Religious sites, their role in publishing Friday speeches and their use. "Location of the Kuwaiti Mi

Page 1

Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS) ISSN (E): 2305-9249 ISSN (P): 2305-9494 Publisher: Centre of Excellence for Scientific & Research Journalism, COES&RJ LLC

Online Publication Date: 1st July 2020 Online Issue: Volume 9, Number 3, July 2020 https://doi.org/10.25255/jss.2020.9.3.831.856

Religious sites, their role in publishing Friday speeches and their use. "Location of the Kuwaiti Ministry of Endowments" Sultan Mefarreh Naser Al-Hajri Department of Fundamentals of Religion, College of Sharia, University of Jordan, Amman, Jordan Email: sultanalhajre50@gmail.com Dr. Ahmed Abdul Hussein Al-Awaisheh Professor, Department of Fundamentals of Religion, College of Sharia, University of Jordan, Amman, Jordan http://orcid.org/0000-0002-0815-1386

Email: awaisheh@ju.edu.jo S_khaled@ju.edu.jo Dr. Jehad Muhammad Mahmoud Alanati Associate Professor, School of Educational Sciences, Department of Educational Psychology, University of Jordan, Amman, Jordan Email: Jehad54321@yahoo.co.uk Abstract: This study dealt with the topic of religious sites and its role in spreading Friday sermons and the extent of benefit from the Kuwaiti Ministry of Endowments website as a model, and demonstrated the progress of Islamic law and its distinction in treating the nation’s issues, and its endeavor to bring people out of darkness to light and ignorance to science, and showed the breadth of the concept of Friday sermon in Islamic law, and its coverage of all groups of the elderly, youth and young people who seek the pride of Islam and the safety of society from wrong behavior and treating them with guidance and advice and clarifying what God has commanded and what is forbidden

This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License.


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫‪The study mentioned the extraction and extraction of information from Friday‬‬ ‫‪sermons held by the Ministry of Awqaf and Islamic Affairs in the State of Kuwait‬‬ ‫‪through its religious location, from the doctrinal and legal aspect, and the legal‬‬ ‫‪side of jurisprudence provisions such as marriage, zakat and others, and the‬‬ ‫‪ethics side of the Prophet’s creation and the creation of apology and kindness to‬‬ ‫‪the weak and the like‬‬ ‫‪Finally, this study concluded with its most important results‬‬ ‫‪Keywords:‬‬ ‫‪Friday Sermons, Internet, Kuwait, My contract, My invitation, and My legitimate,‬‬ ‫‪Contact Site‬‬ ‫‪Citation:‬‬ ‫‪Al-Hajri, Sultan Mefarreh Naser; Al-Awaisheh, Ahmed Abdul Hussein; Alanati,‬‬ ‫‪Jehad Muhammad Mahmoud (2020); Religious sites, their role in publishing‬‬ ‫‪Friday speeches and their use. "Location of the Kuwaiti Ministry of‬‬ ‫;‪Endowments"; Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), Vol.9, No.3, pp:831-856‬‬ ‫‪https://doi.org/10.25255/jss.2020.9.3.831.856.‬‬

‫المواقع الدينية ودورها في نشر خطب الجمعة ومدى االستفادة منها‬ ‫"موقع وزارة األوقاف الكويتية نموذجا"‬ ‫سلطان مفرح ناصر حمد الهاجري‬ ‫الدكتور أحمد عبد حسين العوايشة‬ ‫الدكتور جهاد محمد محمود العناتي‬ ‫الملخص‬ ‫تناولت هذه الدراسة موضوع المواقع الدينية ودورها في نشر خطب الجمعة ومدى‬ ‫االستفادة منها موقع وزارة األوقاف الكويتية نموذجا ‪ ،‬وأثبت فيها تقدم الشريعة اإلسالمية وتميزها‬ ‫في عالج قضايا األمة‪ ,‬وسعيها في إخراج الناس من الظلمات إلى النور ومن الجهل إلى العلم‪,‬‬ ‫وبينت اتساع مفهوم خطبة الجمعة في الشريعة اإلسالمية‪ ,‬وشمولها لجميع الفئات من كبار السن‬ ‫والشباب والصغار التي تنشد عزة اإلسالم وسالمة المجتمع من السلوك الخاطئ ومعالجتها‬ ‫باإلرشاد والنصح وتوضيح ما أمر هللا به وما نهى عنه‪.‬‬ ‫وذكرت الدراسة استنباط واستخراج المعلومات من خطب الجمعة التي تحتفظ بها وزارة األوقاف‬ ‫والشؤون اإلسالمية في دولة الكويت عبر موقعها الديني‪ ,‬من الجانب العقدي والدعوي والجانب‬ ‫الشرعي من أحكام فقهية مثل الزواج والزكاة وغيرها وجانب االخالق من خلق النبي وخلق‬ ‫االعتذار والرفق بالضعفاء ونحوها‪.‬‬ ‫أخيرا ختمت هذه الدراسة بأهم النتائج التي توصلت إليها‪.‬‬

‫‪832‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫الكلمات المفتاحيية ‪ :‬خطب الجمعة‪ ،‬االنترنت‪ ،‬دولة الكويت‪ ،‬جانب عقدي ودعوي وشرعي‪،‬‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫مقدمة‪:‬‬ ‫الحمدهلل والصالة والسالم على أشرف خلق هللا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫فإن وسائل الدعوة اإلسالمية متعددة ومن أهمها وأقدمها الخطابة وذلك لما لها من أثر‬ ‫ً‬ ‫إضافة إلى أن‬ ‫آن واحد‪.‬‬ ‫في ايصال الدعوة إلى الناس‪ .‬وهي وسيلة مناسبة ومسموعة ومرئية في ٍ‬ ‫طب تترجم ما يكون في أذهان الدعاة من أفكار و ُتج ِّس ُد حرصهم على هداية المدعوين‪ ...‬وقد‬ ‫ال ُخ َ‬ ‫ً‬ ‫عناية كبير ًة ألنها الموعظة األولى وألثرها البارز على‬ ‫عنيت الدعوة اإلسالمية بهذه الوسيلة‬ ‫المسلمين وألنها المنبر اإلسالمي الذي ال زال من عهد النبي صلى هللا عليه وسلم إلى يومنا يعلم‬ ‫ب وصوب ويسعون ليشهدوا فضلها ومعلوم‬ ‫الناس أمور دينهم؛ حيث يجتمع الناس لها من كل حد ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِي لِلصَّال ِة ِمنْ َي ْو ِم‬ ‫ِين آ َمنوا إِذا نود َ‬ ‫أمر االهتمام بها في اإلسالم تحقيقا ً لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬يا أ ُّي َها الذ َ‬ ‫ُون﴾ (سورة الجمعة‪.)10-9 :‬‬ ‫هللا َو َذرُوا ْال َبي َْع َذلِ ُك ْم َخ ْي ٌر لَ ُك ْم إِنْ ُك ْن ُت ْم َتعْ لَم َ‬ ‫ْال ُجم َُع ِة َفاسْ َع ْوا إِلَى ذ ِْك ِر َّ ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خاصة في نشر الدعوة إلى التوحيد وتبليغها في زمن النبوة‬ ‫مكانة‬ ‫وقد احتلت الخطابة‬ ‫حيث كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يستخدمها لتذكير الناس ووعظهم وحثهم على ما ينفعهم‬ ‫في دينهم ودنياهم وأخرتهم‪.‬‬ ‫مشكلة الدراسة‪:‬‬ ‫جاءت هذه الدراسة لإلجابة على التساؤالت اآلتية‪:‬‬ ‫‪ .1‬ما المنهج الذي سارت عليه وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية في دولة الكويت في خطبها؟‬ ‫‪ .2‬ما الموضوعات والمضامين والقضايا اإلسالمية التي تناولها خطباء وزارة األوقاف والشؤون‬ ‫اإلسالمية في دولة الكويت؟‬ ‫أهمية الدراسة‪:‬‬ ‫تبرز أهمية الدراسة من خالل النقاط التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬أهمية ال ُخطبة في اإلسالم‪ ،‬وترغيب الشرع في التبكير إليها؛ وحضورها واالستماع إليها أمر‬ ‫متأكد في حق المسلمين‪.‬‬ ‫‪ .2‬ما تميزت به خطب الجمعة من حيث المنهج وقوة المضمون ومباشرته وسالمة اللغة واأللفاظ‪.‬‬ ‫‪ .3‬تميز خطب الجمعة في دولة الكويت في معالجتها ومراعاتها لدراسة أحوال الناس وأوضاعهم‪,‬‬ ‫ألن منابر التوجيه لم تعد مقتصرة على خطبة الجمعة لتعدد المنابر‪ ,‬فاجتماع الناس في يوم الجمعة‬ ‫هو لمعالجة القضايا التي تهم األمة والدولة والمجتمع والعالم‪.‬‬ ‫أهداف الدراسة‪:‬‬ ‫تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على منهج خطباء الجمعة في الخطابة ويتفرع عن هذه الهدف‬ ‫الرئيس عدة أهداف منها‪:‬‬ ‫‪ .1‬التعرف على السمات والخصائص العامة لخطب األوقاف في الكويت‪.‬‬ ‫‪ . 2‬التعرف على موضوعات ومضامين القضايا اإلسالمية التي تضمنتها خطب الجمعة في دولة‬ ‫الكويت‪.‬‬ ‫الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫‪833‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫لقد اجتهدت بالبحث عن رسائل تناولت " المواقع الدينية ودورها في نشر خطب الجمعة‬ ‫ومدى االستفادة منها موقع وزارة األوقاف الكويتية نموذجا" فلم أجد من تناولها بالدراسة والتحليل‬ ‫األكاديمي‪ ،‬وقد راجعت مكتبة الحرم المدني مع العلم أنها تحوي على أكثر من عشرين ألف‬ ‫كتاب‪ ،‬وبعض كتبها مجلدات بأكثر من جزء‪ ،‬وراجعت مكتبة الجامعة األردنية في المملكة‬ ‫األردنية الهاشمية ولم أجد دراسة علمية تناولت موضوع هذه الدراسة‪.‬‬ ‫ثم إنني استفدت من بعض الدراسات ذات الصلة بموضوع دراستي‪ ،‬و منها‪:‬‬ ‫‪ .1‬دراسة (سيد بن محمد‪1420 ,‬هـ) بعنوان "خطب الرسول صلى هللا عليه وسلم دراسة دعوية"‪.‬‬ ‫هدفت هذه الدراسة الى التعرف على خطب الرسول صلى هللا عليه و سلم‪ ،‬جمعا ً من الصحيحين‬ ‫و بيان صالحيتها لالحتجاج حيث تناولت أصناف المدعويين واألحوال والظروف التي قيلت‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫أما دراستي فسوف تتناول مضامين ومجاالت الخطب وكيفية اإلفادة منها في مجاالت‬ ‫قضايا الناس المعاصرة و المستجدة‪ ،‬و توظيفها في الوقت الحاضر‪ ،‬ومن ثم فإن دراستي تأخذ‬ ‫منحىً أوسع‪.‬‬ ‫‪ .2‬دراسة (مقرن ابن سعد المقرن‪1424 ,‬هـ ) بعنوان "خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‬ ‫رضي هللا عنه‪ ،‬دراسة دعوية‪ ،‬هدفت هذه الدراسة إلى معرفة جميع خطب أمير المؤمنين رضي‬ ‫هللا عنه‪ ،‬من خالل حديثها عن أهمية الخطابة و منزلتها و عن سيرة أمير المؤمنين عمر بن‬ ‫الخطاب رضي هللا عنه‪ ،‬كما تناولت الدراسة الدروس المتعلقة بأركان الدعوة‪.‬‬ ‫أما دراستي فقد تناولت المضامين و المجاالت للخطب في وزارة األوقاف في دولة‬ ‫الكويت من خالل اإلفادة منها ومن منهجها و مجاالتها التي تحث على قضايا الناس المعاصرة‪،‬‬ ‫من أجل توظيفها و مالئمتها مع المجتمع الكويتي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬ ‫المنهج التحليلي‪ :‬وذلك من خالل تتبع بعض األمور الجزئية وحصر المعلومات المتوفرة في‬ ‫قالب معين وتحليلها‪ ،‬حتى يستنبط منها نتائج صحيحة‪ ،‬من خالل الخطب التي تحتفظ بها وزارة‬ ‫األوقاف والشؤون اإلسالمية في موقعها االلكتروني‪.‬‬ ‫حدود الدراسة‪:‬‬ ‫تقوم هذه الدراسة بدراسة الخطب التي تحتفظ بها وزارة االوقاف من سنة ‪ 2012-2009‬عبر‬ ‫موقعها اإللكتروني‪.‬‬ ‫خطة الدراسة‪:‬‬ ‫المقدمة‪:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المضامين الرئيسية في خطب وزارة األوقاف المتعلقة بالعقيدة والدعوة‬ ‫المبحث األول‪ :‬الموضوعات التي تتعلق بالعقيدة والدعوة في خطب وزارة األوقاف‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخطب المتعلقة بالعقيدة‬ ‫أوال‪ :‬خطبة بعنوان (اإليمان بالقضاء والقدر)‬ ‫ثانيا‪ :‬خطبة بعنوان (توحيد األلوهية في رسالة خاتم النبيين محمد صلى هللا عليه وسلم)‬ ‫ثالثا‪ :‬خطبة بعنوان (وتوكل على الحي الذي ال يموت)‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الخطب المتعلقة بالدعوة‬ ‫أوال‪ :‬خطبة بعنوان (األمر بالمعروف والنهي عن المنكر)‬ ‫ثانيا‪ :‬خطبة بعنوان (آداب الحسبة والمحتسبين)‬ ‫الثالث‪ :‬خطبة بعنوان (الدعوة إلى هللا مسؤولية األمة)‬ ‫‪834‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬المضامين الرئيسية في خطب وزارة األوقاف المتعلقة بالشريعة‬ ‫المبحث األول‪ :‬الموضوعات التي تتعلق بالشريعة في خطب وزارة األوقاف‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخطب المتعلقة بالشريعة‬ ‫أوال‪ :‬خطبة بعنوان (محاسن األحكام الشرعية)‬ ‫ثانيا‪ :‬خطبة بعنوان (الحجاب عفة وطهارة)‬ ‫ثالثا‪ :‬خطبة بعنوان (والذين هم للزكاة فاعلون)‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضامين الرئيسية في خطب وزارة األوقاف المتعلقة باألخالق والمعامالت في‬ ‫خطب وزارة األوقاف‬ ‫المبحث األول‪ :‬الموضوعات التي تتعلق باألخالق والمعامالت في خطب وزارة األوقاف‪.‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخطب المتعلقة باألخالق‬ ‫أوال‪ :‬خطبة بعنوان (وإنك لعلى خلق عظيم)‬ ‫ثانيا‪ :‬خطبة بعنوان (خلق االعتذار)‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الخطب المتعلقة بالمعامالت‬ ‫اوال‪ :‬خطبة بعنوان (الرفق بالضعفاء)‬ ‫ثانيا‪ :‬خطبة بعنوان (آداب المجالس)‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫المضامين الرئيسية التي تضمنتها خطب وزارة األوقاف في دولة الكويت عبر موقعها الديني‬ ‫في هذا الفصل سأستنبط ما أجده من معلومات وفوائد من خالل الخطب التي تحتفظ بها وزارة‬ ‫األوقاف من سنة ‪2009‬م إلى بداية ‪ ,2012‬وذلك من خالل تتبع بعض األمور الجزئية وجمع‬ ‫المعلومات المتوفرة في هذه الخطب‪ ,‬وسأدرس نماذج من هذه الخطب التي تتعلق بأمور العقيدة‪,‬‬ ‫والدعوة‪ ,‬والشريعة‪ ,‬واألخالق‪ ,‬والمعامالت‪.‬‬ ‫المبحث األول‬ ‫المضامين المتعلقة بالعقيدة والدعوة‬ ‫سأذكر في هذا المطلب الخطب التي تتعلق بالعقيدة ثم الخطب التي تتعلق بالدعوة‪.‬‬ ‫وعدد الخطب التي تتعلق في مضمون العقيدة خالل الثالث أعوام (‪ )2011/2010/2009‬هي‬ ‫‪ 23‬خطبة وسأكتفي بعرض ثالث نماذج من هذه الخطب‪:‬‬ ‫وأول خطبة سأتحدث عنها في موضوع العقيدة هي خطبة (اإليمان بالقضاء والقدر)‬ ‫عنوان الخطبة (اإليمان بالقضاء والقدر)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 24‬من ذي الحجة ‪1430‬هـ الموافق ‪2009/12/11‬م‬ ‫وقد تناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫اإليمان بالقضاء والقدر ركن من أركان اإليمان باهلل تعالى‪.‬‬ ‫ثمرات اإليمان بالقضاء والقدر‪.‬‬ ‫العبد مخير بما يؤمر وينهى وليس مسيرا‪ً.‬‬ ‫أقوى درجات اإليمان بالقدر التسليم‪.‬‬ ‫هذه الخطبة جيدة من ناحية الوقت فهي ليست قصيرة مخلة وال طويلة مملة‪ ,‬وهي سهلة المعاني‬ ‫واأللفاظ‪ ,‬وهذه الخطبة مبسطة جداً يفهمها العوام والكبار والصغار‪ ,‬ويوجد فيها معلومات مهمة‬ ‫للمسلم‪ ,‬فهي من المعلوم من الدين بالضرورة‪.‬‬ ‫فإن المصلي يخرج من الجامع وهو مستفيد من هذه الخطبة‪ ,‬يستفيد منها بأن من أعظم أركان‬ ‫اإليمان الواجبة على كل مسلم ومسلمة اإليمان بالقضاء والقدر‪ ,‬خيره وشره‪ ,‬حلوه ومره‪ ,‬ويستفيد‬ ‫أن كل ما يصيبه من خير وشر هو في الحقيقة اختبار من هللا للعبد وحكمة من هللا سبحانه وتعالى‪,‬‬ ‫ئ حتى يؤمن بالقدر خيره وشره‪ ,‬لقوله عليه الصالة‬ ‫ويستفيد المصلي أنه ال يقبل إيمان امر ٍ‬ ‫‪835‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬

‫"‪...‬و ُت ْؤم َِن ِب ْال َق َد ِر َخي ِْر ِه َو َشرِّ هِ‪ ,1"...‬ويستفيد أيضا‪..":‬أَنَّ األ ُ َّم َة لَ ْو اجْ َت َم َع ْ‬ ‫ت َعلَى أَنْ‬ ‫والسالم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ك ِب َشيْ ٍء ل ْمَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‪َ ،‬ول ْو اجْ ت َمعُوا َعلى أنْ َيضُرُّ و َ‬ ‫ك إِال ِبشيْ ٍء ق ْد كت َب ُه هللا ُ ل َ‬ ‫ك ِبشيْ ٍء ل ْم َينفعُو َ‬ ‫َي ْن َفعُو َ‬ ‫‪2‬‬ ‫َ‬ ‫ك إِالَّ ِب َشيْ ٍء َق ْد َك َت َب ُه َّ‬ ‫ت األ ْقالَ ُم َو َج َّف ْ‬ ‫صحُفُ " ‪ ,‬وكذلك من الفوائد الرائعة‬ ‫ت ال ُّ‬ ‫ك‪ُ ،‬رف َِع ِ‬ ‫هللا ُ َعلَ ْي َ‬ ‫َيضُرُّ و َ‬ ‫التي يستفيد منها المصلي أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه‪ ,‬ويستفيد أن‬ ‫المؤمن يرضا بحكمة هللا تعالى وقضائه‪ ,‬ويحذر من التسخط والجزع والتضجر والفزع‬ ‫واالعتراض على أمر هللا‪ ,‬وال يرهب وال يتوجس وال يقلق‪ ,‬بل يكون مطمئن القلب هادئ البال‪,‬‬ ‫راضيا ً بكل ما يصيبه‪ ,‬صابراً عليه‪ ,‬وأعظم ثمرات القدر إذا كان المؤمن راضيا ً به‪ ,‬أنه يهدئُ‬ ‫روعه عند المصائب وعند فوات المكاسب‪ ,‬فال تذهب نفسه عليها حسرات‪ ,‬وال يلوم نفسه أو‬ ‫يعنفها‪ ,‬بل يصبر ويحتسب األجر ويرضى بحكم هللا تعالى‪ ,‬ومن أعظم ما يستفاد من هذه الخطبة‬ ‫اك ِألَ َح ٍد إِ َّال‬ ‫ْس َذ َ‬ ‫ِن‪ ،‬إِنَّ أَ ْم َرهُ ُكلَّ ُه َخ ْيرٌ‪َ ،‬ولَي َ‬ ‫حديث النبي صلى هللا عليه وسلم " َع َجبًا ِألَ ْم ِر ْالم ُْؤم ِ‬ ‫َ ‪3‬‬ ‫ْ‬ ‫ان َخيْرً ا ل ُه" ‪ ,‬وكذلك‬ ‫ص َب َر َف َك َ‬ ‫ضرَّاءُ‪َ ،‬‬ ‫صا َبت ُه َ‬ ‫ان َخيْرً ا لَهُ‪َ ،‬وإِنْ أَ َ‬ ‫صا َب ْت ُه َسرَّ ا ُء َش َك َر‪َ ،‬ف َك َ‬ ‫ِن‪ ،‬إِنْ أَ َ‬ ‫ل ِْلم ُْؤم ِ‬ ‫يستبشر المؤمن بالقضاء والقدر خير ألن هللا سبحانه وتعالى مدح الصابرين على القضاء والقدر‪,‬‬ ‫ُون‬ ‫هلل َوإِ َّنا إِلَ ْي ِه َرا ِجع َ‬ ‫صا َب ْت ُه ْم مُصِ ي َب ٌة َقالُوا إِ َّنا ِ َّ ِ‬ ‫ِين إِ َذا أَ َ‬ ‫ين (‪)155‬الَّذ َ‬ ‫َّاب ِر َ‬ ‫قال تعالى } َ‬ ‫‪...‬و َب ِّش ِر الص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫صلَ َو ٌ‬ ‫ون (‪{)157‬‬ ‫ك َعلَي ِْه ْم‬ ‫ِك ُه ُم ْال ُم ْه َت ُد َ‬ ‫ات ِمنْ َرب ِ​ِّه ْم َو َرحْ َمة َوأولَئ َ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )156‬أُولَ ِئ َ‬ ‫]البقرة‪155:‬ـــ‪.[157‬‬ ‫وكذلك يستفيد المصلي من هذه الخطبة أنه ال مكان في اإلسالم للقول بأن اإلنسان مجبر على‬ ‫أفعاله فيما يؤمر وينهى‪ ,‬بل هو مخير في األمر والنهي وليس مسيرا فقد أعطاه هللا القدرة‬ ‫ْن{‬ ‫والمشيئة‪ ,‬فهو يختار إما طريق الخير وإما طريق الشر‪ ,‬قال تعالى‪َ } :‬وهَدَ ْي َناهُ ال َّنجْ دَ ي ِ‬ ‫]البلدــ‪ , [10‬وكذلك يستفيد المصلي من هذه الخطبة أن المؤمن إن أصابته ضراء صبر وقال "قدر‬ ‫هللا وما شاء فعل"‪.4‬‬ ‫وفي الحقيقة هذه الخطبة هي مالمسة للواقع ويحتاجها الناس بكثرة لما نرى من مصائب الناس‬ ‫وابتالءاتهم‪ ,‬ولألسف كثير من الناس يجزع ويتضجر ويعترض على أمر هللا‪ ,‬وكثير من هؤالء‬ ‫يفعلون هذا الفعل بسبب جهلهم في ُح ُكم الشارع في اإليمان بالقدر‪ ,‬فلذلك يحتاج الناس إلى مثل‬ ‫هذه الخطب‪.‬‬ ‫بعد البحث في موضوع الخطبة ودراستها توصلت إلى الفوائد التالية‪:‬‬ ‫أن المؤمن يجب أن يأخذ باألسباب ثم يسلم لقضاء هللا وقدره‪.‬‬ ‫أن المؤمن يجب أن يعلم أن ما أصابه من خير فمن هللا وما أصابه من شر فمن نفسه‪.‬‬ ‫ال يُقبل إيمان امرئ حتى يؤمن بالقدر خيره وشره‪.‬‬ ‫أن القضاء والقدر حكمة أرادها هللا المتحان العباد‪.‬‬ ‫أن العبد مخير بما يؤمر وينهى وليس مسيرا‪.‬‬ ‫الخطبة الثانية المتعلقة بالعقيدة هي بعنوان‪( :‬توحيد األلوهية في رسالة خاتم النبيين محمد صلى‬ ‫هللا عليه وسلم)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 10‬من جمادي اآلخرة ‪1432‬هـ الموافق ‪2011/5/13‬م‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫التوحيد هو األصل األول الذي دعا إليه الرسل عليهم الصالة والسالم‪.‬‬ ‫اهتمام النبي صلى هللا عليه وسلم بالتوحيد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫مسلم‪ ,‬مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬المحقق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‬ ‫الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.36‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الترمذي‪ ,‬محمد بن عيسى بن س َْورة بن موسى الترمذي‪ ,‬سنن الترمذي‪ ,‬تحقيق بشار معروف‪ ,‬دار الغرب اإلسالمي‬ ‫– بيروت‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪ ,248‬قال ه َ​َذا حَ د ٌ‬ ‫صحِيحٌ‪.‬‬ ‫ِيث حَ َسنٌ َ‬ ‫‪3‬‬ ‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.2295‬‬ ‫‪4‬‬ ‫المرجع السابق‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.2052‬‬

‫‪836‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫‪ .3‬صور من عنايته صلى هللا عليه وسلم بالتوحيد‪.‬‬ ‫‪ .4‬استمرار عنايته صلى هللا عليه وسلم بالتوحيد إلى أن توفي‪.‬‬ ‫إن هذه الخطبة جيدة في عنوانها وفي اقتباساتها وأدلتها‪ ,‬يحتاج إليها الصغير والكبير‪ ,‬الغني‬ ‫والفقير‪ ,‬الذكر واألنثى‪ ,‬فالصغير يحتاج إليها ليتعلم التوحيد الصحيح الذي ال يشوبه بدع وال‬ ‫ضالالت‪ ,‬وأما الكبير فيحتاجه للتذكير به فإن النبي صلى هللا عليه وسلم كان من هديه أنه يذكر‬ ‫أصحابه في التوحيد ويبايعونه على ذلك كما جاء ذلك في الخطبة‪ ,‬فلقد روى مسلم في صحيحه‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪ِ ،‬تسْ َع ًة‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫عن عوف بن مالك األشجعي رضي هللا عنه قال‪ُ " :‬ك َّنا عِ ْن َد َرس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫هللا؟» َو ُك َّنا َحد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫عْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ك َيا‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ا‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ٍ‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ٍ‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِيث َ ِ َ َ‬ ‫ُون َرسُو َل ِ‬ ‫أَ ْو َث َما ِن َي ًة أَ ْو َسب َْع ًة‪َ ،‬ف َقا َل‪« :‬أَ َال ُت َب ِايع َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُون‬ ‫هللا‪ ،‬ث َّم َقا َل‪« :‬أال ت َب ِايع َ‬ ‫اك َيا َرسُو َل ِ‬ ‫هللا؟» َفقل َنا‪َ :‬ق ْد َبا َيعْ َن َ‬ ‫ُون َرسُو َل ِ‬ ‫هللا‪ُ ،‬ث َّم َقا َل‪« :‬أَ َال ُت َب ِايع َ‬ ‫َرسُو َل ِ‬ ‫ُك؟ َقا َل‪َ « :‬علَى أَنْ‬ ‫هللا‪َ ،‬ف َع َال َم ُن َب ِايع َ‬ ‫اك َيا َر ُسو َل ِ‬ ‫هللا؟» َقا َل‪َ :‬ف َب َس ْط َنا أَ ْي ِد َي َنا َوقُ ْل َنا‪َ :‬ق ْد َبا َيعْ َن َ‬ ‫َرسُو َل ِ‬ ‫مْس‪َ ،‬و ُتطِ يعُوا – ( َوأَ َسرَّ َكلِ َم ًة َخ ِفي ًَّة) ‪َ -‬و َال َتسْ أَلُوا‬ ‫َتعْ ُب ُدوا هللاَ َو َال ُت ْش ِر ُكوا ِب ِه َش ْي ًئا‪َ ،‬وال َّ‬ ‫صلَ َوا ِ‬ ‫ت ْال َخ ِ‬ ‫‪5‬‬ ‫ط َس ْو ُ‬ ‫ِك ال َّن َفر َيسْ قُ ُ‬ ‫اس َش ْي ًئا» َفلَ َق ْد َرأَي ُ‬ ‫اولُ ُه إِيَّاهُ" ‪ ,‬وكان‬ ‫ض أُولَئ َ‬ ‫ْت َبعْ َ‬ ‫ال َّن َ‬ ‫ط أَ َح ِد ِه ْم‪َ ،‬ف َما َيسْ أ َ ُل أَ َح ًدا ُي َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبي يعتني بالتوحيد عناية عظيمة‪ ,‬وكان يعلم أصحابه حدود التوحيد وقواعده وحقوقه‪ ,‬ومن ذلك‬ ‫ما أخرجه البخاري عن معاذ بن جبل رضي هللا عنه‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " َيا م َُع ُاذ‬ ‫هللا َعلَى ال ِع َبادِ؟»‪َ ،‬قا َل‪َّ :‬‬ ‫هللا ُ َو َرسُول ُ ُه أَعْ لَ ُم‪َ ،‬قا َل‪« :‬أَنْ َيعْ ُب ُدوهُ َوالَ ُي ْش ِر ُكوا ِب ِه َش ْي ًئا‪،‬‬ ‫أَ َت ْد ِري َما َح ُّق َّ ِ‬ ‫‪6‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أَ َت ْد ِري َما َح ُّق ُه ْم َعلَ ْيهِ؟»‪َ ،‬قا َل‪ :‬هللا ُ َو َرسُول ُه أعْ لَ ُم‪َ ،‬قا َل‪« :‬أنْ الَ ي َُعذ َب ُه ْم" ‪.‬‬ ‫ويستفيد المصلي منها أموراً كثيرة‪ ,‬من أهمها توحيد هللا وإفراده سبحانه وتعالى بالعبادة وال يشرك‬ ‫به شيئا ً سواء أكان صنما ً أو قبراً‪ ,‬والبُعد كل البُعد عن الوثنية ومعقلها‪ ,‬ويستفيد منها المصلي‬ ‫كيفية نشر التوحيد في األرض فإن لنا في رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أسوة حسنة وعبرة‬ ‫وقدوة‪ ,‬فلقد كان يخرج النبي إلى الناس ويقول لهم "أيها الناس قولوا ال إله إال هللا تفلحوا"‪ ,7‬وكان‬ ‫النبي صلى هللا عليه وسلم يستمر في دعوته لتحقيق هذا المبدأ األسمى والمطلب األعلى طوال‬ ‫العهد المكي من رسالته ثالثة عشر عاما ً‪ ,‬بال كلل وال ملل صابراً على كل ألوان األذى في سبيل‬ ‫نشر التوحيد‪ ,‬ويستفيد المصلي كيف يدعوا إلى التوحيد عبر وسائل التواصل االجتماعي المتيسرة‬ ‫اآل ن وقدوتنا في هذا النبي صلى هللا عليه وسلم فقد كان يرسل دعاته ومعلميه وقضاته إلى الملوك‬ ‫ب َت َعالَ ْوا إِلَى َكلِ َم ٍة‬ ‫واألقطار المختلفة لدعوتهم‪ ,‬وكان يقول في رسالته قوله تعالى}قُ ْل َيا أَهْ َل ْال ِك َتا ِ‬ ‫هللا َفإِنْ‬ ‫ك ِب ِه َش ْي ًئا َو َال َي َّت ِخ َذ َبعْ ُ‬ ‫ون َّ ِ‬ ‫هللا َو َال ُن ْش ِر َ‬ ‫َس َوا ٍء َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم أَ َّال َنعْ ُب َد إِ َّال َّ َ‬ ‫ض َنا َبعْ ضً ا أَرْ َبابًا ِمنْ ُد ِ‬ ‫ُون]{آل عمران ــ ‪ ,[64‬وعندما وصل الكتاب النبوي إلى هرقل‪:‬‬ ‫َت َولَّ ْوا َفقُولُوا ا ْش َه ُدوا ِبأ َ َّنا مُسْ لِم َ‬ ‫أرسل إلى أبي سفيان بن حرب رضي هللا عنه وهو إذ ذاك في الشام‪ ,‬فسأله أسئلة منها‪ :‬ماذا‬ ‫هللا َوحْ َدهُ َوالَ ُت ْش ِر ُكوا ِب ِه َش ْي ًئا‪َ ،‬وا ْت ُر ُكوا‬ ‫يأمركم؟ قال أبو سفيان رضي هللا عنه قلت‪ :‬يقول‪" :‬اعْ ُب ُدوا َّ َ‬ ‫َ ‪8‬‬ ‫صالَ ِة َو َّ‬ ‫الز َكا ِة َوالص ِّْد ِق َوال َع َفافِ َوال ِّ‬ ‫صلةِ" ‪ ,‬ولنا في رسول هللا صلى‬ ‫َما َيقُو ُل آ َباؤُ ُك ْم‪َ ،‬و َيأْ ُم ُر َنا ِبال َّ‬ ‫هللا عليه وسلم اسوة حسنة في ذلك‪ ,‬فقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم يرسل أصحابه رضي هللا‬ ‫عنهم لهدم معاقل الوثنية وصروح الشرك‪ ,‬إدراكا منه صلى هللا عليه وسلم لخطورتها‪ ,‬وقال إمام‬ ‫الحنفاء إبراهيم عليه السالم‪َ } :‬وإِ ْذ َقا َل إِب َْراهِي ُم َربِّ اجْ َع ْل َه َذا ْال َبلَ َد آ ِم ًنا َواجْ ُن ْبنِي َو َبنِيَّ أَنْ َنعْ بُدَ‬ ‫ْاألَصْ َنا َم]{إبراهيم ــ ‪.[35‬‬ ‫فإن مثل هذا العنوان (التوحيد) يحتاجه الناس اليوم‪ ,‬ألن العالم اليوم أصبح منفتحاً‪ ,‬تستطيع أن‬ ‫تتحدث مع الناس ولو كنت في مشرق األرض واآلخر في مغربها‪ ,‬ورأيت إصراراً من الفاجرين‬ ‫‪5‬‬ ‫اس‪ ,‬ج‪ ,2‬ص‪.721‬‬ ‫‪6‬مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬بَابُ َكرَ ا َه ِة ْال َمسْ أ َ َل ِة لِل َّن ِ‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬لمحقق‪ :‬محمد زهير بن ناصر الناصر‪ ,‬دار طوق النجاة‪ ,‬ط األولى‪1422 ,‬هـ‪,‬بَابُ مَا‬ ‫ك َو َتعَالَى‪ ,‬ج‪ ,9‬ص‪.114‬‬ ‫هللا َتبَارَ َ‬ ‫صلَّى هللاُ عَ لَ ْي ِه َو َسلَّ َم أ ُ َّم َت ُه ِإلَى َت ْوحِي ِد َّ ِ‬ ‫جَ ا َء فِي ُد َعا ِء ال َّن ِبيِّ َ‬ ‫‪7‬‬ ‫حنبل‪ ,‬أبو عبد هللا أحمد بن محمد بن حنبل‪ ,‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ,‬تحقيق شعيب األرنؤوط‪ ,‬ط األولى‪,‬‬ ‫‪1421‬هـ‪ ,‬مؤسسة الرسالة‪ ,‬ج‪ ,25‬ص‪.404‬‬ ‫‪8‬‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.8‬‬

‫‪837‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫اليوم لدعوة الناس إلى اإللحاد والديانات الكافرة‪ ,‬فأصبح المسلمون يشككون في دينهم وهذا بسبب‬ ‫قلة العلم لديهم‪ ,‬وأصبح بعضهم يتحدث عن محمد صلى هللا عليه وسلم ويقول هو ليس رسوال من‬ ‫هللا وإنما هو اسطورة‪ 9‬من األساطير‪ ,‬وبهذا القول فهم ينكرون الرسالة‪ ,‬ومن أنكر الرسالة فهو‬ ‫ينكر الدين كله (اإلسالم)‪ ,‬ومن أنكر اإلسالم فهو كافر به‪ ,‬فالناس اليوم يحتاجون إلى توعيتهم‬ ‫وإلى إرشادهم وإلى من يعلمهم الطريق الصحيح والصراط المستقيم‪ ,‬وهللا أعلم‪.‬‬ ‫بعد البحث في موضوع الخطبة ودراستها توصلت إلى الفوائد التالية‪:‬‬ ‫أن جميع الرسل كانوا يدعون إلى توحيد هللا وإفراده بالعبادة وحده ال شريك له‪.‬‬ ‫أن التوحيد هو أعظم أصل في اإلسالم‪.‬‬ ‫أن التوحيد يطهر األرض من األوثان‪.‬‬ ‫يجب أن يهتم المسلم بالتوحيد وأن يعتني به‪.‬‬ ‫الخطبة الثالثة المتعلقة بالعقيدة هي بعنوان‪( :‬وتوكل على الحي الذي ال يموت)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪2‬من جمادي األولى ‪1431‬هـ الموافق ‪2010/4/16‬م‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫مقام التوكل وفضله <<حديث السبعين ألفا>>‪.10‬‬ ‫حال المتوكلين السابقين‪.‬‬ ‫ثمرات التوكل‪ :‬الرضا بالقضاء‪ ,‬والثقة بالموعود‪ ,‬سعة الرزق‪ ,‬الهداية‪.‬‬ ‫شروط التوكل بذل الجهد والتسليم ألمر هللا‪.‬‬ ‫إن هذه الخطبة مليئة بالفوائد العقدية‪ ,‬فالتوكل على هللا هو مبحث من مباحث العقيدة‪ ,‬والتوكل على‬ ‫هللا وحده‪ ,‬وتفويض األمور كلها إليه‪ ,‬واالعتماد عليه في جلب النعماء ودفع الضر والبالء‪ ,‬مقام‬ ‫عظيم من مقامات الدين الجليلة‪ ,‬وفريضة عظمى يجب إخالصها هلل تعالى وحده‪ ,‬فإن القلب إذا‬ ‫اعتمد على هللا تعالى في جميع أموره الدينية والدنيوية‪ ,‬صح إخالصه‪ ,‬وقويت عالقته باهلل تعالى‪,‬‬ ‫ِين{ ]المائدة ــ ‪.[23‬‬ ‫هللا َف َت َو َّكلُوا إِنْ ُك ْن ُت ْم م ُْؤ ِمن َ‬ ‫وزاد يقينه وثقته به سبحانه‪ ,‬قال تعالى } َو َعلَى َّ ِ‬ ‫بل إن التوكل عبادة لها فضائل وثمرات كثيرة‪ ,‬فمن فضائله أن هللا تعالى يحب المتوكلين‪ ,‬كما قال‬ ‫ِين]{آل عمران ــ ‪ ,[159‬ومن‬ ‫هللا ُيحِبُّ ْال ُم َت َو ِّكل َ‬ ‫سبحانه وتعالى‪َ } :‬فإِ َذا َع َزمْتَ َف َت َو َّك ْل َعلَى َّ ِ‬ ‫هللا إِنَّ َّ َ‬ ‫فضائله كذلك أنه صفة للسبعين ألفا ً الذين يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب‪ ,‬فقد أخرج‬ ‫الشيخان في صحيحيهما عن أبن عباس رضي هللا عنهما‪ ,‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال في‬ ‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ُ ‪11‬‬ ‫ون‪.15"14‬‬ ‫ون ‪َ ،‬و َعلَى َرب ِ​ِّه ْم َي َت َو َّكلُ َ‬ ‫ُون ‪َ ،‬و َال َي ْك َتوُ َ‬ ‫ون ‪َ ،‬و َال َي َت َط َّير َ‬ ‫ِين َال َيسْ َترْ ق َ‬ ‫وصفهم‪ُ " :‬ه ُم الَّذ َ‬

‫‪9‬‬ ‫أسطورة أي خرافة‪ ,‬حديث ملفق ال أصل له‪ { :‬إِنْ َه َذا إِ َّال أَ َساطِ ي ُر ْاألَوَّ لِينَ }‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫َّاس‪:‬‬ ‫والمقصود بحديث السبعين ألف هو حديث عكاشة ابن المحصن‪ ,‬روى البخاري في صحيحه (حَ َّد َث َنا ابْنُ عَ ب ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َّان َيمُرُّ ونَ َم َع ُه ُم الرَّ هْ ُ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪ " :‬ع ُِرض ْ‬ ‫ط‪َ ،‬وال َّن ِبيُّ لَ ْيسَ‬ ‫هللا َ‬ ‫َقا َل رَ سُو ُل َّ ِ‬ ‫َت َعلَيَّ األ َم ُم‪َ ،‬فجَ َع َل ال َّن ِبيُّ َوال َّن ِبي ِ‬ ‫ت‪ :‬مَا َه َذا؟ أ ُ َّمتِي َه ِذهِ؟ قِيلَ‪َ :‬ب ْل َه َذا مُوسَى َو َق ْو ُمهُ‪ِ ،‬قيلَ‪ :‬ا ْن ُ‬ ‫َم َع ُه أَحَ ٌد‪ ،‬حَ َّتى ُرفِعَ لِي َس َوا ٌد َعظِ ي ٌم‪ ،‬قُ ْل ُ‬ ‫ظرْ إِلَى األ ُ ُف ِق‪َ ،‬فإِ َذا‬ ‫س َ​َوا ٌد َيم َْأل ُ األ ُ ُفقَ ‪ُ ،‬ث َّم قِي َل لِي‪ :‬ا ْن ُ‬ ‫َاء‪َ ،‬فإِ َذا س َ​َوا ٌد َق ْد م َ​َألَ األُفُقَ ‪ ،‬قِيلَ‪َ :‬ه ِذ ِه أ ُ َّم ُتكَ ‪َ ،‬وي َْد ُخ ُل‬ ‫اق ال َّسم ِ‬ ‫ظرْ هَا ُه َنا َوهَا ُه َنا فِي آ َف ِ‬ ‫الجَ َّن َة مِنْ هَؤُ الَ ِء سَ ْبعُونَ أَ ْل ًفا ِب َغي ِْر ِح َسا ٍ‬ ‫اهلل َوا َّت َبعْ َنا‬ ‫ب " ُث َّم دَ َخ َل َولَ ْم ُي َبيِّنْ لَ ُه ْم‪َ ،‬فأ َ َفاضَ ال َق ْو ُم‪َ ،‬و َقالُوا‪َ :‬نحْ نُ الَّذِينَ آ َم َّنا ِب َّ ِ‬ ‫صلَّى هللاُ َع َل ْي ِه َوسَ لَّ َم َف َخرَ َج‪،‬‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫رَ سُولَهُ‪َ ،‬ف َنحْ نُ ُه ْم‪ ،‬أَ ْو أَ ْوالَ ُد َنا الَّذِينَ وُ لِدُوا‬ ‫اإلسْ الَ ِم‪َ ،‬فإِ َّنا وُ ل ِْد َنا فِي الجَ ا ِهلِ َّيةِ‪َ ،‬ف َب َلغَ ال َّن ِبيَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ص ٍن‪ :‬أ ِمن ُه ْم أ َنا يَا‬ ‫َف َقالَ‪ُ « :‬ه ُم الَّذِينَ الَ َيسْ َترْ قُونَ ‪َ ،‬والَ َي َت َط َّيرُونَ ‪َ ،‬والَ َيك َتوُ ونَ ‪َ ،‬و َعلَى رَ ب ِ​ِّه ْم َي َت َو َّكلونَ » َف َقا َل ُع َكا َشة بْنُ مِحْ َ‬ ‫رَ سُو َل َّ‬ ‫هللاِ؟ َقالَ‪َ « :‬ن َع ْم» َف َقا َم َ‬ ‫ك ِبهَا ُع َّكا َش ُة»)‪ ,‬ج‪ ,7‬ص‪.126‬‬ ‫آخ ُر َف َقالَ‪ :‬أَ ِم ْن ُه ْم أَ َنا؟ َقالَ‪َ « :‬س َب َق َ‬ ‫‪11‬‬ ‫أي ال يطلبون من غيرهم أن يرقيهم‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫أي ال يتشاءمون بالطيور ومثلها مما هو عادتهم قبل اإلسالم‪ ,‬والطيرة ما يكون في الشر‪ ,‬والفأل ما يكون في‬ ‫الخير‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫أي ال يطلبون من أحد أن يكويهم‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫التوكل هو تفويض األمر هلل تعالى واالعتماد عليه والثقة به‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬ج‪ ,7‬ص‪ .126‬وأنظر مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.198‬‬

‫‪838‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬

‫والتوكل مطلوب من العباد في جميع األحوال‪ ,‬فمن أراد النصر فعليه بالتوكل }إِنْ َي ْنصُرْ ُك ُم َّ‬ ‫هللاُ َف َال‬ ‫ِب لَ ُك ْم َوإِنْ َي ْخ ُذ ْل ُك ْم َف َمنْ َذا الَّذِي َي ْن ُ‬ ‫ون]{آل عمران ــ‬ ‫هللا َف ْل َي َت َو َّك ِل ْالم ُْؤ ِم ُن َ‬ ‫ص ُر ُك ْم ِمنْ َبعْ ِد ِه َو َعلَى َّ ِ‬ ‫َغال َ‬ ‫اس َق ْد‬ ‫ِين َقا َل لَ ُه ُم ال َّناسُ إِنَّ ال َّن َ‬ ‫‪ ,[160‬وقال تعالى عن الصحابة الكرام رضي هللا عنهم‪} :‬الَّذ َ‬ ‫اخ َش ْو ُه ْم َف َزا َد ُه ْم إِي َما ًنا َو َقالُوا َحسْ ُب َنا َّ‬ ‫َج َمعُوا لَ ُك ْم َف ْ‬ ‫هللاُ َو ِنعْ َم ْال َوكِي ُل]{آل عمران ــ‪ ,[173‬ويستفيد‬ ‫المصلي بأن التوكل له ثمرات كثيرة من أعظم ثمراته‪ :‬الرضا بقدر هللا تعالى خيره وشره‪ ,‬حلوه‬ ‫ب َّ‬ ‫هللاُ لَ َنا ه َُو َم ْو َال َنا َو َعلَى‬ ‫ومره‪ ,‬كما قال هللا تعالى عن عبادة المتوكلين‪} :‬قُ ْل لَنْ يُصِ ي َب َنا إِ َّال َما َك َت َ‬ ‫ون]{التوبة ــ ‪ ,[51‬ومن ثمراته الثقة باهلل جل جالله‪ ,‬وقد كان نبينا صلى هللا‬ ‫هللا َف ْل َي َت َو َّك ِل ْالم ُْؤ ِم ُن َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫عليه وسلم مثاال عظيما للثقة باهلل تعالى‪ ,‬فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن جابر رضي هللا‬ ‫اع‪َ ،‬قا َل‪ُ :‬ك َّنا إِ َذا أَ َت ْي َنا‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َح َّتى إِ َذا ُك َّنا ِب َذا ِ‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫عنه قال‪ " :‬أَ ْق َب ْل َنا َم َع َرس ِ‬ ‫ت الرِّ َق ِ‬ ‫ين َو َسيْفُ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪َ ،‬قا َل‪َ :‬ف َجا َء َر ُج ٌل م َِن ْال ُم ْش ِر ِك َ‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫َعلَى َش َج َر ٍة َظلِيلَ ٍة َت َر ْك َنا َها ل َِرس ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫صلى هللا ُ َعل ْي ِه َو َسل َم َفاخ َت َرطهُ‪،‬‬ ‫هللا َ‬ ‫ْف َن ِبيِّ ِ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ُم َعلق ِب َش َج َرةٍ‪َ ،‬فأ َخذ َسي َ‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫َرس ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫نْ‬ ‫ْ‬ ‫هللا‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ي؟‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُك‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫»‬ ‫ال‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ِي؟‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫هللا‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫هللا‬ ‫ُول‬ ‫س‬ ‫ِر‬ ‫ل‬ ‫َف َقا َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫‪16‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْف‪َ ،‬و َعلقهُ‪. "..‬‬ ‫صلى هللا ُ َعل ْي ِه َو َسل َم فأغ َم َد ال َّسي َ‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫َي ْم َن ُعنِي ِمن َ‬ ‫ك»‪ ،‬قا َل‪ :‬فت َه َّد َدهُ أصْ َحابُ َرس ِ‬ ‫وأجمل ما يستفيد المصلي من هذه الخطبة أن من ثمرات التوكل‪ :‬سعة الرزق التي تكفل هللا بها‬ ‫هللا َح َّق َت َو ُّكلِهِ‪ ،‬لَ َر َز َق ُك ْم َك َما‬ ‫ون َعلَى ِ‬ ‫لعباده المتوكلين‪ ,‬كما قال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬لَ ْو أَ َّن ُك ْم َت َت َو َّكل ُ َ‬ ‫َيرْ ُز ُق َّ‬ ‫الطي َْر‪َ ،‬ت ْغ ُدو ِخ َما ً‬ ‫صا َو َترُو ُح ِب َطا ًنا"‪ ,17‬أي تذهب أول النهار خالية‪ ,‬وترجع آخره ممتلئة‪.‬‬ ‫ومن الفوائد التي يستفيد منها المصلي‪ :‬حفظ هللا تعالى وهدايته للمتوكلين‪ ,‬قال صلى هللا عليه‬ ‫هللا َت َو َّك ْل ُ‬ ‫اهلل‪َ ،‬قا َل‪ُ :‬ي َقا ُل‬ ‫هللا‪َ ،‬ال َح ْو َل َو َال قُ َّو َة إِ َّال ِب َّ ِ‬ ‫ت َعلَى َّ ِ‬ ‫وسلم‪" :‬إِ َذا َخ َر َج الرَّ ُج ُل ِمنْ َب ْي ِت ِه َف َقا َل ِبسْ ِم َّ ِ‬ ‫حِي َن ِئذٍ‪ُ :‬ه ِديتَ ‪َ ،‬و ُك ِفيتَ ‪َ ،‬ووُ ِقيتَ ‪َ ،‬ف َت َت َنحَّ ى لَ ُه ال َّشيَاطِ ينُ ‪َ ،‬ف َيقُو ُل لَ ُه َش ْي َطانٌ َ‬ ‫ك ِب َرج ٍُل َق ْد‬ ‫ْف لَ َ‬ ‫آخرُ‪َ :‬كي َ‬ ‫ِي َو ُكف َِي َووُ ق َِي؟"‪.18‬‬ ‫ُهد َ‬ ‫وكذلك يستفيد المصلي أن التوكل على ربه هو من أصل الفالح والصالح في الدنيا واآلخرة‪,‬‬ ‫والتوكل له أمران لتأكد من صحته األولى‪ :‬بذل األسباب الدينية والدنيوية المباحة‪ ,‬والثاني‪:‬‬ ‫تفويض األمور كلها هلل واالعتماد عليه‪ ,‬فمن أخل بأحد هذين األمرين فقد أخل بالتوكل الصحيح‪.‬‬ ‫بعد قراءة هذه الخطبة توصلت إلى الفوائد التالية‪:‬‬ ‫أن التوكل صفة من صفات السبعين ألفا‪ ,‬الذين يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب‪.‬‬ ‫أن التوكل على هللا ينصر العبد على من عاداه‪ ,‬ويجلب الرضا بالقدر والصبر على المصائب‪.‬‬ ‫أن التوكل على هللا سبب لمحبة هللا للعبد المؤمن وحفظه‪.‬‬ ‫أن التوكل على هللا يجلب للعبد الثقة باهلل والفالح والصالح‪.‬‬ ‫وعدد الخطب التي تتعلق في مضمون الدعوة إلى هللا خالل الثالث أعوام‬ ‫(‪ )2011/2010/2009‬هي ‪ 14‬خطبة وسأكتفي بعرض ثالث نماذج من هذه الخطب‪:‬‬ ‫الخطبة األولى المتعلقة بعلم الدعوة إلى هللا هي بعنوان‪( :‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 6‬من جمادي األولى ‪1430‬هـ الموافق‪2009/5/1 :‬م‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫األدلة من الكتاب والسنة على وجوب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫الشروط الواجب التقيد بها عند األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫بيان خطورة ترك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪,‬ج‪ ,1‬ص‪..576‬‬ ‫‪17‬‬ ‫أحمد بن حنبل‪ ,‬مسند االمام أحمد بن حنبل‪ ,‬أبو عبد هللا أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني‪ ,‬المحقق‬ ‫شعيب األرنؤوط‪ ,‬مؤسسة الرسالة ‪ ,‬ط األولى‪1421 ,‬هـ‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.332‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ال ِّس ِجسْ تاني‪ ,‬أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير ال ِّس ِجسْ تاني‪ ,‬سنن أبي داود‪ ,‬تحقيق محمد محيي‪,‬‬ ‫المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا – بيروت‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.325‬‬

‫‪839‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫بداية فإن هذه الخطبة جيده ليست طويلة مملة وليست قصيرة مخلة‪ ,‬فقد كانت ما بين الخمس‬ ‫عشرة دقيقة إلى عشرين دقيقة‪.‬‬ ‫وهي من الناحية اللغوية جيدة‪ ,‬فإن مصطلحاتها سهلة على اللسان وليس فيها غموض للناس‬ ‫يفهمون مصطلحاتها ومفرداتها‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمادة‪ ,‬فإنها مادة علمية جيدة‪ ,‬غالب النصوص التي فيها من القرآن والسنة النبوية‬ ‫الصحيحة وفيها استشهاد جيد من ناحية القصص التي وقعت في زمان النبي صلى هللا عليه وسلم‬ ‫من األحاديث الصحاح‪ ,‬ومثاله االستشهاد بقصة الصحابي الذي أصابه جرح في رأسه فأصابته‬ ‫جنابة فأمره أصحابه باالغتسال بغير علم‪ ,‬فلما اغتسل مات‪ ,‬فأنكر النبي صلى هللا عليه وسلم‬ ‫عليهم هذه الفعل‪ ,‬وهذا إن دل فهو يدل على أن ال يأمر وال ينكر إال من عنده علم بالمسألة‪.‬‬ ‫وإن المصلي عندما يسمع مثل هذه الخطب (األمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فإنه يستفيد منها‬ ‫كثيراً‪ ,‬وقد يتأثر منها ويكون داعية إلى هللا فإن الدعوة إلى هللا ليست محصورة وال محتكرة من‬ ‫الملتزمين فقط‪ ,‬ويستفيد منها المصلي أن لألمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروطا ً يجب التقيد‬ ‫بها‪ ,‬اذكر منها‪:‬‬ ‫الشرط األول‪ :‬اإلخالص‪ :‬ذلك أن هللا تعالى ال يقبل عمل عامل إال إذا أراد بعمله وجه هللا والدار‬ ‫ُ‬ ‫ين ُح َن َفا َء]{البينة ــ ‪,[5‬وقال صلى‬ ‫ين لَ ُه ال ِّد َ‬ ‫هللا م ُْخلِصِ َ‬ ‫اآلخرة‪ ,‬قال سبحانه‪َ } :‬و َما أ ِمرُوا إِ َّال لِ َيعْ ُب ُدوا َّ َ‬ ‫‪19‬‬ ‫هللا عليه وسلم‪" :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى" ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ص َر َوالف َؤادَ ك ُّل‬ ‫ك ِب ِه عِ ْل ٌم إِنَّ ال َّسم َْع َوال َب َ‬ ‫ْس لَ َ‬ ‫الثاني‪ :‬العلم والفقه‪ :‬كما قال تعالى‪َ } :‬و َال َت ْقفُ َما لَي َ‬ ‫ان َع ْن ُه َمسْ ُئ ً‬ ‫وال]{اإلسراء ــ ‪ ,[36‬ويشترط العلم والفقه ألنه إذا لم كذلك كان ما يفسده أكثر‬ ‫ك َك َ‬ ‫أُولَ ِئ َ‬ ‫مما يصلحه‪ ,‬ويشتمل هذا العلم على أصلين‪:‬‬ ‫‪ )1‬األصل األول‪ :‬العلم بالمعروف الذي يأمر به والمنكر الذي ينهى عنه‪:‬‬ ‫والمقصود أن يكون المرء على علم بحقيقة المعروف والمنكر‪ ,‬حتى يدخل فيهما على بصيرة‪ ,‬فإن‬ ‫المضيع لهذا األصل قد يأمر بالمنكر أو ينهى عن المعروف‪ ,‬وهو يظن أنه يحسن صنعا ً‪.‬‬ ‫‪ )2‬األصل الثاني‪ :‬العلم بوقوع المنكر من المأمور حقيقة‪:‬‬ ‫وهو أمر من األهمية بمكان‪ ,‬يغفل عنه كثير ممن يبتغي األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪,‬‬ ‫فتكون النتيجة على نقيض مقاصد الشارع تماما ً‪ ,‬ومثالة‪ :‬كمن يرى أحداً في رمضان وقد نأى عن‬ ‫الناس يأكل في النهار‪ ,‬فيتبادر إلى ذهنه أنه بفعله هذا مجترح لموبقة من الموبقات‪ ,‬مبارز لربه‬ ‫بالمعصية‪ ,‬فيهم بنهيه إلزالة هذا المنكر بإيذائه وربما يضربه‪ ,‬فإذا به يتبين في آخر المطاف أن‬ ‫هذا اآلكل له رخصة شرعية في الفطر بسبب مرض مثال أو سفر‪.‬‬ ‫والثالث من الشروط‪ :‬القدرة على التغيير‪:‬‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬ال ُي َكلِّفُ َّ‬ ‫هللا ُ َن ْف ًسا إِ َّال وُ سْ َع َها]{البقرة ــ ‪ ,[286‬وفي صحيح مسلم قال صلى هللا عليه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫وسلم‪َ " :‬منْ َرأَى ِم ْن ُك ْم ُمن َكرً ا َفل ُي َغيِّرْ هُ ِب َي ِدهِ‪َ ،‬فإِنْ ل ْم َيسْ َتطِ عْ َف ِبل َِسا ِنهِ‪َ ،‬فإِنْ ل ْم َيسْ َتطِ عْ َف ِب َقل ِبهِ‪َ ،‬وذلِ َ‬ ‫َ‬ ‫ان"‪.20‬‬ ‫اإلي َم ِ‬ ‫أضْ َعفُ ْ ِ‬ ‫والرابع‪ :‬الرفق في األمر كله‪:‬‬ ‫وذلك أن المؤمن مأمور باإلحسان إلى عباد هللا في كل أحواله‪ ,‬وملزم بالرفق بالناس والتلطف بهم‬ ‫ِي أَحْ َسنُ ]{النحل ــ‬ ‫ك ِب ْال ِح ْك َم ِة َو ْال َم ْوعِ َظ ِة ْال َح َس َن ِة َو َجاد ِْل ُه ْم ِبالَّتِي ه َ‬ ‫يل َر ِّب َ‬ ‫قال تعالى‪ْ } :‬اد ُع إِلَى َس ِب ِ‬ ‫ُ ِّ ‪21‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫هللا َرف ٌ‬ ‫ِيق ُيحِبُّ الرِّ ْفقَ فِي األمْ ِر كلهِ" ‪.‬‬ ‫‪ ,[125‬وقال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬إِنَّ َ‬ ‫والخامس‪ :‬أن ال يأتي بمنكر أكبر منه‪:‬‬ ‫‪19‬‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.6‬‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول َّ ِ‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬باب َك ْيفَ َكانَ ب َْد ُء َ‬ ‫الوحْ يِ إِلَى رَ س ِ‬ ‫‪20‬‬ ‫َان َك ْو ِن ال َّنهْي َع ِن ْال ُم ْن َكر مِنَ ْاإليم ِ َ‬ ‫اإليمَانَ ي َِزي ُد َو َي ْن ُقصُ ‪َ ،‬وأَنَّ ْاألَ ْمرَ ِب ْال َمعْ رُوفِ‬ ‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬بَابُ َبي ِ‬ ‫َان‪َ ،‬وأنَّ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َان‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.69‬‬ ‫َوال َّن ْهيَ َع ِن ْال ُم ْن َك ِر َوا ِجب ِ‬ ‫‪21‬البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬بَابُ إِ َذا عَ رَّ ضَ ِّ‬ ‫صرِّ حْ ‪َ ،‬نحْ َو َق ْولِهِ‪:‬‬ ‫الذمِّيُّ َو َغ ْي ُر ُه ِبسَ بِّ ال َّن ِبيِّ صَ لَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َولَ ْم ُي َ‬ ‫السَّا ُم َع َل ْيكَ‪ ,‬ج‪ ,9‬ص‪.16‬‬

‫‪840‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫ألن المقصود هو إزالة المنكر لحصول األمن واالستقرار في المجتمع ‪ ,‬فإن كان إنكار المنكر‬ ‫يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى هللا ورسوله‪ ,‬فإنه ال يسوغ إنكاره‪ ,‬بل إنكاره هو عين المنكر‪,‬‬ ‫هللا َع ْدواً ِب َغي ِْر عِ ْل ٍم]{األنعام ــ ‪.[108‬‬ ‫ون َّ ِ‬ ‫ِين َي ْدع َ‬ ‫} َوال َت ُسبُّوا الَّذ َ‬ ‫هللا َف َي ُسبُّوا َّ َ‬ ‫ُون ِمنْ ُد ِ‬ ‫والسادس‪ :‬الحلم والصبر على األذى‪:‬‬ ‫ويشترط في القائم بهذا األصل العظيم أن يكون قوي القلب‪ ,‬صبوراً على األذى‪ ,‬غير جزوع لما‬ ‫ك إِنَّ‬ ‫صا َب َ‬ ‫يصيبه من أذى في هللا‪ ,‬قال تعالى‪َ } :‬و ْأمُرْ ِب ْال َمعْ رُوفِ َوا ْن َه َع ِن ْال ُم ْن َك ِر َواصْ ِبرْ َعلَى َما أَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُور]{لقمان ــ ‪.[17‬‬ ‫َذلِ َ‬ ‫ك ِمنْ َع ْز ِم ْاألم ِ‬ ‫ومن أهم األمور أن هذا الموضوع مالمس للواقع فإن الناس يحتاجون إلى مثل هذه المواضيع‪,‬‬ ‫وتحتاج األمة اإلسالمية في هذا اليوم إلى دعاة وإلى آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر‪ ,‬وأن‬ ‫هذا الموضوع يحتاجه العوام وطالب العلم‪ ,‬وكذلك يحتاجه العلماء لتذكيرهم بهذه الوظيفة العظيمة‬ ‫وهي وظيفة نشر اإلسالم في األرض‪ ,‬وهي وظيفة األنبياء والصالحين‪.‬‬ ‫الفوائد‪:‬‬ ‫أن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية‪.‬‬ ‫ترك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعد من أكبر الذنوب‪.‬‬ ‫أن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو حماية للمجتمع من الوقوع في هاوية االنحراف‪.‬‬ ‫الخطبة الثانية المتعلقة بعلم الدعوة إلى هللا وهي بعنوان‪( :‬آداب الحسبة والمحتسبين)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 15‬من محرم ‪1431‬هـ الموافق‪2010/1/8 :‬م‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫األمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب لتنبيه الغافلين وردع العابثين‪.‬‬ ‫األمر بالمعروف والنهي عن المنكر درع األمن الواقي من عوادي األيام‪.‬‬ ‫ضوابط األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫الصبر على أداء هذه الرسالة‪.‬‬ ‫إ ن هللا امتن علينا بإكمال شريعته وإسباغ نعمته علينا‪ ,‬والمتأمل لشريعة هللا تعالى والمتفكر فيها‬ ‫يعلم أنها من لدن عليم حكيم‪ ,‬فال أكمل وال أجمل من شعيرة شرعها هللا‪ ,‬أو أمر به أو نهيٍ نهى‬ ‫عنه‪ ,‬تقبله العقول السليمة والفطر السوية المستقيمة‪.‬‬ ‫ومن شعائر الدين العظام ومبانيه الجسام‪ ,‬شعيرة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ,‬شعيرة حفظ‬ ‫هللا بها الدين من أيدي العابثين وبعض الغافلين‪ ,‬الذين هم بحاجة لمن يأمر بالخير ويذكرهم به‪,‬‬ ‫وينهاهم عن الشر ويحذرهم منه‪.‬‬ ‫واألمر بالعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم قادر‪ ,‬وهو فرض على الكفاية وفرض‬ ‫عين على القادر الذي لم يقم به غيره‪ ,‬ومن محاسن الشريعة وكمالها أن القيام بهذه العبادة درجات‪,‬‬ ‫كل على حسب علمه وقدرته‪ ,‬فعن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال سمعت رسول هللا صلى‬ ‫هللا عليه وسلم يقول‪َ " :‬منْ َرأَى ِم ْن ُك ْم ُم ْن َكرً ا َف ْل ُي َغيِّرْ هُ ِب َي ِدهِ‪َ ،‬فإِنْ لَ ْم َيسْ َتطِ عْ َف ِبلِ َسا ِنهِ‪َ ،‬فإِنْ لَ ْم َيسْ َتطِ عْ‬ ‫َ‬ ‫ان"‪ ,22‬فهذا الحديث يعلمنا النبي صلى هللا عليه وسلم ضرورة المشاركة‬ ‫اإلي َم ِ‬ ‫َف ِب َق ْل ِبهِ‪َ ،‬و َذل َِك أضْ َعفُ ْ ِ‬ ‫بنصرة الدين حسب االستطاعة‪ ,‬فهذا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بيده وذلك بلسانه وهذا‬ ‫بقلبه فكل على حسب قدرته‪ ,‬وكل يحرص من جانبه‪ ,‬لتنجو سفينة المجتمع وتصل إلى بر األمان‪,‬‬ ‫ونحقق رضى الرحمن جل في عليائه‪.‬‬ ‫وهذه خطبة مليئة بالفوائد‪ ,‬فإن المصلي يخرج وهو مستفيد منها بأن من شروط النصر والثبات‬ ‫ص ُرهُ إِنَّ َّ‬ ‫{ولَ َي ْنص َُرنَّ َّ‬ ‫هللاُ َمنْ َي ْن ُ‬ ‫والتمكين األمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقول هللا تعالى َ‬ ‫هللاَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عْ‬ ‫وُ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ُوا‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫الز‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫آ‬ ‫و‬ ‫ِ َ ُوفِ‬ ‫َ َ‬ ‫ض أَ َقامُوا الص َ​َّال َة َ‬ ‫لَ َق ِويٌّ َع ِزي ٌز (‪)40‬الَّذ َ‬ ‫ِين إِنْ َم َّك َّنا ُه ْم فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُور} [الحج ــ ‪ ,]41 ,40‬ويستفيد المصلي من هذه الخطبة الرائعة‬ ‫َو َن َه ْوا َع ِن ْال ُم ْن َك ِر َو ِ َّ ِ‬ ‫هلل َعا ِق َبة األم ِ‬ ‫‪22‬‬

‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.69‬‬

‫‪841‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫بأن أهم صفات هذه األمة أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر‪ ,‬فاألمر بالمعروف والنهي عن‬ ‫المنكر واجب على كل مسلم أن يقوم بهذه العبادة‪ ,‬كل حسب استطاعته‪.‬‬ ‫ويستفيد بأن القيام بهذه العبادة والتعبد هلل تعالى بهذه الطاعة له آداب وشروط يجب على كل مسلم‬ ‫مراعاتها منها‪ :‬الرفق والتحلي باآلداب عند القيام باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ال سيما إذا‬ ‫كان والداً أو رحما ً أو جاراً أو كبيراً في السن‪ ,‬فالمقصود الرحمة بالناس والشفقة عليهم‪ ,‬ونقلهم‬ ‫من الشر إلى الخير ومن المنكر إلى المعروف‪ ,‬وال يجوز التجسس على عورات المسلمين وسوء‬ ‫الظن بهم‪ ,‬فإن الشرع المطهر أمرك بالمنكر الظاهر الذي تراه بعينك أو تسمعه ممن رآه‪ ,‬واألصل‬ ‫حسن الظن بالمسلمين‪ ,‬وعلى كل مسلم أن يقوم بواجب الحسبة إذا غلب على ظنه أن يزول المنكر‬ ‫أو يقل ضرره ‪ ,‬فإن كان القيام بالحسبة يؤدي إلى شر أكبر أو ضرر أعظم على المجتمع فعلى‬ ‫المحتسب تركه في هذه الحالة فإن الحكمة مطلوبة في مثل هذه المواقف‪.‬‬ ‫ومن آداب المحتسب صدق النية في االحتساب والعلم بما يأمر به وينهى عنه‪ ,‬والحكمة وحسن‬ ‫األسلوب‪ ,‬واللطف‪ ،‬قال تعالى‪ْ :‬‬ ‫ِي‬ ‫ك ِب ْال ِح ْك َم ِة َو ْال َم ْوعِ َظ ِة ْال َح َس َن ِة َو َجاد ِْل ُه ْم ِبالَّتِي ه َ‬ ‫يل َر ِّب َ‬ ‫{اد ُع إِلَى َس ِب ِ‬ ‫أَحْ َسنُ }[النحل ــ ‪.]125‬‬ ‫َ‬ ‫وكذلك يستفيد المصلي الصبر في االحتساب كما قال لقمان الحكيم البنه وهو يعظه { َيا ُب َنيَّ أق ِ​ِم‬ ‫ُ‬ ‫ُور} [لقمان‬ ‫ك إِنَّ َذلِ َ‬ ‫صا َب َ‬ ‫الص َ​َّال َة َو ْأمُرْ ِب ْال َمعْ رُوفِ َوا ْن َه َع ِن ْال ُم ْن َك ِر َواصْ ِبرْ َعلَى َما أَ َ‬ ‫ك ِمنْ َع ْز ِم ْاألم ِ‬ ‫ـــ‪.]17‬‬ ‫الفوائد التي توصل إليها‪:‬‬ ‫أن من حضر مجلسا ً يعصى هللا فيه فإنه عليه اإلنكار إن استطاع وإال خرج‪.‬‬ ‫أن القيام بهذه العبادة والتعبد هلل بها لها آداب وشروط يجب على كل مسلم مراعاتها‪.‬‬ ‫أن ترك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعرض المجتمع لمقت هللا وسخطه وعقوبته‪.‬‬ ‫أن من أسباب النصر والثبات والتمكين أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر‪.‬‬ ‫أن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم قادر‪.‬‬ ‫الخطبة الثالثة المتعلقة بعلم الدعوة إلى هللا وهي بعنوان‪( :‬الدعوة إلى هللا مسؤولية األمة)‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫عموم رسالة محمد صلى هللا عليه وسلم وقيامة بمسؤولية الدعوة إلى هللا‪.‬‬ ‫إستشعار الصحابة رضي هللا عنهم بمسؤولية الدعوة وقيامهم بها‪.‬‬ ‫الدعوة إلى هللا سبب للفالح وحماية العباد والبالد من الهالك‪.‬‬ ‫الدعوة إلى هللا فرض على األمة جميعا‪.‬‬ ‫بدا ية إن هذه الخطبة هي في الحقيقة من أجمل ما قرأت من خطب وزارة األوقاف‪ ,‬فإنها تحث‬ ‫على أن ينشغل المسلمون في الدعوة إلى هللا‪ ,‬والهدف منها هو توجيه الناس إلى توحيد هللا‬ ‫{ولَ َق ْد َب َع ْثنا فِي ُك ِّل أ ُ َّم ٍة َرسُوالً‬ ‫ودعوتهم إلى عبادته وحده ال شريك له‪ ,‬كما قال هللا سبحانه وتعالى‪َ :‬‬ ‫هللاَ َواجْ َت ِنبُوا َّ‬ ‫أَ ِن اعْ ُب ُدوا َّ‬ ‫الطا ُغوتَ } [النحل ــ ‪ ,]36‬وقد كان األنبياء يبعثون إلى أقوامهم خاصة‪ ,‬أما‬ ‫ان‬ ‫ك الَّذِي َن َّز َل ْالفُرْ َق َ‬ ‫ار َ‬ ‫نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم فبعثه هللا إلى الناس أجمعين‪ ,‬قال تعالى‪َ { :‬ت َب َ‬ ‫ِين َن ِذيرً ا} [الفرقان ــ ‪ ,]1‬فدعوة العالمين ال يحدها زمن أو قطر أو جنس‪.‬‬ ‫ون ل ِْل َعالَم َ‬ ‫َعلَى َع ْب ِد ِه لِ َي ُك َ‬ ‫ولقد ُ‬ ‫طعِمت هذه الخطبة باآليات واألحاديث الشريفة والسير وأقوال الصحابة‪ ,‬ولقد كان لنا في‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أسوة حسنة‪ ,‬فلقد عرف رسولنا صلى هللا عليه وسلم عظم‬ ‫المسؤولية الملقاة على عاتقه‪ ,‬فقام بها خير قيام‪ ,‬فدعا إلى هللا ليالً ونهاراً‪ ,‬سراً وجهاراً‪ ,‬يأتي أندية‬ ‫العرب وأسواقهم‪ ,‬وقوافل الحجيج ومنازلهم‪ ,‬فيعرض عليهم دعوته‪ ,‬ويطالبهم بأن يحموها ولهم‬ ‫الجنة‪ ,‬فمن مستجيب‪ ,‬ومن راد‪ ,‬ومن متوقف‪ ,‬وناله من قومه ما ناله‪ ,‬فقالوا عنه‪ :‬كذاب‪ ,‬ساحر‪,‬‬ ‫‪842‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫شاعر‪ ,‬مجنون‪ ,‬مفتر على هللا‪ ,‬ويلقى على ظهره سال الجزور‪ ,23‬ويوضع أمام بيته الشوك‪ ,‬وهو‬ ‫مع ذلك كله فهو صابر محتسب‪ ,‬كان كل همه صلى هللا عليه وسلم كيف ينقذ الناس من الضالل‬ ‫إلى الهدى‪ ,‬ومن الشرك إلى التوحيد‪ ,‬ومن النار إلى الجنة‪.‬‬ ‫ولقد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يحزن لعدم إيمان المشركين‪ ,‬كما وصف هللا سبحانه‬ ‫ك‬ ‫وتعالى حزن النبي صلى هللا عليه وسلم وهمه لعدم إيمان قومه في القرآن‪ ,‬فقال تعالى‪{ :‬لَ َعلَّ َ‬ ‫ِين} [الشعراء‪ ]3 -‬أي لعلك قاتل نفسك ومهلكها هما ً وغما ً وحزنا ً لعدم‬ ‫ك أَ َّال َي ُكو ُنوا م ُْؤمِ ن َ‬ ‫َبا ِخ ٌع َن ْف َس َ‬ ‫إيمانهم‪.‬‬ ‫وقد ورث الصحابة رضي هللا عنهم هم النبي صلى هللا عليه وسلم وحرصه على هداية البشرية‬ ‫والعالم أجمع وعلموا أن نشر الدين والقيام بشأنه مسؤوليتهم‪ ,‬ولذلك جابوا األرض شرقا ً وغربا ً‪,‬‬ ‫شماالً وجنوبا ً‪ ,‬ليبلغوا هذا الدين العظيم للعالم‪ ,‬ففتح هللا على أيديهم بالد فارس والشام ومصر‬ ‫وشمال المغرب وغيرها من األمصار‪ ,‬وفي كل بلد يفتحونه ينشرون الدين‪ ,‬فيدخل الناس في دين‬ ‫هللا أفواجا‪ ,‬لما يرون من سماحة اإلسالم‪ ,‬وجميل أخالق المسلمين‪.‬‬ ‫هكذا كان الصحابة رضي هللا عنهم يستشعرون أنهم مكلفون من هللا عز وجل بتبليغ الدين للناس‪,‬‬ ‫هللا َعلَى‬ ‫وذلك ألنهم فقهوا قول هللا عز وجل لنبيه صلى هللا عليه وسلم { قُ ْل َه ِذ ِه َس ِبيلِي أَ ْدعُو إِلَى َّ ِ‬ ‫ِين} [يوسف ــ ‪ ,]108‬فمعنى اآلية قل يا‬ ‫هللا َو َما أَ َنا م َِن ْال ُم ْش ِرك َ‬ ‫ان َّ ِ‬ ‫ير ٍة أَ َنا َو َم ِن ا َّت َب َعنِي َو ُسب َْح َ‬ ‫بَصِ َ‬ ‫محمد للثقلين ــ اإلنس والجن ــ إن الدعوة إلى هللا على علم ويقين هي طريقتي ومسلكي وكذلك‬ ‫هي طريقة أتباعي‪.‬‬ ‫ان لَ ُه م َِن ْاألَجْ ر م ِْث ُل أ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫نْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ج‬ ‫ك‬ ‫ى‪،‬‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫"‬ ‫وسلم‪:‬‬ ‫قال صلى هللا عليه‬ ‫َ‬ ‫ُور َمنْ َت ِب َعهُ‪َ ،‬ال َي ْنقُصُ َذ ِل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُور ِه ْم َش ْي ًئا‪.24"...‬‬ ‫ِمنْ أج ِ‬ ‫ُّك لِ ُي ْهل َِك ْالقُ َرى‬ ‫ان َرب َ‬ ‫{و َما َك َ‬ ‫وجعل القيام بالدعوة سببا ً لحماية البالد والعباد من الهالك‪ ,‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫ِب ُ‬ ‫ُون} [هود ــ ‪ ]117‬أي‪ :‬قائمون ومستمرون باإلصالح‪ ,‬فكم صححت الدعوة‬ ‫ظ ْل ٍم َوأَهْ ل ُ َها مُصْ لِح َ‬ ‫من عقائد‪ ,‬وأخرجت من الظلمات‪ ,‬وأنقذت من شرك‪ ,‬ومحت من بدعة‪ ,‬وأحيت من سنة‪ ,‬وكم‬ ‫كانت بعد هللا سببا ً في حماية الشباب والمراهقين من براثن الكفر واإللحاد والضالل‪ ,‬والزندقة‬ ‫والفجور واالنحالل‪ ,‬وكم كانت سببا في انتشار التدين والتعبد هلل‪.‬‬ ‫وإن الدعوة إلى هللا ليست من نافلة األعمال‪ ,‬وخاصة في هذا الزمان‪ ,‬بل هي فرض كفاية على‬ ‫األمة‪ ,‬كل على حسب استطاعته‪ ,‬من طباعة مصحف أو كتاب‪ ,‬أو توزيع شريط نافع أو بناء‬ ‫مسجد‪ ,‬أو كفالة أئمة ودعاة‪ ,‬أو إنشاء مراكز إسالمية ومعاهد شرعية‪ ,‬أو تبليغ علم شرعي‪ ,‬أو‬ ‫أمر بالمعروف ونهي عن المنكر‪ ,‬أو غير ذلك من المجاالت النافعة‪ ,‬والرسول صلى هللا عليه‬ ‫وسلم يسر الدعوة لجميع الناس فقال صلى هللا عليه وسلم‪َ " :‬بلِّ ُغوا َع ِّني َولَ ْو آ َي ًة"‪.25‬‬ ‫وإذا تخلت األمة عن دورها الدعوي في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ :‬تكون أثمة‪ ,‬ويوشك‬ ‫أن يأتيها العذاب من هللا‪ ,‬فعن حذيفة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪َ " :‬والَّذِي َن ْفسِ ي‬ ‫ِب َي ِد ِه لَ َتأْ ُمرُنَّ ِبال َمعْ رُوفِ َولَ َت ْن َهوُ نَّ َع ِن ْال ُم ْن َك ِر أَ ْو لَيُوشِ َكنَّ َّ‬ ‫هللا ُ أَنْ َيب َْع َ‬ ‫ث َعلَ ْي ُك ْم عِ َقابًا ِم ْن ُه ُث َّم َت ْدعُو َن ُه َفالَ‬ ‫يُسْ َت َجابُ لَ ُك ْم"‪.26‬‬ ‫والفوائد التي توصلت إليها في هذه الخطبة‪:‬‬ ‫‪ .1‬أن الهدف من الدعوة إلى هللا هو توجيه الناس إلى توحيد هللا وعدم اإلشراك به‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن األنبياء بعثوا إلى أقوامهم خاصة ونبينا بعث إلى الناس كافة‪.‬‬ ‫‪ .3‬أن الداعية إلى هللا يجب أن يدعو على علم ويقين‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫السال هي الكرشة‪ ,‬والجزور هو الجمل‪.‬‬ ‫‪24‬‬ ‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.2060‬‬ ‫‪25‬‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.170‬‬ ‫‪26‬‬ ‫الترمذي‪ ,‬سنن الترمذي‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.38‬‬

‫‪843‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫‪ .4‬أن خيرية هذه األمة في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر‪.‬‬ ‫‪ .5‬ان القيام بالدعوة سبب لحماية البالد والعباد من الهالك‪.‬‬ ‫هذه نماذج من الخطب التي تتعلق في موضوع العقيدة والدعوة إلى هللا‪ ,‬أردت أن أبين ما تحتويه‬ ‫هذه الخطب من مواعظ وفوائد ومعلومات وفوائد يستفيد منها المصلي‪ ,‬ورأيي أن مثل هذه الخطب‬ ‫يحتاجها الناس اليوم وهي من المعلوم من الدين بالضرورة‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‬ ‫المضامين المتعلقة بالشريعة‬ ‫وعدد الخطب التي تتعلق في مضمون الشريعة خالل الثالث أعوام (‪ )2011/2010/2009‬هي‬ ‫‪ 29‬خطبة وسأكتفي بعرض ثالث نماذج من هذه الخطب‪:‬‬ ‫الخطبة األولى المتعلقة بالشريعة اإلسالمية هي بعنوان‪( :‬محاسن األحكام الشرعية)‬ ‫وكانت هذه الخطبة بتاريخ ‪ 5‬من جمادي اآلخرة ‪1430‬هـ الموافق ‪2009/5/29‬م‬ ‫إن هذه الخطبة تناولت العناصر التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬امتنان هللا تعالى على الناس بالدين القويم‪.‬‬ ‫‪ .2‬ذكر بعض مزايا الشريعة اإلسالمية ومحاسنها‪.‬‬ ‫‪ .3‬حفظ الشريعة اإلسالمية لمقومات حياة الناس‪.‬‬ ‫وهذه الخطبة من ناحية الوقت جيدة ليست طويلة مملة وال قصيرة مخلة‪ ,‬وإنما هي متوسطة‪,‬‬ ‫وكذلك عباراتها سهلة على عقول الناس وال تحتاج إلى شرح أو تبسيط‪.‬‬ ‫وأما من حيث المادة فهي مادة علمية يخرج منها المصلي وهو حامد لربه أنه امتن علينا بهذه‬ ‫الشريعة الميسرة‪ ,‬فهي الشريعة التي توافق الفطرة وميسرة على الناس‪ ,‬فمن دخل في هذا الدين‬ ‫القويم يطمئن‪ ,‬ألنه دخل في دين العدل والمساواة ودين الوسطية واالستقامة والخيرية كما قال‬ ‫{و َك َذل َِك َج َع ْل َنا ُك ْم أُم ًَّة َو َس ًطا لِ َت ُكو ُنوا ُ‬ ‫ون الرَّ سُو ُل َعلَ ْي ُك ْم‬ ‫اس َو َي ُك َ‬ ‫سبحانه وتعالى َ‬ ‫ش َه َدا َء َعلَى ال َّن ِ‬ ‫َش ِهي ًدا} [البقرة ــ ‪ ,] 143‬فهو أعظم وأجمل وأضبط وأعدل دين على وجه األرض‪ ,‬وهذه الخطبة‬ ‫غنية باالستشهاد بالقرآن والسنة‪ ,‬وتكلمت هذه الخطبة عن محاسن الشريعة من حيث أنها تجمع‬ ‫كل ما يحتاج إليه البشر من حاجات الروح والجسد واألطعمة واألشربة واألحكام واألخالق‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫ويستفيد منها المصلي أن يعرف محاسن شريعته ودينه‪ ,‬ويعرف أن اإلسالم دين االستقامة‬ ‫والسلوك القويم والوسطية واألخالق ودين العزم والخير والرخص عند الضرورة والعدل والفوز‬ ‫بالفردوس‪ ,‬ويخرج المصلي من المسجد وهو يعرف أن هللا سبحانه وتعالى أباح له من األطعمة‬ ‫هلل‬ ‫ِين آ َم ُنوا ُكلُوا مِ نْ َط ِّي َبا ِ‬ ‫ت َما َر َز ْق َنا ُك ْم َوا ْش ُكرُوا ِ َّ ِ‬ ‫واألشربة ما لذ وطاب كما قال تعالى‪َ { :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬ ‫ون} [البقرة ــ ‪ ,]172‬وحرم عليه كل ما هو ضار وخبيث‪ ,‬وما يعود به على‬ ‫إِنْ ُك ْن ُت ْم إِيَّاهُ َتعْ ُب ُد َ‬ ‫{و ُي ِح ُّل لَ ُه ُم َّ‬ ‫الط ِّيبَاتِ‬ ‫اإلنسان نفسه من الضرر والهالك‪ ,‬أو ضياع الخلق والقيم كما قال تعالى‪َ :‬‬ ‫َوي َُحرِّ ُم َعلَي ِْه ُم ْال َخ َبائ َ‬ ‫ِث} [األعراف ــ ‪ ,]157‬ويخرج المصلي وهو عالم أن هذه المحرمات التي‬ ‫هي من الخبائث مباحة عند الضرورات التي يخشى اإلنسان من الهالك كما قال تعالى‪َ { :‬ف َم ِن‬ ‫اضْ ُ‬ ‫طرَّ َغي َْر َباغ َو َال َعا ٍد َف َال إِ ْث َم َعلَ ْي ِه إِنَّ َّ‬ ‫هللاَ َغفُو ٌر َرحِي ٌم} [البقرة ــ‪ ,]173‬ويخرج المصلي وهو‬ ‫ٍ‬ ‫يعلم أن الشريعة اإلسالمية لم تنس حقوق العباد من حيث حاجات الروح والجسد‪ ,‬ومن تعلق العبد‬ ‫بربه وتعلقه بالعبادات‪ ,‬ما يمأل قلبه باليقين واإليمان‪ ,‬ومن الصلوات واألذكار وقراءة القرآن‪,‬‬ ‫والصيام والزكاة والحج واإلحسان إلى الناس بأنواع البر واإلكرام‪ ,‬ولم تنس حقوق العبد من حيث‬ ‫الغريزة الجنسية فشرع له الزواج‪ ,‬ورغب فيه الشرع غاية الترغيب‪ ,‬وبين ما فيه من الحكم‬ ‫والمنافع‪ ,‬من استقرار النفوس‪ ,‬ووجود الذرية‪ ,‬وتحقيق المودة والرحمة‪ ,‬في حين حرم الفواحش‬ ‫تحريما بليغا‪ ,‬وسد بابها سداً منيعا ً‪ ,‬لما يترتب عليها من ذهاب المروءة والفضائل‪ ,‬وانتشار‬ ‫األمراض‪ ,‬وضياع األنساب واألحساب‪.‬‬ ‫‪844‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫هذا الموضوع مالمس للواقع من حيث الناس الذين عندهم شبهات المستشرقين في الطعن باإلسالم‬ ‫وشريعته‪ ,‬وهذه الخطبة مهمة جدا للمصلي حتى يحمد هللا تعالى على هذا الدين الكامل الذي ال‬ ‫يشوبه نقص وال تناقض وال تعسير على الناس‪ ,‬وأن يحمد هللا على أعظم نعمة وهي نعمة هداية‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫والفوائد التي توصلت إليها هي‪:‬‬ ‫أن اإلسالم هو الدين الكامل على وجه األرض لقوله تعالى‪ْ :‬‬ ‫{ال َي ْو َم أَ ْك َم ْل ُ‬ ‫ت لَ ُك ْم دِي َن ُك ْم} [المائدة ــ‬ ‫‪.]3‬‬ ‫يت لَ ُك ُم ِْ‬ ‫{و َرضِ ُ‬ ‫اإلسْ َال َم دِي ًنا} [المائدة ــ ‪.]3‬‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال‬ ‫كما‬ ‫لعباده‬ ‫ربنا‬ ‫ارتضاه‬ ‫الذي‬ ‫هو‬ ‫اإلسالم‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫أن اإلسالم نادى بالسلوك المنهجي الوسطي‪.‬‬ ‫أن اإلسالم راعى الضروريات الخمس وهي ‪ :‬الدين‪ ,‬العقل‪ ,‬النفس‪ ,‬النسل‪ ,‬المال‪.‬‬ ‫أن العبد مرتبط بكل أوامر الشريعة ونواهيها‪.‬‬ ‫الخطبة الثانية المتعلقة بالشريعة اإلسالمية وهي بعنوان‪( :‬الحجاب عفة وطهارة)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪14‬من صفر ‪1431‬هـ الموافق‪2010/1/29 :‬م‪.‬‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫قصة أم خالد رغم مصابها‪.‬‬ ‫الحجاب صون للمرأة وكرامة وكبرياء‪.‬‬ ‫من مقتضيات الحجاب البعد عن االختالط والتبرج‪.‬‬ ‫شروط الحجاب الشرعي‪.‬‬ ‫إن هذه الخطبة مفيدة جداً للمعلومات الشرعية عن الحجاب والعفة‪ ,‬وأنها طعمت بالسيرة النبوية‬ ‫الشريفة وأبيات الشعر‪ ,‬وذكر فيها كيف أن الصحابيات كن يتمسكن بالحجاب‪ُ ,‬‬ ‫فذكِرت أم خالد في‬ ‫هذه الخطبة‪ ,‬وقصتها الشهيرة بأن أم خالد جاءت في إحدى الغزوات‪ ,‬تبحث عن ولدها بين جثث‬ ‫الشهداء‪ ,‬وكانت هذه المرأة محجبة منتقبة‪ ,‬ال يظهر منها إال عين واحدة‪ ,‬فتعجب الصحابة رضي‬ ‫هللا عنهم وقالوا‪ :‬يا أم خالد كيف تبحثين عن ولدك بين القتلى وبك ما بك من الحزن وما زلت‬ ‫تنتقبين؟! أما دفعك حر المصاب وألم الفراق إلى أن تخلعي عنك حجابك؟ فماذا كانت إجابة هذه‬ ‫المؤمنة الصادقة والعفيفة الطاهرة‪ ,‬التي استقت الهدى من معين رسولنا الكريم صلى هللا عليه‬ ‫وسلم‪ ,‬قالت لهم‪ :‬يا إخوتاه إن أرزأ في ولدي وفلذة كبدي فلن أرزأ في إيماني وحيائي‪ ,‬وهكذا‬ ‫تكون المؤمنات‪ ,‬سائرات على نهج الصالحات‪ ,‬ولسان حالهن يقول‪:‬‬ ‫بيد العفاف أَصون عز حجابي‬ ‫َ‬ ‫ِو ِبعِص َمتي أعلو َعلى أترابي‬ ‫ضرَّ ني أَدبي َوحُسنُ َت َعلُّمي‬ ‫ما َ‬ ‫هرة االِلباب‬ ‫اال َبكوني َز َ‬ ‫ما عا َقني َحجلي َعن العليا َوال‬ ‫َسدل الخِمار ِبلِمَّتي َونِقابي‬ ‫فمعي النساء السائرات على الهدى‬ ‫ومعي الحياء وفطرتي وكتابي‬ ‫سأظل أرقى للسماوات العلى‬ ‫وأظل أحيا في هدى المحراب‬ ‫وأن من أعظم مقاصد هذا الدين‪ ,‬إقامة مجتمع طاهر ال ُخلق سياجه‪ ,‬والعفة طابعه‪ ,‬والحشمة‬ ‫شعاره‪ ,‬والوقار دثاره‪ ,‬مجتمع ال تستفزه الشهوات‪ ,‬وال تثار فيه عوامل الفتنة‪ ,‬تضعف فيه فرص‬ ‫الغواية‪ ,‬وتقطع فيه أسباب التهييج واإلثارة‪.‬‬ ‫ويستفيد المصلي من هذه الخطبة بأن النساء العاريات المائالت المميالت يعذبن في النار‬ ‫ورؤوسهن كأسنمة البخت المائلة‪ ,‬وأنهن ال يدخلن الجنة وال يجدن ريحها‪ .‬ويستفيد المصلي أيضا ً‬ ‫‪845‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫أن النساء يجب عليهن أن ال يختلطن بالرجال أو الزحام في الطرقات‪ ,‬وال يخرجن متزينات‬ ‫متعطرات‪ ,‬إال عند المحارم أو في مجامع النساء‪.‬‬ ‫ويستفيد المصلي من هذه الخطبة بأن للحجاب ضوابط وشروطا ً‪ ,‬وهي أن يكون ساتراً لجميع‬ ‫البدن‪ ,‬وأن يكون كثيفا غير رقيق وال شفاف‪ ,‬وأن يكون واسعا ً غير ضيق‪ ,‬وال يجسم العورة‪ ,‬وال‬ ‫يظهر مفاتن المرأة‪ ,‬وأال يكون زينة في نفسه أو ذا ألوان جذابة يلفت األنظار‪ ,‬وأال يكون معطراً‪,‬‬ ‫وأال يشبه لباس الرجال‪ ,‬أو لباس الكافرات والفاجرات‪.‬‬ ‫ويخرج أيضا ً المصلي وهو مستفيد بأن مسألة النقاب الشرعي هي درجة عالية في الستر‬ ‫والطهر‪ ,‬ينبغي للمؤمنات التشبث به‪ ,‬سيراً على خطى الصالحات األوليات‪ ,‬معرضات كل‬ ‫اإلعراض عما يثار حول النقاب من الشبهات‪ ,‬فإنه ليس من التشدد والغلو‪ ,‬بل امتثال وانقياد‬ ‫وسمو‪.‬‬ ‫النتائج‪:‬‬ ‫أن الحزن وحر المصاب وآلم الفراق ال يؤدي إلى التخلي عن الحجاب‪.‬‬ ‫أن الحجاب من مقاصد هذا الدين العظيم‪.‬‬ ‫أن الجلباب هو كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم‪.‬‬ ‫نهي النساء عن الخضوع بالقول والتبرج تبرج الجاهلية األولى‪.‬‬ ‫أن ال تختلط النساء بالرجال أو بمزاحمتهم في الطرقات‪.‬‬ ‫الخطبة الثالثة المتعلقة بالشريعة اإلسالمية هي بعنوان‪( :‬والذين هم للزكاة فاعلون)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 12‬من رمضان ‪1432‬هـ الموافق‪2011/8/12 :‬م‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫كثرة نعم هللا علينا ووجوب شكرها‪.‬‬ ‫أهمية الزكاة واألدلة على وجوبها‪.‬‬ ‫التحذير من منع الزكاة وبيان العقوبة المترتبة على ذلك‪.‬‬ ‫من شكر نعمة المال أداء الزكاة‪.‬‬ ‫فإن هذه الخطبة قصيرة بعض الشيء فهي ما بين عشر دقائق إلى خمس عشرة دقيقة‪ ,‬وهي مهمة‬ ‫في الشريعة اإلسالمية فإن مانعي الزكاة قد يمنعون الخير عن البلد من امتناع األمطار‪ ,‬وتمنع‬ ‫هللا‬ ‫ْن ُع َم َر‪َ ،‬قا َل‪ :‬أَ ْق َب َل َعلَ ْي َنا َرسُو ُل َّ ِ‬ ‫األرض من نباتها وشجرها‪ ,‬ففي سنن ابن ماجه َعنْ َع ْب ِد َّ ِ‬ ‫هللا ب ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اهلل أنْ ُت ْد ِر ُكوهُنَّ ‪:‬‬ ‫ين َخمْسٌ إِ َذا ا ْب ُتلِي ُت ْم ِب ِهنَّ ‪َ ،‬وأعُوذ ِب ِ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪َ ،‬ف َقا َل‪َ " :‬يا َمعْ َش َر ْال ُم َها ِج ِر َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِيه ُم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الطاعُونُ ‪َ ،‬و ْاألَ ْو َجا ُع الَّتِي لَ ْم َت ُكنْ‬ ‫ُعْ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ش‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫‪،‬‬ ‫ط‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ش‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ظ‬ ‫ت‬ ‫لَ ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬ ‫َِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ض ْوا‪َ ،‬ول ْم َينقصُوا ال ِمك َيا َل َوالم َ‬ ‫ِين‪َ ،‬وشِ َّد ِة ال َمئو َنةِ‪،‬‬ ‫ان‪ ،‬إِال أخِذوا ِبال ِّسن َ‬ ‫ِيز َ‬ ‫ِين َم َ‬ ‫ت فِي أسْ الف ِ​ِه ُم الذ َ‬ ‫َم َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اء‪َ ،‬ولَ ْو َال ْال َب َها ِئ ُم لَ ْم‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ُوا‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ِه‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ْو‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ز‬ ‫ُوا‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ْه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ان‬ ‫ط‬ ‫ُّل‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ َ ِْ َ ْ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ِْ ِ‬ ‫َو َج ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫هللا‪َ ،‬و َعهْدَ َرسُولِهِ‪ ،‬إِال َسلط هللا ُ َعلي ِْه ْم َع ُدوا ِمنْ َغي ِْر ِه ْم‪َ ،‬فأ َخذوا َبعْ َ‬ ‫ُي ْم َطرُوا‪َ ،‬ول ْم َينقضُوا َعهْدَ ِ‬ ‫‪27‬‬ ‫ْ‬ ‫هللاُ‪ ،‬إِ َّال َج َع َل َّ‬ ‫هللا‪َ ،‬و َي َت َخ َّيرُوا ِممَّا أَ ْن َز َل َّ‬ ‫هللاُ َبأ َس ُه ْم َب ْي َن ُه ْم" ‪.‬‬ ‫ِيه ْم‪َ ،‬و َما لَ ْم َتحْ ُك ْم أَ ِئ َّم ُت ُه ْم ِب ِك َتا ِ‬ ‫ب َّ ِ‬ ‫َما فِي أَ ْيد ِ‬ ‫ْ‬ ‫وهذه الخطبة تكلمت عن حكم الزكاة وأنها ركن من أركان اإلسالم الخمسة‪ ,‬ولم تفصل في كيفية‬ ‫إخراجها ألن فقه الزكاة يصعب فهمه لعامة الناس ويحتاج إلى شرح وتبسيط وال يصلح أن يكون‬ ‫شرح فقه الزكاة في خطبة الجمعة‪ ,‬بل يصلح أن يكون درسا ً علميا ً‪ ,‬ولكن هذه الخطبة تكلم ْ‬ ‫ت عن‬ ‫ْ‬ ‫وتكلمت عن العقوبات التي تترتب‬ ‫وجوب إخراج الزكاة فقط‪ ,‬وأهميتها واألدلة من القرآن والسنة‪,‬‬ ‫على مانعي الزكاة‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫ابن ماجه‪ ,‬سنن ابن ماجه‪ ,‬ابن ماجة ‪ -‬وماجة اسم أبيه يزيد ‪ -‬أبو عبد هللا محمد بن يزيد القزويني‪ ,‬المحقق‪ :‬شعيب‬ ‫األرنؤوط‪ ,‬دار الرسالة العالمية‪ ,‬ط األولى‪1430 ,‬هـ‪ ,‬باب العقوبات‪ ,‬ج‪ ,2‬ص‪ ,1332‬رقم الحديث ‪ ,4019‬حسنه‬ ‫األلباني‪.‬‬

‫‪846‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫ويستفيد المصلي من هذه الخطبة أن هللا سبحانه وتعالى أنعم علينا نعما ً ال تعد وال تحصى من‬ ‫األموال والخيرات والصحة واألمن واألمان وغيرها من النعم التي ال حصر لها‪ ,‬ويستفيد أيضا أن‬ ‫الزكاة من أعظم أركان اإلسالم وهي قرينة مع الصالة ‪.‬‬ ‫ومن أهم األمور التي يستفيد منها المصلي أن الذي يخرج الزكاة هو في الحقيقة يطهر قلبه ونفسه‪,‬‬ ‫وتزكية لها من الشح‪ ,‬ومواساة ألهل الفقر والحاجة‪ ,‬فالمسلمون كالبنيان يشد بعضه بعضا ً‪ ,‬ويستفيد‬ ‫المصلي أن ال تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربعة‪ ,‬منها ماله من أين أكتسبه وفيما‬ ‫أنفقه‪ ,28‬فاهلل سبحانه وتعالى يحاسب العبد في ماله إن لم يؤدي الزكاة‪.‬‬ ‫ومن أهم األمور التي تفرح العبد هو أن هللا أمتدح المزكين في القرآن قال تعالى‪َ { :‬ق ْد أَ ْفلَ َح‬ ‫ِين ُه ْم‬ ‫ُون (‪َ )3‬والَّذ َ‬ ‫ِين ُه ْم َع ِن اللَّ ْغ ِو مُعْ ِرض َ‬ ‫ُون (‪َ )2‬والَّذ َ‬ ‫ص َالت ِ​ِه ْم َخاشِ ع َ‬ ‫ين ُه ْم فِي َ‬ ‫ون (‪ )1‬الَّ ِذ َ‬ ‫ْالم ُْؤ ِم ُن َ‬ ‫ل َّ‬ ‫ون} [المؤمنون ــ ‪ ,]4 / 1‬وبين سبحانه أن الزكاة في مقدمة األعمال التي تستجلب بها‬ ‫ِلز َكا ِة َفا ِعلُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ون الز َكا َة‬ ‫رحمته الواسعة‪ ,‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ون َوي ُْؤت َ‬ ‫ِين َيتق َ‬ ‫{‪...‬و َرحْ َمتِي َوسِ َعت ك َّل َشيْ ٍء َف َسأكت ُب َها لِلذ َ‬ ‫َ‬ ‫ون} [األعراف ــ‪ ,]156‬وفي كثير من المواضع في الكتاب المبين إذا ذكر‬ ‫ِين ُه ْم ِبآ َيا ِت َنا ي ُْؤ ِم ُن َ‬ ‫َوالَّذ َ‬ ‫هللا تعالى سمات عبادة المؤمنين يذكر سمة عظيمة وهي‪ :‬أداء الزكاة‪ ,‬ترغيبا في أدائها‪ ,‬وترهيبا‬ ‫من منعها‪ ,‬ويستفيد المصلي من أن هللا سبحانه وتعالى قد ابتلى األغنياء بغناهم ليشكروا‪ ,‬وابتلى‬ ‫ُون} [األنبياء ــ ‪,]35‬‬ ‫{و َن ْبلُو ُك ْم ِبال َّشرِّ َو ْال َخي ِْر ِف ْت َن ًة َوإِلَيْنا ُترْ َجع َ‬ ‫الفقراء بفقرهم ليصبروا‪ ,‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫وهللا أعلم‪.‬‬ ‫ومثل هذه الخطب يحتاجها الناس اليوم ألن الفقراء والمساكين الذين ال مأوى لهم يزداد عددهم‬ ‫بكثرة‪ ,‬فلو أدى األغنياء زكاتهم لما وجدت فقيرا مسلما ً‪ ,‬فاألغنياء اليوم يحتاجون إلى من يذكرهم‬ ‫{و َذ ِّكرْ َفإِنَّ ِّ‬ ‫ِين} [الذاريات ــ‪ ,]55‬فهو موضوع مهم‬ ‫الذ ْك َرى َت ْن َف ُع ْالم ُْؤ ِمن َ‬ ‫بإخراج الزكاة قال تعالى‪َ :‬‬ ‫في الشريعة اإلسالمية للغاية‪.‬‬ ‫النتائج التي توصلت إليها هذه الخطبة‪:‬‬ ‫هللا َال ُتحْ صُوها} [ النحل ‪:‬‬ ‫أن نعم هللا على الناس ال تعد وال تحصى قال تعالى‪َ { :‬وإِنْ َت ُعدُّوا ِنعْ َم َة َّ ِ‬ ‫‪.]18‬‬ ‫أن هللا ابتلى األغنياء بغناهم ليشكروا‪ ,‬وابتلى الفقراء بفقرهم ليصبروا قال تعالى‪َ { :‬فأَمَّا ِْ‬ ‫اإل ْن َسانُ إِذاَ‬ ‫َما ا ْب َت َالهُ َر ُّب ُه َفأ َ ْك َر َم ُه َو َن َّع َم ُه َف َي ُقو ُل َربِّي أَ ْك َر َم ِن (‪َ )15‬وأَمَّا إِ َذا َما ا ْب َت َالهُ َف َقدَ َر َعلَ ْي ِه ِر ْز َق ُه َف َيقُو ُل‬ ‫َربِّي أَ َها َن ِن} [الفجر ‪.]15,16 :‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِين ُه ْم ل َّ‬ ‫ون} [ المؤمنون ‪.]4 :‬‬ ‫ِلز َكا ِة َفاعِ ل َ‬ ‫أن هللا امتدح الذين يؤدون زكاتهم قال تعالى‪َ { :‬والذ َ‬ ‫أن الزكاة واجبة على الغني التي تنطبق عليه شروط الزكاة‪ ,‬وأن هللا أمر بها وحث عليها قال‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫{ َوفِي أَم َْوال ِ​ِه ْم َح ٌّق لِلسَّائ ِ​ِل َو َْ‬ ‫حْ‬ ‫ُوم} [ الذاريات ‪.]19 :‬‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫هذه نماذج من الخطب التي تتعلق في موضوع الشريعة اإلسالمية‪ ,‬أردت أن أبين ما تحتويه هذه‬ ‫الخطب من مواعظ وفوائد ومعلومات ونتائج يستفيد منها المصلي‪ ,‬ورأيي أن المصلي يستفيد من‬ ‫هذه الخطب ويعرف أن الدين اإلسالمي هو الدين الذي يوافق الفطرة‪,‬وأن الدين اإلسالمي كامل ال‬ ‫نقص فيه‪ ,‬وأن الدين اإلسالمي ميسر على الخلق ولم يخل بحكم من األحكام سواء أكانت متعلقة‬ ‫بالعبد أو بخالفة األرض أو بالعبادة أو غيرها‪.‬‬

‫‪28‬‬ ‫الترمذي‪ ,‬محمد بن عيسى بن س َْورة الترمذي‪ ,‬سنن الترمذي‪1395 ,‬هـ‪ ,‬ط الثانية‪ ,‬تحقيق أحمد شاكر‪ ,‬ج‪,4‬‬ ‫ص‪ ,612‬رقم الحديث ‪ ,2417‬وقال حديث حسن صحيح‪ ,‬أخذت بتصرف‪.‬‬

‫‪847‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫المضامين المتعلقة باألخالق والمعامالت في خطب وزارة األوقاف‬ ‫وعدد الخطب التي تتعلق في مضمون األخالق والمعامالت خالل الثالث أعوام‬ ‫(‪ )2011/2010/2009‬هي ‪ 27‬خطبة وسأكتفي بعرض ثالث نماذج من هذه الخطب‪:‬‬ ‫الخطبة األولى المتعلقة باألخالق والمعامالت هي بعنوان‪( :‬وإنك لعلى خلق عظيم)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 9‬من ربيع األول ‪1430‬هـ الموافق‪2009/3/6 :‬م‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬ذكر كمال خلق النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫‪ .2‬صور مباركة من أخالقه صلى هللا عليه وسلم وأحواله‪.‬‬ ‫‪ .3‬اشتمال السيرة المحمدية على الدروس والعبر‪.‬‬ ‫إن هذه الخطبة التي هي بعنوان (وإنك لعلى خلق عظيم) هي خطبة جيدة من حيث الوقت فإن‬ ‫الخطيب إن كان سريع الكالم قد يفرغ منها في قرابة خمس عشرة دقيقة‪ ,‬وإن كان الخطيب يقرأ‬ ‫ببطء قد يفرغ منها في قرابة عشرين دقيقة‪ ,‬وهذا جيد في الحالتين إن كانت خمس عشرة دقيقة أو‬ ‫عشرين دقيقة فهي ليست القصيرة وال الطويلة‪.‬‬ ‫وخطب األوقاف كلها باللغة العربية الفصحى وهذا جيد من ناحية أن الوافدين الذين ال يفهمون‬ ‫بعض مصطلحات اللهجة الكويتية قد تفوتهم معلومات مهمة‪ ,‬فإني حضرت خطبة جمعة في بعض‬ ‫الدول العربية وكان الخطيب يتحدث بلهجة بلده وكان يخفى علي بعض مصطلحات الخطبة‬ ‫والسبب هو عدم تحدثه بالفصحى‪ ,‬وهذه من إيجابيات وزارة األوقاف في الكويت‪ ,‬أن الخطب‬ ‫بالفصحى لكي يفهمها المواطن والوافد‪.‬‬ ‫وكذلك خطب األوقاف بشكل عام ال يُدخلون عليها اإلسرائيليات‪ ,‬وال األحاديث الضعيفة‪ ,‬وال‬ ‫غيرها من المواضيع المختلف فيها والمرفوضة في المجتمع مثل الطعن بسيدنا معاوية رضي هللا‬ ‫عنه أو إنكار نزول عيسى عليه السالم أو الطعن في الصحيحين أو غيرها من المواضيع التي تثير‬ ‫الجدل‪ ,‬ولما بدأت أُمارس الخطابة في الكويت نبهوني على أن هذه األمور ال ينبغي أن أخوض‬ ‫فيها‪ ,‬وال تخفى حادثة ياسر الخبيث‪ 29‬عندما طعن في أمنا عائشة رضي هللا عنها‪ ,‬هرب من‬ ‫الكويت إلى أوربا بعدما سجن في الكويت وثار عليه الشعب الكويتي‪.‬‬ ‫ويستفيد المصلي من هذه الخطبة خلق النبي صلى هللا عليه وسلم التي وصفتها الخطبة باألخالق‬ ‫العالية والمتواضعة والمداعبة ألصحابه الكرام‪ ,‬وأنه آثر الحياة الدنيا على اآلخرة فكان يغض‬ ‫الطرف عن المسيء ويحتمل هفوته‪ ,‬وكذلك أخالقه مع العبيد والخدم وذكر حديث أنس بن مالك‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫"خد ُ‬ ‫رضي هللا عنه‪َ :‬‬ ‫ِين َف َما َقا َل لِي أُفٍّ َق ُّط‪َ ،‬و َما َقا َل لِ َشيْ ءٍ‬ ‫هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َع ْش َر سِ ن َ‬ ‫َمْت ال َّن ِبيَّ َ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ِمنْ أَحْ َس ِن‬ ‫هللا‬ ‫ل‬ ‫ُو‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ُ‪,‬‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص َنعْ َته َ‬ ‫ص َنعْ ُت ُه لِ َم َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اس ُخل ُ ًقا‪َ ،‬وال َم َسسْ ُ‬ ‫صلى هللاُ َعل ْي ِه‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫ت َخزا َقط َوال َح ِريرً ا َوال َش ْيئا َك َ‬ ‫ان أل َي َن ِمنْ َكفِّ َرس ِ‬ ‫ال َّن ِ‬ ‫َّ ‪30‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫َو َسلَّ َم‪َ ،‬والَ َش َمم ُ‬ ‫هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم" ‪,‬‬ ‫ب ِمنْ َع َر ِق ال َّن ِبيِّ َ‬ ‫ان أَط َي َ‬ ‫ْت ِمسْ ًكا َق ُّط َوالَ عِ طرً ا َك َ‬ ‫فاحتمال أذى الخادم أمارة على وفائه‪ ,‬وعدم العتب عليه عالمة على حيائه وكان حياؤه عليه‬ ‫الصالة والسالم أشد من حياء العذراء في خدرها كما في الصحيحين َعنْ أَ ِبي َسعِي ٍد ال ُخ ْد ِريِّ‬ ‫َرضِ َي َّ‬ ‫اء فِي خ ِْد ِر َها"‪ ,31‬ومن‬ ‫ان ال َّن ِبيُّ َ‬ ‫هللا ُ َع ْنهُ‪َ ،‬قا َل‪َ :‬ك َ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم "أَ َش َّد َح َيا ًء م َِن ال َع ْذ َر ِ‬ ‫أخالقه قضاء حاجات الناس وهي من الخلق الرفيع‪ ,‬فالنبي صلى هللا عليه وسلم كان يقضي‬ ‫‪29‬‬

‫ياسر الخبيث هو رجل كويتي من مواليد ‪1979‬م‪ ,‬شيعي المذهب أسقطت جنسيته بسبب سبه للصحابة وأمنا‬ ‫عائشة رضي هللا عنهم أجمعين‪ ,‬وهو خريج علوم سياسية من جامعة الكويت‪ ,‬ويقيم األن في لندن وصاحب قناة فدك‬ ‫الفضائة والتي تحرض على الطائفة والفتن في كل برامجها‪.‬‬ ‫‪ 30‬الترمذي‪ ,‬سنن الترمذي‪َ ,‬بابُ مَا جَ ا َء فِي ُخلُ ِق ال َّن ِبيِّ صَ لَّى َّ‬ ‫هللاُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم‪ ,‬ج‪ ,3‬ص‪ ,436‬رقم الحديث ‪.2015‬‬ ‫‪31‬‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬بَابُ صِ َف ِة ال َّن ِبيِّ صَ لَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َوسَ لَّ َم‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪ .3562 ,190‬وأنظر مسلم‪ ,‬صحيح‬ ‫ْ‬ ‫مسلم‪ ,‬بَابُ َكثرَ ِة حَ يَا ِئ ِه صَ لَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪ ,1809‬رقم الحديث ‪.2320‬‬

‫‪848‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫ان فِي َع ْقلِ َها َشيْ ءٌ‪َ ،‬ف َقالَ ْ‬ ‫ت‪َ :‬يا َرسُو َل‬ ‫س‪ ،‬أَنَّ ا ْم َرأَ ًة َك َ‬ ‫حاجات الناس كما في صحيح مسلم‪َ " :‬عنْ أَ َن ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اج ًة‪َ ،‬ف َقا َل‪َ :‬يا أ ُ َّم فُ َال ٍن ا ْن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اجتكِ فخال َم َع َها‬ ‫ظ ِري أيَّ ال ِّسككِ شِ ئتِ‪َ ،‬حتى أقضِ َي لكِ َح َ‬ ‫ك َح َ‬ ‫هللا إِنَّ لِي إِلَ ْي َ‬ ‫ِ‬ ‫‪32‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُق‪َ ،‬ح َّتى َف َر ْ‬ ‫عْ‬ ‫اج ِت َها" ‪.‬‬ ‫ر‬ ‫الط‬ ‫ض‬ ‫ب‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫غَت ِمنْ َح َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫س‪":‬أنَّ َرجُال ِمنْ أهْ ِل ال َبا ِد َي ِة‬ ‫وربما مازح أصحابه وداعبهم‪ ,‬وآنسهم بحديثه العذب والعبهم‪َ ,‬عنْ أن ٍ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ْال َه ِد َّي َة م َِن ْال َبا ِد َيةِ‪َ ،‬في َُج ِّه ُزهُ‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫ان اسْ ُم ُه َزا ِهرً ا‪َ ،‬و َك َ‬ ‫َك َ‬ ‫ان ُي ْهدِي إِلَى َرس ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رً‬ ‫ْ‬ ‫نْ‬ ‫ْ‬ ‫صلى هللا ُ َعلي ِه َو َسل َم‪ :‬إِنَّ زا ِه ا‬ ‫صلى هللاُ َعلي ِه َو َسل َم إِذا أ َرادَ أ َيخ ُر َج‪ ،‬فقا َل الن ِبيُّ َ‬ ‫هللا َ‬ ‫َرسُو ُل ِ‬ ‫ان َرج ًُال َدمِيمًا‪َ ،‬فأ َ َتاهُ ال َّن ِبيُّ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ُي ِح ُّبهُ‪َ ،‬و َك َ‬ ‫ان ال َّن ِبيُّ َ‬ ‫َبا ِد َي ُت َنا‪َ ،‬و َنحْ نُ َحاضِ رُوهُ ‪َ .‬و َك َ‬ ‫ض َن ُه ِمنْ َخ ْل ِف ِه َو َال ُي ْبصِ ُرهُ الرَّ ُجلُ‪َ ،‬ف َقا َل‪ :‬أَرْ سِ ْلنِي‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َي ْومًا َوه َُو َي ِبي ُع َم َتا َعهُ‪َ ،‬فاحْ َت َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ص ْد ِر الن ِبيِّ‬ ‫صقَ ظه َْرهُ ِب َ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪َ ،‬ف َج َع َل ال َيألو َما أل َ‬ ‫ف ال َّن ِبيَّ َ‬ ‫َمنْ َه َذا‪َ ،‬ف ْال َت َفتَ َف َع َر َ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َيقُولُ‪َ :‬منْ َي ْش َت ِري ْال َعبْدَ ؟‬ ‫ِين َع َر َفهُ‪َ ،‬و َج َع َل ال َّن ِبيُّ َ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬ح َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫هللا لسْ تَ‬ ‫صلى هللاُ َعل ْي ِه َو َسل َم‪ :‬ل ِكنْ عِ ن َد ِ‬ ‫هللا َت ِج ُدنِي َكاسِ ًدا‪َ ،‬ف َقا َل الن ِبيُّ َ‬ ‫هللا‪ ،‬إِذا َو ِ‬ ‫َف َقا َل‪َ :‬يا َرسُو َل ِ‬ ‫‪33‬‬ ‫ك ُتدَاعِ ُب َنا‪،‬‬ ‫هللا‪ ،‬إِ َّن َ‬ ‫هللا أَ ْنتَ غَ ا ٍل" ‪ ,‬وعن أَ ِبي ه َُري َْرةَ‪َ ،‬قا َل‪ :‬قِي َل‪َ :‬يا َرسُو َل ِ‬ ‫ِب َكاسِ ٍد أَ ْو َقا َل‪ " :‬لَ ِكنْ عِ ْن َد ِ‬ ‫َقا َل‪" :‬إِ ِّني َال أَقُو ُل إِ َّال َح ًقا"‪.34‬‬ ‫فرحم هللا رجال اعتبر وادكر بهذه السيرة الموجزة‪ ,‬فتاب إلى ربه واستغفر مما اقترفه من الخطايا‬ ‫الموبقة‪.‬‬ ‫فمثل هذه الموضوعات يحتاجها الناس اليوم وكل يوم‪ ,‬ومثل هذه الخطب يحتاجها العوام‪ ,‬وال‬ ‫يستغني عنها طالب العلم‪.‬‬ ‫الفوائد التي توصلت إليها هذه الخطبة‪:‬‬ ‫ذكر كمال خلق النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫تواضع النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫القرب من الناس والمزاح معهم ال ينزل من قيمتك وال يقلل من هيبتك‪.‬‬ ‫عفوه عليه الصالة والسالم عن المسيء إليه‪.‬‬ ‫الدروس التربوية في أخالق النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫الخطبة الثانية المتعلقة باألخالق والمعامالت هي بعنوان‪( :‬خلق االعتذار)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 14‬من جمادي اآلخرة ‪1431‬هـ الموافق‪2010/5/28 :‬م‬ ‫عناصر هذه الخطبة‪:‬‬ ‫الحث على حسن الظن بالمسلمين والحذر من سوئه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫االعتذار فضيلة النفوس الكبيرة الطيبة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫فضيلة سعة الصدر وتحمل أخطاء اآلخرين‪.‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫نماذج من ضيق الصدر أمام األخطاء‪.‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫إن موضوع هذه الخطبة يحتاجه الناس اليوم بكثرة‪ ,‬ألن الخطأ وارد من البشر ولذا فإن هللا تبارك‬ ‫وتعالى خلق اإلنسان ومن صفته الظلم والجهل‪ ,‬وهو قابل لفعل األخطاء‪ ,‬ومعرض للغفلة‬ ‫ال َفأ َ َبي َْن أَنْ َيحْ م ِْل َن َها‬ ‫والنسيان‪ ,‬قال تعالى‪{ :‬إِ َّنا َع َرضْ َنا ْاألَ َما َنق َة َعلَى ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫ت َو ْاألَرْ ِ‬ ‫ض َو ْال ِج َب ِ‬ ‫َ‬ ‫ان َظلُومًا َجه ً‬ ‫ُوال} [األحزاب ــ ‪]72‬‬ ‫اإل ْن َسانُ إِ َّن ُه َك َ‬ ‫َوأ ْش َف ْق َن ِم ْن َها َو َح َملَ َها ْ ِ‬ ‫ومع تزايد وتيرة الحياة بكثرة أعبائها‪ ,‬وال سيما في عصرنا الذي زادت تعقداته‪ ,‬أصبحت نفوس‬ ‫طائفة من الناس قلقة متوجسة من غيرها‪ ,‬تتعامل معهم كأنهم خصوم‪ ,‬تحذر من نياتهم‪ ,‬بل األصل‬ ‫عندهم في التعامل النية السيئة‪ ,‬فغاب عنها بعض أخالق كريمة‪ ,‬وآداب عظيمة‪ ,‬حث عليها شرعنا‬ ‫المطهر‪ ,‬وأمر بها ديننا الكريم‪ ,‬وأولها وأهمها‪ :‬إحسان الظن‪ ,‬فقد قال سبحانه وتعالى‪َ { :‬يا أَ ُّي َها‬ ‫‪32‬‬

‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬باب قرب النبي عليه الصالة والسالم من الناس‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪ ,1812‬رقم الحديث ‪.2326‬‬ ‫‪33‬‬ ‫حنبل‪ ,‬مسند االمام أحمد‪ ,‬مسند أنس بن مالك‪ ,‬ج‪ ,20‬ص‪ ,91‬رقم الحديث ‪ ,12648‬إسناده صحيح على شرط‬ ‫الشيخين‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫المرجع السابق‪ ,‬مسند أبي هريرة‪ ,‬ج‪ ,14‬ص‪ ,339‬رقم الحديث ‪ ,8723‬والحديث حسن‪.‬‬

‫‪849‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫ض َّ‬ ‫ِين آ َم ُنوا اجْ َت ِنبُوا َك ِثيرً ا م َِن َّ‬ ‫الظنِّ إِ ْث ٌم} [الحجرات ــ ‪ ,]12‬وقال صلى هللا عليه‬ ‫الظنِّ إِنَّ َبعْ َ‬ ‫الَّذ َ‬ ‫‪35‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الحدِيثِ" ‪ ,‬وقال عمر بن الخطاب "وال تظنن بكلمة‬ ‫وسلم‪" :‬إِيَّاك ْم َوالظنَّ ‪ ،‬فإِنَّ الظنَّ أكذبُ َ‬ ‫خرجت من مسلم سوءاً وأنت تجد لها في الخير محمالً"‪.36‬‬ ‫وتكلمت الخطبة عن خطأ اإلنسان وإذا وقع منه الزلل‪ ,‬فهناك باب واسع يرفع هذا الخلل‪ ,‬ويعود‬ ‫اإلنسان إلى الصراط المستقيم‪ ,‬والمنهج الكريم‪ ,‬أال وهو باب االعتذار‪ ,‬باب طلب العفو والصفح‪,‬‬ ‫كما حصل في قصة اإلفك حين كان فيمن تكلم في أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق‬ ‫رضي هللا عنها‪ :‬م َ‬ ‫ِسط ُح بن أ ُ َثا َث َة‪ ,‬وهو قريب أبي بكر‪ ,‬وأنزل هللا عز وجل في براءتها اآليات‬ ‫التي في سورة النور‪ ,‬قالت عائشة رضي هللا عنها‪ :‬فقال أبو بكر الصديق وكان ينفق على مسطح‬ ‫{و َال َيأْ َت ِل أُولُو‬ ‫لقرابته منه‪ ,‬وهللا ال أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة‪ ,‬فأنزل هللا‪َ :‬‬ ‫هللا َو ْل َيعْ فُوا َو ْل َيصْ َفحُوا‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫ِين َو ْال ُم َها ِج ِر َ‬ ‫ْال َفضْ ِل ِم ْن ُك ْم َوال َّس َع ِة أَنْ ي ُْؤ ُتوا أُولِي ْالقُرْ َبى َو ْال َم َساك َ‬ ‫ين فِي َس ِب ِ‬ ‫هللاُ لَ ُك ْم َو َّ‬ ‫ُّون أَنْ َي ْغف َِر َّ‬ ‫هللاُ غَ فُو ٌر َرحِي ٌم} [النور ــ ‪ ]22‬قال أبو بكر‪ :‬بلى وهللا إني ألحب أن‬ ‫أَ َال ُت ِحب َ‬ ‫‪37‬‬ ‫هللا الَ أَ ْن ِز ُع َها َع ْن ُه أَ َب ًدا" ‪.‬‬ ‫"و َّ ِ‬ ‫يغفر هللا لي‪ ,‬فأرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه‪ ,‬وقال‪َ :‬‬ ‫ويستفاد من هذه الخطبة أن االعتذار وحسن الظن باآلخرين هو خلق كريم‪ ,‬ومسعى حميد‪ ,‬يدل‬ ‫على حب الخير للناس من إخواننا وجيراننا وأصدقائنا‪ ,‬حتى لمن خالف ديننا ما لم يظهر عداوة‬ ‫وتأليبا ً علينا‪ ,‬وفيه إشعار على وجود التسامح والعفو بين الناس في البلد الواحد‪ ,‬نحتاج للتذكير به‬ ‫دائما ً‪ ,‬لتصفو النفوس وترتقي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويستفاد من الخطبة أيضا ً‪ :‬أن من الناس من يصر على خطئه‪ ,‬وال يقبل أن يقدم اعتذارا على سوء‬ ‫أمره‪ ,‬أو قبيح كلمته‪ ,‬ألنه يتوهم أن االعتذار عما بدر منه يعد منقصة من قدره‪ ,‬ودنوا في منزلته‪,‬‬ ‫ثان‬ ‫وأن هناك صنفا ً ٍ‬ ‫ممن يقر بخطئه‪ ,‬ويعترف بذنبه‪ ,‬لكنه يتباطأ عن االعتذار‪ ,‬وقد يفعله متى ما بلغه النصح‬ ‫والتوجيه‪ ,‬والحث على االعتذار‪ ,‬وهناك صنف ثالث ممن يحرص على المبادرة إلى تقديم العذر‬ ‫عما قال أو فعل‪ ,‬بل ربما يكون هو المعتدى على حقه‪ ,‬ولكنه يبادر إلى رد اإلساءة باإلحسان‪,‬‬ ‫ِي أَحْ َسنُ‬ ‫{و َال َتسْ َت ِوي ْال َح َس َن ُة َو َال ال َّس ِّي َئ ُة ْاد َفعْ ِبالَّتِي ه َ‬ ‫امتثاالً لقول العفو الرحمن‪ ,‬الرحيم المنان‪َ :‬‬ ‫ص َبرُوا َو َما ُيلَ َّقا َها إِ َّال ذوُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِين َ‬ ‫ك َو َب ْي َن ُه َع َد َاوةٌ َكأ َ َّن ُه َولِيٌّ َحمِي ٌم (‪َ )34‬و َما ُيلقا َها إِال الذ َ‬ ‫َفإِ َذا الَّذِي َب ْي َن َ‬ ‫َح ٍّظ عَظِ ٍيم} [فصلت ــ ‪.]35/ 34‬‬ ‫فالعاقل من تدبر النتائج السلبية واآلثار الوخيمة لفقد هذه الصفة المباركة‪ ,‬من وقوع الشحناء‬ ‫والبغضاء‪ ,‬والتخاصم والتطاول على اآلخرين‪ ,‬الذي قد يصل إلى األنفس واألعراض‪ ,‬وحينئذ هل‬ ‫ستتحقق لنا السعادة والراحة في حياتنا؟! وهل سنكون من المقربين في آخرتنا‪.‬‬ ‫الفوائد‪:‬‬ ‫‪ ‬أن االعتذار من أخالق الكرماء‪.‬‬ ‫‪ ‬أن اإلنسان يخطأ ويصيب وال يوجد إنسان كامل‪.‬‬ ‫‪ ‬أنه يجب حسن الظن بكل كلمة تخرج من الناس إذا كنت تجد لها في الخير محمال‪.‬‬ ‫‪ ‬أن العفو عن الناس والصفح عنهم سبب لمغفرة هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫الخطبة الثالثة المتعلقة باألخالق والمعامالت وهي بعنوان‪( :‬الرفق بالضعفاء)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 14‬من ذي القعدة ‪1431‬هـ الموافق‪2010/10/22 :‬م‬ ‫تناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬الشفقة على الضعفاء ميزة اإلسالم البارزة‪.‬‬ ‫‪3535‬‬

‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬ج‪ ,8‬ص‪.148‬‬ ‫‪36‬‬ ‫ابن عساكر‪ ,‬أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة هللا ابن عساكر‪ ,‬تاريخ دمشق‪1415 ,‬هـ‪ ,‬تحقيق عمروالعمروي‪,‬‬ ‫دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ,‬ج‪ ,44‬ص‪.360‬‬ ‫‪37‬‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬ج‪ ,8‬ص‪.138‬‬

‫‪850‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫‪ .2‬للوالدين خصوصية في البر واإلحسان ال ينازعهم فيها أحد‪.‬‬ ‫‪ .3‬وصية الرسول صلى هللا عليه وسلم بالمرأة واليتيم وكل ضعيف‪.‬‬ ‫‪ .4‬اإلحسان للضعفاء قربة هلل تعالى‪.‬‬ ‫هذه الخطبة فيها سماحة اإلسالم واعتناء الدين اإلسالمي بالضعفاء والرفق معهم‪ ,‬وأن الملل‬ ‫تعتن بالضعفاء كاعتناء اإلسالم بهم‪.‬‬ ‫والنحل كلها لم‬ ‫ِ‬ ‫إن هلل حِكم في خلقه كثيرة‪ ,‬منها أن هللا خلق اإلنسان من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة‪ ,‬ثم‬ ‫جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة‪ ,‬قال سبحانه وتعالى‪َّ :‬‬ ‫ضعْ فٍ ُث َّم َج َع َل ِمنْ َبعْ ِد‬ ‫{هللا ُ الَّذِي َخلَ َق ُك ْم ِمنْ َ‬ ‫ضعْ فا ً َو َش ْي َب ًة َي ْخل ُ ُق َما َيشا ُء َوه َُو ْال َعلِي ُم ْال َقدِيرُ} [الروم ــ ‪,]54‬‬ ‫ضعْ ٍ‬ ‫ف قُوَّ ًة ُث َّم َج َع َل ِمنْ َبعْ ِد قُ َّو ٍة َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫{ َو ِم ْن ُك ْم َمنْ ُي َت َوفى َو ِمنك ْم َمنْ ي َُر ُّد إِلى أرْ ذ ِل ال ُعم ُِر} [الحج – ‪ ,]5‬وهكذا هي قافلة الحياة‪ ,‬ومنازل‬ ‫األعمار‪ ,‬وإن هؤالء الذين ضعفوا بعد قوة‪ ,‬وعجزوا من بعد قدرة‪ ,‬وتغيرت بهم األحوال‪,‬‬ ‫يحتاجون إلى المعونة‪ ,‬ويفتقرون إلى المساعدة‪ ,‬تسعدهم اللمسة الحانية‪ ,‬وتثلج صدورهم المعاملة‬ ‫الحسنة‪ ,‬وتطمئن نفوسهم إلى الكلمة الطيبة‪ ,‬وعلى أمثالهم تدور مشاعر العطف والرحمة‪ ,‬وتنبت‬ ‫غراس الشفقة والرأفة‪ ,‬ولم تعرف ملة من الملل‪ ,‬وال نحلة من النحل‪ ,‬الرفق بالضعفاء والعطف‬ ‫على البؤساء‪ ,‬كما عرفه اإلسالم‪ ,‬ولم تمارس الرحمة أمة من األمم‪ ,‬وال شعب من الشعوب ما‬ ‫مارسته أمة اإلسالم‪.‬‬ ‫ومن الضعفاء أولئك الشباب الذين ال يملكون شيئا ً من حظ الدنيا‪ ,‬وال هم من علي ِة القوم‪ ,‬وكثير من‬ ‫األمم يحتقرون هؤالء الشباب الضعفاء‪ ,‬وكان كفار قريش يحتقرونهم وال يرفقون بهم‪ ,‬روى مسلم‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم سِ َّت َة َن َف ٍر‪،‬‬ ‫بسنده إلى سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنه قال‪ُ " :‬ك َّنا َم َع ال َّن ِبيِّ َ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪ْ :‬‬ ‫ون َعلَ ْي َنا‪َ .‬قا َل َو ُك ْن ُ‬ ‫ت أَ َنا َوابْنُ‬ ‫اطر ُْد َهؤُ َال ِء َال َيجْ َت ِر ُئ َ‬ ‫ون لِل َّن ِبيِّ َ‬ ‫َف َقا َل ْال ُم ْش ِر ُك َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َمسْ عُودٍ‪َ ،‬و َر ُج ٌل ِمنْ ُهذي ٍْل‪َ ،‬و ِباللٌ‪َ ،‬و َرجُال ِن لسْ ُ‬ ‫صلى هللاُ َعل ْي ِه‬ ‫هللا َ‬ ‫ُول ِ‬ ‫س َرس ِ‬ ‫ت أ َسم ِ‬ ‫ِّيه َما‪َ ،‬ف َو َق َع فِي َنف ِ‬ ‫َو َسلَّ َم َما َشا َء هللاُ أَنْ َي َق َع َف َحد َ‬ ‫ُون َر َّب ُه ْم ِب ْالغَ دَا ِة‬ ‫ِين َي ْدع َ‬ ‫َّث َن ْف َس ُه َفأ َ ْن َز َل هللا ُ َع َّز َو َجلَّ‪َ :‬و َال َت ْط ُر ِد الَّذ َ‬ ‫‪38‬‬ ‫ون َوجْ َه ُه " [األنعام‪. ]52 ،‬‬ ‫َو ْالعَشِ يِّ ي ُِري ُد َ‬ ‫وهذه فوائد عظيمة يستفيد منها المصلي بجمال اإلسالم وعظمته ورحمته‪.‬‬ ‫وإن العطف والرحمة‪ ,‬والشفقة والرأفة‪ ,‬من آثار رحمة هللا في قلوب من يشاء من عبادة‪ ,‬أولئك‬ ‫الذين يرحمون اليتيم‪ ,‬ويعطفون على المسكين‪ ,‬ويسعون على األرملة‪ ,‬ويمشون في حوائج‬ ‫المسلمين‪ ,‬جعلوا نصب أعينهم قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪َ " :‬منْ َال َيرْ َح ِم ال َّن َ‬ ‫اس‪َ ،‬ال َيرْ َح ْم ُه هللا ُ‬ ‫َع َّز َو َجلَّ"‪.39‬‬ ‫وإن أولى الناس برحمة الرحماء‪ ,‬وصنيع النبالء‪ :‬من كابد من أجلك الحياه مكابدة‪ ,‬وسعيا في‬ ‫سعادتك أبداً‪ ,‬من أمر هللا باإلحسان إليهما والعطف عليهما‪ ,‬وخاصة عند كبر سنهما‪ ,‬وازدياد‬ ‫ُّك أَ َّال َتعْ ُب ُدوا ِإ َّال‬ ‫ضى َرب َ‬ ‫{و َق َ‬ ‫حاجتهما واشتداد ضعفهما‪ ,‬وقرن برهما بتوحيده‪ ,‬فقال عز من قائل‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْال ِك َب َر أَ َح ُد ُه َما أَ ْو ك َِال ُه َما َف َال َتقُ ْل ل ُه َما أفٍّ َوال َتن َهرْ ُه َما َوق ْل‬ ‫ْن إِحْ َسا ًنا إِمَّا َي ْبل ُ َغنَّ عِ ْن َد َ‬ ‫إِيَّاهُ َو ِب ْال َوالِدَ ي ِ‬ ‫اخ ِفضْ لَ ُه َما َج َنا َح ُّ‬ ‫لَ ُه َما َق ْو ًال َك ِريمًا (‪َ )23‬و ْ‬ ‫الذ ِّل ِم َن الرَّ حْ َم ِة َوقُ ْل َربِّ ارْ َح ْم ُه َما َك َما َر َّب َيانِي‬ ‫ص ِغيرً ا}[اإلسراء ــ ‪.]24/23‬‬ ‫َ‬ ‫وقد بلغ من عناية اإلسالم بالضعفاء أن أوصى بالصغار واليتامى والنساء والضعفاء خيراً‪ ,‬وحث‬ ‫على رعايتهم والرفق بهم‪ ,‬فاليتيم ال يقهر وال يذل‪ ,‬بل يكرم ويجل‪ ,‬والمرأة ترحم أنوثتها وتكرم‪,‬‬ ‫والصغير يعطف عليه ويرحم‪ ,‬قال هللا تعالى‪َ { :‬فأَمَّا ْال َيتِي َم َف َال َت ْق َهرْ } [الضحى ــ ‪ ,]9‬وعن سهل بن‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪َ :‬وأَ َنا َو َكا ِف ُل ال َيت ِ​ِيم فِي‬ ‫هللا َ‬ ‫سعد الساعدي رضي هللا عنه قال‪َ " :‬قا َل َرسُو ُل َّ ِ‬ ‫ً ‪40‬‬ ‫ار ِبال َّسبَّا َب ِة َوالوُ سْ َطى‪َ ،‬و َفرَّ َج َب ْي َن ُه َما َش ْيئا" ‪.‬‬ ‫الج َّن ِة َه َك َذا َوأَ َش َ‬ ‫َ‬ ‫‪38‬‬ ‫اص رَ ضِ يَ هللاُ َع ْنهُ‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪ ,1878‬رقم الحديث ‪.2413‬‬ ‫ْن أَ ِبي َو َّق ٍ‬ ‫‪39‬مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪َ ,‬بابٌ فِي َفضْ ِل َسعْ ِد ب ِ‬ ‫ض ِع ِه َو َفضْ ِل َذلِكَ‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪,1809‬‬ ‫ص ْبيَانَ َو ْالعِ يَا َل َو َت َوا ُ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ال ِّ‬ ‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬بَابُ رَ حْ َم ِت ِه َ‬ ‫رقم الحديث ‪.2319‬‬ ‫‪40‬‬ ‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬ج‪ ,7‬ص‪.53‬‬

‫‪851‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬

‫ولقد رتب ربنا جل جالله على فعل المعروف واإلحسان إلى خلقه جزاء عظيما‪ ,‬ووعد المحسنين‬ ‫من لدنه منقلبا ً كريما ً‪ ,‬فالجزاء من جنس العمل‪ ,‬وصنائع المعروف تقي مصارع السوء‪ ,‬قال صلى‬ ‫هللا‪ ،‬أَ ِو ال َقائ ِ​ِم اللَّ ْي َل الصَّائ ِ​ِم‬ ‫يل َّ ِ‬ ‫ِين‪َ ،‬ك ْالم َُجا ِه ِد فِي َس ِب ِ‬ ‫هللا عليه‪41‬وسلم‪" :‬ال َّساعِ ي َعلَى األَرْ َملَ ِة َوال ِمسْ ك ِ‬ ‫ار" ‪.‬‬ ‫ال َّن َه َ‬ ‫وهذه كلها فضائل يستفيد منها المصلي لكي يرفق بالضعفاء‪ ,‬وليعلم المصلي أن اإلحسان إلى‬ ‫الضعفاء سبب في النصر على األعداء‪ ,‬واستدرار لرزق هللا من السماء‪ ,‬فقد قال الصادق‬ ‫ُون ِبض َُع َفا ِئ ُك ْم"‪.42‬‬ ‫صر َ‬ ‫ون َو ُت ْن َ‬ ‫المصدوق صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ا ْب ُغونِي الض َُّع َفا َء َفإِ َّن ُك ْم إِ َّن َما ُترْ َزقُ َ‬ ‫الفوائد‪:‬‬ ‫لم تعرف ملة من الملل‪ ,‬وال نحلة من النحل‪ ,‬الرفق بالضعفاء‪ ,‬والعطف على البؤساء‪ ,‬كما عرفه‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫من ال يرحم الناس ال يرحمه هللا‪.‬‬ ‫أولى الناس برحمة الرحماء وصنيع النبالء هم الوالدان‪.‬‬ ‫الساعي على األرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل هللا‪.‬‬ ‫إنما نرزق وننتصر بضعفائنا‪.‬‬ ‫الخطبة الرابعة المتعلقة باألخالق والمعامالت هي بعنوان‪( :‬آداب المجالس)‬ ‫وكانت بتاريخ ‪ 22‬من ذي الحجة ‪1432‬هـ الموافق‪2011/11/18 :‬م‬ ‫وتناولت هذه الخطبة العناصر التالية‪:‬‬ ‫عناية اإلسالم باآلداب الشرعية‪.‬‬ ‫اختيار مجالس الخير واالبتعاد عن مجالس الشر‪.‬‬ ‫من آداب المجالس التسليم على الجالسين وعدم التفريق بينهم واستغالل المجالس بالذكر‪.‬‬ ‫من آداب المجالس تجنب الجدال والنجوى والغيبة والنميمة‪.‬‬ ‫إن من فضل هللا تعالى على عباده أن أكمل لهم دينهم‪ ,‬وبين لهم فيه كل ما يحتاجونه من األحكام‪,‬‬ ‫واألخالق‪ ,‬واآلداب‪ ,‬قال تعالى‪ْ :‬‬ ‫مْت َعلَ ْي ُك ْم ِنعْ َمتِي َو َرضِ ُ‬ ‫ت لَ ُك ْم دِي َن ُك ْم َوأَ ْت َم ُ‬ ‫{ال َي ْو َم أَ ْك َم ْل ُ‬ ‫يت لَ ُك ُم‬ ‫اإلسْ َال َم دِي ًنا} [المائدة ــ ‪ ,]3‬وإن مما بينته شريعة اإلسالم‪ ,‬وأولته عناية كبيرة‪ ,‬ما يتعلق بآداب‬ ‫ِْ‬ ‫المسلم مع ربه‪ ,‬ومع نفسه‪ ,‬ومع غيره من المخلوقين‪ ,‬في كل أقواله‪ ,‬وأفعاله‪ ,‬وأوقاته‪ ,‬وأحواله‪,‬‬ ‫وأماكن وجوده‪ ,‬فبينت آداب المجالس‪ ,‬إذ أنه ال يخفى عليكم أن اإلنسان يأنس بغيره من بني‬ ‫جنسه‪ ,‬فيحب مجالسته‪ ,‬ومحادثته‪ ,‬واالستزادة من هذه وهذه‪ ,‬وهو أمر ترغبه النفوس‪ ,‬وتطمئن له‬ ‫القلوب‪ ,‬كما أنه أمر ُترغب فيه شريعة اإلسالم‪ ,‬المطهرة‪ ,‬إذ أنها ترغب في كل ما يسر قلب العبد‪,‬‬ ‫ويدفع عنه الضجر‪ ,‬مما ال يخالف أمراً شرعيا ً‪.‬‬ ‫فإن هذا الموضوع يحتاجه الناس بكثرة‪ ,‬خصوصا ً في هذا الزمن‪ ,‬وهذه الخطبة تستفيد منها كثيراً‬ ‫عن آداب المجالس‪ ,‬فيخرج المصلي وهو مستفيد من الخطبة أن من آداب المجالس أن ال يجلس‬ ‫المسلم في مجلس يكون فيه منكراً إال بقصد اإلنكار‪ ,‬بل ينتقي المجالس الطيبة التي إن جلس فيها‬ ‫ذكرته باهلل‪ ,‬وحثه أهلها على الخير والمعروف‪ ,‬ونهته عن الشر والمنكر‪ ,‬وإن قام عنها لم تغتبه‬ ‫ألسنة أصحابها وال روادها‪ ,‬وال يلوث سمعه بغيبة الناس‪ ,‬أو سخرية أو استهزاء‪ ,‬أو فحش الكالم‪,‬‬ ‫فإن زل الجليس بكلمة نبهه جلساؤه بلطف ورفق‪ ,‬تعاونا ً منهم على البر والتقوى وتواصيا ً بالحق‬ ‫ِيس الس َّْو ِء‪َ ،‬ك َحام ِ​ِل ْال ِمسْ كِ ‪،‬‬ ‫ِيس الصَّال ِ​ِح‪َ ،‬و ْال َجل ِ‬ ‫وبالصبر‪ ,‬وقال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬إِ َّن َما َم َث ُل ْال َجل ِ‬

‫‪41‬‬

‫البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬ج‪ ,7‬ص‪.62‬‬ ‫‪42‬‬ ‫حنبل‪ ,‬مسند االمام أحمد‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.305‬‬

‫‪852‬‬


‫‪Religious sites, their role in publishing Friday speeches …..‬‬

‫اع ِم ْنهُ‪َ ،‬وإِمَّا أَنْ َت ِج َد ِم ْن ُه ِريحً ا َط ِّي َب ًة‪َ ،‬و َنا ِف ُخ‬ ‫ك‪َ ،‬وإِمَّا أَنْ َت ْب َت َ‬ ‫ِير‪َ ،‬ف َحا ِم ُل ْال ِمسْ كِ ‪ :‬إِمَّا أَنْ يُحْ ِذ َي َ‬ ‫َو َناف ِ​ِخ ْالك ِ‬ ‫َ ً ‪43‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‪َ ،‬وإِمَّا أنْ ت ِج َد ِريحً ا خ ِبيثة" ‪.‬‬ ‫ِير‪ :‬إِمَّا أنْ يُحْ ِرقَ ِث َيا َب َ‬ ‫ْالك ِ‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬

‫ويستفيد المصلي من هذه الخطبة أن ُي َسلم المسلم على إخوانه الجالسين‪ ,‬فقد روى أبو داود‬ ‫في سننه عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إِ َذا ا ْن َت َهى‬ ‫ت ْاألُولَى ِبأ َ َح َّق م َِن ا ْآلخ َِرةِ"‪ ,44‬والسالم‬ ‫ِس‪َ ،‬ف ْل ُي َسلِّ ْم َفإِ َذا أَ َرا َد أَنْ َيقُو َم‪َ ،‬ف ْل ُي َسلِّ ْم َفلَي َْس ِ‬ ‫أَ َح ُد ُك ْم إِلَى ْال َمجْ ل ِ‬ ‫تحيه اإلسالم‪ ,‬التي حث النبي صلى هللا عليه وسلم على إفشائها‪.‬‬ ‫ويستفيد المصلي أن من آداب المجالس أيضا ً‪ :‬أن ال يفرق بين اثنين‪ ,‬وال يجلس بينهما إال بإذنهما‪,‬‬ ‫وال يجلس وسط المجلس‪ ,‬وال يجلس جلسة الشيطان نصفه في الظل ونصفه في الشمس‪ ,‬وأن‬ ‫ِين آ َم ُنوا إِ َذا قِي َل لَ ُك ْم َت َف َّسحُوا فِي‬ ‫يوسع في المجلس إلخوانه عمالً بقول هللا تعالى‪َ { :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬ ‫ِس َفا ْف َسحُوا َي ْف َسح َّ‬ ‫ً‬ ‫هللا ُ لَ ُك ْم} [المجادلة ــ ‪ ,]11‬وكذلك أن ال يقيم أحدا من مكانه ليجلس فيه‪,‬‬ ‫ْال َم َجال ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإنما يجلس حيث انتهى به المجلس‪ ,‬أو حيث يجلسه صاحب المجلس‪ ,‬وليحرص على الجلسة التي‬ ‫ال تكشف له عورة‪ ,‬وال تؤذي له جليسا ً‪ ,‬وال تخالف للناس عرفا ً صحيحا ً‪ ,‬وصاحب المجلس أحق‬ ‫به إذ ا قام عنه ثم عاد إليه‪ ,‬لما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ :‬أن النبي صلى هللا‬ ‫ِس ُث َّم َر َج َع إِلَ ْي ِه َفه َُو أَ َح ُّق ِبهِ"‪.45‬‬ ‫عليه وسلم قال‪" :‬إِ َذا َقا َم الرَّ ُج ُل ِمنْ َمجْ ل ٍ‬ ‫وأعظم فائدة يستفيد منها المصلي أنه ينبغي للمسلمين أن يحرصوا على إحياء مجالسهم بذكر هللا‬ ‫تعالى‪ ,‬وأن يحذروا من أن تصبح وباالً عليهم إذا أعرضوا فيها عن ذكر هللا‪ ,‬وغيرها كثير من‬ ‫آداب المجالس القيمة التي ذكرتها الخطبة‪.‬‬ ‫النتائج التي استخرجتها من هذه الخطبة‪:‬‬ ‫أن ال يجلس المسلم في مجلس يكون فيه منكرا إال بقصد اإلنكار‪.‬‬ ‫أن المسلم يسلم على إخوانه الجالسين إذا دخل وإذا خرج‪.‬‬ ‫أن ال يفرق بين اثنين‪ ,‬وال يجلس بينهما إال بإذنهما‪ ,‬وال يجلس وسط المجلس‪.‬‬ ‫أن يتجنب الجالس كثرة الجدال والمراء‪.‬‬ ‫أن من آداب المجالس أن يبتعد الجلساء عن النجوى المنهي عنها‪.‬‬ ‫أن يحذر الجليس من نقل الكالم‪ ,‬وإفشاء األسرار‪ ,‬ونشر العثرات وتصيدها‪ ,‬فإن المجالس‬ ‫أمانات‪.‬‬ ‫هذه نماذج من الخطب التي تتعلق في موضوع األخالق والمعامالت‪ ,‬أردت أن أبين ما تحتويه‬ ‫هذه الخطب من مواعظ وفوائد ومعلومات ونتائج يستفيد منها المصلي‪ ,‬ورأيي أن المصلي يستفيد‬ ‫من هذه الخطب ويعرف أن الدين اإلسالمي هو دين األخالق ودين احترام اآلخرين ودين اآلدب‬ ‫والحياء واالعتذار والرفق بالضعفاء وغيرها من األخالق والمعامالت الحسنة اإلسالمية مما‬ ‫يعطي اإلنسان الراحة والطمأنينة حين دخوله في هذا الدين العظيم‪ ,‬وأن الدين اإلسالمي كامل ال‬ ‫نقص فيه‪ ,‬وأنه دينٌ‬ ‫ميسر على الخلق ولم يخل بحكم من األحكام سواء أكانت متعلقة بالعبد أو بخالفة األرض أو‬ ‫بالعبادة أو بتعامل اآلخرين أو غيرها‪ ,‬فجزى هللا وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية في دولة‬

‫‪43‬‬

‫مسلم‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.2026‬‬ ‫‪44‬‬ ‫أبو داود‪ ,‬سنن أبي داود‪ ,‬أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق ال ِّس ِجسْ تاني‪ ,‬المحقق‪ :‬محمد محيي الدين عبد‬ ‫الحميد‬ ‫الناشر‪ :‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.353‬‬ ‫‪45‬‬ ‫المرجع السابق‪ ,‬ج‪ ,4‬ص‪.264‬‬

‫‪853‬‬


‫‪Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856‬‬

‫الكويت خير الجزاء‪ ,‬وأسأل هللا لي ولك أخي القارئ الكريم الجنة وأن يجعلني وإياك ممن‬ ‫يستمعون القول فيتبعون أحسنه‪ ,‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬ ‫مالحظة‪ :‬هذه الخطب كلها موجودة في كتب تطبعها وزارة األوقاف كل سنة بسنتها‪ ,‬وأطلق عليها‬ ‫أسم (الخطب المنبرية لوزارة األوقاف الكويتية)‪ ,‬فضال عن الموقع الديني لوزارة األوقاف‬ ‫الكويتية‬ ‫الخاتمة‪:‬‬ ‫أهم نتائج هذا البحث‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫وزارة األوقاف سارت في خطبها على االستدالالت الشرعية وتناولت القضايا الشرعية على‬ ‫ضوء الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫وكذلك تناولت القضايا الفقهية المعاصرة وقضايا األخالق اإلسالمية‪.‬‬ ‫والمنهج الذي سارت عليه وزارة األوقاف يتناسب مع مستوى المصلين ويتناول أحوالهم‪.‬‬ ‫ومن أهم األمور التي سارت عليها وزارة األوقاف أن الخطب تبتعد عن التحدث عن المؤسسات‬ ‫واألشخاص‪.‬‬ ‫وكذلك تبتعد عن اإلطالة في خطبها‪.‬‬ ‫التوصيات‪:‬‬ ‫أن يتجنب الخطباء التجريح والتشهير باألشخاص والهيئات‪.‬‬ ‫أن يحرص الخطباء على سالمة لغتهم وخلوها من اللحن‪.‬‬ ‫‪Conclusion:‬‬ ‫‪The most important results of this research:‬‬ ‫‪-The Ministry of Awqaf went in its speeches on legal inferences and dealt‬‬ ‫‪with legal issues in the light of the book and the Sunnah‬‬ ‫‪-It also dealt with contemporary doctrinal and Islamic ethics issues‬‬ ‫‪-The curriculum that the Ministry of Awqaf has followed is commensurate‬‬ ‫‪with the level of worshipers and deals with their conditions‬‬ ‫‪-One of the most important things that the Ministry of Endowments went‬‬ ‫‪through was that the sermons avoided talking about institutions and‬‬ ‫‪people‬‬ ‫‪-As well as avoiding prolonged speeches‬‬ ‫‪Recommendations:‬‬ ‫‪-That the speakers avoid defamation and defamation of persons and‬‬ ‫‪bodies‬‬ ‫‪-That the preachers make sure their language is safe and free of melody‬‬

‫المراجع‬ ‫‪ .1‬القرآن‪ ،‬الكريم‪.‬‬ ‫‪ .2‬مسلم‪ ,‬مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري‪ ,‬صحيح مسلم‪ ,‬المحقق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‬ ‫‪ .3‬الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪.‬‬ ‫‪854‬‬


Religious sites, their role in publishing Friday speeches ….. ‫ دار الغرب‬,‫ تحقيق بشار معروف‬,‫ سنن الترمذي‬,‫ محمد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى الترمذي‬,‫الترمذي‬ .‫اإلسالمي – بيروت‬ .‫هـ‬1422 ,‫ ط األولى‬,‫ دار طوق النجاة‬,‫ محمد زهير بن ناصر الناصر‬:‫ لمحقق‬,‫ صحيح البخاري‬,‫البخاري‬ ,‫ أبو عبد هللا أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني‬,‫ مسند االمام أحمد بن حنبل‬,‫أحمد بن حنبل‬ .‫هـ‬1421 ,‫ ط األولى‬, ‫ مؤسسة الرسالة‬,‫المحقق شعيب األرنؤوط‬ ‫ تحقيق محمد‬,‫ سنن أبي داود‬,‫جسْ تاني‬ ِ ‫ أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير ال ِّس‬,‫جسْ تاني‬ ِ ‫ال ِّس‬ .‫ صيدا – بيروت‬،‫ المكتبة العصرية‬,‫محيي‬ :‫ المحقق‬,‫ أبو عبد هللا محمد بن يزيد القزويني‬- ‫ وماجة اسم أبيه يزيد‬- ‫ ابن ماجة‬,‫ سنن ابن ماجه‬,‫ابن ماجه‬ .‫هـ‬1430 ,‫ ط األولى‬,‫ دار الرسالة العالمية‬,‫شعيب األرنؤوط‬ ‫ تحقيق‬,‫هـ‬1415 ,‫ تاريخ دمشق‬,‫ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة هللا ابن عساكر‬,‫ابن عساكر‬ .‫ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‬,‫عمروالعمروي‬ ‫ محمد محيي الدين‬:‫ المحقق‬,‫جسْ تاني‬ ِ ‫ أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق ال ِّس‬,‫ سنن أبي داود‬,‫أبو داود‬ .‫ بيروت‬،‫ الناشرالمكتبة العصرية‬,‫عبد الحميد‬ References The Qur’an, the Holy1 Muslim, Muslim bin Al-Hajjaj Abu Al-Hassan Al-Qushairi Al-Nisaburi, Sahih Muslim, Investigator: Muhammad Fuad Abdul Baqi Publisher: Arab Heritage Revival House – Beirut Al-Tirmidhi, Muhammad bin Isa bin Soura bin Musa Al-Tirmidhi, Sunan AlTirmidhi, investigation by Bashar Maarouf, Dar Al-Gharb Al-Islami - Beirut Al-Bukhari, Sahih Al-Bukhari, by an investigator: Muhammad Zuhair bin Nasser Al-Nasser, Dar Touq Al-Najat, First Floor, 1422 AH Ahmed bin Hanbal, Musnad of Imam Ahmed bin Hanbal, Abu Abdullah Ahmed bin Muhammad bin Hanbal bin Hilal bin Asad al-Shaibani, investigator Shoaib AlArnaut, Al-Risala Foundation, first edition, 1421 AH Al-Sijistani, Abu Dawud Suleiman bin Al-Ash'ath bin Ishaq bin Bashir Al-Sijistani, Sunan Abi Dawud, investigation by Muhammad Mohy, Modern Library, Sidon Beirut Ibn Majah, Sunan Ibn Majah, Ibn Majah - Majah, the name of his father Yazid Abu Abdullah Muhammad bin Yazid Al-Qazwini, Investigator: Shoaib Al-Arnaout, Dar Al-Risala Al-Alamiya, First Floor, 1430 AH Ibn Asaker, Abu al-Qasim Ali bin Al Hassan bin Hebat Allah Ibn Asaker, History of Damascus, 1415 AH, by Omar Al-Amroui, Dar Al-Fikr for printing, publishing and distribution 855

.4 .5 .6 .7 .8 .9 .10


Journal of Social Sciences (COES&RJ-JSS), 9(3), pp.831-856

Abu Dawood, Sunan Abi Dawood, Abu Dawood Suleiman bin Al-Ash'ath bin Ishaq Al-Sijestani, Investigator: Muhammad Mohiuddin Abdul Hamid, publisher of the Modern Library, Beirut http://masajed.gov.kw/Content/DepartmentContent.aspx?M=1&DID=4&CID=23 .8

856


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.