Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study

Page 1

Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS) ISSN (E): 2305-9249 ISSN (P): 2305-9494 Publisher: Centre of Excellence for Scientific & Research Journalism, COES&RJ LLC

Online Publication Date: 1st July 2020 Online Issue: Volume 9, Number 3, July 2020 https://doi.org/10.25255/jss.2020.9.3.706.732

Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study Abedulla Mahmoud Ibrahim Jordan University, Jordan abdullah.mane@yahoo.com Abstract: This study aims at exploring artistic characteristics of the place in the homesick Poetry of Sevilla as there is an importance of the place in the Arabic poetry generally and Andalusian poetry specifically. This poetry expresses novel humanitarian meanings that were presented by very well-known poets such as Ibn Zaydun and Al-Mu'tamid ibn Abbad. The current study seeks to reveal the semantics and the emotions that are expressed by the poets. To achieve that, the study adopted the descriptive analytical methodology. The study found that the place has a vital existence in terms of the style of the used words in describing the places and their semantic usages. Keywords: Revelations, Place, homesickness Poetry, Andalusia, Sevilla Citation: Ibrahim, Abedullah Mahmoud (2020); Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study; Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), Vol.9, No.3, pp:706-732; https://doi.org/10.25255/jss.2020.9.3.706.732.

This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License.


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫ِ‬ ‫المكان في ِش ِ‬ ‫ِ‬ ‫إشبيلية‬ ‫الحنين في‬ ‫عر‬ ‫يات‬ ‫تجلّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫اللية‬ ‫قراءةٌ‬ ‫تحليلي ٌة َد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫خاصة باهتمام كبير؛ لتحقيقه‬ ‫عامة وفي ِشعر األندلس‬ ‫َح ِظ َي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫بي ّ‬ ‫المكان في الشعر العر ّ‬ ‫إنسانيةً عظيمة‪ .‬وعليه‪ ،‬فترنو هذه الدراسة إلى استظهار أثر المكان في ِشعر الحنين في‬ ‫انب‬ ‫ّ‬ ‫جو َ‬ ‫ِ‬ ‫عدد من ُشعراء األندلس‪ ،‬مثل ِ‬ ‫وغيرهما‪ ،‬وتسعى‬ ‫عباد‬ ‫صوره ٌ‬ ‫المعتَ ِم ِد بن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ابن زيدون و ُ‬ ‫إشبيلية كما ّ‬ ‫إلى الكشف عن َدالالته واالنطباع الذي يتركه في وجدان الشاعر‪ .‬ولتحقيق الدراسة أهدافَها‬

‫حضور‬ ‫نماذج شعرّيةً كان للمكان فيها‬ ‫تحليلي استقرأت به‬ ‫وصفي‬ ‫المرجوةَ فقد اتّكأت على منهج‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بعض الدارسين في جانب من جوانب هذا الموضوع‪ ،‬كما نظرت في‬ ‫عما أورده‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫جلي‪ ،‬فضالً ّ‬ ‫ِ‬ ‫عددا‬ ‫أسلوبية األلفاظ المتداولة في وصف المكان َوَدالالت ذلك االستخدام‪ ،‬وصوالً إلى‬ ‫استخالصها ً‬ ‫ّ‬ ‫من النتائج الجديرة باالهتمام‪.‬‬ ‫إشبيلية‪.‬‬ ‫شعراء األندلس‪،‬‬ ‫الكلمات‬ ‫المفتاحية‪ :‬تجلّيات‪ ،‬المكان‪ ،‬الحنين‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمهيد‪:‬‬

‫ِ‬ ‫وجدانية تتدفّق‬ ‫إحداث تفاعالت‬ ‫الوجودي دونما‬ ‫األثير ضرًبا من التكلّس‬ ‫المكان‬ ‫لم يكن‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫من اختزانها في دواخل َّ‬ ‫اقعا‬ ‫نحو تشكيل عالقات‬ ‫ّ‬ ‫ناص َ‬ ‫النفس وانتشارها و ً‬ ‫استثنائية ال َم َ‬ ‫بال وعي َ‬

‫رواد ذلك المكان‪.‬‬ ‫ُم ًا‬ ‫سيطر على حياة ّ‬ ‫ِ‬ ‫دور‬ ‫يؤدي المكان ًا‬ ‫النفس؛ فقد ّ‬ ‫مكانا أو أمكنةً متغايرةَ األثر في ّ‬ ‫القدر على اإلنسان ً‬ ‫ويفر ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫صاحبها كلّما تذ ّكره‪ ،‬ورّبما يكون له وقعٌ مؤلم في نفس‬ ‫يسعد بها‬ ‫إنسانية‬ ‫حميميًّا ينتهي ببناء عالقة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يأنف َّ‬ ‫أثر المكان‬ ‫صاحبه يجعله‬ ‫ُ‬ ‫كل ما يتّصل به لما فيه من لحظات مؤلمة‪ ،‬وسو ٌ‬ ‫اء أإيجابيًّا كان ُ‬ ‫شيئا مرتبطًا‬ ‫أهميته‬ ‫خاصةً لِمن يفقد ً‬ ‫في ّ‬ ‫النفس أم سلبيًّا فال يمكننا بحال من األحوال إنكار أثره و ّ‬ ‫ّ‬ ‫عينه‪.‬‬ ‫بهذا المكان‪ ،‬أو يفقد‬ ‫المكان َ‬ ‫َ‬ ‫جليةً حينما يقضي المكان بافت ار ٍ‬ ‫إن طبيعة العالقة القائمة بين المكان َو ُم ِ‬ ‫ي‬ ‫ق قسر ٍّ‬ ‫الزِم ِه تبدو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عما ِّ‬ ‫النفس‬ ‫رحيل أو نفي‪ ،‬عند ذلك ينطلق‬ ‫بموت أو‬ ‫إما‬ ‫تؤج ُجهُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫الحنين وال ّشوق ُم َ‬ ‫ندفع ْين للتعبير ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أثر‬ ‫يتحول بعد هذا الفراق فيصبح ًا‬ ‫قد‬ ‫الذي‬ ‫المكان‬ ‫هذا‬ ‫نحو‬ ‫دق‬ ‫الص‬ ‫إلى‬ ‫نو‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫شعو‬ ‫لحظات‬ ‫عبر‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫بعد عين‪.‬‬ ‫دورهُ في تأجيج مشاعر الحنين َوتَ​َوقان‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬من‬ ‫النفس‬ ‫ُ‬ ‫أثر المكان في ّ‬ ‫ّ‬ ‫الم ّ‬ ‫حيث ُ‬ ‫تأمل َ‬ ‫وُ‬ ‫(سقط اللّوى‪،‬‬ ‫خالبةٌ ّأدى‬ ‫لوحات‬ ‫النفس إليه‪ ،‬تتك ّشف له‬ ‫تشكيليةٌ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫دور البطل؛ ففي َ‬ ‫المكان فيها َ‬ ‫و َّ‬ ‫ف بينهما‪،‬‬ ‫جم َعهُما‬ ‫الدخول‪َ ،‬و َح ْو َمل) تش ّكلت لوحةٌ‬ ‫المكان وألّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫إبداعيةٌ بين الشاعر ومحبوبته؛ إذ َ‬ ‫مولد‬ ‫فكونا عالقةً‬ ‫ثم بعد ذلك افترقا من هذا المكان‪ ،‬الذي كان َ‬ ‫ّ‬ ‫إنسانيةً سمعت بها أصقاع األرض‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪707‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫ٍ‬ ‫ثم أمسى ُمنتهى ُب ْع ٍد واغتراب‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد برزت تجلّيات المكان في ِشعر امرئ القيس‬ ‫لقاء واقتراب ّ‬ ‫حميمي ٍة صادقة‪.1‬‬ ‫اضحا لفضل ذلك المكان في إنشاء عالقة‬ ‫كاشفةً ًا‬ ‫ّ‬ ‫أثر و ً‬ ‫النص ِّ‬ ‫بي مرتبطًا على ٍ‬ ‫نحو كبير‬ ‫ي القديم يلحظ بجالء‬ ‫يتتبع‬ ‫الشعر َّ‬ ‫َّ‬ ‫الشاعر العر َّ‬ ‫َو َم ْن ّ‬ ‫َ‬ ‫يتغنى به في ِشعره وان ابتعد عنه جغرافيًّا؛ إذ‬ ‫بالمكان الذي ُولد فيه وعاش في جنباته‪ ،‬حتى إنه ّ‬ ‫الطللية يشير إلى تقلّب‬ ‫المقدمة‬ ‫يب منه نفسيًّا وروحيًّا‪ .‬ولع ّل حديث الشاعر‬ ‫الجاهلي عنه في ّ‬ ‫هو قر ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بقية شيء‬ ‫حديث عن "بقايا األشياء التي ما تزال تحتفظ بالماضي‪ ،‬وليس‬ ‫الحياة‪ ،‬فهو‬ ‫ٌ‬ ‫الشاعر سوى ّ‬ ‫ُ‬

‫المطر والرياح والزمن على معالم المكان"‪ .2‬وعليه‪ ،‬فتكاد‬ ‫عد والهجر والفراق مثلما أتى‬ ‫الب ُ‬ ‫أتى عليه ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجاهلية؛ ألنها تكشف عن‬ ‫تتكون منها القصيدة‬ ‫اللحظة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطللية أن تكون من ّ‬ ‫أهم العناصر التي ّ‬

‫المكان الذي كان واّنما المكان في حالته الراهنة وبما‬ ‫قوية بين اإلنسان والمكان‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫عالقة ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫تحول وخراب" ‪.‬‬ ‫ط أر عليه من ّ‬

‫محمد _ صلّى اهلل عليه وسلّم_ على‬ ‫أثرهُ جليًّا حين وقف رسولُنا ّ‬ ‫وها هو المكان يظهر ُ‬ ‫المكرمةَ ِّ‬ ‫مهد دعوته‬ ‫مشارف م ّكةَ‬ ‫مود ًعا مسقط رأسه وموطن آبائه وأجداده‪ ،‬وفوق ك ّل ذلك َ‬ ‫ّ‬ ‫أحب أرض ِ‬ ‫ِ‬ ‫لخير أرض اهلل‪ ،‬و ٌّ‬ ‫اهلل إلى اهلل‪ ،‬ولوال ّأني‬ ‫ورسالته؛ إذ يقول بعد رحيله عنها‪" :‬واهلل ّإنك ُ‬ ‫أ ِ‬ ‫عثمان عمرو بحر‬ ‫صفِّح رسالة أبي‬ ‫جت منك ما خرجت"‪ .2‬حقًّا ّإنه‬ ‫ُخر ُ‬ ‫َ‬ ‫أعظم حنين! ولع ّل ُمتَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫الجاحظ‪،‬‬ ‫الموسومة بـِ "الحنين إلى األوطان"‪ ،‬يجد أقوا َل حكماء العرب والعجم وأدبائهم في ُح ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫األوطان والتعلّق بها مبثوثةً فيها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سيما‬ ‫ًا‬ ‫فإن للمكان‬ ‫بي القديم‪ ،‬وال ّ‬ ‫حضور و ً‬ ‫بناء على ما َسلَف‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫اضحا َو َجليًّا في األدب العر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ب ُعصوره تقسيمات‬ ‫سياسيةً‬ ‫الم َ‬ ‫ّ‬ ‫عر َح َس َ‬ ‫حد َ‬ ‫الشعر؛ ففي الوقت الذي ّ‬ ‫قسم ُم ّ‬ ‫ثون الش َ‬ ‫ؤرخو األدب ُ‬

‫‪4‬‬ ‫اء حمص والمدينة وم ّكة و‪.5...‬‬ ‫يقسمونه مكانيًّا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وزماني ًة نجد القدماء ّ‬ ‫فيقولون شعر ُ‬

‫أهمية المكان وتوظيف ُّ‬ ‫وتأكيدا لمقولة ِّ‬ ‫الشعراء له منذ القديم على ٍ‬ ‫"الشعر ديوان‬ ‫نحو الفت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫للمزيد ِم َن الحديث عن ّ‬ ‫األدبي‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،1969 ،‬ص‪.237‬‬ ‫محمد‪ ،‬ثقافة الناقد‬ ‫العرب"‪ ،‬انظر‪ :‬النويهي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫‪1‬‬

‫جدة‪ ،1992 ،‬ص‪.96‬‬ ‫المنصوري‪ ،‬جريدي سليم‪،‬‬ ‫شاعرية المكان‪ ،‬مطابع شركة دار العلم للطباعة والنشر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ :‬دراسات في ِّ‬ ‫‪ 1‬ربابعة‪ ،‬موسى‪ ،‬تشكيل الخطاب ِّ‬ ‫الجامعية‪ ،‬األردن‪،‬‬ ‫الجاهلي‪ ،‬مؤسسة حمادة للدراسات‬ ‫الشعر‬ ‫ّ‬ ‫الشعر ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬

‫الجاهلي)‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ص‪.212‬‬ ‫العربي (العصر‬ ‫‪ ،2000‬ص‪11‬؛ وانظر‪ :‬ضيف‪ ،‬شوقي‪ ،‬تاريخ األدب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫ِ‬ ‫محمد بن عبداهلل بن أحمد‪( ،‬ت ‪250‬ه)‪ ،‬أخبار م ّك َة وما جاء فيها م َن اآلثار‪ ،‬تحقيق عبدالملك‬ ‫األزرقي‪ ،‬أبو الوليد ّ‬ ‫عبداهلل دهيش‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة األسدي‪( ،‬د‪.‬م)‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫محمد باسل عيون السُّود‪ ،‬دار‬ ‫انظر‪ :‬أبو عثمان‪ ،‬عمرو بن بحر الجاحظ‪( ،‬ت ‪255‬ه)‪ ،‬رسائل الجاحظ‪ ،‬تحقيق ّ‬ ‫بي‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،3‬بيروت‪ ،1969 ،‬ص‪.306-283‬‬ ‫إحياء التراث العر ّ‬

‫‪3‬‬

‫العصر‬ ‫اإلسالمي و‬ ‫العصر‬ ‫الجاهلي و‬ ‫العصر‬ ‫العربي‪ ،‬التي تشمل‬ ‫انظر‪ ،‬مث ًال‪ :‬ضيف‪ ،‬شوقي‪ ،‬سلسلة تاريخ األدب‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫العباسي الثاني‪.‬‬ ‫العصر‬ ‫األو َل و‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫العباسي ّ‬ ‫‪708‬‬

‫‪4‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫أن جذره‬ ‫واذا ما أراد الباحث تجلية َداللة مصطلح المكان لجأ إلى أحد معاجم اللُّغة ّ‬ ‫فتبين له ّ‬ ‫‪6‬‬ ‫"م ْف َعل"‪ ،‬وهو بهذه الصيغة _صيغة اسم المكان_ يعني‬ ‫ّ‬ ‫اللغ ّ‬ ‫وي هو (ك ‪ ،‬و ‪ ،‬ن) على وزن َ‬ ‫ِ‬ ‫ويحدد موقعه‬ ‫"م ْوض َع ال ّشيء؛ أي المح ّل الذي يح ّل فيه ويتموضع‪ ،‬والفضاء الذي يحيط به‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫بالقياس إلى شيء آخر"‪.1‬‬

‫قيل إنه "ما ُّ‬ ‫الشيء أو ما‬ ‫يحل فيه‬ ‫مع الفلسفة‬ ‫أما‬ ‫اليونانية؛ إذ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫المكان اصطالحيًّا فنشأ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫المكان‬ ‫ف‬ ‫ك الشيء‬ ‫يحوي ذل َ‬ ‫ويميزه ويفصله عن باقي األشياء ‪َ .‬وُي َع ُّد أفالطون ّأو َل َم ْن َعَّر َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫‪3‬‬ ‫غير ُم َح َّد ٌد يشتم ُل‬ ‫ف‬ ‫أما هندسيًّا‪ ،‬فَُي َعَّر ُ‬ ‫ً‬ ‫اصطالحيًّا‪ ،‬فَ َج َعلَهُ‬ ‫ُ‬ ‫"حاويا لألشياء" ‪ّ .‬‬ ‫المكان بأنه "وسطٌ ُ‬ ‫على األشياء‪ ،‬وهو متَّ ِ‬ ‫بين أجزائه وذو أبعاد ثالثة‪ ،‬هي‪ :‬الطول‪ ،‬والعرض‪،‬‬ ‫ص ٌل ُمتجانس ال‬ ‫َ‬ ‫تمييز َ‬ ‫ُ‬ ‫المقاييس‬ ‫تحكمها‬ ‫افية‬ ‫المكان "مساحةً ذات أبعاد‬ ‫واالرتفاع"‪َ .4‬وبِذا‪ ،‬يكون‬ ‫هندسية أو طبوغر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ويتكون من مو َّاد ِ‬ ‫محددة بخصائصها‬ ‫الحجوم‪،‬‬ ‫غير ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ّ‬ ‫الم َجَّردة ُي ْستَ ْخ َرُج ِم َن األشياء الملموسة بِقَ ْد ِر ما ُي ْستَ َم ُّد‬ ‫ُ‬

‫بين العالقات‬ ‫ب‪ ،‬بل هو‬ ‫الفيز ّ‬ ‫يقية َح ْس ُ‬ ‫نظام َ‬ ‫ٌ‬ ‫‪5‬‬ ‫الذهني" ‪.‬‬ ‫ِم َن التجريد‬ ‫ّ‬

‫سالم (ت ‪231‬هـ)‪ ،‬طبقات فحول ُّ‬ ‫محمد شاكر‪ ،‬مطبعة المدني‪،‬‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫محمد بن ّ‬ ‫الشعراء‪ ،‬شرحه محمود ّ‬ ‫الجمحي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫القاهرة‪ ،1980 ،‬ص‪.215‬‬ ‫‪6‬‬ ‫الراجح هو اشتقاقه من‬ ‫تتأرجح معاجم اللُّغة العر ّبية في اشتقاق المكان من الجذرين (كون) و(مكن)‪َ ،‬‬ ‫بيد ّ‬ ‫أن الرأي ّ‬ ‫ألنه موضع لكينونة ال ّشيء فيه‪ ،‬غير ّأنه لَ ّما كثر أجروه‬ ‫(كون)‪ ،‬جاء في اللّسان‪( :‬مكان في أصل تقدير الفعل م ْف َعل؛ ّ‬ ‫‪5‬‬

‫ألن العرب تقول‪ُ :‬كن مكانك‪ ،‬وقم مكانك‪ ،‬واقعد‬ ‫في التّصريف مجرى فعال‪ ،...‬قال ثعلب‪ :‬يبطل أن يكون مكان فعال ّ‬ ‫محمد بن مكرم بن منظور‪( ،‬ت‬ ‫مقعدك‪ ،‬فقد د ّل هذا على أنه مصدر من كان‪ ،‬أو موضع منه) انظر‪ :‬أبو الفضل‪ّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫مادة (مكن)‪ ،‬وجاء في مقاييس اللغة البن فارس‪ :‬الكاف‬ ‫‪711‬ه)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪( ،‬د‪.‬ت)‪ّ ،‬‬

‫ٍ‬ ‫ماض أو مكان راهن‪ ،‬يقولون‪ :‬كان الشيء يكون‬ ‫إما في زمان‬ ‫والواو والنون أص ٌل يد ّل على اإلخبار عن حدوث شيء‪ّ ،‬‬ ‫أصلية فقيل تمكين‪ ،‬كما قالوا‬ ‫فلما تُوهمت الميم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كونا‪ ،‬إذا وقع وحضر‪ ،...‬وقال قوم‪ :‬المكان اشتقاقه من كان يكون‪ّ ،‬‬

‫في المسكين تمسكن) انظر‪ :‬أبو الحسين‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي‪( ،‬ت ‪395‬ه)‪ ،‬مقاييس اللُّغة‪،‬‬

‫مادة (كون)‪.‬‬ ‫تحقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬د‪.‬ط)‪ّ ،1979 ،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عرية المكان في الرواية الجديدة‪ ،‬كتاب الرياض‪ ،‬العدد‪ ،83 :‬أكتوبر‪2000‬م‪ ،‬مؤسسة‬ ‫حسين‪ ،‬خالد حسين‪ِ ،‬ش ّ‬ ‫الصحفية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ص‪.62‬‬ ‫اليمامة‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫العامة‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪،1987 ،‬‬ ‫نظرية المكان في فلسفة ابن سينا‪ ،‬دار الشؤون‬ ‫العبيدي‪ ،‬حسن مجيد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية ّ‬ ‫ص‪.18‬‬ ‫عبدالرحمن‪ ،‬مدخل جديد إلى الفلسفة‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬ط‪ ،1‬الكويت‪ ،1975 ،‬ص‪.186‬‬ ‫انظر‪ :‬بدوي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪4‬‬ ‫العامة لشؤون المطابع األميرّية‪ ،‬القاهرة‪ ،1983 ،‬ص‪.191‬‬ ‫مجمع اللُّغة العر ّبية‪ ،‬المعجم‬ ‫الفلسفي‪ ،‬الهيئة ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬

‫‪5‬‬

‫عثمان‪ ،‬اعتدال‪ ،‬جماليات المكان‪ ،‬مجلّة األقالم‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد ‪ ،1986 ،2‬ص‪.76‬‬ ‫‪709‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫يحتضن‬ ‫األدبي من وعاء‬ ‫للنص‬ ‫عملية اإلبداع؛ ألنه ال ُب َّد‬ ‫مهم‬ ‫دور ٌّ‬ ‫وكبير في ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وللمكان ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ي من عناصر‬ ‫أحداثَه‪ ،6‬وهو –أي المكان‪-‬‬ ‫محور رئيس من محاور نظرّية األدب وعنصر ضرور ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أهميته‪ ،‬وتوقفوا عند َدالالته‬ ‫العمل‬ ‫األدبي ُيضفي عليه ُب ً‬ ‫عدا جماليًّا؛ لِذا أجمع دارسو األدب على ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إحساسا‬ ‫الكثيرة وأبعاده‬ ‫المتنوعة وجمالياته المختلفة‪ ،‬وهو – ً‬ ‫عما َسلَف‪" -‬يثير َ‬ ‫دون سواهُ‬ ‫ً‬ ‫فضال ّ‬ ‫ّ‬

‫الكيان الذي ال يحدث شيء بدونه"‪.7‬‬ ‫وبالمحلية‪ ،‬حتى لَ​َنحسبه‬ ‫آخ َر بالزمن‬ ‫بالمواطنة وا‬ ‫حساسا َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وللمكان‬ ‫صرّيةٌ محسوسة‪ ،‬وثانيتُهما ُمتَ َخَّيلَةٌ‬ ‫معا في آن؛ أو ُ‬ ‫الهما َب َ‬ ‫األدبي بنيتان تتفاعالن ً‬ ‫ّ‬ ‫‪8‬‬ ‫تحو ُل المر ِ‬ ‫النص‬ ‫المكان جماليَّتَهُ في‬ ‫ووجدانية كبرى ‪ .‬وعليه‪ ،‬فيكتسب‬ ‫عاطفية‬ ‫ئيات إلى أنساق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫تجاهه‪.‬‬ ‫األدبي من ُم َخّيلَة األديب ومشاعره التي َيُبثها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مجرد‪ ،‬بينما هو‬ ‫"كيان‬ ‫األدبي‪ ،‬فهو في الواقع‬ ‫اقعي عن المكان‬ ‫ويختلف‬ ‫ٌّ‬ ‫مادي َّ‬ ‫المكان الو ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫صور األشياء بالمعنى أو الرمز و َّ‬ ‫الداللة في‬ ‫عنصر ّفن ٌّي ُمكتَنٌز بالقيم واألفكار يحاكي‬ ‫في األدب‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫‪9‬‬ ‫ِ‬ ‫خصوصيته‬ ‫بعضا من‬ ‫التجربة‬ ‫فإن حضور المكان "في‬ ‫اإلبداعية ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يفقدهُ ً‬ ‫ي" ؛ َوبِذا ّ‬ ‫إطار تركيب مجاز ّ‬ ‫ذاتية األديب وتتغ ّذى من‬ ‫تكز‬ ‫ويزوُدهُ بجملة ِم َن الخصائص المجازّية‪ ،‬التي تر ُ‬ ‫أساسا على ّ‬ ‫الو ّ‬ ‫ً‬ ‫اقعية ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫فضاء ِ‬ ‫ويصاحبهُ أينما َح َّل وارتحل" ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ينتابهُ‬ ‫تجربته المعيشة َو ُمناخ اإلحساس الذي ُ‬

‫نسي جاستون باشالر‬ ‫اسات الحديثة‪َ ،‬وُي َع ُّد الناقد الفر ُّ‬ ‫ألهمية المكان فقد اعتنت به الدر ُ‬ ‫و ّ‬ ‫ِ‬ ‫تحدث عنه على ٍ‬ ‫الصادر‬ ‫نحو‬ ‫أبرز َم ْن تناوله؛ إذ ّ‬ ‫َ‬ ‫مفصل في كتابه الموسوم بـ "شعرّية المكان"‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وسماهُ "جماليات المكان"‪،‬‬ ‫عام ‪ ،1957‬الذي ترجمه غالب هلسا عن اإلنجليزّية عام ‪1980‬‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫ِ‬ ‫الثقافية ببغداد ‪ ،‬وفيه حاول باشالر‬ ‫الصادرة عن دار الشؤون‬ ‫ّ‬ ‫وافتُت َحت به سلسلةُ كتاب "األقالم"‪ّ ،‬‬ ‫فقدم‬ ‫التقليدية التي كانت تُ َح ِّد ُد‬ ‫رؤى ُمغايرٍة للدراسات‬ ‫مفاهيم المكان فلسفيًّا أو فيزيائيًّا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫االنطالق من ً‬ ‫َ‬ ‫تصور ٍ‬ ‫مهما لدراسة المكان من منظور ّفن ٍّي مميَّز‪ ،‬مرّك ًاز على العالقة‬ ‫ات جديدةً كانت منطلقًا ًّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وتظل تؤثّر فيه في ِّ‬ ‫كل مراحل حياته؛ فهو‬ ‫بين اإلنسان والمكان وكيف تتجلّى في أحالمه‬ ‫ّ‬ ‫الحميمية َ‬ ‫ُ‬

‫العامة‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪،‬‬ ‫نقدية‪ ،‬دار الشؤون‬ ‫النص‬ ‫إشكالية المكان في‬ ‫انظر‪ :‬النصير‪ ،‬ياسين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األدبي‪ :‬دراسات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،1986‬ص‪.151‬‬

‫‪6‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.5‬‬

‫‪7‬‬

‫النسبية و ِّ‬ ‫التعاونية للطباعة‪ ،‬دمشق‪ ،2003 ،‬ص‪.18‬‬ ‫الجمعية‬ ‫الشعر في الزمان والمكان‪،‬‬ ‫محمد وحيد الدين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سوار‪ّ ،‬‬ ‫‪9‬‬ ‫عمان‪ ،2010 ،‬ص‪.155‬‬ ‫مطلك‪ ،‬حيدر الزم‪ ،‬الزمان والمكان في ِشعر أبي ّ‬ ‫الطيب المتن ّبي‪ ،‬دار صنعاء‪ ،‬ط‪ّ ،1‬‬

‫‪8‬‬

‫فوغالي‪ ،‬باديس‪ ،‬الزمان والمكان في ِّ‬ ‫عمان‪،‬‬ ‫الجاهلي‪ ،‬جدا ار للكتاب‬ ‫الشعر‬ ‫العالمي‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬ط‪ّ ،1‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،2008‬ص‪.181‬‬

‫‪1‬‬

‫العربي المعاصر‪ ،‬مجلّة جامعة تشرين‪ ،‬سلسلة اآلداب والعلوم‬ ‫أبو هيف‪ ،‬عبداهلل‪ ،‬جماليات المكان في النقد‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬المجلّد ‪ ،27‬العدد‪ ،2005 ،1‬ص‪.121‬‬ ‫ّ‬ ‫‪710‬‬

‫‪2‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫تكوين‬ ‫عيد‬ ‫"األماكن التي مارسنا فيها‬ ‫فإن‬ ‫بيت طفولته‬ ‫أحالم اليقظة تُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب قوله ّ‬ ‫األول‪َ ،‬و َح َس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وعالمهُ ّ‬ ‫َ‬ ‫‪3‬‬ ‫ِ‬ ‫ال الحياة" ‪.‬‬ ‫تعيش َم َعنا طَو َ‬ ‫نفسها في حلم يقظة جديد‪ ،‬وهي بذلك ُ‬

‫أكثر من‬ ‫وتتّسم العالقة الكائنة بين اإلنسان والمكان بااللتصاق والتّالزم بين‬ ‫ّ‬ ‫الحدين َ‬ ‫مباشرا؛ أي ّأنه قاب ٌل للقبض عليه واإلمساك به‪ ،‬فاإلنسان‬ ‫ألن المكان ُيدرك إد ار ًكا‬ ‫ّ‬ ‫الزمان؛ وذلك ّ‬ ‫ً‬ ‫مكانية) تُتيح له القدرة على انتظام المكان‬ ‫وعيا بالمكان يمتلك‬ ‫الكائن‬ ‫بوصفه‬ ‫(حاسةً‬ ‫ّ‬ ‫األكثر ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫فن‬ ‫ثم تشعيره ودمجه في اللُّغات‬ ‫ّ‬ ‫الجمالية‪ :‬أدب‪ ،‬مسرح‪ّ ،‬‬ ‫باإلقامة فيه في المرحلة األُولى‪ّ ،‬‬ ‫ب‪ ،‬واّنما‬ ‫تشكيلي‪ ،...،‬في مرحلة ثانية؛ ولهذا ال يبدو‬ ‫المكان على عالقة وثيقة باإلنسان َح ْس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪4‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ك َم ْن أنت"‪ ،‬فكل منهما يد ّل على اآلخر ‪.‬‬ ‫احدا‪ْ :‬‬ ‫أين تحيا أقُ ْل ل َ‬ ‫كائنا و ً‬ ‫يش ّكالن ً‬ ‫"قل لي َ‬ ‫أثر في تأجيج مشاعر الحنين والشوق إلى‬ ‫ألن المكان جزٌء من البيئة‬ ‫ّ‬ ‫و ّ‬ ‫الحياتية كان له ٌ‬ ‫أحيانا أو خسار ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫افيته البديعة التي ما انف ّكت تصنع بطو ٍ‬ ‫ات‬ ‫ومالحم بل‬ ‫الت‬ ‫اميةً‬ ‫ً‬ ‫ولوحات غر ّ‬ ‫جغر ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أحيانا أُخرى‪.‬‬ ‫عاطفيةً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫إن‬ ‫وقد حضر المكان في نتاجات الشعراء األندلسيين على نحو واضح‬ ‫وجلي‪ ،‬حتى ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإن‬ ‫متباين األنماط‬ ‫متنوع األشكال‬ ‫ّ‬ ‫متعدد الصُّور مختلف األساليب‪ .‬وعليه‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المطّلع عليه يجدهُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫إشبيلية تنبع من وفرة حاضرة لدى كثير‬ ‫أهمية الوقوف على تجلّيات المكان في شعر الحنين في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الدرس‬ ‫من الشعراء حو َل المكان وآثاره في حيواتهم‪ ،‬ويبدو هذا من خالل شعرهم الذي يستحق‬ ‫َ‬ ‫و َّ‬ ‫ظر الستنطاق هذا الحشد من األمكنة ومحاولة استدعاء أسرارها وما صنعته في أبنائها من َهيام‬ ‫الن َ‬ ‫وعشق وحنين‪.‬‬

‫مشهد‬ ‫الثقافية‪ ،‬وكان‬ ‫السياسية فاعلةً في تشكيل الحيوات األُخرى‪ ،‬ومنها‬ ‫ولما كانت الحياة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األ ِ‬ ‫الثقافي‪ ،‬حتى إنهما ال ينفصالن‪ ،‬فستقف الدراسة عليهما‬ ‫السياسي ُمؤثًّار في مشهدها‬ ‫ندلس‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫مبتدئةً بالمشهد السياسي‪ ،‬الذي ستتناوله على ٍ‬ ‫الثقافي‪ ،‬الذي هو‬ ‫ثم تُ َعِّرج على المشهد‬ ‫نحو موجز‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫امها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عماد هذه الدراسة وقو ُ‬ ‫السياسي‪:‬‬ ‫ّأوالً _ المشهد‬ ‫ّ‬

‫الحرقة‪ ،‬وأخذ االضطراب والقلق منها َّ‬ ‫سقطت األندلس في و ٍاد سحي ٍ‬ ‫كل‬ ‫ق يدعو إلى األسى و ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أشالء هنا وهناك‪ ،‬وبدأ عصر الطوائف‬ ‫تقسمت األندلس وتقطعت إلى‬ ‫مأخذ‪ .‬وبعد سقوط الخالفة ّ‬ ‫الرغم‬ ‫المرابطين وسيطرتهم على األمور‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫بسقوط الدولة العامرّية في قرطبة‪ ،‬وانتهى بدخول ُ‬ ‫‪3‬‬

‫باشالر‪ ،‬جاستون‪ ،‬جماليات المكان ‪ ،‬ترجمة غالب هلسا‪ ،‬و ازرة الثقافة واإلعالم‪ ،‬دار الجاحظ للنشر‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪ ،1980‬ص‪.45‬‬ ‫‪4‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.63‬‬ ‫‪711‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫من هذه النهاية لم يكن األمر هيًِّنا على أهل األندلس‪ ،‬بل كان "ضربةً لم تنهض األندلس من‬ ‫آثارها قَطّ‪ ،‬وكان بداية عهد االنحالل الطويل الذي لبثت تتقلّب فيه بعد ذلك َزهاء أربعة قرون‬

‫فإن األندلس لم تستطع‬ ‫عاما‪ّ ...‬‬ ‫الرغم من ّ‬ ‫أُخرى‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫أن عهد الطوائف لم َيطُ ْل َ‬ ‫أكثر من سبعين ً‬ ‫‪1‬‬ ‫اإلقليمية القديمة وال تماسكها القديم قَطّ"‪.‬‬ ‫تسترد وحدتها‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫اليات التي أخذت تتنافس‬ ‫وقد ازداد تشظّي الدولة‬ ‫اإلسالمية في عهد الطوائف حتى بلغت الو ُ‬ ‫ّ‬ ‫عباد‬ ‫نحو ّ‬ ‫ست عشرة واليةً‪ ،‬وما زالت كذلك إلى أن نالت السيادة‪ ،‬وحازت دولة بني ّ‬ ‫في ما بينها َ‬ ‫ِ‬ ‫الفتية أن توقف أطماع‬ ‫ثم نكصت ثانيةً‪ ،‬ولم تستطع هذه الدولة ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعتَضد وابنه‪ّ ،‬‬ ‫الريادة في عهد ُ‬ ‫‪2‬‬ ‫ِ‬ ‫ألفونسو السادس عند ٍّ‬ ‫المرابطين ودخولهم ‪ .‬وفي ما يأتي ستقتص ُر‬ ‫حد‪ ،‬فكان ما كان من استدعاء ُ‬ ‫هر الحواضر آنذاك‪.‬‬ ‫الدراسة حديثها على حاضرة‬ ‫إشبيلية وح ّكامها بني ّ‬ ‫ّ‬ ‫عباد؛ فقد كانت أز َ‬

‫عباد‪:‬‬ ‫إشبيلية وبنو ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحموي بأنها‪" :‬مدينةٌ كبيرةٌ عظيمة وليس باألندلس اليوم _عصر ياقوت_‬ ‫وصفها ياقوت‬ ‫ُّ‬ ‫عباد ولمقامهم بها‬ ‫تسمى (حمص)‪ ،‬وبها قاعدة ملك األندلس وسريره‪ ،‬وبها كان بنو ّ‬ ‫أعظم منها‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪3‬‬ ‫خربت قرطبة" ‪.‬‬ ‫نجمها في أُ ْفق األندلس ُب َع ْي َد زوال الخالفة على يد قاضيها أبي‬ ‫وقد نشأت دولة بني ّ‬ ‫عباد وظهر ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫أبناء هذه األُسرة‬ ‫بإشبيلية ‪َ .‬و ُعرف‬ ‫عباد؛ إذ أقام على خطّة القضاء واألمانة‬ ‫ّ‬ ‫الوليد إسماعيل بن ّ‬ ‫ُ‬

‫المؤيد والمنصور بن أبي عامر‪ ،‬وكان‬ ‫المستنصر وابنه هشام‬ ‫بتولّيهم‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫مناصب كثيرةً في أثناء حكم ُ‬ ‫استمر حكم هذه األُسرة‬ ‫َج ُّدهم قد تولّى ال ّشرطة وخطّة األمانة والخطابة بالجامع األعظم‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬

‫عباد‬ ‫محمد بن إسماعيل بن ّ‬ ‫ّ‬ ‫عاما تتابع عليها ثالثةٌ من أفرادها‪ ،‬هم‪ :‬القاضي ّ‬ ‫إلشبيلية سبعين ً‬ ‫وعباد بن محمد المعتَ ِ‬ ‫المعتَ ِمد (‪- 461‬‬ ‫ضد (‪461 - 433‬هـ)‪،‬‬ ‫ومحمد بن ّ‬ ‫(‪433 – 414‬ه)‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫عباد ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫المعتَ ِمد الخالفة‪ ،‬الذي كان ُمسرفًا في ترفه وذهب‬ ‫‪484‬هـ)‪ .‬ويبدو ّ‬ ‫أن َ‬ ‫تم بتولّي ُ‬ ‫آخر هذه السلسة قد ّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫انية‪ ،‬وهو الذي‬ ‫أمام كيد أعدائه في إسبانيا ّ‬ ‫النصر ّ‬ ‫في الشعر كل مذهب‪ّ ،‬‬ ‫مما أضعف شوكتَهُ َ‬ ‫محمد عبداهلل‪ ،‬دول الطوائف‪ ،‬لجنة التأليف والترجمة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1960 ،1‬ص‪.16‬‬ ‫عنان‪ّ ،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.431‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬

‫أبو عبد هللا‪ ،‬ياقوت بن عبد اهلل الحموي (ت ‪626‬هـ)‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪ ،1‬طبعة دار صادر‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪،‬‬

‫‪ ،1957-1955‬ص‪.195‬‬

‫محمد بن عذاري المراكشي‪( ،‬ت ‪695‬هـ)‪ ،‬البيان المغرب في أخبار األندلس والمغرب‪ ،‬ج‪،3‬‬ ‫أبو ّ‬ ‫العباس‪ ،‬أحمد بن ّ‬ ‫األندلسي‪( ،‬ت ‪507‬ه)‪ ،‬الديوان‪ ،‬تحقيق منجد‬ ‫اني‬ ‫اللبانة ّ‬ ‫محمد بن عيسى ابن ّ‬ ‫ص‪ ،194‬نقالً عن أبي بكر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الد ّ‬

‫‪1‬‬

‫العالمية بماليزيا‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص‪.15‬‬ ‫اإلسالمية‬ ‫مصطفى بهجت‪ ،‬مركز البحوث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪712‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫الخطر به وبالواليات المجاورة‪ .‬وبدخول يوسف بن تاشفين انتهى‬ ‫استدعى المرابطين بعد أن أحدق‬ ‫ُ‬ ‫‪2‬‬ ‫ِ‬ ‫أسير إلى أغمات‪.‬‬ ‫المعتَ ِم ُد ًا‬ ‫عصر الطوائف‪ ،‬وسقطت دولة بني ّ‬ ‫ُ‬ ‫عباد‪َ ،‬وأُخ َذ ُ‬ ‫الثقافي‪:‬‬ ‫ثانيا _ المشهد‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بالرنين الم ْستَ َح ّ ِ‬ ‫المطرب‪ ،‬اقترنت‬ ‫اسم‬ ‫ٌ‬ ‫مصحوب ّ‬ ‫األندلس‪ ،‬ذلك (الفردوس المفقود)‪ٌ ،‬‬ ‫ب والجرس ُ‬ ‫ُ‬ ‫صورته في أذهان الباحثين بجمال الطبيعة‪ ،‬وروعة الحضارة‪ ،‬وألحان ِّ‬ ‫الشعر من عيونها المتدفّقة‪،‬‬ ‫الرخص والسَّعة في‬ ‫التي تغلب عليها‪ ،‬كما يقول ابن حوقل‪" :‬المياه الجارية وال ّشجر والثمر و ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫األحوال"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بأعالم من ُّ‬ ‫الشعراء الكبار‪ ،‬من مثل‪ :‬ابن حزم‪،‬‬ ‫وقد حفلت األندلس _زمن ملوك الطوائف_‬

‫عباد‪ ،‬وابن َخفاجة‪ ،‬وأبي إسحق‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫وابن ّ‬ ‫دراج‪ ،‬وابن زيدون‪ ،‬وابن حمديس‪ ،‬وابن ّ‬ ‫عمار‪ ،‬و ُ‬ ‫خلق كثير من ُّ‬ ‫وغصت بهم المنتديات‪ ،‬وكانت‬ ‫الشعراء‪،‬‬ ‫تجمع‬ ‫إشبيلية‬ ‫األلبيري‪ .‬وفي‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحديدا ّ‬ ‫مجالس الح ّكام م َعهم‪ ،‬وقد حفل ُكتّاب البدائه بحكاياتهم وبديهتهم في قول ِّ‬ ‫القزويني‬ ‫الشعر؛ إذ ذكر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫عر وال‬ ‫إلشبيلية َ"وَقل أن ترى بمدينة شلب من أهلها من ال يقو ُل ش ًا‬ ‫في حديثه عن (ش ْلب) التابعة‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫اقترحت عليه‪،‬‬ ‫ض من ساعته ما‬ ‫بالفالح‬ ‫ت ّ‬ ‫خلف ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أدبا‪ ،‬ولو َم َرْر َ‬ ‫لقر َ‬ ‫يعاين ً‬ ‫ُ‬ ‫فدانه وسألته عن الشعر َ‬

‫طلبت منه"‪.‬‬ ‫معنى‬ ‫و َّ‬ ‫َ‬ ‫أي ً‬ ‫ولذلك يمكننا أن َن ُع َّد ِّ‬ ‫مهما يعكس لنا صورة الحالة‬ ‫الشعر في هذا العصر‬ ‫مساندا تاريخيًّا ًّ‬ ‫ً‬ ‫الثقافية‪.‬‬ ‫االجتماعية‪ ،‬و‬ ‫الفكرّية‪ ،‬و‬ ‫السياسية‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪4‬‬

‫إشبيلية زمن ملوك الطّوائف‪:‬‬ ‫المكان في شعر الحنين في‬ ‫ّ‬

‫ٍ‬ ‫عدة‪ :‬فكان الوطن األ ُّم‬ ‫إشبيلية في‬ ‫تجلّى حضور المكان في شعر الحنين في‬ ‫صور ّ‬ ‫ّ‬ ‫أحيانا‪ ،‬والبيت‪،‬‬ ‫عاما‪ ،‬وكان القصر‬ ‫مكانا جليًّا في شعرهم بوصفه‬ ‫(إشبيلية‪ ،‬قرطبة‪)...،‬‬ ‫مكانا ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫الخاص في نفوس ُّ‬ ‫ومجالس‬ ‫أماكن العشق والهوى‬ ‫الشعراء‪ ،‬وتجلّت‬ ‫المتنزهات‪ ،‬و‪ ،...‬تأخذ مكانها‬ ‫و ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِّج‬ ‫اللّهو والخمر فنالت‬ ‫الحضور حين ُي َؤج ُ‬ ‫نصيبا من شعرهم‪ ،‬ولم يكن المكان المحزن بمنأًى عن ُ‬ ‫ً‬

‫‪2‬‬

‫أبو العبّاس‪ ،‬أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن خلّكان (ت‪681‬هـ)‪ :‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان‬

‫‪4‬‬

‫الحموي‪ ،‬ياقوت‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.357‬‬

‫عباس‪ ،‬طبعة دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪( ،‬د‪.‬ت)‪،‬ج‪ ،5‬ص‪.24-23‬‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫عبد العظيم‪ ،‬علي‪ ،‬ابن زيدون‪ :‬عصره وحياته وأدبه‪ ،‬طبعة مكتبة األنجلو المصرّية‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ط)‪،1955 ،‬‬ ‫ص‪.14‬‬ ‫‪713‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫مجرًدا بل إلى َم ْن ألقى عصا‬ ‫مكان قضى فيه عز ٌيز‬ ‫ٌ‬ ‫مشاعر الحنين وال ّشوق ال إلى ذلك المكان ّ‬ ‫َ‬ ‫التَّرحال فيه‪.‬‬ ‫إن ِّ‬ ‫النصوص ِّ‬ ‫َولّ ّما كان لِتَ​َن ِّوع األمكنة في ُّ‬ ‫لكل مكان‬ ‫أثر في َدالالتها؛ إذ ّ‬ ‫الشعرّية ٌ‬ ‫ق ُّ‬ ‫العاطفي و َّ‬ ‫ي من جهة‬ ‫تناسب االنثيا َل‬ ‫تناسبهُ من جهة و‬ ‫موصوف ألفاظًا مخصوصة‬ ‫الشعور َّ‬ ‫َّ‬ ‫الد ْف َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫موزها‬ ‫صور‬ ‫ًا‬ ‫المتَلقي‬ ‫عر الحنين‬ ‫َّ‬ ‫ِّر ُر َ‬ ‫مكانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫حية ُيفَس ُ‬ ‫أُخرى‪ ،‬فقد جع َل ذلك ش َ‬ ‫اإلشبيلي مرآةً يرى فيها ُ‬

‫المتَ ِّأنية الفاحصة‪.‬‬ ‫بالقراءة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وموطن‬ ‫محل ذكرياته‬ ‫اإلنسان ويؤثُّر فيه‪ ،‬وهي‬ ‫ب يتأثُّر به‬ ‫الوطن‬ ‫والمدينةُ‪/‬‬ ‫مكان َر ْح ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حاك ُّ‬ ‫نسيجا لُغويًّا ثريًّا بأفكاره‬ ‫الشعراء‬ ‫ألهميتها‪ ،‬فقد َ‬ ‫أفراحه وأحزانه؛ لِذا ارتبط بها جسديًّا وروحيًّا‪ .‬و ّ‬ ‫ً‬ ‫الدالالت‪ .‬والمتأم ُل في ِشعر الحنين خاصةً عند ُشعر ِ‬ ‫متعددةَ َّ‬ ‫اء‬ ‫الب ِشعرّيةً ّ‬ ‫لين قو َ‬ ‫غنيًّا بألفاظه‪ ،‬مش ّك َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إشبيليةَ يستلهم َدالالت المكان وجمالياته؛ فالوطن يحضر بعمومه وبوصفه مسقط الرأس ومهوى‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫حي‪ُّ ،‬‬ ‫يحن‬ ‫وطن‬ ‫جامد غير ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫الفؤاد‪ ،‬ففي شعر ابن زيدون (ت ‪463‬ه) مثالً نجد الوطن جليًّا؛ ّ‬ ‫لكنه ٌ‬

‫الدافئ الذي َن ِع َم فيه بك ّل سرور وبهجة منذ الطفولة‪ ،‬وحتى‬ ‫إلى قرطبةَ وطنِ ِه األ ُّم‪ ،‬إلى الحضن ّ‬ ‫عنفوان ال ّشباب؛ يقول في إحدى مو ّشحاته‪:1‬‬ ‫ِبقُرطُب َة الغر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء‪ِ ،‬‬ ‫األكارِم‬ ‫دار‬ ‫ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ش َّ‬ ‫باب تمائمي‬ ‫بالد بها َ‬ ‫ٌ‬ ‫ق الش ُ‬ ‫وأ ْنجبني قَوم‪ُ ،‬ه َ ِ‬ ‫ام‬ ‫َ​َ‬ ‫ناك‪ ،‬كر ُ‬ ‫ٌْ‬ ‫ِ ‪2‬‬ ‫آخر قرطبةَ‪ ،‬و ّأيام صباه ‪:‬‬ ‫ويذكر ُ‬ ‫ابن زيدون في موض ٍع َ‬ ‫ق‪ِ ،‬م ْن عر ِ‬ ‫الصبا‪ ،‬ما تَ​َن َّ‬ ‫تَ​َن َّ‬ ‫شقـا‬ ‫ف َّ‬ ‫شَ‬ ‫َْ‬ ‫وع َ ِ‬ ‫فتشوقــــا‬ ‫الصبـا‬ ‫َّ‬ ‫كـر ِّ‬ ‫ـاودهُ ذ ُ‬ ‫لمـا تألَّقــــا‬ ‫وما از َل لَمعُ البرقِ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫العين حتّى تدفَّقـــــا‬ ‫بدمـع‬ ‫هيب‬ ‫ِ‬ ‫ُي ُ‬

‫المتنوعة‬ ‫عامة دون ذكر مناطقها المختلفة‪ ،‬ومجالسها‬ ‫وال يكتفي ُ‬ ‫ابن زيدون بذكر قرطبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫أماكن كثيرةً من مثل القصر‪ ،‬نحو قوله ‪:‬‬ ‫مجالس األُنس والمرِح‪ ،‬ومجالس ال ّشرب‪ ،‬فيذكر‬ ‫َ‬

‫األندلسي‪( ،‬ت ‪463‬هـ)‪ ،‬الديوان‪ ،‬شرح وتحقيق‪ :‬كرم‬ ‫المخزومي‬ ‫أبو الوليد‪ ،‬أحمد بن عبد هللا بن أحمد بن زيدون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البستاني‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪1975 ،‬م‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ابن زيدون‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.37‬‬

‫‪1‬‬

‫ابن زيدون‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.30‬‬ ‫‪714‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫ِ‬ ‫ب ال َغ ِ‬ ‫مائم‬ ‫ص ْو ُ‬ ‫سقى َج َنبات القَ ْ‬ ‫ص ِر َ‬ ‫ق الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫مائِم‬ ‫وغ ّنى على‬ ‫األغصان‪ُ ،‬و ْر ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫مختلفة؛ مثل قوله‪:2‬‬ ‫اقع‬ ‫َّمر في مو َ‬ ‫ومجلس اللهو والس َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫شاطئ ال ّن ْه ِر‬ ‫تي في‬ ‫ويوم لدى ال ُن ْب ِّ‬ ‫تُدار علينا الراح في ِف ٍ‬ ‫تية ُزهـْ ِـر‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش سوى يان ِع َّ‬ ‫الزْه ِـر‬ ‫وليس لنا فَ ْر ٌ‬ ‫َ‬ ‫الرصافة‪ ،‬وغيرها من األماكن التي غدا ِذ ْك ُرها‬ ‫اضع أُخرى؛ كالعقيق‪ ،‬و ّ‬ ‫كما يذكر مو َ‬ ‫تأجيج لمشاعر ال ّشو ِ‬ ‫الصفاء فيها‪،‬‬ ‫عهدها الطّيب‪،‬‬ ‫مصدر‬ ‫ٍ‬ ‫ق والحنين؛ إذ يبكي َ‬ ‫ّ‬ ‫ويحن إلى ساعات ّ‬

‫السالم عليها ولو من بعيد‪ ،‬يقول‪:3‬‬ ‫وال يمتلك بعد فراقها إالّ ّ‬ ‫الدعاء لها‪ ،‬و ّ‬ ‫علــــــــــى الثّ َغـ ِ‬ ‫ـــــــــب َّ‬ ‫العقيــــــــــــ ِ‬ ‫ـــــــــــالم‬ ‫سـ‬ ‫تحيـــــــــــ ٌة‬ ‫الشـ‬ ‫زَكـ ْ‬ ‫ـــــــــهدي م ّنــــــــــي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ـــــــــــت‪ ،‬وعلــــــــــــى وادي َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــام‬ ‫ــــــــــــــه َغـمـ‬ ‫بأرجــــــــــــــــائها يبــــــــــــــــكي عليـ‬ ‫ـــــــــــاح ٌك‬ ‫ـــــــــــافة ـ‬ ‫الرصـ‬ ‫وال از َل نـ‬ ‫ـــــــــــور فــــــــــــي ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ـــــــــد لهـ ٍ‬ ‫ــــــــزل فـــــــــي ظاللِهـــــــــا‬ ‫ـــــــــو لـــــــــم تـ ْ‬ ‫معاهـ ُ‬

‫ــــــــــــــــدام‬ ‫دار علينـــــــــــــــا لـلمــــــــــــــــجون ُمـ‬ ‫تـــــــــــــــــُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ــــــــــــان الفريـ َ ِ‬ ‫ـــــــــــام‬ ‫ُدمـــــــــــــوٌَ كـــــــــــــما خـ‬ ‫َ‬ ‫ـــــــــــد نظـ ُ‬

‫ـــــــــن ِو ِ‬ ‫يديـــــــــــر علـــــــــــى رغــــــــــم ِ‬ ‫داد ِه‬ ‫العــــــــــدا ِمـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــــن ْ ِ ِ‬ ‫المنــــــــــى‬ ‫فَ ِمـ ْ‬ ‫أجـــــــــــله أدعـــــــــــو لقُْرطُ َبــــــــــ َة ُ‬ ‫ـــــــــــــه‬ ‫َم َحـــــــــــــــ تل عنـيـــــــــــــــنا بالـــــــــــــــتّصابي ِخال لَـ‬ ‫ُ‬

‫المســـــــــــ َك منـ ُ ِ‬ ‫ـــــــــــأن ِ‬ ‫ـــــــــــام‬ ‫ســــــــــــالفًا كـ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ــــــــــه خـتـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــام‬ ‫بســــــــــقيا ـ‬ ‫ـــــــــعيف الـطَّـ ّ‬ ‫ــــــــــل وهـ َ‬ ‫ُ‬ ‫ـــــــــو ِرهـ ُ‬

‫فتبـــــــــــــــاد َر ْت‬ ‫رت ّأيــــــــــــــــامي بــــــــــــــــها‬ ‫َ‬ ‫تذكــــــــــــــــّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ـــــــــــــوم كالمصـــــــــــــابي ِ ُكــــــــــــــلُّ ُه ْم‬ ‫وصـــــــــــــحب ُة قـ‬ ‫شــــــــو جفونـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ـــــــه‬ ‫ـــــــور ســــــــاجي الطــــــــرف َح ْ ُ‬ ‫وأحـ ُ‬

‫ــــــــــــــز لـــــــــــــــلخ ْ ِ‬ ‫إذا َهـ َّ‬ ‫ــــــــــــــسام‬ ‫ــــــــــــــم ُحـ‬ ‫الملِـ‬ ‫ِّ‬ ‫طب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـــــــــقام‬ ‫سـ‬ ‫ـــــــــام مـ‬ ‫سـ‬ ‫ُ‬ ‫ــــــــــنه َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ــــــــــقام َبـــــــــــرى األجسـ َ‬ ‫ٌ‬

‫ــــــــــــــــــــــيام‬ ‫ـــــــــــــــــــــحادثات ِن‬ ‫فـأس َـع َـدنــــــــــــــــــــــا والـ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫طا نفسيًّا يحّرك‬ ‫يجي حتى تتم ّكن منه‬ ‫فتمارس عليه ضغ ً‬ ‫َ‬ ‫بمشاعر ابن زيدون على نحو تدر ّ‬ ‫سقيم الجسم‪.‬‬ ‫انب األسى‪ ،‬فتنهمر‬ ‫ُ‬ ‫فيه جو َ‬ ‫دموعهُ وتكثر آهاتُهُ ويغدو َ‬

‫أن ألفاظ ِ‬ ‫نص تنبعث منه‬ ‫َوُيلحظ في ما َسلَ َ‬ ‫ف ّ‬ ‫معا في إنتاج ّ‬ ‫ابن زيدون وتراكيبه تآزرتا ً‬ ‫أوسع بِ ُم ْكَنتِ ِه أن‬ ‫النص إلى فضاء‬ ‫عاطفي ينتقل من فضاء‬ ‫رائحة المكان‪ ،‬ويطفو على سطحه بوٌح‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫البعيد‬ ‫الغائب أو‬ ‫الحاضر في ِشعر ابن زيدون هو الوطن‬ ‫يمارس فيه فع َل الحياة‪ .‬ويبدو المكان‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إما كنوٍع من التّأميل بعودتها أو‬ ‫النظر‪ ،‬فهو ال ّ‬ ‫عن ّ‬ ‫يتعدى باب ال ّذكريات التي تعود إلى الذهن ّ‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪3‬‬

‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.71-70‬‬ ‫‪715‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫الن ِ‬ ‫حمل‪ .‬وال يخفى علينا –في هذا‬ ‫رجوعها وا ّما كنوٍع من إقناع ّ‬ ‫فس وتشجيعها على ّ‬ ‫الصبر والتّ ّ‬ ‫السياق‪ -‬أثر سجن ابن زيدون في الحؤول دون تم ّكنه من رؤية أهله ودياره وفي التفريق بينه وبين‬ ‫ِ‬ ‫أح َّ‬ ‫أحاسيسه‪.‬‬ ‫طابعا وجدانيًّا نفث فيه‬ ‫عرهُ يكتسي‬ ‫وّالدةَ التي َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ب‪ّ ،‬‬ ‫مما جعل ش َ‬ ‫تستبين فيه ألفاظ المكان وداللته عند ابن زيدون‪:‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فيمكننا نسج الجدول اآلتي الذي‬ ‫ُ‬ ‫اللفظ‬ ‫قُْرطُ َبة‬

‫صقَ ْت بالمكان‬ ‫ٌ‬ ‫صفات التَ َ‬ ‫ِ‬ ‫الغراء‪ِ ،‬‬ ‫‪‬‬ ‫األكارم‬ ‫دار‬ ‫ّ‬

‫‪‬‬

‫داللته‬ ‫الحنين إلى أيام شبابه وصباه‪:‬‬

‫ق َّ‬ ‫ش َّ‬ ‫باب‬ ‫بالد بها َ‬ ‫( ٌ‬ ‫الش ُ‬ ‫ق ِم ْن عر ِ‬ ‫ِ‬ ‫تمائمي)‪ ( ،‬تَ​َن َّ‬ ‫ف‬ ‫شَ‬ ‫َْ‬ ‫الصبا)‬ ‫َّ‬ ‫الحنين إلى األهل واالعتداد‬

‫بهم‪:‬‬

‫(وأ ْنجبني قَوم‪ُ ،‬ه َ ِ‬ ‫ام)‬ ‫َ​َ‬ ‫ناك‪ ،‬كر ُ‬ ‫ٌْ‬

‫صر‪ ،‬شاطئ ال ّن ْهر‬ ‫القَ ْ‬ ‫األغصان‬

‫فَ ْرش‬

‫الثّ َغب َّ‬ ‫هدي‬ ‫الش ّ‬ ‫العقيق‬

‫ب ال َغمائم‬ ‫ص ْو ُ‬ ‫َ‬ ‫ق الح ِ‬ ‫مائم‬ ‫ُو ْر ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫يانع َّ‬ ‫الزْهـر‬

‫نور‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫احك‬

‫‪‬‬

‫شدة الحنين والحسرة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫العين حتّى‬ ‫هيب بدمـ ِع‬ ‫( ُي ُ‬ ‫تدفَّقـــــا)‬

‫‪‬‬

‫الدعاء لها‪:‬‬ ‫(أدعـو لِقُْرطُ َب َة)‬

‫‪‬‬

‫الحنين إلى مجالس األُنس‬

‫‪‬‬

‫الحنين إلى الطبيعة‬

‫‪‬‬

‫شو ِ‬ ‫ق والحنين‬ ‫تأجيج مشاعر ال ّ‬ ‫صحبة ٍ‬ ‫قـوم‬ ‫الحنين إلى ُ‬

‫‪‬‬ ‫‪716‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫كالمصابي‬

‫الرصافة‬ ‫ّ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫عهدها الطّيب‬ ‫البكاء على َ‬ ‫السالم عليها‬ ‫ّ‬ ‫الدعاء لها‪ ،‬و ّ‬

‫قلي (ت ‪527‬ه) لم تكن األقطار التي اختلف إليها لتنسيه َ‬ ‫وطنهُ‬ ‫وها هو ذا ُ‬ ‫ابن حمديس ّ‬ ‫الص ّ‬ ‫حنينا ِّ‬ ‫يمزق األحشاء‪ ،‬يقول‪:1‬‬ ‫األ َُّم ‪-‬صقلية‪ ،-‬فيح ُّن إليها ً‬ ‫ودر ْت عليهـــــــــــــــا مع ِ‬ ‫ــــــــــــــــمان ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــــــــب‬ ‫الهوا ِ ـ‬ ‫س‬ ‫أال فـــــــــــــــــي ـ‬ ‫دار بنـــــــــــــــــو َ‬ ‫صـــــــــــــــر ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ات َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ــــــــدموَ الســـــــــو ِ‬ ‫ــــــــــل ساعـ ٍ‬ ‫أُمثّلُهـــــــــــا فـــــــــــي خـــــــــــاطري ُكـ َّ‬ ‫اك ِب‬ ‫ـــــــــــة‬ ‫وأمـــــــــري لهـــــــــا ق ْ‬ ‫ــــــــر الـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫طـ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــه َجـواذبــــــــــــــــي‬ ‫انيــــــــــــــه إليـ‬ ‫مغــــــــــــــاني غو‬

‫ِ‬ ‫ـــــــــين ال ّنيـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــوطن الــــــــــذي‬ ‫ـــــــــب للمـ‬ ‫أحـ ُّ‬ ‫ـــــــــن حنـ َ‬ ‫ــــــه بهـــــــا‬ ‫ْ‬ ‫ــــــار عـــــــن أر ٍ ثـــــــوى ق ْل ُبـ ُ‬ ‫وقـــــــد سـ َ‬

‫أوبــــــــــــ َة يـِـ ِ‬ ‫ــــــــــــب‬ ‫تم ّنــــــــــــى لـ ُ‬ ‫ــــــــــــه بالجســــــــــــم َ‬

‫كل حين‪ ،‬وهو يحضر في خاطره َّ‬ ‫يحن إليه في ِّ‬ ‫فالشاعر ال ينسى وطنه؛ إذ هو ُّ‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫إن هذا التأزم يضفي بثقله على ذاته‪ ،‬فيهيج داخلُهُ حزًنا‬ ‫ساعة‪ ،‬وهذا يجعله ّ‬ ‫متأزًما نفسيًّا‪ ،‬حتى ّ‬ ‫انفجار مشاعر الحزن‪،‬‬ ‫النص‪ -‬حركة نجم عنها‬ ‫النص َوَدالالته‪ ،‬التي بثّت فيه –أي‬ ‫تترجمهُ ألفاظُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫دمعهُ ينسكب‪.‬‬ ‫مما جعل َ‬ ‫ّ‬

‫بعيدا عن‬ ‫ويزداد الحنين في نفسه حينما ينظر إلى حاله‪ ،‬وقد أمسى غر ًيبا عن وطنه ً‬ ‫معاهد ِ‬ ‫صباه‪ ،‬فيصدح‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــم‬ ‫ـــــــن إلــــــــى أر ــــــــي التــــــــي فــــــــي تُرابهــــــــا‬ ‫أحـ ُّ‬ ‫ـــــــــي َن َو ْ‬ ‫مفاصــــــــــ ُل مـــــــــــِ ْن أهلــــــــــي َبلـ ْ‬ ‫أعظُـ ُ‬ ‫ـــــــدجى بم ِ لَّ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــن َّ‬ ‫إلــــــــى وطـ ٍ‬ ‫الشــــــــو ِ‬ ‫ـــــــر ِزُم‬ ‫ـــــــــة‬ ‫ــــــــن فــــــــي‬ ‫كمــــــــا َح َّ‬ ‫قيــــــــد الـ ّ‬ ‫ـــــــوٌد ِمـ َ‬ ‫ـــــــن َعـ ْ‬ ‫ق ُيـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ابن حمديس الذي َّ‬ ‫مسك بوطنهم‪ ،‬وعدم ِ‬ ‫ألنها‬ ‫تجربة الغربة؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولكن َ‬ ‫أبناء وطنه على التّ ّ‬ ‫حث َ‬ ‫ُس ٌّم‪ ،‬يقول‪:2‬‬

‫جيز العقــــــــــ ُل ِ‬ ‫ــــــــــم‬ ‫تجرَبــــــــــ َة ُّ‬ ‫السـ ِّ‬ ‫ـــــــــن يســــــــــت َ‬ ‫فلـ ْ‬

‫ـــــــــــــــرب ًة‬ ‫ــــــــــــــر َب ُغـ‬ ‫أن تُجـ‬ ‫ِّ‬ ‫يومـــــــــــــــا ْ‬ ‫َ‬ ‫وا َّيـــــــــــــــا َك ً‬

‫ونجده ال يقدر على العودة إلى الوطن؛ حيث صاحب المعتَ ِم َد فَر ِ‬ ‫موطنا له‪،‬‬ ‫بإشبيلية‬ ‫ض َي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫‪3‬‬ ‫لمد ٍة من ِ‬ ‫أجل إلقاء نظرٍة على قبر أبيه ‪:‬‬ ‫فهو لن يعود إلى وطنه حتّى ولو ّ‬ ‫‪1‬‬

‫أبو محمّد‪ ،‬عبد الجبّار بن محمّد بن حمديس الصِّقليّ ‪( ،‬ت ‪527‬هـ)‪ ،‬الديوان‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬طبعة دار‬

‫صادر‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪1960 ،‬م‪ ،‬ص‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن حمديس‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.416‬‬

‫‪2‬‬

‫ابن حمديس‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.417‬‬ ‫‪717‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫معشرهــــــــــا‬ ‫األدنــــــــين‬ ‫ـــــــن مع َ‬ ‫شــــــــري ْ‬ ‫بـ ّ‬ ‫لت ِمـ ْ‬ ‫ـــــــد ُ‬ ‫َ‬ ‫ــــن ذوي َر ِح ِمـــــي‬ ‫ــــرب دونـــــي ِمـ ْ‬ ‫ــــم َهـــــوى التّـ َ‬ ‫و َكـ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت أبـــــــــي‬ ‫ني ِم ْ‬ ‫ــــــــو ُ‬ ‫ـــــــوا َك َم ْ‬ ‫ـــــــن َمثْـ َ‬ ‫ولــــــــم ُيسـ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـــــــر َ‬ ‫ـــــــــد ْد َت ســــــــــبيلي عـ ْ ِ ِ‬ ‫ــــــــــم‬ ‫سـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ومــــــــــا َ‬ ‫ـــــــــن لـقـائـ ِهـ ُ‬

‫ق ا ُ فيمـــــــــــــــا بيننـــــــــــــــا َأبــــــــــــــــدا‬ ‫ال فـ‬ ‫ـــــــــــــــر َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ومـــــــــــا مــــــــــــ َق ْل ُ ِ‬ ‫َحـــــــــــدا‬ ‫ت ل ُب ْعـــــــــــدي مـــــــــــ ْن ُه ُم أ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وقَـ ْ ِ‬ ‫الولَـــــــــــدا‬ ‫ـــــــــــو ُ‬ ‫ـــــــــــد ُيق ْلقـــــــــــ ُل َم ْ‬ ‫ت الوالـــــــــــد َ‬

‫ــــــــن جع ْلـــــــــت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصـــــــــفَدا‬ ‫صـــــــــفادي َعـــــــــ ْن ُه ُم َّ‬ ‫لكـ ْ َ َ‬

‫وبهذا المستوى التركيبي عند ابن حميدس تش ّكلت مقطوعاته ِّ‬ ‫الشعرّية الخاصة بالمكان والحنين‬ ‫ّ‬ ‫إلية َوفق اآلتي‪:‬‬

‫ومن ٍ‬ ‫آخر ينتمي إلى صقلية‪ ،‬لكنه يختلف عن ابن حمديس في‬ ‫جهة أُخرى يظهر‬ ‫ٌ‬ ‫شاعر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب بالعطايا الكثيرة‪ ،‬فها هو ذا أبو العرب‬ ‫وطنا له‪،‬‬ ‫ّنه يرضى الغربة ً‬ ‫عج ُ‬ ‫وي َ‬ ‫المعتَمد‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويطمئن إلى ُ‬ ‫يوضح لها فيه طريق المجد‪ ،‬ويحثّها على عدم الذ ّل‬ ‫خطابا إلى نفسه‬ ‫يوجه‬ ‫ّ‬ ‫قلي (ت ‪492‬ه) ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الص ّ‬

‫و والهوان‪:1‬‬

‫إالم اتّبــــــــــــــــــاعي ل مـــــــــــــــــــاني الكــــــــــــــــــــو ِ‬ ‫اذب‬ ‫َ‬ ‫ــــــــــم ولـــــــــــي عزمـ ِ‬ ‫ق‬ ‫َهـ ُّ‬ ‫ــــــــــزم ُمــــــــــــ َ‬ ‫شِّر ٌ‬ ‫أُ‬ ‫ــــــــــان‪ :‬عـ ٌ‬

‫وال ُبـ َّ‬ ‫حاجـــــــــ ًة‬ ‫ــــــــيس َ‬ ‫ــــــــد لـــــــــي أن أســـــــــأ َل العـ َ‬ ‫ــــــــه‬ ‫ـــــــون َّإن ُ‬ ‫صــــــــحبي الهـ َ‬ ‫ستَ ْ‬ ‫ـــــــس ال تَ ْ‬ ‫فيــــــــا نفـ ُ‬ ‫ـــــــــت ع ّنــــــــــي فــــــــــ ّنني‬ ‫ويـــــــــــا وطنــــــــــي وان ِب ْنـ َ‬ ‫ـــــــــن تُــــــــــر ٍ‬ ‫اب فَ ُكلُّـــــــــــها‬ ‫إذا كـ‬ ‫ــــــــــان أصــــــــــلي ِمـ ْ‬ ‫َ‬

‫‪3‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــذاه ِب‬ ‫المـ‬ ‫وهـــــــــذا طريـ ُ‬ ‫ــــــــق المجـــــــــد بـــــــــادي َ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــــــــار ِب‬ ‫بالم ـ‬ ‫ـــــــــــــر ُيغـــــــــــــري ّ‬ ‫و َخ ُ‬ ‫همتـــــــــــــي َ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫أخفافهــــــــــــــا والغـَـــــــــــــــو ِار ِب‬ ‫ـــــــــــــق علــــــــــــــى‬ ‫شـ‬ ‫تَ ُ‬

‫ِ‬ ‫ــــــــــــاح ِب‬ ‫ـــــــــــر صـ‬ ‫ـــــــــــد َع ْت أسـ‬ ‫شـ ُّ‬ ‫ـــــــــــباب ُه َ‬ ‫وا ْن َخـ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ط ُن أكـــــــــــــوار ِ‬ ‫ق َّ‬ ‫العتـــــــــــــا ِ‬ ‫ـــــــــــــائ ِب‬ ‫النجـ‬ ‫ســـــــــــــأ ُْو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ين ِ‬ ‫أقاربـــــــــــــــي‬ ‫بــــــــــــــالدي َو ُكـ‬ ‫الـعـــــــــــــــالَ ِم َ‬ ‫ـــــــــــــل َ‬

‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.171‬‬

‫محمد‬ ‫محمد‬ ‫األصفهاني‪597( ،‬هـ)‪ ،‬خريدة القصر وجريدة العصر‪ ،‬تحقيق‪ّ :‬‬ ‫محمد بن ّ‬ ‫أبو عبد اهلل‪ ،‬عماد الدين ّ‬ ‫ّ‬ ‫محمد‬ ‫المرزوقي وآخرين‪ ،‬الدار‬ ‫ّ‬ ‫التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،1973 ،2‬ص‪223_222‬؛ وانظر‪ :‬أبو عبد اهلل‪ّ ،‬‬

‫‪1‬‬

‫معوض وعادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتب‬ ‫بن شاكر ال ُكتُبِ ّي‪( ،‬ت ‪764‬ه)‪ ،‬فوات الوفيات‪ ،‬تحقيق علي ّ‬ ‫محمد ّ‬ ‫العلمية‪ ،‬بيروت (د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.515‬‬ ‫ّ‬ ‫‪718‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫أحبوا األندلس‪َ ،‬وفُتنوا بطبيعتها‬ ‫الرعيالن األول والثّاني من المسلمين َخلَ ٌ‬ ‫وقد َخلَ َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ف ّ‬ ‫حنوا إليها‪ ،‬وان‬ ‫محبتها في نفوسهم‪ ،‬فكانوا إن ابتعدوا عنها ّ‬ ‫وطنا‪ ،‬ورسخت ّ‬ ‫الجميلة‪ ،‬فاتّخذوها ً‬

‫اإلشبيلي (ت‬ ‫طالت غيبتهم عنها هاج شوقُهم إليها‪ ،‬ومن ذلك قول أبي الحسن ابن حصن‬ ‫ّ‬ ‫إشبيليةَ فقال‪:2‬‬ ‫‪449‬ه)؛ إذ خرج إلى وادي قرطبة فتذ ّكر‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــــــــــــــــود وتـعـنــــــــــــــــــــــــيتَ ْه‬ ‫الحسـ‬ ‫أمـ‬ ‫ــــــــــــــــص بـــــــــــــــذكرى َهـــــــــــــــوى‬ ‫ـــــــــــــــك ِح ْـم‬ ‫ذكرتُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــات َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــن منحـــــــــــــــوتَ ْه‬ ‫سـ‬ ‫ـــــــــــــروس ِمـ‬ ‫عـ‬ ‫ــــــــــــــروب‬ ‫ــــــــــــــمس عـنـــــــــــــــد ال ُغ‬ ‫ش‬ ‫كأ ّن‬ ‫ــــــــــــــك وال ّ‬ ‫َ‬ ‫ـــــــــــــن ُ‬ ‫الح ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫غـــــــــــدا ال ّنهـــــــــــر ِع ْقـ َ ِ‬ ‫تاجــــــــــــ‬ ‫ــــــــــوُد َ‬ ‫ــــــــــدك والطّـ ْ‬ ‫ُ‬

‫ــــــــــــــــــــه‬ ‫ـــــــــــــــــــمس أعـــــــــــــــــــــالهُ ياقوتَـ‬ ‫شـ‬ ‫َك‪ ،‬وال ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫البالغية‬ ‫ابن حصن؛ إذ استعان بفنون القول‬ ‫ّ‬ ‫ذكره ُ‬ ‫لقد برزت جماليات المكان في ما ُ‬ ‫ابن‬ ‫فجاءت تشبيهاته جميلة تد ّل على فتنته واعجابه بجمالها ومحاسنها‪ ،‬ولع ّل هذا الذي ّ‬ ‫ميز َ‬ ‫البديعية؛‬ ‫المحسنات‬ ‫مر بنا_ خالية من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حصن عن غيره من ال ّشعراء الذين جاءت أشعارهم _كما ّ‬ ‫المحسنات‬ ‫بعيدا عن تلك‬ ‫ًا‬ ‫يعبر عن شوقه وحنينه لبلده‬ ‫تعبير صادقًا مؤثًِّار ً‬ ‫هم ال ّشاعر هو أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن ّ‬ ‫الجمالية‪.‬‬ ‫الصور‬ ‫ّ‬ ‫و ّ‬

‫نحو منتصف القرن السادس الهجري)‪،‬‬ ‫بن يحيى‬ ‫ُّ‬ ‫وأنشد أبو المعالي إدريس ُ‬ ‫األشبيلي (ت َ‬ ‫إشبيلية؛ منها‪:1‬‬ ‫يتشوق فيها إلى‬ ‫الواعظُ بمسجد رحبة القاضي من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بلنسيةَ‪ ،‬أبياتًا ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــــــب‬ ‫ـــــــــــــــــــين َغريـ‬ ‫ـــــــــــــــــــت عـ‬ ‫مــــــــــــــــــــا َب َكـ‬ ‫ـــــــــــــــــــة أبـكـــــــــــــــــــــي‬ ‫أنــــــــــــــــــــا فــــــــــــــــــــي ال ُغربـ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــيب‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــن بـــــــــــــــــــــــــــالدي ِب ُمصـ‬ ‫ِمـ‬ ‫ــــــــــــــــــــوم ُخروجــــــــــــــــــــي‬ ‫ـــــــــــــــــــن يـ‬ ‫لــــــــــــــــــــم أ ُكـ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عجبـــــــــــــــــــــــــــــا لــــــــــــــــــــــــــــــي َولِتَركـــــــــــــــــــــــــــــــي‬ ‫ً‬

‫ِ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــه َحبيبــــــــــــــــــــــــــــــي‬ ‫َوطَ ًنــــــــــــــــــــــــــــــا فيـ‬

‫غموض فيها‪،‬‬ ‫ومعاني واضحةً ال‬ ‫فغربة ال ّشاعر عن وطنه لم‬ ‫ِ‬ ‫تستدع إالّ ألفاظًا سهلةً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مخطئا عندما ترك‬ ‫النفس‪ ،‬فهو يبكي في الغربة‪ ،‬ويرى ّأنه كان‬ ‫ً‬ ‫ومع هذا جاءت أبياته مؤثّرة في ّ‬

‫أحباؤه!‬ ‫وطنه وابتعد عنه‪،‬‬ ‫فعجبا لمن يتر ُ‬ ‫ك وطنه ‪-‬أعظم مكان في الوجود‪ -‬وفيه ّ‬ ‫ً‬ ‫مكاني ٍة نجدها ماثلة في السجن‪ ،‬الذي‬ ‫نماذج‬ ‫أثر في إنتاج‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وللتنافس على السُّلطة والتسلّط ٌ‬ ‫ًّ‬ ‫السياسية‪ ،‬مما دفع ُّ‬ ‫الشخصية‪،‬‬ ‫الشعراء إلى الوقوف فيه على تجاربهم‬ ‫محال للمعارضة‬ ‫ش ّك َل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الرطيب‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫ي‬ ‫التلمساني‪( ،‬ت‪1041‬هـ)‪ ،‬نف ال ّ‬ ‫محمد المقّر ّ‬ ‫طيب من غصن األندلس ّ‬ ‫أبو العباس‪ ،‬أحمد بن ّ‬ ‫ّ‬ ‫عباس‪ ،‬طبعة دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪( ،4‬د‪.‬ط)‪1968 ،‬م‪ ،‬ص‪.234‬‬ ‫إحسان ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫الصلة‪ ،‬تحقيق عبد السالم‬ ‫أبو عبدهللا‪ ،‬محمّد بن عبدهللا بن األبّار القُضاعيّ البلنسيّ ‪( ،‬ت ‪658‬هـ)‪ ،‬التكملة لكتاب ِّ‬ ‫الهرّاس‪ ،‬ج‪ ،1‬طبعة القاهرة‪ ،1955 ،‬ص‪196‬؛ وانظر‪ :‬المقّري‪ :‬نفح الطيب‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.257‬‬ ‫‪719‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫ق‬ ‫عاكسين ُسلطَتَهُ على ألفاظهم وأفكارهم وصورهم ومقارباتهم ُب ْغَيةَ خلق زاوية نظر توسِّعُ أُ ْف َ‬ ‫َ‬ ‫حضورها خارَج حدود المكان‪.‬‬ ‫وتحقق لذاتهم‬ ‫تجربتهم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫اء‬ ‫العصر‬ ‫ولما لم يخ ُل‬ ‫أداخليةً‬ ‫ّ‬ ‫الصراعات والنزاعات‪ ،‬سو ٌ‬ ‫األندلسي م َن الفتن والحروب و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫خارجية‪ ،‬وكان ِّ‬ ‫يؤلمه؛ لذا يتّخذه وسيلة‬ ‫كانت أم‬ ‫ّ‬ ‫الشعر مرآة تعكس انفعاالت الشاعر ّ‬ ‫فإن األسر ُ‬ ‫معادال نفسيًّا لعلّه‬ ‫صِف ِه‬ ‫عما‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫يجيش في نفسه من قهر وانكسار‪ ،‬فيلجأ إلى تذ ّكر ماضيه بِ َو ْ‬ ‫للتعبير ّ‬ ‫داخلية لتجاوز المكان‬ ‫يخفّف وطأة مصابه‪ ،‬فيمارس في سجنه نشاطًا نفسيًّا هو في حقيقته "محاولةٌ‬ ‫ّ‬ ‫المغلق وقهر ال ّذلّة المفروضة" (البزرة‪ ،‬أحمد مختار‪ ،‬األسر والسجن في ِشعر العرب‪ ،‬مؤسسة علوم‬ ‫القرآن‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،1985 ،‬ص‪.).495‬‬

‫فضاء ر ْحًبا ُّ‬ ‫حي ًاز‬ ‫للشعراء فقد ش ّك َل‬ ‫ف‪-‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فإذا كانت المدينةُ‪/‬‬ ‫الوطن –كما َسلَ َ‬ ‫السجن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ًَ‬ ‫ُّ‬ ‫تتكاثر الحسرة ويتفاقم‬ ‫وخلف قضبانه‬ ‫محل اللوعة واألسى‪،‬‬ ‫ضيقًا تقلّصت فيه اآلمال؛ فجدرانه‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يضمُنها آهاته ولوعتَهُ َو ُحرقَتَهُ وأشواقَه‪ ،‬وهو إذ‬ ‫لما ينظم قصيدته في السجن‬ ‫ِّ‬ ‫األلم‪ .‬وعليه‪ ،‬فالشاعر ّ‬ ‫معمار مكانيًّا‬ ‫ًا‬ ‫فنية ش ّكلها اللفظ‪ ،‬ويبني‬ ‫َ‬ ‫أفكارها بريشة مكلومة ِم ُ‬ ‫دادها اليأس‪ ،‬فينتج لوحة ّ‬ ‫ذاك يرسم َ‬

‫ُ ُّ‬ ‫ومادته َّ‬ ‫الداللة‪.‬‬ ‫عور ّ‬ ‫أساسهُ الش ُ‬ ‫عباد (ت ‪488‬ه) مغايرة عن‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫ً‬ ‫بناء على ما َسلَف‪ ،‬تظهر صورة المكان عند ُ‬ ‫ِ‬ ‫الحنيني من مكان مختلف؛ إذ هو في سجنه في أغمات‬ ‫من الصُّور؛ فهو ينطلق في شعره‬ ‫مثيالتها َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ويتأوه‪،‬‬ ‫مع إنسان أو‬ ‫يشعر ّ‬ ‫شخص ‪-‬إن ّ‬ ‫بأنه يجلس َ‬ ‫صح التعبير‪ -‬يشاركه الحزن فيحزن‪ ،‬ويبكي‪ّ ،‬‬ ‫ك‪ ،‬والثُّريا‪،‬‬ ‫ويتمثّل ذلك أكثر ما يتمثّل في حضور قصوره‪ ،‬ووجودها‬ ‫الحي في ِشعره؛ فالمبار ُ‬ ‫ّ‬ ‫الدمع؛ يقول‪:1‬‬ ‫قصور تبكي‬ ‫الزاهي‪،‬‬ ‫أصحابها بوابل ّ‬ ‫والوحيد‪ ،‬و ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫الن و سـ ِ‬ ‫عبـ ِ‬ ‫بكــــــــــــى علــــــــــــى إثـــــــــــــْ ِر ِغــــــــــــز ٍ‬ ‫المبـــــــــار ُك فـــــــــي إثــــــــــْ ِر ابـ ِ‬ ‫ــــــــــــاد‬ ‫ــــــــاد‬ ‫ــــــــن ّ‬ ‫بكـــــــــى ُ‬ ‫ــــــــــــــم ْت كو ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ــــــــــرائ ِ الغـــــــــــادي‬ ‫اك ُبهـــــــــــــــا‬ ‫ثريــــــــــــــاهُ ال ُغـ‬ ‫بكـ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ـــــــــــــت ّ‬ ‫بمثـــــــــــ ِل نـ ْ‬ ‫ــــــــــوِء الثريـــــــــــا الـ ّ‬

‫ـــــــــه‬ ‫ـــــــــد‪ ،‬بكــــــــــى ّ‬ ‫الزاهــــــــــي َوقُبَّتُـ ُ‬ ‫بكــــــــــى الوحيـ ُ‬ ‫أبنائـ ِ‬ ‫ــــــــــــــاء علــــــــــــــى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــه ِد َرٌر‬ ‫السمـ‬ ‫مـ‬ ‫ــــــــــــــاء ّ‬ ‫ُ‬

‫ــــــــــاد‪ُ ،‬ك ت‬ ‫ــــــــــه بـــــــــــادي‬ ‫وال ّن‬ ‫هــــــــــر‪ ،‬والتّ‬ ‫ـــــــــــل ُذلُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يــــــــــا لُ َّجــــــــــ َة البحـ ِ‬ ‫إزبــــــــــاد‬ ‫ذات‬ ‫ـــــــــر دومــــــــــي َ‬

‫عباد؛ فهو لم ِ‬ ‫المعتَ ِم ِد ِ‬ ‫يبك المكان‪ ،‬واّنما تجلّى‬ ‫بن ّ‬ ‫وهنا‪ ،‬تتّضح المفارقةُ الواضحة عند ُ‬ ‫عندهُ بأن بكاهُ المكان‪ ،‬ولع ّل ذلك يعود إلى ُسلطانه الذي كان في دياره‪.‬‬ ‫الحنين َ‬ ‫ُ‬ ‫النحو اآلتي‪:‬‬ ‫ويمكننا‬ ‫المغايرة على ّ‬ ‫ُ‬ ‫توضيح هذه ّ‬ ‫الصورة ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫عباد (ت ‪488‬هـ)‪ ،‬الديوان‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بدوي وحامد عبد المجيد‪ ،‬المطبعة األميرّية‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫أبو القاسم‪ُ ،‬‬ ‫بالقاهرة‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،1951 ،‬ص‪.95‬‬ ‫‪720‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫ِ‬ ‫حنين المكان لصاحبه‪،‬‬ ‫قدمها عن صورة أُخرى هي‬ ‫إذ‬ ‫الصورة التي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المعتَم ُد بهذه ّ‬ ‫يكشف ُ‬ ‫ُسلوب اتَّب َعهُ ُّ‬ ‫المحدثين منهم في حنينهم‬ ‫تأن ُس بإصحابها‪ ،‬وهو أ ٌ‬ ‫صور كانت َ‬ ‫ّ‬ ‫الشعر ُ‬ ‫فكأن القُ َ‬ ‫اء حتى ُ‬ ‫ِ‬ ‫وميتًا بغيابهم‪ .‬يقول محمود‬ ‫يجسدون المكان‬ ‫حيث‬ ‫إلى األوطان؛‬ ‫ُ‬ ‫فيجعلونهُ حيًّا بوجود ساكنيه ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫درويش‪:2‬‬ ‫الحصان وحيدا‬ ‫ت‬ ‫"لماذا تَ​َرْك َ‬ ‫َ‬ ‫البيت‪ ،‬يا ولدي‬ ‫لكي ُيؤنِ َس‬ ‫َ‬

‫أصحابها"‬ ‫غاب‬ ‫فالبيوت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تموت إذا َ‬

‫تشاؤميةٌ؛ إذ َّ‬ ‫العز والمجد‬ ‫المعتَ ِم ِد‬ ‫لما سقط من ذروة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تبدلَت حالُهُ ّ‬ ‫من جهة أُخرى‪ ،‬فنظرةُ ُ‬ ‫عبر‬ ‫مما جعل‬ ‫إلى حضيض ّ‬ ‫السجن لديه محيطًا مكانيًّا ّ‬ ‫َ‬ ‫الذل والهوان حتى صار إلى يأس وخذالن‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫حضور‬ ‫وهمومه؛ إذ استدعى وهو في سجنه أمكنةً كان له فيها‬ ‫فيه عن تجربته واصفًا م َحَنهُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫السبك ورقّة األسلوب‬ ‫لفظي ٍة َج ِزلَ ٍة ّ‬ ‫الب ّ‬ ‫فجعلها تبكي وتنوح‪ ،‬وصاغ ذلك كله في قو َ‬ ‫تميزت بِ ُح ْسن ّ‬

‫النص‬ ‫مرة‪ ،‬الذي أضفى على‬ ‫الصورة وسالسة المعنى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وجمال ّ‬ ‫غير ّ‬ ‫مستعينا بِتَكرار الفعل (بكى) َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫خاصا َم َّكَنهُ من إظهار‬ ‫لونا تعبيريًّا‬ ‫منح‬ ‫ًّ‬ ‫الشاعر ً‬ ‫إيقاعا تَك ارريًّا‪ ،‬كما َ‬ ‫ً‬ ‫أكسَبهُ‬ ‫الشعر ّ‬ ‫متنوعةً و َ‬ ‫َ‬ ‫ي َدالالت ّ‬ ‫مشاعره وانفعاالته على ٍ‬ ‫المكاني‪.‬‬ ‫نحو جعلَهُ يتوا َش ُج ظاهريًّا وباطنيًّا بمحيطه‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ظهر‬ ‫فقدهُ رثاهُ ُم ًا‬ ‫الروح‪ ،‬فإذا ما َ‬ ‫المعتَ ِمد ٌ‬ ‫ُ‬ ‫حي رغم جموده َو ُخ ّلوه م َن ّ‬ ‫فالمكان عند ُ‬ ‫كائن ّ‬ ‫عليه ُّ‬ ‫القوية التي تجمع بينهما‪ ،‬فتراهُ يذكر‬ ‫للصلة‬ ‫التفجع والتحسُّر‪ ،‬وفي هذا ٌ‬ ‫الحميمية والعالقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تأكيد ّ‬ ‫التقليدي‪،‬‬ ‫الرثاء من بكاء ونواح وندب ودموع وحزن وأسى ولوعة‪ .‬هذه إذن صورة الرثاء‬ ‫ّ‬ ‫مفردات ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‪ -‬فجعل األمكنة تبكيه‬ ‫عباد عكسها –في ما َسلَ َ‬ ‫بن ّ‬ ‫غير ّ‬ ‫المعتَم َد َ‬ ‫فالشاعر راث و ُ‬ ‫ثي‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫أن ُ‬ ‫المكان مر ّ‬ ‫اء فقده‪.‬‬ ‫جر‬ ‫ألمها‬ ‫عن‬ ‫معبرةً‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫مأسور‬ ‫ًا‬ ‫ب‪ ،‬فقد ُحمل‬ ‫المعتَمد مضاعفة؛ إذ لم تقتصر على فقده مل َكهُ َح ْس ُ‬ ‫وكانت نكبة ُ‬ ‫لما‬ ‫إشبيليةَ إلى المغرب‪ ،‬ففارق وطنه ومن‬ ‫ومكب ًال باألغالل من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحب‪ .‬وفي هذا السياق يقول ّ‬ ‫‪2‬‬

‫درويش‪ ،‬محمود‪ ،‬لماذا تركت الحصان وحيدا‪ ،‬دار الرّيس للكتب والنشر‪ ،1995 ،‬ص‪.34-33‬‬ ‫‪721‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫ِ‬ ‫آه َّن‬ ‫لن للناس باألُجرة في‬ ‫َ‬ ‫أغمات فر ُ‬ ‫دخلت عليه بناتُهُ‬ ‫السجن في يوم عيد‪َ ،‬و ُك َّن –من بعد عّز‪ -‬يغز َ‬ ‫َ‬ ‫قلبه‪:1‬‬ ‫سيئة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في أطمار رثّة وحالة ّ‬ ‫فصدعن َ‬ ‫ــــــــت باألعيـ ِ‬ ‫ــــــــات مأســـــــــو ار‬ ‫ــــــــاد مســـــــــرو ار‬ ‫فســـــــــاء َك العيـ ُ‬ ‫ــــــــد فـــــــــي أغمـ َ‬ ‫فيمـــــــــا م ـــــــــى كنـ َ‬ ‫ِ‬ ‫يملكــــــــــــن ِقطميــــــــــــ ار‬ ‫للنــــــــــــاس‪ ،‬ال‬ ‫لن‬ ‫َ‬ ‫يغــــــــــــز َ‬ ‫أبصــــــــــــــــــــارُه َّن حســــــــــــــــــــير ٍ‬ ‫ات َمكاســــــــــــــــــــي ار‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ســــــــــــ ًكا َوكــــــــــــافو ار‬ ‫كأنهــــــــــــا لــــــــــــم تَ َ‬ ‫طــــــــــــأ م ْ‬

‫تـــــــــــرى ِ‬ ‫بناتـــــــــــ َك فـــــــــــي األطمـ ِ‬ ‫ــــــــــار جائعـــــــــــ ًة‬ ‫للتســــــــــــــليم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــــــــع ًة‬ ‫خاش‬ ‫نحــــــــــــــو َك‬ ‫ــــــــــــــرْز َن‬ ‫َب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـــــــــين واألقــــــــــدام ِ‬ ‫ـــــــــأن فــــــــــي الطّـ ِ‬ ‫حاف َيــــــــــ ٌة‬ ‫َي َ‬ ‫طـ َ‬ ‫ُ‬

‫فمشهد بناتِ ِه الحاضر بما يحم ُل من قهر َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ماض لَهُ َّن ُك َّن فيه‬ ‫حث ذاكرتَهُ على استدعاء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫عر ُي َع ُّد ترجمة‬ ‫ف ِش ًا‬ ‫المعتَ ِمد خلّ َ‬ ‫فإن بِ ُم ْكَنتنا القو ُل ّ‬ ‫يعشن حياةً رغدة ملؤها البهجةُ والسُّرور‪َ .‬وبِذا ّ‬ ‫َ‬ ‫إن ٌ‬ ‫أسى‪.‬‬ ‫ألما‬ ‫صادقة لحياته في السجن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وحنينا و ً‬ ‫يفيض حسرة و ً‬

‫ِّن في حفز ُّ‬ ‫الشعراء على وصف األمكنة‪ ،‬وكذا كان‬ ‫وقد كان‬ ‫دور َبي ٌ‬ ‫للتطور الحضار ّ‬ ‫ي ٌ‬ ‫ّ‬ ‫األندلس َّ‬ ‫نفسه‪ ،‬فمعالِ ُم المكان في ِشعر‬ ‫مرت بها‬ ‫للفتن والمحن و ّ‬ ‫ور ُ‬ ‫ُ‬ ‫الصراعات والنكبات التي ّ‬ ‫الد ُ‬ ‫الغناء التي مكث بين ربوعها‬ ‫المعتَ ِمد حين يذكر القصور التي شادها والحدائق ّ‬ ‫الحنين تتجلّى عند ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عندما كان مل ًكا يترّبع على عرشه في ٍ‬ ‫مترفة عاشها؛ يقول‪:1‬‬ ‫حياة زاهية‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــر‬ ‫سـريـ‬ ‫ــــــــــــــه ِم ْنـ‬ ‫ســـــــــــــــيبكي عليـ‬ ‫ــــــــــــــر‬ ‫ـــــــــــــب بــــــــــــــأر ِ المغـ‬ ‫غريـ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ـــــــــــــــبٌر َو َ‬ ‫ُ‬ ‫ـــــــــــــربين أسيــ ُ‬ ‫ـــــــــتأنس بـ ِ‬ ‫ـــــــــن والم ْلــــــــــ ُك مسـ ِ‬ ‫ـــــــــــور‬ ‫ــــــــــو َنفـ‬ ‫ــــــــــه اليـ‬ ‫ـــــــــه‬ ‫وأصـــــــــــب َ عنـ ُ‬ ‫ــــــــــوم وهـ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫م ــــــــــى زمـ ٌ ُ‬ ‫َ‬

‫ــــــــل أبيـــــــــتَ َّن ليلــــــــــ ًة‬ ‫ــــــــت ِشـــــــــعري هـ ْ‬ ‫فيـــــــــا ليـ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِبم ْن ِبتَـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العـــــــــــــــال‬ ‫الز‬ ‫ــــــــــــة ّ‬ ‫يتـــــــــــــون موروثـــــــــــــة ُ‬ ‫ُ‬ ‫الح َيـــــــــا‬ ‫الســـــــــامي الـــــــــذي جـ َ‬ ‫ــــــــادهُ َ‬ ‫بزاهرهـــــــــا ّ‬

‫ـــــــــــــدير‬ ‫أمــــــــــــــامي وخـــــــــــــــلفي رو ــــــــــــــ ٌة َو َغـ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــــــــــيور‬ ‫ــــــــــــــــر ُّن طُـ‬ ‫ــــــــــــــــان أو تَـ‬ ‫تُغ ّنــــــــــــــــي قيـ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫ُّ‬ ‫ــــــــــــــــشير‬ ‫نحونـــــــــــــــــا وُنـ‬ ‫تُشـ‬ ‫ـــــــــــــــير الثريــــــــــــــــا َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ــــــــــــور‬ ‫ــــــــــــب َغيـ‬ ‫الم ِحـ‬ ‫الصـ‬ ‫غيـ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ــــــــــــورْي ِن و َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ــــــــــــب ُ‬

‫ـــــــــــــد ســـــــــــــعوِد ِه‬ ‫وي ْل َحظُنـــــــــــــا ّ‬ ‫س ْـعـ ُ‬ ‫َ‬ ‫الزاهـــــــــــــي َو َ‬

‫والمعتَ ِمد‪ ،‬في نصه سالف ِّ‬ ‫أشجانه‪ ،‬وحملته‬ ‫تعبير صادقًا فهاجت‬ ‫ًا‬ ‫عبر عن نفسه‬ ‫ُ‬ ‫الذكر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ويتمنى لو أن يبيت ليلة في‬ ‫الزاهي‪ ،‬والثريا‪ ،‬والزاهر‪،‬‬ ‫الذكريات إلى وطنه‪ ،‬فأخذ يتذ ّكر‬ ‫قصوره‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫طبيعة الفاتنة‪ ،‬فحنينه هنا ليس إلى‬ ‫إشبيلية‪ -‬في أحضان الرياض والبساتين الخالّبة وال ّ‬ ‫وطنه ‪ّ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫الرائعة التي كان يعيش في ظلِّها وتحت كنفها ولكنه ُحرم منها‬ ‫قصور َح ْس ُ‬ ‫ب‪ ،‬واّنما إلى الطّبيعة ّ‬

‫ي عنها‪.‬‬ ‫بابتعاده القسر ّ‬

‫‪1‬‬ ‫عباد‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.101-100‬‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.99-98‬‬

‫‪722‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫أيضا‪:2‬‬ ‫ومن ذل َ‬ ‫ك قولُهُ ً‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫للـــــــــــــــن ْف ِ‬ ‫ــــــــــــــج ّي ِة فَ ْر َجـــــــــــــــ ًة‬ ‫شـ‬ ‫ؤمـــــــــــــــ ُل‬ ‫تُ ِّ‬ ‫س ال ّ‬ ‫لياليـــــــــ َك فـــــــــي زاهيـــــــــ َك أصـــــــــفى صـ ِ‬ ‫ــــــــح ْبتَها‬ ‫َ‬ ‫نعـــــــــــــــيم وبـــــــــــــــؤس‪ ،‬ذا لـــــــــــــــذل َك ِ‬ ‫ناســـــــــــــــ ٌخ‬ ‫ٌ َُ‬ ‫ٌ‬

‫ـــــــــــود ّإال تَ ِ‬ ‫ماديــــــــــــا‬ ‫السـ‬ ‫َوتَــــــــــــأبى ال ُخطـ‬ ‫ـــــــــــوب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كمــــــــــا صـ ِ‬ ‫اللياليــــــــــا‬ ‫ـــــــــح َب ْت قبــــــــــ ُل الملــــــــــو ُك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫األمانيــــــــــــــا‬ ‫ســــــــــــــ ُخ المنايــــــــــــــا‬ ‫َوَب ْعـ َ‬ ‫ـــــــــــــد ُهما َن ْ‬

‫وبين الفرح‪،‬‬ ‫أن ُ‬ ‫غير ّ‬ ‫الخطوب تأبى ذلك وتحو ُل بينه َ‬ ‫فهو ُي ّ‬ ‫ؤم ُل العودة إلى وطنه الغائب‪َ ،‬‬ ‫ٍ ِ​ِ‬ ‫تمي في أحضان قصره الزاهي‪ ،‬الذي كان له – َولِ َم ْن قبلَهُ ِم َن‬ ‫فيرضى حينئذ لنفسه ُ‬ ‫المتعبة أن تر َ‬ ‫فهمومهُ غلبت‬ ‫أيضا؛‬ ‫لكن ذلك لم َي ّ‬ ‫تأت له ً‬ ‫الملوك‪ -‬مح ًّال للراحة والطمأنينة والهدوء والسكينة‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قصرهُ الزاهي ّأولَهُما‬ ‫ماض وحاضر‪ ،‬مثَّ َل‬ ‫يعقد مقارنةً بين زمنين متناقضين‬ ‫مما جعلَهُ ُ‬ ‫ذكرياته‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫النعيم كما تَْن َس ُخ المنايا األماني‪.‬‬ ‫ؤس‬ ‫وكان‬ ‫ثانيهُما؛ إذ َن َس َخ ُ‬ ‫السجن َ‬ ‫ُ‬ ‫الب ُ‬ ‫َ‬ ‫النص ِّ‬ ‫متعددة‬ ‫ي بؤرة أنتجت‬ ‫المكان في‬ ‫َوبِذا فقد ش ّك َل‬ ‫وقيما تصويرّية ّ‬ ‫ُ‬ ‫الشعر ّ‬ ‫ّ‬ ‫معاني كثيرةً ً‬ ‫َ‬ ‫فضال عن‬ ‫عدة‪،‬‬ ‫يخية‬ ‫انتشرت على طول مساحته‪ ،‬ارتبط فيها‬ ‫ً‬ ‫وثقافية ّ‬ ‫ّ‬ ‫مع مستويات تار ّ‬ ‫ُ‬ ‫الشاعر َ‬

‫ارتباطه الرئيس بالمستوى العاطفي‪ ،‬الذي تجلّى على ٍ‬ ‫نحو واضح في اللهفة واالشتياق واألمل في‬ ‫ّ‬ ‫عودة الزمان ورجوع الذي كان‪.‬‬

‫أماكن‬ ‫ولم يقتصر المكان على تلك األمكنة التي أشرنا إليها‪ ،‬بل تجاوز ذلك إلى تذ ّكر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأيام شقيقه‬ ‫نكد‬ ‫أُخرى ال يبتعد البؤس والهَ ُّم عنها‪ ،‬ففي قرطبة ٌ‬ ‫أح َد أوالده‪ ،‬وتبعه ّ‬ ‫المعتَمد َ‬ ‫ٌ‬ ‫عظيم بفقد ُ‬ ‫همين؛ يقول‪:1‬‬ ‫اآلخر في ُرندة؛ ليصبح ُّ‬ ‫الهم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصـ ِ‬ ‫ـــــن ُع ْمــــــري‬ ‫ـــــــبر‬ ‫ســــــأبكي‪ ،‬وأبـــــــكي مــــــا تطـ َ‬ ‫ـــــاول مـ ْ‬ ‫ـــــــبرا‪ ،‬ال ســــــــبي َل إلــــــــى ّ‬ ‫يقولــــــــون صـ ً‬ ‫ــــــد الكواكـ ِ‬ ‫ــــــن ُخ ْبــ ِ‬ ‫ـــــــر‬ ‫شـــــــــقيقُ ُه‬ ‫هـــــــــوى الكوكبـــــــــان‪ :‬الفـــــــــتْ ُ ‪ ،‬ثُـ َّ‬ ‫ــــــــم َ‬ ‫ــــــب ِمـ ْ‬ ‫ــــــد‪ ،‬فـهــــــــل عنـ َ‬ ‫يزيـ ُ‬ ‫ــــــــــل ليلـ ٍ‬ ‫نـــــــــــرى ُزهـــــــــــرها فــــــــــي مـ ٍ‬ ‫ـــــــــأتم ُكـ َّ‬ ‫ـــــــــة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــت‬ ‫أم ْ‬ ‫ــــــدار ع ّنـــــــي ولـ ْ‬ ‫هـــــــوى بكمـــــــا الم ْقـ ُ‬ ‫ــــــم ُ‬

‫ــــــــد ِر‬ ‫البـ ْ‬ ‫تُ َخ َّمـ ُ‬ ‫ـــــــش لهفًـــــــــا وســـــــــطَ ُه صــــــــفح ُة َ‬ ‫ــــــد ِر‬ ‫ت إلــــــــى ال َغـ ْ‬ ‫ـــــــص ُ‬ ‫وأُدعـــــــى وف نيـــــــا! قـــــــد َن َكـ ْ‬ ‫ولــــــــــم تلبـ ِ‬ ‫ـــــــــد ِري‬ ‫رت قَـ ْ‬ ‫صـــــــــ ّغ ْ‬ ‫ــــــــام ْ‬ ‫ــــــــّ ّ‬ ‫أن َ‬ ‫األيـ ُ‬ ‫األس ِ‬ ‫ـــــــــــــر‬ ‫ماني فـــــــــــي ْ‬ ‫إذا أنـتــــــــــــما ْأب َ‬ ‫صـ ْ‬ ‫ــــــــــرتُ َ‬

‫ــــــــــــــن بعـ‬ ‫ُّ‬ ‫السـ‬ ‫تـولّـيـتــــــــــــــــما و ِّ‬ ‫ـــــــــــــــد صـــــــــــــــغيرةٌ‬ ‫ُ‬

‫ــــــوَد فــــــي الثّــــــرى‬ ‫فلــــــو ُعــــــدتُما ْ‬ ‫العـ ْ‬ ‫الختَْرتُمــــــا َ‬

‫ِ‬ ‫وسماها "حمص" كما كانت‬ ‫الوطن‬ ‫أما‬ ‫إشبيليةُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫غير ّ‬ ‫مرة واحدة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المعتَمد َ‬ ‫ُ‬ ‫األكبر فلم يذكرها ُ‬ ‫‪2‬‬ ‫تقليدا وتشبُّهًا ببالد المشرق‪ ،‬وقد اقترن ذكرها بالموت؛ يقول ‪:‬‬ ‫تسمى ً‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫عباد‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.117‬‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.106-105‬‬

‫‪723‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫هنالِــــــــــــــــ َك م ّنــــــــــــــــا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــــور‬ ‫ـــــــــــــــــشور قُـبـ‬ ‫للن‬ ‫ُ‬

‫الحمـــــــام وب ِ‬ ‫ق ـــــــى ا فـــــــي ِحمـــــــص ِ‬ ‫ــــــرت‬ ‫عثـ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫إنسانية تبكي‬ ‫شخوصا‬ ‫ب‪ ،‬بل كان‬ ‫ّ‬ ‫المعتَمد في القصور ال ّشاهقة َح ْس ُ‬ ‫ً‬ ‫فلم يكن المكان عند ُ‬ ‫أهلها البعيدين عنها وتندب ّأيامهم المنصرمة‪.‬‬

‫انتقالية أولى لإلنسان شغلت ذهنه وش ّكلت له حقيقة مرعبة‪ ،‬وكان‬ ‫القبر مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولما كان ُ‬ ‫تجربة موت األهل و ِ‬ ‫كثير ِم َن ُّ‬ ‫الشعراء قد عاشوا ِ‬ ‫القبر بأبعاده واتّسع في‬ ‫فقد‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫األحبة فقد ضاق عليهم ُ‬ ‫َ‬ ‫هيجهم ُم َش ِّك ًال‬ ‫طا بأحاسيسهم‬ ‫مستوعبا‬ ‫نصوصهم‬ ‫مشاعرهم ومحي ً‬ ‫ومعب ًار عن وجدانهم‪ ،‬حتى إنه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫باعثًا لتجاربهم الشعرّية‪.‬‬ ‫لتوهج‬ ‫مكاني يفصل بين طرفين‬ ‫حيٌز‬ ‫ٌّ‬ ‫داخلي وخار ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫جي يجتمعان في لحظة ِم َن ا ّ‬ ‫القبر ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫النص ِّ‬ ‫منتشر ِ‬ ‫ينفتح على‬ ‫ي‪ ،‬الذي‬ ‫مكانهُما‬ ‫ُّ‬ ‫ثم يتجاوزان َ‬ ‫ُ‬ ‫أوس َع محلهُ‬ ‫الشعر ّ‬ ‫ين في فضاء َ‬ ‫َ‬ ‫العاطفي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وقوف ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الشعراء على قبر يرثون‬ ‫اإلشبيلي‬ ‫عر‬ ‫الش‬ ‫في‬ ‫ذلك‬ ‫اهد‬ ‫و‬ ‫ش‬ ‫ومن‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫كثي‬ ‫ودالالت‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫كبي‬ ‫معان‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الصدر‪ ،‬وهو‬ ‫ك‬ ‫صاحبه‪ ،‬ومن‬ ‫المعتَ ِم ُد مل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إشبيلية؛ فقبره مو ِج ُد التّحنان‪ ،‬وموقظ لواعج ّ‬ ‫صاحبه؟ ّإنه ُ‬ ‫اني (ت ‪507‬ه) يتّخذ‬ ‫يستثير‬ ‫فابن اللّبانة ّ‬ ‫مشاعر التَّذ ّكر وال ّشوق لأليام التي كانوا يقضونها‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الد ّ‬

‫حصينا؛ يقول‪:1‬‬ ‫حصنا‬ ‫الملك الذي تهاوى بعدما كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مكانا ُي ّ‬ ‫منه ً‬ ‫عبر له عن ذلك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــق ـ ِ‬ ‫ـــــــــــــــــــــاد‬ ‫صـ‬ ‫ــــــــــاح ٌك‬ ‫ـــــــــك‬ ‫ُمـتَ َهلّــــــــــــــــــــــ ُل َّ‬ ‫َعهـــــــــدي ِب ُم ْل ِكـ َ‬ ‫وهـــــــــو طَ ْلـ ٌ‬ ‫الصـــــــــــــــــــــفحات للـقُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫شــــــــــم ُل الم ْجـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ــــــــــــــذاد و َّ‬ ‫ــــــــــذاد‬ ‫ـــــــــر مـ‬ ‫النـــــــــــــــدى‬ ‫ـــــــــــــمل ِمـ‬ ‫والمــــــــــــــا ُل ذو شـ‬ ‫ـــــــــد ْ‬ ‫غيـ ُ‬ ‫َي ْهمــــــــــي و َ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــــــاد‬ ‫األجنـ‬ ‫الرؤسـ‬ ‫ق كـتائـ‬ ‫ـــــــــــــــــــب ُّ‬ ‫َ‬ ‫ــــــــــــــــــاء و ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ــــــــــــــــالد‬ ‫ـــــــــــــــت وِبـــ‬ ‫ــــــــــــــــد أذع َنـ‬ ‫ــــــــــــــــك قـ‬ ‫بممالـ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ــــــــــــو‬ ‫تخفـــــــــــق حولَـــــــــــ َك‬ ‫ـــــــــــام‬ ‫ّأي‬ ‫ُ‬ ‫الــــــــــــر ُ‬ ‫ايات فَـ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ـــــــــــــــان ُم ِّ‬ ‫ـــــــــــــــر‬ ‫بشـ‬ ‫الزمـ‬ ‫ــــــــــــــر َك و ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ــــــــــــــر أمـ ُ‬ ‫واألمـ ُ‬

‫ارس تنحــــــــــــــني‬ ‫والخيـــــــــــــ ُل تَ ْمـ‬ ‫ُ‬ ‫ــــــــــــرح والفـــــــــــــو ُ‬ ‫ظـ‬ ‫هر أ ْ‬ ‫حتّــــــــــى إذا مــــــــــا الـ ّ‬ ‫ــــــــــهر ِح ْقـ َ‬ ‫ــــــــــدهُ‬ ‫َ‬ ‫ـــــــــد ُ‬

‫ِ‬ ‫الصــــــــــــــــو ِ‬ ‫ـــــــــــــــاد‬ ‫الم ّيـ‬ ‫بـ‬ ‫َ‬ ‫ــــــــــــــين ّ‬ ‫ارم والقَـنــــــــــــــــا َ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــــــــاد‬ ‫أحـقــ‬ ‫الدهـ‬ ‫وّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــر ل حـــــــــــــــــــــر ِار ذو ْ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫فالع َنــــــــــــــــا‬ ‫ـــــــــــــت ّأي‬ ‫واذا انق ـ‬ ‫ْ‬ ‫ــــــــــــــام ُم ْلــــــــــــــك َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــداد‬ ‫ـــــــــــــــار وا عــ‬ ‫ـــــــــــــــة ا كـثـ‬ ‫فـــــــــــــــي غايـ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــــــــــاد‬ ‫ـــــــــــــــقبان واآلســ‬ ‫العـ‬ ‫ــــــــــــــت ِمـ‬ ‫ُملئـ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ـــــــــــــــن ُ‬ ‫ــــــــــل ِعـمــ ِ‬ ‫ــــــــــول الم ْلـ ِ‬ ‫ــــــــــك كـ ُّ‬ ‫وانهـ َّ‬ ‫ـــــــــــاد‬ ‫ـــــــــــد حـ‬ ‫َ ُ‬

‫ــــــــــــــت بأيديــــــــــــــــها معاقلُــــــــــــــــ َك الـــــــــــــــــتي‬ ‫ألقَـ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ــــــــــــــــة‬ ‫ـــــــــــــــل رئــاسـ‬ ‫ـــــــــــــــان ُكـ‬ ‫ـــــــــــــــدمت أركـ‬ ‫وتهـ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫بحيث تبدو أسيرةً لخصائص المكان‪ /‬القبر‬ ‫النص‬ ‫إذ نلحظ صورة األلم منبعثةً من عمق‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّد سلطة‬ ‫المشاعر و‬ ‫َو ِسماته‪ ،‬فتظهر‬ ‫األحاسيس غارقةً في بحر الحزن تعاني م اررةَ األسى‪ ،‬كما تجس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪2‬‬ ‫عباد‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.99‬‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫ابن اللّبانة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.202-201‬‬ ‫ُ‬

‫‪724‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫المكان‪ /‬القبر لدى الشاعر بترميزها وداللتها ظاهرةَ انثياله العاطفي وفيضه ُّ‬ ‫ي؛ إذ يدخل‬ ‫الشعور ّ‬ ‫ّ‬ ‫يؤدي إلى انشطار ذات الشاعر‬ ‫فاعال في‬ ‫عنصر‬ ‫ًا‬ ‫الحزن‬ ‫ً‬ ‫مما ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫النص بين األنا واآلخر‪ /‬القبر‪ّ ،‬‬

‫النص متح ّك ًما فيه‪.‬‬ ‫منا على‬ ‫اآلخ ُر المر ُّ‬ ‫وتشظّيها‪ ،‬فيصبح َ‬ ‫ثي مهي ً‬ ‫ّ‬ ‫النص؛ إذ هي تسعى‬ ‫داخل‬ ‫التنوعُ في الخطاب حيرة لدى الشاعر في تمظهرها‬ ‫ويخلق ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫نحو يشي بقدر ٍ‬ ‫إلى إظهار مقدار فيضها العاطفي وانثيالها ُّ‬ ‫ي على ٍ‬ ‫عال ِم َن االنتماء إلى‬ ‫الشعور ّ‬ ‫ّ‬ ‫مع الذات‪.‬‬ ‫سردي ش ّكلت فيه البؤرة‬ ‫اآلخر‪ ،‬في مشهد‬ ‫القبر م َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المكانية‪ُ /‬‬ ‫ركز اتصال وتفاعل َ‬ ‫ِّ ُّ‬ ‫ولو أنعمنا َّ‬ ‫اكيب تتالقح في ما بينها على‬ ‫النظر في معجم‬ ‫غوي لوجدنا ألفاظًا وتر َ‬ ‫النص الل ّ‬ ‫مستوى الوصف وعلى صعيد َّ‬ ‫المكاني‬ ‫داخل إطار القبر‬ ‫مشهدها‬ ‫الداللة لتنتج صورة ِشعرّية يستقيم‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫النص الماضية (أذعن‪،‬‬ ‫لوجداني‪ .‬كما أسهمت أفعا ُل‬ ‫العمق ا‬ ‫ّ‬ ‫مما أفرز آهات موغلةً في ُ‬ ‫وطبيعته‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫فضال عن صوره‬ ‫انهد) والمضارعة (يهمي‪ ،‬وتخفق‪ ،‬وتمرح‪ ،‬وتنحني)‪،‬‬ ‫وأظهر‪ ،‬وألقى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وتهدم‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫حيث يتمظهر الجانب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫سي‬ ‫سي و‬ ‫الشعرّية في خلق مسار‬ ‫الح ُّ‬ ‫نصي يشتر ُ‬ ‫المعنوي؛ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ك فيه الجانبان الح ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعنوي ذهنيًّا ِم َن‬ ‫الجانب‬ ‫ك‬ ‫حين يرنو‬ ‫ُّ‬ ‫در ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشاعر بعينه إلى المتلقّي ليجع َل منه مشارًكا وجدانيًّا‪َ ،‬وُي َ‬ ‫ُ‬ ‫التالقح َّ‬ ‫مما نجم عنه ُّ‬ ‫ي ظهر جليًّا في‬ ‫اللي بين مضمون األفعال والفضاء‬ ‫تأزٌم ُشعور ٌّ‬ ‫الد ِّ‬ ‫النصي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫العاطفية‪.‬‬ ‫النص‬ ‫حبكة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقتصر على الوطن‬ ‫ًا‬ ‫إشبيلية زمن ملوك الطّوائف‬ ‫حنين ُشعراء األندلس في‬ ‫ولم يكن‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ب‪ ،‬بل َّ‬ ‫أحد هؤالء‬ ‫ًا‬ ‫حن بعضهم إلى زوجته‪،‬‬ ‫عباد ُ‬ ‫فالمعتَ ِمد ابن ّ‬ ‫َح ْس ُ‬ ‫مستذكر ّأيامه الجميلة َم َعها‪ُ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫بعيدا عن‬ ‫المكان الذي أطال فيه‬ ‫الشعراء الذين برز المكان جليًّا في حنينهم‪ ،‬فحين يسأ ُل‬ ‫َ‬ ‫المكث ً‬ ‫َ‬

‫زوجته "اعتماد‬ ‫طول بقائه فيه‪ ،‬واصفًا ّإياهُ وقد حا َل بينه وبينها‪َ ،‬و ُمجرًيا موازنةً‬ ‫البرمكية" تراهُ يشكو َ‬ ‫ّ‬ ‫الزوجة‬ ‫بين مكانين‪ :‬سجنه في أغمات وأثره فيه وفي تأجيج مشاعر الحنين‪ ،‬ودار المحبوبة و ّ‬

‫ٍ‬ ‫فدار تقيم فيها‬ ‫دار للنوى والفراق‪ ،‬وهو‬ ‫أما دار المحبوبة ٌ‬ ‫"اعتماد"؛ فالسجن ٌ‬ ‫المكث فيه‪ّ ،‬‬ ‫قاض بطول َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫بيان مكانة زوجته الرفيعة في قلبه‪ ،‬يقول ‪:‬‬ ‫المعتَم ُد َ‬ ‫زوجته التي وصفها بالهيفاء والغيداء‪ ،‬ويتابع ُ‬ ‫ــــــــف أغيـ ِ‬ ‫وكـــــــــم ع ِ‬ ‫ـــــــــك تلـ ُّ‬ ‫ـــــــــال فيـ ِ‬ ‫ــــــــن ِ‬ ‫ـــــــــد‬ ‫ـــــــــذذي‬ ‫ــــــــــم طـ َ‬ ‫دار أهيـ َ‬ ‫قتنـــــــــي عـ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫أدار الهــــــــــوى كـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ــــــــرِد‬ ‫ُكمــــــــاةُ األعــــــــادي فــــــــي ال ّن‬ ‫ـــــــــه‬ ‫ِ‬ ‫سـ َّ‬ ‫ــــــــت بـــــــــه لـــــــــو قَـ ْ‬ ‫ــــــــر َ دوَنـ ُ‬ ‫َحلَ ْفـ ُ‬ ‫الم َ‬ ‫ـــــــــد تعـ ّ‬ ‫ســــــــيج ُ‬ ‫ـهـ َّ‬ ‫ــــــــــن ِد‬ ‫ـــــــــل َحـ ِّ‬ ‫وع ْزًمــــــــــا ِمثْـ َ‬ ‫ُمــــــــــرادي‪َ ،‬‬ ‫الم َ‬ ‫ـــــــــد ُ‬ ‫ــــــــــن فــــــــــؤ ِاد مح َّـم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َم َحـ َّ‬ ‫ـــــــــــد‬ ‫ـــــــــل‬ ‫ماعتمــــــــــادم ِم ْ‬ ‫َُ‬

‫ــــــــــــرب المه َّن ِ‬ ‫ــــــــــــد فانق ــــــــــــى‬ ‫ت لل ّ‬ ‫ـــــــــــرْد ُ‬ ‫ِ َُ‬ ‫لَ َجـ ّ‬ ‫ـــــــــن فُــــــــــؤ ِاد خليلِـ ِ‬ ‫فمــــــــــــا َحـ َّ‬ ‫ـــــــــه‬ ‫ـــــــــل ِخـــــــــــ تل ِمـ ْ‬

‫ـــــــل‪ ،‬وتَرِمــــــــي ِبــــــــال يـ ِ‬ ‫صــــــــمي ِبــــــــال قَ ْتـ ٍ‬ ‫ــــــــد‬ ‫َ‬ ‫وتُ ْ‬ ‫ْ‬

‫َّ‬ ‫ـــــــــــبا‬ ‫ـــــــــــكنها األقـ‬ ‫ولــ‬ ‫ــــــــــرِدي ِبـــــــــــال ظُـ ً‬ ‫ــــــــــدار تُـ ْ‬ ‫ُ‬

‫‪1‬‬ ‫عباد‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.10-9‬‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫ُ‬

‫‪725‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫يحن إلى محبوبته "وّالدة" التي أخذت منه َّ‬ ‫كل مشاعره وأحاسيسه‪،‬‬ ‫وها هو ذا ابن زيدون ّ‬ ‫معا في عش ٍ‬ ‫ق وائتالف؛‬ ‫ًا‬ ‫وفيةً على العهد‪،‬‬ ‫يسألها أن تبقى ّ‬ ‫امهُ الجميلة التي قضياها ً‬ ‫مستذكر ّأي َ‬

‫يقول‪:2‬‬

‫ق بـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اســـــ ِ‬ ‫ي البـــــر ِ‬ ‫ــــه‬ ‫ــــر و ْ‬ ‫ق غـــــاد القَ ْ‬ ‫يـــــا ســـــار َ‬ ‫صـ َ‬ ‫ـــــــــــرنا‬ ‫اســــــــــأ َْل‬ ‫هنالــــــــــك َه ْ‬ ‫َ‬ ‫و ْ‬ ‫ـــــــــــل َعـــــــــــ ّنى تَـ َذ ُّك ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ـــــــــــــــك كـ‬ ‫ـــــــــــــــب ُملـ‬ ‫ربـيـ‬ ‫ـــــــــــــــأن ا َ أ ْنـ َ‬ ‫ّ‬ ‫شــــــــــــــــأَهُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫َنـــــــــــــأْسى علَ ْيـ ِ‬ ‫ـــــــــــع ًة‬ ‫ـــــــــــك إذا ُحـثّـ‬ ‫َ‬ ‫ــــــــــــت َمش ْعشـ َ‬

‫شـ ِ‬ ‫ـــــــــؤ ِ‬ ‫ــــــــمائلِنا‬ ‫س الـ ّا‬ ‫ــــــــن َ‬ ‫ال أ ْك ُ‬ ‫ـــــــــر ِح تُْبـــــــــدي ِمـ ْ‬ ‫ِ‬ ‫العهـ ِـد‬ ‫العهــد _مــا ُدمنــا_ ُمحافظ ـ ًة ْ‬ ‫دومــي علــى ْ‬ ‫_مـــــــــــــــــــــــــــا ُدمنـــــــــــــــــــــــــــا_ ُمحافظـــــــــــــــــــــــــــ ًة‬

‫ـــــن كـ َ ِ‬ ‫س ِقينـــــــا‬ ‫ـــــر َ‬ ‫َمـ ْ‬ ‫ـــــوَّد َي ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ـــــوى والـ ُ‬ ‫الهـ َ‬ ‫ـــــان صـ ْ‬ ‫أمــــــــــــــــسى ُي َـعـــــــــــــــــ ّنينا‬ ‫إ ْلـفًــــــــــــــــا‪ ،‬تَـ َذ ّكــــــــــــــــُ​ُرهُ ْ‬

‫ــــــــوَرى ِطــــــــــينا‬ ‫ِمسكــــــــــًا‪ ،‬وقّـ ّ‬ ‫ــــــــاء الـ َ‬ ‫ـــــــــد َر إنشـ َ‬ ‫فينــــــــــــــا الشـَّمـــــــــــــــو ُل وغ ّنانـــــــــــــــا ُمـ َغ ّنيـــــــــــــــنا‬ ‫األوتــــــــــــار تُ ْلهينــــــــــــا‬ ‫ــــــــــيما ْارِتــــــــــــيا ٍح‪ ،‬وال‬ ‫ِسـ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫دان إنــــــــــصافًا كمـــــــــا ِدينـــــــــا‬ ‫فالـحـ ُّ‬ ‫ـــــــــر َمـ ْ‬ ‫ــــــــن َ‬ ‫ُ‬

‫أجمل اللّحظات من‬ ‫مع والّدة‬ ‫َ‬ ‫إذ كشف ُ‬ ‫ابن زيدون عن أثر المكان الذي كان يقضي فيه َ‬ ‫ٍ‬ ‫وتغير بتغيُّر األحوال بعد رحيل المحبوبة عنه؛ فلم تَ ُعد‬ ‫تحول ّ‬ ‫لهو وشرب للخمر‪ّ ،‬‬ ‫ولكن هذا المكان ّ‬ ‫النشوة كما كان‪ ،‬وح ّل الحزن ًّ‬ ‫عظيما‬ ‫محال‬ ‫الراحة و ّ‬ ‫له ل ّذته‪ ،‬ولم تَ ُعد أكؤس الخمر تُظ ِه ُر عالمات ّ‬ ‫ً‬

‫أثر المكان جليًّا حينما يصبح غر ًيبا على ابن زيدون فال تزيده الغربة ّإال حزًنا‬ ‫في نفسه‪ ،‬ويبدو ُ‬ ‫غير الخمر التي كانا‬ ‫أسى على ما فات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫غير المكان الذي كانا فيه ً‬ ‫وً‬ ‫الخمر ُ‬ ‫معا‪ ،‬و ُ‬ ‫فالمكان ُ‬

‫معالمها الجميلة باختفاء مصدر جمالها‪.‬‬ ‫ومجالس اللّهو بادت واختفت‬ ‫معا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يتساقيانها ً‬ ‫ُ‬ ‫أن المكان أصبحت له َمهَ ّمةٌ ِشعرّيةٌ تاتّت من طول عالقة‬ ‫بناء على ما َسلَف‪ ،‬نلحظ ّ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫متعددةٌ نابعةٌ م َن استحضاره واقعيًّا وخياليًّا حين يعب ُِّر عنه من‬ ‫الشاعر به‪ ،‬كما أصبحت له‬ ‫ٌ‬ ‫أبعاد ّ‬

‫مخيلته ِّ‬ ‫ًا‬ ‫الحقيقي َم َعه‪ ،‬أو يسبح فيه ُم‬ ‫خالل تعايشه‬ ‫ستحضر ّإياهُ في ّ‬ ‫إنتاجهُ‬ ‫الشعرّية‪ ،‬وهو بذلك ُيعيد َ‬ ‫ّ‬ ‫إنسانيته‪ ،‬مازًجا الواقع بالخيال‪ ،‬وموظّفًا‬ ‫من خالل ما َع َرفَهُ عنه وما استوحاهُ منه وما يمنحه من‬ ‫ّ‬ ‫وعيهُ ِّ‬ ‫النص‪.‬‬ ‫جميعها في ِشعرّية‬ ‫فنية تسهم‬ ‫ي في بناء َدالالت‬ ‫الشعر َّ‬ ‫إبداعية ورموز ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫نصه ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المعبر عن المكان؛ إذ‬ ‫ي‬ ‫فالمكان‬ ‫َوبِذا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشعر ّ‬ ‫منطلق الشاعر ومنتهاهُ في تشكيل ّ‬

‫"العالقة بين ِّ‬ ‫ص ُّ‬ ‫الشاعر على‬ ‫ب‬ ‫الشعر والمكان عميقةُ الجذور‬ ‫ّ‬ ‫متشعبة األبعاد‪ ،‬ومن خاللها قد َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫أص ّم إلى شاهد على‬ ‫طابعا‬ ‫مكان ما‬ ‫ًّ‬ ‫فيحوله من مسكن َخ ِر ٍب إلى طلل مثير‪ ،‬ومن حجر َ‬ ‫ً‬ ‫خاصا ّ‬ ‫لحظات مجد أو وجد"‪.1‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن زيدون‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.11-10‬‬

‫درويش‪ ،‬أحمد‪ ،‬في نقد ِّ‬ ‫الشعر‪ :‬الكلمة والمجهر‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪.84‬‬ ‫‪726‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫ِ‬ ‫الفنية‬ ‫اء‬ ‫عبر مقارباتها ّ‬ ‫ّ‬ ‫وعليه‪ ،‬فقد أبدع ُشعر ُ‬ ‫إشبيليةَ في رسم نصوص شعرّية أظهرت َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫تجليات المكان على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ين في‬ ‫التجربة المعيشة والنظرة‬ ‫نحو متباين تمثّلت فيه‬ ‫اإلبداعية َجليًّا‪ ،‬متجاوز َ‬ ‫النصوص المعاني الظاهرة إلى َّ‬ ‫ِ‬ ‫بعض تلك ُّ‬ ‫المكان المرسومةَ إلى‬ ‫أبعاد‬ ‫ين‬ ‫َ‬ ‫الدالالت العميقة‪ ،‬ومتخطّ َ‬ ‫َ‬ ‫النص؛ َوبِذا فقد خرجوا من‬ ‫أُخرى ُشعورّي ٍة تولّدت من أثَر ذلك المكان الموصوف لحظة إنتاج‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫المادة‪،‬‬ ‫حضور تجاوزوا فيه حدود‬ ‫ًا‬ ‫محققين‬ ‫داللي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الهندسي إلى‬ ‫فضائهم‬ ‫آخ َر ُشعور ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫فضاء َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫خاصة‪.‬‬ ‫رموز‬ ‫طياتها ًا‬ ‫فنيةً تحم ُل في ّ‬ ‫ومنتجين بًِنى ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫خاتمة‬ ‫وبعد‪،‬‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫توصلت ّ‬ ‫فقد ّ‬ ‫الدراسة في هذا التّجوال في فضاءات المكان إلى طائفة من النتائج‪ّ ،‬‬ ‫سيما ِّ‬ ‫النقاد‬ ‫الشعر؛ إذ لحظ‬ ‫حضور‬ ‫ًا‬ ‫المكان‬ ‫سجل‬ ‫‪.1‬‬ ‫ُ‬ ‫بي‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫بصمتَهُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ملموسا في األدب العر ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫في ِّ‬ ‫افر من‬ ‫تبوأت تَقَنِّياتُهُ وآلياتُهُ مساحة واسعة ونالت قسطًا و ًا‬ ‫النتاجات الشعرّية منذ القدم‪ ،‬وقد ّ‬ ‫الفني‪.‬‬ ‫النقدية واهتمامها على المستويين‬ ‫عناية الدراسات‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫الفلسفي و ّ‬ ‫الهندسية‬ ‫إبداعية‪ ،‬فهو يحيط بالمبدع بأبعاده‬ ‫أفعاال‬ ‫صِف ِه باعثًا نفسيًّا‬ ‫عكس‬ ‫‪.2‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المكان بِ َو ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويحيط به المبدعُ بإدراكه ووعيه؛ لِذا فإن ِ‬ ‫باد ٌل بينهما‪ٌّ ،‬‬ ‫فكل منهما يوجد في اآلخر ويحتويه‬ ‫الفعل ُمتَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫انعكاسا لآلخر ومرتبطًا به وداال عليه‪.‬‬ ‫أحد ُهما‬ ‫حتى يبدو ُ‬ ‫ً‬ ‫أن حضور المكان في المنجز ِّ‬ ‫ي‬ ‫‪.3‬‬ ‫المخصوصةُ‬ ‫حضور َخ ّال ٌ‬ ‫ّ‬ ‫افعهُ‬ ‫تبين ّ‬ ‫الشعر ّ‬ ‫َ‬ ‫ق له دو ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وبو ِ‬ ‫رسمها المبدع؛‬ ‫اعثُهُ المقصودةُ التي‬ ‫َ‬ ‫الجديد بعد أن خضعت عواطفُهُ‬ ‫لتصبح عالَ َمهُ‬ ‫َ‬ ‫يحكم َ‬ ‫ُ‬ ‫ومشاعرهُ لحظة اإلبداع لسطوة المكان و ُسلطتِ ِه َّ‬ ‫اللية‪.‬‬ ‫الد ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬

‫النصوص ِّ‬ ‫تباين األمكنة في ُّ‬ ‫تبعا لذلك‬ ‫ّأدى‬ ‫ُ‬ ‫الشعرّية إلى تباين أثرها َوَداللتها‪ ،‬واختلفت ً‬ ‫أساليبها‪.‬‬ ‫وتنوعت‬ ‫ُ‬ ‫ألفاظُها ّ‬ ‫الدفق ُّ‬ ‫ي‪ ،‬كما تناغم‬ ‫مع درجة االنثيال‬ ‫النص‬ ‫بناء‬ ‫ِّ‬ ‫العاطفي و ّ‬ ‫َ‬ ‫الشعور ّ‬ ‫ّ‬ ‫تناسب ُ‬ ‫المكاني فنيًّا َ‬ ‫ّ‬ ‫التجربة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫انعكاسا للمكان وأصبح تدريجيًّا ممثّ ًال‬ ‫فشيئا‬ ‫خصوصية‬ ‫مع‬ ‫شيئا ً‬ ‫الشعرّية حتى بات المبدعُ ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫لصفاته‪.‬‬ ‫مؤج ًجا للمشاعر‬ ‫إشبيلية‪ ،‬بوصفه ًا‬ ‫بارز في ِشعر الحنين في‬ ‫كان حضور المكان ًا‬ ‫أثر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصدر من أحاسيس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عما يختلج في ّ‬ ‫الحنينية‪ ،‬وكاشفًا ّ‬ ‫الوطن األ َُّم بما فيه من َدالالت‬ ‫إشبيلية‪ ،‬فكان‬ ‫تنوعت صور المكان في ِشعر الحنين في‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مكانا ِّ‬ ‫األحبة‬ ‫مكان موت‬ ‫أثر بعد عين‪ ،‬وكان‬ ‫للعز والجاه فأمسى ًا‬ ‫وذكريات‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬ ‫القصر الذي كان ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪727‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫األحبة والعاشقين بما فيه ِم ْن‬ ‫مكان لقاء‬ ‫ثور مشاعر األلم والحنين إليهم‪ ،‬وكان‬ ‫األعزاء الذي ِّ‬ ‫و ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫آ ٍ‬ ‫هات وحنين‪.‬‬ ‫عبر عن‬ ‫تميز ِشعر الحنين في‬ ‫‪.8‬‬ ‫وقوتها؛ فقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إشبيليةَ َ‬ ‫زمن ملوك الطّوائف بصدق العاطفة ّ‬ ‫عر مؤثًِّار‬ ‫مشاعر اإلنسان تجاه بلده وعن الهموم واألحزان التي يعانيها ِم ْن أثر غربته؛ لذا جاء ِش ًا‬ ‫النفس عالقًا في القلب‪.‬‬ ‫في ّ‬ ‫نظر إلى طبيعته‪ ،‬وجاءت معانيه‬ ‫إشبيليةَ بسهولة األلفاظ ورقّتها؛ ًا‬ ‫امتاز ِشعر الحنين في‬ ‫‪.9‬‬ ‫ّ‬ ‫واضحةً بعيدة عن التّعقيد والغريب‪.‬‬ ‫البديعية باستثناء بعض النماذج القليلة؛‬ ‫المحسنات‬ ‫إشبيليةَ يخلو من‬ ‫‪ .10‬يكاد ِشعر الحنين في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وذلك لعدم التل ّذذ في التعبير عن الغربة والحنين‪.‬‬ ‫‪ .11‬مزج ُّ‬ ‫اء األشبيليون بين الحنين والطبيعة في شعرهم؛ إذ أشركوا الطبيعة َم َعهم في‬ ‫الشعر ُ‬ ‫كل شيء جميل فيها‪.‬‬ ‫وتشوقوا إلى ّ‬ ‫الحنين‪ّ ،‬‬ ‫إشبيليةَ كما يأتي‪:‬‬ ‫‪ .12‬ظهرت َدالالت المكان في ِشعر الحنين في‬ ‫ّ‬

‫الغلبة؛ نتيجة ُّ‬ ‫عباد‪.‬‬ ‫تبدل صروف ّ‬ ‫السيادة و َ‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫ّأوالً‪ :‬فقدان ّ‬ ‫الدهر‪ ،‬وظهر ذلك جليًّا عند ُ‬ ‫ثانيا‪ :‬الكشف عن صورة المجتمع اإلشبيلي وما يعيشه من ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ونعيم بالِ َغ ْين‪.‬‬ ‫ترف‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫بالدولة إلى‬ ‫تردي الحالة‬ ‫مما حدا ّ‬ ‫ثالثًا‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫السياسية‪ ،‬وولوج بعض المفسدين إلى قصور الملوك؛ ّ‬ ‫السقوط في الهاوية‪ ،‬وتوالي الهزائم عليها‪.‬‬

‫ابعـا‪ :‬حرص ملوك الطّوائف على رعاية األدب واألدباء‪ ،‬ومن بينهم ُّ‬ ‫إن وجود شاعر‬ ‫الشعراء‪ ،‬بل ّ‬ ‫رً‬ ‫ٍ‬ ‫عباد زاد من رفعة مكانة ِّ‬ ‫الشعر آنذاك‪.‬‬ ‫كالمعتَ ِمد بن ّ‬ ‫ملك ُ‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫محمد بن عبداهلل بن أحمد‪( ،‬ت ‪250‬ه)‪ ،‬أخبار م ّك َة وما جاء فيها ِم َن اآلثار‪،‬‬ ‫‪ -1‬األزرقي‪ ،‬أبو الوليد ّ‬ ‫تحقيق عبدالملك عبداهلل دهيش‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة األسدي‪( ،‬د‪.‬م)‪.‬‬ ‫‪ -2‬باشالر‪ ،‬جاستون‪ ،‬جماليات المكان‪ ،‬ترجمة غالب هلسا‪ ،‬و ازرة الثقافة واإلعالم‪ ،‬دار الجاحظ‬ ‫للنشر‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪.1980 ،1‬‬

‫عبدالرحمن‪ ،‬مدخل جديد إلى الفلسفة‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬ط‪ ،1‬الكويت‪.1975 ،‬‬ ‫‪ -3‬بدوي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األندلسي‪( ،‬ت ‪507‬ه)‪ ،‬الديوان‪ ،‬تحقيق منجد‬ ‫اني‬ ‫اللبانة ّ‬ ‫محمد بن عيسى ابن ّ‬ ‫‪ -4‬أبو بكر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الد ّ‬

‫العالمية بماليزيا‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬ ‫اإلسالمية‬ ‫مصطفى بهجت‪ ،‬مركز البحوث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سالم (ت ‪231‬هـ)‪ ،‬طبقات فحول ُّ‬ ‫محمد شاكر‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪-5‬‬ ‫محمد بن ّ‬ ‫الشعراء‪ ،‬شرحه محمود ّ‬ ‫الجمحي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المدني‪ ،‬القاهرة‪.1980 ،‬‬ ‫‪728‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732‬‬

‫‪ -6‬أبو الحسين‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي‪( ،‬ت ‪395‬ه)‪ ،‬مقاييس اللُّغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬ ‫السالم هارون‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬د‪.‬ط)‪.1979 ،‬‬ ‫عرية المكان في الرواية الجديدة‪ ،‬كتاب الرياض‪ ،‬العدد‪،83 :‬‬ ‫‪ -7‬حسين‪ ،‬خالد حسين‪ِ ،‬ش ّ‬ ‫الصحفية‪ ،‬الرياض‪.‬‬ ‫أكتوبر‪2000‬م‪ ،‬مؤسسة اليمامة‬ ‫ّ‬ ‫‪ -8‬درويش‪ ،‬أحمد‪ ،‬في نقد ِّ‬ ‫الشعر‪ :‬الكلمة والمجهر‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪.1996 ،1‬‬

‫‪ -9‬درويش‪ ،‬محمود‪ ،‬لماذا تركت الحصان وحيدا‪ ،‬دار الرّيس للكتب والنشر‪.1995 ،‬‬ ‫ي‪ :‬دراسات في ِّ‬ ‫ربابعة‪ ،‬موسى‪ ،‬تشكيل الخطاب ِّ‬ ‫الجاهلي‪ ،‬مؤسسة حمادة‬ ‫الشعر‬ ‫‪-10‬‬ ‫الشعر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجامعية‪ ،‬األردن‪.2000 ،‬‬ ‫للدراسات‬ ‫ّ‬ ‫النسبية و ِّ‬ ‫التعاونية‬ ‫عية‬ ‫محمد وحيد الدين‪،‬‬ ‫‪-11‬‬ ‫ّ‬ ‫الشعر في الزمان والمكان‪ ،‬الجم ّ‬ ‫ّ‬ ‫سوار‪ّ ،‬‬ ‫للطباعة‪ ،‬دمشق‪.2003 ،‬‬ ‫‪-12‬‬ ‫‪-13‬‬

‫الجاهلي)‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪.‬‬ ‫العربي (العصر‬ ‫ضيف‪ ،‬شوقي‪ ،‬تاريخ األدب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أبو العبّاس‪ ،‬أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن خلّكان (ت‪681‬هـ)‪ :‬وفيات األعيان وأنباء‬

‫عباس‪ ،‬طبعة دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪( ،5‬د‪.‬ط)‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫أبناء الزمان‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان ّ‬ ‫التلمساني‪( ،‬ت‪1041‬هـ)‪ ،‬نف الطّيب من غصن‬ ‫ي‬ ‫‪-14‬‬ ‫محمد المقّر ّ‬ ‫أبو العباس‪ ،‬أحمد بن ّ‬ ‫ّ‬

‫عباس‪ ،‬طبعة دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪( ،4‬د‪.‬ط)‪.1968 ،‬‬ ‫الرطيب‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان ّ‬ ‫األندلس ّ‬ ‫األصفهاني‪597( ،‬هـ)‪ ،‬خريدة القصر وجريدة‬ ‫محمد‬ ‫‪-15‬‬ ‫محمد بن ّ‬ ‫أبو عبد اهلل‪ ،‬عماد الدين ّ‬ ‫ّ‬ ‫التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪.1973 ،2‬‬ ‫محمد المرزوقي وآخرين‪ ،‬الدار‬ ‫ّ‬ ‫العصر‪ ،‬تحقيق‪ّ :‬‬ ‫محمد‬ ‫‪-16‬‬ ‫محمد بن شاكر ال ُكتُبِ ّي‪( ،‬ت ‪764‬ه)‪ ،‬فوات الوفيات‪ ،‬تحقيق علي ّ‬ ‫أبو عبد اهلل‪ّ ،‬‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت (د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫معوض وعادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أبو عبدهللا‪ ،‬محمّد بن عبدهللا بن األ ّبار القُضاعيّ البلنسيّ ‪( ،‬ت ‪658‬هـ)‪ ،‬التكملة لكتاب‬ ‫‪-17‬‬ ‫صلة‪ ،‬تحقيق عبد السالم الهرّاس‪ ،‬ج‪ ،1‬طبعة القاهرة‪.1955 ،‬‬ ‫ال ِّ‬ ‫أبو عبد هللا‪ ،‬ياقوت بن عبد اهلل الحموي (ت ‪626‬هـ)‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪ ،1‬طبعة دار‬ ‫‪-18‬‬ ‫صادر‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪.1957-1955 ،‬‬

‫‪-19‬‬

‫عبد العظيم‪ ،‬علي‪ ،‬ابن زيدون‪ :‬عصره وحياته وأدبه‪ ،‬طبعة مكتبة األنجلو المصرّية‪،‬‬

‫القاهرة‪( ،‬د‪.‬ط)‪.1955 ،‬‬

‫العامة‪،‬‬ ‫الثقافية‬ ‫نظرية المكان في فلسفة ابن سينا‪ ،‬دار الشؤون‬ ‫العبيدي‪ ،‬حسن مجيد‪،‬‬ ‫‪-20‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ط‪ ،1‬بغداد‪.1987 ،‬‬ ‫‪-21‬‬

‫عثمان‪ ،‬اعتدال‪ ،‬جماليات المكان‪ ،‬مجلّة األقالم‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد ‪.1986 ،2‬‬

‫‪729‬‬


‫‪Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study‬‬

‫محمد باسل‬ ‫‪-22‬‬ ‫أبو عثمان‪ ،‬عمرو بن بحر الجاحظ‪( ،‬ت ‪255‬ه)‪ ،‬رسائل الجاحظ‪ ،‬تحقيق ّ‬ ‫بي‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،3‬بيروت‪.1969 ،‬‬ ‫عيون السُّود‪ ،‬دار إحياء التراث العر ّ‬ ‫‪-23‬‬

‫‪.1960‬‬

‫محمد عبداهلل‪ ،‬دول الطوائف‪ ،‬لجنة التأليف والترجمة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫عنان‪،‬‬ ‫ّ‬

‫محمد بن مكرم بن منظور‪( ،‬ت ‪711‬ه)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪،‬‬ ‫‪-24‬‬ ‫أبو الفضل‪ّ ،‬‬ ‫بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫فوغالي‪ ،‬باديس‪ ،‬الزمان والمكان في ِّ‬ ‫العالمي‪ ،‬عالم الكتب‬ ‫الجاهلي‪ ،‬جدا ار للكتاب‬ ‫الشعر‬ ‫‪-25‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمان‪.2008 ،‬‬ ‫الحديث‪ ،‬ط‪ّ ،1‬‬ ‫عباد (ت ‪488‬هـ)‪ ،‬الديوان‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بدوي وحامد عبد‬ ‫‪-26‬‬ ‫المعتَ ِمد بن ّ‬ ‫أبو القاسم‪ُ ،‬‬ ‫المجيد‪ ،‬المطبعة األميرّية بالقاهرة‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ط)‪.1951 ،‬‬ ‫العامة لشؤون المطابع األميرّية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫الفلسفي‪ ،‬الهيئة‬ ‫مجمع اللُّغة العر ّبية‪ ،‬المعجم‬ ‫‪-27‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.1983‬‬ ‫‪-28‬‬

‫أبو محمّد‪ ،‬عبد الجبّار بن محمّد بن حمديس الصِّقليّ ‪( ،‬ت ‪527‬هـ)‪ ،‬الديوان‪ ،‬تحقيق‪:‬‬

‫إحسان عباس‪ ،‬طبعة دار صادر‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪.1960 ،‬‬ ‫المتنبي‪ ،‬دار صنعاء‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫الطيب‬ ‫‪-29‬‬ ‫ّ‬ ‫مطلك‪ ،‬حيدر الزم‪ ،‬الزمان والمكان في ِشعر أبي ّ‬ ‫عمان‪.2010 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫شاعرية المكان‪ ،‬مطابع شركة دار العلم للطباعة والنشر‪،‬‬ ‫المنصوري‪ ،‬جريدي سليم‪،‬‬ ‫‪-30‬‬ ‫ّ‬ ‫جدة‪.1992 ،‬‬ ‫ّ‬

‫الثقافية‬ ‫نقدية‪ ،‬دار الشؤون‬ ‫النص‬ ‫إشكالية المكان في‬ ‫النصير‪ ،‬ياسين‪،‬‬ ‫‪-31‬‬ ‫ّ‬ ‫األدبي‪ :‬دراسات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العامة‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪.1986 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫األدبي‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪.1969 ،‬‬ ‫محمد‪ ،‬ثقافة الناقد‬ ‫‪-32‬‬ ‫النويهي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫العربي المعاصر‪ ،‬مجلّة جامعة تشرين‪،‬‬ ‫أبو هيف‪ ،‬عبداهلل‪ ،‬جماليات المكان في النقد‬ ‫‪-33‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬المجلّد ‪ ،27‬العدد ‪.2005 ،1‬‬ ‫سلسلة اآلداب والعلوم‬ ‫ّ‬ ‫األندلسي‪( ،‬ت ‪463‬هـ)‪،‬‬ ‫المخزومي‬ ‫أبو الوليد‪ ،‬أحمد بن عبد هللا بن أحمد بن زيدون‬ ‫‪-34‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الديوان‪ ،‬شرح وتحقيق‪ :‬كرم البستاني‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ط)‪.1975 ،‬‬

‫‪References‬‬ ‫‪Abd Al’adīm, A. (1955). Ibn Zaidoun: ‘asreh wahayāteh wa’dabeh. Cairo:‬‬ ‫‪Maktabat Alanglo Almasryyah.‬‬

‫‪730‬‬


Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.706-732

Abu Abdallah, E. (1973). Kharīdat Alqaser wa Jarīdat Alaser. Tunisia: Aldār Altunusyyah lilnasher. Abu Abdallah, M. (1955) Altakilah Likitāb Alsilah. Cairo. Abu Abdallah, M. (1973). Fawāt Alwafyyāt. Beirut: Dār Alkutub Al’imyyah. Abu Abdallah, Y. (1957). Mu’jam Albuldān.: Beirut: Dār Sāder. Abu Alabbās, A. (1968). Nafih Alttīb min gusn Alandalus Alratīb. Beirut: Dār Sāder. Abu Alabbās, A. (1972). Wafyyāt Ala’yān wa’nbā’ Abnā’ Alzamān. Beirut: Dār Sāder. Abu Alfadil, M. (1955). Lisān AlArab. Beirut: Dār Sāder. Abu Alhusain, A. (1979). Maqāyyis Allughah. Cairo: Dār Alfikir. Abu Alqasim, A. (1951). Aldiwan. Cairo: Almatba’ah Alamīryyah. Abu Alwalid, A. (1975). Aldiwān. Beirut: Dār Sāder. Abu Baker, M. (2001). Aldiwan. Malisa: Markiz Albuhouth Alislāmyyah. Abu hayf, A. (2005). Jamālyyāt Almakān fi Alnaqid Alarabi Almu’āsir. Majallat Jami’at Tishrin. Vol 1. Abu Mohammad, A. (1960). Aldiwan. Beirut: Dār Sāder. Abu Othman, A. (1969). Rasā’il Aljāhid. Beirut: Dār ‘ihyā’ Alturāth Alarabi. Alabedi, H. (1987). Nadaryyat Almakān Fī Falsafit Ibn Sinā. Baghdad: Dār Alshu’un Alshaqafyyah Al’āmeh. Al-Azraqi, A. (2004). Akhbār Makka wa mā Jā’ fīhā min Al’āthār. Cairo: Maktabat Al’asadi. Aljamahi, M. (1980). Tabaqāt Fuhul Alshu’arā‘. Cairo: Matba’at Almadani. Almansouri, J. (1992). Shā’iryyat Almakān. Jaddah: Matabi’ Dar al’ilm lltiba’ah. Almuwayhi, M. (1969). Thaqāfah Alnāqid Aladabi. Cairo: Maktabt Alkhanji. 731


Revelations of Place in Homesick Poetry of Sevilla Analytical Semantic Study

Alnasir, Y. (1986). Ishkālyyat Almakān fi Alnass Aladabi. Baghdad: Dār Alsho’oun Althaqafyyeh. Anān, M. (1960). Duwal ALtawā’if. Cairo: Lajnat Alta’līf waltarjamah walnasher. Arabic Academy. (1983). Almuajam Alfalsafi. Cairo: Alhayah Alamah lishu’oun Almatabi’ Alamiryyah. Badawi, A. (1975). Madkha Jadīd ‘ilā Alfalsafah. Kuwait: Wakālat Almatbou’āt. Bāshlār, J. (1980). Jamālyyāt Almakān. Bagdad: Dār Aljāhid lilnashir. Darwīsh, A. (1996). Fī Naqid Alshi’ir: Alkalimah wa Almahjar. Cairo: Dār Alshuruq. Darwīsh, M. (1995). Limātha Tarakta Alhisān wahīda. Beirut: Dār Alrayyis lilkutub wa lnasher. Dayf, S. (1960). Tārīkh Aladab Alarabi. Cairo: Dār Alma’ārif. Foghāli, B. (2008). Alzamān walmakān fi Alshi’r Aljahili. Amman: ‘alam Alkutub Alhadith. Husain, K. (2000). Shi’ryyah Almakān fī Alriwaya Aljadīd. Riyadh: Mu’asasat Alyamāmah. Mutlik, H. (2010). Alzaman walmakan fi shi’r ‘abi altayyib almutanabbi. Amman: Dār Sanā’. Othman, E. (1986). Jamālyyat Almakān. Baghdad: Majallat Alaqlām, Vol 2. Rabab’ah, M. (2000). Tashkīl Alkhitāb Alshi’rī. Amman: Mua’sasat. Siwar, M. (2003). Alnisbyyah wa lshi’ir Fī Alzamān wa lmakāan. Damascus: Aljam’yyah Alta’āwnyyah.

732


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.