﻮا» :ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﻈﺎم ﻣﴫﰲ ﺳﻴﺊ «.وﺳﻴﺘﺠﺎوز روزﻓﻠﺖ ً أﻳﻀﺎ اﻷﺳﻠﻮب ﻏري اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻟﻴﺴﺘﺨﺪم اﻟﴩح ﻣﺤﺎو ًﻻ ﺑﺼﺪق أن ﻳﴩح اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﺤﺎﻟﺔ اﻟﻄﺎرﺋﺔ املﻨﻬﺠﻲ ﻟﻠﻈﺮوف وﺳﻴﺎﺳﺘﻪ، ِ واﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻪ ﻟﻬﺎ .ورﻏﻢ ﺗﻬﻮر اﻹﺟﺮاء اﻟﺬي اﺗﺨﺬه روزﻓﻠﺖ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺴﻌﻰ إﱃ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاف ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﰲ اﻷﺳﺎس .وﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ راﻳﻤﻮﻧﺪ ﻣﻮﱄ ،أﺣ ُﺪ ﻣﺴﺘﺸﺎري روزﻓﻠﺖ، ُ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أﻳﺎم 7 «.أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻓﺈﻧﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻹﺟﺎزة اﻟﺒﻨﻮك »أُﻧﻘِ ﺬَ ِت ﱠ ﺗﺘﺤﺴﻦ اﻷزﻣﺔ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﲆ أﻳﺔ ﺣﺎل .وﻣﻊ ﺗﺤﻘﻴﻖ إﻧﺠﺎزات ﻋﲆ ﻫﺬا املﻨﻮال ،ﻳﻤﻜﻦ أن اﻟﺘﻲ وﺟ َﺪ اﻟﺒﻠ ُﺪ َ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ،ﻟﺘﻜﺘﺴﺐ اﻹدارة ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ املﺼﺪاﻗﻴﺔ ورﺑﻤﺎ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻹﺟﺮاء إﺻﻼح إﺿﺎﰲ وداﺋﻢ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ. 69
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
وأﺗﻰ اﻹﺻﻼح ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﰲ ﻗﺎﻧﻮن املﺼﺎرف ﻟﺴﻨﺔ ،١٩٣٣اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻀﻞ ﻓﻴﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ .زاد اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﺮوزﻓﻠﺖ أيﱡ ٍ َ وﻓﺼ َﻞ ﺑني اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻣَ ُﻞ ﻣﻊ املﻮدﻋني ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻮم وﺗﻠﻚ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻋﻤﻞ املﺼﺎرف، اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ،وأﻧﺸﺄ — ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻳﺮ روزﻓﻠﺖ املﺒﺪﺋﻲ — ُ َ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣني ﻋﲆ اﻟﻮداﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺿﻤﻨ َ ِﺖ ُ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ﻣﺪﺧﺮات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎدﻳني .وﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ َﻗﻠ ًِﻘﺎ ﻣﻦ أن ﺗﺠﺪ ً ﻣ َ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﺿﺨﻤً ﺎ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ املﺎل ﻟﻠﺒﻨﻮك ا ُملﻔﻠِﺴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ َﻗ ِﺒﻞ ﺑﺎﻟﺨﻄﺔ، ُﺠﱪ ًة ﻋﲆ أن ﺗﺪﻓﻊ ٍ ﺣﻜﻤﺔ ﻣﻨﻪ؛ ﻓﻔﻲ ﻇﻞ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣني ﻋﲆ واﺗﻀﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻋﻦ 8 َ اﻟﻮداﺋﻊ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ﺣﺎﻻت إﻓﻼس اﻟﺒﻨﻮك ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒرية .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٥ﻣﻨﺢ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس َ املﺆﺳﺴﺔ ﺻ ٍّﻜﺎ داﺋﻤً ﺎ. ُ ﻗﺼﺔ إﺻﻼح اﻟﺒﻨﻮك إﱃ اﻟﻘﺼﺔ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ املﺤﺎﻓﻆ املﺒﻘِﻲ ﻋﲆ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺗﺸري اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻷﻛﱪ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ ﻓﺪاﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺆ ﱢﻛ َﺪ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ اﻋﺘﺪال ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﴍح ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﻋﱪ أﺛري اﻹذاﻋﺔ أﻧﻪ رﻏﻢ ﻗﺪرة ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أﺳﺎس ﺳﻠﻴ ٍﻢ .وﻗﺪ ﴏﱠ حَ ﻋﲆ إﺻﺪار املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻵن ،ﺳﺘﺴﺘﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻋﲆ ٍ ً ً ً إﻟﺰاﻣﻴﺔ «.إﻻ أﻧﻪ وﻫﻮ ﻳ ِ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﺔ َ ُﻄﻤﱧ اﻟﻨﺎﺧﺒني — ورﺑﻤﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻤﻠﺔ ﻟﻴﺴ ْﺖ ً أﻳﻀﺎ — ﺑﺸﺄن ﻧﻮاﻳﺎه اﻟﺮﺻﻴﻨﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﺔ ،ﻛﺎن ﻳﺘﺤﺮك ﰲ اﻻﺗﺠﺎه املﻌﺎﻛﺲ. ﻣﻨﺬ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ،ﺑﺪأ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻷول ﻣﺮة ﰲ اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻋﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪه اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ذات اﻟﺼﻼﺣﻴﺎت املﺤﺪودة ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ ،ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة وﻳﻠﻴﺎم ﺟﻨﻴﻨﺠﺰ ﺑﺮاﻳﻦ ،ﻳﻘﻒ ﰲ ﺻﻒ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻌﺎدي ﺿﺪ املﺆﺳﺴﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ،ﻛﺎن ٍ ﺿﻌﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺤﺰب .وﻗﻒ ﺑﺮاﻳﻦ ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﻔﻼح واﻟﻌﺎﻣﻞ وﻋﺎ َر َ ﱡ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ إﱃ ﻫﺒﻮط ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻠﻊ ض ﻗﺎﻋﺪ َة اﻟﺬﻫﺐ اﻟﺘﻲ أدﱠى ﻃﺎ ﺷﺪﻳﺪًا ،ورأى ﺑﺮاﻳﻦ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ً اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻫﺒﻮ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﺗُ َﺴ ﱠﻚ اﻟﻔﻀﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻣﺨﻔ ً ﱢ ﱡ ﻔﺔ اﻟﻀﻐ َ ﻂ ﻋﲆ اﻷﺳﻌﺎر .وﺑﻌﺪ ﺗﻀﺨﻢ اﻟﻌﻤﻠﺔ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى إﻧﻌﺎﺷﻬﺎ، ﻳﺆدﱢي ذﻟﻚ إﱃ ذﻟﻚ ﺑﺄرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﺑَﺪَا املﻮﻗﻒ ﻣﺸﺎﺑﻬً ﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ أﺻﻮات اﻟﻔﻼﺣني ﺑﻮﻟﻊ — ﻛﺤﺎل ﺑﺮاﻳﻦ وﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻏﻠﺒﻬﻢ — ﰲ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻓ ﱠﻜ َﺮ ٍ َ اﺧﺘﻔ ْﺖ ﻟﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ،وﻛﺎن ﻳﻄﻤﺢ أن ﻳﻘﺪﱢم ﻟﻬﺎ اﻟﻐﻮث ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺰارع اﻷﴎة ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ اﻟﺬي اﻗﱰﺣﻪ ﺑﺮاﻳﻦ؛ أي ﺗﺪاول ﻛ ﱟﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ املﺎل ،ورﻓﻊ أﺳﻌﺎر ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪوﻻر ،وإﺗﺎﺣﺔ أﻳﴪ ﻟﺴﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ .وﻛﻤﺎ ﻗﺎل روزﻓﻠﺖ ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ » :١٩٣٣إذا ﻟﻢ ﻧﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﻦ ﻓﱰ ٍة زﻣﻨﻴ ٍﺔ َ 70
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث
ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﻟﻌﻤﻠﺘﻨﺎ .وﻗﺪ ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﻫﺬا وﻗﻒ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻠﻊ ،ﻓﻘﺪ ﻧﻀﻄ ﱡﺮ إﱃ إﺣﺪاث ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻣﻘﺪار اﻟﺬﻫﺐ ﰲ اﻟﺪوﻻر .ﻟﻢ أﻗ ﱢﺮر ﺑﻌ ُﺪ اﻷﺳﻠﻮبَ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻔﻀﺔ ﻛﻘﺎﻋﺪةٍ ،أو ِ 9 اﻷﻣﺜ َﻞ اﻷﻛﺜﺮ أﻣﻨًﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻀﺨﻢ«. وﻟﺘﻀﺨﻴﻢ اﻟﻌﻤﻠﺔ ،ﻗﺪ ﻳﻀﻄﺮ روزﻓﻠﺖ إﱃ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﺪوﻻر ﻣﻦ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻣﺮﺗﺒ ً ﻄﺎ ﺑﻪ ،ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﻏريه ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﰲ ﻇﻞ ﻗﺎﻋﺪة ً اﻟﺬﻫﺐَ ، ذﻫﺐ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ واﻓ َﻘ ِﺖ اﻟﺪو ُل ﻧﻈﺮﻳٍّﺎ ﻋﲆ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﻋﻤﻼﺗﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﻞ إﱃ ٍ ﺗﺪاول اﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻤﺎل اﻟﺬي ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﻓﻘﻂ اﺣﺘﻴﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ .ﻓﺈذا اﻧﺨﻔﻀﺖ اﺣﺘﻴﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ — رﺑﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ أن داﺋﻨﻴﻬﺎ ﻃﺎ َﻟﺒﻮا ﺑﺴﺪاد اﻟﺪﻳﻮن — ﻓﻘﺪ ﺗﻀﻄﺮ إﱃ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺒﻨﻮﻛﻬﺎ املﺮﻛﺰﻳﺔ ﻛﻲ ﺗﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﱢ ﺿﺦ املﺎل ﰲ اﻗﺘﺼﺎداﺗﻬﺎ ،ﺧﺸﻴﺔ أن ﺗﻬﻮي ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻤﻼﺗﻬﺎ .وﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم ،١٩٢٩ﺑﻌﺪ أن ﺗﻘ ﱠﻠ َ ﺺ إﻗﺮاض اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،وﺑﻌﺪ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺤﻤﺎﺋﻴﺔ ،أﺻﺒﺢ ﴍ ُ ُ ُ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﺣﺘﻴﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ط اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﻋﻤﻼﺗﻬﺎ أن زﻳﺪت ً ﺛﻘﻴﻼ ﻋﲆ ﻛﺎﻫﻞ ﻋﺪد ﻣﻦ ﺑﻼد أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ وأوروﺑﺎ .وأدﱠى إﻓﻼس ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻋﺒﺌًﺎ ﺳﺤﺐ ﻟﻠﺬﻫﺐ ﺑﻨﻚ ﻛﺮﻳﺪﻳﺖ أﻧﺸﺘﺎﻟﺖ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣١وﻫﻮ ﺑﻨﻚ ﻧﻤﺴﺎوي ﻛﺒري ،إﱃ ﻋﻤﻠﻴﺎت ٍ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻋﺎﺻﻤﺔ املﺎل ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻟﻨﺪن .وﺑﺤﻠﻮل ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﱪ، ﱠ ﺗﺘﺨﲆ ﻋﻦ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﴫﻓﻴني واﻟﺴﺎﺳﺔ وﻏريﻫﻢ ﻛﺎن ﻋﲆ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ أن ً ً أﺳﺎﺳﺎ ﻟﺮﺳﻮﺧﻬﺎ ،ﺑَﺪَا راﺳﺨﺔ ورأوا ﻗﺎﻋﺪ َة اﻟﺬﻫﺐ ﻣﻤﱠ ِﻦ اﻋﺘﱪوا اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ً ﱢ ﻣﺨﻴﻔﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ. اﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ ﻫﺬا وﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ ،رﻓﻊ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺳﺤﺐ اﻟﺬﻫﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻓﺎملﺴﺘﺜﻤﺮون ﺳريون ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻋﺎﺋ ٍﺪ أﻋﲆ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ؛ ﻟﺬا ﺳﻴ ُ ُ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ وﺳﻴﻌﻠﻤﻮن ً ُﺒﻘﻮن ﻋﲆ أوﻻ أﻧﻬﻢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﻫﻨﺎك ،وﺛﺎﻧﻴًﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل رﻓﻊ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻻﻗﱰاض ،أراد اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺧﻔﺾ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﻨﻘﻮد املﺘﺪاوﻟﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺪوﻻر إﱃ ذﻫﺐ 10 .رﺑﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ ً ِ أن ﻫﺬه اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣ ِ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﰲ ملﻨﺎﴏي ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﻌ َﻠ ِﺖ املﺎ َل أﻛﺜﺮ ُﺮﺿﻴﺔ ٍ ٍ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ أﻗﻞ؛ ﻓﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﺣﺎﺟﺔ ﺷﺪﻳﺪ ٍة ﻟﻠﻤﺎل اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ ﻋﲆ املﺎل ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻻﻗﱰاض ،وﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،وﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ .إﻻ أن ﻣﴫﻓﻴﻲ اﻟﻨﻈﺎم ﱠ ﻓﻀﻠﻮا ﻗﺎﻋﺪ َة اﻟﺬﻫﺐ ﻋﲆ ﺗﻮﻓري اﻟﺪﻋﻢ ﻟﺤ ﱢﻞ املﺸﻜﻼت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،وأدﱃ ﺑﺘﴫﻳﺢ ﻣﺸﱰك ﻣﻊ ﺑﻴري ﻻﻓﺎل ،رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻔﺮﻧﴘ ،ﺗﺄﻳﻴﺪًا ﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺐ. ﻫﻮﻓﺮ ٍ واﺗﻔﻖ ﻣﴫﻓﻴﻮ اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻊ ﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴني ،اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﱪوا 71
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻟﺮق ﻋَ َﻔﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺰﻣﺎن ،وﻟﻜﻦ اﻋﺘﱪوه ﴍ ً ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻌﻤﻠﺔ إﱃ اﻟﺬﻫﺐ ﴐﺑًﺎ ﻣﻦ ﱢ ﻃﺎ اﻟﻀﻤﺎﻧﺔ اﻟﻔﻌﱠ َ َ ﺎﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪ َة ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻮد ﺗﻨﻈﻴﻤﻴٍّﺎ ﴐورﻳٍّﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻟﻮا» :ﻧﺤﻦ ﻧﺮى ﻓﻴﻪ 11 وﻧﺰاﻫﺔ املﻌﺎﻣﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ«. ﻟﻢ ﻳ َُﻘ ْﻢ ﻗﺎﻧﻮن املﺼﺎرف اﻟﻄﺎرئ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٣إﻻ ﺑﺈﻳﻘﺎف ارﺗﺒﺎط اﻟﺪوﻻر ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻣﺆﻗﺘًﺎ .وﻟﻜﻦ ﰲ أﺑﺮﻳﻞ ،أﺻﺪر روزﻓﻠﺖ أﻣ ًﺮا ﺗﻨﻔﻴﺬﻳٍّﺎ ﺑﻤﻨﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ اﻣﺘﻼك اﻟﺬﻫﺐ، إﻻ ﺑﻤﻘﺎدﻳﺮ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،وأﻟ َﺰﻣَ ﻬﻢ ﺑﺘﺴﻠﻴﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﻮزوﻧﻪ ﻣﻦ ذﻫﺐ إﱃ ﺑﻨﻮك اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﻤﻠﺔ أﺧﺮى ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺄﺳﺎﺑﻴﻊ ﻗﻠﻴﻠﺔ أﻋﻠﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،ﻛﻤﺎ أوردت ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ،أﻧﻪ »ﺗﻨﺒﱠﺄ ﺑﺘﻄﻮ ٍﱡر ﺣﺪ َ ﺑﺘﴩﻳﻊ َث ،ﻗﺪ ﻳﺘﻘﺪﱠم ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻨﴫ اﻟﺮادﻳﻜﺎﱄ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ٍ ذي ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺛﻮرﻳﺔ« — رﺑﻤﺎ ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﺳ ﱢﻚ اﻟﻔﻀﺔ .وﻟﻠﺤﻴﻠﻮﻟﺔ دون ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء اﻟﺮادﻳﻜﺎﱄ، ﱡ اﻋﱰ َ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻔﻴﺪًا« ،وﻟﻜﻦ ﻟﻌﻞ اﻷﻓﻀﻞ أن ﻳﻄﺮح اﻷﻣﺮ َف روزﻓﻠﺖ أن »ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﱰﻛﻪ ﻟﻠﻜﻮﻧﺠﺮس 12 .واﺗﻀﺢ أن اﻟﻬﺮوب ﱠ ﺑﻨﻔﺴﻪ ً املﺆﻗﺖ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ً ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪ ًة ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .وﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﻮﻣﺎس ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﰲ ١٢ﻣﺎﻳﻮ، ﺳﻤﺢ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﺳﻌﺮ اﻟﺪوﻻر ذﻫﺒًﺎ. وارﺗﻔﻊ ﺳﻌﺮ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻟﺪوﻻر ﻣﻦ ﻣﻌﺪﻟﻪ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﺒﺎﻟﻎ ٢٠٫٦٧دوﻻ ًرا ﻟﻸوﻗﻴﺔ إﱃ ٣٠ َ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ﻣﻦ دوﻻ ًرا ﻟﻸوﻗﻴﺔ .وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺼﻴﻒ ،ﺑﺪأ روزﻓﻠﺖ ﻳﺴﺘﺨﺪم أﺟﻞ ﴍاء اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﺜﺒﺎت .وأﻋﻠﻦ ﰲ أﺣﺪ أﺣﺎدﻳﺜﻪ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺪﻓﺄة ً ﻗﺎﺋﻼ: »ﻫﺪﰲ ﻣﻦ اﺗﺨﺎذ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة ﻫﻮ وﺿﻊ رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ .إﻧﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻮﺟﱠ ٍ ٍ وﻟﻴﺴﺖ وﺳﻴﻠﺔ! … ﻧﺤﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺘﺤﺮك ﺻﻮبَ ﻬﺔ 13 «.وﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ،١٩٣٤أﻗ ﱠﺮ َ ﻗﺎﻧﻮن »اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ« ،وﺑﻨﺎءً ﻋﻠﻴﻪ ﺣ ﱠﺪ َد روزﻓﻠﺖ ﺳﻌ َﺮ اﻟﺬﻫﺐ ﻋﻨﺪ ٣٥ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس 14 دوﻻ ًرا ﻟﻸوﻗﻴﺔ ،وﺑﺬﻟﻚ اﺳﺘﺤ َﻮذَ ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ذﻫﺐ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ. اﺳﺘﺠﺎب ﻧﻮﱠابُ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس املﺆﻳﺪون ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد اﻟﺬاﺋﻊ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﺑﺄن املﴫﻓﻴني واﻟﺴﻤﺎﴎة ﻗﺪ ﺗﺴﺒﱠﺒﻮا ﰲ اﻻﻧﻬﻴﺎر ﺑﺄن أﺗﺎﺣﻮا ﺣﺮﻳﺔ ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﺮوزﻓﻠﺖ وﻣَ ﻦ ﻋﻴﱠﻨَﻬﻢ ﻟﻠﺘﺤ ﱡﻜﻢ ﰲ اﻷﻣﻮال واﻟﺸﺌﻮن املﴫﻓﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮه ﺑﺘﻬﻮﱡرَ ، ﻟﻘ َﻀﻮا ﻋﲆ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .وإﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻗﺎﻧﻮن املﺼﺎرف ُ اﻟﻄﺎرئ وﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﻮﻣﺎس ،أ ُ ِ ﻟﺠﻨﺔ ﻧﺸﺌَ ْﺖ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن ﺗﺪاول اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٤ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺒﻮرﺻﺎت ،اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﲆ ﺻﻼﺣﻴﺎت واﺳﻌﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ وول ﺳﱰﻳﺖ ،ﻣﻦ 15 َ ووﺿ َﻊ ﻗﺎﻧﻮ ُن ﺧﻼل ﻣﻨﻊ املﺘﻌﺎﻣﻠني ﻣﻦ إﺳﺎءة اﺳﺘﺨﺪام املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ. املﺼﺎرف ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٥اﻟﺴﻴﻄﺮ َة ﻋﲆ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ أﻳﺪي ﻣﺠﻠﺴﻪ املﺸ ﱠﻜﻞ 72
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث 16
ﺗﻤ ﱠﻜ َﻦ روزﻓﻠﺖ ﻣﻦ
ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓِ ﻈني ﻳﻌﻴﱢﻨﻬﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،وﻟﻴﺲ ﰲ أﻳﺪي ﻣﴫﻓﻴﻲ اﻟﻨﻈﺎم. ﺗﺠﻨ ﱡ ِﺐ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻼذع املﺤﺘﻤَ ﻞ ﻣﻦ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺤﺼﻴﻒ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻴﻴﻨﺎت املﻨﺘﻘﺎة ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻤﺄن أﺻﺤﺎبَ اﻟﺒﻨﻮك املﻨﺰﻋﺠني ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻌﻴني اﻟﺨﺒري املﺎﱄ املﺤﻨﻚ ﺟﻮزﻳﻒ ﻛﻴﻨﻴﺪي ،أول رﺋﻴﺲ ملﺠﻠﺲ إدارة ﻟﺠﻨﺔ اﻷوراق َ ﻟﺠﻨﺔ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺒﻮرﺻﺎت .وﰲ ﻏﻀﻮن ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻣﻨﺢ رﺟﺎ ُل اﻷﻋﻤﺎل ﺑﻤﻌﺪل واﻟﺒﻮرﺻﺎت وﺣﺪﻫﺎ دون ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻬﻴﺌﺎت املﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻮاﻓﻘﺘﻬﻢ ٍ 17 زاد ﻋﲆ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ. إﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺑﺼرية روزﻓﻠﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺧﺪﻣﻪ اﻟﺤﻆ ً أﻳﻀﺎ ﰲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻟﺴﻠﻄﺎﺗﻪ ُ َ ارﺗﻔ َﻊ ﺛﻤ ُﻦ ﺳﻠﻊ املﺰارع ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر، اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻮاﺳﻌﺔ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ اﻧﺨﻔﻀﺖ 18 اﻟﻘﻄﻦ واﻟﺤﺒﻮب؛ ﻣﻤﺎ ﺳﻬﱠ ﻞ ﻋﲆ املﺰارﻋني املﺪﻳﻨني ﺳﺪا َد دﻳﻮﻧﻬﻢ .وﻟﻌﻞ اﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﱠ ﻳﺘﺪﻓﻖ ذﻟﻚ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﺨﺎرج ﺑﺪءوا ﻳﺒﻴﻌﻮن ذﻫﺒﻬﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺪوﻻر ،ﻓﺒﺪأ اﻟﺬﻫﺐ ﺑﻤﺮﻛﺰ ﻣﺘﻔ ﱢﺮ ٍد ﺑني اﻷﻣﻢ ،ﺣﻴﺚ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .ﻟﻄﺎملﺎ ﺗﻤﺘﱠﻌَ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٍ ٌ ٌ ٌ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ رواﺑ ُ وﺛﻴﻘﺔ ﻣﻊ أوروﺑﺎ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺘﻤﻴﱡﺰﻫﺎ اﻟﺠﻐﺮاﰲ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻂ واﻟﺴﻴﺎﳼ .واﻵن ﺑﺪأ ﻫﺬا املﺮﻛﺰ املﺘﻔ ﱢﺮد ﻳﺼﺐﱡ ﰲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻊ زﻳﺎدة ﱡ ﺗﺪﻓﻖ ً إﺿﺎﻓﺔ اﻟﺬﻫﺐ ﺧﻼل ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺟ ﱠﺮاء اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ، إﱃ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺤﺮب ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺛﻢ ﻧﺸﻮﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .وﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﺬﻫﺐُ اﻟﺒﻨﻮ َك اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﻣﻮﻗﻒ أﻛﺜﺮ اﺳﺘﻘﺮا ًرا؛ ﻣﻤﺎ زاد ﱠ ﺿﺦ املﺎل ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﺑﺪأت اﻟﺒﻨﻮك ﰲ ﺗﻮﻓري اﻻﺋﺘﻤﺎن ﺑﻤﻌﺪﻻت ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،ﻟﺘﺘﻴﺢ ﻟﺮﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻔﻜريَ ﰲ اﻻﻗﱰاض واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻧﻮاح ﻣﻦ ﻣﴩوﻋﺎﺗﻬﻢ ﺳﺘﺨﻠﻖ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺳﺎﻋَ َﺪ ﻋﲆ ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪل ﰲ ٍ 19 اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺧﻼل وﻻﻳﺔ روزﻓﻠﺖ. ﻓﻌﻠﺖ إدارة روزﻓﻠﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻌ َﻠ ْﺖ ﺳﺎﺑﻘﺘﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﻴﺎء اﻟﻨﻈﺎم املﴫﰲ ﺑﻮﺿﻮح ،إﻻ أن اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺗَ ْﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﻧﺠﺤﺖ ﺟﻬﻮدﻫﺎ ٍ ﺷﺌﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪة — رﻏﻢ أن روزﻓﻠﺖ ﴍﺣﻬﺎ ﺑﻮﺿﻮح ﻋﱪ أﺛري اﻹذاﻋﺔ — ﺗﻌﺎﻣَ َﻠ ْﺖ ﻣﻊ ٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎم اﻻﺧﺘﻼف ﻋﻦ ﺗﺠﺎرب اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎدﻳني .وﻗﺪ ﺑﺬ َﻟ ِﺖ اﻟﻘﻮاﻧ ُ ٍ ني اﻟﻼﺣﻘﺔ املﺰﻳ َﺪ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻟﺰام اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺑﺪﻋﻢ اﺳﺘﺜﻤﺎرات املﻮاﻃﻨني؛ ﺣﻴﺚ أﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت وﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﻴﺌﺎت زراﻋﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﲆ ﺗﺄﻣني اﺋﺘﻤﺎن املﺰارﻋني .وﻟﻜﻦ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٣أدرك ﺻﺎﻧﻌﻮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ إدارة روزﻓﻠﺖ أن ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎدﻳني َ ٍ وﺑﴪﻋﺔ أﻛﱪ ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻧﻘﺎذ ﻣﺒﺎﴍ ًة 73
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻟﺒﻨﻮك واﺳﺘﻘﺮار اﻻﺋﺘﻤﺎن .وإﺑﱠﺎن إدارة روزﻓﻠﺖ ،ﺑﺪأت ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻠﻤﺮة ِ ﻧﺤﻮ اﻷوﱃ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣﺒﺎﴍة ﻛﺒرية ﻟﻌﺎﻃﲇ اﻷﻣﺔ ،واﺗﱡﺨِ ﺬَ ْت ﺗﺪاﺑريُ اﻟﺪﻋﻢ ﻫﺬه ﻋﲆ ٍ ﱠ وﺗﻐري َْت ﱡ ٍ ﺗﻐريًا ﻛﺒريًا ﺧﻄﻂ ﺟﺎﻣﺪة، ﻣﺮﺣﲇ ﱟ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺴﻮﻳﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺴﻨني .أﺗﻰ اﻟﻌﺎم اﻷﺧري ﻣﻦ إدارة ﻫﻮﻓﺮ ﺑﺒﺪاﻳﺎت ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ دﻋﻢ ﻓﻴﺪراﱄ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻣﻀﺾ وﺑﺒﻂء ﺷﺪﻳﺪ ﺟﺪٍّا؛ ﺣﻴﺚ ﺳﻤَ ﺢَ ﻗﺎﻧﻮ ُن اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ واﻟﺘﺸﻴﻴﺪ ﻟﺴﻨﺔ ﺟﺎء ﻋﲆ ٍ ﺑﺈﻗﺮاض ﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﱃ ٣٠٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت ١٩٣٢ملﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ِ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻋﻢ ،وﻟﻜﻦ ﱠملﺎ ﻛﺎن اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻳﻘﺪﱢم اﻷﻣﻮا َل ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻹﻗﺮاض ﻻ املﻨ ْ ِﺢ ،وﻳﻤ ﱡﺮ ﺑﺄﺷﻜﺎل اﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ،ﻟﻢ ﱢ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞُ اﻟﻜﺜريَ ،وﺟﺎء ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺑﻌ َﺪ 20 ﻓﻮات اﻷوان؛ إذ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺗﺤﺴ َ ني ﺻﻮرة ﻫﻮﻓﺮ أﻣﺎم اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم. ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﺟَ َﺪ ﻧﻮﱠاب اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس أن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﺗﺤﺪﻳ َﺪ اﻟﺸﺒﺎب ﱡ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ،ووﺟﺪ اﻟﺸﺒﺎبُ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ذوي ﺗﺴﺘﺤﻖ أوﺿﺎﻋُ ﻬﻢ اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ اﻟﻌﺎﻃﻠني اﻟﺬﻳﻦ َ ﻋﻤﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﰲ اﻟﺨﱪات واملﻬﺎرات اﻷﻗﻞ أﻧﻔﺴﻬﻢ دون ٍ ً ﻧﺴﺒﺔ إﱃ ﺷﺒﺎﺑﻬﻢ — ﻗﺪ ﺑ ﱢُﴩُوا ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ واﻋﺪ .ﻛﺎن اﻟﺸﺒﺎب، أَوْج ﻃﺎﻗﺘﻬﻢ ،إﻻ أﻧﻬﻢ — ﺑﻤﻌﺎﻳري ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ،ﻳﻤﺜﱢﻠﻮن أرﺑﺎبَ اﻟﻌﺎﺋﻼت وﻋﺎﺋﲇ اﻷ ُ َﴎ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ .وﰲ املﻘﺎﺑﻞ ،إذا ﻟﻢ ﻳُﻔﻌﻞ أيﱡ ﳾء ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﴎﻳﻌً ﺎ ،ﻓﺴﻴﻜﻮن اﻻﺣﺘﻤﺎ ُل اﻷﻏﻠﺐ ﻫﻮ ﻣﻐﺎدرة اﻟﺸﺒﺎب ً وﻋﺎﻟﺔ ﻳﻤﺜﱢﻠﻮن ﺗﻬﺪﻳﺪًا ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ملﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ ،ﻟﻴﺼﺒﺤﻮا ﻣﴩﱠدﻳﻦ وﻫﻜﺬا ﰲ ٣١ﻣﺎرس ،١٩٣٣ﺧﻼل اﻟﺸﻬﺮ اﻷول ﻣﻦ إدارة روزﻓﻠﺖ ،أﻧﺸﺄ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺳﻠ َﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ ،اﻟﺬي ﻛ ﱠﻠ َﻔﻪ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﺘﻮﻓري اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﺳﻦ ١٨إﱃ .٣٥ﻓﺈذا ً وﻣﻌﺎﰱ ﺑﺪﻧﻴٍّﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺎﻃﻞ وﻓﺮد ﰲ أﴎة ﱠ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪ ًة، ﻛﺎن اﻟﺸﺎب ﻣﻮاﻃﻨًﺎ أﻣﺮﻳﻜﻴٍّﺎ ﻋَ َﺰﺑًﺎ ﱢ وﻳﻮﻗﻊ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻦ ﺟﺰء ﻛﺒري ﻣﻦ أﺟﻮره ﻓﺴﻴﻤﻜﻨﻪ اﻻﻧﻀﻤﺎ ُم إﱃ ﺳﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ، ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺗﻨ ﱢ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ ﻈﻤﻪ وﺗﺪﻳﺮه وزارة اﻟﺤﺮب ﰲ إﱃ أﴎﺗﻪ ،وﻳﺘﻮﺟﱠ ﻪ إﱃ ٍ ٍ ٌ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .ﻛﺎن ﻟﺪى وزارﺗَﻲ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻷﻣﺔ وﻏﺎﺑﺎﺗﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت وﺣﺮاﺋﻖ اﻟﻐﺎﺑﺎت وﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﻤﺎ، أﻳﻀﺎ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻵﻓﺎت ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﱢ وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ً ﺷﻖ اﻟﻄﺮق وﺗﺸﻴﻴﺪ اﻟﻜﺒﺎري وﺑﻨﺎء اﻷﺳﻮار وﺣﻮاﺟﺰ اﻟﻨريان .ﺑَﺪَا أن ﺣ ﱠﻞ ﺗﻠﻚ املﺸﻜﻼت ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺑﻀﻊ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ ﺷﺒﺎب اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺮي اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، 21 وﻳﺘﻢ إﻟﺤﺎﻗﻬﻢ ﺑﻨﺤﻮ أﻟﻔني وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻣﺨﻴﻢ ،ﺗﺤﺖ إﴍاف ﺟﻨﻮد. 74
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث
رﺑﻤﺎ ﻗﻠﻖ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺷﺒﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﺴﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻏﺮس ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ﻟﺪى ﺷﺒﺎب اﻷﻣﺔ ﰲ املﻌﺴﻜﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .إﻻ أن ٍ ﻟﻔﱰات ﻣﺤﺪﱠدة؛ ﻛﺎن إدراﺟﻬﻢ اﻟﺸﺒﺎب ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﻌﻤﻮم ﻳﺨﺪﻣﻮن ﰲ ﺗﻠﻚ املﻌﺴﻜﺮات ﺑﺎملﻌﺴﻜﺮات ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﺪﺗﻪ ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ،وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ ﺻﺪر ﺗﴩﻳ ٌﻊ ﻳﺤﺪﱢد ذﻟﻚ اﻹدراج ﺑﻌﺎﻣني .و ﱠملﺎ ﻛﺎن ﺳﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﺻﻐريًا ﻣُﺮ ﱠﻛ ًﺰا ،ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﱪﱢره ﻣﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪات ﻌﺘﱪ اﻟﺸﺒﺎبَ ﺟﺪﻳﺮﻳﻦ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﺑﻤﻮارد اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻓﺈن ﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ﺗَ ِ ُﻣﺘﱠ ٍ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻚ ﺗﻤﺘﱠﻊ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﻪ ﺑﺮاﻣﺞُ اﻟﻐﻮث اﻷﺧﺮى ﰲ 22 اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة. َ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وأ ُ ِ ﻧﺸﺌﺖ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ إدارة ﰲ ﻣﺎﻳﻮ ،أﻗ ﱠﺮ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔُ ، وﺧﺼﺺ ٥٠٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ أﻣﻮال ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ﻟﻠﻤﻨﺢ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻘﺮوض ،ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ دﻋﻢ اﻟﻐﻮث .وﻳﺬﻫﺐ ﻧﺼﻒ املﺎل إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﻘﺪار املﺎل اﻟﺬي ﺗﻨﻔﻘﻪ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وملﺪﻳﺮ إدارة اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ ُ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﴫﱡف ﰲ إﻧﻔﺎق اﻟﻨﺼﻒ َ اﻵﺧﺮ .وﻋﲆ رأس اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،ﱠ َ ﻋني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ روزﻓﻠﺖ ﻫﺎري ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ؛ وﻫﻮ أﺧﺼﺎﺋﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻨﺤﺎﻓﺔ ﺗﻜﺎد اﻟﺴﻴﺠﺎرة ﻻ ﺗﱰك ً ﻣﺴﺌﻮﻻ ﻋﻦ ﺟﻬﻮد اﻟﻐﻮث ﰲ وﻻﻳﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن روزﻓﻠﺖ ﺣﺎﻛﻤً ﺎ ﻟﻬﺎ. ﺷﻔﺘَﻴْﻪ ،ﻛﺎن اﺗﺨﺬ ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﻣﻜﺘﺒًﺎ ﰲ رواق ﻳﻔﴤ إﱃ ﻣﻜﺎﺗﺐ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ،وﺑﺪأ ﰲ 23 ﺗﻮزﻳﻊ املﺎل ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت. وﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ،ﱠ ﺧﺼ َ ﺺ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ٣٫٣ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر ،وﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺤﺖ ﺗﴫف إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﺣﻴﺚ إن إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻌﺎم ١٩٣٣ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﺳﻮى ٥٦٫٤ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ َ ً ً ﺑﻠﻐ ْﺖ ٥٫٩ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ ﺣﺠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ،ﺷ ﱠﻜ َﻞ ﻫﺬا املﺒﻠﻎ ً اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم 24 .ﱠ َ ﻣﺴﺌﻮﻻ وﻋني روزﻓﻠﺖ ﻫﺎروﻟﺪ إﻳﻜﻴﺰ ،وزﻳﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﰲ إدارﺗﻪ، ﻋﻦ إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ .وملﺎ ﻛﺎن إﻳﻜﻴﺰ ﰲ اﻷﺻﻞ ﺟﻤﻬﻮرﻳٍّﺎ ﻣﻦ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪم ٍ ﺑﺤﺼﺎﻓﺔ ،وﻟﻢ ﺗﺰد إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻮارده اﻟﻀﺨﻤﺔ وﻛﺎﻟﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺿ ُﻊ ﺧﻄﺔ ملﻌﻈﻢ اﻷﻣﻮال واﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﱡ اﻟﺘﺄﻫﻞ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻋﻄﻴﺔ إﻳﻜﻴﺰ. وﺗﺨﺼﻴﺼﻬﺎ ﻟﺪﻋﻢ ﻣﴩوع ﻛﺒري إن أرادوا وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺤﺮص إﻳﻜﻴﺰ وﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ اﻟﺼﻐرية ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﻟﻢ ﱢ ﺗﺨﻔﻒ ﺟﻬﻮ ُد اﻟﻐﻮث اﻷوﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،رﻏﻢ ﺗﺼﺪ ِﱡرﻫﺎ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻷﺧﺒﺎر .وملﺎ ﻛﺎن ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﻳﺸﺎﻫﺪ اﻷﻣﺔ ﺗﺘﺠﻪ إﱃ ﺷﺘﺎء َ آﺧﺮ ﺳﻴﻐﺮق ﰲ ﻛﺴﺎد ،ﱠ ﺣﺚ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ إﻧﺸﺎء وﻛﺎﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،وﻛﺎﻟﺔ ﺗﺘﻴﺢ 75
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
َ ﻟﻪ ﺗﺨ ﱢ ﻣﺒﺎﴍ ًة .واﻣﺘﺜ َ َﻞ روزﻓﻠﺖ ﺑﺈﻧﺸﺎء إدارة ﻄﻲ ﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﻮﻻﻳﺎت وﺗﻮﻇﻴﻒ اﻷﺷﺨﺎص اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ وﺗﻜﻠﻴﻒ ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﺑﺘﻌﻴني أرﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳني أﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ،ﻗﺒﻞ ﻳﻨﺎﻳﺮ .١٩٣٤وﺣﻴﺚ إن ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﻛﺎن ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺑﻤﻮاﻗﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ املﺴﺎﻋﺪة اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ، ﻓﻘﺪ أراد ﺑﺈدارة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ إﻋﻼءَ ﺷﺄن اﻟﻐﻮث ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻮﻓري اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني، وﻟﻴﺲ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺘﱪﻋﺎت ﻋﲆ املﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻨﻬﺎ .وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻤﱠ ﺎل إدارة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ ﻳﺼﻠﺤﻮن دُور ﻣﺠﺎﻟﺲ املﺪن وأرﺻﻔﺔ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻄﺮق اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻛﻠﻬﻢ ﻣﻘﻴﱠﺪون ﺑﻜﺸﻮف رواﺗﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ. إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻛﺎﻻت ﻣﺜﻞ :إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وإدارة اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ، وﺳﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ ،وإدارة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ ،وﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻧﻈرياﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﻛﺎﻻت اﻟﻜﺜرية اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﰲ إﻃﺎر اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻣﺰﻳﺠً ﺎ ﱢ ﻣﺤريًا ﻣﻦ اﻟﻜﻴﺎﻧﺎت اﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن ﻟﺪى اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﱪﱢر َﺳﻌْ ﻴﻬﻢ ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن أن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ﻫﻲ وﻛﺎﻟﺔ أﻧﺸﺄﻫﺎ ﻫﻮﻓﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﻘﺎذ اﻟﺒﻨﻮك )واﻵن املﺎﻋﻮن اﻟﺬي اﻏﱰ َ َ َف ﻣﻨﻪ ﻛﺜريٌ ﻣﻦ وﻛﺎﻻت اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻧﺼﻴﺒًﺎ( ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا أﺻﺒﺤَ ِﺖ ﻳﻌﺮﻓﻮن أن أﺑﻨﺎءﻫﻢ وإﺧﻮاﻧﻬﻢ اﻧﻀﻤﱡ ﻮا إﱃ ﺳﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻷراﴈ ً ﺟﴪا أو ﻣﺪرﺳﺔ أو ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ أو اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وأن إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﺎ ﺳﺘﺒﻨﻲ ً ً ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻣﻌﺒﱠﺪًا أو ﻣﻄﺎ ًرا )ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ ﺑﺪأت ﺑﻌﺪُ( ،وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﻴﻨﺎءً أو أن إدارة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ اﺟﺘﺎزت ﺑﻬﻢ ﺑﺮد ﺷﺘﺎء ١٩٣٤-١٩٣٣اﻟﻘﺎرس اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ 25 ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ. ﺑﺎملﺜﻞ ،ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺒﺪو املﺎل اﻟﺬي ﱠ ﺧﺼ َ ﺼﻪ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ملﺨﺘﻠﻒ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ ٍ ﻣﺤﻴﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ املﺎﱄ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﺜﻞ ﻗﻄﺮات ﻛﺜرية ﺟﺪٍّا ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ اﻷﺣﺠﺎم ﰲ ١٩٣٢ﻟﻢ ﺗﻨﻔﻖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺳﻮى ﺣﻮاﱄ ﻧﺼﻒ ﻣﺎ َ أﻧﻔﻘﺘْﻪ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ُ َ ﺿﻌﻒ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ،وﻗﺒﻞ ﻋﺸﻴﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺗﺠﺎو َز ِت اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻛﺎن املﴩﻋﻮن — ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺮﺋﻴﺲ — ﻣﻨﺰﻋﺠني ﻣﻦ 26 املﻼﻳني واملﻠﻴﺎرات اﻟﺘﻲ أﺿﺎﻓﻮﻫﺎ إﱃ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ. وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ،ﻟﻢ ﻳُﻜﺘَﺐ ﻹدارة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ اﻻﺳﺘﻤﺮا ُر؛ ﻓﺎملﴫوﻓﺎت اﻟﺘﻲ َ أﻧﻔﻘﺘْﻬﺎ ،ﺑﻞ واﻟﻌﺮﻓﺎن ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ اﻟﺬي أﻛﻨﱠﻪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻟﻬﺎ ،ﺟﻌﻼ روزﻓﻠﺖ َﻗﻠ ًِﻘﺎ .ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﱢ ﻳﻔﻀﻞ ﺗﺮك اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ إﻧﻔﺎق ﻣﺎل أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ 76
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث
َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻐﻮث .وﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﺤَ ﺬِر، ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻋﱰ َ وﻃﻨﻲ ملﺴﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎﻃﻠني ﺑﺄﺟﻮر ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻀﺾ ﺑﴬورة ﺗﻨﻔﻴﺬ َف روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ ٍ ﱟ ٍ ﻳﺮ ْد ﻟﻬﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ أن »ﻳﺼﺒﺢ ﻋﺎد ًة ﰲ اﻟﺒﻼد« .وﻗﺒﻞ وﻇﺎﺋﻒ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ِ ﺣﻠﻮل اﻟﺮﺑﻴﻊ ،ﻛﺎن ﻗﺪ أﺻﺪر أواﻣﺮه ﻟﻬﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﺑﻔﺼﻞ اﻷرﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳني ﻋﺎﻣﻞ ،واﻫﻤً ﺎ أن ً ً اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﻘﺼري ﻗﺪ أﺣﺪ َ ﻛﺎﻓﻴﺔ 27 .ورﻏﻢ اﻟﺘﴪﻳﺢ املﺮﺣﲇ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠني ﰲ إدارة دﻓﻌﺔ َث ري ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص إﱃ اﻟﺴﻮق دﻓﻌﺔ واﺣﺪة، اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ ،ﺑﻬﺪف ﻣﻨﻊ ﺗﻮﺟﱡ ﻪ ﻋﺪدٍ ﻛﺒ ٍ ﻧﻮع ﻣﻦ ﻓﺈﻧﻪ دﻓﻊ اﻟﻨﺎس إﱃ أن ﻳﻜﺘﺒﻮا ﺑﺪاﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ إﱃ روزﻓﻠﺖ ﻃﺎﻟﺒني »أيﱠ ٍ ٍ املﺴﺎﻋﺪة :وﻇﻴﻔﺔ ﰲ أي ﻣﻜﺎن ،أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ« ،ﻛﻤﺎ َ دﻓ َﻊ املﺪﻳﺮﻳﻦ إﱃ اﻟﺸﻜﻮى ﻣﻦ 28 أن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧﺼﻒ ا ُملﻨﺠَ ﺰة أﺳﻮأ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس. ري وﻇﺎﺋﻒ أﺷﻐﺎل رﻏﻢ ﻋﺼﺒﻴﺔ روزﻓﻠﺖ ،ﻓﻘﺪ أﻋﺠﺒَﺘْﻪ ﻓﻜﺮ ُة ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎﻃﻠني ﺑﺘﻮﻓ ِ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ إﻋﻄﺎﺋﻬﻢ اﻟﻨﻘﻮد؛ وﻟﺬا ﻗﺒﻞ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ١٩٣٤ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻜﺴﺎد ﻻ ﻳﺰال ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ،ﺑﺪأ َ ْت إدارﺗُﻪ ﰲ إﻋﺪاد ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺟﺪﻳﺪ ملﺴﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻮﻓري وﻇﺎﺋﻒ أﺷﻐﺎل ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻬﻢ .ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻋﲆ دراﻳ ٍﺔ ﺑﺄن ﻣﺴﺎﻋﺪة ِ املﺒﺎﴍ؛ ﻓﺪﻓﻊ املﺎل ﻟﻠﻔﻘﺮاء ﺑﺄﺟﻮر وﻇﺎﺋﻒ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻜ ﱢﻠﻒ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻌﺎﻃﻠني ِ أرﺧﺺ ﻣﻦ إﻧﺸﺎء ﻫﻴﺌﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻣﴩوﻋﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﻔﻘﺮاء ،إﻻ أن ً ﺗﻜﻠﻔﺔ ،اﻟﺬي ﺣَ ﻔِ َ ﻛﱪﻳﺎءﻫﻢ وﻧﺰاﻫﺘﻬﻢ أد ْ ﻆ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ﱠت ﺑﻬﻢ إﱃ ﺗﻔﻀﻴﻞ املﺴﺎر اﻷﻛﺜﺮ َ ﻛﺮاﻣﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻬﺎدف. اﻟﻴﺎﺋﺴني وأﺗَﻰ رﺑﻴﻊ ﻋﺎم ١٩٣٥ﺑﻘﺎﻧﻮن ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻏﻮث اﻟﻄﻮارئ ،ﻣﺎﻧﺤً ﺎ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺣﻮاﱄ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﻐﻮث ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ واﻟﺼﻴﺎﻧﺔ واﻟﺮي ،وﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ واﻹﺳﻜﺎن واﻟﴫف اﻟﺼﺤﻲ ،وإﻋﺎدة اﻟﺘﺤﺮﻳﺞ واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت ،وﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮﱡره ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ َ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺸﺎء إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ،اﻟﺘﻲ ﺗﻮ ﱠﻟ ْﺖ ﻣﻬﺎم اﻟﻌﺎم 29 .اﺳﺘﺨﺪم روزﻓﻠﺖ إدارة اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ وأﺻﺒﺤﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ اﻟﺠﺪﻳﺪة .ﰲ ﻇﻞ إدارة ﺳري ٍ ﻧﺤﻮ ﺗﺎ ﱟم ﺑﺄﻣﺮ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ اﻷﺷﻐﺎل ،اﺿﻄﻠﻌَ ْﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﴫاﺣﺔ وﻋﲆ ٍ ﺑﺨﺪﻣﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻹﻧﻬﺎء اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري .وﰲ ﺣني أن إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ وإدارة اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﺣﱰَﻣَ ﺘَﺎ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن اﻟﻬﻴﻜ َﻞ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻧﻔﺎق املﺎل ﻣﻦ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت 77
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
َ ﺗﺠﺮﺑﺔ إدارة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ اﻟﻘﺼرية واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ — ﻛ ﱠﺮ َر ْت إدار ُة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ً ً ً ً وداﺋﻤﺔ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة. ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺳﻤﺔ ﺟﺎﻋﻠﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻄﺎق أﻛﱪ، وﻟﻜﻦ ﻋﲆ ٍ ﰲ ﻇ ﱢﻞ إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ،و ﱠ ﻇ َ ﻒ ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى املﻼﻳني ،ووﺟﱠ ﻬَ ﻬﻢ إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺑﻨﺎء املﺴﺘﺸﻔﻴﺎت واملﺪارس واملﻼﻋﺐ واملﻄﺎرات ،واﺳﺘﻌﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺑﺨﺪﻣﺎت اﻟﻔﻨﱠﺎﻧني ُ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺑﻨﺎءَ اﻟﻄﺮق وﻣﴩوﻋﺎت اﻹﺳﻜﺎن املﺪﻋﻢ، واﻟﻜﺘﱠﺎب واملﻤﺜﱢﻠني ﻟﻴﺆدﱡوا ﻋﻤﻠﻬﻢ ،وﺗﻮ ﱠﻟ ِﺖ أﻳﻀﺎ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻌ ﱠﺮ َ وﻟﻜﻨﻬﺎ ً ﺿ ْﺖ ﻟﻠﻨﻘﺪ ﺑﺴﺒﺐ إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ املﺎل اﻟﻌﺎم ﻋﲆ دﻓﻊ اﻷﺟﻮر ﻷﻳ ٍﺪ َ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ .ﻟﻢ ﻳﻜﻔﻞ ﻫﺪف اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ وﻫﻴﻜﻠﻬﺎ ﺗﻌ ﱡﺮ َ ﻛﺴﻮﻟﺔ ﺗﺆدﱢي ﺑﺮداء ٍة ً ٍ ﺿﻬﺎ ﻟﺘﻠﻚ ﻋﻤﻼ ﻻ اﻟﺸﻜﺎوى ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﺿﻤﻨَﺎ ﻟﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ أن ﻫﺬه اﻻﻧﺘﻘﺎدات ﺗﺤﻤﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. ﻛﺎن ﻫﺪف روزﻓﻠﺖ ﻣﻦ وراء إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﺗﻌﻴ َ ني أﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ٍ ٍ ﻣﻤﻜﻨﺔ .وﻟﺘﺨﻔﻴﺾ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻤﻜﻦ ﻟﺘﺨﻔﻴﺾ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑﺄﻛﱪ ﻧﺴﺒ ٍﺔ وﻗﺖ ﰲ أﴎع ٍ ُ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ،أو ﻣﺎ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﴩوﻋﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ؛ وﻟﻮﻻ ذﻟﻚ ﻟﻌﻤﻠﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﲆ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺳﺘﻌﺎﺿﺔ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﻋﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ املﻮﺟﻮدة ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﻦ ﺗﺨﻔﺾ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،رﺑﻤﺎ ﺑَﺪ ْ َت وﻇﺎﺋﻒ إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻤﻞ ﺑﻼ ﻗﻴﻤﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ،أو ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻣﴩوع ﻟﻦ ﻳُﻨﺠَ ﺰ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﻌﺘﺎدة؛ ﻣﺠﺮد إﻟﻬﺎءٍ أو ٍ ٍ ري أﻗ ﱠﻞ ﺣﺪ ًة( ﻣﺠﺮد ﴐب ﻣﻦ ﴐوب اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ. )ﺑﺘﻌﺒ ٍ ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﱠ وﻓ َﺮ ْت إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل إﻏﺮاءً ﻟﻔﺴﺎد ﺳﻴﺎﳼ ﻃﻔﻴﻒ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ. ﻛﺎن ﻟﺪى ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﻣﻦ املﺎل ﻣﺎ ﻳﻮ ﱢزﻋﻪ ﻋﲆ ﻣﺴﺌﻮﻟني ﻣﺤﻠﻴني ،وﻫﻢ ﻋُ ﻤَ ُﺪ املﺪن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﱠ ﱡ اﻟﺘﻮﺳ ُﻞ إﱃ ﻣﴩﱢﻋﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻏري املﺒﺎﻟني أو اﻟﻌﺪاﺋﻴﱢني ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻠﺪﻋﻢ .اﻵن ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺎد ًة أﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺺ ﰲ واﺷﻨﻄﻦ ،ﺷﺨﺺ ﻟﺪﻳﻪ اﻷﻣﻮال ﻳﺮﻳﺪ ﺻﺪاﻗﺘﻬﻢ ،وﻛﺎن ﻋُ ﻤَ ﺪ املﺪن اﻟﻜﱪى اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻜﻤﻮن ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﱡ ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ،ﻳَ َﺮون أن ﻟﻬﻢ ﱠ ﱟ ﺧﺎص ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎم إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل. ﻧﺼﻴﺐ اﻟﺤﻖ ﰲ ﻃﻠﺐ ٍ اﺳﺘﺠﺎب اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس إﱃ املﺨﺎوف املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﻐﻼل إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل رﺳﻢ ﺣﺪو ٍد ﺗﻀﻴﻖ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﺣﻮل اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ؛ ﺣﺪود ﺗﺸري ﰲ ﺣ ﱢﺪ ِ ﻳﺴﺘﻄﻊ ذاﺗﻬﺎ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﻠﻖ اﻟﻨﺎس أو ﻳﺼﺪﻣﻬﻢ ﺑﺸﺄن اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ .وﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٣٦ﻟﻢ املﻬﺎﺟﺮون ﻏري اﻟﴩﻋﻴﱢني اﻟﻌﻤ َﻞ ﻟﺤﺴﺎب اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ؛ وﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٣٧ﻛﺎن ﻋﲆ ﻋﻤﱠ ﺎل اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﻌﺮوض اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص أو ﻳﺠﺮي ﻓﺼﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ .وﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٣٨ﻛﺎن ﻋﲆ ﻣﻮ ﱠ إﻗﺮار رﺑﻊ ﺳﻨﻮيﱟ ﻋﻦ دﺧﻮﻟﻬﻢ ﺧﺎرج اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ،إن و ُِﺟﺪت. ﻇﻔِ ﻲ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ٍ 78
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث
ﱡ اﻟﺤﻖ اﻷول ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ وﻇﺎﺋﻒ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ،ﻳﻠﻴﻬﻢ املﻮاﻃﻨﻮن ﻛﺎن ﻟﻠﻤﺤﺎرﺑني اﻟﻘﺪاﻣﻰ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ،ﺛﻢ املﻬﺎﺟﺮون اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ أﻗ ﱡﺮوا ﺑﺮﻏﺒﺘﻬﻢ ﰲ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻣﻮاﻃﻨني ،وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ اﻟﺘﻘﺪﱡم ﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ .وﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٣٩ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪور اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ُ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ اﻻﺳﺘﻤﺮا ُر ﰲ ﻛﺸﻮف اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ إﻻ ملﺪة ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﴩ ﺷﻬ ًﺮا ،إﻻ إذا أُﻋِ ﻴﺪ 30 ﻓﻘﺮاء ،ﻛﻤﺎ ﱠ َ ﺗﻌني أن ﻳﻜﻮن ﻋﻤﱠ ﺎ ُل اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻣﻮاﻃﻨني أﻣﺮﻳﻜﻴني. وﰲ ﺣني ﺣﺎ َو َل اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻨ َﻊ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻹدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ،ﻓﺈن اﻟﻨﻘﺪ ً ﺑﺎﻫﻈﺔ ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ املﻮﺟﱠ ﻪ ﻟﻬﺎ ارﺗ ﱠﺪ ﰲ ﻧﺤﺮ ﻣَ ﻦ وﺟﱠ ﻬُ ﻮه إﻟﻴﻬﺎ؛ ﻓﺎﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺪو دوﻻر ﰲ ﻣﻤﻔﻴﺲ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺗﻴﻨﻴﴘ ،ﻋﲆ اﻷوﱃ )ﺑﻨﺎء ﻣﺄوًى ﻟﻠﻜﻼب اﻟﻀﺎﻟﺔ ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ٢٥٠٠٠ ٍ ﻏﺮﺿﺎ ﻣﻔﻴﺪًا؛ ﺣﻴﺚ ﻗ ﱠﻠ َﻠ ْﺖ ﻣﻦ أﻋﺪاد ﺣﺎﻻت اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﱢ ً ﻟﻌﺾ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل( اﺗﻀﺢ أﻧﻬﺎ ﺗﺆدي 31 اﻟﻜﻼب وﻋﻼﺟﺎت داء اﻟﻜﻠﺐ ﰲ املﺪﻳﻨﺔ .وأﺛﺒﺖ ﻛ ﱡﻞ ﻣﴩوع ﺟﻤﺎﻫريﻳﺘﻪ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ، ً ٍ ﻋﻈﻴﻤﺔ. ﻣﴩوﻋﺎت ﻛﺜري ًة وأﻧﺸﺄت إدار ُة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﺟﺴﺪ ْ ٍ ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎمﱟ ،ﱠ اﻓﱰاﺿﺎت ﺟﺪﻳﺪ ًة ﺣﻮل اﻟﺪﺧﻮل؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺪدت َت إدار ُة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل »أﺟﺮ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ« ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻏﺎﻟﺒًﺎ أﻋﲆ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺪﻓﻌﻪ املﺪﻳﺮون ﰲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﺎﺻﺔ ،رﻏﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎد ،وﻛﺎﻧﺖ ﺷﻴﻜﺎت دﻓﻌﻪ ﺗﺼﻞ إﱃ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم ﻟﻢ ﻳﻌﻬﺪوه ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ وﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘﺎدوا ﻋﲆ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﻮﺳﻤﻴﺔ أو اﻟﺪورﻳﺔ .وﻗﺪ أﺿﻔﻰ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﴍﻋﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت ،واﻟﺘﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن ً ً ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺎن اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ وﺣﺪٍّا أدﻧﻰ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺟﺰءًا أﺳﺎﺳﻴٍّﺎ درﺟﺔ ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ .وﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻘﱰﺣﻪ »أﺟﺮ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ« اﻟﺬي ﱢ ﺗﻮﻓﺮه إدار ُة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﺴﺒﻮا أﺟ ًﺮا ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﱢ ﻟﻴﻮﻓﺮ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻹﻋﺎﺷﺔ ،وﻟﻴﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ 32 ﺑﺎﻟﻌﻴﺶ ﺑﻜﺮاﻣﺔ واﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻋﻦ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ. رأي أﺟﺮاه ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٩ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ ﱠ ﻃﻠِﺐَ ﻣﻨﻪ ﺗﺤﺪﻳ ُﺪ ﺗﻮﺻﻞ اﺳﺘﻄﻼ ُع ٍ »أﺳﻮأ ﻣﺎ ﻓﻌ َﻠﺘْﻪ إدار ُة روزﻓﻠﺖ« ،إﱃ أن ٢٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﺧﺘﺎروا »اﻟﻐﻮث وإدارة ً ﺣﺼﻮﻻ ﻋﲆ ﺷﻌﺒﻴﺔ .وﺑﺄﺧﺬ ﺳري اﻷﺷﻐﺎل« ،ﺟﺎﻋﻠني ﻣﻨﻬﻤﺎ أﻗ ﱠﻞ ﺗﺪاﺑري اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﺤﺎﻣُﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺿﺪ اﻟﻐﻮث اﻟﻔﻴﺪراﱄ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻪ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر، ُ ﻣﻔﺎﺟ ً ﺗﻮﺻﻞ اﺳﺘﻄﻼع اﻟﺮأي ﻧﻔﺴﻪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ ﱠ ﻃﻠِﺐَ ﻣﻨﻪ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺌﺔ .ﻛﻤﺎ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ِ »أﻋﻈﻢ إﻧﺠﺎز ﻗﺎﻣَ ْﺖ ﺑﻪ إدارة روزﻓﻠﺖ« ،إﱃ أن ٢٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﺧﺘﺎروا »اﻟﻐﻮث ً ﺷﻌﺒﻴﺔ ،وﺑﺄﺧﺬ ﺗﻨﻮﱡع وإدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل« ،ﺟﺎﻋﻠني ﻣﻨﻬﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﺗﺪاﺑري اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ ً أﻳﻀﺎ .وﻧﺴﺒﺔ اﻟﻬﺎﻣﺶ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﻐﻮث وﺷﻌﺒﻴﱠﺘِﻬﺎ املﺤﻠﻴﺔ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا ِ 79
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﺠﻮﻫﺮﻳ ِﺔ ﰲ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﺜﱠﻠﺖ أﻫﻤﻴﺔ 33 ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺒرية ﰲ ﻧﻈﺮ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني. ﺑني اﻵﺛﺎر اﻟﻔﻮرﻳﺔ ﻟﻠﻐﻮث — اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗُﻌْ ِﻂ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﻨﻔﻘﻮﻧﻪ ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻄﺘْﻬﻢ ً أﻋ َ أﻳﻀﺎ اﻟﻘﺪر َة ﻋﲆ اﻋﺘﺒﺎر أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻣﻮاﻃﻨني ﺟﺪﻳﺮﻳﻦ ﺑﺎﻻﺣﱰام وﻣُﻨﺘِﺠني — واﻵﺛﺎر اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻟﻺﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي — اﻟﺬي ﺑﺪأ ﰲ ﻫﺪوء ﻳﻌﻴﺪ ﺑﻨﺎء اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص — ﻟﻌﻞ إدارة روزﻓﻠﺖ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻬﺎ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ واﻓﻴﺔ ﺑﺎملﺮاد ﻣﻦ أﺟﻞ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﻠ َﺪ ﱟ ﺑﺤﻖ ﻣﻦ ﻋﺜﺮﺗﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﻜﺴﺎد ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻛﻲ ﺗﻨﺘﺸﻞ ﻟﺰاﻣً ﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺗﺒﺎع ﻣﺴﻌً ﻰ أﻛﺜﺮ ﻗﻮ ًة ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﺘني .إﻻ أن ﻣﴩﱢﻋﻴﻬﺎ أرادوا ً َ َ ﺿﻤﺎن ﻋﺪم ﺣﺪوث اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد إﻧﻬﺎء اﻷزﻣﺔ؛ ﻓﻘﺪ أرادوا ﺗﺤﻘﻴﻖ ﳾءٍ أﻛﱪ وأﻛﺜﺮ اﻟﻜﺴﺎد ﻣﺮ ًة أﺧﺮى .وﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ،ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﻐﻴري اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻸﺑﺪ. ﻫﻮاﻣﺶ (1) Isaiah Berlin, “President Franklin Delano Roosevelt,” in The Proper Study of Mankind: An Anthology of Essays, ed. Henry Hardy and Roger Hausheer (London: Chatto and Windus, 1997), 629. (2) William E. Leuchtenburg, Franklin D. Roosevelt and the New Deal, 1932–1940 (New York: Harper Torchbooks, 1963), 8. (3) James Stuart Olson, Saving Capitalism: The Reconstruction Finance Corporation and the New Deal, 1933–1940 (Princeton: Princeton University Press, 1988), 30. (4) First Fireside Chat (Banking), May 12, 1933, consulted online 2/27/2007, www.presidency.ucsb.edu/ws/index.php?pid=14540. (5) Peter Fearon, War, Prosperity, and Depression: The U.S. Economy, 1917–1945 (Lawrence: University Press of Kansas, 1987), 219. ”(6) Samuel Anatole Lourie, “The Trading with the Enemy Act, Michigan Law Review 42, no. 2 (1943). (7) Raymond Moley, After Seven Years (New York: Harper and Brothers, 1939), 155.
80
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻐﻮث (8) Milton Friedman and Anna Jacobson Schwartz, A Monetary History of the United States, 1867–1900 (Princeton: Princeton University Press, 1963), 437. (9) Barrie A. Wigmore, “Was the Bank Holiday of 1933 Caused by a Run on the Dollar?,” Journal of Economic History 47, no. 3 (1987): 743. (10) Lester V. Chandler, American Monetary Policy, 1928–41 (New York: Harper and Row, 1971), 177. (11) Ibid., 168. (12)
“President’s Action Forced by Events,” New York Times,
4/20/1933, 1. (13) Chandler, American Monetary Policy, 276. (14) “President’s Statement of Action under the New Law,” New York Times, 2/1/1934, 12; Gold Reserve Act is 48 Stat. 337; Friedman and Schwartz, Monetary History, 465. (15) 48 Stat. 881. (16) Richard H. Timberlake, Monetary Policy in the United States: An Intellectual and Institutional History (Chicago: University of Chicago Press, 1993), 283. (17) Ralph F. de Bedts, “The First Chairmen of the Securities and Exchange Commission: Successful Ambassadors of the New Deal to Wall Street,” American Journal of Economics and Sociology 23, no. 2 (1964): 176. (18) Christina D. Romer, “Why Did Prices Rise in the 1930s?,” Journal of Economic History 59, no. 1 (1999): 174. (19) Romer, “What Ended the Great Depression?,” Journal of Economic History 52, no. 4 (1992): 757. (20) Lewis Meriam, Relief and Social Security (Washington, DC: Brookings Institution, 1946), 346.
81
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة (21) Ibid., 434–42. Also Neil M. Maher, Nature’s New Deal: The Civilian Conservation Corps and the Roots of the American Environmental Movement (New York: Oxford University Press, 2007). (22) Meriam, Relief and Social Security, 441-42. (23) Leuchtenburg, Franklin D. Roosevelt, 120-21. (24) Historical Statistics of the United States, Millennial Edition Online, series Ca74. (25) Leuchtenburg, Franklin D. Roosevelt and the New Deal, 122. (26) Historical Statistics of the United States, Millennial Edition Online, series Ea18. (27) Leuchtenburg, Franklin D. Roosevelt and the New Deal, 122. (28)
Bonnie Fox Schwartz, The Civil Works Administration,
1933-1934: The Business of Emergency Employment in the New Deal (Princeton: Princeton University Press, 1984), 234. (29) Meriam, Relief and Social Security, 354–56. (30) Ibid., 380–82. (31) Jason Scott Smith, Building New Deal Liberalism: The Political Economy of Public Works, 1933–1956 (Cambridge: Cambridge University Press, 2006), 149. (32) Meriam, Relief and Social Security, 385. (33) “Relief Top Issue, Survey Indicates,” New York Times, 6/4/1939, 27.
82
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
اﺷﺘﻤﻠﺖ اﻟﺠﻬﻮ ُد اﻷوﱃ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻹﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻗﻮاﻋﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﲆ وﻛﺎﻟﺘني رﺋﻴﺴﻴﺘني ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ املﺮﻛﺰﻳﺔ ﰲ ﺗﺨﻄﻴﻂ اﻹﻧﺘﺎج اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وارﺗﺒﻄﺖ ﻫﺎﺗﺎن اﻟﻮﻛﺎﻟﺘﺎن ﺑﺎﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد إﱃ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ارﺗﺒﺎﻃﻬﻤﺎ ﺑﺎﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻟﻸزﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ .وﻓﺸ َﻠ ِﺖ اﻟﺮﻛﺎﺋ ُﺰ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻜﻠﺘﺎ اﻟﻮﻛﺎﻟﺘني ً ﺑﺼﻴﺼﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ﻳﺮﺷﺪ إﱃ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻓﺸﻠﻬﻤﺎ ،ﺗﺮﻛﺘﺎ ﺧﻠﻔﻬﻤﺎ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻮال اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﴫﻓﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺪ وﺿﻌَ ﺘَﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﻧﺘﻌﺎش ﺧﻼل اﻟﻌﺎم اﻷول ﻣﻦ إدارة روزﻓﻠﺖ ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻟﻢ ﱢ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻜﺜريَ ﻟﻺﺳﻬﺎم ﰲ اﺳﺘﻘﺮار اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ،ﻣﻊ ﻧﺠﺎح اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ اﺳﺘﻘﺪام اﻟﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﺷﻌ َﺮ ِت اﻟﺒﻼ ُد اﻷﺧﺮى ﺑﺎﻟﻀﻐﻮط ﻣﻊ ﺗﺮاﺟُ ِﻊ اﺣﺘﻴﺎﻃﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ .وﻗﺪ َ أوﺿﺢَ روزﻓﻠﺖ ﺑﺠﻼءٍ ﰲ ﻋﺎﻣﻪ اﻷول أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻔﻜﺮ ُ املﻮﻗﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻮرة .وﰲ ﰲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺧﺮى ﻣﺎ دام ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ،١٩٣٣أﺣﺒَ َ ﻂ روزﻓﻠﺖ ﻣﺆﺗﻤ َﺮ ﻟﻨﺪن اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺪوﱄ ﺑﺈرﺳﺎﻟﻪ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻷﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻢ ،ﱢ ﺗﻘﻮل إن »اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺪاﺧﲇ اﻟﺴﻠﻴﻢ ٍ ﻣﺆﴍ أﻛﱪ ﻋﲆ رﻓﺎﻫﻴﺘﻬﺎ« 1 ﻣﻦ أي ﳾء َ ﱠ ﺷﻌﻮب ﺑﻘﻴ ِﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺷﻌﺐ ﻣﻦ ﻓﻴﺘﻌني ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ آﺧﺮ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘ ﱢﺮره املﺆﺗﻤﺮ. ِ ٍ أن ﻳﺠﺪ ﺳﺒﻴ َﻠﻪ اﻟﺨﺎص ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ. َ ُ ﱠ ﺗﺘﺤﺴﺲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻻزدﻫﺎر ،وﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد ﻗﺎﻋﺪ َة اﻟﺬﻫﺐ وﺑﺪأ ْت ﺗﺮ َﻛ ْﺖ ذﻟﻚ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﺣﴫﻳﺔ ﰲ إﻃﺎر إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺎﺗﻬﺎ ُ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺴﻠﻊ املﺰارﻋني ﺑﻘﺴﻮ ٍة ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .ﴐب ري ﻣﻦ اﻟﺪول املﺴﺘﻌﻤَ َﺮة ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺰراﻋﺔ، ﻟﺪى ﻛﺜ ٍ
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ُ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ذي ﻗﺒﻞ ،ﺗﺤﺖ رﺣﻤﺔ ﻗﺎدﺗﻬﺎ اﻹﻣﱪﻳﺎﻟﻴنيَ . املﺴﺘﻌﻤﺮات َ وﺳﻌَ ْﺖ دول ووﺟﺪ َِت أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ إﱃ إﺟﺮاء اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﻀﻤﺎن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﴩاء؛ ﺣﻴﺚ ﻗﺪﱠﻣَ ِﺖ اﻟﱪازﻳ ُﻞ اﻟﻘﻬﻮ َة ﻣﻘﺎﺑﻞ املﺎﻛﻴﻨﺎت اﻷملﺎﻧﻴﺔ ،وﺑﺎﻋَ ِﺖ اﻷرﺟﻨﺘ ُ ني ﻟﺤﻮ َم اﻷﺑﻘﺎر إﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ. ِ ﺣﻈﻴﺖ اﻷﺣﺰابُ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻗﱰاح أﻧﻈﻤﺔ وﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار اﻷزﻣﺔ، ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ﻓﺎﻛﺘﺴﺒ َِﺖ اﻟﺤﺮﻛﺘﺎن اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ زﺧﻤً ﺎ ﻷﻧﻬﻤﺎ ٍ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﺷﱰاﻛﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎدات ﺑﺄﺷﻜﺎل وﻋ َﺪﺗَﺎ ٍ ُ اﻟﺤﺮﻛﺎت املﻨﺎﻫِ ﻀﺔ ﻟﻺﻣﱪﻳﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘَﻌِ َﺪ املﺰارﻋني اﻟﺬﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ وﺗﺴﺘﻌﻴﺪ اﻻﺳﺘﻘﺮار .وﻇﻬ َﺮ ِت 2 ٍ ﻇﺮوف ﺻﻌﺒ ٍﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼل ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺴﺘﻌﻤَ ﺮ .ﺑﺤﺚ اﻟﻨﺎس ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺪول ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﱠ ﻣﺤﺼ ٍﻦ ﺿ ﱠﺪ اﻟﻌِ َﻠﻞ اﻟﺘﻲ واﺟَ ﻬﻮﻫﺎ ،أو ُﻗ ْﻞ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪول ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻲ ﴐﺑﻬﺎ اﻟﻜﺴﺎ ُد ﻋﻦ ٍ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﺣني ﻋﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻀﻐﻮط — وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ رأى ﻣَ ﻦ ﻋﺎﻧَﻮا وﺿﻊ ﻣُﺸﺎ ِﺑﻪ ﻷﻗﺮاﻧﻬﻢ ﰲ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى — ﺑَﺪ ْ ِ َ َت ﺣﺮﻛﺎﺗﻬﺎ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ اﻟﻀﻐﻮط ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ٍ ً ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺟﺪﻳﺪة .ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﴏﱠ حَ أﺣﺪ ﻣ ِ ُﻨﺎﴏي اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ أﻛﺜ َﺮ َ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺰراﻋﺔ ﺑﺄن »اﻟﺰراﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺤﺘ ﱡﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ املﺮﻛ َﺰ اﻟﺜﺎﻧﻮيﱠ ُ اﻟﺬي اﺣﺘ ﱠﻠﺘْﻪ املﺴﺘﻌﻤﺮات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻹﻧﺠﻠﱰا ﻣﻨﺬ ﻗﺮن ورﺑﻊ ﻣﴣ 3 «.وﻟﻜﻦ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻋﻤﻮﻣﺘﻬﻢ املﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ اﻟﺨﺎﺿﻌني اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﻣﺜﻠﻬﻢ ،ﺗﻤﺘﱠ َﻊ املﺰارﻋﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺑﺘﻤﺜﻴﻞ ﰲ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﻳﻔﻮق ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻘﻪ أرﻗﺎﻣﻬﻢ وﺣﺪﻫﺎ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ، ٍ ﱠ َ رﻏﻢ أن اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﻀﻤﱠ ﻨ ِﺖ اﻟﺘﺠﺎربَ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ْ ﻋﻨﻴﺖ ﻟﻢ ﺗُﻌْ َﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐُ املﺘﺒﻨﱠﺎة ﻛﺜريًا ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸزﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺜريًا ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻄﻮﻳﻞ ملﺂﳼ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ. وﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮل اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﴐب ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺴﺎ ُد اﻟﻜﺒري اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻼ ُد ﻗﺪ ِ ﺷﻬﺪت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺳﺒﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮاك ﺷﺒﻪ املﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺗﺨﺎذِ إﺟﺮاءٍ ﻓﻴﺪراﱄ ﱟ ُ اﻟﺘﴩﻳﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﰲ ﻋﴫ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ — ﻻ ﻟﺼﺎﻟﺢ املﺰارﻋني .وﻗﺪ ﺷﺠﱠ ﻌَ ِﺖ ﺳﻴﻤﺎ ﻗﺎﻧﻮن املﻠﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ،وﻗﺎﻧﻮن ﺑﺎﺳﻴﻔﻴﻚ رﻳﻠﺮود ،وﻗﺎﻧﻮن ﻣﻮرﻳﻞ ﻟﻸراﴈ املﻤﻨﻮﺣﺔ َ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ — اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﲆ اﻟﺘﻮﺟﱡ ﻪ إﱃ اﻟﻐﺮب اﻋﺘﻘﺎدًا ﻣﻨﻬﻢ أﻧﻬﻢ ﺳﻴﺠﺪون ﻫﻨﺎك أن ﻳﺴﺘﻘﺮوا ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻳﻌﻤﻠﻮا ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ املﻌﺘﻤﺪة ﻋﲆ اﻷﴎة اﻟﻮاﺣﺪة .وﻋﻤﻠﺖ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ،وإن َ ٍ ﻛﺎن ﻟﻔﱰة ﻗﺼرية ،ﻋﲆ إﻧﺸﺎء آﻣﺎل اﻟﺘﻲ ﺗ َﻠ ِﺖ اﻟﺤﺮبَ ﻋﲆ ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻧﻌﻘﺎد ٍ ﻣﺰارع ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻷﴎة اﻟﻮاﺣﺪة ﻫﻨﺎك ،إﻻ أن املﺰارﻋني اﻟﺒﺴﻄﺎء ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ 84
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
ُ اﻷﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ ،ملﺎ ﻋﺎﻧَﻮه ﻣﻦ اﺟﺘﻤﺎع املﺸﻜﻼت ﻋﻠﻴﻬﻢ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜ ﱠ َﻠ ْﺖ ﰲ اﻟﺠﻔﺎف أﺻﺎﺑﻬﻢ واﻟﺪﻳﻮن وﻏﺰو اﻟﺤﴩات وﺿ ﱢﻢ أراﴈ املﺰارع إﱃ ﺣﻴﺎزات أﻗﻞ ﻋﺪدًا وأﻛﱪ ﺣﺠﻤً ﺎ. وﻛﻤﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة» :املﺰارﻋﻮن داﺋﻤً ﺎ ﺗﻌﺴﺎء 4 «.رﺑﻤﺎ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻛﻠﻤﺔ ً ً ﻃﻔﻴﻔﺔ ﰲ املﺴﺄﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺂﻣَ ﺮت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ »داﺋﻤً ﺎ« ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻹﺑﻘﺎء املﺰارﻋني ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻮط ﰲ ﻓﱰة ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ُ َ اﻟﺰراﻋﺔ أﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ً ُ ﴎﻳٍّﺎ ،وأﻗﺮب اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ واملﺒﺘﻜﺮ ُة اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وﺟﻌ َﻠ ِﺖ ﻋﻤﻼ أ ُ َ ِ إﱃ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺷﺄﻧًﺎ ﺻﻨﺎﻋﻴٍّﺎ ،ﻣﻊ ﺗﻔﻮﱡق اﻟﺠﺪارة املﺎﻟﻴﺔ واﻟﻜﻔﺎءة ﻋﲆ اﻟﻜ ﱢﺪ واﻹﻗﺪام ﻟﺘُﺼ ِﺒﺢ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ .ووﺿﻊ ﻣ ﱡﺪ ﺷﺒﻜﺎت املﻮاﺻﻼت ﻋﱪ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺰارﻋني ﻣﻮﺿﻊ َ ﻣﻨﺎﻓ ٍ ﺴﺔ أﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣً ﺎ ﻣﻊ اﻟﺴﻮق اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،ورﻏﻢ ﻣﻮاﺟﻬﺔ املﺰارﻋني ﻟﻘﺪر أﻛﱪ ﻣﻦ ﰲ ِ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ رأوا أن ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺤﻤﻲ ﺑﻨﻲ وﻃﻨﻬﻢ ﰲ ﻣﺠﺎل ُ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﺳﺘﺨﺪا َم اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻮط ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺒﺔ ،آﺛ َ َﺮ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﻮاردات ملﻨﻊ املﺼﺎﻧﻊ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻊ ﺑﻀﺎﺋﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﺴﻮق اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ورأى املﺰارﻋﻮن أن املﺼﻨﱢﻌني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﺋﻬﻢ ﺧﻠﻒ درع اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ ،أﻣﻜﻨﻬﻢ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺑﺄﺳﻌﺎر أﻗﻞ اﻹﻧﺘﺎج ورﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر دون اﻟﺨﻮف ﻣﻦ أن ﻳﺒﻴﻊ املﻨﺎﻓِ ﺴﻮن اﻟﺪوﻟﻴﱡﻮن ﺳﻠﻌﻬﻢ ٍ ﻣﻦ أﺳﻌﺎرﻫﻢ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪَ ، ﺗﻮاﻓ َﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻋﲆ املﺪن ،واﺿﻌني ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺤﻴﺎ َة ﰲ اﻟﺤﴬ وﺷﻮاﻏﻠﻬﺎ ﰲ ﻗﻠﺐ ﺟﺪل وﻃﻨﻲ؛ ﻣﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺮاﺟُ ﻊ اﻟﺰراﻋﺔ إﱃ اﻟﻬﺎﻣﺶ. َ اﺣﺘﻔ َ ري ﺟﺪٍّا ﻋﲆ ورﻏﻢ ﺗﺮاﺟﻊ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ وﺛﻘﺎﻓﻴٍّﺎ، ري ﻛﺒ ٍ ﻆ املﺰارﻋﻮن ﺑﺘﺄﺛ ٍ ﱢ ﻳﺨﺼﺺ املﴩﱢﻋني ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت، اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ .وﻷن ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ِ ِ ِ اﻟﺴﻜﺎن ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ وﻟﻴﺲ ﻟﻠﺴﻜﺎن ،ﻓﺈن ﻧﺴﺒﺔ ﺗﻤﺜﻴﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت ِ َ اﺣﺘﻔ َ ﻆ املﺰارﻋﻮن ﺑﺘﺄﺛري ﻋﻈﻴﻢ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﺗﻜﻮن أﻛﱪ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ، ﻣﻦ أن ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛري أﺧﺬ ﰲ اﻟﺘﻀﺎؤل وأن املﺰارﻋني أﺻﺒﺤﻮا أﻗﻞ ﻋﺪدًا .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻔﺸﻞ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﺗﺒﻨﱢﻲ ﺧﻄﺔ إﻋﺎدة ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻀﻮاﺣﻲ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪاد ﻋﺎم — ١٩٢٠أول ﺗﻌﺪادٍ أﻇﻬَ َﺮ أن ﻋﺪد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺑﺎملﺪن ﻳﻔﻮق ﻋﺪد ﻣَ ﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ املﺰارع — 5 ﺑﺘﻤﺜﻴﻞ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب أﻓﻀﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺗﱪﱢره أﻋﺪادﻫﻢ. ﺗﻤﺘﱠ َﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻟﺮﻳﻔﻴﻮن ٍ واﻣﺘﺪادًا إﱃ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،زادت اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ﻣﻦ ﺣﺪة ﺗﻌﺎﺳﺔ املﺰارﻋني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني املﺰﻣﻨﺔ .إﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺸﺤﻦ اﻟﻠﺤﻢ واﻟﺤﺒﻮب إﱃ ﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ،وﻗﻴﱠﺪت اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ ﰲ اﻟﺪاﺧﻞ ﰲ أﻳﺎ ٍم ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ واﻟﻠﺤﻢ ،وملﺎ ﺣُ ِﺮ َم اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻣﻬﻢ اﻟﻐﺬاﺋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮا أن ﻳﺘﻨﺎوﻟﻮا املﺰﻳ َﺪ واملﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻮاﻛﻪ 85
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ً ُ ﺻﺤﺔ .ﻛﻤﺎ أد ِﱠت واﻟﺨ َﴬ اﻷﻗﴫ ﰲ ﻣﺪة ﺻﻼﺣﻴﺘﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ اﻛﺘﺸﻔﻮا أﻧﻬﺎ أﺑﻘﺘﻬﻢ أﻛﺜﺮ ُ املﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ ﻗﻮاﻧني ﺣﻈﺮ ﺗﺼﻨﻴﻊ املﴩوﺑﺎت اﻟﻜﺤﻮﻟﻴﺔ وﺑﻴﻌﻬﺎ إﱃ ﺧﻔﺾ اﺳﺘﻬﻼك 6 اﻟﺤﺒﻮب ،وﻫﻜﺬا اﻧﺨﻔﺾ اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ رﻛﺎﺋﺰ املﺰرﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. ﱠ وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،زاد املﺰارﻋﻮن ﻣﻦ ﺣﺼﺎدﻫﻢ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺷﻨ ْﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﻮى اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺤﺮبَ ،ﺳﺎ َر َع اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻹﻃﻌﺎﻣﻬﻢ ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﺤﻘﻮل ﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺤﺒﻮب ،ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻮل اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻟﻮﻻ ذﻟﻚ ً ﻣﺮاﻋﻲ .وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺿﻌﺖ اﻟﺤﺮب أرﺿﺎ ﺑﻮ ًرا أو َ أوزارﻫﺎ ،ﱠ ﺗﻮﻗ َ َ واﺻ َﻞ املﺰارﻋﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ﻒ ﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ ﻏري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،وﻟﻜﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت إﻧﺘﺎﺟﻴﺘﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ أﻣﻞ أن ﻳﻌﻮد اﻻزدﻫﺎر 7 .وﻣﻊ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻄﻠﺐ وزﻳﺎدة َ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ أﺳﻌﺎر ﺳﻠﻊ املﺰارﻋني .رﺑﻤﺎ ارﺗﻔﻌﺖ ﻣﺮة أﺧﺮى إذا ﺗ َﺮ َك ﻋﺪ ٌد ٍ ﻛﺎف املﻌﺮوض، َ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺰراﻋﺔ ﺳﻌﻴًﺎ إﱃ أﻋﻤﺎل أﺧﺮى ،وﺣﻮﱠﻟﻮا أراﺿﻴﻬﻢ إﱃ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت أﺧﺮى، وﻟﻜﻦ رﻏﺐ ﻛﺜري ﻣﻦ املﺰارﻋني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ أن ﻳﻈﻠﻮا ﻣﺰارﻋني ،ﻓﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺮﻳﺪوا ﺳﻮى أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﲆ أﺟﻮر أﻓﻀﻞ؛ ﻟﺬا ﺗﺠﻤﱠ ﻌﻮا ﻣﻌً ﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺿﻐﻂ ﻻﺳﺘﺼﺪار ﺗﴩﻳﻊ ﻳُﻌِ ﻴﺪ إﻟﻴﻬﻢ املﺴﺎوا َة ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ﺟﻠﺪﺗﻬﻢ ﰲ املﺪن .ﻟﻘﺪ أرادوا أن ﻳﻤﻜﺜﻮا ﰲ املﺰارع، ٍ وﻟﻜﻦ أرادوا ً أﻳﻀﺎ أن ﻳﻨﻌﻤﻮا ﺑﻌﻴﺶ ﻣﺮﻳﺢ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﺎملﻜﺎﺗﺐ واملﺼﺎﻧﻊ ،وازدادَتْ إﺷﺎرﺗﻬﻢ إﱃ اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ اﻟﺤﺮبَ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻬﺪَﻫﻢ اﻟﺬﻫﺒﻲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ً ﻋﺎدﻻ. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻠ ُﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺗﺠﻠِﺐ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮوﻧﻪ ﺳﻌ ًﺮا رأى املﺰارﻋﻮن أﻧﻪ ﻟﻠﻌﻮدة إﱃ ﻫﺬا اﻟﻌﻬﺪ ﻣﻦ املﺴﺎواة ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ املﺼﻨﱢﻌﻮن ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺘﺤ ﱡﻜ َﻢ ﰲ اﻷﺳﻌﺎر ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻹﻧﺘﺎج .وﻗﺪ ﻗﺎل ﻫﻨﺮي إﻳﻪ واﻻس ،اﻟﺬي ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ وزﻳﺮ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ ،ﰲ ﻋﺎم » :١٩٢٢ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﻀري ﰲ ﺗﺨﻔﻴﺾ املﺰارﻋني إﻧﺘﺎﺟﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻬﻮي اﻷﺳﻌﺎر ﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻹﻧﺘﺎج ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻲ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﴩﻛﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ُ َ ﻛﺎﻓﺔ املﺆﺳﺴﺎت اﻟﴩﻛﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﺼﻠﺐ ﻟﻠﺼﻠﺐ 8 «.ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻮاﻻس وﻣﻌﺎوﻧﻴﻪ ،ﻣﺜ ﱠ َﻠ ِﺖ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﱠﻌَ ْﺖ ﺑﻤﻴﺰات ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﻬﺎ املﺰارﻋﻮن؛ ﻓﻘﺪ ﺣﻤﺖ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ املﺼﻨﱢﻌني ملﻜﺘﺐ ﻣﺮﻛﺰي اﺗﺨﺎذَ ﻗﺮارات أﺛ ﱠ َﺮ ْت ﻣﻦ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،وأﺗﺎح ﺣﺠ ُﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻬﺎ وﻧﻄﺎﻗﻬﺎ ٍ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق املﺤﻠﻴﺔ ﺑﺄﴎﻫﺎ .وﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﺗﻮﻓري ﻣﻴﺰات ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻫﻮ — ﻗﺒﻞ ﺰارع ﺑﻤﺰاﻳﺎ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ« 9 .إﻻ أن ﻣﻨﻊ ﻛﻞ ﳾء ،وﻛﻤﺎ ذﻛﺮ أﺣﺪ املﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﺬﻟﻚ — »ﺗﻤﺘﱡﻊ ا ُمل ِ اﻟﻮاردات ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﺟﻤﺮﻛﻴﺔ ﻟﻦ ﻳﻔﻴﺪ ﰲ ﳾء ،ﺣﻴﺚ إن املﺰارﻋني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻤﻌﺪل ﻳﻔﻮق ﻗﺪر َة اﻟﺴﻮق املﺤﻠﻴﺔ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻬﻼك؛ ﻟﺬا ﻛﺎن املﺰارﻋﻮن ﰲ ﻳﻨﺘﺠﻮن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ٍ 86
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻃﺮق أﺧﺮى ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﻴﺰات ﻣﺸﺎ ِﺑﻬﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ﻳ ََﺴ ِﻊ املﺰارﻋﻮن ﺳﻮى اﻷﺳﻒ ﻋﲆ اﻟﻜﻔﺎءة املﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﻜﺎﺗﺐ ﺰارع ﻛﺎﻧﻮا ﻛﺜريﻳﻦ ﺟﺪٍّا وﻣﺘﻔ ﱢﺮﻗني ﺟﺪٍّا ﺑﺪرﺟﺔ ﺗﻌﻴﻘﻬﻢ ﻋﻦ املﺆﺳﺴﺎت اﻟﻜﱪى؛ ﻓﻤﻨﺘِﺠﻮ ا َمل ِ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ﺑﺸﺄن ﺗﻨﺴﻴﻖ اﻟﻨﺸﺎط. ً ﺧﻄﺔ ﻟﺘﺨ ﱢ ِ ﻄﻲ ﺗﻠﻚ ﻣﻨﺎﴏو اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﺑﺪاﻳﺎت ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،رﺳﻢ اﻟﻌﻘﺒﺎت ،وملﺎ ﻛﺎن ﺟﻮرج ﺑﻴﻚ ،رﺋﻴﺲ ﴍﻛﺔ ﻣﻮﻻﻳﻦ ﺑﻼو ﰲ وﻻﻳﺔ إﻟﻴﻨﻮي ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ني ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ »ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺒﻴﻊ ﻣﺤﺮاﺛًﺎ ﻫﻴﻮ إس ﺟﻮﻧﺴﻮن ،ﴍﻳﻜﻪ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻣﺪر َﻛ ْ ِ ُ ﻛﺘﻠﺔ اﻟﺰراﻋﻴﱢني ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس؛ ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ ﺰارع ﻣُﻔﻠِﺲ« ،اﺑﺘ َﻜ َﺮا ﻓﻜﺮ ًة أﻳﱠ َﺪﺗْﻬﺎ ُمل ِ ﺑﻴﻚ وﺟﻮﻧﺴﻮن ﻣﻊ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ،وﻫﻲ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧ ﱠ ﻈﻤﺖ اﻹﻧﺘﺎج اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ إﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،وارﺗﺄﻳَﺎ أن ﺧﱪﺗﻬﻤﺎ ﰲ إدارة اﻻﻗﺘﺼﺎد، َ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣ ِ واﻋﺘﻘﺪَا أن ُﻨﻔﺼﻠﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،ﺳﺘﻨﺎﺳﺐ ﺑﻠﺪﻫﻢ اﻵن، َ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺤﻈﺮ واردات اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ رأﻳَﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ وﺟﻮد ٍ ﻓﺎﺋﺾ ﻣﻦ املﺤﺎﺻﻴﻞ وﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﺗﺼﺪﻳﺮه إﱃ اﻟﺨﺎرج، ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴ ٍﺔ ﺗﺸﱰي أيﱠ ٍ وﺳﺘﻌﻤﻞ اﺗﺤﺎدات اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻴﻤﻬﺎ املﺰارﻋﻮن ﻋﲆ ﺗﻨﺴﻴﻖ اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ .أﺻﺒﺤﺖ اﻷﺳﺎس ملﴩوﻋﺎت ﻗﻮاﻧني ﻣﺎﻛﻨﺎري-ﻫﺎوﺟني اﻟﺘﻲ َ َ واﻓ َﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﺧﻄﺔ ﺑﻴﻚ أواﺧﺮ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،واﻋﱰض ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﺎﻟﻔني ﻛﻮﻟﻴﺪج ﻋﲆ ﺧﻠﻔﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﺎرض ﺑﺸﺪ ٍة ﻣﻊ اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮة ،وﺳﱰﻓﻊ ﻣﻦ اﻷﺳﻌﺎر ﻋﲆ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﰲ اﻟﺤﴬ .ﺳﻌﻰ ٍ وﺳﻂ؛ ﻓﺤﺘﻰ ﻗﺒﻞ اﻻﻧﻬﻴﺎر ،دﻋﻢ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺮﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ إﺑﱠﺎن ﻓﱰة رﺋﺎﺳﺘﻪ إﱃ ﺗﺒﻨﻲ ﺣ ﱟﻞ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﻋﺎم ١٩٢٩ملﺠﻠﺲ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ املﺨﻮﱠل إﻟﻴﻪ إﻗﺮاض املﺎل ﻟﻠﻤﺰارﻋني وﺗﺨﺰﻳﻦ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻔﺎﺋﻀﺔ ،وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻲ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻫﻮﻓﺮ اﻷﺧﺮى ،اﺗﱠ َﻀﺢَ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺮﻗﻰ ملﺴﺘﻮى 10 اﻟﻜﺴﺎد. ﻣﻨﺎﴏون َ ﱠ ِ آﺧﺮون ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﱰوﻳﺞ ﻟﻔﻜﺮة ﻣﺎﻛﻨﺎري-ﻫﺎوﺟني ،ﻣُﺮﺗَﺌِني ﺗﻮﱃ ً ﻣﺠﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﻜﺎﰲ؛ إذ أن ُﺳﺒُ َﻞ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻋﲆ ﻏﺮار اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻛﺎن ﻋﲆ املﺰارﻋني ً أﻳﻀﺎ ﺗﺨﻔﻴﺾ إﻧﺘﺎﺟﻬﻢ .ووﺿﻊ داﺑﻠﻴﻮ ﺟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻠﻤﺎن ،وﻫﻮ ﺧﺒري ً ﺧﻄﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ »اﻟﺘﺨﺼﻴﺺ املﺤﲇ«؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ اﻗﺘﺼﺎدي ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺤﺴﺎب وزارة اﻟﺰراﻋﺔ، ﺗﺴﺘﻌﺮض اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك املﺤﲇ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ )ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل( ،ﺳﺘﺤﺪﱢد ﺣﺠﻢ اﻟﺴﻮق ٍ ﱢ وﻣﺰرﻋﺔ ﻧﺼﻴﺒًﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻮق؛ ﻓﺎملﺰارﻋﻮن وﺗﺨﺼﺺ ﻟﻜ ﱢﻞ وﻻﻳ ٍﺔ املﺤﻠﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻌﺔ 87
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ً ٍ ﱠ إﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻣﻜﺎﻓﺄ ٍة ﻋﲆ ﻗﻴﻤﺔ ﺳﻮﻗﻴ ٍﺔ املﺨﺼﺺ ﺳﻴﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﺠﻮن ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ 11 ﻣﺤﺼﻮﻟﻬﻢ ،وﻟﻦ ﻳﺤﺼﻠﻮا إﻻ ﻋﲆ ﻗﻴﻤﺔ ﺳﻮﻗﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ أي إﻧﺘﺎج إﺿﺎﰲ .وأﻳﱠﺪ ﻣﻴﻠﺒﻮرن إل وﻳﻠﺴﻮن ،أﺳﺘﺎذ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﻣﻮﻧﺘﺎﻧﺎ ﺳﺘﻴﺖ ﻛﻮﻟﻴﺪج ،اﻟﺘﺨﺼﻴﺺ املﺤﲇ ﺑﻘﻮة ،ﻣُﻌ ﱢﺰ ًزا اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺻﻠﻴﺔ وﻣﺸﺠﱢ ﻌً ﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺻﺤﺎبَ املﺼﺎﻟﺢ ﰲ اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﺰراﻋﻴﺔ ً ﻧﻄﺎﻗﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء .وﰲ املﺮاﺣﻞ اﻷﺧرية ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺔ ،ﺷﻤﻠﺖ واملﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻷوﺳﻊ ُ ِ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ،ﻣﻊ ﻓﺮض ﴐاﺋﺐ ﻋﲆ املﻨﺘﺠني ﻟﻠﺴﻠﻊ )ﻣﺜﻞ أﺻﺤﺎب اﻟﺨﻄﺔ ﻣﻄﺎﺣﻦ اﻟﺤﺒﻮب ﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﱃ دﻗﻴﻖ( ﻟﻠﺪﻓﻊ ﻣﻘﺎﺑﻞ املﺨﺼﺼﺎت .وﻗ ﱠﺪ َم وﻳﻠﺴﻮن ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ إﱃ ﺣﻤﻠﺔ روزﻓﻠﺖ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٢وﺗﺤﺪ َ ﱠث روزﻓﻠﺖ )ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻣﺴﺘﺸﺎره راﻳﻤﻮﻧﺪ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ زراﻋﻴ ٍﺔ ﱡ ٍ ﺗﺪﺧﻠﻴ ٍﺔ ﰲ »ﻋﻤﻮﻣﻴﺎت ﻋﲆ ﻗﺪر ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض، ﻣﻮﱄ( ﻋﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪه 12 ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﺮاﺟﻌﺔ«. وﻗﺪ ﻋﻜﺲ أول ﺗﴩﻳﻊ زراﻋﻲ رﺋﻴﴘ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة — وﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮن َ َ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﻋﲆ اﺧﺘﻼﻃﻬﺎ .ورﻏﻢ أﻧﻪ ﺑَﺪَأ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﻟﺴﻨﺔ — ١٩٣٣ﻫﺬه ﺑﺬﻛﺮ »ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮارئ اﻟﺤﺎدة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ« ،ﻓﻘﺪ ر ﱠﻛ َﺰ ﻋﲆ ﺷﻜﺎوى املﺰارﻋني اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ٍّ ﺣﻼ َ ِ اﻟﺸﺎﺳ ِﻊ واملﺘﺰاﻳﺪ ﺑني ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ »اﻟﺒَﻮ ِْن ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وأوﻛﻞ إﱃ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ َ اﻟﺴ َﻠﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ ﱢ أﺳﻌﺎر ﱢ اﻟﺴ َﻠﻊ ،وﻫﻮ اﻟﺒَﻮْن اﻟﺬي ﻗﻮﱠض ﻛﺜريًا اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﺳﺒﻘ ْﺖ َ ﻟﻠﻤﺰارﻋني« ،وﻗﺪ أﺷﺎر اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص إﱃ اﻷﻋﻮام اﻟﺘﻲ َ ﻣﺒﺎﴍ ًة اﻵﺛﺎ َر املﻌﺮﻗﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺧ ﱠﻠﻔﺘﻬﺎ اﻟﺤﺮبُ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻮام اﻟﻨﻤﻮذج املﺜﺎﱄ ﻟﻠﻤﺴﺎواة اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﻮد اﻟﺪوﻟﺔ إﻟﻴﻪ .وﺗﻤﺎﺷﻴًﺎ ﻣﻊ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻌﻤﻴﻤﺎت اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ،ﺗﺮك اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن َ آﻟﻴﺔ اﻟﺨﻄﺔ إﱃ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻨَﺤَ ﻪ ﺻﻼﺣﻴﺎت ﺧﻔﺾ املﺴﺎﺣﺎت املﺰروﻋﺔ ،وإﻋﻄﺎء ﻣﺰاﻳﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ زراﻋﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ املﺮﻏﻮﺑﺔ ،وﻓﺮض ﴐاﺋﺐ ﻋﲆ املﻨﺘﺠني ﻟﻠﺴﻠﻊ ،وﻛﻠﻬﺎ إﺟﺮاءات اﺳﺘﻠﺰﻣﺘﻬﺎ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﺨﺼﻴﺺ املﺤﲇ 13 .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،أﻋﻔﻰ ِ اﺗﺤﺎدات املﺰارﻋني ﻣﻦ ﻣﻼﺣﻘﺎت ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎر )ﻣﻤﺎ أﺗﺎح ﻟﻠﻤﺰارﻋني اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن إﱃ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺻﻨﻊ ﻗﺮاراﺗﻬﻢ( ،ﻛﻤﺎ ﺟﻌﻞ املﺸﺎرﻛﺔ ﰲ ﺑﺮاﻣﺠﻪ ﺗﻄﻮﱡﻋﻴﺔ. أﻳﻀﺎ ﻋﻜﺴﺖ ﺗﻌﻴﻴﻨﺎت روزﻓﻠﺖ َ ً إرث ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ اﻟﺰراﻋﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ﻋني واﻻس وزﻳ ًﺮا ﻟﻠﺰراﻋﺔ ً رﺋﻴﺴﺎ ﻹدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺪﻳﺮ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺮاﻗﺒﺔ اﻹﻧﺘﺎج ،وأﺻﺒﺢ وﻳﻠﺴﻮن وﺑﻴﻚ 14 ﻋﲆ رأس ﻗﺴﻢ اﻟﻘﻤﺢ ﰲ إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ .وﻗﺪ ﻣﻴﱠ َﺰ اﻻﺧﺘﻼف ﰲ اﻵراء ﺑني ﻫﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺬﻳﻦ أﻳﱠﺪوا اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ﻓﻀ َﻞ ﺑﻴﻚ اﺳﺘﺨﺪام اﺗﺤﺎدات اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﺘﺎج ،وأراد وﻳﻠﺴﻮن ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺨﺼﻴﺺ املﺤﲇ أن 88
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
ﺗﻜﻮن ﺧﻄﻮ ًة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺨﻔﻴﺾ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻤﺴﺎﺣﺎت املﺰروﻋﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ أ َ ْ ﻃ َﻠﻊ واﻻس وﻳﻠﺴﻮن ﻋﲆ أن اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻗﺪ ﻳﻨﺠﺢ »إذا اﺗﺠﻬﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺻﻮب ﻃﺮﻳﻖ اﺷﱰاﻛﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ .وﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﲇ ﱠ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺼﺪد ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ 15 «.إﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻏﻤﻮض اﻟﻘﺎﻧﻮن وﻋﺪم وﺿﻮح رﻏﺒﺎت روزﻓﻠﺖ ،زادت ﻫﺬه اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ املﻬﻤﺔ اﻟﻌﺴرية ً أﺻﻼ. وﺑﺤﻠﻮل اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺑﺪأت ﻓﻴﻪ إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﻌﻤ َﻞ ﰲ رﺑﻴﻊ ﻋﺎم ،١٩٣٣ ُﺰارﻋﻮ اﻟﻘﻄﻦ ﻗﺪ زرﻋﻮا ﻣﺤﺼﻮ َﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وملﺎ رأ َ ِت اﻹدار ُة وﺟﻮد ﻓﺎﺋﺾ ﰲ ﻛﺎن ﻣ ِ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻄﻦ ،ﻃﻠﺒ َْﺖ ﻣﻦ املﺰارﻋني اﻗﺘﻼ َع ﻣﺰروﻋﺎﺗﻬﻢ ،ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ رﺳﻮم ،ﺧﺸﻴﺔ ً أﺻﻼ .واﻧﺘﴩ وﻛﻼء إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﰲ أن ﺗﻬﻮي أﺳﻌﺎر اﻟﻘﻄﻦ املﻨﺨﻔﻀﺔ ﻣﺌﺎت املﻘﺎﻃﻌﺎت ﻹﻗﻨﺎع املﺰارﻋني ﺑﺎﻗﺘﻼع ﻣﺰروﻋﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ زرﻋﻮﻫﺎ ﰲ وﻗﺖ ﻟﻴﺲ ﺑﺒﻌﻴﺪ، ً ً ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ أي وﻛﺎﻟﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪوا ﻗ ﱡ ٍ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻓﺎرﻏﺔ ﻂ ﻧﻤﺎذجَ ﻋﻘﻮ ٍد ﻣﺸﻜﻼت وواﺟﻬﻮا ِ ﻣﺘﻰ اﺣﺘﺎﺟﻮﻫﺎ ،واﺷﺘﻜﻰ املﺰارﻋﻮن ﻣﻦ ﻋﺪم ﻋﺪاﻟﺔ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎت املﺤﺼﻮل ،وﺣﺮﻳﺔ املﻘﻴﱢﻢ ﰲ ً اﻟﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ» .ﻣﻦ املﺆ ﱠﻛﺪ أن املﻘﻴﱢﻤني ﻟﻢ ﻳﻘﺪﱢﻣﻮا ﻟﻨﺎ ً ﻋﺎدﻻ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ … ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻼ ﱠ ﺗﺘﺄﺧﺮ. ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺤﺎﺑﺎة ﻷﺷﺨﺎص ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﻢ 16 «.وﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻴﻜﺎت اﻗﺘﻼع املﺰروﻋﺎت ٍ ﻣﺸﻜﻼت ﺑﺨﻼف ﻫﺬه اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻹدارﻳﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،واﺟﻬَ ْﺖ إدار ُة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ً ً ﻃﻮﻳﻼ ﻋﲆ ﺗﺠﻨ ﱡ ِﺐ اﻗﺘﻼع زراﻋﺎت اﻟﻘﻄﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻤﻬﻤﺘﻬﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺒﻐﺎل اﻟﺘﻲ ُد ﱢرﺑ َْﺖ َ ِ ُ اﻗﺘﻼع ﻫﺬه ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻄﻘﺲ اﻟﺴﻴﺊ رﻓﻀ ِﺖ اﻻﻧﺼﻴﺎع ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻴﻘﺖ ﻟﻠﻤﻬﻤﺔ ،وﻣﻨﻊ ِ ُ اﻟﻄﻘﺲ اﻟﺼﺤﻮ املﺰارﻋني ﻋﻦ اﻗﺘﻼع املﺤﺼﻮل املﺰروﻋﺎت ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎﻛﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺛَﻨَﻰ اﻟﺠﻴﺪ ﰲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻛﺎن ﻳﻀﻄﺮ ﻋﻤﺪة اﻟﺒﻠﺪة إﱃ إرﺳﺎل ﺟ ﱠﺮار ﻟﻔﺮض ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻋﻘﺪ اﻗﺘﻼع املﺤﺼﻮل ،وﻳُﻄﺎ َﻟﺐ املﺰارع اﻟﺮاﻓﺾ ﺑﺘﺤﻤﱡ ﻞ ﺗﻜﻠﻔﺔ ذﻟﻚ 17 .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺗﻲ ﺷﻴﻜﺎت اﻻﻗﺘﻼع ،أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن أﺻﺤﺎب اﻷراﴈ ﻳﻤﻨﻌﻮن اﻟﺪﻓﻌﺎت ﻋﻦ املﺴﺘﺄﺟﺮﻳﻦ. إذا ﻛﺎن ﻣﺸﻬﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻫﻲ ﺗﺪﻣﺮ اﻟﻘﻄﻦ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻼﻳني ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻬﺎ دون ﻣﻠﺒﺲ ٍ ﻛﺎف ﻳﻌﺘﻤﻞ ﰲ اﻟﺼﺪور ،ﻓﺈن ﻣﺸﻬﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻫﻲ ﺗﺪﻣﺮ اﻟﻄﻌﺎم وﺳﻂ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻮع أﻣﺮ ﻣﺆﻟﻢ ﻗﻄﻌً ﺎ .ﻓﻠﺰﻳﺎدة دﺧﻮل ﻣﺰارع اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﱃ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ،ﻗ ﱠﺮ َر ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ أن ﻋﻠﻴﻬﻢ ذﺑﺢ ﻣﻼﻳني اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ اﻟﺼﻐرية، ﺧﺸﻴﺔ أن ﺗﻜﻮن ﺑﺬر ًة ﻟﺤﺪوث وﻓﺮة ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ .وﻗﺪ ﱠ ﻋﻘﺐ أﺣﺪ املﺴﺌﻮﻟني ﻋﻦ ﻣﺰرﻋﺔ ﰲ وﻻﻳﺔ ﻣﻴﺰوري ﻋﲆ املﻮﻗﻒ ً ﻗﺎﺋﻼ» :اﻵن ﻟﺪﻳﻨﺎ … ﻣﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني واﻟﺠﻮﻋﻰ واملﻬﻠﻬﲇ اﻟﺜﻴﺎب ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﻟﺪﻳﻨﺎ ﻛﺜري ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺼﻮف واﻟﻘﻄﻦ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ ﺑﻪ 18 ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،إﻧﻪ َﻟﻤﻮﻗﻒ ﻋﺒﺜﻲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،ﻣﻮﻗﻒ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﻗﺮة ﺷﻌﺒﻨﺎ أﺿﺤﻮﻛﺔ«. 89
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺷﻜﻞ :1-5ﻋﻤﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ،وﻫﻢ أﻋﻀﺎءٌ ﰲ ﺳﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ ،ﺑﻤﺰرﻋﺔٍ ﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﺪواﺟﻦ ﰲ ﺟﻮﻧﺰﻓﻴﻞ ،ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻓريﺟﻴﻨﻴﺎ.
ﻟﻢ ﻳُﻌْ َﻦ أيﱞ ﻣﻦ ﻣﺨ ﱢ ﻄﻄﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﺘﻨﺎول ﻣﺸﻜﻼت اﻷﻣﺔ اﻷزﻟﻴﺔ املﺘﺴﺒﱢﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻘ ُﺮ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ،أو املﺸﻜﻼت اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري .ﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻫﻮ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﻋﺪم اﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﰲ اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﺑني اﻟﺮﻳﻒ ذﻫﺒﻲ ﺧﻴﺎﱄ ﱟ ،وﻟﻴﺲ ﺑﺎملﴤ ُﻗﺪُﻣً ﺎ إﱃ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﴫ واملﺪﻳﻨﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻮدة إﱃ ﱟ ٍ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .وملﺎ ﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﻌﻴﺪًا ﻛ ﱠﻞ اﻟﺒُﻌْ ﺪ ﻋﻦ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺴﺎﻋﺪة َ ﻓﺮﺿ ِﺖ اﻟﴬاﺋﺐُ اﻟﺘﻨﺎزﻟﻴﺔ ﻋﲆ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ ،اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻘ َﻠ ْﺖ إﱃ أﻏﻠﺒﻴﺔ املﺸﱰﻳﻦ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ، ٍ ﻋﻘﻮﺑﺎت ﻋﲆ املﺸﱰﻳﻦ ﰲ اﻟﺤﴬ ملﺼﻠﺤﺔ اﻟﺒﺎﺋﻌني ﰲ اﻟﺮﻳﻒ. املﺴﺘﻬﻠﻜني، ﻣﺰارﻋﻮ اﻟﻘﻄﻦ ﻟﻠﻀﻐﻂ ﻛﺎن املﺰارﻋﻮن ﻳﺪﻋﻤﻮن ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت؛ ﻓﻘﺪ اﺗﺤﺪ ِ ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺠﻌﻞ ﺗﺨﻔﻴﺾ املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ أﻣ ًﺮا إﺟﺒﺎرﻳٍّﺎ ﻣﺎ إن أدرﻛﻮا أن املﺰارﻋني ﻏري املﺸﺎرﻛني ﺳﻴﺠﻨﻮن ﻣﺰاﻳﺎ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر دون اﻻﺿﻄﺮار إﱃ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺠﺰءٍ ﻣﻦ واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮسَ ، ً واﻓ َﻖ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن ﺑﺎﻧﻜﻬﻴﺪ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﻄﻦ ﰲ ﻣﺤﺼﻮﻟﻬﻢ. ﻋﺎم ،١٩٣٤اﻟﺬي ﻓ َﺮ َ ض ﴐاﺋﺐَ ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﳾء ﻳﺮﺳﻠﻪ املﺰارﻋﻮن إﱃ املﺤﻠﺞ ﻓﻮق اﻟﺤﺼﺔ املﻘ ﱠﺮرة ﻟﻬﻢ .اﺳﺘﻠﺰم ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن إﺟﺮاء اﺳﺘﻔﺘﺎء ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ملﺪة ﻋﺎم ،وﰲ اﻻﻗﱰاع 19 ﱠ ﻓﻀ َﻞ ﻧﺤﻮ ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺰارﻋﻲ اﻟﻘﻄﻦ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﺻﻘﺎع اﻷﻣﺔ اﻹﺑﻘﺎءَ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻧﻮن. 90
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
وﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ﺟﻮن دي ﺑﻼك ،وﻫﻮ ﺧﺒري اﻗﺘﺼﺎدي ﻣﺆﻳﱢﺪ ﻟﺨﻄﺔ اﻟﺘﺨﺼﻴﺺ املﺤﲇ ،ﰲ َ ﻧﺴﺒﻲ ﰲ اﻟﺪﺧﻮل اﻟﺰراﻋﻴﺔ ارﺗﻔﺎع ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻋﺎم ،١٩٣٦وﺿﻌَ ْﺖ إدار ُة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﱟ ٍ ً ﴎﻳﻊ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد .وﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻧﺘﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎدي ﻫﺪﻓﺎ ﻟﻬﺎ ،وﻟﻴﺲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻧﺘﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎديﱟ ٍ ٍ ِ ﺳﻴﺎﺳﺔ رﻓﻊ اﻟﺪﺧﻮل اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ أﻗﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﴎﻳﻊ ،ﻛﺎن ﻳُﻨﻈﺮ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم إﱃ ﺳﻴﺎﺳﺔ رﻓﻊ اﻷرﺑﺎح اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ؛ ﻷن اﻷرﺑﺎح اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر، ً ووﻓﻘﺎ ﻟﺒﻼك ،ﻓﺈن أﻓﻀﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗُ َ ﺤﺴﺐ وأﺟﻮ ًرا أﻋﲆ ﻣﻘﺎﺑﻞ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺘﻬﻠﻜني. ً ﻹدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﻫﻲ أﻧﻬﺎ »ﻗﺪﱠﻣَ ْﺖ ﻟﻨﺎ اﻧﺘﻌﺎﺷﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ »أﻓﻀﻞ« ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻌﺎش ً ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ« «.وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻷرﺑﺎح اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ … ﻗﺪﱠﻣَ ْﺖ ﻟﻨﺎ اﻧﺘﻌﺎﺷﺎ »ﻣﻮ ﱠزﻋً ﺎ ﻋﲆ ٍ ً ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ،ﻣﻦ املﺪﻳﻨﺔ ﻟﻠﻤﺰرﻋﺔ، اﻟﻘﻮل إﻧﻪ ﻛﺎن اﻧﺘﻌﺎﺷﺎ ﻣﻮ ﱠزﻋً ﺎ ﻋﲆ ٍ ً ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ ﺑني اﻟﻄﺒﻘﺎت .وﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻢ ﺗﺼﻤﺪ ﻋﲆ وﻟﻴﺲ اﻧﺘﻌﺎﺷﺎ ﻣﻮ ﱠزﻋً ﺎ ﻋﲆ ٍ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ﻋﻘﺐ ﺑﻼك ﺑﺎﻟﻘﻮل إﻧﻪ رﻏﻢ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﺑﺎملﺰارع ،رﺑﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ٍ ﺳﺒﺐ ﺛﻠﺜﻲ ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ إﱃ اﻟﻘﺤﻂ واﻧﺨﻔﺎض ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ،وﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ إﺟﺮاءات إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ 20 .ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻋﲆ ﻗﺪر ﻣﺎ اﺳﺘﺤﺴﻦ املﺰارﻋﻮن اﻟﺰﻳﺎد َة ﰲ أﺳﻌﺎر ﻣﺤﺎﺻﻴﻠﻬﻢ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا َ ﻳﺄﺳﻮْن ﻋﲆ اﻟﺰﻳﺎدة املﺼﺎﺣﺒﺔ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﱰوﻧﻬﺎ؛ َ وﻫﻲ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺰوﻧﻬﺎ إﱃ ﻗﺎﻧﻮن اﻹدارة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﴘ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﺗﻘ ﱠﺪ َم ُ املﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺰراﻋﺔ. ﺑﻪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﺟ َﺮ ِت ُ راﺳﺦ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻋﲆ ﺗﻘﻠﻴ ٍﺪ اﻋﺘﻤﺪ َِت ٍ ﺑﻤﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺿﺒﻂ اﻷﺳﻌﺎر ،ﻣﺴﺘﻌﻴﺪ ًة ﻋﴫًا ذﻫﺒﻴٍّﺎ ﻗﺪ ﱠ وﱃ؛ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ إﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺘﻌﺎون ﻣﻊ أﻗﻄﺎب اﻟﺘﺠﺎرة ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﺘﻌﺎون واﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي َ اﻧﺘﻘ َﻞ ﻓﻴﻪ ﺟﻮرج ﺑﻴﻚ املﺤﻨﻚ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﱰأﱠس إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ،ﺳﺎﻋَ ﺪَه ﻫﻴﻮ ﺟﻮﻧﺴﻮن ،زﻣﻴﻠﻪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻨﺬ أﻳﺎم ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ،ﰲ إﻧﺸﺎء ﻧﻈريﺗﻬﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ وﺗﺴﻴري أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ،وﻫﻲ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ. ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﻨﺬ ﺣﺮﻛﺎت اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﺣ َﺪﺛ َ ْﺖ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ، ﻧ َ ﺑﺎرﺗﻴﺎب إﱃ ﻣﺒﺪأ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺤﺮة ،اﻟﺘﻲ ﺧﻔﻀﺖ ﻣﻦ ﻈ َﺮ ﻛﺒﺎر رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ٍ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻌﻬﻢ وﺧﺪﻣﺎﺗﻬﻢ ،إﱃ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪٍ ،اﻋﱰﻓﻮا ﺑﺈﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ »ﺳﻌﺮ اﻗﺘﺼﺎدي ﺳﻠﻴﻢ« ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن .وﻋﲆ ٍ ﺳﻮف ﻳﻌﻤﻞ »اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺸﺎﻣﻞ« ﻟﻪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،ﻋﲆ »اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ 91
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻧﺤﻮ داﺋ ٍﻢ« 21 .وﻫﻜﺬا واﺟَ َﻪ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل املﺸﻜﻼت ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺠﺎﺋﺮ ﻛﻠﻴٍّﺎ وﻋﲆ ٍ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ واﺟَ ﻬَ ﻬﺎ املﺰارﻋﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ،ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻤﺘﱠﻌﻮا ﻓﻴﻪ ﺑﻤﻴﺰات ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ٍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ أﻛﱪ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ اﻟﺰراﻋﺔ ،وأﺗﺎح ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺄﻗﻠﻢ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻣﻊ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ املﺮﻛﺰﻳﺔ اﻻﺑﺘﻜﺎر ﰲ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﺘﻘﻨﻴﺎت ﺑﺪاﺋ َﻞ ﻣﻦ اﻵﻻت وﻛﻔﺎء ِة اﻹدارة أﻛﱪ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ذي ُ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎل ﺑﺎملﺼﺎﻧﻊ ﻋﲆ ﻗﺒ ُﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ املﺎﻫﺮة ،وﺑﺬﻟﻚ و ُِﺿﻌﺖ ﻧﺤﻮ أﻛﺜﺮ أﻣﻨًﺎ ﰲ أﻳﺪي رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة أﻣﺎم اﻟﱰﻛﻴﺰ ٍ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺘﺼﻨﻴﻊ ﻫﻲ ﻗﺎﻧﻮن ﺣﻈﺮ اﻻﺣﺘﻜﺎر اﻟﻔﻴﺪراﱄ. وﻗﺪ أرﺷﺪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ رﺟﺎ َل اﻷﻋﻤﺎل إﱃ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ وﻟﻴﺲ اﻟﻌﺪاء ،ﺳﻴﻜﻮن ﺑﻤﻘﺪورﻫﻢ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج وﺗﺤﺪﻳﺪ اﻷﺳﻌﺎر وﻣﻨﻊ اﻹﴐاﺑﺎت اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﺟَ ﻨْﻲ رﺑﺢ واﻓﺮ؛ ﻛﻞ ذﻟﻚ وﻫﻢ ﻳﺘﺤ ﱠﻠﻮن ﺑﻤﻈﻬﺮ اﻟﻮﻃﻨﻴني .وأﺗﺎح ﻟﻬﻢ ً ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺤﺸﺪ ﻗﻮاﻫﻢ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻟﻬﺬا اﻟﱰﺗﻴﺐ اﻟﻄﺎرئ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻨﻮن ﻣﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺴﻌﺮ املﻨﺎﺳﺐ واﻷﻋﲆ ملﻨﺘﺠﺎﺗﻬﻢ. ﻳﺮﺟﻊ ﺗﺎرﻳﺦ أول ﺗﻌﺎون ﺑني رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ زﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد إﱃ ﺣﻤﻠﺔ »اﺷﱰ اﻵن« ﰲ ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ .دﻋﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن واﻟﺼﺤﻔﻴﻮن وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي اﻟﺤﻤﻠﺔ ِ اﻟﻌﻤﻼءَ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎدوا اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻟﺬي ﺷﻬﺪﺗﻪ اﻟﺒﻼد ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ إﱃ اﻟﴩاء واﺻﻔني إﻳﺎه ﺑﺄﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﺮﺧﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻓﺸﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻴﺔ .وﰲ ،١٩٣١أورد ْ »اﺷﱰ اﻵن« ﻗﺪ أﻓﻞ … وﺗﻠﻮح َت ﻣﺠﻠﺔ ﺑﻴﺰﻧﺲ وﻳﻚ أﻧﻪ »ﻳﺒﺪو أن ﻧﺠﻢ ﻓﻜﺮة ِ ﺷﻜﻮك ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺘﺨﺪم املﺸﱰون املﺎل ﻷﺟﻠﻪ 22 «.إﺑﱠﺎن إدارة روزﻓﻠﺖ، أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻷﻣﺮ ﻳﺴﺘﻠﺰم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ .ﺳﺄل روزﻓﻠﺖ ﻓﺮاﻧﺴﻴﺲ ﺑريﻛﻨﺰ ،وزﻳﺮة اﻟﻌﻤﻞ ﰲ إدارﺗﻪْ ، ﱡ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﻃﺮﻳﻘﺔ إن ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻘﻠﻴﻞ املﻨﺎﻓﺴﺔ .ﻛﺎﻧﺖ ﺑريﻛﻨﺰ — وﻫﻲ أول ﺳﻴﺪة ﺗﺘﻮﱃ ﺣﻘﻴﺒﺔ وزارﻳﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ — ﻗﺪ ﺧﺪﻣﺖ ﰲ إدارة روزﻓﻠﺖ املﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻸﺟﻮر واﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ، ﻟﻨﻴﻮﻳﻮرك ،وأﻳﱠﺪ َِت اﻟﺘﴩﻳ َﻊ ﱠ ﱠ ﻳﺘﻮﱃ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻣﻤﺜﱢﻠﻮن ﻋﻦ اﻹدارة واﻟﻌﻤﱠ ﺎل أﻣﺎ اﻵن ﻓﻬﻲ ﺗﻘﱰح إﻧﺸﺎءَ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ أﻳﻀﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﱢ واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﺳﺘﺤﺘﺎج اﻻﺗﺤﺎدات ً ﺣﻖ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ، َ اﻋﱰﺿ ْﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻀﺎﻳﺎ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ أن أﻋﻔﻰ ﻗﺎﻧﻮن ﻛﻼﻳﺘﻮن وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ِ اﻻﺗﺤﺎدات ﻣﻦ ﻗﻮاﻧني ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎر .وﻗﺪ داﻓﻊ اﻻﺗﺤﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻠﻌﻤﱠ ﺎل ﻟﺴﻨﺔ ١٩١٤ 23 ً وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺰﻳﺎدة »اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ«. ﻋﻦ ﺣﻖ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره 92
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
وﻗﺪ ذﻫﺐ ﺧﺒري اﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺈدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺆدﱢي ً ﻏﺮﺿﺎ ﺷﺒﻴﻬً ﺎ ﺑﺎﻟﺬي ﻳﺆدﱢﻳﻪ اﻟﺘﴩﻳﻊ اﻟﺰراﻋﻲ؛ وﻫﻮ اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻋﲆ اﻟﺘﴩﻳﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ ،وﻟﻴﺲ اﻟﱰوﻳﺞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻧﺘﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎدي ٍ اﻧﺘﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻣﻮ ﱠز ٍع ﻋﲆ ٍ أﴎع .وأﺿﺎف ً ﻗﺎﺋﻼ» :أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻄ ﱠﺮق إﱃ ﳾء ﺣﻴﺎل ﺗﺤﺴني اﻷﺟﻮر، وﺣﻴﺎل ﺗﺤﺴني ﻇﺮوف اﻟﻌﻤﺎل ،وﺣﻴﺎل ﺿﻤﺎن املﻔﺎوﺿﺎت ﺑني اﻻﺗﺤﺎدات وأرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ 24 ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺤﺪث ﺗﻮازن أﻓﻀﻞ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻧﺤﻔﺰ اﻫﺘﻤﺎ َم املﺴﺘﻬﻠﻚِ وﻧﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﴍاﺋﻪ«. وﻣﺜﻞ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ،ﻋﻜﺲ اﻟﺘﴩﻳﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻣﺸﺎرﺑﻪ املﺨﺘﻠﻄﺔ؛ ﺣﻴﺚ ً ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺑري ،ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺿ ﱠﻢ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٣ ِ وﻛﺎﻻت ﻣﺴﺎﻋَ ﺪ ِة اﻟﻌﺎﻃﻠني ﺑﻴﻨﻬﺎ أﺣﻜﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﺮوزﻓﻠﺖ ﺑﺈﻧﺸﺎء ٍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﺄﺟﻮر وﻇﺎﺋﻒ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ،إﻻ أن أﺣﻜﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﺈرﺳﺎء ﺻﻨﺎﻋﻴ ٍﺔ ﻣﻮﺟﱠ ٍ ري ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﺎﻟﺲ ﻣﺜﻞ املﺠﻠﺲ اﻟﺬي وﺿﻌﺖ ﺑريﻛﻨﺰ ﻬﺔ ﻋﲆ ٍ ﻧﺤﻮ ﻛﺒ ٍ ﺗﺼ ﱡﻮ ًرا ﻟﻪ ،اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎﻗﺶ ﻓﻴﻪ ﻣﻤﺜﱢﻠﻮن ﻋﻦ اﻹدارة واﻟﻌﻤﺎل واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واملﺴﺘﻬﻠﻜني ﺣﻮل اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ .أوﻗﻒ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻘﺎﻧﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎر ﻟﻠﺴﻤﺎح ﺑﺘﺜﺒﻴﺖ اﻷﺳﻌﺎر ﺑني اﻟﴩﻛﺎت ﻟﻔﱰة ﻗﻮاﻣﻬﺎ ﻋﺎﻣﺎن ،وﺳﻤﺢ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮﺿﻊ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ املﺠﺎل اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،أو ﺑﺘﻔﻮﻳﺾ ﺳﻠﻄﺔ ﻟﻮﺿﻌﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﺪﱢد اﻷﺳﺎس ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ .وﰲ اﻟﻘﺴﻢ )٧أ( ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ،ﻳﺸﱰط اﻟﻘﺎﻧﻮن أن ﺗﻀﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻣﺎ ﻳﲇ: ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﺘﻔﺎوض اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻣﻊ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻤﺜﱢﻠني ﻣﻦ اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ ،وﻟﻬﻢ ﺣﺮﻳﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ أو وﻛﻼﺋﻬﻢ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺪم اﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ أو إﻛﺮاﻫﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺘﺴﻤﻴﺔ ﻫﺆﻻء املﻤﺜﻠني أو اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺬاﺗﻲ أو ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ املﺸﱰﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف إﱃ اﻟﺘﻔﺎوض اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻣﻊ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ،أو ﻏريه ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﻌﻮن 25 املﺘﺒﺎدل أو اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ. ﱠ وﺗﺮﻗﺒَﺖ اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻷﻋﻤﺎل واملﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻣﺎ ﺳﻴُﻘﺪِم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺳﻠﻄﺎﺗﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة. ﱠ دﺷﻦ روزﻓﻠﺖ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣُﺴﺘﺨﺪِﻣً ﺎ ﺧﻄﺎﺑًﺎ ﺷﺒﻴﻬً ﺎ ﺑﺨﻄﺎب اﻟﺤﺮب، ﻣﺸريًا إﱃ »اﻟﺘﻌﺎون اﻟﻌﻈﻴﻢ ﰲ ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩١٧و «١٩١٨ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﱠ وﻋني اﻟﺠﻨﺮال اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻫﻴﻮ ﺟﻮﻧﺴﻮن ﻹدارﺗﻬﺎ ،وﻫﻜﺬا أرﴇ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ اﻧﺘﻈﺮوا ﺑﺸﻐﻒ اﻹﻟﻬﺎم 93
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ .أﻋَ ﱠﺪ ﺟﻮﻧﺴﻮن ﺷﻌﺎ ًرا ﺣﺮﺑﻴٍّﺎ ﻟﻺدارة :ﺻﻘ ًﺮا أزرق ﻣ ِ ُﻤﺴ ًﻜﺎ ﺑﱰس ﺑني ﻣﺨﺎﻟﺒﻪ ،وﰲ اﻟﺠﻬﺔ اﻷﺧﺮى ﻗﺎﺑﺾ ﻋﲆ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻮاﻋﻖ .وﺣﺎ َو َل ﺑﺈﺣﻜﺎ ٍم ٍ ﺣﺸﺪ دﻋﻢ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﺑﺎﺳﺘﻐﻼﻟﻪ اﺳﺘﻌﺎر ًة ﻣﻦ ِ وﻗﺖ اﻟﺤﺮب ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎل» :ﻫﻦ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺋﻲ ﺑﺎﻟﺒﻴﻮت وﻟﻴﺲ اﻟﺠﻨﻮد ﻋﲆ اﻟﺠﺒﻬﺔ ،ﻫﻦ ﻣَ ﻦ ﺳﻴﻨﻘﺬن ﺑﻠﺪﻧﺎ ﻫﺬه املﺮة … إﻧﻬﺎ ﺳﺎﻋﺔ 26 اﻟﺼﻔﺮ ﻟﺮﺑﺎت اﻟﺒﻴﻮت«. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﺪ اﻟﻄﻮﱃ ﻟﺮاﻓﻌﻲ اﻷﺳﻌﺎر؛ ﻷن املﺴﺌﻮﻟني اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﺑﺎملﺆﺳﺴﺎت اﻟﻜﱪى ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺴﻴﻄﺮ ٍة ﻛﱪى ﻋﲆ ﻣﴩوﻋﺎﺗﻬﻢ ودراﻳ ٍﺔ ﻛﱪى ﺑﺤﺠﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻬﻢ وﻧﻄﺎﻗﻬﺎ، ووﺟﺪوا ﰲ ﻫﻴﻮ ﺟﻮﻧﺴﻮن اﻟﺼﺪﻳﻖ املﺨﻠﺺ ﻟﻬﻢ .وﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ،١٩٣٣ ً ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﺪى أﻗﻞ ﻣﻦ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ وﺿﻌﺖ أﻏﻠﺐ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻜﱪى ﺿﻮاﺑﻂ ﺳﻠﻄﺎت ْ ِ وﺿ ِﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺑﺈدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت املﻨﻀﻤﺔ إﱃ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ،ﺑﻞ وﻋﺪد أﻗﻞ ﻣﻦ ﻣﻤﺜﲇ املﺴﺘﻬﻠﻜني؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻛﺎن ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻧﺘﺎجَ ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺑني رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل وﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن اﻟﻜﺜريُ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ رﺟﺎ َل أﻋﻤﺎل ﻣﺆﺧ ًﺮا .وﻛﻤﺎ أوﺿﺢ أﺣﺪ املﺮاﻗﺒني ﺷﺎﻛﻴًﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮاﻋﺪ إدارة ً ﺷﺒﻴﻬﺔ »ﺑﻤﺴﺎواة ﺑني أﻗﻄﺎب أﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ورﺟﺎل أﻋﻤﺎل ﻣﺘﻨ ﱢﻜﺮﻳﻦ اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ 27 ﻟﺒﺎس ﻣﺴﺌﻮﻟني ﺣﻜﻮﻣﻴني ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى« .واﻛﺘﺸﻒ زﻋﻤﺎء اﻟﻌﻤﱠ ﺎل أن اﻹدارة ﰲ ِ ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ْﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺎﻳﻞ ﻋﲆ اﻟﻘﺴﻢ )٧أ( ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻧﺸﺎء اﺗﺤﺎدات ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ اﻟﴩﻛﺎت .وﺑﺪأ اﻟﻌﻤﺎل ﰲ اﻟﺸﻜﻮى ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ،وﻟﻴﺲ أﺟﻮرﻫﻢ ،وأﻗﺪﻣﺖ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ — اﻟﺘﻲ أﺧﺬَ ْت ﺗﺒﺪو ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻳﻮ ٍم ﻳﻤﴤ أﺷﺒﻪ ﺑﻤﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﱠ َ ﻣﺆﺳﺴﺔ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﻨﻘﺎ ُد ﱠ ﻟﺘﺘﻠﻘﻰ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ »اﺷﱰ اﻵن« اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻫﻮﻓﺮ، اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ« — ﻋﲆ ﺗﻜﺮار ﺣﻤﻠﺔ ِ 28
ﻧﻔﺴﻬﺎ» :أﺷﱰي ﺑﻤﺎذا؟« ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﺗﻌﺒري أﺣﺪ املﺰارﻋني. َ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﺑﻌﺾ ﻣﺎﻟﻜﻲ اﻟﴩﻛﺎت اﻷﺻﻐﺮ ﺣﺠﻤً ﺎ؛ ﻛﻤﺎ أﺛﺎرت إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺣﻴﺚ وﺟﺪ اﻟﻜﺜريون ﻣﻨﻬﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻏري ﻣﺠﻬﺰﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ املﻼﺋﻢ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ اﻟﴩوط اﻟﺒريوﻗﺮاﻃﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﻣﺘﺜﺎل ﻟﻠﻘﻮاﻋﺪ املﻨﻈﻤﺔ ،وأﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻏري املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺠﺪوا ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻜﺎﻧًﺎ أﻣﺎم املﻨﺎﻓﺴني اﻷﻛﱪ ﰲ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪَ . راﻗ ِﺖ اﻟﺘﺪاﺑريُ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺗﺤﺎول ﻣﻨﻊ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺘﻲ أﻗ ﱠﺮﺗْﻬﺎ اﻟﻘﻮاﻋ ُﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ِ اﻟﴩﻛﺎت املﻨﺎﻓِ ﺴﺔ ﻟﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﻣﺴﺘﻬﻠﻜني ﻣﻌﻴﱠﻨني ﺑﻤﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻷﺳﻌﺎر ﻷﻗﻞ ﻣﻦ أﺳﻌﺎرﻫﺎ .وإﺑﱠﺎن اﻟﻜﺴﺎد ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ،ﻛﺎن اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎدي ً ً ﱢ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﺗُﻘﺎوَم ،وﻛﻤﺎ ﻻﺣ َ ﻈ ْﺖ ﻓﺮاﻧﺴﻴﺲ ﺑريﻛﻨﺰ» ،ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻛﺴﺐ اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻓﺮﺻﺔ ﻳﻮﻓﺮ 94
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
دوﻣً ﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪاﻣﻚ َ ري … ﻓﻤﻊ ﻛﻠﻤﺔ ﺻﻨﺎﻋﺎت ﺻﻐرية ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻛﻠﻤﺔ ﺻﻐ ٍ ً ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﺣﻴﺎل ﻣﺠﻠﺴﺎ ﺟﺮو ﺻﻐري« 29 .وردٍّا ﻋﲆ ذﻟﻚ ،أﻧﺸﺄت إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ٍ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﻜﺎوى ،وأُﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺔ ﺗﺤﺖ إﴍاف املﺤﺎﻣﻲ املﻌﺮوف ﻛﻼرﻧﺲ َ ﺳﺒﻊ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺻﻨﺎﻋﺎت ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻹدارة ﻛﺸﻔ ْﺖ ﻋﻦ وﺟﻮد »ﻣﻤﺎرﺳﺎت اﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ« ﰲ دارو، ٍ ُ َ واﻛﺘﺸﻔ ْﺖ أن اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺼﻐرية ﺗﻌ ﱠﺮ َ ﺿ ْﺖ »ﻟﻈﻠﻢ اﻟﺪراﺳﺔ، ﺟﺮﻳ َْﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ أ ُ ِ 30 ﻗﺎس«. ٍ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٣٤ﱠ ﻒ ﻧﺸﺎ ُ ط إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺳ َ ﺗﻮﻗ َ ﻂ اﻟﻨﻘﺪ املﻮﺟﱠ ﻪ إﻟﻴﻬﺎ، َ ﻛﺸﻔ ْﺖ واﺳﺘﻘﺎل ﺟﻮﻧﺴﻮن ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ ،وﺣ ﱠﻠ ْﺖ ﻣﺤﻠﻪ ﻟﺠﻨﺔ .وﰲ ﺑﺪاﻳﺎت ﻋﺎم ،١٩٣٥ ٌ ﻳﺠﺮ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت إﻻ ﰲ ﺟﺮﻳ َْﺖ ﻟﻺدارة ﻋﻦ أﻧﻪ ﻟﻢ ِ ﻣﻌﺎﻳﻨﺔ أ ُ ِ ُ ﻣﺠﻠﺲ ﺣﺎﻟﺘني .وﻣﻊ اﻗﱰاب ﻋﺎﻣَ ﻲ اﻹﻋﻔﺎء ﻣﻦ املﻼﺣﻘﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻻﺣﺘﻜﺎر ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻬﺎء ،ﺗﺤﺪﱠى اﻟﺸﻴﻮخ روزﻓﻠﺖ ،وﻟﻢ ﻳﺼﻮﱢت إﻻ ﻋﲆ ﺗﻤﺪﻳ ٍﺪ ﻣﺤﺪو ٍد ﻹدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ 31 .وﻗﺒﻞ أن ُ ﻳﺘﺨﺬ املﺠﻠﺲ ﻗﺮا ًراَ ، املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﺑﻌﺪم دﺳﺘﻮرﻳﺔ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ؛ إﻻ أﻧﻪ ﻗﻀ ِﺖ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻷﻧﻈﺎر ،ﻟﻢ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أن روزﻓﻠﺖ ﰲ رأﻳﻪ اﻟﻼﺣﻖ اﻟﺬي ﱠ َ »ﺻﺪاع ﻻ ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻒ« ،وأن ﺑﻌﺾ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺒﱢﺐ ﻟﻪ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺳﻮى ٍ 32 »ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ«. ُ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ إدار َة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ً أﻳﻀﺎ؛ ﺣﻴﺚ وﻗﺒﻞ اﻧﻘﻀﺎء وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ،ﺣ ﱠﻠ ِﺖ ً ً َ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﺎرﺳﺘَﺎ ﻣﻤﺎﺛﻞ؛ ﻓﻘﺪ ﻧﺤﻮ ٍ رأت املﺤﻜﻤﺔ أن اﻟﻮﻛﺎﻟﺘني اﻧﺘﻬ َﻜﺘَﺎ اﻟﺪﺳﺘﻮ َر ﻋﲆ ٍ ً ٍ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ وﻏري ﻣﴫﱠ ٍح ﺑﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت .وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻫﻨﺮي واﻻس ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺎﺗﺎن ﻗﴪﻳﺔ ﻏري اﻟﻮﻛﺎﻟﺘﺎن ﺗﺘﺠﻬﺎن ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﻧﺤﻮ »اﺷﱰاﻛﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ دون ﺟﻮر اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﰲ ً ﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻮك. أﻋني أﻏﻠﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،ﺣﺘﻰ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷزﻣﺔ اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ، رﻏﻢ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻣﻦ إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ وإدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻋﻦ ﻋﻨﺎﴏﻫﺎ اﻹدارﻳﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻮﺟﱡ ﻬً ﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ،اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﺑﻘﺎءُ اﻹدارﺗني؛ ﺣﻴﺚ َ واﻓ َﻖ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن .وﺣﻴﺚ إن أﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﱪﻧﺎﻣﺠني ﻟﻢ َ ﴎﻳﻊ ،وﻟﻜﻦ ﺣﺎ َو َل ً ٍ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﰲ ﺗﻮازن ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻬﺪف إﱃ اﻧﺘﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎديﱟ ٍ ٍ ٍ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة واﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني — ﻣﻦ املﺪﻳﻨﺔ إﱃ اﻟﺮﻳﻒ ،وﻣﻦ اﻹدارة إﱃ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ُ ٍ ﺟﺎرﻓﺔ ﺑني اﻟﺪواﺋﺮ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ املﻬﻤﺔ ﻟﺮوزﻓﻠﺖ، اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺑﺸﻌﺒﻴ ٍﺔ واملﺴﺘﻬﻠﻜني — ﺣﻈﻴﺖ
95
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
َوﻫﻮ ﻣﺎ ﻣﺜ ﱠ َﻞ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺬي اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﻟﻔﱰة،ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ ِ .ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎء اﻟﻜﺴﺎد ﻫﻮاﻣﺶ (1) Lester V. Chandler, American Monetary Policy, 1928–41 (New York: Harper and Row, 1971), 281. (2) Dietmar Rothermund, The Global Impact of the Great Depression (London: Routledge, 1996), 107, 29. (3) Judith Goldstein, “The Impact of Ideas on Trade Policy: The Origins of U.S. Agricultural and Manufacturing Policies,” International Organization 43, no. 1 (1989): 35. (4) Susan Previant Lee and Peter Passell, A New Economic View of American History (New York: W. W. Norton and Company, 1979), 301. (5) Zechariah Chafee Jr., “Congressional Reapportionment,” Harvard Law Review 42, no. 8 (1929); Orville J. Sweeting, “John Q. Tilson and the Reapportionment Act of 1929,” Western Political Quarterly 9, no. 2 (1956). (6) Theodore Saloutos, The American Farmer and the New Deal (Ames: Iowa State University Press, 1982), 9. (7) Ibid., 5. (8) Ibid., 32. (9) Goldstein, “Impact of Ideas,” 43. (10) Keith J. Volanto, Texas, Cotton, and the New Deal (College Station: Texas A&M University Press, 2005), 15 ff. (11) Ibid., 20. (12) William D. Rowley, M. L. Wilson and the Campaign for the Domestic Allotment (Lincoln: University of Nebraska Press, 1970), 15; Saloutos, The American Farmer and the New Deal, 41; Volanto, Texas, Cotton, 22.
96
إدارة اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ (13) 48 Stat. 31, 34-5. (14) Rowley, M. L. Wilson, 195. (15) Ibid., 138. (16) Volanto, Texas, Cotton, 45. (17) Ibid., 49. (18) Anthony J. Badger, The New Deal: The Depression Years, 1933–40 (London: Macmillan, 1989), 163. (19) Volanto, Texas, Cotton, 83. (20) John D. Black, “The Agricultural Adjustment Act and National Recovery: Discussion,” Journal of Farm Economics 18, no. 2 (1936): 243. (21) Ellis W. Hawley, The New Deal and the Problem of Monopoly: A Study in Economic Ambivalence (Princeton: Princeton University Press, 1966), 40. (22)
Meg Jacobs, Pocketbook Politics: Economic Citizenship in
Twentieth Century America (Princeton: Princeton University Press, 2005), 96. (23) Hawley, New Deal and the Problem of Monopoly, 28. (24) Jacobs, Pocketbook Politics, 208. (25) 48 Stat. 195, 198. (26) Jacobs, Pocketbook Politics, 109. (27) Hawley, New Deal and the Problem of Monopoly, 57–62. (28) Ibid., 58, 93. (29) Ibid., 82. (30) Ibid., 96. (31) “Extension of NRA for Only 10 Months Voted By Senate,” New York Times 5/15/1935, 1. (32) Frances Perkins, The Roosevelt I Knew (New York: Viking Press, 1946), 251.
97
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳ ٍﺪ إﺑﱠﺎن ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻃﻠﺐ أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،وﻋﲆ ٍ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﺻﻼﺣﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي أو اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺨﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺟﻮن ﻛﻴﻨﻴﺚ ً ٌ ﱠ ﺗﺘﺄت ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ«. ﺳﻮﻗﻴﺔ ﻟﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻮ ًة ﺟﺎﻟﱪﻳﺚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ ،ﻣﻦ أﺟﻞ »أن ﺗُﻤﻨﺢ وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٥٢إﱃ املﺎﴈ ،أﺷﺎر ﺟﺎﻟﱪﻳﺚ إﱃ أن »أﻫﻢ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ً إﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ »أﻟﻬﺒﺖ أﺷﺪ اﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ إﺛﺎر ًة ﻟﻠﺠﺪل« ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« 1 َ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻮاﻧ َ ني اﻟﺘﻲ ﺟﻨ ﱠ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ »ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻘﻮة املﻜﺎﻓﺌﺔ«. ﺪت ﺟﺬﺑﺖ ﻓﻜﺮ ُة اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﺪﻋﻢ املﺼﺎﻟﺢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﻮة املﻜﺎﻓﺌﺔ أﺻﺤﺎبَ ً ﻓﺄوﻻ :أﺑﻘﺘﻬﻢ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺄن ﺟﻌﻠﺘﻬﻢ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﺴﺒﺒني؛ ﺑﻤﻨﺄًى ﻋﻦ املﻠﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﺣﺘﻰ إﺧﻀﺎع اﻷﻋﻤﺎل ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .وﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﰲ إﻃﺎر ﻓﻬﻤﻬﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا أول املﴩﱢﻋني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ دﻋﻢ املﺼﺎﻟﺢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا أول ﻣَ ﻦ ﻳﻘﱰح اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ ﻏري ﻣﺎﻟﻜﻲ املﺆﺳﺴﺎت اﻟﻜﱪى .وﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر ﻟﻮﻳﺲ ﺷﻮﻳﻠﻴﻨﺒﺎخ )دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻣﻦ واﺷﻨﻄﻦ( ﻋﻦ ﻣﺎﴈ اﻷﻣﺔ اﻷﺳﻄﻮري اﻟﺮاﺋﺪ اﻟﺬي ﺧﻼ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ» :ﻻ ﺗ َﺪ ْع أﺣﺪَﻫﻢ ﻳﻘﻮل ﻟﻚ إن ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم ﺧ َﻠ ْﺖ ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،ﻛﺎن ٌ ٌ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻷراﴈ املﻜﺴﻮة ﺑﺎﻷﺷﺠﺎر وﻣﺴﺎﺣﺎت ﻟﻠﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ أراﺿﻴﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪة، ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠني ﺑﺎﻷﺧﺸﺎب ،ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻧﻈﺎم ﺣﻤﺎﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت ﻳﺠﺮي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﺳﺘﻘﻄﺎع ﴐاﺋﺐ ﺧﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﻮب ﻛ ﱢﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،و َﻛﺜُﺮت اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،إﻻ أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺪﺣﻮا ،اﻟﺬﻳﻦ اﺷﱰوا واﺳﺘﻬﻠﻜﻮا ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻨﺎ ،ﻟﻢ ﻳﺠﺪوا 2 ً ﺳﺒﻴﻼ إﻟﻴﻬﺎ«.
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
وإذا ﻛﺎن اﻟﻨﺠﺎح ﻗﺪ ُﻛﺘِﺐ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﰲ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻘﻮة اﻷﺻﻠﻴﺔ داﺧﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — اﻟﺒﻨﻮك اﻟﻜﱪى وﻛﱪﻳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت َ ُ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﰲ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﴩﻗﻲ — ﻓﻘﺪ ﺗﺮﻛﺖ ﺗﻠﻚ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺎب املﺼﺎدﻓﺔ أن أﺗﻰ اﻟﺪﻋ ُﻢ اﻟﻘﻮيﱡ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب اﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘ ًﺮا ،ﺣﻴﺚ رأى اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن ﻫﻨﺎك أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪوا ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت. وﻟﺤﺴﻦ ﺣﻆ إدارة روزﻓﻠﺖ ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﻹرث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺘﻜﺎﻓﺆ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﰲ املﻮارد ﻟﻢ ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﺎ ﴐور َة اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑني اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺠﻴﺪة واﻟﺨﻄﺔ اﻟﺠﻴﺪة؛ ﻓﻬﻢ إذا َ إﻧﻔﺎق اﻟﻨﻘﻮد ﻣﻦ أﺟﻞ رأب اﻟﺼﺪع ﰲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺧﻠﻖ ُﻗﻮًى أرادوا ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ ،ﻓﺴﻴﻨﻔﻘﻮﻧﻬﺎ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب ،وﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺼﻨﺎﻋﻴني ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ .وﰲ املﻘﺎﺑﻞ، ً ْ وأﻫﻤﻴﺔ ﰲ ﺗﺤﺎﻟُﻒ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة، إن أرادوا إﻧﻔﺎق اﻟﻨﻘﻮد ﻋﲆ اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻷﻛﺜﺮ وﻻءً ﻓﺴﻴﻨﻔﻘﻮن املﺎل اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﲆ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب ،وﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺼﻨﺎﻋﻴني ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ .وﻋﻤﻠﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺟﻨﺒًﺎ إﱃ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻘﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ. ً ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ُ ﺧﻠﻖ ﻛﺎن ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ ﻳﻔﺨﺮ ﺑﺄﻧﻪ اﺑﺘ َﻜ َﺮ ﻗﻮ ٍة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻔﻬﻮم »املﻌﻴﺎر« .ﻓﺈﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ذﻫﺐ روزﻓﻠﺖ — ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣني اﻟﻌﺎم املﺴﺎﻋﺪ ﻟﻠﺒﺤﺮﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ — إﱃ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ َ ﻛﺎﻓﺔ ﺳﻔﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪروع ،وإﻧﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺸﻴﱢﺪ ﻣﺼﻨﻌً ﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﱠأﻻ ﺗﻐﻄﻲ ﺻﻐريًا ﻟﻠﺘﻐﻄﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪروع ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻌﻠﻢ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺘﻜﺒﺪﻫﺎ املﺼﻨﻊ ً ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ ﻟﻠﺮﺑﺢ املﻌﻘﻮل اﻟﺬي ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻪ املﻘﺎوﻟﻮن ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬي ﺗﺪﻳﺮه اﻟﺪوﻟﺔ ﺳﺘﻜﻮن ﱢ ﺳﻴﻮﻓﺮ اﻟﺜﻘ َﻞ املﻘﺎﺑ َﻞ اﻟﺬي ﺳﻴﻌﺎدل ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻋﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺨﺎص؛ ﻣﻤﺎ اﻹﻧﺘﺎج ،وﺳﺘﻌﺮف اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ دﻓﻌﻪ ﻛﻲ ﱢ ً ﻣﻌﻘﻮﻻ، ﺗﻮﻓ َﺮ ﻟﻠﻤﻘﺎوﻟني رﺑﺤً ﺎ ً 3 وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣُﺒﺎ َﻟ ًﻐﺎ ﻓﻴﻪ .ﺗﺬ ﱠﻛ َﺮ روزﻓﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻻﺣﻘﺎ. َ ﱡ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﲆ دﺧﻮل ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺗﻐﻄﻴﺔ املﻌﺪات ﻳﺤﺚ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ روزﻓﻠﺖ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪروع ،ﻛﺎﻧﺖ واﺷﻨﻄﻦ ﺗﺪﺧﻞ ﻗﻄﺎع اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﰲ ﻣﺎﺳﻞ ﺷﻮﻟﺰ ﰲ وﻻﻳﺔ أﻻﺑﺎﻣﺎ، ﻓﻬﻨﺎك ﻛﺎن ﻧﻬﺮ ﺗﻴﻨﻴﴘ ﻳﻬﺒﻂ ﺑﻤﻘﺪار ١٣٤ﻗﺪﻣً ﺎ ﺧﻼل ﺳﺒﻌﺔ وﺛﻼﺛني ً ﻣﻴﻼ ﻣﻦ املﻨﺤﺪرات اﻟﻨﻬﺮﻳﺔ ،وﻫﻨﺎك ﺷﻴﱠﺪ ْ َت ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺳ ﱠﺪ وﻳﻠﺴﻮن ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻓري اﻟﻄﺎﻗﺔ 4 اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎﻧﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ اﻟﻨﱰات املﺴﺘﺨﺪَﻣَ ﺔ ﰲ املﺨﺼﺒﺎت واملﺘﻔﺠﺮات .وﻗﺒﻞ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﺘﺸﻴﻴﺪ ﺑﺎﻟﺴﺪ ،اﻗﱰﺣَ ْﺖ إدارة ﻫﺎردﻳﻨﺞ ﺗﺤﻮﻳ َﻠﻪ إﱃ إدارة ﺧﺎﺻﺔ، 100
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
ﺛﻢ ﺟﺎءت إدار ُة ﻛﻮﻟﻴﺪج ﻟﺘﺆﻳﱢﺪ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮ َة ﺑﺪورﻫﺎ ،إﻻ أن اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر ﺟﻮرج ﻧﻮرﻳﺲ، ً ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﺠﻤﻬﻮري اﻟﺘﻘﺪﱡﻣﻲ ﻣﻦ ﻧﱪاﺳﻜﺎ ورﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺰراﻋﺔ )اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎملﺨﺼﺒﺎت(َ ، َ ﺧﻄﺔ اﻟﺨﺼﺨﺼﺔ واﻗﱰح ً أوﻗ َ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﻮﺳﻴ َﻊ ﻒ ﻧﺸﺎط ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء. املﺄزق ﺑني اﻟﺨﺼﺨﺼﺔ وﻣﻠﻜﻴﺔ وﰲ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﻋﺎم ،١٩٣٢أﻗﺤﻢ روزﻓﻠﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻫﺬا ِ ُ ﻗﺎﺋﻼ إن ً اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎمً ، اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛﺎن »داﺋﻤً ﺎ وأﺑﺪًا ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﻣﺤﻄﺎت اﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ ً رﺋﻴﺴﺎ، املﺤﻚ ملﻨﻊ اﻻﺑﺘﺰاز« ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ أرﺑﺎب اﻻﺣﺘﻜﺎر ﰲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص .وﺑﻌﺪ ﺗﻨﺼﻴﺒﻪ ﻋﻤﻞ ﻣﻊ ﻧﻮرﻳﺲ ﻋﲆ إﻧﺸﺎء »ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ« ،اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﻮﱃ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻣﺎﺳﻞ ﺷﻮﻟﺰ وﺗﺸﻴﱢﺪ ﺳﺪودًا أﺧﺮى ﻋﲆ ﻃﻮل اﻟﻨﻬﺮ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻤ ﱡﺪ ﻛﺜريًا ﻣﻦ أرﺟﺎء اﻟﺠﻨﻮب ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ 5 ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ﱠ َ أدرﺟﺖ اﻟﻬﻴﺌﺔ ﱠ اﻟﺴﺎﻧﺔ ﻟﻠﻘﻮاﻧني ﺑني أﻫﺪاﻓﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻫﺪف »ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻮادي املﺬﻛﻮر ُ َ ﺑﺠﻴﻞ ،ﻛﻴﱠﻔ ِﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ أوﺿﺎﻋَ ﻬﺎ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﻴٍّﺎ وزراﻋﻴٍّﺎ« 6 .وﰲ ﺣني أﻧﻪ ﻗﺒْ َﻞ ذﻟﻚ ٍ ﻇﻞ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻐﺮب ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﱃ اﻻﺿﻄﻼع اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني دُﻓِ ﻌﺖ ﻳﻌﻦ ﻛﻮن ﻫﺬه ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺆﺳﺴﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت .ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ِ ً ً وﻻﻳﺎﺗﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻌﻤﻞ أو ﻏري ﻣﺴﺘﺠﻴﺒﺔ ﻟﻪ؛ ﻓﻠﻤﺎ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ أو املﺆﺳﺴﺎت ُ اﻟﻬﻴﺌﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﺎن املﻘﺮ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻬﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﰲ ﻧﻮﻛﺴﻔﻴﻞ ،ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺗﻴﻨﻴﴘ ،ﻛ ﱠﺮ َﺳ ِﺖ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ وﺣﺸﺪ اﻟﺪﻋﻢ ملﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺪﻳﺮﻫﺎ دﻳﻔﻴﺪ ﻟﻴﻠﻴﻨﺜﺎل: »إدارة ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺻﺎت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ« .وﻗﺪ أﺷﺎر ﻟﻴﻠﻴﻨﺜﺎل إﱃ أﻧﻪ إذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻧﻄﺎق ﻣﺤﲇﱟ؛ ﺑﺼﺪد ﺗﺒﻨﱢﻲ املﻠﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻘﻄﺎع اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻋﲆ ٍ ﻓﻠﻦ ﻳﺆﻳﺪوا أﺑﺪًا اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﺑﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﱠأﻻ ﻳﺆﻳﺪوﻫﺎ 7 أﺑﺪًا ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻣﻄﺎﻣﺢ ﺑﻌﺾ املﺨﻄﻄني وﻣﺨﺎوف ﺧﺼﻮﻣﻬﻢ. ﻟﻄﺎملﺎ ﻃﻤﺢ اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن إﱃ اﻧﺘﺸﺎل اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻦ إرث اﻟﻔﻘﺮ وإﻟﺤﺎﻗﻪ ً ﺑﺎﻟﻐﺮب ،ﻟﻴﻜﻮن ً ﻣﻘﺎﺑﻼ أﻣﺎم املﺮاﻛﺰ املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ )اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﰲ أﻏﻠﺒﻬﺎ( ﰲ ﺛﻘﻼ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﴩﻗﻲ واﻟﻐﺮب اﻷوﺳﻂ ،وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ إﻳﺠﺎد ﺳﺒﻴﻞ ﻟﺘﺠﻨﱡﺐ اﻟﻌﺪاء املﻘﻴﺖ اﻟﺬي ﻳﻜﻨﱡﻪ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻮن ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺾ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ؛ ﻓﻸﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻘﺖ اﻟﺠﻨﻮب اﻷﺑﻴﺾ وزارة اﻟﻌﺪل وﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﻘﻮق املﺪﻧﻴﺔ .وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪت ﺣﻤﻠﺔ ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﻣﻦ أﺟﻞ ِ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻨﻤﻴ ٍﺔ ﻓﻴﺪراﻟﻴ ٍﺔ ﻳﻤﻜﻦ وﺿﻊ ﺳﻠﻄﺔ ﻓﻴﺪراﻟﻴ ٍﺔ ﻳُﺘﺤ ﱠﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﰲ ِ 101
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺷﻜﻞ :1-6أﻃﻔﺎل ﻳﻨﺘﻤﻮن ﻟﺴﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ ﻳﻨﺰﻋﻮن اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ ﻣﻦ ﻣﺸﺘﻞ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻬﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺳﺪ وﻳﻠﺴﻮن ﰲ وﻻﻳﺔ أﻻﺑﺎﻣﺎ.
اﺳﺘﻔﺘﺎءات ﺻﻮ َ ٍ ﱠت ﻟﻠﺠﻨﻮﺑﻴني ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺾ أن ﻳﺘﻘﺒﱠﻠﻮﻫﺎ ،وﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻋﻘﺪت املﺪن اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ املﻮاﻃﻨﻮن ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺿﺪ اﻟﴩﻛﺎت املﺤﺘﻜﺮة اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﰲ ﻇﻞ دﻋ ٍﻢ ﻣﻦ ٌ ٌ ٌ ِ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻏﻨﻴﺔ ﺑﻤﺼﺎدر اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﻬﺬه اﻻﺳﺘﻔﺘﺎءات ﻣﻦ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻴﻠﻴﻨﺜﺎل .ﺟﺎء َْت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ ﴍﻛﺔ »ﻛﻮﻣﻨﻮﻟﺚ آﻧﺪ ﺛﺎذرن« اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮأﺳﻬﺎ وﻳﻨﺪﻳﻞ وﻳﻠﻜﻲ ،اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﺬي دﻋﻢ روزﻓﻠﺖ ﰲ ﻋﺎم .١٩٣٢وﻗﺪ أﺿﻌﻔﺖ ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﻣﻦ ﻣَ ﻴ ِْﻞ وﻳﻠﻜﻲ ﻧﺤﻮ اﻹدارة؛ ﻓﻔﻲ ﺣني ﺗﻔﺎو َ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻊ اﻟﻬﻴﺌﺔ ،ﺣﺎ َربَ ﱡ َض وﻳﻠﻜﻲ ُ ﺗﻮﺳﻌَ ﻬﺎ ِ اﻟﴩﻛﺎت املﺸ ﱢﻜ ِﻠﺔ ﻟﻜﻮﻣﻨﻮﻟﺚ آﻧﺪ ﺛﺎذرن ،وﻛﺎﻧﺖ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻬﻴﺌﺔ واملﺪن اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ أﻋﻀﺎءٌ ﰲ ﺑﺄن ﻋﻤﻠﻮا ﻋﲆ إﻗﻨﺎع إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺒﻨﺎء ﺧﻄﻮط ووﺣﺪات ملﻨﺎﻓﺴﺔ ﴍﻛﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﻣﺠﺮد اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﺒﻨﺎﺋﻬﺎ ،وﺟَ ﻌْ ﻞ اﻟﺠﻨﻮب ﰲ ﻏﻨًﻰ ﻋﻨﻬﺎ .وﻛﺜريًا ﻣﺎ ﱠ ُ ِ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﴍﻛﺎت وﻓﺮت ﺧﻄﻂ إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺣﺪﻫﺎ اﻟﻨﻔﻮذَ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﻜﺎﰲ ،ﻓﺒﺎﻋَ ْﺖ 8 اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ وآ َﻟ ْﺖ إﱃ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﻌﺎﻣﺔ املﺤﻠﻴﺔ.
102
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
َ ﻫﻴﺌﺔ وادي ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ إﺑﱠﺎن ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻣﻨﻌَ ْﺖ ﴍﻛﺎت وﻳﻠﻜﻲ ﺗﻴﻨﻴﴘ ﻣﻦ ﺗﺰوﻳﺪ املﺪن اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻠﺠﻮء ﻟﻠﻘﻀﺎء واﺳﺘﺼﺪار أواﻣﺮ زﺟﺮﻳﺔ ﻣﻦ املﺤﺎﻛﻢ .ورﻏﻢ أن املﺤﺎﻛﻢ اﻟﻌﻠﻴﺎ أﺻﺪرت ﺣﻜﻤﻬﺎ ﰲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻬﻴﺌﺔ، ُ ٍ ﺣﻤﻠﺔ ﻟﻜﺴﺐ اﻟﺪﻋﻢ ،ﻣﱪ ًزا ﺷﻬﻮر ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻘﺎﴈ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻟﻴﻠﻴﻨﺜﺎل ﻋﲆ ﻗﻀﺎء أﺟﱪ َْت ٍ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺑني اﻟﺘﺰام اﻟﻬﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺴﻴﻄﺮة املﺤﻠﻴﺔ وﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻜﻼ اﻷﻣﺮﻳﻦ .وﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ،ﺗﻤ ﱠﻜ َﻦ ﻟﻴﻠﻴﻨﺜﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﰲ ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻣﻊ أن ﻣﻌﺎرﴈ ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﻗﺪ ﻳﻨﻌﺘﻮﻧﻬﺎ »ﺑﺎﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ« ،إﻻ أن اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ، وﻟﻴﺲ اﻟﻬﻴﺌﺔ ،ﻫﻲ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﺖ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ املﺮﻛﺰﻳﺔ ﻋﲆ وادي ﻧﻬﺮ ﺗﻴﻨﻴﴘ. ﺟﺴﺪت ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﻣﺎ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﻪ ﺧﻄﻂ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺐ وﻣﺜﺎﻟﺐ َ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻤﻜني ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻗﺎﺋﻤﺔ .ﻓﻘﺪ ﺟﻠﺒﺖ َ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﺑﺴﻌﺮ رﺧﻴﺺ — ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺑﻨﺼﻒ اﻟﺜﻤﻦ اﻟﺬي ﻛﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ إﱃ ِ اﻟﴩﻛﺎت ﻷﻧﺎس ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،ﻛﻤﺎ أن ﻧﺠﺎﺣﻬﺎ أﻟﻬَ َﻢ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ — ٍ ُ َ أﺳﻮاق أﻛﱪ ً اﻟﻬﻴﺌﺔ أﻳﻀﺎ .ﻛﺬﻟﻚ أﻟﻬﻤَ ِﺖ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻷﺳﻌﺎر واﻟﺘﻮﺟﱡ ﻪ ﻧﺤ َﻮ ٍ روزﻓﻠﺖ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﱃ اﻟﺮﻳﻒ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﻓﺄﻧﺸﺄ إدارة ﺗﻮﺻﻴﻞ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻐﻮث اﻟﺼﺎدر ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ،ﻟﺪﻋﻢ ﺑﺄﻣﻮال ﻣﻦ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﱃ اﻟﺮﻳﻒ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٥ ٍ ِ إﻧﺸﺎء ﺟﻤﻌﻴﺎت ﺗﻌﺎوﻧﻴﺔ رﻳﻔﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ .وﻋﲆ ﻏﺮار ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ،ﻟﻢ ﺗﺘﻮ ﱠل اﻹدار ُة َ ِ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﴩﻛﺎت ﺗﻮﺻﻴ َﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻟﻢ ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺟﻌﻠﺖ 9 ﺗﺮى إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮﺑﺢ ﰲ أﺳﻮاق ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺣﻴﻨﻪ. وﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ،أﺛﺒﺘَ ِﺖ اﻟﺠﻬﻮ ُد املﺒﺬوﻟﺔ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ دواﺋﺮ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ اﻷﺳﺎس ملﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﰲ ﱢ َ َ أﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ. ﻓﺄرﺳ ِﺖ ﺟﺪواﻫﺎ، وﻋﲆ ﻗﺪر ﻣﺎ ﺟﻤﻌﺖ اﻟﺴﺎﺳﺔ واﻟﻨﺎﺧﺒني ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ﻋﲆ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻓﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﻴﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ .ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻗ ﱠﻠ َ ﺺ اﻟﺘﺰا ُم ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﺑﺎﺣﱰام املﺆﺳﺴﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﻣﻦ دﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟ ِﺒﻨﻰ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب ﻛﺎن ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﱰاﺗﺐ اﻟﻌﺮﻗﻲ ﻫﻨﺎك؛ ﻓﱪاﻣﺞ املﺨﺼﺒﺎت اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺘﻬﺎ اﻟﻬﻴﺌﺔ ﻟﻢ ﺗﺸﻤﻞ ﱢ املﺘﺄﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻮد ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺒ ُﺪ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ املﻌﺰوﻟﺔ املﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ 10 أرض اﻧﺘﻬﺠﺖ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ اﻟﺴﻮد. اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﰲ ﻏري ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ٍ ﻋﻤ َﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻐﺮب ً أﻳﻀﺎ ،وﻗﺪ أﺷﺎر ﻣﻨﺘﻘِ ﺪُو دواﻓﻊ اﻹدارة إﱃ أن وﻻﻳﺎت اﻟﻐﺮب املﺘﺄرﺟﺤﺔ ،املﺘﻐرية ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﴩﻗﻲ 103
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
واﻟﺠﻨﻮب ،ﱠ ﺗﻠﻘ ْﺖ ﻧﺼﻴﺒًﺎ ﻏري ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ دوﻻرات اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة .وﻣﻊ ر ﱢد ﻣﺴﺌﻮﱄ إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺄن ﻣﺎ ﻳﻔﻮق اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻟﻌﺎدل ﻣﻦ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻬﻢ َ ذﻫﺐَ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﴍق ﻧﻬﺮ املﺴﻴﺴﻴﺒﻲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻣﻨﺬ أﻣ ٍﺪ أﻃﻮل ﺑﻜﺜري واﻷﻛﺜﺮ ﺗﻄ ﱡﻮ ًرا ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ اﻟﺤﺎ ُل ﻋﲆ أن أﻣﻮال إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔً ، ري ﻗﻴﺎﺳﺎ ﻋﲆ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺬﻫﺐ ﻋﲆ ٍ ﻧﺤﻮ أﻛﱪ ﺑﻜﺜ ٍ إﱃ اﻟﻐﺮب املﻨﺘﴩ ﺳ ﱠﻜﺎﻧﻪ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻤﺘﺪة .وﺑﺎملﺜﻞ ،إذا ﻛﺎن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ً ُ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ أﺻﻮاﺗًﺎ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﻨﺸﻐﻼ ﺑﴩاء اﻷﺻﻮات ،ﻓﻘﺪ ﺿﻤﱠ ِﺖ اﻟﺴﻜﺎن. أﺳﺎس اﺗﻀﺢ أن اﻟﺸﻜﻮك اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺗﺮت ﺣﻮل ﴍاء إدارة روزﻓﻠﺖ ﻟﻮﻻء اﻟﻐﺮب ذات ٍ ً ً وأﻣﻴﺎﻻ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻴﺎﻻ أراض ﺷﺎﺳﻌﺔ وﺗﻄ ﱠﻠﺒ َْﺖ واهٍ؛ ﻓﺘﻠﻚ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻬﺎ ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺑﺼﺪد اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻓﺴﺘﻨﻔﻖ املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ املﺎل ﻋﲆ اﻟﻄﺮق ﻋﲆ أﺳﺎس ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﺧﺎرج اﻟﻐﺮب .ﻋﻼوة ﻋﲆ أن اﻟﻐﺮب ﺣﻈﻲ ﺑﻮﻓﺮ ٍة ﻣﻦ املﴩوﻋﺎت ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔُ ،ﺧ ﱢ ﻄﻂ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وأﺻﺒﺤﺖ ﺟﺎﻫﺰ ًة ﻟﺘﻤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .وﻣﻊ اﻷراﴈ اﻟﺸﺎﺳﻌﺔ اﻟﻘﺎدرة ﻋﲆ ﺗﻮﻓري اﻟﺤﻴﺎة ملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاد اﻟﻜﺜرية ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻛﺎن اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ﺗﻠﻚ املﴩوﻋﺎت ﰲ اﻟﻐﺮب ﻳﺒﺪو اﺳﺘﺜﻤﺎ ًرا ُ ً ٍ ﻋﺎدﻟﺔ ﻣﻦ اﻷراﴈ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت أﻧﺼﺒﺔ ﻏري اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ راﺑﺤً ﺎ .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،اﻣﺘﻠ َﻜ ِﺖ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ — أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٨٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ وﻻﻳﺔ ﻧﻴﻔﺎدا — ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ إﻧﺸﺎء املﴩوﻋﺎت ﻫﻨﺎك 11 أرﺧﺺ وأﻳﴪ. ُ إﻧﻔﺎق املﺎل ﺑﻬﺪف ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺠﻨﻮب ذا ﺟﺪوى اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﻨﻲ وﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﺳﺘﻐﻼل اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺒﺤﺘﻬﺎ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ وﻣﻮروﺛﻬﺎ ،ﻓﺈن إﻧﻔﺎق املﺎل ﻋﲆ اﻟﻐﺮب ﻛﺎن ذا ﺟﺪوى اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ً ﻻﺳﺘﻴﻄﺎن أﻛﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﰲ إﻗﻠﻴﻢ ﻳَﻌِ ُﺪ أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﻨﻲ إﺗﺎﺣﺔ اﻟﺴﺒﻴﻞ ٍ ﱠت ً ﺑﺜﺮوات أﻛﺜﺮ .ﻓﺤﺘﻰ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ املﱰﺗﺒﺔ ﻋﲆ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أد ْ ٍ إﺗﻼف أﻳﻀﺎ إﱃ َ ﺑﻴﺌﻲ ،أو ﺑﺴ َ ﻧﻄﺎق اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﻼ ﺗﺮوﱟ ،أو ﻟﻢ ﱢ ﺗﻐري ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺒﺎت ﻄ ْﺖ ﱟ َ اﻋﱰﺿ ْﺖ ﺳﺒﻴ َﻞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ )ﺳﺎﻋﺪت إدار ُة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ اﻟﻌِ ﺮﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ً أﺻﻮل ﻳﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻐﺮب إﺑﱠﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( ،أو ﺑَﺪ ْ ﻧﺤﻮ ﻳﺜري َت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﲆ ٍ َت ً اﻟﺸﻜﻮ َك ،ﻓﻘﺪ ﺑَﺪ ْ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻨﻤﻮﻳ ٍﺔ إﻃﺎر أﻳﻀﺎ اﺳﺘﺜﻤﺎ ًرا راﺑﺤً ﺎ؛ ﻓﺈﻗﺎﻣﺔ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ِ أﺣ َﺪﺛَﺖ ﺗﻐﻴريًا ﰲ أوﺿﺎع ﺗﻠﻚ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﺗُﻌﺮف ﺑﺘﺨ ﱡﻠﻔﻬﺎ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻗﻮًى ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ ﻟﻠﺸﻤﺎل اﻟﴩﻗﻲ اﻷﻗﺪم واﻷﻏﻨﻰ ،واﻟﺠﻤﻬﻮري ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻪ .ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ أﻛﺜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت إﻋﺎد ًة ﻟﻠﺘﻮزﻳﻊ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻣﻊ 104
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
أن إدارة روزﻓﻠﺖ رﺑﻤﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﲆ إﻋﺎدة ﺗﻮزﻳﻊ املﺎل واﻟﺴﻠﻄﺔ ﺟﻐﺮاﻓﻴٍّﺎ ،ﻓﻠﻢ ﺗﺒﺬل اﻟﺠﻬ َﺪ ِ املﺒﺎﴍ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺪوﻟﺔ ﻹﻋﺎدة ﺗﻮزﻳﻊ املﺎل واﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﱪ اﻟﻄﺒﻘﺎت. وﻋﲆ اﻷﻗﻞ ،ﻣﻨﺬ أن أرﳻ آدم ﺳﻤﻴﺚ ﻣﺒﺪأ »اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺪﻓﻊ« ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺒﺪأه اﻷول ﻟﻔﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ،ﻓﺈن اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ اﻃﻤﺄﻧﺖ ﻟﻺﺟﺮاءات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ً ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺑﻐري ﺳﻮﻗﻴﺔ إﱃ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻣﻨﺤَ ْﺖ ﻗﻮ ًة ذﻟﻚ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻷﺷﺨﺎص اﻷﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً واﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻬﺪف ﺗﻮﻓري اﻟﺴﻠﻊ َملﻦ ﻫﻢ أﻗﻞ ً ِ املﺒﺎﴍ اﻟﺬي ﺗﻤﺘﱠﻌَ ْﺖ ﺑﻪ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻟﻢ ﻣﺎﻻ .ورﻏﻢ اﻷﺳﻠﻮب ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺑﻞ إن إدارة روزﻓﻠﺖ اﺣﺘﻔ َ ﻈ ْﺖ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻌﺎﻛﺴﺔ َ ً اﻟﴬﻳﺒﺔ ﻣﻀﻴﻔﺔ ﻟﻔﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ إدارة ﻫﻮﻓﺮ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٣ ﱢ ﺗﺤﺼﻠﻬﺎ إدار ُة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج إﱃ ﴐاﺋﺐ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ً اﻟﺘﻨﺎ ُزﻟِﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻜﺤﻮﻟﻴﺎت وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﻲ اﻋﺘُ ِﱪ َْت ً رذﻳﻠﺔ .وﺿﻌَ ْﺖ ﻫﺬه ﺗﺮﻓﺎ أو ﻋﺎدل ﻋﲆ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻷﻗﻞ ﻗﺪر ًة ﻋﲆ اﻟﺪﻓﻊ .ﺑﻞ إن ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻟﺴﻨﺔ اﻟﴬاﺋﺐُ ﻋﺒﺌًﺎ ﻏري ٍ ﺗﻮزﻳﻊ ،١٩٣٥اﻟﺬي ﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻃﻠﺐ روزﻓﻠﺖ إﻳﺠﺎد »ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﺎﻣﺔ رﺷﻴﺪة ﻟﻠﺘﺸﺠﻴﻊ ﻋﲆ ٍ ً ﻧﻄﺎﻗﺎ ﻟﻠﺜﺮوة« ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﺮدود إﻻ ﻟﻌﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﺑَﺪَا وﻛﺄﻧﻪ أوﺳﻊ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﱢ »أﺛﺎر املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺸﻜﻼت ً ﻳﺤﻘﻖ زﻳﺎد ًة ﰲ اﻟﺪﺧﻞ« ،ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻪ أﺣﺪ أﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻄﺮق واملﻮاﺻﻼت ﺑﺎﻟﱪملﺎن 12 .وإﻳﻤﺎﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﺑﺄن إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻗﺪ اﻋﺘﻤَ ﺪ ْ َت ﻋﲆ اﺳﺘﺜﻤﺎر رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻤﺮوا ﰲ ﻓﺮض رﺳﻮم ﴐﻳﺒﻴﺔ أﻗﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ — ﺗﺸري ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﻗﱰاﻋﺎت إﱃ أن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ اﻋﺘﱪوا ﻫﺬه اﻟﺮﺳﻮم املﻔﺮوﺿﺔ ﺗﺮﻗﻰ إﱃ أن ﺗﻜﻮن ﴐاﺋﺐ — ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ رﻓﻊ ﴐاﺋﺐ اﻟﺪﺧﻞ املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني. إﻻ أن إدارة روزﻓﻠﺖ ﻋﻤﻠﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﲆ إﻋﺎدة ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل ً ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ؛ ﻓﻬﻲ ﰲ املﻘﺎﺑﻞ أراد ْ ﻋﺪاﻟﺔ ،ﻣﻦ ﻧﺤﻮ أﻛﺜﺮ َت أن ﺗﻌﻤﻞ اﻟﺴﻮق ﻋﲆ ٍ ﱡ ِ املﺒﺎﴍ .وﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ أﺟﻞ ﺗﺨﺼﻴﺺ أﺟﻮر أﻋﲆ ﻟﻠﻌﻤﺎل واملﺴﺘﻬﻠﻜني دون ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻧﻤ ﱢﻮ ﻣﻨﻈﻤﺎت اﻟﻌﻤﱠ ﺎل واملﺴﺘﻬﻠﻜني املﺨﻮﱠل إﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ،ﻋ ﱠﺰ َز ِت إﺟﺮاء ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ أﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﺼﻴﺐ أﻓﻀﻞ ٌ ٌ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ :إذا ﻏﺪ َِت اﻷﻋﻤﺎ ُل أﻛﺜ َﺮ ﺗﻨﻈﻴﻤً ﺎ ﻣﻦ ذي ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻮق .ودﻋﻤﺖ ﻗﺒﻞ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ أﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎء ًة ﰲ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﻧﻔﻘﺎﺗﻬﺎ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ ﻣﺸﱰي املﻨﺘﺠﺎت وﺑﺎﺋﻌﻲ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ 105
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ وﺗﻌ ﱡﻠﻢ اﻟﻜﻔﺎءة .وﰲ أﺣﺪ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎت ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﺷﺠﱠ ﻌَ ْﺖ إدار ُة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻋﲆ ﺗﻨﻈﻴﻢ املﺴﺘﻬﻠﻜني واﻟﻌﻤﺎل. ﱢ ﺑﺤﻖ وﺟﻮد اﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻻ ﻳﺒﺪو ﺧﺎرﺟً ﺎ ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻓﺈن رﻏﻢ أن اﻟﺴﻤﺎح اﻹدارة ﺣﺎ َرﺑَﺘْﻪ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،١٩٣٤ﺗﻔﺠﺮت املﺼﺎﻧﻊ ﺑﺎﻹﴐاﺑﺎت ﺑﺴﺒﺐ رﻓﺾ املﺆﺳﺴﺎت ُ اﻹﴐاﺑﺎت ُﻣ ُﺪﻧًﺎ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ .وأﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ املﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻻﻋﱰاف ﺑﺎﻻﺗﺤﺎدات ،وأﻏﻠﻘﺖ ُ اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت أن ﻣﺪﻳﺮي اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺪ ﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﻨﺰاﻋﺎت ،وأﻇﻬﺮت ﻋﺰﻣﻮا ﻋﲆ إﺟﻬﺎض ﻣﻴﻼد اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﱠ ﺎﻟﻴﺔ ،ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻻﺧﱰاق واﻟﺘﻬﺪﻳﺪات واﻟﺰﻳﺎدات أﺟﺮ إﺿﺎﰲ ﱟ ،واﻷﻗﺒﺢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا ،ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺒﺎﺋﺲ. ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻹﻧﺘﺎج املﻄﻠﻮﺑﺔ دون ٍ وﻗﺪ ﱠ ﻋﱪ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﰲ ﻣﻮاﻗﻒ ﻋﺪة ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﻤﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ» :أ َ ِﻃ ﱠﻞ 13 ﺑﺮأﺳﻚ ﺧﺎرج اﻟﻨﺎﻓﺬة ،واﻧﻈﺮ إﱃ ﻃﺎﺑﻮر اﻟﺮﺟﺎل املﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﻟﻮﻇﻴﻔﺘﻚ«. وﻳﺸﺘﻬﺮ ﺟﻮن إل ﻟﻮﻳﺲ ﻣﻦ اﺗﺤﺎد ﻋﻤﱠ ﺎل املﻨﺎﺟﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ إﱃ رﺟﺎﻟﻪ» :ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻨﻜﻢ أن ﺗﻨﻀﻤﻮا إﱃ اﺗﺤﺎد 14 «.ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻟﻮﻳﺲ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن روزﻓﻠﺖ ﻳﻜﺮه ﺗﺼﻌﻴﺪ املﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻊ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻘﻮدون اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﺗﻪ إﱃ اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ اﻧﻌﺪام اﻟﺜﻘﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ ﻗﻀﺎﻳﺎ أﺧﺮى، ﻛﺎن ﻧﻮﱠاب اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻦ ﺣﺰب روزﻓﻠﺖ ﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ .ﺣﻴﺚ ﺗﻘ ﱠﺪ َم اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر روﺑﺮت واﺟﻨﺮ ً وﺧﺼﻮﺻﺎ ملﻨﻊ ﺑﻤﴩوع ﻗﺎﻧﻮن ﺑﺈﻧﺸﺎء املﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺼﻔﺔ داﺋﻤﺔ، اﻟﴩﻛﺎت ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻨﻊ ﺗﺮﻫﻴﺐ ﻣﻨ ﱢ ُ ﻈ ِﻤﻲ اﻻﺗﺤﺎدات. ﺗﻜﻮﻳﻦ اﺗﺤﺎدات ﻋﻤﱠ ﺎﻟﻴﺔ ﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻔﺮض اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻔﺎو َ ُض ﻣﻊ ﻣﻤﺜﱢﲇ اﻻﺗﺤﺎدات املﻨﺘﺨﺒني ﻣﻦ ﻗِ ﺒ َِﻞ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻟﻢ ِ ُ ُﺸﱰ ً ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﱠ ﻣﺘﺠﺮ ﻣﻦ املﺘﺎﺟﺮ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﰲ ﻃﺎ أﻧﻪ إذا أدﱃ أﺳ َﺲ ﻟﻘﺎﻋﺪ ِة اﻷﻏﻠﺒﻴ ِﺔ ﻣ ِ ٍ ﺑﺄﺻﻮاﺗﻬﻢ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﺗﺤﺎدٍ ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎدات ،ﻓﺴﻴﺘﻤﺘﻊ ذﻟﻚ اﻻﺗﺤﺎد ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻋﻤﱠ ﺎل املﺘﺠﺮ ﻛﺎﻓﺔ. ً َ ﺳﺒﻴﻼ ﻟﻺﺣﺠﺎم ﻋﻦ ﺗﺨﻮﻳﻞ ﺳﻠﻄﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم إﱃ اﻟﻘﺎﻧﻮن رأى واﺟﻨﺮ ِ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻓﻴﻘﻮل» :إن املﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ املﻔﺘﺎح اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺤ ﱢﻞ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي ْ إن ﻛﻨﱠﺎ ﻧﻨﺘﻮي اﻻﻋﺘﻤﺎ َد ﻋﲆ املﺴﺎﻋﺪة اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﱢ ﻳﻮﻓﺮﻫﺎ املﺼﻨﱢﻌﻮن واﻟﻌﻤﱠ ﺎلً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮة ﺑﺎﻟﻮﻗﻮع ﰲ املﺰاﻟﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪول اﻷوﺗﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ أو اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ 15 «.ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺮوق اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﱠ ﺎﻟﻴﺔ اﻷﻗﻮى ،رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻋﻼج ﻣ ﱞﺮ ،إﱃ اﻟﻨﺎﺧﺒني ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﻬﻞ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ زﻳﺎدة اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻹﻧﻔﺎق ﱠني ﻷﺟَ ٍﻞ ﻏري ﻣﺴﻤﻰ .وﺑﻌﺪ ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن واﺟﻨﺮ ﰲ ﻳﻮﻟﻴﻮ ١٩٣٥ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴ ْ ِ 106
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
َ َ اﺳﺘﻌﺎض ﻣﺒﺎﴍ ًة ﻋﻘﺐ إﻟﻐﺎء املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ — — ﻗﺎﻧﻮ ُن واﺟﻨﺮ ﻋﻦ ﺳﻠﻄﺎت اﻟﺪوﻟﺔ املﻌﻨﻴﱠﺔ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺑﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻘﻮة املﻜﺎﻓﺌﺔ، ﺎل ﻳﻮازن ﺗﺄﺛريَ إدارة اﻟﴩﻛﺎت. ﻟﺜﻘﻞ ﻣﻘﺎ ِﺑ ٍﻞ ﻓﻌﱠ ٍ ﻋﺎزﻳًﺎ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﱃ اﻟﻐﻴﺎب املﺒﻜﺮ ٍ وﻣﻦ أﺣﻜﺎم ﻗﺎﻧﻮن واﺟﻨﺮ: أن اﻟﺘﻔﺎوت ﰲ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﻔﺎوض ﺑني املﻮﻇﻔني اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺤﺮﻳﺔ ٍ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻧﻘﺎﺑﻲ ﻛﺎﻣﻠﺔ … وﺑني أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ املﻨﺘﻈﻤني ﰲ ﺻﻮر ِة ﺗﻨﻈﻴ ٍﻢ ﱟ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ ﺻﻮر اﺗﺤﺎدات املﻠﻜﻴﺔ … ﻳﺰﻳﺪ ﰲ اﻟﻌﺎدة ﻣﻦ ﺧﻄﻮرة أوﻗﺎت اﻟﻜﺴﺎد املﺘﻜ ﱢﺮرة ﰲ اﻷﻋﻤﺎل ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻷﺟﻮر وإﺿﻌﺎف اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ َملﻦ ﻳﻜﺴﺒﻮن ﺗﻠﻚ اﻷﺟﻮر … ﻓﺒﻤﻮﺟﺐ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺳﺘﻜﻮن ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة … اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﺒﺎت … ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻔﺎوض 16 اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ وإﺟﺮاﺋﻪ. ﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ أن ﻳﻨﻀ ﱠﻢ اﻟﻌﻤﱠ ﺎ ُل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن إﱃ اﺗﺤﺎدٍ ﻋﻤﱠ ﺎﱄ ﱟ؛ َ أﻋﺎق ﻓﺎﻟﻘﺎﻧﻮن أﻟ َﺰﻣَ ﻪ ﺑﺬﻟﻚ .ورﻏﻢ ﻓﺘﻮر ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ )اﻟﻌﺪد اﻟﻜﺒري ﻟﻠﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﻌﺎﻃﻠني ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﻢ ﰲ اﺗﺤﺎدات( ،اﻧﻀ ﱠﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﰲ ﻋﺎم ١٩٣٠ﻛﺎن أﻗﻞ ﻣﻦ ﻋُ ْﴩ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﰲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻗﺪ اﻧﻀﻤﻮا إﱃ اﺗﺤﺎدات ،ﰲ ﺣني أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٤٠اﻧﻀ ﱠﻢ أﻛﺜ ُﺮ ﻣﻦ ﺛﻠﺜﻬﻢ؛ وﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ َ ٍ اﺗﺤﺎدات ﻋﻦ اﻟﻔﱰة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ ارﺗﻔ َﻊ ﻣﻌﺪل اﻻﻧﻀﻤﺎم إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ُ اﻟﺨﻤﺲ ﺑﻘﻠﻴﻞ إﱃ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ أرﺑﺎع .واﺗﺴﻤﺖ ﻗﻄﺎﻋﺎت أﺧﺮى ﺑﺰﻳﺎدات ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ 17 .وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﻳﻌﻮد اﻟﻔﻀﻞ ﻛﺜريًا ﰲ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﻣﻌﺪل اﻻﻧﻀﻤﺎم ٍ ﻻﺗﺤﺎدات ﻟﺘﻜﻮن ﻗﻮ ًة ﻣﻜﺎﻓِ ﺌﺔ أﻣﺎم ﺳﻠﻄﺔ املﺪﻳﺮﻳﻦ ،إﱃ اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻧﺤﻮ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﻜﺜ ﱠ ٍﻒ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ُﺳ ﱠﻦ ﻓﻴﻪ ﻟﻼﺗﺤﺎدات ،اﻟﺘﻲ ﺟﺮى ﺗﱪﻳﺮﻫﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ وﻋﲆ ٍ ً ﻗﺎﻧﻮن واﺟﻨﺮ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﺒﻴ ٌﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮزﻳﻊ أﻛﺜﺮ ﻋﺪاﻟﺔ ﻟﻠﺜﺮوة دون زﻳﺎدة ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺪوﻟﺔ. ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﲆ ﺗﻨﻈﻴﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﻨﺘﺠني ﻓﺤﺴﺐ وﺷﺠﱠ ﻌَ ِﺖ وإﻧﻤﺎ ﻛﻤﺴﺘﻬﻠﻜني ً إﺻﺪار روزﻓﻠﺖ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ، أﻳﻀﺎ؛ ﻓﺤﺎ َل ِ أﻋﻠﻦ ً ٌ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻣﺠﻠﺲ اﺳﺘﺸﺎري ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻜني ﻣﺴﺌﻮ ٌل ﻋﻦ ﻗﺎﺋﻼ» :ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻨﺎك ِ ِ اﻟﺠﻤﻬﻮر املﺴﺘﻬﻠﻚ« ﰲ إﺟﺮاءات وﺿﻊ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﻘﻮاﻧني 18 .وﻗﺪ أﺑﺪ ْ َت ﻣﺎري ﻫﺎرﻳﻤﺎن راﻣﺰي ،رﺋﻴﺴﺔ املﺠﻠﺲ اﻻﺳﺘﺸﺎري ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻜني ،رﻏﺒﺘﻬﺎ ﰲ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﱃ املﺴﺘﻬﻠﻚ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻌﺎدي 19 ،ﻓﺎﻧﻬﺎﻟﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺸﻜﺎوى ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻷﺳﻌﺎر وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻠﺒﻦ واﻟﺨﺒﺰ واﻷﻃﻌﻤﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻷﺧﺮى. 107
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
وﺑﺎملﺜﻞ ،دﻋَ ْﺖ إدار ُة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ املﺴﺘﻬﻠﻜني إﱃ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺨﺎص ﺑﺎملﻨﺘﺠني. أﺻﺒﺢ ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﻫﺎو — وﻫﻮ إﺻﻼﺣﻲ ﻣﺤﲇ وﻣﻔﻮض اﻟﻬﺠﺮة ﺑﻨﻴﻮﻳﻮرك ﰲ اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ — ﻣﺴﺘﺸﺎ َر املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻟﺪى إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﰲ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ري ﻳﺘﺠﺎوز املﺴﺘﻮى اﻟﴬوري .١٩٣٣ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﻫﺎو ﻣﻨﻊ اﻷﺳﻌﺎر ﻣﻦ اﻻرﺗﻔﺎع ٍ ﺑﻤﻌﺪل ﻛﺒ ٍ 20 ﻟﻠﻤﻨﺘﺠني ﻻﺳﱰداد ﴐﻳﺒﺔ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ،وﺑﺪأ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﰲ إﻋﺪاد »دﻟﻴﻞ املﺴﺘﻬﻠﻚ« ،اﻟﺬي أُدرﺟﺖ ﻓﻴﻪ أﺳﻌﺎر املﻨﺘﺠﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﱢ ﻣﻮﺿﺤً ﺎ ﻣﻘﺪار ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﻋﻦ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ .وﻣﺜﻞ راﻣﺰي ،ﻃ َﻠﺐَ ﻫﺎو ﻣﻦ املﺪن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، َ املﺴﺘﻬﻠﻜني اﻹﺑﻼغ ﻋﻦ اﻻرﺗﻔﺎﻋﺎت ﰲ اﻷﺳﻌﺎر ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎوﺗﺎت ﺑني اﻷﺳﻌﺎر 21 املﺪرﺟﺔ واﻷﺳﻌﺎر اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ. َ اﻟﺘﻤﺎس ﻣﺴﺎﻋﺪ ٍة ﺧﺎرﺟﻴ ٍﺔ؛ ﻳﻤﺾ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﺣﺘﻰ ﺑﺪأت أﺻﻮات املﺴﺘﻬﻠﻜني وﻟﻢ ِ ﻓﻌﻴﱠﻨ َ ْﺖ راﻣﺰي اﻗﺘﺼﺎدﻳني وﻧﺸﻄﺎء ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﴩوع »ﺑﻨﺎء ﺣﺮﻛﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ« ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺄﻣﻠﻮن ﰲ إﻧﺸﺎء ﻣﺠﺎﻟﺲ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﰲ أرﺟﺎء اﻟﺪوﻟﺔ .وﻣﻊ أن إﻋﺮاب اﻟﺮﺋﻴﺲ َ ﺳﺎﻫ َﻢ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ أﻣﻠﻪ ﰲ أن ﻳﻨﻀ ﱠﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن إﱃ اﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ُ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ َ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ ،ﻓﺈن ﻣﻨﺎﺷﺪة اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺳﺎﻫﻤَ ْﺖ ﺑﻪ ﻟﻼﻧﻀﻤﺎم إﱃ اﺗﺤﺎدات ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ ﺻﻨﻌَ ْﺖ ً أﻳﻀﺎ ﺛ َِﻘ ًﻼ ﻣﻘﺎ ِﺑ ًﻼ أﻣﺎ َم ﻗﺮارات املﺪﻳﺮﻳﻦ، ُ ﺑﻞ أﻣﺎم ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻹدارة ﻧﻔﺴﻬﺎ ً َ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﻤﺎﻳ ِﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻣﺎرﺳ ْﺖ أﻳﻀﺎ .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ ُة ﰲ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺴﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ،ﺿﻐﻮ ً ﻃﺎ ﻟﺘﻐﻴري ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت. ﺳﺎﻋَ ﺪ َِت ً واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺸﻜﺎوى ،أﻗﺎﻣﺖ إدار ُة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ »ﻳﻮ َم اﻟﻨﻘﺪ املﻴﺪاﻧﻲ« اﻟﺬي ﻛﺸﻒ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺮﺿﺎ اﻟﻌﺎم ﺑني املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻬﺎ .ﻋﻤﻞ ﻟﻴﻮن ﻫﻨﺪرﺳﻮن — ﻋﻦ أﺣﺪ أﻧﺼﺎر ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ املﺤﻠﻴني ﺑﺈدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ — ﻣﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺟﺎردﻧﺮ ري ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎت إدارة ﻣﻴﻨﺰ ﻹﻋﺪاد ﺗﻘﺎرﻳﺮ ﻋﻦ اﺳﺘﻤﺮار ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر دون ﺗﻐﻴ ٍ اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ؛ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ ﺗﺄﺛري ﻋﲆ إﺣﺠﺎم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻋﻦ ﺗﺠﺪﻳﺪ رﺧﺼﺔ اﻹدارة. ُ أﺳﻌﺎر اﻟﻠﺤﻮم إﱃ إﴐاﺑﺎت املﺴﺘﻬﻠﻜني ﺿﺪ اﻟﺠﺰارﻳﻦ ﰲ أرﺟﺎء اﻻرﺗﻔﺎﻋﺎت ﰲ وأدﱠت ِ ُ اﻟﺒﻼد ،وﺗﻌﻬﱠ َﺪ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﱠ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ دﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﻤﻨﺘﺠني ﺑﺄﻻ ﻳﺸﱰوا ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻮﱢل واﻟﻘﺎﺋﻤني ﻋﲆ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج إﱃ املﺸﱰﻳﻦ .ﺑﺪأ دوﻧﺎﻟﺪ ﻣﻮﻧﺘﺠﻮﻣﺮي — أﺣﺪ أﻧﺼﺎر ﺣﻤﺎﻳﺔ ً ﺣﻤﻠﺔ ﺿﺪ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﺨﺒﺰ ،وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻔﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻚ ﺑﺈدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ — اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻗﺪ أَﻋْ َﻠ ْﺖ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة املﻜﺎﻓﺌﺔ املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ وﻋﻲ املﺴﺘﻬﻠﻚ ،ﻛﺎﻧﺖ اﺳﺘﺠﺎﺑﺘُﻬﺎ ﻣﺘﻤﺜﱢﻠﺔً 108
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
دور أﻛﺜﺮ ﰲ اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻋﻦ اﻟﺘﺰاﻣﻬﺎ اﻷول ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﺗﺤﺎﻟُ ٍﻒ ﺑني اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ،وﺗﺒﻨﱢﻲ ٍ 22 ﺣﻴﺎدﻳﺔ. وﻟﻜﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮى املﻜﺎﻓﺌﺔ ﺑﺘﺄﺛري ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ؛ ٍ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﻨﻤﻴ ٍﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻨﺎن ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺛﺮوﺗﻬﻤﺎ ورأس ﻓﻜﺎن اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب ﰲ ﻣﺎﻟﻬﻤﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻤﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻤﺎ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺸﻤﺎل ٍ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﴩﻋﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻨَﺎ ﻣﻦ ﺗﻤﺜﻴﻞ اﻟﴩﻗﻲ .ﻛﺎن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل واملﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﰲ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻤﺎ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻋﻦ إدارة اﻷﻋﻤﺎل ،وﰲ إﻃﺎر ﺳﻌﻲ إدارة روزﻓﻠﺖ إﱃ ﺗﻮﻓري درﺟﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻟﻸﻓﺮاد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل واملﺴﺘﻬﻠﻜني ،ﻗ ﱠﺮ َر ْت ﺗﺄﻣﻴﻨَﻬﻢ ﺿﺪ ﻓﻘﺪان اﻟﺪﺧﻞ ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﱠ ﻧﺤﻮ داﺋ ٍﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻌﺠﺰ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺪورﻳﺔ ،أو ﻋﲆ ٍ َ أو اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ .وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻛ ﱠﻠ َ ﺑﻮﺿﻊ ﻟﺠﻨﺔ اﻷﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻒ روزﻓﻠﺖ ِ ٍ ﺧﻄﻂ ﻟﻠﺘﺄﻣني اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ٍ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻤﺴﻨني دﻋﺎ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺬي أرﺳﻠﺘﻪ ﻟﺠﻨﺔ اﻷﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﺮوزﻓﻠﺖ إﱃ ﺗﻐﻄﻴ ٍﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ املﻌﺎﺷﺎت املﺪﻓﻮﻋﺔ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺷﱰاﻛﺎﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳ ٍﺪ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺎﺋﺪات اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .إﻻ أن روزﻓﻠﺖ ٍ ً واﺻﻔﺎ إﻳﺎﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ »إﻋﺎﻧﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤٍّ ﻰ ﺟﺪﻳﺪٍ«؛ رﻓﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ، َ ً ُ أﺳﺎس ﻣﻌﺎﺷﺎت اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻋﲆ ذاﺗﻴﺔ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺗﻜﻮن ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﺧﻄﺔ ﻛﺎن روزﻓﻠﺖ ﻳﺮﻳﺪ ِ ً ً ﻧﻤﻮذج اﻷﻗﺴﺎط اﻟﺘﺄﻣﻴﻨﻴﺔ ،ﻓﻴﺪﻓﻊ اﻟﻌﻤﱠ ﺎ ُل وأرﺑﺎبُ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻮرﻫﻢ ﰲ ِ ً ﻣﻌﺎﺷﺎ ﻣ ﱠﻮ َﻟﺘﻪْ ﺻﻨﺪوق ،وﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎش ﰲ ﺳﻦ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ،ﻳﺴﺤﺐ اﻟﻌﻤﱠ ﺎلُ ٍ ً ً ٍ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻦ ﺗﺴﺎﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ دون »ﺧﻄﺔ ﻣﺪﺧﺮاﺗﻬﻢ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻴﺸ ﱢﻜﻞ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ِ 23 اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ« ،ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻃﻠﺐ روزﻓﻠﺖ. وﴎﻋﺎن ﻣﺎ أﻟﻘﻰ املﻨﺘﻘﺪون ﺑﺎﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﻧﻘﺎط اﻟﻀﻌﻒ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻠﻚ أيﱡ ﺑﻠ ٍﺪ َ ﻟﺴﺒﺐ وﺟﻴ ٍﻪ؛ ﻓﺎﻻﺷﱰاﻛﺎت آﺧﺮ ﻫﺬا املﻨﺤﻰ ﰲ ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وذﻟﻚ ٍ املﺤﺴﻮﺑﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﺟﺮ ﺗﻔﺮض ﻋﺒﺌًﺎ ﴐﻳﺒﻴٍّﺎ أﺛﻘﻞ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻋﲆ ﻛﺎﺳﺒﻲ اﻷﺟﻮر اﻷﻓﻘﺮ .أﻣﺎ داﺧﻞ اﻹدارة ،ﻓﻘﺪ أﻟﻘﻰ ﻫﺎري ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﺑﺎﻟﻀﻮء ﻋﲆ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻨﺎزﻟﻴﺔ ﻟﻠﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ ،وأوﴅ ﺑﻔﺮض ﴐﻳﺒﺔ ﻋﲆ املﻮﴎﻳﻦ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ. وﻋﲆ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺠﺮاﺋﺪ ،ﺷﻌﺮ ﺻﺎﻧِﻌﻮ اﻟﺮأي ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ووﺻﻔﻮا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺄﻧﻪ »ﻳﺘﺨﺬ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ 24 اﻟﺼﻮر َة اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﴩﻳﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ« ،ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒﺖ ﻣﺠﻠﺔ ﻧﻴﻮ رﻳﺒﺎﺑﻠﻴﻚ. 109
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ٌ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻣﺜ َﻞ ﻫﺬا املﻠﺼﻖ ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ووﻋﺪ ْ ٌ َت ﻣﻠﺼﻘﺎت ﻣﻠﺼﻘﺎت ﺷﻜﻞ :2-6روﱠﺟَ ْﺖ أﺧﺮى ﺑﺪﻋﻢ اﻷراﻣﻞ وأﻃﻔﺎل اﻟﻌﻤﱠ ﺎل املﺆﻫﻠني.
ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ املﺎﻟﻴ ِﺔ ﻣﻨ َ َﻊ ً ِ أﻳﻀﺎ ﻧﻈﺎ َم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إن اﻫﺘﻤﺎم اﻹدارة ً ﻛﺎﻓﺔ .وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻗﺪ ﱠ ﺗﺄﺧ َﺮ ْت ﰲ اﻻﻟﺘﻔﺎت إﱃ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺄﻣني إﱃ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺿ ﱠﺪ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻤﺘﱠﻌَ ْﺖ ﺑﻤﻴﺰة دراﺳﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺒﻼد اﻷﺧﺮى .وﻛﻤﺎ أﺷﺎر أﺑﺮاﻫﺎم إﺑﺸﺘﺎﻳﻦ ،أﺣ ُﺪ أﻧﺼﺎر اﻟﺘﺄﻣني ﺿﺪ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ،ﰲ ﻋﺎم » :١٩٢٢ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ٍ ٍ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ؛ ﻓﻴﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ وﻇﻴﻔﺔ أن ﻳُﻄﺒﱠﻖ إﻻ ﻋﲆ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ ٍ ٍ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ،أو ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺰراﻋﻴني، وﻇﻴﻔﺔ أﺷﺨﺎص ﻻ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﺗﺤﺼﻴﻞ اﺷﱰاﻛﺎت ﻣﻦ ٍ أو ﻣﻤﱠ ﻦ ﻟﻴﺴﻮا أرﺑﺎبَ ﻋﻤﻞ ،أو ﻣﻦ اﻟﻼﺋﻲ ﻳﻌﻤﻠﻦ ﺑﺎملﻨﺰل دون أﺟﺮ ،أو ﻣﻦ ﺻﻐﺎر اﻟﺘﺠﺎر، 110
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ 25 «.وﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺳﻌَ ْﺖ إدارة روزﻓﻠﺖ إﱃ اﺗﺒﺎع ُﺧ َ ﻄﻰ اﻟﺒﻼد اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺜﻨ َ ْﺖ ﻋﻤﱠ ﺎل املﺰارع واﻟﺨﺪم ﺑﺎملﻨﺎزل ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻣﻌﺎش اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،وأذﻋﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﺬﻟﻚ. ﱠ ﻳﻈﻦ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻹدارة ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴُﻜﺘَﺐ ﻟﻠﻘﻴﻮ ِد ﻋﲆ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻻﺳﺘﻤﺮا ُر ،وﻟﻢ ﻗﺮﻳﺐ إﱃ دﻋ ٍﻢ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﴪ أد َر َك اﻟﺨﱪاءُ أن ﺧﻄﺔ اﻻﺷﱰاﻛﺎت ﺳﺘﺤﺘﺎج ﻋﻤﱠ ﺎ ٍ ﺑﺴ َ ﻣﻦ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﰲ اﻟﻌﻠﻦ أﻋﻠﻨﻮا ﻧﻴﺘﻬﻢ ْ ﻧﻄﺎق اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻟﻴﺸﻤﻞ املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻂ ِ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻘﺪر ُة ﻋﲆ ذﻟﻚ .وﻗﺪ ﱠ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﱠ ﺣﻘ َﻖ اﻟﻨﻈﺎم ﺑﺘﻌﺪﻳﻼﺗﻪ ﰲ ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩٣٩و١٩٥٠ ﱡ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،وﻟﻜﻦ ﺣني ﺻ َﺪ َر اﻟﺘﺰم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﻮد اﻟﺘﻲ ﺣﺪﱠدﻫﺎ روزﻓﻠﺖ ﺗﻠﻚ ﻟﻪ. َ َ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮارات املﺘﺨﺬة ﺑﺸﺄن ﺗﻘﻴﻴﺪ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺒﻌﺜﻬﺎ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ آﺛﺎر أﺧﺮى ﻋﲆ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ دون ﻏريﻫﺎ ،وﻛﺎن ﻻﺳﺘﺜﻨﺎء أﻓﺮﻳﻘﻲ؛ ﻓﻔﻲ أﺻﻞ ﻋﺎدل ﻋﲆ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﺑﺎملﺰارع واﻟﺨﺪم ﺑﺎملﻨﺎزل ﺗﺄﺛريٌ ﻏريُ ٍ ٍ ﱟ َ اﻟﻌﻤﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﻮد ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن ﻧﺼﻒ ﻣﺮة واﺣﺪة اﻗﺘﻄﻊ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ِ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺣﻮاﱄ ٦٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب .وإذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴ ُﺰ اﻟﻌﻨﴫي ﻧﺎﺑﻌً ﺎ ﻣﻦ َ إﺿﺎﻓﺔ ﱟ ﻧﺺ إﱃ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻢ ﺗﻔﻠﺖ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﱪﻳﺌﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮار املﺎﱄ ،ﻓﺈن اﻟﻨﻘﺪ. ﻛﻤﺎ اﺷﺘﻤَ َﻞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ً ِ املﺒﺎﴍة ﻟﻠﻤﺴﻨﱢني اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ٍ ﺗﺠﺎوزوا ﱠ ﺳﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،واﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪورﻫﻢ وﻗﺘﻬﺎ املﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ ﺗﻤﻮﻳﻠﻬﻢ ملﻌﺎﺷﺎﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻣُﺒ ِﻘﻴًﺎ ﻋﲆ اﻷﻣﻮال اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﺄي ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺗﻨﻔﻘﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻟﺘﻮﻓري اﻹﻋﺎﻧﺎت ﻄﺎ ﻣﺸﺎ ِﺑ ً املﺎﻟﻴﺔ .وﺷﻤﻞ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞُ ﺧﻄ ً ﻬﺔ ملﺴﺎﻋﺪة املﻜﻔﻮﻓني أو اﻷﻃﻔﺎل املﻌﻮﻟني املﺤﺘﺎﺟني )ﻻ ﺳﻴﻤﺎ أﻃﻔﺎل اﻷراﻣﻞ( ،ﻋﲆ أﺳﺎس أﻧﻬﻢ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني املﺴﺘﺤﻘني ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة، ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ املﺴﻨني .إﻻ أن اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻇ ﱠﻞ ﻣﻔﺘﻮﺣً ﺎ 26 ﻟﻠﻨﻘﺎش. ﻋﻨﺪ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺨﺼﻴﺺ اﻷﻣﻮال اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﻧﻔﻘﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﺮاء ﻣﻦ املﺴﻨني )ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺄﻣني ﺑﺎﻻﺷﱰاﻛﺎت( ،ﻓﺮض ﻣﻘﱰح اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﻌﻴﺎ ًرا ﻣﻮﺣﱠ ﺪًا »ﻟﻠﻌﻴﺶ اﻟﻼﺋﻖ واﻟﺼﺤﺔ«، ً ﻣﻘﺒﻮﻻ ﰲ ﺑﻘﺎع أﺧﺮى واﻋﱰض ﻣﻤﺜﱢﻠﻮ وﻻﻳﺎت اﻟﺠﻨﻮب ﻋﲆ أﻧﻪ ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﻬﺬا املﻌﻴﺎر ﻟﻴﻜﻮن َ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻟﻠﻔﻘﺮاء إﱃ أرﺑﻌﺔ أﺿﻌﺎﻓﻬﺎ؛ ﻷن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ ﺳﻴﻘﺘﴤ اﻷﻣﺮ ﻣﻨﻬﻢ 111
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
اﻟﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب ﻳﺒﻠﻎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ً ً ﺿﺌﻴﻼ ﻳﻤﺜﱢﻞ رﺑﻊ ﻣﺎ ﻳﻜﺴﺒﻪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﺒﻠﻐﺎ اﻷﻏﻨﻰ ،وﻫﺬا اﻟﺘﻔﺎوت ﻧﺎﺑﻊ ﰲ أﻏﻠﺒﻪ — ﻛﻤﺎ اﻋﱰف ﺳﻴﻨﺎﺗﻮر ﻣﻦ وﻻﻳﺎت اﻟﺠﻨﻮب — ﻣﻦ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ »اﻟﻌﺪد اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص املﻠﻮﻧني« ﰲ اﻟﺠﻨﻮب. ورﻏﻢ اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﻌِ ﺮﻗﻴﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠ ﱠﻮﻧ َ ْﺖ ﺑﻬﺎ اﻋﱰاﺿﺎت اﻟﺠﻨﻮب ،ﺟﺮى ﺗﻤﺮﻳ ُﺮ اﻟﻨﺺ أﺻﻞ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﻢ ﺑﻤﻮاﻓﻘﺔ اﻹدارة )ﺑﻤﻮاﻓﻘﺔ آرﺛﺮ ﻣﻴﺘﺸﻞ ،اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣﻦ ٍ أﻓﺮﻳﻘﻲ ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻣﻦ وﻻﻳﺔ إﻟﻴﻨﻮي ،اﻟﺬي زﻋﻢ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻏري اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﱟ 27 ﱡ ٍ أﺿﻌﺎف ﰲ ﻣﴩوع ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻐﻮث اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ(. ﺗﻮﻗﻊ زﻳﺎد ٍة ﺗﺒﻠﻎ أرﺑﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻮاردة ﺑﺸﺄن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﺸﺒﻪ أﺟﺰاءً أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺔ؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣني ﺿﺪ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ،ﺳﻴﺠﺮي ﺗﺤﺼﻴ ُﻞ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣني ﺿﺪ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ؛ وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ملﺴﺎﻋﺪة املﺴﺘﺤﻘني وﻏري اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ ،ﺳﻴﻜﻮن ﺑﻤﻘﺪور اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺪى ﺳﺨﺎء إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .وﻟﻜﻦ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ َ ذﻫﺐَ إﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻟﻴﻤﻨﻊ اﺳﺘﺤﻮاذَ واﺷﻨﻄﻦ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ َ َ ُ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺧﻄﻄﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﺣﺘﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم؛ ﻓﻤﺎ إن وﺿﻌﺖ أﺻﺒﺢ ﺑﻤﻘﺪور أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﺧﺼ ُﻢ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ إﱃ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻳﻦ ﺑﻪ ِ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻋﲆ وﺿﻊ ﺑﺮاﻣﺞ ﻟﻠﺘﺄﻣني ﺿﺪ إﱃ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺷﺠﱠ َﻊ اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻋﲆ وﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ. ِ َ اﻷﺳﺎس إذا ﻛﺎن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أﺻﺒﺢ ﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮﻓﺎه اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ زﻋﻢ ﻛﺜريٌ ﻣﻦ املﻌﻠﻘني ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ ،ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺮﻏﻢ اﻟﻨﻮاﻳﺎ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻟﻠﻤﺰارﻋني املﻨﻀﻤني إﻟﻴﻪ. ً ﻓﻠﻢ َ ﻣﻄﻠﻘﺎ ،وﻻ ﺣﺘﻰ اﻟﻐﻮث؛ وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻳﺮق ﻣﺎ ﻳﻮﻓﺮه ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪات إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺮﻓﺎه إﴏار روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ أن ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺗﻠﻚ املﺴﺎﻋﺪات ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻫﻤﺎت املﻨﺘﻔﻌني وﻟﻴﺲ اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎم. وﻟﻢ ﻳﺘﻤﺘﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﺑﺘﻠﻚ املﺴﺎﻋﺪات ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أﻧﻬﺎ ﺣﻖ — ﻟﻴﺲ إﻻ ﺑﻤﻘﺘﴣ ﴍاﺋﻬﻢ ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻂ — ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻴﻔﻌﻠﻮن ﻣﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﺄﻣني ﺧﺎص .ﻛﺎن روزﻓﻠﺖ ﻳﺮﻳﺪ ٍ ٍ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺴﻼﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ درﺟﺔ اﻟﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ املﺴﺎﻫﻤﺎت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ إﱃ أﻗﴡ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺘﺴﺎﻫﻤﻴﺔ ،وﺧﻄﻂ اﻟﺪوﻟﺔ ملﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻧﺴﺒﺔ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ وﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻛﻞ وﻻﻳﺔ ﰲ إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ» .وﻻ ﻧﻴﻜﻞ َ آﺧﺮ إﺿﺎﰲ … وﻻ ﻧﻴﻜﻞ واﺣﺪ .ﻓﺒﻤﺠﺮد أن ﺗﺘﺨﻄﻰ ﻧﺴﺒﺔ املﺸﺎرﻛﺔ ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣ ﱞﺪ أﻗﴡ ،وﴎﻋﺎن ﻣﺎ 28 ﺳﺘﺠﺪﻧﺎ ﻧﺴﺪﱢد اﻟﻔﺎﺗﻮرة ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ«. ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻀﻤﺎ ُن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﺘﺘﺨﺬ ﻣﺴﺎ ًرا ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﺬي ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﺳﺎرت ﻋﻠﻴﻪ أﻣﻢ ﺣﺪﻳﺜﺔ أﺧﺮى ،ﺣﻴﺚ اﺧﺘﺎر املﴩﱢﻋﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن 112
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ
ﺗﺴﺎﻫﻤﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺘﻨﺎزﻟﻴﺔ .وﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﺒﻨﱢﻲ ﴐﻳﺒﺔ ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ املﺴﺎﻋﺪات اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﺤﺎﻛﺎ ًة ﻟﻺﻧﻔﺎق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﺒﻼد اﻷﺧﺮى ﻓﺤﺴﺐ وﻳﺨﺪم اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﻤﺎ ُزﻋِﻢ ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﱢ ﻳﺤﻘﻖ ً ﻋﻤﻼ أﻓﻀﻞ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻜﺴﺎد ً أﻳﻀﺎ .إﻻ أن أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻢ ﻳﻀﻌﻮا ﻧﻈﺎم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻴﻜﻮن ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻟﻠﻜﺴﺎد ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳﺸ ﱢﻜﻞ ﺿﻤﺎﻧًﺎ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ملﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺴﺘﻘ ﱟﻞ ﻋﻦ ً أﺳﺎﺳﺎ ﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻘﻮى املﻜﺎﻓﺌﺔ ﰲ أرﺟﺎء اﻟﺒﻠﺪ .ﻋﻼوة أرﺑﺎب ﻋﻤﻠﻬﻢ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ً ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ؛ ﻓﺎﻹﺻﻼﺣﻴﻮن ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻣﺜ ﱠ َﻞ ﻧﻈﺎ ُم اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺧﻄﻮ ًة ﺑﻠﺠﻨﺔ اﻷﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ارﺗﺄَوْا أﻧﻪ ﻟﺠﻌﻞ املﻮﻇﻔني ﻣﺴﺘﻘﻠني ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت ٍ ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻠﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ؛ وﻟﻜﻦ املﻌﺎرﺿني — ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻧﻈﺎ ٍم املﺘﺤﺪة ﰲ ﱟ ً ً ﴍﺳﺔ ﻟﺪرﺟﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ — ﻗﺎوَﻣﻮا ﺣﺘﻰ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺮاﻣﻴﺔ ﻟﺒﺤﺚ املﺴﺄﻟﺔ 29 وﺑﺪﻻ ﻣﻦ زﻳﺎدة ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﱠ ً ِ ﻓﻀ َﻞ أﺻﺤﺎبُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ ِة أن اﻟﻠﺠﻨﺔ أﺳﻘﻄﺘﻬﺎ. زﻳﺎد َة ﺳﻠﻄﺔ اﻷﻓﺮاد ﻣﻦ املﻮاﻃﻨني وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت املﻮاﻃﻨني ،وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺬﻟﻚ ﰲ إﻃﺎر ﻣﺎ اﻋﺘﱪوه ﺣﺪودًا ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﻗﻌﻴﺔ. ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن روزﻓﻠﺖ ﻳﺘﺠﻪ ﻓﻴﻪ إﱃ إﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٦ﻛﺎن ﻟﻪ أن ﺳﻮق ﻳﺪﱠﻋِ ﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وإﺻﻼﺣﻪ ،ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺧﻠﻖ ٍ ً َ ﻋﺪاﻟﺔ وﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ،وﻫﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﺼﺎد َ ﺗﺪاﺧ َﻼ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺴﻤﺎت َف أن أﻛﺜﺮ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ املﻤﻴﺰة ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ دون ﺳﻮاﻫﺎ .ﻛﺎن اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب ﰲ ٍ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻧﺘﺸﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺸﻤﺎل اﻟﴩﻗﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﰲ اﻟﻐﺮق ﰲ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .ﻓﻜﻞ اﻟﺴﺪود اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ املﺸﻴﺪة واﻟﻄﺮق املﺸﻘﻮﻗﺔ واﻟﺠﺴﻮر املﺒﻨﻴﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ إدارة روزﻓﻠﺖ — اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﺑﺸﺎرة اﻟﺤﺪاﺛﺔ إﱃ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب — ً ً ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ إﻧﻔﺎق اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،واﻟﺬي ذﻫﺐ ٦٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﻪ ً ﺑﺪﻻ ﻧﺴﺒﺔ ﺑﻠﻐﺖ ﻋﻦ ذﻟﻚ إﱃ اﻟﻐﻮث ،اﻟﺬي ﺗﺮ ﱠﻛ َﺰ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺤﻀﺎري ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل 30 اﻟﴩﻗﻲ. ً وﰲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ روزﻓﻠﺖ ﻟﺘﻠﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ،ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ أﻳﻀﺎ ﻟﻠﻤﻜﻮﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﰲ ﱢ أﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ املﺴﺘﻬﻠﻜني واﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واملﻮاﻃﻨني َ اﻟﺬﻳﻦ ﱡ واﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب ،واﺳﺘﻤﺪوا ﻛﻠﻬﻢ اﻟﻘﻮ َة ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻪ .وﻣﻊ ازدﻳﺎد ﻗﻮﺗﻬﻢ ،دﻓﻌﻮا اﻟﺮﺋﻴﺲ إﱃ ﻓﻌﻞ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ .وﰲ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺬي ﱠ ﺣﻘﻘﺘﻪ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻛﺎن ﻳﻜﻤﻦ اﺣﺘﻤﺎل ﻓﺸﻠﻬﺎ؛ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻋَ َﻠ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻮات ،زاد وﺿﻮحُ 113
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ٍ ٍ وﻟﻢ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻦ روزﻓﻠﺖ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪﻫﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل،ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺄﻫﺪاف ﺿﺠﻴﺠﻬﺎ ﺑﺎملﻄﺎ َﻟﺒﺔ ِ ﺟﻬﻮ ٍد ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪﻳ ٍﺔ وﻣﺎ ﱠ .ﺗﻤﺨ َﺾ ﻋﻨﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ ﴏوف ﻫﻮاﻣﺶ (1) John Kenneth Galbraith, American Capitalism: The Concept of Countervailing Power (New York: Transaction Publishers, 2004), 137. (2) Jason Scott Smith, Building New Deal Liberalism: The Political Economy of Public Works, 1933–1956 (Cambridge: Cambridge University Press, 2006), 120-21. (3)
Thomas K. McCraw, TVA and the Power Fight, 1933–1939
(Philadelphia: J. B. Lippincott Company, 1971), 30. (4) Ibid., 1. (5) Ibid., 33. (6) 48 Stat. 58. (7) David Lilienthal, The TVA: An Experiment in The “Grass Roots” Administration of Federal Functions (Knoxville, TN: 1939). (8) McCraw, TVA, 138. (9) Theodore Saloutos, The American Farmer and the New Deal (Ames: Iowa State University Press, 1982), 219. (10) McCraw, TVA, 142. (11) John Joseph Wallis, “The Political Economy of New Deal Spending Revisited, Again: With and Without Nevada,” Explorations in Economic History 35, no. 2 (1998). (12) Mark H. Leff, The Limits of Symbolic Reform: The New Deal and Taxation, 1933–1939 (Cambridge: Cambridge University Press, 1984), 137, 56.
114
ﻗﻮة ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ (13)
Meg Jacobs, Pocketbook Politics: Economic Citizenship in
Twentieth Century America (Princeton: Princeton University Press, 2005), 139. (14) Ibid., 137. (15) Ibid., 145. (16) 49 Stat. 449. (17) Irving L. Bernstein, Turbulent Years: A History of the American Worker (Boston: Houghton Mifflin, 1971), 769-70. (18) “President’s Statement on Recovery Act Policies,” New York Times, 6/17/1933, 2. (19) “A Champion of the Consumer Speaks Out,” New York Times, 8/6/1933, SM5. (20) “Consumer Bureau to Check Prices,” New York Times, 6/24/1933, 22. (21) Jacobs, Pocketbook Politics, 119. (22) Ibid., 131-32. (23) Mark H. Leff, “Taxing the ‘Forgotten Man’: The Politics of Social Security and the New Deal,” Journal of American History 70, no. 2 (1983): 366–68. (24) Ibid.: 373. (25) Gareth Davies and Martha Derthick, “Race and Social Welfare Policy: The Social Security Act of 1935,” Political Science Quarterly 112, no. 2 (1997): 222. (26) James T. Patterson, America’s Struggle against Poverty, 1900– 1985 (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1986), 67–75. (27) Davies and Derthick, “Race and Social Welfare Policy,” 227. (28) James T. Patterson, The New Deal and the States: Federalism in Transition (Princeton: Princeton University Press, 1969), 93.
115
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة (29)
Daniel S. Hirshfield, The Lost Reform: The Campaign for
Compulsory Health Insurance in the United States from 1932 to 1943 (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1970), 42–70. (30) Wallis, “Political Economy,” 167.
116
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ
ﳖﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
ِ ﻛﺎن ﻓﺮاﻧﻜﻠني دﻳﻼﻧﻮ روزﻓﻠﺖ ﻳﺘﺤﺪﱠث ٍ وﺑﻠﻬﺠﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ أﻫﺎﱄ ﺑﺜﻘﺔ دون ﺗﻜ ﱡﻠ ٍﻒ اﻟﺒﻼد ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﲆ أﻏﻠﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني وراء اﻟﺠﺪران اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ ُ واﻟ ﱡ أﺳﻼف روزﻓﻠﺖ إﱃ ﻄ ُﺮق املﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻷﺷﺠﺎر ﻟﻮادي ﻧﻬﺮ َﻫﺪﺳﻮن وﻟﻮﻧﺞ آﻳﻼﻧﺪَ .ﻗ ِﺪ َم ﻧﻴﻮ أﻣﺴﱰدام ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ ،وﻟﻢ ﺗﴩد ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻘﻌﺔ ،ﺑﺮﻏﻢ ﺻﻌﻮد اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت وﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻵل روزﻓﻠﺖ ﻳ ٌﺪ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث .ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﻠﺔ واﻟﺪﺗﻪ — آل دﻳﻼﻧﻮ — ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎر ،وارﺗﺎد روزﻓﻠﺖ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﺮوﺗﻮن واﻟﺘﺤَ َﻖ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد، وﻗﺪ ﻛﺎﻧَﺘَﺎ ﻟﻠﻔﺘﻴﺎن اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ اﻟﺒﻴﺾ اﻷﻏﻨﻴﺎء .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺰوﱠجَ ﻣﻦ اﺑﻨﺔ ﻋﻤﻪ اﻟﺒﻌﻴﺪ إﻟﻴﺎﻧﻮر روزﻓﻠﺖ )ﻟﺘﺼﺒﺢ إﻟﻴﺎﻧﻮر روزﻓﻠﺖ روزﻓﻠﺖ( ،أﺻﺒﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺛﻴﻮدور روزﻓﻠﺖ ﻋﻤﻪ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻫﺬا اﻟﺰواج ،وﻗﺪ ﺳﺎر ﻋﲆ ﺧﻄﻮاﺗﻪ ﻟﻴﻜﻮن ﺑﺎﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﻻﻳﺔ ،واﻷﻣني املﺴﺎﻋﺪ ﻟﻠﺒﺤﺮﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﺣﺎﻛﻤً ﺎ ﻟﻨﻴﻮﻳﻮرك ،وﻟﻮﻻ إﺻﺎﺑﺘﻪ ﺑﺄزﻣﺔ ﺷﻠﻞ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬي ﻳﺼﻴﺐ ري ﻣﻦ املﺴﺎﻋﺪة واﻟﺠﻬﺪ واﻷﻟﻢ، اﻟﻜﺒﺎر ،واﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻏري ﻗﺪر ﻛﺒ ٍ ﻗﺎدر ﻋﲆ اﻟﻮﻗﻮف دون ٍ ٍ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴﻜﺎﺑﺪ أيﱠ ﺻﻌﻮﺑ ٍﺔ ﺟﻠﻴ ٍﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴُﺤﺮم ﻣﻦ أﻳﺔ ﻣﻴﺰة ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ ﺑﻠﺪ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ. ﻣﺮﻛﺰ ﺷﺒﻴ ٍﻪ ﺑﺎ ُملﺪاﻓِ ﻊ ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻟﺸﻌﺐ؛ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺧﻠﻔﻴﺔ روزﻓﻠﺖ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﰲ أيﱢ ٍ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٢ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻛﺬﻟﻚ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ َ ِ اﻧﺘﻘ َﺪ ﻫﻮﻓﺮ ملﺎ ﺣﺪث ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳ َُﺨﺾ ً رﺋﻴﺴﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ .وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻦ ﻋﺠﻮزات ﰲ ﻋﻬﺪه ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻬﺞ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ُ اﻟﻈﺮوف ﻧﻤﻮ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،إﻻ أن روزﻓﻠﺖ ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،ﺣﺒﺬت ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﱪاﻣﺞ ،ﻗﺎ َو َم ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت .ﻓﺄﺣﻴﺎﻧﺎً ً ﻧﻔﺴﻪ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره زﻋﻴ َﻢ اﻟﺤﺰب اﻷﻛﺜﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﺗﺠﺎﻫﻪ املﺤﺎﻓِ ﻆ ﰲ املﺴﺎﺋﻞ املﺎﻟﻴﺔ ﻣﻔﻴﺪًا ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎ َر َ ض اﻟﺘﺄﻣ َ ني ﻋﲆ اﻟﻮداﺋﻊ ،أو أﺑﺪى ﻋﺪم اﻛﱰاﺛﻪ ﺑﻘﺎﻧﻮن ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺣﺘﻰ َ واﻓ َﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
َ َ َ اﺗﺠﺎﻫﻪ املﺤﺎﻓِ ُ ُ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻆ أﺣﻴﺎن أﺧﺮى ﺷ ﱠﻜ َﻞ ﻋﲆ أي ﺣﺎل .وﰲ ٍ َ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺴﺎﻫﻤﻴﺔ واﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ملﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .وﺑﺮﻏﻢ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣ ﱠﺪ َد اﺳﺘﻌﺪاده ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﻓﺈن ﺑﻮاﻋﺜﻪ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﰲ املﺴﺎﺋﻞ املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﱰﻛﻪ ﻳﻮﻣً ﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ َ وﻓﻴﻠﺴﻮف اﻟﻘﻮة روزﻓﻠﺖ — اﻟﺬي ﺑﺰغ ﻧﺠﻤﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٦ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺑﻄ َﻞ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل املﻜﺎﻓﺌﺔ — أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﺗﻔﺮدًا .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﱠ رﺷﺤَ ﻪ ﺣﺰﺑﻪ إﱃ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ذﻟﻚ اﻟﺼﻴﻒ ،أﻋ َﻠ َﻦ روزﻓﻠﺖ اﻟﺤﺮبَ ﻋﲆ »اﻷﻣﺮاء اﻷﺛﺮﻳﺎء ﻟﻬﺬه اﻷﴎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة … ﻓﻬﺬه اﻷﻗﻄﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺸﻜﻮ ﻣﻦ أﻧﻨﺎ ﻧﺴﻌﻰ إﱃ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﻤﺆﺳﺴﺎت أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻜﻮن ﻣﻨﻪ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻧﺴﻌﻰ إﱃ اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﲆ ﺳﻠﻄﺘﻬﻢ .إن وﻻءﻧﺎ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻳﻘﺘﴤ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ 1 «.واﺳﺘﻤ ﱠﺮ روزﻓﻠﺖ ﰲ »اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺑﺤﺮار ٍة ﻟﻸﺳﺲ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ« ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻀﻊ »املﺠﺮﻣني أﺻﺤﺎب اﻟﺜﺮاء 2 اﻟﻔﺎﺣﺶ« ﻋﲆ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ »اﻟﺨﺎﻃﻔني واﻟﻠﺼﻮص« ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ أﻋﺪاء اﻷﻣﺔ. ﻛﺎن ﺧﺼﻮم روزﻓﻠﺖ ﻳﻨﻌﺘﻮﻧﻪ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﺎﻟﺨﺎﺋﻦ ﻟﻄﺒﻘﺘﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ املﺆرخ رﻳﺘﺸﺎرد ﻫﻮﻓﺴﺘﺎﺗﺮ ﰲ ﻋﺎم » :١٩٤٨إذا ﻛﺎن اﻟﻔﺮد ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻄﺒﻘﺘﻪ ﻛ ﱠﻞ املﺴﺘﻮى املﺴﺌﻮل 3 ﻋﻦ رﺳﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت وﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻃﺒﻘﺘﻪ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﻧﺘﻪ«. ﱡ اﻟﺘﺤﻔﻆ واﻟﺤﺬر واﺣﱰام وﺑﺮﻏﻢ ﻋﻨﺎﻳﺔ روزﻓﻠﺖ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ورﻏﻢ ري اﺗﺨﺬﺗﻪ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ورﻏﻢ اﻷدﻟﺔ اﻟﺠﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺸﻔﺖ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻜ ﱢﻞ ﺗﺪﺑ ٍ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ واﻟﻘﻮل أن إدارة روزﻓﻠﺖ ﻧﺠﺤﺖ ﻣﺮ ًة ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ﰲ إﻧﻘﺎذ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ً ﺗﻜﺎﺳﻼ ﻣﺘﻌﻤﱠ ﺪًا، وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ أﻳﺔ ﻧﻴﺔ ﰲ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﺎ؛ واﺟَ َﻪ روزﻓﻠﺖ ﰲ أﻓﻀﻞ اﻷﺣﻮال وواﺟﻪ ﻛﺜريًا ﺗﻌﺎوﻧًﺎ ﻣﺨﺎدﻋً ﺎ؛ وﻣﻊ ﻧﺠﺎح اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻧﺤﺴﺎر اﻟﻜﺴﺎد ،ﻛﺎن اﻟﻌﺪاء ﱡ اﻟﺘﻐريات ﰲ ﻋﲆ ﻃﻮل اﻟﺨﻂ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻃﺒﻘﺘﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﱪون )ﻛﻤﺎ اﺗﻀﺢ( أن أﻗﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻨﺬِر ٌة ﺑﺎﻟﻔﻮﴇ. ﺑﻘﺪر اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻋﲆ أﺻﻮات اﻟﺒﻴﺾ ﻣﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﻌﻨﴫي، وﺑﻘﺪر ﺑﻨﺎء إدارة روزﻓﻠﺖ ﻟﱪاﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻻﺣﱰام ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ وﺣﻘﻮق ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺠﻨﱡﺐ ﺗﻜﺪﻳﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻌِ ﺮﻗﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب ،ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ِﺖ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻷﻓﺎرﻗﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻌ َﻠ ْﺖ إدار ُة ﻫﻮﻓﺮ ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ .إن ﻓﻜﺮة »املﻮاﻃﻦ املﻨﴘ« ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻘﺎﺋﻤني ﻋﲆ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺨﺰي ،وذﻛﺮﺗﻬﻢ ﺑﺄن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺴﻮد ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻌﻮن ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺌﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﻃﺒﻘﺔ أﺧﺮى .وﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪة اﻷوﱃ ،ﺻﺎرت 118
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
َ اﻟﺨﺪﻣﺔ إﻻ ﻟﻠﺘﺠﺎر ﺷﻜﻞ :1-7اﻟﺘﻘﻂ ﺑﻦ ﺷﺎن ﺻﻮرة ﻫﺬه اﻟﻼﻓﺘﺔ املﻜﺘﻮب ﻋﻠﻴﻬﺎ »ﻻ ﻧﻘﺪﱢم ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺾ« — وﻫﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺑني ﻛﺜريات ﰲ أرﺟﺎء اﻟﺪوﻟﺔ — ﰲ ﻻﻧﻜﺴﱰ ،أوﻫﺎﻳﻮ ،ﻟﺼﺎﻟﺢ إدارة أﻣﻦ املﺰارع ﰲ ﻋﺎم .١٩٣٨
إﻟﻴﺎﻧﻮر روزﻓﻠﺖ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻘﺎﺋﻤني ﻋﲆ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة .ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﰲ ﺷﺒﺎﺑﻬﺎ ﰲ دار رﻋﺎﻳﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻔﻘﺮاء ﻣﻦ ا ُملﻬﺠﱠ ﺮﻳﻦ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وأﺑﺪ ْ َت ﻗﺪ ًرا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻄﺒﻘﺔ واﻟﻌِ ﺮق ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻘﻨﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﻳُﺴﻤَ ﻊ ﺻﻮت املﺪاﻓﻌني ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻮق املﺪﻧﻴﺔ ﻣﺜﻞ واﻟﱰ واﻳﺖ ﻣﻦ »اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺘﻘﺪﱡم املﻠﻮﱠﻧني« ﰲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ .واﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أﻧﻬﺎ دﻓﻌﺖ ﻫﻮﺑﻜﻴﻨﺰ ﺑﺈدارة ً ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﻟﻠﺘﺄ ﱡﻛﺪ ﻣﻦ وﺻﻮل اﻟﻐﻮث إﱃ اﻟﻌﻤﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﻮد، إﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺒﻴﺾ 4 .وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﱢ ﺟﺰﺋﻲ — ﻓﻬﻴﺌﺔ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ املﺪﻧﻴﺔ ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، ﻧﺠﺎح ﺗﺤﻘﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻬﻮد ﺳﻮى ﱟ ٍ ﻗﺎوَﻣَ ْﺖ ﺑﻮﺿﻮح اﻹدﻣﺎج اﻟﻌِ ﺮﻗﻲ — وﻟﻜﻦ ﱠ ﺣﻘ َﻘ ِﺖ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﻘﺪﱡﻣً ﺎ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑني اﻟﺴﻮد ﻟﻢ ﱢ ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ أيﱡ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ،ﻓﻴﺪراﱄ أو ﺣﻜﻮﻣﻲ ،دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ أو ﺟﻤﻬﻮري.
5
119
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻗﻮ َ َ إﺣﺴﺎس اﻟﺒﻴﺾ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴني ﺑﺎﻟﺘﻤﻴﱡﺰ ،وأﺧﺬ اﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬا اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﱠﺿ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻐﻴريات ﻣﺤﻤﻞ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺠﺪﻳﺔ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻬﻢ ﻃﺎ َﻟﺒﻮا ﺑﺘﻌﻮﻳﺾ .ﻓﺬات ﻣﺮة ،ﻛﺘﺐ ﻣﺴﺌﻮل ﺗﻨﻔﻴﺬي ﻋﲆ ٍ ﻣﺘﻘﺎﻋِ ﺪ ﺑﻤﺆﺳﺴﺔ دو ﺑﻮن إﱃ املﺴﺌﻮل اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي آﻧﺬاك ﺑﺎملﺆﺳﺴﺔ ﰲ أواﺋﻞ ﻋﺎم ١٩٣٤ ﻳﺸﻜﻮ إﻟﻴﻪ ً ﻗﺎﺋﻼ» :رﻓﺾ ﺧﻤﺴﺔ زﻧﻮج ﻋﻨﺪي ﰲ ﺟﻨﻮب ﻛﺎروﻟﻴﻨﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﺮﺑﻴﻊ … ﱠ ﻟﻴﺘﻠﻘﻰ اﻟﺮد اﻟﺬي أﺷﺎر إﱃ أﻧﻪ رﺑﻤﺎ ﻗﺎﺋﻠني إﻧﻬﻢ اﻟﺘﺤﻘﻮا ﺑﺄﻋﻤﺎل ﺳﻬﻠﺔ ﻟﺪى اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ«؛ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ» :ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻨﺎس ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﱠ ﺗﻤﺨ َﺾ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ ،ﺗﺸﺠﻴﻌﻬﻢ ﻋﲆ أن ﻳﺼريوا أﻏﻨﻴﺎء 6 «.وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﴩارة اﻟﺘﻲ ً واﺻﻔﺎ إﻳﺎه ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺸﺒﻪ اﺗﺤﺎ ُد اﻟﺤﺮﻳﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،اﻟﺬي ﻫﺰأ ﺑﻪ أﺣ ُﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪي روزﻓﻠﺖ اﻟﴩﻳﻂ اﻟﻼﺻﻖ — ً »أوﻻ :إﻧﻪ ﻣﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﺆﺳﺴﺔ دو ﺑﻮن ،ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻣﺎ وراءه« — وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن أﻋﻀﺎءه ،رﻏﻢ ﺗﴫﻳﺤﻬﻢ أﻧﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ أي ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺣﺰﺑﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺪﺳﺘﻮر اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ أي ﻫﺪف ﺳﻮى 7 ﻫﺰﻳﻤﺔ روزﻓﻠﺖ ﰲ ﻋﺎم .١٩٣٦ ً ﺑﻌﺪ ﻣﴤﱢ ﻋﺎم ،ﺣﺎ َز اﺗﺤﺎ ُد اﻟﺤﺮﻳﺎت ﺣﻠﻴﻔﺎ ﺛﻤﻴﻨًﺎ ﰲ ﻣﻌﺎرﺿﺘﻪ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة: املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .ﻓﻔﻲ ٢٧ﻣﺎﻳﻮ ﻋﺎم ،١٩٣٥ﻗﺮأ رﺋﻴﺲ املﺤﻜﻤﺔ ﺗﺸﺎرﻟﺰ إﻳﻔﺎﻧﺰ ﻫﻴﻮز اﻟﺤﻜ َﻢ املﺘﱠ َﺨﺬ ﺑﺎﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ »ﺷﻜﱰ ﺿﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة« .أُدﻳﻦ ﻣﺎﻟﻜﻮ ٍ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻓﻴﺪراﻟﻴ ٍﺔ ﺑﺒﻴﻊ »دواﺟﻦ ﻏري ﺻﺎﻟﺤﺔ« وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﻣﺠﺰر ﺷﻜﱰ ﰲ ً ﻟﻘﺎﻧﻮن إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺪواﺟﻦ .ﻗﺎل ﻫﻴﻮز ،ﻣﺨﺎﻟِﻔﺎ دﻳﺒﺎﺟﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ً ً دﺳﺘﻮرﻳﺔ أو ﺳﻠﻄﺔ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﻗﻮاﻧني اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة» :إن اﻟﻈﺮوف اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﺨﻠﻖ ﱢ ً ﺗﻔﻮﻳﻀﺎ ﻏري ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺗﻀﺨﻤﻬﺎ «.رأت املﺤﻜﻤﺔ أن إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﺜ ﱠ َﻠ ْﺖ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس إﱃ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ اﻟﻘﻮاﻧني ،وأن ذﻟﻚ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﻳُﺆوﱢل ﻗﺪرة اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺘﺠﺎرة ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻋﲆ ﻧﺤﻮ 8 ﻓﻀﻔﺎض ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. َ وﰲ ٣١ﻣﺎﻳﻮ ،ﻋﻘﺪ روزﻓﻠﺖ ﻣﺆﺗﻤ ًﺮا ﺻﺤﻔﻴٍّﺎ َ وﺻﻔﻪ ﻣﺮاﺳﻞ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ُ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺗﺎﻳﻤﺰ 9ﺑﺄﻧﻪ »املﺆﺗﻤﺮ اﻷول ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﺪﱠث ﻧﺤﻮ ﻏري رﺳﻤﻲ … ﻣُﻠﻘِ ﻴًﺎ اﻟﻀﻮءَ — دون اﻟﺮﺟﻮع إﱃ أوراق ﻳﻘﺮأ ﻣﻨﻬﺎ — ﻋﲆ ﻋﲆ ٍ ٍ ﺑﺮﻗﻴﺎت ﺗﻠﺘﻤﺲ ﻗﻀﻴﺔ ﺑﺪت ﻟﻪ ﻻ ﻳﺴﺒﻘﻬﺎ ﰲ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﳾء ﺳﻮى اﻟﺤﺮب «.ﻗﺮأ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ ِ إﺟﺮاءات إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ،واﻗﱰﺣَ ْﺖ إﺣﺪى اﻟﱪﻗﻴﺎت ﻗﻴﺎﻣﻪ ﻣﻨﻪ اﺳﺘﻌﺎد َة ﺑﺘﺠﺮﻳﺪ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ وﻻﻳﺘﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،إﻻ أن روزﻓﻠﺖ ﻗﺎل» :ﻫﺬه 120
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
ً أﻫﻤﻴﺔ اﻟﱪﻗﻴﺎت ﻋﺪﻳﻤﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ «.وأﺿﺎف أن ﺣﻜﻢ املﺤﻜﻤﺔ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﻜﱰ ﻛﺎن »أﻛﺜﺮ ُ ﻣﻦ أي ﺣﻜ ٍﻢ َ املﺤﻜﻤﺔ ﻣﻨﺬ ﻗﻀﻴﺔ درﻳﺪ ﺳﻜﻮت« )اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆ ﱢﻛﺪ أن آﺧﺮ أﺻﺪ َرﺗْﻪ ٍ ﺳﻠﻄﺔ ﻟﺤﻈﺮ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،واﻟﺘﻲ ﻋﺠﱠ َﻠ ْﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ أيﱠ ﺑﻨﺸﻮب اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ(؛ ﻷن املﺤﻜﻤﺔ اﻋﺘﻤﺪت ﻋﲆ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺣﺎﺳﻢ ﻟﺒﻨﺪ اﻟﺘﺠﺎرة ﺑﺎﻟﺪﺳﺘﻮر. ﻗﺮأ روزﻓﻠﺖ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻳﻤﻨﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﻌﺪﻳﻦ واﻟﺰراﻋﺔ واﻹﻧﺸﺎءات ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎﻧﺖ املﻮاد اﻟﺨﺎم أو املﻨﺘﺠﺎت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻧﺸﻄﺔ ﻋﱪت ﺣﺪود اﻟﻮﻻﻳﺎت .وﰲ ﺑﻠ ٍﺪ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﺠﺎرة ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﺑﻠ ٍﺪ ﺣﻮﱠﻟﺘﻪ وﺳﺎﺋ ُﻞ ُ َ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ إﱃ أﻣﺔ واﺣﺪة ،ﺟﻌﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺮاء ُة ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن واﻟﻨﻘﻞ اﻻﺗﺼﺎل ِ ِ َ ً وﻋﺪﻳﻤﺔ اﻟﺠﺪوى .وﻗﺪ ﴏﱠ حَ روزﻓﻠﺖ ً ﺛﻤﺎن ﻋﻘﻴﻤﺔ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا ﺳﻴﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ٍ وأرﺑﻌﻮن أﻣﺔ … إﻧﻪ ﻟﻮﺿﻊ ﺳﺨﻴﻒ وﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﺑﻜ ﱢﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨًﻰ «.إن اﻟﺘﻔﺴري اﻟﺤﺎﺳﻢ ﻟﺒﻨﺪ اﻟﺘﺠﺎرة رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺻﺎﻟﺤً ﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرة ﻳﻌﱪ اﻟﺤﺪود ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت وﻛﺎن ﺷﻌﺐ اﻷﻣﺔ ﻳﺘﻨﻘﻞ »ﺑﻌﺮﺑﺎت اﻟﺨﻴﻮل« .اﺳﺘﻄﺮد روزﻓﻠﺖ ً ﻗﺎﺋﻼ: ُ ُ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﺒﻌﺾ« ،ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺎت ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ — إﻧﻨﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﻮن »اﻵن ﻧﺤﻦ ﻣﻌﺘﻤﺪون املﺘﺤﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ .ﺑﺪأ روزﻓﻠﺖ ﻛﻼﻣﻪ» :اﻵن ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻤﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ …« ﺛﻢ ﻟﺰم اﻟﺼﻤﺖ ،ﻟﻴﺴﺘﻄﺮد ً ﻗﺎﺋﻼ» :أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻜﻢ ﺗﺮﻳﺪون أن ﺗﻌﺮﻓﻮا ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻤﱠ ﺎ 10 أﻧﺎ ﺑﺼﺪده ،وإﻧﻲ ﺳﺄُﻃﻠِﻌﻜﻢ ﻋﲆ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﺟﺪٍّا ﺟﺪٍّا ﻣﻤﺎ ﺳﺄﻓﻌﻠﻪ«. وﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎ ٍم ،ﻟﻢ ﻳُﺪ ِْل روزﻓﻠﺖ ﺑﺄي ﳾءٍ ذي ﻣﻐ ًﺰى ﻋﲆ املﻸ ﺣﻮل املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ُ املﺤﻜﻤﺔ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﺑﻌﺪم ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺪ َر ِت إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﺗﺪاﺑري اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻴﻤﺎ ُﺴﻬﺒﻮن ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وﺑﺪأ أﻋﻀﺎء اﺗﺤﺎد اﻟﺤﺮﻳﺎت ﻳﺤﺘﻔﻮن ﺑﺎﻟﻘﻀﺎة ﺑﻌﺪُ .ﻛﺎن ﺧﺼﻮﻣﻪ ﻳ ِ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻣُﺪاﻓِ ﻌني ﻋﻦ اﻷﺳﻠﻮب اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .وﺑﺪأ ﺧﺼﻮم روزﻓﻠﺖ ﻳُﻌﻠِﻨﻮن أن ﻗﻀﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺳﺘﻜﻮن املﺤﻜﻤﺔ .وﺗﺴﺎءل ﻳﻮﺟني ﺗﺎملﻴﺞ ،اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ املﺤﺎﻓِ ﻆ ﻣﻦ ً »ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴني … ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﺧﻠﻔﺎء« ﻟﻠﻘﻀﺎة ﺟﻮرﺟﻴﺎ ،ﻫﻞ أراد اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻟﻄﺎﻋﻨني ﰲ اﻟﺴﻦ؟ وﻗﺎل اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﺑﺄن روزﻓﻠﺖ ﺗﺠﺎ َو َز ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ املﺪﻧﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺗﻪ »اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ«؛ وﻗﺪ ﻗﺎل ﻣﺮﺷﺤﻬﻢ ،آﻟﻒ ﻻﻧﺪن ﺣﺎﻛﻢ وﻻﻳﺔ ﻛﻨﺴﺎس ،إن روزﻓﻠﺖ ﻗﺪ َ »ﻓﻘ َﺪ ﻋﻘ َﻠﻪ« 11 .وﻗﺎل اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر آرﺛﺮ ﻓﺎﻧﺪﻳﻨﱪج )ﺟﻤﻬﻮري ﻣﻦ ﻣﻴﺸﻴﺠﺎن( ﺑﺪﻫﺎءٍ» :ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ُ أﻳﺔ ﻧﻴ ٍﺔ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺳﻴﻠﻴﻨﻲ أو ﻫﺘﻠﺮ أو ﺳﺘﺎﻟني ،وﻟﻜﻦ ﺣﺪﻳﺜﻪ 12 ُ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨﻪ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﺳﻴﻘﻮﻟﻮﻧﻪ«. ﻛﻤﺎ 121
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻣﻊ أن روزﻓﻠﺖ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺪث ﻛﺜريًا ،ﺣﺎﻓ َ ﻈ ْﺖ إدارﺗﻪ واﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻋﲆ ﻧﺸﺎﻃﻬﻤﺎ ،وﺗﻤﱠ ِﺖ ُ املﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن واﺟﻨﺮ ﻹﻋﺎدة ﱢ ﺣﻖ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﰲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻨﻘﺎﺑﻲ وﺗﻌﺰﻳﺰه ﻛﻤﺎ ﻫﻮ َ ﻣﻌﱰَف ﺑﻪ ﰲ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ،وﺗﻤﱠ ْﺖ ً املﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن »ﺟﺎﰲ أﻳﻀﺎ ﱠ ٍ ﻣﺼﻐﺮ ٍة ﻣﻦ إدارة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻓﺤﻢ اﻟﺒﻴﺘﻮﻣني ﻧﺴﺨﺔ ﻛﻮل« ﻹﻧﺸﺎء 13 ً ﺧﺼﻮﺻﺎ ،ﻋﲆ أﺳﺎس أن ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق اﻟﻮﻻﻳﺎت. ُ َ ﻓﻘﻀ ْﺖ ﺑﺒﻄﻼن ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻔﺤﻢ ﰲ ﻣﺎﻳﻮ املﺤﻜﻤﺔ أﺻﺤﺎبَ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ وﺳﺎﻳ َﺮ ِت ْ ٍ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻲ أﺻﺪ َرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻋﺎ ٍم، ﻋﺎم ١٩٣٦؛ ﻟﻴﻜﻮن ﺣُ ْﻜﻤﻬﺎ واﺣﺪًا ﻣﻦ ﻛﺎن أﻏﻠﺒﻬﺎ ﻣﻮﺟﱠ ﻬً ﺎ ﺿﺪ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺄﻓﻜﺎر ﺑﺪ ْ َت ﰲ ﻧﻈﺮ ﻓﻠﻴﻜﺲ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرﺗﺮ ،أﺳﺘﺎذ اﻟﻘﺎﻧﻮن آﻧﺬاك ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد ،أﻧﻬﺎ »ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ِﻟ ْﻠﺒُ ْﻠ ِﻪ« وﺟﻌﻠﺘﻪ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﻀﺐ ﺷﺪﻳﺪة، 14 ُﻌﺮﺑًﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻮل» :ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻢ ﻳﻤﺜ ﱢ َﻼ أيﱠ ﳾءٍ«. ﻣ ِ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻋﻀﺎء ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﻬﺎرﻓﺮد ﻫﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻮﺣﻴﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﺻﺎﺑﻬﻢ اﻻﺳﺘﻴﺎء؛ ﻄﻠِﻌﺔ إﱃ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﱠ إذ ﺗﺸري ﻣﺼﺎد ُر ﻣ ﱠ ٍ ﺧﻄﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﻧﺎﺧﺒني ﺷﺎﻛني ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ رﺟﻞ ﺗﻠﻘﻰ ُ »ﻗﻠﺖ ﻟﻚ إن اﻷﺛﺮﻳﺎء داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳُﻬْ َﺮﻋﻮن إﱃ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺑﻄﺎل ﻣﻦ ﺗﻜﺴﺎس: 15 ﻗﻮاﻧﻴﻨﻨﺎ«. ُ ً ﱠ وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﻐﻠﺒ َِﺖ املﺤﻜﻤﺔ ﻋﲆ املﴩﱢﻋني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴني وﺗﻘﺪﱠﻣَ ْﺖ ﻟﺘﻀﻊ ﻋﻘﺒﺔ أﻣﺎم ُ املﺤﻜﻤﺔ ﺑﺄﻧﻪ اﻟﻮﻻﻳﺎت .وﰲ ﻗﻀﻴﺔ »ﻣﻮرﻫﻴﺪ ﺿﺪ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺗﻴﺒﺎﻟﺪو« ،ﺣﻜﻤَ ِﺖ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪور اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺗﺤﺪﻳ ُﺪ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻷﺟﻮر اﻟﻌﺎﻣﻼت .وﻋ ﱠﻠﻖ روزﻓﻠﺖ ﺑﻬﺪوء ً ﻗﺎﺋﻼ: »ﻳﺒﺪو أﻧﻪ اﺗﻀﺢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ … أن »املﻨﻄﻘﺔ املﺤ ﱠﺮﻣﺔ« اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪور أي ﺣﻜﻮﻣﺔ — ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﺪراﻟﻴﺔ أو ﺑﺈﺣﺪى اﻟﻮﻻﻳﺎت — أن ﺗﻤﺎرس ﺳﻠﻄﺎﺗﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﻌﺎملﻬﺎ آﺧﺬة ﰲ اﻟﻮﺿﻮح أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ .ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪور وﻻﻳﺔ أن ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ،وﻻ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﻴﺪراﻟﻴﺔ أن ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ً أﻳﻀﺎ 16 «.وﻗﺪ اﻋﱰف ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني أﻧﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ِﺪ اﻟﺪﻓﺎ ُع ﻋﻦ ً ً اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﺟﻴﺪة .وﻗﺪ ﻗﺎل ﻋﻀﻮ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻫﺎﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﻴﺶ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﱪﺗُﻢ ﻋﻦ أيﱢ ﺗﺄﻳﻴ ٍﺪ )دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻋﻦ وﻻﻳﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك(» :أﻗﻮل إﱃ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني إن ﱠ ْ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﻜﻢ … ﻓﺴﻴﻌﻨﻲ ﻫﺬا ﻣﻠﻴﻮن ﺻﻮت ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ «.وﻋﻠﻖ ﻫﺮﺑﺮت ﱡ ﺗﻈﻦ أﻧﻬﺎ ﻫﻮﻓﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﻳﺠﺐ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءٍ ﺑﺸﺄن إﻋﺎدة اﻟﺼﻼﺣﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت 17 ﺗﻤﺘﻠﻜﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ«. ُﻠﺰﻣني أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻮﻗﻮف وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ذﻟﻚ اﻟﺤني ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﻣ ِ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺤﻜﻤﺔ ﺿﺪ روزﻓﻠﺖ ،ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪورﻫﻢ ﺗﻐﻴري ﻣﺴﺎرﻫﻢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. 122
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
وﻗﺪ ﺷﺪد ﻫﻮﻓﺮ ﰲ املﺆﺗﻤﺮ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻋﲆ أﻧﻪ »ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﻜﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻟﺮبﱠ ٌ ﺗﺼﻔﻴﻖ ﺣﺎ ﱞر ملﺪة دﻗﻴﻘﺘني 18 .وﻛﺘﺐ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻋﲆ اﻟﺪﺳﺘﻮر واملﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ «.وأﻋﻘﺐ ﻛﻠﻤﺘَﻪ آرﺛﺮ روك ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ» :إن املﺤﻜﻤﺔ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻬﺎ ﺧﺎﺿﻌﺔ ملﺤﺎﻛﻤﺔ 19 «.ﻓﺈن ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎملﺤﻜﻤﺔ وﺿﻌَ ْﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻗﻔﺺ اﻻﺗﻬﺎم ،وأدﺧﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻌﻬﺎ؛ أﻣﺎ روزﻓﻠﺖ ،ﰲ ﻣﻮﻗﻔﻪ اﻷﻗﺮب إﱃ اﻟﺼﻤﺖ ا ُمل ْ ﻄ ِﺒﻖ ﺣﻴﺎل املﺴﺎﺋﻞ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ ﺟَ ﻌْ ﺒﺘﻪ اﻟﻜﺜري ﻟﻴﻔﻌﻠﻪ .ﻛﺎﻧﺖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﺳﺘﻔﺘﺎءٍ ﻋﲆ املﺤﻜﻤﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي َ ارﺗﻘ ْﺖ ﺑﻪ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﺳﺘﻔﺘﺎء ﻋﲆ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻻ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﺑﻌﻴﻨﻪ أو ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﺳﺘﻌﺪادًا ﻻﺳﺘﺨﺪام ﺳﻠﻄﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎﻣﻠني واﻟﺒﺎﺋﺴني .وﺑﻴﻨﻤﺎ وﻗﻒ ﺧﺼﻮم روزﻓﻠﺖ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻗﻒ روزﻓﻠﺖ ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻜﺴﺎد .وﻗﺪ ﻗﺎل ﰲ ﻗﺎﻋﺔ ﻣﺎدﻳﺴﻮن ﺳﻜﻮﻳﺮ ﺟﺎردن ﰲ ٣١أﻛﺘﻮﺑﺮ» :اﻟﻴﻮم ﺳﺄﺗﻠﻮ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﴩف ،ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﴩف اﻟﺘﻲ ﺗﻀ ﱡﻢ ﻣَ ﻦ وﻗﻔﻮا ﺑﺠﺎﻧﺒﻨﺎ ﻋﺎم ١٩٣٢وﻣﺎ زاﻟﻮا ُ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻗ ﱡ ﻂ؛ اﻟﻴﻮم واﻗﻔني إﱃ ﺟﻮارﻧﺎ .ﺑﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﴩف أﺳﻤﺎء املﻼﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﺗُﺘَﺢْ ﻟﻬﻢ رﺟﺎل ﱠ ﻳﺘﻠﻘﻮن أﺟﻮ ًرا ﻻ ﺗﺴ ﱡﺪ رﻣﻘﻬﻢ ،ﻧﺴﺎء ﻳﻌﻤﻠﻦ ﺑﻤﻨﺸﺂت ﺷﺎﻗﺔ ،أﻃﻔﺎل ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﲆ املﻨﺎول «.ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻳﻌﺪﱢد املﻌﺎدﻳﻦ ﻟﻬﻢ: أﻋﺪاء اﻟﺴﻼم اﻟﻘﺪاﻣﻰ :اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت واﻻﺣﺘﻜﺎر املﺎﱄ ،واملﻀﺎرﺑﺔ ،واﻟﻨﺸﺎط ﱡ واﻟﺘﻌﺼﺐ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ،واﻟﱰﺑﱡﺢ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب؛ املﴫﰲ اﻟﻄﺎﺋﺶ ،واﻟﻌﺪاء اﻟﻄﺒﻘﻲ، ﺗﺎﺑﻊ ﻟﺸﺌﻮﻧﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ … ﻟﻘﺪ ﺑﺪءوا ﻳﻌﺘﱪون ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﺠﺮد ٍ إﻧﻬﻢ ﻣﺠﺘﻤﻌﻮن ﻋﲆ ﻛﺮاﻫﻴﺘﻲ ،وأﻧﺎ أرﺣﱢ ﺐ ﺑﻜﺮاﻫﻴﺘﻬﻢ ﱄ .أو ﱡد أن ﻳُﻘﺎل ﻋﻦ إدارﺗﻲ اﻷوﱃ أن ﻗﻮى اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﻌ ﱡ ﻄﺶ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ وﺟﺪ ْ َت ﻣﺎ ﻳﻀﺎﻫﻴﻬﺎ؛ وأو ﱡد أن 20 ﻳُﻘﺎل ﻋﻦ إدارﺗﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮى وﺟﺪ ْ َت ﺳﻴﺪﻫﺎ. وﻛﺎن ﻫﻨﺎك إﺟﻤﺎع ﺑني ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻨﺎﺧﺒني؛ ﻓﺠﻤﻴﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻋﺪا ﻣﺎﻳﻦ وﻓريﻣﻮﻧﺖ ﺻﻮﺗﱠ ْﺖ ﻟﺼﺎﻟﺢ روزﻓﻠﺖ .ﻟﻢ ﻳﺤ َ رﺋﻴﺲ ﺑﻬﺬه اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﰲ املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﻣﻨﺬ أن ﻆ أيﱡ ٍ َ ﺑﻨﺼﻴﺐ ﺧﺎض ﺟﻴﻤﺲ ﻣﻮﻧﺮو اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت دون ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻋﺎم ١٨٢٠؛ وﻓﺎز روزﻓﻠﺖ ٍ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ )أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٦٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ( أﻛﱪ ﻣﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ أي ﻣﺮﺷﺢ ﻣﻨﺬ ﺑﺪء ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻷﺻﻮات اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻋﺎم 21 .١٨٢٤ﻓﺎز روزﻓﻠﺖ ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﻏري ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﻣﻦ أﺻﻮات ً أﻫﻤﻴﺔ أﻧﻪ ﺟﻠﺐ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل إﱃ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻻﻗﱰاع اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻷﻓﺎرﻗﺔ واﻟﻴﻬﻮد ،وﻟﻜﻦ اﻷﻛﺜﺮ 123
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺑﺄﻋﺪاد ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻺدﻻء ﺑﺄﺻﻮاﺗﻬﻢ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺬي ﻋﻠﻤﻮا أﻧﻪ ﻳﻘﻒ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ .وﺟﺪ ﻣﻨ ﱢ ﻈﻤﻮ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت أن أﺑﻨﺎء اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻛﺎﻧﻮا أﻗﺮب إﱃ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺎء ،وأن اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﻗﺮب إﱃ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ .ﺣﺘﻰ داﺧﻞ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﱰاﺗﺐ واﺿﺤً ﺎ؛ ﻓﺒﺎﻻﺗﺠﺎه ﻷﺳﻔﻞ ﻋﲆ ﻣﻘﻴﺎس املﻬﺎرات ،ﻛﺎن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻷﻗﻞ ﻣﻬﺎر ًة أﻗﺮبَ إﱃ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻬﺎر ًة .ﻛﺎن ﻟﺪى اﻟﺸﻌﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻓﻜﺮة ﺟﻴﺪة ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺮﺋﻴﺲ؛ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ أﺣﺪﻫﻢ إﻟﻴﻪ» :أﻧﺖ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﺳﺎﻋَ َﺪ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم 22 «.وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪَ ، ِ ﺧﻔ َﺖ ﱡ اﻷﺻﻮات داﺧﻞ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﺳﻌَ ﻰ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ إﱃ ﺣﺲ ﺗﺤﺪﱢي روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ زﻋﺎﻣﺔ اﻟﻄﺒﻘﺘني اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .ﻛﺎن ﻫﻴﻮي ﻟﻮﻧﺞ ﻗﺪ ُﻗﺘِﻞ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻗﺎد اﻷب ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻛﻮﺟﻠني ،ﻛﺎﻫﻦ املﺬﻳﺎع ،ﺟﻬﻮدًا ﻟﻢ ﻳُﻜﺘَﺐ ﻟﻬﺎ اﻟﻨﺠﺎح ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﺤﺰب ﺛﺎﻟﺚ ،وﺗﻌ ﱠﺮ َ ض ﻟﺘﻘﺮﻳﻊ ﺷﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺗﻪ ،وﺧﴪ ﻣﺴﺘﻤﻌﻴﻪ ﻣﻊ ازدﻳﺎد ﺗﺤﻮﱡﻟﻪ إﱃ ﻣﻌﺎداة اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ .وﺣﺘﻰ اﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت 23 املﺘﺤﺪة ﺗﺠﻨﱠﺐَ اﻧﺘﻘﺎ َد روزﻓﻠﺖ. ُﻛﺘِﺐ ﻟﻸﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻮﱠﻧﻬﺎ روزﻓﻠﺖ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻗﺮاﺑﺔ ﺛﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ، وﻟﻜﻦ ﰲ ﻟﺤﻈﺔ أو ِْج اﻧﺘﺼﺎرﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﺪوع اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺆدﱢي إﱃ اﻧﻬﻴﺎرﻫﺎ ﻗﺪ ﻇﻬ َﺮ ْت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﺎﻻﺋﺘﻼف اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻪ ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ملﺴﺎﻋﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ً اﺋﺘﻼﻓﺎ اﺟﺘﺬَبَ املﻨﺘﻤني إﱃ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻷﻓﺎرﻗﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻷﺻﻠﻴني ﻛﺎن ﻛﺎﻣﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺑﺎﻟﺤﴬ .رﺑﻤﺎ ﻧﺠﺢ ﻫﺬا اﻻﺋﺘﻼف ﺟﻴﺪًا ﰲ اﻧﺘﺨﺎب رﺋﻴﺲ؛ ﻧﺤﻮ ﺷﺒﻪ ٍ ﻋﲆ ٍ ﻷن املﺪن اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺪﻋﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎن ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺻﻮات اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ .إﻻ أن ﻫﻴﻜﻞ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﻗﺎ َو َم ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺔ واملﺪﻳﻨﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ ﺑﺎﻷﺳﺎس إﱃ أن املﺰارﻋني ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ ﻛﺎﻧﻮا ﻳ َﺮون أن املﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻫﻮ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﻓﺎملﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ واملﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﺒﻠﺪات اﻷﺻﻐﺮ واﻟﺠﻨﻮب اﻷﺑﻴﺾ ﺑﺴﻴﺎﺳﺘﻪ اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻈﺮ ﺑﻌﺪاﺋﻴ ٍﺔ ٍ ﺑﴫاﺣﺔ ﻣﺘﻨﺎﻣﻴ ٍﺔ — ﺑﻄ َﻞ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ٍة إﱃ إدارة روزﻓﻠﺖ ،ﰲ ﺣني ﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻳﻌﻠﻦ ﻧﻔﺴﻪ — ٍ ٍ واﺿﺤﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﺻﻔﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة املﻘﻬﻮرﻳﻦ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ .ﻓﺎز روزﻓﻠﺖ ﺑﻮﻻﻳ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻋﲆ أﺳﺎس 24 َ َ اﻟﻔﺎرق ﺑني اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ. أوﺿﺢَ ﺑﺠﻼءٍ ﱢ ﻧﺤﻮ أﻣﴣ روزﻓﻠﺖ اﻟﻌﺎم اﻷول ﻣﻦ ﻓﱰة وﻻﻳﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻮﺿﺤً ﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﺎرق ﻋﲆ ٍ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴﺨﺘﺎره ،ﻣﻊ أول ﺧﺴﺎرة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺒرية ﻟﻪ .ﻓﺮﻏﻢ ﺻﻤﺖ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﻦ املﺤﻜﻤﺔ 124
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﺎم ،١٩٣٦ﺗﺤﺪ َ ري ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ املﺤﻜﻤﺔ، ﱠث أﻧﺼﺎر اﻹﺻﻼح اﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻛﺜريًا ﻋﻦ ﺗﻐﻴ ٍ َ املﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ وﻻﻳﺘﻬﺎ ﰲ ﻣﺴﺘﺪﻋني ﻋﴫ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟ ﱠﺮ َد اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﺠﻤﻬﻮري ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﱠ وﻏري ﻋﺪ َد أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ .واﻛﺘﺸﻒ أﺣﺪ ﻣﺴﺘﺸﺎري اﻟﺮﺋﻴﺲ أن اﻟﻌﺪو اﻷول ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎملﺤﻜﻤﺔ ،اﻟﻘﺎﴈ ﺟﻴﻤﺲ ﻣﺎﻛﺮﻳﻨﻮﻟﺪز ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻧﺎﺋﺒًﺎ ﻋﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ وودرو وﻳﻠﺴﻮن ﰲ ﻋﺎم ،١٩١٣اﻗﱰح إﺻﻼح اﻟﻘﻀﺎء اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺎض ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻜﺎن اﻟﻘﺎﴈ اﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ اﻟﺴﺒﻌني وﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻞ .ﻛﺎن أﺷﺪ أرﺑﻌﺔ اﺷﱰاط ﺗﻌﻴني ٍ ﻗﻀﺎة ﰲ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﺪاءً ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻗﺪ ﺗﺠﺎوزوا اﻟﺴﺒﻌني ﻣﻦ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ أيﱞ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎة ﺗﺤﺖ ﺳﻦ اﻟﺴﺘني ،واﺳﺘﻘﺮ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ ﺧﻄﺔ ﻣﺎﻛﺮﻳﻨﻮﻟﺪز ﻟﺰﻳﺎدة 25 ﴎا واملﻌﺎرﺿﻮن ﻋﻠﻨًﺎ» :ﻣ ْﻞء« املﺤﻜﻤﺔ. ﻋﺪد أﻋﻀﺎء املﺤﻜﻤﺔ؛ أو ﻛﻤﺎ ﻗﺎل املﺆﻳﺪون ٍّ وﻗﺒﻞ أن ﻳﴩع اﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﺨﻄﺔ ﺑﻔﱰ ٍة ﻛﺎﻓﻴ ٍﺔ ،ﻛﺎن ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ رد ﻓﻌﻞ واﺿﺢ؛ ﺗﻮﱄ روزﻓﻠﺖ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺤﻜﻢ رﺳﻤﻴٍّﺎَ ، ﻓﻔﻲ دﻳﺴﻤﱪ ،ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت وﻗﺒﻞ ﱢ أدﱃ اﻟﻘﺎﴈ ﱠت ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﻣﻊ أرﺑﻌﺔ ﻗﻀﺎة َ أوﻳﻦ روﺑﺮﺗﺲ — اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺪ ﺻﻮ َ آﺧﺮﻳﻦ ﻣﻨﺎﻫﻀني ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﺸﻜﻠني أﻏﻠﺒﻴﺔ ﺑﺎملﺤﻜﻤﺔ — ﺑﺼﻮﺗﻪ ﻟﺼﺎﻟﺢ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺆﻳﱢﺪة ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ ً ﺣﺎﻟﺔ ﺑَﺪ ْ ٍ ﴏﻳﺢ ﰲ املﻮﻗﻒ .وﻟﻢ ﻛﺎﻓﺔ — أﺷﺒ َﻪ ﺑﺘﺤﻮ ٍﱡل َت — ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻟﻠﻤﺮاﻗﺒني اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ ٍ ُ املﺤﻜﻤﺔ ﺣﻜﻤَ ﻬﺎ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﻨﺪق »وﻳﺴﺖ ﻛﻮﺳﺖ ﺿﺪ ﺑﺎرﻳﺶ« ﺣﺘﻰ ﺷﻬﺮ ﻣﺎرس، ﺗُﺼﺪِر وﻟﻜﻦ ﻗﺎل اﻟﻘﻀﺎة ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮه ﰲ ﻗﻀﻴﺔ »ﺗﻴﺒﺎﻟﺪو«؛ إذ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﻮﻻﻳﺎت َ ﻗﺎﻧﻮن واﺟﻨﺮ وﻗﺎﻧﻮن ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﴩﻳﻊ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻸﺟﻮر 26 ،وﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﺎ أﻳﱠﺪوا ري ﺗﺠﺎه اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﻨﻮاﺣﻴﻬﺎ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺻﺒﺤﻮا أﻛﺜﺮ ودٍّا ﺑﻜﺜ ٍ ً ﻛﺎﻓﺔ. ﻣﻊ ذﻟﻚ َ واﺻ َﻞ روزﻓﻠﺖ ﺗﻨﻔﻴﺬَ ﺧﻄﺘﻪ ﺑﺘﻐﻴري ﺗﺸﻜﻴﻞ املﺤﻜﻤﺔ .زﻋﻢ املﺆﻳﺪون أن اﻟﻔﻜﺮة ﻟﻬﺎ ﻣﻴﺰات واﺿﺤﺔ؛ ﻓﺎﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﻣﻠﺌﻮا املﺤﻜﻤﺔ إﺑﱠﺎن ﻋﴫ »اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ« ،وأﻳﱠﺪ ﺛﻴﻮدور روزﻓﻠﺖ ﺗﺪاﺑريَ ﻣﺸﺎ ِﺑ ً ﻬﺔ إﺑﱠﺎن ﻓﱰة رﺋﺎﺳﺘﻪ وﺑﻌﺪﻫﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﱠ ﺗﻮﱃ ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ املﻨﺼﺐَ ﻛﺎن أﻗﻞ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎة اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴني دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني، ﱠ وأﺣﺲ ﻗﺎض واﺣ ٍﺪ ﺑﺎملﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ، وإﺑﱠﺎن ﻓﱰﺗﻪ اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻷوﱃ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻌﻴني ٍ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ أن ﻗﻀﻴﺔ »ﺗﻴﺒﺎﻟﺪو« ،ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ،ﻣﺨﺎﻟِﻔﺔ ﺑﻮﺿﻮح ﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺤﻘﺒﺔ ً ِ ﺗﻬﻤﺔ اﻟﻄﻤﻮح ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻤﺘﺎزة ﻟﺘﻠﻔﻴﻖ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ 27 .إﻻ أن ﺧﻄﺔ ﻣَ ْﻞءِ املﺤﻜﻤﺔ ﻣﺜ ﱠ َﻠ ْﺖ ﻋﴫ ﻏري ﻣﺴﺘﻘ ﱟﺮ ﺷﻬﺪ دﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳني اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮري ﻟﺮوزﻓﻠﺖ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ وﻗﻊ ﺧﺎص ﰲ ٍ ﺣﻘﻴﻘﻴني ﰲ اﻟﺒﻠﺪان املﺘﻘﺪﻣﺔ .وأﺻﺪرت اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﻤﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﺗﻘﺮﻳ ًﺮا ﻳﺪﻳﻦ 125
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ً واﺻﻔﺎ إﻳﺎﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﺑﻼ ﻃﺎﺋﻞ ،وﺑﻼ ﺟﺪوى ،وﺗﻤﺜﱢﻞ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺠﺴﺎﻣﺔ ﺧﻄﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ملﺒﺪأ دﺳﺘﻮريﱟ « ذ ﱠﻛ َﺮﻫﻢ ﺑﺎملﺂﳼ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻨ ﱡ ُ ﻈﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺒﻼد أﺧﺮى ﻣﺆﺧ ًﺮا .ﻛﺎن ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻦ ﺑني اﻟﻌﴩة ﱢ ِ املﺮاﺳﻠني ،ﺑَﺪَا املﻮﻗﻌني ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ،وﻛﻤﺎ ﻛﺘَﺐَ أﺣ ُﺪ 28 اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻣﺜﻞ »وﺛﻴﻘﺔ اﻧﺸﻘﺎق« ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني املﺤﺎﻓﻈني. ٍ ٍ وﻗﺖ ﻣﴣ، ﺧﻼل ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ،وﻣﻊ اﺗﺨﺎذ املﺤﻜﻤﺔ ملﻮﻗﻒ أﻛﺜﺮ اﺳﱰﺿﺎءً ﻣﻦ أيﱢ ُ املﻌﻄﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺨﻄﺔ روزﻓﻠﺖ ملﻞء املﺤﻜﻤﺔ .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ آ َل ﺗﺰاﻳَﺪ َِت أﻣ ُﺮﻫﺎ إﱃ اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ وﺳﻂ املﻮت — ﻗﴣ اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر ﺟﻮزﻳﻒ ﺗﻲ روﺑﻨﺴﻮن )دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ َ ﻟﻠﻤﻮاﻓ َﻘﺔ ﻋﲆ ﻣﴩوع ﻣﻦ أرﻛﺎﻧﺴﻮ( ،زﻋﻴ ُﻢ ﺣﺰب روزﻓﻠﺖ ﺑﺎﻟﱪملﺎن ،ﻧَﺤْ ﺒَ ُﻪ أﺛﻨﺎء ﺿﻐﻄﻪ اﻟﻘﺎﻧﻮن — واﻟﺘﻬﺪﻳﺪات ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﻣﻦ ﺧﺼﻮم اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﻋني ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ؛ 29 ﻛﻤﺎ ﺿﻌﻒ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ دﻋﻢ إدارة اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﺠﺮس. أ ُ ِﺿﻴﻒ إﱃ ﺗﺄﺛري املﻌﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺎل أﻣﺪُﻫﺎ ﺣﻮل املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ واﻻﻧﻘﺴﺎم داﺧﻞ ٌ ﺻﻌﻮﺑﺔ أﺧﺮى أﻛﱪ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﲆ ﺗﻘﻮﻳﺾ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ ﻓﻸول اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ، وﺑﻮﻗﻊ ﺑﻄﻲء ،ﺳﻘﻂ اﻟﺒﻠﺪ ﰲ رﻛﻮد اﻗﺘﺼﺎدي ،ﻣﻬ ﱢﺪدًا ادﱢﻋَ ﺎءات ﻣﺮة ﻣﻨﺬ اﻧﺘﺨﺎب روزﻓﻠﺖ ٍ اﻧﻌﻜﺎس ﻋﺎديﱟ ﻟﺪورة اﻷﻋﻤﺎل؛ ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح .ﻟﻢ ﻳﺒ ُﺪ اﻷﻣ ُﺮ ﻣﺜﻞ ٍ َ ﺗﻌﺎﰱ ﺑﻌ ُﺪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻛﺒﻮﺗﻪ ﰲ ﻋﺎم .١٩٢٩وأﻧﺤﻰ ﻣﻨﺘﻘﺪو اﻹدارة ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﱠ ﻋﲆ روزﻓﻠﺖ ﺟ ﱠﺮاء اﻟﺮﻛﻮد ،وﻗﺎﻟﻮا إﻧﻪ ﺑﺚ اﻟﺬﻋ َﺮ ﰲ ﻧﻔﻮس رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻓﺘﻤﺴﻜﻮا ﺑﺄﻣﻮاﻟﻬﻢ؛ ﻣﻤﺎ ﻣﻨَﻌَ ﻬﻢ ﻣﻦ إﺟﺮاء اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻣ ِ ُﺜﻤﺮة ،ﻛﻤﺎ أﻧْﺤَ ﻮْا ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﴐاﺋﺐ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺳﺎرﻳﺔ ﻋﺎم ،١٩٣٧ﺟ ﱠﺮاء ﺳﺤﺐ اﻟﻨﻘﻮد ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد. وداﺧﻞ اﻹدارة ،أﻧْﺤَ ﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻋﲆ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻟﺮﻓﻀﻬﻢ ﻋﻤﺪًا اﻻﺳﺘﺜﻤﺎ َر — ﻟﺒﺪﺋﻬﻢ ﻣﺎ أﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻴﻪ »إﴐاب رأس املﺎل« ﻟﺴﻠﺐ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﺼﺪاﻗﻴﺘﻬﺎ — وأﻧْﺤَ ﻮْا ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ روزﻓﻠﺖ؛ وﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﻹﺣﻴﺎء ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ املﺎﻟﻴﺔ املﺤﺎﻓﻈﺔ ،أﻣﺮ روزﻓﻠﺖ ﺑﺈﺟﺮاء اﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻬﺪف إﺣﺪاث 31 ﺗﻮا ُز ٍن ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ 30 .وﻣﻊ اﻧﺨﻔﺎض اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪةَ ، ارﺗﻔ َﻊ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ. أرﺳﻞ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ إﱃ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺧﻄﺎﺑًﺎ ﴎﻳٍّﺎ ﻣﺆ ﱠر ًﺧﺎ ١ﻓﱪاﻳﺮ ،١٩٣٨ﻗﺎل َ ﻳﺘﴫﱠف ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن ﻋﺎﻣﱠ ﺔ ﻣﻨﺘﻘﺪﻳﻪ ﻋﲆ ﺣﻖ .وﺣﺴﺐ وﺻﻒ ﻓﻴﻪ إن روزﻓﻠﺖ ﻳﺠﺐ أن ﻛﻴﻨﺰ ،ﻛﺎن ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ املﺴﺎﻋﺪات »ﺧﻄﺄ ﺑﺪاﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎؤل« ،وأن ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﺮﻛﻮد .وأﺷﺎر ﻛﻴﻨﺰ إﱃ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت ٍ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﲆ ﺣ ﱢﻞ املﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ 126
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ ،ﻓﻴﻘﻮل» :ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﻓﻌﻞ أي ﳾءٍ ﺗﺤﺐ ﺑﻬﺬه املﺆﺳﺴﺎت ،إذا ﻋﺎﻣ ْﻠﺘَﻬﺎ )ﺣﺘﻰ اﻟﻜﱪى ﻣﻨﻬﺎ( ﻻ ﻛﺬﺋﺎب وﻧﻤﻮر ،وﻟﻜﻦ ﻛﺤﻴﻮاﻧﺎت أﻟﻴﻔﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ،ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻧﺸﺄت ﻧﺸﺄ ًة ً ﺳﻴﺌﺔ ،وﻟﻢ ﱠ ﺗﺘﻠﻖ اﻟﺘﺪرﻳﺐَ اﻟﺬي َ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪه ﻟﻬﺎ … ﻓﺈن أدﻣﺠْ ﺘَﻬﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻨﺪ واﻟﴩاﺳﺔ واﻟﺬﻋﺮ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﻟﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ أ ُ ِﺳﻴﺌﺖ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ ،ﻓﻠﻦ ﺗﻨﺘﻘﻞ أﻋﺒﺎء اﻷﻣﺔ إﱃ اﻟﺴﻮق «.ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻋﲆ روزﻓﻠﺖ إﻋﺎدة إدﻣﺎج رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﰲ ﺟﻬﻮد اﻹﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي، وأﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻟﺘﻮﺻﻴﺎت ﻛﻴﻨﺰ أﻫﻤﻴﺔ أﺧﺮى ﺣﻴﻨﺬاك؛ ﻓﻘﺪ ﻧﴩ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٦ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﺸﻐﻴﻞ واملﺎل واﻟﻔﺎﺋﺪة« اﻟﺬي ﺷﺠﱠ َﻊ — ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺮﻛﻮد — اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﲆ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺑﺎﻻﻗﱰاض ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺠﻠﺐ اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي 32 ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﺮﻛﻮد ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺚ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻋﲆ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﴩاء. َ ﺗﴫﱠف روزﻓﻠﺖ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻪ ﺻﺪ َﱠق ﻧﺼﻒ ﺣﺠﺔ ﻛﻴﻨﺰ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ؛ ﻓﻔﻲ رﺑﻴﻊ ﻋﺎم ً َ ﻣﻌﱰﻓﺎ ﺑﺄﻧﻪ »ﺑﺪأ ﻳﻘﻞ ﺑﴪﻋﺔ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻣﻮاﺻﻠﺔ ،١٩٣٨ﻃﻠﺐ روزﻓﻠﺖ ِ 33 ﻛﺒرية ﺟﺪٍّا« ﰲ ﻋﺎم .١٩٣٧وﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ،أﻋﻄﻰ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻮاﻓﻘﺘﻪ ﻋﲆ إﺗﺎﺣﺔ ﺣﻮاﱄ ٣ ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر ملﻮاﺻﻠﺔ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ املﺴﺎﻋﺪات وﺑﺰﻳﺎدة املﺴﺎﻫﻤﺎت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ُ ً ِ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ واﻟﺮﻛﻮ ُد ﻗﺪ أﺿﻌﻔﺎ روزﻓﻠﺖ؛ املﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﻫﺎﺋﻠﺔ 34 .وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ زﻳﺎد ًة ً ﻓﻔﻀﻼ ﻋﻦ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ املﺴﺎﻋﺪات ،ﺣﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن »ﻣﻌﺎﻳري اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﺎدﻟﺔ« ،اﻟﺬي ﺣﻈﺮ ﻋﻤﺎﻟﺔ اﻷﻃﻔﺎل وﻗ ﱠﺮ َر ﺣﺪٍّا أدﻧﻰ ﻓﻴﺪراﻟﻴٍّﺎ ﻟﻸﺟﻮر 35 .وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ روزﻓﻠﺖ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن إﻻ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﻛﺒرية ﻣﻦ ﺣﻤﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻧ ﱠ ﻈﻤَ ﻬﺎ اﺗﺤﺎد املﺴﺘﻬﻠﻜني اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺑﻌﺾ اﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻜﱪى 36 ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺑﻤﻘﺪور أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﺻﺪا ُر ﻗﻮاﻧني ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻬﻤﺔ. وﻫﻜﺬا ﻫﺎﺟَ َﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺼﺪرﻳﻦ رﺋﻴﺴﻴني ﻟﻠﻤﻌﺎرﺿﺔ؛ ﻓﻠﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﴩﻛﺎت املﻨﻈﻤﺔ، أﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ املﺆﻗﺘﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻓﻀﺢ املﻤﺎرﺳﺎت ً ً اﻟﺴﻴﺌﺔ ﻟﻠﻤﺤﺘﻜﺮﻳﻦ .وملﻨﺎﻫﻀﺔ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻲ اﻟﺠﻨﻮب املﺤﺎﻓﻈني ،ﱠ ﺷﺨﺼﻴﺔ ،إﻻ ﺣﻤﻠﺔ ﺷﻦ ُ ِ اﺳﺘﻤﺎع ﺟﻠﺴﺎت اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ املﺆﻗﺘﺔ أن ﻛ َِﻼ اﻟﺠﻬﺪﻳﻦ ﻓﺸ َﻞ؛ ﻓﻘﺪ أﺟ َﺮ ِت ٍ ﺑﺸﺄن ﻣﺨﺘﻠﻒ املﺠﺎﻻت ،ودرﺳﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﱡ اﻟﺴﺒُﻞ ﻹﻧﻬﺎء ﺣﺎﻻت اﻻﺣﺘﻜﺎر ،أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ .وﰲ ﺣني ﻛﺸﻔﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻋﻦ ﻛ ﱟﻢ ﺿﺨ ٍﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﺣﻮل اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وأﺑﻠﻐﺖ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻟﻢ ﺗﺨﺮج ﺑﻤﻘﱰح واﺿﺢ ملﻮاﺟﻬﺔ اﻟﴩﻛﺎت املﺤﺘﻜﺮة واﻟﴩﻛﺎت اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ أ ﱠﻛﺪ ْ َت أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ 127
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻳﺠﺐ أن ﺗﻠﻌﺐ اﻟﺪور اﻟﺬي أوﻋﺰ ﺑﻪ ﻛﻴﻨﺰ؛ أي ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺮﺧﺎء ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺎﻳﺮة اﻹﻧﻔﺎق 37 ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻋﲆ اﻟﴩاء. اﺗﱠ َﺨﺬَ روزﻓﻠﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻨﻬﺠً ﺎ ﺣﺰﺑﻴٍّﺎ أﻛﺜﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗﺠﺎه اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻣﺸريًا إﱃ اﻟﺠﻨﻮب ﻋﲆ أﻧﻪ »ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻷﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ رﻗﻢ ،«١وﻣُﺴﺘﻬﺪ ًِﻓﺎ إﻳﺎه ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ رﻗﻢ ١؛ ﻓﻘﺎل» :أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺠﻨﻮب ﺳﻴﻈﻞ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴٍّﺎ ،وﻟﻜﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ ً ﺷﻜﻼ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴٍّﺎ أﻛﺜﺮ ذﻛﺎءً ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي أﺑﻘﻰ ﻋﲆ اﻟﺠﻨﻮب ﻷﺳﺒﺎب أﻧﻪ ﺳﻴﺘﺨﺬ أﺧﺮى ﺿﻤﻦ ﺻﻔﻮف اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻃﻮال ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨني … ﺳﺘﻜﻮن دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ً ﻟﻴﱪاﻟﻴﺔ 38 «.ﻧ ﱠ ﺣﻤﻠﺔ ﻟﻢ ﻳُﻜﺘَﺐ ﻟﻬﺎ اﻟﻨﺠﺎح ﺿﺪ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻲ اﻟﺠﻨﻮب ﺧﻼل ﻈ َﻢ روزﻓﻠﺖ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ،١٩٣٨وﻛﺎن ر ﱡد ﻓﻌﻠﻬﻢ أن اﺳﺘﺪﻋَ ﻮا اﻟﺸﺒﺢَ اﻟﺬي أوﻏﺮ ﺻﺪور اﻟﺠﻨﻮب اﻷﺑﻴﺾ ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ املﺤﺮﺿني اﻟﺸﻤﺎﻟﻴني .ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ ،وﻫﻮ َ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﱪ ،ﺳﺠﱠ َﻞ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺧﻴﺒﺔ أﻣﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ؛ ﱠاب َ ﱠ ﻓﻘ َﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻮاب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن اﺛﻨني وﺳﺒﻌني ﻟﺘﺘﻤﺨﺾ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﻦ ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻮ ٍ ﺷﻴﻮخ ﻓﻘﺪوا ﻓﻴﻪ ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻘﺎﻋﺪ 39 .واﺗﻀﺢ أن ﺗﻨﺒﱡ َﺆ روزﻓﻠﺖ ﻏري ﺻﺤﻴﺢ؛ وﻣﺠﻠﺲ ﻣﻘﻌﺪًا، ِ ٍ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺠﻨﻮب إﱃ اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻟﻦ ﻳﻈﻞ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴٍّﺎ إذا ﻣﺎ أﴏﱠ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻋﲆ ﺗﻐﻴري اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻤﻪ .وﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎء ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺗﺠﻨﱠﺐَ َﺧ َﻠ ُﻔﻪ ﺿﺌﻴﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﱠ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ؛ اﻟﺤﺰب ﺗﺨﲆ اﻟﺠﻨﻮبُ ﻋﻦ ﺑﻔﺎرق ﻫﺎري إس ﺗﺮوﻣﺎن اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ٍ ﱢ ِ ٍ َ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق املﺪﻧﻴﺔ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني اﻷﻓﺎرﻗﺔ. ﻷﻧﻪ ﺗﺒﻨﱠﻰ ﻣﻦ اﻧﺘﺼﺎر ﻋﺎم ١٩٣٦ﺣﺘﻰ اﻧﻜﺴﺎر ﻋﺎم َ ،١٩٣٨ أوﺿﺢَ روزﻓﻠﺖ ﻣﺎ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﻐﻴريه ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ؛ ﻓﻌﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻘﻮﻣﻲ ﰲ اﻻﻗﱰاع ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ،ﺗﻤ ﱠﻜ َﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺑﻄﻞ اﻟﺸﻌﺐ وراﺋﺪ ﺻﻔﻘﺘﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺿﺪ اﻟﺤﺮس اﻟﻘﺪﻳﻢ املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ اﻷﻏﻨﻴﺎء واملﺤﺎﻓﻈني .ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺒﻠﻴﻎ وواﻗﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻟﻴُﻌﺎد اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ﻣﺠ ﱠﺪدًا، إﻻ أن اﻟﻘﻮاﻧني واﻟﻌﺎدات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻴﺢ املﺠﺎل ﻹﺧﻀﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ َ ﻣﻨﺘﺨ ٍﺐ ﻣﻦ ﺷﻴﻮخ وﻣﺠﻠﺲ ﻣﻨﺘﺨﺐ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺣﻲ، اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .وﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻛﻮﻧﺠﺮس ِ ٍ ٍ ُ ُ ﺳﻴﺎﺳﺔ روزﻓﻠﺖ املﺘﺸﻌﱢ ﺒﺔ .ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٨أ َ ْ ﺻﻨﺪوق ﺑﺮﻳﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻇﻬَ َﺮ اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﻓﺸﻠﺖ ِ اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت ﺑني ﻓﺌﺎت اﻟﺪوﻟﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﺣني ﻛﺘﺐ ﻟﻪ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﺘﺪﺣني وﻣﺘﺴﺎﺋﻠني ،ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒ َْﺖ ﺳﻴﺪة ﺗﻘﻮل» :ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن أﺣﺪﻫﻢ ﺿﺪك؟! ﻟﻘﺪ أﺑﻘﻴ َْﺖ ﻋﲆ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻵﺑﺎء ﻋﺎرﺿﻪ َ َ آﺧﺮون ﺑﻮﺿﻮح ،ﻓﻜﺘﺒﺖ إﺣﺪى واﻷﺑﻨﺎء ﻣﻌً ﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل!« 128
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
اﻟﺴﻴﺪات إﻟﻴﻪ ﻗﺎﺋﻠﺔ» :ﻛﻢ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻻﻣﺘﻌﺎض ﻋﻨﺪﻣﺎ أرى أﻧﻚ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ أيﱠ ﳾءٍ ﺑﱪﻧﺎﻣﺠﻚ ﺳﻮى ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﺠَ ﻌْ ﺒﺘﻚ ﻟﺨﻤﺲ ﺳﻨﻮات ،وﻻ ﺗﻌﻄﻲ إﻻ َملﻦ ﺳﻴﻘﺒﻠﻮﻧﻪ!« وﺳﺄﻟﻪ رﺟﻞ ﻳﻘﻮل: »ﻫﻞ ﺧﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ أن اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴري ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻗﺒﻠﻚ وﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﺴري ﺑﻌﺪ 40 رﺣﻴﻠﻚ؟« ً ﻣﻦ اﻹﻧﺼﺎف ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ ،أرﳻ روزﻓﻠﺖ أﻳﻀﺎ أن ﻧﻘﻮل إﻧﻪ ً ﻧﺴﺨﺎ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ املﻜﻮﻧﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻀﻤﺎن واﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺎون ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮد ًة ﰲ اﻟﺒﻼد اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺿﻢ املﺴﻨني واﻟﻌﺎﻃﻠني واملﻌﻮﻗني وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ ا ُملﻌﺎﻟني ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻫﺬا اﻟﻀﻤﺎن .ودﻋﻤَ ﺎ اﻟﺒﻨﻮك واﻟﻌﻤﻠﺔ، وأﻧﻘﺬَا اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ أﻓﻜﺎرﻫﻤﺎ ،ﱠ ودﺷﻨَﺎ ﺗﻨﻤﻴﺔ املﻨﺎﻃﻖ املﺘﺨﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب ،ﻣﻊ أن ﺑﻌﺾ اﻷﻫﺪاف ﻣُﻨﻴﺖ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ؛ ﻣﺜﻞ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻧﻤﻮذج ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ اﻟﺴﻴﺎﳼ ا ُملﺤْ ﺪِق إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى 41 .وﻛﺎن اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻗﺪ اﻛﺘﺸﻔﻮا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﺨﻄ َﺮ ﱠ ﺑﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺪﱠﻣﻮا ﺧﻄﻮ ًة ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺟﺪٍّا ﻧﺤﻮ اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ إﱃ ﺗﻮﻓري اﻟﺤﻘﻮق املﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨني اﻟﺴﻮد. وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﺟَ َﺪ ﺻﺎﻧِﻌﻮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ — اﻟﺬﻳﻦ اﺗﺠﻬﻮا إﱃ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳ ٍﺪ واﺷﻨﻄﻦ ﻟﺘﻐﻴري اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻪ اﻷﻣﺔ — أﻧﻪ ﺑﺎت ﻳُﻄ َﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ ٍ َ أن ﻳﺠﺪوا ُﺳﺒ ًُﻼ ﻟﺠﻌﻞ اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺤﺎﱄ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أﻓﻀﻞ ً ٌ وﻛﺎﻻت وﴏﻓ ْﺖ ﻗﻠﻴﻼ. ً ﻣﺴﺘﻌﻴﻀﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺠﻠﺲ ﺗﺨﻄﻴﻂ املﻮارد اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻨﻈ َﺮ ﻋﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ، ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻔﻜﺮة اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﺗﺤﺴني املﺆﺳﺴﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ 42 .ﻗ ﱠﻮ َم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﱪاﻣﺞ؛ ﻓﺄﻋﺎد إﻧﺸﺎء إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻮاﻓﻘﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ دون إزﻋﺎج املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ وﺗﻌﺪﻳﻞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .وﺗﻨﺎﻣﻰ ﻗﺒﻮل أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻤﻮﻣً ﺎ »ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻛﻴﻨﺰ« ،ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺗﻤ ﱠﻜﻨﻮا ﻣﻦ ﺗﻌﺰﻳﺰ إﻧﻔﺎق اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻜﲇ ﱡ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أو ﺗﻮا ُزن اﻻﻗﺘﺼﺎد. دون وﻟﻜﻦ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن املﺮﺣﻠﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﺒﻠﻮغ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﻮى ﺑﺪاﻳ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪةٍ؛ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأ َ ْت ً ﱠ ﺗﺘﻤﺨ ُ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﻓﻜﻤﺎ ﺾ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﴫاﻋﺎت اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ واﻟﺘﻨﺎزﻻت .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﻜﺮة ﻓﻜﺮ ٌة ﻣﺎ ﻳﻘﻮل أﺣ ُﺪ ﻋﻤﱠ ﺎل اﻟﻐﻮث ﰲ إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﰲ ﻋﺎم :١٩٣٨ 129
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﻏﻨﻲ ،وأﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ أ َرى ﺑﻬﺎ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ :ﻫﺬا ﺑﻠﺪ ﱞ ﻳﻀري اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗُﻄﻌِ ﻢ وﺗﻜﺴ َﻮ ﻣَ ﻦ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻜﺴﺎء؛ ﻓﻨﺼﻔﻬﻢ ملﺒﺎﴍ ِة اﻟﻌﻤﻞ ْ إن ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻤﻞ ،أو ﻏري ﻣُﻌَ ﺪﱢﻳﻦ َ َ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ٍ ﻋﻠﻴﻪ … ﻟﺪﻳﻨﺎ املﺎل ،اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺎل .ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻷن ﺗﺤﺒﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻫﺬه ُ املﺴﺎﻋﺪات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﻘﺮاء ،وﻻ داﻋﻲ ﻟﻠﺘﺴﺎؤل :ﻫﻞ ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺾ ﻏريَ ﱢ ﻣﺴﺘﺤﻘني ﻟﺘﻠﻚ املﺴﺎﻋﺪات … ﻛﺜري ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺄﺗﻮن ﻫﻨﺎ ،ﻓﻠﻤﺎذا أوﺑﺨﻬﻢ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻷن ﺗﺘﻘﺒﱠ َﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺻﺎﻟﺤﻬﻢ أﻣﻨﺤﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪات؟ أﻧﺖ 43 وﻃﺎﻟﺤﻬﻢ. اﻟﻔﻜﺮة ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻀري ﺑﻠﺪًا ﻏﻨﻴٍّﺎ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺣﺘﻰ اﻟﻔﻘري ﻏري املﺴﺘﺤﻖ؛ وﻗﺪ ﺧﺮﺟﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻣﻦ َرﺣِ ﻢ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻛﻤﺎ ﺧﺮج ً أﻳﻀﺎ ﻣﻦ َرﺣِ ﻢ ُ ً ِ ﻏﻨﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﺠﱢ ﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺼﻔﻘﺔ ﻧﻔﺲ ِ وأﻳﻀﺎ اﻟﻔﻜﺮ ُة اﻟﺘﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن أيﱠ ﺑﻠ ٍﺪ ﱟ ً ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ وﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻪ؛ ﻣﻊ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻟﺮﺟﻞ ﻋﺎدي. ُ ﺣﺪﻳﺚ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻗﻴًﺎ إﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا؛ ﻷن إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل اﺣﺘﻔ َ ﻈ ْﺖ ﺑﻪ ،إﱃ ﻇ ﱠﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﺗﻔﺘﱠ َﻘ ْﺖ ﻋﻨﻪ أذﻫﺎ ُن ﻛﺜريﻳﻦ ﻏريه ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴنيَ . أرﺳ َﻞ ﻣﴩو ُع اﻟ َﻜﺘَﺒَﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴني ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪدٍ ﻣﻦ املﴩوﻋﺎت اﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ،ﻛﺘﱠﺎﺑًﺎ إﱃ ﺟﻤﻴﻊ أرﺟﺎء اﻟﺘﺎ ِﺑﻊ ﻹدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ،إﱃ ِ اﻟﺒﻼد ﻟﻴﺲ ﻟﻜﻲ ﻳﺴﺠﱢ ﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻓﻘﻂ رأﻳَﻬﻢ ﺣﻮل اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أو اﻟﻜﺴﺎد أو اﻟﺮﺋﻴﺲ ،ﺑﻞ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ أي ﳾء وﻛﻞ ﳾء :ﺣﻴﺎﺗِﻬﻢ وآﻣﺎﻟِﻬﻢ وﻃﻤﻮﺣﺎﺗِﻬﻢ وﻣﺎ ﻳﺆ ﱢرﻗﻬﻢ، ﻟﻴﺲ ﺑﻐﺮض ﺗﻤﺠﻴﺪ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أو اﻷﻣﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﺷﻌﺒﻬﺎ. ﺑﺤﺮص ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن ،ﻣﺘﱠ ِﺒﻌِ ني اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﺼﺎدرة إﻟﻴﻬﻢ ﺑﴬورة »ﺗﺪوﻳﻦ وﻋَ ِﻤ َﻞ اﻟ َﻜﺘَﺒَﺔ ٍ 44 ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ املﺘﺤﺪث ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ«؛ ﻓﺴﺠﱠ ﻠﻮا ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﺪﱠث اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن وﻳﻐﻨﻮن وﻳﻌﻤﻠﻮن وﻳﻠﻌﺒﻮن ،وﺳﺠﻞ زﻣﻼؤﻫﻢ ﺑﻜﺎﻣرياﺗﻬﻢ اﻟﺼﻮر َة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس واﻟﺪوﻟﺔ، ٍ ٍ ﺑﺤﺼﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﺼﻮﻟﻬﻢ، ﻣﻘﺎﺑﻼت ﻣﻊ املﺰارﻋني اﻟﺤﺎﻟﻴني اﻟﺬي ﻳﺴﺪﱢدون إﻳﺠﺎرﻫﻢ وأَﺟْ َﺮوا ِ املﺘﻮاﺿﻊ ﻟﻴﻮﻣني ﻷ ُ ْﺷ َﻔﻰ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﺠَ ْﻠﺪ ،وﻗﺪ وﻋﺒﻴﺪ ﺳﺎﺑﻘني .ﻳﻘﻮل أﺣﺪﻫﻢ» :أرﻗﺪ ﰲ ﻓﺮاﳾ ﻳ َ ُﺸﻔﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﺴﺪي وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﱰك ﺑﻘﻠﺒﻲ ﻋﻼﻣﺎت ﻻ ﺗُﻤﺤَ ﻰ .ﻻ ﻳﺎ ﺳﻴﺪي! ﻻ ﺗﺰال ﻣﻮﺟﻮدة 45 ﺑﻘﻠﺒﻲ إﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا «.وﻋﺜﺮوا ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮﻃﻨني ﻗﺪاﻣﻰ ،وﻫﻨﻮد ﺗﺬ ﱠﻛﺮوا اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺟﺎء ً ً ٍ َ ﺷﻌﺒﻴﺔ؛ أﺷﻴﺎءَ ﻣﻦ وأﻏﺎﻧﻲ أﺷﺒﺎح، وﻗﺼﺺ ﻃﻮاﻻ، رواﻳﺎت ﻓﻴﻪ املﺴﺘﻮﻃﻨﻮن اﻷواﺋﻞ .دوﱠﻧﻮا َ ٍ ﻣﺎﴈ اﻟﺮﻳﻒ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻵﺧﺬ ﰲ اﻟﺘﻼﳾ ﰲ ﺧِ َﻀ ﱢﻢ اﻷﻣﺔ اﻟﺤﴬﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ .وﻗﺪ ﻧﴩوا ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﰲ »اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻴﻬﻮدي ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك« ) (١٩٣٨و»ﻃﺮﻳﻖ ﻳﻮ إس وان: 130
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
ﻣﻦ ﻣﺎﻳﻦ إﱃ ﻓﻠﻮرﻳﺪا« ) (١٩٣٨و»اﻟﺰﻧﻮج ﰲ ﻓريﺟﻴﻨﻴﺎ« ) (١٩٤٠و»ﻗﺒﻴﻠﺘﺎ ﻫﺎﻓﺎﺳﻮﺑﺎي ٍ وﺳﻤﺔ وﺷﻌﺐ وواﻟﺒﺎي« ) ،(١٩٤٠ﻣﻦ ﺑني اﻟﻌﴩات ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻷﺧﺮى ﺣﻮل ﻛ ﱢﻞ وﻻﻳ ٍﺔ ٍ ﻣﻦ ﺳﻤﺎت اﻷرض. ً ﺛﻘﺎﻓﺔ وﻣﻊ ﻣﴩوﻋَ ﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واملﴪح اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،ﺷ ﱠﻜ َﻠ ْﺖ إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﱠ ﻓﺘﻤﺨ َﺾ ﻋﻦ املﴩوع اﻟﻔﻨﻲ ﺟﺪارﻳﺎت وﻣﻠﺼﻘﺎت ذات أﺳﻠﻮب ﺑﴫي ﺟﺪﻳﺪ ًة ﻟﻠﺪوﻟﺔ؛ َ ٍ ﻣﴪﺣﻴﺎت ﻣﺜﻞ »ﻣﺎﻛ ِﺒﺚ« أو »دﻛﺘﻮر ﻣﺸﺎﻫ َﺪ َة ﻣﻤﻴﺰ ،وﻛﻔﻞ املﴩو ُع املﴪﺣﻲ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ﻓﺎوﺳﺘﻮس« أو »ذا ﻣﻴﻜﺎدو« أو أي ﻋﻤﻞ ﻣﻘﺘﺒَﺲ ﻣﻦ رواﻳﺔ ﺳﻨﻜﻠري ﻟﻮﻳﺲ »ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻫﻨﺎ« اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺬر ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻗﻴﺎم ﻧﻈﺎ ٍم ﻓﺎﳾﱟ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻟﻴﺲ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻓﺤﺴﺐ وإﻧﻤﺎ ﰲ ﻣﺪن ﺷﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد.
ﺷﻜﻞ :2-7ﻣﻠﺼﻖ ملﴩوع املﴪح اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﻌﻠﻦ ﻋﺮض ﻣﴪﺣﻴﺔ ﻣﻘﺘﺒ ََﺴﺔ ﻣﻦ رواﻳﺔ ﺳﻨﻜﻠري ﻟﻮﻳﺲ »ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻫﻨﺎ«.
َ أﺧﻔﻘ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺴﺒﺐ املﻌﺎرﺿﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ وﻟﻜﻦ وﻗﻔﺖ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن املﺤﺎﻓﻈﻮن ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻮن 131
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺷﻜﻞ :3-7ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﺠﺪارﻳﺔ ﻣﻦ إﻧﺠﺎزات ﻣﴩوع اﻟﻔﻦ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻹدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ،ﰲ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﻮرج واﺷﻨﻄﻦ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﰲ ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ،وﺗﺼﻮﱢر ﻣﺸﻬﺪًا ﻣﻦ اﻟﺜﻮرة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ.
ﻣﺜﻞ ﻋﻀﻮ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﺎرﺗﻦ دﻳﺰ ﻣﻦ وﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎس ،ﺑﺪءوا ﰲ إﺛﺎرة اﻟﻘﻠﻖ ﻋﻠﻨًﺎ ﺣﻮل اﻟﺘﺄﺛري اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻋﲆ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة .ﺑﺪأت ﻟﺠﻨﺔ اﻷﻧﺸﻄﺔ ﻏري اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷ ﱠﻜ َﻠﻬﺎ ِ اﺳﺘﻤﺎع ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٨ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﰲ ﺗﺄﺛري اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻋﲆ اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺟﻠﺴﺎت دﻳﺰ ٍ ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎمﱟ ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﴩوع املﴪح اﻟﻔﻴﺪراﱄ .وﰲ دﻳﺴﻤﱪ ،ﻣَ ﺜ ُ َﻠ ْﺖ واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻫﺎﱄ ﻓﻼﻧﺎﻧﺠﺎن ﻣﺪﻳﺮة املﴩوع ،أﻣﺎم اﻟﻠﺠﻨﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ذﻛﺮت اﺳﻢ ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ ﻣﺎرﻟﻮ اﻟﺬي ِ »أﻧﺖ ﻛﺘﺐ ﻣﴪﺣﻴﺔ »دﻛﺘﻮر ﻓﺎوﺳﺘﻮس« ،ﺳﺄﻟﻬﺎ ﻋﻀﻮ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺟﻮزﻳﻒ ﺳﺘﺎرﻧﻴﺰ: ﺗﻨﻘﻠني ﻋﻦ ذﻟﻚ املﺪﻋ ﱢﻮ ﻣﺎرﻟﻮ! ﻫﻞ ﻫﻮ ﺷﻴﻮﻋﻲ؟« ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ ﻓﻼﻧﺎﻧﺠﺎن» :ﺳﺠﱢ ْﻞ ﻣﺎ ﺳﺄﻗﻮل َ ﰲ ا َمل ْﻀﺒَ َ ﺳﺒﻘ ْﺖ ﻄﺔ … إﻧﻪ ﻛﺎن أﻋﻈﻢ أدﻳﺐ ﻣﴪﺣﻲ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺷﻜﺴﺒري ،اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ َ ﻣﺒﺎﴍ ًة 46 «.ﻛﺸﻒ اﻟﺤﻮار ﻣﺪى ﻋﻤﻖ اﻟﻬُ ﻮﱠة ﺑني اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن أﺻﺤﺎب ﺷﻜﺴﺒري اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻳﻨﴩوﻧﻬﺎ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ املﻄﻠﻮب ﺗﺬوﱡﻗﻬﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺪوﻟﺔ .وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٣٩ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺠﻨﺔ دﻳﺰ ﻗﺪ أﻧﻬَ ْﺖ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻣﴩوع املﴪح اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وﺣ ﱠﻮ َل املﺤﺎﻓﻈﻮن َ اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ إﱃ وﻛﺎﻻت اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻷﺧﺮى .وﰲ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ،١٩٣٩ﺑﺪءوا ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس 132
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ
َ وﺻﻮ،ﰲ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑﺸﺄن املﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﱠت املﺤﺎﻓﻈﻮن ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني واﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﻣﻌً ﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺳﻘﺎط ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق اﻟﺘﻲ ﺗﻘ ﱠﺪ َم ﺑﻬﺎ 47 .روزﻓﻠﺖ َ وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ُ ِاملﻌﺎرﺿﺔ املﺤﺎﻓ ُ ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺪأ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ وراء،ﻈﺔ روزﻓﻠﺖ أﻋﺎﻗ ْﺖ ﻓﻴﻪ وﻗﺪ ﻗﺎل أﺣﺪ ﻣﺴﺘﺸﺎرﻳﻪ إن اﻟﺮﺋﻴﺲ أﺧﱪه.اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ « واﻧﺪﻟﻌﺖ. أﻧﻪ »ﺑﺬل ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻪ ﺑﺸﺄن اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ املﺤﻠﻴﺔ١٩٤٠ ﰲ ﻋﺎم وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻗﺎل َملﻦ ﱠ.ﺴﱰق اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻔﻘﺔ ِ َاﻟﺤﺮب ﰲ أوروﺑﺎ ﻟﺘ ﺣﺘﻰ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻬﺠﺮ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﻤﺎﻣً ﺎ،« »ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺒﺪأ ﰲ ﻛﺴﺐ اﻟﺤﺮب:اﻟﺠﺪﻳﺪة 48 .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت اﻷﻣﺔ اﻟﺤﺮب ﻫﻮاﻣﺶ (1) Franklin D. Roosevelt, “Acceptance Speech for the Renomination for the Presidency,” June 27, 1936, Philadelphia, PA. Checked online, 2/27/2007, at www.presidency.ucsb.edu/shownomination.php?convid= 37. (2) James MacGregor Burns, Roosevelt: The Lion and the Fox (New York: Harcourt, Brace and Company, 1956), 272. (3) Richard Hofstadter, The American Political Tradition and the Men Who Made It (New York: Vintage, 1989), 435. (4) Harvard Sitkoff, A New Deal for Blacks (New York: Oxford University Press, 1978), 60. (5) Bruce J. Schulman, From Cotton Belt to Sunbelt: Federal Policy, Economic Development, and the Transformation of the South, 1938–1980 (Durham, NC: Duke University Press, 1994), 34. (6) Frederick Rudolph, “The American Liberty League, 1934–1940,” The American Historical Review 56, no. 1 (1950): 19. (7) William E. Leuchtenburg, The FDR Years: On Roosevelt and His Legacy (New York: Columbia University Press, 1995), 124.
133
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة (8) 295 U.S. 495, 528. (9) Charles W. Hurd, “President Says End of NRA Puts Control Up to People,” New York Times 6/1/1935, 1. (10) Franklin D. Roosevelt, press conference, May 31, 1935. Checked online, 3/1/2007, www.presidency.ucsb.edu/ws/print.php?pid=15065. (11) William E. Leuchtenburg, “When the People Spoke, What Did They Say?: The Election of 1936 and the Ackerman Thesis,” Yale Law Journal 108, no. 8 (1999): 2088, 2080. (12) Leuchtenburg, “The Origins of Franklin D. Roosevelt’s ‘CourtPacking’ Plan,” Supreme Court Review 1966 (1966): 358. (13) 49 Stat. 991; “The Bituminous Coal Conservation Act of 1935,” Yale Law Journal 45, no. 2 (1935). (14) Leuchtenburg, “When the People Spoke,” 2106; Leuchtenburg, “Comment on Laura Kalman’s Article, ‘The Constitution, the Supreme Court, and the New Deal’,” American Historical Review 110, no. 4 (2005). (15) Leuchtenburg, “The Origins of Franklin D. Roosevelt’s ‘CourtPacking’ Plan,” 355. (16) Leuchtenberg, “When the People Spoke,” 2084. (17) Ibid., 2090. (18) Ibid. (19) Arthur Krock, “In Washington,” New York Times 5/27/1936, 22. (20) Franklin D. Roosevelt, “Address at Madison Square Garden, New York City,” 10/31/1936. Checked online 3/7/2007 at www.presidency .ucsb.edu/ws/print.php?pid=15219. (21) Leuchtenburg, FDR Years, 145-46. (22) Ibid., 153. (23) Alan Brinkley, The End of Reform: New Deal Liberalism in Recession and War (New York: Vintage, 1995), 257–62, Leuchtenburg, FDR Years, 137.
134
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ (24) James T. Patterson, Congressional Conservatism and the New Deal: The Growth of the Conservative Coalition in Congress, 1933–1939 (Westport, CT: Greenwood Press, 1981). (25) Leuchtenburg, “The Origins of Franklin D. Roosevelt’s ‘CourtPacking’ Plan,” 390–99. (26) Leuchtenburg, “Comment on Laura Kalman’s Article.” (27) Leuchtenburg, “The Origins of Franklin D. Roosevelt’s ‘CourtPacking’ Plan,” 349, n. 8. (28) Leuchtenburg, “FDR’s Court-Packing Plan: A Second Life, a Second Death,” Duke Law Journal 1985, no. 3/4 (1985): 675–77. (29) Ibid.: 685–87. (30) “President Plans 600,000 WP A Cut,” New York Times, 1/26/1937, 2. (31) Patrick Renshaw, “Was There a Keynesian Economy in the USA between 1933 and 1945?,” Journal of Contemporary History 34, no. 3 (1999): 343-44. (32) William J. Barber, Designs within Disorder: Franklin D. Roosevelt, the Economists, and the Shaping of American Economic Policy, 1933–1945 (Cambridge: Cambridge University Press, 1996), 108–12; Brinkley, End of Reform, 82–85, 94–97. (33) Lester V. Chandler, American Monetary Policy, 1928–41 (New York: Harper and Row, 1971), 325-26. (34) 52 Stat. 809 and E. Cary Brown, “Fiscal Policy in the Thirties: A Reappraisal,” American Economic Review 46, no. 5 (1956); Chandler, American Monetary Policy, 254. (35) 52 Stat. 1060. (36)
Landon R. Y. Storrs, Civilizing Capitalism: The National
Consumers’ League, Women’s Activism, and Labor Standards in the
135
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة New Deal Era (Chapel Hill: University of North Carolina Press, 2000), 177–205. (37) Brinkley, End of Reform, 122–31. (38) Schulman, From Cotton Belt, 49-50. (39) Checked on the Clerk of the House website, 3/8/2007, http:// clerk.house.gov/art_history/house_history/partyDiv.html, and the Senate Historian website, 3/8/2007, www.senate.gov/pagelayout/history/ one_item_and_teasers/partydiv.htm. (40) Lawrence W. Levine and Cornelia R. Levine, eds., The People and the President: America’s Conversation with FDR (Boston: Beacon Press, 2002), 234-35, 241. (41) Leuchtenburg, “Roosevelt, Norris and the ‘Seven Little TVAs,’” Journal of Politics 14, no. 3 (1952). (42) Patrick D. Reagan, Designing a New America: The Origins of New Deal Planning, 1890–1943 (Amherst: University of Massachusetts Press, 1999); Brinkley, End of Reform, 245–61. (43) [Federal Writers’ Project], These Are Our Lives (New York: W. W. Norton, 1975), 366. (44) Joint Committee on Folk Arts, WPA folksong questionnaire, 1939. Library of Congress Digital ID AFCTS wpa001, viewed online 3/8/07. (45) Jerre Mangione, The Dream and the Deal: The Federal Writers’ Project, 1935–1943 (New York: Avon, 1972), 264. (46) Roy Rosenzweig and Barbara Melosh, “Government and the Arts: Voices from the New Deal Era,” Journal of American History 77, no. 2 (1990): 596. (47) Patterson, Congressional Conservatism, 321-22. (48) Brinkley, End of Reform, 144.
136
اﳋﺎﲤﺔ اﻷﺳﻠﻮب اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ ودوﻟﻴٍّﺎ
ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎم ،١٩٣٨ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ املﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن »ﻣﻌﺎﻳري اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﺎدﻟﺔ«، َ اﻧﺰﻻق اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ اﻟﺤﺮب أﴎ روزﻓﻠﺖ إﱃ ﻫﻨﺮي ﻣﻮرﺟﻨﺜﺎو ،وزﻳﺮ اﻟﺨﺰاﻧﺔ ﰲ ﻋﻬﺪه ،ﺑﺄن ﱠ رﺑﻤﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻮاﺋ َﺪ ﻛﺜرية ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎم ،وﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺴﻴﺎﳼ .وﻗﺪ ﻗﺎل روزﻓﻠﺖ» :إن اﻟﻄﻠﺒﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ« ﻋﲆ اﻷﺳﻠﺤﺔ »ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺮﺧﺎءَ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﻠﺪ ،وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺤﺰبُ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﻨﺠﺎحَ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت دون ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮﺧﺎء «.ﰲ ري ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺘﻜﻮن رادﻋً ﺎ ﻟﺘﺠﻨ ﱡ ِﺐ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺪأ روزﻓﻠﺖ اﻟﺘﻔﻜ َ اﻻﺿﻄﺮار ﻟﻠﺘﻔﺎو ُِض ﻣﻊ ﻫﺘﻠﺮ 1 .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ُﻣﻨ َِﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٨ﻇ ﱠﻞ اﻟﺤﺰبُ ﻣ ِ ُﻤﺴ ًﻜﺎ ﺑﻤﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ أُﻋِ ﻴﺪ ٍ ﺛﺎﻟﺜﺔ — وﻫﻮ اﻟﺤﺪث اﻷول ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ — ﰲ ﻋﺎم ،١٩٤٠وﺑﻌﺪﻫﺎ اﻧﺘﺨﺎبُ روزﻓﻠﺖ ﻟﻔﱰ ٍة َ ِ ﻟﻠﻤﺮاﺳﻠني» :ﻟﻢ أﻋُ ْﺪ أﺣﺐ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة«، ﺑﺒﻀﻊ ﺳﻨﻮات ﻗﺎل روزﻓﻠﺖ َ َ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض ،وﻟﻜﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺑﻄﺒﻴﺐ أﺗﻰ ﻟﻴﻨﻘﺬ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﻓﺎﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أﺷﺒﻪ ٍ 2 ﺗﻮاﺟﻪ َ اﻵن ﻣﺨﺎﻃ َﺮ ﺟﺪﻳﺪ ًة ،ﻓﺴﻴﻜﻮن اﻟﺒﺪﻳﻞ ﻋﻨﻬﺎ ﱠ اﻟﺴﻌْ ﻲ ﻟﻜﺴﺐ اﻟﺤﺮب«. ﻷن اﻟﺪوﻟﺔ ِ وﻗﺪ ﻋﻜﺴﺖ اﺳﺘﻌﺎﺿﺔ روزﻓﻠﺖ ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« ﺑﻤﺼﻄﻠﺢ »ﻛﺴﺐ اﻟﺤﺮب« ﺗﺤﻮ ٍ ﱡﻻت ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ .أﻧﻬﻰ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ٍ ﺑﺤﻤﺎﺳﺔ وﺣﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺘﺎ اﻟﺬي ﺳﻤﺤﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺮبُ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻣﻦ املﺎل اﻟﻌﺎم ﻟﺘﻮﺟَ ﺪَا ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ .وﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،١٩٤٣ﻛﺎن اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻗﺪ
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
َ أﻟﻐﻰ ﺳﻠ َﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ وإدار َة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل وﻏريﻫﻤﺎ ﻣﻦ وﻛﺎﻻت اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة 3 .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻧﻤﺎ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ ٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٨إﱃ ٤٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻋﺎم 4 .١٩٤٣وأﺗﺎﺣﺖ اﻟﺤﺮب ﻟﻠﻤﺴﺌﻮﻟني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴني اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺨﺪﻣﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني َ ﻣﺒﺎﴍ ًة دون إﻋﺎدة اﻟﺘﻔﻜري ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻜﻮﻧﻬﻢ ﱢ ﻳﺆﺳﺴﻮن أﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﺎملﺮة؛ ﻣﺜﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ وﻃﻨﻲ ﻹﻣﺪاد اﻟﻌﺎﻃﻠني ﺑﺈﻋﺎﻧﺎت ﺑﻄﺎﻟﺔ .وﺗﻀﺎءﻟﺖ ﻟﴚءٍ ﻏري ﱟ ﻣﻌﺪﻻت اﻹﻧﻔﺎق واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﻜﺴﺎد أﻣﺎم ﻣﻌﺪﻻت اﻹﻧﻔﺎق واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ زﻣﻦ اﻟﺤﺮب، ُ َ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ )ا َملﻘِ ﻴﺴﺔ ﰲ ﺻﻮر ِة ﻧﺴﺒ ٍﺔ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ اﻧﺨﻔﻀ ِﺖ وأﺧريًا ﰲ ﻋﺎم ،١٩٤٣ 5 املﺪﻧﻴﺔ( ﻋﻦ ﻣﻌﺪﻟﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم .١٩٢٩وﻛﻤﺎ أﺷﺎر اﻟﺨﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدي إي ﻛﺎري ﺑﺮاون ﰲ ﻋﺎم ،١٩٥٦ﻓﺈن اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻢ ﺗﺨﺘﱪ ﺗﻮﺻﻴﺎت ﻛﻴﻨﺰ ﺑﺠﺪﻳ ٍﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻗﺎل» :ﻳﺒﺪو إﻧﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻏريَ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻌﴩﻳﻦ، إذن أن اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أدا َة ٍ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ِ ﺗﺆت ﺛﻤﺎرﻫﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗُﺠ ﱠﺮب 6 «.وﻟﻢ ﺗﺠﻠﺐ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺳﻮى اﻟﺤﺮب ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﰲ اﻹﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وإﻧﻤﺎ ﺟﺎءت ﻟﴬورة ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ. إﻻ أن اﻟﺤﺮب ﻟﻢ ﺗﺤ ﱠﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﺤ ﱠﻞ ﻓﻜﺮ ِة اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ روزﻓﻠﺖ ﰲ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﴫاع ،ﻟﺠﺄ إﱃ ُﻣﺜُﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .ﻓﻔﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻋﺎم َ ،١٩٤٤ ﻗﺎﺋﻼ ﻓﻴﻪ» :واﺟﺒﻨﺎ اﻵن أن ﻧﻀﻊ اﻟﺨﻄ َ أﻟﻘﻰ روزﻓﻠﺖ ﺧﻄﺎبَ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎدً ، ﻂ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻼم اﻟﺪاﺋﻢ … ﻫﺎ ﻗﺪ ﺧﻠﺼﻨﺎ إﱃ وﻧﺤﺪﱢد اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت؛ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻛﺴﺐ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﺄن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻔﺮد ﻻ ﺗﻮﺟﺪ دون أﻣﺎن واﺳﺘﻘﻼل اﻗﺘﺼﺎدﻳني «.ﺛﻢ َ أﺳﺎس ﺟﺪﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺎن واﻟﺮﺧﺎء واﺻ َﻞ ﻣﻌ ﱢﺪدًا»» :وﺛﻴﻘﺔ ﺣﻘﻮق« ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻨﺪ إﱃ ٍ ﱢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ املﻜﺎن أو اﻟﻌِ ﺮق أو اﻟﻌﻘﻴﺪة «.وﻗﺪ ﺷﻤﻠﺖ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺠﺪﻳﺪة: • • • • •
ﱠ اﻟﺤﻖ ﰲ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﻔﻴﺪة وﻣﺮﺑﺤﺔ ﰲ ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻷﻣﺔ أو ﻣﺘﺎﺟﺮﻫﺎ أو ﻣﺰارﻋﻬﺎ أو ﻣﻨﺎﺟﻤﻬﺎ. ﱠ دﺧﻞ ٍ ﻛﺎف ﻟﺘﻮﻓري اﻟﻘﺪر املﻼﺋﻢ ﻣﻦ املﺄﻛﻞ واملﻠﺒﺲ واﻟﱰﻓﻴﻪ. واﻟﺤﻖ ﰲ ٍ وﺣﻖ ﻛﻞ ﻣﺰارع ﰲ زراﻋﺔ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻪ وﺑﻴﻌﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﺎﺋﺪ ﻳﻮﻓﺮ ﻟﻪ وﻷﴎﺗﻪ ﻣﻌﻴﺸﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ. ﻣﻨﺎخ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ وﺣﻖ ﻛﻞ رﺟﻞ أﻋﻤﺎل ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻛﺒريًا أو ﺻﻐريًا ،ﰲ اﻻﺗﺠﺎر ﰲ ٍ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻏري اﻟﴩﻳﻔﺔ وﺳﻴﻄﺮة املﺤﺘﻜﺮﻳﻦ داﺧﻠﻴٍّﺎ وﺧﺎرﺟﻴٍّﺎ. وﺣﻖ ﻛﻞ أﴎة ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﻨﺰل ﻻﺋﻖ. 138
اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ • • •
ٍ ِ ٍ ﺑﺼﺤﺔ ﺟﻴﺪةٍ. وﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﻤﺘﱡﻊ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ واﻟﺤﻖ ﰲ رﻋﺎﻳ ٍﺔ ﺻﺤﻴ ٍﺔ واﻟﺤﻖ ﰲ ﺣﻤﺎﻳ ٍﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒ ٍﺔ ﻣﻦ املﺨﺎوف اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﱰﺗﺒﺔ ﻋﲆ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ أو املﺮض أو اﻟﺤﻮادث أو اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ. ﻗﺴﻂ ٍ ٍ ﻛﺎف ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. واﻟﺤﻖ ﰲ
وﺧﻠﺺ روزﻓﻠﺖ ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻮق ﺗﻔﴤ إﱃ اﻷﻣﺎن ،وﺑﻌﺪ أن ﻧﺮﺑﺢ ﻫﺬه ٍ أﻫﺪاف ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺤﺮب ﻳﺠﺐ أن ﻧﺴﺘﻌ ﱠﺪ ﺑﺒﻠﻮﻏﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻮق ،ﻟﻠﻤﴤﱢ ُﻗﺪُﻣً ﺎ ﻧﺤﻮ 7 وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺒﴩ«. ﻧﴩت ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺎﻳﻢ ﺗﻘﻮل» :ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﺣﺪ َ َث ﺗﺸﺎ ُو ٌر ﺑﺸﺄن ﻛﺴﺐ ﺣﻘﻮق ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪ اﻷﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﺸﺪاﺋﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،واﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺣﻘﻮق ﻛﺴﺐ اﻟﺤﺮب 8 «.وﻟﻜﻦ ﻛﺜريًا ﻣﻦ ِ ِ ٍ أﻋﻤﺎل ﻧ َ ِﺸ ٍﻂ ،واﻟﺤﺼﻮل ﻣﺠﺎل وﻇﻴﻔﺔ ،وﺑﻴﻊ ﻣﻨﺘﺠﺎت املﺰارع ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻣُﺮ ِﺑﺤﺔ ،واﻟﻌﻤﻞ ﰲ ٍ ِ ﺻﻔﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻣﺼﻤﱠ ٍ ٍ وﻣﻨﺰل؛ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺑﺮاﻣﺞَ ﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺿﻤﺎن ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻋﲆ أﺟﺮ ٍ ٍ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻮق .وﻳﻤﻜﻦ وﺿﻊ ﺣﻘﻮق أﺧﺮى ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ — ﻣﺜﻞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ — اﺳﺘﻨﺎدًا إﱃ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺠ ﱠﻠ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻮق ﺑﻮﺿﻮح ﰲ ﺧﻄﻂ روزﻓﻠﺖ 9 ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻼم ،ﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﺣﺪﻫﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﴎه. وﻣﻊ إﻧﻬﺎء اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﱪﻧﺎﻣﺠﻬﺎ املﺤﲇ ﱢ اﻟ ﱠ ﻄﻤﻮح ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ،ﺑﺪأت إدارة روزﻓﻠﺖ ﰲ اﻟﻨﻈﺮ ﺧﺎرﺟﻴٍّﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى .ﻋﲆ ُﺧ َ ﻄﻰ ﻛﻴﻨﺰ ،ﻇ ﱠﻞ ﻛﻮردﻳﻞ ﻫﺎل وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ أن ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻣﻔﺘﻮح ﺳﻴﻘﻮد ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻼم واﻟﺮﺧﺎء؛ ﺣﻴﺚ ﻗﺎل: ﻋﺎملﻲ ﱟ ٍ 10 ﱠ ً وأﻣﻼ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻋﻤﻞ ﻋﲆ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻋﲆ إﺛﺮﻫﺎ اﻟﺴﻼم«. »ﺗﺠﺎر ٌة ﺑﻼ ﻗﻴﻮ ٍد ُ ٍ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻷﻧﺠﻠﻮ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٨ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﺗﺠﺎرﻳ ٍﺔ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ إﺑﺮام َ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺘﻲ ﻋ ﱠﺰ َز ْت ﻓﻜﺮة أن اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺪوﱄ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻌﻴﺪ ﰲ ﺣﻘﺒ ِﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ. ﺗﺆﺗﻲ أﻓﻜﺎر ﻫﺎل ﻋﲆ وﺷﻚ أن ﻗﺮب ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻜﺎ ٌر ﻣﺜﻞ َ ِ ﺛﻤﺎرﻫﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻋﺎم ،١٩٤٤ﺗﻮﺟﱠ َﻪ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ٍ ﻣﺒﻌﻮث ﻣﻦ ﺑني ٧٣٠ﻣﺒﻌﻮﺛًﺎ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﻴﻨﺰ ﺳﻮى أرﺑﻊ وأرﺑﻌني دوﻟﺔ ﻳﺠﺘﻤﻌﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ وﺿﻊ ﻗﻮاﻋﺪ اﻗﺘﺼﺎدِ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب ،إﻻ أن ﻛﻴﻨﺰ ٍ ُ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻛﺎن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻌﺒﺖ اﻟﺪو َر اﻷﺑﺮ َز ﰲ املﺆﺗﻤﺮ .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٤١ﻗﺒﻞ أن ﺗﺪﺧﻞ ً املﺘﺤﺪة اﻟﺤﺮبَ ،ﻛﺎن ﻗﺪ َ ﺧﻄﺔ ﻟﺘﻮﻓري ﺟﺰءٍ ﻣﻤﺎ أﻏﻔ َﻠﺘْﻪ ﻣﻌﺎﻫﺪ ُة ﻓريﺳﺎي — ﻧﻈﺎم وﺿ َﻊ 139
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ٍ ﺑﺴﻼﺳﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف »ﻣﻨﻊ ﺗﺮا ُﻛ ِﻢ اﻷرﺻﺪ ِة ري اﻟﻨﺸﺎط املﺎﱄ واﻟﺘﺠﺎري اﻟﻌﺎملﻲ ﻳﻀﻤﻦ َﺳ ْ َ اﻟﺪاﺋﻨﺔ واملﺪﻳﻨﺔ دون ﺣﺪودٍ« — وﻋﲆ أﻳﺔ ﺣﺎل ،ﺳﺘﻜﻮن اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﺎ 11 ُ ﱠ وﺧﺼ َ ﺧﻄﺔ ﻛﻴﻨﺰ ﺼ ْﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب ﻫﻲ ﺗﺠﻨﱡﺐ إﻋﺎدة إﻧﺘﺎج اﻗﺘﺼﺎد ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب. ً ً ِ ﻹﻧﺸﺎء اﺗﺤﺎدٍ اﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرة أﻣﻮاﻻ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ِ ٍ ﴏف اﻓﱰاﺿﻴ ٍﺔ ﺑﻌﻤﻠﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﺳﻤﺤﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﻮال — ﻋﲆ أن ﺗﻜﻮن ِ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻗﺘﺼﺎداﺗﻬﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة. »اﻟﺒﻨﻜﻮر« — ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻮ ﴐوريﱞ وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻴﻨﺰَ ، وﻗ َ ﻒ ﺑﺄﺧﻼﻗﻴ ٍﺔ ﻏﺮﻳ ُﻤ ُﻪ ﻫﺎري دﻳﻜﺴﱰ واﻳﺖ ،ﻣﻤﺜ ﱢ ُﻞ أﻣﺮﻳﻜﺎ .ﻛﺎن ﺣﻠﻮل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ: ﰲ ﺟَ ﻌﺒﺔ واﻳﺖ ﺧﻄﺘُﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﺤ ﱢﻞ املﺸﻜﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ٍ ﺗﺴﺎﻫﻤﻲ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﺨﺰون ﻋﻤﻠﺔ ﺻﻨﺪوق ﻓﺴﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻗﱰاﺿﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﱟ ٍ 12 ري ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻜﻮر .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني ﺧﻄﺔ واﻳﺖ وﻓﻜﺮة ﻛﻴﻨﺰ ﻫﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻛﺜ ٍ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ﺑني اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ودول اﻟﺮﻓﺎه اﻷوروﺑﻴﺔ .وﰲ ﻇﻞ اﻟﱪاﻣﺞ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ وﻓﻘﺎ ملﺎ ﺟﺎء ﰲ ﺧﻄﺔ ﺑﻴﻔﺮﻳﺪج ﰲ ﻋﺎم ،١٩٤٢ﱠ ﻣﻊ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻔﻘﺮ واﻹﻋﺎﻗﺔً ، ﺗﻠﻘﻰ املﻮاﻃﻨﻮن ﻣﻌﺎﺷﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ٍّ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ٍّ ً ﺣﻘﺎ ﻟﻬﻢ ،ﰲ ﺣني ﻟﻢ ﱠ ٍ ﺣﻘﺎ ﻟﻪ ﻳﺘﻠﻖ أﺣ ٌﺪ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ إذ ﻛﺎن ا ُملﺤَ ﺎﻟﻮن ﻋﲆ املﻌﺎش ﻳﺴﺤﺒﻮن اﻷﻣﻮا َل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﻮا ﺑﻬﺎ. َ َ ﱠ وﺗﻤﺴ َﻚ ﺑﺨﻄﺔ واﻳﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﺒﺐ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي رﻓ َﺾ اﻟﻮﻓ ُﺪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺧﻄﺔ ﻛﻴﻨﺰ ﺗﺴﺎﻫﻤﻲ؛ ﻓﺎﻟﺨﻄﺔ أﺳﺎس ﺟﻌﻞ إدارة روزﻓﻠﺖ ﺗﴫﱡ ﻋﲆ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻀﻤﺎ ُن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﲆ ٍ ﱟ ُ ﺧﻄﺔ واﻳﺖ اﻟﺘﺴﺎﻫﻤﻴﺔ ﺳﺘﺤ ﱡﺪ ﻣﻦ املﻄﺎﻟﺒﺎت وﺳﱰﴈ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ُ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﻛﻤﺎ اﺗﱡﻔِ َﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑﺮﻳﺘﻮن اﻟﺮﻛﻴﺰ َة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ً َ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻋﲆ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ملﻨﻊ اﻟﺴﺤﻮﺑﺎت ﻏري ووﺿ َﻊ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻗﻴﻮدًا وودز، 13 املﴩوﻃﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺪوق. ٌ ﺷﻘﻴﻖ ﻫﻮ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ﻟﻺﻧﺸﺎء واﻟﺘﻌﻤري ،املﻌﺮوف وﻛﺎن ﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ُ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﻟﻠﺒﻼد املﺮو َر ﺑﺴﻼ ٍم ﺑﺎﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ .وملﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﺘﻴﺢ ﻣﻦ ﻏﻤﺎر ﺗﻘ ﱡﻠ ِ ﺒﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺤﺮة ،ﻛﺎن ﻳُﻔﱰَض ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ أن ﻳﻘﺮض املﺎ َل ً ﻃﻮﻳﻼ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ ﻛﻲ دﻣﺎر ،وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧ َ ْﺖ ﻹﺻﻼح ﻣﺎ ﻧﺠَ َﻢ ﻋﻦ اﻟﺤﺮب ﻣﻦ ٍ ِ ُ ْ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺮﻛﺐ اﻷﻣﻢ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻗﻞ ﻧﻤﻮٍّا َ ﻣﻮﻗﻒ إدارة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ،وإدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل ﻣﻦ ﻳﺸﺒﻪ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ َ ِ ِ اﻟﻐﻮث ﻫﺬه اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄﺗْﻬﺎ وﻛﺎﻻت ﻧﺤﻮ ﻳﺸﺒﻪ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .وﻋﲆ ٍ 140
اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ
ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻋﻤﻞ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﺣﺪو ِد اﻟﺮؤﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ،اﻟﺘﻲ ﻗﻴﱠﺪ ْ َت 14 ً أﻳﻀﺎ َ ﻗﺮض ﻗﺪﱠﻣَ ﻪ إﱃ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛ ﱠﻠ َﻔﻪ ﺛﻠﺚ ﻣﻮارده املﺘﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ. ﻣﺎل اﻟﺒﻨﻚ؛ ﻓﺄول ٍ رأس ِ ﻧﺤﻮ ﻳﺸﺒﻪ ﻛﺜريًا ﺑﺮاﻣﺞَ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة املﺤﻠﻴﺔ ،ﺷ ﱠﻜ َﻠ ِﺖ املﻮار ُد املﺤﺪودة وﻋﲆ ٍ َ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐُ ،وﻧﺒﺬ اﻟﻔﺸﻞ وﺑﻨﺎء ﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ واﻟﺒﻨﻚِ اﻟﺪوﱄ ﱢ ﻧﺠﺎﺣﺎت ،وﻫﻮ ﻣﺎ اﻣﺘﺪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة روزﻓﻠﺖ ﰲ أﺑﺮﻳﻞ ﻋﺎم .١٩٤٥وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن املﻮﻗﻒ ﰲ ﺑﺎدئ ﻋﻬﺪ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻟﻢ ﺗﺆ ﱢد اﻟﻘﻴﻮ ُد اﻟﺘﻲ ُﻓ ِﺮﺿﺖ ﻋﲆ ﻧﻈﺎم ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز ﰲ ﻋﺎملﻲ ،وﻟﻢ ﻳﺘﻤ ﱠﻜ ِﻦ اﻟﺒﻨ ُﻚ اﻟﺪوﱄ ﻣﻦ ﺗﻮﻓري اﻟﻘﺪر ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﺪاﻳﺘﻪ إﱃ اﻧﺘﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎديﱟ ٍ ﱟ ِ اﻟﻜﺎﰲ ﻣﻦ املﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﻤريَ ، ُ َ إﻗﺮاض املﺎل ﻣﺎ ﻟﻢ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ورﻓ َﺾ ﻳﺘﺄ ﱠﻛﺪ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳ َ ٍ اﺧﺘﻼﻻت ﻗﺼري ِة اﻷﻣﺪ ،ﻻ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﻤري ُﻨﻔﻖ إﻻ ﻋﲆ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق 15 .وﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﱠ دﺷ َﻦ ﺻﻨﱠﺎ ُع اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺒﺪِﻋﻮن ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﺎﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت؛ وﰲ ﻋﺎم ،١٩٤٧ﻛﺘﺐ َ ُ ٍ ِ ﺑﻘﻌﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﰲ ﻛ ﱢﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻣﺴﺌﻮل ﺑﻮزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ» :ﺗﻬﺪﱢد ﻫﺬا اﻟﻜﻮﻛﺐ؛ ﻓﻬﺬه اﻟﺤﺮﻛﺎت ﺗﻘﺘﺎت ﻋﲆ اﻟﻀﻌﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺴﻴﺎﳼ .وﺗﺤﺘﺎج اﻟﺒﻼد ِ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق إن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺮﻳﺪ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺗﺤﺖ ﻧِري اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ إﱃ ﻣﺴﺎﻋﺪ ٍة اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ظ ﻋﲆ ﺳﻼﻣﺔ أراﺿﻴﻬﺎ واﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﳼ .ﰲ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت ،ﻛﺎن ﻳ ﱠ اﻟﺤﻔﺎ َ ُﺘﻮﻗﻊ أﻧﻪ ﺑﻤﻘﺪور اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﱄ ]ﻟﻺﻧﺸﺎء واﻟﺘﻌﻤري[ اﻟﻮﻓﺎءُ ﺑﺎﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻬﺬه املﺴﺎﻋﺪات، وﻟﻜﻦ ﻳﺘﻀﺢ اﻵن أن اﻟﺒﻨﻚ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أداءَ وﻇﻴﻔﺘﻪ … واﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ملﺠﺎﺑﻬﺔ ﻫﺬا َ ُ ﻣﺒﺎﴍ ًة اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺴﺎﻋَ ﺪ ٍة ﺟﺪﻳ ٍﺪ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺗﻘﺪﱢﻣﻪ اﺳﺘﺤﺪاث اﻟﺘﺤﺪﱢي ﻫﻮ ِ 16 ﻧﻔﺴﻬﺎ«. أﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻫﻲ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷوروﺑﻲ ،املﻌﺮوف ﺑﺨﻄﺔ ﻣﺎرﺷﺎل ،ﺗﻴﻤﱡ ﻨًﺎ ﺑﺠﻮرج ﻣﺎرﺷﺎل وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،اﻟﺬي أﻋﻠﻦ ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻳﺠﺐ أن ﺗﻘﻮم اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﰲ وﺳﻌﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﺳﻬﺎم ﰲ … اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺎل ﻟﺘﻬﻴﺌﺔ اﻟﻈﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺎملﻲ ﻓﻌﱠ ٍ ﱟ َ ُ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻹﻗﺮاض ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ري ،ﺣ ﱠﺮ َر املﺆﺳﺴﺎت اﻟﺤﺮة «.وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻮﻗﺖ ﻗﺼ ٍ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — اﻟﺬي ﻛﺎن ﻻ ﻳﺰال ﻣﺮﺗﺒ ً ﻄﺎ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻋﻨﺪ ٣٥ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ،وأﺻﺒﺢَ اﻟﺪوﻻ ُر ﱡ اﻷﺳﺎس ﻟﻨﻈﺎم ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي دا َم ُﻗ َ َ ﺮاﺑﺔ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﻤﻠﺔ دوﻻ ًرا ﻟﻸوﻗﻴﺔ — ِ 17 وﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ. 141
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة
ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ١٩٤٧؛ أيْ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ دﺧﻮل اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ ُ َ رؤﻳﺔ ﻛﻴﻨﺰ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺎﻫﺪة ﻓريﺳﺎي: ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﱃ ﳾءٍ ﻳُﺸ ِﺒﻪ اﻷوﱃ ،ﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ْﺖ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻌﺎﰲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أﻏﻨﻰ اﻗﺘﺼﺎد ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺘﺰا ٌم ِ َ وﺧﻠﺼ ِﺖ اﻟﻘﻴﺎد ُة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺑﱰدﱡدٍ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ إﻻ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ، ُ ُ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺎ َﻟ ْﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻷزﻣﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ري ﻣﻤﺎ ﻧﺼﺢ ﺑﻪ ﻓﻀ َﻠ ْﺖ ﻣﻨﻬﺠً ﺎ ﺗﺠﺮﻳﺒﻴٍّﺎ أﻗﻞ ﺗﻮاﺿﻌً ﺎ ﺑﻜﺜ ٍ ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺛﻢ ﻧﻈﺎم ﻛﻴﻨﺰ اﻟﻌﺒﻘﺮي .وﻋﻤﻠﺖ اﻟﺠﻬﻮ ُد املﺮﺣﻠﻴﺔ املﱰﻧﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺬ َﻟﺘْﻬﺎ ِ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪ َة ﺟﺰﺋﻲ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺟﻌ َﻠ ِﺖ ﻧﺤﻮ ﱟ ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز ﻋﲆ ﺣ ﱢﻞ املﺸﻜﻼت ﺑﺒﻂءٍ وﻋﲆ ٍ ﻛﺎرﺛﺔ ﻣﻘﺎ َر ً ٍ ﻧﺔ ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺼﺒﺢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎل ﻟﻮ اﺗﱡﺨِ ﺬَ ْت ﺧﻄﻮ ٌة واﻟﻌﺎﻟ َﻢ أﻗﺮبَ إﱃ اﻟﻮﻗﻮع ﰲ ٌ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻛﻴﻨﺰ .إﻻ أن اﻟﱪاﻣﺞ ﻛﺎن ﻣﻜﺘﻮﺑًﺎ ﻟﻬﺎ اﻟﻨﺠﺎحُ اﻟﺒﺎﻫ ُﺮ؛ إذ ﱠ ﺗﻤﺨ َﺾ ﻋﻦ ﻧﻈﺎ ِم ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز اﺳﺘﻘﺮا ٌر اﻗﺘﺼﺎديﱞ أﻋﻈﻢ وﻧﻤ ﱞﻮ اﻗﺘﺼﺎدي أﴎع ﻣﻦ أي 18 ﺣﻘﺒ ٍﺔ َ ﺳﺒﻘﺘْﻪ أو ﺗ َﻠﺘْﻪ إﱃ اﻵن. ُ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة وﻣﺎ ﱠ ﺗﻤﺨ َﺾ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﺗﺴﻤﺖ ً ٍ ﺗﻨﺎزﻻت ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻋ َﻜ َﺲ اﻟﴫﻳﺢ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺼﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ ،وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻗﺪﱠﻣَ ْﺖ َ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ املﻨﻘﻮﺻﺔ اﻟﺘﻲ أوﺟﺪ ْ َت ﻫﺬه اﻟﱪاﻣﺞَ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس .وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻫﺬه ﱢ ﻧﻔﻀﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻟﻠﺘﻐﻴري اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻋﲆ ﺣﺬر روزﻓﻠﺖ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ املﺆملﺔ ،رﺑﻤﺎ ﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﺠﻞ اﻟﺬي ﱠ أداء ﻫﻴﻜﻞ إدارة روزﻓﻠﺖ اﻟﺮديء داﺧﻠﻴٍّﺎ وﺧﺎرﺟﻴٍّﺎ ﻣﻘﺎ َر ً ﺣﻘ َﻘﺘْﻪ اﻟﱪاﻣﺞُ َ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ،املﺘﺴﻘﺔ أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴٍّﺎ وﻧﻈﺮﻳٍّﺎ )ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻫﺎﺟَ ﻤَ ِﺖ اﻟﺠﺪﻳﺪ َة( ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﻧﻘﺪﱢر املﻨﺎﻗﺐَ اﻟﺘﻲ ﱠ ﺗﺤﻘ َﻘ ْﺖ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻗﻴﻮد ﺣﻘﺒﺔ روزﻓﻠﺖ .إن اﻟﻘﺼﻮر اﻟﻮاﺿﺢ ﰲ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أﺛﺎ َر ﻧﻘﺪًا وﺷﺠﱠ َﻊ ﻋﲆ ﺑﺬل ﻣﺤﺎوﻻت ٍ ﺗﺤﺴﻴﻨﺎت ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻨني ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻺﺻﻼح؛ ﻣﻤﺎ ﻣﻬﱠ َﺪ اﻟﺴﺒﻴ َﻞ ﻹﺿﻔﺎء اﻟﻼﺣﻘﺔ. ﻫﻮاﻣﺶ (1) Michael S. Sherry, The Rise of American Air Power: The Creation of Armageddon (New Haven: Yale University Press, 1987), 81. (2) “The Nine Hundred and Twenty-Ninth Press Conference,” The Public Papers and Addresses of Franklin D. Roosevelt, ed. Samuel I. Rosenman, 1943, vol., 571.
142
اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ (3) Alan Brinkley, The End of Reform: New Deal Liberalism in Recession and War (New York: Vintage, 1995), 141. (4) Susan B. Carter et al., eds., Historical Statistics of the United States, Earliest Times to the Present, Millennial Edition (New York: Cambridge University Press, 2006), series Ea636 and Ca10. (5) Ibid., series Ba475. Unemployment was 2.89 percent in 1929 and 1.77 percent in 1943. (6) E. Cary Brown, “Fiscal Policy in the Thirties: A Reappraisal,” The American Economic Review 46, no. 5 (1956): 863–66. (7) “President Roosevelt’s Message to Congress,” New York Times 1/12/1944, 12. (8) Cited in Cass R. Sunstein, The Second Bill of Rights: FDR’s Unfinished Revolution and Why We Need It More Than Ever (New York: Basic Books, 2004), 15. (9) On the question of Roosevelt’s sincerity in this speech, see James T. Kloppenberg, “Franklin Delano Roosevelt, Visionary,” Reviews in American History 34, no. 4 (2006). (10)
Quoted in Arthur W. Schatz, “The Anglo-American Trade
Agreement and Cordell Hull’s Search for Peace 1936–1938,” Journal of American History 57, no. 1 (1970). (11) Cited in Elizabeth Borgwardt, A New Deal for the World: America’s Vision for Human Rights (Cambridge, MA: Belknap Press of Harvard University Press, 2005), 108. (12) See Ibid., 109. (13)
Richard N. Gardner, Sterling-Dollar Diplomacy in Current
Perspective: The Origins and Prospects of Our International Economic Order, New, exp. ed. (New York: Columbia University Press, 1980), 134– 36.
143
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة (14) Edward S. Mason and Robert E. Asher, The World Bank since Bretton Woods (Washington, DC: The Brookings Institution, 1973), 105. (15) Gardner, Sterling-Dollar, 297. (16) Ibid., 300. (17) Gardner, Sterling-Dollar, 302. (18) Barry Eichengreen, “Epilogue: Three Perspectives on the Bretton Woods System,” in A Retrospective on the Bretton Woods System: Lessons for International Monetary Reform, ed. Michael D. Bordo and Barry Eichengreen (Chicago: University of Chicago Press, 1993), 626.
144
ﻗﺮاءات إﺿﺎﻓﻴﺔ
Badger, Anthony J. The New Deal: The Depression Years, 1933–40. London: Macmillan, 1989. Berlin, Isaiah. “President Franklin Delano Roosevelt.” In The Proper Study of Mankind: An Anthology of Essays, edited by Henry Hardy and Roger Hausheer, 628–37. London: Chatto and Windus, 1997. Bordo, Michael D., Claudia Dale Goldin, and Eugene N. White, eds. The Defining Moment: The Great Depression and the American Economy in the Twentieth Century. Chicago: University of Chicago Press, 1998. Borgwardt, Elizabeth. A New Deal for the World: America’s Vision for Human Rights. Cambridge, MA: Belknap Press of Harvard University Press, 2005. Brinkley, Alan. The End of Reform: New Deal Liberalism in Recession and War. New York: Vintage, 1995. . Voices of Protest: Huey Long, Father Coughlin, and the Great Depression. New York: Vintage, 1983. Carter, Susan B., Scott Sigmund Gartner, Michael R. Haines, Alan L. Olmstead, Richard Sutch, and Gavin Wright, eds. Historical Statistics of the United States, Earliest Times to the Present, Millennial Edition. New York: Cambridge University Press, 2006.
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة Chandler, Lester V. America’s Greatest Depression, 1929–1941. New York: Harper and Row, 1970. . American Monetary Policy, 1928–41. New York: Harper and Row, 1971. Cohen, Andrew Wender. The Racketeer’s Progress: Chicago and the Struggle for the Modern American Economy, 1900–1940. Cambridge: Cambridge University Press, 2004. Cohen, Lizabeth. Making a New Deal: Industrial Workers in Chicago, 1919– 1939. Cambridge: Cambridge University Press, 1990. Eichengreen, Barry. Golden Fetters: The Gold Standard and the Great Depression, 1919–1939. New York: Oxford University Press, 1992. . “The Origins and Nature of the Great Slump Revisited.” Economic History Review 45, no. 2 (1992): 213–39. Fearon, Peter. Origins and Nature of the Great Slump, 1929–1932. Atlantic Highlands, NJ: Humanities Press, 1979. . War, Prosperity, and Depression: The U.S. Economy, 1917–1945. Oxford: Philip Allan, 1987. Feinstein, Charles H., Peter Temin, and Gianni Toniolo. The European Economy between the Wars. New York: Oxford University Press, 1997. Fraser, Steve, and Gary Gerstle, eds. The Rise and Fall of the New Deal Order, 1930–1980. Princeton: Princeton University Press, 1989. Hawley, Ellis W. The New Deal and the Problem of Monopoly: A Study in Economic Ambivalence. Princeton: Princeton University Press, 1966. Jacobs, Meg. Pocketbook Politics: Economic Citizenship in Twentieth Century America. Princeton: Princeton University Press, 2005. Kennedy, David M. Freedom from Fear: The American People in Depression and War, 1929–1945. New York: Oxford University Press, 1999. Kindleberger, Charles Poor. The World in Depression 1929–1939. London: Allen Lane, 1973.
146
ﻗﺮاءات إﺿﺎﻓﻴﺔ Leuchtenburg, William E. Franklin D. Roosevelt and the New Deal, 1932– 1940. New York: Harper Torchbooks, 1963. . The FDR Years: On Roosevelt and His Legacy. New York: Columbia University Press, 1995. . The Perils of Prosperity, 1914–1932. Chicago: University of Chicago Press, 1993. . The Supreme Court Reborn: The Constitutional Revolution in the Age of Roosevelt. New York: Oxford University Press, 1995. . “When the People Spoke, What Did They Say?: The Election of 1936 and the Ackerman Thesis.” Yale Law Journal 108, no. 8 (1999): 2077– 114. Maher, Neil M. Nature’s New Deal: The Civilian Conservation Corps and the Roots of the American Environmental Movement. New York: Oxford University Press, 2007. Olson,
James
S.
Saving
Capitalism:
The
Reconstruction
Finance
Corporation and the New Deal, 1933–1940. Princeton: Princeton University Press, 1988. Patterson, James T. America’s Struggle against Poverty, 1900–1985. Cambridge, MA: Harvard University Press, 1986. . Congressional Conservatism and the New Deal: The Growth of the Conservative Coalition in Congress, 1933–1939. Westport, CT: Greenwood Press, 1981. . The New Deal and the States: Federalism in Transition. Princeton: Princeton University Press, 1969. Phillips, Sarah T. This Land, This Nation: Conservation, Rural America, and the New Deal. New York: Cambridge University Press, 2007. Romer, Christina D. “The Great Crash and the Onset of the Great Depression.” Quarterly Journal of Economics 105, no. 3 (1990): 597–62.
147
اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة . “What Ended the Great Depression?” Journal of Economic History 52, no. 4 (1992): 757–84. Rothermund, Dietmar. The Global Impact of the Great Depression. London: Routledge, 1996. Rowley, William D. M. L. Wilson and the Campaign for the Domestic Allotment. Lincoln: University of Nebraska Press, 1970. Saloutos, Theodore. “New Deal Agricultural Policy: An Evaluation.” Journal of American History 61, no. 2 (1974): 394–416. Schulman, Bruce J. From Cotton Belt to Sunbelt: Federal Policy, Economic Development, and the Transformation of the South, 1938–1980. Durham, NC: Duke University Press, 1994. Skidelsky, Robert. John Maynard Keynes: A Biography. 3 vols. London: Macmillan, 1983–2000. Smith, Jason Scott. Building New Deal Liberalism: The Political Economy of Public Works, 1933–1956. Cambridge: Cambridge University Press, 2006. Volanto, Keith J. Texas, Cotton, and the New Deal. College Station: Texas A&M University Press, 2005. Weir, David R. “A Century of U.S. Unemployment, 1890–1990: Revised Estimates and Evidence for Stabilization.” Research in Economic History 14 (1992): 301–46.
148
اﺳﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن
ﺟﺪول :1اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺻ َﺪ َر ْت ﰲ ﺣﻘﺒﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري واﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة.
ﻗﺎﻧﻮن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر
املﺮﺟﻊ
ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﺪوره
اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ
رﻗﻢ ٤٧ﻻﺋﺤﺔ ٥
ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل
اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﺒﻨﻮك ﻗﺮوض اﻹﺳﻜﺎن
ﻗﺎﻧﻮن املﺼﺎرف اﻟﻄﺎرئ
ُ ١٩٣٢ / ١ / ٢٣أ ُ َ ْ ِ ﻣﺎل ﻳﺒﻠﻎ ٥٠٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر، ﺒﻪ ﺑﻤﻮﺟ ﺖ ﺌ ﻧﺸ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ،ﺑﺮأس ٍ ِ ُ َ وﺻ َﻠ ْﺖ ﻗﻴﻤﺘُﻬﺎ إﱃ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف رأس ﻣﺎﻟﻬﺎ؛ ﻟﺪﻋﻢ اﻟﺒﻨﻮك ﺳﻨﺪات وﺳ ِﻤﺢَ ﻟﻬﺎ ﺑﺈﺻﺪار واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻷﺧﺮى.
رﻗﻢ ٤٧ﻻﺋﺤﺔ ٥٦
رﻗﻢ ٤٧ﻻﺋﺤﺔ ٧٢٥
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ١
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ٢٢
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻐﻮث وإﻋﺎدة اﻟﺘﺸﺠري املﺆﺳﺲ ﻟﺴﻠﻚ اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ
١٩٣٣ / ٣ / ٩
١٩٣٢ / ٧ / ٢٢أ ُ ِ ﻧﺸﺊَ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﻧﻈﺎ ُم ﺑﻨﻮك ﻗﺮوض اﻹﺳﻜﺎن ،ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ، ﻟﻠﺴﻤﺎح ﺑﺈﻋﺎدة ﺣﺴﻢ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ.
١٩٣٢ / ٢ / ٢٧ﺳﻤﺢ ﻟﻨﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺑﺈﺻﺪار ﻧﻘﻮ ٍد ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﺄوراق ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ.
َ َأﻗ ﱠﺮ ِت املﺎد ُة ١ﺑﻮﺟﻮد ﺣﺎﻟﺔٍ ﻃﺎرﺋﺔٍ َ إﻳﻘﺎف اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻘﻄﺎع املﴫﰲ ،وﺧ ﱠﻮ َﻟﺖ ِ املﻌﺎﻣﻼت املﴫﻓﻴﺔ ووزﻳ َﺮ اﻟﺨﺰاﻧﺔ ﻣﺼﺎدر َة اﻟﺬﻫﺐ ،وﺧﻮﱠﻟﺖ املﺎدة ٢ﻣﺮاﻗﺐَ اﻟﻌﻤﻠﺔ ني أﻣﻨﺎء ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻋﲆ دﻓﺎﺗﺮﻫﺎ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺪى ﺳﻼﻣﺘﻬﺎ .وﻓﻮ َ ﺗﻌﻴ َ ﱠﺿ ِﺖ َ وأﻃﻠﻘ ِﺖ وﺑﻴﻌﻬﺎ. املﺎﻟﻴﺔ املﺼﺎرف أوراق ﴍاء ﰲ اﻹﻋﻤﺎر إﻋﺎدة ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻣﺆﺳﺴﺔ املﺎد ُة ٣ َ ﻗﺮوض إﱃ اﻟﺒﻨﻮك اﻷﻋﻀﺎء. ﺣﺮﻳﺔ ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻹﺻﺪار املﺎد ُة ٤ ٍ
َ »ﻓﺮﻳﻖ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ« ،اﻟﺬي أﺻﺒﺢ »ﺳﻠﻚ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺗﺸﻜﻴ َﻞ ١٩٣٣ / ٣ / ٣١ﺧﻮﱠل ٍ َ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﻷراﴈ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ. اﻟﺨﺪﻣﺔ املﺪﻧﻴﺔ« ،وﻛﺎﻧﺖ وﻇﻴﻔﺘﻪ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ
اﺳﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن
املﺮﺟﻊ
ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ اﻟﻔﻴﺪراﱄ
ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﺪوره
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ٣١
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ٥٥
ﻗﺎﻧﻮن ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ
اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ
ٍ ري ﺑني َ ١٩٣٣ / ٥ / ١٢أﻗ ﱠﺮ ِت املﺎد ُة ١ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﻮﺟﻮد ﺣﺎﻟﺔٍ ﻃﺎرﺋﺔٍ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺰراﻋﺔ، واﺧﺘﻼف ﻛﺒ ٍ اﻟﺪﺧﻮل ﰲ اﻟﺮﻳﻒ واﻟﺤﴬ ،وﻫﻮ أﻣ ٌﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻌﻪ؛ وأﻟﺰم اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن وزﻳﺮَ وﻣﺒﺎﴍ ِة ﴐﻳﺒ ٍﺔ ﻳﺠﺮي اﻟﺰراﻋﺔ ﺑﺈﻧﺸﺎء إدارة اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ َ َ ﺗﺤﺼﻴﻠُﻬﺎ ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج .ﱠ ووﺳﻌَ ِﺖ املﺎد ُة ،٢أو ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺮﻫﻦ اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﻄﺎرئ، َ ﱠﺿ ِﺖ املﺎد ُة ،٣املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﻮ وﻓ اﻟﺰراﻋﻴﺔ. اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ ً َ وﻓﻀﺔ. اﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ إﺻﺪار ﻧﻘﻮ ٍد ورﻗﻴﺔٍ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ذﻫﺒًﺎ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﻮﻣﺎس، ً ً ً ﻃﺎرﺋﺔ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﻓﺸﻞ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﻐﻮث اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ١٩٣٣ / ٥ / ١٢أﻋﻠﻦ ﱠ وﺧﺼ َ ﺺ ٥٠٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ أﻣﻮال ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ﻟﺼﺎﻟﺢ املﺤﻠﻴﺔ، إدارة اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﰲ ﺻﻮرة ﻣﺴﺎﻋﺪات إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت.
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ٥٨
ﻗﺎﻧﻮن اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٣
ِ أﻋﻤﺎل اﻻﺣﺘﻴﺎل اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﰲ وﻛﺎﻟﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ملﻨﻊ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ املﺆﺳﺴﺎت ١٩٣٣ / ٥ / ٢٧أﻟ َﺰ َم ِ ِ ِ ﰲ إﺻﺪار ﺗﻠﻚ اﻷوراق.
ُ ١٩٣٣ / ٥ / ١٨أ ُ ِ ﻫﻴﺌﺔ وادي ﺗﻴﻨﻴﴘ ﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﺳﺪ وﻳﻠﺴﻮن ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺎﺳﻞ ﺷﻮﻟﺰ ﻧﺸﺌَ ْﺖ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺗﺸﻐﻴﻠﻪ ،وﻟﺘﺤﺴني املﻼﺣﺔ واﻟﺘﺤ ﱡﻜﻢ ﰲ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت ﰲ املﻨﻄﻘﺔ ،وﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﻴﺔ وﺗﺼﻨﻴﻊ املﺨﺼﺒﺎت واملﺘﻔﺠﺮات.
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ٧٤
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ١٢٨
ﻗﺎﻧﻮن ﻗﺮوض أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل
ُ ﻗﺮوض ﱠ ١٩٣٣ / ٦ / ١٣أ ُ ِ ﻣﻼكِ املﻨﺎزل ﻹﻋﺎدة ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت ﻋﲆ املﺴﺎﻛﻦ، ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﻧﺸﺌَ ْﺖ ِ ِ وﻣﻨﻊ ﺣﺎﻻت ﻧﺰع ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﻌﻘﺎرات املﺮﻫﻮﻧﺔ.
اﺳﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن
ﻗﺎﻧﻮن املﺼﺎرف ﻟﺴﻨﺔ ) ١٩٣٣ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل ﻟﻠﻤﺼﺎرف(
املﺮﺟﻊ
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ١٦٢
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ١٩٥
ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ
ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﺪوره
اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ
١٩٣٣ / ٦ / ١٦زاد اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ملﺮاﻗﺒﺔ ﻣﻌﺎﻣﻼت ﻧﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﱠ ُ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وأ ُ ِ املﺆﻗﺘَﺔ ،وﻗﻴﱠ َﺪ ﻗﺪر َة اﻟﻮداﺋﻊ ﻋﲆ ﻟﻠﺘﺄﻣني املﺆﺳﺴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻧﺸﺌَ ْﺖ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﰲ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ. َ ١٩٣٣ / ٦ / ١٦أﻗ ﱠﺮ ِت املﺎد ُة ١ﺑﻮﺟﻮد ﺣﺎﻟﺔٍ ﻃﺎرﺋﺔٍ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،وﻋ ﱠﻠ َﻘ ِﺖ اﻟﻌﻤ َﻞ ﺑﻘﺎﻧﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎر ،وﻓﻮ َ َ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ إﻧﺸﺎء وﻛﺎﻟﺔٍ ملﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻄﺎرﺋﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﺿﻮاﺑﻂ ﱠﺿ ِﺖ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ؛ ﻓﺄﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ إدار َة اﻹﻧﻌﺎش اﻟﻮﻃﻨﻲ .ﻓﻮ َ َ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ إﻧﺸﺎء ﱠﺿ ِﺖ املﺎد ُة ٢ إدار ٍة ﻓﻴﺪراﻟﻴ ٍﺔ ﻃﺎرﺋﺔٍ ﻟﻸﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ إدار َة اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻹﻗﺮاض ﱠ ﻣﺨﺼ َ ﺼﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض. وﻣﻨﺢ ٣٫٣ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر
ﻗﺎﻧﻮن اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬﻫﺐ
ﻗﺎﻧﻮن ﺗﺪاوُل اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ
إدارة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ٣٣٧
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ٨٨١
ﺑﺘﻤﻮﻳﻞ ﺑﻠﻎ ٤٠٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻷﻣﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي رﻗﻢ ٦٤٢٠ب ١٩٣٣ / ١١ / ٩أﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ إدار َة اﻷﺷﻐﺎل املﺪﻧﻴﺔ، ٍ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ» ،ﺑﻐﺮض زﻳﺎدة ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﺑﴪﻋﺔ«. َ ١٩٣٤ / ١ / ٣٠ اﻟﺬﻫﺐ اﻟﻨﻘﺪيﱢ ﰲ ﻳﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،وﻓﻮﱠض اﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ وﺿ َﻊ اﻟﺴﻴﻄﺮ َة ﻋﲆ ِ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ذﻫﺒًﺎ ﻟﻔﱰ ٍة ﺗﺒﻠﻎ ﻋﺎﻣني ،ﻋﲆ ﱠأﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ ٦٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻛﻤﺎ ﱠ َ ﺻﻨﺪوق اﻻﺳﺘﻘﺮار )املﻮازﻧﺔ( ﰲ وزارة اﻟﺨﺰاﻧﺔ. دﺷ َﻦ ١٩٣٤ / ٦ / ٦
ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺳﻜﺎن اﻟﻮﻃﻨﻲ
ُ َ أُ ِ ﱠﺿﻬﺎ ﰲ ﺗﻨﻈﻴ ِﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻼت ﰲ اﻷوراق ﻮ وﻓ واﻟﺒﻮرﺻﺔ، املﺎﻟﻴﺔ اﻷوراق ﻟﺠﻨﺔ ﻧﺸﺌَ ْﺖ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﻮرﺻﺔ.
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ١٢٤٦
١٩٣٤ / ٦ / ٢٧أ ُ ِ ﻧﺸﺌَ ْﺖ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ إدارة اﻹﺳﻜﺎن اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،املﻤ ﱠﻮ َﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر؛ ﻟﺘﺄﻣني اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت.
اﺳﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن
املﺮﺟﻊ
ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﺪوره
اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ
رﻗﻢ ٤٨ﻻﺋﺤﺔ ١١٨٣
اﻟﻘﺮار املﺸﱰك ﺑﺘﻔﻌﻴﻞ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ
اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻏﻮث اﻟﻄﻮارئ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٥
إدارة إﻋﺎدة اﻟﺘﻮﻃني
إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل
١٩٣٤ / ٦ / ١٩ﻓﻮ َ َ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ إﻧﺸﺎء ﻣﺠﻠﺲ ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ اﻟﻔﻘﺮة ٧أ )اﻟﺘﻔﺎوض ﺑني ﻣﻤﺜﱢﲇ اﺗﺤﺎدات ﱠض اﻟﻌﻤﱠ ﺎل وأرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ( ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻧﻌﺎش اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ .وأﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ املﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ.
رﻗﻢ ٤٩ﻻﺋﺤﺔ ١١٥
اﻷﻣﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي رﻗﻢ ٧٠٢٧
اﻷﻣﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي رﻗﻢ ٧٠٣٤
١٩٣٥ / ٧ / ٥
اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻗﻮاﺋﻢ ﱢ ﻣﺘﻠﻘﻲ اﻹﻋﺎﻧﺎت إﱃ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ أﻗﴫ ٍ ﻣﻤﻜﻦ«. وﻗﺖ ٍ ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﱃ اﻟﺮﻳﻒ ﻟﺒ َْﺴﻂ ﻧﻄﺎق اﻟﺘﺰوﻳﺪ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﻴﺔ، ١٩٣٥ / ٥ / ١١أﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ إدار َة ِ أﻣﻮال ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن ﺗﺨﺼﻴﺺ ﻏﻮث اﻟﻄﻮارئ ﻟﺴﻨﺔ .١٩٣٥ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ٍ
١٩٣٥ / ٤ / ٨
ﱠ ﺧﺼ َ ﺺ ٤٫٩ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام ﰲ أﻋﻤﺎل اﻟﻐﻮث اﻟﻄﺎرئ.
١٩٣٥ / ٤ / ٣٠ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻏﻮث اﻟﻄﻮارئ ﻟﺴﻨﺔ ،١٩٣٥أﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ إدار َة إﻋﺎدة اﻟﺘﻮﻃني ﻟﺪﻋ ِﻢ ﻫﺠﺮ ِة اﻷ ُ َﴎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻔﻘرية .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٧ﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ْﺖ إدار ُة إﻋﺎد ِة اﻟﺘﻮﻃني إﱃ إدارة اﻷﻣﻦ اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻮزارة اﻟﺰراﻋﺔ. ١٩٣٥ / ٥ / ٦
إدارة ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﱃ اﻟﺮﻳﻒ
ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن ﺗﺨﺼﻴﺺ ﻏﻮث اﻟﻄﻮارئ ﻟﺴﻨﺔ ،١٩٣٥أﻧﺸﺄ روزﻓﻠﺖ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ املﴩوﻋﺎت املﻘﱰَﺣَ ﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ إدارة ﺳري اﻷﺷﻐﺎل» ،ﺑﻬﺪف ﻧﻘﻞ أﻗﴡ ﻋﺪدٍ ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ ٍ
اﻷﻣﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي رﻗﻢ ٧٠٣٧
رﻗﻢ ٤٩ﻻﺋﺤﺔ ٤٤٩
ﻗﺎﻧﻮن ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ )ﻗﺎﻧﻮن واﺟﻨﺮ(
ﻣﺠﻠﺲ ﻋﻼﻗﺎت ﻋﻤﻞ وﻃﻨﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻞ املﺠﻠﺲ اﻟﺬي أ ُ ِ أُ ِ ُ ﻧﺸﺊ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﻧﺸﺊَ ً ﺣﻘﻮﻗﺎ ﻣﻌﻴﱠﻨ َ ًﺔ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔني ﰲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ أﻣﺮ ﺗﻨﻔﻴﺬيﱟ ﻋﺎم ١٩٣٤؛ ﻛﻲ ﻳﻜﻔﻞ ﺑﻤﻮﺟﺐ ٍ ِ واﻟﺘﻔﺎو ُِض ﻣﻊ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ملﻨﻊ ﻣﻤﺎرﺳﺎت ﺟﺎﺋﺮة ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ.
اﺳﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن
املﺮﺟﻊ
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻗﺎﻧﻮن املﺼﺎرف ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٥
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﴩﻛﺔ اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ﻟﻠﻤﺮاﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﱰﺑﺔ واﻟﺘﺨﺼﻴﺺ املﺤﲇ
ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﺪوره
رﻗﻢ ٤٩ﻻﺋﺤﺔ ٦٢٠
رﻗﻢ ٤٩ﻻﺋﺤﺔ ٦٨٤
رﻗﻢ ٤٩ﻻﺋﺤﺔ ٨٠٣
رﻗﻢ ٤٩ﻻﺋﺤﺔ ١١٤٨
اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ
ﱠ ١٩٣٥ / ٨ / ١٤ ﻧﺼ ِﺖ املﺎد ُة ١ﻋﲆ ِﻣﻨ َ ٍﺢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪات اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ .وﻧﺼﺖ املﺎدة ٢ ﻋﲆ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ .وﻧﺼﺖ املﺎدة ٣ﻋﲆ ﻣﻨﺢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻟﻠﻌﺎﻃﻠني .وﻧﺼﺖ املﺎدة ٤ﻋﲆ ﻣﻨﺢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻃﻔﺎل ا ُملﻌﺎﻟني .وﻧﺼﺖ املﺎدة ٥ﻋﲆ ﻣﻨﺢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ رﻋﺎﻳﺔ اﻷﻣﻮﻣﺔ واﻟﻄﻔﻮﻟﺔ. ﺼ ِﺖ املﺎد ُة ً ٦ ِ ﻣﺎﻻ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ﺧِ ﱠ وﺧﺼ َ ﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﺑﻤﻮﺟﺐ املﺎدة ٧أ ُ ِ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺪراﺳﺔِ وﺗﺤﺪﻳ ِﺪ »أﻧﺠﻊ ﱡ ُ اﻟﺴﺒ ُِﻞ ﻟﺘﻮﻓري اﻷﻣﻦ ﻧﺸﺊَ َ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ وﻓﺮﺿ ِﺖ املﺎدﺗﺎن ٨و ٩ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﻣﻴﻨﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ«. ِ ﱠ ﻓﻨﺼ ْﺖ ﻋﲆ ﻣﻨﺢ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ملﺴﺎﻋﺪة واملﻮﻇﻔني ﴐاﺋﺐَ ﻟﺪﻋ ِﻢ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ .أﻣﺎ املﺎدة ١٠ املﻜﻔﻮﻓني. ً ً َ داﺋﻤﺔ. ﻣﺆﺳﺴﺔ »املﺆﺳﺴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣني ﻋﲆ اﻟﻮداﺋﻊ« اﻟﻘﺎﻧﻮن ١٩٣٥ / ٨ / ٢٣ﺟﻌ َﻠ ِﺖ املﺎد ُة ١ﻣﻦ ِ وﻋ ﱠﺪ َﻟ ِﺖ املﺎد ُة ٢ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻹﻧﺸﺎء ﻣﺠﻠﺲ املﺤﺎﻓﻈني ﻟﻨﻈﺎم ﱠ املﻌني ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،وﻋﻬﺪ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺴﻠﻄﺎت ﺗﻨﻈﻴﻢ املﻮارد اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ، املﺎﻟﻴﺔ ،ووﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ،واﻹﴍاف ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك. ً ً ِ ﺣﺎﻻت إﺳﺎء ِة اﺳﺘﺨﺪا ِم ﺗﻠﻚ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻋ ﱠﺪ َد ﻣﺼﻠﺤﺔ ١٩٣٥ / ٨ / ٢٦ﺟﻌﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن ﻣﻦ املﺮاﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ً َ َ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻹﺳﺎءات ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻟﻐﺎء اﻟﴩﻛﺎت ﻊ ووﺿ اﻟﻌﺎﻣﺔ، املﺼﻠﺤﺔ اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ. ١٩٣٦ / ٢ / ٢٠ﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮا ُز ٍن ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺪاﺑري اﻟﱰﺷﻴﺪ.
املﺮﺟﻊ
رﻗﻢ ٥٢ﻻﺋﺤﺔ ٨
ﺗﻌﺪﻳﻼت ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺳﻜﺎن اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٨
اﺳﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن
ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﺪوره ١٩٣٨ / ٢ / ٣
رﻗﻢ ٥٢ﻻﺋﺤﺔ ٣١
ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٣٨
ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻌﺎﻳري اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﺎدِ ﻟﺔ
اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺟﺮﻳ َْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺳﻜﺎن اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺘﻴﺴري ﻋﻤﻠﻴ ِﺔ إﻋﺎد ِة ﺑﻴﻊ اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت. أُ ِ ُ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر اﺗﺤﺎ َد اﻟﺮﻫﻮﻧﺎت اﻟﻮﻃﻨﻲ ﰲ واﺷﻨﻄﻦ ،اﻟﺬي ﻣﺆﺳﺴﺔ وأﻧﺸﺄ َ ْت ِ أُﻃﻠ َِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري )ﻓﺎﻧﻲ ﻣﺎي( ﻹﻋﺎدة ﺑﻴﻊ املﺮﻫﻮﻧﺎت.
وﺿ َﻊ اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن ﻣﻌﻴﺎ ًرا ﻟﻠﻤﻌﺪﻻت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ملﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻘﻤﺢَ ، َ ودﻓ َﻊ ﻟﻠﻤﺰارﻋني ﻣُﻘﺎ ِﺑ ًﻼ ١٩٣٨ / ٢ / ١٦ ﻣﺎدﻳٍّﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف.
رﻗﻢ ٥٢ﻻﺋﺤﺔ ١٠٦٠
١٩٣٨ / ٦ / ٢٥ﺣ ﱠﺪ َد اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن اﻟﺤ ﱠﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻸﺟﻮر واﻟﺤ ﱠﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ ،وﺣ َ ﻈﺮ ﻋﻤﺎﻟﺔ َ اﻷﻃﻔﺎل.
ﻣﺼﺎدر اﻟﺼﻮر
(3-1) Franklin D. Roosevelt Library. (3-2) Library of Congress, LC-USF34-004976-E. (3-3) Historical Statistics of the United States, series Ba475 (unemployment) and Ca9 (GDP). (4-1) Library of Congress, LC-USZ62-118215. (5-1) Franklin D. Roosevelt Library. (6-1) Library of Congress, LC-USW3-004511-D. (6-2) Franklin D. Roosevelt Library. (7-1) Library of Congress, LC-USF33-006392-M4. (7-2) Library of Congress, LC-USZC2-881. (7-3) National Archives and Records Administration 69-N-P-1304.