اﻟﻜﺴﺎد اﻵن ﳖﻮا ﻫﺬا َأ ْ ُ َ
اﻟﻜﺴﺎد اﻵن ﳖﻮا ﻫﺬا َأ ْ ُ َ
ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن
ﺗﺮﺟﻤﺔ أﻣرية أﺣﻤﺪ إﻣﺒﺎﺑﻲ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻟﺒﻨﻰ ﻋﻤﺎد ﺗﺮﻛﻲ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
!End This Depression Now
ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن
Paul Krugman
اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ٢٠١٥م رﻗﻢ إﻳﺪاع ٢٠١٥ / ٥٣٠٣ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻠﻨﺎﴍ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ املﺸﻬﺮة ﺑﺮﻗﻢ ٨٨٦٢ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٠١٢ / ٨ / ٢٦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ إن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ آراء املﺆﻟﻒ وأﻓﻜﺎره وإﻧﻤﺎ ﱢ ﻳﻌﱪ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ آراء ﻣﺆﻟﻔﻪ ٥٤ﻋﻤﺎرات اﻟﻔﺘﺢ ،ﺣﻲ اﻟﺴﻔﺎرات ،ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﴫ ،١١٤٧١اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻛﺲ+ ٢٠٢ ٣٥٣٦٥٨٥٣ : ﺗﻠﻴﻔﻮن+ ٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥٢ : اﻟﱪﻳﺪ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhindawi@hindawi.org : املﻮﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhttp://www.hindawi.org : ﻛﺮوﺟﻤﺎن ،ﺑﻮل. أﻧﻬﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد اﻵن/ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن. ﺗﺪﻣﻚ٩٧٨ ٩٧٧ ٧٦٨ ٢٦٩ ٥ : -١اﻟﻜﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎدي -٢اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أ -اﻟﻌﻨﻮان ٣٣٠٫٩ ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻐﻼف :إﺳﻼم اﻟﺸﻴﻤﻲ. ﻳُﻤﻨَﻊ ﻧﺴﺦ أو اﺳﺘﻌﻤﺎل أي ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮﻳﺔ أو إﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ أو ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ، وﻳﺸﻤﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﰲ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻋﲆ أﴍﻃﺔ أو أﻗﺮاص ﻣﻀﻐﻮﻃﺔ أو اﺳﺘﺨﺪام أﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ إذن ﺧﻄﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﴍ. ﻧﴩ أﺧﺮى ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﻔﻆ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﺳﱰﺟﺎﻋﻬﺎ ،دون ٍ Arabic Language Translation Copyright © 2015 Hindawi Foundation for Education and Culture. !End This Depression Now Copyright © 2013, 2012 by Melrose Road Partners. All rights reserved.
اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت
ﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ -١ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟ -٢اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد -٣ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ -٤ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني -٥اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ -٦اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم -٧ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة -٨وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟ -٩اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ -١٠ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ -١١أﻧﺼﺎر -١٢ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟ -١٣أﻧﻬﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد! ﺗﺬﻳﻴﻞ
7 13 15 27 31 47 65 77 93 111 127 147 167 183 203 221 235 241
ﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب
ِ ِ ﻟﺘﻮﻗﻴﺖ إﺻﺪاره أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب … ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻟﻜﺘﺎب أن ﻳﻜﻮن ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ٍ ﺑﺈﴏار ﺑﺄن اﻟﺘﻜﻠﻔﺘني اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮﱡل ﻓﻜﺮوﺟﻤﺎن ﻳﺬ ﱢﻛﺮﻧﺎ ٍ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻷواﻧﻪ ﻧﺤﻮ ﺧﻔﺾ اﻟﻌﺠﺰ ﻓﺎدﺣﺘﺎن. ﻣﺠﻠﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك رﻳﻔﻴﻮ أوف ﺑﻮﻛﺲ َ ﺗﻘﺘﺒﺲ ﻣﻨﻪ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺘﻤﻨﱠﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻘ ﱠﺮ ًرا إﻟﺰاﻣﻴٍّﺎ ،وﺗﻮ ﱡد أن ً ﺷﺎﻣﻼ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻧﺘﻬﺎء ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴﺘﻤﻊ؛ وذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻘﺪﱢم ﴎدًا ُ ُ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ. املﻨﻄﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﻨﺎ إﱃ ﻓﻌﻞ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ دِ ﻛﺎ آﻳﺘﻜِﻨﻬﻴﺪ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﺟﺎردﻳﺎن ٍ إن إﴏار ﻛﺮوﺟﻤﺎن ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷ ُ َﴎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ املﻜﺎﻓِ ﺤﺔ ﻋﻼجٌ ﺷﺎف ﻟﱰﻛﻴﺰ واﺷﻨﻄﻦ — اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤﻴﺪ — ﻋﲆ ﺧﻔﺾ املﻴﺰاﻧﻴﺔ. ﻣﺠﻠﺔ ﻓﻮرﻳﻦ ﺑﻮﻟﻴﴘ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
َ ﻟﻘﺪ َﻛﴪ ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن ،ذﻟﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱡ اﻟﺬي ﻳُﺜ ِﺒﺖ داﺋﻤً ﺎ أﻧﻪ ﻋﲆ ﱟ اﻟﺤﻠﻘﺔ ﺣﻖ، املﻌﺘﺎدة ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬا اﻟﺤ ﱢﻞ اﻟﻌﻤﲇ ﻟﻠﺰﻣﻦ املﻀﻄﺮب اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ. ﺟﻮن ﺳﻨﻮ ،ﺷﺒﻜﺔ ﻗﻨﻮات آي ﺗﻲ إن ﺻﻌﺪ ﺑﻮل ﻛﺮوﺟﻤﺎن إﱃ اﻟﺴﺎﺣﺔ ﻟﻴﻠﻌﺐ اﻟﺪو َر اﻟﺬي ﻟﻌﺒﻪ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ َ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻠُﻐﺔ واﺿﺤﺔ ﺳﻠِﺴﺔ ﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ إذ ﻳﺪﻋﻮ ﺨﺮﺟَ ﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺘﻲ اﻧﻐﻤﺴﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ. اﻹﻧﻔﺎق ﺣﺘﻰ ﺗُ ِ ﻣﺠﻠﺔ ﱢ دﻳﺴﻨﺖ إﻧﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻛﻴﻨﺰ … وﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﺪﺣﺾ دﻋﻮﺗﻪ إﱃ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﻟﻄﻠﺐ اﻟﻌﺎملﻲ. ﺳﺎﻳﻤﻮن ﺟﻨﻜﻴﻨﺰ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﺟﺎردﻳﺎن ﺟﺎء ﻛﺘﺎب ﻛﺮوﺟﻤﺎن ﰲ اﻟﻮﻗﺖ املﻨﺎﺳﺐ ﱢ ﻟﻴﻠﺨﺺ ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ َ وﺻ ْﻠﻨﺎ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ، ﱡ َ ﻛﻴﻔﻴﺔ إﻋﺎد ِة اﻟﻨﺎس إﱃ اﻟﻌﻤﻞ. اﻟﺘﻘﺸﻒ ،وﻳﴩح وﻳﻘﺪﱢم ﻧﻘﺪًا ﻻذﻋً ﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻣﺠﻠﺔ دوﻻرز آﻧﺪ ِﺳﻨﺲ ِ ﺳﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻘﺮاء َة. ﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻊ أﻃﺮوﺣﺘﻪ ،وﻟﻜﻨ َﻚ ﻣﺠﻠﺔ ذا وﻳﻚ ِ املﻨﺎﺳﺐ ﺟﺎء ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — ﻟﻠﻤﺆ ﱢﻟﻒ اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ — ﰲ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. أﻧﺪرو ﻫﻴﻞ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻓﺎﻳﻨﺎﻧﺸﺎل ﺗﺎﻳﻤﺰ
8
ﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب
َ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أﺣ ٍﺪ ﻛﺎﺋﻨًﺎ ﻣَ ﻦ ﻛﺎن. ﻻ ﻳﺨﴙ ﻛﺮوﺟﻤﺎن ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ وﻳﻜﲇ ٍ ٍ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻟﴩﻳﺤﺔ ذﻛﺎء ﻛﺮوﺟﻤﺎن وﻧ َ ْﺰﻋﺘﻪ اﻟﺘﻮاﻓﻘﻴﺔ ﻳﻀﻤﻨﺎن اﺟﺘﺬابَ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ اﻟﻘ ﱠﺮاء ،ﻣﻦ أﻗﴡ اﻟﻴﺴﺎر اﻟﺴﻴﺎﳼ إﱃ أﻗﴡ اﻟﻴﻤني ،وﻣﻦ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﱢﻞ ٪٩٩ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ إﱃ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﱢﻞ .٪١ ﻣﺠﻠﺔ ﺑﺎﺑﻠﻴﴩز وﻳﻜﲇ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎبُ إﺳﻬﺎﻣً ﺎ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﰲ دراﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﺪﻋﺎ ًة ﻟﻸﻣﻞ ﰲ اﻟﻌﻮدة إﱃ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻔﻌﱠ ﺎﻟﺔ. ﻣﺠﻠﺔ ﻛِﺮ َﻛﺲ رﻳﻔﻴﻮز
9
إﱃ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺤِ ﱡﻘﻮن وﺿﻌً ﺎ أﻓﻀﻞ
ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ
اﻹﺳﻬﺎﻣﺎت اﻟﻘﻴ َ ِ ﻳﻌﻜﺲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎبُ ﱢﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﱠﻣَ ﻬﺎ ﺟﻤﻴ ُﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎ َرﺑُﻮا ﻣﻦ ُ ٍ اﻋﺘﻤﺪت ﰲ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻳﻤﻜﻦ وﻳﺠﺐ ﻋﻼﺟﻪ ﴎﻳﻌً ﺎ .وﻗﺪ أﺟﻞ ﺗﻮﺻﻴﻞ ﻛﺘﺎﺑ ِﺔ املﺨﻄﻮﻃﺔ اﻷوﱃ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻋﲆ اﻟﺮؤﻳ ِﺔ اﻟﻨﺎﻓﺬة ﻟﺰوﺟﺘﻲ روﺑﻦ وﻳﻠﺰ — ﻛﻤﺎ أﻓﻌﻞ داﺋﻤً ﺎ — واملﺴﺎﻋَ ﺪ ِة اﻟﻜﺒري ِة اﻟﺘﻲ ﻗﺪﱠﻣَ ﻬﺎ ﱄ درﻳﻚ ﻣﻜﻔﻴﲇ ﰲ دار ﻧﴩ ﻧﻮرﺗﻮن.
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ
اﻧﺘﻬﻴﺖ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﻓﱪاﻳﺮ ،٢٠١٢وﺳ َ ُ ﻗﺪر ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض ﻂ ٍ ﺣﻴﺎل ﻣﺎ ﺳﻴﺤﻤﻠﻪ ﻟﻨﺎ املﺴﺘﻘﺒ ُﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ؛ ﻣَ ﻦ ﺳﻴﻔﻮز ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ا ُمل ْﺰﻣَ ﻊ إﺟﺮاؤﻫﺎ ُ ُ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ أوروﺑﺎ أﺷﻼءً؟ وﻛﻴﻒ ﺳﺘﺼﻤﺪ ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ املﻘ ِﺒﻞ؟ وﻫﻞ ﺳﺘﻤ ﱢﺰق اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷﺣﺪاث؟ ﱠ اﻵن ،ﺗﺒﺪﱠد ﺑﻌﺾ ذﻟﻚ اﻟﻐﻤﻮض؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﺣﻘ َﻖ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻧﴫًا ً ﻛﺎﻣﻼ — ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت؛ إذ أﻋﺎدوا ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ إﱃ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ، ﻛﺒريًا — وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وزادوا أﻏﻠﺒﻴﺘﻬﻢ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ،ﻏري أﻧﻬﻢ أﺧﻔﻘﻮا ﰲ إﺳﻘﺎط اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﰲ ُ ِ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،وﻳُﻌﺰى اﻟﻔﻀ ُﻞ ﰲ ذﻟﻚ إﱃ ﻫﺪأت ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب .وﰲ أوروﺑﺎ، ري إﱃ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺬي ﻗﺪﱠﻣَ ﻪ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ،ﻟﻜﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ َ اﻟﺘﺪﻫﻮر ﰲ ﻣﻌﻈﻢ دول اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ؛ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﺗﻔﺎﻗ َﻢ اﻟﻮﺿ ُﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﰲ ِ ﻣﱰ ﱢدﻳًﺎ ً ُ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﻮﻧﺎن وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﻵن أﺻﻼ ﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ؛ ﻓﺎرﺗﻔﻌَ ْﺖ ِﻟﺘَﺒ َ ُ ٍ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ أَوْج أزﻣﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري .وﺧﻼل ﻋﺎم ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻟﻢ ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ْﻠﻎ ُ ،٢٠١٢ارﺗﺪ ْ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﺑﺄ َ ْﴎﻫﺎ إﱃ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﻛﻮد. ﱠت َ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﻻ ،ﻟﻸﺳﻒ؛ ﻏري أيﱞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث ﻫﻞ ﱠ َ ُ ً ﻛﺎرﺛﺔ ﺧﻄري ًة ﻧﻮاﺟﻪ ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ — اﻟﺘﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أﻧﻨﺎ ِ ً ً ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ أي ٍ ﻏﺎرﻗﺎ ﰲ وﻗﺖ ﻣﴣ؛ ﻓﺎﻟﻌﺎ َﻟﻢ املﺘﻘﺪﱢم ﻻ ﻳﺰال داﻋﻲ ﻟﻬﺎ — أوﺛ َ َﻖ ﻻ َ ُ ُ ﻋﴩات املﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻋﻦ ﻋﻤﻞ دون ﺟﺪوَى ،وﺗﻬﺪَر اﻟﻜﺴﺎد؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺤﺚ ٌ ﺑﻮﺿﻮح أﻛﺜ َﺮ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﱰﻳﻠﻴﻮﻧﺎت اﻟﺪوﻻرات .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻷدﻟﺔ ﺗﺸري ٍ ٍ ٍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ وﻗﺖ ﻣﴣ إﱃ أن ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻏريُ ﻣﱪﱠر ،ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﻣﻦ أيﱢ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱡ ُ اﻟﻄﻠﺐ ،وإذا َ اﻟﺘﻘﺸﻔﻴﺔ اﻟﻜﺎرﺛﻴﺔ ،وﺳﻌَ ْﺖ ﻧﺤ َﻮ ﺗﺠﺪﻳ ِﺪ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﺎ ﻋﻜﺴ ِﺖ ً ٍ ﺑﺘﻌﺎف ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺴﻴﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧَﻨْﻌَ َﻢ اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﴎﻳﻊ. ٍ دﻋُ ﻮﻧﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺤﺎﱄ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ آﻓﺎق اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻵن وﻗﺪ اﻧﺘﻬَ ْﺖ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت. ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻛﺎرﺛﺔ ُ َ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ؛ ﱢ اﻧﻄﻼق ﻻ َ ﻳﺒني اﻟﺸﻜ ُﻞ ﻧﻘﻄﺔ أردت أن ﺗﻔﻬﻢ أﻳﻦ ﻧﺤﻦ اﻵن ،ﻓﺎﻟﺸﻜﻞ أدﻧﺎه إذا ٍ ِ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ،وﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ً ﱢ وﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜ ُﻞ ﻧﻘﻄﺘني اﻟﻐﻨﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪ َِت اﻟﻴﻮرو ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻮﺣﱠ ﺪ ًة ﻟﻬﺎ. َ اﻷزﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ٢٠٠٧وﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،٢٠١٠ رﺋﻴﺴﻴﺘني :ﻟﻘﺪ ﺗَﺸﺎ َر َك ﺟﺎ ِﻧﺒَﺎ املﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﴘ ﱠ ﻟﻜﻦ أوﺿﺎﻋﻬﻤﺎ ﺗﺒﺎﻳَﻨ َ ْﺖ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني. ﰲ املﺮﺣﻠﺔ اﻷوﱃ — ﻣﻦ أواﺧﺮ ﻋﺎم ٢٠٠٧وﺣﺘﻰ أواﺋﻞ ﻋﺎم َ — ٢٠١٠ ﻏﺮﻗ ْﺖ أوروﺑﺎ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻌﻤﻴﻖ ،وﺷﻬ َﺪﺗَﺎ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﴎﻳﻌً ﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء ،ﰲ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .ﻛﺎن ﻫﺬا اﻻرﺗﻔﺎ ُع أﻛﺜ َﺮ ﺣ ﱠﺪ ًة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ْ ﻓﺼ ُﻞ َ اﻟﴬﺑﺔ املﻮﻇﻔِ ني ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ أﺳﻬ َﻞ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ دول أوروﺑﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻋﲆ أي ﺣﺎل ،ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ أﺷ ﱠﺪ وﻃﺄ ًة ﻋﲆ اﻗﺘﺼﺎدِ ﺷﻤﺎل اﻷﻃﻠﴘ ﻛ ﱢﻠﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري. ً ْ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﺎم ،٢٠١٠ﺑﺪَأ َ اﻟﺘﺒﺎﻳُ ُﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﺑني ﺟﺎﻧﺒ َِﻲ املﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﴘ؛ ﻓﻌﲆ أﺣﺪ ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪة .وﻣﻊ أن اﻟﻬﺒﻮ َ ُ ط اﻷ ﱠوﱄ ﱠ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺒني ،ﺑﺪأ َ ِت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ﺧ ْﻠ ِﻖ ُﻓ َﺮ ِص ٍ ً ﱠ ﻣﻮﺿﺢ أدﻧﺎه( ،ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ﺧﺪﻋﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴ ًﱠﺔ ﰲ ﺟﺰءٍ ﻣﻨﻪ )ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻛﺎن ً ﱡ اﻟﺘﺤﺴ ِﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺗَﻠُﻮح واﺿﺤﺔ .وﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ، ٢٠١٢-٢٠١١ﺑﺪأ َ ْت ﺑﻮاد ُر راﺣَ ْﺖ أوﺿﺎ ُع اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷوروﺑﻲ ﺗﺴري ﻣﻦ ﺳﻴ ٍﱢﺊ إﱃ أﺳﻮأ؛ وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ٢٠١٢ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺎر ُة ﻗﺪ ﻋﺎد ْ َت رﺳﻤﻴٍّﺎ إﱃ اﻟﺮﻛﻮد. ﻣﺎ ﺳﺒﺐُ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﻳ ُِﻦ؟ ﻳﻤﻜﻦ إﻳﺠﺎ ُد اﻟﺘﻔﺴري ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ،اﻟﺬي ﻳﺼﻒ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ« املﻔﺎﺟﺊ ،اﻟﺬﻳﻦ أﴏﱡ وا ﻋﲆ أن ﺗَﻔﺮض »أﻧﺼﺎر ﻛﻴﻒ َﺷ ِﻬﺪ ﻋﺎ ُم ٢٠١٠ﻇﻬﻮ َر ِ ٍ ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﰲ اﻹﻧﻔﺎق وﺗَﺰﻳﺪ اﻟﴬاﺋﺐ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .وﰲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﱡ ُ َث ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ُ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻛﺜريًا — ﺣﺪ َ ﺑﻌﺾ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﺘﻐﻠﻐﻞ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﻔﻌﲇ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت اﻟﺘﻲ َ ُ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ. ﻓﺮﺿﺘْﻬﺎ 16
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ
ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ١٢ ١١ ١٠ ٩ ٨ ٧ ٦ ٥ ٢٠١٢
٢٠١١
٢٠١٠
٢٠٠٩
٢٠٠٨
٤ ٢٠٠٧
ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ) ١٧ﺑﻠﺪًا( اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ
ﱡ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎتُ ، ﱡ اﻟﺘﻘﺸ ُ وﻓ ِﺮ َ أﻣﺎ ﰲ أوروﺑﺎ ﻓﻘ ْﺪ ﺳﻴ َ ِ ﻒ ض اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻋﲆ ﻄ َﺮ أﻧﺼﺎ ُر اﻟﺤﺎ ﱡد ﻋﲆ اﻟﺒﻠﺪان ا َملﺪِﻳﻨﺔ املﺘﻌﺜﱢﺮة ﴍ ً ﻃﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ املﻌﻮﻧﺔ .وﻛﻲ ﻧَﺤْ ﺼﻞ ﻋﲆ ﺻﻮرة َ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻮ اﻓﱰﺿﻨﺎ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻋﺘﻤﺪ ْ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻹﻧﻔﺎق وزﻳﺎد ِة ﺳﻴﺎﺳﺔ َت ِ اﻟﴬاﺋﺐ ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ُﻓ ِﺮ َ ﱢ املﺘﺤﺼﻞ ﻧﺤﻮ ٢٫٥ ض ﻋﲆ اﻟﻴﻮﻧﺎن ،ﻓﺴﺘﺼﻞ ﻗﻴﻤﺔ املﺒﻠﻎ ﺮﺿ ْﺖ ً ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر »ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ« .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪَ ،ﻓ َ ﺗﻮاﺟ ُﻪ أيﱠ ﻣﺘﺎﻋﺐ أﻳﻀﺎ اﻟﺒﻠﺪا ُن اﻟﺘﻲ ﻻ ِ ﰲ اﻻﻗﱰاض — ﻣﺜﻞ أملﺎﻧﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا — ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺪاﺑريَ ﱡ ﺗﻘﺸ ً ﻔﻴﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ؛ ﻟﺬا ﺟﺎء َِت اﻧﻜﻤﺎش ﻣﺎﱄ ﱟ ﺣﺎدﱟ. اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻷوروﺑﺎ ﰲ ﺻﻮرة ٍ ﱡ ً ُ ﺗﻌﻮﻳﺾ أيﱢ آﺛﺎر ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺗَﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻﻧﻜﻤﺎش اﻟﺘﻘﺸﻒ ،ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ووﻓﻘﺎ ملﺬﻫﺐ ْ ﱡ وﺻﻔﺘُﻪ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﺑﺄن »ﺟﻨﻴ َﱠﺔ اﻟﺘﺤﺴﻦ ﰲ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻜني واﻟﴩﻛﺎت ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺜﻘﺔ« ﻛﺎن ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﺗﻬﺐﱠ ﻟﻠﻨﺠﺪة .إﻻ أﻧﻪ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﺗَﻈﻬﺮ ﺟﻨﻴﱠﺔ اﻟﺜﻘﺔ، وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أﻧﻪ ﰲ ﺣني أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة َ ِ ﻣﺘﻮاﺿﻌً ﺎ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ آﺛﺎر ﺗﻌﺎﻓ ْﺖ ﺗﻌﺎﻓﻴًﺎ 17
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﺈن أوروﺑﺎ ازدا َد ُ ﻏﺮﻗﻬﺎ ﰲ ﺑﱤ اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻨﺬ ،٢٠١٠ﻣﻊ ﺗﺰاﻳُﺪ وﺗري ِة اﻻﻧﻬﻴﺎر ﻋﲆ ﻣﺪار ﻋﺎم .٢٠١٢ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ﻫﻨﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﻴﻮرو؛ وﻣﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻮﱄ املﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻛﺒرية ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ .ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺎ أن ﺗﺴﺘﻐ ﱠﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ — اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﰲ ﺻﻮرة ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻗﱰاض ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺟﺪٍّاِ ،ﺿﻤﻦ أﻣﻮر أﺧﺮى — ﻟﺘﺠﻨ ﱡ ِﺐ اﻟﻮﻗﻮع ﰲ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻓﺈن ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻛﺎﻣريون — اﻟﺘﻲ ﺟﺎء َْت إﱃ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ ،رﺑﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أيﱢ ﻧﻈﺎ ٍم َ آﺧﺮ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﺎم — ٢٠١٠آﻣَ ﻨ َ ْﺖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﻤﺬﻫﺐ ﱡ ﻟﻠﺘﻘﺸﻒ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﱢﻣﺔ .وﰲ ﺣني أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﻼف ﺣﻮل اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ َ َ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﰲ دﻓﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ إﱃ اﻟﻜﺴﺎد ،ﻓﺜﻤﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ واﺣﺪة ﻣﺆ ﱠﻛﺪة؛ أﻻ وﻫﻲ: َ اﻧﺨﻔﺾ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ أن أداء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ ﻛﺎن ﻣﱰ ﱢدﻳًﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮظ؛ إذ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ ﻋﻦ أﻣﺜﺎﻟﻪ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﻛﺬﻟﻚ وﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن. ْ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺴﺎ ﱠرة ﻫﻨﺎ — ْ إن ﺟﺎز اﻟﺘﻌﺒري — ﻫﻲ أن ﺑﻌﺾ أﻓﺮاد اﻟﻨﺨﺒﺔ املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﺑﻮَﺿ ِﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت أﻗ ﱡﺮوا ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺄﻧﻬﻢ أﺳﺎءوا اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ .ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،اﺣﺘﻮ ْ َت ﻃﺒﻌﺔ أﻛﺘﻮﺑﺮ ٍ اﻋﱰاف ﻣﺪﻫِ ٍﺶ ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ ٢٠١٢ﻣﻦ ﺗﻘﺮﻳﺮ آﻓﺎق اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﻋﲆ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ؛ ﻓﻘﺪ اﻋﱰف ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ٢٠١٠ﻛﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺂﺛﺎر ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ ،ﻣ ُِﻀ ً ﻴﻔﺎ أن ﻫﺬه ري ﻣﻤﺎ ﻛﺎن أداء ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ أﺳﻮأ َ ﺑﻜﺜ ٍ ﱡ ﱡ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ارﺗﺒﺎ ً اﻟﺘﻘﺸﻒ؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﺪو ُل ﻃﺎ ﻣﻤﻨﻬﺠً ﺎ ﺑﱪاﻣﺞ اﻷﺧﻄﺎء ﰲ ﱢ اﻟﺘﻲ َﻓ َ ﺮﺿ ْﺖ أﻛﱪَ ﺧﻔﺾ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق أو زﻳﺎدة ﰲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻫﻲ اﻷﻛﺜ َﺮ ﺗﺪﻧﻴًﺎ ﻋﻦ املﺴﺘﻮﻳﺎت ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ .وﻣﺎذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﺺ إﻟﻴﻬﺎ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟ أﻧﻪ ﰲ ُ ﺳﻤﺔ اﻟﻜﺴﺎد ،ﺗﻜﻮن »املﻀﺎﻋﻔﺎت املﺎﻟﻴﺔ« — وﻫﻲ أﺛ ُﺮ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠِﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو اﻻﻧﻜﻤﺎش اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد — أﻛﱪَ ﻛﺜريًا ﻣﻤﺎ ﱠ ُ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ووﻛﺎﻻت ﺗﻮﻗ َﻊ أﺧﺮى ﻣﺜﻞ املﻔﻮﺿﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻘﺪ ﺧﻠﺺ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ إﱃ أن ﻫﺬه َ ﺗﺘﻤﺎﳽ — إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ — ﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﺎن أﺗﺒﺎ ُع ﻛﻴﻨﺰ ﻳﺰﻋﻤﻮﻧﻪ داﺋﻤً ﺎ. املﻀﺎﻋﻔﺎت ﻟﻸﺳﻒ ،ﰲ ِ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺸري إﱃ اﺳﺘﻌﺪادِ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻼﻋﺒني اﻟﺮﺋﻴﺴﻴني ﻋﲆ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻟﺘﻘﺒﱡﻞ ﻫﺬه املﻌﻠﻮﻣﺎت؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻴﻮﻧﺎن واﻟﱪﺗﻐﺎل، ﻣﺎ زاﻟﺖ »املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ« — ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ،واﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ،واملﻔﻮﺿﻴﺔ 18
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ
إﺟﺮاءات ﱡ ٍ اﺷﱰاط اﺗﺨﺎذِ ِ ﺗﻘﺸﻔﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﴐاو ًة ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻘﺮوض اﻷوروﺑﻴﺔ — ﺗُﴫﱡ ﻋﲆ اﻟﻄﺎرﺋﺔ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺪاﻣﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸري إﱃ أن ذﻟﻚ اﻟﺪواءَ ﻗﺎﺗ ٌﻞ .وﻓﻴﻤﺎ أﻋ َﻠ َﻦ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي ﻋﻦ اﺳﺘﻌﺪاده ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺒﺪأ ﻟﴩاء ﺳﻨﺪات اﻟﺪول املﺘﻌﺜﱢﺮة ،ﻣﺜﻞ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ، إﺟﺮاءات ﱡ ﺗﻘﺸ ً ﻓﻘﺪ َ ٍ ﻔﻴﺔ ﺻﺎرﻣﺔ — ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗَﺰﻳﺪ أوﺿﺢَ أن إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ — اﻟﺘﻲ ﺗﺘﱠ ِﺒﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ٍ ﻛﴩط ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﴩاء. ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات ُ ُ وﺻﻔﺔ اﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺘﻲ أﻗﺪﱢﻣﻬﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ إذَ ْن ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺒُﻪ إﻧﻘﺎذُ أوروﺑﺎ؟ ﻻ ﺗﺰال ﱡ اﻟﻌﺎﴍ ﻫﻲ اﻷﻣ َﻞ اﻟﺒﺎﻗﻲ؛ أ َ َﻻ وﻫﻲ :أن ﻧ ُ ﱢ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﰲ اﻟﺒﻠﺪان ا َملﺪﻳﻨﺔ ،وأن ﻧُﺪﺧِ ﻞ ﺨﻔﻒ ﺣﺪة َ ٍ ﱡ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻮﺳ ِﻊ املﺎﱄ ﰲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺪاﺋﻨﺔ ،وأن ﻳَﺘﱠﺒﻊ اﻟﺒﻨ ُﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﺑﻌﺾ وﻟﻮ ﺗﻮﺳ ً ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ َ ﱡ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ﰲ أوروﺑﺎ ﺑﺄ َ ْﴎﻫﺎ؛ إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻀﺢ ﻌﻴﺔ ﺗﻬﺪف إﱃ رﻓﻊ ﻣﻌﺪل َ ً ﻗﺒﻮﻻ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ أم ﻻ ،وﻣﺘﻰ ﺳﻴﺤﺪث ذﻟﻚ؛ ﻛﻤﺎ ﺳﺘﻠﻘﻰ ﺑﻌ ُﺪ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ أوروﺑﺎ ﻣﻦ وﻗﺖ. ُ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻜﺴﺎد املﺴﺘﻤﺮ واملﺘﻔﺎﻗِ ﻢ ﰲ أوروﺑﺎ ﰲ ﻣﺠﺮد ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺄﺳﺎ ًة إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺤﴫ ﻣﺮوﱢﻋﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺗﺘﺠﺎوز ذﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺮﻋﺒﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻴﻮﻧﺎن ،ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻧﻔﻮذُ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ املﺘﻄ ﱢﺮﻓﺔ ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﺮﻛﺔ »اﻟﻔﺠﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ« ذات املﻴﻮل اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ اﻟﴫﻳﺤﺔ؛ وﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،أ َ َﺧﺬَ ﻧﺠ ُﻢ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﺼﻌﻮد ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﻟﻮﻧﻴﺎ .ﻻ ﱠ وﻟﻜﻦ أﺻﺪاءَ ﺣﻘﺒﺔ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺗﱰدﱠد أﺣﺪ ﻳَﻌْ ﺮف أﻳﻦ ﺗﻜﻤﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻻﻧﻬﻴﺎر، ُ ﺗﺠﺎﻫﻠﻬﺎ. ﺑﻘﻮ ٍة ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺠﺰﺋﻲ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،٢٠١٠ﺣﻈﻴ َِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻤﻴﺰﺗني ﻛﺒريﺗني ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺄوروﺑﺎ؛ املﻴﺰة اﻷوﱃ ُ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻫﻲ أﻧﻨﺎ ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻋﻤﻠﺔ واﺣﺪة ﺗﺪﻋﻤﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ واﺣﺪة؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ِ ً ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻂ اﻷوروﺑﻲ .ﻓﺪورة اﻻﻧﺘﻌﺎش واﻟﱰاﺟُ ﻊ اﻟﺘﻲ ﺗَﻌ ﱠﺮ َ ٍ ض أزﻣﺎت ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد ﻟﻬﺎ ﻗﻄﺎ ُع اﻹﺳﻜﺎن ﰲ وﻻﻳﺔ ﻓﻠﻮرﻳﺪا ﻟﻢ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜريًا ﻋﻤﱠ ﺎ ﺷﻬ َﺪﺗْﻪ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،إﻻ أن ﻓﻠﻮرﻳﺪا ِ ﺷﻴﻜﺎت اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺴ ﱠﻜﺎﻧﻬﺎ ،ود َْﻓ ِﻊ ﻓﻮاﺗري ﻹرﺳﺎل ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﻋﺘﻤﺎ َد ﻋﲆ واﺷﻨﻄﻦ ِ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ً ً ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺗﻤﺎ ِﺛ ُﻞ أزﻣﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،وإﻧﻘﺎذِ ﺑﻨﻮﻛﻬﺎ؛ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ وﻗﻌَ ْﺖ ﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ. 19
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻠﻐﻞ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻣﻦ املﺤﻴﻂ املﻴﺰة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ أن ﻧﻔﻮ َذ أﻧﺼﺎر ﻂ ﻗ ْﺪ َر ﱡ اﻷﻃﻠﴘ ﻗ ﱡ ﺗﻮﻏﻠﻪ ﰲ أوروﺑﺎ؛ ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻬﻢ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺗﺤﻮﻳ َﻞ ِ دﻓﺔ اﻟﻨﻘﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ إﱃ املﺨﺎﻃﺮ املﺰﻋﻮﻣﺔ ﻟﻠﻌﺠﺰ؛ وﻫﻲ ﻣﺨﺎوف — ﻛﻤﺎ أوﺿﺤْ ُﺖ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ ُ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض اﻟﺜﺎﻣﻦ — ﻛﺎﻧ َ ْﺖ داﺋﻤً ﺎ ﻣﻦ ﻧﺴﺞ ﺧﻴﺎﻟﻬﻢ) .ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺒﱠﺄ َ أﺗﺒﺎ ُع ﻛﻴﻨﺰ ،ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﺣﺠﻢ اﻟﺪﻳﻮن ﱡ ِ ﻣﺘﻮاﺿﻌً ﺎ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻛﺎن واﻟﻌﺠﺰ اﻟﻜﺒري (.إﻻ أن اﻟﺘﺤ ﱡﺮك اﻟﻔﻌﲇ ﻧﺤﻮ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﲆ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺘﺞ ﰲ املﻘﺎم اﻷول ﻋﻦ ِ املﺴﺘﻮى املﺤﲇ. ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺧﺮى ،ﻧﺠﺤَ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ﺗﺠﻨ ﱡ ِﺐ اﻟﻮﻗﻮع ﰲ أﺧﻄﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻔﺎدﺣﺔ وإن َ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ أوروﺑﺎ ،وﻳﺸﻬﺪ اﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﻘﺪﱡﻣً ﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ — ْ ﻛﺎن ﻏري ٍ ﻛﺎف ﺧﻄﺮ — ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ ﻋﺎم .٢٠١١ﻟﻜﻦ ﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﺘﻘ ﱡﺪ َم اﻟﺬي أﺣﺮ َزﺗْﻪ أﺻﺒَﺢَ ﰲ ٍ ُ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ٢٠١٢ﰲ ﺣ ﱢﻠﻬﺎ. ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﻮد اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﺘﻲ ﻓﺸ َﻠ ِﺖ َ وﻛﻤﺎ ﱢ اﻧﺨﻔ َﺾ ﻣﻌﺪ ُل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺒني اﻟﺸﻜ ُﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻓﻘﺪ ً اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﻛﺒريًا ﻋﻦ ذروﺗﻪ ﰲ أواﺧﺮ ﻋﺎم .٢٠٠٩ﻳﻌﻮد ﺟﺰءٌ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض إﱃ اﻟﺨﺪاع اﻹﺣﺼﺎﺋﻲ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻻ ﻳ َ ُﻌﺘﱪون ﻋﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ إذا َﻛ ﱡﻔﻮا ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺠﺎد ﻋﻦ ﻋﻤﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﻹﺣﺒﺎط اﻟﻌﺎﻣﻠني وﺣﺪه أن ﻳﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺴﺠﱠ ﻠﺔ .أﻣﺎ ﻣﻨﺬ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم ٢٠١١ﻓﺼﺎﻋﺪًا ،ﻓﻘﺪ ﺣﺪ َ ﱡ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﻠﺤﻮظ ﰲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ؛ إذ راح ﻣﻌﺪ ُل ﺗﺤﺴ ٌﻦ َث ﱞ ﺑﻮﺿﻮح ِﻣﻦ ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎن. ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ أَوْج ِﺳ ﱢﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﻨﻤﻮ ﺑﻮﺗري ٍة أﴎع ٍ َ َ املﻮﺻﻮﻓﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ؛ »ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ« ﺗﻌﻜﺲ ﻫﺬه املﻜﺎﺳﺐ ﺣﻴﺚ ﺗﺴﻌﻰ اﻟﴩﻛﺎت ﻟﴩاء املﻌﺪات واﻟﱪﻣﺠﻴﺎت ﻣﺠ ﱠﺪدًا ،ﺣﺘﻰ ْ ِ ﺑﻬﺪف ﻣﻮا َﻛﺒ ِﺔ إن ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﺪﱡم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﺤﺴﺐ .وﻗﺪ ﺗﺨ ﱠﻠ َ ﺼ ْﺖ ﺳﻨﻮات اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪَﻫﺎ ﻗﻄﺎ ُع اﻹﺳﻜﺎن ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﺗﺸﻴﻴ ٍﺪ زاﺋﺪة ﺗﻤﱠ ْﺖ ﺧﻼ َل ﺳﻨﻮات اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ ،وﺑﺪأ اﻟﻘﻄﺎع ﻳﺘﻌﺎﰱ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ؛ ﻛﻤﺎ أيﱢ ِ ُ ً ْ َ ﴎ ﻧﺴﺒﺔ إﱃ دَﺧﻠﻬﺎ؛ ﻣﻤﺎ ﺣ ﱠﺮر املﺴﺘﻬﻠﻜني وأﺗﺎح ﻟﻬﻢ اﻟﺒﺪءَ ﰲ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ دﻳﻮ ُن اﻷ َ ِ اﻟﻌﻮدة إﱃ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﺳﺘﺤﻴﺎءٍ. إﻻ أﻧﻪ ﻣﻦ املﻬﻢ ﺗﺠﻨﱡﺐُ املﺒﺎ َﻟ ِ ﻐﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ املﻜﺎﺳﺐ؛ ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻌﺎﻧﻲ ً ﻋﻤﻴﻘﺎ. ﻛﺴﺎدًا 20
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ
َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ ﰲ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ،وﻫﻲ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أﺳﻮأ ٍ آﻓﺔ ﺗﻌﺎﻧِﻴﻬﺎ ُ ُ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻣﺘﺪﻧ ﱢ ً ُ ﻴﺔ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ ﻓﻘﺒﻞ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺟﺪٍّا؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ٦٫٨ﻣﻼﻳني أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﺎﻃﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،٢٠٠٧ ﻓﺈن ً ٧٥٠ أﻟﻔﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﻇ ﱡﻠﻮا ﻋﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ملﺪ ٍة ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﺎم .وﺑﻌﺪ ﻣﺮور أرﺑﻊ ﻒ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ َ ﺳﻨﻮات ،ﺗﻀﺎﻋَ َ ﺳﺘﺔ أﻣﺜﺎل ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ ﺣﻴﺚ َ وﺻ َﻞ إﱃ ٤٫١ﻣﻼﻳني ﻧﺴﻤﺔ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺆﴍات اﻟﺘﻌﺎﰲ ،ﻓﻔﻲ أﻛﺘﻮﺑﺮ ٢٠١٢ﻇ ﱠﻞ ٣٫٦ﻣﻼﻳني أﻣﺮﻳﻜﻲ ﰲ ﻓﺌﺔ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ملﺪ ٍة ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﺎم. املﻐﺰى ﻣﻦ ﻫﺬا ﻫﻮ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪﱡم اﻟﺬي أﺣﺮزه اﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة، ﴎﻫﻢ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ،وﻻ ﻳﺰال اﻟﻌﻤﱠ ﺎ ُل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن وأ ُ َ ُ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﺘﻘ ﱡﺪ َم أﺑﻄﺄ ُ ﺑﻜﺜ ٍ ً داع ،وﺛﻤﺔ ﺧﻄﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ أن ﻳﻘﻮﱢض اﻟﺠﻤﻮ ُد اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺎﺳﻮن ﻣﻌﺎﻧﺎ ًة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺑﻼ ٍ ﻫﺬا اﻟﻘﺪ َر ﻏريَ اﻟﻜﺎﰲ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﰲ؛ وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ »اﻟﻬﺎوﻳﺔ املﺎﻟﻴﺔ«. َ ﺻﺎﻏﻬﺎ ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ — إﱃ إﺷﻜﺎﻟﻴ ٍﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرة — اﻟﺘﻲ َ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻮح ﰲ اﻷﻓﻖ ُ ذات ٍ َ ﺑﻌﺠﺰ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ،وأﻧﺎ ﺻﻠﺔ اﻟﻨﺎس ﻳﻈﻨﱡﻮن ،ﺧﻄﺄً ،أن ﺟﻌ َﻠ ِﺖ ِ ﱢ أﻓﻀﻞ ﻣﺼﻄﻠﺤً ﺎ اﻗﱰَﺣَ ﻪ ﺑﺮاﻳﻦ ﺑﻮﻳﺘﻠﺮ — ﻣﻦ املﻮﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ ﺗﻮﻛﻴﻨﺞ ﺑﻮﻳﻨﺘﺲ ﻣﻴﻤﻮ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ«؛ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻨﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﻌَ َﻞ ﻓﺘﻴ َﻠﻬﺎ ﺗﴫﱡﻓﺎن أﺗﻰ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ — وﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ »ﻗﻨﺒﻠﺔ اﻟﺤﺰبُ اﻟﻴﻤﻴﻨﻲ. ً رﺋﻴﺴﺎ آﻧﺬاك — اﻷول ﻛﺎن ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠١ﺣني ﺻﺪم ﺟﻮرج دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش — اﻟﺬي ﻛﺎن ري ﻋﲆ اﻟﴬاﺋﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﻣﺴﺘﻐِ ٍّﻼ املﻨﺎور َة اﻟﱪملﺎﻧﻴﺔ اﻟﺠﻤﻴ َﻊ ﺑﺘﻤﺮﻳﺮ ٍ ﺧﻔﺾ ﻛﺒ ٍ ً ووﻓﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻣﺠﻠﺲ املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﻟﺘﺠﺎو ُِز اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ. ُ ﺻﻼﺣﻴﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻤَ ﱠﺮر ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه املﻨﺎورة اﻟﺸﻴﻮخ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻨﺘﻬﻲ ٍ ﻣﻤﺎﻧﻌﺔ ﻟﻪ؛ وﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺐ وراء ﻫﺬا ﻫﻮ ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،٢٠١٠وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳُﺒْ ِﺪ ﺑﻮش أيﱠ َ ﺗﺎرﻳﺦ اﻧﺘﻬﺎءِ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺘﻮﻗﻊ اﺳﺘﻤﺮا َر ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء املﻬﻠﺔ ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ أن ُ ً َ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻬﺒﺔ. املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺒﱠ َﺪﺗْﻬﺎ املﻬﻠﺔ ﻳُﺨﻔِ ﻲ ﻟﻜﻦ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ﻛﺎن أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ٣١دﻳﺴﻤﱪ ،٢٠١٠ﻛﺎن ﻣَ ﻦ ﻳﻘﻴﻢ ﰲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﱠ ً ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﺮك اﻟﴬاﺋﺐ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﺮﺷﺤً ﺎ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴٍّﺎ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ، ً ﺻﻔﻘﺔ ﻟﺘﻤﺪﻳﺪ ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﺑﻮش اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ﺳﻨﺘني اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻜﺴﺎدَ ،ﻋﻘﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ َ أُﺧﺮﻳ َْني .أﻣﱠ ﺎ َ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ﻓﻘﺪ أﺑﺪَى رﻏﺒﺘﻪ ﰲ اﻟﺴﻤﺎح ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻵن وﻗﺪ ﺗﺠﺎ َو َز ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ أﻏﻨﻰ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني .إﻻ أن 21
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻣﺤﺘﻔﻈني ﺑﺴﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ،وﻫﻢ ﻳﻬﺪﱢدون ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺑﻌﺪم ﴐﻳﺒﻲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳ َ ُﺤﺎﻓ ْ ﻆ ﻋﲆ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻷﻏﻨﻴﺎء .وإذا ﺗﴩﻳﻊ ﺗﻤﺮﻳﺮ أيﱢ ﱟ ٍ ُ املﺄزق ،ﻓﺴﱰﺗﻔﻊ اﻟﴬاﺋﺐُ ﻋﲆ اﻟﻄﺒﻘﺘني املﺘﻮﺳﻄﺔ واﻟﻐﻨﻴﺔ ﻣﻌً ﺎ؛ ﻣﺎ ﺳﻴﻮﺟﱢ ﻪ ﻟﻢ ﻳُﺤَ ﱠﻞ ﻫﺬا ً ﴐﺑﺔ ﻛﺒري ًة ﰲ ٍ وﻗﺖ ﻻ ﻳﺰال اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺴﺎدَ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﰲ ﻋﺎم ٢٠١١ﻫ ﱠﺪ َد اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﺑﻌﺪم إﻗﺮار اﻟﺮﻓﻊ اﻟﻼزم ﻟﺴﻘﻒ َ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻗﱰاض اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻤﻨﻊ ً ﻛﺎرﺛﻴﺔ — ﻃﺎ َﻟﺒُﻮا ﻟﺪﻓﻊ ﻓﻮاﺗريﻫﺎ ،وﻟﺘﺠﻨ ﱡ ِﺐ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ — اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ٍ ُ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﱠأﻻ ﻳﺘﺤﺪﱠاﻫﻢ ﻟﺮؤﻳﺔ ﻣﺪى ﺻﺪ ِْق ﺗﻬﺪﻳﺪﻫﻢ ،وﻟﺠﺄ ﰲ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎزات ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت .اﺧﺘﺎ َر َ ٍ ﺻﻔﻘﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،٢٠١٢ﻣﺎ ﻟﻢ املﻘﺎﺑﻞ إﱃ اﻟﺘﻔﺎو ُِض ﻋﲆ اﺗﻔﺎق َ ﱡ آﺧﺮ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت. اﻟﺘﻮﺻ ُﻞ إﱃ ﻳﺘ ﱠﻢ ٍ وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ،ﻓﻤﻦ املﻘ ﱠﺮر و َْﻗ ُ ﻒ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﺪة إﺟﺮاءات ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺧﻔﺾ ﱠ ﺗﻨﺸﻴ َ ﻣﺆﻗ ٍﺖ ﻟﴬﻳﺒﺔ اﻟﺮواﺗﺐ وﺗﻤﺪﻳﺪ إﻋﺎﻧﺎت ﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎد — ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﰲ ٍ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ — ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم .٢٠١٢ وﻳﻌﻨﻲ ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا أﻧﻪ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﺠﻤﻮد اﻟﺴﻴﺎﳼ ،ﺳﺘﻨﺨﺮط ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﱡ ٍ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻂ اﻷوروﺑﻲ ،ﻓﱰﻓﻊ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﻣﻦ املﺘﺤﺪة ﺑﺼﻮرة ﺷﺒﻪ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﻧﻮﺑ ٍﺔ َ ٍ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺿﻌﻴﻒ ﰲ اﻷﺳﺎس؛ وﻫﺬا ﻗﻄﻌً ﺎ ﻟﻴﺲ اﻟﻌﻼجَ اﻟﴬاﺋﺐَ وﺗﺨﻔﺾ اﻟﺼﺤﻴﺢ. ِ ﻣﺤﺎوﻻت اﻻﺑﺘﺰاز؛ ﻳﻮاﺟﻪ إﻻ أن ﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ﻋﲆ أي ﺣﺎل؛ ﻓﺎﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ ﻳﺮى أﻧﻪ ِ إذ ﻳﻬﺪﱢد اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﺑﺘﻘﻮﻳﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﺎ ﻟﻢ ﱢ ﻳﺤﻘ ْﻖ ﻟﻬﻢ ﻣﺒﺘﻐﺎﻫﻢ ،وﻗﺪ اﺳﺘﺴ َﻠ َﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ملﺜﻞ ﻫﺬا اﻻﺑﺘﺰاز ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،٢٠١٠وﻣﺮة أﺧﺮى ﰲ ﻋﺎم ٢٠١١ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺴﻘﻒ ً املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ؛ وإذا ﻛﺎن أوﺑﺎﻣﺎ ﻳﻨﺘﻮي أن ﻳﺘﱠﺨِ ﺬَ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺣﺎزﻣً ﺎ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ،ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﻳﺠ َﺪ ﺗﻮﻗﻴﺘًﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻓﻮزه ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻔﱰة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وأﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ ﺳﺄﺧﻠﻊ ﻗﺒﻌﺔ ﺧﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﱠ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ،وأﺷﺠﱢ ﻌﻪ ﻋﲆ ﺗﺤﺪﱢي اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري .ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن أﺛ ُﺮ ذﻟﻚ ﻃﻴﱢﺒًﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ،وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ أﻛﱪ ﻋﲆ ا َملﺤَ ﱢﻚ. ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﺗﻌ ﱠﺮﺿﻮا ﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻛﺒرية ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻣﺴﻴﻄﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أﺻﺤﺎب املﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ راﻏﺒﻮن ﺑﺸﺪة ﱡ َ اﺗﻔﺎق ﻳﺘﺠﻨﱠﺐُ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ ،ﻓﺈن اﻟﻴﻤني املﺘﺸﺪﱢد — اﻟﺬي ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ ﻗﻨﺒﻠﺔ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﰲ ٍ 22
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ
واملﺮارة ﺑﺴﺒﺐ ﻓﺸﻠﻪ ﰲ إﺳﻘﺎط اﻟﺮﺋﻴﺲ ،وﻳﺴﻌﻰ إﱃ اﻻﻧﺘﻘﺎم — ﻻ ﻳﺰال ﻣُﺤْ ﻜِﻤً ﺎ ﻗﺒﻀﺘﻪ ﻋﲆ اﻟﺤﺰب. ﱠ ﱠ اﺗﻔﺎق ﻗﺒﻞ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،٢٠١٢ ﻳﺸري ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ إﱃ أﻧﻪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﺟﺪٍّا أﻻ ﻧﺘﻮﺻﻞ إﱃ أيﱢ ٍ ﻛﺎرﺛﺔ؛ ﻓﻤﺸﻜﻠﺔ أﺧﺮى ﺗﺘﺴﺒﱠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ُ ً ﻟﻐﺔ »اﻟﻬﺎوﻳﺔ املﺎﻟﻴﺔ«؛ ﻫﻲ وﻟﻴﺲ ﻟﺰاﻣً ﺎ أن ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ ٍ ﺻﻔﻘﺔ ،ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻄﻲ إﻳﺤﺎءً ﻛﺎذﺑًﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻔﺸﻞ ﻟﻔﱰ ٍة وﺟﻴﺰ ٍة ﰲ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﻳﻜﻮن أﻣ ًﺮا ﻛﺎرﺛﻴٍّﺎ .وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﺼﻤﻮد ﻋﺪة أﺷﻬﺮ ﰲ ﻋﺎم ٢٠١٣دون أﻇﻦ — وﻫﻮ ﻣﺠﺮد َ ﻷﴐار اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱄ ﱠ ،ﱡ َ ﻳﻜﻮن ﻇ ﱟﻦ ﻳﻤﻜﻦ أن اﻟﺘﻌ ﱡﺮ ِض ٍ ﻗﺪ ﺛَﺒ ََﺖ ﺧﻄﺆه ﺑﺤﻠﻮل وﻗﺖ ﻗﺮاءﺗﻚ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر — أن ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻋﺎم ٢٠١٣ﺳﻴﻨﻘﴤ ﱠ ﺠﱪ اﻟﺤﺰبَ اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻧﺘﻮﺻ َﻞ إﱃ ﻗﺒﻞ أن اﺗﻔﺎق ،وﻟﻜﻦ ﺿﻐﻮط ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻷﻋﻤﺎل ﺳﺘُ ِ ٍ ﻋﲆ اﻟﺮﺿﻮخ ملﻄﺎﻟﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻊ ﴐ ٌر ﻛﺒريٌ. ْ إﻻ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺣﺪث ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ذﻟﻚ اﻟﻮَﺿﻊ ﺳﺘﻈ ﱡﻞ ﻏريَ ِ ﻣ ِ ﺳﺘﻮاﺻ ُﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗَﻌﺎﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺰال ﻳﻌﻨﻲ ُﺮﺿﻴَﺔ ﺑﺎملﺮة؛ إذ ٍ ﻣﱪر .إذَ ْن ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ — ﺑﻞ وﻳﻨﺒﻐﻲ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ املﻌﺎﻧﺎة واﻟﻬَ ﺪر اﻻﻗﺘﺼﺎدي دون ٍ ً أﻳﻀﺎ ﻟﻨﺎ — أن ﻧﻔﻌﻠﻪ؟ ُ ﺳﺒُﻞ املﴤﱢ ﻗﺪﻣً ﺎ ﻻ ﻳﺰال اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺴﺎد ،وﻻ ﺗﺰال ﻗﻮاﻋﺪ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﺴﺎد ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓﻤﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﳾء ﻫﻮ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ،ﻟﺘﺸﻐﻴﻞ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﻘﺪرة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ املﻌ ﱠ ٍ وﺳﻴﻠﺔ أﻛﻴﺪة ﻟﻨﺠﺎح ذﻟﻚ اﻟﻬﺪف ﻫﻲ ﻄﻠﺔ .وأﻓﻀﻞ ﱠ ٍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻳﺘﺤﻘ َﻖ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،وﻫﻮ — ﻛﻤﺎ أﻗﻮل ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ،واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻬﻢ إﻋﺎدة ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻲ املﺪارس ،وإﺻﻼح اﻟﻄﺮق املﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤُ َﻔﺮ ،وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ. وﻟﻸﺳﻒ ،ﻓﺈن املﺸﻬﺪ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻴﺲ ﻣﻮاﺗﻴًﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪر املﺮﺟﻮﱢ؛ ﻓﺎﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﺴﻴﻄﺮون ﻋﲆ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ،وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن إﺧﻔﺎﻗﻬﻢ ﰲ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﲆ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ وﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ أﺻﺎﺑﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﻻﺿﻄﺮاب ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﻘﺘﻨﻌﻮا ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺼﻮاب؛ ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻏري ذﻟﻚ؟ إﺣﺪى اﻹﺟﺎﺑﺎت ﻫﻲ أن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺒﺬل ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠٠ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﺗﻌﺎﻧﻲ رﻛﻮدًا ﻣﻤﺘﺪٍّا ،دﻋَ ﺎ ﺑﺮوﻓﻴﺴﻮر ﻳُﺪﻋَ ﻰ ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ 23
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺑﻌﺾ ﻣﻦ »ﻋﺰم روزﻓﻠﺖ« ﺑﺎﻟﻘﻴﺎم ﺑﻜ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﺘﺤﺮﻳﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﺮة ﺑﻨ َﻚ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻹﻇﻬﺎر ٍ ِ أﺧﺮى .وﻛﻤﺎ ﺳﻮف أﴍح ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺧﻴﺒﺔ أﻣﻞ ﻛﺒرية أن ﻧﻔﺘﻘﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﺰم ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺿ ُ ﻄ ﱠﺮ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ — وﻗﺪ أﺻﺒﺢ اﻵن رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — إﱃ ﻣﻮاﺟَ ِ ٍ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻤﺎﺛ ٍِﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ دﻻﺋﻞ ﻋﲆ أن ﺑﻨﻚ ﻬﺔ َ ُ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﻣﺨﺎوف اﻟﻘﻀﻴﺔ أﺧريًا ،رﺑﻤﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺣ ﱠﺮ َرﺗْﻪ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺳﻴﺘﺒﻨﱠﻰ اﺗﻬﺎﻣﻪ ﺑﺘﻨﺸﻴﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎد ملﺴﺎﻋﺪة ﺣﻤﻠﺔ أوﺑﺎﻣﺎ. ﺣﺘﻰ اﻵن ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ،ﻟﻢ ﻳﺘﺨﺬ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺳﻮى ﺧﻄﻮات ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻧﺤﻮ اﻧﺘﻬﺎج ﺳﻴﺎﺳﺔ أﻛﺜﺮ ﺣﺴﻤً ﺎ .اﻟﺤﻞ ﻫﻨﺎ — ً وﻓﻘﺎ ملﻌﻈﻢ اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت — ﻫﻮ أن ﻳُﻘﻨِﻊ ﺑﻨ ُﻚ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﻋﲆ املﺪى اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﺴﻤﺢ ﺑﺰﻳﺎدة املﺘﻮﺳﻂ .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻳﺘﺤ ﱠﺮك ﰲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه ،ﻓﺈن ﺗﺤ ﱡﺮﻛﺎﺗﻪ ﻗﺪ اﺗﺨﺬَ ْت ﺷﻜﻞ إﺷﺎرات ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﺼﺎرﻣﺔ .واﻟﺨﱪ اﻟﺴﺎر ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻳﺒﺪو أن ﻏﺎﻣﻀﺔ ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻗﺪ ﺗﺮاﺟﻌَ ْﺖ ،وﻳﺒﺪو اﺳﺘﻌﺪاد ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﺘﺰاﻳﺪًا اﻟﻔﺌﺔ املﺘﺨﻮﱢﻓﺔ ﻣﻦ ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ. إﻻ أن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺨﻄﻴﻂ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺘﺎم ﺑﻤﻔﺮده ،ﺑﻞ ِ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐْ ءِ ﺳﻴﺤﺘﺎج إﱃ املﺴﺎﻋﺪة ،وﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ املﺴﺎﻋﺪة ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ َ ﴩف ﻋﲆ ﱠ ﻣﺆﺳﺴﺘَ ْﻲ اﻟﺪﻳﻮن .وﻧﺬﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪًا اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻹﺳﻜﺎن ،اﻟﺘﻲ ﺗُ ِ ﻓﺎﻧﻲ ﻣﺎي وﻓﺮﻳﺪي ﻣﺎك ،واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﺘﻔِ ُ ﻆ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن ﻋﲆ ﴍط ْ ِ دﻓ ِﻊ ﻣُﻘﺪﱠم ﻹﻋﺎدة ﺗﻤﻮﻳﻞ واﺳﻊ ﺑﺠَ ﱠﺮة ﻗﻠﻢ؛ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ اﻟﺘﻨﺎ ُز ُل ﻋﻦ ﻧﻄﺎق ٍ ٍ َ ﻗﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري املﻤﻠﻮﻛﺔ ﱠ ملﺆﺳﺴﺘ ْﻲ ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي ،ﻓﻴﺼﺒﺢ ﰲ إﻣﻜﺎن املﻼﻳني ﻣﻦ ٍ ﺑﴪﻋﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻋﺎدة اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻓﺎﺋﺪة أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل أن ﻳﻘ ﱢﻠﻠﻮا ﻣﻦ ﻋﺐء اﻟﻔﺎﺋﺪة أﻗﻞ ﻛﺜريًا. وأﺧريًا ،ﰲ ﺣني ﻳﺒﺪو اﻟﻄﺮﻳﻖ إﱃ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ ﺻﻌﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻓﻼ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻟﻠﻴﺄس .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻳﻄﺎﻟِﺐ ﻋﺪ ٌد ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺑﺈدراج ِ ﱡ ﻌﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ﰲ أيﱢ ﺻﻔﻘﺔ ﺗُ َ د َْﻓ ٍ اﻟﺘﻘﺸﻒ ،وﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﻌﻘﺪ ﺑﺸﺄن ﻗﻨﺒﻠﺔ ﺟﻴﺪة ٍّ ﺣﻘﺎ .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻤﴤ ﻋﺎم ،٢٠١٣ﱠ ﻳﺘﻌني ﻋﲆ اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ أن ﻳﻮﺿﺢ — ﻣﺮة ﺑﻌﺪ َ ﻃﺮﻳﻖ َﺧ ْﻠ ِﻖ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ، أﺧﺮى — أن اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻌﻬﺎ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﺗﻌﱰض وﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺈزاﺣﺔ اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ. 24
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ
ﺳﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻳﺒﺪو ﺑﻌﻴﺪًا ﻛ ﱠﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻻﻧﺘﻬﺎء ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﺪم وﺟﻮد ٍ وﺟﻴﻪ ﻻﺳﺘﻤﺮاره .ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻪ ﻻ ﺗﺰال ﺛﻤﺔ اﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وأﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﻌﺮﻗِﻞ ﺻﺪو َر اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﴪﻳﻊ ،إﻻ أن ﻫﺬه اﻻﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻠﺤ ﱢﻞ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ،وإﻧﻬﺎ َﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻛ ﱢﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﻤﻠﻚ رأﻳًﺎ ﻣﺴﻤﻮﻋً ﺎ أن ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺠﻴﻞ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،وإﻏﺎﺛﺔ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻃﺎل أﻣﺪﻫﺎ .ﻧﺤﻦ ﻧﻤﺘﻠﻚ اﻷدوات، وﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﻫﻮ وﺿﻮح اﻟﻔﻜﺮ واﻹرادة؛ ﻓﻼ ﻳﺰال ﰲ وﺳﻌﻨﺎ أن ﻧ ُ ِﻨﻬ َﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد اﻵن.
25
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ اﻵن؟
ُ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻋﺪ ٌد ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى ﻳﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺮﻛﻮ َد اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ؛ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻋﺎﻣَ ﻪ اﻟﺨﺎﻣﺲ دون أيﱢ ﺑﻮادر ﱢ وﻏﻨﻲ ﻋﻦ ﺗﺒﴩ ﺑﻘﺮب ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ. ﱞ َ َ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻌﺎم — ٢٠٠٨اﻟﺬي ﻣﺜ ﱠ َﻞ اﻟﻘﻮل أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺮﻛﻮد — ﻗﺪ ﻧ ُ ِﴩت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻻ ﺷﻚ أن ﻛﺜريًا ﻏريﻫﺎ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﻨﴩ ،إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻳﺤﺎول أن ﻳ ُِﺠﻴﺐ ﻋﻦ ﺳﺆال ﻣﺨﺘﻠﻒ. — ﰲ اﻋﺘﻘﺎدي — ﻳﺨﺘﻠِﻒ ﻋﻦ ﻏريه ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ؛ ﺣﻴﺚ ِ ً ﺳﺆاﻻ ﻣﻔﺎده» :ﻛﻴﻒ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ،ﺗﻄﺮح املﺆ ﱠﻟﻔﺎت اﻟﻜﺜرية املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﺑﻜﺎرﺛﺘﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ذﻟﻚ؟« أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺄﺗﺴﺎءل» :ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ اﻵن؟« ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺴﺆاﻟني ﻳﺮﺗﺒﻂ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﺑﺎﻵﺧﺮ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﻏري أﻧﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ أﺳﺒﺎب اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻨﻮﺑﺎت اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺘﻄﺎﺑﻘني ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال؛ ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ ِ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻼﺟﻬﺎ ،وﻫﺬا ﻳﻨﻄ ِﺒﻖ ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ُ ً ُ رأي ﻳﻨﺎﻗِ ﺶ ﻗﺮأت اﻟﻌﻼج ﻫﻲ ﺷﺎﻏﻠﻨﺎ اﻷﻛﱪ؛ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻜﻮن ِ ﻣﻘﺎﻻ أﻛﺎدﻳﻤﻴٍّﺎ أو ﻣﻘﺎ َل ٍ ُ ﻗﺮأت اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓِ ﻌْ ﻠﻪ ملﻨﻊ وﻗﻮع اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ — وﻗﺪ ُ ﺷﻌﺮت ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﱪﱡم .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺴﺘﺤِ ﱡﻖ ﻫﺬا اﻟﺴﺆا ُل أن ﻧُﻮﻟِﻴﻪ اﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ املﻘﺎﻻت — َ َ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺎﰲ ﻧﺘﻌﺎف ﺑﻌ ُﺪ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ اﻷﺧرية ،أ َﻻ ﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ أن ﻧﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺑﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ِ أوﻟﻮﻳﺘﻨﺎ اﻷوﱃ؟
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺰال ﻧﻌﺎﻧﻲ آﺛﺎ َر اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑ َْﺖ أوروﺑﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻨﺬ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات؛ ﻓﺎﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ — اﻟﺬي ﻳﻨﻤﻮ ﻋﺎد ًة ﺑﻨﺤﻮ درﺟﺘني ﻣﺌﻮﻳﺘني ِ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ — ﻧﻤﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻋﻦ أﻋﲆ ﻣﻌﺪﻻﺗﻪ ﰲ ﺷﻬﺪ ْ دول أوروﺑﻴ ٍﺔ َت ﺗﻌﺎﻓﻴًﺎ ﻗﻮﻳٍّﺎ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ اﻧﺨﻔﺾ ﺑﻤﻌﺪل ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻌﴩة ﰲ املﺎﺋﺔ ﰲ ٍ ٍ ُ ِ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺒ َِﻲ املﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﴘ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮًى ﻟﻢ ﻣﻌﺪﻻت ﻋﺪة .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﻻ ﺗﺰال ﻳﻜﻦ ﻷﺣ ٍﺪ أن ﻳﺘﺼ ﱠﻮ َره ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ. ِ ٍ ِ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ املﺴﺘﻤ ﱢﺮ ﻫﻮ ﺗﻘﺒﱡ ُﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜري ﰲ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد وأزﻋﻢ أن أﻓﻀ َﻞ َ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺴﺎدٍ ؛ ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ اﻟﻜﺴﺎ َد اﻟﻜﺒريَ ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ )وﻟﻜﻦ رﺑﻤﺎ ُ ﻛﺎن ﻟﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴني أو اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳني أو ﺣﺘﻰ اﻹﺳﺒﺎن — اﻟﺬﻳﻦ َ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ٢٣ﰲ ﺑﻠﻐ ْﺖ املﺎﺋﺔ ،ووﺻ َﻠ ْﺖ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ٥٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑني اﻟﺸﺒﺎب — رأْيٌ َ آﺧﺮ( .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻬﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻫﻲ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ وﺻﻔﻬﺎ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ً ِ ﻣﻴﻞ ﺗﺴﺘﻤ ﱡﺮ ﻓﱰ ًة ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺰﻣﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط دون املﺴﺘﻮى اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻃﻮﻳﻠﺔ دون أيﱢ ٍ ﻣﻠﺤﻮظ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻌﺎﰲ أو اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﺘﺎم«. ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﻏري ﻣﻘﺒﻮل؛ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني وﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳﺒﺪون راﺿني ﺑﺘﺠﻨﱡﺐ »اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﺘﺎم« ،إﻻ أن اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﻮ أن ﻫﺬه »اﻟﺤﺎﻟﺔ املﺰﻣﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط دون املﺴﺘﻮى اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ« — اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﰲ املﻘﺎم اﻷول ﻋﲆ اﻧﻌﺪام ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ — ﺗﺨ ﱢﻠ ُ ﻒ أﴐا ًرا ﺑﴩﻳﺔ ﺗﺮاﻛﻤﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ. وﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﻤﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﻤﻜﺎن أن ﻧﺘﱠﺨِ ﺬَ ٍ ٍ ﺗﻌﺎف ﺣﻘﻴﻘﻲ وﻛﺎﻣﻞ. إﺟﺮاءات ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﻌﺰﻳﺰ وﻫﻨﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺼﻴﺪ؛ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻧﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ،أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ »ﺣﺮيﱞ « ﺑﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف؛ ِ واﺿﺤﺔ اﻟﺸﺒ ِﻪ — ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﰲ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت ﱡ اﻟﺘﻐري اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻣﺮور ﺧﻤﺴﺔ وﺳﺒﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ — ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ وﻗﻌَ ْﺖ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .ﻧﺤﻦ ﻋﲆ دراﻳ ٍﺔ ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ املﻌﺎﴏ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ ﻛﻴﻨﺰ ﺻﻨﱠﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻓﻌﻠﻪ آﻧﺬاك ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ِ وﻏريه ،واﻟﻌﺪﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻟﻼﺣﻘﺔ ،وﻫﺬه اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت ذاﺗﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺨﱪﻧﺎ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ إزاء ﻣﺤﻨﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ. ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻧﺤﻦ ﻻ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻣﺎ ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ؛ ﻷن اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص املﻬﻤﱢ ني ٍ ﺳﺎﺳﺔ وﻣﺴﺌﻮﻟني ﺣﻜﻮﻣﻴني واﻟﴩﻳﺤﺔ اﻷﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﱠﺎب واملﺘﺤﺪﱢﺛني ﱢ املﻌﱪﻳﻦ ﻋﻦ — ﻣﻦ َ اﻟﺪروس املﺴﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، اﻷﻋﺮاف املﺘﺒﱠﻌﺔ — اﺧﺘﺎروا ،ملﺨﺘﻠﻒ اﻷﺳﺒﺎب ،أن ﻳﺘﻨﺎﺳﻮا 28
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ُ ِ واﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﱠ اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى أﺟﻴﺎل ﻋﺪة ،ﻟﻴﺴﺘﻌﻴﻀﻮا ﺗﻮﺻ َﻠ ْﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﱢ ﱠ ﺑﺸﻖ اﻷﻧﻔﺲ ﺑﺄﺣﻜﺎ ٍم ﻣُﺴﺒَﻘﺔ ﺗﺘﱠﻔِ ﻖ ﻣﻊ ﺗﺤﻴﺰاﺗﻬﻢ ﺗﻮﺻ ْﻠﻨﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ املﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .واﻷﺧﻄﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ أن اﻷﻋﺮاف اﻟﺴﺎﺋﺪة ﺑني ﻣَ ﻦ اﻋﺘﺎ َد ُ ﺑﻌﻀﻨﺎ َ »اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺒﺎﻟﻐِ ﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ«؛ ﻧَﺤﱠ ْﺖ ﺟﺎﻧﺒًﺎ أن ﻳُﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ — َ املﻘﻮﻟﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻟﻜﻴﻨﺰ؛ أ َ َﻻ وﻫﻲ» :إن اﻻزدﻫﺎر — وﻟﻴﺲ اﻟﺮﻛﻮد — ﻫﻮ اﻟﻮﻗﺖ املﻨﺎﺳﺐ ﱡ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﺧﻔﻀﻪ — ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤ ﱠﻜ َﻦ ﻟﻠﺘﻘﺸﻒ «.ﻓﺎﻵن ،ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق — اﻟﻘﻄﺎ ُع اﻟﺨﺎص ﻣﻦ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﺠ ﱠﺪدًا ،وﻟﻜﻦ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﴤ ﻋﲆ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ ﻫﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة. ﺳﻴﺎﺳﺎت َ ﻗﺒﻀﺔ ﻫﺬه املﻌﺘﻘﺪات اﻟﺴﺎﺋﺪة املﺪﻣﱢ ﺮة ،وﻳﺴﻮق اﻟﺤﺠﺞَ ﻳﺤﺎول ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎبُ أن ﻳُﺮﺧِ ﻲ ِ ُ ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺧﻠﻖ ﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت اﺗﱢﺒَﺎﻋﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ .وﻹﺛﺒﺎت وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي ،اﺣﺘﺠْ ُﺖ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻷدﻟﺔ؛ أﺟﻞ ،ﻳﺤﺘﻮي ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﲆ رﺳﻮم ﺑﻴﺎﻧﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻲ أرﺟﻮ ﱠأﻻ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻫﺬا ﻳﺒﺪو ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﺗﻘﻨﻴٍّﺎ ،أو ﻳُﺒﻌِ ﺪه ﻋﻦ َ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﻘﺎرئ اﻟﻌﺎدي اﻟﻮاﻋﻲ ،ﺣﺘﻰ ْ ﺿﻤﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ املﻌﺘﺎدة؛ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد َ اﻷﺷﺨﺎص املﻬﻤﱢ ني اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎروا ﺑﻨﺎ ﰲ أﺣﺎول أن أﻓﻌﻠﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن أﺗﺠﺎ َو َز ﻓﺎﻟﻮاﻗﻊ أن ﻣﺎ ِ َ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺄ — أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧ ِﺖ اﻷﺳﺒﺎبُ — ﻣﻜﺒﱢﺪﻳﻦ اﻗﺘﺼﺎداﺗﻨﺎ وﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺧﺴﺎﺋ َﺮ ﺑﺎﻫﻈﺔ، ٍ ِ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺪﻓﻌﻨﺎ إﱃ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ. وأﻧﺎﺷﺪ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم املﺴﺘﻨري ﰲ ﴎﻳﻊ ﻣﺴﺎر ﺛﻤﺔ اﺣﺘﻤﺎل — ﻣﺠﺮد اﺣﺘﻤﺎل — أن ﺗﻜﻮن اﻗﺘﺼﺎداﺗﻨﺎ ﻗﺪ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻋﲆ ٍ ٍ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب إﱃ املﻜﺘﺒﺎت ،وﻋﻨﺪﻫﺎ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﻫﺬه املﻨﺎﺷﺪة َ ﺣﺪوث ذﻟﻚ ،وإن ُ ﻛﻨﺖ أﺷ ﱡﻚ ﻓﻴﻪ ﻛﺜريًا .ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ،ﺗﺪ ﱡل ﻛ ﱡﻞ ﻏري ﴐورﻳﺔ؛ ﻃﺒﻌً ﺎ أﻧﺎ أرﺟﻮ ً املﺆﴍات ﻋﲆ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺳﻴﻈ ﱡﻞ ﺿﻌﻴﻔﺎ ﻓﱰ ًة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪٍّا ﻣﺎ ﻟﻢ ﱢ ﻳﻐري ُ ﺻﻨﱠﺎ ُع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ْ اﻟﻀﻐ ُ ﻂ — ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﻤﻬﻮر املﺴﺘﻨري — ﻣﻦ أﺟﻞ ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻣﻦ اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﻢ؛ وﻫﺪﰲ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺣﺪوث ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴري ،وإﻧﻬﺎء ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد.
29
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻇﻬﻮر اﻟﱪاﻋﻢ اﻟﺨﴬاء ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﺳﻮاق ،وﻣﻊ ﺑﺪء ﻋﻮدة إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻳُﻌِ ﻴﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻧﺎ ﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪه. ﺑﻌﺾ اﻟﺜﻘﺔ ،ﺳﻴﺒﺪأ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺮا ٌك ﱞ »ﻫﻞ ﺗﺮى ﺑﺮاﻋﻢ ﺧﴬاء؟« »ﻧﻌﻢ ،أرى ﺑﺮاﻋﻢ ﺧﴬاء«. ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ،رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺣﻮار ﻣﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ » ٦٠دﻗﻴﻘﺔ« ١٥ ،ﻣﺎرس ٢٠٠٩ ﰲ ٍ ﰲ ﻣﺎرس ،٢٠٠٩أﺑﺪَى ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ — املﻌﺮوف ﻋﻨﻪ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ أﻛﺜ َﺮ اﻟﺮﺟﺎل ﻣَ َﺮﺣً ﺎ وﻻ ً ً إﻓﻼس ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ﺑﺴﺘﺔ ﺗﻔﺎؤﻻ ﻛﺒريًا ﺣﻴﺎ َل املﺸﻬﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻓﺒﻌ َﺪ ﺷﺎﻋﺮﻳﺔ — ِ َ ﻣﺮﺣﻠﺔ ُ ﻮر اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻣﺨﻴﻒ .ﻟﻜﻦ ﻇﻬﺮ رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ أﺷﻬﺮ ،دﺧ َﻠ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺪﻫ ٍ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻲ » ٦٠دﻗﻴﻘﺔ« ﻟﻴﻌﻠﻦ أﻧﻨﺎ ﴏﻧﺎ ﻋﲆ ﻣﺸﺎرف رﺑﻴﻊ اﻗﺘﺼﺎديﱟ . وﻋﲆ اﻟﻔﻮر ذا َع ﺻﻴﺖ ﺗﴫﻳﺤﺎت ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ أﻧﻬﺎ ِ ﺗﺤﻤﻞ ﺗﺸﺎﺑُﻬً ﺎ ﻏﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻊ ﻛﻼم ﺗﺸﺎﻧﺲ — املﻌﺮوف ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﺳﻢ ﺗﺸﻮﻧﴘ ﺟﺎردﻧﺮ — ذﻟﻚ اﻟﺒﺴﺘﺎﻧﻲ اﻟﺴﺎذج اﻟﺬي اﻟﻨﺎس ً ُ رﺟﻼ ﺣﻜﻴﻤً ﺎ ﰲ ﻓﻴﻠﻢ »أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك« .ﰲ أﺣﺪ املﺸﺎﻫﺪ ،ﻳُﻄ َﻠﺐ ﻣﻦ ﺗﺸﺎﻧﺲ ﻳﻈﻨﱡﻪ أن ﻳُﻌ ﱢﻠﻖ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻓﻴﺆ ﱢﻛﺪ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ أﻧﻪ» :ﻣﺎ داﻣَ ِﺖ اﻟﺠﺬو ُر ﻟﻢ ﺗُﻘ َ ﻄﻊ ،ﻓﻜ ﱡﻞ ﳾءٍ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ،وﻛ ﱡﻞ ﳾءٍ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام … ﺳﻴﺸﻬﺪ اﻟﺮﺑﻴﻊ ﻧﻤﻮٍّا«. واﺳﻊ .وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻧﻄﺎق وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺷﺎبَ اﻷﻣ َﺮ ﻣﻦ ﻣﺰاح ،ﻓﻘﺪ اﻣﺘ ﱠﺪ ﺗﻔﺎؤ ُل ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻋﲆ ٍ ٍ َ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻌﺎم. ،٢٠٠٩اﺧﺘﺎ َر ْت ﻣﺠﻠﺔ »ﺗﺎﻳﻢ« ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱠ ﻳﺘﺤﻘ ِﻖ اﻟﻨﻤ ﱡﻮ املﻮﻋﻮد ﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻷﺳﻒ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛ ﱡﻞ ﳾءٍ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ،وﻟﻢ ﻗ ﱡ ﻂ. َ ٍّ وﺣﺘﻰ ﻧﻜﻮن ﻣ ِ ﻣﺤﻘﺎ ﺣني ﻗﺎل إن اﻷزﻣﺔ ﺑﺪأ ْت ﺗﻨﻔﺮج؛ ُﻨﺼﻔني ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ً َ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ اﻟﺬﻋﺮ اﻟﺬي اﺟﺘﺎحَ ووﻓﻘﺎ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ﻳﻨﺤﴪ ،وﺑﺪأ اﻟﺘﺪﻫﻮ ُر اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺘﺒﺎﻃﺄ. ملﺴﺌﻮﱄ اﻟﺮﺻﺪ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﺮﺳﻤﻴني ﰲ »املﻜﺘﺐ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« ،ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺑﺎﻟﺮﻛﻮد اﻟﻜﺒري اﻟﺬي ﺑﺪأ ﰲ دﻳﺴﻤﱪ ٢٠٠٧اﻧﺘﻬﻰ ﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ،٢٠٠٩وﺑﺪأ اﻟﺘﻌﺎﰲ؛ ُ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ وﻟﻜﻦ إن ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺘﻌﺎﰲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻘ ﱢﺪ ِم اﻟﻜﺜريَ ﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني؛ ﻓﻘﺪ ﻇ ﱠﻠ ِﺖ ﱠﺧﺮاﺗِﻬﺎَ ، َ ً واﺳﺘﻨﺰﻓ ْﺖ أﻋﺪا ٌد ﻣﺘﺰا ِﻳﺪ ٌة ﻣﻦ اﻷ ُ َﴎ ﻣﺪ َ وﻓﻘﺪ ْ َت ﻣﻨﺎزﻟﻬﺎ ،واﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺷﺤﻴﺤﺔ، َ اﻧﺨﻔ َﺾ ﻣﻦ اﻟﺬروة اﻟﺘﻲ َ وﺻ َﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻠﻪ أﻧﻬﺎ ﻓﻘﺪ َِت اﻷﻣ َﻞ .ﺻﺤﻴﺢ أن ﻣﻌ ﱠﺪ َل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻗﺪ ﰲ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،٢٠٠٩ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻘ ﱡﺪ َم ﻛﺎن أﺑﻄﺄ ﻣﻦ ﻏﺮاب ﻧﻮح؛ وﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﻨﺘﻈﺮ — ﺑﻌﺪ ﻛ ﱢﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﻮات — ﻇﻬﻮ َر »اﻟﺤﺮاك اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ« اﻟﺬي ﺗﺤﺪ َ ﱠث ﻋﻨﻪ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ. ﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ ْ َت ﺗﻌﺎﻓﻴًﺎ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ،أﻣﺎ اﻟﺒﻠﺪان ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ؛ ﻓﻔﻲ أﻳﺮﻟﻨﺪا واﻟﻴﻮﻧﺎن وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،ﻟﻢ اﻷﺧﺮى ،ﻓﻠﻢ ﺗﺘﻤ ﱠﻜ ْﻦ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ِ ﱡ ُ »اﻟﺘﻘﺸﻒ« — اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺎد ِة ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺪﻳﻮن وﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻜﻦ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﰲ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ أﺳﻔ َﺮ ْت ً ِ ﻧﻮﺑﺎت رﻛﻮ ٍد أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺔ — ﺳﺒﺒًﺎ ﰲ إﺟﻬﺎض أيﱢ ِ ٍ وارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺣﺘﻰ َ ﺑﻠﻐ ْﺖ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء. ﻣﺘﻜ ﱢﺮرةٍ، ِ ً ﻃﻮﻳﻼ؛ ﻓﻬﺎ أﻧﺎ ذا أﻛﺘﺐ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ واﺳﺘﻤﺮت املﻌﺎﻧﺎة ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻋﲆ اﻋﺘﻘﺎد ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ أﻧﻪ ﻳﺮى ﺑﺮاﻋ َﻢ ﺧﴬاء ،وﺑﻌﺪ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات وﻧﺼﻒ ﻋﲆ إﻓﻼس ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ﻋﲆ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻜﺒري؛ وﻻ ﻳﺰال ِ ﻣﻮاﻃﻨﻮ اﻟﺪول اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪﱡﻣً ﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،اﻟﺪول اﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎملﻮارد واملﻮاﻫﺐ واملﻌﺎرف — ﻛ ﱡﻞ ً ﺣﺎﻟﺔ ﻻﺋﻖ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ — ﻳﻌﻴﺸﻮن املﻜﻮﻧﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻻزدﻫﺎر وﺗﻮﻓري ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﻌﻴﴚﱟ ٍ ِ ﻣﻦ املﻌﺎﻧﺎة اﻟﺸﺪﻳﺪة. ﱢ َ ﺑﻌﺾ اﻷﺑﻌﺎدِ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻬﺬه املﻌﺎﻧﺎة، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،ﺳﺄﺣﺎول أن أوﺛﻖ وﺳﻮف أر ﱢﻛ ُﺰ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺑﻼدي ،وﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ اﻟﺒﻠ َﺪ ً اﻟﺬي أﻋﺮﻓﻪ ﱠ ﻻﺣﻖ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒري ًة ملﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎ ِة اﻟﺨﺎرج ﰲ ﺟﺰءٍ ﻓﺮ ُد ﺣﻖ املﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ أ ُ ِ ٍ ً أﻫﻤﻴﺔ — اﻟﺬي ﻛﺎن أداؤﻧﺎ ﻓﻴﻪ اﻷﺳﻮأ — أ َ َﻻ وﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﺳﺄﺑﺪأ ﺑﺎملﻮﺿﻮع اﻷﻛﺜﺮ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ. 32
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
ﻧﺪرة اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ َ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﻘﻮل اﻟﺤﻜﻤﺔ املﺄﺛﻮرة إن ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺳﻌ َﺮ ﻛ ﱢﻞ ﳾء ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن أيﱢ ﳾء ،واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻫﺬا اﻻﺗﻬﺎ َم ﻳﺤﻤﻞ ﺑني ﻃﻴﱠﺎﺗﻪ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؛ ﻓﻨﻈ ًﺮا ﻷن ِ ﺑﺪراﺳﺔ ﺗﺪاول اﻟﻨﻘﻮد وإﻧﺘﺎج اﻷﺷﻴﺎء واﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻳُﻌْ ﻨَﻮن ﰲ اﻷﺳﺎس اﻓﱰاض أن املﺎل واملﺎدة ﻫﻤﺎ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻢﱡ .إﻻ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﻣﺠﺎ ُل ٍ ﱢ ﺑﺤﺚ ﻣﺘﺄﺻ ًﻼ ﺗﺠﺎه ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺗﺤﻴﱡ ًﺰا ِ ِ ارﺗﺒﺎط ﻣﻌﺎﻳري اﻟﺮﻓﺎﻫﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺪﱢدﻫﺎ اﻷﻓﺮا ُد ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ — ﻣﺜﻞ اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻳﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ ﻛﻴﻔﻴ ِﺔ ُ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﺴﻌﺎدة أو »اﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﻴﺎة« — ﺑﺎﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻷﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة ،وﺗُﻌ َﺮف ﻫﺬه ﺑﺎﺳﻢ »أﺑﺤﺎث اﻟﺴﻌﺎدة«؛ ﺑﻞ إن ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ َ أﻟﻘﻰ ﺧﻄﺎﺑًﺎ ﺣﻮ َل ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ﻋﺎم ٢٠١٠ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺴﻌﺎدة« .وﻫﺬه اﻷﺑﺤﺎث ﺗﺨﱪﻧﺎ ﺷﻴﺌًﺎ َ ﺑﺎﻟﻎ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻮرﻃﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ. أﺑﺤﺎث اﻟﺴﻌﺎد ِة أن املﺎل ﻻ ﻳﻈ ﱡﻞ َ ُ ﺑﺎﻟﻎ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﺼﻞ إﱃ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺨﱪﻧﺎ ِ ِ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﴐورات اﻟﺤﻴﺎة .ﺻﺤﻴﺢ أن ﻋﺎﺋﺪ اﻟﺜﺮاء ﻟﻴﺲ ﺻﻔ ًﺮا ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺤﻤﱡ ِﻞ ُ ٍ ٍ ِ ﻣﻮاﻃﻨﻮ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻐﻨﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺷﻌﻮ ًرا ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺔ، ﻓﺒﺼﻔﺔ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺤﺮﰲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ؛ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﱠ ِ ﻓﺈن ﻛ ْﻮﻧ َ َﻚ أﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً أو أﻛﺜﺮ ﻓﻘ ًﺮا ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻟﺪول اﻷﻗﻞ ﺛﺮاءً، ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ٌ ٌ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻬﺎ ،وﻟﻬﺬا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻻﻧﻌﺪام املﺴﺎواة ﻗﻀﻴﺔ ﺗﻘﺎرن ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻬﻢ ﻣﻤﱠ ﻦ ِ ً ﱡ ﻳﻈﻦ أﻧﺼﺎ ُر أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻤﺎ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﺗﺄﺛريٌ ﻣﺪﻣﱢ ٌﺮ ﻋﲆ املﺠﺘﻤﻊ؛ ﻟﻜﻦ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ،املﺎ ُل أﻗ ﱡﻞ املﺎدﻳﺔ اﻟﺒﺤﺘﺔ واﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني. َ اﻟﺸﺌﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻏري ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﻮر؛ ﻓﺜﻤﺔ إﻻ أن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ً ٍ وﻇﻴﻔﺔ؛ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﱪى ﻟﺴﻌﺎدة اﻹﻧﺴﺎن ،وﻫﻮ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻣﺮ ﻳﺤ ﱢﺮ ُﻛﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد وﻳﺸ ﱢﻜﻞ ً وﻇﻴﻔﺔ ﻳﻌﺎﻧﻮن أﺷﺪ املﻌﺎﻧﺎة؛ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ وﻻ ﻳﺠﺪون ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاء اﻧﻌﺪا ِم اﻟﺪ ْ ﱠﺧﻞ ،وﻟﻜﻦ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺷﻌﻮرﻫﻢ ﺑﺘﻀﺎؤل ﻗﻴﻤﺘﻬﻢ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،وﻳﻤﺜﱢﻞ ﻫﺬا ِ ﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث اﻵن ﻣﻦ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ — ﻣﺴﺘﻤ ﱠﺮة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺳﺒﺒًﺎ رﺋﻴﺴﻴٍّﺎ ﻣﻨﺬ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات — ﺑﺎملﺄﺳﺎة. ﻣﺎ ﻣﺪى ﺧﻄﻮر ِة ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ؟ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ َ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺔ. ﻻ ﺷ ﱠﻚ أن ﻣﺎ ﻳﺜري اﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ »اﻟﻘﴪﻳﺔ«؛ ﻓﻤَ ﻦ ﻻ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻷﻧﻬﻢ اﺧﺘﺎروا ﻋﺪ َم اﻟﻌﻤﻞ ،أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻋﺪم اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮق — ﻣﻦ املﺘﻘﺎﻋِ ﺪﻳﻦ اﻟﺮاﺿني ﺑﻮ ْ َﺿﻊ اﻟﺘﻘﺎﻋُ ﺪ ،أو اﻷزواج واﻟﺰوﺟﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﻗ ﱠﺮروا اﻟﺘﻔ ﱡﺮغ ﻹدارة املﻨﺰل — ﻻ ﻳﻌﻨﻮﻧﻨﺎ ،وﻻ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ٍ املﻌﺎﻗﻮن ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻋﺠْ ُﺰﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ أﻣ ًﺮا ِ ﻣﺸﻜﻼت اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ. ﻣﺆﺳ ًﻔﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ وﻟﻴ َﺪ 33
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺷﺨﺺ ﻃﺎملﺎ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻣَ ﻦ ﻳﺰﻋﻤﻮن أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﳾء ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻘﴪﻳﺔ ،وأن أيﱠ ٍ وﻇﻴﻔﺔ إذا ﻛﺎن راﻏﺒًﺎ ٍّ ً ﱡ ﻳﺨﺘﺺ ﺣﻘﺎ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ وﻟﻴﺲ ﺻﻌﺐ اﻹرﺿﺎء ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺠ َﺪ ﻣﺜﻼ ﺷﺎرون أﻧﺠﻞ — ﱠ ﺑﺎﻷﺟﺮ أو ﻇﺮوف اﻟﻌﻤﻞ .ﻫﻨﺎك ً املﺮﺷﺤﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ملﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ — اﻟﺘﻲ أﻋ َﻠﻨَﺖ ﰲ ٢٠١٠أن اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ »ﻣﺪ ﱠﻟﻠﻮن«؛ وأﻧﻬﻢ اﺧﺘﺎروا أن ﻳﺘﻌﻴﱠﺸﻮا ﻣﻦ ً ِ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ .وﻟ َﺪﻳْﻨﺎ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻟﻠﺘﺠﺎرة اﻟﺬﻳﻦ َﺳﺨِ ﺮوا إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ِ اﺳﺘﻤﺎرات ﺑﻮاﺑﻞ ﻣﻦ ﻣﻦ املﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ املﻨﺎﻫِ ﻀني ﻟﻠﺘﻔﺎوت ﰲ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،٢٠١١وأﻣﻄﺮوﻫﻢ ٍ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻄﺎﻋﻢ ﻣﺎﻛﺪوﻧﺎﻟﺪز .وﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ً ِ أﻳﻀﺎ ﺧﱪاء اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻣﻦ أﻣﺜﺎل اﻟﺘﻘﺪﱡم ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ ﻛﻴﴘ ﻣﻮﻟﻴﺠﺎن ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ،اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﻋﺪدًا ﻣﻦ املﻘﺎﻻت ملﻮﻗﻊ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ َ أﴏﱠ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﱠ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺎ ﱠد ﰲ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺑﻌﺪ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎم ٢٠٠٨ﻳﻌﻜﺲ ﺗﻀﺎؤ َل أن اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،وﻟﻴﺲ اﻧﻌﺪام ُﻓ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ. ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺮ ﱡد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻋﲆ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﻓﻘﺮ ٍة ﰲ ﻣﺴﺘﻬ ﱢﻞ رواﻳﺔ »ﻛﻨﺰ ﺳﻴريا ﻣﺎدري« )اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬَ َﺮ اﻟﻔﻴﻠﻢ ا ُملﻘﺘﺒَﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎم ،١٩٤٨ﻣﻦ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻫﻤﻔﺮي ﺑﻮﺟﺎرت وواﻟﱰ ﻫﻴﻮﺳﺘﻦ(: ً وﻇﻴﻔﺔ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ .ﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ ﺷﺨﺺ ﻣﺴﺘﻌِ ﱟﺪ ﻟﻠﻌﻤﻞ وﺟﺎ ﱟد ﰲ ذﻟﻚ ،ﺳﻮف ﻳﺠ ُﺪ »أيﱡ ٍ ً إﱃ ﻣَ ﻦ ﻳﻘﻮل ﻟﻚ ﻫﺬا؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ وﻇﻴﻔﺔ ﻳﻘﺪﱢﻣﻬﺎ ﻟﻚ ،وﻻ ﻳﻌﺮف أﺣﺪًا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺪ ﱠﻟﻚ ﻋﲆ َ َ َ اﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﺒﺔ، اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ وﻇﻴﻔﺔ ﺷﺎﻏﺮة؛ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﰲ أﻧﻪ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﻫﺬه ﻈﻬﺮ ﻣﺪى ﻗﺼﻮر ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ«. املﺤﺒﺔ اﻷﺧﻮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗُ ِ ِ ﺑﺎﺳﺘﻤﺎرات اﻟﺘﻘ ﱡﺪ ِم ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻟﺪى ﻣﺎﻛﺪوﻧﺎﻟﺪز، ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﻓﺈﻧﻪ ﰲ أﺑﺮﻳﻞ ،٢٠١١أﻋﻠﻨ َ ْﺖ ﻣﺎﻛﺪوﻧﺎﻟﺪز ﻋﻦ َ ٥٠ ِ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪة ،وﺗﻘ ﱠﺪ َم ﻟﻬﺎ ﻧﺤﻮ أﻟﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ. َ ٍ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻘﴪﻳﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﺴﻮف ﺗﻌﺮف أن ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،إذا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻟﺪﻳﻚ أيﱡ ٍ ٌ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وأﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒرية ﺟﺪٍّا. ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻘﴪﻳﺔ؟ وإﱃ أيﱢ ﻣﺪًى َ ْ اﻟﻮﺿﻊُ؟ ﺗﻔﺎﻗ َﻢ اﺳﺘﻄﻼع ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻣﻘﻴﺎس اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺬي ﺗﺴﻤﻊ ﺑﻪ ﻋﺎد ًة ﰲ اﻷﺧﺒﺎر إﱃ ٍ ﻳُﺴﺄَل ﻓﻴﻪ اﻟﺒﺎﻟﻐﻮن ﻋﻤﱠ ﺎ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن أو ﺟﺎدﱢﻳﻦ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ؛ ﻓﺎﻟﺒﺎﺣﺜني ﻋﻦ ﻋﻤﻞ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺸﻐﻠﻮن وﻇﺎﺋﻒ ﻫﻢ ﻣَ ﻦ ﻳُﻌﺘَ َﱪون ﻋﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ .وﰲ دﻳﺴﻤﱪ ،٢٠١١ ٍ ﺑ َﻠ َﻎ ﻋﺪ ُد اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻫﺬا املﻨﻄﻠﻖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٣ﻣﻠﻴﻮن أﻣﺮﻳﻜﻲ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ٦٫٨ﻣﻼﻳني ﻋﺎم .٢٠٠٧ 34
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
ﻏري أﻧﻚ إذا أﻋﻤ ْﻠ َﺖ ﻓِ ْﻜ َﺮ َك ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ ،ﻓﺴﺘﺠﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ ﻳُﻐﻔﻞ ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﻧﺐ املﺆملﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ؛ ﻓﻤﺎذا ﻋﻤﱠ ﻦ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻏري ﻋﻤﻞ ﻳﺴﻌﻮن ﰲ ﻃﻠﺒﻬﺎ ،وإﻣﺎ ﻷن ﻃﻮل ﺟﺎدﱢﻳﻦ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ؛ إﻣﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم وﺟﻮد ُﻓ َﺮص ٍ اﻟﺒﺤﺚ دون ﺟﺪوى ﻗﺪ ﺛﺒﱠ َ ﻂ ﻫِ ﻤَ ﻤَ ﻬﻢ؟ وﻣﺎذا ﻋﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺪوا ٍم ِ ﻛﺎﻣ ٍﻞ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺠﺪوا ﺳﻮى وﻇﺎﺋﻒ ﺑﺪوا ٍم ﺟﺰﺋﻲ؟ ﻳﺤﺎول املﻜﺘﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻹﺣﺼﺎءات اﻟﻌﻤﻞ ﱟ ﻣﻘﻴﺎس أﺷﻤﻞ ﻋﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻣﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ »ﻳﻮ ،«٦وﻳﺸري ُﺪرج ﻫﺆﻻء اﻟﺘﻌﺴﺎء ﺿﻤﻦ ٍ أن ﻳ ِ َ إﱃ أن ﻫﺬا املﻘﻴﺎس اﻷﺷﻤﻞ ﻛﺸ َ ﻒ وﺟﻮد ﻧﺤﻮ ٢٤ﻣﻠﻴﻮن أﻣﺮﻳﻜﻲ ِ ﻋﺎﻃﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ — ﻣﺎ ﻳﺴﺎوي ﻧﺤﻮ ١٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ — أي ﻗﺮاﺑﺔ ﺿﻌﻒ ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ. ﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻫﺬا املﻘﻴﺎس َ أﺧﻔ َﻖ ﰲ اﻟﺘﻌﺒري ﻋﻦ ﺷﺪة املﺤﻨﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺗﻀ ﱡﻢ ﻣﻌﻈ ُﻢ اﻷ ُ َﴎ زوﺟني ِ ﻋﺎﻣ َﻠ ْني؛ وﻫﺬه اﻷ ُ َﴎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪﻳﻦ املﺎدي َ ً ﺗﻐﻄﻴﺔ ﻋﺎﻃﻼ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ .وﺛﻤﺔ ﻋﻤﱠ ﺎل ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺎوﻟﻮن واﻟﻨﻔﴘ إذا أﺻﺒَﺢَ أﺣ ُﺪ اﻟﺰوﺟني ٍ وﻇﻴﻔﺔ ﺛﺎﻧﻴ ٍﺔ ،واﻵن ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺳﻮى وﻇﻴﻔﺔ واﺣﺪة ﻏري ﻛﺎﻓﻴﺔ، ﻧﻔﻘﺎت ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﰲ أو ﻛﺎﻧﻮا ِ أﺟﺮ اﻟﻮﻗﺖ اﻹﺿﺎﰲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻣﺘﺎﺣً ﺎ .ﺛﻤﺔ ﻣﺸﺘﻐﻠﻮن ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﲆ ِ اﻟﺤﺮة ﺷﻬﺪوا ﺗﻘ ﱡﻠ ً ﺼﺎ ﰲ دﺧﻠﻬﻢ ،وﻋﻤﱠ ﺎ ٌل ﻣَ ﻬَ ﺮة اﻋﺘﺎدوا اﻟﺤﺼﻮ َل ﻋﲆ وﻇﺎﺋﻒ ﺟﻴﺪة ،ﻟﻜﻨﻬﻢ أﻋﻤﺎل ﻻ ﺗﻮ ﱢ ﻇﻒ أﻳٍّﺎ ﻣﻦ ﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ؛ واﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺗﻄﻮل. اﺿﻄﺮوا اﻵن ﻟﻘﺒﻮل ٍ املﺤﺎﴏﻳﻦ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻬﻮاﻣﺶ رﺳﻤﻲ ﻟﻌﺪد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻘﺪﻳ ٌﺮ ﱞ َ ِ ُ ﻣﻨﻈﻤﺔ رأي أﺟ َﺮﺗْﻪ املﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ،٢٠١١أﻇﻬَ َﺮ اﺳﺘﻄﻼ ُع ٍ اﻻﻗﱰاع »دﻳﻤﻮﻛﺮاﳼ ﻛﻮر« ﺑني اﻟﻨﺎﺧﺒني املﺮﺟﱠ ﺤني — ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻳﺮﺟﱠ ﺢ أﻧﻬﺎ أﻓﻀﻞ ً ﺣﺎﻻ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻛﻜ ﱟﻞ — أن َ ﴎﻫﻢ، ﺛﻠﺚ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺗﻌ ﱠﺮﺿﻮا ،إﻣﺎ ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ وإﻣﺎ أﺣﺪ أﻓﺮاد أ ُ َ ِ ﺷﺨﺼﺎ َ إﱃ ﻓﻘﺪان وﻇﻴﻔﺔ ،وأن ﺛﻠﺜًﺎ َ ﻓﻘ َﺪ وﻇﻴﻔﺘﻪ .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺗﻌ ﱠﺮ َ ً ض ﻣﺎ آﺧﺮ ﻳﻌﺮف ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ٤٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷ ُ َﴎ إﱃ ﺧﻔﺾ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ أو اﻷﺟﻮر أو املﺰاﻳﺎ اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ. ُ ُ واﺳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر .ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ِ اﻟﻘﺼﺔ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ؛ إذ ﴐﺑﺖ اﻷﴐا ُر ﺗﻨﺘﻪ إذَ ْن ،ﻓﺎملﻌﺎﻧﺎة ً ﻋﻤﻴﻘﺎ ﰲ ﺣﻴﺎة ﻣﻼﻳني اﻟﺒﴩ. اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺘﺪﻫﻮر ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﺣﻴﺎة ﺧﺮﺑﺔ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺛﻤﺔ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎد ﱠ ودﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ ﻣﺜﻞ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻌﻘ ٍﺪ ﱟ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﴩﻛﺎت ،وﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﺸﻠﻬﺎ ﰲ اﺧﺘﻔﺎء ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؛ ﻓﻤﻊ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﻤ ﱡﺮ ﺗﻔﺸﻞ 35
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ،ﰲ ﺣني ﺗﻨﻤﻮ ﴍﻛﺎت أﺧﺮى ،وﺗﺤﺘﺎج إﱃ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﻮﻇﻔني .ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻘﻴﻞ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﱢ أو ﻳ َ وﻳﻌني أرﺑﺎبُ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﺑﺪﻻءَ ﻟﻬﻢ .وﰲ ﻋﺎم ُﻔﺼﻠﻮن ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻷﺳﺒﺎب ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ، ،٢٠٠٧ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ ﰲ وﺿﻊ ﺟﻴﺪ ﺟﺪٍّا ،اﺳﺘﻘﺎ َل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٠ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ أو ُﻓ ِﺼﻞ ﻣﻨﻪ ،ﰲ ﺣني ُو ﱢ ﻇﻒ ﻋﺪد أﻛﱪ ﻣﻦ ذﻟﻚ. ً ﻣﻮاﺗﻴﺔ؛ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻌﻨﻲ أن ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻳﺒﻘﻰ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻈﺮوف ﻷﻧﻪ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻐﺮق اﻟﻌﻤﱠ ﺎل املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﻮن وﻗﺘًﺎ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ وﻇﻴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،أو ﻗﺒﻮل ﻋﺮض وﻇﻴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪة .وﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ،ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻼﻳني ﻋﺎﻣﻞ ﻋﺎﻃﻞ ﻋﻦ ري .ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺧﺮﻳﻒ ،٢٠٠٧ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﺎن ﻣﺰدﻫ ًﺮا إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﺛﻤﺔ املﻼﻳني ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ذروة ﻃﻔﺮة ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ، ﺷﺨﺺ ﺗُﺤﺪِث ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﴩت دﻋﺎﺑﺔ أن ﻛ ﱠﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺠﺘﺎز »اﺧﺘﺒﺎر املﺮآة« — ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن أيﱠ ٍ ً ُ ﻋﻤﻞ. أﻧﻔﺎﺳﻪ ﺑﺨﺎ ًرا ﻋﲆ املﺮآة، ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻴٍّﺎ — ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ٍ ُ ً ً ﻣﺆﻗﺘﺔ؛ ﻓﻔﻲ أوﻗﺎت اﻟﺮﺧﺎء، ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ إﻻ أﻧﻪ ﰲ أوﻗﺎت اﻟﺮﺧﺎء ﺗﻜﻮن ﻳﻜﻮن ﺛﻤﺔ ِﺷﺒﻪ ُ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻤﻞ وﻋﺪد ُﻓ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ؛ ﺗﻮاﻓ ٍﻖ ﺑني ﻋﺪد اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻋﻦ ٍ ٍ ري .ﻓﻤﻦ ﺑني ﻋﺪد اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻣﻼﻳني أﻛﺜ ُﺮ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﻋﲆ وﻇﻴﻔﺔ ﺑﴪﻋﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ أﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،ﻇ ﱠﻞ أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ ُ ً ﻋﺎﻃﻼ ملﺪة ﺗﺼﻞ إﱃ ﺳﺘﺔ اﻟﺨﻤﺲ ً ﻋﺎﻃﻼ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ملﺪة ﻋﺎم أو أﻛﺜﺮ. أﺷﻬﺮ ،وﻇ ﱠﻞ أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ اﻟﻌُ ْﴩ ﻋﻤﻞ ﻣﻘﺎ ِﺑﻞ ﱠَ وﺗﻐري ﻫﺬا اﻟﻮﺿ ُﻊ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻨﺬ ﺣﺪوث اﻷزﻣﺔ ،ﻓﺤﺎﻟﻴٍّﺎ ﺛﻤﺔ أرﺑﻌﺔ ﺑﺎﺣﺜني ﻋﻦ ٍ ً ً ﺑﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻛ ﱢﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻤﻞ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻘﺪ وﻇﻴﻔﺘﻪ ﻳﺠﺪ ﻋﲆ وﻇﻴﻔﺔ أﺧﺮى .وﺛﻤﺔ ﺳﺘﺔ ﻣﻼﻳني أﻣﺮﻳﻜﻲ — أيْ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ أﻣﺜﺎل اﻟﻌﺪد ﻋﺎم — ٢٠٠٧ﻋﺎﻃﻠﻮن ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ أو أﻛﺜﺮ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻇ ﱠﻞ أرﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳني ﻋﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ملﺪ ٍة ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻋﺎم ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن اﻟﻌﺪد ٧٠٠أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻓﻘﻂ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ. وﻫﺬه ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﺟﺪﻳﺪ ًة ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﲆ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،وأﻧﺎ أﻗﻮل »ﺗﻜﺎد« ﻣﺘﻔﺸ ً ﱢ ﻴﺔ ﺑﻼ ﺷﻚ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أﺛﻨﺎء اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري، ﻷن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻜ ﱠﺮ ْر ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني؛ ﻓﻤﻨﺬ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ٍ ٍ ﻣﺤﺎﴏﻳﻦ ﰲ ِ َ داﺋﻤﺔ. ﺑﻄﺎﻟﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﺒري ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني أﻧﻔﺴﻬﻢ ِﺷﺒﻪ ُ ُ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﺟﺮﺣً ﺎ ﻏﺎﺋ ًﺮا ﰲ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ أي ﻣﻜﺎن ،وﰲ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺗﺨ ﱢﻠﻒ دوﻟﺔ ﻣﺘﻘﺪ ٍ ٍ ﱢﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — ﺣﻴﺚ ﺷﺒﻜﺔ اﻷﻣﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أﺿﻌﻒ ﻣﻦ ﻣﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﰲ أيﱢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ إﱃ ﻛﺎﺑﻮس؛ ﻓﻐﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ْ ٍ ﻓﻘ ُﺪ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ أﺧﺮى — ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ أن ﺗﺘﺤﻮﱠل 36
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
ﺧﺴﺎر َة اﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ .وﺗُ َ ﺴﺘﻨﻔﺪ إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز ﻋﺎد ًة ﻧﺤﻮ ﺛﻠﺚ اﻟﺪﺧﻞ ٌ ٌ ﻃﻔﻴﻒ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻧﺨﻔﺎض املﻔﻘﻮد ﰲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال .وﻋﲆ ﻣﺪار ،٢٠١١-٢٠١٠ﺣﺪث اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،إﻻ أن ﻋﺪد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﱠ َ ٍ ﺑﻄﺎﻟﺔ إﻋﺎﻧﺔ ﻳﺘﻠﻘﻮن ﻒ .وﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﺗﺘﺪﻫﻮر اﻷوﺿﺎ ُع املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸ ُ َﴎ؛ إذ ﺗُﺴﺘَﻨ َﺰف ﻣﺪ َ ﻗﺪ ﺗﻀﺎﻋَ َ ﱠﺧﺮاﺗُﻬﺎ، وﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ دﻓﻊ اﻟﻔﻮاﺗري ،وﺗﻔﻘﺪ ﺑﻴﻮﺗﻬﺎ. ﺑﻮﺿﻮح وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﳾء؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أﺳﺒﺎب اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﺗﻜﻤﻦ ٍ ٍ وﻓﺸﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت — وﻫﻲ أﻣﻮر ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﺳﻴﻄﺮة ﻇﺮوف ذات ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎدِ اﻟﻜﲇ ﰲ ِ أي ﺷﺨﺺ — ﻓﺈن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻘﻲ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻣﻦ اﻟﻮ ْ َﺻﻢ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﺆدﱢي ﻗﻀﺎءُ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ دون ﻋﻤﻞ إﱃ ﺗﺂ ُﻛ ِﻞ ﻣﻬﺎرات اﻟﻌﻤﻞ ٍّ ﺣﻘﺎ ،وﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﻚ ﺧﻴﺎ ًرا ﻏري ِ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﺘﻮﻇﻴﻒ؟ وﻫﻞ ﺗﺸري ُ ً ً ﻃﻮﻳﻠﺔ إﱃ أﻧﻚ َ َ ﻛﻨﺖ ِ ﻓﺎﺷ ًﻼ ﰲ اﻷﺳﺎس؟ رﺑﻤﺎ ﻻ ﻋﺎﻃﻼ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﱰ ًة ﻇﻠﻠﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮﻧ َﻚ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ »ﻳﻌﺘﻘﺪون« أﻧﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ َ ﻓﻘﺪت وﻇﻴﻔﺘﻚ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻓﺴﻴﻜﻮن اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻢ؛ ﻓﺈذا ً َ ﻋﺎﻃﻼ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﻇﻠﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺟﺪٍّا اﻟﻌﺜﻮ ُر ﻋﲆ وﻇﻴﻔﺔ أﺧﺮى ،وإذا ﻓﺴﻮف ﺗُﻌﺘَ َﱪ ﻣﻤﱠ ْﻦ ﻳﺘﻌﺬﱠر ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﻢ. ُ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ اﻟﴬ َر اﻟﻼﺣﻖ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني؛ ﺳﺘﺪرﻛﻮن ﻣﺎ وأﺿﻴﻒ إﱃ ِ ﺷﺨﺼﺎ َ ً ﺑﱤ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ؛ ﻓﺤﺘﻰ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻤ ﱡﺮ أﻋﻨﻴﻪ إذا ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﺮﻓﻮن وﻗ َﻊ ﰲ ِ َ ٍ ﺑﻀﺎﺋﻘﺔ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺼﻔﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﻛﺮاﻣﺘﻪ واﺣﱰاﻣﻪ ِﻟﺬاﺗﻪ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺪﻣﱢ َﺮه ،وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﺗﺰداد اﻷﻣﻮر ﺳﻮءًا إذا ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺿﺎﺋﻘﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺪﱠث ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻋﻦ ٍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻔﺎدُﻫﺎ أن اﻟﺴﻌﺎدة ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺑﻘﻮ ٍة ﻋﲆ ﺷﻌﻮر املﺮء ﺑﺄﻧﻪ »أﺑﺤﺎث اﻟﺴﻌﺎدة« ،أ ﱠﻛ َﺪ ﻋﲆ ﻳﻤﻠﻚ زﻣﺎم أﻣﺮه .ﻓ ﱢﻜﺮوا ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻌﻤﻞ ،وﻟﻜﻦ ﺗﻤﴤ ﺷﻬﻮ ٌر ﻋﺪﻳﺪة دون أن ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﺜﻮ َر ﻋﲆ وﻇﻴﻔﺔ ،أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻬﺎوى اﻟﺤﻴﺎ ُة اﻟﺘﻲ ﺑَﻨَﻴْﺘَﻬﺎ ﻷن ﻧﻘﻮدك ﺗﻨﻔﺪ؛ ﻓﻼ ﻋﺠﺐ أن ﺗﺸري اﻟﺪﻻﺋﻞ إﱃ أن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﺗﻔﴤ إﱃ اﻟﻘﻠﻖ واﻻﻛﺘﺌﺎب اﻟﻨﻔﴘ. ً وﻇﻴﻔﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮن ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻫﻨﺎك ﻣﺤﻨﺔ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﻐﻠﻮا ﻋﺎ َﻟ َﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﻷول ﻣﺮةٍّ . ﺣﻘﺎ ،ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ وﻗﺖ ﻋﺼﻴﺐ ﻟﻠﺸﺒﺎب! ﻓﻤﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑني اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﺸﺎﺑﺔ — ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﴩاﺋﺢ اﻟﺪﻳﻤﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ اﻧﺤﴪ ً — ﺗﻀﺎﻋَ َ ْ وﻟﻜﻦ ﺣﻴﺚ إن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑني اﻟﺸﺒﺎب ﻗﻠﻴﻼ، ﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ أﻋﻘﺎب اﻷزﻣﺔ ،ﺛﻢ َ َ 37
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
أﻋﲆ ﻣﻦ ﻧﻈريﺗﻬﺎ ﺑني اﻷﻛﱪ ﺳﻨٍّﺎ ﺣﺘﻰ ﰲ أوﻗﺎت اﻟﺮﺧﺎء ،ﻓﻘﺪ اﻧﻌ َﻜ َﺲ ذﻟﻚ ﻋﲆ زﻳﺎد ٍة أﻛﱪَ ً ﻧﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ. ري ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑﻜﺜ ٍ واﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﱠ ﺗﻮﻗ َﻊ املﺮءُ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا اﻷﻗﺪ َر ﻋﲆ اﻟﺼﻤﻮد ﰲ وﺟﻪ اﻷزﻣﺔ اﻷﺧرية — ِﻟ َﻜﻮﻧﻬﻢ ﺣﺪﻳﺜِﻲ اﻟﺘﺨ ﱡﺮج ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ،وﻳُﻔﱰَض أﻧﻬﻢ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﻣﻦ املﻌﺮﻓﺔ واملﻬﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺒُﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻪ ﻏريﻫﻢ — ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ آﺛﺎرﻫﺎ ﺑﺄي ﺟﺰﺋﻲ ﺑﻊ اﻟﺨﺮﻳﺠني اﻟﺠﺪد إﻣﺎ ﻋﺎﻃﻠﻮن ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ وإﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺪوا ٍم ﱟ ﺣﺎل؛ ﻓﻘﺮاﺑﺔ ُر ِ َ ٌ وﻇﺎﺋﻒ ﺑﺪوا ٍم اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻠﺤﻮظ ﰲ اﻷﺟﻮر ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣَ ﻦ ﻳﺸﻐﻠﻮن ﻓﻘﻂ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻛﺎﻣﻞ؛ وذﻟﻚ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﻷن ﻛﺜريﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ اﺿﻄﺮوا إﱃ ﻗﺒﻮل وﻇﺎﺋﻒ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ اﻷﺟﺮ ﻻ ٍ ﺗﻮ ﱢ ﻇﻒ ﻣﺴﺘﻮاﻫﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ. ﺛﻤﺔ ﳾء َ آﺧﺮ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺤﺎدة ﰲ ﻋﺪد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﺗﱰاوح أﻋﻤﺎ ُرﻫﻢ ﺑني أرﺑﻌﺔ وﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ وأرﺑﻌﺔ وﺛﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻣﻊ ذوﻳﻬﻢ؛ وﻻ ﱢ ﻳﻌﱪ ذﻟﻚ ﻋﻦ ٍ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﰲ ﺗﻔﺎﻧِﻲ اﻷﺑﻨﺎء ،ﺑﻞ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﱢ اﻧﺨﻔﺎض ﺟﺬريﱟ ﰲ ُﻓ َﺮص اﻟﻌﻴﺶ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﺻﺤﻮ ٍة ٍ ﰲ ﻏري َﻛﻨَﻒ ذوﻳﻬﻢ. ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﻣُﺤ ِﺒﻂ ﺟﺪٍّا ﻟﻠﺸﺒﺎب؛ ﻓﻤﻦ املﻔﱰض أن ﻳَﻤْ ﻀﻮا ﻗﺪﻣً ﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ وَﺟﺪوا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ وﺿﻊ اﻻﻧﺘﻈﺎر ،وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﻬﱡ ﻢ ﻗﻠﻖ اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ؛ ﻓﻤﺎ ﻣﺪى اﻟﺘﺄﺛري اﻟﺬي ﺳﺘﺨ ﱢﻠﻔﻪ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﻢ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ؟ َ ﻳﺘﻌﺎﻓﻮا ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﺤﻆ اﻟﺬي أﺻﺎﺑﻬﻢ ﺣني ﺗﺨ ﱠﺮﺟﻮا ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻫﺬا ﻣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻻﺿﻄﺮاب؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻦ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا أﺑﺪًا؛ ﻓﻘﺪ ﻋﻘﺪ ْ َت ﻟﻴﺰا ﻛﺎن — اﻟﺨﺒرية اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻹدارة ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ — ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑني املﺴﺎر املِ ﻬَ ﻨﻲ ﻟﺨﺮﻳﺠﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﻠﻮا ٍ ﺳﻨﻮات ﺷﻬﺪ َِت ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﺑني اﻟﺨﺮﻳﺠني ﰲ أوﻗﺎت ﻋﲆ ﺷﻬﺎداﺗﻬﻢ ﰲ ري ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻻزدﻫﺎر؛ وﻛﺎن أداءُ ﺧﺮﻳﺠﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ أﺳﻮأ َ ﺑﻜﺜ ٍ اﻟﺘﻲ ﺗ َﻠ ِﺖ اﻟﺘﺨ ﱡﺮجَ ،وﻟﻜﻦ ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰات اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ املﺎﺿﻴﺔ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻗﺼري ًة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻣﻘﺎ َر ً ِ ﻧﺔ ﺑﻤﺎ ﻧﺸﻬﺪه اﻵن؛ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ أن اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ َِت ارﺗﻔﺎ َع ري ﻫﺬه اﻟﴬ َر اﻟﺬي ﺳﻴﻠﺤﻖ ﺑﺤﻴﺎة اﻟﺸﺒﺎب اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﺳﻴﻜﻮن أﻛﱪَ ﺑﻜﺜ ٍ املﺮة.
38
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻨﻘﻮد؟ ﻫﻞ أﺗﻰ أﺣ ٌﺪ ﻋﲆ ذِ ْﻛﺮ اﻟﻨﻘﻮد؟ أﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ ﻟﻢ أذﻛﺮﻫﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻟﻴﺲ ً ُ ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﻤﺪٍ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻤ ﱡﺮ ﺑﻬﺎ ﺗﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ إﱃ ﴏاﺣﺔ ،وﻗﺪ ري ﺑﺎﻷﺳﻮاق واﻟﻨﻘﻮد — واﻟﻔﺸﻞ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻮد وإﻧﻔﺎﻗﻬﺎ — ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﻛﺎرﺛﻲ ﻫﻮ اﻟﺒُﻌْ ﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ. ﺑﺎملﺴﺄﻟﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﱟ وﺑﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﺗﻄ ﱠﺮﻗﻨﺎ إﱃ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻓﺄو ﱡد أن أﺷري إﱃ أﻧﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ. أﻛﺜﺮ املﻘﺎﻳﻴﺲ املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﻟﺘﺘﺒﱡﻊ املﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎم ﻟﻸداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻫﻮ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،وﻫﻮ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت املﻨﺘﺠﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻣﺎ، ﱡ اﻟﺘﻀﺨ ِﻢ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر .وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﻤﻴﺔ اﻷﺷﻴﺎء )واﻟﺘﻲ ﻣﻊ أﺧﺬ ِ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل( اﻟﺘﻲ ﻳُﻨﺘﺠﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﰲ ﻓﱰة زﻣﻨﻴﺔ ﻣﺤﺪﱠدة .وﺣﻴﺚ إن ﺗﺸﻤﻞ اﻟﺪﺧﻞ ﻳﺄﺗﻲ ِﻣﻦ ﺑَﻴﻊ اﻷﺷﻴﺎء ،ﻳﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ً َ املﻜﺘﺴﺐ ،اﻟﺬي ﻳﺤﺪﱢد ﺣﺠ َﻢ أﻳﻀﺎ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻜﻌﻜﺔ ا ُمل ﱠ ﻘﺴﻤﺔ ﺑني اﻷﺟﻮر واﻷرﺑﺎح واﻟﴬاﺋﺐ. ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،ﻛﺎن ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﱰاوح ﻣﺎ ﺑني ٢و ٢٫٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ؛ وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻘﺪرة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻨﻤﻮ ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﺰﻣﻦ؛ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻛﺎن ﺛﻤﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل املﺴﺘﻌِ ﺪﱢﻳﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،واملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻵﻻت واملﻨﺸﺂت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ،واملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ املﺘﻄﻮرة املﺘﺎﺣﺔ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام .ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ اﻧﺘﻜﺎﺳﺎت ﻋَ َﺮﺿﻴﺔ — ﻓﱰات رﻛﻮد — ﻳﻨﻜﻤﺶ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ أن ﻳﻨﻤﻮ؛ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﱄ ﺳﺄﺗﻨﺎول ﺳﺒﺐ ﺣﺪوث ذﻟﻚ وﻛﻴﻔﻴﺘﻪ ،ﻏري ﻟﻔﱰة وﺟﻴﺰة ً دﻓﻘﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻮ ﺳﺎﻋﺪ ْ ٌ َت وﻃﻔﻴﻔﺔ ،وﺗﻠﺘﻬﺎ أن ﻫﺬه اﻻﻧﺘﻜﺎﺳﺎت ﻛﺎﻧﺖ — ﻋﺎد ًة — ﻗﺼري ًة اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﻋﲆ ﺗﻌﻮﻳﺾ ﻣﺎ ﻓﻘﺪه ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺳﺐ. ٍ اﻧﺘﻜﺎﺳﺔ ﻣ ﱠﺮ ﺑﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻨﺬ اﻟﻜﺴﺎد ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ اﻷﺧرية ،ﻛﺎﻧﺖ أﺳﻮأ اﻟﻜﺒري ﻫﻲ »اﻟﺮﻛﻮد املﺰدوج« ﻓﻴﻤﺎ ﺑني ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩٧٩و ،١٩٨٢اﻟﺬي ﺗَﻤﺜ ﱠ َﻞ ﰲ دورﺗني ﺗﻮﺳ َ ﻣﺘﻼﺣﻘﺘني ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد ،واﻷﺟﺪر أن ﻳُﻨ َ ﻈﺮ إﻟﻴﻬﻤﺎ ﻋﲆ أﻧﻬﻤﺎ دور ُة رﻛﻮ ٍد واﺣﺪة ﱠ ﻄﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺬﺑﺬب .ﰲ أﺷﺪ ﻣﺮاﺣﻞ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد — ﰲ أواﺧﺮ ﻋﺎم — ١٩٨٢اﻧﺨﻔﺾ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﻦ اﻟﺬروة اﻟﺘﻲ َ وﺻ َﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﻓﱰة اﻻزدﻫﺎر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،إﻻ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﺳﱰ ﱠد ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ ﺑﻘﻮةٍ ،ووﺻﻞ ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ إﱃ ٧ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار 39
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﻌﺎﻣني اﻟﺘﺎﻟﻴني — ﻓﻴﻤﺎ أُﻃﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ »ﻃﻠﻮع اﻟﻨﻬﺎر ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة« — ﺛﻢ ﻋﺎد إﱃ ﻣﺴﺎره اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. ﻛﺎن اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻜﺒري — وﻫﻮ اﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺬي أﺻﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻴﻤﺎ ﺑني ﻧﻬﺎﻳﺎت ﻋﺎم ٢٠٠٧وﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﺎم ،٢٠٠٩ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻘ ﱠﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎد — أﻛﺜ َﺮ ﺷﺪ ًة وﺣ ﱠﺪ ًة؛ إذ ﺗﺮاﺟَ َﻊ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﴩ ﺷﻬ ًﺮا ،إﻻ أن اﻷﻫﻢ ٍ ﺗﻌﺎف ﻗﻮيﱞ ،ﺑﻞ إن ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ ﻛﺎن أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻨﺬ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ري ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ. اﻟﺮﻛﻮد رﺳﻤﻴٍّﺎ ،وﺗﻮ ﱠﻟ َﺪ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻧﺎﺗِﺞٌ اﻗﺘﺼﺎديﱞ أﻗ ﱡﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﻳُﺼﺪِر ﻣﻜﺘﺐُ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ﻟﻠﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ »املﺤﺘﻤَ ﻞ« ،ﻳُﺴﺘﺨﺪَم ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،وﻳُﻌ ﱠﺮف ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻘﻴﺎس »اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺴﺘﺪام ،اﻟﺬي ﻻ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ وﻻ ﺗﻨﺘﻘﺺ ﻣﻨﻬﺎ «.ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺗﻀﻴﻒ ﻛﺜﺎﻓﺔ اﺳﺘﺨﺪام املﻮارد ﻓﻴﻪ إﱃ ﺿﻐﻮط اﻷﻣﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث إذا ﻋﻤﻞ املﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﻜﺎﻣﻞ ﻃﺎﻗﺘﻪ دون إﻧﻬﺎكٍ ؛ وﻫﻮ ﺗﻘﻴﻴﻢ إن ﺗﺘﺒﻌْ َﺖ ْ ملﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ وﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ،وﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻣﺎ ﺳﺘﺼﻞ إﻟﻴﻪ ْ وﺿ َﻊ اﻗﺘﺼﺎدِ ﱠ وﺗﻮﻗﻌْ َﺖ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻹﻧﺘﺎج اﻵن ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻨﻤ ﱡﻮ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﺎم ،٢٠٠٧ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﻋﲆ ﻣﻌﺪﻟﻪ املﺘﻮﺳﻂ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ. ﻳﺮى ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني أن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات ﻣﻀ ﱢﻠﻞ ،وأن ﻗﺪرﺗﻨﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﱠ ً ً ﻗﺎﺻﻤﺔ ،وﺳﻮف أﴍح ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺳﺒﺎبَ اﺧﺘﻼﰲ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺮأي .أﻣﺎ ﴐﺑﺔ ﺗﻠﻘ ْﺖ اﻵن ،ﻓﺪﻋُ ﻮﻧﺎ ﻧﺄﺧﺬ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات اﻟﺼﺎدرة ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻋﲆ ﻋِ ﱠﻼﺗﻬﺎ؛ ﺗﻘﴤ ﻫﺬه اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات ﺑﺄﻧﻪ أﺛﻨﺎء ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﻳﻌﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ﺑﺤﻮاﱄ ٧ﰲ املﺎﺋﺔ ،أو ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﻮل إن إﻧﺘﺎﺟﻨﺎ اﻟﺴﻨﻮي اﻟﺤﺎﱄ ﻳﻘ ﱡﻞ ﺣﻮاﱄ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ — وﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ — أن ﻧﻨﺘﺠﻪ. وﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ »اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ« ،أﻣﺎ إذا ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻣُﺠﻤَ َﻞ ﻣﺎ ﻓﻘﺪﻧﺎه ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺮﻛﻮد، ﻓﺴﻨﺠﺪ أن اﻟﻘﻴﻤﺔ املﻔﻘﻮدة ﺗﺼﻞ إﱃ ﻧﺤﻮ ٣ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر .وﻧﻈ ًﺮا ﻻﺳﺘﻤﺮار ﺿﻌﻒ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺰدا َد ﻫﺬا اﻟﺮﻗ ُﻢ ﻛﺜريًا .وﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺳﻨﻜﻮن ﻣﺤﻈﻮﻇني ﺟﺪٍّا إذا اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻓﻤﻦ َ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد ﺑﺨﺴﺎر ٍة ﺗﺮاﻛﻤﻴ ٍﺔ ﰲ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻗﺪرﻫﺎ ٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر اﺳﺘﻄﻌﻨﺎ »ﻓﻘﻂ«. ُ ﻓﻘﺎﻋﺔ وﻫﺬه ﻟﻴﺴﺖ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻋﲆ اﻟﻮرق ﻣﺜﻞ اﻟﺜﺮوة اﻟﺘﻲ ﺿﺎﻋَ ْﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻔﺠ َﺮ ْت ُ ً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ املﻘﺎم اﻷول .ﺑﻞ ﻧﺤﻦ ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ،اﻟﻠﺘﺎن ﻣﺜ ﱠ َﻠﺘَﺎ ﺛﺮو ًة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻹﻧﱰﻧﺖ أو ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻗﻴ ٍ ٍ ﱢﻤﺔ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ — ﺑﻞ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ — ﺗﺼﻨﻴﻌﻬﺎ وﻟﻢ ﺗُ َ ﺼﻨﱠﻊ، ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻫﻨﺎ ﻋﻦ 40
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
وأرﺑﺎح ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ — ﺑﻞ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ ً أﻳﻀﺎ — أن ﺗُ َ ﻜﺘﺴﺐ وﻟﻜﻨﻬﺎ أﺟﻮر ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ ٍ ٍ ﱠ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻗ ﱡ ﻂ ،وﺗﻠﻚ ٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر أو ٧ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر أو رﺑﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻌﻴﺪﻫﺎ ﻟﻢ أﺑﺪًا .ﺳﻴﺘﻌﺎﰱ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف — أو أن ﻫﺬا ﻣﺎ أﺗﻤﻨﱠﺎه — وﻟﻜﻨﻪ ﻋﲆ أﺣﺴﻦ اﻟﻔﺮوض ﺳﻴﻌﻮد إﱃ ﻣﺴﺎره اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻟﻦ ﻳﻌﻮﱢض ﻛ ﱠﻞ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻣﺘﺨ ﱢﻠ ًﻔﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ املﺴﺎر. وﻗﺪ ﺗﻌﻤﱠ ﺪ ُ ْت أن أﻗﻮل »ﻋﲆ أﺣﺴﻦ اﻟﻔﺮوض«؛ ﻷﻧﻪ ﺛﻤﺔ أﺳﺒﺎبٌ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ِ ﺿﻌﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺳﻮف ﻳُﻠﺤِ ﻖ ﴐ ًرا ﻛﺒريًا ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ. ﻃﻮ َل ﻓﱰة ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺿﺎﺋﻊ وﺳﻂ ﻛ ﱢﻞ اﻷﻋﺬار اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻴﻬﺎ ﻟﺘﱪﻳﺮ ﻋﺪم اﺗﺨﺎذ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻮﺿﻊ ﺣ ﱟﺪ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺴﺎد ،ﺛﻤﺔ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻣﺘﻜ ﱢﺮرة ﻋﲆ ﻟﺴﺎن املﺪاﻓﻌني ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺎﻋُ ﺲ ،ﻣﻔﺎدﻫﺎ أﻧﻨﺎ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ — ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻗﻮﻟﻬﻢ — إﱃ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻻ املﺪى اﻟﻘﺼري. وﻫﺬا ﻏري ﺻﺤﻴﺢ ﻋﲆ ﻋﺪة ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ً ﻻﺣﻘﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻓﻬﺬا اﻟﺰﻋﻢ ورﻓﺾ ﻟﺘﺤﻤﱡ ﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴ ِﺔ ﻓﻬْ ﻢ اﻟﻜﺴﺎد ﻳﻨﻄﻮي — ﰲ ﺟﻤﻠﺔ أﻣﻮر أﺧﺮى — ﻋﲆ ﺗﻨﺢﱟ ﻓﻜﺮيﱟ ٍ َ اﻷﺣﺪاث ﻏري اﻟﺴﺎرة ﻛﻠﻬﺎ ﺟﺎﻧﺒًﺎ وﻧﺘﺤﺪث ﻣﻐﺮ وﻳﺴريٌ أن ﻧﺰﻳﺢ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﱄ؛ ﻓﺈﻧﻪ َﻷﻣ ٌﺮ ٍ ٍ ﺑﺎﺳﺘﺨﻔﺎف ﻋﻦ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،إﻻ أن ذﻟﻚ ﻣﺴ َﻠ ُﻚ اﻟﻜﺴﺎﱃ واﻟﺠﺒﻨﺎء؛ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ﻳﻘﺼﺪه ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ أﺣﺪ أﺷﻬﺮ ﻣﻘﺎﻃﻌﻪ ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻫﺬا »املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ« دﻟﻴ ٌﻞ ﻣﻀ ﱢﻠ ٌﻞ ﻟﻸﺣﺪاث اﻟﺠﺎرﻳﺔ؛ »ﻓﻌﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ« ﺳﻨﻜﻮن ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﰲ ﻋﺪاد اﻷﻣﻮات، ً ً ﺳﻬﻠﺔ ﺟﺪﱠا — وﻻ ﻃﺎﺋ َﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﻬﻤﺔ وﺳﻴﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻗﺪ أﺧﺬوا ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻘﻬﻢ اﻹﻃﻼق — ْ إن ﻛﺎن ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺨﱪوﻧﺎ ﺑﻪ ﰲ املﻮاﺳﻢ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ،أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ُﴤ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﺳﻴﻌﻮد اﻟﺒﺤ ُﺮ ﻫﺎدﺋًﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ«. ﻣﻦ ﻣ ِ ﱢ ُ ﺗﺠﺎﻫ َﻞ املﻌﺎﻧﺎة اﻟﻜﺒرية اﻟﺘﻲ ﻳُﻠﺤِ ﻘﻬﺎ إن اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻓﺤﺴﺐ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻜﺴﺎ ُد اﻟﺤﺎﱄ ﺑﺎﻟﻨﺎس وﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻣﱢ ﺮﻫﺎ إﱃ ﻏري َرﺟﻌﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﺮءون ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮ َر. وﺻ ُ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﳾء؛ ﻓﺎملﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري — إذا ﺟﺎ َز ْ ﻒ رﻛﻮ ٍد ﰲ ﻋﺎﻣﻪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺑﺄﻧﻪ »ﻗﺼري املﺪى« — ﺗﴬﱡ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻨﺎ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻨﻮات ﻣﺘﻌﺪﱢدة. ﻟﻘﺪ ﺳﺒ ََﻖ أن ذﻛ ْﺮ ُت ﻗﻨﺎﺗني ﻣﻨﻬﺎ؛ اﻷوﱃ ﻫﻲ اﻟﺘﺄﺛري اﻟﻬﺪﱠام ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ؛ ً ﱡ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻏري ﻗﺎﺑﻠني ﻓﱰات اﻟﻈﻦ ﺑﺄن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻇ ﱡﻠﻮا ﻋﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺳﺎ َد 41
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻟﻠﺘﻮﻇﻴﻒ ،ﻓﻬﺬا ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻟﻠﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ َ ﻟﻘﺪرﺗﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ .وﻣﺤﻨﺔ ﺧﺮﻳﺠﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت املﻀﻄﺮﻳﻦ إﱃ ﱢ وﻇﺎﺋﻒ ﻻ ﻳ ِ ُﻌﻤﻠﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻮﱄ َ ﻣﻬﺎراﺗِﻬﻢ ﻣﺸﺎ ِﺑ ٌ اﻧﺨﻔ َﺾ ﻬﺔ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ؛ ﻓﻤﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،ﻗﺪ ﻳﺠﺪون أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻗﺪ ﺗﻘﻴﻴﻤُﻬﻢ — ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﰲ ﻧﻈﺮ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ املﺤﺘﻤﻠني — ﻟﻴﺼﺒﺤﻮا ﰲ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻏري املﺎﻫﺮة؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﻗﺪ ذﻫﺐ ﺳﺪًى. اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺴﺘﻮى وﺛﻤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻳﻘﻮﱢض ﺑﻬﺎ اﻟﺮﻛﻮ ُد ﻣﺴﺘﻘﺒ َﻠﻨﺎ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ِ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ؛ ﻓﺎﻟﴩﻛﺎت ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ﺗﻨﻔﻖ اﻟﻜﺜريَ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق ﻗﺪراﺗﻬﺎ ،ﺑﻞ إن َ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ﻧﺤﻮ ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻜﺒري؛ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﺪ َِت اﻟﻘﺪرات اﻟﺘﺼﻨﻴﻌﻴﺔ ُ اﻟﴩﻛﺎت إﱃ اﺳﺘﻬﻼكِ ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻟﻢ ﺗﺴﺘﺒﺪل ﺑﻬﺎ أﺧﺮى ﺟﺪﻳﺪة .وﺛﻤﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻃري اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻤﻮﺿﻮع اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات؛ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن :إﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني! إﻧﻪ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻻﺷﱰاﻛﻴني ﰲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ! وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻟﻐﺰ؛ ﻓﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻣﻨﺨﻔِ ﻀﺔ ﻷن اﻟﴩﻛﺎت ﻻ ﺗﺒﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﻘﺪرات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﻠﻜﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. إن اﺳﱰَدﱠﻫﺎ — املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ِ ﻳﺴﱰ ﱡد اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻋﺎﻓﻴﺘَﻪ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف — ﻫﺬا ِ ﻓﺴﻴﺼﻄﺪم ﺑﻤﺤﺪودﻳﺔ اﻟﻘﺪرات واﺧﺘﻨﺎﻗﺎت اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ٍ ري ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺪث وﻗﺖ أﻗﺮبَ ﺑﻜﺜ ٍ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳُﻌْ ِﻂ اﻟﺮﻛﻮ ُد املﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﴩﻛﺎت اﻷﺳﺒﺎبَ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﺜَﻨ ْ ِﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ. وأﺧريًا وﻟﻴﺲ آﺧِ ًﺮا ،ﻓﺈن اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ )اﻟﺴﻴﺊ( ﻣﻊ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳَﺴﺘﺘﺒﻊ ﺗﺨﺮﻳﺐَ اﻟﱪاﻣﺞ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪم املﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻓﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺸﺒﺎب أﻣ ٌﺮ ذو أﻫﻤﻴﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻫﺬا ﻣﺎ أﺟﻤَ َﻊ ﻋﻠﻴﻪ ُ اﻟﺴﺎﺳﺔ واﻟﺨﱪاءُ ،إﻻ أن اﻟﺮﻛﻮ َد املﺴﺘﻤﺮ — اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺧ ْﻠ ِﻖ ٍ أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ — ﻗﺪ أدﱠى إﱃ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ ﺣﻮاﱄ ٣٠٠أﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻲ املﺪارس. ُ ِ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ إﱃ ﺗﺄﺟﻴﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ذاﺗُﻬﺎ وﻗﺪ دﻓﻌَ ِﺖ — أو إﻟﻐﺎﺋﻪ — ﰲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﻠﻨﻘﻞ واملﻴﺎه؛ ﻣﺜﻞ :ﱢ ﻧﻔﻖ ﺳﻜﻚ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ﺷﻖ ِ ﺛﺎن أﺳﻔ َﻞ ﻧﻬﺮ ﻫﺪﺳﻮن — ﻛﻨﱠﺎ ﰲ أﻣَ ﱢﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ — وﻣﺜﻞ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ٍ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﴪﻋﺔ اﻟﺘﻲ أُﻟﻐِ ﻴَﺖ ﰲ وﻳﺴﻜﻮﻧﺴﻦ وأوﻫﺎﻳﻮ وﻓﻠﻮرﻳﺪا ،وﻣﴩوﻋﺎت اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ أُﻟﻐِ ﻴَﺖ ﰲ ﻋﺪدٍ ﻣﻦ املﺪن ،وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ .وﻗﺪ ﺷﻬﺪ َِت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﻌﺎﻣﺔ — ﱡ ً اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﺣﺎدٍّا ﻣﻨﺬ ﺑﺪء اﻟﺮﻛﻮد؛ ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺮة أﺧﺮى أﻧﻪ اﻟﺘﻀﺨﻢ — ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻠﻬﺎ ملﺮاﻋﺎة 42
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
َ ﺗﻌﺎﰱ — ﺳﻨﺼﻄﺪم ﺑﺎﺧﺘﻨﺎﻗﺎت ْ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﺎﰱ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف — ﻫﺬا ْ وﻧﻘ ٍﺺ إن وﻗﺖ أﻗﺮبَ ﻣﻤﱠ ﺎ ﱡ ﰲ املﻮارد ﰲ ٍ ﻧﻈﻦ. ُ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻘﻠﻘﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻀﺤﻴﺎت ﺑﺎملﺴﺘﻘﺒﻞ؟ ﻟﻘﺪ َد َرس ﺗﺒﻌﺎت اﻷزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان ،وﺟﺎء َْت ﻧﺘﺎﺋﺞُ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻣُﻘﻠ ً ِ ِﻘﺔ اﻟﺪوﱄ ُ َ ﺧﻠﺼ ْﺖ إﱃ أن ﻫﺬه اﻷزﻣﺎت ﻻ ﺗﺤﺪِث ﴐ ًرا ﺷﺪﻳﺪًا ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ﻓﺤﺴﺐ، ﺟﺪٍّا؛ ﻓﻘﺪ ً ُ وإﻧﻤﺎ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗُﺤﺪِث ﺧﺴﺎﺋ َﺮ ﻓﺎدﺣﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ً واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ أﻳﻀﺎ؛ إذ ﻳﺴﻠﻚ اﻟﻨﻤ ﱡﻮ ﻣﺴﺎ ًرا أدﻧﻰ ﺑﺼﻔﺔ ﺷﺒﻪ داﺋﻤﺔ .وﻫﻨﺎ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺼﻴﺪ؛ ﻓﺎﻷدﻟﺔ ﺗﺸري إﱃ أن اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﻋﻤﻖ اﻟﺮﻛﻮد وﻣ ﱠﺪﺗِﻪ ﺑﻌﺪ وﻗﻮع ٍ أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ،ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ذﻟﻚ اﻟﴬ َر ﻋﲆ املﺪى ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ِ اﻟﻄﻮﻳﻞ ً أﻳﻀﺎ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،اﻟﻔﺸﻞ ﰲ اﺗﺨﺎذ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات — وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث اﻵن — ﻳﺤﺘﱢ ُﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ً ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻨﻘﻮص ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺎملﺮارة. أﻳﻀﺎ ﺗﻘﺒﱡ َﻞ ٍ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺨﺎرج ِ ﻣﻘﺘﴫًا ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ وذﻟﻚ ﻟﺴﺒﺒني ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻛﺎن ﺣﺪﻳﺜﻲ َ ﺑﺪﻳﻬﻴني؛ ً أوﻻ :أﻧﻬﺎ ﺑﻼدي ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﻌﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﱡ ﺷﻐﺎف ﻗﻠﺒﻲ ،وﺛﺎﻧﻴًﺎ :أﻧﻬﺎ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﺗﻤﺲ أﻋﺮﻓﻪ ﱠ ﺣﻖ املﻌﺮﻓﺔ .وﻟﻜﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻴﺴﺖ ﻓﺮﻳﺪ ًة ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال. ﻂ ﺑﺎﻟﻘﺪر ذاﺗﻪ؛ إذ ﻋﺎﻧ َ ْﺖ أوروﺑﺎ إﺟﻤﺎﻻً وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﺤ ِﺒ ٌ ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ ﰲ أوروﺑﺎ ﻋﲆ ِ ﺗﺮاﺟُ ﻌً ﺎ ﰲ ُﻓ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ ،ﻟﻢ ﻳَﺒْﻠﻎ اﻟﺤ ﱠﺪ اﻟﺬي ﺗﺸﻬﺪه اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،إﻻ أﻧﻪ ﻣﺎ زا َل رﻫﻴﺒًﺎ. أﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﺎن أداءُ أوروﺑﺎ أﺳﻮأ .وﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ، ري ﺑني اﻟﺪول؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أملﺎﻧﻴﺎ ﻓﺈن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻏري ﻣﺘﻜﺎﻓِ ٍﺌﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﻳﻤﺴ ْﺴﻬﺎ ﺳﻮءٌ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ )ﺣﺘﻰ اﻵن ،وﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺮى ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث ً ﻟﻢ َ ﺗﻮاﺟ ُﻪ اﻟﺪو ُل ﻻﺣﻘﺎ(، ِ ﻛﺎرﺛﺔ ﱠ ً ﻣﺤﻘﻘﺔَ .و ْﻟﻨ ُﻜ ْﻦ أﻛﺜ َﺮ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ،ﻓﻨﻘﻮل إذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﻋﺼﻴﺒًﺎ اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ ﻟﻠﺸﺒﺎب ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — ﺣﻴﺚ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ١٧ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑني اﻟﺸﺒﺎب دون ﻛﺎﺑﻮﳼ ﰲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑني اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ واﻟﻌﴩﻳﻦ — ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ ﱞ ٢٨ﰲ املﺎﺋﺔ؛ وﰲ أﻳﺮﻟﻨﺪا ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﻠﻎ اﻟﻨﺴﺒﺔ ٣٠ﰲ املﺎﺋﺔ؛ وﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﻠﻎ اﻟﻨﺴﺒﺔ ٤٣ﰲ املﺎﺋﺔ. ﱠ أﻣﺎ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺴﺎ ﱠرة ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄوروﺑﺎ — ْ إن ﺟﺎ َز اﻟﺘﻌﺒري — ﻓﻬﻲ أﻧﻪ ﻧﻈ ًﺮا ﻷن ري ﻣﻦ ﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة، ﺷﺒﻜﺎت اﻷﻣﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ أﻗﻮى ﺑﻜﺜ ٍ 43
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱡ ِ أﺧﻒ وﻃﺄ ًة ﺑﻜﺜري .ﻓﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺗﻌﻨﻲ أن املﺒﺎﴍة ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﺈن اﻟﺘﺒﻌﺎت ﻓﻘﺪان وﻇﻴﻔﺘﻚ ﰲ أوروﺑﺎ ﻻ ﻳﺆدﱢي ﻟﻔﻘﺪان اﻟﺘﺄﻣني اﻟﺼﺤﻲ ً أﻳﻀﺎ ،ﻫﺬا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ أن إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺴﺨﻴﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﰲ أوروﺑﺎ ﺗَﺤُ ﱡﺪ ﻣﻦ ﱢ ﺗﻔﴚ اﻟﺠﻮع واﻟﺘﴩﱡد. إﻻ أن اﻟﱰﻛﻴﺒﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺑني اﻟﻮﺣﺪة واﻻﻧﻘﺴﺎم — ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ً ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻮﺣﱠ ﺪ ًة دون إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻼزﻣﺔ اﻋﺘﻤﺎد ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول َ ٍ ﺿﻌﻒ ﺑﺎﻟ ٍِﻎ وﻣﺼﺪ ًرا ﻟﻸزﻣﺎت املﺘﺠﺪدة. ﻣﻮﻃﻦ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﻤﻠﺔ — أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺗﻔﺎو ٌ ُت ﰲ ﺗﺄﺛري اﻟﺮﻛﻮد ﻋﲆ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء أوروﺑﺎ — ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﰲ ُ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ ْ ﺗﻮاﺟ ُﻪ اﻵن َت أﻛﱪَ اﻟﻔﻘﺎﻋﺎت ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — وأﺻﺒﺤَ ِﺖ ِ ﻧﻌﺘﱪ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻫﻲ ﻓﻠﻮرﻳﺪا اﻷوروﺑﻴﺔ ،وأﻳﺮﻟﻨﺪا ﻫﻲ ﻧﻴﻔﺎدا اﻷوروﺑﻴﺔ. أﻛﱪَ ﻛﺴﺎدٍ ؛ ﻳﻤﻜﻦ أن ِ َ اﻟﻔﺎرق ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻓﻠﻮرﻳﺪا ﻻ ﺗُﻀﻄﺮ ﻟﻠﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن ﺗﻮﻓري اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺪﻓﻊ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ — اﻟﺬﻳﻦ ﱠ ﺗﺘﻜﻔﻞ ﺑﻬﻤﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ — أﻣﺎ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻓﻬﻲ ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻛﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﰲ اﻟﻴﻮﻧﺎن واﻟﱪﺗﻐﺎل ِ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮو وأﻳﺮﻟﻨﺪا .إذَ ْن ،ﻓﻘﺪ ﺗﺴﺒﱠﺐَ اﻟﻜﺴﺎ ُد اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ أوروﺑﺎ ﰲ أزﻣﺎت ﻣﺎﻟﻴﺔ ،ﺻﺎ َر ُ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ُﺤﺠﻤﻮن ﻋﻦ إﻗﺮاض ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان؛ وﺗﺴﺒﱠﺒ َِﺖ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﺑﻤﻘﺘﻀﺎﻫﺎ ﻳ ِ ﻟﻬﺬه اﻷزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ — ﰲ ﺻﻮر ِة املﺤﺎوﻻت اﻟﴩﺳﺔ واملﺤﻤﻮﻣﺔ ﻟﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق — ﰲ دﻓﻊ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ دول املﺤﻴﻂ اﻷوروﺑﻲ إﱃ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ أﺛﻨﺎء اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،وﻳﺒﺪو ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر أﻧﻬﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ إﱃ دﻓﻊ أوروﺑﺎ إﱃ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺘﺎمﱢ. ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻴﺄس ُ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ﺣ ﱠﺪ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،أو ﺣﺘﻰ املﻌﺎﻧﺎة املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺗﺠﺎو َز ِت ﺑﺎﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻜﺴﺎدِ آﺛﺎ ٌر ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎرﺛﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ .ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻣﻦ ﱡ املﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪﻳﺜًﺎ اﻟﺮﺑ ُ واﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺠﺎﻣﺢ اﻟﺬي ﺷﻬ َﺪﺗْﻪ أملﺎﻧﻴﺎ ﻋﺎم ﻂ ﺑني ﺻﻌﻮد ﻫﺘﻠﺮ ،١٩٢٣ﻫﺬا ﰲ ﺣني أن ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻛﺎن اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﺳﺎدَﻫﺎ ﰲ أواﺋﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ وﻫﻮ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﻛﺎن أﺷ ﱠﺪ وﻃﺄ ًة ﻣﻤﱠ ﺎ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ أوروﺑﺎ؛ وذﻟﻚ ِ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻧﻜﻤﺎﺷﻴ ِﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﺸﺎر ﻫﺎﻳﻨﺮﻳﺶ ﺑﺮوﻧﻴﻨﺞ. ﺑﺴﺒﺐ ُ ٌ راﺳﺨﺔ وﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﱪﱢرﻫﺎ ﻋﺎر ﻫﻞ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳَﺤﺪث أﻣ ٌﺮ ﻣﺸﺎ ِﺑﻪ اﻟﻴﻮم؟ ﺛﻤﺔ وﺻﻤﺔ ٍ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻌﻘ ِﺪ أيﱢ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﺎزي )اﻧﻈﺮ »ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻮدوﻳﻦ«( ،وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺼ ﱡﻮ ُر 44
ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟
ِ أﻣﺮ ﺑﻬﺬا اﻟﺴﻮء ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎء أن ﻧﻬﻮﱢن ﺣﺪوث ٍ ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺜﱢﻠﻬﺎ اﻟﺮﻛﻮ ُد املﻄﻮﱠل ﻋﲆ اﻟﻘﻴﻢ واملﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ .ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ، ﻟﻘﺪ ﺷﻬﺪ ْ َت ﺑﻼد ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺻﻌﻮدًا واﺿﺤً ﺎ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت املﺘﻄﺮﻓﺔ — ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ املﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ،واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ املﺘﻄﺮﻓﺔ — وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﺠﺪ ً ﻛﺎﻓﺔ ﰲ ازدﻫﺎر .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻳﺒﺪو أن ﺛﻤﺔ ً املﺸﺎﻋ َﺮ اﻻﺳﺘﺒﺪادﻳﺔ ً ﻏﺮﺑﻴﺔ — وﻫﻲ املﺠﺮ — دوﻟﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ اﻟﻌﻮدة إﱃ ﻧﻈﺎ ٍم اﺳﺘﺒﺪاديﱟ ﻳﺬ ﱢﻛﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻨ ﱡ ُ ﻈﻢ اﻟﺘﻲ ﺳﺎد ْ َت ﻣﻌﻈ َﻢ أﻧﺤﺎء أوروﺑﺎ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ. ً ﻣﻨﻴﻌﺔ ﺿ ﱠﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺰﻋﺔ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣ ٍﺪ أن ﻳُﻨ ِﻜ َﺮ أن اﻟﺤﺰبَ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ٌ ﻓﺮﺻﺔ ري ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ؟ وأﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻗﺪ أﺻﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺗﻄ ﱡﺮ ًﻓﺎ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس واﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﰲ ٍ ﻻﺣﻖ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم — وﻗﺖ ٍ ُ اﻷﺻﻮات ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻄ ﱡﺮﻓﻪ — وذﻟﻚ ﻷن اﻟﺘﻄ ﱡﺮف ﻳﺰدﻫﺮ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺪﱢم ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻠﻮل ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﺸﻌﻮب. املﺤﱰﻣﺔ أيﱠ ٍ ﻻ ﺗﺴﺘﺴﻠﻤﻮا ُ رﺳﻤﺖ ﻟﺘﻮﱢي ﺻﻮر َة ﻛﺎرﺛﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻜﻮارث ﺗَﺤﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻘﺪ ﻣﲇءٌ ﺑﻘﺼﺺ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت واملﺠﺎﻋﺎت واﻟﺰﻻزل وأﻣﻮاج ﺗﺴﻮﻧﺎﻣﻲ .أﻣﺎ ﻣَ ﺒْﻌﺚ ﻫﻮل ﻫﺬه َ ﻣﺒﻌﺚ »ﻏﻀ ِﺒ َﻚ« — ﻓﻬﻮ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﴐور ٌة ﻟﻜ ﱢﻞ ﻫﺬا؛ اﻟﻜﺎرﺛﺔ — وﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻓﻨﺤﻦ ﻟﻢ ﻧﺘﻌ ﱠﺮ ْ ض ﻟﻮﺑﺎءٍ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاد ،وﻟﻢ ﻧﻔﻘﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؛ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ أﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً — وﻟﻴﺲ أﻛﺜﺮ ﻓﻘ ًﺮا — ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧَﺘَﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات َ ﻣﻀ ْﺖ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻓﻬﺬه اﻟﻜﺎرﺛﺔ ﻻ ﻳﻜﺘﻨﻔﻬﺎ اﻟﻐﻤﻮض؛ ﻓﺄﺛﻨﺎءَ اﻟﻜﺴﺎدِ اﻟﻜﺒري ،ﻛﺎن َ َ ﻛﻴﻔﻴﺔ إﺻﻼﺣﻪ ،أﻣﺎ زﻋﻤﺎء ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث أو ﻟﻠﺰﻋﻤﺎء آﻧﺬاك ﻋﺬرﻫﻢ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ أﺣ ٌﺪ ﻳﻌﺮف ْ اﻟﻴﻮم ﻓﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﺬر؛ ﻓﻨﺤﻦ »ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ املﻌﺮﻓﺔ واﻷدوات ﻟﻮﺿ ِﻊ ﺣ ﱟﺪ ﻟﻬﺬه املﻌﺎﻧﺎة«. َ َ َ ملﺰﻳﺞ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ .ﰲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺳﺄﺣﺎول أن أﴍح اﻟﺴﺒﺐ ،وﻛﻴﻒ أﻣْ ﻜﻦ ٍ ٍ ٍ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺤ ﱢﻞ. ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ املﺼﺎﻟﺢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ املﺸﻮﻫﺔ أن ﺗﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺣ ﱢﻞ ﻋﺠﺰﻧﺎ اﻟﺘﺎم ﻋﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻳﻮرﺛﻨﻲ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن وﻋﲇ ﱠ أن أﻋﱰف ﺑﺄن ﻣﺸﺎﻫﺪة ِ ﺷﻌﻮ ًرا ﺑﺎﻟﻴﺄس. 45
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱠ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺨﺎﻃﺊ. وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ر ﱡد ِ ُ وﺟﺪت ﻧﻔﴘ ِ أﺳﺘﻤ ُﻊ ﻣﺮا ًرا إﱃ أﻏﻨﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻏﻨﱠﺎﻫﺎ ﺑﻴﱰ ﺟﺎﺑﺮﻳﻴﻞ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ اﻟﺮﻛﻮد، ُ وﻣﻜﺎن ﻏري زﻣﺎن أﺣﺪاث اﻷﻏﻨﻴﺔ ﰲ وﻛﻴﺖ ﺑﻮش ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﺗﺠﺮي ٍ ٍ ٌ ُ ﻣﺤ ﱠﺪ َدﻳْﻦ ،ﺳﺎد ْ ﺻﻮت اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻘﺎﻧِﻂ ﱢ ﻣﻌﱪًا ﻋﻦ ﻳﺄﺳﻪ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ؛ ﻓﻴﻨﺴﺎب َت ﻓﻴﻬﻤﺎ ً ُ ٍ ﺻﻮت اﻟﺴﻴﺪ ِة ﻣﺸﺠﱢ ﻌً ﺎ» :ﻻ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ«. وﻇﻴﻔﺔ ﻳﺘﻘ ﱠﺪ ُم ﻛﺜريون «.ﻟﻴﺠﻴﺒَﻪ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻟﻜ ﱢﻞ داﻋﻲ ﻟﻪ .وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﺴﺘﺴﻠﻤﻮا؛ إﻧﻬﺎ أوﻗﺎت ﻋﺼﻴﺒﺔ ،وﺗﺒﺪو أﻓﻈ َﻊ ﻷن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻻ َ وﺿﻮح اﻟﺮؤﻳﺔ واﻹرادة. ﻓﻴﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧ ُ ِﻨﻬ َﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ،ﻻ ﺑﴚءٍ ﺳﻮى ِ
46
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد أدرك اﻟﻌﺎ َﻟﻢ ﻣﺘﺄﺧ ًﺮا أﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻫﺬا اﻟﻌﺎ َم ﻋﻮاﻗﺐ واﺣﺪة ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻜﻮارث ُﺪر ًﻛﺎ ﻟِﻤَ ﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺢ رﺟ ُﻞ اﻟﺸﺎرع ﻣ ِ ٌ ُ ﻣﻔﺮﻃﺔ ﻣﺨﺎوف ﻳﺤﺪث ،وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻌﺪم ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ اﻟﺴﺒﺐَ أو اﻟﻌﻠﺔ ،ﺻﺎرت ﺗﺘﻤ ﱠﻠﻜﻪ ﺑﻨﻔﺲ ﻗﺪر اﻓﺘﻘﺎره ﻟﻠﻘﻠﻖ املﱪﱠر ﰲ وﻗﺖ ﺳﺎﺑﻖ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأَت املﺘﺎﻋﺐ .ﻟﻘﺪ ﺑﺪأ رﺟ ُﻞ اﻟﺸﺎرع اﻟﻌﺎدي ﻳﺘﺸ ﱠﻜﻚ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ ﻫﻞ اﺳﺘﻔﺎق اﻵن ﻣﻦ ﺣﻠﻢ ﺟﻤﻴﻞ ﻇﻠﻤﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ؟ أم ﻫﻞ َ َ ﻛﺎﺑﻮس ﻫﻮ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ زوال؟ ﻏﻔﺎ ِﻟﻴَﺪﺧﻞ ﰲ ﻟﻴﻮاﺟ َﻪ ٍ ِ داﻋﻲ ﻟﻠﺸﻚ؛ ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ »ﻟﻢ« ﻳﻜﻦ ﺣﻠﻤً ﺎ ،أﻣﺎ ﻫﺬا ﻓﻜﺎﺑﻮس ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، ﻻ َ وﺳﻮف ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻊ ﺣﻠﻮل اﻟﺼﺒﺎح؛ ﻓﻤﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وأدوات اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺧﺼﺒﺔ وﻣﻨﺘِﺠﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ داﺋﻤً ﺎ ،ﻛﻤﺎ أن ﻣﻌﺪل ﺗﻘﺪﱡﻣﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﺣ ﱢﻞ املﺸﻜﻼت ً ﴎﻋﺔ ،وﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ أن ﻧﻜﻔﻞ ﻟﻜ ﱢﻞ ﺷﺨﺺ املﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻟﻴﺲ أﻗﻞ ً ٍ ﻣﻌﻴﺸﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌً ﺎ — أﻋﻨﻲ أﻧﻪ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻧﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﺴﺘﻮَى ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — وﺳﻮف ﻧﺘﻌ ﱠﻠﻢ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺮﻳﺐ أن ﻧ َ ْﻜﻔﻞ ﻣﺴﺘﻮَى ﻣﻌﻴﺸﺔ أﻋﲆ ﻣﻦ ذﻟﻚ .ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻣﺨﺪوﻋني ﻓﻴﻤﺎ ﻣﴣ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ وﻗﻌﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﰲ ﻓﻮﴇ ﻫﺎﺋﻠﺔ؛ إذ أﺳﺄﻧﺎ اﻟﺘﺤ ﱡﻜﻢ ﰲ أداة دﻗﻴﻘﺔ ﻻ ﻧﻔﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ أن ُﻓ َﺮ َ ﺻﻨﺎ ﰲ اﻟﺜﺮوة ﻗﺪ ﺗَﻀﻴﻊ ﻟﻔﱰةٍ؛ رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻃﻮﻳﻠﺔ. ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ﻟﻌﺎم «١٩٣٠
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُﻛﺘﺒَﺖ اﻟﻜﻠﻤﺎت أﻋﻼه ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧني ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﺎ َﻟﻢ ﻳﻨﺰﻟﻖ إﱃ ﻣﺎ أُﻃﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ً ﻻﺣﻘﺎ »اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري« ،إﻻ أﻧﻬﺎ — إذا ﻧﺤﱠ ﻴْﻨﺎ ﺟﺎﻧﺒًﺎ َ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ املﻬﺠﻮرة ﰲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ — ً ً اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ﻛﺎرﺛﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻈﻨﱠﻬﺎ ﻗﺪ ُﻛﺘِﺒﺖ اﻟﻴﻮمَ .ﻓﻨﺤﻦ اﻵن — ﻛﻤﺎ ﻛﻨﱠﺎ آﻧﺬاك — ﻧﻌﻴﺶ وﻧﺤﻦ اﻵن — ﻛﻤﺎ ﻛﻨﱠﺎ آﻧﺬاك — أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻓﺠﺄ ًة أﻛﺜﺮ ﻓﻘ ًﺮا؛ إﻻ أن ﻣﻮاردﻧﺎ وﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ اﻟﴬر ،ﻓﻤﻦ أﻳﻦ أﺗﻰ ﻫﺬا اﻟﻔﻘﺮ املﻔﺎﺟﺊ؟ وﻳﺒﺪو أﻧﻨﺎ اﻵن — ﻛﻤﺎ ﺣﺪث آﻧﺬاك — ﺳﻨﻔﻘﺪ ُﻓ َﺮ َ ص اﻟﺜﺮوة ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن. ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا أن ﻳﺤﺪث؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻟﻐ ًﺰا؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻔﻬﻢ — أو »ﻳﻨﺒﻐﻲ« أن ﻧﻔﻬﻢ ،ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﻓﺾ اﻟﻜﺜريون اﻻﺳﺘﻤﺎ َع إﱃ ﺻﻮت اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ — ﻛﻴﻒ ﺗَﺤْ ﺪث ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء؛ ﻓﻘﺪ ﻗ ﱠﺪ َم ﻛﻴﻨﺰ ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻹﻃﺎر اﻟﺘﺤﻠﻴﲇ اﻟﻼزم ﻟﻔﻬﻢ اﻟﻜﺴﺎد ،وﻳﻤﻜﻦ ِ ﻣﻌﺎﴏي ﻛﻴﻨﺰ ،ﺟﻮن ﻫﻴﻜﺲ وإرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ، ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺪﻳﺚ أن ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻛﺬﻟﻚ إﱃ رؤى ﺗﻠﻚ اﻟﺮؤى اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻞ ﻋﺪد ﻣﻦ ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﲆ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ. اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ املﺤﻮرﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺄ َ ْﴎه ﻫﻲ أﻧﻪ »ﻟﻴﺲ ﻣﻦ املﺤﺘﱠﻢ أن ﻳﺤﺪث ﻫﺬا«؛ ﻓﻘﺪ ً »ﺧﻠﻼ ﰲ املﻐﻨﻴﻂ«؛ وﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻗﺪﻳﻢ أﻋﻠﻦ ﻛﻴﻨﺰ ﰲ املﻘﺎل ﻧﻔﺴﻪ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ً ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﲆ اﻟﺨﻠﻞ ﰲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎرة ،أﻣﺎ اﻟﻘﻴﺎس اﻷﻛﺜﺮ ﺣﺪاﺛﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إﻧﻪ أﻛﺜﺮ ً دﻗﺔ ،ﻓﻬﻮ أﻧﻨﺎ ﺗﻌ ﱠﺮ ْ ﺑﺮﻣﺠﻲ .ﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘني ،ﺗﺒﻘﻰ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﻄﻞ ﺿﻨﺎ ٍ ﱟ ﻫﻲ أن املﺸﻜﻠﺔ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﰲ املﺤﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎدي — اﻟﺬي ﻣﺎ زال ﻗﻮﻳٍّﺎ ﻛﺴﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪه — وإﻧﻤﺎ ٍ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻨﻴ ٍﺔ ﰲ اﻷﺳﺎس؛ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ،أو »ﻓﻮﴇ ﻫﺎﺋﻠﺔ« ﻧﺤﻦ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﺗﻌﺒري ﻛﻴﻨﺰ؛ وإذا ﺣﻠﻠﻨﺎ ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﺴﻴﻌﻮد ﻣﺤ ﱢﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺠ ﱠﺪدًا. ﻗﺪ ﻳﺠﺪ اﻟﻜﺜريُ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أن ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻏري ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس ،ﺑﻞ رﺑﻤﺎ ﻳﺮوﻧﻬﺎ ﻣﺴﻴﺌﺔ ً أﻳﻀﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺪو ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ أن ﻧﻔﱰض أن املﺸﻜﻼت اﻟﻜﺒرية ﻟﻬﺎ أﺳﺒﺎب ﻛﺒرية ،وأن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﳾء أﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﻟﻔﻮﴇ .ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام ﻛﻴﻨﺰ ﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺧﻠﻞ املﻐﻨﻴﻂ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ أﻧﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻜﻮن اﺳﺘﺒﺪال ﺑﻄﺎرﻳﺔ ﺛﻤﻨﻬﺎ ١٠٠دوﻻر ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻹﻋﺎدة ﺗﺸﻐﻴﻞ ﺳﻴﺎرة ﻣﻌ ﱠ ﻄﻠﺔ ﺗﺴﺎوي ٣٠أﻟﻒ دوﻻر ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻛﻴﻨﺰ ﻳﺄﻣﻞ ﰲ إﻗﻨﺎع اﻟﻘ ﱠﺮاء ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻄﺒﻖ ُ اﻟﺘﻨﺎﺳ ِﺐ ﺑني اﻟﺴﺒﺐ واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻋﲆ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،إﻻ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﺜﺎل ﻟﻌﺪم َ ﺻﻌﺒﺔ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﲆ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ أوﻟﺌﻚ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻛﺎﻧﺖ — وﻣﺎ زاﻟﺖ — اﻟﺬﻳﻦ ﻳَﻌﺘﱪون أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﱠ املﺜﻘﻔني. 48
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
ﻳﻌﻮد اﻟﺴﺒﺐ وراء ذﻟﻚ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ أن ﻧﻌﺰو ﻫﺬا اﻟﺪﻣﺎ َر ﻟﺨﻠﻞ ﻃﻔﻴﻒ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ رﻏﺒﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﰲ رؤﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر املﴪﺣﻴﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ﻋﻘﺎﺑًﺎ ﺣﺘﻤﻴٍّﺎ ﻟﻺﴎاف املﺎﴈ .ﰲ ﻋﺎم ُ ﻟﺨﻄﺎب ﺣﻮل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أﻟﻘﺎه ﻓﺮﺻﺔ اﻻﺳﺘﻤﺎع ،٢٠١٠ﺳﻨﺤَ ْﺖ ﱄ وﻟﺰوﺟﺘﻲ ٍ ﻓﻮﻟﻔﺠﺎﻧﺞ ﺷﻮﻳﺒﻠﻪ — وزﻳﺮ املﺎﻟﻴﺔ اﻷملﺎﻧﻲ — وﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺨﻄﺎب ﻣﺎ َﻟ ْﺖ ﻋﲇ ﱠ زوﺟﺘﻲ ً ﻗﺎﺋﻠﺔ» :ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻐﺎدر اﻟﻘﺎﻋﺔ ،ﺳﻮف ﻳﻌﻄﻮﻧﻨﺎ ﺳﻴﺎ ً َ ﻃﺎ ﻧَﺠﻠﺪ ﺑﻬﺎ أﻧﻔﺴﻨﺎ «.ﺷﻮﻳﺒﻠﻪ وﻫﻤﺴ ْﺖ — ﺑﺎﻋﱰاف اﻟﺠﻤﻴﻊ — أﻛﺜﺮ املﺴﺌﻮﻟني املﺎﻟﻴني ً ﻣﻴﻼ ﻟﻠﺘﻬﺪﻳﺪ واﻟﻮﻋﻴﺪ ،إﻻ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ اﻟﻜﺜري ﺑﻮﻗﺎر أن ﻣﺸﻜﻼﺗﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﺟﺬور ﻣﻤﱠ ﻦ ﻳﺸﺎرﻛﻮﻧﻪ ﻣﻴﻮﻟﻪ ،وﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس — اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻠﻨﻮن ٍ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﱡ ﺗﻘﺸ ًﻔﺎ — ﻋﻤﻴﻘﺔ وﻣﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﻞ ،وأﻧﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ أن ﻧﺘﻜﻴﱠﻒ ﻣﻊ ٍ ﻳَﺒﺪون ﺣﻜﻤﺎء وواﻗﻌﻴني ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﻢ ﻣﺨﻄﺌﻮن ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. ﻣﺎ آﻣُﻞ أن ﱢ أﺣﻘﻘﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻫﻮ إﻗﻨﺎﻋﻜﻢ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺧﻠﻞ ﰲ املﻐﻨﻴﻂ. ﻓﻤﺼﺎدر ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻨﺎ ﺗﺎﻓﻬﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﰲ ﺳﻴﺎق اﻷﻣﻮر ،وﻳﻤﻜﻦ إﺻﻼﺣﻬﺎ ﺑﴪﻋﺔ وﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻛﺒرية َ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻋﺪ ٌد ٍ ﻛﺎف ﻣﻦ أرﺑﺎب اﻟﺴﻠﻄﺔ؛ وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﻔﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻮاد إذا ﻣﺎ ﺗَ َﻔﻬﱠ ﻢ ً ٍ ﺗﻀﺤﻴﺎت؛ ﻣﺆملﺔ ،وﻟﻦ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﲆ اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس» ،ﻟﻦ« ﺗﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺻﻼح اﻻﻗﺘﺼﺎد ً ً ﻃﻴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﻋﺪا أوﻟﺌﻚ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ؛ ﻓﺈﻳﻘﺎف ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎدِ ﺳﻴﻜﻮن املﺘﻤﺴﻜني ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ وﻋﺎﻃﻔﻴٍّﺎ وﻣﻬﻨﻴٍّﺎ ﺑﻌﻘﺎﺋﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﺘﺤﺠﱢ ﺮة. ٌ ﺗﺎﻓﻬﺔ وﻟﻠﺘﻮﺿﻴﺢ ،ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮل إن أﺳﺒﺎبَ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ أ ﱠمل ْﺖ ﺑﻨﺎ ﺑﻤﻜﺎن ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﻗﻮل إﻧﻬﺎ ﻇﻬ َﺮ ْت ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ أو ﻧﺸﺄت ﻣﻦ اﻟﻌﺪم ،وﻻ إﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ٍ — ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ »اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ« — أن ﻧﺨﺮج ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮرﻃﺔ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻐ َﺮ َق وﺻﻮﻟﻨﺎ إﱃ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻋﻘﻮدًا ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ؛ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ازدﻫ َﺮ ْت ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺠﺎﺣﻬﺎ اﻟﺒﺎﻫﺮ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﺄﴎﻫﺎ وﻟﻜﻦ ﻟﺤﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﺑﺎﻟِﻐﻲ اﻟﺜﺮاء واﻟﻨﻔﻮذ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ .ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ أﺣﻜﻤَ ْﺖ ﻗﺒﻀﺘﻬﺎ ﻋﲆ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺗﻐﻴريَ املﺴﺎر أﻣ ًﺮا َ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ،ﺣﺘﻰ وﻧﺤﻦ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻛﺎرﺛﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ إﻻ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺒﺤﺘﺔ ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﺣ ﱡﻞ اﻷزﻣﺔ ﻋﲆ ٍ ﴎﻳﻊ وﻗﻮيﱟ ﻟﻮ أﻧﻨﺎ ﻓﻘﻂ اﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺑﺘﻌﺎف ﻫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ،وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺤﻈﻰ ٍ ﱠ ﻧﺘﺤﲆ ﺑﻮﺿﻮح اﻟﻔﻜﺮ واﻹرادة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻼزﻣَ ني ﻟﻠﻌﻤﻞ. أن ْ ﻟﻨﻔﱰض أن رب أﴎ ٍة ﻣﺎ ﻗﺪ رﻓﺾ — ﻷيﱢ ﺳﺒﺐ ﻛﺎن — ﻓ ﱢﻜﺮوا ﰲ اﻷﻣﺮ ﻛﺎﻵﺗﻲ: ِ إﺟﺮاءَ اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ ﻟﺴﻴﺎرة اﻷﴎة ﻟﺴﻨﻮات ،واﻵن اﻟﺴﻴﺎر ُة ﻻ ﺗﻌﻤﻞ، 49
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮﻓﺾ ﻣﺠﺮ َد اﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﺳﺘﺒﺪال اﻟﺒﻄﺎرﻳﺔ ،وﻳﻌﻮد ذﻟﻚ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ أن اﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﺎ ً َ اﻻﻋﱰاف ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻣ ِ وﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻳﴫﱡ ﻋﲆ أن اﻷﴎة ﻳﺠﺐ ُﺨﻄﺌًﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ، ﻳﻌﻨﻲ ﱡ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﺘﻨﻘﻞ ﺳريًا ﻋﲆ اﻷﻗﺪام وﺑﺎﻟﺤﺎﻓﻼت .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﻨﺎك أن ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻢ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻏري ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺤ ﱢﻞ ،وﻟﻜﻦ املﺸﻜﻠﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺮب اﻷﴎة وﻟﻴﺲ ﺑﺴﻴﺎرة اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ — ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ — إﺻﻼﺣﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻛﻔﺎﻧﺎ اﺳﺘﻌﺎرات ﻣﺠﺎزﻳﺔَ ،و ْﻟﻨﺘﺤﺪ ْ ﱠث ﻋﻤﱠ ﺎ أﺻﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎ َد اﻟﻌﺎملﻲ. اﻟﴪ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﻄﻠﺐ ملﺎذا ارﺗﻔﻊ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻧﺨﻔﺾ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﱢ؟ ﻷﻧﻨﺎ — وأﻋﻨﻲ ﻫﻨﺎ َ اﻧﺨﻔ َﺾ املﺴﺘﻬﻠﻜني واﻟﴩﻛﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻣﺠﺘﻤﻌني — ﻻ ﻧﻨﻔﻖ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ ُ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ وﺑﻨﺎء املﻨﺎزل ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻔﺠ َﺮ ْت ﻓﻘﺎﻋَ ﺘَﺎ اﻹﺳﻜﺎن املﺘﺸﺎﺑﻬﺘﺎن ُ اﻧﺨﻔﺎض اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ؛ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ ،وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺒﻊ ذﻟﻚ وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ اﻟﻘﺪرات ﰲ ﺣني أن املﺒﻴﻌﺎت آﺧِ ﺬة ﰲ اﻻﻧﻜﻤﺎش .وﻗﺪ ﺻﺎﺣﺐ ٌ ُ اﻧﺨﻔﺎض ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺣني وﺟﺪ ْ ﺣﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺎت واﻟﻮﻻﻳﺎت وﺑﻌﺾ َت ذﻟﻚ ﻄ ً ُ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺘﻌ ﱢ اﻟﺪول َ واﻧﺨﻔﺎض اﻹﻧﻔﺎق ﻳﺴﺘﺘﺒﻊ — ﺑﺪوره — اﻧﺨﻔﺎض ﺸﺔ ﻟﻺﻳﺮادات. ُ ً ﱢ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ؛ ﻷن اﻟﴩﻛﺎت ﻟﻦ ﺗﻨﺘﺞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜِﻨﻬﺎ ﺑﻴﻌﻪ ،وﻟﻦ ﺗﻮﻇﻒ ﻋﻤﱠ ﺎﻻ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ً إﺟﻤﺎﻻ. ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﻢ ﻟﻺﻧﺘﺎج؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ ﺣﺎ ﱟد ﰲ اﻟﻄﻠﺐ ﺛﻤﺔ ﺗﺒﺎﻳُ ٌﻦ ﻛﺒري ﰲ اﻵراء ﺣﻴﺎل ﻣﺎ ﻗﻠﺘُﻪ ﻟﻠﺘﻮﱢ؛ ﻓﺒﻌﺾ املﻌ ﱢﻠﻘني ﻳﺮوﻧﻪ أﻣ ًﺮا واﺿﺤً ﺎ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﻨﻘﺎش ،إﻻ أن اﻟﺒﻌﺾ َ ً اﻵﺧﺮ ﻳﺮاه ﻣﺤﺾ ﻫﺮاء؛ ﻓﺜﻤﺔ وﺿﻮح اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳَ َﺪ ُع أﻃﺮاف ﰲ املﺸﻬﺪ اﻟﺴﻴﺎﳼ — أﻃﺮاف ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﻨﻔﻮذ ﺣﻘﻴﻘﻲ — ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ ﻋﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﻠﺐ ،وﻳﻘﻮﻟﻮن إﻧﻪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ٌ ﻧﻘﺺ ﰲ اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻊ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻄﻠﺐُ ﺷﺤﻴﺤً ﺎ ﰲ اﻟﻌﻤﻮم. ِﻟﻢَ؟ ﻷن اﻟﻨﺎس — ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ أﺻﺤﺎبُ ذﻟﻚ اﻟﺮأي — ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻨﻔﻘﻮا دﺧﻠﻬﻢ ﻋﲆ »ﳾءٍ ﻣﺎ«. وﻫﺬه ﻫﻲ املﻐﺎﻟﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻴﻨﺰ اﺳ َﻢ »ﻗﺎﻧﻮن ﺳﺎي« ،وﺗُﺴﻤﱠ ﻰ ﰲ ﺑﻌﺾ َ »رؤﻳﺔ وزارة املﺎﻟﻴﺔ«؛ ﻟﻴﺲ ﰲ إﺷﺎر ٍة ﻟﻮزارة املﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻮزارة املﺎﻟﻴﺔ اﻷﺣﻴﺎن أﴏ ْ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﺎ ِﺑﻌﺔ ﻟﺠﻼﻟﺔ املﻠﻚ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻫﻲ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻲ َ ﱠت ﻋﲆ ﱠ ﻣﺴﺎو ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺨﺎص. ﻣﺒﻠﻎ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺤ ﱠﻞ ﻣﺤ ﱠﻞ إﻧﻔﺎق أن أيﱠ ﱟ ٍ ٍ ٍ 50
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
أﺻ ُ وﻟﻜﻲ ﺗﺘﺄ ﱠﻛﺪوا ﻣﻦ أﻧﻨﻲ ﻻ ِ ﻒ ﺷﻴﺌًﺎ وﻫﻤﻴٍّﺎ ،إﻟﻴﻜﻢ ﻣﺎ و َر َد ﻋﻦ ﺑﺮاﻳﻦ رﻳﺪل ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ُ ٍ ﻣﺠﻠﺔ ﻧﺎﺷﻮﻧﺎل رﻳﻔﻴﻮ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ أﺟ َﺮﺗْﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﻫريﻳﺘﻴﺞ )وﻫﻲ ﻣﺮﻛﺰ أﺑﺤﺎث ﻳﻤﻴﻨﻲ( ﰲ أواﺋﻞ ﻋﺎم :٢٠٠٩ ﺗﺬﻫﺐ اﻷﺳﻄﻮرة اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ إﱃ أﻧﻚ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻨﻔِ َﻖ اﻟﻨﻘﻮدَ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺰﻳﺪ اﻟﻄﻠﺐَ ،وﻫﺬه ﺧﺮاﻓﺔ؛ ﻷن اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻻ ﻳﻤﻠﻚ َﻗﺒْﻮًا ﻣﻠﻴﺌًﺎ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد ﻟﺘﻮزﻳﻌﻬﺎ ﱡ ﻳﻀﺨﻪ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳُﺠﺒَﻰ ً أوﻻ ﰲ دوﻻر ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻜ ﱡﻞ ٍ ﺻﻮرة ﴐاﺋﺐ أو ﻳ َ ُﻘﱰَض »ﻣﻦ« اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﺨﻠﻖ ﻃﻠﺒًﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ،وإﻧﻤﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻧﻘﻠﻪ ﻣﻦ ٍ ﻓﺌﺔ إﱃ أﺧﺮى ﻓﺤﺴﺐ. وﺣﺘﻰ ﻧَﻔِ َﻲ رﻳﺪل ﱠ ً ري ﻣﻦ املﺤﺎﻓﻈني ،ﻳﻘ ﱡﺮ ﺑﺄن ﺣﺠﺘﻪ ﺗﻨﻄ ِﺒﻖ ﺣﻘﻪ ،ﻧﻘﻮل إﻧﻪ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻜﺜ ٍ ﻋﲆ أيﱢ ﻣَ ْ ﺼﺪر إﻧﻔﺎق ﺟﺪﻳﺪ؛ أيْ إﻧﻪ ﻳﻘ ﱡﺮ ﺑﺄن ﺣﺠﺘﻪ املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﻌﺪم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ رﻓﻊ ﻣﻌﺪﻻت ً ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻺﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﺗﻨﻄ ِﺒﻖ أﻳﻀﺎ ﻋﲆ أيﱢ ﻃﻔﺮة ﰲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل ٍ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ً ﻣﺜﻼ؛ ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﴤ إﱃ زﻳﺎدة ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ ،وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﻛﻤﺎ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ زﻳﺎدﺗﻪ؛ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﻘﻠﻮن ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن ْ املﺜﺎل ،إذا ﻗ ﱠﺮ َر املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن َ ﺧﻔ َﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﻤﺒﻠﻎ ﻗﺪره ٥٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر أﻣﺮﻳﻜﻲ ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد — ً وﻓﻘﺎ ملﺎ ﻳﺮاه اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ رﻳﺪل — ﺗُﻮدَع ﰲ اﻟﺒﻨﻮك ﺣﺘﻤً ﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺪورﻫﺎ ﺑﺈﻗﺮاﺿﻬﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺰﻳﺪ إﻧﻔﺎق اﻟﴩﻛﺎت أو ﻣﺴﺘﻬﻠِﻜني َ آﺧﺮﻳﻦ ٥٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر؛ وإذا ﻣﺎ اﺗﱠﺠَ ﻬَ ِﺖ اﻟﴩﻛﺎت املﺘﺨﻮﱢﻓﺔ ﻣﻦ اﻻﺷﱰاﻛﻴني املﺴﻴﻄﺮﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ إﱃ ﺗﻘﻠﻴﺺ إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ،ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﴫﻓﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﻮ ٍد ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻨﻔﻘﻪ ً ٌ ﻓﻮﻓﻘﺎ ملﻨﻄﻖ رﻳﺪل ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﻘﺺ ﻋﺎ ﱟم ﰲ اﻟﻄﻠﺐ أن ﴍﻛﺎت أو ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﻮن أﻗ ﱡﻞ ﺗﺨﻮ ًﱡﻓﺎ. ﻳﻀري اﻻﻗﺘﺼﺎدَ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻣﻦ اﻷﺳﺎس. ً ﻋﺎﻣﺔ؛ ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ داﻋﻲ ﻷن أﻗﻮل إﻧﻨﻲ ﻻ أُو ِﻣ ُﻦ ﺑﻬﺬا ،وﻳﺸﺎرﻛﻨﻲ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﻘﻼءُ ﻻ َ ﺗﺤﺎول اﻟﺘﻌﺎ ُﻣ َﻞ ﻧُﺜ ِﺒﺖ ﺧﻄﺄه؟ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ إﻗﻨﺎع اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻧﻪ ﺧﻄﺄ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ِ ُ ﺗﺤﺎو ُل وﺟﺪت أﻧﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﻊ ذﻟﻚ املﻨﻄﻖ ﺑﺎملﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ واﻗﻊ ﺗﺠﺮﺑﺘﻲ، ِ َ ﻣﻌﺎرﴈ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ املﺘﻌﺼﺒني ،ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻚ اﻷﻣﺮ إﻗﺎﻣﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﻨﺎﻗﺸﺎت ﻣﻊ أﺣﺪ ِ ً ﻧﻤﻮذج رﻳﺎﴈﱟ ﺑﺴﻴﻂ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻋﺎﻟﻘﺎ ﰲ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻛﻼﻣﻴﺔ ،وﻟﻦ ﻳﻘﺘﻨﻊ أﺣﺪٌ .ﻳﻤﻜﻨﻚ وﺿﻊ ٍ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳُﺠﺪِي ﻧﻔﻌً ﺎ إﻻ ﻣﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ،وﻟﻴﺲ ﻣﻊ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻌﺎدﻳني )ﺑﻞ إﻧﻪ ﻏري ﻣُﺠْ ٍﺪ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني(. 51
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱠ املﻔﻀﻠﺔ: أو ﻳﻤﻜﻨﻚ رواﻳﺔ ﻗﺼﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﻮدﻧﻲ إﱃ ﻗﺼﺘﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل. ﻣﻘﺎل ﻧ ُ ِﴩ ﻋﺎم ١٩٧٧ﰲ ﻣﺠﻠﺔ ﺟﻮرﻧﺎل أوف ﻣﻮﻧﻲ، ُر ِوﻳﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ ﰲ ٍ َ ﻛﺮﻳﺪﻳﺖ آﻧﺪ ﺑﺎﻧ ِﻜﻨﺞ ،ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺟﻮان ورﻳﺘﺸﺎرد ﺳﻮﻳﻨﻲ — اﻟﻠﺬﻳﻦ َ ﻋﺎﴏَا اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ — وﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ وأزﻣﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻛﺎﺑﻴﺘﻮل ﻫﻴﻞ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل«. ﻛﺎن اﻟﺰوﺟﺎن ﺳﻮﻳﻨﻲ ﻋﻀ َﻮﻳْﻦ ﰲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ،وﻫﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺿﻤﱠ ْﺖ ﻧﺤﻮ ١٥٠ﻋﻀﻮًا ﻣﻦ اﻷزواج اﻟﺸﺒﺎب — ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس — اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﺪوا إﱃ ﺗﻮﻓري أﺟﻮر ﺟﻠﻴﺴﺎت اﻷﻃﻔﺎل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ رﻋﺎﻳﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ أﻃﻔﺎ َل ﺑﻌﺾ. ُ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻣﺜ ﱠ َﻞ اﻟﺤﺠ ُﻢ اﻟﻜﺒري ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻟﻠﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻣﻴﺰ ًة ﻛﺒري ًة؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺰاﻳﺪ َِت ِ َ أردت اﻟﺨﺮوجَ ﰲ أي ٍ ﻟﻴﻠﺔ .وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ؛ ﺷﺨﺺ ﻗﺎدِ ٍر ﻋﲆ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل إذا ٍ ملﺆﺳﴘ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ أن ﻳﺘﺄ ﱠﻛﺪوا ﻣﻦ ﱢ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﱢ ﺗﻮﱄ ﻛ ﱢﻞ زوﺟني ﻧﺼﻴﺒَﻬﻤﺎ اﻟﻌﺎدل ﻣﻦ ﻣﻬﺎ ﱢم ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل؟ وﻛﺎن اﻟﺤ ﱡﻞ اﻟﺬي ﻗﺪﱠﻣَ ﺘْﻪ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻫﻮ ﻧﻈﺎم اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ،واﻟﺬي ﻳُﺼﺪَر ﺑﻤﻘﺘﻀﺎه ﻟﻜ ﱢﻞ ً ﻗﺴﻴﻤﺔ ،ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ زوﺟني ﻳﻨﻀﻤﱠ ﺎن إﱃ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻋﴩﻳﻦ اﻷﻃﻔﺎل) .ﻋﻨﺪ ﻣﻐﺎدَرة اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ،ﻛﺎن ﻳ ﱠ ُﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻬﻤﺎ أن ﻳﺮدﱠا اﻟﻌﺪ َد َ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ(. ﻓﻜﺎن ﻣَ ﻦ ﱠ َ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺠﺎ َﻟ ِ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻘﺪﱢم ﻟﻠﺠﻠﻴﺲ اﻟﻌﺪ َد املﻼ ِﺋ َﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻗﺪر ﱢ َ ﺗﻠﻘﻴﻬﻤﺎ ﻣﺮةٍ ،ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻞ أﻧﻪ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻴﻜﻮن ﻛ ﱡﻞ زوﺟني ﻗﺪ ﻗﺪﱠﻣَ ﺎ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺑﻨﻔﺲ ِ دﻓﻌَ ﺎﻫﺎ ﻣﻘﺎ ِﺑ َﻞ ﱢ ﻟﻬﺎ؛ ﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺎد ِة اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ َ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺨﺪﻣﺔ. ٍ ورﻃﺔ ﻛﺒريةٍ؛ ﻓﻔﻲ املﺘﻮﺳﻂ ،ﻛﺎن اﻷزواجُ إﻻ أﻧﻪ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،وﻗﻌَ ِﺖ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﰲ أدراج ﻣﻜﺎﺗﺒﻬﻢ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ ﻳﺤﺎوﻟﻮن إﺑﻘﺎءَ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻣﻦ ﻗﺴﺎﺋﻢ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﰲ ِ داﻋﻲ ﻷﺳﺒﺎب ﻻ اﻻﺣﺘﻴﺎط ،ﰲ ﺣﺎﻟﺔ إذا ﻣﺎ اﺣﺘﺎﺟﻮا إﱃ اﻟﺨﺮوج ﻋﺪة ﻣﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ َ ٍ ٌ ﻣﺮﺣﻠﺔ أﺻﺒَﺢَ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪ ُد ﻗﺴﺎﺋﻢ ﻣﺠﺎ َﻟ ِ ري ﻟﻠﺨﻮض ﻓﻴﻬﺎ ،ﺟﺎء َْت ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل املﺘﺪاوﻟﺔ أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ اﻟﺰوﺟﺎن ﰲ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻪ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ. ُ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاء إذَ ْن ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﺣﺪث؟ ﺻﺎ َر اﻷزواج — اﻟﺬﻳﻦ أﺻﺎﺑﻬﻢ ِ ُﺤﺠﻤﻮن ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ﺣﺘﻰ ﻳﺰﻳﺪوا ﻣﺪﱠﺧﺮاﺗﻬﻢ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻗﺴﺎﺋﻢ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻟﺪﻳﻬﻢ — ﻳ ِ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ أﻃﻔﺎل اﻷزواج َ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻟﻜﻦ إﺣﺠﺎم اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷزواج ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ص اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﺎ َﻟ ِ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻪ ﰲ أن أﺻﺒﺤَ ْﺖ ُﻓ َﺮ ُ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل 52
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
ً ﺷﺤﻴﺤﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ زﻳﺎدة إﺣﺠﺎم اﻷزواج اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺘﻘﺮون إﱃ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج، ٌ اﻧﺨﻔﺎض ﺣﺎ ﱞد ﰲ َﻛ ﱢﻢ ﻣﺠﺎ َﻟ ِ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل داﺧﻞ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ. وﺣﺪث ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،وﻗﻌَ ِﺖ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﰲ ﻫ ﱠﻮ ِة اﻟﻜﺴﺎد ،اﻟﺬي اﺳﺘﻤَ ﱠﺮ ٍ ِ املﺠﻤﻮﻋﺔ إﻗﻨﺎ َع املﺠﻠﺲ ﺑﺰﻳﺎدة املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ. ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎ َع اﻗﺘﺼﺎدﻳﱡﻮ ﻣﺎذا ﻧﺘﻌ ﱠﻠ ُﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ؟ إذا َ ري ﻣﻦ اﻟﺨﻔﺔ ﻗﺪر ﻛﺒ ٍ ﻗﻠﺖ »ﻻ ﳾء« ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪو ﻋﲆ ٍ واﻟﺘﻔﺎﻫﺔ ،ﻓﻌﺎ ٌر ﻋﻠﻴﻚ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻛﺎﺑﻴﺘﻮل ﻫﻴﻞ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ وإن َ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ — ْ ﻛﺎن ﻣ َ ري ﻣﻦ ﺳﻤﺎت ُﺼ ﱠﻐ ًﺮا — ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻘﺪي .ﻳﻔﺘﻘﺮ ﻫﺬا املﺜﺎ ُل إﱃ اﻟﻜﺜ ِ ً ﺳﻤﺔ واﺣﺪ ًة املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺸﺎﺳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳ َﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﻤﻞ ً ﻣﺤﻮرﻳﺔ ﰲ ﻓﻬﻢ اﻟﺨﻄﺄ اﻟﺬي أﺻﺎبَ ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ؛ وﻫﻲ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو — ﻣﺮة ِ ﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﻬﻢ. ﺑﻌﺪ أﺧﺮى — أﻛﱪَ ﻣﻦ ﻗﺪر ِة اﻟﺴﺎﺳﺔ وﺻﻨ ﱠ ِ َ »إﻧﻔﺎﻗ َﻚ ﻫﻮ دﺧﲇ ،وإﻧﻔﺎﻗﻲ ﻫﻮ وﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻤﺔ؟ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﰲ واﻗﻊ أن دﺧﻠﻚ«. ري ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﻔﻮذ. أﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ؟ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻛﺜ ٍ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻣﻦ اﻟﺠﲇ ﱢ أن ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ واﺿﺤً ﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﻮن ﺑﻴﻨﺮ — رﺋﻴﺲ ض اﻟﺨﻄ َ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — اﻟﺬي ﻋﺎ َر َ ِ ﺑﺤﺠﺔ أﻧﻪ ﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ، ُ ِ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﻔﻘﺎﺗﻬﺎ ﺗﻘﻠﻴﺺ وﻗﺖ ﺣﻴﺚ إن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﻌﺎﻧﻮن ،ﻓﻘﺪ ﺣﺎن ِ ً أﻳﻀﺎ) .وﻣﺎ أﺛﺎ َر ﺑﺎﻟ َِﻎ اﺳﺘﻴﺎءِ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴني أن أوﺑﺎﻣﺎ اﻧﺘﻬَ ﻰ ﺑﻪ اﻷﻣ ُﺮ إﱃ ﺗﺮدﻳ ِﺪ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ ﰲ ُﺧ َ ﻄﺒﻪ ﻫﻮ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ (.وﻛﺎن اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﺑﻴﻨﺮ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ: َ ِ إذا ﻗ ﱠﻠ َ املﻨﺘﺠﺎت إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌ َﻠ ِﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻓﻤَ ﻦ ﺳﻴﺸﱰي ﺺ املﻮاﻃﻨﻮن اﻟﻌﺎدﻳﻮن َ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؟ دﺧ ِﻞ ﻛ ﱢﻞ ﻓﺮ ٍد — وﻛﺬﻟﻚ ْ وﺑﺎملِ ﺜﻞ ،ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻓﻜﺮة َﻛﻮْن ْ دﺧﻞ ﻛ ﱢﻞ ﺑﻠ ٍﺪ — ﻫﻮ ﺷﺨﺺ َ ري ﻣﻦ املﺴﺌﻮﻟني اﻷملﺎن ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸريون إﱃ إﻧﻔﺎق ٍ آﺧﺮ ،ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ ﻛﺜ ٍ اﻟﺘﺤﻮ ِﱡل اﻟﺬي ﺷﻬ َﺪﺗْﻪ ﺑﻼدﻫﻢ ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﺎ ﺑني أواﺧﺮ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ وﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻳُﺤﺘﺬَى ﺑﻪ .ﻛﺎن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻫﻮ اﻧﺘﻘﺎل أملﺎﻧﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﺘﺠﺎري إﱃ اﻟﻔﺎﺋﺾ اﻟﺘﺠﺎري؛ أي اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻣﻦ اﻟﴩاء ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺒﻴﻊ ،إﱃ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻌﻜﴘ ،إﻻ أن ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳُﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ إﻻ ﻷن ﺑﻠﺪاﻧًﺎ أﺧﺮى )ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ َ اﻧﻐﻤﺴ ْﺖ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﺘﺠﺎري .اﻵن ﻧﺤﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻋﺎﻟﻘﻮن ﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ( 53
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﰲ ورﻃﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ أن ﻧﺒﻴﻊ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻤﺎ ﻧﺸﱰي .ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺒﺪو أن اﻷملﺎن ﻳﻔﻬﻤﻮن ذﻟﻚ؛ رﺑﻤﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ ﻓﻬﻤﻪ. وﻷن اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل — ﻋﲆ ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ وﺿﻴﻖ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ — ﻛﺎﻧ َ ْﺖ َ ٍ واﺿﺤﺔ — اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺗﺤﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ — وإن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻏريَ اﻟﻌﺎملﻲ ً أﻳﻀﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺨﱪاﺗﻬﺎ أن ﺗﻜﻮن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ »إﺛﺒﺎت املﻔﻬﻮم« ﻟﺒﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ َ ﺛﻼﺛﺔ دروس ﻣﻬﻤﺔ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ. املﻬﻤﺔ .وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﺳﻨﺘﻌﻠﻢ ﺣﻘﻴﻘﻲ ً ً ﻓﻌﻼ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻗ ﱠﺮ َر أﻋﻀﺎءُ أوﻻ :ﻧﺘﻌ ﱠﻠﻢ أن ﻋﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﻠﺐ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﺣﺘﻤﺎ ٌل ﱞ ﺼ ْﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢُ ،أن ﱠ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ َ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟ ِ ﺗﻨﺎﻗ َ ﻳﺘﻮﻗﻔﻮا ﻋﻦ إﻧﻔﺎق اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻗﻀﺎء أﻣﺴﻴﺎﺗﻬﻢ ﰲ اﻟﺨﺎرج؛ ﻟﻢ ﻳﺆ ﱢد ﻫﺬا اﻟﻘﺮا ُر إﱃ أيﱢ زﻳﺎد ٍة ﺗﻌﻮﻳﻀﻴ ٍﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴ ٍﺔ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ،ﺗﺴﺒﱠﺐَ اﻧﺨﻔﺎض ﱡ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﰲ ْ ُ ﺗﻮﻓ ِﺮ ُﻓ َﺮ ِص ﻣﺠﺎ َﻟ ِ دﻓ ِﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﱃ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻹﻧﻔﺎق .إن أﻣﺜﺎل ﺑﺮاﻳﻦ ﺣﻖ ﰲ أن اﻹﻧﻔﺎق ﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﺎوي ْ رﻳﺪل ﻋﲆ ﱟ اﻟﺪﺧ َﻞ داﺋﻤً ﺎ؛ ﻓﻌﺪ ُد ﻗﺴﺎﺋﻢ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﱠ ﻣﻌني داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﺎوي ﻋﺪ َد اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ املﺴﺘﻬ َﻠﻜﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ املﺤﺼﻠﺔ ﰲ أﺳﺒﻮع ﱠ ٍ ٍ أن اﻟﻨﺎس ﺳﻮف ﺗﻨﻔﻖ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻻﺳﺘﻔﺎدة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ،ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﻨﻲ أن ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌ ﱠ ﻄ ًﻼ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ْ »ﻟﺨﻔ ِﺾ« ْ اﻟﺪﺧ ِﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻧﻔﺎق. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد أن ﻳﺼﻞ ٍّ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻠﻞ ﰲ املﻐﻨﻴﻂ؛ أي ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻜﺴﺎد ﺑﺴﺒﺐ ٍ ِ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ وﻟﻴﺲ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد ﻗﺪرة إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻘﻊ ﰲ اﻹﺧﻔﺎق ﰲ ِ املﺘﺎﻋﺐ ﻷن أﻋﻀﺎءﻫﺎ ﻛﺎن أداؤﻫﻢ ﺳﻴﱢﺌًﺎ ﰲ ﻣﺠﺎ َﻟ ِ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ،أو ﻷن ارﺗﻔﺎ َع اﻟﴬاﺋﺐ أو ﺳﺨﺎءَ املِ ﻨَﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺟَ ﻌَ ﻠﻬﻢ ﻏري راﻏﺒني ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ وﻇﺎﺋﻒ ﻣﺠﺎ َﻟ ِ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ،أو ﻷﻧﻬﻢ َ اﻟﺜﻤﻦ املﺤﺘﻢ ﻟﻺﴎاف ﰲ املﺎﴈ؛ ﻟﻘﺪ وﻗﻌَ ِﺖ املﺘﺎﻋﺐُ ﻟﺴﺒﺐ ﻳﺒﺪو ﺗﺎﻓﻬً ﺎ، ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪﻓﻌﻮن ٍ ِ ﺣﺪوث ﻣﺎ أﻃ َﻠ َﻖ وﻫﻮ أن املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﻛﺎن ﻣﻨﺨﻔِ ًﻀﺎ ﺟﺪٍّا ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻴﻨﺰ »ﻓﻮﴇ ﻫﺎﺋﻠﺔ« ،ﺣﺎ َو َل ﻓﻴﻬﺎ أﻋﻀﺎءُ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ُﻓﺮادَى ﻓﻌْ َﻞ ﳾءٍ — ً ﺟﻤﺎﻋﺔ. زﻳﺎدة ﻣﺪﺧﺮاﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ — ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﺬه ﻓﻜﺮة ﻣﺤﻮرﻳﺔ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻨﻄﺎق ،ﺗﺘﺸﺎﺑَ ُﻪ ُ اﻷزﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ — اﻟﺬي ﻳﻌﺎدِ ل ﺣﺠﻤُﻪ ﺣﺠْ َﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺎو ُل ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ٤٠ﻣﻠﻴﻮن ﻣﺮة — ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ِ ً إﺟﻤﺎﻻ أن ﻳﺸﱰوا أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج ،وﻳﻨﻔﻘﻮا أﻗ ﱠﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻜﺴﺒﻮن. ﺳ ﱠﻜﺎ ُن اﻟﻌﺎﻟﻢ 54
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
وﻫﺬا أﻣﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﺮد ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻜ ﱟﻞ ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا ﻫﻲ ﻣﻜﺎن ﺣﻮﻟﻨﺎ. اﻟﺪﻣﺎر املﻨﺘﴩ ﰲ ﻛﻞ ٍ وﻣﺒﺴ ً ً أﺳﻬﺐ ً ﱠ ﻄﺔ ﻣﻌﺎﻳﻨﺔ ﻣﻮﺟﺰ ًة ﻗﻠﻴﻼ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ ،وأﻗﺪﱢم دﻋﻮﻧﻲ ِ ملﺎ ﺳﻴﲇ ﻣﻦ ﺗﻔﺴري ﻣﻄﻮل؛ إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﱃ ﺣﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ﻣﺒﺎﴍة — َو ْﻟﻴﻜﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑني ٢٠٠٥و — ٢٠٠٧ﻓﺴﻨﺮى ﺻﻮر َة ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ُ ري ﻣﻦ وﻫ ْﻢ ﻳُﻘﺮﺿﻮن اﻟﻜﺜ َ ﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﴪور ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻔﻖ َ اﻟﻨﻘﻮد َ ُ اﻟﴩﻛﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺤﺒﻮر .ﻛﺎﻧﺖ اﻵﺧﺮون ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻮد ٍ ﺗُﻘﺮض ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺾ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﻮ ٍد ﻟﻠﺒﻨﻮك اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮ َد َ ﻓﺎﺋﺾ اﻟﻨﻘﻮد ﻟﻠﺒﻨﻮك اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ،واﻟﺒﻨﻮك اﻷملﺎﻧﻴﺔ ﺗﻘﺮض ُ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ،وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ .واﺳﺘﺨﺪ ْ ِﻣﺖ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮوض ﰲ ﴍاء ﻣﻨﺎزل ﺟﺪﻳﺪة ،ﺑﺤﻴﺚ اﻧﺘﻬﻰ اﻷﻣﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻘﻮد إﱃ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﺒﻨﺎء، ﻓﻴﻤﺎ اﺳﺘُﺨﺪِﻣﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮوض ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻮد ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ َ إﻧﻔﺎﻗ َﻚ ﻫﻮ د ْ ُ املﺒﻴﻌﺎت، َﺧ ِﲇ ،ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻌَ ِﺖ ﺗُﺴﺘﺨﺪَم ﻟﴩاء اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،وﺣﻴﺚ إن ً ﺳﻬﻼ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ. وأﺻﺒَﺢَ اﻟﺤﺼﻮ ُل ﻋﲆ ﻋﻤﻞ أﻣ ًﺮا ﺛﻢ ﱠ ﺗﻮﻗ َ املﻘﺮﺿﻮن أﻛﺜ َﺮ ﺣﺬ ًرا ﺣﻴﺎل ﺗﻘﺪﻳ ِﻢ ﻗﺮوض ﺟﺪﻳﺪة، ﻒ ﻛ ﱡﻞ ﳾءٍ ،وأﺻﺒﺢ ِ واﺿﻄ ﱠﺮ املﻘﱰﺿﻮن ﻟﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪﻻت إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﺑﻨ َِﺴﺐ ﻛﺒرية؛ وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ املﺸﻜﻠﺔ :ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ أﺣ ٌﺪ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺰﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ً ﺑﺪﻻ ﻣﻨﻬﻢ .وﻓﺠﺄ ًة ،ﺗﺮاﺟَ َﻊ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻜﲇ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد َ وإﻧﻔﺎﻗ َﻚ ﻫﻮ د ْ اﻟﻌﺎملﻲ ،وﻷن إﻧﻔﺎﻗﻲ ﻫﻮ ْ ُ َﺧ ِﲇ ،ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪ ْ ُ وﻓﺮص ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺪﺧﻞ َت دﺧﻠُ َﻚ، ً اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﻣﻤﺎﺛ ًِﻼ. اﻟﻌﻤﻞ إذَ ْن ،ﻫﻞ ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ؟ ﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺪرس اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ دروس ﺗﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻣﺠﺎ َﻟ ِ ﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل؛ إذ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﺣ ﱡﻞ املﺸﻜﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻜﺒرية — ﰲ ﺑﻌﺾ ٍ ٍ وﺳﻬﻠﺔ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ اﻟﺨﺮوجَ ﻣﻦ ورﻃﺘﻬﺎ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺣﻠﻮل اﻷﺣﻴﺎن — ﰲ ٍ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻃﺒﺎﻋﺔ املﺰﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ. وﻫﻨﺎ ﻳُﻄ َﺮح اﻟﺴﺆال اﻟﺮﺋﻴﴘ :ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ؟ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻄﺒﺎﻋﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺴﺎﺋﻢ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل — أي زﻳﺎدة املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد — أن ﺗﻜﻮن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻹﻋﺎدة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني إﱃ اﻟﻌﻤﻞ؟ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن ﻃﺒﺎﻋﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺴﺎﺋﻢ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻫﻲ ً ﻓﻌﻼ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺨﺮج ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد ﻋﺎد ًة؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺨﻤﺴني املﺎﺿﻴﺔ ،ﻛﺎن إﻧﻬﺎءُ ﻓﱰات َ وﻇﻴﻔﺔ ﺑﻨﻚِ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ اﻷﺳﺎس ،اﻟﺬي ﻳﺘﺤ ﱠﻜﻢ )ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ( ﰲ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺮﻛﻮد 55
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﻨﻘﻮد املﺘﺪاوﻟﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﱰاﺟَ ُﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻳ َْﴩع ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻧﺎﺟﺤﺔ داﺋﻤً ﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ً ﺣﻘ َﻘ ْﺖ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻣﺬﻫِ ًﻼ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد .ﺣﺘﻰ اﻵن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﱃ ﰲ أﻋﻘﺎب رﻛﻮد ١٩٨٢-١٩٨١اﻟﺤﺎدﱢ ،اﻟﺬي ﺗﻤ ﱠﻜ َﻦ ﱡ ٍ ﴎﻳﻊ ﰲ ﻏﻀﻮن ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ،أو ﻣﺎ ﻋُ ِﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﻃﻠﻮع اﻟﻨﻬﺎر ﻋﲆ ﺗﻌﺎف اﻗﺘﺼﺎديﱟ ٍ ﺑﻘﺪر أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﴪﻋﺔ واﻟﺤﺴﻢ — ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة« ،وﻧﺠﺤَ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﺬﻟﻚ — ٍ أﻋﻘﺎب ﻣﻮﺟﺘَ ْﻲ ﻛﺴﺎد ١٩٩١-١٩٩٠و.٢٠٠١ ﻏري أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﻫﺬه املﺮةُ . ﻗﻠﺖ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ إن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﺘﺤ ﱠﻜﻢ »ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ« ﰲ املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد؛ أﻣﱠ ﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺤ ﱠﻜﻢ ﺑﻪ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻓﻬﻮ »اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ« ،وﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻌﻤﻠﺔ املﺘﺪاوﻟﺔ واﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﻲ ﰲ ﺣﻴﺎزة اﻟﺒﻨﻮك .ﻟﻘﺪ ﺿﺎﻋَ َ ﻒ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺣﺠ َﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ٢٠٠٨ﺛﻼث ﻣﺮات ،إﻻ أن اﻟﻜﺴﺎد ﻣﺎ زال ﻣﺴﻴﻄ ًﺮا ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ﻋﺪم ﺻﺤﺔ َﻗﻮ ِْﱄ إﻧﻨﺎ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﻋﺪ َم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﻠﺐ؟ ﻻ ،ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﱡ إﺧﻔﺎق اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﰲ ﺗﻮﻗ ُﻊ ِ ﺣ ﱢﻞ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ ،ﺑﻞ ﺛﻤﺔ ﻣَ ﻦ ﱠ ُ ﻛﺘﺒﺖ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻲ »ﻋﻮدة ﺗﻮﻗﻌﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻟﻘﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد« ﻋﺎم ،١٩٩٩وﻛﺎن ﻫﺪﰲ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻫﻮ ﺗﺤﺬﻳﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﻦ أن ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ و ْ اﻟﻴﺎﺑﺎن وﺟﺪ ْ َت َ َﺿ ٍﻊ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﻟﻄﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد أن ﺗُﻨﻌِ ﺶ اﻗﺘﺼﺎدَﻫﺎ اﻟﻮاﻗﻊ ﰲ ﻫ ﱠﻮ ِة اﻟﻜﺴﺎد ،وأن اﻷﻣ َﺮ ﻋﻴﻨﻪ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻟﻨﺎ .ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺷﺎ َر َﻛﻨﻲ ﻋﺪ ٌد ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﺨﺎوﰲ ،وﻛﺎن أﺣﺪﻫﻢ ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ. َث ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؟ ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﻨﺎ ﰲ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺘﻌِ ﺲ املﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ ﱢ إذَ ْن ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﺣﺪ َ »ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ«. ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ ،ﻛﺎن اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﻋﲆ ﻋﺎﻣﻠني رﺋﻴﺴﻴني؛ ﻫﻤﺎ: أﻋﻤﺎل إﻧﺸﺎء إﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﻛﺜرية ،وإﻧﻔﺎق اﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ﻗﻮي .وﻛﺎن ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺪوره ﻣﺪﻓﻮﻋً ﺎ ﺑﺄﺳﻌﺎر املﺴﺎﻛﻦ املﺮﺗﻔﻌﺔ واملﺘﺰاﻳﺪة؛ ﻣﺎ أدﱠى إﱃ ﻃﻔﺮ ٍة ﰲ اﻟﺒﻨﺎء وزﻳﺎد ِة اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ً املﺴﺘﻬﻠﻜني اﻟﺬﻳﻦ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻟﺜﺮاء ،وﻟﻜﻦ ﱠ َ ﻓﻘﺎﻋﺔ، ﺗﺒني أن ارﺗﻔﺎ َع أﺳﻌﺎر املﺴﺎﻛﻦ ﻛﺎن َت إﱃ ﱡ ُ اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ ،اﺻﻄﺤﺒ َْﺖ ﻣﻌﻬﺎ ٍّ اﺳﺘﻨﺪ ْ ﺗﻮﻗ ٍ ﻛﻼ ﻣﻦ ﻌﺎت ﻏري واﻗﻌﻴ ٍﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻔﺠ َﺮ ِت 56
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
ُ اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ ذروﺗﻬﺎ — َ اﻹﻧﺸﺎءات واﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ .وﰲ ﻋﺎم — ٢٠٠٦ﺣني َ ﺣﻔ َﺮ ﺑﻠﻐ ِﺖ َ اﻷرض ﻟﺒﻨﺎء ١٫٨ﻣﻠﻴﻮن وﺣﺪة ﺳﻜﻨﻴﺔ ،أﻣﺎ ﰲ ﻋﺎم ٢٠١٠ﻓﻘﺪ ﺣﻔﺮوا ﻣﺎ ﻋﻤﱠ ﺎل اﻟﺒﻨﺎء ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺒﻨﺎء َ ٥٨٥ أﻟﻒ وﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ؛ وﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٦اﺑﺘﺎع املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن َ ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻴﺎرة وﺷﺎﺣﻨﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ،أﻣﺎ ﰲ ﻋﺎم ٢٠١٠ﻓﻠﻢ ﻳﺸﱰوا ﺳﻮى ١١٫٦ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ١٦٫٥ ﻓﺤﺴﺐ .وﻃﻮال ﻋﺎم ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺑﻌ َﺪ اﻧﻔﺠﺎر ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎنَ ، أﻧﻘﺬَ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ َ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻴﺎر ﺑﺰﻳﺎد ِة اﻟﺼﺎدرات ،وﻟﻜﻦ ﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ٢٠٠٧ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﺪَأ َ ﰲ اﻟﱰاﺟُ ِﻊ، ﱠ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻗ ﱡ ٍ ﻂ. ﺗﻌﺎف ﻳﺘﺤﻘ ْﻖ ﻟﻪ وﻟﻢ ﱞ ذﻛﺮت ً ُ آﻧﻔﺎ ،اﺳﺘﺠﺎبَ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ زﻳﺎد ِة اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ وﻛﻤﺎ ً ﴎﻳﻌً ﺎ .إن اﻟﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل — ﻻ ﻳﻮ ﱢز ُع اﻟﻘﺴﺎﺋ َﻢ ﻋﲆ اﻷ ُ َﴎ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ زﻳﺎدة املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ،ﻳﻌﻤﺪ إﱃ إﻗﺮاض ُ املﺠﻠﺲ إﱃ ﴍاء اﻟﺒﻨﻮك ،ﻋﲆ أﻣﻞ أن ﺗﻘﺮض اﻟﺒﻨﻮ ُك ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻮ َد ﺑﺪورﻫﺎ) .وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻠﺠﺄ ً ﻗﺮوض ﻣﺒﺎﴍة ،إﻻ أن اﻷﻣﺮﻳﻦ ﺳﻴﱠﺎن(. ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺴﻨﺪات ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك ٍ ً َ ْ َ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ،إﻻ أن اﻟﻔ ْﺮق ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻴﺲ ﻛﺒريًا ﺟﺪٍّا؛ ﻓﻜﻤﺎ ﻧﺘﺬ ﱠﻛﺮ ،ﱡ ﻳﻨﺺ ﻗﺎﻧﻮ ُن اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﺮﻛﻬﺎ ،ﻋﻠﻴﻚ إﻋﺎدة ﻧﻔﺲ ﻋﺪد اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻠﻤْ ﺘَﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻀﻤﻤْ َﺖ إﻟﻴﻬﺎ .إذَ ْن ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺮض ﻣﻦ اﻹدارة؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن زﻳﺎدة املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﻟﻢ ﺗﺠﻌﻞ اﻷزواج أﻛﺜﺮ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﱠ ِ ِ ﻳﺘﻠﻘﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه ﺧﺪﻣﺔ ﺛﺮاءً؛ ﻓﻘﺪ ﻇ ﱠﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﻘﺪﻳ ُﻢ اﻟﺨﺪﻣﺔ .ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻛﺎن ﻣﺎ ﱠ ﺣﻘ َﻘﺘْﻪ زﻳﺎد ُة املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ ﻫﻮ زﻳﺎدة »اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ« ﻟﺪى اﻷزواج ،وزﻳﺎدة ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ،دون اﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﻧﻔﺎد أرﺻﺪﺗﻬﻢ. ﱠ وﻣﺆﺳﺴﺎت اﻷﻋﻤﺎل ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷﻓﺮا ُد داﺋﻤً ﺎ زﻳﺎد َة ﻣﺎ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺳﻴﻮﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻤﻘﺎ ِﺑ ٍﻞ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﻘﱰﺿﻮا اﻟﻨﻘﻮدَ، وﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺪﻓﻌﻮا ﻓﺎﺋﺪ ًة ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻮد املﻘﱰﺿﺔ؛ ﻓﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أن ﱢ ﻳﺤﻘ َﻘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد إﱃ اﻟﺒﻨﻮك ،ﻫﻮ ﺧﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،وﻫﻲ ﺛﻤﻦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ — ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل — ﺛﻤﻦ اﻻﻗﱰاض ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر أو ﻏريه ﻣﻦ أوﺟﻪ اﻹﻧﻔﺎق .إذَ ْن ،ﻓﻔﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ — ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل — ﺗﻜﻤﻦ ﻗﺪر ُة ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﲆ ْ دﻓ ِﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﰲ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﲆ ﺗﺤﺮﻳﻚ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة. 57
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
واﻟﻨﻘﻄﺔ املﻔﺼﻠﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ أن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺪﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻟﻠﻬﺒﻮط أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ْ دﻓﻌُ ﻬﺎ إﱃ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ؛ ﻷﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﱰب أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ،ﺳﻴﺼﺒﺢ ﺧﻴﺎ ُر اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد دون اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ أﻓﻀ َﻞ ﻣﻦ إﻗﺮاض اﻟﻨﻘﻮد َ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ .وأﺛﻨﺎء اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺤﺎﱄ ،ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻐﺮق ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻃﻮﻳﻼ ﻟﻴﺼﻞ إﱃ »ﺣ ﱢﺪ اﻟﺼﻔﺮ اﻷدﻧﻰ«؛ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ْ ً ﺧﻔ َﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ وﻗﺘًﺎ أواﺧﺮ ﻋﺎم ٢٠٠٧ﺣﺘﻰ وﺻ َﻠ ْﺖ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ ﺑﺤﻠﻮل أواﺧﺮ ٢٠٠٨؛ وﻟﻸﺳﻒ ،وﺟﺪﻧﺎ أن ً َ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ؛ وذﻟﻚ ﻷن اﻧﻔﺠﺎ َر ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ﺧ ﱠﻠ َ ﻒ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺼﻔﺮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ َ ً ُ واﻧﺨﻔ َﺾ ﺿﻌﻴﻔﺎ ،واﺳﺘﻤ ﱠﺮ اﻧﻬﻴﺎ ُر ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن، اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ﴐ ًرا ﻛﺒريًا .وﻇ ﱠﻞ ً ﱡ ﻗﻮﻳﺔ .وﺑﻘﻴ َْﺖ ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ املﺒﻴﻌﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎ ُر اﻟﺘﺠﺎري؛ وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ً ُ ﻛﺎرﺛﻲ. ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﱟ وﻫﺬا ﻫﻮ ﱡ ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ؛ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺼﻔﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺸ ِﺒﻊ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﺑﺎﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻌﻮد ﺛﻤﺔ ٌ ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ ﺟﺪٍّا. ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻄﻠﺐ اﻟﻜﲇ اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﻋﻮد إﱃ ﻣﺜﺎل اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ملﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻠﻤﺮة اﻷﺧرية، ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أن ﺟﻤﻴ َﻊ أﻋﻀﺎء اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ أو ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﺎ آﻣُﻞ أن ﻳﻜﻮن ﺗﺸﺒﻴﻬً ﺎ ﻣﻔﻴﺪًا. ِ َ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﺎﺋﺾ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ،وﻗﻀﻮا وﻗﺘًﺎ أﻃﻮ َل ﰲ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﺎ أﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون أﻛﺜﺮﻫﻢ ﻗ ﱠﺮ ُروا ٍ وﻗﺖ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ َ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ أﻃﻔﺎل َ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ِ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻷﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻳﻤْ ﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ُ ٍ ِ ﺑﴫف اﻟﻨﻈﺮ ورﻃﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﰲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﰲ اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺎﱄ؛ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﺗﻘﻊ ﻋﻦ ﻋﺪد اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﻳُﺼﺪِرﻫﺎ املﺠﻠﺲ؛ ﻓﻜ ﱡﻞ زوﺟني ﻳﻤﻜﻨﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﺣِ َﺪ ٍة أن ﻳﺮﻛﻤﺎ اﻟﻘﺴﺎﺋ َﻢ وﻳﺤﺘﻔﻈﺎ ﺑﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎم اﻟﻘﺎدم ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻦ ﻳﺼﻠﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻛﻜ ﱟﻞ؛ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﺰﻳ ُﻦ وﻗﺖ ﻣﺠﺎ َﻟﺴﺔ اﻷﻃﻔﺎل؛ ﻓﺤﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﺤﺪث ُ ﺗﻨﺎﻗ ٌ ﺾ ﺟﻮﻫﺮيﱞ ﺑني ﻣﺎ ﻳﺤﺎول اﻷزواجُ اﻟﻘﻴﺎ َم ﺑﻪ ﻣﻨﻔﺮدِﻳﻦ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻋﲆ اﻟﻨﻄﺎق اﻷﺷﻤﻞ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﻷﻋﻀﺎء اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﻢ أن ُﺮﺟﻌﻨﺎ ﻫﺬا إﱃ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،وﻫﻲ أن إﻧﻔﺎﻗﻲ ﻫﻮ ﻳﻨﻔﻘﻮا أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ دﺧﻠﻬﻢ .ﻣﺮة أﺧﺮى ﻳ ِ َ وإﻧﻔﺎﻗ َﻚ ﻫﻮ د ْ د ْ َﺧ ِﲇ .ﺳﺘﻜﻮن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺑﻌﺾ اﻷزواج أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺑﻤﻔﺮدﻫﻢ ﻣﺎ َﺧﻠُﻚ َ ً اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ اﻟﻜﺴﺎ ُد )ورﺑﻤﺎ اﻟﻔﺸﻞ( ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ،أن ﻳﺼﻴﺐ ﻟﻢ ﻳﻤْ ﻜﻨﻬﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﺤ ﱡﺮر ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻘﺴﺎﺋﻢ. 58
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
ﻫﺬا ﻫﻮ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﺄ َ ْﴎه؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻗ ﱠﺮ َر اﻟﺠﻤﻴ ُﻊ ﻓﺠﺄ ًة أن ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﺻﺎ َر ْت أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﻼزم ،اﺿ ُ ﻄ ﱠﺮ املﺪﻳﻨﻮن ﻟﺨﻔﺾ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺪاﺋﻨﻮن ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺰﻳﺎدة إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ اﻟﻜﺴﺎد؛ ﻟﻴﺲ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺴﺎ ٌد ﻋﲆ أي ﺣﺎل. وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ وﺟﻮد ُﺳﺒ ٍُﻞ ﻟﻺﺻﻼح؛ ﻓﻼ ﻳ َ ُﻌﻘﻞ أن ﺗﻈﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺪرة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻜﺒرية ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣُﻌَ ﱠ ﻄﻠﺔ ،وﻳﺒﻘﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﻜﺒري ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل املﺴﺘﻌﺪﱢﻳﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﺎﺟ ًﺰا ﻋﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ وﻇﻴﻔﺔ؛ وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺛﻤﺔ ُﺳﺒُ ٌﻞ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ﻫﺬا املﺄزق ،وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻧﺼﻞ إﱃ ﺑﺈﻳﺠﺎز ﻋﻦ آراءِ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄيﱟ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻋﺮﺿﺘُﻪ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ،دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﺤﺪﱠث ٍ ﻟﻠﺘﻮﱢ. ﻫﻞ املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ؟ اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﻘﺪر ِة ﻋﲆ أﻋﺘﻘﺪ أن املﻌﺮوض ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﺎﻟﺔ ﻳﻔﺘﻘﺮ إﱃ ِ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺬﻫِ ٍﻠﺔ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺴﺘﺠﻴﺐَ ُ ٍ ﻟﻠﻔ َﺮ ِص اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻘ ﱢﺪﻣُﻬﺎ اﻟﺘﻜﻴﱡﻒ ُ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ؛ وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎوُت اﻟﻬﺎﺋﻞ ،ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻛﺎﻣﻞ، وﺳﺎﻋﺎت إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻛﺜرية ،وأﺟﻮر ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ورﺧﺎء ﻋﻈﻴﻢ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻔﺌﺎت ا ُملﺤ َ ﻈﺎة، ٍ ٍ ِ وﺑﻄﺎﻟﺔ ،ورﺑﻤﺎ اﻟﻌَ ﻮَز ﻟﻔﺌﺎت أﺧﺮى. ﻋﻤﻞ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ أﺟﻮر ﻣﻘﺎﺑﻞ وﺳﺎﻋﺎت ٍ ٍ إﻳﻮان ﻛﻠﻴﺞ ﻣﻘﺎل ﻧ ُ ِﴩ ﰲ ﻣﺠﻠﺔ ﺟﻮرﻧﺎل أوف ذي أﻣﺮﻳﻜﺎن ﺳﺘﺎﺗﻴﺴﺘﻴﻜﺎل ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺒﺎس ﻣﺄﺧﻮذ ﻣﻦ ٍ َ وﻳﻌﺮ ُ ٍ ﺟﻬﺎت ﻋﺪ ٍة ﻫﺬه اﻷﻳﺎمَ؛ وﻫﻲ :أن ﻧﻈﺮ ﻧﺴﻤﻌﻬﺎ ﻣﻦ أﺳﻮﺳﻴﻴﺸﻦ. ض املﻘﺎ ُل وﺟﻬﺔ ٍ ِ ُ أﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﻗﻠﺔ اﻟﻄﻠﺐ ،ﱠ وأن ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﺟﺪٍّا ﻣﻦ املﺸﻜﻼت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﺟﺬو ُرﻫﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻳﻔﺘﻘﺮون إﱃ املﻬﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ ،أو أن اﻟﻜﺜريَ ﻣﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻋﺎﻟﻘني ﰲ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺨﻄﺄ أو اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﻄﺄ. ﴩ املﻘﺎل املﺬﻛﻮر ﻋﺎم ،١٩٣٥وﻛﺎن املﺆﻟﻒ ﻳﺪﱠﻋِ ﻲ وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻗﺪ ﺧﺪﻋﺘُ َﻚ ﻟﻠﺘﻮﱢ؛ ﻓﻘﺪ ﻧ ُ ِ َ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ إذا ﺣﺪ َ َث ﻣﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ زﻳﺎد ٍة ﻛﺒري ٍة ﰲ اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،ﻓﺴﺘﺒﻘﻰ ً ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ؛ ﻷن ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻟﻴﺴﻮا ً ُ أﻫﻼ ﻟﻠﻌﻤﻞ .ﻏري أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺨﻄﺌًﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺤﺸﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﺬي ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎء َْت ﺗﻠﻚ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻄﻠﺐ أﺧريًا — ِ 59
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺳﺒ ََﻖ دﺧﻮ َل اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ — أﺛﺒﺘَ ْﺖ ﺗﻠﻚ املﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ِ دورﻫﺎ املﻨﺘِﺞ. اﻟﻌﺎﻃﻠني ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻗﺪرﺗَﻬَ ﺎ ﻋﲆ اﺳﺘﺌﻨﺎف ِ ٌ رﻏﺒﺔ ُﻣﻠِﺤﱠ ﺔ — ﻻ ﺗﻘﺘﴫ ﻋﲆ إﻻ أﻧﻪ اﻵن ،ﻛﺂﻧﺬاك ،ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺟﺎﻧﺐ واﺣ ٍﺪ ﻣﻦ ٍ ً ٍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ — ﰲ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﺸﻜﻠﺘِﻨﺎ »ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ« ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣ ﱡﻠﻬﺎ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ .وإذا ﻣﺎ اﺳﺘﺨﺪَﻣْ ﻨﺎ ﺗﺸﺒﻴ َﻪ »ﺧﻠﻞ املﻐﻨﻴﻂ« ،ﱠ ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳﺪﱠﻋﻴﻪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﻔﻮذ ﻫﻮ أن اﺳﺘﺒﺪا َل اﻟﺒﻄﺎرﻳﺔ ﻟﻦ ﻳُﺼﻠﺢ اﻟﻮﺿﻊ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﺛﻤﺔ ﻣﺸﻜﻼت ﻛﺒرية ﰲ املﺤﺮك وﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ً أﻳﻀﺎ. ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﺗُﻌ َﺮض ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ْ ﻧﻘ ِﺺ املﻬﺎرات ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ؛ ﻗﻠﺖ ً ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻗﺎل اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن )ﻛﻤﺎ ُ آﻧﻔﺎ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه ﺳﻴﺎﳼ واﺣﺪٍ( ﰲ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻲ » ٦٠دﻗﻴﻘﺔ« إن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻻ ﻣﻘﺼﻮ ًرا ﻋﲆ اﺗﺠﺎ ٍه ﱟ َ َ ً ِ املﻬﺎرات اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻮﻇﺎﺋﻒ املﺘﺎﺣﺔ «.ﰲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ »ﻷن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺗﺰال ُ ُ اﻟﺤﺠﺔ ﰲ ﺳﻴﺎق اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻲ َ اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻧﺘﻔ ْﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﺗُﺼﺎغ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو أن اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪه ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺘﺎﱄ ﻋﲆ إﱃ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻴﻮم«: ٌ ﴍﻛﺎت ﻛﺜري ٌة أن ﺗﻌﻤﻞ ﺛﻤﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻧﺎ »ﺗﻌ ﱠﻠﻤَ ْﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻜﻔﺎء ٍة أﻋﲆ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻋﺪدٍ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل .ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻼﺣِ َ ﻆ ﻫﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ ِ اﻟﴫاف اﻵﱄ ،ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﺘﻮﺟﱠ ُﻪ إﱃ ﴏﱠاف ﺗﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﺒﻨﻚ وﺗﺴﺘﺨﺪم أﺟﻬﺰ َة اﻟﺒﻨﻚ «.أو ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺮاه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺬﻫﺐ إﱃ املﻄﺎر وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻜﺸ َﻚ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ ً ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﺪﺧﻮل ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻮاﺑﺔ ]أﻗﻮاس اﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻣﻦ املﺆﻟﻒ[. ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ِ أﻣﱠ ﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﻓﻬﻮ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﱠ ﻧﺘﻮﻗﻊ اﻟﻌﻮد َة إﱃ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﱢ ٍ املﺘﻀﺨﻢ وإﻋﺎدة ﺗﺪرﻳﺒﻬﻢ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻨﻘﻞ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻣﻦ ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺮﻳﺐ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﰲ ﻋﲆ وﻇﺎﺋﻒ أﺧﺮى .وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﻗﻮ ٌل ﻟﺘﺸﺎرﻟﺰ ﺑﻠﻮﴎ ،رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺑﺮﻳﺘﺸﻤﻮﻧﺪ ،وأﺣﺪ أﻫﻢ اﻷﺻﻮات املﻌﺎرﺿﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ: »ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﺤ ﱢﻮ َل اﻟﻨﺠﺎ َر إﱃ ﻣﻤ ﱢﺮض ،وﻻ ﻣﻦ اﻟﻴﺴري أن ﺗﺤ ﱢﻮ َل ﺳﻤﺴﺎ َر اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري إﱃ ﺧﺒري ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﰲ ﻣﺼﻨﻊ «.ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ،ﺳﻮف ﺗُﺤَ ﱡﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ذاﺗﻬﺎ ،وﺳﻴُﻌﺎد ﺗﺪرﻳﺐ اﻷﺷﺨﺎص وﺳﻴﺠﺪون ُﻓ َﺮ َ ص ﻋﻤﻞ ﰲ ﻗﻄﺎﻋﺎت أﺧﺮى» ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ أن ﺗﻌﻴﺪ ﺗﺪرﻳﺐَ 60
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
ِ املﺸﻜﻼت ]أﻗﻮاس اﻟﺘﻮﻛﻴﺪ املﻮاﻃﻨني «.ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ أن ﺗَﺤ ﱠﻞ ﻫﺬه ﻣﻦ املﺆﻟﻒ[. ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف أن ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬا ﺧﻄﺄ؟ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ أن اﻟﺼﻮرة اﻟﻀﻤﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﱢﻣﻬﺎ ﺑﻠﻮﴎ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني — ﻗﻄﺎع اﻟﺒﻨﺎء، وﻫﻲ أن املﺜﺎل اﻟﻨﻤﻄﻲ ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ اﻟﻌﺎﻃﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ ﺷﺨﺺ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﰲ ِ ِ ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن — ﺗﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﺧﻄﺄ واﺿﺢ؛ ﻓﻤﻦ ﺑني اﻧﻔﺠﺎر وﻟﻢ ﻳﺘﻜﻴﱠﻒ ﻣﻊ اﻟﻌﺎ َﻟ ِﻢ ﺑﻌﺪ ِ ١٣ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎﻣﻞ ﻋﺎﻃﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ أﻛﺘﻮﺑﺮ ١٫١ ،٢٠١١ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎﻣﻞ ﻓﻘﻂ ) ٨ﰲ املﺎﺋﺔ ﻻ أﻛﺜﺮ( ﺳﺒﻖ أن ﻋﻤﻠﻮا ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺒﻨﺎء. وﻋﲆ ﻧﻄﺎق أﺷﻤﻞ ،إذا ﻛﺎﻧﺖ املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ ﻏري ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،أو ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ املﻜﺎن ﻏري املﻨﺎﺳﺐ ،ﻓﻴ َ ُﻔﱰَض أن ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﺎل ذوو املﻬﺎرات ﺣﺎﻻ ،وﻳ َ املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ املﻜﺎن املﻨﺎﺳﺐ أﻓﻀ َﻞ ً ُﻔﱰَض أن ﻳﻨﻌﻤﻮا ﺑﺘﺸﻐﻴﻞ ﻛﺎﻣﻞ وأﺟﻮر ﻣﺘﺼﺎﻋﺪة؛ ﻓﺄﻳﻦ ﻫﺆﻻء؟ ً ﻧﻘﺼﺎ ﰲ اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ً ً ﻛﺎﻣﻼ — ﺑﻞ ً أﻳﻀﺎ ﺗﻮﻇﻴﻔﺎ ﻟﻨﻜﻮن ﻣﻨﺼﻔني ،ﻧﻘﻮل إن ﻫﻨﺎك — ﰲ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌﻠﻴﺎ؛ ﻓﻨ َِﺴﺐ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ ﻧﱪاﺳﻜﺎ وداﻛﻮﺗﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وداﻛﻮﺗﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ً ٌ ﱠ وﻟﻜﻦ ﺗﻌﺪا َد وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ ﻃﻔﺮة اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﻐﺎز، ً ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ أﻛﱪُ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﺗﻌﺪاد ﺳﻜﺎن ﺑﺮوﻛﻠني ،وﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺳ ﱠﻜﺎن ﻫﺬه اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺜﻼث ﻣﺮﺗﻔﻊ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻜﺎن ﻋﺪا ﻫﺬه اﻟﻮﻻﻳﺎت. وﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ِﻣﻬَ ﻦ رﺋﻴﺴﻴﺔ أو ﻓﺌﺎت ﻣﻦ املﻬﺎرات ﺗُﺒﲇ ﺑﻼءً ﺣﺴﻨًﺎ؛ ﻓﻔﻴﻤﺎ ﺑني ﻋﺎﻣَ ْﻲ ُ َ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﰲ اﻟﻔﺌﺎت ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ املﻮﻇﻔني واﻟﻌﻤﺎل ،واﻟﻘﻄﺎﻋﺎت ﺗﻀﺎﻋﻔ ِﺖ ٢٠٠٧و،٢٠١٠ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ،وﻏري املﺘﻌﻠﻤني وأﺻﺤﺎب املﺆﻫﻼت اﻟﻌﻠﻴﺎ؛ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ أﺣﺪ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ َ ٍ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ زﻳﺎدات ﻛﺒري ٍة ﰲ اﻷﺟﻮر ،ﺑﻞ ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ — ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول — ُ ً ﺟﱪوا ﻋﲆ اﻟﻘﺒﻮل أﺟﻮر أﺻﺤﺎب املﺆﻫﻼت اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﻛﺒريًا إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻏري ﻣﻌﺘﺎد؛ ﻷﻧﻬﻢ أ ِ ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻻ ﺗُﻮ ﱢ ﻇﻒ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ. ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ﻫﻲ أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻷن ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻳﻔﺘﻘﺮون ﻟﻠﻤﻘﻮﱢﻣﺎت املﻨﺎﺳﺒﺔ ،إذَ ْن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺠ َﺪ أﻋﺪادًا ﻻ َ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﺗﻠﻚ املﻘﻮﻣﺎت ﺗﻌﻴﺶ ﰲ رﺧﺎء ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻧﺠﺪه؛ ﻣﺎ ﻧﺮاه ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻔﻘﺮ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻋﺪ َم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﻠﺐ. 61
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
إذَ ْن ،ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻠﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻠﺔ اﻟﻄﻠﺐ؛ إذ ﻳﺤﺎول اﻟﻘﻄﺎ ُع اﻟﺨﺎص ﻛﻜ ﱟﻞ أن ﻳﻨﻔﻖ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻜﺴﺐ؛ ﻣﺎ أدﱠى إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺪﺧﻞ .إﻻ أﻧﻨﺎ وﻗﻌﻨﺎ ﰲ ﱢ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ؛ ﻓﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ إﻗﻨﺎ َع اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﺑﺰﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﺑﻤﺠﺮد زﻳﺎدة ﻛﻤﻴﺔ َ املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ْ َ رؤﻳﺔ ﻫﺬه رﻓﺾ اﻟﻜﺜريﻳﻦ اﻟﻨﻘﻮد املﺘﺪاوﻟﺔ ،ﻓﻤﺎ اﻟﺤﻞ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ واﺿﺤﺔ ،إﻻ أن اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ. ً ﺳﺒﻴﻼ ﻟﻠﺮﺧﺎء اﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﺎم ،١٩٣٩ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻗﺪ ﺗﺠﺎ َو َز أﺳﻮأ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري، إﻻ أن اﻟﻜﺴﺎد ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ً ٍ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﻮل إن ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ — ﺑﻴﺎﻧﺎت ﺗﺠﻤﻊ ﻛﻤﺎ ﻧﻌ ﱢﺮﻓﻪ اﻵن — ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﲆ أﻓﻀﻞ اﻟﻔﺮوض ،وﻗﺪ ﺑَﺪَا ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ ري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس؛ ﻛﺎن اﻟﺘﻔﺎؤل اﻟﺬي ﺷﻬﺪﺗْﻪ اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﱃ ﻣﻦ »اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« داﺋﻤً ﺎ ﻟﻜﺜ ٍ ﻗﺪ ﱠ ً ً ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻋﺎم ،١٩٣٧ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌ ﱠﺮ َ ض اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻟﺪور ٍة ﺛﺎﻧﻴ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺤﺎد. ﴐﺑﺔ ﺗﻠﻘﻰ ُ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ؛ ﻓﻤﺎذا ﺣﺪث؟ واﻧﺤﴪ ِت وﻟﻜﻦ ﰲ ﻏﻀﻮن ﻋﺎﻣني ،ﻋﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻼزدﻫﺎر َ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ أﺧريًا ﺑﺪَأ َ ٌ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻖ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻹدارة ﻋﺠﻠﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، وﻛﺎن ﻫﺬا »اﻟﺸﺨﺺ« — ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل — ﻫﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ﻛﺎن ﻫﺪف ﻫﺬا اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻷﺳﺎس ﻫﻮ اﻟﺘﺪﻣريَ وﻟﻴﺲ اﻟﺒﻨﺎء؛ ﻓﻌﲆ ﺣ ﱢﺪ ﺗﻌﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﱠني روﺑﺮت ﺟﻮردون وروﺑﺮت ﻛﺮﻳﻦ :ﰲ ﺻﻴﻒ َ ،١٩٤٠ دﺧ َﻞ اﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻮﻻﻳﺎت َ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﺮب .ﻓﻘﺒْﻞ ﺑريل ﻫﺎرﺑﻮر ﺑﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ،ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﻗﻔﺰ ٌة ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي؛ املﺘﺤﺪة إذ ﺳﺎرﻋَ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻟﺴﻔﻦ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺘﺎد اﻟﺬي أرﺳ َﻠﺘْﻪ إﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ٍ ﺑﴪﻋﺔ ﻹﻳﻮاء ﻣﻼﻳني ﻛﺠﺰءٍ ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻋﺎرة واﻟﺘﺄﺟري ،وأﻗﻴﻤَ ْﺖ ﻣﻌﺴﻜﺮات ﻟﻠﺠﻴﺶ ُ َ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي املﺠﻨﱠﺪﻳﻦ املﺴﺘَﺠَ ﺪﱢﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﻠﺒﻬﻢ ذﻟﻚ اﻟﻘﺎﻧﻮن .وإذ ﺧﻠﻖ ﴎ ،زا َد اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ﻛﺬﻟﻚ ُ َ وارﺗﻔ َﻊ ْ )ﻗﻴﱢﺪ ﻫﺬا اﻹﻧﻔﺎق ﺑﻨﻈﺎم اﻟﺤﺼﺺ، دﺧ ُﻞ اﻷ ُ َ ِ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ( .وﺣﻴﻨﻤﺎ رأ َ ِت اﻟﴩﻛﺎت ﻧﻤﻮٍّا ﰲ ﻣﺒﻴﻌﺎﺗﻬﺎ ،اﺳﺘﺠﺎﺑ َْﺖ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﺑﺰﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق. وﺑﻬﺬه اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻛﺎن اﻟﻜﺴﺎد ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ ،وﻋﺎد أوﻟﺌﻚ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل »اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺘﻘﺮون ﻟﻠﺘﺪرﻳﺐ واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﻜﻴﱡﻒ« ﻣﺮ ًة أﺧﺮى إﱃ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ. 62
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد
ﻫﻞ ﻣﺜ ﱠ َﻞ ﻛ ْﻮ ُن اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻮﺟﱠ ﻬً ﺎ ﻟﻠﺪﻓﺎع وﻟﻴﺲ ﻟﻠﱪاﻣﺞ املﺤﻠﻴﺔ أيﱠ أﻫﻤﻴ ٍﺔ؟ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ً إﻃﻼﻗﺎ؛ ﻓﺎﻹﻧﻔﺎق ﻳﺆدﱢي إﱃ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ،أﻳٍّﺎ ﻛﺎن اﻟﻐﺮض ﻣﻨﻪ. اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻻ ﻳﻬ ﱡﻢ ﻫﺬا ُ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻗﻄﻌً ﺎ؛ ﻓﻄﻮال ﻓﱰة اﻟﻜﺴﺎد ،ﺣﺬﱠ َر أﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻓﻮﺟﻬﺔ اﻹﻧﻔﺎق ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮاﻣﺞُ ﺧ ْﻠ ِﻖ أﺻﺤﺎبُ اﻟﻨﻔﻮذ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻹﻓﺮاط ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ ً ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪٍّا ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻋﻤﻖ اﻟﺮﻛﻮد .أﻣﺎ ﻣﺎ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ﰲ »اﻟﺼﻔﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة« داﺋﻤً ﺎ َ َ وأﻓﺴﺢَ ﺑﺬﻟﻚ املﺠﺎ َل اﻷﺻﻮات املﺎﻟﻴﺔ املﺤﺎﻓﻈﺔ، ﻓﻌﻠﻪ ﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﺤﺮب ،ﻓﻜﺎن أﻧﻪ أﺳ َﻜ َﺖ أﺧريًا إن ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ٍّ ﻷن أﻗﻮ َل ﻣﺎزﺣً ﺎ ﱠ أﻣﺎم اﻟﺘﻌﺎﰲ؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي دﻓﻌﻨﻲ ﰲ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ْ ٢٠١١ ﺣﻘﺎ ً ً ﻫﺎﺋﻼ ﻋﲆ وﺳﺎﺋﻞ إﻧﻔﺎﻗﺎ وﻫﻤﻲ ﺑﻐﺰو ﻓﻀﺎﺋﻲ؛ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺘﺒﻊ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ﻫﻮ ﺗﻬﺪﻳ ٌﺪ ﱞ املﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ. اﻟﺪﻓﺎع ِ وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ أن ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺤﺎﱄ ﻫﻮ دﻓﻌﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ. ﻫﻞ اﻷﻣﺮ ٍّ ﺣﻘﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ؟ ﻫﻞ ﺳﻴﻜﻮن ﺑﻬﺬه اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ً ﻓﻌﻼ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻫﻲ :ﻧﻌﻢ .ﻃﺒﻌً ﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ دور اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،واﻟﺘﺒﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﻊ ﻋﲆ اﻟﺪﱠﻳﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،وﻣﺎ ﻳﺠﺐ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻟﻀﻤﺎن ﻋﺪم اﻧﺰﻻق اﻻﻗﺘﺼﺎد إﱃ ﻫ ﱠﻮ ِة اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻦ ﺟﺪﻳ ٍﺪ ﻋﻨﺪ ﱡ ﺗﻮﻗ ِﻒ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻮﺟﱠ ﺐُ ﻋﻠﻴﻨﺎ َ ﻣﻨﺎﻗ ُ اﺳﺘﻔﺤﺎل ﺸﺔ ُﺳﺒ ُِﻞ اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ِ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﺎ أﺻﻞ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد ،وﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷﺑﻌﺎد ً وﺧﺎﺻﺔ املﺼﻴَﺪة اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌَ ﺘْﻬﺎ أوروﺑﺎ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ،وﺳﺄﻏﻄﻲ ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺪوﻟﻴﺔ، ً َ ﻣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻔﻜﺮة املﺤﻮرﻳﺔ ،وﻫﻲ أن ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ اﻟﻌﺎ َﻟ ُﻢ اﻵن ﻻﺣﻘﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب؛ وﻟﻜﻦ ﻻ َ ِ إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻹﺧﺮاﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد؛ ﻓﺈﻧﻬﺎء ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻳﻨﺒﻐﻲ — اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻫﻮ زﻳﺎدة ً ﺳﻬﻼ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻻ ﻳُﺼﺪﱠق. وﻳﻤﻜﻦ — أن ﻳﻜﻮن ﻧﺴﺘﻌﺮ َ ملﺎذا إذَ ْن ﻻ ﻧ ُ ِﻨﻬﻴﻪ؟ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ،ﻋﻠﻴﻨﺎ ً ض ﺑﻌﺾ أﺣﺪاث أوﻻ أن ِ ً أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ :اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﺎﳼ .وﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧﺎ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻷﻛﺜﺮ ﺑﺒﻌﺾ اﻻﺳﺘﻔﺎﺿﺔ ﻋﻦ أزﻣﺔ ،٢٠٠٨اﻟﺘﻲ َ أﻟﻘ ْﺖ ﺑﻨﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد. ﻧﺘﺤﺪﱠث ِ
63
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ
ﳊﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ
ُ اﻷزﻣﺔ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻄﺎﺣﻨﺔ ،ﺣﺘﻰ وﺻ ْﻠﻨﺎ إﱃ ﺣﺎﻟﺔ رﻛﻮد. ﴐﺑَﺘْﻨﺎ ﻫﺬه ﻣﺎ إن َ َ وﻋﻤﱠ َﻖ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد ﺑﺪوره ﻣﻦ أزﻣﺔ اﻻﺋﺘﻤﺎن؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺮاﺟﻌَ ْﺖ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻄﻠﺐ ﱠ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ .اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻨﺎ وﻗﻌﻨﺎ واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ،وارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﺧﺴﺎﺋ ُﺮ اﻻﺋﺘﻤﺎن ﰲ ُ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛريات اﻟﻀﺎرة املﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎ ٍم ،وﻃﺎ َﻟ ْﺖ رﻛﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وﺑﺪأ ِ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻣﺪﻳﻮﻧﻴ ِﺔ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻛ ﱠﻞ ٍ ً ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ املﻌﻤﺮة — ﻟﺰﻳﺎدة ﺣﺠﻢ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﻳﻘ ﱢﻠﺼﻮن ﻣﺸﱰﻳﺎﺗﻬﻢ — ﻣﺪ َ اﻟﴩﻛﺎت ﻹﻟﻐﺎء اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات املﺨ ﱠ ُ وﺗﴪﻳﺢ ﻄﻂ ﻟﻬﺎ ﱠﺧﺮاﺗﻬﻢ ،ﻓﻴﻤﺎ اﺗﱠﺠﻬَ ِﺖ ِ ُ اﻟﻌﻤﺎل ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،وﻗ ﱠﻠ َ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ أﺻﻮ َﻟﻬﺎ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺼ ِﺖ رأس املﺎل وﺗﺤﺴني ُﻓ َﺮ ِﺻﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ .ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻓﻬﻢ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﻫﺬه اﻟﻘﻮ َة املﺤ ﱢﺮﻛﺔ؛ ﻓﺘﺤﺪ َ ﱠث ﻋﻦ ﻣﻔﺎ َر ِ ﻗﺔ ﺗﻘﻠﻴﺺ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ً ُ ﺣﺼﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﻓﺮاد واﻟﴩﻛﺎت — اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت املﺘﱠ َﺨﺬ ُة ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﺗﻜﻮن وﴐورﻳﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻠﻌﻮدة ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد إﱃ ﺣﺎﻟﺘﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ — إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻀﺎﻋِ ُ ﻒ ِﻣ َ ﺤﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﻜ ﱟﻞ. ﺟﺎﻧﻴﺖ ِﻳﻠني ،ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺧﻄﺎب ﺑﻌﻨﻮان »اﻧﻬﻴﺎر ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ :دروس ملﺤﺎﻓِ ِﻈﻲ اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ«، ﻣﻦ ٍ ١٦أﺑﺮﻳﻞ ٢٠٠٩ ﰲ أﺑﺮﻳﻞ ،٢٠١١ﻋﻘﺪ ﻣﻌﻬ ُﺪ اﻟﻔِ ْﻜﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺠﺪﻳﺪ — اﻟﺬي أ ُ ﱢﺳ َﺲ ﰲ أﻋﻘﺎب اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻌﺎم ٢٠٠٨ﺑﻬﺪف ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﺳﻤﻪ — ﻣﺆﺗﻤ ًﺮا
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﰲ ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻧﻴﻮ ﻫﺎﻣﺒﺸري ،اﻟﺘﻲ ﻋُ ﻘِ ﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﺟﺘﻤﺎ ٌع ﺷﻬريٌ ﻋﺎم َ ١٩٤٤ وﺿ َﻊ ِ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب؛ وﻗﺪ ﻋ ﱠﻠﻖ أﺣﺪ املﺸﺎرﻛني — أ ُ َﺳ َﺲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻌﺎملﻲ ﰲ ﻣﺎرك ﺗﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ أورﻳﺠﻮن ،ﺻﺎﺣﺐ املﺪوﻧﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ اﻟﺘﺄﺛري »إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺘﺲ ﻓﻴﻮ« — ﺳﺎﺧِ ًﺮا ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﺒﻌﺾ ﻟﺠﺎن املﺆﺗﻤﺮ» :اﻟﻔﻜﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﻌﻨﻲ ﻗﺮاء َة اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ«. ﻛﺎن ﻣﺤِ ٍّﻘﺎ — وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﺎ َر َع آﺧﺮون ﺑﺘﺄﻛﻴﺪه — وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺳﺒﺐ وﺟﻴﻪ وراء َروَاج اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﺠ ﱠﺪدًا .ﺻﺤﻴﺢ أن ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﱠ ﺗﻮﺻﻠﻮا إﱃ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ ﱡ اﻟﺘﻐريات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ — ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑني أﻋﻘﺎب اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن أﻫﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ أﺑﺪَوا اﺳﺘﻌﺪادًا ملﺮاﺟﻌﺔ آراﺋﻬﻢ ﰲ ﺿﻮء اﻟﻜﺎرﺛﺔ املﺴﺘﻤﺮة، وﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺻﻐﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺄﻣﻞ — ﻛﺎن ﻫﻮ اﻟﻌﻮدة إﱃ ﺗﻘﺪﻳﺮ أﻓﻜﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺴﺎﺑﻘني .ﻃﺒﻌً ﺎ أﺣ ُﺪ ﻫﺆﻻء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺴﺎﺑﻘني ﻫﻮ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻨﺎ ﻧﺤﻴﺎ اﻵن ﰲ ﻋﺎ َﻟ ٍﻢ ِﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي َ وﺻ َﻔﻪ ﻛﻴﻨﺰ .وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ﻋﻮدة ﻗﻮﻳﺔ وﻣﱪﱠرة ﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني راﺣﻠني َ ﻋﺎﴏ ﻛﻴﻨﺰ، آﺧﺮﻳﻦ؛ أﺣﺪﻫﻤﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ اﻟﺬي َ َ َ واﻵﺧﺮ َ َ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ،وﻫﻮ اﻟﺮاﺣﻞ ﻫﺎﻳﻤﺎن ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ .واملﺜري دﺧ َﻞ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺑﺰوغ ﻧﺠﻢ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪٍ ،ﻫﻮ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﻌﻴﺪًا ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺴﺎﺋﺪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ؛ ﻓ ِﻠ َﻢ ﻳﻠﺠﺄ اﻟﻜﺜريُ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني — ﺑﻤَ ﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﻛﺒﺎر ﻣﺴﺌﻮﱄ ﻻﺳﺘﺤﻀﺎر اﺳﻤﻪ اﻵن؟ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ — ِ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﺤﺬﻳﺮات ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﻗﺒﻞ أزﻣﺔ ٢٠٠٨ﺑﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺤﺬﱢر ﻫﺎﻳﻤﺎن ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني — اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳُ ْﻠ ِﻖ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ً ٍ أزﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ ،وإﻧﻤﺎ ﻣﻦ وﺟﻮب ﺑﺎﻻ ﻟﺘﺤﺬﻳﺮاﺗﻪ — ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎل وﻗﻮع وﻗﻮﻋﻬﺎ. ﻗﻠﻴﻠﻮن ﻫﻢ ﻣَ ﻦ أﻧﺼﺘﻮا إﻟﻴﻪ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ — اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻬﻤﱠ ً ً ﺸﺔ ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻪ املﻬﻨﻴﺔ ،وﺗﻮﰲ ﻋﺎم ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ واﺷﻨﻄﻦ ﺑﺴﺎﻧﺖ ﻟﻮﻳﺲ — ١٩٩٦وﻫﻮ ﻻ ﻳﺰال ﻣﻬﻤﱠ ًﺸﺎ .وﻟﻜﻲ ﻧﻜﻮن ﺻﺎدﻗني ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﺮوجُ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﻴﺎر ُ ﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻴﺎر ﻟﻪ؛ ﻓﺄﻗ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺎل ﻋﻦ ُﻛﺘﺒﻪ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐَ اﻟﻮﺣﻴﺪ َ ٌ ﻫﻮ أﻧﻬﺎ َ ملﺤﺎت ﻣﺴﺘﺒﴫة ﻧﺎﺑﻐﺔ وﺳﻂ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺳﻬﻠﺔ اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب؛ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺗﺘﻨﺎﺛ َ ُﺮ ﻟﻴﺴ ْﺖ َ َ َ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﻮ املﻨﻤﱠ ﻖ واﻟﺠﱪ املﻄﻮﱠل .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻓﻘ ْﺪ أﻃﻠﻖ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻹﻧﺬارات 66
ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ
ﺗﺴﻊ أزﻣﺎت ﻋﲆ ﺷﺎﻛﻠﺔ اﻷزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺜﻼث اﻟﻜﱪى اﻟﻜﺎذﺑﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺒﱠﺄ َ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﺑﻨﺤﻮ ِ اﻟﺘﻲ وﻗﻌَ ْﺖ ﻣﺆﺧ ًﺮا. إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ،أد َر َك اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني — ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — َ أﻫﻤﻴﺔ »ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار املﺎﱄ« اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ،وإن املﺴﺘﺠﺪﱢﻳﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﰲ ﺗﻨﺎوُل أﻋﻤﺎل ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ — ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — ﻳﺘﻤﻨﱠﻮن ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺮءوا أﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ. ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮة ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ املﺒﺘﻜﺮة ﻫﻲ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ،أو ﺗﺮاﻛﻢ اﻟﺪﻳﻮن ً ﻧﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﺻﻮل أو اﻟﺪﺧﻞ .وﻗﺎل إن ﻓﱰات اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺗﻮ ﱢﻟﺪ زﻳﺎد ًة ﰲ ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻌﺒﺄ أﺣ ٌﺪ ﺑﺨﻄﺮ ﻋﺠﺰ املﻘﱰﺿني ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد ،ﻏري أن ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﺗﺆدﱢي ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف إﱃ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺗﻤﻬﱢ ﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺤﺪوث أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﻨﺎول املﺴﺄﻟﺔ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ. ﺑﺎدئ ذي ﺑﺪء ،اﻟﺪﻳﻮن ﻣﻔﻴﺪة ﺟﺪٍّا؛ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﱠﺎ ﺳﻨﺼﺒﺢ ﻣﺠﺘﻤﻌً ﺎ أﻛﺜﺮ ﻓﻘ ًﺮا إذا ﻣﺎ اﺿﻄﺮ ري ﻳﺴﻌﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﻛ ﱡﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﴍاء ﻣﻨﺰل إﱃ اﻟﺪﻓﻊ ﻧﻘﺪًا ،وﻟﺠﺄ ﻛ ﱡﻞ ﻣﴩوع ﺻﻐ ٍ ِ ٍ ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ إﻣﺎ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ اﻟﺨﺎص ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺳﻊ ،وإﻣﺎ إﱃ ﺗﺤﻤﱡ ﻞ ﴍﻛﺎء ﻏري إﱃ ً ٍ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺟﻴﺪة ﻟﻬﺎ ﻣﺮﻏﻮب ﻓﻴﻬﻢ .واﻟﺪﱠﻳﻦ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ﻧﻘﻮد أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺠﺪون ٍ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺟﻴﺪ ًة ﻟﻬﺎ. ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﻣَ ﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ — وﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﻈﻨﻮن — ﻻ ﻳﺘﺴﺒﱠﺐ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﰲ إﻓﻘﺎر املﺠﺘﻤﻊ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺣﺪ أﺻﻮل ﺷﺨﺺ َ آﺧﺮ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﺟﻤﺎﱄ اﻟﺜﺮوة ﻻ ﻳﺘﺄﺛﱠﺮ ﺑﻜﻤﻴﺔ ﻛﻜ ﱟﻞ؛ َﻓﺪَﻳ ُﻦ ٍ اﻟﺪﻳﻮن املﺘﺪاوﻟﺔ .ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺪﻗﺔ ،ﻻ ﻳﻨﻄﺒﻖ ذﻟﻚ إﻻ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ﻛﻜ ﱟﻞ ،ﻻ ﻋﲆ ْ وﻟﻜﻦ ﺑﻠ ٍﺪ واﺣ ٍﺪ ﺑﻤﻔﺮده ،وﺛﻤﺔ ﺑﻠﺪان ﺗﺰﻳﺪ دﻳﻮﻧﻬﺎ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻛﺜريًا ﻋﻦ أﺻﻮﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﺨﺎرج. ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﺳﻤﻌْ ﺘَﻪ ﻋﻦ اﻻﻗﱰاض ﻣﻦ اﻟﺼني وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ،ﱠ ﻓﺈن ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻓﺎﻟﻌﺠﺰ ﰲ »ﺻﺎﰲ وﺿﻊ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺪوﱄ« اﻟﻔﺎرق ﺑني أﺻﻮﻟﻬﺎ ودﻳﻮﻧﻬﺎ ﰲ اﻟﺨﺎرج — ﻗﻴﻤﺘﻪ ٢٫٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — أو ِ دوﻻر »ﻓﻘﻂ« .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ﻛﺜريًا ،وﻟﻜﻨﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ إﻃﺎر اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳُﻨﺘﺞ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ١٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .وﻗﺪ ﺗﺰاﻳﺪ ْ َت دﻳﻮن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٩٨٠ﻏري أن ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﴪﻳﻌﺔ ﰲ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻟﻢ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻏﺎرﻗني ﰲ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻟﺴﺎﺋﺮ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ. 67
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً ﻋﺮﺿﺔ ملﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﴐﺑ َِﺖ اﻟﺒﻼ َد وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺟﻌ َﻠﻨﺎ اﻟ ﱠﺪﻳْ ُﻦ ﻋﺎم .٢٠٠٨ ً ﻧﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺪﺧﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺪﻳﻬﻲ أن زﻳﺎدة ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ — أيْ زﻳﺎدة ﺣﺠﻢ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ً ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻮء اﻷﻣﻮر؛ ﻓﺎﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ اﺷﱰ َْت أو اﻷﺻﻮل — ﺗﺠﻌﻠﻚ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ دون أيﱢ ﻣﻘﺪم ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻓﻘﻂ ،ﺳﺘﺠﺪ أن ٍ ورﻃﺔ إذا ﻣﺎ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺰل أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﻟﺪﻓﱰﻳﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﺘﺠﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ً َث ﻫﺒﻮ ٌ ﺣﺪ َ ﺿﺌﻴﻼ؛ أﻣﺎ اﻷﴎة اﻟﺘﻲ دﻓﻌَ ْﺖ ﻣﻘﺪﻣً ﺎ ط ﰲ ﺳﻮق اﻟﻌﻘﺎرات ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن ﻗﺪره ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺳﺪادِ أﺻﻞ اﻟﻘﺮض ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﻤﻦ املﺮﺟﺢ أن ﺗﺠﺘﺎز ِ ﱡ اﻟﺘﺪﻓﻘﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﺴﺪاد اﻟﺪﻳﻮن املﺤﻨﺔ .وﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﴩﻛﺎت املﻠﺰﻣﺔ ﺑﺘﻜﺮﻳﺲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺮا َﻛﻤَ ْﺖ إﺛ َﺮ ﴍاء اﻟﺤﺼﺺ ﺑﻨﻘﻮد اﻟﻘﺮوض ﻗﺪ ﺗﻨﻬﺎر ﴎﻳﻌً ﺎ ﰲ ﺣﺎل ﺗﻌﺜﱡﺮ ﻣﺒﻴﻌﺎﺗﻬﺎ، ﰲ ﺣني أن اﻟﴩﻛﺎت ﻏري املﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ اﻟﺼﻤﻮد أﻣﺎم اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ. ُ ً ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺪﻳﻮن ﻟﺪى اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺰاﻳﺪ أﻣﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻗ ﱠﻞ ً ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺮ إذا ﻣﺎ ﺳﺎء َِت اﻷﻣﻮ ُر؛ اﻷﻓﺮاد واﻟﴩﻛﺎت ،ﻳﺼﺒﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺄ َ ْﴎه أﻛﺜ َﺮ ً ِ دواﻣﺔ املﻮت ،ﻓﻴﻬﺎ ﺗُﻔﴤ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﻓﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ املﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗﺠﻌﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﺟﻬﻮ ُد »ﺧﻔﺾ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن« اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﻬﺎ املﺪﻳﻨﻮن ﰲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻬﺎ إﱃ ﺧﻠﻖ ٍ ﺑﻴﺌﺔ ﺗُﻔﺎﻗِ ﻢ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺪﻳﻮن. َ وﻗﺪ ﱠ وﺿﺢَ اﻟﺨﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﰲ ﻣﻘﺎل ﻛﻼﺳﻴﻜﻲ ﻋﺎم ١٩٣٣ﺑﻌﻨﻮان »ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﰲ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري« ،اﻟﺬي ﻳﺒﺪو — ﻣَ ﺜﻠﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻣَ ﺜﻞ ﻣﻘﺎل ﻛﻴﻨﺰ اﻟﺬي اﻓﺘَﺘَ ُ ﺤﺖ ﺑﻪ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ — ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﺪ ُﻛﺘِﺐ ﻣﻨﺬ ﺑﻀﻌﺔ أﻳﺎم ،إذا ﻧﺤﱠ ﻴﻨﺎ ﺟﺎﻧﺒًﺎ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐَ املﻬﺠﻮرة ﰲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ .ﻳﻘﻮل ﻓﻴﴩ :ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ أن ﻳﺨﻠﻖ ﻫﺒﻮ ٌ ط اﻗﺘﺼﺎديﱞ وﺿﻌً ﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻴﻪ املﺪﻳﻨﻮن ﻣ َ ُﺠﱪﻳﻦ ﻋﲆ اﺗﺨﺎذِ ﺗﺪاﺑري ﴎﻳﻌﺔ ﻟﺨﻔﺾ دﻳﻮﻧﻬﻢ؛ ﻗﺪ ﻳَﻠﺠﺌﻮن إﱃ »اﻟﺘﺼﻔﻴﺔ« — أيْ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺑﻴﻊ أي أﺻﻮل ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻧﻬﺎ — أو إﱃ ﺧﻔﺾ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ واﺳﺘﺨﺪام اﻟﺪﺧﻞ ﻟﺴﺪاد دﻳﻮﻧﻬﻢ ،أو ﻛﻼ اﻟﺨﻴﺎرﻳﻦ ﻣﻌً ﺎ .ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﺪاﺑري أن ﺗﻨﺠﺢ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺪ ٌد ﻛﺒريٌ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد واﻟﴩﻛﺎت ﻳﺴﻌَ ﻮن ﻟﺴﺪاد دﻳﻮﻧﻬﻢ آن واﺣﺪٍ. ﰲ ٍ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣ َ َ ُﺜﻘﻠني ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن ﰲ اﻟﻮﻗﺖ وﻟﻜﻦ إذا وﺟَ َﺪ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻷﻃﺮاف ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﺈن ﺟﻬﻮدﻫﻢ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺮاﻣﻴﺔ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ املﺄزق ﺗﻬﺰم َ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ .ﻓﺈذا ﺣﺎ َو َل املﻼﻳ ُ ني ﻣﻦ أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل املﺘﻌﺜﺮﻳﻦ ﺑﻴْ َﻊ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ﻟﺴﺪاد ﻗﺮض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري 68
ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ
ُ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ — أو إذا ﺣﺠَ َﺰ اﻟﺪاﺋﻨﻮن ﻋﲆ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ،ﺛﻢ ﺣﺎوﻟﻮا ﺑﻴﻊ اﻟﻌﻘﺎرات املﺮﻫﻮﻧﺔ — ﺗﺼﺒﺢ َ َ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﻨﺎزل ،وﻳﺆدﱢي إﱃ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر املﻨﺎزل؛ ﻣﺎ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻫﻲ زﻳﺎدة اﻟﺒﻴﻊ اﻟﻘﴪي .وإذا ﺷﻌ َﺮ ِت اﻟﺒﻨﻮ ُك ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ إزاء ﺣﺠﻢ اﻟﺪﻳﻮن اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ واﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﻮن ،ﻓﺈن أﺳﻌﺎر ﰲ دﻓﺎﺗﺮﻫﺎ ،وﻗ ﱠﺮ َر ْت أن ﺗﺘﱠ ِﺠ َﻪ ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮﻫﺎ ﺑﺒﻴﻊ ِ ُﺠﱪﻫﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻨﺪات اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ واﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺳﺘﻬﺒﻂ؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻬﺪﱢد اﺳﺘﻘﺮا َر اﻟﺒﻨﻮك ،وﻳ ِ َ ﺑﻴﻊ املﺰﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل .وإذا ﱠ ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺴﺪاد دﻳﻮن ﺑﻄﺎﻗﺎت إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﰲ ﺧﻔﺾ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ُ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ،وﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻋﺐءُ اﻟﺪﻳﻮن ﻋﲆ املﺴﺘﻬﻠﻜني؛ وإذا اﻻﺋﺘﻤﺎن ،ﻳﻨﻬﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد وﺗﺨﺘﻔﻲ ً اﻧﻜﻤﺎﺷﺎ — أيْ ﻫﺒﻮ َ ط اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﺗﺪﻫ َﻮ َر اﻟﻮﺿ ُﻊ أﻛﺜ َﺮ ،ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﻛﻠﻪ أن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت — ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻻر ﺳﱰﺗﻔﻊ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﻌﺐء ُ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻرﻳﺔ ﻟﻠﺪﻳﻮن إﱃ اﻻﻧﺨﻔﺎض. »اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ« ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ ﺳﻴﺘﺰاﻳﺪ ،ﺣﺘﻰ إذا اﺗﱠﺠَ ﻬَ ِﺖ ُ ﱠ اﻟﺪﻗﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﱡ ﻟﺨ َ ﻳﻤﺲ ﺑﻠﻴﻎ ﺗﻨﻘﺼﻪ ﺺ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ ﻛ ﱠﻞ ذﻟﻚ ﰲ ٍ ﺷﻌﺎر ٍ َ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ» :ﻛﻠﻤﺎ ﺳﺪﱠد املﺪﻳﻨﻮن أﻛﺜﺮ ،زاد َدﻳْﻨﻬﻢ «.وﻓﻴﴩ ﻳﺮى أن ﻫﺬه ﻫﻲ ٍ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ وراء اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري؛ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ َ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد وﺻ َﻞ إﱃ ً ٍ ﻟﺪواﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد ذاﺗﻴ ِﺔ اﻟﺪﻓﻊ. ﻋﺮﺿﺔ ﻣﺴﺒﻮق ﻣﻦ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ،ﺟﻌﻠﻪ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻮًى ﻏري ٍ ذﻛﺮت ً ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﺆ ﱠﻛﺪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﲆ ﱟ ُ آﻧﻔﺎ ،ﻓﺈن ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﺗﺒﺪو ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺣﻖ .وﻛﻤﺎ ً ً ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ملﺎ ذُﻛِﺮ — ْ وإن ﻛﺎﻧﺖ أﻗ ﱠﻞ ﺗﻄ ﱡﺮ ًﻓﺎ — ﻫﻲ اﻟﺘﻔﺴري ﻗﺼﺔ ﻗﺪ ُﻛﺘِﺒﺖ ﺑﺎﻷﻣﺲ؛ أي إن اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﻧﺘﻌ ﱠﺮض ﻟﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ. ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﺷﻌﺎر ﺣﻮل اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮاﻫﻦ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ﻳُﺸ ِﺒﻪ ﺷﻌﺎ َر اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﺣﺎول ﺻﻴﺎﻏﺔ ٍ ﻓﻴﴩ اﻟﺒﻠﻴﻎ ﻋﻦ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻓﺘﻘﺎره إﱃ اﻟﺪﻗﺔْ ، وإن ُ ﻛﻨﺖ آﻣ ُﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺜريًا ُﺤﺠﻤﻮن ﻋﻨﻪ«. ﻟﻠﺬﻛﺮﻳﺎت :ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ» ،املﺪﻳﻨﻮن ﻋﺎﺟﺰون ﻋﻦ اﻹﻧﻔﺎق ،واﻟﺪاﺋﻨﻮن ﻣ ِ ً واﺿﺤﺔ ﻋﻨﺪ إﻟﻘﺎء ﻧﻈﺮة ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ؛ وﻳﻤﻜﻦ رؤﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ َ اﻗﱰﺿﺘَﺎ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ﺧﻼل ﻓﺎﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ املﺪﻳﻨﺔ — ﻣﺜﻞ اﻟﻴﻮﻧﺎن وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﻟﻠﺘني ﺳﻨﻮات اﻟﺮﺧﺎء ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ )ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺨﺎص ﻻ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،وﻟﻜﻦ ً ٍ ﻣﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﺈﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أزﻣﺎت ﺗﻮاﺟﻪ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻟﻨﻄﺮح ذﻟﻚ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ( — ِ ُ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻓﺎﺋﺪ ٍة ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻻﻗﱰاض إﻻ أن ﺗﻘﱰض أيﱠ ﻧﻘﻮ ٍد ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،وإﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ِ 69
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺟﺪٍّا .ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋَ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﺪول ﺣﺘﻰ اﻵن أن ﺗﺘﺠﻨﱠﺐَ ﻧﻔﺎ َد اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺣﺮﻓﻴٍّﺎ؛ وذﻟﻚ َ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻷﻗﻮى — ﻣﺜﻞ أملﺎﻧﻴﺎ واﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ — ﻣﺎ ﻷن ً ﱡ َ اﻟﻘﺮوض ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ ،إﻻ أن ﻫﺬه املﺴﺎﻋﺪات ﺟﺎء َْت ﺗﻀﺦ اﻧﻔ ﱠﻜ ْﺖ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺪول املﺪﻳﻨﺔ إﱃ ﻓ ْﺮ ِض ﺑﺮاﻣﺞ ﱡ ْ ُ وﺧﻔ ِﺾ ﺗﻘﺸ ٍﻒ ﺿﺎرﻳﺔ، اﻟﻘﻴﻮد؛ ﻓﻘﺪ اﺿﻄ ﱠﺮ ْت إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮد اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ. ﻏري أن اﻟﺪول اﻟﺪاﺋﻨﺔ ﻻ ﺗﻌﻤﺪ إﱃ أي زﻳﺎدة ﺗﻌﻮﻳﻀﻴﺔ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق؛ ﻓﻬﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﱡ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ً اﻟﺘﻘﺸﻒْ ، وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮاﻣﺞَ ِ وﺗﺸﺎرك ﰲ ﺑﺮاﻣﺞ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﺪﻳﻮن، أﻳﻀﺎ إزاء ِ ً اﻋﺘﺪاﻻ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺪول املﺪﻳﻨﺔ. أﻛﺜ َﺮ ﻫﺬه ﻗﺼﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﻣﻤﺎﺛِﻠﺔ ﺗﺠﺮي ﰲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ،ﰲ أوروﺑﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء؛ َﻓ ْﻠﻨﻨﻈ ْﺮ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — إﱃ إﻧﻔﺎق اﻷ ُ َﴎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺘﺒﻊ َ َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﺗﻐري ﻣﻌﺪﻻت اﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﱡ ِ ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻤﻠﻚ — ﻛﻤﺎ َ ٍ أوﺿﺢَ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﱠﺎن ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻷ ُ َﴎ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻤﱠ ﻞ ٍ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﻌﺪﻻت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ واﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ﻋﺎﻃﻒ ﻣﻴﺎن وأﻣري ﺻﻮﰲ — ً ُ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﺗﺒﺎﻳُﻨﺎ ﻛﺒريًا ﻓﻴﻤﺎ ﺑني ﻣﻘﺎﻃﻌﺎت ﺳﻠﻊ ﻣﺜﻞ املﻨﺎزل واﻟﺴﻴﺎرات ،وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻊ ،وﺟَ َﺪ ﻣﻴﺎن وﺻﻮﰲ أن املﻘﺎﻃﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺪﻻت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ َﻗ ﱠﻠ ْﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﴍاء اﻟﺴﻴﺎرات وﺑﻨﺎء املﻨﺎزل ﺑﺼﻮرة ﻛﺒرية ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ،إﻻ أن اﻷﺧرية ﺣﺎﻓ َ ُ ﻈ ْﺖ ﻋﲆ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴩاء املﻘﺎﻃﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻓﻴﻬﺎ ٌ اﻧﺨﻔﺎض ﻛﺒريٌ ﰲ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻄﻠﺐ. ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ؛ وﻟﺬﻟﻚ أﺻﺒَﺢَ ﺛﻤﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﻄﻠﺐ — ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ — ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد وﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ. ﻫﻲ وﻗﻮع اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ وﻟﻜﻦ ملﺎذا ﻳﺤﺪث ﻫﺬا اﻵن ،وﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺲ أو ﺳﺖ ﺳﻨﻮات؟ وﻛﻴﻒ ﻏﺮق املﺪﻳﻨﻮن ﰲ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس؟ ﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗﻲ دور ﻫﺎﻳﻤﺎن ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ. ُ أي ارﺗﻔﺎع اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪﺧﻞ أو ﻛﻤﺎ أﺷﺎ َر ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ،ﺗﺒﺪو ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ — ِ ﻣﺮﻳﻊ؛ ﻓﻔﻲ ﻇ ﱢﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﱢ ﻣﺘﻮﺳ ٍﻊ ،اﻷﺳﻌﺎ ُر وﺿﻊ اﻷﺻﻮل — أﻣ ًﺮا ﻣﺴﺘﺤﺒٍّﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺤ ﱠﻮ َل إﱃ ٍ ٍ ً ﺧﺎﺻﺔ أﺳﻌﺎر اﻷﺻﻮل ﻣﺜﻞ املﻨﺎزل — ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن املﻘﱰﺿﻮن ﻓﻴﻪ آﺧِ ﺬ ٌة ﰲ اﻻرﺗﻔﺎع — ﻫﻢ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ؛ ﻓﻤﺸﱰي املﻨﺰل ﻻ ﻳﺪﻓﻊ ﻣﻘﺪﱠﻣً ﺎ ﻳُﺬ َﻛﺮ ،وﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﺪﻳﻪ ﺣﺼﺔ ﻀﺎرب ﰲ ﻗﻴﱢﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ؛ وذﻟﻚ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻷن أﺳﻌﺎ َر املﺴﺎﻛﻦ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ؛ ﻓﺎ ُمل ِ 70
ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ
اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﻳﺸﱰي اﻷﺳﻬ َﻢ ﺑﺎﻟﻬﺎﻣﺶ ،ﺛﻢ ﺗﺮﺗﻔﻊ أﺳﻌﺎ ُر اﻷﺳﻬﻢ ،ﻓﻴﺰداد رﺑﺤُ ﻪ ﻛﻠﻤﺎ اﻗﱰ ََض أﻛﺜﺮ. املﻘﺮﺿﻮن ﻣﺴﺘﻌﺪﱢﻳﻦ ﻟﻠﺴﻤﺎح ﺑﻬﺬا اﻻﻗﱰاض؟ ﻷﻧﻪ ﻣﺎ دام أداءُ وﻟﻜﻦ ملﺎذا ﻳﻜﻮن ِ َ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﻜ ﱟﻞ ﺟﻴﺪًا ،ﻓﻼ ﻳﺒﺪو اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻣﺨﺎ َ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻃﺮ ًة ﻛﺒري ًةَ .ﻓ ْﻠﻨﺄﺧﺬ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ﻧ َ ً ﻈ َﺮ ﺑﺎﺣﺜﻮ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ﺑﻮﺳﻄﻦ إﱃ ﻣﺤﺪﱢدات ﻣﺜﻼ؛ ﻓﻘﺒْ َﻞ ِ ﺣﺎﻻت اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺳﺪاد ﻗﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري ،ﺣني ﻳﻤﺘﻨﻊ املﻘﱰﺿﻮن ﻋﻦ اﻟﺪﻓﻊ أو ﻳﻌﺠﺰون ﻋﻨﻪ ،ووﺟﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن أﻧﻪ ﻣﺎ داﻣَ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر املﺴﺎﻛﻦ أﺧﺬَ ْت ﰲ اﻻرﺗﻔﺎع ،ﻓﻨﺎد ًرا ﻣﺎ َ ﻳﺘﺨ ﱠﻠ ُ وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ؛ ﻓﻬﻢ ﻳَﻠﺠﺌﻮن إﱃ ﺑﻴﻊ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ املﻘﱰﺿﻮن ﻋﻦ اﻟﺪﻓﻊ ،ﺣﺘﻰ ﻣَ ﻦ ﻓﻘﺪوا ﻒ ِ ﻗﺼﺺ ﻣﺸﺎ ِﺑ ٌ ٌ أﻧﻮاع ﻛﺜري ٍة ﻣﻦ املﻘﱰﺿني؛ ﻓﻤﺎ دام ﻬﺔ ﻋﲆ وﺗﺴﺪﻳﺪ دﻳﻮﻧﻬﻢ .وﺗﻨﻄﺒﻖ ٍ ً ٌ ُ ﻣﺤﻔﻮﻓﺎ ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ. اﻹﻗﺮاض ﻛﺎرﺛﺔ ،ﻓﻼ ﻳﺒﺪو اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻟﻢ ﺗﺤ ﱠﻞ ﺑﻪ ً ُ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎِ ، ﻓﻤﻦ املﺮﺟﱠ ﺢ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ وﻫﻨﺎ ﻧﺮى ﻟﺐﱠ اﻟﻘﻀﻴﺔ :ﻣﺎ داﻣَ ْﺖ ً أن ﺗﻜﻮن اﻷﺣﺪاث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ِ ﻗﻠﻴﻠﺔ وﻣﺘﺒﺎﻋِ ﺪ ًة .إذَ ْن ،ﻓﺎﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻳﺒﺪو ِآﻣﻨًﺎ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺆﺳﻔﺔ املﻨﺨﻔِ ﺾ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ،وﻫﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺬي ﺗﺨﺒﻮ ﻓﻴﻪ ذﻛﺮى اﻟﺘﺒﻌﺎت اﻟﺴﻴﺌﺔ املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ، وﺗﺨﺘﻔﻲ ﰲ َﻏﻴﺎﻫﺐ اﻟﻨﺴﻴﺎن .وﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،ﻳﻔﴤ اﻻﻋﺘﻘﺎ ُد ﺑﺄن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ِآﻣﻦ إﱃ إرﺧﺎءِ ِ وﺗﻜﺘﺴﺐ اﻟﴩﻛﺎت واﻟﻌﺎﺋﻼت — ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء — ﻋﺎد َة اﻻﻗﱰاض، ﻣﻌﺎﻳري اﻹﻗﺮاض؛ ُ ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد. وﺗﺮﺗﻔﻊ ُ َ ٍ ٍ »ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ َﺳﺘَﺤِ ني ﻟﻜﺎرﺛﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴ ٍﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻳﻤﻬﱢ ﺪ ﻫﺬا ﻛ ﱡﻠﻪ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ« ،وﻫﻮ اﻟﺘﻌﺒري اﻟﺬي ﺻﺎﻏﻪ ﺑﻮل ﻣﻜﻮﱄ ،اﻟﺨﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺼﻨﺪوق ﺳﻨﺪات ﺑﻴﻤﻜﻮ؛ ﻛﺬﻟﻚ ﺗُﻌ َﺮف ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﺎﺳﻢ »ﻟﺤﻈﺔ واﻳﻞ إي ﻛﻮﻳﻮﺗﻲ« ،وﻫﻮ اﺳﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺬﺋﺐ اﻟﻜﺎرﺗﻮﻧﻴﺔ املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻈ ﱡﻞ ﺗﺠﺮي ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺠﺎ َو َز ﺣﺪو َد اﻟﺠﺮف ،ﺛﻢ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻌ ﱠﻠﻘﺔ ﰲ اﻟﻬﻮاء ﺣﺘﻰ ﺗﻨﻈﺮ إﱃ اﻷﺳﻔﻞ؛ وﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ ﻓﻘﻂ — ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻧني ﻓﻴﺰﻳﺎء ﻋﺎ َﻟﻢ اﻟﺮﺳﻮم املﺘﺤﺮﻛﺔ — ﺗﺴﻘﻂ. ِ ارﺗﻔﺎع ٍ ﻟﺤﻈﺔ ﻛﺎف ،ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﳾء أن ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺣﺎملﺎ ﺗﺼﻞ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺪﻳﻮن إﱃ ٍ ِ املﺒﺎﴍ، ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ؛ ﻛﺎﻟﺮﻛﻮد املﻌﺘﺎد ،واﻧﻔﺠﺎر ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ،وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﻻ ﻳﻬﻢ اﻟﺴﺒﺐ ِ ﻣﺨﺎﻃ َﺮ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ،وﻳُﻀﻄ ﱡﺮ املﺪﻳﻨﻮن إﱃ اﻟﺒﺪء ﻓﺎملﻬﻢ ﻫﻮ أن املﻘﺮﺿني ﻳﻜﺘﺸﻔﻮن ﻣﻦ ﺟﺪﻳ ٍﺪ ُ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪ َ ﱠث ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻴﴩ. دواﻣﺔ ﰲ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻣﺪﻳﻮﻧﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﺗﺒﺪأ ِ ﻠﻖ ﻧﻈﺮ ًة ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻷرﻗﺎم؛ ﱢ َ دﻳﻮن اﻷ ُ َﴎ ﻛﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻳﻮﺿﺢُ اﻟﺸﻜ ُﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ واﻵن ،دﻋﻮﻧﺎ ﻧ ُ ِ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ،وﻗﺪ ﻟﺠﺄت إﱃ اﻟﻘﺴﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ — وﻫﻮ 71
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺬي ﱢ ُﺪرجَ ﰲ اﻟﺤﺴﺎب ﺗﺄﺛريَ ﻛ ﱟﻞ ﻳﺤﻘ ُﻘﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎد — ﻷن ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳ ِ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ واﻟﻨﻤ ﱢﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻرﻳﺔ ﻟﺪﻳﻮن اﻷ ُ َﴎ ﰲ ١٩٥٥ﺣﻮاﱄ ﻣﻦ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ واﻟﻨﻤ ﱢﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا أرﺑﻌﺔ أﻣﺜﺎل ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٢٩وﻟﻜﻦ ﺑﻔﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ.
ﴎ وﺻﻌﻮدﻫﺎ ﻫﺒﻮط دﻳﻮن اﻷ ُ َ ١٢٠
٨٠ ٦٠ ٤٠ ٢٠
ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺪﻳﻮن ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ
١٠٠
٠ ١٩١٦ ١٩٢٦ ١٩٣٦ ١٩٤٦ ١٩٥٦ ١٩٦٦ ١٩٧٦ ١٩٨٦ ١٩٩٦ ٢٠٠٦ ُ اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﻟﻘﺪﻳﻢ ُ اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﱠ ﺧﻔ َﻔ ِﺖ اﻷ ُ َﴎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﺐءَ دﻳﻮﻧﻬﺎ؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻣﻬﱠ َﺪ َ ِ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻣﺠ ﱠﺪدًا ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ١٩٨٠؛ ﻣﺎ اﻻزدﻫﺎر ،ﻏري أن اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ِ أرﳻ دﻋﺎ ِﺋ َﻢ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺤﺎﱄ )املﺼﺪر :اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷﻟﻔﻴﺔ )ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد( ،وﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ(.
ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﺪ ِم ُ ُ ﺗﻮاﻓ ِﻖ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻔﱰات اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ؛ ﻓﺘﺘﻨﺎ َو ُل ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ ٌ ِ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻔﱰ َة ﻣﻦ ١٩١٦إﱃ ١٩٧٦؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻤﺘ ﱡﺪ إﺣﺪى ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت 72
ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ
ﻷﺳﺒﺎب ﻓﻨﻴ ٍﺔ — ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٥٠ﺣﺘﻰ وﻗﺘﻨﺎ ﻫﺬا .وﻟﻘﺪ — ﺗﻘ ﱢﺪ ُم ﻋﺪدًا أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ٍ ُ ُ اﻟﺘﺪاﺧﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ — وﻫﻮ ﻣﺎ أﻇﻨﱡﻪ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﺑﻌﺮض اﻟﺴﻠﺴﻠﺘني اﻟﺰﻣﻨﻴﺘني — ﻣﻀﻤﱢ ﻨًﺎ ﻓﱰ َة ﻗﻤﺖ ِ ِﻟﻨ َ ْﻘﻞ ﺻﻮر ٍة ﻛﻠﻴ ٍﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﺼﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ. املﻔﺎﺟﺊ ﰲ ﻧﺴﺒ ِﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ وﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ! ﻫﺬا اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻬﺎﺋﻞ ِ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﺑني ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩٢٩و ،١٩٣٣ﻫﻮ ﻣﺜﺎ ٌل ﻋﻤﲇ ﱞ ﻋﲆ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻟﻔﻴﴩ؛ ارﺗﻔﺎع ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎﺗﺞُ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﰲ ﻫﺒﻮط؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ اﻟ ﱠﺪﻳْ ُﻦ ﰲ ٍ ﺟﻬﻮ ُد املﺪﻳﻨني اﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ْ ِ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد واﻻﻧﻜﻤﺎش؛ ﻣﻤﺎ ﺣﺪوث ﻟﺨﻔ ِﺾ دﻳﻮﻧﻬﻢ ﰲ ٍ َ َ ِ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺪﻳﻮن؛ وﻗﺪ ﺳﺎﻋَ َﺪ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺬي ﺻﺎﺣَ ﺐَ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة — ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻓﺎﻗ َﻢ رﺟﻮع ﻧﺴﺒ ِﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ. ﻗﺼﻮره — ﻋﲆ ِ ﺛﻢ ﺟﺎءت اﻟﺤﺮبُ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﺧﻼل اﻟﺤﺮب ُرﻓ َ ِﺾ ﻣﻨْﺢُ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص أيﱠ ﻗﺮوض ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر وﻣﻌﺪﻻت اﻟﺪﺧﻞ .وﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب، ٍ ُ ً َ ﻧﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺪﺧﻞ؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌَ َﻞ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ﻛﺜريًا ﻧﺴﺒﺔ دﻳﻮن اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻗﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ارﺗﻔﺎ َع اﻟﻄﻠﺐ ﰲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻣﻤ ِﻜﻨًﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻨﻈﺎم اﻟﺤﺼﺺ واﻟﻀﻮاﺑﻂ ﱠ اﻟﺘﻲ َ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل( ﻓﺮﺿﺘْﻬﺎ اﻟﺤﺮب. وﺗﻮﻗ َﻊ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني )وﻋﺪ ٌد ﻏريُ ٍ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﻋﻮد َة اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﱃ اﻟﻜﺴﺎد ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﺤﺮب ،وﻟﻜﻦ وﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﴍاء املﻨﺎزل — َ ً أﺑﻘ ْﺖ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﻧ َ ِﺸ ً ﻄﺎ ﺣﺘﻰ ﻃﻔﺮة ﻛﺒرية ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺨﺎص — أﺻﺒﺢ اﻟﻜﺴﺎ ُد اﻟﻜﺒري ذﻛﺮى ﺑﻌﻴﺪ ًة. َ وﻛﺎن ِ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺰﻳﺎد ٍة ﻏري ﻋﺎدﻳﺔ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ، ﺗﻼﳾ ذﻛﺮى اﻟﻜﺴﺎد ﻫﻮ ﻣﺎ ﻣﻬﱠ َﺪ اﻧﺘﺨﺎب روﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن؛ ﻷن اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺟﺰءٌ ﺑﺪأ َ ْت ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻋﺎم ،١٩٨٠وﻗﺪ ﺗﺰاﻣَ َﻦ ذﻟﻚ ﻣﻊ ِ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺔ .ﻳُﻌ َﺰى ﺑﺪءُ ﺻﻌﻮد اﻟﺪﻳﻮن ﰲ ﺟﺰءٍ ﻣﻨﻪ إﱃ أن املﻘﺮﺿني واملﻘﱰﺿني ﻧ َ ُﺴﻮا أن وار ُد اﻟﺤﺪوث ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳُﻌ َﺰى ﻛﺬﻟﻚ إﱃ أن اﻟﺴﺎﺳﺔ واﻟﺨﱪاء — وﻗﻮع اﻟﺤﻮادث اﻟﺴﻴﺌﺔ أﻣ ٌﺮ ِ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء — ﻧ َ ُﺴﻮا ذﻟﻚ ً أﻳﻀﺎ ،وﺑﺪءوا ﰲ إﻟﻐﺎء اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ أُدﺧِ ْ ﻠﺖ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ملﻨ ْ ِﻊ وﻗﻮع اﻟﺤﻮادث اﻟﺴﻴﺌﺔ ﻣﺠ ﱠﺪدًا. ُ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺧﻠﻖ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻘﻂ، وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﺗﻜ ﱠﺮ َر وﻗﻮ ُع اﻟﺤﻮادث اﻟﺴﻴﺌﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ وإﻧﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ٌ ُ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﺮﻳﺪة ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ،ﺗﺒﺪو ﻓﻴﻬﺎ ً ﺗﴫﱡﻓﺎ ﺧﺎﻃﺌًﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ.
73
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت املﺮآة إذا َ ُ ﻛﻨﺖ ﺗﻘﴤ َﻗ ْﺪ ًرا ﻻ َ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪون ﺑﺄس ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﰲ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻣﻬﻤني ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺤﺎﱄ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد — وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻠﺰﻣﻪ وﻇﻴﻔﺘِﻲ ﻛﺨﺒري اﻗﺘﺼﺎدي — ِ اﻻﺳﺘﻌﺎرات ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺘﺘﻌﺮف ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﻋﲆ إﺣﺪى أﻛﱪ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﻢ؛ وﻫﻲ أﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن َ املﺠﺎزﻳﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﺮون اﻻﻗﺘﺼﺎ َد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ أﻧﻪ أ ُ ْﴎة ﺗﻤ ﱡﺮ ﺑﺄوﻗﺎت ﺻﻌﺒﺔ ،وﻗﺪ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ إرادﺗﻬﺎ ،وأﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻣ َ َ ٍ ُﺜﻘﻠﺔ ﺑﺪﻳﻮن ﺗﺰﻳﺪ ﻛﺜريًا ﻋﻦ اﻧﺨﻔ َﺾ دﺧﻠﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻮًى دﺧﻠﻬﺎ .وﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ،ﻳﺼﻔﻮن ﻟﻬﺬه اﻷﴎ ِة ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﻋﲆ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ واﻟﺤﻜﻤﺔ، َ َ ُ وﻧﺨﻔﺾ اﻷﺣﺰﻣﺔ ،وﻧﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ إﻧﻔﺎﻗﻨﺎ ،وﻧﺴ ﱢﺪ َد دﻳﻮﻧﻨﺎ، ﻣﻠﺨﺼﻪ اﻵﺗﻲ :ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺸ ﱠﺪ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ. َ اﻧﺨﻔ َﺾ ْ دﺧﻠُﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻠﺔ إﻧﻔﺎﻗﻨﺎ ﻧﻮاﺟ ُﻪ ﻫﺬا اﻟﻨﻮ َع ﻣﻦ اﻷزﻣﺎت؛ ﻓﻘﺪ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ِ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ،واملﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﺳﻴﺘﺒﻌﻪ املﺰﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺪﺧﻞ .ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻨﺎ ﻟﺸﺨﺺ أو ٍ ﻧﻌﺎﻧِﻲ اﺳﺘﻔﺤﺎ َل اﻟﺪﻳﻮن ،وﻟﻜﻨﻬﺎ َ ﺟﻬﺔ ﺧﺎرﺟﻴ ٍﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻧﻘﻮدًا ﻣﺴﺘﺤَ ﱠﻘ ًﺔ ٍ ً ﻓﺎرﻗﺎ ﻛﺒريًا .أﻣﺎ ﻋﻦ ﺧﻔﺾ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ، ﻳَﺪِﻳﻦ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻘﻮد ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻟﺒﻌﺾ ،وﻫﺬا ﻳﺼﻨﻊ ﻀﻬﺎ؟ إذا ﺣﺎ َو َل اﻟﺠﻤﻴﻊ ْ ﻧﺔ ﺑﻤَ ﻦ ﻳﻜﻮن ْ ﻓﻤﻘﺎ َر ً ﺧﻔ ُ ﺧﻔ َﺾ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ،ﻓﻠﻦ ﻳﺆدﱢي ذﻟﻚ إﻻ إﱃ زﻳﺎدة اﻟﻮﺿﻊ ﺳﻮءًا. ﱢ َ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ املﺮآة؛ ﻓﻤﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ٍ — ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻜﻮن ْ ﺧﻔ ُ ﺾ اﻟﻔﻮاﺋﺪ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﻻﺳﺘﻌﺎدة ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ — ُ ٍ رذﻳﻠﺔ، اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ إﱃ وﺗﺮا ُﻛ ِﻢ اﻟﺪﻳﻮن املﻔﺮﻃﺔ أ َ ْو َرﺛَﻨﺎ ﻋﺎ َﻟﻤً ﺎ ﻣﻠﻴﺌًﺎ ﺑﺎملﻔﺎرﻗﺎت؛ ﻋﺎ ًملﺎ ﺗﺘﺤﻮﱠل ﻓﻴﻪ ُ املﻬﻤﱡ ﻮن ﺗﺰﻳﺪ ْ ُ وﺿﻌَ ﻨﺎ واﻟﺤﻜﻤﺔ إﱃ ﺣﻤﺎﻗﺔ ،وﻣﻌﻈﻢ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺎﻟﺒﻨﺎ ﺑﻬﺎ اﻷﺷﺨﺎص ِ ﺳﻮءًا ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ. ﻣﺎ ﻫﻲ املﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺘﻲ أﺗﺤﺪﱠث ﻋﻨﻬﺎ؟ إﺣﺪى ﻫﺬه املﻔﺎرﻗﺎت ﻫﻲ »ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺘﻮﻓري«، رات اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻤﻬﻴﺪيْ ، واﺳ ٍﻊ ﰲ ﻣﻘ ﱠﺮ ِ ﻧﻄﺎق ِ وإن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺷﻌﺒﻴﺘُﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗُﺪ ﱠرس ﻋﲆ ٍ ﺗﻀﺎءَ َﻟ ْﺖ ﻣﻊ ﺗﻼﳾ ذﻛﺮى اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،وﻣﻔﺎدﻫﺎ ﻛﺎﻵﺗﻲ :ﺑﻔﺮض أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﺎوﻟﻮا ﺗﻈﻦ ﱠ آن واﺣﺪ ،ﻗﺪ ﱡ أن زﻳﺎد َة اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ اﻻدﱢﺧﺎر ﺳﻮف ﺗُﱰﺟَ ﻢ ﰲ ﺻﻮر ِة زﻳﺎد َة ﻣﺪﺧﺮاﺗﻬﻢ ﰲ ٍ زﻳﺎد ٍة ﰲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات — ﻓﻴ َ ُﻨﻔﻖ املﺰﻳ ُﺪ ﻋﲆ إﻧﺸﺎء املﺼﺎﻧﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪة واملﺒﺎﻧﻲ اﻹدارﻳﺔ ْ وﻟﻜﻦ ﰲ اﻗﺘﺼﺎد وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺴﻮﱡق وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ — ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻌ ﱢﺰ َز ﺛﺮوﺗﻨﺎ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ؛ اﻟﻜﺴﺎد ،ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺎول اﻟﺠﻤﻴ ُﻊ زﻳﺎد َة ﻣﺪﱠﺧﺮاﺗﻬﻢ )وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻘﻠﻴﻞ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ( 74
ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ
ُ اﻟﴩﻛﺎت إﱃ ﻫﻮ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺪﺧﻞ واﻧﻜﻤﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد .وإذ ﻳﺰداد ﻛﺴﺎ ُد اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﺗﺘﱠ ِﺠﻪ ﻳﺠ ُﺪ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ِ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﺎ ،ﻻ إﱃ زﻳﺎدﺗﻬﺎ؛ ﻓﺒﻤﺤﺎوﻻﺗﻨﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻟﺰﻳﺎدة اﻻدﱢﺧﺎرِ ، َ اﻧﺨﻔ َﺾ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف. أن إﺟﻤﺎﱄ ﻣﺪﱠﺧﺮاﺗﻬﻢ ﻗﺪ ُ ٍ ﻣرياث ِﻣﻦ ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺘﻮﻓري — ﻛﻤﺎ ﻳُﺬ َﻛﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﺎد ًة — ﺑﺎﻟﴬورة ﻋﲆ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻻﻗﱰاض املﻔﺮط ﰲ املﺎﴈ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺸري إﱃ أن ﻫﺬا ﻳﺆدﱢي ﺑﻨﺎ إﱃ ﻛﺴﺎدٍ ِ ﻣﺴﺘﻤ ﱟﺮ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ،ﻏري أن اﻟﺪﻳﻮن املﻔﺮﻃﺔ ﺗﺴﺒﱢﺐ ﻣﻔﺎرﻗﺘني إﺿﺎﻓﻴﺘني. اﻗﺘﺼﺎديﱟ ً ﺷﻌﺎر املﻔﺎرﻗﺔ اﻷوﱃ ﻫﻲ »ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﺗﻘﻠﻴﺺ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ« ،اﻟﺘﻲ رأﻳﻨﺎ ﻣﻠﺨﺼﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﰲ ِ ﺗﺤﺎو ُل ﻓﻴﴩ اﻟﺒﻠﻴﻎ اﻟﺬي ﻣﻔﺎده أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺳ ﱠﺪ َد املﺪﻳﻨﻮن أﻛﺜﺮ ،زاد دَﻳﻨﻬﻢ؛ ﻓﺎﻟﻌﺎ َﻟﻢ اﻟﺬي ِ ٌ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒري ٌة ﻣﻦ أﻓﺮاده أو ﴍﻛﺎﺗﻪ أو ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ أن ﺗﺴﺪﱢد دﻳﻮﻧﻬﺎ ﰲ ٍ وﻗﺖ واﺣﺪٍ ،ﻫﻮ ﻋﺎ َﻟ ٌﻢ ُ ﻳﻨﻬﺎر ﻓﻴﻪ ْ ً ُ ﱠ ﺗﺘﺤﺴﻦ. ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ أن ﻣﺸﻜﻼت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻓﻴﻪ ﺳﻮءًا وﻗﻴﻤﺔ اﻷﺻﻮل ،وﺗﺰداد اﻟﺪﺧ ُﻞ أﻣﺎ املﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ »ﻣﻔﺎرﻗﺔ املﺮوﻧﺔ«؛ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،ﻳﻨﻄﻮي ﻣﻘﺎ ُل ﻓﻴﴩ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﱠ وﻟﻜﻦ ﺗﺠﺴﻴﺪﻫﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺪﱠﻣَ ﻪ — ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻋﻠﻤﻲ — ﺟﺎوﺗﻲ ﺿﻤﻨﻴٍّﺎ ﻋﲆ ﻫﺬه املﻔﺎرﻗﺔ، إﺟﺮﺗﺴﻮن ،اﻟﺨﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﻨﻴﻮﻳﻮرك ،وﻣﻔﺎده ﻫﻮ :ﻋﺎد ًة، ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﺑﻴﻊ ﳾءٍ ﻣﺎ ،ﻳﻜﻮن اﻟﺤ ﱡﻞ اﻷﻣﺜ ُﻞ ﻫﻮ ﺧﻔﺾ ﺳﻌﺮه؛ ﻟﺬا ﻳﺒﺪو ﻣﻦ ﺗﻮاﺟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ِ ِ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻮ ﺧﻔﺾ اﻷﺟﻮر .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻳﺮى اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﻧﻔﱰض أن ﺣ ﱠﻞ ﺳﺎﻫ َﻢ ﰲ ﱡ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن املﺤﺎﻓﻈﻮن أن ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ َ ﺗﺄﺧ ِﺮ اﻟﺘﻌﺎﰲ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﻷن ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة املﻮاﻟﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﱠ ﺎل رﻓﻌَ ِﺖ اﻷﺟﻮ َر ﰲ ٍ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻣﻦ املﺤﺘﻢ ﻓﻴﻪ أن ﺗُ ﱠ ﺨﻔﺾ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻳﻘﺎل إن زﻳﺎدة »املﺮوﻧﺔ« ﰲ ﺳﻮق ﻄﻒ ﻟﺘﺨﻔﻴﺾ اﻷﺟﻮر — ﻫﻲ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ٍّ اﻟﻌﻤﻞ — وﻫﻮ ﺗﻌﺒري ﻣﻠ ﱠ ﺣﻘﺎ. ٍ ِ ﻳﺤﺴ َﻦ ُﻓ َﺮ َ ﱢ وﻇﻴﻔﺔ ﺻﻪ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻮاﺣﺪ ﻳﻤﻜﻦ أن وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ً ً أﺟﺮ أﻗﻞ — ﻷﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻣﻘﺎ َرﻧﺔ ﺑﻐريه ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺒﻮل ٍ اﻟﺨﻔﺾ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻸﺟﻮر ﻻ ﻳُﺤﺪِث ً ﻓﺮﻗﺎ ﰲ ْ َ — ﱠ أﻣﺮ واﺣﺪٍ؛ ﻓﻬﻮ ﻓﺈن وﺿ ِﻊ أﺣﺪٍ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ٍ ﻳﻘ ﱢﻠ ُﻞ ﻣﻦ ْ دﺧ ِﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﺗﻈ ﱡﻞ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ؛ إذَ ْن زﻳﺎدة املﺮوﻧﺔ ﰲ اﻷﺟﻮر )واﻷﺳﻌﺎر( ﻟﻦ ﱢ ﺗﺤﻘ َﻖ ﺷﻴﺌًﺎ ﺳﻮى زﻳﺎدة اﻷوﺿﺎع ﺳﻮءًا. رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ُ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﻗﺪ ﺧﻄ َﺮ ْت ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﻜﺮ ٌة؛ وﻫﻲ أﻧﻪ إذا ُ أوﺿﺤﺖ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ً ً وﺣﻜﻴﻤﺔ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ أﺳﻮأ ً ٍ ﺣﺎﻻ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﺗﴫﻓﺎت ﻟﻠﺘ ﱢﻮ أن ﻓﻌْ َﻞ ﻣﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﻌﺪﱡه ﻋﺎد ًة اﻟﺮاﻫﻦ ،أ َ َﻻ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻔﻌﻞ ﻋﻜﺴﻬﺎ؟ واﻹﺟﺎﺑﺔ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻫﻲ :ﺑﲆ؛ ﻳﺤﺎو ُل ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ املﺪﻳﻨني ادﱢﺧﺎ َر املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺎل وﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﻢ، ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ِ 75
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
َ ٌ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ،ﻓﻴﻨﻔﻖ املﺰﻳ َﺪ وﻳﻘﱰض املﺰﻳﺪَ ،واﻟﺒﺪﻳﻬﻲ أن »ﺷﺨﺺ ﻣﺎ« ِﻣﻦ املﻬﻢ أن ﻳﻔﻌﻞ ﻃﺮﻳﻖ َ آﺧﺮ — ﻟﺪﻋﻮة ﻛﻴﻨﺰ ذاﺗﻬﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﺑﻬﺬا وﺻ ْﻠﻨﺎ — ﻣﻦ ٍ َ َ اﻟﴬورﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ إﱃ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ وﺟﺪْﻧﺎ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ. ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺤﺠﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن اﻧﺨﻔﺎض اﻷﺟﻮر واﻷﺳﻌﺎر ﺳﻴﺰﻳﺪ اﻟﻮﺿﻊ ﺳﻮءًا؟ ﻫﻞ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن رﻓﻊ اﻷﺟﻮر واﻷﺳﻌﺎر ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﻮ َر أﻓﻀﻞ ،وأن اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﱢ ﱡ ﻳﺨﻔ َ ﻒ ﻋﺐءَ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻔﻴﺪًا؟ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؛ ﻷن )ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻵﺛﺎر املﻔﻴﺪة اﻷﺧﺮى ،واﻟﺘﻲ ﺳﻨﺘﺤﺪﱠث ﻋﻨﻬﺎ ً ً ﻧﻄﺎق ﻻﺣﻘﺎ( .وﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن ٍ َ ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن أوﺳﻊَ ،ﻳﻤﻜﻦ — ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ — ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺨﺮج أو أﺧﺮى ،ﻣﺜﻞ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء ﻗﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري ،أن ﺗﻤﺜ ﱢ َﻞ ﺟﺰءًا ﻣﻦ إﻳﺠﺎدِ ﻣَ ٍ داﺋ ٍﻢ ﻣﻦ ﻣﺄزق اﻟﻜﺴﺎد. وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺴﺘ ِﺒ ُﻖ اﻷﺣﺪاث؛ ﻓﻘﺒﻞ أن ﻧﺤ ﱢﺪ َد اﻟﺨﻄﻮ َ ط اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﺮ َد اﻟﻔﺼﻮ َل اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻟﻠﺨﻮض أﻛﺜ َﺮ ﰲ ﻛﻴﻔﻴ ِﺔ وﺻﻮﻟﻨﺎ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺎﰲ ،أو ﱡد أن أ ُ ِ اﻟﻜﺴﺎد ﰲ املﻘﺎم اﻷول.
76
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ
ﲨﻮح اﳌﴫﻓﻴﲔ
ً ُ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ املﺒﺘﻜﺮة — اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ اﻷﺧرية — ﺷﺠﱠ ﻌَ ِﺖ ﻇﻬﻮ َر ﺑﻌﺾ املﻨﺘﺠﺎت املﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻷﺻﻮل واﻟﺘﺰاﻣﺎت َ اﻟﻘﺮوض املﻀﻤﻮﻧﺔ وﻣﺒﺎدﻟﺔ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻻﺋﺘﻤﺎن ،اﻟﺘﻲ ﱢ ﺗﺸﺘﻴﺖ املﺨﺎﻃﺮ … ﺗﻴﴪ اﻷدوات املﺎﻟﻴﺔ ﱠ ً ُ ﻣﺮوﻧﺔ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﻈﺎ ٍم ﻣﺎﱄ ﱟ أﻛﺜﺮ املﻌﻘﺪة ﰲ وﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤَ ْﺖ ﻫﺬه ِ وﻛﻔﺎء ًة — وﻣﻦ ﺛﻢ أﻛﺜﺮ ﺻﻤﻮدًا — ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم املﺴﺘﺨﺪَم ﻣﻨﺬ رﺑﻊ ﻗﺮن ﻓﺤﺴﺐ. أﻻن ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن ١٢ ،أﻛﺘﻮﺑﺮ ٢٠٠٥ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٥ﻛﺎن أﻻن ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن ﻻ ﻳﺰال ﻳ َ ُﻌﺘﱪ أﺳﺘﺎذَ ﻣﺠﺎﻟﻪ ،وﻣﻨﺒﻊ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺴﺘﺒﴫة ،وﻗﺪ اﻋﺘُ ِﱪت ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺗُﻪ ﺣﻮل ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻬ ﱠﻠ ْﺖ ﻋﴫًا ﺟﺪﻳﺪًا ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮارً ، ِ املﺴﺘﺒﴫة .وﻗﺎل ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن إن َﺳﺤَ ﺮة وول ﻣﺜﺎﻻ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻤﺔ ﺳﱰﻳﺖ ﻗﺪ ﺗﺄ ﱠﻛﺪوا ﻣﻦ ﻋﺪم ﺣﺪوث ﳾء ﻣﺜﻞ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ وﻗﻌَ ْﺖ ﰲ املﺎﴈ ﻣﺠ ﱠﺪدًا. املﺒﻬﺮ ﰲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺮأ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻵن ،ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺬﻫﻮل إزاء ﻧﺠﺎح ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن ِ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺨﺎﻃﺊ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺑﺘﻜﺎرات املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﺎ َر إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﺤﺴني اﻻﺳﺘﻘﺮار املﺎﱄ ﻫﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪًا — »ﺗﺤﺪﻳﺪًا« — ﻣﺎ َ دﻓ َﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ إﱃ ﻣﺼﺎد َر ِ ﺷﻔﺎ اﻟﻬﺎوﻳﺔ ﺑﻌﺪ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات .ﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف اﻵن أن ﺑﻴﻊ »اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺄﺻﻮل« — وﻳﺸري ﻫﺬا ﰲ اﻷﺳﺎس إﱃ ﻗﺪرة اﻟﺒﻨﻮك ﻋﲆ ﺑﻴﻊ ﺣُ َﺰ ٍم ﻣﻦ اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ واﻟﻘﺮوض اﻷﺧﺮى ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻏري امل ﱠ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ إﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﰲ ﻄﻠﻌني ﻋﲆ ﺑﻮاﻃﻦ اﻷﻣﻮر، َ ُ اﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﻘﺮوض املﻀﻤﻮﻧﺔ اﻹﻗﺮاض املﺘﻬﻮر .وﻗﺪ ﺣﺼ َﻠ ِﺖ دﻓﺎﺗﺮﻫﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ — ﻗﺪ ﺷﺠﱠ َﻊ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
— اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻔﺘﻴﺖ اﻟﺪﻳﻮن املﻌﺪوﻣﺔ — ﻋﲆ أﻋﲆ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ؛ وﻣﻦ اﻟﺴﺬﱠج ،وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ْ ﺛ َ ﱠﻢ اﺳﺘﺪرﺟَ ْﺖ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﱡ إن ﺳﺎء َِت اﻷﻣﻮ ُر ،ﺻﺎ َر ْت ﻫﺬه ُ اﻷﺻﻮل ﺗُﻌ َﺮف ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﻨﻔﺎﻳﺎت اﻟﺴﺎﻣﺔ« .وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ْ ِ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﺒﻨﻮ َك ﻋﲆ ﻣﺒﺎدﻟﺔ َت اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺄن اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﺎ ِآﻣ ٌ ُ ﻨﺔ؛ ﻷن ﺛﻤﺔ ﻣَ ﻦ ﻗﺎ َم ﺑﺘﺄﻣﻴﻨﻬﺎ ﺿﺪ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ؛ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺎء َِت ً وﺧﺎﺻﺔ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻷﻣﻮر ،أﺻﺒَﺢَ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﺄﻣﻴﻨﻴﺔ — ﻟﻠﺘﺄﻣني — ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ املﺎل ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﻮﻋﻮدﻫﺎ. إﻻ أن ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وﺣﺪه ﰲ أوﻫﺎﻣﻪ؛ ُ ﻓﻘﺒﻴﻞ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،اﺗﺴﻤَ ْﺖ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ُ اﻟﻘﻠﺔ ﺑﱰاخ ﻣﺬﻫِ ٍﻞ ،وﺣﺘﻰ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ — ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء — ٍ ُ ُ اﻟﻘﻠﻖ إزاءَ ارﺗﻔﺎع ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ واﻻﺳﺘﺨﻔﺎف اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎ َو َرﻫﻢ املﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮُ ،ﻗﻮ ِﺑﻠﻮا ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻻﺳﺘﻬﺰاء ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ً أﻳﻀﺎ. ُ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻋﲆ ﺳﻠﻮك اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ وﻗﺪ اﻧﻌ َﻜ َﺲ ﻫﺬا ﺳﻮاء؛ وﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ ُﻓ ﱢﻜ َﻜ ِﺖ اﻟﻘﻮاﻋ ُﺪ واﻟﻀﻮاﺑ ُ ﻂ اﻟﺘﻲ و ُِﺿﻌَ ﺖ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻟﻠﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎت املﴫﻓﻴﺔ. إﻓﻼت زﻣﺎم املﴫﻓﻴني ﻻ أدري إﻻ َم ﺳﺘﺼﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ؛ ً ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﺣﻤﺎﻳﺔ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ،ﱡ ﺗﺪس اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ َ أﻧﻔﻬﺎ ﰲ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ! ﻟﻘﺪ َ وﺻ َﻞ ﺑﻬﻢ اﻷﻣﺮ اﻵن إﱃ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺗﻌﻴني ﻣﻔﺘﱢﺸني ﻋﲆ »اﻟﺒﻨﻮك« ،وﻛﺄﻧﻨﺎ — ﻧﺤﻦ املﴫﻓﻴني — ﻻ ﻧﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻧُﺪِﻳﺮ ﻣﺼﺎرﻓﻨﺎ! ﻟﺪيﱠ رﺳﺎﻟﺔ ﰲ املﻨﺰل ﻣﻦ ﻣﺴﺌﻮل ﻣﺘﺒﺨﱰ ﻳﺨﱪﻧﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺳﻮف ﱠ ﻳﺘﻔﻘﺪون دﻓﺎﺗﺮي .ﺛﻤﺔ ﺷﻌﺎر ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺰﻳﱢﻦ ﻛ ﱠﻞ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ :أﻣﺮﻳﻜﺎ ِﺘﺪﺧ ِﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﺷﺌﻮن اﻟﴩﻛﺎت! ﱢ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني! ﻻ ﻟ ﱡ ﺧﻔﻀﻮا اﻟﴬاﺋﺐ! اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﻠﻎ ﺣﺪٍّا ﻣﺮوﻋً ﺎ؛ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ! ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻫﻮ رﺋﻴﺲ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل! املﴫﰲ ﺟﺎﻳﺘﻮود ،ﰲ ﻓﻴﻠﻢ »ﻋﺮﺑﺔ اﻟﺠﻴﺎد« )(١٩٣٩ ُ ْ ﺣﺪﻳﺚ املﴫﰲ اﻗﺘﺒﺴﺘُﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻳﺒﺪو ِﻣﺜْﻞ اﻟﺴﻄﻮر اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ اﻟﺼﺎﺧﺐ ﻣﻦ ﻓﻴﻠﻢ ﺟﻮن ﻓﻮرد اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ »ﻋﺮﺑﺔ اﻟﺠﻴﺎد« — ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ 78
ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني
أﻟﻔﺎ ً ﻇﺎ ﻣﺜﻞ »ﻣﺘﺒﺨﱰ« — ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﻴﻞ أﻣﺲ .ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ — ْ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ ً َ ﻣﺤﺘﺎﻻ، ﺷﺎﻫﺪت اﻟﻔﻴﻠﻢ )اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺸﺎﻫِ ﺪَه( — ﻫﻮ أن ﺟﺎﻳﺘﻮود ﻛﺎن ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ وأن ﺳﺒﺐ وﺟﻮدِه ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻌﺮﺑﺔ ﻫﻮ أﻧﻪ اﺧﺘ َﻠ َﺲ اﻟﻨﻘﻮ َد املﻮدﻋﺔ ﰲ ﺑﻨﻜﻪ ﻛﻠﻬﺎ ،وﻛﺎن ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ إﱃ اﻟﻬﺮوب ﻣﻦ املﺪﻳﻨﺔ. ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﺟﻮن ﻓﻮرد ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣُﻌﺠَ ﺒًﺎ ﺑﺎملﴫﻓﻴني ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٩ ً ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺸﺎرﻛﻮﻧﻪ ذﻟﻚ اﻟﺮأي؛ ﻓﻘﺪ ﺧ ﱠﻠ ْ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻮﺟﺔ ﻔﺖ ﺗﺠﺎربُ اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ — إﻓﻼس اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎﺣَ ِﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ — ١٩٣١-١٩٣٠ﻣ ً ُﻨﺎﺧﺎ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ً واﺳ َﻊ اﻟﻨﻄﺎق ،وأﺳﻔ َﺮ ْت ﻋﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﺎت ْ ﴏاﻣﺔ .ﺑﻌﺾ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﺑﻮﺿ ِﻊ ﺿﻮاﺑﻂ أﻛﺜﺮ و ُِﺿﻌﺖ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻻ ﻳﺰال ﺳﺎرﻳًﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا؛ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﻧﻮﺑﺎت اﻟﺬﻋﺮ املﴫﰲ املﻌﺘﺎدة ﰲ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ ،إﻻ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻀﻮاﺑﻂ أُﻟﻐِ ﻴﺖ ﰲ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت واﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .وﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ،ﻧﺮى أن ﱢ املﺘﻐري ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا املﺰﻳﺞ ﻣﻦ إﻟﻐﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻀﻮاﺑﻂ ﻟﻢ ﺗُﺤﺪﱠث ﻟﻠﺘﻜﻴﱡﻒ ﻣﻊ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ ً ﻋﺎﻣﻼ رﺋﻴﺴﻴٍّﺎ ﰲ زﻳﺎدة اﻟﺪﻳﻮن واﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺘﻬﺎ. اﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻹﺣﺠﺎم ﻋﻦ ﺗﺤﺪﻳﺜﻬﺎ دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻤﱠ ﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ اﻟﺒﻨﻮك ،وﺳﺒﺐ اﻻﺣﺘﻴﺎج إﱃ وﺿﻊ ﺿﻮاﺑﻂ ﻟﻌﻤﻠﻬﺎ. ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺑﺪأ َ ِت اﻷﻋﻤﺎ ُل املﴫﻓﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺼﺪﻓﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ ﺣﻴﺚ ٍ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ وﻫﻮ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﺬﻫﺐ .ﻛﺎن اﻟﺼﺎﻏﺔ — أﻋﻤﺎل ﻫﺎﻣﺶ ﻣﺠﺎل ﺟﺎء َْت ﻋﲆ ِ ٍ َ ﺧﺰاﺋﻦ ﺷﺪﻳﺪ َة ﺑﺤﻜﻢ ارﺗﻔﺎع ﻗﻴﻤﺔ املﺎدة اﻟﺨﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ — ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن داﺋﻤً ﺎ ﻣﻘﺎو ً ﻣﺔ ﻟﻠﴪﻗﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺪأ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﰲ ﺗﺄﺟري ﻫﺬه اﻟﺨﺰاﺋﻦ؛ ﻓﺼﺎر ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻷﻓﺮاد اﻟﺼﻼﺑﺔ، ِ ً ً اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ذﻫﺒًﺎ وﻻ ﻳﺠﺪون ﻣﻜﺎﻧﺎ ِآﻣﻨﺎ ﻟﺤﻔﻈﻪ أن ﻳﻌﻬﺪوا ﺑﻪ إﱃ اﻟﺼﺎﺋﻎ ،وﻳﺤﺘﻔﻈﻮن ﺑﺘﺬﻛﺮ ٍة ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﺳﺘﻌﺎدة ذﻫﺒﻬﻢ ﻣﺘﻰ ﺷﺎءوا. َ اﻛﺘﺸ َ وﻫﻨﺎ ﺑﺪأ ﺷﻴﺌﺎن ﻣﺜريان ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﰲ اﻟﺤﺪوث؛ ً ﻒ اﻟﺼﺎﻏﺔ أﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا أوﻻ: ﻣﻀﻄﺮﻳﻦ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻜ ﱢﻞ ﻣﺎ ﰲ ﺧﺰاﺋﻨﻬﻢ ﻣﻦ ذﻫﺐ؛ ﻓﻨﻈ ًﺮا ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﻏري املﺮﺟﺢ أن ﻳﻄﺎﻟِﺐَ آن واﺣﺪٍ ،ﻛﺎن ﻣﻦ املﺄﻣﻮن )ﻋﺎد ًة( أن ﻳﻘﺮﺿﻮا ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﺟﻤﻴ ُﻊ املﻮدﻋني ﺑﺬﻫﺒﻬﻢ ﰲ ٍ اﻟﺬﻫﺐ ،ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺠﺰءٍ ﻣﻨﻪ ﻓﻘﻂ ﰲ ﺧﺰاﺋﻨﻬﻢ .وﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﺑﺪَأ َ ﺗﺪا ُو ُل ﺗﺬاﻛ ِِﺮ اﻟﺬﻫﺐ املﺨ ﱠﺰن ً ُ اﻟﺸﺨﺺ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﻤﻼت اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﺔ؛ َ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،أﺻﺒﺢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻨﻘﻞ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨ ﱢﺰﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﺎﺋﻎ؛ ُ ﻗﺼﺎﺻﺔ اﻟﻮرق املﻘﺎ ِﺑﻠﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻘِ َ ﻄﻊ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻣﻌﺎدِ ًﻟﺔ ﻟﻠﺬﻫﺐ ﺑﺼﻮر ٍة أو وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﺑﺄﺧﺮى. 79
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
َ وﰲ ﻫﺬا ﱠ َ املﻔﺎﺿ ِﻠﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻳﻮاﺟﻪ املﺴﺘﺜﻤﺮون ﺗﺘﻠﺨﺺ اﻟﺨﺪﻣﺎت املﴫﻓﻴﺔ؛ ﻓﻐﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ِ ﺑني »اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ« ،وﻫﻲ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻮد ﴎﻳﻌً ﺎ؛ و»اﻟﻌﺎﺋﺪات« ،وﻫﻲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺳﻴﻮﻟﺔ ً ً املﺎل وﺟَ ﻨْﻲ املﺰﻳﺪ ﻣﻨﻪ؛ ﻓﺎﻟﻨﻘﻮد ﰲ ﺟﻴﺒﻚ ﱢ ﺗﺎﻣﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺄي ﻋﺎﺋﺪ ،أﻣﺎ ﺗﻮﻓﺮ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﻣﴩوع ﺟﺪﻳﺪ واﻋﺪ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ﻓﻘﺪ ﻳﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎ ًرا راﺋﻌﺔ إذا ﺳﺎ َر ﻛ ﱡﻞ ﳾء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻮﻳﻠُﻪ إﱃ ﻧﻘﺪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ إذا ﻣﺎ واﺟﻬْ َﺖ أيﱠ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻃﺎرﺋﺔ .ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ اﻟﺒﻨﻮك ﻫﻮ اﻟﻘﻀﺎء ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ إﺟﺮاءِ ﻫﺬه املﻔﺎﺿﻠﺔ؛ َ ﻓﺎﻟﺒﻨﻚ ﱢ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﻘﻮدﻫﻢ وﻗﺘﻤﺎ ﻳﺸﺎءون ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﻮﻓﺮ ملﻮدﻋﻴﻪ ﻳﻮ ﱢ ﻇﻒ ﻣﻌﻈ َﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻮد ﰲ أﻋﻤﺎل ﺗُﺪ ﱡر ﻋﺎﺋﺪًا ﻣﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻃﻮﻳﻠﺔ املﺪى ،ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺮوض اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أو ﻗﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري. ﺣﺘﻰ اﻵن ،ﻛ ﱡﻞ ﳾء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام؛ وﻧﺮى أن اﻟﺒﻨﻮك ﻧﺸﺎ ٌ ط اﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻔﻴﺪ ﺟﺪٍّا — ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻤﴫﻓﻴني ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﺑﺄﴎه — ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن .إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻋﻤﺎل املﴫﻓﻴﺔ أن ﺗﺴري ﻋﲆ ﻏري ﻣﺎ ﻳﺮام؛ ﻓﻬﻴﻜﻠﻬﺎ ﻗﺎ ِﺋ ٌﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﲆ آن واﺣﺪٍ .أﻣﺎ إذا ﻣﺎ ﻗ ﱠﺮ َر ﺟﻤﻴﻊ املﻮدﻋني — أو ﻋﺪم ﻣﻄﺎ َﻟﺒ ِﺔ املﻮدﻋني ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺑﻨﻘﻮدﻫﻢ ﰲ ٍ آن واﺣ ٍﺪ ﻟﺴﺒﺐ أو َ آﺧﺮ ،ﻓﺴﻴﻘﻊ ﻛﺜريٌ ﻣﻨﻬﻢ — أن ﻳﺴﺤﺒﻮا ﻧﻘﻮدَﻫﻢ ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺒﻨﻮك ﰲ ٍ َ ٍ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ،وإذا ﺣﺎ َو َل ﺟﻤْ َﻊ املﺎل ورﻃﺔ ﻛﺒريةٍ؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﺒﻨﻚ ﰲ ٍ ﺑﺄﺳﻌﺎر زﻫﻴﺪةٍ، وأﺻﻮل أﺧﺮى ،ﻓﺴﻮف ﻳﻀﻄ ﱡﺮ إﱃ ﺑﻴﻌﻬﺎ ﻗﺮوض ﺑﴪﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴ ِْﻊ ٍ ٍ ٍ ورﺑﻤﺎ ﻳُﻔﻠِﺲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ ﺧﻀﻢ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ. ِ آن واﺣﺪٍ؟ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ املﻮدﻋني ملﺤﺎوﻟﺔ ﺳﺤْ ِﺐ ﻧﻘﻮدﻫﻢ ﰲ ٍ ري ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻮ ﺧﻮﻓﻬﻢ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺒﻨ ُﻚ ﻋﲆ ﻣﺸﺎرف اﻹﻓﻼس ،رﺑﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻜﺜ ِ ﻣﻦ املﻮدﻋني ﺳﺤﺐَ ﻧﻘﻮدﻫﻢ ﻣﻨﻪ. ً ﺳﻤﺔ ﻻ ﻣﻔ ﱠﺮ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻫﻲ اﺣﺘﻤﺎ ُل ﺣﺪوث إذَ ْن ﻓﺎﻷﻋﻤﺎل املﴫﻓﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﰲ ﻃﻴﱠﺎﺗﻬﺎ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﺑﺎت اﻟﺬﻋﺮ املﴫﰲ ،وﻫﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﻦ ﻓﻘﺪان اﻟﺜﻘﺔ املﻔﺎﺟﺊ اﻟﺬي ﻳﺘﺴﺒﱠﺐ ﰲ ﱠ ﺗﺘﺤﻘﻖ ذاﺗﻴٍّﺎ .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺬﻋﺮ ،ﺗﺘﺤﻮﱠل ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف إﱃ ﻧﺒﻮءات ُ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣ ً ُﻌﺪﻳﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ﻫﺬا ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺬﻋﺮ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻨﺘﴩ ﻟﻴﻄﻮل ﺑﻨﻮ ًﻛﺎ أﺧﺮى ،أم ﻫﺬه ٍ ﺿﺎﺋﻘﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻷن ﺑﻴﻊ أﺻﻮل ﺑﻨﻚ واﺣﺪ ﺑﺄﺳﻌﺎر زﻫﻴﺪة ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻮﻗﻊ اﻟﺒﻨﻮ َك اﻷﺧﺮى ﰲ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ،إﺛﺮ ﺧﻔﺾ ﻗﻴﻤﺔ أﺻﻮﻟﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى. وﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ُ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺬﱡﻋْ ﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﻗﺪ ﻻﺣﻈﻮا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺛﻤﺔ ﺗﺸﺎﺑُ ٌﻪ واﺿﺢ ،ﺑني ِ ِ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ،ﺣني وﻣﻨﻄﻖ املﴫﰲ — وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺬﻋﺮ املﴫﰲ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﻌﺪوى — ِ 80
ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني
آن واﺣﺪٍ؛ اﻟﻔﺎرق اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻫﻮ أن ارﺗﻔﺎ َع ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻳﺤﺎول اﻟﺠﻤﻴ ُﻊ ﺳﺪا َد دﻳﻮﻧﻬﻢ ﰲ ٍ وﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺄﴎه — اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ وﻗﻮ َع ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﻣُﻤ ِﻜﻨًﺎ — ﻻ ُ ً ﺣني َ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻵﺧﺮ ،ﰲ ﺣني أن اﻟﺒﻨﻮك »ﻋﺎد ًة« ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻳَﺤﺪث إﻻ ِﻣﻦ ٍ ﱠ ﺗﺘﺤﻘﻖ ذاﺗﻴٍّﺎ؛ ﻓﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ وﻗﻮع ﻧﻮﺑﺎت ﻣﻔﺎﺟ ٍﺌﺔ ﰲ اﻟﺜﻘﺔ ﻧﺒﻮء ًة ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺠﻌْ ِﻞ أيﱢ ﺧﺴﺎر ٍة ِ ﱢ ري — ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻤﻞ املﴫﰲ. اﻟﺬﻋﺮ املﴫﰲ ﻫﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ — إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻛﺎن ﺛﻤﱠ َﺔ ﱠ ﺣﻼن رﺋﻴﺴﻴﺎن ملﺸﻜﻠﺔ اﻟﺬﻋﺮ املﴫﰲ؛ ً أوﻻ: ً ﺻﻠﺒﺔ ﻗﺪ َر اﻹﻣﻜﺎن ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ املﻈﻬﺮﻳﺔ — وﻟﻬﺬا ﺣﺎو َﻟ ِﺖ اﻟﺒﻨﻮك أن ﺗﺒﺪو ﱢ ﺑﺘﻮﺧﻴﻬﺎ أﻗﴡ درﺟﺎت ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻨﻮك ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗُﺸﻴﱠﺪ ﻣﻦ ﻫﻴﺎﻛﻞ رﺧﺎﻣﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ — أم ﻛﺎن ُ »ﻧﺴﺒﺔ رأس املﺎل« ﻟﺪى اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ .ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ،ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺒﻠﻎ ٢٠أو ٢٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﺎد ًة؛ أيْ إن ﻗﻴﻤﺔ وداﺋﻌﻬﺎ َ ﺑﻠﻐ ْﺖ ٧٥أو ٨٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ أﺻﻮﻟﻬﺎ ،وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن اﻟﺒﻨﻮ َك ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻘﺪ ﻣﺎ َ أﻗﺮﺿﺘْﻬﺎ ،وﺗﻈ ﱡﻞ ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ ﺳﺪادِ ﻧﻘﻮد ﻳﺼﻞ إﱃ ٢٠أو ٢٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ املﻮدﻋني ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .وﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚُ ،ﻗﺒَﻴْﻞ ِ أزﻣﺔ ﻋﺎم ،٢٠٠٨ﻛﺎن ُ رأس املﺎل اﻟﺪاﻋﻢ ً ً ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻬﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﻳﻤﺜﱢﻞ أن ﺗﺘﺴﺒﱠﺐ أيﱡ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻃﻔﻴﻔﺔ ﰲ »اﻧﻬﻴﺎر اﻟﺒﻨﻚ«. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﺑُ ِﺬ َﻟﺖ ﺟﻬﻮد ﻹﻧﺸﺎء »ﻣﻼذ أﺧِ ري ﻟﻺﻗﺮاض«؛ وﻫﻲ ﱠ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻤﻮﱢل اﻟﺒﻨﻮ َك ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺬﻋﺮ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻀﻤﻦ ﺳﺪا َد ﻧﻘﻮ ِد املﻮدﻋني وﺗﻬﺪﺋﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺬﻋﺮ .ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﺑﺪأ ﺑﻨ ُﻚ إﻧﺠﻠﱰا ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﻬﺬا اﻟﺪور ﰲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ،وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،اﺳﺘﺠﺎب ﺑﻨﻚ ﺟﻲ ﺑﻲ ﻣﻮرﺟﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻔﻮي ﻟﻨﻮﺑﺔ اﻟﺬﻋﺮ املﴫﰲ ﻋﺎم ،١٩٠٧ وﻗﺪ أدﱠى إدرا ُك ﻋﺪ ِم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ وﺟﻮد ﺟﻴﻪ ﺑﻲ ﻣﻮرﺟﺎن داﺋﻤً ﺎ ،إﱃ إﻧﺸﺎء ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ. ﻏري أن ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ أﺛﺒﺘَ ْﺖ أﻧﻬﺎ ﻏري ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﱠ ﺗﺪﺧ َﻞ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،وأﻧﺸﺄ ﻗﺎﻧﻮ ُن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل ﻟﻌﺎم ١٩٣٣ ً ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺪود ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ )وﺑﻌﺾ اﻟﺘﴩﻳﻌﺎت املﻤﺎﺛﻠﺔ ﰲ ﺑﻠﺪان أﺧﺮى( ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻣﺪار ﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﱃ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ،ﻧﺠﺤَ ْﺖ ﻫﺬه اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت املﺎﻟﻴﺔ ،وﻋﲆ ِ ُ ري. املﻨﻈﻮﻣﺔ ﰲ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ َ ﺗﺄﻣني اﻟﻮداﺋﻊ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﴍﻛﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ ،أﻧﺸﺄ ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل ِ )وﻻ ﺗﺰال( ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻠﻤﻮدﻋني ﻋﺪ َم ﺧﺴﺎرة ﻧﻘﻮدﻫﻢ إذا ﻣﺎ أﻓ َﻠ َﺴ ِﺖ اﻟﺒﻨﻮ ُك اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن 81
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺷﺎﻫﺪ َ ﻣﻌﻬﺎ .إذا َ ْت ﻓﻴﻠ َﻢ »إﻧﻬﺎ ﺣﻴﺎة راﺋﻌﺔ« ،اﻟﺬي ﻳﺘﻀﻤﱠ َﻦ ﻣﺸﻬﺪًا ﻟﻨﻮﺑ ِﺔ ذُﻋْ ٍﺮ ﻣﴫﰲ أﺻﺎﺑ َْﺖ ﺑﻨﻚ ﺟﻴﻤﻲ ﺳﺘﻴﻮارت ،ﻓﻘ ْﺪ ﻳﻬﻤﱡ َﻚ أن ﺗﻌﺮف أن املﺸﻬﺪ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﻣﻔﺎ َر ٍ ﻗﺔ املﻔﱰ ُ ُ اﻟﺬﻋﺮ املﴫﰲ َ َﺿﺔ اﻟﺒﻨ َﻚ — ﻧﻮﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺻﺎرﺧﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﴐﺑ َْﺖ ﻓﻴﻪ ِ ﰲ أﻋﻘﺎب اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ — ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﻮداﺋ ُﻊ ﻣﺆﻣﱠ ً ُ ﻧﻮﺑﺎت اﻟﺬﻋﺮ ﻨﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ املﴫﰲ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻗﺪ و ﱠﻟ ْﺖ إﱃ ﻏري رﺟﻌﺔ. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،اﺳﺘﻄﺎع ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل أن ﻳﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺪار املﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻲ ٌ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺿﻮء إﻧﺸﺎء اﻟﺘﺄﻣني ﻋﲆ ﻗﺪ ﺗﺘﻌ ﱠﺮض إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺒﻨﻮك ،وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺬه اﻟﺨﻄﻮة اﻟﻮداﺋﻊ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳ ِ ُﻔﴤ إﱃ »ﻣﺨﺎﻃﺮ أﺧﻼﻗﻴﺔ« ﻫﺎﺋﻠﺔ؛ أيْ إﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ ً ٍ ﻣﺴﺎءﻟﺔ ﻇﺮوﻓﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﴫﻓﻴني ﺑﺄن ﻳﺠﻤﻌﻮا اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ،دون املﻤﻜﻦ أن ﻳﻬﻴﱢﺊ ﱡ ٍ اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻳﻀﺨﻮن ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮ َد ﰲ — ﺣﻴﺚ إن ﻛ ﱠﻞ ﳾء ﻣﺆﻣﱠ ﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ — ﺛﻢ ﻋﺎﻟﻴ ِﺔ املﺨﺎﻃﺮ ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄﻧﻬﻢ اﻟﺮاﺑﺤﻮن إذا ﻣﺎ ﺳﺎ َر ِت اﻷﻣﻮر ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ،أﻣﺎ إذا ﺳﺎء َْت ﻓﺪاﻓِ ﻌﻮ اﻟﴬاﺋﺐ ﻫﻢ اﻟﺨﺎﴎون .وﺟﺎء َْت أوﱃ اﻟﻜﻮارث اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ أد ْ ﱠت إﱃ إﻟﻐﺎء ﺗﻠﻚ ُ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري واﻹﻗﺮاض — ﺑﻤﺎ اﻟﻀﻮاﺑﻂ ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺮﻫﻨ َ ْﺖ ً ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺸﻚ — ﻋﲆ أن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﻘﺎﻣﺮات املﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﻨﻘﻮ ِد داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻻ ﻳَ َﺪ ُع ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜ َﺮ ِﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﺣﺘﻤﺎل ﻧﻈﺮي. ٌ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ُﻓ ِﺮ َ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف إﱃ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ املﻘﺎﻣﺮة ﺿﺖ ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك ﺑﻨﻘﻮد املﻮدﻋني ،ﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ ﱠ أن أيﱠ ﺑﻨﻚ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻮداﺋ َﻊ ﺗُﻘﻴﱠﺪ أﻧﺸﻄﺘﻪ ﰲ ﻣﺠﺎل ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﺮوض؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺴﺘﺨ ِﺪ َم ﻧﻘﻮ َد املﻮدﻋني ﻟﻠﻤﻀﺎ َرﺑ ِﺔ ﰲ أﺳﻮاق اﻷﺳﻬﻢ أو ﰲ َ ﻣﺆﺳ ٍ ِ ِ ﺳﻘﻒ ﱠ ﺴﺔ ﺗﺤﺖ أﻧﺸﻄﺔ املﻀﺎرﺑﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻠﻊ .وﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗُﻤﺎ َرس ﻛ ﱡﻞ ً واﺣﺪة؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻘﺪ أﺣﺪ َ ﻓﺼﻼ واﺿﺤً ﺎ ﺑني اﻟﻨﺸﺎط املﴫﰲ اﻟﻌﺎدي ،ﻛﺎﻷﻧﺸﻄﺔ َث اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ املﺆﺳﺴﺎت ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﺗﺸﻴﺲ ﻣﺎﻧﻬﺎﺗﻦ؛ و»اﻟﻨﺸﺎط املﴫﰲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري«، ﻛﺎﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ املﺆﺳﺴﺎت ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﺟﻮﻟﺪﻣﺎن ﺳﺎﻛﺲ. وﻛﻤﺎ ُ ﻗﻠﺖ آﻧ ًِﻔﺎ ،أﺻﺒَﺢَ اﻟﺬﱡﻋْ ﺮ املﴫﰲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ املﺎﴈ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﺄﻣني ﻋﲆ ﺑﺎﻹﻗﺮاض اﻟﻮداﺋﻊ؛ وﺑﻔﻀﻞ اﻟﻀﻮاﺑﻂ املﻮﺿﻮﻋﺔ أﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﺒﻨﻮ ُك أﻛﺜ َﺮ ﺣﺬ ًرا ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ِ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،اﺳﺘﻘ ﱠﺮ ِت اﻷﻣﻮ ُر ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﺎري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري؛ ﺟﻮرﺗﻮن ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﺎل »ﻓﱰ َة اﻟﻬﺪوء« ،وﻫﻲ ﺣﻘﺒﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﺴﺒﻲ وﻏﻴﺎب اﻷزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ. إﻻ أن ﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﺑﺪأ ﱠ ﻳﺘﻐري ﰲ ﻋﺎم .١٩٨٠ 82
ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني
ً رﺋﻴﺴﺎ ،ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺗﺤﻮ ًﱡﻻ ﻳﻤﻴﻨﻴٍّﺎ ﻃﺒﻌً ﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ،اﻟﺬي اﻧﺘُﺨِ ﺐ ﻓﻴﻪ روﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن اﻗﺘﴫ ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﻋﲆ إﺿﻔﺎءِ اﻧﺘﺨﺎب رﻳﺠﺎن ﺣﺎدٍّا ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،إﻻ أن أﺛ َ َﺮ َ َ ِ ﱡ اﻟﺘﺪﺧ ِﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﺤﻮ ٍﱡل ﺟﺬريﱟ ﰲ املﻮﻗﻒ إزاء ﻏري ﻧﻬْ ﺞَ ِ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻓﱰ ِة ﺣُ ْﻜ ِﻢ ﻛﺎرﺗﺮ؛ ﻓﻘﺪ أدا َر ﻛﺎرﺗﺮ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﺠﻮﻳﺔ — اﻟﺬي ﱠ َ ِ ﻏري ﻣﺴﺎ َر ﻋﻤﻠﻴ ِﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺴﻠﻊ — ﺳﻔﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني — وﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻨﻘﻞ ﺑﺎﻟﺸﺎﺣﻨﺎت — اﻟﺬي ﱠ َ ِ وﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻨﻔﻂ واﻟﻐﺎز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ .وﻟﻠﻌﻠﻢ ﻓﻘﺪ ُﻗﻮ ِﺑﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺪاﺑريُ ِ َ ٍ ﺑﻤﻮاﻓ ٍ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ،آﻧﺬاك وﻛﺬﻟﻚ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، ﻘﺔ ﺷﺒﻪ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أﺳﻌﺎ َر ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻄريان أو اﻟﻨﻘﻞ ﺑﺎﻟﺸﺎﺣﻨﺎت — ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺳﺒﺐٌ وﺟﻴﻪ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺳﻮاء أﻛﺎن ﰲ املﺎﴈ أم اﻟﺤﺎﴐ — وأد ْ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﱠت زﻳﺎد ُة املﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت إﱃ ِ ﻣﻜﺎﺳﺐ واﺳﻌﺔ ﰲ اﻟﻜﻔﺎءة. وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻠﺮوح اﻟﺴﺎﺋﺪة ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﴫ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺪﻫﺸﻨﺎ ﺗﺤﺮﻳ ُﺮ اﻟﺸﺌﻮن املﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﻇ ﱢﻞ ﺣُ ْﻜ ِﻢ ﻛﺎرﺗﺮ ،اﺗﱡﺨِ ﺬَت ﺧﻄﻮ ٌة ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﻫﺬا ﻗﺎﻧﻮن ﻣﺮاﻗﺒ ِﺔ اﻟﻨﻘﺪ ﻟﻌﺎم ،١٩٨٠اﻟﺬي َ أوﻗ َ اﻻﺗﺠﺎه ً َ ﻒ اﻟﻌﻤ َﻞ أﻳﻀﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻣ ﱠﺮ َر ﻛﺎرﺗﺮ ﺑﺎﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻤﻨﻊ اﻟﺒﻨﻮ َك ﻣﻦ ْ أﻧﻮاع ﻣﺘﻌﺪﱢد ٍة ﻣﻦ اﻟﻮداﺋﻊ ،وﺳﺎر دﻓ ِﻊ ﻓﻮاﺋﺪ ﻋﲆ ٍ رﻳﺠﺎن ﻋﲆ ُﺧﻄﺎه ﺑﺈﺻﺪار ﻗﺎﻧﻮن ﺟﺎرن-ﺳﺎن ﺟريﻣﺎن ﻟﻌﺎم ،١٩٨٢اﻟﺬي ﱠ ﺧﻔ َ ﻒ اﻟﻘﻴﻮ َد أﻧﻮاع اﻟﻘﺮوض اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜِﻦ ﻟﻠﺒﻨﻮك أن ﺗﻘﺪﱢﻣَ ﻬﺎ. املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ ِ وﻟﻸﺳﻒ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻷﻋﻤﺎ ُل املﴫﻓﻴﺔ ﻣﺜ َﻞ اﻟﻨﻘﻞ ﺑﺎﻟﺸﺎﺣﻨﺎت ،وﻟﻢ ﻳﺆ ﱢد ﺗﺤﺮﻳ ُﺮﻫﺎ إﱃ ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﻜﻔﺎءة ،وإﻧﻤﺎ أدﱠى إﱃ ﺗﺸﺠﻴﻊ املﺨﺎﻃﺮة .ﺑَﺪَا اﻟﺴﻤﺎحُ ﻟﻠﺒﻨﻮك ﺑﺎملﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻦ ِ ً ﺻﻔﻘﺔ ﺟﻴﺪ ًة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺴﺘﻬﻠﻜني ،وﻟﻜﻨﻪ ﺣ ﱠﻮ َل اﻷﻋﻤﺎ َل ﺧﻼل ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻓﺎﺋﺪ ٍة ﻋﲆ اﻟﻮداﺋﻊ املﴫﻓﻴﺔ إﱃ ْ وﺿ ٍﻊ أﺻﺒَﺢَ اﻟﺒﻘﺎءُ ﻓﻴﻪ ﻟﻸﻛﺜﺮ ﺗﻬ ﱡﻮ ًرا؛ ﺣﻴﺚ أﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﺒﻨﻮ ُك املﺴﺘﻌِ ﺪﱠة ﺳﻌﺮ ﻓﺎﺋﺪ ٍة ُ ﴘ ﻗﺮوض ﻣﺸﻜﻮكٍ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻲ وﺣﺪَﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﻤﱡ َﻞ ﺗﻘﺪﻳ ِﻢ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ٍ ﺗﻨﺎﻓ ﱟ ِ ُ ﱢ ﺗﺤﺼﻠﻬﺎ إزاﻟﺔ اﻟﻘﻴﻮ ِد املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻟﻠﻤﻮدﻋني ،وﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ً ﺟﺎذﺑﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺻﺎر ﺑﺈﻣﻜﺎن املﴫﻓﻴني اﻟﺒﻨﻮك ،ﰲ ﺟﻌﻞ ﺗﻘﺪﻳ ِﻢ اﻟﻘﺮوض املﺘﻬﻮرة أﻛﺜ َﺮ ُ إﻗﺮاض اﻟﻌﻤﻼء اﻟﺬﻳﻦ ﻳَﻌِ ﺪُون ﺑﺪﻓﻊ اﻟﻜﺜري ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻗﺪ ﻻ ﻳ َُﻔﻮن ﺑﻮﻋﻮدﻫﻢ .وزاد ﻧﻄﺎق املﻘﺎﻣﺮة أﻛﺜ َﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ أُرﺧِ ﻴ َِﺖ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤ ﱡﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻄ ﱡﺮق ملﺠﺎﻻت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل ،أو ﻟﻠﻤﻘﱰﺿني ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد. 83
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ارﺗﻔﺎع ﺣﺎ ﱟد ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻹﻗﺮاض وﻣﺨﺎﻃﺮه ،ﻛﻤﺎ أد ْ وﻗﺪ أد ْ ﱡ ﱠت ﰲ اﻟﺘﻐريات إﱃ ﱠت ﻫﺬه ٍ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ إﱃ ﺑﻌﺾ املﺸﻜﻼت املﴫﻓﻴﺔ اﻟﻜﱪى ،اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺎﻗﻤَ ْﺖ ﺑﺴﺒﺐ اﺗﺠﺎ ِه ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻨﻮك ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺮوض اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﱢﻣﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﻗﱰاض ﻣﻦ ﺑﻨﻮك أﺧﺮى. وﻟﻢ ِ ﺑﺮﺣﻴﻞ رﻳﺠﺎن؛ ﻓﻘﺪ اﺗﱡﺨِ ﺬَت واﺣﺪ ٌة ﻣﻦ أﻛﱪ ﺧﻄﻮات اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ ﻳﻨﺘﻪ اﺗﺠﺎ ُه ِ ِ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﺘﺎﱄ؛ ﺣﻴﺚ وﺟﱠ َﻪ ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن اﻟﴬﺑﺔَ اﻟﻘﺎﺿﻴﺔ ﻟﻀﻮاﺑﻂ ﺣﻘﺒﺔ اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻦ ﺧﻼل إﻟﻐﺎء ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻔﺼﻞ ﺑني اﻷﻧﺸﻄﺔ املﴫﻓﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻷﻧﺸﻄﺔ املﴫﻓﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ. ً أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﺘﻐﻴريات ﰲ اﻟﻀﻮاﺑﻂ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﻗ ﱠﻞ َ ُ ﱠ ﱢ املﺘﻐرية ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﺤﺪﻳﺚ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻟﺘﻌﻜﺲ ﺗﺘﻐري؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺘ ﱠﻢ اﻟﺘﻲ »ﻟﻢ« املﴫﰲ. ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺒﻨﻚ ﰲ اﻷﺳﺎس؟ املﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﺒﻨﻚ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻟﻺﻳﺪاع ،إﻧﻪ املﻜﺎن اﻟﺬي ﺗُﻮدَع ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻘﻮ ُد ﻋﱪ ﻧﺎﻓﺬةٍ ،وﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺳﺤْ ﺒَﻬﺎ ﻣﺘﻰ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة ﻧﻔﺴﻬﺎ .أﻣﺎ ٍ ٍ ﻟﻔﱰات ﻘﺮض ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻓﺎﻟﺒﻨﻚ ﻫﻮ أيﱡ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻘﱰض ﻟﻔﱰ ٍة ﻗﺼري ٍة وﺗُ ِ ِ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﻧﻘﻮدﻫﻢ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻣﻌﻈ َﻢ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد ﰲ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﺗَﻌِ ُﺪ اﻟﻨﺎس ٍ ٍ ﺳﺎﺋﻠﺔ ﺧﻼل ﻓﱰة ﻗﺼرية .ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻹﻳﺪاع — اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﱃ ﻧﻘﻮ ٍد ٍ ﺻﻔﻮف ﻣﻦ اﻟﴫاﻓني — ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻠﻚ املﺒﺎﻧﻲ اﻟﺮﺧﺎﻣﻴﺔ اﻟﻜﺒرية اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ً ﱠ ﻃﺮﻗﺎ أﺧﺮى. اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻷداء ﺗﻠﻚ املﻬﻤﺔ، أﺣﺪ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺻﻨﺎدﻳﻖ أﺳﻮاق املﺎل ،اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ وﺟﻮ ٌد ﻣﺎديﱞ ً أوراﻗﺎ ﻧﻘﺪﻳﺔ )اﻟﻮرق اﻷﺧﴬ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﺻﻮ َر اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺮاﺣﻠني(، ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻨﻮك ،وﻻ ﺗﻘﺪﱢم َ ﱠ ُ ِ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺠﺎرﻳﺔ .ﺗﻠﺠﺄ وﻟﻜﻦ ﻋﻤ َﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ ﻳُﺸ ِﺒﻪ ﻛﺜريًا َ ري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن إﱃ »ﻋﻤﻠﻴﺎت إﻋﺎدة اﻟﴩاء« ،اﻟﺘﻲ ﻣﻜﺎن ﺗﻀﻊ ﻓﻴﻪ ﻧﻘﻮدَﻫﺎ اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﻛﺜ ٍ ٍ ٍ ﻟﻔﱰات ﻗﺼرية ﻳﻘﱰض ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ املﻘﱰﺿﻮن — ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز — اﻟﻨﻘﻮ َد ً أﺻﻮﻻ ﻣﺜﻞ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ْ ﺑﺮﻫ ٍﻦ ﺟﺪٍّا — رﺑﻤﺎ ﻟﻴﻠﺔ واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ — ﻣﺴﺘﺨﺪﻣني ﻋﻘﺎريﱟ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻀﻤﺎن ،وﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﻨﻘﻮ َد اﻟﺘﻲ ﻳﺠﻤﻌﻮﻧﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﴩاء داﻋﻲ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺻﻮل .وﺛﻤﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت أﺧﺮى ،ﻣﺜﻞ »اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺴﻌﺮ املﺰاد« )ﻻ َ ﻟﻠﺨﻮض ﻓﻴﻬﺎ( ،اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪم ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ َ ﻧﻔﺲ اﻷﻏﺮاض اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﺒﻨﻮ ُك اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،دون أن ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻷﻋﻤﺎ َل املﴫﻓﻴﺔ املﻌﺘﺎدة. 84
ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني
وﻗﺪ اﺻ ُ ﻄﻠِﺢ ﻋﲆ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻫﺬه املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ملﻤﺎرﺳﺔ ﻧﻔﺲ أﻋﻤﺎل اﻟﺒﻨﻮك ﺑﺎﺳﻢ »ﺑﻨﻮك اﻟﻈ ﱢﻞ« .ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺑﻨﻮك اﻟﻈ ﱢﻞ ﺟﺰءًا ﺻﻐريًا ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ املﺼﺎرف اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ املﺒﺎﻧﻲ اﻟﺮﺧﺎﻣﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ ٍ ﺻﻔﻮف ﻣﻦ اﻟﴫاﻓني ،إﻻ أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ٢٠٠٧أﺻﺒﺤﺖ ﺑﻨﻮك اﻟﻈ ﱢﻞ أﻛﺜﺮ اﻧﺘﺸﺎ ًرا ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﻄﺮاز. أﻣﺎ ﻣﺎ َ ﺪر َﻛﻪ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜري — ﻫﻮ ﺑﺎت واﺿﺤً ﺎ ﰲ ﻋﺎم — ٢٠٠٨وﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧ ُ ِ أن ﺑﻨﻮ َك اﻟﻈ ﱢﻞ ﺗﺸ ﱢﻜﻞ َ ﻧﻔﺲ ﻣﺨﺎﻃﺮ املﺼﺎرف اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ؛ ﻓﻤﺜﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻹﻳﺪاع ،ﺗﺒﻘﻰ ُ ً ِ ﻣﻮﺟﺎت اﻟﺬﱡﻋْ ِﺮ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،وﻣﺜﻞ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻨﻬﺎ َر ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺴﺒﺔ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﺑﻬﺎ ﱠ ٍ ﺗﺘﺤﻘ ُﻖ ذاﺗﻴٍّﺎ .إذَ ْن ،ﻓﻤﻊ ﺗﺰاﻳُ ِﺪ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﻨﻮك اﻟﻈ ﱢﻞ ،ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ إﺧﻀﺎﻋُ ﻬﺎ ﻧﺒﻮءات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻟﻀﻮاﺑﻂ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻣﻤﺎﺛِﻠﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻐ ﱢ ﻄﻲ ﻋﻤ َﻞ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. وﻟﻜﻦ ،ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻠﻤﺰاج اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﰲ ﺗﻠﻚ املﺮﺣﻠﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا ﺳﻴﺤﺪث؛ ﻓﻘﺪ ُﺳ ِﻤﺢ ﻟﺒﻨﻮك اﻟﻈ ﱢﻞ أن ﺗﻨﻤﻮ دون رﻗﺎﺑ ٍﺔ ،وﻗﺪ ﻧﻤَ ْﺖ أﴎع ،ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻬﺎ ﺑﺎملﺨﺎ َ ﻃﺮ ِة ٍ ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﱪ ﻣﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﺴﺘﻐﺮب أن ﺗﺮﻏﺐ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﻤﻴﺰات، ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪٍ ،ﻧﺎ َﻟ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻨﻮ ُك ﻣﺮادَﻫﺎ؛ وﰲ إﻃﺎر ﻧﻈﺎم ﺳﻴﺎﳼ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻪ املﺎل ﻋﲆ ٍ ً ﻓﺼﻼ ﺑني اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،١٩٩٩أُﻟﻐِ ﻲ ﻗﺎﻧﻮ ُن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل اﻟﺬي ﻓﺮض واﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺳﻴﺘﻲ ﻛﻮرب ﺗﺤﺪﻳﺪًا — اﻟﴩﻛﺔ اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ملﴫف ﺳﻴﺘﻲ ﺑﻨﻚ — اﻟﺘﻲ أراد ْ َت أن ﺗﻨﺪﻣﺞ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺮاﻓﻠﺮز — وﻫﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ َ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺳﻴﺘﻲ ﺟﺮوب. ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺨﺪﻣﺎت املﴫﻓﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ — ﻟﺘﺼريَا وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﻣﺘﺰاﻳ َﺪ اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ ،ﺻﺎ َر ْت ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻨﻮ ُك ﺣﺮ ًة ﻟﻠﻮﻗﻮع ﺗﻤﺎﻣً ﺎ َ وﺗﻀﺎﻋﻔ ِﺖ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻞ اﻟﺜﻘﺔ املﻔﺮﻃﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﻔ َﺮ ْت ﻋﻨﻬﺎ ﻓﱰ ُة اﻟﻬﺪوء؛ ﻓﺎرﺗﻔﻌَ ِﺖ اﻟﺪﻳﻮن، ﱠ وﺗﺄﺳ َﺴ ْﺖ دﻋﺎﺋ ُﻢ اﻷزﻣﺔ. املﺨﺎﻃﺮ، اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﻜﱪى ُ َ أﺳﺎس ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺒﻨﻮ ُك ﻫﻲ اﻟﺘﻲ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻻ أَﺳﻤ ُﻊ ﺷﻜﺎواك، َ َ أزﻣﺔ اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري ،ﺑﻞ إن اﻟﺴﺒﺐ — ﺑﻜ ﱢﻞ وﺿﻮح وﺑﺴﺎﻃﺔ — ﻫﻮ ﺧﻠﻘ ْﺖ ﻷﺷﺨﺎص ﻋﲆ أﺟﱪ اﻟﺠﻤﻴ َﻊ ﻋﲆ ﺗﻘﺪﻳ ِﻢ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﺬي َ َ ٍ 85
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً ﺳﻴﺌﺔ ﺟﺪٍّا؛ ﻷن ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻬﺎوﻳﺔ .ﻻ أﻗﻮل إﻧﻨﻲ ﻣﺘﺄ ﱢﻛ ٌﺪ ﻣﻦ أن ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﲆ ﺗﻠﻚ املﻨﺎزل ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻣﺤﺘﻔﻈني ﺑﻬﺎ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻟﻴﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻮﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮوض. ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض املﺘﻬﻮﱢرة وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻫﻢ ﻣَ ﻦ دﻓﻌﻮا ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ِ ﻗﺮوﺿﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .واﻵن ﻧﺮﻳﺪ أن — إذا ﺻﺢﱠ اﻟﺘﻌﺒري — ودﻓﻌﻮا اﻟﺒﻨﻮ َك ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻧﺸﻬﱢ ﺮ ﺑﺎﻟﺒﻨﻮك ﻷﻧﻬﺎ ﻫﺪف واﺣﺪ واﺿﺢ ،وﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻦ ﻳﻠﻮ َم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس َ ﻳﺤﺎول اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس أن ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ِ ﻳﻀﻐﻂ ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك ﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻌﺎﻳري اﻹﻗﺮاض وإﻋﻄﺎء املﺰﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض، وﻫﻲ اﻟﻠﻬﺠﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻘﺪوﻫﺎ ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ. ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺑﻠﻮﻣﱪج ،ﻋﻤﺪة ﻧﻴﻮﻳﻮرك ً ﺗﻌﻠﻴﻘﺎ ﻋﲆ ﺣﺮﻛﺔ اﺣﺘﺠﺎﺟﺎت »اﺣﺘﻠﻮا وول ﺳﱰﻳﺖ« ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺼﺼﺘُﻬﺎ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻋﻦ اﻟﱰاﺧِ ﻲ واﻟﺘﺤ ﱡﺮر ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد ﻫﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺎ ً ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ رواﻫﺎ ﻗﺼﺔ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ اﻷزﻣﺔ .رﺑﻤﺎ ﺳﻤﻌْ ﺘُﻢ َ ً ﺻﻨﻴﻌﺔ ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻘﺼﺔ ،ﻛﺎن ﺗﺰاﻳُ ُﺪ اﻟﺪﻳﻮن ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺑﻠﻮﻣﱪج ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ املﻘﺘَﺒَﺲ أﻋﻼه؛ املﺼﻠﺤني اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴني ﱡ اﻟﺴﺬﱠج واﻟﻮﻛﺎﻻت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ أﺟﱪ َِت اﻟﺒﻨﻮ َك ﻋﲆ إﻗﺮاض اﻷﻗﻠﻴﺎت ﻣﻦ ﻣﺸﱰي املﻨﺎزل ودﻋﻤَ ْﺖ رﻫﻮﻧًﺎ ﻋﻘﺎرﻳﺔ ﻣﺮﻳﺒﺔ؛ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ﺑﺄن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺧﻄﺄ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻫﻲ ﺗﻌﺒري ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ؛ وﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني — ﺑﻞ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ — ﻓﺈن ﻫﺬه ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺟﺪا َل ﻓﻴﻬﺎ. ً ﻣﻴﻮﻻ ﺻﻨﺪوق ﻻ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻃﺒﻌً ﺎ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ؛ ﻓﺒﺎري رﻳﺘﻬﻮﻟﺘﺰ — ﻣﺪوﱢن وﻣﺪﻳﺮ ٍ ً ً واﺿﺤﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻤﻠﻚ ﻋﻴﻨًﺎ ﺧﺒري ًة ﰲ ﺗﺼﻴﱡﺪ اﻷﻛﺎذﻳﺐ — ﻳُﻄﻠِﻖ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ اﺳ َﻢ اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﻜﱪى ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ. ً ﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف أن ﻫﺬه اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﻜﱪى َ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ؟ ﺛﻤﺔ ﻧﻮﻋﺎن ﻟﻴﺴ ْﺖ أﺳﺎﺳﻴﺎن ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد. اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻷول ﻫﻮ أن أيﱠ ﺗﻔﺴري ﻳﻠﻮم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ اﻻﻧﻔﺠﺎر اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ — ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺮﻏﺒﺘﻪ َ املﻔﱰَﺿﺔ ﰲ رؤﻳﺔ اﻷ ُ َﴎ املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺪﺧﻞ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﻨﺎزﻟﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ — ﻳﺠﺐ َ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺮ ِﺑ ً ً وﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ﻛﺎﻧَﺘَﺎ ﻣﻨﺘﴩﺗَني ﻋﲆ ﻜﺔ ﻣﻔﺎدُﻫﺎ أن ﻃﻔﺮ َة اﻻﺋﺘﻤﺎن ﻳﻮاﺟ َﻪ أن ِ واﺳ ٍﻊ ﺟﺪٍّاَ ، وﺷ ِﻤ َﻠﺘَﺎ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻮاق واﻷﺻﻮل اﻟﺘﻲ ﻻ ﱡ ﻧﻄﺎق ِ ﺗﻤﺖ ﻟﻠﻤﻘﱰﺿني ذوي ٍ 86
ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني
ٌ ُ ٌ اﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ، وﻃﻔﺮات إﺳﻜﺎن ﻓﻘﺎﻋﺎت اﻟﺪﺧﻞ املﻨﺨﻔﺾ ِﺑ ِﺼ ٍﻠﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ٍ وﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ زﻳﺎد ٌة ﰲ اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﺳﻮق اﻟﻌﻘﺎرات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،ﺗ َﻠﺘْﻬﺎ ﺧﺴﺎﺋ ُﺮ وﺣﺎﻻت ﺗﺨ ﱡﻠﻒ ﻋﻦ ﺳﺪاد اﻟﻘﺮوض ﺑﻌﺪ أن اﻧﻔﺠ َﺮ ِت اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ؛ ﻓﻔﻲ داﺧﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗﴬب ُ دورات اﻻﻧﺘﻌﺎش واﻟﻜﺴﺎدِ اﻟﻜﱪى اﻷﺣﻴﺎءَ اﻟﻔﻘرية ﻣﻦ املﺪن ،وإﻧﻤﺎ ﻇﻬ َﺮ ْت ﰲ اﻟﻀﻮاﺣﻲ واملﻨﺎﻃﻖ املﱰَﻓﺔ ﺧﺎرجَ ﺣﺪود املﺪن. أﻣﺎ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻴﺸري إﱃ أن اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ ﻣﻦ اﻹﻗﺮاض املﺤﻔﻮف ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ ﻗﺎم ﺑﻪ ُ ﻣﻘﺮﺿﻮن ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ،ﻣﻤﱠ ْﻦ ﻻ ﺗﺤﻜﻤﻬﻢ ﺿﻮاﺑ ُ اﻟﻘﺮوض ﻂ ﺻﺎرﻣﺔ .وﺗﺤﺪﻳﺪًا ،ﻛﺎﻧﺖ ِ َ اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺠﻮدة — وﻫﻲ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ املﻮﺟﱠ ﻬﺔ ﻟﻠﻤﻘﱰﺿني ﻏري املﺴﺘﻮﻓني ﻟﻠﴩوط ً ٌ ﴍﻛﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎس ،وﺗﻠﻚ ﻟﻢ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺎﻳري اﻻﺣﱰازﻳﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ — ﺗﻤﻨﺤﻬﺎ ً ﻣﺸﻤﻮﻟﺔ ﺑﻘﺎﻧﻮن إﻋﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر املﺠﺘﻤﻌﻲ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﺸﺠﱢ َﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻜﻦ ً ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻹﴍاف ﻣﺆﺳﺴﺘَ ْﻲ ﻓﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮوض ﻟﻸﻓﺮاد املﻨﺘﻤني إﱃ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻷﻗﻠﻴﺎت ،وﻻ ﻣﺎي وﻓﺮﻳﺪي ﻣﺎك ،وﻫﻤﺎ ﻣﺆﺳﺴﺘﺎن ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺘﻌﻬﺪﺗﺎن ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ اﻹﻗﺮاض ْ أﺧﺬت ﺣﺼﺔ ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ اﻟﻌﻘﺎري .واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﻪ ،ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﻓﱰة ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن، ﺗﺘﻨﺎﻗﺺ ﺑﴪﻋﺔ؛ ﻷن املﻘﺮﺿني ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﺘﺬﺑﻮن املﻘﱰﺿني اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻬﻤﺎ اﻟﻮﻛﺎﻟﺘﺎن اﻟﺘﺎﺑﻌﺘﺎن ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ .ﺑﺪأ َ ْت ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻓﺮﻳﺪي ﻣﺎك ﰲ ﴍاء اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺠﻮدة ﻣﻦ ﻣُﻨﺸﺌﻲ اﻟﻘﺮوض ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮة ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ً ﺗﺎﺑﻌﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻗﺎﺋﺪ ًة. أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﰲ ذﻟﻚ ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺪﺣْ ِﺾ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺧرية ،أﺑ َﺮ َز املﺤ ﱢﻠﻠﻮن ﰲ املﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ وﰲ َ ٍ ﺿﻤﺎن ﻓﺎﻧﻲ ﻈﻬﺮ — ﻻ ﺳﻴﻤﺎ إدوارد ﺑﻴﻨﺘﻮ ﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ أﻣﺮﻳﻜﺎن إﻧﱰﺑﺮاﻳﺰ — ﺑﻴﺎﻧﺎت ﺗُ ِ ري ﻣﻦ »اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺠﻮدة وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ وﻓﺮﻳﺪي اﻛﺘﺘﺎبَ ﻛﺜ ٍ ً ٍ اﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ درﺟﺎت املﺨﺎﻃﺮ« ،وﺧﻠﻄﻮا ﰲ ذﻟﻚ ﺑني اﻟﻘﺮوض املﻘﺪﱠﻣﺔ ملﻘﱰﺿني ﻻ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﻧﻮاح ﻣﻤﺘﺎز ًة واﻟﻘﺮوض املﻘﺪﱠﻣﺔ ملﻘﱰﺿني ﻏري ﻣﺴﺘﻮﻓني ملﻌﺎﻳري اﻹﻗﺮاض اﻟﺼﺎرﻣﺔ ﻣﻦ ٍ أﺧﺮى .ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻊ ذﻟﻚ اﻟﻘﺮاءَ ﻏري اﻟﻌﺎﻟِﻤني ﺑﻤﺠﺮﻳﺎت اﻷﻣﻮر إﱃ اﻟﻈﻦ ﺑﺄن ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻣﺘﻮرﻃﺘني ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻗﺮوض اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺠﻮدة ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا واﺗﻀﺢَ — ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﱢ َ املﺪﻗﻖ — أن اﻟﺮﻫﻮن »اﻷﺧﺮى اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ املﺨﺎﻃﺮ« ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻏري ﺻﺤﻴﺢ، َ ﺑﺸﻜﻞ ِ ري ﻋﺎﻟﻴﺔ املﺨﺎﻃﺮ ٍ واﺿ ٍﺢ؛ ﺣﻴﺚ إن ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻘﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ املﺨﺎﻃﺮ. 87
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ أن أﺳﻬﺐ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻛﺜ َﺮ ،وﻟﻜﻨﻜﻢ اﻵن ﻓﻬﻤﺘﻢ ﻣﻘﺼﺪي؛ ﻓﻤﺤﺎوﻟﺔ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﻬﺎر ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أي ﻧﻈﺮة ﻋﺎرﺿﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ، ُ ُ راﺋﺤﺔ وﻣﺤﺎوﻻت اﻻﻟﺘﻔﺎف ﺣﻮل ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺗﻔﻮح ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺪاع ﻣﺘﻌﻤﱠ ﺪ ﺗُ ْﺰﻛﻢ اﻷﻧﻮف. ٍ ً ﺗﺴﺎؤﻻ :ﻣﺎ اﻟﺴﺒﺐ وراء رﻏﺒﺔ املﺤﺎﻓﻈني اﻟﻌﺎرﻣﺔ ﰲ ﺗﺼﺪﻳﻖ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻫﻲ وﻳﺜري ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،ﺑﻞ ﻳﺮﻳﺪون ً أﻳﻀﺎ إﻗﻨﺎ َع اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻔﻮرﻳﺔ واﺿﺤﺔ؛ وﻫﻲ أن ﺗﺼﺪﻳﻖ أي ﳾء َ آﺧﺮ ﺳﻴﻜﻮن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻋﱰاف ﺑﺄن َ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻌﻘﻮد .ﱠ وإن اﺗﺠﺎ َه املﺤﺎﻓﻈني اﻟﺠﺪد ِ راﺳ ُﺦ اﻹﻳﻤﺎن اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺿ ﱠﻠ ِﺖ واﻟﺴﻌﻲ وراء اﻟﺮﺑﺢ واملﻜﺎﺳﺐ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻫﻤﺎ ﻣﻔﺘﺎح ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﻔﺮﺿﻴﺔ أن ﺗﺤﺮﻳ َﺮ اﻷﺳﻮاق َ املﻮﺳﻊ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺬي اﻧﺒﺜﻖ ﻋﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ﻟﻢ ِ اﻻزدﻫﺎر ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮون أن اﻟﺪور ﱠ ﻳﺄت ﺑﴚء ُ ﻗﺼﺔ ازدﻳﺎدِ ﻧﻔﻮذ املﺤﺎﻓﻈني ،وﺑﺪ ُؤﻫﻢ ﰲ إﻟﻐﺎء ﺳﻮى اﻟﴬر ،إﻻ أن ﻣﺎ ﻧﺮاه ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﻮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺤﻤﺎﺋﻴﺔ ﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﻜﺴﺎد ،ﺛﻢ ﺳﻘﻮ ُ ط اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﻛﺴﺎدٍ اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﺛﺎن؛ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﺪر ﺳﻮء اﻟﻜﺴﺎد اﻷول ،وﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﺊ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ؛ ﻓﻴَﺸﻌﺮ املﺤﺎﻓﻈﻮن ٍ ْ ﱢ ٍ وﻧﴩ ﻗﺼﺔ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻗﻮﻳ ٍﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳ ِﻢ ﺗﱪﻳﺮ ﻳﺨﻠﺼﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ املﺸني، ِ — وﻟﻴﺲ ﺗﻀﺎؤل دورﻫﺎ — ﻫﻲ اﻟﺠﺎﻧﻲ. ﻏري أن ﻫﺬا — ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ — ﻳﻌﻮد ﺑﺎملﺴﺄﻟﺔ ﺧﻄﻮ ًة إﱃ اﻟﺨﻠﻒ؛ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻄ َﺮ ْت أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ املﺤﺎﻓﻈني — املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ اﻋﺘﻘﺎدِ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻫﻲ داﺋﻤً ﺎ املﺸﻜﻠﺔ وﻟﻴﺲ اﻟﺤﻞ ً — ﻋﲆ ﺧﻄﺎﺑﻨﺎ اﻟﺴﻴﺎﳼ إﱃ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ؟ إن إﺟﺎﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال أﺻﻌﺐُ ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻗﺪ ﱡ ﺗﻈﻦ. ﺳﻨﻮات اﻟﺮﺧﺎء املﺰﻋﻮم ﱡ ﻳﻈﻦ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻤﱠ ﺎ ﴎ ْدﺗُﻪ ﺣﺘﻰ اﻵن أن ﻗﺼﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٨٠ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ُ َ َ ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻟﺪﻳﻮن ﻗﺼﺔ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو وﻛﺄﻧﻪ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎء ،ﺣﺘﻰ اﻧﻔﺠ َﺮ ْت وﻫﻤﻲ؛ ازدﻫﺎر ﻗﺼﺔ ﱟ ٍ ﻋﺎم .٢٠٠٨وﺛﻤﺔ ﳾء ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﰲ ذﻟﻚ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻗﺼﺔ ﻳﻨﻘﺼﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻨﻘﻴﺢ؛ ﻷن ﻧﻮاح ﻋﺪة. اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ أوﻗﺎت اﻟﺮﺧﺎء ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎء ،ﻣﻦ ٍ ً أوﻻ :ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﺳﺘﻄﺎﻋَ ْﺖ أن ﺗﺘﺠﻨﱠﺐَ اﻟﻮﻗﻮ َع ﰲ ٍ أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ِ ﻣﺨﺎﻃ َﺮ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻨﻈﺎم املﴫﰲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻗﺪ اﺗﱠ َﻀﺤَ ْﺖ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻣﻀﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،٢٠٠٨ﻓﺈن ري ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ رؤﻳﺘﻬﺎ. ﺑﻜﺜ ٍ 88
ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني
ٍ ﻛﺎرﺛﺔ ﺧﻄرية ﺑﺼﻔﺔ ﺷﺒﻪ ﻓﻮرﻳﺔ؛ ﻓﻔﻲ وﻗﻮع ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺗﺴﺒﱠﺐَ إﻟﻐﺎءُ اﻟﻀﻮاﺑﻂ ﰲ ِ ﻗﺎﻧﻮن ﺟﺎرن-ﺳﺎﻧﺖ ﺟريﻣﺎن ،ﱠ ذﻛﺮت ً َ ُ ووﻗ َﻊ ﻋﻠﻴﻪ آﻧﻔﺎ — أﻗ ﱠﺮ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس — ١٩٨٢ﻛﻤﺎ ً روﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎنِ ، واﺻﻔﺎ إﻳﱠﺎه ﺧﻼل ﺣﻔﻞ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﺑﺄﻧﻪ »اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﱃ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ِ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ«؛ وﻛﺎن اﻟﻐﺮض اﻷﺳﺎﳼ ﻣﻨﻪ ﻫﻮ املﺴﺎﻋﺪة ﰲ ﺣ ﱢﻞ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒ ِﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻮﻓري )املﺪﺧﺮات واﻟﻘﺮوض( ،اﻟﺘﻲ وﻗﻌَ ْﺖ ﰲ املﺘﺎﻋﺐ ﺑﻌﺪ ِ ﰲ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .وﻗﺪ َ ﱡ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻋﻦ أﺳﻔ َﺮ ارﺗﻔﺎ ُع ﻣﻌﺪﻻت ِ اﻟﻔﺎﺋﺪةَ ، ِ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري — اﻟﺘﻲ ﻗﺪﱠﻣَ ِﺖ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﻣﻘﺎ ِﺑ َﻞ وأوﻗ َﻊ ٍ ٍ ورﻃﺔ .أﺻﺒﺢ ﻋﺪ ٌد ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري ﻣﻬ ﱠﺪدًا ﺑﺎﻹﻓﻼس، ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ — ﰲ أﺳﻌﺎر ﻓﺎﺋﺪ ٍة ِ وﺣﻴﺚ إن ﺑﻌﺾ وداﺋﻌﻬﺎ ﻣﺆﻣﱠ ﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻓﻜﺜري ﻣﻦ ﺧﺴﺎﺋﺮﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﻘﻊ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻖ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ. ٍ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺨﺮوج ﻏري أن اﻟﺴﺎﺳﺔ ﻟﻢ ﻳﺮﻏﺒﻮا ﰲ ﺗﻘﺒﱡﻞ اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ،وأﺧﺬوا ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮرﻃﺔ؛ وﰲ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻣﺮاﺳﻢ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ املﺬﻛﻮرة ً آﻧﻔﺎَ ، أوﺿﺢَ رﻳﺠﺎن ﻛﻴﻒ ﻳُﻔﱰَض أن ﺗﺴري اﻷﻣﻮ ُر: ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺻﻼﺣﻴﺎت ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻳﻬﺪف ﻫﺬا اﻟﺘﴩﻳﻊ إﱃ ِ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻬﺬا اﻟﻘﻄﺎع ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻗﺮوض ﺗﺠﺎرﻳﺔ وزﻳﺎدة اﻟﻘﺮوض اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،ﻣﺎ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﺗﻌ ﱡﺮﺿﻬﺎ ﱡ ﻟﺘﻐريات ﺳﻮق اﻟﻌﻘﺎرات وﻣﺴﺘﻮﻳﺎت أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،وﻫﺬا ً ِ وﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺗﻤﻮﻳﻞ املﺴﺎﻛﻦ ملﻼﻳني ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري أﻛﺜ َﺮ ﻗﻮ ًة ﺑﺪوره ﺳﻴﺠﻌﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﺎدﻣﺔ. ً أن ْ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﺤﺪث؛ ﻣﺎ ﺣﺪث ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﱠ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﻦ رﻓ َﻊ اﻟﻘﻴﻮد ﺧ َﻠ َﻖ أﺻﺤﺎب ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري داﻓِ ٌﻊ ﻗﻮيﱞ ﻟﻼﻧﺨﺮاط ﰲ املﺨﺎﻃﺮ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ أﺻﺒَﺢَ ﻟﺪى ِ ٍ ﺗﴫﱡﻓﺎت ﻋﺎﻟﻴ ِﺔ املﺨﺎﻃﺮ .وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ،ﻟﻢ ﻳُﺒْ ِﺪ املﻮدﻋﻮن اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﻤﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ اﻟﺒﻨﻮ ُك اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻌﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺆﻣﱠ ﻨني ﺿﺪ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﺨﻄﻮ ُة اﻟﺬﻛﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﴫﰲ ﻫﻲ إﻋﻄﺎءَ ﻗﺮوض ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﻔﺎﺋﺪة ملﻘﱰﺿني ﻣﺸﻜﻮكٍ ﰲ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺴﺪاد، ﻓﺈن ﺳﺎ َر ﻛ ﱡﻞ ﳾء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ،ﱠ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﺎري؛ ْ ِ ﺣﻘ َﻖ اﻟﺒﻨﻚ أرﺑﺎﺣً ﺎ ﻋﺎد ًة ﻣﻦ َ دون أن ﱠ ﻳﻤﺴﻪ ﺳﻮءٌ؛ ﻓﺈﻣﺎ أن ﻳﺮﺑﺢ ﻫﻮ ﻛﺒرية ،أﻣﺎ إذا ﻣﺎ ﺳﺎء َِت اﻷﻣﻮ ُرَ ،ﻓ َﺴﻴُﻔﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ وإﻣﺎ أن ﻳﺨﴪ داﻓﻌﻮ اﻟﴬاﺋﺐ. 89
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً ﻒ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ املﱰاﺧﻲ ً ﻛﻤﺎ ﺧ ﱠﻠ َ ﻣﻮاﺗﻴﺔ ﻟﻠﴪﻗﺔ اﻟﴫﻳﺤﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺗُﻘﺪﱠم اﻟﻘﺮوض ﺑﻴﺌﺔ ﻟﻸﺻﺪﻗﺎء واﻷﻗﺎرب ﺛﻢ ﻳﻬﺮﺑﻮن ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد .ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮون ﺟﺎﻳﺘﻮود ،املﴫﰲ ﻣﻦ ﻓﻴﻠﻢ »ﻋﺮﺑﺔ اﻟﺠﻴﺎد«؟ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ أﻣﺜﺎﻟﻪ ﰲ أوﺳﺎط ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ. ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،١٩٨٩أﺿﺤﻰ واﺿﺤً ﺎ أن ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻮﻓري ﻗﺪ ﺧﺮﺟَ ْﺖ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة، َ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎ َ ُ ط ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف .إﻻ أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ، وأﻏﻠﻘ ِﺖ ﱠ ﺗﻀﺨﻤَ ْﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وﺟَ َﺪ داﻓﻌﻮ اﻟﴬاﺋﺐ أن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺧﺴﺎﺋ ُﺮ ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺎع ﻗﺪ ﺑﻠﻐ ْﺖ ﻧﺤﻮ ١٣٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر .ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻛﺎن ﻫﺬا ً ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺤﻤﱡ َﻞ ﺧﺴﺎﺋﺮ َ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﺑﺎﻫ ً ﻈﺎ ً ﻓﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺣﺠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻌﺎدِ ل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٣٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﰲ وﻗﺘﻨﺎ ﻣﻦ املﺎل؛ ﻫﺬا. ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻮﴇ املﺪﺧﺮات واﻟﻘﺮوض ﻫﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻋﲆ أن اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ ُﻈﻬﺮ ﻣﻨﺎﴏوه؛ ﻓﻔﻲ ﻣﺴﺘﻬ ﱢﻞ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻗﻌَ ْﺖ ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮر ًة ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳ ِ ٌ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻛﱪى — ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺳﻴﺘﻲ ﺟﺮوب ﺗﺤﺪﻳﺪًا — ﰲ ﻣﺘﺎﻋﺐ ﺟَ ﻤﱠ ﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ أﻓﺮ َ ﻃ ْﺖ ﺑﻨﻮ ٌك ﰲ إﻗﺮاض ﴍﻛﺎت ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﺎرات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ .وﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٨ﻣﻊ ﺳﻘﻮط اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﱢ ُ إﻓﻼس ﺻﻨﺪوق اﻟﺘﺤﻮﱡط اﻟﻮﺣﻴﺪ — ﻟﻮﻧﺞ ﺗريم ﻓﺦ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،أدﱠى ُ إﻓﻼس ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ﻛﺎﺑﻴﺘﺎل ﻣﺎﻧﻴﺠﻤﻨﺖ — إﱃ ﺗﺠﻤﻴ ِﺪ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ أﻓﴣ إﱃ ﺗﺠﻤﻴﺪ اﻷﺳﻮاق ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن .اﺳﺘﻄﺎﻋَ ْﺖ ﺟﻬﻮ ُد اﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ َ ﺣﺸﺪَﻫﺎ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺗﺠﻨﱡﺐَ اﻟﻜﺎرﺛﺔ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٨وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ُ ُ )ذﻛﺮت ﺗﺤﺬﻳﺮ ود ْر ٍس ﻋﻤﲇ ﻋﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻏري املﻘﻴﱠﺪ اﻟﺤﺪث ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ٍ َ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﰲ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب »ﻋﻮدة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد« ﻋﺎم ١٩٩٩؛ ٌ ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﺑني أزﻣﺔ ﺻﻨﺪوق ﻟﻮﻧﺞ ﺗريم ﻛﺎﺑﻴﺘﺎل ﻣﺎﻧﻴﺠﻤﻨﺖ ،واﻷزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻋُ ﻘِ ﺪت ُ وﺟﺪت أﻧﻨﻲ ﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺠﺘﺎح آﺳﻴﺎ آﻧﺬاك ،إﻻ أﻧﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮت ﻟﻸﻣﺮ ﺑﺄﺛﺮ رﺟﻌﻲ، أﺳﺘﻮﻋِﺐْ ﺣﺠ َﻢ املﺸﻜﻠﺔ آﻧﺬاك(. إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﺪرس أُﻏﻔِ َﻞ .وﺣﺘﻰ وﻗﻮع أزﻣﺔ ،٢٠٠٨ﻛﺎن أﺻﺤﺎبُ اﻟﺸﺄن واﻟﻨﻔﻮذ اﺳﺘﻬﻠﻠﺖ ﺑﻪ ﻫﺬا اﻟﻔﺼ َﻞ — ﻋﲆ ﱠ ُ أن ﻛ ﱠﻞ ُﴫﻳﻦ — ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن ﰲ اﻻﻗﺘﺒﺎس اﻟﺬي ﻣِ ﱢ ً وإﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻓﻌﺎد ًة ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺰﻋﻤﻮن أن اﻟﺘﺤﺮﻳ َﺮ املﺎﱄ أدﱠى إﱃ ﳾء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام. ﱡ ري ﰲ اﻷداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎم .وإﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﺸﺎﺋﻊ أن ﻧﺴﻤﻊ ِﻣﻦ ﻳﻮﺟني ﺗﺤﺴ ٍﻦ ﻛﺒ ٍ 90
ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني
ري اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺎﱄ اﻟﺸﻬري ذي اﻟﺜ ﱢ َﻘﻞ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ — ادﱢﻋَ ٍ ﺎءات ﻣﻦ اﻟﻨﻮع ﻓﺎﻣﺎ — ﺧﺒ ِ اﻟﺘﺎﱄ: ﻣﻨﺬ أواﺋﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺷﻬﺪ اﻟﻌﺎ َﻟ ُﻢ املﺘﻘﺪم وﺑﻌﺾ اﻷﻃﺮاف اﻟﻜﱪى ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﻓﱰ ًة ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ؛ ِ ﻓﻤﻦ املﻨﻄﻘﻲ أن ﻧﻘﻮل ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮ ،ﻣﻦ ري ﰲ إن اﻷﺳﻮاق واملﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﺿﻄﻠﻌَ ْﺖ ﺑﺪور ﻛﺒ ٍ ٍ ِ ﺧﻼل ﺗﻴﺴري ﱢ أﻏﺮاض ﻣﻨﺘِﺠﺔ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﺿﺦ املﺪﺧﺮات اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﰲ ٍ ِ ﺣﺎﻟﺔ رﻛﻮ ٍد أرﺟَ ﻌَ ﻬﺎ ﻣﻌﻈﻤُﻨﺎ وﻟﻠﻌِ ﻠﻢ ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﻓﺎﻣﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ ،٢٠٠٩وﺳﻂ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ اﻟﺠﺎﻣﺢ ،وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻟﻢ ﻳﺤﺪث أيﱡ ﳾء ﻣﺸﺎ ِﺑﻪ ﻟﺮؤﻳﺘﻪ ﻋﻦ »اﻟﻨﻤﻮ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ«؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻛﺎن ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﺗ َﻠ ِﺖ اﻟﺘﺤ ﱡﺮ َر املﺎﱄ أﺑﻄﺄ َ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ؛ وﻛﺎﻧﺖ ﻓﱰ ُة ُ ﺟﻴﻞ ﻓﱰ ِة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ »اﻟﻨﻤﻮ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ« اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ ِ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت املﻌﻴﺸﺔ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﱢ اﻟﻀﻌﻒ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﺘﻮاﺿ ٍ ِ ﻌﺔ ﰲ اﻟﺪﺧﻞ ﰲ اﻷ ُ َﴎ املﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺪﺧﻞ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،ﻟﻢ ﺗﺤﺪث ﺳﻮى زﻳﺎد ٍة ﻇ ﱢﻞ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ املﺘﺤ ﱢﺮر ،وﻗﺪ ﱠ ﺗﺤﻘ َﻘ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻄﻔﻴﻔﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ زﻳﺎدة ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷﺳﺎس ،وﻟﻴﺲ ﺑﺮﻓﻊ اﻷﺟﻮر. َ إﻻ أﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أﻗﻠﻴ ٍﺔ ﻣﺤﺪود ِة اﻟﺤﺠﻢ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ واﺳﻌﺔ اﻟﺘﺄﺛري ،ﻛﺎن ﻋﴫُ ري ﻋﺎديﱟ ﰲ اﻟﺪﺧﻞ ً َ ﻓﻌﻼ؛ وﻫﺬا ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أﺣ ُﺪ اﻟﺘﺤ ﱡﺮر املﺎﱄ وﺗﺰاﻳُﺪ اﻟﺪﻳﻮن وﻗﺖ ﻧﻤ ﱟﻮ ﻏ ِ ﱢ اﻷﺳﺒﺎب املﻬﻤﺔ ﰲ اﺳﺘﻌﺪادِ ﻋﺪدٍ ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع إﱃ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات املﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎملﺴﺎر اﻟﺬي ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ْ ﻷن ﻳﺴﻠﻜﻪ. ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر — ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺤﺪ َ ﱠث وﻣﻦ أﺟﻞ ﻓﻬﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻷﻋﻤﻖ وراء أزﻣﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ — ٍ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎو ُِت ﰲ ْ ﺛﺎن. اﻟﺪﺧ ِﻞ وﺣﻠﻮل »ﻋﴫ ﱟ ذﻫﺒﻲ« ٍ
91
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﲏ
واﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻴﻪ َﻷﻣ ٌﺮ ﻣﻜ ﱢﻠ ٌ َ ﻒ ،وﻗﺪ ﻗ ﱠﺪ َم ﻣﻨﺰل ﰲ ﺣﺠﻢ ﺗﺎج ﻣﺤﻞ إن اﻣﺘﻼ َك ٍ ﱄ ﻛريي دﻳﻠﺮوز — ﻣﺪﻳﺮ ﻗﺴﻢ اﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﰲ ﴍﻛﺔ ﺟﻮﻧﺰ ﻓﻮﺗﺮ ﻣﺎرﺟﻴﻮﺗِﺲ وﴍﻛﺎه ﰲ ﺟﺮﻳﻨﺘﺶ — ﴍﺣً ﺎ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴٍّﺎ ﻣﻔﻴﺪًا ﻋﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺘﺰﻳني اﻟﻼﺋﻖ َ ﴫ؛ ﻓﻘﺎل ﱄ» :إن اﻟﺴﺠﺎد ﻣﻜ ﱢﻠﻒ ﺟﺪٍّا «.ﻣﺸريًا إﱃ ﺳﺠﺎدة ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺑﻘ ْ ٍ ﺛﻤﻨﻬﺎ ٧٤أﻟﻒ دوﻻر ،ﻛﺎن ﻗﺪ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻟﻐﺮﻓﺔ ﻧﻮم أﺣ ِﺪ ﻋﻤﻼﺋﻪ ،وأﺿﺎف» :أﻣﱠ ﺎ ﻋﻦ اﻟﺴﺘﺎﺋﺮ ،ﻓﺎﻹﻛﺴﺴﻮارات وﺣﺪﻫﺎ — اﻟﻘﻀﺒﺎن واﻟﺘﻴﺠﺎن واﻟﺤﻮاﻣﻞ واﻟﺤﻠﻘﺎت — ﻗﺪ ﺗﻜ ﱢﻠ ُﻔ َﻚ ﻋﺪة آﻻف ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات ،وﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻨﻔﻖ ١٠آﻻف دوﻻر دون ﻏﺮﻓﺔ واﺣﺪة ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻘِ َ ٍ ﻄﻊ وﺣﺪﻫﺎ .أﻣﺎ اﻷﻗﻤﺸﺔ … ﻓﻤﻌﻈﻢ ﻫﺬه ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﻟﻐﺮف — اﻟﻐﺮﻓﺔ اﻟﻜﱪى وﻏﺮﻓﺔ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ — ﺗﺤﺘﺎج ﻣﺎ ﺑني ١٠٠و ١٥٠ﻳﺎردة ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﺷﺎﺋﻊ .وﺗﱰاوح أﺳﻌﺎر اﻷﻗﻤﺸﺔ اﻟﻘﻄﻨﻴﺔ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ﻣﺎ ﺑني ٤٠و ٦٠دوﻻ ًرا ﻟﻠﻴﺎردة ،وﻟﻜﻦ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻧﻮاع اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ — وﻫﻲ دوﻻر ﻟﻠﻴﺎردة«. اﻷﻗﻤﺸﺔ اﻟﺤﺮﻳﺮﻳﺔ املﻤﺘﺎزة — ﺛﻤﻨﻬﺎ ١٠٠ ٍ ﺣﺘﻰ اﻵن ،وﺻ َﻠ ْﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺳﺘﺎﺋﺮ ﻏﺮﻓﺔ واﺣﺪة ﻓﻘﻂ إﱃ ﻣﺎ ﺑني ٢٠أﻟﻒ و ٢٥أﻟﻒ دوﻻر. ﻣﻦ ﻣﻘﺎل »ﺛﺮوة ﺟﺮﻳﻨﺘﺶ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ« ،ﻣﺠﻠﺔ ﻓﺎﻧﻴﺘﻲ ﻓري ،ﻳﻮﻟﻴﻮ ٢٠٠٦ ً ﻣﻘﺎﻻ ملﺠﻠﺔ ﻓﺎﻧﻴﺘﻲ ﻓري ﻋﺎم ُ — ٢٠٠٦ﻗﺒَﻴْﻞ ﺑﺪء اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ — ﻛﺘﺒ َْﺖ ﻧﻴﻨﺎ ﻣﻮﻧﻚ ﻋﻦ ﻓﻮرة ﺑﻨﺎء اﻟﻘﺼﻮر اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎﺣَ ْﺖ ﺟﺮﻳﻨﺘﺶ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻛﻮﻧﻴﺘﻴﻜﺖ آﻧﺬاك؛ وﻛﻤﺎ ذَ َﻛ َﺮ ْت، ﱠ َ املﻔﻀﻞ ﻟﻜﺒﺎر رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﰲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﺣﻴﺚ املﻜﺎن ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺟﺮﻳﻨﺘﺶ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻣﻘ ٍّﺮا ﺷﻴﱠ َﺪ ﻓﻴﻪ ﺑُﻨﺎ ُة اﻟﺜﺮوات اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ أو َو َرﺛَﺘُﻬﺎ ﻗﺼﻮ ًرا »ﺗُﻨﺎﻓِ ﺲ اﻟﺒﻨﺎﻳﺎت
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ واﻟﻘﺼﻮر اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واملﻨﺎزل اﻟﻔﺨﻤﺔ ﰲ أوروﺑﺎ «.إﻻ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ِ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜريُ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺘﺤﻤﱠ ﻠﻮا ُ َ ُ اﻟﻌﻘﺎرات ﻗﴫ ﻣﻜﻮ ٍﱠن ﻣﻦ ﺧﻤﺲ وﻋﴩﻳﻦ ﻏﺮﻓﺔ؛ وﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ ﻓ ﱢﻜ َﻜﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ٍ املﻬﻴﺒﺔ و ِﺑﻴﻌَ ْﺖ. ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻣﺪﻳﺮو ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡط ﻳﻨﺘﻘﻠﻮن إﱃ ﺗﻠﻚ املﻨﻄﻘﺔ. ﻳﱰ ﱠﻛﺰ ﺟﺰءٌ ﻛﺒريٌ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ﻃﺒﻌً ﺎ )وﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻨﺪن ،اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا ﻣﻤﺎﺛ ًِﻼ( ،إﻻ أن ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡط — اﻟﺘﻲ ﱠ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻋﻤﻠُﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﰲ املﻀﺎرﺑﺔ َ املﻘﱰَﺿﺔ ،واﺟﺘﺬاب املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﻣﻠﻮن ﰲ ﱢ ﺗﺤﲇ ﻣﺪﻳﺮي ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد ﺑﺎﻟﺒﺼرية اﻟﻔﺮﻳﺪة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻜﺴﺐ ﺛﺮوات ﻃﺎﺋﻠﺔ — اﺟﺘﻤﻌَ ْﺖ ﰲ ﺟﺮﻳﻨﺘﺶ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ دﺧﻼ ﻳﻤﺎﺛِﻞ ْ ً دﺧ َﻞ ﻣﺎﻧﻬﺎﺗﻦ ﺣﻮاﱄ أرﺑﻌني دﻗﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎر .ﻳﺠﻨﻲ ﻣﺪﻳﺮو ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﺑﺎروﻧﺎت اﻟﻠﺼﻮص ﰲ املﺎﴈ أو ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻨﻪ ،وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻠﻪ ً ﱡ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ .ﻓﻔﻲ وﻓﻘﺎ ﻋﺎم ،٢٠٠٦ﱠ ﺣﻘ َﻖ اﻟﺨﻤﺴﺔ واﻟﻌﴩون ﻣﺪﻳ ًﺮا اﻷﻋﲆ أﺟ ًﺮا ﺑني ﻣﺪﻳﺮي ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡط ً دﺧﻼ ﻗﺪره ١٤ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر؛ أيْ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﺜﺎل رواﺗﺐ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻲ املﺪارس ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻣﺠﺘﻤﻌني ،اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﻢ ﺛﻤﺎﻧني أﻟﻒ ﻣﻌﻠﻢ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗ ﱠﺮ َر ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﴍاءَ ﻣﻨﺎزل ﰲ ﺟﺮﻳﻨﺘﺶ ،ﻟﻢ ﻳَﻌْ ﻨ ِِﻬﻢ ﺳﻌﺮﻫﺎ؛ ﻓﻘﺪ اﺷﱰوا ري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻛﺎﻧﻮا راﺿني اﻟﻘﺼﻮ َر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﻐﺎﺑﺮ ،وﰲ ﻛﺜ ٍ ً ﻗﺼﻮر أﻛﱪ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ .أﻛﱪ إﱃ أي ﺣﺪﱟ؟ وﻓﻘﺎ ملﻮﻧﻚ ،ﻛﺎن ﻳﻬﺪﻣﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﻮر ﻟﺒﻨﺎء ٍ ﱢ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﺴﺎﺣﺔ املﻨﺰل اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺒﺘﺎﻋﻪ ﻣﺪﻳ ُﺮ ﺻﻨﺪوق اﻟﺘﺤﻮﱡط ﻳﺼﻞ إﱃ ﺣﻮاﱄ ١٥ ﱢ املﺘﺨﺼﺺ ﰲ أﻟﻒ ﻗﺪﻣً ﺎ ﻣﺮﺑﻌً ﺎ؛ وﻗﺪ اﺷﱰى ﻻري ﻓﺎﻳﻨﺒريج — ﻣﺪﻳﺮ ﺻﻨﺪوق اﻟﺘﺤﻮﱡط ً ﻣﻨﺰﻻ ﻗﻴﻤﺘﻪ ٢٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻟﻴﻬﺪﻣﻪ ،وﻃ َﻠﺐَ ﰲ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،أوراﻛﻞ وﴍﻛﺎه — ﺗﺼﻤﻴﻤﺎت اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺘﻲ ﻗﺪﱠﻣَ ﻬﺎ إﱃ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺑﻨﺎءَ ﻓﻴﻼ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﻧﺤﻮ ٣٠٧٧١ﻗﺪﻣً ﺎ ﻣﺮﺑﻌً ﺎ؛ وﻛﻤﺎ أوﺿﺤَ ْﺖ ﻣﻮﻧﻚ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻘﻬﺎ املﻔﻴﺪ ،ﻓﺈن ﻫﺬا أﺻﻐ ُﺮ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺗﺎج ﻣﺤﻞ. ْ وﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳَﻌْ ﻨِﻴﻨﺎ ﰲ ذﻟﻚ؟ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﺤﺾ اﻫﺘﻤﺎم ﺷﻬﻮاﻧﻲ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن َ ﱠ أن أﻧ ِﻜ َﺮ ﱠ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﺛﻤﺔ ﺳﺤ ًﺮا ﻣﺎ ﰲ اﻟﻘﺮاءة ﻋﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺣﻴﺎة اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﺴﺨﻔﺎء، ﻣﺴﺄﻟﺔ أﻫ ﱠﻢ ً ٍ أﻳﻀﺎ. املﻮﺿﻮع ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ ُ أﴍت ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ إﱃ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ وﻗﻮع أزﻣﺔ ﻋﺎم ،٢٠٠٨ﻛﺎن ﻣﻦ ُ ً ً اﻟﺼﻌﺐ أن ﻧﺮى ﺳﺒﺐَ أزﻣﺔ املﺪﺧﺮات ﻧﺎﺟﺤﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻗﺪﱠﻣَ ْﺖ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ ِ ﻣﺜﺎﻻ ﺑﺎﻫِ َ ً ﻆ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎل ﺟﻤﻮح املﴫﻓﻴني ﻋﻨﺪ إﻃﻼق ﻳﺪﻫﻢ؛ ﻛﻤﺎ واﻟﻘﺮوض 94
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻛﻮارث وﺷﻴﻜﺔ أﻓ َﻠﺘْﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺼﻌﻮﺑ ٍﺔ ﺗﻨﺒﱠﺄ َ ْت ﺑﺎﻷزﻣﺔ املﻘ ِﺒﻠﺔ ،واﻟﻨﻤ ﱡﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي َ ﻋﴫ اﻟﺘﺤ ﱡﺮر ﻋﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﴫ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ، اﻧﺨﻔ َﺾ ﻣﻌﺪﻟُﻪ ﰲ ِ إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن )وﻻ ﻳﺰال( ﺛﻤﺔ وﻫ ٌﻢ ﻏﺮﻳﺐٌ ﺳﺎﺋ ٌﺪ ﰲ أوﺳﺎط ﺑﻌﺾ املﻌ ﱢﻠﻘني — ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ املﻨﺘﻤني ﻟﻠﻴﻤني اﻟﺴﻴﺎﳼْ ، وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ — ﻣﻔﺎده أن ﻋﴫ اﻟﺘﺤ ﱡﺮر ﻣﺜ ﱠ َﻞ اﻧﺘﺼﺎ ًرا ُ ذﻛﺮت ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ أن ﻳﻮﺟني ﻓﺎﻣﺎ — ﻣﺨﺘﺺ اﻟﺘﻨﻈري املﺎﱄ اﻟﺸﻬري ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ. ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ — أﻋ َﻠ َﻦ أن اﻟﻌﴫ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﺑﺮﻓﻊ اﻟﻘﻴﻮد املﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎن أﺣ َﺪ ﻋﺼﻮر »اﻟﻨﻤﻮ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ« ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺸﺒﻪ أيﱠ ﳾءٍ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ. ﻣﺎ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻊ ﻓﺎﻣﺎ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺸﻬﺪ ﻧﻤﻮٍّا اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴٍّﺎ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،رﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ ﻛﻮ ِْن »ﺑﻌﺾ« اﻟﻨﺎس — ﻣﻦ َﻗﺒﻴﻞ ُرﻋﺎة ﻣﺆﺗﻤﺮات اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ً ﻣﺜﻼ — ﻗﺪ ﺷﻬﺪوا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﻤﻮٍّا اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴٍّﺎ ﰲ دﺧﻠﻬﻢ. َ ﻗﻴﺎﺳ ْني ﻟﺪﺧﻞ ُﻈﻬﺮ اﻟﺮﺳ ُﻢ اﻟﻌﻠﻮيﱡ ﺳﺄﺳﺘﻌﺮض ﻣﻌﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ رﺳﻤَ ني ﺑﻴﺎﻧﻴ ْﱠني .ﻳ ِ اﻷﴎة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ املﻘﻴﺎس اﻷول ﻫﻮ ﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻷﴎة ،وﻫﻮ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺪوﻻر وﻓﻖ ﻣﻌﺪﻻت ِ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ« ﺑﻌﺪ ملﺤﺔ »ﻧﻤ ﱟﻮ ُﻈﻬﺮ أيﱠ ﱟ اﻟﺪﺧﻞ ﻣﻘﺴﻮﻣً ﺎ ﻋﲆ ﻋﺪد اﻷﴎ .ﺣﺘﻰ ﻫﺬا املﻘﻴﺎس ﻻ ﻳ ِ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ؛ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎن ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ١٩٨٠أﴎ َع ﻣﻦ ﻣﻌﺪﻟﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ دﺧ َﻞ اﻷﴎة »املﺘﻮﺳﻄﺔ« ،وﻫﻮ ْ ُﻈﻬﺮ املﻘﻴﺎس اﻟﺜﺎﻧﻲ ْ دﺧ ُﻞ اﻷﴎة اﻟﻌﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﻟﻌﺎم .وﻳ ِ دﺧﻠُﻬﺎ ﻋﻦ دﺧﻞ ﻧﺼﻒ اﻟﺴﻜﺎن ،وﻳﻘ ﱡﻞ ﻋﻦ اﻟﻨﺼﻒ َ ﻳﺰﻳﺪ ْ اﻵﺧﺮ .وﻛﻤﺎ ﺗﺮون ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ دﺧﻞ اﻷﴎة اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ١٩٨٠أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ﻋﻦ ﻣﻌﺪﻟﻪ ﻗﺒﻠﻪ .ﻟﻢَ؟ ﻷن ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي َ ِ ﺑﻀﻌﺔ أﻓﺮاد ﻣﱰﺑﱢﻌني ﻋﲆ اﻟﻘﻤﺔ. ذﻫﺐَ إﱃ ﱡ ﺗﺤﺴﻦ ﺣﺎل اﻟﻔﺌﺔ املﱰﺑﱢﻌﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﻤﺔ ،وﻫﻢ ﰲ ﻫﺬه أﻣﺎ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺴﻔﲇ ﻓﻴُﻈﻬﺮ ﻣﺪى اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﺌﺔ »أﻋﲆ واﺣﺪ ﰲ املﺎﺋﺔ« اﻟﺘﻲ ذاع ﺻﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮﻛﺔ »اﺣﺘﻠﻮا وول ﺳﱰﻳﺖ«. ﻛﺎن ﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴٍّﺎ ً ﻓﻌﻼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻨﺬ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ ،وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺬﺑﺬُب ﱡ ِ وﻫﺒﻮط ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻊ ﺻﻌﻮ ِد دﺧﻮﻟﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻋُ ﱢﺪ َﻟﺖ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺗﻀﺎﻋﻔ ْﺖ أرﺑﻊ ﻣﺮات ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻨﺬ .١٩٨٠إذَ ْنَ ، َ ﻟﻘ ْﺪ ﻛﺎن وﺿﻊ اﻟﻨﺨﺒﺔ ﺟﻴﺪًا ﺟﺪٍّا ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ ،ﰲ ﺣني ﻛﺎن ْ وﺿ ُﻊ اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ وﺻﻔﻮ ِة اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ — وﻫﻢ ﻧﺴﺒﺔ ٪٠٫١اﻟﻌﻠﻴﺎ ،وﻧﺴﺒﺔ ٪٠٫٠١اﻟﻌﻠﻴﺎ — أﻓﻀ َﻞ؛ ﺣﻴﺚ َ وﺻ َﻞ رﺑْﺢُ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻷﻏﻨﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺜﱢﻞ أﻋﻀﺎؤﻫﺎ واﺣﺪًا ﻣﻦ ﻛ ﱢﻞ ١٠آﻻف أﻣﺮﻳﻜﻲ إﱃ ٦٦٠ﰲ املﺎﺋﺔ؛ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ وراء اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻘﺼﻮر املﺸﺎ ِﺑﻬَ ﺔ ﻟﺘﺎج ﻣﺤﻞ ﰲ وﻻﻳﺔ ﻛﻮﻧﻴﺘﻴﻜﺖ. 95
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﺪﺧﻞ وﻓﻖ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ﻋﺎم ٢٠١٠
اﻟﺪﺧﻮل ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ×١٠ ٩٠ ٨٠ ٧٠ ٦٠ ٥٠ ٤٠ ٣٠ ٢٠ ١٠ ٠ ١٩٤٧ ١٩٥٥ ١٩٦٣ ١٩٧١ ١٩٧٩ ١٩٨٧ ١٩٩٥ ٢٠٠٣
٣
ﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻷﴎة دﺧﻞ اﻷﴎة املﺘﻮﺳﻄﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺪﺧﻞ — وﻫﻮ ﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻷﴎة — ﻟﻢ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﰲ ﻋﴫ اﻟﺘﺤ ﱡﺮر ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد، ﰲ ﺣني أن ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ دﺧﻞ اﻷﴎة املﺘﻮﺳﻄﺔ — وﻫﻮ دﺧﻞ اﻷﴎ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ — ﺗﺒﺎ َ ﻃﺄ َ ﺣﺘﻰ َ وﺻ َﻞ إﱃ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺤَ ﺒ ِْﻮ …
ﺗﻄﺮح ﻇﺎﻫﺮ ُة اﻟﺼﻌﻮد املﻠﺤﻮظ ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺸﺪﻳﺪي اﻟﺜﺮاء — ﺣﺘﻰ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻨﻤﻮ ِ ِ املﺘﻮاﺿﻌﺔ ﺟﺪٍّا ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ — ﺳﺆاﻟني أﺳﺎﺳﻴني؛ واملﻜﺎﺳﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻬﺰﻳﻞ، ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ املﻮﺿﻮع اﻟﺴﺆال اﻷول ﻫﻮ :ملﺎذا ﺣﺪث ﻫﺬا؟ وﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع ﺳﺄﺗﻨﺎوﻟﻪ ٍ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب .أﻣﺎ اﻟﺴﺆال َ اﻵﺧﺮ ﻓﻴﺘﻨﺎول ﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﻧﺠﺪ َ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ ،وﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع ﺷﺎﺋﻚ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻣﻬﻢ. َ ْ ْ إذن ،ﻓﺎملﻮﺿﻮع اﻷول ﻫﻮ :ﻣﺎ ﺳﺒﺐ ارﺗﻔﺎع اﻟﺪﺧﻞ ﺑني ﻋِ ﻠﻴَﺔ اﻟﻘﻮم؟ ملﺎذا أﺻﺒﺢ اﻷﻏﻨﻴﺎءُ ﻓﺎﺣِ ِﴚ اﻟﺜﺮاء؟ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ،ﻛﺜري ﻣﻦ املﻨﺎﻗﺸﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻟِﺞ ﺗﺰاﻳُ َﺪ ﺣﺪة اﻟﺘﻔﺎوت ﺗﺠﻌﻞ اﻷﻣ َﺮ ﻳﺒﺪو وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺘﺰاﻳ ِﺪ اﻟﺠﺰاء ﺗﻤﺎﺷﻴًﺎ ﻣﻊ املﻬﺎرة؛ ﻓﻴُﻘﺎل إن اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﺨﻠﻖ ﻃﻠﺒًﺎ 96
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
دﺧﻮل أﻋﲆ ٪١
×١٠ ٢٠ ١٥ ١٠ ٥
٢٠٠٥
١٩٩٥
١٩٨٥
١٩٧٥
١٩٦٥
٠
اﻟﺪﺧﻞ وﻓﻖ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ﻋﺎم ٢٠١٠
٢٥
٥
١٩٤٧ ١٩٥٥
ً دﺧﻼ ﺑﻠﻎ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء )املﺼﺪر :اﻟﺘﻌﺪاد … إﻻ أن ﻣﺘﻮﺳﻂ دﺧﻞ اﻟ ٪١ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﻷﻋﲆ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،ﺗﻮﻣﺎس ﺑﻴﻜﻴﺘﻲ وإﻳﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﺳﺎﻳﺰ» ،ﺗﻔﺎوت اﻟﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ: ،«١٩٩٨–١٩١٣ﻛﻮارﺗﺮﱄ ﺟﻮرﻧﺎل أوف إﻛﻮﻧﻮﻣﻴﻜﺲ ،ﻓﱪاﻳﺮ ) ٢٠٠٣ﻣﺮاﺟﻌﺔ .((٢٠١٠
ُ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮوﺗﻴﻨﻲ ﻋﺎل ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﺘﺰاﻳﺪًا ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻣﻠني اﻟﺤﺎﺻﻠني ﻋﲆ ﺗﻌﻠﻴ ٍﻢ ٍ ُ ُ اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴ ِﻢ ﻋﲆ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻷﻗﻞ ﺗﻌﻠﻴﻤً ﺎ. اﻷﻗﻠﻴﺔ أو اﻟﺒﺪﻧﻲ أو ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ،ﺗﺘﻔﻮﱠق ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :ﰲ ﻋﺎم َ ٢٠٠٦ أﻟﻘﻰ ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ — رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — ﺧﻄﺎﺑًﺎ ﻋﻦ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺘﻔﺎوت ،أﺷﺎر ﻓﻴﻪ إﱃ أن ﻟﺐﱠ املﻮﺿﻮع ﻫﻮ أن اﻟﴩﻳﺤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺤَ َﺴﻨِﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴ ِﻢ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ٢٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻛﺎﻧﺖ آﺧﺬة ﰲ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﴩﻳﺤﺔ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل اﻷﻗﻞ ﺗﻌﻠﻴﻤً ﺎ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ٨٠ﰲ املﺎﺋﺔ. أَ ْ ﺻﺪ ُُﻗ ُﻜﻢ اﻟﻘﻮ َل؛ إﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ؛ ﻓﺨﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻼﺛني ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎمﱟ ،ﻛﻠﻤﺎ ارﺗﻔﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ املﺮءُ ،ﱠ ﺣﺴ َﻦ ذﻟﻚ املﺎﺿﻴﺔ ُ ْ ﺻﻪ وﻓ َﺮ َ ُﻓ َﺮ َ ﺷﻬﺪت أﺟﻮر اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺤﺎﺻﻠني ﻋﲆ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺟﺎﻣﻌﻲ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ص أﻗﺮاﻧﻪ .وﻗﺪ َ ﻣﻘﺎ َر ً ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻮي ،وارﺗﻔﻌَ ْﺖ أﺟﻮ ُر اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻧﺔ ﺑﻨﻈﺮاﺋﻬﻢ ﻣﻤﱠ ْﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎوزوا َ اﻟﺤﺎﺻﻠني ﻋﲆ دراﺳﺎت ﻋﻠﻴﺎ ،ﻣﻘﺎ َر ً اﻛﺘﻔﻮا ﺑﺎﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ درﺟﺔ ﻧﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ اﻟﺒﻜﺎﻟﻮرﻳﻮس.
97
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻏري أن اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻟﺘﻔﺎوت ﰲ اﻷﺟﻮر اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﺤﺴﺐ ﻻ ﻳُﻔﻘِ ﺪﻧﺎ ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻳُﻔﻘِ ﺪﻧﺎ ﻣﻌﻈﻤَ ﻬﺎ؛ ﻓﺎملﻜﺎﺳﺐ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ ﻋﻤﱠ ﺎل ﻣﻦ ْ ٍ ٍ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺒﺎﻟﻐﻲ اﻟﺜﺮاء؛ ﻓﻌﺎد ًة اﻗﺘﴫَت ﻋﲆ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎمﱟ ،ﺑﻞ ﺧﺮﻳﺠﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﺟﺎﻣﻌﻲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺪراﺳﺎت ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻮ املﺪارس اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺣﺎﺻﻠني ﻋﲆ ﺗﻌﻠﻴ ٍﻢ ﱟ ُ ﻣﻌﺪﻻت ْ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ — ْ ِ ٍ دﺧﻠِﻬﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻲ زﻳﺎدات ﰲ املﻘﺎرﻧﺔ — ﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪوا إن ﺟﺎ َز ِت ٌ ﺧﻤﺴﺔ وﻋﴩون ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺪﻳﺮو ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡطَ .و ْﻟﻨﺘﺬ ﱠﻛ ْﺮ ﻣﺠ ﱠﺪدًا ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎع ﻣﺪﻳ ًﺮا ﻣﻦ ﻣﺪﻳﺮي ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ أن ﱢ ﻳﺤﻘﻘﻮا ْ َ ﺛﻼث ﻣﺮات ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮع دﺧﻮل دﺧ ًﻼ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﺜﻤﺎﻧني أﻟﻒ ﻣﻌ ﱢﻠ ٍﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪ ﱢرﺳﻮن ﰲ ﻣﺪارس ﻧﻴﻮﻳﻮرك. ﻟﻘﺪ اﺗﱠﺤَ َﺪ أﻋﻀﺎءُ ﺣﺮﻛﺔ »اﺣﺘﻠﻮا وول ﺳﱰﻳﺖ« ﻋﲆ ﺷﻌﺎر »ﻧﺤﻦ ﻓﺌﺔ اﻟ ٩٩ﰲ ﻳﻘﱰبَ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﻳﺚ املﻌﺘﺎدة ﻋﻦ املﺎﺋﺔ« ،وﻫﻮ اﻟﺸﻌﺎر اﻟﺬي اﺳﺘﻄﺎ َع أن ِ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﻔﺮوق ﰲ املﻬﺎرات؛ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮل اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴني ﻓﻘﻂ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺨﺮﻳﻒ املﺎﴈ أﺻ َﺪ َر ﻣﻜﺘﺐُ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — ذﻟﻚ اﻟﻜﻴﺎ ُن اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻟﻮﻗﺎر ،اﻟﺤﺮﻳﺺ أﺷﺪ ً ﻣﻔﺼﻼ ﻋﻦ ﺗﺰاﻳُﺪ اﻟﺘﻔﺎوت ﺑني ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩٧٩ اﻟﺤﺮص ﻋﲆ اﻟﺒﻘﺎء ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎد — ﺗﻘﺮﻳ ًﺮا و ،٢٠٠٧وﺟﺎء ﰲ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ أن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻮاﻗﻌني ﺑني ﻧﺴﺒﺔ ٨٠إﱃ ٩٩ﺑﺎملﺎﺋﺔ — أيْ ﻓﺌﺔ اﻟ ٢٠ﰲ املﺎﺋﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻔﻬﻢ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻣﻄﺮوﺣً ﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺌﺔ اﻟ ٪١اﻟﺘﻲ ﺗﺤ ﱠﺪﺛ َ ْﺖ ﻋﻨﻬﺎ ُ ﺣﺮﻛﺔ »اﺣﺘﻠﻮا وول ﺳﱰﻳﺖ« — َ ارﺗﻔ َﻊ دﺧﻠﻬﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٦٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة .ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺟﻴﺪة ﺟﺪٍّا ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﺎملﻘﺎ َر ِ ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت أدﻧﻰ؛ ﻓﺎﻷ ُ َﴎ ﻧﺔ ﻣﻊ اﻷ ُ َﴎ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ املﻨﺘﺼﻒ ﺣﺼ َﻠ ْﺖ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻋﲆ ﻧﺼﻒ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ زاد ْ دﺧ ُﻞ أدﻧﻰ ٢٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٨ﰲ املﺎﺋﺔ ﻓﺤﺴﺐ .أﻣﺎ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ ،ﻓﻘﺪ َ ارﺗﻔ َﻊ دﺧﻠﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٧٧٫٥ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﺣﺼ َﻠ ْﺖ ﻓﺌﺘﺎ أﻋﲆ ٠٫١ﰲ املﺎﺋﺔ وأﻋﲆ ٠٫٠١ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﰲ املﺎﺋﺔ ،وﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﻣﻜﺎﺳﺐ أﻛﱪ. ً ُ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻔﺎﺣﺸﻮ اﻟﺜﺮاء َ واﻟﺪﺧﻮل املﺘﺰاﻳﺪة اﻟﺘﻲ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﺑﺄي ﺣﺼ َﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ً ِ ﻓﻮﻓﻘﺎ ملﻜﺘﺐ ﻣﻜﺎﺳﺐُ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي. ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺴﺎءَ َل أﻳﻦ ذﻫﺒ َْﺖ ُ ﺣﺼﺔ اﻟﺪﺧﻞ — ﺑﻌﺪ ﺧﺼﻢ اﻟﴬاﺋﺐ — اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﻞ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ ٧٫٧ﰲ املﺎﺋﺔ إﱃ ١٧٫١ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺪﺧﻞ؛ أيْ ﻣﺎ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﱢ املﺘﺒﻘﻲ ﻟﻜ ﱢﻞ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ،إذا اﻧﺨﻔﺎض ﻗﺮاﺑﺔ ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﰲ ﻣﻘﺪار اﻟﺪﺧﻞ ً ﻣﺎ ﺗﺴﺎو ْ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺴﺄل ﻋﻦ ﻧﺴﺒﺔ اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻌﺎم َت ﻛ ﱡﻞ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺧﺮى. ً ملﻘﻴﺎس ووﻓﻘﺎ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻔﺎوت اﻟﺘﻲ ﺗُﻌ َﺰى إﱃ ﺗﻔﻮﱡق أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ. ٍ 98
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ُ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺘﺤ ﱡﻮ َل ﰲ اﻟﺪﺧﻞ ﺑﺎﺗﺠﺎ ِه أﻋﲆ ١ ﺷﺎﺋﻊ ﻟﻠﺘﻔﺎوت )ﻣﺆﴍ ﺟﻴﻨﻲ( ،ﺳﺘﻜﻮن ٍ ٌ ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ ﻗﺮاﺑﺔ ﻧﺼﻒ اﻻرﺗﻔﺎع ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻔﺎوت. ُ إذَ ْن ملﺎذا اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ُ ٍ وﺑﺪرﺟﺔ أﻛﱪ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺌﺔ أﻋﲆ ٠٫١ﰲ املﺎﺋﺔ ﻓﺌﺔ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ — ري ﻣﻦ َ — أن ﺗﻜﻮن أﻓﻀﻞ ً اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ؟ ﺣﺎﻻ ﺑﻜﺜ ٍ ﻟﻢ ﺗُ َ ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ﻓﻴﻤﺎ ﺑني اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ،وأﺳﺒﺎبُ ﻫﺬا ﺤﺴﻢ ﺗﻠﻚ املﺴﺄﻟﺔ ﺑﺄيﱢ ٍ اﻟﻐﻤﻮض ﻟﻬﺎ دﻻﻟﺔ ﰲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻬﺎ؛ ً أوﻻ :ﺣﺘﻰ ٍ ﻗﺮﻳﺐ ﺟﺪٍّا ﻛﺎن اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني وﻗﺖ ٍ أن ْ ﻳﺸﻌﺮون ﱠ ِ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ،وأن ﻫﺬه دﺧ َﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺒﺎﻟﻐﻲ اﻟﺜﺮاء ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋً ﺎ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻘ ﱡﺮﻫﺎ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ املﻬﻮوﺳﺔ ﺑﺎملﺸﺎﻫري وﻟﻴﺲ ﺻﻔﺤﺎت املﺠﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺻﻴﻨﺔ .ﻓﻘﻂ ﰲ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﺟﺪٍّا أد َر َك اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن أن ْ دﺧ َﻞ اﻷﻏﻨﻴﺎء أﺑﻌَ ُﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﺎﻓﻬﺔ ،وأﻧﻪ ﻣﺮﺑﻂ اﻟﻔﺮس ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ. وﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﺄﺧﺬون ﻓﺌﺘَ ْﻲ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ وأﻋﲆ ٠٫١ﰲ املﺎﺋﺔ ً َ ﺷﺎﺋﻜﺔ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪﻳﻦ؛ ً أوﻻ :إن ﻣﺠﺮد إﺛﺎرة ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ املﺴﺄﻟﺔ ﻋﲆ ﻣﺤﻤﻞ اﻟﺠﺪ ،وﺟﺪوا ً دﺧﻮﻻ ﰲ ﺳﺎﺣﺔ ﺣﺮب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻘﻀﻴﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ ﺑني ﻋِ ْﻠﻴَﺔ اﻟﻘﻮم ﻫﻲ إﺣﺪى ﺳﻴﻤﺜﱢﻞ ً املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺑﻤﺠﺮد أن ﻳ َ ٍ ﴍﺳﺔ ﺗﺼﻞ إﱃ درﺟﺔ ﻫﺠﻤﺎت ﻄﺄَﻫﺎ املﺮءُ ﺑﻘﺪﻣَ ﻴْﻪ ،ﻳﻮاﺟﻪ اﺳﺘﺌﺠﺎر أﺷﺨﺎص ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﺛﺮﻳﺎء .ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ،وﺟَ َﺪ ﺗﻮﻣﺎس ﺑﻴﻜﻴﺘﻲ وإﻳﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﺳﺎﻳﺰ — اﻟﻠﺬان ﻛﺎن ﻟﻬﻤﺎ دو ٌر ِ ﺣﺎﺳ ٌﻢ ﰲ ﺗﺘﺒﱡﻊ اﻟﺘﻘ ﱡﻠﺒﺎت ﰲ َ أﻧﻔﺴﻬﻤﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻧريان آﻻن رﻳﻨﻮﻟﺪز ﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻔﺎوت ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ — ﻛﺎﺗﻮ ،اﻟﺬي أﻣﴣ ﻋﻘﻮدًا ﻳﺆ ﱢﻛﺪ أﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﺤﺪ ْ ُث زﻳﺎد ٌة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﻔﺎوت؛ وﻛﻠﻤﺎ ُﻛ ِﺸﻒ ً ً ﺣﺠﺔ ﺟﺪﻳﺪة. ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺸﻚ ،أﺧ َﺮجَ ﻣﻦ ﺟﻌﺒﺘﻪ زﻳﻒ إﺣﺪى ﺣﺠﺠﻪ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳَ َﺪ ُع َ دﺧﻮل اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ،ﻓﺴﻨﺠﺪ أن ﻣﻮﺿﻮ َع ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ إذا ﻧﺤﱠ ﻴْﻨﺎ ِ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻼﺋﻤً ﺎ ﻟﻸدوات اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﰲ املﻌﺘﺎد؛ ﻓﻤﻬﻨﺘﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ري، ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋﲆ اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ ،ﺻﺤﻴﺢ أن آﻓﺎق ﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد أوﺳ ُﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜ ٍ وﻟﻜﻦ ﻫﺬه ﻫﻲ أداة اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻷوﱃ واﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ،وأﺻﺤﺎب اﻟﺪﺧﻮل املﺮﺗﻔﻌﺔ ﻻ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ دﻧﻴﺎ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ. ُ اﻷﺑﺤﺎث اﻷﺧرية ﻟﺨﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﺟﻮن ﺑﺎﻛﻴﺎ وآدم ﻛﻮل وﺑﺮادﱄ ﻫﺎﻳﻢ، ﺗﻘ ﱢﺪ ُم ﻟﻨﺎ ﻓﻜﺮ ًة ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ﻋﻦ املﻘﺼﻮدِﻳﻦ ﺑﻔﺌﺔ أﻋﲆ ٠٫١ﰲ املﺎﺋﺔ؛ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻫﻲ أﻧﻬﻢ َ ﻧﺼﻒ ﻳﻘﺎرب ﺑﺎﻷﺳﺎس املﺴﺌﻮﻟﻮن اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﻮن ﻟﻠﴩﻛﺎت أو ﻣﺤﺘﺎﻟﻮ ﺳﻮق املﺎل .ﻳﺬﻫﺐ ﻣﺎ ِ 99
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﺪﺧﻞ ﰲ ﻓﺌﺔ أﻋﲆ ٠٫١ﺑﺎملﺎﺋﺔ إﱃ املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني واملﺪﻳﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﴩﻛﺎت ﻏري املﺎﻟﻴﺔ؛ اﻟﺪﺧﻞ إﱃ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ؛ وﺑﺈﺿﺎﻓﺔ املﺤﺎﻣني واﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ ُﺧﻤْ ﺲ ِ ﺳﻮق اﻟﻌﻘﺎرات ،ﻳﺼﻞ املﺠﻤﻮع إﱃ ﺣﻮاﱄ ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع اﻟﺪﺧﻞ اﻹﺟﻤﺎﱄ. ﻋﺎﻣﻞ ﻋﲆ أﺟﺮه ﻣﻘﺎ ِﺑ َﻞ ﺗﻘﻮل ﻛﺘﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎد إﻧﻪ ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ،ﻳﺤﺼﻞ ﻛ ﱡﻞ ٍ »اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﺤﺪي« ،وﻫﻮ اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻟﺬي ﻳﻀﻴﻔﻪ اﻟﻌﺎﻣ ُﻞ إﱃ إﺟﻤﺎﱄ اﻹﻧﺘﺎج؛ وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ِ ﻣﺤﺎﻣ ِﻲ ﺻﻨﺪوق ﺗﺤﻮﱡط ،أو ﺣﺘﻰ ﻣﺪﻳﺮ ملﺪﻳﺮ ﺗﻨﻔﻴﺬيﱟ ﻹﺣﺪى اﻟﴩﻛﺎت أو اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﺤﺪي ِ ٍ ِ اﻟﴩﻛﺎت؟ ﻻ أﺣ َﺪ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،وإذا ﻣﺎ ﻧﻈﺮﺗﻢ إﱃ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳُﺤﺪﱠد ﺑﻬﺎ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻻ َ ْ ٍ ﺻﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺑﻤﺴﺎﻫﻤﺘﻬﻢ دﺧ ُﻞ اﻷﺷﺨﺎص املﻨﺘﻤني ﻟﻬﺬه اﻟﻔﺌﺎت ،ﻓﺴﺘﺠﺪون اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ،ﻣﻦ املﺮﺟﱠ ﺢ أن ﻧﺠ َﺪ ﻣَ ﻦ ﻳﺴﺄل» :وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ ﺳﺘﻴﻒ ﺟﻮﺑﺰ أو ﺠﺎت ﻗﻴ ً ﻣﺎرك زوﻛﺮﺑريج؟ أ َﻟ ْﻢ ﻳﺼﺒﺤَ ﺎ ﺛﺮﻳ ْﱠني ﺑﻔﻀﻞ اﺧﱰاﻋﻬﻤﺎ ﻣﻨﺘَ ٍ ﱢﻤﺔ؟« واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ: وﻟﻜﻦ ﻋﺪدًا ً ﱠ ﻗﻠﻴﻼ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ ﻓﺌﺔ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ — أو ﺣﺘﻰ أﻋﲆ ٠٫٠١ﰲ املﺎﺋﺔ — ﻧﻌﻢ، ٍ ﻟﴩﻛﺎت ﻟﻢ ﱢ ﻳﺆﺳﺴﻮﻫﺎ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﲆ ﺛﺮوﺗﻬﻢ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ؛ ﻓﻤﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﺪﻳﺮون ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﻮن ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻗﺪ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ،أو ﻳﺤﻈﻮن ﺑﺨﻴﺎرات أﺳﻬﻢ ﻣﺘﻨﻮﱢﻋﺔ ﰲ ﴍﻛﺎﺗﻬﻢ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻮل ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﺣُ َﺰم أﺟﻮرﻫﻢ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﴩﻛﺔ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ .وﻣَ ﻦ اﻟﺬي ﻳﻘ ﱢﺮر ﻋﻨﴫَ ﺣُ َﺰم اﻷﺟﻮر؟ ِﻣﻦ املﻌﺮوف أن ﻣَ ﻦ ﻳﺤ ﱢﺪ ُد رواﺗِﺐَ ﻛﺒﺎر املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﻫﻮ ﻟﺠﺎن اﻟﺮواﺗﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﱢﻨﻬﺎ … املﺪﻳﺮون ِ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﻮن ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ. ﺑﻴﺌﺔ أﻛﺜﺮ ُ ﺗﻨﺎﻓ ً اﻟﻔﺌﺎت اﻷﻋﲆ د ْ ﱠ َﺧ ًﻼ ﰲ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ٍ وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺴﻴﺔ، ﻤﺔ ﻣﻘﺎ َر ً ﻣﺘﻀﺨ ً ﱢ ﻧﺔ ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻬﻢ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ؛ أﺳﺒﺎﺑًﺎ وﺟﻴﻬﺔ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن أرﺑﺎﺣﻬﻢ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻤﺪﻳﺮو ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡط — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ﻳﺘﻘﺎﺿﻮن رﺳﻮﻣً ﺎ ﻧﻈريَ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﰲ إدارة ً ﻧﻘﻮد َ إﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻧﺴﺒ ٍﺔ ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح؛ ﻓﻴﻌﻄﻴﻬﻢ ذﻟﻚ ﺣﺎﻓِ ًﺰا ﻗﻮﻳٍّﺎ ﻟﺘﺸﻐﻴﻞ اﻟﻨﻘﻮد اﻵﺧﺮﻳﻦ، ٍ ٍ ﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ ،وﻋﺎﻟﻴ ِﺔ اﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ؛ ﻓﺈذا ﺳﺎ َر ِت اﻷﻣﻮ ُر ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام، اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﰲ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﲆ ﻣﻜﺎﻓﺄ ٍة ﻛﺒريةٍ ،أﻣﺎ إذا ﺳﺎ َر ِت اﻷﻣﻮ ُر ﻋﲆ ﻏري ﻣﺎ ﻳُﺮام ،ﻓﻼ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ إﻋﺎد ُة َ ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ؛ واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ — ْ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ أﺧﺬًا ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻣﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡط ﺗﻨﻬﺎر ،وأن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﻘﺪﱠﻣً ﺎ أيﱡ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ ﺳﻴﻨﻀ ﱡﻢ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف إﱃ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ — ﻻ ﱢ ِ ﻣﻜﺎﺳﺐَ ﻳﺤﻘﻖ املﺴﺘﺜﻤﺮون ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﺤﻮﱡط ﻛﺒري ًة .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ — ً وﻓﻘﺎ ﻷﺣ ِﺪ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺼﺎدرة ﱠ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﴎاب ﺻﻨﺎدﻳﻖ 100
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
اﻟﺘﺤﻮﱡط« ،ﺑﻘﻠﻢ ﺳﺎﻳﻤﻮن ﻻك — ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ رﺑﻤﺎ ﻛﺎن املﺴﺘﺜﻤﺮون ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﱢ ٍ ٍ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا اﺳﺘﺜﻤﺮوا ﻧﻘﻮدَﻫﻢ ﰲ أذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ، ﺑﺼﻔﺔ ﺳﻴﺤﻘﻘﻮن أرﺑﺎﺣً ﺎ أﻛﱪ اﻟﺘﺤﻮﱡط ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳَﺠْ ﻨُﻮا أيﱠ أﻣﻮال ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. ﱡ ﺗﻈﻦ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺳﻴﺼريون واﻋني ﻟﻬﺬه املﺤﻔﺰات املﻠﺘﻮﻳﺔ ،وأﻧﻬﻢ ﺑﻮﺟﻪ ﻗﺪ اﻛﺘﺘﺎب ،ﻣﻦ أن» :اﻷداء اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻴﺲ ﺿﻤﺎﻧًﺎ ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ ﻳﺮ ُد ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻧﴩ ِة أﺷﻤﻞ ﺳﻴَﻌُ ﻮن ﻣﺎ ِ ٍ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ«؛ أيْ إن ﻣﺪﻳ َﺮ اﻟﺼﻨﺪوق اﻟﺬي أﻓ َﻠﺢَ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮي اﻟﻌﺎم املﺎﴈ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺣﺎ َﻟ َﻔﻪ اﻟﺤ ﱡ ﻆ آﻧﺬاك ﻓﺤﺴﺐ؛ إﻻ أن اﻷدﻟﺔ ﺗﺸري إﱃ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ — وﻟﻴﺲ اﻟﺴﺬﱠج — ﻻ ﻳﺰال ﺧﺪاﻋُ ﻬﻢ َﺳ ً ﻓﻘﻂ اﻟﺸﺒﺎب ﱡ ﻬﻼ؛ إذ ﻳﻀﻌﻮن ﺛﻘﺘَﻬﻢ ﰲ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﴩﻛﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﻓﺮة اﻷدﻟﺔ ﻋﲆ أن ﻫﺬه اﻟﺼﻔﻘﺔ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺧﺎﴎةً. رﺑﺢ إدرار ﺛﻤﺔ ﻧﻘﻄﺔ أﺧﺮى :ﻓﺤﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﺤﺘﺎﻟﻮ ﺳﻮق املﺎل ﻣﻦ ِ ٍ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﰲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺠﺪﻳﺮة ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﱢ ﻳﺤﻘﻘﻮا ذﻟﻚ َ ٍ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺨ ْﻠﻖ ﻣﻀﺎرﺑني َ آﺧﺮﻳﻦ. ﻛﻜ ﱟﻞ ،وإﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻣﻦ ِ وﻳﺒﺪو ﻫﺬا أﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣً ﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﻨﻮك اﻷﺻﻮل اﻟﺮدﻳﺌﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن ﱢ اﻟﻌﴩﻳﻦ ،اﺳﺘﻄﺎع أﺻﺤﺎب املﺪ َ ﻳﺤﻘﻘﻮا أرﺑﺎﺣً ﺎ ﻛﺒري ًة ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﱠﺧﺮات واﻟﻘﺮوض أن املﺨﺎﻃﺮات اﻟﻜﺒرية ،ﺛﻢ ﻳﻠﻘﻮا ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﻛﺎﻫِ ﻞ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ .وﰲ اﻟﻌﻘﺪ اﻷول ﻣﻦ ً ٍ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﺮوات اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ ،أﻋﺎ َد املﴫﻓﻴﻮن اﻟ َﻜ ﱠﺮ َة؛ ﺣﻴﺚ ﺟﻤﻌﻮا ِ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺮوض ﻋﻘﺎرﻳ ٍﺔ ﻣﻌﺪوﻣﺔ ،ﺛﻢ اﻟﺘﴫﱡف ﻓﻴﻬﺎ إﻣﺎ ﺑﺒﻴﻌﻬﺎ ملﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺟﺎﻫﻠني ﺗﻘﺪﻳﻢ ٍ ُ اﻟﻮﺿﻊ ،وإﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﱢ اﻷزﻣﺔ. ﺗﻠﻘﻲ ﺣُ َﺰم إﻧﻘﺎذٍ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﴬﺑﻬﻢ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﻌﺪﻳ ِﺪ ﻣﻦ ﴍﻛﺎت اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺠﺎرة ﴍاءِ اﻟﴩﻛﺎت وإﻋﺎد ِة ﻫﻴﻜﻠﺘﻬﺎ ﺛﻢ ﺑَﻴْﻌِ ﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳ ٍﺪ )ﻛﺎن ﺟﻮردون ﺟﻴﻜﻮ ﰲ ﻓﻴﻠﻢ »وول اﻟﺪور ﰲ ﻣﻀﺎرﺑًﺎ ﰲ ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺿﻄﻠﻊ ﻣﻴﺖ روﻣﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﱰﻳﺖ« ِ ِ ﺧﺪﻣﺎت ﻗﻴ ً ُ َ وﻟﻨﻜﻮن ﻣﻨﺼﻔني ،ﻓﻠﻘﺪ أد ْ ٍ ﱢﻤﺔ ﺑﻌﺾ ﴍﻛﺎت اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﱠت ﻋﺎ َﻟ ِﻢ اﻟﻮاﻗﻊ(. ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﴩﻛﺎت املﺒﺘﺪﺋﺔ ،ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ املﺠﺎﻻت ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻷﺧﺮى ،ﺟﺎء َِت اﻷرﺑﺎحُ ﻣﻤﱠ ﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻻري ﺳﺎﻣﺮز — ﻧﻌﻢ ،ﻻري َ َ ٍ اﻟﻌﻨﻮان ﻧﻔﺴﻪ، ورﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴ ٍﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺤﻤﻞ »ﺧﻴﺎﻧﺔ اﻷﻣﺎﻧﺔ« ،وذﻟﻚ ﰲ ﺳﺎﻣﺮز ﻧﻔﺴﻪ — ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻧﻘﺾ اﻟﻌﻘﻮد واﻻﺗﻔﺎﻗﺎت ﺑﺒﺴﺎﻃﺔَ .ﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻴﻤﻮﻧﺰ ِﺑﺪﻳﻨﺞ؛ وﻫﻲ ﴍﻛﺔ ﻋﺮﻳﻘﺔ ﱠ ﺗﺄﺳ َﺴ ْﺖ ﻋﺎم ،١٨٧٠وأﻋﻠﻨ َ ْﺖ إﻓﻼﺳﻬﺎ ﻋﺎم ٢٠٠٩؛ وﻇﺎﺋﻔﻬﻢ ،وﻛﺬﻟﻚ َ َ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ ْ املﻘﺮﺿﻮن ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﻓﻘ ِﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻓﻘ َﺪ ِ 101
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ َ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ اﻟﻔﱰ َة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﲆ وﺻﻔ ْﺖ أﺳﻬﻤﻬﻢ؛ وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺳﻨﺮى ﻛﻴﻒ اﻹﻓﻼس: ً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﴩﻛﺔ ،ﺳﻴﻤﺜﱢﻞ اﻟﺒﻴ ُﻊ ﻛﺎرﺛﺔ؛ ﻓﺴﻴﺨﴪ ﺣﻤَ َﻠ ُﺔ اﻟﺴﻨﺪات وﺣﺪﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻮ ﻋﲆ ٥٧٥ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ،ﻛﻤﺎ دﻣﱠ َﺮ ﺳﻘﻮ ُ ط اﻟﴩﻛﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻮﻇﻔني ﻣﺜﻞ ﻧﻮﺑﻞ روﺟﺮز ،اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﰲ ﺳﻴﻤﻮﻧﺰ ٢٢ﻋﺎﻣً ﺎ ﻗﴣ ﻣﺼﻨﻊ ﺧﺎرجَ ﺣﺪو ِد ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺗﻼﻧﺘﺎ ،وﻫﻮ واﺣﺪ ﻣﻦ أﻟﻒ ﻣﻮﻇﻒ — ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﰲ ٍ أيْ ﻣﺎ ﻳﺴﺎوي أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ُرﺑﻊ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ — ﺗ ﱠﻢ ﺗﴪﻳﺤُ ﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺎم املﺎﴈ. إﻻ أن ﴍﻛﺔ ﺗﻮﻣﺎس إﺗﺶ ﱄ وﴍﻛﺎه ﰲ ﺑﻮﺳﻄﻦ ﻟﻢ ﺗَﻨْﺞُ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ﱠ َ ﺣﻘ َﻘ ْﺖ أرﺑﺎﺣً ﺎ ً ﴍﻛﺔ ﺣﻘ َﻘ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﴩﻛﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺷﱰ َْت ﺳﻴﻤﻮﻧﺰ ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٣ﻧﺤﻮ ٧٧ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺮاﺟُ ِﻊ ِ ﻣﺌﺎت املﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات ﺛﺮوة اﻟﴩﻛﺔ؛ إذ ﺟﻤﻌَ ْﺖ ﺗﻮﻣﺎس إﺗﺶ ﱄ وﴍﻛﺎه َ ﺗﻘﺎﺿ ْﺖ ﻣﻼﻳني أﺧﺮى ﰲ ﺻﻮرة ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺔ ﰲ ﺷﻜﻞ أرﺑﺎح ﺧﺎﺻﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ رﺳﻮم ،ﻧﻈري ﴍاء اﻟﴩﻛﺔ ً أوﻻ ،ﺛﻢ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﰲ إدارﺗﻬﺎ. إذَ ْن ﻓﺪﺧﻮل اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ َ دﺧﻮل اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻓﺼﻠﺔ اﻷوﱃ ﺳﻮاء ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻣﺜ َﻞ ِ ْ وﻟﻜﻦ ِﻟ َﻢ ﺑﺎﻷﺳﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أم ﺑﺎملﺴﺎﻫﻤﺎت ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﻜ ﱟﻞ أﻗ ﱡﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ ﺑﻜﺜري. ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﺧﻮل ذﻟﻚ اﻻرﺗﻔﺎ َع اﻟﺼﺎروﺧﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٨٠ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؟ ْ ﻧﺎﻗﺸﺘُﻪ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ؛ ﻳﻜﻤﻦ ﺟﺰءٌ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺴري ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﰲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ اﻟﺬي ُ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑني ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن ﻓﺎﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ املﺤ َﻜﻤَ ﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴ ِﻢ اﻟﺘﻲ اﺗﱠ َﺴﻤَ ْﺖ ﺑﻬﺎ َ اﻟﻌﴩﻳﻦ وﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺗﻪ ،ﻟﻢ ﺗُﺘِﺢْ ُﻓ َﺮ َ ازدﻫ َﺮ ْت ﺑﻌ َﺪ ﻋﺎم ،١٩٨٠ﻛﻤﺎ ص اﻹﺛﺮاء اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻠﺪﺧﻞ املﺮﺗﻔﻊ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﻨﻘﻮد ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻄﻠ َِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺄﺛريَ »اﻟﻌﺪوى« ﻋﲆ رواﺗﺐ املﺴﺌﻮﻟني اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﻋﲆ ﻧﻄﺎق أوﺳﻊ .وﻟﻨﺎ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺑني أﺷﻴﺎء أﺧﺮى أن اﻟﺮواﺗﺐ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ﻗﺪ ﺳﻬﱠ َﻠ ْﺖ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﻟﺠﺎن ْ وﺿ ِﻊ املﺮﺗﺒﺎت ﺗﱪﻳ َﺮ اﻟﺮواﺗﺐ اﻟﻜﺒرية ﺧﺎرج اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ. وﻳﺮى ﺗﻮﻣﺎس ﺑﻴﻜﻴﺘﻲ وإﻳﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﺳﺎﻳﺰ — اﻟﻠﺬان ﺳﺒ ََﻖ أن ﺗﺤ ﱠﺪﺛ ْ ُﺖ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻬﻤﺎ َ أن ْ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ — ﱠ وﺟﻬﺔ دﺧ َﻞ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻳﺘﺄﺛﱠﺮ ﺑﻘﻮ ٍة ﺑﺎملﻌﺎﻳري اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؛ وﻳﺸﺎرﻛﻬﻤﺎ ﻧﻈﺮﻫﻤﺎ ﻋﺪ ٌد ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻣﺜﻞ ﻟﻮﺷﻴﺎن ﺑﻴﺒﺘﺸﺎك ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد ،اﻟﺬي ﻳﺰﻋﻢ أن اﻟﻘﻴﺪ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻋﲆ أﺟﺮ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻫﻮ »ﻗﻴﺪ اﻟﺴﺨﻂ« .وﺗﺸري ﻣﺜﻞ ﻫﺬه 102
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
َ ﱡ اﻟﻄﺮﻳﻖ ملﺎ اﻟﺘﻐريات ﰲ املﻨﺎخ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ١٩٨٠رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻬﱠ ﺪ َِت اﻵراء إﱃ أن ﻧﺤﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣُﻤ ِﻜﻨًﺎ ﰲ ﺑﺪﺧﻞ ﻳﺼﻞ إﱃ املﻤﺎرﺳﺔ اﻟﴫﻳﺤﺔ ﻟﻠﻨﻔﻮذ ﰲ املﻄﺎ َﻟﺒ ِﺔ ٍ ﻣﺮﺗﻔﻊ ،ﻋﲆ ٍ ٍ ٍ ﺳﺎﺑﻖ .وﻻ ﺷﻚ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن ﻧﺸري ﻫﻨﺎ إﱃ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺎ ﱢد ﰲ ﻣﻌﺪل وﻗﺖ ٍ رﺋﻴﴘ ﻻﻋﺐ ﱟ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت ﺧﻼل ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ أدﱠى إﱃ ﺗﻨﺤﻴ ِﺔ ٍ َ ﻳﺘﻘﺎﺿﺎﻫﺎ املﺪﻳﺮون ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺣﺔ ،ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺘﺞﱠ ﻋﲆ اﻟﺮواﺗﺐ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﻮن. ً أﺿﺎف ﺑﻴﻜﻴﺘﻲ وﺳﺎﻳﺰ ﱠ َ ﻧﻘﻄﺔ ﺟﺪﻳﺪ ًة ﻟﻨﻘﺎﺷﻬﻤﺎ؛ إذ ﻳﺮﻳَﺎن أن اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت ﻣﺆﺧ ًﺮا وﻗﺪ اﻟﺤﺎدة ﰲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻮل املﺮﺗﻔﻌﺔ ،أد ْ ﱠت ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ ﺗﺸﺠﻴﻊ املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﻋﲆ اﻟﺘﻤﺎدي أﻛﺜﺮ ﰲ »اﻟﺘﻤﺎس املﻨﻔﻌﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ« ﻋﲆ ﺣﺴﺎب ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .ملﺎذا؟ ْ اﻟﺪﺧ ِﻞ ﻗﺒﻞ ﺧﺼﻢ اﻟﴬاﺋﺐ ﻳﺰﻳﺪ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ املﺪﻳﺮﻳﻦ ﻷن املﺮدود اﻟﺸﺨﴢ ﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني أﻛﺜ َﺮ اﺳﺘﻌﺪادًا ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺮة ﺑﺎﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻺداﻧﺔ أو اﻹﴐار ﺑﺎﻟﺮوح املﻌﻨﻮﻳﺔ أو ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﻌﻲ وراء ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﺷﺨﺼﻴﺔ .وﻛﻤﺎ ﻻﺣَ َ ﻆ ﺑﻴﻜﻴﺘﻲ وﺳﺎﻳﺰ ،ﺛﻤﺔ ٌ ٌ ٌ ري ﺑني أﻋﲆ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﴬاﺋﺐ وﺣﺼﺔ ﻓﺌﺔ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﻣﻦ اﻟﺪ ْ ﱠﺧﻞ ،ﻋﱪ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷزﻣﺎن واﻟﺒﻠﺪان. ﻣﺎ أﺳﺘﺨﻠ ُ ِﺼﻪ ﻣﻦ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔ ﱢﻜ َﺮ ﰲ أن اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﴪﻳﻊ ﻟﺪﺧﻮل اﻟﻔﺌﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻳﻌﻜﺲ اﻟﻌﻮاﻣ َﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ روﱠﺟَ ْﺖ ﻹرﺧﺎء اﻟﻀﻮاﺑﻂ ِ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ .وﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﺈن إرﺧﺎء اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ أﻣ ٌﺮ ﻣﺤﻮريﱞ ﰲ ﻓﻬﻢ ﻛﻴﻔﻴﺔ وﺻﻮﻟﻨﺎ إﱃ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ؛ وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻛﺎن ﻟﻠﺘﻔﺎوت ﰲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻪ دو ٌر ﻣﻬ ﱞﻢ ً أﻳﻀﺎ؟ اﻟﺘﻔﺎوت واﻷزﻣﺎت ُ ﻛﻨﺖ ﻛﺜريًا ﻣﺎ أﻟﻘﻲ ُﺧ َ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎم ُ ،٢٠٠٨ ﻄﺒًﺎ ﻋﲆ ﺟﻤﺎﻫريَ ِﻣﻦ ﻏري ﺗﴬﺑَﻨﺎ ﻗﺒﻞ أن ِ ُ ﱢ املﺘﺨﺼﺼني ﺑﺸﺄن ﺗﻔﺎوت اﻟﺪﺧﻞ ،أ ِﺷري ﻓﻴﻬﺎ إﱃ أن ﺣﺼﺔ اﻟﺪﺧﻞ ﺑني اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﻋﲆ ﻗﺪ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ إﱃ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻟﻢ ﻧﺸﻬﺪﻫﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٢٩؛ وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ﺗﺴﺎؤﻻت ﺣﻮل ﻣﺎ ُ ﻓﻜﻨﺖ أﻋ ِﻠ ُﻦ إذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻋﲆ وﺷﻚ اﻟﺘﻌ ﱡﺮ ِض ملﻮﺟﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري، أن ﻫﺬا ﻟﻦ ﻳﺤﺪث ﺑﺎﻟﴬورة؛ ﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐٌ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺘﻔﺎو َ ُت اﻟﺸﺪﻳ َﺪ إﱃ اﻟﺘﺴﺒ ِﱡﺐ ﰲ وﻗﻮع ﻛﺎرﺛﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻟﴬورة. وﻟﻜﻦ ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ؟ 103
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻻرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ ﻣﺴﺎوﻳﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺮد ﻣﺼﺎد ٍ َﻓﺔ ﱠ ِ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎوُت ﺗَ ِﺒﻌَ ﺘْﻬﺎ ﻋﻮد ٌة إﱃ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد، أن اﻟﻌﻮد َة إﱃ أو رﺑﻤﺎ ﺗﻌﻜﺲ أن اﻟﻈﺎﻫﺮﺗني ﻣﺴﺒﱢﺒﺎﺗُﻬﻤﺎ واﺣﺪة .ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻧﻌﺮﻓﻪ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻫﻨﺎ ،وﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﱠ ﻧﺘﻮﻗﻌَ ﻪ؟ ﻣﻦ املﺆ ﱠﻛﺪ أن اﺷﱰاﻛﻬﻤﺎ ﰲ املﺴﺒﱢﺒﺎت ﺟﺰءٌ ﻣﻦ املﺴﺄﻟﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺪ َ َث ﺗﺤ ﱡﻮ ٌل ﺳﻴﺎﳼ ﻛﺒري ﻧﺤﻮ اﻟﻴﻤني ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واملﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة ،وإﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺧﺮى ،ﻧﺤﻮ ﻋﺎم ١٩٨٠؛ وﻗﺪ أدﱠى ﻫﺬا اﻟﺘﺤ ﱡﻮ ُل ﻧﺤﻮ اﻟﻴﻤني إﱃ ﱡ ﺗﻐري ٍ ات ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ — ﺗﻐري ﰲ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت اﻟﻜﺒرية ﰲ ﻣﻌﺪﻻت ﴐاﺋﺐ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ — وإﱃ ﱡ ٍ املﻔﺎﺟﺊ ﰲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ — إرﺧﺎء »ﻗﻴْ ِﺪ اﻟﺴﺨﻂ« — ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ دو ٌر ﻣﻬ ﱞﻢ ﰲ اﻟﺘﺰاﻳُ ِﺪ ِ دﺧﻮل اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ .ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻫﺬا اﻟﺘﺤ ﱡﻮ ُل ﰲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ واﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ وﺿﻊ ﺿﻮاﺑﻂ ﻟﻸﺷﻜﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ املﴫﻓﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ َ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒري ٍة ﰲ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻸزﻣﺔ، ﺳﺎﻫ َﻢ ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ. ٌ ٌ ً ْ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺒﺒﻴﺔ أﻳﻀﺎ ﺑني اﻟﺘﻔﺎوت ﰲ اﻟﺪﺧﻞ واﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ؟ رﺑﻤﺎ ،وﻟﻜﻦ وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺛﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﺮﻫﺎن ﻋﲆ ذﻟﻚ. ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :إﺣﺪى اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎوت واﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ — ﺗﺤﻜﻲ أن ﺣﺼﺔ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ ﱠ ِ ِ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻄﻠﺐ اﻟﻜﲇ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻘ ﱡﻠ ِﺺ اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﺧﻔ َﺾ ﺗﺰاﻳُ َﺪ ً ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ املﺘﻮﺳﻄﺔ — ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺒﺪو ﻣﻘﻨِﻌﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺮﺟﻮع إﱃ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت؛ ﻓﻘﺼﺺ »ﻗﺼﻮر اﻻﺳﺘﻬﻼك« ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻓﻜﺮ ٍة ﻣﻔﺎدﻫﺎ أﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﺮﻛﻴﺰ اﻟﺪﺧﻞ ﺑني أﻳﺪي اﻟﻘﻠﺔ ﱠ ُ اﻹﻧﻔﺎق ﻳﺘﺄﺧﺮ ﻣﻌﺪﻻت اﻻد َ ُ ﺑﻤﻌﺪل أﴎ َع ﻣﻦ ﺗﺰاﻳُ ِﺪ اﻟﻔﺮص اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ .إﻻ ﱢﺧﺎر اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ،وﺗﺘﺰاﻳَ ُﺪ ٍ ُ أﻧﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊَ ، اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﻮﻳٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻇ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎوت املﺘﺰاﻳﺪ ،وﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ﻣﺰاﻋﻢ ﺗﺰاﻳُﺪ اﻻد َ ﱢﺧﺎر؛ ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪ ﻣﻌﺪ ُل اﻻدﱢﺧﺎر اﻟﺸﺨﴢ ﻫﺒﻮ ً ﻃﺎ ﻃﻮﻳ َﻞ اﻷﺟﻞ ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ واﻟﺘﻔﺎوت املﺘﺰاﻳﺪ. ﺣﺠﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﻔﺮﺿﻴﺔ اﻟﻌﻜﺴﻴﺔ — وﻫﻲ أن زﻳﺎدة اﻟﺘﻔﺎوت أد ْ ٍ ﱠت إﱃ وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ زﻳﺎد ٍة ﻛﺒري ٍة ﰲ اﻻﺳﺘﻬﻼك وﻟﻴﺲ إﱃ اﻧﺨﻔﺎﺿﻪ — وﺗﺤﺪﻳﺪًا ،أن اﻟﻔﺠﻮات املﺘﺰا ِﻳﺪة اﻻﺗﺴﺎع وﻗﻮع املﺘﺨ ﱢﻠﻔني ﻋﻦ اﻟ ﱠﺮ ْﻛﺐ ﰲ ﻫ ﱠﻮ ِة اﻟﺪﻳﻮن .وﻳﺮى روﺑﺮت ﻓﺮاﻧﻚ ﻣﻦ ﰲ اﻟﺪﺧﻞ ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ﰲ ِ
104
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮرﻧﻴﻞ أن ارﺗﻔﺎ َع اﻟﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ َ ُ »ﺗﺴﻠﺴ ِﻞ اﻹﻧﻔﺎق« ،اﻟﺬي أﻓﴣ إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻻد َ ﱢﺧﺎر وزﻳﺎد ِة اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ: ﻳﺆدﱢي ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف إﱃ ِ ﻳُﻨﻔِ ﻖ اﻷﻏﻨﻴﺎءُ أﻛﺜ َﺮ ﻷﻧﻬﻢ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺰاﺋﺪة ﻋﻦ ُ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﺗﺤﱡ ً ﻮﻻ ﰲ اﻹﻃﺎر املﺮﺟﻌﻲ اﻟﺬي ﻳﺸ ﱢﻜﻞ ﻣﻄﺎﻟِﺐَ اﻟﻄﺒﻘﺔ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ،وﻳُﺤﺪِث اﻷدﻧﻰ ﻣﻨﻬﻢ َ ً ﻣﺒﺎﴍة ،اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤ ﱠﺮك أﻋﻀﺎؤﻫﺎ ﰲ دواﺋﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ؛ وﻣﻦ ُ إﻧﻔﺎق املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺣﺪوث ﺗﺤﻮ ٍﱡل ﺛَﻢﱠ ،ﻳﺰﻳﺪ ﰲ اﻹﻃﺎر املﺮﺟﻌﻲ اﻟﺬي ﻳﺸ ﱢﻜﻞ ﻣﻄﺎﻟِﺐَ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻷدﻧﻰ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ، وﺻﻮﻻ إﱃ ﻗﺎع ُﺳ ﱠﻠ ِﻢ ْ ً ِ ُ ﺣﺪوث زﻳﺎد ٍة ﻛﺒري ٍة ﰲ اﻟﺘﺴﻠﺴ ُﻞ ﰲ اﻟﺪﺧ ِﻞ .وﻗﺪ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻫﺬا ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻷﻫﺪاف املﺎﻟﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻄﺒﻘﺔ املﺘﻮﺳﻄﺔ. وارن وأﻣﻴﻠﻴﺎ ﺗﻴﺎﺟﻲ ﻋﲆ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻤﺎﺛِﻠﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻄﻮي اﻟﻌﻤ ُﻞ اﻟﺬي ﻗﺪﱠﻣَ ﺘْﻪ إﻟﻴﺰاﺑﻴﺚ ِ ﻳﺘﺘﺒﱠﻊ ﻛﺘﺎﺑُﻬﻤﺎ ﱡ »ﻓﺦ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺜﻨﺎﺋﻲ املﺼﺪر« امل ﱠﺪ املﺘﺼﺎﻋِ َﺪ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻹﻓﻼس ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ً ﺗﺤﺬﻳﺮﻳﺔ. اﻷﻓﺮاد ،اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺑﻔﱰةٍ ،وﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻋﺘﺒﺎ ُره إﺷﺎر ًة ﻣﻨﺎﴏي اﻹﺻﻼح املﺎﱄ؛ )وارﻳﻦ — أﺳﺘﺎذة اﻟﺤﻘﻮق ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد — أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ِ ِ وﻗﺪ أﻧﺸﺄ َ ِت املﻜﺘﺐَ اﻟﺠﺪﻳ َﺪ ﻟﻠﺤﻤﺎﻳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠِﻚ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﱠ ﻣﺮﺷﺤﺔ ﻟﻌﻀﻮﻳ ِﺔ ً ﻋﺎﻣﻼ ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ املﺆﺛﱢﺮة ﰲ ﺣﺎﻻت ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ (.وﻗﺪ أﺛﺒﺘَ ِﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺘﺎن أن اﻹﻓﻼس ﺗﻠﻚ ﻛﺎن ﺗﺰاﻳُ َﺪ اﻟﺘﻔﺎوت ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎم ،اﻟﺬي ﻋ َﻜ َﺲ ﺑﺪوره اﻟﺘﻔﺎو َ ُت املﺘﺰا ِﻳ َﺪ ﰲ اﻟﺪﺧﻞ؛ ﻓﻘﺪ أﺟﻬﺪ ْ ﴎ اﻟﻄﺒﻘﺔ املﺘﻮﺳﻄﺔ َ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﴍاء ﻣﻨﺎزل ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ َت أ ُ َ ُ ً املﺪارس اﻟﺠﻴﺪة؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ازداد ْ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ َت أﻋﺒﺎؤﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻓﻘﺪان اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ أو املﺮض. ُ ﱠ وﻟﻜﻦ ﺗﺨﻤﻴﻨﻲ — اﻟﻨﻘﺎش ﰲ ﻃﻴﱠﺎﺗﻪ ﻗﺪ ًرا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻮرة واﻷﻫﻤﻴﺔ، ﻳﺤﻤﻞ ﻫﺬا َ ﻳﻜﻮن أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻘﻠﺔ ﻣﺎ ﻧﻔﻬﻤﻪ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻗﻨﻮات اﻟﺘﺄﺛري ﺗﻠﻚ — وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن َ ﻣﺴﺎﻫ ٍ ﻤﺔ أﺳﻬَ َﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺰاﻳُ ُﺪ اﻟﺘﻔﺎو ُِت ﰲ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﻧﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ اﻵن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻮ أن أﻛﱪَ ً ً َ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺴﺎءل ِﻟ َﻢ ﻳﺒﺪو ﺻﻨﱠﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻏﺎﻓﻠني ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ وﻟﻢ ﺗَ َﺰ ْل ِ ﻣﺨﺎﻃ ِﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ — وﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻏﻔﻠﺘﻬﻢ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ٢٠٠٨ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻏري َ ﺟﻤﻠﺔ أﺑﺘﻮن ﺳﻨﻜﻠري اﻟﺸﻬرية: اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺮﻛﻮد اﻻﻗﺘﺼﺎدي — ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﱠأﻻ ﻧﺘﺬ ﱠﻛﺮ »ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺮﺟ َﻞ ﻳﻔﻬﻢ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ را ِﺗﺒُﻪ ﻋﲆ ﻋﺪ ِم ﻓﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﴚء«. ُ واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻓﺎملﺎل ﻳﺸﱰي اﻟﻨﻔﻮذَ ،واﻟﻜﺜريُ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ﻳﺸﱰي اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻮذ، 105
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
أوﺻ َﻠﺘْﻨﺎ إﱃ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ،ﰲ ﺣني أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﱢ ﺗﺤﻘ ْﻖ ﻧﻔﻌً ﺎ ﻳُﺬ َﻛﺮ ملﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ،ﻛﺎﻧ َ ْﺖ — ﻋﲆ ً ﻧﺎﻓﻌﺔ ﺟﺪٍّا ﻟﻌﺪدٍ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﰲ أﻋﲆ اﻟﻬﺮم. اﻷﻗﻞ ﻟﻔﱰ ٍة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ — ٍ اﻟﻨﺨﺒﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺴﻴﺌﺔ ُ ُ اﻟﴩﻛﺔ اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ذﻛﺮت ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ — اﻧﺪﻣﺠَ ْﺖ ﺳﻴﺘﻲ ﻛﻮرب، ﻋﺎم — ١٩٩٨وﻛﻤﺎ ِ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺮاﻓﻠﺮز ،ﻟﺘﻜ ﱢﻮﻧَﺎ ﻣﻌً ﺎ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ اﻵن ﺑﺎﺳﻢ ﺳﻴﺘﻲ ﺟﺮوب. ملﴫف ﺳﻴﺘﻲ ﺑﻨﻚ ،ﻣﻊ ُ اﻟﺼﻔﻘﺔ ﺗﺘﻮﻳﺠً ﺎ ﻹﻧﺠﺎزات ﺳﺎﻧﺪي واﻳﻞ ،اﻟﺬي أﺻﺒَﺢَ املﺪﻳ َﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻌﻤﻼق ﺟﺎءت ٌ َ املﺎﱄ اﻟﺠﺪﻳﺪ .وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧ ْﺖ ﺛﻤﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﻐرية؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻏري ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ .ﻛﺎﻧﺖ َ ﴍﻛﺔ ﺗﺄﻣني اﺳﺘﺤﻮذَ ْت ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﺑﻨ َﻜ ْني اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳ ْﱠني ،ﻫﻤﺎ ﺳﻤﻴﺚ ﺑﺎرﻧﻲ ﴍﻛﺔ ﺗﺮاﻓﻠﺮز ً ووﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﻤﻮﺣً ﺎ ﻟﻠﺒﻨﻮك اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﺜﻞ وﺷريﺳﻮن ﻟﻴﻤﺎن، ﺳﻴﺘﻲ ﺑﺎملﺸﺎ َر َﻛ ِﺔ ﰲ أﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﺄﻣني أو اﻟﺒﻨﻮك اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ. وﻟﺬﻟﻚ ،وﺑﻔﻀﻞ ﻣﺎ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺑﺪَأ َ واﻳﻞ ﻳﺤﺎو ُل ﺗﻐﻴريَ ِ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر ﻓﻴﻞ ﺟﺮام ،ﻧﺎﺋ ِِﺐ وﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎس ورﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ املﺼﺎرف واﻹﺳﻜﺎن واﻟﺸﺌﻮن اﻟﺤﴬﻳﺔ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ .وﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻫﺬا ،ﻗﺎ َد ﺟﺮام ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ،إﻻ أن ﺟﻮﻫﺮ َة اﻟﺘﺎج ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻗﺎﻧﻮن ﺟﺮام-ﻟﻴﺘﺶ-ﺑﻼﻳﲇ ﻟﻌﺎم ،١٩٩٩ ً ً اﻟﺬي َ اﻧﺪﻣﺎج ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻋﲆ ﺻﺒﻐﺔ أﻟﻐﻰ ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ،ﻣﻀﻔﻴًﺎ ﺑﺬﻟﻚ ِ رﺟﻌﻲ. ﺑﺄﺛﺮ ﱟ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘَ ْﻲ ﺳﻴﺘﻲ وﺗﺮاﻓﻠﺮز ٍ ً ﺻﺪﻗﺎ ﺑﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، ِﻟ َﻢ أﺑﺪى ﺟﺮام ﻫﺬا اﻟﻘﺪ َر ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎوب؟ ﻻ ﺷ ﱠﻚ أﻧﻪ اﻗﺘﻨ َ َﻊ ٌ إﻏﺮاءات ﻛﺒري ٌة ﻋ ﱠﺰ َز ْت ﻫﺬه اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ؛ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ﻻ ﻳﺰال ﰲ ﻣﻨﺼﺒﻪ ،ﱠ ً ٍ ﺗﱪﻋﺎت ﻛﺒرية ﻟﺤﻤﻠﺘﻪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ ،اﻟﺬي ﺗﻠﻘﻰ ﺟﺮام ﻛﺎن أﻛﱪ داﻋﻢ ﻟﻪ؛ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮك ﻣﻨﺼﺒﻪ ،اﻧﻀ ﱠﻢ إﱃ ﻣﺠﻠﺲ إدارة ﴍﻛﺔ ﻳﻮ ﺑﻲ إس ،إﺣﺪى ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺰﺑﻴ ٍﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﻳﱠ َﺪ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ً ٍ أﻳﻀﺎ ﻋﻤﺎﻟﻘﺔ املﺎل .ﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧﺎ ﻻ ﻧﺤﻮﱢل اﻷﻣ َﺮ إﱃ ُ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻷﺑﺮز ﰲ اﺗﺨﺎذ إﻟﻐﺎءَ ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل واﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮار دﻋﻢ ﻣﺒﺎدرة ﺟﺮام ﻫﻲ روﺑﺮت روﺑني ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺸﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐَ وزﻳﺮ اﻟﺨﺰاﻧﺔ ﰲ ِ ً ﻣﺸﺎر ًﻛﺎ ﻟﴩﻛﺔ ﺟﻮﻟﺪﻣﺎن ﺳﺎﻛﺲ، رﺋﻴﺴﺎ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻗﺒﻞ ﻋﻤﻞ روﺑني ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛﺎن ِ وﺑﻌﺪ ﺗﺮﻛﻪ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،أﺻﺒَﺢَ ﻧﺎﺋﺐَ رﺋﻴﺲ … ﺳﻴﺘﻲ ﺟﺮوب. ُ ﻷﺳﺒﺎب أﻗ ﱡﻠﻬﺎ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻗﺎﺑﻠﺖ روﺑني ﻋﺪ َة ﻣﺮات ،وأﺷ ﱡﻚ ﰲ أﻧﻪ ﺑﺎ َع ذﻣﺘﻪ، ﻟﻘﺪ ٍ ْ ﺗﺒﻌﺖ ﺗ ْﺮ َﻛﻪ ﻣﻨﺼﺒَﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،إﻻ أﻧﻪ ﺛﺮﻳٍّﺎ ﺟﺪٍّا إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﰲ ﻏِ ﻨًﻰ ﻋﻦ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ 106
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﺑﺼﺪق وﻻ ﻳﺰال ﻣﺆﻣﻨًﺎ ﻗ ِﺒ َﻞ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ .أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﺮام ،ﻓﻬﻮ — ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻋﻠﻤﻲ — آﻣَ َﻦ ٍ َ ﻣﻮﻗﻒ َ َ ٍ ﺧﺰاﺋﻦ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﺗﱢ َﺨﺎذَ ﺗﻠﻚ املﻮاﻗﻒ ﻗﺪ ﻣﻸ اﺗﺨﺬَه .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﺑﻜ ﱢﻞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ،وﻣﻸ ﺣﺴﺎﺑَﻪ املﴫﰲ اﻟﺸﺨﴢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻻ ﺑﺪ َ اﻋﺘﻨﺎﻗﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت. ﻳﴪ ِت أﻧﻬﺎ — ِﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ — ﱠ َ ٍ وﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ،ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔ ﱢﻜﺮ ﰲ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻠﻌﺒﻪ املﺎل ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺣ َﺪﺛًﺎ ﻣﺘﻌ ﱢﺪ َد املﺴﺘﻮﻳﺎت؛ ﻓﺜﻤﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد اﻟﺨﺎم؛ ﰲ ﺻﻮرة ﺳﺎﺳﺔ ﻳﺒﻴﻌﻮن ذﻣﻤَ ﻬﻢ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ؛ إﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻤﻼت اﻟﺘﱪﻋﺎت ،وإﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل املﻜﺎﻓﺂت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ﰲ ً ﱠ ري ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت — ورﺑﻤﺎ ﰲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ — ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺴﺎ ُد أﺧﻒ ﺣِ ﺪة وأﻗ ﱠﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺜ ٍ ُ ﻳ َ اﻟﺴﺎﺳﺔ ﻋﲆ اﺗﺨﺎذ ﻣﻮاﻗﻒ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ؛ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺰدادون ﱡ ﺗﻤﺴ ًﻜﺎ ﺑﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻳَ ِﻘ ﱠﺮ ﰲ ُﻜﺎﻓﺄ أذﻫﺎﻧﻬﻢ أﻧﻬﻢ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻻ ﻳﺒﻴﻌﻮن ذﻣﺘَﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻇﺎﻫﺮﻳٍّﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﺮق ﺑني ﻣﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ ٍّ »ﺣﻘﺎ« وﻣﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ ﻧﻈري ﻣﻘﺎﺑﻞ. وﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى أﻗ ﱠﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ ،ﺗُ ﱢ ﻴﴪ اﻟﺜﺮو ُة اﻟﻮﺻﻮ َل إﱃ ﻣﺮاﻛﺰ ﱡ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻮﺻﻮ ُل إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺸﺨﴢ؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻜﺒﺎر املﴫﻓﻴني أن ﻳﺼﻠﻮا إﱃ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ً ﺧﻼﻓﺎ ﻟﺮﺟﻞ اﻟﺸﺎرع اﻟﻌﺎدي .وﺣﺎملﺎ ﻳﺼﺒﺤﻮن أو إﱃ ﻣﻜﺎﺗﺐ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ، داﺧ َﻞ ﺗﻠﻚ املﻜﺎﺗﺐ ،ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻘﻨِﻌني ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﱢﻣﻮﻧﻬﺎ، وﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ وﺿﻌﻬﻢ؛ ﻓﺎﻷﻏﻨﻴﺎء ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﻋﻨﻲ وﻋﻨﻚ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻷن ﺛﻴﺎﺑﻬﻢ أرﻗﻰ ،ﺑﻞ ُ أﻣﺎرات اﻟﺨﱪة واﻟﺪراﻳﺔ اﻟﻠﺘني ﺗﺼﺤﺒﺎن اﻟﻨﺠﺎحَ املﺎدي، ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺘﺤ ﱠﻠﻮْن ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ وﺗﻠﻮح ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺳﻠﻮب ﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﻳَﻠﺰم ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ وأﺳﻠﻮبُ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣ ُْﻐ ٍﺮ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ َﻟﺪَﻳﻚ أيﱡ ﻧﻴ ٍﺔ ِ ِ ﺣﻴﺎ ٍة ﻣﻤﺎﺛ ٍِﻞ ﻟﻨﻔﺴﻚ .وﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺠﺪﻫﻢ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ﻓﻬﻢ أذﻛﻴﺎء ٍّ ﺣﻘﺎ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﱠ ِﺴﻤﻮن ﺑﻔﺼﺎﺣﺔ اﻟﻠﺴﺎن. ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﻗ ﱠﺪ َم إﺗﺶ إل ﻣﻴﻨﻜني ﻣُﻮﺟَ ًﺰا واﻓﻴًﺎ ﻟﻨﻮع اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻤﺎر َﺳﻪ اﻷﻏﻨﻴﺎءُ ﺣﺘﻰ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﻨﺰﻳﻪ ،ﰲ وﺻﻔﻪ اﻵﺗﻲ ﻟﱰاﺟُ ِﻊ آل ﺳﻤﻴﺚ ،اﻟﺬي ﺗﺤ ﱠﻮ َل ِ ﻣﺮﻳﺮ ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة» :ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ آل اﻟﺠﺪﻳ ُﺪ رﺟ َﻞ ﻣﻨﺎﴏ ﻋﺘﻴ ٍﺪ ﻟﻺﺻﻼح إﱃ ﺧﺼ ٍﻢ ﻣﻦ ِ ٍ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ ،ﻓﺎﺧﺘﻼ ُ ٍ ﻃﻪ ﺑﺎﻷﻏﻨﻴﺎء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﻗﺪ ﻫ ﱠﺰه ﱠ وﻏريَه ،وﻗﺪ ﺻﺎر ﻳﻠﻌﺐ اﻟﺠﻮﻟﻒ …« ﻛﺎن ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻏري أن ﻗﻮ َة اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸﻏﻨﻴﺎء ﺗﺼﺒﺢ أﻗﻮى ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺰداد اﻷﻏﻨﻴﺎء ﺛﺮاءً؛ َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — إﱃ اﻟﺒﺎب اﻟﺪوﱠار ُ َ واملﺴﺌﻮﻟﻮن ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺬي ﻳُﻔﱰَض ﺑﻬﻢ اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﺬي ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻨﻪ 107
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱠ وﻟﻜﻦ اﻟﺮاﺗﺐَ اﻟﺬي ﻳُﻤْ ﻜﻨﻚ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ إذا َ ﻛﻨﺖ زﻣﻦ، ﻣﺮاﻗﺒﺘﻪ؛ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻣﻮﺟﻮد ﻣﻨﺬ ٍ َ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ املﺎﴈ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﻣﺤﺒﻮﺑًﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻘﻄﺎع أﺻﺒَﺢَ أﻋﲆ ﺑﻜﺜ ٍ اﻟﺘﺠﺎو ُِب ﻣﻊ اﻷﺷﺨﺎص املﻮﺟﻮدﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧِﺐ َ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب — واﺗﱢ َﺨﺎذ ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺠﻌﻠﻚ ﻣﻮ ﱠ ِ ﻣﺮﺣﻠﺔ ُ ﺻﻨ ْ ِﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻇ ًﻔﺎ ﺟﺬﱠاﺑًﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻚ املﻬﻨﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ — أﻗﻮى ﻛﺜريًا ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ. ﻻ ﺗﻨﻄ ِﺒ ُﻖ ﻫﺬه اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت واﻷﺣﺪاث داﺧﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﻗ ﱠﺪ َم ﻣﺎﺛﻴﻮ إﺟﻼﺳﻴﻮس ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ »ﺳﻠﻴﺖ« — ﰲ إﻃﺎر ﺗﺄﻣﱡ ﻠِﻪ اﻻﺳﺘﻌﺪا َد ﱡ َ ﻟﻠﻤﻮاﻓ ِ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ — ﻘﺔ ﻋﲆ ﺗﺪاﺑري املﺪﻫِ َﺶ اﻟﺬي أﺑﺪاه اﻟﻘﺎد ُة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن ﰲ أوروﺑﺎ ﺗﺨﻤﻴﻨًﺎ ﻳﺴﺘﻨِﺪ إﱃ املﺼﺎﻟﺢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺟﺎء ﻓﻴﻪ اﻵﺗﻲ: ﱡ ﻟﺮﺋﻴﺲ وزراء اﻟﺪوﻟﺔ ﻫﻮ ﻳﻈﻦ املﺮءُ أن اﻟﺨﻴﺎ َر اﻷﻓﻀ َﻞ ﰲ اﻟﻈﺮوف اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﻗﺪ ِ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ إﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ؛ ﻓﻤﻬﻤﺎ ﱡ ً اﻟﺘﻮﻗ ُ ﻗﺎﺗﻤﺔ ،ﻓﺴﺘﻜﻮن ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة .وﻟﻜﻦ ﰲ ﻋﴫ ﻌﺎت ﻛﺎﻧ َ ِﺖ ﻃﺎﺑﻊ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻋﲆ اﻟﺪول اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻴﻪ ،أﻋﺘﻘِ ُﺪ اﻟﻌﻮملﺔ وﻣﺤﺎوﻻت ﻓ ْﺮ ِض ِ وﺿ َﻊ ﻗﺎد ِة اﻟﺪول اﻟﺼﻐرية اﺧﺘ َﻠ َ أن ْ ﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ؛ ﻓﺈذا ﺗﺮ ْﻛ َﺖ ﻧﻔﺴ َﻚ ﱠ ِ ﺗﺠ ُﺪ َ ﻣﺆﻫ ًﻼ ﻣﻨﺼﺒَ َﻚ ﻣﺘﻤﺘﱢﻌً ﺎ ﺑﺎﺣﱰا ِم املﻨﺘﺪى اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎملﻲ ،ﻓﻘﺪ ِ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻌﺪدٍ ﻣﻦ اﻟﻜﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﻔﻮﺿﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ أو ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑَﻪَ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ َ ﻛﻨﺖ ﻣﺤ ﱠﻞ ازدراءٍ ﺗﺎ ﱟم ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻚ؛ ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻻزدراءُ ً إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﻚ؛ ﻓﺄﻗﴡ ﻣﻈﺎﻫِ ِﺮ اﻟﻮﺣﺪة ﻣﻊ »املﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﺎ ﱡم ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻣﻴﺰ ًة اﻟﺪوﱄ« ﻫﻮ أن ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪُه املﺠﺘﻤ ُﻊ اﻟﺪوﱄ ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن ﻫﺬا ﰲ ﻣﻮاﺟَ ِ ﻬﺔ ٍ ﻣﻌﺎ َر ٍ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ املﺤﻠﻴﺔ. ﺿﺔ ﱡ وأﻇﻦ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﱠ َ ﺗﺒني أن ﺑﺮاﻳﻦ ﻛﻮﻳﻦ ﻗﺪ دﻣﱠ َﺮ ﺣﺰبَ ﻓﻴﺎﻧﺎ ﻓﻴﻞ إﱃ اﻷﺑﺪ — وﻫﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺘﺤ ﱢﻜﻤً ﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻷﻣﻮر ﰲ ﻳﻮ ٍم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم — ﻓﺄﻣﺎﻣﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒ ٌﻞ ِ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺪوﻟﻴ ِﺔ ﻳﺘﺤﺪﱠث ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﴐور ِة »اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﺼﻌﺒﺔ«. واﻋِ ٌﺪ ﰲ وﺛﻤﺔ أﻣﺮ َ آﺧﺮ؛ ﻓﻔﻲ ﺣني أن ﻧﻔﻮذَ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ ﻛﺎن ﻗﻮﻳٍّﺎ ﻋﲆ ﻛﻼ اﻟﺤﺰﺑني ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺗﺄﺛريُ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﱪى ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ أﻗﻮى ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني؛ ﻟﻜﻮﻧﻬﻢ أﻛﺜ َﺮ ً ﻣﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻧﺴﺒﺔ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ أو أﻋﲆ َ ٠٫١ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ أي ﺣﺎل .ورﺑﻤﺎ ﱢ اﻻﻛﺘﺸﺎف املﺬﻫﻞ اﻟﺬي ﻳﻔﴪ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎ ُم املﺘﺒﺎ ِﻳ ُﻦ 108
اﻟﻌﴫ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﱠ ﺗﻮﺻ َﻞ إﻟﻴﻪ ﻋﺎﻟِﻤَ ﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﻴﺚ ﺑﻮل وﻫﻮارد روزﻧﺘﺎل ،اﻟﻠﺬان اﺳﺘﺨﺪَﻣَ ﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞَ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ أي اﻟﻔﺠﻮة ﺑني اﻟﺤﺰﺑني — ﻋﲆ ﻣﺪى ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﻘﻴﺎس اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب اﻟﺴﻴﺎﳼ — ِ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ وﻗﺪ َ ٍ ﻋﻼﻗﺔ ﻗﻮﻳ ٍﺔ ﺑني ﺣﺼﺔ أﻋﲆ ١ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ اﻛﺘﺸ َﻔﺎ وﺟﻮ َد اﻟﺪﺧﻞ ودرﺟﺔ اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب داﺧﻞ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس؛ ﻓﺎﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻼﺛﻮن اﻷوﱃ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮب ﻣﺘﺴﺎو ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻟﻠﺪﺧﻞ ،ﺗﻤﻴﱠ َﺰ ْت ً أﻳﻀﺎ ﺑﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ اﺗﱠ َﺴﻤَ ْﺖ ﺑﺘﻌﺎون ﻓﻌﲇ ﱟ ٍ ٍ ٍ اﻟﻘﺮارات ﺑﺸﺒﻪ ُ ٌ ِ ﺗﻮاﻓ ٍﻖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒري ٌة ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﻮﺳﻄﻴني ﺑني اﻟﺤﺰﺑني؛ ﺣﻴﺚ اﺗﺨﺬت ﰲ اﻵراء .إﻻ أﻧﻪ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٨٠ﺗﺤ ﱠﺮ َك اﻟﺤﺰبُ اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻧﺤﻮ اﻟﻴﻤني ﺗﺰا ُﻣﻨًﺎ ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ْ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ. ﺳﻴﺎﳼ ﺷﺒ َﻪ اﺗﻔﺎق دﺧ ِﻞ اﻟﻨﺨﺒﺔ ،وأﺻﺒَﺢَ اﻟﻮﺻﻮ ُل إﱃ ﱟ ٍ ٍ ﻳُﻌِ ﻴﺪُﻧﻲ ذﻟﻚ إﱃ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﺘﻔﺎوت واﻟﻜﺴﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﱠ ٍ ﺗﻤﺨ َﺾ ﺗَ ِ ﺧﻴﺎرات ﺳﻴﺎﺳﻴ ٍﺔ ﻛﺜرية ﻻ ﺗﺮوق ِﻟ ﱢﻠﻴﱪاﻟﻴني أﻣﺜﺎﱄ؛ ﻨﺎﻣﻲ ﻧﻔﻮ ِذ اﻷﺛﺮﻳﺎء ﻋﻦ ﺧﻔﺾ ﺗﺼﺎﻋﺪﻳ ِﺔ اﻟﴬاﺋﺐِ ، وﻗﻠﺔ اﻻﻫﺘﻤﺎ ِم ﺑﻤﻌﻮﻧﺎت اﻟﻔﻘﺮاء ،وﺗﺮاﺟُ ِﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎم، ﻣﺜﻞ ِ ﻃﺎ ﺑﻤﻮﺿﻮع ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻬﻮ إﻧﻌﺎ ُم اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﳼ ﰲ ْ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .أﻣﺎ اﻷﻛﺜﺮ ارﺗﺒﺎ ً رﻓ ِﻊ ِ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ املﺘﻌﺪﱢدة اﻟﺘﻲ أﺷﺎ َر ْت إﱃ أن اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ اﻟﻘﻴﻮد وإﻟﻐﺎﺋﻬﺎ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ املﺤ ﱠﺮر ﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴ ُﻞ اﻷﻛﻴﺪ إﱃ املﺘﺎﻋﺐ. اﻟﻔﻜﺮة ﻫﻲ أن ﻫﺬا اﻹﻧﻌﺎم ﻳﺒﺪو أﻗ ﱠﻞ إﺛﺎر ًة ﻟﻠﺤرية إذا أﺧﺬﻧﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﺄﺛريَ املﺘﺰا ِﻳ َﺪ َ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻋﲆ ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺒﺎﻟﻐﻲ اﻟﺜﺮاء؛ ﻓﻤﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ، ﺣﺼ َﻞ ﻋﺪ ٌد ﻏريُ ٍ ُ ِ اﻹﺟﺮاءات املﺒﺎﴍة أن ﺗﺴﺘﻤ ﱠﺮ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ املﺎﱄ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ ﻧﻘﻮدﻫﻢ ﻋﻦ ِ املﻀﺎدة ﻟﻠﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ .وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻓﺄﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﺘﻲ أُﺛِريت ﺣﻮل ﻓﺎﺋﻖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﻨﺠﺎح اﻷداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎ ﱢم ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ،١٩٨٠ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻳﻌﻤﻞ ٍ ٍ إﱃ اﻟﻔﺌﺔ املﱰﺑﱢﻌﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﻤﺔ. ُ َ ِ املﺒﺎﴍ ﻟﻸزﻣﺔ، ﺗﻜﻮن زﻳﺎدة اﻟﺘﻔﺎوت اﻟﺴﺒﺐَ اﻟﺮﺋﻴﴘ إذَ ْن رﻏﻢ أﻧﻪ ﻣﻦ املﺴﺘﺒﻌَ ﺪ أن ً ﻓﻘﺪ ﻫﻴﱠﺄ َ ْت ً ﺑﻴﺌﺔ ري ﻣﻮاﺗﻴ ٍﺔ ﺑﺎملﺮة ملﻼﺣﻈﺔ اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺘﺤﺬﻳﺮﻳﺔ أو اﺗﺨﺎذ أيﱢ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻏ َ ً أﻳﻀﺎ ً إﺟﺮاء إزاءﻫﺎ .وﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﰲ اﻟﻔﺼﻠني اﻟﺘﺎﻟﻴني ،ﻓﻘﺪ ﻫﻴﱠﺄ َ ْت ً ﻓﻜﺮﻳﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻴﺌﺔ َ ُ اﻷزﻣﺔ. أﻋﺎﻗ ْﺖ ﻗﺪرﺗﻨﺎ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻔﻌﱠ ﺎﻟﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﴐﺑَﺘْﻨﺎ
109
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
ُوﻟِﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻜﲇ ً ﺣﻘﻼ ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﺑﺬاﺗﻪ ﰲ أرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻛﺠﺰءٍ ﻣﻦ ِ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري .ﻛﺎن ذاك املﺼﻄﻠﺢ ﻳﺸري آﻧﺬاك إﱃ ِ واﻟﺨﱪات اﻟﺘﻲ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺄﻣﻞ أن ﺗﻤﻨﻊ ﺗﻜ ﱡﺮ َر ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. املﻌﺎرف وﺗﺸري أﻃﺮوﺣﺘﻲ ﰲ ﻫﺬه املﺤﺎﴐة إﱃ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﺑﻤﻌﻨﺎه اﻷﺻﲇ ﻫﺬا ُ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻨ ْ ِﻊ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎس، ﻗﺪ ﻧﺠﺢ؛ ﻓﻘﺪ ﺣُ ﱠﻠ ْﺖ — ﻋﻤﻠﻴٍّﺎ — واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﻬﺎ ﺣُ ﱠﻠ ْﺖ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ﻋﺪﻳﺪة. روﺑﺮت ﻟﻮﻛﺎس ،اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺮﺋﺎﳼ أﻣﺎم اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، ﻋﺎم ٢٠٠٣ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ اﻵن ،ﻓﺈن ﺗﺄﻛﻴ َﺪ روﺑﺮت ﻟﻮﻛﺎس اﻟﻮاﺛﻖ ﻋﲆ أن اﻟﻜﺴﺎد أﺻﺒَﺢَ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ املﺎﴈ ﻳُﺸ ِﺒﻪ ﻛﺜريًا اﻟﺸﻌﺎرات اﻟﺮﻧﺎﻧﺔ اﻟﺠﻮﻓﺎء .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﺬا ﻣﺎ ﺑَﺪَا ﻟﺒﻌﻀﻨﺎ ﺣﺘﻰ ِ وﻗﺖ ﻗﻮﻟﻬﺎ؛ ﻓﺎﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﰲ ١٩٩٨-١٩٩٧واملﺘﺎﻋِ ﺐُ املﺴﺘﻤﺮة ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻛﺎﻧَﺘَﺎ ً ٍ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﺴﺎؤﻻت ﺗﺤﻤﻼن ﺷﺒﻬً ﺎ واﺿﺤً ﺎ ﻣﻊ أﺣﺪاث ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﻣﺎ أﺛﺎ َر ﺣﻮل ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻷﻣﻮ ُر أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻴﻄﺮة ٍّ ﺣﻘﺎ .وﻗﺪ أ ﱠﻟ ْﻔ ُﺖ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﻜﻮك ﺑﻌﻨﻮان »ﻋﻮدة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد« ،ﻧ ُ ِﴩ ﻷول ﻣﺮة ﻋﺎم ،١٩٩٩ﺛﻢ أﺻﺪ ْر ُت ﻣﻨﻘﺤﺔ ﻣﻨﻪ ﻋﺎم ،٢٠٠٨ﻋﻨﺪﻣﺎ ﱠ ً ً ﺗﺤﻘ َﻘ ْﺖ ﻛﻮاﺑﻴﴘ ﻛﻠﻬﺎ. ﻃﺒﻌﺔ إﻻ أن ﻟﻮﻛﺎس — اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ وأﺣﺪ أﻋﻤﺪة اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ،وﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ِ ﻳﺨﻄﺊْ إذ ﻗﺎل إن أﺑﺮزﻫﻢ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﰲ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ وﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺗﻪ — ﻟﻢ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮا اﻟﻜﺜريَ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ﻫﺬا اﻟﻘﺮن .ﻓﺒﺤﻠﻮل ﻋﺎم ً ١٩٧٠ ﻣﺜﻼ ،ﻛﺎن ﻣﻤﺘﻬﻨُﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ملﻨ ْ ِﻊ ﺗﻜﺮار أيﱢ ﳾءٍ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري. ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻣﻌﻈ ُﻢ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ ﻫﺬه املﻬﻨﺔ ﻳﻨﺴﻮن ﻣﺎ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮه. وﻓﻴﻤﺎ ﻧﺤﺎول أن ﻧﺘﻜﻴ َ ﱠﻒ ﻣﻊ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﴐﺑَﻨﺎ ،ﻛﺎن ﻣﻦ املﺤﺰن أن ﻧﺮى إﱃ أيﱢ ِ ﻣﺪًى ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﺟﺰءًا ﻣﻦ املﺸﻜﻠﺔ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﺤ ﱢﻞ؛ ﻓﻜﺜري ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني — وﻟﻴﺲ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ — أﻳﱠﺪوا ْ رﻓ َﻊ اﻟﻀﻮاﺑﻂ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ،ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ُ ﺟﻌ َﻠ ْﺖ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﻋُ ً اﻷزﻣﺔ، ﺮﺿﺔ ﻟﻸزﻣﺎت أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ أيﱢ وﻗﺖ ﻣﴣ .ﺛﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﴐﺑَﺘْﻨﺎ ﻋﺎ َر َ ٍ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﴩاﺳﺔ ض ﻛﺜريون ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮ ًة ٍ وﺟﻬﻞ أيﱠ ٍ أﺻﺤﺎب ﻫﺬا اﻟﺮأي اﻟﺠﺎﻫﻞ واملﺪﻣﱢ ﺮ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء اﻟﻔﻌﱠ ﺎﻟﺔ .وﻣﻦ املﺤﺰن أن أﻗﻮل إن أﺣﺪ ِ ﻛﺎن روﺑﺮت ﻟﻮﻛﺎس َ دون ﺳﻮاه. ﻓﺸﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻗﺒﻞ ﻧﺤﻮ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات — ﻋﻨﺪﻣﺎ أدر ْﻛ ُﺖ ﻣﺪى ِ ﺗﺼ ُ ُ ﺻﻐﺖ ﻋﺒﺎر ًة ِ ﻒ املﺸﻬ َﺪ أﻣﺎﻣﻲ آﻧﺬاك ،ﻫﻲ» :ﻋﴫ ﻇﻼم اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ«. اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ — ﻛﻨﺖ أﻗﺼﺪ ﱠ ُ أن ﻣﺎ ﺣﺪث ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ أﺣﺪاث اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ،ﺣني ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﻣَ ﻦ ﻳﻌﺮف َ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻜﺴﺎد ،وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ اﺳﺘﻐﻼ ُل ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺼﺎدر اﻟﺘﻔﻜري اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺒﺪِع ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻤﴤﱢ ﻗﺪﻣً ﺎ؛ ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﻌﴫ — ْ إن ﺟﺎ َز اﻟﺘﻌﺒري — ﻫﻮ اﻟﻌﴫَ اﻟﺤﺠﺮي ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻨﻮ ُن اﻟﺤﻀﺎرة ﻗﺪ اﻛﺘُ ِﺸ َﻔ ْﺖ ﺑﻌﺪُ .وﻟﻜﻦ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ُ اﻟﻬﻤﺠﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. ٢٠٠٩ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻓﻨﻮ ُن اﻟﺤﻀﺎرة ﻗﺪ اﻛﺘُ ِﺸ َﻔ ْﺖ؛ ﺛﻢ ﺿﺎﻋَ ْﺖ؛ ﻓﻘﺪ ﺣ ﱠﻠ ْﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻴﻒ أﻣﻜﻦ ﻟﻬﺬا أن ﻳﺤﺪث؟ ﱡ أﻇﻦ أن ذﻟﻚ ﺗﻀﻤﱠ َﻦ ﻣﺰﻳﺠً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﻋِﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺠﺎﻣﺢ. رﻫﺎب ﻛﻴﻨﺰ ﻋﺎم ،٢٠٠٨وﺟﺪْﻧﺎ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﺠﺄ ًة ﻧﺤﻴﺎ ﰲ ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﻛﻴﻨﺰيﱟ ؛ أي ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﺷﺪﻳ ِﺪ اﻟﺸﺒﻪ ﺑﺎملﻼﻣﺢ اﻟﺘﻲ ر ﱠﻛ َﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ﰲ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ أﺑ َﺪ َع ﻋﺎم ،١٩٣٦ﻛﺘﺎب »اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻮﻇﻴﻒ واﻟﻔﺎﺋﺪة واملﺎل« .أﻋﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ أﻧﻨﺎ وﺟﺪﻧﺎ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﰲ ﻋﺎ َﻟ ٍﻢ ﻣﺜ ﱠ َﻞ ﻓﻴﻪ ﻋﺪ ُم ﻛﻔﺎﻳﺔ َ املﺸﻜﻠﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ،ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﻠﻮ ُل اﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻀﻴﱢﻘﺔ اﻟﻄﻠﺐ — ﻣﺜﻞ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة املﺴﺘﻬﺪف ﻟﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — ﻟﺤﻞ املﻮﻗﻒ. 112
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
ٍ إﻧﻔﺎق ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ أﻧﺸﻂ ،ﰲ ﺻﻮر ِة ﻓﻠِﻠﺘﱠﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ اﻷزﻣﺔ ﺑﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﻨﱠﺎ ٍ ﱠ ﻣﺆﻗ ٍﺖ ﻟﺪﻋﻢ ﺗﻮﻓري ُﻓ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﺬْل اﻟﺠﻬﻮد ﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ. ً ﺣﻠﻮﻻ ﺗﻜﻨﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ، ﻗﺪ ﻳﺘﺼﻮﱠر اﻟﺒﻌﺾ أن ﻫﺬه اﻟﺤﻠﻮل ﻻ ﻳﺰال ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ِ وﺻﻒ ﻛﻴﻨﺰ ُ وﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻷوﺳﻊ املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺘﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞَ . ﻧﻔﺴﻪ ﻧﻈﺮﻳﺘَﻪ ﺑﺄﻧﻬﺎ َ ﺑﺎﻋﺘﺪال ﰲ ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ« ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻤﺎﳽ ﻣﻊ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﻤﻞ َ وﻓﻖ ﻣﺒﺎدئ املﺆﺳﺴﺎت »ﻣﺤﺎﻓِ ﻈﺔ ٍ ُ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻋﺎ َر َ ٍ ﺑﴩاﺳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ، اﻟﺴﺎﺳﺔ املﺤﺎﻓﻈﻮن اﻷﻓﻜﺎ َر اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ض َ ً اﻟﺴﺎﺳﺔ املﻌﻨﻴﱢني ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ وﺿﻊ اﻷﺛﺮﻳﺎء. ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﴩاﺳﺔ ،ﻓﺄﻧﺎ أﻋﻨﻲ ذﻟﻚ ٍّ ٍ ﺣﻘﺎ .ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻔﻀ ُﻞ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻜﻠﻴﺎت وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮل ُ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻴﻨﺰي ﻟﻜﺘﺎب ﺑﻮل ﺻﻤﻮﻳﻠﺴﻮن »اﻻﻗﺘﺼﺎد« ،اﻟﺬي ﺻﺪ َر ِت اﻷوﱃ ﻣﻨﻪ ﻋﺎم .١٩٤٨وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻛﺘﺎبٌ َﻗﺒْ َﻠﻪ — ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻜﻨﺪي ﻟﻮري ﺗﺎرﺷﻴﺲ — ﻧﺠﺤَ ْﺖ ﺟﻬﻮ ُد املﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﰲ اﺳﺘﺒﻌﺎده، ﺣﻤﻠﺔ ﻣﻨ ﱠ وﻗﺪ ﺷﻤ َﻠ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻬﻮد ﱠ ﻈ ٍ ٍ ﻤﺔ ﻧﺠﺤَ ْﺖ ﰲ دﻓﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻹﺳﻘﺎط ﺷﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .وﰲ ٍ وﻗﺖ ﻻﺣِ ٍﻖَ ، ﺻﺐﱠ وﻳﻠﻴﺎم ﺑﺎﻛﲇ ﺟﺎ ﱠم ﻏﻀ ِﺒﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﷲ واﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻳﻴﻞ« ﻋﲆ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ ﻟﺴﻤﺎﺣﻬﺎ ﺑﺘﺪرﻳﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻴﻨﺰي. ُ ُ اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﻣﺠﻠﺔ ﻫﻴﻮﻣﺎن إﻳﻔِﻨﺘﺲ واﺳﺘﻤَ ﱠﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻷﻋﻮام؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠٥أدرﺟَ ْﺖ َ ﺿﻤﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﴩة اﻷﻛﺜﺮ ﴐ ًرا ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﻛﺘﺎبَ ﻛﻴﻨﺰ »اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ« ﻣﺠﺎو ًرا ﻟﻜﺘﺎب »ﻛﻔﺎﺣﻲ« ﻟﻬﺘﻠﺮ ،وﻛﺘﺎب »رأس املﺎل« ﻟﻜﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ. واﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ، ِ ﻛﺘﺎب ﻳﺤﻤﻞ رﺳﺎﻟﺔ »ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺑﺎﻋﺘﺪال«؟ ﻳﺘﻤﺜ ﱠ ُﻞ ﺟﺰءٌ ﻣﻦ ِﻟ َﻢ ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻤﺔ ﻋﲆ ٍ ﱡ اﻟﺘﺪﺧ َﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﺬي دَﻋَ ﺎ إﻟﻴﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﰲ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻣﺘﻮاﺿ ٌﻊ وﻣﻮﺟﱠ ﻪٌ ،ﻓﻄﺎملﺎ َ ِ اﻋﺘﱪَه املﺤﺎﻓﻈﻮن ﻣﺠﺮد ﺑﺪاﻳ ٍﺔ؛ ﻓﺈذا اﻋﱰ َْﻓﻨﺎ ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻜﻴﻨﺰي ً ِ ﺑﺪور ﻣﻔﻴ ٍﺪ ﰲ ﻣﺤﺎ َرﺑ ِﺔ اﻟﺮﻛﻮد ،ﻓﺴﻨﺠﺪ ﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﺠﺄة ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻧﻈﺎ ٍم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﺿﻄﻼع ٍ إﺟﻤﺎع ﺑني اﻟﻴﻤﻴﻨﻴني ﻋﲆ اﻟﺪﱠﻣْ ِﺞ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻬﻢ ﺑني اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ، اﺷﱰاﻛﻲ .وﺛﻤﺔ ﺷﺒﻪ ﱟ ٍ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي وإﻋﺎدة اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﺠﺬرﻳﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ أﺧﺮى — ﺣﺘﻰ ﺑني اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني، ﺣﻜﻤﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ — وذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ْ ً ﻧﻔﻲ ﻛﻴﻨﺰ ِ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻛﺜ َﺮ ﺑﴩﻳﺔ ﻗﻴ ٌ ٌ ٌ ً ﱢﻤﺔ ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺐ داﻓِ َﻊ اﻟﺮﺑﺢ املﺎﱄ وﺑﻴﺌﺔ أﻧﺸﻄﺔ ﴏاﺣﺔ؛ ﺣﻴﺚ أﻋ َﻠ َﻦ أﻧﻪ »ﺛﻤﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ املﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻠﺜﺮوة ﺣﺘﻰ ﺗﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ«.
113
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
وﺛﻤﺔ ً ﻋﺎﴏ ﻛﻴﻨﺰ — )وﻟﻠﻌِ ﻠﻢ ،ﻓﻘﺪ أﻳﻀﺎ داﻓِ ٌﻊ اﻗﱰَﺣَ ﻪ ﻣﻴﺸﺎل ﻛﺎﻟﻴﺘﺴﻜﻲ — اﻟﺬي َ َ ﻛﺎن ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﺷﱰاﻛﻴٍّﺎ( ﰲ ﻣﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺎت ﻧ ُ ِﴩ ﻋﺎم :١٩٤٣ ﻗﺒﻮل ﱡ ﺳﻮف ﻧﺘﻨﺎول ً ﺗﺪﺧ ِﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ أوﻻ إﺣﺠﺎ َم »أﻗﻄﺎب اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ« ﻋﻦ ِ ﱠ ِ وﻟﻜﻦ ﻧﺸﺎط اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺸ ﱢﻚ، اﺗﺴﺎع ﰲ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ؛ ﻓﺄﺻﺤﺎب اﻷﻋﻤﺎل ﻳﻘﺎ ِﺑﻠﻮن ﻛ ﱠﻞ ٍ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ُ ٍ ٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻌﺎرﺿﺘﻪ ﺑﺴﻤﺔ ﻟﻔ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺘﻤﻴﱠﺰ ﺧ ْﻠ َﻖ ِ أﺷ ﱠﺪ ﻣﻦ املﻌﺘﺎد .ﻓﻔﻲ ﻇ ﱢﻞ ﻧﻈﺎ ِم »دَﻋْ ﻪ ﻳﻌﻤﻞ دَﻋْ ﻪ ﻳ ُﻤ ﱡﺮ« ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ُ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺜﻘﺔ؛ وإذا ﻣﺎ ﺗﺪﻫ َﻮ َر ْت ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺔ، ري ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﻓﺴﺘﻨﺨﻔﺾ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻨﺎﺗﺞ واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ري اﻟﺜﺎﻧﻮي ﻻﻧﺨﻔﺎض املﺘﺎﺣﺔ )ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺑﺼﻮر ٍة ﻣﺒﺎﴍة أم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﺛ ِ اﻟﺪﺧﻮل ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻬﻼك واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر(؛ وﻳﺘﻴﺢ ذﻟﻚ ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴني ﺳﻴﻄﺮ ًة ﻏريَ ِ ُ اﻟﺤﺮص ﻋﲆ ﺗﺠﻨ ﱡ ِﺐ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺒﺎﴍ ٍة ﻗﻮﻳﺔ ﻋﲆ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ؛ ﻓﻴﺠﺐ َ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ .وﻟﻜﻦ ﺑﻜﺠﺮد ْ ﺣﺪوث ٍ ِ أن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺜﻘﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺘﺴﺒﱠﺐُ ﰲ أن ﻳﻬ ﱠﺰ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ زﻳﺎد َة ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺸﱰﻳﺎﺗﻬﺎ ،ﺗﻔﻘﺪ أدا ُة اﻟﺴﻴﻄﺮة ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻢ ﱡ ﻟﺘﺪﺧ ِﻞ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﺗﻠﻚ ﻓﻌﺎﻟﻴﱠﺘَﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ،ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺎر ﻋﺠْ ِﺰ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻼزم ً ﻣﺤﻔﻮﻓﺎ ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ .إذَ ْن ،ﻓﺎﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ملﺬﻫﺐ »املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أﻣ ًﺮا ِ ﻣﻌﺘﻤﺪًا ﻋﲆ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺜﻘﺔ. اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ« ﻫﻲ إﺑﻘﺎء ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ُ ﻗﺮأت ﻫﺬا اﻟﻜﻼ َم ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ ،ﺑَﺪَا ﱄ ﻣﺘﻄ ﱢﺮ ًﻓﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ اﻵن أﺻﺒَﺢَ ﻳﺒﺪو ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ ً ِ ﺣﺠﺔ »اﻟﺜﻘﺔ« وﻫﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪَم ﻃﻮال رؤﻳﺔ ري؛ ﻓﻬﺬه اﻷﻳﺎم ﺻﺎ َر ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﻣﻌﻘﻮﻻ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻫﻜﺬا ﺑَﺪَأ ﻣﻮرت زوﻛﺮﻣﺎن — أﺣﺪ أﻗﻄﺎب ﺳﻮق اﻟﻌﻘﺎرات ً ﻣﻘﺎﻻ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴٍّﺎ ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻓﺎﻳﻨﺎﻧﺸﺎل ﺗﺎﻳﻤﺰ ﻳﻬﺪف إﱃ إﺛﻨﺎء اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ واﻹﻋﻼم — ﻋﻦ اﺗﱢﺒَﺎع أيﱢ اﺗﺠﺎ ٍه ﺷﻌﺒﻮيﱟ : َ اﻟﻘﻠﻖ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ إن اﻟﺘﻮﺗﱡ َﺮ املﺘﺰاﻳﺪ ﺑني إدارة أوﺑﺎﻣﺎ وﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل َﻟﻴﺜريُ اﻟﺮﺋﻴﺲ َ اﻟﻮﻃﻨﻲ؛ ﻟﻘﺪ َ ﺛﻘﺔ أﺻﺤﺎب اﻷﻋﻤﺎل ،اﻟﺬﻳﻦ أد ْ ُ ﻣﺨﺎو ُﻓﻬﻢ ﺣﻴﺎ َل ﱠت ﻓﻘ َﺪ ِ اﻟﴬاﺋﺐ واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ املﺘﺰاﻳﺪة ﻟﻠﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ ﺗﺤﺠﻴﻢ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر واﻟﻨﻤﻮ؛ َ وﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﻘ ﱢﺪ َر ﱠ ِ ﺗﺴﺘﺜﻤ َﺮ ﺣﺘﻤﻲ إذا ﻛﺎن ﻟﻠﴩﻛﺎت أن اﻟﺜﻘﺔ أﻣ ٌﺮ أن ﱞ وﺗﺘﺤﻤﱠ َﻞ املﺨﺎﻃ َﺮ وﺗﻌﻴ َﺪ املﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠني إﱃ اﻟﻌﻤﻞ املﻨﺘِﺞ. 114
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
»املﺨﺎو َ ف ﺣﻴﺎل اﻟﴬاﺋﺐ ﻏري أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ دﻟﻴ ٌﻞ — آﻧﺬاك أو ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ — ﻋﲆ أن ِ واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ املﺘﺰاﻳﺪة ﻟ ﱠِﻼﺋﺤﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« ﻟﻬﺎ دور ﻳُﺬ َﻛﺮ ﰲ ﺗﺤﺠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد .إﻻ أن ﻣﺎ ﻗﺼﺪه ﻛﺎﻟِﻜﻲ ﻛﺎن أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺞ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺴﻘﻂ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻗﺒﻮ ٌل ﺷﻌﺒﻲ واﺳ ُﻊ اﻟﻨﻄﺎق ﻟﻔﻜﺮة أن اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺨﻠﻖ ُﻓ َﺮ َ ص ﻋﻤﻞ .إذَ ْن ﱞ ِ املﺒﺎﴍة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺧﻠﻖ ُﻓ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ، ﻓﺜﻤﺔ ﺿﻐﻴﻨﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ َ ﱡ َ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﴩﻋﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺨﻮف اﻟﻌﺎم ﻣﻦ أن اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﻗﺪ ﺗُﻀﻔِ ﻲ ﺗﺘﺠﺎوز ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم. إذا و ُِﺿﻌﺖ ﻫﺬه اﻟﺪواﻓﻊ ﻣﻌً ﺎ ،ﻓﺴﺘﻌﺮف ﺳﺒﺐ اﻟﻌﺪاء اﻟﺪاﺋﻢ اﻟﺬي ﻳُﺒﺪِﻳﻪ اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب واملﺆﺳﺴﺎت اﻟﻮﺛﻴﻘﻮ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪﺧﻞ إزاء اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ. وﻟﻢ ﺗﺘﻐري ﻣﺸﺎﻋ ُﺮ اﻟﻌﺪاء ﺗﻠﻚ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺧﻤﺴﺔ وﺳﺒﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ َ ِ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﻴﻨﺰ ﻣﻀ ْﺖ ﻣﻨﺬ ﺗﻐري ٍّ ﺣﻘﺎ ﻓﻬﻮ ﺛﺮاء ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ واﻟﻨﻔﻮذ املﱰﺗﱢﺐ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ« ،أﻣﺎ ﻣﺎ ﱠ َ ﻣﺘﺠﺎوزﻳﻦ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻋﲆ ﺛﺮاﺋﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮﱠل املﺤﺎﻓﻈﻮن ﰲ وﻗﺘﻨﺎ ﻫﺬا ﻧﺤ َﻮ أﻗﴡ اﻟﻴﻤني، ِ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﺬي أﻗ ﱠﺮ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺄن اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن أدا ًة ﻓﻌﱠ ً ﺎﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎد .أﻣﺎ اﻵراء اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﲆ اﻟﻬﺎﻣﺶ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻣﻨﺬ أرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ، ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤَ ِﺖ َ اﻵن ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻴﺪة املﺴ ﱠﻠ ِﻢ ﺑﻬﺎ ﻟﺪى أﺣﺪ اﻟﺤﺰﺑني اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني اﻟﺮﺋﻴﺴﻴني ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ. ً وﺛﻤﺔ ﻣﻮﺿﻮع َ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ،ﻫﻮ ﻣﺪى ﺗﺄﺛري املﺼﺎﻟﺢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻔﺌﺔ أﻋﲆ ١ آﺧﺮ أﻛﺜ ُﺮ ﰲ املﺎﺋﺔ — أو ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﱪ ﻓﺌﺔ أﻋﲆ ٠٫١ﰲ املﺎﺋﺔ — ﻋﲆ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﺪاﺋﺮة ﺑني ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴني .ﻣﻤﱠ ﺎ ﻻ ﺷ ﱠﻚ ﻓﻴﻪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺗﺄﺛري؛ وﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﺠﻬﺎت املﺘﱪﱢﻋﺔ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت ،وﻣﺪى ﺗﻮاﻓﺮ اﻟﺰﻣﺎﻻت وﻋﻘﻮد اﻻﺳﺘﺸﺎرات املﺮﺑﺤﺔ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻻ ﺑﺪ أﻧﻬﺎ ﺷﺠﻌﺖ أرﺑﺎبَ ﻫﺬه املﻬﻨﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ ﻧﺒﺬ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻧﺴﻴﺎن اﻟﻜﺜري ً أﻳﻀﺎ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻨﺎه ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ وأرﺑﻌﻴﻨﻴﺎﺗﻪ. وﻟﻜﻦ ﺗﺄﺛري اﻟﺜﺮوة ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺼﻞ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤ ﱢﺪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﱢ ﻳﻌﻀﺪْه ﻧﻮ ٌع ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ُ ﺑﻌﺾ املﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﰲ اﻷﺻﻞ ﻣﺒﺎدِ ئ َ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺠﺎﻣﺢ ،اﻟﺬي ﺑﺎﺗَ ْﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ً راﺳﺨﺔ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ ﰲ ﻣﺠﺎﱄ املﺎﻟﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء. َِ
115
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻧﺎدرة ﺟﺪٍّا ُ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻟﻢ ﺗﺤ َ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻻﺣﱰام اﻟﻮاﺟﺐ ،ﻷﺳﺒﺎب واﺿﺤﺔ، ﻆ وﺣَ َﺴﺐ ْ وﺻﻒ ﻛﻴﻨﺰ ﻓﻬﻲ ﺗﺸﺒﻪ: ﺗﻠﻚ املﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺎم ﰲ اﻟﺼﺤﻒ وﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ املﺘﻨﺎﻓِ ﺴني اﻧﺘﻘﺎءَ أﺟﻤﻞ ﺳﺘﺔ َ ﻳﺘﻮاﻓﻖ اﺧﺘﻴﺎ ُره ﻣﻊ وﺟﻮه ﻣﻦ ﺑني ﻣﺎﺋﺔ ﺻﻮرة ،وﺗَﻤﻨﺢ اﻟﺠﺎﺋﺰ َة ﻟﻠﻤﺘﺴﺎﺑﻖ اﻟﺬي ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺗﻔﻀﻴﻼت املﺘﺴﺎﺑﻘني ﺟﻤﻴﻌً ﺎ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺘﺴﺎ ِﺑ ٍﻖ أن ﻳﺨﺘﺎر اﻟﻮﺟﻮ َه اﻟﺘﻲ ﻣﻦ املﺮﺟﱠ ﺢ أن ﺗﺴﺘﻬﻮي َ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺘﻲ اﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻳﺮاﻫﺎ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ اﻷﺟﻤﻞ. ﻣﻌﺎر ً ﺿﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻟﻔﻜﺮة اﻟﺴﻤﺎح ملﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﻮاق — ﺣﻴﺚ ﻳﻘﴤ املﻀﺎرﺑﻮن ﻛﺎن ﻛﻴﻨﺰ ِ ً وﻗﺘﻬﻢ ﰲ ﻣﻼﺣﻘﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ — ﺑﺈﻣﻼء اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ املﻬﻤﺔ ،ﻓﻘﺎل» :ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ ﺗﻨﻤﻴﺔ رأس املﺎل ﰲ اﻟﺒﻼد ﻧﺎﺗﺠً ﺎ ﻋَ َﺮ ِﺿﻴٍّﺎ ﻷﻧﺸﻄﺔ ﻧﺎدٍ ﻟﻠﻘﻤﺎر ،ﻓﻤﻦ املﺮﺟﺢ ﱠأﻻ ﺗﺘ ﱠﻢ ﺗﺼﺒﺢ ُ املﻬﻤﺔ ﻋﲆ أﻛﻤﻞ وﺟﻪ«. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺒﺤﻠﻮل ﻋﺎم ١٩٧٠ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺑَﺪَا أن دراﺳﺔ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ُ ﺷﺨﺼﻴﺔ دﻛﺘﻮر ﺑﺎﻧﺠﻠﻮس اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺠﻬﺎ ﻓﻮﻟﺘري ،واﻟﺘﻲ ﺗﴫ ﻋﲆ ﻗﺪ ﺗﺴ ﱠﻠﻤَ ْﺖ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ َ اﺧﺘﻔ ْﺖ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺟﻤﻴ ُﻊ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﻌﺪم أﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﰲ أﻓﻀﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻤﻜﻦ .ﻓﻘﺪ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ واﻟﻔﻘﺎﻋﺎت واملﻀﺎرﺑﺎت املﺪﻣﱢ ﺮة ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎب اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ ،وﺳﻴﻄ َﺮ ْت ُ »ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻛﻔﺎءة اﻷﺳﻮاق« ،اﻟﺘﻲ روﱠجَ ﻟﻬﺎ ﻳﻮﺟني ﻓﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ، ﻋﲆ اﻟﺴﺎﺣﺔ َ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺴﻌري اﻷﺻﻮل وﻓﻖ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،ﰲ واﻟﺘﻲ ﺗﺰﻋﻢ أن ﺿﻮءِ ﻛ ﱢﻞ املﻌﻠﻮﻣﺎت املﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر) .أي إن ﺳﻌ َﺮ أﺳﻬﻢ اﻟﴩﻛﺔ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — َ ٍ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﴩﻛﺔ ،ﰲ ﺿﻮء املﻌﻠﻮﻣﺎت املﺘﺎﺣﺔ املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺄرﺑﺎﺣﻬﺎ وآﻓﺎق ﺑﺪﻗﺔ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ (.وﺑﺤﻠﻮل ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺑﺪأ ﺧﱪاءُ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺎﱄ — ً وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎﻳﻜﻞ ِﺟﻨﺴﻦ ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ إدارة اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد — ﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ أﻧﻪ ﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﺪﱢد اﻷﺳﻌﺎ َر اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻓﺈن أﻓﻀ َﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﴩﻛﺎت ِ ﻗﻴﻤﺔ أن ﻳﻔﻌﻠﻮه — ﻟﻴﺲ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﺤﺴﺐ وﻟﻜﻦ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺄﴎه — ﻫﻮ ﺗﻌﻈﻴ ُﻢ إن ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺎﱄ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻪ »ﻳﻨﺒﻐﻲ« ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻀﻊ ﺗﻨﻤﻴﺔَ أﺳﻬﻢ ﴍﻛﺎﺗﻬﻢ؛ أي ﱢ رأس ﻣﺎل اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ أﻳﺪي ﻣﺎ أﻃ َﻠ َﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻴﻨﺰ اﺳﻢ »ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر«. 116
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﺘﺤ ﱡﻮ َل ﰲ ﻣﺴﺎر ﻫﺬه املﻬﻨﺔ ﻛﺎن ﻣﺪﻓﻮﻋً ﺎ ﺑﺎﻷﺣﺪاث. َ ﱠ اﻷﺳﻮاق اﻟﺼﺎﻋﺪة وﻟﻜﻦ ﺻﺤﻴﺢ أن ذﻛﺮى ﻋﺎم ١٩٢٩ﻛﺎﻧﺖ آﺧِ ﺬ ًة ﰲ اﻻﻧﺤﺴﺎر ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ، ُ ٌ اﻷﺳﻮاق اﻟﻬﺎﺑﻄﺔ. رواﻳﺎت ﻣﻨﺘﴩ ٌة ﻋﻦ املﻀﺎ َرﺑ ِﺔ اﻟﺰاﺋﺪة — وﺗ َﻠﺘْﻬﺎ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ْت — ﺗﺼﺤﺒﻬﺎ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :ﰲ ،١٩٧٤-١٩٧٣ﻓﻘﺪ َِت اﻷﺳﻬ ُﻢ ٤٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن َ ﻣﺆﴍ داو ﺟﻮﻧﺰ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺎرب ﻳﺘﺴﺒﱠﺐَ اﻧﻬﻴﺎ ُر اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎم — ١٩٨٧ﺣني اﻧﺨﻔ َﺾ ﱢ ُ ٢٣ﰲ املﺎﺋﺔ ﰲ ﻳﻮم واﺣﺪ دون ﺳﺒﺐ واﺿﺢ — ﰲ إﺛﺎرة اﻟﺸﻜﻮك ﺣﻮل ﻣﺪى ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﺴﻮق. إﻻ أن ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث — اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻛﻴﻨﺰ ﺳﻴﻌﺘﱪﻫﺎ ً دﻟﻴﻼ ﻋﲆ ﻋﺪم ﻣﻮﺛﻮﻗﻴﺔ اﻷﺳﻮاق — ﻟﻢ ﺗﺰﺣﺰح اﻟﻔﻜﺮة املﺴﺘَﺤﺒﱠﺔ آﻧﺬاك ﻗﻴ َﺪ أﻧﻤﻠﺔ .ﻛﺎن اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻨﻈﺮي اﻟﺬي َ وﺿﻌَ ﻪ ِ ﻳﻮازن ﺑﻌﻘﻼﻧﻴ ٍﺔ ﻣﺎ ﺑني املﺨﺎﻃﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن املﺎﻟﻴﻮن اﺳﺘﻨﺎدًا إﱃ ﻓﺮﺿﻴﺔ أن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺴﺘﺜﻤ ٍﺮ ِ ُﺒﻬ ًﺮا ﰲ ﺑﺴﺎﻃﺘﻪ ،وإذا واﻟﻌﻮاﺋﺪ — أو ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﻧﻤﻮذج ﺗﺴﻌري اﻷﺻﻮل اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ — ﻣ ِ َ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﺴﺘﺠﺪ أﻧﻪ ﻣﻔﻴﺪ ﺟﺪٍّا؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳ ِ ُﺮﺷﺪك إﱃ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﺗﻘﺒﱠ ْﻠ َﺖ اﻓﱰاﺿﺎﺗِﻪ ﻣﺤﻔﻈﺘﻚ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻓﺎﻷﻫﻢ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ أﻧﻪ ﻳ ِ ُﺮﺷﺪك ﻛﺬﻟﻚ إﱃ ُ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺴﻌري املﺸﺘﻘﺎت املﺎﻟﻴﺔ؛ أي املﻄﺎﻟﺒﺎت املﺴﺘﺤَ ﱠﻘﺔ ﻋﲆ املﻄﺎﻟﺒﺎت .وﻗﺪ أد ْ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﱠت ٍ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﻮاﺋﺰ ﻧﻮﺑﻞ، ﺣﺼﻮل واﺿﻌﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة وﻓﺎﺋﺪﺗﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ إﱃ ِ ً ٍ ﻣﺎدﻳﺔ؛ ﻓﺒﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻨﻤﺎذج ﻣﻜﺎﻓﺂت ﻟﻬﺎ ﻃﺎﺑ ٌﻊ أﻛﺜ ُﺮ ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ ﺧﱪاﺋﻬﺎ ﻋﲆ ﴎﻳﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮذج اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﱪاﻋﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت — إذ إن اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﱢ ً ٍ ﺣﺴﺎﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴني — ﺻﺎر ﰲ إﻣﻜﺎن أﺳﺎﺗﺬة ﻛﻠﻴﺔ إدارة ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺐ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺪ ِﱠﻣﺜِﻲ ُ اﻟﺨﻠُﻖ أن ﻳﺼريوا ﻣﻦ ﺧﱪاء وول ﺳﱰﻳﺖ ،وﻳﺘﻘﺎﺿﻮا رواﺗﺐَ ﻣﻨﻬﺎ؛ وﻗﺪ ﺣﺪ َ َث. َ َ ﻧﻜﻮن ﻣ ِ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻛﻔﺎء ِة اﻷﺳﻮاق ُﻨﺼﻔني ،ﻟﻢ ﻳﺘﻘﺒﱠ ْﻞ واﺿﻌﻮ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت املﺎﻟﻴﺔ وﻟﻜﻲ ً ٍ ِ وﻣﻨﺎﺳﺒﺔ وﻣُﺮ ِﺑﺤﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﺗﻮﺻﻠﻮا ﻛﺬﻟﻚ إﱃ ﺑﺴﻴﻄﺔ ملﺠﺮد أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ً اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑَﺪ ْ داﻋﻤﺔ ﺑﻘﻮة ﻟﻠﻔﺮﺿﻴﺔ ،إﻻ أن ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﺤﺪود َة َت ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﻨﻄﺎق ﺑﺼﻮرة ﻏﺮﻳﺒﺔ؛ ﻓﻨﺎد ًرا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺧﱪاءُ اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺎﱄ ﻳﻄﺮﺣﻮن اﻟﺴﺆا َل اﻟﺬي ﻳﺒﺪو ً ْ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ )وإن ﻛﺎن ﻻ ﺗﺴﻬﻞ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻪ( ﻋﻤﱠ ﺎ إذا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﺳﻌﺎر اﻷﺻﻮل ﺗﺒﺪو ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ ً وﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﺗﺴﺎءﻟﻮا ﻓﻘﻂ ﰲ ﺿﻮء اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻣﺜﻞ اﻷرﺑﺎح؛ ً ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﰲ ﺿﻮء أﺳﻌﺎر اﻷﺻﻮل اﻷﺧﺮى .وﻗﺪ ﺳﺨﺮ ﻻري ﻋﻤﱠ ﺎ إذا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻷﺻﻮل ﺳﺎﻣﺮز — ﻛﺒري املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ ﺧﻼل ﺳﻨﻮاﺗﻪ اﻟﺜﻼث اﻷوﱃ — 117
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ذات ﻣﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺼﺔ »ﺧﱪاء اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﺎﺗﺸﺐ« اﻟﺬﻳﻦ »أﺛﺒﺘﻮا أن زﺟﺎﺟﺎت اﻟﻜﺎﺗﺸﺐ ﺳﻌﺔ اﻟﻨﺼﻒ ﺟﺎﻟﻮن ﺗﺒﺎع داﺋﻤً ﺎ ﺑﻀﻌﻒ ﺳﻌﺮ زﺟﺎﺟﺎت اﻟﻜﺎﺗﺸﺐ ﺳﻌﺔ اﻟ ﱡﺮﺑﻊ ﺟﺎﻟﻮن« ،وﻳﺴﺘﻨﺘﺠﻮن ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﺳﻮق اﻟﻜﺎﺗﺸﺐ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻜﻔﺎءة ﺗﺎﻣﺔ. ﻏري أن ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻬﺰاء ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺗﺄﺛريٌ ﻳُﺬ َﻛﺮ ،ﻣَ ﺜَﻠﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻣَ ﺜَﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎدات اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻬﺬﻳﺒًﺎ اﻟﺘﻲ وﺟﱠ ﻬَ ﻬﺎ ﻏريه ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ املﻨ ﱢ ﻈﺮون املﺎﻟﻴﻮن ﰲ اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ ٌ ﺻﺎﺋﺒﺔ ﰲ أﺳﺎﺳﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌَ َﻞ اﻟﻜﺜريُ ﻣﻦ ﺻﺎﻧِﻌﻲ اﻟﻘﺮار ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ؛ أن ﻧﻤﺎذﺟﻬﻢ ْ ﻣﻦ أﺑﺮزﻫﻢ أﻻن ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن ،اﻟﺬي اﺳﺘﻨ َ َﺪ رﻓ ُ ِ ﺟﻤﺎح اﻹﻗﺮاض أو ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ دﻋﻮات ﻛﺒ ِْﺢ ﻀﻪ ِ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ املﺴﺘﻤﺮ ﻟﻔﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ؛ إﱃ اﻋﺘﻘﺎدِ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد املﺎﱄ اﻟﺤﺪﻳﺚ َ وﺿ َﻊ ﻛ ﱠﻞ ﳾء ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻴﻄﺮة. ﻗﺪ ﺗﺘﺼﻮﱠر اﻵن أن ﺣﺠ َﻢ اﻟﻜﺎرﺛﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﴐﺑ َِﺖ اﻟﻌﺎﻟ َﻢ ﻋﺎم — ٢٠٠٨وﺗﺤ ﱠﻮ َل ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳ َ ُﻔﱰَض أﻧﻪ أدوات ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﻄﻮﱢرة إﱃ ﻣﺴﺒﱢﺒﺎت ﻟﻠﻜﺎرﺛﺔ — ﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن ﻳﺮﺧﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﻔﺎءة اﻷﺳﻮاق ،وﻟﻜﻨﻚ ﺳﺘﻜﻮن ﻣ ِ ُﺨﻄﺌًﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮﱡر. ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻪ ﰲ أﻋﻘﺎب ﺳﻘﻮط ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ،أﻋ َﻠ َﻦ ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن أﻧﻪ ﰲ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ »اﻟﺬﻫﻮل »اﻟﴫحَ اﻟﻔﻜﺮي ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ« ﻗﺪ »اﻧﻬﺎر« ،إﻻ أﻧﻪ ﻋﺎد إﱃ ﻣﻮﻗﻔﻪ اﻟﻘﺪﻳﻢ وﻋﺪم اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ«؛ ﻷن ﱠ ْ ﺑﺤﻠﻮل ﻣﺎرس ،٢٠١١داﻋﻴًﺎ إﱃ إﻟﻐﺎء املﺤﺎوﻻت )اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻟﺘﻮاﺿﻊ( ﻟﺘﺸﺪﻳﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ املﺎﱄ َ وأﺿﺎف ري، ﰲ أﻋﻘﺎب اﻷزﻣﺔ ،وﻛﺘﺐ ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻓﺎﻳﻨﺎﻧﺸﺎل ﺗﺎﻳﻤﺰ أن اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺨ ٍ ﺑﻌﺾ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات اﻟﻨﺎدرة ﺟﺪٍّا )ﻣﺜﻞ ﻋﺎم ،(٢٠٠٨ﱠ ﺣﻘ َﻘ ِﺖ »اﻟﻴﺪ اﻟﺨﻔﻴﺔ« أﻧﻪ» :ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ِ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﺳﺘﻘﺮا ًرا ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﴫف واﻟﻔﺎﺋﺪة وﻣﻌﺪﻻت اﻷﺳﻌﺎر واﻷﺟﻮر«. وﻣﺎ اﻟﻀري ﰲ أزﻣﺔ ﻋﺮﺿﻴﺔ ﻣﺪﻣﱢ ﺮة ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ؟ ﺟﺎء اﻟﺮ ﱡد اﻟﴪﻳﻊ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄن دَﻋَ ﺎ ُ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻫﻨﺮي ﻓﺎرﻳﻞ — ﰲ ﺗﺪوﻳﻨﺔ — ْ اﻟﻘ ﱠﺮاءَ ﻹﻳﺠﺎد اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت أﺧﺮى ﻟﺼﻴﻐﺔ »اﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻧﺎدرة ﺟﺪٍّا«؛ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل» :ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻧﺎدرة ﺟﺪٍّا ،ﻛﺎﻧﺖ املﻔﺎﻋﻼت اﻟﻨﻮوﻳﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ِآﻣ ً ﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻻزل«. املﺤﺰن ﻫﻮ أن ر ﱠد ﻓﻌﻞ ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن ﺷﺎ َر َﻛﻪ ﻓﻴﻪ ﻛﺜريون؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ إﻋﺎد ُة اﻟﴚء ِ ً اﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ املﻨ ﱢ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺑﺼﻮرة ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ؛ َﻓﻴﻮﺟني ﻓﺎﻣﺎ ﻈﺮﻳﻦ املﺎﻟﻴني ﻓﻜﺮ ِه ﻗﻴ َﺪ أﻧﻤﻠﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺆ ﱢﻛﺪ أن — ﺻﺎﺣﺐ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻛﻔﺎءة اﻷﺳﻮاق — ﻟﻢ ﻳﺘﺰﺣﺰح ﻋﻦ ِ ً ﱡ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘْﻪ ﱠ ﻣﺆﺳﺴﺘَﺎ ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ، اﻷزﻣﺔ ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﺑﺴﺒﺐ )وﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺘُﻬﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ(. 118
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﻬﱡ ُﻢ ر ﱢد اﻟﻔﻌﻞ ﻫﺬاْ ، وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﺘﺴﺎﻣُﺢ ﻣﻌﻪ؛ إذ إن إﻗﺮا َر ﺟﺮﻳﻨﺴﺒﺎن أو ﻓﺎﻣﺎ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء ،ﺑﻤﺪى اﻧﺤﺮاف اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ املﺴﺎر اﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻌﻨﺎه أن ﻳُﻘ ﱠﺮا ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ أﻣﻀﻴَﺎ ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻤﺎ املﻬﻨﻴﺔ ﺳﺎﺋ َﺮﻳْﻦ ﰲ ٍ ﻣﺴﺪود .ﻧﻔﺲ اﻟﴚء ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ روﱠاد اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ،ﻣﻤﱠ ﻦ أﻣﻀﻮا ﻋﻘﻮدًا ﻣﻦ ُ َ اﻟﺰﻣﺎن ً اﻷﺣﺪاث اﻷﺧرية ،وﻫﻢ دﺣﻀﺘْﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ أﻳﻀﺎ ﰲ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺮؤﻳ ٍﺔ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد، ً أﻳﻀﺎ ﻇ ﱡﻠﻮا راﻓﻀني اﻻﻋﱰاف ﺑﺴﻮء ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ. وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﳾء؛ ﻓﻔﻲ ﺧﻀ ﱢﻢ اﻧﺸﻐﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أﺧﻄﺎﺋﻬﻢَ ،ﻟﻌِ ﺒﻮا دو ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ ﺗﻘﻮﻳﺾ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻔﻌﱠ ﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺘﻀﻴﻬﺎ اﻟﻜﺴﺎ ُد اﻟﺬي ﻧﺤﻴﺎه. َﻫﻤْ ٌﺰ و َﻟﻤْ ٌﺰ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٦٥ﻧﻘ َﻠ ْﺖ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺎﻳﻢ ً ﻗﻮﻻ ﻋﻦ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن دون ﺳﻮاه ،أﻋ َﻠ َﻦ ﻓﻴﻪ أﻧﻨﺎ »ﴏﻧﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع ﻛﻴﻨﺰ اﻵن «.ﺣﺎول ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن أن ﻳﱰاﺟﻊ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺎﻟﻪ َ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﺻﺤﻴﺤً ﺎ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﻛﺎن ﻗﺎﺋ َﺪ املﺬﻫﺐ املﻌﺮوف ﺑﺎملﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻜﻴﻨﺰ ،ﻓﺈن ﻫﺬا املﺬﻫﺐ ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻒ ٍّ ُروﱢجَ ﻟﻬﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ً ﺣﻘﺎ ﰲ أ ُ ُﺳ ِﺴﻪ املﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ .ﰲ ً ً ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻋﺎم ١٩٧٠ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »اﻹﻃﺎر اﻟﻨﻈﺮي ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ ورﻗﺔ ﻧﴩ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ َ َ اﻟﻨﻘﺪي«ُ ، ﺻﺪِم اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﻤﺪى اﻟﺘﺸﺎﺑُ ِﻪ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑني اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺗُ َﺪ ﱠرس ﰲ اﻟﻜﺘﺐ .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﰲ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،اﺷﱰَ َك ﺧﱪاءُ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﰲ رؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻧﻮﺑﺎت اﻟﺮﻛﻮد ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﺸﺄن اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﻨﺎﺳﺒﺔ ً ُ ٍ اﻻﺧﺘﻼف ﻳﻌﻜ ُ ﱢ ﻣﺘﺄﺻ ًﻼ. ﻋﻤﻠﻴﺔ وﻟﻴﺲ اﻧﻘﺴﺎﻣً ﺎ ﻓﻠﺴﻔﻴٍّﺎ ﺧﻼﻓﺎت ِﺲ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻌﻪ ،ﻛﺎن ذﻟﻚ َ اﻧﻘﺴ َﻢ ﺧﱪاءُ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ إﱃ ﻓﺼﻴ َﻠ ْني ﻛﺒريﻳﻦ :اﻷول إﻻ أﻧﻪ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني، ﻫﻮ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮ »املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ« )وﻳﱰ ﱠﻛﺰون ﺑﺎﻷﺳﺎس ﰲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺎملﻨﺎﻃﻖ ً ً ﻛﻴﻨﺰﻳﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ملﺎﻫﻴﺔ اﻟﺮﻛﻮد .أﻣﺎ اﻟﻔﺼﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻢ رؤﻳﺔ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ( اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮ »املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ« )وﻳﱰﻛﺰون ﺑﺎﻷﺳﺎس ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺎت املﻨﺎﻃﻖ ﻏري اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ( ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳَﻌﺘﱪون أن ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ﻣﺤﺾ ﻫﺮاء. ملﺬﻫﺐ »دَﻋْ ﻪ ﻳﻌﻤﻞ، اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ — ﰲ اﻷﺳﺎس — ﻣﻦ اﻟﺪاﻋﻤني اﻷﺻﻮﻟﻴني ِ أﺳﺎس أن اﻟﻨﺎس دَﻋْ ﻪ ﻳﻤﺮ«؛ ﻓﻬُ ْﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ا ُملﺠﺪِي ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ ِ َ اﻓﱰاض إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻧﻬﻴﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﻘﻼﻧﻴﻮن واﻷﺳﻮاق ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻜﻔﺎءة؛ وﻫﻮ أﺳﺎس ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ملﺠﺮد ﻋﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﻠﺐ. 119
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ ُ ٌ ﻃﻠﺒﺎت اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻛ ﱠﻞ ﻓﱰات ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﱰات اﻟﺮﻛﻮد ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻬﺎ وﻟﻜﻦ َأﻻ ﺗﺒﺪو ً ً ﻣَ ﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ؟ ﻳﻘﻮل ﻣﻨ ﱢ ﻓﻮﻓﻘﺎ ﺧﺎدﻋﺔ؛ ﻈﺮو املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ أن املﻈﺎﻫِ ﺮ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻴﻢ — ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ — اﻻﻧﻬﻴﺎ ُر اﻟﻜﲇ ﻟﻠﻄﻠﺐ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺪث. إﻻ أن اﻟﺮﻛﻮد ﻳﺤﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﻤﺎ اﻟﺴﺒﺐ؟ ﰲ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻗﺎل ﺧﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ اﻟﺒﺎرز املﻨﺘﻤﻲ ﻟﻔﺼﻴﻞ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ — روﺑﺮت ﻟﻮﻛﺎس اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ — إن اﻟﺮﻛﻮد ﻳَﻨﺘﺞ ﻋﻦ ارﺗﺒﺎكٍ ﱠ ً ُ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ واﻟﴩﻛﺎت ﻣﺆﻗ ٍﺖ؛ إذ ﻳﺠﺪ اﻟﻌﻤﺎ ُل ﱡ وﺗﻐري وﺿﻌﻬﻢ اﻟﺘﺠﺎري. اﻟﺘﻀﺨﻢ، ﺑني اﻟﺘﻐﻴريات اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺳﻌﺎر ﺑﺴﺒﺐ ﱡِ وﺣﺬﱠ َر ﻟﻮﻛﺎس ﻣﻦ ﱠ ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ملﺤﺎرﺑﺔ دورة اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ أن أيﱠ ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻫﻮ زﻳﺎدة اﻻرﺗﺒﺎك. ﻋﻜﺴﻴﺔ؛ وﻗﺎل إن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﺳﺘﻔﻌﻠﻪ ﺻﺪور ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎلُ ، ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ،وأﺗﺬ ﱠﻛ ُﺮ َﻛ ْﻢ ﺑﺪ ْ َ ِ َت ﻛﻨﺖ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﰲ وﻗﺖ ِ ﻣﺜري ًة ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا َﻛ ْﻢ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﱠ دﻗﺘُﻬﺎ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺟﺬﱠ ً اﺑﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺸﺒﺎب ،إﻻ أن »ﻣﴩوع ﻟﻮﻛﺎس« — ﻛﻤﺎ اﺷﺘُ ِﻬ َﺮ — ﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﺤ َﺮ َ ف ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ. ِ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻄﻌﻴ ِﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﻓﻤﺎذا ﺣﺪث؟ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻤﺎدَى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﰲ ﺑﺄدوات اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺠﺰﺋﻲ ،ﺣﺘﻰ أﻛﺴﺒﻮا ﻣﴩوﻋَ ﻬﻢ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺮوح اﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﻤﺎﺳﻴﺔ ﻧﴫ وﻓﺎ َة اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻴﻨﺰي ،دون أن اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗَﻠِني؛ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻓﻘﺪ أﻋﻠﻨﻮا ﰲ ٍ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻤﲇ ﱟ ﻟﻪ .وﻣﻦ املﻌﺮوف أن روﺑﺮت ﻟﻮﻛﺎس أﻋ َﻠ َﻦ ري ٍ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻗﺪ ﺗﻤ ﱠﻜﻨﻮا ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﻓ ِ ﰲ ﻋﺎم َ — ١٩٨٠ وﻻﻗﻰ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧًﺎ! — أن املﺸﺎرﻛني ﰲ اﻟﺤﻠﻘﺎت اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﺳﻴﺄﺧﺬون ﰲ ﺷﺨﺺ ﻳَﺴﺘﺸﻬﺪ »اﻟﻬﻤﺰ واﻟﻠﻤﺰ« ﻛﻠﻤﺎ ﻗ ﱠﺪ َم أﺣ ٌﺪ أﻓﻜﺎ ًرا ﻛﻴﻨﺰﻳﺔ ،و ُﻣﻨِﻊ ذِ ْﻛ ُﺮ ﻛﻴﻨﺰ — وأيﱢ ٍ ﱢ املﺘﺨﺼﺼﺔ. ري ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ واملﺠﻼت ﺑﻪ — ﻣﻦ ﻛﺜ ٍ أﺛﻨﺎء إﻋﻼن أﻋﺪاء ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻛﻴﻨﺰ ﻋﻦ اﻧﺘﺼﺎرﻫﻢ ،ﻛﺎن ﻣﴩوﻋُ ﻬﻢ ﻋﲆ أﺑﻮاب اﻟﻔﺸﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﻘﺪ اﺗﱠ َﻀﺢَ أن ﻧﻤﺎذﺟﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﺠ َﺰ ْت ﻋﻦ ﺗﻔﺴري اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺮﻛﻮد؛ إﻻ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻗﺪ ﻗﻄﻌﻮا ﻋﲆ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺧ ﱠ ﻂ اﻟﺮﺟﻌﺔ؛ ﻓﺒﻌ َﺪ ﻛ ﱢﻞ ذﻟﻚ اﻟﻬﻤﺰ واﻟﻠﻤﺰ أﺻﺒﺤﻮا ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻨﻜﺼﻮا ﻋﲆ أﻋﻘﺎﺑﻬﻢ وﻳ َْﻘﺒﻠﻮا ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸري ً ﻣﻌﻘﻮﻻ ﺟﺪٍّا ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف. إﱃ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻴﻨﺰي ﺑَﺪَا ﺛﻢ ﱠ واﻗﻌﻲ ﻟﺘﻨﺎوُل اﻟﺮﻛﻮد وﻛﻴﻔﻴﺔ ﻧﻬﺞ ﱟ ﺗﻮﻏﻠﻮا أﻛﺜ َﺮ ،ﻣﺒﺘﻌِ ﺪِﻳﻦ أﻛﺜ َﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻋﻦ أي ٍ ُ ﻧﻈﺮﻳﺔ »دورة اﻷﻋﻤﺎل ﺣﺪوﺛﻪ ،وﺗُﻬَ ﻴ ِْﻤﻦ اﻵن ﻋﲆ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ 120
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إن اﻟﺮﻛﻮد اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ — ﺑﻞ ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ً أﻳﻀﺎ — ﻟﻠﺼﺪﻣﺎت ُ َ َ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻨﻘﻄﺔ دون ﺗﻔﺴري؛ وإن اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻀﺎرة ،وﺗﺮ َﻛ ِﺖ ﱠ ﺗﺘﺤﺴ َﻦ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﺮﻛﻮد ﻫﻮ ﻗﺮار ﻃﻮﻋﻲ ﻳﺘﱠﺨِ ﺬه اﻟﻌﻤﺎ ُل ﺑﺄﺧﺬ إﺟﺎزة ﺣﺘﻰ ً ﺳﺨﻴﻔﺎ ،ﻓﻬﺬا ﻷﻧﻪ ﺳﺨﻴﻒ ً ﻓﻌﻼ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ اﻷوﺿﺎع .إذا ﻛﺎن اﻟﻜﻼ ُم ﻫﺬا ﻳﺒﺪو اﻷﺑﺤﺎث املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﺑﺪورة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻃﺮﻳﻘﺎً َ َ ﻟﻠﻨﻤﺎذج اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻟﺒﺎرﻋﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠ ِﺖ ﱢ اﻛﺘﺴﺐَ ﻣﻨ ﱢ ِ َ ﻈﺮو اﻟﺪور ِة اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ﻟﻠﱰﻗﻲ واﻟﺘﺜﺒﻴﺖ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ .وﻗﺪ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻳﻌﺮﺿﻮن ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻮذ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻴﻮم ﻣﻤﱠ ﻦ ِ َ ﻋﻤﻞ ﰲ أيﱟ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻜﱪى) .ﻛﻤﺎ أﺧﱪﺗﻜﻢ، وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﲆ ٍ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﺟﻤﻮحَ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ(. ً إﻻ ﱠ أن اﻗﺘﺼﺎدﻳﱢﻲ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻨﻮا ﻣﻦ ﺗﺴﻴري ﻛ ﱢﻞ ﳾءٍ وﻓﻘﺎ ﻷﻫﻮاﺋﻬﻢ؛ ﻓﻘﺪ ُ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻟﻠﻔﺸﻞ اﻟﻮاﺿﺢ ﰲ ﻣﴩوع ﻟﻮﻛﺎس ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﰲ أﻓﻜﺎر اﺳﺘﺠﺎب ُ ﻛﻴﻨﺰ وﺗﺤﺪﻳﺜﻬﺎ ،ووﺟﺪ ْ ﺟﺎﻣﻌﺎت و ُﻛ ﱢﻠﻴ ٍ ٍ ﱠﺎت ﻣﺜﻞ ﻧﻈﺮﻳﺔ »اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻟﻬﺎ ﰲ َت ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد وﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻧﺴﺘﻮن — ﻧﻌﻢ ،ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﺆﺳ ِ ﻣﻦ املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ — وﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﱠ ﺴﺎت ﺻﻨ ْ ِﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻣﺜﻞ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ وﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ .ﻛﺎن أﺗﺒﺎ ُع اﻟﻨﻈﺮﻳ ِﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﻠﺤﻴﺪ ﻋﻦ ِ ِ ﻗﺼﻮر أوﺟﻪ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﻓﺮﺿﻴﺔ اﻷﺳﻮاق اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ أو اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ — أو ﻛﻠﺘﻴْﻬﻤﺎ — ٍ ﺗﻜﻔﻲ ﻻﺳﺘﻴﻌﺎب وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺮﻛﻮد .وﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ملﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺮﻛﻮد ﻣﺴﺘﺤَ ﺒ ًﱠﺔ. ﺧﱪاءِ املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ ،ﻇ ﱠﻠ ِﺖ ﻏري ﱠ أن ﺧﱪاءَ املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺣﺼﻴﻨني ﺿﺪ إﻏﺮاء ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻔﺮد وﻛﻤﺎل اﻷﺳﻮاق ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺣﺎوﻟﻮا اﻟﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ اﻧﺤﺮاﻓﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن؛ وﻫﺬا ٌ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﰲ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻷﺷﻴﺎء ﻣﺜﻞ اﻟﻔﻘﺎﻋﺎت واﻧﻬﻴﺎر اﻟﻨﻈﺎم ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ املﴫﰲ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﺗَ ُ ﺤﺪث ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ُ َ رؤﻳﺔ أﺗﺒﺎع اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻘﻮﱢض ﻣﻦ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳُﻨﻌﻤﻮا اﻟﻨﻈ َﺮ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻷزﻣﺎت ﻃﻮال اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ ،ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺒﻌِ ْﺪ ً َ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،اﺳﺘﻄﺎع أﺗﺒﺎ ُع اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة — ﻣﺜﻞ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺪوث أزﻣﺎت؛ ﻧﻤﺎذﺟُ ﻬﻢ ٍ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻣﻔﻴﺪ ًة ﻟﻸزﻣﺔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻨﺎ روﻣﺮ أو ﺣﺘﻰ ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ — أن ﻳﻘﺪﱢﻣﻮا ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻜﺒرية ﰲ اﻹﻗﺮاض ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وارﺗﻔﺎع اﻹﻧﻔﺎق ﱠ ﻳﴪي ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺧﱪاء املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ. املﺆﻗﺖ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ؛ وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻻ ِ 121
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺣﺎل ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺘﺴﺎءﻟﻮن — أﻧﺎ أرى ﻧﻔﴘ ﻣﻦ املﻨﺘﻤني ﻟﻠﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎملﻨﺎﺳﺒﺔ — ﰲ ِ ً ً َ ُ ﻧﴩْت أوراﻗﺎ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﺗﺘﺒﻊ ﻧﻤﻂ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺑﻌﻴﺪٍ ،وﰲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ؛ ﺣﺘﻰ إﻧﻨﻲ واﻷﺳﻮاق اﻟﻠﺘني ﺗﻤﺜﱢﻼن ﺟﺰءًا ﻻ ﻳﺘﺠ ﱠﺰأ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ أﻧﺎ ﻻ أﻗﺒﻞ ﻓﺮﺿﻴﱠﺘَ ِﻲ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴ ِﺔ ِ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ — ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻧﻤﺎذﺟﻲ — وﻛﺜريًا ﻣﺎ أﻟﺠﺄ إﱃ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ً َ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔْ ، وإن ُ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻤﺎذج ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻛﻨﺖ أرى املﺘﻤﻌﱢ ﻨﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ،وﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﻳﺸﺎرﻛﻨﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﱪاء ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺠﻮة اﻟﻜﺒرية .وﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣ ﱠ ُﺒﺴﻂ ﺟﺪٍّا ،ﻓﺈن اﻻﺧﺘﻼف ﺑني ﺧﱪاء املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ وﺧﱪاء املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ ﱢ ﺗﺰ ْد ُه ﻳﻌﱪ ﻋﻦ اﻟﺨﻼف ﺑني اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ واﻟﻴﻘني ﺷﺒﻪ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪي اﻟﺬي ﻟﻢ ِ ُ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪ ْ ﱠت ﻓﻜﺮ َة »اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻮاﺣﺪة اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ« إﻻ ﻗﻮ ًة. ُ ُ ً اﻷزﻣﺔ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ أن ﻳﻤ ﱠﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳ َﺪ اﻟﻌﻮن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﴐﺑ َِﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أﻧﻪ وﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻻﻗﺘﺼﺎدَ ،اﻧﺨ َﺮ َ ﺣﺮب ﻋﻘﺎﺋﺪﻳ ٍﺔ ﺷﻌﻮاء. ط ﻋﺪ ٌد ﻛﺒريٌ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ٍ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮديء ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻟﻢ ﻳَﺒْ ُﺪ ﻣﺤﺘﻮى ﻣﺎ ﻳﺪ ﱠرس — أو ﻣﺎ ﻻ ﻳُ َﺪ ﱠرس ،وﻫﻮ اﻷﻫﻢ — ﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ أﻗﺴﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ،ملﺎذا؟ ﻷن اﻷﻣﻮر ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮة ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واملﺆﺳﺴﺎت اﻟﺸﻘﻴﻘﺔ. ﴍﺣﺖ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻣﺤﺎ َر ُ ُ ﺑﺔ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻌﺎدي أﻣ ٌﺮ ﱢ ﻫني إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ؛ ﻓﻠﻴﺲ وﻛﻤﺎ ِ ﻃﺒﺎﻋﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺎل؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺳﻮى ﻟﻼﻧﺨﻔﺎض؛ أﻣﺎ ﰲ املﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻓﺎملﻬﻤﺔ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﺑﺎﻟﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻟﻜﻢ؛ ﻷن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻘﻴﺲ ﻣﻘﺪا َر اﻟﻌﻼج اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺬي ﺳﻴﻘﺪﱢﻣﻪ وﻣﺘﻰ ﻳﻮﻗﻔﻪ، ﺗﺘﻐري ﻓﻴﻬﺎ املﻌﻄﻴﺎت ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،وﻳﻤ ﱡﺮ ٌ وﻛ ﱡﻞ ذﻟﻚ ﰲ ٍ ﺑﻴﺌﺔ ﱠ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﻗﺒﻞ ْ رﺻ ِﺪ ﻧﺘﺎﺋﺞ أيﱢ ِ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ .ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﻟﻢ ﺗﻤﻨﻊ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ ﺑﻌﻤﻠﻪ؛ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ راح اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴني ﻳ َِﻬﻴﻤﻮن ﰲ أرض اﻟﺨﻴﺎل، ﻟﻢ ﻳﻔﻘﺪ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ارﺗﺒﺎ َ ﻃﻪ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ،واﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﰲ رﻋﺎﻳﺔ اﻷﺑﺤﺎث ذات اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻤﻬﻤﺘﻪ. ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ واﺟَ َﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد رﻛﻮدًا ﺷﺪﻳﺪًا ﺟﺪٍّا ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﺣﺘﻮاؤه ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ،واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﻗﺎل إﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث. 122
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
وﺣﺘﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺮﻫﻮا اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ املﻮاﻗﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬﻫﺎ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،ﻳﻈ ﱡﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﻌﱰﻓﻮا ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ً ﻧﺎﺑﻐﺎ ،أﺻﺎبَ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻷﻫﻤﻴﺔ؛ َ ِﻴﺤﺪث ﻟﻮ ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﺗﴫﻳﺤﺎﺗﻪ ﺗﺄﺛريًا — أن اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟ وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،أﺣ ُﺪ ِ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أدﱠى وﻇﻴﻔﺘﻪ ،وأن اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻤﻨﻊ ٌ َ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺧﻄري ٌة؛ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ أﻣﺮ ﻣﻤﺎﺛِﻞ — ﻛﺎن ﺧﺎﻃﺌًﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،وﻛﺎن ﻟﻬﺬا اﻟﺨﻄﺄ ﺣﺪوث أيﱢ ٍ ٌ ﻧﻘﺎﺷﺎت ﺗُﺬ َﻛﺮ — ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ داﺧﻞ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واملﺆﺳﺴﺎت اﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﺗَ ُﺪ ْر أم ﰲ أوﺳﺎط اﻷﺑﺤﺎث املِ ﻬَ ﻨﻴﺔ — ﺣﻮل ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻏريَ ﻛﺎﻓﻴﺔ. ﺗﺼﺒﺢ ﻹﻋﻄﺎﺋﻜﻢ ﻓﻜﺮ ًة ﻋﻦ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،إﻟﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﺑﻤﻨﺎﺳﺒ ِﺔ ﻋﻴﺪ ﻣﻴﻼده اﻟﺘﺴﻌني» :اﺳﻤﺤﻮا ﱄ ﻋﺎم ٢٠٠٢ﰲ ٍ ٍ ﻃﻔﻴﻒ ملﻨﺼﺒﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎري املﻤﺜﱢﻞ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﺑﺎﺳﺘﻐﻼل أن أﺧﺘ ِﺘ َﻢ ﺣﺪﻳﺜﻲ ٍ اﻟﻔﻴﺪراﱄ .أو ﱡد أن أﻗﻮ َل ملﻴﻠﺘﻮن وآﻧﱠﺎ :ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،أﻧﺘﻤﺎ ﻋﲆ ﱟ ﺣﻖ ،ﻧﺤﻦ ﺗﺴﺒﱠﺒﻨﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻧﺤﻦ ِ آﺳﻔﻮن ﺟﺪٍّا؛ وﻟﻜﻦ ﺑﻔﻀﻠﻜﻤﺎ ﻟﻦ ﻧﻜ ﱢﺮ َر ﻓﻌﻠﺘَﻨﺎ ﻫﺬه أﺑﺪًا«. ْ وﻟﻜﻦ ﻃﺒﻌً ﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻛﺎن أﻧﻪ ﰲ ،٢٠٠٩-٢٠٠٨ﻓﻌﻞ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻔﻌﻠﻪ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻟﻜﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد َ أﻣﺮاض ،ﻟﻢ ﺗﺼﻞ إﱃ درﺟﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ِ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺤﺎﴏًا ﰲ ﻣﺘﻼزﻣﺔ ﻇ ﱠﻞ ٍ َ ً ﱢ ﻣﺘﺄﻫﺒني ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻳﻘﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ أن ﺷﺒﻬً ﺎ واﺿﺤً ﺎ ﺑﻪ .وﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ، ٍ ﺧﻄﻮات إﺿﺎﻓﻴ ٍﺔ واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ ،وﺿﻊ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻨﻬﻢ املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ أﻣﺎم ﰲ ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﺤﺮﻛﺔ. ﻄﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ ﻫﻮ اﻟﺠﻬ ُﻞ امل ْ وﻣﺎ ﻛﺎن ﻻﻓﺘًﺎ وﻣﺤ ِﺒ ً ﻄ ِﺒﻖ اﻟﺬي أﻇﻬﺮﺗْﻪ، ً ُ اﻗﺘﺒﺴﺖ ﻣﻦ أﻗﻮال ﺑﺮاﻳﻦ رﻳﺪل ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀ َﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻟﻮﺻﻔﻬﺎ .ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮون ﺣني وﻻ أﺟﺪ َ ْ — ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫريﻳﺘﻴﺞ — ﺣﺘﻰ ﱢ أوﺿﺢَ اﻟﺪﺧ َﻞ ﻣﻐﺎﻟﻄﺔ ﻗﺎﻧﻮن ﺳﺎي اﻟﺬي ﻳﻘﴤ ﺑﺄن ﻳ َ ُ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻄﻠﺐَ املﻘﺎ ِﺑ َﻞ ﻟﻪ؟ ﰲ أواﺋﻞ ﻋﺎم ،٢٠٠٩ﻗ ﱠﺪ َم اﻗﺘﺼﺎدﻳﱠﺎن ُﻨﻔﻖ ﺑﺎﻟﴬورة ،واﻟﻌﺮض َ اﻟﺤﺠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﻛﻮﻛﺮن — ﺑﺎر َزان ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ — ﻳﻮﺟني ﻓﺎﻣﺎ وﺟﻮن ِ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺠﺰ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ أيﱢ ﻧﻔﻊ ،وﻗﺪﱠﻣَ ﺎ ﻫﺬه املﻐﺎ َﻟ َ ﻄﺔ اﻟﺘﻲ ُﻓﻨﱢﺪ ْ َت ٌ ٍ رؤﻳﺔ ﻧﺎﻓﺬ ٌة ِ ﻟﺴﺒﺐ ﻓﺸ َﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﻮن ﰲ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻓﱰ ٍة ٍ ﻣﺎ ﻋﲆ ﻣَ ﱢﺮ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺜﻼﺛﺔ املﺎﺿﻴﺔ. 123
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺠﺎﻫﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ُﻗﺪﱢﻣَ ﺖ ﺿﺪ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ؛ ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻗﺎل روﺑﺮت ﺑﺎرو ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد إن ﻛﺜريًا ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺳﻮف اﻧﺨﻔﺎض ﰲ اﻻﺳﺘﻬﻼك واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺸﺨﺼﻴﱠني ،ﻣﺸريًا إﱃ أن ﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪ َ ٌ َث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺎ ِﺑﻠﻬﺎ َ ارﺗﻔ َﻊ ﻣﻌﺪ ُل اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ،ﻟﻢ ﻳﻘﱰح أﺣ ٌﺪ َ اﻧﺨﻔ َﺾ ﺧﻼل اﻟﺤﺮب ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻈﺎ ِم اﻟﺤﺼﺺ ً ﻣﺜﻼ، أﻣﺎﻣَ ﻪ أن إﻧﻔﺎق املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻗﺪ ﻳﻜﻮن َ ِ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﻧﺸﺎءِ اﻧﺨﻔ َﺾ ﻷن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﻈ َﺮ ْت ﻣﺆﻗﺘًﺎ أو أن اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻏريَ اﻟﴬورﻳﺔ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎل روﺑﺮت ﻟﻮﻛﺎس إن اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻓﻌﱠ ً ﺎﻟﺔ اﺳﺘﻨﺎدًا إﱃ املﺒﺪأ املﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺘﻜﺎﻓﺆ اﻟﺮﻳﻜﺎردي« ،وأﺛﻨﺎء ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﺣﺠﺘَﻪ أﺛﺒ ََﺖ َ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ ذﻟﻚ املﺒﺪأ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ وإﻣﺎ أﻧﻪ ِ ﻧﺴﻴﻬﺎ. أﻧﻪ إﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﺮف ً ً وأو ﱡد أن أﺿﻴﻒ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ :ﺣﺎ َو َل اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺮﺟﻮا ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت أن ﻳ ِ ﻛﻮﻛﺮن ُﻌﻤﻠﻮا ﻧﻔﻮذَﻫﻢ ﺿ ﱠﺪ أﻧﺼﺎر اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﻋ َﻠ َﻦ ِ ﺷﺨﺺ د ﱠر َس — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — أن اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ »ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺞ أيﱢ ٍ ٌ ٌ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻟﻄﻼب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﻓﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﺛَﺒ ََﺖ زﻳﻔﻬﺎ .ﻣﻦ امل َ ِ أوﻗﺎت اﻟﺸﺪة إﱃ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﻄﻤْ ﱧ أن ﻧﻌﻮ َد ﰲ ﰲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ زﻳﻔﻬﺎ«. وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪَ ،ﺳﺨِ ﺮ ﻟﻮﻛﺎس ﻣﻦ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻨﺎ روﻣﺮ — ﻛﺒرية املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻷوﺑﺎﻣﺎ وإﺣﺪى اﻟﺒﺎﺣﺜني املﺘﻤﻴﱢﺰﻳﻦ ﰲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري )ﰲ ﺟﻤﻠﺔ أﻣﻮر أﺧﺮى( — ِ واﺻ ًﻔﺎ إﻳﺎه »ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮديء« ،واﺗﻬﻤﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻗﻮﱠادة ،ﺗﻘﺪﱢم »ﺗﱪﻳ ًﺮا ﻣَ ﻌﻴﺒًﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﺗﱡﺨِ ﺬَ اﻟﻘﺮا ُر ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ً ٍ ﻷﺳﺒﺎب أﺧﺮى«. ﻓﻌﻼ — ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻮن — ٍ ﻧﻌﻢ ،وﺣﺎ َو َل ﺑﺎرو أن ﻳﺸري إﱃ أﻧﻨﻲ ﻏري ﱠ ﻣﺆﻫﻞ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ. ﺣﺎل ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺘﺴﺎءﻟﻮن ،ﻓﺠﻤﻴﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ذﻛ ْﺮﺗُﻬﻢ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ ﻣﻦ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴﻴﺎﳼ وﰲ ِ املﺤﺎﻓﻆ .ﻓﺈﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻳﻘﻮﻣﻮن ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻣﻘﺎ َم املﻤﺜﻠني اﻟﺜﺎﻧﻮﻳني ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ِﻟﻴُﺒْﺪُوا ﻫﺬا اﻟﻘ ْﺪ َر ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻘﻮل ﻣﺜﻞ ﻫﺬه ُ املﻬﻨﺔ ﺑﺄﴎﻫﺎ ﺿ ﱠﻠ ْﺖ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ اﻷﻣﻮر ،وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ِﻟﻴُﺒْﺪُوا ﻛ ﱠﻞ ﻣﻈﺎﻫِ ﺮ اﻟﺠﻬﻞ ﺗﻠﻚ ،ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. وﻷﻛﻮن واﺿﺤً ﺎ ،ﻻ ﺑﺪ أن أﺷري إﱃ أن ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻟﻢ ﻳﻨﺴﻮا اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري وﺗﺒﻌﺎﺗﻪ ﻗ ﱡ ﻂ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻨﺎ روﻣﺮ .وﰲ املﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ — ﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ — ﺻﺎر ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻣﺘﻨًﺎ ﻣﺘﻨﺎﻣﻴًﺎ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت املﻤﺘﺎزة ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﺜريٌ ﻣﻨﻬﺎ 124
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم
َ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ ،وﺗﺸري ﺿﻤﻨﻴٍّﺎ ري ﻳُﺠﺮﻳﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن اﻟﺸﺒﺎب؛ وﻫﻲ ﺗﺆ ﱢﻛﺪ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﺣﺪث. إﱃ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق أوﺳﻊ ﺑﻜﺜ ٍ ٍ وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ — ﺣني ﻛﺎن ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻫﻮ وﺿﻮح اﻟﻔﻜﺮ — َ َ ً ِ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﺪاﻋﻴﺔ إﱃ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺤﺠﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﺘﻨﺎﻓِ ﺮ ًة ،ﺗﻘﻮﱢض ﻗ ﱠﺪ َم اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن وﺟﻬﺎت ٍ ﺗﻌﺰﻳﺰﻫﺎ.
125
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ
ﲢﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ﱠ ُ ٌ أﺗﻮﻗ ُﻊ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻟﺘﺎﱄ :ﺗُ َ ٍ ﺿﻌﻴﻔﺔ — رﺑﻤﺎ أﺿﻌﻒ ﺣﺘﻰ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﺧﻄﺔ ﻮﺿﻊ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻨﻪ اﻵن — ﻟِﻜﺴﺐ اﻷﺻﻮات اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ املﻨﺸﻮدة ﻣﻦ اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري. ُ ً ﺳﻴﺌﺔ اﻟﺨﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺳﺘﻈ ﱡﻞ اﻷوﺿﺎ ُع ﺳﺘﺤ ﱡﺪ ﻫﺬه ﺟﺪٍّا ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع املﻌﺪﻻت ﻟﺘﺒﻠﻎ ذروﺗﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ٩ﰲ املﺎﺋﺔ ،ﺛﻢ ﻫﺒﻮﻃﻬﺎ ﺑﺒﻂء .وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﻘﻮل ﻣﻴﺘﺶ ﻣﺎﻛﻮﻧِﻞ» :أرأﻳﺘﻢ؟ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻏري ﻣُﺠﺪٍ«. َﻓ ْﻠﻨﺄﻣﻞ أن ﻳﻜﻮن ﺗﺼﻮﱡري ﻫﺬا ﺧﺎﻃﺌًﺎ. ﻣﻦ ﻣﺪوﻧﺘﻲ ٦ ،ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٩ ﰲ ٢٠ﻳﻨﺎﻳﺮ ،٢٠٠٩أدﱠى ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ اﻟﻴﻤ َ ً رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. ني اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ٍ إﺟﺮاءات ﺑﱰدﱢي اﻷوﺿﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ وﻋَ َﺪ »ﺑﺎﺗﺨﺎذ وﰲ ﺧﻄﺎب ﺗﻨﺼﻴﺒﻪ ،أﻗ ﱠﺮ أوﺑﺎﻣﺎ َ َ ً ً ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﺟﺮﻳﺌﺔ وﻋﺎﺟﻠﺔ« ﻹﻧﻬﺎء اﻷزﻣﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬﻫﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻮﻗﻒ اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﴪﻳﻊ واملﺴﺘﻤﺮ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﺑﺤﻠﻮل ﺻﻴﻒ .٢٠٠٩ َ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ أوﺑﺎﻣﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ — وﻫﻮ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺘﻘﺮ إﱃ اﻟﺠﺮأة؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺼ ﱠﺪ َر ُ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﻌﺎﰲ وإﻋﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — أﻛﱪُ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﺨﻠﻖ ﻓ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ ً ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺎف ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻷداء املﻬﻤﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻏري ﻣﻦ ﺣﺎﻻت إدراك اﻟﺼﻮاب ﺑﻌﺪ ﻓﻮات اﻷوان .ﻓﻔﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ،٢٠٠٩وﻣﻊ ﻇﻬﻮر اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻟﻠﺨﻄﺔ ،أﻋ َﻠ َﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن املﺘﻌﺎﻃﻔﻮن ﻣﻊ اﻟﺨﻄﺔ ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻹدارة ﻋﻦ ﻗﻠﻘﻬﻢ ِ ﻣﻮﺿ َﻊ اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﻌﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻷَﻧْﺼﺎف اﻟﺤﻠﻮل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ آﻧﺬاك ،وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ اﻵن أن ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻦ داﺧﻞ اﻹدارة — ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻨﺎ روﻣﺮ،
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني — ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺎرﻛﻮن زﻣﻼءﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻹدارة ﺗﻠﻚ املﺸﺎﻋﺮ. َ َ ً ُ ً إﻧﺼﺎﻓﺎ ﻷوﺑﺎﻣﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﺸﻠﻪ ﻣﻤﺎﺛِﻼ ﻟﻔﺸ ِﻞ ﻧﻈﺮاﺋﻪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪﱢم ﱠ ﺑﺸﻜﻞ أو َ ُ وﺗﺪﺧ َﻠﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻜﺎن ﻋﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﻢ، آﺧﺮ؛ ﺣﻴﺚ ﻋﺠﺰ ﺻﻨﱠﺎع ٍ ً ُ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻟﺨﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،وﻣﺴﺎﻋﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت واﻟﺒﻨﻮ ُك املﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﺴﺘﺨﺪِﻣﺔ ً ﻟﻠﺒﻨﻮك ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﻓﻴﺔ ملﻨﻊ ﺗﻜﺮار اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻘﻄﺎع املﺎﱄ اﻟﺬي وﻗﻊ ﰲ أواﺋﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت َ ٍ ﺑﺪور ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ،واﺿﻄﻠﻌﺖ ﺿﺎﺋﻘﺔ اﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ْت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ ٍ ٌ ٌ اﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻤﺎﺛِﻠﺔ ﰲ ،٢٠٠٩-٢٠٠٨إﻻ ﺿﺎﺋﻘﺔ رﺋﻴﴘ ﰲ ﺣﺪوث اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري) .ﺣﺪﺛ َ ْﺖ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﻗﴫَ أﻣﺪًا؛ إذ اﻣﺘﺪ ْ ﱠت ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﱪ ٢٠٠٨ﺣﺘﻰ أواﺧﺮ رﺑﻴﻊ ﻋﺎم (.٢٠٠٩وﻟﻜﻦ ً ارﺗﻔﺎع ﺿﺨ ٍﻢ وﻣﺴﺘﻤ ﱟﺮ ﰲ ﻗﻮﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺠﻨ ﱡ ِﺐ ﺣﺪوث اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺄي ﺣﺎل ٍ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎءت اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﱃ ﻣﻦ اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ِ ﻗﺎﴏ ًة ،اﻋﺘَﱪ َِت اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ ﺷﺘﻰ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘ ﱢﺪ ِم ﱠ ُ أن ذﻟﻚ دﻟﻴ ٌﻞ واﺿﺢ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ً ﺑﻘﺼﻮر ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ. ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ أن ﺗﻘ ﱠﺮ — أو ﻳﻨﺒﻐﻲ — ﻓﻌْ ﻠﻪ ﻟﺨﻠﻖ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ، ِ ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﰲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷزﻣﺔ؛ ﻛﻴﻒ ﺣﺪث ﻫﺬا؟ إذَ ْن ،ﻓﻘﺪ ﻓﺸ َﻠ ِﺖ ً ﺻﺎﺋﺒﺔ ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎد — ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ ،ﻛﺎن ﻣَ ﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن أﻓﻜﺎ ًرا ﺑﻤَ ﺎ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ — ﻳﻔﺘﻘﺮون إﱃ اﻟﺤﺴﻢ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺮﻏﺒﻮا ﻗ ﱡ ﻂ ﰲ اﻹﻗﺮار ﺑ َﻜ ﱢﻢ اﻹﺟﺮاءات املﻄﻠﻮﺑﺔ ،وﻻ اﻻﻋﱰاف ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﺑﺄن ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮه ﰲ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﱃ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺎﻓﻴًﺎ .وﰲ املﻘﺎﺑﻞ ،ﻛﺎن اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺨﺎﻃﺊ ﰲ اﻟﺘﻔﻜري — ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني املﺤﺎﻓﻈني أم اﻗﺘﺼﺎدﻳﻲ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺎو ْﻟﺘُﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس — ﺷﺪﻳﺪي اﻟﺤﻤﺎس ﻵراﺋﻬﻢ وﻏري ﻣﻜﺒﱠﻠني ﺑﺎﻟﺸﻚ ﰲ أﻧﻔﺴﻬﻢ .وﺣﺘﻰ ﰲ ﺷﺘﺎء ٢٠٠٩-٢٠٠٨ ﱠ اﺣﺘﻤﺎل ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻣﺨﻄﺌني — َﺷﻨﱡﻮا املﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﻔ ﱢﻜﺮوا ﺣﺘﻰ ﰲ املﺮﻳﺮ — ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ِ ﴍ ً ً ﺳﺔ ﺿﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻫﺾ أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻬﻢ؛ ﻓﻤَ ﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ ﱟ ﺣﻖ اﻓﺘﻘﺮوا إﱃ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ، ﺣﻤﻠﺔ ِ ﺟﺎر ٍ ف. ﰲ ﺣني أن ﻣَ ﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺨﻄﺌني اﺗﱠﺴﻤﻮا ٍ ﺑﺤﻤﺎس ِ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ،ﺳﺄرﻛﺰ ﻋﲆ ﺗﺠﺮﺑ ِﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﱃ ﻋﺪدٍ ﻗﻠﻴﻞ ٍ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺷﻬ َﺪﺗْﻬﺎ ﺑﻠﺪان أﺧﺮى ،وﻳﻌﻮد ذﻟﻚ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ أن ﻗﺼﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻫﻲ ﻣﺎ أﻋﺮﻓﻪ ﱠ وﺑﴫاﺣﺔ ،ﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ أﻫﺘ ﱡﻢ ﺑﻪ — وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻳُﻌ َﺰى ً ٍ أﻳﻀﺎ ﺣﻖ املﻌﺮﻓﺔ — ِ ِ ملﺸﻜﻼت اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻲ ﺷﻬ َﺪﺗْﻬﺎ أوروﺑﺎ اﺗﺴﻤَ ْﺖ ﺑﻄﺎﺑﻊ ﻓﺮﻳﺪ — ﻧﻈ ًﺮا إﱃ أن ٍ ﱟ ﺧﺎص. ﻧﻮع اﻷوروﺑﻴﺔ املﺸﱰﻛﺔ — ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﻦ ٍ 128
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ﻗﺼﺔ ﱡ ِ ﺗﻜﺸﻒ اﻷزﻣﺔ ،ﺛﻢ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻬﺮ ودون أن أ ُ ِﻃﻴ َﻞ ﻋﻠﻴﻜﻢ أﻛﺜ َﺮ ،دﻋﻮﻧﺎ ﻧﻨﺘﻘِ ﻞ إﱃ ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺼريﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ أواﺧﺮ ﻋﺎم ٢٠٠٨وأواﺋﻞ ﻋﺎم ٢٠٠٩ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻇﻬ َﺮ ِت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻗﺼﻮ ًرا ﺣﺎﺳﻤً ﺎ وﻛﺎرﺛﻴٍّﺎ. ﺣﻠﻮل اﻷزﻣﺔ ُ ً ً ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻣﺘﺪ ْ ﱠت أﻛﺜ َﺮ ﻟﺤﻈﺔ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ َ ً ﻓﺄوﻻ ﺑﺪأ ْت ﰲ ﻣﻦ ﻋﺎﻣني ،وﺗﺼﺎﻋﺪت وﺗريﺗُﻬﺎ ﺑﺼﻮرة ﺟﺬرﻳﺔ ﻗﺮبَ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة؛ ُ ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﻇﻬ َﺮ ْت ﰲ ﻋﻬﺪ ﺑﻮش ،ﺛﻢ ﺑﺪأ َ ِت اﻟﺨﺴﺎﺋ ُﺮ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ اﻻﻧﻜﻤﺎش ﻋﻦ اﻷدوات املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﰲ اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ ،ووﺻﻠﺖ ﻣﻮﺟﺔ ذُﻋْ ٍﺮ ﻣﴫﰲ ﱟ ٍ ِ ﻋﺎﻣﺔ ﰲ اﻷﻣﻮر إﱃ ذروﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻧﻬﻴﺎر ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ،اﻟﺬي ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ ُ اﻟﺤﺎﺟﺔ اﺗﺨﺎذَ إﺟﺮاءات ﺟﺮﻳﺌﺔ وﺟﺬرﻳﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ »ﺑﻨﻮك اﻟﻈﻞ« .ﰲ ﺗﻠﻚ املﺮﺣﻠﺔ ،اﺳﺘﺪﻋَ ِﺖ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ،إﺟﺮاءات ﺗﺘﺠﺎوز إﺧﻤﺎد اﻟﻨريان املﺸﺘﻌﻠﺔ؛ وﻟﻢ ﺗُﺘﱠ َﺨﺬ. ﺑﺤﻠﻮل ﺻﻴﻒ ،٢٠٠٥ارﺗﻔﻌَ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر املﺴﺎﻛﻦ ﰲ املﺪن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ »وﻻﻳﺎت اﻟﺮﻣﺎل« — وﻫﻲ ﻓﻠﻮرﻳﺪا وأرﻳﺰوﻧﺎ وﻧﻴﻔﺎدا وﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ — إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ١٥٠ ٍ زﻳﺎدات أﺻﻐﺮ ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ ،وﺷﻬﺪت ﻣﺪ ٌن أﺧﺮى ٍ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻛ ﱠﻞ دﻻﺋﻞ ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﺟﻠﻴٍّﺎ وﺟﻮد ﻃﻔﺮ ٍة ﰲ أﺳﻌﺎر املﺴﺎﻛﻦ املﺤﻠﻴﺔ واﻧﺪﻓﺎع املﺸﱰﻳﻦ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ املﻨﺎزل ﻗﺒﻞ — اﻻﻋﺘﻘﺎدِ ﺑﺄن اﻷﺳﻌﺎر ﻟﻦ ﺗﻨﺨﻔﺾ أﺑﺪًا، ِ ري ﻣﻦ أﻧﺸﻄﺔ املﻀﺎرﺑﺔ — ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ﻇﻬَ َﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞٌ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر أﻛﺜﺮ ،واﻟﻜﺜ ِ ﺗﻠﻴﻔﺰﻳﻮن اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺤﻤﻞ اﺳﻢ »ﻓﻠﻴﺐ ذﻳﺲ ﻫﺎوس« )ﺑﻤﻌﻨﻰ ﴍاء ﻣﻨﺰل وﺗﺠﺪﻳﺪه ﺛﻢ ﺑﻴﻌﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ رﺑﺢ ﴎﻳﻊ(؛ إﻻ أن اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻗﺪ ﺑﺪأ َ ْت ﰲ ﺗﴪﻳﺐ اﻟﻬﻮاء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻷﺳﻌﺎ ُر ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺎﻛﻦ ،إﻻ أن ﺑﻴﻊ املﻨﺎزل ﺑﺪأ ﻳﺴﺘﻐﺮق وﻗﺘًﺎ أﻃﻮل ﺑﻜﺜري. ووﻓﻘﺎ ملﺆﴍ ﻛﻴﺲ ﺷﻴﻠﺮ اﻟﻮاﺳﻊ اﻻﺳﺘﺨﺪامَ ، ً ﺑﻠﻐ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر املﺴﺎﻛﻦ ذروﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺸ ﱢﻚ ﺧﻄﺄ ُ ً اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﰲ رﺑﻴﻊ ،٢٠٠٦وﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺛﺒ ََﺖ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳَ َﺪ ُع اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺑﺄن أﺳﻌﺎر املﺴﺎﻛﻦ ﻻ ﺗﻨﺨﻔﺾ أﺑﺪًا؛ ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪت املﺪن اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﺑﻬﺎ َ ٍ ﻓﺎﻧﺨﻔﻀ ِﺖ اﻷﺳﻌﺎر زﻳﺎدات ﰲ اﻷﺳﻌﺎر ﺧﻼل ﺳﻨﻮات اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ أﻛﱪَ ﻣﻌﺪﻻت اﻧﺨﻔﺎض؛ أﻋﲆ ﰲ ﻣﻴﺎﻣﻲ ﺑﻨﺴﺒ ٍﺔ ﺗﺼﻞ إﱃ ٥٠ﰲ املﺎﺋﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ َ وﺻ َﻞ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻻس ﻓﻴﺠﺎس إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ٦٠ﰲ املﺎﺋﺔ. 129
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
وﻛﺎن ﻣﻤﱠ ﺎ أﺛﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻫﺸﺔ أن اﻧﻔﺠﺎر ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ﻟﻢ ﻳﺆ ﱢد إﱃ رﻛﻮ ٍد ﻓﻮريﱟ ؛ َ َت ﺳﻮق اﻹﻧﺸﺎءات اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻫﺒﻮ ً ﻃﺎ ﺣﺎدٍّا ،ﱠ ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪ ْ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﻋﺎ َد َﻟﺘْﻪ ﻃﻔﺮ ٌة ﰲ ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ اﻟﺼﺎدرات ،ﻧﺠﻤَ ْﺖ ﻋﻦ ﺿﻌﻒ اﻟﺪوﻻر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ُ ﺗﻨﺎﻓ ً ﺴﻴﺔ ﺟﺪٍّا .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻤﻊ ﺣﻠﻮل ﺻﻴﻒ ،٢٠٠٧ﺑﺪأت ﻣﺘﺎﻋﺐ ﻗﻄﺎع َ اﻹﺳﻜﺎن ﺗﺘﺤﻮﱠل إﱃ ﻣﺘﺎﻋﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺒﻨﻮك ،اﻟﺘﻲ ﺑﺪأ ْت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻛﺒرية ﰲ ٌ أدوات ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﻘﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري ،وﻫﻲ ﺑﻴﻊ املﻄﺎﻟﺒﺎت املﺴﺘﺤﻘﺔ ﻋﲆ ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ املﺠﻤﻌﺔ ،ﻣﻊ اﻷﺧﺬ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أن إن ﻟﻪ ﱠ َ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ املﻄﺎﻟﺒﺎت ﻛﺎن ذا أوﻟﻮﻳ ٍﺔ أﻋﲆ ﻣﻦ ﻏريه؛ أيْ ﱠ ﺣﻖ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أوﱃ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻮاردة. ﻛﺎن ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﻜﻮن ﻋﻨﴫُ املﺨﺎﻃﺮة ﰲ ﺗﻠﻚ املﻄﺎﻟﺒﺎت ِ ذات اﻷوﻟﻮﻳﺔ ﻣﻨﺨﻔِ ًﻀﺎ ﺣﺎل ،ﻣﺎ ﻣﺪى اﺣﺘﻤﺎل أن ﻳﺘﺨ ﱠﻠﻒ ﻋﺪ ٌد ﻛﺒريٌ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ ﺗﺴﺪﻳ ِﺪ أﻗﺴﺎط ﺟﺪٍّا؛ ﻓﻌﲆ أي ٍ ً ﻣﺤﺘﻤﻼ ﺟﺪٍّا ﰲ ﻇﻞﱢ ﻗﺮوﺿﻬﻢ اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﰲ ٍ وﻗﺖ واﺣﺪٍ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻲ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻧﺨﻔﺎض ﻗﻴﻤﺔ املﻨﺎزل ﺑﻨ َِﺴ ٍﺐ ﺗﺼﻞ إﱃ ٣٠أو ٤٠أو ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻋﻤﱠ ﺎ دﻓﻊ املﻘﱰﺿﻮن ِ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﴍاﺋﻬﺎ؛ ﻟﺬا ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻬﻰ اﻷﻣ ُﺮ ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺻﻮل اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳُﻔﱰَض أﻣﺎﻧﻬﺎ ُ ُ وﻛﺎﻟﺔ ﻣﻮدﻳﺰ أﻋﲆ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﺋﺘﻤﺎﻧﻲ — وﻛﺎﻟﺔ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز أو — واﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤَ ﺘْﻬﺎ ً ٍ ﺳﺎﻣﺔ« ،ﻻ ﺗﺴﺎوي ﺳﻮى ﺟﺰء ﺿﺌﻴﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻻﺳﻤﻴﺔ .وﻗﺪ »ﻧﻔﺎﻳﺎت إﱃ أن أﺻﺒﺤَ ْﺖ ُ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﺎﻳﺎت اﻟﺴﺎﻣﺔ ملﺸﱰﻳﻦ ﻏﺎﻓﻠني — ﻣﺜﻞ ﻧﻈﺎم ﺗﻘﺎﻋُ ﺪ ﻣﻌﻠﻤﻲ ﻓﻠﻮرﻳﺪا — ِﺑﻴ َﻊ ﻟﻜﻦ أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻇ ﱠﻞ داﺧﻞ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ؛ إذ اﺷﱰﺗﻬﺎ اﻟﺒﻨﻮك أو ﺑﻨﻮك اﻟﻈ ﱢﻞ .وﻧﻈ ًﺮا ﻷن ﻧﺴﺒﺔ ٌ ً أﺻﻼ ،ﻟﻢ ﺗﻠﺒﺚ املﻼء ُة املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ ﰲ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﺑﻨﻮك اﻟﻈ ﱢﻞ املﺆﺳﺴﺎت أن ﺻﺎ َر ْت ﻣﻮﺿ َﻊ ﺷ ﱟﻚ ﺑﻌﺪ وﻗﻮع ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻛﺜرية ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻄﺎق. ﱠ أﺧﱪ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﺑﺪأت ﺧﻄﻮر ُة اﻟﻮﺿﻊ ﺗﺘﺠﲆ ﰲ ٩أﻏﺴﻄﺲ ،٢٠٠٧ﻋﻨﺪﻣﺎ َ َ اﻟﻔﺮﻧﴘ ﺑﻲ إن ﺑﻲ ﺑﺎرﻳﺒﺎ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ ﺻﻨﺪوﻗني ﻣﻦ ﺻﻨﺎدﻳﻘﻪ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﻢ ﺳﺤْ ﺐُ ﻧﻘﻮدﻫﻢ؛ ﻷن اﻷﺳﻮاق اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻨُﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﺻﻮل ﻗﺪ أُﻏﻠِﻘﺖ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ؛ وﻧﺸﺄ َ ْت ﺿﺎﺋﻘﺔ اﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﺣني ﺻﺎ َر ِت اﻟﺒﻨﻮ ُك — ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاء ﻗﻠﻘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ املﺤﺘﻤﻠﺔ — ﻳُﺤْ ِﺠﻢ ﺑﻌﻀﻬﺎ املﺠﺘﻤﻌﺔ ﻟﻠﱰاﺟُ ﻊ ﰲ ﺳﻮق اﻹﻧﺸﺎءات اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔَ ، ِ وﺿﻌْ ﻒ ﻋﻦ إﻗﺮاض ﺑﻌﺾ .وﺗﺴﺒﱠﺒ َِﺖ اﻵﺛﺎ ُر َ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻬﺒﻮط ﰲ أﺳﻌﺎر املﺴﺎﻛﻦ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﻀﺎﺋﻘﺔ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ؛ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ دﻓﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ إﱃ اﻟﺮﻛﻮد ﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم .٢٠٠٧ إﻻ أﻧﻪ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻬﺒﻮط ﺣﺎدٍّا ﺟﺪٍّا ،وﺣﺘﻰ أواﺧﺮ ﺳﺒﺘﻤﱪ ٢٠٠٨ﻛﺎن ﻣﻦ ﻳﻜﻮن اﻟﻬﺒﻮ ُ َ ط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺷﺪﻳﺪًا ،ﺑﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎن ﻛﺜريون ﻳﺮون املﻤﻜﻦ أن ﻳُﺮﺟَ ﻰ ﱠأﻻ 130
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺸﻬﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد ٍّ ﺣﻘﺎ .أﺗﺬﻛﺮون ﻓﻴﻞ ﺟﺮام ،ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﺬي ﺧ ﱠ ﻄ َ ﻂ ﻹﻟﻐﺎء ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻼس-ﺳﺘﻴﺠﺎل ،ﺛﻢ ذﻫﺐ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻘﻄﺎع املﺎﱄ؟ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٨ﻛﺎن ﺟﺮام ﻣﺴﺘﺸﺎ ًرا ﻟﺠﻮن ﻣﺎﻛني — املﺮﺷﺢ اﻟﺮﺋﺎﳼ اﻟﺠﻤﻬﻮري — وﰲ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم أﻋ َﻠ َﻦ أﻧﻨﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﰲ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ »اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻌﻘﲇ« ﻗﺎﺋﻼ» :ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﻨﺎ ً ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻴﺲ رﻛﻮدًا ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ،وأﺿﺎف ً أﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺋﺤني ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ«. ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎن اﻻﻧﻜﻤﺎش اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﻮﺟﻮدًا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ إذ َ ارﺗﻔ َﻊ ﻣﻌﺪ ُل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ً ﻓﻌﻼ َ املﺼﻴﺒﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻻ ﺗﺰال ﻣﻦ ٤٫٧ﰲ املﺎﺋﺔ إﱃ ٥٫٨ﰲ املﺎﺋﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ املﺆﻛﺪ أن ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ إذ ﻟﻢ ﻳﺒﺪأ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺳﻘﻮﻃﻪ اﻟﺤﺮ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻧﻬﻴﺎر ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ﰲ ١٥ﺳﺒﺘﻤﱪ .٢٠٠٨ ملﺎذا ﻛﺎن ﺳﻘﻮ ُ ﻣﺘﻮﺳ َ ِ ﻂ اﻟﺤﺠﻢ ﺳﺒﺒًﺎ ﰲ ط ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﰲ ﻧﻬﺎﻳ ِﺔ املﻄﺎف ﺑﻨ ًﻜﺎ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳٍّﺎ َ ﻧﻮﺑﺔ ذُﻋْ ٍﺮ ﺣﺪوث ﻛ ﱢﻞ ﻫﺬا اﻟﴬر؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻔﻮرﻳﺔ ﻫﻲ أن ﺳﻘﻮط ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز أﺛﺎ َر ﻣﴫﰲ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺑﻨﻮك اﻟﻈﻞ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻌﻴﻨًﺎ ﻣﻦ أﻧﺸﻄﺔ اﻟﻈﻞ املﴫﻓﻴﺔ ﻳُﻌ َﺮف ُ املﺆﺳﺴﺎت ﺑﺎﺳﻢ »ﻋﻤﻠﻴﺎت إﻋﺎدة اﻟﴩاء« .ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ أن ذﻟﻚ ﻧﻈﺎ ٌم ﺗﻤﻮﱢل ﻓﻴﻪ املﺎﻟﻴﺔ — ﻣﺜﻞ ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن — اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗِﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻗﺮوض ﻗﺼرية اﻷﺟﻞ — ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ملﺪ ِة ٍ ﻟﻴﻠﺔ واﺣﺪ ٍة — ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎت أﺧﺮى ،ﻣﺘﱠﺨِ ﺬ ًة ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻮل، ٍ ﺿﻤﺎﻧﺎت ﻟﻠﻘﺮوض .ﻛﺎن ذﻟﻚ أﺣﺪ ﻣﺜﻞ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﻘﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري، َ ً ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ أﺻﻮﻻ أﻧﻮاع اﻷﻧﺸﻄﺔ املﴫﻓﻴﺔ؛ ﻷن املﺆﺳﺴﺎت ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻟﻴﻤﺎن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ ٍ واﻟﺘﺰاﻣﺎت ﻗﺼري َة اﻷﺟﻞ )ﻋﻤﻠﻴﺎت إﻋﺎدة )ﻣﺜﻞ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري(، اﻟﴩاء( ،ﻏري أﻧﻪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ املﴫﻓﻴﺔ ﻏري ﻣﺤﻜﻮم ﺑﺄي ﺿﻤﺎﻧﺎت ،ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺄﻣني ً واﻫﻴﺔ ﺟﺪٍّا؛ ﻋﲆ اﻟﻮداﺋﻊ .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ املﺆﺳﺴﺎت ﻣﻦ َﻗﺒﻴﻞ ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﻣﻤﻜﻦ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﻞ ﺣﺠ ُﻢ دﻳﻮﻧﻬﺎ إﱃ ﺣﺠﻢ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﱰض ﻋﺎد ًة ﺑﺄﻗﴡ ﺣ ﱟﺪ ٍ أﺻﻮﻟﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻧﻬﻴﺎر ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺆﺳﺴﺎت ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰم أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻘﻠﻴﻞ ٍ ﻫﺒﻮط ﺣﺎ ﱟد ﰲ ﻗﻴﻤﺔ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺮﻫﻦ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﺴﻴﺌﺔ ،ﻣﺜﻞ أﻧﺒﺎء ﺣﺪوث ﻋﻘﺎري. ً ُ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻨﻮﺑﺎت اﻟﺬﱡﻋْ ﺮ املﴫﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت إﻋﺎدة اﻟﴩاء — ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر — إذَ ْن ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﰲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻫﺬا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﺣﺪ َ َث ﰲ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم ٢٠٠٨؛ ﻓﺎملﻘﺮﺿﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺴﺘﻌِ ﺪﱢﻳﻦ ﻹﻗﺮاض املﺆﺳﺴﺎت ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا واﺛﻘني ﰲ ﻗﺪرة اﻟﺠﺎﻧﺐ َ اﻵﺧﺮ ﻋﲆ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﻮﻋﺪه ﺑﺈﻋﺎدة ﴍاء اﻷوراق 131
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺎﻋﻬﺎ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ،وﺑﺪأ َ ْت ﺗﻄﻠﺐ ﺗﺄﻣﻴﻨًﺎ إﺿﺎﻓﻴٍّﺎ ﰲ ﺻﻮرة »ﻫﻮاﻣﺶ ﺿﻤﺎن«؛ وﻫﻮ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ اﺳﺘﺨﺪا َم املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل ﺿﻤﺎﻧًﺎ؛ إﻻ أﻧﻪ ﺑﻤﺎ أن اﻟﺒﻨﻮك اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ً اﻗﱰاض ﻣﺎ أﺻﻮﻻ ﻣﺤﺪودة ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ ِ ٌ ٌ ﻧﻮﺑﺎت ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺑﺪأ َ ْت ﻣﺤﻤﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻊ اﻷﺻﻮل؛ ﻣﺎ زاد اﻧﺨﻔﺎض اﻷﺳﻌﺎر َ ﻃﻠﺐ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻮاﻣﺶ اﻟﻀﻤﺎن ﻋﲆ اﻟﻘﺮوض. ودﻓ َﻊ املﻘﺮﺿني إﱃ ِ ﰲ ﻏﻀﻮن أﻳﺎم ﺑﻌﺪ إﻓﻼس ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ،ﻋﺎﺛ َ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر ُة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﻦ ذُﻋْ ﺮ املﺼﺎرف ﻓﺴﺎدًا ،ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ ﻇ ﱠﻞ أﻛﺜ ُﺮ املﻘﱰﺿني أﻣﺎﻧًﺎ — ﻣﺜﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل، واﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى ذات اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺼﻠﺒﺔ — ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ اﻻﻗﱰاض ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻗﺪر ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮة ،ﻓﻘﺪ أُﻏﻠ َِﻘ ْﺖ دوﻧَﻬﻢ أﺑﻮابُ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،أﻣﺎ املﻘﱰﺿﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﺑَﺪَا ﻋﻠﻴﻬﻢ أدﻧﻰ ٍ ﱢ وﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜ ُﻞ ﱠ املﺒني أدﻧﺎه ﺟﱪوا ﻋﲆ دﻓﻊ أﺳﻌﺎر ﻓﺎﺋﺪة ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺟﺪٍّا. اﻻﻗﱰاض ،أو أ ُ ِ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻋﲆ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ »املﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪ« — املﻌﺮوﻓﺔ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺴﻨﺪات اﻟﺮدﻳﺌﺔ — اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻮاﺋﺪﻫﺎ ﺗﻘ ﱡﻞ ﻋﻦ ٨ﰲ املﺎﺋﺔ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،ﺛﻢ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻟﺘﺼﻞ إﱃ ٢٣ ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز. ﻛﺎﻣﻞ ﻟﻠﻨﻈﺎم املﺎﱄ ﰲ أذﻫﺎن ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت، اﻧﻬﻴﺎر ﺗﺒﻠﻮرت اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮع ٍ ٍ وﻋﻨﺪﻣﺎ َ ﺑﺎت اﻷﻣ ُﺮ ﻳﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ ﺑﺈﻧﻘﺎذ اﻟﺒﻨﻮك ،ﺗﴫﱠﻓﻮا ﺑﻘﻮ ٍة وﺣﺴ ٍﻢ؛ ﻓﻘ ﱠﺪ َم ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ً ً ﺿﺨﻤﺔ ﻟﻠﺒﻨﻮك وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻀﻤﺎن ﻋﺪم ﻧﻔﺎد ﻗﺮوﺿﺎ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ً ﺣﺰﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت اﻹﻗﺮاض اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺗﺤﻤﻞ أﺳﻤﺎءً اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﺻﺪر َ ٍ واﺧﺘﺼﺎرات ﺷﺘﱠﻰ ﻟﺴ ﱢﺪ ﻓﺠﻮات اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄ ْت ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺸﻠﻞ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑ َِﺖ اﻟﺒﻨﻮ َك .وﺑﻌﺪ ﻣﺤﺎوﻟﺘني ،ﻣ ﱠﺮ َر ْت إدار ُة ﺑﻮش ﺑﺮﻧﺎﻣﺞَ إﻏﺎﺛﺔ اﻷﺻﻮل املﺘﻌﺜﱢﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل َ ً أﺳﺎﺳﺎ ﺻﻨﺪوق إﻧﻘﺎذٍ ﺑﻘﻴﻤﺔ ٧٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ،اﺳﺘُﺨﺪِم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،وأﻧﺸﺄ َ ْت ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﻟﴩاء ﺣﺼﺺ ﰲ اﻟﺒﻨﻮك وزﻳﺎدة رءوس أﻣﻮاﻟﻬﺎ. ﺛﻤﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎدات اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻟﺬاك اﻟﻨﻬﺞ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻧﻘﺎذ املﺎﱄ .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻨﻮك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻺﻧﻘﺎذ ،وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﻌﻘ َﺪ ﺻﻔﻘﺔ ﺑﴩوط أﺻﻌﺐ ،ﻣﻄﺎﻟ ً ً ِﺒﺔ ﺑﺤﺼﺺ ﻣﻠﻜﻴﺔ أﻛﱪ ﰲ اﻟﺒﻨﻮك ﻣﻘﺎ ِﺑ َﻞ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﺗﻠﻚ املﺴﺎﻋﺪات اﻟﻄﺎرﺋﺔ .ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺣَ ﺜ َ ُ ﺜﺖ إدار َة أوﺑﺎﻣﺎ ﻋﲆ ﻓﺮض اﻟﺤﺮاﺳﺔ ﻋﲆ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺳﻴﺘﻲ ﺟﺮوب وﺑﻀﻌﺔ ﺑﻨﻮك أﺧﺮى ،ﻟﻴﺲ ﺑﻐﺮض ﺗﺸﻐﻴﻠﻬﺎ ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻠﺘﺄ ﱡﻛﺪ َ ً ﺗﺘﻌﺎﰱ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻨﻮك ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻛﺎﻣﻠﺔ إﱃ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﻦ وﺻﻮل املﻨﻔﻌﺔ 132
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ﺗﺄﺛري ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز :اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪ ٢٥ ٢٠
١٠
ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪات
١٥
٥ ٢٠٠٩
٢٠٠٨
٢٠٠٧
٠
ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ﰲ ١٥ﺳﺒﺘﻤﱪ َ ،٢٠٠٨ ارﺗﻔ َﻊ ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺻﻮل ﻋﺪا اﻷﺻﻮل اﻷﻛﺜﺮ أﻣﺎﻧًﺎ؛ ﻣﺎ َ املﻔﺎﺟﺊ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد )املﺼﺪر :ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺳﺎﻫ َﻢ ﰲ اﻟﻬﺒﻮط ِ ﺑﺴﺎﻧﺖ ﻟﻮﻳﺲ(.
إن َ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄْ ، ﺗﻌﺎﻓ ْﺖ .وﺑﺎﻹﺣﺠﺎم ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺨﻄﻮة ،ﻛﺎن ﻣﺎ ﻓﻌ َﻠﺘْﻪ إدار ُة وﺿﻊ ﻳﺴﻤﺢ أوﺑﺎﻣﺎ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻫﻮ ﺗﻘﺪﻳﻢ إﻋﺎﻧﺎت ﻛﺒرية وﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ﻟﺤﺎﻣﲇ أﺳﻬﻢ ،أﺻﺒﺤﻮا ﰲ ٍ ﱡ ﺗﺤﺴ ِﻦ اﻷﻣﻮر ،أﻣﺎ إذا أﺗَ ِﺖ اﻟﺮﻳﺎحُ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﺸﺘﻬﻲ اﻟﺴﻔﻦ ،ﻓﺜﻤﺔ ﻣَ ﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻮز ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻴﺘﺤﻤﱠ ﻞ اﻟﺨﺴﺎر َة ﻋﻨﻬﻢ. ٍ ﺑﴩوط أﻛﺜﺮ ﺳﺨﺎءً ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ ،ﻓﻘﺪ وﻟﻜﻦ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻨﻔﻴ ِﺬ ﺧﻄﺔ اﻹﻧﻘﺎذ املﺎﱄ ﱠت ُ ً ُ املﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﱪى ،وارﺗﺪ ْ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ، ﻧﺎﺟﺤﺔ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻧﺠَ ِﺖ ﻛﺎﻧﺖ َت ْ وﺑﺤﻠﻮل رﺑﻴﻊ ﻋﺎم ،٢٠٠٩ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ اﺳﺘﻌﺎد ْ وﺿﻌَ ﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ري ،وأﺻﺒﺢ ﰲ ﻣﻘﺪور ﻣﻌﻈﻢ املﻘﱰﺿني — وإن ﻛﺎن ﻟﻴﺲ ﰲ ﻣﻘﺪورﻫﻢ ﻛﻠﻬﻢ — ﻛﺒ ٍ ُ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻓﺎﺋﺪ ٍة ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ. اﻻﻗﱰاض ﻣﺠ ﱠﺪدًا ِ ﺎل، وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻛﺎﻓﻴًﺎ؛ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌُ ﱠﻢ اﻟﺮﺧﺎءُ دون ﻧﻈﺎ ٍم ﻣﺎﱄ ﱟ ﻓﻌﱠ ٍ ﱠ وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻘﺮا َر اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ ﻻ ﻳُﺴﻔِ ﺮ ﻋﻦ رﺧﺎءٍ ﺑﺎﻟﴬورة .ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة َ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺧﻄﺔ إﻧﻘﺎذ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻹﻧﺘﺎجَ واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ،ﻋﲆ اﻟﻘﺪر 133
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ذاﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة واﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻛﺨﻄﺔ اﻹﻧﻘﺎذ املﺎﱄ .أﻣﺎ ﻣﺎ ﺣﺼ َﻠ ِﺖ ري ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف. ﻓﻜﺎن أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﺗﺪاﺑري ﺗﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻗﺎﴏة ﱢ ﻟﺘﻮﱄ إدار ِة ﺑﺤﻠﻮل دﻳﺴﻤﱪ ،٢٠٠٨ﻛﺎن أﻋﻀﺎء ﻓﺮﻳﻖ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ اﻻﻧﺘﻘﺎﱄ ﻳﺴﺘﻌِ ﺪﱡون ً ٍ ﻣﺨﻴﻔﺔ ﺟﺪٍّا؛ ﻓﻬﺒﻮط اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻳﻮاﺟﻬﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﻛﺎن ﻗﺪ اﺗﻀﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﻧﻬﻢ ِ َ ً ً واﻧﺨﻔ َﺾ ﺻﺎﰲ ﺛﺮوة اﻷ ُ َﴎ ١٣ ﻗﺎﺻﻤﺔ ﻟﻠﺜﺮوات، ﴐﺑﺔ أﺳﻌﺎر املﻨﺎزل واﻷﺳﻬﻢ وﺟﱠ َﻪ َ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت — ﻗﻴﻤﺔ إﻧﺘﺎج ﻋﺎ ٍم ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر — وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺎدِ ل ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ٍ ُ ﻋﲆ ﻣﺪى ﻋﺎم ٢٠٠٨؛ وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﺗﻌ ﱠﺮ َ ٍ ﻟﻬﺒﻮط ﺣﺎدﱟ ،وﺗﺒﻌﻪ اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ض ُ إﻧﻔﺎق اﻟﴩﻛﺎت ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﻀﺎﺋﻘﺔ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ َ ٍ ﱡ ﺳﺒﺐٌ اﺧﺘﻔﻰ ﻋﻤﻼؤﻫﺎ. ﴍﻛﺔ ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ ﰲ إذَ ْن ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﺤﺘﱠﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ؟ ﰲ املﻌﺘﺎد ﻳﻜﻮن ﺧ ﱡ ﻂ اﻟﺪﻓﺎع اﻷول ﺿﺪ ﻧﻮﺑﺎت اﻟﺮﻛﻮد ﻫﻮ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،اﻟﺬي ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻋﺎد ًة أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﺜﱠﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻜﻦ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ — اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤ ﱠﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ املﻌﺘﺎد — ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ وﺻ َﻠ ْﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ وﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ْ ﺧﻔ ُ ﻀﻬﺎ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ. ﺗﺮ َﻛﻨﺎ ﻫﺬا أﻣﺎ َم ﺧﻴﺎر ﺑﺪﻳﻬﻲ واﺣﺪ؛ ﻫﻮ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ؛ أي زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﱠ ﻣﺆﻗﺘًﺎ أو ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﴬاﺋﺐ أو ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ؛ ﺑﻬﺪف دﻋﻢ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺎم وﺧﻠﻖ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ. وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻘﺪ وﺿﻌَ ْﺖ إدارة أوﺑﺎﻣﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﻟﻠﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ وﻓﻌﱠ َﻠﺘْﻪ ،وﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﻌﺎﰲ وإﻋﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .وﻟﻸﺳﻒ ،ﻓﺈن املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﱠ وﻓﺮه ذﻟﻚ اﻟﻘﺎﻧﻮن — ٧٨٧ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر — ﻛﺎن أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ﻣﻦ املﺒﻠﻎ اﻟﻼزم ﻟﺘﺄدﻳﺔ اﻟﻐﺮض .ﻻ ﺷ ﱠﻚ أﻧﻪ ﱠ ﺧﻔ َ ﻒ وﻃﺄ َة اﻟﺮﻛﻮد، ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ﻣﻦ اﻟﻘﺪر اﻟﻼزم ﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ ،أو ﺣﺘﻰ ﻟﺒ ﱢَﺚ أن َ إﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﱡم .واﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﱠ واﺿﺢ ﻧﺠﺎح ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﺸ َﻞ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﰲ ٍ ِ ٍ ٍ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﻓﻜﺮة اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻟﺨﻠﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﰲ أدﱠى إﱃ ِ ً ﻓﺮﺻﺔ ﻹﻋﺎدة املﺤﺎوﻟﺔ. أذﻫﺎن اﻟﻨﺎﺧﺒني؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻢ ﺗَﻨ َ ْﻞ إدار ُة أوﺑﺎﻣﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻧﺼﻞ إﱃ أﺳﺒﺎب اﻟﻘﺼﻮر اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻟﻠﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ،اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أر ﱠد ﻋﲆ َ ري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن .اﻻﻋﱰاض اﻷول ﻫﻮ ادﱢﻋﺎء أن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻧﻘﻮم اﻋﱰاﺿني ِ ﻳﻮاﺟﻬُ ﻬﻤﺎ أﻣﺜﺎﱄ ﰲ ﻛﺜ ٍ 134
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ُ ٌ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻷﻋﺬار ،وأن ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻛﻠﻪ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻔﺸﻞ ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ املﻔﻀﻠﺔ .أﻣﺎ ﺗﱪﻳﺮ ٍ َ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﱡ ﺗﻮﺳ ٍﻊ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن اﻻﻋﱰاض اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ ﻗﻮل إن أوﺑﺎﻣﺎ ﻗﺎ َد ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻮاب أن ﻧﻘﻮل إﻧﻪ َ أﻧﻔ َﻖ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﻼزم. ً ﱠ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﰲ أن ﻫﺬا اﻟﺮأي »ﻟﻴﺲ« اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻻدﱢﻋﺎء اﻷول ﻻﺣﻘﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺬﱠ َر ﻛﺜريٌ ِﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻦ أن اﻗﱰاح اﻹدارة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻏري ٍ ﻛﺎف ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؛ ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :ﺑﻌﺪ ﻳﻮم واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ،ﴏﱠ حَ ﺟﻮزﻳﻒ ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ )اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد( ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ: ٌ واﺳ ُﻊ اﻟﻨﻄﺎق — ْ اﺗﻔﺎق ِ وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ إﺟﻤﺎﻋً ﺎ — ﺑني ﺧﱪاء أﻋﺘﻘِ ُﺪ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ َ ﺳﻴﺌﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ أن ﺣﺰﻣﺔ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ﱠﻢ ﺗﻤﺮﻳﺮﻫﺎ ﺟﺎء َْت اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ وﻗﺎﴏ ًة .وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ إﺟﻤﺎ ٌع ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺮأي ،وﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧﻲ أﺣﺎول أن أﴍح ﻟﻜﻢ ﻣﺎ أﻋﻨﻴﻪ؛ ً أوﻻ :ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺼﻮ ُر ﻫﺬه اﻟﺤﺰم واﺿﺤً ﺎ ِ ﻣﻤﱠ ﺎ ذﻛﺮﺗﻪ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﺗﻌﻮﻳﺾ ﻧﻘﺺ اﻟﻄﻠﺐ اﻟﻜﲇ ،وﻫﻲ أﻗﻞ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ أن ﱢ َ اﻟﻐﺮض. ﺗﺤﻘﻖ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱄ ﱠ ُ ﻛﻨﺖ أﻋ ِﻠ ُﻦ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻎ ﺳﺨﻄﻲ ﻋﲆ املﻸ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺑﺪأ َ ْت ﻣﻼﻣﺢُ ﺧﻄﺔ اﻹدارة ﺗﺘﱠ ِﻀﺢ، ُ وﻛﺘﺒﺖ: ﺗﺮدُﻧﺎ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﺧﻄﺔ أوﺑﺎﻣﺎ اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ ،ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺒﺪء ْ وﺿ ِﻊ ِ ٍ ﺗﻘﺪﻳﺮات ﺗﻘﺮﻳﺒﻴ ٍﺔ ﻵﺛﺎرﻫﺎ .ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ﻫﻲ اﻟﺘﺎﱄ :ﻧﺤﻦ أﻣﺎ َم ﺧﻄﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺰﻳﻞ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﻌﺎﻣني ري. املﻘ ِﺒﻠني ،ورﺑﻤﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜ ٍ ُ ٍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ اﻟﺘﴫﻳﺢ اﻟﺬي ﺧﻠﺼﺖ إﱃ وﺑﻌﺪ إﺟﺮاء ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ، ُ ُ ذﻛﺮت أﻧﻨﻲ أﺧﴙ أن ﺣُ َﺰ َم اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﺳﺘﺸﻬﺪت ﺑﻪ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺎف ٍ ٍ ﻛﺎف ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻘﻮﱢض اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻻﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺎﴏة ﺳﻮف ﺗﻔﺸﻞ ﰲ إﺣﺪاث ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات. ُ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻟﻢ ﻧﻜﻦ أﻧﺎ أو ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ ﻣﺨﻄﺌَني ﰲ ﻣﺨﺎوﻓﻨﺎ؛ ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻌَ ِﺖ أﻋﲆ ﺣﺘﻰ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺗﻮﻗﻌْ ﺘُﻪ — إذ َ ﱠ وﻟﻜﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞَ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﻠﻐ ْﺖ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ — وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺎءَﺗَﺎ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﻤﺎ ﻛﻤﺎ ُ ﺑﻮﺿﻮح، ﻛﻨﺖ أﺧﴙ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .وﻛﻤﺎ ﺗﺮون ٍ 135
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺤﺬﱢر ﻣﻦ ﻋﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺣﺰم اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،وﻟﺴﻨﺎ ﻧﻘﺪﱢم اﻷﻋﺬا َر ﺑﻌﺪ وﻗﻮع املﺸﻜﻠﺔ. ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﰲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ املﻔﱰض أﻧﻪ ﺣﺪث ﰲ ﻋﻬﺪ أوﺑﺎﻣﺎ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻟﻘﺪ ﻣﺎذا ﻋﻦ ُ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻛﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻣﻦ ١٩٫٧ﰲ املﺎﺋﺔ زا َد ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ املﺎﻟﻴﺔ ٢٠٠٧ﻟﻴﺼﻞ إﱃ ٢٤٫١ﰲ املﺎﺋﺔ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ املﺎﻟﻴﺔ ُ ﱠ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﻨﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻷول ﻣﻦ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻘﻮﻳﻤﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ(. ) .٢٠١١ﺗﺒﺪأ اﻻرﺗﻔﺎ َع ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪه اﻟﻜﺜريون؛ ِﻟ َﻢ ﻻ؟ ً أوﻻ :أﺣﺪ أﺳﺒﺎب ارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻹﻧﻔﺎق إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻫﻮ أن اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ .اﺳﺘﻨﺎدًا إﱃ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﱠ ً ﻧﺘﻮﻗ َﻊ أن ﻳﺼﻞ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻛﺎن ﻧﻤ ﱡﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ إﱃ ﺣﻮاﱄ ٩ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻷرﺑﻊ ﻣﻦ ٢٠٠٧إﱃ ٢٠١١؛ وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل إن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪ ﻧﻤﻮٍّا ﻳُﺬ َﻛﺮ؛ ﺣﻴﺚ إن ﺿﻌﻴﻒ ،ﻟﻢ ﱢ ٌ ٍ ﻳﺤﻘﻖ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ٢٠١١ﺳﻮى ﺗﻌﺎف اﻟﱰاﺟُ َﻊ اﻟﺤﺎد ﰲ ٢٠٠٩–٢٠٠٧ﺗﺒﻌﻪ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﻟﻔﺎﻗﺪ .إذَ ْن ،ﻓﺤﺘﻰ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳُﻨﺘﺞ ِ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ إﱃ أن ﻣﻌﺪل ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺣﺎدٍّا ﰲ ﻧﺴﺒﺔ اﻹﻧﻔﺎق إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ،وﻳﻌﻮد ذﻟﻚ ري ﻣﻦ وﺗريﺗﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. ﻧﻤﻮ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻛﺎن أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ إﻻ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ أن اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ٢٠٠٧وﺣﺘﻰ ٢٠١١ﺷﻬﺪ ْ َت ﺗﺴﺎ ُرﻋً ﺎ ﺗﻮﺳﻌً ﺎ ً اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴٍّﺎ ﰲ زﻳﺎدة ﻣﻌﺪل اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،ﻏري أن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﱡ ﻫﺎﺋﻼ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق املﺮﺗﻔﻊ ﻣﻮﺟﱠ ﻬً ﺎ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪات اﻟﻄﺎرﺋﺔ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني املﺤﺘﺎﺟني. َ ﱢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﺣﺪث ،وذﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻣﻜﺘﺐ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎﱄ َ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس .ﱢ اﻹﻧﻔﺎق إﱃ ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺎت؛ وﻗﺪ ﻳﻘﺴﻢ ﻣﻜﺘﺐُ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ُ ُ اﺳﺘﺨﻠﺼﺖ اﺛﻨﺘني ﻣﻨﻬﺎ — ﻫﻤﺎ »ﺗﺄﻣني اﻟﺪﺧﻞ« واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺘﺎﺟني — وﻗﺎرﻧﺘﻬﻤﺎ ُ ﺑﻤﺎ ﻋﺪاﻫﻤﺎ؛ ﻓﻘﺎرﻧﺖ ﻣﻌﺪ َل زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻟﻜ ﱢﻞ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ ﻋﺎم ٢٠٠٠وﺣﺘﻰ — ٢٠٠٧أيْ ً ْ ﺗﻮﻇﻴﻔﺎ ﺷﺒﻪ ﻛﺎﻣﻞ ،ﺗﺤﺖ إدارة اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري املﺤﺎﻓﻆ — ﻣﻊ ﻣﻌﺪل ﺷﻬﺪت ﰲ ﻓﱰ ٍة زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻦ ٢٠٠٧وﺣﺘﻰ ،٢٠١١ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ِ إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻗﺴﺎﺋ َﻢ اﻟﻐﺬاء ،واﻹﻋﻔﺎءَ اﻟﴬﻳﺒﻲ »ﺗﺄﻣني اﻟﺪﺧﻞ« ﻳﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﰲ اﻷﺳﺎس َ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻔﻘرية؛ أيْ إﻧﻪ ﻳﺘﻜﻮﱠن ﻋﲆ اﻟﺪﺧﻞ املﻜﺘﺴﺐ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺴﺎﻋِ َﺪ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ ﻣﺴﺎﻋَ ﺪة اﻟﻔﻘﺮاء أو ﺷﺒﻪ اﻟﻔﻘﺮاء ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﱡ ﺗﻮﻗ ُﻊ زﻳﺎدة 136
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ﻧﻤﻮ ﻣﻌﺪﻻت اﻹﻧﻔﺎق ٢٠ ١٥ ١٠ ٥ ٠ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ
اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺘﺎﺟني
ﺗﺄﻣني اﻟﺪﺧﻞ
٢٠٠٧–٢٠٠٠ ٢٠١١–٢٠٠٧ ﻟﻘﺪ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻣﻌﺪﻻت اﻹﻧﻔﺎق ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ أﴎع ﻣﻦ املﻌﺘﺎد ً ﱠ وﻟﻜﻦ ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﺮق ﻳﺮﺟﻊ إﱃ ﻓﻌﻼ، ً اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮارئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ )املﺼﺪر :ﻣﻜﺘﺐ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق ﺑﺮاﻣﺞ ﺷﺒﻜﺎت اﻷﻣﺎن ِ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس(.
اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻴﻬﺎ إذا َ ارﺗﻔ َﻊ ﻋﺪ ُد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤ ﱡﺮون ﺑﻀﺎﺋﻘﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺈن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺘﺎﺟني ﺑﺮﻧﺎﻣﺞٌ ﻗﺎﺋ ٌﻢ ﻋﲆ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎت ﻳﻬﺪف إﱃ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺰﻳﺪ اﻹﻧﻔﺎق ﻓﻴﻪ ﻫﻮ َ اﻵﺧﺮ إذا ﻛﺎﻧ َ ِﺖ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﺮاء وﺷﺒﻪ اﻟﻔﻘﺮاء؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ ُ اﻷﻣﺔ ﺗﻤ ﱡﺮ ﺑﺄوﻗﺎت ﻋﺼﻴﺒﺔ .وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻼﺣﻆ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ أن اﻟﺘﺴﺎ ُر َع ﰲ ﻣﻌﺪل زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻌ َﺰى »ﻛ ﱡﻠﻪ« إﱃ ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻤﺜ ﱠ َﻠ ْﺖ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﰲ ﻣﺴﺎﻋَ ٍ ﺪات ٍ ٍ ﺿﺎﺋﻘﺔ ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاء اﻟﺮﻛﻮد؛ ﻓﻼ ﻣﺠﺎ َل ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻃﺎرﺋﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ وﻗﻌﻮا ﰲ ِ اﻧﺨﺮاط أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ ﻋﻤﻠﻴ ِﺔ ﱡ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﻫﺎﺋﻠﺔ. ﺗﻮﺳ ٍﻊ ﱟ 137
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺘﻌﺎﰲ وإﻋﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻤﺎذا ﻓﻌﻞ أوﺑﺎﻣﺎ؟ ُﻗ ﱢﺪ َر ِت اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — وﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺬي أُﻃﻠِﻖ ﻋﲆ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ — ﺑﻤﺒﻠﻎ ٧٨٧ﻣﻠﻴﺎر دوﻻرْ ، ٍ ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﴐﻳﺒﻴ ٍﺔ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن وإن ﻛﺎن ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﻤﺜ ﱠ َﻞ ﰲ ﺗﺤﺪُث ﻋﲆ أيﱢ ﺣﺎل .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺗﺄ ﱠﻟ َ ﻒ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب ٤٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ املﺒﻠﻎ ﻣﻦ َ ﻧﺼﻒ ﻓﻌﺎﻟﻴ ِﺔ اﻟﺰﻳﺎدة ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﴐﻳﺒﻴﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻌﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺗﻨﺸﻴﻂ اﻟﻄﻠﺐ ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺒﻠﻎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ. ﱢ ﻟﻐﺮض املﺘﺒﻘﻲ ﻣﻦ املﺒﻠﻎ ،ﻓﺘﺄ ﱠﻟﻒ ﻗﺴ ٌﻢ ﻛﺒريٌ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﻓري اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ أﻣﺎ اﻟﺠﺰء ِ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ وُﺟﱢ َﻪ ﻗﺴ ٌﻢ َ آﺧﺮ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ِ ٍ ﻣﻌﻮﻧﺎت ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺘﺎﺟني ،وﺗﻤﺜ ﱠ َﻞ ﻗﺴﻢ ﺛﺎﻟﺚ ﰲ ملﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺗﺠﻨﱡﺐ ْ ﺧﻔ ِﺾ اﻟﻨﻔﻘﺎت ﻋﻨﺪ اﻧﺨﻔﺎض ﻋﺎﺋﺪاﺗﻬﺎ؛ وﻟﻢ ﻳﻮﺟﱠ ْﻪ ﺳﻮى ﺟﺰءٍ ﺻﻐري ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،إﱃ ﻧﻮﻋﻴ ِﺔ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺘﻲ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺘﱠ ِﺠﻪ إﻟﻴﻬﺎ ﺗﻔﻜريُﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ ٍ وﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ؛ ﻣﺜﻞ ﺑﻨﺎء اﻟﻄﺮق وإﺻﻼﺣﻬﺎ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ أيﱡ أوﺟﻪ اﻟﺘﺸﺎﺑُﻪ ﺑني ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ وإدارة ﺗﻘﺪﱡم اﻷﺷﻐﺎل اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄﻫﺎ روزﻓﻠﺖ َ وﻗﺖ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري) .ﰲ ذروﺗﻬﺎ ،و ﱠ ﻇ ْ ﻔﺖ إدار ُة ﺗﻘﺪﱡم اﻷﺷﻐﺎل ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳني أﻣﺮﻳﻜﻲ؛ أيْ ﺣﻮاﱄ ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ ،وﻣﻦ ﺷﺄن أيﱢ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺑﻬﺬا اﻟﺤﺠﻢ ﰲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا أن َ ﻇ َ ﻳﻮ ﱢ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﴩ ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎﻣﻞ(. ﻒ ً ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻛﺒريًا ملﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس؛ ﻛﻴﻒ ﻳَﻌﻠﻢ ﻣَ ﻦ أﺧﺬوا وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻳﺒﺪو ٨٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﱠ ٍ ﻛﺎف ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؟ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺠﻮاب ِﺷﻘني: ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم ﻋﲆ ﻣﺤﻤﻞ اﻟﺠﺪ أﻧﻪ ﻣﺒﻠﻎ ﻏري ً ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻟﺤﺠ ِﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ. ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ٍ َ ُ ِ املﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺷﺪﻳﺪًا وﻗﺎﺳﻴًﺎ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ أن اﻟﺮﻛﻮ َد اﻟﺬي ﻳﺘﺒﻊ ﻟﻘﺪ أﺧﱪَﻧﺎ وﻃﻮﻳ َﻞ اﻷﻣﺪ؛ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :ﺷﻬﺪ َِت اﻟﺴﻮﻳﺪ ً أزﻣﺔ ﻣﴫﻓﻴﺔ ﻋﺎم ،١٩٩٠وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﱡ ﺗﺪﺧ ِﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺒﻨﻮك ،ﻓﻘﺪ أﻋﻘﺐ ﺗﻠﻚ اﻷزﻣﺔ رﻛﻮ ٌد اﻗﺘﺼﺎدي َﺧ َﻔ َﺾ اﻟﻨﺎﺗﺞَ املﺤﲇ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ( ﺑﻨﺴﺒﺔ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ،وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻌِ ْﺪ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ )ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻠﻪ وﻓﻖ ﻣﻌﺪﻻت اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻸزﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم .١٩٩٤ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ أدﻟﺔ واﻓﺮة ﺗﺪﻋﻮ إﱃ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺳﺘﻜﻮن ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺴﻮء — ْ ِ أﻣﻮر أﺧﺮى( ﻫﻮ أن اﻟﺴﻮﻳﺪ ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ْﺖ ﻣﻦ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﺳﻮأ — واﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ )ﰲ ﺟﻤﻠﺔ ٍ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣ ﱠﺪ ِة اﻟﺮﻛﻮد ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ إﱃ اﻟﻨ ﱡ ُ ِ ﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻗﻞ ﺗﻌﺜ ﱡ ًﺮا ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ 138
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ﻋﺎم ٢٠٠٩ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻮاﺟَ ُ ﻬﺔ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﺎملﻴﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻳﺸري إﱃ أن اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺳﺘﻀﻄﺮ إﱃ ﻣﻮاﺟَ ِ ﻬﺔ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ املﻌﺎﻧﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة. واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺿﺨﻢ ﺟﺪٍّا؛ ﺣﻴﺚ ﻳُﻨﺘﺞ ﻣﺎ ﻳ َُﻘﺪﱠر ﺑﻨﺤﻮ ١٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .واﻵن َﻓ ْﻠﻨ ُ ِ ﻌﻤﻞ ﺗﻔﻜريﻧﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ؛ إذا ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ً َ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ،إذَ ْن ﻓﺤُ َﺰم اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ إﻧﻘﺎذِ أزﻣﺔ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺳﻴﻮاﺟ ُﻪ ِ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻗﻴﻤﺘﻪ ٤٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر — وﻫﻲ ﻗﻴﻤﺔ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺛﻼث ﺳﻨﻮات — ﺑﺨﻄﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ٧٨٧ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر؛ أيْ أﻗﻞ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ٢ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ إﻧﻔﺎق اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة .ﻓﺠﺄ ًة أﺻﺒَﺢَ ﻣﺒﻠﻎ ٧٨٧ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻻ ﻳﺒﺪو ﻛﺒريًا ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﺛﻤﺔ ﳾء َ ٍ دﻓﻌﺔ ﻗﺼري ِة آﺧﺮ :ﻓﻘﺪ و ُِﺿﻌَ ﺖ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺑﻬﺪف إﻋﻄﺎء اﻷﺟﻞ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻴﺲ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﻗﺪ ﺑﻠﻎ اﻷﺛﺮ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺘﻌﺎﰲ وإﻋﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد ذروﺗﻪ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﺎم ،٢٠١٠ﺛﻢ ﺑﺪأ ٍ ﺑﴪﻋﺔ ﻛﺒري ٍة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ .ﻛﺎن ﻫﺬا ﺳﻴﺒﺪو ﻣﻼﺋﻤً ﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻘﺼري املﺪى ،وﻟﻜﻦ ﻳﺘﻼﳽ ري — وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﻈ ًﺮا ﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻌ ﱡﺮ ِض اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﴬﺑ ٍﺔ أﻃﻮل أﻣﺪًا ﺑﻜﺜ ٍ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻸزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ — ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻛﺎرﺛﺔ ﻣﺤﻘﻘﺔ. ُ ﺧﻄﺔ اﻹﻧﻘﺎذ ﻗﺎﴏ ًة إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﱢ؟ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﻟﻄﺮح اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﱄ :ملﺎذا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ اﻷﺳﺒﺎب اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﻗﻮل دون ﻣﻮارﺑﺔ إﻧﻨﻲ ﻻ أﻧﻮي أن أﻗﴤ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﰲ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ِ ﻗﺮارات ﺑﺪاﻳ ِﺔ ﻋﺎم ،٢٠٠٩واﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤَ ْﺖ أﻣ ًﺮا واﻗﻌً ﺎ ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ؛ ﻓﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﻣﻌﻨ ﱞِﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺐ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ »اﻵن« ،وﻟﻴﺲ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺄﺧﻄﺎء املﺎﴈ. َ ﻣﻨﺎﻗ ً إﻻ أﻧﻨﻲ ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺗﺠﻨﱠﺐَ ﺸﺔ وﺟﻴﺰ ًة ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻓﺸﻞ إدارة أوﺑﺎﻣﺎ — ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ري ﰲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ اﻷزﻣﺔ َ ﻣﺒﺎﴍ ًة. ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻛﻴﻨﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺒﺪأ — إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﺛﻤﺔ ﻧﻈﺮﻳﺘﺎن ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺘﺎن ﺣﻮل ﺳﺒﺐ ﻛﻮ ِْن اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻷوﺑﺎﻣﺎ ﻗﺎﴏ ًة إﱃ ُ ً ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ، اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷوﱃ ﻋﲆ أن اﻟﺴﺒﺐَ ﻫﻮ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ؛ ﺗﺆ ﱢﻛﺪ ﺣﺼﻞ أوﺑﺎﻣﺎ ﻋﲆ أﻗﴡ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ .وﺗَﺮى اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى أن اﻹدارة ﻓﺸ َﻠ ْﺖ ﰲ إدراك ﻣﺪى ﻓﺪاﺣﺔ اﻷزﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﺸ َﻠ ْﺖ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ملﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ اﻟﻘﺎﴏة .أﻣﺎ ﻧﻈﺮﻳﺘﻲ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻓﻬﻲ أن اﻹﺟﺮاءات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﺗﺨﺎذ ﺗﺪاﺑري 139
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺗﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﻤﻜﺎن ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﻌﺮف أﺑﺪًا ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ً ﻓﻌﻼ ﻣﺎ أﺻﻼ اﻟﺘﺨﻄﻴ َ ً َ دون ﺗﻨﻔﻴ ِﺬ ﺧﻄﺔ واﻓﻴﺔ؛ ﻷن أوﺑﺎﻣﺎ وﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮا ﺣﺎ َل ﻂ ﻟﺘﺪاﺑريَ ﻛﺒري ٍة ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف. ً ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺟﺪٍّا ،وﻳﻌﻮد اﻟﺴﺒﺐُ وراء ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﺷ ﱞﻚ ﰲ أن اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒري ٍة إﱃ ﻗﻮاﻧني ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻠﺰم اﻟﺤﺼﻮ ُل ﻋﲆ ٦٠ﺻﻮﺗًﺎ ﱢ ٍ ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ دﻋْ َﻢ اﻟﺤﺰﺑني ﻣﻤﺎﻃﻠﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ .وﻳﺒﺪو أن أوﺑﺎﻣﺎ ﻗﺪ وﺻﻞ إﱃ ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻟﺘﺠﺎو ُِز أيﱢ ﻟﺠﻬﻮده اﻟﺮاﻣﻴﺔ ﻹﻧﻘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻣﺨﻄﺌًﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ ﻓﻤﻨﺬ اﻟﻴﻮم اﻷول ،ﻋﺎ َر َ ض َ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻷرض اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن أيﱠ ﳾء و ُﻛ ﱠﻞ ﳾء اﻗﱰَﺣَ ﻪ أوﺑﺎﻣﺎ ﺑﻼ ﻫﻮادة ،ﻣﺘﱠ ِﺒﻌني املﺤﺮوﻗﺔ .ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ،اﺳﺘﻄﺎع أوﺑﺎﻣﺎ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ٦٠ﺻﻮﺗًﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني املﻌﺘﺪﻟني ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻃﺎ َﻟﺒﻮا — ﻣﻘﺎ ِﺑ َﻞ دﻋﻤﻬﻢ — ﺑﺨﺼﻢ ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻣﻦ املﺴﺎﻋﺪات املﻮﺟﱠ ﻬﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﻣﻦ املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ُر ِﺻﺪ ﺑﻤﻘﺘﴣ ذﻟﻚ اﻟﻘﺎﻧﻮن. ً ﻧﻄﺎﻗﺎ ً دﻟﻴﻼ واﺿﺤً ﺎ وﻳﺮى اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﻌ ﱢﻠﻘني ﰲ املﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﺪاﺑري ﺗﻨﺸﻴﻄﻴﺔ أﺿﻴﻖ ً ﻧﻄﺎﻗﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﻼ أرى ذﻟﻚ ﻗﺎﻧﻮن أوﺳﻊ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﺻﺪو ُر ٍ دﻟﻴﻼ ﺷﺪﻳ َﺪ اﻟﻮﺿﻮح؛ ً ً أوﻻ :رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﺳﻠﻮ ُك أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﳾء ﻣﻦ املﻘﺎﻳﻀﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ إﻇﻬﺎ ُر أﻧﻬﻢ ﺧﻔﻀﻮا ﺷﻴﺌًﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺜﺒﺘﻮا أﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﰲ ﻣﻮﻗﻒ ﺿﻌﻒ .إذَ ْن ِ ﻓﻤﻦ املﻌﻘﻮل أن ﻧﻔ ﱢﻜ َﺮ ﰲ أن اﻟﺤ ﱠﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻟﻢ ُ ﺧﻄﺔ أوﺑﺎﻣﺎ ﺑﻤﺒﻠﻎ ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ،أﻳٍّﺎ ﻳﻜﻦ ٧٨٧ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ،وإﻧﻤﺎ أﻗﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ رﺻ َﺪﺗْﻪ ﻛﺎن ﻣﺎ ﺗﺮﺻﺪه ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ؛ ﻓﻠﻮ ﻛﺎن أوﺑﺎﻣﺎ ﻃﻠﺐ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ َﻟﻜﺎن َ ﺣﺼ َﻞ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺣﺘﻰ ْ إن ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻃﻠﺐ. ً ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺑﺪﻳ ٌﻞ ﻣﺘﺎحٌ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﺳﱰﺿﺎء اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني اﻟﺜﻼﺛﺔ؛ َ ٍ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻣﺎﱄ ﱟ أﻛﱪ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام إﺟﺮاء اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ،وﻫﻮ ﺧﻄﺔ ﻓﻜﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻷوﺑﺎﻣﺎ أن ﻳﻤ ﱢﺮ َر ﱢ إﺟﺮاء ﺑﺮملﺎﻧﻲ ﻳﺘﺠﺎوز ﺧﻄﺮ املﻤﺎﻃﻼت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻘﻠﻞ ﻋﺪ َد اﻷﺻﻮات اﻟﻼزﻣﺔ إﱃ ُﺪﱄ َ ﺑﺎﻟﺼﻮت اﻟﺤﺎﺳﻢ( .ﰲ ﻋﺎم ٥٠ﺻﻮﺗًﺎ )ﻷﻧﻪ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻌﺎدل ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎﺋﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ أن ﻳ ِ ،٢٠١٠اﺳﺘﻄﺎ َع اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن أن ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا ﺗﻜﺘﻴ َﻚ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ إﺻﻼﺣﺎت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻜﺘﻴﻚ ﻣﺘﻄ ﱢﺮ ًﻓﺎ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺎﻳري اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ُﻣ ﱢﺮ َر ْت ﺟﻮﻟﺘَﺎ ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﺑﻮش اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ — ﰲ ﻋﺎﻣَ ْﻲ ٢٠٠١و — ٢٠٠٣ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ، 140
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ُ ﺟﻮﻟﺔ ﻋﺎم ٢٠٠٣إﻻ ﻋﲆ ٥٠ﺻﻮﺗًﺎ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ،وأد ََﱃ دﻳﻚ ﺗﺸﻴﻨﻲ وﻟﻢ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﺼﻮت اﻟﺤﺎﺳﻢ. ﱠ إن اﻟﺰﻋﻢ اﻟﻘﺎﺋﻞ إن أوﺑﺎﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻮﺳﻌﻪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ ً ً ٍ ﻧﻄﺎﻗﺎ ،ﺑﻞ ﻋﲆ رﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن أوﺳﻊ ﻣﺸﻜﻠﺔ أﺧﺮى؛ ﻓﻠﻢ ﻳُﺒْ ِﺪ أوﺑﺎﻣﺎ وإدارﺗﻪ ً ﻣﻌﺮوﺿﺎ ﻋﲆ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ،أﻋ َﻠ َﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ اﻟﻌﻜﺲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﴩوع اﻟﻘﺎﻧﻮن ٍ ِ املﻨﺎﺳﺐ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺴﻠﻴﻢ «.وﺣﺘﻰ »ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎمﱟ ،و ُِﺿﻌﺖ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ ﺑﺎﻟﻨﻄﺎق أﻧﻪ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻳﺪﱠﻋِ ﻲ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻹدارة ﱠ أن اﻟﺨﻄﺔ ﻟﻢ ﺗُ َﻘ ﱠﻠﺺ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ،وإﻧﻤﺎ ً ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺨﻄﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜري .وﺣﺘﻰ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﻣَ ﻦ ﻳﺪرك أن ﺛﻤﺔ دﻳﺴﻤﱪ ،٢٠١١ﻛﺎن ﺟﺎي ﻛﺎرﻧﻲ — اﻟﺴﻜﺮﺗري اﻟﺼﺤﻔﻲ ﻟﻠﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ — ﻳﺮدﱢد أﺷﻴﺎءَ أﻛﺎدﻳﻤﻲ واﺣ ٌﺪ ﻣﻦ ﺧﱪاء اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ» :ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺧﺒريٌ اﻗﺘﺼﺎديﱞ ﱞ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ﻳﻌﺮف آﻧﺬاك — ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ — ٢٠٠٩ﻣﺪى ﻋُ ﻤْ ِﻖ اﻟﻬﺎوﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ«. ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؛ ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﺣﺪث ً ﻓﻌﻼ؟ ﺣﺼﻞ رﻳﺎن ﻟﻴﺰا ﻣﻦ ﺻﺤﻴﻔﺔ ذا ﻧﻴﻮﻳﻮرﻛﺮ ﻋﲆ ﻣﺬﻛﺮ ٍة ﻣﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ري اﻟﺨﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﰲ إدارة أﻋَ ﺪﱠﻫﺎ ﻻري ﺳﺎﻣﺮز — اﻟﺬي ﺷﻐﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ ٍ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻨﺼﺐَ ﻛﺒ ِ أوﺑﺎﻣﺎ — ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ املﻨﺘﺨﺐ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ دﻳﺴﻤﱪ ،٢٠٠٨وﻧﴩﻫﺎ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر ،وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ املﺆ ﱠﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺳﺒﻊ وﺧﻤﺴني ﺻﻔﺤﺔ ﻛﺘَﺒَﻬﺎ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﱠﺎب املﺘﺒﺎ ِﻳﻨِﻲ اﻵراء .وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﻓﻘﺮة ﻛﺎﺷﻔﺔ ﰲ ]اﻟﻔﺼﻞ اﻷول :ﻣﺎ ﻣﺪى ﺳﻮء اﻟﻮﺿﻊ؟ – ﺣﻴﺎة ﺧﺮﺑﺔ[ َ اﻟﺤﺠﺔ املﻌﺎرﺿﺔ ﻻﺗﺨﺎذ ﺗﺪاﺑري ﺗﻨﺸﻴﻄﻴﺔ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ،ﻇﻬﺮ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﻘﺮة ُ ﺛﻼث ﺗﻄﺮح ﻧﻘﺎط رﺋﻴﺴﻴﺔ؛ ﻫﻲ: ِ ٍ ﺗﻌﺎف ﻣُﺒﺎ َﻟ ٍﻎ ﻓﻴﻬﺎ أن ﺗﺜري اﻟﺬﱡﻋْ َﺮ ﰲ اﻷﺳﻮاق أو ﻟﺪى اﻟﺠﻤﻬﻮر، ﻟﺤﺰﻣﺔ ) (١ﻳﻤﻜﻦ وﺗﻔﴤ إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﻴﺔ. ) (٢ﺛﻤﺔ ﺣ ﱞﺪ ملﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد أن ﻳﺴﺘﻮ ِﻋﺒَﻪ ﻣﻦ »أوﻟﻮﻳﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر« ﺧﻼل اﻟﻌﺎﻣني املﻘ ِﺒﻠني. ُ ) (٣أﺛﻨﺎءَ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﻔﻌﲇ ﺗﻜﻮن زﻳﺎدة ﺗﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ ﻏري اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ أﺳﻬ َﻞ ﻣﻦ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ املﻔﺮﻃﺔ ،وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ — ْ إن ﻟﺰم اﻷﻣ ُﺮ — أن ﻧﺘﱠﺨِ ﺬَ املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻮات. 141
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺧﻄﺮ »ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات« ،اﻟﺬي اﺳﺘﺤﻀﺎر ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ،ﻧﺮى أن اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷوﱃ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﲆ ِ ِ ﺳﻨﺘﺤﺪث ﻋﻨﻪ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎﺿﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﱄ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﻘﻮل إن ﻫﺬا اﻟﺨﻮف ً ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﱢ ﺗﻮﺿﺢ ﺳﺒﺐَ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﱪﱢر .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨ ْ ِﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺎﻋﺪات ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ؛ ذﻛﺮ ﺟﻮزﻳﻒ َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ ﰲ ﺗﴫﻳﺤﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﻌﺎﰲ وإﻋﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أﻧﻪ ﻗ ﱠﺪ َم »ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻓﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏري ﻛﺎﻓﻴﺔ؛ إذَ ْن ﻓﻤﺎ ﺳﻨﺤﺎول ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ ﺗﴪﻳﺢُ املﻌ ﱢﻠﻤني واﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﻮ ﱢ ﻇﻒ ﻋﻤﺎ َل ﺑﻨﺎء .إﻧﻪ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻏﺮﻳﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ﻟﺘﺪاﺑري ﺗﻨﺸﻴﻄﻴﺔ«. ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻛﺬﻟﻚ إﱃ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻃﻮل أﻣﺪ اﻟﺮﻛﻮد ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺴﺎءل ملﺎذا وﺿﻌﻮا ﺣﺪٍّا ﻋﺎﻣني ﻓﻘﻂ ﰲ اﻟﺤﺴﺒﺎن؟ ُ ً ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻛﺎن اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺰﻳﺎدة ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ ﻛﺎﻧﺖ وأﺧريًا؛ ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺄ واﺿﺤً ﺎ ﺟﺪٍّا — ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱄ ﱠ — ﺣﺘﻰ آﻧﺬاك؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺳﻮءُ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺳﻴﺎﳼ ﺟﺴﻴﻢ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎدي. ٍ َ اﻟﺘﴫﱡف اﻟﺼﺎﺋﺐ ،وﻟﻜﻦ أﺳﺒﺎب إذَ ْن ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل إن إدارة أوﺑﺎﻣﺎ ﻓﻌ َﻠ ِﺖ ﻓﻠﻌﺪة ٍ ﻛﺎف ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .وﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ً ﻧﻄﺎق ﻏري ٍ ﻻﺣﻘﺎ ،ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻗﺼﻮ ٌر ﻣﻤﺎﺛ ٌﻞ ﰲ أوروﺑﺎ، ﻋﲆ ٍ ْ وﻟﻜﻦ ﻷﺳﺒﺎب ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ. ﻓﺸﻞ ذرﻳﻊ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن ﻓﺸﻼ ﻛﺒريًا َ َ ً ﱠ ُ وﻗ َﻊ وﻟﻜﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﺼﻮر ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ، ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﺘﻰ اﻵن، َ ﻣﺠﺎل آﺧﺮ؛ وﻫﻮ ﺗﺨﻔﻴﻒ أﻋﺒﺎء اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري. ﰲ ٍ ﻗﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﱠ ُ إن ارﺗﻔﺎ َع ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻷ ُ َﴎ ﺳﺒﺐٌ رﺋﻴﴘ ﰲ أن ﻳﻜﻮن ﱞ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻋُ ً ﺮﺿﺔ ﻟﻸزﻣﺎت ،وأن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﻫﻢ ﰲ اﺳﺘﻤﺮار ﺿﻌﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻫﻮ ﺗﺤﺎو ُل ﺳﺪا َد اﻟﺪﻳﻮن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻹﻧﻔﺎق ،ﰲ ﺣني أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣَ ﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ أن اﻷ ُ َﴎ ِ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻟﻨﻘﺺ .وﻫﻨﺎ ﺗﺴﺘﻨﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ إﱃ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط ﰲ ﻫ ﱠﻮ ِة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻤﻴﻖ ،أﺛﻨﺎء ﺗﻌﺎﰲ اﻷ ُ َﴎ املﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن ﻣﺎﻟﻴٍّﺎ. 142
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ﻧﻌﺘﱪَه إﻻ أن ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﺗﺸري ﻛﺬﻟﻚ إﱃ ﻃﺮﻳﻖ ٍ ﺑﺪﻳﻞ ،أو رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ِ ٍ َ ً ﻣﺒﺎﴍ ًة؛ ﻓﺎﻟﺪﻳﻮن ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻣﻜﻤﱢ ًﻼ ﻟﻠﺘﻌﺎﰲ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ :ﺧﻔﺾ اﻟﺪﻳﻮن َ ذات ﻛﻴﺎن ﻣﺎدي ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻋَ ْﻘﺪ ،ﳾء ﻣﻜﺘﻮب ﻋﲆ اﻟﻮرق ،وﺗﻌﻤﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﲆ ﺗﻨﻔﻴﺬه؛ ﻓ ِﻠ َﻢ َ ﻻ ﻧُﻌِ ﻴﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻮد؟ وﻻ ﺗﻘﻮﻟﻮا إن اﻟﻌﻘﻮد ﻣﻘﺪﱠﺳﺔ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻋﺎدة اﻟﺘﻔﺎوض ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ أﺑﺪًا .ﻓﺎﻹﻓﻼس املﻨ ﱠ ً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻳﻤﺜ ﱢ ُﻞ ﺟﺰءًا ﻈﻢ ،اﻟﺬي ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﺪﻳﻮن ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼري ﺳﺪادُﻫﺎ ً ٍ َ ﺑﺼﻔﺔ روﺗﻴﻨﻴ ٍﺔ — وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ إﻓﻼﺳﻬﺎ راﺳﺨﺎ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻓﺎﻟﴩﻛﺎت ﺗﻌﻠﻦ ً ﻃﻮﻋﻴﺔ — ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻓﻼس اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻈ ﱡﻞ ﺗﻜﻮن ً ﻋﺎﻣﻠﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ إﻋﺎد ِة ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﺎ وﺗﺨﻔﻴﻀﻬﺎ) .أﺛﻨﺎء ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣﺄزق ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،أﻋﻠﻨﺖ ﴍﻛﺔ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﺠﻮﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ إﻓﻼﺳﻬﺎ ﻃﻮﻋً ﺎ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ِ ﻋﻘﻮد اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﻠﻔﺔ (.وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻓﺮاد ﻛﺬﻟﻚ أن ﻳُﻌﻠِﻨﻮا إﻓﻼﺳﻬﻢ ،وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗُ ﱢ ﺨﻔﻒ ُ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﻋﺐءَ ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻳﻮن. ﻋﻨﻬﻢ ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺳﺎﺋﺮ إﻻ أن ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ اﻟﺪﻳﻮن ﻣﺜﻞ دﻳﻮن ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻻﺋﺘﻤﺎن؛ ﻓﻜﺎن اﻻﻓﱰاض اﻟﺴﺎﺋﺪ داﺋﻤً ﺎ ﻫﻮ ﱠ أن أول ﻣﺎ ﻳَﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷﴎ ُة ﺳﺪا َد أﻗﺴﺎط اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري ﻫﻮ أن ﺗﻔﻘﺪ املﻨﺰل؛ وﻫﺬا ﻳ ُِﻨﻬﻲ اﻷﻣ َﺮ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت اﻷﺧﺮى ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﻘﺮض أن ﻳﻮاﺻﻞ ﻣﻄﺎردة املﻘﱰض إذا ﻛﺎن ﺳﻌْ ُﺮ املﻨﺰل أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري؛ إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘني ،ﻳﺘﻌ ﱠﺮض أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﺴﺪﻳ َﺪ اﻷﻗﺴﺎط اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻟﺤﺒﺲ اﻟﺮﻫﻦ .رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎ ُم ﻻ َ ﺑﺄس ﺑﻪ ﰲ اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،وﻳﻌﻮد ذﻟﻚ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺠﺰون ﻋﻦ ﺗﺴﺪﻳﺪ أﻗﺴﺎط اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري ﻳَﻠﺠﺌﻮن ﻋﺎد ًة إﱃ ﺑﻴ ِْﻊ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻧﺘﻈﺎر ﺣﺒﺲ اﻟﺮﻫﻦ. إﻻ ﱠ أن ﻫﺬه َ ﻟﻴﺴ ْﺖ أوﻗﺎﺗًﺎ ﻋﺎدﻳﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻈﺮوف اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﻗﻠﻴﻠﻮن ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ِﻣﻦ أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل ﻫﻢ ﻣَ ﻦ ﺗﺰﻳﺪ دﻳﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ،ﻏري أن ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن اﻟﻜﺒرية واﻧﻜﻤﺎﺷﻬﺎ، ﺗﺴﺒﱠﺒَﺎ ﰲ زﻳﺎدة دﻳﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﴩة ﻣﻼﻳني ﻣﻦ أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل — أو ﻣﺎ ﻳﻌﺎدِ ل واﺣﺪًا ﻗﺮوض رﻫﻦ ﻋﻘﺎري ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ — ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ،ﰲ ﺣني أن اﻟﺮﻛﻮد ﻣﻦ ﺑني ﻛ ﱢﻞ ﺧﻤﺴﺔ ِ اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺴﺘﻤﺮ ﻟﻢ ﻳﱰك ﻟﻠﻌﺪﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻷ ُ َﴎ ﺳﻮى ﺟﺰءٍ ﻣﻦ ْ دﺧﻠِﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻖ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ، أﺻﺒﺢ ﺛﻤﺔ ﻋﺪ ٌد ﻛﺒريٌ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺳﺪا َد أﻗﺴﺎﻃﻬﻢ أو ﺳﺪا َد ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﻊ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ،وﻫﻲ وﺻﻔﺔ أﻛﻴﺪة ﻟﻨﴩ وﺑﺎء ﺣﺒﺲ اﻟﺮﻫﻦ. 143
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
وﺣﺒﺲ اﻟﺮﻫﻦ ﻳﺠﻠﺐ اﻟﻮﺑﺎ َل ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻃﺮاف املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ؛ ﻓﺼﺎﺣﺐ املﻨﺰل ﻳﻔﻘﺪ ﻣﻨﺰﻟﻪ، وﻟﻜﻦ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﱢ املﻘﺮ ُ ً وأﻳﻀﺎ ض رﺑﺤً ﺎ؛ وذﻟﻚ ﻷن إﺟﺮاءات ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻣﻜ ﱢﻠﻔﺔ ﺟﺪٍّا، ﻳﺤﻘﻖ ِ ﺳﻮق ﻣﻨﻬﺎرة .ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ،ﺳﻴﺴﺘﻔﻴﺪ ﺗﺤﺎو ُل ﺑﻴ َﻊ املﻨﺎزل املﺤﺠﻮز ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻷن اﻟﺒﻨﻮك ِ ٍ اﻟﺠﺎﻧﺒﺎن ﻣﻦ وﺟﻮد ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻳﻘﺪﱢم ﻟﻠﻤﻘﱰﺿني املﺘﻌﺜﱢﺮﻳﻦ َ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮن ،وﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ، َ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺣﺒﺲ اﻟﺮﻫﻦ .ﺳﻴﻌﻮد ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻋﲆ أﻃﺮاف أﺧﺮى ﻛﺬﻟﻚ؛ املﻘﺮﺿني ﻳﺠﻨﱢﺐ ِ اﻟﻌﻘﺎرات املﺤﺠﻮز ﻋﻠﻴﻬﺎ املﻬﺠﻮرة ً ُ وﺑﺎﻻ ﻋﲆ اﻷﺣﻴﺎء؛ وﻋﲆ ﻓﻌﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ املﺤﲇ ،ﺗﺼﺒﺢ ﻳﺤﺴ َﻦ ْ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﻣﻦ ﺷﺄن ﺗﺨﻔﻴﻒ أﻋﺒﺎء اﻟﺪﻳﻮن أن ﱢ وﺿ َﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ. إذَ ْن ﻛ ﱡﻞ ﳾء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ْ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﺘﺨﻔﻴﻒ أﻋﺒﺎء اﻟﺪﻳﻮن ،وﻗﺪ أﻋﻠﻨ َ ْﺖ وﺿ َﻊ ٍ إدارة أوﺑﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ ﰲ ،٢٠٠٩وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺪ ﺗﺤ ﱠﻮ َل إﱃ ً ً ﺳﻤﺠﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﺪ ٌد ﻗﻠﻴ ٌﻞ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ املﻘﱰﺿني ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻛﺒرية، دﻋﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ َ ﻓﻴﻤﺎ وﺟَ َﺪ َ َ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﱠ ِﺴﻢ ﺑﻪ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞُ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋ َﺪ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻏﺎرﻗني أﻛﺜﺮ ﰲ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ آﺧﺮون ِ ﻣﻔﺮﻃﺔ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ. ﻋﻤﻞ وأﺳﺎﻟﻴﺐ ٍ ِ ﻣﺎذا ﺣﺪث؟ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﻌﻘﺪة وﻣﺠﻬﺪة ﻟﻠﻔﻜﺮ ،ﻟﻜﻦ ﱠ ﻣﻠﺨﺺ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻫﻮ أن إدارة ً أوﺑﺎﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺆﻣ ً ِﻨﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻗ ﱡ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻂ ،وﻇ ﱠﻞ املﺴﺌﻮﻟﻮن ﻳﻌﺘﻘﺪون ﻓﱰ ًة ﱠ أن ﻛ ﱠﻞ ﳾء ﺳﻴﺼﺒﺢ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام إذا اﺳﺘﻘ ﱠﺮ ِت اﻟﺒﻨﻮك .ﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺘﻮﺟﱢ ﺴني ووﺻﻔِ ﻪ ﺑﺄﻧﻪ ٌ ً ْ ﻫﺒﺔ َمل ْﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ،وأﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻜﺎﻓﺄ ًة ﺧﻴﻔﺔ ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎد اﻟﻴﻤﻴﻨﻴني ﻟﻠﱪﻧﺎﻣﺞ ً ٍ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻛﺎن اﻟﱪﻧﺎﻣﺞُ ً ﺣﺮﻳﺼﺎ ﺟﺪٍّا ﻋﲆ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ؛ ﻷﺷﺨﺎص ﺗﴫﱠﻓﻮا ٍ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻏري ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻬﺒﺎت ،ﻣﺎ أدﱠى ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ ﺗﺤ ﱡﻮﻟِﻪ إﱃ ﺗﺠﻨ ﱡ ِﺐ أيﱢ ٍ ٍ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري. ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ َ ﻣﺠﺎﻻ َ ً ﻓﺸ َﻠﻬﺎ اﻟﺘﺎ ﱠم ﰲ آﺧﺮ ﻣﻦ املﺠﺎﻻت اﻟﺘﻲ أﺛﺒﺘَ ْﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا إذَ ْن ِ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ املﺸﻜﻠﺔ. اﻟﻄﺮﻳﻖ املﻬﺠﻮر ُ َ ِ ﺗﺠﺮﺑﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ رﻛﻮ ٌد ﻃﻮﻳ ٌﻞ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻷزﻣﺎت ﻋﲆ ﻣَ ﱢﺮ اﻟﺰﻣﺎن ،ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳَﺘْﺒَﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ٢٠٠٧اﺳﺘﺜﻨﺎءً ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﻌﺪﱠﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﻨﻤﻮ ً ٍ ٍ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻣﻦ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧ َ ْﺖ ﺑﺪرﺟﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﴩ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ ﻛﺎرﻣﻦ راﻳﻨﻬﺎرت ﻫﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ املﺸﻜﻼت؛ وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷزﻣﺔ ﺗﺤﺘﺪمَ َ ، 144
ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﴏة
ً ﺗﺄرﻳﺨﺎ )ﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ ﺑﻴﱰﺳﻮن ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺪوﱄ( وﻛﻴﻨﻴﺚ روﺟﻮف )ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد( ﻟﻸزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺴﺎﺧﺮ »ﻫﺬه املﺮة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ« )ﻷﻧﻪ ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻜﻮن ﱠت أﺑﺤﺎﺛﻬﻢ إﱃ ﱡ اﺧﺘﻼف ﻋﲆ اﻹﻃﻼق( .وﻗﺪ أد ْ ٍ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﻗ ِﻊ اﻟﻘ ﱠﺮاء املﺮو َر ﺑﻔﱰ ٍة ﺛﻤﺔ أيﱡ ﱠ ُ ﺗﺘﻜﺸﻒ ،ذ َﻛ َﺮ روﺟﻮف أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﻘﺼﺔ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ أﺧﺬَت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ »أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺣﺎدة ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ«. وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﺤﺘﱠﻢ أن ﺗﺼ َﻞ اﻷﻣﻮ ُر إﱃ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ،وﻻ ﻳﺘﺤﺘﻢ أن ﺗﻈ ﱠﻞ ٍ وﻗﺖ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻓﺜﻤﺔ أﺷﻴﺎء ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺼﻨﱠﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ أن ﻳﻔﻌﻠﻮﻫﺎ ﰲ أيﱢ اﻟﺜﻼث املﺎﺿﻴﺔ ،ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ ﱡ ري ﰲ اﻷوﺿﺎع؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﺤﺴ ٍﻦ ﻛﺒ ٍ واﻟﺘﺨﺒﱡﻂ اﻟﻔﻜﺮي — وﻟﻴﺲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ — ﻫﻲ اﻟﺘﻲ َ أﻋﺎﻗ ِﺖ اﺗﱢﺨﺎذَ إﺟﺮاءات ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ. ﻟﻢ ﻳَ َﺰ ْل ﺑﺎبُ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد واﻟﻌﻮدة إﱃ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻔﺘﻮﺣً ﺎ ﻋﲆ ﻣﴫاﻋَ ﻴْﻪ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ املﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺤﻤﱠ َﻞ ﻫﺬه املﻌﺎﻧﺎة.
145
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺛﻤﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣُﻬﺎ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ﻋﲆ ﻣﻘﺎﻋﺪ اﻟﴩﻛﺎت ﻋﲆ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻌﺎﺟﻞ املﺘﻔ ﱢﺮﺟني؛ وإﻧﻨﺎ ﻧﻨﻈﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ. َ ﻧﺪر َك أﻧﻨﺎ إذا ﻣﺎ َ ﻣﺮاﻛﻤﺔ اﻟﺪﻳﻮن واﺻ ْﻠﻨﺎ إﻻ أﻧﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻣﻦ املﻬﻢ أن ِ ُ اﻟﻨﺎس ﺛﻘﺘَﻬﻢ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — ﺣﺘﻰ ﰲ ﺧﻀ ﱢﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺎﰲ — ﻓﺴﻴﻔﻘﺪ ٍ ٍ ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻔﴤ إﱃ وﻗﻮﻋﻨﺎ ﰲ رﻛﻮد ﻣﺰدوج. ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ ﻗﻨﺎة ﻓﻮﻛﺲ ﻧﻴﻮز ،ﻧﻮﻓﻤﱪ ٢٠٠٩ ﺑﺤﻠﻮل ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم ،٢٠٠٩ﻛﺎن ﻗﺪ اﺗﱠ َﻀﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﱠ أن ﻣَ ﻦ ﺣﺬﱠروا ﻣﻦ ﻛﻮن ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺪاﺑري َ ً ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪٍّا ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ ﱟ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﻖ .ﺻﺤﻴﺢ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﺎن ﻗﺪ ﺗﺠﺎ َو َز اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ِ ﺣﺪوث اﻟﺴﻘﻮط اﻟﺤﺮ ،إﻻ أن اﻻﻧﺨﻔﺎض ﻛﺎن ﺣﺎدٍّا ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺛﻤﺔ أيﱡ ﻋﻼﻣﺎت ﺗﺸري إﱃ ٍ ﺗﻌﺎف ﴎﻳﻊ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻠﺘﻌﺠﻴﻞ ﺑﺨﻔﺾ ﻧﺴﺒ ِﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﺑﻮﺗرية ﺑﻄﻴﺌﺔ ﺟﺪٍّا. َ وﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﺗﺤﺪﻳﺪًا اﻟﻮﺿ َﻊ اﻟﺬي دﻓ َﻊ املﺴﺎﻋﺪﻳﻦ ﰲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ إﱃ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﻟﻠﺠﻮء إﱃ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻟﻄﻠﺐ املﺰﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث؛ ملﺎذا؟
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ أد ْ ﱠت إﱃ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺧﻄﺄ َ ﺣُ ْﻜﻤﻬﻢ ﻋﲆ اﻷوﺿﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ُ ﱠ اﻟﺨﻄﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮد؛ إذ ﻗﻮ َ ﱠض ﻗﺼﻮ ُر اﻟﺘﺪاﺑري ﺗﺤﻘ َﻘ ْﺖ ﻣﺨﺎوف اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮﺟَ ِﺖ أذﻫﺎن ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،وﺷﺠﱠ َﻊ اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻷوﱃ ﻓﻜﺮ َة اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﰲ ِ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﻋﲆ اﻹﻧﻌﺎم ﰲ املﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻀﺎرﻳﺔ. إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺳﺒﺐٌ َ آﺧﺮ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮﱠل اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﺪاﺋﺮة ﰲ واﺷﻨﻄﻦ ﻣﻦ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﱃ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن واﻟﻌﺠﺰ ،وأﺻﺒﺤَ ﺖ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات املﺘﺸﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﺧﻄﺮ اﻟﻌﺠﺰ املﻔﺮط ﻋﻨﴫًا رﺋﻴﺴﻴٍّﺎ ﰲ اﺗﺨﺎذ املﻮاﻗﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﺑﺪأ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﱢ ُ َ اﻻﻗﺘﺒﺎس اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪَﻣْ ﺘُﻪ ﰲ ﻳﻮﺿﺢ ﻣﻬﻤﱢ ني ﻹﻇﻬﺎر أﻫﻤﻴﺘﻬﻢ .وﻛﻤﺎ ﻣَ ﻦ ﻳﺮون أﻧﻔﺴﻬﻢ ِ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،ﻓﻘﺪ اﻧﺨ َﺮ َ ﺧﻄﺎب أﻟﻘﺎه ﻋﻦ ط أوﺑﺎﻣﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ؛ ﻓﻔﻲ أول ٍ ً َ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد — ﰲ أواﺋﻞ ﻋﺎم — ٢٠١٠اﻗﱰَحَ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﻃﺮح ﺗﺪاﺑري ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﺗﻨﺸﻴﻄﻴﺔ .وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم َ ،٢٠١١ ٌ اﻧﺘﴩ ْ ٍ ﻛﺎرﺛﺔ ﺗﺤﺬﻳﺮات ﻣﺮوﻋﺔ ﺑﻮﻗﻮع َت ﰲ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد إن ﻟﻢ ﻧﻌﺎﻟﺞ اﻟﻌﺠ َﺰ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر )ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﺗﺨﺎذِ ﺗﺪاﺑري ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﱠأﻻ ﺗﺰﻳﺪ رﻛﻮ َد اﻻﻗﺘﺼﺎد(. واﻟﻐﺮﻳﺐ ﰲ اﻷﻣﺮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ دﻟﻴ ٌﻞ — ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ أم ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ — ﻳﺪﻋﻢ ﺗﺤﻮﱡل اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ إﱃ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻌﺠﺰ؛ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻳُﺤﺪِث اﻧﻌﺪا ُم ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ﴐ ًرا ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ورﻫﻴﺒًﺎ ،ﻓﺈن اﻟﴬر اﻟﺬي ﻳُﻠﺤﻘﻪ اﻟﻌﺠ ُﺰ ٍ ﺑﺄﻣﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت ري املﺘﺤﺪة ﰲ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﺤﺎﱄ اﻓﱰاﴈﱞ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻪ؛ ﻓﻌﺐءَ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﻘﻴﺎس أﺻﻐﺮ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼ ﱢﻮ َره ﻟﻨﺎ ﺗﻠﻚ ُ اﻟﺨ َ ﻄﺐُ اﻟﻌﺼﻤﺎء ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﻮﻗﻮﻋﻨﺎ ﰲ ُ اﻷﺣﺪاث ﻧﻮع ﻣﻦ أزﻣﺎت اﻟﺪﻳﻮن ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ أيﱡ ﺳﻨ ٍﺪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻘﺪ أﺛﺒﺘَ ِﺖ ٍ ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ﺧﻄﺄ َ ﱡ ﺗﻮﻗﻌﺎت ﺻﻘﻮر اﻟﻌﺠﺰ ،ﰲ ﺣني ﱠ أن ﻣَ ﻦ ﺟﺎدَﻟﻮا ﺑﺄن اﻟﻌﺠﺰ ﻻ ﻳﻤﺜﱢﻞ َ ً ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار؛ وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺄوﻟﺌﻚ ﺻﺤﺔ أﻓﻜﺎرﻫﻢ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﺴﺎد ﻗﺪ أﺛﺒَﺘُﻮا ٍ ﻗﺮارات ﻣﺘﻌ ﱢﻠ ً ٍ ﻘﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺗﻨﺒﺆات املﺘﺸﺎﺋﻤني ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ — ﻣﺜﻞ اﻟﺬﻳﻦ اﺗﺨﺬوا ﻣﻮرﺟﺎن ﺳﺘﺎﻧﲇ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠١٠أو ﺑﻴﻤﻜﻮ ﰲ ﻋﺎم — ٢٠١١اﻧﺘَﻬَ ﻰ ﺑﻬﻢ اﻷﻣ ُﺮ إﱃ ﺧﺴﺎرة اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد. إﻻ أن اﻟﺨﻮف املﺒﺎ َﻟ َﻎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ ﻇ ﱠﻞ ﻣﺤﻜِﻤً ﺎ ﻗﺒﻀﺘَﻪ ﻋﲆ ﺧﻄﺎب اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ،وﺳﺄﺣﺎول أن أﴍح ﺳﺒﺐَ ﺣﺪوث ذﻟﻚ ً ﻻﺣﻘﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ؛ وﻟﻜﻦ اﺳﻤﺤﻮا أوﻻ أن أﺗﺤﺪ َ ﱄ ً ﱠث ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺻﻘﻮر اﻟﻌﺠﺰ ،وﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ. 148
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﺣُ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات َ اﻟﺨﻔِ ﻴﱡﻮن ُ ُ ﺗﻨﺎﺳ ٌﺦ ﻟﻸرواح ،ﻓﺴﻮف أرﻏﺐ ﰲ أن أﻋﻮد إﱃ ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻻﻋﺐ ﺑﻴﺴﺒﻮل ﻣﺘﻤﻴﱢﺰ .أﻣﺎ اﻵن ،ﻓﺄرﻳ ُﺪ أن أﻋﻮد اﻟﺤﻴﺎة ﰲ ﺟﺴﺪ ٍ رﺋﻴﺲ أو ﺑﺎﺑﺎ أو ِ ﺳﻮق ﺳﻨﺪات ،ﻷﺗﻤ ﱠﻜ َﻦ ﻣﻦ إﺛﺎرة ذُﻋْ ﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ. ﺷﻜﻞ ﰲ ِ ِ ﺟﻴﻤﺲ ﻛﺎرﻓﻴﻞ ﱢ املﻨﺴﻖ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻲ ﻟﺤﻤﻠﺔ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺻﺎغ إد ﻳﺎردﻳﻨﻲ ،اﻟﺨﺒري ﰲ اﻗﺘﺼﺎد اﻷﻋﻤﺎل ،ﻣﺼﻄﻠﺢَ ارﺗﻔﺎع »ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات« ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨ ﱠﻠﻮن ﻋﻦ ﺳﻨﺪات اﻟﺒﻼد — ﻣﺎ ﻳﻘﻮد إﱃ ِ َ اﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺒﻼد اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ أو املﺎﻟﻴﺔ أو ﻛﻠﺘﻴْﻬﻤﺎ. ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض — ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻘﺪون واﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺮﺋﻴﴘ وراء اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻋﺠﺰ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻫﺠﻮم ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات، ﱡ ٍ ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﺣﺎد ٍة ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ — اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺬﻫﺐ دﻋﺎ ُة اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺣﺘﻰ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ اﻟﺒﻼد — إﱃ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﱢ ﻧﻨﻔﺬَ ﻣﺎ ﻳﻄﺎﻟِﺒﻮن ﺑﻪ ﻹﺷﺒﺎع ﺳﻮق اﻟﺴﻨﺪات. إﻻ أن اﻟﺴﻮق ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻻ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺘﱠﻔِ ﻖ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺮأي ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮل إﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أن ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﱰاض؛ ﺣﻴﺚ إن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺟﺪٍّا ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺻﺎرت ﺑﺎﻟﺴﺎﻟﺐ — ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻠﻬﺎ ً ﱡ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ — وﻓﻘﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﺻﺎ َر املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻳﺪﻓﻌﻮن رﺳﻮﻣً ﺎ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﺛﺮواﺗﻬﻢ. وﺑﺎملﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻫﺬه ﻫﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﺴﻮق ﻻ ﺗﻘﻮل إن اﻷﻣﻮر ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺗﻀﻴﻒ ً أﻳﻀﺎ أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﴩﻓﻮن أيﱠ ﻣﺸﻜﻼت ﻛﺒرية ﻷﻋﻮام ﻗﺎدﻣﺔ. ُ ﻳﻘﻮل ﺻﻘﻮر اﻟﻌﺠﺰ :ﻻ ﺑﺄس ،ﺳﻮف ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض ﻗﺮﻳﺒًﺎ إذا ﻟﻢ ﻧﺨﻔﺾ َ ﱠ وﻟﻜﻦ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ؛ ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ اﺗﻬﺎم اﻟﺴﻮق ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺨﻄﺌﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺴﻤﻮح ﺑﻪ. اﻟﻐﺮﻳﺐَ ﻫﻨﺎ — وﻫﺬا ﱡ وﺻﻒ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ — ﻫﻮ ْ ٍ أن ﺗﺒْﻨﻲ ﻣﻄﺎ ِﻟﺒَ َﻚ أرق
149
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
َ َ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻋﲆ أن اﻷدﻟﺔ ﻋﲆ ادﱢﻋَ ﺎء أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻐﻴري اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻹﺷﺒﺎع اﻟﺴﻮق ،ﺛﻢ ﺗﺮﻓﺾ َ ﻣﺨﺎوﻓﻚ. ﺗﺸﺎر ُﻛ َﻚ اﻟﺴﻮق ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻻ ِ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ اﺳﺘﻤﺮار اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﺎ ﻳﺸري إﱃ ُﻗ ْﺮ ِب اﻧﺘﻬﺎء ﻫﺬا اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻜﺒري؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪار ٢٠٠٨و ٢٠٠٩و ٢٠١٠و ،٢٠١١ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻣﺰﻳﺞٌ ﻣﻦ اﻹﻳﺮادات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ إﺟﺒﺎر اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ املﻨﺨﻔﻀﺔ وإﻧﻔﺎق اﻟﻄﻮارئ — وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻛﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎد — ﰲ ِ ٍ ﻃﻔﻴﻒ ﰲ ﻫﺬه املﻌﺪﻻت ﺧﻼل ارﺗﻔﺎع ﻋﲆ اﻗﱰاض أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر؛ وﻣﻊ ﻛﻞ ٍ ُ ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻮات املﺴﻤﻮﻋﺔ ﺗُﻌﻠِﻦ أن ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات ﻗﺪ وﺻﻠﻮا ،وأن ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ،ﻛﺎﻧﺖ اﻗﱰاض ﻛ ﱢﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﲆ وﺷﻚِ أن ﺗﺠﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻏريَ ﻗﺎدر ٍة ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ ِ َ ﻋﻜﺴ ْﺖ ﻣﺴﺎ َرﻫﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم اﻟﻨﻘﻮد؛ إﻻ أن ﻛ ﱠﻞ ﺗﻠﻚ اﻻرﺗﻔﺎﻋﺎت اﻟﻄﻔﻴﻔﺔ ً ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ أدﻧﻰ ٢٠١٢أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻹﻃﻼق. أﺳﻌﺎر اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﺴﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ ذات اﻟﻌﴩ ﺳﻨﻮات ٥٫٥ ٥ ٤٫٥ ٣٫٥ ٣
ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ
٥
٤ ٢٣
١
٤
٢٫٥ ٢ ٦ ٢٠١٢
٢٠١١
٢٠٠٩
٢٠١٠
٢٠٠٨
١٫٥ ٢٠٠٧
ِ ﻓﱰات اﻟﺮﻛﻮد ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ﺳﺎﻧﺖ ﺗﺸري املﻨﺎﻃﻖ املﻈ ﱠﻠﻠﺔ إﱃ ﻟﻮﻳﺲ ) research.stlouisfed.orgاملﺼﺪر :ﻣﺠﻠﺲ ﻣﺤﺎﻓﻈﻲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ(.
150
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﱢ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ أﻋﻼه أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻨﺪات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ذات اﻟﻌﴩ ﺳﻨﻮات ﻣﻨﺬ ِ ﺣﺎﻻت رﺻ ٍﺪ ﻣﺰﻋﻮﻣﺔ ﻟﺤ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات ،وإﻟﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﺗﺸري ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم ،٢٠٠٧ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ إﻟﻴﻪ اﻷرﻗﺎم اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻋﲆ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ: ُ ﺻﺤﻴﻔﺔ وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل ً ﻣﻘﺎﻻ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴٍّﺎ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات: )َ (١ﻛﺘﺒ َْﺖ ري ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﺎ ﻟﻢ ﻋﻮدة ﻣﺮاﻗِ ِﺒﻲ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة« ،ﻳﺘﻨﺒﱠﺄ ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﻛﺒ ٍ ٍ ﻳ َُﺨ ﱠﻔﺾ اﻟﻌﺠ ُﺰ. ﻣﺰدوج إذا ﴏح اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ ﻟﻘﻨﺎة ﻓﻮﻛﺲ ﻧﻴﻮز ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﺘﻌ ﱠﺮض ﻟﺮﻛﻮ ٍد ) َ (٢ﱠ ٍ َ َ ﻣﺮاﻛﻤﺔ اﻟﺪﻳﻮن. واﺻ ْﻠﻨﺎ ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻮرﺟﺎن ﺳﺘﺎﻧﲇ أن ﻳﺪﻓ َﻊ اﻟﻌﺠ ُﺰ أﺳﻌﺎ َر ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ ذات اﻟﻌﴩ ﺳﻨﻮات )(٣ إﱃ اﻻرﺗﻔﺎع ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﱃ ٥٫٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم .٢٠١٠ ْ ﻧﴩَت ﺻﺤﻴﻔﺔ وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل — ﻫﺬه املﺮة ﰲ ﻗﺴﻢ اﻷﺧﺒﺎر وﻟﻴﺲ ﰲ املﻘﺎل )(٤ ً ﻣﻘﺎﻻ ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﺨﺎوف اﻟﺪﻳﻮن ﺗﺪﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ اﻻرﺗﻔﺎع« ،وﻻ ﻳﻘ ﱢﺪ ُم اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻲ — دﻟﻴﻞ ﻋﲆ أن اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن — وﻟﻴﺲ آﻣﺎل اﻟﺘﻌﺎﰲ — ﻛﺎن ﻫﻮ املﺴﺌﻮل ﻋﻦ املﻘﺎ ُل أيﱠ ٍ اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺒﺴﻴﻂ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة. ) (٥ﻳﺤﺬﱢر ﺑﻴﻞ ﺟﺮوس ﰲ ﺻﻨﺪوق ﺳﻨﺪات ﺑﻴﻤﻜﻮ ﻣﻦ أن اﻟﴚء اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻘﻴﱢ ُﺪ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻫﻮ ﻣﺸﱰﻳﺎت ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺪات، ﱠ َ ري ﰲ اﻷﺳﻌﺎر ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎءِ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﴍاء اﻟﺴﻨﺪات ﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ .٢٠١١ ﺣﺪوث وﻳﺘﻮﻗﻊ ارﺗﻔﺎع ﻛﺒ ٍ ٍ ُ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﺳﺎﺣِ ً َ )َ (٦ﺧ َ ﺒﺔ ﺑﺬﻟﻚ وﻛﺎﻟﺔ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ﻔﻀ ْﺖ َ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ املﻤﺘﺎز اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ْ أن ﻣﻨﺤَ ﺘْﻬﺎ إﻳﺎه. وﻣﻊ ﺣﻠﻮل أواﺧﺮ ﻋﺎم ،٢٠١١ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻗﺪ َ ﺑﻠﻐ ْﺖ ﺣﺪٍّا وﻗﺖ َ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ أي ٍ ﻣﴣ. ﺗﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﱡ ﺗﻮﻗ ٍ ﻌﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺪر َك أن املﺴﺄﻟﺔ ﻟﻢ ِ ْ وﻣﻦ املﻬﻢ أن ِ َ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻌﺠﺰ ﰲ واﻵﺧﺮ؛ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﻳﺤﺪث ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑني اﻟﺤني ِ ً ري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ِﺻﺪﻗﺎ أن اﻻﻗﱰاض ﻇ ﱢﻞ رﻛﻮد اﻻﻗﺘﺼﺎد .دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﻨﺎوَل إذَ ْن ﺳﺒﺐَ اﻋﺘﻘﺎد ﻛﺜ ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،وملﺎذا ﱠ ﺗﻮﻗ َﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﻴﻨﺰي — ﻣ ُِﺼﻴﺒًﺎ — أن ﻫﺬا ﻟﻦ ﻳﺤﺪث ﻣﺎ دام اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد راﻛﺪًا. 151
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻓﻬْ ﻢ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة آن واﺣﺪ؛ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ِ َ ﻳﻨﺎﴏ املﺮءُ اﻟﻨﻈﺮﻳﺘني اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﰲ ٍ ُ اﻟﻬﺪف ﺷﺨﺺ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؛ ﻷﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ ﺗﺨﻴﱡ َﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻷيﱢ ٍ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻫﻮ إﺑﻘﺎء أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ واﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ؛ ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة. ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ ،ﻓﺈن ١٫٧٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰاﻧﺔ املﺴﻜﻮﻛﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ َﻟ ِﻬ َﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻃﺮﺣﻪ ﰲ ﺳﻮق اﻟﺴﻨﺪات ﰲ وﻗﺖ اﻟﺮﻛﻮد ،وﻣﺎ ُ زﻟﺖ ﻻ أﻋﺮف ﻣَ ﻦ اﻟﺬي ﺳﻴﺸﱰﻳﻬﺎ .ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﻟﻦ ﻳﺸﱰﻳﻬﺎ اﻟﺼﻴﻨﻴﻮن؛ ﻛﺎن ذﻟﻚ َﺳﻴُﺴﺪِي ﻧﻔﻌً ﺎ ﰲ أوﻗﺎت اﻟﺮﺧﺎء ،أﻣﺎ اﻵن ﻓﻤﺎ أُﻃﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ »ﺻﻴﻤﺮﻳﻜﺎ« ،أو اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑني اﻟﺼني واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻗﺪ اﻗﱰَبَ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﻤﺎ ﻣﺮﻳﺮ. ﺷﻘﺎق اﻷﻣ ُﺮ إﱃ ٍ ٍ املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻻ أﺣ َﺪ ﺳﻮى ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺸﱰي ﱠ وأﺗﻮﻗ ُﻊ أﻧﻪ ﺳﺘﺸﺐﱡ ﰲ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ واﻷﺷﻬﺮ ا ُملﻘ ِﺒﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺪات املﺴﻜﻮﻛﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ، ٌ ٌ ُ اﻷﺳﻮاق ﻃﺎﺣﻨﺔ ﺑني ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ وﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ املﺎﻟﻴﺔ ،ﺣني ﺗﺪرك ﻣﻌﺮﻛﺔ َ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺎم املﺎﱄ أن ﻳﺴﺘﻮ ِﻋﺒَﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم؛ وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ،ﺳﻴﺆدﱢي ذﻟﻚ إﱃ دﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻨﺪات إﱃ اﻟﻬﺒﻮط ،وأﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ اﻻرﺗﻔﺎع؛ ﻣﻤﺎ ﺳﻴﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ ﻓﻮاﺋﺪ ﻗﺮوض اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري؛ وﻫﻮ ﻋﻜﺲ َ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﰲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. ﻳﺤﺎول ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻣﺎ ِ ﻧﻴﺎل ﻓريﺟﺴﻮن ،أﺑﺮﻳﻞ ٢٠٠٩ ﱢ ُ اﻻﻗﺘﺒﺎس املﻨﻘﻮل ﻋﻦ ﻧﻴﺎل ﻓريﺟﺴﻮن — وﻫﻮ ﻣﺆ ﱢرخ وﺿﻴﻒ ﻣﺄﻟﻮف ﰲ اﻟﱪاﻣﺞ ﻳﻌﱪ ﻫﺬا ﺑﺎﻗﺘﻀﺎب ﻋﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن اﻟﻜﺜريون ،وﻻ ﻳﺰاﻟﻮن، اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻳﻜﺘﺐ ﻛﺜريًا ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد — ٍ ﻳﻌﺘﻘﺪوﻧﻪ ﺑﺸﺄن اﻻﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ ﻓﻬُ ﻢ ﻳﻈﻨﻮن أﻧﻪ ﺳريﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺑﻼ رﻳﺐ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻃﻠﺒًﺎ إﺿﺎﻓﻴٍّﺎ ﻋﲆ ﻣﻮارد ﺷﺤﻴﺤﺔ — وﻫﻲ اﻟﻘﺮوض ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ — وﺳﺘﺆدﱢي ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎد ُة ﰲ اﻟﻄﻠﺐ إﱃ ْ ﺳﺆال واﺣ ٍﺪ رﻓ ِﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة .وﻳﻤﻜﻦ اﺧﺘﺼﺎر ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﰲ ٍ ﻫﻮ :ﻣﻦ أﻳﻦ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻨﻘﻮد؟ 152
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ِ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻣﻦ املﻨﻄﻘﻲ ﻃﺮح ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ٍ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني ،ﻣﻦ ﻏري املﻨﻄﻘﻲ أن ﻧﻘﻮل إن اﻹﻧﻔﺎق ﻛﺎﻣﻞ أو ٍ ٍ ﺑﺎﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ ﻳﻌﻤﻞ ﰲ ﻏري ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺑَﺪَا ﱠ أن ﻓريﺟﺴﻮن ﻳﺰﻋﻤﻪ. وﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺴﺎدٍ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ً وﺻﻮﻻ ﻣﻦ ﺧﻔﺾ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﺤ ﱡﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ،اﻟﺬي ﻛﻨﱠﺎ ﻗﺪ َ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ؛ أيْ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻊ ﰲ ﱢ وﻗﻌْ ﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ أدﱃ ﻓريﺟﺴﻮن ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘﴫﻳﺤﺎت )ﰲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻧﺎدي اﻟﻘﻠﻢ وﻣﺠﻠﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك رﻳﻔﻴﻮ أوف ﺑﻮﻛﺲ( ،وﻣﺎ زﻟﻨﺎ واﻗﻌني ﻓﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا. ُ ﱡ ُ ذﻛﺮت ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻳﺤﺪث ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﻞ اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ اﻟﺼﻔﺮ، وﻛﻤﺎ ُﺤﺠﻤني ﻋﻦ ﴍاء ﻣﺎ ﻳﻮازي ﺣﺠْ َﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬﻢ .وﺑﺎملِ ﺜﻞ ،ﻳﺼﺒﺢ وﻳﻈ ﱡﻞ ﺳ ﱠﻜﺎ ُن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻣ ِ ﻣﺎ َ اﻟﻨﺎس ﰲ اد َ ُ ﻳﺮﻏﺐُ ﱢﺧﺎره — أيْ ﺣﺠﻢ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ إﻧﻔﺎﻗﻪ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺤﺎﱄ — أﻛﱪَ ﻣﻦ ﻛﻤﻴ ِﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻳُﺒْﺪُون اﺳﺘﻌﺪادًا ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻴﻬﺎ. وﻗﺪ ُﻗ ُ ﻣﺤﺎو ًﻻ ﴍْ حَ ﻫﺬه ﻤﺖ ﺑﺎﻟ ﱠﺮ ﱢد ﻋﲆ ﺗﴫﻳﺤﺎت ﻓريﺟﺴﻮن ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺑﻀﻌﺔ أﻳﺎم، ِ اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻛﺎﻵﺗﻲ: ﻓﺎﺋﺾ ﰲ املﻌﺮوض ِﻣﻦ املﺪ َ ﱠﺧﺮات ،ﺣﺘﻰ ﰲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺑﺪأ َ ْت ﺗﻠﻮح أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺑﻮاد ُر ٍ ﻇ ﱢﻞ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ اﻟﺼﻔﺮ؛ وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺘﻨﺎ. ُ َ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻻﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؟ ﻳﻌﻄﻲ ﺗﻠﻚ املﺪﱠﺧﺮات اﻟﻔﺎﺋﻀﺔ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻟﻠﺬﻫﺎب إﻟﻴﻪ؛ وﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء ،ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺐ َ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺨﺎص ،ﻋﲆ اﻟﻜﲇ ،واﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ؛ ﻓﻬﻮ »ﻻ ﻳﺰاﺣِ ﻢ« ﺺ اﻟﻔﺎﺋﺾ املﻌﺮوض ﻣﻦ املﺪ َ اﻷﻗﻞ ﻟﻴﺲ ﺣﺘﻰ ﻳُﻤﺘَ ﱠ ﱠﺧﺮات؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺧﺮوجَ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﱢ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ. ﺛﻤﺔ ﻣﺸﻜﻼت ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق؛ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ اﻷﺳﺎس ﰲ أﺛﺮه ﻋﲆ ﻋﺐء اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .ﻻ أو ﱡد أن أﻫﻮ َﱢن ِﻣﻦ أﻣﺮ ﻫﺬه ﺟﱪت ﻋﲆ اﻻﻧﻜﻤﺎش املﺎﱄ ﺣﺘﻰ املﺸﻜﻼت؛ ﻓﺒﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان — ﻣﺜﻞ أﻳﺮﻟﻨﺪا — أ ُ ِ ُ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺸﻜﻠﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ — ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ رﻛﻮد ﺷﺪﻳﺪ ،وﻟﻜﻦ ﺗﻈ ﱡﻞ َ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﺎﺋﺾ ﻣﺪ َ ﱠﺧﺮات ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ٍ ﺟﻬﺔ ﻳﺴﺘﻘِ ﱡﺮ ﻓﻴﻬﺎ. — 153
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ َ ُ ﻛﺘﺒﺖ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم، اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺣﻮاﱄ ٤ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر ﻣﻨﺬ أن اﻗﱰﺿ ِﺖ ﻟﻘﺪ َ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻓﻤﻦ أﻳﻦ ﺟﺎء َِت اﻟﻨﻘﻮ ُد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻛ ﱢﻞ ﻫﺬا اﻻﻗﱰاض؟ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،اﻟﺬي ﻛﺎن ر ﱡد ﻓﻌْ ﻠِﻪ إزاءَ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ زﻳﺎدة اﻻدﱢﺧﺎر وﺗﻘﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر؛ ﱢﺧﺎر واﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري — َ أي اﻟﻔﺎرق ﺑني اﻻد َ ارﺗﻔ َﻊ ﻓﺎملﻴﺰان املﺎﱄ ﻟﻠﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص — ِ ﻣﻦ ٢٠٠−ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﰲ اﻟﺴﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ إﱃ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﰲ اﻟﺴﻨﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ. ﻗﺪ ﺗﺘﺴﺎءﻟﻮن :ﻣﺎذا ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻘ ﱢﺮ ِر اﻟﻘﻄﺎ ُع اﻟﺨﺎص زﻳﺎد َة اﻻدﱢﺧﺎر وﺗﻘﻠﻴﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر؟ وﻟﻜﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ :ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻴُﺼﺒﺢ راﻛﺪًا؛ وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻷﻣ ُﺮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺒﱠﺄ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ِﻟﺘَﺠ َﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ أﻣﺎم ﻫﺬا اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻜﺒري. ٍ َ ﻣﻨﻄﻖ ﱢ َ ﻳﺘﻨﺎﻓ ُﺲ ﻋﺠ ُﺰ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻗﺘﺼﺎدِ اﻟﻜﺴﺎد ،ﻻ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻬﻤﻮا ﻣﻊ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻋﲆ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻻ ﻳﺪﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ اﻻرﺗﻔﺎع؛ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺠﺪ اﺳﺘﺨﺪاﻣً ﺎ ﻟﻔﺎﺋﺾ ﻣﺪ َ أي اﻟﺠﺰء اﻷﻣﺮ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ِ ﱠﺧﺮات اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص؛ ِ اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻘﻄﺎ ُع اﻟﺨﺎص أن ﻳﺪﱠﺧِ ﺮه ﺑﻌﺪ اﻗﺘﻄﺎع اﻟﺠﺰء اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ ﰲ اﺳﺘﺜﻤﺎره. وﻛﺎن ﻷداء اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻫﺬا اﻟﺪو َر ﺗﺄﺛريٌ ﺣﺎﺳﻢٌ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ دون اﻟﻌﺠﺰ ﰲ املﻮازﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ُ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﺗﻘﻠﻴ َﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻖ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻜﺴﺐ ﺳﺘﺘﺴﺒﱠﺐ ﰲ اﻟﻮﻗﻮع ﰲ ﻛﺴﺎد ﻋﻤﻴﻖ. وﻟﺴﻮء ﺣ ﱢ ﻆ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎدي — وواﻗﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ — ﻛﺎن املﻨﺬرون ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء املﺎﱄ ﻻ ﻳﻠﻴﻨﻮن ﰲ آراﺋﻬﻢ؛ ﻓﻌﲆ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻼث املﺎﺿﻴﺔ، ﻗﺪﱠﻣﻮا ﻋﺬ ًرا ﺗﻠﻮ َ اﻵﺧﺮ ﻟﻌﺪم ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة — ﻓﺘﺎر ًة ﻳﻌ ﱢﻠﻠﻮن ذﻟﻚ ﺑﺄن ﺑﻨﻚ َ اﻟﺪﻳﻮن ،وﺗﺎر ًة أﺧﺮى ﻳُﻠﻘﻮن ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻋﲆ املﺘﺎﻋﺐ ﰲ أوروﺑﺎ، اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﺸﱰي َ ﺑﺈﴏار اﻻﻋﱰاف ﱠ ﺑﺄن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻫﻮ أﻧﻬﻢ ﻗﺪﱠﻣﻮا وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ — ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺮﻓﻀﻮن ٍ ً ﺗﺤﻠﻴﻼ اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﺧﺎﻃﺌًﺎ. ﺳﺆال رﺑﻤﺎ َﺧ َ ﺑﺒﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء وﻗﺒﻞ أن أﻣﴤ ﻗﺪﻣً ﺎ ،اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﺟﻴﺐ ﻋﲆ ﻄﺮ ِ ٍ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ :ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ ﺗﺬﺑﺬُ ِب أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ؟ ُ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ وأﺳﻌﺎر اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎؤل ﰲ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑني ﺗﻜﻤﻦ ِ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ؛ ﻓﺄﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ِﻟﺒَﻨْﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ً ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ ﻋﺎم ) ٢٠٠٨ﰲ ِ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أن ﻳﺘﺤ ﱠﻜ َﻢ ﺑﻪ ،وﻗﺪ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ أذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪر ﻟﺜﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﻫﻮ ٠٫٠١ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﻛﺎن ﺳﻌ ُﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪ ِة ﻋﲆ ِ 154
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﰲ املﺎﺋﺔ( ،إﻻ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﻘﱰﺿني — ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ — ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ ﻷﺟﻞ أﻃﻮل ،وﻟﻦ ﻳﺸﱰي أﺣ ٌﺪ ﺳﻨﺪًا ﻣﺪﺗﻪ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ً ﻣﺜﻼ ﺑﻔﺎﺋﺪ ٍة ﻣﻌني ﺗﺜﺒﻴﺖ ٍ ﺳﻌﺮ ﱠ ٍ ٍ ﻗﺪرﻫﺎ ﺻﻔﺮ ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ ﻫﻲ ﺻﻔﺮ .ملﺎذا؟ ﻷن ﻫﺬه املﻌﺪﻻت ﻣﻦ املﻤﻜﻦ — وﻣﻦ املﺆ ﱠﻛﺪ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف — أن ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪٍ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﻼ ِ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﻋﻦ اﺣﺘﻤﺎل ﺿﻴﺎع ﺳﻨﺪات ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺮﺑﻂ ﻧﻘﻮدَه ﰲ ً ٍ ﻋﺎﺋﺪات أﻋﲆ ﻋﻨﺪ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ ﻣﺮة أﺧﺮى، ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ إن ارﺗﻔﻌَ ْﺖ. ﻫﺬا ِ ً ِ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﺳﻨﺪات ﺗﻌﻮﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻧﻘﻮدﻫﻢ ﰲ إﻻ أن ﺣﺠﻢ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﺒﻪ املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﺘﻰ ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮن ملﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻨﺪات اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ أن ﺗﺮﺗﻔﻊ ،وإﱃ أيﱢ ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻋﲆ ﱡ ﻣﺪًى؛ وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻫﺬا ﺑﺪوره ﻋﲆ ﱡ ﺗﻮﻗﻊ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﺧﺮوج اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﱢ ِ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ،وازدﻫﺎره ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺒﺪء ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ. اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻨﻌً ﺎ ﻻﺣﺘﻤﺎل ﱢ ِ املﺘﻐرية وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ إذَ ْن ﻓﺄﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ رأﻳﻨﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺗﻌﻜﺲ ﺣﻮل ﻣﺪى اﺳﺘﻤﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ وﺿﻊ اﻟﺮﻛﻮد .ﻛﺎن ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺧﻼل رﺑﻴﻊ ُ ﺻﺤﻴﻔﺔ وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل ﻗﺪوﻣً ﺎ ﻟﺤ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات — ﻋﺎم — ٢٠٠٩اﻟﺬي ارﺗﺄ َ ْت ﻓﻴﻪ ﻳُﻌ َﺰى ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ اﻟﺘﻔﺎؤل ﺑﺄن اﻷﺳﻮأ ﻗﺪ ﻣﴣ وأن اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ أﺻﺒﺢ ﻋﲆ ﻣﺮﻣﻰ ٌ ﻣﻮﺟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎؤل ﺣﺠﺮ؛ وﻣﻊ ﺗﻼﳾ ﻫﺬا اﻷﻣﻞ ،ﺗﺮاﺟَ ﻌَ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة؛ ﺛﻢ دﻓﻌَ ْﺖ ﰲ أواﺧﺮ ﻋﺎم ٢٠١٠أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة إﱃ اﻻرﺗﻔﺎع ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻟﺒﺜ َ ْﺖ ْ أن ﺧﺒ َْﺖ ﺑﺪورﻫﺎ .وﰲ ِ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،اﻷﻣﻞ ﺿﻌﻴﻒ ،وﺗُﻘﺎﺑﻠﻪ أﺳﻌﺎ ُر ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ. وﻟﻜﻦ ً ﻣﻬﻼ ،ﻫﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ؟ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﱠ وﻟﻜﻦ املﺘﺤﺪة ،وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻴﻮﻧﺎن أو إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ؟ إﻧﻬﻤﺎ أﺑﻌ ُﺪ ﻣﻨﱠﺎ ﻋﻦ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﺘﻌﺎﰲ، أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻟ َﺪﻳْﻬﻤﺎ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻛﺜريًا؛ ﻓﻠﻤﺎذا؟ َ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﻨﺎ َو ُل أوروﺑﺎ ﺑﺎملﻨﺎﻗﺸﺔ املﺘﻌﻤﱢ ﻘﺔ ﰲ ﺳﺄﻗﺪﱢم اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﺄﻗﺪﱢم ﻟﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ً ملﺤﺔ ﻣﺨﺘﴫ ًة. ْ اﻋﱰﻓ ُﺖ ﺑﺄن إذا ﻗﺮأﺗﻢ ردﱢي ﻋﲆ ﻓريﺟﺴﻮن املﻮﺟﻮد أﻋﻼه ،ﻓﺴﻮف ﺗﻼﺣﻈﻮن أﻧﻨﻲ ﻗﺪ ً َ اﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺳﻴﺘﻨﺎﻓﺲ ﻣﺸﻜﻠﺔ؛ ﻟﻴﺲ ﻷن ﻋﺐءَ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﻌﺎم ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻤﺜ ﱢ َﻞ ﻣﻊ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺮﻳﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻷن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ إذا َ ﺗﺴﺎؤل ،وﻳَﺜﻨﻲ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﴍاء ارﺗﻔ َﻊ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﻜﺎﰲ ﻗﺪ ﻳﻀﻊ ﻣﻼءﺗﻬﺎ املﺎﻟﻴﺔ ﻣﻮﺿ َﻊ ٍ 155
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺳﻨﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺧﺸﻴﺔ ﺗﺨ ﱡﻠﻔﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺪﻓﻊ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ وﻫﺬا اﻟﺘﺨﻮﱡف ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ِ اﻟﺴﺪادِ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐُ اﻟﻜﺎﻣ ُﻦ وراءَ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻳﻮن اﻷوروﺑﻴﺔ. إذَ ْن ﻫﻞ ﺗﻘﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﰲ ﺧﻄﺮ اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد ،أو ﻫﻞ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ ﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺮﻳﺐ؟ ً أن ﻳُﻨ َ وﻓﻘﺎ ﻟﺴﻮاﺑﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻻ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ً وﻧﺴﺒﺔ إﱃ ﺿﺨﺎﻣﺔ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﺪﻳﻮن ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺿﺨﻢ؛ ً ﻣﺴﺒﻘﺎ ﺣﺠﻢ ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻬﺎﺋﻞ ،ﻧﺠﺪ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻐﺮق ﰲ اﻟﺪﻳﻮن ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻏﺮﻗﺖ ﺑﻠﺪان ﻋﺪة َ ﺳﻮق ﺳﻨﺪاﺗﻬﺎ .اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﻌﺘﺎدة — وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — دون أن ﻳﺠﺘﺎح اﻟﺬﱡﻋْ ُﺮ ﻟﻘﻴﺎس اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻫﻲ أن ﻧ َ ْﻘ ِﺴﻤَ ﻪ ﻋﲆ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﻠﺪ — وﻫﻮ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﺒﻼد ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ — وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻨﺎﺗﺞ ﱢ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ً ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜ ُﻞ اﻟﺘﺎﱄ أﻳﻀﺎ. َ ِ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻛﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺴﺘﻮﻳﺎت املﺘﺤﺪة واملﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة واﻟﻴﺎﺑﺎن؛ وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع دﻳﻮن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻛﺜريًا ﰲ َ دون املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﻧﺎﻫﺎ ﰲ املﺎﴈ ،وأﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧرية ،ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺰال ري ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،واﻟﺘﻲ ﻣ ﱠﺮ ْت ﻛﻠﻬﺎ املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺷﻬ َﺪﺗْﻬﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﺟﺰءٍ ﻛﺒ ٍ ٍ ﻫﺠﻤﺔ ﻣﻦ ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات. ﺗﻮاﺟ َﻪ أيﱠ دون أن ِ وإن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎن — اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺑﺮﺣَ ْﺖ دﻳﻮﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻣﻨﺬ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ — َﻟ ﺘﺴﺘﻮﺟﺐُ اﻟﺬﱢ ْﻛ َﺮ؛ ﻓﺎﻟﻴﺎﺑﺎن — ﻣَ ﺜَﻠﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣَ ﺜَﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﻴﻮم — أ ُ ِﺷريَ ِ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ أو ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻨﻪ ،ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﺑﻠﺪ ﻋﲆ ﺷﻔﺎ ِ أزﻣﺔ َ ووﺻ َﻞ ﺳﻌ ُﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ ﺳﻨﺪات اﻟﻌﴩ ﺳﻨﻮات دﻳﻮن؛ ﻏري أن اﻷزﻣﺔ املﻮﻋﻮدة ﻻ ﺗﺄﺗﻲ، ٍ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ إﱃ ﺣﻮاﱄ ١ﰲ املﺎﺋﺔ ،وﺧﴪ املﺴﺘﺜﻤﺮون اﻟﺬﻳﻦ راﻫﻨﻮا ﻋﲆ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر ً أﻣﻮاﻻ ﻃﺎﺋﻠﺔ ،ﻟﺪرﺟﺔ أن ﺑﻴﻊ اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ َ ً ﻋﲆ املﻜﺸﻮف أﺻﺒَﺢَ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ أن ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﺑﺎﺳﻢ »ﺗﺠﺎرة املﻮت« .وﻛﺎن َمل ْﻦ َد َر َس َ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ﻳﺘﺼ ﱠﻮ َر ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﻔﻀﺖ وﻛﺎﻟﺔ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز َ َ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ﺧﻔﻀ ِﺖ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﻌﺎ َم املﺎﴈ — ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻻ ﳾء — ذﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻠﻴﺎﺑﺎن ﻋﺎم ٢٠٠٢وﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﳾءٌ ً أﻳﻀﺎ. وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻟﻴﻮﻧﺎن وأﻳﺮﻟﻨﺪا؟ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ،ﻟﻢ ﺗﻐﺮق أيﱞ ﻣﻨﻬﺎ ري ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،أو ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﰲ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻛﻤﺎ ﻓﻌ َﻠ ْﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﺠﺰءٍ ﻛﺒ ٍ ً ﻫﺠﻤﺔ ﻣﻦ ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات .ﻓﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﻔﺎرق؟ ﺗﻮاﺟ ُﻪ اﻵن؛ وﻟﻜﻦ ﻣﻦ املﺆ ﱠﻛﺪ أﻧﻬﺎ ِ 156
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ً اﻟﺪﻳﻮن املﻘﺎ َرﻧﺔ ﻧﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ٣٠٠ ٢٥٠
١٥٠ ١٠٠
اﻟﻨﺴﺒﺔ املﺌﻮﻳﺔ
٢٠٠
٥٠ ٢٠٠٠
١٩٧٥
١٩٥٠
١٩٢٥
١٩٠٠
٠ ١٨٧٥
اﻟﻴﺎﺑﺎن املﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻻرﺗﻔﺎع ً َ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ َ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻴﺴ ْﺖ )املﺼﺪر :ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ(.
ً واﻹﺟﺎﺑﺔ — اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﺗﺤﺘﺎج إﱃ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﴩح — ﻫﻲ ﱠ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻛﺒريًا أن ﺛﻤﺔ ﺑني ْ أن ﺗﻘﱰض ﺑﻌﻤﻠﺘﻚ املﺤﻠﻴﺔ وأن ﺗﻘﱰض ﺑﻌﻤﻠﺔ أﺟﻨﺒﻴﺔ؛ ﻓﻜ ﱞﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت أي اﻟﺠﻨﻴﻪ اﻻﺳﱰﻟﻴﻨﻲ واﻟﺪوﻻر واﻟني ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ. املﺘﺤﺪة واﻟﻴﺎﺑﺎن ﺗﻘﱰض ﺑﻌﻤﻠﺘﻬﺎ املﺤﻠﻴﺔ؛ ِ وﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻟﻴﻮﻧﺎن وأﻳﺮﻟﻨﺪا ﻻ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﻤﻼت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ً ﻣﻦ اﻷﺳﺎس ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ،ودﻳﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻴﻮرو؛ وﻫﻮ — ﻛﻤﺎ ﱠ َ ﻋﺮﺿﺔ ﺗﺒني — ﻣﺎ ﺟﻌَ َﻠﻬﺎ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ً َ ﻻﺣﻘﺎ. ﻟﻨﻮﺑﺎت اﻟﺬﱡﻋْ ﺮ املﴫﰲ ،وﺳﻮف ﻧﺘﻨﺎول ﻫﺬه
157
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
وﻣﺎذا ﻋﻦ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن؟ ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أن ﺣ ﱠﺮاس اﻟﺴﻨﺪات ﻟﻦ ﻳﻈﻬﺮوا وﻳﺘﺴﺒﱠﺒﻮا ﰲ ﺣﺪوث أزﻣﺔ؛ ﺣﺘﻰ إذا اﻓﱰ َْﺿﻨﺎ ﻫﺬا، ِ ُ اﻟﻘﻠﻖ إزاءَ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺬي ﺳﻨﱰﻛﻪ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ﻳﺴﺎو َرﻧﺎ أ َ َﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ِ ﻧﺤﺎو ُل ْ أن ﻧﺘﻌﺎﻳ ََﺶ ﻣﻊ ﻫﻲ »ﻧﻌﻢ ،وﻟﻜﻦ …« ﻧﻌﻢ ،ﻓﺎﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻛﻤﻬﺎ اﻵن — ﺑﻴﻨﻤﺎ ِ ﱠ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺸري ﺗﺪاﻋﻴﺎت اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ — ﺳﺘﻤﺜﱢﻞ ﻋﺒﺌًﺎ ﻋﲆ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺐءَ أﻗ ﱡﻞ ﺑﻜﺜ ٍ إﻟﻴﻪ اﻟﺨﻄﺎبُ اﻟﺤﻤﺎﳼ اﻟﺬي ﻳﺘﺒﻨﱠﺎه ﺻﻘﻮ ُر اﻟﻌﺠﺰ. اﻷﻣﺮ املﺤﻮري اﻟﺬي ﻳﺠﺐ وﺿﻌﻪ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻫﻮ أن اﻟﺨﻤﺴﺔ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر أو ﻧﺤﻮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ رﻛﻤَ ﺘْﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ ،واﻟﱰﻳﻠﻴﻮﻧﺎت اﻷﺧﺮى ٍ ﺑﴪﻋﺔ، اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺮﻛﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺼﺎ ُر اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻟﻦ ﻳﻠﺰم ﺗﺴﺪﻳﺪُﻫﺎ إن اﺳﺘﻤَ ﱠﺮ اﻟ ﱠﺪﻳْ ُﻦ ﰲ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﻞ ﻟﻦ ﻳﻠﺰم ﺗﺴﺪﻳﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻦ ﺗﺤﺪث ﻣﺄﺳﺎ ٌة ِ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ واﻟﻨﻤ ﱢﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﺠﺘﻤﻌَ ْني. ﺑﻤﻌﺪل أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ واﻗﻌﻴٍّﺎ ،ﻣﺎ دام أﻧﻪ ﻳﻨﻤﻮ ٍ َ ُ َ ْ ْ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ،ﻓﻠﻨﻨﻌﻢ اﻟﻨﻈ َﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﺪَث ﻟﺪﻳﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻛﺒريًا ً ً َ وﻓﻘﺎ ﺑﻠﻐ ْﺖ ٢٤١ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؛ ﻻ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ري ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻠﻤﻌﺎﻳري اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺪوﻻر ﻛﺎن ﻗﻴﻤﺘﻪ أﻛﱪ ﺑﻜﺜ ٍ أﺻﻐ َﺮ ﻛﺜريًا؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻠﻎ ﺣﺠﻢ ذﻟﻚ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻧﺤﻮ ١٢٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ً )ﻣﻘﺎ َر ً ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ٩٣٫٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ واﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واملﺤﻠﻴﺔ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم .(٢٠١٠ﻛﻴﻒ ُﺳ ﱢﺪ َد ذﻟﻚ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳ َُﺴﺪﱠد. ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺷﺒﻪ ﻣﺘﻮازﻧﺔ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،١٩٦٢ﻛﺎن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺤﺠﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ ،١٩٤٦إﻻ أن ﻧﺴﺒﺔ َ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ٦٠ﰲ املﺎﺋﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻗﺪ ٍ ُ ﱡ ﻧﺴﺒﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻄﻔﻴﻒ واﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻜﺒري؛ وﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﰲ ﺗﺮاﺟُ ٍﻊ ﺧﻼل اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت واﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﻌ ﱠﺮ َ ﺿ ْﺖ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻌﺠﺰ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺒﺔ؛ وﻟﻢ ﺗﺒﺪأ اﻟﺪﻳﻮ ُن ﰲ اﻟﻨﻤ ﱢﻮ ﺑﻮﺗري ٍة أﴎع ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ زا َد اﻟﻌﺠ ُﺰ ﻛﺜريًا ﰲ ﻋﻬ ِﺪ روﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن. اﻵن دﻋﻮﻧﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻌﺐء املﺴﺘﻘﺒﲇ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ ﻧﺮﻛﻤﻬﺎ اﻵن؛ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺗﺴﺪﻳﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﻮن أﺑﺪًا ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ دﻓﻊ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ 158
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﻮن ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ اﻟﺪﻳﻮن أﺑﻄﺄ ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎد. ْ ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل دﻓ ِﻊ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺣﺘﻰ ﺗﻈ ﱠﻞ إﺣﺪى ﻃﺮق ِ ُ َ ً اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺪﻳﻮن — ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻠﻬﺎ ً ﱡ ﻧﺴﺒﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﺛﺎﺑﺘﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ — وﻓﻘﺎ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﺳﺘﻨﺨﻔﺾ ﺑﺎ ﱢ ﻃﺮادٍ ﻣﻊ ﻧﻤ ﱢﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎد .وﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ،ﺳﻴﻜﻮن ً ﻋﻠﻴﻨﺎ ْ دﻓ ُﻊ ِ ﻣﴬوﺑﺔ ﰲ اﻟﺴﻌﺮ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻔﺎﺋﺪة ،وﻫﻮ ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺑﻌﺪ ﻃ ْﺮ ِح ﻗﻴﻤﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ً ً ً ﱡ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ« ﻣﺤﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻴﺔ »أوراﻗﺎ اﻟﺘﻀﺨﻢ .واﻟﻮاﻗﻊ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺒﻴﻊ ﻧﺴﺒ ِﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ،ﻳﻘﻴﺲ ﺳﻌ ُﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺪات ﺳﻌ َﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺗﻌﻮﱢض أﺛ َﺮ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ﻟﻠﺴﻨﺪات اﻟﻌﺎدﻳﺔ. اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦَ ، وﺻ َﻞ ﺳﻌ ُﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ ﺳﻨﺪات اﻟﻌﴩ ﺳﻨﻮات — املﻘﻴﺎس املﻌﺘﺎد ﻟﺘﻨﺎو ُِل ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر — إﱃ ﻧﺴﺒ ٍﺔ ﺗﻘ ﱡﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻦ اﻟﺼﻔﺮ .ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻳﻌﻜﺲ ﻫﺬا اﻟﻮﺿ ُﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﱰدﱢي ،وأن ﻫﺬا اﻟﺴﻌ َﺮ ﺳﻮف ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ رﺑﻤﺎ ﱠ ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﺨﺪم ﺳﻌ َﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪًا ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻧﺤﻮ ٢٫٥ﰲ املﺎﺋﺔ .ﻣﺎ ﻣﻘﺪار اﻟﻌﺐء اﻟﺬي ﺳﻴﻤﺜﱢﻠﻪ اﻟ ﱠﺪﻳْ ُﻦ اﻟﺰاﺋﺪ اﻟﺬي أﺿﻔﻨﺎه ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ ،واﻟﺒﺎﻟﻎ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺪﻓﻊ ﻫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﺪة؟ ٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎت دوﻻر ،إذا اﺿﻄ ﱠﺮ ِت اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ ١٢٥ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا رﻗﻤً ﺎ ﻛﺒريًاْ ، ﻟﻜﻦ داﺧ َﻞ اﻗﺘﺼﺎد ً ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻘﺪا ُرﻫﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ واﺣﺪ ﻳﺒﻠﻎ ﺣﺠﻤﻪ ١٥ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻳﻌﺎدل ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ .ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻔﻜﺮة ﻫﻨﺎ ﻫﻲ أن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻻ ﻳﻔﺮض أي ﻋﺐء ﻋﲆ ً اﻹﻃﻼق ،وإﻧﻤﺎ أن أرﻗﺎم اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺼﺎدﻣﺔ َ ري ﻣﻦ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻛﺎرﺛﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪر املﺰﻋﻮم ﰲ ﻛﺜ ٍ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺤﻮر املﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن .وﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﺪرﻛﻮا ذﻟﻚ ،ﺳﺘﺪرﻛﻮن ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺪى ﺧﻄﺄ ِ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ إﱃ اﻟﻌﺠﺰ. ﺣﻤﺎﻗﺔ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻘﺼري اﻷﺟﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤ ﱠﻮ َل ﺗﺮﻛﻴ ُﺰ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻋﻦ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ إﱃ اﻟﻌﺠﺰ — وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪ َ َث ﰲ أواﺧﺮ ﻋﺎم ٢٠٠٩ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ،وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺷﺎر َﻛ ْﺖ إدار ُة أوﺑﺎﻣﺎ ﻓﻴﻪ — ﻧﺘَﺞَ ﻋﻦ ﻫﺬا ْ وﺿ ُﻊ ﺣ ﱟﺪ ملﻘﱰﺣﺎت زﻳﺎدة اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ واﻟﺘﺤ ﱡﺮك ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻧﺤﻮ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق .وﻣﻦ ﺟﱪ ْت ﻋﲆ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ أ ُ ِ 159
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ْ ٍ ﻓﺎﺗﺠﻬﺖ إﱃ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒري ٍة ﺗﺰا ُﻣﻨًﺎ ﻣﻊ ﻧﻔﺎد ﻧﻘﻮد اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ، ٍ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﴪﻳﺢ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ املﻌﻠﻤني ،وﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ﻣﻄﺎﻟِﺐُ ري؛ ﺑﺘﺨﻔﻴﻀﺎت أﻛﱪ ﺑﻜﺜ ٍ ﻧﻈ ًﺮا ﻻﺳﺘﻤﺮار اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻀﺨﻢ ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ. ُ اﻟﺘﴫﱡف ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ ﻣﻦ املﻨﻈﻮر اﻻﻗﺘﺼﺎدي؟ ﻫﻞ ﻛﺎن ذﻟﻚ َﻓ ْﻠﻨﻔ ﱢﻜﺮ ﰲ اﻷﺛﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﻤﻘﺪار ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﱢ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ — ﻣﺠ ﱠﺪدًا — اﺳﺘﻤﺮا َر اﻟﻜﺴﺎد ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﺘﺤ ﱡﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﻗﺪ َ وﺻ َﻠ ْﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ ،وﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻘ ﱢﻠ َﻞ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎقَ .و ْﻟﻨﺘﺬﻛ ْﺮ أن اﻹﻧﻔﺎق ﻳﺴﺎوي اﻟﺪﺧﻞ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻧﺨﻔﺎض املﺸﱰﻳﺎت َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ،وﻣﻊ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺪﺧﻞ، اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ اﻟﻨﺎﺗﺞَ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺳﻴﻌﻤﺪ املﻮاﻃﻨﻮن إﱃ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻧﻔﻘﺎﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ اﻟﺪﺧﻞ ،واملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﻔﺾ ﰲ اﻟﻨﻔﻘﺎت ،وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ. ُ َ ﺣﺴﻨًﺎَ ،ﻓ ْﻠﻨﺘﻮﻗﻒ ﻫﻨﺎ ً ﻗﻠﻴﻼ :ﺳﻮف ﻳﺤﺘﺞﱡ اﻧﺨﻔﺎض ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻗﺎﺋﻠني إن اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻳﻌﻨﻲ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻌﺐء اﻟﴬﻳﺒﻲ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ أﻟﻴﺲ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ْ إذن أن ُ ً ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ أن ﻳﻨﺨﻔﺾ؟ أ َﻟ ْﻦ ﻳﺆدﱢي ﻳﺰداد إﻧﻔﺎق اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص إﱃ ارﺗﻔﺎع اﻟﺜﻘﺔ ،ﺑﻞ رﺑﻤﺎ ﻳﻔﴤ ً ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي؟ أﻳﻀﺎ إﱃ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻟﻘﺪ ﻟﺠﺄ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﻔﻮذ إﱃ ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺔ ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﺗُﻌ َﺮف ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺒﺪأ ﱡ ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻌﻲ« ،وﺳﺄﺗﻨﺎول ﻫﺬا املﺬﻫﺐَ ﺑﴚء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ، »اﻟﺘﻘﺸﻒ ً وﺧﺎﺻﺔ ﻛﻴﻒ ﺻﺎر ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ ِزﻣﺎم اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﺪاﺋﺮة ﰲ أوروﺑﺎ .وﻟﻜﻦ ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ﻫﻨﺎ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻻ ﻣﻨﻄﻖ ﻫﺬا املﺒﺪأِ وﻻ اﻷدﻟﺔ املﺰﻋﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ُﻗﺪﱢﻣﺖ ﺳﻨﺪًا ﻟﻪ ﺛﺒﺘَ ْﺖ ﺻﺤﺘﻬﻤﺎ؛ ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻧﻜﻤﺎﺷﻴﺔ ﻫﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻧﻜﻤﺎﺷﻴﺔ. إذَ ْن دﻋﻮﻧﺎ ﻧﻌُ ْﺪ إﱃ ﻣﻮﺿﻮﻋﻨﺎ؛ إن ﺧﻔﺾ ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﰲ َ ﱢ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﺳﻴﺆدﱢي إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺗﺨﻔﻴﺾ املﺸﱰﻳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،أم ﺑﺼﻮرة ﻏري ﻣﺒﺎﴍة؛ ﻷن ﺿﻌﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﺆدﱢي إﱃ ٌ ﺟﺮ ْ أﺑﺤﺎث ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﻛﺜرية ﻋﲆ ﻫﺬه اﻵﺛﺎر ﻣﻨﺬ ﻳﺖ ﺧﻔﺾ إﻧﻔﺎق اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص .وﻗﺪ أ ُ ِ َ ﺣﻠﻮل اﻷزﻣﺔ ) َﻟ ﱠﺨ ُ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﰲ ﺗﺬﻳﻴﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب( ،وﺗﺸري إﱃ أن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺼﺖ ﺳﺘﻜﻮن اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ١٥٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر أو أﻛﺜﺮ. 160
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﻳﺨﱪﻧﺎ ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﻔﻮر أن ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻟﻦ ﻳﺆدﱢي ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ ﺧﻔﺾ اﻟﺪﻳﻮن ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر؛ وذﻟﻚ ﻷن ﺿﻌﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺳﻴﺆدﱢي إﱃ ﺧﻔﺾ اﻹﻳﺮادات )ﻛﻤﺎ ﻳﺆدﱢي ﻛﺬﻟﻚ إﱃ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ﺑﺮاﻣﺞ املﺴﺎﻋﺪات اﻟﻄﺎرﺋﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﺴﺎﺋﻢ اﻟﻐﺬاء وﺗﺄﻣني اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ( .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ ﱠأﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﺻﺎﰲ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻋﻦ ﻧﺼﻒ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻷﺻﲇ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق. ﱢ ﻳﺤﺴﻦ اﻟﻮﺿ َﻊ املﺎﱄ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻟﻴﺲ وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻫﺬا ﻗﺪ ﺑﺎﻟﴬورة؛ ﻓﺎﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﻳﺸﻬﺪه اﻗﺘﺼﺎ ُد ﺑﻼدﻧﺎ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻻ ﻳﺴﺒﱢﺐ ﻣﻌﺎﻧﺎ ًة ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻟﻪ ﺗﺄﺛريٌ ﻫﺪﱠام ﻋﲆ آﻓﺎق املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ً أﻳﻀﺎ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳَ َ ﻋﻤﻞ ﻣﻌ ﱠﺮﺿﻮن إﻣﺎ ﻟﻔﻘﺪ ﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ وإﻣﺎ إﱃ اﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻏري ﺻﺎﻟﺤني ﻈ ﱡﻠﻮن ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﻼ ٍ ص ﻋﻤﻞ ﻳﻮ ﱢ ﻟﻠﺘﻮﻇﻴﻒ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ .ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﺨﺮﻳﺠﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺠﺪون ُﻓ َﺮ َ ﻇﻔﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ِ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮاﻫﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ. ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮه ،ﻳﺼري ﻗﺪ َرﻫﻢ اﻟﺪاﺋﻢ اﻟﻌﻤ ُﻞ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﺑﻤﺎ أن اﻟﴩﻛﺎت ﻻ ﺗﻠﺠﺄ إﱃ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم وﺟﻮد زﺑﺎﺋﻦ ،ﻓﺴﻴﺼﻄﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻘﻴﻮد ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرات ﰲ ٍ وﻗﺖ أﻗﺮب ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪأ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف؛ وأيﱡ ﳾء ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺰﻳﺪ ﻛﺴﺎ َد اﻻﻗﺘﺼﺎد ً ﺳﻮف ﻳﻔﺎﻗِ ﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه املﺸﻜﻼت ،وﻳﻘ ﱢﻠﻞ ُﻓ َﺮ َ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ص اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى اﻟﻘﺼري. ﱡ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت املﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﺤﺘﻰ ْ إن ﻛﺎن ﺧﻔﺾ واﻵن َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻹﻧﻔﺎق ﺳﻴﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ املﺴﺘﻘﺒﲇ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻗﺪرﺗﻨﺎ ﻋﲆ ﺗﺤﻤﱡ ﻞ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن ،ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒ ِﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ ُ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ً ﻣﺜﻼ .إذَ ْن ِ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺤﺴني املﺴﺘﻘﺒﻞ املﺎﱄ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدﱢي ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞَ ﻋﻜﺴﻴ ٍﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻦ املﻨﻈﻮر املﺎﱄ ً اﺣﺘﻤﺎﻻ ﻣﺴﺘﺒﻌﺪًا؛ ﻓﻘﺪ َد َر َس ﺑﺎﺣﺜﻮن ﻣﻬﻤﱡ ﻮن ﰲ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ اﻟﻀﻴﱢﻖ .وﻟﻴﺲ ﻫﺬا َ اﻷدﻟﺔ املﺘﺎﺣﺔ ،وأﺷﺎروا إﱃ أن ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻤﺎل ﺣﻘﻴﻘﻲ. ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﰲ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ،ﻻ ﻳﻬﻢ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺗﻨﻔﻴﺬُ إﺟﺮاءات اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺴﺎد ﺳﻴﴬ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ املﺎﱄ ﻟﻠﺒﻼد أم أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻘﺪﱢم ﻟﻪ ﻣﺴﺎﻋﺪ ًة ﺗُﺬ َﻛﺮ؛ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻫﻮ أن ﻣﺮدو َد اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷوﻗﺎت ً ﺿﺌﻴﻼ ،ورﺑﻤﺎ ﻣﻨﻌﺪﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس ،ﰲ ﺣني أن ﺗﻜﻠﻔﺘﻬﺎ ﺑﺎﻫﻈﺔ؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﺬا ﻫﻮ ﺳﻴﻜﻮن ً ُ ﻫﻮاﺟﺲ اﻟﻌﺠﺰ. إﻃﻼﻗﺎ ﻟﺘﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻮﻗﺖ املﻨﺎﺳﺐ 161
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ داﺋﻤً ﺎ وﻟﻜﻦ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗُﻪ ،ﺛﻤﺔ ﺣﺠﺔ واﺣﺪة ذات ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ ِ ﻛ ﱡﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺤﺎول ﻣﺤﺎرﺑﺔ َﻫﻮَس اﻟﻌﺠﺰ؛ وﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺠﻴﺐَ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻓﻴﻬﺎ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ؟ ً ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ — ﺿﺪ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ إﺣﺪى اﻟﺤﺠﺞ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ — اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ٌ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻛﺜﺮة اﻟﺪﻳﻮن ،واﻵن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮاﻫﻦ ﰲ اﻵﺗﻲ» :أﻧﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﺗﻘﻮل إن ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ ﺗﻘﻮل إن اﻟﺤ ﱠﻞ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﻣﺮاﻛﻤﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن .ﻟﻴﺲ ﰲ ذﻟﻚ ذ ﱠر ٌة ﻣﻦ املﻨﻄﻖ«. َ ﱠ وﻣﺮاﺟﻌﺔ وﻟﻜﻦ ﴍْﺣَ ﻪ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ أﻣ َﺮﻳﻦ :ﺗﻔﻜريًا ﻣﺘﻤﻌﱢ ﻨًﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﺬا ﻛﻼم ﻣﻨﻄﻘﻲ؛ اﻟﺴﺠﻼت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ. ﺻﺤﻴﺢ أن اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻦ أﻣﺜﺎﱄ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺳﺒﺐ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي وﻗﻌﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻳﻌﻮد ٍ ﴎ ،اﻟﺬي ﻣﻬﱠ َﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ ،ﺣني دﻳﻮن ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒري ٍة إﱃ ﺗﺮا ُﻛ ِﻢ ﻗﻄﺎع اﻷ ُ َ ِ ِ ِ ﺟﱪت اﻷ ُ َﴎ ا ُمل َ ﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن ﻋﲆ ﺧﻔﺾ إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ .ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ إ َذ ْن ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن أن أُ ِ ﻳﻜﻮن ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ؟ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ أن ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺔ املﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻺﻧﻔﺎق ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﺗﻔﱰض — ﺿﻤﻨًﺎ — أن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻫﻮ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ،وﻻ ﻳﻬﻢ ﻣَ ﻦ ﻫﻮ اﻟﻄﺮف ا َملﺪﻳﻦ ،إﻻ أن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺻﺤﻴﺤً ﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ،ملﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس؛ ﻓﻔﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ،ﻋﻨﺪ إﻟﻘﺎء ﻧﻈﺮة أوﻟﻴﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻫﻮ ﻣﺎ ٌل ﻧَﺪِﻳﻦ ﺑﻪ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ .ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ،ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻠﺼني ودول أﺧﺮى ،وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،ﻓﺼﺎﰲ َدﻳْﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ُ ﺗﺠﺎﻫ ِﻞ اﻟﻌﻨﴫ اﻷﺟﻨﺒﻲ — ﻟﻠﺪول اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺻﻐري ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وﻻ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻣﺤﻮ َر املﺸﻜﻠﺔ .وﻣﻊ ً ﻓﺎرﻗﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ أو ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻜ ﱟﻞ — ﺳﻨﺠﺪ أن املﺴﺘﻮى اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ ﻻ ﻳﺼﻨﻊ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ أﺻﻮل ﺷﺨﺺ َ آﺧﺮ. إﱃ ﺻﺎﰲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ؛ ﻓﺪﻳﻮن ٍ وﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻤﺴﺘﻮى اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻣﻬ ﱞﻢ ﻓﻘﻂ إذا ﻛﺎن ﺗﻮزﻳ ُﻊ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ؛ أيْ إذا ً ُ ُ ٍ اﻷﻃﺮاف املﻨﺨﻔﻀﺔ ﺗﻮاﺟﻬُ ﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻲ ﻣﻌﻮﻗﺎت اﻷﻃﺮاف املﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن واﺟﻬَ ِﺖ ِ ً ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ؛ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻳﻤﻜﻦ ﻻﻗﱰاض ﺑﻌﺾ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ؛ ﻫﺬا ﻣﻌﻨﺎه أن اﻟﺪﻳﻮن ﻟﻢ ﺗﻨﺸﺄ اﻟﺠﻬﺎت ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ أن ﻳﺴﺎﻋِ َﺪ ﰲ ﻋﻼج املﺸﻜﻼت اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻻﻗﱰاض اﻟﺰاﺋﺪ ﻟﺠﻬﺎت أﺧﺮى ﰲ املﺎﴈ. َ َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ إﱃ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺰاوﻳﺔ :ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ،ﻻ ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﺑﺄ ْﴎه ﺑﺼﺪدِ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻻ ﻳﺘﺤ ﱠﻠﻮْن ﺑﺎﻟﺼﱪ اﻗﱰاض املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻟﺠﻮء ِ ِ 162
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﻋﺎﺟﻼ وﻟﻴﺲ ً ً آﺟﻼ — إﱃ اﻻﻗﱰاض ﻟﺴﺒﺐ ﻣﺎ أن ﻳﻨﻔﻘﻮا ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون — ِ ٍ ﻗﻠﻖ أوﻟﺌﻚ ﻣﻤﱠ ْﻦ ﻫﻢ أﻛﺜﺮ ﺻﱪًا .وﺗﺘﻤﺜﱠﻞ اﻟﻘﻴﻮد اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أﻣﺎم ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﻗﱰاض ﰲ ِ املﻘﺮﺿني اﻟﺼﺒﻮرﻳﻦ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺳﺪاد ﻧﻘﻮدﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻀﻊ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻘﺪرة ﻛ ﱢﻞ ﻓﺮد ﻋﲆ اﻻﻗﱰاض. أﺟﱪ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٨ﻛﺎن اﻧﺤﺪا ًرا ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ،وﻗﺪ َ َ ٍ ﺑﴪﻋﺔ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﻘﻠﻴ َﻞ اﻹﻧﻔﺎق ﻛﺜريًا .املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻌﺪﻳ ُﻞ املﺪﻳﻨني ﻋﲆ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﻢ أن اﻟﺪاﺋﻨني ﻟﻢ ﻳﺠﺪوا أيﱠ ﺣﺎﻓﺰ ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﻹﻧﻔﺎق املﺰﻳﺪ .ﺗﺴﺎﻋﺪ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﻨﺨﻔﻀﺔ ﺗﺤﺴني اﻟﻮﺿﻊ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺷﺪة »ﺻﺪﻣﺔ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﺪﻳﻮن« ،ﺣﺘﻰ اﻟﺼﻔﺮ ﻟﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﻋﲆ ِ ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟِﺤَ ﻤْ ﻠﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﻞء اﻟﻔﺠﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﻧﻬﻴﺎ ُر ﰲ اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺳﻌ ًﺮا ُ ُ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ ﻫﻲ ﻛﺴﺎ َد اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﺤﺴﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺴﺒﱠﺐَ اﻧﺨﻔﺎض ﺟﺎﻧﺐ املﺪﻳﻨني .وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﱡ واﻟﺘﻀﺨﻢ )ﺑﻞ واﻧﻜﻤﺎش اﻷﺳﻌﺎر( ﰲ زﻳﺎد ِة ﺻﻌﻮﺑ ِﺔ ﺳﺪاد اﻟﺪﻳﻮن ﻋﲆ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺪﺧﻞ املﺪﻳﻨني. ٍ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﺎ ﻟﺨﻔﺾ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻣﺎذا ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻔﻌﻞ؟ أﺣﺪ اﻟﺤﻠﻮل ﻫﻮ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ، اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ ،وﻳﻤﻜﻦ ﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن أن ﻳﺆدﱢي ﻫﺬا اﻟﺪو َر — وﻛﺬﻟﻚ إذا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌْ ﻨﺎ اﻟﻮﺻﻮ َل إﻟﻴﻪ — أن ﻳﻘﻮم ﺑﺪورﻳﻦ :ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺘﺴﺒﱠﺐ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺣﻘﻴﻘﻲ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺳﻴﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ. ﺳﻌﺮ ﻓﺎﺋﺪ ٍة ﱟ ِ ِ ٍ ﺻﺤﻴﺢ أن ﻫﺬا ﺳﻴﻜﻮن ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻜﺎﻓﺄ ِة املﺪﻳﻨني ﻋﲆ ﺗﺠﺎوزاﺗﻬﻢ ﰲ املﺎﴈ، ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ وﻟﻜﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻴﺲ ﻣﴪﺣﻴﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ .وﺳﺄﺗﻨﺎول اﻟﺘﺎﱄ. ِ ﺳﺄﻋﻮد ِﻟ َﻠ ٍ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي ﺑﺄن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻟﻴﺲ ﻛﻠﻪ ﺳﻮاءً؛ ﺻﺤﻴﺢ أن ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺤﻈﺔ إﱃ ﱠ ِ وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺰاﻣﺎت املﺪﻳﻨني، وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻘ ﱢﻠﻞ أﺻﻮ َل اﻟﺪاﺋﻨني، ٍ املﺪﻳﻨني ﻳ َ ُﺠﱪون ﻋﲆ ﺧﻔﺾ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ،ﰲ ﺣني أن اﻟﺪاﺋﻨني ﻻ ﻳﻀﻄﺮون ﻟﻬﺬا؛ وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺄﺛريُ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻪ إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﻛﺎﻓﺔ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎد. ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ أو ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻦ ،أو ﻟﻢ ﻳُﻘﺒَﻞ ،اﻟﻮﺻﻮ ُل إﱃ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ؟ ﱠ ْ ْ ﻟﻨﻔﱰض أﻧﻪ ﻟﻨﻔﱰض أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﻃﺮف ﺛﺎﻟﺚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺪﺧ َﻞ ،وﻫﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ؛ ﺣﺴﻨًﺎ، ِ ِ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﻘﱰض ﻟﻔﱰ ٍة ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻨﻘﻮ َد املﻘﱰَﺿﺔ ﻟﴩاء أﺷﻴﺎء ﻣﻔﻴﺪة ﻣﺜﻞ أﻧﻔﺎق اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ﺗﺤﺖ ﻧﻬﺮ ﻫﺪﺳﻮن ،أو دﻓﻊ رواﺗﺐ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻲ املﺪارس؛ 163
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺟﺪٍّا؛ ﻷن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺳﻮف إن اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﺳﺘﻜﻮن ﻄ ًﻠﺔ ﻟﻮﻻ ﱡ ﻇﻒ املﻮار َد اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﻣﻌ ﱠ ﺗﻮ ﱢ ﻳﻴﴪ ﻋﲆ ﺗﺪﺧﻠُﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬا ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﱢ َ ُ املﺪﻳﻨني ﺳﺪا َد دﻳﻮﻧﻬﻢ .وإذا ﺣﺎﻓ َ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﲆ ﻣﻌﺪﻻت إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻟﻔﱰ ٍة ﻛﺎﻓﻴ ٍﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻈ ِﺖ ٍ ملﺮﺣﻠﺔ ﻻ ﻳﻀﻄﺮون ﻓﻴﻬﺎ إﱃ اﻟﻠﺠﻮء ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﺾ اﻟﻄﺎرئ ﻟﻠﺪﻳﻮن؛ ﺣﻴﺚ أن ﺗﺼﻞ ﺑﺎملﺪﻳﻨني ﻻ ﺗﻌﻮد ﺛﻤﺔ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻠﺠﻮء إﱃ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﺎﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ. ﺻﺤﻴﺢ أن ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺨﺎص ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺪ اﺳﺘُﻌِ ﻴﺾ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﻌﺎم ،وﻟﻜﻦ املﻬﻢ ﻫﻮ أن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﺤ ﱠﻮ َل ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﴬﱡ دﻳﻮﻧُﻬﺎ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد، ﻣﺸﻜﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﺣﺘﻰ ْ ُ إن ﻇ ﱠﻞ املﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎ ﱡم ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ. وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻘ ﱡﻞ ً ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻇﺎﻫﺮﻳٍّﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إذَ ْن ﻓﺨﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ﻫﻲ أن اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ٌ ﺧﺎﻃﺌﺔ .ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ ﻋﻼج اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﺑﺄن اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻋﻼج اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ؛ َ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪﻳﻮن أﻛﺜ َﺮ ﻓﻌﻼ ،واﻟﺒﺪﻳﻞ ﻫﻮ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻌﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﺳﺘﻌﺼﺎءً ﻋﲆ اﻟﺤﻞ. ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻫﺬه ﻣﺠﺮد ﻗﺼﺔ اﻓﱰاﺿﻴﺔ؛ ﻓﻬﻞ ﺛﻤﺔ أيﱡ أﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺛﻤﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ؛ َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ ﻟِﻤَ ﺎ ﺣﺪث ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ﻃﺎملﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺐُ اﻧﺘﺸﺎل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ِ َ وﺑﺎﻣﺘﻴﺎز .أﻣﺎ اﻟﺴﺆال ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﻠﺐ، واﺿﺤً ﺎ ﺟﻠﻴٍّﺎ؛ ﻓﺎﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي ﺣ ﱠﻞ ٍ ُ ٍ ﻻﻧﺘﻜﺎﺳﺔ وﺗﺴﻘﻂ ﻣﺠ ﱠﺪدًا ﰲ ﻫ ﱠﻮ ِة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺼﻌﺐ ﻓﻬﻮ :ملﺎذا ﻟﻢ ﺗﺘﻌ ﱠﺮ ِض ٌ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺤﺮب؟ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﱠ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﻬري ٌة؛ ﻇﻦ ﻛﺜريون أن ﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث؛ وﺛﻤﺔ ﺘﺎﺟﺮ اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة آﻧﺬاك ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺘﺠﺮ ﻣﻮﻧﺘﺠﻮﻣﺮي وارد — أﺣﺪ أﻛﱪ ﻣَ ِ — اﻟﺬي ﺗﺮاﺟَ َﻊ ﻧﺸﺎ ُ ﻃﻪ ﻋﻘﺐ اﻟﺤﺮب ،ﺑﺴﺒﺐ أن رﺋﻴﺴﻪ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻇ ﱠﻞ ﻳﻜﺘﻨﺰ اﻟﻨﻘﻮ َد اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ اﻋﺘﻘﺎدًا ﻣﻨﻪ ﺑﺄن اﻟﻜﺴﺎد ﺳﻴﻌﻮد ،وﺧﴪ أﻣﺎم ﻣﻨﺎﻓِ ِﺴﻴﻪ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻐﻠﻮا ﻓﱰ َة اﻻزدﻫﺎر اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮب. ٌ ﱡ اﻟﺘﻮﺳ َﻊ اﻟﺬي ﺣﺪث ﰲ وﻗﺖ ﻓﻠﻤﺎذا ﻟﻢ ﻳَﻌُ ِﺪ اﻟﻜﺴﺎدُ؟ ﺛﻤﺔ إﺟﺎﺑﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻣﻔﺎدُﻫﺎ أن وﺧﺎﺻﺔ ﰲ أﻋﻘﺎﺑﻬﺎ — ﱠ ً ﱡ ﺧﻔ َ ﻒ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻜﺒري ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب، اﻟﺤﺮب — ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻫﺎﺋﻞ؛ ﻓﺄﺻﺒَﺢَ ﻋﺐءُ دﻳﻮن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﺐءَ اﻟﺪﻳﻮن ﻋﻦ ﻛﺎﻫﻞ اﻷ ُ َﴎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ٍ أﺟﻮر ﺟﻴﺪ ٍة ﺧﻼل اﻟﺤﺮب — ﰲ ﺣني أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻏري ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ اﻻﻗﱰاض ﻳَﺤْ ﺼﻠﻮن ﻋﲆ ٍ َ ري ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ دﺧﻮﻟﻬﻢ؛ ﻣﻤﺎ ﺗﺮك ﻟﻬﻢ ﺣﺮﻳﺔ اﻻﻗﱰاض واﻹﻧﻔﺎق ري — أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ 164
وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ؟
ﻋﲆ ﻣﻨﺎزل ﺟﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﻀﻮاﺣﻲ .وﺳﺎد َِت اﻟﻄﻔﺮ ُة اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻣﻊ ﺗﺮاﺟُ ﻊ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ َ ﱡ واﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻠﻨﻤ ﱢﻮ اﻟﺤﺮب ،وﻣ ﱠﻜ َﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻷﻗﻮى ،اﻟﺬي ﺗﻼ اﻟﺤﺮبَ ، ﺑﺨﻔﺾ َدﻳْﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ. ﻟﺨﻮض اﻟﺤﺮب ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﺎﻟﺤ ﱢﻞ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻛﺎن ارﺗﻔﺎع اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ِ ٍ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ﻓﻴﻬﺎ زﻳﺎد ُة دﻳﻮن اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم .إذَ ْن ﻓﺎﻟﺸﻌﺎر َ أﺳﺎس ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ. اﻟﺬي ﻳﺒﺪو ﻣُﻘﻨِﻌً ﺎ ﺑﺄن اﻟﺪﻳﻮن ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﺪﻳﻮن ﻻ ملﺎذا ﻫﺬا اﻟﻬﻮس ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ؟ ﻟﻘﺪ رأﻳﻨﺎ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ أن »اﻟﺘﺤ ﱡﻮ َل« اﻟﺬي ﺣﺪث ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة )وﻛﺬﻟﻚ ﰲ أوروﺑﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى( َ اﻻﺳﺘﻐﺮاق ﰲ اﻟﺬﱡﻋْ ﺮ ﻣﻦ ﺷﺒﺢ ﻋﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻮﻇﺎﺋﻒ إﱃ اﻟﻌﺠﺰ ﻛﺎن ﺧﻄﺄ ً ﻛﺒريًا ،إﻻ أن اﻟﻌﺠﺰ ﺳﻴ َ ﻄ َﺮ ﻋﲆ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﻨﻘﺎش ،وﻻ ﻳﺰال ﻣﺤﻜِﻤً ﺎ ﻗﺒﻀﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ً ﻻﺣﻘﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻧﺼﻞ إﱃ ﻳﺤﺘﺎج ﻫﺬا ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺴري ،وﺳﻮف أﻗﺪﱢﻣﻪ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ،أو ﱡد أن أﺗﻨﺎول ذُﻋْ ًﺮا َ آﺧﺮ ﻛﺎن ﻟﻪ ﺗﺄﺛريٌ ﻗﻮيﱞ ﻋﲆ اﻟﺨﻄﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎدي — ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ. ﺣﺘﻰ رﻏﻢ دﺣْ ِﺾ اﻷﺣﺪاث اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار — وﻫﻮ اﻟﺬﱡﻋْ ﺮ ﻣﻦ
165
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ
اﳋﻄﺮ اﻟﻮﳘﻲ
ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ ﻫﻞ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﺑﺎﻳﻦ :إ َذ ْن ﻣﺎ رأﻳﻚ ﻳﺎ ﺑﻴﱰ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ َ اﻟﺤﺪث اﻷﻛﱪ ﻟﻌﺎم ٢٠١٠؟ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﺳﻴﺰداد ﺳﻮءًا ﰲ ٢٠١٠؛ ﻻ أﻋﻠﻢ ْ إن ﻛﺎن ﺷﻴﻒ :أﻋﺮف أن ﺳﻴﺴﺘﻔﺤﻞ ﺧﻼﻟﻪ ،أم ﺳﻴﻨﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ٢٠١١أو ،٢٠١٢ﻟﻜﻦ ﻣﺎ أﻋﻠﻤﻪ ﻫﻮ ً ﺳﻨﻮاﺟ ُﻪ َ أزﻣﺔ ﻋُ ٍ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺮﻳﺐ؛ وﻫﻲ اﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﺗﻄﻐﻰ ﻋﲆ ﻤﻠﺔ أﻧﻨﺎ ِ َ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء ،وﻛﺬﻟﻚ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،وﺗﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺒﻠﻎ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة وﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ. اﻟﺨﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﻴﱰ ﺷﻴﻒ »ﻧﺼري املﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ« ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺟﻠني ﺑﻴﻚ ٢٨ ،دﻳﺴﻤﱪ ٢٠٠٩ ﻗﻀﻴﺔ زﻳﻤﺒﺎﺑﻮي/ﻓﺎﻳﻤﺎر َ ً اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ — اﻛﺘ ﱠ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﺬ ﱠ ﻈ ِﺖ ﺗﻮﱃ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ — ﱡ ُ اﻟﱪاﻣﺞُ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻗﺪ أﺻﺒَﺢَ ﻗﺎب وﺻﻔﺤﺎت اﻟﺮأي ﺑﺎﻟﺘﺤﺬﻳﺮات اﻟﺨﻄرية ﻣﻦ أن ارﺗﻔﺎع ﱡ ﱡ ُ ﺑﺎﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺠﺎﻣﺢ اﻟﺘﻨﺒﺆات اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻓﺤﺴﺐ؛ وإﻧﻤﺎ ﺷﺎﻋَ ِﺖ ﻗﻮﺳني أو أدﻧﻰ ،وﻟﻴﺲ اﻟﺸﺎﻣﻞْ ، وﺳري اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﲆ ﺧﻄﻰ زﻳﻤﺒﺎﺑﻮي اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ أو أملﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻓﺎﻳﻤﺎر ﰲ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ. ﱡ ُ ﻣﺨﺎو َ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺑﻘﻮةٍ، ف اﻟﻄﺮف اﻷﻳﻤﻦ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻋﺘﻨ َ َﻖ ِ َ اﻋﺘﻨﺎﻗﻪ ﻓِ ْﻜ َﺮ املﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎدَ ، وأﺧﺬ وﻗﺪ ﺗﺮأ ﱠ َس رون ﺑﻮل — اﻟﺬي أﻋ َﻠ َﻦ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
َ ﱡ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ املﻌ ِﻨﻴ َﱠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺑﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﻀﺨﻢ — ﻳُﻨﺬِر ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ﻣﻦ اﻟﻨﻮﱠاب ،وﻳﺠﺐ أﻻ ﻳُﻌْ ِﻤﻴَﻨﺎ ﻓﺸ ُﻞ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻪ اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻋﻦ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﰲ ﺗﺤﻮﻳﻞ أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﱃ ﻋﻘﻴﺪ ٍة ﻟﺪى اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني؛ ﻓﻨﻮﱠاب اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن َوﺑﱠﺨﻮا ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻷﻧﻪ »ﺧﻔﺾ ﻗﻴﻤﺔ« اﻟﺪوﻻر ،وﻳﺘﺒﺎرى ﱠ ﻣﺮﺷﺤُ ﻮ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﰲ إداﻧﺘﻬﻢ ﱡ اﻟﻀﺎرﻳﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﺘﻲ ﻳﺰﻋﻤﻮن أﻧﻬﺎ أد ْ اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ ﺣﻴﺚ ﱠت إﱃ َ َ »ﺳﻴﻠﻘﻰ رﺋﻴﺲ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻦ أﻧﻪ: ﺗﻔﻮ َﱠق ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ رﻳﻚ ﺑريي ﺑﺘﺤﺬﻳﺮه ً ً ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻌﻴﺔ. َﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻨﱠﺎ ﺳﻴﺌﺔ ﺟﺪٍّا ﰲ ﺗﻜﺴﺎس« إذا اﺳﺘﻤَ ﱠﺮ ﰲ اﺗﱢﺒ ِ ﱡ َ اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ ﻓﻘﺪ ﻣﺨﺎوف وﻟﻢ ﻳﻜﻦ املﻬﻮوﺳﻮن اﻟﻮاﺿﺤﻮن ﻫﻢ وﺣْ ﺪَﻫﻢ ﻣَ ﻦ روﱠﺟﻮا ﺑﺪور ً أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻘﺪ وﺟﱠ َﻪ آﻻن اﺿﻄﻠﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن املﺤﺎﻓﻈﻮن املﻨﺘﻤﻮن إﱃ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴﺎﺋﺪ ٍ ﻣﻴﻠﺘﴪ — ﺧﺒريُ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﻘﺪي املﻌﺮوف وﻣﺆ ﱢرخ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — رﺳﺎﻟﺔَ ﺗﻬﺪﻳ ٍﺪ ووﻋﻴ ٍﺪ ﻋﲆ ﺻﻔﺤﺎت ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ﻳﻮم ٣ﻣﺎﻳﻮ ،٢٠٠٩ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ: إن ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺬي ﻳﺘﺤ ﱠﻜﻢ ﺑﻪ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻗﺮﻳﺐٌ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ، واﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﰲ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت اﻟﺒﻨﻮك — اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﴍاء ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﺣﺎ ﱟد إذا اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﻠﺴﻨﺪات واﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ — ﺳﺘﺘﺴﺒﱠﺐُ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﰲ ﺳﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺮار … ﴎﻳﻊ ﰲ ﻫﺎﺋﻞ ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ وﻧﻤ ﱟﻮ ﻋﺠﺰ ٍ ﻳﻮاﺟ ُﻪ ﻣﺎ ِ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﺒﻠﺪ ِ ﻧﻮاﺟﻬُ ﻪ ﻣﻦ ٍ ٍ ً اﻧﻜﻤﺎﺷﺎ؛ اﻧﺨﻔﺎض ﺳﻌﺮ اﻟﻌﻤﻠﺔ ،أن ﺷﻬﺪ اﺳﺘﻤﺮار واﺣﺘﻤﺎل اﻟﻌﺮض اﻟﻨﻘﺪي ِ ِ ِ ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻀﺨﻢ. ﻓﻬﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺗُﻨﺬِر ٍ وﻧﺼﻒ ﻣﻦ ﺗﺤﺬﻳﺮه ،ﻛﺎن ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺬي ﻳﺘﺤ ﱠﻜﻢ وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻣﺨﻄﺌًﺎ؛ ﻓﺒﻌﺪ ﻋﺎﻣني ﺑﻪ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻻ ﻳﺰال ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ،واﺳﺘﻤَ ﱠﺮ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ﴍاء اﻟﺴﻨﺪات واﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ،ﻣ ُِﻀ ً ﻴﻔﺎ املﺰﻳ َﺪ ﻟﻼﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت املﴫﻓﻴﺔ؛ وﻇ ﱠﻞ ﻋﺠْ ُﺰ ﱡ ً اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ﻛﺎن ٢٫٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ، ﻫﺎﺋﻼ ،إﻻ أن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﻌﺪل املﻴﺰاﻧﻴﺔ َ ﱢ وإذا اﺳﺘﺒﻌﺪْﻧﺎ اﻷﺳﻌﺎ َر املﺘﻘﻠﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واﻟﻄﺎﻗﺔ — اﻟﺘﻲ ﻗﺎل ﻣﻴﻠﺘﴪ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻪ ﱡ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﺳﺘﺒﻌﺎدﻫﺎ — ﻓﺴﻨﺠﺪ أن ﻣﺘﻮﺳ َ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻛﺎن ١٫٤ﰲ املﺎﺋﺔ ﻓﺤﺴﺐ. ﻂ ﻣﻌﺪل ﱡ ُ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺗﻠﻚ أدﻧﻰ ﻣﻦ املﻌﺎﻳري اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا — ﻛﻤﺎ ﻳﺮوق ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني وﻣﻌﺪﻻت ﱡ اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴني أن ﱢ اﻟﺘﻀﺨ ُﻢ ﰲ ﻋﻬﺪ أوﺑﺎﻣﺎ أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﻔﱰة ﻳﻮﺿﺤﻮا — ﻛﺎن 168
اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ
اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ املﺰﻋﻮﻣﺔ أﺛﻨﺎء ﻓﱰة اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﺮوﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ »ﻃﻠﻮع اﻟﻨﻬﺎر ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة«. ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻛﺎن أﻣﺜﺎﱄ ﻳﻌﺮﻓﻮن أن ﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﺘُﺴﻔِ ﺮ ﻋﻨﻪ اﻷﻣﻮر؛ أن وﺿﻊ اﻟﻜﺴﺎد .وﻗﺪ ﻋَ ﻠِﻤْ ﻨﺎ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺠﺎﻣﺢ ﻟﻦ ﻳَﺤﺪث ﻣﺎ دام اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﰲ ِ ري وﻧﻤ ﱟﻮ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ،٢٠٠٠ﺟﻤﻌَ ِﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﺑني ﻋﺠْ ٍﺰ ﻛﺒ ٍ ﱡ ﻟﺘﻀﺨ ٍﻢ ﺷﺪﻳﺪٍ، ﴎﻳﻊ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺴﺎدَ ،وﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻧﻘﺪيﱟ ٍ ً ً اﻋﺘﻘﺪت أﻧﺎ ً ُ ﻧﻮاﺟﻪ ﺻﺎدﻗﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻋﺎﻟﻘﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧﻜﻤﺎش .وﻟﻜﻲ أﻛﻮن ﺑﻘﻴﺖ أﻳﻀﺎ أﻧﻨﺎ ﻗﺪ ِ ً ُ ﺳﺒﺐ ﻋﺪم ﺣﺪوث ﻫﺬا. اﻧﻜﻤﺎﺷﺎ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﺑﺤﻠﻮل ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ،وﺳﺄﺗﺤﺪﱠث ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﱄ ﻋﻦ ِ ُ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﱠ َﺨﺬَﻫﺎ ﺑﻨ ُﻚ ﺻﺤﺔ اﻟﻨﺒﻮءة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن اﻹﺟﺮاءات وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺘَ ْﺖ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ. ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﻦ ﺗﺆدﱢي ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ ِ ً ﻣﻌﻘﻮﻻ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻓﻤﻊ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ إﻻ أن ﺗﺤﺬﻳ َﺮ ﻣﻴﻠﺘﴪ ﻳﺒﺪو ﺛﻤﻦ ﻛ ﱢﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺪات اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد — إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴ ُﻞ إﱃ دﻓﻊ ِ واﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﱰﻳﻬﺎ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — وﺗﺤﻤﱡ ﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ ﻋﺠ ًﺰا ﻳﺮﺑﻮ ﻋﲆ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ،ملﺎذا »ﻻ ﻧﺸﻬﺪ« ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺣﺎدٍّا ﰲ ﻣﻌﺪل ﺗﻜﻤﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻜﺴﺎد ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﰲ ﱢ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ،اﻟﺬي آﻣﻞ أن ﻳﻜﻮن ً ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻟﺪى اﻟﻘﺎرئ ،ﺣني ﺗﺼﺒﺢ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ وﺻ َﻠ ْﺖ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ ﻗﺪ ﺻﺎر ﻣﻔﻬﻮﻣً ﺎ ﱢ ﻟﺤﺚ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻜﺎﰲ ﻻﺳﺘﻌﺎدة ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ »ﻻ ﺗﻜﻮن« أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﻼزم ُ ﱡ واﻗﻌً ﺎ ﰲ ﱢ اﻟﺘﻀﺨﻢ ً ﻓﻌﻼ؛ ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد إﺟﺮاءً ﻳﺆدﱢي إﱃ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ،ﺗﺼﺒﺢ ٌ وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن واﻗﻌً ﺎ ﰲ ﱢ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻻ ﺗﺆدﱢي إﻟﻴﻪ ،ﺑﻞ ﻻ ﺗﻌﻮد ﺛﻤﺔ ﺗُﺬ َﻛﺮ ﻟ َﻜ ﱢﻢ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺒﻌﻬﺎ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ. دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ املﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ً ﻗﻠﻴﻼ ،ﺛﻢ ﻧﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. ﱡ واﻟﺘﻀﺨﻢ )أو اﻧﻌﺪاﻣﻪ( اﻟﻨﻘﻮد ،واﻟﻄﻠﺐ، ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺤﺪث ﻳﻌﻠﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ أن ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﺆدﱢي إﱃ ذﻟﻚ ﺗﺤﺪﻳﺪًا؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻫﻲ املﻔﺘﺎح ﻟﻔﻬﻢ ملﺎذا »ﻻ« ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻈﺮوف اﻟﺮاﻫﻨﺔ. 169
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺑﺎدئ ذي ﺑﺪء :ﻻ ﻳﻄﺒﻊ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﻨﻘﻮ َد ﻓﻌﻠﻴٍّﺎْ ، وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﴫﱡﻓﺎﺗﻪ اﻟﺨ َﺰ َ ﻗﺪ ﺗﺪﻓﻊ َ اﻧﺔ إﱃ ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد؛ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎر ﱠ أذون اﻟﺨﺰاﻧﺔ ،أو ﻣﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ أﺻﻮل ،ﻋﺎد ًة ﰲ ﺷﻜﻞ ﻳﺘﺪﺧ َﻞ — ﻫﻮ ﴍاءُ أن ٍ ِ ُ ﻧﻄﺎق ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻮل ﻛﺜريًا. اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻘﺼري اﻷﺟﻞ ،ﻟﻜﻦ ﰲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧرية اﺗﱠ َﺴ َﻊ َ ً ﻣﺒﺎﴍ ًة ،إﻻ أن ﻫﺬا ﻗﺮوﺿﺎ ﻟﻠﺒﻨﻮك ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻳﻘﺪﱢم ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻧﻔﺲ اﻟﴚء ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﴍاءً ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻘﺮوض .ﻣﺮﺑﻂ اﻟﻔﺮس ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﺼﺪر اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﴩاء ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻮل، ِ ﻳﺨﺎﻃﺐُ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺪم؛ ﺣﻴﺚ ﻋﺎر ً ﺿﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﴍاءَ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ١ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻣﻦ أذون ﺳﻴﺘﻲ ﺑﻨﻚ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ِ َ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﻫﺬه اﻷذون ﻟﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺨﺰاﻧﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳ َْﻘﺒﻞ ﺳﻴﺘﻲ ﺑﻨﻚ ﻫﺬا اﻟﻌﺮض ،ﻳﻨﻘﻞ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻳﻀﻴﻒ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻋﺘﻤﺎدًا ﻗﺪ ُره ﻣﻠﻴﺎ ُر دوﻻر إﱃ ً ﻛﺎﻓﺔ — ﻟﺪى اﻟﺤﺴﺎب اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻔِ ﻆ ﺑﻪ ﺳﻴﺘﻲ ﺑﻨﻚ — ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ) .ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺒﻨﻮك أن ﺗﺴﺘﺨ ِﺪ َم ﻫﺬه اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ ﻛﻤﺎ ُ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺸﻴﻜﺎت ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺳﺤﺐُ اﻟﻨﻘﻮد ﻧﺴﺘﺨ ِﺪ ُم ﻧﺤﻦ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻨﺎ املﴫﻓﻴﺔ؛ ﻓﻴﻤﻜﻨﻬﺎ إذا رﻏﺐ ﻋﻤﻼؤﻫﺎ ﰲ ذﻟﻚ (.وﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ رﺻﻴ ٌﺪ وراءَ ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻤﺎد املﴫﰲ؛ ﻓﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﺳﺘﺤﻀﺎر املﺎل إﱃ ﺣﻴ ِﱢﺰ اﻟﻮﺟﻮد ﻣﺘﻰ ﺷﺎء. اﻟﻔﻴﺪراﱄ وﺣﺪه ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﰲ ِ ً ﺧﺎﻣﻠﺔ وﻣﺎذا ﻳﺤﺪث ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؟ ﰲ اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﺳﻴﺘﻲ ﺑﻨﻚ ﰲ ﺗ ْﺮكِ ﻧﻘﻮده ﰲ ﺣﺴﺎب اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ؛ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗُ ِﺪ ﱡر ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﺑﺢ — ْ إن و ُِﺟﺪ — وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻘﻮم ﺑﺴﺤﺐ اﻟﻨﻘﻮد وإﻗﺮاﺿﻬﺎ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ اﻷﻣﺮ ﺑﻌﻮدة ﻣﻌﻈﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻮد املﻘ َﺮﺿﺔ إﱃ ﺳﻴﺘﻲ ﺑﻨﻚ ِ ِ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺠﺰءٍ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس ﰲ أو ﻏريه ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك — ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ وﻟﻴﺲ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻟﺮﻏﺒ ِﺔ َ إﻗﺮاض وﺗﻌﺎو ُد اﻟﺒﻨﻮك ﺛﺮوﺗﻬﻢ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﻋﻤﻠﺔ؛ أيْ أوراق ﺗﺤﻤﻞ ﺻﻮ َر اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺮاﺣﻠني — ِ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد إﻟﻴﻬﺎ ،وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ. َ ﱡ ٍ ِ ﺻﺎغ ﻣﺒﺎﴍةٍ؛ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻀﺨ ٍﻢ؟ ﻟﻴﺲ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤ ﱠﻮ ُل ﻫﺬا إﱃ ﱡ »اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺨﺎﻟﺺ« ،اﻟﺬي ﻳ َ ُﻘﺼﺪ ﺑﻪ اﻻﻋﺘﻘﺎد املﺪوﱢن ﻛﺎرل ﺳﻤﻴﺚ ﻣﺼﻄﻠﺤً ﺎ ﻣﻔﻴﺪًا؛ ﻫﻮ: ٍ ﻧﺤﻮ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻘﻮى ﰲ أن ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد ﺳﺘﺆدﱢي ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ إﱃ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﻋﲆ ٍ اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ ﻓﺎﻟﴩﻛﺎت ﻻ ﺗﻘ ﱢﺮر ْ َ َ ﱡ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ ،وﻫﺬه َ رﻓ َﻊ ﻋﻤﻞ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻃﺮﻳﻘﺔ ِ أﺳﻌﺎرﻫﺎ ﻷن املﻌﺮوض ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ﻗﺪ ازداد ،ﺑﻞ ﺗﺮﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎ َر ﺑﺴﺒﺐ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ،ﻓﺘﻈﻦ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ أن ﺗﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎ َرﻫﺎ دون أن ﺗﻔﻘﺪ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ املﺒﻴﻌﺎت .وﻻ 170
اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ
ﱡ أﺟﻮر أﻋﲆ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ ،ﺑﻞ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻳﻄﺎﻟِﺐ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﺑﺮواﺗﺐ أﻛﱪ ﻷﻧﻬﻢ ﻗﺮءوا ﻋﻦ ٍ ﻷن اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ أﺻﺒﺤَ ْﺖ أﻛﺜ َﺮ ﱡ ﺗﻮﻓ ًﺮا؛ وﻣﻦ ﺛﻢ زاد ْ َت ﻗﺪرﺗُﻬﻢ ﻋﲆ املﺴﺎوﻣﺔ .اﻟﺴﺒﺐ ﰲ أن ً ٍ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ أﺻﻮﻻ ﺑﻨﻘﻮ ٍد »ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد« — ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﴍاء ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﱡ َ ﱠ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،ﻫﻮ أن اﻟﻮﺻﻒ ﻗﺮﻳﺐٌ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ — ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ وﻟﻜﻦ ﺑﺄواﻣﺮ ﻋﻠﻴﺎ، ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﺗﺤ ﱢﺮﻛﻪ ﻣﺸﱰﻳﺎت ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺗﻠﻚ ﻳﺆدﱢي إﱃ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق واﻟﻄﻠﺐ. ُ ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد ﰲ ﺣﺪوث ﻳﺨﱪﻧﺎ ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﻔﻮر أن اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺒﱠﺐُ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﱡ َ ﻓﺪون ﺗﻠﻚ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻄﻔﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺒﱠﺐُ ﰲ ﻓﻮر ِة اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﱡ ﺗﻀﺨﻢٌ ،وإذا ﻇ ﱠﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺴﺎد ،ﻓﻼ داﻋِ َﻲ ﻷن ﻧﻘﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﻄﻔﺮة ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﺛﻤﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻤﻴﺔ ﻟﻄﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد. اﻟﻌﻮاﻗﺐ ﱡ ﱡ وارﺗﻔﺎع اﻟﺘﻀﺨ ِﻢ اﻟﺘﻀﺨﻤﻲ ،وﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ املﻌﻴﺐ اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ ﺑني وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺮﻛﻮد ِ ُ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ؟ ﻧﻌﻢ ،ﻫﺬا ﻳﺤﺪث ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺴﺒﱠﺐَ »ﺻﺪﻣﺎت اﻟﻌﺮض« — ﻣﺜﻞ ﻓﺴﺎدِ املﺤﺼﻮل أو اﻟﺤﻈﺮ اﻟﻨﻔﻄﻲ — ﰲ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر املﻮاد اﻟﺨﺎم ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﺑﺄﴎه .وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻟﺰﻳﺎدات ﰲ اﻷﺳﻌﺎر أن ﺗﺘﺤ ﱠﻮ َل ﱡ ِ ﺑﻤﺆﴍات ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﻋﺎ ﱟم إذا ﻛﺎن ﻛﺜريٌ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻋﻘﻮ ٍد ﻣﻘﱰﻧﺔ إﱃ ﱡ ﱠ وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻀﺨﻤﻲ. املﻌﻴﺸﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﰲ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﻋﻘﺪ اﻟﺮﻛﻮد اﻗﺘﺼﺎ َد اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩﻳﻦ ﻻ ﺗَ ْﻜﺜﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﺜ ُﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻮد ،وﻗﺪ واﺟﻬْ ﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﺪ َة ﺻﺪﻣﺎت ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ — أﺑﺮزﻫﺎ ﰲ — ٢٠٠٨-٢٠٠٧رﻓﻌَ ِﺖ اﻷﺳﻌﺎ َر اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺼﻞ ﻗ ﱡ ﻂ إﱃ اﻷﺟﻮر؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻢ ﺗﺘﺴﺒﱠﺐ ِ دواﻣﺔ اﻷﺟﻮر واﻷﺳﻌﺎر. ﰲ ﺣﺪوث وﻟﻜﻦ ﻣﺎ زال ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺼ ﱠﻮ َر أن ﻛ ﱠﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﴍاء اﻷﺻﻮل اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺑﻨ ُﻚ ﺟﺎﻣﺢ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ إﱃ ﱢ ﺗﻔﴚ ازدﻫﺎر اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺗﻠﻚ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ ٍ ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،إﻻ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﺤﺪث؛ ﻓﻠﻤﺎذا؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ أﻧﻨﺎ وﻗﻌﻨﺎ ﰲ ﱢ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ،ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺴﺎ َد ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻷﺟﻞ ﺗﻘﱰب ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ،وﻳﺘﺴﺒﱠﺐ ﻫﺬا ﰲ ﺗﻌﻄﻴﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ أن أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼري ِة ِ
171
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﱢي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺸﱰﻳﺎت ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻋﺎد ًة إﱃ ﺣﺪوث ﻃﻔﺮةٍ ،ورﺑﻤﺎ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ. ﺗﻔﴤ إﱃ ِ ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﱰي ﺑﻨ ُﻚ َﻓ ْﻠﻨﻤﻌِ ِﻦ اﻟﺘﻔﻜريَ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﻠﺘُﻪ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ ﻋﻦ ً اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺪات ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك ،وﻳﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨَﻬﺎ ﰲ ﺻﻮر ِة اﻋﺘﻤﺎدٍ ﻣﴫﰲ ﱟ ﻟﻠﺤﺴﺎﺑﺎت اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ ﻟﻠﺒﻨﻮك .ﰲ اﻟﻈﺮوف اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،ﻻ ﺗﺮﻏﺐ اﻟﺒﻨﻮ ُك ﰲ ﺑﻘﺎء ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد ﻣﺤﻠﻬﺎ ،ﺑﻞ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ إﻗﺮاﺿﻬﺎ َ ٍ ﻇﺮوف ﻋﺎدﻳ ٍﺔ؛ ﻓﺎﻷﺻﻮل ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ﻇ ﱢﻞ َ اﻟﻘﺮوض اﻵﻣﻨﺔ ﻻ ﺗﻘﺪﱢم أيﱠ ﻋﺎﺋﺪٍ ،ﻓ ِﻠ َﻢ اﻵﻣﻨﺔ ﺗﺪ ﱡر ﻋﺎﺋﺪًا ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﺻﻔ ًﺮا؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻳﻘ ﱢﺪﻣُﻮﻧﻬﺎ؟ اﻟﻘﺮوض ﻏري اﻵﻣﻨﺔ — ﻣﺜﻞ ﻗﺮوض اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺼﻐرية أو اﻟﴩﻛﺎت املﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ — ﺗﻘ ﱢﺪ ُم أﺳﻌﺎ َر ﻓﺎﺋﺪة ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﻏري أﻧﻬﺎ — ﻛﻤﺎ أﻗﻮل — ﻏري ِآﻣ ٍﻨﺔ. ً أﺻﻮﻻ ﻣﻘﺎﺑ َﻞ اﻋﺘﻤﺎدٍ ﻣﴫﰲ ﱟ ﰲ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﱰي ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ َ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ ﻟﻠﺒﻨﻮك ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺗﱰﻛﻬﺎ املﺼﺎرف ﺣﻴﺚ ﻫﻲ .ﱢ ُ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻳﺒني اﻟﺸﻜ ُﻞ اﻟﺘﺎﱄ ً ﻃﻔﻴﻔﺔ إﱃ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت املﴫﻓﻴﺔ ﻋﲆ ﻣَ ﱢﺮ اﻟﺰﻣﻦ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮ ﱠﻟ ْﺖ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺿﺨﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ،وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى ﻟﻨﻘﻮل ﱠ ٍ إن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻗﺪ »ﻃﺒﻊ« ﻧﻘﻮدًا ﻛﺜري ًة ﻟﻢ ﺗﺬﻫﺐ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ إﱃ أي ﻣﻜﺎن. ﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ اﻹﺷﺎرة ﻫﻨﺎ إﱃ أن ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﴍاءَ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﻸﺻﻮل ﺑﻼ ﺟﺪوى؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺸﻬﻮر اﻟﺘﻲ ﺗ َﻠ ْﺖ ﺳﻘﻮ َ ط ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ،ﻗ ﱠﺪ َم ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ً ﻗﺮوﺿﺎ ﻛﺒري ًة ﻟﻠﺒﻨﻮك واملﺆﺳﺴﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﺳﺎﻋَ ﺪ ْ َت ﻋﲆ ﺗﺠﻨ ﱡ ِﺐ ﻧﻮﺑ ِﺔ ذُﻋْ ٍﺮ َ ﺳﻮق اﻷوراق ﻣﴫﰲ ﱟ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﻧﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ؛ ﺛﻢ ﻧﺰل ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ُ اﻟﴩﻛﺎت ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺼري اﻷﺟﻞ؛ ﻣﺎ ﺳﺎﻋَ َﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪِﻣﻬﺎ اﺳﺘﻤﺮار دوران ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺘﺠﺎرة ﰲ ٍ ﺤﺠﻢ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺗﻮﻓري اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ وﻗﺖ رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻨﻮ ُك ﺳﺘُ ِ َ دون ﺑﺪور ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إﻧﻪ ﺣﺎ َل اﻟﻼزم .إذَ ْن ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﻘﻮم ٍ وﻗﻮع ٍ ﻧﺤﻮ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳ ِ ُﻔﴤ إﱃ ري ،إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﴫﱠف ﻋﲆ ٍ أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ أﺳﻮأ ﺑﻜﺜ ٍ ِ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ. ﱡ ُ وﻟﻜﻦ ً ﺗﻀﺨ ٌﻢ ﻛﺒري »ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ«؛ ﻫﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء — ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻬﻼ — ﻫﻜﺬا ﻗﺪ ﻳﻬﺘﻒ ِ دﻻﻻت اﻷرﻗﺎم. ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؟ دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﻨﺎوَل
172
اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ
اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ ﻟﺪى ﺑﻨﻮك اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ
ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر
١٨٠٠ ١٦٠٠ ١٤٠٠ ١٢٠٠ ١٠٠٠ ٨٠٠ ٦٠٠ ٤٠٠ ٢٠٠ ٠ ٢٠٠− ٢٠١٢
٢٠١١
٢٠١٠
٢٠٠٩
٢٠٠٨
٢٠٠٧
٢٠٠٦
٢٠٠٥
٢٠٠٤
٢٠٠٣
٢٠٠٢
ﻣﻮﺟﺎت اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺘﻲ ﺗﻌ ﱠﺮ َ ِ ﺿ ْﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺸري املﻨﺎﻃﻖ املﻈ ﱠﻠﻠﺔ إﱃ ُ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت )ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ﺳﺎﻧﺖ ﻟﻮﻳﺲ .(research.stlouisfed.orgﺷﻬﺪ َِت ﱡ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﻛﺒريًا ﻣﻨﺬ ﱡ وﻟﻜﻦ َ ْ ﺗﻀﺨ ٍﻢ دون اﻟﺘﺴﺒ ِﱡﺐ ﰲ ﺗﺪﺧ ِﻞ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ، )املﺼﺪر :ﻣﺠﻠﺲ املﺤﺎﻓﻈني ﻟﻨﻈﺎم اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ(.
ﱡ إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى َ اﻟﺘﻀﺨﻢ إذَ ْن؟ وﺻ َﻞ ﱠ ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻫﻲ ﱢ ﱡ ﻣﺆﴍ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ — وﻫﻮ اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ أول ﻣﺤﻄﺔ ﻛﻴﻒ ﻧﻘﻴﺲ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن — ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم ﻣﻜﺘﺐ إﺣﺼﺎءات اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺤﺴﺎب ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻣﺸﱰﻳﺎت اﻷﴎة املﺘﻮﺳﻄﺔ؛ ﻓﺒﻤﺎذا ﻳﺨﱪﻧﺎ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ؟ ﻣﺆﴍ ﱢ ُ ِ ض أﻧﻨﺎ ﺳﻨﺒﺪأ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﱪ — ٢٠٠٨وﻫﻮ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺬي ﺷﻬﺪ ﺳﻘﻮ َ ﻟﻨﻔﱰ ْ ط ﺣﺴﻨًﺎ، ِ ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن — وﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻓﻴﻪ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ﴍاء اﻷﺻﻮل 173
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
واﺳﻊ ،و»ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮد« ﻋﲆ ﻧﻄﺎق ﻫﺎﺋﻞ ،وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺼﺪﻓﺔ .ﻋﲆ ﻧﻄﺎق ﻋﲆ ٍ ٍ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻼث اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ارﺗﻔﻌَ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﻴﺒﻠﻎ املﺠﻤﻮ ُع اﻟﻜﲇ ﻟﻠﺰﻳﺎدة ٣٫٦ ﱡ »اﻟﺘﻀﺨ ِﻢ اﻟﺤﺎدﱢ« اﻟﺬي ﰲ املﺎﺋﺔ ،أو ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ١٫٢ﰲ املﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .ﻻ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا أﺷﺒﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻨﺒﱠﺄ ﺑﻪ اﻟﻜﺜريون ،وﻻ ﻳﺆدﱢي ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ إﱃ ﺗﺤﻮ ِﱡل اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﱃ زﻳﻤﺒﺎﺑﻮي أﺧﺮى. ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة؛ ﻓﻔﻲ إﻻ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن ﻣﻌﺪل َ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﱃ ﺑﻌﺪ اﻧﻬﻴﺎر ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ،اﻧﺨﻔﻀ ِﺖ اﻷﺳﻌﺎ ُر ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٫٣ﰲ املﺎﺋﺔ ،وﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٫١ﰲ املﺎﺋﺔ ،وﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ارﺗﻔﻌَ ِﺖ اﻷﺳﻌﺎ ُر ﱡ اﻟﺘﻀﺨ ُﻢ ﰲ ازدﻳﺎدٍ ؟ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٣٫٩ﰲ املﺎﺋﺔ؛ ﻓﻬﻞ ﻛﺎن ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻳﻨﺤﴪ؛ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻻ؛ ﻓﻔﻲ أواﺋﻞ ﻋﺎم ،٢٠١٢ﻛﺎن واﺿﺤً ﺎ أن ﱡ وﻛﺎن ﻣﺘﻮﺳ ُ اﻟﺘﻀﺨﻢ وﻓﻖ املﻌﺪﻻت اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﺧﻼل اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺴﺘﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ١٫٨ﰲ املﺎﺋﺔ ﻂ ﻓﻘﻂ ،وﺑَﺪَا أن اﻷﺳﻮاق ﱠ ﱡ ً ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﻀﺨ ُﻢ ﻣﻨﺨﻔِ ًﻀﺎ ﺗﺘﻮﻗ ُﻊ أن ﻳﻈ ﱠﻞ ِ ري ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ أﻧﺎ )وﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ(؛ ﻷﻧﻨﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﻘﻮل ﻃﻮا َل اﻟﻮﻗﺖ إن ﻟﻜﺜ ٍ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺬي َ ﱡ وﻗ َﻊ ﰲ أواﺧﺮ ﻋﺎم ٢٠١٠واﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ ﻋﺎم ،٢٠١١ ارﺗﻔﺎ َع ﻣﻌﺪﻻت ٍ ﻋﺎرض ،ﻳﻌﻜﺲ اﻻرﺗﻔﺎ َع اﻟﻜﺒري ﰲ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﻂ وﺳ َﻠ ٍﻊ أﺧﺮى، ﺣﺪث ﻛﺎن ﻣﺠﺮد ٍ ﱠ ﱡ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﰲ ﻣﺘﻮﻗﻊٌ ،وﻻ ارﺗﻔﺎ ٌع ﻛﺒريٌ ﰲ ﻣﻌﺪل ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺗﻀﺨ ٌﻢ وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﱞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. ﱡ »اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ«؟ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺤﺪ َ ﺑﺈﻳﺠﺎز ﻋﻦ ﻣﻔﻬﻮ ٍم ﱠث وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ »اﻷﺳﺎﳼ« .ملﺎذا ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻳ َُﺴﺎء ﻓﻬْ ﻤُﻪ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺑﻌﻴﺪٍ؛ وﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮم املﻔﻬﻮم؟ وﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﺎس؟ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﺒﻌﺎدِ اﻟﻐﺬاء واﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ ﱢ ﱡ ﻣﺆﴍ اﻟﺘﻀﺨ ُﻢ اﻷﺳﺎﳼ ﻋﻦ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳ َُﻘﺎس ِ ﱠ ﻳﺤﺎو ُل ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻮﺻﻮ َل إﱃ وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﻋﺪدًا ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻘﻴﺎس اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ، اﻷﺳﻌﺎر، ِ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ. ً ﱡ ﺑﺪاﻳﺔ ،اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﺻﺤﱢ ﺢَ ﻣﻔﻬﻮﻣني ﺧﺎﻃﺌني؛ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻷﺳﺎﳼ »ﻻ« ﻳُﺴﺘﺨﺪَم ﻷﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺣﺴﺎب ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺗﻜﻠﻔﺔ املﻌﻴﺸﺔ ﰲ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺑﻞ ﻳُﺴﺘﺨﺪَم ﻣﺆﴍُ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﻬﺬه اﻷﻏﺮاض.
174
اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ
ﻏﺒﻲ؛ ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﻨﻔﻘﻮن املﺎل ﻋﲆ اﻟﻐﺬاء واﻟﻮﻗﻮد؛ وﻟﺬﻟﻚ أﻣﱠ ﺎ ﻣَ ﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮن إن »ﻫﺬا ﻣﺒﺪأ ﱞ ﱡ ٍ ٍ ﻣﻬﻤﺔ ،ﻫﻲ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ «.ﻓﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻬﻮا إﱃ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﺿﻤﻦ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ َ ﱡ ﺗﻜﻠﻔﺔ املﻌﻴﺸﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﻘﻴﺲ ﺷﻴﺌًﺎ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻷﺳﺎﳼ ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﻘﻴﺲ ﱡ َ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ. آﺧﺮ؛ ﻫﻮ اﻟﻘﺼﻮر اﻟﺬاﺗﻲ ُ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻌﺎر ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺗﺘﻘ ﱠﻠﺐُ ﻋﲆ اﻟﺪوام ﰲ َﻓ ْﻠﻨﻔ ﱢﻜ ْﺮ ﰲ اﻷﻣﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ: ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ ،وﻣﻦ أﺑﺮز ﻫﺬه اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻐﺬاء واﻟﻮﻗﻮد ،إﻻ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺳﻌﺎر ٌ ﴍﻛﺎت ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻋﺪ ٌد ﻗﻠﻴ ٌﻞ ﻣﻦ املﻨﺎﻓِ ﺴني ،أو اﻟﺴﻠﻊ ﻻ ﺗﺘﻘ ﱠﻠﺐُ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺗﺤﺪﱢدﻫﺎ ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎو ُِض ﰲ ﻋﻘﻮ ٍد ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗُﺮاﺟَ ﻊ إﻻ ﻋﲆ ﻓﱰات ﺗﱰاوح ٍ وﺳﻨﻮات؛ وﻛﺜريٌ ﻣﻦ اﻷﺟﻮر ﺗُﺤﺪﱠد ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﺷﻬﻮر ﻣﺎ ﺑني ٍ ً ﻣﺮوﻧﺔ ﻫﻮ أﻧﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم ﻣﺮاﺟﻌﺘﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﴚء اﻟﺮﺋﻴﴘ املﺘﻌ ﱢﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻷﺳﻌﺎر اﻷﻗﻞ ﱡ ﻟﻨﻔﱰ ْ ﻣﺘﻘﺎرﺑ ٍﺔ ،ﺗُﺤﺪﱠد ﻫﺬه اﻷﺳﻌﺎر ﻣﻊ ْ ٍ ض اﻟﺘﻀﺨﻢ املﺴﺘﻘﺒﲇ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر. وﺿ ِﻊ ﻓﱰات ِ ِ ﱠ وأﺗﻮﻗ ُﻊ أن ﻳﺮﺗﻔﻊ املﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎ ﱡم ﻟﻸﺳﻌﺎر — ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﺣﺪﱢد أﺳﻌﺎ َر اﻟﻌﺎم املﻘ ِﺒﻞ، اﻷﺷﻴﺎءُ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻣﺘﻮﺳﻂ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ املﺘﻨﺎﻓﺴﺔ — ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﺎم؛ إذَ ْن َ ُ ﻓﻤﻦ املﺮﺟﱠ ﺢ أن أﺣ ﱢﺪ َد ﺳﻌ ًﺮا أﻋﲆ ﺑﺤﻮاﱄ ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻤﺎ ُ ِ اﻟﻈﺮوف أﺧﺬت ﻛﻨﺖ ﺳﺄﻓﻌﻞ إذا اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر. واﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ ذﻟﻚ؛ ﻓﺒﺴﺒﺐ ﻣﺮاﺟﻌﺔ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﱠ ٍ ﻓﱰات ﻣﺘﺒﺎﻋِ ﺪةٍ، ﻣﺆﻗﺘًﺎ ﻋﲆ ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أﻧﻨﻲ ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﻣﺮاﺟﻌﺘُﻬﺎ ﻋﲆ ﻗﻔﺰ ٍة ﻛﺒري ٍة ِﻟ ﱠﻠﺤﺎق ﺑﺎﻟﺮﻛﺐ .ﻣﺮة أﺧﺮى، ِ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻳﺒﻠﻎ ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮم ﺳﺄﺣﺪﱢد اﻷﺳﻌﺎ َر ﻣﺮ ًة ﰲ اﻟﺴﻨﺔ ،وﻣﻌﺪ ُل ﺑﺈﻋﺎدة ﺿﺒﻂ اﻷﺳﻌﺎر ،ﺳﻮف ﺗﻜﻮن ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ أﻗ ﱠﻞ ﺑﺤﻮاﱄ ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻤﱠ ﺎ »ﻳﺠﺐ« أن ﱡ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ أزﻳ ُﺪ اﻟﺘﺤﺴﺐ ﻣﻦ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ،وﻋﻨﺪ إﺿﺎﻓﺔ ﻫﺬا اﻷﺛﺮ إﱃ ُ اﻷﺳﻌﺎ َر ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ؛ »ﺣﺘﻰ ْ ري اﻵن«. إن ﻛﺎن اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ ﻣﺘﻮازﻧ َ ْني إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ واﻵنَ ،ﻓ ْﻠﻨﺘﺨﻴ ِﱠﻞ اﻗﺘﺼﺎدًا ﻳ َِﺴري اﻟﺠﻤﻴ ُﻊ ﻓﻴﻪ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﻬﺞ؛ ﻳﺨﱪﻧﺎ ذﻟﻚ أن ٌ ﻓﺎﺋﺾ ﻛﺒريٌ إﻣﺎ ﰲ اﻟﻌﺮض وإﻣﺎ ﰲ ﻳﻤﻴﻞ إﱃ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺴﺘﺪﻳﻤً ﺎ ﺑﺬاﺗﻪ ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث »ﺗﺘﺄﺻﻞ« ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﱡ ﱡ ﺗﻮﻗ ُ ﱠ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ اﺳﺘﻤﺮار ﻌﺎت اﻟﻄﻠﺐ .وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻓﻤﺎ إن ِ ﱡ ُ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻓﱰ ًة ﻛﺒري ًة ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮد؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺪل ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ ،ﻓﺴﻮف ﻳﻘﺘﴤ ﱡ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ .وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺗﺒﺎ ُ ٍ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﰲ أواﺋﻞ ﻣﻌﺪل ﻃﺆ ﻳﻌﻨﻲ ِ 175
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ١٠ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،واﻟﺬي ﺗﻄ ﱠﻠﺐَ رﻛﻮدًا ﺣﺎدٍّا ﺟﺪٍّا ﻟﻠﻨﺰول ﰲ املﺎﺋﺔ إﱃ ﺣﻮاﱄ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ. ﱡ ﱢ املﺘﺄﺻﻞ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ أن ﺗﻬﺪأ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻏري ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﻮﺑ ٍﺔ ﻣﻦ ﺑﴪﻋﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ ً ٍ أﻳﻀﺎ أن ﺗﺴري ﰲ اﻻﺗﺠﺎه املﻌﺎﻛﺲ؛ ﻓﻔﻲ ،٢٠٠٨-٢٠٠٧ارﺗﻔﻌَ ِﺖ ﺣ ﱠﺪﺗُﻬﺎ ً وارﺗﻔﺎع اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺑﻤﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻷﺣﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ، ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻨﻔﻂ واﻟﻐﺬاء — ِ ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﻟﻼرﺗﻔﺎع ﻓﱰ ًة وﺟﻴﺰ ًة ﻗِ ﺒَﻞ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺼني — ودﻓﻌَ ِﺖ ﺑﻤﻘﻴﺎس ﻣﺆﴍ أﺳﻌﺎر املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻟﻴﺼﻞ إﱃ ٥٫٥ﰲ املﺎﺋﺔ؛ وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻟﺒﺜ َ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﺴﻠﻊ ﱡ أن ﻫﺒ َ اﻟﺘﻀﺨ ُﻢ إﱃ اﻻﺗﺠﺎه املﻀﺎد. ﻄ ْﺖ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ،وﺗﺤ ﱠﻮ َل ُ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺣَ َﺪﺛًﺎ ﻋﺎﺑ ًﺮا ﻣﻤﺎﺛ ًِﻼ ﻓﻜﻴﻔﻴﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻻرﺗﻔﺎع وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ، ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ إﱃ ﻻرﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ،٢٠٠٨-٢٠٠٧أم ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ زﻳﺎدة ﱡ اﻟﱰﺳﺦ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،واﻟﺘﻲ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ. وإذا ﻣﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﻣﻨﺘﺒﻬني ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم ٢٠١٠إﱃ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ،٢٠١١ﻓﻼ ﺑﺪ ﱠ أن ﻣﺎ رأﻳﺘﻤﻮه ﻗﺪ ﺑَﺪَا ﻣﻤﺎﺛ ًِﻼ ﻷﺣﺪاث ٢٠٠٨-٢٠٠٧؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﻃﻔﺮ ٌة ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ واﻟﺴﻠﻊ اﻷﺧﺮى ﻟﻔﱰ ٍة ﻗﺪرﻫﺎ ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﺴﺒﺐ زﻳﺎد ِة اﻟﻄﻠﺐ ﱠ َ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺒﻌِ ُﺪ اﻟﻐﺬاءَ وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼني واﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻷﺧﺮى، َ ٍ ﺑﻤﻌﺪﻻت أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ،وﻟﻢ ﻳﺘﺴﺎ َر ْع ﻣﻌﺪ ُل ﻧﻤ ﱢﻮ اﻷﺟﻮر ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .ﰲ واﻟﻄﺎﻗﺔ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻳﻮﻧﻴﻮ ،٢٠١١أﻋ َﻠ َﻦ ﺑﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ أﻧﻪ »ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ٌ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ أﺻﺒﺢ أدﻟﺔ ﻛﺜري ٌة ﺗﺸري إﱃ أن ً ﱢ ﻣﺘﺄﺻ ًﻼ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻧﺎ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،اﻟﺰﻳﺎد ُة ﰲ ﺳﻌﺮ ﻣﻨﺘﺞ واﺣﺪ — أ َ َﻻ وﻫﻮ ﺷﺎﻣﻼ أو ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻮﻗﻮد — ﻳُﻌ َﺰى إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺠﺰءُ اﻷﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎدة اﻷﺧرية ﰲ ﻣﻌﺪل ﱡ َ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﺳﻮف ﻳﻨﺤﴪ ﰲ اﻟﺸﻬﻮر املﻘﺒﻠﺔ. وواﺻ َﻞ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻣﺘﻨﺒﱢﺌًﺎ ﺑﺄن املﺴﺘﻬﻠﻚ«. ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻀﺨﻢ ،ورأى اﻟﻔﺼﻴ ُﻞ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﺳﺨﺮ ﻳﻤﻴﻨﻴﻮن ُﻛﺜُﺮ ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﻻﻣﺒﺎﻻﺗﻪ ً ﻋﺎرﺿﺎ ﻳﺨ ﱡﻞ ﺑﻤﻌﺪل اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻛﻠﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ أن ارﺗﻔﺎ َع أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ ﻟﻴﺲ ﺣﺪﺛًﺎ ُ ﱡ ﱡ ِ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﻛﺒريةٍ ،وﻛﺎن ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻊ ﻫﺬا ﻣﻮﺟﺔ ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻜﲇ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺘﻀﺨ ِﻢ ﱠ ﱠ ﱡ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ﻳﺘﻮﻗ َﻊ ردٍّا ﻻذﻋً ﺎ .وﻟﻜﻦ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻛﺎن ﻣُﺤِ ٍّﻘﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ارﺗﻔﺎ ُع اﻟﺮأي أن ً اﻧﺤﴪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻵن. ﻓﻌﻼ ،وﻗﺪ َ َ
176
اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ
وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗَﺜ َِﻖ ﰲ اﻷرﻗﺎم؟ اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﺗﻄ ﱠﺮ َق ﻣﺮ ًة أﺧرية إﱃ ﻋﺎ َﻟ ِﻢ ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻀﺨﻢ. ﻧﻈﺮﻳﺎت املﺆاﻣﺮة املﺮﺗﺒﻄﺔ ﱡ ِ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻋﻦ اﻻرﺗﻔﺎع ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻔﱰض ﺑﻪ أن ﻳﻔﻌﻞ، اﺳﺘﻤﺮار إﺣﺠﺎم ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﰲ ِ أﺻﺒَﺢَ املﺘﺨﻮﱢﻓﻮن ﻣﻨﻪ أﻣﺎ َم ﻋﺪة ﺧﻴﺎرات؛ ﻓﺈﻣﺎ أن ﻳﻌﱰﻓﻮا ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣ ِ ُﺨﻄﺌني ،وإﻣﺎ ٌ َ زاﺋﻔﺔ وأن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳُﺨﻔِ ﻲ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻮا اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ،وإﻣﺎ أن ﻳﺪﱠﻋﻮا أﻧﻬﺎ أن ﱡ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ .ﻗﻠﻴﻠﻮن ﺟﺪٍّا — ﻋﲆ ﺣ ﱢﺪ ﻋﻠﻤﻲ — َﻟﺠَ ﺌُﻮا إﱃ اﻟﺨﻴﺎر اﻷول، املﻌﺪ َل اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ وﺗﺸري ﺗﺠﺮﺑﺘﻲ ﺧﻼل ﻋﻘ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺴﺘﺸﺎ ًرا إﱃ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣ ٍﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻳﻌﱰف ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺧﻄﺄ َ ﱡ ٍ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻬﻢ ﺑﺨﻄﺌﻪ إزاءَ أي ﳾء؛ وﻗﺪ اﺧﺘﺎر ﻛﺜريون اﻟﺨﻴﺎ َر اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﺗﺠﺎﻫﻠﻮا ﰲ املﺎﴈ؛ إﻻ ﱠ أن ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﻟﺠَ ﺄ َ إﱃ اﻟﺨﻴﺎر اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﺻﺪﱠﻗﻮا املﺰاﻋِ َﻢ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻔﻌﲇ .وﻗﺪ ﱠ ﱡ ﺗﻠﻘ ْﺖ ﻫﺬه اﻻدﱢﻋﺎءات إﺣﺼﺎءات اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻹﺧﻔﺎء ُ ﺟﺌﺖ ﻋﲆ دﻋﻤً ﺎ رﻓﻴ َﻊ املﺴﺘﻮى ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﺨ َﺪ َم ﻧﻴﺎل ﻓريﺟﺴﻮن — املﺆ ﱢرخ واملﻌ ﱢﻠﻖ اﻟﺬي ِ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻌﺠﺰ وﺗﺄﺛريه — ﻋﻤﻮدَه ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻧﻴﻮزوﻳﻚ ﻟﻴﺆﻳﱢ َﺪ املﺰاﻋِ َﻢ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن ذِ ْﻛﺮه ﰲ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﺑﻠﻎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﻮاﱄ ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ. ﻛﻴﻒ ﻧﻌﺮف أن ﻫﺬا ﺧﻄﺄ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺒﺤﺚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻜﺘﺐُ إﺣﺼﺎءات ري ﻣﻦ اﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ — وﻧﺮى أﻧﻪ ﻣﻌﻘﻮل؛ أو رﺑﻤﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ — ﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻳﺘﱠ ِﺴﻢ ﺑﻘﺪر ﻛﺒ ٍ ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ ُﻢ ﻗﺪ وﺻﻞ إﱃ ١٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞَ ،ﻟﺘﺪﻫ َﻮ َر ِت اﻟﻘﻮ ُة ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ ﻣﻼﺣﻈﺔ أﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﱡ اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﱠ ﺎل ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ املﺸﺎﻫﺪة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ؛ ﺻﺤﻴﺢ ﱠ ﺗﻀﺨﻤﻴٍّﺎ، أن ﺛﻤﺔ رﻛﻮدًا وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﺗﺪﻫﻮر ،وأﻓﻀﻞ ﺣ ﱟﻞ ﻫﻮ ﻣﻘﺎرﻧﺔ إﺣﺼﺎءات اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻳﺮات اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ املﺴﺘﻘﻠﺔ ،وأﺑﺮزﻫﺎ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ ﻣﻦ ﻣﴩوع املﻠﻴﺎر وﺑﺼﻔﺔ ٍ ٍ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺘﻄﺎﺑ َُﻖ ﻫﺬه اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات ﻣﻊ اﻷرﻗﺎم ﺳﻌﺮ ملﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ٍ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺟﺰءًا ﻣﻦ املﺆاﻣﺮة ﻫﻮ َ اﻵﺧﺮ … ﱡ ﱡ ِ ﻓﺎﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻛﺎن ﺑﻼ أﺳﺎس؛ اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﻣﻦ ﻓﻔﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ،ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﻨﺨﻔِ ٌ ﺾ ،وﻧﻈ ًﺮا ﻟﺤﺎﻟﺔ ﻛﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻓﻤﻦ املﺮﺟﱠ ﺢ أن ﻳﻨﺨﻔﺾ أﻛﺜ َﺮ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات املﻘﺒﻠﺔ. ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ — واﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻫﺬا ﻟﻴﺲ أﻣ ًﺮا ﻣﺤﻤﻮدًا؛ ﻓﱰاﺟُ ُﻊ ﻣﻌﺪل اﻧﻜﻤﺎش اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي — ﺳﻴ ِ ُﻔﴤ إﱃ ﺻﻌﻮﺑ ٍﺔ ﺷﺪﻳﺪ ٍة ﰲ اﻟﺘﻌﺎﰲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد، 177
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ، وﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻬﺪف إﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺘﺪل ﰲ ﻣﻌﺪل ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻨﺤﻮ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ) .ﺑﺎملﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ املﻌﺪل ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﻞ ﻣﻌﺪ ُل اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﺮوﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن(. ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺤﺠﺞ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﺰﻳﺎدة ً ً ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻣﻦ إﻋﺪاد أوﻟﻴﻔﻴﻴﻪ ﺑﻼﻧﺸﺎر — ورﻗﺔ ﰲ ﻓﱪاﻳﺮ ،٢٠١٠أﺻ َﺪ َر ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ َ ﻋﻨﻮان ﻳﺒﺪو ﻣﺴﺎﻟِﻤً ﺎ؛ أ َﻻ وﻫﻮ: ﻛﺒري اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﺑﺎﻟﺼﻨﺪوق — واﺛﻨني ﻣﻦ زﻣﻼﺋﻪ ،ﺗﺤﺖ ٍ ﱠ َ ﺗﺘﻮﻗ ُﻊ أن ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺒﺤﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺎ »إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ« ،إﻻ أن ﺗﺴﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ؛ إذ ﻛﺎن اﻟﺒﺤﺚ ﺗﻠﻮح ﻓﻴﻪ ﺳﻤﺔ واﺿﺤﺔ ملﺮاﺟﻌﺔ اﻟﻨﻔﺲ؛ ُ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ وﺳﺎﺋ ُﺮ ﻣَ ﻦ ﻳﺤﺘﻠﻮن ﻣﻮاﻗﻊ إذ ﺷ ﱠﻜ َﻚ ﰲ اﻻﻓﱰاﺿﺎت اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻨ َ َﺪ إﻟﻴﻬﺎ املﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﰲ وﺿﻊ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩﻳﻦ املﺎﺿﻴﺔ .وﻛﺎن أﻛﺜ َﺮ ﻣﺎ ﻳﺜري اﻻﻫﺘﻤﺎ َم ﻓﻴﻪ اﻹﺷﺎر ُة إﱃ أن اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي ً ﱡ ِ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻔﺮﻃﺔ ،ﰲ ﺣني أﻧﻪ رﺑﻤﺎ ﺗﻀﺨﻢ ﻣﻌﺪﻻت اﻷوروﺑﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﱡ ﺗﻀﺨﻢ ﻳﺒﻠﻎ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ٢ﰲ املﺎﺋﺔ أو أﻗﻞ ،وﻫﻮ ﻛﺎن اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﺴﺘﻬﺪف ﻣﻌﺪ َل املﻌﺪل اﻟﺬي أﺻﺒﺢ اﻟﻘﺎﻋﺪ َة ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت »اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ«. ﺗﻔﺎﺟَ ﺄ َ اﻟﻜﺜريون ﻣﻨﱠﺎ؛ ﻟﻴﺲ ﻷن ﺑﻼﻧﺸﺎر — ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ اﻟﺒﺎرز — »ﻳﻔ ﱢﻜﺮ« ﰲ ً زﻣﻴﻼ ﱄ ﰲ ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ،وإﻧﻤﺎ ﻷﻧﻪ ُﺳ ِﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ .ﻛﺎن ﺑﻼﻧﺸﺎر ٍ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وآراؤه ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد — ﰲ اﻋﺘﻘﺎدي — ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻟﺴﻨﻮات ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻛﺜريًا ﻋﻦ آراﺋﻲ ،إﻻ أن ﺳﻤﺎح ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﺑﺎﻟﺘﴫﻳﺢ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻵراء ﻋﻠﻨًﺎ — ﺗﻜﺘﺲ ﺑﺎﻟﻄﺎﺑﻊ املﺆﺳﴘ — َﻷﻣ ٌﺮ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎء. ﺣﺘﻰ إن ﻟﻢ ِ ﱡ ٍ دﻗﻴﻘﺔ ،ﺛﻤﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﺧﻼل وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺤﺠﺞ املﺆﻳﱢﺪة ﻟﺮﻓﻊ ﻣﻌﺪل ُ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻔﻴﺪًا ﰲ ﻇ ﱢﻞ وﺿﻌﻨﺎ اﻟﺤﺎﱄ .وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ أن ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺒﺎب ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻜﻮ ِْن ارﺗﻔﺎع ﱡ َ اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى ﺳﻴﺴﻮء اﻟﻮﺿﻊ إذا ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻧﺼﻞ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ،دَﻋُ ﻮﻧﻲ أﺗﻨﺎول ً ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻷﺳﻌﺎ ُر ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ٢ﰲ املﺎﺋﺔ؟ َ اﻹﺟﺎﺑﺔ — ً َ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻗﻴﺎس ذﻟﻚ — ﻫﻲ أن وﻓﻘﺎ ملﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎوَﻟﻮا ً ً ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺑﺎﻫﻈﺔ ،ﺳﻮاء ﻃﻔﻴﻔﺔ؛ ﻓﺎﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻻرﺗﻔﺎع ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﻤﱢ َﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﺳﺘﻜﻮن َ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻘﻮد — ﺣﻴﺚ ﻳُﻌِ ﻴﺪﻫﻢ إﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻗﺘﺼﺎد أﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ أﻧﻪ ﻳَﺜﻨِﻲ 178
اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ
ﻫﻮل ْ وﺿ ٍﻊ املﻘﺎﻳﻀﺔ — أم أﻧﻪ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ أﻣ ًﺮا ﻣﺴﺘﻌﺼﻴًﺎ .ﻻ أﺣ َﺪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻬﻮﱢن ﻣﻦ ِ ﻣﻤﺎﺛ ٍِﻞ ْ ُ اﻟﻨﺎس ُﻛﺘَ َﻞ اﻟﻔﺤﻢ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻨﻘﻮد ،وﺗﺼﺒﺢ اﻟﻌﻘﻮ ُد ﻟﻮﺿ ِﻊ ﻓﺎﻳﻤﺎر ،ﺣني ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ وإﺟﺮاءُ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت املﻔﻴﺪة ﰲ ﻋﺪاد املﺴﺘﺤﻴﻼت. ﱡ َ ﱠ ﻃﻴﻒ ﻫﺬه اﻵﺛﺎر ،وﻣﺠ ﱠﺪدًا أﻗﻮل اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ﻻ ﻳَﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ وﻟﻮ وﻟﻜﻦ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﻛﺎن ﺣﻮاﱄ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﺮﻳﺠﺎن ،وﻟﻢ ﻳَﺒْ ُﺪ ذﻟﻚ إن ﻣﻌﺪل ﻣﻌﻮ ًﱢﻗﺎ ﻛﺒريًا آﻧﺬاك. ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ أﻋﲆ ً ﻗﻠﻴﻼ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺛﻼث ﻓﻮاﺋﺪ. ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﻤﻜﻦ ملﻌﺪل ﱡ ً اﻟﺘﻀﺨﻢ أوﻻ — وﻫﻮ ﻣﺎ أ ﱠﻛ َﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻼﻧﺸﺎر وزﻣﻴﻼه — أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻻرﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪل ُ اﻟﻌﺎدي أن ﱢ ﻳﺨﻔ َ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻬﺒﻂ ﻒ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮ ِد اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ ﻣﺎ دون اﻟﺼﻔﺮ .ذ َﻛ َﺮ إرﻓﻴﻨﺞ ﻓﻴﴩ — وﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣَ ﻦ ﺟﺎء ﺑﻤﻔﻬﻮم ِ ﱠ ﱡ ٍ املﺘﻮﻗﻊ — ِﺑﺘَﺴﺎوي اﻟﺘﻀﺨ ِﻢ ﻃﻮﻳﻠﺔ أن ارﺗﻔﺎ َع اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻔﺘﺎحَ ﻓﻬْ ِﻢ اﻟﻜﺴﺎد — ﻣﻨﺬ ﻓﱰ ٍة ﺟﺎذﺑﻴﺔ؛ أيْ إﻧﻪ إذا َ ً َ اﻋﺘﻘ َﺪ املﻘﱰﺿﻮن اﻻﻗﱰاض أﻛﺜ َﺮ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺧﺮى — ﻳﺠﻌﻞ أﻧﻬﻢ ﺳﻴﻤﻜﻨﻬﻢ ﺳﺪاد اﻟﻘﺮوض ﺑﻨﻘﻮ ٍد ﻗﻴﻤﺘُﻬﺎ أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ اﻗﱰﺿﻮﻫﺎ اﻟﻴﻮم، ﻓﺴﻴﻜﻮﻧﻮن أﻛﺜﺮ اﺳﺘﻌﺪادًا ﻟﻼﻗﱰاض واﻹﻧﻔﺎق ﺑﺄي ﺳﻌﺮ ﻓﺎﺋﺪة. َ ﰲ اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،ﻳُﻠﻐﻲ ارﺗﻔﺎ ُع أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺰاﺋﺪة ﰲ اﻻﻗﱰاض؛ ﱠ ﱡ ارﺗﻔﺎع اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻊ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت ﻓﻨﻈﺮﻳٍّﺎ — وﻋﻤﻠﻴٍّﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ — ﺗﺴري اﻟﺰﻳﺎد ُة ِ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺧﻄﻮ ًة ﺑﺨﻄﻮة ،وﻟﻜﻨﻨﺎ اﻵن واﻗﻌﻮن ﰲ ﱢ ﻓﺦ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ؛ ﺣﻴﺚ »ﺗﺮﻏﺐ« أﺳﻌﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻬﺒﻮط ﻷﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻷن اﻟﻨﺎس أﻣﺎﻣﻬﻢ ﺧﻴﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ٍ ﱠ ﱡ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ املﺘﻮﻗﻊ ﰲ ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻤﺴﻚِ ﺑﻨﻘﻮدﻫﻢ اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻟﻦ ﻳ َُﱰﺟَ ﻢ اﻻرﺗﻔﺎ ُع ارﺗﻔﺎع ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة؛ وﻟﺬا ﻓﺴﻮف ﻳﺆدﱢي ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ — ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ — إﱃ ٍ زﻳﺎدة اﻻﻗﱰاض. َ ٍ ٍ اﺳﺘﺨﺪَﻣﻬﺎ ﺑﻼﻧﺸﺎر ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ(، ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء )وﻫﻲ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ ُﻢ ﺣﻮاﱄ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ً ْ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ٢ﰲ املﺎﺋﺔ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،ﻓﺴﺘﺼﺒﺢ أﺳﻌﺎ ُر إن ﻛﺎن ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وﺳﻴﺤﻈﻰ ﺑﻨﻚ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ﺣﻮاﱄ ٧ﰲ املﺎﺋﺔ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ِ ﺑﻬﺎﻣ ٍﺶ أﻛﱪ ﻛﺜريًا ﻟﺨﻔﺾ ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﴬﺑﻨﺎ اﻷزﻣﺔ. َ ﻟﻴﺴ ِﺖ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻻرﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ ﻓﺜﻤﺔ ً إﻻ أن ﻫﺬه َ أﻳﻀﺎ ﻋﺐءُ اﻟﺪﻳﻮن، َ اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻴﻨﺴﻜﻲ واﻟﺮﻛﻮد وﻫﻮ ﻓﺮط اﻟﺪﻳﻮن ﰲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص اﻟﺬي ﻣﻬﱠ َﺪ 179
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﺬي َ أﻋﻘﺒَﻬﺎ .ﻳﻘﻮل ﻓﻴﴩ إن اﻻﻧﻜﻤﺎش ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺪﻓﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد إﱃ اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻦ ﺧﻼل ْ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻓﻌﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﻣﻦ رﻓ ِﻊ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ؛ أﻣﺎ اﻷﺳﻮاق ﱠ ﺧﻼل ْ َ ﺗﺘﻮﻗ ُﻊ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺴﺘﻮى ﺧﻔ ِﺾ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠ ﱠﺪﻳْﻦ .وﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ،ﻳﺒﺪو أن اﻷﺳﻌﺎر ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أﻋﲆ ﺑﻨﺤﻮ ٨ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ٢٠١٧ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ اﻟﻴﻮم، ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﺗﺒﻠﻎ ٤أو ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة — وإذا ﺗَﻤ ﱠﻜﻨﱠﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﻧﺴﺒﺔ ُ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺪﻳﻮن اﻟﺮﻫﻦ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻷﺳﻌﺎ ُر ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٥ﰲ املﺎﺋﺔ — ﻓﺴﺘﻨﺨﻔﺾ اﻟﻌﻘﺎري ﻛﺜريًا ﻋﻤﱠ ﺎ ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻴﻪ ً َ وﻓﻘﺎ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛﻢﱠ ،ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻗﺪ ﻗﻄﻊ ﺷﻮ ً ﻃﺎ ﻛﺒريًا ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻌﺎﰲ املﺴﺘﺪام. ً ﱡ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒري ًة ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻀﺨﻢ ،ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﺛﻤﺔ ﺣﺠﺔ أﺧرية ﻣﺆﻳﱢﺪة ﻻرﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪل املﺘﺤﺪة ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪٍّا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أوروﺑﺎ؛ ﻓﺎﻷﺟﻮر ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻈﺎﻫﺮ ِة »اﻟﺠﻤﻮد اﻻﺳﻤﻲ ﺗﺠﺎه اﻟﺨﻔﺾ« ،وﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺸري إﱃ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﺒﺘَ ِﺖ اﻟﺘﺠﺎربُ اﻷﺧرية ً ً إﻃﻼﻗﺎ ﻟﻘﺒﻮل ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺸ ﱢﻚ؛ أ َ َﻻ وﻫﻲ أن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻏري ﻣﺴﺘﻌِ ﺪﱢﻳﻦ ﺻﺤﺘَﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳَ َﺪ ُع ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﴏﻳﺤﺔ ﰲ اﻷﺟﻮر .وإذا ﻛﺎن ر ﱡد َك ﻫﻮ أﻧﻬﻢ ﻣﺴﺘﻌِ ﺪﱡون ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻓﻘﺪ ٌ ري ﻟﺘﻘﺒ ِﱡﻞ اﺳﺘﻘﻄﺎع ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ راﺗﺒﻬﻢ ﻓﺎﺗَﺘْ َﻚ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻬﻤﺔ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﱠ ﺎل أﻗ ﱡﻞ اﺳﺘﻌﺪادًا ﺑﻜﺜ ٍ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺪادﻫﻢ ﻟﻘﺒﻮل راﺗﺐ ﺛﺎﺑﺖ دون ﺗﻐﻴري ،وﻗﺪ ﺗﺂﻛ َﻠ ْﺖ ﻗﻮﺗﻪ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ .ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻘﻮل إن اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻳﺘﱠ ِﺼﻔﻮن ﺑﺎﻟﻌﻨﺪ أو اﻟﻐﺒﺎء ﰲ ﻫﺬا اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﺑﻔﻌﻞ ُ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﺑﻤﻜﺎن املﻮﻗﻒ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻄ َﻠﺐ ﻣﻨﻚ ﺗﺤﻤﱡ ُﻞ ﺧﻔﺾ راﺗﺒﻚ ،ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ٍ إذا ﻛﺎن ربﱡ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺴﺘﻐﻠﻚ أم ﻻ ،ﰲ ﺣني أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎؤل ﻻ ﻳﺜﻮر ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺴﺒﱠﺐُ ٌ ﺑﻮﺿﻮح ﻋﻦ ﻧﻄﺎق ﺳﻴﻄﺮة رﺋﻴﺴﻚ ﰲ رﻓﻊ ﺗﻜﻠﻔﺔ املﻌﻴﺸﺔ. ﺧﺎرﺟﺔ ﻗﻮًى ٍ ﻫﺬا اﻟﺠﻤﻮد اﻻﺳﻤﻲ ﺗﺠﺎه اﻟﺨﻔﺾ — واﻋﺬروا اﺳﺘﺨﺪاﻣﻲ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﻷﻧﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ ِ ﱢ املﺘﺨﺼﺼﺔ ﴐورﻳٍّﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﲆ ﻣﻔﻬﻮ ٍم ﺑﻌﻴﻨﻪ — ﻫﻮ ﻋﲆ اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻜﻮن اﺳﺘﺨﺪا ُم ﻻﻧﻜﻤﺎش ﻓﻌﲇﱟ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎد. اﻷرﺟﺢ ﺳﺒﺐُ ﻋﺪ ِم ﺗﻌ ﱡﺮ ِض اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٍ ُ ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪة — وﻋﺪ ٌد ﻗﻠﻴ ٌﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ زﻳﺎد ٍة ﰲ رواﺗﺒﻬﻢ — ﻓﻼ ﻳﺰال ٍ َ اﻧﺨﻔ َﺾ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن املﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎم ﻟﻸﺟﻮر ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑﺒﻂء ،ﻋﲆ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ وﺟَ َﺪ أن راﺗﺒَﻪ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻣﺎ ﺳﺎﻋَ َﺪ ﺑﺪوره ﻋﲆ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺒﻄﻲء ﰲ اﻷﺳﻌﺎر ﻛﻜ ﱟﻞ.
180
اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻮﻫﻤﻲ
ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ،ﱠ ﻓﺈن آﺧِ ﺮ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ اﻵن ﻫﻮ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻤﺜ ﱢ ُﻞ ط ﻋﺎ ﱞم ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺟﻮر ﻳﺆدﱢي إﱃ ُ ﻫﺒﻮ ٌ ﺗﻔﺎﻗ ِﻢ أزﻣﺔ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ؛ وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﰲ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒري ًة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤَ ْﺖ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﱄ ،ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻫﺬه ٌ ٌ ﻣﺎﺳ ٍﺔ ﻟﺨﻔﺾ أﺟﻮرﻫﺎ ﻣﻘﺎ َر ً ٍ ﺣﺎﺟﺔ ﱠ رﻫﻴﺒﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻧﺔ ﺑﺎﻷﺟﻮر ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ .إﻧﻬﺎ ﰲ ﱡ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺒﺪو أﺑﺴ َ ُ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﰲ أوروﺑﺎ ﺗﺒﻠﻎ ٣أو ٤ﰲ املﺎﺋﺔ، ﻣﻌﺪﻻت ري ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻂ ﺑﻜﺜ ٍ ﱠ ُ وﻟﻴﺲ ١ﰲ املﺎﺋﺔ أو أﻛﺜﺮ ً اﻷﺳﻮاق ﰲ اﻟﺴﻨﻮات املﻘ ِﺒﻠﺔ .وﺳﻨﺘﻄ ﱠﺮ ُق ﻟﻜ ﱢﻞ ﺗﺘﻮﻗ ُﻊ ﻗﻠﻴﻼ ﻛﻤﺎ ﻫﺬا ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ً ﻻﺣﻘﺎ. اﻟﺘﻀﺨﻢ؛ َﻓ ْﻠﻨﺘﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن ﻣﺒﺪأ َ ﱡ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ ِﻢ ارﺗﻔﺎع ﻗﺪ ﺗﺘﺴﺎءﻟﻮن اﻵن ﻋﻦ ﺟﺪوى ﺗﻤﻨﱢﻲ ِ ﱡ اﻟﺨﺎﻟﺺ ﻣﺤﺾ ﻫﺮاءٍ؛ ﻓﺈذا ﻟﻢ ِ اﻟﺘﻀﺨﻢ .وﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺤﺼﻞ ﺗﺄت اﻟﻄﻔﺮ ُة ،ﻓﻠﻦ ﻳﺤﺪث ﻋﲆ ﻃﻔﺮةٍ؟ اﻟﺤﻞ ﻫﻮ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ اﻟﻘﻮي واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ وﻧﻈﺮاﺋﻪ ﰲ اﻟﺨﺎرج ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺼﻞ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﰲ ٍ وﻗﺖ ﻻﺣِ ٍﻖ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. دﻋﻮﻧﺎ ﱢ ﻧﻠﺨﺺ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ اﻵن؛ ﻧﺤﻦ ﻧﺘﻌ ﱠﺮ ُ ٍ ٍ ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﻮات ﺑﻀﻊ ض ﻣﻨﺬ ِ َ ﱡ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ — َمل ْﻦ ﻳﻔﻬﻤﻮن اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ً ﺧﺎﻃﺌﺔ ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﻢ ﺗَﺤْ ﺪث ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي ﻧﻌﺎﻧﻴﻪ — أن ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﱡ ﱡ اﻟﺘﻀﺨ ِﻢ أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ .اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن ﻣﻌﺪ َل اﻟﻘﻔﺰ ُة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت وﺿﻊ ُﻣ ْﺰ ٍر ﱟ ﺑﺤﻖ ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ أوروﺑﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ اﻟﻼزم ،وﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ٍ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ.
181
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ٌ ﺳﻨﻮات ﻣﻨﺬ أن ﺧ َ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ راﺋﺪ ٌة ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﻋﻀﺎء ﰲ اﻻﺗﺤﺎد ﻄ ْﺖ ﻣ ﱠﺮ ْت ﻋﴩُ َ َ َ اﻟﻌﻤﻠﺔ املﻮﺣﺪة؛ اﻟﻴﻮرو .وﰲ ١ﻳﻨﺎﻳﺮ وأﻃﻠﻘ ِﺖ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻷوروﺑﻲ ﺧﻄﻮ ًة َ ٍ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪادات املﺘﺄﻧﱢﻴﺔ — أﺻﺒَﺢَ اﻟﻴﻮرو — ١٩٩٩ﺑﻌﺪ َ ِ ﻣﻮاﻃ ٍﻦ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو اﻟﻮﻟﻴﺪة .وﺑﻌﺪ ﺛﻼث اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٣٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻨﻮات — ﰲ أول ﻳﻮ ٍم ﻣﻦ ﺳﻨﺔ — ٢٠٠٢ﺑﺪأ َ ْت ﻋﻤﻼت اﻟﻴﻮرو املﻌﺪﻧﻴﺔ اﻟﻼﻣﻌﺔ وأوراق اﻟﻴﻮرو اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﻈﻬﻮر ،ﻟﺘﺤ ﱠﻞ ﻣﺤ ﱠﻞ ١٢ﻋﻤﻠﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﺣﺎﻓﻈﺎت اﻟﻨﺎس وﺟﻴﻮﺑﻬﻢ .وﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﻘ ٍﺪ ﻋﲆ ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ ،ﻧﺤﺘﻔﻞ ﺑﺎﻻﺗﺤﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻨﻘﺪي واﻟﻴﻮرو ،ﻛﻤﺎ ﻧﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﺪى وﻓﺎﺋﻪ ﺑﻮﻋﺪه. ُ ُ ﻧﻄﺎق ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﺴﺎ ﱠرة ﻣﻨﺬ إﻃﻼق اﻟﻴﻮرو؛ ﻓﺎﻟﻴﻮم ،اﺗﱠ َﺴ َﻊ ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﻟﻴﺸﻤﻞ ١٥ﺑﻠﺪًا — ﺑﺎﻧﻀﻤﺎ ِم ﺳﻠﻮﻓﻴﻨﻴﺎ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٧وﻗﱪص ﱡ ﺗﺤﺴ ِﻦ وﻣﺎﻟﻄﺎ ﰲ — ٢٠٠٨وأﺧﺬَ ْت ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ واﻟﻨﻤﻮ ﰲ اﻻرﺗﻔﺎع ﻣﻊ ً ً دوﻟﻴﺔ ﱟ ﺑﺤﻖ، ﻋﻤﻠﺔ اﻷداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،أﺻﺒَﺢَ اﻟﻴﻮرو ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ َ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو دو ًرا أﻛﱪَ ﰲ اﻟﺸﺌﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ. وﻳﻤﻨﺢ َ ﺗﻘﺘﴫ ﻋﲆ اﻷرﻗﺎم واﻹﺣﺼﺎءات إﻻ أن اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺟﻠﺒَﻬﺎ اﻟﻴﻮرو ﻻ ِ ُ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ زﻳﺎدة اﻟﺨﻴﺎرات واﻟﻴﻘني واﻷﻣﺎنُ ، واﻟﻔ َﺮص ﰲ ﺣﻴﺎة املﻮاﻃﻨني اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ .وﰲ ﻫﺬا اﻟ ُﻜﺘَﻴﱢﺐ ،ﻧﻘ ﱢﺪ ُم َ إدﺧﺎل اﻟﻴﻮرو ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ِ ﱡ ﺗﺤﺴﻨًﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﺴﻜﺎن أوروﺑﺎ — ﰲ املﺎﴈ واﻟﺤﺎﴐ —
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً اﻟﻌﴩ ﺧﻴﺎ ِﻟﻴﱡﻮن؛ ﻟﻜﻦ املﻮاﻗﻒ ﻗﺼﺺ اﻟﻨﺠﺎح ﻛﺎﻓﺔ) .اﻷﺷﺨﺎص املﻤﺜﻠني ﰲ ِ ْ ِ ً ٍ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﺣﻘﻴﻘﻴ ٍﺔ(. ﻧﻤﻮذﺟﻴﺔ ﺗﺴﺘﻨِﺪ إﱃ ﺗُﻤﺜﱢﻞ أوﺿﺎﻋً ﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ ُﻛﺘَﻴﱢﺐ »ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ﻋﲆ اﻟﻴﻮرو ١٠ :ﻗﺼﺺ ﻧﺠﺎح« اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ املﻔﻮﺿﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم ٢٠٠٩ ُ املﻘﺎرﻧﺔ ﺑني اﻟﺘﻄﻮﱡرات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ أوروﺑﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ ،ﺑَﺪ َِت ﻣﻨﺎﻓ ٌ آﺧﺮ — وﻛﺄﻧﻬﺎ َ ري َ ٌ ﺳﺒﺎق ﺑني اﻷﻋﺮج واﻟﻜﺴﻴﺢ ،أو ﺑَﺪ ْ ﺴﺔ املﺘﺤﺪة وﻛﺄﻧﻬﺎ َت — ﰲ ﺗﻌﺒ ٍ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﺗﺒﺪو أوروﺑﺎ ﻣﺘﻘﺪ ً ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻷﺳﻮأ ﻟﻸزﻣﺔ .وﰲ ِ ﱢﻣﺔ ﰲ اﻟﺴﺒﺎق ﻧﺤﻮ اﻟﻜﺎرﺛﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ. ﺷﻤﺎﺗﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴ ٍﺔ ،ﻓﺪﻋﻮﻧﻲ ﱢ ٍ إذا ﻛﺎن ﻣﺎ أﻗﻮﻟﻪ ﻳﺒﺪو ﻗﺎﺳﻴًﺎ ،أو ﱢ أوﺿﺢ ﻣﻘﺼﺪي: ﻣﻌﱪًا ﻋﻦ إن املﺘﺎﻋﺐَ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺒﱠﺪُﻫﺎ أوروﺑﺎ َﻷﻣ ٌﺮ رﻫﻴﺐٌ ٍّ ﱠ ﺑﺴﺒﺐ املﻌﺎﻧﺎة ﺣﻘﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ِ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺒﱠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻄﻮال ﺳﺘني ﻋﺎﻣً ﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ، اﻧﺨﺮ َ ﻃ ْﺖ أوروﺑﺎ ﰲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻧﺒﻴﻠﺔ ،ﺗﻤﺜ ﱠ َﻠ ْﺖ ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺻﻼح ﻗﺎرة ﻣ ﱠﺰ َﻗﺘْﻬﺎ اﻟﺤﺮبُ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ووﺿﻌﻬﺎ ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺴﻼم واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺪاﺋﻤَ ني .وﻳﻤﺜﱢﻞ ﻧﺠﺎح ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﴎه ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﺳﻴﻌﺎﻧﻲ إذا ﻣﺎ ﺑﺎء َْت ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ. ُ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﺎم ،١٩٥١ﻣﻊ إﻧﺸﺎءِ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻟﻠﻔﺤﻢ واﻟﺼﻠﺐ؛ ﻻ ﺗَ َﺪ ْع ذﻟﻚ ﺑﺪأ َ ِت ً ً ري ﻟﺠﻌﻞ اﻟﺤﺮب ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻻﺳ َﻢ ﻏري املﻤﻴﺰ ﻳﺨﺪﻋﻚ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻠﻚ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ؛ ﻓﺒﺈﻗﺎﻣﺔ ﺗﺠﺎرة ﺣﺮة ﰲ اﻟﻔﺤﻢ واﻟﺼﻠﺐ — أيْ إﻟﻐﺎء ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺮﺳﻮم أوروﺑﺎ أﻣ ًﺮا اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ واﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ اﻟﺸﺤﻨﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎﺑﺮة اﻟﺤﺪود ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﺼﺎﻧ ُﻊ أﻗﺮب ﻣﻨﺘِﺞ ﻟﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ َ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺪود اﻟﺼﻠﺐ ﻣﻦ ﴍاء اﻟﻔﺤﻢ ﻣﻦ ِ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،إﻻ أن ﻫﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﺳﺘﻄﺎﻋَ ْﺖ ً َ أﻳﻀﺎ — اﺳﺘﻄﺎﻋَ ﺖ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ َ ﺗﻀﻤﻦ اﻋﺘﻤﺎ َد ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻟﺼﻠﺐ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﺤﻢ اﻷملﺎﻧﻲ ،واﻟﻌﻜﺲ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼري أن اﻗﺘﺘﺎل ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑني اﻟﺪوﻟﺘني ﻋﻮاﻗﺐُ وﺧﻴﻤﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ أﻣ ٌﻞ ﰲ اﺳﺘﺒﻌﺎده ﻷيﱢ ٍ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. ﱠ ٍ ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﺣﻘ َﻘ ْﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻔﺤﻢ واﻟﺼﻠﺐ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻛﺒريًا ،وأﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻳُﺤﺘﺬَى َ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻮات املﻤﺎﺛﻠﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،١٩٥٧أﻧﺸﺄ َ ْت ﱡ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ دول أوروﺑﻴﺔ ﺳﺖ ٍ اﻷوروﺑﻴﺔ ،وﻫﻮ اﺗﺤﺎ ٌد ﺟﻤﺮﻛﻲ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ﺑني أﻋﻀﺎﺋﻪ ﻣﻊ ْ وﺿ ِﻊ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت 184
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ﺟﻤﺮﻛﻴﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﻋﲆ اﻟﻮاردات اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج .وﰲ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ، َ اﻧﻀﻤﱠ ْﺖ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وأﻳﺮﻟﻨﺪا واﻟﺪﻧﻤﺎرك إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﺗﱠ َﺴ َﻊ دو ُر اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأ َ ْت ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ املﺴﺎﻋﺪات إﱃ املﻨﺎﻃﻖ اﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘ ًﺮا ،وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء أوروﺑﺎ .وﰲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦُ ،ﻛﻮ ِﻓﺌَ ْﺖ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻟﱪﺗﻐﺎل واﻟﻴﻮﻧﺎن ﻋﲆ اﻟﺘﺨ ﱡﻠ ِﺺ ﻣﻦ ﺣ ﱠﻜﺎﻣﻬﺎ اﻟﻄﻐﺎة ﺑﺎﻻﻧﻀﻤﺎم إﱃ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ؛ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻨﺴﻴﻖ وﺑﺪأ َ ِت اﻟﺪو ُل اﻷوروﺑﻴﺔ ﰲ ِ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وإزاﻟﺔ املﺮاﻛﺰ اﻟﺤﺪودﻳﺔ ،وﺿﻤﺎن ﺣﺮﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻌﻤﺎل. ً ٍ ﻣﻘﱰﻧﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ،ﻛﺎﻧ َ ِﺖ املﻜﺎﺳﺐُ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﻮﺛﻴﻖ ﺗﺄﺗﻲ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﺴﻴﺎﳼ؛ ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻻ ﺗُﻌﻨَﻰ أﺑﺪًا ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﻃﺎملﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻬﺪف إﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻮﺣﺪة اﻷوروﺑﻴﺔ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﻔﻮاﺋ ُﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ﺑني إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻟﺠﻨﺮال ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ﻓﺮاﻧﻜﻮ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺛﻨﺎء ﺣﻜﻤﻪ )ﻛﻤﺎ أن ﻣﺸﻜﻼت َ ً ﱠ إﺿﺎﻓﺔ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻟﻜﻦ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ(، ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ اﻧﻀﻤﺎ ِم إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ِ ً ﻫﺪﻓﺎ ﻗﻴﱢﻤً ﺎ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﺗﺤﺮﻳ ُﺮ اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻠﻤﴩوع اﻷوروﺑﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ري ﻣﺎ ﻳﺒﺪو اﻵن ﺧﻄﺄ ً ً ﻗﺎﺗﻼ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ دوﻟﺔ ذات ﺣﻜﻢ دﻛﺘﺎﺗﻮري؛ وﻳﺴﺎﻋﺪ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺗﻔﺴ ِ َ ٍ ﻗﺮا ُر اﻻﻧﺘﻘﺎل إﱃ رﻣﺰ ﻗﻮيﱟ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻮﺣﱠ ﺪةٍ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﻨﺨﺐُ اﻷوروﺑﻴﺔ أﺳرية ﻓﻜﺮ ِة إﻧﺸﺎءِ ٍ ِ ِ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﺗﻮﺣﻴ ِﺪ اﻟﻌﻤﻠﺔ ،وﻧﺤﱠ ﻮْا ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻟﻠﻮﺣﺪة ،ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ ﺑﺎ َﻟ ُﻐﻮا ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ٍ ﺳﻠﺒﻴﺎت ﻻ ﻳُﺴﺘﻬﺎن ﺑﻬﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﺔ املﻮﺣﱠ ﺪة. ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ )املﻮﺣﱠ ﺪة( ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام ﻋﻤﻼت ﻣﺘﻌﺪﱢدة ،وﻫﻲ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﻨﱡﺒﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﻤﺎد ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻮﺣﺪة؛ ﻓﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﺘﺠﺎرة ﻋﱪ اﻟﺤﺪود ﺗﺮﺗﻔﻊ إذا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺐُ ﻋﻤﻼت ،أو اﻹﺑﻘﺎءَ ﻋﲆ ﻋﻤﻼت ﻣﺘﻌﺪﱢدة ﰲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﻴﺪ ،أو اﻻﺣﺘﻔﺎ َ ٍ ظ ﺑﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت ﺗﺒﺎ ُد َل ُ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻘ ﱡﻠ ِﺐ أﺳﻌﺎر اﻟﴫف ﻋﻨﴫَ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني؛ وﻣﻦ املﴫﻓﻴﺔ ،أو ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ .وﺗُﺪﺧِ ﻞ ً ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺘﺨﻄﻴ ُ ﺻﻌﻮﺑﺔ وﺗﺼري اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت أﻗ ﱠﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﺨﺪِم ﻂ أﻛﺜ َﺮ ُ ُ واملﴫوﻓﺎت اﻟﻮﺣﺪ َة ﻧﻔﺴﻬﺎ داﺋﻤً ﺎ .وﻛﻠﻤﺎ زاد ْ َت ﺗﺠﺎرة اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ اﻹﻳﺮادات ً ً ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ؛ وﻟﻬﺬا ﻟﻦ ﻳﻜﻮن اﻣﺘﻼ ُك ﺑﺮوﻛﻠني — ﻋﲆ ﻋﻤﻠﺔ ﺟرياﻧﻬﺎ ،زادت إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻣﺘﻼﻛﻬﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻛﻨﺪا ﻓﻜﺮ ًة ﺻﺎﺋﺒﺔً. ٍّ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — دوﻻ ًرا 185
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
َ ً وﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ً ﱠ ٍ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻣﻦ أﻳﴪﻫﺎ ﻋﲆ اﻟﻔﻬﻢ ﻣﻬﻤﺔ ﻻﻣﺘﻼﻛﻚ ﻋﻤﻠﺘَ َﻚ ﻣﻤﻴﺰات أﻳﻀﺎ أن ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻣﻘﺎ ِﺑﻞ اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺧﺮى ﻗﺪ ﻳﺴﺎﻫِ ﻢ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ٍ ﺻﺪﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. اﻟﺘﻜﻴﱡﻒ ﻣﻊ أيﱢ َ ْ ﻟﻨﻔﱰض ﱠ أن إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ أﻣﻀ ْﺖ ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ إﱃ ﻫﺬا املﺜﺎل اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ: ِ ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﻄﻔﺮة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﺳﻮق اﻹﺳﻜﺎن ،ﻣ ﱠﻮ َﻟﺘْﻬﺎ ﱡ ً ﺗﺪﻓ ٌ ﻘﺎت ﻛﺒري ٌة ﻣﻦ رءوس اﻟﻌﻘﺪ املﺎﴈ اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ْ ﱡ ورﻓ َﻊ اﻷﺟﻮر ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﻷﻣﻮال اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ أملﺎﻧﻴﺎ ،وﻗﺪ ﻏﺬﱠ ْت ﻫﺬه اﻟﻄﻔﺮ ُة َ ﻣﺘﻀﺨ ً ﱢ ٍ ﻓﻘﺎﻋﺔ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﺟﻮر ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ؛ وﻟﻜﻦ اﺗﱠ َﻀﺢَ أن ﻫﺬه اﻟﻄﻔﺮة ﻛﺎﻧﺖ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﺗﺤﺘﺎجُ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ إﱃ إﻋﺎد ِة ﺗﻮﺟﻴ ِﻪ اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ ﺑﻌﻴﺪًا ﻣﺎ ﻟﺒﺜ َ ْﺖ أن اﻧﻔﺠ َﺮ ْت؛ ﻋﻦ اﻹﺳﻜﺎن واﻟﻌﻮدة ﺑﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ .وﻟﻜﻦ ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ِﺪ اﻟﺘﺼﻨﻴ ُﻊ اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺟﺪٍّا ﻣﻘﺎ َر ً ً ﻧﺔ ﺑﺎﻷﺟﻮر اﻷملﺎﻧﻴﺔ؛ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴٍّﺎ؛ ﻷن اﻷﺟﻮر اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺎ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى؟ اﻟﺴﺒﻞ إﱃ ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ ﰲ إﻗﻨﺎع اﻟﻌﻤﱠ ﺎل اﻹﺳﺒﺎن ﺑﻘﺒﻮل أﺟﻮر أﻗﻞ ،أو ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ أﺣ ُﺪ ِ ْ دﻓﻌﻬﻢ إﱃ ذﻟﻚ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻳﺼﺒﺢ ذﻟﻚ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ املﺘﺎح ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ إذا ﻛﺎن ُ ً ﺛﺎﺑﺘﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻟﺪى إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وأملﺎﻧﻴﺎ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﻤﻠﺔ ،أو إذا ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻷملﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻏري ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴري. وﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﱰك ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺗﻨﺨﻔﺾ ،ﻓﺴﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺟﻮر ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻈريه ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﺘﻐﻴري ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ — ﺑﺄن ﺗﺼري ﻗﻴﻤﺔ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎرك أملﺎﻧﻲ ١٠٠ﺑﻴﺰﻳﺘﺎ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ٨٠ﺑﻴﺰﻳﺘﺎ — أن ﻳﺨﻔﺾ اﻷﺟﻮر اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﺟﻮر اﻷملﺎﻧﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑﴬﺑ ٍﺔ واﺣﺪةٍ ،ﻣﻊ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ اﻷﺟﻮر اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ »ﺑﻌﻤﻠﺔ اﻟﺒﻴﺰﻳﺘﺎ« ﻛﻤﺎ ﻫﻲ. ري ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ملﺎذا ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬا أﺳﻬ َﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﻟﺘﻔﺎوض ﻋﲆ أﺟﻮر أﻗ ﱠﻞ؟ أﻓﻀﻞ ﺗﻔﺴ ٍ ٍ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن دون ﺳﻮاه ،اﻟﺬي َ داﻓ َﻊ ﻋﻦ أﺳﻌﺎر اﻟﴫف ا َمل ِﺮﻧﺔ ﰲ املﻘﺎل اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﻧﴩه ﻋﺎم ١٩٥٣ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان» :ﺣﺠﺔ أﺳﻌﺎر اﻟﴫف ا َمل ِﺮﻧﺔ« ﰲ ﻛﺘﺎب »ﻣﻘﺎﻻت ﰲ اﻟﺬي َ َ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﺿﻌﻲ« ،وإﻟﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ: ﻣﻦ املﺜري ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ،أن اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻷﺳﻌﺎر اﻟﴫف ا َمل ِﺮﻧﺔ ﻣﻄﺎ ِﺑ ٌ ﻘﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ َ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﰲ اﻟﺼﻴﻒ ﻧﻐري ﻟﻠﺤﺠﺔ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﻠﺘﻮﻗﻴﺖ اﻟﺼﻴﻔﻲ؛ أﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﺨﻒ أن ﱢ َ 186
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ُ ِ ﻋﺎدات ﻛ ﱢﻞ ﻓﺮ ٍد ﻋﲆ ري ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻐﻴ ِ ً ﺳﺎﻋﺔ ﺷﺨﺺ أن ﻳﺼﻞ إﱃ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻣﺒﻜ ًﺮا ﺣﺪة؟ ﻛ ﱡﻞ املﻄﻠﻮب ﻫﻮ أن ﻳﻘ ﱢﺮ َر ﻛ ﱡﻞ ٍ ً ﺳﺎﻋﺔ ،وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ .وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﺪﻳﻬﻲ أن ﻋﻦ ﻣﻮﻋﺪه ،وﻳﺘﻨﺎول اﻟﻐﺪاءَ ﻣﺒﻜ ًﺮا ﺗﻐﻴريَ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺷﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ أﺑﺴ ُ ﻂ ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﱢ ﺣﺚ ﻛ ﱢﻞ ﻓﺮ ٍد ﻋﲆ ﺣﺪة ﻋﲆ ﺗﻐﻴري ﻧﻤﻂ اﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻪ ﻟﻠﺘﻮﻗﻴﺖ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ رﻏﺒﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ ذﻟﻚ .اﻟﻮﺿﻊ ﻟﺴﻌﺮ واﺣ ٍﺪ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴري — وﻫﻮ ﺳﻌﺮ ﻣﻤﺎﺛِﻞ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ ﺳﻮق اﻟﴫف؛ إن اﻟﺴﻤﺎح ٍ ﴏف اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ — أﺑﺴ ُ ﱡ ﻂ ﻛﺜريًا ﻣﻦ أن ِ اﻟﺘﻐريات ﰲ ﺣﺸ ٍﺪ ﺗﻌﺘﻤ َﺪ ﻋﲆ َ ً اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻸﺳﻌﺎر. ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺸ ﱢﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﱠ ﺎل داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺠﻤﻮن ﻋﻦ ﻗﺒﻮل ﺧﻔﺾ أﺟﻮرﻫﻢ، وﻟﻜﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ ﻟﻺﺣﺠﺎم ﻫﻮ ﻋﺪم ﺗﺄ ﱡﻛﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻮل اﻟﻌﻤﱠ ﺎل َ ﻟﺨﻔﺾ اﻵﺧﺮﻳﻦ ٍ ُ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ املﻌﻴﺸﺔ ﺳﻮف ﺗﻨﺨﻔﺾ ﻣﻊ اﻧﺨﻔﺎض أﺟﻮر اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ .ﻻ ﻣﻤﺎﺛ ٍِﻞ ،وﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ُ ﺗﻴﴪ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪى أيﱢ ﺑﻠ ٍﺪ أﻋﺮﻓﻪ ﻧﻮﻋﻴﺔ أﺳﻮاق اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ واملﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﱢ َ ْ َ وﺻﻔﺘُﻪ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻷﺟﻮر ﰲ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﻮﺿﻊ اﻟﺬي اﻟﺒﻠﺪان ﻳﻤﻜﻦ أن ﱢ ً ﱠ َ ﺗﺨﻔﺾ أﺟﻮ َرﻫﺎ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺑني ﻋﺸﻴ ٍﺔ وﺿﺤﺎﻫﺎ — دون ﻋﻮاﺋﻖ وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻓﺔ، ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ — ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻔﺾ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ،وﺛﻤﺔ ﺑﻠﺪان ﺗﻠﺠﺄ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤ ﱢﻞ ً ﻓﻌﻼ. ُ ﱢ َ اﻟﻌﻤﻠﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﻔﺎﺿ ٍﻠﺔ؛ ﻓﻤﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ، إذَ ْن ،ﻓﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﻣﻜﺎﺳﺐَ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻜﻔﺎءة؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺨﻔﺾ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،وﻳ َ ِ ﱡ ﺗﺤﺴ ُﻦ ُﻔﱰَض ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺨﻄﻴﻄﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ أﺧﺮى ،ﺗﱰﺗﱠﺐُ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﺴﺎﺋ ُﺮ ﰲ املﺮوﻧﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ٌ ٍ »ﺻﺪﻣﺎت ﻏري ﻣﺘﻤﺎﺛ ٍِﻠﺔ« ﻫﺎﺋﻠﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻄﻔﺮة ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒري ٍة إذا ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﻳﺘﺴﺒﱠﺐَ ﰲ اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ اﻟﺬي ﺷﻬ َﺪﺗْﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان وﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪه ﻛﻠﻬﺎ. املﻜﺎﺳﺐ املﱰﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﻘﻴﻴ ُﻢ املﺮوﻧﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ َﻛﻤﱢ ﻴٍّﺎ ،وﻣﻦ اﻷﺻﻌﺐ ﺗﻘﻴﻴ ُﻢ ِ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻠﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﻛﻤﱢ ﻴٍّﺎ؛ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺜﻤﺔ ﻋﺪ ٌد ﻛﺒريٌ ﻣﻦ املﺆ ﱠﻟﻔﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول ﻣﻌﺎﻳري »املﻨﻄﻘﺔ املﺜﲆ ﻟﻠﻌﻤﻠﺔ« ،وﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻓﻨﻲ ﻗﺒﻴﺢ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻣﻔﻴﺪ ﱢ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ دﻣﺞ ﻋﻤﻼﺗﻬﺎ .ﻓﻤﺎذا ﺗﻘﻮل ﻫﺬه املﺆ ﱠﻟﻔﺎت؟ ً أوﻻ :ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﺠ ُﻢ اﻟﺘﺒﺎد ُِل اﻟﺘﺠﺎري ﺑني اﻟﺒﻠﺪان ﻛﺒريًا؛ َ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺒﻴﺰو ﻟﺘﺴﺎوي دوﻻ ًرا أﻣﺮﻳﻜﻴٍّﺎ ﻓﻔﻲ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺛﺒﱠﺘَ ِﺖ اﻷرﺟﻨﺘني ﱢ َ ِ اﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ، ﻳﺴﺘﻤ ﱠﺮ ذﻟﻚ إﱃ اﻷﺑﺪ .ذﻟﻚ اﻟﺘﴫﱡف ﻻ ﻳﻤﺎ ِﺛ ُﻞ واﻓﱰﺿ ْﺖ أن واﺣﺪًا، 187
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ْ ﺛﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ ﺧﻴﺎر ،واﺗﻀﺢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة ﻛﺎن وﻟﻜﻦ ﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻣﻨﻪ أن ﻳﻜﻮن َ ِ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ واﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد؛ وﻛﺎن أﺣ ُﺪ أﺳﺒﺎب ﻣﺼريﻫﺎ اﻟﻔﺸﻞ ،واﻧﺘﻬَ ْﺖ ﺑﺘﺨﻔﻴﺾ ٌ ٌ ٌ ﱢ ﺻﻠﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ١١ﰲ ذﻟﻚ أن اﻷرﺟﻨﺘني ﻻ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ِ املﻜﺎﺳﺐُ املﱰﺗﱢﺒﺔ املﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ وارداﺗﻬﺎ و ٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺻﺎدراﺗﻬﺎ؛ ﻓﻤﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺎخ ﻣﻦ اﻟﻴﻘني ﰲ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎرﺗﺒﺎط ﺳﻌﺮ اﻟﺪوﻻر ﺑﺎﻟﺒﻴﺰو ﻋﲆ ﺗﻬﻴﺌﺔ ٍ ﺿﺌﻴﻠﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﻣﻬﻤﺎ َ ً ﺑﻠﻐ ْﺖ؛ ﺣﻴﺚ إن ﺣﺠ َﻢ ﺗﺠﺎرة اﻷرﺟﻨﺘني ﻣﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺿﺌﻴ ٌﻞ ﺟﺪٍّا؛ وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ أﺧﺮى ،ﻓﺈن اﻟﴬ َر اﻟﺬي ﻟﺤﻖ ﺑﺎﻷرﺟﻨﺘني ﺟ ﱠﺮاء ﺗﻘ ﱡﻠ ِﺐ أﺳﻌﺎر اﻟﻌﻤﻼت ً وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻬﺒﻮط اﻟﻜﺒري اﻟﺬي ﺷﻬﺪه ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﻮرو واﻟﺮﻳﺎل اﻟﱪازﻳﲇ ﻣﻘﺎ ِﺑﻞ اﻷﺧﺮى — اﻟﺪوﻻر — ﺟﻌﻞ أﺳﻌﺎ َر ﺻﺎدرات اﻷرﺟﻨﺘني ﻣُﺒﺎ َﻟ ًﻐﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺪٍّا. وﻓﻖ ﻫﺬا املﻌﻴﺎر ،ﻛﺎن ْ وﺿ ُﻊ أوروﺑﺎ ﻳﺒﺪو ﺣﺴﻨًﺎ؛ ﻓﺤﺠﻢ اﻟﺘﺒﺎد ُِل اﻟﺘﺠﺎري ﺑني اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ﻳﺼﻞ إﱃ ﺣﻮاﱄ ٦٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ ﺗﺠﺎرﺗﻬﺎ ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﺣﺠ َﻢ ﺗﺠﺎرة ﻫﺬه اﻟﺒﻠﺪان »ﻛﺒريٌ ﺟﺪٍّا« .أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ ﺑﻤﻌﻴﺎ َرﻳْﻦ َ ﻣﻬﻤﱠ ْني — وﻫﻤﺎ اﻧﺘﻘﺎل اﻷﻳﺪي آﺧﺮﻳْﻦ ِ ﻣﻨﺎﺳ ً اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،واﻻﻧﺪﻣﺎج املﺎﱄ — ﻓﻠﻢ ﺗَﺒْ ُﺪ أوروﺑﺎ ِ ﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪر ذاﺗﻪ ملﺴﺄﻟﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﻤﻠﺔ. َ اﺣﺘ ﱠﻞ ﻣﻮﺿﻮ ُع اﻧﺘﻘﺎل اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻣﻮﻗ َﻊ اﻟﺼﺪارة ﰲ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺬي اﻓﺘﺘَﺢَ املﻴﺪان املﻌﻨ ﱠِﻲ ِ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﺑﺄﴎه ،واﻟﺬي أﻋَ ﺪﱠه اﻟﺨﺒريُ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱡ اﻟ َﻜﻨَﺪِيﱡ ا َمل ْﻮﻟِ ِﺪ روﺑﺮت ﻣﻮﻧﺪِل ُ ِ ﺣﺠﺔ ﻣﻮﻧﺪِل ﻫﻲ أن ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺘﻜﻴﱡﻒ ﻣﻊ ﻃﻔﺮة اﻻزدﻫﺎر ﰲ وﺧﻼﺻﺔ ﻋﺎم .١٩٦١ ﺳﺎﺳﻜﺎﺗﺸﻮان ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺸﻬﺪ ﻓﻴﻪ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ رﻛﻮدًا — أو اﻟﻌﻜﺲ ري إذا اﺳﺘﻄﺎ َع اﻟﻌﻤﱠ ﺎ ُل أن ﱠ ﻳﺘﻨﻘﻠﻮا ﺑﺤُ ﱢﺮﻳ ٍﺔ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﺗﺘﻮاﺟَ ُﺪ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ .وﰲ — ﺳﺘﻜﻮن أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﱠ ﺗﺘﻨﻘ ُﻞ اﻟﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺤُ ﺮﻳ ٍﺔ ﺑني املﻘﺎﻃﻌﺎت اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ — ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻛﻴﺒﻴﻚ ٍ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﺑني اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ؛ — وﻛﺬﻟﻚ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺤ ﱢﺮﻳ ٍﺔ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻷوروﺑﻴني ﺻﺎر ﻣﻦ ﱢ ﺣﻘﻬﻢ ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٩٢أن ﻳﻠﺘﺤﻘﻮا ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ َ َ ِ ِ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻛﺒري ٌة اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت ﰲ أي ﻣﻜﺎن ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ،ﻓﺈن ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻔﺎوُت اﻟﻜﺒري ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻻ ﻳُﺴﻔِ ﺮ إﻻ ﻋﻦ ﻧ َِﺴ ٍﺐ ﻣﺤﺪود ٍة ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮة ﺑني ﺑﻠﺪان اﻻﺗﺤﺎد. وﻗﺪ ﺳ ﱠﻠ َ ﻂ ﺑﻴﱰ ﻛﻴﻨني ،ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻧﺴﺘﻮن ،اﻟﻀﻮءَ ﻋﲆ أﻫﻤﻴﺔ اﻻﻧﺪﻣﺎج املﺎﱄ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﺎول ﺗﺨﻴﱡ َﻞ ﻣﺮور ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ﻋﲆ ﺑﺤﺚ ﻣﻮﻧﺪِل .وﻟﺘﻮﺿﻴﺢ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻛﻴﻨني ،دﻋﻮﻧﺎ ِ ﻣﻘﺎ َر ٍ ري ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ — ﻣﻊ ﺗﻨﺤﻴ ِﺔ املﻈﻬﺮ اﻟﻌﺎم ﻧﺔ ﺑني اﻗﺘﺼﺎ َدﻳْﻦ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬَ ْني إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ً ً ٍ ﺿﺨﻤﺔ واﻧﻔﺠﺎ َرﻫﺎ؛ ﻋﻘﺎرﻳﺔ ﻓﻘﺎﻋﺎت ﺟﺎﻧﺒًﺎ — ﻫﻤﺎ أﻳﺮﻟﻨﺪا وﻧﻴﻔﺎدا .ﺷﻬﺪ ﻛﻼ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻦ 188
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ﻋﻤﻴﻖ ﺻﻌﺪ ﺑﻤﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﱃ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء ،ﻛﻤﺎ ﺷﻬﺪَا ﻣﺎ أﻓﴣ إﱃ وﻗﻮﻋﻬﻤﺎ ﰲ رﻛﻮ ٍد ٍ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﺘﺨ ﱡﻠ ِﻒ ﻋﻦ ﺳﺪاد أﻗﺴﺎط اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري. اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ْ ُ وﻟﻜﻦ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻴﻔﺎدا ،ﱠ ري؛ ﺧﻔ َﻔ ِﺖ وﻗ َﻊ ﻫﺬه اﻟﺼﺪﻣﺎت إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﱠ َ ﺳﻜﺎن اﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر وﻟﻜﻦ ﻓﻨﻴﻔﺎدا ﺗﺪﻓﻊ ﴐاﺋﺐَ أﻗ ﱠﻞ ﻛﺜريًا إﱃ واﺷﻨﻄﻦ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم، ُ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﺴﻦ ﻣﺎ زاﻟﻮا ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ﺷﻴﻜﺎت اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻣﺎ زا َﻟ ِﺖ ﺗﺪﻓﻊ ﻓﻮاﺗريﻫﻢ اﻟﻄﺒﻴﺔ؛ إذَ ْن ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﱠ ً ﻣﻌﻮﻧﺔ ﻛﺒري ًة .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﺗﻀﻤﻦ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ٌ ٌ ﻓﻴﺪراﻟﻴﺔ — ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺄﻣني اﻟﻮداﺋﻊ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ — وداﺋ َﻊ ﺑﻨﻮك ﻧﻴﻔﺎدا ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺤﻤﱠ ﻞ وﻛﺎﻟﺔ ﻣﺆﺳﺴﺘﺎن ﻣﺪﻋﻮﻣﺘﺎن ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ — َ ﻣﺆﺳﺴﺘَﺎ ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي — وﻫﻤﺎ ﱠ ﱠ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺨ ﱡﻠﻒ ﻋﻦ دﻓﻊ أﻗﺴﺎط اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري. ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺗﻘﻒ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﺑﻤﻔﺮدﻫﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أزﻣﺘﻬﺎ؛ ﻓﻬﻲ املﻨﻮﻃﺔ ﺑﺈﻧﻘﺎذ ﺑﻨﻮﻛﻬﺎْ ، ودﻓﻊ املﻌﺎﺷﺎت وﻓﻮاﺗري اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻣﻦ إﻳﺮاداﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘ ﱠﻠ َ ﺼ ْﺖ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻫﺎﺋﻞ .ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤ ﱡﺮ ﺑﻬﺎ املﻜﺎﻧﺎن ،ﻧﺠﺪ أن ﺗﻮاﺟ ُﻪ ً أزﻣﺔ ﻻ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻧﻴﻔﺎدا. أﻳﺮﻟﻨﺪا ِ وﻟﻴﺲ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺜري اﻟﺪﻫﺸﺔ؛ ﻓﻤﻨﺬ ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ — ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ َ ْت ﻓﻜﺮ ُة اﻟﻌﻤﻠﺔ َ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺜﱢﻠﻬﺎ اﻷوروﺑﻴﺔ املﻮﺣﱠ ﺪة ﺗﺘﺤ ﱠﺮك ﰲ اﺗﺠﺎ ِه اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﻔﻌﲇ — ﺗﻔﻬﱠ َﻢ ﻛﺜريون ٌ ﻧﻘﺎش أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻣﻮﺳﻊ ﻟﻬﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ )ﺷﺎر ْﻛ ُﺖ إﻧﺸﺎءُ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﺔ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎ ﱟم ﺗﺸ ﱡﻜ ًﻜﺎ إزاءَ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﻴﻪ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ( ،وأﺑْﺪَى ﻋﻠﻤﺎءُ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن املﻌ ِﻨﻴﱡﻮن اﻟﻴﻮرو ،وﻛﺎن ﺗﺸ ﱡﻜ ُﻜﻬﻢ ﻣﺒﻨِﻴٍّﺎ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻋﲆ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺒﺪو ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﺟﻴﺪًا ِ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻟﻔﻜﺮ ِة اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ،وﻛﺎﻧﺖ أوروﺑﺎ ﺑﻌﻴﺪ ًة ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ ملﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﺠﻌﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد ً َ ٍ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﺟﺪٍّا ،ﻛﻤﺎ أن ﻋﺪم وﺟﻮد ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج .ﻛﻨﺎ ﻧﺮى أن ﱢ ِ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ؛ زاد ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺣﺎﺋﻂ ﺻ ﱟﺪ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ،وﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄن ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﻮﻓﺮه ﻣﻦ ﱟ اﻟﺸﻜﻮك. إﻻ أﻧﻬﻢ ﻧﺤﱠ ﻮْا ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ﺟﺎﻧﺒًﺎ .ﻛﺎن ﺑﺮﻳﻖ ﻓﻜﺮة اﻟﻴﻮرو — ْ إن ﺟﺎ َز اﻟﺘﻌﺒري — َ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻧﺤﻮ إﻧﻬﺎء ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺤﺮﺑﻲ أﺧريًا واﻟﺘﺤﻮﱡل واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺄن أوروﺑﺎ ﺗﺘﱠﺨِ ﺬُ ﺧﻄﻮ ًة ُ ﺳﺎﻃﻌً ﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ِ إﱃ ﻣﻨﺎرة ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔِ ، ﺳﺘﺘﴫﱠف أوروﺑﺎ آﴎ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺎءَ َل املﺮءُ ﻛﻴﻒ ً َ ٍ واﻗﺘﺼﺎدات أﺧﺮى ﰲ ﺗﺮاﺟُ ٍﻊ — ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدات ﻣﺰدﻫﺮة، ﺣني ﺗﺠﺪ ﻛﺎن اﻟﺮ ﱡد اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺬي ﱠ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﻵن — َ ﻳﺘﻠﻘﺎه ﻣﻔﺎده أن دو َل اﻟﻴﻮرو ﺟﻤﻴﻌً ﺎ 189
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً ٌ ٍ »ﺻﺪﻣﺎت ﻏريُ ﻣﺘﻤﺎﺛ ٍِﻠﺔ« ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ ،وإن ﺳﻠﻴﻤﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗَﺤﺪث ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺳﺘﺘﺒﻊ ُ ِ ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى ،ﻓﺈن »اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ« ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗ ِ ﻜﺴﺐَ اﻻﻗﺘﺼﺎدات َ َ َ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻹﺟﺮاء اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت اﻟﻼزﻣﺔ. املﺮوﻧﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ َ اﻟﺼﺪﻣﺔ ﻏريَ املﺘﻤﺎﺛِﻠﺔ اﻟﻜﱪى ،وﻛﺎن اﺳﺘﺤﺪاث اﻟﻴﻮرو أﻣﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻜﺎن ﰲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻪ اﻟﺴﺒﺐَ ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻟﻴﻮرو دﺧﻞ اﻟﻴﻮرو ﺣﻴﱢ َﺰ اﻟﻮﺟﻮد رﺳﻤﻴٍّﺎ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم ْ ،١٩٩٩ ُ ﻋﻤﻼت اﻟﻴﻮرو اﻟﻮرﻗﻴﺔ وإن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ واملﻌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺼﻞ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺛﻼث ﺳﻨﻮات أﺧﺮى) .رﺳﻤﻴٍّﺎ ،أﺻﺒَﺢَ اﻟﻔﺮﻧﻚ اﻟﻔﺮﻧﴘ ﻋﻤﻼتً ، ٍ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ ﻓﺌﺎت اﻟﻴﻮرو؛ ﺑﺤﻴﺚ واملﺎرك اﻷملﺎﻧﻲ واﻟﻠرية اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ﻣﻦ اﻷملﺎﻧﻲ = ١٫٩٥٥٨٣ / ١ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﴘ = ٦٫٥٥٩٧ / ١ﻣﻦ اﻟﻴﻮرو ،واملﺎرك ﺻﺎر اﻟﻔﺮﻧﻚ ﱡ ﱡ ﺣﺘﻤﻲ ﻓﻮريﱞ ؛ ﻓﻘﺪ أﺷﻌَ َﺮ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺎﻷﻣﺎن. اﻟﻴﻮرو … إﻟﺦ (.وﻛﺎن ﻟﻬﺬا ﺗﺄﺛريٌ ﱞ ﺷﻌﻮر املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺎﻷﻣﺎن إزاء ْ َ وﺿ ِﻊ ﻧﻘﻮدﻫﻢ ﰲ وﻟﻨﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ،أدﱠى ذﻟﻚ إﱃ ِ ﺑﻠﺪان ﻛﺎن اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻴﻬﺎ ﻳ َ ُﻌﺘﱪ ِ ﺧﻄ ًﺮا ﻓﻴﻤﺎ ﻣﴣ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ ﺟﻨﻮب ٍ ري ﻣﻦ أﺳﻌﺎرﻫﺎ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ؛ ﻷن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳُﻄﺎﻟِﺒﻮن أوروﺑﺎ أﻋﲆ ﺑﻜﺜ ٍ ً ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ واﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد أو أﺣﺪﻫﻤﺎ .ﻣﻊ ﺗﻌﻮﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﺑﻌﻼو ٍة ِ َ اﺧﺘﻔ ْﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼوات؛ ﻓﻜﺎﻧ َ ِﺖ اﻟﺪﻳﻮ ُن اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ واﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ وﺣﺘﻰ اﻟﺪﻳﻮن ﺻﺪور اﻟﻴﻮرو ٌ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﺗﺼﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ إﱃ أﻣﺎن اﻟﺪﻳﻮن اﻷملﺎﻧﻴﺔ. اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺗُﻌﺎﻣَ ﻞ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ِآﻣﻨﺔ ري ﰲ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻗﱰاض اﻟﻨﻘﻮد ﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ؛ ﻣﺎ أﻓﴣ إﱃ أدﱠى ﻫﺬا إﱃ ٍ ﺧﻔﺾ ﻛﺒ ٍ ٍ ٍ ﺿﺨﻤﺔ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن. ﻓﻘﺎﻋﺎت ﻫﺎﺋﻞ ﰲ ﺳﻮق اﻟﻌﻘﺎرات ،ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺤ ﱠﻮ َل إﱃ ازدﻫﺎر ٍ ٍ ﻛﺎﻧﺖ آﻟﻴﺎت ﻋﻤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻔﺮات أو اﻟﻔﻘﺎﻋﺎت ﰲ ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ﻋﻦ ري ﻣﻦ اﻹﻗﺮاض آﻟﻴﺔ ﻋﻤﻞ ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﻤﻮﻳ ُﻞ ﻏري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ِ املﺒﺎﴍ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،إﻻ أن اﻟﺒﻨﻮك املﺤﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮداﺋﻊ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ً َ َ ﻧﻄﺎق ﻣﻘﱰﺿﺔ اﻟﻨﻘﻮ َد ﻋﲆ ﻟﺪﻋﻢ ﻛ ﱢﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮوض؛ وﻣﻦ ﺛ ﱠﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﺤ ﱠﻮﻟ ْﺖ إﱃ ﺳﻮق اﻟﺠﻤﻠﺔِ ، ٍ ً وﺧﺎﺻﺔ أملﺎﻧﻴﺎ — اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪ ﻃﻔﺮ ًة ﻣﻤﺎﺛ ًِﻠﺔ؛ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺑﻨﻮك دول »املﺤﻮر« اﻷوروﺑﻴﺔ — ٍ وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ﱡ ٌ ﺗﺪﻓ ٌ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﺮأس املﺎل ﻣﻦ ﻣﺤﻮر أوروﺑﺎ إﱃ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ املﺰدﻫﺮ. ﻘﺎت ﻏ ﱠﺬ ْت ﱡ ﺗﺪﻓ ُ ﻃﻔﺮات أد ْ ٍ ﱠت ﺑﺪورﻫﺎ إﱃ ارﺗﻔﺎع اﻷﺟﻮر؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻌﻘﺪ ﻘﺎت رءوس اﻷﻣﻮال ُ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ وﺣﺪة اﻟﻌﻤﻞ )وﻫﻲ اﻷﺟﻮر املﻌﺪﻟﺔ اﻟﺬي ﺗﻼ إﺻﺪا َر ﻋﻤﻠﺔ اﻟﻴﻮرو ،ارﺗﻔﻌَ ْﺖ 190
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ﻟﺘﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ( ﺣﻮاﱄ ٣٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ ،ﻣﻘﺎ َر ً ِ ﻧﺔ ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺘﻪ ٩ ُ ﰲ املﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ ،وأﺻﺒﺤَ ِﺖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ ﻏريَ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴ ٍﺔ؛ ﻣﺎ اﺳﺘﺘﺒَ َﻊ ﺑﺪوره أن اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺠﺘﺬبُ ﱡ ً ً ﺗﺪﻓ ٍ ﺿﺨﻤﺔ ﺑﺪأ َ ْت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻋﺠ ًﺰا ﺗﺠﺎرﻳٍّﺎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻘﺎت ﱡ اﻟﺘﺪﻓﻘﺎت املﺎﻟﻴﺔ .وﺣﺘﻰ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺨﻴﱡ َﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث — وﻣﺎ ﺿﺨﻤً ﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ ﺗﻠﻚ ﻳﺠﺐ إﺻﻼﺣُ ﻪ اﻵن — ﱢ اﺧﺘﻼل املﻮازﻳﻦ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ داﺧﻞ أوروﺑﺎ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜ ُﻞ أدﻧﺎه ﺗﺰاﻳُ َﺪ ِ ُﻈﻬﺮ أﺣ ُﺪ اﻟﺨ ﱠ َ ٌ ﻣﻘﻴﺎس ﻣﻴﺰان اﻟﺤﺴﺎب اﻟﺠﺎري ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ )وﻫﻮ ﻄ ْني ﺑﻌﺪ إدﺧﺎل اﻟﻴﻮرو؛ ﻓﻴ ِ ﻳﻮﺿﺢ َ ﻋﺎ ﱞم ﻟﻠﻤﻴﺰان اﻟﺘﺠﺎري( ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﱢ َ ﻣﻮازﻳﻦ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺠﺎرﻳﺔ املﺠﻤﱠ ﻌﺔ ﻟﻠﻴﻮﻧﺎن اﻵﺧ ُﺮ ِ ﻣﺸﻜﻼت أوروﺑﺎ. وأﻳﺮﻟﻨﺪا واﻟﱪﺗﻐﺎل وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻔﺠﻮ ُة املﺘﱠ ِﺴﻌﺔ ﻫﻲ أﺳﺎس ﻟﻜﻦ ً ﱠ ﻃﻮر اﻟﺘﻜﻮﱡن ،ﺑﻞ إﻧﻪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أدر َﻛ ْﺖ ﻣَ ﺒ َﻠ َﻎ اﻟﺨﻄﺮ وﻫﻮ ﰲ ِ ﺷﻌﻮ ٌر ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻳﻜﺎد ﻳﺒﻠﻎ ﺣ ﱠﺪ اﻟﻨﺸﻮة .ﺛﻢ اﻧﻔﺠ َﺮ ِت اﻟﻔﻘﺎﻋﺎت. ُ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻓﺘﻴ َﻞ اﻻﻧﻬﻴﺎر ﰲ أوروﺑﺎ ،إﻻ أن اﻻﻧﻬﻴﺎ َر ﻛﺎن أﺷﻌ َﻠ ِﺖ ً ٍ ِ آﺟ ًﻼ ﻋﲆ أي ﺣﺎل .وﻓﺠﺄ ًة ،وﺟَ َﺪ اﻟﻴﻮرو َ ﺻﺪﻣﺔ ﻏري ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺳﻴﺤﺪث ﻋﺎﺟﻼ أو ِ ُ اﻟﺼﺪﻣﺔ أﺳﻮأ َ ﻛﺜريًا ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻴﺎب اﻻﻧﺪﻣﺎج املﺎﱄ. ﻣﺘﻤﺎﺛ ٍِﻠﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ،وﻛﺎﻧ َ ِﺖ ﻓﻘﺎﻋﺎت اﻹﺳﻜﺎن — اﻟﺬي ﺣﺪ َ ِ اﻧﻔﺠﺎر ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت َث ﺑﻌﺪ ﻓﺎﻧﻔﺠﺎ ُر ِ املﺘﺤﺪة ﺑﻔﱰ ٍة ﻗﺼريةٍ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﻮﻗﻮع ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم — ٢٠٠٨ﻟﻢ ُﻐﺮق اﻟﺪو َل اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ َِت اﻧﻔﺠﺎ َر اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ ﰲ اﻟﺮﻛﻮد ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ َ وﺿ َﻊ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎﺗِﻬَ ﺎ ﻳ ِ ُ ﺿﻐﻂ ﺷﺪﻳ ٍﺪ ً ُ ٍ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻹﻧﺘﺎج وﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ؛ اﻹﻳﺮادات ﺟﻨﺒًﺎ إﱃ أﻳﻀﺎ؛ ﻓﺎﻧﻬﺎ َر ِت ﺗﺤﺖ ٍ ﻓﻴﻤﺎ َ ُ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻟﻴﺒﻠﻎ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء ،ووﺟﺪ َِت ارﺗﻔ َﻊ ﻣﻌﺪ ُل اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ )أو وﺿﻌَ ْﺖ( ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﲆ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻬﺎوﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻄﻄﻬﺎ املﻜﻠﻔﺔ ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺒﻨﻮك؛ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ َ ِ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺤﺎﻻت ري ﻣﻦ ﺗﻜﻦ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻮداﺋ َﻊ اﻟﺒﻨﻜﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﻤﻦ ﰲ ﻛﺜ ٍ اﻟﺘﻲ رﻛﻤَ ﺘْﻬﺎ ﺑﻨﻮ ُﻛﻬﺎ ﻟﺪى ﺑﻨﻮكٍ ﰲ ﺑﻠﺪان داﺋﻨﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ارﺗﻔﻌَ ْﺖ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺪﻳﻮن واﻟﻌﺠﺰ، وازدا َد ُ ﻗﻠﻖ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ .وﰲ ﻋﺸﻴ ِﺔ اﻷزﻣﺔ ،ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ أﻗ ﱠﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن اﻷملﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ أﻋﲆ ﻣﻨﻬﺎ ً ﻗﻠﻴﻼ .وﺑﻴﻨﻤﺎ أﻛﺘﺐُ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﺻﺎ َر ْت أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪ ِة ً وﻧﺼﻔﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ وﺻ َﻠ ْﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﺎدِ ُل ﻧﻈريﺗَﻬﺎ اﻷملﺎﻧﻴﺔ ﻣﺮﺗني إﱃ أرﺑﻌﺔ أﻣﺜﺎل أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻷملﺎﻧﻴﺔ. ﺳﺄﺗﺤﺪ ُ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﺘﻨﺎو ُِل ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺮاﻓﺎت ﱠث ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻗﺮﻳﺒًﺎ ،إﻻ أﻧﻨﻲ اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر ً ِ ﻣﺸﻜﻼت أوروﺑﺎ أوﻻ؛ ﻓﺎﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺘﻤﻮﻫﺎ ﻋﻦ 191
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﺧﺘﻼل املﻮازﻳﻦ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﰲ أوروﺑﺎ ٣٠٠ ٢٠٠ ١٠٠ ٠ ٢٠١٠
٢٠٠٩
٢٠٠٨
٢٠٠٧
٢٠٠٦
٢٠٠٥
٢٠٠٤
٢٠٠٣
٢٠٠٢
٢٠٠١
٢٠٠٠
١٩٩٩
١٠٠− ٢٠٠− ٣٠٠− ٤٠٠−
أملﺎﻧﻴﺎ اﻟﻴﻮﻧﺎن وأﻳﺮﻟﻨﺪا واﻟﱪﺗﻐﺎل وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺤﺪاث اﻟﻴﻮرو ،ﺗﻌ ﱠﺮ َ ُ ﻟﻌﺠﺰ اﻗﺘﺼﺎدات اﻟﻴﻮﻧﺎن وأﻳﺮﻟﻨﺪا واﻟﱪﺗﻐﺎل وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺿ ِﺖ ٍ ﺿﺨ ٍﻢ ﰲ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﺎ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻘﻴﺎس ﻋﺮﻳﺾ ﻟﻠﻤﻴﺰان اﻟﺘﺠﺎري .وﰲ املﻘﺎﺑﻞ ،اﻧﺘﻘ َﻠ ْﺖ أملﺎﻧﻴﺎ ﻓﺎﺋﺾ ﺿﺨ ٍﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻌﻬﺎ )املﺼﺪر :ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ(. إﱃ ٍ
َ اﻷﺳﺎس املﻨﻄﻘﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻮاﻗﻊ — ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ — واﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤَ ِﺖ ُ ﻋﻦ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﴎدﺗﻬَ ﺎ ﻟﻠﺘﻮﱢ. اﻟﻮﻫﻢ اﻷوروﺑﻲ اﻟﻜﺒري وﻛﺸﻔﺖ َ َ ُ ُ زﻳﻔﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﻜﱪى املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷزﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﺻﻔﺖ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ، ٍ أزﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺤﺎوﻟﺘﻬﺎ اﻟﻜﺬﺑﺔ املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ ادﱢﻋﺎء أن اﻟﻮﻛﺎﻻت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ﰲ 192
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪ َة اﻟﻔﻘﺮاء؛ أﻣﺎ أوروﺑﺎ ﻓﻠﻬﺎ رواﻳﺘﻬﺎ املﺸﻮﻫﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻫﻲ رواﻳﺔ ﻛﺎذﺑﺔ َ ﱡ ﺣﻠﻮل ﺣﻘﻴﻘﻴ ٍﺔ ،وﺗﺆدﱢي ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ ﺗﺒﻨﱢﻲ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﻃﺮﻳﻖ أﺳﺒﺎب اﻷزﻣﺔ ﺗﻌﱰض ﺣﻮل ٍ ِ ٍ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺗﺰﻳﺪ اﻷﻣﻮ َر ﺳﻮءًا. ﻻ ﱡ أﻇﻦ أن ﻣﺮو ِﱢﺟﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﺷ ﱠﻜﺎﻛﻮن ﻣﺘﺸﺎﺋﻤﻮن ﻣﺜﻞ ﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ،ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أرى اﻟﻘﺪ َر ذاﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻼﻋُ ِﺐ املﺘﻌﻤﱠ ﺪ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﻳُﺨﻴﱠﻞ إﱄ ﱠ أن ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻳﺼﺪ ُﱢق ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ؛ وﻟﺬﻟﻚ دﻋﻮﻧﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻮﻫ َﻢ اﻟﻜﺒريَ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﻜﺒرية .إﻻ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ْ إن ﻛﺎن ﻫﺬا ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻮﺿ َﻊ أﻓﻀ َﻞ ﺑﺄي ﺣﺎل؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ً ً وﺗﻔﺼﻴﻼ ،واملﺮوﱢﺟﻮن ﻟﻬﺬا املﺒﺪأ ﻳﺼﻤﱡ ﻮن آذاﻧَﻬﻢ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻴﻤني ﺟﻤﻠﺔ ﻳﺰال وﺿﻌً ﺎ ﺧﺎﻃﺌًﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،ﻋﻦ اﻷدﻟﺔ املﺨﺎﻟِﻔﺔ ﻟﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ. وﻳﺘﻤﺜﱠﻞ و َْﻫ ُﻢ أوروﺑﺎ اﻟﻜﺒري ﰲ اﻵﺗﻲ :إﻧﻪ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﺴﺒﺐَ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﰲ أزﻣﺔ أوروﺑﺎ ﻛﺎن اﻧﻌﺪا َم املﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ املﺎﱄ؛ ﺣﻴﺚ رﻛﻤَ ِﺖ اﻟﺪو ُل ﻋﺠ ًﺰا ﻣﻔﺮ ً ﻃﺎ ﰲ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎﺗﻬﺎ َ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ اﻟﺪﻳﻮن ،واملﻬﻢ اﻵن ﻫﻮ ﻓ ْﺮ ُ وأﻏﺮﻗ ْﺖ َ ض ﻗﻮاﻋِ ﺪ ﻣﻦ — ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة — َ ﺣﺪوث ذﻟﻚ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى. ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻤﻨﻊ َ ُ َ ْ وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻗﺪ ﻳﺘﺴﺎءَ ُل ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء :أﻟﻴ َْﺲ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻴﻮﻧﺎن إﱃ ﺣ ﱟﺪ ري؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﻧﻌﻢ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﱠ ﻓﺈن ﻣﺎ ﻛﺒ ٍ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻴﻮﻧﺎن ﻟﻴﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ُ املﺴﺄﻟﺔ ﺗﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎن ،ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺘﺼﺒﺢ ً َ أزﻣﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﺤﺠﻢ؛ اﻷزﻣﺔ ،وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻴﻮﻧﺎن ﺻﻐريٌ ،وﻳﻤﺜ ﱢ ُﻞ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ٣ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﺪول اﻟﻴﻮرو ،وﺣﻮاﱄ ٨ﰲ املﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﺪول اﻟﻴﻮرو اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﰲ اﻷزﻣﺔ. إﱃ أيﱢ ﻣﺪًى ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺤﻮﻳ ُﻞ اﻟﺨﻄﺎب ﻧﺤﻮ »اﻟﻴﻮﻧﺎن« ﰲ أوروﺑﺎ ﻣﻀ ﱢﻠ ًﻼ؟ رﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺘﺬرع ﺑﺎﻟﺘﴫﱡﻓﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﻏري املﺴﺌﻮﻟﺔ ﰲ اﻟﱪﺗﻐﺎل ً أﻳﻀﺎْ ، وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﲆ اﻟﻨﻄﺎق ﱠ ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻣﻦ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﺑﻔﺎﺋﺾ ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ وﻣﺴﺘﻮًى وﻟﻜﻦ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺘﻤﺘﱠ ُﻊ ﻧﻔﺴﻪ. ٍ ٍ َ ﻋﺸﻴﺔ ﺣﺪوث اﻷزﻣﺔ ،وﰲ ﻋﺎم َ ٢٠٠٦ وﺻﻔﻬﺎ ﺟﻮرج أوزﺑﻮرن — ﻣﺤ ﱢﺮك اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ — ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻧﻤﻮذجٌ ﺑ ﱠﺮ ٌ اق ﱢ ﻟﻔﻦ املﻤﻜﻦ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ «.وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺗﺤ َ ﺑﻔﺎﺋﺾ ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ وﻣﺴﺘﻮى ﻈﻰ ٍ ﻣﻨﺨﻔﺾ ،أﻣﺎ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﺴﺘﻮًى ﻋﺎﻟﻴًﺎ ﻣﻦ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ املﻮروﺛﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻮﻧﻴ ٍﺔ ٍ 193
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻏريَ ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ٍّ ُ ﺣﻘﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ وﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺗﻪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ ٍ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﻧﺴﺒﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ. ﺑﺜﺒﺎت ﻋﲆ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻌﻤﻞ ِ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺪﻳﻮن إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﰲ اﻟﻴﻮﻧﺎن وأﻳﺮﻟﻨﺪا واﻟﱪﺗﻐﺎل وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ١٠٠ ٩٥ ٩٠ ٨٥ ٨٠ ٧٥ ٧٠ ٢٠١٠
٢٠٠٩
٢٠٠٨
٢٠٠٧
٢٠٠٦
٢٠٠٥
٢٠٠٤
٢٠٠٣
٢٠٠٢
٢٠٠١
٢٠٠٠
١٩٩٩
ً ً ﺗﺤﺴني ْ وﺿ ِﻊ ﻣﺪﻳﻮﻧﻴﺘﻬﺎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ،ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ورﻃﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ اﻵن ِ ُ ً ﺑﺎ ﱢ ﺟﻤﺎﻋﺔ — إﱃ أن ﴐﺑَﺘْﻬﺎ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ )املﺼﺪر :ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ(. ﻃﺮادٍ —
ﻛﻴﻒ وﺻ َﻠ ِﺖ اﻷﻣﻮ ُر إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﱢ؟ ﱢ َ اﻟﺪﻳﻮن ﻛﻨﺴﺒ ٍﺔ ﻣﺌﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜ ُﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻠﺪوﻟﺔ »املﺘﻮﺳﻄﺔ« ﺿﻤﻦ دول اﻷزﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻧﺴﺒﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ — ﻣﺮﺟﱠ ﺢ ﺑﺎﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ — إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﰲ اﻟﺪول اﻟﺨﻤﺲ )ﻣﺮ ًة أﺧﺮى :اﻟﻴﻮﻧﺎن وأﻳﺮﻟﻨﺪا واﻟﱪﺗﻐﺎل وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ( .ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،٢٠٠٧ﻛﺎن ﻫﺬا ُ ُﴪ ً املﻌﺪل ﻳﻨﺨﻔﺾ ﺑﺎ ﱢ ﻓﺔ، ﻃﺮادٍ ؛ أيْ إﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ِﻣﻦ أن ﺗﺒﺪو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪول اﻟﺨﻤﺲ ﻣ ِ ﺑَﺪَا أن ْ ﱡ اﻟﺘﺤﺴﻦ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،وﻟﻢ ﺗﺤﺪث اﻟﺰﻳﺎد ُة اﻟﺤﺎدة ﰲ وﺿﻌَ ﻬﺎ املﺎﱄ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ إﱃ دﻳﻮﻧﻬﺎ إﻻ ﻣﻊ ﻇﻬﻮر اﻷزﻣﺔ. ً ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺴﺎﺳﺔ إﻻ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷوروﺑﻴني ﻣﻦ أﺻﺤﺎب املﻨﺎﺻﺐ املﻬﻤﺔ — ً وأﻳﻀﺎ ﻗﻴﺎدات اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ وﻗﺎدة اﻟﺮأي ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء واملﺴﺌﻮﻟني ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ، 194
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ً ﻗﺪر ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﺎﻟﻢ املﺎل واﻟﺒﻨﻮك — ﻣﻠﺘﺰﻣﻮن اﻟﺘﺰاﻣً ﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑﺎﻟﻮﻫﻢ اﻟﻜﺒري ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷيﱢ ٍ ُ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣ ُِﻞ ﻣﻊ اﻷزﻣﺔ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗُﺼﺎغ املﻌﺎرﺿﺔ أن ﺗﻬ ﱠﺰ إﻳﻤﺎﻧَﻬﻢ ﺑﻪ؛ ً ٍ ورﻃﺔ ﻷﻧﻬﺎ أﺧﻄﺄ َ ْت ،وﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺗﻜﻔريًا ﻋﻦ ﺻﻴﺎﻏﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺪول وﻗﻌَ ْﺖ ﰲ ﺧﻄﻴﺌﺘﻬﺎ. ﺗﻮاﺟﻬُ ﻬﺎ أوروﺑﺎ. وذﻟﻚ أﺳﻠﻮب ﺳﻴﺊ ﺟﺪٍّا ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ املﺸﻜﻼت اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ِ املﺸﻜﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ ً إﺟﻤﺎﻻ؛ أيْ ﺑﺠﻤﻊ اﻷرﻗﺎم اﻟﻮاردة إذا ﻧﻈﺮﺗﻢ إﱃ أوروﺑﺎ — أو ﺗﺤﺪﻳﺪًا إﱃ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ً ﻛﺎﻓﺔ — ﻓﺴﺘﺠﺪون أﻧﻪ ﻻ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻴﻮرو ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﻴﺊ؛ ﻓ َﺪﻳْﻦ اﻟﻘﻄﺎﻋَ ْني اﻟﺨﺎص واﻟﻌﺎم أﻗ ﱡﻞ ﻣﻦ ﻧﻈريَﻳْﻬﻤﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ٍ ﻣﺴﺎﺣﺔ أﻛﱪ ﻟﻠﻤﻨﺎورة؛ ﻛﻤﺎ أن ﻣﻌﺪﻻت املﺘﺤﺪة ﺑﻌﺾ اﻟﴚء؛ ﻣﺎ ﻳﺸري إﱃ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺟﻮ ُد ﺗﻠﻤﻴﺢ إﱃ ﱢ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺗﺒﺪو ﻣﺸﺎ ِﺑ ً ﱡ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ، ﺗﻔﴚ ﻬﺔ ملﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،دون أيﱢ ٍ ري؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﺟﺎر وﻋﲆ أيﱢ ٍ ﻣﺘﻮاز ٌن إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ِ ﺣﺎل ﻓﺄوروﺑﺎ ﻛﻜ ﱟﻞ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺣﺴﺎبٌ ٍ اﺟﺘﺬاب رءوس اﻷﻣﻮال ﻣﻦ ﻣﻜﺎن َ ٍ آﺧﺮ. ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﰲ ِ ٌ ﻟﻜﻦ أوروﺑﺎ َ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻬﺎ ﻟﻴﺴ ْﺖ وﺣﺪ ًة واﺣﺪ ًة ،ﺑﻞ ﻫﻲ ُ وﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ )ﻷن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ )ﻷن اﻻﻧﺪﻣﺎج املﺎﱄ ﺑﻬﺎ ﺿﻌﻴﻒ ﺟﺪٍّا( َ ٌ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ( ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﻤﻠﺘَﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ اﻷزﻣﺔ. اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺑﻬﺎ ﱠ َ اﻟﻄﺮف وﻧﻐﺾ ﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ إﱃ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ — اﻟﺘﻲ أﻋﺘﱪﻫﺎ رﻣ ًﺰا ﻻﻗﺘﺼﺎد أزﻣﺔ اﻟﻴﻮرو — ﻟﻮﻫﻠﺔ ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ .ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺷﻬﺪ ْ ٍ َت إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ — ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ اﻷوﱃ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻹﺻﺪار اﻟﻴﻮرو — ﱡ ً ً ً ﺗﺪﻓ ٍ ﺿﺨﻤﺔ ﻓﻘﺎﻋﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال ﻏﺬﱠ ْت ﻘﺎت ري ﰲ اﻷﺟﻮر واﻷﺳﻌﺎر ﻣﻘﺎ َر ً ﰲ ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن ،ﻛﻤﺎ أد ْ ﻧﺔ ﺑﺎﻷﺳﻌﺎر واﻷﺟﻮر ﱠت إﱃ ارﺗﻔﺎع ﻛﺒ ٍ ٍ ﰲ اﻟﻨ ﱡ ُ ﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺒﻠﺪان املﺤﻮر اﻷوروﺑﻴﺔ .املﺸﻜﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ — واﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﺜ ُِﻖ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﺎﺋ ُﺮ املﺸﻜﻼت — ﻫﻲ اﺣﺘﻴﺎﺟﻬﺎ إﱃ اﻟﻌﻮدة ﺑﺘﻜﺎﻟﻴﻔﻬﺎ وأﺳﻌﺎرﻫﺎ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى إﱃ املﻌﺪل املﻌﺘﺎد .ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا أن ﻳﺤﺪث؟ ﱡ ِ ﺗﻀﺨﻢ ﰲ اﻟﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺒﻠﺪان املﺤﻮر. ﺣﺪوث ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا أن ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﻴﺎﺳﺔ املﺎل اﻟﺴﻬﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺗﱠﺒَﻌَ ِﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔُ َ ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أن اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ اﺗﱠﺒَ َﻊ ِ ً ً ِ ﻛﺎﻣﻼ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار ﺗﺸﻐﻴﻼ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ؛ ﺳﻴﻌﻨﻲ ﻫﺬا اﻷملﺎﻧﻴﺔ 195
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﻦ ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻷﺟﻮ ُر ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻛﺜريًا ،وﻗﺪ ﻻ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻋﲆ ُ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ، اﻹﻃﻼق ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﺘﺰﻳﺪ اﻷﺟﻮ ُر اﻷملﺎﻧﻴﺔ ﻛﺜريًا؛ وﻋﻠﻴﻪ ﺳﺘﻈ ﱡﻞ ً ﺳﻬﻼ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ؛ ﰲ ﺣني ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻷملﺎﻧﻴﺔ ،وﺳﻴﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ً ً ﺳﻬﻼ »ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ«. ﺳﻬﻼ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﱡ ﱡ إﻻ أن اﻷملﺎن ﻻ ﻳﻄﻴﻘﻮن ﻓﻜﺮ َة اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺒﺘﺔ؛ وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ذﻛﺮﻳﺎت اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻜﺒري ري ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت ﰲ ﻣﺴﺘﻬ ﱢﻞ ﻋﴩﻳﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ) .اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻫﻨﺎ أﻧﻬﻢ أﻗ ﱡﻞ ﺗﺬ ﱡﻛ ًﺮا ﺑﻜﺜ ٍ َ اﻻﻧﻜﻤﺎﺷﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘُ ِﻤﺪ ْ اﻟﻄﺮﻳﻖ َت ﰲ ﻣﺴﺘﻬ ﱢﻞ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،واﻟﺘﻲ ﻣﻬﱠ ﺪ َِت ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻟﻈﻬﻮر ﻣَ ﻦ ﺗﻌﺮﻓﻮن؛ وﺳﻨﺘﺤﺪ ُ ﱠث ﻋﻦ ذﻟﻚ أﻛﺜ َﺮ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ (.ورﺑﻤﺎ ً ﺻﻠﺔ ﺑﺎملﻮﺿﻮع ﻫﻮ أن ﺣﺪو َد وﻻﻳﺔ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﺗﻔﺮض ﻳﻜﻮن اﻟﴚءُ اﻷوﺛﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻔﺎ َ اﺳﺘﻘﺮار اﻷﺳﻌﺎر ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ .أﻣﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺪى إﻟﺰام ﺗﻠﻚ ظ ﻋﲆ ِ ً ﱡ وﺳﻴﻠﺔ وأﻇﻦ أن اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺠﺪ اﻟﻮﻻﻳﺔ ،ﻓﻤﺎ زا َﻟ ْﺖ ﻗﻴ َﺪ اﻟﺒﺤﺚ، ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ ﻣﻌﺘﺪل ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﱠ ﺎ ﱡ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻴﺜﺎﻗﻪ؛ إﻻ أن اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻟﺘﱪﻳﺮ ﺣﺪوث ﱡ ُ ﺗﺒﻌﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﱢي إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﻀﺨ َﻢ ﴍٍّا ﻣﺴﺘﻄريًا ،أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻌﺘﱪ ِ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ. َ واﻵن ﻟﻨ َﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا ْ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗُﻌِ ﻴ َﺪ أن ﺗﻜﺎﻟﻴﻔﻬﺎ إﱃ اﻟﻮﺿﻊ املﻌﺘﺎد ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﻜﻤﺎش؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌ َﺮف ﰲ ﻟﻐﺔ اﻟﻴﻮرو ﺑﺎﺳﻢ »ﺧﻔﺾ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ داﺧﻠﻴﱢﺎ« ،وﻫﺬا ﳾء ﻳﺼﻌﺐ ﺟﺪٍّا ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ؛ ﻟ َﻜﻮ ِْن اﻷﺟﻮر ﺟﺎﻣﺪ ًة ﺗﺠﺎه ﻣﻀﺾ ،ﺣﺘﻰ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ. اﻟﺨﻔﺾ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﻨﺨﻔﺾ ﺑﺒﻂءٍ وﻋﲆ ٍ ﱠ ﻳﺘﻌني ﻋﲆ اﻟﺴﺠﻞ إذا ﻛﺎن ﺛﻤﺔ أيﱡ ﺷﻜﻮك ﺣﻮل ﺟﻤﻮدﻫﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺨﻔﺾ، َ اﻟﺤﺎﻓﻞ ﻷوروﺑﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد أن ﻳﺒ ﱢﺪدَﻫﺎ؛ َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ أﻳﺮﻟﻨﺪا ،اﻟﺘﻲ ﻳُﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ً ﻄﻒ َ ﺑﺄﺳﻮاق ﻋﻤﻞ »ﻣَ ِﺮﻧﺔ« ﺟﺪٍّا ،وﻫﻮ ﺗﻌﺒريٌ ﻣﻠ ﱠ آﺧﺮ ،ﻳﺸري دوﻟﺔ ﺗﺘﻤﺘﱠﻊ ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ِ ْ ﺎل أو ﺧﻔﺾ رواﺗﺒﻬﻢ أو ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ ﻣﻌً ﺎ إﱃ اﻗﺘﺼﺎد ﻳُﺴﻤَ ﺢ ﻓﻴﻪ ﻷرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻔﺼ ِﻞ اﻟﻌﻤﱠ ِ ٍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ .ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺮور ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﻣﻨﺬ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻻ ﻳُﺼﺪﱠق )ﺣﻮاﱄ ٪١٤ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر( ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﱰاﺟﻊ اﻷﺟﻮ ُر اﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ إﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﻦ أﻗﴡ ﺣ ﱟﺪ ﺑﻠﻐﺘْﻪ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺼﺤﻴﺢٌ أن أﻳﺮﻟﻨﺪا ﺑﺼﺪدِ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ داﺧﻠﻴٍّﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺒﻂءٍ ﺷﺪﻳﺪٍ .واﻟﻮﺿﻊ ﻣﺸﺎ ِﺑ ٌﻪ ﰲ ﻻﺗﻔﻴﺎ ،وﻫﻲ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ رﻓﻀ ْﺖ ﻓﻜﺮ َة ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ .وﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎَ ، ﻣﻦ دول اﻟﻴﻮرو ،وﻟﻜﻨﻬﺎ َ ارﺗﻔ َﻊ 196
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ﻣﺘﻮﺳ ُ ﻂ اﻷﺟﻮر ً ﻗﻠﻴﻼ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ ﺟﺪٍّا ،إﻻ أن ﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﻜﻮن وﻫﻤً ﺎ إﺣﺼﺎﺋﻴٍّﺎ ﰲ ﺟﺰءٍ ﻣﻨﻪ. ﺑﺎملﻨﺎﺳﺒﺔ ،إذا ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺮﻳﺪون ً ﻣﺜﺎﻻ ﺗﻮﺿﻴﺤﻴٍّﺎ ﻋﲆ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ،اﻟﺘﻲ ُ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ ﺧﻔﺾ اﻷﺟﻮر واﻷﺳﻌﺎر ﺗﻘﻮل ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻞ ﻛﺜريًا ِ ﺑﻀﺨﺎﻣﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔَ ،ﻓ ْﻠﺘﻨﻈﺮوا إﱃ ﺣﺎﻟﺔ أﻳﺴﻠﻨﺪا؛ ﻓﻘﺪ اﺷﺘﻬ َﺮ ْت ﺗﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺠﺰرﻳﺔ اﻟﺼﻐرية ﱠ املﺘﻮﻗ ُﻊ أن ﺗﻜﻮن اﻵن أﺳﻮأ َ ً ﺣﺎﻻ ﻣﻦ أﻳﺮﻟﻨﺪا ،إﻻ أن أﻳﺴﻠﻨﺪا أﻋﻠﻨ َ ْﺖ أﻧﻬﺎ ﻛﺎرﺛﺘﻬﺎ املﺎﻟﻴﺔ ،وﻛﺎن َ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ دﻳﻮن املﴫﻓﻴﱢني اﻟﻬﺎرﺑني ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﻤﻴﺰ ٍة ﻛﺒريةٍ ،وﻫﻲ ﻟﻦ ﺗﺘﺤﻤﱠ َﻞ َ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ؛ ﻳﴪ ﻛﺜريًا اﺳﺘِﻌﺎدﺗَﻬَ ﺎ ﻗﺪرﺗَﻬَ ﺎ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﱠ َ َ ٍ اﻧﺨﻔﻀ ِﺖ اﻷﺟﻮ ُر ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،وﻫﻜﺬا ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺎ إﻻ أن ﺗﺮ َﻛ ْﺖ ﺳﻌ َﺮ اﻟﻜﺮوﻧﺎ ﻳﻬﺒﻂ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻴﻮرو. إﻻ أن إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻻ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻋﻮد َة اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة وﺳﺎﺋﺮ اﻟﺪول ملﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺗﺴﺘﻠﺰم املﺮو َر ﺑﻔﱰ ٍة اﻻرﺗﻔﺎع ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺴﺤْ ِﻖ اﻷﺟﻮر ﺑﺒﻂء .وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﳾء؛ ﻓﺎﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﺠﱪ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻋﲆ ﺧﻔﺾ ﺗﻜﺎﻟﻴﻔﻬﺎ ،ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻬﺎ أﺿﺨ ُﻢ ﺗﺮا ُﻛ ٍﻢ ﻣﻦ دﻳﻮن اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص َ اﻻﻧﻜﻤﺎش ،اﻟﺬي ﺳﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺐء اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻬﺬا اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ. ﺗﻮاﺟ ُﻪ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ،واﻵن ﺻﺎ َر ْت ِ وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،واﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺤﺎد ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ٌ ٌ اﻧﻔﺠﺎر اﻟﻔﻘﺎﻋﺎت ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ملﺸﻜﻠﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ؟ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ِ ُ اﻷزﻣﺔَ ، ارﺗﻔ َﻊ اﻟﻌﺠ ُﺰ ﻟﻴﺒﻠﻎ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء، واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺰاﺋﺪة ﻋﻦ املﻌﺘﺎد؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ َ ِت َ ٍ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤ ﱠﺮ َﻛ ِﺖ اﻟﺪو ُل املﺘﻌﺜﱢﺮة ﻹﻧﻘﺎذ أﻧﻈﻤﺘﻬﺎ املﴫﻓﻴﺔ .أﻣﺎ وارﺗﻔ َﻊ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﰲ ﻗﻔﺰ ٍة ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ملﻮاﺟﻬﺔ زﻳﺎدة ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن — اﻟﺴﺒﻴﻞ املﻌﺘﺎد اﻟﺬي ﺗﻠﺠﺄ إﻟﻴﻪ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ واﻟﻨﻤ ﱢﻮ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺧﻔﺾ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ وﻫﻮ ﻣﺰﻳﺞٌ ﻣﻦ ٍ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ — ﻓ َﻠ ْﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺎﺣً ﺎ ﻟﺪول ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ،اﻟﺘﻲ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﻣﺤﻜﻮﻣً ﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻘﻀﺎء ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻨﻪ .ﻟﻴﺲ ﻣﻦ املﺴﺘﻐ َﺮب إذَ ْن أن ﻳﺘﺴﺎءَ َل املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻋﻦ ﻣﺪى اﻻﻧﻜﻤﺎش واﻟﺮﻛﻮد رﻏﺒﺔ دول ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ ﰲ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ،أو ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺳﺪادﻫﺎ. َ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ؛ ﻓﺜﻤﺔ ﻋﻨﴫٌ َ إﻻ أن ﻫﺬه َ آﺧﺮ ﰲ أزﻣﺔ اﻟﻴﻮرو — ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻒ ﻟﻴﺴ ِﺖ َ أﺧﺮى ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ املﺸﱰﻛﺔ — ﻓﺎﺟَ ﺄ اﻟﻜﺜريﻳﻦ ،وأﻧﺎ ﻣﻨﻬﻢ؛ إذ ﱠ َ ﺗﺒني أن اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪ ُة اﻟﻌُ ِ ٍ ٍ ﺮﺿﺔ ﻟﻨﻮﺑﺎت اﻟ ﱡﺬﻋْ ِﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻖ أﺳﻮأ ﻣﺨﺎوﻓﻬﺎ ﻋﻤﻠﺔ ﺗﻔﺘﻘِ ُﺮ إﱃ 197
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ذاﺗﻴٍّﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺴﺒﱠﺐُ ﺟﻬﻮ ُد املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻟﺘﺠﻨ ﱡ ِﺐ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد ﰲ ﺣﺪوث ﻫﺬا اﻟﻌﺠﺰ ذاﺗﻪ اﻟﺬي ﻳﺨﺸﻮﻧﻪ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف. َ اﻟﺒﻠﺠﻴﻜﻲ ﺑﺎول دي ﺧﺮاو ،اﻟﺬي أﺷﺎ َر ﻛﺎن أو َل ﻣَ ﻦ ذ َﻛ َﺮ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎديﱡ ﱡ إﱃ ﱠ ري ﻣﻦ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن أن أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ أﻗ ﱡﻞ ﺑﻜﺜ ٍ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ — ﺣﻴﺚ ﺗﺒﻠﻎ اﻷوﱃ ٢ﰲ املﺎﺋﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ٥ﰲ املﺎﺋﺔ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﱡ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت املﺎﻟﻴﺔ — ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺪﻳﻮن واﻟﻌﺠﺰ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ أﻋﲆ ،وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن املﻨﺘ َ ﻈﺮة ﻟﻬﺎ أﺳﻮأ ﻣﻦ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ وﺿﻊ اﻻﻧﻜﻤﺎش ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر .وﻟﻜﻦ ﺗﻮاﺟ ُﻪ ﺧﻄ ًﺮا واﺣﺪًا ﻻ ﺗﺨﺸﺎه ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ :ﺗﺠﻤﻴ ُﺪ ﻛﻤﺎ أﺷﺎ َر دي ﺧﺮاو ،ﻓﺈﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ِ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ. ٌ ﻛﻤﻴﺔ ﻻ َ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ﻣﻦ وإﻟﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻨﻴﻪ؛ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ َ وﻟﻴﺴ ْﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻨﺪات اﻟﺜﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ؛ ﻓﺜﻤﺔ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ اﻟﺪﻳﻮن، ﱠ واﻟﺪﻳﻮن ا ُملﺴﺘَﺤَ ﻘﺔ ﺧﻼل ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺳﻨﺪات اﻟﻌﺎﻣني واﻟﺜﻼﺛﺔ أﻋﻮام ُ واﻟﺨﻤﺴﺔ أﻋﻮام ،وﻛﺜري ﻣﻨﻬﺎ ﻣُﺴﺘﺤﱢ ﻖ اﻟﺪﻓﻊ ﰲ أيﱢ ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻋﲆ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ وﻗﺖ .ﺗﻌﺘﻤﺪ ٍ ﺳﻨﺪات ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻟﺴﺪاد ﺗﺮﺣﻴﻞ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﻟﺪﻳﻮن ،وﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﻊ أﺧﺮى ﻗﺪﻳﻤﺔ؛ ﻓﺈذا َ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﺎ ،ﻓﺤﺘﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت رﻓ َﺾ املﺴﺘﺜﻤﺮون ﴍاءَ ﺳﻨﺪات ﺟﺪﻳﺪة ٍ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﺎ ﰲ اﻷﺻﻞ ،ﺗُ َ ﺠﱪ ﻋﲆ اﻟﺘﺨ ﱡﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد. ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻻ؛ ﻷن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﱠ ﺳﻴﺘﺪﺧ ُﻞ ﻟﴩاء اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳَﻄﺒﻊ اﻟﻨﻘﻮ َد ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻟﺪﻓﻊ ﻓﻮاﺗري اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا أن ﻳﺤﺪث ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ أو اﻟﻴﺎﺑﺎن أو أيﱢ ﺑﻠﺪ ﻳﻘﱰض ﺑﻌﻤﻠﺘﻪ املﺤﻠﻴﺔ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﰲ أيﱢ ﺑﻠ ٍﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﻴﻮرو، وﻳﻤﺘﻠﻚ ﺑﻨ ًﻜﺎ ﻣﺮﻛﺰﻳٍّﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﻟﺘﻮﻓري اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮارئ. ٍ ﺿﺎﺋﻘﺔ ﻧﻘﺪﻳ ٍﺔ وإذا اﺿﻄ ﱠﺮ أيﱡ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو إﱃ اﻟﺘﺨ ﱡﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ اﻷﻣﺮ إﱃ ﻋﺪم اﻟﺘﻤ ﱡﻜﻦ ﻣﻦ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ أﺑﺪًا. ﱠ ﺗﺘﺤﻘﻖ ذاﺗﻴٍّﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺆدﱢي وﻳﺆدﱢي ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﻔﻮر إﱃ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺪوث اﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ ُ ٍ ﺿﺎﺋﻘﺔ ﻧﻘﺪﻳ ٍﺔ إﱃ ﻧﺒْ ِﺬ ﺳﻨﺪات ﻣﺨﺎوف املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﺨ ﱡﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺴﺪاد ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺪوث َ اﻟﻀﺎﺋﻘﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺸﻮﻧﻬﺎ ذاﺗﻬﺎ .وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﺠﻠﺒﻮن ﱠ ُ ِ املﺴﺘﻤ ﱡﺮ ﻧﺘﻮﻗ َﻊ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدﱢي اﻟﺘﻮﺗ ُﺮ اﻷزﻣﺔ ﻗﺪ وﻗﻌَ ْﺖ ﺑﻌﺪُ ،ﻓﻤﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﻫﺬه 198
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ﺑﺸﺄن إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ وﻗﻮع ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷزﻣﺎت؛ إﱃ ﻣﻄﺎ َﻟﺒ ِﺔ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺣﺘﻰ ِ ﻟﺤﺎﻻت اﻟﺬﱡﻋْ ِﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﱢي إﱃ ﺣﺪوث اﻷزﻣﺎت. ﻳ ُْﻘﺪﻣﻮا ﻋﲆ إﻗﺮاض اﻟﺪول املﻌ ﱠﺮﺿﺔ ٌ ﻋﻘﻮﺑﺔ واﺿﺤﺔ ﻣﺮﺗ ِﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻴﻮرو؛ ﺣﻴﺚ وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻨﺬ أواﺋﻞ ﻋﺎم ٢٠١١ﺻﺎرت ﺛﻤﺔ واﺟَ ﻬَ ِﺖ اﻟﺪو ُل اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻴﻮرو ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﰲ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض ﻋﻦ اﻟﺪول املﻤﺎﺛِﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﰲ اﻵﻓﺎق اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واملﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻔ َ ﻈ ْﺖ ﺑﻌﻤﻼﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻓﺎملﻘﺎرﻧﺔ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﺑني املﻔﻀ َﻠﺔ ﻟﺪيﱠ ﻫﻲ املﻘﺎ َر ُ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واملﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ إن املﻘﺎ َر َ ﱠ ﻧﺔ ﺑني ﺛﻼث ﻧﺔ ِ ﺑﺪرﺟﺔ دول اﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ ،ﻫﻲ :ﻓﻨﻠﻨﺪا واﻟﺴﻮﻳﺪ واﻟﺪﻧﻤﺎرك ،وﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ املﻔﱰض أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻤﺘﱠ ُﻊ ٍ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ؛ إﻻ أن ﻓﻨﻠﻨﺪا — اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺿﻤﻦ اﻟﺪول املﺴﺘﺨﺪِﻣﺔ ﻟﻠﻴﻮرو — ﺟﺪار ٍة اﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﺷﻬﺪ َِت ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﻛﺒريًا ﰲ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض ﰲ اﻟﺴﻮﻳﺪ ،اﻟﺘﻲ ﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪﻧﻤﺎرك ،اﻟﺘﻲ َ ﻈ ْﺖ ﺑﻌﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺣﺮ ًة ،وﺣﺘﻰ ﻣﻘﺎ َر ً اﺣﺘﻔ َ أﺑﻘ ْﺖ ﻋﲆ ﺳﻌﺮ ﴏف ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﻣﻘﺎ ِﺑﻞ اﻟﻴﻮرو ،وﻟﻜﻨﻬﺎ اﺣﺘﻔ َ ﻈ ْﺖ ﺑﻌﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﺪﻳﻬﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ إﻧﻘﺎذ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أيﱢ أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ. إﻧﻘﺎذ اﻟﻴﻮرو ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻠﻤﺘﺎﻋﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪﻫﺎ اﻟﻴﻮرو اﻵن ،ﻳﺒﺪو أن املﺘﺸ ﱢﻜﻜني إزاءَ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺬﱠروا ﻣﻦ أن أوروﺑﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺴﺘﻌِ ﱠﺪ ًة ٍّ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻮﺣﱠ ﺪةٍ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ ﱟ ٍ ﺣﻖ؛ وﻋﻼو ًة ﺣﻘﺎ ﻹﺻﺪار ﺗﻮاﺟ ُﻪ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﺪول اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎ َر ْت ﻋﺪم اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻴﻮرو — ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻟﺴﻮﻳﺪ — ﻻ ِ َ اﻟﻈﺮوف اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤ ﱡﺮ ﺑﻬﺎ ﺟرياﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺨﺪِﻣﻲ اﻟﻴﻮرو .إذَ ْن ،ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻠﻚ ﻟﻠﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻫﺬه اﻟﻮرﻃﺔ أن ﺗﻌﻜ َ ِﺲ ﻣﺴﺎ َرﻫﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ وﺗﻌﻮد إﱃ ﻋﻤﻼﺗﻬﺎ املﺴﺘﻘﻠﺔ؟ ُﺪرﻛﻮن أن ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة؛ ﻓﺤﺘﻰ أﻣﺜﺎﱄ ﻣﻦ املﺘﺸ ﱢﻜﻜني إزاء اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻳ ِ ﺗﻔﻜﻴ َﻚ ﻋﻤﻠﺔ اﻟﻴﻮرو اﻵن ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻟﻠﻨﻮر ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻪ ﺗﺒﻌﺎت وﺧﻴﻤﺔ ﺟﺪٍّا؛ ﻣﺒﺪﺋﻴٍّﺎ أيﱡ ﺑﻠﺪ ِ ملﻮﺟﺔ ذُﻋْ ٍﺮ ﻣﴫﰲ ﱟ ﻋﺎرﻣﺔ ،ﺣني ﻳﺘﺴﺎﺑ َُﻖ ﻳُﺒﺪِي اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺨﺮوج ﻋﻦ اﻟﻴﻮرو ﺳﻴﺘﻌ ﱠﺮض ً املﻮدﻋﻮن ﻟﻨﻘﻞ ﻧﻘﻮدﻫﻢ إﱃ ٍ دوﻟﺔ ﻣﻦ دول اﻟﻴﻮرو اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻮﺛﻮﻗﻴﺔ .ﻛﻤﺎ أن ﻋﻮدة اﻟﺪراﺧﻤﺎ ٍ ﻣﺸﻜﻼت ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﺒﻴﺰﻳﺘﺎ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻔﴤ إﱃ ﻳﺤﺎو ُل اﻟﺠﻤﻴ ُﻊ ﺣﺴﺎبَ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪﻳﻮن واﻟﻌﻘﻮد املﺤﺴﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻴﻮرو. ِ ً وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﺘﺤ ﱡﻮ َل ﻋﻦ اﻟﻴﻮرو ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺳﻴﻤﺜﱢﻞ ﻫﺰﻳﻤﺔً ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣُﻨ َﻜ َﺮةً ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻟﻠﻤﴩوع اﻷوروﺑﻲ اﻷﺷﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﻣﻲ إﱃ ِ 199
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً ً اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ وﻫﻮ املﴩوع اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ — ﻛﻤﺎ ُ ﺑﺎﻟﻐﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﻗﻠﺖ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ — ﻟﻴﺲ ﻷوروﺑﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ. ٍ وﺳﻴﻠﺔ ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﻴﻮرو ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ؟ ﻟﺬﻟﻚ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ إﻳﺠﺎ ُد اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﱃ — واﻷﻛﺜﺮ إﻟﺤﺎﺣً ﺎ — ﻫﻲ أﻧﻪ ﱠ ُ ﻳﺘﻌني ﻋﲆ أوروﺑﺎ أن ﺗﻀﻊ ﺣﺪٍّا ﻟﻨﻮﺑﺎت ﻓﺒﺴﺒﻴﻞ أو َ آﺧﺮ ،ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﺛﻤﺔ ﺿﻤﺎ ٌن ﻟﺘﻮﻓﺮ ﺳﻴﻮﻟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ — ﺿﻤﺎن اﻟ ﱡﺬﻋْ ﺮ املﴫﰲ؛ ٍ ﺑﺄن اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﻟﻦ َ َ اﻟﺴﻮق — ﻣﻤﺎ ِﺛ ٌﻞ ﺗﻨﻔ َﺪ ﻓﺠﺄ ًة ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻮﺑ ِﺔ ذُﻋْ ٍﺮ اﺟﺘﺎﺣَ ِﺖ ً ُ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﱰض ﺑﻌﻤﻠﺘﻬﺎ املﺤﻠﻴﺔ .أﻛﺜﺮ اﻟﻄﺮق ﻟﻠﻀﻤﺎن اﻟﺬي ﺗﻘﺪﱢﻣﻪ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﻫﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺒﻨ ُﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﴩاء اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ دول اﻟﻴﻮرو. ُ ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ واﻷﺳﻌﺎ ُر ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﺪو َد املﻌﻘﻮﻟﺔ — وﻫﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻋﺠ ًﺰا ﻛﺒريًا ﰲ ﻣﻴﺰاﻧﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎري ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﺳﺘﻤﺮا َر ﻋﲆ ﻣﻘﺒﻮل ﺗﺴﻠﻜﻪ ﻟﺘﺴﺘﻌﻴ َﺪ ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ .ﻓﻌﲆ املﺪى ﻣﺴﺎر ﻫﺬا املﻨﻮال — ﺗﺤﺘﺎجُ إﱃ ٍ ٍ ﱠ ﺑﻠﺪان اﻟﻔﺎﺋﺾ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺼﺪ ًرا ﻟﻠﻄﻠﺐ اﻟﻘﻮي ﻋﲆ ﺻﺎدرات ﺑﻠﺪان ﻳﺘﻌني ﻋﲆ اﻟﻘﺼري، ِ اﻧﻜﻤﺎش ﺷﺪﻳ ِﺪ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﰲ ﺑﻠﺪان ﻳﻨﻄﻮ ﻫﺬا املﺴﺎ ُر ﻋﲆ اﻟﻌﺠﺰ ،وﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،ﻟﻮ ﻟﻢ ٍ ِ ﱡ ﱡ ٍ وﺗﻀﺨ ٍﻢ ﻃﻔﻴﻒ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻠﺤﻮظ ﰲ ﺑﻠﺪان اﻟﻔﺎﺋﺾ، ﺗﻀﺨ ٍﻢ اﻟﻌﺠﺰ ،ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ أﻳﻀﺎ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﻛﻜ ﱟﻞ؛ ٣أو ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ً أﻗﻞ ﻧﻮﻋً ﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻣﻠﺤﻮظ ً ﻣﺜﻼ .وذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ً ً ً ﱠ ﺗﻮﺳﻌﻴﺔ ﺟﺪٍّا ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﺗﺨﺎذ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﰲ اﺗﱢﺒَﺎع اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﺗﺪاﺑري ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻣﺎﱄ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ وﻋﺪدٍ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺻﻐﺮ ﻣﻨﻬﺎ. ٍ وأﺧريًا ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ املﺎﻟﻴﺔ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻫﻲ ﺻﻠﺐ املﺸﻜﻠﺔ ،ﻓﺈن ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺠﺰ ِ ِ ﻗﺪر ﻻ ﺑﺄس ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺪﻳﻮن واﻟﻌﺠﺰ ،وﺳﻮف ﺗﻀﻄﺮ إﱃ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ٍ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻀﺒﻂ أوﺿﺎﻋﻬﺎ املﺎﻟﻴﺔ. ﺑﻪ ﻣﻦ ُ َ ُ إذ ْن ﻓﻬﺬا ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ إﻧﻘﺎذ اﻟﻴﻮرو؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﳾءٍ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻘﺒﻴﻞ؟ َ ﻣﻔﺎﺟﺂت ﺳﺎر ًة ﻣﻨﺬ ﱠ ٍ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺒﻨﻚ ﺗﻮﱃ ﻣﺎرﻳﻮ دراﺟﻲ ﻗ ﱠﺪ َم ﻟﻨﺎ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﺑﻌﺪ ﺟﺎن ﻛﻠﻮد ﺗﺮﻳﺸﻴﻪ .ﺻﺤﻴﺢٌ أن دراﺟﻲ َ رﻓ َﺾ ﻣﻄﺎﻟِﺐَ ﴍاءِ اﻟﺴﻨﺪات ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻷزﻣﺔ ً ً وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﺎب رﻓﻀﺎ ﻗﺎﻃﻌً ﺎ ،إﻻ أﻧﻪ وﺟَ َﺪ ً ﻗﺮوﺿﺎ ﻏري ﻣﺤﺪود ٍة ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻳﻘﺪﱢم ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ اﻟﺒﻨ ُﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ اﻟﺨﻠﻔﻲ ،ﺑﺈﻋﻼﻧﻪ ﻋﻦ ٍ ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻠﺒﻨﻮك اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻣﻊ ﻗﺒﻮل ﺳﻨﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻀﻤﺎن؛ 200
ﻓﺠﺮ اﻟﻴﻮرو
ُ ِ ﺣﺪوث ﻧﻮﺑﺎت اﻟﺬﱡﻋْ ﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﱢي إﱃ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺗﺮاﺟَ ﻌَ ْﺖ — وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر — ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻨﺪات اﻷوروﺑﻴﺔ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺻﺎروﺧﻴٍّﺎ. ِ ُ اﻟﺤﺎﻻت اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻄ ﱡﺮ ًﻓﺎ — ﻣﺜﻞ اﻟﻴﻮﻧﺎن وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ،ﻻ ﺗﺰال ً ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ﻋﻦ أﺳﻮاق رءوس اﻷﻣﻮال اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ وﻟﺬﻟﻚ اﻋﺘﻤﺪ ْ َت ﻋﲆ واﻟﱪﺗﻐﺎل وأﻳﺮﻟﻨﺪا — ٍ ﱠ املﺨﺼﺼﺔ ﻣﻦ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ املﻜﻮﱠﻧﺔ ﻣﻦ أﻗﻮى اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ اﻹﻗﺮاض اﻷوروﺑﻴﺔ ،واﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ،وﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ .وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻇ ﱠﻞ اﻹﻣﺪا ُد ُ ﱢ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ ً وﻣﺘﺄﺧ ًﺮا .وﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺮوض ﻗﻠﻴﻼ ﺟﺪٍّا، اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺬي ﻗﺪﱠﻣَ ﺘْﻪ ﺗﻠﻚ ُ َ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺑﺮاﻣﺞ ﻓﻮرﻳﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺗﻀﻤﱠ ﻨ َ ْﺖ اﻟﻄﺎرﺋﺔُ ،ﻓ ِﺮض ﻋﲆ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺠﺰ وزﻳﺎدة اﻟﴬاﺋﺐ؛ وﻫﻲ ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﺪﻓﻌﻬﻢ إﱃ رﻛﻮ ٍد أﻋﻤﻖ ،وﺗﻈ ﱡﻞ ﻗﺎﴏ ًة ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ِﺔ ُ ِ ﺣﺴﺎﺑﺎت املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺒﺤﺘﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺴﺒﱠﺐُ اﻧﻜﻤﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﺗﻘ ﱡﻠ ِﺺ اﻹﻳﺮادات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ. ﺑﻴﺌﺔ ﱢ إﺟﺮاءات ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻬﻴﱢﺊَ ً ٍ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺠﺰ وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻢ ﺗُﺘﱠ َﺨﺬْ أيﱡ ﱡ ً اﻟﺘﻘﺸﻒ ﺟﱪ َْت دو ُل اﻟﻌﺠﺰ ﻋﲆ ﺗﺪاﺑري ﻣﺴﺎ ًرا ﻣﻘﺒﻮﻻ ﻻﺳﺘﻌﺎدة ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ؛ وﺑﻴﻨﻤﺎ أ ُ ِ ﻃ ْﺖ ﺑﻠﺪا ُن اﻟﻔﺎﺋﺾ ﰲ ﺑﺮاﻣﺞ ﱡ ﺗﻘﺸﻔﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى؛ ﻣﺎ ﻗﻮ َ اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ،اﻧﺨﺮ َ ﱠض اﻵﻣﺎ َل ﰲ ﻗﻠﻴﻼَ ، ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ً رﻓ َﻊ اﻟﺒﻨﻚ ﻧﻤﻮ اﻟﺼﺎدرات .وﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻹﻗﺮار ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ زﻳﺎدة ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺧﻄﺮ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ ﻋﺎم ٢٠١١ﻟﺪ ْرءِ ِ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ وﺟﻮ ٌد إﻻ ﰲ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟﺒﻨﻚ وﺣﺪه) .أُﻟﻐِ ﻴ َْﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﺮﺗﻔﻌﺔ ﰲ ٍ وﻗﺖ ري(. ﻻﺣﻖ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ وﻗﻮع ﴐر ﻛﺒ ٍ ٍ ٍ ُ ً ُ اﻗﱰﺣﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺟﺰءًا ﺳﻴﺌﺔ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﱢ؟ ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ أوروﺑﺎ ﻷزﻣﺘﻬﺎ ملﺎذا ﺟﺎء َِت ﻣﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ أن ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﻗﺎدة اﻟﻘﺎرة ﻳﺒﺪو ﻣﺼﻤﱢ ﻤً ﺎ ﻋﲆ إﻟﻘﺎءِ املﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻋﲆ واﻋﺘﺒﺎر ﺟﻤﻴﻊ ﻣَ ﻦ وﻗﻌﻮا ﰲ اﻷزﻣﺔ — وﻟﻴﺲ اﻟﻴﻮﻧﺎن ﻓﺤﺴﺐ — وﻗﻌﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺎﺗﻖ اﻟﻴﻮﻧﺎن، ِ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﴫﱡ ﻓﺎﺗﻬﻢ املﺎﻟﻴﺔ ﻏري املﺴﺌﻮﻟﺔ .وﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺨﺎﻃﺊ ،ﻳﻨﺸﺄ اﺗﺠﺎ ٌه ﱞ ُ ِ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺧﺎﻃ ٍﺊ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺘﺒﺬﻳ ُﺮ املﺎﱄ ﻫﻮ املﺸﻜﻠﺔ ،ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻌﻼج ﻟﻠﺠﻮء ٍ ً ً أﺧﻼﻗﻴﺔ ،ﻣﻊ ﺗﻄﻮ ٍﱡر إﺿﺎﰲ ﱟ وﻫﻮ ﻣﴪﺣﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺤﻞ؛ ﻫﻨﺎ ﻳُﻌﺎﻣَ ﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﺑﻮﺻﻔﻪ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺬﻧﻮب اﻟﺘﻲ ﻳُﻌَ َﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻟﻢ ﺗﺤﺪث ﻣﻦ اﻷﺳﺎس. ً وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻣﺠﺮد ﺟﺰءٍ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺔ؛ ﻓﺄوروﺑﺎ َ إﻃﻼﻗﺎ ﰲ ﻋﺠﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﻟﻴﺴ ْﺖ وﺣﺪﻫﺎ ٍ ملﺸﻜﻼت وﻫﻤﻴ ٍﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،وإﴏارﻫﺎ ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﺼﺪﱢي 201
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻏﺮم ﻋﺪ ٌد ﻛﺒريٌ ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺒ َِﻲ املﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﴘ ﻋﺎم ،٢٠١٠أ ُ ِ ﱡ ٍ ٍ واﻟﺘﻀﺨﻢ واﻟﻨﻤﻮﱢ ،وﺳﺄﺣﺎول ﰲ اﻟﻔﺼﻞ ﻣﱰاﺑﻄﺔ ﻣﻦ املﻐﺎ َﻟﻄﺎت ﺑﺸﺄن اﻟﺪﻳﻮن ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﺎﱄ أن أﴍح ﻫﺬه املﻐﺎﻟﻄﺎت ،وﻛﺬﻟﻚ ﺳﺒﺐ اﺗﺨﺎذ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت املﻬﻤﺔ ﻗﺮا َر ٌ ﻣﻬﻤﺔ أﺻﻌﺐُ ﺑﻜﺜري. ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺗﻠﻚ املﻐﺎﻟﻄﺎت؛ وﻫﻲ
202
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ
اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر ﱡ »ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺗﻠﻮ َ اﻵﺧﺮ؛ ﻳﻘﻮل اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﱠ إن ﺧﻄ َﺮ اﻻﻧﻜﻤﺎش ﻳﻠﻮح ﺟﻠﻴٍّﺎ ﰲ اﻷﻓﻖ؛ ﻓﻤﺎ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮك ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد؟« ﱠ »ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺨﺎﻃﺮ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺤﻘ َﻖ؛ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ، ﻓﺈن ﱡ َ ٌ ﱡ ﺗﻮﻗ ِ ﻳﺘﻤﺎﳽ ﻣﻊ ﺗﻌﺮﻳﻔﻨﺎ — أﻗﻞ ﻣﻦ ٢ ﺛﺎﺑﺘﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ﺑﻤﺎ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻌﺎت ﰲ املﺎﺋﺔ ،وﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ٢ﰲ املﺎﺋﺔ — وﻗﺪ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﺿﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﺪود ﺣﺘﻰ ﺧﻼل ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻔﻴﺔ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻷزﻣﺔ اﻷﺧرية .وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻓﻔﻜﺮ ُة أن اﻟﺘﺪاﺑري ٍ ﺻﺤﻴﺤﺔ«. أن ﺗﺆدﱢي إﱃ اﻟﺮﻛﻮد ﻏريُ »ﻏري ﺻﺤﻴﺤﺔ؟« »ﻧﻌﻢ ،اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ،ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺴﺎﻋِ ﺪ ﻋﲆ زﻳﺎدة ﺛﻘﺔ اﻷ ُ َﴎ واﻟﴩﻛﺎت واملﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ اﺳﺘﺪاﻣﺔ أوﺿﺎع املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﻨﻤﻮ وﺧ ْﻠ ِﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ؛ وﻟﺪيﱠ اﻋﺘﻘﺎ ٌد ﻗﻮيﱞ ﰲ أﻧﻪ ﰲ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻔﻴﺪًا ِ ُ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﲆ اﻟﺜﻘﺔ إﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻌﺎﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻈﺮوف اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﺳﺘﺆدﱢي اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﻟﻴﺲ ﻋﺮﻗﻠﺘﻪ؛ ﻷن اﻟﺜﻘﺔ ﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﻫﻢ اﻟﻴﻮم«. ﻟﻘﺎء ﺟﺎن ﻛﻠﻮد ﺗﺮﻳﺸﻴﻪ رﺋﻴﺲ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﻣﻊ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻻ رﻳﺒﻮﺑﻠﻴﻜﺎ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﻮﻧﻴﻮ ٢٠١٠ ط ﺑﻨﻚ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرزَ ، ﺧﻼل اﻷﺷﻬﺮ املﺨﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ َﻠ ْﺖ ﺳﻘﻮ َ ُ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺪول اﻟﻜﱪى واﻓﻘ ْﺖ ﻛ ﱡﻠﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﻻﻧﻬﻴﺎر املﻔﺎﺟﺊ ﰲ إﻧﻔﺎق اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ،وﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ْﺖ ﱡ وﺧﻔﺾ اﻟﴬاﺋﺐ، اﻟﺘﻮﺳﻌﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ — ﺑﺰﻳﺎد ِة اﻹﻧﻔﺎق، ﻧﺤ َﻮ املﺰﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ِ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ ٍ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ اﻷﴐار .ﻛﺎﻧﺖ وﻃﺒﺎﻋﺔ املﺰﻳ ِﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ — ﰲ َ َ اﻟﺪروس املﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻧﺼﻴﺤﺔ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ؛ واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺒ ُﱢﻖ ذﻟﻚ ﺗﺘﺒﻊ ﱢ ﺑﺸﻖ اﻷﻧﻔﺲ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري. ﺻﻨﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻋﺎم ٢٠١٠ﺣﺪث ﳾء ﻏﺮﻳﺐ؛ إذ ﻗ ﱠﺮ َر ﻋﺪ ٌد ﻛﺒريٌ ﻣﻦ ﻧﺨﺒ ِﺔ ِ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ — املﴫﻓﻴﱢني واملﺴﺌﻮﻟني املﺎﻟﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﺤ ﱠﺪ ُد اﻷﻋﺮاف ا ُملﺘﱠﺒَﻌﺔ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻬﻢ — ﻧﺒْﺬَ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﺪروس اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﻗ ْﻠﺐَ اﻷﻣﻮر ً رأﺳﺎ ﻋﲆ ﻋﻘﺐ .ﻣﺎ أﻋﻨﻴﻪ ﻫﻮ أن اﻟﺪﻋﻮات املﻨﺎدﻳﺔ ﺑﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ورﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ورﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة — ﺣﺘﻰ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ — راﺟَ ْﺖ ﻓﺠﺄ ًة. ﱡ ُ ﺑﺎﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﻔﻮري — أو ﻓﻬﻴﻤﻨﺔ املﺆﻣﻨني وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﻋﻨﻲ أن ﻫﺬا ﻗﺪ ﺣﺪث ﻓﺠﺄ ًة؛ ﱡ ﺑﺎرﻧﺘﻮ — »أﻧﺼﺎر اﻟﺘﻘﺸﻒ« ،وﻫﻮ اﻟﻠﻘﺐ املﻮﻓﻖ اﻟﺬي أﻃ َﻠ َﻘﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ املﺤ ﱢﻠ ُﻞ املﺎﱄ روب ِ ُ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﱠ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺗﺮﺳ َﺨ ْﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺤﻠﻮل رﺑﻴﻊ ،٢٠١٠ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺪ َر ْت واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳ َﺮﻫﺎ اﻷﺧري ﻋﻦ اﻵﻓﺎق اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .وﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻫﻲ ٌ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺒﻠﺪان املﺘﻘﺪﱢﻣﺔ؛ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻣﻘ ﱡﺮﻫﺎ ﺑﺎرﻳﺲ ،ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻤﻮﻳﻠﻬﺎ ُ ِ ﺑﻤﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺒﻌﺾ أﺣﻴﺎﻧًﺎ إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪﱢم اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻳﺸريُ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ؛ ﻷن ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﺎ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺮادِ ً ري؛ ﻟﺬا ﻓﻬﻲ ﻣﻜﺎن ﺗﻘﻠﻴﺪي ﺟﺪٍّا ﻓﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪﱡم إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ﺑﺎﻟﴬورة ،ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ُ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻓﻘﺮ ًة ﻓﻘﺮ ًة ﻟﺘﺠﻨ ﱡ ِﺐ اﻹﺳﺎء ِة إﱃ ﻨﺎﻗﺶ ﻓﻴﻬﺎ أيﱟ ﻣﻦ اﻷﻃﺮاف اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ. ﱠ ُ ﻓﻤﺎذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﱠﻣَ ﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﻴﺎن اﻟﺮاﺋﺪ ﻟﻸﻋﺮاف املﺘﺒَﻌﺔ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،وارﺗﻔﺎع اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ووﺻﻮل ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ املﺘﺤﺪة ﰲ رﺑﻴﻊ ﻋﺎم ،٢٠١٠ﻣﻊ اﻧﺨﻔﺎض اﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ملﺎ ﻳﻘﱰب ﻣﻦ أدﻧﻰ املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ؟ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ أن ﺗﺘﺤ ﱠﺮ َك ﻓﻮ ًرا ﻟﺨﻔﺾ اﻟﻌﺠﺰ ﰲ املﻮازﻧﺔ ،وﻋﲆ ﺑﻨﻚ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒري ٍة ﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أن ﻳﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ اﻟﻌﺎم. ُ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ؛ ﺣﺪ َ ُ اﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﺑﻌﺾ َث ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،ﻟﻢ ﺗﺄﺧﺬ ِ املﺎﱄ »اﻟﻀﻤﻨﻲ« ﻋﻨﺪﻣﺎ َ ﺗﻼﳽ أﺛ ُﺮ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﱠ َﺨﺬَﻫﺎ أوﺑﺎﻣﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﱡ ِ ﺗﺤ ﱡﻮ ٌل ِ ﻳﻜﺘﻒ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺑﺎﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ أﺳﻌﺎر اﻟﺘﻘﺸﻒ ،وﻟﻢ ﻛﺎﻣ ٌﻞ ﻧﺤﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﴩاء اﻟﺴﻨﺪات ﰲ ﻣﺤﺎو ٍ َﻟﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻨﺨﻔِ َﻀ ًﺔ ،ﺑﻞ ﴍع ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ٍ 204
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
ُ ٍ اﺋﺘﻼف ﻣﻦ املﺤﺎﻓﻈني اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﻘﺎﻟﻴ َﺪ اﻷﻣﻮر إﱃ اﻟﻀﻌﻴﻒ .أﻣﺎ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﻓﻘﺪ أﺳ َﻠﻤَ ْﺖ َ أﺧﺬَ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴنيَ ، ِ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺤﻤﻞ ﻧﺼﻴﺤﺔ اﻟﺠﺪﱢ؛ ﺣﻴﺚ ﻓ َﺮ َ ض ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﻟﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻮﻗﺎﺋﻲ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ — ﻣﺜﻠﻬﺎ ً اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﺗﻮاﺟ ُﻪ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — ﻛﺎﻧﺖ ِ ﻛﺒريًا ﰲ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﻗﱰاض. ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ أﺣﺪ َ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،أﺻﺒَﺢَ َث َ ﺻﻴْﺤﺔ ﰲ اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ ،وﺑﺪأ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﻳﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ أواﺋﻞ ﻋﺎم ،٢٠١١ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻤﻴﻖ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺸﻬﺪﻫﺎ اﻗﺘﺼﺎ ُد ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ،وﻋﺪم وﺟﻮد أيﱢ ﺗﻬﺪﻳ ٍﺪ ﻣُﻘﻨِﻊ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻴ ِﺔ ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ. ﺣﺪوث ُ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﻣَ ﻦ ﻃﺎ َﻟﺒ َْﺖ ﺑﺎﻟﺘﻀﻴﻴﻖ اﻟﻨﻘﺪي وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ٌ واملﺎﱄ ﺣﺘﻰ ﰲ ﻣﻮاﺟَ ِ ﻣﻨﻈﻤﺎت دوﻟﻴﺔ أﺧﺮى — ﻣﺜﻞ ﺑﻨﻚ ﻬﺔ اﻟﻜﺴﺎد ،ﺑﻞ ﺷﺎ َر َﻛﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺘﺴﻮﻳﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺑﺒﺎزل — وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺪ ٌد ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني املﺆﺛﱢﺮﻳﻦ ﻣﺜﻞ راﺟﻮرام راﺟﺎن ٌ وأﺻﻮات ﻣﺴﻤﻮﻋﺔ ﰲ ﻋﺎ َﻟ ِﻢ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﺜﻞ ﺑﻴﻞ ﺟﺮوس ﻣﻦ ﺑﻴﻤﻜﻮ .وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ، ﱡ َ َ ﻟﺘﱪﻳﺮ دﻋﻮﺗﻬﻢ ﻟﻠﺘﻘﺸ ِﻒ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﺠﺞ املﺆﻳﱢﺪة اﺳﺘﻐ ﱠﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن اﻟﺒﺎرزون املﺘﺤﺪة، ِ إﱃ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق واﻟﺘﻀﻴﻴﻖ اﻟﻨﻘﺪي .ﻣﻦ املﺆ ﱠﻛﺪ أن ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص واملﻨﻈﻤﺎت ﻗﺪ ﻓﻤﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ واﻟﴪور أن ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﻇ ﱠﻞ ً ﺧﺎ َﻟ ُﻔﻮا ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎهَ؛ ِ ﺑﻮﻗﺎ ملﺎ ﱢ املﺘﻌﻘﻠﺔ .وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻹﻧﺼﺎف أن أﻗﻮ َل إﻧﻪ ﰲ ،٢٠١١-٢٠١٠ﺗﺤ ﱠﺮ َك اﻋﺘﱪﺗُﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت َ »اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺒﺎﻟﻐﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ« اﻗﺘﺪاءً ﺑﺎملﺪوﱢن دَﻧﻜﺎن ﺑﻼك — وﻫﻢ اﻷﺷﺨﺎص ﻣَ ﻦ أدﻋﻮﻫﻢ ً اﻟﺬﻳﻦ ﱢ ُ ﺳﻠﻴﻤﺔ — ﺑﻘﻮ ٍة ﺻﻮبَ اﻟﺮأي اﻷﺷﺨﺎص املﺆﺛﱢﺮون املﺤﱰﻣﻮن ﻳﻌﱪون ﻋﻦ آراءٍ ﻳﺮاﻫﺎ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄن وﻗﺖ اﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﻗﺪ ﺣﺎن ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﺪم وﺟﻮد أيﱢ ﳾءٍ ﻳﺸري إﱃ اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺘﺎم ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻬﺎ. ﻓﻤﺎذا ﻛﺎن وراء ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮﱡل املﻔﺎﺟﺊ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺴﺎﺋﺪة؟ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻳﻤﻜﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻧﺤﺎو َل اﻟﻨﻈ َﺮ ﰲ اﻟﺤﺠﺞ املﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ َ ﺳﻴﻘ ْﺖ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﺑﻄﺮﻳﻘﺘني :ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ِ ﱡ ﻧﺤﺎو َل ﻓﻬْ ﻢ اﻟﺪواﻓﻊ املﺤ ﱢﺮﻛﺔ اﻟﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ واﻟﺘﻀﻴﻴﻖ اﻟﻨﻘﺪي ،أو ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن دﻓﺎﻋً ﺎ ﻋﻦ ِ ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﺷﺪﻳﺪي اﻟﻠﻬﻔﺔ إﱃ اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ. ﺳﺄﺣﺎو ُل أن أﻧﻈﺮ ﰲ ﻫﺬه املﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ ﻫﺎﺗني اﻟﺰاوﻳﺘني ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﻮف ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ، ِ أﻧﻈﺮ ﰲ اﻟﺤﺠﺞ املﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ً أوﻻ. 205
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱡ ٌ َ اﻟﺘﻘﺸﻒ ،ﻓﺴﺘﺠﺪ ﺣﺠﺞ أﻧﺼﺎر ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﺤﻠﻴ َﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ ذﻟﻚ :إذا ﻣﺎ إﻻ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ِ ً ﺗﻄﺎر ُد ً ﻣﺮاوﻏﺎ .وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺄﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺗﺤﺪﻳﺪًا ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ أﺷﻌﺮ ﻫﺪﻓﺎ ﻣﺘﺤﺮ ًﻛﺎ أﻧﻚ ِ َ ِ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻟﻌﺒﺔ ﻛﺮة ﻛﺎﻟﻔِ ﻦ؛ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﻔﻜﺎﻫﻴﺔ ﰲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن دﻋﺎ ُة رﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر ﻳﻠﻌﺒﻮن اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻔﻜﺎﻫﻴﺔ املﺼﻮﱠرة ﻛﺎﻟﻔِ ﻦ وﻫﻮﺑﺰ؛ ﺣﻴﺚ ﱢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار؛ ﻳﻐري اﻟﻼﻋﺒﻮن ﻗﻮاﻋ َﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ٍ ﻓﻘﺪ ﺑَﺪَا أن ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ،وﺑﻨﻚ اﻟﺘﺴﻮﻳﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاع اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني واملﺎﻟﻴني؛ واﺛﻘﻮن ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ أن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺮﺗﻔﻊَ ،أﻣﺎ ﺗﱪﻳﺮاﺗﻬﻢ ﱡ ﻟﻠﺘﻐري ﺑﺪورﻫﺎ أن اﻟﺪواﻓ َﻊ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﺎ اﻧﻔ ﱠﻜ ْﺖ ﺗﺘﻐري ،وﻗﺪ أﻇﻬ َﺮ ْت ﻫﺬه اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ٌ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﻴﻴﻢ املﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ،ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻨﻲ ً أﻳﻀﺎ ﻟﻠﻤﻄﺎ َﻟﺒ ِﺔ ﺑﺎﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﱡ ٍ اﻟﺘﻘﺸﻒ وارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة؛ ﻟﺤﺠﺔ »ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ« ﺗﺪﻋﻢ أﻧﻨﻲ ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻗ ﱢﺪ َم ﻧﻘﺪًا ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺞ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﺑﺎﻟﴬورة ُ ﺑﻌﺾ. ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻊ ٍ دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻛﺜﺮ ﻗﻮ ًة ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ؛ وﻫﻲ اﻟﺨﻮف؛ وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ — ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ أن اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺪﻳﺮ ﻇﻬ َﺮﻫﺎ ﻟﻠﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ وﺗﻨﺘﻘﻞ إﱃ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺮﺗﻔﻌﺔ — ﺳﺘﺠﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟَ ِ ِ دﻳﻮن ﻣﻤﺎﺛ ٍِﻠﺔ ﻷزﻣﺔ أزﻣﺎت ﻬﺔ ٍ اﻟﻴﻮﻧﺎن. ﻋﺎﻣﻞ اﻟﺨﻮف ﱡ ُ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻣﻦ اﻟﻌﺪم؛ ﻓﺤﺘﻰ ﰲ اﻟﺸﻬﻮر اﻟﺘﻲ ﺗ َﻠ ْﺖ ﺳﻘﻮ َ َ ﻟﻢ ِ ط ﺑﻨﻚ ﻣﻨﺎﴏ ِة ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺄت َ ً ُ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮاذرز ﻣﺒﺎﴍة ،ﻧ ﱠﺪد ْ ِ ﺑﻤﺤﺎوﻻت إﻧﻘﺎذ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻜﱪى َت ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻮات ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﺎﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ وﻃﺒﻊ اﻟﻨﻘﻮد ،إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﺧﻀﻢ اﻷﺣﺪاثَ ، ﻃﻐ ِﺖ ُ ٍ إﺟﺮاءات ﱡ ري. اﻷﺻﻮات اﻟﺪاﻋﻴﺔ إﱃ اﺗﺨﺎذ ﺗﻮﺳﻌﻴ ٍﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻮات إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ُ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ إﻻ أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل أواﺧﺮ ﻋﺎم ،٢٠٠٩ﻛﺎﻧ َ ِﺖ ُ ُ اﻷزﻣﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ، اﻟﺤﺎﺟﺔ املﻠِﺤﱠ ﺔ إﱃ اﻟﺘﺤ ﱡﺮك ،ﺛﻢ ﺟﺎء َِت ﺳﻮاء ﻗﺪ اﺳﺘﻘ ﱠﺮا؛ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺮاﺟﻌَ ِﺖ ً واﻟﺘﻲ اﻏﺘﻨَﻤَ ﻬﺎ ﻣﻨﺎﻫِ ُ ً ﻀﻮ املﺪرﺳﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻜﺎن ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺜﺎﻻ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث ِ ﴏاط اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻀﻴﱢﻖ املﺴﺘﻘﻴﻢ. ﴪ ﻋﲆ ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻟﺪول إن ﻟﻢ ﻧ َ ِ ْ أﴍت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ إﱃ أن َ ُ أزﻣﺔ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻳﺪ ًة ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ دﻳﻮن ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﺗﻌ ﱠﺮ َ ِ ﺿ ْﺖ ﺑﺄزﻣﺎت ﺣﺘﻰ داﺧ َﻞ أوروﺑﺎ ،وأن ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻤ ﱡﺮ ٍ َ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ؛ وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪ اﻟﺪو ُل اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﻟﻬﺎ 206
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
َ أزﻣﺔ اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌ ﱠﺮ َ ﺿ ْﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﻴﻮﻧﺎن ،ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻌﻤﻼﺗﻬﺎ أيﱠ ﳾءٍ ﻳُﺸ ِﺒ ُﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻬﺎ دﻳﻮ ٌن ﻛﺜري ٌة وﻋﺠﺰ ﻛﺒري ،ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻛﺬﻟﻚ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن. ﱠ ري وﻟﻜﻦ أﻳٍّﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه املﻼﺣﻈﺎت ﻟﻢ ﻳﺒ ُﺪ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﰲ ﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت؛ ﻓﻌﲆ ﺣ ﱢﺪ ﺗﻌﺒ ِ دراﺳﺔ ﺗﺘﻨﺎ َو ُل ﺻﻌﻮ َد وﺳﻘﻮ َ ٍ ط اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ ﺧﻼل ﻋﺎﻟِﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻫﻨﺮي ﻓﺎرﻳﻞ ﰲ اﻷزﻣﺔُ : ِ ﻣﺨﺎﻃ ِﺮ اﻟﺘﺒﺬﻳﺮ املﺎﱄ؛ وﺑﻬﺬا ﴪ اﻧﻬﻴﺎ ُر ﺛﻘﺔ اﻟﺴﻮق ﰲ اﻟﻴﻮﻧﺎن ﻋﲆ أﻧﻪ ﻣﺜﺎ ٌل ﻋﲆ »ﻓ ﱢ َ ﺻﺎ َر ِت اﻟﺪو ُل اﻟﺘﻲ َ ِ ٍ ﺗﺨﺎﻃ ُﺮ ﺑﺎﻧﻬﻴﺎر ﺛﻘﺔ اﻟﺴﻮق، ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ ﺧﻄري ٍة أوﻗﻌَ ْﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ورﺑﻤﺎ اﻟﺪﻣﺎر املﺤﻘﻖ«. ُ ِ ٍ وﺷﻴﻜﺔ ﻛﺎرﺛﺔ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات املﺮوﻋﺔ ﻋﻦ وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ راﺟَ ْﺖ ﺑني اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت املﺤﱰﻣﺔ اﻟﻮﻗﻮع ﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﺘﺤ ﱠﺮ ْك ﻓﻮ ًرا ﻟﺨﻔﺾ اﻟﻌﺠﺰ؛ ﻓﻘﺪ ﻗ ﱠﺪ َم إرﺳﻜني ﺑﻮﻟﺰ اﻟﺮﺋﻴﺲ املﺸﺎرك — ﺠﻨﺔ ﻛﺎن ﻣﻨﻮ ً ٍ اﻟﺮﺋﻴﺲ »اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ« املﺸﺎرك — ِﻟ َﻠ ٍ ﺧﻄﺔ ﻟﺨﻔﺾ اﻟﻌﺠﺰ ﻋﲆ ﻃﺎ ﺑﻬﺎ ﺗﻘﺪﻳ ُﻢ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﺷﻬﺎد ًة أﻣﺎم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﻣﺎرس — ٢٠١١ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻋﲆ ﻓﺸﻞ دﻳﻮن ﻗﺪ ﺗﻘﻊ ﰲ أي وﻗﺖً ، ﱡ ﻗﺎﺋﻼ: اﺗﻔﺎق — وﺣﺬﱠ َر ﻣﻦ أزﻣﺔ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﰲ ٍ ٍ ُ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ املﺸﻜﻠﺔ ﺳﺘﺤﺪث ﺣﺘﻤً ﺎ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ أﺷﺎ َر ٌ ُ ﻧﻮاﺟﻬَ ﻬﺎ .ﻗﺪ ﺗﺤﺪث ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن رﺋﻴﺲ وﻛﺎﻟﺔ ﻣﻮدﻳﺰ؛ ﻓﺘﻠﻚ أو ِ ً ً ﺧﻼل ﻋﺎﻣني ،رﺑﻤﺎ أﻗﻞ ﻗﻠﻴﻼ ،ورﺑﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﻗﻠﻴﻼ ،وﻟﻜﻦ إذا ﺑﺪأ املﴫﻓﻴﻮن ﰲ آﺳﻴﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺴ ﱢﺪ َد دﻳﻮﻧﻨﺎ وﻧَﻔِ َﻲ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻨﺎَ ،ﻓ ْﻠ ﱠ ﻨﺘﻮﻗ ْ ﻒ وﻧﻔ ﱢﻜ ْﺮ ﻟﻠﺤﻈﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث إذا ﱠ ﺗﻮﻗﻔﻮا ﻋﻦ ﴍاء دﻳﻮﻧﻨﺎ. ﻣﺎذا ﺳﻴﺤﺪث ﻷﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة؟ وﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ؟ ﺳﻮف ٌ ُ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ، ﻧﺴﺎر ْع ﻟﺤ ﱢﻞ ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ .املﺸﻜﻠﺔ اﻷﺳﻮاق ﺗﻤﺎﻣً ﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﺪﻣﱢ ُﺮﻧﺎ ِ ٌ ﻣﺆملﺔ ،وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺤ ﱠﺮ َك. وﺣﻠﻮﻟﻬﺎ وﻫﻨﺎ ﱠ ﺗﺪﺧ َﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ املﺸﺎرك — آﻻن ﺳﻴﻤﺒﺴﻮن — ﻣﺆ ﱢﻛﺪًا ﻋﲆ أن ذﻟﻚ ﺳﻴَﺤﺪث ﺧﻼل »أﻗ ﱠﻞ« ﻣﻦ ﻋﺎﻣني .ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻢ ﻳُﺒ ِﺪ املﺴﺘﺜﻤﺮون اﻟﻔﻌﻠﻴﻮن أيﱠ ﻗﻠﻖ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ً ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺎﻳري اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻨﺪات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ َ وﻗﺖ ﺣﺪﻳﺚ ﺑﻮﻟﺰ وﺳﻴﻤﺒﺴﻮن ،واﺳﺘﻤ ﱠﺮ ْت ﰲ اﻻﻧﺨﻔﺎض إﱃ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺪار ﻋﺎم .٢٠١١ 207
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺛﻤﺔ ﺛﻼث ﻧﻘﺎط أﺧﺮى ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﺬﻛﺮ؛ ً ﻣﺒﻜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ،٢٠١١ﻛﺎن ﻟﺪى أوﻻ :ﰲ وﻗﺖ ٍ ُ املﺘﺸﺎﺋﻤني ﻋﺬ ٌر ﻣﻔﻀ ٌﻞ ﱢ اﻟﺘﻨﺎﻗ َﺾ اﻟﻮاﺿﺢ ﺑني ﺗﺤﺬﻳﺮاﺗﻬﻢ ﻣﻦ وﻗﻮع ﻛﺎرﺛﺔ وﺷﻴﻜﺔ ﻳﻔﴪ واﺳﺘﻤﺮار اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة؛ ﻓﻘﺪ زﻋﻤﻮا أن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳُﺒﻘِﻲ اﻷﺳﻌﺎ َر ً ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺼ َ ﻄﻨ َ ٍﻊ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﴍاء اﻟﺪﻳﻮن ﰲ إﻃﺎر ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »اﻟﺘﻴﺴري اﻟ َﻜﻤﱢ ﻲ« اﻟﺬي ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ٍ ﺗﺒﻨﱠﺎه اﻟﺒﻨﻚ ،وﻗﺎﻟﻮا إن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺳﱰﺗﻔﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﻬﻰ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﰲ ﻳﻮﻧﻴﻮ؛ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺮﺗﻔﻊ. ٍ ِ وﺷﻴﻜﺔ إﺛﺒﺎت ِﺻﺪْق ﺣﺪﺳﻬﻢ ﰲ أﻏﺴﻄﺲ دﻳﻮن ﺑﺄزﻣﺔ ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ادﱠﻋَ ﻰ املﺘﻮﻋﱢ ﺪون ٍ َ ﺗﺼﻨﻴﻒ ،٢٠١١ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﻔﻀﺖ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز — وﻛﺎﻟﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ — ٌ ﺗﴫﻳﺤﺎت ﻋﺪﻳﺪ ٌة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﺳﺤﺒ َْﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﺘَﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ املﻤﺘﺎزة ،وﻇﻬ َﺮ ْت ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ أن »اﻟﺴﻮق ﻗﺎ َﻟ ْﺖ َﻛﻠِﻤَ ﺘَﻬﺎ« ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺴﻮق ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤ ﱠﺪﺛ َ ْﺖ ،ﺑﻞ ﻣﺠﺮد ً وﻛﺎﻟﺔ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ — ﻣﺜﻞ ﻧﻈرياﺗﻬﺎ — ﻗﺪ أﻋ َ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎ ﻣﻤﺘﺎ ًزا ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷدوات ﻄ ْﺖ ٍ ٍ ﻓﻌﻞ اﻟﺴﻮق ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻧﻔﺎﻳﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ْﺖ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف إﱃ ﺳﺎﻣﺔ .وﻛﺎن ر ﱡد ِ َ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ … ﻻ ﳾء ،ﺑﻞ إن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ إزاء ﺗﺨﻔﻴﺾ وﻛﺎﻟﺔ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز َ ُ ذﻛﺮت ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ .وﻛﻤﺎ اﻻﻗﱰاض ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ْ ﺧﻔﻀﺖ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻛﺎﻟﺘني املﺘﻨﺎﻓﺴﺘني ﻟﻼﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ درﺳﻮا ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎن؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻋﺎم — ٢٠٠٢ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ْ َ وﺿ ُﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز وﻣﻮدﻳﺰ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻳﻤﺎ ِﺛ ُﻞ ْ وﺿﻌَ ﻪ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ — ٢٠١١وﻟﻢ ﻳﺤﺪث أيﱡ ﳾءٍ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. إن َ وأﺧريًا :ﺣﺘﻰ ْ ِ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ﻣﻦ أزﻣﺔ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻮح ﰲ اﻷﻓﻖ ﻋﲆ أﺧﺬَ املﺮءُ ً ﱡ اﻟﺘﻘﺸ َ ﻒ املﺎﱄ اﻟﻔﻮري — ﰲ ﺻﻮرة ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق إﻃﻼﻗﺎ أن ﻣﺤﻤﻞ اﻟﺠﺪﱢ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺘﱠ ِﻀﺢ ً ﻋﻤﻴﻘﺎ — ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺴﺎﻋِ َﺪ ﰲ وزﻳﺎدة اﻟﴬاﺋﺐ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺴﺎدًا ُ ﻓﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق أو زﻳﺎد ُة اﻟﴬاﺋﺐ ﻳَﺼﻠﺢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷزﻣﺔ؛ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ،واﻟﺒﻨ ُﻚ املﺮﻛﺰي ﺑﺼﺪدِ ْ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻟﺪ ْرءِ ﻣﺨﺎﻃﺮ رﻓ ِﻊ ِ ﱡ ُ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق إﱃ ﻛﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻷن اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻟﺘﻀﺨﻢ .ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻟﻦ ﻳﺆدﱢي ري ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺳﻴﺘﻤ ﱠﻜ ُﻦ ﻣﻦ ِ ﺗﻌﻮﻳﺾ ﺗﺄﺛ ِ ﺗﻘﱰبُ ﻋﺪم زﻳﺎدﺗﻬﺎ .أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻛﺴﺎد ﺷﺪﻳﺪ ،وﻛﺎﻧﺖ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ِ ُ آﺛﺎر ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ،وﺳﻴﺰداد ﻛﺴﺎ ُد اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﻠﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻮﻳﺾ ِ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻹﻳﺮادات ،وﺿﻴﺎع ﺟﺰءٍ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺨﻔﻴﺾ املﺮﺟ ﱢﻮ ﻟﻠﻌﺠﺰ. ﻣﺎ ﺳﻴﻔﴤ إﱃ ِ 208
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
إذَ ْن ،ﻓﺤﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن املﺮءُ َﻗﻠ ًِﻘﺎ ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻘﺪ اﻟﺜﻘﺔ ،أو ﻣﻦ ْ وﺿ ِﻊ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﰲ املﺪى ﱡ ُ اﻟﺘﻘﺸﻒ. املﻨﻄﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو إﱃ ﴐور ِة إرﺟﺎء اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ،ﻓﺴﻴﺸري وﻳﻨﺒﻐﻲ ْ ٍ ﺧﻄﻂ ﻟﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق وزﻳﺎدة اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،إﻻ أن ﻫﺬه وﺿ ُﻊ اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت واﻟﺰﻳﺎدات ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺪﺧ َﻞ ﺣﻴﱢ َﺰ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﺘﻌِ ﻴ َﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻗ ﱠﻮﺗَﻪ. ﱡ ﱠ وأﴏوا ﻋﲆ أن اﻟﺘﺨﻔﻴﻀﺎت اﻟﻔﻮرﻳﺔ ﻟﻜﻦ أﻧﺼﺎ َر اﻟﺘﻘﺸﻒ رﻓﻀﻮا ﻫﺬا املﻨﻄﻖ َ ،ﱡ ٌ ﴐورﻳﺔ ﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺜﻘﺔ؛ وأن اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺜﻘﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ إﻛﺴﺎبُ ذﻟﻚ اﻟﺨﻔﺾ أﺛ ًﺮا ﱢ ﱡ اﻟﺸﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش؛ وﻫﻮ اﻟﺠﺪل ﺣﻮل ﺗﻮﺳﻌﻴٍّﺎ ،وﻟﻴﺲ اﻧﻜﻤﺎﺷﻴٍّﺎ .وﻳﻘﻮدﻧﺎ ﻫﺬا إﱃ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺴﺎدَ. آﺛﺎر ِ ﺟﻨﻴﱠﺔ اﻟﺜﻘﺔ ُ ً رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻓﺘﺘﺤﺖ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺘﴫﻳﺤﺎت ﺟﺎن ﻛﻠﻮد ﺗﺮﻳﺸﻴﻪ — اﻟﺬي ﻛﺎن اﻷوروﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﺧﺮﻳﻒ ﻋﺎم — ٢٠١١اﻟﺘﻲ ﱢ ﺗﻠﺨﺺ اﻟﻌﻘﻴﺪ َة اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻔﺎؤل — واﻟﺴﺬاﺟﺔ َ أروﻗﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﰲ ﻋﺎم .٢٠١٠ﺗﻘﺒﱠ َﻠ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻴﺪ ُة ﻓﻜﺮ َة أن اﻟﺘﺄﺛري — اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎﺣَ ْﺖ املﺒﺎﴍ ْ ِ ﻟﺨﻔ ِﺾ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻫﻮ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﻄﻠﺐ ،اﻟﺬي ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺆدﱢي — ﺑﺘﺴﺎوي ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺧﺮى — إﱃ ﺗﺒﺎ ُ ﻃ ِﺆ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي وارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ .إﻻ أن ِ املﺒﺎﴍ وأﻛﺜﺮ. أﻣﺜﺎل ﺗﺮﻳﺸﻴﻪ ﻳﴫﱡ ون ﻋﲆ أن »اﻟﺜﻘﺔ« ﺳﺘﻌﻮﱢض ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛري ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،اﻋﺘﺪ ُ ْت أن أدﻋﻮ ﻫﺬا املﺬﻫﺐَ اﻻﻋﺘﻘﺎ َد ﰲ »ﺟﻨﻴﱠﺔ اﻟﺜﻘﺔ« ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒري اﻟﺬي ُ ُﻔﴤ ﺻﻐﺘُﻪ ﻗﺪ ﻋَ ﻠ َِﻖ ﰲ اﻷذﻫﺎن .وﻟﻜﻦ ﻋ ﱠﻢ ﻛﺎن ﻛﻞ ذﻟﻚ؟ ﻫﻞ ِﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳ ِ َ ْ ﺧﻔ ُ ﺾ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ؟ ﻧﻌﻢ ،ﻫﺬا ﻣﻤﻜﻦ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺛﻤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ أن ﻳﻘﻮد إﱃ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺒﺪأ؛ إﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،وإﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل دﻓﻊ اﻟﻨﺎس ﱡ ﻟﺘﻮﻗ ِﻊ ْ ﺧﻔ ِﺾ اﻟﴬاﺋﺐ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ أو ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ. َ ُ ﺗﻘﺪﻳﺮات املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ — اﻟﺬﻳﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋَ ﻤَ ِﻞ ﻗﻨﺎة أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة :ﺳﺘﻨﺨﻔﺾ وإﻟﻴﻜﻢ اﻧﺒﻬﺮوا ﺑﺠﻬﻮ ِد اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺨﻔﺾ ﻋﺠﺰ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻬﺎ — ﻟﻼﻗﱰاض اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ اﻷﺟﻞ اﻟﻴﻮ َم وﻣﻦ ﺛﻢ ملﺴﺘﻮى أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ .وﻧﻈ ًﺮا ﻷن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ِ ﻌﺎت أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ ﱡ ﺗﻌﻜﺲ ﱡ ﺗﻮﻗ ِ ﻟﺘﻮﻗ ِﻊ اﻧﺨﻔﺎض اﻻﻗﱰاض املﺴﺘﻘﺒﲇ أن 209
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻳﺆدﱢي إﱃ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ،وﻫﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳ ِ ُﻔﴤ إﱃ زﻳﺎد ِة اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﻋﲆ اﻟﻔﻮر. ﱡ ﻟﻠﺘﻘﺸﻒ اﻟﺤﺎﱄ أن ﻳﺜري إﻋﺠﺎبَ املﺴﺘﻬﻠﻜني؛ ﻓﻘﺪ ﻳﺴﺘﺨﻠﺼﻮن ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﻤﺎس اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺨﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق أن اﻟﴬاﺋﺐ ﻟﻦ ﺗﺮﺗﻔ َﻊ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮن ،واﻋﺘﻘﺎدُﻫﻢ ﺑﺄن اﻟﻌﺐء اﻟﴬﻳﺒﻲ ﺳﻴﻨﺨﻔﺾ ﺳﻴﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً وﻳﺘﱠ ِﺠﻬﻮن ﻟﺰﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ً أﻳﻀﺎ. ﱡ إذَ ْن ،ﻓﺎملﺴﺄﻟﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ْ ﻟﻠﺘﻘﺸﻒ أن ﱢ ﻳﻮﺳ َﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه إن ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ َ اﻟﻘﻨﻮات أم ﻻ ،وإﻧﻤﺎ ْ ِ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ — ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺄﺛريات إن ﻛﺎن ﻣﻦ املﻌﻘﻮل أن ﻧﺼﺪ َﱢق أن ﱠ املﺒﺎﴍ ﻻﻧﺨﻔﺎض ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻨﺎة ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة أم اﻟﴬﻳﺒﺔ ِ َ املﺘﻮﻗﻌﺔ — ﺳﺘﻌﻮﱢض اﻟﺘﺄﺛريَ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﺆدﱢي إﱃ اﻟﻜﺴﺎد ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻈﺮوف اﻟﺮاﻫﻨﺔ. ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱄ ﱠ — وإﱃ اﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻛﺜريﻳﻦ ﻏريي — ﺑَﺪَا اﻟﺠﻮابُ واﺿﺤً ﺎ؛ وﻫﻮ أن ﻓﻜﺮة ﱡ ً ﱡ وﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ري ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم، اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﺘﻮﺳﻌﻲ ﻣُﺴﺘﺒﻌَ ﺪة إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ُ ُ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻟﺘﱪﻳﺮ اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻋﺎم ،٢٠١٠واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ْت ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺎﻣني .وأﻛ ﱢﺮر، ٍ ﺗﴫﻳﺤﺎت ﻛﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ أَد َْﱃ ﺑﻬﺎ ﺟﺎن ﻛﻠﻮد ﺗﺮﻳﺸﻴﻪ ﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﻻ رﻳﺒﻮﺑﻠﻴﻜﺎ ،ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﺠﺮد ً »وﺟﻮد« ﻫﺬه اﻵﺛﺎر املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ،ﺑﻞ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻗﻮﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﻮﻳﺾ ﱡ ِ ﻟﻠﺘﻘﺸﻒ املﻔﴤ إﱃ اﻟﻜﺴﺎد ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ .ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺼ ﱡﻮ ُر ﻫﺬا املﺒﺎﴍة اﻵﺛﺎر ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺟﺪٍّا ﰲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻗﻨﺎة أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ َ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑ ِﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر(؛ أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻵﺛﺎر املﱰﺗﱢﺒﺔ ﺑﺪاﻳﺔ ) ٢٠١٠وأﺻﺒﺤَ ْﺖ أﻗ ﱠﻞ ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ ،ﻓ َﻜ ْﻢ ﻣﻤﱠ ْﻦ ﻧﻌﺮﻓﻬﻢ ﻳﺘﱠﺨﺬون ﻗﺮاراﺗِﻬﻢ ﺣﻮل ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﻋﲆ اﻟﴬاﺋﺐ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ِ ري اﻟﻘﺮارات املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن إﻧﻔﺎﻗﻪ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺗﺄﺛ ِ ِ ﴐاﺋﺒﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺲ أو ﻋﴩ ﺳﻨﻮات؟ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ :ﻻ ﺑﺄس ،ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ أدﻟﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﺰاﻋﻤﻨﺎ .وﻳﻨﻄﻮي ﻫﺬا ﻳﻘﻮل أﻧﺼﺎر ﻋﲆ ﻗﺼﺔ ﺷﺎﺋﻘﺔ. ﻧﴩ اﻟﺨﺒريُ اﻻﻗﺘﺼﺎدي أﻟﱪﺗﻮ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ﺑﻌﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن — ﰲ ﻋﺎم َ َ — ١٩٩٨ ً ورﻗﺔ ﺑﻌﻨﻮان »ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﺼﺤﻴﺢ املﺎﱄ« ،وﻫﻲ دراﺳﺔ ﻣﻌ ِﻨﻴﱠﺔ أﻟﻴﺴﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد ﻟﺘﺨﻔﻴﺾ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻀﺨﻢ ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ .ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔَ ، داﻓ َﻊ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺗﺤ ﱠﺮ َﻛ ْﺖ ِ ﱡ اﻟﺘﻘﺸ َ ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻒ ﻳﺆدﱢي إﱃ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻟﻠﺜﻘﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﻗ ﱠﻮﺗُﻬﺎ ﻣﺪًى ﻳﺠﻌﻞ 210
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
ري ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣُﺪﻫِ ً ﺸﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗَﺴﺘَ ْﻠﻔِ ْﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎ َه اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﰲ ﻛﺜ ٍ — أو اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ — ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻊ .ﰲ ﻋﺎم ،١٩٩٨ اﺳﺘﻤَ ﱠﺮ اﻹﺟﻤﺎع اﻟﻌﺎم ﺑني اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻋﲆ أن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ واﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ داﺋﻤً ﺎ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻤﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻵﺛﺎر ً املﱰﺗﱢ َ ﻣﻬﻤﺔ ﺑﺄي ﺣﺎل. ﺒﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺎﻟﻴﺔ ﻟﻢ ﺗَﺒْ ُﺪ ُ َ ﻣﺴﺄﻟﺔ زﻳﺎد ِة اﺧﺘﻠﻔ ْﺖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻃﺒﻌً ﺎ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،٢٠١٠ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻷﻣﻮ ُر ﻗﺪ ﱡ ﱡ ِ ﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت .ﱠ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﺗﻤﺴ َﻚ دﻋﺎ ُة اﻟﺘﻘﺸﻒ ﺗﺘﺼ ﱠﺪ ُر اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻣﻘﺎ ِﺑﻞ ٍ ﺑﻮرﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٍة ﻛﺘَﺒَﻬﺎ ﺑﺎﻻﺷﱰاك ﻣﻊ ﺳﻴﻠﻔﻴﺎ أرداﺟﻨﺎ ،ﺣﺎو َﻟ ِﺖ ﺑﺎدﱢﻋﺎء أﻟﻴﺴﻴﻨﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ َ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﲆ »اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﻜﱪى ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ« ﰲ ﻋﻴ ٍﱢﻨﺔ ﻛﺒري ٍة ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان واﻟﻔﱰات ﱡ ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻌﻲ. اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ،وادﱠﻋَ ْﺖ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻀﻤﱠ ُﻦ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ وﻗﺪ ﱠ َ ٍ ﻓﻘﺎﻻ :اﻧﻈﺮوا إﱃ أﻳﺮﻟﻨﺪا أﻣﺜﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ؛ ﺑﺎﺳﺘﺤﻀﺎر ﻋﻀﺪَا ﻫﺬه املﺰاﻋ َﻢ ِ ﰲ أواﺧﺮ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،أو إﱃ ﻛﻨﺪا ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ذﻟﻚ اﻟﻘﺮن ،أو إﱃ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻷﺧﺮى؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒريةٍ، ﺧﻔ َﻀ ْﺖ ﻫﺬه اﻟﺪو ُل ﻋﺠْ َﺰ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎﺗﻬﺎ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ أن ﺗﱰاﺟَ ﻊَ. وازدﻫ َﺮ ِت اﻗﺘﺼﺎداﺗُﻬﺎ ِ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ري ﺟﺪٍّا ﰲ ﰲ اﻷوﻗﺎت اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،ﺗﻀﻄﻠﻊ آﺧِ ﺮ اﻷﺑﺤﺎث اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ﺑﺪور ﺻﻐ ٍ ٍ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺤﺪث؛ ﻓﻔﻲ ﺧﻀ ﱢﻢ ﻣﺆﻫﻞ ٍّ اﻷﺣﺪاث اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔَ ،ﻛ ْﻢ ﻣﻦ ﺻﻨﱠﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﱠ ِ إﺣﺼﺎﺋﻲ ﺣﻘﺎ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺟﻮد ِة ﺗﺤﻠﻴﻞ ﱟ ُ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﺎش اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ املﻌﺘﺎد واﻟﻔﺤﺺ اﻟﻼزم أﺟﺮاه أﺣ ُﺪ اﻷﺳﺎﺗﺬة؟ اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗُﻤﻬَ ﻞ َ ﱢ اﻟﻐﺚ ﻣﻦ اﻟﺴﻤني ،إﻻ ﱠ ﺑﺤﺚ أﻟﻴﺴﻴﻨﺎ وأرداﺟﻨﺎ اﻋﺘُ ِﻤ َﺪ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ،وﺗﺒﻨﱠﺎه أن وﻗﺘًﺎ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ وﻣﻨﺎﴏوﻫﺎ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻛﺎن ﻫﺬا ﻣ ِ ِ ُﺆﺳ ًﻔﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺻﻨﱠﺎ ُع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﱡ ً ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻌﻲ اﻟﺘﻘﺸﻒ دﻟﻴﻼ ﻋﲆ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ وﻻ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳُﻔﱰَض أن ﺗﻜﻮن ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺘﻰ ﺑﺪأ اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻓﻴﻬﺎ. اﺳﺘﻄﺎﻋَ ْﺖ أن ﺗﺼﻤﺪ ُ ُ وﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻻرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ اﻟﺰاﺋﻔﺔ، ﻛﻴﻒ ذﻟﻚ؟ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻧﻘﻄﺘﺎن رﺋﻴﺴﻴﺘﺎن: أن اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﻔﺮد ﺑﺎﻟﺴﺎﺣﺔ ﻋﺎد ًة ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻫﻮ ﺣﺎﻟﻬﺎ اﻵن. ﻋﺠﺰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷوﱃ ،ﻓ ْﻠﻨﻨﻈ ْﺮ إﱃ ﻣﺜﺎل اﻟﺘﺤﻮﱡل اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻜﺒري ﻣﻦ ِ ﻓﺎﺋﺾ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ارﺗﺒَ َ ﻂ ﻫﺬا اﻟﺘﺤ ﱡﻮ ُل املﻴﺰاﻧﻴﺔ إﱃ ِ ﱡ ً ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻌﻲ؟ ﻻ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ؛ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻣﺜﺎﻻ ﻋﲆ ﺑﺎزدﻫﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻓﻬﻞ ﻛﺎن ذﻟﻚ ِ 211
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ واﻧﺨﻔﺎض اﻟﻌﺠﺰ ِ ﻋﺎﻣ ًﻼ ﺛﺎﻟﺜًﺎ ،وﻫﻮ ﻃﻔﺮ ُة اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ري ﻋ َﻜ َﺲ اﻻزدﻫﺎ ُر ﻓﺈﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ َت ﻋﲆ ْ دﻓ ِﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد إﱃ اﻷﻣﺎم ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ً وﻓﻘﺎﻋﺘﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻋَ ﺪ ْ أﻳﻀﺎ ﰲ ارﺗﻔﺎع ارﺗﻔﺎع ﰲ ﺮﺟﻤﺖ ﺑﺪورﻫﺎ ﰲ ﺻﻮرة أﺳﻌﺎر أﺳﻬﻢ اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﻟﺘﺒﻠﻎ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء ،واﻟﺘﻲ ﺗُ ِ ٍ ﻳﻨﻄﻮ ﻋﲆ اﻹﻳﺮادات اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ .إذَ ْن ﻓﺎﻻرﺗﺒﺎط ﺑني اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻌﺠﺰ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮي ﻟﻢ ِ ٍ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺒﺒﻴ ٍﺔ. ﻣﺼﺪر واﺣ ٍﺪ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻻرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ اﻟﺰاﺋﻔﺔ — وﻫﻮ ﺑﺘﺼﺤﻴﺢ ﻗﺎم أﻟﻴﺴﻴﻨﺎ وأرداﺟﻨﺎ ٍ ِ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ — إﻻ أﻧﻪ ﻋﻨﺪ إﺧﻀﺎع ﺑﺤﺜﻬﻢ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ،ﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﺗﱠ َﻀﺢَ أن ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﱡ ً ﻣﺘﻮاﻓﻘﺎ ﻣﻊ اﻟﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺎﻓﻴًﺎ؛ ﻓﻤﺎ أورداه ﻣﻦ ﻓﱰات اﻷﺣﺪاث اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻟﻢ ﻳﺸريَا إﱃ ﺟﻬﻮد اﻟﺘﺪاﺑري ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﰲ .١٩٩٧ اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻟﺤﺜﻴﺜﺔ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻋﺎم ،١٩٩٥أو ﺗﺤﻮﱡﻟﻬﺎ اﻟﺤﺎد ﻧﺤﻮ َ ﰲ اﻟﻌﺎم املﺎﴈ ،ﺣﺎ َو َل ُ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﰲ ِ ﱡ املﺒﺎﴍة املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﱡ ِ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﺑﺘﻐري اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻓﱰات ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﺨﺪام املﻌﻠﻮﻣﺎت ﱡ ً اﻟﺘﻘﺸ َ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ دﻓﻌﻪ ﻧﺤﻮ ﻒ املﺎﱄ ﻳﺪﻓﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد إﱃ اﻟﻜﺴﺎد املﺎﱄ؛ ووﺟَ َﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن أن ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ. وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻬﺞ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻣﺪى »ﻛﻴﻨﺰﻳﺔ« اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵن؛ ملﺎذا؟ ﻷن آﺛﺎر ﱡ ٍ ﺗﻘﺸ ِﻒ املﻴﺰاﻧﻴﺔ — اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ِ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص :ﺧﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة أو ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ أو ﻛﻼﻫﻤﺎ — ﻻ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ملﻌﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدات املﺘﻌﺜﱢﺮة ﰲ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺤﺎﱄ. آﺧﺮ ،ﻫﻮ ﻛﻨﺪا ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﱠ ﻣﺜﺎل َ ﺧﻔ َﻀ ْﺖ َﻓ ْﻠﻨﻨﻈﺮ إﱃ ٍ ﱡ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻘﻮي .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎدﱟ ،ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻋﺠ َﺰ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻬﺎ ٍ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻛﺎن ﻳﺮوق ملﺴﺌﻮﻟِﻴﻬﺎ اﻻﺳﺘﺸﻬﺎ ُد ﺑﺎﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﱠﻮْﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺴﺒﱢﺐَ ﺗﺒﺎﻃ ًﺆا اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﺣﺎدٍّا، ﻟﺘﱪﻳﺮ اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ ﺑﺄن ﺳﻴﺎﺳﺎت ِ وﻟﻜﻦ إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﱃ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﰲ ﻛﻨﺪا ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﺴﻨﺮى ً أوﻻ أن أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة َ ري ،وﻫﻮ ﳾء ﻏري ﻣﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ املﻌﺎﴏة؛ ﻷن أﺳﻌﺎ َر اﻧﺨﻔ َﻀ ْﺖ ٍ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒ ٍ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺟﺪٍّا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .وﻛﺬﻟﻚ ﺳﻨﺮى أن ﻛﻨﺪا ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎدر ًة ﻋﲆ زﻳﺎدة اﻟﺼﺎدرات ﺑﻤﻌﺪﻻت ﻛﺒرية إﱃ ﺟﺎرﺗﻬﺎ املﺰدﻫﺮة — اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ — وﻳُﻌ َﺰى ذﻟﻚ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺎد ﰲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر اﻟﻜﻨﺪي .وﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪٍ ،ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻫﺬا 212
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
ﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ؛ ﻷن ﺟﺎرﺗﻬﺎ — ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو — أﺑﻌَ ُﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻦ اﻻزدﻫﺎر، َ اﻟﻀﻌﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺿﻌﻒ ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ. ﻛﻤﺎ أن ُ ِ اﺳﱰﺳﻠﺖ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻣﺎ أو ﱡد أﺳﱰﺳ َﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أﻧﻨﻲ ﻗﺪ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن ﱡ َ ِ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻷدﻟﺔ املﺰﻋﻮﻣﺔ ﻋﲆ ﻓﻜﺮ ِة اﻟﻀﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺛﺎ َر ْت ﺣﻮل أن أﺷريَ إﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن ﻣﺘﻨﺎﺳ ً ِ ﱡ ﺒﺔ ﺑﺎملﺮة ﻣﻊ ﻗﻮة ﺗﻠﻚ اﻷدﻟﺔ؛ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﻬﺎ َر ِت اﻟﺘﻮﺳﻌﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻏري ﱡ ُ اﻟﺘﻮﺳﻌﻲ ﺣﺎملﺎ ﺑﺪَأ َ اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ املﺘﻤﻌﱢ ﻦ ﻓﻴﻬﺎ .ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺠﻨﱡﺐُ ﱡ ﻟﻠﺘﻘﺸﻒ اﻟﺤﺠﺔ املﺆﻳﱢﺪ ُة َ ودروس اﺳﺘﻨﺘﺎج ﻣﻔﺎده أن اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺒﻨ ﱠ ْﺖ ﺗﻘﺮﻳ َﺮ أﻟﻴﺴﻴﻨﺎ وأرداﺟﻨﺎ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ٍ ﱠ ٍ ﺗﺘﺤﻘ َﻖ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ؛ ﻷن ﻫﺬه ﺑﻠﻬﻔﺔ ،دون أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ املﺰﻋﻮﻣﺔ اﻟﺪراﺳﺎت ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﻘﻮل ﻟﻠﻨﺨﺒﺔ ﻣﺎ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ ﺳﻤﺎﻋﻪ .وﻟِ َﻢ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ ﱡ ﺳﻤﺎﻋﻪ؟ ﺳﺆا ٌل ﰲ ﻣﺤﻠﻪ ،وﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧﺎ ً اﻟﺘﻘﺸﻒ أوﻻ ﻧﺪرس ﻛﻴﻒ ﺳﺎ َر ْت إﺣﺪى ﺗﺠﺎرب اﻟﻜﱪى. اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﱡ ِ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ً ﻣﺮﻏﻤﺔ؛ ﻓﻘﺪ وﺟﺪ ْ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺗﻠﺠﺄ ُ ﻟﺬﻟﻚ َت ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﻮﻧﺎن وأﻳﺮﻟﻨﺪا وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻏريَ ﻗﺎدر ٍة ﻋﲆ ﺗﺠﺪﻳﺪ دﻳﻮﻧﻬﺎ ،واﺿﻄﺮت إﱃ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ورﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ﻹرﺿﺎء أملﺎﻧﻴﺎ واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻘ ﱢﺪ ُم ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺮوض اﻟﻄﺎرﺋﺔ؛ إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺣﺎﻟﺔ واﺣﺪة ﻣﺜرية ﱡ ﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻧﺨﺮ َ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻏري ﻣﻜ َﺮ ٍ ٍ ﻫﺔ ﻹﻳﻤﺎﻧﻬﺎ ﺑﺠﻨﻴﱠﺔ اﻟﺜﻘﺔ؛ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻃ ْﺖ ﰲ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء دﻳﻔﻴﺪ ﻛﺎﻣريون ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ. ً ُ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ .ﺻﺤﻴﺢ أن ﺣﺰب املﺤﺎﻓﻈني ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻛﺎﻣريون املﺘﺸﺪﱢدة ﻣﻔﺎﺟﺄ ًة ﻣﺜ ﱠ َﻠ ْﺖ ﱡ ِ ﻳﺴﺘﻄ ْﻊ ﺗﺸﻜﻴ َﻞ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻗﺒﻞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎم ،٢٠١٠وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻛﺎن ﻳﺪﻋﻮ إﱃ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻘﺪ ﺗﺤﺎﻟُ ٍﻒ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴني ،اﻟﺬﻳﻦ ﱠ ِ ﺗﻮﻗﻌْ ﻨﺎ أن ﻳﻤﺜﱢﻠﻮا ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،اﻧﺠ َﺮ َ ﻗﻮ ًة ﻣﻌﺘﺪِﻟﺔ؛ وﻟﻜﻦ ً ف اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﻮن ﰲ ﻏﻤﺎر ﺣﻤﺎﺳﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ْ املﺤﺎﻓﻈني ،وﺑﻌﺪ ﱢ ﻟﺨﻔ ِﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﺗﻮﱄ ﻛﺎﻣريون ﻣﻨﺼﺒَﻪ ﺑﻔﱰة ﻗﺼرية ،أﻋ َﻠ َﻦ ﻋﻦ ٍ ﻧﺤﻮ ﺟﺬريﱟ .وﻷن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ — ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻧﻈﺎ ٌم ﻋﲆ ٍ
213
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱡ ُ اﻟﻘﻤﺔ ،ﻓﻘﺪ َ ِ ٍ اﻟﺘﻘﺸ ِﻒ دﺧ َﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺑﻌﺮﻗﻠﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﻤﻠِﻴﻬﺎ ﺣﺎزﻣﺔ ﻳﺴﻤﺢ ﻷﻗﻠﻴ ٍﺔ ﺣﻴﱢ َﺰ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ. ً ُ ﴏاﺣﺔ إﱃ املﺨﺎوف املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ؛ ﻓﻌﻨﺪ إﻋﻼن ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻛﺎﻣريون ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻮرج أوزﺑﻮرن — وزﻳﺮ اﻟﺨﺰاﻧﺔ — أو َل ﻣﻴﺰاﻧﻴ ٍﺔ ﺗُ َ ﻮﺿﻊ ﺑﻌﺪ ﺗﻮ ﱢﻟﻴﻪ ﻣﻨﺼﺒَﻪ ،ﴏﱠ حَ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﺘﻮاﺟ ُﻪ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ: دون ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق، ِ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،واﻧﻬﻴﺎ َر املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎت ،وارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺣﺎدٍّا ﰲ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﻗﺪ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﺨﺴﺎرة ﻓﺎدﺣﺔ ﰲ اﻟﺜﻘﺔ واﻧﺘﻬﺎء ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻌﺎﰲ .وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺴﻤﺢ ﺑﺤﺪوث ذﻟﻚ؛ ﻫﺬه املﻴﺰاﻧﻴﺔ ﴐورﻳﺔ ملﻌﺎﻟﺠﺔ دﻳﻮن ﺑﻼدﻧﺎ، وملﻨﺢ اﻗﺘﺼﺎدﻧﺎ اﻟﺜﻘﺔ .ﻫﺬه ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ. َ أﻧﻔﺴﻬﻢ وﺳﻄﻴﱢني وﻗﺪ أﺷﺎ َد ﺑﺴﻴﺎﺳﺎت ﻛﺎﻣريون ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ املﺤﺎﻓﻈني وﻣَ ﻦ ﻳَﻌُ ﺪﱡون ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل؛ راح دﻳﻔﻴﺪ ﺑﺮودر ﻣﻦ ﺻﺤﻴﻔﺔ واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ ﻳﺘﻐ ﱠﺰل ﰲ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻟﻘﺪ أﺑﺪى ﻛﺎﻣريون وﴍﻛﺎؤه ﰲ اﻻﺋﺘﻼف ﻣﺜﺎﺑَﺮ ًة ً ً ِ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﺤﺬﻳﺮات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻦ أن اﻟﺪواءَ اﻟﻘﻮيﱠ املﻔﺎﺟﺊ ﻗﺪ ﻳﻀﻊ ﺟﺮﻳﺌﺔ ،ﻣﺘﺠﺎﻫِ ﻠني ﺗﻌﺎﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ ،وﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﺒﻼد إﱃ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﻛﻮد«. ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ِ ﻓﻜﻴﻒ ﺳﺎرت اﻷﻣﻮر؟ ً ﱠ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﺻﺤﻴﺢ أن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻇﻠ ْﺖ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،إﻻ أن ﻧﻔﺲ اﻟﴚء ُ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺪﻳﻮن ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، ﺣﺪث ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة واﻟﻴﺎﺑﺎن ،اﻟﻠﺘني ﺗﺰﻳﺪ ﱡ َ ٍ ﻓﺒﺒﺴﺎﻃﺔ ﻳﺒﺪو أن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﺸﻌﺮون اﻟﺘﻘﺸﻒ؛ ﺗﺨﻮﺿﺎ ﺗﺤﻮ ًﱡﻻ ﺣﺎدٍّا ﻧﺤﻮ ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻟﻢ ٍ ٍ ﺑﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮ ٍة وﻋﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ. دوﻟﺔ ﻣﺘﻘﺪﱢﻣﺔ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ إزاء أيﱢ وﻣﺎذا ﻋﻦ ﺟﻨﻴﱠﺔ اﻟﺜﻘﺔ؟ ﻫﻞ أﺻﺒَﺢَ املﺴﺘﻬﻠﻜﻮن واﻟﴩﻛﺎت أﻛﺜ َﺮ ً ﺛﻘﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻮﱡل اﻧﺨﻔﻀ ْﺖ ُ ﱡ َ ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل إﱃ ﺛﻘﺔ اﻟﺘﻘﺸﻒ؟ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ، ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻧﺤﻮ ِ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻣﻨﺬ أﺳﻮأ ﻣﺮاﺣﻞ اﻷزﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ ،وﺗﺮاﺟﻌَ ْﺖ ُ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻜني دون املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻲ وﺻ َﻠ ْﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﰲ .٢٠٠٩-٢٠٠٨ ً ﻋﻤﻴﻖ .وﻛﻤﺎ َ ﻏﺎرﻗﺎ ﰲ ﻛﺴﺎدٍ أوﺿﺢَ ﻣﺮﻛ ُﺰ اﻷﺑﺤﺎث وﻧﺘَﺞَ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻗﺘﺼﺎ ٌد ﻟﻢ ﻳَ َﺰ ْل ٍ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ »املﻌﻬﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ« ﰲ ﻋﻤﻠﻴ ٍﺔ ﺣﺴﺎﺑﻴ ٍﺔ ﻣُﺬﻫِ ٍﻠﺔ، أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺳﺎءَ ﻓﻴﻬﺎ أداءُ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد ﻋﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻓﱰ ِة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري؛ وﻫﻲ أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻌﺎم اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻨﺬ ﺑﺪء اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،ﻛﺎن اﻟﻨﺎﺗﺞُ املﺤﲇ 214
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
ْ وﻟﻜﻦ ﻫﺬه املﺮة ﻻ ﻳﺰال اﻟﻨﺎﺗﺞُ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ ﻗﺪ ﻋﺎد إﱃ ذروﺗﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ري ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ ﰲ أواﺋﻞ ﻋﺎم .٢٠٠٨ اﻹﺟﻤﺎﱄ أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ وﰲ ِ أﻋﺘﺎب رﻛﻮ ٍد ﺟﺪﻳﺪٍ. وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﺗﺒﺪو ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﲆ ِ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ أن ﻳﺘﺼ ﱠﻮ َر أن ﻳﻜﻮن ﺛﻤﺔ دﻟﻴ ٌﻞ أﻗﻮى ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺧﻄﺄ أﻧﺼﺎر ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ أﻧﺎ أﻛﺘﺐ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎبَ ،ﻇ ﱠﻞ ﻛﺎﻣريون وأوزﺑﻮرن ُﴫﻳْﻦ ﻋﲆ ﻋﺪم ﺗﻐﻴري ﻣﺴﺎرﻫﻤﺎ. ﻣِ ﱠ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ْ ﺑﻮﺿ ِﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻫﻲ أن ﺑﻨﻚ إﻧﺠﻠﱰا — ﻧﻈري واﺻ َﻞ ﺑﺬْ َل ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﰲ ْ َ وﺳﻌِ ﻪ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ — ﻗﺪ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ﻋﲆ ذﻟﻚ؛ ﻷن ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻮات ﻟﻢ ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪة اﻟﺮﻛﻮد ،وﻫﻮ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺛﻨﺎءً ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ ،ﺑﻞ ﻃﺎ َﻟﺒ َْﺖ ً ِ أﻳﻀﺎ ﺑﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻛﺬﻟﻚ. ﺗﻜﺘﻒ ﺑﺎملﻄﺎﻟﺒﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻜﺴﺎد ﱡ ُ ْ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﰲ ْ وﺧﻔ ِﺾ اﻟﻌﺠﺰ — ﺣﺘﻰ ﰲ ﺧﻔ ِﺾ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ رﻏﺒﺔ أﻧﺼﺎر ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ً َ رﻏﺒﺔ ﺷﺪﻳﺪ َة ﻣﺤﺾ ﻋﻨﺎد؛ وأﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ أراﻫﺎ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎد — ﺑﻤﻜﺎن؛ ﻷن اﻟﻌﺠﺰ املﺴﺘﻤﺮ ﻳﻤﻜﻦ أن اﻟﺘﺪﻣري؛ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺘﻔﻬﱡ ﻤُﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ٍ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﴡ ﻋﲆ اﻟﻔﻬﻢ ٍّ ً ً ﺣﻘﺎ ﻓﻬﻮ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻳﺼﺒﺢ ُ ﺻﺪ ُ اﻟﻔﺎﺋﺪة .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻘﺪ ُ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ِﻣﺖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ دﻋَ ْﺖ ً ً إﱃ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ ﻣﺎﻳﻮ ،٢٠١٠وﻣﺎ ُ زﻟﺖ أراﻫﺎ دﻋﻮة ﻏﺮﻳﺒﺔ وﺗﺴﱰﻋﻲ اﻻﻧﺘﺒﺎه. ً ﻏﺎرﻗﺎ ﰲ ﻛﺴﺎدٍ ﻋﻤﻴﻖ ،وﻻ ﻳﻠﻮح ملﺎذا ﻧﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ٍ ﱡ ُ اﻟﺘﻔﺴريات املﻄﺮوﺣﺔ ﱠ ﺗﺘﻐري. اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ ﻻ ﺗﻨﻔ ﱡﻚ ﺧﻄ ٌﺮ ﻳُﺬ َﻛﺮ ﻣﻦ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،٢٠١٠ﻋﻨﺪﻣﺎ دﻋَ ْﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ إﱃ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر ﻧﺎﻗﻀ ْﺖ ﱡ َ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ؛ إذ أﻇﻬ َﺮ ْت ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺎﺋﺪة ،أﺗَ ْﺖ ﺑﻔﻌﻞ ﻏﺮﻳﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﱡ ﱡ اﻟﺘﻮﻗ ُ اﻟﺘﻀﺨﻢ وارﺗﻔﺎع ﻌﺎت — املﺴﺘﻨﺪة إﱃ ﻧﻤﺎذج املﻨﻈﻤﺔ — أﻧﻪ ﺛﻤﺔ اﺗﺠﺎ ٌه ﻻﻧﺨﻔﺎض ً ٍ ٍ ﺗﻔﺎؤﻻ ﰲ ﻗﺎدﻣﺔ ،إﻻ أن اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ — اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ أﻛﺜﺮ ﻟﺴﻨﻮات ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻻﺣﻘﺎ( — ﱠ ﻏري َْت رأﻳﻬﺎ ً ﱡ َ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ )ﺛﻢ ﱠ اﻟﺘﻀﺨﻢ .ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ اﻻرﺗﻔﺎع ﰲ ﺗﻮﻗﻌَ ْﺖ ﺿﻤﻨﻴٍّﺎ ﱠ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ً ً ﱠ وﻟﻜﻦ ﻣﻨﻈﻤﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺎﻳري اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻻ ﺗﺰال ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻀﺨﻢ 215
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﱠ ﱡ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ﻟﺘﱪﻳﺮ دَﻋْ ﻮﺗﻬﺎ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺗﻤﺴ َﻜ ْﺖ ﺑﺎﻻرﺗﻔﺎع ﰲ ﻣﻌﺪل إﱃ اﻟﺘﻀﻴﻴﻖ اﻟﻨﻘﺪي. ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻔﻌﲇ، وﺑﺤﻠﻮل رﺑﻴﻊ ،٢٠١١أدﱠى ارﺗﻔﺎ ٌع ﺣﺎ ﱞد ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ إﱃ ارﺗﻔﺎع واﺳﺘﺸﻬَ َﺪ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﺑﻬﺬا اﻻرﺗﻔﺎع ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة .ﻗﺪ ﻣﻌﻘﻮﻻ ،ﻟﻮﻻ ﺷﻴﺌﺎن؛ ً ً أوﻻ :ﻛﺎن واﺿﺤً ﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت أن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﺎن ﺣﺪﺛًﺎ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﱡ ً ﻋﺎرﺿﺎ ﻣﺪﻓﻮﻋً ﺎ ﺑﺎﻷﺣﺪاث ﺧﺎرج أوروﺑﺎ ،وأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﱡ ﺗﻐريٌ ﻳُﺬ َﻛﺮ ﰲ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻜﲇ ﺳﻴﻨﻌﻜﺲ ﻣﺴﺎره ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ ،وﻫﻮ وأن ارﺗﻔﺎ َع ﻣﻌﺪل ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻣﻦ اﻟﺤﻮادث اﻟﺸﻬرية ﻣﺒﺎ َﻟ ُ ﻐﺔ اﻟﺒﻨﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﰲ ر ﱢد ﻓﻌﻠﻪ إزاء اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻄﻔﻴﻒ ﱠ اﻟﺘﻀﺨﻢ املﺪﻓﻮع ﺑﺎﻟﺴﻠﻊ ﻋﺎم ٢٠٠٨؛ ﺣﻴﺚ َ ﱡ رﻓ َﻊ أﺳﻌﺎ َر املﺆﻗﺖ ﰲ اﻟﻌﺎملﻲ ﻋﲆ وﺷﻚِ اﻟﻮﻗﻮع ﰲ ﻫﺎوﻳﺔ اﻟﺮﻛﻮد .ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻦ ﻳﻘﻊ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﱡ اﻟﺒﻨﻚ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﺨﻄﺄ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات؟ ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻌَ َﻞ. ملﺎذا ﻳﺘﻌﺎﻣَ ُﻞ اﻟﺒﻨ ُﻚ املﺮﻛﺰي اﻷوروﺑﻲ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻹﴏار اﻟﻌﻨﻴﺪ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ — ﻋﲆ ﻣﺎ ٌ ﱡ ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻷﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﻨﺨﻔﻀﺔ ﻟﻴﺲ أﻇﻦ — ﻫﻲ أﻧﻪ ﰲ ﻋﺎ َﻟ ِﻢ املﺎل ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ً ﱡ ﱡ ُ ٍ ذرﻳﻌﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﺨﺎوف اﻟﺘﻀﺨﻢ ،ﻓﻘﺪ اﺗﱡﺨِ ﺬَ ْت ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻤﺨﺎوف ﻟﻬﺎ أيﱡ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻮﺟﻮد ﻟﺮؤﻳﺔ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺗﺮﺗﻔﻊ. وملﺎذا ﻳﺮﻏﺐ أﺣ ٌﺪ ﰲ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﱡ ُ ﻣﻨﻄﻘﻲ ري اﻟﺘﻀﺨﻢ؟ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ واﻧﺨﻔﺎض ﱟ ﺑﻌﺾ املﺤﺎوﻻت ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺗﻔﺴ ٍ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺗﺒﻌﺚ ﻋﲆ اﻻرﺗﺒﺎك ﰲ أﺣﺴﻦ اﻷﺣﻮال. ً ﻣﻘﺎﻻ ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻧﴩ راﺟﻮرام راﺟﺎن ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎلَ َ : ﻓﺎﻳﻨﺎﻧﺸﺎل ﺗﺎﻳﻤﺰ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﻋﲆ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ أن ﻳ ُِﻨﻬ َﻲ ﻋﴫَ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﺘﺪﻧﻴﺔ«، ﱡ وﺗﻀﺨﻢ أﺳﻌﺎر ﺣﺬﱠ َر ﻓﻴﻪ ﻣﻦ أن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﻨﺨﻔﻀﺔ ﻗﺪ ﺗﺆدﱢي إﱃ »زﻳﺎدة املﺨﺎﻃﺮة اﻷﺻﻮل« ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﺨﻮ ًﱡﻓﺎ ﻏﺮﻳﺒًﺎ ﻧﻈ ًﺮا ملﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺤﺎﴐة. وﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎل ﻛﺬﻟﻚ إن ﻫﺬه اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﺣ ﱡﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل زﻳﺎدة ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻄﻠﺐ — وﻫﻲ اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎ َو ْﻟﺘُﻬﺎ وﻓﻨ ﱠ ْﺪﺗُﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ آﻣﻞ ،ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ — َف ً وأرد َ ﻗﺎﺋﻼ: ُ َ وﻇﺎﺋﻒ ﻳﺸري إﱃ أن ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ﻫﻲ أن اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺤﺎﱄ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ ٍ ٍ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻟﺘﺤﺴني وﺿﻊ إﺻﻼﺣﺎت ﻫﻴﻜﻠﻴ ٍﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺘﺤَ ﺘﱠ ُﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ إﺟﺮاءُ 216
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮض؛ ﻓﺠﻮد ُة ﻗﻄﺎﻋﻬﺎ املﺎﱄ وﺑﻨﻴﺘُﻬﺎ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ ُ رأس ﻣﺎﻟﻬﺎ ٍ وﺻﻌﺐ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ .إذا ﻛﺎن ﺗﺤﺴني ﺟﺎ ﱟد ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺒﴩي ،ﻛ ﱡﻞ ذﻟﻚ ٍ ِ ﻫﺬا ﻫﻮ َ ﻧﺤﺎو َل إﻋﺎد َة أﻧﻤﺎط اﻟﻄﻠﺐ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻫﺪﻓﻨﺎ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ أن ِ َ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ أد ْ ِ ﱠت إﱃ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺳﺎﺋﺪ ًة ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﻮد إﱃ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻣﺘﱠ ِﺒﻌني وﻗﻮع اﻟﻜﺎرﺛﺔ. ﱠ ِ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺗﻤﺜﻴﻞ إن ﻓﻜﺮ َة ِ ِ ً ً ً ﻏﺮﻳﺒﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑَﺪ ْ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻛﺬﻟﻚ َمل ْﻦ َت ﻋﻘﺒﺔ أﻣﺎ َم اﻟﺘﻜﻴﱡﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺗﺒﺪو ﻓﻜﺮ ًة اﻟﻜﺎﻣﻞ ﱠ َ ﺷﺎﻫﺪوا ِﻣﻨﺎ ﺗﺨﺒﱡﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻴﻌﺎب اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري .ﻟﻘﺪ ﺗﺸﺎﺑَ َﻪ ﻣﻘﺎ ُل ِ راﺟﺎن إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺑﻌﻴ ٍﺪ ﻣﻊ ﻓﻘﺮ ٍة ﺳﻴﺌﺔ اﻟﺴﻤﻌﺔ ﻟﺠﻮزﻳﻒ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ،ﺣﺬﱠ َر ﻓﻴﻬﺎ ِﻣﻦ أيﱢ دون ﱡ ﺗﺤﻘ ِﻖ »ﻋﻤﻞ اﻟﻜﺴﺎد«ً ، ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻋﻼﺟﻴ ٍﺔ ﻗﺪ ﺗَﺤُ ﻮل َ ٍ ﻗﺎﺋﻼ: ﰲ »ﺟﻤﻴﻊ« اﻟﺤﺎﻻت — وﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﺤﺎﻟﺘني ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻓﺤﺴﺐ — ﺟﺎء اﻟﺘﻌﺎﰲ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ .ﻻ ﺷﻚ ﰲ ِﺻﺪ ِْق ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻗﻮى اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،إﻻ أن ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻛ ﱠﻞ ﳾء؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮدﻧﺎ اﻟﺘﺤﻠﻴ ُﻞ اﻟﺬي ُﻗﻤْ ﻨَﺎ ﺑﻪ إﱃ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﺘﻌﺎﰲ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺳﻠﻴﻤً ﺎ إﻻ إذا ﺟﺎء ﻣﻦ ٍ اﻧﺘﻌﺎﺷﺔ ﻣﺘﻮ ﱢﻟﺪ ٍة ﻋﻦ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻴﺔ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ؛ وذﻟﻚ ﻷن أيﱠ ﺗﻤﻨ ُﻊ إﺗﻤﺎ َم ﺟﺰءٍ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﻜﺴﺎد ،وﺗﻀﻴﻒ إﱃ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻻﺧﺘﻼل اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗُﺤَ ﱠﻞ ً ٍ ﺑﺄزﻣﺔ اﺧﺘﻼﻻ ﺟﺪﻳﺪًا ﻳﻠﺰم ﺗﺼﻔﻴﺘﻪ ﺑﺪوره؛ ﻣﺎ ﻳﻬ ﱢﺪ ُد اﻷﻋﻤﺎ َل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑﻌ ُﺪ أﺧﺮى ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ .وﺗﺤﺪﻳﺪًا ،ﺗﻘ ﱢﺪ ُم ﻗﺼﺘﻨﺎ »ﻗﺮﻳﻨﺔ« ﺿﺪ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﻌﻼﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﱢي ﻋﻤ َﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻘﻮد واﻻﺋﺘﻤﺎن؛ ﻓﺎملﺸﻜﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ »ﻻ« ﺗﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ واﻻﺋﺘﻤﺎن ،واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻳﺰﻳﺪ اﺣﺘﻤﺎ ُل إﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻋﲆ اﻻﺧﺘﻼل، ٍ ﻣﺸﻜﻼت إﺿﺎﻓﻴ ٍﺔ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ. واﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻴﻪ ،وﺗﻮﻟﻴﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ ﻛﻨﺖ أَدْرس اﻻﻗﺘﺼﺎدَ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻻدﱢﻋﺎءات ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ادﱢﻋﺎءات ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ ﺗُ َ ﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ املﺪرﺳﺔ »اﻟﺘﺼﻔﻮﻳﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﺗﺆ ﱢﻛﺪ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻋﲆ أن املﻌﺎﻧﺎة اﻟﺘﻲ ٌ وﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﻌﻞ أي ﳾء ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪﺗﻬﺎ .وﻗﺪ ﺗﺤﺪث ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻜﺴﺎد ﻣﻔﻴﺪ ٌة ُ ً َ دﺣﻀﺎ ﺣﺎﺳﻤً ﺎ؛ ﻓﺒﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻛﻴﻨﺰ ،ﺣﺎ َربَ اﻷﺣﺪاث دﺣﻀﺘْﻪ ﻟُ ﱢﻘﻨﱠﺎ أن ﻣﺬﻫﺐَ اﻟﺘﺼﻔﻮﻳﺔ ﻣﻴﻠﺘﻮن ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن ﻫﺬا اﻟﻨﻮ َع ﻣﻦ اﻟﻔِ ْﻜﺮ. 217
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠١٠ﻋﺎد ْ َت ﺣﺠﺞٌ ﻣﻦ املﺪرﺳﺔ اﻟﺘﺼﻔﻮﻳﺔ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺣﺠﺞ َ ُ اﻹﻋﻼن اﻷﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣً ﺎ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎت راﺟﺎن ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ )أو ﺣﺎﻳﻚ( إﱃ ﺑﺆرة اﻟﻀﻮء ،وﺗﻤﺜﱢﻞ ُ ﺳﻤﻌﺖ ﺣﺠﺠً ﺎ ﻣﻤﺎﺛ ًِﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺌﻮﻟني املﺎﻟﻴني، ﺑﺰوغ اﻟﺘﺼﻔﻮﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،إﻻ أﻧﻨﻲ وﻟﻢ ﺗُﻘﺪﱠم أيﱡ أدﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪة أو ﺗﱪﻳﺮات ﻣﺘﺄﻧﱢﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴري ﻋﻮدة ﻫﺬا املﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﺤﻴﺎة؛ ﻓﻤﺎ ﻣﺼﺪر ﺟﺎذﺑﻴﺘﻪ املﻔﺎﺟﺌﺔ؟ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺤ ﱠﻮ َل ﻫﻨﺎ إﱃ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺪواﻓﻊ؛ ملﺎذا َ ﱡ ﻻﻗﻰ ﻣﺬﻫﺐُ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻮل ﻟﺪى »اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺒﺎﻟﻐﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ«؟ ِ اﻷﺳﺒﺎب ﺗﺄﻣﱠ َﻞ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ — ﰲ ﻣﺴﺘﻬ ﱢﻞ ﺗﺤﻔﺘﻪ »اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻮﻇﻴﻒ واﻟﻔﺎﺋﺪة واملﺎل« أﺳﺒﺎب ﺳﻴﻄﺮة اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أﺑﺪًا أن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻋﺪ َم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﻠﺐ؛ —ﰲ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ْ ُ إن ﺳﻌَ ْﺖ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ — وﻫﻮ ﻣﺎ أﺷﺎ َر إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎدِ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﺨﻄﺊ »رﻳﻜﺎردو«؛ ﺗﻴﻤﱡ ﻨًﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي دﻳﻔﻴﺪ رﻳﻜﺎردو اﻟﺬي اﺷﺘﻬ َﺮ ﰲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ً وﻗﻮﻳﺔ ﻋﴩ — ﻋﲆ آراء املﻔ ﱢﻜﺮﻳﻦ املﺤﱰﻣني ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ .وﻣﺎ زا َﻟ ْﺖ ﺗﺄﻣﱡ ﻼﺗُﻪ ﻧﺎﻓﺬ ًة اﻵن ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ: ً ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻻﻧﺘﺼﺎ ُر اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﺮﻳﻜﺎردو ﻟﻐ ًﺰا ﻣﺜريًا ﻟﻠﻔﻀﻮل؛ ﻓﻼ ﺑﺪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﱡ ٍ ِ وأﻇﻦ اﻟﺘﻼؤﻣﺎت ﺑني ذﻟﻚ املﺬﻫﺐ واﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄ ﻓﻴﻬﺎ، ملﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺮ ﱠﻛﺒ ٍﺔ ﻣﻦ ﱠ ُ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻌﺎدي ﻳﺘﻮﻗﻌَ ﻪ أن وﺻﻮ َﻟﻪ إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن َ أﺿﺎف إﱃ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ .ﻛﻤﺎ أن ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ — ﻋﻨﺪ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴٍّﺎ َ ﻣﺘﻘﺸ ً ﱢ ٍ أﺿﻔ ْﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻃﺎﺑ َﻊ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ. ري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن، — ﻔﺔ وﻏريَ ﻣﺴﺘﺴﺎﻏﺔ ﰲ ﻛﺜ ٍ وﻗﺪ ﺗﺴﺒﺐ ﺗﻜﻴﻴﻒ ﻛﻼﻣﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺤﻤﻞ ً ِ وﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ، ﺑﻨﻴﺔ ﻓﻮﻗﻴﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ واﺳﻌﺔ ً ري اﻟﻜﺜري ﻣﻦ أوﺟُ ﻪ اﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﻣَ ﻨْﺤﻪ ﻣﻈﻬ ًﺮا ﺟﻤﻴﻼ .ﻛﻤﺎ أورﺛﺘْﻪ ﻗﺪرﺗُﻪ ﻋﲆ ﺗﻔﺴ ِ َث ﻻ َ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻘﺴﻮ ِة اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﺣﺪ ٌ ﻣﻔ ﱠﺮ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻣﺨﻄﻂ اﻟﺘﻘﺪﱡم ،وأن ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻐﻴري ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻣﻦ اﻷرﺟﺢ أن ﺗﴬﱠ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻨﻔﻊ؛ ً ٍ ﻗﺒﻮﻻ ﻟﺪى أي أﻫﻞ ﱡ اﻟﺴﻠﻄﺔ .أﻣﺎ إﺗﺎﺣَ ﺘُﻪ ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ اﻟﺘﱪﻳﺮ ﻟﻸﻧﺸﻄﺔ اﻟﺤﺮة ﻟﻸﻓﺮاد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴني، ﻓﺠﺬَﺑ َْﺖ إﻟﻴﻪ دﻋْ َﻢ اﻟﻘﻮة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ املﻬﻴﻤﻨﺔ وراء أﻫﻞ ﱡ اﻟﺴﻠﻄﺔ. 218
ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ أﻧﺼﺎر
ﱡ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ؛ إن اﻟﺠﺰء املﺘﻌ ﱢﻠﻖ ﺑﻜﻴﻒ أن املﺬﻫﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺬي ﻳﻄﺎﻟِﺐُ ﱪ ُر ﺑﺎﻟﺘﻘﺸﻒ ﻳ ﱢ ً أﻫﻞ ﱡ اﻟﺴﻠﻄﺔ؛ أﻳﻀﺎ اﻟﻈﻠ َﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻘﺴﻮ َة ﻋﲆ ﻧﻄﺎق أﺷﻤﻞ ،وﻛﻴﻒ ﻳﺤﺒﱢﺒﻪ ذﻟﻚ إﱃ ِ ٍ ري. ﻳﺒﺪو ﺳﻠﻴﻤً ﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ً رؤﻳﺔ ﻧﺎﻓﺬ ًة أﺧﺮى ﺟﺎء ﺑﻬﺎ أﺣ ُﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻳﱢﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻫﻮ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻀﻴﻒ ً ﻣﻘﺎﻻ ِ ﻣﻴﺨﺎل ﻛﺎﻟﻴﺘﺴﻜﻲ ،اﻟﺬي ﻛﺘَﺐَ ﻓﻄﻨًﺎ ﻋﺎم ١٩٤٣ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺬ ﱡرع ﺑﺤﺠﺔ »اﻟﺜﻘﺔ« ً ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻠﻌﻮدة إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻛﺒﺎر رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل؛ ﻓﻘﺪ أﺷﺎر إﱃ أﻧﻪ ﻣﺎ دﻣﻨﺎ ﻻ ﻧﺠﺪ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻌﺎد ِة ﺛﻘﺔ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى، ﻓﺈن ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﱡ ﻓﺈن ﺣﻖ اﻟﻔﻴﺘﻮ ﻋﲆ إﺟﺮاءات اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ؛ ِ اﻗﱰحَ أيﱡ إﺟﺮاءٍ ﻻ ﻳﺮوق ﻟﻬﻢ — ﻣﺜﻞ رﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ أو ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻔﺎوﺿﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎل — ُِ ُﻐﺮ ُق َ َ ٍ اﻷﻣﺔ ﰲ اﻟﻜﺴﺎد .وﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ ﺗﺤﺬﻳﺮات ﺑﺄن ﻫﺬا ﺳﻮف ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻓﺴﻴُﺼﺪِرون اﻟﺜﻘﺔ وﻳ ِ ُ ُ َ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ملﺤﺎ َرﺑ ِﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﻓﺴﺘﻨﺨﻔﺾ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻵﺧﺮ ،إذا ﻣﺎ اﺳﺘُﺨﺪِﻣَ ِﺖ ُ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﻤﺨﺎوف اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴني إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﴐورة ﺛﻘﺔ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل ﻓﺠﺄ ًة ،وﺗﻘ ﱡﻞ ري. ﻛﺒ ٍ ﱡ اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﺿﻴﻒ ﺳﻄ ًﺮا َ اﻟﺘﻘﺸﻒ آﺧﺮ ﻟﻠﺘﻔﺴري؛ إذا ﻧﻈﺮﺗﻢ إﱃ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه أﻧﺼﺎ ُر — أي ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺗﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ اﻟﻌﺠﺰ ً ﺗﺤﺎربُ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ،وﺳﻴﺎﺳﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ِ ﱡ ﺗﻀﺨ ٍﻢ وﺗﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺣﺘﻰ ﰲ ﻣﻮاﺟَ ِ ﻬﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﴬاو ٍة أدﻧﻰ ﺑﺎدر ِة — ﻓﺴﺘﺠﺪون أن ﻛ ﱠﻞ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺢَ اﻟﺪاﺋﻨني؛ أيْ إﻧﻪ ﻳﺤﺎﻓِ ُ ﻆ ﻋﲆ ﻣﺼﺎﻟﺢ املﻘﺮﺿني ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺼﺎﻟﺢ املﻘﱰﺿني ،أو ﻣَ ﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻟﻜﺴﺐ ﻋﻴﺸﻬﻢ .ﻓﺎملﻘﺮﺿﻮن َ وﻳﻌﺎرﺿﻮن أيﱠ إﺟﺮاءٍ اﻷوﻟﻮﻳﺔ اﻟﻘﺼﻮى، ﻮﱄ ﺳﺪا َد دﻳﻮﻧﻬﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت أن ﺗُ ِ ِ ﻧﻘﺪي ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳَﺤْ ﺮم اﻟﺒﻨﻮ َك ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﺪات ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ً ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ. ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،أو ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺗﺂ ُﻛﻞ ﻗﻴﻤﺔ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل وأﺧريًا ،ﺛﻤﺔ رﻏﺒﺔ داﺋﻤﺔ ﰲ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﱃ ﻣﴪﺣﻴﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ ،أو رواﻳﺔ َ َ اﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﻟﻠﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺨﻔﻴﻔﻪ .وﻳﺒﺪو اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﺴﺎ ُد ً ُ ُ ِ ﻧﻈﺮ وﺧﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة املﻨﺨﻔﻀﺔ »ﺧﻄﺄ« ﻻ رﻳﺐَ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﺎﻻﺳﺘﺪاﻧﺔ وﺟﻬﺔ ِ ً ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﺒﻨﻮك املﺮﻛﺰﻳﺔ وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ املﺴﺌﻮﻟني املﺎﻟﻴني، اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺷﻌﻮ ُرﻫﻢ ﺑﻘﻴﻤﺘﻬﻢ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﺑﻔﻜﺮ ِة ﻛﻮْﻧﻬﻢ اﻟﺒﺎﻟﻐني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺠﱢ ﻤﻮن ﱢ اﻟﺼﻐﺎر ﴪﻓني. ا ُمل ِ 219
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ أﻧﻪ ﰲ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺤﺎﱄ ،ﻻ ﻳﻜﻮن اﻹﴏا ُر ﻋﲆ اﺳﺘﻤﺮار املﻌﺎﻧﺎة ﻫﻮ ﺻﺒﻴﺎﻧﻲ )إذا ﺣﻜﻤﻨﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﺒﺪو اﻟﺘﴫﱡف اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻟﻨﺎﺿﺞ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﻠﻮ ٌك ﱞ ﻋﻠﻴﻪ وﻟﻴﺲ ﺑﻤﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ( وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺪﻣﱢ ﺮ. ﻧﻐري املﺴﺎ َر؟ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﺬا إذَ ْن ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﺤﺪﻳﺪًا؟ وﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﱢ َ ﻣﻮﺿﻮ َع ﻣﺎ ﱠ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
220
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ
ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟
ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮب اﻟﺒﺎرزة ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺬي ﻧﺤﻴﺎ ﻓﻴﻪ َ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﺸﻠُﻪ ﰲ ِ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ،وﺗﻮزﻳﻌﻪ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ وﻏري اﻟﻌﺎدل ﻟﻠﺜﺮوة واﻟﺪﺧﻞ. ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻛﻴﻨﺰ ،اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻮﻇﻴﻒ واﻟﻔﺎﺋﺪة واملﺎل ْ اﻟﻮﺿ ُﻊ اﻟﻴﻮ َم ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٣٦؛ ﻓﺤﺎﻟﻴٍّﺎ — ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن وﻗﺘﺌ ٍﺬ — ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻳﻤﺎ ِﺛ ُﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌُ ﻨﺎ ﻣﺄﺳﺎ َة اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺣﺎﻟﻴٍّﺎ — ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن وﻗﺘﺌ ٍﺬ — ﱢ ﻳﻌﱪ اﻧﻌﺪا ُم ُﻓ َﺮ ِص ٍ ٍ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﰲ »أوﻗﺎت اﻟﺮﺧﺎء«. ﺑﺪرﺟﺔ ﻓﺸﻞ ﻧﻈﺎ ٍم اﺗﱠ َﺴ َﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎوت واﻟﻈﻠﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻦ ِ ُ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻣﺼﺪ ًرا ﻟﻠﻴﺄس أم اﻷﻣﻞ؟ أﻋﺘﻘِ ُﺪ ﻣﺮورﻧﺎ ﺑﻜ ﱢﻞ ﻫﺬا ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﻞ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ِ ِ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ﰲ ﺣﺪوث أﻧﻬﺎ ﻣَ ﺪﻋﺎ ٌة ﻟﻸﻣﻞ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ﻗﺪ ﻋﺎ َﻟﺠْ ﻨﺎ ري .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻋﺪ ُم ﺑﻘﺎء ذﻟﻚ اﻟﻌﻼج اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،ﻛﻤﺎ ﺑَﻨَﻴْﻨﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌً ﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﺴﺎوا ًة ﺑﻜﺜ ٍ ِ ﺑﻘﻌﺔ إﱃ اﻷﺑﺪ ﻣﺪﻋﺎ ًة ﻟﻠﺮﺛﺎء ،إﻻ أن ﻫﺬه ﻫﻲ ُﺳﻨ ﱠ ُﺔ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﻼ ﳾء ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻸﺑﺪ )ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻨﺒﻴﺬ اﻷﺣﻤﺮ ﻋﲆ اﻷرﻳﻜﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء( .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻨﺎ ﺷﻬﺪﻧﺎ ﺟﻴ َﻠ ْني ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ ُﻓ َﺮ ِص ِ واملﺴﺘﻮﻳﺎت املﻘﺒﻮﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎو ُِت ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؛ ري، اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﱢ ﻧﺤﻘ َﻖ ذﻟﻚ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى. ً ً َ ﻻ رﻳﺐ ﱠ ﺻﻌﺒﺔ ،وﺳﺘﻜﻮن ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻀﻴﻴﻖ اﻟﻔﺠﻮة ﺑني اﻟﺪﺧﻮل ﺳﺘﻜﻮن أن ﻣﴩوﻋً ﺎ ﻃﻮﻳ َﻞ اﻷﺟﻞ .ﺻﺤﻴﺢٌ أﻧﻪ ﰲ املﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ُﺧ ﱢﻔ َﻀ ْﺖ ﻧ َِﺴﺐُ اﻟﺘﻔﺎوت ﰲ اﻟﺪﺧﻞ ٍ ِ ﻟﺴﻨﻮات اﻟﺤﺮب ،وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﺑﴪﻋﺔ ﻛﺒريةٍ ،ﰲ اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ ُﺳﻤﱢ ﻴﺖ »اﻟﺘﻘ ﱡﻠﺺ اﻟﻜﺒري« ﻟﺴﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﺸﺎرف اﻗﺘﺼﺎدِ اﻟﺤﺮب ﺑﻤﺎ ﻳﺼﺤﺒﻪ ﻣﻦ ﺿﻮاﺑﻂ — أو ﻫﺬا ﻣﺎ آﻣﻠﻪ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ — ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻏري اﻟﻮاﻗﻌﻲ أن ﱠ ﻧﺘﻮﻗ َﻊ ٍّ ﺣﻼ ﴎﻳﻌً ﺎ.
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
إﻻ أن ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﺑﺎملﺸﻜﻠﺔ املﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺒﺤﺘﺔ، ً ً ﻛﻤﺎ أن ﻋﻼﺟﻬﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰم زﻣﻨﺎ ﻃﻮﻳﻼ؛ ﻓﻔﻴﻤﺎ ﺑني ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩٣٩و — ١٩٤١أيْ ﻗﺒﻞ ٌ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﻬﺠﻮم ﻋﲆ ﺑريل ﻫﺎرﺑﻮر ودﺧﻮل اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﺤﺮب ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ — ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ارﺗﻔﺎع ﻳﺼﻞ إﱃ ٧ﰲ املﺎﺋﺔ ﰲ إﺟﻤﺎﱄ ﻋﺪد اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ املﺘﺎﺣﺔ ﰲ ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ ٍ َ إﺿﺎﻓﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﴩة ﻣﻼﻳني وﻇﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ. اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ أيْ ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ٌ ﻗﺪ ﺗﻘﻮﻟﻮن إن ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠِﻒ ،ﱠ ﻟﻜﻦ إﺣﺪى اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻲ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺨﺘﻠ ًِﻔﺎ ،وأﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐٌ وﺟﻴ ٌﻪ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﺮار ﻫﺬا اﻹﻧﺠﺎز ﻓﻘﻂ ﻟﻮ أﻧﻨﺎ َ ﺗﻮاﻓ َﺮ ﺳﻤﻌﺖ أﺣﺪًا ﻳﺘﺤﺪ ُ َ ﱠث ﻋﲆ أﺣ ِﺪ ﻟﻨﺎ اﻟﻮﺿﻮحُ اﻟﻔﻜﺮي واﻹراد ُة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺎن؛ ﻓﻜﻠﻤﺎ ُ ٌ ٍ ﺑﺈﺻﻼﺣﺎت ﻋﲆ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣ ﱡﻠﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﱪاﻣﺞ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻣُﻌ ِﻠﻨًﺎ أﻧﻨﺎ ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ ﱡ ﻳﻈﻦ أﻧﻪ ﻳﺒﺪو ﺣﻜﻴﻤً ﺎ، املﺪى اﻟﻘﺼري ،ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﺮف أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻗﺪ ٍ ﺑﴪﻋﺔ ﻛﺒريةٍ. ﻗﺎس وأﺣﻤﻖ .ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻳﻤﻜﻦ — وﻳﺠﺐ — أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ٍ َ ﺑﺤﻠﻮل ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ — إذا َ ﻗﺮأت ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ أوﻟﻪ — ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ٌ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ إﻧﻬﺎء اﻟﻜﺴﺎد .ﰲ ﻗﺪ ﺗﻜ ﱠﻮﻧ َ ْﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﻓﻜﺮ ٌة َ ﱢ ٍ ﺑﴫاﺣﺔ أﻛﱪَ ،إﻻ أﻧﻨﻲ ﻗﺒﻞ أن أﺻﻞ إﱃ ﻫﺬه اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺳﺄوﺿﺢ ﻫﺬه ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ، اﻟﻨﻘﻄﺔ ،اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن ﱠ ً أﺗﻮﻗ َ ﻟﺤﻈﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣ ُِﻞ ﻣﻊ اﻻدﱢﻋﺎءات اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻒ َ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. »ﻟﻴﺴ ْ َ ﺖ« ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام اﻷﻣﻮر أﻛﺘﺐُ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﰲ ﻓﱪاﻳﺮ ،٢٠١٢ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ٍ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻋﻦ وﻗﺖ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻄﻮﻳﻞ ﻋﲆ إﺻﺪار ٍ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻋﲆ ﻣﺪار اﻷﺷﻬﺮ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔَ ، ﺑﻠﻐﺘْﻨﺎ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺟﺎءَ أﻓﻀ َﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻷﻧﺒﺎء املﺸﺠﱢ ﻌﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﻇﺎﺋﻒ؛ ُ ٍ ﻓﻔ َﺮ ُ ﺑﺜﺒﺎت ،وﻣﻌﺪﱠﻻت ص اﻟﻌﻤﻞ ﺗﺘﺰاﻳَ ُﺪ ٌ ُ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،واﻟﺘﻔﺎؤل ﰲ واﻟﻄﻠﺒﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﺄﻣني ﺿﺪ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻧﺨﻔﺎض، اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ املﺴﺠﱠ ﻠﺔ ﰲ ٍ ازدﻳﺎد. َ وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻗﻮى اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﻗﺪ ﺑﺪأ ْت ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،ﺣﺘﻰ ﺟﻮن ﻣﻴﻨﺎرد ﻧﻔﺴﻪ رأى ﱠ ﻛﻴﻨﺰ ُ أن ُﻗﻮَى اﻟﺘﻌﺎﰲ ﺗﻠﻚ ﻣﻮﺟﻮدة ،وأﻧﻪ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺒﺪأ »اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل واﻟ ِﺒ َﲆ واﻹﻫﻼك« ﰲ اﺳﺘﻨﻔﺎدِ املﺨﺰون اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻦ املﺒﺎﻧﻲ واﻵﻻت ،ﻣ ِ ُﻔﻀﻴًﺎ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف إﱃ ُ ِ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﰲ. اﻟﴩﻛﺎت إﱃ اﻟﺒﺪء ﰲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ »ﻧﺪرةِ« رأس املﺎل؛ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ 222
ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟
ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻀﻴﻒ أن ﻋﺐءَ ﻣﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﻗﻄﺎع اﻷ ُ َﴎ آﺧِ ﺬٌ ﰲ اﻻﻧﺨﻔﺎض ً أﻳﻀﺎ ،ﻣﻊ ﺗﻤ ﱡﻜﻦ ُ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ دﻳﻮن أﺧﺮى ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ .إذَ ْن ،ﻫﻞ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﻌﺾ اﻷ ُ َﴎ ﻣﻦ ﺳﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ ،وإﺳﻘﺎط ٍ اﻟﺘﺤ ﱡﺮك؟ ﻻ ،ﻟﻢ ﺗﻨﺘَ ِﻪ. ٌ أﺷﺨﺎص ُﻛﺜ ُ ٌﺮ أن ﻛ ﱠﻞ ﳾء أﺻﺒﺢ ﻓﻤﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ ،ﻫﺬه ﻫﻲ املﺮة »اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻠﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد؛ ﺑﻌﺪ »اﻟﱪاﻋﻢ اﻟﺨﴬاء« اﻟﺘﻲ أﺷﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٩و»ﺻﻴﻒ اﻟﺘﻌﺎﰲ« اﻟﺬي ﺷﻬ َﺪﺗْﻪ إدار ُة أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠١٠ﺻﺎر ﻳَﻠﺰﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﱢ َ إﻋﻼن اﻟﻨﴫ. املﺒﴩة ﻗﺒﻞ أن ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أﻣﺎ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ٍّ ﺣﻘﺎ أن ﻧﻔﻬﻤﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺪى ﻋُ ﻤْ ﻖ اﻟﺤﻔﺮة اﻟﺘﻲ ﺳﻘ ْ ﻄﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻣﺪى ﺿﺂﻟﺔ اﻟﺼﻌﻮد اﻟﺬي ﱠ ﱠ ً ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ واﺣﺪًا ملﻮﺿﻌﻨﺎ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ؛ وﻫﻮ ﻣﺆﺧ ًﺮا .اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﻗ ﱢﺪ َم ﺣﻘ ْﻘﻨﺎه ﱠ املﻮﺿﺤﺔ ﰲ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎﱄ .ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬا ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻟﻐني ﰲ أوج ﺳﻦ اﻟﻌﻤﻞ، أن ُ اﻟﻘﻴﺎس ،ﻻ أﻗﺼﺪ ﱠ ﺗﻮاﻓ َﺮ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻴني اﻷﻛﱪ واﻷﺻﻐﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌُ ﻤْ ﺮ ﻏريُ ُ اﺧﱰت ﻣﺆﴍًا ﻣﻦ ﻣﺆﴍات ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ ﻻ ﻳﺘﺄﺛ ﱠ ُﺮ ﺑﺎﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﻣﻬﻢﱟ؛ ﻓﻜ ﱡﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ أﻧﻨﻲ ﱢ ﱢ املﺆﴍ ﻋﲆ املﺘﻐرية ﻣﺜﻞ ﺷﻴﺨﻮﺧﺔ اﻟﺴﻜﺎن ،ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﺰﻣﻦ .ﻳﺪل ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺴﻦ ﺧﻼل اﻷﺷﻬﺮ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳَﺒني ﻣﻘﺎ َر ً ﱡ ﻧﺔ ﺑﺎﻻﻧﻬﻴﺎر ﺣﺪوث ﺑﻌﺾ اﻟﺬي َ وﻗ َﻊ ﰲ ﻋﺎﻣَ ْﻲ ٢٠٠٨و.٢٠٠٩ وﺣﺘﻰ إذا اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ِت اﻷﺧﺒﺎ ُر اﻷﺧرية اﻟﺴﺎ ﱠرة ﻋﲆ ذﻟﻚ املﻨﻮال ،ﻓ َﻜ ْﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﺘﺴﺘﻐﺮق ً ِ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ؟ ﺳﺘﺴﺘﻐﺮق وﻗﺘًﺎ اﺳﺘﻌﺎد ُة ﻃﻮﻳﻼ ﺟﺪٍّا .ﻟﻢ أ َر أيﱠ ٍ ﻣﻌﻘﻮل ﺗَ ﱠ ﻮﻗ َﻊ اﺳﺘﻌﺎد َة اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ ﻏﻀﻮن أﻗﻞ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ،وﻋﲆ ٍ َ اﻷرﺟﺢ ﺳﻴﻜﻮن ﺳﺒ ُﻊ ﺳﻨﻮات ﻫﻮ اﻟﺮﻗ َﻢ اﻷدَق. ﻫﺬا اﺣﺘﻤﺎل ﻣﺨﻴﻒ؛ ﻓﻜ ﱠﻞ ﺷﻬﺮ ﻳﻤﴤ ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻳَﻠﺤﻖ ﴐ ٌر ﻣﺴﺘﻤ ﱞﺮ وﺗﺮاﻛﻤﻲ ﺑﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ؛ ﴐ ٌر ﻻ ﻳُﻘﺎس ﺑﻤﻌﺎﻧﺎ ٍة ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﱞ َ ً ﻣﻀﻤﺤِ ﱟﻞ أﻳﻀﺎ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻟﺘﴪﻳﻊ وﺗرية اﻟﺘﻌﺎﰲ — وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﺘﺎح — ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔﻌﻠﻪ. ﱠ وﻟﻜﻦ وﻟﻜﻨﻜﻢ ﺳﺘﻘﻮﻟﻮن ﱄ :وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؟ إﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، َ ً ﺗﺨ ﱢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺼﻮﱠر اﻟﻜﺜريون .ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ أرﻳ ُﺪ أن أُﻧَﺤﱢ ﻲ ﻄﻴﻬﺎ ﻟﻴﺲ َ َ ِ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت أن ﺗُﺤﺪِث ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ املﺠﺎﻻت ﺟﺎﻧﺒًﺎ ،وأﺗﻨﺎ َو ُل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ً ﻓﺮﻗﺎ ﻛﺒريًا ،ﺑﺪءًا ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ. 223
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻟﻐني ﰲ أوج ﱢ ﺳﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻧﺴﺒﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻦ ﺳﻦ ٢٥ﺣﺘﻰ ٥٤ﺳﻨﺔ
٨١ ٨٠ ٧٩ ٧٨ ٧٧ ٧٦ ٧٥ ٧٤ ٧٣ ٢٠١١
٢٠١٠
٢٠٠٩
٢٠٠٨
٢٠٠٧
٢٠٠٦
٢٠٠٥
٢٠٠٤
٢٠٠٣
٢٠٠٢
وﺿ ِﻊ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﱠ ﻟﺘﺤﺴ ِﻦ ْ ﱡ ﻣﺆﺧ ًﺮا ،ﻏري أﻧﻨﺎ ﻣﺎ زﻟﻨﺎ واﻗﻌني ﰲ أﻋﻤﺎق اﻟﻬ ﱠﻮ ِة )املﺼﺪر: ﻻﺣَ ْﺖ ﺑﻮادِ ُر ﻣﻜﺘﺐ إﺣﺼﺎءات اﻟﻌﻤﻞ(.
ً أَﻧﻔِ ِﻖ َ ﻻﺣﻘﺎ اﻵن وﺳ ﱢﺪ ْد ﻣﺎ زال ْ ٍ ٍ ﻋﺎﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ٢٠٠٨؛ ﻓﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﺑﺼﻔﺔ وﺿ ُﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻹﻧﻔﺎق ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻛﺎﻣﻞ ﻗﺪرﺗﻨﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻏري ﻣﺴﺘﻌِ ﱟﺪ ِ املﻼﻳني ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻌﺜﺮوا ﻋﲆ ُ ِ إﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ اﻟﻘﻄﺎ ُع املﺒﺎﴍ ﻟﺴ ﱢﺪ ﻫﺬه اﻟﻔﺠﻮة ﻫﻮ وﻇﺎﺋﻒ .اﻟﻄﺮﻳﻖ ﱡ اﻟﺨﺎص ﰲ اﻹﻧﻔﺎق. اﻗﱰاح ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ: ﺛﻤﺔ ﺛﻼﺛﺔ اﻋﱰاﺿﺎت ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻋﲆ أيﱢ ٍ ُ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ أن اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺗُﺠﺪِي ﻧﻔﻌً ﺎ. ) (١أﺛﺒﺘَ ِﺖ َ ) (٢زﻳﺎد ُة اﻟﻌﺠﺰ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻘﻮ َ اﻟﺜﻘﺔ. ﱢض ٌ ٌ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺟﺪﻳﺮ ٌة ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻣﴩوﻋﺎت ) (٣ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﺎﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن ﱢ ﺺ ﻣﻦ ﺟﺪﻳ ٍﺪ اﻟﺤﺠﺞَ أﻟﺨ َ ﻟﻘﺪ ﺗﻨﺎو ْﻟ ُﺖ أو َل اﻋﱰاﺿني اﻟﺘﻲ ُﺳ ْﻘﺘُﻬﺎ ،ﻗﺒﻞ أن أﻧﺘﻘِ َﻞ إﱃ اﻻﻋﱰاض اﻟﺜﺎﻟﺚ. 224
ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟
ُ ﴍﺣﺖ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ،ﻓﺈن ﺗﺪاﺑريَ اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ اﻟﺘﻲ اﺗﱠ َﺨﺬَﻫﺎ أوﺑﺎﻣﺎ ﻟﻢ ﻛﻤﺎ ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻟﻢ ﺗَ ْﺮ َق إﱃ املﺴﺘﻮى املﻄﻠﻮب ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻻﻧﺴﺤﺎب اﻟﻀﺨﻢ ﺗﻔﺸﻞ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻠﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺣﻴﱢ َﺰ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ. ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ ً ُ ﻓﻌﻼ. ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻣﻮﺿ َﻊ ﺗﻨﺒ ٍﱡﺆ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﺗﻮاﺻ ُﻞ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ِ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﺘﻨﺎﻣﻲ اﻟﴪﻳﻊ ﰲ ﻣﺘﻦ اﻷﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول آﺛﺎ َر ﱡ ﺗﻐري اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻋﲆ اﻟﻨﺎﺗﺞ واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،وﻫﻲ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﺘﻲ ِ ﺗﻌﺘﻤ ُﺪ ﻋﲆ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ »اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ« — ﻣﺜﻞ اﻟﺤﺮوب واﻟﺘﻌﺰﻳﺰات اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ — َ ﺑﻐﻴﺔ اﻟﺘﻌ ﱡﺮ ِ ف ﻋﲆ اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﻜﱪى ﰲ وﻛﺬﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺪراﺳﺔ املﺘﺄﻧﱢﻴ ِﺔ ﻟﻠﺴﻮاﺑﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ .ﱢ ﻳﻠﺨﺺ ﺗﺬﻳﻴ ُﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب َ ﺑﻌﺾ اﻹﺳﻬﺎﻣﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻬﺬا املﻴﺪان ُ وإﺟﻤﺎع — ﻫﻮ أن اﻟﺘﻐﻴريات ﰲ اﻹﻧﻔﺎق وﺿﻮح اﻷﺑﺤﺎث — ﰲ اﻟﺒﺤﺜﻲ؛ ﻓﻤﺎ ﺗﺸري إﻟﻴﻪ ﻫﺬه ٍ ٍ واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻻﺗﺠﺎه؛ ﻓﻜﻠﻤﺎ زاد اﻹﻧﻔﺎقَ ، َ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺗﺤ ﱢﺮك اﻟﻨﺎﺗﺞَ ارﺗﻔ َﻊ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ َ اﻧﺨﻔ َﺾ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ وﻣﻌﺪل اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ؛ وﻛﻠﻤﺎ ﻗ ﱠﻞ اﻹﻧﻔﺎق، اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ وﻣﻌﺪل اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ. ُ ﴍﺣﺖ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ،ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﺳﺒﺐٌ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺔ؟ ﻛﻤﺎ إن ﻛﺎن ﻛﺒريًا — أن ﻳﻘﻮ َ ﻟﻠﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ — ﺣﺘﻰ ْ ﱢض اﺳﺘﻌﺪا َد املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻟﴩاء اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﺳﻮق اﻟﺴﻨﺪات ﻋﻨﺪ ﱡ ُ ﺗﻮﻗ ِﻊ ﺗﺴﺎ ُر ِع وﺗري ِة اﻟﻨﻤﻮ. اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻗﺪ ﺗﺮﺗﻔِ ُﻊ وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﻮاﻗ ُﻊ أن َ إن ﺣﺪ َ ﺛﻘﺔ املﺴﺘﻬﻠﻜني واﻟﴩﻛﺎت ﺳﻮف ﺗﺰﻳﺪ ْ َث ﺗﺤ ﱡﻮ ٌل ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻧﺤﻮ ﺗﻨﺸﻴﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ. ً أﻣﺎ اﻻﻋﱰاض اﻷﺧري ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻹﻧﻔﺎق إﻟﻴﻪ ،ﻓﺄﻛﺜﺮ وﺟﺎﻫﺔ .ﻛﺎن اﻻﻓﺘﻘﺎر ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺧﻄ ُ ﻂ ﻗﻠﻖ ﱟ املﻠﺤﻮظ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺠﻴﺪة »اﻟﺠﺎﻫﺰة ﻟﻠﻌﻤﻞ« ﻣﺼﺪ َر ٍ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻷوﱃ ﻷوﺑﺎﻣﺎ ﰲ ﻃﻮر اﻹﻋﺪاد ،إﻻ أﻧﻨﻲ أو ﱡد أن أؤ ﱢﻛ َﺪ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﰲ ذﻟﻚ ً ﻗﻮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺨﻴﱠ َﻞ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ املﺴﺌﻮﻟني ،وﻋﻨﺪ اﻟﺤني ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻘﻴﻮ ُد املﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق ُ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ زﻳﺎدة ﻛﺒرية ﻣﺆﻗﺘﺔ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق .ملﺎذا؟ ﻷﻧﻨﺎ ﱡ ً اﻟﺘﻘﺸﻔﻴﺔ املﺪﻣﱢ ﺮة اﻟﺘﻲ دﻓﻌﺔ ﻛﺒري ًة ﺑﻤﺠﺮد إﻟﻐﺎء اﻟﺘﺪاﺑري ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﻄﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﻗﺪ َ ُ ُ ﻓﺮﺿﺘْﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﱡ اﻟﺘﻘﺸ َ ُ ﻒ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﺟﺪٍّا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔ ﱢﻜ ُﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ذﻛﺮت ﻫﺬا ﻟﻘﺪ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري ملﺴﺎﻋﺪة اﻗﺘﺼﺎدﻧﺎ؛ ﻓﻌﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،ﻳﺘﻮﺟﱠ ﺐُ 225
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ُ ِ ِ ﻣﻮازﻧﺔ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎﺗﻬﺎ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﺘﻮﺟﱠ ﺐُ واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻋﲆ ُ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق أو زﻳﺎد ُة اﻟﴬاﺋﺐ — أو ﻛﻼﻫﻤﺎ — ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻴﺒﻬﺎ اﻟﺮﻛﻮد .وﻗﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ُ ِ ﺑﻬﺪف املﺴﺎﻋﺪة ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﻗﺪ ًرا ﻛﺒريًا ﻣﻦ املﻌﻮﻧﺎت ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت ﺗﻀﻤﱠ ﻨ َ ْﺖ ﺗﺪاﺑريُ أوﺑﺎﻣﺎ ً ﺗﺠﻨ ﱡ ِﺐ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات املﺴﺒﱢﺒﺔ ﻟﻠﻜﺴﺎد ،إﻻ أن املﺒﺎﻟ َِﻎ ا ُمل َﺨ ﱠ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺼﺼﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﱢ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﱃ ،وﻧﻔﺪ ْ ﻳﻮﺿﺤﻪ ري، َت ﴎﻳﻌً ﺎ؛ وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ ﺣﺪوث ﺗﺮاﺟُ ٍﻊ ﻛﺒ ٍ اﻟﺸﻜ ُﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،اﻟﺬي ﱢ ِ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ .ﰲ ﻳﻮﺿﺢ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ،ﺗﺮاﺟَ َﻊ ﻋﺪ ُد اﻟﻌﻤﺎل ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﺄﻋﺪادٍ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴﻤﺔ، ُ اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ املﻔﻘﻮدة ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. وﺗﺮ ﱠﻛ َﺰ ِت ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ
آﻻف اﻟﻌﻤﱠ ﺎل
×١٠ ٢١٠ ٢٠٥ ٢٠٠ ١٩٥ ١٩٠ ١٨٥ ١٨٠ ١٧٥ ١٧٠ ١٦٥
٢
٢٠١١
٢٠١٠
٢٠٠٩
٢٠٠٨
٢٠٠٧
٢٠٠٦
٢٠٠٥
٢٠٠٤
٢٠٠٣
٢٠٠٢
٢٠٠١
ُ ﺷﻬﺪ ْ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﺮاﺟُ ﻌً ﺎ ﺣﺎدٍّا ،ﰲ ٍ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﻴﻪ َت أن ﺗﻨﻤﻮ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ اﻟﻨﻤ ﱢﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ؛ ﻣﺎ أﻓﴣ إﱃ ﻋﺠﺰ ﻳُﻘﺪﱠر ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎﻣﻞ ،ﻛﺜريٌ ٍ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻲ املﺪارس )املﺼﺪر :ﻣﻜﺘﺐ إﺣﺼﺎءات اﻟﻌﻤﻞ(.
ُ ﻟﻨﺴﺄل اﻵن ،ﻣﺎذا ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗُ َ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﺠﱪ ﱡ ﻟﺘﴪح ﻛ ﱠﻞ ﻫﺆﻻء املﻌﻠﻤني .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ، اﻟﺘﻘﺸﻒ؟ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﲆ اﻟﻠﺠﻮء إﱃ ﱢ 226
ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟
ْ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﱠﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﻨﻤﻮ ،ﻻ ﻟﴚءٍ ﺳﻮى ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻌﺪد املﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن. ﻳﺸري اﻟﺨ ﱡ ﻂ املﺘﻘ ﱢ ﻄﻊ إﱃ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺪث ملﻌﺪﻻت اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ْت ﰲ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ ﻧﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎن؛ أيْ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ١ﰲ ُ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻗﺪﱠﻣَ ْﺖ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﻘﺮﻳﺒﻴﺔ إﱃ أﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ املﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .ﺗﺸري ﻫﺬه ﺗﻠﻚ املﻌﻮﻧﺎت ،رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ املﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻮ ﱢ ﻇﻒ ﻧﺤﻮ ١٫٣ﻣﻠﻴﻮن ِ ﻋﺎﻣ ٍﻞ زﻳﺎد ًة ﻋﲆ ﻣَ ﻦ ﺗﻮ ﱢ ﻇﻔﻬﻢ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ .ﻛﻤﺎ ﻳﺸري ﺗﺤﻠﻴ ٌﻞ ﻣﻤﺎ ِﺛ ٌﻞ ﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹﻧﻔﺎق إﱃ أﻧﻪ ﻟﻮﻻ اﻟﻘﻴﻮ ُد اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ُﻓ ِﺮ َ ُ ُ واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﺗﻨﻔﻖ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺿﺖ ﻋﲆ املﻴﺰاﻧﻴﺔَ ،ﻟﻜﺎﻧ َ ْﺖ ﺣﻮاﱄ ٣٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻨﻔﻘﻪ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ. ٍ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻣﺎﱄ ﱟ ﻗﺪره ٣٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻓﻬﻜﺬا ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻓري ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺈﻟﻐﺎء املﺴﺎﻋﺪات اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ آﺛﺎر ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣَ ْﺖ ﺑﻬﺎ ﰲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧرية؛ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺨﻠﻖ أﻛﺜ َﺮ ِ ﻋﻤﻞ ﻣﺒﺎﴍة ،وﺣﻮاﱄ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳني ﻓﺮﺻﺔ أﺧﺮى إذا أﺧﺬﻧﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻓﺮﺻﺔ ٍ ﺑﴪﻋﺔ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪ ُ ٍ ﱠث ﻋﻦ إﻟﻐﺎءِ اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت ﻻ اﻵﺛﺎ َر ﻏري املﺒﺎﴍة .وﻳﻤﻜﻦ ﻟﺬﻟﻚ أن ﻳﺘ ﱠﻢ ﻋﻦ ﺑ ْﺪءِ ﻣﴩوﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪة. ﻣﴩوﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪ ٍة ً ٍ أﻳﻀﺎ؛ وﻻ ﻳﺘﺤﺘﱠ ُﻢ أن ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺒﺪءُ ﰲ ً ُ ِ ٍ ٍ اﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻟﴪﻋﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻗﻄﺎرات ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﻣﺜﻞ إﻧﺸﺎء املﴩوﻋﺎت ً ﻋﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﰲ اﻟﻄﺮق وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ وﺷﺒﻜﺎت املﻴﺎه وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﻛﺎن ﱡ ُ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺎد اﻟﺘﻘﺸ ِﻒ اﻟﻘﴪي ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ آﺛﺎر أﺣ َﺪ ِ ﺗﺄﺟﻴﻞ ﺑﻌﺾ املﴩوﻋﺎت أو إﻟﻐﺎﺋﻬﺎ، ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ،اﻟﺬي ﺗﻤﺜ ﱠ َﻞ ﰲ ﺻﻮر ِة ِ وﺗﺄﺟﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ،ﻳُﻔﱰَض أن ﻳﺼري ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن إﺣﺪاث زﻳﺎدة ﻛﺒرية ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﻤﺠﺮد إﻋﺎدة ﺗﺸﻐﻴﻞ ﺟﻤﻴﻊ املﴩوﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ أُﺟﱢ َﻠﺖ أو أُﻟﻐِ ﻴَﺖ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ. وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ اﺣﺘﺎﺟَ ْﺖ ُ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه املﴩوﻋﺎت َ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻠﺘﺤ ﱡﺮك ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﻗﺪ ﺗﻌﺎﰱ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻗﺒﻞ اﻧﺘﻬﺎﺋﻬﺎ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺬا ﻫﻲ :وﻣﺎذا ﰲ ذﻟﻚ؟ ﻟﻘﺪ ٍ ﻣﺨﺎﻃ َﺮ اﺗﺨﺎذِ ِ ري ﺑَﺪَا ﺟﻠﻴٍّﺎ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد أن إﺟﺮاءات أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ اﻟﻼزم أﻛﱪُ ﺑﻜﺜ ٍ ُ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻳﻬﺪﱢد ﺑﺈﺻﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم؛ ﻓﺈذا ﺻﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻨﺸﺎط ﻣﺤﻤﻮم ،ﻓﺘﻠﻚ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﲆ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﺣﺘﻮاؤﻫﺎ ﻋﻦ ﺑﴪﻋﺔ ﺗﺰﻳﺪ ً ٍ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﻔﻌﻠﻪ ﰲ ﻇﺮوف أﺧﺮى .ﻣﺎ ﻛﺎن ﻃﺮﻳﻖ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة 227
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
َ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺨﺸﺎه ﻃﻮا َل اﻟﻮﻗﺖ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪ َ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻏري َث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﺣﻴﺚ ﺛﺒ ََﺖ أن ٍ ﻛﺎف ﻷداء املﻬﻤﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰ ﺧﻠﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ،وﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ ﺧﻔﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة؛ ﻷﻧﻬﺎ وﺻ َﻠ ْﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ — أن ﻳﻔﻌﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا ،وﺳﺄﺗﻨﺎول ﺗﻠﻚ املﺴﺄﻟﺔ ﺧﻼل ﻟﺤﻈﺎت ،وﻟﻜﻦ اﺳﻤﺤﻮا ﱄ ً أوﻻ أن أﺿﻴﻒ أﻧﻪ ً دﻓﻌﺔ ﺛﻤﺔ ﻗﻨﺎة واﺣﺪة إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻺﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ أن ﻳﻌﻄﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﴎﻳﻌﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ؛ أ َ َﻻ وﻫﻲ زﻳﺎدة املﻌﻮﻧﺔ ﻟﻸﻓﺮاد املﺘﻌﺜﱢﺮﻳﻦ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ زﻳﺎد ٍة ﱠ ً ﻣﺆﻗ ٍﺘﺔ ﰲ ﺳﺨﺎء اﻟﺘﺄﻣني ﺿﺪ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﺳﺎﺋﺮ ﺑﺮاﻣﺞ ﺷﺒﻜﺔ اﻷﻣﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .ﻛﺎن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﺪاﺑري ٍ ﺑﴪﻋﺔ اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ اﻷﺻﲇ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ذﻟﻚ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺗﻼﳽ ﻛﺒري ٍة ﻫﻮ َ َ َ ﺑﻌﺾ املﺎل ،ﻓﻤﻦ املﺤﺘﻤﻞ ﺟﺪﱠا أن ﻳﻨﻔﻘﻮه ،وﻫﺬا أﻋﻄﻴﺖ املﺘﻌﺜﺮﻳﻦ اﻵﺧﺮ؛ ﻓﺈذا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ. إذَ ْن ﻓﺎﻟﻌﻮاﺋﻖ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻣﺎﱄ ﺟﺪﻳﺪ — وﻫﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺘﺨﻴﱠﻞ ﻛﺒري ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻌﻨ ﱞِﻲ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﺮاﻣﻲ ﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎد — أﻗ ﱡﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﱢ وﺳﻨﺤﻘﻖ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ أﻛﱪ إذا ﻣﺎ أدﱠى ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻟﻜﺜريون .ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻨﺠﺢ، املﺰﻳ َﺪ ﺑﺪوره. ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ َ ﺳﻘ َ ﻃﻮﻳﻞ ﰲ أواﺋﻞ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻟﻢ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﻓﺮﻳﺴﺔ رﻛﻮ ٍد ﻄ ِﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ٍ ً ﻓﺸﻼ ﻛﺒريًا ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻮد ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺣﺘﻰ اﻵن .ﻣَ ﺜﱠﻞ ذﻟﻚ ﻧﴩ أﺣ ُﺪ ﺗﺘﻮ ﱠرع اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻋﻦ اﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل :ﰲ ﻋﺎم َ َ ،٢٠٠٠ ً ورﻗﺔ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻘﺴﻮ ٍة ﺑﻨ َﻚ اﻟﻴﺎﺑﺎن — وﻫﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺒﺎرزﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻧﺴﺘﻮن ٍ إﺟﺮاءات أﻗﻮى ،وأ ﱠﻛ َﺪ اﻟﻨﻈري اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ ﻟﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — ﻟﻌﺪم اﺗﺨﺎذه اﻗﱰاح ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات املﺤﺪﱠدة أن ﺑﻨﻚ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ »ﺷﻠﻞ ذاﺗﻲ« .وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ِ ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎ ﱟم إﱃ ﴐور ِة ﻋﻤﻞ اﻟﺒﻨﻚ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﺒﻨﻚ اﻟﻴﺎﺑﺎن أن ﻳﺘﱠﺨِ ﺬَﻫﺎ ،أﺷﺎر ٍ ﺗﻌﺎف اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻗﻮيﱟ . ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﻗﺪ ﺧﻤﱠ ﻨﻮا — ﻫﻮ ﺑﻦ ﻛﺎن اﺳﻢ ﻫﺬا اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر — ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ،اﻟﺬي ﻳﺮأس اﻵن ﺑﻨ َﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،واﻟﺬي ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﺸﻠ َﻞ اﻟﺬاﺗﻲ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻟﺪى َ اﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻧ َ ﱠﺪ َد ﺑﻪ 228
ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟
ِ ﻓﻤﺜﻞ ﺑﻨﻚ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٠ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺑﺈﻣﻜﺎن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ اﺳﺘﺨﺪا ُم ٍ ِ ﺗﻐﻴريات ﰲ أﺳﻌﺎر إﺣﺪاث اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻴﻮمَ؛ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ً ً إﺿﺎﻓﻴﺔ؛ ﻷن ﺗﻠﻚ اﻷﺳﻌﺎر ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻗﺪ وﺻ َﻠ ْﺖ دﻓﻌﺔ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ ﻹﻋﻄﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺧﻔﻀﻬﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ؛ وﻟﻜﻦ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻗﺎل اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ُ ٌ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺄﺗﻲ إﺟﺮاءات أﺧﺮى ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﱠﺨِ ﺬَﻫﺎ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ إﻧﻪ ﺛﻤﺔ ٍ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ اﻗﱰاب أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺼرية اﻷﺟﻞ ﻣﻦ »ﺣ ﱢﺪ اﻟﺼﻔﺮ اﻷدﻧﻰ« ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺪاﺑري ﻣﺎ ﻳﲇ: • • •
• •
أﺻﻮل »ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ« ،ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻨﺪات اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻘﻮد املﻄﺒﻮﻋﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻟﴩاء ٍ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ واﻟﺪﻳﻮن اﻟﺨﺎﺻﺔ. اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻘﻮد املﻄﺒﻮﻋﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻟﺪﻓﻊ اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ املﺆﻗﺘﺔ. ْ ٍ أﻫﺪاف ﻷﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ؛ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،اﻟﺘﻌﻬﱡ ﺪ ﺑﺈﺑﻘﺎء وﺿ ُﻊ ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ ﺳﻨﺪات اﻟﻌﴩ ﺳﻨﻮات أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ٢٫٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻷرﺑﻊ أو ﺧﻤﺲ ِ إن اﺳﺘﺪﻋﻰ اﻷﻣ ُﺮ ﴍاءَ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺪات. ﺳﻨﻮات ،ﺣﺘﻰ ِ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺳﻮق اﻟﴫف اﻷﺟﻨﺒﻲ ْ ﱡ ِ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻤﻠﺔ اﻟﺒﻼد ﻟﻼﻧﺨﻔﺎض ،وﺗﻌﺰﻳﺰ ﻟﺪﻓ ِﻊ ﻗﻄﺎع اﻟﺼﺎدرات. ﱡ ْ ٍ ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ — ٣أو ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ﻟﻠﺴﻨﻮات ﻫﺪف أﻋﲆ وﺿ ُﻊ اﻟﺨﻤﺲ أو ﺣﺘﻰ اﻟﻌﴩ اﻟﻘﺎدﻣﺔ.
وأﺷﺎر ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ إﱃ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﻲ َ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﺗﺪﻋﻢ اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸري إﱃ أن ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛريٌ ﱞ ﱞ ﱡ اﻟﻨﻤﻮ واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ) .ﺟﺎء َْت ﻓﻜﺮة ْ ٍ ٍ ورﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴ ٍﺔ ﻧ ُ ِﴩت ﻟﻠﺘﻀﺨﻢ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻣﻦ ﻫﺪف وﺿ ِﻊ ﱄ ﻋﺎم (.١٩٩٨وأﺿﺎف ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ أن اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ رﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ذات أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ،وأن ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﻷﻣﺮ ٍّ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر، ﺣﻘﺎ ﻫﻮ »ﻋﺰم روزﻓﻠﺖ« ،و»اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﻨﻀﺎل وﺧﻮض اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ؛ ٍ ﻋﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﻜﻲ ﺗﻨﻬﺾ اﻟﺒﻼ ُد ﻣﺮ ًة أﺧﺮى«. َ ُ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻟﻢ ﻳﺘﱠ ِﺒ ْﻊ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ،وﻟﻜﻲ ﻧﻜﻮن ﻣ ِ ُﻨﺼﻔني ،ﻓﻘﺪ ﺗﺤ ﱠﺮ َك ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﻧﺤﻮ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷوﱃ أﻋﻼه؛ ﻓﺘَﺤْ َﺖ املﺴﻤﱠ ﻰ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻹرﺑﺎك »اﻟﺘﻴﺴري اﻟﻜﻤﻲ« ،اﺷﱰى اﻟﺒﻨ ُﻚ ً ً َ ً ٍ ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﺮﻫﻮن ﻋﻘﺎرﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ وأوراﻗﺎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﺳﻨﺪات 229
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ً ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻨﻀﺎل وﺧﻮض اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﻛﺎن ﺑﻨﻚ ﻟﻌﻤﻞ ﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم؛ أﺛﺮ ﻟﻌﺰم روزﻓﻠﺖ ِ أيﱡ ٍ َ ﺣني ﻵﺧﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻳﺴري ﺑﺨﻄﻮات ﻣﺮﺗﻌﺸﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻴﺴري اﻟﻜﻤﻲ ﻣﻦ ٍ ﻳﺒﺪو اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﺷﺪﻳ َﺪ اﻟﻀﻌﻒ ،وﻟﻜﻦ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﻮﻗﻒ ﺟﻬﻮده ﺣﺎملﺎ ﺗﻌﻮد اﻷﻣﻮ ُر إﱃ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ. ِ ِ رﺋﻴﺴﻪ ﻛﺘﺎﺑﺎت ملﺎذا ﻛﺎن ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﱰ ﱢددًا إﱃ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ،ﻣﻊ أن ري؟ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن إﺣﺪى اﻹﺟﺎﺑﺎت أن ﺗﺸري إﱃ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ أن ﻳﻔﻌﻞ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜ ٍ اﻟﻀﻐﻮ َ ط اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ َ أرﻫﺒَﺘْﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﺟُ ﱠﻦ ﺟﻨﻮ ُن اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻴﺴري اﻟﻜﻤﻲ ،واﺗﱠﻬَ ﻤُﻮا ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﺑﺄﻧﻪ »ﺣ ﱠ ﻂ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر« .وﻣﻦ اﻟﺤﻮادث اﻟﺸﻬرية اﻟﺘﺤﺬﻳ ُﺮ اﻟﺬي وﺟﱠ ﻬَ ﻪ رﻳﻚ ﺑريي ﺣﺎ ِﻛ ُﻢ ﺗﻜﺴﺎس ﻟﱪﻧﺎﻧﻜﻲ ﺑﺄن ﺷﻴﺌًﺎ »ﺳﻴﺌًﺎ ﺟﺪٍّا« ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ﻟﻪ ْ إن زار وﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎس. وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻘﺼﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ؛ ﻓﻘﺪ َد َر َس ﻟﻮراﻧﺲ ﺑﻮل ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮﻧﺰ ﻫﻮﺑﻜﻨﺰ — وﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ أﺣﺪ أﺑﺮز ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ — ﺗﻄ ﱡﻮ َر ﻧﻈﺮﻳﺎت ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻋﲆ ﺳﻨﻮات ﻛﻤﺎ ﻳَﻈﻬﺮ ﰲ ﻣَ ِ ٍ ﺤﺎﴐ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وإذا ﻛﺎن ﻣﺪار ﱄ أن ﱢ أﻟﺨ َ ﺺ ﺗﺤﻠﻴ َﻞ ﺑﻮل ،ﻓﺴﻮف أﻗﻮ ُل إﻧﻪ ﻳﺸري إﱃ أن ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ اﺟﺘﺬﺑَﺘْﻪ زﻣﺮة ﺑﻨﻚ ط اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ وإﻏﺮاءَ اﻟﺰﻣﺎﻟﺔ ﻗﺪ َ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،وأن ﺿﻐﻮ َ دﻓ َﻊ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ُ ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ إﱃ ْ ﺗﻮاﺿ ِﻊ أﻫﺪاف اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ وﺿ ٍﻊ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﻓﻴﻪ أوﻟﻮﻳﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻔﻴﺪراﱄ — ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﻮ َر أﺳﻬ َﻞ ﻋﲆ املﺆﺳﺴﺔ — أﻋﲆ ﻣﻦ أوﻟﻮﻳﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺄيﱢ وﺳﻴﻠﺔ ﴐورﻳﺔ .واملﻔﺎرﻗﺔ املﺤﺰﻧﺔ ﻫﻲ أن ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ َ اﻧﺘﻘ َﺪ ﺑﻨﻚ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٠ ﻻﺗﺨﺎذه َ راﻏﺐ ﰲ »ﺗﺠﺮﺑ ِﺔ أيﱢ ﳾء ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻧﺠﺎﺣُ ﻪ ﻧﻔﺲ املﻮﻗﻒ؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻏريَ ٍ ﻣﻀﻤﻮﻧًﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ«. أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ وراء ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،ﱠ ﻓﺈن ﻣﺎ أرﻳﺪ أن ملﺜﻞ أﺷري إﻟﻴﻪ اﻵن ﻫﻮ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻹﺟﺮاءات املﻤﻜﻨﺔ اﻟﺘﻲ اﻗﱰَﺣَ ﻬﺎ ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮ ُر ِ ً ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف — واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺠ ﱢﺮﺑْﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺒَﺢَ ً ﻣﺘﺎﺣﺔ. رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺒﻨﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ — ﻻ ﺗﺰال وﻗﺪ َ وﺿ َﻊ ﺟﻮزﻳﻒ ﺟﺎﻧﻴﻮن — املﺴﺌﻮ ُل اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ،اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ً ﺧﻄﺔ ﻣﺤﺪﱠد ًة أﻛﺜ َﺮ ﺟﺮأ ًة ﻟﻠﺘﻴﺴري اﻟﻜﻤﻲ، ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﰲ ﻣﻌﻬﺪ ﺑﻴﱰﺳﻮن ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺪوﱄ — وﻋﲆ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ أن ﻳﻤﴤ ﻗﺪﻣً ﺎ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ أو ﻣﺎ ﻳﻤﺎﺛِﻠﻬﺎ ﻋﲆ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ — ٤ﰲ املﺎﺋﺔ ً ﻣﺘﻮاﺿ ٍ ِ ﻣﺜﻼ ﻋﲆ ﻣﺪى ﻌﺔ ﰲ ﻳﻠﺘﺰ َم ﺑﺰﻳﺎد ٍة اﻟﻔﻮر ،ﻛﻤﺎ أن ﻋﻠﻴﻪ أن ِ ً ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺴﺘﻬﺪ َ ً دوﻻرﻳﺔ ﻟﻠﻨﺎﺗﺞ ﻗﻴﻤﺔ ِف اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺨﻤﺲ اﻟﻘﺎدﻣﺔ — أو 230
ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟
ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ،وﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻌﺪل ﻣﻤﺎﺛ ٍِﻞ ﻣﻦ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﺗﻨﻄﻮي ﺿﻤﻨًﺎ ﻋﲆ ٍ ﻋﲆ أ ُ ْﻫﺒَ ِﺔ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺒ ْﺬ ِل املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ إذا َ ﺛﺒﺖ ﻋﺪ ُم ﻛﻔﺎﻳ ِﺔ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات. ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗُ َﻜ ﱠﻠ َﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻧﺤﺎو َل ،وﻧﻈ ﱠﻞ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح؟ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة ،وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﺮﻧﺎﻧﻜﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻘﻮل :املﻬﻢ أن ِ ُ ﻧﺤﺎو ُل إذا ﻣﺎ َ ﺧﻄﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ ﺛﺒﺖ ﻋﺪم ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﱃ .ﻣﻦ املﺮﺟﱠ ﺢ أن ﺗﻨﺠﺢ ْ ً إن ﺻﺎﺣَ ﺒَﻬﺎ اﻟﺘﻨﺸﻴ ُ ﺧﺎﺻﺔ ْ وﺻﻔﺘُﻪ أﻋﻼه ،وﻛﺬﻟﻚ ﻂ املﺎﱄ اﻟﺬي ﻟﺒﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ، ٌ إن َ ٌ ٍ ﺗﻌﺎف. ﻗﻮﻳﺔ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن ،وﻫﻮ اﻟﻌﻤﻮد اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻷي اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ إﺟﺮاءات راﻓﻘﺘْﻬﺎ اﻹﺳﻜﺎن ﺑﻤﺎ أن ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼﺗﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻌ َﺰى إﱃ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ رﻛﻤﻬﺎ ﻣﺸﱰو املﻨﺎزل ﺧﻼل ﺳﻨﻮات اﻟﻔﻘﺎﻋﺔ ،ﻓﺈﺣﺪى اﻟﻄﺮق اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ ﻟﺘﺤﺴني اﻟﻮﺿﻊ ﻫﻲ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء ﱠ ُ ٍ ِ ِ ﺑﴫاﺣﺔ ﻣﻼك املﻨﺎزل ﻗﺪ آ َﻟ ْﺖ — ﻣﺤﺎوﻻت ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء ﻫﺬا اﻟ ﱠﺪﻳْﻦ .إﻻ أن ﻄ َ ذرﻳﻊ .ملﺎذا؟ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ ﺑﺎﻷﺳﺎس — ﰲ رأﻳﻲ — إﱃ أن ُﺧ َ ِ ﺗﺨﻔﻴﻒ أﻋﺒﺎء ﻂ ﻓﺸﻞ — إﱃ ٍ ٍ اﻟﺪﻳﻮن وﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻮﻗﻬﻤﺎ اﻟﺘﺨﻮ ُ ﱡف ﻣﻦ اﺳﺘﻔﺎد َة ﺑﻌﺾ املﺪﻳﻨني ﻏري اﻟﺠﺪﻳﺮﻳﻦ ٍ ﻋﻨﻴﻒ. ﺳﻴﺎﳼ ﻓﻌﻞ ﱟ ﺑﺎملﺴﺎﻋﺪة ﻣﻨﻬﺎ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ إﺛﺎرة ر ﱢد ٍ ِ ﻓﺎﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﰲ املﺤﺎوﻟﺔ« ﺳريًا ﻋﲆ ﻣﺒﺪأ ﻋﺰم روزﻓﻠﺖ — »إذا ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ، َ أﺳﺎس ﻓﻬْ ِﻤﻨﺎ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐءِ اﻟﺪﻳﻮن ﻣﺮة أﺧﺮى ،وﻫﺬه املﺮة ﻋﲆ ﻧﺤﺎو َل — ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ِ ِ ﱠ ٍ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة ،وأﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﺎﺟﺔ أن ﺗﺘﻐ ﱠﻠﺐَ ﻋﲆ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ أَﻣَ ﱢﺲ ٍ ِ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﺷﺨﺎص ﺗﴫﱠﻓﻮا ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐءِ اﻟﺪﻳﻮن إﱃ ﻣﺨﺎوف وﺻﻮل ﺑﻌﺾ ﻓﻮاﺋ ِﺪ ﻋﻤﻠﻴ ِﺔ ٍ ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﰲ املﺎﴈ. ً ً َ ُ وﻟﻜﻦ ،ﺣﺘﻰ ﻫﺬه َ أﴍت آﻧﻔﺎ إﱃ أن اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﻟﻴﺴ ِﺖ اﻟﻘﺼﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ َ املﺘﻮﻗﻊ — ﻓﻜﺮ َة ﻓﺮﺿﺘْﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﺟﻌ َﻠ ْﺖ — ﻋﲆ ﻏري اﻟﺘﻲ ً اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ أﻛﺜﺮ ﻗﺒﻮﻻ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ أواﺋﻞ ﻋﺎم ٢٠٠٩؛ ﺣﻴﺚ أﺻﺒَﺢَ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ٍ ٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻧﻮﻋً ﺎ ،ﺟﻌَ َﻞ وﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺤﺼﻮ ُل ﻋﲆ دﻓﻌﺔ ﻛﱪى ﺑﻤﺠﺮد إﺑﻄﺎل ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت. َ إﻏﺎﺛﺔ ﻗﻄﺎع اﻹﺳﻜﺎن أﺳﻬ َﻞ؛ ﻓﻘﺪ أدﱠى اﻟﻜﺴﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺮﻛﻮ ُد اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻄﻮﻳ ُﻞ اﻷﻣﺪ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ إﱃ ِ 231
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﰲ ذرو ِة اﻟﻄﻔﺮة اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﺗﺘﺨ ﱠ ﻄﻰ ٦ﰲ املﺎﺋﺔ َ اﻧﺨﻔﻀ ِﺖ اﻵن إﱃ أﻗﻞ ﻣﻦ ٤ﰲ املﺎﺋﺔ. ري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ،وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﻛﺜ ٍ َ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ أﺳﻌﺎر ﰲ اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳَﺴﺘﻐ ﱡﻞ أﺻﺤﺎبُ املﻨﺎزل ﻫﺬا ِ وﺗﺤﺮﻳﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﻮد ﺑﻬﺪف اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎت اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻹﻋﺎدة ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺮض؛ ِ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﻨﻔﻘﻮﻫﺎ ﻋﲆ أﻣﻮر أﺧﺮى؛ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳ ِ ُﻔﴤ إﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻻﻗﺘﺼﺎد. ً إﻻ أن َ أﺻﻮﻻ ري ﻣﻦ أﺻﺤﺎب املﻨﺎزل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن إرث ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن ﺗﻤﺜ ﱠ َﻞ ﰲ ﻋﺪدٍ ﻛﺒ ٍ ً ﻋﻘﺎرﻳﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺟﺪٍّا ﰲ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ،وﰲ ﻋﺪدٍ ﻏري ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت ﻳﻜﻮن اﻷﺻ ُﻞ اﻟﻌﻘﺎري ﻟﺪﻳﻬﻢ ُ ٍ وﺑﺼﻔﺔ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺮﻫﻦ اﻟﻌﻘﺎري أﻛﱪَ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺰل، ﺑﺎﻟﺴﺎﻟﺐ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن ٍ ﻛﺎف، ﻘﺮﺿﻮن إﻋﺎد َة اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﺪى املﻘﱰض أﺻ ٌﻞ ﻋﻘﺎريﱞ ِ ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ا ُمل ِ أو أن ﻳﻜﻮن ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ دﻓﻊ ﻣﻘﺪ ٍم إﺿﺎﰲ ﱟ. ً وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎ ُز ِل ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺗﺨﻔﻴﻔﻬﺎ؛ ﻨﺠ ْﺪ ﻳﺒﺪو اﻟﺤﻞ واﺿﺤً ﺎ؛ َﻓ ْﻠ ِ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﺪى إدارة أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞٌ ﻣﻮﺟﱠ ٌﻪ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻬﺪف ،ﻫﻮ »ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ إﻋﺎدة ﺗﻤﻮﻳﻞ املﻨﺎزل ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ« ،وﻟﻜﻦ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻹﺳﻜﺎن اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻛﺎن اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺣﺬ ًرا ِ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﺟﺪٍّا وﻣﻘﻴﱢﺪًا .ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞٌ ﻹﻋﺎد ِة ٍ أن ﻳﻜﻮن أﺳﻬ َﻞ ﻷن ﻛﺜريًا ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻣﺴﺘﺤَ ﱠﻘ ٌﺔ ﱠ ملﺆﺳﺴﺘَ ْﻲ ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي ،وﻗﺪ أُﻣﱢ ﻤَ ﺘَﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ اﻵن. ﱠ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻌﺪُ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌ َﺰى ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ ﺗﺒﺎ ُ إﻻ ﱠ ﻃ ِﺆ رﺋﻴﺲ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻟﻢ ﴩف ﻋﲆ ﻣﺆﺳﺴﺘَ ْﻲ ﻓﺎﻧﻲ وﻓﺮﻳﺪي) .اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻹﺳﻜﺎن ،اﻟﺘﻲ ﺗُ ِ ﻫﻮ ﻣَ ﻦ ﱢ ُ َ ُﻤﲇ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻳﻌني رﺋﻴﺲ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أن أوﺑﺎﻣﺎ ﻣﺘﺤ ﱢﺮجٌ ﻣﻦ أن ﻳ ِ ً َ أن ﻳﻔﻌﻞ ،وأن ﻳُﻘﻴﻠﻪ ْ ﻣﺘﺎﺣﺔ .وﻋﻼو ًة اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﺎ زا َﻟ ْﺖ إن ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ (.وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻋﲆ ذﻟﻚ — ﻓﻜﻤﺎ َ أوﺿﺢَ ﺟﻮزﻳﻒ ﺟﺎﻧﻴﻮن ﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ ﺑﻴﱰﺳﻮن — ﻳﻤﻜﻦ ﻹﻋﺎدة اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ واﺿﺤﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ إن ﺻﺤﺒَﺘْﻬﺎ ﺟﻬﻮ ٌد ﻣﺨﻠ ٌ َ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻨﻚ ِﺼﺔ ﻣﻦ واﺳﻊ أن ﺗﻜﻮن ﻧﻄﺎق ﻋﲆ ِ ٍ ٍ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ْ ﻟﺨﻔ ِﺾ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﺮﻫﻮن اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ. َ ِ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐءِ املﺪﻳﻮﻧﻴﺔ، اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﺗﱢ َﺨﺎذِ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺪاﺑري اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﻦ ﺗُ ِﻨﻬﻲ إﻋﺎد ُة ِ ﱡ ِ ِ واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت املﺤﻠﻴﺔ ﻟﻦ ﻳﻠﻐﻲ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻘﺸﻒ ﰲ ﻛﻤﺎ أن إﺑﻄﺎ َل ﺳﻴﺎﺳﺎت َ ُ اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ زﻳﺎدة اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ .املﻬﻢ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أﻧﻪ ﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘني أﺗﺎﺣَ ِﺖ اﻟﻮﺿ ِﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻼث املﺎﺿﻴﺔ ُ اﻟﻔ َ ْ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻲ ﻃﺮأ َ ْت ﻋﲆ ﺮﺻﺔ ﻻﺗﺨﺎذ ِ 232
ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟
ً ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻋﻤﻠﻴٍّﺎْ ، ِ ﻣﻬﻤﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺪﻫِ ٍﺶ ،ملﻨﺢ وإن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﱠ ِﺴﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻧﺎ د ً َﻓﻌﺔ. املﺰﻳﺪ ٌ ﺟﺒﻬﺎت أﺧﺮى ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺬﻛﻮرة أﻋﻼه أوردﻧﺎﻫﺎ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﴫ ،وﺛﻤﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت — ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ — أن ﺗﺘﺤ ﱠﺮ َك ﻓﻴﻬﺎ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ؛ زﻣﻦ اﺗﱢ َﺨﺎذُ ٍ ﻣﻮﻗﻒ أﻛﺜﺮ ﺗﺸ ﱡﺪدًا ﺗﺠﺎه اﻟﺼني وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ املﺘﻼﻋﺒني ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻨﺬ ٍ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﺔ ،وﻓ ْﺮ ُ ٍ ﻋﻘﻮﺑﺎت ﻋﻠﻴﻬﻢ إذا ﻟﺰم اﻷﻣﺮ .ﺣﺘﻰ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻠﻌﺐ ض ً أﻫﺪاﻓﺎ ﻟﻠﻘﻴﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﻠﺰم ﻓ ْﺮ ُ ﺿﻬﺎ ﻋﲆ دو ًرا إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻋﻼﻧﻬﺎ ً ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﺗُ َ ﻄﺒﱠﻖ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﺠﺴﻴﻤﺎت وﻏﺎزات اﻟﺪﻓﻴﺌﺔ — ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ — أن ﺗﻘ ﱢﺪ َم ﺣﺎﻓ ًﺰا ﻟﻠﴩﻛﺎت ﻟﻺﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﺘﺤﺴﻴﻨﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺗﴪﻳﻊ وﺗرية اﻟﺘﻌﺎﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي. ْ وﺻﻔﺘُﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎرﻫﺎ — ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﺷ ﱠﻚ أن ﺑﻌﺾ ﺗﺪاﺑري اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ َ ﱠ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺪاﺑري اﻷﺧﺮى ﺳﺘﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎ ًرا أﻓﻀ َﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﻨﱠﺎ وﻟﻜﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﺎ — ﻛﻤﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺄﻣﻞ، ﱠ ِ ﺑﴫف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ أيﱢ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ — ﻫﻮ اﻟﻌﺰم ﻋﲆ اﻟﺘﺤ ﱡﺮك ،وﻋﲆ ﻧﺘﻮﻗﻊ .املﻬﻢ اﻵن — ﱠ ُ ٍ ﻫﺪف ﻳﺘﺤﻘ َﻖ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ ،واﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ املﺤﺎوﻟﺔ ﺣﺘﻰ اﺗﱢﺒَﺎع ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺧ ْﻠ َﻖ ِ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ. أﻣﺎ ﺑﺸﺎﺋ ُﺮ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﺴﺎرة ﰲ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺧرية ،ﻓﻬﻲ ﺗﺆﻳﱢ ُﺪ ﻓﻜﺮ َة اﻹﺟﺮاءات أﻋﺘﺎب اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﻛﺄﻧﱠﻪ ﻳﻘﻒ ﻋﲆ اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ؛ ﻓﻴﺒﺪو — ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱄ ﱠ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ — اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﱡ ِ ِ ٍ اﻻﺳﺘﺪاﻣﺔ اﻟﺬاﺗﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪةٍ .ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن املﺤﺮ ُك اﻻﻗﺘﺼﺎديﱡ ﻋﲆ وﺷﻚِ اﻟﺪوران ،واﻟﻨﻤ ﱡﻮ ﱡ ﱡ ﻋﲆ وﺷﻚِ ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال — ﻟﺬﻟﻚ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺘﺤﻘﻖ — ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻣﻀﻤﻮﻧًﺎ ﺑﺄي ٍ املﻨﺎﺳﺐُ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺠﺮﻋﺔ ﱢ ُ ِ املﻨﺸﻄﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ،ﻻ ﺗﻘﻠﻴﻠﻬﺎ. اﻟﻮﻗﺖ ﺗﺤﺪﻳﺪًا اﻟﺴﺆال اﻷﻫﻢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻮ ﻋﻤﱠ ﺎ إذا ﻛﺎن ﰲ إﻣﻜﺎن أيﱟ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ — أو ﰲ ﻧﻴﺘﻬﻢ ُ ِ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺨﻼﻓﺎت املﻨﺎﺷﺪﻳﻦ ﺑﺰﻳﺎدة اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ .أﻟﻦ ﺗﻤﺜ ﱢ َﻞ — اﺗﱢﺒَﺎ ُع ﻧﺼﻴﺤﺔ ً ﻋﻘﺒﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ؟ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﲆ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺳﺒﺒًﺎ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﻟﻼﺳﺘﺴﻼم ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧري ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. 233
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ
أﳖﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد!
َ َ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺄن اﻟﻜﺴﺎد اﻟﺬي أﻗﻨﻌﺖ أﻛﻮن ﻗﺪ ﺑﺤﻠﻮل ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ،أرﺟﻮ أن داﻋﻲ ﻟﻬﺬه املﻌﺎﻧﺎة اﻟﺸﺪﻳﺪة وﻻ ذﻟﻚ اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺬي ﻧﺤﻴﺎه اﻵن ﻻ ﻣﱪﱢ َر ﻟﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس؛ ﻓﻼ َ ُ ٍ ٍ وﴎﻋﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻟﺤﻖ ﺑﺤﻴﺎ ِة اﻟﻜﺜريﻳﻦ .وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧ ِﻨﻬﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد َ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺷﺨﺺ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ درﺳﻮا ﺷﺨﺺ ،وأﻋﻨﻲ أيﱠ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺘﺨﻴﱠ ُﻞ أيﱡ ٍ ٍ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﻜﺴﺎد واﻟﺸﻮاﻫﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﲆ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﰲ ﺗﻠﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎدات. ﺑﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧري ،ﺣﺘﻰ اﻟﻘ ﱠﺮاءُ املﺘﻌﺎﻃﻔﻮن ﻳﻘني ﻣﻦ أﻧﻪ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻋﲆ ِ ٍ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ﺑﺪءوا ﰲ اﻟﺘﺴﺎ ُؤ ِل ﻋﻤﱠ ﺎ إذا ﻛﺎن ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺗﺤﻠﻴﻼت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻴﺪ ٍّ ْ ﺣﻘﺎ أم ﻻ .أ َ َﻟﻴ َْﺲ ْ وﺻﻔﺘُﻪ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ أﻣ ًﺮا ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻠﺘﻌﺎﰲ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺬي وﺿ ُﻊ ٍ ً ً ﻣﻀﻴﻌﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ؟ ﻣﺮﻓﻮﺿﺎ ﺑﻼ رﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؟ أ َ َﻟﻴ َْﺲ ﺗﺄﻳﻴ ُﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺴﺆال اﻷول ،ﻓﺈﺟﺎﺑﺘﻲ ﻫﻲ :ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة .أﻣﺎ اﻟﺴﺆال اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺈﺟﺎﺑﺘﻲ ﱡ ﻋﻠﻴﻪ :ﻗﻄﻌً ﺎ ﻻ؛ ُ ِ ﻓﻔ َﺮ ُ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﺣﺪوث ﺗﺤﻮ ٍﱡل ﺣﻘﻴﻘﻲ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ،ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻫﻮس ص اﻟﺬي ﺳﺎد ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ ،وﻧﺤﻮ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻣﺠ ﱠﺪدًا ﻋﲆ ﺧ ْﻠ ِﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ؛ أﻛﱪُ ُ اﻟﺤﻜﻤﺔ املﺘﻌﺎ َر ُ ف ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻗﺪ ﺗﻌ ﱠﻠﻤْ ﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷﺧرية ً درﺳﺎ ﻈﻬﺮه ﻟﻜﻢ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻗﺪ ﺗُ ِ ﺑﻜﺜ ٍ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ ﻣﺤﻮرﻳٍّﺎ ﰲ أﻫﻤﻴﺘﻪ؛ وﻫﻮ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﻧﺪاﻓِ َﻊ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻧﺆﻣﻦ ،وﻧﺴﺎ ِﻧ َﺪ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ٍّ ﻧﺤﺎو َل أن ﻧﺒﺪو ﻣﻌﺘﺪِﻟني وﻣﻨﻄﻘﻴﱢني ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺒﻮل ﺣﺠﺞ اﻟﺨﺼﻮم ﺣﻘﺎ ،ﻣﻦ أن ِ ﰲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ .ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﻨﺎ َز َل — ْ إن ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺑُﺪٍّا ﻣﻦ ذﻟﻚ — ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺎت، ْ وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻨﺎ ُز َل ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﺑﺪًا. ري ِ ِ ﺣﺎﺳ ٍﻢ ﰲ ﺗﻮﺟﱡ ِﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت. اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أﺑﺪأ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴ ِﺔ ﺣﺪوث ﺗﻐﻴ ٍ
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻻ ﳾء ﻳﻨﺠﺢ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺠﺎح ٍ ٍ واﺛﻘﺔ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن وﻣﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺘﴫﻳﺤﺎت ُﺪﱄ اﻟﺨﱪاءُ داﺋﻤً ﺎ ﻳ ِ ٍ ﺗﻐﻴريات ﻛﺒري ٍة اﻗﱰاح ﺑﺈدﺧﺎل ﺑﻪ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﺨﺪَم ﻫﺬا اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم املﻔﱰَض ﻟﺘﻨﺤﻴ ِﺔ أيﱢ ٍ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺟﺎﻧﺒًﺎ ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻴﺴﺎر اﻟﺴﻴﺎﳼ؛ ﻓﻴُﻘﺎل ﻟﻨﺎ إن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ً ٍ إﻧﻔﺎﻗﺎ ﺣﻜﻮﻣﻴٍّﺎ ﺟﺪﻳﺪًا. ﻣﺒﺎدرات ﻛﱪى ﺗﺘﻀﻤﱠ ُﻦ »دوﻟﺔ ﻳﻤﻴﻨﻴﺔ وﺳﻄﻴﺔ« ،وذﻟﻚ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ أيﱠ وﻟﻜﻲ ﻧﻜﻮن ﻣ ِ ُﻨﺼﻔني ،ﺛﻤﺔ ﺣﺪود — ﺳﻮاء ﻋﲆ اﻟﻴﺴﺎر أم اﻟﻴﻤني اﻟﺴﻴﺎﳼ — ﻻ َ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت أن ﺗﺘﺨ ﱠ اﻛﺘﺸ َ ٍ ِ ﻒ ﺟﻮرج ﺑﻜﺎرﺛﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴ ٍﺔ ،وﻗﺪ ﺗﺨﺎﻃ َﺮ ﻄﺎﻫﺎ دون أن َ ﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ٢٠٠٤؛ ﻓﻠﻢ ﺗَ ْﻠ َﻖ ﺑﻮش ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎ َو َل ﻗﺒﻮل ﻟﺪى ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﻌﺐ ،وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﱠ ُ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﻀﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎ َو َل ﺗﻮﻗ َﻔ ِﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮ ُة أيﱠ ٍ ٍ ﺻﻴﻐﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴ ٍﺔ ﻣﻦ اﻗﱰاح ﻳﻤﻴﻞ ﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ — ﻣﺜﻞ ﺧﻄﺔ ﻃ ْﺮ ِح ﺷﻨﱠﻬﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد؛ وأيﱡ ٍ »اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ املﺆﻣﱠ ﻤﺔ« ﻟﺠﻌﻞ ﻧﻈﺎم اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠً ﺎ ﺣﻜﻮﻣﻴٍّﺎ ﻣﺜﻞ اﻹدارة اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎرﺑني اﻟﻘﺪاﻣﻰ — ﻳُﻔﱰَض أﻧﻪ ﺳﻮف َ ﻳﻠﻘﻰ املﺼريَ ﻧﻔﺴﻪ .وﻟﻜﻦ ﺗﺤﺎو ُل ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻫﻨﺎ — ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻲ ِ ً دﻓﻌﺔ وﻟﻴﺲ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺴﺎره — ﻓﺴﻴﻜﻮن اﻟﺮأيُ اﻟﻌﺎ ﱡم أﻗ ﱠﻞ اﺗﱢ َﺴ ًﺎﻗﺎ وﺣﺴﻤً ﺎ إﻋﻄﺎءَ اﻻﻗﺘﺼﺎد ُ ُ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ. اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻗﺪ ﺗُﻮﺣِ ﻲ ﻟﻜﻢ ﺑﻪ ﻳﺤِ ﺐﱡ اﻟﺨﱪاءُ — وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﻟﻸﺳﻒ — أن ً ٍ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳُﻔﱰَض أﻧﻪ ﻳﺪور ﰲ ﻋﻘﻮل اﻟﻨﺎﺧﺒني؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ،٢٠١١ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻳﴪدوا ﱠ ﻟﺨ َ ﺺ ﺟﺮﻳﺞ ﺳﺎرﺟﻨﺖ — اﻟﻜﺎﺗﺐُ ﰲ واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ — اﻟﺤﺠﺞَ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞً ، ﻟﺘﱪﻳﺮ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ً ﻗﺎﺋﻼ» :ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋِ ﺪو أوﺑﺎﻣﺎ ِ ﺷﺄن ْ ِ ﻋﺠﺰ ﻛﺒرية أن ﻳﻄﻤﱧ اﻟﻨﺎﺧﺒني املﺴﺘﻘﻠني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺸﻮن ﺧﺮوجَ اﻟﺒﻼد ﺻﻔﻘﺔ ﻋﻘ ِﺪ ٍ ﺑﻤﻈﻬﺮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻨﺎﺿﺞ اﻟﺬي أﻋﺎد واﺷﻨﻄﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة ،وﻳﻈﻬﺮ أوﺑﺎﻣﺎ ِ ﺟﺪﻳﺪٍ ،وﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺑﺄن ﻳﺨﱪ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ﺑﺄﻧﻪ َ ِ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﻋﲆ وﺿ َﻊ أﺳﺎس ﻣﺎﱄ ﱟ ٍ ً َ أوﻟﻮﻳﺎت أﺧﺮى ﰲ ٍ ٍ وﻗﺖ ﻻﺣِ ٍﻖ«. اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺻﻼﺑﺔ ،وﻳﻤﻬﱢ ُﺪ أﻛﺜ َﺮ ﺳﻴﺎﳼ درس اﻟﺴﻠﻮك اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﺴﻴﺴﺨﺮ ﻣﻦ إذا ﺗﺤﺪﱠﺛﺖ إﱃ أيﱢ ﻋﺎ ِﻟ ٍﻢ ﱟ ﱠ ﻗﺮﻳﺐ أو ﺑﻌﻴﺪٍ؛ وﺟﻤﻴﻊ ﻋﻠﻤﺎء املﻌﻘﺪ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة اﻧﺨﺮاط اﻟﻨﺎﺧﺒني ﰲ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻔﻜري ٍ ٍ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎ ﱟم ﻳﺰدرون ﻣﺎ ﻳﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎﺛﻴﻮ إﺟﻼﺳﻴﻮس — ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺳﻼﻳﺖ — اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﱠ ري ﻣﻦ املﻌ ﱢﻠﻘني اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ﱠ ِ املﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻫﻲ أن اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﻐﺎﻟﻄﺎت اﻟﺨﱪاء ،وﻫﻮ اﻋﺘﻘﺎ ُد ﻛﺜ ٍ 236
أﻧﻬﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد!
ﻧﻔﺴﻬﺎ — ﺑﺄﻋﺠﻮﺑ ٍﺔ ﻣﺎ — اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻬ ﱡﻢ اﻟﻨﺎﺧﺒني؛ ﻓﺎﻟﻨﺎﺧﺒﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻮن ﻣﺸﻐﻮﻟﻮن ِ ﻟﺪراﺳﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺑﻮﻇﺎﺋﻔﻬﻢ وأﻃﻔﺎﻟﻬﻢ وﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ،وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻮﻗﺖ وﻻ اﻟﺮﻏﺒﺔ ُ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﺮأي ﰲ اﻟﺼﺤﻒ .ﻣﺎ ﻳﻼﺣﻈﻮﻧﻪ — وﻳﺼﻮﱢﺗﻮن ﻋﲆ أﺳﺎﺳﻪ — ﻫﻮ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎ ُد ﰲ ﱡ ﺗﺪﻫﻮر .وﺗﺸري اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ إﱃ أن ﻣﻌﺪ َل اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ اﻷرﺑﺎع ﺗﺤﺴ ٍﻦ أم ٍ ِ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت. ُﻨﺎز ٍع ﰲ ﺗﺤﺪﻳ ِﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﻖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻫﻮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﻫﻢ ﺑﻼ ﻣ ِ ِ ُ اﻟﺪرس املﺴﺘﻔﺎد ﻫﻨﺎ — وﻫﻮ اﻟﺪرس اﻟﺬي ِ ﻓﺮﻳﻖ أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻓﺸ َﻞ َ ﱢ ٍ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﻧﺠﺢَ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﺄﺧ ٍﺮ ﻟﻸﺳﻒ — ﻫﻮ أن وﻗﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﱰﻛﻴﺰ — ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺤ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺤ َ ِ َ ﺑﻘﺒﻮل ﻈﻰ ﺑﻘﺒﻮل ﻈﻰ ِ ِ ﱢ ﺗﺤﻘ ُﻖ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﺼﺤﻴﻔﺔ واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ — وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞَ املﻨﺸﻮدة ً ﻓﻌﻼ .ﻓﺄﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﻣَ ﻦ ﺳﻴﺠﻠﺲ ﰲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻌﺎ َم املﻘ ِﺒ َﻞ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺨﺪم ِ ِ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ اﻟﺘﴫﱡف اﻟﺼﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ أﻛﺜﺮ إذا ﻣﺎ أﻗ َﺪ َم ﻋﲆ ِ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺎﻟﻴﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻘﻴﺎ َم ﺑﻜ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻹﻧﻬﺎء ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد .وإذا ﻛﺎن ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ َ ِ ﱡ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ﻋﺠﻠﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد — وأرﺟﻮ وﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن ﻫﻮ اﻟﺘﻮﺳﻌﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ َ َ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺄن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ — ﻓﺴﻴﻜﻮن أﻗﻨﻌﺖ أﻛﻮن ﻗﺪ أن َ ً ً املﺼﻠﺤﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﱃ أﻧﻪ ﺳﻴﺨﺪم ﺗﴫﱡﻓﺎ ذﻛﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، اﺗﱢﺒﺎ ُع ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت َ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ. ٍ ٍ ﻓﺮﺻﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ َ ﺗﴩﻳﻌﺎت؟ ﻟﺴ ﱢﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﰲ ﺻﻮرة وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺛﻤﺔ أيﱡ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻌﻘﺪ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ،وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﱡ ﺳﻮف ﺗُ َ ﺷﻜﻞ املﺸﻬﺪ ﺗﻮﻗ ُﻊ ِ َ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﺒﺪو ﱠ ٍ اﺣﺘﻤﺎﻻت رﺋﻴﺴﻴﺔ :إﻋﺎدة ﺛﻼﺛﺔ أن ﺛﻤﺔ اﻧﺘﺨﺎب اﻟﺮﺋﻴﺲ أوﺑﺎﻣﺎ واﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ً أﻳﻀﺎ؛ أو ﻓﻮز أﺣﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني — ﻣﻴﺖ روﻣﻨﻲ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ — ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ،وﻳﺴﻴﻄﺮ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﻋﲆ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻴﻄﺮون ﻋﲆ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب؛ أو إﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎب أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟَ ِ ﻬﺔ أﻏﻠﺒﻴ ٍﺔ ﻣﻌﺎدﻳ ٍﺔ ﰲ أﺣﺪ املﺠﻠﺴني اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﱠني ﻋﲆ اﻷﻗﻞ .ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت؟ 237
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻣﻦ اﻟﺒﺪﻳﻬﻲ أن اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷوﱃ — وﻫﻲ ﻓﻮز أوﺑﺎﻣﺎ — ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻞ ﺗﺼ ﱡﻮ ُر ﻗﻴﺎ ِم اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻤﺎ ﻳﻠﺰم ﻻﺳﺘﻌﺎدة ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ، ِ ﻓﺮﺻﺔ إﻋﺎدة املﺤﺎوﻟﺔ ،ﻻﺗﺨﺎذ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﻘﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺠ َﺰ ْت ﺳﺘﺤﺼﻞ إدار ُة أوﺑﺎﻣﺎ ﻋﲆ ٌ ﻋﻦ اﺗﺨﺎذﻫﺎ ﰲ ﻋﺎم .٢٠٠٩وﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻣﻦ ﻏري املﺮﺟﱠ ﺢ ْ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﺗﺘﻴﺢ أن ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪى أوﺑﺎﻣﺎ اﻟﺘﻐ ﱡﻠﺐَ ﻋﲆ املﻤﺎﻃﻠﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ،ﻓﺴﻮف ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺐُ اﺗﺨﺎذُ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﻘﻮﻳﺔ إﻋﻤﺎ َل أداة اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ،وﻫﻮ اﻹﺟﺮاء اﻟﺬي ﻟﺠَ ﺄ َ إﻟﻴﻪ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ إﺻﻼﺣﺎت َ اﻟﺘﺨﻔﻴﻀ ْني اﻟﴬﻳﺒﻴ ْﱠني اﻟﻠﺬﻳﻦ أﺟﺮاﻫﻤﺎ؛ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪَﻣَ ﻪ ﺑﻮش ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ َﻓ ْﻠﻴﻜﻦ .وإذا ﺣﺬﱠ َره املﺴﺘﺸﺎرون املﺘﺨﻮﱢﻓﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻓﻌﲆ أوﺑﺎﻣﺎ أن ﻳﺘﺬ ﱠﻛ َﺮ اﻟﺪرس اﻟﺼﻌﺐَ املﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﻓﱰ ِة وﻻﻳﺘﻪ اﻷوﱃ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ أن َ َ أﻓﻀ َﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴ ٍﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳ ٍﺔ ﱢ ً ﻣﻠﻤﻮﺳﺎ. ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘ ُﻖ ﺗﻘﺪﱡﻣً ﺎ أﻣﺎ ﻓﻮ ُز روﻣﻨﻲ ﻓﺴﻴﺆدﱢي إﱃ ْ وﺿ ٍﻊ ﻣﺨﺘﻠ ٍ ِﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل؛ ﻓﺈذا ﱠ ﺗﻤﺴ َﻚ روﻣﻨﻲ ُ دﻋﻮت إﻟﻴﻬﺎ. ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ املﺘﺸﺪﱢدة ،ﻓﺴريﻓﺾ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أيﱠ إﺟﺮاءٍ ﻣﻦ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ إﻻ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن روﻣﻨﻲ ﻳﺆﻣِﻦ ﺑﺄيﱟ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ؛ ﻓﻤﺴﺘﺸﺎراه اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺎن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺎن — ﺟﺮﻳﺠﻮري ﻣﺎﻧﻜﻴﻮ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد، وﺟﻠني ﻫﺎﺑَﺮد ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ — ﺟﻤﻬﻮرﻳﱠﺎن ﻣﻠﺘﺰﻣﺎن ،وﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻛﻴﻨﺰﻳﺎن ً أﻳﻀﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ري ﻣﻦ ﺣﻴﺚ وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮﻫﻤﺎ املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ، ﻛﺒ ٍ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ املﺴﺘﻬﺪف ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺣﺎدٍّا، دَﻋَ ﺎ ﻣﺎﻧﻜﻴﻮ إﱃ رﻓﻊ ﺑﻨﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﻣﻌﺪ َل َ ﻣﻜﺮوﻫﺎ ﻟﺪى ﻣﻌﻈﻢ أﻋﻀﺎء ﺣﺰﺑﻪ ،وﻗﺪ أﺣﺪ َ ً اﻟﻀﺠﺔ َث اﻗﱰاﺣُ ﻪ وﻫﻮ اﻗﱰاحٌ ﻛﺎن وﻻ ﻳﺰال ﱠ َ َ اﻟﺼﻤﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻋﲆ املﺘﻮﻗﻌﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ اﻟﺘ َﺰ َم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ً ِ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻧﻈﺮ أﻛﺜﺮ اﻷﻗﻞ أن ﻧﺄﻣ َﻞ ﺑﺄن ﻳﺤﻤﻞ املﻘ ﱠﺮﺑﻮن ﻣﻦ روﻣﻨﻲ واﻗﻌﻴﺔ ﺑﻜﺜ ٍ وﺟﻬﺎت ٍ ﻫﻮ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﺎﺗﻪ ،وأﻧﻪ ﻓﻮر ﻓﻮزه ﺑﺎملﻨﺼﺐ ﺳﻴﺨﻠﻊ ﻗﻨﺎﻋﻪ ،وﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﺣﻘﻴﻘﺘَﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ. ً أﻋﻠﻢ ،أﻋﻠﻢ ،ﱠ ﻣﺤﺘﺎﻻ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄيﱟ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء إن ﺗﻤﻨﱢﻲ أن ﻳﻜﻮن أﺣ ُﺪ اﻟﺴﺎﺳﺔ َ َ ٍ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺜﲆ ﻟﻘﻴﺎدة ٍ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،وﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻴﺲ أﻣﺔ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻬﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﺘﻲ ﻳﺪﱠﻋِ ﻲ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺴﻴﺎﳼ! إﻻ أن اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺧ ْﻠ ِﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺟﻬﺪًا ﺿﺎﺋﻌً ﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ َ ﺣﺼ َﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﳾءٍ ﰲ ﻧﻮﻓﻤﱪ املﻘ ِﺒﻞ. وأﺧريًا ،ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻷرﺟﺤﻴﺔ املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ ﻋﻮد ِة أوﺑﺎﻣﺎ إﱃ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ، ٌ ٌ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ إﱃ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس؟ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ أوﺑﺎﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﰲ ﺣني ﻻ ﺗﺼﻞ 238
أﻧﻬﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد!
آﻓﺎق اﻟﻌﻤﻞ؟ ﺟﻮاﺑﻲ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﺋﻴﺲ — واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني َ آﻧﺬاك؟ وﻣﺎ ﻫﻲ ُ اﻵﺧﺮﻳﻦ، ٍ وﻣﻌﺮوف ﻟﺪى اﻟﻌﺎﻣﺔ — أن ﻳﺪﻋﻮ إﱃ َﺧ ْﻠﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ وﻛ ﱢﻞ اﻗﺘﺼﺎديﱟ ﻛﻴﻨﺰيﱢ اﻟﺘﻮﺟﱡ ِﻪ وﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،وﻳﺴﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﻀﻐﻂ ﻋﲆ ﻣَ ﻦ ﻳﻌﺮﻗﻠﻮن ﺟﻬﻮ َد ﺧﻠﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺑﻘﻮ ٍة ٍ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس. َ ٍ وﻧﺼﻒ ﻟﻬﺎ .ﻟ َﺪﻳْﻨﺎ اﻵن ﻋﺪ ٌد ﻣﻦ ﻋﻤﻞ إدارة أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ أول ﻋﺎﻣني ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه ﻃﺮﻳﻘﺔ ِ ِ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺗﺨﺎذِ اﻟﻘﺮار اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﰲ اﻹدارة ﻣﻦ ٢٠٠٩ﺣﺘﻰ ،٢٠١١وﺗﺸري اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ ﻋﻦ املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﱢني ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺣَ ﺜﱡﻮه ﻋﲆ ﱠأﻻ ﻳﻄﺎﻟِﺐَ أﺑﺪًا ﺑﺄﺷﻴﺎء ﻗﺪ ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻛ ﱡﻠﻬﺎ إﱃ أن ِ ً ﺿﻌﻴﻔﺎ .وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚُ ،رﻓ َ ُ اﻗﱰاﺣﺎت ِﻀ ِﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻋﲆ أﺳﺎس أن ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺒﺪو املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني — ﻣﺜﻞ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻨﺎ روﻣﺮ — اﻟﺘﻲ دﻋَ ْﺖ إﱃ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ ﺧﻠﻖ ُﻓ َﺮص ﻋﻤﻞ ،ﺑﺰﻋﻢ أن اﻟﺠﻤﻬﻮ َر ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘﺪاﺑري ،وأن ﻣﺎ ﻳﻘﻠﻘﻪ ﻫﻮ اﻟﻌﺠﺰ. ِ َ اﻟﺤﺬر ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﱠ أن اﻗﺘﻨﺎ َع اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻬﻮاﺟﺲ اﻟﻌﺠﺰ ودﻋﻮات إﻻ أن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا ِ ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻗﱰ ََن ﺑﺘﺤﻮ ِﱡل اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻛﻠﻪ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﺧﻠﻖ ُﻓ َﺮ ِص اﻟﻌﻤﻞ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ً ﺿﻌﻴﻔﺎ ،وﻟﻢ ﺗﺠﺪ اﻟﺠﻤﺎﻫريُ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻌﺪم إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم ﻋﲆ اﻟﺮﺋﻴﺲ؛ ﻷﻧﻪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻇ ﱠﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد ً ً ﻟﻢ ﻳﺘﱠﺨِ ﺬْ ﺑﻮﺿﻮح ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺬي اﺗﱠ َﺨﺬَه اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري. ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻣﻮﻗﻔﺎ ٍ ﻏري اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﺳﻴﺎﺳﺘَﻪ أﺧريًا ،وﻗ ﱠﺪ َم اﻗﱰاﺣً ﺎ ﻟﺨ ْﻠ ِﻖ ُﻓ َﺮ ِص وﰲ ﺳﺒﺘﻤﱪ ،٢٠١١ﱠ َ ُ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ري ﻣﻤﱠ ﺎ دﻋﻮت إﻟﻴﻪ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ ،ﻏري أﻧﻪ ﻛﺎن أﻛﱪَ ﺑﻜﺜ ٍ ﻋﻤﻞ أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﱠ ٍ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ اﻻﻗﱰاح ﻋﱪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺘﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ، ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ أيﱡ وأﺷﺎر ﻧﻌﻮم ﺷﺎﻳﱪ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﻧﻴﻮ رﻳﺒﺎﺑﻠﻴﻚ إﱃ أن ﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﺖ ِ ﺣﺰﻣﺔ اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻴﺔ ﺳﻴﻤﺜﱢﻞ ﻋﺒﺌًﺎ، ُﻌﺮﺑﻮن ﻋﻦ ﻗﻠﻘﻬﻢ ﻣﻦ أن ﺣﺠﻢ اﻷﺑﻴﺾ »ﺑﺪءوا ﻳ ِ اﻷﺷﺨﺎص املﻌ ِﻨﻴﱢني ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺪاﺑري ﻋﲆ اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻨﻬﺎ «.إﻻ أن أوﺑﺎﻣﺎ َ وﻗ َ َ ﻒ وﻳﺤﺜﱡﻮن ﱢ ﺻﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻫﺬه املﺮة ،وأﺛﺒ ََﺖ ﺿﻤﻨﻴٍّﺎ ﱠ أن ﻣﺴﺌﻮﱄ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﻳ ُِﺠﻴﺪون ﰲ ٍ ٍ ٍ ﻣﻮﻗﻒ ﻋﺎﻣﺔ ،ﰲ ﺣني و ُِﺿ َﻊ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﰲ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﻤﻠﻬﻢ .ﻛﺎن ر ﱡد اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ ﺣَ ِﺮ ٍج ﻟﻌﺮﻗﻠﺘﻬﻢ املﴩو َع. وﰲ أواﺋﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم — وﻣﻊ اﻟﺘﺤﻮﱡل املﻠﺤﻮظ ﻟﺪﻓﺔ اﻟﻨﻘﺎش ﻧﺤﻮ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ ُﻓ َﺮ ِص ً ً وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،اﺳﺘﻄﺎﻋَ ْﺖ إدارة ﻣﻮﻗﻔﺎ دﻓﺎﻋﻴٍّﺎ؛ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺟﺪﻳ ٍﺪ — اﺗﱠ َﺨﺬ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن َت — ﺗﻤﺪﻳﺪ َ ري ﻣﻤﱠ ﺎ أراد ْ اﻟﺨﺼﻢ ﻋﲆ ﴐﻳﺒﺔ اﻟﺮواﺗﺐ اﻟﺬي أوﺑﺎﻣﺎ اﻟﺤﺼﻮ َل ﻋﲆ ﺟﺰءٍ ﻛﺒ ٍ 239
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﻳﺴﺎﻋِ ﺪ ﻋﲆ ْ وﺿ ِﻊ اﻟﻨﻘﻮد ﰲ ﺟﻴﻮب اﻟﻌﻤﱠ ﺎل ،وﺗﻤﺪﻳﺪ أﻗﴫ أﻣﺪًا ﻹﻋﺎﻧﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ — دون أن ٍ ﺗﻨﺎزﻻت ﻛﺒريةٍ. ﺗﻀﻄ ﱠﺮ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،إن ﺗﺠﺮﺑﺔ أوﺑﺎﻣﺎ ﰲ ﻓﱰة وﻻﻳﺘﻪ اﻷوﱃ ﺗﺸري إﱃ أن ﺗﺠﻨﱡﺐَ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ٍ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ملﺠﺮد أﻧﻚ ﻻ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻚ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻤﺮﻳ َﺮ اﻟﺘﴩﻳﻌﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺨﻠﻖ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ، ٌ ٌ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﺴﻴﺎﳼ .وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ أﺧﺮى ،ﻓﺈن اﻟﺘﺄﻛﻴ َﺪ ﻋﲆ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ً ﺗﴫﱡﻓﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ ﺳﻠﻴﻤً ﺎ ،وﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻀﻐﻂ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﺨﻠﻖ ُﻓ َﺮص اﻟﻌﻤﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻋﲆ اﻟﻄﺮف َ ﺳﻴﺎﺳﺎت أﻓﻀ َﻞ ً ٍ أﻳﻀﺎ. ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ اﻵﺧﺮ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ِ ٍ ﻗﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺴﺎدِ ؛ وﻫﻮ أو ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﺳﺒﺐٌ ﻳَﺜْﻨِﻴﻨﺎ ﻋﻦ ِ ِ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب. اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳُﻌِ ﻴﺪﻧﻲ إﱃ واﺟﺐٌ أﺧﻼﻗﻲ ﱞ ِ وﻗﻮع اﻗﺘﺼﺎدِ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻫﺎ ﻧﺤﻦ أوﻻء ،ﺑﻌﺪ ﻣﺮور أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ﻋﲆ ﺑﺪاﻳ ِﺔ ِ ﺑﺎق .رﺑﻤﺎ ﰲ اﻟﺮﻛﻮد ،وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺮﻛﻮد رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ ،ﻓﺈن اﻟﻜﺴﺎد ٍ اﺗﺠﻬﺖ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻧﺤﻮ اﻻﻧﺤﺴﺎر ً ْ )وإن ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﰲ أوروﺑﺎ(، ﻗﻠﻴﻼ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﺼ ﱡﻮ ُرﻫﺎ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﻗﺒﻞ ﻓﱰ ٍة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،وﻫﻲ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﻋﻨﺪ ً ُ ُ اﻵﻓﺎق املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻣﺤﻨﺔ ﻛﱪى ،وﺗﺘﺂ َﻛ ُﻞ ﻋﴩات املﻼﻳني ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻨﺎ ﻏري ﻣﻔﺮﻃﺔ .ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻤ ﱡﺮ ،وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻏري ﴐوري. ﻟﺸﺒﺎب اﻟﻴﻮم ﻣﻊ ﻛ ﱢﻞ ٍ َ ِ واﻷدوات اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ،ﺑﻞ إﻧﻪ املﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﻤﺘﻠﻚ ُ اﻷﺣﺪاث زﻣﻦ — اﻟﺘﻲ ﻋ ﱠﺰ َز ِت ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻄﺒﻴﻖ املﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻌﻤﻮل ﺑﻬﺎ ﻣﻨﺬ ٍ ِ اﻷﺧرية ﻣﻦ ﺻﺤﺘﻬﺎ — أن ﻧﻌﻮد إﱃ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﴎﻳﻌً ﺎ ﺟﺪٍّا ،رﺑﻤﺎ ﺧﻼل أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻣني. ُ وﺿﻮح اﻟﻔﻜﺮ واﻹرادة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻳﺠﺐ ﻋﲆ ﻛ ﱢﻞ ﻧﻘﺺ وﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻗﻞ اﻟﺘﻌﺎﰲ ﻫﻮ ِ ﻣَ ﻦ ﻳﻤﻠﻚ أن ﻳُﺤﺪِث ﺗﻐﻴريًا — ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني املﺤﱰﻓني إﱃ اﻟﺴﺎﺳﺔ واملﻮاﻃﻨني املﻌﻨﻴﱢني — أن ﻳﺒﺬل ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﰲ وﺳﻌﻪ ﻟﻌﻼج ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺺ .ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ إﻧﻬﺎء ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد ،وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤﺎربَ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻔﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﻐﺮض ،ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ. ِ
240
ﺗﺬﻳﻴﻞ ﻣﺎذا ﻧﻌﺮف ٍّ ﺣﻘﺎ ﻋﻦ آﺛﺎر اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؟
ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ إﺣﺪى اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﰲ أﻧﻪ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺴﺎ َد اﻟﻌﻤﻴﻖ ً ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ — ﺣني ﺗﻜﻮن أﺳﻌﺎ ُر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﺤ ﱡﻜ ُﻢ ﺑﻬﺎ ُ ﻣﻮﺟﺔ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻔﻴﺪراﱄ — ﻧﺤﺘﺎج إﱃ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﻻ إﱃ ﺧﻔﻀﻪ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﱃ ﳾء ﻣﻤﺎﺛ ٍِﻞ ﰲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا. ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﰲ إﻧﻬﺎء اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻜﺒري ،وﻧﺤﻦ ﱠ ﻧﺘﻴﻘ َﻦ ﻣﻦ أن زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻌ ﱢﺰ َز وﻟﻜﻦ ،ﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ٍ ُﴫون ﻋﲆ أن ﻳﻌﺎرﺿﻮن ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮ َة ﺑﴩاﺳﺔ ،وﻳ ِ ﱡ اﻟﻨﻤ ﱠﻮ واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ؟ ﻓﻜﺜريٌ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ِ َ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺨﻠﻖ ُﻓ َﺮ َ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني أﺑْﺪَوا اﺳﺘﻌﺪادًا ص اﻟﻌﻤﻞ ،ﻛﻤﺎ أن ُ املﺴﺄﻟﺔ ﰲ اﺗﱢﺒَﺎع ﻣَ ﻦ ﻳَﺒْﺪُون ﻣﻨﺘﻤني ﻟﻨﻔﺲ ﻗﺒﻴﻠﺔ املﺮء ﻟﺘﺒﻨﱢﻲ اﻟﺮأي ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﻬﻞ ﺗﻨﺤﴫ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؟ ِ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ إزاء ﻫﺬا ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن؛ ﻓﺎﻟﻮﻻء اﻟﻘﺒﲇ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺆﺛ ﱢ َﺮ ﻋﲆ ﱡ اﻟﺘﻐري املﻨﺎﺧﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻜﲇ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ إزاء ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻄﻮﱡر أو ً ﻣﺜﻼ … رﻏﻢ أن ﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ﻟﻸﺳﻒ. َ ﻗﻀﻴﺔ ﻛﻴﻔﻴ ِﺔ ﻋﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ أي ﺣﺎل ،ﻣﺎ أو ﱡد أن أﺷري إﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن ﺗﺴﻮﻳﺘُﻬﺎ ﻋﲆ أﺳﺎس اﻷدﻟﺔ ﻻ اﻟﺘﺤﻴﱡﺰات املﺴﺒﻘﺔ ،وإﺣﺪى اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺴﺎد ﻫﻲ ﱡ اﻟﺘﻐري ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ ﻃﻔﺮ ُة اﻷﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎ َو ُل آﺛﺎ َر ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﺗﺨﱪﻧﺎ ﺑﻪ ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ؟
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
ﺑﺈﻳﺠﺎز ﻋﻦ ﱢ ﻗﺒﻞ أن أﺗﻤ ﱠﻜ َﻦ ﻣﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ،أو ﱡد أن أﺗﺤﺪ َ اﻟﴩاك اﻟﺘﻲ ﱠث ٍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﺠﻨﱠﺐَ اﻟﻮﻗﻮ َع ﻓﻴﻬﺎ. ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻻرﺗﺒﺎط ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻗﺪ ﺗﻈﻨﻮن أن اﻟﺴﺒﻴ َﻞ إﱃ ﺗﻘﻴﻴﻢ آﺛﺎر اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻫﻮ أن ﻧﻨﻈ َﺮ إﱃ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻹﻧﻔﺎق واﻷﺷﻴﺎء اﻷﺧﺮى ،ﻣﺜﻞ اﻟﻨﻤﻮ واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﺎملﻮن ﺑﺒﻮاﻃﻦ اﻷﻣﻮر ﻗﺪ ﻳﻘﻌﻮن أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ ﱢ ِ اﻟﺨﻠﻂ ﺑني اﻻرﺗﺒﺎط واﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻓﺦ أﺣﺎو َل أن أﺣ ﱢﺮ َرﻛﻢ ﻧﻘﺎش اﻟﺪﻳﻮن واﻟﻨﻤﻮ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ( .وﻟﻜﻦ اﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن )اﻧﻈﺮ ِ ِ ذات ٍ ٍ ﻣﺴﺄﻟﺔ ِ ﺻﻠﺔ؛ وﻫﻲ :آﺛﺎر ﻣﻌﺪﻻت ﻣﻦ ﻓﻜﺮة ﻓﺎﺋﺪة ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻷداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي. ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﻓﻤﻦ اﻷﻣﻮر َ املﺴ ﱠﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﻟﺪى اﻟﻴﻤني اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أن اﻟﴬاﺋﺐ ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أﻧﻨﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني املﻨﺨﻔﻀﺔ ﻫﻲ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﻨﺠﺎح اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﻟﻜﻦ ِ ﱠ املﺤﺼﻞ ﰲ ﺻﻮرة ﴐاﺋﺐ ﻓﻴﺪراﻟﻴﺔ — اﻟﴬاﺋﺐ — ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ املﺎﺿﻴﺔ؛ ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻣﺎ ﻧﺮاه ﻫﻮ اﻵﺗﻲ: اﻟﺴﻨﺔ
ﻧﺴﺒﺔ اﻟﴬاﺋﺐ )(٪
ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ )(٪
٢٠٠٠
٢٠٫٦
٤
٢٠٠٣
١٦٫٢
٦
٢٠٠٧
١٨٫٥
٤٫٦
٢٠١٠
١٥٫١
٩٫٦
ُ ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﰲ ﺳﻨﻮات ارﺗﻔﺎع اﻟﴬاﺋﺐ ،واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ .ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إذَ ْن ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧ َ ِﺖ َ وﺳﻴﻠﺔ اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻫﻲ رﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ! اﻟﻮاﺿﺢ إذَ ْن أن ﻫﻮس اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ﺟُ ً ً َ وﺗﻔﺼﻴﻼ ﻻ ﻳﺼﺪﱢﻗﻮن ﻤﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻣَ ﻦ ﻳﻌﺎرﺿﻮن ِﻣﻨﱠﺎ ٌ َ زاﺋﻔﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ؛ ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻻرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ املﺬﻛﻮرة ﻫﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم .ملﺎذا؟ ﻷن ُ ً ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﰲ ﻋﺎم ٢٠٠٧ﻷن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﺎن ﻻ ﻳﺰال ﻣﺪﻋﻮﻣً ﺎ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ 242
ﺗﺬﻳﻴﻞ
ﺑﻄﻔﺮة اﻹﺳﻜﺎن ،وذﻟﻚ املﺰﻳﺞ املﻜﻮﱠن ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮي واملﻜﺎﺳﺐ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﺒرية ً ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ .وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم أدﱠى إﱃ زﻳﺎدة اﻹﻳﺮادات اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺟﻌَ َﻞ اﻟﴬاﺋﺐَ ﺗﺒﺪو ﻫﺒﻮط ،ﺻﺎﺣَ ﺒَﻪ ﻫﺒﻮ ٌ ٍ ط ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻹﻳﺮادات ،٢٠١٠ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﻔﺮة ﻗﺪ ﺗﺤ ﱠﻮ َﻟ ْﺖ إﱃ ُ ِ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﴬاﺋﺐ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻷﻣﻮر أﺧﺮى ،وﻟﻢ ﻗﻴﺎﺳﺎت اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ٍّ ﱢ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻳﺤ ﱢﺮك اﻻﻗﺘﺼﺎد. ﻣﺘﻐريًا ﺗﻜﻦ ٌ َ ٌ ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻻرﺗﺒﺎﻃﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ وﻃﺎملﺎ ﻻﺣﻘ ْﺖ ﻣﺸﻜﻼت ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ أيﱠ آﺛﺎر اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ ﻓﻠﻮ ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻋِ ﻠﻤً ﺎ ً ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻼﺧﺘﺒﺎر املﻌﻤﲇَ ،ﻻﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺣ ﱠﻞ ﻫﺬه ِ املﺸﻜﻠﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺟﺮاء ﺗﺠﺎرب ﻣﻘﺎ َرﻧﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ً ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻼﺧﺘﺒﺎر .ﻳﻘﺪﱢم ﻋﻠ ُﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﺘﺨﺼ ٌ ﱢ ﺺ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻹﺣﺼﺎء ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ اﻟﻘﻴﺎﳼ — وﻫﻮ ﻓﺮ ٌع ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮ ً ً ﱢﻋﺔ ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ »اﻟﺘﻌ ﱡﺮف« ﻋﲆ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت — اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .ﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﺧﱪاء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻨﻌﻮن ﺑﺘﺤﻠﻴﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎد ُ ﱠ ً ً ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻷﺑﻌﺎد اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻨﻘﺎش وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧ َ ِﺖ املﻌﻘﺪة، اﻟﻘﻴﺎﳼ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﱢ؛ ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ إذَ ْن؟ ﻛﺎن اﻟﺤ ﱡﻞ ﰲ دراﺳﺎت اﻵوﻧﺔ اﻷﺧرية ﻫﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ »اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ« — أي ِ اﻟﺘﻐﻴريات اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮأ ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ املﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺄ ﱠﻛ َﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ أن ً ﻟﻢ ِ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮﱡرات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻻ ﻫﻲ ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﺑﻘﻮًى ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺤﺮﻳﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺗﺄت ً ﻋﱪ ﻗﻨﻮات أﺧﺮى أﻳﻀﺎ .ﻣﻦ أﻳﻦ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ؟ ﻟﻸﺳﻒ ،ﺗﺄﺗﻲ ﻫﺬه ً أﺳﺎﺳﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻮارث ،ﻣﺜﻞ اﻟﺤﺮوب أو اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺤﺮب ،واﻷزﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﺠﺎرب ِ ِ ﺑﴫف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد. اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻋﲆ ﺧﻔﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﺗﺠﱪ اﻟﻜﻮارث واﻟﺤﺮوب واﻟﻨﻘﻮد ذﻛﺮت ً ُ آﻧﻔﺎ ،ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﻃﻔﺮ ٌة ﰲ اﻷﺑﺤﺎث املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﺑﺂﺛﺎر اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ ﻛﻤﺎ ٍ ﺑﴪﻋﺔ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻜﺜريَ ﻣﻨﻪ ﻣﻔﺮط ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ .ﻫﺬا املﺘﻦ اﻟﺒﺤﺜﻲ آﺧِ ﺬٌ ﰲ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺘﺨﺼﺺ ،ﻣﻤﱠ ﺎ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﱄ ﺑﺘﻠﺨﻴﺼﻪ ﻫﻨﺎ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﺄﻋﺮض َ ﱡ ﺑﻌﺾ أﺑﺮز ﻧﻘﺎﻃﻪ. أوﻻ :ﻧ َ ً ﱡ اﻟﺘﻐريات اﻟﻜﺒرية ﰲ ﻣﺸﱰﻳﺎت آﺛﺎر ﻈ َﺮ روﺑﺮت ﻫﻮل ،ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد ،إﱃ ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﻣﻌﺘﻤﺪ ًة ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﲆ اﻟﺤﺮوب ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا اﻟﺤﺮب ﱡ اﻟﺘﻐري ِ ات ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻳﻘﺎر ُن اﻟﺸﻜ ُﻞ اﻟﺘﺎﱄ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺤﺮب اﻟﻜﻮرﻳﺔ. ِ ﱡ ً ﻗﻴﺎﺳﺎ ﻋﲆ ﻧﺴﺒ ِﺔ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﺎﻟﺘﻐريات ﰲ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ — اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ 243
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻠﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ — ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ١٩٢٩وﺣﺘﻰ ) ١٩٦٢ﻟﻢ ﺗﺤﺪث َ ﻧﻘﻄﺔ ً ﻓﺖ اﻟﻨﻘﺎ َ ﺳﻨﺔ واﺣﺪ ًة ،وﻗﺪ ﻋ ﱠﺮ ُ ﺗﻐري ٌ ٍ ﱡ املﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺴﻨﻮات ط ات ﻛﺒرية ﺑﻌﺪﻫﺎ( .ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻛ ﱡﻞ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ ْ َت ﺣﺸﺪًا ﻛﺒريًا ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ َِت اﻟﺘﴪﻳﺢَ َ ٍ اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺬي ﺗﻼ اﻟﺤﺮبَ ﻧﻘﻼت ﻛﺒري ًة ﺣﺪﺛ َ ْﺖ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات ﻣﺒﺎﴍ ًة؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪ أﺣﺪاﺛًﺎ ﺗﺘﻌ ﱠﻠ ُﻖ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺬي اﻣﺘ ﱠﺪ ﻣﻦ ١٩٢٩ وﺣﺘﻰ ،١٩٣٣واﻟﺘﻌﺎﰲ اﻟﺬي اﻣﺘ ﱠﺪ ﻣﻦ ١٩٣٣إﱃ .١٩٣٦ﱠ ﻟﻜﻦ ﻛ ﱠﻞ ﺳﻨﺔ ﺷﻬﺪ ْ َت زﻳﺎد ًة ً َت ً ﻛﺒري ًة ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ،ﺷﻬﺪ ْ اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق أﻳﻀﺎ ﻧﻤﻮٍّا ﻗﻮﻳٍّﺎ ،وﻛﺎن اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﺷﻬﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻋﻘﺐ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﱰاﺟُ ﻊ اﻟﺤﺎ ﱢد ﰲ اﻹﻧﺘﺎج. ﺑﻮﺿﻮح إﱃ أن زﻳﺎد َة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺗُ ِ ﻔﴤ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ اﻟﻨﻤﻮﱢ ،وﻣﻦ ﻳﺸري ﻫﺬا ٍ دوﻻر ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق؟ إن ﺛ َ ﱠﻢ إﱃ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ .أﻣﱠ ﺎ اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻮ :ﻣﺎ اﻷﺛﺮ املﻘﺎﺑﻞ ﻟﻜ ﱢﻞ ٍ ٌ َ ﻣﺨﻴﺒﺔ ﻟﻶﻣﺎل ً ِ ﻗﻠﻴﻼ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد؛ ﺣﻴﺚ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت دوﻻر ﻳ َ ُﻨﻔﻖ ،ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺣﻮاﱄ ٠٫٥٠دوﻻر ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻮ ،وﻟﻜﻦ إذا َ ﻛﻨﺖ ﻋﲆ ﺗﺸري إﱃ أن ﻛ ﱠﻞ ٍ أن ﻫﺬا ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ً دراﻳ ٍﺔ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ ﰲ أوﻗﺎت اﻟﺤﺮب ،ﻓﺴﺘﺪرك ﱠ دﻟﻴﻼ ﺻﺎﺋﺒًﺎ ﻳﺮﺷﺪﻧﺎ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳَﺤﺪث اﻵن إذا ُﻗﻤْ ﻨﺎ ﺑﺰﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق .ﻓﻌﲆ أي ﺣﺎل ،أﺛﻨﺎءَ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ُ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻌﻤﺪٍ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺎم اﻟﺤﺼﺺ وﻓﺮض ﻗﻴﻮد ﻋﲆ إﻧﻔﺎق اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ُﻗ ِﻤ َﻊ ٍ ُ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺠﻨﱡﺐَ ﺿﻐﻮط أﻋﻤﺎل اﻹﻧﺸﺎء اﻟﺨﺎﺻﺔ .وأﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻜﻮرﻳﺔ ،ﺣﺎو َﻟ ِﺖ رﻓ ٍﻊ ﺣﺎ ﱟد ﻟﻠﴬاﺋﺐ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﻦ املﺮﺟﺢ أن ﱢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ْ ِ ﻣﻜﺎﺳﺐَ ﺗﺤﻘ َﻖ زﻳﺎد ُة اﻹﻧﻔﺎق اﻵن أﻛﱪَ. ً أﻛﱪ إﱃ أي ﺣﺪﱟ؟ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ املﻔﻴﺪ أن ﻧﺠ َﺪ ﺗﺠﺎربَ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ٍ ﻧﻮاﺟﻬ ُﻪ اﻟﻴﻮمَ .ﻟﻸﺳﻒ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺗﺨﱪﻧﺎ ﻋﻦ آﺛﺎر اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻇﺮوف ﺗﺸﺒﻪ ﻣﺎ ِ ﺗﺠﺎربُ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ ﺑﻨﻔﺲ ﺟﻮد ِة ﺗﺠﺮﺑ ِﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ووﺿﻮﺣﻬﺎ ،إﻻ أﻧﻪ ﺛﻤﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻄﺮق املﻔﻴﺪة ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻫﺬه اﻹﺟﺎﺑﺔ. إﺣﺪى ﻫﺬه اﻟﻄﺮق ﻫﻮ اﻟﻐﻮص ﰲ أﻋﻤﺎق املﺎﴈ؛ ﻓﻜﻤﺎ َ أوﺿﺢَ املﺆ ﱢر َﺧﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺎن ﺑﺎري آﻳﻜِﻨﺠﺮﻳﻦ وﻛﻴﻔِﻦ أورورك ،دﺧ َﻠ ِﺖ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ — واﺣﺪ ًة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى — ﰲ َ ٍ اﻟﻈﺮوف اﻟﺴﺎﺋﺪ َة ﻇﺮوف ﺗﺸﺒﻪ ﺳﺒﺎق ﻟﻠﺘﺴ ﱡﻠﺢ ﺧﻼل ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﰲ ﻇ ﱢﻞ ٍ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وأﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﱰب ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ .وﰲ ﻋﻤﻠﻬﻤﺎ اﻵن ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ِ َ ٍ ﺑﻴﺎﻧﺎت اﻋﱰﻓﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻏري ﻣﱰاﺑﻄﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺒﺔ ،ﰲ ﻣﻊ ﻃﻼﺑﻬﻤﺎ ،اﺳﺘﺨ َﺪ َم اﻟﺒﺎﺣﺜﺎن ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺗﺄﺛري ﱡ ﱠ وﺗﻮﺻ َﻼ إﱃ ﺗﻐريات اﻹﻧﻔﺎق املﺪﻓﻮﻋﺔ ﺑﺴﺒﺎق اﻟﺘﺴ ﱡﻠﺢ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج، 244
ﺗﺬﻳﻴﻞ
اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ واﻟﻨﻤﻮ١٩٦٢–١٩٢٩ ، ﻣﻌﺪﻻت ﻧﻤﻮ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ٢٠
١٩٤١
١٩٤٢
١٥
١٩٤٣
١٠ ٥ ٤٠
٣٠
٢٠
١٠
٠ ٥− ١٠− ١٥−
اﻟﺘﻐري ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻛﻨﺴﺒﺔٍ ﱡ ﻣﺌﻮﻳﺔٍ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻹﺟﻤﺎﱄ ١٠−
٢٠−
٣٠−
٤٠−
١٩٤٦
ُ ُ واﻻﻧﺨﻔﺎﺿﺎت اﻟﻜﺒرية ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ املﱰ ﱢﻛﺰة ﰲ ﻓﱰﺗَ ِﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻻرﺗﻔﺎﻋﺎت ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ً ٍ ِ وﻫﺒﻮط ﰲ ﻧﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﻜ ﱟﻞ )املﺼﺪر: ازدﻫﺎر ﺑﺪورات ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺤﺮب اﻟﻜﻮرﻳﺔ ٍ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي(.
ُﻨﻔﻖ )أو ﻟﻨ ُﻜ ْﻦ أﻛﺜ َﺮ ً دوﻻر ﻳ َ دﻗﺔ ،ﻟﻜ ﱢﻞ ﻟرية وﻣﺎرك وﻓﺮﻧﻚ ،وﻣﺎ إﱃ ري ﻟﻜ ﱢﻞ ٍ ﻣﺮدو ٍد أﻛﱪَ ﺑﻜﺜ ٍ ذﻟﻚ(. آﺧﺮ ،وﻫﻮ املﻘﺎ َر ُ ﺛﻤﺔ ﺧﻴﺎ ٌر َ ِ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ أوﺿﺤَ ْﺖ إﻳﻤﻲ ﻧﺎﻛﺎﻣﻮرا ﻧﺔ ﺑني َ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻃﺎملﺎ ﻛﺎن ﺣﺠ ُﻢ وﻳﻮن ﺳﺘﻴﻨﺴﻮن ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ أن ري ﻣﻦ ﻏريﻫﺎ؛ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻃﺎملﺎ ِ ﺣﻈﻴ َْﺖ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ أﻛﱪَ ﺑﻜﺜ ٍ ً ﺧﻼﻓﺎ ﻹﻟﻴﻨﻮي .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻛﺎن ري ﻣﻦ ﻣﺘﻌﻬﱢ ﺪِي اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ، ﺑﱰ ﱡﻛ ٍﺰ ﻛﺒ ٍ ُ ﺷﻬ َﺪ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺣﺎدٍّا ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﲆ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﺘﺬﺑ ِﺬﺑًﺎ ﺑﺸﺪة؛ ﺣﻴﺚ ِ ﻓﱰ ِة ﺣُ ْﻜ ِﻢ رﻳﺠﺎن ،ﺛﻢ ﺗﺮاﺟَ َﻊ ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة .وﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﺗَﺤﺠﺐ ﻋﻮاﻣ َﻞ أﺧﺮى ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ َ ﱡ ِ رﻓ َﻊ ﺑﻨ ُﻚ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﺘﻐريات آﺛﺎ ُر ﻫﺬه 245
أَﻧْﻬُ ﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎ َد اﻵن
اﻟﻔﻴﺪراﱄ أﺳﻌﺎ َر اﻟﻔﺎﺋﺪة ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﺣﺎدٍّا ﰲ أواﺋﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﻓﱰة اﻟﺤﺸﺪ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﻫﺎ ﻋﴫ رﻳﺠﺎن ،ﺛﻢ ﺧﻔﻀﻬﺎ ﺑﺼﻮر ٍة ﺣﺎد ٍة ﰲ أواﺋﻞ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ري اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺰال ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻜﻢ اﻟﺸﻌﻮ ُر ﺑﺘﺄﺛ ِ ﻈﺔ اﻟﺘﺄﺛري املﺘﻤﺎﻳﺰ ﻋﱪ اﻟﻮﻻﻳﺎت؛ وﻋﲆ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ،ﻳﻘ ﱠﺪ ُر ﻧﺎﻛﺎﻣﻮرا وﺳﺘﻴﻨﺴﻮن ﱠ ﻣﻼﺣَ ِ أن ﻛ ﱠﻞ دوﻻر ﻳ َ ُﻨﻔﻖ ﻳﺰﻳﺪ اﻹﻧﺘﺎجَ ﺑﻨﺤﻮ ١٫٥دوﻻر. ُ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺘﺴ ﱡﻠﺢ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﻖ اﻟﺤﺮوبَ ، إذَ ْن ،ﻓﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ آﺛﺎر اﻟﺤﺮوب — ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ُ وﺗﻘﻠﻴﺺ ﺣﺠ ِﻢ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺬي ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ — ﻳﺨﱪﻧﺎ اﻟﻜﺜريَ ﻋﻦ آﺛﺎر اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ؛ وﻟﻜﻦ ﻫﻞ اﻟﺤﺮوبُ ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ إﺟﺎﺑ ٍﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺆال؟ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺰﻳﺎدات اﻟﻜﺒرية ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،ﻓﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻟﻸﺳﻒ ﻫﻲ :ﻧﻌﻢ. ً اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺤﺮب أو ﺗﻬﺪﻳﺪﻫﺎ ،إﻻ أن اﻟﺨﻔﺾ ﻓﱪاﻣﺞ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻜﺒرية ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗَﺤْ ﺪث إﻻ ﻟﺴﺒﺐ َ آﺧﺮ؛ وﻫﻮ ﻗﻠﻖ ﺻﻨﱠﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻜﺒري ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﻳﺤﺪث ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ٍ َ ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻀﺒﻂ ﺣﻴﺎ َل اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻜﺒري ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ واﻟﺪﻳﻮن أو إﺣﺪاﻫﻤﺎ ،وﺧﻔﻀﻬﻢ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﱡ اﻟﺘﻘﺸ َ ﻒ — ﻣﺜﻠﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺤﺮب — ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻴﺪﻧﺎ اﻟﻮﺿﻊ املﺎﱄ؛ وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن ﺑﺨﺼﻮص آﺛﺎر اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ. وﺑﺎملﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ املﻬﻢ أن ﻧﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺘﻐﻴريات ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ إﱃ اﻹﻧﻔﺎق ﻳﺘﻐري — ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﴬاﺋﺐ — ً اﻟﻔﻌﲇ؛ ﻓﺎﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻟﻨ ﱡ ُ ﱠ وﻓﻘﺎ ﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺑﻄﺮق ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﺞ ارﺗﺒﺎﻃﺎت زاﺋﻔﺔ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﺷﻬﺪ اﻹﻧﻔﺎق ﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد، ٍ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﻛﺒريًا ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ازدﻳﺎدِ ﺿﻌﻒ ﱠ وﻟﻜﻦ اﺗﺠﺎ َه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻳﺴري ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﱃ اﻹﻧﻔﺎق ،وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ .وﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد، دراﺳﺔ ﱢ ﱡ ﻣﺪﻗ ً ً ﻘﺔ ﻟﻠﺘﴩﻳﻊ اﻟﻔﻌﲇ املﺴﺘﺨﺪَم ﻹﻋﻤﺎل ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺐ ﺛَﻢﱠ ،ﻓﺘﻘﻴﻴ ُﻢ آﺛﺎر ﱡ اﻟﺘﻘﺸﻒ. ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ ،أﻧﻬﻰ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﰲ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﱄ اﻟﺠﺰءَ اﻟﻌﻤﲇ ﻣﻦ ﻫﺬه املﻬﻤﺔ؛ ﱡ ﺣﻴﺚ ﺣﺪﱠدوا ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ً ١٧٣ ﻟﻠﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﱢﻣﺔ ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ١٩٧٨ ﺣﺎﻟﺔ ﱡ ٌ اﻧﻜﻤﺎش اﻗﺘﺼﺎديﱞ وارﺗﻔﺎ ٌع ﰲ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ وﺣﺘﻰ ،٢٠٠٩وﻗﺪ وﺟﺪوا أن ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ. ُ اﻻﺳﺘﻌﺮاض املﻮﺟﺰ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﻄﻮل ﻛﺜريًا ﰲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ آﻣﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ٍ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﱄ أو ﻗﺪ أﻓﺎدﻛﻢ ﺑﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ وﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﻨﺎه ،ﻛﻤﺎ آﻣﻞ أﻛﺜ َﺮ ﰲ أﻧﻜﻢ ﺣني ﺗﻘﺮءون ﻟﺠﻮزﻳﻒ ﺳﺘﻴﺠﻠﻴﺘﺰ أو ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻨﺎ روﻣﺮ ،ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ْ ﺧﻔ َﺾ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺴﺎد 246
ﺗﺬﻳﻴﻞ
ﺳﻮف ﻳﺰﻳﺪ اﻷﻣﻮر ﺳﻮءًا ،وأن اﻟﺰﻳﺎد َة املﺆﻗﺘﺔ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﰲ؛ ﻟﻦ ﺗﻘﻮﻟﻮا» :ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻫﺬا رأﻳﻪ «.ﻛﻤﺎ أ ﱠﻛ َﺪ روﻣﺮ ﰲ ﺧﻄﺎﺑﻪ اﻷﺧري ﻋﻦ اﻷﺑﺤﺎث ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ. ﻓﺎﻷدﻟﺔ ﻋﲆ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ أﻗﻮى اﻵن ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ أيﱢ ٍ وﻗﺖ ﻣﴣ ،اﻷدﻟﺔ ﻋﲆ أن اﻟﺘﻨﺸﻴﻂ املﺎﱄ ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎ َد ﻋﲆ زﻳﺎدة اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ،وأن ْ ﺧﻔ َﺾ ﻋﺠﺰ املﻴﺰاﻧﻴﺔ ً ﺳﺒﻴﻼ إﱃ ﻳﻘ ﱢﻠ ُﻞ اﻟﻨﻤﻮﱠ ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻘﺼري .إﻻ أن ﺗﻠﻚ اﻷدﻟﺔ ﻻ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺠﺪ اﻟﻘﺎﺋﻤني ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ. وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﻐﻴريه.
247