اﳉﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﳊﻴﻮي
اﳉﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﳊﻴﻮي
ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻣﺤﻤﺪ رﻳﺎض وﻛﻮﺛﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺳﻮل
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﻣﺤﻤﺪ رﻳﺎض وﻛﻮﺛﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺳﻮل
رﻗﻢ إﻳﺪاع ٢٠١٣ / ٢٣٧٥١ ﺗﺪﻣﻚ٩٧٨ ٩٧٧ ٧١٩ ٦٣٩ ٠ : ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻠﻨﺎﴍ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ املﺸﻬﺮة ﺑﺮﻗﻢ ٨٨٦٢ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٠١٢ / ٨ / ٢٦ إن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ آراء املﺆﻟﻒ وأﻓﻜﺎره وإﻧﻤﺎ ﱢ ﻳﻌﱪ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ آراء ﻣﺆﻟﻔﻪ ٥٤ﻋﻤﺎرات اﻟﻔﺘﺢ ،ﺣﻲ اﻟﺴﻔﺎرات ،ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﴫ ،١١٤٧١اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻛﺲ+ ٢٠٢ ٣٥٣٦٥٨٥٣ : ﺗﻠﻴﻔﻮن+ ٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥٢ : اﻟﱪﻳﺪ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhindawi@hindawi.org : املﻮﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhttp://www.hindawi.org : ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻐﻼف :إﻳﻬﺎب ﺳﺎﻟﻢ. ﻳﻤﻨﻊ ﻧﺴﺦ أو اﺳﺘﻌﻤﺎل أي ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮﻳﺔ أو إﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ أو ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ،وﻳﺸﻤﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﰲ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻋﲆ أﴍﻃﺔ أو أﻗﺮاص ﻣﻀﻐﻮﻃﺔ أو اﺳﺘﺨﺪام أﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻧﴩ أﺧﺮى ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﻔﻆ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﺳﱰﺟﺎﻋﻬﺎ ،دون إذن ﺧﻄﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﴍ. Cover Artwork and Design Copyright © 2014 Hindawi Foundation for Education and Culture. Copyright © Mohamed Riad 1970. All rights reserved.
اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت
ﺗﻘﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ
7 9 13
اﻟﻘﺴﻢ اﻷول :ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ -١ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ -٢ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة -٣اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
15 17 35 55
اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي -٤اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ -٥املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ -٦اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ -٧اﻟﺰراﻋﺔ -٨دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
89 91 109 125 159 187
ﺗﻘﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ … دراﺳﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻤﻌﻨﺎه اﻟﻮاﺳﻊ ،وﺗﻬﺪف ﰲ دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ إﱃ ﺣﴫ ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ :ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﺑﴩﻳﺔ ،وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ وﺗﻮﺿﻴﺢ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻓﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺘﻌﺪﻳﻨﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ واﻟﺘﺠﺎري ،وﻣﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻴﺪان ﻋﲆ ﺣﺪة ﻣﻦ ﻣﺆﺛﺮات ﺗﺮﺟﻊ إﱃ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ أو اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻷﺧﺮى ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ … ﻧﴫ اﻟﺴﻴﺪ ﻧﴫ ١٩٦٠ ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أو املﻮارد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻌﺪد ﺣﺎﺟﺎت اﻹﻧﺴﺎن ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻻﻧﻘﺴﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ ﻛﺘﻞ وأﺣﻼف ﺗﺤﺎول ﻛﻞ ﻛﺘﻠﺔ إﺷﺒﺎع ﻣﻌﻈﻢ ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻮاردﻫﺎ املﺤﻠﻴﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﺧﺸﻴﺖ اﻟﺪول ﻣﻦ أن ﺗﺴﺘﺄﺛﺮ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺤﺎﴐة ﺑﺄﺟﻮد املﻮارد وأرﺧﺼﻬﺎ ﻓﺘﺪﺧﻠﺖ ﺑﻘﺼﺪ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ. ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺠﻤﻴﺔ ١٩٦٣ … راﻋﻴﻨﺎ أن ﻳﻨﺼﺐﱠ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻋﲆ إﺑﺮاز أﺛﺮ اﻟﻈﺮوف اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ — اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ — ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻷﺳﺲ واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻻﻗﺘﺼﺎدي ملﻮارد اﻟﺜﺮوة … ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺎﺗﺢ ﻋﻘﻴﻞ ،ﻓﺆاد ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﻘﺎر ١٩٦٨
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﺮع ﻫﺎم ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ،وﻫﺪف دراﺳﺘﻬﺎ ﺳﻄﺢ اﻷرض ،ﻻ ﻛﻤﺎ ﺗﺪرﺳﻪ ﻓﺮوع ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ أﺧﺮى ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ زاوﻳﺔ أﺧﺮى ﺗﻤﻜﻦ اﻟﺪارس ﻣﻦ أن ﻳﺮاﻗﺐ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﺠﻮ اﻷرض؛ أي ﻣﺎ ﻳﺪور ﻋﲆ اﻷرض ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﺎت وﺗﻔﺎﻋﻼت ﺑﴩﻳﺔ وﻃﺒﻴﻌﻴﺔ .واملﻮارد ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻨﺎول ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ ﻣﺼﺎدر اﻟﺜﺮوة وﺗﻔﺎﻋﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﻋﻨﺎﴏ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻧﻈﻢ اﻻﺳﺘﻐﻼل وﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ ،اﻟﻨﻘﻞ ،اﻟﺘﺒﺎدل واﻟﺘﺠﺎرة إﻟﺦ. املﺆﻟﻔﺎن اﻟﻘﺎﻫﺮة ﰲ أﻛﺘﻮﺑﺮ ١٩٧٠
8
ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ
ﻳﺴﺘﺄﺛﺮ املﻮﺿﻮع اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺑﻨﺼﻴﺐ واﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ﰲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻠﻐﺎت، وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ ﻟﺴﺒﺒني ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻬﻮﻟﺔ املﻮﺿﻮع أو وﺿﻮح املﻨﻬﺞ: اﻟﺴﺒﺐ اﻷول :أن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ أﺷﻜﺎل اﻹﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻬﻼك اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺨﻀﻊ ﻷرﻗﺎم إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺮﻏﻢ اﻟﺘﻔﺎوت املﻼﺣﻆ ﰲ دﻗﺔ اﻷرﻗﺎم ﺑني اﻟﺪول ،أو ﰲ ﺗﻌﻤﺪ ﺗﻀﺨﻴﻤﻬﺎ ﻷﺳﺒﺎب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وإﻋﻼﻣﻴﺔ ،أو ﺗﺠﻨﺐ ذﻛﺮﻫﺎ ﻷﺳﺒﺎب اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ .وﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺻﻮرة ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ﻷﺷﻜﺎل اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺗﻪ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض. واﻟﺴﺒﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻫﻮ أن اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺸﺘﻰ ﺻﻮره ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻲ إﱃ املﺘﻘﺪم ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴٍّﺎ ،ﻳﻤﺲ ﺻﻤﻴﻢ ﺣﻴﺎة املﺠﺘﻤﻌﺎت وﺣﻴﺎة اﻟﺪول ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟ ﱠﺮاﻫﻦ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﺪراﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ — ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ وﻏري ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ )اﻗﺘﺼﺎد ﺑﺤﺖ ،أو اﻗﺘﺼﺎد اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ً ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ ﺷﺘﻰ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ اﻟ ﱠﺮﺧﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أو اﻗﺘﺼﺎد ﺳﻴﺎﳼ( — ﺗُﻤﺜﻞ إﱃ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ.
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﺗﺘﻨﺎول اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻮﺿﻮع اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﻻ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻋﻠﻢ آﺧﺮ، ﻫﺬه ﻫﻲ زاوﻳﺔ ﺗﻮزﻳﻊ أﺷﻜﺎل اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﺮﺗﻴﺒﻪ املﻜﺎﻧﻲ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض ،وﻣﺎ ﻳﺘﺪاﺧﻞ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻮزﻳﻊ املﻜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺗﺄﺛريات ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻋﻦ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻷرض واﻟﻨﺎس؛ ﻗﺪ ﺗﺼﻞ إﱃ درﺟﺔ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ أﺷﻜﺎل اﻹﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻬﻼك ﻟﻔﱰات زﻣﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﻠﻔﻴﺎت ﺣﻀﺎرﻳﺔ وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ. وﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋً ﺎ ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺪارﺳني ﰲ ﻏري اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ؛ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺨﺼﻴﺺ :اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻛﺬﻟﻚ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻬﻴﺌﺎت واملﻌﺎﻫﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺗﺨﻄﻴﻂ املﴩوﻋﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺗﺨﻄﻴﻂ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ واﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻄﺮق واملﻮاﻧﺊ ،ﺗﺨﻄﻴﻂ املﺪن واﻟﻌﻤﺮان. وﻳُﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﻴﺌﺎت واملﻌﺎﻫﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ املﻌﺎﻫﺪ املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﻨﻮك ،اﻟﺴﻜﺮﺗﺎرﻳﺔُ ،ﻏﺮف اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،اﺗﺤﺎدات املﺼﺪﱢرﻳﻦ أو املﺴﺘﻮردﻳﻦ ،ﻫﻴﺌﺎت اﻟﺨﺪﻣﺎت واﻟﻨﻘﻞ اﻟﱪي واﻟﺠﻮي واﻟﺴﻴﺎﺣﺔ وﻏري ذﻟﻚ. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺪارﳼ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻘﺘﴤ ﺗﻘﴢ ﺣﻘﺎﺋﻖ ُ واﻟﻐﻼف اﻟﻐﺎزيﱡ وﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﱰﺑﺔ واﻟﻐﻼف ﻛﺜرية ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ :اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﺼﺨﺮي اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻸرض ﻛﻤﻮارد ﻓﻌﻠﻴﺔ أو ﻣُﺮﺗﻘﺒﺔ ﻟﻠﺜﺮوة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﺗﻘﺘﴤ ﺗﻘﴢ ﺣﻘﺎﺋﻖ أﺧﺮى ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻧﺴﺎن :ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺗﻜﻮﻳﻨﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ وﻃﺎﻗﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ،ﻛﻌﻨﴫ أﺳﺎﳼ ﰲ اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ اﻟﻨﺎﺟﺢ ملﻮارد اﻟﺜﺮوة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. وﺗﻘﺘﴤ أﺧريًا ﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﻌﻨﴫﻳﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﺒﴩي ﻋﲆ ﺧﻠﻔﻴﺔ املﻜﺎن اﻟﺠﻐﺮاﰲ وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻣﻮﻗﻌﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺨﻄﻮط اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻌﺎملﻴﺔ. وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ َﻗ ﱠﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻧﻈري ﰲ ﻓﺮوع اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻷﺧﺮى؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻣﻼﺣﻘﺔ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻐﻴري اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ. وﻫﺬه ﻫﻲ أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻼﻗﻴﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻋﺐ ﰲ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ .وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺘﺤﻮل إﱃ دراﺳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﴪﻳﻌﺔ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ. 10
ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ
وﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﲆ أي ﻛﺘﺎب ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أن ﻳﻌﻄﻲ ﺻﻮرة ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ اﻟﺼﻮر اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻷﺷﻜﺎل اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻊ دراﺳﺔ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻟﻨﻤﺎذج وأﻧﻤﺎط ﻫﺎﻣﺔ ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ راﻋﻴﻨﺎه ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،داﻋني اﻟﺪارﺳني إﱃ ﻗﺮاءة ﻣﺼﺎدر أﺧﺮى ﰲ املﻮﺿﻮع ﻟﻜﻲ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻧ ُ ِﴩ إﻟﻴﻪ إﻻ ملﺎﻣً ﺎ. املﺆﻟﻔﺎن اﻟﺪوﺣﺔ – ﻗﻄﺮ ﰲ ١٩٧٣ / ١٠ / ٢٠
11
ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ
ﺣﺪث ﺗﻄﻮر ﻛﺒري ﰲ ﺷﺘﻰ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺬ أن ﺻﺪرت اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﺧﻼل رﺑﻊ ﻗﺮن ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺗﻐريت أﺷﻜﺎل ﻣﻦ اﻟﻘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﺗﺨﲆ اﻟﻐﺮب ﻋﻦ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت املﻠﻮﺛﺔ ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ أﻛﱪ ﻣﻨﺘﺞ ﻟﻠﻐﺬاء .أﻣﺎ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﺈن ﺳﻌﻴﻬﺎ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،واﻟﻘﻠﻘﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﺣﻴﺎة ﻫﺬه اﻟﺪول ﻋﺎدة ﺟﻌﻞ اﻻﺗﺠﺎه إﱃ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ أﻗﻞ ً ﺑﺮﻳﻘﺎ وأﻗﻞ ﻛﻤٍّ ﺎ — ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ — ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﺎس. ﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ املﻌﺪﻟﺔ ﻗﺪ اﺣﺘﻮت ﺗﻘﺪﻳﻤً ﺎ ﻋﺎﻣٍّ ﺎ ﻟﻠﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﺷﺘﻰ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ اﺳﺘﻐﺮق ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺼﻮل ،ﺛﻢ أﻓﺮدﻧﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﻓﺼﻮل ملﻌﺎﻟﺠﺔ أﺷﻜﺎل اﻹﻧﺘﺎج اﻷوﱄ: اﻟﺴﻤﻜﻲ واﻟﻐﺎﺑﻲ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ واﻟﺰراﻋﻲ ﰲ اﻹﻃﺎر اﻟﺠﻐﺮاﰲ اﻟﺬي ﻳﻔﴪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر املﻜﺎﻧﻲ ﻟﻬﺬه املﻨﺘﺠﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻐﺬاء اﻹﻧﺴﺎن ،وﻫﻮ املﻮﺿﻮع اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ ﻟﻪ اﻷوﻟﻴﺔ واﻟﺬي ﺳﺘﺸﺘﺪ أزﻣﺎﺗﻪ ﺧﻼل أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﻘﺎدم ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢ ﻗﺮن اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم. املﺆﻟﻔﺎن اﻟﻘﺎﻫﺮة ﰲ ١٩٩٦ / ٦ / ٦
اﻟﻘﺴﻢ اﻷول
ﻣﻜﻮﻧﺎت اﳉﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
ﻣﻴﺪان اﳉﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
) (1ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ) (1-1اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺤﺪد اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ — ﺑﺼﻮرة ﻋﺎﻣﺔ — ﻋﲆ أﻧﻬﺎ املﻌﻠﻮﻣﺎت املﺤﺪدة واملﻨﻈﻤﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﻮزﻳﻊ وﺗﻨﻈﻴﻢ املﻈﺎﻫﺮ املﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض ،ﻓﺎﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ وﺻﻒ ورﺑﻂ وﺗﻌﻠﻴﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻇﺎﻫﺮات اﻷرض ودراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺎت وﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺒﴩي واﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﺑﺎملﴪح اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻘﺎرات واﻷﻗﺎﻟﻴﻢ. وﻟﻠﺪراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻗﻴﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻷﺳﺒﺎب ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﻦ ﺑني أﻫﻢ أﺳﺒﺎب ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ ﻣﺎ ﻳﲇ: ً أوﻻ :أن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻵن ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻳﻨﻜﻤﺶ ﻣﻜﺎﻧﻴٍّﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﴎﻋﺔ وﻛﺜﺎﻓﺔ ﺧﻄﻮط اﻻﺗﺼﺎل ،واﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﱪﻳﺔ واﻟﺒﺤﺮﻳﺔ واﻟﺠﻮﻳﺔ ،وﺗﺮﺗﺐ ﻋﲆ ﻗﴫ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻐﺮﻗﻪ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﱃ آﺧﺮ وﻣﻦ ﻗﺎرة إﱃ أﺧﺮى أن أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﱰاﺑﻂ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﻤﻮ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل املﺮﺋﻲ وﻏري املﺮﺋﻲ :ﺗﻠﻴﻔﺰﻳﻮن وﻓﺎﻛﺲ وﺗﻠﻜﺲ وﺗﻠﻔﻮن ً أﺳﺎﺳﺎ ﻋﲆ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ وﻧﻈﻢ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺮﺋﻲ ،ودﺧﻮﻟﻨﺎ ﻋﴫ ﺛﻮرة املﻌﻠﻮﻣﺎت املﻌﺘﻤﺪة اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وﻏريﻫﺎ ،وﻳﺼﺒﺢ ملﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ أي ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ — ﺳﻮاء ﻛﺎن ﺣﺪﺛًﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ أو اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ أو ﺳﻜﺎﻧﻴٍّﺎ — ﺻﺪاه ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﺧﺮى. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :إن اﻟﺘﺨﺼﺺ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻫﻮ اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ ﻧﻤﻮ اﻟﻌﴫ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺗﻪ ﻗﺪ رﺑﻂ أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺸﺒﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري ﺗﺰداد
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ً ﺗﻜﺎﺛﻔﺎ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﻷﺧﺮى .وﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري أﺻﺒﺢ ﴐورة ﻣﻠﺤﺔ ﻟﺤﺎﺟﺎت اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻴﺎة؛ ﻓﺎﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ — ﻛﺤﺎل ﻣﻌﻈﻢ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم — ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﱃ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﺳﺘرياد ﺧﺎﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺎﺗﻬﺎ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﺗﺮﺗﺐ ﻋﲆ اﻟﺘﺨﺼﺺ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ اﻟﺬي ﻧﺠﻢ ﻋﻦ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻧﻘﺴﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ ﻗﺴﻤني ﻣﺘﻤﻴﺰﻳﻦ ﻛﺎن ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ أﺳﻤﺎء ﻣُﺨﺘﻠﻔﺔ ﺧﻼل اﻟﻘﺮﻧني اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ واﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﻓﻘﺪ ُﺳﻤﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻷوروﺑﻲ ً أوﻻ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺛﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﻣﱪﻳﺎﱄ ،ﺛﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم ﺑﻌﺪ أن ﻓﻘﺪ ﻣﻌﻈﻢ املﺴﺘﻌﻤﺮات ،وﺑﻌﺪ ﻧﻤﻮ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ املﻨﻄﻘﺔ املﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ — أﻣﺮﻳﻜﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ واﻟﻴﺎﺑﺎن — أﻣﺎ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳ َُﺴﻤﱠ ﻰ ﻋﺎﻟﻢ املﺴﺘﻌﻤﺮات ،ﺛﻢ ُﺳﻤﱢ ﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﺨﻠﻒ ،واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨ ﱠ ِﺎﻣﻲ ،واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ 1 .وﺑﺮﻏﻢ اﺧﺘﻼف اﻟﺘﺴﻤﻴﺎت ﻓﺈن املﻀﻤﻮن اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻌﺎملني ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜريًا إﻻ ﻣﻨﺬ أواﺋﻞ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت. وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑني اﻟﻌﺎملني ﰲ ﺣﺠﻤﻬﺎ اﻟﻜﻤﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري ﺑني ﺳﻠﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وأﺳﺲ ﻧﻈﻢ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم ،وﺳﻠﻊ اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ واملﻌﺪﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ. ﻟﻜﻦ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ — ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﴩوﻋﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﻨﻤﻴﺔ ﻣﻮارد اﻟﺨﺎﻣﺎت املﻌﺪﻧﻴﺔ واﻟﺰراﻋﻴﺔ ،أو ﻣﴩوﻋﺎت إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ — ﺗﺆدي إﱃ ﺗﻐري ﻣ ُْﺴﺘَ ِﻤﺮ ﰲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري .وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺼﻮرة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن واﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ آﺧﺬة ﰲ اﻟﺘﻐري ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺒﴩﻳﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة .ودراﺳﺔ ﻫﺬه اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻋﲆ أﻛﱪ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ، وﺗﻌﻄﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻀﺎف إﱃ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. وﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﺮﻋً ﺎ ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ .وﻣﻤﺎ ﻳﺆﺧﺬ ً دﻟﻴﻼ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ املﺘﺰاﻳﺪة ﱠ أن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺗﻨﻄﻮي ﺗﺤﺖ أﻗﺴﺎم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺒﴩﻳﺔ ،ﻛﻔﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوﻋﻬﺎ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺴﻜﺎن واﻟﻌﻤﺮان واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .ﻟﻜﻦ ﺗﻀﺨﻢ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺗﺸﻌﺒﻬﺎ ﻗﺪ أدى ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واملﻨﺎﻫﺞ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ إﱃ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻦ 18
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
ً ﻣﻨﻔﺼﻼ ﰲ املﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﰲ ﺟﻨﺒًﺎ إﱃ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺒﴩﻳﺔ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺼﺒﺢ ﻗﺴﻤً ﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺒﴩﻳﺔ. وﻗﺪ رأى ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني رأي اﻷﺳﺘﺎذ ﻫﺎرﺗﺴﻬﻮرن R. Hartshornأن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻛﻜﻞ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻫﺬا املﻔﻬﻮم ﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺄﻛﻴﺪًا ﻓﺘﺠﻌﻞ ﻟﻠﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻗﺴﻤني رﺋﻴﺴﻴني ﻫﻤﺎ :اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. وﺗﺤﺖ اﻟﻘﺴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺗﺪرس اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﺎﻣﻞ ﴐوري ﻟﻔﻬﻢ وﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ واﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض. وأﻳٍّﺎ ﻛﺎن اﻻﺗﺠﺎه واملﻨﻬﺞ ،ﻓﺎﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ أن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻛﺜريًا ﰲ ﺗﺤﻠﻴﻞ وﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﰲ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺴﻜﺎن واﻟﻌﻤﺮان واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ. وﻳﻨﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﱠ أن »اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺪرس ﰲ ﻣﺠﺎﻟﻬﺎ اﻟﻌﺎم ﻛﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎل إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﻴﺎة وﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ «.أي إﻧﻬﺎ ﺗﺪرس ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﺼﻮل اﻹﻧﺴﺎن ﻋﲆ اﻟﻐﺬاء وﴐورات اﻟﺤﻴﺎة وﻛﻤﺎﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺷﺒﺎع ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﻬﺮة اﻟﻨﺎس أو ﺧﺎﺻﺘﻬﻢ ﻃﺒﻘﻴٍّﺎ أو ﻣﺎدﻳٍّﺎ أو ﻓﻜﺮﻳٍّﺎ. وﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻓﺈن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﰲ دراﺳﺘﻬﺎ إﱃ ﺗﻨﻈﻴﻢ وﺗﺤﻠﻴﻞ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ) (١اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﺴﺎن ملﺼﺎدر اﻟﺜﺮوة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ :املﻌﺎدن واﻟﱰﺑﺔ واملﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ واملﺎﻟﺤﺔ. ) (٢إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ ﰲ ﻛﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ :اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ واملﻌﺪﻧﻴﺔ ،اﻷﻏﺬﻳﺔ، اﻟﺴﻠﻊ املﺼﻨﻌﺔ. ) (٣ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﻘﻞ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺴﻠﻊ املﻨﺘَﺠَ ﺔ إﱃ أﺳﻮاق اﻻﺳﺘﻬﻼك. ) (٤اﻟﺨﺪﻣﺎت واﻟﺘﺠﺎرة — أو اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺜﺎﻟﺚ — ﻛﺠﺰء ﻫﺎم ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﻌﺎﴏ ،وﻋﺎﻣﻞ ﻣﺆﺛﺮ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج وأﻧﻤﺎط اﻻﺳﺘﻬﻼك ،وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ :اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺒﻨﻜﻴﺔ واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻛﻌﻨﴫ ﻣﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﺳﺘﺨﺪام اﻷرض واﻻﺳﺘﻬﻼك.
19
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (2-1ﺗﻄﻮر ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷملﺎﻧﻲ ﻛﺎرل رﻳﱰ C. Ritterﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺗﻮزﻳﻊ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻮزﻳﻌً ﺎ ﻣﺤﺼﻮﻟﻴٍّﺎ ،وﻗﺪ أدى ذﻟﻚ إﱃ ﻇﻬﻮر اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ً اﺳﺘﻜﻤﺎﻻ ﻟﺒﻨﺎﺋﻬﻢ اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻃﻼب ﻛﻠﻴﺎت اﻟﺘﺠﺎرة إﱃ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻤﻲ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺧﺬ ﻣﺒﺪأ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻳﺴﻮد ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺒﺤﺚ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻋﲆ ﺿﻮﺋﻪ ﻛﺎن ﺗﻔﺴري ﻧﺸﻮء اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ﻣﺮﺗﺒ ً ﻄﺎ ﺑﻮﺟﻮد ﻣﺼﺎدر ﻟﻠﺜﺮوة املﻌﺪﻧﻴﺔ أو اﻟﻄﺎﻗﺔ ا ُملﺤﺮﻛﺔ ﰲ املﻜﺎن ﻧﻔﺴﻪ. وﺑﻌﺪ ﻣﺒﺪأ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻇﻬﺮ ﻣﺒﺪأ آﺧﺮ أوﺳﻊ وأﺷﻤﻞ؛ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ا ُملﺘَﺒَﺎدل ﺑني املﻜﺎن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ )ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻛﻞ ﻇﺮوﻓﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ( واﻹﻧﺴﺎن .وﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻫﺬا املﺒﺪأ ﺑﻮﺿﻮح ﰲ آراء اﻷﺳﺘﺎذﻳﻦ اﻷملﺎﻧﻴني ﻟﻮﺗﺠﻨﺰ (١٩٢١) 2وﻫﺎﺳﻨﺠﺮ ).(١٩٣٣ وﻗﺪ اﺑﺘﺪع ﻟﻮﺗﺠﻨﺰ ﻣُﺼﻄﻠﺢ »اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي« ،Economic Regionوﻋ ﱠﺮف اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺎﻛﺮﺗﻲ H. H. Mecartyاﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ» :ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻘﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎدي «.وﻳﻘﺴﻢ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻘﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎدي إﱃ :ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺠﻤﻊ واﻻﻟﺘﻘﺎط ،وﻣﺮﺣﻠﺔ اﺳﺘﺨﺮاج املﻌﺎدن ،وﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﻋﻲ »ﺑﺪاﺋﻲ وﻋﻠﻤﻲ«، وﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ،وﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،وﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺨﺪﻣﺎت. وأوﺿﺢ ﻫﺎﺳﻨﺠﺮ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻣﺆﻳﺪًا ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ً ﻗﺎﺋﻼ :ﱠ »إن ﻣ ُِﻬﻤﱠ ﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻲ دراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻻﻗﺘﺼﺎد واملﻜﺎن اﻟﺠﻐﺮاﰲ ،وﻫﺪﻓﻬﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺳﻄﺢ اﻷرض إﱃ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ودراﺳﺔ أﺷﻜﺎل وﻣﻤﻴﺰات ﻫﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ3 «. وﻣﺎ زال ﻫﺬا املﺒﺪأ ﺳﺎرﻳًﺎ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎص ﰲ املﺆﻟﻔﺎت اﻷملﺎﻧﻴﺔ ،واﻟﺨﻄﻮة اﻷﺧرية ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷملﺎﻧﻲ اﻷﺳﺘﺎذ أو ﺗﺮﻣﺒﺎ 4 ،اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ إﱃ إﻳﺠﺎد ﻣﺒﺎدئ وﻗﻮاﻧني ﻟﻠﺒﻨﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﻄﻮره .وﻋﲆ ﺿﻮء ﻫﺬا املﺴﻌﻰ ﺗﺼﺒﺢ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ واﻟﱰﻛﻴﺒﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺗﻮاﻓﻖ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﺑني ﺟﻤﻴﻊ ﻋﻨﺎﴏ اﻷﺷﻜﺎل واﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد وﻣﺒﺎدﺋﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﻷﺧﺮى؛ أي أن ﻳﺼﺒﺢ ﺷﻜﻞ ووﻇﻴﻔﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺴﺎﺋﺪ ﰲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ،ﻣﺎ ﻫﻮ إﻻ ﺗﻮاﻓﻖ ﺑني اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻬﺬا املﻜﺎن وﻗﻮاﻧني اﻻﻗﺘﺼﺎد. 20
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺘﻄﻮر ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ رﺟﻊ إﱃ أن اﻻﺗﺤﺎد ً ﻫﺎﺋﻼ .وﻗﺪ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع ﻗﺮن اﻧﻘﻼﺑًﺎ ﺻﻨﺎﻋﻴٍّﺎ وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴٍّﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻐﻴري وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻬﻤﻪ وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﺑﺎﻻرﺗﺒﺎط ﻣﻊ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ .وﻓﻮق ﻫﺬا ﻓﺈن اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺬي أﺣﺪﺛﺘﻪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﰲ ﺷﺘﻰ املﺠﺎﻻت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ واﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ أﻋﻄﻰ اﻟﺠﻐﺮاﰲ اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ ﻓﺮﺻﺔ أﺧﺮى ﻟﺪراﺳﺔ إﻋﺎدة اﻟﺒﻨﺎء ،واﻻﺷﱰاك ﰲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺬي أدى إﱃ ﻫﺠﺮة اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﻌﻤﺮان ﻋﱪ ﺟﺒﺎل اﻷورال إﱃ ﺳﻴﺒريﻳﺎ ووﺳﻂ آﺳﻴﺎ. ً وﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻫﺬا ﻓﺈن اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﺠﻐﺮاﰲ ﻳﺸﻬﺪ ﻓﺘﺢ آﻓﺎق ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ ﺑﺎردة أو ﺟﺎﻓﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﺮف اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺑﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﻨﻘﻞ واملﻮاﺻﻼت ﺟﻌﻞ ﻟﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﺑﺤﻴﺚ إن ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴني ﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﻋﻦ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﲆ أﻧﻪ »ﻋﺎﻣﻞ« ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺑﻞ »ﻋﻨﴫ« ﻣﺆﺛﺮ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. وﻓﻜﺮة »اﻹﻗﻠﻴﻢ« ﰲ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ — رﻏﻢ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ — ﻟﻴﺴﺖ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﻻ ﻓﻜﺮة ﻣُﻄﻠﻘﺔ ﻻ ﻧﻈري ﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. وﻋﲆ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس؛ ﱠ ﻓﺈن »اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﺠﻐﺮاﰲ« ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ اﺟﺘﻬﺎد ﻋﻘﲇ ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .وﻻ ﺷﻚ أن املﻨﻬﺞ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴني ﱠ وﻳﴪ ﻟﻬﻢ اﻧﺘﻈﺎم املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﰲ أﻧﻤﺎط وﻗﻮاﻟﺐ واﺿﺤﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻤﻤﺔ .ﻓﺎﻹﻗﻠﻴﻢ إذن ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺑﻔﺮوﻋﻬﺎ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ وﺣﺪات ﺗﻤﺎﺛﻞ وﺣﺪات اﻟﺰﻣﻦ ﰲ اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أو اﻟﺘﺎرﻳﺦ. ً ً وﻫﺬه اﻟﻮﺣﺪات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐري زﻣﺎﻧﺎ وﻣﻜﺎﻧﺎ وﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺠ ﱡﺰؤ واﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ُﻛﻠﻤﺎ زاد ﻋﺪد ﻋﻨﺎﴏ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ،واﻟﻔﻀﻞ ﰲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻐﻴري اﻟﻮﺣﺪات اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ — ﺧﺎﺻﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ — ً أﺳﺎﺳﺎ إﱃ اﻟﻌﻨﴫ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﻟﻴﺲ إﱃ اﻟﻌﻨﴫ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ؛ وذﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﴪﻋﺔ ﻳﺮﺟﻊ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ؛ ﻓﻠﻘﺪ ﱠ ﻏري اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻣﻈﻬﺮ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﰲ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف ﺳﻨﺔ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻪ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ )اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﺧﻂ ﺳريﻫﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ دون ﺣﺪوث ﻃﻔﺮات وﺗﻐريات ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ( ﰲ ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻨﺔ .وﻟﻌﻞ اﻟﻨﺸﺎط اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻐﺬاء ﻫﻮ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ا ُملﺤَ ﱢﺮك اﻟﺠﻮﻫﺮي ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻐﻴري ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ا ُملﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ؛ ﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ وﻟﻄﻤﻮﺣﻪ املﺴﺘﻤﺮ أﻛﺜﺮ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ وأوﻓﺮ إﻧﺘﺎﺟً ﺎ ﻣﻤﺎ ﻟﻮ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻋﲆ ﺣﺎﻟﻬﺎ. 21
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ ﻣﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﻷﺳﺘﺎذ E. B. Shawﰲ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻟﻠﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إذ ﻳﻘﻮل» :إن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﺠﻬﻮدات اﻹﻧﺴﺎن واملﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻪ ﰲ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﻟﻠﻌﻴﺶ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،واملﻮارد اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ واﻹﻧﺘﺎج واﻟﻨﻘﻞ ،وﺗﻮزﻳﻊ املﻮارد واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت واملﺤﺎﺻﻴﻞ5 «. وﻳﻮﺿﺢ اﻷﺳﺘﺎذان ﺟﻮﻧﺰ ودارﻛﻨﻔﺎﻟﺪ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ: ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ دراﺳﺔ ﻟﻠﺼﻴﺪ اﻟﱪي وﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﺮﻋﻲ واﻟﺤﺮف واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻐﺎﺑﺎت واﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺘﻌﺪﻳﻦ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﻨﻘﻞ واﻟﺘﺠﺎرة 6 .وﻳﺘﺎﺑﻌﺎن ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻤﺎ ﻓﻴﻘﻮﻻن :إن ﻫﻨﺎك ﺣِ َﺮ ًﻓﺎ أﺧﺮى ﻏري داﺧﻠﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﻬﻦ اﻟﻄﺒﻴﺐ واملﻮﺳﻴﻘﻲ واملﻌﻠﻢ واﻟﺴﻴﺎﳼ واﻟﻜﺎﺗﺐ … إﻟﺦ. ﱠ وإن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗُﻌﻨَﻰ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﺤِ َﺮف ا ُملﻨﺘﺠﺔ ،وﺗﺴﻌﻰ ملﺤﺎوﻟﺔ ﴍح أﺳﺒﺎب ﺗﻤﻴﺰ أو ﺗﻘﺪم ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج واﻟﺼﺎدرات ،وملﺎذا ﺗﺨﺘﺺ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﺑﺎﻻﺳﺘرياد. ) (3-1أﻗﺴﺎم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﺘﻔﻖ ﻛﻞ املﺨﺘﺼني ﺑﺸﺌﻮن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ — ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ أو إﻧﺠﻠﱰا أو أﻣﺮﻳﻜﺎ وﰲ ﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ — ﻋﲆ ﱠ أن ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﻬﺎﻣﺔ .ﻓﺎﻷﺳﺘﺎذ ﻫﺎﻧﺰ ﺑﻴﺶ 7 H. Boeschﻳﻘﻮل :إن أﻗﺴﺎم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ: اﻷول :ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﻐﺎﺑﺎت وﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وإﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻨﻘﻞ واﻟﺘﺠﺎرة. وﻳﻮﺿﺢ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻴﺶ دور ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ وﺗﻄﻮر ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﴬب ً ﻣﺜﻼ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ .ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ١٨٠٠م ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ) ٪٨٠ﻣﻨﻪ( ﻳﺪور ﺣﻮل اﻟﺰراﻋﺔ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻗﻄﺎﻋﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﻳﺘﻘﺎﺳﻤﺎن ﺑﻘﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺤﺮف اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ) ٪١٠ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ( .وﰲ ﻋﺎم ١٩٥٠م ﺗﺴﺎوت ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻗﻄﺎﻋﻲ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ) ٪٣٥ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ( ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﺎﻫﻤﺖ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﺑ ٪٣٠ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي. 22
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
وﻳﺘﻮﻗﻊ اﻟﺨﱪاء أن ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻫﺬه اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺜﻼث ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﺎم ٢١٠٠م ﺳﺘﻜﻮن ٪٨ﻟﻠﺰراﻋﺔ ،و ٪١٢ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ ،و ٪٨٠ﻟﻠﺨﺪﻣﺎت 8 ،وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا أن اﻟﺰراﻋﺔ ﻗﺪ أﺧﺬت ﺗﻨﻜﻤﺶ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت. وﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ اﻻﻧﻜﻤﺎش أن اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﻳﻘﻞ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﰲ زﻳﺎدة ﻣُﺴﺘﻤﺮة ،وﻟﻜﻦ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ ﻳﻘﻞ أﻣﺎم ازدﻳﺎد اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت. وﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ،ﺑﻞ ﺗﺸﺎرﻛﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم ،وﺗﺘﺠﻪ إﻟﻴﻬﺎ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ .وﺗﻤﺜﻞ اﻟﺪول املﺘﺨﻠﻔﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ اﻟﺰراﻋﺔ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻠﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن. 9 أﻣﺎ اﻷﺳﺘﺎذ أﻟﻜﺴﻨﺪر J. W. Alexanderﻓﻴﻘﺴﻢ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﱃ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺘﺒﺎدل واﻻﺳﺘﻬﻼك .ﺛﻢ ﻳﻌﻮد ﻓﻴ َُﻔ ﱢ ﺼﻞ ﻫﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ: )أ( اﻹﻧﺘﺎج Production
) (١اﻹﻧﺘﺎج اﻷوﱄ :Primary Productionوﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﺳﻮاء اﻟﺬي ﺗﺪﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻧﻤﻮه أو اﻟﺬي ﻳﻨﻤﻮ دون ﺗﺪﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎن. وﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻹﻧﺘﺎج اﻷوﱄ :اﻟﺼﻴﺪ وإﻧﺘﺎج اﻟﻐﺎﺑﺎت واﻟﺘﻌﺪﻳﻦ واﻟﺰراﻋﺔ. ) (٢اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺜﻨﺎﺋﻲ :Secondary Productionوﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ أﺷﻜﺎل املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ املﻌﺪﻧﻴﺔ واﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﺻﻨﺎﻋﺎت اﻷﺧﺸﺎب واﻷﺳﻤﺎك .وﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ﻧﺠﺪ أن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺴﻠﻌﺔ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ. ) (٣اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺜﻼﺛﻲ :Tertiary Productionوﻳﺸﻤﻞ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺑﻘﻄﺎع اﻟﺨﺪﻣﺎت ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ واﻹﺻﻼح واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺒﻨﻜﻴﺔ واﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺼﺤﺔ واملﻼﻫﻲ واملﺼﺎﻳﻒ واﻟﺴﻴﺎﺣﺔ … إﻟﺦ. )ب( اﻟﺘﺒﺎدل Exchange
) (١اﻟﻨﻘﻞ :اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﺒﻀﺎﺋﻊ واﻷﺷﺨﺎص ،وﻳﺆدي ﻫﺬا إﱃ ﺗﻐري ﻣﻜﺎن اﻟﺴﻠﻌﺔ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ إﱃ زﻳﺎدة ﺳﻌﺮﻫﺎ. ) (٢املﻠﻜﻴﺔ :وﻫﻲ اﻧﺘﻘﺎل ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﺴﻠﻌﺔ ﻣﻦ ﻳﺪ املﻨﺘﺞ إﱃ ﻳﺪ اﻟﺘﺎﺟﺮ إﱃ ﻳﺪ املﺴﺘﻬﻠﻚ، وﻳﺆدي ﺗﺒﺪل املﻠﻜﻴﺔ إﱃ زﻳﺎدة أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ وﻧﺸﺄة ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺠﺎر اﻟﺠﻤﻠﺔ واﻟﺘﺠﺰﺋﺔ. 23
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي )ج( اﻻﺳﺘﻬﻼك Consumption
ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﺴﻠﻊ ﻹﺷﺒﺎع رﻏﺒﺎﺗﻪ ،وﻳُﻤﺜﻞ اﻻﺳﺘﻬﻼك املﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ﻛﻤﺎ ﻳُﻌﺘﱪ ﺳﺒﺐ اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺠﻤﻴﻊ أﺷﻜﺎﻟﻪ وﺳﺒﺐ اﻟﺘﺒﺎدل ﰲ ﻣﺮاﺣﻠﻪ املﺨﺘﻠﻔﺔ .وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻫﺪف اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺠﻤﻠﺘﻪ .ورﻏﻢ ﺻﺤﺔ أي ﺗﻘﺴﻴﻢ ﰲ دراﺳﺔ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻧﻔﻀﻞ أن ﻧﻘﺴﻢ املﻮﺿﻮع إﱃ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ً أوﻻ :اﻹﻧﺘﺎج ،وﻳﺸﻤﻞ اﺳﺘﺨﻼص وإﻧﺘﺎج وﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ واملﻌﺪﻧﻴﺔ ﺑﻜﺎﻓﺔ أﻧﻮاﻋﻬﺎ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻟﻨﻘﻞ واﻟﺘﺠﺎرة ،وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺴﻠﻊ املﺨﺘﻠﻔﺔ وﺗﺒﺎدﻟﻬﺎ ﺑني املﻨﺘﺞ واملﺴﺘﻬﻠﻚ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :اﻻﺳﺘﻬﻼك ،وﻫﻮ ﻫﺪف اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ. اﻹﻧﺘﺎج ﻫﻮ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻳﺸﻐﻞ ﺣﻴ ًﺰا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ؛ وذﻟﻚ راﺟﻊ إﱃ أن دراﺳﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﺨﺎﻣﺎت واﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ ﰲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﺤﻮﻳﻼ ﻣﺮﻛﺒًﺎ ،ﻳﻜﻮن ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺮﺗﺒ ً ً ﺗﺤﻮﻳﻼ ﺑﺴﻴ ً ً ﻄﺎ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻈﺮوف ﻄﺎ أو أو ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ .وﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺪرس دراﺳﺔ أﺻﻮﻟﻴﺔ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ إﻻ داﺧﻞ ﻧﻄﺎق اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ. أﻣﺎ اﻟﺘﺠﺎرة واﻻﺳﺘﻬﻼك؛ ﻓﺈن ﻟﻬﻤﺎ ﻣﺠﺎﻻت دراﺳﺔ أﺧﺮى ﺗﺨﺮج ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﺰ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن دراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻻ ﺗﺘﻢ وﺗﺘﻜﺎﻣﻞ إﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ دراﺳﺔ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﻘﻞ واﻻﺳﺘﻬﻼك؛ ذﻟﻚ أﻧﻬﺎ ً ﻣﻦ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻻ ﺗﺨﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﴍو ً وﻇﺮوﻓﺎ ﺑﴩﻳﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﻃﺎ اﻹﻧﺘﺎج املﺘﺰاﻳﺪ أو املﺘﻨﺎﻗﺺ؛ ﺗﺒﻌً ﺎ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك وﻇﺮوف اﻟﻨﻘﻞ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑني ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أﻧﻬﺎ ﻋﻨﴫ ﺟﻮﻫﺮي ﰲ املﻮﺿﻮع اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ .ﻫﺬا ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ. وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﴬب ً ﻣﺜﻼ ﻳﻮﺿﺢ ﻫﺬا اﻟﱰاﺑﻂ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑني أﻗﺴﺎم اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﺗﻄﻮر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أو اﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ إﱃ آﺛﺎر ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻋﲆ أﻧﻮاع اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﻘﺒﻞ اﻟﻜﺸﻮف اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻜﱪى ﰲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﴩ ،ﻛﺎن اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ — ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﻌﺮوف — إﻧﺘﺎﺟً ﺎ ﻟﻠﻜﻔﺎﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ إﱃ أﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪود ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺼﻮر ﻣﻘﺼﻮرة ﻋﲆ ﺳﻠﻊ ﻣﺤﺪودة ﺗﻨﻄﻮي ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎر »ﻣﺎ ﺧﻒ ﺣﻤﻠﻪ وﻏﻼ ﺛﻤﻨﻪ«؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻀﻌﻒ وﺑﻂء وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺳﻔﻦ وﻗﻮاﻓﻞ )ﻗﻮاﻓﻞ 24
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
اﻟﺠﻤﺎل ﻋﱪ ﺻﺤﺮاء وﺳﻂ آﺳﻴﺎ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻜﱪى اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﻗﻮاﻓﻞ اﻟﺒﻐﺎل واﻟﺨﻴﻞ ﻋﱪ ﺟﺒﺎل وﺳﻂ آﺳﻴﺎ ،واملﺮاﻛﺐ اﻟﴩاﻋﻴﺔ ﺑني اﻟﴩق اﻷﻗﴡ واﻟﻬﻨﺪ إﱃ ﻣﻴﻨﺎء اﻟﺴﻮﻳﺲ وﻣﻦ ﻣﻴﻨﺎء اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ إﱃ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ اﻷوروﺑﻲ(. وﻟﻘﺪ أدت ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺤﺠﻢ اﻟﻮﻓرية اﻟﺮﺑﺢ إﱃ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﺷﺪﻳﺪ ﺑني ﻋﺪد ﻣﻦ ﻣﻮاﻧﺊ أوروﺑﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻨﻄﻠﻖ اﻟﻜﺸﻮف اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ أدت إﱃ اﻛﺘﺸﺎف ﻋﻮاﻟﻢ ﺿﺨﻤﺔ ﰲ اﻷﻣﺮﻳﻜﺘني وأﺳﱰاﻟﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. وﻟﻘﺪ أدى رأس املﺎل املﱰاﻛﻢ ﰲ أوروﺑﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ وﻣﻮارد اﻟﺨﺎم اﻟﻌﺎملﻴﺔ وﺗﺠﺎرﺗﻬﺎ — إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻇﺮوف أﺧﺮى — إﱃ ﻧﺸﻮء اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﰲ اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ آﺛﺎر ﺧﻄرية ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﻠﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ أوروﺑﺎ ﻣﺼﻨﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة إﱃ اﻟﺨﺎﻣﺎت ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل. وﺳﺎﻋﺪ ﻫﺬا ﻋﲆ ﻧﺸﻮء أﺷﻜﺎل اﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ واملﻌﺪﻧﻴﺔ .وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺼﺎرﺧﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ﻋﲆ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻄﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ إﻧﺘﺎج ﻣﻌني إﱃ إﻧﺘﺎج آﺧﺮ ﻳﺨﺪم ﻛﺨﺎﻣﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ .واملﺜﺎل ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺗﻬﺮﻳﺐ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ اﻟﱪازﻳﻞ وزراﻋﺘﻪ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ املﻼﻳﻮ وﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ. وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻤﴤ ﰲ ﺗﻌﺪاد اﻷﻣﺜﻠﺔ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻧﻮﺿﺢ أن اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﺠﺎرة — ﻣﻊ ﺗﻘﺪم اﻟﻨﻘﻞ وﺗﻨﻮع اﻻﺳﺘﻬﻼك — ﻗﺪ أدت إﱃ ﺧﻠﻖ أﺷﻜﺎل إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،وﻗﻀﺖ ﻋﲆ ﻧﻈﻢ إﻧﺘﺎج ﺳﺎﺑﻘﺔ ،وﺣﻮﻟﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ إﱃ اﻟﺘﺸﺎﺑﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎدي. وﻣﻦ ﺛﻢ؛ ﱠ ﻓﺈن إﻧﺘﺎج أي إﻗﻠﻴﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ دراﺳﺘﻪ ﻛﴚء ﻣُﺘﻜﺎﻣﻞ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ، ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ دراﺳﺘﻪ داﺧﻞ إﻃﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﺒﺎدل ﻣﻌﻪ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت. ً )ﻣﺜﻼ ﺟﺒﺎل اﻟﻬﻤﻼﻳﺎ وﻧﺴﺘﺜﻨﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ — ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل — ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺰﻟﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻫﻀﺒﺔ اﻟﺘﺒﺖ أو ﺟﺰﻳﺮة ﺗريادل ﻓﻮﻳﺠﻮ »أرض اﻟﻨﺎر« ﰲ ﺟﻨﻮب أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ … إﻟﺦ(.
25
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺘﺸﺎﺑﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻴﺲ ﻋﲆ درﺟﺔ واﺣﺪة ﰲ أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ — ﻋﲆ ﺿﻮء املﻮﻗﻒ اﻟﺘﺠﺎري — أن ﻧ ُ َﻘ ﱢﺴﻢ ﻣﻌﻈﻢ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ املﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ) (١اﻟﺪول املﻌﺘﻤﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ :وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﺳﺘرياد اﻟﺨﺎﻣﺎت املﻌﺪﻧﻴﺔ واﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ وﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﺴﻠﻊ َ املﺼﻨﱠﻌَ ﺔ .وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻟﻨﻤﺎذج ﻟﻬﺬه املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ودول ﻏﺮب أوروﺑﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن. ) (٢اﻟﺪول املﻮﺟﻬﺔ إﱃ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ :وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺘﺼﺪﻳﺮ اﻷﻏﺬﻳﺔ واﻟﺨﺎﻣﺎت ،وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻌﺪ دول اﻟﺒﱰول ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ أو ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ أو اﻷرﺟﻨﺘني ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻟﻬﺬه املﺠﻤﻮﻋﺔ. ) (٣اﻟﺪول اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ :وﻫﺬه ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻀﻌﻒ اﻹﻧﺘﺎج ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﻒ واﻟﻜﻔﺎﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ وﺳﻴﻄﺮة اﻟﻨﱡﻈﻢ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻋﲆ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎﺗﻬﺎ .وﺗﻌﺪ أﺛﻴﻮﺑﻴﺎ أو ﺑﻮرﻛﻴﻨﺎ ﻓﺎﺳﻮ أو ﺑﺎراﺟﻮاي ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﻟﻬﺬه املﺠﻤﻮﻋﺔ. وﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ ﻫﺬه املﺠﻤﻮﻋﺎت ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﻘﺴﻴﻤً ﺎ ﺟﺎﻣﺪًا .وﻫﻮ إن ﻛﺎن ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﺻﻮرة ﻣﺒﺴﻄﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺿﻮح ،إﻻ أن اﻟﺘﺪاﺧﻞ ﺑني ﻫﺬه املﺠﻤﻮﻋﺎت ﻳﺤﺪث اﻵن وﺑﴪﻋﺔ؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪﻳﺪة أﻫﻤﻬﺎ: )أ( اﺗﺠﺎه ﺷﺪﻳﺪ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﰲ اﻟﺪول املﺘﺨﻠﻔﺔ واﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪات أﺟﻨﺒﻴﺔ أو دوﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﻬﻴﺎر اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﻜﱪى )اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص( ،واﺳﺘﻘﻼل ﻛﺜري ﻣﻦ املﺴﺘﻌﻤﺮات .وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻐﻴري ﰲ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺪول ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﺣﺎﻟﺔ دول اﻟﺒﱰول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ أﻣﻜﻦ اﻛﺘﺸﺎف ﺣﻘﻮل ﻟﻠﺒﱰول ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﰲ ﻋﺪاد اﻟﺪول املﻮﺟﻬﺔ إﱃ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﺪول ﺿﻌﻴﻔﺔ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺴﻮق. )ب( اﺗﺠﺎه ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ دول اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﻗﺪ ﺟﺎء ذﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺛﺒﺎت أﻗﺪام اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول ودﺧﻮﻟﻬﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪ ﺑﻨﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺪاﺧﲇ .وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﺳﺘرياد ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ،ودﺧﻮل اﻟﺒﱰول واﻟﻐﺎز اﻟﺮوﳼ اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ. ﻋﺎﺟﻼ أو ً ً آﺟﻼ — إﱃ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻣﻤﺎ )ﺟ( اﺗﺠﺎه اﻟﺪول املﻮﺟﻬﺔ إﱃ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ — إن ﻳﺆدي ﺑﻬﺎ إﱃ ﺗﻐري ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ. 26
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
) (2ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻨﺎك ﻋﺪة ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺆﻳﺪون وﻣﺤﺒﺬون أو ﻣﻌﺎرﺿﻮن .وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻠﺨﺺ ﻫﺬه املﻨﺎﻫﺞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ: )(١ )(٢ )(٣ )(٤ )(٥
املﻨﻬﺞ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ .The Regional Approach املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ .The Commodity Approach املﻨﻬﺞ اﻟﺤﺮﰲ .The Occupational Approach املﻨﻬﺞ اﻷﺻﻮﱄ .The Principle Approach املﻨﻬﺞ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ .The Functional Approach
) (1-2املﻨﻬﺞ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ دراﺳﺔ »املﻮارد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ داﺧﻞ إﻃﺎر إﻗﻠﻴﻤﻲ؛ ﻛﺎﻹﻗﻠﻴﻢ املﺪاري ً ﻣﺜﻼ أو ﻗﺎرة ﻣﻦ اﻟﻘﺎرات أو ﻗﻄﺮ ﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎر أو إﻗﻠﻴﻢ ﻣﺤﺪود املﺴﺎﺣﺔ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﻧﺲ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺪﻟﺘﺎ اﻟﻨﻴﻞ »وﻻ ﺷ ﱠﻚ ﱠ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺪارس ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻺﻗﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﺪرﺳﻪ .ﻓﻬﻮ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺘﺸﺎﺑﻚ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ ﻣﺒﻴﻨًﺎ ﺗﻜﺎﻣﻠﻪ أو ﻧﻮاﺣﻲ اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻴﻪ10 «. واملﻼﺣﻆ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب ﻳﺠﻤﻌﻮن ﻋﲆ وﺟﻮب ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ً ﺳﻬﻼ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن ﺣﺪود اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﰲ .Economic Regionsوﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻟﻴﺲ أﻣ ًﺮا ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻘﻪ ﺣﺪودًا ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ )ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ أو ﻧﺒﺎﺗﻴﺔ ،أو ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺴﻄﺢ املﺨﺘﻠﻔﺔ( أو ﺣﺪودًا ﺑﴩﻳﺔ )ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ ﻋﺮف ﺧﺎص — دﻳﻦ ﺧﺎص — ﻧﻈﺎم ﺟﻤﺮﻛﻲ ﻣﺤﺪد … إﻟﺦ( وﻫﺬا أﻣﺮ واﺿﺢ إذا ﻣﺎ أﺧﺬﻧﺎ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻛ ﱞﻞ ﻋﲆ ﺣﺪة .ﻓﻬﻨﺎك ﺿﻮاﺑﻂ ﺑﴩﻳﺔ ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ .وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﻌﺾ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﻀﻮاﺑﻂ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻛﺎﻹﻗﻠﻴﻢ املﺪاري اﻟﺬي ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻀﻮاﺑﻂ ﺑﴩﻳﺔ ﻣﺼﺪرﻫﺎ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ. ﻫﺬا ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﰲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ً ﺗﺪاﺧﻼ ﺑني اﻟﻔﻮاﺻﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ إﱃ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻧﺠﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻋﲆ أﺳﺎس واﺣﺪ أو اﺛﻨني. 27
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ورﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ،ﻓﺈن اﻟﺪراﺳﺔ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺗﻔﻴﺪ — ﺑﻼ ﺷﻚ — ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ 11إذا ﻣﺎ أﺧﺬﻧﺎ ﻫﺬه اﻟﺘﻜﺘﻼت ﻋﲆ أﻧﻬﺎ وﺣﺪات ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺘﺪاﺧﻞ وﺗﱰاﺑﻂ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﻳﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺗﺨﻄﻴﻂ وﺳﻴﺎﺳﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. ) (2-2املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ ﻳﻌﺘﱪ املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ ﺑﻼ ﺷﻚ أﻗﺪم وأﺳﻬﻞ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻻ ﺘﺐ اﻟﺠُ ﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ — ﻋﲆ أي ﻣﻨﻬﺞ ﻣﺘﺒﻊ — ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻳﻜﺎد ﻳﺨﻠﻮ ﻛﺘﺎب ﻣﻦ ُﻛ ِ ﻣﺤﺼﻮﻟﻴﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج .وﰲ ذﻟﻚ ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻴﻢ …» :وإن دل ذﻟﻚ ﻋﲆ ﳾء ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ أن ﺟﻮﻧﺰ — أﺣﺪ اﻟﻜﺘﺎب — ﺣﺎول أن ﻳﺘﺤﺮر ﻣﻦ املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻠﺢ وﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ أن ﻋﺎد إﱃ اﺗﺒﺎﻋﻪ ﻋﻨﺪ دراﺳﺘﻪ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ داﺧﻞ ﻛﻞ ﺣﺮﻓﺔ. وﻻ ﻳﻘﺘﴫ ﻫﺬا ﻋﲆ ﻣﻦ ﺣﺎوﻟﻮا اﺗﺒﺎع املﻨﻬﺞ اﻟﺤﺮﰲ … »ﺑﻞ« ﻋﲆ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎوﻟﻮا اﺗﺒﺎع املﻨﻬﺞ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ«12 . وﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺗﻌﺪادًا ﻟﻠﻤﺴﺎﺣﺔ واملﺤﺼﻮل واﻻﺳﺘﻬﻼك واﻟﺘﺠﺎرة .أدﺧﻞ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺠﺪﻳﺪ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺟﺪﻳﺪة ﰲ دراﺳﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ؛ وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺎ أدﺧﻠﻪ اﻷﺳﺘﺎذ 13 E. B. Shawﻣﻦ أﺳﺌﻠﺔ ﻳﺠﺐ اﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺪراﺳﺔ ﻛﻞ ﻣﺤﺼﻮل أو ﺳﻠﻌﺔ ﻋﲆ ﺣﺪة ،وﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻫﻲ: )(١ )(٢ )(٣ )(٤
أﻳﻦ ﺗُﻨْﺘَﺞ وﺗُ َﺴﻮﱠق وﺗُ ْﺴﺘَﻬﻠﻚ؟ أﻳﻦ ﻳُﻤْ ﻜﻦ أن ﺗُﻨﺘَﺞ وﺗُ َﺴﻮﱠق وﺗُ ْﺴﺘَﻬﻠﻚ؟ ملﺎذا ﺗُﻨْﺘَﺞ وﺗُ َﺴﻮﱠق وﺗُ ْﺴﺘَﻬْ َﻠﻚ؟ ﻛﻴﻒ ﺗُﻨْﺘَﺞ وﺗُ َﺴﻮﱠق وﺗُ ْﺴﺘَﻬْ ﻠﻚ؟
ﻓﻔﻲ دراﺳﺔ Shawﻟﻐﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ زراﻋﻴﺔ أو ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ،ﻧﺠﺪه »ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻐﻠﺔ واﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﱃ ﺗﺎرﻳﺦ ﻇﻬﻮرﻫﺎ واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﱃ ﺗﻔﺼﻴﻞ اﻟﻌﻮاﻣﻞ املﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﱰط ﺗﻮاﻓﺮﻫﺎ ﻹﻧﺘﺎج ﻫﺬه اﻟﻐﻠﺔ ،وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻋﲆ ﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ أﻳﻬﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﻹﻧﺘﺎﺟﻬﺎ .ﺛﻢ ﻳﻤﻴﺰ ﺑني ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ ً ﻓﻌﻼ وﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ،ﻣﻮﺿﺤً ﺎ اﻷﺳﺒﺎب ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ أم ﺑﴩﻳﺔ ،ﻛﺎﻟﺘﻌﺮض ﻷﻣﺮاض وآﻓﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ أو ﺣﺪود ﺑﴩﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ .ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ 28
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
إﱃ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻛﻴﻔﻴﺔ إﻧﺘﺎج ﻫﺬه اﻟﻐﻠﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ،ﻣﻊ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻣﺮﻛﺰ ﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻧﺘﺎج ،وﻫﻨﺎ ﻳﺸري إﱃ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮاﺣﻞ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻠﻌﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﱃ ﻳﺪ ا ُملﺴﺘَﻬﻠِﻚ اﻷﺧري .وﻳﺨﺘﻢ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﺘﻮﺿﻴﺢ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻘﻮى اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ إﻧﺘﺎج ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻌﺔ14 «. وﻳﻄﻠﻖ اﻷﺳﺘﺎذ »ﺷﻮ« ﻋﲆ املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ اﺳﻢ »املﻨﻬﺞ املﻮﺿﻮﻋﻲ« Topical وﻳﻘﺴﻤﻪ إﱃ ﻗﺴﻤني: )أ( املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ اﻟﻌﺎم :وﻳﻘﻮم ﻋﲆ دراﺳﺔ املﺤﺼﻮل اﻟﻮاﺣﺪ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻜﻞ، ﻣﺒﺘﺪﺋًﺎ ﺑﺎﻟﴩوط اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج ،وﻣﻨﺘﻬﻴًﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﻬﻼك ،ﻣﻮﺿﺤً ﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻘﻮى اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺘﺠﺎرة ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ذﻛﺮه. )ب( املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ :وﻫﻮ »ﻳﺘﻨﺎول دراﺳﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﺮﺗﺒﻂ ﺑﻐﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﻟﺬات ،وﻗﺪ اﺧﺘﺎر »ﺷﻮ« ﻟﺘﻮﺿﻴﺤﻬﺎ ﻧﻄﺎق اﻟﺬرة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻓﺪرس اﻟﺬرة ﻛﻐﻠﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ دورة زراﻋﻴﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﻼت — ﺗﺪرس رﺑﻤﺎ ﺑﺘﻔﺼﻴﻞ أﻗﻞ — ﺛﻢ ﻳﺪرس ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻐﻠﺔ ﻣﻦ ﻧﺸﺎط اﻗﺘﺼﺎدي ﰲ املﻨﻄﻘﺔ — زراﻋﻴٍّﺎ ﻛﺎن أو ﺻﻨﺎﻋﻴٍّﺎ — ﻓﱰﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان وﺻﻨﺎﻋﺔ ﺣﻔﻆ اﻟﻠﺤﻮم ﺗﺪﺧﻞ ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻨﻄﺎق اﻟﺬﱠرة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة15 . َ ) (3-2املﻨﻬﺞ اﻟﺤﺮﰲ وﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﺗﻘﺴﻴﻢ املﻮﺿﻮﻋﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس ﺣﺮﰲ ﻣﺘﻀﻤﻨًﺎ دراﺳﺔ اﻟﺤﺮف ﻛﻞ ﻋﲆ ﺣﺪة ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺗﺎرﻳﺨﻲ؛ أي :اﻷﻗﺪم ﻓﺎﻷﺣﺪث .وﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻛﺘﺎب ﺟﻮﻧﺰ ودار ﻛﻨﻔﺎﻟﺪ 16ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« ،وﻓﻴﻪ ﻳﺘﻨﺎول املﺆﻟﻔﺎن املﻮﺿﻮع ﺣﺮﻓﻴٍّﺎ ﻣﺒﺘﺪﺋني ﺑﺎﻟﺼﻴﺪ اﻟﱪي واﻟﺒﺤﺮي ،ﺛﻢ اﻟﺤﺮف املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻐﺎﺑﺎت وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺧﺸﺎب ،ﺛﻢ اﻟﺤﺮف املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺮﻋﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﺛﻢ ﺣﺮﻓﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ،ﺛﻢ ﺣﺮﻓﺔ اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ ،ﺛﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،وأﺧريًا اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﻨﻘﻞ. وﻳﺒني املﺆﻟﻔﺎن ﰲ ﻛﻞ ﺣﺮﻓﺔ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أُدﺧﻠﺖ ﻋﲆ اﻟﺤﺮﻓﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ املﺎﴈ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺒﺤﺮي ً ﻣﺜﻼ ﻳﺪرس ﻋﲆ ﺣﺪة اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ املﻌﺎﴏة ،ﺛﻢ ﻳﺪرس اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺬي ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻔﻦ ﱢ واﻟﺸﺒﺎك املﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﺐ 29
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻵﻟﻴﺔ .وﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻳﺪرس املﺆﻟﻔﺎن اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ واﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ املﺤﻠﻴﺔ واﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺘﺠﺎري .ﺛﻢ ﻳﺨﺼﺼﺎن ﻟﻠﺰراﻋﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻗﺴﻤني ﻛﺒريﻳﻦ؛ أوﻟﻬﻤﺎ :اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ املﺪاري .وﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ زراﻋﺔ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻷﻟﻴﺎف اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ .وﰲ داﺧﻞ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻳﺪرس املﺆﻟﻔﺎن ﻛﻞ ﻣﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺣﺪة ،ﻣﺜﻞ اﻟﻜﺎﻛﺎو أو اﻟﺒﻦ أو املﻄﺎط أو اﻟﻘﻄﻦ أو اﻟﺠﻮت. ْ وﻟﻜﻦ املﺆﻟﻔﺎن ﻻ ﻳﻘﺘﴫان ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ ﻓﻘﻂ — ﺑﻌﺪ املﻨﻬﺞ اﻟﺤﺮﰲ — ﺑﻞ ﻳﻨﺘﻘﻼن إﱃ دراﺳﺔ أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﺻﻮر إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ زراﻋﺎت إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،أو زراﻋﺔ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﺠﺎف وﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎف ،أو اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ﻣﻊ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﰲ إﻗﻠﻴﻢ ﺷﻤﺎل ﻏﺮب أوروﺑﺎ وﻛﻨﺪا. ﻓﻜﺄن املﺆﻟﻔني ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻘﺘﴫان ﻋﲆ املﻨﻬﺞ اﻟﺤﺮﰲ ،ﺑﻞ ﻳﺘﻨﺎوﻻن املﻮﺿﻮع ﺑﺸﺘﻰ املﻨﺎﻫﺞ ﺣﺴﺐ اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺪراﺳﺔ. وﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﻋﺪ ٌد آﺧﺮ ﻣﻦ املﺆﻟﻔني ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﺟﻮن أﻟﻜﺴﻨﺪر 17وروﺑﻨﺴﻮن18 . ) (4-2املﻨﻬﺞ اﻷﺻﻮﱄ وﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻌﻮاﻣﻞ املﺆﺛﺮة ﻓﻴﻪ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ وﺑﴩﻳٍّﺎ ،وﻣﺎ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧني ﺗﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج. وﻳ َُﻘ ﱢﺴﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻫﺎﻧﺰ ﺑﻴﺶ 19اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﺮﻛﺐ؛ ﻓﻬﻮ ً أوﻻ ﻳﻘﺴﻤﻪ ﻋﲆ أﺳﺎس) :أ( أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ) .ب( أﻗﺎﻟﻴﻢ ﱠ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن .ﺛﻢ ﻳﻌﻮد ﻓﻴﻘﺴﻢ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﻋﲆ أﺳﺎس اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻻﺳﺘﻐﻼل ا ُملﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﲆ أﺳﺎس درﺟﺔ ﺗﺪﺧﻞ وﺗﺄﺛري اﻹﻧﺴﺎن. وﰲ داﺧﻞ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻳﺪرس ٍّ ﻛﻼ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﻛﻜﻞ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﰲ ﺗﺄﺛرياﺗﻬﺎ املﺘﺒﺎدﻟﺔ ،أو ﻳﻔﺼﻞ ﻛﻞ ﻋﻨﴫ ﻃﺒﻴﻌﻲ أو ﺑﴩي ﰲ دراﺳﺔ ﻣﻔﺮدة .وﻳﺨﺺ ﺑﻴﺶ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻠﺘﺪاﺧﻞ واﻟﺘﺄﺛري اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج .وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﺷﻮ 20ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻣﺒﻴﻨًﺎ اﻟﻘﻮاﻧني اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ا ُملﺘﺤَ ﱢﻜﻤﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ،وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧني اﻷﺳﺎﺳني اﻟﺘﺎﻟﻴني: ) (١ﻇﺮوف اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﻀﻊ ﺣﺪودًا واﺿﺤﺔ ﻹﻣﻜﺎن اﻟﺴﻜﻦ واﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﺟﻬﺎت ً ﻇﺮوﻓﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ .وإذا ﺣﺎوﻟﻨﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،أو أن إﻧﺘﺎج ﻏﻠﺔ ﺑﺎﻟﺬات ﻳﻘﺘﴤ 30
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﲆ ﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ أﻣﻜﻨﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻟﻐﻠﺔ أن ﺗﻨﺘﺞ ﻓﻴﻬﺎ ،وأﻣﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺤﺬف املﻨﺎﻃﻖ ﻏري اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ. وﰲ دراﺳﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﻌﺪﻳﻨﻲ ﻧﺠﺪ ﴍو ً ﻃﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺤﺪد ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻻﺳﺘﻐﻼل، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺤﺪد اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ وﺣﺠﻢ اﻹﻧﺘﺎج وﻋﻤﺮه ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺤﺪد ﺷﻜﻞ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺒﴩي ﰲ املﻨﻄﻘﺔ. ) (٢اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ ﻧﻮع اﻻﺳﺘﻐﻼل وﺗﺤﺪد اﻟﺴﻜﻦ واﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ دون ﻏريﻫﺎ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﺗﺸﺎﺑﻬﺖ ﰲ ﻇﺮوﻓﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .وﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻧﴫ وﺗﺆﺛﺮ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج :املﺴﺘﻮى اﻟﻔﻨﻲ واملﻌﻴﴚ ﻟﻠﺴﻜﺎن ،واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻻﻗﺘﺼﺎدي أو اﻟﺤﺮب واﻟﻘﻼﻗﻞ واﻟﺜﻮرات واﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻻﺗﺠﺎه إﱃ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج أو اﻻﻧﴫاف ﻋﻨﻬﺎ ،ﻣﺮاﻛﺰ اﻻﺳﺘﻬﻼك ودورﻫﺎ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ أﻧﻮاع املﺤﺎﺻﻴﻞ أو ﻧﻮع اﻟﺘﺠﺎرة أو ﺗﺮﻛﺰ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ. ) (5-2املﻨﻬﺞ
اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ 21
وﻫﻮ ﻣﻦ أﺣﺪث املﻨﺎﻫﺞ ﰲ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻨﻬﺞ ﻳﺴﻌﻰ إﱃ دراﺳﺔ اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺴﺎﺋﺪ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﺄﺧﺬ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﺘﺄﺛري اﻟﺒﴩي املﺘﻄﻮر ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج أو اﻟﺘﺠﺎرة. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة أﻣﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﺪة ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﻦ وﻇﺎﺋﻒ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ؛ ﻓﻔﻲ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ أو ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن املﺰرﻋﺔ ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ وﺗﻜﻔﻲ اﻻﺳﺘﻬﻼك املﺤﲇ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻬﻼك ﺗﻜﻮن ﻋﲆ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻌﺪم ﺗﻌﻘﺪ وﺗﺸﺎﺑﻚ وﻇﺎﺋﻒ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮﺣﻆ ﱠ أن اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﺗﺘﻤﻴﺰان ﺑﺎرﺗﺒﺎﻃﺎت وﻇﻴﻔﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻌﻘﺪ اﻟﺰراﻋﺔ املﻮﺟﻬﺔ إﱃ اﻟﺴﻮق واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ. وﰲ داﺧﻞ اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻷي ﻧﺸﺎط اﻗﺘﺼﺎدي ﻧﺠﺪ ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﻬﺎﻣﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ :ﻧﻈﺎم ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ أو وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻧﺘﺎج .وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻠﺘﻄﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ؛ ﱠ ﻓﺈن وﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ﻣ ﱢ ُﺘﻐرية وﻟﻴﺴﺖ ﺛﺎﺑﺘﺔ .ﻓﻌﻨﺪ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻧﺠﺪ ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻷرض وأدوات اﻹﻧﺘﺎج اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﺮدﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ وﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻈﻢ 31
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ املﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﺗﺒﺪأ املﻠﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ أو اﻟﻌﺸرية ،وﻻ ﻳﺼﺒﺢ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﻜﺎن وﻻ وﻇﻴﻔﺔ داﺧﻞ اﻟﺒﻨﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﰲ ﺧﻼل ﻋﻬﺪ أﻣﺮاء اﻹﻗﻄﺎع ﰲ أوروﺑﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺳﻠﻄﺎت وﺳﻄﻮة ﻋﲆ املﻠﻜﻴﺔ اﻟﺼﻐرية أو اﻟﻜﺒرية. وﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﻬﺎﻣﺔ اﻷﺧﺮى داﺧﻞ اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ؛ املﺴﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﺮد داﺧﻞ اﻟﺒﻨﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻓﻔﻲ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻧﺠﺪ اﻟﻔﺮد ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ واﻟﻌﺸرية ،وﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ وﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﺪول املﺘﺨﻠﻔﺔ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻔﺮد ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺰرﻋﺘﻪ ،وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﱠ ﻓﺈن وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻔﺮد ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻏري ﻣُﻌَ ﱠﻘﺪة ﻟﻘﻠﺔ ﺗﺸﺎﺑﻜﻬﺎ ﺑﻐريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ. وﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن اﻟﻔﺮد ﰲ اﻟﺪول ا ُملﺘﻘﺪﱠﻣﺔ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻋﺪة ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﱰاﺑﻂ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﺑﺎﻟﺴﻮق واﻻﺳﺘﻬﻼك املﺤﲇ واﻟﺪوﱄ. وﻋﲆ أﺳﺎس ﻋﻨﺎﴏ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ؛ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﱠ إن دراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻨﺎول املﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ: )(١ )(٢ )(٣ )(٤
ﻣﺴﺘﻮى املﺰرﻋﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ. اﻷﺳﻮاق املﺤﻠﻴﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ. وﻇﻴﻔﺔ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ داﺧﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮﻣﻲ. اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﰲ املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ.
وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎملﻮﺿﻮع اﻟﺜﺎﻟﺚ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﱠ أن اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﺗﺘﻌﺪد ارﺗﺒﺎﻃﺎﺗﻪ ﻣﻊ أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج ،ﺗﻜﻮﱢن ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻮارد اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮﻣﻲ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺨﻀﻊ ﻻﻋﺘﺒﺎرات أﻋﲆ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺰراﻋﺔ .وﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﻳﺰداد اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﰲ وﻇﻴﻔﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻧﻈ ًﺮا ﻻرﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﺴﻮق اﻟﺪوﱄ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﴏ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ. ﻫﺬه املﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﴪﻳﻌﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻫﺞ ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻻ ﺗﺆدي ﺑﺎﻟﴬورة إﱃ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﲆ آﺧﺮ ﺣﻴﺚ إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺮى ﻟﺬﻟﻚ ﴐورة ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻓﻜﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ، ﻓﺈن ﰲ اﻹﻣﻜﺎن دراﺳﺔ املﻮﺿﻮع اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ زاوﻳﺔ أو أﻛﺜﺮ ،ﻛﻤﺎ ﱠ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻳﺤﺴﻦ دراﺳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣُﻌني ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻌني؛ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺑﺮاز ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﻌﻨﻲ داﺧﻞ ﺗﺮاﺑﻂ دوﱄ أو إﻗﻠﻴﻤﻲ أو دراﺳﺘﻪ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ أو ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ اﻟﻌﺎملﻴﺔ. 32
ﻣﻴﺪان اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ
وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن املﻨﻬﺞ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻳﻮﺿﺢ ﻗﻴﻤﺔ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻮﺿﺢ املﻨﻬﺞ املﺤﺼﻮﱄ ﻗﻴﻤﺔ املﺤﺼﻮل ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ ودوﻟﻴٍّﺎ ،وﻫﺬان املﻨﻬﺠﺎن ﻫﻤﺎ أﻛﺜﺮ املﻨﺎﻫﺞ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﰲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،أﻣﺎ املﻨﻬﺞ اﻟﺤﺮﰲ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻧﻄﻼق اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻮزﻋً ﺎ أﻧﻮاع اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺗﻌﻤﺪ ﻓﻜﺮة اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﺠﻐﺮاﰲ ،ﺛﻢ ﻳﺪرس اﻹﻧﺘﺎج ﻋﲆ أﺳﺲ ﻣﺤﺼﻮﻟﻴﺔ أو إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ .وأﺧريًا ﻓﺈن املﻨﻬﺠني اﻷﺻﻮﱄ واﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻻ ﻳﻤﺜﻼن ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﻤﺎ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻫﻤﺎ ﻓﻠﺴﻔﺔ وأﺳﺲ وﻗﻮاﻋﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﻳﻠﺘﺰم ﺑﻬﺎ اﻟﺪارﺳﻮن ﰲ املﻌﺎﻟﺠﺔ املﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻷﻧﻮاع اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي. ُ ً و ُرﺑﱠﻤﺎ ﻛﺎن اﻷوﻓﻖ أن ﻧ َﺴﻤﱢ ﻴﻬﻤﺎ ﺑﺎملﺪﺧﻞ اﻷﺻﻮﱄ واﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ املﻨﻬﺞ. وﻋﲆ أﻳﺔ ﺣﺎل ﻓﺈن املﺪﺧﻞ اﻷﺻﻮﱄ أﻛﺜﺮ ً ﻣﻴﻼ ﻟﻸﺧﺬ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﺪراﺳﺔ ،وﻳﻨﺺ ﴏاﺣﺔ ﻋﲆ دراﺳﺔ ﻋﻮاﻣﻞ اﻹﻧﺘﺎج داﺧﻞ ﻗﺎﻟﺒني ﻛﺒريﻳﻦ؛ اﻟﻘﺎﻟﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻘﺎﻟﺐ اﻟﺒﴩي ،وﺗﻔﺎﻋﻠﻬﻤﺎ ﻣﻌً ﺎ. أﻣﺎ املﺪﺧﻞ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ؛ ﻓﻴﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻫﻲ :وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي املﻌني داﺧﻞ أﻧﻮاع اﻟﻨﺸﺎط املﺨﺘﻠﻔﺔ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ دراﺳﺔ ﺗﺮﻛﻴﺐ وﺑﻨﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد وﺗﺮاﺑﻄﻪ وﺗﺸﺎﺑﻜﻪ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻔﺮد واﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ. وأﺧريًا؛ ﱠ ﻓﺈن إﻳﺠﺎد اﺋﺘﻼف داﺋﻢ ﻟﻠﻤﻨﺎﻫﺞ ﻗﺪ ﻳﻌﻮق اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻔﻜﺮي؛ ﻓﺈن ﺗﻌﺪد املﻨﺎﻫﺞ واملﺪاﺧﻞ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻳﻌﻄﻲ املﻮﺿﻮع اﻟﻮاﺣﺪ ﻗﻴﻤً ﺎ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ زواﻳﺎ ﻋﺪﻳﺪة ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﺘﻢ دراﺳﺘﻪ ﻋﲆ أﻣﺜﻞ اﻟﻄﺮق. ﻫﻮاﻣﺶ ) (1ﻫﻲ ﺗﺴﻤﻴﺎت ﻋﲆ اﻷﺳﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻓﻬﻤﺎ ﻋﺎﻟﻢ ﻧﺎ ٍم وﻋﺎﻟﻢ ﻣﺘﻘﺪم اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ. ) (2اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .Lutgens, R., Die Produktionsraum der Erde ١٩٥٨ )Hassinger, H., “Wirstschaftsgeographgie.” In Handbuch des ge- (3 .ographischen Wissenchaften. Von F. Klute 1933 )Otremba, E., “Wertwandlungen in der deutschen wirtschaftsland- (4 .schaft.” In Die Erde, Vol. II 1950-1951 ) (5ﻧﴫ اﻟﺴﻴﺪ ﻧﴫ) :ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ( ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٦٠ص.٩ )C. P. Jones & G. G. Darkenwald “Economic Geography”, New York (6 .1959, P. 7 33
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
)(7 .112 ) (8أﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻷﻧﺸﻄﺔ ١٩٩٤ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻵﺗﻲ :اﻟﺰراﻋﺔ ،٪٢٫٣ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،٪٢٨٫٧اﻟﺨﺪﻣﺎت ٪٦٩٫٨ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ املﺤﲇ اﻟﻌﺎم ،واﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ،٪٥ وﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ٪٢٨واﻟﺨﺪﻣﺎت ٪٧٦ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ. ).J. W. Alexander, “Economic Geography”, New Jersy 1963, pp. 5–7 (9 ) (10ﻧﴫ اﻟﺴﻴﺪ ﻧﴫ» :ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ« ١٩٦٠ ،ص.٢١–١٩ ) (11ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ :اﻻﺗﺤﺎد اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﺪول اﻟﺒﻨﻠﻮﻛﺲ ،املﻨﻈﻤﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻟﻠﻔﺤﻢ واﻟﺼﻠﺐ ،اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ املﺸﱰﻛﺔ. ) (12ﺻﺒﺤﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻴﻢ) :ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ(.١٧-١٦ ، ) (13ﻧﴫ اﻟﺴﻴﺪ ﻧﴫ) :ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ( ١٩٦٠ ،ص.٢٢ ) (14ﻧﴫ اﻟﺴﻴﺪ ﻧﴫ ،املﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص.٢٢ ) (15ﻧﴫ اﻟﺴﻴﺪ ﻧﴫ ،املﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص.٢٣-٢٢ )C. F. Jones & G. G. Darkenwald, “Economic Geography”, New (16 .York 1954 ).John. W. Alexander. “Economic Geography”, New Jersey, 1963 (17 )Robinson, H., “Geography For Business Studies” nd. Macdonal & (18 .Evans, London 1972 )H. Boesch, “A Geography of World Economy.” London 1964, pp. (19 .113–115 )ً (20 ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻧﴫ اﻟﺴﻴﺪ ﻧﴫ ،املﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.٢٤-٢٣ ).H. Boesch: idid, pp. 10–17 (21 H. Boesch, “A Geography of World Economy”, London 1964, p.
34
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
) (1ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺷﺎﺋﻊ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﺗﻌﻨﻲ ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﻮارد« املﺼﺎدر واﻷﺻﻮل اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﻖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺒﴩي ﻗﻴﻤﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻫﻲ اﻟﺜﺮوة .وﻳﺸﻮب ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺜﺮوة« ﻟﺒﺲ ﻛﺜري؛ إذ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻋﻨﺪ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻗﻮاﻣﻬﺎ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻼك واﻟﻨﻘﻮد .وﻳﺆدي ذﻟﻚ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن إﱃ ﺗﺪاﺧﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻨﻘﻮد واﻟﺜﺮوة ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺤﺎن ﺑﺪﻳﻠني ﻟﺒﻌﻀﻬﻤﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻌﻨﻴﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن؛ ﻓﺎﻟﻨﻘﻮد ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ اﻟﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﱰي ﺑﻬﺎ ﺷﻴﺌًﺎ؛ أي إﻧﻬﺎ رﻣﺰ ملﻌﺎﻣﻼت اﻟﺘﺒﺎدل .أﻣﺎ اﻟﺜﺮوة ﻓﺘﻌﻨﻲ اﻷرض واﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ،أو ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﺎملﺼﺎدر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﺜﺮوة »ﻣﺸﻐﻠﺔ« ﰲ ﺻﻮرة ﻗﻴﻤﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻹﻧﺴﺎن وأﻧﻈﻤﺘﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻟﺘﻘﻨﻴﺔ. ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻣﻘﻮﻣﺎت ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﴬورﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ :اﻟﻬﻮاء واملﺎء واﻟﻀﻮء واﻟﺤﺮارة واﻷرض واﻟﻐﺬاء واملﺄوى وا َملﻠﺒﺲ .وﻗﺪ ﻋﺎش اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ﻋﲆ ﻫﺬه املﺼﺎدر ﻋﴩات اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺴﻨني ،وﻣﺎ زال اﻹﻧﺴﺎ ُن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ أدﺧﻞ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أﺧﺮى ارﺗﻔﻊ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى »ﻣﺠﺮد اﻟﺤﻴﺎة« إﱃ ﻣﺴﺘﻮى »ﺗﻄﻴﻴﺐ اﻟﺤﻴﺎة«. وﻗﺪ ﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬه املﻨﺘﺠﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ا ُملﻀﺎﻓﺔ إﱃ ﴐورات اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺎت«. وأﻳٍّﺎ ﻛﺎن اﺳﻤُﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ »ﴐورات« ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻛﺎﻟﺴﻴﺎرة واﻟﺴﺎﻋﺔ واﻟﺮادﻳﻮ واﻟﺴﻴﺎﺣﺔ واﻷدوات املﻨﺰﻟﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وﻏري ذﻟﻚ ﻛﺜري .وﻫﺬه املﻨﺘﺠﺎت ً أﻳﻀﺎ ﻣُﺴﺘﻤﺪﱠة ﻣﻦ ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ :اﻟﻬﻮاء واﻟﻀﻮء واملﺎء واﻷرض واﻟﱰﺑﺔ واﻟﻨﺒﺎت واﻟﺤﻴﻮان واملﻌﺎدن.
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎق ﺑني ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﰲ املﻮﺿﻮع اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﺆداه ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻣﺼﺎدر اﻟﺜﺮوة إﱃ ﻗﺴﻤني :املﺼﺎدر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ .وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻴﻘﺴﻢ املﻮارد اﻟﺒﴩﻳﺔ إﱃ ﻗﺴﻤني آﺧﺮﻳﻦ ﻫﻲ املﻮارد اﻟﺒﴩﻳﺔ )اﻹﻧﺴﺎن وأﻋﺪاده( واملﻮارد اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ )اﻹﻧﺴﺎن وﻧﻮﻋﻴﺘﻪ(. وﻫﺬه اﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎت ﻫﻲ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ واﻹﻳﻀﺎح؛ ذﻟﻚ أن املﻮارد ﻫﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻐﻠﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺧﺎﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ؛ ﻓﻬﻲ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑني اﻟﻨﺸﺎط اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ﻣﺼﺎدر ﻟﻠﺜﺮوة ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ املﺎﴈ ﻟﻘﺼﻮر ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻪ ،أو ﻷن املﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﻟﻢ ﺗﺘﻄﺮق إﱃ ﺗﻠﻚ املﺼﺎدر؛ وﺑﺬﻟﻚ ﻇﻠﺖ ﻫﺬه املﺼﺎدر ﺧﺎرج ﻗﺎﺋﻤﺔ املﺼﺎدر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﺜﺮوة ،ﺣﺘﻰ أدرك اﻹﻧﺴﺎن ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ،أو ﻃﻮﱠر ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﻤ ﱢﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ؛ ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﻟﺒﱰول أو املﻄﺎط أو املﻮاد املﺸﻌﺔ. وﺑﺎملﺜﻞ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻟﻮﺟﻮد ﻣﺼﺎدر ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺜﺮوة ﰲ أﻋﻤﺎق اﻷرض أو اﻟﻔﻀﺎء ﻗﺪ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ .وﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺼﺎدر املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ اﻵن ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا ﺑﻌﺒﺎرة أوﺿﺢ ﱠ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﲇء ﺑﻤﺼﺎدر ﺗﻘﺪم ﻧﻔﺴﻬﺎ إﱃ اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻴﺄﺧﺬﻫﺎ ﻋﲆ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ أو ﻳُﺸﻜﻠﻬﺎ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻳﻔﻲ ﺑﺄﻏﺮاض ﺗﺨﺪﻣﻪ، وﻛﻠﻤﺎ ﺗﺰاﻳﺪ اﺣﺘﻴﺎج اﻹﻧﺴﺎن اﺗﺴﻊ أﻓﻖ ﺗﻔﻜريه ﰲ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه املﺼﺎدر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﺸﺘﻰ اﻷﺷﻜﺎل. وﺗﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﺣﺎﻟﺔ أﻟﺴﻜﺎ أن ﻣﺠﺮد وﺟﻮد املﻮرد ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﴐورة اﺳﺘﻐﻼﻟﻪ؛ ﻓﺮﻏﻢ ﻣﺎ ﰲ وﻻﻳﺔ أﻟﺴﻜﺎ ﻣﻦ ﻣﻮارد ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺴﻊ إﱃ ﺳﻜﻨﻰ ﻣﻼﻳني اﻟﻨﺎس ،ﺑﻞ إن ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن ً ﺗﻔﺎؤﻻ ﻛﺒريًا ﰲ اﻟﻮﻗﺖ واﻟﻈﺮوف اﻟﺮاﻫﻨﺔ .ﻓﻔﻴﻤﺎ ﺑني ١٧٤١و ١٨٦٧اﻣﺘﻠﻚ اﻟﺮوس ﻳﻌﺪ أﻟﺴﻜﺎ وﺟﻨﻮا أرﺑﺎﺣً ﺎ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاء واﻷﺣﻴﺎء اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮا ﻋﻦ ذﻫﺐ أﻟﺴﻜﺎ وﻻ ﺑﱰوﻟﻬﺎ اﻟﻮﻓري ﻣﻦ ﺣﻘﻮل ﺑﺮودوه ﺑﺎي ﰲ اﻟﺸﻤﺎل. َ وﻣﺎ زال ﺻﻴﺪ اﻟﻔﺮاء وﺗﻌﺪﻳﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻣﻮﺟﻮدان ،ﱠ اﻟﺤﺮﻓﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ أﻟﺴﻜﺎ اﻵن ﻟﻜﻦ ﻫﻲ ﺗﻌﻠﻴﺐ اﻟﺴﻠﻤﻮن اﻟﺬي ﺗﻨﺘﺞ ﻣﻨﻪ أﻟﺴﻜﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﺒﱰول .وﰲ أﻟﺴﻜﺎ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮرق ،ﻟﻜﻦ ﻳﻘﻒ دون ذﻟﻚ املﺴﺎﻓﺎت اﻟﺒﻌﻴﺪة. وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﰲ إﻣﻜﺎن أﻟﺴﻜﺎ أن ﺗﻘﺪم ُرﺑﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻠﻮرق ،ﱠ ﻓﺈن ﻧﻤﻮ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻟﻦ ﻳﺰدﻫﺮ ﰲ أﻟﺴﻜﺎ ﻃﺎملﺎ وﺟﺪت ﻣﻮارد ﻏﺎﺑﻴﺔ ﰲ داﺧﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة 36
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
وﰲ ﻛﻨﺪا؛ ﻷﻧﻬﻤﺎ أﻗﺮب إﱃ اﻟﺴﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻮارد أﻟﺴﻜﺎ .وﻗﺪ أﻗﻴﻤﺖ ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﺑني أﻟﺴﻜﺎ واﻟﺴﻮﻳﺪ ،ﻟﻜﻦ املﻘﺎرﻧﺔ ﻧﺴﻴﺖ أن ﻫﻨﺎك ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﰲ داﺋﺮة ﻗﻄﺮﻫﺎ أﻟﻒ ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ ﺳﺘﻜﻬﻮﻟﻢ ،وأن ﻫﻨﺎك أﻗﻞ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ ﻛﺘﺸﻴﻜﺎن ﰲ ﺟﻨﻮب أﻟﺴﻜﺎ ،ﻓﺎﻟﺒﻌﺪ املﻜﺎﻧﻲ وﻋﺪم رﺧﺺ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺠﻮي ﺗﺠﻌﻞ ﻣﺎ ﰲ أﻟﺴﻜﺎ ﻣﻦ ﻣﻮارد ﻣﺠﺮد اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻐري وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻼﺣﺘﻴﺎج اﻟﺸﺪﻳﺪ. وﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن املﺼﺎدر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺤﺪودة أو ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻟﻌﺪد ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻻ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻟﻌﺪد إذا ﻣﺎ ﺻﺎﻏﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﺻﻮرة ﻣﻮارد ﻟﻠﺜﺮوة. ﻓﻨﺤﻦ إذن ﻻ ﻧﺮى ﻣﻮﺟﺒًﺎ ﻟﻠﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑني املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ؛ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﺼﺒﺤﺎ ﺛﺮوة ﻃﺎملﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻐﻠﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،وﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ﻗﺎل اﻷﺳﺘﺎذ زﻳﻤﺮﻣﺎن» 1 :اﻟﻜﻮن ﺧﺎل ﻣﻦ املﻮارد ﱠ ﻹن املﻮارد ﻣﻘﱰﻧﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن وﺣﺎﺟﺎﺗﻪ «.وﻣﻊ ﻣﺎ ذﻫﺒﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﻼ إﻧﺴﺎن ٍ رأي ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧُﻌﺎرض ً أﻳﻀﺎ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺴﻤﻮن املﻮارد إﱃ ﻗﺴﻤﻴﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴني. وإذا ﻧﺤﻦ أﺧﺬﻧﺎ ﺑﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺳﻴﺠﻲء ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻓﺈن املﻘﺼﻮد ﺑﻪ ﻟﻴﺲ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻧﻘﺴﺎم ﻣﻮﺿﻮع املﻮارد إﱃ ﻗﺴﻤﻴﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﺒﴩي ،وﻟﻜﻦ املﻘﺼﻮد ﺑﻪ اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺿﻴﺢ اﻟﺼﻮرة ﻓﻘﻂ .وﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﰲ اﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ أن املﻮارد ﻫﻲ ﻧﻮع واﺣﺪ ﻓﻘﻂ؛ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺼﺎدر اﻟﺜﺮوة ﰲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻦ أو ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ. وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎملﻮارد اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻌﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ اﻹﻧﺘﺎج وﻫﺪف ﻟﻪ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻣﻮردًا اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﻛﻤﺎ ﰲ رأي اﻟﺒﻌﺾ .أﻣﺎ املﻮارد اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻓﻬﻲ املﻮارد اﻟﺘﻲ أﻇﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﺑﺘﻜﺎره ،ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﻮارد ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،وﺗﻨﻘﺴﻢ أﻋﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل إﱃ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘني ﻣﻦ املﻮارد؛ اﻷوﱃ :املﻮارد اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ .وﻫﻤﺎ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﱪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﺒﺴﻴﻂ واملﺮﻛﺐ ﻟﻌﻨﺎﴏ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ،ﺑﺪل اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﻬﺪﻣﻲ املﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﺳﺘﻐﻼل اﻟﺜﺮوة ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﰲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ )ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ،ﻗﻄﻊ اﻷﺷﺠﺎر ،ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﻮان(. وﻳﺬﻛﺮ اﻷﺳﺘﺎذ زﻳﻤﺮﻣﺎن 2أن دراﺳﺔ املﻮارد ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﻮاﺿﻴﻊ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: )أ( دراﺳﺔ ملﻮارد اﻟﻘﻮى املﻮﺟﻮدة ﰲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. )ب( دراﺳﺔ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان. 37
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
)ﺟ( دراﺳﺔ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﺮت وﺗﺆﺛﺮ ﻋﲆ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ. )د( دراﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻀﺎرات. وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻠﺨﺺ ذﻟﻚ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻳﺘﻨﺎول دراﺳﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎت املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﻌً ﺎ ﰲ ﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻬﻤﺎ املﺨﺘﻠﻔﺔ .أﻣﺎ ﻋﺠﻤﻴﺔ ﻓﻨﺠﺪه ﺑﻌﺪ أن ﻳﻘﺴﻢ املﻮارد إﱃ ﻗﺴﻤني رﺋﻴﺴﻴني: املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واملﻮارد اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻳُﻘﺴﻤﻬﺎ ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺲ ﻫﻲ: ) (١ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﺮ املﻮرد :وﻫﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﻮارد ﻣﺘﺠﺪدة وﻣﻮارد ﻓﺎﻧﻴﺔ. ) (٢ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻣﺎﻛﻦ وﺟﻮدﻫﺎ :ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻮارد ﺛﺮوة أوﺳﻊ اﻧﺘﺸﺎ ًرا ،وﻏريﻫﺎ ﻣﺤﺪود ﺑﺄﻣﺎﻛﻦ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻣﺤﺪدة. ) (٣ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ :وﻫﺬه اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎول املﻮرد اﻟﺒﴩي ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﻣﻦ ﻧﻮاﺣﻲ اﻟﻘﺪرة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺪول املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وأﺛﺮ ذﻟﻚ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. وﻻ ﺷﻚ أن ﻗﻴﻤﺔ املﻮارد ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ زﻣﻦ إﱃ آﺧﺮ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ إﱃ أﺧﺮى ﰲ ﻋﺎملﻨﺎ ا ُملﻌﺎﴏ .وﻫﺬا ﺑﺪون رﻳﺐ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎملﺴﺘﻮى اﻟﻔﻨﻲ واملﻌﻴﴚ اﻟﺬي ﺗﺼﻠﻪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﰲ املﺎﴈ واﻟﺤﺎﴐ .ﻓﻘﺒﻞ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺰراﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﴫﻓﺔ ﻫﻲ ﻣﺼﺪر ﻏﺬاء اﻹﻧﺴﺎن؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻴﻮان اﻟﱪي أو اﻷﺣﻴﺎء املﺎﺋﻴﺔ .وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا أو ذﻟﻚ اﻋﺘﻤﺎده ﻋﲆ اﻟﺜﻤﺎر واﻟﺠﺬور اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ. وﰲ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﻤﻮرد اﻟﺰراﻋﻲ أو املﻌﺪﻧﻲ أي ﻣﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﺬات ،وﻟﻜﻦ ﺣني ﻋﺮف اﻟﺒﺪاﺋﻴﻮن ﻗﻴﻤﺔ املﻌﺪن )اﻟﻨﺤﺎس ً ﻣﺜﻼ( ﻛﺮأس ﺳﻬﻢ أو ﺣﺮﺑﺔ أﺻﺒﺢ ﻟﻬﺬا املﻌﺪن ﺑﺎﻟﺬات ﴎا ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺪادﻳﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻬﻢ؛ ﺑﻞ إن ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺻﻬﺮه وﺗﺸﻜﻴﻠﻪ أﺻﺒﺤﺖ ٍّ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻌﻪ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪاﻳﺔ ﻓﻜﺮة »ﴎ املﻬﻨﺔ« اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ إﱃ ﻓﻜﺮة أﴎار اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ. ) (2أﻧﻮاع املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ املﻮارد إﱃ ﻧﻮﻋني رﺋﻴﺴﻴني ﻫﻤﺎ: )أ( املﻮارد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ أو اﻟﺤﻴﺔ :وﺗﺸﻤﻞ ﻫﺬه املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﺎت واملﺮاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﱪﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﻮان ،واﻷﺳﻤﺎك وأﺷﻜﺎل اﻷﺣﻴﺎء املﺎﺋﻴﺔ اﻷﺧﺮى. 38
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
)ب( املﻮارد ﻏري اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ :وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬه املﻮارد ﻋﲆ :اﻟﻬﻮاء ،واملﺎء ،واملﻌﺎدن ،وﻣﻮارد اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ واﻟﺤﺠﺮﻳﺔ ،واﻟﱰﻛﻴﺒﺎت اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ ا ُملﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻛﺎﻟﺮﻣﺎل واﻷﺣﺠﺎر. أﻣﺎ اﻟﱰﺑﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻣﻮرد ﺣﻴﻮي ،وﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻋﻞ املﻮارد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ وﻏري اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﻣﻌً ﺎ؛ ﻓﻬﻲ ﰲ اﻷﺻﻞ ﻣﻔﺘﺘﺎت وذرات ﻛﻮﻧﺘﻬﺎ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ واﻟﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻮاد ﻏري ﻋﻀﻮﻳﺔ )اﻟﺼﺨﻮر( ،أﺿﻴﻒ إﻟﻴﻬﺎ املﻮاد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ املﺘﺤﻠﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ وﻣﺨﻠﻔﺎت ﻓﺈن ﱡ اﻹﻧﺴﺎن املﺨﺘﻠﻔﺔ؛ وﻟﻬﺬا ﱠ اﻟﱰﺑﺔ ﻛﻤﻮرد ﻳﻘﻊ ﺑني اﻟﻨﻮﻋني اﻟﺴﺎﺑﻘني. ) (3املﺎء ﻛﻤﺜﺎل ﻋﲆ ﺗﻌﺪد وﺗﻐري اﺳﺘﺨﺪام املﻮارد ﺗﺘﻌﺪد اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﻤﻮرد اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ﺣﺴﺐ ﻗﺪراﺗﻪ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ واﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،وأﻫﻤﻴﺔ املﻮارد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ وﻏري اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ واﺿﺤﺔ .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺘﻨﺎول املﻴﺎه — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻟﺒﻴﺎن اﻟﺰواﻳﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺸﺎط اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ املﺘﻐري. املﺎء ﻛﻤﻮرد ﻃﺒﻴﻌﻲ :ﻫﻮ اﻟﻌﻨﴫ اﻷﺳﺎﳼ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻟﻜﻦ ﻟﻪ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ دو ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ ﻟﻠﺼﺨﻮر — ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺷﺎﻃﺌﻴﺔ أم ﺗﻌﺮﻳﺔ ﻧﻬﺮﻳﺔ أو ﻣﻴﺎه اﻟﺘﺴﺎﻗﻂ )اﻷﻣﻄﺎر( أم ﺗﻌﺮﻳﺔ ﺟﻠﻴﺪﻳﺔ — وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺤﺎﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ املﻴﺎه ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻧﻘﻞ املﻔﺘﺘﺎت اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ ،ﺳﺒﺒًﺎ ﺟﻮﻫﺮﻳٍّﺎ ﰲ ﻧﺸﺄة اﻟﱰﺑﺔ اﻟﻔﻴﻀﻴﺔ وﺗﺮﺑﺎت اﻟﺴﻬﻮل اﻹرﺳﺎﺑﻴﺔ. وﻫﺬه ﻫﻲ أﻫﻢ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻜﻦ اﻟﺒﴩي املﺘﻜﺎﺛﻒ ،وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا اﻟﺪور اﻟﺒﻨﱠﺎء ،ﱠ ﻓﺈن املﺎءَ أﻳﻀﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﺪور ﻫﺪام ﰲ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﱡ ً اﻟﱰﺑﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت )ﻛﺘﻌﺮض اﻟﱰﺑﺔ ﻣﺒﺎﴍة ﻟﻸﻣﻄﺎر اﻟﻐﺰﻳﺮة( وﺟﺮﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ إﻓﻘﺎر ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻏﻨﻴﺔ. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا اﻟﺪور اﻟﻬﺎم ﰲ اﻟﱰﺑﺔ وﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ؛ ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺴﺘﺨﺪم املﺎء ﻋﲆ اﻷوﺟﻪ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ) (١اﻻﺳﺘﺨﺪام املﻨﺰﱄ :اﻟﴩب ،واﻟﻄﻬﻲ ،واﻻﺳﺘﺤﻤﺎم ،وإزاﻟﺔ املﺨﻠﻔﺎت واﻟﺘﻨﻈﻴﻒ. وﻣﻌﻈﻢ أوﺟﻪ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻗﺪم اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﻪ .وﻟﻜﻦ ﻛﻤﻴﺔ املﺎء ا ُملﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ﻗﺪ ازدادت أﺿﻌﺎف ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ املﺎﴈ؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻬﺎﺋﻞ ﰲ ﻣﺪ ﺷﺒﻜﺎت املﻴﺎه إﱃ املﺪن واملﺴﺎﻛﻦ. 39
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (٢اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺰراﻋﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻜﺜرية اﻟﺘﻲ اﺑﺘﺪﻋﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﺮي اﻟﺤﻘﻮل ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺎﻓﺔ أو املﻨﺎﻃﻖ ذات اﻷﻣﻄﺎر املﺘﺬﺑﺬﺑﺔ .وﺑﺮﻏﻢ أن ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ املﻄﺮ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺰراﻋﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ا ُملﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﺪﺑريات ﻣُﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺘﺄﻣني املﻴﺎه وﺳﺪ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟ ﱢﺰراﻋﺔ ﰲ ﺳﻨﻮات املﻄﺮ اﻟﺸﺤﻴﺤﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺪول ﺗﺒﻨﻲ اﻟﺴﺪود وﺗﻨﻈﻢ ﺟﺮﻳﺎن اﻷﻧﻬﺎر ﻷﻏﺮاض ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ )اﻟﻨﻘﻞ املﺎﺋﻲ وﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ( إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﺳﺘﺨﺪام املﻴﺎه ﰲ اﻟﺮي؛ وﻣﻦ ﺛ ﱠﻢ ﻓﺈن اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺰراﻋﻲ ﻟﻠﻤﻴﺎه ﰲ ﺗﺰاﻳﺪ ﻣُﺴﺘﻤﺮ. ) (٣اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ ﰲ املﺪن ملﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺤﺮاﺋﻖ ،ري اﻟﺤﺪاﺋﻖ ،ﻧﻈﺎﻓﺔ اﻟﺸﻮارع، اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺜﻞ املﺴﺘﺸﻔﻴﺎت واملﺪارس ،ﻧﻘﻞ املﺨﻠﻔﺎت ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺷﺒﻜﺎت املﺠﺎري. ) (٤اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ :ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﺣﺠﻢ املﺎء املﺴﺘﺨﺪم ﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﺒُﺨﺎر وﺗﱪﻳﺪ اﻵﻻت وإﻋﺪاد اﻟﺴﻠﻊ املﻨﺘﺠﺔ. ) (٥ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ :اﺧﺘﻠﻒ ﻛﺜريًا ﰲ املﺎﴈ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﴐ؛ ﻓﻔﻲ املﺎﴈ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺎﻗﺔ املﻴﺎه ﺗﺴﺘﺨﺪم ﰲ إدارة اﻟﻄﻮاﺣني ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗُﺴﺘﺨﺪم اﻵن ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﰲ إدارة اﻟﺘﻮرﺑﻴﻨﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ املﻮﻟﺪة ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء. ) (٦اﻟﻨﻘﻞ املﺎﺋﻲ اﻟﺪاﺧﲇ ﰲ اﻷﻧﻬﺎر واﻟﻘﻨﻮات. ) (٧ﻣﻮرد ﻏﺬاﺋﻲ ﺑﻤﺎ ﰲ املﻴﺎه ﻣﻦ أﺳﻤﺎك .وﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ أﺻﺒﺢ ﻧﻤﻂ اﻟﻐﺬاء ﻋﲆ ً ﺗﻌﻮﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﱪوﺗﻴﻨﺎت اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ. اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻐﺬاﺋﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪ ) (٨اﻷﻏﺮاض اﻟﱰوﻳﺤﻴﺔ واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻛﺎﻟﻨﺰﻫﺎت ﺑﺎﻟﻘﻮارب واﻟﺘﺴﲇ ﺑﺼﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﺴﺒﺎﺣﺔ وإﻗﺎﻣﺔ ﻣﻨﺸﺂت ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ وﺗﺮﻓﻴﻬﻴﺔ. وﻳﻮﺿﺢ ﺷﻜﻞ 1-2اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت املﻴﺎه ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ١٩٠٠إﱃ أواﺋﻞ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ،وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻠﺨﺺ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ؛ ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻛﺒري: ً أوﻻ :إن ﻣﺠﻤﻮع اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت املﻴﺎه ﻟﺸﺘﻰ اﻷﻏﺮاض املﻮﺿﺤﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺤﻮ ٣٦ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ﰲ أول اﻟﻘﺮن ،زادت إﱃ ٤٤٠ﻣﻠﻴﺎ ًرا ﺑﺰﻳﺎدة ﻗﺪرﻫﺎ ١٢٫٢ﻣﺮة .وﻫﻲ زﻳﺎدة ﻣﺬﻫﻠﺔ ً ﺣﺴﺎﺳﺎ ﰲ ﺣﻮاﱄ ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع ﻗﺮن ،وﺗﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن املﺎء ﻣﻮردًا ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﺪول اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ وﺣﻴﺎﺗﻴٍّﺎ.
40
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻴﻮﻣﻲ ﺑﻤﻠﻴﺎرات اﻟﺠﺎﻟﻮﻧﺎت
٣٠٠
٣٠٠
٢٠٠
٢٠٠
١٠٠
١٠٠
اﺳﺘﻬﻼك املﻴﺎه اﻟﻴﻮﻣﻲ
٤٠٠
٤٠٠
٠ ١٩٠٠ ١٩١٠ ١٩٢٠ ١٩٣٠ ١٩٤٠ ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠
٤ ٥
١ ٢ ٣
ﺷﻜﻞ :1-2اﺳﺘﺨﺪام املﻴﺎه ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة.
) (١اﻟﺮي (٢) .اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻜﻦ اﻟﺮﻳﻔﻲ (٣) .اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﻤﺮان املﺪﻧﻲ. ) (٤املﻴﺎه املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ واﻟﺒﺨﺎرﻳﺔ. ﻣﻼﺣﻈﺎت: ) (١ﻻﺣﻆ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻜﺒرية ﻣﻦ املﻴﺎه ا ُملﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ أﻏﺮاض اﻟﺮي واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ. ) (٢اﻟﻨﻤﻮ اﻟﴪﻳﻊ ﻟﻠﻄﻠﺐ ﻋﲆ املﺎء ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑني ١٩٦٠–١٩٥٠اﻟﺬي ارﺗﻔﻊ ﺑﻤﻘﺪار ٪٥٠ﻋﻦ اﻟﻔﱰة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ) (٣ازدﻳﺎد اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ املﺎء ﺑﻨﺴﺐ أﻋﲆ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﺧﻼل اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. 41
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻛﺎﻧﺖ أﻧﺼﺒﺔ أوﺟﻪ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻟﻠﻤﻴﺎه ﰲ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻵﺗﻲ: ﺳﻨﺔ ١٩٠٠
ﻗﻄﺎع اﻻﺳﺘﺨﺪام ٪
اﻟﻜﻤﻴﺔ
١٣٫٥ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن ٣٧٫٥اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺮي.
ﺳﻨﺔ ١٩٧٠ اﻟﻜﻤﻴﺔ
٪
١٦٣ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن
٣٧
٤٫٥ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن
١٢٫٥اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺴﻜﻦ اﻟﺮﻳﻔﻲ ٩ .ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن
٢
٤٫٥ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن
١٢٫٥اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻌﻤﺮان املﺪﻧﻲ ٢٧ .ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن
٦٫٢
٩٫٠ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن
٢٥٫٠اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ.
١١٤ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن ٢٥٫٩
٤٫٥ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن
١٢٫٥ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ.
١٢٧ﻣﻠﻴﺎر ﺟﺎﻟﻮن ٢٨٫٩
وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ ﱠ أن اﻟ ﱢﺰﻳﺎدة ،ﺑﺮﻏﻢ ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت ،ﻗﺪ وﺿﺤﺖ ﺑﺼﻮرة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﻗﻄﺎﻋﺎت ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﺮي ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﻣﺤﺪودًا ﰲ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺮﻳﻔﻲ واﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :وﻟﺰﻳﺎدة اﻹﻳﻀﺎح ﻓﺈﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﻛﻤﻴﺔ املﻴﺎه املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻗﺪ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ١٢٫٢ﻣﺮة ﺧﻼل اﻟﻔﱰة املﺬﻛﻮرة ،ﻓﺈن اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ: ﻗﻄﺎع ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ٢٨٫٢ﻣﺮة وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻤﺜﻞ أﻋﲆ زﻳﺎدة ﻣﺴﺠﻠﺔ. ﻗﻄﺎع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
١٢٫٦ﻣﺮة ﻳﻤﺜﻼن ﻣﻌً ﺎ.
ﻗﻄﺎع اﻟﺮي
١٢٫٠ﻣﺮة ﻧﻤﻮٍّا ﻣﺸﺎﺑﻬً ﺎ ﻟﻠﺰﻳﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ.
ﻗﻄﺎع املﺪن
٦٫٠ﻣﺮات ﻳﻤﺜﻼن ﻧﻤﻮٍّا.
ﻗﻄﺎع اﻟﺮﻳﻒ
٢٫٠ﻣﺮات أدﻧﻰ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ.
42
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
) (4املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺠﺪد واﻟﻨﻀﻮب ﺗﻨﻘﺴﻢ املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ إﱃ ﻧﻮﻋني رﺋﻴﺴﻴني ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﺮﻫﺎ: ) (١املﻮارد املﺘﺠﺪدة :وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ املﻮارد ﻏري اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎء ،إﻻ إذا ﺣﺪﺛﺖ ﻛﺎرﺛﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ. ) (٢املﻮارد اﻟﻔﺎﻧﻴﺔ :وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻧﻀﻮﺑﻬﺎ وﻋﺪم ﺗﺠﺪدﻫﺎ. وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ املﻮارد املﺘﺠﺪدة :اﻟﻬﻮاء ،واملﺎء ،وأﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر. وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺒﴩي — ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﴫ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ وﺣﻴﺎة املﺪن — ﻗﺪ أﻓﺴﺪ اﻟﻬﻮاء ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ املﺼﺎﻧﻊ واملﻌﺎﻣﻞ واملﺤﺮﻛﺎت ﻣﻦ ﻏﺎزات ﺿﺎرة وأﺑﺨﺮة وأﺟﺴﺎم ﻃﺎﺋﺮة »ﻛﺎﻟﻬﺒﺎب« وﺑﻤﺎ ﻳﻠﻮث املﺎء ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ املﺠﺎري ﻟﻄﺮح ﻧﻔﺎﻳﺎت اﻟﻌﻤﺮان ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺰﻳﻮت املﻌﺪﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺠﻢ ﻋﻦ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻘﻮارب اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم واملﺼﺎﻧﻊ ﻓﻴﻪ، ﻫﺬا اﻟﻮﻗﻮد ﰲ املﻼﺣﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻬﻮاء واملﺎء ﻳﺘﺠﺪدان ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ .وﻻ ﺷﻚ أن اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵن ﺑﻤﻮﺿﻮع اﻟﺒﻴﺌﺔ ،واملﴩوﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮح ﻋﲆ ﺑﺴﺎط اﻟﺒﺤﺚ ﺑﻬﺬا اﻟﺼﺪد ،ﻫﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ ﻫﺬﻳﻦ املﻮردﻳﻦ اﻟﺤﻴﻮﻳني ،وﺗﺮﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻇﻬﻮر ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻣﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﺒﻴﺌﺔ وﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﺴﻼم اﻷﺧﴬ ﰲ دول ﻛﺜرية ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ دول اﻟﻐﺮب. وﻫﻨﺎك أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر ﻛﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﺠريﻳﺔ واﻟﺮﻣﺎل وﻏري ذﻟﻚ ،ﺗﻮﺟﺪ ﰲ اﻟﻘﴩة اﻷرﺿﻴﺔ وﻋﲆ ﺳﻄﺤﻬﺎ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ،وﻫﻲ ﺑﺮﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺠﺪد ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ املﺎء واﻟﻬﻮاء ﻓﺈن ﻛﺜﺮة وﺟﻮدﻫﺎ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻋﲆ ﻗﺪم املﺴﺎواة ﻣﻊ املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻔﻨﻰ. أﻣﺎ املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻛﺜرية ،ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﻟﱰﺑﺔ واﻟﻨﺒﺎت واﻟﺤﻴﻮان اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وأﻧﻮاع ﻛﺜرية ﻣﻦ املﻌﺎدن ،ﻛﻠﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻀﻮب ،وﻳﺼﻌﺐ ﺗﺠﺪدﻫﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻐﺮق آﻻف اﻷﺿﻌﺎف ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺒﴩ .وﺣﺘﻰ ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﺘﺠﺪد ﻫﻨﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺆﺧﺬ ﺑﺤﺬر ﺷﺪﻳﺪ؛ ﻷن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻻ ﺗﻜﺮر أﺣﺪاﺛﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ، ﱠ وﻹن اﻟﻮراﺛﺔ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻀﻮي )ﻧﺒﺎت وﺣﻴﻮان( ﺗﻐري — ﺑﺪون ﺷﻚ — أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺮ اﻟﺰﻣﻦ. وﻟﻬﺬا ﻓﺈن املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻀﻮب أو اﻟﻔﻨﺎء ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ دﻋﻮة اﻟﻌﻠﻢ واملﺨﻄﻄني اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﻣﻌً ﺎ .وﻣﻌﻨﻰ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻫﻮ :اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺤﺮﻳﺺ ﻟﻠﻤﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وﻋﺪم اﻹﻓﺮاط ﻓﻴﻬﺎ ،وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻏري املﺴﺌﻮل، 43
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
واﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﻬﺪﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ إﱃ أﻋﲆ ﻣﺮدود اﺳﺘﺜﻤﺎري ﰲ وﻗﺖ ﻗﺼري .وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻢ ا ُملﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﻮارد ﺑﺈﺣﻜﺎم اﻟ ﱢﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ أﺷﻜﺎل اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ وإدارﺗﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺒﻘﻴﻬﺎ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ .وﰲ ﻫﺬا ﻳﻘﻮل ﻣﻮﻧﻜﻬﺎوس» :املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺗﻮﻗﻴﻒ اﻹﻧﺘﺎج )ﻋﻨﺪ ﺣﺪ ﻣﻌني أو ﺗﻮﻗﻴﻔﻪ ﻧﻬﺎﺋﻴٍّﺎ( ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻲ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﻣﻴﺰان ﻣُﻼﺋﻢ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺒﻴﺌﺔ3 «. وﻣﻦ أﻫﻢ املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺪرس واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﺼﻴﺎﻧﺘﻬﺎ وﺣﻔﻈﻬﺎ اﻟﱰﺑﺔ واﻟﻐﺎﺑﺎت واملﺮاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ واملﻴﺎه واﻟﺜﺮوة املﻌﺪﻧﻴﺔ ،وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد. ) (5املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء ) (1-5اﻟﱰﺑﺔ ﺳﺒﻘﺖ اﻹﺷﺎرة إﱃ أن ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﺿﻌﻒ أو إزاﻟﺔ اﻟﱰﺑﺔ وﺟﺮﻓﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻇﺮوف ﺧﺎﺻﺔ ﻧﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻟﻸرض. وذﻟﻚ أن إزاﻟﺔ اﻟﻐﻄﺎء اﻟﻐﺎﺑﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺰراﻋﺔ ﻳﺆدي إﱃ ﺗﻌﺮﻳﺾ اﻟﱰﺑﺔ ﻟﻸﻣﻄﺎر واﻟﻌﻮاﻣﻞ املﻨﺎﺧﻴﺔ اﻷﺧﺮى املﺆدﻳﺔ ﻟﺠﺮف اﻟﱰﺑﺔ ،وﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻛﺜرية اﻟﻈﻬﻮر ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ أو املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻬﻀﺒﻴﺔ ذات اﻟﱰﺑﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﻤﻚ؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﺗﻌﺮﻳﺔ اﻟﱰﺑﺔ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻬﻠﻴﺔ أو املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻔﻴﻀﻴﺔ ﺳﻤﻴﻜﺔ اﻟﱰﺑﺔ ،وﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﺈن ﻗﻠﺔ ُﺳﻤﻚ اﻟﱰﺑﺔ ودرﺟﺔ اﻧﺤﺪار اﻟﺴﻄﻮح ﻋﺎﻣﻼن ﺟﻮﻫﺮﻳﺎن ﰲ ﴎﻋﺔ ﺗﻌﺮض اﻟﱰﺑﺎت ﻟﻠﺠﺮف واﻹزاﻟﺔ. وﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺎن ﻣﺎ ﻟﻠﱰﺑﺔ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺨﻄﻮرة ﰲ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان واﻟﻨﺒﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ؛ ﱠ ﻓﺈن املﻨﺎﻃﻖ املﻌﺮاة ﻋﻦ اﻟﱰﺑﺔ ﻻ ﻳﻨﺒﺖ ﺑﻬﺎ ﻧﺒﺖ وﺗﺼﺒﺢ ﻗﺎﺣﻠﺔ ﻏري ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻬﺮم اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ. واﻟﱰﺑﺔ — ﺑﻌﺒﺎرة وﺟﻴﺰة — املﺼﺪ ُر اﻷول ﻟﻌﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن :اﻷﺧﺸﺎب ،اﻷﻋﺸﺎب ،اﻟﺤﻴﻮان ،اﻟﺰراﻋﺔ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﻣﺤﺎﺻﻴﻠﻬﺎ .وﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻊ ﻳﻌﻴﺶ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﺻﻮرة اﺳﺘﻬﻼك ﻣﺒﺎﴍ أو ﻳﺤﻮﻟﻬﺎ إﱃ ﺧﺎﻣﺎت ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ً ﻣﺜﻼ ،ﻛﺎﻟﻘﻄﻦ أو املﻄﺎط أو اﻟﺼﻮف أو اﻟﻮرق. وﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ اﻷوﻟﻴﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺤﺴﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﱰﺑﺔ وﻋﺪم إﻫﻤﺎﻟﻬﺎ أﺻﺒﺢ اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺘﺰاﻳﺪًا .ﱡ ﻓﺎﻟﱰﺑﺔ ﻳﺠﺐُ أن ﺗُﺤﺮث ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ،دون إﻓﺮاط ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺠﺪدﻫﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ .وﻟﻬﺬا ﻳﺠﺐ أن ﺗﱰك ﻓﱰات ﻟﻠﺮاﺣﺔ، 44
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
أو ﺑﺰراﻋﺔ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎت ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺗﻔﻘﺪ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ ،وﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﻄﻰ اﻟﱰﺑﺔ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﻣﻦ املﺨﺼﺒﺎت واﻷﺳﻤﺪة اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ واملﻌﺪﻧﻴﺔ ﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ وزﻳﺎدة ﻃﺎﻗﺘﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ وﺗﻌﻮﻳﻀﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﺬي ﺗﺴﺒﺒﻪ اﻟﺰراﻋﺔ. وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية ﻻ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﱰﺑﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻮن اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﺳﺘﻐﻼل ﻫﺪﻣﻲ ﻟﻔﱰة ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺛﻢ ﺗﱰك اﻷرض ،وﻗﺪ ﻓﻘﺪت ﺧﺼﻮﺑﺘﻬﺎ أو ﺗﻌﺮت ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .وﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻳﺤﺪث ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﺔ املﺘﻨﻘﻠﺔ أو ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎن ،أو ﰲ ﻏﻴﺎب ﺳﻠﻄﺔ ﺗﺤﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا »اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ« ﰲ ﻣﻮرد اﻟﺜﺮوة. وﻫﻨﺎك ﻃﺮق ﻛﺜرية ﻟﺤﻔﻆ اﻟﱰﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ) (١ﺗﺪرﻳﺞ املﺴﻄﺤﺎت ا ُملﻨﺤﺪرة »اﻟﺴﻔﻮح« ملﻨﻊ ﻧﻘﻞ اﻟﱰﺑﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣُﺪرﺟﺎت ﻣﺒﻨﻴﺔ »اﻟﺠﻠﻮل« ،وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣ َُﺴ ﱠ ﻄﺢ اﻟﱰﺑﺔ ﺑني اﻟﺪرﺟﺔ واﻷﺧﺮى ﺣﺴﺐ درﺟﺔ اﻻﻧﺤﺪار؛ إذ ﺗﻀﻴﻖ اﻟﺪرﺟﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﻔﺢ ﺷﺪﻳﺪ اﻻﻧﺤﺪار ،وﻟﻬﺬا ﺗﱰاوح ا ُملﺪرﺟﺎت ﺑني اﻻﺗﺴﺎع اﻟﻜﺒري — ﻛﻤﺎ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ — وﺑني املﺪرﺟﺎت اﻟﺼﻐرية اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺑﺰراﻋﺎت ﺷﺠﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻛﺴﻮﻳﴪا وﻟﺒﻨﺎن. ) (٢ﺑﻨﺎء ﺣﻮاﺋﻂ ﻋﱪ املﺴﻴﻼت واﻟﻮدﻳﺎن ملﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ اﻟﱰﺑﺔ إﱃ أﺳﻔﻞ. ) (٣ﺣﺮث اﻷرض ﻛﻨﺘﻮرﻳٍّﺎ؛ أي ﻣﻮازﻳﺔ ﻣﻊ ﺧﻄﻮط اﻟﻜﻨﺘﻮر ،وﻟﻴﺲ ﻋﻤﻮدﻳٍّﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻛﻲ ﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﺧﻄﻮط املﺤﺮاث ﻣﺠﺎرﻳًﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﲆ املﺎء اﻻﻧﺤﺪار ﻓﻴﻬﺎ وﻧﻘﻞ اﻟﱰﺑﺔ. ) (٤اﺳﺘﺨﺪام ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻮض »اﻟﺤﻴﺎض« ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ﺷﺪﻳﺪة اﻷﻣﻄﺎر ﻟﺤﻔﻆ اﻟﱰﺑﺔ داﺧﻞ ﺣﺪود ﻛﻞ ﺣﻮض .وﻳُﺒﻨﻰ اﻟﺤﻮض ﺑﺮﻓﻊ ﺣﻮاﻓﻪ ً ﻗﻠﻴﻼ ﺑﺎﻟﻄني إذا ﻛﺎﻧﺖ املﻨﺎﻃﻖ ﺳﻬﻠﻴﺔ أو ﻳﻘﻮى اﻟﻄني ﺑﺄﻋﺸﺎب وﺣﺠﺎرة إذا ﻛﺎﻧﺖ املﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﺤﺪرة. ) (٥إﻗﺎﻣﺔ ﺳﺎﺗﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر ﻟﺼﺪ اﻟ ﱢﺮﻳﺎح وﻛﴪ ﻗﻮﺗﻬﺎ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ إﺿﻌﺎف ﻗﻮﺗﻬﺎ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﺔ اﻟﱰﺑﺔ وﻧﻘﻠﻬﺎ. ) (٦إﻋﺎدة ﺗﺸﺠري املﻨﺎﻃﻖ املﻬﺪدة ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﺔ ،وزراﻋﺔ اﻷﻋﺸﺎب ﺗﺤﺖ اﻷﺷﺠﺎر ﻟﻜﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺈﻋﺎدة ﺧﺼﺐ اﻟﱰﺑﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﻤﻲ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﱰﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ املﺒﺎﴍ ﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ »ﻣﻴﺎه أو رﻳﺎح«. ) (٧اﺗﺒﺎع دورة زراﻋﻴﺔ ﻳﺰرع ﻓﻴﻬﺎ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻷﻋﺸﺎب أو اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﻲ اﻟﱰﺑﺔ )ﻛﺎﻟﱪﺳﻴﻢ(؛ وذﻟﻚ ﻟﺘﻘﻮﻳﺔ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ وإراﺣﺔ اﻟﱰﺑﺔ ﺑني ﻣﺤﺼﻮل ﻣﺠﻬﺪ وآﺧﺮ ،وإﺑﻘﺎء اﻟﱰﺑﺔ ﺗﺤﺖ ﻏﻄﺎء ﻧﺒﺎﺗﻲ ﻳﻤﻨﻊ اﻟﺘﺄﺛري املﺒﺎﴍ ﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ. 45
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (٨إﻳﺠﺎد ﺗﻮازن ﺑني أﻋﺪاد اﻟﺤﻴﻮان وﻃﺎﻗﺔ املﺮاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ؛ وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﺪم اﺳﺘﻬﻼك ﻛﻞ اﻷﻋﺸﺎب واﻟﺤﺸﺎﺋﺶ اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ .ﻛﻤﺎ أن أﻇﻼف اﻟﺤﻴﻮان — إذا ﻛﺜُﺮت — ﺗﺆدي إﱃ ﺗﺸﻘﻖ اﻟﱰﺑﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﲆ املﻄﺮ أو اﻟﺮﻳﺎح ﺗﻌﺮﻳﺘﻬﺎ. وﻫﻨﺎك وﺳﺎﺋﻞ أﺧﺮى ﻛﺜرية ﺗﺘﺒﻊ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣُﺨﺘﻠﻔﺔ ﺣﺴﺐ إﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ املﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﱰﺑﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت أﻋﺪاد اﻟﺴﻜﺎن املﺘﺰاﻳﺪة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﻟﻠﻐﺬاء واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺸﻜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪًا ﺧﻄريًا ملﻮارد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻟﺮﻋﻮﻳﺔ. ) (2-5اﻟﻐﻄﺎء اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻳﺘﻜﻮن اﻟﻐﻄﺎء اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﻗﺴﻤني رﺋﻴﺴﻴني ﻫﻤﺎ :اﻟﻐﺎﺑﺎت ،واﻟﺤﺸﺎﺋﺶ .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﺎﺑﺎت ،ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻬﺎ ،ﺗﻐﻄﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ أﻛﱪ ﺑﻜﺜري ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻵن ،وﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎب ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺗﻘﻨﻴﺔ وﻋﻤﺮاﻧﻴﺔ أدت إﱃ ﺗﻘﻠﺺ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت .وﻣﻦ ﺑني ﻫﺬه اﻷﺳﺒﺎب: )أ( اﺣﺘﻴﺎج اﻹﻧﺴﺎن إﱃ إزاﻟﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت وإﺣﻼل اﻟﺤﻘﻮل اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﺤﻠﻬﺎ. )ب( اﺣﺘﻴﺎج اﻹﻧﺴﺎن إﱃ اﻷﺧﺸﺎب ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﻗﻮد وﺑﻨﺎء اﻟﺒﻴﻮت واﻷدوات واﻵﻻت واﻟﺴﻔﻦ ،وﻋﻤﻞ اﻟﻔﺤﻢ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ ،وﻋﻤﻞ اﻟﻮرق وﺑﻌﺾ املﻨﺴﻮﺟﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ. وﻳﻤﺜﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎج اﻷﺧري أﻛﱪ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻐﺎﺑﺎت ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎج ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻷﺧﺸﺎب ﰲ أﻋﻤﺎل اﻟﺒﻨﺎء ،وﻗﻞ ﻛﺜريًا ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻔﺤﻢ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ .وﺑﺮﻏﻢ زوال ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﻷﺳﺒﺎب ،ﻓﺈن اﺳﺘﻬﻼك اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻷﺧﺸﺎب ﻗﺪ ﺗﺰاﻳﺪ ﻟﻜﺜﺮة ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن وﻷن اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻐﺎﺑﺎت ﺑﺸﻜﻞ أوﺳﻊ ﻋﴩات املﺮات ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺒﴩي ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. وﻗﺪ أدى ﺳﻮء اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻟﻠﻤﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ إﱃ ﺗﺪﻫﻮر ﻛﻤﻲ وﻧﻮﻋﻲ ﰲ ﻏﺎﺑﺎت ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية ،ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﺔ اﻟﱰﺑﺔ أو ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺴﺘﻨﻘﻌﻴﺔ ،وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﻬﺪده ﻣﺠﺎﻋﺔ ﰲ اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺒﺪأ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺧﻄﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ اﻟﺜﺮوة اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺘﺸﺠري ،وﻋﻤﻞ دورة ﰲ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻐﺎﺑﺎت 4 .وﻳﻄﺒﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺑﻘﻮة اﻟﻘﺎﻧﻮن ﰲ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻷﺧﺸﺎب ﻛﻤﺼﺪر ﻫﺎم ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻣﺜﻞ دول إﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺎ. 46
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻗﺪ أدت إﱃ إﻳﺠﺎد ﺧﺎﻣﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮرق ﻣﺜﻞ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻷﻋﺸﺎب ،وﻛﺬﻟﻚ ﺷﺎع اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺨﻠﻔﺎت ﻧﺒﺎﺗﻴﺔ ﰲ ﻋﻤﻞ أﺧﺸﺎب ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﻛﺎﻟﺨﺸﺐ اﻟﺤﺒﻴﺒﻲ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﻬﻼك ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮرق ﻟﻠﻤﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ ﺑﺼﻮرة ﻣﺘﺰاﻳﺪة؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺷﻴﻮع اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮرق ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ املﻌﺎﴏة، وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ5 . أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﱢﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺮاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻟﻮﺣﻆ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻺﻫﻤﺎل واﻟﺘﺪﻫﻮر؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺮﻋﻲ املﺘﺰاﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﺧﺼﻮﺑﺔ املﺮاﻋﻲ؛ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻄﻐﻴﺎن اﻟ ﱢﺮﻣﺎل ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ﻋﲆ ﺣﺸﺎﺋﺶ اﻟﺴﻔﺎﻧﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ .وأﻫﻢ ﻋﻼج ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﺮاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﻋﺪد ﺣﻴﻮان اﻟﺮﻋﻲ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻮازن ﻣﻊ ﻣﺴﺎﺣﺔ املﺮﻋﻰ ،وﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻌﺎدة املﺮاﻋﻲ ﺑﺰراﻋﺘﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﺑﺬور اﻷﻋﺸﺎب. ) (3-5اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻨﺬ أن ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﺳﺘﺌﻨﺎس أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮان ،ﻧﺠ ُﺪ ﱠ أن املﻴﺰان اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ أﻋﺪاد اﻟﺤﻴﻮان ﻗﺪ اﺧﺘﻞ ﻛﺜريًا؛ ﻓﺎﻟﺤﻴﻮان املﺴﺘﺄﻧﺲ ﻗﺪ زاد ﻋﺪده ﺑﺼﻮرة ﻛﺒرية ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ ورﻋﺎﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻗ ﱠﻠﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت املﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﺼﻮرة اﻗﱰﺑﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء ،وﻛﺬﻟﻚ اﻗﱰﺑﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻔﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻬﺎ ﻛﺤﻴﻮان اﻟﻔﺮاء 6أو ﻣﺼﺪر اﻟﻐﺬاء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﻮاﻧﺎت ﺑﺮﻳﺔ ﻛﺎﻟﻐﺰال واﻟﻮﻋﻞ ،أو أﺣﻴﺎء ﺑﺤﺮﻳﺔ وأﺳﻤﺎك. وﻗﺪ ﺳﺎرﻋﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت إﱃ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﺎزل ﻟﻠﺤﻴﻮان اﻟﱪي ﺧﺸﻴﺔ اﻧﻘﺮاﺿﻪ ﻧﻬﺎﺋﻴٍّﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ ﺑﻼد أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎﻗﺎت دوﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﺪد ﻣﺎ ﻳُﺼﺎد ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﺑﻌﺪ أن اﻧﻘﺮﺿﺖ ﰲ املﺤﻴﻄﺎت اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﺗﻘﻮم اﻟﺪول املﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﻗﻮاﻧني ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﻳﺪ أﺳﻤﺎﻛﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﻜﺜري ،ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ رﻋﺎﻳﺎ اﻟﺪوﻟﺔ أو أﺳﺎﻃﻴﻞ اﻟﺼﻴﺪ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ )ﺗﻤﺪ دول ﻛﺜرية ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻣﺴﺎﻓﺎت ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻟﻜﻲ ﺗﻨﻔﺬ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ وﺗﻤﻨﻊ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﺟﻨﺒﻲ( .وﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ ﻗﻮاﻧني أﺧﺮى ﻟﺘﺄﻣني ﺣﻴﺎة اﻟﻄﻴﻮر اﻟﱪﻳﺔ وﻣﻨﻊ ﺻﻴﺪﻫﺎ ﰲ ﻣﻮاﺳﻢ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺠﻨﺒًﺎ ﻻﻧﻘﺮاﺿﻬﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻮاع اﻟﻄﻴﻮر املﻬﺎﺟﺮة.
47
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (4-5املﻌﺎدن ﺗﺨﺘﻠﻒ املﻌﺎدن ﻋﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ أﻧﻬﺎ ﻣﻮارد ﻓﺎﻧﻴﺔ ﻏري ﻣﺘﺠﺪدة. وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺼﺎﺣﺐ اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ ﰲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜرية ﻇﺎﻫﺮة ﻣﺪن اﻷﺷﺒﺎح ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﻀﺐ املﻌﺪن ﰲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ 7 .وﻟﻬﺬا أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﴬوري ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ اﻟﺜﺮوة املﻌﺪﻧﻴﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺷﺘﻰ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ: ) (١اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺼﺎدر اﻟﺜﺮوة املﻌﺪﻧﻴﺔ ﺑﺤﻜﻤﺔ ،ﻓﻼ ﺗﺘﺒﺪد ﰲ ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻨني ،إذا ﻛﺎن اﻹﴎاف ﻫﻮ ﺳﻤﺔ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ. ) (٢ﺗﺤﺴني وﺳﺎﺋﻞ اﺳﺘﺨﺮاج املﻌﺎدن ﻛﻲ ﻻ ﺗﱰك ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﻛﺜرية ﰲ رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺨﺎم دون اﺳﺘﻐﻼل ،وﻳﻌﺘﻤﺪ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻗﺪرات ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻛﻞ ﻋﴫ. ) (٣إﻋﺎدة اﺳﺘﺨﺪام »ﺧﺮدة« املﻌﺎدن املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎج إﱃ ﻫﺬه املﻌﺎدن ﻣﻦ ﻣﺼﺎدرﻫﺎ. ) (٤اﺳﺘﺨﺪام »ﺑﺪاﺋﻞ« ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ أو ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﺨﺎﻣﺎت املﻌﺪﻧﻴﺔ املﻬﺪدة ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺺ اﻟﴪﻳﻊ، ﻣﺜﻞ اﻷملﻨﻴﻮم ً ﺑﺪﻻ ﻋﻦ اﻟﻨﺤﺎس ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻠﺪاﺋﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪة )اﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ واﻟﺼﻮف اﻟﺰﺟﺎﺟﻲ … إﻟﺦ(. ) (٥ﰲ أﺣﻴﺎن ﻳُﻮﻗﻒ اﻹﻧﺘﺎج أو ﻳُﻘﻠﻞ ﰲ ﻣﻌﺪن ﻣﻦ املﻌﺎدن وﻳُﱰك ﻛﺎﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﲇ، وﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﺼﺎدر ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ أﺧﺮى ﺑﺪﻳﻠﺔ أو ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ واردات ﻫﺬا املﻌﺪن ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج. وﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﱠ أن ﻫﺬه ﻧﻈﺮة ﺗﺘﺠﲆ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ﻣﺼﺎدرﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺤﺎس أو اﻟﺒﱰول .وﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺑﺘﻘﻨني إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﱰول ﻛﻨﻮع ﻣﻦ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺜﺮوة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺠﺸﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﴍﻛﺎت اﻟﺒﱰول املﻨﺘﺠﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻨﻀﻮب اﻟﴪﻳﻊ ﻟﻬﺬا املﻮرد اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻠﻴﺒﻲ.
48
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
) (5-5املﻴﺎه املﻴﺎه ﻣﻮرد ﻣﺘﺠﺪد ،وﻟﻜﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺒﴩي ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻛﺜريًا ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺪورة اﻟﻬﻴﺪروﻟﻮﺟﻴﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ .وﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ ) (2-2ﻣﺒﺴ ً ﻄﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺪورة ،وﻣﻨﻪ ﺗﺘﻀﺢ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻵﺗﻴﺔ: ) (١ﺿﺂﻟﺔ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﺴﻄﺤﺎت املﺎء ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ ﻣﻦ أﻧﻬﺎر وﺑﺤريات ،ﻓﻬﻲ ﺗﺒﻠﻎ ٢٫٨ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺎر واملﺤﻴﻄﺎت.
ﺻﺎﰱ ﺑﺨﺎر املﺎء ﺗﺒﺨﺮ ٠,٦٣
ﺗﺴﺎﻗﻂ ١,٠١
املﻨﻘﻮل ﻟﻠﻴﺎﺑﺲ
اﻟﻘﺎرات
ﺗ ﺴﺎﻗ
ﺗ ﴫﻳ ﻒ ﻧﻬ ٨ ﺮى ٠,٣
٠,٣٨
ﻂ ,٩٨
ﺗﺒﺨﺮ ٣,٣٦
٢
ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ املﺤﻴﻄﺎت
اﻟﺘﺒﺨﺮ و اﻟﺘﺴﺎﻗﻂ ﻋﲆ املﺤﻴﻄﺎت
اﻟﺘﺒﺨﺮ و اﻟﺘﺴﺎﻗﻂ ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ
ﺷﻜﻞ :2-2اﻟﺪورة اﻟﻬﻴﺪروﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﲆ املﺤﻴﻄﺎت )اﻷرﻗﺎم ﺑﺂﻻف اﻟﻜﻴﻠﻮﻣﱰات املﻜﻌﺒﺔ(.
ﻛﻤﻴﺔ ﻣﺴﻄﺢ املﻴﺎه ﰲ املﺤﻴﻄﺎت ١٣٣٢٠٠٠٠ﻛﻢ ﻣﻜﻌﺐ ﻛﻤﻴﺔ املﻴﺎه املﺘﺒﺨﺮة
٣٣٦٣ﻛﻢ ﻣﻜﻌﺐ
ﻛﻤﻴﺔ اﻷﻣﻄﺎر ﻋﲆ املﺤﻴﻄﺎت
٢٩٨٠ﻛﻢ ﻣﻜﻌﺐ
49
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (٢إن اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ ﻣﻦ املﻴﺎه املﺘﺒﺨﺮة ﻣﻦ املﺤﻴﻄﺎت ﺗﺴﻘﻂ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋﲆ املﺤﻴﻄﺎت ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ إﱃ اﻟﻴﺎﺑﺲ ﺳﻮى ٪٢ﻓﻘﻂ. ) (٣ﺗﺸﱰك ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺒﺨﺮ اﻟﻮاردة ﻣﻦ املﺤﻴﻄﺎت إﱃ اﻟﻴﺎﺑﺴﺔ )٣٨٠ﻛﻢ (٣ﻣﻊ اﻟﺒﺨﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﻄﺤﺎت ﻣﻴﺎه اﻟﻴﺎﺑﺴﺔ )٦٣٠ﻛﻢ (٣ﰲ ﻛﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﺴﺎﻗﻂ )ﻣﻄﺮ ،ﺛﻠﻮج … إﻟﺦ( ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺼﻞ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﺴﺎﻗﻄﺔ إﱃ ١٠١٠ﻛﻢ ،٣وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺎوي ٪٣٣ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎﻗﻂ ﻋﲆ اﻟﺒﺤﺎر. ) (٤ﻳﻌﻮد ﻧﺤﻮ ٪٣٧ﻣﻦ اﻷﻣﻄﺎر ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ إﱃ اﻟﺒﺤﺎر واملﺤﻴﻄﺎت ﰲ ﺻﻮرة ﺗﴫﻳﻒ اﻷﻧﻬﺎر .وﻫﺬه اﻟﻜﻤﻴﺔ )٣٨٠ﻛﻢ (٣ﻫﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ املﺤﻴﻄﺎت ﰲ ﺻﻮرة اﻟﺒﺨﺎر. ) (٥ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺮى ﺗﻮازﻧًﺎ ﰲ اﻟﺪورة ،ﻟﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﺴﺎن ملﺠﻤﻮع املﻴﺎه اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﺑﻨﻘﺺ ﻣُﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻣﻮارد املﻴﺎه واﻟﺠﻮﻓﻴﺔ وﻣﻦ اﻟﺠﻠﻴﺪ اﻟﺬاﺋﺐ ﻫﻲ داﺋﻤً ﺎ ﰲ ازدﻳﺎد ﻣﻤﺎ ﻳُﻬَ ﺪﱢد ٍ ً ﺧﺼﻮﺻﺎ إذا اﻟﻌﺬﺑﺔ ﻋﲆ اﻷرض .وﻫﺬا ﻫﻮ ﻟُﺐ ﻣﺸﻜﻠﺔ املﻴﺎه ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ، ﻧﻈﺮﻧﺎ إﱃ اﻟﺸﻜﻞ ) (3-2اﻟﺬي ﻳﻮﺿﺢ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺪورة اﻟﻬﻴﺪروﻟﻮﺟﻴﺔ. اﻟﺪورة اﻟﻬﻴﺪروﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ. ﻛﻤﻴﺔ ﺻﺎﰲ ﺑﺨﺎر املﺎء املﻨﻘﻮل ﻟﻠﻴﺎﺑﺲ
٣٨٠ﻛﻢ ﻣﻜﻌﺐ
ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺘﺒﺨﺮ ﻣﻦ املﻴﺎه ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ
٣٦٠ﻛﻢ ﻣﻜﻌﺐ
ﻛﻤﻴﺔ املﻄﺮ اﻟﺴﺎﻗﻂ ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ
١٠١٠ﻛﻢ ﻣﻜﻌﺐ
ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺘﴫف اﻟﻨﻬﺮي إﱃ املﺤﻴﻂ
٣٨٠ﻛﻢ ﻣﻜﻌﺐ
Strahler, A.N. “The Earth Scienes” 2 ed., Harper & Row N. Y. 1971, fig. 33.2.
ﱠ ﻓﺈن املﻴﺎه اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﰲ اﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒﺤريات ﻻ ﺗُﺸﻜﻞ ﺳﻮى ١٧ﰲ اﻷﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع املﻴﺎه ﻋﲆ اﻟﺴﻄﺢ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗُﺸﻜﻞ املﻴﺎ ُه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ٦٢ﰲ اﻷﻟﻒ ،واملﻴﺎه اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺒﺲ ﰲ اﻟﺜﻼﺟﺎت اﻟﺪاﺋﻤﺔ ٢١٥ﰲ اﻷﻟﻒ. وﻣﻦ ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻳﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ اﻋﺘﻤﺎد اﻹﻧﺴﺎن املﻌﺎﴏ ﻣﺒﺎﴍة ﻋﲆ ﻛﻤﻴﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ املﻴﺎه اﻟﺠﺎرﻳﺔ واملﻴﺎه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ،وﻳُﺸﻜﻼن ﻣﻌً ﺎ ٨٢ﰲ اﻷﻟﻒ ﻣﻦ اﻟﺪورة 50
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
رﻃﻮﺑﺔ اﻟﺠﻮ ٪٠,٠٠١ رﻃﻮﺑﺔ اﻟﱰﺑﺔ ٪٠,٠٠٥ ارﺗﻔﺎع )اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ(
ﺗﴪب
ﺟﻠﻴﺪ ذاﺋﺐ
ﺗﺒﺨﺮ وﻧﺘﺢ اﻟﻨﺒﺎت ...إﻟﺦ
ﺗﴪب
اﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ
اﻟﺜﻼﺟﺎت ٪٢,١٥
ﺗﺴﺎﻗﻂ )أﻣﻄﺎر -ﺛﻠﻮج ...إﻟﺦ(
املﻴﺎة اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ٪٠,٦٢
املﻴﺎة اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ٪٠,٠١٧ اﻷﻧﻬﺎر
ﺗﴫﻳﻒ
املﺤﻴﻄﺎت ٪٩٧,٢ ﺷﻜﻞ :3-2املﻜﻮﻧﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺪورة اﻟﻬﻴﺪروﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﲆ اﻷرض.
اﻟﻬﻴﺪروﻟﻮﺟﻴﺔ ،واﻟﻘﻠﻴﻞ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ ﻓﺎﺋﺾ ذوﺑﺎن اﻟﺠﻠﻴﺪ ﺣﺴﺐ املﻮاﺳﻢ اﻟﺤﺮارﻳﺔ ،وﻳﺠﺐ أن ﻧﻌﻠﻢ ً أﻳﻀﺎ أن اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻐﻞ ﻛﻞ املﻴﺎه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ. وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻀﺂﻟﺔ؛ ﻓﺎملﺎء ﺣﺘﻰ اﻵن ﻫﻮ ﻣﻮرد اﻟﺤﻴﺎة ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض، ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺠﺰء ﻫﺎم ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ،وﺗﺤﺘﺎج اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ أﺿﻌﺎف اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻹﻧﺴﺎن املﺒﺎﴍة. 51
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﰲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ﻓﺈن ﺗﺰاﻳﺪ ﻋﺪد اﻟﺒﴩ واﻻﺗﺠﺎه إﱃ ﺳﻜﻦ املﺪن وازدﻳﺎد ﻣﺠﻬﻮدات اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﺗﻮﺳﻴﻊ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻫﻮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺤﺎﺳﻢ ﰲ ﺧﻄﻮرة ﻣﻮﺿﻮع املﻴﺎه اﻵن؛ ﻷن اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ اﻟﺴﻨﻮي اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ؛ ﻓﻘﺪ زاد اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﺴﺎن املﺒﺎﴍ ﰲ املﺪن اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻤﻘﺪار ١٢ﻣﺮة ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ١٩٠٠إﱃ .١٩٧٠وﻳﺒﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻔﺮد ﻣﻦ املﻴﺎه ﰲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ إﱃ ﻧﺤﻮ ٦٥٠–٥٠٠ﻟﱰ ﻣﺎء ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ﰲ ﺷﺘﻰ ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻣﻘﺎﺑﻞ ٢٥ﻟﱰًا ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ. وﺗﻈﻬﺮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻧﻘﺺ املﻴﺎه ﺣﺎدة ﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺠﺎف ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ — ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،أو ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ أﺳﱰاﻟﻴﺎ — ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻨﺎك ﺳﻌﻲ ﻟﺘﴫﻳﻒ املﻴﺎه اﻟﺰاﺋﺪة ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ املﻄﺮ اﻟﻐﺰﻳﺮ ﻣﺜﻞ ﻧﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ .وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أو ﺗﻠﻚ، ﻫﻨﺎك إﻧﻔﺎﻗﺎت ﻛﺜرية إﻣﺎ ﻟﺤﻔﻆ املﻴﺎه ﺑﺤﺠﺰﻫﺎ وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻣﻘﻨﻨﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم ،وإﻣﺎ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﺴﺎراﺗﻬﺎ وﺗﺤﺴني ﺗﴫﻳﻔﻬﺎ ،وأوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻣﴫ ﰲ ﺗﺨﺰﻳﻦ وﺿﺒﻂ ﻣﻴﺎه اﻟﻨﻴﻞ. وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﱠ أن ﻣُﺸﻜﻠﺔ املﻴﺎه ﰲ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻧﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ زﻳﺎدة اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳُﺴﺒﺐ أزﻣﺔ ﰲ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ أو اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﱡ اﻟﺴﻜﺎن واﻟﻌﻤﺮان ﻣﻦ املﻴﺎه .وﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻓﺈن ﻟﻠﻤﻴﺎه ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﻷوﺟﻪ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻟﻜﻞ ﻣُﺸﻜﻠﺔ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وذﻟﻚ ﰲ إﻃﺎر املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﻮارد املﺎﺋﻴﺔ وﺣُ ﺴﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ،وﻫﻨﺎك ﻋﺪة وﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺳﻴﺎﺳﺔ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﺎء ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ: ) (١ﺧﺰن املﻴﺎه وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺤﺴﺎﺑﺎت ﻣﺴﺒﻘﺔ ﻋﲆ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻳﻘﺘﴤ ذﻟﻚ إﻧﺸﺎء اﻟﺴﺪود وﺑﺤريات اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ واﻟﻘﻨﻮات أو اﻷﻧﺎﺑﻴﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﻓﻴﻬﺎ املﻴﺎه إﱃ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ،ﻛﺎﻟﻨﻴﻞ واﻟﺴﻨﺪ واﻟﻔﻮﻟﺘﺎ … إﻟﺦ. ) (٢ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺗﻠﻮث املﻴﺎه ﺑﺎﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﲆ املﺼﺎرف املﺨﺘﻠﻔﺔ املﺘﺠﻬﺔ إﱃ اﻷﻧﻬﺎر ،أو ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻫﺬه املﺼﺎرف ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻷﻧﻬﺎر. ) (٣ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﻴﺎه اﻟﴫف واملﺠﺎري وإﻋﺎدة اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ أو اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ أو اﻟﴩب. ) (٤اﺳﺘﺨﺪام املﻴﺎه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻨﻀﺐ ﺑﴪﻋﺔ.
52
ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة
) (٥ﻣﻨﻊ ﻫﺪر املﻴﺎه ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﴪب اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﰲ اﻷﻧﺎﺑﻴﺐ أو ﺗﺒﻄني اﻟﻘﻨﻮات ملﻨﻊ اﻟﺘﴪب إﱃ اﻟﻘﴩة اﻷرﺿﻴﺔ أو ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﺒﺨﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮات ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺗﺼﻐري ﻣﺴﻄﺤﻬﺎ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻃﺮق اﻟﺮي اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺑﺎﻟﺮش أو اﻟﺘﻨﻘﻴﻂ. املﻌ ﱠﺮض ﻟﻠﺸﻤﺲ، ) (٦إﻋﺎدة اﺳﺘﺨﺪام املﻴﺎه اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﰲ ذات املﺼﻨﻊ ﺑﻌﺪ ﺗﻨﻘﻴﺘﻬﺎ أو ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ، ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻛﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ املﻴﺎه. ) (٧وأﺧريًا ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﰲ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ ﺑﺮﻓﻊ ﺳﻌﺮ اﺳﺘﻬﻼك املِ ﻴﺎه إذا زادت ﻋﻦ ﺣﺪ ﻣﻌني. واﻟﺨﻼﺻﺔ :ﱠ إن ا ُملﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﻮارد ﻣﻨﺬ اﻵن ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﺧري ﻣﻦ أﻋﻤﺎل املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻇﻬﺮت ﻣﻮارد ﺑﺪﻳﻠﺔ أو ﺟﺪﻳﺪة ﻳﺘﻔﺘﻖ ﻋﻨﻬﺎ ذﻫﻦ وﺗﻘﻨﻴﺔ املﺴﺘﻘﺒﻞ. وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻗﺒﻞ دراﺳﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ أن ﻧﻘﻮم ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻌﻮاﻣﻞ املﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﺗﺄﺛريًا ﻣُﺒﺎﴍًا أو ﻏري ﻣُﺒﺎﴍ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج .وﺑﻤﺎ أن اﻹﻧﺘﺎج ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺗﺤﻮﻳﻞ املﻮارد إﱃ ﺛﺮوة ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺠﻬﻮده؛ ﻓﺎﻹﻧﺘﺎج إذن ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻗﻄﺒني أﺳﺎﺳﻴني ﻫﻤﺎ: ً أوﻻ :اﻟﻌﻮاﻣﻞ واﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻌﺪده وﻧﻈﻤﻪ وﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻪ. وﻟﻬﺬا ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﻧﻔﺮد دراﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻬﺬﻳﻦ اﻟﻌﻨﴫﻳﻦ ﻛﻞ ﻋﲆ ﺣﺪة؛ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣُﻨﻔﺮدة وﻣُﺠﺘﻤﻌﺔ ﻣﻌً ﺎ. ﻫﻮاﻣﺶ ) (1ﺻﺒﺤﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻴﻢ) :ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ( ج ١ص.١٩ ) (2ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺠﻤﻴﺔ) :املﻮارد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ( ص.٤٥–٣٨ ).Monkhouse, “A ictionary of Geogrphay”, Arnold 1965, p. 75 (3 ) (4ﰲ ﻣﻌﻈﻢ أملﺎﻧﻴﺎ واﻟﻨﻤﺴﺎ وﻏريﻫﺎ ﺧﻄﻂ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻐﺎﺑﺎت؛ ﻣﻨﻬﺎ :ﺗﺮك ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻣﻦ ٣٠إﱃ ٤٠ﺳﻨﺔ دون اﺳﺘﻐﻼل ،وزراﻋﺔ أﺷﺠﺎر ﻣﺤﻞ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ،وﻗﺪ أدت ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ إﱃ وﺟﻮد ﻓﺎﺋﺾ؛ ﻣﻤﺎ ﺧﻔﺾ ﺳﻌﺮ اﻷﺧﺸﺎب .وﰲ ً وأﻳﻀﺎ أﻧﺼﺎر اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﺑﻀﻐﻂ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﻲ اﻷﺧﺸﺎب 53
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﺒﻴﺌﺔ .وﻗﺪ أدت ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت إﱃ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ أﺧﺸﺎب دول أﺧﺮى ﻣﺜﻞ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ واﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻬﺪد ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﺑﺄﺧﻄﺎر اﻟﺒﻴﺌﺔ. ) (5ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﺳﺘﻬﻼك اﻹﻧﺴﺎن وﺣﺪه ﻫﻮ املﺴﺌﻮل ﻋﻦ ﺗﺪﻫﻮر اﻟﻐﺎﺑﺎت ،ﺑﻞ ﱠ إن اﻷﻣﻄﺎر اﻟﺤﻤﻀﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ زﻳﺎدة دُﺧﺎن املﺼﺎﻧﻊ ﰲ أوروﺑﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒًﺎ ﰲ دﻣﺎر ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﻏﺎﺑﺎت أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .وﻗﺪ ﺗﻼﻓﺖ دول أوروﺑﺎ ذﻟﻚ ﺑﻘﻴﻮد ﺷﺪﻳﺪة ﻓﺮﺿﺖ ﻋﲆ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت املﻠﻮﺛﺔ ﻟﻠﺠﻮ؛ ﻣﻤﺎ أدى إﱃ ﺗﻨﺎﻗﺺ اﻷﻣﻄﺎر اﻟﺤﻤﻀﻴﺔ ،وﻓﺮﺻﺔ ﻟﻨﻤﻮ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. ) (6ﻣﺰارع اﻟﺜﻌﺎﻟﺐ وﺣﻴﻮان اﻟﻔﺮاء ﰲ روﺳﻴﺎ وﻛﻨﺪا ،وﻣﺰارع اﻟﺘﻤﺎﺳﻴﺢ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺠﻠﻮد ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ اﻹﺑﺎدة. ) (7ﻫﻨﺎك ﻣﺼﺎدر ﻟﻠﺜﺮوة املﻌﺪﻧﻴﺔ ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ﻳﺼﻌﺐ اﺳﺘﺨﻼﺻﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ، ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮد ﰲ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺎر واملﺤﻴﻄﺎت.
54
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﳉﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
) (1ﻋﻨﺎﴏ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ) (1-1اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ إن أول ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻳﺒﺪأ ﺑﺘﻘﺴﻴﻢ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﺑني اﻟﺒﺤﺮ )(٪٧١ واﻟﻴﺎﺑﺲ ) (٪٢٩ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻗﺪرﻫﺎ ٥١٠ﻣﻼﻳني ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ ﻣﺮﺑﻊ. ً أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻪ اﻻرﺗﻔﺎع واﻻﻧﺨﻔﺎض ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ. واﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﺨﺬ وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،ﻫﻨﺎك اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ ،اﻟﺴﻬﻮل ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ، اﻟﻬﻀﺎب واﻟﺠﺒﺎل. اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ أن ﺧ ﱠ ﱠ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﱠ وﻟﻜﻦ دراﺳﺎت اﻷﻋﻤﺎق أ ﱠﻛﺪَت أن ﺟﺰءًا ﻂ اﻟﺸﺎﻃﺊ ﻳﻔﺼﻞ ﺑني اﻷرض واملﺎء. ﻣﻦ اﻟﻴﺎﺑﺲ ﻳﻐﻮص ﺗﺤﺖ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ملﺴﺎﻓﺎت ﻛﺒرية ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،وﻗﺪ ُﺳﻤﱢ ﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺮﺻﻴﻒ أو اﻟﺠﺮف اﻟﻘﺎري ،وﺣﺪد ﺑﻤﺎ ﻫﻮ أﻗﻞ ﻣﻦ ٢٠٠ﻣﱰ ﺗﺤﺖ ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺒﺪأ اﻷﻋﻤﺎق اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﻈﻬﻮر. وﻳﱰاوح ﻋﺮض اﻟﺮﺻﻴﻒ اﻟﻘﺎري ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ إﱃ أﺧﺮى ﺑني ﺑﻀﻌﺔ ﻛﻴﻠﻮﻣﱰات ﻓﻘﻂ وﺑني ﻋﴩات أو ﺑﻀﻊ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻠﻮﻣﱰات .وﻟﻸرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﱪى ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم: ﻓﻬﻲ أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ واﺳﺘﺨﺮاج اﻹﺳﻔﻨﺞ واﻟﻠﺆﻟﺆ.
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﺣﺘﻰ ﰲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﴐ ﻓﺈن أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻫﻲ اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ ،رﻏﻢ ﻣﺎ أﺻﺒﺢ ﻟﻠﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻛﺒرية ﻧﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺗﻘﺪم ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺳﻔﻦ اﻟﺼﻴﺪ وﺗﺠﻬﻴﺰﻫﺎ ﺑﺎﻷﺟﻬﺰة اﻟﻼﺳﻠﻜﻴﺔ ﻟﺘﺄﻣﻴﻨﻬﺎ ﺿﺪ أﺧﻄﺎر اﻟﻌﻮاﺻﻒ املﻔﺎﺟﺌﺔ .وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻓﻠﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻣﺆﺧ ًﺮا وﺟﻪ آﺧﺮ ﻣﻦ أوﺟﻪ اﺳﺘﻐﻼل اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ؛ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻗﺪ أﻣﻜﻦ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺒﱰول ﻣﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ :ﻣﻴﺎه ﻓﻨﺰوﻳﻼ ،وﻣﻴﺎه اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺧﻠﻴﺞ اﻟﺴﻮﻳﺲ. ورﺑﻤﺎ ﺗﺘﻔﺘﺢ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ آﻓﺎق ﺟﺪﻳﺪة ﰲ اﺳﺘﻐﻼل اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ )املﻌﺎدن ً ﻣﺜﻼ(؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﺗﺴﺎﺑﻖ اﻟﺪول ﻋﲆ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ واملﻴﺎه اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ملﻨﻊ دول أﺧﺮى ﻣﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ. اﻟﺴﻬﻮل ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻧﺠﺪ ﱠ أن اﻻرﺗﻔﺎع ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ ﰲ اﻟﻘﺎرات املﺨﺘﻠﻔﺔ ،واﻟﻌﺎدة أن ﻳﺒﺪأ اﻟﺘﺪرج ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺳﻬﻠﻴﺔ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار إﱃ اﻟﺪاﺧﻞ؛ وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ ﺗﻀﻴﻖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ إﱃ درﺟﺔ ﻛﺒرية أو ً إﴍاﻓﺎ ﻣﺒﺎﴍًا. ﺗﴩف اﻟﺤﺎﻓﺎت اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺒﺤﺮ وﻗﺪ أدت اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺘﻀﺎرﻳﺴﻴﺔ إﱃ ﻇﻬﻮر ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻟﻘﺎرات ﺑﻌﻀﻬﺎ أﺻﻠﺢ ﻟﻠﺴﻜﻦ واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺒﴩي واﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ. وﻗﺪ اﺗﻔﻖ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﲆ أن أﺻﻠﺢ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮار واﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻫﻲ اﻟﺴﻬﻮل ،وﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺴﻬﻮل ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ إﱃ ﺣﻮاﱄ ﺧﻂ ٢٠٠ﻣﱰ ،وإذا ﻛﺎن ﻟﻬﺬه اﻟﺴﻬﻮل اﺳﺘﻤﺮار ﺳﻬﲇ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎﻋﺎت أﻋﲆ ُﺳﻤﱢ ﻴﺖ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌﻠﻴﺎ ،وﻫﺬه ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺣﺘﻰ ﺣﺪود ٥٠٠ﻣﱰ ﻓﻮق ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ. وﻳﻘﺪر ﱠ أن ٪٥٥ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻟﻘﺎرات ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺴﻬﻮل واﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌُ ﻠﻴﺎ ،وﻧﺼﻴﺐ اﻟﻘﺎرات ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻮل ﻣﺨﺘﻠﻒ ،وﻻ ﺷ ﱠﻚ ﱠ أن أﻛﱪ اﻟﻘﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻄﺎﺑﻊ ﺳﻬﲇ ﻫﻲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ .ﻓﻔﻲ أوروﺑﺎ ﺗﺤﺘﻞ اﻟﺴﻬﻮل ﺣﺘﻰ ٢٠٠ﻣﱰ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ٪٥٧ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻘﺎرة. وﺗﺸﻤﻞ ﺳﻬﻮﻟﻬﺎ اﻟﻌﻠﻴﺎ ٪٢٧وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﻣﺴﺘﻮى ٥٠٠ﻣﱰ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ ﺗﺴﺎوي ٪٨٤ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ أوروﺑﺎ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ. 56
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ً ﺳﻬﻮﻻ أﺿﺨﻢ ﻣﻦ ﺳﻬﻮل أوروﺑﺎ؛ ﻓﺈن ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺴﺎﺣﺔ ورﻏﻢ أن ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻬﻮل واﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻌً ﺎ ﻫﻲ ٪٦٩ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع املﺴﺎﺣﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎرة. وﻫﻨﺎك ﻗﺎرات أﺧﺮى ﺗﺤﺘﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻬﻮل ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﺻﻐريًا ،وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻟﻘﺎرات ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ؛ ﻓﺎﻟﺴﻬﻮل اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ ٢٠٠ﻣﱰ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻜﻮن ،٪١٥وﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﺗﻔﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٠٠ﻣﱰ ﺗﻜﻮن ٪٣٥ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻘﺎرة. َ وﺗﺮﺟﻊ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺴﻬﻮل إﱃ ﱠ أن اﺳﺘﻮاءﻫﺎ وﺗ ﱠﺪ ﱡرﺟَ ﻬﺎ اﻟﻨﺴﺒﻲ واﻧﺨﻔﺎﺿﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﺒﺎل، ً ﺗﻌﺮﺿﺎ ﻟﻠﺠﺮف واﻟﺘﻌﺮﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻋﺎد ًة املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ أﺟﻮد أﻧﻮاع اﻟﱰﺑﺔ وأﻗﻠﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﻣﺪ ﺷﺒﻜﺎت املﻮاﺻﻼت اﻟﺴﻬﻠﺔ اﻟﴬورﻳﺔ ﻟﻠﻨﺸﺎط اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ .وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻬﻮل ﺗُﺸﻜﻞ أﻫﻢ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ،ﻓﺈن ﰲ ﻋﺪد ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺼﺎدر ﻛﺒرية ﻟﻠﺜﺮوة املﻌﺪﻧﻴﺔ .وﻗﺪ أدت اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺘﻌﺪﻳﻦ إﱃ أن أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺴﻬﻮل أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺒﴩي ،وﻓﻴﻬﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣُﺪن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﺒرية. وإذ وزﻋﻨﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻜﱪى ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﺗﻤﺘﺪ ﰲ أوروﺑﺎ ﰲ ﺻﻮرة ﺳﻬﻞ ﻛﺒري ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ وإﻧﺠﻠﱰا ﰲ اﻟﻐﺮب ،وﻳﺘﺴﻊ ً ﴍﻗﺎ إﱃ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻜﱪى اﻟﺮوﺳﻴﺔ ،وﻳﻤﺘﺪ وراء ﺟﺒﺎل اﻷورال إﱃ ﺳﻬﻮل ﺳﻴﺒريﻳﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﺗﺮﻛﺴﺘﺎن. ﻫﺬا ﻫﻮ أﻛﱪ ﺳﻬﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻳُﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ املﻤﺘﺪة ﻣﻦ ﺧﻠﻴﺞ املﻜﺴﻴﻚ ﺣﺘﻰ املﺤﻴﻂ املﺘﺠﻤﺪ اﻟﺸﻤﺎﱄ ،واﻟﺴﻬﻮل اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ املﻤﺘﺪة ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻜﺎرﻳﺒﻲ ﺣﺘﻰ ً ﺳﻬﻮل ﺑﺘﺎﺟﻮﻧﻴﺎ .وﺗﻀﻢ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ً ﺳﻬﻮﻻ واﺳﻌﺔ وﺳﻄﻰ ﺗﻘﺴﻢ اﻟﻘﺎرة إﱃ ﻗﺴﻤني؛ أﻳﻀﺎ اﻷول :ﺟﺒﲇ ﰲ اﻟﴩق ،واﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻫﻀﺒﻲ ﰲ اﻟﻐﺮب. وﻻ ﺗﻀﻢ آﺳﻴﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ واﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻻﻣﺘﺪاد املﺘﺼﻠﺔ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ،ﺑﻞ إﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﺳﻬﻮل ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ آﺳﻴﺎ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻛﺘﻞ ﻋﺎﻟﻴﺔ. وﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺴﻬﻮل املﺤﻠﻴﺔ ﺳﻬﻞ اﻟﺼني اﻟﻌﻈﻴﻢ وﺳﻬﻮل ﺳﻴﺎم »ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ« ،وﺳﻬﻞ اﻟﻬﻨﺪوﺳﺘﺎن وﺳﻬﻮل أﺧﺮى ﺻﻐرية ﰲ ﻓﻴﺘﻨﺎم واﻟﻌﺮاق .أﻣﺎ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻓﻬﻲ أﻗﻞ ﻗﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ ً ﺳﻬﻮﻻ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﻋﻮﺿﺖ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﻈﺎﻫﺮة اﻷﺣﻮاض املﻨﺒﺴﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﰲ داﺧﻠﻴﺔ اﻟﻘﺎرة ﻣﺜﻞ ﺣﻮض اﻟﺴﻮدان اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ وﺣﻮض اﻟﻜﻨﻐﻮ وﺣﻮض ﺗﺸﺎد. وأﺧريًا؛ ﱠ ﻓﺈن ﻗﺎرة اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻫﻀﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺳﻬﻮل ﻓﻴﻬﺎ ،وﻛﻠﻬﺎ ﻣ َُﻐ ﱠ ﻄﺎة ﺑﺎﻟﺠَ ﻠﻴ ِﺪ اﻟﺪاﺋﻢ. 57
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (2-1املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ أﻣﺎم اﻟﺴﻜﻦ اﻟﺒﴩي ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻞ ﻣﺴﻄﺤﺎت اﻷرض ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺴﻜﻦ أو اﻹﻧﺘﺎج؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻋﻮاﺋﻖ ﻧ ُ َﺴﻤﱢ ﻴﻬﺎ ﺳﻠﺒﻴﺎت ﻻ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻧﺘﺸﺎر اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻜﺜﺎﻓﺔ أو إﻳﺠﺎد وﺳﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎة ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﻤﻮ وﺗﻐﻨﻲ املﻜﺎن، وﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا ﱠ أن ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻠﺒﻴﺎت ﻏري ﻣﺄﻫﻮﻟﺔ أو ﻏري ﻣﻨﺘﺠﺔ ،وإﻧﱠﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺄﻫﻮﻟﺔ ً ﺑﺄﻋﺪاد ﻗﻠﻴﻠﺔ َ ﺗﻜﻴﻔﺎ ﻳ ُْﺸ ِﺒﻪ اﻟﺘﻜﻴﻒ اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﻨﺒﺎت أو ﻣﻦ اﻟﻨﱠﺎس ﺗﻜﻴﻔﺖ ﻋﲆ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺤﻴﻮان. ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ :ﺳﻜﺎن اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺨﻔﺾ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺠﻮي ﻛﺜريًا وﻻ ﻳﻄﻴﻘﻪ ﺳﻜﺎن اﻟﺴﻬﻮل ،أو ﺳﻜﺎن اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺬﻳﻦ اﺣﱰﻓﻮا ﺣﻴﺎة اﻟﺠﻔﺎف ،ﻓﺒﺎت ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﲆ ﻏريﻫﻢ أن ﻳﻘﻠﺪوﻫﻢ ﰲ ﻣﻀﺎﻣري ﺣﻴﺎة اﻟﺼﺤﺎرى. واﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺗﻔﺘﻘﺪ ﻋﻨﴫًا ﺣﻴﻮﻳٍّﺎ ﻫﺎﻣٍّ ﺎ أو ﻋﺪة ﻋﻨﺎﴏ ﻣﻌً ﺎ ،وﻫﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻧﺘﺒﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ ):(1-3 ) (١أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﱪد اﻟﺪاﺋﻢ ﰲ ﺷﻤﺎل آﺳﻴﺎ وأوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻛﻠﻬﺎ ﺗﻜﺎد أﻻ ﺗﻜﻮن ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ إﻻ ﺑﻄﺮق ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ وﰲ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﺗﺪﺟني اﻟﺒﺬور ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻮ ﰲ ﻓﱰة ﻗﺼرية ﺟﺪٍّا. ) (٢أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺠﻔﺎف اﻟﺒﺎردة )اﻟﺘﻨﺪرا( واﻟﺤﺎرة )اﻟﺼﺤﺎرى اﻟﺤﺎرة واﻟﺪاﻓﺌﺔ( واﻟﻬﻀﺎب اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻟﺘﺒﺖ ،وﻫﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺗﻤﺘﺪ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﰲ ﻣﺤﻮر ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﴩﻗﻲ ﰲ ﻣﻨﻐﻮﻟﻴﺎ إﱃ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﻣﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ﻋﱪ اﻟﻬﻀﺎب اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ اﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ .وﻟﻮﻻ أﻧﻪ ﻳﺨﻄﻬﺎ أﻧﻬﺎر ﻣﻨﺎﺑﻌﻬﺎ ﺧﺎرج اﻟﺼﺤﺎرى ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻗﻔ ًﺮا ﻣﻦ ﻛﻞ ﳾء ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ ﻟﻜﻦ اﻷودﻳﺔ اﻟﻨﻬﺮﻳﺔ املﺤﺪودة :ﴎدارﻳﺎ وأﻣﻮدارﻳﺎ ﰲ وﺳﻂ آﺳﻴﺎ واﻟﻔﺮات ودﺟﻠﺔ واﻟﻨﻴﻞ ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﺳﺎﻋﺪت ﻋﲆ ﺗﻜﻴﻴﻒ ﺣﻴﺎة زراﻋﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ﻛﺎﻧﺖ أوﱃ ﻣﺪﻧﻴﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ. ) (٣أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺠﺒﺎل ﻻ ﺗﻔﺘﻘﺪ ﻋﻨﴫًا ﺣﻴﻮﻳٍّﺎ واﺣﺪًا ﺑﻞ ﻋﺪة ﻋﻨﺎﴏ؛ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﱪودة ﰲ اﻟﺴﻔﻮح اﻟﻌﻠﻴﺎ واﻟﺠﻔﺎف وﻋﺪم وﺟﻮد ﺗﺮﺑﺔ ﰲ اﻟﺴﻔﻮح اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت اﻟﺠﺎرﻓﺔ ﰲ اﻟﺴﻔﻮح اﻟﺪﻧﻴﺎ ،واﻟﺼﺨﺮ اﻟﻌﺎري ،واﻟﺒﻌﺾ املﺴﺘﻮي ﻣﻨﻪ وﺷﺒﻪ املﺴﺘﻮي ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻨﻤﻮ أﻋﺸﺎب ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺮﻋﻲ .وﰲ اﻟﻮدﻳﺎن اﻟﺴﻔﲆ اﺳﺘﻘﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﻋﺪاد ﻣﺤﺪودة ﻳﺤﱰف اﻟﺮﻋﻲ وزراﻋﺔ اﻷﻋﻼف ،واﻟﺠﺒﺎل ﺗﻤﺘﺪ ﰲ ﺳﻼﺳﻞ ﺿﺨﻤﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻘﺎرات ﻋﺪا أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻜﺘﻠﺔ ﻫﻀﺒﺔ اﻟﺤﺒﺸﺔ وﺣﺎﻓﺎت اﻷﺧﺪود اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ .واﻟﺠﺒﺎل ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﺎرة 58
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ﺷﻜﻞ :1-3املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ أﻣﺎم اﻟﺴﻜﻦ اﻟﺒﴩي.
ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ اﻟﺴﻜﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻏري ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﻌﺮوض اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﱪودة ﺣﺪة .وﻋﲆ اﻟﻌﻤﻮم؛ ﻓﺎﻟﺠﺒﺎل ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺑﺤﻜﻢ أﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﻋﻘﺒﺔ ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﻨﻘﻞ ﻟﻮﻋﻮرﺗﻬﺎ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن اﻟﺘﺠﺎء اﻟﻨﺎس ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن ﻟﻠﻌﻴﺶ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻬﻠﻴﺔ. وﻻ ﻳﻤﻨﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ وﺟﻮد اﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻠﻄﻒ املﻨﺎخ ﰲ اﻟﺠﺒﺎل املﺪارﻳﺔ واﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ املﺮاﻋﻲ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ واﻟﻐﺎﺑﺎت ،وﻛﺜﺮة وﺟﻮد وﻟﻮﺟﻮد اﻟﻜﺜري ﰲ اﻟﺜﺮوات املﻌﺪﻧﻴﺔ ﻣﺴﺎﻗﻂ املﻴﺎه اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺤﻄﺎت ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﻜﺜﺮة. ) (3-1اﻟﱰﺑﺔ واﻟﺨﺼﻮﺑﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﱰﺑﺔ ﻋﺎﻣﻞ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﻐﻄﺎء اﻟﻨﱠﺒﺎﺗﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واملﺰروع، واﻟﱰﺑﺔ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻨﺘﺎج اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﺘﻔﺎﻋﻼت ﻋﺪﻳﺪة أﻫﻤﻬﺎ: ) (١اﻟﺼﺨﺮ املﺤﲇ. ) (٢اﻟﻈﺮوف املﺎﺋﻴﺔ. ) (٣اﻟﻨﺒﺎت. 59
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻓﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﺑﺸﺪة ﻋﲆ اﻟﺴﻄﺢ اﻟﺼﺨﺮي وﺗﺤﻮل ﺟﺰءه اﻟﻈﺎﻫﺮ إﱃ أﺟﺰاء ﺻﻐرية ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ املﻄﺮ أو اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ اﻟﺠﻮﻳﺔ أو اﻟﺤﺮارة أو اﻟﺠﻠﻴﺪ … إﻟﺦ. وﻣﻊ اﻟﺒﻘﺎﻳﺎ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﻟﻠﻨﺒﺎت واﻟﺤﻴﻮان ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ وﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﺘﻌﻄﻴﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧُﺴﻤﱢ ﻴﻬﺎ اﻟﱰﺑﺔ .وﺗﱰاوح ﱡ اﻟﱰﺑﺔ ﰲ ﻣﺪى ُﺳﻤﻜﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺒﻠﻎ ﺑﻀﻌﺔ أﻗﺪام ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ أو اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ وﻋﴩات اﻷﻗﺪام ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟ ﱠﺮﻃﺒﺔ .و ُﻛﻠﻨﺎ ﻧﻌﺮف أن أﻫﻤﻴﺔ اﻟﱰﺑﺔ راﺟﻊ إﱃ أﻧﻬﺎ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻤﻮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺒﺎت ،ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻐﺘﺬي وﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ املﺎء اﻟﻼزم ﻟﻠﺤﻴﺎة ،وﺧﺼﺐ اﻟﱰﺑﺔ ﻳﺮﺟﻊ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻲ وﻋﻨﺎﴏ اﻟﻐﺬاء ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺨﻠﺨﻠﻬﺎ وﻣﺴﺎﻣﻴﺘﻬﺎ وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﴏ ،وﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اﻟﱰﺑﺎت ﻣﻔﻜﻜﺔ ﺗﺠﺮﻓﻬﺎ اﻷﻣﻄﺎر ﻣﻌﻬﺎ إذا ﻣﺎ ﻓﻘﺪت اﻟﻐﻄﺎء اﻟﻨﱠﺒﺎﺗﻲ اﻟﻌُ ﺸﺒﻲ أو اﻟﺸﺠﺮي اﻟﺬي ً ﻃﻮﻳﻼ. ﻳﺤﻤﻴﻬﺎ ،واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ُﻣﺘَﻤﺎﺳﻚ ﻳﺼﻤﺪ ﰲ وﺟﻪ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وﻗﺘًﺎ وﻫﻨﺎك ﺗﺮﺑﺎت ﺗﺘﺠﺪد ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻛﺎﻟﱰﺑﺔ اﻟﻔﻴﻀﻴﺔ أو اﻟﱪﻛﺎﻧﻴﺔ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈن اﻟﱰﺑﺔ املﺘﺠﺪدة ﻻ ﺗﺼﻞ أﺑﺪًا إﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻀﻮج ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻘﺪم واﻻﺳﺘﻘﺮار ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ِﺑ َ ﻄ ِ ﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻋﲆ ُﺧ ُ ﺼﻮﺑﺘﻬﺎ .وملﺎ ﻟﻠﱰﺑﺔ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك أﻗﺴﺎﻣً ﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ واﻟﺪراﺳﺔ ﺗﺮﻛﺰ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﱰﺑﺔ إﻣﺎ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺨﺼﺐ وإﻣﺎ ﻟﺘﺠﻨﺐ ﺟﺮف اﻟﱰﺑﺔ ودراﺳﺔ أﻧﺠﺢ املﺤﺎﺻﻴﻞ ﻋﲆ أﻧﻮاع اﻟﱰﺑﺎت ا ُملﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ اﺗﻔﻖ اﻟﻌُ َﻠﻤﺎء ﻋﲆ ﱠ أن ُﻫﻨﺎك أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻦ ﱡ اﻟﱰﺑﺔ ا ُملﺘَﺸﺎﺑﻬﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻤﺎ دﻋﺎﻫﻢ إﱃ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻋﺎم ﻟﻠﱰﺑﺔ ،وأﻫﻢ أﻧﻮاع اﻟﱰﺑﺎت ﻣﺎ ﻳﲇ: ) (١اﻟﱰﺑﺔ اﻟﻘﻄﺒﻴﺔ :وﻫﻲ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﻤﻚ ﺟﺪٍّا وﻏري ﺻﺎﻟﺤﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻟﻠﺰراﻋﺔ. ) (٢ﺗﺮﺑﺔ اﻟﺒﻮدزول :Podzolوﺗﻨﺘﴩ ﰲ اﻟﻐﺎﺑﺎت املﺨﺮوﻃﻴﺔ ،وﻫﻲ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎملﻮاد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ. ) (٣اﻟﱰﺑﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ :Brownوﻫﻲ ﻛﺜرية اﻻﻧﺘﺸﺎر ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﻤﻄﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ. ) (٤اﻟﱰﺑﺔ اﻟﺴﻮداء :Chernozemوﺗﺮﺑﺔ اﻟﱪاري ،وﺗﻜﺜﺮ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌُ ﺸﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﻟﻬﺎ ﺷﻬﺮة ﻋﺎملﻴﺔ ﺑﺨﺼﺒﻬﺎ اﻟﻌﺎﱄ )أوﻛﺮاﻧﻴﺎ – ﺑﺮاري أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ(. ) (٥اﻟﱰﺑﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ :وﻫﻲ رﻣﻠﻴﺔ ﻏري ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ. ) (٦ﺗﺮﺑﺔ اﻟﻼﺗﺮﻳﺖ :Lateriteوﺗﻜﺜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﺎﴏ اﻟﺤﺪﻳﺪ وﺗﻘﻞ املﻮاد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ وﺗﻨﺘﴩ ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻨﻄﺎق املﺪاري. 60
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
) (٧اﻟﱰﺑﺔ اﻟﻔﻴﻀﻴﺔ :وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﱰﺑﺎت اﻟﺨﺼﺒﺔ املﺘﺠﺪدة ،وﺗﻜﺜﺮ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻨﻬﺮﻳﺔ. ) (٨اﻟﱰﺑﺔ اﻟﱪﻛﺎﻧﻴﺔ :وﻫﻲ ﻣﻦ أﺧﺼﺐ ﺗﺮﺑﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﱪاﻛني واﻟﻄﻔﻮح اﻟﱪﻛﺎﻧﻴﺔ. ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ أن ﱡ ﺗﻮﺿﺢ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ) (2-3اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻸرض ،وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻨﻬﺎ ﱠ اﻟﱰﺑﺎت اﻟﺮﺳﻮﺑﻴﺔ اﻟﻬﻮاﺋﻴﺔ »اﻟﻠﻮس« ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ أوﻛﺮاﻧﻴﺎ وﺟﻨﻮب روﺳﻴﺎ وﻏﺮب ﺳﻴﺒريﻳﺎ ،وﺣﻮض اﻟﻬﻮاﻧﺠﻬﻮ واﻟﺴﻬﻮل اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واﻟﺒﻤﺒﺎس اﻷرﺟﻨﺘﻴﻨﻲ ﻫﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺆﻫﻠﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﻟﺨﺼﻮﺑﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ؛ وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن أﺟﺰاءً ﻣﻦ اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻫﻲ اﻷﺧﺼﺐ ،أﻣﺎ ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻟﺠﺒﺎل وأﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺠﻔﺎف واﻟﱪودة اﻟﺸﺪﻳﺪة ﻓﻬﻲ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ أو ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ؛ ﻷن ﴍ ً ﻃﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﻏري ﻣﺘﻮﻓﺮ ﻣﺜﻞ ﻗﴫ ﻓﺼﻞ اﻹﻧﺒﺎت ﻟﺤﺪ ﻋﺪم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﱪودة املﺴﺘﻤﺮة أو اﻟﺠﻔﺎف املﺴﺘﻤﺮ .أﻣﺎ ﺑﻘﻴﺔ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻓﻬﻲ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ إﱃ ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق املﺪاري أو اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ. أﻣﺎ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ )ﺷﻜﻞ (3-3ﻓﺘﻮﺿﺢ ﺗﻼﻗﻴًﺎ واﺿﺤً ﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية ﰲ ﴍق آﺳﻴﺎ ،وﺳﻬﻮل روﺳﻴﺎ ،وأوﻛﺮاﻧﻴﺎ ،وأﻣﺮﻳﻜﺎ ،وﴍق ً أﺻﻼ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻷرﺟﻨﺘني ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا ﰲ رﻓﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﰲ أرض أو ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ. وﻗﺪ وﺿﺢ ذﻟﻚ ﰲ ﻏﺮب أوروﺑﺎ وﺷﻤﺎل اﻟﻬﻨﺪ وﴍق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﺟﻨﻮب اﻟﺼني، واﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ،وﻟﻜﻦ ﻋﲆ رأﺳﻬﺎ ﺗﺤﺴﻦ ﺗﻘﻨﻴﺔ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺒﺬور واﺳﺘﺨﺪام ً وﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﺳﺘﻘﺮار اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﰲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺒﺬور وﺗﻬﺠﻴﻨﻬﺎ، وأداء اﻟﺴﻮق اﻟﺪاﺧﲇ واﻟﺪوﱄ ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﺒﻼد املﺘﻘﺪﻣﺔ. ً ﻋﺎﻣﻼ ﺗﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ ﰲ ﺗﻜﺜﻴﻒ أﻣﺎ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ واﻟﺼني؛ ﻓﺈن ﻛﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎن رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺗﺤﺴني اﻟﺒﺬور واﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻛﺜرية ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪت ﻋﲆ ارﺗﻔﺎع اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ واﻟﺼني وﻣﴫ.
61
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺷﻜﻞ :2-3اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻸرض (١) :ﺧﺼﻮﺑﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ (٢) .ﺧﺼﻮﺑﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ إﱃ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ (٣) .ﻗﻠﻴﻠﺔ أو ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ.
) (2اﻟﻌﻨﴫ اﻟﺒﴩي ) (1-2ﻧﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻌﺎملﻲ ﻳﻌﻴﺶ اﻵن ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ٥٫٧ﻣﻠﻴﺎر ) (١٩٩٥ﻣﻦ اﻟﺒﴩ .ﻓﻬﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ املﺠﺮدة ﻗﺪ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ دﻻﻟﺘﻬﺎ اﻟﻀﺨﻤﺔ إذا ذﻛﺮﻧﺎﻫﺎ وﺣﺪﻫﺎ؛ ﻟﻜﻦ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ وﻣﺨﺎﻃﺮﻫﺎ ﻧﺘﺒﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﱠﻈﺮة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ إﱃ أﻋﺪاد اﻟﺴﻜﺎن ﰲ املﺎﴈ. ﺟﺪول :1-3ﺗﻘﺪﻳﺮات وأﻋﺪاد اﻟﺴﻜﺎن )ﺳﻨﺔ .(١٠٠ = ١٨٥٠ اﻟﺴﻨﺔ
اﻟﻌﺪد ﺑﺎملﻠﻴﻮن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺘﺰاﻳﺪ
١٦٥٠
٥٥٠
٤٦
١٧٥٠
٧٢٥
٦٠
١٨٥٠
١٢٠٠
١٠٠
١٩٥٠
٢٤٠٠
٢٠٠
62
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺴﻨﺔ ١٩٩٥
اﻟﻌﺪد ﺑﺎملﻠﻴﻮن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺘﺰاﻳﺪ ٥٧١٦
٤٧٦
ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ١٠٠ﺳﻨﺔ ١٨٥٠ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻒ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﻘﺮﻧني ،وﺗﺰاﻳﺪوا ﺑﻌﺪ ﻗﺮن وﻧﺼﻒ ) (١٩٩٥–١٨٥٠ﺑﻤﻘﺪار أرﺑﻊ ﻣﺮات وﺳﺒﻌﺔ أﻋﺸﺎر؛ أي ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺲ ﻣﺮات .ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا أن اﻟﻨﻤﻮ ﺗﺰاﻳﺪ ﺑﺒﻂء ً أوﻻ ،ﺛﻢ ﺗﺴﺎرع ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻳﻜﺎد أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺿﺎﺑﻂ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻐﺮق ﻗﺮﻧًﺎ ) (١٩٥٠–١٨٥٠ﻟﻴﺘﻀﺎﻋﻒ ﻣﺮة واﺣﺪة ،واﺳﺘﻐﺮق ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ﻟﻴﺘﻀﺎﻋﻒ ٢٫٧ﻣﺮة ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ .١٩٩٥–١٩٥٠ وﻳﺘﻮﻗﻊ اﻟﺪﻳﻤﻮﺟﺮاﻓﻴﻮن ﺗﺰاﻳﺪ أﻛﱪ ﰲ اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺳﻨﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﻠﻮن إﱃ ﻧﺤﻮ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات ﻋﺎم ،٢٠٢٢ﻫﺬا إذا ﻟﻢ ﺗﻤﺎرس اﻟﺪول ﴎﻳﻌﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺿﻮاﺑﻂ ﻛﺎﺳﺤﺔ ﻟﺘﻘﻠﻞ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻦ ٪٣-٢إﱃ ٪٢-١ﻓﻘﻂ. وﻗﺪ ﻳﺄﺗﻲ ﻳﻮم ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﻣﻮاﺻﻠﺔ ﻧﻤﻮ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﻧﺴﺒﺔ ﻧﻤﻮ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أن ﻧﻄﻮر ﻋﺎداﺗﻨﺎ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻓﻨﻘﱰب ﻛﺜريًا ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪوس آﻛﲇ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ وأن ﻧﻄﻮر زراﻋﺎت ﺑﻌﺾ اﻷﻋﺸﺎب اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ؛ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺧﻤﺎﺋﺮ ﺗﻜﻮن أﺳﺎس اﻟﻐﺬاء املﻘﺒﻞ. ) (2-2اﻟﺘﻮزﻳﻊ املﻜﺎﻧﻲ ﻟﺴﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﻳﻨﺘﴩ اﻟﻨﺎس ﺑﺪرﺟﺎت أو ﻛﺜﺎﻓﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﰲ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻏري ﻣﻌﻤﻮرة ملﻌﺎداﺗﻬﺎ ﻟﻠﺴﻜﻦ اﻟﺒﴩي اﻟﺪاﺋﻢ وﻟﻨﻘﺺ ﴍوط إﻧﺘﺎج ﻏﺬاء ﻣﺎ ،ﻛﺎﻟﺼﺤﺎرى ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻗﺎرة أﻧﺘﺎرﻛﺘﻴﻜﺎ ﻏري اﻟﺠﺎﻓﺔ واﻷﻗﺎﻟﻨﺴﺒﺔ املﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔاﻟﻴﻢ اﻟﻘﻄﺒﻴﺔ املﺄﻫﻮﻟﺔ إﻻ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﻌﺴﻜﺮات ﻟﻠﺒﺎﺣﺜني واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻳﺄﺗﻮن ﻣﻮﺳﻤﻴٍّﺎ إﻟﻴﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ وﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻨﺪرا ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﺟﺪٍّا؛ إﻣﺎ ﻟﻘﻠﺔ ﺿﻐﻂ اﻟﻬﻮاء ،وإﻣﺎ ﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻓﺼﻞ اﻟﱪد ،اﻟﺬي ﻳﻤﻨﻊ ﺗﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﺎت اﻟﺬي ﻫﻮ أﺳﺎس إﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ )ﺷﻜﻞ .(4-3 وﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬا ﻧﺠﺪ ﺗﺮﻛﻴ ًﺰا ﻛﺒريًا ﻟﻠﺴﻜﺎن ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺿﺤﻬﺎ اﻷرﻗﺎم اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﴍق آﺳﻴﺎ ١٤٤٠٠ﻣﻠﻴﻮن :اﻟﺼني ) ١٢٢٢ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ( اﻟﻴﺎﺑﺎن ) (١٢٥ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺼني )ﺗﺎﻳﻮان( ) (٢١ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ) (٢٣ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ) (٤٤ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ).(٥٫٦ 63
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺷﻜﻞ :3-3اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ (١) :إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ (٢) .إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ (٣) .إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ أو ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ.
ﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ ١٦٦٨ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ :اﻟﻬﻨﺪ ) ٩٣٦ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ( إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ) (١٩٨ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن )(١٤١ ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ ) (١١٥ﻓﻴﺘﻨﺎم ) (٧١اﻟﻔﻠﺒني ) (٦٧ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ) (٥٨ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )ﺑﺮﻣﺎ( ) (٤٥ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ) (١٩ﻛﻤﺒﻮدﻳﺎ ) (١٠ﻻووس ) (٥ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ).(٣ أوروﺑﺎ ٥٠٤ﻣﻼﻳني :أملﺎﻧﻴﺎ ) (٨٢ﻓﺮﻧﺴﺎ ) (٥٨ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ).(٥٨ اﻷﻣﺮﻳﻜﺘني ٧٧٤ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ :اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ) (٢٦٣اﻟﱪازﻳﻞ ).(١٦٢ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ٧٢٨ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ :ﻧﻴﺠريﻳﺎ ) (١١٢ﻣﴫ ).(٦٣ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺖ اﻟﺴﺎﺑﻖ ٢٩٣ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ :روﺳﻴﺎ ) (١٤٧أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ).(٥١ أوﺷﻴﻨﻴﺎ ٢٨ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ :أﺳﱰاﻟﻴﺎ ).(١٨ ﺑﻘﻴﺔ آﺳﻴﺎ ٣٤٨ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ :ﺗﺮﻛﻴﺎ ) (٦٢إﻳﺮان ).(٦٨ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻣﺎ ﻳﲇ: ) ٪٥٤٫٣ (١ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﱰﻛﺰون ﰲ ﴍق وﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ. ) (٢أﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻨﺘﴩون ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ. ) (٣وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن ﻛﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎن إﱃ اﻷرض ﺗﻮﺿﺢ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻨﻄﻘﺘني ﻛﺜﻴﻔﺘﻲ اﻟﺴﻜﺎن ﻫﻤﺎ :ﴍق وﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وأوروﺑﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ .وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ 64
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ﻧﻘﺎط ﻣﺤﺪودة املﺴﺎﺣﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ واﺣﺎت وأﺣﻮاض اﻷﻧﻬﺎر ﰲ ﺗﺮﻛﺴﺘﺎن وإﻳﺮان واملﴩق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺧﺎﺻﺔ وادي اﻟﻨﻴﻞ ودﻟﺘﺎه ﰲ ﻣﴫ .وﰲ ﺧﺎرج اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻧﺠﺪ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪودة ﻣﻦ اﻟﻜﺜﺎﻓﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ :ﴍق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة، وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤريات اﻟﻌﻈﻤﻰ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ ،وﺣﻮل املﺪن اﻟﻜﺒرية :ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﺴﻜﻮ وﻟﻮس أﻧﺠﻴﻠﻮس وﻣﺪﻳﻨﺔ املﻜﺴﻴﻚ ورﻳﻮدﺟﺎﻧريو وﺑﻴﻮﻧﺲ أﻳﺮس وﻣﻨﺘﻔﺪﻳﻮ وﺳﺎﻧﺘﻴﺎﺟﻮ ﰲ اﻷﻣﺮﻳﻜﺘني ،وﺣﻮل ﺳﺪﻧﻲ وﻣﻠﺒﻮرن ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ،وﺣﻮل ﻛﻴﺒﺘﺎون وﺟﻮﻫﺎﻧﺴﱪج وﻻﺟﻮس ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ.
ﺷﻜﻞ :4-3اﻟﺼﻮرة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻟﻠﻜﺜﺎﻓﺎت ﱡ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺘﻀﺢ أﻧﻬﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﺣﻮل املﺪن اﻟﻜﱪى ﰲ اﻟﻌﺎملني؛ املﺘﻘﺪم واﻟﻨﺎﻣﻲ ،وﰲ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﺼني واﻟﻬﻨﺪ واﻟﺴﻬﻞ اﻷوروﺑﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺰرﻳﺔ ذات ﺗﺮﺑﺎت ﺧﺼﺒﺔ واﻗﺘﺼﺎد وﻓري وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ ﺟﺎوه ﰲ إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ وﺟﺰر اﻟﻔﻠﺒني وﻛﻮﺑﺎ ﰲ اﻟﻜﺎرﻳﺒﻲ. وﻻ ﺷﻚ أن ﻋﺪم اﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﰲ اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻌﺪدي واﻟﻜﺜﺎﻓﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ راﺟﻊ إﱃ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻲ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ. 65
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻗﻮة ﻻ ﺗﻨﻜﺮ ﰲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺴﻜﻦ؛ ﻓﺎﻟﺼﺤﺮاء واﻟﺘﻨﺪرا واﻟﻐﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﺗﺴﺎوي ﺑﻴﺌﺎت ﻃﺎردة ﻟﻠﺴﻜﻦ إﻻ ﺑﺄﻋﺪاد ﻗﻠﻴﻠﺔ ،واﻟﻨﱠﻤﻂ اﻟﺤﻀﺎري ﻟﺪى املﺠﺘﻤﻌﺎت ا ُملﺨﺘﻠﻔﺔ ﻫﻮ أﻫﻢ ﻋﻨﴫ ﺑﴩي ﰲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺜﺮوة اﻟﺰراﻋﻴﺔ أو اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻷرض ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻛﺜﺮ أو أﻗﻞ؛ وﻣﻦ ﻫﻨﺎ اﻻﺧﺘﻼف ﺑني اﻟﺪول واﻟﺸﻌﻮب املﺘﻘﺪﻣﺔ وﺗﻠﻚ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﺣﻴﺚ اﻻﺧﺘﻼف ﻣﺮده اﻷول اﺧﺘﻼف ﻣﻨﺴﻮب اﻟﺤﻀﺎرة املﺎدﻳﺔ. ) (3-2اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺪدﻳﺔ واﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﻪ ا ُملﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺴﻼﻟﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻣﺼﺪر ﻃﺎﻗﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﻌﺎﻣﻞ ا ُملﺤﺮك ﻟﺠﻤﻴﻊ أﻋﻤﺎﻟﻪ وﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻫﻜﺬا ﻓﺎﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻌﺪد ﺳﻜﺎﻧﻲ أﻛﱪ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻘﻮة أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﻗﻞ ﺳﻜﺎﻧًﺎ ،وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ا ُمل ِ ﻌﺎﴏ ِة اﻟﺼني واﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﺤﺪة؛ ﻓﺮﻏﻢ اﻟﺘﻔﻮق اﻟﻀﺨﻢ ﰲ اﻟﺘﺴﻠﻴﺢ اﻟﺬي ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺰال ﻣﱰددة وﺳﺘﱰدد ﻛﺜريًا ﰲ دﺧﻮل ﺻﺪام ﻣﺒﺎﴍ ﻣﻊ اﻟﺼني ،وذﻟﻚ ﻟﻠﺘﻔﻮق اﻟﺴﺎﺣﻖ اﻟﺬي ﺗﻤﻠﻜﻪ اﻟﺼني ﰲ ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ؛ أي ﰲ ﻣﻮاردﻫﺎ اﻟﺒﴩﻳﺔ. وﻣﺜﺎل آﺧﺮ :ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﺨﴙ اﻟﺘﻔﻮق اﻷملﺎﻧﻲ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ،وﻛﺎن ﻫﺘﻠﺮ وﻣﻌﺎوﻧﻮه ﻳﺪرﻛﻮن أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﻮة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺸﺠﻊ اﻷﴎ ﻋﲆ زﻳﺎدة أﻋﺪادﻫﻢ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﱰﻏﻴﺐ املﺎدﻳﺔ. وﻟﻴﺴﺖ ﻗﻮة اﻟﺴﻜﺎن ﻛﺎﻣﻨﺔ ﰲ املﻘﺪرة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ إن اﻟﻌﺪد اﻟﻜﺒري ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻳﺠﻌﻞ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن اﻟﺘﻔﻮق ﰲ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻓ َﺮﻏﻢ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺑني أﻣﺮﻳﻜﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﻟﺼني ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﱠ ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﺪول ﺗﺨﻄﺐ ود اﻟﺼني؛ ﻷﻧﱠﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ً ﺳﻮﻗﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻻﺳﺘﻬﻼك املﺼﻨﻌﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ أو اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ أو اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ أو اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى؛ ﱠ ﻓﺈن ﻋﺪ َد اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻜﺒري ﻳﺠﻌﻞ ﰲ إﻣﻜﺎن اﻟﻴﺎﺑﺎن ﺑﺄﺟﻮر ﻋﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﻘﻠﻴﻞ — ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس إﱃ أﺟﻮر اﻟﻌﻤﺎل ﰲ أوروﺑﺎ أو أﻣﺮﻳﻜﺎ — ْ أن ﺗُﻨَﺎﻓِ ﺲ ﺑﻨﺠﺎح ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واﻷوروﺑﻴﺔ )أﺟﻬﺰة اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺎت ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل( ﻟﻮﻻ ﻣﺎ ﺗﻜﺒﻞ ﺑﻪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻫﺪات وﺣﺮب ﺗﺠﺎرﻳﺔ.
66
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
) (3اﻟﻐﺬاء ) (1-3املﺼﺪر اﻷوﱄ ﻟﻠﻐﺬاء ﺟﺎء ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮات ملﻨﻈﻤﺔ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﱠ أن ﻣﻠﻴﺎ ًرا ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻳﺴﺘﻬﻠﻜﻮن ﻋﴩة ﻣﻼﻳني ﻣﻦ أﻃﻨﺎن اﻟﻐﺬاء ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ،وﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ »ﻣﺘﻨﺒﺊ املﻮارد ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ« :أﻧﻪ إذا ﻇﻠﺖ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ واﻟﺘﻮزﻳﻊ املﻨﺎﺧﻲ اﻟﻌﺎملﻲ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ اﻵن ،ﱠ ﻓﺈن اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ اﻟﻨﻈﺮي ﻹﻧﺘﺎج املﻮاد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ )اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ( ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻀﻮﺋﻲ ﻫﻮ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﺎر ﻃﻦ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .وﻗﺪ اﻧﻄﻠﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎط اﻵﺗﻴﺔ: ) (١اﻟﺸﻤﺲ ﻫﻲ املﺼﺪر اﻷوﱄ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ،وﺗﺸﻊ ﻣﻮﺟﺎت ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ وﺟﺰﻳﺌﺎت ﴎﻳﻌﺔ ﰲ اﻟﻔﻀﺎء. ) (٢ﺣﻴﺚ ﱠ إن ﻫﺬا اﻹﺷﻌﺎع ﻳُﻤﺜﻞ ﻛﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ ا ُملﺘﺎﺣﺔ ﻋﲆ اﻷرض )ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻧﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻧﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺗﺤﻠﻞ اﻟﻌﻨﺎﴏ ا ُمل ِﺸﻌﱠ ﺔ ﰲ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ املﻌﺪﻧﻲ اﻷرﴈ( ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ا ُملﺘﺎﺣﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن .وﻫﻜﺬا ﱠ ﻓﺈن ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺨﴬﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺰن اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻀﻮﺋﻲ ﻫﻲ ﻣﺼﺎدر اﻟﻐﺬاء اﻷوﻟﻴﺔ. ﻟﻜﻦ املﻮاد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﻟﺠﺎﻓﺔ )= ﻧﺎﻗﺺ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ( ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻮاد ﻏﺬاﺋﻴﺔ ،وﺣﺘﻰ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت املﺰروﻋﺔ ﻻ ﺗﺆﻛﻞ ﻛﻠﻬﺎ ،ﺑﻞ ُرﺑﻤﺎ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻔﻬﺎ ،وﰲ املﺮاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻳﺠﺐُ أن ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻣﻌﺎﻣﻞ ١٢إﱃ ١ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎت إﱃ اﻟﺤﻴﻮان إﱃ اﻟﻐﺬاء اﻟﺒﴩي. أن ﺗَﻬْ ِﺒﻂ إﱃ ﺣﻮاﱄ ﻣﻠﻴﺎر ﻃﻦ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ً وﻫﻜﺬا ﱠ ﻓﺈن أرﻗﺎم اﻹﻧﺘﺎج ﻳﺠﺐُ ْ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ »ﻣﺘﻨﺒﺊ املﻮارد ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ« اﻟﺬي ﺑﺎﻟﻎ إﱃ ﺣﺪ أن اﻹﻧﺘﺎج ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﻞ إﱃ ﺣﺪود ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﺎر ﻃﻦ! وﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﻳُﻤﻜﻦ رﻓﻊ ﺗﻘﺪﻳﺮات ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻐﺬاء؛ ﻟﻜﻲ ﻧﻌﻮض اﻟﻔﺎﻗﺪ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻛﺜرية رﺑﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ٪٣٠ﻓﺎﻗﺪًا ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺼﺎد و٪٣٠ أﺧﺮى ﻓﺎﻗﺪًا ملﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺼﺎد ،ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻌﻮض اﻟﻔﺎﻗﺪ اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﻛﻞ أﺟﺰاء املﺤﺼﻮل ،ﻓﺒﻌﺾ أﺟﺰاﺋﻪ ﻏري ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﻐﺬاء اﻟﺒﴩي .وأﺧريًا ﻟﻜﻲ ﻧﻌﻮض ً أﻳﻀﺎ ﻣﻌﺎﻣﻞ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻐﺬاء ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎت ﻟﻠﺤﻴﻮان ﻟﻺﻧﺴﺎن. وواﺿﺢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات واﻻﺟﺘﻬﺎدات ﱠ أن اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺎﻟﺼﻨﺎﻋﺔ؛ ﱠ ﻓﺈن ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﺎ ﻣﻌﻘﺪة ﻟﺘﺪاﺧﻞ ﻋﻨﺎﴏ ﻛﺜرية ﻣﻦ اﻟﺒﺬرة إﱃ اﻟﱰﺑﺔ إﱃ املﺤﺼﻮل إﱃ اﻟﺤﺼﺎد 67
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
إﱃ اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ واﻟﻨﻘﻞ واﻟﺒﻴﻊ ،وﻳﺮى اﻟﺒﻌﺾ أن اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻜﻔﺎءة أﻗﻞ ﻣﻦ ٪١٥ﻣﻦ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻠﻘﺪارات اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ. ) (2-3املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ ﻋﺎملﻴٍّﺎ ﻫﻨﺎك ﺗﻘﺪﻳﺮات ﻛﺜرية ﻋﻦ املﺴﺎﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳُﻤﻜﻦ زرﻋﻬﺎ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض؛ ﻓﻔﻲ ١٩٣٠ ﻗﺎل اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﻮﺳﺖ 1 :إن ﻧﺤﻮ ٪٣٠ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗُﺴﺘﺰرع ،وﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﺼﻞ إﱃ ﻧﺤﻮ ٤٠٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر )اﻟﻬﻜﺘﺎر = ٢٫٥ﻓﺪان( ﺗﺤﺖ اﻟﺰراﻋﺔ! ورأى ﺑريﺳﻮن وﻫﺎرﺑﺮ ﻋﺎم 2 ١٩٤٥أن ﻧﺤﻮ أﻟﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر أو ﻧﺤﻮ ٪٧ﻣﻦ أرض اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء؛ أي أﻗﻞ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺰروع ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ. وﻳﻘﻮل ﻛﻴﻠﻠﻮج 3ﻋﺎم ١٩٥٠إﻧﻪ ﻣﻦ املﻌﻘﻮل أن ٪٢٠ﻣﻦ أرض اﻟﱰﺑﺎت املﺪارﻳﺔ ﻏري ا ُملﺴﺘﻐﻠﺔ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ واﻟﺠﺰر اﻟﻜﺒرية ﻣﺜﻞ ﻣﺪﻏﺸﻘﺮ وﺑﻮرﻧﻴﻮ ،ﻳُﻤﻜﻦ اﺳﺘﺰراﻋﻬﺎ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﻧﺤﻮ ٤٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺰراﻋﺔ؛ ﻛﻤﺎ ﻳﺮى أن اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﺑﺔ اﻟﺒﻮدزول واﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺷﻤﺎل اﻟﻨﻄﺎق املﻌﺘﺪل ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﺰرع ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ ٪١٠ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﰲ املﺎﺋﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﺈذا أﻣﻜﻦ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ ﰲ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ؛ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳُﻌﻄﻴﻨﺎ ﻧﺤﻮ ١٢٠ﻣﻠﻴﻮن ﻫِ ْﻜﺘَﺎر أﺧﺮى ﻟﻼﺳﺘﺰراع. أﻣﺎ ددﱄ ﺳﺘﺎﻣﺐ 4ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺪد رﻗﻤً ﺎ ﻧﻬﺎﺋﻴٍّﺎ ﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻻﺳﺘﺰراع ،ﻟﻜﻨﻪ ﺑﻌﺪ إﻧﻘﺎص ﻣﺴﺎﺣﺔ املﻨﺎﻃﻖ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﱪودة أو ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺠﻔﺎف ،أو ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﻮﻋﺮة ،ﻓﺈن اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻳﺴﺎوي ﻧﺤﻮ ٪٤٠وﻳﻘﻮل :ﻳﺠﺐ إﻧﻘﺎص ﻣﺴﺎﺣﺎت أﺧﺮى ﻣﻦ ﻫﺬا املﺘﺒﻘﻰ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺮﺑﺎت ﻓﻘرية أو ﻋﺪم وﺟﻮد ﺗﺮﺑﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ،أو ﻣﻨﺎﻃﻖ املﻄﺮ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺠﺎرف. وﻫﺬه اﻷرﻗﺎم ﺗﻤﺜﻞ اﺟﺘﻬﺎدات وﻟﻴﺴﺖ دراﺳﺎت ﻣﻌﻤﻘﺔ ﻣﻔﺼﻠﺔ ،إﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﰲ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ .واملﺴﺘﺤﺴﻦ دراﺳﺔ ﻛﻞ إﻗﻠﻴﻢ ﻋﲆ ﺣﺪة ،وأن ﻧﺄﺧﺬ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أﻗﺎﻟﻴﻢ »ﻛﻮﺑﻦ« املﻨﺎﺧﻴﺔ ملﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﻣﻦ ارﺗﺒﺎط وﺛﻴﻖ ﺑني اﻟﺰراﻋﺔ واملﻨﺎخ. وﻳﺮى روﺑﻨﺴﻮن 5ﰲ ١٩٧٢أن ﺳﺘﺔ ﻣﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟﻬﻜﺘﺎرات ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ؛ ﻟﻜﻦ ﻧﺤﻮ ١٫٣ﻣﻠﻴﺎر ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗُﺰرع ﻓﻘﻂ ،وﻳﻘﺪر أن اﻟﻔﺮد ﻳﺤﺘﺎجُ ﻟﻐﺬاﺋﻪ ﻧﺤﻮ ﻫﻜﺘﺎر واﺣﺪ ،ﻟﻜﻦ املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺗﻌﻄﻲ اﻟﻔﺮد ٠٫٦ﻫﻜﺘﺎر ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﻓﻴﻪ ﺗﻔﺎوت ﻛﺒري ﺑني اﻟﺸﻌﻮب وﻟﻮ أﻣﻜﻦ زراﻋﺔ ٦ﻣﻠﻴﺎرات ﻫﻜﺘﺎر ﻻرﺗﻔﻊ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻋﲆ أﺳﺎس ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺤﺎﱄ )ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ ٦ﻣﻠﻴﺎرات ﻧﺴﻤﺔ( إﱃ ﻧﺤﻮ ١٫٦ﻫﻜﺘﺎر. 68
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
وﻳﻮﺿﺢ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ رﻗﻢ ) (5-3ﺗﻮزﻳﻊ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض »ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻔﺎو ،«١٩٨٧وﻣﻨﻪ ﻳﺘﻀﺢ أن اﻷرض املﺰروﻋﺔ ً ﻓﻌﻼ ﻫﻲ ٪١١ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض، ﻳﻠﻴﻬﺎ ٪٢٥ﻣﺮاﻋﻲ داﺋﻤﺔ و ٪٣١ﻏﺎﺑﺎت ،واﻟﺒﺎﻗﻲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت أﺧﺮى أو ﻏري ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ، وﺗﺴﺎوي ﺛﻠﺚ ﺳﻄﺢ اﻷرض.
ﻣﺮاﻋﻲ ٪٢٥ ٣٢١١
زراﻋﺔ ٪١١,٥ ١٤٧١
ﻏﺎﺑﺎت ٪٣١ ٤٠٧٦
أراض أﺧﺮى ٪٣٣ ٤٣١١ ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر ﺷﻜﻞ :5-3اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺳﻄﺢ اﻷرض اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ .١٩٨٦
69
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﺘﻮزﻳﻊ املﻜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﺴﺎﺣﺎت املﺰروﻋﺔ ﻋﺎملﻴٍّﺎ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ ) (6-3ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻔﺎوت اﻟﻘﺎرات ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ .ﻓﻘﺎرة آﺳﻴﺎ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺛﻠﺚ املﺴﺎﺣﺎت املﺰروﻋﺔ ﻋﺎملﻴٍّﺎ ،ﺗﻠﻴﻬﺎ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺛﻢ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ )اﻟﺴﺎﺑﻖ( ﺛﻢ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻓﺄﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ .وﺑﺮﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﻣ َ ُﺴﺎﻫﻤﺔ أوروﺑﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ املﺴﺎﺣﺔ ﱠ ﻓﺈن إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻛﺒري ﺑﺴﺒﺐ اﺳﺘﺨﺪام ﻃﺮق اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؛ ﻟﺪرﺟﺔ أن اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻛﺒري ،وﻗﺪ ﻻ ﻳﺠﺪ ً ﺳﻮﻗﺎ .ﻓﻔﻲ ﻓﱰة اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت وُﺻﻒ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰاﺋﺪ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺤريات ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻴﺐ وﺗﻼل ﻣﻦ اﻟﺰﺑﺪ .وﺗﺨﺼﺼﺖ ﺑﻼد أوروﺑﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﺎﻟﻠﺤﻮم واﻟﺠﺒﻦ واﻟﺪﻫﻮن اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ واﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ واﻷﻟﺒﺎن ﻣﻨﺰوﻋﺔ املﺎء … إﻟﺦ؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ودﻋﻢ أﺟﻬﺰة اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﻟﻬﺬا اﻻﺗﺠﺎه اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ أوروﺑﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺎد ﻛﺒري ﻋﲆ واردات زراﻋﻴﺔ وﻏﺬاﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ »املﺴﺘﻌﻤﺮات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ«. وﺗﻀﻊ اﻟﺴﻮق ا ُملﺸﱰﻛﺔ ﻗﻴﻮدًا ﻛﺜرية اﻵن ﻋﲆ واردات املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻷﻏﺬﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ً ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎر آﻓﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ .وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﻧﻤﻮ أﻣﺮاض ﰲ أوروﺑﺎ أﺷﻬﺮﻫﺎ ﻣﺎ ﻋُ ِﺮ َ ف أﺧريًا ﺑ »ﺟﻨﻮن اﻟﺒﻘﺮ« ﰲ إﻧﺠﻠﱰا .وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﺪث وﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﻧﻜﺴﺔ ﻋﲆ املﺴﺎر اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وإﻧﻤﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﻌﻮاﻟﻢ اﻷﺣﻴﺎء اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. وﻋﲆ اﻟﻌﻤﻮم ،ﻓﺈن ﻣُﻌﻈﻢ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗُﺤﺎول رﻓ َﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮل ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام أﻧﻮاع ﻛﺜرية ﻣﻦ املﺨﺼﺒﺎت ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺸﻜﻞ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ ﺗﺠﺎرة اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪول إﱃ زﻳﺎدة ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﺸﻖ ﻗﻨﻮات ﻟﻠﺮي وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺴﺪود وﺑﺤريات اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ .وﺗﺘﻀﺢ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع أرﻗﺎم اﻷرض املﺮوﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺿﺤﻬﺎ ﺟﺪول .2-3 ﺟﺪول :2-3زﻳﺎدة ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻟﺰراﻋﺔ املﺮوﻳﺔ ) ١٩٨٦–١٩٧٦ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر(. اﻟﻘﺎرة
١٩٧٦
١٩٨٦
ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺰﻳﺎدة ٪
اﻟﻌﺎﻟﻢ
١٩٤
٢٢٧٫٥
١١٧
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
٩٫٦
١١
١١٤
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ
٢٤
٢٥٫٥
١٠٦٫٢
70
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ١٩٧٦
١٩٨٦
ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺰﻳﺎدة ٪
اﻟﻘﺎرة
٦٫٧
٨٫٤
١٢٥٫٤
آﺳﻴﺎ
١٢٣٫٩
١٤٤
١١٦٫٢
أوروﺑﺎ
١٣٫٣
١٦٫٢
١٢١٫٨
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
١٫٦
١٫٨
١١٢٫٥
اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ
١٥٫٣
٢٠٫٤
١٣٣٫٣
ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم
٥١٫٨
٦١٫٨
١١٩٫٣
ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ
١٤٢
١٦٥٫٧
١١٦٫٧
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ
وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ اﻟﺠﺪول اﻟﺴﺎﺑﻖ أن آﺳﻴﺎ ﻫﻲ اﻷوﱃ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض املﺮوﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺤﺒﻮ ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ،ﱠ وأن اﻟﺪول ا ُملﺘﻘﺪﻣﺔ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﱠ أن ﻣُﻌﻈﻢ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﺗﻘﻊ ﰲ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ ذات اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻮﻓرية واﻷﻧﻬﺎر اﻟﻌﺪﻳﺪة. ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻐﺬاء ﻟﻴﺲ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن وﺣﺪه أو املﻨﺴﻮب اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﺸﻌﻮب ﻫﻤﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠني املﺤﺪدﻳﻦ ﻟﺼﻔﺎت ً ﻋﺎﻣﻼ ﺛﺎﻟﺜًﺎ ﻟﻪ ﻣﻔﻌﻮﻟﻪ ﰲ ﻗﻮة أو ﺿﻌﻒ أداء اﻟﺴﻜﺎن؛ ﺳﻜﺎن اﻟﺪول ،ﺑﻞ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻀﻴﻒ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ ﻏﺬاﺋﻪ ﻣﻦ ﺳﻌﺮات ﺣﺮارﻳﺔ ﺗُﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻟﻘﻮة أو اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺠﺴﺪي ﻟﻺﻧﺴﺎن .وﺗﻮﺿﺢ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ) (7-3ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺴﻌﺮات اﻟﺤﺮارﻳﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ )اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺬاء اﻟﱪوﺗﻴﻨﻲ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ واﻟﺴﻜﺮﻳﺎت … إﻟﺦ(. وﻣﻨﻬﺎ ﻳﺘﻀﺢ ﺗﻔﺎوت ﻣﻠﺤﻮظ ﺑني ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻮﻓﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻌﺮات ﻋﻦ ،٢٥٠٠وﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﻘﺺ واﻟﺠﻮع اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ .وواﺿﺢ أن اﻟﻮﻓﺮة ﺗﱰﻛﺰ ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم ﰲ ﺷﻤﺎل وﺟﻨﻮب اﻟﻘﺎرات ﻋﺪا ﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ ووﺳﻂ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺪﻧﻰ اﻟﺴﻌﺮات إﱃ أﻗﺼﺎﻫﺎ ﰲ ﻧﻄﺎق ﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻮدان إﱃ ﻧﺎﻣﻴﺒﻴﺎ ،وﺗﺮﺗﻔﻊ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﰲ ﻏﺮب وﴍق أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﰲ ﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ. 71
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
٣٥٠٠ ٢٩٦٣ ٢٦٧٧ ٢٢٢٧
٣٠٠٠ ٢٥٠٠
٢١٣٧
٢٠٠٠
١٧٥٢
١٥٠٠ ١٠٠٠
٨٤٢ ٤٧١
٥٠٠
ا .اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
أوروﺑﺎ
آﺳﻴﺎ
أﻣﺮﻳﻜﺎ ج
أﻣﺮﻳﻜﺎ ش
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
اﻻﺳﺘﺨﺪام
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
أﻣﺮﻳﻜﺎ ج
أﻣﺮﻳﻜﺎ ش
آﺳﻴﺎ
أوروﺑﺎ
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
ا .اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ
اﻟﺰراﻋﺔ
١٨٥
٢٧٣
١٤١
٤٥١
١٣٩
٥٠
٢٣٢
املﺮاﻋﻲ
٧٨٧
٣٦٧
٤٦٩
٦٧٨
٨٤
٤٥١
٣٧٥
اﻟﻐﺎﺑﺎت
٦٨٩
٦٨٤
١٠٩
٥٤٠
١٥٥
١٥٦
٩٤٣
أراض أﺧﺮى ٍ
١٣٠٢
٨١٣
٢٣٣
١٠٠٨
٩٣
١٨٥
٦٧٧
ﺻﻔﺮ
) اﻷرﻗﺎم ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر(
أراض أﺧﺮى
ﻣﺮاﻋﻲ
ﻏﺎﺑﺎت
زراﻋﺔ
ﺷﻜﻞ :6-3اﺳﺘﺨﺪام اﻷرض ﰲ ﻗﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ ١٩٨٦ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر.
واﻟﻮﻓﺮة واﻟﺠﻮع ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻄﺎن ﺑﻜﻤﻴﺔ ﻏﺬاء ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ً أﻳﻀﺎ ﺑﻨﻮﻋﻴﺔ اﻟﻐﺬاء .ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﻜﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ ﻧﻮع ﻗﻠﻴﻞ اﻟﺴﻌﺮات ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻏﺬاء ﻣﻤﺎﺛﻞ اﻟﻜﻤﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮع اﻷﻃﻌﻤﺔ ﻳﻌﻄﻲ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﻓﻀﻞ. 72
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ﺷﻜﻞ :7-3اﻟﻐﺬاء :اﻟﺴﻌﺮات اﻟﺤﺮارﻳﺔ ،ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻮﻓﺮة واﻟﺠﻮع.
وﻗﺪ ﻳﻨﺠﻢ اﻟﺠﻮع ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ً أﺻﻼ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ أو ﺣﺪﻳﺔ اﻟﺴﻌﺮات ،وﻟﻜﻦ ﻛﻮارث ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻛﺎﻟﻔﻴﻀﺎن واﻟﺴﻴﻮل واﻟﺰﻻزل ،أو ﻛﻮارث اﻟﺤﺮوب ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻠﻴﺔ أو ﺧﺎرﺟﻴﺔ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺐ اﻟﺠﻮع وﺗﺆدي ً ﻓﻌﻼ إﱃ وﻓﻴﺎت ﻛﺜرية ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺠﻮع اﻟﻔﻌﲇ؛ وذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث داﺋﻤً ﺎ ﰲ ﺑﻨﺠﻼدش ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺒﺐ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت ﻏﺮق ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ املﺤﺎﺻﻴﻞ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻷرز ،أو اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ ﰲ رواﻧﺪا وﺑﻮرﻧﺪي أو اﻟﺠﻔﺎف ﰲ أﺛﻴﻮﺑﻴﺎ وإﻗﻠﻴﻢ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻜﱪى ،أو ﺣﺮب ﻟﺒﻨﺎن أو اﻟﺒﻮﺳﻨﺔ … إﻟﺦ. وﻳﱰﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻋﺪم ﺗﻮﻓﺮ اﻷﻃﻌﻤﺔ ،ﺑﻞ ﻫﺮب اﻟﻨﺎس وﺗﻜﺪﺳﻬﻢ ﻛﻼﺟﺌني ﰲ أﻣﺎﻛﻦ داﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ أو ﺧﺎرﺟﻬﺎ ﻳﻜﺘﻆ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺎس ،وﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﺗﺘﻀﺎﻓﺮ ﺟﻬﻮد اﻷﻣﻢ املﺘﺤﺪة وﺑﻌﺾ اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﲆ إرﺳﺎل ﻣﻌﻮﻧﺎت ﻏﺬاء ﻋﺎﺟﻠﺔ وﺗﺪﺑري ﻣﺄوى ﻣﺆﻗﺖ ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮوا ﻣﻦ دﻳﺎرﻫﻢ وأﺻﺒﺤﻮا ﻣﺒﺎءة ﻷﻣﺮاض ﻗﺎﺗﻠﺔ. وﻳﺮى اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺨﱪاء أن املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﺳﻮء ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻐﺬاء اﻟﻌﺎملﻲ، أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ إﻧﺘﺎج واﺳﺘﻬﻼك ،وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن ﻓﺎﺋﺾ اﻟﻐﺬاء ﻟﺪى دول ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻮازن ﻗﻠﺔ اﻟﻐﺬاء ﰲ ﺑﻼد أﺧﺮى ،ﻟﻜﻦ ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻧﺠﺪ ﺟﺪﻟﻴﺔ أﺧﺮى ﻣﻘﻮﻟﻬﺎ :ملﺎذا ﺗﻄﻌﻢ اﻟﺪول اﻟﻐﻨﻴﺔ ً دوﻻ ﻓﻘرية؟ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻫﻨﺎك ﺗﻮﺟﻬﺎت ﰲ ﺑﻌﺾ دول أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ إﱃ اﻟﱰاﺟﻊ ﰲ املﺴﺎﺣﺎت املﺰروﻋﺔ ،أو ﻣﺰارع اﻟﺤﻴﻮان ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻓﺎﺋﺾ ﻛﺒري؛ 73
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﺪول ﺗﺪﻓﻊ دﻋﻤً ﺎ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ اﻷﺳﻌﺎر ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ؛ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺄﺛﺮ دﺧﻞ اﻟﻔﻼح وﺗﺼﺒﺢ ﻫﻨﺎك ﻓﺠﻮة ﰲ اﻟﺪﺧﻞ ﺑني اﻟﺮﻳﻒ واملﺪن. وﻫﻜﺬا ﻧﺮى أن املﺸﻜﻠﺔ ﻣﺘﺸﻌﺒﺔ؛ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﻗﻠﺔ إﻧﺘﺎج اﻷﻏﺬﻳﺔ ﰲ ﺑﻼد اﻟﺠﻮع، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻘﺮ أﺳﺎﳼ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻏري ﻗﺎدرة ﻋﲆ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﴬوري؛ ﻓﻬﻨﺎك إذن دورة ﻓﻘﺮ ،ﺗﺆدي إﱃ ﺗﺨﻠﻒ إﻧﺘﺎﺟﻲ ،ﺗﺆدي إﱃ ﻧﻘﺺ اﻟﻐﺬاء. وﻻ ﻳﻘﺘﴫ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﺪورة ﰲ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ اﻟﻔﻘرية ،ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﺪﺧﻼت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑني اﻟﺪول اﻟﻐﻨﻴﺔ واﻟﻔﻘرية ،ﺑني ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻷﻣﻢ املﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻹﻏﺎﺛﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ وﺑني اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮدﻫﺎ اﻟﺪول اﻟﻜﱪى ﻣﻦ ﺑني اﻟﺪول ا ُملﺘﻘﺪﱢﻣﺔ ،ﺑﻤﺴﻌﻰ ﻋﺎم ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة اﻟﻌﺎملﻴﺔ أو ﻋﲆ اﻷﺟﺰاء اﻟﻬﺎﻣﺔ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ :ﴏاﻋﺎت اﻟﻘﻮى ﰲ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﲆ اﻟﺒﱰول ،وﺣﺮﻛﺔ ﻧﻘﻠﻪ ﻋﱪ اﻟﺴﻮﻳﺲ إﱃ اﻟﺒﻼد اﻟﺠﺎﺋﻌﺔ ﻟﻠﺒﱰول ﰲ أوروﺑﺎ .وﴏاع اﻟﻘﻮى اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﴩﻗﻴﺔ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ — ﻋﲆ ﻧﻔﺲ املﻨﻄﻘﺔ ﻣﻤﺎ أدى إﱃ ﺗﻔﻌﻴﻼت ﻛﺜرية ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ — واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﺪول املﻨﻄﻘﺔ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺄﻣني واردات اﻟﻐﺬاء. ) (4اﻟﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻲ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر اﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ﻧﻮع اﻟﻨﺸﺎط اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﰲ ﻣﺠﺎل اﺳﺘﻐﻼل املﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﺗﺘﻘﺮر أﺷﻜﺎل ﻫﺬه اﻟﻨﻈﻢ داﺧﻞ اﻟﻨﱠﺴﻴﺞ ا ُملﺘﺸﺎﺑﻚ اﻟﺬي ﻳﺨﻠﻘﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺠﻤﺎﻋﺔ ،وﻳﻌﻴﺶ داﺧﻞ ﻣﺎ ﻳُ ِﻘ ﱡﺮه ﻫﺬا اﻟﻨﺴﻴﺞُ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪ وﻗﻮاﻧني وأﻧﻈﻤﺔ وﻋﺎدات وﻗﻮاﻟﺐ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ وﺗﺮﺑﻮﻳﺔ وأﻧﻤﺎط ﺧﻠﻘﻴﺔ ،وﻫﺬا اﻟﻨﱠﺴﻴﺞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧُﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر »املﻀﻤﻮن اﻟﺤﻀﺎري«. وﺑﻤﺎ ﱠ أن اﻷﻧﻈﻤﺔ واملﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ املﻀﻤﻮن اﻟﺤﻀﺎري ﻷي ﺷﻌﺐ ﻓﺈن اﻟﻨ ﱡ ُ أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﴩﻳﺔ ،ﰲ أﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻨﻤﻮ واﻟﺘﻄﻮر؛ ﱠ ﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﻬﺬا املﻀﻤﻮن وﺗﺆﺛﺮ ﺑﺪورﻫﺎ ﰲ املﻀﻤﻮن اﻟﺤﻀﺎري. وأﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ اﻟﻨﱢﻈﺎم ﻫﻮ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺬي ﻳﺆدي إﱃ إﺣﺪاث ﺗﻄﻮرات ﻛﻤﻴﺔ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﰲ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﻳﺆدي ً أﻳﻀﺎ ﰲ أﺣﻴﺎن أﺧﺮى إﱃ إﺣﺪاث ﺛﻮرات ﰲ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻛﻜﻞ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴري اﻟﻜﻴﻔﻲ .ﻫﺬه اﻟﺘﻐريات اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أدت إﱃ اﺧﺘﻼف اﻟﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﲆ ﻣﺮ اﻟﺰﻣﻦ .ورﻏﻢ أن اﻟﺘﻄﻮر 74
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
اﻟﻜﻤﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ذا َﻓﺎﺋﺪ ٍة ُﻛﱪى ﰲ ﺗﺤﺴني اﻹﻧﺘﺎج ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻓﺎﺋﺪة ﻻ ﺗﺪرك إدرا ًﻛﺎ ﻓﻮرﻳٍّﺎ؛ وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن دراﺳﺘﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ إﺳﻬﺎب ﻛﺒري .أﻣﺎ اﻟﺘﻐريات اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻓﻬﻲ أﻇﻬﺮ أﻧﻮاع اﻟﺘﻐري، وﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﺤﺘﻤﺔ اﻟﻮﻗﻮع ﰲ ﻛﻞ ﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وإِﻧﱠﻤﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ اﻧﺘﴩت إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﰲ أزﻣﻨﺔ ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﻨﺎك اﺧﱰاﻋﺎت ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺻﺪى وﺗﺄﺛري واﺳﻊ ﰲ ﺗﻐري اﻟﻨﻈﻢ واملﺒﺎدئ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻨﺎر ،ﺻﻬﺮ املﻌﺎدن ،اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﺠﻠﺔ، اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺒﺎرود ،وأﺧريًا اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ رﻏﻢ أﻫﻤﻴﺔ ذﻟﻚ ﻓﻠﻘﺪ ﻋﺎﺷﺖ اﻟﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻧﻘﻼﺑني ﺧﻄريﻳﻦ أﺛﱠﺮا ﺗﺄﺛريًا ﻛﻴﻔﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺒﴩي ،ﻫﺬان ﻫﻤﺎ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺰراﻋﺔ واﺳﺘﺌﻨﺎس اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﻛﺘﺸﺎف ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺒ َُﺨ ِﺎر ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻤﺎ ﻣﺎ ﻧ ُ َﺴﻤﱢ ﻴﻬﻤﺎ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼﺑني اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ. وﻋﲆ ﺿﻮء ﻫﺬﻳﻦ اﻻﻛﺘﺸﺎﻓني اﻟﺨﻄريﻳﻦ ﻳﺘﻔﻖ ﻛﻞ اﻟﻌُ ﻠﻤﺎء ﻋﲆ ﱠ أن اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻬﺪﻫﺎ إﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻗﺪ ﻣﺮت ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻧﻤﺎط اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗُﺴﻤﻰ ﻛﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄﻫﻢ ﻧﺸﺎط ﻓﻴﻬﺎ .وﻫﺬه ﻫﻲ: ً أوﻻ :ﻧﻤﻂ اﻟﺠﻤﻊ واﻟﺼﻴﺪ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻧﻤﻂ اﻟﺰراﻋﺔ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﻧﻤﻂ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. وﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﴬورة — ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ اﻟﻘﻮل — أن ﻛﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻗﺪ ﻣﺮت ﰲ ﻫﺬه املﺮاﺣﻞ أو اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻧﺠﺪ ﻛﻞ املﺠﻤﻮﻋﺎت املﻌﺎﴏة ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ، وﻳﻮﺿﺢ ﺷﻜﻞ ) (8-3اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻌﺎﴏة ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض. ) (1-4ﻧﻤﻂ اﻟﺠﻤﻊ ﰲ ﻋﺎملﻨﺎ ا ُملﻌﺎﴏ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗَﻌﻴﺶ ﰲ ﻋُ ﺰﻟﺔ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ أدﱠت ﺑﻬﺎ إﱃ اﺳﺘﻤﺮار ﺣﻴﺎة ﻗﻮاﻣﻬﺎ اﻟﺠﻤﻊ ،وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﺎ ﻧُﺴﻤﻴﻬﺎ اﻟﻴﻮم اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ،واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﱠ أن ﻋﺪ َد ﻫﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻣﺤﺪود ﺟﺪٍّا .وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻹﺳﻜﻴﻤﻮ ﰲ ﺷﻤﺎل أﻣﺮﻳﻜﺎ ،واﻟﺼﻴﺎدون ﰲ ﺗريا دل ﻓﻴﺠﻮ وأﻗﺰام أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ،وﺟﻤﺎﻋﺎت أﺧﺮى ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﰲ ﺟﺰر املﺤﻴﻂ اﻟﻬﺎدي وأدﻏﺎل أﺳﺎم وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺰﻟﺔ .وإذا وزﻋﻨﺎ أﻣﺎﻛﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺒﺪاﺋﻴني ﻋﲆ 75
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺷﻜﻞ :8-3أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ املﻌﺎﴏة (١) :اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ (٢) .اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﴩﻗﻴﺔ (٣) .اﻟﺮﻋﺎةُ (٤) .زراع اﻟﺠﺒﺎل (٥) .زراع ورﻋﺎةُ (٦) .زراع (٧) .زراﻋﺔ ﺑﺪاﺋﻴﺔ (٨) .ﺻﻴﺎدون ﻣﺘﺨﺼﺼﻮن (٩) .ﺻﻴﺎدون وﺟﻤﱠ ﺎﻋﻮن أوﻟﻴﻮن.
ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺮاﻋﺘﻨﺎ املِ ﺴﺎﺣﺔ اﻟﻜﺒرية اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﻠﻮﻧﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه املﺴﺎﺣﺎت ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻌﺪ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ إﻻ ﰲ ﺻﻮر ﻣﺤﺪودة — اﻛﺘﺸﺎف ﺑﻌﺾ ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺻﺤﺮاء ﻛﻠﻬﺎري واملﺎس — وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﻼ ﺷﻚ ﺗﻜﻮن اﺣﺘﻴﺎﻃﻴٍّﺎ ﻟﻠﺰﺣﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎملﻲ إذا ﻣﺎ اﺷﺘﺪت اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ واﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واملﻌﺪﻧﻴﺔ .وﻣﻊ ﻛﱪ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﴈ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﻠﻬﺎ اﻟﺒﺪاﺋﻴﻮن إﻻ ﱠ أن أﻋﺪَادَﻫﻢ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪٍّا .وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن اﻹﺳﻜﻴﻤﻮ ﻳﺤﺘﻠﻮن إﻗﻠﻴﻤً ﺎ ﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﻨﻼﻧﺪ إﱃ ﴍق ﺳﻴﺒريﻳﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻪ ﻗﺮاﺑﺔ ﻋﴩة ﻓﺈن ﻛﻞ ﻋﺪدﻫﻢ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﺧﻤﺴني ً آﻻف ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ؛ ﱠ أﻟﻔﺎ ،ﺑﻞ ﺣﺴﺐ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ً ٤٣ أﻟﻔﺎ ﻓﻘﻂ .واﻷﻣﺜﻠﺔ املﻤﺎﺛﻠﺔ ﻛﺜرية. وﻳﻘﻮم ﻫﺆﻻء اﻟﺒﺪاﺋﻴﻮن ﺑﻨﺸﺎط اﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻨ ﱠﻮع ،وﻟﻜﻦ ﻛﻠﻪ ﻳﻨﻄﻮي ﺗﺤﺖ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم :أوﻟﻬﺎ :ﺟﻤﻊ اﻟﺜﻤﺎر واﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﺮﻳٍّﺎ .واﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﻮان اﻟﱪي. واﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺻﻴ ُﺪ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ »ﻣﺜﻞ ﻋﺠﻞ اﻟﺒﺤﺮ أو اﻟﺤﻮت« .واﻟﻐﺎﻟﺐ ﱠ أن ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣُﺘﺨﺼﺼﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ،وﻻ ﺑﺄس ﻣﻦ ﺟﻤﻊ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻛﻌﻤﻞ وﻣﻮرد ﻏﺬاﺋﻲ إﺿﺎﰲ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻨﺴﺎء ﻏﺎﻟﺒًﺎ .وﰲ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺼﻴﺪ اﻟﱪي؛ ﻓﺈن اﻟﺮﺟﺎل ﻳﺘﺨﺼﺼﻮن ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺨﻄرية ،ﻫﺬا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺻﻴﺪ 76
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
أﺳﻤﺎك ﻧﻬﺮﻳﺔ إذا وﺟﺪت ﻣﺼﺎدر ﻗﺮﻳﺒﺔ ،وﺗﻘﻮم اﻟﻨﱢﺴﺎء ﺑﺠﻤﻊ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت .وﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﻏﺎﻳﺘﻪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻐﺬاء ﻓﻘﻂ ،وﺑﺎﻟﻜﺎد ﻳﻔﻠﺤﻮن ﰲ ذﻟﻚ .وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﱠ ﻓﺈن دراﺳﺔ ﻧﺸﺎط ﻫﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻧﻄﺎق دراﺳﺘﻨﺎ ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻳﺔ أرﻗﺎم ،وﺗﻬﻢ دراﺳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻮم إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﺧﺮى ﻛﺎﻹﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ أو ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ) (2-4ﻧﻤﻂ اﻟﺰراﻋﺔ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان أﻣﺎ اﻟﺰراﻋﺔ ﻓﻘﻂ ُﻛﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ،وﻳﺮﺟﻊ ﺗﺎرﻳﺦ أﻗﺪم ﻛﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺰراﻋﺔ إﱃ ﺣﻮاﱄ اﻷﻟﻒ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ق.م ﰲ ﻗﺮﻳﺔ أرﻳﺤﺎ ﻋﲆ ﻧﻬﺮ اﻷردن ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣَ ﻨَﺎﻃﻖ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺰراﻋﺔ ﻗﺒﻞ أرﻳﺤﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻟﻢ ﻳﻬﺘ ِﺪ إﻟﻴﻬﺎ ،وﰲ ﻣﴫ واﻟﻌﺮاق وإﻳﺮان ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰراﻋﺔ أﺣﺪث ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﺑني ٦٠٠٠و٥٠٠٠ق.م وﰲ ﺣﻮض اﻟﺴﻨﺪ أﺣﺪث ﻣﻦ ذﻟﻚ .و ُرﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟﺼني ﺣﻮاﱄ ٤٠٠٠ق.م وﰲ اﻟﺪاﻧﻮب وأوروﺑﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑني ٤٠٠٠و٢٠٠٠ق.م وﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺣﻮاﱄ ٢٠٠٠ق.م. وﻣﻊ اﻟﺰراﻋﺔ ﻋﺮف اﻹﻧﺴﺎن اﺳﺘﺌﻨﺎس اﻟﺤﻴﻮان ،وﺑﺬﻟﻚ ﺣﺪث ﺗﻐﻴري ﺟﺬري ﰲ ﺣﻴﺎة اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺰراﻋﺔ وﻣﺎرﺳﺘﻬﺎ ،وأﻫﻢ ﻧﻮاﺣﻲ اﻟﺘﻐﻴري ﻣﺎ ﻳﲇ: ً أوﻻ :ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﺠﺮ َد اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺟﻤﻌﻲ — أي ﻗﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻧﺘﺎج اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﻧﺒﺎت وﺣﻴﻮان وأﺳﻤﺎك دون اﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت — ﺑﻞ أﺻﺒﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج ،وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺒﴩي واﻟﺘﺤﻜﻢ — إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒري — ﰲ ﻣﺼﺪر اﻟﻐﺬاء ﻧﺒﺎﺗﻴٍّﺎ ﻛﺎن أم ﺣﻴﻮاﻧﻴٍّﺎ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺠﻤﻊ ،وﻟﻜﻦ ﱠ ﻹن املﺤﺼﻮل اﻟ ﱢﺰراﻋﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺤﺼﻮل واﺣﺪ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم ،ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮت ﻓﻜﺮة اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺎح ﻟﻠﻤﺰارﻋني أن ﻳﺴﺘﻬﻠﻜﻮا املﺤﺼﻮل ﺧﻼل اﻟﻌﺎم ﻛﻠﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن إﻧﺒﺎت ﻣﺤﺼﻮل آﺧﺮ ﰲ املﺎﴈ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟ ﱢﺰ َراﻋَ ﺔ ﻋﲆ املﻄﺮ أو ﻓﻴﻀﺎن اﻷﻧﻬﺎر ﻓﻘﻂ دون أن ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻜﺮة ﺛﺎن. ﺗﺨﺰﻳﻦ املﻴﺎه ﻟﺰراﻋﺔ ﻣﺤﺼﻮل ٍ وﻣﻊ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻇﻬﺮت أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻠﻮم اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺤﺴﺎب ودراﺳﺎت اﻟﻔﻠﻚ ،وﻇﻬﻮر اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺰراﻋﺔ ،وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﱪ اﻵن اﻷﺻﻮل اﻷوﱃ ملﻌﺎرﻓﻨﺎ اﻟﻌِ ﻠﻤﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ ﻣﴫ وﺑﻼد اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ. 77
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ً ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﱠ ﻃﻮﻳﻼ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم وﴐورة اﻹﺟﺎدة ﰲ ﻓﻨﻮﻧﻬﺎ ﻗﺪ أدى إن اﻻﻧﴫاف إﱃ اﻟ ﱢﺰراﻋﺔ وﻗﺘًﺎ إﱃ ﴐورة اﻟﺘﺠﻤﻊ ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،وﺑﻨﺎء ﻣﺴﺎﻛﻦ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﻘﻮل. وﻧﻈ ًﺮا ﱠ ﻹن ا ُملﺠﺘﻤﻊ ﻗﺪ زاد ﻋﺪد أﻓﺮاده ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻮﻓﺮة واﻟﻐﻨﻰ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻴﺪ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟ ﱠﺮواﺑﻂ ﺑني أﻓﺮاد اﻟﺘﺠﻤﻊ اﻟﺴﻜﻨﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ أﻛﱪ ﻣﻦ أن ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻬﺎ راﺑﻄﺔ اﻟﺪم اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﻌﺪد ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺗﻪ اﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ. وﻣﻦ ﺛﻢ أﺻﺒﺤﺖ اﻷﴎة أﻫﻢ دﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺰراﻋﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮواﺑﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ أﻓﺮاد اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻣﻌً ﺎ ﺿﺪ ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ أﻫﺎﱄ اﻟﻘﺮى املﺠﺎورة أو اﻟﺮﻋﺎة املﺠﺎورﻳﻦ. راﺑﻌً ﺎ :ﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﺨﺼﺺ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ ﻇﻬﻮر ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ املﻨﺘﺠني ،وأدى ﻫﺬا ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ ﻇﻬﻮر أﻣﺮاء اﻟﺤﺮب وﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﰲ ﻣﴫ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ،ودول اﻟﻌﺮاق )ﺳﻮﻣﺮ ،آﺷﻮر ،ﺑﺎﺑﻞ( ،وﻣﺪن اﻟﻴﻮﻧﺎن املﺴﺘﻘﻠﺔ ،وروﻣﺎ وﻓﺎرس واﻟﺼني … إﻟﺦ. ً ﺧﺎﻣﺴﺎ :ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻈﺮوف ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺨﺼﺼﺖ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺑﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺮﻋﻲ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ ﰲ وﺳﻂ آﺳﻴﺎ وﻧﻄﺎﻗﺎت اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ املﺪارﻳﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺮﻋﻲ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺠﺎف املﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻜﱪى اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ إﱃ ﻣﻨﻐﻮﻟﻴﺎ .وﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺘﺨﺼﺺ اﻧﻘﺴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ ﻗﺴﻤني ﺣﻀﺎرﻳني ﻣُﺘﻌﺎرﺿني :اﻷول :اﻟ ﱡﺰ ﱠراع املﺴﺘﻘﺮون اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻇﻞ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﺠﻴﻮش ُﻣﻨ َ ﱠ ﻈﻤﺔ وأﺳﻮار وﺣﺼﻮن وﻗﻼع. واﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟ ﱡﺮﻋﺎة ا ُملﺘَﻨ َ ﱢﻘﻠﻮن ﻣﻊ اﻟﻜﻺ واملﺎء ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﺒﻄﻮن ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﺮﺑﺎط اﻟﺪم ﰲ ﺻﻮرة اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ واﻟﻌﺸرية وأﻗﺴﺎﻣﻬﺎ .واﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ ﺑﺎﻟ ﱡﺰراع ا ُملﺴﺘﻘﺮﻳﻦ ﻋﻼﻗﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن وﺳﻠﺒﻴﺔ ﰲ أﺣﻴﺎن أﺧﺮى .واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺠﺎري املﺴﺘﻤﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑني اﻟﻨﻮﻋني اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني .أﻣﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﺻﻮرة ﻏﺎرات ﺻﻐرية ﻣﻦ اﻟ ﱡﺮﻋﺎة ﻋﲆ أﻃﺮاف ﻣَ ﻨ َ ِ ﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﺻﻮرة ﺷﺒﻪ داﺋﻤﺔ أو اﻟﻐﺰوات اﻟ ﱠﺮﻋَ ﻮﻳﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺤَ ﱢ ﻄﻢ اﻟﺪﱡول وﺗُ ِﺜريُ اﻟﻔﻮﴇ ﰲ ﻧﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺰراﻋﻲ املﺴﺘﻘﺮ .وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﻐﺰوات اﻟﻜﺒرية ﻏﺰوات املﻐﻮل اﻟﺮﻋﺎة اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ ﻣﺮة ﺑﺴﻘﻮط إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺼني ،وﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﺴﻘﻮط اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺮاق ،وﰲ ﻣﺮة ﺛﺎﻟﺜﺔ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ املﻐﻮل ﰲ اﻟﻬﻨﺪ. وﻟﻘﺪ اﻧﻜﴪت ﺷﻮﻛﺔ اﻟ ﱡﺮﻋﺎة ﻣﺮات ﻋﺪة ﰲ ﺧﻼل اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻛﺬﻟﻚ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻠﺮﻋﺎة ﺷﻮ َﻛﺔ ﻗﻮﻳﺔ إﻻ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣﺤﺪودة ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻗﺪ ﺟﺎء ذﻟﻚ 78
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺠﻬﻮد اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ »ﺗﺜﺒﻴﺖ أﻗﺪام اﻟﺒﺪو« أي ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻣﺴﺘﻘﺮﻳﻦ ﺑﺨﻠﻖ ﻧﻈﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة »ﻛﺎﻟﺰراﻋﺔ أو اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ ﻣﺰارع أو اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ أو اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت أو ﺣﺮس اﻟﺤﺪود«. وﻗﺪ ﺻﺎدف اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻛﺒريًا ﰲ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﺷ ﱠﻚ ﺟﺎء ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻘﻤﻊ اﻟﺘﻲ ﻣﺎرﺳﺘﻬﺎ ُروﺳﻴﺎ اﻟﻘﻴﴫﻳﺔ ﻗﺒﻞ ﻧﺸﻮء اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺷﱰاﻛﻲ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﰲ ﺗﻬﺪﺋﺔ اﻟﺒﺪو ﻣﻨﺬ ﻋﴫ املﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ. وﻣﻦ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زال ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺿﻄﺮاب اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺤﻀﺎري اﻟﺮﻋﻮي واﻟﺰراﻋﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻛﺮدﺳﺘﺎن ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ أن اﻟﺜﻮرات اﻟﻜﺮدﻳﺔ ﰲ ﻫﺬه املﻨﻄﻘﺔْ ، وإن ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﻨﻤﻮذج اﻷﻛﺮاد اﻟﺮﻋﻮي ﰲ اﻟﺤﻀﺎرة إﻻ أن املﺴﺄﻟﺔ ﻳﺬﻛﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﺗﻴﺎرات ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺮدﻳﺔ ﺗﺪﻋﻮ إﱃ إﻧﺸﺎء دوﻟﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻟﻸﻛﺮاد ﻣﻨﺬ أواﺳﻂ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،وﺑﺎملﺜﻞ ﻧﻔﴪ اﻟﴫاع ﺑني اﻟﻬﻮﺗﻮ واﻟﺘﻮﺗﴘ ﰲ رواﻧﺪا وﺑﻮرﻧﺪي. وﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﻋﲆ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺮﻋﻲ ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻬﻤﺎ ﺗﻄﻮرات ﻛﻤﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة اﻧﺘﻬﺖ إﱃ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻫﺎﺗني اﻟﺤﺮﻓﺘني ﰲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﱄ إﱃ أﻗﺴﺎم ﻋﺪة أﻫﻤﻬﺎ: ً أوﻻ :ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺰراﻋﺔ ) (١اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ أو املﺘﻨﻘﻠﺔ :وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرس اﻵن ﰲ اﻟﻨﻄﺎق املﺪاري ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻻ ﺗﻌﺮف ﻫﺬه اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺼﺒﺎت أو ﺗﺮﺑﻴﺔ املﺎﺷﻴﺔ إﻻ ﰲ ﺻﻮرة ﻣﺤﺪودة ،وﻣﻦ ﺛ ﱠﻢ ﻓﺈن ﻋﲆ ا ُملﺰارع أن ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﻘﻠﻪ إﱃ ﺣﻘﻞ آﺧﺮ ﻣﺮة ﻛﻞ ﺧﻤﺲ أو ﺳﺖ ﺳﻨني ﺑﻌﺪ أن ﻳﺰرﻋﻪ زراﻋﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺗﻔﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻷرض ﺧﺼﻮﺑﺘﻬﺎ .واﻹﻧﺘﺎج ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك املﺤﲇ دون ﻓﺎﺋﺾ ﻳﺬﻛﺮ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ دراﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺠﻤﻊ واﻟﺼﻴﺪ ﺿﻤﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻣﺠﺎﻟﻪ ﻋﻠﻮم اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﺧﺮى. ) (٢اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ أو زراﻋﺔ املﺤﺮاث :وﻫﺬه ﻧﺸﺄت ﰲ أودﻳﺔ اﻷﻧﻬﺎر املﺘﺠﺪدة ﺧﺼﺒﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺳﻬﻮل :اﻟﻌﺮاق ،واﻟﻨﻴﻞ ،واﻟﺼني ،واﻟﻬﻨﺪ ،أو ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﱰﺑﺔ اﻟﺨﺼﻴﺒﺔ واملﻄﺮ اﻟﻮﻓري ﻣﺜﻞ ﺳﻬﻮل وودﻳﺎن أوروﺑﺎ ،وﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬه اﻟﺰراﻋﺔ ً أوﻻ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام املﺤﺮاث اﻟﺨﺸﺒﻲ اﻟﺬي ﺗﻄﻮر إﱃ املﺤﺮاث اﻵﱄ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .وﺗﺘﻤﻴﺰ ً أﻳﻀﺎ ﺑﻌﺪم اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﺣﻘﻞ 79
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻵﺧﺮ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺘﺠﺪد اﻟﺨﺼﺐ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻔﻴﻀﺎن أو ﺑﻮاﺳﻄﺔ املﻮاد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ املﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت .وﺗﺘﻤﻴﺰ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﺑﱰﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ أﻟﺒﺎﻧﻪ وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻪ، وﻣﻨﻪ ﻛﺄداة ﻣﻦ أدوات اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺰراﻋﻲ؛ ﻣﻤﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺗﻨﻮع ﰲ اﻟﻐﺬاء اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ، وﺳﺎﻋﺪ ﻋﲆ زﻳﺎدة اﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ،وﻣُﻌﻈﻢ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ املﺠﻴﺪة ﻗﺎﻣﺖ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ا ُملﺴﺘﻘﺮ .وﻇﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻨﻤﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺣﺘﻰ ﻧﺸﻮء اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،وﻣﺎ زال ﻳﻮﺟﺪ ﰲ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﻜﺎﻧًﺎ ﰲ أوروﺑﺎ وﴍق وﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ واﻟﴩق اﻷوﺳﻂ. وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط ﻳﻤﻜﻦ دراﺳﺘﻪ إﱃ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻟﻮﺟﻮد إﺣﺼﺎءات وأرﻗﺎم ﻋﻦ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻗﺪ أﺧﺬت ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﻌﺪة ﻣﺒﺎدئ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﻘﻼب اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻣﻦ ﺟﺮاء ذﻟﻚ زادت رﻗﻌﺔ اﻷرض املﺰروﻋﺔ ،وزادت إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻔﺪان وأﻣﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺮأﳼ ﺑﻮاﺳﻄﺔ إﻧﺸﺎء اﻟﺨﺰاﻧﺎت واﻟﱰع، وأﺻﺒﺤﺖ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻛﺒرية ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ ﺗﻨﺘﺞ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ،وأﻫﻤﻬﺎ اﻟﻘﻄﻦ واﻷرز واﻟﺸﺎي واﻟﺒﻦ … إﻟﺦ. وﺗﻤﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺘﻘﻠﺒﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وأﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﺣﺘﻜﺎﻛﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،وﺑﻌﺪ أن أﺧﺬت ﻋﻨﻪ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﺒﺪأ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﺴﻮﻳﻘﻲ اﻟﻌﺎملﻲ، ﺑﻞ ﻃﺮاﺋﻖ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻣﺎﻟﻴٍّﺎ وﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ وإدارﻳٍّﺎ وﺑﻌﺾ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ .وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻧﻜﻤﺎش اﻟﻮﺣﺪة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ املﻤﺘﺪة )اﻟﺠﺪ واﻷﺑﻨﺎء واﻷﺣﻔﺎد وﺣﺪة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ( إﱃ اﻷﴎة ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ املﻠﻜﻴﺎت اﻟﺼﻐرية واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ اﻟﻀﻴﻖ )اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ واﻷﺑﻨﺎء ﻏري اﻟﻌﺎﻣﻠني( ﺑﺘﻨﻤﻴﺔ زراﻋﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ وﻛﱪ أﺣﺠﺎم اﻟﻘﺮى واملﺪن؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ. ً ﺳﻬﻼ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ ﺑﻼد أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،إﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ وﻫﺬه اﻟﺘﻘﻠﺒﺎت ﻟﻴﺴﺖ أﻣ ًﺮا ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻌﻤﻖ اﻟﺠﺬور اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺗﺄﺻﻠﻬﺎ ﰲ ﺷﻌﻮب اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻤﺎﺳﻚ اﻟﺒﻨﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﲆ ﻗﻮاﻋﺪ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺪأت ﰲ اﻟﺘﺨﻠﺨﻞ واﻻﻫﺘﺰاز. وﻟﻬﺬا ﻓﺈن أﺣﺪاث اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﻄرية اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺎﴏﻫﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺘﺴﻠﺢ اﻟﻨﻮوي وﺛﻮرات أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ اﻟﺜﻮرة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﺼني ،وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ، واﻟﻬﻨﺪ ،واﻟﺼﺪاﻣﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ،واﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ،واﻟﺜﻮرة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﰲ آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. ) (٣اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ :وﻫﺬه ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﰲ ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻷرض اﻟﺴﻬﻠﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ذات ﱡ اﻟﺴﻜﺎن ﻗﻠﻴﲇ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ ،وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ﺗﻈﻬﺮ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ :ﺳﻬﻮل ﻛﻨﺪا واﻟﻮﻻﻳﺎت 80
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
املﺘﺤﺪة ،اﻟﱪازﻳﻞ واﻷرﺟﻨﺘني وأﺳﱰاﻟﻴﺎ .ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ً أﻳﻀﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻋﲆ ﺿﻮء ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة ﰲ ﺳﻬﻮل أوﻛﺮاﻧﻴﺎ وﺳﻴﺒريﻳﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﱰﻛﺴﺘﺎن .وأﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻛﺜﺮة اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻵﻟﻴﺔ ﰲ إﻋﺪاد اﻟﺤﻘﻞ وزرﻋﻪ وﺟﻨﻲ املﺤﺼﻮل وﺗﻌﺒﺌﺘﻪ .وﻟﻜﻦ ملﺜﻞ ﻫﺬه ﱢ املﺨﺼﺒﺎت اﻷرض ﻣﺸﻜﻼت ﻣُﻤﺎﺛﻠﺔ ملﺸﻜﻼت اﻟ ﱢﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﻣني املﺎء وﺗﻮﻓري وﻣﺤﺎوﻟﺔ رﻓﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻔﺪان واﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺮأﳼ واﻷﻓﻘﻲ … إﻟﺦ. وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺸﻜﻼت أﺧﺮى ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻣﺜﻞ :اﻻزدﺣﺎم اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ، وﻣﺸﺎﻛﻞ ﺳﻮء اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ،واملﺸﻜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى املﱰﺗﺒﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺰام اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ، واﺳﺘﻤﺮار وﺟﻮد اﻷﴎ ﻛﺒرية اﻟﻌﺪد اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن وﺣﺪة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﺪد ،وﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ ﺗﻨﻮﻋﺎت ﻣﺤﺼﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺻﻐرية ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ املﻔﺘﺘﺔ .ﺑﻞ إن اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ زراﻋﺔ ﻣﺤﺼﻮل واﺣﺪ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺷﺎﺳﻌﺔ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﻦ أﻫﻢ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ ﺗﺴﻮﻳﻖ املﺤﺼﻮل اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﺻﻮاﻣﻊ ﻟﺘﺨﺰﻳﻨﻪ وﺳﻜﻚ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ﰲ ﺻﻮرة ﺷﺒﻜﺔ ﻟﻨﻘﻞ املﺤﺼﻮل إﱃ ﻣﺪن اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ وﺗﺜﺒﻴﺖ اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﺷﻜﻞ إﻋﺎﻧﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻘﻞ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺮﻳﻔﻲ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻋﻲ ) (١اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي :وﻫﺬا ﻻ ﻳﺰال ﺳﺎرﻳًﺎ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ املﻨﺎﻃﻖ املﺘﺨﻠﻔﺔ ،وأﻫﻢ ﻣﺠﺎل ﻟﻪ ﻧﻄﺎق اﻷﻋﺸﺎب ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ رﻋﺎة املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ﰲ وﺳﻂ وﻏﺮب آﺳﻴﺎ وﺷﻤﺎل ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ورﻋﺎة اﻟﻨﱢﻄﺎق اﻟﺼﺤﺮاوي ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وآﺳﻴﺎ. وﻣﻌﻈﻢ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺮﻋﻮي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺪوﱄ إﻻ ﰲ ﺻﻮرة ﻣﺤﺪودةً : ﻣﺜﻼ :ﺑﻌﺾ إﻧﺘﺎج اﻟﺼﻮف أو اﻟﺠﻠﻮد أو اﻷﻟﺒﺎن واﻷﺟﺒﺎن. وﻳﻨﻄﺒﻖ ذﻟﻚ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﰲ وﺳﻂ أوروﺑﺎ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺒﻠﻴﺔ أﺧﺮى ﺑﺼﻮرة ﻋﺎﻣﺔ ،أﻣﺎ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ املﺪارﻳﺔ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ واﻟﺼﺤﺮاوات اﻷﻓﺮوآﺳﻴﻮﻳﺔ؛ ﻓﺈن املﺒﺪأ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﰲ اﻟﺮﻋﻲ ﻫﻮ اﻟﻌﺪد ﻻ اﻟﻨﻮع؛ ذﻟﻚ ﱠ أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺤﻀﺎري ملﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻛﺎن ﻳﺠﻌﻞ ﻟﺮءوس املﺎﺷﻴﺔ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻨﻘﻮد ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ املﻌﺎﴏ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻌﺪد اﻟﺮءوس ﺛﺮوة ﻣﺠﻤﺪة ﻳﺘﺰوج ﺑﻬﺎ اﻷﻓﺮاد وﻳﺪﻓﻌﻮن اﻟﻐﺮاﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺮرﻫﺎ ا َملﺤﺎﻛﻢ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ :اﻟﺪﻳﺔ أو اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺨﻄﺄ ،وﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻚ اﻟﺸﺨﺺ ﻣﻦ رءوس املﺎﺷﻴﺔ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻗﺪره ﰲ املﺠﺘﻤﻊ. 81
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻋﲆ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﺗﺨﺘﻠﻒ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺜﺮوة ا ُملﺴﺘﻐﻠﺔ ﻛﺎﻣﻞ اﻻﺳﺘﻐﻼل ،ﻓﻼ ﻟﺤﻤﻬﺎ ﻳﺆﻛﻞ إﻻ ﰲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت دﻳﻨﻴﺔ وﻃﻘﺴﻴﺔ وﻻ ﻳُﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﻟﺒﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﱃ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن املﻌﺮوﻓﺔ ،ﺑﻞ ﻳُﴩب ﻓﻘﻂ ﻧﻮاح ﻧﻔﻌﻴﺔ ﻣﺤﺪودة. دون ﺗﺤﻮﻳﻞ ،وﺟﻠﻮدﻫﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﰲ ٍ وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل :إن ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬه اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ أﻗﻞ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ﻋﺪدﻫﺎ ﻟﻀﻌﻒ اﻟﺤﻴﻮان وﻗﻠﺔ وزﻧﻪ ،وﻹﺻﺎﺑﺔ اﻟﺠﻠﻮد ﺑﺄﻣﺮاض ﺗﺠﻌﻞ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻪ ﻣﻦ أﻏﺮاض ﻣُﻌﺎﴏة أﻣ ًﺮا ﺻﻌﺒًﺎ .وﻻ أدل ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﱠ أن ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻗﺮاﺑﺔ ١٨١ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﻣﻦ رءوس املﺎﺷﻴﺔ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺳﻮى ﻋﴩﻳﻦ ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﰲ ﻣﺰارع املﺴﺘﻮﻃﻨني اﻷوروﺑﻴني ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﻄﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ وﻣﴫ. وﺑﻤﺎ ﱠ أن ﻋﺪد املﺎﺷﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺮاﺑﺔ ١٢٧٧ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،ﻓﻤﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ﺣﻮﱄ ٪١٤ﻣﻦ اﻟﺜﺮوة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻣﻦ املﺎﺷﻴﺔ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻻ ﺗُﺴﺘﻐﻞ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﻮاﺟﺐ. وﺛﻤﺔ ﻣﺜﻞ ﺻﺎرخ آﺧﺮ :ﻓﺎﻟﻬﻨﺪ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ١٩٩ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﻣﻦ رءوس املﺎﺷﻴﺔ وﺣﺪﻫﺎ، وﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻬﻨﺪ ﻛﺤﺎﻟﺔ ﻣﺎﺷﻴﺔ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﱃ ﻧﻈﺮة اﻟﺘﻘﺪﻳﺲ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ اﻟﻬﻨﺪوس ﻟﻸﺑﻘﺎر ،ﻓﻼ ﻳﺬﺑﺤﻮﻧﻬﺎ وﻻ ﻳﻔﻴﺪون ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻞ ﻳﱰﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﻤﺮح وﺗﺘﻮاﻟﺪ وﺗﻀﻌﻒ وﺗﻬﺰل. وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈن ٪١٥ﻣﻦ ﺛﺮوة اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ املﺎﺷﻴﺔ ﺑﻼ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺬﻛﺮ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ،وﻻ أدل ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻦ أن ﻣﺘﻮﺳﻂ وزن ﻟﺤﻢ اﻟﺒﻘﺮة 6ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ٨٠ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ وﰲ اﻟﻨﻴﺠﺮ ١١٥ ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ٢٢٢ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ،وﰲ ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا ١٨٠ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ، وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٢٧٩ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ،وﰲ اﻟﻨﻤﺴﺎ ٢٧٤ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ،وﺗﺒﻠﻎ أﻗﺼﺎﻫﺎ ﰲ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ٣٠٨ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣﺎت. وﻻ ﺷﻚ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺠﺪ داﺧﻞ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻧﻮﻋني أﺳﺎﺳﻴني :اﻷول :ﻫﻮ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﺒﺤﺖ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ واﻗﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺮﻋﻮﻳﺔ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق املﺪاري اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ واﻵﺳﻴﻮي ،واﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻣﻦ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﻮان ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﺎل اﻷوروﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﻣﺰارع اﻟﺴﻬﻮل اﻷوروﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ .واﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻣﺠﺎل اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺜﺮوة ﻋﲆ أﺣﺴﻦ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع — ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﻨﻤﺴﺎ وﺳﻮﻳﴪا واﻟﺪاﻧﻤﺮك وﻫﻮﻟﻨﺪا وﺑﻠﺠﻴﻜﺎ — ﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮان درﺟﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻧﻈﻢ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺠﺪﻫﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ. 82
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
) (٢اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻊ أو اﻟﺤﺪﻳﺚ :وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻳﻈﻬﺮ ﺑﻮﺿﻮح ﰲ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ دﺧﻠﺘﻬﺎ أﻧﻈﻤﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺮﻋﻲ. وﻫﻜﺬا ﻳﺘﻔﻖ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻊ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ وﺟﻮده إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒري ﻣﻊ اﻟﻘﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرس اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ .وﻫﻨﺎك أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة ﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻊ ﻳﺘﻔﻖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﻇﺮوف ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻨﺘﻈﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺮﻋﻲ. وﻣﻦ أﻫﻢ أﺳﺲ اﻻﺧﺘﻼف ﰲ ﻫﺬا املﻴﺪان ﻧﻮع اﻟﺤﻴﻮان؛ ﻓﺮﻋﻲ اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺨﺘﻠﻒ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺗﻪ ﻋﻦ رﻋﻲ اﻷﻏﻨﺎم ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ. وﻛﺬﻟﻚ ﱠ ﻓﺈن ﻧﻮع اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ واﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻛﺄﺳﺎس آﺧﺮ ﻻﺧﺘﻼف ﺷﻜﻞ اﻟﺮﻋﻲ ،ﻓﱰﺑﻴﺔ املﺎﺷﻴﺔ ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﺜﻴﻠﻬﺎ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،وأﺧريًا ﺗﺆﺛﺮ اﻟﻈﺮوف اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﰲ ﺷﻜﻞ اﻹﻧﺘﺎج وﺳﻮق اﻟﺘﴫﻳﻒ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﺘﺨﺼﺺ ﰲ ﻧﻮع ﻣﺎ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﺤﻴﻮان. ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ :ﺗﺮﺑﻴﺔ أﻧﻮاع ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ املﺮﻳﻨﻮ )ﻳُﺴﻤﻰ ﻛﺎراﻛﻮل( ﰲ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﻮف ،أو ﺗﻮﺟﻴﻪ أﺻﻮاف أﺳﱰاﻟﻴﺎ إﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ. وﻣﻦ ﺟﺮاء ذﻟﻚ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟ ﱠﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻊ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺲ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣُﺘﺨﺼﺼﺔ ،وﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﰲ ﻣﻌﻈﻤﻪ ﰲ ﻇﺎﻫﺮة ﻫﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﻋﺪم اﻟﻬﺠﺮة املﻮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﱃ آﺧﺮ ،ﺑﻞ ﱠ إن اﻟ ﱠﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺎس ﺗﻮﻓري اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻌﻴﻨﺔ وذﻟﻚ ﺑﺰراﻋﺘﻪ ،وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ زراﻋﺔ اﻟﺬرة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﻪ ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﺎ إﱃ ﻣﺰارع اﻟﺤﻴﻮان. وأﻫﻢ ﻣﺎ ﻳُﻤﻴﺰ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻊ اﺗﺠﺎﻫﻪ إﱃ اﻟﺴﻮق ،ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻠﺤﻢ أو اﻷﻟﺒﺎن أو ً ً ﻛﺎﻣﻼ. اﺳﺘﻐﻼﻻ اﻟﺼﻮف أو اﻟﺠﻠﻮد ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺤﻴﻮان ) (3-4ﻧﻤﻂ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﰲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ ﻇﻬﺮت إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻣﻬﺪ ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،وﰲ اﻟ ﱡﺮﺑﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ اﻧﺘﴩت إﱃ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﰲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺴﺎﺋﺪ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ واﻟﺴﻮﻳﺪ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وروﺳﻴﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن ،واﻟﻴﻮم ﺗﻨﺘﴩ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺨﻄﻰ 83
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﴎﻳﻌﺔ ،وﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻧﺘﺸﺎر اﻟﺰراﻋﺔ؛ ﻓﺈن اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻗﺪ اﻧﺘﴩت ﺑﴪﻋﺔ ﺗﺒﻠﻎ أﺿﻌﺎف ﴎﻋﺔ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺰراﻋﺔ ،واﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻫﺬا — ﺑﻼ ﺷﻚ — راﺟﻊ إﱃ أن ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت إﻧﺸﺎء اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺑﴩﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ؛ ﻓﻄﺎملﺎ وﺟﺪت اﻟﺨﺎﻣﺎت املﻌﺪﻧﻴﺔ أو اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻓﺈن ﰲ اﻹﻣﻜﺎن إﻗﺎﻣﺔ املﺼﻨﻊ املﻼﺋﻢ ﻃﺎملﺎ ﺗﻮﻓﺮت اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ املﺪرﺑﺔ ورأس املﺎل وﺳﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼك، ﻫﺬا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺗﻘﺪم وﺳﺎﺋﻞ املﻮاﺻﻼت ،وﺗﺒﺎدل املﻌﻠﻮﻣﺎت ﰲ ﻋﻬﺪ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻋﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ،وارﺗﻔﺎع اﻟﺮﺻﻴﺪ اﻟﻌﺎملﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﱪات واملﻌﺎرف اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ )اﻟﺘﻘﺪم ﰲ اﻟﻄﺐ واﻟﻬﻨﺪﺳﺔ واﻟﻌﻠﻮم واﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ … إﻟﺦ(. وﺗﻨﻘﺴﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ إﱃ أﻗﺴﺎم أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ ،وﻳُﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﺴﻤﻬﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻋﲆ أﺳﺎس إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ واﻟﺴﻠﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ أو اﻵﻻت ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ. وﻟﻘﺪ أدت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ إﱃ إﺣﺪاث َ ﺗﻐ ﱡري ﺟﺬري ﰲ اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ دﺧﻠﺘﻬﺎ ،وﻛﺎن أﻛﱪ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻐري اﻟﱰﻛﺰ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﰲ املﺪن، واﻟﻬﺠﺮة ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ إﱃ املﺪﻳﻨﺔ ،واﻧﺘﻘﺎل ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﻞ ﰲ أﻋﻤﺎل اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ إﱃ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،وﻻ أدل ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻦ أن ٪٨٠ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن ١٨وﻗﺪ أﺻﺒﺤﻮا اﻵن ﻗﺮاﺑﺔ ٪٤٠ﻓﻘﻂ .وﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﺪول اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﺜﻞ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ،٪٤٧اﻟﻬﻨﺪ ،٪٦٦ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ،٪٦٢املﻐﺮب ،٪٣٤ﻣﴫ ،٪٣٣ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻧﺨﻔﻀﺖ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﺼﻮرة ﺿﺨﻤﺔ ﰲ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ .ﻓﻔﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ٪٥ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺎﻟ ﱢﺰراﻋﺔ ،وﰲ اﻟﻨﻤﺴﺎ ،٪٧وﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺘﺸﻴﻚ ،٪٧وﻓﺮﻧﺴﺎ ،٪٥وأملﺎﻧﻴﺎ ،٪٣وﰲ ﻛﻨﺪا ،٪٣وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٪٣وﰲ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ،٪٣ وﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،٪٢واﻟﻮاﺿﺢ ﱠ أن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ ﰲ اﻧﺨﻔﺎض ﻣُﺴﺘﻤﺮ )ﻗﺎرن ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب( 7 .وﻣﻦ املﻤﻴﺰات اﻟﻬﺎﻣﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ أن ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎء ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ :اﻟﻌﻤﺎل ،رأس املﺎل ،اﻹدارة ،اﻟﻄﺎﻗﺔ املﺤﺮﻛﺔ ،اﻟﺨﺎﻣﺔ ،ﻧﻘﻄﺔ اﻻﻟﺘﻘﺎء ﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺤﺪود ﺟﺪٍّا ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض ،ﻫﺬا املﻜﺎن ﻫﻮ املﺼﻨﻊ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ؛ ﻓﺈن ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻷرض ﻻ ﺗﺤﺘﻞ ﺳﻮى ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺼﻐﺮ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس إﱃ املﺴﺎﺣﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻐﻠﻬﺎ اﻟﻨﻄﺎق اﻟ ﱢﺰراﻋﻲ أو اﻟﺮﻋﻮي أو اﻟﻐﺎﺑﻲ ،وﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺼﻐﺮ املﺘﻨﺎﻫﻲ ﻓﺈن اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﺗﺮﻛﺰ ُﺳﻜﺎﻧﻲ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ إﻻ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﰲ وادي اﻟﻨﻴﻞ اﻷدﻧﻰ واﻟﴩق اﻷﻗﴡ .ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬا اﻟﺼﻐﺮ املﺘﻨﺎﻫﻲ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺴﻮق ﺿﺨﻤﺔ ﺗﻐﻤﺮ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﻣﺴﻄﺢ اﻷرض ﺟﻤﻴﻌً ﺎ أو ﺗﻜﺎد أن ﺗﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ. 84
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ — رﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ — ﺗﻜﻮن أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﺘﻤﻴﺰة ،ﺑﻞ ً ﻓﻤﺜﻼ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺮور ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ أو ﻋﻮاﻟﻢ ﻟﻬﺎ ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ﺑﺮﻣﻨﺠﻬﺎم ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ أو ﺑﺘﺴﱪج ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻻ ﺗﺴﺎوي إﻻ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺻﻐرية ﺟﺪٍّا ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺴﺎﺣﺎت أملﺎﻧﻴﺎ أو ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ أو اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻠﻘﺪ أدى ﻧﺸﻮء ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ ﻧﺸﻮء ﻓﺮوع وأﻗﺴﺎم ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ املﻌﺎرف اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻌﻠﻢ اﻟﺴﻜﺎن املﺪﻧﻲ وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ أﻣﺜﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻹﺿﺎﻓﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ إذا ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﻛﻞ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ املﱰﺗﺒﺔ ﻋﲆ ﻧﺸﻮء اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺟﺎﻧﺒًﺎ. ﻓﺈن اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻗﺪ ﺳﺒﺒﺖ أو ﻛﺎﻧﺖ ً وﻓﻮق ﻛﻞ ﻫﺬا؛ ﱠ ﻓﻌﻼ ا ُملﺤﺮك اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻨﺸﻮء اﻟﺠﺪة ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺻﺎﻏﻬﺎ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ وﺗﻼﻣﻴﺬه ،واﻧﺘﻬﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻛﻞ ِ إﱃ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ ﻣﻌﺴﻜﺮﻳﻦ ﻋﺎملﻴني؛ املﻌﺴﻜﺮ اﻻﺷﱰاﻛﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻐري ﺗﺤﺖ ﺳﻤﻌﻨﺎ وﺑﴫﻧﺎ ،واملﻌﺴﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﺗﺠﺎﻫﺎت ﺗﺤﺎول أن ﺗﻜﺴﺐ املﻌﺮﻛﺔ ﺿﺪ اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺷﺘﻰ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﺗﻘﺎرب أﺻﺒﺢ واﺿﺤً ﺎ ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ. وﻛﻤﺎ ﺑﺪأت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺻﻮرة ﻣﻘﺪﻣﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄة اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ :اﺣﺘﻴﺎج اﻹﻧﺘﺎج إﱃ أدوات ﻇﻠﺖ ﺗﺘﻄﻮر ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ إﱃ املﻌﺪن، واﺣﺘﻴﺎج اﻟﺪول اﻟﺰراﻋﻴﺔ إﱃ أﺳﻠﺤﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻏﺎرات اﻟﺠريان أو ﺗﺘﺴﻊ ﻋﲆ ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ،واﺣﺘﻴﺎج اﻟﺴﻜﺎن املﺴﺘﻘﺮﻳﻦ إﱃ ﺑﻴﻮت داﺋﻤﺔ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻷﻛﻮاخ أو اﻟﺨﻴﻤﺔ؛ ﻓﺈن ً ﻣﺘﻤﺜﻼ ﰲ ﻣﻴﺪان اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻗﺪ ﺑﺪأ ﺑﺪاﻳﺔ ُﻣﺒَ ﱢﻜﺮة ﰲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻷوروﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ؛ ﺻﻮر أوﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺒﻨﻜﻴﺔ واﻟﺘﺄﻣني واﻟﺘﺴﻠﻴﻒ. وﻗﺪ زادت ﻫﺬه اﻟﺨﺪﻣﺎت ﰲ اﻟﻔﱰة اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ اﻟﻜﺸﻮف اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وﺗﺮاﻛﻢ اﻟﺜﺮوة ﰲ أوروﺑﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺷﺤﻦ اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ املﻌﺎدن واﻟﺠﻮاﻫﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ إﱃ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﻋﺪد ﻣﻦ ﺑﻴﻮت املﺎل اﻟﻌﺎملﻴﺔ املﻌﺎﴏة ﺗﺮﺟﻊ ﰲ أﺻﻮﻟﻬﺎ إﱃ ﺑﻀﻌﺔ ﻗﺮون ﺧﻠﺖ ﻣﺜﻞ ﺑﻨﻚ روﺗﺸﻠﺪ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ. وﻟﻘﺪ زاد ﻗﻄﺎع اﻟﺨﺪﻣﺎت ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ زﻳﺎدة ﻛﱪى ،وأﺧﺬت أﺷﻜﺎﻟﻪ ﻗﻮاﻋﺪ ﻋﻠﻤﻴﺔ وﺻﺒﻐﺎت دوﻟﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺒﻨﻮك وﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني أﺣﺪ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ ﻋﺎملﻨﺎ ا ُملﻌﺎﴏ ﻣُﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﺮاﻛﺰ ﻋﺎملﻴﺔ ﻹﻋﺎدة اﻟﺘﺄﻣني أو ﺑﻨﻮك ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ. وﻣﻊ ﺗﻄﻮر ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺪول وازدﻳﺎد اﻟﻨﱠﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري وﺗﺮاﺑﻂ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،ﻇﻬﺮت إﱃ اﻟﻮﺟﻮد ﺣﺎﺟﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺨﺪﻣﺎت ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ 85
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
واﻟﺼﺤﺔ واملﻮاﺻﻼت ،وأﺧريًا اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺘﺨﺎﻃﺐ اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻼﺳﻠﻜﻲ وأﺟﻬﺰة اﻟﺮادﻳﻮ واﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واﻷﻗﻤﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ. وﻣﻊ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﺗﻔﺮﺿﻪ اﻟﺤﻴﺎة املﻌﺎﴏة أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ واﻻﺻﻄﻴﺎف ﺟﺰءًا ﻻ ﻳﺘﺠ ﱠﺰأ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ،ﻣﻤﺎ اﻗﺘﴣ ﻧﻤﻮ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻛﺠﺎﻧﺐ ﻫﺎم ﻣﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت، ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺘﺴﻮﻳﻖ واﻹﻧﺘﺎج ﻛﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻮرت إﱃ ﻫﺬا ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ وﺑﻮرﺻﺔ اﻷﺳﻌﺎر واﺗﺤﺎدات اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت وﻏري ذﻟﻚ. ) (4-4اﻟﺰراﻋﺔ وﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺨﻠﻒ ﻟﻘﺪ ارﺗﺒﻄﺖ اﻟ ﱢﺰ ُ راﻋﺔ ﰲ املﻔﻬﻮم اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻟﺸﻌﺒﻲ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪة ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ داﺧﻞ أراﺿﻴﻬﺎ ،وﻻ ﺷ ﱠﻚ ﱠ أن ﺳﺒﺐ ﻫﺬا اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻧﺤﻮ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣُﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻹﻃﺎرات اﻻﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﰲ ﺻﻮره اﻷوﱃ ﰲ اﻟﻘﺮون اﻟﺜﻼﺛﺔ املﺎﺿﻴﺔ ،واﻧﺘﻬﺖ ﺑﺘﺠﻤﻌﺎت دول اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺻﻮرة أﺳﻮاق اﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ ﻛﱪى ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ وأوﺿﺤﻬﺎ اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ املﺸﱰﻛﺔ. وﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ أن املﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮﻳﻔﻲ ،ﺣﺘﻰ ﰲ أﻛﺜﺮ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻘﺪﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻟﻪ ﻣﻤﻴﺰات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت املﺪﻳﻨﺔ ﻟﻠﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ أدت إﱃ اﺳﺘﺨﺪام ً ﻣﺮادﻓﺎ ﻟﻠﺘﺠﻤﺪ واملﺤﺎﻓﻈﺔ أو اﻟﺘﺨﻠﻒ. ﻣُﺼﻄﻠﺢ ﻓﻼح أو ﻣُﺰارع ورﻏﻢ ﱠ إن ذﻟﻚ املﻔﻬﻮم ﻗﺪ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ ا ُملﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﺮأﺳﻤﺎﱄ إﱃ ﺑﺪاﻳﺎت ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ املﺎرﻛﺴﻴﺔ وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻴﺔ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ واﻟﺼني ،ﱠ ﻓﺈن ا َملﺎرﻛﺴﻴﺔ واﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﰲ ﺻﻮرﻫﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪة )ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻷﺣﺰاب اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﰲ دول أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ( ﻗﺪ أﺿﺎﻓﺖ اﻟﻔﻼﺣني إﱃ اﻟﻌﻤﺎل ﰲ ﺣﺰﻣﺔ ﺛﻮرﻳﺔ واﺣﺪة ،وﻻ ﺷﻚ أن ذﻟﻚ ً أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺪور اﻟﻔﻼﺣني اﻟﺜﻮري اﻟﺬي اﺗﻀﺢ ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ )ﰲ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﻳﻮﺟﺴﻼﻓﻴﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ودول ﴍق أوروﺑﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ( وﰲ اﻟﺼني وﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ )اﻟﺬي ﻳﺘﻜﻮن اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣني ،وﻗﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺎت ﻣﺤﺪودة( ،وﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺟﻬﺎت أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ )ﻛﻮرﻳﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ وأﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ(. وﻻ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻄﻮر زوال اﻟﻔﻮارق ﺑني املﺠﺘﻤﻌني اﻟﺮﻳﻔﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ املﺪﻳﻨﻲ ً زواﻻ ﺗﺎﻣٍّ ﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺷﻚ ﰲ أن اﻧﺘﺸﺎر وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ واﻹﻋﻼم وﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﺰراﻋﺔ و»ﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﻔﻼح« 86
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴٍّﺎ ،واﻟﺘﺒﺎدل اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﺑني اﻟﺮﻳﻒ واملﺪﻳﻨﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ازدﻳﺎد اﻟﺴﻜﺎن ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺑني املﺠﺘﻤﻌني اﻟﺮﻳﻔﻲ واملﺪﻧﻲ. وﻳﺒﺪو ﱠ أن اﻟﻔﻼﺣني ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية ﻗﺪ ﺑﺪءوا ﻳﻌﱪون اﻟﺨﻂ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑني ﻣﺠﺘﻤﻌﻲ ً إﻃﻼﻗﺎ ﻻﺧﺘﻼف ﻧﻤﻂ اﻟﺴﻜﻦ وﻧﻮع اﻟﺮﻳﻒ واملﺪﻳﻨﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﺘﺎم ﻗﺪ ﻻ ﻳﺤﺪث وﻣﻜﺎن اﻟﻌﻤﻞ وأدوات اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺴﻠﻌﺔ املﻨﺘَﺠﺔ. ﻫﻮاﻣﺶ )Fawcott, R. G., “The habitable Globe”, Geog. Journal, Vol. 76, 1930, (1
.p. 509 )(2
Pearson, F. A. & F. Harper, “The World’s Hunger”, Ithaca, N. Y.
.Cornell 1945 P. 48 )Kellog, C. E, “Food, Soil and People” N. Y., Manhattan pub. In coop. (3 .with the UNSCO, 1950, p. 52 )Stamp, L. D., “Land for Tomorrow”, Bloomington Indiana Unv. (4 .Pres 1952, p. 52 )Robinson, H., “Geography for Business Studies”, Macdonald and (5 .Evans, London 1972, P. 89 ) (6اﻟﻠﺤﻢ ﺑﺪون اﻷﻣﻌﺎء واﻟﻘﻠﺐ واﻟﻜﺒﺪ واﻟﻜﲆ واﻟﺮأس وﺑﺪون اﻟﺸﺤﻮم وﻏري ذﻟﻚ. ) (7اﻟﻨﺴﺐ ﻟﻌﺎم ١٩٧٦و ١٩٩٤ﻋﻦ .Fischer, Weltalmanach, Frankfurt
87
اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﳊﻴﻮي
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ
اﻟﺴﲈﻛﺔ واﳌﻮارد اﳌﺎﺋﻴﺔ
) (1ﻣﻔﻬﻮم املﻮارد املﺎﺋﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ املﻮارد املﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﻗﺴﻤني أﺳﺎﺳﻴني ﻫﻤﺎ: ) (١املﻮارد اﻟﻨﻬﺮﻳﺔ. ) (٢املﻮارد اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ. واﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ وﻫﻮ ﻳﻀﻢ اﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒُﺤريات اﻟﻌﺬﺑﺔ، واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻣﻦ أﻫﻢ املﻮارد ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،ﻓﻤﻨﻪ ﻳﺴﺘﻘﻲ اﻟﻨﺎس وﺑﺪوﻧﻪ ﻻ ﺣﻴﺎة ﺑَﴩﻳﺔ وﻻ إﻧﺘﺎج زراﻋﻲ وﻻ ﺣﻴﺎة ﺣﻴﻮاﻧﻴﺔ. وﻣﺼﺪر املﻮارد اﻟﻨﻬﺮﻳﺔ — ﺑﻼ ﺷﻚ — ﻫﻮ اﻟﺒﺤﺮ واملﺤﻴﻂ؛ ﻓﻤﻨﻪ ﺗﺘﺒﺨﺮ املﻴﺎه ،ﺛﻢ ﺗﺴﻘﻂ ﰲ ﺻﻮرة ﻣﻄﺮ ﺑﻌﻀﻪ ﻳﺆدي إﱃ إﺷﺒﺎع ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻨﺒﺎت واﻟﺤﻴﻮان واﻹﻧﺴﺎن ﻣﺒﺎﴍة، وﺑﻌﻀﻪ ﻳﺸﺒﻊ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﺟﺔ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﻏري ﻣﺒﺎﴍ ﰲ ﺻﻮرﺗني أﺳﺎﺳﻴﺘني ﻫﻤﺎ :املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ اﻟﺠﺎرﻳﺔ »اﻟﺒﺤريات واﻷﻧﻬﺎر« واملﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ )اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ ﺻﻮرة ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ وﰲ أﺣﻴﺎن أﺧﺮى ﰲ ﺻﻮرة آﺑﺎر ﺣﻔﺮﻫﺎ اﻹﻧﺴﺎن(. وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻬﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮارد املﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺬﺑﺔ )ﰲ ﺻﻮرة ﻣﻄﺮ أو ﻣﻴﺎه ﺳﻄﺤﻴﺔ أو ﺟﻮﻓﻴﺔ( ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ دراﺳﺘﻬﺎ إﻻ ﰲ داﺧﻞ ﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻈﺮوف اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻐﻄﺎء اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ واﻟﺤﻘﻮل املﺰروﻋﺔ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻷرض. وﺑﺘﻘﺪم اﻟﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أﺻﺒﺢ ﻟﻠﻤﻮارد اﻟﻌﺬﺑﺔ أﻫﻤﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺗﺨﺰﻳﻦ املﻴﺎه ﻣﻦ أﺟﻞ ﻏﺮﺿني ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﻌً ﺎ اﻟﻬﺪف ﻣﻦ إﻧﺸﺎء اﻟﺴﺪود وﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻓﻘﻂ ﻫﻮ اﻟﻬﺪف .واﻟﻐﺮﺿﺎن ﻫﻤﺎ: ً أوﻻ :ﺗﻨﻈﻴﻢ املﻴﺎه ﻛﺎﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻹﻣﻜﺎن اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺠﻔﺎف أو ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ اﻟﺰراﻋﻲ.
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺛﺎﻧﻴًﺎ :رﻓﻊ ﻣﻨﺴﻮب املﺎء ﰲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﱠﻬﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻳﺠﺎد ﻣﺴﻘﻂ ﺻﻨﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺎء ﻹدارة اﻟﺘﻮرﺑﻴﻨﺎت املﻮﻟﺪة ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ .وﻳﻈﻬﺮ اﻟﻐﺮض اﻷول ﻣﻦ اﻟﺴﺪود ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺗﴫﻳﻒ اﻷﻧﻬﺎر وﺗﻜﻮﻳﻦ اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻟﻠﺰراﻋﺔ .أﻣﺎ اﻟﻐﺮض اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺄوﺿﺢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ )اﻟﻔﺤﻢ أو اﻟﺒﱰول( ،وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﰲ اﻟﺪول املﺘﺨﻠﻔﺔ )وﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة( ﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﻐﺮﺿني ً ﻫﺪﻓﺎ أﺳﺎﺳﻴٍّﺎ ﻣﻦ إﻗﺎﻣﺔ املﻨﺸﺂت اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﻋﲆ اﻷﻧﻬﺎر ،وﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺳﺪ أﺳﻮان اﻟﺬي أﻗﻴﻢ ﻋﺎم ١٩٠٢ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺨﺰﻳﻦ املﻴﺎه ﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺰراﻋﺔ املﴫﻳﺔ .وﰲ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ﻋﺪل ﺳﺪ أﺳﻮان ﺑﺤﻴﺚ أﺻﺒﺢ ﻳﻮﻟﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻔﺎﻳﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺰراﻋﺔ. وﰲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت أﻧﺸﺊ اﻟﺴﺪ اﻟﻌﺎﱄ ﰲ أﺳﻮان ً أﻳﻀﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻐﺮﺿني ﻣﻌً ﺎ. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ أﻫﻤﻴﺔ املﻮارد املﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺬﺑﺔ ﻛﻤﻴﺎه ﻟﻠﴩب واﻟﺰراﻋﺔ وﻣﺼﺪر ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ،ﱠ ﻓﺈن اﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒﺤريات ﻛﺎﻧﺖ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺼﺪ ًرا ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻐﺬاء اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم :اﻷﺳﻤﺎك. وﻣﺎ زاﻟﺖ أﺳﻤﺎك املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ ﺗﻜﻮﱢن ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ اﺗﺠﻬﺖ اﻟﺪول — ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت — إﱃ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﻤﺰارع اﻷﺳﻤﺎك، وﻫﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﱰﺑﻴﺔ اﻷﺳﻤﺎك ﰲ ﺑﺤريات ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ،وﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻧﻤﻮﻫﺎ ،وﺗﻮﻓري ﻏﺬاﺋﻬﺎ ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻋﲆ أﺳﺎس أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﲆ أﻛﱪ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ُﻗﻠﻨﺎ :ﱠ ﻓﺈن ﺗَﻌَ ﺪﱡد ﻧَﻮاﺣﻲ اﻟﻨﺸﺎط ا ُملﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﺼﺎدر املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ ﻳﺠﻌﻞ ً ﻓﻤﺜﻼ ﻻ ﻫﻨﺎك اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻛﻮﺣﺪة ﻛﺎﻣﻠﺔ إﻻ ﺑﺎرﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﻤﻮﺿﻮع ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط؛ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ أﻫﻤﻴﺔ اﻷﻧﻬﺎر ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ إﻻ ﻣﻊ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺰراﻋﻲ ،أو أﻫﻤﻴﺔ اﻷﻧﻬﺎر ﻛﻤﺼﺪر ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ إﻻ ﺑﺎﻻرﺗﺒﺎط ﺑﻤﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻟﺒﻴﺎن ﺗﻨﺎﺳﺒﻬﺎ ﻣﻊ املﺼﺎدر اﻷﺧﺮى. وﻛﺬﻟﻚ؛ ﱠ ﻓﺈن أَﻫﻤﻴﺔ اﻷﻧﻬﺎر ﻛﻤﺼﺪر ﻟﻸﺳﻤﺎك ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﺎﻟﺞ ﺿﻤﻦ ﻧﺸﺎط ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ واﻟﻨﻬﺮﻳﺔ ﻣﻌً ﺎ أو ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻨﻘﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻷﻧﻬﺎر وﺳﺎﺋﻞ ﻟﻠﻨﻘﻞ اﻟﺪاﺧﲇ ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﺳﻨﻔﻌﻠﻪ. أﻣﺎ املﻮارد اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ أﻗﻞ ﺗﻌﺪدًا ﰲ ﺻﻮر اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر ﻓﺈن ﻛﺎن ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻳُﺴﺘﻐﻼن ﰲ اﻟﻨﻘﻞ وﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك؛ ﱠ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ؛ ْ ﻓﺈن ُﻫﻨﺎك أوﺟﻬً ﺎ أﺧﺮى ً ﻓﻤﺜﻼ اﺳﺘﻐﻼل ﻃﺎﻗﺔ املﺪ واﻟﺠﺰر أو ﻣﻦ ﺻﻮر اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺒﺤﺮ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﻴﺪ اﻟﺒﺤﺚ؛ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ وﻣﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف ﰲ درﺟﺎت ﺣﺮارة املﻴﺎه ،أو 92
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻗﻮة اﻷﻣﻮاج ﻛﻤﺼﺪر ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ،وأﺧريًا اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﰲ ﺻﻮرة زراﻋﺔ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﻄﺤﺎﻟﺐ املﻌﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳَﻌِ ﺪﻧﺎ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺘﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﱃ ﺧﻤﺎﺋﺮ ﻗﺪ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻐﺬاء ﻟﻠﺴﻜﺎن املﺘﺰاﻳﺪﻳﻦ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻛﻞ ﻫﺬه ﺻﻮر ﻣﻦ أوﺟﻪ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺒﺤﺮ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﻴﺪ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﻌﺪى ذﻟﻚ إﱃ املﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻄﻤﱧ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﲆ أن ذﻟﻚ املﺴﻄﺢ املﺎﺋﻲ اﻟﺸﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ )املﺤﻴﻂ ﻳﺸﻐﻞ ٪٧١ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ( ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذا ﻓﺎﺋﺪة أو ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﺣﺘﻴﺎﻃﻴٍّﺎ ﺿﺨﻤً ﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﺤﺎﺟﻴﺎﺗﻪ املﺘﻌﺪدة املﺘﺰاﻳﺪة. وﻓﻮق ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت؛ ﱠ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك وﺟﻬً ﺎ آﺧﺮ ﻣﻦ أوﺟﻪ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﺗﻨﺘﻈﺮه ا َملﻨَﺎﻃﻖ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻔﺎرغ اﻟﺼﱪ؛ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺗﺤﻮﻳﻞ املﺎء املﺎﻟﺢ إﱃ ﻣﺎء ﻋﺬب ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ ﺗﺤﻠﻴﺔ ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺤﺮ. ﻟﻦ ﻳﺤﻘﻖ ﻫﺬا املﴩوع ﻣﺼﺪ ًرا ملﻴﺎه اﻟﴩب ﰲ اﻟﺼﺤﺎرى ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﱠ إن إﻧﺘﺎج املﺎء اﻟﻌﺬب ﻋﲆ ﺻﻮرة ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﻗﺪ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ زﻳﺎدة رﻗﻌﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ﻏري اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﻣﺴﻄﺤﺎت اﻟﺒﺤﺎر ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ ذﻟﻚ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺳﻌﺮ املﺎء ﻛﺜريًا. ) (2ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﺣﺘﻰ اﻵن ﻣﺎ زال اﻟﻨﻘﻞ وﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻫﻤﺎ أﻫﻢ أوﺟﻪ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺒﺤﺮ ،أﻣﺎ اﻷﺳﻤﺎك ﻓﺘﻜﻮن ﻣﺼﺪ ًرا ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻐﺬاء؛ ﻟﻘﺪ ﺗﻀﺎﻋﻒ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ١٩٣٨ﻛﺎن ﻣﺠﻤﻮع إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻌﺎملﻲ ٢٠ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﱰي 1زاد ٤٤٫٨ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﱰي ﻋﺎم ،١٩٦٤وﻗﻔﺰ إﱃ ١٠١ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﻋﺎم 2 ،١٩٩٣ورﻏﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻀﺎﻋﻒ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻬﻼك؛ ﻓﺈن اﻷﺳﻤﺎك ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻜﻮﱢن ﻣﺼﺪ ًرا ﻗﻠﻴﻞ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﺳﺘﻬﻼك ﻣﺼﺎدر ﻏﺬاﺋﻴﺔ أﺧﺮى أﺷﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ،ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﻟﻘﻤﺢ واﻷرز اﻟﻠﺬان ﺑﻠﻎ إﻧﺘﺎج أوﻟﻬﻤﺎ ٥٦٤واﻟﺜﺎﻧﻲ ٥٢٤ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﻣﻦ اﻷﻃﻨﺎن ﻋﺎم 3 .١٩٩٣ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻃﺊ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺣﺮﻓﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﺗﻄﻮرت وأﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺟﺪٍّا؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ — ﰲ دراﺳﺔ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك — ﻧﱰك ﺟﺎﻧﺒًﺎ اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ اﻟﺼﻐري ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ ﺷﻮاﻃﺊ اﻟﺪول ،واﻟﺬي ﻳﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻻﺳﺘﻬﻼك املﺒﺎﴍ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ. 93
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﺑﻬﺬا ﻓﺈﻧﱠﻨﺎ ﺳﻨﺮﻛﺰ اﻟﻜﻼم ﻋﲆ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺘﺠﺎري ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎك ،واﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻵﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺘﻌﻠﻴﺐ واﻟﺘﺠﻤﻴﺪ، وﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﰲ أﺳﻮاق ﺑﻌﻴﺪة ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﻦ ﻣﺼﺎدر اﺳﺘﺨﺮاﺟﻪ. وﺛﻤﺔ ﻣﻼﺣﻈﺔ أﺧﺮى ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ ﻫﺬه ﻫﻲ :أن اﺳﺘﺨﺪاﻣﻨﺎ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻘﻂ اﻷﺳﻤﺎك ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ املﻌﺮوف ،ﺑﻞ ﺗﺸﻤﻞ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ اﻟﻘﴩﻳﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻤﱪي »ﻗﺮﻳﺪس« واﻹﺳﺘﺎﻛﻮزا »ﻟﻮﺑﺴﱰ« واﻟﻜﺎﺑﻮرﻳﺎ »اﻟﴪﻃﺎن« ﻣﻦ ﺑني أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة ﻟﻠﻘﴩﻳﺎت ،ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻤﻞ اﻷﺻﺪاف اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ملﺎ ﰲ داﺧﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﺬاء ﻣﺤﺒﻮب ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ،وأﺧريًا ﺗﺸﻤﻞ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت املﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﺤﻮت واﻟﺪراﻓﻴﻞ وﻋﺠﻞ اﻟﺒﺤﺮ وﻓﻴﻞ اﻟﺒﺤﺮ … إﻟﺦ. ) (3اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﺠﻐﺮاﰲ ﻷﻫﻢ ﻣﺼﺎﻳﺪ اﻷﺳﻤﺎك
ﺷﻜﻞ :1-4ﻣﺼﺎﻳﺪ اﻷﺳﻤﺎك.
94
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
ﱠ إن ﻧﻈﺮة واﺣﺪة إﱃ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﻣﺼﺎﻳﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﺗﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻠﺨﺼﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ: ً أوﻻ :ﺳﻮاﺣﻞ وﺑﺤﺎر ﻏﺮب أوروﺑﺎ املﻤﺘﺪة ﻣﻦ ﺳﺎﺣﻞ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﻟﺸﻤﺎﱄ إﱃ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﻨﺮوﻳﺞ واﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﺸﻤﺎﱄ ،ﰲ ﺷﻤﺎل روﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وإﱃ أﻳﺴﻠﻨﺪة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ. وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻋﺪد ﻣﻦ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﺼﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺸﻄﻮط ،وأﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﺸﻄﻮط دوﺟﺮﺑﺎﻧﻚ ﰲ وﺳﻂ ﺑﺤﺮ اﻟﺸﻤﺎل ،وﺷﻄﻮط ﺟﺰر ﻓﺎرو »ﺷﻤﺎل إﻧﺠﻠﱰا« وﺷﻄﻮط ﺟﺰر ﻟﻮﻓﻮﺗﻦ »ﺷﻤﺎل اﻟﻨﺮوﻳﺞ« ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻣُﺴ ﱠ ﻄﺤﺎت املﺎء اﻟﻬﺎﻣﺔ ﰲ ﺑﺤﺮ املﺎﻧﺶ وﺑﺤﺮ اﻟﺒﻠﻄﻴﻖ وﺧﻠﻴﺞ ﺑﺴﻜﻲ وﺑﺤﺎر أﻳﺮﻟﻨﺪا ﺑﺎرﻧﺘﺲ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﺳﻮاﺣﻞ ﴍق أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ املﻤﺘﺪة ﻣﻦ ﺧﻠﻴﺞ املﻜﺴﻴﻚ ﺣﺘﻰ ﻟﱪادور ،وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻄﻮط اﻟﻬﺎﻣﺔ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﺮاﻧﺪ ﺑﺎﻧﻚ وﺷﻄﻮط ﺳﻦ ﺑﻴري وﺳﺎﺑﻞ وﺟﻮرج ،وﻛﻠﻬﺎ ﺑني ﺑﻮﺳﻄﻦ وﻧﻴﻮﻓﻮﻧﺪﻻﻧﺪ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﺳﻮاﺣﻞ ﴍق آﺳﻴﺎ املﻤﺘﺪة ﻣﻦ اﻟﺼني إﱃ اﻟﻴﺎﺑﺎن إﱃ ﻛﻤﺘﺸﻜﺎ .وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻫﺎﻣﺔ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺤﺮ اﻟﻴﺎﺑﺎن واﻟﺒﺤﺮ اﻷﺻﻔﺮ. راﺑﻌً ﺎ :ﻣﺼﺎﻳﺪ ﺑريو وﺷﻴﲇ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت إﱃ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺻﻴﺪ ﻋﺎملﻲ ﺟﻴﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻜﻤﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻨﻮع. وﻳﲇ ذﻟﻚ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻟﻠﺼﻴﺪ أﻗﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺜﻼث اﻷوﱃ ،وﻫﺬه ﻫﻲ: ً ﺧﺎﻣﺴﺎ :ﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ وﺳﻮاﺣﻞ املﻐﺮب ﻋﲆ اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ واﻟﺒﺤﺮ اﻷﺳﻮد »ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ«. ً ﺳﺎدﺳﺎ :ﺳﻮاﺣﻞ ﻏﺮب أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﻟﺴﻜﺎ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ. ﺳﺎﺑﻌً ﺎ :ﺑﺤﺎر اﻟﻔﻠﻴﺒني وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ واملﻼﻳﻮ وﺳريﻳﻼﻧﻜﺎ واﻟﻬﻨﺪ »ﺟﻨﻮب وﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ«. ﺛﺎﻣﻨًﺎ :ﻣﺼﺎﻳﺪ أﺳﱰاﻟﻴﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ وﻣﻴﻼﻧﻴﺰﻳﺎ. ﺗﺎﺳﻌً ﺎ :اﻟﺴﻮاﺣﻞ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﴩﻗﻴﺔ ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﰲ ﻣﺼﺎﻳﺪ أروﺟﻮاي واﻷرﺟﻨﺘني. ﻋﺎﴍًا :ﻣﺼﺎﻳﺪ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻫﺬه املﺼﺎﻳﺪ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺪرس ً أﻳﻀﺎ أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻦ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ؛ أي اﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒﺤريات 4 .وﺳﺒﺐ دراﺳﺔ ﻫﺬه املﺼﺎدر ﺿﻤﻦ 95
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
املﺼﺎدر اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ أن ﻫﺬا ﻫﻮ املﺠﺎل اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺪراﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺜﺮوة ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻧﻔﺮد ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ،ﻫﺬا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ أن اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺪﻣﺞ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ ﻛﻼ اﻟﻨﻮﻋني ﻟﻪ ﺑﺎﺑًﺎ اﻟﻌﺬب واملﺎﻟﺢ ﻣﻌً ﺎ. َ وأﺧريًا؛ ﱠ ﺑﻌﺾ وﻗﺘﻬﺎ ﰲ ﻷن أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎد ﰲ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ ﺗﻘﴤ املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ ﰲ ﻓﱰة ﻣﻦ دورة ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ ﺻﻴﺪ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ ً أﻳﻀﺎ ﺿﻤﻦ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺘﺠﺎري: ً أوﻻ :ﻣﺼﺎﻳﺪ ﺟﻨﻮب ﴍق أوروﺑﺎ ،وأﻫﻢ اﻷﻧﻬﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرس ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺘﺠﺎري ﻫﻲ اﻟﺪاﻧﻮب ،اﻟﺪﻧﻴﱪ ،اﻟﺪون ،اﻟﻔﻮﻟﺠﺎ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻣﺼﺎﻳﺪ اﻟﺒﺤريات اﻟﻌﻈﻤﻰ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وﺑﻌﺾ ﺑﺤريات ﻛﻨﺪا. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﻣﺼﺎﻳﺪ اﻟﺴﻠﻤﻮن ﰲ ﻏﺮب ﻛﻨﺪا وﺷﻤﺎل ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺬه املﻨﻄﻘﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ املﺎﴈ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﺞ ٪٧٠ﻣﻦ ﺳﻠﻤﻮن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎﱄ. راﺑﻌً ﺎ :ﻣﺼﺎﻳﺪ أﻟﺴﻜﺎ ،وﺳﻴﱪﻳﺎ ،واﻟﻴﺎﺑﺎن؛ وﻫﺬه ﺗﺘﺨﺼﺺ ﰲ اﻟﺴﻠﻤﻮن ،وﻗﺪ ﺣﻠﺖ ﻣﺤﻞ ﻣﺼﺎﻳﺪ ﻏﺮب ﻛﻨﺪا وأﺻﺒﺤﺖ ﺗﻨﺘﺞ اﻵن ﻣﺎ ﻳﻮازي ٪٧٥ﻣﻦ ﺳﻠﻤﻮن اﻟﻌﺎﻟﻢ. ً ﺧﺎﻣﺴﺎ :ﻣﺼﺎﻳﺪ ﴍق آﺳﻴﺎ؛ وﺧﺎﺻﺔ أﻧﻬﺎر اﻟﺼني اﻟﻌﻈﻤﻰ وأﻧﻬﺎر ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ، وﻫﺬه املﺼﺎﻳﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺼﺪر ﻏﺬاء ﻛﺒري ﻟﻠﺴﻜﺎن املﺰدﺣﻤني ﰲ ﻫﺬه املﻨﻄﻘﺔ ﻳﻌﻮض ﻋﻦ ﻧﻘﺺ ﰲ اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ،ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺻﻴﺪ املﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ ا َملﺤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ اﻷﻧﻬﺎر املﺪارﻳﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻣﺜﻞ اﻷﻣﺎزون ورواﻓﺪه ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،وﻣﺼﺐ املﺴﻴﺴﻴﺒﻲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﺤﺪة واﻟﻜﻨﻐﻮ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. وأﻫﻢ ﻣﺼﺪر ﻷﺳﻤﺎك املﻴﺎه املﺎﻟﺤﺔ ﻫﻮ ﺑﻼ ﺟﺪال ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎرﻳﺔ واﻟﺸﻄﻮط ﻏري اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﰲ اﻟﺒﺤﺎر اﻟﺒﺎردة ﻧﻮﻋً ﺎ» .اﻟﺸﻂ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺧﻂ اﻟﺴﺎﺣﻞ أو ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ إﻧﱠﻤﺎ Bankﻳﻌﻨﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺮ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻋﻤﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻐﻤﻮرة ﺑﺎملﻴﺎه«. وﺑﺤﺎر املﻨﻄﻘﺔ اﻟﺪاﻓﺌﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺄﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﺒﺤﺎر اﻟﺒﺎردة اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﻘﺮ إﱃ اﻟﺘﻨﻮع ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﻨﻴﺔ ﻋﺪدﻳٍّﺎ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﱢﺠﺎرﻳﺔ أﻫﻢ ﻣﻦ أﺳﻤﺎك اﻟﺒﺤﺎر اﻟﺪاﻓﺌﺔ ،وﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﺴﺎر ﻟﻠﻬﺠﺮة اﻟﻮاﺿﺤﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ 96
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
ﺗﻌﻴﺶ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة .وﻟﻬﺬه اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻟﻠﺘﻮاﻟﺪ ﺗُﻬﺎﺟﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ اﻟﺪورة ﺑﻌﻮدة اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺼﻐرية إﱃ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة ،وﺣﺮﻛﺔ اﻟﻬﺠﺮة ﻫﺬه ﺗﺴﻬﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻴﺪ ﰲ ﻣﻮاﺳﻢ ﻣﻌﻴﻨﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺼﻴﺪ ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻃﺊ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ وﺑﺪﺧﻮل اﻟﺒﺨﺎر إﱃ اﻟﺴﻔﻦ ﺗﻮﻏﻞ أﺳﻄﻮل اﻟﺼﻴﺪ اﻟﻌﺎملﻲ إﱃ داﺧﻞ اﻟﺒﺤﺎر واملﺤﻴﻄﺎت ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ أﻣﺎﻛﻦ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﻤﻚ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﺘﻐري ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ؛ وﻛﺎن ﻣﻦ ﺟﺮاء ذﻟﻚ أن ﻣﺼﺎﻳﺪ أﻳﺴﻠﻨﺪة وﺑﺤﺮ ﺑﺎرﻧﺘﺲ »ﺷﻤﺎﱄ اﻟﻨﺮوﻳﺞ وروﺳﻴﺎ« ﻃﻐﺖ ﻋﲆ ﻣﺼﺎﻳﺪ ﺑﺤﺮ اﻟﺸﻤﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ اﻣﺘﺪ ﻧﻔﻮذ ﺻﻴﺎدي ﻧﻴﻮاﻧﺠﻠﻨﺪ إﱃ ﻣﺼﺎﻳﺪ ﻧﻴﻮﻓﺎوﻧﺪﻻﻧﺪ وﻟﱪادور. وﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ اﻣﺘﺪت املﺼﺎﻳﺪ إﱃ أواﺳﻂ ﺷﻤﺎل املﺤﻴﻂ اﻟﻬﺎدي وإﱃ املﺤﻴﻂ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ، وأﺻﺒﺢ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﺣﺮﻓﺔ ﺗﺴﺘﻐﺮق ﻛﻞ وﻗﺖ املﺸﺘﻐﻠني ﺑﻬﺎ ،وأﺻﺒﺢ ﻗﻄﺎﻋً ﺎ ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺘﻪ ﰲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ. واﻟﺤﺮﻛﺔ املﻮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻸﺳﻤﺎك ﺗﺜري ﺑﻌﺾ املﺸﻜﻼت ﻏري املﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ،ﻣﺜﻼً اﻟﺘﻐريات اﻟﻄﻔﻴﻔﺔ ﰲ املﻠﻮﺣﺔ واﻟﺤﺮارة ﰲ املﺎء ﺗﺆدي إﱃ ﺗﻐري ﻓﺠﺎﺋﻲ ﰲ اﺗﺠﺎه اﻷﺳﻤﺎك، وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن اﻟﴪدﻳﻦ وﻫﻮ أﻫﻢ ﺳﻤﻚ ﰲ ﺳﻮاﺣﻞ وﻣﺼﺎﻳﺪ اﻟﱪﺗﻐﺎل ،ﻗﺪ اﺧﺘﻔﻰ ﻓﺠﺄة ﻣﻦ املﻴﺎه اﻟﱪﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻛﺎرﺛﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﱪﺗﻐﺎل ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ زاد اﻟﴪدﻳﻦ ﰲ ﺳﻮاﺣﻞ املﻐﺮب. وﻛﺎن ﺳﻤﻚ اﻟﺒﺎﻛﻼه Codﻫﻮ أﻫﻢ ﺻﻴﺪ ﺗﺠﺎري ﰲ أوروﺑﺎ ﻟﻘﺮون ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﻳُﺼﺎد ﻫﺬا اﻟﺴﻤﻚ ﰲ ﺑﺤﺮ اﻟﺸﻤﺎل وﺣﻮل ﺟُ ﺰر ﻟﻮﻓﻮﺗﻦ ﰲ ﺷﻤﺎل اﻟﻨﺮوﻳﺞ ﺑني ﻳﻨﺎﻳﺮ وأﺑﺮﻳﻞ، وﻳﺘﺄﺧﺮ املﻮﺳﻢ إﱃ ﻣﺎ ﺑني ﻣﺎﻳﻮ وﻳﻮﻧﻴﻮ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ إﱃ اﻟﺸﻤﺎل ﻣﻦ اﻟﻨﺮوﻳﺞ، وﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺼﻴﺪ ﺗﺠﺪ اﻟﻘﺮى اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﺗﻌﺞ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ أو ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣﻬﺠﻮرة. وﻣﻌﻈﻢ اﻟﺼﻴﺪ ﻳُﻌَ ﱠﻠﺐ أو ﻳُﻤَ ﱠﻠﺢ أو ﻳُﺠَ ﱠﻔﻒ أو ﻳُﺠَ ﻤﱠ ﺪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻔﻆ. وﻗﺪ ﺳﻤﱠ ﻰ اﻟﱪﺗﻐﺎﻟﻴﻮن ﻧﻴﻮﻓﺎوﻧﺪﻻﻧﺪ وﻟﱪادور ﺑﺎﺳﻢ أرض اﻟﺒﺎﻛﻼه Tierra de Bacalao؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﻄﺎدوﻧﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه املﻴﺎه ﻷﺟﻴﺎل ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﰲ ﺣﻮض اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ﻳُﻘﺒﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ اﻷﺳﻤﺎك املﻤﻠﺤﺔ واملﺠﻔﻔﺔ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ ﻟﺬاﺋﺬ اﻟﻄﻌﺎم ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﰲ اﻟﱪﺗﻐﺎل ﺗﻜﻮن اﻟﻐﺬاء اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﺴﻜﺎن. واﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻘري ﰲ اﻷﺳﻤﺎك ،وﻳﺤﺼﻞ ﺳﻜﺎن إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋﲆ اﻷﺳﻤﺎك ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻦ أملﺎﻧﻴﺎ أو ﺧﻠﻴﺞ ﺑﺴﻜﻲ ،ﻛﻤﺎ أن اﻷﺳﻤﺎك املﺤﻔﻮﻇﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ واﻟﻨﺮوﻳﺠﻴﺔ واﻟﻮاردة ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺒﺎع ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن. وﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﺗﺘﻜﺎﺛﺮ اﻷﺳﻤﺎك ﻛﻤﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻷﻗﻞ ﺣﺮارة ،وﻋﲆ اﻷﺧﺺ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاﺣﻞ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎرات ﺣﻴﺚ ﺗﺆدي اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﺒﺎردة ﻧﻮﻋً ﺎ ،اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت 97
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﺒﺎردة إﱃ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب ﻣﻦ اﻟﻨﻄﺎق املﺪاري ،إﱃ ﺗﻠﻄﻴﻒ درﺟﺔ ﺣﺮارة املﺎء »ﺗﻴﺎر ﻫﻤﺒﻮﻟﺖ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،ﺗﻴﺎر ﺑﻨﺠﻮﻳﻼ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﺗﻴﺎر ﻛﻨﺎرﻳﺎ ﰲ ﺳﻮاﺣﻞ املﻐﺮب واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﺗﻴﺎر أﺳﱰاﻟﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻲ «.وﻋﲆ اﻟﻌﻤﻮم؛ ﱠ ﻓﺈن ﻣﺼﺎﻳ َﺪ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ وأدوات اﻹﻧﺘﺎج ﻓﻴﻬﺎ أﻗﺮب إﱃ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ،وأﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬه املﺼﺎﻳﺪ ﺗﺮﺟﻊ إﱃ أن إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ. ﻷن اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺒﺤﺮي ﻣﻮﺳﻤﻲ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻪ ،ﱠ وﻧﻈ ًﺮا ﱠ ﻓﺈن أﺳﻮاق اﻷﺳﻤﺎك ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ﻣﻮﺳﻤﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ ،ﻣﺜﻠﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ أﺳﻮاق اﻟﺰﻫﻮر ،وﺗُﺒﺎع اﻷﺳﻤﺎك ا ُمل َ ﺼﺎدة ﰲ ﺣﻠﻘﺎت وﻣﺰادات ﻋﲆ اﻟﺸﺎﻃﺊ ،ﺛﻢ ﺗﺼﺪر إﱃ اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﻄﺎرات اﻟﺴﻤﻚ وﺷﺎﺣﻨﺎت ﻣﻌﺪة ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض. وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﻣﺼﺪ ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﻟﻠﺰﻳﻮت واﻟﺸﺤﻮم اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ وﻟﺤﺎﺟﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺒﴩي ً أﻳﻀﺎ .وﺗُﻌﺪ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺤﻮت ﻫﺬه ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ٪١٠ﻣﻦ ﺗﺠﺎرة اﻟﺰﻳﻮت واﻟﺸﺤﻮم اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟ ﱠﺮاﻫﻦ. وﻛﺎن ا ُملﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ أﻫﻢ ﻣﺼﺪر ﻟﺼﻴﺪ اﻟﺤﻮت ،وﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺛﻘﻞ ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻮت إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ،وﺧﺎﺻﺔ املﺤﻴﻂ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻋﺎم ١٩١٠ﻳﺴﺎوي ٪٥٠ﻣﻦ اﻟﺤﻮت ،وﰲ ١٩٣٠أﺻﺒﺢ ﻧﺼﻴﺒﻪ ٪٩٠ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﺤﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﻗﺪ أدت اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺪوﻟﻴﺔ إﱃ إﻧﻘﺎص اﻟﺤﻴﺘﺎن اﻟﺘﻲ ﺗُﺼﺎد ﻣﻦ املﺤﻴﻂ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ٪٦٠ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻜﻤﻴﺔ ا ُملﺼﺎدة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻳﺘﻢ ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﺑﻮاﺳﻄﺔ وﺳﻴﻠﺘني :اﻷوﱃ ﻣﻦ ﻣﺮاﻛﺰ ﻋﲆ اﻟﺸﺎﻃﺊ ﺗﺒﺪأ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﻔﻦ وﺗﻌﻮد إﻟﻴﻬﺎ ،واﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﺼﻨﻊ وﻣﻌﻬﺎ ﺳﻔﻦ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺼﻐرية. واﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أﴎع وﺗﺄﺗﻲ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ أﻃﻴﺐ؛ ﻷن ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﻤﻮﻳﻦ واﻟﺸﺤﻦ ُﻣﺘَﺤ ﱢﺮك ﻣﻊ ﺳﻔﻦ اﻟﺼﻴﺪ. وأول دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﻫﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﺗﻨﺎﻓﺲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻟﻨﺮوﻳﺞ ﻣﻨﺬ ،١٩٤٨وأﺻﺒﺤﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﺼﺪارة ﺣﺘﻰ أواﺋﻞ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ،وﰲ ﻣﻮﺳﻢ ١٩٥٩-١٩٥٨ ﻛﺎن ﻟﻠﻴﺎﺑﺎن ٥٣ﻣﺮﻛ ًﺰا ﺷﺎﻃﺌﻴٍّﺎ ﻟﺼﻴﺪ اﻟﺤﻴﺘﺎن ،و ٢٣ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﺼﻨﻊ و ٤١٦ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺻﻴﺪ ﺗﻌﻤﻞ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﻣُﺨﺘﻠﻒ ﺑﺤﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺑﻠﻎ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﺼﻴﺪ ﰲ ذﻟﻚ املﻮﺳﻢ ٦٤٫١٦٩ ﺣﻮﺗًﺎ ،وﺗﲆ اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﻨﺮوﻳﺞ ﺛﻢ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ .وﰲ ﻣﻮﺳﻢ ١٩٧٤اﻧﺨﻔﺾ اﻟﺼﻴﺪ إﱃ ٣١٦٢٧ ﺣﻮﺗًﺎ ﻛﺎن ﻧﺼﻴﺐ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ١٥٢٦٦ﺣﻮﺗًﺎ ،واﻟﻴﺎﺑﺎن ،١٠٠٩٥ﺛﻢ ﺑريو ،١٨١٢ وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ١٨١٧ﺣﻮﺗًﺎ .وﰲ ﻋﺎم ١٩٨٢ﻫﺒﻄﺖ اﻷﻋﺪاد املﺼﺎدة إﱃ ١٦١١ﺣﻮﺗًﺎ 98
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
ﻓﻘﻂ )اﻟﻴﺎﺑﺎن ،٪٥٧أﻳﺴﻠﻨﺪة ،٪٢٢اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ .(٪١٠وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﺼﻴﺪ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﻗﺪ ﻗﺮرت وﻗﻒ ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﺗﻤﺎﻣً ﺎ اﻋﺘﺒﺎ ًرا ﻣﻦ ً ١٩٨٨ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻧﻘﺮاض اﻟﺤﻴﺘﺎن ،وﻳﺒﺪو أن اﻟﺪول اﻟﺘﺰﻣﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺮار. ﺟﺪول :1-4ﺗﻄﻮر اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك. اﻟﺴﻨﺔ
اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ
اﻟﺴﻨﺔ
اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ
١٩٣٨
٢٠
١٩٧٥
٦٩٫٥
١٩٦٠
٣٣٫٥
١٩٨٤
٨٢٫٧
١٩٦٨
٦٤
١٩٩٣
١٠١٫٢
ً اﺗﺠﺎﻫﺎ ﻣُﺴﺘﻤ ٍّﺮا ﻟﻠﺰﻳﺎدة ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك ﻋﺎملﻴٍّﺎ، ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم أن ﻫﻨﺎك وا ُملﻼﺣﻆ ﱠ أن اﻟﻨﱡﻤﻮ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻤﻚ ُرﺑﱠﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﻮ املﺤﺼﻮل اﻷول اﻟﺬي ﻳﺘﺼﺪر ﻧﻤﻮ ﺑﺎﻗﻲ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻐﺬاء؛ ﻓﻘﺪ ﺗﻀﺎﻋﻒ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﺮﺗني وﻧﺼﻒ املﺮة ﺧﻼل ﺧﻤﺴﺔ ﻋﴩ ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ ،١٩٦٨–١٩٥٤وﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﻧﻤﻮ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻣﺜﻴﻞ ﰲ أي ﻣﺤﺼﻮل ﻏﺬاﺋﻲ آﺧﺮ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، و ُرﺑﱠﻤﺎ ﺟﺎء ذﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﻜﺒري اﻟﺬي ﺣﺪث ﰲ ﺳﻔﻦ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺼﻴﺪ. أﻣﺎ ﻓﱰة اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) (١٩٩٣–١٩٦٨أي ٢٥ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻤﻘﺪار .٪١٦٣وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻫﻨﺎك ﺣﺪودًا ﻟﻠﻨﻤﻮ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻦ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ. ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻔﺎو ﰲ اﺟﺘﻤﺎع دوﱄ ﻋﻘﺪﺗﻪ ﻋﺎم ١٩٩٥أوﺻﺖ ﺑﺘﺨﻔﻴﺾ ﻫﺬا ﻛﻤﻴﺔ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ وﺗﺨﻔﻴﺾ أﺳﺎﻃﻴﻞ اﻟﺼﻴﺪ ،ﻣﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﻣﺰارع ﺳﻤﻜﻴﺔ ﰲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪم اﻟﴪﻳﻊ ﰲ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻟﻢ ﺗﻘﺎﺑﻠﻪ زﻳﺎدة ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﰲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺴﻤﻚ، راﺟﻊ إﱃ أن ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻤﻜﻲ ،ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺻﻴﺪ أﺳﻤﺎك ذات ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،ﺗُﺼﻨﱠﻊ وﺗُﺴﺘﺨﺪم ﻛﻐﺬاء ﺣﻴﻮاﻧﻲ .وﺳﻴﺠﻲء ﴍح ذﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. وﻋﲆ أﻳﺔ ﺣﺎل؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟ ﱢﺰﻳﺎدة ﰲ اﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﺗُﻌﺪ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ ﻻ ﻧﻈري ﻟﻪ ﰲ أي ﻣﻦ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ. 99
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﺟﺪول :2-4أﻫﻢ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺴﻤﻚ .١٩٩٣ اﻹﻧﺘﺎج أﻟﻒ ﻃﻦ
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻹﻧﺘﺎج أﻟﻒ ﻃﻦ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﺼني
١٧٥٦٧
ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ
٣٣٤٨
اﻟﻴﺎﺑﺎن
٨٤٦٠
ﻛﻮرﻳﺎ ج
٢٦٤٩
ﺑريو
٨٤٥١
اﻟﻨﺮوﻳﺞ
٢٥٦٢
ﺷﻴﲇ
٦٠٣٨
اﻟﻔﻠﺒني
٢٢٦٤
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٥٩٣٩
ﻛﻮرﻳﺎ ش
١٧٥٠
روﺳﻴﺎ
٤٤٦١
أﻳﺴﻠﻨﺪة
١٧١٨
اﻟﻬﻨﺪ
٤١٧٥
داﻧﻤﺮك
١٥٣٤
إﻧﺪوﻧﺴﻴﺎ
٣٦٣٨
إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ
١٣٣٠
وﻣﻦ دراﺳﺘﻨﺎ ﻟﺘﻄﻮر اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺰﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻋﲆ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ،وﻳُﻤﻜﻦ أن ﻧ ُ َﻘ ﱢﺴﻢ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ: ً أوﻻ :اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ وﻫﺬه اﻟﺪول ﻛﺎﻧﺖ ﺗَﺤْ ﺘَ ﱡﻞ اﻟﺼﺪارة ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، وﺗُﻤَ ﺜﱢﻠﻬﺎ دول أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﺤﺪة وﻛﻨﺪا واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﻘﺪم ﰲ اﻹﻧﺘﺎج أﺑﻄﺄ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﰲ ﻣﺼﺎﻳﺪ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وﻣﺘﻮﺳ ً ﻄﺎ ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. أﻣﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻓﻜﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻫﺬه اﻟﺪول ﺗﻘﺪﻣً ﺎ ﺑﺤﻴﺚ اﺣﺘﻠﺖ ﻣﻜﺎن اﻟﺼﺪارة ﺑني اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك 5 .ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺒﻄﻲء راﺟﻊ — ﺑﻼ ﺷﻚ — إﱃ اﻻﻓﺘﻘﺎر ﰲ املﻮارد اﻟﺴﻤﻜﻴﺔ ﰲ أراﴈ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ ﺑﺤﺮ اﻟﺸﻤﺎل وﺧﻠﻴﺞ ﺑﺴﻜﺎي وﻧﻴﻮﻓﻮﻧﺪﻻﻧﺪ وﻏﺮب ﻛﻨﺪا ،وﻟﻮﻻ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﻜﺒري ﰲ ﺳﻔﻦ وﻣﻌﺪات اﻟﺼﻴﺪ ﻟﻈﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻋﲆ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻟﺘﻘﻬﻘﺮت ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﺧﺮى. وﻳﻌﺰى اﻟﺨﱪاء ﺗﻘﺪم اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻦ ﺑني ﻫﺬه املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ إﱃ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ أدت إﱃ ﺗﻘﺪم إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ؛ أي اﺳﺘﺨﺪام أﺳﺎﻃﻴﻞ 100
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
ﺻﻴﺪ ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ ﰲ ﻣﺤﻴﻄﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ دون ﺗﻘﻴﺪ ﺑﻘﻮاﻋﺪ ﺷﺎﻃﺌﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻏﺮب أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻟﺪول ذات اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﺮﻛﺰي وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻋﲆ ﻛﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ اﻵن اﻟﺼني ،وﻟﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﰲ أوروﺑﺎ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻛﺒريًا ﰲ رﻓﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺘﻬﺎ إﱃ ﻗﺮاﺑﺔ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،واﻟﺘﻘﺪم اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ راﺟﻊ إﱃ زﻳﺎدة إﻧﺘﺎج اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﻤﻴﻤﻪ أﺳﺎﻃﻴﻞ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﻀﺨﻤﺔ املﻨﺘﴩة ﰲ ﻣﺤﻴﻄﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ؛ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ أﺻﺒﺢ إﻧﺘﺎج اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﰲ ﻋﺎم ١٩٦٠ﻗﺮاﺑﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳني ﻃﻦ ،زاد إﱃ ﻗﺮاﺑﺔ أرﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳني ﻃﻦ ﰲ ﻋﺎم ،١٩٦٣وإﱃ ﺳﺘﺔ ﻣﻼﻳني ﻋﺎم ١٩٦٨ﺛﻢ إﱃ ١١٫٣٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم .١٩٨٩ أﻣﺎ اﻟﺼني ﻓﻜﺎن إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﺳﻨﺔ ١٩٦٠ﻳﺤﺘﻞ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ ﺑريو ﺛﻢ اﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻗﺪ ﺑﻠﻎ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ٥٫٨ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،وﻳﺤﻮط اﻷرﻗﺎم ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺸﻚ ﺣﻮل اﻟﻜﻤﻴﺔ واﻷﻧﻮاع املﻀﺎدة ،أﻣﺎ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋﺎم ١٩٨٩ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ ١١٫٢٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ، وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺤﺘﻞ املﻜﺎﻧﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎملﻴٍّﺎ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك ،ﺛﻢ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺪول ﻋﺎم ١٩٩٣ ﺑﺤﻮاﱄ ١٧٫٥ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻧﻠﺤﻆ أﻛﱪ زﻳﺎدة ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻞ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻓﺪول اﻟﴩق اﻷدﻧﻰ ﻟﻢ ﻳﺰد إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ إﻻ ﺑﺒﻂء ﺷﺪﻳﺪ ،ودول أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﺘﺬﺑﺬب ،أﻣﺎ أﻛﱪ زﻳﺎدة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﱰﻛﺰت ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ارﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎج ﻗﺮاﺑﺔ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ .١٩٦٤–١٩٥٤ وﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة راﺟﻌﺔ إﱃ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ إﱃ زﻳﺎدة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﻣﺼﺎﻳﺪ ﺑريو وﺷﻴﲇ اﻟﻠﺘني ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺗﺸﻜﻼن ﺣﻮاﱄ ٪١٩ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ أو ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ﻗﺮاﺑﺔ ١٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺗﻨﺘﺠﺎن ﻣﻌً ﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم .١٩٥٤ وﻫﺬا اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻔﺎﺋﻖ اﻟﺤﺪ راﺟﻊ إﱃ ﺻﻴﺪ أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺮﺧﻴﺼﺔ اﻟﺜﻤﻦ اﻟﺴﻬﻠﺔ اﻟﺼﻴﺪ ،ﻣﺜﻞ اﻷﻧﺸﻮﺟﺎ ﻗﺮب ﺳﻮاﺣﻞ ﺑريو وﰲ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ6 . 101
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (4اﻷﻧﻤﺎط اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻻﺳﺘﻬﻼك اﻷﺳﻤﺎك ﻟﻘﺪ أدى ﺻﻴﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻦ ﺑريو وﺷﻴﲇ وﻏريﻫﻤﺎ إﱃ إﺣﺪاث ﺗﻐريات ﻫﺎﻣﺔ ﰲ اﺳﺘﻬﻼك اﻷﺳﻤﺎك؛ ﻓﻠﻘﺪ زاد اﻻﺗﺠﺎه إﱃ اﻷﻏﺮاض ﻏري اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ،وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ ارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺴﻤﻚ املﻮﺟﻪ إﱃ إﻧﺘﺎج ﻏﺬاء ﺣﻴﻮاﻧﻲ ﺿﻤﻦ ﻣﺮﻛﺒﺎت ﻏﺬاﺋﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻌً ﺎ وﺗﻘﺪﱠم ﻏﺬاءً ﻟﻠﺪواﺟﻦ واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ،وﺗﺠﺪ ﻟﻬﺎ ً ﺳﻮﻗﺎ ﻣﺘﺴﻌﺔ وﻣﺘﺰاﻳﺪة ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وأوروﺑﺎ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ٪١٥ﻣﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻠﺴﻤﻚ اﻟﺬي ﻳﺘﺠﻪ إﱃ اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﰲ ﻋﺎم .١٩٥٤وﰲ ﻋﺎم ١٩٦٤زادت اﻟﻨﱢﺴﺒﺔ إﱃ ٪٣٠ﻣﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وذﻟﻚ راﺟﻊ ﺑﻼ ﺷﻚ إﱃ زﻳﺎدة إﻧﺘﺎج ﺑريو وﺷﻴﲇ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ،ﻫﺬا ﺑﺠﺎﻧﺐ دﺧﻮل أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻤﺪة اﻟﺰراﻋﻴﺔ. وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي زاد ﻓﻴﻪ اﺗﺠﺎه اﻟﺴﻤﻚ إﱃ اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﻧﺮى ﻫﺒﻮ ً ﻃﺎ واﺿﺤً ﺎ ﰲ ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻄﺎزج ﻣﻦ ٪٤٠إﱃ ٪٣٠ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻘﺪم ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﰲ اﻟﺜﻼﺟﺎت ،وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن أﺳﻮاق اﻟﺴﻤﻚ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺠﺎورة ﻟﻠﻤﺼﺎﻳﺪ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻗﺎدرة ﻋﲆ اﺳﺘﻬﻼك اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒري .ﻫﺬا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن ﻫﻨﺎك ً أﺳﻮاﻗﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﻗﺪ ﻓﺘﺤﺖ أﻣﺎم اﻟﺴﻤﻚ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ املﺼﺎﻳﺪ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﻟﺘﺠﻤﻴﺪ. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ؛ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أن املﺴﺘﻬﻠﻜني ﻗﺪ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﻔﻀﻠﻮن أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك املﺤﻔﻮﻇﺔ ﻣُﺠَ ﻤﱠ ﺪة وﻏري ﻣُﻌﻠﺒﺔ ،وﻳﺘﻀﺢ ذﻟﻚ ﺟﻠﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﻫﺒﻮط ﻧﺼﻴﺐ اﻟﺴﻤﻚ ا ُملﻌَ ﱠﻠﺐ وزﻳﺎدة ﻧﺼﻴﺐ اﻟﺴﻤﻚ املﺠﻤﺪ ﺑﴪﻋﺔ ﻛﺒرية ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﱃ ٪١٥ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﺼﻴﺪ اﻟﻌﺎملﻲ ﻋﺎم .١٩٨٣ وﻻ ﺷﻚ أن ﻧﻤﻮ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك راﺟﻊ إﱃ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺘﺠﻤﻴﺪ اﻟﻔﻮري ﻟﻠﺴﻤﻚ ﻋﻘﺐ ﺻﻴﺪه ،وﻳﺘﻢ ذﻟﻚ ﰲ ﺳﻔﻦ املﺼﻨﻊ اﻟﻜﺒرية ،وﻣﻨﻬﺎ ﺗﻐري ﻧﻈﻢ اﻟﺘﻮزﻳﻊ واﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻻﻧﺘﺸﺎر ﺑﻨﺎء اﻟﺜﻼﺟﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻟﺤﻔﻆ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﺠﻤﺪة، وﻻﻧﺘﺸﺎر أﻧﻮاع ﻣﻦ ﻣﺤﻼت اﻟﺒﻴﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﺛﻼﺟﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎك. وﻻ ﺷﻚ ً أﻳﻀﺎ ﰲ أن اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﺳﺘﻬﻼك أﺳﻤﺎك اﻟﻐﺬاء راﺟﻌﺔ إﱃ ازدﻳﺎد اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وﺷﻤﺎل وﻏﺮب أوروﺑﺎ ،وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ذﻟﻚ ﻋﲆ زﻳﺎدة إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻤﻚ ﰲ إﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺎ )اﻟﻨﺮوﻳﺞ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص( واﻟﻴﺎﺑﺎن. أﻣﺎ اﻟﻘﴩﻳﺎت ﻓﻬﻲ أﻗﻞ وزﻧًﺎ وﻟﻜﻨﻬﺎ أﻏﲆ ﺛﻤﻨًﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك .وزاد اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ أﻃﺎﻳﺐ اﻟﻄﻌﺎم ،وملﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ 102
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
املﺪارﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻔﺎدت ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻄﻠﺐ املﺘﺰاﻳﺪ دول أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ وﻏريﻫﺎ ﰲ اﻟﴩق اﻷﻗﴡ ﻟﺰﻳﺎدة ﺗﺴﻮﻳﻖ ﻫﺬه اﻟﻘﴩﻳﺎت ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وأوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ارﺗﻔﺎع اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻘﴩﻳﺎت ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وأﺳﻤﺎك اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى أدﻳﺎ إﱃ زﻳﺎدة ﻛﺒرية ﰲ إﻧﺘﺎﺟﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب ﺗﺠﺎرة اﻷﺳﻤﺎك املﻤﻠﺤﺔ واملﺪﺧﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻗﺼﺖ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻛﺒرية. ) (5اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ واﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻻ ﺷﻚ ﰲ أن اﻟﺘﻘﺪم اﻟﴪﻳﻊ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﻃﺮأ ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ﺑﺈﻧﺸﺎء اﻟﺜﻼﺟﺎت وﻏري ذﻟﻚ؛ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ أن ﻳﺘﻢ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ )ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺪول اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ — ﻣﺎ زال اﻟﺤ ﱠﺮة( إﻻ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ وﺗﺪﺧﻞ وﻣﺴﺎﻋﺪات ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺒﺤﺮ — ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ً ﻣﺠﺎﻻ ﻣﻔﺘﻮﺣً ﺎ أﻣﺎم اﻻﺳﺘﻐﻼل ،واﻟﻄﻔﺮة ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك ﻟﻦ ﺗﺆدي إﱃ اﺳﺘﻬﻼك ﻳﺨﻞ ﺑﺎﻟﺘﻮازن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ ﻣﻮرد ﻣﺘﺠﺪد ﺿﺨﻢ ﻛﺎﻷﺳﻤﺎك ،ﺧﺎﺻﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت دوﻟﻴﺔ ﺗﺤﺮم اﺳﺘﺨﺪام املﻔﺮﻗﻌﺎت ﰲ اﻟﺼﻴﺪ ،أو ﺗﺤﺮم اﻟﺼﻴﺪ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﻮاﻟﺪ اﻟﺴﻤﻚ ،أو ﺗﺤﺪد ﻋﺪد ﻣﺎ ﻳُﺼﺎد ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ. وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺒﺤﺮ ﻣﺎ زال ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ دراﺳﺎت ﻛﺜرية ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻛﻲ ﻳُﺼﺒﺢ ﻣﺼﺪ ًرا ﻣﻦ أﻫﻢ وأﻛﱪ ﻣﺼﺎدر اﻟﻐﺬاء اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺤﺎﻟﺐ ﰲ ﻏﺬاء رواد اﻟﻔﻀﺎء. وﰲ ﺳﺒﻴﻞ ذﻟﻚ ﻧﺮى اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺘﺤﺴني أﺳﺎﻃﻴﻞ اﻟﺼﻴﺪ، وﺗﻘﺪم ﻣﻌﻮﻧﺎت ﻟﻠﴩﻛﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﴍاء ﺳﻔﻦ ﺣﺪﻳﺜﺔ وﻣﻌﺪات ﺟﺪﻳﺪة ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻗﻴﺎم املﺆﺳﺴﺎت واﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﺄﺑﺤﺎث ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻋﻦ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺎر ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻋﻦ أﺣﻴﺎء اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴٍّﺎ. أﻣﺎ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ :ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻣﻀﻄﺮة إﱃ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﺼﺎﻳﺪﻫﺎ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﴍﻛﺎت اﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ أﺟﻨﺒﻴﺔ؛ ﻟﻨﻘﺺ رأس املﺎل وﻧﻘﺺ اﻟﺨﱪة اﻟﻔﻨﻴﺔ ﰲ اﻟﺼﻴﺪ وأﺳﺎﻟﻴﺒﻪ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ. وﻗﺪ ﺷﺠﻌﺖ ﺑﻌﺾ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﻄﻮﻳﺮ أﻧﻮاع وأﺷﻜﺎل ﻣﻦ ﺗﻌﺎوﻧﻴﺎت اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ،ﻛﻤﺎ ﱠ أن ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻗﺪ أﺻﺪر ﺗﴩﻳﻌﺎت ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ا ُملﺒﺎﴍ ﰲ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻄﻮﻳﺮ وإﻧﻤﺎء دﺧﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺼﺎد اﻟﺒﺤﺮ7 . وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺘﻘﺪم ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺼﻴﺪ ﺿﺪ أﺧﻄﺎر اﻟﺒﺤﺮ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﴪﻋﺔ وﻗﻠﺔ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻮﻗﻮد ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻘﻮارب اﻟﺼﻴﺪ املﻠﺤﻘﺔ ﻗﺪ أدى إﱃ ﻃﻔﺮة ﻛﺒرية ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺒﺤﺮي. 103
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي وﻣﻦ أﻫﻢ املﻨﺠﺰات إﻧﺸﺎء واﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ Large Stern
Trawlersﰲ أملﺎﻧﻴﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ واﻟﻴﺎﺑﺎن وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﺑﻮﻟﻨﺪا ،وﻣﻴﺰة ﻫﺬه ﱡ اﻟﺴﻔﻦ أﻧﻬﺎ ﻗﺎدرة ﻋﲆ إﺟﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﻟﺘﺠﻤﻴﺪ ﰲ ﻋﺮض اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺒﻘﺎء ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﺤﺖ أﻳﺔ ﻇﺮوف ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ. وﻗﺪ أدى ﻧَﺠَ ﺎح ﻫﺬه ﱡ اﻟﺴﻔﻦ ﻣﻨﺬ أواﺋﻞ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت إﱃ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺳﻔﻦ ﺻﻐرية أوﺗﻮﻣﺎﺗﻴﻜﻴﺔ اﻵﻻت ،وذﻟﻚ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ﻏري اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺸﻮاﻃﺊ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼل أﺑﻌﺎد املﺤﻴﻂ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ واﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺸﻮاﻃﺊ. وﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﻜﺒري ﻋﻨﺪ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﻧﺠﺪ أن اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻗﺪ ﺟﻬﺰت ﻗﻮارب اﻟﺼﻴﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺑﻤﺤﺮﻛﺎت دﻳﺰل ﺧﻔﻴﻔﺔ ﺑﺪل اﻟﴩاع ،ﻛﻤﺎ ﺟﻬﺰﺗﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻼﺳﻠﻜﻲ ﻹﻋﻄﺎء درﺟﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺎن ﻟﻠﺼﻴﺎدﻳﻦ ،وﻫﺬا ﻳﻮﺿﺢ اﻟﻔﺎرق اﻟﻜﺒري ﺑني اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺰداد ﻗﻮة وإﻧﺘﺎﺟً ﺎ واﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻮر أدوات إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺑﻤﺒﺘﻜﺮات أﺻﺒﺤﺖ ﻗﺪﻳﻤﺔ .وﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ إﱃ زﻳﺎدة ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﺑﺈﻧﺘﺎج ﺳﺒﺎﺋﻚ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﻠﺐ أو اﻷملﻮﻧﻴﻮم واﻟﻠﺪاﺋﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺑﻤﻮاﺻﻔﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻨﺎء ﻗﻮارب اﻟﺼﻴﺪ8 . وﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ ﻋﺪة ﺧﻄﻮات ﰲ ﺗﻄﻮر ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺼﻴﺪ ﻧﻮﺟﺰﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ: ) (١اﺳﺘﺨﺪام أﺟﻬﺰة ﻟﻘﻴﺎس ﺗﺮدد اﻟﺼﺪى Sonarﰲ أﻋﻤﺎق اﻟﺒﺤﺎر ملﻌﺮﻓﺔ ﺗﺠﻤﻌﺎت اﻷﺳﻤﺎك. ) (٢ﺗﻐري ﻛﺎﻣﻞ ﰲ ﺷﺒﺎك اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻦ أﻗﻄﺎن وﺣﺒﺎل ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ إﱃ ﻣﻮاد وأﻟﻴﺎف ﻣﺼﻨﻌﺔ. ) (٣ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﱰوس آﻟﻴٍّﺎ ﺑﺼﻮرة ﺗﺎﻣﺔ ﻗﴣ ﻋﲆ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻌﻀﲇ ﰲ ﺷﺪ اﻟﺸﺒﺎك ،ﺑﻞ وأدى إﱃ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺗﺮوس أﻛﱪ وأﻋﻤﺎق أﺑﻌﺪ. ) (٤اﺳﺘﺨﺪام ﺳﻔﻴﻨﺘني ﻣﻌً ﺎ ﻹﻟﻘﺎء وﺷﺪ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﻜﺒرية أوﺗﻮﻣﺎﺗﻴﻜﻴٍّﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ راﻓﻌﺎت ﻫﻴﺪروﻟﻴﻜﻴﺔ ،وﻗﺪ أدى ﻫﺬا إﱃ ﺛﻮرة ﰲ ﺻﻴﺪ اﻟﺘﻮﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﺗﻌﺮف ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺑﺎﺳﻢ ،Purse Seiningوﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ اﻟ ﱡ ﻄﻌﻢ اﻟﺤﻲ .وﻗﺪ اﻣﺘﺪت ﻫﺬه اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ إﱃ أﻳﺴﻠﻨﺪة وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﻧﺔ. ) (٥ﻧﻮع ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎك اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﻤﻰ ﺷﺒﺎك اﻟﺨﻴﺎﺷﻴﻢ Gillnetأو اﻟﺴﺘﺎﺋﺮ اﻟﻌﺎﺋﻤﺔ Driftnetﻳﺒﻠﻎ ﻋﺮض اﻟﺸﺒﻜﺔ ١٥–١٠ﻣﱰًا ،وﻃﻮﻟﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﺳﺘني ﻛﻴﻠﻮﻣﱰًا ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ اﻟﻌﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻌﺎﺋﻤﺎت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﺪ ﺗﻘﺎﻻت ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻛﺎﻟﺴﺘﺎرة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺗﺠﺮﻫﺎ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﺘﺎﻳﻮاﻧﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة ،وﺗﻜﺘﺴﺢ ﺑﻬﺎ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺧﻴﺎﺷﻴﻤﻬﺎ 104
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻣﻦ أﺳﻤﺎك وﻓﻘﻤﺎت وﻗﴩﻳﺎت ،ﺑﻞ وﺣﻴﺘﺎن ً أﻳﻀﺎ .ﻟﺬﻟﻚ اﺣﺘﺠﺖ ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا وأﺳﱰاﻟﻴﺎ واﻟﺴﻼم اﻷﺧﴬ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺬي أﺳﻤﺘﻪ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ »ﺣﺎﺋﻂ املﻮت« .واملﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻴﺎﺑﺎن وﺗﺎﻳﻮان ﻗﻠﻠﺘﺎ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﻟﺸﺒﺎك اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ، ﻓﺎﻧﺨﻔﺾ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺤﺼﻮﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك املﺼﺎدة ﻣﻦ ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺎﺳﻴﻔﻴﻚ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻛﺜريًا. ) (6ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﰲ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﱠ إن ﻗﻔﺰة اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻤﻜﻲ راﺟﻌﺔ إﱃ ﺗﻐري ﻇﺮوف اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻦ ﺻﻴﺪ ﺳﺎﺣﲇ ﻣَ ﻮﺳﻤﻲ إﱃ اﻟﺘﻌﻤﻖ ﰲ ﻋﺮض املﺤﻴﻂ؛ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺼﻴﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ داﺋﻤﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺳﻔﻦ املﺼﻨﻊ وﻗﻮارب اﻟﺼﻴﺪ ،وﻗﺪ أدى ﻫﺬا إﱃ ﺗﻐري ﺟﺬري ﰲ ﻧﻮع اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ؛ ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﺎﻟﺔ ﻣﻮﺳﻤﻴﺔ وﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻗﺮى اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﺣﻴﺚ أﴎﻫﻢ وﻣﺴﻜﻨﻬﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﺣﺮﻓﺔ ﺗﻘﺘﴤ ﺗﻐﻴﺐ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻋﺪة ﺷﻬﻮر ﻋﻦ ذوﻳﻬﻢ .ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺪث ﺗﻐري آﺧﺮ ﻫﺎم؛ ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎن اﻟﺼﻴﺎد ﻳﻤﻠﻚ أو ﻳﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﻗﺎرب اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻜﺒرية ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻟﴩﻛﺎت وﻣﺆﺳﺴﺎت ﺿﺨﻤﺔ رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ. وﻗﺪ أدى ﻫﺬا إﱃ أن أﺻﺒﺤﺖ ﺣﺮﻓﺔ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻗﺎﴏة ﻋﲆ املﺘﺨﺼﺼني ﻓﻘﻂ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻺﻗﺎﻣﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﰲ اﻟﺒﺤﺮ ،وﻋﲆ ﻫﺬا أﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك وﺟﻪ ﻟﻠﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑني اﻟﺼﻴﺎد اﻟﺤﺪﻳﺚ وﻋﺎﻣﻞ املﺼﻨﻊ ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ .ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك أوﺟﻪ اﺧﺘﻼف ﻛﺜرية؛ ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ؟ وﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺘﺄﻣني اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؟ وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ؟ وﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﻌﻮﻳﻀﺎت اﻟﻮﻓﺎة أو اﻟﻌﺠﺰ اﻟﺠﺰﺋﻲ أو اﻟﻜﲇ أو اﻟﻌﺎﻫﺎت؟ وﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻸﺟﻮر؟ وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن ُ ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻛﺜرية ﺗﺰداد ﺧﺎﺻﺔ أﻣﺎم ﻣ ﱠُﻼك اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺼﻐرية أو اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺼﻐرية ﰲ ﺗﺠﻨﻴﺪ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ. وﻋﲆ اﻟﻌﻤﻮم؛ ﱠ ﻓﺈن ﻋﺪد اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ أﺧﺬ ﰲ اﻻﻧﻜﻤﺎش ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﺣﺮﻓﺔ اﻟﺼﻴﺪ املﻮﺳﻤﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،واﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ املﺘﺨﺼﺼني املﺘﻔﺮﻏني ﻛﻞ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن ﺗﻘﻮﻳﺾ أرﻛﺎن اﻟﺼﻴﺪ املﻮﺳﻤﻲ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﻣُﺸﻜﻠﺔ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﺑني اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎءَ ، وﻗ ﱠﻠﻞ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺠﻨﻴﻬﺎ اﻟﺼﻴﺎدون املﻮﺳﻤﻴﻮن. وﻣﻊ ﺗﺤﻮل اﻟﺼﻴﺪ إﱃ ﺣﺮﻓﺔ داﺋﻤﺔ واﺣﺘﻴﺎﺟﻬﺎ إﱃ ﺗﻘﺪم ﻣﺴﺘﻤﺮ ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺼﻴﺪ؛ ﱠ ﻓﺈن املﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑني اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺼﻐرية واﻟﻜﺒرية ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ إﱃ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﺒرية؛ ﻷﻧﻬﺎ أﻗﺪر ﻋﲆ ﴍاء أو اﺳﺘﺨﺪام املﺒﺘﻜﺮات اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وأﻗﺪر ﻋﲆ دﻓﻊ أﺟﻮر أﻋﲆ أو ﺗﻌﻮﻳﻀﺎت أﻛﱪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺰداد اﻻﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ ﺑﺸﺪة ﰲ ﺣﺮﻓﺔ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ. 105
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر املﺴﺘﻤﺮ ﻟﴩﻛﺎت اﻟﺼﻴﺪ ﰲ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻄﻮل ﻣﺪة ﺑﻘﺎء اﻟﺴﻔﻦ ﰲ ﻋﺮض اﻟﺒﺤﺎر وﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸﻄﻮط ،ﱠ ﻓﺈن ﻛﻤﻴﺔ املﻨﺘﺞ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ﻗﺪ زاد زﻳﺎدة ﻫﺎﺋﻠﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة ﺳﻮى زﻳﺎدة ﻃﻔﻴﻔﺔ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻤﻚ ﻻ ﺗُ َﻘﺎ ِﺑﻞ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ إﻻ ﰲ أﺻﻨﺎف ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻔﺎﺧﺮة. ُ وﻗﺪ أدى ﻫﺬا إﱃ ﺗَﺬَﻣﱡ ﺮ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ؛ ﱠ ﻹن أﺟُ ﻮ َرﻫﻢ ﺗﺘﺤﺪد ﰲ ﺻﻮرة ﻧِﺴﺒﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺼﻴﺪ ،أو أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أﺟﺮ ﺛﺎﺑﺖ ﺗﻀﺎف إﻟﻴﻪ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺼﻴﺪ ،وﻗﺪ أدى ذﻟﻚ إﱃ ﻧﺰاع ﻣﺴﺘﻤﺮ ﺑني اﻟﺼﻴﺎد واملﺎﻟﻚ ﺣﻮل رﻓﻊ أﻧﻮاع ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻌﻤﻞ واﻹدارة ﻗﺒﻞ ﺣﺴﺎب اﻷﻧﺼﺒﺔ. ) (7دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺒﺤﺮ :اﻻﺳﺘﻨﺰاف اﻟﺒﴩي واﻟﺘﻮازن اﻟﺒﻴﺌﻲ ﺣﺎﻟﺔ ) :(١ﻇﻬﻮر اﻟﻔﻘﻤﺎت ﺑﻌﺪد ﻛﺒري ﰲ ﻓﻴﻮردات اﻟﻨﺮوﻳﺞ أدى إﱃ اﻧﺰﻋﺎج ﺻﻴﺎدي اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻨﺮوﻳﺠﻴني؛ ﻷن اﻟﻔﻘﻤﺎت ﺗﺄﻛﻞ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺼﻴﺎدﻳﻦ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﻘﻄﻴﻊ ﺷﺒﺎك اﻟﺼﻴﺪ ،وﻟﻜﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﺴﻼم اﻷﺧﴬ واﻟﺒﻴﺌﻴني اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﻬﺎ، ﻳﺮون أن ﻫﺬا اﻟﻐﺰو ﺳﺒﺒﻪ اﻧﻘﻄﺎع رزق اﻟﻔﻘﻤﺎت ﰲ املﺤﻴﻂ اﻟﺸﻤﺎﱄ وﺷﻤﺎل اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ أﺳﺎﻃﻴﻞ اﻟﺼﻴﺪ اﻷوروﺑﻴﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ ﻣﻤﺎ أدى ﺑﻬﻢ إﱃ اﻟﻠﺠﻮء إﱃ اﻟﺴﻮاﺣﻞ ﺣﻴﺚ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﺘﻮﻓﺮة. وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻨﺮوﻳﺠﻴﻮن ﻳﺼﻄﺎدون اﻟﻔﻘﻤﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﻓﺮاﺋﻬﺎ ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،وﻗﺪر اﻟﺼﻴﺪ ﺑﻨﺤﻮ ٣٠٠أﻟﻒ ﻓﻘﻤﺔ ﻋﺎم ١٩٧٠ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ،وﻟﻜﻦ اﺣﺘﺠﺎج اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴني أدى إﱃ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻔﻘﻤﺎت املﺼﺎدة إﱃ ً ٢٠ أﻟﻔﺎ ﻋﺎم ،١٩٨٩ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺤﺼﺔ املﴫح ﻟﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﺗﺼﻞ إﱃ ً ٤٠ أﻟﻔﺎ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ. ﺣﺎﻟﺔ ) :(٢ﻇﻬﻮر ٢٠ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺘﺎن اﻟﺮﻣﺎدﻳﺔ اﻟﺤﺪﺑﺎء ﻣﺮة أﺧﺮى ﰲ ﺑﺤﺎر ﺳﻴﱪﻳﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ ﰲ أواﺧﺮ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت؛ أدى إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﴪور ﺑني اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴني ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن املﻌﺘﻘﺪ أن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﻗﺪ اﻧﻘﺮض ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻳﺒﺪو أن ﻣﻨﻊ ﺻﻴﺪه ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎءة ﺑﺤﻴﺚ ﻋﺎدت ﻫﺬه اﻟﺤﻴﺘﺎن اﻟﻘﻄﺒﻴﺔ إﱃ ﺑﺤﺮ أوﺧﺘﺴﻚ ﻏﺮﺑﻲ ﻛﻤﺘﺸﻜﺎ. ﺣﺎﻟﺔ ) :(٣اﻧﺨﻔﺎض ﺣﺎد ﰲ أواﺧﺮ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﰲ اﻟﴪدﻳﻦ واﻷﻧﺸﻮﺟﺔ ﰲ ﺳﻮاﺣﻞ ﻧﺎﻣﻴﺒﻴﺎ؛ ﻫﺪد ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪر اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﻌﻠﻴﺐ اﻟﴪدﻳﻦ واﻷﻧﺸﻮﺟﺔ .ﻓﻔﻲ ١٩٦٠زادت اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻦ 106
اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ واملﻮارد املﺎﺋﻴﺔ
ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺼﻐرية ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺮاﺟﻌﺖ إﱃ ١٠٦أﻟﻒ ﻃﻦ ﻓﻘﻂ ،وﻗﺪ أﻗﻴﻤﺖ دراﺳﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ملﻌﺮﻓﺔ ﺳﺒﺐ ﻫﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض دون ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺠﺪوى. ﻫﻮاﻣﺶ ) (1اﻟﻄﻦ املﱰي ٩٨٤ :ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ. ) (2اﻷرﻗﺎم ﻋﻦThe State of Food and Agriculture 1965, FAO. Rome. : 1965, p. 24. Fisheries Yearbook, 1968. Fischer Almanach 1996, Frankfurt
.1996 ) (3رﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ﻗﻠﺔ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك إﱃ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴني أن اﻟﺴﻤﻚ ﻣﺘﻨﺎﻫﻲ اﻟﻜﻤﻴﺔ — أي إن اﻟﺒﺤﺮ ﻻ ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎك أﻳٍّﺎ ﻛﺎن — ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ املﺤﻴﻄﺎت واﻟﺒﺤﺎر ﻗﺎﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ،ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﻤﺎ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻗﺎﺣﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﻴﺎﺑﺲ .وﻟﻬﺬا ﻓﺎﻟﺤﺬر واﺟﺐ ﻣﻦ ازدﻳﺎد اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻜﺜﺮة اﻷﺳﻤﺎك ً ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺆدي إﱃ ﻧﺪرة اﻷﺳﻤﺎك ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. ) (4ﻗﺪرت ﻛﻤﻴﺔ املﺼﺎد ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﻋﺎملﻴٍّﺎ ﺑ ١٠١ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ ١٦ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً ﻣﻦ اﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒﺤريات .١٩٩٣ ) (5ﺑﻠﻎ إﻧﺘﺎج اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻗﺮاﺑﺔ ٦٫٧ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم ،١٩٦٣وﺑﺬﻟﻚ أﺻﺒﺤﺖ ﺛﺎﻧﻲ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ أن ﻇﻠﺖ أول دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ١٩٦١ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻨﻤﻮ املﺘﺰاﻳﺪ املﻔﺎﺟﺊ ملﺼﺎﻳﺪ ﺑريو ﰲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت واﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت .وﻻ ﻳﺰال اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ٨٫٦ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم ،١٩٦٨ﺛﻢ ﺑﻠﻎ ١١٫١٧ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﺳﻨﺔ ،١٩٨٩وﻫﻮ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻛﺜريًا ﻋﻦ إﻧﺘﺎج اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺬي اﺣﺘﻞ املﻜﺎﻧﺔ اﻷوﱃ ﺑﺈﻧﺘﺎج ١١٫٣٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ أو اﻟﺼني اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻞ املﻜﺎﻧﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺈﻧﺘﺎج ١١٫٢٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،وﰲ ﺳﻨﺔ ١٩٩٣ﻧﺠﺪ اﻟﺼني أﻛﱪ ﻣﻨﺘِﺞ ١٧٫٥٦٥م.ط ﻳﻠﻴﻬﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎن وﺑريو وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﱃ اﺗﺠﺎه اﻟﺼني إﱃ اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺎر واملﺤﻴﻄﺎت ﺑﻌﺪ أن ﻇﻬﺮ اﻟﺘﻠﻮث ﰲ ﺑﻌﺾ أﻧﻬﺎرﻫﺎ. ) (6ﺑﻠﻎ إﻧﺘﺎج ﺑريو ﻋﺎم ١٩٦٤ﺣﻮاﱄ ٩٫١ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،وﰲ ﻋﺎم ١٩٦٨ﺑﻠﻎ ١٠٫٥ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻫﺒﻂ ﻛﺜريًا ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻎ اﻹﻧﺘﺎج ٣٫٤م.ط .ﻓﻘﻂ ﻋﺎم ،١٩٧٥ﺛﻢ إﱃ ٢٫٩م.ط. ﻋﺎم .١٩٨٤و ُرﺑﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﱃ اﺳﺘﻨﺰاف املﺼﺎﻳﺪ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺼﻴﺪ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺪأ اﻹﻧﺘﺎج ﻳﺰداد ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ إﱃ ٦٫٨٣م.ط .ﺳﻨﺔ ،١٩٨٩ﺛﻢ ﰲ ﺳﻨﺔ ١٩٩٣أﺻﺒﺤﺖ ﺛﺎﻟﺚ دوﻟﺔ ﺑﺈﻧﺘﺎج ٨٫٤م.ط .أﻣﺎ ﺷﻴﲇ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻗﺮاﺑﺔ ١٫٢١م.ط. 107
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
،١٩٦٤ﺛﻢ إﱃ ١٫٣م.ط .ﺑﺰﻳﺎدة ﻃﻔﻴﻔﺔ ﻋﺎم ،١٩٦٨ﺛﻢ زﻳﺎدة ﻛﺒرية ﰲ ١٩٨٩؛ إذ ﺑﻠﻎ ٦٫٤٥م.ط .وﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺎرﺑﺖ ﻣﻦ إﻧﺘﺎج ﺑريو .أﻣﺎ ﺳﻨﺔ ١٩٩٣ﻓﻠﻢ ﻳﺰد إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋﻦ ٦م.ط. ) (7ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﻟﺨﻄﺔ املﻄﺒﻘﺔ ﰲ ﻣﴫ ،واﻟﺘﻲ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﲆ دﻋﻢ أﺳﻄﻮل اﻟﺼﻴﺪ ﰲ أﻋﺎﱄ اﻟﺒﺤﺎر ﺑﺴﻔﻦ ﺟﺪﻳﺪة ،وﻣﻴﻜﻨﺔ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﴩاﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ اﻟﺴﻤﺎﻛﺔ ،ورﻓﻊ املﺴﺘﻮى املﻬﻨﻲ ﻟﻠﺼﻴﺎدﻳﻦ ،ﻛﻤﺎ اﺷﺘﻤﻠﺖ اﻟﺨﻄﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻨﻈﺎم ﺗﺴﻮﻳﻖ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻷوﺿﺎع اﻻﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻜﺒﺎر اﻟﺘﺠﺎر ،وإﺿﺎﻓﺔ ﺻﻨﺎﻋﺎت ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻘﻄﺎع اﻟﺴﻤﻚ )ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻤﻚ ﺑﺎﻟﺘﺠﻤﻴﺪ واﻟﺘﻌﻠﻴﺐ ،واﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺰﻳﻮت اﻟﺴﻤﻜﻴﺔ وﻋﻤﻞ ﻣﺴﺤﻮق اﻟﺴﻤﻚ ﻹﺿﺎﻓﺘﻪ إﱃ ﻋﻠﻒ اﻟﺪواﺟﻦ( ،وﻛﺬﻟﻚ إﻧﺸﺎء املﺰارع اﻟﺴﻤﻜﻴﺔ ﻷﻧﻮاع ﻣﺤﺒﺒﺔ ﰲ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻛﺎﻟﺒﻠﻄﻲ ،أو أﻧﻮاع ﻣﺴﺘﻮردة ﻛﺎملﱪوك )ﰲ اﻟﺼني ً أﺻﻼ(. ) (8أﺳﻄﻮل زوارق اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺸﺎﻃﺊ ﰲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ﻣﻌﻈﻤﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮارب املﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺪاﺋﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﺷﺠﻌﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﺑﻀﻤﺎن ﺑﻴﻌﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻂ واﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻢ املﺎﱄ.
108
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ
اﳌﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ
) (1ﺗﻮزﻳﻊ املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ ﻄﻰ ﺑﺎﻟﻐﺎﺑﺎت واﻷﺣﺮاش ﺑﻤ ْ أن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻛﺎن ﻣﻐ ٍّ ﻳﻘﺪر اﻹﺧﺼﺎﺋﻴﻮن ﱠ ُﺨﺘَﻠﻒ ﱠ َ اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪ ﻗﻄﻊ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻫﺬه املﺴﺎﺣﺔ وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺎت وﻟﻜﻦ أَﻧْﻮَاﻋِ ﻬﺎ، ﺳﻮى ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻗﺪرﻫﺎ ٪٣٣ﻣﻦ اﻟﻴﺎﺑﺲ. وﺗﺘﻮزع اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘني أﺳﺎﺳﻴﺘني ﻫﻤﺎ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد واﻟﺤﺎر ،وﺗﺘﻮزع ﻏﺎﺑﺎت اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد ﰲ: ً أوﻻ :ﺣﺰام اﻟﻐﺎﺑﺎت ا َمل ْﺨ ُﺮوﻃﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺳﻮاﺣﻞ ا ُملﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ ﰲ أﺳﻜﺘﻠﻨﺪا واﻟﻨﺮوﻳﺞ واﻟﺴﻮﻳﺪ ﻋﱪ ﻓﻨﻠﻨﺪا وﺷﻤﺎل روﺳﻴﺎ وﺳﻴﱪﻳﺎ وﻛﻤﺘﺸﻜﺎ وﻣُﻌﻈﻢ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﻤﺘﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺰام ﻣﻦ ﺳﻮاﺣﻞ أﻟﺴﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وﻏﺮب ﻛﻨﺪا وﺷﻤﺎل ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﱪ وﺳﻂ ﻛﻨﺪا وﴍﻗﻬﺎ إﱃ ﻧﻴﻮﻓﻮﻧﺪﻻﻧﺪ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻏﺎﺑﺎت اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺠﺒﲇ ﰲ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﺒﺎردة ،وأﻫﻢ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﺎ ﺟﺒﺎل اﻷﻟﺐ اﻷوروﺑﻴﺔ وﺟﺒﺎل اﻟﻘﻮﻗﺎز وإﻳﺮان واﻷﻧﺎﺿﻮل ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺟﺒﺎل اﻷﺑﻼش ﰲ ﴍق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﺟﺒﺎل اﻟﺮوﻛﻲ ﰲ ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﺤﺪة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،واﻷﻟﺐ اﻷﺳﱰاﻟﻴﺔ وﺟﻨﻮب ﺷﻴﲇ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ. أﻣﱠ ﺎ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﻨﱢﻄﺎق اﻟﺤﺎر ﻓﺘﱰﻛﺰ ﺣﻮل املﻨﻄﻘﺔ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ،وأﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰﻫﺎ ﰲ ﺣﻮض اﻷﻣﺎزون ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وﰲ اﻟﻜﻨﻐﻮ وﺳﺎﺣﻞ ﻏﺎﻧﺔ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ، وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﰲ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )ﺑﺮﻣﺎ( وﺗﺎﻳﻼﻧﺪ وإﻧﺪوﻧﺴﻴﺎ. ً وﻳﺨﺘﻠﻒ املﻮردان اﻟﻐﺎﺑﻴﺎن اﻟﺤﺎر واﻟﺒﺎرد ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻛﺒريًا؛ ﻓﻔﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻨﱢﻄﺎق املﺪاري ﺗﻘﻊ ﻏﺎﺑﺎت املﻄﺮ اﻟﺤﺎرة ،وﻫﻲ — ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ — أَﻓﺨﻢ وأَﺿﺨﻢ
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
أﻧﻮاع اﻟﻨﱡﻤﻮ اﻟﺸﺠﺮي ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﺗﻨﻮﻋً ﺎ 1 .وﻟﻬﺬا ﻳُﻤﻜﻦ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر وﺻﻒ اﻟﻐﺎﺑﺎت املﻄرية اﻟﺤﺎرة ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻟﻮﻓﺮة اﻟﺸﺠﺮﻳﺔ املﺘﻤﻴﺰة ﺑﺎﻟﻔﻮﴇ املﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ،ﻓﺎﻷﺷﺠﺎر ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻧﻮاع واﻷﻃﻮال ودرﺟﺎت اﻟﺼﻼﺑﺔ ﺗﻨﻤﻮ إﱃ ﺟﻮار ﺑﻌﻀﻬﺎ ،وأﺳﺒﺎب ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻮع ﻏري ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو — ﺣﺴﺐ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻨﺔ — ﱠ أن اﻟﻈﺮوف اﻷﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮارة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﺴﺘﻤ ٍّﺮا )ﻻ ﻓﺼﻠﻴٍّﺎ ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﺤﺎل ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة(؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺎﻷﺷﺠﺎر ﺗﺼﻞ إﱃ اﻟﻨﻀﺞ ﺑﴪﻋﺔ ﻛﺒرية ،وﻳﺆدي ﻫﺬا إﱃ ﻃﻔﺮات ﰲ اﻟﻨﻮع اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﻇﻬﻮر أﻧﻮاع وﻋﺎﺋﻼت ﺷﺠﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،وﺗﺮﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ أﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻬﻜﺘﺎر اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﺎ ﺑني ١٥و ٣٠ﻧﻮﻋً ﺎ ﺷﺠﺮﻳٍّﺎ. ورﻏﻢ ﻫﺬا اﻟﻐﻨﻰ وﺗﻠﻚ اﻟﻮﻓﺮة ﰲ اﻟﻨﻮع ،ﻓﺈن ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺴﺎوئ واﺿﺤﺔ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻻﻗﺘﺼﺎدي؛ ﻓﺈن اﻟﺘﺒﻌﺜﺮ اﻟﻨﻮﻋﻲ ﻳﺆدي إﱃ زﻳﺎدة ﻛﺒرية ﰲ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺟﻤﻊ ﻧﺘﺎج اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎ ّرة ،ﻓﻼ ﺷﻚ أن ﻗﻄﻊ أﺧﺸﺎب املﻮﺟﻨﺔ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن أﻗﻞ ﻛﻠﻔﺔ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻛﺒرية ﻻ ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮى ﺷﺠﺮ املﺎﻫﻮﺟﻨﻲ. وﻣﻊ ذﻟﻚ؛ ﱠ ﻓﺈن ُﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ملﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺸﺠﺮي ،ﻓﻜﺜري ﻣﻦ ﺷﺠﺮ اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎ ﱠرة ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻣﺨﺰﻧًﺎ ﻋﻈﻴﻤً ﺎ ﻟﻠﺨﺸﺐ ،ذﻟﻚ راﺟﻊ إﱃ ﱠ إن أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮ ﺗﻨﻤﻮ إﱃ أﺣﺠﺎم ﻫﺎﺋﻠﺔ ،وﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﻌﺮف أن ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع ﻳﻨﻤﻮ إﱃ ارﺗﻔﺎع ﻳﱰاوح ﺑني ﺧﻤﺴني وﺳﺘني ﻣﱰًا .وﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﺈن ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺨﺸﺐ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﻬﻜﺘﺎر اﻟﻮاﺣﺪ ﻛﺒرية .وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﱪازﻳﻞ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻜﺒرية ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﺧﺸﺎب. وﻣﻌﻈﻢ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺤﺎر ﺻﻠﺒﺔ وﺛﻘﻴﻠﺔ ﺟﺪٍّا ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻻ ﻳﻄﻔﻮ ﻟﺜﻘﻠﻪ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺸﻐﻴﻠﻪ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻮ ً دوﻻ ﻣﺪارﻳﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﻮارد ﻏﺎﺑﻴﺔ إﱃ اﺳﺘرياد أﺧﺸﺎب ﻣﻦ دول اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد واملﻌﺘﺪل ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ أﺷﺠﺎر اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎرة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﻠﺖ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﻮد ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﺪم ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ أﻧﻮاع اﻟﻘﻮارب اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ. َ وﻋﲆ ﺣﺎﻓﺎت اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺤﺎرة امل ِﻄرية ﺗﻨﻤﻮ اﻟﻐﺎﺑﺎت املﺪارﻳﺔ واملﻮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻘﴫ اﻟﺴﻴﻘﺎن ،وﺑﻌﺪم اﻟﺘﻜﺎﺛﻒ ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﺷﺠﺎر اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻔﺼﻞ ﻧﻤﻮ وﻓﺼﻞ ﺗﻮﻗﻒ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﻨﻔﻀﻴﺔ ،وﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﻐﻼل اﻟﺘﺠﺎري ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ. أﻣﺎ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﻨﱢﻄﺎق اﻟﺒَﺎرد واملﻌﺘﺪل ﻓﺘﺘﻤﻴﺰ ﺑﻘﻠﺔ اﻟﺘﻨﻮع ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺑﻈﻬﻮر أﻧﻮاﻋﻬﺎ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻛﺒرية ،وﺑﻮﺟﻮد ﺧﻠﻴﻂ ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر ذات اﻷﺧﺸﺎب اﻟﻠﻴﻨﺔ واﻟﺼﻠﺒﺔ ،وﻧﻈ ًﺮا ﻹﻣﻜﺎن 110
املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ
وﺳﻬﻮﻟﺔ اﺳﺘﻐﻼل ﻫﺬه اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻓﻠﻘﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﻗﺮى وﻣﺪن ﺻﻐرية إﱃ ﺟﻮار اﻟﻐﺎﺑﺎت وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷوﱃ اﺳﺘﻐﻼل املﻮرد اﻟﻐﺎﺑﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ ،وﺗﺪل أﺳﻤﺎء ﺑﻌﺾ املﺪن واﻟﻘﺮى ﻋﲆ وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ أو اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﺜﻞ Pin Villageأو Maple Woodأو َ … Oak Ridgeإﻟﺦ .وﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﺗﺪل ً املﺴﺘﻐﻞ. أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﻧﻮع اﻟﺸﺠﺮ وﻟﻘﺪ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﺪم اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺸﺠﺮي ،وﺳﻴﺎدة ﻧﻮع ﻣﻌني ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﲆ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﺨﺼﺺ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ،وﻋﲆ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﺨﺪام وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺘﻜﻠﻔﺔ. وﺗﺘﻮزع أﺷﺠﺎر اﻷﺧﺸﺎب اﻟﺼﻠﺒﺔ واﻟﻠﻴﻨﺔ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد واملﻌﺘﺪل ﺗﻮزﻳﻌً ﺎ ﺟﻐﺮاﻓﻴٍّﺎ ﻣﻨﺘﻈﻤً ﺎ؛ ﻓﺎﻷﺧﺸﺎب اﻟﺼﻠﺒﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق؛ أي ﰲ اﺗﺠﺎه املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة؛ أي :ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺸﻤﺎﱄ، اﻟﺤﺎرة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷﺧﺸﺎب اﻟﻠﻴﻨﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﰲ اﺗﺠﺎه ا َملﻨَﺎﻃﻖ ِ اﻟﺒﺎردة؛ أي ﰲ اﻟﺤﺰام اﻟﺒﺎرد واﻟﻨﱢﻄﺎق اﻟﺠﺒﲇ وﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻋﲆ ﻗﺴﻤﻲ اﻟﻐﺎﺑﺎت ِ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء. 2 وﻳﺘﻤﻴﺰ ﻧﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺼﻠﺒﺔ ﺑﺄﺷﺠﺎر ﻋﺪﻳﺪة أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺒﻠﻮط ،Oakواﻟﻘﺴﻄﻞ ،Chestnutواﻹﺳﻔﻨﺪان ،Mapleواﻟﺒﺘﻮﻻ ،Birchواﻟﺰان ،Beechوﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﺑﺎت اﻷﺷﺠﺎر اﻟﺼﻠﺒﺔ ﰲ املﺎﴈ ﺗﻐﻄﻲ أوروﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺒﻠﻄﻲ إﱃ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،وﺳﻬﻮل روﺳﻴﺎ وﺳﻴﺒريﻳﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﺷﻤﺎل اﻟﺼني وﻛﻮرﻳﺎ ،وأﺟﺰاءً ﻣﻦ اﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻣﻨﺸﻮرﻳﺎ وﴍق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺸﻤﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ. وﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻏﺎﺑﺎت اﻷﺷﺠﺎر اﻟﺼﻠﺒﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪودة ﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺠﺒﲇ اﻟﺴﺎﺣﲇ اﻟﻀﻴﻖ ﰲ ﺟﻨﻮب ﺷﻴﲇ ،وﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق أﺳﱰاﻟﻴﺎ وﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة وأﻗﴡ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. 3 أﻣﺎ ﻧﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﺎت ذات اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻠﻴﻨﺔ ﻓﻴﺤﺘﻞ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺿﺨﻤﺔ ﰲ ﺻﻮرة ﻧﻄﺎق ﻣﺴﺘﻤﺮ أو ﺣﺰام — ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ — وﻫﺬا اﻟﺤﺰام ﻳﻤﺘﺪ ﰲ أوروﺑﺎ وآﺳﻴﺎ ملﺴﺎﻓﺔ ﺗﻘﺮب ﻣﻦ ١١أﻟﻒ ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ ﻣﻦ ﺳﻴﺒريﻳﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ إﱃ إﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺎ وﺷﻤﺎل اﺳﻜﺘﻠﻨﺪا ،اﻟﻨﻄﺎق أﺿﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﰲ إﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺎ ،وﻳﺘﺴﻊ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﺻﻮب اﻟﴩق ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ ﻋﺮﺿﻪ إﱃ ﻗﺮاﺑﺔ ٣٠٠٠ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ ﰲ ﺳﻴﺒريﻳﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ .أﻣﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻴﻤﺘﺪ ﻣﻦ أﻻﺳﻜﺎ إﱃ ﻧﻴﻮﻓﻮﻧﺪﻻﻧﺪ، وﻫﻮ ﺿﻴﻖ ﰲ اﻟﴩق وﻳﺘﺴﻊ ﰲ اﻟﻐﺮب ﺣﺘﻰ ﻳﻐﻄﻲ اﻟﻨﱢﻄﺎق اﻟﺴﺎﺣﲇ ﻣﻦ ﺟﻨﻮب أﻻﺳﻜﺎ إﱃ ً ﻧﻄﺎﻗﺎ ﺻﻐريًا ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر ﺷﻤﺎل ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﱠﺤﺪة ،وﰲ ﴍق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﺠﺪ اﻟﻠﻴﻨﺔ ﰲ ﺟﺒﺎل اﻷﺑﻼش. 111
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﺗﺘﻤﻴﺰ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻠﻴﻨﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣَ ْﺨ ُﺮوﻃﻴﺔ اﻟﺸﻜﻞ إﺑﺮﻳﺔ اﻟﻮرق ،وأﻫﻢ أﻧﻮاﻋﻬﺎ اﻟﺼﻨﻮﺑﺮ ،Pineواﻟﴩﺑني ،Firواﻟﺘﻨﻮب ،Spruceواﻟﺸﻮح .Larch وﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺑني اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺼﻠﺒﺔ واﻟﻠﻴﻨﺔ اﻷﺷﺠﺎر داﺧﻞ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد واملﻌﺘﺪل ،وأﺷﺠﺎر ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد أﺻﻐﺮ ﰲ اﻟﺤﺠﻢ واﻻرﺗﻔﺎع ﻣﻦ أﺷﺠﺎر اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺤﺎرة. وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك اﺳﺘﺜﻨﺎءً واﺣﺪًا :ﻓﺄﻃﻮل أﺷﺠﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﺗﻮﺟﺪ داﺧﻞ ﻧﻄﺎق اﻟﺼﻨﻮﺑﺮ واﻟﴩﺑني ﰲ ﺷﻤﺎل ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ؛ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ أﺷﺠﺎر اﻟﺴﻴﻜﻮﻳﺎ Sequoiaاﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ذات اﻟﺨﺸﺐ اﻷﺣﻤﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻗﺮاﺑﺔ ٩٠ﻣﱰًا ،وﻗﻄﺮﻫﺎ ﺣﻮاﱄ ﺳﺘﺔ أﻣﺘﺎر .وﺛﻤﺔ ﻧﻮع آﺧﺮ ﻳُﺴﻤﻰ ﴍﺑني دوﺟﻼس ﻳﺮﺗﻔﻊ إﱃ ﻗﺮاﺑﺔ ٧٥ﻣﱰًا ،وﻟﻜﻦ ﻗﻄﺮه أﺻﻐﺮ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻜﻮﻳﺎ؛ إذ ﻳﺼﻞ إﱃ ﻗﺮاﺑﺔ ﻣﱰﻳﻦ ﻓﻘﻂ. وﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ أن ﻧﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ املﻨﺎخ واﻟﱰﺑﺔ ﰲ ﻧﻤﻮ اﻟﻐﺎﺑﺎت 4ﻓﻬﻨﺎك اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻣﻦ املﺎء واﻟ ﱡﺮﻃﻮﺑﺔ ﻟﻸﻧﻮاع ا ُملﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر ،وﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻣﻦ اﻟﺤﺮارة، وﻟﻜﻦ اﻟﺬي ﻳﻬﻤﻨﺎ ﱠ أن اﻟﻨﱡﻤﻮ اﻟﺸﺠﺮي أﴎع ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻮﺳﻢ ﺣﺮاري أﻃﻮل؛ وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺸﺠري أﴎع ﺗﻨﻔﻴﺬًا ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺪاﻓﺌﺔ ﻋﻦ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة. وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺨﺸﺒﻲ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أﻛﱪ ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﻐﺮﺑﻲ ،رﻏﻢ أن اﻟﺸﻤﺎل اﻟﻐﺮﺑﻲ أﻛﱪ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷﺷﺠﺎر .واملﺜﻞ اﻷوﺿﺢ :ﻫﻮ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻮﻓري ﻟﻠﻐﺎﺑﺔ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ واﻟﻨﻤﻮ اﻟﺒﻄﻲء ﻟﻠﻐﺎﺑﺔ املﺨﺮوﻃﻴﺔ .وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﴪﻳﻊ ﻳُﻌﺮﻗﻠﻪ ﻧﻤﻮ ﻧﺒﺎﺗﺎت ﻃﻔﻴﻠﻴﺔ ﻣﺘﺴﻠﻘﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺷﺪ اﻷﺷﺠﺎر ﺑﻌﻀﻬﺎ إﱃ ﺑﻌﺾ ﺑﺼﻮرة ﺗﺤﺘﻢ ﺟﻬﺪًا أﻛﱪ ﰲ ﻗﻄﻊ أﺷﺠﺎر اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺒﺎردة. ) (2اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻫﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺴﺎﻋﺪ أو ﺗﻌﺮﻗﻞ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻐﺎﺑﺎت؛ وأول ﻫﺬه اﻟﻀﻮاﺑﻂ: اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ .وﺛﺎﻧﻴﻬﺎ :اﻷﻧﻬﺎر .وﺛﺎﻟﺜﻬﺎ :اﻟﺤﻴﻮان .وراﺑﻌﻬﺎ :اﻹﻧﺴﺎن.
112
املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ
ً أوﻻ :اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ ﻣﻦ املﻌﺮوف أن اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ ﻏري املﻨﺘﻈﻤﺔ — وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى اﻟﺠﺒﺎل وﻣﻨﺤﺪراﺗﻬﺎ — ﺗﺸﺠﻊ ﻋﲆ اﻟﻨﱡﻤﻮ اﻟﺸﺠﺮي؛ ﱠ ﻹن ﻇﺮوف اﻧﺤﺪارﻫﺎ ووﻋﻮرﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﺸﺠﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه املﻨﺤﺪرات ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﺴﻬﻮل إﻻ إذا اﺿﻄﺮ إﱃ ذﻟﻚ اﺿﻄﺮا ًرا؛ وﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻬﺬه املﻨﺤﺪرات اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ﴍوط ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻓﺎملﻄﺮ واﻟﺤﺮارة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﺠﺒﺎل اﻟﺤﺎرة ،واملﻄﺮ واﻟﺤﺮارة املﻨﺨﻔﻀﺔ ﻳﻨْﺠُ ﻢ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد .أﻣﺎ اﻟﺤﺮارة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واملﻄﺮ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻓﻴﺆدي إﱃ ﻧﻤﻮ اﻷﻋﺸﺎب اﻟﺤﺎرة ،واملﻄﺮ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻊ اﻟﺤﺮارة املﻨﺨﻔﻀﺔ ﻳﺆدﻳﺎن إﱃ اﻷﻋﺸﺎب اﻟﺒﺎردة ،وﻋﲆ ﻫﺬا؛ ﻓﺈن اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﺑﺎﺷﱰاﻛﻬﺎ ﻣﻊ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪت ﻋﲆ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻐﺎﺑﻲ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﰲ املﻨﺤﺪرات اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ،وزاد ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺒﴩي اﻟﺬي ﺗﺮك املﻨﺤﺪرات اﻟﻮﻋﺮة ﻋﲆ ﺣﺎﻟﻬﺎ اﻟﻐﺎﺑﻲ.
ﺷﻜﻞ :1-5ﺧﺮﻳﻄﺔ :ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ.
وﻋﲆ ﻫﺬا ﻳُﻤﻜﻦ أن ﻧﺆﻛﺪ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :ﱠ »إن اﻟﻐﺎﺑﺎت ﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ املﻈﻬﺮ اﻟﺠﺒﲇ اﻟﻮﻋﺮ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺮوف اﻟﱰﺑﺔ واملﻨﺎخ ﻣﻼﺋﻤﺔ «.وﻳﺪل ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺑﻮﺿﻮح اﻣﺘﺪاد 113
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﻨﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﻲ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ إﱃ اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ ﰲ ﺟﺒﺎل اﻟﻜﺎﺳﻜﻴﺪ واﻟﺮوﻛﻲ واﻷﺑﻼش. وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن وﻋﻮرة اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ ﺗﻘﻒ ﺣﺠﺮ ﻋﺜﺮة ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﺳﺘﻐﻼل املﻮرد اﻟﻐﺎﺑﻲ، ﻓﺎﻻﻧﺤﺪار اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻳُﻌَ ْﺮﻗﻞ ﻧﻘﻞ اﻵﻻت إﱃ اﻟﻐﺎﺑﺔ وﻳُﻌَ ْﺮﻗﻞ ﻧﻘﻞ اﻟﺸﺠﺮ املﻘﻄﻮع ،وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻮارد ﻏﺎﺑﻴﺔ ﻣﻤﺘﺎزة ،وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﰲ ﺟﺒﺎل اﻟﻨﺮوﻳﺞ وﰲ ﻏﺮب ﻛﻨﺪا أﻣﺮ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﺬ ًرا ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻮﺟﻮد ﺷﻼﻻت ﻛﺜرية ﻋﺎﻟﻴﺔ وﻣﻨﺪﻓﻌﺎت ﻣﺎﺋﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﺗُﻌﺮﻗﻞ ﻧﻘﻞ اﻷﺧﺸﺎب إﱃ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻷﻧﻬﺎر واملﺠﺎري املﺎﺋﻴﺔ ﱠ إن وﺟﻮد املﺠﺎري املﺎﺋﻴﺔ أﻣﺮ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻻﺳﺘﻐﻼل املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺒﺎردة واﻟﺤﺎرة ،ﺗﻜﻮن املﺠﺎري املﺎﺋﻴﺔ اﻟﴩاﻳني اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻨﻘﻞ اﻷﺷﺠﺎر املﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺔ إﱃ ﻣﻜﺎن اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ ﻣﺤﻄﺎت املﻨﺎﴍ ،وﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد ﻳﻨﺘﻈﻢ ﻗﻄﻊ اﻷﺷﺠﺎر ﺣﺴﺐ ﻣﻮﺳﻢ ﺗﺠﻤﺪ اﻷﻧﻬﺎر وذوﺑﺎﻧﻬﺎ ،ﰲ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﻳﻘﻮم املﺸﺘﻐﻠﻮن ﺑﻬﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ﺑﻘﻄﻊ اﻷﺷﺠﺎر وﻧﻘﻠﻬﺎ إﱃ ﻣﺠﺎري اﻷﻧﻬﺎر املﺘﺠﻤﺪة ﻃﻮل ِ املﺘﺠﻤﺪة ﻳﻤﺘﻠﺊ اﻟﻨﻬﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻤﻴﺎت اﻟﻜﺒرية ﻣﻦ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء ،وﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺬوب ﻣﻴﺎه اﻟﻨﻬﺮ اﻷﺧﺸﺎب ﰲ ﻣﺴﺎر ﻣﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﻣﺤﻄﺎت املﻨﺎﴍ. واﺗﺠﺎه اﻷﻧﻬﺎر إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻮق أﻣﺮ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ؛ ﻓﺄﻧﻬﺎر اﻟﺴﻮﻳﺪ وﻓﻨﻠﻨﺪا وﺟﻨﻮب ﻛﻨﺪا ﺗﺘﺠﻪ إﱃ اﻟﺴﻮق؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﱠ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ﺗﻮﻓريًا ﻛﺒريًا ﰲ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻨﻘﻞ، ً ﺷﻤﺎﻻ — إﱃ وﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻻﺗﺠﺎه إﱃ اﻟﺴﻮق اﺗﺠﺎه اﻟﻨﻬﺮ ﺟﻐﺮاﻓﻴٍّﺎ ،ﻓﺎﻷﻧﻬﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﻪ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻄﺒﻴﺔ ،ﻛﺄﻧﻬﺎر ﺳﻴﺒريﻳﺎ وﺷﻤﺎل روﺳﻴﺎ وﻛﻨﺪا — ﺗﻜﻮن ﻋﻘﺒﺔ أﻣﺎم اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺮﺧﻴﺺ .ﻓﺎملﻨﺎﺑﻊ ﺗﺬوب ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ ﻗﺒﻞ املﺼﺒﺎت؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈن املﻴﺎه اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ﺗﺼﻄﺪم ﺑﺎﻟﺠﻠﻴﺪ املﱰاﻛﻢ ﰲ اﻟﺸﻤﺎل؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﻓﻴﻀﺎن املﻴﺎه ﻋﲆ ﺟﻮاﻧﺐ املﺠﺮى اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،وﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﺈن ﻛﺘﻞ اﻷﺷﺠﺎر املﻘﻄﻮﻋﺔ ﺗﻘﻒ أﻣﺎم ﺣﻮاﺟﺰ اﻟﺠﻠﻴﺪ ﻫﺬه ،وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﻄﻔﻮ ﻣﻊ املﻴﺎه املﻨﺪﻓﻌﺔ ﺧﺎرج املﺠﺮى؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﻨﺎك ﻓﺎﻗﺪًا ﰲ اﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟﺰﻣﻦ وزﻳﺎدة ﰲ اﻟﻜﻠﻔﺔ. أﻣﺎ أﻧﻬﺎر املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﺎرة ﻓﻬﻲ داﺋﻤﺔ اﻟﺠﺮﻳﺎن ،وﻻ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻘﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ أﻧﻬﺎر املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ أﺻﻠﺢ ﻟﻨﻘﻞ اﻷﺷﺠﺎر املﻘﻄﻮﻋﺔ ،وﻻ ﻳﻌﻴﺐ ﻫﺬه اﻷﻧﻬﺎر إﻻ اﻟﺬﺑﺬﺑﺔ املﻮﺳﻤﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﻓﱰة اﻟﺠﻔﺎف اﻟﻘﺼرية اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﱃ ﺧﻔﺾ 114
املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ
ﻣﻨﺴﻮب املﻴﺎه ﰲ اﻟﻨﻬﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء؛ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺆدي إﱃ ﺗﻮﻗﻒ ﻧﻘﻞ اﻟﺨﺸﺐ إﱃ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻔﻴﻀﺎن ﰲ اﻷﻧﻬﺎر واﻟﺮواﻓﺪ اﻟﺼﻐرية. أﻣﺎ اﻷﻧﻬﺎر اﻟﻜﺒرية؛ ﱠ ﻓﺈن ِﻣﻴ َ َﺎﻫﻬَ ﺎ ﺗﻜﺎد ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻤﺴﺘﻮى ﻗﻠﻴﻞ اﻟﺬﺑﺬﺑﺔ ﻟﻜﺜﺮة ﻣﺎ ﻳﺮد إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻴﺎه اﻟﺮواﻓﺪ واﻷﻣﻄﺎر ،وﺧﺎﺻﺔ اﻷﻣﺎزون واﻟﻜﻨﻐﻮ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :دور اﻟﺤﻴﻮان ﻟﻠﺤﻴﻮان دور ﻫﺎم ذو ﺷﻘني ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻻﺳﺘﻐﻼل املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ وﻧﻤﻮﻫﺎ؛ اﻟﺸﻖ اﻷول: ﻫﺪﻣﻲ .واﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻧﻔﻌﻲ. وﻳﺘﻤﺜﻞ اﻟﺸﻖ اﻟﻬﺪﻣﻲ ﰲ ﱠ أن ﻫﻨﺎك أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮان ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ أﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺎت أو ﺑﻂء ﻧﻤﻮﻫﺎ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺘﻐﺬﻳﺘﻬﺎ ﻋﲆ اﻷﺷﺠﺎر ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻧﻤﻮﻫﺎ ،وﻣﻦ أﻫﻢ أﻋﺪاء اﻷﺷﺠﺎر املﺎﻋﺰ وﻓﺼﺎﺋﻠﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪة ،واﻟﻐﺰال اﻟﺠﺒﲇ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﻌﺘﺪﻟﺔ واﻟﺒﺎردة ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻷراﻧﺐ وﺣﻴﻮاﻧﺎت اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻘﺎرﺿﺔ ﻛﺎﻟﺴﻨﺠﺎب. وﻋﲆ اﻟ ﱠﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﱠ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ﻗﻮاﻧني ﺗَﺤﻤﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺠﺎﺋﺮ ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ دول اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺒﺎردة ،ﻛﻤﺎ ﱠ أن أﺧﻄﺎر املﺎﻋﺰ ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺒﻪ ﻟﻬﺎ املﺴﺌﻮﻟﻮن ﰲ دول اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺤﺎرة إﻻ ﻣﺆﺧ ًﺮا. ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ ﺣﻴﻮاﻧﺎت املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﺎرة؛ ﻓﻔﻲ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ وﻣﻴﺎﻧﻤﺎر أﻣﺎ اﻟﺸﻖ اﻟﻨﻔﻌﻲ :ﻓﻴﺘﻤﺜﻞ واﻟﻬﻨﺪ ،أﻣﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻔﻴﻠﺔ واﻟﺠﺎﻣﻮس ﰲ ﺟﺮ اﻷﺷﺠﺎر املﻘﻄﻮﻋﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ أﺷﺠﺎر ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺔ إﱃ ﻣﺠﺎري اﻷﻧﻬﺎر ،أﻣﺎ ﰲ ﻏﺎﺑﺎت أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ؛ ﱠ اﻟﺘﻴﻚ َ ﻓﺈن ذﺑﺎب ﺗﴘ ﺗﴘ ﻗﺪ ﻗﴣ ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ داﺧﻠﻬﺎ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈن ﺟﺮ اﻷﺷﺠﺎر املﻘﻄﻮﻋﺔ ﻳﺴﺘﻠﺰم ﺟﻬﺪ ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻵﻻت واﻟﺠﺮارات .وﰲ ﻏﺎﺑﺎت أﻣﺎزوﻧﻴﺎ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﻴﻮاﻧﺎت ﺿﺨﻤﺔ ﻣﺴﺘﺄﻧﺴﺔ ﻣﺜﻞ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻨﺎك ﰲ اﻷﻣﺎزون ورواﻓﺪه ﻧﻮع ﻣﻔﱰس ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﺎراﻧﻴﺎ Paranhiaﻳﻬﺎﺟﻢ أي ﺣﻴﻮان أو إﻧﺴﺎن ﻳﻘﻒ دون ﺣﺬر ﰲ ﻣﻴﺎه اﻟﻨﻬﺮ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻔﺔ.
115
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
راﺑﻌً ﺎ :دور اﻹﻧﺴﺎن إن ﻟﻺﻧﺴﺎن دو ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ أﻛﱪ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ أي أﺛﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ آﺧﺮ ،وﻟﻘﺪ ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ ﱠ أن اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض ،ﱠ وأن اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪ ﻗﴣ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒري ﻣﻨﻬﺎ رﻏﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﰲ إﻳﺠﺎد اﻷرض اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ،وﰲ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻗﺒﻞ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺰراﻋﺔ ،وﻣﻨﺬ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﺣﺘﻰ وﻗﺘﻨﺎ ً ﺣﺮﺻﺎ اﻟﺤﺎﴐ ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن داﺋﻢ اﻻﺳﺘﻐﻼل ﻟﻬﺬا املﻮرد املﺘﺠﺪد ،وﻗﺪ أﺻﺒﺢ اﻵن أﻛﺜﺮ ﻋﲆ ﺗﺠﺪﻳﺪه ﺑﻤﺎ ﻳﺨﻄﻪ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧني وﺑﻤﺎ ﻳﻨﺸﺊ ﻣﻦ ﺣﻴﺎزات ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺷﺠﺎر. وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻸﺧﺸﺎب ﻛﻮﻗﻮد أﺣﺪ أواﺋﻞ أوﺟﻪ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻐﺎﺑﺎت، ً ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒري ًة ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺤﺎﱄ .وﺗﺪُل ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻟﻨﺴﺐ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ وﻣﺎ زال ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﻳُ َﻜﻮﱢن اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﺢ اﺳﺘﻐﻼل اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﻐﺎﺑﺎت: اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺨﺸﺐ
ﻛﻮﻗﻮد *
٪٤١ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج
اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺨﺸﺐ ﻛﻤﺎدة ﺑﻨﺎء
٪٤٠ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج
اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺨﺸﺐ ﰲ ﻗﻀﺒﺎن اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ واملﻨﺎﺟﻢ
٪٨ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج
أوﺟﻪ أﺧﺮى ﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺨﺸﺐ
٪١٠ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج
* ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ املﺪارﻳﺔ ،ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﺨﺸﺐ ﻟﻠﻮﻗﻮد املﺒﺎﴍ أو ﻋﻤﻞ ﻓﺤﻢ ﻧﺒﺎﺗﻲ ،وﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﺪارﻳﺔ ﻳﺸﺎرك اﻟﺨﺸﺐ ﰲ اﻟﻄﺎﻗﺔ املﻨﺘﺠﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺼﺎدرﻫﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ أﻋﲆ ﻣﻦ ،٪٨٠وﺗﻨﺨﻔﺾ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ٪٣٦ﰲ اﻟﻬﻨﺪ وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن، وﺗﺮﺗﻔﻊ إﱃ ٪٦٣ﰲ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ .أﻣﺎ ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ ﻓﺘﻨﺨﻔﺾ اﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ٪٣٣ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﰲ دول أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ إﱃ ﻣﺎ ﻓﻮق .٪٤٠
وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺗﺘﻐري ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ .ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺴﺘﺨﺪم ٪١٤ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﻮﻗﻮد ،وﻳﺨﺼﺺ أﺧﺸﺎب اﻟﺒﻨﺎء ،٪٥٢وﻳﺴﺘﻐﻞ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﰲ أﻏﺮاض أﺧﺮى ﻛﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮرق وﺧﺸﺐ اﻻﺑﻼﻛﺎج )املﻌﺎﻛﺲ( وﻏري ذﻟﻚ اﻧﻈﺮ ﺟﺪول .1-5 وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل :ﱠ إن اﺣﺘﻴﺎج اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻸﺧﺸﺎب ﻫﻮ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﻐﻼل اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻠﻤﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ .وﻳﺪل ﻋﲆ ذﻟﻚ أن أﻛﱪ ﺳﻮق ﻟﻠﻐﺎﺑﺎت وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﺗﱰﻛﺰ ﰲ اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﺒﺎردة؛ أي ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒري ،ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ وأوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ. أﻣﺎ ﻧﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺤﺎ ﱠرة :ﻓﺈن اﺳﺘﻐﻼﻟﻪ ﻣﺎ زال ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮة ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﻌﻤﻮم، أن ﻣﻦ أﻫﻢ أﺳﺒﺎب ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻠﻒ؛ ً وﻻ ﺷﻚ ﱠ أوﻻ :ﻗﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎن »ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ أﻣﺎزوﻧﻴﺎ«. 116
املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ
ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻟﺘﺨﻠﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﻗﻠﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻛﻞ اﻟﺒﻼد املﺪارﻳﺔ .وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ً ﻋﺎﻣﻼ ﺟﻐﺮاﻓﻴٍّﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻘﺪر أﻫﻤﻴﺘﻪ؛ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺑُﻌﺪ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﻲ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك اﻟﺤﺎر ﻣﻜﺎﻧﻴٍّﺎ ﻋﻦ ﺳﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻸﺧﺸﺎب املﱰﻛﺰ — ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ — ﰲ اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ .وﻻ ﻧﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﻨﻘﻞ ﺑﻞ زﻳﺎدة اﻟﺴﻌﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﻌﺮ اﻟﺨﺸﺐ ﻋﺎملﻴٍّﺎ 5 .وﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﺈن أﺿﺨﻢ ﻣﻮرد ﻏﺎﺑﻲ — وﻫﻮ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺤﺎر — ﻻ ﻳُﺴﺘﻐﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻈﺮوف املﻨﺎﻓﺴﺔ وﺗﺮﻛﺰ ﺳﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼك ﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﻐﺎﺑﻲ املﻌﺘﺪل واﻟﺒﺎرد .وﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ ارﺗﻔﺎع ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻗﻄﻊ أﺷﺠﺎر اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎرة ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻈﺮوﻓﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ أوﺟﺰﻧﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ. وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎرة ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ أن ﺗﺆدي دورﻫﺎ املﻄﻠﻮب ﰲ ﺣﺼﻴﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻷﺧﺸﺎب ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻈﺮوﻓﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واملﻨﺎﻓﺴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻐﺎﺑﺎت املﻌﺘﺪﻟﺔ واﻟﺒﺎردة؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺸﺠﺮي ﰲ اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎرة ﺟﻌﻠﻬﺎ ﰲ ﻣﻮﻗﻒ املﺤﺘﻜﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ املﺴﺘﺨﺮﺟﺎت اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ ﻻ ﻧﻈري ﻟﻪ ﰲ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺒﺎردة واملﻌﺘﺪﻟﺔ .وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أﻧﻮاع املﺴﺘﺨﺮﺟﺎت ﺟﻤﻊ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻠﺒﺎن وأﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﻗري واﻟﺜﻤﺎر، ﻣﻦ اﻷﺧﺸﺎب اﻟﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﻤﻰ ﰲ اﻷملﺎﻧﻴﺔ اﻷﺧﺸﺎب اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ Edelholzﻛﺎﻷﺑﻨﻮس واﻟﺴﺎج وﺧﺸﺐ اﻟﻮرد واملﻮﺟﻨﺔ. إﻧﺘﺎج اﻷﺧﺸﺎب ﺟﺪول :1-5اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻸﺧﺸﺎب ﺳﻨﺔ ١٩٩٣ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻣﱰ ﻣﻜﻌﺐ )ﻋﻦ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻔﺎو(. اﻟﺨﺸﺐ املﺴﺘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ
ﺧﺸﺐ اﻟﻮﻗﻮد وﺧﺸﺐ اﻟﻔﺤﻢ
٪
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٤٠٢٥٠٠
٪٢٦
ﻛﻨﺪا
٪١١٫٣ ١٧٣١٣٣
اﻟﺼني
روﺳﻴﺎ
٪١٠٫٣ ١٨٥٥٠٠
اﻟﱪازﻳﻞ
١٩٤٫٢٧٠
اﻟﺼني
١٠٠٦٠٨
٪٦٫٥
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ
١٤٩٫٠٦٣
٪٧٫٩
اﻟﱪازﻳﻞ
٧٧٨٠٨
٪٥
ﻧﻴﺠريﻳﺎ
١٠٩٫٧٨٩
٪٥٫٨
اﻟﺴﻮﻳﺪ
٥٨٥٣٠
٪٣٫٧
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٩٣٫٣٠٠
٪٤٫٩
117
٪
اﻟﻬﻨﺪ
٢٦٢٫٧٨٢
٪١٤
٢٠٠٫٠٦٠
٪١٠٫٦ ٪١٠٫٣
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺨﺸﺐ املﺴﺘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ
ﺧﺸﺐ اﻟﻮﻗﻮد وﺧﺸﺐ اﻟﻔﺤﻢ
٪
٪
٤٨٫٩٥٢
٪٢٫٥٦
ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ
٤٤٩٥٧
٪٢٫٩
روﺳﻴﺎ
٪٢٫٤
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ
٣٩٥٤
٪٢٫٥
إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ
٤٥٫٢٥٤
ﻓﻨﻠﻨﺪه
٣٥٤٨٣
٪٢٫٣
زاﺋري
٤١٫٢٩٣
٪٢٫٢
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٣٣٦١٥
٪٢٫١
ﻛﻴﻨﻴﺎ
٣٦٫٧١٠
٪١٫٩٥
أملﺎﻧﻴﺎ
٣٢٣٦١
٪٢٫١
اﻟﻔﻠﺒني
٣٥٫٩٨٠
٪١٫٩
اﻟﻴﺎﺑﺎن
٣٢٢٠٩
٪٢٫١
ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ
٣٥٫٣١٣
٪١٫٨
ﻣﺠﻤﻮع اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ١٫٥٢٨ﻣﻠﻴﺎر ﻣﱰ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﺠﻤﻮع اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ١٫٨٧٥ﻣﻠﻴﺎر ﻣﱰ ﻣﻜﻌﺐ
وﻟﻘﺪ ﻛﺎن املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻫﻢ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﻤﻄﺎط ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺘﻰ أواﺋﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن؛ ﺣﻴﻨﻤﺎ أﻣﻜﻦ زراﻋﺘﻪ ﰲ ﻣﺰارع ﻋﻠﻤﻴﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ .وﻛﺎن أﻫﻢ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﻤﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻟﻜﻦ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ملﻄﺎط ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺘﻐﻠﻮن ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ﻳﻨﻘﻠﻮن اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ إﱃ أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺨﺮﺟﺎت اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ .وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه املﺴﺘﺨﺮﺟﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻧﻮع ﻣﻄﺎﻃﻲ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ Balataﻳﻨﻤﻮ ﰲ ﻏﺎﺑﺎت أﻣﺎزوﻧﻴﺎ ،وﻳُﺴﺘﺨﺪم ﰲ ﺗﻐﻄﻴﺔ أﺳﻼك اﻻﺗﺼﺎﻻت املﻮﺟﻮدة ﰲ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺎر وﻛﺮات رﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﻮﻟﻒ … إﻟﺦ. أﻣﺎ اﻟﻠﺒﺎن اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ Chicletﻓﻴﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﻧﻮع ﺷﺠﺮي ﻳُﺴﻤﻰ زاﺑﻮت ﻳﻨﻤﻮ ﻣﻦ املﻜﺴﻴﻚ إﱃ اﻟﱪازﻳﻞ ،وﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺎﺋﻞ اﻟﻠﺰج ﰲ اﻟﻔﺼﻞ املﻄري ﻣﻦ ﻣﺎﻳﻮ إﱃ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،وﻳُﻤﻜﻦ ﻟﻠﺸﺠﺮة اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ أن ﺗﻘﺪم ﺣﻮاﱄ ١٢ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ،ورﻏﻢ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﺬي ﻳﺒﺬﻟﻪ ﺟﺎﻣﻌﻮ اﻟﻠﺒﺎن واﻷﺧﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻬﺎ ﰲ ﻣﻮﺳﻢ املﻄﺮ واملﺴﺘﻨﻘﻌﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻣﻮس واملﻼرﻳﺎ ﻓﺈن ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ دﺧﻞ ﻳﻮازي ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ أﺟﺰاء ً أﺳﺎﺳﺎ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻧﻈ ًﺮا ﻻﺗﺴﺎع اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻠﺒﺎن، ﻣﻦ ﺛﻤﻦ اﻟﻠﺒﺎن اﻟﺬي ﻳُﺼﺪﱠر وﻗﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﺠﻪ أﺷﺠﺎر اﻟﺰاﺑﻮت ،ﻓﻠﻘﺪ اﺗﺠﻬﺖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻠﺒﺎن إﱃ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺨﺎﻣﺔ ﻣﻦ أﺷﺠﺎر أﺧﺮى ﰲ اﻟﴩق اﻷﻗﴡ. 118
املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ
وﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﻋﺮف اﻹﻧﺴﺎن اﻟ ِﺒﺪاﺋﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻌِ ﻼﺟﻴﺔ ﻷﻧﻮاع ﻣﻦ أﺷﺠﺎر اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎرة، وﻋﺮف أن ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﺳﻤﻮم ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﺮﺑﺔ واﻟﺴﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﻘﺘﺎل ،وﻣﻦ أﻫﻢ املﻨﺘﺠﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟ ﱠﺮاﻫﻦ اﻟﻜﺎﻓﻮر واﻟﻜﻨني. وأﻫﻢ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﻜﺎﻓﻮر ﺳﻔﻮح اﻟﺠﺒﺎل ﰲ ﺟﻨﻮب اﻟﺼني وﺗﺎﻳﻮان واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وأﺟﻮد أﻧﻮاﻋﻪ ﻳﻨﻤﻮ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎع ١٢٠٠ﻣﱰ .وأﻫﻢ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﻜﻨني اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺳﻔﻮح اﻟﺠﺒﺎل ﰲ ﺑريو وإﻛﻮادور وﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ وﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ ﻓﻮق ارﺗﻔﺎع ١٣٠٠ﻣﱰ .وﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻟﻠﻤﻄﺎط ﺣﺪث ﻟﻠﻜﻨني؛ ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻘﻠﺖ زراﻋﺘﻪ إﱃ ﺟﺎوه وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ واﻟﻬﻨﺪ وﻣﺪﻏﺸﻘﺮ ﰲ ﻣﺰارع ﻋﻠﻤﻴﺔ ،وأﺻﺒﺤﺖ ﺟﺎوه اﻵن ﺗﺤﺘﻜﺮ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﻨني. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﻘﺎﻗري؛ ﱠ ﻓﺈن أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ أﺷﺠﺎر املﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺎرة وﺑﻌﺾ أﺷﺠﺎر املﻨﻄﻘﺔ ا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺎدة دﺑﺎﻏﺔ اﻟﺠﻠﻮد ،وﻟﻜﻦ أﻛﱪَ ﻣﺼﺪر ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻏﺎﺑﺎت املﻨﺠﺮوف ﰲ ﻣﺴﺘﻨﻘﻌﺎت اﻟﺴﻮاﺣﻞ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ. أﻣﺎ ﺛِﻤﺎ ُر اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ واملﺪارﻳﺔ ﻓﻤﺘﻨﻮﻋﺔ وﻋﺪﻳﺪة ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻮز اﻟﻬﻨﺪ وزﻳﺖ اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻷﻧﺎﻧﺎس ،وﻳُﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﺟﻤﻊ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻌﺸﺒﻲ واﻟﺸﺠﺮي ﰲ اﻟﻐﺎﺑﺎت ا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ واﻟﺒﺎردة. وأﺧريًا ﱠ ﻓﺈن أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﱡﻤﻮ اﻟﺸﺠﺮي اﻟﺤﺎر ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﰲ ﻋﻤﻞ أﻧﺴﺠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﺎﻟﻘﺒﻌﺎت واﻟﺴﻼل. اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ ٪٣٧ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺎت ،وﰲ ﻓﻨﻠﻨﺪا ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ ،٪٦٠وﰲ ﻛﻨﺪا ،٪٩٠وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٪٢٧؛ وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن اﻟﻐﺎﺑﺎت ﺗُﻌﺘﱪ ﻣﻦ املﻮارد اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت — ﴍﻗﻴﺔ أو ﻏﺮﺑﻴﺔ — اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺒﺎﴍً ا ،ﺧﺎﺻﺔ وأن إدارة اﻟﻐﺎﺑﺎت ﺗﺘﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﺟﻬﺰة ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ؛ ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻋُ ﻨِﻴﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﺘﺪرﻳﺐ املﺘﺨﺼﺼني ﰲ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ وزﻳﺎدة اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ .وﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ إﱃ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ورأس املﺎل واﻟﺒﺤﻮث ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻨﻘﺼﻬﺎ ﺑﺸﺪة. ُ واﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﴘ اﻟﺬي ﻳﺆدي إﱃ اﻣﺘﻼك اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ملﻮارد اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻳﻘﻊ ﰲ املﻘﺎرﻧﺔ ﺑني اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻔﺮد املﺎﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺔ أو ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻞ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺸﺠﺮي »أﺷﺠﺎر اﻷﺧﺸﺎب« ﻳﺴﺘﻐﺮق ﺳﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪة ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﻤﻮ ﻣﺤﺼﻮل ﻣﻦ 119
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋﻴﺔ 6 .ﻟﻬﺬا ﻧﺮى أن ا ُملﻼك اﻟﻔﺮدﻳني ﻳﻔﻀﻠﻮن اﺟﺘﺜﺎث اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وإﺣﻼل ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﻓﺼﻠﻴﺔ ﻣﺤﻠﻬﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ؛ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﺑﺎﻟﺬات وﻗﻌﺖ ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻖ اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﻗﻮع ﺣﻮاﱄ ٪٧٥ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت ً اﺗﺠﺎﻫﺎ؛ ﻣُﺘﺰاﻳﺪًا ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ إﱃ زﻳﺎدة ُرﻗﻌﺔ أَﻣﻼك اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻓﺈن ُﻫﻨﺎك ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﴍاء اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﰲ ﺣﻮزة اﻷﻓﺮاد. وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ إﻳﺮان اﻟﺘﻲ أﺻﺪرت ﻗﺮا ًرا ﰲ ﻋﺎم ١٩٦٣ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ ﻛﻞ اﻟﻐﺎﺑﺎت، و ُرﺑﻤﺎ َ ﻛﺎن اﻟﺪاﻓﻊ ملﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻣﺘﺪاد اﻟ ﱢﺰراﻋﺔ إﱃ اﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻮارد اﻟﻐﺎﺑﺎت ،و ُرﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﺨﺬ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮات ،وﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ دول أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ املﻠﻜﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻛﺒرية ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻏﺎﺑﺎﺗﻬﺎ. وﻣﻊ ذﻟﻚ؛ ﱠ ً اﺗﺠﺎﻫﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ إﱃ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤُ ﻜﻮﻣﻲ ﺑﺼﻮرة ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ،واملﺜﺎل ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻟﻘﻮاﻧني املﻜﺴﻴﻜﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮق ﺑني املﻠﻜﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺗﻨﻈﻴﻢ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،وذﻟﻚ ﺑﻐﺮض ا ُملﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ وﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ ﺗﺒﻌً ﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﺸﺠري .أﻣﺎ اﻟﺪول ﻛﺜﻴﻔﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ آﺳﻴﺎ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ً ﺧﻮﻓﺎ ﻋﲆ ﻣﺼﺎدر اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻣﻦ اﻻﺿﻤﺤﻼل ،وﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻀﻄﺮة إﱃ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ املﺸﻜﻠﺔ ﻏري ﻇﺎﻫﺮة ،ﺧﺎﺻﺔ ﱠ وأن ﻫﻨﺎك اﻧﻘﻼﺑًﺎ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ ﺑني ﻗﻮاﻧني املﻠﻜﻴﺔ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ وﻧﻤﻮ املﻠﻜﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ .وأﺧريًا ﱠ ﻓﺈن اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﻏري ﻣُﺒﺎﴍ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺘﻲ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وﺗﺸﺠﻴﻊ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻌﺎون ﺑني ﻣﻼك اﻟﻐﺎﺑﺎت ،ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ وﺳﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺜﺒﻴﺖ أﺳﻌﺎر ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻸﺧﺸﺎب دوﻟﻴٍّﺎ. ﺗﺠﺎرة اﻷﺧﺸﺎب اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺑﻠﻐﺖ ﺻﺎدرات اﻟﺨﺸﺐ ا ُملﺴﺘﺪﻳﺮ )ﻛﺘﻞ ﺧﺸﺐ ﻣﻦ ﺟﺬوع اﻟﺸﺠﺮ (Logsﻋﺎم ﻧﺤﻮ ١١٧٫٤ﻣﻠﻴﻮن ﻣﱰ ﻣﻜﻌﺐ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻮرادات ١٢٤٫٤ﻣﻠﻴﻮن ﻣﱰ ﻣﻜﻌﺐ، وﻛﺎن أﻛﱪ املﺼﺪرﻳﻦ ﻫﻢ :اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٪١٩٫١روﺳﻴﺎ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،٪١٦٫٧ﻓﺮﻧﺴﺎ ،٪٤٫٦ وأملﺎﻧﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ٪٣٫٤ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ﻫﻲ اﻷوﱃ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ ،٪١٩٫٥ﺛﻢ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ،٪٢٫٢وﺟﺎﺑﻮن وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﻟﻜﻞ ﻧﺤﻮ .٪١ 7 ١٩٨٧
120
املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ
وﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺼﺎدرات ﺣﺴﺐ اﻟﻘﺎرات ﻛﺎﻵﺗﻲ :أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،٪٢٤٫٥أوروﺑﺎ ،٪٢٢٫٨آﺳﻴﺎ ،٪٢١٫٦روﺳﻴﺎ ،٪١٦٫٦أوﺷﻴﻨﻴﺎ ،٪٨٫٧أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،٪٣٫٤وأﺧريًا أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ .٪٢٫٢ أﻣﺎ ﺗﺠﺎرة اﻟﻮاردات اﻟﻌَ ﺎملﻴﺔ؛ ﻓﺘﻈﻬﺮ ﻧﻤ ً ﻄﺎ ﻣﻐﺎﻳ ًﺮا ،ﻟﻴﺴﺖ أﻛﱪ اﻟﺪول أو اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ املﺼﺪرة أﻗﻠﻬﺎ اﺳﺘريادًا ﻟﻸﺧﺸﺎب ﰲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ،ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ُروﺳﻴﺎ وأوﺷﻴﻨﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮرد ﻛﻤﻴﺎت ﺿﺌﻴﻠﺔ ،وذﻟﻚ ﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ أﺧﺸﺎب ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ آﺳﻴﺎ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻣﺼﺪر وﻣﺴﺘﻮرد ﻛﺒري ،وذﻟﻚ ﻟﻜﻤﻴﺎت اﻻﺳﺘرياد اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻟﻠﻴﺎﺑﺎن »٪٣٧٫٤ ﻣﻦ اﻟﺼﺎدرات اﻟﻌﺎملﻴﺔ« واﻟﺼني .٪١٠٫٣ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول املﺼﺪرة ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻣُﺴﺘﻮردة ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻮﻳﺪ »ﺻﺎدرات ،٪١٫٥واردات ٪٧ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ« و ُرﺑﱠﻤﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺮﺗﺒ ً ﻄﺎ ﺑﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺴﻮﻳﺪﻳﺔ أو اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﺧﺸﺎب ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺎرة اﻟﻮاردات اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻋﺎم ١٩٨٧ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ :آﺳﻴﺎ ،٪٥٦أوروﺑﺎ ،٪٣٦٫٥أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،٪٦٫٩ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻌ َﺪ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وروﺳﻴﺎ وأوﺷﻴﻨﻴﺎ ﻧﺴﺒﺔ ٪١ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ.
ﺷﻜﻞ :2-5ﺧﺮﻳﻄﺔ :اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻸﺧﺸﺎب.
121
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻫﻨﺎك ﺗﺠﺎرة أﺧﺮى ﰲ أﻧﻮاع اﻟﺨﺸﺐ وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﱠﴩ واﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﰲ ﺻﻮرة أﻟﻮاح وﺧﺸﺐ اﻷﺑﻠﻜﺎش ،وﻟﺐ اﻟﺨﺸﺐ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮرق وﻏري ذﻟﻚ ،وﻛﻠﻬﺎ أﺷﻴﺎء ﻫﺎﻣﺔ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺘﺠﺎرة اﻷﺧﺸﺎب املﺪارﻳﺔ )ﻣُﻌﻈﻤﻬﺎ ﺻﻠﺐ ،وﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺳﻨﺄﺧﺬ ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ ﺟﻐﺮاﻓﻴٍّﺎ آﺳﻴﺎ أﺧﺸﺎب ﻟﻴﻨﺔ ً أﻳﻀﺎ( ،وذﻟﻚ ﻟﺒﻴﺎن ﺗﺠﺎرة اﻟﺨﺸﺐ املﺪاري إﱃ ﺑﻼد رﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم ،وﻛﻴﻒ ﺗﺤﺘﺎج دول اﻟﺸﻤﺎل إﱃ أﺧﺸﺎب ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ِﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺑﱰول ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن ﻣﻌﻈﻢ أﺧﺸﺎب اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺠﻨﻮب ،واﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺧﺎﻣﺎﺗﻪ اﻟﺰراﻋﻴﺔ واملﻌﺪﻧﻴﺔ؛ ﻫﺬا ﺗﺘﺤﺮك ﰲ ﺗﺠﺎرة ﻣَ ﺤﺪودة ﺑﺒﻼد اﻟﺸﻤﺎل ِﻣﺜﻞ ُروﺳﻴﺎ إﱃ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ) .(2-5أﻣﺎ ﺗﺠﺎرة اﻷﺧﺸﺎب املﺪارﻳﺔ ﰲ أواﺳﻂ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻓﻴﻮﺿﺤﻬﺎ اﻟﺠﺪول .2-5 وا ُملﻼﺣﻆ أن آﺳﻴﺎ ﻫﻲ اﻟﴩﻳﻚ اﻷول ﰲ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرة؛ ﻓﻜﻞ واردات اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻫﻲ ﻣﻦ آﺳﻴﺎ » +أﺳﱰاﻟﻴﺎ واﻟﺒﺎﺳﻴﻔﻴﻚ اﻟﻐﺮﺑﻲ« ،وﻛﺬﻟﻚ واردات ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة .أﻣﺎ ﻣﻌﻈﻢ واردات أوروﺑﺎ ﻣﻦ اﻷﺧﺸﺎب ا ُملﺴﺘﺪﻳﺮة ﻓﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وواردات اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻗﺎدﻣﺔ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ آﺳﻴﺎ ﻫﻲ اﻟﴩﻳﻚ اﻷول ﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة ﻣﻦ أﺧﺸﺎب اﻷﻟﻮاح وﺧﺸﺐ اﻷﺑﻠﻜﺎش. ﺟﺪول ) :2-5أ( ﺻﺎدرات اﻷﺧﺸﺎب املﺪارﻳﺔ. اﻟﻘﺎرة
أﺧﺸﺎب اﻟﻜﺘﻞ املﺴﺘﺪﻳﺮة
أﺑﻠﻜﺎش
أﻟﻮاح
أﻟﻒ ﻣﱰ٣
٪
أﻟﻒ ﻣﱰ٣
٪
أﻟﻒ ﻣﱰ٣
٪
آﺳﻴﺎ
١٣٤٩٤
٨٨٫٦
٣٦٢٩
٩٠٫٠
٣٢٧٥
١٠٠
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
١٧٧١
١١٫٦
أﻣﺮﻳﻜﺎ ج
٣٩٩
١٠
ﻣﺠﻤﻮع
١٥٢٦٥
١٠٠
٤٠٢٨
١٠٠
٣٢٧٥
١٠٠
122
املﻮارد اﻟﻐﺎﺑﻴﺔ )ب( املﺴﺘﻮردون اﻟﻜﺒﺎر ﻟﻸﺧﺸﺎب املﺪارﻳﺔ. اﻟﺪوﻟﺔ
أﺧﺸﺎب اﻟﻜﺘﻞ املﺴﺘﺪﻳﺮة أﻟﻒ ﻣﱰ ٣
أﻟﻮاح أﻟﻒ ﻣﱰ ٣
أﺑﻠﻜﺎش أﻟﻒ ﻣﱰ ٣
ﻣﺠﻤﻮع أﻟﻒ ﻣﱰ ٣
اﻟﻴﺎﺑﺎن
١٣٤٩٤
١٢٤٨
٩٣٥
١٥٦٧٧
٣٩٩
١٤٦٢
١٨٦١
٩٨٤
٤١٢
١٣٩٦
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٨٣٣
٣٥٨
١٢٤١
أملﺎﻧﻴﺎ
٣٧٢
٥٠٧
٨٧٩
ﻫﻮﻟﻨﺪا
٥٣٢
٥٣٢
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
٥١٦
٥١٦
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
٤٦٦
٤٦٦
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة
وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺘﺤﺪد ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ أﻗﺎﻟﻴﻢ ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻷﺧﺸﺎب ا ُملﺴﺘﺪﻳﺮة اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮب املﻜﺎﻧﻲ: آﺳﻴﺎ إﱃ اﻟﻴﺎﺑﺎن »واﻟﺼني« وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ إﱃ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﻌﺎﻣﻞ اﻟﻘﺮب املﻜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸوزان واﻷﺣﺠﺎم اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ﻳﻠﻌﺐ دو ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ واملﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ. ﻫﻮاﻣﺶ ) (1ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺤﺎرة اﻟﺼﻠﺒﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺤﻮ ١٥٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر ،وﻫﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺗﻘﱰب ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺒﺎردة واملﻌﺘﺪﻟﺔ ﻣﻌً ﺎ ) ١٥٥٠ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ( .وﻳﺒﻠﻎ ﻧﺼﻴﺐ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺤﺎرة ٪٤٥ﺗﻠﻴﻬﺎ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،٪٣٢ﺛﻢ آﺳﻴﺎ ،٪١٥ﺛﻢ أﺳﱰاﻟﻴﺎ وﺟﺰر اﻟﺒﺎﺳﻴﻔﻴﻚ ،٪٧وأﺧريًا أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،٪٣وﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﺑﺎت ﰲ ﺷﻤﺎل آﺳﻴﺎ وﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. ) (2ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﺼﻠﺒﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎرد ﻧﺤﻮ ٥٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر ﻧﺼﻴﺐ آﺳﻴﺎ ﻣﻨﻬﺎ ٪٤٧٫٥وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ٪٢٤٫١وأوروﺑﺎ .٪١٦٫٢ 123
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (3ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﻠﻴﻨﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺤﻮ ١١٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر ﻧﺼﻴﺐ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ٪٣٩٫٥وآﺳﻴﺎ ،٪٣٣٫٦وأوروﺑﺎ .٪٢١٫٩ ) (4املﻌﺮوف أن اﻟﻐﺎﺑﺎت ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﰲ ﺗﺮﺑﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻏﻨﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﺟﺘﺜﺎث اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻻ ﻳﻌﻄﻲ ﻧﺘﺎﺋﺞ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﻨﺠﺮف اﻟﱰﺑﺎت اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺴﻜﻬﺎ ﺟﺬور اﻷﺷﺠﺎر وﺗﺘﺤﻮل اﻷرض ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ إﱃ ﺗﺼﺤﺮ ﺑﻄﻲء ﻳﴪع اﻟﺨﻄﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ أﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌﻈﻤﻰ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .وﻗﺪ وﺟﺪت ﺑﻌﺜﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻷﻣﺎزوﻧﻴﺎ )أواﺧﺮ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت( أن اﻟﻐﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﰲ اﻷﻣﺎزون ﺗﻨﻤﻮ ﻋﲆ ﺗﺮﺑﺔ ﺳﻤﻜﻬﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﺑﺪرﺟﺔ أﺛﺎرت اﻻﻧﺘﺒﺎه ،وﻣﻦ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ وﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻜﻮروﻓﻴﲇ املﻬﻢ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ. ﺛَﻢ ﺟﺎءت اﻟﺪﻋﻮة ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﲆ اﻟﻐﺎﺑﺎت ) (5ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎرة ﺗُﻨﻘﻞ وﺗُﺴﻮق ﰲ اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﺒﺎردة ﻛﺎملﻄﺎط؛ وذﻟﻚ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ملﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج؛ وﻋﲆ ﻫﺬا ﻳﺘﻀﺢ أن ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺧﺸﺐ اﻟﻌﺮوض اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﺒﺎردة ﻫﻮ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻋﺎﺋﻖ أﻣﺎم اﺳﺘﻐﻼل أﺧﺸﺎب املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ. ) (6ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ واﻟﺒﺎردة ﻳﺴﺘﻐﺮق ﻧﻤﻮ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻄﻌﻬﺎ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﺧري ﻓﺎﺋﺪة ﺑني ٤٠–٣٠ﺳﻨﺔ. ).F. A. O., Yearbook: Forest Production, 1987 (7
124
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس
اﻟﺜﺮوة اﳊﻴﻮاﻧﻴﺔ
) (1ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ أﻋﺪاد اﻟﺤﻴﻮان ﻋﲆ أﺷﻴﺎء ﻛﺜرية؛ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﺎﺣﺎت املﺮاﻋﻲ وﺟﻮدﺗﻬﺎ وﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان واﻟﻐﺮض ﻣﻦ رﻋﺎﻳﺘﻪ أو ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ واملﺴﺘﻮى اﻟﺤﻀﺎري وﻣﺪى اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ ﻟﺴﻼﻻت ﻣﻔﻀﻠﺔ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﻐﺮض أو اﻷﻏﺮاض ،ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﻠﺤﻢ أو اﻟﺤﻠﻴﺐ أو ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ،وﻳﱰﺗﺐ ﺗﺒﻌً ﺎ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻘﻴﻤﺔ املﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﻮان. ﻟﻜﻦ إن اﻧﻄﺒﻖ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺣﻴﻮاﻧﺎت ﻣُﻌﻴﻨﺔ ﻣُﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺤﻢ واﻟﺤﻠﻴﺐ واﻟﺼﻮف واﻟﺠﻠﻮد؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ أو ﻣُﻌﺎﴏة ﻧَﺠﺪ وﻇﺎﺋﻒ أﺧﺮى. ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺣﻴﻮان اﻟﺠَ ﺮ واﻟﺤَ ﻤْ ﻞ واﻟﺮﻛﻮب :اﻹﺑﻞ واﻟﺨﻴﻞ واﻟﺤﻤري واﻟﺒﻐﺎل ،وﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺗﻘﺪﻳﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﻣﺎدي ﻟﻠﺤﻴﻮان ﻋﻨﺪ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻵن اﻟﺒﺪاﺋﻴني. وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا وﻇﻴﻔﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻸﺑﻘﺎر واﻟﻐﻨﻢ واملﺎﻋﺰ واﻹﺑﻞ واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﺗﺪل ﻋﲆ ﻣﺪى ﺛﺮاء املﻼك ،وﻣﻦ ﺛَﻢ درﺟﺎﺗﻬﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻳﱰﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ دﻓﻊ املﻬﻮر واﻟﺪﻳﺔ واﻟﻐﺮاﻣﺎت ﺑﺄﻋﺪاد ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮان ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻘﺮره اﻋﺘﻴﺎدات املﺠﺘﻤﻊ .وأﺧريًا ﻫﻨﺎك اﻷﺑﻘﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻋﻨﺪ اﻟﻬﻨﺪوس ﺑﻘﻴﻤﺔ دﻳﻨﻴﺔ. وﻳﱰﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﱠ أن اﻟﺜﱠﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻌﻘﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﺮوة اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ. ً اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻛﺒريًا ﰲ ﻋﺪد وﻗﻴﻤﺔ اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺬي ﻳُﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ﺗﻘﺴﻴﻤً ﺎ أوﻟﻴٍّﺎ وﻟﻬﺬا ﻧ َ ِﺠﺪ إﱃ اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﰲ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم وﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ ،وﻳﺆدي ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ إﱃ اﺧﺘﻼف ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺮﻋﻲ وﻃﺒﻴﻌﺔ املﺮاﻋﻲ وﻗﺪر اﻟﻠﺤﻮم واﻷﻟﺒﺎن املﻨﺘﺠﺔ ﺑني اﻟﻌﺎملني
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
املﺘﻘﺪم واﻟﻨﺎﻣﻲ .وﻫﻨﺎ ﻳﺠﺐ ْ ﺪرك دور اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﰲ اﻟﺒﻼد اﻟﴩﻗﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺤﻴﻮان، أن ﻧ ُ ِ وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻷﺑﻘﺎر ،ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﰲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺰراﻋﻴﺔ وﻣِﻦ ﺛَﻢ ﻧَﺠﺪ ﺗﻘﺴﻴﻤً ﺎ ﻓﺮﻋﻴٍّﺎ داﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﺑني ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ واﻟﴩق اﻷوﺳﻂ واﻟﻬﻨﺪ واﻟﺼني ،وﺑني ﻋﺎﻟﻢ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﺪاري. أﻳﻦ ﺗﻮﺟﺪ املﺮاﻋﻲ؟ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 1-6أن ﺑﻜﻞ ﻗﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻦ املﺮاﻋﻲ ،وأول ﻣﺎ ﻳﺴﱰﻋﻲ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻫﻮ أن املﺮاﻋﻲ املﺪارﻳﺔ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وأﺟﺰاء ﻣﻦ أﺳﱰاﻟﻴﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﺮاﻋﻲ اﻹﻗﻠﻴﻢ ا ُملﻌﺘﺪل أو ﻣﺮاﻋﻲ ﺳﻬﻮل وﺳﻂ اﻟﻘﺎرات ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﻏﺮب اﻟﻘﺎرات .وﻣﺮد اﻻﺧﺘﻼف اﻷﺳﺎﳼ ﻫﻮ ﻛﻤﻴﺔ املﻄﺮ ودرﺟﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﻠﺘﺎن ﻳﻨﺘﺠﺎن ﺣﺸﺎﺋﺶ ﻣُﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻧﺴﻴﺞ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ واﻷﻋﺸﺎب وأﻃﻮاﻟﻬﺎ وﻛﺜﺎﻓﺘﻬﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﺣﺸﺎﺋﺶ اﻟﻨﱢﻄﺎق املﺪاري اﻟﻨﱠﺒﺎت أﻃﻮل وأﺧﺸﻦ وأﻛﺜﻒ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺗﻜﺎﺛﻒ اﻟﺤﻴﻮان. أﻣﺎ أﻋﺸﺎب اﻟﻨﻄﺎق املﻌﺘﺪل ﻓﻬﻲ أﻗﴫ وأﻧﻌﻢ وأﻗﻞ ﻏﺰارة ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء أراﴈ ا ُملﺴﺘﻨﻘﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺸﺐ واﻟﺤﺸﺎﺋﺶ واﻟﻘﺼﺐ واﻟﻐﺎب. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ املﺴﺎﺣﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﻘﺎرات اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺜﻼث ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ٪٥٤ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺎت املﺮاﻋﻲ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﺑﺮﻏﻢ أن ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻟﻘﺎرات اﻟﺜﻼث ﻫﻲ ٪٤٢ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻴﺎﺑﺲ. ً )ﺳﺎﺑﻘﺎ( ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻼﺣﻆ أن ﻣﺮاﻋﻲ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻐﻨﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻮذ وﺣﺪﻫﺎ ﻋﲆ ٪٣٣ﻣﻦ املﺮاﻋﻲ اﻟﻌﺎملﻴﺔ .وﺑﻘﻴﺔ املﺮاﻋﻲ ٪١٣ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﲆ أوروﺑﺎ وﺑﻘﻴﺔ آﺳﻴﺎ ،وﺳﺒﺐ ﻫﺬه اﻟﻘﻠﺔ راﺟﻊ إﱃ وﺟﻮد ﺗﺰاﺣﻢ ﺑني اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺴﻜﺎن املﺘﻜﺎﺛﻔني وﺑني املﺮاﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻨﺰاح إﱃ اﻷرض ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺨﺼﺐ أو املﻨﺤﺪرات اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﰲ اﻷﻟﺐ وﺳﻼﺳﻞ آﺳﻴﺎ اﻟﻀﺨﻤﺔ. وﻟﻜﻦ ﻳﻌﻮض اﻟﻨﻘﺺ ﰲ املﺮاﻋﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ أن اﻟﺤَ ﻴﻮان ﰲ أوروﺑﺎ ﻳﺘﺪاﺧﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻧَﻌﺮﻓﻪ ﺑﺎﺳﻢ اﻟ ﱢﺰراﻋﺔ ا ُملﺨﺘﻠﻄﺔ ،وﰲ آﺳﻴﺎ ﻳﺘﺪاﺧﻞ ﺑﻜﺜﺮة ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﴩﻗﻴﺔ ،وﻫﺬا أو ذاك ﻳﺆدي إﱃ رﻓﻊ أﻋﺪاد اﻟﺤﻴﻮان ﰲ أوروﺑﺎ وآﺳﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ذﻛﺮه.
126
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
أﻳﻦ ﺗﱰﻛﺰ اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ؟ ﻫﻨﺎك ﻣﺆﴍات ﻛﺜرية ﺣﺴﺐ ﻧﻮع اﻟﺤﻴﻮان ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻋﺪاد املﺎﺷﻴﺔ ﺧري ﻣﺆﴍ ﻋﲆ اﻟﺘﻜﺎﺛﻒ أو اﻟﻘﻠﺔ. ﺗﺒﻠﻎ أﻋﺪاد املﺎﺷﻴﺔ )اﻷﺑﻘﺎر واﻟﺜريان ﻓﻘﻂ( ﻋﺎملﻴٍّﺎ ١٢٥٥ﻣﻠﻴﻮن رأس ﻣﻮ ﱠزﻋَ ﺔ ﻛﺎﻵﺗﻲ: آﺳﻴﺎ ٣٨٨ﻣﻠﻴﻮن رأس ،أوروﺑﺎ ١٢٨ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ١٦٦ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ١٢٢ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ١٦١ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ٢٥٨ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،وأوﺷﻴﻨﻴﺎ ٣٢ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ .وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ﱠ أن اﻟﻘﺎرات اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ٪٥٤ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ املﺮاﻋﻲ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ٪٣٥٫٥ﻣﻦ رءوس املﺎﺷﻴﺔ ،وأن ﺑﺄﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ٪٢٢٫٥وﺑﺄوروﺑﺎ وآﺳﻴﺎ ٪٢٢٫٥ﻣﻦ املﺎﺷﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ٪١٥ﰲ اﻟﻬﻨﺪ وﺣﺪﻫﺎ؛ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﱪ ُة ْ إذن ﺑﻤﺴﺎﺣﺔ املﺮﻋﻰ ﻗﺪر إﻣﻜﺎﻧﺎت ﺗﻮﻓري اﻟﻐﺬاء ﻟﻠﻤﺎﺷﻴﺔ. اﻟﻌِ ْ َ ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﺮءوس املﺎﺷﻴﺔ؟ ﻫﻨﺎك ﻣﺆﴍان ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﻤﺎ إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ إﱃ اﻟﻌﺪد؛ ﻫﺬان ﻫﻤﺎ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺤﻠﻴﺐ ووزن اﻟﺒﻘﺮة ،وﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺤﻠﻴﺐ ﻧﺠﺪ ﺗﻔﺎوﺗًﺎ ﻛﺒريًا ﺑني أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٦٠٠٠ﻛﺠﻢ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أو ٥٦٠٠ﻛﺠﻢ ﰲ ﻫﻮﻟﻨﺪا أو اﻟﺪاﻧﻤﺮك وﺑني ﻣﺘﻮﺳﻂ أﻗﻞ ﻣﻦ ١٠٠٠ﻛﺠﻢ ﺣﻠﻴﺐ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ »ﻋﺪا ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ« وﻧﺤﻮ ٧٠٠ﻛﺠﻢ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ. وﻣﻦ ﺣﻴﺚ أوزان اﻟﺤﻴﻮان املﺬﺑﻮح »ﺑﺪون اﻟﺮأس واﻷﺣﺸﺎء« ﺗﺘﻜﺮر اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑني ﻣﺘﻮﺳﻂ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٣٠ﻛﺠﻢ ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ و١٢١ﻛﺠﻢ ﰲ آﺳﻴﺎ و١٤٦ﻛﺠﻢ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. واملﻼﺣﻆ )ﺟﺪول (1-6ﻧﻤﻮ ﰲ أﻋﺪاد اﻟﺤﻴﻮان ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻋﺪا اﻟﺤﻤري اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻘﺮ ﻋﺪدﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻨﱡﻤﻮ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻗﺎرة ﻷﺧﺮى؛ ﻓﻔﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﺎﻗﺼﺖ أﻋﺪاد اﻷﻏﻨﺎم واملﺎﻋﺰ ،وﺗﻨﺎﻗﺺ ﻋﺪد اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻏﻨﺎم واملﺎﻋﺰ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ زادت أﻋﺪاد املﺎﻋﺰ واﻷﻏﻨﺎم واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﰲ آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ.
127
١٢٧ ١٩٥ ٣٢ ١٨ ١٢٧ ١٠٩ ١٨٨ ٣٢٩ ١٣٣ ١٣٨ ٢٢٤ ٢٢٥
١٣٢ ١٦١ ١٧٣ ١٦٦ ١٨٩ ٢٥٨ ٢٧٤ ٣٨٨ ١٢٣ ١٢٨ ٢٦ ٣٢
ﻣﺴﺎﺣﺔ املﺮاﻋﻲ »ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر« ٣٠٠٠ ٣٢٢٠ ٨٤٣ ٧٨٧ ٣٧٤ ٣٦٧ ٤٠٨ ٤٦٩ ٤٤٩ ٦٧٨ ٩١ ٨٤ ٤٦٢ ٤٥١
اﻟﺴﻨﺔ ١٩٦٧ ١٩٨٧ ١٩٦٧ ١٩٨٧ ١٩٦٧ ١٩٨٧ ١٩٦٧ ١٩٨٧ ١٩٦٧ ١٩٨٧ ١٩٦٧ ١٩٨٧ ١٩٦٧ ١٩٨٧
اﻟﻌﺎﻟﻢ
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ
آﺳﻴﺎ
أوروﺑﺎ
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
ﺟﺪول :1-6اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .FAO. Production, vol. 41, 1987
٣٧٥ ١٠٢٨ ١٠٧٩ ٥٠١ ١١٥٧ ١٢٧٧ ١٠٩ ١٦٢ ٢٠ ١٤ ٢٧ ٢٠ ١٤٣ ٢٨٣ ١٣ ١٣ ١٫٤
اﻟﻘﺎرة
٥٥٩ ٨٤٠ ٦ ١٢ ٨١ ٩٢ ٧٧ ٥٣ ٢١٥ ٤١٠ ١١٩ ١٨٧ ٣ ٥
أﻋﺪاد اﻟﺤﻴﻮان »ﺑﺎملﻠﻴﻮن« ﻣﺎﻋﺰ ﺧﻨﺎزﻳﺮ ﺟﺎﻣﻮس ١١٨ ١٣٨ ٢ ٢٫٥ ٠٫٩ ٨٧ ١٣٤ ٠٫٥ ٠٫٣
إﺑﻞ ١١ ١٨٫٧ ٨ ١٤ ٣ ٤٫٢
ﻣﺎﺷﻴﺔ
ﺧﻴﻞ ٦٢ ٦٦ ٤ ٣٫٥ ١٠ ١٩ ١٧ ١٤٫٦ ٥ ١٧ ٩ ٤٫٥ ٠٫٦ ٠٫٥
أﻏﻨﺎم
ﺣﻤري ٤٢ ٤١ ١٠ ١١٫٧ ٤ ٣٫٦ ٥ ٣٫٨ ٩ ٢٠ ٣ ١٫٥
اﻟﻘﺎرة
أﻏﻨﺎم
ﻣﺎﺷﻴﺔ ٩٧ ١٢٢
ﻣﺴﺎﺣﺔ املﺮاﻋﻲ »ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر« ٣٧٣ ٣٧٤
اﻟﺴﻨﺔ
أﻋﺪاد اﻟﺤﻴﻮان »ﺑﺎملﻠﻴﻮن« ﻣﺎﻋﺰ ﺧﻨﺎزﻳﺮ ﺟﺎﻣﻮس ١٣٥ ١٤٢
ً ١٩٦٧ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ ١٩٨٧
٥ ٧
٥٨ ٧٩
٠٫٢ ٠٫٣
ﺣﻤري
ﺧﻴﻞ ٨ ٥٫٨
إﺑﻞ ٠٫٣ ٠٫٢
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (2اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي واﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻧﺒﺬة ﻋﻦ أﻧﻮاع اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻌﺎم ،وﻗﺴﻤﻨﺎه إﱃ ﻗﺴﻤني رﺋﻴﺴﻴني ﻫﻤﺎ :اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،واﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻳُﻤﻜﻦ أن ﻧﻤﻴﺰﻫﻤﺎ ﺑﺎﺳﻤني آﺧﺮﻳﻦ ﻫﻤﺎ :اﻟﺮﻋﻲ املﺘﻨﻘﻞ ،واﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري. وﻳﺘﺸﺎﺑﻪ اﻟﻨﻮﻋﺎن ﻣﻌً ﺎ ﰲ أﻧﻬﻤﺎ ﻳﻤﺜﻼن: اﺳﺘﻐﻼﻻ ً ً ﻛﺜﻴﻔﺎ ﻟﻸرض ﺑﴩوﻃﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. )(١ ) (٢ﻳُﻤَ ﺎ َرس ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺎت واﺳﻌﺔ ﺗﻜﻔﻲ اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺤﻴﻮان. ) (٣ﻳﻈﻬﺮان ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ. ً اﺧﺘﻼﻓﺎ واﺿﺤً ﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﰲ اﻟﺠﺪول املﻘﺎرﻧﺔ اﻵﺗﻴﺔ: وﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻳﺨﺘﻠﻔﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ املﻤﻴﺰات
اﻟﺮﻋﻲ املﺘﻨﻘﻞ
اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري
اﻟﺘﻮزﻳﻊ
ً أﺳﺎﺳﺎ. اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ
املﻜﺎن واملﻠﻜﻴﺔ
ﺗﻨﻘﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻣﻊ اﻟﻌﺸﺐ واملﺎء ﻣﻠﻜﻴﺔ ﻗﺒﻠﻴﺔ.
املﺴﻜﻦ اﻟﺤﻴﻮان
أﻧﻮاع ﻣﺴﺎﻛﻦ ﺳﻬﻠﺔ اﻟﻨﻘﻞ. أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة :واﺣﺪ رﺋﻴﴘ واﻟﺒﺎﻗﻲ ﺛﺎﻧﻮي؛ ً ﻣﺜﻼ أﺑﻘﺎر ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﺎ ﻣﺎﻋﺰ وﺧﺮاف. إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء واملﻠﺒﺲ واملﺄوى وﺑﻌﺾ ﻋﻤﻠﻴﺎت املﻘﺎﻳﻀﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺠريان. ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ا ُملﻘﺎﻳﻀﺔ ﺗﺴري اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻋﲆ أﻗﺪاﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻋﻲ إﱃ ﺧﺎرﺟﻬﺎ.
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ أﺳﱰاﻟﻴﺎ وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. اﺳﺘﻘﺮار وﻣﻠﻜﻴﺔ ﻓﺮدﻳﺔ وأﺳﻮار ﺣﻮل املﻠﻜﻴﺎت وزراﻋﺔ ﻏﺬاء اﻟﺤﻴﻮان ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎﻛﻦ. ﻣﺴﺎﻛﻦ ﻣﺴﺘﻘﺮة. ﻧﻮع واﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﺘﻼﺋﻢ ﻣﻊ ﻇﺮوف اﻟﺒﻴﺌﺔ.
ﻋُ ﻤﺮ اﻟﺤﺮﻓﺔ
آﻻف اﻟﺴﻨني.
اﻟﻬﺪف
اﻟﻨﻘﻞ
130
إﻧﺘﺎج اﻟﻠﺤﻮم واﻟﺠﻠﻮد أو اﻟﻠﺤﻮم واﻷﺻﻮاف ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺠﺎرة ﺧﺎرج ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺮﻋﻲ. ﺗﻨﻘﻞ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﺑﻮاﺳﻄﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ اﻵﱄ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻟﺤﺎﻻت ﻣﻦ املﺮﻋﻰ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﺠﺎرﺗﻬﺎ. ﺣﻮاﱄ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﻓﻘﻂ.
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،واﻧﺘﻘﻞ إﱃ أوروﺑﺎ ،ﺛﻢ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﻌﺪ وﻟﻘﺪ ﻧﺸﺄ اﻟﺮﻋﻲ ً اﻟﻜﺸﻮف اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر آﺳﻴﺎ ﻓﻌﻼ املﺼﺪر اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،وﻟﻮ أن ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻵن ﻋﴩات املﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﺗﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي. أﻣﺎ ﰲ أوروﺑﺎ ﻓﻠﻘﺪ ﺗﻐري اﻟﺮﻋﻲ وﻫﺪﻓﻪ ﻛﺜريًا ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻮﻗﻮﻋﻪ ﰲ ﻗﻠﺐ املﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ املﻌﺎﴏ ،وﻋﲆ ﻫﺬا ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﻮل :إن اﻟﺮﻋﻲ املﺘﻨﻘﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﰲ املﺮاﻛﺰ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ً أوﻻ :ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ وﺳﻂ آﺳﻴﺎ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :أﻗﴡ ﺷﻤﺎل أوراﺳﻴﺎ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﻏﺮب وﺟﻨﻮب ﻏﺮب آﺳﻴﺎ وﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻜﱪى. راﺑﻌً ﺎ :أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺴﻔﺎﻧﺎ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ. وﻳﺘﻤﻴﺰ ﻛﻞ إﻗﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺑﺤﻴﻮان رﺋﻴﴘ؛ ﻓﻔﻲ وﺳﻂ آﺳﻴﺎ ﺗﺘﻐري اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻧﻮع اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻣﻦ اﻷﺑﻘﺎر إﱃ اﻹﺑﻞ إﱃ اﻟﺤﺼﺎن. أﻣﺎ ﰲ ﺷﻤﺎل أوراﺳﻴﺎ ﻓﺄﻫﻢ ﺣﻴﻮان ﻫﻮ اﻟﺮﻧﺔ اﻟﺬي ﻳﺘﻼءم ﻣﻊ ﻇﺮوف اﻟﱪد اﻟﻘﺎرﺳﺔ، وﰲ ﻏﺮب وﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ وﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ واﻟﺼﺤﺮاء ﻳﺴﻮد اﻟﺠﻤﻞ ﺣﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺮﻋﻲ اﻷﺧﺮى، أﻣﺎ ﰲ ﺳﻔﺎﻧﺎ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻓﺈن اﻷﺑﻘﺎر ﻫﻲ اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺮﺋﻴﴘ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺎﻋﺰ واﻟﺨﺮاف. وﻟﻴﺲ ﰲ وﺳﻌﻨﺎ أن ﻧﺪرس اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﺷﻜﺎﻟﻪ 1وذﻟﻚ ﻟﺘﻌﺪد ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل ،وﻟﻘﻠﺔ ﻣﺎ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﺑﻪ ﻫﺬه املﻮارد ﰲ اﻟﺜﺮوة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ؛ وﻟﻬﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺮﻛﺰ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ أﺷﻜﺎل اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌً ﺎ. ) (3اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري إن أﻫﻢ أﻫﺪاف اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﱢﺠﺎري ﻫﻮ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ أﺟﻞ: ) (١ﺑﻴﻌﻪ ﰲ ﺻﻮرة ﺣﻴﻮاﻧﺎت ﺣﻴﺔ أو ﻟﺤﻮم وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻪ املﺒﺎﴍة ،وأﻫﻢ اﻟﺼﻮف واﻟﺠﻠﻮد. ) (٢أﻟﺒﺎﻧﻪ وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ. ) (٣اﻻﺷﱰاك ﰲ اﻷﻋﻤﺎل واﻟﺪﺧﻮل اﻟﺰراﻋﻴﺔ.
131
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﺸﱰك ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﻫﺪاف اﻟﺜﻼﺛﺔ أو ﻫﺪﻓﺎن ،ﻛﻤﺎ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻃﻖ ً أﺳﺎﺳﺎ ﻷﺣﺪ ﻫﺬه اﻷﻫﺪاف ﻓﻘﻂ ،وﺳﻮف ﻧﻌﺎﻟﺞ ﻛﻞ ﻫﺪف ﻋﲆ ﺣﺪة ﺗﺤﺖ ﻋﻨﺎوﻳﻦ ﺗﻘﻮم ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان ،اﻷﻟﺒﺎن ،وأﺧريًا اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ. ) (4ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﻳﻤﺘﺪ ﻧﻄﺎق ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﻮان اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻊ ﰲ اﻟﻘﺎرات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻧﻈﺮ ﺧﺮﻳﻄﺔ ):(1-6 ) (١أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ :ﻣﻦ ﻛﻨﺪا إﱃ وﺳﻂ املﻜﺴﻴﻚ ،وﻳﱰﻛﺰ ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺎرة. ) (٢أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ :ﻣﻦ اﻟﱪازﻳﻞ اﻟﴩﻗﻴﺔ إﱃ ﺟﻨﻮب اﻷرﺟﻨﺘني .ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺻﻐرية ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل ﰲ ﺳﻮاﺣﻞ وﺟﺒﺎل ﻓﻨﺰوﻳﻼ. ) (٣أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ :ﻳﻈﻬﺮ ﻧﻄﺎق ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﻦ أﻧﺠﻮﻻ ،وﻳﻤﺘﺪ ﰲ ﻧﺎﻣﻴﺒﻴﺎ وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وزﻣﺒﺎﺑﻮي. ) (٤أوﺷﻴﻨﻴﺎ :ﻣﻌﻈﻢ أراﴈ أﺳﱰاﻟﻴﺎ وﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا أراﴈ رﻋﻲ ﺟﻴﺪة. ) (٥آﺳﻴﺎ :وﺳﻂ آﺳﻴﺎ ﻓﻘﻂ ﺣﻮل ﺑﺤﺮ ﻗﺰوﻳﻦ وارال .وﻫﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ دﺧﻠﺖ املﻨﻄﻘﺔ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﺣﻠﺖ ﻣﺤﻞ اﻟﺮﻋﻲ املﺘﻨﻘﻞ. وأﻫﻢ ﺣﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﰲ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﻫﻲ اﻷﺑﻘﺎر واﻷﻏﻨﺎم واملﺎﻋﺰ. وﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن أﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻣﻮﺟﻮد ﰲ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ ﱠ إن ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﻓﻘﻂ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﱰﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﺑﻐﺮض اﻟﺘﺠﺎرة. وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﺑﺎﺗﺒﺎع اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮان وﺗﺤﺴني ﺳﻼﻟﺘﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻏﺮاض ﻣُﻌﻴﻨﺔ ﻛﺎﻟﻠﺤﻢ أو اﻟﺼﻮف ،ووﻗﺎﻳﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت املﻔﱰﺳﺔ وﻣﻦ اﻷوﺑﺌﺔ. وﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية ﺗﺴﺘﺨﺪم أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺤﻴﻮان ،ﻣﺜﻞ إدﺧﺎل اﻟﺤﻴﻮان ﰲ ﺣﻤﺎﻣﺎت ﺑﻬﺎ ﻣﻮاد ﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳُﻄﻌﻢ ﺿﺪ اﻷﻣﺮاض ،ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻀﺒﻂ ﻣﺼﺎدر املﻴﺎه اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ املﻨﻄﻘﺔ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻵﺑﺎر اﻻرﺗﻮازﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪار ﺑﺎﻟﻜﻬﺮﺑﺎء أو ﻣﺮاوح اﻟﻬﻮاء ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺄﻣني املﺎء ﻟﻠﺤﻴﻮان .أﻣﺎ اﻟﻐﺬاء ﻓﻬﻮ إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒري اﻟﻌﺸﺐ اﻟﺬي ﻳﻨﻤﻮ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺰاد ﻋﻠﻴﻪ أﻧﻮاع ﻣَ ﺰروﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﱪﺳﻴﻢ واﻟﺤﺒﻮب وﻏريﻫﻤﺎ. 132
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
وﻳﻼﺣﻆ ً أﻳﻀﺎ اﺗﺒﺎع اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل ﺑﻌﺪد اﻟﺤﻴﻮان إﱃ اﻟﺤﺪ اﻷﻣﺜﻞ ﺑﺎ ُملﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎ َملﺼﺪر اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﻐﺬاء؛ وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن ﻛﺜﺎﻓﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻷﺧﺮى ﺣﺴﺐ ﻇﺮوﻓﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﻘﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﺑﺸﺪة ﻷﻧﻪ — ﺣﺴﺐ اﻟﺪراﺳﺎت — ﻳﺤﺘﺎج اﻟﺜﻮر اﻟﻮاﺣﺪ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻓﺪان ﻟﻜﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺸﺒﻊ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻬﺒﻂ املﺴﺎﺣﺔ املﻄﻠﻮﺑﺔ إﱃ ﻣﺎ ﺑني ٢٥و ٧٥ﻓﺪاﻧًﺎ ﻟﻠﺤﻴﻮان اﻟﻮاﺣﺪ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻻﺳﺘﺒﺲ ﰲ ﺟﺒﺎل اﻟﺮوﻛﻲ ،وإﱃ ﻣﺎ ﺑني ١٠و ٢٥ﻓﺪاﻧًﺎ ﰲ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌﻈﻤﻰ. وﻗﺪ ﺣﺪد اﻟﺨﱪاء اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺜﻮر أو اﻟﺒﻘﺮة ﺑﻤﺎ ﻳﻮازي اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺤﺼﺎن ،وﻣﺎ ﻳﻮازي اﺣﺘﻴﺎج ﺧﻤﺴﺔ أﻏﻨﺎم؛ وﻟﻬﺬا ﻓﺈذا ذﻛﺮ أن ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﺗﺴﺎوي ﻋﴩة ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻔﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻋﴩ ﺑﻘﺮات ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء ،أو ﻋﴩة ﺧﻴﻮل ،أو ﺧﻤﺴني ً رأﺳﺎ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﺎم. وﻟﻬﺬا؛ ﱠ ﻓﺈن ِﻣ َﺴﺎﺣﺔ املﻠﻜﻴﺎت ﰲ أراﴈ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ أﻟﻒ ﻓﺪان، وﻫﻨﺎك ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻣﻦ املﻠﻜﻴﺎت ﰲ ﺟﻨﻮب وﺟﻨﻮب ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٥٠٠ ﻓﺪان ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة. وأﻛﱪ ِﻣﻠﻜﻴﺔ رﻋﻮﻳﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻫﻲ ﰲ ﺗﻜﺴﺎس ﺣﻴﺚ ﺗﺼﻞ إﱃ ﻣﺴﺎﺣﺔ ٨٦٥٠٠٠ﻓﺪان ،وﻟﻜﻦ أﻛﱪ ﻣﻠﻜﻴﺎت اﻟﺮﻋﻲ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ املﻠﻜﻴﺎت ﻳﺼﻞ إﱃ ٥٠٠٠ﻣﻴﻞ ﻣﺮﺑﻊ » ٣٫٢ﻣﻠﻴﻮن ﻓﺪان« ،وأﻛﱪﻫﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺗﺼﻞ إﱃ ١٢٠٠ﻣﻴﻞ ﻣﺮﺑﻊ » ٧٫٦ﻣﻠﻴﻮن ﻓﺪان«. وﻣﻦ أﻫﻢ وأﺑﺴﻂ اﻷﺷﻴﺎء املﻤﻴﺰة ﻟﻠﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻜﺮة إﻗﺎﻣﺔ ﺳﻮر ﺣﻮل ﻣﺰرﻋﺔ إن ﻟﻬﺎ دو ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ؛ ﻓﺎﻟﺴﻮرً : اﻟﺤﻴﻮان ،وﻋﲆ ﺑﺴﺎﻃﺔ اﻟﻔﻜﺮة إﻻ ﱠ أوﻻ :ﻳﺤﻤﻲ املﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ أن ﺗﺮﻋﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻴﻮاﻧﺎت أﺧﺮى ﱠ ﻟﺌﻼ ﺗﻔﻘﺪ املﻨﻄﻘﺔ ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﻌﺸﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ا ُملﻌَ ﺪ ﻟﻐﺬاء ً ﻋﺎزﻻ ﺑني اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت داﺧﻠﻪ وﺧﺎرﺟﻪ؛ وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻤﻨﻊ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺤﻴﻮان .وﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻳﻘﻮم اﻟﺴﻮر اﻷوﺑﺌﺔ واﻟﺘﻬﺠني ﻏري املﺴﺘﺤﺐ ﺑني أﻧﻮاع املﺎﺷﻴﺔ .وأﺧريًا؛ ﻓﺈن اﻟﺴﻮر ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻛﺨﻂ دﻓﺎﻋﻲ أول ﺿﺪ اﻟﺤﻴﻮان املﻔﱰس واﻟﻠﺼﻮص.
133
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
املﻤﻴﺰات اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺴﺎﺑﻖ ذﻛﺮﻫﺎ ﺗﻘﻊ داﺧﻞ اﻟﻨﻄﺎق املﻨﺎﺧﻲ اﻟﺠﺎف أو ﻋﲆ ﺣﺪود اﻟﺠﺎف ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺻﺤﺮاوﻳٍّﺎ ،واﻻﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣﻨﺎﻃﻖ املﻄﺮ ﰲ ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا واﻟﱪازﻳﻞ وﻓﻨﺰوﻳﻼ ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺔ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻋُ ِﺮ َ ف أن ﻛﻤﻴﺔ املﻄﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ٥٠٠ﻣﻠﻢ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﻌﺮوض ا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ أﺣﺴﻦ املﻨﺎﻃﻖ ﻟﻠﺮﻋﻲ. واﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻸﻣﻄﺎر ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري ﻫﻮ ٢٥٠ﻣﻠﻢ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ ،وأﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳُﻌﺘﱪ ﻣﺨﺎﻃﺮة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻴﻮان. وﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا اﻗﺘﺼﺎر اﻟﺮﻋﻲ ﻋﲆ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻧﺠﺪ ﻧﻄﺎق اﻟﺮﻋﻲ ﻳﻤﺘﺪ ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة ﰲ ﻛﻨﺪا ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻤﻮ ﻏﺎﺑﺎت ﻣﺨﺮوﻃﻴﺔ ،وﻳﻤﺘﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. وﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت املﻨﺎﺧﻴﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻧﺠﺪ أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﻔﻲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﺣﺸﺎﺋﺶ اﻟﺴﻔﺎﻧﺎ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ وأﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﻼﻧﻮس ﰲ ﻓﻨﺰوﻳﻼ وﻛﺎﻣﺒﻮس ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ وﺟﺮان ﺷﺎﻛﻮ ﰲ ﺑﺎرﺟﻮاي وﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ واﻷرﺟﻨﺘني.
ﺷﻜﻞ :1-6ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﻮاﺳﻊ واﻷﻟﺒﺎن واﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ.
134
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
ﺷﻜﻞ :2-6ﺗﻮزﻳﻊ اﻷﻏﻨﺎم ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
وﻳﻼﺣﻆ أن ﻫﺬه اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ ذات ﻧﺴﻴﺞ ﺧﺸﻦ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﻤﻮ إﱃ ارﺗﻔﺎﻋﺎت ﻛﺒرية ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺣﺸﺎﺋﺶ اﻟﻨﻄﺎق ا ُملﻌﺘﺪل .وﻣﻨﺎﻃﻖ ﺣﺸﺎﺋﺶ اﻟﻨﻄﺎق املﻌﺘﺪل ﺗُﺴﻤﻰ ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺜﻞ» :اﻻﺳﺘﺒﺲ« ﰲ وﺳﻂ آﺳﻴﺎ ،و»اﻟﱪاري« ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،و»اﻟﺒﻤﺒﺎ« ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني. وﻫﺬه اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ أﻧﻌﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺎﻧﺎ وﻃﻮﻳﻠﺔ ً أﻳﻀﺎ وﺗﻌﺪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ أﺣﺴﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻷﻋﺸﺎب ﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان. أﻣﺎ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﺎدة ذات ﺗﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺤﻴﻮان واﻹﻧﺴﺎن ﻣﻌً ﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ﰲ اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت املﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ ﺗﻨﻘﻞ ﻓﺼﲇ ﻣﻦ اﻟﻮادي إﱃ أﻋﺎﱄ اﻟﺠﺒﺎل ﰲ اﻟﺼﻴﻒ ،ﺳﻌﻴًﺎ وراء اﻟﻌُ ﺸﺐ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﰲ ﻣُﻨﺤﺪرات اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ. أﻣﺎ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﺘﻌﺪ — إﱃ ﺣﺪ ﻣﺎ وﺣﺴﺐ املﻌﻠﻮﻣﺎت املﻌﺎﴏة — ً ﻋﺎﺋﻘﺎ أﻣﺎم اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﻮان .وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻟﺴﻔﺎﻧﺎ املﺪارﻳﺔ ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ أﻗﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت ا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ ﰲ املﺮاﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ. أﻣﺎ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺒﴩﻳﺔ ا ُملﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺮﻋﻲ ﻓﺘﺘﻠﺨﺺ ً أوﻻ ﰲ ارﺗﺒﺎط ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻟﺮﻋﻲ ﻋﺎﻣﺔ ﺑﺎملﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎن ،وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺛﺎﻧﻴًﺎ ﺑﻨﻮﻋني ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺒﴩي :اﻷول :اﻟﻨﻮع 135
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
املﺒﻌﺜﺮ ﻣﻦ املﺴﺎﻛﻦ داﺧﻞ املﺮاﻋﻲ .واﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟﻨﻮع املﺘﺠﻤﻊ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻗﺮى وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺨﺪﻣﺎت وﺗﺮﻛﻴﺐ ُﺳﻜﺎن ﻫﺬه اﻟﻘﺮى ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻳﱰﻛﺰ ﺣﻮل اﻟﺨﺪﻣﺎت .وﻳﺘﻀﺢ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﺎﱄ: ﺟﺪول :2-6اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻟﻘﺮﻳﺔ ﺗﻮرﻧﺠﺘﻮن »وﻻﻳﺔ واﻳﻮﻣﻨﺞ :اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة«. ﻧﻮع اﻟﻨﺸﺎط
اﻟﻨﺴﺒﺔ املﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
اﻟﺰراﻋﺔ
ﺣﺮف أوﻟﻴﺔ ٪٥
٪٤
اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ
٪١
ﺣﺮف اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ٪١٧
٪٩
اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
٪٨
اﻟﺘﺠﺎرة
٪٣٠
ﺧﺪﻣﺎت ﻣﻬﻨﻴﺔ
٪١٤
ﺧﺪﻣﺎت ﺧﺎﺻﺔ
ﻗﻄﺎع اﻟﺨﺪﻣﺎت ٪٧٨
٪٨
اﻹدارة
٪٨
اﻟﻨﻘﻞ
٪٨
اﻷﻋﻤﺎل املﺎﻟﻴﺔ
٪٥
ﺧﺪﻣﺎت وإﺻﻼﺣﺎت
٪٥
اﻟﺒﻨﺎء
وﻳﻮﺿﺢ املﺜﺎل اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻛﻴﻒ أن أﻧﻤﺎ ً ﻃﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ وﻇﺎﺋﻒ املﺪن ﻗﺪ ﻧﺸﺄت ﰲ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ :ﱠ أن اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ اﻷﺻﻞ اﻟﺘﻲ ﻫﺎﺟﺮت إﱃ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ووﺟﺪت ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﻄﺮ ً أرﺿﺎ ﺟﻴﺪة ﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﻴﻮان ،وﻟﻜﻦ اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ أوروﺑﺎ ﻣﻤﺎ دﻋﺎ إﱃ دراﺳﺎت وﺗﻄﺒﻴﻘﺎت ﻋﺪﻳﺪة اﻧﺘﻬﺖ إﱃ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺤﺎﱄ.
136
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
) (5أﻧﻤﺎط اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ املﺮاﻋﻲ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺨﺘﻠﻒ أﻧﻤﺎط اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻧﻮع اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺬي ﺗﺪور ﺣﻮﻟﻪ اﻟﺤﺮﻓﺔ؛ ﻓﻼ ﺷﻚ أن اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻷﺑﻘﺎر ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء ودورة ﺣﻴﺎة اﻷﺑﻘﺎر املﻮﺳﻤﻴﺔ واﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﻠﻴﺔ ﻋﻦ اﻷﻏﻨﺎم أو اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ أو اﻹﺑﻞ أو اﻟﺨﻴﻞ ،ﻛﻤﺎ أن ﻣُﻨﺘﺠﺎت اﻷﺑﻘﺎر ﻣﻦ ﻟﺤﻮم ﻣﻌﻴﻨﺔ وأﻟﺒﺎن وﺟﻠﻮد ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺟﻠﻮد وﻟﺤﻮم وأﻟﺒﺎن وﺻﻮف اﻷﻏﻨﺎم؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ ﱠ ﻓﺈن أﻧﻮاع املﺮاﻋﻲ وﺣﻴﺎة اﻟﺮاﻋﻲ ودورة اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ واﻹﻧﺘﺎج واﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ،ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﱃ آﺧﺮ ﺣﺴﺐ اﻟﻨﻮع اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻠﺤﻴﻮان اﻟﺬي ﻳﺮﻋﻰ. وﻧﻈ ًﺮا ﻻﺗﺴﺎع ﻧﻄﺎق اﻟﺮﻋﻲ ﰲ وﺳﻂ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻏﺮﺑﻬﺎ ،واﺧﺘﻼف اﻟﻈﺮوف اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؛ ﻓﻠﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺘﻨﺎول ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ ﻧﻄﺎق اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻌﻠﻴﺎ، املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻨﺎﻃﻘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻓﺎﻷﺑﻘﺎر ﺗﺮﻋﻰ وداﺧﻞ ﻧﻄﺎق اﻟﺬرة ﰲ وﺳﻂ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻮﺳﻄﻰ ،وﺗﻨﺘﴩ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ ودﻳﺎن وﻫﻀﺎب اﻟﻐﺮب ،أﻣﺎ اﻷﻏﻨﺎم ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﻟﻜﻦ أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰﻫﺎ ﻫﻲ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻐﺮب ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ أﻏﻨﺎم املﻮﻫري اﻟﺘﻲ ﺗﱰﻛﺰ اﻵن ﰲ وﺳﻂ ﺗﻜﺴﺎس. وﺑﻔﻀﻞ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ وزراﻋﺔ ﻏﺬاء املﺎﺷﻴﺔ واﺗﺴﺎع ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪي ،أﺻﺒﺢ رﻋﻲ اﻟﺤﻴﻮان ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻘﺪﻣً ﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳُﺴﺎﻫﻢ إﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ؛ وذﻟﻚ ﱠ ﻹن ارﺗﻔﺎع ﻣﺴﺘﻮى املﻌﻴﺸﺔ ﻳﻮﺟﻪ ﻛﻞ اﻹﻧﺘﺎج ﻟﻠﺴﻮق اﻟﺪاﺧﲇ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ واردات ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻮم وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ً أﻳﻀﺎ. اﻟﺮﻋﻲ ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني ﺗﺸﻤﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺮﻋﻲ ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني ﻣﺴﺎﺣﺔ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﺪودﻫﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺟﺰﻳﺮة ﺗريادﻟﻔﻮﻳﺠﻮ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﺄﻗﺎﻟﻴﻢ ﺟﺮان ﺷﺎﻛﻮ ﰲ اﻟﺸﻤﺎل ،واﻟﺒﻤﺒﺎ ﰲ اﻟﻮﺳﻂ ،وﺑﺘﺎﺟﻮﻧﻴﺎ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب. وﺳﻬﻮل اﻟﺒﻤﺒﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻋﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ إﺿﺎﻓﺔ اﻟﱪﺳﻴﻢ إﱃ ﻏﺬاء اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ اﻷﻋﺸﺎب اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﺗﺤﺴني ﺳﻼﻟﺔ اﻷﺑﻘﺎر ،وﺗﺘﻠﻘﻰ ﺳﻬﻮل اﻟﺒﻤﺒﺎ ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ اﻷﻣﻄﺎر ﻳﱰاوح ﺑني ٤٥٠ﻣﻠﻢ ﰲ اﻟﻐﺮب وأﻟﻒ ﻣﻠﻢ ﰲ اﻟﴩق ،ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺰﻳﺎدة ﻛﺒرية ﰲ اﻟﺼﻴﻒ .ودرﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺸﺘﺎء؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار 137
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﺮﻋﻲ ﰲ اﻟﻬﻮاء اﻟﻄﻠﻖ ،وﻻ ﻳﺨﻠﻖ ﴐورة ﻟﺘﺨﺰﻳﻦ اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﻟﻠﺸﺘﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻗﻠﺔ اﻷﻧﻬﺎر ﰲ اﻟﺒﻤﺒﺎ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﴬوري إﻧﺸﺎء ﻣﺼﺎدر ﻟﻠﻤﻴﺎه ﰲ ﺻﻮرة آﺑﺎر ﺗﺪار ﺑﻤﺮاوح اﻟﻬﻮاء وﻣﺨﺎزن ﻛﺒرية ﻟﻠﻤﻴﺎه ﻳﺘﺴﻊ اﻟﺨﺰان اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ إﱃ ٣٥٠٠٠٠٠ﻟﱰ ﻣﻦ املﺎء. وﺗﻘﺴﻢ املِ ﻠﻜﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة Estanciaﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻷﺳﻼك اﻟﺸﺎﺋﻜﺔ إﱃ ﻋﺪة أﻗﺴﺎم ﺣﺴﺐ ﺟﻮدة اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ وﻣﻮﺳﻢ ﻧﻤﻮﻫﺎ ،وﺣﺴﺐ ﻧﻮع وﺳﻼﻟﺔ اﻷﺑﻘﺎر وﻣﺮاﺣﻞ ﻋﻤﺮﻫﺎ ،وﺑﻬﺬا ﻻ ﻳُﺴﻤﺢ ﺑﺎﺳﺘﻬﻼك اﻟﻐﺬاء ﰲ ﻓﱰة ﻧﻤﻮه ،إﻧﱠﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﻤﺎل ﻧﻤﻮه. وﻫﺬه ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻤﺘﺎزة ﰲ ا ُملﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ اﻟﻐﺬاء وإﻋﻄﺎﺋﻪ ﻟﻠﺤﻴﻮان ﺑﻌﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ً ﻓﻌﻼ أﻛﺜﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ وأﻛﱪ ﻛﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﻐﺬاء ،وﻳﺆدي ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ إﱃ ﻋﺪم اﺧﺘﻼط اﻟﺴﻼﻻت ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وإﱃ اﻟﺘﺪرج ﰲ ﺗﺴﻤني اﻟﺤﻴﻮان ،ﺣﺘﻰ إذا اﻗﱰب ﻣﻮﺳﻢ ﺑﻴﻌﻪ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﺑﻠﻎ اﻟﺤﺪ اﻷﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻤني ﻣﻊ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ ﻧﻘﺎء اﻟﺴﻼﻟﺔ وﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻮرد اﻟﻌﺸﺐ واﻟﱪﺳﻴﻢ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ. وﻟﻘﺪ أدت زراﻋﺔ اﻟﱪﺳﻴﻢ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺘﻮﺳﻄﺔ واﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﻄﺮ إﱃ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﻼﻳني اﻷﻓﺪﻧﺔ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ رﻋﻲ ﻳﺘﻜﺎﺛﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﻴﻮان؛ وﺑﺬﻟﻚ أﻣﻜﻦ رﻓﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ املﺮاﻋﻲ .وﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ ذﻟﻚ أن ُﻗﺪرة اﻟﱪﺳﻴﻢ ﻋﲆ ﺗﻐﺬﻳﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﺗﺴﺎوي أرﺑﻊ ﻣﺮات ﻗﺪرة اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى أﻣﻜﻦ زﻳﺎدة ﻋﺪد اﻟﺤﻴﻮان ﺑﻤﻘﺪار ﻗﺪ ﻳﺼﻞ أﺣﻴﺎﻧًﺎ إﱃ أرﺑﻊ ﻣﺮات ﻗﺪر ﻣﺎ ﻛﺎن ،أو أﺻﺒﺢ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ﺗﺴﻤني اﻟﺤﻴﻮان ﰲ ﻓﱰة ﺗﻘﻞ ﺑﻤﻘﺪار ﺳﻨﺔ ﻋﻤﺎ ﻳُﻤﻜﻦ ﻟﻠﻌﺸﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ْ أن ﻳُﻘﺪﻣﻪ ﻣﻦ ﻏﺬاء ﻻزم ﻟﻠﺘﺴﻤني. وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ املﻠﻜﻴﺎت ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ﻛﺒرية ،وﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﺠﺎوز ٢٥أﻟﻒ ﻓﺪان، وﻟﻜﻦ ﻗﻮاﻧني اﻹﺻﻼح اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ »ﺑريون« اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻗﺪ أدت إﱃ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻫﺬه املﻠﻜﻴﺎت اﻟﻮاﺳﻌﺔ. وﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺗﻘﺪم ﺣﺮﻓﺔ اﻟﺮﻋﻲ ﺷﺒﻜﺔ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻤﺒﺎ ﰲ ﺣﺪود ﻻ ﺗﺒﻌﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٧٠ﻛﻴﻠﻮﻣﱰًا ﻋﻦ أي ﺧﻂ ﺣﺪﻳﺪي .وﻟﺬﻟﻚ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﻨﱠﻘﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪي ﻳﺆﻣﻦ ﺳﻼﻣﺔ وﺻﻮل اﻟﺤﻴﻮان إﱃ ﻣﻮاﻧﺊ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ أو املﺬاﺑﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ، وﻳﻘﻠﻞ ﻓﻘﺪان اﻟﻮزن ،وﻗﺪ أدى اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻬﺬا املﻮرد إﱃ أن ﺗﻜﻮن اﻷرﺟﻨﺘني ﺑني دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﱪى ﰲ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻟﺤﻮم اﻷﺑﻘﺎر ،وﺗﺴﺎﻫﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﰲ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻟﺤﻮم اﻷﻏﻨﺎم2 .
138
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
رﻋﻲ اﻷﻏﻨﺎم ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ وﺗﱰﻛﺰ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﻏﻨﺎم ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘني؛ اﻷوﱃ :ﰲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﴩﻗﻲ .واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﰲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻐﺮﺑﻲ .وﺗﺘﻤﻴﺰ ﻣﺮاﻋﻲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﴩﻗﻲ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﺒﻠﻴﺔ ﻣَ ِﻄرية ذات أﻋﺸﺎب ﺟﻴﺪة ،ﻳُﻀﺎف إﻟﻴﻬﺎ ِزراﻋﺔ أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ،وﻫﺬه املﻨﻄﻘﺔ ً أﻳﻀﺎ ﺗﻜﻮن أﻛﱪ ﻣﺮﻛﺰ ﻟﺮﻋﻲ املﺎﺷﻴﺔ اﻷﺳﱰاﻟﻴﺔ ،وﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﺈن ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﴩﻗﻲ ﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺴﻤني اﻟﺤﻴﻮان؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈن أﻫﻢ أﻏﺮاﺿﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻠﺤﻮم. أﻣﺎ ﻣﺮاﻋﻲ اﻟﻐﺮب اﻟﺠﺎﻓﺔ وﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ؛ ﱠ ً أﺳﺎﺳﺎ إﱃ إﻧﺘﺎج ﻓﺈن رﻋﻲ اﻷﻏﻨﺎم ﻳﺘﺠﻪ اﻟﺼﻮف ،وﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬه املﻨﻄﻘﺔ ﺑﴬورة اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺤﻔﺮ اﻵﺑﺎر ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺄﻣني املﻴﺎه ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ إﻗﺎﻣﺔ ﺧﺰاﻧﺎت ﻛﺒرية ﻟﺨﺰن ﻣﻴﺎه املﻄﺮ اﻟﻔﺼﲇ ،وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺄﻣني املﻴﺎه ﻧﻠﺤﻈﻬﺎ ﰲ ﺣﻮض ﻣﺮي دارﻟﻨﺞ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻷوﺳﻂ ،واﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﻮاﻗﻊ إﱃ ﻏﺮب ﺟﺒﺎل أﺳﱰاﻟﻴﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ .وﺗﺘﻀﺎﻓﺮ ﺟﻬﻮد أﺻﺤﺎب املﺮاﻋﻲ واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻌً ﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺄﻣني املﺎء اﻟﻼزم، وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺎء؛ ﻓﺈن ﻋﲆ اﻟﺮﻋﺎة ﺗﺄﻣني ﻏﺬاء ﻟﻠﻤﺎﺷﻴﺔ ﻟﻠﻔﺼﻞ اﻟﺠﺎف. وﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪي ا ُملﻤﺘﺎزة ﰲ ﻣﺮاﻋﻲ اﻷرﺟﻨﺘني ،ﻧﺠﺪ أن ﻣُﻌﻈﻢ ﻣﺮاﻋﻲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﰲ اﻟﻮﺳﻂ واﻟﻐﺮب ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻔﻘﺮ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪي؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﺳري اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻋﲆ أرﺟﻠﻬﺎ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻀﻊ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻠﻮﻣﱰات إﱃ أﻗﺮب ﺧﻂ ﺣﺪﻳﺪي ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺪوث ﺟﻔﺎف؛ ﻟﻜﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻧﻘﻠﻬﺎ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ أوﻓﺮ ﻣﺎءً أو ﻏﺬاءً ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻣﻜ ﱢﻠﻔﺔ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻬﺎ ﺳﻮى أﺻﺤﺎب املﺮاﻋﻲ اﻷﺛﺮﻳﺎء3 . وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣُﺸﻜﻼت اﻟﺠﻔﺎف واﻟﻨﻘﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻷراﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺮاﻋﻲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﺑﺸﺪة ،ﻓﻘﺒﻞ اﻛﺘﺸﺎف أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ أراﻧﺐ ،وﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ ١٨٦٣ﻛﺎﻧﺖ اﻷراﻧﺐ ﺗُﺮﺑﻰ ﰲ ﻣﺰارع ﻣﺴﻮرة ﰲ إﻗﻠﻴﻢ ﻓﻜﺘﻮرﻳﺎ ﰲ أﻗﴡ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﴩﻗﻲ ،ﺛﻢ ﺗﻬﺪم اﻟﺴﻮر ﺑﻌﺪ ﺣﺮﻳﻖ؛ ﻓﺄﻓﻠﺘﺖ اﻷراﻧﺐ وﺗﻮاﻟﺪت واﻧﺘﴩت ﺑﴪﻋﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﰲ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﻟﻘﺎرة، ورﻏﻢ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﻃﻮﻟﻪ اﻵن ١٦٥أﻟﻒ ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ ﻣﻦ اﻷﺳﻮار ﺑﻄﻮل اﻟﻘﺎرة ﻓﺈن اﻷراﻧﺐ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻘﴤ ﻋﲆ املﺮاﻋﻲ وﺗﴩب املﻴﺎه اﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺪ ﻟﺤﻴﻮان اﻟﺮﻋﻲ ،وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ﻧﺤﻮ ٥٠٠ﻣﻠﻴﻮن أرﻧﺐ ﻋﺎم .١٩٥٠ وﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ اﻛﺘﺸﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء »ﻓريوس« ﻳﻘﺘﻞ اﻷراﻧﺐ وﻻ ﻳﴬ اﻷﻏﻨﺎم .وﻗﺪ ﺗﻢ ﺣﻘﻦ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ أرﻧﺐ ﺑﻬﺬا اﻟﻔريوس ،وأﻃﻠﻘﺖ ﰲ أرﺟﺎء أﺳﱰاﻟﻴﺎ ،وﺳﺎﻋﺪ اﻟﻨﺎﻣﻮس ﻋﲆ ﻧﻘﻞ اﻟﻔريوس إﱃ اﻷراﻧﺐ؛ ﻣﻤﺎ أدى إﱃ ﻣﻮت ﻣﻼﻳني ﻣﻨﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ً ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ أن ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷراﻧﺐ أن ﺗﻨﺠﺐ ﺳﻼﻟﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﺎﻋﺔ ﺿﺪ اﻟﻔريوس ،وﻣﻤﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﺧﻄﻮرة اﻷراﻧﺐ أن ﻛﻞ ﺳﺘﺔ أراﻧﺐ ﺗﻤﻮت ﻳﺆدي إﱃ ﺗﻮﻓري اﻟﻐﺬاء ﻟﺮأس ﻣﻦ اﻟﻐﻨﻢ. 139
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣُﺸﻜﻼت اﻷراﻧﺐ ،ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻜﻼب اﻟﱪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﴩ ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﴩﻗﻲ ﻋﲆ اﻟﺤﺪود ﺑني اﻟﺼﺤﺮاء واملﺮاﻋﻲ. وﻗﺪ دﻟﺖ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﻋﲆ أن ﻫﺬه اﻟﻜﻼب ﻗﺪ ﻗﺘﻠﺖ ٤٥أﻟﻒ رأس ﻣﻦ اﻷﻏﻨﺎم ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺮوﻛﻦ ﻫﻴﻞ ﰲ ﻋﺎم واﺣﺪ ،وﻟﻜﻦ املﻜﺎﻓﺄة اﻟﺘﻲ ﺗُﻌﻄﻰ ﻟﻘﺘﻞ ﻫﺬه اﻟﻜﻼب ﻗﺪ أدت إﱃ ﺗﻨﺎﻗﺺ ﻋﺪدﻫﺎ. وﻫﻨﺎك ﻏري ذﻟﻚ :ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺸﻮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﴤ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻟﻌﺸﺐ، واﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎرب ﺑﺸﺪة ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﺳﺘﺼﻼح اﻷراﴈ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺸﻜﻠﺔ أﻣﺮاض املﺎﺷﻴﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ. ورﻏﻢ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﺒﺎت ﻓﺈن ﻣﺮاﻋﻲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﻏﻨﻴﺔ وواﺳﻌﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ دوﻟﺔ ذات أﻫﻤﻴﺔ ﻛﱪى ﰲ ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻠﺤﻮم واﻷﻟﺒﺎن واﻟﺠﻠﻮد واﻟﺼﻮف ،وﻣﺮاﻋﻲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﻣ َُﺴﻮﱠرة وﻣﻨﻈﻤﺔ ﺣﺴﺐ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﱪﺳﻴﻢ املﺰروع ﻋﲆ ﻏﺮار اﻟﻄﺮق اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﺮﻋﻲ ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ. ) (6إﻧﺘﺎج اﻟﻠﺤﻮم ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 3-6أن اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﻠﺤﻮم ١٩٩٤ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ١٩٣٫٨ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،وأن أﻛﱪ أﻧﻮاع اﻟﻠﺤﻮم ﻫﻲ ﻟﺤﻮم اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ٪٣٩٫٥ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻠﺤﻮم، ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻟﺤﻮم اﻟﺒﻘﺮ واﻟﺠﺎﻣﻮس ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻧﺤﻮ ،٪٢٩ﺛﻢ ﻧﺴﺒﺔ ﻟﺤﻮم اﻟﺪواﺟﻦ ﺑﻨﺴﺒﺔ ،٪٢٥ وأﺧريًا اﻷﻏﻨﺎم واملﺎﻋﺰ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻧﺤﻮ ٪٥ﻓﻘﻂ. ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ ً أﻳﻀﺎ أن اﻟﺼني ﻫﻲ أﻛﱪ ﻣُﻨﺘﺞ ﻟﻠﺤﻮم ﺑﺠﻤﻴﻊ أﻧﻮاﻋﻬﺎ » ٪٢١ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺼﺪارة ﺗﺮﺟﻊ إﱃ ﺿﺨﺎﻣﺔ إﻧﺘﺎج ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﴘ ﻟﺤﻮم اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ إﱃ ارﺗﻔﺎع ﻟﺤﻮم اﻷﻏﻨﺎم »ﺻﺪارة اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ «٪١٤ واﻟﺪواﺟﻦ » ٪١٢ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺪﻧﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﻟﺤﻮم اﻟﺒﻘﺮ واﻟﺠﺎﻣﻮس ﰲ اﻟﺼني إﱃ ﻧﺤﻮ ٪٤ﻓﻘﻂ .ﻫﺬه اﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻠﺤﻮم ﺗﺮﺟﻊ — ﺑﻼ ﺷﻚ — إﱃ اﻻﺳﺘﻬﻼك املﺤﲇ اﻟﻜﺒري ﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻀﺨﻤﺔ ﰲ اﻟﺼني » ١٫٢ﻣﻠﻴﺎر ﺷﺨﺺ«.
140
٪ ١٤٫٣ ١٫٥ ١٫٢ ٢٫٥ ١٫٧ ٠٫٤ ٦٫٥ ٠٫٠٨ ٢٫٤
ﻟﺤﻢ اﻟﻐﻨﻢ ١٫٤ ٠٫١٥ ٠٫١٣ ٠٫٢٥ ٠٫١٦ ٠٫٠٤ ٠٫٦٤ ٠٫٠٨ ٠٫٢٤ ٠٫٠٨
٪ ٤٫١ ١٩٫٨ ٥٫٦ ٦٫٠ ٣٫٠ ٢٫٧ ٤٫٤ ٢٫١ ٠٫٨ ٤٫٩
ﻟﺤﻢ اﻟﺒﻘﺮ واﻟﺠﺎﻣﻮس ٢٫٢ ١١٫٠ ٣٫١ ٣٫٣ ١٫٦ ١٫٥ ٢٫٤ ١٫١ ٠٫٤ ٢٫٧
٪ ٤٠٫٦ ٩٫٩ ١٫٦ ٣٫١ ٢٫٨ ٤٫٦ ٠٫٥ ١٫٧ ٢٫٧ ٠٫٢
ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ٣١٫١ ٧٫٦ ١٫٢ ٢٫٤ ٢٫١ ٣٫٥ ٠٫٤ ١٫٣ ٢٫٠ ٠٫١
٪ ٢١٫٣ ١٦٫٥ ٤٫١ ٣٫٨ ٣٫١ ٢٫٩ ٢٫١ ٢٫٠ ١٫٩ ١٫٩
إﻧﺘﺎج ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﻠﺤﻢ
٤١٫٤
٣٢٫٠
٨٫٠
٧٫٣
٦٫١
٥٫٧
٤٫١
٤٫٠
٣٫٧
٣٫٧
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﺼني
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
اﻟﱪازﻳﻞ
روﺳﻴﺎ
ﻓﺮﻧﺴﺎ
أملﺎﻧﻴﺎ
اﻟﻬﻨﺪ
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ
اﻷرﺟﻨﺘني
ﺟﺪول :3-6اﻟﺪول اﻟﻌﴩ اﻷوﱃ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻠﺤﻮم ﰲ
ﻟﺤﻢ اﻟﺪواﺟﻦ ٦٫١ ١٣٫٠ ٣٫٤ ١٫٣ ١٫٨ ٠٫٦ ٠٫٤ ١٫١ ٠٫٨ ٠٫٧
* .١٩٩٤
٪ ١٢٫٦ ٢٦٫٩ ٧٫٢ ٣ ٤ ١٫٣ ٠٫٩ ٢٫٣ ١٫٧ ٠٫٦
٧٦٫٥٦
٥٥٫٤٨
٩٫٨٢
٤٨٫٣٢
١٫٣
اﻟﻌﺎﻟﻢ
١٩٣٫٨٠
* .Fisher weltalmanach, Frankfurt, 1996
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺼني ﻧﺠﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺘﺼﺪر دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ إﻧﺘﺎج ﻟﺤﻮم اﻟﺒﻘﺮ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺗﻜﺎد ﺗﺒﻠﻎ ُﺧﻤﺲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻟﺤﻮم اﻟﺪواﺟﻦ إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ُرﺑﻊ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺪﻧﻰ ﻧﺴﺐ إﻧﺘﺎج ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ إﱃ اﻟﻌُ ﴩ ،وﺗﻬﺒﻂ ﻟﺤﻮم اﻷﻏﻨﺎم ﻛﺜريًا. وﺳﺒﺐ ﺻﺪارة اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ إﻧﺘﺎج ﻟﺤﻮم اﻟﺒﻘﺮ واﻟﺪواﺟﻦ راﺟﻊ إﱃ اﻻﺳﺘﻬﻼك املﺤﲇ اﻟﻜﺒري ذو املﻨﺴﻮب املﺎدي اﻟﻌﺎﱄ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ً أﻳﻀﺎ إﱃ أن اﻷﺑﻘﺎر اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ذات أوزان ﻛﺒرية ﻟﺤﺴﻦ رﻋﺎﻳﺘﻬﺎ وﺗﻐﺬﻳﺘﻬﺎ ،وﻳﺘﻀﺢ ذﻟﻚ ﻣﻦ أن وزن اﻟﺒﻘﺮة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻫﻮ ﰲ ﺣﺪود ٢٧٥ﻛﺠﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺒﻘﺮة ﰲ اﻟﺼني اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ١٠٩ﻛﺠﻢ؛ أي أﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ4 . وﻧﻼﺣﻆ ﻣﻦ اﻟﺠﺪول ً أﻳﻀﺎ اﻧﺨﻔﺎض ﻧﺴﺒﺔ إﻧﺘﺎج ﻟﺤﻮم اﻷﻏﻨﺎم ﺑﺮﻏﻢ ﻛﺜﺮة اﻷﻏﻨﺎم ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ »ﻧﺤﻮ ،«٪٢٠وأوروﺑﺎ ،٪١٢وﻟﻜﻦ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻏﻨﺎم ﻫﺬه ﺗُﺮﺑﻰ ﻟﻠﺼﻮف أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﺤﻮم .أﻣﺎ أﻏﻨﺎم آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ »= ٪٢٥ﻣﻌً ﺎ« ،ﻓﻬﻲ ﺗُﺴﺎﻫﻢ — ﺑﻼ ﺷﻚ — ﰲ ﻏﺬاء املﻼﻳني َ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ دول اﻟﻘﺎرﺗني ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻔﻀﻴﻠﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ،أو أﻧﻬﺎ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﺤﻢ اﻷﺑﻘﺎر ذات اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺰراﻋﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﺪارﻳﺔ ،أو ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻧﻘﺺ ﻟﺤﻮم اﻟﺒﻘﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﻊ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ذﺑﺤﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪ أﺗﺒﺎع اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻬﻨﺪوﺳﻴﺔ. ﺗﺠﺎرة اﻟﻠﺤﻮم اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺣﺘﻰ أواﺋﻞ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﻛﺎﻧﺖ ٪٩٤ﻣﻦ ﺻﺎدرات اﻟﻠﺤﻮم اﻟﻄﺎزﺟﺔ واملﱪدة واملﺠﻤﺪة ﺣﻜ ًﺮا ﻋﲆ ﺧﻤﺲ دول ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ :اﻷرﺟﻨﺘني ،وأورﺟﻮاي، وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ،وﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا .وﻛﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ أن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٪٨٠ﻣﻦ ﺗﺠﺎرة اﻟﻠﺤﻢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺗﺴﺘﻮردﻫﺎ ﺳﺒﻊ دول ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺸﻤﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻫﻲ ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ :ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وأملﺎﻧﻴﺎ ،وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،وﻓﺮﻧﺴﺎ ،واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻛﻨﺪا. وﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن اﻟﺪول املﺼﺪرة اﻟﺨﻤﺲ أﻛﺜﺮ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻏﻨًﻰ ﺑﺎﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ؛ ﻓﻬﺬه اﻟﺪول ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻓﻘﻂ ﻣﺎ ﻳَﻘﺮب ﻣﻦ ٪٩ﻣﻦ ﻋﺪد ﻣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ و ٪٣٠ﻣﻦ أﻏﻨﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻠﻴﺴﺖ اﻟﺪول ا ُملﺴﺘﻮردة اﻟﺴﺒﻊ أﻓﻘﺮ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﻣﻌً ﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻗﺮاﺑﺔ ٪٢١ﻣﻦ ﻣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ً واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﱠ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﺿﺨﻤً ﺎ؛ إن ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ﰲ ﻛﻼ املﺠﻤﻮﻋﺘني ﻣﻦ اﻟﺪول ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﻌﺪد ﺳﻜﺎن اﻟﺪول اﻟﺨﻤﺲ ا ُملﺼﺪرة ﻣﻌً ﺎ ٥٥ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪول 142
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
ا ُملﺴﺘﻮردة ٥١٤ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ؛ أي اﻟﻨﺴﺒﺔ واﺣﺪة إﱃ ﻋﴩة ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه املﻘﺎرﻧﺔ ﺑني أﻋﺪاد اﻟﺴﻜﺎن ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ﻏري ﻛﺎﻓﻴﺔ؛ ﱠ ﻓﺈن ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض وﻛﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﻫﻲ اﻟﻔﺎرق اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑني املﺠﻤﻮﻋﺘني؛ ﻓﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﺪول املﺼﺪرة ﻟﻠﺤﻮم ﻛﺒرية ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس إﱃ دول املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﺧﺮى، ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻛﻨﺪا واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻳُﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ أن ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪﺧﻞ واملﻌﻴﺸﺔ ﰲ اﻟﺪول ﻋﺎل ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﻌﻤﻮم؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ اﺳﺘﻬﻼك ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﱪوﺗﻴﻨﺎت املﺴﺘﻮردة ٍ اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ5 . وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻛﺜريًا ﺑﻌﺪ ٣٠ﺳﻨﺔ ،وﻗﺪ دﺧﻠﺖ دول أوروﺑﻴﺔ وأﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻀﻤﺎر ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻠﺤﻮم؛ ﻫﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأملﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا وأﻳﺮﻟﻨﺪا ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﺣﺘﻔﺎظ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﺑﺼﺪارة ﻧﺴﺒﻴﺔ ،واﺳﺘﻤﺮار ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة ﻣﻦ ﺑني ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺪول املﺼﺪرة ﻟﻸﻏﻨﺎم ،وﻳﺘﻀﺢ ذﻟﻚ ﺑﺠﻼء ﻣﻦ اﻟﺠﺪول ،4-6واﻟﺬي ﻧﺮى ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺨﺼﺺ ﰲ أﻧﻮاع اﻟﻠﺤﻮم ﻟﻜﻞ دوﻟﺔ .ﻓﺄﺳﱰاﻟﻴﺎ ﺗﺼﺪر ﻟﺤﻮم اﻷﺑﻘﺎر واﻷﻏﻨﺎم ،واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻓﺮﻧﺴﺎ أﺑﻘﺎر ودواﺟﻦ وأملﺎﻧﻴﺎ أﺑﻘﺎر وﺧﻨﺰﻳﺮ … إﻟﺦ. وﻣﻨﺬ أواﺋﻞ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﺣﺘﻰ اﻵن ﱠ ﻓﺈن ٪٧٠ﻣﻦ واردات اﻟﻠﺤﻮم ﺗﺘﺠﻪ إﱃ ﺳﺒﻊ دول ﰲ ﻧﺼﻒ اﻟﻜﺮة اﻟﺸﻤﺎﱄ )ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،أملﺎﻧﻴﺎ ،إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،ﻓﺮﻧﺴﺎ ،اﻟﻴﺎﺑﺎن، ُروﺳﻴﺎ( ،وﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ﺑﻤﺴﺘﻐﺮب ﺣﻴﺚ ﱠ إن ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺪول اﻟﻐﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﺑﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻛﺒرية. ً رءوﺳﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﻮاﻧﺎت اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺮﻋﻲ ﻟﻴﺴﺖ واﻟﺨﻼﺻﺔ أن أﻛﱪ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺑﺎﻟﴬورة ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺼﺪر ﻗﺎﺋﻤﺔ املﺼﺪرﻳﻦ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻛﺜرية ﺗﺮﺟﺢ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﻌﻈﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻮم ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﱪازﻳﻞ ،أو ﺗُﺼﺪر وﺗﺴﺘﻮرد ﻣﻌً ﺎ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﻛﺎﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻮم ﻧﻈ ًﺮا ﻻرﺗﻔﺎع ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻔﺮدي وارﺗﻔﺎع أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة املﺮﻓﻬﺔ .وﰲ ﻫﺬا ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ أوروﺑﺎ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻣﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻓﻬﻲ ﻋﲆ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ واﻻﺳﺘرياد ﻣﻌً ﺎ ﺧﺎﺻﺔ دول أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. وﺗﺤﺘﻞ أﺳﱰاﻟﻴﺎ وﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﺟﻴﺪًا ﰲ دول اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ﺑﺮﻏﻢ إﻧﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﺎن أﻋﺪادًا ﻛﺒرية ﻣﻦ املﺎﺷﻴﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ اﻟﺴﺒﺐ إﱃ أن ﻗِ ﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ اﻟﺪوﻟﺘني ﻳﺠﻌﻞ اﻻﺳﺘﻬﻼك املﺤﲇ ﺻﻐريًا ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻔﺎﺋﺾ ﻛﺒري ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ ﰲ ﺻﻮرة ﻟﺤﻮم أو ﻣﺎﺷﻴﺔ وأﻏﻨﺎم ﺣﻴﺔ.
143
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﺟﺪول :4-6اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻟﻠﺤﻮم ﺳﻨﺔ ،١٩٩١أﻫﻢ اﻟﺪول املﺼﺪرة ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ. ﻟﺤﻢ اﻟﺒﻘﺮ ﻟﺤﻢ اﻷﻏﻨﺎم ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ﻟﺤﻢ اﻟﻄﻴﻮر
اﻟﺪوﻟﺔ أﺳﱰاﻟﻴﺎ
٦٧٤٫٣
١٦٥٫٨
أملﺎﻧﻴﺎ
٦١٢٫٢
٢٢٤٫٥
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٣٧٧٫٦
٤٥٧٫٤
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٣٤٠٫٥
٥٦٤
ﻫﻮﻟﻨﺪا
٣٠٦٫١
٧٧١٫١
٢٧٥٫٤
أﻳﺮﻟﻨﺪة
٢٨١٫٤
ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة
٢٣٦
٣٧٤٫٥
اﻟﺪاﻧﻤﺮك
٤٧١٫٦
ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ/ﻟﻜﺴﻤﺒﻮرج
٢٧٨٫١
ﻛﻨﺪا
٢٢٠٫٤
ﺑﺮازﻳﻞ
٣٠٣
املﺠﺮ
١٩٣٫٢
أﻫﻢ اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة ﻟﻠﺤﻮم ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ ﺳﻨﺔ .١٩٩٠ اﻟﺪوﻟﺔ
ﻟﺤﻢ اﻟﺒﻘﺮ ﻟﺤﻢ اﻷﻏﻨﺎم ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ﻟﺤﻢ اﻟﻄﻴﻮر
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٦٩٩٫٧
٢٣٣٫٨
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
٤٥٠٫٨
٥٠٣٫٢
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٣٧٦٫٤
١٢٤٫٧
٢٩٠٫٨
اﻟﻴﺎﺑﺎن
٣٧٦٫١
٦٤٫٦
٣٤٣٫٤
٣٠١٫٤
أملﺎﻧﻴﺎ
٢٥٠٫٩
٥٥٠
٣٠٢٫٤
روﺳﻴﺎ
٢٠٠
٢٦٠٫٠
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
١٣٠
اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
٢٢٠
144
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﺨﺼﺺ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ وروﺳﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﻟﺒﺎن ﻳﺨﺮج ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻛﻤﺼﺪر ﻟﻠﺤﻢ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن اﻻﺳﺘرياد اﻟﻜﺒري ﻟﻠﺤﻮم ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﺮوس ﻣﻌﻈﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬﻢ ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ ،و ُرﺑﻤﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ اﺳﺘﻤﺮا ًرا ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﰲ اﻻﺗﺠﺎه ﻧﺤﻮ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ أو اﻻﺳﺘرياد. وأﺧريًا؛ ﻓﺈن ﻇﻬﻮر اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻻﺳﺘرياد راﺟﻊ — ﺑﺪون ﺷﻚ — إﱃ ﺿﻌﻒ اﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ وإﱃ اﻟﺜﺮاء اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ اﻟﺒﱰول؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ اﺳﺘرياد ﻛﺒري ،وﺧﺎﺻﺔ ﻟﺤﻮم اﻷﻏﻨﺎم واﻟﺪواﺟﻦ. ) (7إﻧﺘﺎج اﻟﺼﻮف وﺗﺠﺎرﺗﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٦٨ﺑﻠﻎ إﻧﺘﺎج اﻟﺼﻮف اﻟﻌﺎملﻲ ٢٫٨ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻮف اﻟﺨﺎم ،واﻧﺨﻔﺾ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻋﺎم ١٩٩٤إﱃ ٢٫٧ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،واﻟﺼﻮف اﻟﺨﺎم ﻳﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﱰاوح ﺑني ٪٤٠ و ٪٦٥ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﺋﺐ. ﺟﺪول :5-6إﻧﺘﺎج اﻟﺼﻮف اﻟﻨﻘﻲ ».«١٩٩٤ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ
أﺳﱰاﻟﻴﺎ
٧٣٥
ج .أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
٧٨
ﻧﻴﻮزﻟﻨﺪة
٢٧٨
أوروﺟﻮاي
٧٨
اﻟﺼني
٢٤٩
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
٥٩
روﺳﻴﺎ
١٨٠
ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن
٥٢
ﻛﺎزاﺧﺴﺘﺎن
١٠٠
اﻟﺠﺰاﺋﺮ
٥٠
اﻷرﺟﻨﺘني
٩١
145
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺷﻜﻞ :3-6ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﻮزﻳﻊ املﺎﺷﻴﺔ واﻷﻏﻨﺎم ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ.
ﻛﺎﻧﺖ دول اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﰲ ١٩٦٨ﺗﺤﺘﻜﺮ ﻧﺤﻮ ﺛﻠﺜﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﺼﻮف اﻟﻨﻘﻲ ﻋﺎملﻴٍّﺎ ،وذﻟﻚ أﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﱰﻛﺰ ﻣﺮاﻋﻲ اﻷﻏﻨﺎم ﰲ ﻣﺮاﻋﻲ اﻟﺠﻨﻮب ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺬي اﻋﺘﻨﻰ ﺑﺜﺮوﺗﻪ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﺎم ﰲ ﻣﺮاﻋﻴﻪ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ،ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﰲ وﺳﻂ آﺳﻴﺎ، وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺮى اﻧﺨﻔﺎض ﻧﺴﺒﺔ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺠﻨﻮب إﱃ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﺼﻒ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٤ﺑﻌﺪ أن دﺧﻠﺖ اﻟﺼني )اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻠﺖ املﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ( وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن واﻟﺠﺰاﺋﺮ ،وﻛﻠﻬﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﺰارع ﺷﺒﻪ ﺟﺎﻓﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻸﻏﻨﺎم. وﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺼﻮف ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺮاﻋﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻮاع رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ :املﺮﻳﻨﻮ واملﺨﺘﻠﻂ ،وأﺧريًا ﺻﻮف اﻟﺴﺠﺎد. وأﺣﺴﻦ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع ﻫﻮ املﺮﻳﻨﻮ أو ﻛﺎراﻛﻮل ،وﻳﺮﺑﻰ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﰲ ﻏﺮب أﺳﱰاﻟﻴﺎ وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻧﺎﻣﻴﺒﻴﺎ وﺗﺮﻛﻴﺎ وﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ آﺳﻴﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ وﻫﻀﺎب إﻳﺮان ً أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء واﻷﻧﺎﺿﻮل وﺗﻜﺴﺎس ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .واﻷﻏﻨﺎم ﻫﻨﺎ ﺗُﺮﺑﻰ ﻟﻠﺼﻮف وﺳﻂ آﺳﻴﺎ وإﻳﺮان وﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗُﺮﺑﻰ ﻟﻠﺼﻮف واﻟﻠﺤﻢ ﻣﻌً ﺎ )ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي(. 146
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
أﻣﺎ اﻟﺼﻮف املﺨﺘﻠﻂ ﻓﻴﻈﻬﺮ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ املﺮاﻋﻲ اﻷوﻓﺮ ﻣﻄ ًﺮا ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة وﻏﺮب أوروﺑﺎ وأوروﺟﻮاي واﻷرﺟﻨﺘني وﴍق أﺳﱰاﻟﻴﺎ — وﻫﻨﺎ ﺗﺮﺑﻰ اﻷﻏﻨﺎم ﻟﻠﺼﻮف واﻟﻠﺤﻢ ﻣﻌً ﺎ — أﻣﺎ ﺻﻮف اﻟﺴﺠﺎد اﻷﻗﻞ ُرﺗﺒﺔ ﻓﻴﻈﻬﺮ ﰲ ﻣﺮاﻋﻲ اﻟﺪول املﺪارﻳﺔ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻣﻊ رﻋﺎة ﻛﺮدﺳﺘﺎن وأﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن وﺟﺒﺎل إﻳﺮان؛ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬﺮت ﻫﻲ ووﺳﻂ اﻷﻧﺎﺿﻮل ﺑﺈﻧﺘﺎج أﻓﺨﺮ أﻧﻮاع اﻟﺴﺠﺎد اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﻔﺎرﳼ واﻟﱰﻛﻲ. وﻟﻬﺬا ﻓﺄرﻗﺎم اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻻ ﺗﻮﺿﺢ اﻟﻨﻮع ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج .ﻓﺈذا ﻋﺮﻓﻨﺎ أن ﻧﺤﻮ ٪٧٥ﻣﻦ أﺻﻮاف أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ املﺮﻳﻨﻮ ،وأن ٪٢٠ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺻﻮف اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ املﺮﻳﻨﻮ ،و ٪٣ﻣﻦ ﺻﻮف ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺻﻮاف اﻟﺮاﻗﻴﺔ ،ﻷﻣﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻜﻮﱢن ﻓﻜﺮة واﺿﺤﺔ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .وﺛﻤﺔ ﻣﺜﺎل آﺧﺮ؛ ﱠ ﻓﺈن إﻧﺘﺎج ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺻﻐري ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺎﱄ اﻟﻘﻴﻤﺔ؛ ﻷن ٪٩٠ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺻﻮف املﺮﻳﻨﻮ. وﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﺼﻮف ﻧﺠﺪ أن اﻟﺪول ا ُملﻨﺘﺠﺔ اﻟﻜﺒرية ﻫﻲ اﻟﺪول املﺼﺪرة ﻟﻠﺼﻮف ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ دول اﻟﺠﻨﻮب ،ﱠ وإن ﻣﻌﻈﻢ ﺗﺠﺎرة اﻟﻮاردات ﺗﺘﺠﻪ إﱃ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎن. ) (8إﻧﺘﺎج اﻷﻟﺒﺎن ﺑﻌﺪ ﻣﴤ ﻓﱰة ،ﻣﻨﺬ اﺳﺘﺌﻨﺎس اﻟﺤﻴﻮان ﻋﺮف اﻹﻧﺴﺎن اﻹﻓﺎدة ﻣﻦ أول إﻧﺘﺎج ﻟﻠﺤﻴﻮان ﻣُﺒﺎﴍ ﻟﻪ وﻫﻮ اﻟﻠﺒﻦ ،وﻟﻜﻦ ُﴍب اﻟﻠﺒﻦ ﻃﺎزﺟً ﺎ ﺗﺪرج ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﱃ ﻋﺪة ﻣﻌﺎرف اﻧﺘﻬﺖ إﱃ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺑﺘﺼﻨﻴﻊ اﻷﻟﺒﺎن أو ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن ،وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﺒﺎﺋﻞ رﻋﻮﻳﺔ ﻛﺜرية ﺑﺪاﺋﻴﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ ﴍب اﻷﻟﺒﺎن دون أن ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﱃ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻪ .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﱠ إن اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺣﻔﻆ اﻟﻠﺒﻦ ﻓﱰات أﻃﻮل ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺨﺰﻳﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺎﻓﺔ وﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ اﻟﺮﻋﻮﻳﺔ واﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أدت ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن إﱃ اﻛﺘﺸﺎف ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻠﺒﻦ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﺨﻼص ﻣﻮارد ﻏﺬاﺋﻴﺔ ﻣﻨﻪ أﻃﻮل ﻋﻤ ًﺮا وأﺻﻠﺢ ﻟﻠﺤﻔﻆ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﻦ اﻟﻄﺎزج؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻛﺎن اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺰﺑﺪ واﻟﺴﻤﻦ واﻟﺠﺒﻦ واملﺶ ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪة. وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻳ َ ُﺼﻨﱠﻊ اﻟﻠﺒﻦ ﰲ ﺷﺘﻰ اﻷﺷﻜﺎل ) ُﻣ َﺮ ﱠﻛﺰ ،ﻣَ ْﺴﺤﻮق … إﻟﺦ( ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻪ ﰲ ﺻﻮر ﻋﺪﻳﺪة :زﺑﺪ وﺳﻤﻦ وأﺟﺒﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﰲ ﻣﻌﻈﻢ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪﻣﺔ
147
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
واملﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء؛ وﻟﻜﻦ أﻫﻢ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﻳﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺗﱰﻛﺰ ﰲ ﺛﻼﺛﺔ ﻧﻄﺎﻗﺎت أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ اﻧﻈﺮ ﺧﺮﻳﻄﺔ ).(1-6 ً ﴍﻗﺎ إﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﺷﻤﺎل ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻏﺮﺑًﺎ، ) (١اﻟﻨﻄﺎق اﻷوروﺑﻲ :وﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻜﻮ وﻳﺸﻤﻞ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮﻳﺪ واﻟﻨﺮوﻳﺞ واﻟﺪاﻧﻤﺮك وﻫﻮﻟﻨﺪا وﺑﻠﺠﻴﻜﺎ وﺷﻤﺎل أملﺎﻧﻴﺎ وﺑﻮﻟﻨﺪا وﴍق اﻟﺒﻠﻄﻴﻖ ووﺳﻂ روﺳﻴﺎ اﻷوروﺑﻴﺔ وﺟﻨﻮب ﻓﻨﻠﻨﺪا .وﻳﻤﺘﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺗﻘﺮب ﻣﻦ ٣٥٠٠ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ. ) (٢اﻟﻨﻄﺎق اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ :وﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺳﺎﺣﻞ اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ ﺑني ﻛﻮﺑﻴﻚ وواﺷﻨﻄﻦ ،وﻳﺘﻮﻏﻞ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺗﻘﺮب ﻣﻦ ٣٠٠٠ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ إﱃ اﻟﺒﺤريات اﻟﻌﻈﻤﻰ واﻟﱪاري ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﺸﻤﻞ ﺟﻨﻮب ﴍق ﻛﻨﺪا وﺷﻤﺎل ﴍق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. ) (٣اﻟﻨﻄﺎق اﻷﺳﱰاﱄ :وﻳﻤﺘﺪ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق أﺳﱰاﻟﻴﺎ إﱃ ﺗﺴﻤﺎﻧﻴﺎ وﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة، وﺗﻮزﻳﻊ ﻫﺬه اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت ﻳﻮﺿﺢ ارﺗﺒﺎط اﻷﻟﺒﺎن وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻤﻂ اﻟﺤﻀﺎري اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ واملﺪﻳﻨﻲ ،وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن ذﻟﻚ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄﺳﻌﺎر اﻷﻟﺒﺎن وﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ املﺼﻨﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ إذا ﻣﺎ ﻗﻴﺴﺖ ﺑﺎﻷرز ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل .واﻟﻐﺎﻟﺐ أن ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻷﻟﺒﺎن وﻣُﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﻣُﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ا ُملﻜﻠﻔﺔ .وﻻ أدل ﻋﲆ ﺗﺮﻛﺰ اﻟﻨﱢﻄﺎﻗﺎت وارﺗﺒﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎملﺪن ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺘﴩ اﻟﻨﻄﺎق ﻣﻊ ﺳﻠﺴﻠﺔ املﺪن اﻟﻜﺒرية اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑني ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ وواﺷﻨﻄﻦ وﻧﻴﻮﻳﻮرك وﺑﻮﺳﻄﻦ. وﻛﺬﻟﻚ ارﺗﺒﺎط اﻟﻨﻄﺎق اﻷوروﺑﻲ ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﻌﻮاﺻﻢ واملﺪن اﻟﻜﱪى ،وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺳﻴﺎرات اﻷﻟﺒﺎن املﺠﻬﺰة ﺑﺼﻬﺮﻳﺞ ﻛﺒري؛ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪت ﻋﲆ اﻃﺮاد ﻧﻤﻮ إﻧﺘﺎج اﻷﻟﺒﺎن ﺑﺘﺴﻮﻳﻘﻬﺎ ﻃﺎزﺟﺔ ﰲ املﺪن اﻟﻜﱪى أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ اﻷﻟﺒﺎن ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻘﻄﺎرات. وﻟﻜﻦ ﺗﻤﻮﻳﻦ املﺪن ﺑﺎﻷﻟﺒﺎن اﻟﻄﺎزﺟﺔ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﳾء؛ ﻓﺎملﺪﻳﻨﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن ﰲ ﺻﻮرﻫﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪة؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻧﺸﺄت ﰲ ﺑﻌﺾ املﺪن ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣُﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن؛ وﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻟﻠﺒﻦ اﻟﻄﺎزج ﻳ َْﻔﺴﺪ ﺑﴪﻋﺔ ﻓﻘﺪ أدى ﻫﺬا إﱃ ﻇﻬﻮر ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎج اﻷﻟﺒﺎن ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ املﺪن 6 .أﻣﺎ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﴎﻳﻌﺔ اﻟﺘﻠﻒ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﺮاﻛﺰ ﺗَﺼﻨﻴﻊ اﻷﻟﺒﺎن ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﺎﻟﴬورة ﰲ ﻛﻞ املﺪن ،ﺑﻞ ﺗﱰﻛﺰ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ املﺪن اﻟﻜﺒرية ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ،وﰲ ﻫﺬا املِ ْﻀﻤﺎر ﻳُﻼﺣﻆ أن ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺠﺒﻦ أﻗﺮب إﱃ املﺪن ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺰﺑﺪ. 148
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
وﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻟﺰﺑﺪ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﻦ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻦ؛ ﻓﺈن اﻟﺰﺑﺪ أﺿﻤﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﺤﻔﻆ اﻟﻠﺒﻦ ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺰﺑﺪ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺠﺒﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ملﺮاﻛﺰ اﻻﺳﺘﻬﻼك ،وﻫﺬا ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻳُﻔﴪ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﺰﺑﺪ 7ﻋﻦ اﻟﺠﺒﻦ ملﺎ ﻳﺴﺘﻬﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻟﺒﻦ وﻣﺎ ﻳﺘﻜﻠﻔﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ أﻃﻮل ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻦ. وإذا ﻗﻠﻨﺎ :إن ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻷﻟﺒﺎن اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣُﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎملﺪن واﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻜﺒري وﺷﺒﻜﺔ املﻮاﺻﻼت ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﴩوط اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻈﻬﻮر ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت أﻣﺮ ﻏري ذي ﺑﺎل ،وﻣﻦ اﻟﺒﺪﻳﻬﻲ أن ﺗﺸﺎرك اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻛﺒرية ﰲ ﻇﻬﻮر ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻄﺎﻗﺎت ،وﻳﺘﻀﺢ أﺛﺮ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف إذا ﻣﺎ درﺳﻨﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﻤﻮﻳﻦ املﺪﻳﻨﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﺑﺎﻷﻟﺒﺎن أو ﻣﺎ ﻳُﻤﻜﻦ أن ﻳُﺴﻤﻰ ﺣﻈرية اﻟﻠﺒﻦ Milkshedﻓﻬﻨﺎك ﻣُﺪن ﺗﺤﻴﻄﻬﺎ ﺣﻈرية اﻟﻠﺒﻦ إﺣﺎﻃﺔ ﺷﺒﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،وﻫﻨﺎك ﻣﺪن ﺗﱰﻛﺰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﻤﻮﻳﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﺒﻦ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﻂ ،أو ﻳﻄﻐﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﲆ اﻵﺧﺮ .وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ أن ﺣﻈرية اﻟﻠﺒﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﺗﻤﺘﺪ ﰲ ﻧﻄﺎق ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻣَ ﺴﺎﻓﺔ ٢٥٠ﻛﻴﻠﻮﻣﱰًا ﺷﻤﺎﱄ املﺪﻳﻨﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻞ ﺳﻤﺎﻛﺔ اﻟﺤﻈرية ﰲ اﻟﺠﻨﻮب إﱃ ﻣﺴﺎﻓﺔ ٦٥ﻛﻴﻠﻮﻣﱰًا. وﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﴩوط اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺤﻴﻮان اﻷﻟﺒﺎن أن ﺗﻜﻮن املﻨﻄﻘﺔ ﻣﻄرية ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻧﻄﺎﻗﺎت ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﴩ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺒﻪ ﺟﺎﻓﺔ وﺟﺎﻓﺔ ،وﻳﺮﺗﺒﻂ ﺣﻴﻮان اﻟﻠﺒﻦ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺪرﺟﺎت ﺣﺮارة ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﺻﻴﻒ ﻏري ﺣﺎر ،وﻟﻬﺬا ﻧﺠﺪ أن ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻷﻟﺒﺎن ﻣﻮزﻋﺔ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ. ُ وﻫﺬا ﻫﻮ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ إﻧﺘﺎج ﺑﻘﺮ اﻟﻠﺒﻦ املﻤﺘﺎز أﻗﻞ إذا ﻣﺎ ﻧﻘﻞ اﻟﺒﻘﺮ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺣﺎرة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ .وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﴍوط املﻄﺮ واﻟﺤﺮارة ﻧﺠﺪ أن ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻷﻟﺒﺎن ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﱰﺑﺔ اﻟﻔﻘرية ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،ﻫﻨﺎ ﻧﺠﺪ زراﻋﺔ ﻏﺬاء املﺎﺷﻴﺔ أﻧﺴﺐ ﻣﺤﺼﻮل؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺘﻐﺬى ﻋﻠﻴﻪ أﺑﻘﺎر اﻟﻠﺒﻦ ،واﺧﺘﻼف ﻧﻮع اﻟﱰﺑﺔ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻔﴪ ﺷﻜﻞ ﺣﻈرية اﻟﻠﺒﻦ ﺣﻮل املﺪن اﻟﻜﱪى .ﻓﺎﻧﻜﻤﺎش ﺳﻤﺎﻛﺔ ﺣﻈرية أﻟﺒﺎن ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ ﰲ اﻟﺠﻨﻮب راﺟﻊ إﱃ ﺧﺼﺐ اﻟﱰﺑﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي ﺑﺎملﺰارﻋني إﱃ اﻻﺗﺠﺎه إﱃ زراﻋﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻷوﻓﺮ رﺑﺤً ﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﻤﺢ أو اﻟﺬرة. وأﺧريًا ﻓﺈن اﻷرض اﻟﺴﻬﻠﻴﺔ املﻨﺒﺴﻄﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﺸﺠﻴﻌً ﺎ ﻋﲆ زراﻋﺔ اﻟﺤﺒﻮب وﻏريﻫﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷرض املﴬﺳﺔ أﺻﻌﺐ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﱰك ﻟﻨﻤﻮ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ ،وﻫﻜﺬا ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ رﻋﻲ وﺗﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﻮان اﻷﻟﺒﺎن. وﰲ أوروﺑﺎ ﻧﺠﺪ أن ﻣﻠﻜﻴﺎت ﺣﻴﻮان اﻟﻠﺒﻦ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة 8 .وﺳﺒﺐ ﻫﺬا ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﺴﺎﺣﺎت اﻷرض اﻟﻜﺒرية ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ واﻟﺼﻐرية ﰲ أوروﺑﺎ ،وﻧﻈ ًﺮا ﻟﺼﻐﺮ املﺴﺎﺣﺎت 149
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﰲ أوروﺑﺎ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﺤﻴﻮان ﻻ ﻳﺮﻋﻰ اﻟﻌﺸﺐ ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻣُﻌﻈﻢ ﻣﻠﻜﻴﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﺤﺪة ،ﺑﻞ ﺗﺰرع اﻷرض ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﺳﺘرياد ﻛﺴﺐ ﺑﺬرة اﻟﻘﻄﻦ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ وذرة ﻣﻦ اﻷرﺟﻨﺘني ،وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ً أﻳﻀﺎ إﱃ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ درﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﺒﻄﺎﻃﺲ واﻟﺒﻨﺠﺮ واﻟﻠﻔﺖ ،وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻨﻤﻮ املﺪن اﻷوروﺑﻴﺔ؛ ﱠ ﻓﺈن اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﻦ اﻟﻄﺎزج ﻳﺠﻌﻞ ﺣﻈﺎﺋﺮ اﻟﻠﺒﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه املﺪن ﺗﺤﺘﺎج إﱃ أﻟﺒﺎن ﻃﺎزﺟﺔ ﻣﻦ أﻳﺮﻟﻨﺪا ،وﻗﺪ أدى ﻫﺬا إﱃ أن ﺗﺘﺨﺼﺺ املﻨﺎﻃﻖ املﺘﻄﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻧﻄﺎق اﻷﻟﺒﺎن اﻷوروﺑﻲ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟ ﱡﺰﺑﺪ واﻟﺠﺒﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﺎد ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻨﻄﺎق ﺗﻜﻔﻲ املﺪن اﻷوروﺑﻴﺔ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﻦ اﻟﻄﺎزج؛ وﻟﻬﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺮى ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﺼﻨﻴﻊ اﻷﻟﺒﺎن ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﻓﻨﻠﻨﺪا واﻟﺴﻮﻳﺪ واﻟﻨﺮوﻳﺞ واﻟﺪاﻧﻤﺎرك وأﻳﺮﻟﻨﺪا وﺳﻮﻳﴪا، وﻛﻠﻬﺎ ﻋﲆ ﻫﺎﻣﺶ ﻧﻄﺎق اﻷﻟﺒﺎن اﻟﺮﺋﻴﴘ ،وﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﺷﻬﺮة ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ ﻧﻮع ﻣﺎ ﻣﻦ أﻧﻮاع املﻨﺘﺠﺎت ،ﻟﻘﺪ ﺗﺨﺼﺺ اﻟﺪاﻧﻤﺮﻛﻴﻮن ﰲ اﻟﺰﺑﺪ ،واﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﻮن ﰲ أﺟﺒﺎن ﻣُﻌﻴﻨﺔ، واﻟﺴﻮﻳﴪﻳﻮن ﰲ أﻧﻮاع أﺧﺮى. إﻧﺘﺎج اﻟﻠﺒﻦ وﺗﺠﺎرﺗﻪ ﻳُﻜﻮن إﻧﺘﺎج اﻟﻠﺒﻦ اﻟﻌﺎملﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻮزن ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاﺋﻲ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺴﻨﻮات ﻟﺒﻦ اﻟﺒﻘﺮ ﻳﱰاوح ﺑني ٣٥٠و ٤٥٠ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻜﻼم ﻋﻦ اﻷﺧرية ﻇﻞ إﻧﺘﺎجُ ِ إﻧﺘﺎج اﻟﻠﺒﻦ ﺑﺼﻮرة ﻣُﻄﻠﻘﺔ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧ َ َﻀﻊ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻋﺪد ﺣﻴﻮان اﻟﻠﺒﻦ وإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻷﻧﻮاع املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮان. وﰲ ﺳﻨﺔ ١٩٨٧ﻛﺎﻧﺖ أﻋﲆ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﺣﻴﺚ ﺗﺪر اﻟﺒﻘﺮة ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ٦٢١٤ﻛﺠﻢ ﰲ اﻟﻌﺎم ،ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻫﻮﻟﻨﺪا واﻟﺪاﻧﻤﺎرك ﺑﻨﺤﻮ ٥٦٠٠ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ،ﺛﻢ اﻟﻴﺎﺑﺎن ٥٢٦٤ﻛﺠﻢ ،وﺗﱰاوح ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑني ٣٠٠٠ﻛﺠﻢ و ٤٥٠٠ﻛﻴﻠﻮﺟﺮام ،وﰲ ﻛﻨﺪا إﱃ ٤٨٥٧ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ .ﺛﻢ ﺗﻬﺒﻂ ﰲ ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة إﱃ .٣٤٩٨ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ،٣٤٦٠وﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ إﱃ ٢٤١٥ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻜﺒرية ﻟﻠﺒﻦ ﻓﺈن اﻟﺠﺰء اﻟﺬي ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻗﺪ ﻳﺼﻞ إﱃ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻹﻧﺘﺎج )ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن( .وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن ذﻟﻚ َراﺟﻊ إﱃ ﱠ إن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﻠﺒﻦ ﺗُﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ.
150
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﺟﺪول :6-6ﻣﺘﻮﺳﻂ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺒﻘﺮة ﺑﺎﻟﻘﺎرة »ﻛﺠﻢ/ﺳﻨﺔ« .١٩٨٧ اﻟﻘﺎرة
اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻛﺠﻢ اﻟﻘﺎرة
اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻛﺠﻢ
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
٤٧٣
أﻣﺮﻳﻜﺎ ش
٤٠٤٢
آﺳﻴﺎ
٨١٠
أوروﺑﺎ
٣٧٧٨
أﻣﺮﻳﻜﺎ ج
١٠٠٤
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
٣٤٤٩
اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ
٢٤١٥
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٢٠٩٠
ً ﻓﺮوﻗﺎ ﺿﺨﻤﺔ ﰲ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺒﻘﺮة ﺑني اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺠﺪول ﻛﻴﻒ أن ﻫﻨﺎك اﻟﻨﺎﻣﻲ واملﺘﻘﺪم .ﻓﺄﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺗﺴﺎوي أﻗﻞ ﻣﻦ رﺑﻊ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎملﻲ وﺗﺮﺗﻔﻊ آﺳﻴﺎ إﱃ ﻧﺤﻮ ٪٣٩ﻣﻦ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎملﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﺎد أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻧﺼﻒ املﺘﻮﺳﻂ ،أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم ﻓريﺗﻔﻊ ﻋﻦ املﺘﻮﺳﻂ ﻛﺜريًا :أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻜﺎد أن ﺗﺼﺒﺢ ﺿﻌﻒ املﺘﻮﺳﻂ، وأوروﺑﺎ ،٪١٨٠وأوﺷﻴﻨﻴﺎ ،٪١٦٥وﻻ ﻳﺮﺗﻔﻊ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻦ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎملﻲ إﻻ ً ﻗﻠﻴﻼ .٪١١٥ وﻳُﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 7-6ﱠ أن أُوروﺑﺎ ﻋﲆ رأس اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ،وإذا أﺿﻔﻨﺎ إﻟﻴﻬﺎ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ أﺻﺒﺢ إﻧﺘﺎﺟﻬﻤﺎ ﻣﻌً ﺎ ﻗﺮاﺑﺔ ٪٦٠ﻣﻦ إﻧﺘﺎج أﻟﺒﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﱠ إن ﻣﻌﻈﻢ أﻟﺒﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﺑﻘﺎر ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻷﻣﺮﻳﻜﺘني وأﺳﱰاﻟﻴﺎ وﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا. أﻣﺎ آﺳﻴﺎ ﻓﺘﺘﻤﻴﺰ ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ أﻟﺒﺎﻧًﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع ﺣﻴﻮان اﻟﻠﺒﻦ ،وأن أﻛﺜﺮ أﻟﺒﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻮس واﻷﺑﻘﺎر ،وﻋﲆ ﻫﺬا ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ أن ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻷﻟﺒﺎن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻋﺘﻤﺎدًا ﻛﻠﻴٍّﺎ ﻋﲆ أﻟﺒﺎن اﻟﺒﻘﺮ. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﺒﺎن املﻨﺘﺠﺔ ﰲ أوروﺑﺎ؛ ﻓﻬﻲ أﻛﱪ ﻣﺴﺘﻮرد ملﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن ،وﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎﱄ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ أرﻗﺎم .١٩٩٤
151
ﺟﺪول :7-6اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻸﻟﺒﺎن )أﻟﻒ ﻃﻦ ﻣﱰي(.
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ
أﻟﺒﺎن اﻟﺒﻘﺮ
اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ١٠٢٨٨٠ ٨٣٩٠٧
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ
أﻟﺒﺎن اﻟﺠﺎﻣﻮس
١٩٦٨
١٤٧١٧٩ ١٧٨٤٨٧ ٨١٦٠٠ ٦١٥١٧
٢٧٦٣١
أﻟﺒﺎن اﻷﻏﻨﺎم ١٩٨٧ ٧٦
٢٢٨٠٠
أﻟﺒﺎن املﺎﻋﺰ ١٩٦٨ ٧٩
ﻣﺠﻤﻮع اﻷﻟﺒﺎن
٢٨١٢
اﻟﻘﺎرة أو اﻹﻗﻠﻴﻢ
١٠٠
١٩٨٧
١٥٦٤ ٣٤٨
١٩٦٨ ١٩٨٧ ١٩٦٨ ١٩٨٧
٦٠٠ ١٣٢
١٩٨٧
١٩٦٨
١٠٧٢٥٦ ٨٤٢٥٥ ٣٢٤
أوروﺑﺎ
١٥١٨٦٠ ١٨٣٩٩٢ ١٦٧٠ ١٦٩١ ٢٩٣١ ٣٧٣٨ ٨٢٣٥ ٦١٥١٧ ٢٧٧٦٣
٦٥٣٧
١١٥٩
٢٢١١
١٥٦٠
١١٤٦٥
٢٣١٦٤
اﻟﴩق اﻷدﻧﻰ
اﻟﴩق اﻷﻗﴡ
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
٤٣٢٠٣ ١٢٠٥٥ ١٣٤٩٥
٢٠٣٢٥ ٧٥٥٨ ١٣٣٢٠
٣٢٤٧٤ ١٤٠٠
١٨٠٦٥
٣٧٠١ ١٢٦٧
٥٩ ٤٥٠
٣٧٧٨ ١٦٩٨
١٢٩٦ ٧٨٨
٨٣١٥٦ ١٦٤٢٠ ١٣٤٩٥
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٥٩٩٤٥ ٨٨٠٠ ١٣٢٢٠
٣٩٥٣٠٠ ٥١٢٥٢١ ٦٣٠٠ ٨٠٤٨ ٥٧٨٠ ٨٨٦٤ ١٩٤٠٠ ٣٣٩٥١ ٣٦٣٨٠٠ ٤٦١٦٥٨
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ إﻧﺘﺎج وﺗﺠﺎرة ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن. اﻟﻔﺌﺔ
أﻟﺒﺎن ﻣﺠﻔﻔﺔ
أﻟﺒﺎن ﻃﺎزﺟﺔ وﻣﺮ ﱠﻛﺰة
ﺟﺒﻦ
زﺑﺪ
أﻫﻢ املﻨﺘﺠني
ﻣﻨﺘﴩ ﰲ ﻗﺎرات اﻟﺸﻤﺎل.
ﻣﻨﺘﴩ ﰲ ﻗﺎرات اﻟﺸﻤﺎل.
ﻫﻮﻟﻨﺪا ،أملﺎﻧﻴﺎ، ﻓﺮﻧﺴﺎ ،إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ، ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،روﺳﻴﺎ، اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة.
أﻫﻢ املﺼﺪرﻳﻦ
ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة، ﻫﻮﻟﻨﺪا ،أملﺎﻧﻴﺎ، ﻓﺮﻧﺴﺎ. ﻣﻨﺘﴩ ﻋﺎملﻴٍّﺎ.
ﻫﻮﻟﻨﺪا ،أملﺎﻧﻴﺎ.
ﻫﻮﻟﻨﺪا ،أملﺎﻧﻴﺎ، ﻓﺮﻧﺴﺎ ،داﻧﻤﺮك.
ﻣﻨﺘﴩ ﻋﺎملﻴٍّﺎ.
أملﺎﻧﻴﺎ ،إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ، ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ.
ﻫﻮﻟﻨﺪا ،أملﺎﻧﻴﺎ، ﻓﺮﻧﺴﺎ ،روﺳﻴﺎ، اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة، أوﻛﺮاﻧﻴﺎ، ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة. ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪة، ﻫﻮﻟﻨﺪا ،أملﺎﻧﻴﺎ، ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ. أملﺎﻧﻴﺎ، ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، روﺳﻴﺎ.
أﻫﻢ املﺴﺘﻮردﻳﻦ
) (9اﻟﺰراﻋﺔ ا ُملﺨﺘﻠﻄﺔ ﱠ إن أﻫﻢ ﺻﻔﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻫﻮ أﻧﻪ ﻳﺠﻤﻊ ﺑني ﻋﻤﻠني ﰲ وﻗﺖ واﺣﺪ ،ﻫﻤﺎ :اﻟﺰراﻋﺔ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻌً ﺎ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﻜﻮن اﻟﺪﺧﻞ ﻣﺰدوﺟً ﺎ ،وإذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﱃ املﻮﺿﻮع ﻧﻈﺮة واﺳﻌﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ أن ﻣﻌﻈﻢ ﻓﻼﺣﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳَﻤﻠﻜﻮن ﻋﺪدًا ﻣﻦ رءوس املﺎﺷﻴﺔ أو اﻷﻏﻨﺎم أو املﺎﻋﺰ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﺪواﺟﻦ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﻼح أﻛﺜﺮ ﺛﺮوة ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻪ رءوس أﻛﱪ ﻋﺪدًا. واﻟﻐﺮض ﻣﻦ ذﻟﻚ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ دﺧﻞ إﺿﺎﰲ ﻣﻦ ﺑﻴﻊ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت؛ زﻳﺎدة ﺗﺄﻣني ﻣﻮارد اﻷﴎة اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻢ واﻟﻠﺒﻦ واﻟﺰﺑﺪ واﻟﺠﺒﻦ واﻟﺒﻴﺾ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺿﻤﺎن ﺗﺴﻤﻴﺪ اﻷرض وزﻳﺎدة ﺧﺼﺒﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﻋﲆ ﻫﺬا ْ وﻟﻜﻦ ﻓﺎﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻌﺎم واﺳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ، ٍّ ﺧﺎﺻﺎ أﺿﻴﻖ؛ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺗﺮﺑﻴﺔ أﻋﺪاد ﻛﺒرية ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮان ﻟﻠﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ﻣﻌﻨًﻰ ﻟﻺﻓﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺠﺎرﻳٍّﺎ؛ أي ﺑﻐﺮض اﻟﺘﺴﻤني ﺛﻢ اﻟﺒﻴﻊ ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺰراﻋﻲ 153
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ً ﻳﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎ ً وﺛﻴﻘﺎ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮان ،وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا أن اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﻟﻪ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﰲ اﻟﺪورة ﻃﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﺑﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻀﻴﻖ ﺗﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻷراﴈ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ: ) (١اﻟﻨﻄﺎق اﻷوروأﺳﻴﻮي :وﻳﻤﺘﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق ﻣﻦ ﺳﻮاﺣﻞ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﻋﲆ ﺑﺤﺮ اﻟﻴﺎﺑﺎن إﱃ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻣﻊ ﺧﻂ ﺣﺪﻳﺪ ﺳﻴﺒريﻳﺎ .وﻣﻦ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻳﻤﺘﺪ ﰲ ﺳﻬﻮل وﺳﻂ روﺳﻴﺎ وﺷﻤﺎل أوﻛﺮاﻧﻴﺎ إﱃ اﻟﺒﻠﻘﺎن وﴍق أوروﺑﺎ ووﺳﻂ أوروﺑﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ ﰲ ﺷﻤﺎل أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ. ) (٢اﻟﻨﻄﺎق اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ :ﻳﻤﺘﺪ ﰲ اﻟﺴﻬﻮل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑني ﺟﺒﺎل اﻷﺑﻼش وﺳﻬﻮل اﻟﱪاري ،وﻳَﻘﻊ إﱃ اﻟﺸﻤﺎل ﻣﻦ ﺧﻠﻴﺞ املﻜﺴﻴﻚ واﻟﺠﻨﻮب ﻣﻦ اﻟﺒﺤريات اﻟﻌﻈﻤﻰ )أي ﻧﻄﺎق اﻟﺬرة ﰲ ﺣﻮض املﺴﻴﺴﺒﻲ(. ) (٣ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ) :أ( اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﻤﺎﱄ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة) .ب( ﺟﻨﻮب اﻟﱪازﻳﻞ) .ج( وﺳﻂ اﻷرﺟﻨﺘني) .د( ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ) .ﻫ( وﺳﻂ املﻜﺴﻴﻚ. وأﻫﻢ ﻣﻤﻴﺰات ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ازدواج اﻟﻨﺸﺎط ﻣﺎ ﻳﲇ: »اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ« :ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﺑﱰﺑﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺠﻮدة »ﺑﻮدزول« ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ »ﴍﻧﻮزم« ،وﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ املﻄﺮ ﺗﱰاوح ﺑني ٥٠ﺳﻢ و١٥٠ﺳﻢ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﰲ اﻟﺼﻴﻒ ﺣﻴﺚ ً ﻣﻴﺎﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﺧﻼل ﻓﺼﻞ ﻧﻤﻮه .أﻣﺎ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﻓﺘﱰاوح ﺣﺴﺐ اﻹﻗﻠﻴﻢ؛ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻨﺒﺎت ﻓﻔﻲ ﺳﻴﺒريﻳﺎ ﺷﺘﺎء ﺑﺎرد وﺻﻴﻒ داﻓﺊ ،وﰲ أوروﺑﺎ ﺷﺘﺎء ﻣﺎﺋﻞ ﻟﻠﱪودة وﺻﻴﻒ ﻣﻌﺘﺪل، وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺷﺘﺎء ﻣﺎﺋﻞ ﻟﻠﱪودة وﺻﻴﻒ داﻓﺊ .وﻟﻬﺬا ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻓﱰة اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ وﺗﱰاوح ﺑني ١٢٠ﻳﻮﻣً ﺎ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ و ٢٢٠ﻳﻮﻣً ﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. وﻋﲆ ﻫﺬا؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳُﻤﻜﻦ ﻟﻠﺬرة » ١٤٠ﻳﻮﻣً ﺎ« أن ﺗﻨﻤﻮ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺟﻬﺎت اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ، وأﺧريًا ﻓﺈن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﺔ ا ُملﺨﺘﻠﻄﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﺴﻔﻮح املﺴﺘﻮﻳﺔ وﻟﻴﺴﺖ املﴬﺳﺔ. »اﻟﻈﺮوف اﻟﺒﴩﻳﺔ« :ﺗﻈﻬﺮ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ املﺰارع املﺨﺘﻠﻄﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ املﺘﻮﺳﻄﺔ ،أﻋﲆ ﻧﺴﺒﺔ ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،ورﻏﻢ أن ﻛﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ أو اﻷرﺟﻨﺘني أو ﺳﻬﻮل املﺴﻴﺴﺒﻲ أﻗﻞ ﻣﻦ أوروﺑﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ — وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ — ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﻛﺒرية ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ. 154
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ ﱡ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ﺑﻮﺟﻮد ﺗﺠﻤﻌﺎت ﻣﺪن ﻛﺒرية ﻋﺪﻳﺪة، وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ازدﻳﺎد اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻏﺬاء ﻛﺜري وﻗﻮة ﴍاﺋﻴﺔ ﻛﺒرية ﻻ ﺗﺘﻮاﻓﺮ إﻻ ﻋﻨﺪ ﺳﻜﺎن املﺪن ،ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ. وﻟﻘﺪ ﺷﺠﻌﺖ أﺳﻮاق املﺪن ﻋﲆ وﺟﻮد ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻤﺘﺎزة ﻟﻠﻨﻘﻞ اﻟﱪي واﻟﺤﺪﻳﺪي واﻟﻨﻬﺮي؛ ﻟﱰﺑﻂ ﺑني أﻃﺮاف ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج املﺨﺘﻠﻂ واملﺪن. وأﺻﺒﺢ أﻣﺎم املﺰارﻋني اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ أن ﻳﺨﺘﺎروا ﺑني زراﻋﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ أو ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﱃ ﻟﺤﻢ ،وﻣﺰاﻳﺎ ﺗﺤﻮﻳﻞ املﺤﺼﻮل إﱃ ﻟﺤﻢ ﻋﺪﻳﺪة ،ﻣﻦ أﺑﺴﻄﻬﺎ أن ﻧﻘﻞ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺬرة ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻞ إﱃ اﻟﺴﻮق ﻳﺘﻜﻠﻒ أﺿﻌﺎف ﻧﻘﻞ اﻟﺤﻴﻮان .ﻓﻘﺪ ﻗﺪر اﻹﺧﺼﺎﺋﻴﻮن أن ﻛﻞ ﺳﺘﺔ ﻛﺠﻢ ﻣﻦ اﻟﺬرة ﺗﱰﻛﺰ ﰲ ﺻﻮرة ﻛﺠﻢ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ إذا ﻣﺎ أﻛﻠﻬﺎ اﻟﺤﻴﻮان، وﻛﻞ ﻋﴩة ﻛﺠﻢ ذرة ﺗﱰﻛﺰ ﰲ ﺻﻮرة ﻛﺠﻢ واﺣﺪ ﰲ املﺎﺷﻴﺔ ،ﻫﺬا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺛﻤﻦ ﻛﺠﻢ اﻟﻠﺤﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ ﺛﻤﻦ ﻋﺪة ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣﺎت ﻣﻦ اﻟﺬرة ،وأﻣﺎم ﻫﺬا املﻮﻗﻒ ﻧﺠﺪ املﺰارﻋني ﰲ املﺰارع املﺨﺘﻠﻄﺔ أﻛﺜﺮ ﺣﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﴫف وأﻛﺜﺮ ﻣُﺮوﻧﺔ ،وﻳُﻤﻜﻨﻬﻢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أن ﻳﺠﻨﻮا اﻟﺮﺑﺢ اﻷوﻓﺮ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ارﺗﻔﻌﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻠﺤﻮم رﻛﺰوا اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﻋﲆ ﺗﺤﻮﻳﻞ املﺤﺼﻮل إﱃ اﻟﻠﺤﻮم ،وإذا ﻣﺎ ارﺗﻔﻌﺖ أﺳﻌﺎر املﺤﺎﺻﻴﻞ ﺑﺎﻋﻮﻫﺎ ﻣﺒﺎﴍة ،وﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ أﺣﺴﻦ ﺣ ٍّ ﻈﺎ ﻣﻦ ُرﻋﺎة املﺎﺷﻴﺔ أو املﺰارﻋني ﻓﻘﻂ. وﻟﻘﺪ أدت اﻟﻈﺮوف اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﻧﻄﺎﻗﺎت اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ إﱃ ﻧﺸﻮء أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﻘﺮى واملﺪن اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ملﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ،وﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ؛ اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﰲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﺟﺪول :8-6اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻟﻘﺮﻳﺔ وﻣﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﻧﻄﺎق اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ )اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة(. ﻧﻮع اﻟﻨﺸﺎط
ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻠﻮﻣﻔﻴﻠﺪ )أﻳﻮا(
ﻣﺪﻳﻨﺔ واﺗﺮﻟﻮ )أﻳﻮا(
ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠني اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
٢٦٨٨ ١٠٠٠ ٪٤ﺣﺮف أوﻟﻴﺔ ٪٤ ٪٩ﻗﻄﺎع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ٪١٨
٨٤٠٠٠١ ٣٦٠٠٠ ٪١ﺣﺮف أوﻟﻴﺔ ٪١ ٪٤٢ﻗﻄﺎع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ٪١٨ ٪٥
اﻟﺒﻨﺎء
٪٩
155
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﻧﻮع اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻨﻘﻞ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺘﺠﺎرة ﺧﺪﻣﺎت ﺧﺎﺻﺔ إدارة ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ
ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻠﻮﻣﻔﻴﻠﺪ )أﻳﻮا(
ﻣﺪﻳﻨﺔ واﺗﺮﻟﻮ )أﻳﻮا(
٪٣٣ﻗﻄﺎع اﻟﺨﺪﻣﺎت ٪٧٨
٪٢٢ﻗﻄﺎع اﻟﺨﺪﻣﺎت ٪٥٢ ٪٥ ٪٥ ٪١٧ ٪٣
٪٨ ٪٦ ٪٢٤ ٪٧
وﻳُﻮﺿﺢ اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﻠﻮﻣﻔﻴﻠﺪ أن اﻻﺗﺠﺎه اﻷﻛﱪ ﱡ ﻟﻠﺴﻜﺎن ﻫﻮ اﻟﺨﺪﻣﺎت، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ واﺗﺮﻟﻮ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻻﺣﺘﻴﺎج إﱃ ﺣﻔﻆ اﻟﻠﺤﻮم وﺗﻌﺒﺌﺘﻬﺎ واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ا ُملﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ أدت ﱃ زﻳﺎدة ﻗﻄﺎع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. دور اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺤﻴﻮان ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ﺛﻼﺛﺔ أدوار :أوﻟﻬﺎ :ﻏﺬاء اﻟﺤﻴﻮان .واﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺑﻴﻊ املﺤﺼﻮل اﻟﻨﻘﺪي. واﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻛﻔﺎﻳﺔ أﴎة املﺰرﻋﺔ. أﻣﺎ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﻐﺬاء اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ؛ ﻓﻬﻮ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺬرة ،وﻫﻮ ﻳﻜﻮن ٪٢٣ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ أراﴈ اﻟﺪوﻟﺔ املﺰروﻋﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﰲ وﻻﻳﺎت ﻧﻄﺎق اﻟﺬرة ﻳﺮﺗﻔﻊ إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٪٤٠ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ )وﻻﻳﺔ اﻟﺒﺎﻣﺎ ،٪٤٨ووﻻﻳﺔ أﻳﻮا ٪٤٦ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل(. وﻟﻠﺬرة ﺗﺄﺛري ﻛﺒري ﻋﲆ ﺗﺴﻤني اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻔﺪان ﻣﻨﻪ وﻓرية، وﰲ ﺣﻮض اﻟﺪاﻧﻮب ﺗﻜﻮن اﻟﺬرة اﻟﻐﺬاء اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻠﺤﻴﻮان ،أﻣﺎ ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أوروﺑﺎ ﻓﺎﻟﻐﺬاء ﻧﺒﺎﺗﺎت درﻧﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻄﺎﻃﺲ واﻟﻠﻔﺖ واﻟﺒﻨﺠﺮ واﻟﺸﻌري. إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻏﺬاء اﻟﺤﻴﻮان ﻫﻨﺎك املﺤﺼﻮل اﻟﻨﻘﺪي ،وﻫﻮ ﻏﺎﻟﺒًﺎ اﻟﻘﻤﺢ ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ، وﻗﺪ اﺗﺠﻬﺖ ﺑﻌﺾ ﻣﺰارع اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﱃ إﺣﻼل ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ ﻣﺤﻞ اﻟﺸﻌري أو اﻟﻘﻤﺢ. وأﺧريًا ،ﻫﻨﺎك املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ اﻷﴎة ﻟﻐﺬاﺋﻬﺎ ،وﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺻﻐرية ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ واﻟﻜﺮﻧﺐ واﻟﻔﺎﺻﻮﻟﻴﺎ واﻟﺒﺴﻠﺔ … إﻟﺦ. وﻟﻜﻲ ﺗﻔﻲ اﻷرض ﺑﻬﺬه اﻟﻐﻼت ا ُملﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻓﺈن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻷرض واملﺤﺼﻮل ﰲ ﺻﻮرة دورة زراﻋﻴﺔ أﺻﺒﺢ أﻣ ًﺮا واﺟﺒًﺎ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ،وﻳﺄﺗﻲ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻷرض 156
اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ
إﱃ أرﺑﻌﺔ أﻗﺴﺎم ﻣﻦ أﺟﻞ زراﻋﺔ ﻗﺴﻤني أو ﺛﻼﺛﺔ وﺗﺮك اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻟﻠﺮاﺣﺔ ،أو زراﻋﺘﻪ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﻣﻐﺬﻳﺔ ﻟﻠﱰﺑﺔ ﻛﺎﻟﱪﺳﻴﻢ. أﻣﺎ اﻟﺤﻴﻮان ،ﻓﺪوره اﻟﻬﺎم ﻳﱰﻛﺰ ﰲ أﻧﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻛﱪ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﺪﺧﻞ ﰲ ا َملﺰرﻋﺔ ،إﻻ ﰲ ﺣﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ »اﻧﺨﻔﺎض ﺳﻌﺮ اﻟﻠﺤﻮم«. وﺗﻤﺎرس اﻟﺰراﻋﺔ املﺨﺘﻠﻄﺔ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ أو املﺎﺷﻴﺔ أو اﻷﻏﻨﺎم أو اﻟﺪواﺟﻦ ،أو اﺛﻨني أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع. ﺗﱰﻛﺰ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﰲ ﻧﻄﺎق اﻟﺬرة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﰲ أوروﺑﺎ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا وﺑﻠﺠﻴﻜﺎ واﻟﺪاﻧﻤﺮك ،أﻣﺎ املﺎﺷﻴﺔ ﻓﺘﱰﻛﺰ ﰲ ﻧﻄﺎق ﻳﻘﻊ إﱃ اﻟﻐﺮب ﻣﻦ ﺑﺤرية ﻣﺘﺸﺠﺎن ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻏﺮب أوروﺑﺎ وﺷﻤﺎﱄ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،وﰲ ﺟﻨﻮب اﻟﱪازﻳﻞ وﴍق اﻷرﺟﻨﺘني ،وﻋﺪد اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٥٩ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ؛ ٪٨٠ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﰲ ﻧﻄﺎق اﻟﺬرة ،أﻣﺎ ﰲ أوروﺑﺎ ﻓﻌﺪدﻫﺎ ١١٠ﻣﻼﻳني ﻣﻨﻬﺎ ١٧ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﰲ أملﺎﻧﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ و ٧ﻣﻼﻳني ﰲ اﻟﺪاﻧﻤﺮك. ﻫﻮاﻣﺶ ) (1راﺟﻊ :ﻣﺤﻤﺪ رﻳﺎض وﻛﻮﺛﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺳﻮل» :اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ« ،دار اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ – اﻟﻘﺎﻫﺮة ،١٩٦٣اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ص.٣٢٢–١٧٦ ) (2ﺗﺘﻤﻴﺰ اﻷرﺟﻨﺘني ﺑﺜﺒﺎت ﻧﺴﺒﻲ ﰲ أﻋﺪاد اﻷﺑﻘﺎر » ٥١ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ٥٠ ،١٩٦٨ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ «.١٩٩٤وﺗﺤﺘﻞ املﺮﺗﺒﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﺑني دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ١٩٣ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ،و١٥١ ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ و ١٠١ﻣﻠﻴﻮن ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،و ٨٥ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﰲ اﻟﺼني ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ اﻷرﺟﻨﺘني ﺑﺎﻧﺨﻔﺎض أﻋﺪاد اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ،وﺗﺤﺘﻞ املﺮﺗﺒﺔ ١٣ﰲ ﻋﺪد اﻷﻏﻨﺎم » ٢٣ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ«. ) (3ﻣﻨﺬ ١٨٨٠إﱃ ١٩٦٠ﺣﺪث ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ١٦ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﺠﻔﺎف اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺆدي إﱃ ﻛﻮارث .وﻛﺎن أﺷﺪﻫﺎ اﻟﺠﻔﺎف اﻟﺬي اﻧﺘﻬﻰ ﰲ ١٩٠٢ﺑﻤﻮت ٤٠ﻣﻠﻴﻮن رأس ﻣﻦ اﻷﻏﻨﺎم ،واﻟﺠﻔﺎف اﻟﺬي ﺣﺪث ﻋﺎم ،١٩١٤وأدى إﱃ ﻣﻮت ٢٤ﻣﻠﻴﻮن رأس ﻣﻦ اﻷﻏﻨﺎم ،واﻟﺠﻔﺎف اﻟﺬي ﺣﺪث ﻋﺎم … ١٩١٤ ) (4ﻣﺘﻮﺳﻂ أوزان اﻟﺒﻘﺮ املﺬﺑﻮﺣﺔ ﰲ اﻟﻘﺎرات وﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ » :«١٩٨٧أوروﺑﺎ ٢٣٣ﻛﺠﻢ ،أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،٢٠٥أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،٢٠٦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،١٩٤أوﺷﻴﻨﻴﺎ ،١٨٧أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،١٤٦آﺳﻴﺎ .١٢١وﰲ أوروﺑﺎ ﺗﺼﻞ اﻟﺒﻘﺮة اﻷملﺎﻧﻴﺔ واﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ إﱃ ﻧﺤﻮ ٢٧٩ﻛﺠﻢ ،واﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،٢٦٩وﺗﻨﺨﻔﺾ إﱃ ١٥٠ﻛﺠﻢ 157
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﰲ أﻟﺒﺎﻧﻴﺎ .وﻳﱰاوح اﻟﺒﻘﺮ اﻵﺳﻴﻮي ﺑني ٣٥٢ﻛﺠﻢ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن إﱃ ٨٠ﻛﺠﻢ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ،واﻟﺒﻘﺮ اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﺑني ٢٠٢ﻛﺠﻢ ﰲ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻧﺤﻮ ٩٠ﻛﺠﻢ ﰲ ﺳرياﻟﻴﻮن. ) (5أﻣﺜﻠﺔ ملﺎ ﻳﺴﺘﻬﻠﻜﻪ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻮم ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ واﻟﻨﺎﻣﻴﺔ :ﻓﺮﻧﺴﺎ ٣٠٢ ﺟﺮام ﻟﺤﻢ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ،ﺳﻮرﻳﺎ ١٤٫٧ﺟﺮام ﻟﺤﻢ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ،أﻳﺮﻟﻨﺪا ٢٧٥ﺟﺮام ﻟﺤﻢ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ،ﻣﴫ ١٠٫٣ﺟﺮام ﻟﺤﻢ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ،ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ٢٦٠ﺟﺮام ﻟﺤﻢ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ،ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ ٦٫٦ﺟﺮام ﻟﺤﻢ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ. ) (6ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ أﺻﺒﺢ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺑﻘﺎء اﻟﻠﺒﻦ ﻃﺎزﺟً ﺎ ﻟﻔﱰات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وذﻟﻚ ﺑﻮﺿﻊ ﻛﻴﻤﺎوﻳﺎت أو ﺗﻌﺮﻳﻀﻪ ﻷﺷﻌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻘﺘﻞ اﻟﺒﻜﱰﻳﺎ .وﻗﺪ ﻳﺆدي ذﻟﻚ إﱃ ﺗﻐري ﻣﺎ ﰲ ﻣﻮاﻗﻊ ﻧﻄﺎق اﻷﻟﺒﺎن. ) (7املﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺰﺑﺪ وﺗﺴﻮﻳﻘﻪ أدى إﱃ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﻜﺪﺳﻪ ﰲ أﺳﻮاق أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰲ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت. ) (8ﻣﺘﻮﺳﻂ املﻠﻜﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ ٤٠ﻓﺪاﻧًﺎ ،ﰲ اﻟﺪاﻧﻤﺎرك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ املﻠﻜﻴﺎت ﺣﻮﱄ ١٥ﻓﺪاﻧًﺎ ،ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة املﺘﻮﺳﻂ ﻗﺮاﺑﺔ ١٥٠ﻓﺪاﻧًﺎ ،واﻟﺒﻌﺾ ﺣﻮاﱄ ﻣﺎﺋﺔ واﻵﺧﺮ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﻓﺪان.
158
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ
اﻟﺰراﻋﺔ
) (1ﻣﺎﻫﻴﺔ املﻮارد اﻟﺰراﻋﻴﺔ ) (1-1ﺣﺠﻢ املﻮارد اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﺮﻓﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﺗﺄﺛريﻫﺎ ﻋﲆ املﻈﻬﺮ اﻟﻌﺎم ﻟﺴﻄﺢ اﻷرض ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﴈ املﺰروﻋﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﺗُ َﻜﻮﱢن إﻻ ُﻗﺮاﺑﺔ ﻋُ ﴩ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻘﺎرات، ﻓﻤﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ٪٤٢ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت و ٪٦٠ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ املﺮاﻋﻲ .وﻟﻜﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺻﻐﺮ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﴈ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وإن ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺗﺄﺛريﻫﺎ ﻋﲆ ﺗﻐﻴري ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺳﻄﺢ اﻷرض ،وإﻧﻤﺎ ﰲ ﻧﻄﺎﻗﺎت ﻣﺤﺪودة ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ ١٤٫٦ﻣﻠﻴﻮن ﻛﻴﻠﻮﻣﱰ ﻣﺮﺑﻊ ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ: ﺟﺪول :1-7ﺗﻮزﻳﻊ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎرات )اﻷرﻗﺎم ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر(. اﻟﻘﺎرة
ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻘﺎرة ﺑﺪون املﺴﻄﺤﺎت املﺎﺋﻴﺔ
ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ
٪ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻋﺎملﻴٍّﺎ
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
٢٩٦٣
١٨٥
١٣
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ
٢١٣٧
٢٧٣
١٩
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ
١٧٥٢
١٤١
١٠
آﺳﻴﺎ
٢٦٧٧
٤٥١
٣١
أوروﺑﺎ
٤٧١
١٣٩
٩
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
٨٢٤
٥٠
٣
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻘﺎرة ﺑﺪون املﺴﻄﺤﺎت املﺎﺋﻴﺔ
ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ
٪ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻋﺎملﻴٍّﺎ
اﻟﻘﺎرة اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ
٢٢٢٧
٢٣٢
١٦
اﻟﻌﺎﻟﻢ
١٣٠٥١
١٤٧١
٪١٠٠
وﻳﻮﺿﺢ ﺟﺪول 1-7وﺷﻜﻞ 1-7أن أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻷراﴈ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﱃ وﺟﻮد ﻣﺴﻄﺤﺎت ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻮل املﺮوﻳﺔ ﺑﻜﻤﻴﺎت وﻓرية ﻣﻦ اﻷﻣﻄﺎر وأﻋﺪاد ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻷﻧﻬﺎر ،وﺑﺨﺎﺻﺔ املﺴﻴﺴﺒﻲ ورواﻓﺪه اﻟﻜﺜرية ً ً ﺷﻤﺎﻻ إﱃ ﻛﻨﺪا ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﻼءﻣﺔ املﻨﺎخ ﻟﻺﻧﺒﺎت ،وﺗﻤﺘﺪ ﻫﺬه اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻜﺒرية، اﻟﺸﻤﺎل ﺗﻘﻊ ﰲ ﻇﻞ ﻇﺮوف ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﻏري ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﱪودة اﻟﺸﺪﻳﺪة. وﻳﲇ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﴈ اﻟﺰراﻋﻴﺔُ ، وﻫﻨﺎ ً أﻳﻀﺎ ﺳﻬﻮل ﻏري ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﺸﻤﺎل ﻋﲆ ﻏﺮار اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ ،وإﱃ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻨﻬﺎ ً ﻣﻨﺎﺧﺎ وﺗﺮﺑﺔ ﺳﻬﻮل ﻋﻈﻴﻤﺔ اﻻﺗﺴﺎع ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺳﻮد إﱃ ﺟﻨﻮب ﺳﻴﱪﻳﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣُﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ. وﻳﲇ ذﻟﻚ ﰲ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﺴﻬﻮل اﻷوروﺑﻴﺔ ﰲ اﻟﻐﺮب واﻟﻮﺳﻂ واﻟﺴﻬﻮل اﻟﺨﺼﺒﺔ اﻟﺼﻐرية ﰲ ﺷﻤﺎل إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ واملﺠﺮ وﺣﻮض اﻟﺪاﻧﻮب اﻷدﻧﻰ. أﻣﺎ أﻛﱪ ﻣﺴﺎﺣﺔ زراﻋﻴﺔ ﻓﺘﻮﺟﺪ ﰲ آﺳﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺛﻠﺚ اﻷراﴈ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﰲ ﺳﻬﻮل ﻛﱪى ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ؛ اﻟﻬﻨﺪوﺳﺘﺎن وﺳﻬﻞ اﻟﺼني اﻟﻌﻈﻴﻢ وﺳﻬﻮل اﻷﺣﻮاض اﻟﻨﻬﺮﻳﺔ اﻟﻜﱪى ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ. وأﺧريًا ،ﺗﺤﺘﻞ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ املﺮاﻛﺰ اﻷﺧرية ﻟﻜﺜﺮة ﺻﺤﺎرﻳﻬﺎ وﻛﺜﺮة املﺴﺎﺣﺎت اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ﻏري ا ُملﻼﺋﻤﺔ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ ﻟﻠﺰراﻋﺔ إﻻ ﻷﻧﻮاع ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺻﻼت.
160
اﻟﺰراﻋﺔ
) (2-1اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺰراﻋﻴﻮن واﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﰲ
اﻟﺰراﻋﺔ 1
ﻻ ﺗﻘﺘﴫ أﻫﻤﻴﺔ املﻮارد اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻐﻠﻬﺎ ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺗﺸﻐﻞ ً أﻳﻀﺎ أﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﺣﻴﺎة ﺣﻮاﱄ ﻧﺼﻒ اﻟﺴﻜﺎن؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ١٩٨٧ ﻛﺎن ﻋﺪد ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺮاﺑﺔ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات .وﻛﺎن ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ ٪٤٦ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﺴﻜﺎن ،وﺑﻠﻐﺖ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ٢٫٢٤ﻣﻠﻴﺎر اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻨﻬﻢ .٪٤٨
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ٢٧٣ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ١٤١ ٪١٩
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ١٨٥
٪١٠
٪١٣ ٪٣١
٪١٦ ٪٣
اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻰ ٢٣٢
٪٩ أوﺷﻴﻨﻴﺎ ٥٠
آﺳﻴﺎ ٤٥١
أوروﺑﺎ ١٣٩
ﺷﻜﻞ :1-7ﺗﻮزﻳﻊ املﺴﺎﺣﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎرة ١٩٨٦ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر.
وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻔﻨﻲ وازدﻳﺎد اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ اﻵﻟﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﺳﺘﻴﻌﺎب اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﻟﻌﺪد أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻳﺠﻌﻞ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺴﻜﺎن 161
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﺰراﻋﻴني ﻣﺘﻨﺎﻗﺼﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪرﺟﺎت أﻛﱪ ﰲ اﻟﺪول ا ُملﺘَﻘﺪﻣﺔ واﻟﺪول اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،اﻧﻈﺮ ﺟﺪول .2-7 وأﻗﻞ ﻧﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن اﻟﺰراﻋﻴني ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،٪٢٫١ﺗﻠﻴﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٪٢٫٩ﺛﻢ ﻫﻮﻟﻨﺪا ،٪٤٫١ﺛﻢ ﻛﻨﺪا ،٪٢٫٨وﺳﻮﻳﴪا ،٪٣٫٩وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ،٪٥٫٥ وأﻋﲆ ﻧﺴﺒﺔ ﺑني اﻟﺪول اﻟﻜﱪى ﻫﻲ اﻟﺼني ،٪٦٩واﻟﻬﻨﺪ ،٪٦٤وﻣﻦ اﻟﺪول املﺘﺨﻠﻔﺔ ﻧﺠﺪ ٪٧٨ﻣﺎﻻوي ،و ٪٧٦أﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ،و ٪٦٩زﻣﺒﺎﺑﻮي ،وﰲ ﺑﻮﻟﻨﺪا وﻳﻮﺟﺴﻼﻓﻴﺎ ﻫﺒﻂ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺰراﻋﻴني ﻣﻦ ٪٦٠و ٪٧٦ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ ﻋﺎم ١٩٤٤إﱃ ٪٢٠و ٪٢٢ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ ﻋﺎم .١٩٨٧ أﻣﺎ ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻗﺼﻮا ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺪول ﺑﺎﻟﻨﱢﺴﺒﺔ ﻟﻌﺪد اﻟﺴﻜﺎن املﻨﺘﺠني ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﻘﺺ ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻦ ٪١٩إﱃ ٪٢٫٦ ﺑني ﻋﺎﻣﻲ ١٩٤٤و ،١٩٨٧وﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﻣﻦ ٪٥٠إﱃ ،٪١٥وﰲ ﺳﻮﻳﴪا ﻣﻦ ٪٢١إﱃ ،٪٤٫٦واملﻜﺴﻴﻚ ﻣﻦ ٪٦٥إﱃ ،٪٣٢وﰲ ﻣﴫ ﻣﻦ ٪٧١إﱃ ،٪٤٢وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﻣﻦ ٪٦٦إﱃ .٪٥١ وﰲ ﻣُﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ زاد ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ﻣﻦ ٪٦٦إﱃ ٪٦٧٫٥ﰲ اﻟﻔﱰة ذاﺗﻬﺎ ،وﻳُﻤﻜﻦ أن ﻧ ُ َﻔ ﱢﴪ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻬﻨﺪ ﻋﲆ ﺿﻮء اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟ ﱢﺰراﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻤﻞ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻘﻂ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻗﺺ ﻋﺪدﻫﻢ ﰲ اﻟﻔﱰة ذاﺗﻬﺎ ﻣﻦ ٪٧٠إﱃ ،٪٦٥وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن اﻟ ﱢﺰﻳﺎدة ﰲ اﻟﻌﺎﻣﻠني اﻟﺰراﻋﻴني ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ﺗﺮﺟﻊ إﱃ زﻳﺎدة ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻨﺴﺎء .أﻣﺎ ﰲ إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﻓﺈن اﺳﺘﻤﺮار اﻻرﺗﻔﺎع راﺟﻊ إﱃ زﻳﺎدة اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺴني ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ ارﺗﺒﺎط ﺑﻘﻮاﻧني اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻴﺔ وزﻳﺎدة املﻠﻜﻴﺎت اﻟﺼﻐرية اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﻣﺠﻬﻮد اﻟﺠﻨﺴني ،ﺑﻌﺪ ﺗﻔﻜﻴﻚ املﻠﻜﻴﺎت اﻻﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ واﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﺒرية. ) (2املﻮﺿﻮع اﻟﺮﺋﻴﴘ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ :اﻟﻐﺬاء رﻏﻢ ﺗﻌﺪد أﺷﻜﺎل وأﻧﻤﺎط اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ﻣﻦ ﺑﺪاﺋﻴﺔ إﱃ ﻛﺜﻴﻔﺔ إﱃ واﺳﻌﺔ ،وﻣﻦ زراﻋﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ إﱃ زراﻋﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،رﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬا؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﻬﺪف اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﺎ زال ً أوﻻ :اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻐﺬاء .وﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﺗﻮﻓري املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻠﺒﺲ وﻏريه ﻣﻦ اﻷﻏﺮاض اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻴﻮم. وﻻ ﺷﻚ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺗﻮﻓري اﻟﻐﺬاء ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺰراﻋﺔ اﻷول ،وﻟﻘﺪ زادت أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻐﺬاء ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺰاﻳﺪ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎملﻲ اﻟﺬي ﻳﻬﺪد ﺑﺤﺪوث اﻧﻔﺠﺎر ﺳﻜﺎﻧﻲ ﻋﻨﻴﻒ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. 162
اﻟﺰراﻋﺔ
وﻟﻬﺬا ﺳﻴﻨﺼﺐ ﻛﻼﻣﻨﺎ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ً أوﻻ :ﻋﲆ املﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،وﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻋﲆ اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺘﺼﻨﻴﻊ. و َرﻏﻢ أﻫﻤﻴﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ دﺧﻮﻟﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﺑﺸﺪة وﺑﻜﻤﻴﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺻﻼت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﱠ ﻓﺈن اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﻣﺎ زال ﻋﲆ أﻛﱪ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﺪاﺋﻞ ﻣﻦ املﻮاد املﺼﻨﻌﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺎﻳﻠﻮن واﻟﱪﻟﻮن وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺳﻤﺎء ،وﻫﺬه اﻟﺒﺪاﺋﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﺑﺸﺪة املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻛﺎﻟﻘﻄﻦ واﻟﻜﺘﺎن واﻟﺤﺮﻳﺮ واﻟﺠﻮت واملﻄﺎط. أﻣﺎ اﻟﺤﺎﺻﻼت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﺑﺪﻳﻞ ﺣﺘﻰ اﻵن؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ وﻻ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻟﺤﻞ أزﻣﺔ اﻟﻐﺬاء اﻟﻌﺎملﻲ ،إﻧﻤﺎ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻳﺰداد اﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻓري إﻧﺘﺎج أﻛﱪ وﺗﺒﺎدل ﺗﺠﺎري أﻛﺜﺮ ،وﻻ أدل ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻦ ازدﻳﺎد اﻟﺘﺠﺎرة ﰲ اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺤﺒﻮب ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة إﱃ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ وإﱃ اﻟﻬﻨﺪ وﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ اﻷﻋﻮام املﺎﺿﻴﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ. ورﻏﻢ أن دول اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﰲ اﻷﻋﻮام اﻟﻘﺎدﻣﺔ أن ﺗﺰﻳﺪ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﻓﺈن اﺳﺘﻤﺮار ﻏﻮث اﻟﺒﻼد اﻟﻔﻘرية اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺘﺎﺣﻬﺎ ﻛﻮارث ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻫﻲ إﻧﺬار ﻟﻬﺬه اﻟﺪول ﺑﺄن ﺗﺤﺴﻦ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ واﻟﺘﻨﻤﻮي ﻟﻜﻲ ﺗﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻟﺠﻮع وﺳﻄﻮة اﻟﺪول اﻟﻜﱪى. ﺟﺪول :2-7ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ واﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ ﺣﺴﺐ ﻧﻮع اﻟﺰراﻋﺔ »ﻧﺴﺐ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﺴﻜﺎن وﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ «.١٩٨٧ اﻟﺪوﻟﺔ
ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ
اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ
)أ( اﻟﺰراﻋﺎت املﺪارﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﺣﺪﻳﺜﺔ ﺑﺄﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
اﻟﺪوﻟﺔ
ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ
اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ
)ب( زراﻋﺎت املﻨﺎﻃﻖ املﻮﺳﻤﻴﺔ ﺑﺂﺳﻴﺎ
ﺗﻨﺰاﻧﻴﺎ
٨٠
٨٢٫٣
ﺑﻨﺠﻼدش
٧١
٧٠٫٥
ﻏﻴﻨﻴﺎ
٧٦
٧٦٫٢
اﻟﺼني
٦٩
٦٩٫٥
زﻣﺒﺎﺑﻮي
٦٩
٦٩٫٢
اﻟﻬﻨﺪ
٦٣
٦٧٫٥
ﻧﻴﺠريﻳﺎ
٦٥
٦٥٫٨
ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن
٥٥
٥١٫٥
ﻛﻮت دﻳﻔﻮار
٥٨
٥٨٫٥
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ
٤٦
٥١٫٠
163
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ
)ج( زراﻋﺎت اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ
اﻟﺪوﻟﺔ
ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ
اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ
)د( زراﻋﺎت أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ »ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ آﱄ«
ﺗﺮﻛﻴﺎ
٤٧
٥١٫١
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٧
٦٫١
ﻣﴫ
٤٠
٤٢٫٠
اﻟﺪاﻧﻤﺮك
٥
٥٫٣
ﺗﻮﻧﺲ
٢٧
٢٧٫١
اﻟﻨﻤﺴﺎ
٥
٦٫٥
ﺳﻮرﻳﺎ
٢٥
٢٦٫٠
اﻟﺴﻮﻳﺪ
٤٫٨
٤٫٣
اﻟﻴﻮﻧﺎن
٢٣
٢٦٫١
أملﺎﻧﻴﺎ
٤٫٥
٥٫٢
إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ
١٢
١٢٫٤
ﻫﻮﻟﻨﺪا
٤
٤٫٢
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
٧
٨٫٣
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
٢
٢٫٢
اﻟﱪازﻳﻞ
٢٦
٢٦٫٢
اﻷرﺟﻨﺘني
١١
١١٫١
املﻜﺴﻴﻚ
٣١
٣١٫٩
ﻛﻮملﺒﻴﺎ
٢٩
٢٩٫٥
ﻛﻨﺪا
٣٫٧
٣٫٨
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٢٫٩
٢٫٦
)ﻫ( اﻟﺰراﻋﺎت اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ
ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻋﺪم وﺟﻮد ﺑﺪﻳﻞ ﺻﻨﺎﻋﻲ ﻟﻠﻐﺬاء اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﺳﺒﺒًﺎ ﻣﺰدوﺟً ﺎ: ً أوﻻ :إن اﻟﻐﺬاء اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ — ﰲ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌني — أﻓﻀﻞ وأﺻﺢ وأﻛﺜﺮ ﻣﻼءﻣﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﱰﻛﻴﺒﻪ اﻟﻌﻀﻮي اﻟﺤﺎﱄ ﻣﻦ أي أﻃﻌﻤﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺻﻨﺎﻋﻴٍّﺎ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﱠ إن ﻣﻌﺎرف ﻋﴫﻧﺎ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻛﺘﺸﺎف ﻏﺬاء إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﺜﻞ اﻟﻐﺬاء اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻮم واﻟﺨﴬ واﻟﺤﺒﻮب. 164
اﻟﺰراﻋﺔ
وﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﺈن اﻫﺘﻤﺎم املﺨﻄﻄني ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻐﺬاء أﻣﺮ واﺿﺢ وﻣﻔﻬﻮم وﺟﻮﻫﺮي ،وﻻ ﺗﻘﺘﴫ ﺟﻬﻮد ﺗﺄﻣني اﻟﻐﺬاء ﻋﲆ اﻟﺰراﻋﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ ﻣﺤﺎوﻻت ﻟﺰﻳﺎدة إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺮﻏﻢ اﻟﻄﻔﺮة اﻟﻜﺒرية ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷﺳﻤﺎك؛ ﻓﺈن ً ﺿﺌﻴﻼ ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﺤﺼﻮل اﻷرز أو اﻟﻘﻤﺢ أو اﻟﺬرة ،ﻛﺬﻟﻚ ﱠ ﻓﺈن ﻋﺎدة أﻛﻞ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﺎ زال اﻷﺳﻤﺎك ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺷﻌﻮب اﻷرض ،ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮم أﻛﻠﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻏﺬاءً اﻋﺘﻴﺎدﻳٍّﺎ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ً ﻣﻜﻠﻔﺎ ﰲ ﻏري ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻴﺪ. ﺻﻴﺪﻫﺎ وﻏﺬاءً وﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،أن ﻋﺪدًا ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﺴﻤﻚ ﻋﻦ اﻟﻠﺤﻮم ،وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻊ اﻟﻔﻘﺮ واﻻﻛﺘﻈﺎظ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪول اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻠﻎ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻔﺮد ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻮم ٦ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣﺎت ،ﻣﻘﺎﺑﻞ ٢٣ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ،واﻟﱪﺗﻐﺎل ١٦ﻛﺠﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ١٩ﻛﺠﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ،واﻟﻔﻠﺒني ١٠ﻛﺠﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻮم ﻣﻘﺎﺑﻞ ١٥ﻛﺠﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك. واملﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﺟﺪول 3-7اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻵﺗﻴﺔ: ) (١اﻟﻨﻤﻮ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﻐﺬاﺋﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٩٣إﱃ ١٩٩٤ﻣﺤﺪود ،وﻟﻜﻨﻪ أﻋﲆ ﺑﻤﻘﺪار اﻟﺮﺑﻊ ﻋﻦ ١٢ﺳﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ. ) (٢ﻟﻜﻦ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺮد ﺻﻐري ﻻ زﻳﺎدة ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺑﺎﻟﺬات ﻫﻮ ﻣﺘﻨﺎﻗﺺ. ) (٣ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﻨﻤﻮ ﰲ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﺻﻐري ﺟﺪٍّا؛ ﱠ ﻹن ذﻟﻚ ﻣَ ﺮﻏﻮب ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﻘﺎص اﻟﻔﺎﺋﺾ. ً ﺳﺎﺑﻘﺎ( ﱠ ﻓﺈن اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ﺟﺎء ﻧﺘﻴﺠﺔ ) (٤أﻣﺎ ﰲ ﻛﻤﻨﻮﻟﺚ اﻟﺪول ا ُملﺴﺘﻘﻠﺔ )اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ أﺣﺪاث ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﻋﺪم أﻣﺎن اﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻊ ﻓﻮﴇ وﻗﻠﺔ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻨﻈﺎم ﻣﻌني. ) (٥ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﻤﻜﻦ وﻣﺴﺘﻤﺮ وﻟﻜﻦ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻣﺎ زال أﻗﻞ ﻣﻦ ﻣﻨﺴﻮب اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت. ) (٦ﻧﻤﻮ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﺗﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﻷﺧﺮى ﺑﺒﻂء ،وﻳُﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﻧﻈﺮﻳٍّﺎ ﱠ إن إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء وﻣﺨﺰوﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻐﺬي ﻛﻞ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ رﻓﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒرية ﻟﻮ رﻓﻌﺖ أوروﺑﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﺤﺪة اﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج ،وأﻋﻴﺪت زراﻋﺔ أراﴈ اﻟﺒﻮر وزراﻋﺔ أراﴈ ﻛﻤﻨﻮﻟﺚ اﻟﺪول املﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﻜﻔﺎءة؛ ﻓﺎﻟﻮاﺿﺢ أن إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﻳﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ اﻟﻘﻮاﻧني واﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﰲ ﻛﻞ دوﻟﺔ ﺣﺴﺐ اﻷوﺿﺎع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻘﻮﻣﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ اﻻﺧﺘﻼف ﺑني دوﻟﺔ وأﺧﺮى. 165
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (٧وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬا ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮت ﻓﺮوق ﰲ ﺗﻮزﻳﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻣﻤﺎ أدى إﱃ وﻗﻮع ﻧﺤﻮ ٪٢٠ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ »ﻧﺤﻮ ٨٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ« ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﺧﻂ اﻟﺠﻮع وﻧﻘﺺ اﻟﻐﺬاء )ﺗﻘﺪﻳﺮ .(FAOوﻳﻨﻘﺴﻢ ﻫﺆﻻء ﻋﲆ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻵﺗﻴﺔ :أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺟﻨﻮب اﻟﺼﺤﺮاء ،٪٣٧ﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ ،٪٢٤ﴍق آﺳﻴﺎ ،٪١٦أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ،٪١٣ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ٪٨؛ أي ﻧﺤﻮ ٣٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺟﻨﻮب اﻟﺼﺤﺮاء و ٦٤ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﰲ آﺳﻴﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ واﻟﴩﻗﻴﺔ ٣٢٠ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،وﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﻮن ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ. وﰲ املﺠﻤﻮع زادت اﻟﺴﻌﺮات اﻟﺤﺮارﻳﺔ ﻟﺴﻜﺎن اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ١٩٩٢–١٩٧٢ ﻣﻦ ٢١٣٥ﺳﻌ ًﺮا إﱃ ٢٥١٠ﺳﻌﺮات؛ أي ﺑﺰﻳﺎدة .٪١٨وﻟﻜﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺗﻤﺜﻞ اﺳﺘﺜﻨﺎءً ﻟﻬﺬا؛ ﻓﻘﺪ ﺳﺎءت اﻷﺣﻮال ﰲ ٤٣دوﻟﺔ ،وﺗﻨﺎﻗﺼﺖ اﻟﺴﻌﺮات اﻟﺤﺮارﻳﺔ .وﺣﺴﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮات ﻫﻴﺌﺔ اﻟ FAO؛ ﻓﺈن إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ١٢–١٠ﺳﻨﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺑﻤﻘﺪار ٪٦٠ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻮاءم اﻟﻐﺬاء ﻣﻊ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ. ﺟﺪول :3-7ﻣﺆﴍات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﻐﺬاﺋﻲ وﺗﻄﻮر ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻋﲆ أﺳﺎس أن إﻧﺘﺎج اﻟﻔﱰة .١٠٠ = ١٩٨١–١٩٧٩ املﻨﻄﻘﺔ
اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ١٩٩٣ﻟﻠﻔﺮد
٤
إﻧﺘﺎج املﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ
ﻟﻠﻔﺮد ١٩٩٣ﻟﻠﻔﺮد ١٩٩٤ﻟﻠﻔﺮد
اﻟﻌﺎﻟﻢ
١٢٧
١٠٣ ١٣٠ ١٠٢
١٢٨
١٠٣
١٣١
١٠٤
أوروﺑﺎ دون ﻛﻤﻨﻮﻟﺚ روﺳﻴﺎ
١٠٥
١٠١ ١٠٥ ١٠١
١٠٥
١٠١
١٠٥
١٠١
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ
١٠٦
٨٩
١١٦
٩٦
١٠٧
٨٩
١١٧
٩٦
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
١٠٢
٩٠
١١٣
٩٩
١٠٢
٩٠
١١٣
٩٩
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ
١٣٢
١٠٥ ١٣٨ ١٠٣
١٣٦
١٠٦
١٤٣
١٠٩
اﻟﱪازﻳﻞ
١٤١
١١٤ ١٥٠ ١٠٩
١٤٧
١١٤
١٥٧
١١٩
آﺳﻴﺎ دون ﻛﻤﻨﻮﻟﺚ روﺳﻴﺎ
١٥٨
١٢٥ ١٦١ ١٢٥
١٥٩
١٢٥
١٦١
١٢٥
اﻟﺼني
١٧٥
١٤٧ ١٧٨ ١٤٦
١٧٦
١٤٧
١٧٨
١٤٧
166
اﻟﺰراﻋﺔ
املﻨﻄﻘﺔ
اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ١٩٩٣ﻟﻠﻔﺮد
٤
إﻧﺘﺎج املﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ
ﻟﻠﻔﺮد ١٩٩٣ﻟﻠﻔﺮد ١٩٩٤ﻟﻠﻔﺮد
اﻟﻬﻨﺪ
١٦٠
١٢٤ ١٦٥ ١٢٣
١٦٢
١٢٤
١٦٧
١٢٥
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
١٣٦
٩٤
١٣٩
٩٣
١٣٨
٩٥
١٤١
٩٥
أﺳﱰاﻟﻴﺎ وأوﺷﻴﻨﻴﺎ
١٢٠
٩٨
١١٦
٩٣
١٢٢
١٠٠
١١٨
٩٥
واملﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ أن اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﻣﻘﺪاره اﻟﺴﻨﻮي ﻛﺜريًا ﻛﻲ ﻳﻤﻜﻦ إﻃﻌﺎم اﻟﻨﺎس؛ ﱠ ﻹن إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء ﻣﺤﻜﻮم ﺑﻈﺮوف إﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ وﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ إﺣﺪاث ﻃﻔﺮات ﻓﺠﺎﺋﻴﺔ ﻓﻴﻪ. ) (٨ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻐﺬاء :إن اﻧﺴﻴﺎب ﻓﺎﺋﺾ اﻟﻐﺬاء ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر إﻧﺘﺎﺟﻪ اﻟﻜﱪى إﱃ ﺳﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼك ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻳﻌﻮﻗﻪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺎت ﻋﲆ رأﺳﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ: )أ( ﺣﻴﺚ إن اﻹﻧﺘﺎج اﻷﻛﱪ ﻫﻮ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﱠ ﻓﺈن ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻐﺬاء ﻳﺘﺨﺬ ﻃﺎﺑﻌً ﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ ﺗﻔﺮﺿﻪ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﲆ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠﻀﻐﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺗﺒﺎع ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ. )ب( ﻧﻘﺺ اﻟﻌﻤﻼت اﻟﺤﺮة ،وﺗﺪﻫﻮر اﻟﻌﻤﻼت املﺤﻠﻴﺔ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﺒﺎء املﺎﻟﻴﺔ وﻳﺮﻓﻊ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪﻳﻮن ﻟﺤﺴﺎب اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ. )ﺟ( ﻧﻘﺺ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ وارﺗﻔﺎع ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻨﻘﻞ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻐﺬاء ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ. ) (1-2أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ :دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ً أوﻻ :ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ﰲ أﺟﺰاء ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ؛ ﻓﺈن ﺿﻌﻒ اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ وﻧﻘﺺ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﺗُ َﺸ ﱢﻜﻞ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﻣُﺸﻜﻠﺔ ﺗﻌﺎدل ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻮق داﺧﻞ اﻟﺪول اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﻜﺒرية املِ ﺴﺎﺣﺔ ﺑني املﻮاﻧﻲ واﻟﺪاﺧﻞ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻐﺬاء املﺴﺘﻮرد ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء املﺤﲇ وﻧﻘﻠﻪ إﱃ أﺳﻮاق املﺪن. 167
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻮق ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ داﺧﻠﻴﺔ اﻟﺪول ،وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى :ﻓﺈن ﺗﺤﺴني وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ ﻫﻮ أﺣﺪ ﴍوط اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺰراﻋﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ ﺻﻮاﻣﻊ اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﺴﻦ ﺗﻮزﻳﻊ املﺤﺎﺻﻴﻞ ﻋﲆ اﻟﺴﻮق اﻟﺪاﺧﲇ ،وﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ اﻟﺪول اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻦ واﻟﻜﺎﻛﺎو وﺧﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ؛ ﻛﺎﻟﻘﻄﻦ وﻓﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ وﻧﺨﻴﻞ اﻟﺰﻳﺖ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ إﻳﺠﺎد وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺨﺰﻳﻦ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻛﻲ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ا ُملﻨﺎﺳﺐ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﺳﻌﺮ اﻟﺨﺎﻣﺎت ا ُمل َ ﺼﺪرة. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﺗُﺴﺎﻫﻢ اﻟﻘﻼﻗﻞ واﻟﺜﻮرات واﻻﻧﻘﻼﺑﺎت واﻟﺤﺮوب ﺑني اﻟﺪول ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ زﻳﺎدة ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻐﺬاء ﺑﺨﺎﺻﺔ واﻟﺰراﻋﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ ،وﻗﺪ وﺿﺢ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ املﺎﺿﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮت املﺠﺎﻋﺎت ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺜﻮرات واﻟﺤﺮوب اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﺴﻮدان واﻟﺼﻮﻣﺎل ورواﻧﺪا وﺑﻮرﻧﺪي وأﻧﺠﻮﻻ وﻟﻴﺒريﻳﺎ. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﰲ اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺳﻨﺔ املﺎﺿﻴﺔ ،وﺣﺴﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮات ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻔﺎو ،ﱠ ﻓﺈن إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء اﻟﻌﺎملﻲ زاد ﺑﻤﻘﺪار اﻟﺜﻠﺚ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺰد ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﺑﻤﻘﺪار ٪٣ﻓﻘﻂ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟ ﱢﺰﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺑﻤﻘﺪار ٪٤٤وزﻳﺎدة ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﺑﻤﻘﺪار .٪١٤ وﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا وﺿﻮﺣً ﺎ أن اﻟﺪول ﻛﺜﻴﻔﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﻛﺎﻟﺼني ﻗﺪ زاد إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﺑﻤﻌﺪل ،٪٧٧وﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ،٪٤٧وﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ٪٦٧ و ،٪٢٥وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ٪٩٢و ،٪٤٩واﻟﱪازﻳﻞ ٪٥٦و.٪١٩ وﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺣﺪث اﻟﻌﻜﺲ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻗﺺ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺮد ﺑﻨﺤﻮ ٪٥ ﻋﺎل ،وﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ دول أن ﺗﺮﻓﻊ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻨﻤﻮ ﺳﻜﺎن ٍ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء ﻣﺜﻞ :اﻷرﺟﻨﺘني ،وﻓﻨﺰوﻳﻼ ،وﺑريو ،وﺟﻮاﻳﺎﻧﺎ ،وﺑﺎرﺟﻮاي ،وﻛﺬﻟﻚ ﻏﺎﻟﺐ دول أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ. وﻳﻌﻄﻲ اﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﱄ ﺗﻔﺎوت ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﰲ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﰲ اﻟﻐﺬاء. وﻳﻼﺣﻆ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺪول أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻗﺺ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﰲ ﻣﺪة اﻟﺪراﺳﺔ ﻫﻲ) :أ( دول ﻧﺎﻣﻴﺔ) .ب( دول ﻣُﺘﻘﺪﻣﺔ ،اﻷوﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻈﺮوف ﻣﺘﻌﺪدة أﻫﻤﻬﺎ زﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎن واﺿﻄﺮاب اﻷﺣﻮال ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺮﺳﻮﻣﺔ ﻟﺨﻔﺾ املﺨﺰون وﺗﻘﻠﻴﻞ اﻹﻧﺘﺎج ﻟﻜﻲ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺬي ﺗﻌﻄﻴﻪ ﻟﻠﻤﺰارﻋني.
168
اﻟﺰراﻋﺔ ﺟﺪول :4-7ﺗﺒﺎﻳﻦ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﻟﻠﻔﱰة .١٩٩٢–١٩٧٩ اﻟﺪوﻟﺔ املﺘﻨﺎﻗﺼﺔ
ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ٪اﻟﺪوﻟﺔ املﺘﺰاﻳﺪة
ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺰﻳﺎدة
اﻟﺼﻮﻣﺎل
٦٫٠−
ﻏﺎﻧﺎ وﺗﺎﻳﻼﻧﺪ
٠٫٣+
ﻣﺎﻻوي
٥٫٠−
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا
٠٫٤+
ﺳﻮرﻳﺎ
٣٫٤−
ﺑﻮﻟﻨﺪا
٠٫٩+
زﻳﻤﺒﺎﺑﻮي
٣٫٣−
ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن
١٫٠+
ﻧﻴﻜﺎراﺟﻮا وروﻣﺎﻧﻴﺎ
٣٫٢−
ﻣﴫ
١٫٤+
اﻟﺴﻮدان وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ
٢٫٢−
أملﺎﻧﻴﺎ
١٫٥+
ﻣﻮزﻣﺒﻴﻖ وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
٢٫١−
اﻟﻬﻨﺪ
١٫٦+
اﻟﻨﻴﺠﺮ
٢٫٠−
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ وﻧﻴﺠريﻳﺎ
٢٫٠+
ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر )ﺑﻮرﻣﺎ(
١٫٩−
اﻟﺪاﻧﻤﺮك
٢٫٢+
اﻟﺴﻮﻳﺪ
١٫٥−
اﻟﺼني
٢٫٩+
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
٠٫٦−
ﺑﻨﺠﻼدش
٠٫٣−
واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٠٫٢−
وﻣﻦ ﺑني أﺳﺒﺎب اﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﻌﺎم اﻵﺗﻲ: ) (١ﺗﺮاﺟﻊ ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻟﱰﺑﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺳﻮء إدارة املﺰارع وﻧﻘﺺ اﻟﺘﺴﻤﻴﺪ وﺗﻌﺮﻳﺔ اﻟﱰﺑﺔ واﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ ﻗﻄﻊ اﻷﺷﺠﺎر. ) (٢ﺳﻮء اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ. ) (٣ﻧﻘﺺ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ ﻟﻠﺴﻮق ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﻓﻘﺪان ﺟﺰء ﻣﻦ املﺤﺼﻮل ،وﺗﺴﺎﻋﺪ ﻗﻠﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻋﲆ ﺗﻌﺮض املﺤﺼﻮل ﻟﻸﺣﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ. ) (٤ﻣﻦ املﻌﻮﻗﺎت ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،واﻟﺘﺴﻴﺐ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻘﻮاﻧني؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ اﻟﻄﻐﻴﺎن ﻋﲆ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻧﻤﻮ املﺪن واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت .وﰲ أﺣﻴﺎن 169
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺗﺨﻔﺾ اﻟﺪوﻟﺔ »ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺑﻌﺎﻣﺔ« ﻗﻴﻤﺔ املﺤﺼﻮل اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒرية؛ ﻟﻀﻤﺎن اﻟﻐﺬاء ﻟﺴﻜﺎن املﺪن ﺑﺴﻌﺮ رﺧﻴﺺ ،وﻳﱰﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪان اﻟﺤﺎﻓﺰ ﻟﺪى املﺰارع ﻟﺰﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎج، ﺑﻞ وﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ إﻧﺘﺎج ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﻪ املﺒﺎﴍ »وﺟرياﻧﻪ« ﻓﻘﻂ. ) (٥اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﺪى اﻟﺴﻜﺎن ﻻ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ وﺟﻮد ﺳﻮق اﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ وﻛﺒرية. ) (٦ﺗﻘﻮم اﻟﺪول ذات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاﺋﻲ واملﺨﺰون اﻟﻜﺒري ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻏﺬاﺋﻴﺔ ﰲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜرية ﻟﻠﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺣﺎﻻت اﻟﺸﺪة ً ﻃﻮﻳﻼ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻌﻮﻧﺎت ﺗﺪﻓﻌﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻤﺰارﻋني، واملﺠﺎﻋﺔ ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺴﺘﻤﺮ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮأي اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻳﺄﺧﺬ ﻧﺼﻴﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻫﻮ :ملﺎذا ﻧﺪﻓﻊ ﻣﻌﻮﻧﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﻧﻘﺪﻣﻬﺎ ﻫﺪﻳﺔ ﻟﺸﻌﻮب أﺧﺮى؟ ) (2-2اﺳﺘﺨﺪام اﻷﺳﻤﺪة واملﺨﺼﺒﺎت واﻵﻟﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وﺻﻠﺖ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ إﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻹﺷﺒﺎع ﰲ اﺳﺘﺨﺪام اﻷﺳﻤﺪة ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺠﺪي اﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪام ،أﻣﺎ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻴﻨﻘﺼﻬﺎ ﻛﺜريًا اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه املﺨﺼﺒﺎت ،واﻟﺪول اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ ﺑﻜﻔﺎﻳﺔ ﻇﻬﺮت ﻓﻴﻬﺎ زﻳﺎدة ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﻐﺬاﺋﻲ ﰲ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ. وﻗﺪ وﺻﻞ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺪة ﰲ ١٩٩٣-١٩٩٢إﱃ اﻟﻮﺿﻊ اﻵﺗﻲ »ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻃﻦ« :أﺳﻤﺪة ﻧﻴﱰوﺟﻴﻨﻴﺔ ،٧٣٦٣١أﺳﻤﺪة ﻓﻮﺳﻔﺎﺗﻴﺔ ،٣١٥٢٥وأﺳﻤﺪة ﺑﻮﺗﺎﺳﻴﺔ .٢٠٧٧٥ أﻛﱪ ﻣﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﻠﻨﻴﱰوﺟﻴﻨﻴﺎت :اﻟﺼني ،٢٠٤٠٣اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،١٠٣٠٤اﻟﻬﻨﺪ ،٨٤٢٦روﺳﻴﺎ ،٢٦٢٢ﻓﺮﻧﺴﺎ ،٢١٥٤إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،١٦٩٦أملﺎﻧﻴﺎ ،١٦٨٠ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ،١٦٥٣ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،١٣٢٦ﻛﻨﺪا ،١٢٧٣أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ،١٢٤٧املﻜﺴﻴﻚ ،١٢٣٠ﺗﺮﻛﻴﺎ ،١٢٠٦إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،٩٠٦اﻟﱪازﻳﻞ ،٨٦٥إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،٧٦٥ﻣﴫ ،٧٤٥ﺑﻨﺠﻼدش ،٧١٣ﺑﻮﻟﻨﺪا ،٦٨٣ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،١٥٣اﻟﻴﺎﺑﺎن ،٥٧٢اﻟﻨﻤﺴﺎ .١٢٤ اﻟﻔﻮﺳﻔﺎت :اﻟﺼني ،٦٧٥٨اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٤٠٤٤اﻟﻬﻨﺪ ،٢٩٠٨روﺳﻴﺎ ،٢٦٢٢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،٢١٥٤اﻟﱪازﻳﻞ ،١٣٤٦أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ،٩٠٠اﻟﻴﺎﺑﺎن ،٦٩٩أﺳﱰاﻟﻴﺎ ،٦٩٠ﺗﺮﻛﻴﺎ ،٦٥٨ ﻛﻨﺪا ،٥٩٨إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،٥٩٦إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،٥٩٣أملﺎﻧﻴﺎ ،٤٩٠إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ .٣٨٨ اﻷﺳﻤﺪة اﻟﺒﻮﺗﺎﺳﻴﺔ :اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٤٦٣٥اﻟﺼني ،١٩٩٤اﻟﱪازﻳﻞ ،١٣٧٣روﺳﻴﺎ ،١٣٥٠ﻓﺮﻧﺴﺎ ،١٣٤٨اﻟﻬﻨﺪ ،٨٨٤أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ،٧٥٠أملﺎﻧﻴﺎ ،٦٧٢اﻟﻴﺎﺑﺎن ،٥١٣ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ،٥١٠ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ .٤٢٠ 170
اﻟﺰراﻋﺔ
) (3-2أﺳﻌﺎر املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺘﺬﺑﺬﺑﺔ ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻛﺎﻟﻜﺎﻛﺎو واملﻄﺎط وﺑﻌﻀﻬﺎ راﻛﺪ أو ﻣﱰاﺟﻊ ،وﻟﻜﻦ ﰲ املﺠﻤﻮع ﻫﻨﺎك ﻋﲆ املﺪى ارﺗﻔﺎع ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،واﻻرﺗﻔﺎع ﻟﻪ أﺳﺒﺎﺑﻪ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻬﺎ أن املﺤﺼﻮل ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻇﺮوف ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ أو ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻏريﻫﺎ. ) (4-2أوﺿﺎع اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﻐﺬاء ﰲ املﻨﺎﻃﻖ واﻟﻘﺎرات ) (١ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ :أﺧﺬ اﻟﻐﺬاء ﺻﻮرة أزﻣﺎت ﺷﺪﻳﺪة ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﻫﻨﺎك ﺗﺤﺴﻦ ﻣﺤﺴﻮس ،واﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاﺋﻲ اﻵن ﻳﻜﻮن ٪٧٥ﻣﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺮد؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ ازدﻳﺎد اﻟﺴﻜﺎن ،وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﺠﻮﻋﻰ أو ﻗﻠﻴﲇ اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﻧﺤﻮ ١٧٢ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﺣﺴﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮات »اﻟﻔﺎو« .وﺗﺮﺗﺐ ﻋﲆ رﻛﻮد اﻹﻧﺘﺎج ﻋﻨﺪ ﺣﺪود ﻣﻌﻴﻨﺔ اﺳﺘرياد اﻟﻐﺬاء ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻛﻞ دوﻟﺔ أو أﻋﲆ ﻣﻨﻪ. وﺗﻘﺪﱢر »ﻓﺎو« أن أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﺳﺘﻮردت ١٩٩٣ﻧﺤﻮ ٢٣ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻮب ،وأن ٢٥دوﻟﺔ وﺻﻠﺘﻬﺎ ﻣﻌﻮﻧﺎت ﻏﺬاﺋﻴﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻘﺪر ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺪول ﻋﲆ دﻓﻊ ﻗﻴﻤﺔ اﻻﺳﺘرياد ،واﻟﺤﺎﻟﺔ ﺳﻴﺌﺔ ﰲ ﺷﻤﺎل ووﺳﻂ وﴍق أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ .أﻣﺎ ﻏﺮب وﺟﻨﻮب اﻟﻘﺎرة ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ أﺣﺴﻦ وﻳﺘﺤﺴﻦ ،وﺳﺒﺐ اﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﻈﺮوف املﻨﺎﺧﻴﺔ واﻟﺘﺼﺤﺮ واﻟﻘﻠﻘﻠﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻓﺸﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻟﺤﺮوب اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﻘﺒﻠﻴﺔ واﻹرﻫﺎب؛ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﺴﻮدان واﻟﺼﻮﻣﺎل ورواﻧﺪا وﺑﻮرﻧﺪي وﻟﻴﱪﻳﺎ وزاﺋري … إﻟﺦ. ) (٢أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ :ارﺗﻔﻊ اﻹﻧﺘﺎج واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳُﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﺴني اﻟﻐﺬاء ﺑﺎﻟﻨﱢﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺮد ﺑﺮﻏﻢ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ اﻟﻜﺒري ،وﻟﻜﻦ اﻟﺠﻮع أو ﻧﻘﺺ اﻟﻐﺬاء ﻣﻮﺟﻮد ﺑني ﺳﻜﺎن املﺪن اﻟﻔﻘﺮاء ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ ودول اﻹﻧﺪﻳﺰ. ) (٣اﻟﻬﻨﺪ :ﻧﺠﺤﺖ »اﻟﺜﻮرة اﻟﺨﴬاء« ﰲ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻷﻫﺪاف اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ املﺮﺳﻮﻣﺔ، وذﻟﻚ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺑﺬور ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺤﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض ،وﻗﺪ ارﺗﻔﻊ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻐﺬاﺋﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،وارﺗﻔﻊ ﻣﻌﻪ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء؛ ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﺤﺒﻮب إﱃ اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻘﻴﺎﳼ ٢١١٥ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ؛ وذﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ارﺗﻔﺎع إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ واﻷرز. ) (٤اﻟﺼني :ﻧﻤﻮ ﻣﺤﺪود ﻟﻌﺎم ١٩٩٣ﻋﲆ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﻨﺴﺒﺔ ،٪١وﺗﺮاﺟﻊ ﺑﺴﻴﻂ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء؛ ﻓﻘﺪ ﻫﺒﻂ إﻧﺘﺎج اﻷرز ﻣﻦ ١٨٠٠إﱃ ١٧٥٦ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،١٩٩٤واﻟﻘﻤﺢ 171
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻣﻦ ١٠٦٤إﱃ ١٠٢٠ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،واﻟﺴﺒﺐ ﺳﻮء اﻷﺣﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ ،وﻗﻠﺔ اﻷﺳﻤﺪة ،وﻗﻠﺔ اﻟﺒﺬور ذات اﻟﺠﻮدة ،وﻗﻠﺔ اﻵﻻت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى. واملﻄﻠﻮب ً أﻳﻀﺎ ﺗﺤﺴني اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻄﺮق ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﱃ ﻣﻮﺿﻮع ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻷرض وﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻪ ،وﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﻐﺬاء ﻧﺮى زﻳﺎدة ﻛﺒرية ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ »اﻷﻟﺒﺎن واﻟﻠﺤﻮم« واﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻘﻄﻦ. واﻟﺨﻼﺻﺔ ،ﱠ إن املﺴﺎﺣﺔ اﻟﻜﺒرية ﻟﻠﺼني ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻋﻦ ﻋﺪم ﻋﺪاﻟﺔ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ ﻏﺬاء؛ ﻓﺎملﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻏري املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ أو ﻣﻨﺎﻃﻖ املﺪن املﺨﺪوﻣﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻧﻘﻞ ﺑﻘﺪر ﻣﻌﻘﻮل. ) (٥ﻛﻤﻨﻮﻟﺚ اﻟﺪول املﺴﺘﻘﻠﺔ »اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ« :ﺗﻨﺎﻗﺺ اﻹﻧﺘﺎج ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻴﺎج؛ ﻫﺒﻄﺖ اﻟﺤﺒﻮب ﻣﻦ ٩٥٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم ١٩٩٣ﰲ روﺳﻴﺎ إﱃ ٨٥٠ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،وﰲ أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ﻣﻦ ٤٢٧ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ إﱃ ٣٧٠ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻫﺒﻮط ﰲ ﺣﺎﺻﻼت أﺧﺮى، وأﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﺪول أﻛﱪ ﻣﺴﺘﻮرد ﻟﻸﻏﺬﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﺎم .١٩٩٤وﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣُﺘﻌﺪدة ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻧﻘﺺ ﰲ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ واﻟﺨﴬ واﻟﻠﺤﻢ واﻷﻟﺒﺎن ،وﻛﺎن ﻟﻬﺬا أﺛﺮه ﻋﲆ ﻃﺒﻘﺔ ﻓﻘﺮاء املﺪن. وﰲ املﺠﻤﻮع ﺗﺮاﺟﻊ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﺨﴬ ﺑﻤﻘﺪار ٪٦ﰲ روﺳﻴﺎ ،واﻟﺒﻴﺾ ﺑﻤﻘﺪار ٪١٦ واﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ،٪٢٠واﻟﻠﺤﻮم ،٪٢٥واﻟﺴﻤﻚ ،٪٤٩وارﺗﻔﻊ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻃﺲ ﺑﻨﺤﻮ .٪٨وﻻ ﺷﻚ أن ذﻟﻚ راﺟﻊ إﱃ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﻔﻮﴇ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻻﻧﻔﺼﺎل ﺑني اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد وﻋﺪم وﺟﻮد أداة وﺳﻴﻄﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﻓﱰة اﻻﻧﺘﻘﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ ﻧﻘﺺ رءوس اﻷﻣﻮال واﻵﻻت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪد ا ُملﻨﺎﺳﺐ واﻟﺴﻴﺎرات واﻟﺸﺎﺣﻨﺎت واﻟﺒﺬور ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﻮدة واﻷﺳﻤﺪة واملﺨﺎزن واﻟﺼﻮاﻣﻊ وﻋﺪم ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻔﻼﺣﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ) (٦اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة :اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﺻﻼت ﻋﺪا اﻟﻔﻮاﻛﻪ املﺪارﻳﺔ؛ ً ﻓﺎﺋﻀﺎ ﻣﺴﺘﻤ ٍّﺮا ،وﺗﺪﻓﻊ اﻟﺪوﻟﺔ دﻋﻤً ﺎ ﻣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻛﺒريًا ﻟﻠﻔﻼﺣني ،وﺑﻌﺪ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﺞ ١٩٩٣ﻫﺒﻂ اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺎد ﻟﻼرﺗﻔﺎع ﺑﺸﺪة ﰲ ١٩٩٤ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء واﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ .ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﺤﺒﻮب ﻣﻦ ٢٦٠٫٢إﱃ ٣٣٥٫٦ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺰﻳﻮت واﻟﺴﻜﺮ واﻟﻔﻮاﻛﻪ واﻟﻠﺤﻮم ،واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺘﺼﺪر ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺪول املﺼﺪرة ﻟﻠﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻧﺤﻮ ٤٥ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ،وﻗﺪ ﻧﺼﺖ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ »اﻟﺠﺎت« ﻋﲆ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﺳﻮف ﻳﺆﺛﺮ ذﻟﻚ ﻋﲆ زﻳﺎدة اﻟﺪﻋﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻠﻤﺰارﻋني ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ. 172
اﻟﺰراﻋﺔ
) (5-2اﻵﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 5-7أن اﺳﺘﺨﺪام اﻵﻟﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻳﻜﺎد أن ﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ اﻟﺪول ﱠ اﻟﺤﺼﺎدات اﻵﻟﻴﺔ »اﻟﻜﻤﺒﺎﻳﻨﺮ«« ،وارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ املﺘﻘﺪﻣﺔ » ٪٦٣ﻣﻦ اﻟﺠﺮارات« » ٪٧٩ﻣﻦ اﻟﻜﻤﺒﺎﻳﻨﺮ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ راﺟﻊ إﱃ أن ﴍوط ﺗﺸﻐﻴﻠﻬﺎ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﺴﺎﺣﺎت املﺤﺼﻮل اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻗﻠﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻏري واردة ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺣﻴﺚ املﺤﺎﺻﻴﻞ ﻣﺘﻌﺪدة ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺻﻐرية ،واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻴﺪوﻳﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ. وﻳﻮﺿﺢ ﺛﺎﻧﻴًﺎ ﺗﻔﻮق ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﺎﺑﺎن واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻵﻟﻴﺔ؛ ﻷن اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،وأﻧﺸﻄﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻛﺒرية ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول ،وﺑﺎﻟﺬات ﱠ اﻟﺤﺼﺎدات اﻵﻟﻴﺔ ﺑﺮﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﴈ اﻟﺰراﻋﻴﺔ. اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ٪٣٠ﻣﻦ أﻣﺎ أﻧﺼﺒﺔ اﻟﺒﻼد اﻷوروﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻵﻟﻴﺔ ﻓﻬﻲ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﻟﺼﻐﺮ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﴈ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ ﻣﺜﻞ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا. ﱠ اﻟﺤﺼﺎدات؛ وﻷﻧﻬﺎ ﻣﺘﻌﺪدة اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﰲ وأﺧريًا ،ﻓﻸن اﻟﺠﺮارات أرﺧﺺ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺰراﻋﻲ؛ ﻣﻦ ﺣﺮث وﺗﺨﻄﻴﻂ وﻧﻘﻞ ،وﺗﺸﻐﻴﻠﻬﺎ ﻛﻄﻠﻤﺒﺎت ﻣﺘﻨﻘﻠﺔ ﻟﺮﻓﻊ املﻴﺎه؛ إﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ذات املﺴﺎﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺼني وﻛﺎزاﺧﺴﺘﺎن وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن وﺗﺮﻛﻴﺎ. ﺟﺪول :5-7اﻵﻟﻴﺔ واﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ »اﻟﻌﺪد ﺑﺎﻵﻻف ﺳﻨﺔ «.١٩٩٢ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﺠﺮارات
٪
آﻻت اﻟﻜﻤﺒﺎﻳﻨﺮ
٪
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٢٦١٣٧
١٠٠
٣٨٦١
١٠٠
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٤٨١٠
١٨٫٤
٦٦٢
١٧٫٠
اﻟﻴﺎﺑﺎن
٢٠٠٣
٧٫٦
١١٥٨
٣٠٫٠
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
١٤٧٠
٥٫٦
٤٨
١٫٢
ﻓﺮﻧﺴﺎ
١٤٦٠
٥٫٦
١٥٤
٤٫٠
أملﺎﻧﻴﺎ
١٣٢٢
٥٫٠
١٢٠
٣٫١
روﺳﻴﺎ
١٣٠٠
٤٫٩
٣٨٠
٩٫٨
ﺑﻮﻟﻨﺪا
١١٧٢
٤٫٥
٨٤
٢٫١
173
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﺠﺮارات
٪
آﻻت اﻟﻜﻤﺒﺎﻳﻨﺮ
٪
اﻟﻬﻨﺪ
١١٣٦
٤٫٣
٣
٠٫٠٧
اﻟﺼني
٧٧٤
٢٫٩
٥١
١٫٣
إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ
٧٦٠
٢٫٩
٤٩
١٫٢
ﻛﻨﺪا
٧٤٠
٢٫٨
٤٨
٤٫٠
اﻟﱪازﻳﻞ
٧٣٥
٢٫٨
١١
١٫٢
ﺗﺮﻛﻴﺎ
٧٢٣
٢٫٧
٤٨
٠٫٣
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
٥٠٠
١٫٩
٤٧
١٫٢
أوﻛﺮاﻧﻴﺎ
٤٤٠
١٫٧
١٠٣
٢٫٦
أﺳﱰاﻟﻴﺎ
٣١٥
١٫٢
٥٧
١٫٤
ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن
٢٨٣
١٫١
٢
٠٫٠٥
ﻛﺎزاﺧﺴﺘﺎن
٢٢٠
٠٫٨
٨٨
٢٫٢
اﻷرﺟﻨﺘني
٢٠٦
٠٫٧
٥٠
١٫٣
أوزﺑﻜﺴﺘﺎن
١٨٧
٠٫٧
٨
٠٫٢
) (3اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻷﻓﻘﻲ واﻟﺮأﳼ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻀﻐﻂ اﻟﺴﻜﺎن ﻋﲆ املﻮارد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﺗﺠﻪ اﻟﺒﺤﺚ إﱃ ﺗﻮﺳﻴﻊ رﻗﻌﺔ اﻷرض اﻟﺰراﻋﻴﺔ وﻛﻤﻴﺔ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ )راﺟﻊ ﺷﻜﻞ .(1-7 وﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺰراﻋﻲ ﻣﺤﺪودة ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺸﻤﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﻔﻲ أوروﺑﺎ ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ واﺳﻊ ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ اﻟﺰراﻋﻲ املﻜﺎﻧﻲ ،وإن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﻓﻘﻂ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪودة ﻣﻦ اﻟﺴﻮﻳﺪ وأﺷﺒﺎه اﻟﺠﺰر اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،وﰲ روﺳﻴﺎ ﻣﺎ زال ﰲ اﻹﻣﻜﺎن اﻟﺘﻮﺳﻊ املﻜﺎﻧﻲ ﻋﲆ اﻟﺤﺎﻓﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﺑﺎت املﺨﺮوﻃﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﺮوﳼ ﻣﺤﺪود ً أﻳﻀﺎ وﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﺳﺘﻨﺒﺎت أﻧﻮاع ﻧﺒﺎﺗﻴﺔ ﴎﻳﻌﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﻜﻲ ﺗﺘﻼءم ﻣﻊ اﻟﺼﻴﻒ اﻟﻘﺼري ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ. وﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﰲ ﻛﻨﺪا ﻋﲆ ﻏﺮار ُروﺳﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﱢﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻄﺎق اﻟﺒﺎرد ،وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻃﻖ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ 174
اﻟﺰراﻋﺔ
ﰲ اﻟﻐﺮب واﻟﺠﻨﻮب اﻟﻐﺮﺑﻲ .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﰲ املﻜﺴﻴﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻮﺳﻊ رﻗﻌﺔ أراﺿﻴﻬﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﰲ اﻟﺸﻤﺎل. أﻣﺎ اﻟﺘﻮﺳﻊ املﻜﺎﻧﻲ ﰲ آﺳﻴﺎ ﻓﻤﺤﺪود ﻳُﻤﺎﺛﻞ ذﻟﻚ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ً اﺣﺘﻤﺎﻻ ﻟﺘﻮﺳﻊ أراﴈ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺠﺎف اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻵﺳﻴﻮي، ﻳُﻤﻜﻦ أن ﻳُﻘﺎل إن ﻫﻨﺎك وﰲ اﻟﻘﺎرات اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺜﻼث ﻧﺠﺪ أﻛﱪ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺰراﻋﻲ املﻜﺎﻧﻲ ﰲ ﺳﻬﻮل أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ :اﻟﻜﺎﻣﺒﻮس واﻟﺠﺮان ﺷﺎﻛﻮ واﻟﺒﻤﺒﺎ ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﲆ ﺣﺴﺎب املﺮاﻋﻲ. وﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻳُﻤﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب أراﴈ اﻟﺮﻋﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﰲ اﻟﻨﻄﺎق املﻨﺎﺧﻲ اﻟﺴﻮداﻧﻲ ﺷﻤﺎل وﺟﻨﻮب ﺧﻂ اﻻﺳﺘﻮاء ،وﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻛﺒرية ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻣﱰﻛﺰة ﰲ ﺻﻮرة ﻛﺒرية ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺴﻬﻮل املﺪارﻳﺔ واملﻮﺳﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﺸﻤﺎل. وﻣﻦ ﻫﺬا ﻳﺘﻀﺢ أن إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت اﻟﺘﱠﻮﺳﻊ اﻷﻓﻘﻲ اﻟ ﱢﺰراﻋﻲ ﻣﱰﻛﺰة ﰲ ﺻﻮرة ﻛﺒرية ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺴﻬﻮل املﺪارﻳﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ،وﺑﺼﻮرة أﻗﻞ ﰲ اﻟﻨﱢﻄﺎق اﻟﺠﺎف ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وآﺳﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ. وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻷﻓﻘﻲ ﻳﻮاﺟﻪ ﻋﺪة ﻣﺸﻜﻼت ﻣﺎدﻳﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻤﻌﻈﻢ أراﴈ اﻟﻨﻄﺎق املﺪاري واﻟﻨﻄﺎق اﻟﺠﺎف ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ دول ﻓﻘرية ،وﻣﺸﻜﻼت ﻫﺬه اﻟﺪول ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻛﺒرية ﺗﺪور ﺣﻮل رأس املﺎل واﻷﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺨﱪات اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻛﻠﻬﺎ ﻧﺎﻗﺼﺔ أو ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺼﻮرة ﺳﻄﺤﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﻨﻄﻘﺔ واﺳﻌﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻓﻮ ًرا ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻮﺟﻮد اﻟﺨﱪة واﻷﺑﺤﺎث ورأس املﺎل ﺑﺼﻮرة أﻛﱪ ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،ﺗﻠﻚ ﻫﻲ أراﴈ اﻹﻗﻠﻴﻢ املﻮﺳﻤﻲ ﻣﻦ أﺳﱰاﻟﻴﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺎﺋﻖ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻫﻮ ﺳﻴﺎﺳﺔ أﺳﱰاﻟﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﻊ ﻫﺠﺮة اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﺼﻔﺮاء إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻘﺎء أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﺑﻴﻀﺎء وﺑﺪون ﻣﺸﻜﻼت ﻋﻨﴫﻳﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. أﻣﺎ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺮأﳼ ﻓﻴﻌﻨﻲ ﻣُﺤﺎوﻟﺔ زﻳﺎدة ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻞ ،وﻗﺪ ﺑﺪأ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻨﺰﻓﺖ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻳُﻤﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ 2 .وﻻ ﻳُﻤﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺮأﳼ إﻻ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻋﻠﻤﻲ ،وﻣﻦ أﻫﻢ وﺳﺎﺋﻞ زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﺳﺘﺨﺪام ا ُمل ﱢ ﺨﺼﺒﺎت ﻟﺰﻳﺎدة ﻏﺬاء اﻟﻨﺒﺎت ،واﺳﺘﺨﺪام اﻟﺪورة اﻟﺰراﻋﻴﺔ ملﻨﻊ إﺟﻬﺎد اﻷرض ،واﺳﺘﻨﺒﺎط أﻧﻮاع ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ املﺤﺼﻮل ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﻬﺠني واﻟﺘﻄﻌﻴﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺘﺎج أﻛﱪ. وﻟﻘﺪ دﺧﻠﺖ دول ﻋﺪﻳﺪة ﺣﻘﻞ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺮأﳼ ﺑﻐﺮض زﻳﺎدة املﺤﺼﻮل ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷرض املﺰروﻋﺔ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ،ﻣﺜﻞ أوروﺑﺎ وﻣﴫ وﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻬﻨﺪ ،وﻛﻤﻨﻮﻟﺚ اﻟﺪول ا ُملﺴﺘﻘﻠﺔ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ. 175
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ً ﺳﻬﻼ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ؛ وذﻟﻚ ﻷن ُﻫﻨﺎك وﻟﻜﻦ رﻓﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺤﻘﻞ ﻟﻴﺲ أﻣ ًﺮا ﻋﻮاﻣﻞ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا ﻫﺎﻣٍّ ﺎ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ﻧﻠﺨﺼﻬﺎ ﰲ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. ) (1-3اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺰراﻋﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﻌﻤﻮم ﻫﻲ أﻗﺪم ﻧﺸﺎط إﻧﺘﺎﺟﻲ إﻧﺴﺎﻧﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،ﻓﻘﺒﻞ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺰراﻋﺔ ﻛﺎن اﻟﺼﻴﺪ وﺟﻤﻴﻊ اﻟﺜﻤﺎر اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﴐوب اﻟﻨﺸﺎط املﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻧﺘﺎج اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ دون اﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ،وﻗﺪ اﻧﻘﴣ ﻋﲆ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻋﴩة آﻻف ﺳﻨﺔ .وﰲ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﱰة ﺗﻄﻮرت أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺰراﻋﺔ وأﻫﺪاﻓﻬﺎ وﻣﺮت ﰲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻋﺪﻳﺪة3 . واﻟﺰراﻋﺔ ﻫﻲ ﰲ أﺑﺴﻂ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻋِ ﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣُﺤﺎوﻟﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻟﱰﻛﻴﺰ وﺗﺤﻮﻳﻞ ﻃﺎﻗﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺨﻼﻗﺔ إﱃ ﺻﻮرة ﻣﺤﺼﻮل ،واﻟﻌﻨﺎﴏ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺤﺮارة واملﺎء واﻟﱰﺑﺔ واﻟﺒﺬرة ،وﻫﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﰲ ﻛﻤﻴﺘﻬﺎ وﻧﻮﻋﻬﺎ .واﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ﺟﻤﻌﻬﺎ وﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺻﻮر ﻋﺪﻳﺪة ،ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﰲ ﺣﺮوف اﻟﻬﺠﺎء اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﻌﺪد اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻮ ًرا ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻟﻌﺒﺎرات ﻻ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺪد. واﻟﺤﺮارة ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻧﻮﻋﻴٍّﺎ ﺑني ﻣﺎ ﺗﺤﺖ اﻟﺼﻔﺮ وﻣﺎ ﻓﻮﻗﻪ ،وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﻤﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ إﱃ أي درﺟﺔ ﺣﺮارة ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮرﻫﺎ ،وﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ إﱃ أي درﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﻤﺪ ﻳﻤﻜﻦ ً ﺟﺎر ،وﻳﺨﺘﻠﻒ أﻳﻀﺎ ﺗﺼﻮرﻫﺎ ،وﻳﺨﺘﻠﻒ املﺎء ﻧﻮﻋﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﻧﺪى وﺳﺤﺐ وأﻣﻄﺎر وﺑﺨﺎر وﻣﺎء ٍ ﻛﻤﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﻻ ﳾء )ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ( ﰲ اﻟﺼﺤﺮاء إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ املﺴﺘﻨﻘﻌﺎت اﻟﺪاﺋﻤﺔ. أﻣﺎ اﻟﱰﺑﺔ ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﻧﻮﻋً ﺎ وﻛﻤٍّ ﺎ ﺣﺴﺐ اﻟﺼﺨﺮ اﻷﺳﺎﳼ ﰲ املﻨﻄﻘﺔ وﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ وﻧﻘﻞ اﻟﱰﺑﺔ ،وأﺧريًا ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﺒﺬور ﻧﻮﻋﻴٍّﺎ ،وأﺻﻞ اﻟﺒﺬور اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻟﻨﺎ املﺤﺎﺻﻴﻞ املﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺬو ًرا ﺑﺮﻳﺔ ﻣﺤﺪودة اﻟﻌﺪد وﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﺬور اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻬﺠني اﻟﺬي أدى إﱃ أﻧﻮاع ﻻ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻟﻜﻞ ﺻﻼﺣﻴﺘﻪ ﻟﻈﺮوف ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ. وﻟﻘﺪ ﺗﻮﺻﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ إﱃ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﰲ املﺮﺣﻠﺔ املﻌﺎﴏة ﻳﺴﻌﻰ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار — ﻟﻴﺲ إﱃ ﺧﻠﻖ أﻧﻮاع ﺟﺪﻳﺪة ،وإن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ — وإﻧﻤﺎ إﱃ ﺗﻬﺠني واﺧﺘﻴﺎر أﺣﺴﻦ اﻷﻧﻮاع إﻧﺘﺎﺟً ﺎ أو ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻈﺮوف ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻟﱪد اﻟﺸﺪﻳﺪ أو املﺎء اﻟﺸﺤﻴﺢ. وإذا ﺗﺮﻛﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺠﻬﻮداﺗﻪ وأﻧﻤﺎﻃﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ،وﻛﻠﻬﺎ أﺷﻴﺎء ﻣﺘﻐرية زﻣﺎﻧًﺎ وﻣﻜﺎﻧًﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻐري ﰲ ﻧﻤﻂ اﻟﺤﻘﻮل وﻣﺒﺪأ اﻹﻧﺘﺎج ،إذا ﺗﺮﻛﻨﺎ ذﻟﻚ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺮى أن 176
اﻟﺰراﻋﺔ
اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻫﻲ دون ﺗﻐري ﺟﻮﻫﺮي ﺧﻼل اﻵﻻف اﻟﻌﴩ ﻣﻦ اﻟﺴﻨني ﻣﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺰراﻋﺔ ،وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﺑُﻌﺪًا ﻛﺒريًا ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺤﻜﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻴﻬﺎ إﻻ ﰲ أﺿﻴﻖ اﻟﺤﺪود. ﻓﺮﻏﻢ أﻧﻪ أﺻﺒﺢ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ﺿﺒﻂ ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻧﻬﺎر ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ،وﺑﻌﺾ أﻧﻬﺎر آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺴﺪود وﺷﻖ اﻟﱰع ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺗﴫﻳﻒ ﻣﻴﺎه اﻟﻨﻬﺮ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺰراﻋﺔ ،ﻓﺈن اﻷﺻﻮل اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﺮارة وﻛﻤﻴﺔ أﻣﻄﺎر وﺗﺮﺑﺔ ﻣﺎ ً ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻳﻘﻒ ﻣﺘﺤﺪﻳًﺎ املﺠﻬﻮدات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺻﻮر ﻋﺪﻳﺪة؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﺗﺄﺛريًا واﺿﺤً ﺎ زاﻟﺖ ﻋﲆ املﺤﺎﺻﻴﻞ ﰲ ﺟﻬﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎع اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﺤﻞ ﺗﺮﺑﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺤﻞ ﺗﺮﺑﺔ ﻏري ﺻﺎﻟﺤﺔ ،وأن ﻳُﺴﻘﻂ املﻄﺮ وأن ﻳﺘﺤﻜﻢ ﰲ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﺑﺰراﻋﺔ اﻟﻨﺒﺎت داﺧﻞ اﻟﺼﻮﺑﺎت املﺤﻤﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻹﻧﺠﺎزات ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﻜﻠﻔﺔ ﺟﺪٍّا وﻻ ﻳﺘﻌﺪى ﺗﺄﺛريﻫﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪودة ﺟﺪٍّا ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺬﻛﺮ؛ ﻓﺎﻟﻌﻮاﺻﻒ واﻷﻣﻄﺎر اﻟﺸﺪﻳﺪة واﻟﺠﻔﺎف ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻋﻨﺎﴏ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﺤﺪث ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار دون إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ. وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻫﻮ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺤﺎﻟﺔ اﻟﺠﻮ إن ﺻﺢ ذﻟﻚ ً أﻳﻀﺎ ،وﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﺸﻤﺲ ،ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺤﺮارة ﻟﻠﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ،أﺑﻌﺪ ﺑﻜﺜري ﻋﻦ ﻣﺘﻨﺎول اﻹﻧﺴﺎن. ﻟﻬﺬا ﻓﺎﻟﺰراﻋﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ — رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﺣﺮﻓﻴﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ — ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻈﺮوف وﻋﻨﺎﴏ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ املﻌﺘﻤﺪة ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ أﻫﻢ اﻟﺤﺮف اﻷوﻟﻴﺔ وﻳﻤﻜﻦ دراﺳﺔ ﺗﻮزﻳﻌﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ أﺳﺎس أﻗﺎﻟﻴﻢ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ. وﻟﻘﺪ أدت اﻟﻈﺮوف املﺘﺠﻤﻌﺔ ﻋﻦ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﻜﻤﻲ واﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻌﻨﺎﴏ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ إﱃ ﻇﻬﻮر ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻴﻪ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺄﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺰراﻋﺔ. وﻗﺪ اﺗﺨﺬت ﻟﻬﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ أﺳﻤﺎء ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻫﻲ :املﺪاري املﻄري واملﺪاري اﻟﺠﺎف واﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ واﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ واﻟﺠﺎﻓﺔ وﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ ،واﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ املﻄرية … إﻟﺦ. وﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ واﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰه .ﻓﺎﻹﻗﻠﻴﻢ املﺪاري املﻄري ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺪرﻧﻴﺎت واملﻮز واﻷرز واملﺎﻧﺠﻮ واﻟﻜﺎﻛﺎو واﻟﺒﻦ واملﻄﺎط ﻣﻦ ﺑني أﺷﻴﺎء أﺧﺮى ،واﻹﻗﻠﻴﻢ دون املﺪاري ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎف ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻘﻄﻦ واﻟﻔﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ وﻏريﻫﻤﺎ ،واﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ :ﻗﻤﺢ ،ذرة ،ﺷﻌري ،ﺷﻴﻠﻢ، ﺷﻮﻓﺎن … إﻟﺦ. ودراﺳﺔ ﻫﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﺗﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﻗﻴﻤﺔ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎملﻴﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ وﻣﺪى اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺴﻠﻊ. 177
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
) (4اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻛﻀﻮاﺑﻂ ﺑﴩﻳﺔ ) (1-4اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ً أوﻻ :اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدي إن ﺗﺨﻄﻴﻂ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ داﺧﻞ إﻃﺎر اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻗﺪ أﺻﺒﺢ أﻣ ًﺮا ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،وﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ،وﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻛﺎن اﻫﺘﻤﺎم ا ُملﺨﻄﻄني ﻣﻮﺟﻬً ﺎ إﱃ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ اﻟﴪﻳﻊ ،وﻟﻜﻦ ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﺪول أﺣﺲ ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺨﻄرية اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﺖ ﻋﲆ إﻫﻤﺎل اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وأﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ا ُملﻌﱰف ﺑﻬﺎ أن اﻟﺘﺄﺧﺮ ﰲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺰراﻋﻲ ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﴘ اﻟﺬي أدى إﱃ ﻧﺠﺎح ﻣﺤﺪود ﻓﻘﻂ ﰲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ. ورﻏﻢ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻜﺒري ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ورﺳﻢ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻓﺈن ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬه املﴩوﻋﺎت واﻟﺨﻄﻂ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻇﻞ ﻣﺤﺪود اﻟﻨﺠﺎح ،وﺗﺪل ﻋﲆ ذﻟﻚ دراﺳﺔ أرﻗﺎم اﻹﻧﺘﺎج — إذا وﺟﺪت ﺑﺪﻗﺔ — ﻓﻬﻲ ﺗﺒني ﻗﺼﻮر اﻹﻧﺘﺎج ﻋﻦ اﻷﻫﺪاف املﺮﺳﻮﻣﺔ. وﻻ ﺷﻚ أن ﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎﺑًﺎ ﺗﻌﺮﻗﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻂ ،وﺗﺪور ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺒﺎب ﺣﻮل ﻧﻘﺺ (١) :اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ (٢) .اﻟﺨﱪاء (٣) .ﻋﺪم ﻛﻔﺎءة اﻹدارة. وﻫﻨﺎك ﺳﺒﺐ ﺟﻮﻫﺮي آﺧﺮ ﻟﻢ ﺗﻤﺴﻪ وﻟﻢ ﺗﻌﱰف ﺑﺨﻄﻮرﺗﻪ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻳﺆدي إﱃ ﻋﺪم اﻟﻮﺻﻮل ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج إﱃ اﻷﻫﺪاف املﻄﻠﻮﺑﺔ .ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ إﺻﺪار ﺗﴩﻳﻌﺎت ﻋﺪﻳﺪة أﻫﻤﻬﺎ :ﺗﻐﻴري ﻧﻈﺎم املﻠﻜﻴﺔ واﻟﻮراﺛﺔ وﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ ،وﺗﺪﻋﻴﻢ ﺗﺴﻬﻴﻼت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ،وﺗﴩﻳﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺜﺒﻴﺖ أو ﺿﻤﺎن ﺣﺪ أدﻧﻰ ﻟﻸﺳﻌﺎر اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﴐورة وﺟﻮد اﻟﺘﺴﻬﻴﻼت اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻋﻄﺎء املﺰارﻋني اﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺪاﻓﻊ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻹرﺷﺎد اﺗﺴﻊ ﻧﻄﺎق اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻹرﺷﺎدات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ واﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ ﻛﺒري ﰲ اﻟﺨﱪة اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ورأس املﺎل اﻟﻼزم؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﻋﺪم وﺻﻮل اﻟﺨﱪة واﻹرﺷﺎد إﱃ ﻛﺎﻓﺔ ا ُملﺰارﻋني. 178
اﻟﺰراﻋﺔ
ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻷﺳﻌﺎر ﻧﻼﺣﻆ أن ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺪﻋﻴﻢ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮت ﻛﺤﻘﻞ أﺳﺎﳼ ﻣﻦ ﺣﻘﻮل اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﻐﺮض أﺳﺎﳼ ﻫﻮ :ﺗﻀﻴﻴﻖ اﻟﻬﻮة ﺑني اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺰراﻋﻲ، ودﺧﻮل اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت. وﻗﺪ واﻇﺒﺖ ﺣﻜﻮﻣﺎت ﻫﺬه اﻟﺪول ﻋﲆ إﺟﺮاء اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت اﻟﴬورﻳﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻮﻗﻒ أو ﻣﻨﻊ ﺗﺮاﻛﻢ اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻌﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﻤﺰارﻋني ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. أﻣﺎ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﺎملﻮﻗﻒ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ ذﻟﻚ أن اﻟﻘﻄﺎع ﻏري اﻟﺰراﻋﻲ ﺻﻐري اﻟﺤﺠﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻄﺎع اﻟﺰراﻋﻲ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ أن ﺗﻘﺪم اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻣﻌﻮﻧﺎت ﻟﻠﻤﺰارﻋني ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟﻔﺮوق ﺑني اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻧﺠﺪ أن ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﺮﻣﻲ إﱃ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ وﺗﺠﻨﺐ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤُﺴﺘﻬﻠﻜني. وﰲ اﻟﻔﱰة اﻷﺧرية ﺑﺪأ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﺗﺄﻣني ﺳﻌﺮ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻛﺤﺪ أدﻧﻰ ُ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ رﺑﺢ ﻣﻌﻘﻮل ﻟﻠﻤﺰارﻋني؛ ﻫﺬا اﻟﺮﺑﺢ ﻳ ْ ُﺼ ِﺒﺢ ﻷﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ اﻟ ﱢﺰراﻋﻴﺔ داﻓﻌً ﺎ ﻟﻠﻤﺰارﻋني ﻋﲆ ﺗﻜﻮﻳﻦ رأﺳﻤﺎل وزﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎج؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺮﺗﻔﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺤﺎﺻﻼت اﻟﺰراﻋﻴﺔ. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻻﻋﱰاف ﺑﻬﺬا املﺒﺪأ اﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻲ ﻓﺈن ﻧﺠﺎح ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻳﻌﻮﻗﻬﺎ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﺴﻮق ﺿﻌﻒ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ واﻹدارة املﺤﻠﻴﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﰲ اﻷﺳﻌﺎر )ﺷﻜﻞ .(2-7 راﺑﻌً ﺎ :اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﻘﻒ أﻣﺎم ﻣﺠﻬﻮداﺗﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺴني وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ،وﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻌﻘﺒﺎت ﻧﻈﻢ املﻠﻜﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻧﻈﻢ اﻟﻘﺮوض ذات اﻷرﺑﺎح اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،وﻓﺴﺎد ﻧﻈﻢ اﻟﺒﻴﻊ واﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ،وﻗﺪ ﺣَ ِﻈﻲ ﻣﻮﺿﻮع املﻠﻜﻴﺔ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات املﺎﺿﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﻛﺎن اﻟﻐﺮض وﻗﻒ ﺗﻔﺘﺖ املﻠﻜﻴﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ زﻳﺎدة ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ؛ أﻣﺎ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻜﺎن اﻟﻬﺪف ﻫﻮ ﺗﻔﻜﻴﻚ املﻠﻜﻴﺎت اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﺒرية وإﻋﺎدة ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﲆ املﺴﺘﺄﺟﺮﻳﻦ واﻟﻌﻤﺎل اﻟﺰراﻋﻴني ،ﻛﺬﻟﻚ إﺻﺪار ﻗﻮاﻧني ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﻧﻈﻢ وﺿﻊ اﻟﻴﺪ ﻟﺪى املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ. 179
ﺳﻌﺮاﻟﻄﻦ »دوﻻر«
٥٠٠
٤٠٠
٣٠٠
٢٠٠
١٠٠
اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻌﺮ
اﻷرز ٥٠٠ ١٥٠ ٤٥٠ ١٠٠ ٤٠٠ ٥٠
٨١ ٨٢ ٨٣ ٨٤ ٨٥ ١٩٨٦ اﻟﺴﻨﺔ
اﻟ
اﻟﺬرة اﻹﻧ ﺘﺎج ﺴﻌﺮ
٢٥٠ ٢٠٠ ٥٠٠ ١٥٠ ٤٥٠ ١٠٠ ٤٠٠ ٣٥٠
٨١ ٨٢ ٨٣ ٨٤ ٨٥ ١٩٨٦ اﻟﺴﻨﺔ
اﻟﺴﻌﺮ اﻹﻧﺘﺎج
اﻟﻘﻤﺢ
٦٠٠ ٥٠٠ ٤٠٠ ٨١ ٨٢ ٨٣ ٨٤ ٨٥ ١٩٨٦ اﻟﺴﻨﺔ
ﺷﻜﻞ :2-7ﺗﺬﺑﺬب اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺴﻌﺮ اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻠﻘﻤﺢ واﻟﺬرة واﻷرز.
اﻹﻧﺘﺎج »ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ«
اﻟﺰراﻋﺔ
ورﻏﻢ ﺻﺪور ﻗﻮاﻧني اﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺪور ﺣﻮل ﻧﻈﻢ املﻠﻜﻴﺔ ،ﻓﺈن ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ً ﻛﺎﻣﻼ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻮة املﻼك اﻟﻜﺒﺎر ،وﻗﻠﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺧﺪﻣﺎت ﻟﻢ ﻳﻜﻦ املﺎﻟﻚ اﻟﻜﺒري ،وﻗﻠﺔ اﻟﺘﺴﻬﻴﻼت اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺗﺴﻬﻴﻼت ﻛﺒﺎر املﻼك اﻟﺴﺎﺑﻘني. ورﻏﻢ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﺗﴩﻳﻊ اﻟﻘﺮوض اﻟﺰراﻋﻴﺔ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺎ زاﻟﺖ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ ،ﻛﻤﺎ أن ﴍوﻃﻬﺎ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻛﺜرية اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ .وﻳﺰﻳﺪ ﰲ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ أن اﻟﻘﺮوض اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻛﺒﺎر املﻼك واﻟﺘﺠﺎر ووﺳﻄﺎء اﻟﺒﻴﻊ واملﺮاﺑني ﻣﺎ زاﻟﺖ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﻨﱠﺎﻣﻴﺔ ﺗﻘﺪم ﺑﻔﻮاﺋﺪ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺟﺪٍّا ،وﻫﺬه اﻷﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض ﻻ ﺗﺰال ﺗﺴﻴﻄﺮ ﺑﺸﺪة ﻋﲆ اﻟﺮﻳﻒ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ. أﻣﺎ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ اﻟﺰراﻋﻲ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﻐري ﻛﺜريًا وارﺗﺒﻂ ذﻟﻚ ﺑﺘﻐري اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ا ُملﺴﺘﻬﻠﻜني ﰲ املﺪن .أﻣﺎ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻜﺒري ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ املﺎﺿﻴﺔ؛ ﱠ ﻓﺈن ﻧﻈﻢ اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ اﻻﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ ﺗﻘﻒ ﺣﺠﺮ ﻋﺜﺮة ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ املﻄﻠﻮﺑﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج4 . وﻗﺪ زاد اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ وﺷﺒﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ً ً ﻣﻤﺎﺛﻼ ﰲ ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻟﺴﻠﻊ اﺗﺠﺎﻫﺎ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،وﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻷﺧرية ﻧﺠﺪ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ ،وﻳﻼﺣﻆ أن اﻟﻘﻮاﻧني واﻟﺘﴩﻳﻌﺎت ﰲ املﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ذﻛﺮﻫﺎ — املﻠﻜﻴﺔ ،اﻟﻘﺮوض ،واﻟﺘﺴﻮﻳﻖ — ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻷﺳﻌﺎر واﻹرﺷﺎد اﻟﺰراﻋﻲ ،ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ وﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ .وﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻳﱰﻛﺰ ﺣﻮل ﻗﻴﺎم أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺰراﻋﻲ ذو اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ املﺘﻌﺪدة »ﻗﺮوض ،اﺋﺘﻤﺎن ،إرﺷﺎد ،ﺗﻮزﻳﻊ، ﺗﺴﻮﻳﻖ … إﻟﺦ «.وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺼﺒﺢ ﻫﺬه اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻧﻘﻂ اﻻرﺗﻜﺎز اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ إﱃ أﻫﺪاﻓﻬﺎ املﺮﻏﻮﺑﺔ. ) (2-4ﺳﻴﺎﺳﻴﺎت ﺗﺠﺎرة اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ً أوﻻ :اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ) (١ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ اﻋﺘﺒﺎرات رﺋﻴﺴﻴﺔ :اﻷول :ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﻴﺰان ﻣﺪﻓﻮﻋﺎﺗﻬﺎ .واﻟﺜﺎﻧﻲ :رﻓﻊ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ .واﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻷﺳﻌﺎر املﺤﺼﻮل اﻟﺰراﻋﻲ. 181
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻗﺪ أدت ﻫﺬه اﻻﻋﺘﺒﺎرات إﱃ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻮاردات ،وﺗﺨﻔﻴﺾ ﺣﺼﺺ واردات ﻣﻌﻴﻨﺔ، وﻓﺮض ﴐاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﻮاردات ،وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﺼﺎدرات ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻌﻮﻧﺔ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺋﺘﻤﺎن؛ وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻮد ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺧﻔﻔﺖ ﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺢ ﻣﻴﺰان املﺪﻓﻮﻋﺎت ﰲ ﺻﺎﻟﺢ ﻫﺬه اﻟﺪول، ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ املﺪارﻳﺔ. ) (٢أﻣﺎ اﻟﻬﺪف اﻷﺳﺎﳼ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻘﺪ اﺗﺠﻪ إﱃ زﻳﺎدة دﺧﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ »اﻟﺼﻌﺒﺔ« ﻛﻲ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﴍاء أدوات وآﻻت اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ .وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻛﱪ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻧﺠﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺑﻴﻊ اﻟﺼﺎدرات ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﺟﻬﺰة ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻋﻘﺪ اﺗﻔﺎﻗﺎت ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة ،واﺗﺨﺎذ ﻛﺎﻓﺔ اﻹﺟﺮاءات ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺳﻮق اﺳﺘﻬﻼك ﺻﺎدراﺗﻬﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺜﺒﻴﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﺼﺎدرات وﺗﺤﺴني ﻧﻮع اﻟﺼﺎدرات. ﻛﻤﺎ ﺳﻌﺖ ﻋﺪة دول ﻧﺎﻣﻴﺔ إﱃ ﻋﺪم اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ ﻣﺤﺼﻮل واﺣﺪ ﺑﻞ ﻋﺪة ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ إﻻ ﰲ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻣﺤﺼﻮل آﺧﺮ ﺛﺎﻧﻮي. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ :أن اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﻣﻮﻗﻒ ﺿﻌﻴﻒ؛ ذﻟﻚ أن املﺤﺼﻮﻻت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺗﺰرع ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻣُﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﰲ اﻟﺪول املﺪارﻳﺔ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل؛ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ً ﻣﺤﺼﻮﻻ ﻣﻌﻴﻨًﺎ إﻻ ﰲ ﺣﺎﻻت اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺟﺪٍّا ،وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻟﺪوﻟﺔ واﺣﺪة أن ﺗﺤﺘﻜﺮ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺪﱡول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واملﺘﻘﺪﻣﺔ ﺗﻤﺘﻠﻚ ً أﻳﻀﺎ — ﰲ ﻏﺎﻟﺐ اﻷﺣﻴﺎن — ً ﺑﺪﻳﻼ ﻷﻏﻠﺐ ﻫﺬه املﻨﺘﺠﺎت املﺪارﻳﺔ. وﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﺪول املﺼﺪرة اﻻﺗﻔﺎق ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وأﺻﺒﺢ ﺣﻞ ا ُملﺸﻜﻠﺔ ﺑﻴﺪ ﻛﻞ دوﻟﺔ ﻋﲆ ﺣﺪة دون اﻟﺘﺰام ﻣﻌني؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة ﰲ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻷﺳﻌﺎر) .اﻧﻈﺮ ﻧﻤﻂ اﻟﺼﺎدرات اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﰲ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ .(3-7 وﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻛﱪ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻦ ﺻﺎدراﺗﻬﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ أن أﺳﻌﺎر ﻋﺪد ﻣﻦ املﺤﺼﻮﻻت املﺪارﻳﺔ »اﻟﻜﺎﻛﺎو ،اﻟﺒﻦ ،اﻟﺸﺎي ،املﻄﺎط« ﻗﺪ ارﺗﻔﻌﺖ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ .١٩٥٤–١٩٥٠وﻗﺪ دﻓﻊ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻊ إﱃ زﻳﺎدة اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻣﻤﺎ أدى إﱃ إﻧﺘﺎج ﻛﺒري أدى ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ ﺧﻔﺾ اﻟﺴﻌﺮ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ذﺑﺬﺑﺔ ﰲ املﻮﻗﻒ اﻟﺘﺠﺎري ﻟﻬﺬه اﻟﺪول. ُ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻋﲆ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ اﻟ ﱢﺰراﻋﻴﺔ وﻗﺪ ﺗﻤﻜﻨﺖ املﺘﻨﺎﻗﺼﺔ وذﺑﺬﺑﺔ ﻛﻤﻴﺔ ﺻﺎدراﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻊ ،وذﻟﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﺗﻔﺎﻗﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ »اﻟﻜﺎﻛﺎو ﰲ ﻏﺎﻧﺎ ،اﻟﻘﻄﻦ ﰲ ﻣﴫ« ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻣﺘﻴﺎزات ﺧﺎﺻﺔ 182
اﻟﺰراﻋﺔ
ﺑﺘﺴﻮﻳﻖ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻊ ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻛﺎﻣﺘﻴﺎزات ﻏﺎﻧﺎ ﰲ ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻟﻜﺎﻛﺎو ﰲ اﻟﺴﻮق اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،واﻣﺘﻴﺎزات املﺴﺘﻌﻤﺮات اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﺳﻮق ﻓﺮﻧﺴﺎ ،واﻣﺘﻴﺎزات ﺻﺎدرات دول اﻟﻜﻤﻨﻮﻟﺚ ﰲ اﻟﺴﻮق اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ. وﻻ ﺷﻚ أن ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻻﻣﺘﻴﺎزات ﰲ اﻷﺳﻮاق اﻷوروﺑﻴﺔ ﻻ ﺗﻠﻘﻰ ﻛﻞ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒًﺎ ﰲ إرﺟﺎء دﺧﻮل ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ املﺸﱰﻛﺔ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ. وأﺧريًا ،ﻫﻨﺎك اﻋﺘﺒﺎرات أوﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪول ا ُملﺼﺪﱢرة إﱃ ﻋﻘﺪﻫﺎ ﻟﻀﻤﺎن ﻫﺬا اﻟﺴﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ اﻟﻜﺒري.
ﺷﻜﻞ :3-7اﻟﺼﺎدرات اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ.
ﺛﺎﻧﻴًﺎ :اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺳﺒﻖ أن ﻗﻠﻨﺎ :إن اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ زﻳﺎدة ﺻﺎدراﺗﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﺳﻌﺎر ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻟﺼﺎدراﺗﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﺎول اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑني ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ أﺳﻌﺎر ﺣﺎﺻﻼﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺑني ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪول ا ُمل َ ﺼﺪﱢرة ذات اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. وﻗﻠﻨﺎ :إﻧﻪ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻇﻬﻮر ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺑني املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ »ﻟﻠﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ واﻟﺒﺎردة« وﺗﻠﻚ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺪول املﺪارﻳﺔ ،ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ 183
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ملﻨﺘﺠﺎت اﻟﺪول املﺪارﻳﺔ :إﻧﺘﺎج ﺳﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺳﻜﺮ اﻟﻘﺼﺐ املﺪاري ،أو املﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ املﺪاري ،أو اﻷﻧﺴﺠﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻘﻄﻦ واﻟﺤﺮﻳﺮ املﺪارﻳني. وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه املﺼﺎﻟﺢ املﺘﻌﺎرﺿﺔ ،واملﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑني اﻹﻧﺘﺎج املﺪاري واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ، ﻇﻬﺮت اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺳﻴﺎﺳﺎت دوﻟﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻟﻜﺜﺮة اﻷﻃﺮاف املﻌﻨﻴﺔ، وﻋﺪم اﻻﻟﺘﺰام اﻟﻜﺎﻣﻞ ﰲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ،وإﻧﻤﺎ ﻇﻬﺮت ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﺪة اﺗﻔﺎﻗﺎت ﻳُﻤﻜﻦ أن ﻧﺼﻨﻔﻬﺎ ﰲ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ) (١ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺎرة :وﻳﺨﻀﻊ ذﻟﻚ ﻟﻠﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ؛ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ اﺗﻔﺎﻗﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﺣﻮل اﻷﺳﻌﺎر واﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ.GATT : ) (٢اﺗﻔﺎﻗﺎت دوﻟﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺴﻠﻊ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺜﻞ :اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺴﻜﺮ واﻟﺒﻦ. ) (٣اﺗﻔﺎﻗﺎت واﻣﺘﻴﺎزات ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ. وﻣﻦ أﻗﺪم اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻔﱰة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ »ﺟﺎت ،«GATTوﻫﻮ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻔﺔ اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ واﻟﺘﺠﺎرة ،املﻌﻘﻮد ﻋﺎم ١٩٤٧واملﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ روح ﻣﻴﺜﺎق ﻫﺎﻓﺎﻧﺎ ﻟﻌﺎم .١٩٤٧وأﻫﻢ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﰲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ وﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ،وﻣﻨﻊ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﺼﺺ وﻛﻤﻴﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة. واﻋﱰﻓﺖ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺠﺎت آﻧﺬاك ﺑﻨﻈﺎم اﻟﻜﺘﻠﺘني اﻟﺘﺠﺎرﻳﺘني ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ :ﻛﺘﻠﺔ اﻟﺪﱡول اﻟﺴﺖ ﻟﻠﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ ا ُملﺸﱰﻛﺔ ﺑﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﺟﻤﺮﻛﻴﺔ ﻣﻮﺣﺪة ،ECCوﻛﺘﻠﺔ اﻟﺪول اﻟﺴﺒﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﱢﺠﺎرة اﻟﺤُ ﺮة ،(EFTA) European Free Trade Areaاﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺰﻋﻤﻬﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻟﻬﺎ ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﺟﻤﺮﻛﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ5 . وﻛﺎن ﻋﺪد أﻋﻀﺎء اﻟﺠﺎت ٢٣دوﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻘﺎرات ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻋﺎم ،١٩٤٨زاد إﱃ ٧٨دوﻟﺔ ﰲ ،١٩٧٠واﻵن ﺗﻀﻢ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٣٠دوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎملني املﺘﻘﺪم واﻟﻨﺎﻣﻲ. وﻟﻜﻦ ﻋﲆ ﻣﺮ اﻟﺴﻨني ﻇﻬﺮ ﻟﻠﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ أن ﻣﺒﺪأ »اﻟﺠﺎت« اﻟﺨﺎص ﺑﻌﺪم اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة ،ﺿﺪ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻫﺬه اﻟﺪول ،وﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟﺘﺰاﻳﺪ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر ﺳﻠﻌﻬﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ؛ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﻤﻴﺰات ﺧﺎﺻﺔ ﰲ أﺳﻮاق ﻣﻌﻴﻨﺔ .وﻗﺪ أدى اﻟﻀﻐﻂ ً ﻓﺼﻼ ﺟﺪﻳﺪًا ﰲ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻠﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺑﻤﻨﻈﻤﺔ اﻟﺠﺎت إﱃ أن ﺗﻀﻴﻒ ﻋﺎم ١٩٦٥ ﺣﻮل اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﻋﺘﺒﺎرات ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻤﴩوﻋﺎت ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول ﺗُﺴﺎﻋﺪ اﻟﺘﺠﺎرة ﻋﲆ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ. 184
اﻟﺰراﻋﺔ
وﰲ ﺳﻨﺔ ١٩٩٣ﻋﻘﺪت »اﻟﺠﺎت« ﻣﺆﺗﻤﺮ أورﺟﻮاي ﺣﴬﺗﻪ ١١٧دوﻟﺔ ،ﺛﻢ ﻣﺆﺗﻤﺮ وزراء اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺬي ﻋﻘﺪ ﰲ ﻣﺮاﻛﺶ ١٩٩٤ﺣﴬه ﻣﻨﺪوﺑﻮ ١٢٤دوﻟﺔ. وﻛﺎﻧﺖ أﻫﻢ اﻟﻘﺮارات ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎرك ،وﺑﻤﻘﺘﴣ اﻻﺗﻔﺎق ﺗﺨﻔﺾ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺠﻤﺎرك ﺑﻤﻘﺪار أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺜﻠﺚ ،وأن ﺗﺤﺮر اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﺠﺎرﺗﻬﺎ ﺑﺘﺨﻔﻴﺾ اﻟﺠﻤﺎرك ﺑﻤﺎ ﻳﱰاوح ﺑني ٣٥و .٪٤٠وﺣﻮل املﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺗﺨﻔﺾ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺟﻤﺎرﻛﻬﺎ ﺑﻤﻘﺪار ٪٣٦ﺧﻼل ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺨﻔﺾ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺟﻤﺎرﻛﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﻤﻘﺪار ٪٢٤ﺧﻼل ﻋﴩ ﺳﻨﻮات وﺗﺨﻔﻴﺾ دﻋﻢ اﻟﺼﺎدرات إﱃ .٪٢١وﻫﻨﺎك ﺗﺨﻮف ﻛﺒري ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪول اﻟﻜﱪى. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ :ﻧﻤﻮذج ﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺴﻠﻊ ﻋُ ﻘﺪت ﻋﺎم ١٩٤٩ملﺪة أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات وﺗﺠﺪدت ،١٩٥٣وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﺪء ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ اﻟﻔﻌﲇ، وﻟﻜﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ — وﻫﻲ ﻣﻦ أوﱃ ﻣﺴﺘﻮردي اﻟﻘﻤﺢ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ — ﻗﺪ اﻧﺴﺤﺒﺖ ﻣﻦ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﺣﺘﺠﺎﺟً ﺎ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ،وﻛﺬﻟﻚ اﻧﺴﺤﺒﺖ اﻷرﺟﻨﺘني ﻟﺮﻓﺾ ﻃﻠﺒﻬﺎ رﻓﻊ اﻟﺴﻌﺮ ،وﻗﺪ ﻇﻠﺖ ﺗﺘﺠﺪد ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٥٧إﱃ أن ﺗﻌﺜﺮ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﺎم .١٩٨٠وﺗﻨﺺ ﻋﲆ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﺎ ﺑني ﺛﻠﺚ وﺛﻠﺜﻲ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة ،وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ارﺗﻀﺎء املﺼﺪر واملﺴﺘﻮرد ﻗﺒﻮل ﺣﺪ أدﻧﻰ ﻣﻦ ﺗﺠﺎرة اﻟﻘﻤﺢ ﺑﺎﻷﺳﻌﺎر املﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﰲ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻧﺼﺖ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﺗﺠﺎرة اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺪﻗﻴﻖ وزﻳﺎدة اﻟﺘﻌﺎون ﻟﺤﻞ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻘﻤﺢ وﺗﺴﻮﻳﻘﻪ ﻋﲆ أﻧﻪ إﺣﺪى اﻟﺪﻋﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﱃ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﰲ أﺳﻮاق اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى. وﻗﺪ ﻟﻮﺣﻆ أن أﺳﻌﺎر اﻟﻘﻤﺢ ﰲ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ إﱃ أﺧﺮى ،وﻳﺮﺗﺒﻂ ذﻟﻚ ﺑﺎرﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر اﻟﻌﺎملﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﺪول ا ُملﻨﺘﺠﺔ :اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ،وﺗﻀﻢ ﻫﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ أﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻘﻤﺢ ،وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأﺳﱰاﻟﻴﺎ وﻛﻨﺪا ،ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻢ اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ وﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻳﻘﻊ ً أﻳﻀﺎ داﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ. وﺑﺬﻟﻚ؛ ﱠ ﻓﺈن ﻫﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﰲ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة ﺑني ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ وﻻ ﺗﻤﺲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ إﻻ ﰲ ﺣﺪود اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﻤﻮ ﺳﻜﺎن املﺪن ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول. 185
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻫﻮاﻣﺶ ) (1ﻳﺸﻤﻞ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺰراﻋﻴﻮن اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺰاوﻟﻮن اﻟﺰراﻋﺔ وأﴎﻫﻢ واﻟﺬﻳﻦ ﻳَﻌُ ﻮﻟﻮﻧﻬﻢ ،أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻓﻬﻢ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ً ﻓﻌﻼ ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ﻣُﻼ ًﻛﺎ أو أُﺟﺮاء ،ﺑﺪون ﺗﻌﺪاد أﴎﻫﻢ. ) (2ﺗﺴﻌﻰ ﻣﴫ ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ اﻷﻓﻘﻲ ﰲ اﻟﻬﻮاﻣﺶ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ﰲ اﻟﺪﻟﺘﺎ واﻟﺼﻌﻴﺪ ،وﻫﻨﺎك ﻣﴩوع ﻛﺒري ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﱰﻋﺔ اﻟﺴﻼم ﻻﺳﺘﺰراع ﻧﺤﻮ ٤٠٠أﻟﻒ ﻓﺪان ﰲ ﺷﻤﺎل ﺳﻴﻨﺎء .أﻣﺎ اﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﺮأﳼ ﻓﻌﻤﺮه ﰲ ﻣﴫ ﻗﺮاﺑﺔ ﻗﺮن وﻧﺼﻒ ﻗﺮن ﺑﻌﺪ إﻧﺸﺎء اﻟﻘﻨﺎﻃﺮ واﻟﺴﺪود ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﺴري اﻵن ﺑﺨﻄﻰ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ وﺗﺤﻮﻳﻞ اﻷراﴈ إﱃ اﻟﺮي اﻟﺪاﺋﻢ، ﻣﺠﺎﻻت ﺗﺤﺴني اﻟﺘﻘﺎوي وزﻳﺎدة اﺳﺘﺨﺪام املﺨﺼﺒﺎت ملﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺪاﺧﲇ اﻟﻜﺒري ،ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻟﻠﺴﻮق اﻟﺨﺎرﺟﻲ ً أﻳﻀﺎ. ) (3راﺟﻊ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺰراﻋﺔ وأﻧﻤﺎﻃﻬﺎ .وراﺟﻊ ً أﻳﻀﺎ Morgan, W. B., “Agricultureal Geography”, Merhuen, London 1971ﻓﺼﻮل ،٥ ،٤ ،٣واملﻴﺎح ،ﻋﲇ ﻣﺤﻤﺪ) :اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺰراﻋﻴﺔ( ،ﺑﻐﺪاد ١٩٧١اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ. ) (4ﰲ اﻷﺳﻮاق ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻛﺒﺎر اﻟﺘﺠﺎر ﻋﲆ أﺳﻌﺎر اﻟﺠﻤﻠﺔ واﻟﻘﻄﺎﻋﻲ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈن ﻟﻬﻢ ﺳﻄﻮة ﻏري ﻣﺒﺎﴍة ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺮوﻳﺞ أو ﻛﺴﺎد اﻟﺴﻠﻊ. ) (5ﺗﻐريت ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﺎ ﰲ ١٩٩٥ﻟﺘﺸﻤﻞ اﻟﻨﺮوﻳﺞ وأﻳﺴﻠﻨﺪا وﺳﻮﻳﴪا وﻟﺨﺘﻨﺜﺘﺎﻳﻦ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻌﺪ اﻧﺴﺤﺎب ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻟﺪاﻧﻤﺮك ١٩٧٣واﻟﺴﻮﻳﺪ واﻟﻨﻤﺴﺎ وﻓﻨﻠﻨﺪا ١٩٩٥ واﻧﻀﻤﺎﻣﻬﺎ إﱃ اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ.
186
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﳌﺤﺎﺻﻴﻞ
) (1اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻋﲆ ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع؛ أﻫﻤﻬﺎ اﻟﻘﻤﺢ واﻷرز واﻟﺬرة واﻟﺸﻌري واﻟﺪﺧﻦ )اﻟﺬرة اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ( واﻟﺸﻴﻠﻢ واﻟﺸﻮﻓﺎن ،وﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺤﺒﻮب ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ واﺿﺤﺔ؛ ﻓﺎﻟﺸﻴﻠﻢ واﻟﺸﻮﻓﺎن ﻳﻨﺘﺠﺎن ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة ﰲ ﻛﻨﺪا وﺷﻤﺎل اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﰲ وﺳﻂ أوروﺑﺎ وإﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺎ وﴍق أوروﺑﺎ ﰲ روﺳﻴﺎ. وﻳﱰﻛﺰ إﻧﺘﺎج اﻟﺬرة ﰲ اﻟﻨﻄﺎق املﻌﺘﺪل اﻟﺪاﻓﺊ ﰲ وﺳﻂ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﺣﻮض اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،واﻟﺒﻠﻘﺎن ،وﺟﻨﻮب أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ،وﺷﻤﺎل اﻟﻬﻨﺪ ،وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ،وﺷﻤﺎل اﻟﺼني، وﺷﻤﺎل ﺗﺮﻛﻴﺎ ،وﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻤﻮ ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﰲ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، وﴍق أﺳﱰاﻟﻴﺎ ،وﺟﻨﻮب ﴍق أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ. أﻣﺎ اﻟﺪﺧﻦ ﻓﻴﻨﻤﻮ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ اﻟﺤﺎرة اﻟﻔﺼﻠﻴﺔ املﻄﺮ ،وﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﰲ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺴﻔﺎﻧﺎ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ،وﻳﻨﻤﻮ اﻟﺸﻌري ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﺒﺎردة واﻟﺪاﻓﺌﺔ ،أﻣّ ﺎ اﻷُرز ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻤﻮ ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ املﻮﺳﻤﻴﺔ وﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻗﻠﻴﻢ املﻌﺘﺪل اﻟﺪاﻓﺊ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن، وﺣﻮض اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،وأﻫﻢ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﺮﻛﺰه ﴍق وﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ. وأﺧريًا ،ﻓﺎﻟﻘﻤﺢ ﻳﻜﺎد أن ﻳﺰرع ﰲ ﻛﻞ اﻷﺟﻮاء ،وﻟﻜﻦ أﺣﺴﻦ أﻧﻮاﻋﻪ وأﻛﱪ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﺮﻛﺰ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﰲ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﺪاﻓﺌﺔ واﻟﺒﺎردة ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﺸﺎﺑﻪ اﻟﺸﻌري ﺑﻌﺾ اﻟﴚء. وﻋﲆ أﺳﺎس ﻫﺬا اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ واﺳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر، وﻗﺪ أدى وﺟﻮدﻫﺎ إﱃ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﺒﺰ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ )ﻣﺎ ﻋﺪا اﻷرز( ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻛﺎن اﺧﺘﻼف ُ اﻟﺨﺒﺰ ﺑني ﻣﻨﻄﻘﺔ وأﺧﺮى ﻣﺮﺟﻌﻪ اﺧﺘﻼف ﻧﻮع اﻟﺤﺒﻮب اﻟﺴﺎﺋﺪة.
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ ﺣﻮض اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎﺷﺖ ﺣﻀﺎرات وﻟﻘﺪ ﻧﺸﺄت زراﻋﺔ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﴫ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ،واﻟﻌﺮاق ،وﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﴩﻗﻲ ،واﻟﻴﻮﻧﺎن اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وروﻣﺎ. ﺛﻢ اﻧﺘﴩ ﰲ أوروﺑﺎ وأﺻﺒﺢ ﻣﺼﺪر اﻟﺨﺒﺰ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،وأوروﺑﺎ. واﻧﺘﻘﻞ ﻣﻊ اﻟﻬﺠﺮات اﻷوروﺑﻴﺔ إﱃ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﰲ اﻷﻣﺮﻳﻜﺘني وأوﺷﻴﻨﻴﺎ .وﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ارﺗﺒﻂ ﺧﺒﺰ اﻟﻘﻤﺢ ﺑﺎﻷوروﺑﻴني ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وارﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﻔﻮق اﻷوروﺑﻲ ﻋﲆ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻋﲆ أوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﺧﺒﺰ اﻟﺸﻴﻠﻢ واﻟﺸﻌري وأوروﺑﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﴩﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﴩت ﻓﻴﻬﺎ زراﻋﺔ اﻟﺬرة )ﻣﺤﺼﻮل أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋُ ﺮف ﺑﻌﺪ ﻛﺸﻒ أﻣﺮﻳﻜﺎ واﻧﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ(. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻘﻤﺢ أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﺬرة أو اﻟﺸﻴﻠﻢ أو اﻟﺸﻌري ،وﻟﻜﻦ اﻟﻘﻤﺢ أﻋﲆ ﺳﻌ ًﺮا ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﺨﺒﺰ اﻷﺧﺮى؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﱰن اﻟﻘﻤﺢ ﺑﺎﻟﺜﺮوة ،أﻣﺎ اﻷﻧﻮاع اﻷﺧﺮى ﻓﺘﻘﱰن ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ،وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻠﺨﺺ ﻋﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﺤﺒﻮب .١٩٩٤ ) (1-1ﻣﻠﺨﺺ إﻧﺘﺎج اﻟﺤﺒﻮب ﻟﻌﺎم ١٩٩٤ﻋﺎملﻴٍّﺎ ) (١ﻛﻞ اﻟﺤﺒﻮب :ﺑﻠﻎ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ١٩٤٠ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺼني ٣٩٦ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ » ٪٢٠ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺛﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٪١٧واﻟﻬﻨﺪ ،٪١١وروﺳﻴﺎ .٪٤٫٤ ) (٢اﻟﻘﻤﺢ :إﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻢ ٥٣٤ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺼني ١٠٢ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ » ٪١٩ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺛﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٪١١٫٨واﻟﻬﻨﺪ ،٪١٠٫٦وروﺳﻴﺎ ،٪٦وﻓﺮﻧﺴﺎ .٪٥٫٦ ) (٣اﻷرز :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٥٣١ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺼني ١٧٥ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ » ٪٣٣ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺛﻢ اﻟﻬﻨﺪ ،٪٢٢وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،٪٨٫٦وﺑﻨﺠﻼدش ،٪٥وﻓﻴﺘﻨﺎم .٪٤٫١ ) (٤اﻟﺬرة :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٥٥١ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٢٣٥ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ »٪٤٢ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺛﻢ اﻟﺼني ،٪١٨٫٨واﻟﱪازﻳﻞ ،٪٥٫٧واملﻜﺴﻴﻚ ،٪٣وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻜﻞ .٪٢٫٣ ) (٥اﻟﺸﻌري :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ١٦٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ﻣﻨﻬﺎ روﺳﻴﺎ ٢٦ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ » ٪١٦ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺛﻢ أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ،٪٧٫٧وﻛﻨﺪا ،٪٧٫٢وأملﺎﻧﻴﺎ ،٪٦٫١واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .٪٥ ) (٦دﺧﻦ وﴎﻏﻢ :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٨٦ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻬﻨﺪ ٢٤ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ » ٪٢٨ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﺛﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٪١٨٫٦واﻟﺼني ،٪٩٫١وﻧﻴﺠريﻳﺎ ،٪٨٫٦واملﻜﺴﻴﻚ .٪٣٫١ ) (٧اﻟﺠﻮدار »أو راي« :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٢٤ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ﻣﻨﻬﺎ روﺳﻴﺎ ٦٫٥ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ » ٪٢٧ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ« وﺑﻮﻟﻨﺪا ،٪٢٢٫٥وأملﺎﻧﻴﺎ ،٪١٤٫٥وأوﻛﺮاﻧﻴﺎ ،٪٤اﻟﺼني .٪٣ 188
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
) (2-1اﻟﻘﻤﺢ ﻳُﻌﺪ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﻦ أﻗﺪم اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن أول ﻣﺤﺼﻮل زراﻋﻲ ﻳُﻨﺘﺞ ﻣﻨﺬ ﻗﺮاﺑﺔ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ آﻻف ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ املﻴﻼد ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ. ﻟﻘﺪ اﻧﺘﴩ اﻟﻘﻤﺢ ﰲ أوروﺑﺎ ،وﻣﻦ أوروﺑﺎ إﱃ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ وﻣﻦ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ إﱃ ﺑﻘﻴﺔ آﺳﻴﺎ ،وﻫﻮ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ أﻛﱪ اﻟﺤﺒﻮب ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن ذﻟﻚ ﺳﻴﺰﻳﺪ ﺑﻔﻀﻞ رﻏﺒﺔ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﺧﺒﺰ اﻟﺸﻌري أو اﻟﺬرة إﱃ ﺧﺒﺰ اﻟﻘﻤﺢ؛ ملﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪ ﻏﺬاﺋﻴﺔ؛ وﻷﻧﻪ أﺻﺒﺢ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﻟﺴﻜﺎن املﺪن. وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻳﺤﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﺬرة ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ،وﰲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ وﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻟﺤُ ﺴﻦ اﻟﺤﻆ ﻓﺈﻧﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻓﻴﻪ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻘﻤﺢ ﻳﺰداد ﻋﺎملﻴٍّﺎ؛ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺮى أن ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎﺟﻪ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وأوروﺑﺎ ﻗﺪ ﺑﺪأ اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﻳﻘﻞ ،ﻻﻧﺘﻘﺎل اﻷوروﺑﻴني واﻷﻣﺮﻳﻜﺎن إﱃ اﺳﺘﻬﻼك أﻏﺬﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰ. اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﻘﻤﺢ أن ذﻛﺮﻧﺎ أن اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺸﻌري ﻳُﺰرﻋﺎن ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﱠ ﺳﺒﻖ ْ ﻓﺈن اﻟﻘﻤﺢ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺘﺞ ﰲ أﻏﻠﺐ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ املﻼﺣﻆ أن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻣُﻌﻴﻨﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ إﻧﺘﺎج ﻃﻴﺐ؛ وﻟﻬﺬا ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ: ً أوﻻ :اﻟﺴﻄﺢ املﺴﺘﻮي ،اﻟﺴﻬﻮل واﻟﻮدﻳﺎن أﺻﻠﺢ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻣﻦ املﻨﺤﺪرات واﻟﺠﺒﺎل )ﻣﺜﻞ ﺳﻬﻮل أﻣﺮﻳﻜﺎ أو وادي اﻟﻨﻴﻞ(. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﱰﺑﺔ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﺮﺑﺔ ﺳﻮداء ﺧﻔﻴﻔﺔ )ﻣﺜﻞ ﺗﺮﺑﺔ أوﻛﺮاﻧﻴﺎ(. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﻳُﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻤﻮ ﰲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ املﻨﺎﺧﻴﺔ ،وﻟﻜﻞ إﻗﻠﻴﻢ ﻇﺮوف ُﻣ َﺮ ﱠﻛﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮارة واملﻄﺮ. وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﺤﺮارة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﻼﺋﻢ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺠﻴﺪ ،ﻋﲆ ﺣني أن أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻨﻤﻮ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة ٍّ ﺣﻘﺎ ،واﻟﺤﺮارة ﻣﻊ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺗﺆذي اﻟﻨﺒﺎت؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺠﻮد زراﻋﺘﻪ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ. 189
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺪاﻓﺌﺔ ﻳُﺰرع اﻟﻘﻤﺢُ ﰲ اﻟﺸﺘﺎء ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ أﻗﻞ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ،أﻣﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة ﻓﻴُﺰرع اﻟﻘﻤﺢ ﰲ أواﺧﺮ اﻟﺸﺘﺎء؛ ﻟﻜﻲ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮارة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﰲ اﻟﺮﺑﻴﻊ وﻳﻨﻀﺞ ﰲ اﻟﺼﻴﻒ. أﻣﺎ ﻛﻤﻴﺔ املﻄﺮ اﻟﻼزﻣﺔ ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻹﻗﻠﻴﻢ ﺣﺮارﻳٍّﺎ .وﻟﻬﺬا ﻧﺠﺪ ﱠ إن اﻟﻘﻤﺢ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻗﺮاﺑﺔ ١٥٠ﺳﻢ ﻣﻦ املﻄﺮ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﺎرة ﻟﻜﻲ ﺗﻌﺎدل اﻟﺒﺨﺮ واﻟﺤﺮارة ،وﻗﺮاﺑﺔ ً ﺟﻔﺎﻓﺎ ﺑﺤﺪ ٨٠إﱃ ١٠٠ﺳﻢ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﻌﺘﺪﻟﺔ .وﻳُﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺘﺞ اﻟﻘﻤﺢ ﰲ ﻇﺮوف أﻛﺜﺮ أدﻧﻰ ﻣﻦ املﻄﺮ ﻗﺪره ٥٠ﺳﻢ ﰲ ﺳﻨﺔ. أﻧﻮاع اﻟﻘﻤﺢ وﻗﺪ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﲆ اﺧﺘﻼف اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻤﺢ اﺧﺘﻼف ﰲ أﻧﻮاﻋﻪ، واﻻﺧﺘﻼف اﻷول ﺣﺴﺐ ﻛﻤﻴﺔ املﻄﺮ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ .وﻗﺪ أدى ذﻟﻚ إﱃ ﻣﺎ ﻳُﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺼﻠﺐ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﻄﺮ ،واﻟﻘﻤﺢ اﻟﻠني ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻜﺜرية املﻄﺮ. وﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻮﻋني اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺧﺎﺻﺔ؛ ﻓﺎﻟﻘﻤﺢ اﻟﻠني ﻳُﺴﺘﺨﺪم ﰲ اﻟﺨﺒﺰ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺼﻠﺐ ﰲ اﻟﻔﻄﺎﺋﺮ واملﻜﺮوﻧﺔ ،واﻻﺧﺘﻼف اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺣﺴﺐ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺰراﻋﺔ ﺑﺎﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺄﻧﺴﺐ اﻟﻔﺼﻮل ﺣﺮارة ﻟﻠﻨﻤﻮ. وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﻘﺴﻢ إﱃ ﻧﻮﻋني؛ اﻟﻨﻮع اﻟﺸﺘﻮي :وﻫﻮ أﺷﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﻘﻤﺢ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻳﺰرع ﰲ أواﺋﻞ اﻟﺸﺘﺎء ﻟﻜﻲ ﻳﻨﻀﺞ ﰲ اﻟﺮﺑﻴﻊ وأواﺋﻞ اﻟﺼﻴﻒ ،واﻟﻨﻮع اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ اﻟﺬي ﺗﻘﺘﴫ زراﻋﺘﻪ ﻋﲆ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎردة ﺷﺘﺎءً ﰲ ﻛﻨﺪا وﺷﻤﺎل اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﰲ ﺳﻴﺒريﻳﺎ ،وﻳُﺰرع ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﺘﺎء ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻨﺎك أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ أﺻﻨﺎف ﻣﺘﺄﻗﻠﻤﺔ ﻣﻊ ﻇﺮوف ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻛﺎﻟﺠﻔﺎف أو اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ أو اﻟﱪودة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ. اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ وﻋﻮاﻣﻞ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 1-8أﻧﻪ ﰲ ﺧﻼل ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ﺣﺪث ﺗﻐري ﻛﺒري ﻣﺠﻤﻠﻪ: ً ً ﻃﻔﻴﻔﺎ ﻋﺎملﻴٍّﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻨﻘﺺ ﺗﻨﺎﻗﺼﺎ ) (١ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ ﻗﻤﺤً ﺎ :ﻧﺠﺪ اﻟﻜﺒري املﺴﺎﺣﻲ ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ) ،(٪٣٢−وأﺳﱰاﻟﻴﺎ ) .(٪١٨−وﻟﻜﻦ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ 190
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
آﺳﻴﺎ ) (٪٢٦+ﻋﻮﺿﺖ اﻟﻨﻘﺺ .أﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻘﺎرات ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻘﺮت ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻘﻤﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ذﺑﺬﺑﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺺ واﻟﺰاﺋﺪ. ) (٢ارﺗﻔﻌﺖ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﻤﻘﺪار ،٪١٥٠وﻛﺎﻧﺖ أﻛﱪ زﻳﺎدة ﻫﻲ ﰲ آﺳﻴﺎ ) ،(٪٢٣٦+وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ) ،(٪١٨٠+وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ )ﻧﺤﻮ ،(٪١٩٠+وﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ارﺗﻔﻊ اﻹﻧﺘﺎج إﱃ ﻧﺤﻮ ﻣﺮة وﻧﺼﻒ. اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﻣﻠﺤﻮ ً ً ﻇﺎ. أﻣﺎ أوﺷﻴﻨﻴﺎ ) ،(٪٧٩−واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ) (٪٩١−ﻓﻘﺪ أﻇﻬﺮﺗﺎ ) (٣ﻳُﻔﴪ ارﺗﻔﺎع إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻬﻜﺘﺎر أﺳﺒﺎب ارﺗﻔﺎع اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﺮﻏﻢ ﻧﻘﺺ املﺴﺎﺣﺔ، ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻌﺖ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﰲ آﺳﻴﺎ ﺑﻤﻘﺪار ،٪٢٠٢ +وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،٪١٥٥+وأوروﺑﺎ ،٪+ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻻرﺗﻔﺎع ﺑﺴﻴ ً ﻄﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ )ﻧﺤﻮ .(٪١٣٣ + واﻧﺨﻔﻀﺖ اﻟﺰﻳﺎدة إﱃ ٪١٠٢+ﻓﻘﻂ ﰲ أوﺷﻴﻨﻴﺎ ،وﻣﻌﺮوف أن أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ وﺻﻠﺖ إﱃ ﻣﺪاﻫﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺴﻦ ﻛﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻧﺘﺎج ،ﻓﺎملﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﺤﺪودة. أﻣﺎ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ وأوﺷﻴﻨﻴﺎ ﻓﻬﻤﺎ ﻳﺘﻌﺮﺿﺎن إﱃ ﺗﻘﻠﺒﺎت ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺿﻤﺎن إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ؛ رﻏﻢ أﻧﻬﻤﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﺎن اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ املﻨﺎﺳﺒﺔ ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ ،وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﻄﻔﺮة ﰲ آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻧﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺒﺬور واﻟﺘﺴﻤﻴﺪ وإدارة اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ .وﻗﺪ ﺳﺒﻖ أن أﴍﻧﺎ إﱃ اﺳﺘﺨﺪام املﺨﺼﺒﺎت وأﺛﺮﻫﺎ ﻋﲆ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ،وﻛﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ. ﺟﺪول :1-8ﺗﻄﻮر املﺴﺎﺣﺔ واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ وﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﻋﴩﻳﻦ اﻟﻘﺎرة
املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ )ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر(
اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻛﺠﻢ/ﻫﻜﺘﺎر
ﺳﻨﺔ* .
اﻹﻧﺘﺎج )ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ(
١٩٦٨
١٩٨٧
١٩٦٨
١٩٨٧
١٩٦٨
١٩٨٧
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٢٢٧٫٥
٢٢٠٫٦
١٤٦٠
٢٣٤٢
٣٣٢٫٥
٥١٦٫٧
أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
٧٫٤
٨٫٨٥
٩٢٠
١٤٣٩
٦٫٨
١٢٫٧
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ
٣٤٫٢
٣٧٫٢
١٧٧٠
٢٣٦٧
٦٠٫٥
٨٨٫١
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ
٩٫٢
٩٫٧
١١٦٠
١٩١٦
١٠٫٦
١٨٫٦
191
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي اﻟﻘﺎرة
املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ )ﻣﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر(
اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻛﺠﻢ/ﻫﻜﺘﺎر
اﻹﻧﺘﺎج )ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ(
آﺳﻴﺎ
٦٥٫٥
٨٢٫٩
١١٠٠
٢٢٢٢
٧٨٫٠
١٨٤٫٤
أوروﺑﺎ
٢٨٫٧
٢٧٫٢
٢٥٣٠
٤٢٣١
٧٢٫٨
١١٥٫٤
أوﺷﻴﻨﻴﺎ
١٠٫٨
٨٫٩
١٣٤٠
١٣٩٦
١٥٫٨
١٢٫٥
اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ
٦٧٫٢
٤٥٫٧
١٣٩٠
١٨٦٠
٩٣٫٣
٨٥٫٠
* ﻣﻼﺣﻈﺔ :اﻷرﻗﺎم ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﻲ اﻹﻧﺘﺎج ملﻨﻈﻤﺔ اﻟﻔﺎو .١٩٨٧ ،١٩٦٩
اﻟﴩوط اﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ إن زﻳﺎدة إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ وﺗﺠﺎرﺗﻪ راﺟﻌﺔ إﱃ اﺳﺘﻤﺮار ﺗﻔﺘﺢ أﺳﻮاق اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻋﺎملﻴٍّﺎ ،وﻋﲆ ﻫﺬا ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ أول ﺗﺄﺛري ﺑﴩي ﻋﲆ اﻟﻘﻤﺢ ،وﻫﻮ زﻳﺎدة اﻻﺳﺘﻬﻼك. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺴﻮق واﻟﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻧﻠﺤﻆ أن ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ املﻮاﺻﻼت أﻫﻤﻴﺔ ﻛﱪى ﰲ ﻧﻤﻮ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﻘﻤﺢ؛ ﻓﻔﻲ داﺧﻞ ﺑﺮاري أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﰲ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺒﻤﺒﺎ ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني ،وﰲ أوﻛﺮاﻧﻴﺎ وإﻗﻠﻴﻢ اﻹﺳﺘﺒﺲ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻧﺘﴩت ﺷﺒﻜﺎت اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪي ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ؛ أراض ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻼﺳﺘﻐﻼل ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺳﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﴎﻋﺔ ﻧﻘﻞ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ﻓﺘﺢ ٍ املﺤﺼﻮل وﺗﺴﻮﻳﻘﻪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ. وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﻟﺘﻔﺴري ﻧﻤﻮ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﻘﻤﺢ ،واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﺗﻘﺪم اﻟﻨﻘﻞ اﻟﺒﺤﺮي ﻋﱪ اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ واﻟﻬﻨﺪي ،ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن رﺑﻂ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺒﻌﻴﺪة ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ واﻟﻨﺼﻒ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﻤﻨﺎﻃﻖ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻜﺒرية )ﺟﺪول ،(3-8وﺑﺬﻟﻚ ﺷﺠﻌﺖ املﻮاﺻﻼت اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﺪاﺧﻞ واﻟﻨﻘﻞ اﻟﺒﺤﺮي ﻋﲆ زﻳﺎدة ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺣﻘﻮل اﻟﻘﻤﺢ وﺗﺴﻮﻳﻘﻬﺎ داﺧﻠﻴٍّﺎ وﺧﺎرﺟﻴٍّﺎ. إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻘﺪم املﻮاﺻﻼت ﻗﻠﻨﺎ :ﱠ إن زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أﺛﺮ أﺑﻌﺪ ﻋﲆ اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ ﻣﺠﺮد زﻳﺎدة املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ ،ﱠ وإن ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻔﻨﻲ ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ،وﺗﺄﺗﻲ زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ) :أ( ﻣﺠﺎل ﺗﺨﺼﻴﺐ اﻷرض ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻷﻧﻮاع املﻼﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺼﺒﺎت ،وأﺳﻤﺪة ﻋﻀﻮﻳﺔ ،وﻏري ﻋﻀﻮﻳﺔ. )ب( ﻧﺘﻴﺠﺔ ملﻜﺎﻓﺤﺔ أﻣﺮاض اﻟﻨﺒﺎت) .ج( ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺘﻬﺠني واﻟﺨﻠﻂ ﺑني أﻧﻮاع ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ ﺗﺆدي إﱃ ﻣﺤﺼﻮل ﻛﺒري وﻧﻮع ﺟﻴﺪ. 192
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
وﻻ أدل ﻋﲆ ﻣﺪى اﻫﺘﻤﺎم اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎملﺨﺼﺒﺎت أن إﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻗﺮاﺑﺔ ٣٧ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم ١٩٦٤ﻣﻘﺎﺑﻞ ١٢٦ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ١٩٩٢؛ أي ﺑﺰﻳﺎدة ٪٣٤٠ﰲ ﻗﺮاﺑﺔ ﺛﻼﺛني ﻋﺎﻣً ﺎ ،وﻫﺬه اﻟﻜﻤﻴﺔ املﻨﺘﺠﺔ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺪول اﻵن ﻋﲆ رﻓﻊ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺣﻘﻮﻟﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ إﻛﺴﺎب اﻟﱰﺑﺔ أﻏﺬﻳﺔ ﻻزﻣﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺣﺪة. واﺳﺘﺨﺪام ا ُملﺨﺼﺒﺎت ،وﺧﺎﺻﺔ ﻏري اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ،ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﻣﻦ املﺎء؛ وﻟﻬﺬا ﻧﺠﺪ املﻨﺎﻃﻖ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺨﺪم املﺨﺼﺒﺎت ﺑﺎﻟﻜﺜﺮة اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﻄرية أو ذات املﻴﺎه اﻟﻮﻓرية .وﻳﺘﻀﺢ ذﻟﻚ ﻣﻦ أن اﺳﺘﺨﺪام املﺨﺼﺒﺎت ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أﻗﻞ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ أو أوروﺑﺎ أو اﻟﻴﺎﺑﺎن. وﰲ داﺧﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ذاﺗﻬﺎ ﻧﺠﺪ اﺳﺘﺨﺪام املﺨﺼﺒﺎت ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﻄرية ﰲ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﴩﻗﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﱪاري اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻷﻣﻄﺎر ،وأﻋﲆ ﻧﺴﺒﺔ ﰲ اﺳﺘﻬﻼك املﺨﺼﺒﺎت املﻌﺪﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻳُﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ اﺳﺘﺨﺪام املﺨﺼﺒﺎت اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﰲ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻣﻦ أﻫﻢ املﺨﺼﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﻟﻠﻘﻤﺢ واﻷرز اﻟﺴﻤﺎد اﻟﻨﻴﱰوﺟﻴﻨﻲ اﻟﺬي ﻳُﺆدي اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ إﱃ ١٧ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ زﻳﺎدة ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻬﻜﺘﺎر .وﻗﺪ ﻛﺎن إﻧﺘﺎج ﱢ اﻟﺴﻤﺎد اﻟﻨﻴﱰوﺟﻴﻨﻲ ﻣﺼﻨﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ ﺧﺎم ﻣﻌﺪﻧﻲ أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﺷﻴﲇ ،ﺛﻢ أﺻﺒﺢ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ﺻﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎدر املﺮﻛﺐ ،وﺳﻠﻔﺎت اﻟﻨﺸﺎدر. أﻣﺎ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻷﻣﺮاض ،ﻓﺘﺘﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ املﺒﻴﺪات اﻟﺤﴩﻳﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ أﻣﺮاض ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﻋﻼﺟﻬﺎ إﻻ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﺳﺘﻨﺒﺎت أﻧﻮاع ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ املﺤﺼﻮل ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻬﺬه اﻷﻣﺮاض. وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ؛ ﻣﺮض ﺻﺪأ ﺳﺎق اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺬي ﻗﻠﻞ املﺤﺼﻮل ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﺎم ١٩٥٠ﺑﻤﻘﺪار ٪١٠ﰲ ﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اﻟﻘﻤﺢ .وﻗﺪ أﻣﻜﻦ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ املﺮض ﺣﻴﻨﻤﺎ ُزرع اﻟﻘﻤﺢ ﻣُﺒﻜ ًﺮا ﻓﻮﺻﻞ إﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻀﺞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ املﺮض ﰲ اﻟﻈﻬﻮر ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﻛﻌﻼج ،وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻇﻬﻮر ﻧﻮع ﻣﻘﺎوم ﻟﻠﺼﺪأ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﴏ ﻛﻴﻒ أن اﻟﻘﻤﺢ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺸﺪة ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺒﴩي؛ ﺗﻮﻓري وﺳﺎﺋﻞ املﻮاﺻﻼت ،واﻟﺘﻘﺪم اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎج ،واﺗﺴﺎع ﺳﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼك. وﻫﻨﺎك ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﺗُﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﻧﻤﻮ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﻘﻤﺢ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ أن اﺳﺘﺨﺪام آﻻت ﰲ اﻟﺰراﻋﺔ وﺟﻨﻲ املﺤﺼﻮل ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻮﻗﺖ واﻟﻔﺎﻗﺪ ﰲ املﺤﺼﻮل أﺛﻨﺎء اﻟﺠﻤﻊ. 193
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺷﻜﻞ 1-8
ﺗﻮزﻳﻊ ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺒَﴩﻳﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺬﻛﺮ ،ﻧﺠﺪ أن ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺪ زادت ،وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ْ أن ﻧُﻤﻴﺰ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻧﻄﺎﻗني أﺳﺎﺳﻴني: ) (١اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ املﻄرية :وﺗﻈﻬﺮ ﰲ أوروﺑﺎ ،وﺟﻨﻮب روﺳﻴﺎ اﻷوروﺑﻴﺔ ،ووﺳﻂ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ووﺳﻂ اﻷرﺟﻨﺘني ،وﺷﻤﺎل اﻟﺼني ،واﻟﻘﺴﻢ اﻷوﺳﻂ واﻟﺸﻤﺎﱄ ﻣﻦ ﺳﻬﻞ اﻟﻬﻨﺪﺳﺘﺎن ،وﺣﻮض اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،وﺟﻨﻮب ﴍق أﺳﱰاﻟﻴﺎ. وﻳﺪﺧﻞ اﻟﻘﻤﺢ ﻫﻨﺎ ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ املﺤﺼﻮﻻت اﻟﺰراﻋﻴﺔ. ) (٢اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﺒﺎردة ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ :وﻫﺬه ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﻲ أراﴈ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ واملﺮاﻋﻲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻧﻄﺎق اﻹﺳﺘﺒﺲ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،واملﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻛﻨﺪا. وﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق ﻳُﺼﺒﺢ اﻟﻘﻤﺢ ﻫﻮ املﺤﺼﻮل اﻟﻮﺣﻴﺪ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﱠ ﻓﺈن ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ — ﺑﺴﻜﺎﻧﻬﺎ اﻟﻘﻠﻴﻠني — ﻫﻲ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻘﻤﺢ إﱃ ﺑﻘﻴﺔ أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ املﺼﺪرﻳﻦ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴني ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ :اﻷرﺟﻨﺘني وأﺳﱰاﻟﻴﺎ. 194
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ ﺟﺪول :2-8اﻟﺪول اﻷوﱃ ﰲ إﻧﺘﺎج
اﻟﻘﻤﺢ* .
اﻟﺪوﻟﺔ
ﻣﺘﻮﺳﻂ ١٩٨٧ ١٩٨١–١٩٧٩
١٩٩٤
٪ ١٩٩٤إﱃ ﻣﺘﻮﺳﻂ ١٩٨١–١٩٧٩
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٤٤٣٫٦
٥١٦٫٧
٥٣٤٫٣
١٢٠
اﻟﺼني
٥٩٫١
٨٧٫٧
١٠٢٫٠
١٧٢
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٦٦٫٢
٥٧٫٠
٦٣٫٠
٩٥
اﻟﻬﻨﺪ
٣٤٫٥
٤٥٫٥
٥٧٫٠
١٦٥
روﺳﻴﺎ »اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ«
)(٨٩٫٨
)(٨٥
)(٦٥
٧٢
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٢٢٫٣
٢٧٫٤
٢٩٫٩
١٣٤
ﻛﻨﺪا
٢٠٫٤
٢٦٫٣
٢٣٫٨
١١٦
ﺗﺮﻛﻴﺎ
١٧٫٠
١٨٫٩
١٨٫٠
١٠٦
أوﻛﺮاﻧﻴﺎ
١٨٫٠
أملﺎﻧﻴﺎ
١١٫١
١٣٫٩
١٦٫١
١٤٥
ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن
١٠٫٧
١٢٫٠
١٥٫١
١٤١
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
٨٫١
١١٫٨
١٢٫٥
١٤٨
ﻛﺎزاﺧﺴﺘﺎن
١٠٫٠
إﻳﺮان
٦٫٢
٧٫٩
١٠٫٠
١٦١
أﺳﱰاﻟﻴﺎ
١٤٫٤
١٢٫١
٩٫٥
٦٦
اﻷرﺟﻨﺘني
٨٫٠
١٠٫١
٩٫٢
١١٥
* املﺼﺎدر ﻣﺠﻤﻌﺔ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻨﻮي ملﻨﻈﻤﺔ اﻟﻔﺎو ،١٩٨٧ﺻﻔﺤﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ Fischer Weltalinanach .1996
وﻟﻘﺪ ﻧﺸﺄت ﻋﺪة ﺗﻄﻮرات ﻋﲆ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﻨﺬ أواﺋﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن؛ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﻨﻘﺺ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ ﻋﻦ ﻣﻌﺪل اﻻﺳﺘﻬﻼك أو زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎج ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أوروﺑﺎ ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻧﻘﺺ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك ،وﻟﻘﺪ ﺳﺎﻋﺪت 195
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻟﻘﻤﺢ ا ُملﺘﺰاﻳﺪة ﰲ اﻹﺳﺘﺒﺲ اﻟ ﱡﺮوﳼ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﲆ ﺳﺪ اﻟﻨﻘﺺ ﰲ اﺳﺘﻬﻼك أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ. وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ارﺗﻔﻊ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ إﱃ ﺣﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻌﻪ املﺼﺪر اﻷول ﻷوروﺑﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ املﺘﺰاﻳﺪ ﰲ أراﴈ اﻟﺮي ﻋﲆ ﻧﻬﺮ اﻟﺴﻨﺪ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم .١٨٧٠ وﻟﻜﻦ اﺑﺘﺪاءً ﻣﻦ ١٨٨٠أﺻﺒﺤﺖ دول اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ أﻛﱪ ﻣُﺼﺪر ﻷوروﺑﺎ ،وﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن أﺻﺒﺤﺖ ﻣَ َﺰارع اﻟﻘﻤﺢ ﰲ اﻹﺳﺘﺒﺲ اﻟﺮوﳼ أﻛﱪ ﻣﺼﺪر ﻷوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ ،وﻛﻨﺪا ودول اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ أﻛﱪ ﻣﺼﺪر ﻟﻘﻤﺢ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮر اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ﻟﻠﻘﻤﺢ؛ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻠﺤﻆ ﺗﺤﻮل ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻓﺎﺋﺾ اﻟﻘﻤﺢ ﰲ املﺎﴈ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﺳﺘرياد ﻟﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻬﻨﺪ وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن، وﻛﺬﻟﻚ ﻧﻠﺤﻆ ً دوﻻ أﺧﺮى ﻫﺒﻂ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺪول ا ُملﺼﺪرة ﻛﺎﻷرﺟﻨﺘني وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎك ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﻘﻤﺢ أﻛﱪ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ »اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻛﻨﺪا«. ﺗﺠﺎرة اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻳﺪﺧﻞ ﻧﺤﻮ ٪١٦٫٥ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻠﻘﻤﺢ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ؛ أي ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ٨٨ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،وﻟﻴﺴﺖ أﻛﱪ اﻟﺪول ا ُملﻨْﺘﺠﺔ ﻫﻲ أﻛﱪﻫﺎ ﰲ اﻟﺼﺎدرات ،ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺼني ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة وﻟﻮ ﺑﻜﻤﻴﺔ ﺻﻐرية ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ. ﺟﺪول :3-8اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻘﻤﺢ » ١٩٩٣اﻷرﻗﺎم ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻃﻦ«. أﻫﻢ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ واﻟﺪول املﺴﺘﻮردة أﻫﻢ اﻟﺪول املﺼﺪرة اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٣٣٫٠ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ١٩٫٥ ١٨٫٠ ﻛﻨﺪا ١٢٫٥ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ٤٫٥ اﻷرﺟﻨﺘني
أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﴩق اﻷﻗﴡ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﻛﻤﻨﻮﻟﺚ روﺳﻴﺎ 196
١٦٫٠ ١٥٫٠ ١٢٫٨ ١١٫٠ ٦٫٥
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ أﻫﻢ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ واﻟﺪول املﺴﺘﻮردة أﻫﻢ اﻟﺪول املﺼﺪرة اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﺼني
٦٫٠ ٤٫٥
وﺗﻤﺜﻞ ﺑﻼد اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ وﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﻨﻄﻘﺔ اﻷوﱃ ﰲ اﺳﺘرياد اﻟﻘﻤﺢ »ﻧﺤﻮ ٪٣٠ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع واردات اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ« .وﻳَ ْﺮ ِﺟﻊ ذﻟﻚ إﱃ ﻋﺪة أﺳﺒﺎب ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ: ً أوﻻ :أﻧﻬﺎ ِﻣﺜﻞ ﺑﻼد أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ إﻗﻠﻴﻢ ﻧﺎ ٍم ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﺮﻛﺰ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ ﻣﺪن ﻛﺒرية أو ﻗﺮى ﻛﺒرية ،وإن اﻟﺨﺒﺰ املﻔﻀﻞ ﻟﺪى اﻟﺴﻜﺎن ﻫﻮ ﺧﺒﺰ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﻨﺬ أﻗﺪم اﻟﺤﻀﺎرات. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :إن ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ واﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﺎﻓﺔ وﺷﺒﻪ ﺟﺎﻓﺔ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻨﻤﻮ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ املﺮوﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ﺿﺒﻂ اﻷﻧﻬﺎر ،وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺴﺪود واﻟﺨﺰاﻧﺎت ،ﱠ وإن ﻧﺴﺒﺔ ﻧﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺴﻨﻮي أﻋﲆ ﻣﻦ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎملﻲ ﺑﻜﺜري ،وإن ﻧﺴﺒﺔ ﻧﻤﻮ ﺳﻜﺎن املﺮاﻛﺰ اﻟﺤﴬﻳﺔ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﻧﺴﺒﺔ ﻣُﺮﺗﻔﻌﺔ .وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ﻓﺠﻮة ﺑني أﻋﺪاد اﻟﺴﻜﺎن واﻹﻧﺘﺎج املﺤﲇ ﻟﻠﻘﻤﺢ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻻﺳﺘرياد ،وﻛﺎن اﻟﻘﻤﺢ ﻳﺸﻜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒرية ملﴫ واﻟﻌﺮاق وﻏريﻫﻤﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺗﺰاﻳﺪ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ ﰲ ﻣﴫ ﻗﺪ ﺧﻔﺾ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘرياد. ) (3-1اﻷرز ﺻﻔﺎت اﻷرز اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻷرز ﻫﻮ املﺤﺼﻮل اﻟﻐﺬاﺋﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻟﻜﻨﻪ ﰲ اﻟﴩق اﻷﻗﴡ ﻳﻜﻮن اﻟﻐﺬاء اﻟﺮﺋﻴﴘ ﺑﺪل اﻟﻘﻤﺢ ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﻤﺢ ﻳُﻄﺤﻦ ﺛﻢ ﻳُﺨﺒﺰ ،ﻧﺠﺪ أن اﻷرز ﻳُﴬب وﻳُﺒﻴﺾ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﺤﻀري اﻷرز ﻟﻠﻐﺬاء أﻗﻞ ﺗﻜﻠﻔﺔ وﻻ ﻳﺤﺘﺎج ملﻨﺸﺂت ﻛﺒرية ﻛﻤﻄﺎﺣﻦ اﻟﻘﻤﺢ. 197
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﰲ اﻟﴩق اﻷﻗﴡ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻀري اﻷرز ﻟﻠﻐﺬاء ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ﰲ اﻟﺒﻴﻮت ،ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﺳﻴﺪة اﻟﺒﻴﺖ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﻀري املﻜﺮوﻧﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ ،وﻧﻈ ًﺮا ﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺗﺤﻀري اﻷرز؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎك ﰲ ﺗﻮزﻳﻊ اﻷرز وﺳﻄﺎء ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻧﺠﺪه ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﺗﺠﺎر ﻓﺈن اﻷرز ً اﻟﻘﻤﺢ وﻣﺤﻼت اﻟﺒﻴﻊ ﺑﺎﻟﺘﺠﺰﺋﺔ؛ وﺑﺬﻟﻚ ﱠ ﻓﻌﻼ أﻛﺜﺮ ﺗﻮﻓريًا ﰲ ﻣﺼﺎرﻳﻒ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ وﺗﺤﻀريه وﺑﻴﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ .ورﻏﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﻓري ﻓﺈن اﻷرز ،ملﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪ ﻏﺬاﺋﻴﺔ ﻛﺒرية ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،أﻏﲆ ﺛﻤﻨًﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ ﻛﻤﺎ ﻻﺣﻈﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﰲ ﺳﻌﺮ ﺻﺎدرات اﻟﺤﺒﻮب 1 .وﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ أﻏﲆ ﻣﻦ ﻣﺘﻨﺎول دﺧﻮل اﻟﻔﻘﺮاء ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ﰲ ً اﺗﺠﺎﻫﺎ إﱃ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ ﺧﺒﺰ اﻟﻘﻤﺢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷرز ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻠﺤﻆ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول ﰲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧرية. ﴍوط إﻧﺘﺎج اﻷرز
ﺷﻜﻞ 2-8
وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﴩوط اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ؛ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺮى أن اﻷرز ﻟﻪ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻮ ﰲ اﻧﺘﺸﺎره وﺗﻮزﻳﻊ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻣﺤﺪود ﺑﻬﺬه اﻟﴩوط ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﻘﻤﺢ ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﴩوط درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة وﺿﻮء اﻟﺸﻤﺲ وﻛﻤﻴﺔ املﻴﺎه. 198
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻄﻠﺐ درﺟﺎت ﺣﺮارة ﻋﺎﻟﻴﺔ أدﻧﺎﻫﺎ ٢٠ﻣﺌﻮﻳﺔ ودرﺟﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ إﺷﻌﺎع اﻟﻀﻮء، وﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ املﻄﺮ ﻣﺘﻮﺳﻄﻬﺎ ١٢٠ﺳﻢ .وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻬﺬا؛ ﱠ ﻓﺈن اﻷرض ﻻ ﺑﺪ وأن ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺘﻮﻳﺔ ملﻨﻊ اﻧﺤﺪار املﺎء ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻦ اﻷﻣﻄﺎر أو ﻣﻴﺎه اﻟﺮي؛ وﻟﺬﻟﻚ ﱠ ﻓﺈن أﺻﻠﺢ ﻣﻨﺎﻃﻖ زراﻋﺘﻪ ،اﻟﺴﻬﻮل واﻟﻮدﻳﺎن وداﻻت اﻷﻧﻬﺎر املﺴﺘﻮﻳﺔ. وﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺟﻬﺪ ﺑﴩي ﻛﺒري ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺳﻄﺢ اﻟﺤﻘﻞ ﺗﺠﻨﺒًﺎ ﻟﱰاﻛﻢ املﺎء ﰲ ﺟﻬﺔ واﺣﺪة ﻣﻨﻪ ،وﻧﻈ ًﺮا ﻷﻧﻪ ﻏﺬاء رﺋﻴﴘ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻘﻠﺔ اﻟﺴﻬﻮل ،ﻓﻘﺪ اﺿﻄﺮ اﻟﺴﻜﺎن إﱃ ﺗﺪرﻳﺞ ﻣﻨﺤﺪرات اﻟﺘﻼل ﰲ ﺟﻨﻮب اﻟﺼني وﰲ اﻟﻔﻠﺒني وﺗﺎﻳﻼﻧﺪ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ وﻛﻮرﻳﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن ،ﺣﺘﻰ ﻳُﻤﻜﻦ زراﻋﺔ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻛﺒرية ﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ .وﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺪرﺟﺎت ذات اﻧﺤﺪار ﺑﺴﻴﻂ ،وﻫﻲ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺸﻐﻴﻞ ﻣﺤﺮاث اﻟﺤﻴﻮان. ﺗﻮزﻳﻊ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ وإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮل وﻋﲆ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ﻓﺈن زراﻋﺔ اﻷرز ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻷﻗﺎﻟﻴﻢ املﻮﺳﻤﻴﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮي اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺧﺎرج اﻹﻗﻠﻴﻢ املﻮﺳﻤﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ دﻟﺘﺎ اﻟﻨﻴﻞ ،وﺳﻬﻮل اﻟﺒﻮ ﰲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ، وﺟﻨﻮب اﻟﻌﺮاق ،وﺳﻬﻞ اﻟﺒﻨﺠﺎب ،ودﻟﺘﺎ اﻟﺴﻨﺪ .وﻛﻠﻬﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺒﻪ ﺟﺎﻓﺔ »ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ﺳﻬﻞ اﻟﺒﻮ« وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺮي اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ. وﻳﻨﺘﺞ ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﻜﻨﻐﻮ، وﻧﻴﺠريﻳﺎ ،وﻣﺎﱄ ،واﻟﺴﻨﻐﺎل ،واﻟﱪازﻳﻞ ،وﻏﻴﺎﻧﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ. وأﺧريًا ،ﻫﻨﺎك ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺻﻐرية ﻹﻧﺘﺎﺟﻪ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻟﺴﺎﺣﲇ ﻣﻦ ﺗﻜﺴﺎس ودﻟﺘﺎ املﺴﻴﺴﺒﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻣﻴﺎه اﻟﺮي واﻷﻣﻄﺎر. ً ﻣﺤﺼﻮﻻ واﺣﺪًا ﰲ اﻟﺴﻨﺔ، وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻼﺣﻆ أن ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎج اﻷرز ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﺗﻌﻄﻲ وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﺤﺼﻮل ﺛﺎن إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻤﻴﺔ املﻴﺎه اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺮي ﻣﺘﻮﻓﺮة، ً ﻣﺤﺼﻮﻻ آﺧﺮ ﺑﺪل اﻷرز ﰲ دورﺗﻬﺎ ودرﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ .ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﺗﺪﺧﻞ ﺛﺎن ﰲ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﺰرع اﻟﻘﻤﺢ ﰲ أرض اﻷرز ﻛﻤﺤﺼﻮل ٍ اﻟﺪورة اﻟﺰراﻋﻴﺔ. وﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﻮﺳﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﴍق وﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ ﻧﺠﺪ أن املﺤﺼﻮل ﻣﺰدوج ،وﻟﻜﻦ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻟﻌﺪم اﺳﺘﺨﺪام املﺨﺼﺒﺎت .وﻗﺪ ﺛﺒﺖ أن اﺳﺘﺨﺪام ا ُمل ﱢ ﺨﺼﺒﺎت ً ً ﻣﺤﺼﻮﻻ ﻣﺤﺼﻮﻻ وﻓريًا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻓﻜﺮة اﻟﺰراﻋﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺸﺘﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻳﻌﻄﻲ أﻛﱪ ﻣﻦ زراﻋﺔ ﺑﺬر اﻟﺤﺒﻮب. 199
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻗﺪ أدى ذﻟﻚ ﻣﻊ اﻷﺳﻤﺪة اﻟﻼزﻣﺔ إﱃ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻗﺪر إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻬﻜﺘﺎر ﰲ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ﺛﻼث ﻣﺮات ،وﻗﺪر ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر »ﺑﺮﻣﺎ« ﻣﺮﺗني ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ .وﰲ ﺳﻨﺔ ١٩٨٧ﻛﺎﻧﺖ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻬﻜﺘﺎر ﰲ اﻟﺪول اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻸرز ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻵﺗﻲ :اﻟﻴﺎﺑﺎن ٦١٨٦ﻛﺠﻢ/ﻫﻜﺘﺎر، واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٦١٤٣ﻣﴫ ،٥٧١٤إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،٥٥٧٠اﻟﺼني ،٥٤١٣إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،٣٩١٩ ﻓﻴﺘﻨﺎم ،٢٦٨٤ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر ،٢٩٥٧ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ،٢٥٣٢اﻟﻬﻨﺪ ،١٩٩٩ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ .١٩٦١ وﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺘﺠني اﻟﺼﻐﺎر ﺑﻠﻐﺖ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ أﻋﻼﻫﺎ ﰲ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ٧٠٨٦ﻛﺠﻢ، وﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ٦٠١٩ﻛﺠﻢ ،وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ ،٣١٣٢وﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ٢٩٣٠ﻛﺠﻢ. وﺗﻌﻮض اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺻﻐﺮ املﺴﺎﺣﺎت املﺰروﻋﺔ أر ًزا ﰲ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج؛ ﻓﺎﻟﻴﺎﺑﺎن ﺗﺰرع ُرﺑﻊ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﺎ ﺗﺰرﻋﻪ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ﻣﻦ اﻷرز ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﺎوي ﺛﻠﺜﻲ املﺤﺼﻮل اﻟﺘﺎﻳﻼﻧﺪي. وﺗﻌﻮض ﻛﺜﺮة اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺑﻼد اﻷرز اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻵﻟﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﰲ ﺑﻼد ﻛﺎﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة واﻟﻴﺎﺑﺎن وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،وﺑﺬﻟﻚ ﱠ ﻓﺈن وﻓﺮة اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﴍط أﺳﺎﳼ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷرز ﰲ اﻟﺒﻼد اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ آﺳﻴﺎ وﻣﴫ وﻧﻴﺠريﻳﺎ واﻟﱪازﻳﻞ … إﻟﺦ. وﻟﻌﻞ اﻟﺰراﻋﺔ املﻌﺘﻤﺪة ﻋﲆ اﻟﺮي واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻵﻟﻴﺔ ﻟﻬﻲ أﻛﺜﺮ إﻧﺘﺎﺟً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ اﻵﻟﻴﺔ .ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ارﺗﻔﻌﺖ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻬﻜﺘﺎر ﰲ ﻣﴫ ١٩٩٦إﱃ ٨٥٠٠ﻛﺠﻢ » ٣٫٤ﻃﻦ ﻟﻠﻔﺪان« .وﻫﺬه ﰲ اﻷﻏﻠﺐ ﻫﻲ أﻋﲆ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻸرز ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وأﻫﻢ املﻼﺣﻈﺎت أن ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺪول ﻫﻮ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻼل ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻧﻤﻮ ﻓﻴﺘﻨﺎم ﻋﲆ ﺣﺴﺎب ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ،وأن ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺪول املﺬﻛﻮرة ﰲ اﻟﺠﺪول ﻗﺪ زاد إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﺘﻲ زادت ﺑﻤﻘﺪار .٪١٥٢أﻣﺎ اﻟﺼني واﻟﻴﺎﺑﺎن ﻓﻘﺪ ﺟﻤﺪت أرﻗﺎم إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ أن اﻟﻴﺎﺑﺎن »ورﺑﻤﺎ اﻟﺼني« ﻗﺪ وﺻﻠﺖ إﱃ أﻋﲆ ﺣﺪود اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺮﻏﻢ اﺳﺘﺨﺪام أﻋﲆ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻧﺘﺎج. ﺟﺪول :4-8ﺗﻄﻮر اﻟﺪول اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻷرز » ١٩٩٣ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ«. اﻟﺪوﻟﺔ
١٩٩٣
اﻟﺪوﻟﺔ
١٩٨٧ ١٩٩٣
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٤٥٤٫٠ ٥٢٤٫٠اﻟﻴﺎﺑﺎن
١٣٫٦
١٣٫٣
اﻟﺼني
١٧٦٫٥ ١٧٥٫٦اﻟﻔﻠﺒني
٩٫٧
٨٫٦
٨٫٥
٥٫٧
اﻟﻬﻨﺪ
١١٧٫٦
١٩٨٧
٧٧٫٩
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
200
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ
١٩٩٣
١٩٨٧
اﻟﺪوﻟﺔ
١٩٨٧ ١٩٩٣
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ
٤٥٫٨
٣٨٫٦
ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن
٥٫٥
٤٫٧
ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ
٢٧٫٩
٢٢٫٢
ﻣﴫ
٤٫٢
٢٫٤
ﻓﻴﺘﻨﺎم
٢٢٫٥
١٥٫٣
ﻧﻴﺠريﻳﺎ
٣٫٨
١٫٥
ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ
٢٠٫٤
١٧٫٦
إﻳﺮان
٢٫٧
١٫٩
ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر »ﺑﺮﻣﺎ«
١٩٫٠
١٣٫٧
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
١٫٣
١٫٠
وﻣﻦ ﺑني اﻟﺪول ﻣﻦ ﺻﻐﺎر املﻨﺘﺠني ارﺗﻔﻌﺖ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻛﺜريًا :ﻣﴫ ،٪١٧٥إﻳﺮان ،٪١٤٢وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ ﻧﻴﺠريﻳﺎ ﻫﻲ اﻷﻋﲆ ﻓﻘﺪ وﺻﻠﺖ إﱃ ٪٢٥٣ﻣﻤﺎ ﻳﺒﴩ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺟﻴﺪ ﻟﻸرز ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﺪارﻳﺔ. ﺗﺠﺎرة اﻷرز اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒرية ﻟﻸرز ،ﻓﺈن ٪٣ﻣﻨﻪ ﻓﻘﻂ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ »ﻧﺤﻮ ١٦ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻓﻘﻂ« .واﻟﺴﺒﺐ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ راﺟﻊ إﱃ أﻧﻪ ﻋﻜﺲ اﻟﻘﻤﺢ — ﻣﺤﺼﻮل ﻏﺬاﺋﻲ ﻣﺤﲇ آﺳﻴﻮي — ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﺤﺼﻮل ﻏﺬاﺋﻲ ﻋﺎملﻲ. وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر ﻣﻦ اﻟﺪول املﺼﺪرة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ اﺧﺘﻔﺖ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ املﺼﺪرﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﺛﻼث دول ﻛﺒرية ﻫﻲ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ وﻓﻴﺘﻨﺎم واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺪول اﻟﺜﻼث ﺗﺤﺘﻜﺮ ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﺔ أﺧﻤﺎس اﻟﺼﺎدرات اﻟﻌﺎملﻴﺔ »ﺳﻨﺔ .«١٩٩٣ أﻣﺎ اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة ﻟﻸرز ﻓﻜﺜرية وﺗﺘﺼﺪرﻫﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ دول ﻏﺮب آﺳﻴﺎ واﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻜﺜري ﻣﻦ دول أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﺪارﻳﺔ ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ دول اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ. ) (4-1اﻟﺬرة ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺬرة واﺣﺪًا ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،ﺑﺮﻏﻢ ً ﻣﻌﺮوﻓﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﺸﺎف اﻷﻣﺮﻳﻜﺘني؛ إذ إﻧﻪ ﻣﺤﺼﻮل أﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻨﺸﺄة وﻣﺎ زال أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺤﺼﻮﻻ أﻣﺮﻳﻜﻴٍّﺎ ً ً أﻳﻀﺎ. ﰲ إﻧﺘﺎﺟﻪ اﻟﻮﻓري 201
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﺳﻢ اﻟﻘﻤﺢ اﻟﻬﻨﺪي Indian Cornﻧﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻬﻨﻮد اﻟﺤﻤﺮ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﺛﻢ ﺗﺤﻮل اﻻﺳﻢ ﺗﺪرﻳﺠﻴٍّﺎ إﱃ ﻣﺠﺮد .Corn وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﺳﻢ اﻟﺬرة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ أو اﻟﺬرة اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ ﺗﻤﻴﻴ ًﺰا ﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﺬرة اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ،وﻫﻲ إﺣﺪى اﻷﻧﻮاع اﻟﻌﺪﻳﺪة ملﺤﺼﻮل اﻟﺪﺧﻦ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ »ذرة« ﻓﻘﻂ إذا ﻣﺎ اﺳﺘﺨﺪم اﻻﺳﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﺳﻢ »دﺧﻦ«. واﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻟﻠﺬرة أﻗﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ املﻮﺟﻮدة ﰲ اﻟﻘﻤﺢ ،وﻟﻜﻦ ﺧﺒﺰ اﻟﺬرة ﺷﺎﺋﻊ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﻛﻐﺬاء أﺳﺎﳼ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺰدﺣﻤﺔ اﻟﺴﻜﺎن واﻟﻔﻘرية ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻣﺜﻞ املﻜﺴﻴﻚ أو ﻣﴫ أو اﻟﻬﻨﺪ. وﻛﺎن ﻛﺬﻟﻚ ﰲ اﻟﺒﻠﻘﺎن وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﺳﺘﺨﺪام دﻗﻴﻖ اﻟﺬرة واﻟﻘﻤﺢ ﰲ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﺒﺰ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻛﻌﻠﻒ ﺣﻴﻮاﻧﻲ ﻫﺎم ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ا ُملﺘﺤﺪة )ﰲ ﺻﻮرة ﺣﺒﻮب أو دﻗﻴﻖ ﻣﺨﻠﻮط ﺑﻤﻮاد ﻏﺬاﺋﻴﺔ أﺧﺮى(.
ﺷﻜﻞ 3-8
202
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
اﻟﴩوط اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺬرة ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺬرة أن ﺗﻨﻤﻮ ﰲ ﻇﺮوف ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ وﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ اﻹﻗﻠﻴﻤني املﻌﺘﺪل واملﺪاري، وذﻟﻚ ﺑﺮﻏﻢ ﺣﺴﺎﺳﻴﺘﻪ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻈﺮوف املﻨﺎﺧﻴﺔ اﻟﻄﺎرﺋﺔ أﺛﻨﺎء ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮه. واﻟﴩوط املﺜﲆ ﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬرة ﻫﻲ: )(١ )(٢ )(٣ )(٤ )(٥ )(٦
ﻓﱰة ﻧﻤﻮ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻘﻴﻊ ،ﺣﺪﻫﺎ اﻷدﻧﻰ ١٤٠ﻳﻮﻣً ﺎ. ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺣﺮارة اﻟﺼﻴﻒ ﺑني ٢١و ٢٧درﺟﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ. ﻟﻴﺎل داﻓﺌﺔ ﺑﻤﺘﻮﺳﻄﺎت ﺣﺮارﻳﺔ ﰲ ﺣﺪود ١٥درﺟﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ. ٍ ﻣﻄﺮ ﺳﻨﻮي ﻳﱰاوح ﺑني ٦٠٠و ١٢٠٠ﻣﻠﻴﻤﱰ ،أو ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻴﺎه اﻟﺮي. ﻛﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ ﺿﻮء اﻟﺸﻤﺲ ﺧﻼل ﻣﻮﺳﻢ اﻹﻧﻀﺎج. ﺗﺮﺑﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻴﱰوﺟني وﺟﻴﺪة اﻟﴫف.
وﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻫﺬا ﻓﺈن؛ ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎج اﻟﺬرة ﻣﺘﻌﺪدة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻟﻜﻦ أﻛﺜﺮﻫﺎ إﻧﺘﺎﺟً ﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ اﻹﻗﻠﻴﻢ املﻌﺘﺪل ،وﺗﺪل اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻋﲆ أن اﻹﻗﻠﻴﻤني املﻌﺘﺪل واملﺪاري ﻳﺘﻨﺎﺻﻔﺎن ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺬرة ،ﻟﻜﻦ اﻹﻗﻠﻴﻢ ا ُملﻌﺘﺪل ﻳﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ٧٥إﱃ ٪٨٠ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج. ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺬرة ) (١ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ :ﺳﻬﻮل اﻟﻐﺮب اﻷوﺳﻂ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﻫﻀﺎب أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﰲ املﻜﺴﻴﻚ ،واﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺎت اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ اﻷﺧﺮى. ﺟﺪول :5-8ﺗﻄﻮر إﻧﺘﺎج وﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺬرة. اﻟﺪوﻟﺔ
اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻃﻦ ١٩٦٩ ١٩٨٧ ١٩٩٤
املﺴﺎﺣﺔ ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر ١٩٦٩ ١٩٨٧
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺼني اﻟﱪازﻳﻞ
٢٦٥٫٠ ٤٥٧٫٣ ٥٥١٫٢ ١١٦٫٠ ١٧٩٫٤ ٢٣٥٫٢ ؟ ٧٦٫٥ ١٠٤٫٣ ١٢٫٧ ٢٦٫٨ ٣١٫٥
١٠٥٫٩ ٢٢٫٠ ؟ ٩٫٦
203
١٢٧٫٦ ٢٣٫٩ ٢٠٫٢ ١٣٫٥
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺪوﻟﺔ
اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻃﻦ ١٩٦٩ ١٩٨٧ ١٩٩٤
١٦٫٦ املﻜﺴﻴﻚ ١٢٫٩ ﻓﺮﻧﺴﺎ ١٢٫٩ ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ١٠٫٦ اﻷرﺟﻨﺘني ١٠٫٥ اﻟﻬﻨﺪ ٩٫٨ روﻣﺎﻧﻴﺎ ؟ ﻳﻮﺟﻮﺳﻼﻓﻴﺎ ٧٫٩ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ٥٫٥ املﺠﺮ ٥٫٤ ﻣﴫ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ )* (٦٫٥
١١٫٠ ١٢٫٠ ٧٫٣ ٩٫٢ ٦٫٥ ؟ ٨٫٨ ٥٫٧ ٧٫١ ٤٫٨ ٨٫٨
٨٫٥ ٥٫٧ ٥٫٠ ٦٫٩ ٥٫٧ ٧٫٦ ٧٫٨ ٤٫٥ ٤٫٨ ٢٫٤ ١١٫٩
املﺴﺎﺣﺔ ﺑﻤﻠﻴﻮن ﻫﻜﺘﺎر ١٩٦٩ ١٩٨٧ ٨٫٣ ١٫٧ ٤٫٠ ٢٫٩ ٥٫٣ ٣٫١ ٢٫٢ ٠٫٧ ١٫١ ٠٫٨ ٤٫٦
٧٫٧ ١٫١ ٥٫٥ ٣٫٥ ٥٫٨ ٣٫٣ ٢٫٤ ١٫٠ ١٫٢ ٠٫٦ ٤٫١
* إﻧﺘﺎج روﺳﻴﺎ وأوﻛﺮاﻧﻴﺎ وﻛﺎزاﺧﺴﺘﺎن ﻣﻌً ﺎ.
) (٢ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ :ﺟﻨﻮب ﴍق اﻟﱪازﻳﻞ ،ﺳﻬﻮل اﻟﺒﻤﺒﺎ ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني. ) (٣ﰲ أوروﺑﺎ :ﺣﻮض اﻟﺪاﻧﻮب ﰲ املﺠﺮ وروﻣﺎﻧﻴﺎ وﻳﻮﺟﺴﻼﻓﻴﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ) (٤ﰲ آﺳﻴﺎ :ﺳﻬﻞ اﻟﻬﻨﺪﺳﺘﺎن ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺠﺎب »ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن« إﱃ وﺳﻂ ﺣﻮض اﻟﺠﺎﻧﺞ »اﻟﻬﻨﺪ« ،ﺷﻤﺎل ووﺳﻂ اﻟﺼني ،اﻟﻘﻮﻗﺎز ﺑني اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺳﻮد وﻗﺰوﻳﻦ. ) (٥ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ :ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ »ﻣﴫ وﻧﻴﺠريﻳﺎ ورودﻳﺴﻴﺎ وﴍق أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ«. ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ اﻟﺠﺪول 5-8اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ (١) :أن املﺤﺼﻮل اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻠﺬرة ﰲ ﺗﺰاﻳﺪ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺘﻲ املﺴﺎﺣﺔ واﻟﻜﻤﻴﺔ املﻨﺘﺠﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺘﺰاﻳﺪ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ ﻛﺎن أﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﻌﺪل اﻟﺰﻳﺎدة املﺴﺎﺣﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺰراﻋﺔ وﺗﻬﺠني اﻷﻧﻮاع ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻏﻠﺔ أﻛﱪ .ﻓﺎﻟﻨﻤﻮ املﺴﺎﺣﻲ ﺑﻠﻎ ﻧﺤﻮ ٪١٢٠ﰲ ﻋﺎم ١٩٨٧ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﺣﺔ ﰲ آﺧﺮ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ،أﻣﺎ املﺤﺼﻮل ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺰﻳﺎدة ﻓﻴﻪ ﰲ اﻟﻔﱰة ذاﺗﻬﺎ .٪١٧٥ 204
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ﻧﻤﻮ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ وﺗﻮﺿﺢ اﻷرﻗﺎم اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺘﺰاﻳﺪًا ﺑﺈﻧﺘﺎج اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ )ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺪﺧﻦ واﻟﴪﻏﻢ واﻟﺬرة وﻧﻤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻟﻠﺸﻌري( .وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻛﻔﺎﻳﺔ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،وﺗﻘﻠﻴﻞ ﻛﻤﻴﺔ اﻻﺳﺘرياد ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ واﻷرز ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺰاﻳﺪ ﺛﻐﺮة اﻟﻌُ ﻤﻠﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ. وﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة ﰲ إﻧﺘﺎج اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ »وﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ إﻻ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﺻﻐرية«؛ ﻧﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﻜﺜرية اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺬﻟﻬﺎ اﻟﺪول ﰲ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻹرﺷﺎد اﻟﺰراﻋﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺴني ﻣﺮدود اﻟﻔﺪان. وﻳﻮﺿﺢ ﺟﺪول 6-8ﻧﻤﻮ ﻣﺮدود اﻟﺤﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﺬرة ﰲ اﻟﺪول اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻬﺬا املﺤﺼﻮل. ﺟﺪول :6-8ﺗﻄﻮر إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻫﻜﺘﺎر اﻟﺬرة ﺑﺎﻟﻄﻦ .١٩٨٧–١٩٦٩ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﻦ
اﻟﺪوﻟﺔ
١٩٦٩ ١٩٨٧
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٣٫٥
٢٫٥
دول ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎملﻲ
اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﻦ
١٩٨٧
١٩٦٩
دول ﺗﻘﻞ ﻋﻦ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﺎملﻲ
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٧٫٤
٥٫٢
اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ
٣٫٢
٢٫٩
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٦٫٩
٥٫٢
اﻷرﺟﻨﺘني
٣٫٢
١٫٩
إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
٧٫٥
٤٫٥
اﻟﱪازﻳﻞ
١٫٩
١٫٣
ﻣﴫ
٤٫٨
٤٫٠
املﻜﺴﻴﻚ
١٫٣
١٫١
املﺠﺮ
٦٫١
٤٫٠
اﻟﻬﻨﺪ
١٫٢
١٫٠
ﻳﻮﺟﻮﺳﻼﻓﻴﺎ
٣٫٩
٣٫٢
ﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
١٫٨
٠٫٩٦
روﻣﺎﻧﻴﺎ
٦٫٩
٢٫٣
205
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﺗﺆﻛﺪ اﻷرﻗﺎم أن اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﰲ ﺗﺤﺴﻦ ﻣُﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺪول ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻨﻤﻮ ُ ﺑﴪﻋﺔ أﻛﱪ ﰲ اﻟﺪول ا ُملﺘﻘﺪﻣﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ )ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻣﴫ اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ( .وﺗﻌﻮض اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺺ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﰲ املﺴﺎﺣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ واملﻜﺴﻴﻚ .أﻣﺎ اﻟﻬﻨﺪ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺮﻏﻢ ﻧﻘﺺ اﻷراﴈ املﺰروﻋﺔ ذرة ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎﺑﻠﻪ زﻳﺎدة ﰲ اﻹﻧﺘﺎج؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ أن رﻓﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻛﺎن ﻟﻪ دور ﻓﻌﺎل ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل. ﻧﻤﻂ اﻻﺳﺘﻬﻼك واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﺬرة ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺬرة ﻣﺤﺼﻮل اﻷرز اﻟﻌﺎملﻲ ﰲ أن ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج ﺗﺼﻞ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ،٪٧٥ﻻ ﺗﻐﺎدر دوﻟﺔ اﻹﻧﺘﺎج ،ﺑﻞ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﺤﻠﻴٍّﺎ ،إﻣﺎ ﻛﻐﺬاء ﺷﻌﺒﻲ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،وإﻣﺎ ﻛﻐﺬاء ﺣﻴﻮاﻧﻲ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ .وﻣﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ أن ٪٣ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺬرة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺮﻏﻢ أن املﺤﺼﻮل اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﺴﺎوي ٪٤٢ﻣﻦ املﺤﺼﻮل اﻟﻌﺎملﻲ. وﰲ ١٩٩٤ﻛﺎن أﻛﱪ املﺼﺪرﻳﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺛﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ واﻷرﺟﻨﺘني ،أﻣﺎ أﻛﱪ املﺴﺘﻮردﻳﻦ ﻓﻬﻢ :املﻜﺴﻴﻚ ،ﻣﴫ ،روﺳﻴﺎ ،أملﺎﻧﻴﺎ ،دول اﻟﺒﻨﻠﻮﻛﺲ ،وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ. ) (2اﻟﺴﻜﺮ واﻷﴍﺑﺔ ) (1-2اﻟﺴﻜﺮ ﻳﻜﻮن اﻟﺴﻜﺮ ﰲ اﻵوﻧﺔ اﻟﺤﺎﴐة ﺳﻠﻌﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﻳﺤﺘ ﱡﻞ اﻟﺴﻜﺮ ﻣﺮﻛ ًﺰا ﻣﻤﺘﺎ ًزا ﰲ اﻟﻐﺬاء اﻟﻴﻮﻣﻲ ،وﻟﻮ أن اﺳﺘﻬﻼﻛﻪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﱃ آﺧﺮ. ﰲ اﻟﺒﻼد اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻳﱰاوح اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻔﺮد ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ ﻣﺎ ﺑني ٣٠و٤٥ ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ،وﻳﻘﻞ إﱃ ١٤ﻛﺠﻢ ﰲ اﻟﺪول املﺘﺨﻠﻔﺔ 2 .وﰲ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻛﺎن اﻟﺴﻜﺮ ﻋﻨﴫًا ﻏري ﻣﻌﺮوف ﻛﺜريًا ،وﻛﺎن ﺑﺪﻳﻠﻪ اﻟﻌﺴﻞ وﻏريه ﻣﻦ املﻮاد اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼل املﺴﺘﻌﻤﺮات ا َملﺪارﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،وﺧﺎﺻﺔ اﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﱪﺗﻐﺎل ﻟﻠﱪازﻳﻞ ،وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا وﻏريﻫﻤﺎ ﻟﺠُ ﺰر أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﻗﺪ أدى إﱃ ﻣَ ﻌﺮﻓﺔ ﺳﻜﺮ اﻟﻘﺼﺐ اﻟﺬي ﺑﺪأت ﺗﺠﺎرﺗﻪ ﺗﻨﺴﺎب إﱃ أوروﺑﺎ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻛﻞ ﺳﻨﺔ. وﻣﻊ اﻟ ﱢﺰﻳﺎدة ﺗﺤﻮل اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ ﺳﻠﻌﺔ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﲆ ﴍاﺋﻬﺎ إﻻ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻓﻘﻂ، إﱃ ﺳﻠﻌﺔ ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﺑﻌﺪ رﺧﺺ أﺳﻌﺎره .وﰲ املﺎﴈ ﻛﺎن ﻳُﺼﺪر ﻣﻦ املﻨﺎﻃﻖ 206
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
املﺪارﻳﺔ ﺧﺎﻣً ﺎ ،ﺛﻢ ﻳﻜﺮر ﰲ املﻨﺎﻃﻖ ا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺤﻮل املﻮﻗﻒ إﱃ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ املﻜﺮر ﻣﺒﺎﴍة.
ﺷﻜﻞ 4-8
واﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﲆ املﺤﺎﺻﻴﻞ املﺪارﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺪﻳﻞ إﻧﺘﺎﺟﻲ ﰲ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﻟﻮ أن املﺼﺪر ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .ﻓﻬﻮ ﰲ املﺪارﻳﺎت ﻳﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ،وﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺠﺮ »اﻟﺸﻤﻨﺪر«. ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ درﺟﺔ ﺣﺮارة ﻓﻮق ٢٢درﺟﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ وﻣﻄﺮ ١٠٠ﺳﻢ ،أو ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﺮي ،وﻳﺘﺰاﻳﺪ ﱡ اﻟﺴﻜﺮ ﰲ اﻟﻘﺼﺐ ﻣﻦ ٪٩إﱃ ٪١٥إذا أﻋﻘﺐ ﻓﺼﻞ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﺼﻞ ﺟﺎف، ً وﻳﻨﻤﻮ ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ﰲ ﻋﺮوض ﻣﺪارﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﺗﻤﺘﺪ زراﻋﺘﻪ ﺧﺎرﺟﻬﺎ إﱃ ٣٠ﺷﻤﺎﻻ ﰲ ً ﺷﻤﺎﻻ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ، ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺟﻨﻮب اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وإﱃ ٣٣ وﰲ وﺳﻂ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. 207
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ً ﺷﻤﺎﻻ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﻌﻤﻮم ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺤﺼﻮل واﺣﺪ، واﻟﻌﺮوض اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ إﱃ ٣٥ ً ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻌﺮوض املﻤﺘﺪة ﻣﻦ ٣٠ﺷﻤﺎﻻ إﱃ اﻟﺠﻨﻮب ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻋﺪة ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ املﺰرﻋﺔ اﻟﻮاﺣﺪة. واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ ﻫﻲ ً أوﻻ ﻋﴫ اﻟﻘﺼﺐ ،ﺛﻢ ﻏﲇ اﻟﻌﺼري إﱃ درﺟﺔ اﻟﺘﺒﻠﻮر .وﻳﻘﺴﻢ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻜﺮ إﱃ ﺧﺎم وﺑﻠﻮري »ﺳﻨﱰﻓﻴﺶ« ،وﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﺴﻜﺮ اﻟﺨﺎم ﰲ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻪ ﻛﺎﻟﱪازﻳﻞ واﻟﻬﻨﺪ ،وﻳﺘﻢ ذﻟﻚ ً ﻓﻌﻼ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﻋﺪا ﻣﴫ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮل ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ إﱃ اﻟﺒﻠﻮري ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻧﺠﺪ أن اﻟﻬﻨﺪ واﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎن ﻫﻤﺎ أﻛﱪ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺴﻜﺮ اﻟﺨﺎم ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻧﺼﻴﺒﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ اﻟﺒﻠﻮري ﻗﻠﻴﻞ. واﻟﺴﻜﺮ اﻟﺒﻠﻮري ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ اﻟﺴﻜﺮ اﻟﺬي ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،وﻳﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻣﻞ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻛﺒرية ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺘﺞ اﻟﺴﻜﺮ اﻟﺨﺎم ﻣﻦ ﻣﻌﺎﴏ أﻫﻠﻴﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ. وﻳﻼﺣﻆ أن ﻣﻌﺎﻣﻞ اﻟﺴﻜﺮ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺑﻤﺎ ﺗﺘﻜﻠﻔﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺔ وﺧﱪة ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻻزﻣﺔ ﻹدارﺗﻬﺎ؛ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ أن ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻌﻈﻢ أﻳﺎم اﻟﺴﻨﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺧﺎم ﻛﺜري ،وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻓﺈن ﻣُﻌﻈﻢ ﻫﺬه املﻌﺎﻣﻞ ﻳﻘﻊ ﰲ وﺳﻂ ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎج ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ. وﻟﻜﻞ ﻣﻌﻤﻞ ﻃﺎﻗﺔ إﻧﺘﺎج ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﲆ اﻟﺰراﻋﺔ ﰲ ﺻﻮرة اﻟﻌﺎﻣﻞ املﺤﺪد ﻟﻠﻤﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ ﺣﻮﻟﻪ ،وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ دراﺳﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻣﻞ اﻟﺴﻜﺮ ﰲ ﻧﺠﻊ ﺣﻤﺎدي وإدﻓﻮ وﻛﻮم أﻣﺒﻮ ﻋﲆ زراﻋﺔ اﻟﻘﺼﺐ ﰲ ﺟﻨﻮب ﻣﴫ. وﺑﻌﺪ ﺟﻤﻊ املﺤﺼﻮل ﻧﻬﺎﺋﻴٍّﺎ ﻳُﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﺣﻘﻮل اﻟﻘﺼﺐ ﻣﺮاﻋﻲ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ً ﻣﺤﺼﻮﻻ آﺧﺮ، اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻣﻦ أﺑﻘﺎر وأﻏﻨﺎم وﻣﺎﻋﺰ .وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ زراﻋﺔ اﻟﺤﻘﻞ ﻧﻔﺴﻪ وذﻟﻚ ﻹن اﻟﻘﺼﺐ ﻣﺠﻬﺪ ﻟﻠﱰﺑﺔ .وﻣﻦ ﺛﻢ؛ ﱠ ﻓﺈن أﻫﻢ ﴍوط زراﻋﺔ اﻟﻘﺼﺐ اﺳﺘﺨﺪام املﺨﺼﺒﺎت ﺑﻮﻓﺮة .وﻋﲆ ﻫﺬا؛ ﻓﺈن املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺰرع ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻋﺘﻤﺎدًا ﻛﺒريًا ،وﻳﺴﻴﻄﺮ ﻫﻮ ﻋﲆ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎﺗﻬﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ املﺤﺼﻮل املﺘﺤﻜﻢ واﻟﻮﺣﻴﺪ. ﺳﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ أﻣﺎ ﺳﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻓﺄﺣﺪث ﻋﻬﺪًا ﻣﻦ ﺳﻜﺮ اﻟﻘﺼﺐ ،ﻓﺮﻏﻢ زراﻋﺔ اﻟﺒﻨﺠﺮ ﰲ أوروﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺪم ﻓﺈن اﺳﺘﺨﻼص ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺎدة ﺳﻜﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث إﻻ ﰲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ؛ ذﻟﻚ 208
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
أن اﻟﺤﺮوب اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺧﻼل ﻋﴫ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن وﺳﻴﻄﺮة ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﲆ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ أوروﺑﺎ ﻗﺪ أدى إﱃ ﻗﻄﻊ واردات اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻜﺎرﻳﺒﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺤﺼﺎر اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻷوروﺑﺎ. وﻗﺪ أدى ذﻟﻚ إﱃ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﺴﻜﺮ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن اﻟﺒﻨﺠﺮ أﺣﺴﻦ ﻫﺬه املﺼﺎدر املﺘﻮﻓﺮة ﰲ أوروﺑﺎ ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻳﻜﻮن ﺳﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ املﺼﺪر اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﺴﻜﺮ املﻜﺮر ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ ﺳﻜﺮ اﻟﻘﺼﺐ اﻟﺬي ﻳﻔﻮﻗﻪ ﰲ اﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟﻘﻴﻤﺔ .وﻋﲆ اﻟ ﱠﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻛﺎﻧﺖ أوروﺑﻴﺔ ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻗﺪ اﻣﺘﺪت ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ روﺳﻴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. ً ﻣﻄﻠﻘﺎ وﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻐريه ﻣﻦ وﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﻘﺼﺐ اﻟﺬي ﻳﺤﻜﻢ ﻣﻨﻄﻘﺔ زراﻋﺘﻪ ﺣﻜﻤً ﺎ املﺤﺎﺻﻴﻞ أن ﺗﻨﻤﻮ ﰲ أرﺿﻪ؛ ﱠ ﻓﺈن اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻻ ﻳُﻤﺎرس ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻄﺎن ،ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﺪﺧﻞ اﻷرض ﻋﲆ أﻧﻪ ﴍﻳﻚ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ أﺧﺮى ﰲ دورة زراﻋﻴﺔ ﻣُﻔﻴﺪة ﻳﺘﻌﺪد ﻓﻴﻬﺎ دور اﻹﻧﺘﺎج ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻠﺰم ﻓﻴﻪ اﻟﻘﺼﺐ وﺟﻮد ﻣﻌﺎﻣﻞ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ وﺳﻂ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻴﺔ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻌﺪم ﻗﺎﺑﻠﻴﺘﻪ ﻟﻠﺘﺨﺰﻳﻦ اﻟﻄﻮﻳﻞ وﻟﺜﻘﻞ وزﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻜﻠﻒ زﻳﺎدة ﰲ ﻧﻔﻘﺎت اﻟﻨﻘﻞ ﻟﻮ أن املﻌﻤﻞ ﻛﺎن ﺑﻌﻴﺪًا ،ﻧﺠﺪ أن اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻓﱰة أﻃﻮل ،وﻳﻤﻜﻦ ﻧﻘﻠﻪ ملﺴﺎﻓﺎت أﻃﻮل؛ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺪﻋﻮ إﱃ ﴐورة إﻗﺎﻣﺔ املﺼﻨﻊ داﺧﻞ اﻟﺤﻘﻮل. وﻟﻬﺬا ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﱰﻛﺰ ﻓﻴﻪ زراﻋﺔ اﻟﻘﺼﺐ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪودة املﺴﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﻌﻤﻞ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻳﺰرع ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ املﺼﻨﻊ. ﻣﻨﺘﺠﺎت إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻜﺮ وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ واﻟﺒﻨﺠﺮ ،ﱠ ﻓﺈن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻫﺬه ﺗﺆدي إﱃ ﻋﺪة ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ؛ أﻫﻤﻬﺎ :اﻟﻜﺤﻮل ،واملﻮﻻس ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﻨﺒﺎت ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى، وﻟﻨﺬﻛﺮ أن ﺑﻴﻊ اﻟﻜﺤﻮل ﻳُﺼﺒﺢ أﺣﻴﺎﻧًﺎ أﻛﺜﺮ رﺑﺤً ﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻊ اﻟﺴﻜﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻘﻠﺐ ﺳﻌﺮه ﻛﺜريًا، ﻛﻤﺎ أن ﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﻨﺒﺎت ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣُﺨﻠﻔﺎت اﻟﺒﻨﺠﺮ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﻌﻠﻒ ﺣﻴﻮاﻧﻲ ﻫﺎم ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﻘﺼﺐ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺧﺸﺎب اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ. ﺳﻜﺮ اﻟﻘﺼﺐ أم اﻟﺒﻨﺠﺮ؟ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺒﻨﺠﺮ أن ﻳﻨﻤﻮ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﻛﺜﺮ ﺣﺮارة ﻣﻦ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ املﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﻬً ﺎ إﱃ اﻟﺴﻜﺮ ،وذﻟﻚ ﻷن ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺠﺮ أﻋﲆ ﻣﻦ 209
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﻘﺼﺐ ،وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ املﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﺗﻜﻠﻔﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺠﺮ؛ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺠﺪ أي ﻋﺎﻣﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻳﺆدي إﱃ ﺗﻔﻀﻴﻞ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻋﲆ اﻟﻘﺼﺐ أو اﻟﻌﻜﺲ ،إﻻ ﻇﺮوف اﻟﺤﺮارة اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ اﻟﻘﺼﺐ .وﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ ﱠ ﻓﺈن اﺗﺠﺎه دوﻟﺔ إﱃ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ أو ذﻟﻚ راﺟﻊ إﱃ ﻇﺮوف ﺑﴩﻳﺔ ﻣﺤﻀﺔ؛ ً ﻣﺜﻼ ﺣﻤﺎﻳﺔ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ املﺤﲇ ﻣﻦ ﺳﻜﺮ اﻟﻘﺼﺐ ﺿﺪ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺳﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ أو اﻟﻌﻜﺲ ،أو ﺧﻠﻖ ﺳﻮق اﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻟﺴﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ ملﺴﺎﻋﺪة املﺰارﻋني. اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻠﺴﻜﺮ املﻼﺣﻈﺔ اﻷوﱃ ﻫﻲ ارﺗﻔﺎع ﺑﻄﻲء ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ١٩٨٥ﻛﺎن اﻹﻧﺘﺎج ٩٨٫٥ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ارﺗﻔﻊ إﱃ ١٠٣٫٣ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم ١٩٨٧ﺛﻢ إﱃ ١١٣٫٣ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ ﻋﺎم ،١٩٩١ ﻟﻜﻨﻪ اﻧﺨﻔﺾ إﱃ ١٠٩٫٨ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم .١٩٩٤ورﺑﻤﺎ رﺟﻊ اﻻﻧﺨﻔﺎض إﱃ اﻧﺨﻔﺎض ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻜﺮ دوﻟﻴٍّﺎ؛ إذ إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺰد ﻛﺜريًا ملﺪة ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ﻟﻴﻮاﻛﺐ ارﺗﻔﺎع اﻹﻧﺘﺎج. وﻟﻌﻞ واﺣﺪًا ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻜﺮ ﰲ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻫﻮ :ارﺗﻔﺎع ﺼﻨﱠﻊ ً ﻧﺴﺒﺔ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻜﺎرﻳﻦ وأﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ ا ُمل َ ﺧﻮﻓﺎ ﻋﲆ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻜﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ .ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ﻧﺠﺪ أن ﻧﺤﻮ ٪٣٠ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻫﻮ ﻣﻦ ﺣﺒﻮب اﻟﺴﻜﺎرﻳﻦ واﻟﺠﻠﻮﻛﻮز. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻬﻨﺪ ﺗﺘﺼﺪر دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ » ١٣ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم ،«١٩٩١ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻘﺪت اﻟﺼﺪارة ﺑﱰاﺟﻊ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋﺎم ١٩٩٤إﱃ ﻧﺤﻮ ﻋﴩة ﻣﻼﻳني ﻣﻦ اﻷﻃﻨﺎن ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﱪازﻳﻞ ﻫﻲ أوﱃ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻧﺘﺎﺟً ﺎ ﻟﻠﺴﻜﺮ ،ﺗﻠﻴﻬﺎ اﻟﻬﻨﺪ ﺛﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. وﻟﻌﻞ ﺗﺮاﺟﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﻬﻨﺪ ﻣﺮده ﻇﺮوف ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﺘﻮرد ﻛﻤﻴﺔ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﺴﺪ اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺴﻮق املﺤﲇ اﻟﻬﻨﺪي. وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﻜﺮ ﰲ ﻛﻮﺑﺎ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻨﻮﻳﻪ :ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﻣﺮﻣﻮق ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ،ﺛﻢ اﻧﺨﻔﺾ اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ وﻓﻘﺪان ﺳﻮق اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺤﻈﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﲆ واردات ﺳﻜﺮ ﻛﻮﺑﺎ .وﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈن ﻛﻮﺑﺎ ﺗﻈﻞ إﺣﺪى اﻟﺪول اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج وﰲ اﻟﺼﺎدرات ﻻﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻋﲆ اﻟﺴﻜﺮ ﻛﻤﺤﺼﻮل ﻧﻘﺪي. ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ﻣﻦ ﺗﺪاﺧﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ اﻟﻜﺒري وزﻳﺎدة اﻻﺣﺘﻴﺎج إﱃ اﻟﻮاردات ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ اﻟﺘﻲ ﻧﻠﺤﻈﻬﺎ ﰲ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ ،ﻻ ﻧﺠﺪ ﻟﻬﺎ 210
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ً ﻣﺜﻴﻼ ﰲ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﺴﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ ،ﻓﺤﻴﺚ إن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺒﻨﺠﺮ ﻳﻨﺘﺞ ﰲ ﺑﻼد اﻟﺸﻤﺎل؛ ﱠ ﻓﺈن اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﳼ وﻗﻠﺔ اﻟ ﱢﺰﻳﺎدة ﱡ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪان ﻋﲆ اﺳﺘﻘﺮار وﻧﻤﻮ إﻧﺘﺎج ﺳﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺴﻮق املﺤﻠﻴﺔ ،أو ﺗﻜﺎد ﺗﺴﺎوﻳﻪ. ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ :إﻧﺘﺎج ﺳﻜﺮ اﻟﺒﻨﺠﺮ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ وأملﺎﻧﻴﺎ وروﺳﻴﺎ وأوﻛﺮاﻧﻴﺎ وﺑﻮﻟﻨﺪا واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة »اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ً أﻳﻀﺎ ﺳﻜﺮ اﻟﻘﺼﺐ«. ﺟﺪول :7-8اﻟﺪول اﻟﻌﴩ اﻷوﱃ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻜﺮ ﺑﻨﻮﻋﻴﻪ .١٩٩٤ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ »ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ«
٪ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ »ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ«
٪ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ
اﻟﱪازﻳﻞ
١٠٫٧
٩٫٧
ﻓﺮﻧﺴﺎ
٤٫٤
٤٫٠
اﻟﻬﻨﺪ
١٠٫٤
٩٫٤
أوﻛﺮاﻧﻴﺎ
٤٫٢
٤٫٠
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٧٫١
٦٫٤
ﻛﻮﺑﺎ
٤٫٠
٣٫٦
اﻟﺼني
٦٫٥
٥٫٩
ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ
٤٫٠
٣٫٦
أﺳﱰاﻟﻴﺎ
٤٫٦
٤٫٢
املﻜﺴﻴﻚ
٣٫٩
٣٫٥
اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ
١٠
١٠٠
اﻟﺼﻮرة اﻷﺧرية ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻠﺴﻜﺮ :أﻧﻪ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻫﻨﺎك دوﻟﺔ واﺣﺪة ﺗﺤﺘﻜﺮ ﻧﺴﺒﺔ أﻋﲆ ﻣﻦ ٪١٠ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ أﺧﺮى ﺗﻮﺿﺢ اﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ واﺿﺤﺔ ﺑﻨﺴﺐ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺬرة »اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٪٤٢ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ« ،أو اﻷرز »اﻟﺼني ،«٪٣٣أو اﻟﻘﻤﺢ »اﻟﺼني ﻧﺤﻮ ،«٪٢٠وذﻟﻚ ﻟﻮﺟﻮد ﻧﻮﻋني ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ ﻳﻨﺘﺠﺎن ﰲ اﻟﺪول املﺪارﻳﺔ وا ُملﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﻟﻮﺟﻮد ﺑﺪﻳﻞ ﺻﻨﺎﻋﻲ ﻟﻠﺴﻜﺮ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻟﻠﺤﺒﻮب. ) (2-2اﻷﴍﺑﺔ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻷﴍﺑﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ :اﻟﺸﺎي ،واﻟﺒﻦ ،واﻟﻜﺎﻛﺎو ،ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﻣﺪارﻳﺔ.
211
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﰲ وﻗﺖ ﻣﺎ ﰲ أوروﺑﺎ ﻛﺎن ﻳُﺸﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﺳﻤﻤُﻨﺘﺠﺎت املﺴﺘﻌﻤﺮات ،Productsورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻈﺮوف اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ املﺸﺠﻊ اﻟﻜﺒري ﻋﲆ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﰲ أوروﺑﺎ واﻟﻌﺎﻟﻢ املﺘﻘﺪم. واﻟﺸﺎي اﺣﺘﻜﺎر إﻧﺘﺎﺟﻲ ﻟﻸﻗﺎﻟﻴﻢ املﺪارﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ؛ أﻣﺎ اﻟﺒﻦ ﻓﻬﻮ اﺣﺘﻜﺎر ﻟﻬﺬه اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،واﻟﻜﺎﻛﺎو اﺣﺘﻜﺎر أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ املﺪارﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك اﺗﺠﺎﻫﺎت ﺣﺎﻟﻴﺔ ﻟﻜﴪ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻜﺎرات اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺰراﻋﺔ ﻋﺪة ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﰲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ،ﻣﺜﻞ اﺗﺠﺎه أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ إﱃ زراﻋﺔ اﻟﺒﻦ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﺎﻛﺎو. ورﻏﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻬﺬه املﺤﺎﺻﻴﻞ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ، ﻓﺈن ﻧﻤﻂ إﻧﺘﺎج ﻫﺬه اﻷﴍﺑﺔ ﻣﺎ زال ﻳﺠﺮي ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻻﺳﺘﻘﻼل .وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى، ﱠ ً أﺳﺎﺳﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺴﻮﻳﻘﻬﺎ ،وﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﺪﱢول ا ُملﻨﺘﺠﺔ ﺗُﻌﺎﻧﻲ ﻓﺈن ﻫﺬه املﺤﺎﺻﻴﻞ ﺗﻨﺘﺞ ﺗﻘﻠﺒﺎت اﻷﺳﻌﺎر ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﱠ ﻓﺈن ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﺎ زال ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ أﺳﺎس ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﻇﺮوف اﻟﺴﻮق اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳُﻤَ ﱢﻜﻦ اﻟﺪول ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣُﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ا َمل ْ ﻄﻠﻮﺑﺔ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﻣَ ﺄزق »ﻣﻨﺘﺠﺎت ا ُملﺴﺘﻌﻤﺮات« .وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ دراﺳﺔ ﻟﻠﺸﺎي واﻟﺒﻦ ﻓﻘﻂ. Colonial
)أ( اﻟﺸﺎي ﻳﺤﺘﺎج ﻧﻤﻮ اﻟﺸﺎي إﱃ ﻣﻨﺎخ اﻟﺘﻼل واﻟﺠﺒﺎل املﺪارﻳﺔ ذات اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻮﻓرية ،وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ﻳﻨﺘﺞ ﻋﲆ ﺳﻔﻮح ا ُملﻨﺤﺪرات ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ املﻮﺳﻤﻴﺔ ،واﻻرﺗﻔﺎع ﻳُﻘﻠﻞ ﻣﻦ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة املﺪارﻳﺔ ﱡ واﻟﺴﻔﻮح ﺗُ َﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﻓﺮص ﺗَﺮاﻛﻢ املﺎء ،ﺑﻴﻨﻤﺎ املﻄﺮ اﻟﻮﻓري ﻳﻌﻄﻲ اﻟﻨﺒﺎت ﻗﺪره ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﻤﻮ. وﻳﻨﻤﻮ اﻟﺸﺎي ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﰲ ﻇﻞ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮارة ا ُملﺒﺎﴍة، وﺗﻘﺪر ﻛﻤﻴﺔ املﻄﺮ اﻟﻼزﻣﺔ ﺣﻮﱄ ١٠٠ﺳﻢ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺠﻔﺎف وﻻ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة املﻨﺨﻔﻀﺔ. أﻣﺎ اﻟﱰﺑﺔ ﻓﻐﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺣﻤﻀﻴﺔ ﻣﻊ ﻧﺴﺒﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻟﺴﻴﻮم ،وﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻓﺈن ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﺮﻛﺰ إﻧﺘﺎج اﻟﺸﺎي ﻫﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن واﻟﺼني واﻟﻬﻨﺪ وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ ﰲ آﺳﻴﺎ املﻮﺳﻤﻴﺔ ،ﻣﻊ إﻧﺘﺎج ﻗﻠﻴﻞ ﰲ ﻛﻴﻨﻴﺎ وأوﻏﻨﺪا ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﰲ ﺟﻨﻮب اﻟﱪازﻳﻞ وﺗﺮﻛﻴﺎ وﺟﻮرﺟﻴﺎ وإﻳﺮان ﰲ آﺳﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. 212
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
وﺷﺠﺮ اﻟﺸﺎي ﻳُﻌﻄﻲ ﻣَ ﺤْ ً ﺼﻮﻻ ﻃﻮال اﻟﺴﻨﺔ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﱠ ﻓﺈن ﻗﻄﻒ اﻷوراق اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻃﻮل اﻟﻌﺎم ،وﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻢ ذﻟﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑني اﻟﻨﺎﺿﺞ وﻏري اﻟﻨﺎﺿﺞ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺸﺎي ﴍ ً ﻃﺎ أﺳﺎﺳﻴٍّﺎ ﻫﻮ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن ﻟﻜﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻷﻳﺪي اﻟﻼزﻣﺔ اﻟﺮﺧﻴﺼﺔ. وﻣﻌﺎﻟﺠﺔ أوراق اﻟﺸﺎي وﺗﻌﺒﺌﺘﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻢ إﻣﺎ ﰲ ﻣﻨﺸﺂت ﻛﺒرية ﻣﻠﻚ اﻟﴩﻛﺎت أو ﰲ ﻣﻨﺸﺂت ﺻﻐرية ﻣﺤﻠﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن واﻟﺼني ﻳﺘﻢ إﻧﺘﺎج اﻟﺸﺎي ﻋﲆ ﻧﻄﺎق املﻠﻜﻴﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺼﻐرية ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ ا ُملﺴﺘﻌﻤﺮات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ واﻟﻬﻨﺪ ﻧﺠﺪ أن ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻋﻦ اﻟﺼني واﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄة زراﻋﺔ اﻟﺸﺎي ﰲ اﻟﻌﻬﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري، وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﺘﺒﻌﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن. ﻓﻔﻲ اﻟﻬﻨﺪ وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ ﻳﺴري اﻹﻧﺘﺎج ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﻠﻜﻴﺎت ﻛﺒرية ،أﻣﺎ ﰲ إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴري ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﺰارع ﻛﺒرية ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ اﻟﴩﻛﺎت ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ إﻧﺘﺎج املﻼك اﻹﻧﺪوﻧﻴﺴﻴني.
ﺷﻜﻞ 5-8
213
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﺟﺪول :8-8إﻧﺘﺎج اﻟﺸﺎي .١٩٩٤ ٪
اﻟﻜﻤﻴﺔ ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ
٪
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ
٩٢
٣٫٥
اﻟﻬﻨﺪ
٧٢٠
٢٧٫٣اﻟﻴﺎﺑﺎن
٧٥
٢٫٨
اﻟﺼني
٦٣٧
٢٤٫٢إﻳﺮان ﺟﻮرﺟﻴﺎ
٧٤
٢٫٨
ﺳريﻻﻧﻜﺎ
٢٤٠
٩٫١
٥٠
١٫٩
ﻛﻴﻨﻴﺎ
١٨٦
٧٫٠
ﺑﻨﺠﻼدش
٤٤
١٫٦
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ
١٧٤
٦٫٦
اﻷرﺟﻨﺘني
ﺗﺮﻛﻴﺎ
١٢٥
٤٫٧
ﻣﺠﻤﻮع اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٢٦٣١ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ١٩٩٤
وﺑﻤﺮاﺟﻌﺔ أرﻗﺎم اﻟﺠﺪول 8-8ﻟﻌﺎم ١٩٩٤ﻋﲆ أرﻗﺎم اﻹﻧﺘﺎج ١٩٨٠ﻧﺮى ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ: ) (١ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﺠني اﻟﻜﺒﺎر ﻧﺠﺪ ﻧﻤﻮٍّا ﺑﻄﻴﺌًﺎ ﺑﻠﻎ ٪١٢٥ﺧﻼل ١٥ﺳﻨﺔ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ ،و ٪١١٢ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺼني؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ أن إﻧﺘﺎج اﻟﺸﺎي ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول املﻮﺳﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻣﺪاه ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺴﺎﺣﺔ ،ﱠ وإن اﻟﺘﺤﺴﻦ ﻣُﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﺤﺴﻦ ﰲ اﻟﻘﻄﻒ أو اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺮي … إﻟﺦ. ) (٢ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﺠني اﻟﺼﻐﺎر ﺣﺪث ﺗﺤﺴﻦ وﻧﻤﻮ ﻛﺒري ﺑﻠﻎ أﻋﻼه ﰲ إﻳﺮان »٪٤٠٠ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ« ،وﻛﻴﻨﻴﺎ ،٪٢٠٠وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،٪١٦٤واﻷرﺟﻨﺘني ،٪١٥٧وأﺧريًا ﺗﺮﻛﻴﺎ .٪١٣٠وﻫﺬه اﻟﺪول ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺧﺎرج اﻟﻨﻄﺎق اﻵﺳﻴﻮي املﻮﺳﻤﻲ. ) (٣ﺣﺪث ﺗﺮاﺟﻊ ﻧِﺴﺒﻲ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ » ،«٪٩٠وأﻛﱪ ﺗﺮاﺟﻊ ﻛﺎن ﰲ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﺟﻮرﺟﻴﺎ » ٪٦١ﻣﻦ إﻧﺘﺎج .«١٩٨٠واﻟﱰاﺟﻊ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ ُرﺑﻤﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﺣﻘﻴﻘﺔ وﺻﻮل اﻟﻴﺎﺑﺎن إﱃ ﺣﺪودﻫﺎ اﻟﻌُ ْﻠﻴﺎ ﻓﺘﺤﺪث ذﺑﺬﺑﺔ أو اﺳﺘﻘﺮار ﻟﻺﻧﺘﺎج ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎدث ﰲ ﺑﻨﺠﻼدش .أﻣﺎ ﺟﻮرﺟﻴﺎ ،ﱠ ﻓﺈن اﺿﻄﺮاب اﻷﺣﻮال اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ ﻻ ﺷﻚ ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ ﺗﺪﻫﻮر اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﻫﺬه اﻟﺠُ ﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻘﻮﻗﺎزﻳﺔ.
214
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
و ِﺑﺮﻏﻢ ﻫﺬا؛ ﱠ ﻓﺈن اﻹﻗﻠﻴﻢ ا ُملﻮﺳﻤﻲ اﻵﺳﻴﻮي »وﻳﻤﺜﻠﻪ اﻟﻬﻨﺪ ،وﺑﻨﺠﻼدش وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ، واﻟﺼني ،واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ« ﻳُﻤﺜﻞ ا ُملﺤﺘﻜﺮ اﻷول ﻟﻠﺸﺎي ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻴﻄﺮ اﻹﻗﻠﻴﻢ ﻋﲆ إﻧﺘﺎج ٪٧٢٫٦ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ. ﻓﺎﻟﺸﺎي إذن ﻣﺤﺼﻮل ﻣﻮﺳﻤﻲ آﺳﻴﻮي ﰲ أﺻﻠﻪ وأرﺿﻪ وإﻧﺘﺎﺟﻪ وﺗﺠﺎرﺗﻪ ،وﺟﺰء ﻛﺒري ﻣﻦ اﺳﺘﻬﻼﻛﻪ .ﻓﻤﺎ زاﻟﺖ اﻟﻬﻨﺪ وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ واﻟﺼني وﻛﻴﻨﻴﺎ أﻛﱪ املﺼﺪرﻳﻦ »ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ«، أﻣﺎ ﻛﺒﺎر اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة ﻓﻬﻲ ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ،اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة دول اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﺮاق وﻣﴫ. )ب( اﻟﺒﻦ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﺒﻦ ً أﻳﻀﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺸﺎي ﻻﺣﺘﻴﺎﺟﻪ إﱃ ﺣﺮارة ﻋﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺒُﻦ ﻧﻮﻋﺎن: اﻟﺤﺒﴚ ،واﻟﻘﻮي »روﺑﺴﺘﺎ« .Robusta اﻟﺒﻦ اﻟﺤﺒﴚ ﻫﻮ :أﻗﺪم أﻧﻮاع اﻟﺒﻦ املﻌﺮوف ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻳﻨﻤﻮ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎﻋﺎت ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻇﻞ اﻷﺷﺠﺎر ﻛﺎﻟﺸﺎي ،وﻟﻜﻨﻪ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻮم ﻻ ﻳﻨﻤﻮ ﰲ ارﺗﻔﺎﻋﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻔﻲ ﻣﱰ ،أﻣﺎ ﻧﻮع روﺑﺴﺘﺎ ﻓﻴﻨﻤﻮ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻬﻠﻴﺔ ﰲ ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ واﻟﱪازﻳﻞ. وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻼﺣﺘﻴﺎﺟﺎت املﺘﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺒﻦ اﻟﺤﺒﴚ ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻤﻮ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪودة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ وﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻫﻀﺒﺔ اﻟﺤﺒﺸﺔ واﻟﻴﻤﻦ. ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﰲ اﻟﱪازﻳﻞ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ وﻧﻮع روﺑﺴﺘﺎ :ﻳﻨﻤﻮ إﱃ اﻟﺤﺒﴚ اﻟﺬي ﻳُﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻤﻮ ﰲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺎت اﻟﱪازﻳﻞ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎﻋﺎت ﺑني ٨٠٠ﻣﱰ و ١٧٠٠ﻣﱰ. وﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺒﻼد املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺒُﻦ ﻧﺠﺪ ﻧﻤﻂ اﻹﻧﺘﺎج ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻔﺼﻠني ا َملﻄري واﻟﺠﺎف، وﻳُﻤﻜﻦ ﺟﻨﻲ املﺤﺼﻮل ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮة ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺠﺎف ،وﻳﻨﺘﺞ اﻟﺒﻦ ﰲ ﻣﺰارع اﻷﻓﺮاد اﻟﺼﻐرية ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻛﻮملﺒﻴﺎ ،وﰲ ﻣﺰارع ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ املﺴﺎﺣﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،وﻣﺰارع واﺳﻌﺔ ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ. وﺗﺠﺮي ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻘﺸري وﺗﺠﻔﻴﻒ وإﻋﺪاد اﻟﺒُﻦ ﺑ ُ ﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻮدﻫﺎ املﻠﻜﻴﺎت اﻟﺼﻐرية ﺗﺤﺪث ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﻋﺪاد ﰲ ﺻﻮرة ﺗﻌﺎوﻧﻴﺔ ﺑني املﻨﺘﺠني ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻛﻮملﺒﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ إﻧﺘﺎج اﻟﺒﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻴﺌﺔ اﺗﺤﺎد ﻣﻨﺘﺠﻲ اﻟﺒﻦ. وﻟﻜﻦ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ املﻠﻜﻴﺎت اﻟﻜﺒرية — ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﱪازﻳﻞ — ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ أن إﻋﺪاد اﻟﺒﻦ ﻳﺤﺪث ﰲ املﺰرﻋﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ. 215
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻟﻜﻦ ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻟﺒُﻦ ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺪول ا ُملﻨﺘﺠﺔ ﻟﻪ ﻳﻘﻊ ﺗﺤﺖ إﴍاف ﻫﻴﺌﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ، وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن اﻹﴍاف اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ أﻣﺮ ﴐوري إذا ﻋﺮﻓﻨﺎ أن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺒُﻦ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ، وﻋﲆ ﺻﺎدرات اﻟﺒﻦ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺣﺼﻴﻠﺔ اﻟﺪوﻟﺔ املﻨﺘﺠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼت اﻟﺪوﻟﻴﺔ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﴩوﻋﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ. وﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺸﻚ أن اﻟﺒﻦ ﻳُ َﻜﻮﱢن ﻧﺴﺒًﺎ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺻﺎدرات اﻟﱪازﻳﻞ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﺎدرات ﻛﻮملﺒﻴﺎ واﻟﺪول اﻟﺼﻐرية ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ »ﻋﺪا املﻜﺴﻴﻚ«. وﻗﺪ ﺑﻠﻎ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻠﺒﻦ ٥٫٤ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم ١٩٩٤ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺴﺐ املﺌﻮﻳﺔ اﻵﺗﻴﺔ: أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،٪٤١أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،٪١٥آﺳﻴﺎ ،٪١٢٫٧وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ .٪١٠وﻳﺘﺄﺛﺮ إﻧﺘﺎج اﻟﺒﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ﺑﺬﺑﺬﺑﺔ اﻟﺴﻌﺮ اﻟﻌﺎملﻲ ،وﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻞ ﺑﺎﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٦ﻣﻼﻳني ﻃﻦ ﻋﺎم ،١٩٨١وارﺗﻔﻊ إﱃ ٦٫١ﻣﻼﻳني ﻋﺎم ،١٩٨٧ﺛﻢ اﻧﺨﻔﺾ ٥٫٤ﻣﻼﻳني ﻋﺎم .١٩٩٤ وﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺟﺪول اﻹﻧﺘﺎج أن اﻟﱪازﻳﻞ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻜﺮ ﺛﻠﺚ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻋﺎم ١٩٨١ﻗﺪ ﻫﺒﻄﺖ إﱃ اﻟ ﱡﺮﺑﻊ ﻋﺎم .١٩٩٤وﻣﻨﺬ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﻛﺎن اﻟﺒﻦ اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﻳﻨﻤﻮ إﻧﺘﺎﺟﻪ إﱃ ْ أن ﺑﻠﻎ ٪١٨ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻋﺎم ،١٩٨١ﻟﻜﻨﻪ ﻫﺒﻂ ﻛﺜريًا ﰲ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت إﱃ ﻧﺤﻮ ٪١٠ﻓﻘﻂ. وﺑﺬﻟﻚ اﻧﻘﻀﺖ اﻵﻣﺎل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻘﻮدة ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺒﻦ ﰲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ. أﻣﺎ آﺳﻴﺎ ﻓﻘﺪ ﻧﻤﺖ ﺑﺒﻂء ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ٪١٠ﻋﺎم ١٩٨١إﱃ ﻧﺤﻮ ٪١٣ﻋﺎم .١٩٩٤ وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻧﺮى اﺳﺘﻤﺮار اﺣﺘﻜﺎرﻳﺔ اﻟﺒﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ »أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ« ﺑﺮﻏﻢ اﻧﺨﻔﺎض املﺴﺎﺣﺔ ﻣﻦ ٪٦٥إﱃ ٪٥٦ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣﻦ ١٩٨١إﱃ .١٩٩٤ ﺟﺪول :9-8إﻧﺘﺎج اﻟﺒﻦ اﻟﻌﺎملﻲ .١٩٩٤ ٪
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ
اﻟﱪازﻳﻞ
١٣٢٠
٢٤٫٢ﻛﻮت دي ﻓﻮار
ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ
٦٩٠
١٢٫٧اﻟﺴﻠﻔﺎدور
١٤٣
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ
٤٠٠
ﻛﻮﺳﺘﺎرﻳﻜﺎ
١٣٨
٧٫٣
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ
٪
١٤٥
٢٫٦ ٢٫٦ ٢٫٥
216
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ
٪
اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻜﻤﻴﺔ ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ
٪
املﻜﺴﻴﻚ
٢٤٩
٤٫٥
إﻛﻮادور
١٣٦
٢٫٥
إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ
١٩٨
٣٫٤
ﻫﻨﺪوراس
١٢٤
٢٫٢
أوﻏﻨﺪة
١٨٠
٣٫٣
اﻟﻔﻠﺒني
١٢٠
٢٫٢
اﻟﻬﻨﺪ
١٧٠
٣٫١
ﺑريو
٨٧
١٫٩
ﺟﻮاﺗﻴﻤﺎﻻ
١٦٨
٣٫٠
ﻣﺠﻤﻮع اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٥٤٣٧ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ١٩٩٤
ﺗﺠﺎرة اﻟﺒﻦ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺒﻦ ﻣﺤﺼﻮل ﺗﺼﺪﻳﺮي ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ؛ ذﻟﻚ أن ﻧﺤﻮ ٪٧٠ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻳﺄﺧﺬ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﱃ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ اﻟﺬي ﺗﺘﺼﺪره اﻟﱪازﻳﻞ — ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل — ﺑﻨﺤﻮ ٪٢٣ﻣﻦ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺼﺎدرات ،ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻛﻮملﺒﻴﺎ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ واملﻜﺴﻴﻚ ،ﺛﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ املﻨﺘﺠني ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ. وﺗﺘﺠﻪ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺼﺎدرات إﱃ أﺳﻮاق رﺋﻴﺴﻴﺔ أﻫﻤﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ُرﺑﻊ ﺗﺠﺎرة اﻟﻮاردات اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒُﻦ ﻟﺸﻴﻮع ﴍب اﻟﻘﻬﻮة ﻟﺪى ﺳﻜﺎن أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﺗﻠﻴﻬﺎ ﺑﻼد أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ أملﺎﻧﻴﺎ » ٪١٤ﻣﻦ ﺗﺠﺎرة اﻟﻮاردات« ﺛﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن. ) (3اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺗﺸﻤﻞ اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ا ُملﻨﺘﺠﺎت اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ واﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎ َﻟﺞ ﺻﻨﺎﻋﻴٍّﺎ ﻗﺒﻞ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻛﺴﻠﻌﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ .وﻣﻦ ﺑني أﻫﻢ اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ اﻟﺨﻴﻮط واﻷﻟﻴﺎف ،واﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ،واﻟﺘﺒﻎ واملﻄﺎط واﻟﺠﻠﻮد واﻟﺼﻮف واﻷﺧﺸﺎب. وﺗﺪﺧﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى؛ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻷﴍﺑﺔ .وذﻟﻚ ﻣُﺮﺗﺒﻂ ﺑﺪون ﺷﻚ ﺑﻨﻤﻂ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻷوﱄ وﺗﻮزﻳﻊ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﺼﻨﻴﻌﻬﺎ ﺟﻐﺮاﻓﻴٍّﺎ ،ﺛﻢ اﺗﺴﺎع ﺳﻮق اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ ﻋﺎملﻴٍّﺎ. 217
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﺷﻜﻞ 6-8
ﻓﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺨﺎﻣﺎت ﻳﱰﻛﺰ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ،أو اﻟﻨﻄﺎق املﻌﺘﺪل اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ .وﺗﱰﻛﺰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﺼﻨﻴﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق املﻌﺘﺪل اﻟﺸﻤﺎﱄ ،ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واﻟﺮوﺳﻴﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻌﻮد إﱃ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﱃ أﺳﻮاق ﺗﻐﻄﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﺗﺸﺘﻤﻞ ﻧﺒﺎﺗﺎت اﻟﺨﻴﻮط واﻷﻟﻴﺎف ﻋﲆ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻫﻲ ﺑﱰﺗﻴﺐ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ :اﻟﻘﻄﻦ واﻟﻜﺘﺎن واﻟﺠﻮت واﻟﻘﻨﺐ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻷﻟﻴﺎف اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺜﻞ :اﻟﻨﺎﻳﻠﻮن املﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﻔﺤﻢ ،واﻟﱰﻟﻴني املﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﺒﱰول ،واﻟﺨﻴﻮط اﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ أو اﻹﺳﺒﺴﺘﻮس اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳُﺸﺘﻘﺎن ﻣﻦ املﻌﺎدن. ﻓﻮق ﻫﺬا ﻫﻨﺎك ﺧﻴﻮط اﻟﺼﻮف املﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت واﻟﺤﺮﻳﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. )(1-3
املﻄﺎط 3
ﻳُﺤﺼﻞ ﻋﲆ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﺷﺠﺮة ﺗُﺴﻤﻰ ،Heavea Brasiliensisوأﺻﻠﻬﺎ ﰲ ﻏﺎﺑﺎت اﻷﻣﺎزون؛ ﺗﺴﺘﻜﻤﻞ اﻟﺸﺠﺮة ﻧﻤﻮﻫﺎ ﰲ ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ،وﻳﺒﻠﻎ ﻗﻄﺮﻫﺎ ﺳﺖ ﺑﻮﺻﺎت وﻃﻮﻟﻬﺎ ٢٥ ﻣﱰًا ،وﺗﺼﺒﺢ ﺟﺎﻫﺰة ﻟﻠﻌﻄﺎء وﺗﻌﻄﻲ ﻋﺼﺎرة ملﺪة ٢٥ﺳﻨﺔ ،اﻟﻌﺼﺎرة ﺑﻴﻀﺎء ﻛﺎﻟﺤﻠﻴﺐ، 218
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ﺗﻔﺮز اﻟﻌﺼﺎرة ﻣﻨﻬﺎ ،وﺟﺰء ﻣﻨﻬﺎ ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﻼﺗﺎ Blataﻳﺼﻨﻊ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﻠﻜﺔ ،واﻟﺠﺰء اﻵﺧﺮ ﻫﻮ املﻄﺎط ،Latexوﻳﱰﻛﺰ ﺗﺤﺖ ﻟﺤﺎء اﻟﺸﺠﺮ ﻋﲆ ارﺗﻔﺎع ﻣﱰﻳﻦ ﻣﻦ اﻷرض. وﻳُﺠﻤﻊ املﻄﺎط ﺑﺸﻖ ﻗﻨﺎة رﻓﻴﻌﺔ ﰲ ﺟﺬوع اﻟﺸﺠﺮة ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻞ ﺣﻠﺰوﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر إﱃ اﻟﻴﻤني إﱃ أﺳﻔﻞ ،وﻻ ﺗﻠﻒ ﻏري ﻧﺼﻒ اﻟﺠﺰع وﺗﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺼﺎرة ﻟﺘﺴﻴﻞ ﰲ ﻣﻤﺮ رﻓﻴﻊ إﱃ اﻹﻧﺎء املﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺠﺮة. وﰲ ﺣﻮاﱄ ١٨٨٠ﻧُﻘﻠﺖ أواﺋﻞ ﺑﺬور ﻫﺬه اﻷﺷﺠﺎر ﻣﻦ اﻟﱪازﻳﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻨﺪن إﱃ اﻟﺤﺪاﺋﻖ اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﰲ ﺳﻴﻼن وﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﺰارع املﻄﺎط ﰲ ﺟﻨﻮب ً وﻇﺮوﻓﺎ ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ،ودﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﴍق آﺳﻴﺎ ﺣﻴﺚ وﺟﺪت ﺷﺠﺮة اﻟﻬﻴﻔﻴﺎ ﺗﺮﺑﺔ ﻣﻤﺘﺎزة ﺗﺤﺴﻴﻨﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻬﺠني ﻟﻜﻲ ﺗﻨﺘﺞ أﻛﱪ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ املﺎدة املﻄﺎﻃﺔ. ﺧﺼﺎﺋﺺ املﻄﺎط اﻟﻔﺮﻳﺪة :املﻂ ،اﻻرﺗﺪاد ،املﺮوﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻘﻮة ،اﻟﻠﺪاﻧﺔ ﻣﻊ املﺘﺎﻧﺔ ،اﻟﻌﺰل اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ ،ﻋﺰل املﺎء واﻟﺮﻃﻮﺑﺔ ،ﻛﺘﻢ اﻟﺼﻮت ،اﻣﺘﺼﺎص اﻟﺼﺪﻣﺎت … إﻟﺦ. اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ :اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ﻣﺎ ﺑني °١٥–١٠ﺷﻤﺎل وﺟﻨﻮب ﺧﻂ اﻻﺳﺘﻮاء ﻋﲆ اﻷﻛﺜﺮ ،اﻟﺤﺮارة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،أﻣﻄﺎر ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ٢٥٠ﺳﻢ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ. وﻳﻨﺘﺞ املﻄﺎط ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻤﺎط: ) (١اﺳﺘﺨﺮاج املﺎدة املﻄﺎﻃﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮ ﰲ ﻏﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ. ) (٢زراﻋﺔ اﻷﺷﺠﺎر ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻷﻫﺎﱄ ﰲ ﻣﻠﻜﻴﺎت ﺻﻐرية. ) (٣املﺰارع اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ. وﻟﻘﺪ ﻟﻌﺐ اﻟﻨﻤﻂ اﻷول دو ًرا رﺋﻴﺴﻴٍّﺎ ﰲ إﻧﺘﺎج املﻄﺎط ﰲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن ،١٩وﻋﺎدت أﻫﻤﻴﺘﻪ ﰲ ﺧﻼل أزﻣﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﻮﻟﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻋﲆ ﻣﺮاﻛﺰ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻀﺨﻤﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ،وﻗﻄﻌﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻤﻮﻳﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ. وﻟﻜﻦ ﺟﻤﻊ املﻄﺎط ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ ﰲ اﻟﻐﺎﺑﺎت أﺻﺒﺢ ﻧﻤ ً ﻄﺎ ﻏري اﻗﺘﺼﺎدي ،ﻛﻤﺎ أن ﻧﻮع املﻄﺎط ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻮم رديء ﻟﻌﺪم اﺧﺘﻴﺎر أﻧﻮاع اﻟﺸﺠﺮ. أﻣﺎ إﻧﺘﺎج اﻷﻫﺎﱄ ﻣﻦ ِﻣ ْﻠﻜﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺼﻐرية؛ ﻓﻼ ﻳﺘﻢ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺟﻤﻊ املﻄﺎط ﺣﺮﻓﺘﻬﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ً أوﻻ ﺑﺰراﻋﺔ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﻢ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺠﻤﻌﻮن املﻄﺎط ﻛﺤﺮﻓﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﺗﻌﻄﻴﻬﻢ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻼزم ،وﻟﻬﺬا ﱠ ﻓﺈن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻳُﻮﺟﺪ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻷرز ﰲ املﻼﻳﻮ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﻛﻤﺤﺼﻮل ﻧﻘﺪي. 219
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
وﻳﻘﻮم ﱡ اﻟﺴﻜﺎن ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺑﺰراﻋﺔ أﺷﺠﺎر املﻄﺎط ﻋﲆ ﻣُﻨﺤﺪرات اﻟﺘﻼل اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻐﻞ أو ﻳﺼﻌﺐ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﰲ زراﻋﺔ اﻷرز ،وﻳﻘﻮم املﻨﺘﺠﻮن ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ املﺎدة املﻄﺎﻃﻴﺔ إﱃ أﻟﻮاح ﻣﻦ املﻄﺎط ﰲ ﻣﺰارﻋﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ دون اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺨﱪة اﻟﻔﻨﻴﺔ واملﻌﺪات؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ﺳﻠﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﺳﻮق راﺋﺠﺔ. وأﺧريًا ،ﻓﺈن املﺰارع اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺧﱪة ورأس ﻣﺎل ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه املﺰارع اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻣﻠﻚ ﻟﻸوروﺑﻴني أو اﺣﺘﻜﺎرات ﻟﻠﺼﻴﻨﻴني ﰲ املﻼﻳﻮ. وﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﻌﻤﻞ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺜﺎﻧﻲ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻧﺠﺪ ﻋﻤﺎل أﺟﻮر ﻻ ﻳُﻤﺎرﺳﻮن ﺣﺮﻓﺎً أﺧﺮى ،وﻟﻴﺴﺖ ﻟﻬﻢ ﻣﻠﻜﻴﺎت ﺧﺎﺻﺔ ،وﰲ ﻫﺬه املﺰارع ﺗُﺠﻤﻊ املﺎدة املﻄﺎﻃﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر ﺻﺒﺎح ﻛﻞ ﻳﻮم ،وﺗﻌﺎ َﻟﺞ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر وﺗﺤﻮﱠل إﱃ أﻟﻮاح املﻄﺎط 4 .وﻣﻄﺎط ﻫﺬه املﺰارع ﻣﻦ ﻧﻮع ﻣﻤﺘﺎز ﺣﻴﺚ ﱠ إن اﻷﺷﺠﺎر ﻣﻨﺘﻘﺎة؛ وﻟﻜﻦ اﻋﺘﻤﺎد ﻫﺬه املﺰارع ﻋﲆ اﻟﺴﻮق ﺑﺄﺳﻌﺎره املﺘﺬﺑﺬﺑﺔ ﻳﺆدي إﱃ ذﺑﺬﺑﺔ ﻛﺒرية ﰲ اﻷﺳﻌﺎر واﻷﺟﻮر. وﻳﺨﺘﻠﻒ إﻧﺘﺎج املﻄﺎط ﻋﻦ إﻧﺘﺎج املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺸﺠﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﰲ ﻧﺎﺣﻴﺔ واﺣﺪة ﻫﺎﻣﺔ؛ ﻫﺬه ﻫﻲ أﻧﻪ ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻮاﺳﻄﺔ زﻳﺎدة أو ﻧﻘﺺ اﻟﻘﻄﻮع ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﰲ ﺟﺬع اﻟﺸﺠﺮة ،وﺗﻨﺴﺎب ﻣﻨﻬﺎ املﺎدة املﻄﺎﻃﺔ. وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻟﻪ ﺣﺪ أﻋﲆ ﻫﻮ ﻋﺪد اﻷﺷﺠﺎر املﻨﺘﺠﺔ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻣﺘﺠﻬﺔ إﱃ زﻳﺎدة ﻛﺒرية؛ ﱠ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﺑﺪ وأن ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﺣﺘﻰ ﺗﻨﻤﻮ اﻷﺷﺠﺎر املﺰروﻋﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ،وإذا ﻛﺎن اﻹﻧﺘﺎج أﻛﱪ ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺴﻮق؛ ﻓﺈن اﻟﺤﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ ﺗﻌﺎون املﻨﺘﺠني ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ وﺿﺒﻂ اﻹﻧﺘﺎج. ﺟﺪول :10-8إﻧﺘﺎج املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. اﻟﺪوﻟﺔ
اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ ١٩٨٢اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ ١٩٩٤
ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ
٥٤٠
١٦٦٠
إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ
٩٩٠
١٢٥٨
ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ
١٥٥٠
١٠٧٤
اﻟﻬﻨﺪ
٧٧٠
٤٨٥
اﻟﺼني
١٣٥
٣٤٠
اﻟﻔﻠﺒني
٧٠
١٧٨ 220
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ ١٩٨٢اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺄﻟﻒ ﻃﻦ ١٩٩٤
ﻧﻴﺠريﻳﺎ
٤٥
١٠٥
ﴎﻳﻼﻧﻜﺎ
١٣٥
١٠٢
اﻟﻌﺎﻟﻢ
٣٩٠٣
٥٥٨٩
وﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 10-8اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻵﺗﻴﺔ: ) (١اﺣﺘﻜﺎر ﻣﻄﻠﻖ ﻟﺠﻨﻮب وﴍق آﺳﻴﺎ ﰲ إﻧﺘﺎج املﻄﺎط؛ ﻓﺎﻟﺪول اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﺗﻨﺘﺞ ٥٫٠٩٧ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ؛ أي ٪٩١٫٢ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ. ) (٢ﺗﻐري ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻷوﻟﻮﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻘﺖ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ اﻹﻧﺘﺎج املﺎﻟﻴﺰي اﻟﺬي ﻫﺒﻂ إﱃ املﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ5 . ) (٣ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم اﻧﺨﻔﺾ إﻧﺘﺎج دول ﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ :اﻟﻬﻨﺪ إﱃ ٪٦٣ﻣﻦ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋﺎم ،١٩٨٢وﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ إﱃ ،٪٧٠وﴎﻳﻼﻧﻜﺎ إﱃ .٪٧٥ ) (٤وﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ارﺗﻔﻊ إﻧﺘﺎج ﴍق آﺳﻴﺎ :اﻟﻔﻠﺒني إﱃ ٪٢٥٤ﻣﻦ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋﺎم ،١٩٨٢واﻟﺼني إﱃ ،٪٢٥٠وﻗﻔﺰت ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ إﱃ ٪٣٠٧ﻣﻦ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻖ. واﻧﺨﻔﺎض وارﺗﻔﺎع اﻹﻧﺘﺎج ﻣﻦ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﺤﻜﻮم ﺑﻌﺎﻣﻠني؛ أوﻟﻬﻤﺎ :ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﴤ ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻛﻲ ﺗﻌﻄﻲ اﻷﺷﺠﺎر املﺴﺘﺰرﻋﺔ ﻋﺼﺎرﺗﻬﺎ. واﻟﺜﺎﻧﻲ :أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﰲ زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎج ﺑﺎﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻮع اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻖ ،ﻓﺘﺴﻴﻞ ﻋﺼﺎرة أﻛﱪ دون ﴐر ﻛﺒري ملﺪة ﻋﻤﺮ اﻹﻧﺘﺎج ﻟﻠﺸﺠﺮة ،وﻫﻮ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ٢٥ﺳﻨﺔ. وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻋﻨﴫً ا آﺧﺮ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻹﻧﺘﺎج ﻫﻮ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎملﻲ ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ املﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺤﺎدة ﻟﻠﻤﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ؛ ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﻨﻮﻋني ﻋﻜﺴﻴﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٣٥ﻛﺎن املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻳﻜﻮن ٪٩٩ﻣﻦ املﻄﺎط اﻟﻌﺎملﻲ ،ﺛﻢ أﺧﺬ ﰲ اﻟﻬﺒﻮط إﱃ ٪٥٦ ﻋﺎم ،١٩٥٥وإﱃ ٪٣٣ﻋﺎم ١٩٧٥وإﱃ ٪٣١ﻋﺎم ،١٩٨٢ﺛﻢ ارﺗﻔﻊ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻋﺎم ١٩٩٤إﱃ .٪٣٥ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم ﺗﻌﻜﺲ ﻗﻮة ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ ﺻﻨﻌﻪ ﻛﺄﺣﺪ املﻨﺘﺠﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﱰول. ﻓﻠﻤﺎ ارﺗﻔﻊ ﺳﻌﺮ اﻟﺒﱰول ﺧﻼل اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ارﺗﻔﻊ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺳﻌﺮ املﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻣﻤﺎ أﻋﻄﻰ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻧﺨﻔﺎض ﺳﻌﺮ اﻟﺒﱰول ﰲ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت 221
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
أدى إﱃ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻠﺤﻮظ ﰲ ﺳﻌﺮ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﻌﺪ أن ﻫﺒﻂ ﺳﻌﺮ اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ، وﻟﻜﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت وأﻫﻤﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ اﻧﺘﴩت ﰲ ﺑﻼد ﻛﺜرية ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﺎﻹﻃﺎرات املﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﻮاﺻﻔﺎت ﺗﺘﻔﻮق ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ املﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،وﻫﻨﺎك ﺳﻠﻊ أﺧﺮى ﻣﺜﻞ اﻟﻘﻔﺎزات اﻟﻄﺒﻴﺔ وﻏريﻫﺎ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻠﻤﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،وﻛﻠﻬﺎ أﺷﻴﺎء أدت ﻣﺆﺧ ًﺮا إﱃ رﻓﻊ ﺳﻌﺮ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﻤﻘﺪار اﻟﺜﻠﺚ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺄزق اﻟﺴﻌﺮ املﻨﺨﻔﺾ ،وﺗﻼه ازدﻳﺎد اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﻮﺿﺤﻪ اﻷرﻗﺎم اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ » ٪١٤٣ﻋﺎم ١٩٩٤ﻋﲆ إﻧﺘﺎج .«١٩٨٢ وﻳﱰﻛﺰ إﻧﺘﺎج املﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﰲ اﻟﺪول املﻮﺟﻮدة ﰲ اﻟﻌﺮوض املﻌﺘﺪﻟﺔ واﻟﺒﺎردة وﻛﻤﻨﻮﻟﺚ روﺳﻴﺎ وأوروﺑﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻛﻤﺎ أن ﻋﺪدًا آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول ﺗﻘﻴﻢ ﻣﺼﺎﻧﻊ ﻟﻬﺬا اﻹﻧﺘﺎج ﻣﺜﻞ :اﻟﻬﻨﺪ ،وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ .وأﻛﱪ ﻣﺮاﻛﺰ إﻧﺘﺎج املﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ روﺳﻴﺎ وأرﻣﻴﻨﻴﺎ ،واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﰲ ﺗﻜﺴﺎس وﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ. وﺗﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒرية ﻣﻦ املﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ واﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻌً ﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺰال اﻋﺘﻤﺎد أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ أﻛﱪ ﻋﲆ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻴﻪ دول ً ﺳﺎﺑﻘﺎ« ﺑﺸﺪة ﻋﲆ املﻄﺎط اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﺳﺘرياد ﻛﻤﻴﺎت اﻟﻜﻤﻨﻮﻟﺚ »اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻧﺤﻮ ٪٩٠ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻓﺈن أﻫﻢ اﻟﺪول ا ُمل َ ﺼﺪﱢرة ﻫﻲ ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ وﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ .وﻳﺘﺠﻪ املﻄﺎط إﱃ اﻷﺳﻮاق اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ ﺑﻼد اﻟﺸﻤﺎل؛ ﻓﺘﺘﺼﺪرﻫﺎ :اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وأملﺎﻧﻴﺎ ،وﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺼني. ) (2-3اﻟﻘﻄﻦ اﻟﻘﻄﻦ :ﻫﻮ أﺣﺪ اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻨﺘﺞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺗﻴﻠﺔ ﻟﻠﻨﺴﻴﺞ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﺗُﺴﻤﻰ ﺑﻨﺒﺎت اﻷﻟﻴﺎف أو اﻟﺨﻴﻮط؛ وﻣﻨﻬﺎ :اﻟﻜﺘﺎن واﻟﻘﻄﻦ واﻟﺠﻮت واﻟﻘﻨﺐ واﻟﺴﻴﺴﺎل ،ﻛﻤﺎ ﻳُﻤﻜﻦ ْ أن ﻳُﻀﺎف إﻟﻴﻬﺎ إﻧﺘﺎج آﺧﺮ ﻏري ﻧﺒﺎﺗﻲ وﻟﻜﻨﻪ ﺧﻴﻄﻲ ﻣﺜﻞ :اﻟﺼﻮف ﺑﺄﻧﻮاﻋﻪ ،واﻟﺤﺮﻳﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،وأﻧﻮاع اﻟﺨﻴﻮط اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ )اﻟﻨﺎﻳﻠﻮن وﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ(. 222
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ﺷﻜﻞ 7-8
وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ،وﻗﻴﻤﺘﻪ :ﻧﺠﺪ أن اﻟﻘﻄﻦ ﻳﱰأس ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻧﺒﺎﺗﺎت اﻷﻟﻴﺎف ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،ﻛﻤﺎ أن اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ أوﺳﻊ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﻏريه ﻣﻦ ﻧﺒﺎت اﻷﻟﻴﺎف؛ وﻟﻬﺬا ﺳﻮف ﻧﺮﻛﺰ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ دراﺳﺔ اﻟﻘﻄﻦ. واﻟﻘﻄﻦ ﰲ أﺻﻠﻪ آﺳﻴﻮي ﻫﻨﺪي ،واﻧﺘﻘﻞ ﻣﻨﻬﺎ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺪاري وﺣﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ املﺪاري ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ ،ﻣﻊ ازدﻳﺎد اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ واﺧﱰاع آﻟﻴﺔ اﻟﺤﻠﺞ ﻟﻔﺼﻞ اﻟﺒﺬرة ﻋﻦ اﻷﻟﻴﺎف ﰲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻧَﺸﺄة اﻟﻘﻄﻦ ﻗﺎﻣﺖ ﰲ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ املﺪارﻳﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﻧُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻵن ﻣﺤﺼﻮل ﻣﺪاري ،وذﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ زراﻋﺘﻪ ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻻﻧﺘﻘﺎل املﺪارﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ آﺳﻴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،واﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻣﴫ. واﻟﻨﺒﺎت ﻳﺤﺘﺎج إﱃ درﺟﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮارة ﺧﻼل ﻓﱰة اﻟﻨﻤﻮ »ﺣﻮاﱄ ٢٠٠ﻳﻮم«، وﻻ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﻘﻄﻦ إﻻ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﺼﻘﻴﻊ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ أن ﻳﺼﻄﻔﻲ أﻧﻮاﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ١٥٠–١٤٠ﻳﻮﻣً ﺎ ﻟﻠﻨﻤﻮ؛ ﻓﺎﺧﺘﴫ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﻬﺮﻳﻦ ،وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ﻫﺬا ﻋﲆ دﻓﻊ اﻟﺤﺪ اﻟﺸﻤﺎﱄ ﻟﺰراﻋﺔ اﻟﻘﻄﻦ إﱃ درﺟﺔ ﻋﺮض ٤٢ ً ﺷﻤﺎﻻ ﰲ أوزﺑﻜﺴﺘﺎن ﰲ ﺣني أن اﻟﺤﺪ اﻟﺸﻤﺎﱄ ﻫﻮ درﺟﺔ اﻟﻌﺮض ٣٧ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. 223
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
واﺣﺘﻴﺎج اﻟﻨﺒﺎت ﻣﻦ املﻴﺎه ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻘﺪر ،وﻟﻜﻨﻪ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﺎرة ﻳﺤﺘﺎج ﺑﻼ ﺷﻚ إﱃ ﻣﻴﺎه أﻛﺜﺮ ﻣﻦ املﻨﺎﻃﻖ املﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﺤﺮارة. واﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻠﻤﻄﺮ املﻄﻠﻮب ﻫﻮ ﰲ ﺣﺪود ٦٠ﺳﻢ أو ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﺮي، وﻣﻦ أﻫﻢ ﴍوط اﻟﻨﻤﻮ ﻓﺼﻞ ﺟﺎف ﻣﺸﻤﺲ ﰲ آﺧﺮ ﻓﱰة اﻟﻨﻤﻮ .وﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﱰﺑﺔ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ أرض ﺳﻬﻠﻴﺔ ﻃﻴﻨﻴﺔ ﺟﻴﺪة اﻟﴫف؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺘﺞ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﰲ اﻟﺴﻬﻮل اﻟﻜﺒرية ،ﻛﺎﻟﻬﻨﺪوﺳﺘﺎن واﻟﺴﻬﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻷوﺳﻂ وﰲ داﻻت اﻷﻧﻬﺎر اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻛﺎﻟﻨﻴﻞ وأﻧﻬﺎر اﻟﺼني.
ﺷﻜﻞ 8-8
واﻟﻘﻄﻦ ﰲ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻳﺤﺘﺎج ﻣﺠﻬﻮدًا ﺑﴩﻳٍّﺎ ﻛﺒريًا؛ وﻟﺬا ﺗﻮَﺟﱠ ﺐ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻮﻓﺮ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﻗﺪ أﻣﻜﻦ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﱠ اﻟﺤﺼﺎدات اﻵﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ ارﺗﻔﺎع أﺟﻮر اﻟﻌﻤﺎل وﻗﻠﺘﻬﻢ. ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام وﻟﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻵﻟﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺤﻞ ﻣﺤﻞ اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﻋﺪة ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ :ﻗﻄﻊ اﻷﻋﺸﺎب اﻟﻀﺎرة ،وﺗﻨﻘﻴﺔ اﻟﻘﻄﻦ ﻣﻦ اﻟﺪودة ،وﻗﻄﻒ اﻷوراق املﺼﺎﺑﺔ. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﺒﴩي ﻛﻌﺎﻣﻞ أﺳﺎﳼ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻄﻦ؛ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻹﻧﺘﺎج ﻳﺘﺄﺛﺮ دون ﺷﻚ ﺗﺄﺛ ًﺮا ﻛﺒريًا ﺑﺎﻟﺴﻮق ،وﻟﻘﺪ ﺣﺪث ﺗﻮﺳﻊ ﻛﺒري ﰲ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﻘﻄﻦ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،وﻗﺎﻣﺖ ﻣﴩوﻋﺎت ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﻋﲆ اﻷﻧﻬﺎر ﻣﻦ أﺟﻞ زﻳﺎدة ُرﻗﻌﺔ املﺴﺎﺣﺔ 224
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ا َملﺰروﻋﺔ ﻗﻄﻨًﺎ ﰲ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺠﺎﻓﺔ؛ وﺑُﺬﻟﺖ ﺟﻬﻮد أﺧﺮى ملﻜﺎﻓﺤﺔ اﻷﻣﺮاض واﺳﺘﻨﺒﺎط أﻧﻮاع أﻛﺜﺮ ﻏﻠﺔ وأﻛﺜﺮ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻸﻣﺮاض وأﺣﺴﻦ ﻧﻮﻋً ﺎ … إﻟﺦ. وﻣﻦ ﺟﺮاء ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﻘﻄﻦ ﺛﺮوة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﰲ دول اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﻬﻨﺪ وﻣﴫ واملﺴﺘﻌﻤﺮات اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﰲ اﻟﺴﻮدان وأوﻏﻨﺪا وﻧﻴﺠريﻳﺎ. وﻻ ﺷﻚ ﰲ أن اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﺳﺘﻴﻌﺎب إﻧﺘﺎج ﻫﺬه املﻨﺎﻃﻖ ،وﻛﺎﻧﺖ أول ﻣﻨﻄﻘﺔ إﻧﺘﺎج ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻫﻲ :ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﻳُﻼﺣﻆ أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ اﺳﺘﻘﻠﺖ دوﻟﺔ ﻣﻦ دول املﺴﺘﻌﻤﺮات اﻷوروﺑﻴﺔ ﺷﺠﻊ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻄﻦ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣُﺴﺘﻌﻤﺮاﺗﻪ ،وآﺧﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻫﻲ دول ﴍق أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻏﺮﺑﻬﺎ. وأﺧريًا ،ﻓﺈن ﺳﻮق اﻟﻘﻄﻦ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻛﻜﻞ ﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﻼ ﺷﻚ ﺑﺎملﻨﺴﻮﺟﺎت اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷوروﺑﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ؛ ﱠ ﻓﺈن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻘﻄﻦ ﻗﺪ أﻧﺸﺄت ﺻﻨﺎﻋﺎت ﻏﺰل وﻧﺴﻴﺞ اﻟﻘﻄﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻜﻤﻴﺔ ا ُملﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺗﺠﺎرﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ اﻟﺨﺎم أو َ اﻟﻐﺰل أﻗﻞ ﰲ ﻫﺬه اﻵوﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس إﱃ أواﺋﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻣﴫ واﻟﻬﻨﺪ. وﻟﻠﻘﻄﻦ أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة وﺗﻘﺎس اﻟﺠﻮدة ﺑﻄﻮل اﻟﺘﻴﻠﺔ .وﻳُﻌﺪ اﻟﻘﻄﻦ ﻃﻮﻳﻞ اﻟﺘﻴﻠﺔ إذا ﻛﺎن أﻃﻮل ﻣﻦ ﺑﻮﺻﺔ و ُرﺑﻊ ،أﻣﺎ املﺘﻮﺳﻂ ﻓﺒني ﺳﺒﻌﺔ أﺛﻤﺎن اﻟﺒﻮﺻﺔ وﺑﻮﺻﺔ ورﺑﻊ ،واﻟﻘﺼري أﻗﴫ ﻣﻦ ﺑﻮﺻﺔ. وإﻧﺘﺎج ﻣﴫ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ اﻟﺘﻴﻠﺔ واملﺘﻮﺳﻂ .وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻌﻈﻢ إﻧﺘﺎج اﻟﻬﻨﺪ ﻣﻦ املﺘﻮﺳﻂ واﻟﻘﺼري ،وﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ »ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺴﻮدان« ﻗﻄﻦ ﻣﺘﻮﺳﻂ وﻃﻮﻳﻞ اﻟﺘﻴﻠﺔ. وﺗﺆدي ﻓﺮوق اﻟﻨﻮع إﱃ ﻓﺮوق ﻛﺒرية ﰲ اﻟﺴﻌﺮ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻃﻮﻳﻞ اﻟﺘﻴﻠﺔ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﰲ اﻟﻨﺴﻴﺞ ذي اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻏﺎﻟﻴﺔ اﻟﺜﻤﻦ. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﺧﺘﻼف اﻟﺪول ﰲ ﻧﻮع اﻟﻘﻄﻦ املﻨﺘﺞ؛ ﻓﺈن اﻟﺪول ﺗﺨﺘﻠﻒ ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻊ إﱃ املﺴﺎﺣﺔ املﺰروﻋﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وإﱃ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺤﻘﻞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى.
225
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي ﺟﺪول :11-8ﺗﻄﻮر إﻧﺘﺎج ﻏﺰل اﻟﻘﻄﻦ. اﻟﺪوﻟﺔ
١٩٩٤
١٩٨٢
٩٤إﱃ ٪٨٢
اﻟﺼني
٤٣٥٥
٣٣٠٠
٪١٣٢
اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة
٣٩٨٤
٢٦١٧
٪١٥٢
اﻟﻬﻨﺪ
٢٢٦٤
١٣١٠
٪١٧٣
ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن
١٥٨٤
٧٩١
٪٢٠٠
أوزﺑﻜﺴﺘﺎن
١٣٠٦
ﺗﺮﻛﻤﺎﻧﻴﺎ
٤٠٣
ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ٢٨٩٤ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ
ﺗﺮﻛﻴﺎ
٥٩٠
٤٥٥
٪١٣٠
اﻟﱪازﻳﻞ
٥٠١
٦٤٠
٪٧٨
أﺳﱰاﻟﻴﺎ
٣٣١
١١٦
٪٢٨٥
اﻟﻴﻮﻧﺎن
٣٣٠
١١٥
٪٢٨٧
ﻣﴫ
٣١٤
٤٥٢
٪٧٠
اﻟﻌﺎﻟﻢ
١٨٦١٨
١٤٧٠٠
٪١٢٦
وﻳﻮﺿﺢ اﻟﺠﺪول 11-8أن أﻛﱪ إﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﺼني أو اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﴬورة أن أﻛﱪ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻗﻄﻦ ﺗﺰرع ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ .وذﻟﻚ راﺟﻊ إﱃ زﻳﺎدة إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺤﻘﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺰرع اﻟﻬﻨﺪ أﻛﱪ ﻣﺴﺎﺣﺔ ،وﺗﺄﺗﻲ ﰲ املﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻤﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺒﻮط اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ. وﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ زاد اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻻزدﻳﺎد إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻬﻜﺘﺎر ﻛﺜريًا ،وﻟﻜﻦ اﻷﺣﻮال اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ املﻀﻄﺮﺑﺔ ﻗﺪ أدت إﱃ ﻇﻬﻮر ﺟﻤﻬﻮرﻳﺎت اﻟﻜﻤﻨﻮﻟﺚ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﰲ ﺟﺪاول اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳُﻌﺪ ﻳﺤﺘﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺼﺪارة ﻋﺎﻟﻴﺔ. اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻘﻄﻦ ﺑﺮﻏﻢ وﺟﻮد ﺑﺪاﺋﻞ ﻟﻠﻘﻄﻦ ﻧﺒﺎﺗﻴﺔ وﺻﻨﺎﻋﻴﺔ؛ ﻓﺈن اﻟﻘﻄﻦ ﻣﺎ زال ﻣﻄﻠﻮﺑًﺎ ﰲ اﻟﺴﻮق اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﺼﻔﺎﺗﻪ املﻤﻴﺰة .وﻗﺪ أدت ﻧﺸﺄة ﺻﻨﺎﻋﺎت اﻟﻐﺰل واﻟﻨﺴﻴﺞ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ا ُملﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻘﻄﻦ 226
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ﺷﻜﻞ :9-8ﻧﻄﺎق اﻟﻘﻄﻦ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة (١) :ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻄﻦ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ (٢) .ﺧﻂ املﻄﺮ املﺘﺴﺎوي ٢٥٠ﻣﻠﻢ ﰲ اﻟﺨﺮﻳﻒ ،املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ إﱃ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻨﻪ رﻃﺒﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﺧﺎل ﻣﻦ اﻟﺼﻘﻴﻊ ،املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ إﱃ اﻟﺸﻤﺎل ﻣﻨﻪ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻨﻤﻮ اﻟﻘﻄﻦ (٣) .ﺧﻂ ٢٠٠ﻳﻮم ٍ اﻟﻘﻄﻦ ﻻﻧﺨﻔﺎض درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﻋﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻘﻄﻦ (٤) .ﺧﻂ املﻄﺮ اﻟﺴﻨﻮي ٥٠٠ﻣﻠﻢ، املﻨﺎﻃﻖ ﻏﺮب ﻫﺬا اﻟﺨﻂ ﺟﺎﻓﺔ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻨﻤﻮ اﻟﻘﻄﻦ .ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫﻲ(١) : ﺳﻬﻮل اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ (٢) .ﻫﻀﺒﺔ اﻟﺒﻴﺪﻣﻮﻧﺖ اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﺑني اﻟﺴﻬﻮل وﺟﺒﺎل اﻷﺑﻼش. ) (٣وادي اﻟﺘﻨﴘ اﻷوﺳﻂ (٤) .ﺳﻬﻞ املﺴﻴﺴﺒﻲ اﻟﻔﻴﴤ (٥) .ﺑﺮاري ﺷﻤﺎل ﺗﻜﺴﺎس(٦) . ﺳﻬﻮل ﺗﻜﺴﺎس اﻟﻌﻠﻴﺎ (٧) .ﺳﻬﻮل ﺗﻜﺴﺎس اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ.
إﱃ ﻧﻘﺺ ﰲ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺴﻮق ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ؛ ﻣﻤﺎ أدى إﱃ رﻓﻊ ﺳﻌﺮه ﻋﺎم ١٩٩٤ﺑﻤﻘﺪار ٪٢٥ﻣﻦ ﺳﻌﺮه ،١٩٩٢وذﻟﻚ ﻟﺸﺪة اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ. ﻟﻜﻦ ارﺗﻔﺎع اﻟﺴﻌﺮ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد اﻷوروﺑﻴﺔ ﺗﺤﺠﻢ ﻋﻦ زﻳﺎدة وارداﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎن ،واﺗﺠﻬﺖ إﱃ اﻟﺒﺪاﺋﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﰲ اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ املﺤﲇ ،وﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ زﻳﺎدة املﺨﺰون ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ ،وﻳﺆدي ﺑﺎﻟﴬورة إﱃ ﺗﻨﺎﻗﺺ اﻟﺴﻌﺮ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺰل ﰲ ﻧﻤﻮ ﻣﺴﺘﻤﺮ. وأﻫﻢ اﻟﺪول املﺼﺪرة ﻋﺎم ١٩٩٤ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة واﻟﺼني وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن واﻟﻬﻨﺪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺼني ﻣﻦ ﺑني املﺼﺪرﻳﻦ ﻋﺎم ،١٩٨٢وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻬﻨﺪ ﰲ املﺮﺗﺒﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﴫ ،١٩٨٢ﺛﻢ ارﺗﻔﻌﺖ إﱃ املﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﻌﺪ ارﺗﻔﺎع إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٪١٧٣ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮاﺟﻊ اﻹﻧﺘﺎج املﴫي ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻛﺴﺎد اﻟﺴﻮق وازدﻳﺎد اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ املﻨﺴﻮﺟﺎت ﰲ اﻟﺴﻮق املﴫي. أﻣﺎ أﻫﻢ اﻟﺪول املﺴﺘﻮردة ﻓﻬﻲ :اﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻛﻮرﻳﺎ ،وﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ،ودول ﻏﺮب أوروﺑﺎ. واﻟﻴﺎﺑﺎن؛ ﻻ ﺗﻨﺘﺞ أﻗﻄﺎﻧًﺎ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﺴﻴﺞ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻛﻠﻴﺔ 227
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻋﲆ اﻻﺳﺘرياد ،وﻟﻬﺬا ﺗﺘﺼﺪر ﻗﺎﺋﻤﺔ املﺴﺘﻮردﻳﻦ وﺗﺨﺘﺺ ﺑﺤﻮاﱄ ٪٢٠ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺠﺎرة اﻟﻮاردات ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ اﻟﻌﺎملﻲ. أﻣﺎ اﺳﺘرياد ﻛﺘﻠﺔ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ﻟﻠﻘﻄﻦ؛ ﻓﺄﻣﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪي ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﴍح ،وﻟﻜﻦ املﻼﺣﻆ ﻇﻬﻮر ﺑﻌﺾ دول أوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺻﻨﺎﻋﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﻴﺞ. وأﺧريًا ،ﱠ ﻓﺈن ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ﻛﻤﺪﻳﻨﺔ ﻻ ﺗﱪر ﻫﺬه اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻜﺒرية ﻣﻦ اﻟﻮاردات ،وﻟﻜﻨﻬﺎ — ﻛﻤﺼﻨﻊ ﻳﻮرد املﻨﺴﻮﺟﺎت إﱃ ﻣﻨﻄﻘﺔ واﺳﻌﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ وأوروﺑﺎ — ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ً ﻓﻌﻼ اﺳﺘﻴﻌﺎب وارداﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎن. وﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ ذﻟﻚ أن ﻫﺬه اﻟﻮاردات ﰲ زﻳﺎدة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺑﺮﻏﻢ ﻧﻈﺎم اﻟﺤﺼﺺ اﻟﺬي ﻓﺮﺿﺘﻪ اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ ﻋﲆ واردات املﻨﺴﻮﺟﺎت ﻣﻦ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ .وﻻ ﻧﻌﺮف ﻣﺼري ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ﺑﻌﺪ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻫﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﺼني ﰲ ﻳﻮﻟﻴﻮ .١٩٩٧ ورﻏﻢ ﺗﺰاﻳﺪ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻄﻦ ﻋﺎملﻴٍّﺎ وﺗﺰاﻳﺪ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻨﺎس إﱃ املﻨﺴﻮﺟﺎت ﻧﺘﻴﺠﺔ زﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎن؛ ﻓﺈن ُ اﻟﻘﻄﻦ ﻳﻠﻘﻰ ﺑﻌﺾ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺮ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ وﻣﻦ اﻷﻗﻤﺸﺔ املﺼﻨﻌﺔ، و ُرﺑﻤﺎ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻫﺬه املﻨﺎﻓﺴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺴﻜﺎن ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﱃ املﻨﺴﻮﺟﺎت ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﻧﻮاع ﻗﺪ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﺳﺘﻬﻼك اﻷﻗﻄﺎن واملﺼﻨﻌﺎت ﻣﻌً ﺎ. ) (4اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ أﺻﺒﺢ ﻟﻠﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻟﺰﻳﺎدة اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﻐﺬاء واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ؛ وﻟﻘﺪ ﻗﺪر أن اﺳﺘﻬﻼك اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺪ ﺗﻀﺎﻋﻒ أرﺑﻊ ﻣﺮات ﺧﻼل اﻟﻘﺮن 6 .١٩٥٠–١٨٥٠وﻣﻦ ﺑني أﺳﺒﺎب اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﲇ: ) (١ﻗﻠﺔ ا ُملﻨﺘﺞ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﻮن اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ وﻋﺠﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻻﺣﺘﻴﺎج اﻟﻌﺎملﻲ املﺘﺰاﻳﺪ ﻟﻠﺪﻫﻮن. ) (٢زﻳﺎدة اﻷﻏﺮاض اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﰲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎﺗﻬﺎ »ﻏﺬاء ،ﻃﻼء ،ﺑﻼﺳﺘﻴﻚ … إﻟﺦ«. ) (٣اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﰲ وﺳﺎﺋﻞ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺰﻳﻮت ﻣﻦ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺻﻼت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ. ) (٤دﺧﻮل اﻟﺴﻤﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ »املﺎرﺟﺮﻳﻦ« ﻛﻤﻨﺎﻓﺲ وﺑﺪﻳﻞ ﻟﻠﺴﻤﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ. 228
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
) (٥دﺧﻮل اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﺑﻘﻮة ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮن. وﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﱠ ﻓﺈن ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻗﺪ أدى إﱃ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ. وأﻫﻢ أﻧﻮاع اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺰﻳﻮت ﻟﻸﻏﺮاض اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻔﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ ،وﻧﺨﻴﻞ اﻟﺰﻳﺖ ،واﻟﺰﻳﺘﻮن ،وﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ ،وﺑﺬر اﻟﻜﺘﺎن ،وﺑﺬر اﻟﻘﻄﻦ، واﻟﺬرة ،وﻋﺒﺎد اﻟﺸﻤﺲ ،واﻟﺴﻤﺴﻢ. و ُرﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻫﻮ أول ﻣﺤﺼﻮل ﻧﺒﺎﺗﻲ ﺗُﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﻪ اﻟﺰﻳﻮت ﰲ ﺣﻀﺎرات اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ واﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻟﻌﻞ واﺣﺪًا ﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ دﻓﻌﺖ اﻟﺴﻜﺎن إﱃ ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻨﻘﺺ اﻟﻮاﺿﺢ ﰲ اﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﰲ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ؛ ﻟﻘﻠﺔ املﺮاﻋﻲ، وﺗﺤﺪد ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻟﺴﻜﻦ اﻟﺒﴩي ﺑﺎﻷودﻳﺔ اﻟﺨﺼﻴﺒﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ وﺳﻂ ﺳﻼﺳﻞ اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻜﺜرية ﰲ ﺣﻮض اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ. وﻳﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ أن ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن — إذا ﺻﺎدﻓﺖ اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ املﻼﺋﻤﺔ — ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺜﻤﺮ ﺑﻀﻊ ﻋﴩات ﻣﻦ اﻟﺴﻨني ،وﻗﺪ ﺗﻌﻤﺮ ﻗﺮﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن؛ ﻓﻬﻲ إذن ﻣﺼﺪر ﻣﻤﺘﺎز ﻟﻠﻐﺬاء واﻟﺰﻳﻮت ﻣﻊ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ملﺪة ﺟﻴﻠني أو أﻛﺜﺮ ،وﻣِﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن ﻧﻄﺎﻗﺎ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ واﻟﺰﻳﺘﻮن ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻧﻄﺎق ﺟﻐﺮاﰲ واﺣﺪ وﻣﺤﺪد ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ .وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ املﻨﺘﺞ اﻷول ﻟﻠﺰﻳﺘﻮن .وﻳﱰﻛﺰ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﺎﱄ ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ واﻟﻴﻮﻧﺎن واﻟﱪﺗﻐﺎل ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷوروﺑﻲ ﻣﻦ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،وﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﺳﻮرﻳﺎ »وﻟﺒﻨﺎن وﻓﻠﺴﻄني إﱃ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ املﻮاﻟﺢ« ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺳﻴﻮي، وﰲ دول املﻐﺮب اﻟﺜﻼث ،وﺧﺎﺻﺔ ﺗﻮﻧﺲ ،ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻹﻗﻠﻴﻢ .وﻳﺒﻠﻎ إﻧﺘﺎج اﻟﺰﻳﺘﻮن ﰲ ﺣﻮض اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ﻧﺤﻮ ٪٩٥–٩٠ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ﻟﻬﺬا املﺤﺼﻮل. وﻳﺪﺧﻞ زﻳﺖ اﻟﺰﻳﺘﻮن ﰲ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ،ﻳﻠﻴﻪ إﻧﺘﺎج اﻟﺼﺎﺑﻮن، وأﻛﱪ اﻟﺪول ا ُملﺼﺪرة ﻫﻲ اﻟﻴﻮﻧﺎن وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وﺗﻮﻧﺲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ أﻛﱪ املﺴﺘﻮردﻳﻦ ﻫﻢ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. وﻧﺨﻴﻞ اﻟﺰﻳﺖ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺷﺠﺮة ﻣﺪارﻳﺔ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ اﻷﺻﲇ ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻫﻮ ﻳﺸﺎﺑﻪ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺰﻳﺘﻮن ﰲ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ زﻳﺖ اﻟﻄﻌﺎم اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ املﻨﺎﻃﻖ املﺪارﻳﺔ ﰲ ﻣﻮاردﻫﺎ اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ) ُرﺑﻤﺎ ﻷن إﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻐﺎﺑﺔ املﺪارﻳﺔ واﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ وذﺑﺎﺑﺔ ﺗﴘ ﺗﴘ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻮﺟﻮد ﺣﻴﻮان اﻟﱰﺑﻴﺔ( .وﻗﺪ ﻛﺎن ﺳﻜﺎن 229
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ اﻟﺰﻳﺖ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺎر ً أﻳﻀﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻗﺪ ﻣﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻛﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺖ ﻣﻦ ﻧﻮاة اﻟﺜﻤﺎر. وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺰﻳﺖ؛ ﻓﺈن اﻟﺪول اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﰲ ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ووﺳﻄﻬﺎ ﻗﺪ ﺷﺠﻌﺖ ﻋﲆ إﻧﺸﺎء ﻣﺰارع ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻨﺨﻴﻞ ،وﺑﺬﻟﻚ؛ ﱠ ﻓﺈن ﻏﺮب ووﺳﻂ اﻟﻘﺎرة ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻜﺮ اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ ﻣﻦ إﻧﺘﺎج زﻳﺖ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ » ٪٦٥–٦٠ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ«. وﻗﺪ ﻧﻘﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي واﻟﻬﻮﻟﻨﺪي زﻳﺖ اﻟﻨﺨﻴﻞ إﱃ ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ، وﺑﺬﻟﻚ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ وﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎر اﻟﻌﺎملﻲ »ﺣﻮاﱄ ٪٨٠زﻳﺖ«. وﻳﺴﺘﺨﺪم زﻳﺖ اﻟﻨﻮاة ﻛﻌﻨﴫ ﻫﺎم ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻤﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم زﻳﺖ اﻟﺜﻤﺮ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮن واﻟﺸﻤﻊ .وأﻛﱪ املﺼﺪرﻳﻦ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ وأﻛﱪ املﺴﺘﻮردﻳﻦ ﻫﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ودول اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ .أﻣﺎ اﻟﺰﻳﺖ اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺛﻤﺎر ﺷﺠﺮ ﺟﻮز اﻟﻬﻨﺪ ،واملﺴﻤﻰ ﻛﻮﺑﺮا » Copraاﻟﺜﻤﺮ املﺠﻔﻒ ﺑﻌﺪ ﻓﺼﻞ اﻟﻨﻮاة واﻟﻘﴩة« ،ﻓﻬﻮ ﻳﻜﻮن املﺼﺪر اﻟﺸﺠﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ. وﺗﻨﻤﻮ ﺷﺠﺮة ﺟﻮز اﻟﻬﻨﺪ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻣﻠﻴﺔ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻄﺎق املﺪاري ،وﺧﺎﺻﺔ ﺣﻮل ﺳﻮاﺣﻞ املﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي واﻟﺒﺎﺳﻴﻔﻴﻜﻲ ﰲ ﺟﻨﻮب وﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ .وﻟﺰﻳﺖ اﻟﻜﻮﺑﺮا ﻗﻴﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ إذ إﻧﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﻧﻮاع املﻤﺘﺎزة ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ واﻟﺼﺎﺑﻮن. وأﻫﻢ املﻨﺘﺠني وﻧﺴﺒﺔ إﻧﺘﺎﺟﻬﻢ ﻣﻦ املﺠﻤﻮع اﻟﻌﺎملﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﲇ :اﻟﻔﻠﺒني ،٪٣٨وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،٪٢٦ﴎﻳﻼﻧﻜﺎ ،٪٣٫٧اﻟﻬﻨﺪ ،٪١٠ﻓﻴﺘﻨﺎم .٪٥وﺗﻨﺘﺞ املﻜﺴﻴﻚ ﺣﻮاﱄ ،٪٣٫٧وﺗﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ذات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒري ﺧﺎرج ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ. وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى :ﻓﺈن ﺟﻨﻮب ﴍق آﺳﻴﺎ ﻳﺤﺘﻜﺮ ٪٨٥ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ. )أ( إﻧﺘﺎج ﺑﻌﺾ اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ١٩٩٤ زﻳﺖ اﻟﺰﻳﺘﻮن :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ١٫٧٧٣ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ٦٢٠أﻟﻒ ط ،إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ٤٣٠أﻟﻒ ط ،اﻟﻴﻮﻧﺎن ٣٠٠أﻟﻒ ط ،ﺳﻮرﻳﺎ ٨٦ أﻟﻒ ط ،ﺗﻮﻧﺲ ١٢٠أﻟﻒ ط ،ﺗﺮﻛﻴﺎ ٧٥أﻟﻒ ط ،املﻐﺮب ٣٨أﻟﻒ ط ،اﻟﺠﺰاﺋﺮ ٢٥أﻟﻒ ط ،اﻟﱪﺗﻐﺎل ٢٠أﻟﻒ ط. زﻳﺖ ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺰﻳﺖ :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ١٤٣٥٤ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ.
230
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
ﺷﻜﻞ :10-8اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ.
ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ٧ﻣﻼﻳني ﻃﻦ ،إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ٣٫٨٩٠م.ط ،ﻧﻴﺠريﻳﺎ ٩٥٠أﻟﻒ ط ،ﻛﻮملﺒﻴﺎ ٣٢٩أﻟﻒ ط ،ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ٣٢٠أﻟﻒ ط ،ﺑﺎﺑﻮا ٢٢٥أﻟﻒ ط ،زاﺋري ١٨٠أﻟﻒ ط ،اﻟﻜﻤﺮون ١٠٨آﻻف ط ،اﻟﱪازﻳﻞ ٦٨أﻟﻒ ط. )ب( إﻧﺘﺎج ﻧﺒﺎﺗﺎت اﻟﺰﻳﻮت اﻟﺰﻳﺘﻮن :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ١١٫٤٥٢ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ٣٫١٢٥ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ٢٫٨٨٦ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،اﻟﻴﻮﻧﺎن ١٫٦١٢م.ط، ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،ﺗﺮﻛﻴﺎ ٧٥٠أﻟﻒ ط ،املﻐﺮب ٥٦٠أﻟﻒ ط ،ﺳﻮرﻳﺎ ٤٠٠أﻟﻒ ط، اﻟﱪﺗﻐﺎل ١٤٦أﻟﻒ ط ،اﻟﺠﺰاﺋﺮ ١٣٠أﻟﻒ ﻃﻦ. ﻧﻮاة ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺰﻳﺖ :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٤٫٣٠٠ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ٢٫١٤٠ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ،إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ٨٣٠أﻟﻒ ط ،ﻧﻴﺠريﻳﺎ ٣٨٠أﻟﻒ ط، اﻟﱪازﻳﻞ ٢٤٠أﻟﻒ ط ،زاﺋري ٧٢أﻟﻒ ط ،ﻛﻮملﺒﻴﺎ ٦٠أﻟﻒ ط ،ﺗﺎﻳﻼﻧﺪ ٦٢أﻟﻒ ط، اﻟﻜﻤﺮون ٤٢أﻟﻒ ط ،ﺑﺎﺑﻮا ١٦أﻟﻒ ط. 231
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
اﻟﻜﻮﺑﺮا :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٤٫٥٨٠ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. اﻟﻔﻠﺒني ١٫٧٤٠ﻣﻠﻴﻮن ط ،إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ١٫٢م.ط ،اﻟﻬﻨﺪ ٤٦٠أﻟﻒ ط ،ﻓﻴﺘﻨﺎم ٢٣٠ أﻟﻒ ط ،املﻜﺴﻴﻚ ١٧٠أﻟﻒ ط ،ﴎﻳﻼﻧﻜﺎ ١٧٠أﻟﻒ ط ،ﺑﺎﺑﻮا ١١٨أﻟﻒ ط. ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ :اﻹﻧﺘﺎج ١٢٨٫٣ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ٦٣٫٣م.ﻃﻦ ،اﻟﱪازﻳﻞ ٢٤٫٨م.ط ،اﻟﺼني١٣٫٨ ،م.ط ،اﻷرﺟﻨﺘني ١١٫٩م.ط ،اﻟﻬﻨﺪ ٣٫٢م.ط ،ﻛﻨﺪا ٢٫٢م.ط ،إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ١٫٧م.ط ،ﺑﺎراﺟﻮاي ١٫٦م.ط، إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ٠٫٧م.ط. ﺑﺬرة ﻋﺒﺎد اﻟﺸﻤﺲ :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٢٢٫٩ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. اﻷرﺟﻨﺘني ٣٫٨م.ط ،روﺳﻴﺎ ٢٫٩م.ط ،ﻓﺮﻧﺴﺎ ٢٫٣م.ط ،اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ١٫٨م.ط، أوﻛﺮاﻧﻴﺎ ١٫٨م.ط ،اﻟﺼني ١٫٢م.ط ،إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ١٫٠م.ط ،روﻣﺎﻧﻴﺎ ٠٫٩٢م.ط ،ﺗﺮﻛﻴﺎ ٠٫٩م.ط ،املﺠﺮ٠٫٨م.ط. ﻓﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ :اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ ٢٥٫٣ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ. اﻟﻬﻨﺪ ٨٫٢م.ط ،اﻟﺼني ٧٫٣م.ط ،اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ١٫٨م.ط ،ﻧﻴﺠريﻳﺎ ١٫٢م.ط، إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ١٫١م.ط ،اﻟﺴﻨﻐﺎل ٠٫٦م.ط ،زاﺋري ٠٫٥٥م.ط ،ﻣﻴﺎﻧﻤﺎر ٠٫٤٣م.ط ،اﻟﺴﻮدان ٠٫٤٢م.ط. وﻣﻦ ﺑني اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﻜﺜرية اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺰﻳﻮت »اﻟﻔﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ« اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ ﺑﻜﺜﺮة ﰲ اﻷﻗﻠﻴﻢ املﺪاري »ﺧﺎﺻﺔ ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ واﻟﻬﻨﺪ وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ« ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﰲ ﺳﻬﻮل اﻟﺼني اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ووﻻﻳﺔ ﺟﻮرﺟﻴﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .واﻟﺪول اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ املﻨﺘﺠﺔ ﻫﻲ اﻟﻬﻨﺪ ،٪٣٢٫٤اﻟﺼني ،٪٢٨٫٨اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،٪٧٫١ﻧﻴﺠريﻳﺎ ،٪٤٫٧إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ،٪٤٫٣وﻳﺴﺘﺨﺪم زﻳﺖ اﻟﻔﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ ﺑﻜﺜﺮة ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮن ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﻛﺜﻤﺮ وزﻳﺖ. واﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ، ً أﺻﻼ ﻧﺒﺎت ﻣﻦ اﻟﴩق اﻷﻗﴡ ﻳﻨﻤﻮ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق ا ُملﻌﺘﺪل أﻣﺎ »ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ« ﻓﻬﻮ اﻟﺪاﻓﺊ ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻫﻲ اﻟﺼني اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﻛﻮرﻳﺎ. وﻗﺪ اﻧﺘﻘﻠﺖ زراﻋﺘﻪ إﱃ إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﱰﻛﺰ ﰲ املﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎوة ،وإﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺘﴩ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺣﻮض املﺴﻴﺴﺒﻲ .وﻗﺪ ﺗﺨﻄﻰ اﻹﻧﺘﺎج اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ »اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة واﻟﱪازﻳﻞ واﻷرﺟﻨﺘني وﺑﺎراﺟﻮاي وﻛﻨﺪا« اﻹﻧﺘﺎج اﻵﺳﻴﻮي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي وأﺻﺒﺢ اﺣﺘﻜﺎ ًرا أﻣﺮﻳﻜﻴٍّﺎ » ٪٨١ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ«. 232
دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺤﺎﺻﻴﻞ
وﻳﺴﺘﺨﺪم زﻳﺖ اﻟﺼﻮﻳﺎ ﰲ اﻟﻄﻌﺎم ،ﻟﻜﻦ أﻛﱪ ﻣﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﻪ ﻫﻮ ﺻﻨﺎﻋﺎت اﻟﻄﻼء واﻟﻮرﻧﻴﺶ وﺣﱪ اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ .وأﻛﱪ املﺼﺪرﻳﻦ ﻫﻢ :اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،واﻟﱪازﻳﻞ ،واﻷرﺟﻨﺘني. وأﻛﱪ املﺴﺘﻮردﻳﻦ ﻫﻢ :اﻟﻴﺎﺑﺎن ،وأملﺎﻧﻴﺎ ،وﻫﻮﻟﻨﺪا. ً أﺳﺎﺳﺎ ﻻﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺰﻳﻮت ،ﻟﻜﻨﻬﺎ زﻳﻮت ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﰲ وﻫﻨﺎك ﻧﺒﺎﺗﺎت أﺧﺮى ﺗُﺰرع ﻗﻄﺎﻋﺎت ﻣُﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻣﺜﻞ زﻳﺖ اﻟﺨﺮوع اﻟﺬي ﻳُﺴﺘﻐﻞ ﰲ إﻋﺪاد اﻟﻌﻘﺎﻗري وﺑﻌﺾ ﻣﻮاد ﺻﺒﺎﻏﺔ اﻟﻨﺴﻴﺞ ﺑﺠﺎﻧﺐ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت أﺧﺮى ﰲ اﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ ،وأﻛﱪ ﻣﻨﺘﺞ ﻟﻪ اﻟﱪازﻳﻞ ً ﻣﺤﺼﻮﻻ ،٪٣٥واﻟﻬﻨﺪ ،٪٢٠وﺑﻌﺾ اﻟﺪول املﺪارﻳﺔ واﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ﰲ آﺳﻴﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺪارﻳٍّﺎ .وﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ زﻳﺖ اﻟﺴﻤﺴﻢ اﻟﺬي ﻳَﻜﺎد أن ﻳﻨﺤﴫ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﰲ اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺰﻳﺘﻮن. و»اﻟﺴﻤﺴﻢ« ﻣَ ﺤﺼﻮل ﻣﺪاري ،أﻛﱪ ﻣُﻨﺘﺠﻴﻪ اﻟﻬﻨﺪ واﻟﺼني »ﻟﻜﻞ ﻧﺤﻮ رﺑﻊ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎملﻲ« ،واﻟﺴﻮدان »ﻧﺤﻮ ،«٪١٠واملﻜﺴﻴﻚ »ﻧﺤﻮ .«٪٨ ً أﺻﻼ ﻧﺒﺎت ﺻﻴﻨﻲ ،وﻧُﻘﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ إﱃ اﻷرﺟﻨﺘني أﻣﺎ »زﻳﺖ اﻟﺘﻨﺞ« Tungﻓﻬﻮ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .واﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻳﻜﺎد أن ﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ املﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﴎﻋﺔ اﻟﺠﻔﺎف؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻛﻤﺎدة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺗﺠﻔﻴﻒ ﺑﻌﺾ املﺼﻨﻮﻋﺎت .وﺗﻨﺘﺞ اﻟﺼني ٪٦٥ﺛﻢ اﻷرﺟﻨﺘني واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻧﺤﻮ ٪١٥ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ. وﻗﺪ دﺧﻞ زﻳﺖ »ﻋﺒﺎد اﻟﺸﻤﺲ« »أو دوار اﻟﺸﻤﺲ« ﰲ ﺳﻮق اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻐﺬاﺋﻲ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮن ﺑﻜﺜﺮة ﰲ املﻨﺎﻃﻖ املﻌﺘﺪﻟﺔ املﺤﺮوﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﺒﺎﺗﺎت اﻟﺰﻳﻮت املﺪارﻳﺔ. وﻳﱰﻛﺰ ﺛﻠﺚ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ »ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺳﻮد إﱃ ﺳﻴﺒريﻳﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ« ،ﻛﻤﺎ ﻳﻜﺜﺮ ﰲ دول أوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ »روﻣﺎﻧﻴﺎ ،٪٧ﺑﻠﻐﺎرﻳﺎ .«٪٥وﰲ ﻧﺼﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻳﱰﻛﺰ أﻛﱪ إﻧﺘﺎج ﻟﻬﺬا اﻟﺰﻳﺖ ﰲ اﻷرﺟﻨﺘني ٪١٠وﺟﻨﻮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ .٪٢ وﻧﻈ ًﺮا ﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﻋﺒﺎد اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺬي ﻳﻨﻤﻮ ﰲ ﻇﺮوف ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺪ أﺣﺪ املﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ذات اﻟﻌﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺪ ﰲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ملﻨﺎﻃﻖ ﻛﺜرية داﺧﻞ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺠﺎف اﻟﻬﺎﻣﴚ »إذ إن اﻟﺤﺪ ﻻﺣﺘﻴﺎج اﻟﻨﺒﺎت ﻣﻦ اﻷﻣﻄﺎر ﻫﻮ ٥٠٠ﻣﻠﻢ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻣﻊ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻔﺎف«. وأﺧريًا ،ﱠ ﻓﺈن اﻟﺰﻳﺖ ﻳﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻧﺒﺎﺗﺎت اﻷﻟﻴﺎف ﻛﻤﻨﺘﺞ إﺿﺎﰲ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ »ﺑﺬرة اﻟﻜﺘﺎن وﺑﺬرة اﻟﻘﻄﻦ« ،وﺗﱰأس اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة واﻷرﺟﻨﺘني واﻟﻬﻨﺪ اﻟﺪول املﻨﺘﺠﺔ ً أﺳﺎﺳﺎ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻄﻼء واﻟﻮرﻧﻴﺶ؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺨﺼﺎﺋﺼﻪ ﻟﺰﻳﺖ ﺑﺬرة اﻟﻜﺘﺎن اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰه ﺑﴪﻋﺔ اﻟﺠﻔﺎف. 233
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮي
أﻣﺎ زﻳﺖ ﺑﺬرة اﻟﻘﻄﻦ )اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗُﺴﺘﻐﻞ ﺑﻌﺪ ﺣﻠﺞ اﻟﻘﻄﻦ ﰲ املﺎﴈ( ،ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻟﻬﺎ دور واﺿﺢ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﺰﻳﻮت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻤﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ وزﻳﺖ اﻟﻄﻌﺎم ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮن وﻣﻮاد اﻟﺘﺸﺤﻴﻢ. وﺗﻨﺘﺞ ﻛﺜري ﻣﻦ دول اﻟﻘﻄﻦ زﻳﺖ اﻟﺒﺬرة ،أو ﺗﺼﺪره ﺧﺎﻣً ﺎ ﻟﻠﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺘﻐﻞ اﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ﰲ ﻋﻤﻞ » ُﻛﺴﺐ« املﺎﺷﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻒ اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ. ﻫﻮاﻣﺶ ) (1ﺳﻌﺮ ﻃﻦ اﻷرز ﻧﺤﻮ ﺿﻌﻔﻲ ﻃﻦ اﻟﻘﻤﺢ ،اﻧﻈﺮ ﺷﻜﻞ ).(2-7 ) (2ﻣﺘﻮﺳﻂ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻔﺮد ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ ﰲ اﻟﺒﻼد املﺘﻘﺪﻣﺔ :اﻟﻴﺎﺑﺎن ٤٢ﻛﺠﻢ ،روﺳﻴﺎ ٤٣ﻛﺠﻢ ،ﺳﻮﻳﴪا ،٤٢ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،٣٨أملﺎﻧﻴﺎ ،٣٥اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .٣٢ ) (3اﻛﺘﺸﻒ ﻣﻨﺬ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴﺔ ﻗﺮون ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ أﻫﻤﻴﺘﻪ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ١٨٦١–١٨٠٠ﺑﺎﺑﺘﻜﺎر ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻔﻠﻜﻨﺔ ،Valcanization وﻫﻲ إدﺧﺎل اﻟﻜﱪﻳﺖ واﻟﺮﺻﺎص ﰲ ﺑﻨﻴﺔ املﻄﺎط ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺮارة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻗﺴﺎوة املﻄﺎط ،وﰲ ﺳﻨﺔ ١٨٨٨اﻛﺘﺸﻒ دﻧﻠﻮب اﻹﻃﺎرات اﻟﻬﻮاﺋﻴﺔ املﻨﻔﻮﺧﺔ أﺳﻬﻤﺖ ﰲ ازدﻫﺎر اﻟﺴﻴﺎرات .وﺣﻴﺚ إن ٪٧٠–٦٠ﻣﻦ إﻧﺘﺎج املﻄﺎط اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﺻﻨﺎﻋﺔ إﻃﺎرات اﻟﺴﻴﺎرات ،ﺛﻢ اﻷﺣﺰﻣﺔ اﻟﺪوارة اﻟﻜﺒرية واﻟﺼﻐرية؛ اﻷﻧﺎﺑﻴﺐ واﻟﺨﺮاﻃﻴﻢ … إﻟﺦ. ) (4ﺗُﺠﻤﻊ اﻟﻌﺼﺎرة ﻓﺠﺮ ﻛﻞ ﻳﻮم أو ﻳﻮﻣني ،وﺗﺆﺧﺬ إﱃ ﻣﺼﻨﻊ املﺰرﻋﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺗُﺠﻔﻒ وﻳُﺠﻤﺪ ﻣﻄﺎﻃﻬﺎ ،وﻳﻄﻔﻮ ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻟﻌﺼﺎرة ً ﻛﺘﻼ ،ﺛﻢ ﺗُﻀﻐﻂ اﻟﻜﺘﻞ ﰲ ﻣﻜﺎﺑﺲ ﻓﻴﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ أﻟﻮاﺣً ﺎ ذات ﻣﻘﻴﺎس ﻣﻮﺣﺪ ،ﺛﻢ ﺗُﻔﺮز ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻮاح وﺗُﺼﻨﻒ وﺗُﺤﺰم ﰲ ﺑﺎﻻت ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ. ) (5ﻳﻨﺴﺐ ملﺎﻟﻴﺰﻳﺎ اﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺗﻘﺪم زراﻋﺔ املﻄﺎط ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﺮاﻛﺰ أﺑﺤﺎث املﻄﺎط ،وﻗﺪ ارﺗﻔﻊ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﻬﻜﺘﺎر ﻣﻦ ٢٩٠ﻛﺠﻢ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن إﱃ ١٦٣٢ﻛﺠﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ، وﺗُﺸري اﻟﺪﻻﺋﻞ إﱃ ارﺗﻔﺎع ﻛﺒري ﰲ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﺤﻘﻦ اﻟﺸﺠﺮة ﺑﺎملﺴﺘﺤﴬات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻴﻬﺎ اﻵﻓﺎت واﻟﺤﴩات. ) (6ﺑﻌﺾ اﻵراء ﺗﺮى أﻧﻬﺎ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺠﺴﻢ اﻟﺒﴩي ﻣﻦ اﻟﺪﻫﻮن اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺴﺒﺐ اﻟﻜﻠﺴﱰول.
234