1
2
ّاﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲ أﺳﺮار ﺗﻜﺸﻔﻬﺎ اﻟﺴﻴّﺪة اﻟﻌﺬراء أوّل ﻣﺮّة ﻟﻠﺮاﺋﻴﺔ آﺎﺗﺎﻟﻴﻨﺎ اﻟﻤﺮﺳَﻠﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴّﺔ ﻟﻘﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻲ ٢٠٠٥ ﺷﺒﺎط أﻋﺠﻮﺑﺔ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ وﻏﻨﻰ ﺛﻤﺎرهﺎ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ
Achevé d’imprimer pour la fête de la présentation de Jésus au Temple, le ٢ février ٢٠٠٥ par les éditions Résiac
أذِن ﺑﻄﺒﻌﻪ ﺳﻴﺎدة اﻟﻤﻄﺮان ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ اﻟﺒﻴﺴﺮي www.jounoudmariam.com www.saintamaria.com www.facebook.com/jounoud.mariam www.facebook.com/groups/jounoudmariam www.facebook.com/groups/kalbmariam
"ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻄﺒﻌﻪ وﻧﺸﺮﻩ ﺟﻤﻌﻴّﺔ "ﺟﻨﻮد ﻣﺮﻳﻢ أد/١٦٧ ﻋﻠﻢ وﺧﺒﺮ
ًﻳﻮزّع ﻣﺠﺎﻧﺎ
3
ﻣﻘﺪّﻣــﺔ أﺧﻲ اﻟﻤﺆﻣﻦ ،ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﺮأهﺎ، ﺳﺘﻜﺘﺸﻒ وﻷوّل ﻣﺮّة أﺳﺮارًا ﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻓﺎﻟﺴﻴّﺪة اﻟﻌﺬراء هﻲ أمّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﻣﺮﺷﺪة اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ إﻟﻰ درب اﻟﻜﻤﺎل اﻟﻤﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻗﻠﺐ اﷲ ،هﻲ اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﺑﻴﻦ اﷲ واﻟﺒﺸﺮ ،وﺗﺮﻳﺪ ﺧﻼﺻﻬﻢ ،وهﻲ أمّ ،ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺤﻤﻞ أوﻻدهﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺐّ اﻵب، وأن ﺗُﺸﺮآﻬﻢ ﺑﻤﺠﺪ اﷲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻋﺒﺮ اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ اﻟﺬي هﻮ ﻟﻘﺎء ﻳﻮﻣﻲّ ﻣﻊ اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس .هﻮ ﻟﻘﺎء ﻓﻌﻠﻲّ ،ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻌﺬرﻳّﺘﻪ وﺑﺜﻤﺎرﻩ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ إﻻّ ﻣﻦ آﺸﻒ اﷲ ﻟﻪ ﻏﻨﻰ هﺬا اﻟﺴﺮّ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺤﻮّل اﻟﺨﺒﺰ اﻷرﺿﻲّ إﻟﻰ ﺧﺒﺰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﻘﺪّس. ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ ،ﺣﻀﻮر ﺣﻲّ وﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻲّ ﻟﻠﺮبّ ﻳﺴﻮع، ﻟﻠﺮوح اﻟﻘﺪس ،اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺤﺮّاس ،وﻟﻜﻞّ اﻟﺒﻼط اﻟﺴﻤﺎويّ. أﺧﻲ وأﺧﺘﻲ إﻗﺮﺁ ﺟّﻴﺪًا هﺬﻩ اﻟﺼﻔﺤﺎت ،واآﺘﺸﻔﺎ ﺣﻀﻮر اﷲ اﻟﺤﻲّ ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس ،وﻻ ﺗﺨﺴﺮا اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ أﻋﺪّهﺎ اﷲ ﻟﻜﻤﺎ ،ﺑﻞ اﺣﻤﻼ إﻟﻰ ﻣﺬﺑﺢ اﻟﺮبّ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻜﻤﺎ اﻷرﺿﻴّﺔ واﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ ،إﺣﻤﻼ اﻟﻌﺎﻟﻢ آﻠّﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻜﻤﺎ ﺻﻠّﻴﺎ ﻷﺟﻞ اﻟﺴﻼم ،ﻷﺟﻞ ﻋﺎﺋﻼﺗﻜﻤﺎ وﻷﺟﻞ أﻣﻮاﺗﻜﻤﺎ وﻓﻮق ذﻟﻚ ،ﻓﻠﻴﻜﻦ اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم ﻟﻘﺎء راﺋﻌًﺎ ﺑﻴﻨﻜﻤﺎ وﺑﻴﻦ اﷲ ،إذهﺒﺎ ﻟﺘﻤﺘﻠﺌﺎ ﻣﻦ ﺣﺒّﻪ وﻣﻦ ﻧﻮرﻩ ،وأﻣﻀﻴﺎ وﻗﺘًﺎ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﻳﺴﻮع اﻟﺬي وﻋﺪ اﻟﺮﺳﻞ ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻣﺘﻪ ،ﺑﺄﻧّﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻟﻸﺑﺪ وﺣﺘّﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻧﺤﻦ ﻟﻤﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﻣﺠﻲء ﻳﺴﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻞء اﻷزﻣﻨﺔ ﻓﻠﻨﻤﻸ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﺐّ اﷲ اﻟﺤﺎﺿﺮ دوﻣًﺎ ﻓﻲ ﺳﺮّ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ وﻟﻨﻤﺾِ ﻣﻌﻪ وﻗﺘًﺎ ﻣﻤﺘﻌًﺎ ﻳﺤﻤﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﺛﻤﺎر اﻟﺮوح واﻟﺠﺴﺪ.
4
ﺷﻬﺎدة آﺎﺗﺎﻟﻴﻨﺎ ﺣﻮل اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ "اﻟﺘﻌﺮّف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﺧﻼل اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻴﺸﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ :هﺬﻩ هﻲ اﻟﺸﻬﺎدة اﻟﺘﻲ أرﻳﺪ أن أﻋﻄﻴﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ﻟﻤﺠﺪ اﷲ اﻷآﺒﺮ ،وﻟﺨﻼص ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺘﺤﻮن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮع ،ﺣﺘّﻰ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻜﺮّﺳﺔ ﷲ ،أن ﺗﺆﺟّﺞ ﻧﺎر ﺣﺒّﻬﺎ ﻟﻴﺴﻮع ،أآﺎﻧﻮا ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ أو ﻏﻴﺮهﻢ ،ﺣﺘّﻰ ﻻ ﻳﻌﻮدوا ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻮن ﻳﺴﻮع آﻌﺎدة ،ﺑﻞ ﻳﻜﻮن ﻟﻘﺎؤهﻢ ﺑﻪ ﻟﻘﺎءً راﺋﻌًﺎ ﻣﻔﻌﻤًﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻃﻔﺔ واﻟﺤﺐّ ،وﺣﺘّﻰ ﻳﺘﻤﻜّﻦ إﺧﻮﺗﻲ وأﺧﻮاﺗﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴّﻴﻦ ،ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ،أن ﻳﻌﻴﺸﻮا ﺑﻘﻠﻮﺑﻬﻢ أآﺒﺮ أﻋﺠﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ :اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻘﺮﺑﺎن اﻷﻗﺪس". ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻌﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﻴﺪ اﻟﺒﺸﺎرة ،وآﺎن أﻓﺮاد ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻨﺎ ﻳﺘﺤﻀّﺮون ﻟﻼﻋﺘﺮاف ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .ﻟﻢ ُﻳﺘَﺢ ذﻟﻚ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻓﺄﺟﱠﻠﻮا ذﻟﻚ ﻟﻠﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺪّاس. ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﺄﺧﻴﺮ آﺎن اﻷﺳﻘﻒ وﻣﻌﺎوﻧﻮﻩ ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻳﺪﺧﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺮﺗﻠﻴﻦ .ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺑﺼﻮت ﻋﺬب ﻳﻠﻄّﻒ اﻟﻨﻔﺲ: "ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻚ هﺬا اﻟﻴﻮم ،ﻳﻮﻣًﺎ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴًّﺎ ...،أرﻳﺪك أن ﺗﻨﺘﺒﻬﻲ ﺟﻴّﺪًا ،ﻷﻧّﻪ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺸﺎرآﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺟﻤﻌﺎء، ﺑﻤﺎ ﺳﺘﺸﺎهﺪﻳﻨﻪ وﺗﻌﻴﺸﻴﻨﻪ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس" .ﺑﻘﻴﺖ ﻣﻨﺪهﺸﺔ ،دون أن أﻓﻬﻢ ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ ﺣﺎوﻟﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎﻩ .آﺎﻧﺖ اﻷﺻﻮات أوّل ﻣﺎ ﺷﺎهﺪﺗﻪ ،ﺟﻮﻗﺔ ﺗﺮﺗّﻞ أﻟﺤﺎﻧًﺎ ﺳﻤﺎوﻳّﺔ ،ﺁﺗﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﻴﺪ، ﺗﻘﺘﺮب ﺣﻴﻨًﺎ وﺗﺒﺘﻌﺪ أﺣﻴﺎﻧًﺎ آﻤﺎ ﻟﻮ أﻧّﻬﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﻬﻮاء ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻷﺳﻘﻒ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺮﻳﻢ:
5
"ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻚ ،أﻃﻠﺒﻲ اﻟﺼﻔﺢ ﻣﻦ اﷲ ،ﻋﻠﻰ آ ّ ﻞ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ أَهﻨِﺘِﻪ ﺑﻬﺎ ،ﻟﺘﺸﺎرآﻲ ﺑﺠﺪارة ﻓﻲ اﻣﺘﻴﺎز ﺣﻀﻮرك ﻟﻠﻘﺪّاس". ﺧﻼل ﻟﺤﻈﺔ ﻓﻜّﺮت أﻧّﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻨﻌﻤﺔ ،ﻷﻧّﻨﻲ اﻋﺘﺮﻓﺖ ﻣﺴﺎء أﻣﺲ .أﺟﺎﺑﺘﻨﻲ ﻣﺮﻳﻢ :أﺗﻌﺘﻘﺪﻳﻦ أﻧّﻚ ﻟﻢ ﺗﻬﻴﻨﻲ ﻳﺴﻮع ﻣﻨﺬ ﻟﻴﻠﺔ أﻣﺲ؟ إﺳﻤﺤﻲ أن أذآّﺮك ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ :أﺛﻨﺎء اﻟﻄﺮﻳﻖ ،اﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻚ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪك ﻟﺘﺘﺤﺪّث إﻟﻴﻚ وﻷﻧّﻚ آﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻠﺔ ﻣﻦ أﻣﺮك ،أﺟﺒﺘﻬﺎ ﺑﺨﺸﻮﻧﺔ وﺑﺪون اﺣﺘﺮام .هﺬا اﻟﺘﺼﺮّف آﺎن ﻧﻘﺼًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻚ .وﺗﺪّﻋﻴﻦ أﻧّﻚ ﻟﻢ ﺗﺴﻴﺌﻲ إﻟﻰ اﷲ؟ ﺧﻼل ﻃﺮﻳﻘﻚ إﻟﻰ هﻨﺎ أﻳﻀًﺎ ،أزﻋﺠﻚ أوﺗﻮﺑﻴﺲ ﻣﺴﺮع، ﻓﻘﻠﺖ آﻠﻤﺎت ﻏﺎﺿﺒﺔ ﺿﺪّ هﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ،ﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وأﻧﺖ ﺗﺼﻠّﻴﻦ ﺗﺤﻀﻴﺮًا ﻟﻠﻘﺪّاس. ﻟﻘﺪ ﻗﻠّﻠﺖ ﻣﺤﺒّﺔ وﻓﻘﺪت ﺻﺒﺮك وﺳﻼﻣﻚ .وﺗﻘﻮﻟﻴﻦ أﻧّﻚ ﻟﻢ ﺗﺴﻴﺌﻲ إﻟﻰ اﷲ؟ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﻘﺪّاس ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧﻴﺮة ،وﺗﺮﻳﺪﻳﻦ اﻟﻤﺸﺎرآﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس دون ﺗﺤﻀﻴﺮ ﻣﺴﺒﻖ. ﻧﻌﻢ ﻣﺎﻣﺎ ،أَﺟَﺒَ ْ ﺖ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻻ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻟﻲ أآﺜﺮ ،ﻻ ﺗﺬآّﺮﻳﻨﻲ ﺑﺸﻲء ﺁﺧﺮ ،وإﻻّ ﺳﺄﻣﻮت ﻣﻦ اﻟﺨﺠﻞ واﻷﻟﻢ. ﻟﻤﺎذا اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﺪّاس ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧﻴﺮة؟ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻜﻮﻧﻲ هﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﻟﺘﺼﻠّﻲ وﺗﻄﻠﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس أن ﻳﻌﻄﻴﻚ روح اﻟﺴﻼم وﻳﻄﺮد ﻋﻨﻚ روح اﻟﻌﺎﻟﻢ ،واﻻهﺘﻤﺎﻣﺎت واﻟﻤﺸﺎآﻞ
6
واﻟﺴﻬﻮ ،وﺗﻜﻮﻧﻲ ﺣﺎﺿﺮة ﻟﻜﻲ ﺗﻌﻴﺸﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .ﻟﻜﻨّﻚ وﺻﻠﺖ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺪّاس ،وﺑﺪأت اﻟﻤﺸﺎرآﺔ آﻤﺎ ﻟﻮ آﻨﺖ ﺗﺤﻀﺮﻳﻦ ﺣﺪﺛًﺎ ﻣﻌﻴّﻨًﺎ دون ﺗﺤﻀﻴﺮ ﻧﻔﺴﻚ روﺣﻴًّﺎ .ﻟﻤﺎذا ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ؟ اﻟﻘﺪّاس هﻮ اﻷﻋﺠﻮﺑﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ أن ﺗﻌﻴﺸﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ آﺄآﺒﺮ هﺪﻳّﺔ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﷲ ،ﻟﻜﻨّﻚ ﻻ ﺗﻘﺪّرﻳﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ. ت ﺑﺤﺰنٍ آﺒﻴﺮ ﻳﻨﺘﺎﺑﻨﻲ ،ﻓﻄﻠﺒﺖ اﻟﺼﻔﺢ ﻣﻦ اﷲ ،ﻻ ﻋﻦ ﺷﻌﺮ ُ أﺧﻄﺎء اﻟﻴﻮم ﺑﻞ ﻋﻠﻰ آﻞّ اﻟﻤﺮّات ،ﺣﻴﺚ آﻨﺖ اﻧﺘﻈﺮ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻜﺎهﻦ آﻲ أدﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،وﻋﻦ آﻞّ اﻟﻤﺮّات اﻟﺘﻲ رﻓﻀﺖ ﻓﻴﻬﺎ أن أﻓﻬﻢ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻘﺪّاس ،وآﺎﻧﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﻳﺎ وﻟﻢ أﺧﺠﻞ ﻣﻦ ﺣﻀﻮر اﻟﻘﺪّاس واﻟﺘﻨﺎول. رﻏﻢ ذﻟﻚ آﺎن اﻟﻴﻮم ﻋﻴﺪًا اﺣﺘﻔﺎﻟﻴًّﺎ وﻳﺠﺐ ﺗﺮﺗﻴﻞ اﻟﻤﺠﺪ .ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺮﻳﻢ :اﻵن ،ﻣﺠّﺪي وﺑﺎرآﻲ اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻚ ،واﻋﺘﺮﻓﻲ ﺑﺄﻧّﻚ ﻣﺨﻠﻮﻗﺘﻪ. آﻢ آﺎن هﺬا اﻟﺘﻤﺠﻴﺪ ﻣﺨﺘﻠﻔًﺎ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻳّﺎم! وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ ﻓﺠﺄة ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺁﺧﺮ ،ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻷﻧﻮار ﻓﻲ ﺣﻀﻮر ﻋﺮش اﷲ .ﻻ ﺗﺘﺼﻮّروا ﺑﺄيّ ﺣﺐّ ،وﻋﺮﻓﺎن ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ ردّدت هﺬﻩ اﻟﻜﻤﺎت: )ﺻﻼة( ﻷﺟﻞ ﻣﺠﺪك اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻧﺴﺒّﺤﻚ ،ﻧﻤﺠّﺪك، ﻧﺒﺎرآﻚ ،ﻧﻌﺒﺪك ﻧﺸﻜﺮك ﻳﺎ اﷲ ،ﻣﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎء أﻳّﻬﺎ اﻵب ﺖ وﺟﻪ اﻵب اﻟﻤﻠﻲء ﺑﺎﻟﻄﻴﺒﺔ واﻟﺤﺐّ. اﻟﻘﺪﻳﺮ ...وﺗﺨﻴّﻠ ُ ﻳﺴﻮع ،اﻻﺑﻦ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻶب ،ﺣﻤﻞ اﷲ ،اﺑﻦ اﻵب ،أﻧﺖ اﻟﺬي ﻳﺰﻳﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ...
7
وﻗﻒ ﻳﺴﻮع أﻣﺎﻣﻲ ،آﺎن وﺟﻬﻪ ﻣﻠﻴﺌًﺎ ﺑﺎﻟﺤﻨﺎن واﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ :ﻷﻧّﻚ وﺣﺪك اﷲ ،وﺣﺪك اﻟﻌﻠﻲ ،ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻣﻊ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس .وإﻟﻪ اﻟﺤﺐّ اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت آﻞّ آﻴﺎﻧﻲ ﻳﺮﺗﻌﺶ .إﻟﻬﻲ ،أرﺟﻮك ﺣﺮّرﻧﻲ ﻣﻦ آﻞّ ﻧﻔﺲ ﺷﺮﻳﺮة ،ﺧﺬ ﻗﻠﺒﻲ ،هﻮ ﻟﻚ ،أرﺳﻞ ﻟﻲ ﺳﻼﻣﻚ آﻲ أﻧﺎل أآﺒﺮ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻦ هﺬﻩ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ وأﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻋﻄﻲ أﻓﻀﻞ اﻟﺜﻤﺎر ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ...ﺑﺪّﻟﻨﻲ ﻳﺎ روح اﷲ اﻟﻘﺪّوس ،إﻋﻤﻞ ﻓﻲ ،ﺧﺬ ﺣﻴﺎﺗﻲ .أﻋﻄﻨﻲ اﻟﻤﻮاهﺐ اﻟﺘﻲ أﺣﺘﺎﺟﻬﺎ ﻟﺨﺪﻣﺘﻚ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ. وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻟﻴﺘﻮرﺟﻴﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ اﻟﻌﺬراء أن أردّد هﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺎت" :إﻟﻬﻲ ،أرﻳﺪ اﻟﻴﻮم أن أﺳﺘﻤﻊ إﻟﻰ آﻠﻤﺘﻚ ،وأن أﺣﻤﻞ اﻟﺜﻤﺎر اﻟﻜﺜﻴﺮة ،أرﺳﻞ روﺣﻚ اﻟﻘﺪّوس ،ﻧﻈّﻒ أرض ﻗﻠﺒﻲ ﺣﺘّﻰ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻲّ آﻠﻤﺘُﻚ، ﻃﻬّﺮ ﻗﻠﺒﻲ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺴﺘﻌﺪًّا ﻟﻚ. ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻣﺮﻳﻢ :أرﻳﺪ أن ﺗﻨﺘﺒﻬﻲ إﻟﻰ ﻋﻈﺔ اﻟﻜﺎهﻦ .ﺗﺬآّﺮي أنّ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس ﻳﻘﻮل إنّ آﻠﻤﺔ اﷲ ﻻ ﺗﺬهﺐ دون أن ﺗﻌﻄﻲ ﺛﻤﺎرًا .إذا آﻨﺖ ﻣﺘﻨﺒﻬﺔ ،ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻴﻚ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺬي ﺳﻤﻌﺘﻪ .وﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺘﺬآّﺮي ﻃﻮال اﻟﻨﻬﺎر هﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮآﺖ ﻓﻴﻚ أﺛﺮًا .أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺗﻜﻮن ﺟﻤﻠﺔ أو أآﺜﺮ وأﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺧﺮى ﻳﻜﻮن ﻧﺺّ اﻹﻧﺠﻴﻞ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ أو آﻠﻤﺔ واﺣﺪة ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺘﻠﺬّذﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﻮال اﻟﻴﻮم .وهﺬا ﻳﺘﻌﺰّز ﻓﻲ داﺧﻠﻚ ﻷﻧّﻬﺎ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻔﻀﻠﻰ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة وﺗﺠﺴﻴﺪ آﻠﻤﺔ اﷲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ .واﻵن ﻗﻮﻟﻲ ﻟﻴﺴﻮع ،إﻧّﻚ هﻨﺎ ﻟﺘﺴﺘﻤﻌﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ.
8
ﺪدًا ﻳﺴﻮع ﻷﻧّﻪ ﻳﻌﻄﻴﻨﻲ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻷﺗﺴﻤّﻊ إﻟﻰ ﺷﻜﺮت ﻣﺠ ّ آﻼﻣﻪ ،وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ اﻟﺴﻤﺎح ﻷﻧّﻨﻲ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﻗﺎس ﻣﺘﺼّﻠﺐ ﺧﻼل اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻮات ،وﻷﻧّﻨﻲ ﻋﻠّﻤﺖ أوﻻدي ﻋﻠﻰ اﻟﺬهﺎب إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻻ ﺣﺒًّﺎ وﺣﺎﺟﺔ ﻟﻴﻤﺘﻠﺌﻮا ﻣﻦ اﷲ ،ﺑﻞ آﻮاﺟﺐ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﻪ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﺁﻩ ﻣﻨّﻲ ،ﻷﻧّﻨﻲ ﺣﻀﺮت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ آﻮاﺟﺐ واﻋﺘﻘﺪت أﻧّﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺨـﻠﱠﺼﻴﻦ... أي أﻟﻢ ﺷﻌﺮت ﺑﻪ ﻟﻀﻴﺎع هﺬا اﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻴﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﻬﻠﻲ ...أي ﺳﻄﺤﻴﺔ ﺧﻼل ﺳﻤﺎع اﻟﻘﺪّاس ،أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن هﻨﺎك اﺣﺘﻔﺎل ﺑﺰواج ،أو ﺻﻼة ﻋﻠﻰ ﻣﻴﺖ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨّﺎ ﻧﻌﻤﻞ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ آﻲ ﻳﺮاﻧﺎ اﻵﺧﺮون! ﻣﺎ هﺬا اﻟﻐﺒﺎء ﺗﺠﺎﻩ آﻨﻴﺴﺘﻨﺎ وﺗﺠﺎﻩ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺎت! ﻣﺎ هﺬﻩ اﻟﻬﺸﺎﺷﺔ ﻓﻲ إرادﺗﻨﺎ وﺗﺜﻘﻴﻔﻨﺎ ﻷﻣﻮر اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺰاﺋﻠﺔ ﺑﻠﻤﺢ اﻟﺒﺼﺮ ،واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻀﻴﻒ دﻗﻴﻘﺔ إﻟﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ...ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﺮف ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺮﺑﺢ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﺛﻢّ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﻧﻌﺘﺒﺮ أﻧﻔﺴﻨﺎ رﺟﺎﻻً وﻧﺴﺎءً ﻣﺜﻘّﻔﻴﻦ! ...وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻘﺪﻳﻤﺎت ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺮﻳﻢ: ﺻﻠّﻲ هﻜﺬا :إﻟﻬﻲ ،أﻗﺪّم ﻟﻚ آﻴﺎﻧﻲ ،وآﻞّ ﻣﺎ أﻣﻠﻜﻪ أﺿﻌﻪ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ .إﻟﻬﻲ ،أرﻓﻊ آﻴﺎﻧﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮ، ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﺑﻨﻚ ،ﺣﻮّﻟﻨﻲ أﻳّﻬﺎ اﻹﻟﻪ اﻟﻘﺪّوس ،إﺷﻔﻊ ﺑﻌﺎﺋﻠﺘﻲ ،ﺑﺎﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ إﻟﻲّ ،ﺑﻜﻞّ ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد رﻋﻴّﺘﻲ، وﺑﻜﻞّ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻨﺎزﻋﻮن وﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨّﻲ أن أﺻﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ. ﻋﻠّﻤﻨﻲ أن أآﻮن ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ اﻟﻘﻠﺐ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻃﺮﻳﻘﻲ أﻗﻞّ ﺻﻌﻮﺑﺔ وﻗﺴﺎوة.
9
هﻜﺬا ﺻﻠّﻰ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن وهﻜﺬا أرﻳﺪك أن ﺗﺼﻠّﻲ أﻧﻈﺮوا ﻣﺎذا ﻳﺮﻳﺪ ﻳﺴﻮع أن ﻧﻔﻌﻞ :أن ﻳﺘﻮاﺿﻊ ﻗﻠﺒﻨﺎ ،آﻲ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ اﻟﺒﺸﺮ ﺑﻘﺴﺎوﺗﻨﺎ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ،أن ﻧﺨﻔّﻒ ﻣﻦ ﺁﻻم اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻌﺮون أﻧّﻬﻢ ﻣﺪاﺳﻮن ﺗﺤﺖ اﻷرﺟﻞ. ﻓﺠﺄة وﺟﺪت أﺷﺨﺎﺻًﺎ ﻟﻢ أرهﻢ ﻗﺒﻼً ،آﺎن آﻞّ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻘﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ آﻞّ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،وهﻜﺬا اﻣﺘﻸت اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص راﺋﻌﻲ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻳﻠﺒﺴﻮن ﺛﻴﺎﺑًﺎ ﺑﻴﻀﺎء ،ﺗﻮﺟّﻬﻮا ﻧﺤﻮ وﺳﻂ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ اﻟﻤﺬﺑﺢ .ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺮﻳﻢ: أﻧﻈﺮي ،هﺆﻻء هﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺤﺮّاس ،ﻟﻜﻞّ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻮﺟﻮدﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .إﻧّﻬﺎ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻼك اﻟﺤﺎرس ﺗﻘﺪﻳﻤﺎﺗﻜﻢ وﺻﻠﻮاﺗﻜﻢ إﻟﻰ ﻣﺬﺑﺢ اﷲ. ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺪهﺸﺔ ،ﻷنّ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وﺟﻮهًﺎ ﻣﺸﺮﻗﺔ وراﺋﻌﺔ اﻟﺠﻤﺎل ،أرﺟﻠﻬﻢ اﻟﺤﺎﻓﻴﺔ ﻻ ﺗﻄﺄ اﻷرض ...آﺎن هﺬا اﻟﺘﻄﻮاف ﺟﻤﻴﻼً .ﺑﻌﻀﻬﻢ آﺎن ﻳﺤﻤﻞ إﻧﺎء ﻣﻦ ذهﺐ ﺗﺸﻊّ ﻣﻨﻪ أﻧﻮار ﻣﺬهّﺒﺔ .ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻌﺬراء :إنّ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻳﻘﺪّﻣﻮن ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺪّاس ﺗﻘﺎدم اﻟﻤﺼﻠّﻴﻦ ،اﻟﻮاﻋﻴﻦ ﻣﻌﻨﻰ هﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎل واﻟﺬﻳﻦ ﻋﻨﺪهﻢ ﺷﻲء ﻳﻘﺪّﻣﻮﻧﻪ ﷲ... ﻗﺪّﻣﻲ أﺗﻌﺎﺑﻚ ،ﺁﻻﻣﻚ ،أﻓﺮاﺣﻚ ،أﺣﺰاﻧﻚ وﻃﻠﺒﺎﺗﻚ. ﺗﺬآّﺮي أنّ ﻟﻠﻘﺪّاس ﻗﻴﻤﺔ ﻻ ﻣﺘﻨﺎهﻴﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ آﻮﻧﻲ آﺮﻳﻤﺔ ﺑﺘﻘﺎدﻣﻚ وﻃﻠﺒﺎﺗﻚ.
10
وراء اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻷواﺋﻞ ،ﺷﺎهﺪت ﻣﻼﺋﻜﺔ ﺁﺧﺮون ،ﻻ ﻳﺤﻤﻠﻮن ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﻲ أﻳﺪﻳﻬﻢ .ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺮﻳﻢ :إﻧّﻬﻢ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ورﻏﻢ ﺣﻀﻮرهﻢ ،ﻟﻢ ﻳﻘﺪّﻣﻮا ﺷﻴﺌًﺎ ﷲ ،ﻷﻧّﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﺘﻤّﻴﻦ ﺑﻌﻴﺶ ﻟﻴﺘﻮرﺟﻴﺔ اﻟﻘﺪّاس ،وﻻ ﻳﻘﺪّﻣﻮن ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻤﺬﺑﺢ اﻟﺮبّ ...ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﻄﻮاف ،رأﻳﺖ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺰن، ﻳﺠﻤﻌﻮن أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻟﻠﺼﻼة ،وﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺣﻴﺎء .إﻧّﻬﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺤﺮاس ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﻤﻮﺟﻮدﻳﻦ هﻨﺎ ﺟﺴﺪﻳًّﺎ ﻟﻜﻦ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج ،ﻻ رﻏﺒﺔ ﻋﻨﺪهﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎرآﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪاس ،ﻟﺬﻟﻚ هﻢ ﻳﺘﻘﺪّﻣﻮن ﺑﺤﺰن ،ﻷنّ ﻻ ﺷﻲء ﻳﻘﺪّﻣﻮﻧﻪ إﻟﻰ ﻣﺬﺑﺢ اﻟﺮبّ ،ﺳﻮى ﺻﻠﻮاﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻّﺔ .وأﺿﺎﻓﺖ ﻣﺮﻳﻢ :ﻻ ﺗُﺤﺰﻧﻲ ﻣﻼآﻚ اﻟﺤﺎرس .ﺻﻠّﻲ آﺜﻴﺮًا ﻷﺟﻞ ﺗﻮﺑﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌﻴﻦ ،ﻷﺟﻞ اﻟﺴﻼم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻷﺟﻞ ﻋﺎﺋﻠﺘﻚ وﻟﻜﻞّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﺻﻠﻮاﺗﻚ ،ﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﺟﻠﻚ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ .ﺗﺬآّﺮي أنّ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ اﻷﺟﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ اﷲ ،ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻣﺔ ذاﺗﻚ آﺬﺑﻴﺤﺔ ﺣﺘّﻰ ﻳﺤﻮّﻟﻚ ﻳﺴﻮع ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻪ ﻋﻨﺪ ﺣﻠﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻚ. ﻣﺎذا ﺗﻘﺪّﻣﻴﻦ ﻟﻸب؟ ﻗﺪّﻣﻲ ﻋﺪﻣﻚ وﺧﻄﻴﺌﺘﻚ ،ﻟﻜﻦ إذا ﻗﺪّﻣﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺎﻻﺗﺤﺎد ﻣﻊ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﻳﺴﻮع ،ﺗﻜﻮن ﺗﻘﺪﻣﺘﻚ أﺟﻤﻞ. آﺎن هﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ ،وهﺬا اﻟﺘﻄﻮاف ﺟﻤﻴﻼً وﻻ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻪ أو ﺗﺸﺒﻴﻬﻪ ﺑﺄي ﻣﺸﻬﺪ ﺁﺧﺮ ،آﺎﻧﺖ آﻞّ هﺬﻩ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ ﻣﻨﺤﻨﻴﺔ أﻣﺎم اﻟﻤﺬﺑﺢ ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﺘﻘﺪﻳﻤﺎت ﻋﻠﻰ اﻷرض واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ رؤوﺳﻬﺎ ﺗﻼﻣﺲ اﻷرض .ﺛﻢّ اﺧﺘﻔﺖ ﻋﻦ ﻧﻈﺮي.
11
ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻬﺖ هﺬﻩ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﻤﺼﻠّﻮن ﺑﺎﻟﻘﺪّوس ﻗﺪّوس ﻗﺪّوس اﺧﺘﻔﻰ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ وراء اﻟﻤﺼﻠّﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎر اﻷﺳﻘﻒ وﻣﻦ اﻟﺨﻠﻒ ،ﻇﻬﺮ ﺁﻻف اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﺻﻐﺎرًا وآﺒﺎرًا، ﺑﻌﻀﻬﻢ ذوو أﺟﻨﺤﺔ آﺒﻴﺮة وﺁﺧﺮﻳﻦ ﺑﺄﺟﻨﺤﺔ ﺻﻐﻴﺮة وﻗﺴﻢ ﺁﺧﺮ ﺑﺪون أﺟﻨﺤﺔ .ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ آﺎﻧﻮا ﻳﺮﺗﺪون ﺑﺪﻻت ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺜﻴﺎب اﻟﺮهﺒﺎن واﻟﻜﻬﻨﺔ. رآﻌﻮا ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ،وﺟﻤﻌﻮا أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻟﻠﺼﻼة وأﺣﻨﻮا رؤوﺳﻬﻢ إﺟﻼﻻً .ﺗﻌﺎﻟﺖ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ راﺋﻌﺔ ،وﺳﻤﻌﺖ أﺻﻮاﺗًﺎ ﻣﺘﻌﺪّدة آﻠّﻬﺎ ﺗﺮﺗّﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ :ﻗﺪّوس ﻗﺪّوس ﻗﺪّوس. هﺎ ﻧﺤﻦ اﻵن ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻜﺮﻳﺲ ،ﻟﺤﻈﺔ اﻷﻋﺎﺟﻴﺐ اﻷآﺜﺮ روﻋﺔ ...ﻋﻠﻰ ﻳﻤﻴﻦ اﻷﺳﻘﻒ ،وﻋﻠﻰ ﺧﻂّ ﻣﺎﺋﻞ إﻟﻰ اﻟﻮراء رأﻳﺖ ﺁﻻﻓًﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ،ﻳﺮﺗﺪون ﻧﻔﺲ اﻟﺒﺪﻻت وﻟﻜﻦ ﺑﺄﻟﻮان اﻟﺒﺎﺳﺘﻴﻞ :اﻟﺰهﺮي ،اﻷﺧﻀﺮ ،اﻷزق اﻟﺴﻤﺎوي ،اﻟﺰﻧﺒﻖ واﻷﺻﻔﺮ، أﻟﻮان ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وراﺋﻌﺔ. آﺎﻧﺖ وﺟﻮﻩ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺗﺘﺂﻟﻒ ﻓﺮﺣًﺎ ،وآﺄﻧّﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ واﺣﺪ، وﺟﻮهﻬﻢ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ،ﺑﺪون ﺗﺠﺎﻋﻴﺪ ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺴﻌﺎدة. ﺳﺠﺪوا آﻠّﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺗﺮﺗﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪّوس. ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ اﻟﺴﻴّﺪة اﻟﻌﺬراء" :هﺆﻻء هﻢ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن واﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﻮن واﻟﻤﺒﺘﻬﺠﻮن ﺑﺤﻀﻮر اﷲ" .ﺛﻢّ رأﻳﺖ اﻟﺴﻴّﺪة وهﻲ إﻟﻰ ﻳﻤﻴﻦ اﻷﺳﻘﻒ ﺧﻄﻮة إﻟﻰ اﻟﻮراء .آﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻋﻦ اﻷرض ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء ﺳﺎﺟﺪة ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺎش ﻣﻦ اﻟﻔﻮال اﻟﻨﺎﻋﻢ اﻟﺸﻔّﺎف اﻟﻤﻨﻮر ،آﺎﻟﻤﻴﺎﻩ اﻟﺒﻠﻮرﻳّﺔ ،آﺎﻧﺖ ﺗﺠﻤﻊ ﻳﺪﻳﻬﺎ وﺗﻨﻈﺮ ﺑﺎهﺘﻤﺎم واﺣﺘﺮام إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺘﻔﻞ ﺑﺎﻟﻘﺪّاس .ﺣﺪﺛّﺘﻨﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻦ هﻨﺎك، ﺑﺼﻤﺖ ،وﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ،ﺑﺪون اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻲّ ﻓﻘﺎﻟﺖ:
12
أﻧﺖ ﻣﺘﻌﺠّﺒﺔ ﻟﺮؤﻳﺘﻲ وراء اﻷﺳﻘﻒ .أﻟﻴﺲ آﺬﻟﻚ؟ هﺬا ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ...رﻏﻢ ﺣﺒّﻪ ﻟﻲ ،ﻟﻢ ﻳﻌﻄﻨﻲ أﺑﺘﻲ اﻟﺸﺮف اﻟﺬي ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻟﻠﻜﺎهﻦ ،وهﻮ أن أﺣﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ آﻞّ ﻳﻮم أﻳﺪي اﻟﻤﻜﺮّﺳﻴﻦ .إﻋﻠﻤﻲ ﻟﻤﺎذا أﺷﻌﺮ ﺑﺎﺣﺘﺮام ﺑﺎﻟﻎ ﻟﻠﻜﺎهﻦ وﻟﻸﻋﺠﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ اﷲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،ﻣﻤّﺎ ﻳﺤﻤﻠﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺠﻮد هﻨﺎ. ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ،ﻣﺎ هﺬا اﻻﻣﺘﻴﺎز ،أي ِﻧﻌَﻢ ﺗﻨﺸﺮهﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮس اﻟﻜﻬﻨﺔ ،وﻧﺤﻦ ﻏﻴﺮ واﻋﻴﻦ ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺮّ ،ﺣﺘّﻰ إنّ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻏﻴﺮ واﻋﻴﻦ ﻟﻬﺬا. ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻤﺬﺑﺢ ،ﻇﻬﺮت ﻇﻼل أﺷﺨﺎص ﺑﻠﻮن رﻣﺎدي ،ﻳﺮﻓﻌﻮن أﻳﺪﻳﻬﻢ إﻟﻰ اﻷﻋﺎﻟﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء :إﻧّﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﺒﺎرآﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺻﻠﻮاﺗﻜﻢ ﻟﺘﺠﺪ ﺑﻌﺾ اﻻﻧﺘﻌﺎش .هﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮس ﺗﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻜﻢ وﻟﻜﻨّﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ﻷﺟﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻟﺘﺨﺮج إﻟﻰ ﻟﻘﺎء اﷲ وﺗﻬﻨﺄ ﺑﻪ ﻟﻸﺑﺪ... وآﻤﺎ ﺗﺮﻳﻦ ،أﻧﺎ داﺋﻤًﺎ هﻨﺎ ...ﻳﺬهﺐ اﻟﻨﺎس رﺣﻼت ﺣ ّ ﺞ إﻟﻰ أﻣﺎآﻦ ﻇﻬﻮراﺗﻲ ﻷﺟﻞ آﻞّ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺎﻟﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺎآﻦ وﻟﻜﻨّﻨﻲ ﻻ أﻃﻴﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن ﻣﻦ ﻇﻬﻮراﺗﻲ ،آﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ. ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ أن ﺗﺠﺪﻳﻨﻲ داﺋﻤًﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﻤﺬﺑﺢ ﺣﻴﺚ ﻳﺘ ّ ﻢ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ .أﻧﺎ داﺋﻤًﺎ ﺣﺎﺿﺮة ﻋﻨﺪ ﺑﺎب ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺮﺑﺎن ﻣﻊ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻷﻧّﻨﻲ ﻻ أﻧﻔﺼﻞ أﺑﺪًا ﻋﻦ ﻳﺴﻮع.
13
رؤﻳﺔ وﺟﻪ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺮاﺋﻊ اﻟﺠﻤﺎل أﺛﻨﺎء اﻟﻘﺪّاس ،آﻤﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر ﺣﺪوث اﻷﻋﺠﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺮّر ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ذاﺗﻬﺎ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻜّﺮ أنّ هﻨﺎك أﺷﺨﺎﺻًﺎ ﺷﺎردﻳﻦ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت، ﺣﺘّﻰ أﻧﻬﻢ ﻳﺜﺮﺛﺮون .أﻗﻮل ذﻟﻚ ﺑﺤﺴﺮة وﻷﻧّﻨﻲ ﻻ أرى رﺟﺎﻻً وﻧﺴﺎءً ﻳﻘﻔﻮن ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت ،ﻳﻀﻤّﻮن أﻳﺪﻳﻬﻢ ،وآﺄﻧّﻬﻢ ﻳﻜﺮّﻣﻮن اﷲ ﻣﻦ اﻟﻨﺪّ ﻟﻠﻨﺪّ. ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺮﻳﻢ :ﻗﻮﻟﻲ ﻟﻠﺒﺸﺮ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﻳﻜﻮن آﻤﺎ ﻳﺠﺐ إﻻّ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺜﻨﻲ رآﺒﺘﻴﻪ أﻣﺎم اﷲ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻷﺳﻘﻒ آﻼم اﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ،ﻓﺠﺄة ﺑﺪا ﺣﺠﻤﻪ ﻳﻜﺒﺮ وﻳﻤﺘﻠﺊ ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ،ﻧﻮر ﻏﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲّ ،أﺑﻴﺾ ذهﺒﻲ ،ﻳﻐﻤﺮﻩ وﻳﺼﺒﺢ أآﺜﺮ ﻗﻮّة ﻋﻨﺪ اﻟﻮﺟﻪ ،ﻟﺪرﺟﺔ إﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أﻋﺪ أﺗﺒﻴّﻦ ﻣﻼﻣﺤﻪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ رﻓﻊ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ ،اﻧﺒﻌﺜﺖ ﻣﻦ ﻇﻬﺮ ﻳﺪﻳﻪ أﻧﻮار، وﺷﺎهﺪت ﻳﺴﻮع! آﺎن هﻮ ذاﺗﻪ ،ﻳﻐﻄّﻲ اﻷﺳﻘﻒ وآﺄﻧّﻪ ﻳﻐﻤﺮ ﻳﺪﻳﻪ ﺑﺤﺐّ آﺒﻴﺮ. ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت ،ﺑﺪأت اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ ﺗﻜﺒﺮ وﺗﻨﻤﻮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ آﺒﻴﺮة وﻇﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ ﻳﺴﻮع اﻟﺮاﺋﻊ وهﻮ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺷﻌﺒﻪ .أﺧﻔﻀﺖ ﻋﻴﻨﻲّ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻﺷﻌﻮرﻳّﺔ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻲ اﻟﻌﺬراء :ﻻ ﺗﻤﻴﻠﻲ ﻧﻈﺮك ﻋﻦ ﻳﺴﻮع .إرﻓﻌﻲ ﻋﻴﻨﻴﻚ ،ﺗﺄﻣّﻠﻴﻪ ،أﻧﻈﺮي ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ وردّدي ﺻﻼة ﻓﺎﺗﻴﻤﺎ :إﻟﻬﻲ ،إﻧّﻲ ،أﻋﺒﺪ ،أرﺟﻮ وأﺣﺐّ أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ اﻟﺴﻤﺎح ﻷﺟﻞ آﻞّ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﻻ ﻳﻌﺒﺪون وﻻ ﻳﺮﺟﻮن وﻻ ﻳﺤﺒّﻮﻧﻚ ﺳﺎﻣﺢ وارﺣﻢ .واﻵن ﻚ اﻟﻤﻠﻮك. ﻗﻮﻟﻲ ﻟﻴﺴﻮع آﻢ ﺗﺤﺒّﻴﻨﻪ ،ﻋﻈّﻤﻲ ﻣَ ِﻠ ْ
14
ﻷوّل وهﻠﺔ ﺑﺪا ﻟﻲ أنّ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة آﺎﻧﺖ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻲّ وﺣﺪي ﺛﻢ وﻋﺮﻓﺖ أﻧّﻬﺎ ﺗﺘﺄﻣّﻞ آﻞّ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﺑﻨﻈﺮة ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺐّ ...أﺧﻔﻀﺖ ﺟﺒﻴﻨﻲ ﻟﻴﻼﻣﺲ اﻷرض آﻤﺎ آﺎن ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .ﺧﻼل ﻟﺤﻈﺔ ،ﻓﻜّﺮت أﻧّﻪ ﻳﺴﻮع ذاﺗﻪ اﻟﺬي ﻳﺤﻴﻂ ﺑﺠﺴﺪ اﻟﻤﺤﺘﻔﻞ وآﺎن ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ داﺧﻞ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻋﺎد اﻷﺳﻘﻒ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ، ﻋﺎدت إﻟﻰ ﺣﺠﻤﻬﺎ اﻟﺼﻐﻴﺮ .واﻣﺘﻸت وﺟﻨﺘﺎي ﺑﺎﻟﺪﻣﻮع وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ أن أﺧﺮج ﻣﻦ هﺬا اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺮاﺋﻊ. ﻣﺎ إن ﺑﺪأ اﻷﺳﻘﻒ ﺻﻼة ﺗﻜﺮﻳﺲ اﻟﺨﻤﺮ ،ﺑﺪأت ﺧﻴﻮط ﻣﻦ اﻷﻧﻮار ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺒﺮق ﺗﻠﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء وﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ .ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﻦ ﺳﻘﻒ وﻻ ﺟﺪران .آﺎن آﻞّ ﺷﻲء ﻣﻌّﺘﻤًﺎ ،وﻟﻢ ﻳﺒﻖَ ﺳﻮى ذﻟﻚ اﻟﻨﻮر اﻟﻤﺘﻸﻟﺊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ. ﻓﺠﺄة رأﻳﺖ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺼﻠﻮب ﻣﻌّﻠﻘًﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ﻣﻦ اﻟﺮأس ﺣﺘّﻰ اﻟﺨﺼﺮ .وآﺎن اﻟﺼﻴﺐ ﻣﺤﻤﻮﻻً ﺑﺄﻳﺪٍ آﺒﻴﺮة وﻗﻮﻳّﺔ ﻣﻦ وﺳﻂ هﺬا اﻟﺠﻤﺎل اﻧﺒﺜﻖ ﻧﻮر ﺻﻐﻴﺮ ﻳﺸﺒﻪ ﺣﻤﺎﻣﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻨﻴﺮة ﺟﺪًّا ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ آﻞّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺛﻢّ ﻋﺎدت ﻟﺘﻘﻒ ﻋﻠﻰ آﺘﻒ اﻷﺳﻘﻒ ﻟﺠﻬﺔ اﻟﺸﻤﺎل ،ﻓﺘﺤﻮّل إﻟﻰ ﻳﺴﻮع ﻷﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺗﺒﻴّﻦ ﺷﻌﺮﻩ اﻟﻨﺎﻋﻢ ،وﺳﻤﺎﺗﻪ اﻟﻨﻮراﻧﻴّﺔ وﺟﺴﺪﻩ اﻟﻜﺒﻴﺮ وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻢ أرَ وﺟﻬﻪ. ﻓﻲ اﻷﻋﻠﻰ ،ﺑﻘﻲ وﺟﻪ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺼﻠﻮب ﻣﻨﺤﻨﻴًﺎ ﺻﻮب اﻟﻜﺘﻒ اﻟﺸﻤﺎل .آﺎﻧﺖ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﻀﺮب واﻟﺠﺮوﺣﺎت ﺑﺎدﻳﺔً ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ وﻳﺪﻳﻪ .وﻋﻨﺪ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻴﺴﺮى ﻣﻦ اﻟﺼﺪر ،ﺑﺪا ﺟﺮح آﺒﻴﺮ ﻳﺘﺪﻓّﻖ ﻣﻨﻪ دم وﻣﺎء ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﻴﻤﻴﻦ .وآﺎﻧﺖ ﺷﻌﺎﻋﺎت اﻟﻨﻮر ﺗﺘّﺠﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺤﺮآﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻴﻤﻴﻦ واﻟﺸﻤﺎل .دهﺸﺖ
15
أﻣﺎم آﻤﻴّﺔ اﻟﺪم اﻟﺘﻲ ﻓﺎﺿﺖ ﻣﻦ اﻟﻜﺄس دون أن ﺗﻘﻊ ﻣﻨﻬﺎ أﻳّﺔ ﺑﻘﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ. ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ اﻟﻌﺬراء :هﺬﻩ هﻲ أﻋﺠﻮﺑﺔ اﻷﻋﺎﺟﻴﺐ .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﷲ ،ﻻ وﺟﻮد ﻟﻠﻮﻗﺖ وﻻ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺔ ﺧﻼل ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻜﺮﻳﺲ، إذ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻤﺼﻠّﻮن إﻟﻰ رﺟﻠﻲ اﻟﻤﺼﻠﻮب ،ﺳﺎﻋﺔ ﺻﻠﺐ ﻳﺴﻮع .هﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ أن ﻳﺘﺼﻮّر ذﻟﻚ؟ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ أﻋﻴﻨﻨﺎ أن ﺗﺮى ،ﻟﻜﻨّﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ هﻨﺎ ،ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﺣﻴﻦ ﻳﺼﻠﺐ ﻳﺴﻮع وﻳﻄﻠﺐ اﻟﺴﻤﺎح ﻻ ﻟﻘﺎﺗﻠﻴﻪ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ وآﻞّ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ :أﺑﺖِ اﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﻷﻧّﻬﻢ ﻻ ﻳﺪرون ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن. اﺑﺘﺪاءً ﻣﻦ هﺬا اﻟﻴﻮم ،ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﻬﻤّﻨﻲ إذا اﻋﺘﺒﺮﻧﻲ اﻵﺧﺮون ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ أم ﻻ ،ﺑﺖّ أﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺴﺠﻮد وأن ﻳﻌﻴﺸﻮا ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ وﺑﻜﻞّ أﺣﺎﺳﻴﺴﻬﻢ هﺬا اﻻﻣﺘﻴﺎز اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ إﻳّﺎهﺎ اﷲ. ﻋﻨﺪﻣﺎ وﻗﻔﻨﺎ ﻟﻠﺒﺪء ﺑﺼﻼة اﻷﺑﺎﻧﺎ ،ﺗﺤﺪّث ﻳﺴﻮع ﻷوّل ﻣﺮّة ﺧﻼل اﻟﻘﺪّاس وﻗﺎل :أرﻳﺪك أن ﺗﺼﻠّﻲ ﻣﻦ ﻋﻤﻖ أﻋﻤﺎﻗﻚ وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻴﻦ ،ﺗﺬآّﺮي ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت آﻞّ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ أهﺎﻧﻮك ﺑﺎﻷآﺜﺮ، واﻏﻤﺮﻳﻬﻢ وﻗﺒّﻠﻴﻬﻢ وﻗﻮﻟﻲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻚ :ﺑﺎﺳﻢ ﻳﺴﻮع ،أﻧﺎ أﺳﺎﻣﺤﻚ وأﺗﻤﻨّﻰ ﻟﻚ اﻟﺴﻼم .إذا آﺎن هﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺴﺘﺤﻘّﻮن اﻟﺴﻼم ،ﺳﻴﻘﺒﻠﻮﻩ وﻳﻨﺎﻟﻮن ﻣﻨﻪ آﻞّ ﺧﻴﺮ ،وإذا آﺎﻧﻮا ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻼم ،ﻓﺈنّ اﻟﺴﻼم ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻚ ،وﻟﻜﻨّﻨﻲ ﻻ أرﻳﺪ أن ﺗﺄﺧﺬي أو ﺗﻌﻄﻲ اﻟﺴﻼم ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ،إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻗﺎدرة
16
ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﺎح وﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻬﺬا اﻟﺴﻼم ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ أوّﻻً .وﺗﺎﺑﻊ ﻳﺴﻮع ﻓﻘﺎل ﻟﻲ :اﻧﺘﺒﻬﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻴﻦ، أﻧﺖ ﺗﻜﺮّرﻳﻦ ﻓﻲ اﻷﺑﺎﻧﺎ "اﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ آﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﻐﻔﺮ ﻟﻤﻦ أﺧﻄﺄ إﻟﻴﻨﺎ" إذا آﻨﺖ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﺎح دون أن ﺗﻨﺴﻲ اﻹﺳﺎءة ،ﻓﺄﻧﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻀﻌﻴﻦ ﺷﺮوﻃًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﻔﺮة اﷲ وآﺄﻧّﻚ ﺗﻘﻮﻟﻴﻦ ﷲ :اﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي أﻧﺎ أﻗﺪر ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻔﺮان ﻓﻘﻂ. ﻻ أدري آﻴﻒ أﻋﺒّﺮ ﻋﻦ أﻟﻤﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮﻓﺖ آﻢ ﻧﺤﻦ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﺮح ﻳﺴﻮع وآﻢ ﻧﺴﻲء إﻟﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ أﺣﻘﺎدﻧﺎ وﺷﻌﻮرﻧﺎ ﻋﻘَﺪﻧﺎ وﺣﺴﺎﺳﻴّﺎﺗﻨﺎ اﻟﺴﻴّﺊ وإﺳﺎءاﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ ﻣﻦ ﺧﻼل ِ اﻟﻤﻔﺮﻃﺔ .ﺳﺎﻣﺤﻮا ،ﺳﺎﻣﺤﻮا ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ واﻃﻠﺒﻮا اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻠﺬﻳﻦ أﺳﺎءوا إﻟﻴﻜﻢ ﻟﺘﺸﻌﺮوا ﺑﺴﻼم اﻟﻤﺴﻴﺢ. ﻗﺎل اﻷﺳﻘﻒ" :أﻋﻄﻨﺎ اﻟﻠﻬﻢ اﻟﺴﻼم واﻟﻮﺣﺪة" ﺛﻢّ "ﺳﻼم اﻟﺮبّ ﻣﻌﻜﻢ" ﻓﺠﺄة رأﻳﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﺎﻓﺤﻮن ﺑﻌﻀﻬﻢ )ﻟﻴﺲ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ( ﻧﻮرًا آﺜﻴﻔًﺎ ﻳﺤﻂّ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻬﻤﺖ أﻧّﻪ ﻳﺴﻮع، ﻓﺄﺳﺮﻋﺖ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ إﻟﻰ ﻣﺼﺎﻓﺤﺔ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي آﺎن إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻲ .اﺳﺘﻄﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن أﺷﻌﺮ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻨﻮر ﺿﻤّﺔ ﻳﺴﻮع ،آﺎن ﻳﻐﻤﺮﻧﻲ ﻟﻴﻌﻄﻴﻨﻲ ﺳﻼﻣﻪ ،ﻷﻧّﻨﻲ آﻨﺖ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﺎح وﺗﺤﺮﻳﺮ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻦ آﻞّ ﺣﻘﺪ ﺿﺪّ أي إﻧﺴﺎن .هﺬا ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﻳﺴﻮع ،ﻣﺸﺎرآﺔ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻔﺮح هﺬﻩ ﺑﻌﻨﺎق ﻟﻨﺠﺪ اﻟﺴﻼم. وﺻﻠﺖ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﺤﺘﻔﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘﺪّاس ﻓﻜﺎن آﻞّ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻗﻔﻴﻦ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻷﺳﻘﻒ .وﻓﻴﻤﺎ آﺎن ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺮﻳﻢ :هﺬﻩ هﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺼﻼة ﻷﺟﻞ اﻟﻤﺤﺘﻔﻞ
17
وآﻞّ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺎﻋﺪوﻧﻪ ردّدي ﻣﻌﻲ :ﺑﺎرآﻬﻢ ﻳﺎ أﷲ ،أﺣﺒّﻬﻢ ،اهﺘﻢّ ﺑﻬﻢ ،أﻋﻀﺪهﻢ ﺑﺤﺒّﻚ وﻃﻬّﺮهﻢ. ﺗﺬآّﺮي ﺟﻤﻴﻊ آﻬﻨﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻞ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻜﺮّﺳﺔ... أﻳّﻬﺎ اﻹﺧﻮة اﻷﺣﺒّﺎء ،ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺼﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻬﻢ ﻷﻧّﻬﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،آﻤﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴّﻴﻦ .أﺣﻴﺎﻧًﺎ آﺜﻴﺮة ،ﻳﺘﻄﻠّﺐ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴّﻮن آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ ،وﻻ ﻳﺬآﺮوﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻠﻮاﺗﻬﻢ، ﻣﺘﻨﺎﺳﻴﻦ أﻧّﻬﻢ ﺑﺸﺮ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة ،ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﻔﻬّﻤﻬﻢ ،وﻧﺴﺎﻋﺪهﻢ وﻧﺤﺒّﻬﻢ وﻧﻬﺘﻢّ ﺑﻬﻢ ،ﻷﻧّﻬﻢ ﻳﻌﻄﻮن اﻟﺤﻴﺎة ﻟﻜﻞّ واﺣﺪٍ ﻣﻨّﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎل ﻳﺴﻮع ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻜﺮّﺳﻬﻢ ﻟﻪ. ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮبّ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻴﻊ اﻟﺬي ﺳﻠّﻤﻪ إﻳّﺎﻩ اﷲ ،أن ﻳﺼﻠّﻲ وﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﻜﺎهﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ وﺣﻴﻦ ﻧﺼﺒﺢ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﻠﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة ﺳﻨﻔﻬﻢ ﻣﻌﻨﻰ اﻷﻋﺎﺟﻴﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﺬي أوﺟﺪﻩ ﻟﻴﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻼص ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﻤﺼﻠّﻮن ﻳﺘﻮﺟّﻬﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ﻃﻠﺐ ﻣﻨّﻲ ﻳﺴﻮع أن أﻧﺘﻈﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء ﻷﻧّﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺮﻳﻨﻲ ﺷﻴﺌًﺎ .وﺑﺈﻟﻬﺎم داﺧﻠﻲّ ،ﺗﻄﻠّﻌﺖ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻴّﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺪّم ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ .ﻻﺣﻈﺖ أﻧّﻬﺎ هﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّﻣﺖ ﻣﻦ ﺳﺮّ اﻻﻋﺘﺮاف ﻗﺒﻞ ﺑﺪء اﻟﻘﺪّاس .ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺿﻊ اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﻤﻬﺎ ،ﺷﻊّ ﻧﻮر آﺜﻴﻒ ،أﺑﻴﺾ ذهﺒﻲّ ﻓﻲ ﻓﻤﻬﺎ ﺛﻢّ دار ﺣﻮل آﺘﻔﻴﻬﺎ وﺻﺪرهﺎ ورأﺳﻬﺎ.
18
ﻗﺎل ﻟﻲ ﻳﺴﻮع" :هﻜﺬا أﻓﺮح ﻓﻲ أن أﺿﻢّ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎوﻟﻨﻲ ﺑﻘﻠﺐ ﻃﺎهﺮ". ﻃﺒﻘﺔ ﺻﻮت ﻳﺴﻮع آﺎﻧﺖ ﺗﺪلّ ﻋﻠﻰ أﻧّﻪ ﺳﻌﻴﺪ ،وأﻧﺎ آﻨﺖ أﻧﻈﺮ ﺑﺈﻋﺠﺎب إﻟﻰ هﺬا اﻟﺼﺪﻳﻖ اﻟﻌﺎﺋﺪ إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻠﺘﻔًّﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮر ﻣﻐﻤﻮرًا ﺑﻴﺴﻮع. ﻓﻜّﺮت ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺧﺴﺮﻧﺎهﺎ آﻠّﻤﺎ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس رﻏﻢ أﺧﻄﺎﺋﻨﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮة ،ﻓﻴﻤﺎ آﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﻳﻜﻮن ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ ﻋﻴﺪًا ﺣﻘﻴﻘﻴًّﺎ. ﻓﻲ أآﺜﺮ اﻷﺣﻴﺎن ﻧﺪّﻋﻲ أﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺠﺪ آﻬﻨﺔ ﻟﻴﻌﺮّﻓﻮﻧﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﻜﺒﺮى هﻲ ﺳﻬﻮﻟﺔ وﻗﻮﻋﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮّ .ﻧﺤﻦ ﻧﻬﺘﻢّ أن ﻧﺠﺪ ﻣﻌﻬﺪًا ﺗﺠﻤﻴﻠﻴًّﺎ أو ﻣﺰﻳّﻨًﺎ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن ﻧﻔﺘّﺶ ﻋﻦ آﺎهﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺘﺨﻠّﺺ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ وﻗﺬاراﺗﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺘﻨﺎول ﻳﺴﻮع ﺑﻜﻞّ وﻗﺎﺣﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﻠﺒﻨﺎ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﺴﻴّﺌﺎت. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﺟّﻬﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ،ﻗﺎل ﻟﻲ ﻳﺴﻮع :اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻷﺧﻴﺮ ،آﺎن اﻷﻗﺮب ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ أﺣﺒّﺎﺋﻲ ،ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ،أﻧﺸﺄت ﻣﺎ هﻮ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮن اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وهﻮ أن أآﻮن ﺳﺠﻴﻦ اﻟﺤﺐّ .أﺳّﺴﺖ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ ،أردت أن أﺑﻘﻰ ﻣﻌﻜﻢ ﺣﺘّﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷزﻣﻨﺔ، ﻷنّ ﺣﺒّﻲ ﻻ ﻳﺘﺤﻤّﻞ أن ﻳﺘﺮك ﻳﺘﺎﻣﻰ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺒﺒﺘﻬﻢ أآﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ. آﺎن ﻃﻌﻢ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺘﻬﺎ ﺧﺎﺻًّﺎ .آﺎن ﻣﺰﻳﺠًﺎ ﻣﻦ دم وﺑﺨﻮر اﺟﺘﺎح آﻴﺎﻧﻲ .ﺷﻌﺮت ﺑﺤﺐّ آﺒﻴﺮ ،ﻟﺪرﺟﺔ أنّ دﻣﻮﻋﻲ اﻧﻬﻤﺮت ﺑﻐﺰارة وﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ إﻳﻘﺎﻓﻬﺎ.
19
ت إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻲ ،وﻓﻴﻤﺎ أﺣﺎول اﻟﺴﺠﻮد ﻗﺎل ﻟﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺪ ُ ﻳﺴﻮع "إﺳﻤﻌﻲ" .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺳﻤﻌﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺻﻼة ﺳﻴّﺪة آﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲ أﻣﺎﻣﻲ وآﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪّﻣﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ﻣﻨﺬ ﻟﺤﻈﺎت :ﺳﻤﻌﺘﻬﺎ ﺗﻘﻮل ﻓﻲ داﺧﻠﻬﺎ :إﻟﻬﻲّ ،ﺗﺬآّﺮ أﻧّﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﻬﺮ ،وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﺪيّ ﻣﺎل ﻷدﻓﻊ اﻹﻳﺠﺎر ،وﻗﺴﻂ اﻟﻤﺎآﻴﻨﺔ، وﻗﺴﻂ اﻟﻤﺪرﺳﺔ .إﻋﻤﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻲ ،أرﺟﻮك ﺳﺎﻋﺪ زوﺟﻲ ﻟﻴﺘﻮﻗّﻒ ﻋﻦ اﻟﺸﺮاب ،ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ أن أﺗﺤﻤّﻞ ﺳﻜﺮﻩ .ﻓﻲ ﺣﺎل ﻟﻢ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﺑﻨﻲ ﺳﻮف ﻳﺨﺴﺮ ﺳﻨﺘﻪ اﻟﺪراﺳﻴّﺔ .وﻻ ﺗﻨﺴﻰ ﺟﺎرﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺒﺪّل ﻣﺴﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ أﻋﺪ أﻃﻴﻖ ﺣﻀﻮرهﺎ... ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت ﻗﺎل اﻷﺳﻘﻒ :ﻓﻠﻨﺼﻠّﻲ .وﻋﻨﺪﻣﺎ وﻗﻒ اﻟﻤﺼﻠّﻮن ،ﻗﺎل ﻟﻲ ﻳﺴﻮع ﺑﺤﺰن :هﻞ ﻻﺣﻈﺖ ،أنّ اﻟﺴﻴّﺪة ﻟﻢ ﺗﻘﻞ ﻣﺮّة واﺣﺪة إﻧّﻬﺎ ﺗﺤﺒّﻨﻲ ،ﺣﺘّﻰ إﻧّﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺸﻜﺮﻧﻲ ﻟﻠﻌﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻄﻴﺘﻬﺎ إﻳّﺎهﺎ .أن أﻧﺰل أﻟﻮهﻴّﺘﻲ إﻟﻰ ﻓﻘﺮهﺎ اﻟﺒﺸﺮيّ ﻷرﻓﻌﻬﺎ إﻟﻲّ .ﻟﻢ ﺗﻘﻞ ﻟﻲ ﻣﺮّة واﺣﺪة: ﺷﻜﺮًا ﻳﺴﻮع ...ﺑﻞ ﻗﺪّﻣﺖ ﻟﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺎت. ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺎوﻟﻮﻧﻲ هﻢ هﻜﺬا ...أﻧﺎ ﻣﺖﱡ ﺣﺒًّﺎ ﺑﻬﻢ وﻗﻤﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت .ﻳﺠﺐ أن أﻧﺘﻈﺮ آﻞّ واﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ، ﻷﻧّﻨﻲ أﺣﺒّﻜﻢ ﻟﻜﻨﻜﻢ أﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮن أﻧّﻨﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺣﺒّﻜﻢ .ﻋﺮّﻓﻲ اﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧّﻨﻲ ﺷﺤّﺎذ ﺣﺐّ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻔﺲ .هﻞ ﺗﺪرون أﻳّﻬﺎ اﻷﺣﺒّﺎء؟ ﻳﺴﻮع هﻮ اﻟﺤﺐّ ،ﻳﺄﺗﻲ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﺣﺒّﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﻄﻴﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﺣﺘّﻰ أﻧّﻨﺎ ﻧﺘﺠﻨّﺐ اﻟﺬهﺎب إﻟﻰ ﻟﻘﺎء ﻣﻠﻚ اﻟﺤﺐّ اﻟﺬي ﻳﻌﻄﻲ ذاﺗﻪ ﺗﻘﺪﻣﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮّة إﻟﻰ اﻷﺑﺪ.
20
ﻋﻨﺪﻣﺎ وﻗﻒ اﻟﻤﺤﺘﻔﻞ ﻟﻴﻌﻄﻲ اﻟﺒﺮآﺔ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ اﻟﺴﻴّﺪة اﻟﻌﺬراء :اﻧﺘﺒﻬﻲ واﻧﻈﺮي ﺟﻴّﺪًا ...ﺑﺪﻻً ﻣﻦ رﺳﻢ إﺷﺎرة اﻟﺼﻠﻴﺐ ﺟﻴّﺪًا أﻧﺘﻢ ﺗﺨﺮﺑﺸﻮن .ﻓﻜّﺮي ﺑﺄنّ هﺬﻩ اﻟﺒﺮآﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻷﺧﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻟﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ آﺎهﻦ. أﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ إذا آﻨﺖ ﺳﺘﻤﻮﺗﻴﻦ أم ﻻ ،ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻚ ﻣﻦ هﻨﺎ ،وﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﺄﺧﺬي ﺑﺮآﺔ اﻟﻜﺎهﻦ، هﺎﺗﺎن اﻟﻴﺪان اﻟﻤﻜﺮّﺳﺘﺎن ﺗﻌﻄﻴﺎﻧﻚ اﻟﺒﺮآﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس ،ﻟﺬﻟﻚ ارﺳﻤﻲ إﺷﺎرة اﻟﺼﻠﻴﺐ ﺑﺎﺣﺘﺮام .آﻤﺎ ﻟﻮ آﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮّة اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ. ﺁﻩ ،آﻢ ﻧﺨﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ ﻷﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﻔﻬﻢ ﻣﻌﻨﺎهﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﺸﺎرك ﻳﻮﻣﻴًّﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ! ﻟِﻢَ ﻻ ﻧﻘﻮم ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺠﻬﺪ، وﻧﺒﺪأ ﻳﻮﻣﻨﺎ ،ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻟﻨﺮآﺾ إﻟﻰ ﺳﻤﺎع اﻟﻘﺪّاس وﻧﻨﺎل آﻞّ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ واﻟﺒﺮآﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﻳﺴﻮع أن ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ إﻳّﺎهﺎ؟ أﻧﺎ أﻓﻬﻢ ،أنّ آﺜﻴﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟﺬهﺎب ﻳﻮﻣﻴًّﺎ ،أو ﻋﺪّة ﻣﺮّات ﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮع إﻟﻰ اﻟﻘﺪّاس ﺑﺴﺒﺐ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ آﺜﻴﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﺬهﺒﻮن ﺣﺘّﻰ إﻟﻰ ﻗﺪّاس اﻷﺣﺪ ،ﺑﺤﺠّﺔ أنّ ﻟﺪﻳﻬﻢ أﻃﻔﺎل ﺻﻐﺎر. ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ واﺟﺒﺎت ﻣﻬﻤّﺔ؟ هﻢ ﻳﺬهﺒﻮن ﻣﻊ آﻞّ أوﻻدهﻢ أو ﺑﺎﻟﺘﻨﺎوب :اﻟﺰوج ﻳﺬهﺐ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ واﻟﺰوﺟﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ أﺧﺮى .ﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ ﻟﻠﺬهﺎب إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻟﺴﻤﺎع اﻟﻘﺪّاس ﻳﻮم اﻷﺣﺪ. ﻃﻠﺐ ﻣﻨّﻲ ﻳﺴﻮع أن أﺑﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﺑﻀﻊ دﻗﺎﺋﻖ ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺪّاس ﻗﺎل ﻟﻲ :إﺑﻘﻲ ﻗﻠﻴﻼً ﺑﺮﻓﻘﺘﻲ ،اﺳﺘﻔﻴﺪي ﻣﻦ ﺣﻀﻮرك ﻣﻌﻲ ،واﺗﺮآﻴﻨﻲ أﺳﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ رﻓﻘﺘﻚ...
21
ﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮة ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ أﺣﺪهﻢ أن ﻳﺴﻮع ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻴﻨﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ﺧﻤﺲ أو ﻋﺸﺮ دﻗﺎﺋﻖ .ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ :ﻳﺴﻮع آﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﺒﻘﻰ ﻓﻴﻨﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ؟ أﻋﺘﻘﺪ أنّ ﻳﺴﻮع ﺿﺤﻚ ﻣﻦ ﻏﺒﺎوﺗﻲ ﻷﻧّﻪ أﻋﻄﺎﻧﻲ هﺬا اﻟﺠﻮاب "آﻞّ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺮﻳﺪﻳﻨﻨﻲ أن أﺑﻘﻰ ﻓﻴﻚ" ،إذ آﻨﺖ ﺗﺤﺪّﺛﻴﻨﻨﻲ ﺧﻼل اﻟﻴﻮم آﻠّﻪ ،ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﺧﻼل أﻋﻤﺎﻟﻚ ،ﺳﺄآﻮن داﺋﻤًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﻊ .أﻧﺎ داﺋﻤًﺎ ﻣﻌﻚ ،ﻟﻜﻨّﻚ أﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺘﻌﺪﻳﻦ ﻋﻨّﻲ ،ﺗﺘﺮآﻴﻦ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﺗﻨﺴﻲ آﻞّ ﺷﻲء. ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﻔﻜّﺮﻳﻦ ﺑﺄﻧّﻨﻲ ﺳﺄآﻮن ﻣﺴﺮورًا ﺑﻤﺸﺎرآﺘﻚ ﺣﻴﺎﺗﻚ اﻟﻌﺎﺋﻠﻴّﺔ ،ﻳﻮﻣًﺎ واﺣﺪًا ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ. ﻓﻲ ﻣﻨﺎزﻟﻜﻢ ،أﻣﺎآﻦ ﻟﻜﻞّ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت .ﻏﺮﻓﺔ ﻟﻠﻨﻮم وأﺧﺮى ﻟﻠﻤﻄﺒﺦ وﻟﻠﻄﻌﺎم إﻟﺦ ...أﻳﻦ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺧﺼﺼﺘﻤﻮﻩ ﻟﻲ؟ ﺗﻌﻠّﻘﻮن ﺻﻮرة وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻐﺒﺎر ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻣﻜﺎن ﻣﺨﺼّﺺ ﻟﻲ ،أو ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺧﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم ﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺑﻲ ،ﻟﺘﺸﻜﺮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻮم وﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﺼﻼة ﻷﺟﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ،وﻃﻠﺐ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ واﻟﺒﺮآﺎت .ﻟﻜﻞّ ﺷﻲء ﻣﻜﺎن ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻜﻢ إﻻّ ﻟﻲ أﻧﺎ. ﻳﺒﺮﻣﺞ اﻟﺒﺸﺮ أﻳّﺎﻣﻬﻢ وأﺳﺎﺑﻴﻌﻬﻢ ،اﻟﻔﺼﻮل واﻟﻌﻄﻞ إﻟﺦ ...ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻳﻮم اﻟﻌﻄﻠﺔ وﻳﻮم اﻟﺮاﺣﺔ ،ﻳﻮم ذهﺎﺑﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أو إﻟﻰ ﻋﻴﺪ ،ﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺠﺪّة أو اﻷﺣﻔﺎد، ﻟﻸوﻻد وﻟﻸﺻﺪﻗﺎء وﻣﺘﻰ ﻳﺬهﺒﻮن ﻟﻠﺘﺮوﻳﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ وﻟﻜﻦ آﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻼت ﺗﻘﺮّر وﻟﻮ ﻣﺮّة ﻓﻲ اﻟﺸﻬﺮ: ﺳﻨﺬهﺐ ﻟﺰﻳﺎرة ﻳﺴﻮع ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺑﺎن ،وﺗﺄﺗﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
22
ﻟﺘﺘﺤﺎدث ﻣﻌﻲ ،ﺗﺠﻠﺲ أﻣﺎﻣﻲ ،ﺗﺤﺎدﺛﻨﻲ ،ﺗﺨﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺧﻼل اﻷﻳّﺎم اﻷﺧﻴﺮة ،ﺗﻌﺮض ﻋﻠﻲّ ﻣﺸﺎآﻠﻬﺎ، واﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ ،ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨّﻲ ﻣﺎ هﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ ...ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﻣﺸﺎرآًﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ...آﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺮّات؟ أﻧﺎ أﻋﺮف آﻞّ ﺷﻲء ،وأﻗﺮأ ﺣﺘّﻰ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ وﻧﻔﻮﺳﻜﻢ وﻟﻜﻨّﻨﻲ أﻓﺮح ﺑﻜﻢ ﺗﺨﺒﺮوﻧﻲ ﻋﻦ هﻤﻮﻣﻜﻢ وﺗﺘﺮآﻮﻧﻲ أﺷﺎرآﻜﻢ وآﺄﻧّﻲ ﻓﺮد ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،وآﺄﻗﺮب اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻟﻜﻢ .آﻢ ﻣﻦ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ﻳﺨﺴﺮهﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺮك ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ... ﺑﻘﻴﺖ ذاك اﻟﻴﻮم ﻣﻊ ﻳﺴﻮع ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺪّاس ،وأﺧﺬت ﻣﻨﻪ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎت أرﻳﺪ أن أﺷﺎرآﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻤﻬﻤّﺔ اﻟﺘﻲ أوآﻠﺖ إﻟﻲّ .ﻗﺎل ﻟﻲ ﻳﺴﻮع :أرﻳﺪ أن أﺧﻠّﺺ ﺧﻠﻴﻘﺘﻲ ،ﻷنّ ﻟﺤﻈﺔ ﻓﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻬﺎ آﺎﻧﺖ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻵﻻم ...ﺗﺬآّﺮي أنّ آﻞّ أمّ ﺗﻐﺬّي ﻃﻔﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﺤﻤﻬﺎ أﻣّﺎ أﻧﺎ ﻓﻮﺻﻠﺖ إﻟﻰ ذروة اﻟﺤﺐّ ﻷﺷﺎرآﻜﻢ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻲ! ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس اﻹﻟﻬﻲّ! هﺬا أﻧﺎ ﺑﺎﻟﺬات ،أﻃﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻲ وﺗﻀﺤﻴﺘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻓﻲ وﺳﻄﻜﻢ .ﻣﺎذا ﻟﺪﻳﻜﻢ ﻟﺘﻘﺪّﻣﻮﻩ ﻟﻶب ﺑﺪون اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﺣﻴﺎﺗﻲ ودﻣﻲ؟ ﻻ ﺷﻲء: اﻟﻌﺪم اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺨﻄﻴﺌﺔ. آﺎن ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﻔﻮﻗﻮا اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ورؤﺳﺎء اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﻀﻴﻠﺔ، ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﺤﻈﻮن ﺑﺘﻨﺎوﻟﻲ آﻐﺬاء ،أﻣّﺎ أﻧﺖ ﻓﺒﻠﻰ! هﻢ ﻻ ﻳﺸﺮﺑﻮن ﺳﻮى ﻗﻄﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻊ ،أﻣّﺎ أﻧﺘﻢ ،ﻓﻠﺪﻳﻜﻢ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﺘﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻧﻲ وﻳﻤﻜﻨﻜﻢ أن ﺗﺸﺮﺑﻮا اﻟﻤﺤﻴﻂ... ﺛﻢّ ﺣﺪّﺛﻨﻲ ﻳﺴﻮع ،ﺑﺤﺰن آﺒﻴﺮ ،ﻋﻦ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺬهﺒﻮن ﻟﻠﻘﺎﺋﻪ آﻌﺎدة ،وﻓﻘﺪوا اﻟﻠﺬّة ﻓﻲ هﺬا اﻟﻠﻘﺎء ،وﻋﻦ اﻟﻨﻔﻮس
23
اﻟﻔﺎﺗﺮة اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻲ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻮﻧﻲ ،وﻋﻦ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻜﺮّﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻘﺪت اﻟﺤﻤﺎس واﻟﺤﺐّ ﷲ، وﺣﻮّﻟﺖ دﻋﻮﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻬﻨﺔ ،ﻳﻜﺮّﺳﻮن ذواﺗﻬﻢ ﻟﻬﺎ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم وﺑﺪون ﺷﻌﻮر... ﺛﻢّ ﺣﺪّﺛﻨﻲ ﻳﺴﻮع ﻋﻦ اﻟﺜﻤﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﻤﻠﻬﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﺑﻌﺪ آﻞّ ﻣﻨﺎوﻟﺔ" :هﻨﺎك ﺑﺸﺮ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻮن اﻟﻘﺮﺑﺎن ﻳﻮﻣﻴًّﺎ ﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻻ ﻳﺘﻐﻴّﺮون .ﻳﺨﺼّﺼﻮن ﺳﺎﻋﺎت ﻟﻠﺼﻼة ،ﻳﻘﺪّﻣﻮن أﻋﻤﺎل رﺣﻤﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻻ ﺗﺘﺒﺪّل ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺒﺪّل أن ﺗﺤﻤﻞ ﺛﻤﺎرًا ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻟﻴﺴﻮع .ﻓﺎﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻘﺒّﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﺛﻤﺎر اﻻهﺘﺪاء وﺛﻤﺎر اﻟﺤﺐّ إﻟﻰ إﺧﻮﺗﻨﺎ. ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴّﻮن ،أن ﻧﻘﻮم ﺑﻤﻬﻤّﺔ آﺒﻴﺮة ﻓﻲ آﻨﻴﺴﺘﻨﺎ ،وﻻ ﻳﺤﻖّ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺼﻤﺖ أﻣﺎم اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟّﻬﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ آﻞّ ﻣﻌﻤّﺪ ،وهﻲ أن ﻳﻌﻠﻦ اﻟﺒﺸﺎرة .ﻻ ﻳﺤﻖّ ﻟﻨﺎ أﺑﺪًا اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﻤﻌﺎرف دون أن ﻧﻨﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺣﺘّﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻮا ﺟﺎﺋﻌﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﺒﺰ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻬﻢ. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺘﻔﺮّج ﻋﻠﻰ ﺧﺮاب آﻨﻴﺴﺘﻨﺎ اﻟﺒﻄﻲء ،ﻷﻧّﻨﺎ ﻣﺮﺗﺎﺣﻮن ﻓﻲ رﻋﺎﻳﺎﻧﺎ وﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ وﻓﻴﻤﺎ ﻧﺄﺧﺬ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮبّ ﻋﺒﺮ آﻠﻤﺘﻪ ،ﻋﻈﺎت اﻟﻜﻬﻨﺔ ،رﺣﻼت اﻟﺤﺞّ ،اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،اﻻﻋﺘﺮاف ،اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ... ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺄﺧﺬ اﻟﻜﺜﻴﺮ ،وﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﺷﺠﺎﻋﺔ اﻟﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻦ راﺣﺘﻨﺎ ﻟﻠﺬهﺎب إﻟﻰ ﺳﺠﻦ ،أو إﻟﻰ ﻣﺆﺳّﺴﺔ ﻟﺘﺄهﻴﻞ اﻷوﻻد واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ اﻟﺬﻳﻦ هﻢ ﺑﺄآﺜﺮ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻴﻨﺎ ﻟﻨﻘﻮل ﻟﻬﻢ أن ﻻ ﻳﻨﻬﺰﻣﻮا ﻷﻧّﻬﻢ وُﻟﺪوا آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﻴﻦ وﺑﺄنّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻴﻬﻢ ،وأنّ ﺁﻻﻣﻬﻢ
24
ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼص اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وأنّ ﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﻢ ﺗﺴﺎﻋﺪهﻢ ﻋﻠﻰ رﺑﺢ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ. ﻟﺴﻨﺎ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺬهﺎب إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﻟﺰﻳﺎرة اﻟﻤﺮﺿﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﺳﻜﺮات اﻟﻤﻮت ﻓﻨﺼﻠّﻲ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺴﺒﺤﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،وﻧﺴﺎﻋﺪهﻢ ﺑﺼﻼﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮّ، ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺎول اﻟﺸﺮﻳﺮ أن ﻳﻮﻗﻌﻬﻢ ﺑﻤﻜﺎﺋﺪﻩ .ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﻌﺰﻳﺘﻬﻢ ﻋﺒﺮ إﻣﺴﺎك أﻳﺪﻳﻬﻢ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻧﺤﺪّﺛﻬﻢ ﻋﻦ اﷲ واﻟﺠﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮهﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻊ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ وﺑﻤﺼﺎﺣﺒﺔ اﻷﺣﺒّﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﻩ. اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻼﻣﺒﺎﻻة ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن اﻟﻴﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ ...ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﻮم ﺑﻜﻞّ هﺬﻩ اﻷﺷﻴﺎء إن ﻟﻢ ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺴﻮع ،ﻧﻌﻴﺶ ﻣﻌﻪ وﻧﺘﻐﺬّى ﻣﻨﻪ .ﻧﺤﻦ ﻧﺨﺎف ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰام ﻟﻜﻦ اﷲ ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ "أﻃﻠﺒﻮا أ ّوﻻً ﻣﻠﻜﻮت اﷲ واﻟﺒﺎﻗﻲ ﻳُﺰاد ﻟﻜﻢ" .اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ آﻞّ ﺷﻲء ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻋﻦ ﻣﻠﻜﻮت اﷲ ،وأن ﻧﻔﺘﺢ أﻳﺪﻳﻨﺎ ﻟﻨﺄﺧﺬ أﺿﻌﺎف ﻣﺎ أُﻋﻄﻴﻨﺎ ،ﻷنّ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﻌﻄﻲ أﻓﻀﻞ ﻋﻄﺎء وهﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻟﻰ أﺻﻐﺮ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻨﺎ!!! أﺧﻲ وأﺧﺘﻲ ،ﺷﻜﺮًا ﻟﻚ ﻷﻧّﻚ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻲ أن أﻧﻬﻲ اﻟﻤﻬﻤّﺔ اﻟﺘﻲ أوآﻠﺖ إﻟﻲّ ،وأن أﻧﻘﻞ ﻟﻚ هﺬﻩ اﻟﺼﻔﺤﺎت. ﻓﻲ اﻟﻤﺮّة اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻤﻊ اﻟﻘﺪّاس ،ﻋِﺸْﻪ ،وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ أ ّ ن اﷲ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻚ وﻳﻌﺪك ﺑﺄن ﻳﻜﻮن اﻟﻘﺪّاس ﻣﺨﺘﻠﻔًﺎ .اﻟﻤﻬﻢّ أن ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺴﻮع ﺑﺤﺐّ .ﺟﺮّب ذﻟﻚ وﺗﺮى اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻬﻮ ﻗﺎدر أن ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻴﻚ اﻷﻋﺎﺟﻴﺐ. )أﺧﺘﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﻲّ آﺎﺗﺎﻟﻴﻨﺎ اﻟﻤُﺮﺳﻠﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴّﺔ ﻟﻘﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻲ(
25
ﺻﻠـــﻮات ﺗﻌﻠّﻤﻨﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء أن ﻧﺴﺘﻬﻞّ اﻟﻘﺪّاس ﺑﺼﻼة ﻟﻠﺮوحاﻟﻘﺪس" :ﻳﺎ روح اﷲ اﻷزﻟﻲّ ،إﻧّﻨﺎ ﻧﻘﺪّم ﻟﻚ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ ﻣﻊ ﺻﻠﻮات ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺒﺘﻮل واﻟﺮﺳﻞ ﻟﻤّﺎ اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻓﻲ ﻋﻠّﻴﺔ ﺻﻬﻴﻮن، وﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻚ أن ﺗﺄﺗﻲ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﻟﺘُﺠﺪّد وﺟﻪ اﻷرض". أرﺳﻞ روﺣﻚ ﻓﻴُﺨﻠﻘﻮا :وﻳﺘﺠﺪّد وﺟﻪ اﻷرض ) ٧ﻣﺮّات( ﻳﺎ ﺳﻠﻄﺎﻧﺔ اﻟﺮّﺳﻞ ،ﺗﻀﺮّﻋﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ. ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ واﻟﺸﻜﺮ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨّﺎ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ أنﻧﺘﻠﻮ ﺳﺎﺟﺪﻳﻦ ﺻﻼة اﻟﺒﺎﺑﺎ ﻻوون اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﻟﻤﺎر ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ رﺋﻴﺲ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﻜﻲ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺘﻲ أﺳﺒﻐﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻳﺴﻮع ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس" :ﻳﺎ ﻣﺎر ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ،رﺋﻴﺲ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،داﻓﻊ ﻋﻨّﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎرك ،آﻦ ﻋﻮﻧﻨﺎ ﺿﺪّ ﺷﺮّ اﻟﺸﻴﻄﺎن وﻣﻜﺎﻣِﻨﻪ وﻟﻴﻔﺮض اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ع إﻟﻴﻚ ﺑﺬﻟﻚ .وأﻧﺖ ﻳﺎ ﻗﺎﺋﺪ اﻟﻘﻮّات اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ، ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﻧﻀﺮ ُ ﻊ إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ ﺑﻘﻮّة اﷲ ،اﻟﺸﻴﻄﺎن وﺳﺎﺋﺮ اﻷرواح إدﻓ ْ ل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻹهﻼك اﻟﻨﻔﻮس .ﺁﻣﻴﻦ اﻟﺸﺮﻳﺮة ،اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻮ ُ -
ﻳﺎ ﻳﺎ ﻳﺎ ﻳﺎ
ﻣﺎر ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﺑﻨﻮرك ﻧﻮّرﻧﺎ، ﻣﺎر ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﺑﺠﻨﺎﺣﻴﻚ إﺣﻤِﻨﺎ، ﻣﺎر ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ،ﺑﺴﻴﻔﻚ داﻓﻊ ﻋﻨّﺎ، ﺪ اﻧﺘﺼﺎرك. ﺳﻴّﺪة اﻟﻮردﻳّﺔ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴّﺔ :ﻧﺮﻳ ُ
26
ﻣﺴﺒﺤﺔ ﻣﺎر ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﺗﻜﻤﻦ ﺑﺘﻼوة "اﻷﺑﺎﻧﺎ" ﻣﺮّة واﺣﺪة،و"اﻟﺴﻼم" ﺛﻼث ﻣﺮّات" واﻟﺠﻤﻴﻊ ٩ﻣﺮّات إآﺮاﻣًﺎ ﻷﺟﻮاق اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺘﺴﻊ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻠﻮ اﻟﺸﻤّﺎس :ﻣﺎ أرهﺒﻬﺎ ﺳﺎﻋﺔً أﺣﺒّﺎﺋﻲ ﻳﻨﺤﺪرﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮوح اﻟﺤﻲّ اﻟﻘﺪوس ...ﻧﺘﻠﻮ اﻟﺼﻼة اﻟﺘﻲ ﻋﻠّﻤﺘﻨﺎ إﻳّﺎهﺎ اﻟﻌﺬراء ﻓﻲ أﻣﺴﺘﺮدام: "أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ،ﻳﺎ اﺑﻦ اﻵب ،أﻓﺾ اﻵن روﺣﻚ ﻋﻠﻰ اﻷرض واﺳﻜﻦ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻓﻲ ﻗﻠﻮب ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﻮب ،ﻟﻴُﺤﻔﻈﻮا ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد وﻣﻦ اﻟﺤﺮب وﻣﻦ اﻵﻓﺎت ،وﻟﺘﻜﻦ ﺳﻴّﺪة ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﻮب وهﻲ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔ ﻟﻨﺎ ،ﺁﻣﻴﻦ".
27
ﻏﻠﻮرﻳــــﺎ ﻻﻣﺴﺖ ﺟﻬﻨّــــــﻢ ﺷﻬﺎدة ﻏﻠﻮرﻳﺎ ﺑﻮﻟﻮ اﻟﻤﺆﺛّﺮة اﻟﺴﻴّﺪة ﻏﻠﻮرﻳﺎ ﺑﻮﻟﻮ ﻃﺒﻴﺒﺔ أﺳﻨﺎن ﻓﻲ ﺑﻮﻏﻮﺗﺎ. )- Bogotaآﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ(. ﻋﺎم ٢٠٠٧ﻇﻬﺮت ﻣﻘﺘﻄﻔﺎت ﻣﻦ أﺣﺪ أﺣﺎدﻳﺜﻬﺎ إﻟﻰ "رادﻳﻮ ﻣﺎرﻳّﺎ" ﻓﻲ آﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ .وهﻮ ﻣﺎ ﻧﺜﺒﱢﺘﻪ هﻨﺎ.
Achevé d’imprimer en la fête de Notre-Dame du Mont-Carmel, Le ١٦ juillet ٢٠٠٧, par les éditions Résiac – F ٥٣١٥٠ Montsûrs اﻷب داﻧﻴﺎل ﻏﺎﻧﻴﻮن ) (P. Daniel Ganion, OMIاﻟﻤﺴﺆول ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪة اﻹﻳﻤﺎن ﻓﻲ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻷﺳﻘﻔﻴّﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺴﻴﻜﻮ أوﺻﻰ ﺑﻘﺮاءة هﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻧﻈﺮًا ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻀﻤّﻨﻪ ﻣﻦ وﺣﻲ روﺣﻲّ ﻻ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ اﻟﺮﺳﻮﻟﻴّﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ.
28
أﻳّﻬﺎ اﻹﺧﻮة واﻷﺧﻮات ،راﺋﻊ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻲّ أن أﺗﻘﺎﺳﻢ ﻣﻌﻜﻢ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ ،اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﻨﻲ إﻳّﺎهﺎ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻷآﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮة أﻋﻮام ﺧﻠﺖ. آﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ آﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴّﺔ ﻓﻲ ﺑﻮﻏﻮﺗﺎ )ﻓﻲ أﻳّﺎر .(١٩٩٥آﻨﺖ ُأ ِ ﻋﺪّ ﺷﻬﺎدة دراﺳﺔ ﻋﻠﻴﺎ ﻣﻊ اﺑﻦ أﺧﺘﻲ اﻟﺬي آﺎن ﻃﺒﻴﺐ أﺳﻨﺎن آﺬﻟﻚ .ﺑﻌﺪ ﻇﻬﺮ اﻟﺠﻤﻌﺔ ذاك ،آﺎن زوﺟﻲ ﻳﺮاﻓﻘﻨﺎ ،إذ آﺎن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺄﺧﺬ آﺘﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻴّﺔ .آﺎﻧﺖ ﺗُﻤﻄﺮ ﺑﻐﺰارة وآﻨّﺎ ،إﺑﻦ أﺧﺘﻲ وأﻧﺎ ،ﻧﺤﺘﻤﻲ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠّﺔ ﺻﻐﻴﺮة .آﺎن زوﺟﻲ ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺤَﺮَم اﻟﺠﺎﻣﻌﻲّ ،ﻣﺮﺗﺪﻳًﺎ ﻣﻌﻄﻔًﺎ واﻗﻴًﺎ. وﻗﺪ ﺗﻮﺟّﻬﻨﺎ ،إﺑﻦ أﺧﺘﻲ وأﻧﺎ اﻟﻼﺣﻘﻴﻦ ﺑﻪ ،ﻧﺤﻮ أﺷﺠﺎر ﻟﺘﺤﺎﺷﻲ ﺑﺮك ﻣﺎء ﺻﻐﻴﺮة .ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺮهﺔ ﺿﺮﺑﺘﻨﺎ اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﻟﻜﻠﻴﻨﺎ .ﻣﺎت إﺑﻦ أﺧﺘﻲ ﻓﻮرًا؛ آﺎن ﻓﺘﻴًّﺎ ،وﻋﻠﻰ رﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﺳﻨّﻪ ،آﺮّس ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺮﺑّﻨﺎ؛ وآﺎن ﺗﻌﺒّﺪﻩ آﺒﻴﺮًا ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻳﺴﻮع .آﺎن ﻳﺤﻤﻞ دوﻣًﺎ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻓﻲ ﺑﻠّﻮر ﺻﺨﺮي ﻓﻮق ﺻﺪرﻩ .وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﺘﺸﺮﻳﺢ ،دﺧﻠﺖ اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺼﻮرة ،ﻓﺤّﻤﺖ ﻗﻠﺒﻪ وﺧﺮﺟﺖ ﻋﺒﺮ ﻗﺪﻣﻴﻪ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳُﻠﻤَﺢ ﺧﺎرﺟﻴًّﺎ أي أﺛﺮ ﺣﺮق .ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ ،اﺣﺘﺮق ﺟﺴﺪي ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻓﻈﻴﻊ ،ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ آﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج .هﺬا اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺬي ﺪدًا ،هﻮ آﺬﻟﻚ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ .اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﺗﺮوﻧﻪ اﻵن ،ﻣُﺠ ّ ﻓﺤﱠﻤﺘﻨﻲ ،ﻣﺎ ﻋﺪت أﻣﻠﻚ ﺻﺪرًا ،وآﻞّ ﻟﺤﻤﻲ وﻗﺴﻢٌ ﻣﻦ أﺿﻠﻌﻲ اﺧﺘﻔﻴﺎ ﻋﻤﻠﻴًّﺎ .اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻋﺒﺮ ﻗﺪﻣﻲ اﻟﻴﻤﻨﻰ ،ﺑﻌﺪﻣﺎ أﺣﺮﻗﺖ آﻠﻴًّﺎ ﻣﻌﺪﺗﻲ وآﺒﺪي ،وآﻠﻴﺘَﻲ ورﺋﺘﻲّ. آﻨﺖ أﺳﺘﺨﺪم ﻣﻨﻊ اﻟﺤﻤْﻞ وأﺿﻊ ﺣﺎﺟﺒًﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﻢ ﻣﻦ ﻧﺤﺎس .وﻟﻤّﺎ آﺎن اﻟﻨﺤﺎس ﻣﻮﺻّﻼً ﻣﻤﺘﺎزًا ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء ،ﻓﺤّﻢ ﻣﺒﻴﻀَﻲّ .وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ إذًا ﻓﻲ ﺣﺎل ﺳﻜﺘﺔ ﻗﻠﺒﻴّﺔ ،ﻣﻦ دون
29
ﺣﻴﺎة ،وﻟﺠﺴﺪي اﻧﺘﻔﺎﺿﺎت ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﺘﻲ آﺎن ﻻ ﻳﺰال ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ .إﻧّﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﻌﻠّﻖ هﺬا إﻻّ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ اﻟﻤﺎدي ﻣﻦ ذاﺗﻲ، ت ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻓﻲ ﻓﻔﻴﻤﺎ آﺎن ﻟﺤﻤﻲ ﻣُﺤﺘﺮﻗًﺎ ،وﺟﺪ ُ ﻧﻔﻖ ﺟﻤﻴﻞ ﺟﺪًّا ﻣﻦ ﻧﻮر أﺑﻴﺾ ،ﻳﻤﻸﻧﻲ ﻓﺮحٌ وﺳﻼمٌ؛ ﻣﺎ ﻣﻦ آﻠﻤﺔٍ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺼﻒ ﻋﻈﻤﺔ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺴﻌﺎدة ﺗﻠﻚ .وآﺎﻧﺖ ذروة اﻟﻠﺤﻈﺔ هﺎﺋﻠﺔ. آﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺳﻌﻴﺪة وﻣﻤﻠﻮءة ﻓﺮﺣًﺎ ،ﻷﻧّﻨﻲ ﻣﺎ ﻋﺪت ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺎذﺑﻴّﺔ .رأﻳﺖ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ اﻟﻨﻔﻖ ﻣﺜﻞَ ﺷﻤﺲ ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻮرٌ ﺧﺎرق .أﺻِﻔﻬﺎ ﺑﻴﻀﺎء ﻷﻋﻄﻴﻜﻢ ﻓﻜﺮة ﻣﺎ ﻋﻨﻬﺎ، إﻧّﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻮن ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺴﻄﻮع آﻬﺬا. ﺣﺐّ وآﻞّ ﺳﻼم. آﻨﺖ أدرك ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺒﻊ آﻞّ ُ ﻓﻴﻤﺎ آﻨﺖ أرﺗﻔﻊ ،ﺗﺤﻘّﻘﺖ ﻣﻦ أﻧّﻨﻲ ﻗﺪ ﻣﺖّ .ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻓﻜّﺮت ﺑﺄﺑﻨﺎﺋﻲ وﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ" :ﺁﻩ ،ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ،أﺑﻨﺎﺋﻲ ،ﻣﺎذا ﺳﻴﻔﻜّﺮون ﺑﻲ؟ اﻷم اﻟﻨﺸﻴﻄﺔ ﺟﺪًّا اﻟﺘﻲ آﻨﺖ ،ﻟﻢ ﺗﻤﻠُﻚ أﺑﺪًا وﻗﺘًﺎ ﺗﻜﺮّﺳﻪ ﻟﻬﻢ!" آﺎن ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﻟﻲ أن أرى ﺣﻴﺎﺗﻲ آﻤﺎ آﻨﺖ ﺣﻘًّﺎ ،وذﻟﻚ أﺣﺰﻧﻨﻲ .آﻨﺖ أُﻏﺎدر اﻟﻤﻨـﺰل آﻞّ اﻷﻳّﺎم ﻷﻏﻴّﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻣﺎ آﻨﺖ ﺣﺘّﻰ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻻهﺘﻤﺎم ﺑﺄﺑﻨﺎﺋﻲ. ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻔﺮاغ هﺬﻩ اﻟﺘﻲ آﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ أﺑﻨﺎﺋﻲ، رأﻳﺖ أﻣﺮًا ﻣﺎ ﺑﺎهﺮًا :ﻣﺎ ﻋﺎد ﺟﺴﺪي ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن .ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ،آﺎن ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﻟﻲ أن أﺣﺘﻀﻦ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ اﻟﻨﺎس آﻠّﻬﻢ ،اﻷﺣﻴﺎء آﻤﺎ اﻷﻣﻮات .اﺳﺘﻄﻌﺖ أن أﺿﻢّ أﺟﺪادي وواﻟﺪَي اﻟﻤﺘﻮﻓّﻴﻦ .اﺳﺘﻄﻌﺖ أن أﻋﺎﻧﻖ اﻟﻨﺎس آﻠّﻬﻢ ،آﺎﻧﺖ ﻟﺤﻈﺔ ﺧﺪِﻋﺖ ﺑﺈﻳﻤﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺘﻘﻤّﺺ وﻗﺪ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪًّا! أدرآﺖ إذاك آﻢ ُ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔ ﻋﻨﻪ .آﻨﺖ ﻣﻌﺘﺎدة "رؤﻳﺔ" ﺟﺪّي
30
وواﻟﺪ ﺟﺪّي ﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن .إﻧّﻤﺎ هﻨﺎ ،آﺎﻧﺎ ﻳﻌﺎﻧﻘﺎﻧﻨﻲ وآﻨﺖ ﻤﻤْﻨﺎ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀًﺎ آﻤﺎ ﻓﻲ آﻞّ ﺿَ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎَ ، اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ. ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻵوﻧﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪًّا ﺧﺎرج ﺟﺴﺪي ،ﻓﻘﺪت ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻮﻗﺖ .ﺗﺒﺪّل ﻧﻈﺮي) :ﻋﻠﻰ اﻷرض( آﻨﺖ أُﻓﺮّق ﺑﻴﻦ ﻣَﻦ آﺎن ﺑﺪﻳﻨًﺎ ،ﻣَﻦ آﺎن ﻣﻠ ّﻮﺛًﺎ أو ﺑﺸﻌًﺎ ،ﻷﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﻣﻠﻚ دوﻣًﺎ أﺣﻜﺎﻣًﺎ ﻣُﺴﺒّﻘﺔ .ﺧﺎرج ﺟﺴﺪي .آﻨﺖ أﺗﺄﻣّﻞ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ! آﻨﺖ أﺳﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻓﻜﺎرهﺎ وﻣﺸﺎﻋﺮهﺎ .آﻨﺖ أﺣﺘﻀﻨﻬﺎ آﻠّﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ،وأﻧﺎ أﺗﺎﺑﻊ ارﺗﻔﺎﻋﻲ دوﻣًﺎ أﻋﻠﻰ وﻣﻠﺌﻲ ﻓﺮح .إذاك أدرآﺖ أﻧّﻨﻲ ﺳﻮف أﺳﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ رؤﻳﺔ راﺋﻌﺔ ،ﻣﻦ ﺑﺤﻴﺮة ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﺧﺎرق. ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﻤﻌﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺮهﺔ ،ﺻﻮت زوﺟﻲ اﻟﺬي آﺎن ﻳﺒﻜﻲ وﻳﻨﺎدﻳﻨﻲ ﻣﻨﺘﺤﺒًﺎ" :ﻏﻠﻮرﻳﺎ ،أرﺟﻮك ﻻ ﺗﺮﺣﻠﻲ! ﻏﻠﻮرﻳﺎ ،ﻋﻮدي! ﻻ ﺗﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻦ اﻷوﻻد ،ﻳﺎ ﻏﻠﻮرﻳﺎ" .ﻧﻈﺮت إذًا إﻟﻴﻪ وﻟﻢ أرَﻩ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ أﺣﺴﺴﺖ أﻳﻀًﺎ ﺑﺤﺰﻧﻪ اﻟﻌﻤﻴﻖ .وﺳﻤﺢ ﻟﻲ اﻟﺮبّ ﺑﺎﻟﻌﻮدة، ن هﺬﻩ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﻣﻨﻴﺘﻲ .آﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﻔﺮح آﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أ ّ ﺟﺪًّا ،ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻼم واﻟﺴﻌﺎدة .وإذا ﺑﻲ أﻧﺤﺪر ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻞ ﻧﺤﻮ ﺟﺴﺪي ﺣﻴﺚ آﻨﺖ أرﻗﺪ ﻣﻦ دون ﺣﻴﺎة .آﺎن ﻳﺘﻤﺪّد ﻋﻠﻰ ﻧﻘّﺎﻟﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻤﺮآﺰ اﻟﻄﺒّﻲ ﻟﻠﺤﺮم اﻟﺠﺎﻣﻌﻲّ .آﻨﺖ أﺳﺘﻄﻴﻊ رؤﻳﺔ اﻷﻃﺒﺎء اﻟﺬﻳﻦ آﺎﻧﻮا ﻳُﺨﻀﻌﻮﻧﻨﻲ ﻟﺼﺪﻣﺎتٍ آﻬﺮﺑﺎﺋﻴّﺔ وﻳُﺤﺎوﻟﻮن إﻧﻌﺎﺷﻲ ﻋﻠﻰ أﺛﺮ اﻟﺴﻜﺘﺔ اﻟﻘﻠﺒﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﻴﺘﻬﺎ .ﻟﺒﺜﻨﺎ هﻨﺎك ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ وﻧﺼﻒ اﻟﺴﺎﻋﺔ .ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﻴﺪ ،ﻷنّ ﺟﺴﺪَﻳﻨﺎ آﺎﻧﺎ ﻻ ﻳﺰاﻻن ﻣُﻮﺻِﻠﻴﻦ ﺟﺪًّا ﻟﻠﺘﻴﺎر اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲّ .وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ذﻟﻚ ﻻﺣﻘًﺎ ،ﺟﻬﺪوا ﻹﺣﻴﺎﺋﻨﺎ. اﺳﺘﻘﺮّﻳﺖ ﻗﺮب رأﺳﻲ ،وﺷﻌﺮت آﻤﺎ ﺑﺼﺪﻣﺔ ﺟﺬﺑﺘﻨﻲ ﺑﻌﻨﻒ
31
إﻟﻰ داﺧﻞ ﺟﺴﺪي .آﺎن اﻷﻣﺮ ﻣﺆﻟﻤًﺎ ،ﻷنّ ذﻟﻚ آﺎن ﻳﺒﻌﺚ ﺷﺮارات ﻣﻦ آﻞّ اﻷﻧﺤﺎء .رأﻳﺖ ﻧﻔﺴﻲ أﻧﺪﻣﺞ ﺑﺸﻲء ﻣﺎ ﺿﻴّﻖ ﺟﺪًّا .آﺎن ﻟﺤﻤﻲ اﻟﻤﺮﺿﻮض واﻟﻤﺤﺮوق ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ .آﺎن ﻳُﺼﻌﱢﺪ دﺧﺎﻧًﺎ وﺑﺨﺎرًا .ﻟﻜﻦ اﻟﺠﺮح اﻷﻓﻈﻊ آﺎن ﻳﺼﺪر ﻣﻦ ﻏﺮوري .آﻨﺖ اﻣﺮأة ﻣﺠﺘﻤﻊ ،ﻣﺜﻘّﻔﺔ ،ﺗﻠﻤﻴﺬة ﻋﺒﺪة ﺟﺴﺪهﺎ ،واﻟﺠﻤﺎل واﻟﻤﻮﺿﺔ .آﻨﺖ أُزاول اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺒﺪﻧﻴّﺔ أرﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎت ﻳﻮﻣﻴًّﺎ ،ﻷﻓﻮز ﺑﺠﺴﺪ رﺷﻴﻖ :ﺗﺪﻟﻴﻚ وﻋﻼج ﻃﺒّﻲ وﺣﻤﻴﺔ ﻣﻦ آﻞّ اﻷﻧﻮاع.. اﻟﺦ .آﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،رﺗﺎﺑﺔ ﺗُﻘﻴّﺪﻧﻲ ﺑﻌﺒﺎدة ﺟﻤﺎل اﻟﺠﺴﺪ. آﻨﺖ أﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ" :ﻟﺪيّ ﺛﺪﻳﺎن ﺟﻤﻴﻼن ،ﻓﻸﺑﺮزهﻤﺎ هﻜﺬا. ﻟﻴﺲ ﺛﻤّﺔ أي ﺳﺒﺐ ﻹﺧﻔﺎﺋﻬﻤﺎ" .آﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺳﺎﻗَﻲّ، ﻷﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄنّ ﻟﺪيّ ﺳﺎﻗَﻴﻦ ﺟﻤﻴﻠﻴﻦ وﺻﺪرًا ﺟﻤﻴﻼً! ﻟﻜﻨّﻨﻲ رأﻳﺖ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺑﻔﻈﺎﻋﺔ ،إﻧّﻨﻲ أﻣﻀﻴﺖ ﺣﻴﺎﺗﻲ أﻋﺘﻨﻲ ﺣﺐّ ﺟﺴﺪي آﺎن ﻣﺤﻮر وﺟﻮدي .واﻟﺤﺎل أﻧّﻨﻲ ﻣﺎ ﺑﺠﺴﺪيُ . ﻋﺪت أﻣﻠﻚ اﻵن ﺟﺴﺪًا وﺻﺪرًا وﻻ ﺷﻲء ﺳﻮى ﺛﻘﻮب ﻓﻈﻴﻌﺔ. اﺧﺘﻔﻰ ﺛﺪﻳﻲ اﻷﻳﺴﺮ ﺧﺼﻮﺻًﺎ .ﻟﻜﻦ اﻷﺳﻮأ آﺎن ﺳﺎﻗَﻲّ اﻟﻠﺘﻴﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﺎ ﺳﻮى ﺟﺮوح ﻓﺎﻏﺮة ﻣﻦ دون ﻟﺤﻢ ،ﻣﺤﺮوﻗﺘﻴﻦ وﻣُﻜﻠّﺴﺘﻴﻦ آﻠﻴًّﺎ .ﻣﻦ هﻨﺎك ،ﻧﻘﻠﻮﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﻴﺚ ﻗﺎدوﻧﻲ ﺳﺮﻳﻌًﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺮآﺰ اﻟﺠﺮاﺣﻲ ،وﺑﺪأوا آﺸﻂ ﺟﺮوﺣﻲ وﺗﻨﻈﻴﻔﻬﺎ. ﺪدًا ﻣﻦ وﻓﻴﻤﺎ آﻨﺖ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻤُﺨﺪّر ،إذا ﺑﻲ أﺧﺮج ﻣﺠ ّ ﺟﺴﺪي وأرى ﻣﺎ آﺎن ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﻲ اﻟﺠﺮّاﺣﻮن .آﻨﺖ ﻗﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻗﻲّ .ﻓﺠﺄة ،اﺟﺘﺰت وﻗﺘًﺎ رهﻴﺒًﺎ ،ﻓﻜﻞّ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻟﻢ أآﻦ ﺳﻮى آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ "ﻣﻘﻄّﺮة" .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﺮبّ ﺗﺘﻮﻗّﻒ إﻻّ ﻋﻠﻰ إﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ اﻷﺣﺪ ،ﻟﻴﺲ أآﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ وﻋﺸﺮﻳﻦ دﻗﻴﻘﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻣﻮﻋﻈﺔ اﻟﻜﺎهﻦ آﺎﻧﺖ اﻷوﺟﺰ ،ﻷﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أآﻦ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن
32
أﺗﺤﻤّﻞ أآﺜﺮ .ﺗﻠﻚ آﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﺮبّ .آﻞّ اﻟﺘﻴﺎرات )اﻟﻔﻜﺮﻳّﺔ( اﻟﻌﺎﻟﻤﻴّﺔ أﺛّﺮت ﻓﻲّ ﻣﺜﻞ دوّارة هﻮاء. ذات ﻳﻮم ،ﻓﻴﻤﺎ آﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻄﺐ اﻷﺳﻨﺎن، ﺳﻤﻌﺖ آﺎهﻨًﺎ ﻳﺆآّﺪ أنّ ﻻ وﺟﻮد ﻟﺠﻬﻨّﻢ وﻻ ﻟﻠﺸﻴﺎﻃﻴﻦ .واﻟﺤﺎل أنّ ذﻟﻚ آﺎن اﻷﻣﺮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي آﺎن ﻻ ﻳﺰال ﻳُﺒﻘﻴﻨﻲ ﻣﺘﺮدّدة ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .وإذ ﺳﻤﻌﺖ ﺗﺄآﻴﺪًا آﻬﺬا ،ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ أﻧّﻨﺎ ﺳﻨﺬهﺐ آﻠّﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﺮدوس ،ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤّﺎ ﻧﺤﻦ ،واﺑﺘﻌﺪت ت أﺣﺎدﻳﺜﻲ ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ،ﻷﻧّﻨﻲ ﻣﺎ ﻋﺪت ﻏﺪَ ْ آﻠّﻴًﺎ ﻋﻦ اﻟﺮبَّ . أﺳﺘﻄﻴﻊ وﺿﻊ ﺣﺪّ ﻟﻠﺨﻄﻴﺌﺔ .ﺑﺪأت أﻗﻮل ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ أنّ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺟﻮدًا وأنّ ذﻟﻚ آﺎن اﺧﺘﺮاﻋًﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ وﺗﻼﻋﺒًﺎ... ﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨﺖ أﺧﺮج ﻣﻊ رﻓﺎﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،آﻨﺖ أﻗﻮل ﻟﻬﻢ أ ّ ن اﷲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدًا وأﻧّﻨﺎ آﻨّﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻄﻮّر .إﻧّﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ،آﻨﺖ ﻣﺬﻋﻮرة ﺣﻘًّﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴّﺎت! آﻨﺖ أرى ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﻧﺤﻮي .ﻣﻦ ﺟﺪران ﻣﺮآﺰ اﻟﻌﻤﻠﻴّﺎت ،رأﻳﺖ أﻧﺎﺳًﺎ آﺜﻴﺮون ﻳﻈﻬﺮون .آﺎﻧﻮا ﻳﺒﺪون ﻃﺒﻴﻌﻴّﻴﻦ ،ﻟﻠﻮهﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ،إﻧّﻤﺎ آﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ وﺟﻮﻩ ﺣﺎﻗﺪة ،ﺑﺸﻌﺔ .ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺗﺤﻘّﻘﺖ ﺑﺤﺪّة ﻣﻠُﻚ آﻞّ ﻣﻨﻬﻢ .أدرآﺖ أنّ ذهﻦ أُﻋﻄﻴِﺖ ﻟﻲ ،ﻣﻦ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ ُ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ ،وأنّ اﻟﻜﺬب اﻷآﺜﺮ ﺳﻔﺎﻟﺔ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن ،آﺎن اﻹﻳﻬﺎم ﺑﺄﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدًا .آﻨﺖ أراهﺎ آﻠّﻬﺎ ﺁﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻲ .ﺗﺼﻮّروا ﺧﻮﻓﻲ! ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺬهﻨﻲ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲّ أي ﻋﻮنٍ ﻟﻲ .أردت اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ داﺧﻞ ﺟﺴﺪي ،ﻟﻜﻦ هﺬا اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺪﻋﻨﻲ أدﺧﻞ .إذاك رآﻀﺖ إﻟﻰ ﺧﺎرج اﻟﺤﺠﺮة ،ﺁﻣﻠﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﺒﺎء ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻤﺸﻰ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ اﻧﺘﻬﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ إﻟﻰ اﻟﻘﻔﺰ ﻓﻲ اﻟﻔﺮاغ.
33
وﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﻖ ﻣﻨﺠﺬﺑﺔ ﻧﺤﻮ اﻷﺳﻔﻞ .ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ،آﺎن ﺛﻤّﺔ ﻧﻮرٌ ،وآﺎن ذﻟﻚ ﻳﺸﺒﻪ ﻗﻔﻴﺮ اﻟﻨﺤﻞ .آﺎن ﺛﻤّﺔ ﻧﺎس آﺜُﺮ .إﻧّﻤﺎ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺑﺪأت اﻟﻬﺒﻮط ﻣﺎرّة ﻋﺒﺮ أﻧﻔﺎق ﻣﻌﺘّﻤﺔ آﻠﻴًّﺎ .ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ أي ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﻋﺘﻤﺔ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺿﻊ واﻟﻌﺘﻤﺔ اﻷآﺜﺮ ﺷﻤﻮﻻً ﻟﻸرض اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮر اﻟﻜﻮآﺒﻲّ .آﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺘﻤﺔ ﺗُﺴﺒّﺐ اﻟﻌﺬاب ،واﻟﻬﻮل واﻟﻌﺎر .آﺎﻧﺖ اﻟﺮاﺋﺤﺔ ﻧﺘﻨﺔ .ﺣﻴﻦ اﻧﺘﻬﻴﺖ أﺧﻴﺮًا ﻣﻦ اﻟﻬﺒﻮط ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ﺗﻠﻚ اﻷﻧﻔﺎق ،ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮٍ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺮﺛﺎء ﻓﻮق ﻣﺼﻄﺒﺔ .أﻧﺎ اﻟﺘﻲ آﻨﺖ ﻣﻌﺘﺎدة اﻟﺼﻴﺎح إﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﻣﻠﻚ إرادة ﻓﻮﻻذﻳّﺔ وﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲء ﻳﻔﻮق اﻟﺤﺪّ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻲّ ...هﻨﺎك ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ إرادﺗﻲ ﺗﻔﻴﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﺷﻲء؛ ﻟﻢ أآﻦ أﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻮد ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ ،رأﻳﺖ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﺜﻞَ هﻮّةٍ هﺎﺋﻠﺔ ﺗﻨﻔﺘﺢ ،ورأﻳﺖ ﻓﺮاﻏًﺎ ﺷﺎﺳﻌًﺎ ،هﺎوﻳﺔ ﻻ ﻗﻌﺮ ﻟﻬﺎ. اﻷﻓﻈﻊ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺬاك اﻟﺜﻘﺐ اﻟﻔﺎرغ آﺄﻧّﻨﺎ آﻨّﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺤﺐّ اﷲ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ دون أدﻧﻰ أﻣﻞ .اﻣﺘﺼّﻨﻲ ﺑﺎﻟﻐﻴﺎب اﻟﻤُﻄﻠﻖ ﻟ ُ اﻟﺜﻘﺐ وآﻨﺖ ﻣﺬﻋﻮرة .آﻨﺖ أﻋﻠﻢ إذا ﻣﻀﻴﺖ إﻟﻰ داﺧﻠﻪ، ﻣﻨْﺠﺬﺑﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﻠﻚ ﻓﺴﻮف ﺗﻤﻮت ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ .آﻨﺖ ُ اﻟﻔﻈﺎﻋﺔ ،.وﻗﺪ أُﻣﺴِﻜﺖ ﺑﻘﺪﻣَﻲ .آﺎن ﺟﺴﺪي ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ هﺬا اﻟﺜﻘﺐ ،آﺎﻧﺖ ﻟﺤﻈﺔ أﻟﻢ ﺷﺪﻳﺪ ورﻋﺐ .ﻟﻢ أﻋﺪ ﻣﻠﺤﺪة ،وﺑﺪأت أﺻﺮخ ﻧﺤﻮ أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻷﻧﺎل ﻣﺴﺎﻋﺪة .وﻓﻴﻤﺎ آﻨﺖ أﺻﺮخ، ﺷﻌﺮت ﺑﺄﻟﻢ ﺷﺪﻳﺪ ﺟﺪًّا ،إذ أُﻋﻄﻲ ﻟﻲ أن أﻓﻬﻢ أنّ ﺁﻻف وﺁﻻف اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ آﺎﻧﺖ هﻨﺎك ،ﺧﺼﻮﺻًﺎ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ .ﺑﺮﻋﺐ آﻨﺖ أﺳﻤﻊ ﺻﺮﻳﻒ أﺳﻨﺎن ،ﺻﻴﺤﺎت ﻓﻈﻴﻌﺔ وأﻧّﺎت زﻋﺰﻋﺘﻨﻲ ﺣﺘّﻰ أﻋﻤﺎق آﻴﺎﻧﻲ .ﻟﺰﻣﺘﻨﻲ أﻋﻮامٌ ﻗﺒﻞ أن أﺷﻔﻰ ،ﻷﻧّﻨﻲ ﻓﻲ آﻞّ ﻣﺮّة آﻨﺖ أذآﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت ،آﻨﺖ أﺑﻜﻲ ﻣﻔﻜّﺮة ﺑﻌﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻮﺻﻒ .أدرآﺖ أنّ إﻟﻰ هﻨﺎك ﺗﻤﻀﻲ أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻨﺘﺤﺮﻳﻦ
34
اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺪون أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻳﺄس ،وﺳﻂ ﺗﻠﻚ اﻷهﻮال. ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺬاب اﻷرهﺐ ،آﺎن ﻏﻴﺎب اﷲ .ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﷲ. أﺧﺬت أﺻﺮخ ،ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﺬﻳﺒﺎت" :ﻣَﻦ أﻣﻜﻨﻪ ارﺗﻜﺎب ﺧﻄﺄ ق أﺑﺪًا ،ﻟﻢ أﻗﺘﻞ أﺑﺪًا، آﻬﺬا؟ إﻧّﻨﻲ ﻗﺪّﻳﺴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﻓﻠﻢ أﺳﺮ ْ أﻋﻄﻴﺖ اﻟﻔﻘﺮاء ﻗﻮﺗًﺎ ،أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻼﺟﺎت أﺳﻨﺎن ﻣﺠﺎﻧﻴّﺔ ﻟﻤﻌﻮزﻳﻦ؛ ﻣﺎذا أﻓﻌﻞ هﻨﺎ؟ آﻨﺖ أذهﺐ إﻟﻰ اﻟﻘﺪّاس اﻷﺣﺪ ...ﻟﻢ أﺗﺨﻠّﻒ ﻋﻦ ﻗﺪاﺳﻲ اﻷﺣﺪ أآﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﻣﺮّات ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ! ِﻟﻢَ إذًا أﻧﺎ هﻨﺎ؟ إﻧّﻨﻲ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ ،أرﺟﻮآﻢ ،إﻧّﻨﻲ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ ،أﺧﺮﺟﻮﻧﻲ ﻣﻦ هﻨﺎ"! ﻓﻴﻤﺎ آﻨﺖ أﺻﺮخ ﺑﺄﻧّﻨﻲ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ ،ﻟﻤﺤﺖ وﻣﻴﻀًﺎ ﺿﻌﻴﻔًﺎ. وﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أؤآّﺪ ﻟﻜﻢ أنّ أدﻧﻰ وﻣﻴﺾ ،ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺿﻊ ،هﻮ أﺟﻤﻞ اﻟﻬﺪاﻳﺎ .رأﻳﺖ درﺟﺎت ﻓﻮق اﻟﺜﻘﺐ ،وﺗﻌﺮّﻓﺖ إﻟﻰ أﺑﻲ، اﻟﻤﺘﻮﻓّﻰ ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴﺔ أﻋﻮام .ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺗﻤﺎﻣًﺎ وأرﺑﻊ درﺟﺎت إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ،آﺎﻧﺖ ﺗﻘﻒ أﻣّﻲ ﻣُﺼﻠّﻴﺔ ،ﻣﻐﻤﻮرة ﺑﻨﻮرٍ أآﺜﺮ. ﻣﻸﻧﻲ ﻟﻤﺤﻬﺎ ﻓﺮﺣًﺎ ،وﻗﻠﺖ ﻟﻬﻤﺎ" :أﺑﻲ ،أﻣّﻲ ،أﺧﺮﺟﺎﻧﻲ ﻣﻦ هﻨﺎ! أﺗﻮﺳّﻞ إﻟﻴﻜﻤﺎ ،أﺧﺮﺟﺎﻧﻲ ﻣﻦ هﻨﺎ"! وﺣﻴﻦ اﻧﺤﻨﻴﺎ ﻧﺤﻮ ذاك اﻟﺜﻘﺐ ،آﺎن ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺮَوا ﺣﺰﻧﻬﻤﺎ اﻟﻬﺎﺋﻞ .ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ إدراك ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻹﺣﺴﺎس ﺑﺄَﻟﻤﻬﻢ .أﺧﺬ أﺑﻲ ﻳﺒﻜﻲ ﻣُﻤﺴﻜًﺎ رأﺳﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻣﺮ ّددًا" :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ!" آﺎن ﻳﻘﻮل .وآﺎﻧﺖ أﻣّﻲ ﺗُﺼﻠّﻲ ،وﻓﻬﻤﺖ أﻧّﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﺎن إﺧﺮاﺟﻲ ﻣﻦ هﻨﺎك؛ وازداد أﻟﻤﻲ ﺑﺄﻟﻤﻬﻤﺎ ،ﺑﻤﺎ أﻧّﻬﻤﺎ ﺪدًا" :أﺗﻮﺳّﻞ آﺎﻧﺎ ﻳﺸﺎﻃﺮاﻧﻨﻲ أﻟﻤﻲ .ﻟﺬا أﺧﺬت أﺻﺮخ ﻣﺠ ّ إﻟﻴﻜﻤﺎ ،أﺧﺮﺟﺎﻧﻲ ﻣﻦ هﻨﺎ! إﻧّﻨﻲ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ! ﻣﻦ أﻣﻜﻨﻪ ارﺗﻜﺎب ﺧﻄﺄ آﻬﺬا؟ أﺗﻮﺳّﻞ إﻟﻴﻜﻤﺎ ،أﺧﺮﺟﺎﻧﻲ ﻣﻦ هﻨﺎ"! هﺬﻩ اﻟﻤﺮّة،
35
ﺳُﻤﻊ ﺻﻮتٌ ،ﺻﻮتٌ ﻋﺬب أرﺟﻒ ﻧﻔﺴﻲ .آﻞّ ﺷﻲء ﻏُﻤﺮ إذاك ﺑﺤﺐّ وﺳﻼم ،وآﻞّ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﻘﺎﺗﻤﺔ اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗُﺤﻴﻂ ﺑﻲ هﺮﺑﺖ ﻷﻧّﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺤﺐّ .ﻗﺎل ﻟﻲ ذﻟﻚ اﻟﺼﻮت اﻟﻌﺰﻳﺰ" :ﺣﺴﻨًﺎ ﺟﺪًّا ،ﺑﻤﺎ أﻧّﻚ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ ،ﻗﻮﻟﻲ ﻟﻲ ﻣﺎ هﻲ وﺻﺎﻳﺎ اﷲ؟" هﺎ هﻲ ﺿﺮﺑﺔ ﺧﺎﺋﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻲ! آﻨﺖ أﻋﻠﻢ أنّ ﺛﻤّﺔ ﻋﺸﺮ وﺻﺎﻳﺎ ،ﻓﻲ اﺧﺘﺼﺎر .ﻣﺎذا آﺎن ﻋﻠﻲّ أن أﻓﻌﻞ؟ أﻣّﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺤﺪّﺛﻨﻲ دوﻣًﺎ ﻋﻦ وﺻﻴّﺔ اﻟﺤﺐّ اﻷوﻟﻰ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻲّ إﻻّ أن أردّد ﻣﺎ آﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﻟﻲ .آﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أﻧّﻨﻲ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ أن أرﺗﺠﻞ وأﺧﻔﻲ هﻜﺬا ﺟﻬﻠﻲ ﻟﻸﺧﺮى )اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ( .أﻋﺘﻘﺪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ اﻟﺘﺨﻠّﺺ ﻣﻦ اﻟﻮرﻃﺔ ،آﻤﺎ ﺣﻴﻦ آﻨﺖ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺣﻴﺚ آﻨﺖ أﺟﺪ دوﻣًﺎ ﻋﺬرًا ﻣﻮاﻓﻘًﺎ؛ وآﻨﺖ أُﺑﺮّر ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﻹﺧﻔﺎء ﺟﻬﻠﻲ. ﻗﻠﺖ" :أﺣﺐّ اﻟﺮبّ إﻟﻬﻚ ﻗﺒﻞ آﻞّ ﺷﻲء وﻗﺮﻳﺒﻚ آﻨﻔﺴﻚ". إذاك ﺳﻤﻌﺖ" :ﺣﺴﻨًﺎ ﺟﺪًّا ،هﻞ أﺣﺒﺒﺘﻬﻤﺎ؟" أﺟﺒﺖ " :ﻧﻌﻢ ﺖ" :ﻻ .ﻟﻢ ﺗُﺤﺒّﻲ اﻟﺮبّ أﺣﺒﺒﺘﻬﻤﺎ ،أﺣﺒﺒﺘﻬﻤﺎ ،أﺣﺒﺒﺘﻬﻤﺎ"! وُأﺟِﺒ ْ ﺪ ﻗﺮﻳﺒﻚ آﻨﻔﺴﻚ .ﻟﻘﺪ اﺑﺘﻜﺮتِ ﻟﻚ إﻟﻬﻚ ﻓﻮق آﻞّ ﺷﻲء وأﻗﻞّ ﺑﻌ ُ إﻟﻬًﺎ آﻨﺖ ﺗﻼﺋﻤﻴﻨﻪ وﻓﻖ ﺣﻴﺎﺗﻚ ،وآﻨﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻨﻪ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻤﻴﺆوس ﻣﻨﻬﺎ .آﻨﺖ ﺗﺴﺠﺪﻳﻦ أﻣﺎﻣﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨﺖ ﻣﺘّﻀﻌﺔ وآﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ اﻟﺬهﺎب إﻟﻰ ﻓﻘﻴﺮة ،ﺣﻴﻦ آﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﻠﺘﻚ ُ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ .ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷوﻗﺎت ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ آﻨﺖ ﺗﺼﻠّﻴﻦ وﺗﺮآﻌﻴﻦ ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﺘﺘﻮﺳّﻠﻲ إﻟﻰ إﻟﻬﻚ ﺑﺄن ﻳُﺨﺮﺟﻚ ﻣﻦ اﻟﺒﺆس؛ ﻟﻴﻤﻨﺤﻚ ﻧﻴﻞ اﻟﺸﻬﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻚ ﺑﺄن ﺗﺼﻴﺮي ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻣﻬﻤّﺔ .آﻞّ ﻣﺮّة آﻨﺖ ﺗﺤﺘﺎﺟﻴﻦ إﻟﻰ ﻣﺎل ،آﻨﺖ ﺗﺘﻠﻴﻦ
36
اﻟﻤﺴﺒﺤﺔ .هﻮذا آﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻚ ﺑﺎﻟﺮبّ". ﻧﻌﻢ ،ﻳﺠﺐ أن أﻋﺘﺮف ﺑﺄﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أُﻣﺴﻚ ﺑﺎﻟﻤﺴﺒﺤﺔ وأﻧﺘﻈﺮ ﻣﺎﻻً ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ،ﺗﻠﻚ آﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﺮبّ .وأُﻋﻄﻴﺖ أن أرى ﺣﺐّ أﻧّﻨﻲ ﺣﺎﻟﻤﺎ ﻧﻠﺖ اﻟﺸﻬﺎدة واﻟﺸﻬﺮة ،ﻟﻢ أﻣﻠﻚ أدﻧﻰ ﺷﻌﻮر ُ ﻧﺤﻮ اﻟﺮبّ .أن أآﻮن ﻋﺎرﻓﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ؟ ﻻ ،أﺑﺪًا! ﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨﺖ أﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻲّ ﺻﺒﺎﺣًﺎ ،ﻟﻢ أآﻦ أﺣﻤﻞ أﺑﺪًا ﺷﻜﺮًا ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻮم اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي آﺎن اﻟﺮبّ ﻳﻤﻨﺤﻨﻲ ﻷﻋﻴﺸﻪ ،ﻟﻢ أآﻦ أﺷﻜﺮﻩ أﺑﺪًا ﻋﻠﻰ ﺻﺤّﺘﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة أﺑﻨﺎﺋﻲ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻘﻒ اﻟﺬي وهﺒﻨﻲ إﻳّﺎﻩ. آﺎن ذﻟﻚ ﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﻴﻞ اﻷﺷﻤﻞ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﻲ رأﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻮزﻳﻦ! ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،آﻨﺖ أُﺟﻞّ اﻟﺮبّ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ دﻧﻴﺎ إﻟﻰ ﺣﺪّ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺛﻖ أآﺜﺮ ﺑﺘﻨﺒﺆات ﻋﻄﺎرد واﻟﺰهﺮة .آﺎن ﻋﻠﻢ اﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ﻳﻌﻤﻴﻨﻲ، هﺎﺗﻔﺔً ﺑﺄنّ اﻟﻨﺠﻮم آﺎن ﺗﻮﺟّﻪ ﺣﻴﺎﺗﻲ! آﻨﺖ أﺗﺴﻜّﻊ ﻧﺤﻮ آﻞّ ﺪدًا! ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ .آﻨﺖ أؤﻣﻦ ﺑﺄﻧّﻨﻲ ﺳﻮف أﻣﻮت ﻷُﺧﻠﻖ ﻣﺠ ّ وﻧﺴﻴﺖ اﻟﺮﺣﻤﺔ .ﻧﺴﻴﺖ أﻧّﻨﻲ اﻓﺘُﺪﻳﺖ ﺑﺪم اﷲ. أﺧﻀﻌﻮﻧﻲ ﻟﻼﺧﺘﺒﺎر ﺑﺎﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﺸﺮ .أروﻧﻲ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أزﻋﻢ أﻧّﻨﻲ أُﺣﺐّ اﷲ ﺑﻜﻼﻣﻲ ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ آﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﺣﺐّ إﺑﻠﻴﺲ .هﻜﺬا دﺧﻠﺖ اﻣﺮأة ﻳﻮﻣًﺎ ﻋﻴﺎدﺗﻲ ﻟﺘﻌﺮض ﻋﻠﻲّ ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﺤﺮﻳّﺔ ،وﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ" :إﻧّﻨﻲ ﻻ أؤﻣﻦ ﺑﺬﻟﻚ ،إﻧّﻤﺎ دَﻋﻲ هﺬﻳﻦ اﻟﺤﺮزَﻳﻦ هﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻧﺠﺢ ذﻟﻚ" .وﻗﺪ أودﻋﺖ ﻓﻲ زاوﻳﺔ ﺣﺪوةَ ﺣﺼﺎن وﺻﺒّﺎرًا ،ﻳُﻔﺘﺮض أﻧّﻬﻤﺎ ﻳُﺒﻌﺪان اﻟﻘﻮى اﻟﺸﺮﻳﺮة. آﻢ آﺎن آﻞّ ذﻟﻚ ﻣُﺨﺠﻼً! آﺎن ﻓﺤﺼًﺎ ﻟﺤﻴﺎﺗﻲ اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﺸﺮ .ﻟﻘﺪ أﻇﻬﺮوا ﻟﻲ ﻣﺎ آﺎن ﺗﺼﺮّﻓﻲ ﻧﺤﻮ ﻗﺮﻳﺒﻲ. أروﻧﻲ آﻴﻒ آﻨﺖ أزﻋﻢ أﻧّﻨﻲ أُﺣﺐّ اﷲ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ اﻋﺘﺪت اﻧﺘﻘﺎد اﻟﺠﻤﻴﻊ ،اﺗﻬﺎم آﻞّ ﻓﺮد ،أﻧﺎ ﻏﻠﻮرﻳﺎ اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ! أﻇﻬﺮوا ﻟﻲ
37
أﻳﻀًﺎ آﻢ آﻨﺖ ﺣﺴﻮدة وﺟﺎﺣﺪة! ﻟﻢ أﺷﻌﺮ أﺑﺪًا ﺑﻌﺮﻓﺎن ﺟﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ واﻟﺪَيّ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻣﻨﺤﺎﻧﻲ ﺣﺒّﻬﻤﺎ وﺑﺬﻻ ﺟﻬﻮدًا آﺜﻴﺮة ﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ وإرﺳﺎﻟﻲ إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ .وﻣﻨﺬ ﻧﻴﻞ ﺷﻬﺎدﺗﻲ ،هﻤﺎ أﻳﻀًﺎ أﺻﺒﺤﺎ أدﻧﻰ ﻣﻨّﻲ ،وآﻨﺖ ﺣﺘّﻰ أﺧﺠﻞ ﻣﻦ أﻣّﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻘﺮهﺎ، ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ وﺗﻮاﺿﻌﻬﺎ. ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺘﺼﺮّﻓﻲ آﺰوﺟﺔُ ،أﻇْﻬﺮ ﻟﻲ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺗﺸﻜّﻰ آﻞّ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻣﻦ اﻟﺼﺒﺎح إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎء .إذا ﻗﺎل زوﺟﻲ" :ﺻﺒﺎح اﻟﺨﻴﺮ" ،آﻨﺖ أردّ" :ﻟِﻢَ ﻳﻜﻮن هﺬا اﻟﻴﻮم ﺧﻴّﺮًا ﻓﻴﻤﺎ ﺗُﻤﻄِﺮ ﺧﺎرﺟًﺎ؟" آﻨﺖ أﺗﺸﻜّﻰ أﻳﻀًﺎ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮارٍ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻲ .وأﻇﻬﺮوا ﻟﻲ أﻧّﻨﻲ ﺖ ﺑﺈﺧﻮﺗﻲ وأﺧﻮاﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض .وﻗﺎل ﻟﻲ ﻟﻢ أُﺣﺐّ وﻻ رأﻓ ُ اﻟﺮبّ" :أﻧّﻚ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﺒﺮي اﻟﻤﺮﺿﻰ أﺑﺪًا؛ وﻓﻲ وﺣﺪﺗﻬﻢ ،ﻟﻢ ﺗﻼزﻣﻴﻬﻢ أﺑﺪًا" .آﺎن ﻟﻲ ﻗﻠﺐ ﻣﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ ﻗﺸﺮة ﺟﻮز .ﻟﻢ أآﻦ أﻣﻠﻚ ﻧﺼﻒَ ﺟﻮابٍ ﺻﺤﻴﺤًﺎ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺒﺎر اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﺸﺮ هﺬا. آﺎن ذﻟﻚ رهﻴﺒًﺎ ،ﻣﺪﻣّﺮًا! آﻨﺖ ﻣﻀﻄﺮّﺑﺔ آﻠّﻴًﺎ .وآﻨﺖ أﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ :ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻮﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞّ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ أﺣﺪ! ﺣﺐّ، ﻣﺜﻼً ،آﻨﺖ أﺷﺘﺮي ﻣﺆوﻧﺔ ﻟﻠﻤﻌﻮزﻳﻦ؛ إﻧّﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺪاﻓﻊ ُ ﺑﻞ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻷﺑﺪو ﺳﺨﻴّﺔ ،وﻟﻠﺬّة اﻟﺘﻲ آﻨﺖ أﻧﻌﻢ ﺑﻬﺎ ﻣﺘﻼﻋﺒﺔً ﺑﻤَﻦ آﺎﻧﻮا ﻓﻲ اﻟﻌﻮز .آﻨﺖ أﻗﻮل ﻟﻬﻢ" :ﺧُﺬوا هﺬﻩ اﻟﻤﺆوﻧﺔ واذهﺒﻮا ﻣﻜﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﺟﺘﻤﺎع اﻷهﻞ واﻟﻤﻌﻠّﻤﻴﻦ ،ﻷﻧّﻨﻲ ﻻ أﻣﻠﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺤﻀﻮرﻩ" .إﻟﻰ ذﻟﻚ آﻨﺖ أُﺣﺐّ أن أُﺣﺎط ﺑﺄﺷﺨﺎص ﻳﻤﺘﺪﺣﻮﻧﻨﻲ .آﻨﺖ ﻗﺪ آﻮّﻧﺖ ﺻﻮرة ﻣﺎ ﻟﺬاﺗﻲ. ﺣﻜِﻢ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻤﺎل .ﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞ ﻟﻲ إنّ إﻟﻬﻲ آﺎن اﻟﻤﺎلُ . اﻟﺴﺒﺐ ﻏﺮﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﻬﻮّة واﺑﺘﻌﺪت ﻋﻦ رﺑّﻚ .آﻨّﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﻏﻨﻴﺎء، ﻟﻜﻨّﻨﺎ ﻏﺪوﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣُﻔﻠﺴﻴﻦ ،ﺗُﻐﺮﻗﻨﺎ اﻟﺪﻳﻮن وﺻﻔﺮ اﻟﻴﺪَﻳﻦ.
38
إذاك ﺻﺮﺧﺖ" :أيّ ﻣﺎل؟ ﻟﻘﺪ ﺗﺮآﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض دﻳﻮﻧًﺎ آﺜﻴﺮة!" هﻮذا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖ ﺟﻮاﺑًﺎ. ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻮﺻﻴّﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،رأﻳﺖ ﺑﺤﺰنٍ أﻧّﻨﻲ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ ،ﺗﻌﻠّﻤﺖ ﺳﺮﻳﻌًﺎ أنّ اﻟﻜﺬب آﺎن وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻤﺘﺎزة ﻟﺘﺤﺎﺷﻲ ﻗﺼﺎﺻﺎت أﻣﻲ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ .ﺑﺪأت ﻳﺪًا ﺑﻴﺪ ﻣﻊ أب اﻟﻜﺬب )إﺑﻠﻴﺲ( وﺻﺮت آﺎذﺑﺔ .آﺎﻧﺖ ﺧﻄﺎﻳﺎي ﺗﺰﻳﺪ ﻣﺜﻞ أآﺎذﻳﺒﻲ. ﻻﺣﻈﺖ آﻢ آﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﺮم أﻣّﻲ اﻟﺮبّ واﺳﻤﻪ اﻟﻘﺪّوس :رأﻳﺖ هﻨﺎ ﺳﻼﺣًﺎ ﻟﻲ وأﺧﺬت أُﺟﺪّف ﺑﺎﺳﻤﻪ .آﻨﺖ أﻗﻮل :أﻣّﻲ ،أُﻗﺴِﻢ ﺑﺎﷲ ﺑﺄنّ "...وهﻜﺬا ،آﻨﺖ أﺗﺤﺎﺷﻰ اﻟﻘﺼﺎﺻﺎت .ﺗﺼﻮّروا أآﺎذﻳﺒﻲ ،ﻣُﺸﺮآﺔً اﺳﻢ اﻟﺮبّ اﻟﻜﻠّﻲ اﻟﻘﺪاﺳﺔ... إﻧﺘﺒﻬﻮا ،ﻳﺎ إﺧﻮﺗﻲّ وأﺧﻮاﺗﻲ ،أنّ اﻟﻜﻼم ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺒﺌًﺎ أﺑﺪًا، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أُﻣﻲ ﺗُﺼﺪّﻗﻨﻲ ،اﻋﺘﺪت أن أﻗﻮل ﻟﻬﺎ" :أﻣّﻲ ،إذا آﺬﺑﺖ ،ﻓﻠﻴﻀﺮﺑْﻨﻲ اﻟﺒﺮق هﻨﺎ واﻵن" .وﺣﺘّﻰ ﻟﻮ أنّ اﻟﻜﻼم ذهﺐ ﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺣﺪث أنّ اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﺿﺮﺑﺘﻨﻲ ﻓﻌﻼً ﻓﺤﱠﻤﺘﻨﻲ ،وﺑﻔﻀﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ أﻧﺎ هﻨﺎ اﻵن. ُأﻇْﻬﺮَ ﻟﻲ آﻴﻒ أﻧّﻨﻲ أﻧﺎ اﻟﺘﻲ آﻨﺖ أدّﻋﻲ ﺑﺄﻧّﻨﻲ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ، ﻟﻢ أآﻦ أﺣﺘﺮم أﻳًّﺎ ﻣﻦ وﻋﻮدي ،وآﻢ آﻨﺖ أﺣﻠﻒ ﺑﺎﺳﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ. ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺑﺮؤﻳﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺮهﻴﺒﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻲ ،آﺎﻧﺖ ﺗﺴﺠﺪ ﻋﺎﺑﺪةً ،ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻟﺮبّ .ورأﻳﺖ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣَﻲ اﻟﺮبّ ﺗُﺼﻠّﻲ وﺗﺘﺸﻔّﻊ ﻷﺟﻠﻲ. ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﺣﺘﺮام ﻳﻮم اﻟﺮبّ )اﻟﻮﺻﻴّﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ( ،آﻨﺖ أدﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺸﻔﻘﺔ وأﺷﻌﺮ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺄﻟﻢٍ ﺣﺎدّ .آﺎن اﻟﺼﻮت ﻳﻘﻮل ﻟﻲ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أُﻣﻀﻲ اﻷﺣﺪ أرﺑﻊَ ﺳﺎﻋﺎتٍ أو ﺧﻤﺴًﺎ أهﺘﻢّ
39
ﺑﺠﺴﺪي؛ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪيّ ﺣﺘّﻰ ﻋﺸﺮ دﻗﺎﺋﻖ ﺷﻜﺮ أو ﺻﻼة أآﺮّﺳﻬﺎ ﻟﻠﺮبّ .إذا ﺑﺪأت ﻣﺴﺒﺤﺔ ،آﻨﺖ أﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ: "ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﺧﻼل اﻹﻋﻼن ،ﻗﺒﻞ اﻟﻤُﺴﻠﺴَﻞ" .ﻧﻜﺮاﻧﻲ ﺖ ﻋﻠﻴﻪ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ أآﻦ أرﻳﺪ ﺣﻀﻮر ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﺮبّ ُﺑﻜﱢ ُ اﻟﻘﺪّاس ،آﻨﺖ أﻗﻮل ﻷﻣّﻲ" :اﷲ ﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن ،ﻓﻠِﻢَ ﻋﻠﻲّ اﻟﺬهﺎب إﻟﻰ هﻨﺎ؟ "...ذآّﺮﻧﻲ اﻟﺼﻮت آﺬﻟﻚ ﺑﺄنّ اﷲ آﺎن ﻳﺴﻬﺮ ﻋﻠﻲّ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر ،وأﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أآﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ أُﺻﻠّﻲ إﻟﻴﻪ إﻃﻼﻗًﺎ؛ واﻷﺣﺪ ،ﻟﻢ أآﻦ أﺷﻜﺮﻩ وﻻ أُﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﻋﺮﻓﺎﻧﻲ ﺣﺒّﻲ .إﻻّ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﻋﺘﻨﻲ ﺑﺠﺴﺪي ،آﻨﺖ ﻋﺒﺪة اﻟﺠﻤﻴﻞ أو ُ ﻟﻪ ،وآﻨﺖ أﻧﺴﻰ آﻠّﻴًّﺎ أنّ ﻟﻲ ﻧﻔﺴًﺎ وأنّ ﻋﻠﻲّ ﺗﻐﺬﻳﺘﻬﺎ .ﻟﻜﻨّﻨﻲ ﻟﻢ أآﻦ أُﻏﺬّﻳﻬﺎ أﺑﺪًا ﻣﻦ آﻠﻤﺔ اﷲ ،ﻷﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﻗﻮل إنّ ﻣَﻦ ﻳﻘﺮأ ﺪ ﻣﺠﻨﻮﻧًﺎ. آﻠﻤﺔ اﷲ ﻳﻐ ُ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻷﺳﺮار ،آﺎن آﻞّ ﺷﻲء ﻋﻨﺪي ﺧﻄﺄ .آﻨﺖ أﻗﻮل أﻧّﻨﻲ ﻟﻦ أذهﺐ ﻷﻋﺘﺮف أﺑﺪًا ،ﻷنّ أوﻟﺌﻚ اﻟﺴﺎدة اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻲ اﻟﺴﻦّ آﺎﻧﻮا أﺳﻮأ ﻣﻨّﻲ .آﺎن اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻳُﺤﻮّﻟﻨﻲ ﻋﻦ اﻻﻋﺘﺮاف، وهﻜﺬا آﺎن ﻳﻤﻨﻊ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻧﻈﻴﻔﺔ وﺗُﺸﻔﻰ .آﺎن ﻧﻘﺎء ﻧﻔﺴﻲ اﻷﺑﻴﺾ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺜﻤﻦ ﻓﻲ آﻞّ ﻣﺮّة آﻨﺖ أُﺧﻄﺊ .آﺎن إﺑﻠﻴﺲ ﻳﺘﺮك دﻣﻐﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ :دﻣﻐﺔ ﻣُﻌﺘِﻤﺔ .ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻣﻨﺎوﻟﺘﻲ ﻢ أﺑﺪًا ﺑﺎﻋﺘﺮاف ﺻﺎﻟﺢ .اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ هﻨﺎ ،ﻟﻢ أﺗﻠﻖﱠ اﻷوﻟﻰ ،ﻟﻢ أ ُﻗ ْ رﺑّﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎق أﺑﺪًا .إﻧﻌﺪام ﺗﻤﺎﺳﻚ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺑﻠﻎ درﺟﺔ ﺑﺤﻴﺚ آﻨﺖ أُﺟﺪّف" :اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ؟ أﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺼﻮّر اﷲ اﻟﺤﻲّ ﻓﻲ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺒﺰ؟" إﻟﻰ هﻨﺎ اﻗﺘﺼﺮت ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﷲ .ﻟﻢ أُﻏﺬﱢ ﻧﻔﺴﻲ أﺑﺪًا ،وأﺳﻮأ ﺑَﻌﺪُ ،آﻨﺖ أﻧﺘﻘﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮار .آﺎن ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺮوا آﻢ آﻨﺖ أدأب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ! ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﺎﻓﺮي، آﺎن أﺑﻲ ﻣُﻌﺘﺎدًا اﻟﻘﻮل أنّ أوﻟﺌﻚ اﻟﻘﻮم آﺎﻧﻮا ﻣﺘﻬﺘﻜّﻴﻦ أآﺜﺮ ﻣﻦ
40
ﻦ أﻧﺖ ﻟﺘﺪﻳﻨﻲ هﻜﺬا ﻣﺴﺤﺎﺋﻲ؟ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴّﻴﻦ .وﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﺮبّ" :ﻣَ ْ ﺔ آﺎهﻦ ﺗﺴﻨﺪهﺎ ﺟﻤﺎﻋﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗُﺼﻠّﻲ إﻧّﻬﻢ ﺑﺸﺮ ،وﻗﺪاﺳ ُ ﻷﺟﻠﻪ ،ﺗُﺤﺒّﻪ وﺗﻌﻀﺪﻩ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺗﻜﺐ آﺎهﻦ ﺧﻄﺄ ،ﺟﻤﺎﻋﺘﻪ هﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺬﻟﻚ ،إﻧّﻤﺎ ﻻ هﻮ" .ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،اﺗّﻬﻤﺖ آﺎهﻨًﺎ ﺑﺎﻟﻠﻮاط وأُﻋﻠﻤﺖ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺬﻟﻚ .ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ ﺗﺼﻮﱡر اﻟﺴﻮء اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﺘﻪ! ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﻮﺻﻴّﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ" :أآﺮم أﺑﺎك وأﻣّﻚ" ،آﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻜﻢ ،أراﻧﻲ اﻟﺮبّ ﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ واﻟﺪَي .آﻨﺖ أﺗﺸﻜّﻰ ﻷﻧّﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﺎن ﺗﻘﺪﻳﻢ أﺷﻴﺎء آﺜﻴﺮة ﻟﻲ ﻳﻤﺘﻠﻜﻬﺎ رﻓﺎﻗﻲ .آﻨﺖ ﺟﺎﺣﺪة ﻧﺤﻮهﻤﺎ ﻟﻜﻞّ ﻣﺎ ﻓﻌﻼﻩ ﻷﺟﻠﻲ ،وﺣﺘّﻰ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﺣﺪّ آﻨﺖ أﻗﻮل ﻓﻴﻪ إﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أآﻦ أﻋﺮف أﻣّﻲ ﻷﻧّﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮاي .ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،دﻓﻌﺖ ﻓﻮاﺗﻴﺮ اﻟﻄﺒﻴﺐ واﻟﺼﻴﺪﻟﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﺮض واﻟﺪاي ،إﻧّﻤﺎ ﺑﻤﺎ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺣﻠّﻞ آﻞّ ﺷﻲء ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻤﺎل ،اﺳﺘﻔﺪت إذاك ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ﺑﻬﻤﺎ، وﺗﻮﺻّﻠﺖ ﺑﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﺳﺤﻘﻬﻤﺎ. ﺷﻘّﺖ ﻋﻠﻲّ رؤﻳﺔ أﺑﻲ ﻳﺒﻜﻲ ﺑﺤﺰنٍ ،ﻓﻌﻠﻰ رﻏﻢ أﻧّﻪ آﺎن أﺑًﺎ ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻋﻠّﻤﻨﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺸﺪّة وإﻗﺪام ،ﻧﺴﻲ ﺗﻔﺼﻴﻼً ﻣﻬﻤًّﺎ :أنّ ﻟﻲ ﻧﻔﺴًﺎ ،وأنّ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺑﺪأت ﺗﺘﺄرﺟﺢ ﺑﻤﺜﺎﻟﻪ اﻟﺴﻴّﺊ .آﺎن ﻳُﺪﺧّﻦ ،ﻳﺸﺮب وﻳُﻄﺎرد اﻟﻨﺴﺎء إﻟﻰ ﺣﺪّ أﻧّﻨﻲ اﻗﺘﺮﺣﺖ ﻋﻠﻰ أﻣّﻲ أن ﺗﻬﺠﺮ زوﺟﻬﺎ" :ﻳﺠﺐ أﻻّ ﺗﺴﺘﻤﺮّي وﻗﺘًﺎ أﻃﻮل ﻣﻊ رﺟﻞ ﻣﺜﻞ هﺬا .آﻮﻧﻲ ﺟﺪﻳﺮة ،أرِﻩ أﻧّﻚ ﺗﺴﺎوﻳﻦ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺎ" .وأﺟﺎﺑﺖ أﻣّﻲ" :ﻻ ،ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ ،إﻧّﻨﻲ أﺗﺄﻟّﻢ ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ أﺿﺤّﻲ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻷنّ ﻟﻲ ﺳﺒﻌﺔ أوﻻد وﻷنّ أﺑﺎك ﻳﺒﺪو أﺑًﺎ ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ اﻟﻨﻬﺎر ،ﻟﻦ أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﺮﺣﻴﻞ وﻓﺼﻠﻜﻢ ﻋﻦ واﻟﺪآﻢ؛ وﻓﻮق ذﻟﻚ ﻣَﻦ ﺳﻮف
41
ﻳُﺼﻠّﻲ ﻟﺨﻼﺻﻪ ،إذا رﺣﻠﺖ؟ إﻧّﻨﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ،ﻷنّ آﻞّ ﺗﻠﻚ اﻵﻻم واﻟﺠﺮاح اﻟﺘﻲ ﻳُﻠﺤﻘﻬﺎ ﺑﻲ، أﺿﻤّﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﺬاﺑﺎت اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ .آﻞّ ﻳﻮم أﻗﻮل ﻟﻠﺮبّ" :ﻟﻴﺲ أﻟﻤﻲ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻘﺎرﻧﺔً ﺑﺼﻠﻴﺒﻚ ،ﻟﺬا ،أرﺟﻮك، ﺧﻠّﺺ زوﺟﻲ وأوﻻدي" .أﻣّﺎ أﻧﺎ ،ﻓﻠﻢ أآﻦ أﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ذﻟﻚ وﻏﺪوت ﻣﺘﻤﺮّدة ،ﺑﺪأت أداﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻨﺴﺎء ،أُﺷﺠّﻊ اﻹﺟﻬﺎض ،واﻟﻤﺴﺎآﻨﺔ واﻟﻄﻼق. ﺣﻴﻦ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻮﺻﻴّﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ،أراﻧﻲ اﻟﺮبّ اﻟﻘﺎﺗ َ ﻞ اﻟﺮهﻴﺐ اﻟﺬي آﻨﺘﻪ ﺑﺎرﺗﻜﺎب أرهﺐ اﻟﺠﺮاﺋﻢ :اﻹﺟﻬﺎض. إﻟﻰ ذﻟﻚ ،ﻣﻮّﻟﺖ إﺟﻬﺎﺿﺎت ﻋﺪّة ،ﻷﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﻧﺎدي ﺑﺄنّ اﻣﺮأةً ﺗﻤﻠﻚ ﺣﻖّ اﺧﺘﻴﺎر أن ﺗﻜﻮن ﺣُﺒﻠﻰ أو ﻻ .أﻋﻄﻲ ﻟﻲ أن أﻗﺮأ ﻓﻲ آﺘﺎب اﻟﺤﻴﺎة ،وﺗﻤﺰّﻗﺖ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﻦ أنّ ﻓﺘﺎة ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة ﺖ آﺬﻟﻚ ﻧﺼﺎﺋﺢ ﺳﻴّﺌﺔ أﺟﻬﻀﺖ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺎﺋﺤﻲ .أﻋﻄﻴ ُ ﻟﻔﺘﻴﺎت ﺻﻐﻴﺮات ﺛﻼث ﻣﻨﻬﻦّ آﻦ ﻧﺴﻴﺒﺎﺗﻲ ،ﻣُﺘﺤﺪّﺛﺔ إﻟﻴﻬﻦّ ﻋﻦ اﻹﻏﺮاء ،واﻟﻤﻮﺿﺔ ،ﻧﺎﺻﺤﺔً إﻳﺎهﻦّ ﺑﺄن ﻳﺴﺘﻔﺪْن ﻣﻦ ﺟﺴﺪهﻦ، وﻗﺎﺋﻠﺔً ﻟﻬﻦّ إنّ ﻋﻠﻴﻬﻦّ اﺳﺘﺨﺪام وﺳﺎﺋﻞ ﻣﻨﻊ اﻟﺤﻤﻞ .آﺎن ذﻟﻚ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ إﻓﺴﺎد اﻟﻘﺎﺻﺮﻳﻦ اﻟﺬي ﻳُﻔﺎﻗﻢ ﺧﻄﻴﺌﺔ اﻹﺟﻬﺎض اﻟﺮهﻴﺒﺔ. ﻓﻲ آﻞّ ﻣﺮة ﻳُﺮاق دم ﺟﻨﻴﻦ ،ﺗﻠﻚ ﻣﺤﺮﻗﺔ ﻹﺑﻠﻴﺲ ،ﺗﺠﺮح اﻟﺮ ّ ب وﺗُﺮﺟﻔﻪ .رأﻳﺖ ﻓﻲ آﺘﺎب اﻟﺤﻴﺎة آﻴﻒ آﺎﻧﺖ ﺗﺘﻜﻮّن ﻧﻔﺴﻨﺎ، اﻟﺒﺮهﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺒﺬرة إﻟﻰ اﻟﺒﻴﻀﺔ .ﺷﺮارة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﻠﺘﻤﻊ ،ﻧﻮرٌ ﻳﺸﻊّ ﻣﻦ ﺷﻤﺲ اﷲ اﻵب .ﻣﺎ أن ﻳُﺒﺬَر ﺑﻄﻦ اﻷم، ﺣﺘّﻰ ﻳُﻀﺎء ﺑﻨﻮر اﻟﻨﻔﺲ .ﺧﻼل اﻹﺟﻬﺎض ،ﺗﻨﻮح اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺼﺮخ ﻊ ﺻﺮاﺧًﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻋﺰع .هﺬا اﻟﺼﺮاخ أﻟﻤًﺎ ،وﻳُﺴﻤ ُ
42
ﻳﺘﺮدّد آﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ ،إﻧّﻤﺎ هﻨﺎ ﺻﺮاخ ﻓﺮح .آﻢ ﻣﻦ أﺟﻨّﺔ ﻳُﻘﺘﻠﻮن آﻞّ ﻳﻮم! إﻧّﻪ اﻧﺘﺼﺎر ﻟﺠﻬﻨّﻢ .أنّ ﺛﻤﻦ هﺬا اﻟﺪم اﻟﺒﺮيء ﻳُﺤﺮّر آﻞّ ﻣﺮّة ﺷﻴﻄﺎﻧًﺎ إﺿﺎﻓﻴًّﺎ إﻟﻰ اﻷرض .أﻧﺎ ﻏﻤﺴﺖ ﻳﺪَيّ ﻓﻲ هﺬا اﻟﺪم وﻏﺪت ﻧﻔﺴﻲ ﻏﺎرﻗﺔ آﻠّﻴًّﺎ ﻓﻲ اﻟﻈﻼم .ﻋﻠﻰ أﺛﺮ ﺗﻠﻚ اﻹﺟﻬﺎﺿﺎت ﻓﻘﺪت اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻲّ ،آﻞﱡ ﺷﻲء آﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳُﺮام .وﻣﺎذا أﻗﻮل ﻋﻦ آﻞّ أوﻟﺌﻚ اﻷﺟﻨّﺔ اﻟﺬﻳﻦ رﻓﻀﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎﻧﻊ اﻟﺤَﻤْﻞ اﻟﺬي آﻨﺖ أﺳﺘﺨﺪﻣﻪ! ﻟﻴﺲ ﻣُﺪهﺸًﺎ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ داﺋﻤًﺎ ﻋﻨﻴﻔﺔ وﻣُﺤﺒﻄﺔ وﻣُﻜﺘﺌﺒﺔ .وآﻨﺖ ﺪ ﻓﻲ اﻟﻬﻮّة .آﻴﻒ آﺎن ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﺘﺄآﻴﺪ أﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أﻏﺮق أآﺜﺮ ﺑَﻌ ُ أﻗﺘُﻞ أﺑﺪًا. وآﻞّ أوﻟﺌﻚ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ اﺣﺘﻘﺮﺗﻬﻢ وآﺮهﺘﻬﻢ وﻟﻢ أُﺣﺒّﻬﻢ. هﻨﺎ أﻳﻀًﺎ ،آﻨﺖ ﻗﺎﺗﻠﺔ ﻷﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﻤﻮت ﻓﻘﻂ ﻣﻦ رﺻﺎﺻﺔ ﻣﺴﺪّس .ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﺘﻞ آﺬﻟﻚ ﺣﻴﻦ ﻧﻜﺮﻩ وﻧﺮﺗﻜﺐ أﻓﻌﺎل اﻟﺸﺮّ وﻧﺤﺴﺪ وﻧﻐﺎر. ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﻮﺻﻴّﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ )ﻻ ﺗﺰنِ( ،آﺎن زوﺟﻲ رﺟﻞ ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ .إﻧّﻤﺎ أﻋﻄﻮﻧﻲ أن أرى أﻧّﻨﻲ ﻓﻲ آﻞّ ﻣﺮّة آﻨﺖ أآﺸﻒ ﻋﻦ ﺻﺪري وأﻟﺒﺲ ﺳﺮاوﻳﻞ ﺿﻴّﻘﺔ ،آﻨﺖ أُﺣﺮّض اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺴﻖ وأﻗﻮدهﻢ إﻟﻰ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ .إﻟﻰ ذﻟﻚ ،آﻨﺖ أﻧﺼﺢ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻤﺨﺪوﻋﺎت ﺑﺄن ﻳﻜﻦّ ﺧﺎﺋﻨﺎت ﻷزواﺟﻬﻦّ ،آﻨﺖ أآﺮز ﺿﺪّ اﻟﻤﻐﻔﺮة وأُﺷﺠّﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻼق .إذاك ﺗﺤﻘّﻘ ُ ﺖ ﻣﻦ أنّ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﺰﻧﺎ ﺑﻐﻴﻀﺔ وﺗﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﻌﻘﺎب ،ﺣﺘّﻰ ﻟﻮ أنّ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮاهﻦ ﻳﺠﺪ ﻣﻘﺒﻮﻻً ﺗﺼﺮﱡﻓﻨﺎ ﺗﺼﺮﱡف ﺣﻴﻮاﻧﺎت. آﺎن ﻣﺆﻟﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص رؤﻳﺔ آﻢ ﺧﻄﺎﻳﺎ زﻧﺎ أﺑﻲ ﺟﺮﺣﺖ أوﻻدﻩ .إنّ إﺧﻮﺗﻲ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺻﺎروا ﻧﺴﺨًﺎ ﻃﺒﻖ اﻷﺻﻞ ﻋﻦ أﺑﻴﻬﻢ،
43
ﻣﺘﻬﺘّﻜﻴﻦ وﺳﻜّﻴﺮﻳﻦ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﻌﻮن اﻷذى اﻟﺬي ﻳُﺴﺒّﺒﻮﻧﻪ ﻷوﻻدهﻢ .ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ آﺎن أﺑﻲ ﻳﺒﻜﻲ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺰن وهﻮ ﻳﻜﺘﺸﻒ أنّ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﺴﻴّﺊ اﻟﺬي أﻋﻄﺎﻩ ارﺗﺪّ ﻋﻠﻲّ ،وﻋﻠﻰ أوﻻدﻩ وأﺣﻔﺎدﻩ. أﻣّﺎ اﻟﻮﺻﻴّﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،ﻻ ﺗﺴﺮق ،ﻓﺄﻧﺎ اﻟﺘﻲ آﻨﺖ أﻋﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﺪدًا ﻓﻲ ﻣﻨـﺰﻟﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣ َﺒ ّ ﺷﺮﻳﻔﺔ ،أراﻧﻲ اﻟﺮبّ أنّ اﻟﻄﻌﺎم آﺎن ُ آﺎﻧﺖ ﺑﻘﻴّﺔ اﻟﻨﺎس ﺗُﻌﺎﻧﻲ اﻟﺠﻮع .ﻗﺎل ﻟﻲ" :آﻨﺖ ﺟﺎﺋﻌًﺎ واﻧﻈﺮي ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﺑﻤﺎ أﻋﻄﻴﺘﻚ إﻳّﺎﻩ؛ آﻢ ﺑﺪّدتِ! آﻨﺖ ﺑﺮداﻧًﺎ واﻧﻈﺮي آﻴﻒ آﻨﺖ ﻋﺒﺪة اﻟﻤﻮﺿﺔ واﻟﻤﻈﺎهﺮ ،راﻣﻴﺔً ﻣﺎﻻً آﺜﻴﺮًا ﻓﻲ ﺣﻤﻴﺎتٍ ﻟﺘﻨﺤﻔﻲ .ﺻﻨﻌﺖِ ﻣﻦ ﺟﺴﺪك إﻟﻬًﺎ"! أﻓﻬﻤﻨﻲ أنّ ﻟﻲ ﻧﺼﻴﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﺬﻧﺐ ﻓﻲ ﻓﻘﺮ ﺑﻼدي .أﻇﻬﺮ ﻟﻲ أﻳﻀًﺎ أﻧّﻨﻲ ﻓﻲ آﻞّ ﻣﺮّة آﻨﺖ أﻧﺘﻘﺪ أﺣﺪًا ﻣﺎ ،آﻨﺖ أﺳﺮق آﺮاﻣﺘﻪ .آﺎن أﺳﻬﻞ ﻟﻲ أن أﺳﺮق ﻣﺎﻻً ،ﻷنّ اﻟﻤﺎل ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ داﺋﻤًﺎ إﻋﺎدﺗﻪ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺴﻤﻌﺔ! إﻟﻰ ذﻟﻚ ،آﻨﺖ أﺧﺘﻠﺲ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻲ ﻧﻌﻤﺔ أن ﻳﺤﻈَﻮا ﺑﺄمّ ﺣﻨﻮن ﻣﻠﺆهﺎ ﺣﺐّ .آﻨﺖ أﺗﺨﻠّﻰ ﻋﻦ أﺑﻨﺎﺋﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،آﻨﺖ أﺗﺮآﻬﻢ أﻣﺎم اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ،ﻣﻊ اﻟﻜﻮﻣﺒﻴﻮﺗﺮ وأﻟﻌﺎب اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ .وﻷﻣﻨﺢ ﻧﻔﺴﻲ ﺿﻤﻴﺮًا ﺣﺴﻨًﺎ ،آﻨﺖ أﺷﺘﺮي ﻟﻬﻢ ﺛﻴﺎﺑًﺎ رﻓﻴﻌﺔ .آﻢ ذﻟﻚ رهﻴﺐ! أي ﺣﺰن هﺎﺋﻞ. ﻓﻲ آﺘﺎب اﻟﺤﻴﺎة ،ﻧﺮى آﻞّ ﺷﻲء آﻤﺎ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﻢ .آﺎن أﺑﻨﺎﺋﻲ ﻳﻘﻮﻟﻮن" :ﻟﻨﺄﻣَ ْ ﻞ ﺑﺄﻻّ ﺗﻌﻮد أﻣّﻨﺎ ﺑﺎآﺮًا ﺟﺪًّا وﺗﺤﺪث زﺣﻤﺎت ﺳﻴﺮ ﺖ ﻣﻨﻬﻢ أﻣّﻬﻢ ،ﺳﺮﻗﺖ ﻷﻧّﻬﺎ ﻣﺰﻋﺠﺔ ﻏﻀﻮب" .ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺳﺮﻗ ُ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺴﻼم اﻟﺬي آﺎن ﻣﻔﺮوﺿًﺎ ﻋﻠﻲّ ﺣﻤﻠﻪ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻲ .ﻟﻢ ن ﻟﻢ أُﺣﺐّ ﺣﺐّ اﻟﻘﺮﻳﺐ .اﻷﻣﺮ ﺑﺴﻴﻂ :إ ْ ﺣﺐّ اﷲ وﻻ ُ أﻋﻠّﻤﻬﻢ ُ إﺧﻮﺗﻲ ،ﻓﻼ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻲ ﺑﻪ آﺬﻟﻚ.
44
اﻵن ،ﺳﻮف أﺗﻜﻠّﻢ ﻋﻦ ﺷﻬﺎدات اﻟﺰور واﻟﻜﺬب ،ﻷﻧّﻨﻲ ﻏﺪوت ﺧﺒﻴﺮة ﻓﻲ هﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع .ﻻ وﺟﻮد ﻷآﺎذﻳﺐ ﺑﺮﻳﺌﺔ ،آﻠّﻬﺎ ﻣﻦ إﺑﻠﻴﺲ اﻟﺬي هﻮ أﺑﻮهﺎ .اﻵﺛﺎم اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن آﺎﻧﺖ ﺣﻘًّﺎ ﺖ آﻢ ﺟﺮﺣﺖ ﺑﻠﺴﺎﻧﻲ .ﻓﻲ آﻞّ ﻣﺮّة آﻨﺖ أذمّ ﻣُﺮﻋِﺒﺔ .رأﻳ ُ اﻟﻨﺎس ،أﺳﺨﺮ ﻣﻦ أﺣﺪهﻢ أو أﻧﻌﺘﻪ ﺑﻜﻨﻴﺔٍ ﺗﺤﻂّ ﻣﻦ ﻗﺪرﻩ ،آﻨﺖ أﺟﺮح هﺬا اﻟﺸﺨﺺ .آﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻨﻴﺔ أن ﺗﺠﺮح! آﺎن ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أُﻋﻘّﺪ اﻣﺮأة ﺑﻤﻨﺎداﺗﻬﺎ" :اﻟﻀﺨﻤﺔ"... ﺧﻼل هﺬﻩ اﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﺸﺮُ ،أﻇْﻬﺮ ﻟﻲ أنّ آ ّ ﻞ ﺁﺛﺎﻣﻲ آﺎن ﺳﺒﺒﻬﺎ اﻟﻄﻤﻊ ،هﺬﻩ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺴﻴّﺌﺔ .ﻟﻘﺪ رأﻳﺖ هﻮَﺳﻲ .ذﻟﻚ ﻧﻔﺴﻲ داﺋﻤًﺎ ﺳﻌﻴﺪة ﻣﻊ ﻣﺎل آﺜﻴﺮ .وﻏﺪا اﻟﻤﺎل َ ﻣُﺤﺰنٌ ﺣﻘًّﺎ ،ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻲ ،أرهﺐ اﻷوﻗﺎت آﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ آﻨﺖ أﻣﻠﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﻻً آﺜﻴﺮًا .ﻓﻜّﺮت ﺣﺘّﻰ ﺑﺎﻻﻧﺘﺤﺎر .آﻨﺖ أﻣﻠﻚ آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ اﻟﻤﺎل وأﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ وﺣﻴﺪة ،ﻓﺎرﻏﺔ ،ﻋﻨﻴﻔﺔ وﻣﻜﺒﻮﺗﺔ .هﻮس اﻟﻤﺎل هﺬا ﺣﻮّﻟﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺮبّ وﺟﻌﻠﻨﻲ أﻓﻠﺖ ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ. ﺑﻌﺪ اﺧﺘﺒﺎر اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﺸﺮ ،أرَوﻧﻲ آﺘﺎب اﻟﺤﻴﺎة .أُﺣﺐّ اﻣﺘﻼك اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻷﺻﻔﻪ .آﺘﺎب ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺑﺪأ ﻋﻨﺪ اﻟﺤَﺒَﻞ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺗّﺤﺪت ﺧﻠﻴّﺘﺎ واﻟﺪَيّ .ﺣﺪﺛﺖ ﺷﺮارة ﻓﻮرًا ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،اﻧﻔﺠﺎرٌ راﺋﻊ ،وﺗﻜﻮّﻧﺖ ﻧﻔﺲٌ هﻜﺬا ،ﻧﻔﺴﻲ ،ﺧﻠﻘﺘﻬﺎ ﻳﺪا اﷲ أﺑﻴﻨﺎ ،وهﻮ إﻟﻪٌ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺼﻼح! آﻢ ذﻟﻚ راﺋﻊ! ﺳﺎهﺮٌ ﻋﻠﻴﻨﺎ أرﺑﻌًﺎ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﺣﺒّﻪ ﻋﻘﺎﺑﻲ ،ﻷﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺟﺴﺪي ﺳﺎﻋﺔ! آﺎن ُ اﻟﺸﻬﻮاﻧﻲ ﺑﻞ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻲ ،وآﺎن ﻳﺮى آﻢ آﻨﺖ أﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺨﻼص .ﻗﺒﻞ أن أُﻧﻬﻲ ،أرﻳﺪ أن أﻋﻄﻴﻜﻢ ﻣﺜﻼً ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎل آﺘﺎب اﻟﺤﻴﺎة.
45
آﻨﺖ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﺟﺪًّا ،آﻨﺖ أﻗﻮل ﻟﺼﺪﻳﻘﺔ" :أﻧﺖ ﻓﺎﺗﻨﺔ ﻓﻲ هﺬا اﻟﺜﻮب ،إﻧّﻪ ﻳﻨﺎﺳﺒﻚ ﺟّﻴﺪًا"! إﻧّﻤﺎ آﻨﺖ أﻓﻜّﺮ ﻓﻲ ﺳﺮّي" :هﺬا اﻟﻠﺒﺎس ﺑَﺸﻊ ،وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻠﻜﺔ"! ﻓﻲ آﺘﺎب اﻟﺤﻴﺎة ،آﻞﱡ ﺷﻲء ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ آﻤﺎ ُﻓﻜّﺮ ﺑﻪ، ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ ،آﻤﺎ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻨﻔﺲ .آﻞّ أآﺎذﻳﺒﻲ آﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮوﺿﺔ ﻟﻴﺘﻤﻜّﻦ آﻞّ واﺣﺪ ﻣﻦ رؤﻳﺘﻬﺎ .ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ آﻨﺖ أﺗﺴﻜّﻊ ﺧﺎرج اﻟﻤﺪرﺳﺔ ،ﻷنّ أﻣّﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺪﻋﻨﻲ أذهﺐ ﺣﻴﺜﻤﺎ أرﻳﺪ .آﻨﺖ أآﺬب ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺄن ﻋﻤﻞ ﺑﺤﺜﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،وآﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ أذهﺐ ﻟﻤﺸﺎهﺪة ﻓﻴﻠﻢ ﺧﻼﻋﻲ ،أو آﻨﺖ أﻣﻀﻲ إﻟﻰ ﺑﺎر ﻷﺷﺮب ﺟﻌﺔ ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎء .ﻟﻜﻦّ أﻣﻲ رأت ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺗﺘﺘﺎﺑﻊ ،وﻟﻢ ﻳﻔﺘﻬﺎ ﺷﻲء. آﺘﺎب اﻟﺤﻴﺎة ﺟﻤﻴﻞٌ ﺟﺪًّا ﺣﻘًّﺎ .آﺎﻧﺖ أﻣّﻲ ﻣﻌﺘﺎدة أن ﺗﻀﻊ ﻓﻲ ﺳﻠّﺔ ﻏﺬاﺋﻲ ﻣﻮزات ،هﺮﻳﺴﺔ ﻏﻮاﻓﺎ وﺣﻠﻴﺒًﺎ ،ﻷﻧّﻨﺎ آﻨّﺎ ﻓﻘﺮاء ﺟﺪًّا ﺣﻴﻦ آﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮة .آﻨﺖ ﺁآﻞ اﻟﻤﻮزات وأُﻟﻘﻲ اﻟﻘﺸﻮر أﻳﻨﻤﺎ آﺎن، ﻣﻦ دون أن أﻋﻲ أنّ أﺣﺪًا ﻣﺎ آﺎن ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻨـﺰﻟﻖ ﻓﻮﻗﻬﺎ وﻳﺠﺮح ﻧﻔﺴﻪ .أراﻧﻲ اﻟﺮبّ ﺷﺨﺼًﺎ اﻧﺰﻟﻖ ﻓﻮق إﺣﺪى ﻗﺸﺮة ﻣﻮز ،وآﺎن ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﻗﺘﻠﻪ ﺑﺎﻧﻌﺪام رأﻓﺘﻲ .اﻟﻤﺮّة اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ أدّﻳﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻋﺘﺮاﻓًﺎ ﺻﺤﻴﺤًﺎ ،ﻣﻊ أﺳﻒٍ وﻧﺪم ،آﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ردّت اﻣﺮأةٌ ﻟﻲ آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ اﻟﻤﺎل .ﻟﻘﺪ أﻋﻄﺘﻨﻲ ٤٥٠٠ﺑﻴﺰوس )(Pesos زﻳﺎدة ،آﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺤﻞّ ﺗﻐﺬﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻮﻏﻮﺗﺎ .أﺑﻲ ﻋﻠّﻤﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﺷﺮﻓﺎء ،وﻋﺪم أﺧﺬ ﻣﺎل اﻵﺧﺮﻳﻦ أﺑﺪًا .أدرآﺖ ﺧﻄﺄهﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎرة وأﻧﺎ ذاهﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ" .هﺬﻩ اﻟﺤﻤﻘﺎء أﻋﻄﺘﻨﻲ ٤٥٠٠ ﺔ ﺑﻴﺰوس زﻳﺎدة ،وﻳﻨﺒﻐﻲ أن أﻋﻮد إﻟﻰ هﻨﺎك اﻵن"! آﺎﻧﺖ زﺣﻤ ُ ﺳﻴﺮٍ ﺧﺎﻧﻘﺔ ،ﻟﺬا ﻗﺮّرت ﻋﺪم اﻟﻌﻮدة .ﻋﻠﻰ آﻞّ ﺣﺎلٍ ،ﻟِﻢَ آﺎﻧﺖ
46
ﺑﻬﺬا اﻟﻐﺒﺎء؟ ﻟﻜﻦ اﻟﺠﺮح ﺑﻘﻲ ﻷنّ أﺑﻲ زرع ﻓﻲّ ﺑﺬرة اﻟﻨـﺰاهﺔ. ﻣﺘّﻬﻤﺔ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺴﺮﻗﺔ ﺗﻠﻚ ﻟﺬا ذهﺒﺖ ﻟﻼﻋﺘﺮاف اﻷﺣﺪ اﻟﺘﺎﻟﻲُ ، اﻟﺒﻴﺰوﺳﺎت اﻟـ ،٤٥٠٠ﺑﻤﺎ أﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أردّهﺎ .ﻟﻢ ُأﻋِ ْﺮ اﻧﺘﺒﺎهﻲ ﺣﺘّﻰ آﻠﻤﺎت اﻟﻜﺎهﻦ .ﻣﺎ ﻋﺎد ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺸﻴﻄﺎن اﺗّﻬﺎﻣﻲ ﺑﺎﻟﺴﺮﻗﺔ .إﻧّﻤﺎ أﺗﺮﻳﺪون ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﺮبّ؟ "إﻧّﻚ ﻟﻢ ﺗُﻌﻮّﺿﻲ اﻧﻌﺪام اﻟﻤﺤﺒّﺔ هﺬا ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﺳﻮى ﻣﺼﺮوف ﺟﻴﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚ ،إﻧّﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻜﺴﺐ ﺳﻮى اﻟﺤﺪّ اﻷدﻧﻰ ،آﺎن هﺬا اﻟﻤﺒﻠﻎ ﻳُﻤﺜّﻞ ﻣﺎ ﻳُﻌﺎدل ﺛﻼﺛﺔ أﻳّﺎم ﻃﻌﺎم" .اﻷﺣﺰن أﻧّﻪ أراﻧﻲ آﻢ ﻋﺎﻧﺖ وﺣﺮﻣﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺧﻼل أﻳّﺎم ﻋﺪّة .ﺑﺴﺒﺒـﻲ ﺟﺎع ﺻﻐﻴﺮاهﺎ .هﻜﺬا ﻳُﺮﻳﻨﺎ اﷲ اﻷﻣﻮر. ﻟﻘﺪ أﻇﻬﺮ ﻟﻲ آﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻵﺧﺮون ﺑﺴﺒﺐ أﻓﻌﺎﻟﻲ. وﺳﺄﻟﻨﻲ اﻟﺮبّ" :أيّ آﻨﻮز روﺣﻴّﺔ ﺗﺤﻤﻠﻴﻦ؟" آﻨﻮز روﺣﻴّﺔ؟ ﻳﺪاي ﻓﺎرﻏﺘﺎن! إذاك ﻗﺎل ﻟﻲ" :ﻣﺎذا ﻳُﻔﻴﺪك اﻣﺘﻼك ﺷﻘّﺘﻴﻦ، ن آﻨﺖ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻴﻦ ﺣﺘّﻰ أن ﺗﺠﻠﺒﻲ ﻟﻲ وﻣﻨﺎزل وﻣﻜﺎﺗﺐ ،إ ْ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞّ؟ وآﻨﺖ ﺗﻌﺘﻘﺪﻳﻦ ﺑﺄﻧّﻚ ﻧﺠﺤﺖ؟ ﻣﺎذا ﻓﻌﻠﺖ إذًا ﺑﺎﻟﻤﻮاهﺐ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻚ إﻳّﺎهﺎ؟" آﻨﺖ أُﻓﻜّﺮ :ﻣﻮاهﺐ؟ "آﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ رﺳﺎﻟﺔ .هﺬﻩ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ آﺎﻧﺖ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻣﻠﻜﻮت ﺖ أنّ ﻟﺪيّ ﻧﻔﺴًﺎ ،ﻟﺬا آﻴﻒ آﺎن اﻟﺤﺐّ ،ﻣﻠﻜﻮت اﷲ" .ﻧﺴﻴ ُ ﺖ ﻳﺪَيّ اﷲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ أن أﺗﺬآّﺮ أنّ ﻟﺪيّ ﻣﻮاهﺐ ،إﻧّﻨﻲ آﻨ ُ ﻦ ﺻﻨﻌﻪ ﺟَ َﺮحَ اﻟﺮبّ. اﻟﻤﺒﺎرآﺘﻴﻦ؟ آﻞّ ذﻟﻚ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺬي ﻟﻢ أُﺣﺴِ ْ أﺗﺮﻳﺪون ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ رواﻩ ﻟﻲ اﻟﺮبّ أﻳﻀًﺎ؟ اﻧﻌﺪام ﺣﺒّﻲ ورأﻓﺘﻲ! إذاك ﺣﺪّﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﻮﺗﻲ اﻟﺮوﺣﻲّ .آﻨﺖ ﺣﻴّﺔ إﻧّﻤﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ .ﻟﻮ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ أن ﺗﺮَوا ﻣﺎ هﻮ اﻟﻤﻮت اﻟﺮوﺣﻲّ .إﻧّﻪ ﻣﺜﻞ ﻧﻔﺲ ﺣﺎﻗﺪة ،ﻧﻔﺲٍ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ رهﻴﺐ وآﺎرهﺔ آﻞّ ﺷﻲء،
47
ﻣﻠﺆهﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎ وﺗﺠﺮح اﻟﺠﻤﻴﻊ .آﺎن ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أرى ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ،ﻃﻴّﺒﺔ اﻟﺮاﺋﺤﺔ وﺣﺴﻨﺔ اﻟﻠﺒﺎس ،إﻧّﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ ﻧﺘﺎﻧﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ وﺳﺎآﻨﺔ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﻬﻮّة .ﻟﻴﺲ ﻣُﺪهﺸًﺎ إن آﻨﺖ ﺳﺎﺧﻄﺔ وﻣُﻜﺘﺌﺒﺔ! وﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﺮبّ" :ﺑﺪأ ﻣﻮﺗﻚ اﻟﺮوﺣﻲّ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﻮدي ﺗﺸﻌﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﺐ .آﻨﺖ أﺣﺬّرك وأﻧﺎ أرﻳﻚ ﺿﻴﻘﻬﻢ .ﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨﺖ ﺗﺮﻳﻦ اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت ﻋﻦ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺨﻄﻒ ووﺿﻊ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ،آﻨﺖ ﺗﻘﻮﻟﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻢ :ﻳﺎ ﻟﻠﻤﺴﺎآﻴﻦ ،آﻢ ذﻟﻚ ﻣُﺤﺰن! إﻧّﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﺗﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ ﻷﺟﻠﻬﻢ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﺗﺸﻌﺮﻳﻦ ﺑﺸﻲء ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ .اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺣﻮّﻟﺖ ﻗﻠﺒﻚ ﺣﺠﺮًا ". ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ ﺗﺼﻮّر آﻢ آﺎن ﺣﺰﻧﻲ هﺎﺋﻼً ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻐﻠﻖ آﺘﺎب ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ .آﻨﺖ أﺗﺄﻟّﻢ ﻷﺟﻞ اﷲ ،أﺑﻲ ،ﻟﺘﺼﺮّﻓﻲ هﻜﺬا ،ﻓﻌﻠﻰ رﻏﻢ آﻞّ ﺧﻄﺎﻳﺎي وﻗﺬارﺗﻲ وآﻞّ ﻻﻣﺒﺎﻻﺗﻲ وﻣﺸﺎﻋﺮي اﻟﺮهﻴﺒﺔ، ﺳﻌﻰ اﻟﺮبّ دوﻣًﺎ ﺣﺘّﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ إدراآﻲ .آﺎن ﻳُﺮﺳﻞ إﻟﻲّ أﻧﺎﺳًﺎ ﻳﻤﺎرﺳﻮن ﺗﺄﺛﻴﺮًا ﺟّﻴﺪًا .ﺣﻤﺎﻧﻲ ﺣﺘّﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .اﷲ ﻳﺘﻮﺳّﻞ ﻣﻨّﺎ اهﺘﺪاءﻧﺎ!!! ﻟﻢ أآﻦ أﺳﺘﻄﻴﻊ ﻟﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ إداﻧﺘﻲ! ﺑﺎﻟﺘﺄآﻴﺪ ﻻ .ﺑﺈرادﺗﻲ ت إﺑﻠﻴﺲ ،آﺎن هﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ أﺑﻲ. اﻟﺨﺎﺻّﺔ اﺧﺘﺮت أﺑًﺎ ﻏﻴﺮ اﷲ .اﺧﺘﺮ ُ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻐﻠﻖ اﻟﻜﺘﺎب ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﻻﺣﻈﺖ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺗﻮﺟّﻪ ﻧﺤﻮ ﺑﺌﺮ ﻟﻬﺎ ﺑﺎب ﻓﻲ اﻟﻘﻌﺮ .وﻓﻴﻤﺎ آﻨﺖ أﻧﺰل داﺧﻠﻬﺎ ،ﺑﺪأت أدﻋﻮ آﻞّ ﻗﺪّﻳﺴﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻴُﺨﻠّﺼﻮﻧﻲ .ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺪﻳﻜﻢ ﻓﻜﺮة ﻋﻦ آﻞّ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺬآّﺮﺗﻬﻢ ،وﻣﻊ أﻧّﻨﻲ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ ﺳﻴّﺌﺔ .آﻨﺖ أُﻓﻜّﺮ أﻧّﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ ﻃﻠﺐ ﻧﺠﺪة اﻟﻘﺪّﻳﺲ إﻳﺰﻳﺪور أو اﻟﻘﺪّﻳﺲ
48
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ اﻷﺳﻴﺰي ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﺬت ﻻﺋﺤﺘﻲ ،ﺣﻞّ اﻟﺼﻤﺖ وﺷﻌﺮت ﺑﻔﺮاغ ﻋﻈﻴﻢ وأﻟﻢ ﻋﻤﻴﻖ. آﻨﺖ أﻓﻜّﺮ ﺑﺄنّ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ اﻷرض آﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺄﻧّﻨﻲ ﻣ ﱡ ﺖ ﺑﺮاﺋﺤﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ،رﺑّﻤﺎ آﺎﻧﻮا ﻳﺘﻮﻗّﻌﻮن ﺣﺘّﻰ ﻃﻠﺐ ﺷﻔﺎﻋﺘﻲ. واﻧﻈﺮوا أﻳﻦ آﻨﺖ أﺣﻂّ! رﻓﻌﺖ ﻋﻴﻨﻲّ واﻟﺘﻘﻰ ﻧﻈﺮي ﻧﻈﺮ أﻣّﻲ. ﺻﺮﺧﺖ ﻧﺤﻮهﺎ ،ﺑﺄﻟﻢٍ ﺣﺎدُّ :أﻣّﻲ ،آﻢ أﻧﺎ ﺧَﺠِﻠﺔ! ﻟﻘﺪ ُأ ِدﻧْﺖ ﻳﺎ أﻣّﻲ! ﺣﻴﺚ اذهﺐ ،ﻟﻦ أراك ﺛﺎﻧﻴﺔ أﺑﺪًا!" ﻣﻨِﺤﺖ ﻧﻌﻤﺔ راﺋﻌﺔ .آﺎﻧﺖ ﺗﻘﻒ ﻣﻦ دون أن ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺮهﺔُ ، ﺗﺘﺤﺮّك ﻟﻜﻦ أﺻﺎﺑﻌﻬﺎ أﺧﺬت ﺗُﺴﺪﱢد ﻧﺤﻮ اﻟﻌُﻠﻰ .اﻧﻔﺼﻠﺖ ﻗﺸﺮﺗﺎن ﺑﺄﻟﻢٍ ﻋﻦ ﻋﻴﻨﻲّ :اﻟﻌﻤﻰ اﻟﺮوﺣﻲّ .إذاك رأﻳﺖ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل ﻟﻲ أﺣﺪ ﻣﺮﺿﺎي ﻳﻮﻣًﺎ" :دآﺘﻮرة، أﻧّﻚ ﻣﺎدﻳّﺔ ﺟﺪًّا ،وﺳﻮف ﺗﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﻳﻮﻣًﺎ إﻟﻰ هﺬا :ﻓﻲ ﺣﺎل ﺧﻄﺮ داهﻢ ،أُﻃﻠﺒﻲ ﻣﻦ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ أن ﻳﻜﺴﻮك ﺑﺪﻣﻪ ،ﻷﻧّﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﺨﻠّﻰ ﻋﻨﻚ أﺑﺪًا .ﻟﻘﺪ دﻓﻊ دﻣﻪ ﺛﻤﻨًﺎ ﻷﺟﻠﻚ" .أﺧﺬت أﻧﺘﺤﺐ ،ﺑﺨﺠﻞٍ هﺎﺋﻞ" :أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع، ﺮ ﻟﻲ ،إﻣﻨﺤﻨﻲ ﻓﺮﺻﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ!" واﻧﻔﺘﺤﺖ ﻔْ ﻲ! إﻏ ِ أﺷﻔِ ْ ﻖ ﻋﻠ ّ ﻟﻲ أﺟﻤﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻻ أﻣﻠﻚ آﻠﻤﺎت ﻷﺻﻔﻬﺎ .أﺗﻰ ﻳﺴﻮع وأﺧﺮﺟﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﺌﺮ .رﻓﻌﻨﻲ واﻧﺒﻄﺤﺖ آﻞّ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺮهﻴﺒﺔ أرﺿًﺎ .ﺣﻴﻦ وﺿﻌﻨﻲ ،ﻗﺎل ﻟﻲ ﺑﻜﻞّ ﺣﺒّﻪ: "ﺳﻮف ﺗﻌﻮدﻳﻦ إﻟﻰ اﻷرض ،أﻣﻨﺤﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ" .ﻟﻜﻨّﻪ أوﺿﺢ أنّ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺻﻠﻮاﺗﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ" .ﻋﺪلٌ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ اﻟﺘﻀﺮّع ﻷﺟﻠﻚ .إﻧّﻤﺎ ذﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ ﺗﺸﻔّﻊ آﻞّ اﻟﺬﻳﻦ هﻢ ﻏﺮﺑﺎء ﻋﻨﻚ وﻗﺪ ﺑﻜَﻮا وﺻﻠّﻮا ورﻓﻌﻮا ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﺤﺐّ ﻋﻤﻴﻖ ﻟﻚ" .رأﻳﺖ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ آﺎﻧﻮا ﻳﺼﻠّﻮن ﻷﺟﻠﻲ .إﻧّﻤﺎ آﺎﻧﺖ هﻨﺎك ﺷﻌﻠﺔ أآﺒﺮ
49
ﺑﻜﺜﻴﺮ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﻤﻨﺤﻨﻲ أآﺜﺮ ﻧﻮرًا ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺤﺐّ اﻷآﺜﺮ .آﻨﺖ أُﺣﺎول ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻣَﻦ آﺎن ذﻟﻚ اﻟﺸﺨﺺ. ﻓﻘﺎل ﻟﻲ اﻟﺮبّ" :إنّ ﻣَﻦ ﻳﺤﺒّﻚ إﻟﻰ هﺬا اﻟﺤﺪّ ﺣﺘّﻰ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻚ". وﺷﺮح ﻟﻲ أنّ ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ رأى ﻗﺼﺎﺻﺔ ﺻﺤﺎﻓﺔ ﺑﺎﻷﻣﺲ .آﺎن ﻓﻼّﺣًﺎ ﻓﻘﻴﺮًا ﻳﺴﻜﻦ ﻋﻨﺪ ﺳﻔﺢ اﻟﺴﻴﻴﺮا ﻧﻴﻔﺎدا ﺳﺎﻧﺘﺎ ﻣﺎرﺗﺎ )) (Serra Nevada de Santa Martaﺷﻤﺎل ﺷﺮق آﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ(. ﺳﻜّﺮ ﻗﺼﺐ. ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ذهﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻴﺸﺘﺮي ُ ﻋﺒّﺊ اﻟﺴﻜّﺮ ﻓﻲ ورق ﺻﺤﻴﻔﺔ ورأى ﺻﻮرﺗﻲ ،وأﻧﺎ ﻣﺤﺘﺮﻗﺔ وُ آﻠّﻴًّﺎ .ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺁﻧﻲ اﻟﺮﺟﻞ هﻜﺬا ،ﺣﺘّﻰ ﻣﻦ دون أن ﻳﻘﺮأ اﻟﻤﻘﺎل آﺎﻣﻼً ،ﺧﺮّ ﻋﻠﻰ رآﺒﺘﻴﻪ وﺑﺪأ ﻳﻨﺘﺤﺐ ﺑﺤﺐّ ﻋﻤﻴﻖ .وﻗﺎل" :أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ اﻹﻟﻪ ،أﺷﻔِﻖ ﻋﻠﻰ أﺧﺘﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮة .ﻳﺎ ربّ ،ﺧﻠّﺼﻬﺎ .أﻧﻈﺮ، ﻳﺎ ربّ ،إذا ﺧﻠّﺼﺖ أﺧﺘﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،ﻓﺈﻧّﻨﻲ أﻋِﺪك ﺑﺄﻧّﻨﻲ ﺳﻮف أﺣﺞّ إﻟﻰ ﻣﻌﺒﺪ رﺑّﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻮﻏﺎ )) (Bugaﺟﻨﻮب ﻏﺮب آﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ(، إﻧّﻤﺎ أرﺟﻮك ،ﺧﻠّﺼﻬﺎ" .آﺎن ﻳﻤﻠﻚ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺐّ ،وآﺎن ﻳﻌﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻌﺒﻮر ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻷﺟﻞ أﺣﺪٍ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﺐّ اﻟﻘﺮﻳﺐ!" ﺣﺘّﻰ ﻳﻌﺮﻓﻪ! وﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﺮبّ" :هﺬا هﻮ ُ وأﺿﺎف" :ﺳﺘﻌﻮدﻳﻦ وﺗُﺮدّدﻳﻦ ﻻ أﻟﻒ ﻣﺮّة ،ﺑﻞ أﻟﻒ أﻟﻒ ﻣﺮّة ذﻟﻚ. واﻟﻮﻳﻞ ِﻟﻤَﻦ ﻟﻦ ﻳﺘﺒﺪّﻟﻮا ﺑﻌﺪ ﺳﻤﺎﻋﻬﻢ ﺷﻬﺎدﺗﻚ ،ﻷﻧّﻬﻢ ﺳﻮف ﻳُﺪاﻧﻮن ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻗﺴﻰ ،آﻤﺎ أﻧﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﻮدﻳﻦ إﻟﻰ هﻨﺎ ﻳﻮﻣًﺎ ،آﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻣُﺴﺤﺎﺋﻲ اﻟﻜﻬﻨﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ أﺳﻮأ ﻣﻦ اﻟﺼﻤﻢ إﻻّ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﻓﺾ اﻻﺳﺘﻤﺎع"! وهﺬا ﻟﻴﺲ ﺗﻬﺪﻳﺪًا ،ﻳﺎ إﺧﻮﺗﻲ وأﺧﻮاﺗﻲ .ﻻ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﺮبّ إﻟﻰ ﺗﻬﺪﻳﺪﻧﺎ .هﺬﻩ ﻓﺮﺻﺔ ﺗُﻌﺮض ﻟﻜﻢ ،وﷲ اﻟﺸﻜﺮ ،ﻓﻘﺪ ﻋﺸﺖ ﻣﺎ ﻟﺰﻣﻨﻲ أن أﻋﻴﺸﻪ .ﺣﻴﻦ ﺳﻴﻤﻮت آﻞّ ﻣﻨﻜﻢ وﻳﻨﻔﺘﺢ آﺘﺎب ﺣﻴﺎﺗﻪ أﻣﺎﻣﻪ ،ﺳﻮف ﺗَﺮون آﻞّ ذﻟﻚ آﻤﺎ رأﻳﺘُﻪ .وﺳﻮف ﻧﻠﺘﻘﻲ آﻠّﻨﺎ آﻤﺎ
50
ﻧﺤﻦ ،اﻟﻔﺎرق اﻟﻮﺣﻴﺪ هﻮ أﻧّﻨﺎ ﺳﻮف ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺄﻓﻜﺎرﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﷲ ،واﻷﺟﻤﻞ هﻮ أنّ اﻟﺮبّ ﺳﻴﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ آﻞّ ﻣﻨّﺎ، "ﻣﺘﺴ ّﻮﻻً" دوﻣًﺎ اهﺘﺪاءﻧﺎ ،ﻟﻨﻐﺪو ﻣﺨﻠﻮﻗًﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ﻣﻌﻪ ،ﻷﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ دوﻧﻪ. ﻟﻴﺒﺎرك اﻟﺮبّ آُﻼًّ ﻣﻨﺎ ﺑﻮﻓﺮة! اﻟﻤﺠﺪ ﷲ! اﻟﻤﺠﺪ ﻟﺮﺑّﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ! __________ آﻤﺎ ﻗﺮأﺗﻢ ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺖ ﻏﻠﻮرﻳﺎ ﺑﻮﻟﻮ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ وﺻﻼة اﻵﺧﺮﻳﻦ .ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻠﺪﻳﻨﻮﻧﺔ اﻟﺨﺎﺻّﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺّ ﻋﻴﺸﻬﺎ ﻟﻠﻮﺻﺎﻳﺎ وهﻢ:
وﺻﺎﻳﺎ اﷲ اﻟﻌﺸﺮ .١أﻧﺎ هﻮ اﻟﺮبّ إﻟﻬﻚ ،ﻻ ﻳﻜﻦ ﻟﻚ إﻟﻪ ﻏﻴﺮي. .٢ﻻ ﺗﺤﻠﻒ ﺑﺎﺳﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ. .٣اﺣﻔﻆ ﻳﻮم اﻟﺮبّ. .٤أآﺮم أﺑﺎك وأﻣّﻚ. .٥ﻻ ﺗﻘﺘﻞ. .٦ﻻ ﺗﺰنِ .٧ﻻ ﺗﺴﺮق. .٨ﻻ ﺗﺸﻬﺪ ﺑﺎﻟﺰور .٩ﻻ ﺗﺸﺘﻪ اﻣﺮأة ﻗﺮﻳﺒﻚ .١٠ﻻ ﺗﺸﺘﻪِ ﻣﻘﺘﻨﻰ ﻏﻴﺮك.
51
وﺻﺎﻳﺎ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺴﺒﻊ .١اﺳﻤﻊ اﻟﻘﺪّاس ،أﻳّﺎم اﻵﺣﺎد واﻷﻋﻴﺎد اﻟﻤﺄﻣﻮرة. .٢ﺻﻢ اﻟﺼﻮم اﻟﻜﺒﻴﺮ وﺳﺎﺋﺮ اﻷﺻﻮام اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ. .٣اﻧﻘﻄﻊ ﻋﻦ اﻟﺰﻓﺮ ﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ؟ .٤اﻋﺘﺮف ﺑﺨﻄﺎﻳﺎك ﻟﻠﻜﺎهﻦ ﻗﻠّﻤﺎ ﻣﺮّة ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ. .٥ﺗﻨﺎول اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس ﻗﻠّﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺮّة ﻓﻲ ﻋﻴﺪ اﻟﻔﺼﺢ. .٦أوفِ اﻟﺒﺮآﺔ أي اﻟﻌﺸﺮ. .٧اﻣﺘﻨﻊ ﻋﻦ إآﻠﻴﻞ اﻟﻌﺮس ﻓﻲ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﻤﺤﺮّﻣﺔ.
52