مقدمة ابن خلدون

Page 1

‫مقدمة ابن خلدون‬

‫هذا الكتاب تابع للحقوق اللكية العامة‬


‫القسم الول من القدمة ف فضل علم التاريخ و تقيق مذاهبه و اللاع ل ا‬ ‫يعرض للمؤرخي من الغالط و ذكر شيء من أسبابا‬ ‫اعلم أن فن التاريخ فن عزيز الذهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الاضي من المم ف أخلقهم‪ .‬و النبياء ف سيهم‪.‬‬ ‫و اللوك ف دولم و سياستهم‪ .‬حت تتم فائدة القتداء ف ذلك لن يرومه ف أحوال الدين و الدنيا فهو متاج إل مآخذ متعددة و مع ارف‬ ‫متنوعة و حسن نظر و تثبت يفضيان بصاحبهما إل الق و ينكبان به عن الزلت و الغالط لن الخبار إذا اعتمد فيها على مرد النقل و ل‬ ‫تكم أصول العادة و قواعد السياسة و طبيعة العمران و الحوال ف الجتماع النسان و ل قيس الغائب منها بالشاهد و الاضر بالذاهب‬ ‫فربا ل يؤمن فيها من العثور و مزلة القدم و اليد عن جادة الصدق و كثيا‪ i‬ما وقع للمؤرخي و الفسرين و أئمة النقل م ن الغ الط ف‬ ‫الكايات و الوقائع لعتمادهم فيها على مرد النقل غثا‪ i‬أو سينا‪ i‬و ل يعرضوها على أصولا و ل قاسوها بأش باهها و ل س بوها بعي ار‬ ‫الكمة و الوقوف على طبائع الكائنات و تكيم النظر و البصية ف الخبار فضلوا عن الق و تاهوا ف بيداء الوهم و الغلط و ل س يما ف‬ ‫إحصاء العداد من الموال و العساكر إذا عرضت ف الكايات إذ هي مظنة الكذب و مطية الذر و ل بد من ردها إل الصول و عرضها‬ ‫على القواعد‪.‬‬ ‫و هذا كما نقل السعودي و كثي من الؤرخي ف جيوش بن إسرائيل بأن موسى عليه السلم أحصاهم ف التيه بعد أن أجاز من يطيق حل‬ ‫السلح خاصة من ابن عشرين فما فوقها فكانوا ستمائة ألف أو يزيدون و يذهل ف ذلك عن تقدير مصر و الشام و اتساعهما لث ل ه ذا‬ ‫العدد من اليوش لكل ملكة من المالك حصة من الامية تتسع لا و تقوم بوظائفها و تضيق عما فوقها تشهد بذلك الع وائد العروف ة و‬ ‫الحوال الألوفة ث أن مثل هذه اليوش البالغة إل مثل هذا العدد يبعد أن يقع بينها زحف أو قتال لضيق مساحة الرض عنها و بع دها إذا‬ ‫اصطفت عن مدى البصر مرتي أو ثلثا‪ i‬أو أزيد فكيف يقتتل هذان الفريقان أو تكون غلبة أحد الصفي و شيء م ن ج وانبه ل يش عر‬ ‫بالانب الخر و الاضر يشهد لذلك فالاضي أشبه بالت من الاء بالاء‪.‬‬ ‫و لقد كان ملك الفرس و دولتهم أعظم من ملك بن إسرائيل بكثي يشهد لذلك ما كان من غلب بتنصر لم و التهامه بلدهم و استيلئه‬ ‫على أمرهم و تريب بيت القدس قاعدة ملتهم و سلطانم و هو من بعض عمال ملكة فارس يقال إنه كان مرزبان الغرب من تومه ا و‬ ‫كانت مالكهم بالعراقي و خراسان و ما وراء النهر و البواب أوسع من مالك بن إسرائيل بكثي و مع ذلك ل تبلغ جيوش الفرس قط مثل‬ ‫هذا العدد و ل قريبا‪ i‬منه و أعظم ما كانت جوعهم بالقادسية مائة و عشرين ألفا‪ i‬كلهم متبوع على ما نقله سيف قال و كانوا ف أتب اعهم‬ ‫أكثر من مائت ألف و عن عائشة و الزهري فأن جوع رستم الذين زحف بم سعد بالقادسية إنا كانوا ستي ألفا‪ i‬كلهم متبوع و أيضا‪ i‬فلو‬ ‫بلغ بنو إسرائيل مثل هذا العدد لتسع نطاق ملكهم و انفسح مدى دولتهم فإن العمالت و المالك ف الدول على نسبة الامية و القبي ل‬ ‫القائمي با ف قتلها و كثرتا حسبما نبي ف فضل المالك من الكتاب الول و القوم ل تتسع مالكهم إل غي الردن و فلسطي من الشام‬ ‫و بلد يثرب و خيب من الجاز على ما هو العروف‪.‬‬ ‫و أيضا‪ i‬فالذي بي موسى و إسرائيل إنا ف أربعة آباء على ما ذكره الققون فإنه موسى بن عمران بن يصهر بن قاهت بفتح الاء وكسرها‬ ‫ابن لري بكسر الواو و فتحها ابن يعقوب و هو إسرائيل ال هكذا نسبه ف التوراة و الدة بينهما على ما نقله السعودي قال دخل إسرائيل‬ ‫مصر مع ولده السباط و أولدهم حي أتوا إل يوسف سبعي نفسا‪ i‬و كان مقامهم بصر إل أن خرجوا مع موسى عليه السلم إل ال تيه‬ ‫مائتي و عشرين سنة تتداولم ملوك القبط من الفراعنة و يبعد أن يتشعب النسل ف أربعة أجيال إل مثل هذا العدد و إن زعم وا أن ع دد‬ ‫تلك اليوش إنا كان ف زمن سليمان و من بعده فبعيد أيضا‪ i‬إذ ليس بي سليمان و إسرائيل إل أحد عشر أبا‪ i‬فإنه سليمان بن داود بن يشا‬ ‫بن عوفيذ و يقال ابن عوفذ ابن باعز و يقال بوعز بن سلمون بن نشون بن عمينوذب و يقال حيناذاب بن رم ب ن حص رون و يق ال‬


‫حسرون بن بارس و يقال ببس بن يهوذا بن يعقوب و ل يتشعب النسل ف أحد عشر من الولد إل مثل هذا العدد الذي زعموه الله م إل‬ ‫الئتي و اللف فربا يكون و أما أن يتجاوز إل ما بعدها من عقود العداد فبعيد و اعتب ذلك ف الاضر الشاهد و القريب العروف تد‬ ‫زعمهم باطل‪ i‬و نقلهم كاذبا‪.i‬‬ ‫و الذي ثبت ف السرائيليات أن جنود سليمان كانت اثن عشر ألفا‪ i‬خاصة و أن مقرباته كانت ألفا‪ i‬و أربعمائة فرس مرتبطة على أبوابه هذا‬ ‫هو الصحيح من أخبارهم و ل يلتفت إل خرافات العامة منهم و ف أيام سليمان عليه السلم و ملكه كان عنفوان دولتهم و أتساع ملكهم‬ ‫هذا و قد ند الكافة من أهل الصر إذا أفاضوا ف الديث عن عساكر الدول الت لعهدهم أو قريبا‪ i‬منه و تفاوضوا ف الخبار عن جي وش‬ ‫السلمي أو النصارى أو أخذوا ف إحصاء أموال البايات و خراج السلطان و نفقات الترفي و بضائع الغنياء الوسرين توغلوا ف العدد و‬ ‫تاوزوا حدود العوائد و طاوعوا وساوس العراب فإذا استكشف أصحاب الدواوين عن عساكرهم و استنبطت أحوال أه ل ال ثروة ف‬ ‫بضائعهم و فوائدهم و استجليت عوائد الترفي ف نفقاتم ل تد معشار ما يعدونه و ما ذلك إل لولوع النفس يالغرائب و سهولة التجاوز‬ ‫على اللسان و الغفلة على التعقب و النتقد حت ل ياسب نفسه على خطإ و ل عمد و ل يطالبه ف الب بتوسط و ل عدالة ول يرجعه ا‬ ‫إل بث و تفتيش فيسل عنانه و يسيم ف مراتع الكذب لسانه و يتخذ آيات ال هزءا‪ i‬و يشتري لو الديث ليصل عن سبيل ال و حسبك‬ ‫با صفقة خاسرة‪.‬‬ ‫و من الخبار الواهية للمؤرخي ما ينقلونه كافة ف أخبار التبابعة ملوك اليمن و جزيرة العرب أنم كانوا يغزون من قراهم باليمن إل أفريقية‬ ‫و الببر من بلد الغرب و أن أفريقش بن قيس بن صيفي من أعاظم ملوكهم الول و كان لعهد موسى عليه السلم أو قبله بقلي ل غ زا‬ ‫أفريقية و أثخن ف الببر و أنه الذي ساهم بذا السم حي سع رطانتهم و قال ما هذه الببرة فأخذ هذا السم عنه و دعوا به من حينئذ و‬ ‫أنه لا انصرف من الغرب حجز هنالك قبائل من حي فأقاموا با و اختلطوا بأهلها و منهم صنهاجة و كتامة و من هذا ذه ب الط بي و‬ ‫الرجان و السعودي و ابن الكلب و البيلي إل أن صنهاجة و كتامة من حي وتاباه نسابة الببر و هو الصحيح و ذكر السعودي أيض ا‪ i‬أن‬ ‫ذا الذعار من ملوكهم قبل أفريقش و كان على عهد سليمان عليه السلم غزا الغرب و دوخه و كذلك ذكر مثله عن ياسر ابنه من بعده و‬ ‫إنه بلغ وادي الرمل ف بلد الغرب و ل يد فيه مسلكا‪ i‬لكثرة الرمل فرجع و كذلك يقولون ف تبع الخر و هو أسعد أبو كرب و ك ان‬ ‫على عهد يستأنف من ملوك الفرس الكيانية أنه ملك الوصل و أذربيجان و لقي الترك فهزمهم و أثخن ث غزاهم ثانية و ثالثة كذلك و أن ه‬ ‫بعد ذلك أغزى ثلثة من بنيه بلد فارس و إل بلد الصغد من بلد أمم الترك وراء النهر و إل بلد الروم فملك الول البلد إل س رقند و‬ ‫قطع الفازة إل الصي فوجد أخاه الثان الذي غزا إل سرقند قد سبقه إليها ث فأثخنا ف بلد الصي و رجعا جيعا‪ i‬بالغنائم و ترك وا ببلد‬ ‫الصي قبائل من حي فهم با إل هذا العهد و بلغ الثالث إل قسطنطينية فدرسها و دوخ بلد الروم و رجع‪.‬‬ ‫و هذه الخبار كلها بعيدة عن الصحة عريقة ف الوهم و الغلط و أشبه بأحاديث القصص الوضوعة‪ .‬و ذلك أن ملك التبابعة إنا كان بزيرة‬ ‫العرب و قرارهم و كرسيهم بصنعاء اليمن‪ .‬و جزيرة العرب ييط با البحر من ثلث جهاتا فبحر الند من النوب و بر فارس الابط منه‬ ‫إل البصرة من الشرق و بر السويس الابط منه إل السويس من أعمال مصر من جهة الغرب كما ت راه ف مص ور الغرافي ا فل ي د‬ ‫السالكون من اليمن إل الغرب طريقا‪ i‬من غي السويس و السلك هناك ما بي بر السويس و البحر الشامي قدر مرحلتي فما دونما و يبعد‬ ‫أن ير بذا السلك ملك عظيم ف عساكر موفورة من غي أن يصي من أعماله هذه متنع ف العادة‪ .‬و قد كان بتلك العم ال العمالق ة و‬ ‫كنعان بالشام و القبط بصر ث ملك العمالقة مصر و ملك بنو إسرائيل الشام و ل ينقل قط أن التبابعة حاربوا أحدا‪ i‬من هؤلء الم م‪ .‬و ل‬ ‫ملكوا شيئا‪ i‬من تلك العمال و أيضا‪ i‬فالشقة من البحر إل الغرب بعيدة و الزودة و العلوفة للعساكر كثية فإذا س اروا ف غي أعم الم‬ ‫احتاجوا إل انتهاب الزرع و النعم و انتهاب البلد فيما يرون عليه و ل يكفي ذلك للزودة و للعلوفة عادة و إن نقلوا كفايتهم من ذل ك‬ ‫من أعمالم فل تفي لم الرواحل بنقله فل بد و أن يروا ف طريقهم كلها بأعمال قد ملكوها و دوخوها لتكون الية منها و إن قلنا أن تلك‬ ‫العساكر تر بؤلء المم من غي أن تيجهم فتحصل لم الية بالسالة فذلك أبعد و أشد امتناعا‪ i‬فدل على أن ه ذه الخب ار واهي ة أو‬ ‫موضوعة‪.‬‬ ‫و أما وادي الرمل الذي يعجز السالك فلم يسمع قط ف ذكره ف الغرب على كثرة سالكه و من يقص طرقه من الركاب و القرى ف ك ل‬ ‫عصر و كل جهة و هو على ما ذكروه من الغرابة تتوفر الدواعي على نقله‪ .‬و أما غزوهم بلد الشرق و أرض الترك و إن كان طريقه أوسع‬


‫من مسالك السويس إل أن الشقة هنا أبعد و أمم فارس و الروم معترضون فيها دون الترك و ل نقل قط أن التبابعة ملكوا بلد ف ارس و ل‬ ‫بلد الروم و إنا كانوا ياربون أهل فارس على حدود بلد العراق و ما بي البحرين و الية و الزيرة بي دجلة و الفرات و ما بينهم ا ف‬ ‫العمال و قد وقع ذلك بي ذي الذعار منهم و كيكاوس من ملوك الكيانية و بي تبع الصغر أب كرب و يستاسف معهم أيض ا‪ i‬و م ع‬ ‫ملوك الطوائف بعد الكيانية و الساسانية ف من بعدهم بجاوزة أرض فارس بالغزو إل بلد الترك و التبت و هو متنع عادة من بعدهم أجل‬ ‫المم العترضة منهم و الاجة إل الزودة و العلوفات مع بعد الشقة كما مر فالخبار بذلك واهية مدخولة و هي لو كانت صحيحة النقل‬ ‫لكان ذلك قادحا‪ i‬فيها فكيف و هي ل تنقل من وجه صحيح و قول ابن إسحاق ف خب يثرب و الوس و الزرج أن تبعا‪ i‬الخر س ار إل‬ ‫الشرق ممول‪ i‬على العراق و بلد فارس و أما بلد الترك و التبت فل يصح غزوهم إليها بوجه لا تقرر فل تثق با يلقى إليك من ذل ك و‬ ‫تأمل الخبار و أعرضها على القواني الصحيحة يقع لك تحيصها بأحسن وجه و ال الادي إل الصواب‪.‬‬

‫فصل القسم الثان من القدمة ف فضل علم التاريخ و تقيق مذاهبه و‬ ‫اللاع لا يعرض للمؤرخي من الغالط و ذكر شيء من أسبابا‬ ‫و أبعد من ذلك و أعرق ف الوهم ما يتناقله الفسرون ف تفسي سورة و الفجر ف قوله تعال أل تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد‬ ‫فيجعلون لفظة إرم اسا‪ i‬لدينة وصفت بأنا ذات عماد أي أساطي و ينقلون أنه كان لعاد بن عوص بن إرم ابنان ها شديد و شداد ملكا من‬ ‫بعده و هلك شديد فخلص اللك لشداد و دانت له ملوكهم و سع وصف النة فقال لبني مثلها فبن مدينة إرم ف صحارى عدن ف مدة‬ ‫ثلثمائة سنة و كان عمره تسعمائة سنة و أنا مدينة عظيمة قصورها من الذهب و أساطينها من الزبرجد و الياقوت و فيها أصناف الشجر و‬ ‫النار الطردة و لا ت بناؤها سار إليها بأهل ملكته حت إذا كان منها على مسية يوم و ليلة بعث ال عليهم صيحة من الس ماء فهلك وا‬ ‫كلهم‪ .‬ذكر ذلك الطبي و الثعالب و الزمشري و غيهم من الفسرين و ينقلون عن عبد ال بن قلبة من الصحابة أنه خرج ف طلب إب ل‬ ‫له فوقع عليها و حل منها ما قدر عليه و بلغ خبه معاوية فأحضره و قص عليه فبحث عن كعب الخبار و سأله عن ذلك فقال ه ي إرم‬ ‫ذات العماد من سيدخلها رجل من السلمي أحر أشقر قصي على حاجبه خال و على عنقه خال يرج ف طلب إبل له ث التفت فأبصر ابن‬ ‫قلبة فقال هذا و ال ذلك الرجل‪.‬‬ ‫و هذه الدينة ل يسمع لا خب من يومئذ ف شيء من بقاع الرض و صحارى عدن الت زعموا أنا بنيت فيها هي ف وسط اليمن و مازال‬ ‫عمرانه متعاقبا‪ i‬و الدلء تقص طرقه من كل وجه و ل ينقل عن هذه الدينة خب و ل ذكرها أحد من الخباريي و ل من المم و لو ق الوا‬ ‫أنا درست فيما درس من الثار لكان أشبه إل أن ظاهر كلمهم أنا موجودة و بعضهم يقول أنا دمشق بناء على أن قوم عاد ملكوها و قد‬ ‫ينتهي الذيان ببعضهم إل أنا غائبة و إنا يعثر عليها أهل الرياضة و السحر مزاعم كلها أشبه بالرافات و الذي حل الفسرين على ذلك ما‬ ‫اقتضته صناعة العراب ف لفظة ذات العماد أنا صفة إرم و حلوا العماد على الساطي فتعي أن يكون بناء و رشح لم ذلك ق راءة اب ن‬ ‫الزبي عاد إرم على الضافة من غي تنويون ث وقفوا على تلك الكايات الت هي أشبه بالقاصيص الوضوعة الت هي أق رب إل الك ذب‬ ‫النقولة ف عداد الضحكات و إل فالعماد هي عماد الخبية بل اليام و إن أريد با الساطي فل بدع ف وصفهم بأنم أهل بناء و أساطي‬ ‫على العموم با اشتهر من قوتم لنه بناء خاص ف مدينة معينة أو غيها و إن أضيفت كما ف قراءة ابن الزبي فعلى إضافة الفصيلة إل القبيلة‬ ‫كما تقول قريش كنانة و إلياس مضر و ربيعة نزار أي ضرورة إل هذا المل البعيد الذي تحلت لتوجيهه لمثال هذه الكايات الواهية الت‬ ‫ينه كتاب ال عن مثلها لبعدها عن الصحة‪.‬‬


‫و من الكايات الدخولة للمؤرخي ما ينقلونه كافة ف سبب نكبة الرشيد للبامكة من قصة العباسة أخته مع جعفر بن يي بن خالد موله‬ ‫و أنه لكلفه بكانما من معاقرته إياها المر أذن لما ف عقد النكاح دون اللوة حرصا‪ i‬على اجتماعهما ف ملسه و أن العباسة تيلت عليه‬ ‫ف التماس اللوة به لا شغفها من حبه حت واقعها زعموا ف حالة السكر فحملت و وشي بذلك للرشيد فاستغضب و هيهات ذل ك م ن‬ ‫منصب العباسة ف دينها و أبويها و جللا و أنا بنت عبد ال بن عباس و ليس بينها و بينه إل أربعة رجال هم أشراف الدين و عظماء اللة‬ ‫من بعده‪ .‬و العباسة بنت ممد الهدي ابن عبد ال أب جعفر النصور بن ممد السجاد ابن علي أب اللفاء ابن عبد ال ترجان القرآن اب ن‬ ‫العباس عم النب صلى ال عليه و سلم ابنة خليفة أخت خليفة مفوفة باللك العزيز و اللفة النبوية و صحبة الرسول و عمومته و إقامة اللة‬ ‫و نور الوحي و مهبط اللئكة من سائر جهاتا قريبة عهد ببداوة العروبية و سذاجة الذين البعيدة عن عوائد الترف و مراتع الفواحش ف أين‬ ‫يطلب الصون و العفاف إذا ذهب عنها أو أين توجد الطهارة و الذكاء إذا فقدا من بيتها أو كيف تلحم نسبها بعفر ب ن يي و ت دنس‬ ‫شرفها العرب بول من موال العجم بلكة جده من الفرس أو بولء جدها من عمومة الرسول و أشراف قريش و غايته أن جذبت دولته م‬ ‫بضبعه وضبع أبيه و استخلصتهم و رقتهم إل منازل الشراف و كيف يسوغ من الرشيد أن يصهر إل موال العاجم على بعد هته و عظم‬ ‫آبائه و لو نظر التأمل ف ذلك نظر النصف و قاس العباسة بابنة ملك من عظماء ملوك زمانه لستنكف لا عن مثله مع مول م ن م وال‬ ‫دولتها و ف سلطان قومها و استنكره و ل ف تكذيبه و ابن قدر العباسة و الرشيد من الناس‪.‬‬ ‫و إنا نكب البامكة ما كان من استبدادهم على الدولة و احتجافهم أموال الباية حت كان الرشيد يطلب اليسي من الال فل يص ل إلي ه‬ ‫فغلبوه على أمره و شاركوه ف سلطانه و ل يكن له منهم تصرف ف أمور ملكه فعظمت آثارهم و بعد صيتهم و عمروا مراتب الدول ة و‬ ‫خططها بالرؤساء من ولدهم و صنائعهم و احتازوها عمن سواهم من وزارة و كتابة و قيادة و حجابة و سيف و قلم‪ .‬يقال إنه كان ب دار‬ ‫الرشيد من ولد يي بن خالد خسة و عشرون رئيسا‪ i‬من بي صاحب سيف و صاحب قلم زاحوا فيها أهل الدولة بالناكب و دفعوهم عنها‬ ‫بالراح لكان أبيهم يي بن كفالة هارون ول عهد و خليفة حت شب ف حجره و درج من عشه و غلب على أمره و كان يدعوه يا أب ت‬ ‫فتوجه اليثار من السلطان إليهم وعظمت الدالة منهم و انبسط الاه عندهم و انصرفت نوهم الوجوه و خضعت لم الرقاب و قص رت‬ ‫عليهم المال و تطت إليهم من أقصى التخوم هدايا اللوك و تف المراء و تسربت إل خزائنهم ف سبيل التزلف و الستمالة أموال الباية‬ ‫و أفاضوا ف رجال الشيعة و عظماء القرابة العطاء و طوقوهم النن و كسبوا من بيوتات الشراف العدم و فكوا العان و مدحوا با ل يدح‬ ‫به خليفتهم و أسنوا لعفاتم الوائز و الصلت و استولوا على القرى و الضياع من الضواحي و المصار ف سائر المالك حت أسفوا البطالة‬ ‫و أحقدوا الاصة و أغصوا أهل الولية فكشفت لم وجوه النافسة و السد و دبت إل مهادهم الوثي من الدولة عقارب السعاية حت لقد‬ ‫كان بنو خطبة أخوال جعفر من أعظم الساعي عليهم ل تعطفهم لا وقر ف نفوسهم من السد عواطف الرحم و ل وزعتهم أواصر القرابة‬ ‫و قارن ذلك عند مدومهم نواشيء الغية و الستنكاف من الجر و النفة و كان القود الت بعثتها منهم صغائر الدال ة‪ .‬و انته ى ب ا‬ ‫الصرار على شأنم إل كبائر الخالفة كقصتهم ف يي بن عبد ال بن حسن بن السن بن علي بن أب طالب أخي ممد الهدي اللق ب‬ ‫بالنفس الزكية الارج على النصور و يي هذا هو الذي استنله الفضل بن يي من بلد الديلم على أمان الرشيد بطه و بذل لم فيه ألف‬ ‫ألف درهم على ما ذكره الطبي و دفعه الرشيد إل جعفر و جعل اعتقاله بداره و إل نظره فحبسه مدة ث حلته الدالة على تلية س بيله و‬ ‫الستبداد بل عقاله حرما‪ i‬لدماء أهل البيت بزعمه و دالة على السلطان ف حكمه‪ .‬و سأله الرشيد عنه لا و شي به أليه ففطن و قال أطلقته‬ ‫فأبدى له وجه الستحسان و أسرها ف نفسه فأوجد السبيل بذلك على نفسه و قومه حت ثل عرشهم و ألقيت عليهم ساؤهم و خس فت‬ ‫الرض بم و بدارهم و ذهبت سلفا‪ i‬و مثل‪ i‬للخرين أيامهم و من تأمل أخبارهم و استقصى سي الدولة و سيهم وجد ذلك مقق الس ر‬ ‫مهد السباب و انظر ما نقله ابن عبد ربه ف مفاوضة الرشيد عم جده داود بن علي ف شأن نكبتهم و ما ذكره ف باب الشعراء ف كت اب‬ ‫العقد به ماورة الصمعي للرشيد و للفضل بن يي ف سرهم تتفهم أنه إنا قتلتهم الغية و النافسة ف الستبداد من الليفة فم ن دون ه و‬ ‫كذلك ما تيل به أعداؤهم من البطانة فيما دسوه للمغني من الشعر احتيال‪ i‬على إساعه للخليفة و تريك حفائظه لم و هو قوله‪:‬‬ ‫ليت هندا‪ i‬أنزتنا ما تعد و شفت أنفسنا ما ند‬


‫و استبدت مرة‪ i‬واحدة‪i‬إنا العاجز من ليستبد‬ ‫و إن الرشيد لا سعها قال أي و ال إن عاجز حت بعثوا بأمثال هذه كامن غيته و سلطوا عليهم بأس انتقامه نعوذ بال من غلبة الرجال و‬ ‫سوء الال‪.‬‬ ‫و أما ما توه له الكاية من معاقرة الرشيد المر و اقتران سكره بسكر الندمان فحاشا ال ما علمنا عليه من سوء و أين هذا من حال الرشيد‬ ‫و قيامه با يب لنصب اللفة من الدين و العدالة و ما كان عليه من صحابة العلماء و الولياء و ماوراته للفضيل بن عياض و ابن السمك‬ ‫و العمري و مكاتبته سفيان الثوري و بكائه من مواعظهم و دعائه بكة ف طوافه و ما كان عليه من العبادة و الافظة على أوقات الصلوات‬ ‫و شهود الصبح لول وقتها‪ .‬حكى الطبي و غيه أنه كان يصلي ف كل يوم مائة ركعة نافلة و كان يغزو عاما‪ i‬و يج عاما‪ i‬و لقد زجر ابن‬ ‫أب مري مضحكه ف سره حي تعرض له بثل ذلك ف الصلة لا سعه يقرأ وما ل ل أعبد الذي فطرن وإليه ترجعون و قال و ال ما أدري‬ ‫ل ؟ فما تالك الرشيد أن ضحك ث التفت إليه مغضبا‪ i‬و قال يا ابن أب مري ف الصلة أيضا‪ i‬إياك إياك و القرآن و الدين و لك م ا ش ئت‬ ‫بعدها و أيضا‪ i‬فقد كان من العلم و السذاجة بكان لقرب عهده من سلفه النتحلي لذلك و ل يكن بينه و بي جده أب جعفر بعيد زمن إنا‬ ‫خلفه غلما‪ i‬و قد كان أبو جعفر بكان من العلم و الدين قبل اللفة و بعدها و هو القائل لالك حي أشار عليه بتأليف الوطإ يا أبا عبد ال‬ ‫إنه ل يبقى على وجه الرض أعلم من و منك و إن قد شغلتن اللفة فضع أنت للناس كتابا‪ i‬ينتفعون به تنب فيه رخص اب ن عب اس و‬ ‫شدائد ابن عمر و وطئه للناس توطئة قال مالك فوال‪ .‬لقد علمن التصنيف يومئذ و لقد أدركه ابنه الهدي أبو الرشيد هذا و هو يتورع عن‬ ‫كسوة الديد لعياله من بيت الال و دخل عليه يوما‪ i‬و هو بجلسه يباشر الياطي ف إرقاع اللقان من ثياب عياله فاستنكف الهدي م ن‬ ‫ذلك و قال يا أمي الؤمني على كسوة هذه العيال عامنا‪ i‬هذا من عطائي فقال له لك ذلك و ل يصده عنه و ل سح بالنفاق فيه من أموال‬ ‫السلمي فكيف يليق بالرشيد على قرب العهد من هذا الليفة و أبوته و ما رب عليه من أمثال هذه السي ف أهل بيته و التخلق با أن يعاقر‬ ‫المر أو ياهر با و قد كانت حالة الشراف من العرب الاهلية ف اجتناب المر معلومة و ل يكن الكرم شجرتم و كان شربا مذم ة‬ ‫عند الكثي منهم و الرشيد و آباؤه كانوا على ثبج من اجتناب الذمومات ف دينهم و دنياهم و التخلق بالامد و أوصاف الكمال و نزعات‬ ‫العرب‪ .‬و انظر ما نقله الطبي و السعودي ف ف قصة جبيل بن بتيشوع الطبيب حي أحضر له السمك ف مائدته فحماه عن ه ث أم ر‬ ‫صاحب الائدة بمله إل منله و فطن الرشيد و ارتاب به و دس خادمه حت عاينه يتناوله فاعد ابن بتيشوع للعت ذار ثلث قط ع م ن‬ ‫السمك ف ثلثة أقداح خلط إحداها باللحم العال بالتوابل و البقول و البوارد و اللوى و صب على الثانية ماء¸ مثلجا‪ i‬و على الثالثة خ را‪i‬‬ ‫صرفا‪ i‬و قال ف الول و الثان هذا طعام أمي الؤمني إن خلط السمك بغيه أو ل يلطه و قال ف الثالث هذا طعام ابن بتيشوع و دفعه ا‬ ‫إل صاحب الائدة حت إذا انتبه الرشيد و أحضره للتوبيخ‪ ،‬أحضر الثلثة القداح فوجد صاحب المر قد اختلط و أماع و تفتت و وج د‬ ‫الخرين قد فسدا و تغيت رائحتهما فكانت له ف ذلك معذرة و تبي من ذلك أن حال الرشيد ف اجتناب المر كانت معروفة عند بطانته‬ ‫و أهل مائدته و لقد ثبت عنه أنه عهد ببس أب نواس لا بلغه من انماكه ف العاقرة حت تاب و أقلع و إنا كان الرشيد يشرب نبيذ التم ر‬ ‫على مذهب أهل العراق و فتاويهم فيها معروفة و أما المر الصرف فل سبيل إل اتامه با و ل تقليد الخبار الواهية فيها فلم يكن الرجل‬ ‫بيث يواقع مرما‪ i‬من أكب الكبائر عند أهل اللة و لقد كان أولئك القوم كلهم بنحاة من ارتكاب السرف و الترف ف ملبسهم و زينتهم‬ ‫و سائر متناولتم لا كانوا عليه من خشونة البداوة و سذاجة الدين الت ل يفارقوها بعد فما ظنك با يرج عن الباحة إل الظر و ع ن‬ ‫اللة إل الرمة و لقد اتفق الؤرخون الطبي و السعودي و غيهم على أن جيع من سلف من خلفاء بن أمية و بن العباس إن ا ك انوا‬ ‫يركبون باللية الفيفة من الفضة ف الناطق و السيوف و اللجم و السروج و أن أول خليفة أحدث الركوب بلية الذهب هو الع تز ب ن‬ ‫التوكل ثامن اللفاء بعد الرشيد و هكذا كان حالم أيضا‪ i‬ف ملبسهم فما ظنك بشاربم و يتبي ذلك بأت من هذا إذا فهمت طبيعة الدولة‬ ‫ف أولا من البداوة و الغضاضة كما نشرح ف مسائل الكتاب الول إن شاء ال و ال الادي إل الصواب‪ .‬و يناسب هذا أو قريب منه م ا‬ ‫ينقلونه كافة عن يي بن أكثم قاضي الأمون و صاحبه و أنه كان يعاقر المر و أنه سكر ليلة مع شربه فدفن ف الري ان ح ت أف اق و‬ ‫ينشدون على لسانه‪:‬‬


‫يا سيدي و أمي الناس كلهم قد جار ف حكمه من كان يسقين‬ ‫إن غفلت عن الساقي فصين كما تران سليب العقل و الدين‬ ‫و حال ابن أكثم و الأمون ف ذلك من حال الرشيد و شرابم إنا كان النبيذ و ل يكن مظورا‪ i‬عندهم و أما السكر فليس م ن ش أنم و‬ ‫صحابته للمأمون إنا كانت خلة ف الدين و لقد ثبت أنه كان ينام معه ف البيت و نقل ف فضائل الأمون و حسن عشرته أنه انتبه ذات ليلة‬ ‫عطشان فقام يتحسس و يتلمس الناء مافة أن يوقظ يي بن أكثم و ثبت أنما كانا يصليان الصبح جيعا‪ i‬فإن هذا من العاقرة و أيضا‪ i‬ف إن‬ ‫يي بن أكثم كان من علية أهل الديث و قد أثن عليه المام أحد بن حنبل و إساعيل القاضي و خرج عنه التزمذي كتابه الامع و ذكر‬ ‫الزن الافظ أن البخاري روى عنه ف غي الامع فالقدح فيه قدح ف جيعهم و كذلك ما ينبزه الان باليل إل الغلمان بتانا‪ i‬عل ى ال و‬ ‫فرية على العلماء و يستندون ف ذلك إل أخبار القصاص الواهية الت لعلها من افتراء أعدائه فإنه كان مسودا‪ i‬ف كماله خلت ه للس لطان و‬ ‫كان مقامه من العلم و الدين منها‪ i‬عن مثل ذلك و قد ذكر لبن حنبل ما يرميه به الناس فقال سبحان ال سبحان ال و من يقول ه ذا و‬ ‫أنكر ذلك إنكارا‪ i‬شديدا‪ i‬وأثن عليه إساعيل القاضي فقيل له ما كان يقال فيه فقال معاذ ال أن تزول عدالة مثله بتكذيب باغ و حاس د و‬ ‫قال أيضا‪ i‬يي بن أكثم أبرأ إل ال من أن يكون فيه شيء ما كان يرمى به من أمر الغلمان و لقد كنت أقف على سرائره فأج ده ش ديد‬ ‫الوف من ال لكنه كانت فيه دعابة و حسن خلق فرمى با رمى به ابن حيان ف الثقات و قال ل يشتغل با يكى عنه لن أكثرها ل يصح‬ ‫عنه و من أمثال هذه الكايات ما نقله ابن عبد ربه صاحب العقد من حديث الزنبيل ف سبب إصهار الأمون إل السن بن سهل ف بنت ه‬ ‫بوران و أنه عثر ف بعض الليال ف تطوافه بسكك بغداد ف زنبيل مدل من بعض السطوح بعالق و جدل مغارة الفتل من الرير فاعتقده و‬ ‫تناول العالق فاهتزت و ذهب به صعدا‪ i‬إل ملس شأنه كذا و وصف من زينة فرشه و تنصيد ابنته و جال رؤيته ما يستوقف الطرف و يلك‬ ‫النفس و أن امرأة برزت له من خلل الستور ف ذلك اللس رائقة المال فتانة الاسن فحيته و دعته إل النادمة فلم يزل يعاقرها المر حت‬ ‫الصباح و رجع إل أصحابه بكانم من انتظاره و قد شغفته حبا‪ i‬بعثه على الصهار إل أبيها و أين هذا كله من حال الأمون العروفة ف دينه‬ ‫و علمه و اقتفائه سنن اللفاء الراشدين من آبائه و أخذه بسي اللفاء الربعة أركان اللة و مناظرته العلماء و حفظه ل دود ال تع ال ف‬ ‫صلواته‪ ،‬أحكامه فكيف تصح عنه أحوال الفساق الستهترين ف التطواف بالليل و طروق النازل و غشيان السمر سبيل عشاق الع راب و‬ ‫أين ذلك من منصب ابنة السن بن سهل و شرفها و ما كان بدار أبيها من الصون و العفاف و أمثال هذه الكايات ك ثية و ف كت ب‬ ‫الؤرخي معروفة و إنا يبعث على وضعها و الديث با النماك ف اللذات الرمة و هتك قناع الخدرات و يتعللون بالتأسي بالقوم فيم ا‬ ‫يأتونه من طاعة لذاتم فلذلك تراهم كثيا‪ i‬ما يلهجون بأشباه هذه الخبار و ينقرون عنها عند تصفحهم لوراق الدواوين و لو ائتسوا بم ف‬ ‫غي هذا من أحوالم و صفات الكمال اللئقة بم الشهورة عنهم لكان خيا‪ i‬لم لو كانوا يعلمون‪ .‬و لقد عذلت يوما‪ i‬بعض المراء من أبناء‬ ‫اللوك ف كلفه بتعلم الغناء و ولوعه بالوتار و قلت له ليس هذا من شأنك و ل يليق بنصبك فقال ل أفل ترى إل إبراهيم ب ن اله دي‬ ‫كيف كان إمام هذه الصناعة و رئيس الغني ف زمانه فقلت له يا سبحان ال و هل تأسيت بأبيه أو أخيه أو ما رأيت كيف قع د ذل ك‬ ‫بإبراهيم عن مناصبهم فصم عن عذل و أعرض و ال يهدي من يشاء‪.‬‬ ‫و من الخبار الواهية ما يذهب إليه الكثي من الؤرخي و الثبات ف العبيديي خلفاء الشيعة بالقيوان و القاهرة من نفيهم عن أهل ال بيت‬ ‫صلوات ال عليهم و الطعن ف نسبهم إل اساعيل المام ابن جعفر الصادق يعتمدون ف ذلك على أحاديث لفقت للمستضعفي من خلفاء‬ ‫بن العباس تزلفا‪ i‬إليهم بالقدح فيمن ناصبهم و تفننا‪ i‬ف الشمات بعدوهم حسبما تذكر بعض هذه الحاديث ف أخبارهم و يغفل ون ع ن‬ ‫التفطن لشواهد الواقعات و أدلة الحوال الت اقتضت خلف ذلك من تكذيب دعواهم و الرد عليهم‪.‬‬ ‫فإنم متفقون ف حديثهم عن مبدأ دولة الشيعة أن أبا عبد ال التسب لا دعي بكتامة للرضى من آل ممد و اشتهر خبه و علم تويه على‬ ‫عبيد ال الهدي و ابنه أب القاسم خشيا على أنفسهما فهربا من الشرق مل اللفة و اجتازا بصر و أنما خرجا من الس كندرية ف زي‬


‫التجار و ني خبها إل عيسى النوشري عامل مصر و السكندرية فسرح ف طلبهما اليالة حت إذا أدركا خفي حالما على تابعهما ب ا‬ ‫لبسوا به من الشارة و الزي فأفلتوا إل الغرب‪ .‬و أن العتضد أوعز إل الغالبة أمراء أفريقيا بالقيوان و بن مدرار أمراء سجلماسة بأخ ذ‬ ‫الفاق عليهما وإذكاء العيون ف طلبهما فعثر اليشع صاحب سجلماسة من آل مدرار على خفي مكانما ببلده و اعتقلهما مرضاة للخليفة‪.‬‬

‫القسم الثالث من القدمة ف فضل علم التاريخ و تقيق مذاهبه و اللاع ل ا‬ ‫يعرض للمؤرخي من الغالط و ذكر شيء من أسبابا‬ ‫هذا قبل أن تظهر الشيعة على الغالبة بالقيوان ث كان بعد ذلك ما كان من ظهور دعوتم بالغرب و أفريقية ث باليمن ث بالس كندرية ث‬ ‫بصر و الشام و الجاز و قاسوا بن العباس ف مالك السلم شق البلمة و كادوا يلجون عليهم مواطنهم و يزايلون من أمرهم و لقد أظهر‬ ‫دعوتم ببغداد و عراقها المي البساسيي من موال الديلم التغلبي على خلفاء بن العباس ف مغاضبت جرت بينه و بي أم راء العج م و‬ ‫خطب لم على منابرها حول‪ i‬كامل‪ i‬و مازال بنو العباس يغصون بكانم و دولتهم و ملوك بن أمية وراء البحر ينادون بالويل و الرب منهم‬ ‫و كيف يقع هذا كله لدعي ف النسب يكذب ف انتحال المر و اعتب حال القرمطي إذ كان دعيا‪ i‬ف انتسابه كيف تلشت دعوته و تفرقت‬ ‫اتباعه و ظهر سريعا‪ i‬على خبثهم و مكرهم فساءت عاقبتهم و ذاقوا و بال أمرهم و لو كان أمر العبيد بي كذلك لعرف و لو بعد مهلة‪:‬‬ ‫ومهما يكن عند امرىء من خليقة و إن خالا تفى على الناس تعلم‬ ‫فقد اتصلت دولتهم نوا‪ i‬من مائي و ستي سنة و ملكوا مقام إبراهيم عليه السلم و مصله و موطن الرسول صلى ال عليه وسلم و مدفنه‬ ‫و موقف الجيج و مهبط اللئكة ث انقرض أمرهم و شيعتهم ف ذلك كله على أت ما كانوا عليه من الطاعة لم و الب فيهم و اعتقادهم‬ ‫بنسب المام إساعيل بن جعفر الصادق و لقد خرخوا مرارا‪ i‬بعد ذهاب الدولة و دروس أثرها داعي إل بدعتهم هاتفي بأساء صبيان م ن‬ ‫أعقابم يزعمون استحقاقهم للخلفة و يذهبون إل تعيينهم بالوصية من سلف قبلهم من الية و لو ارتابوا ف نسبهم ل ا ركب وا أعن اق‬ ‫الخطار ف النتصار لم فصاحب البدعة ل يلبس ف أمره و ل يشبه ف بدعته و ل يكذب نفسه فيما ينتحله‪.‬‬ ‫والعجب من القاضي أب بكر الباقلن شيخ النظار من التكلمي كيف ينح إل هذه القالة الرجوحة و يرى هذا الرأي الضعيف فأن ك ان‬ ‫ذلك لا كانوا عليه من اللاد ف الدين و التعمق ف الرافضية فليس ذلك بدافع ف صدر دعوتم و ليس إثبات منتسبهم بالذي يغن عنهم من‬ ‫ال شيئا‪ i‬ف كفرهم فقد قال تعال لنوح عليه السلم ف شأن ابنه إنه ليس من أهلك إنه عمل غي صال فل تسألن ما ليس لك به علم و قال‬ ‫صلى ال عليه وسلم لفاطمة يعظها يا فاطمة إعملي فلن أغن عنك من ال شيئا‪ i‬و مت عرف امرؤ قضية‪ i‬و استيقن أم را‪ i‬وج ب علي ه أن‬ ‫يصدع به و ال يقول الق و هو يهدي السبيل و القوم كانوا ف مال الظنون الدول بم و تت رقبة من الطغاة لتوفر شيعتهم و انتش ارهم‬ ‫ف القاصية بدعوتم و تكرر خروجهم مرة بعد أخرى فلذت رجالتم بالختفاء و ل يكادوا يعرفون كما قيل‪:‬‬ ‫فلو تسأل اليام ما اسي ما درت‬

‫و أين مكان ما عرفن مكانيا‬

‫حت لقد سي ممد بن إساعيل المام جد عبد ال الهدي بالكتوم سته بذلك شيعتهم لا إتفقوا عليه من إخفائه حذرا‪ i‬من التغلبي عليه م‬ ‫فتوصل شيعة بن العباس بذلك عند ظهورهم إل الطعن ف نسبهم و ازدلفوا بذا الرأي القائل للمستضعفي من خلف ائهم و أعج ب ب ه‬ ‫أولياؤهم و أمراء دولتهم التولون لروبم مع العداء يدفعون به عن أنفسهم و سلطانم معرة العجز عن القاومة و الدافعة لن غلبهم عل ى‬ ‫الشام و مصر و الجاز من الببر الكتامي شيعة العبيديي و أهل دعوتم حت لقد أسجل القضاة ببغداد بنفيهم عن هذا النس ب و ش هد‬


‫بذلك عندهم من أعلم الناس جاعة منهم الشريف الرضي و أخوة الرتضى و ابن البطحاوي و من العلماء أبو حامد السفرايين و القدوري‬ ‫و الصيمري و ابن الكفان و البيوردي و أبو عبد ال بن النعمان فقيه الشيعة و غيهم من أعلم المة ببغداد ف يوم مشهود و ذلك س نة‬ ‫ستي و أربعمائة ف أيام القادر و كانت شهادتم ف ذلك على السماع لا اشتهر وعرف بي الناس ببغداد و غالبه ا ش يعة بن العب اس‬ ‫الطاعنون ف هذا النسب فنقله الخباريون كما سعوه و رووه حسبما وعوه و الق من ورائه‪ .‬و ف كتاب العتضد ف شأن عبيد ال إل ابن‬ ‫الغلب بالقيوان و ابن مدرار بسجلماسة أصدق شاهد و أوضح دليل على صحة نسبهم فالعتضد أقعد بنسب أهل البيت من كل أح د و‬ ‫الدولة و السلطان سوق للعال تلب إليه بضائع العلوم والصنائع تلتمس ف ضوال الكم تدى إليه ركائب الروايات و الخبار و ما نف ق‬ ‫فيها نفق عند الكافة فأن تنهت الدولة عن التعسف و اليل و الفن و السفسفة و سلكت النهج المم و ل تر عن قصد الس بيل نف ق ف‬ ‫سوقها البريز الالص و اللجي الصفى و أن ذهبت مع الغراض و القود و ماجت بسماسرة العرب البغي و الباطل نفق البهرج و الزائف‬ ‫و الناقد البصي قسطاس نظره و ميزان بثه و ملتمسه‪.‬‬ ‫و مثل هذا و أبعد منه كثيا‪ i‬ما يتناجى به الطاعنون ف نسب إدريس بن إدريس بن عبد ال بن حسن بن السن بن علي ب ن أب ط الب‬ ‫رضوان ال عليهم المام بعد أبيه بالغرب القصى و يعرضون تعريض الد بالتظنن ف المل الخلف عن إدريس الكب إنه لراشد م ولهم‬ ‫قبحهم ال و أبعدهم ما أجهلهم أما يعلمون أن إدريس الكب كان إصهاره ف الببر و إنه منذ دخل الغرب إل أن توفاه ال ع ز و ج ل‬ ‫عريق ف البدو و أن حال البادية ف مثل ذلك غي خافية ل مكامن لم يتأتى فيها الريب و أحوال حرمهم أجعي بزأى م ن ج اراتن و‬ ‫مسمع من جيانن لتلصق الدران و تطافن البنيان و عدم الفواصل بي الساكن و قد كان راشد يتول خدمة الرم أجع من بعد م وله‬ ‫بشهد من أوليائهم و شيعتهم و مراقبة من كافتهم و قد أتفق برابرة الغرب القصى عامة على بيعة إدريس الصغر من بعد أبي ه و آت وه‬ ‫طاعتهم عن رضى و إصفاق و بايعوه على الوت الحر و خاضوا دونه بار النايا ف حروبه و غزواته و لو حدثوا أنفسهم بثل هذه الريب ة‬ ‫أو قرعت أساعهم و لو من عدو كاشح أو منافق مرتاب لتخلف عن ذلك و لو بعضهم كل و ال إنا صدرت هذه الكلمات من بن العباس‬ ‫أقتالم و من بن الغلب عمالم كانوا بأفريقية و ولتم‪.‬‬ ‫و ذلك إنه لا فر إدريس الكب إل الغرب من وقعة بلخ أوعز الادي إل الغالبة أن يقعدوا له بالراصد و يذكوا عليه العيون فلم يظفروا به‬ ‫و خلص إل الغرب فتم أمره و ظهرت دعوته و ظهر الرشيد من بعد ذلك على ما كان من واضح مولهم و عاملهم على السكندرية من‬ ‫دسيسة التشيع للعلوية و إدهانه ف ناة إدريس إل الغرب فقتله و دس الشماخ من موال الهدي أبيه للتحيل على قتل إدريس فأظهر اللحاق‬ ‫به و الباءة من بن العباس مواليه فاشتمل عليه إدريس و خلطه بنفسه و ناوله الشماخ ف بعض خلواته سا‪ i‬استهلكه به و وقع خب مهلك ه‬ ‫من بن العباس أحسن الواقع لا رجوه من قطع أسباب الدعوة العلوية بالغرب و اقتلع جرثومتها و لا تأدى إليهم خب الم ل الخل ف‬ ‫لدريس فلم يكن لم إل كل و ل إذا بالدعوة قد عادت و الشيعة بالغرب قد ظهرت و دولتهم بإدريس بن إدريس قد تددت فكان ذلك‬ ‫عليهم أنكى من و وقع الشهاب وكان الفشل و الرم قد نزل بدولة العرب عن أن يسموا إل القاصية فلم يكن منتهى قدرة الرش يد عل ى‬ ‫إدريس الكب بكانه من قاصية الغرب و اشتمال الببر عليه إل التحيل ف إهلكه بالسموم فعند ذلك فزعوا إل أولي ائهم م ن الغالب ة‬ ‫بأفريقية ف سد تلك الفرجة من ناحيتهم و حسم الداء التوقع بالدولة من قبلهم و اقتلع تلك العروق قبل أن تشج منهم ياطبهم ب ذلك‬ ‫الأمون و من بعده من خلفائهم فكان الغالبة عن برابرة الغرب القصى أعجز و لثلها من الزبون على ملوكهم أحوج لا طرق اللفة من‬ ‫انتزاء مالك العجم على سدتا و امتطائهم صهوة التغلب عليها و تصريفهم أحكامها طوع أغراضهم ف رجالا و جبايتها و أهل خططها و‬ ‫سائر نقضها و إبرامها كما قال شاعرهم‬ ‫خليفة ف قفص‬ ‫يتوك ماقال له‬

‫بي وصيف و بغا‬ ‫كما تقول الببغا‬


‫فخشي هؤلء المراء الغالبة بوادر السعايات و تلوا بالعاذير فطورا‪ i‬باحتقار الغرب و أهله و طورا‪ i‬بالرهاب بشأن إدريس الارج به ومن‬ ‫قام مقامه من أعقابه ياطبونه بتجاوزه حدود التخوم من عمله و ينفذون سكته ف تفهم و هداياهم و مرتفع جبايتهم تعريضا‪ i‬باستفحاله و‬ ‫تويل‪ i‬باشتداد شوكته و تعظيما‪ i‬لا دفعوا إليه من مطالبته و مراسه و تديدا‪ i‬بقلب الدعوة إن ألئوا إليه و طورا‪ i‬يطعنون ف نسب إدريس بثل‬ ‫ذلك الطعن الكاذب تفيضا‪ i‬لشأنه ل يبالون بصدقه من كذبه لبعد السافة و أفن عقول من خلف بن صبية بن العباس و مالكهم العجم ف‬ ‫القبول من كل قائل و السمع لكل ناعق و ل يزل هذا دأبم حت انقضى أمر الغالبة فقرعت هذه الكلمة الشنعاء أساع الغوغ اء و ص ر‬ ‫عليها بعض الطاعني أذنه و اعتدها ذريعة إل النيل من خلفهم عند النافسة‪ .‬و ما لم قبحهم ال و العدول عن مقاصد الشريعة فل تعارض‬ ‫فيها بي القطوع و الظنون و إدريس ولد على فراش أبيه و الولد للفراش‪.‬‬ ‫على أن تنيه أهل البيت عن مثل هذا من عقائد أهل اليان فال سبحانه قد أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيا‪ i‬ففراش إدريس طاهر من‬ ‫الدنس و منه عن الرجس بكم القرآن و من اعتقد خلف هذا فقد باء بإثه و ول الكفر من بابه و إنا أطنبت ف هذا الرد سدا‪ i‬لب واب‬ ‫الريب و دفعا‪ i‬ف صدر الاسد لا سعته أذناي من قائله العتدي عليهم القادح ف نسبهم بفريته و ينقله بزعمه عن بعض مؤرخي الغرب من‬ ‫انرف عن أهل البيت و ارتاب ف اليان بسلفهم و إل فالل منه عن ذلك معصوم منه و نفي العيب حيث يستحيل العي ب عي ب لكن‬ ‫جادلت عنهم ف الياة الدنيا و أرجو أن يادلوا عن يوم القيامة و لتعلم أن أكثر الطاعني ف نسبهم إنا هم السدة لعقاب إدريس هذا من‬ ‫منتهم إل أهل البيت أو دخيل فيهم فإن ادعاء هذا النسب الكري دعوى شرف عريضة على المم و الجيال من أهل الفاق فتعرض التهمة‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫و لا كان نسب بن إدريس هؤلء بواطنهم من فارس و سائر ديار الغرب قد بلغ من الشهرة و الوضوح مبلغا‪ i‬ل يكاد يلحق و ل يطم ع‬ ‫أحد ف دركه إذ هو نقل المة و اليل من اللف عن المة و اليل من السلف و بيت جدهم إدريس متط فاس و مؤسسها من بي وتم و‬ ‫مسجده لصق ملتهم و دروبم و سيفه منتضى برأس الأذنة العظمى من قرار بلدهم و غي ذلك من آثاره الت جاوزت أخبارها حدود التواتر‬ ‫مرات و كادت تلحق بالعيان فإذا نظر غيهم من أهل هذا النسب إل ما أتاهم ال من أمثالا و ما عضد شرفهم النبوي من جلل الل ك‬ ‫الذي كان لسلفهم بالغرب و استيقن أنه بعزل عن ذلك و أنه ل يبلغ مد أحدهم و ل نصيفه أ و أن غاية أمر النتمي إل البيت الكري من‬ ‫ل يصل له أمثال هذه الشواهد أن يسلم لم حالم لن الناس مصدوقون ف أنسابم و بون ما بي العلم و الظن و اليقي و التسليم فإذا علم‬ ‫بذلك من نفسه غص بريقه و ود كثي منهم لو يردونم عن شرفهم ذلك سوقة و وضعاء حسدا‪ i‬من عند أنفسهم فيجع ون إل العن اد و‬ ‫ارتكاب اللجاج و البهت بثل هذا الطعن الفائل و القول الكذوب تعلل‪ i‬بالساواة ف الظنة و الشابة ف تطرق الحتمال و هيهات لم ذلك‬ ‫فليس ف الغرب فيما نعلمه من أهل هذا البيت الكري من يبلغ ف صراحة نسبه و وضوحه مبالغ أعقاب إدريس هذا من آل السن‪.‬‬ ‫و كباؤهم لذا العهد بنو عمران بفاس من ولد يي الوطي بن ممد بن يي العوام بن القاسم بن إدريس بن إدريس و هم نقباء أهل البيت‬ ‫هناك و الساكنون ببيت جدهم ادريس و لم السيادة على أهل الغرب كافة حسبما نذكرهم عند ذكر الدارسة إن شاء ال تعال و يلح ق‬ ‫بذه القالت الفاسدة و الذاهب الفائلة ما يتناوله ضعفة الرأي من فقهاء الغرب من القدح ف المام الهدي صاحب دولة الوحدين و نسبته‬ ‫إل الشعوذة و التلبيس فيما أتاه من القيام بالتوحيد الق و النعي على أهل البغي قبله و تكذيبهم لميع مدعياته ف ذلك حت فيم ا يزع م‬ ‫الوحدون أتباعه من انتسابه ف أهل البيت و إنا حل الفقهاء على تكذيبه ما كمن ف نفوسهم من حسده على شأنه ف إنم ل ا رأوا م ن‬ ‫أنفسهم مناهضته ف العلم و الفتيا و ف الدين بزعمهم ث امتاز عنهم بأنه متبوع الرأي مسموع القول موطؤ العقب نفسوا ذل ك علي ه و‬ ‫غضوا منه بالقدح ف مذاهبه و التكذيب لدعياته و أيضا‪ i‬فكانوا يؤنسون من ملوك التونة أعدائه تلة‪ i‬و كرامة‪ i‬ل تكن لم من غيه م ل ا‬ ‫كانوا عليه من السذاجة و انتحال الديانة فكان لملة العلم بدولتهم مكان من الوجاهة و النتصاب للشورى كل ف بلده و على ق دره ف‬ ‫قومه فأصبحوا بذلك شيعة لم و حربا‪ i‬لعدوهم و نقموا على الهدي ما جاء به من خلفهم و التثريب عليهم و الناصبة‪ ،‬لم تشيعا‪ i‬للمتونة و‬ ‫تعصبا‪ i‬لدولتهم و مكان الرجل غي مكانم و حاله على غي معتقداتم و ما ظنك برجل نقم على أهل الدولة ما نقم من أحوالم و خ الف‬


‫اجتهاده فقهاؤهم فنادى ف قومه و دعا إل جهادهم بنفسه فاقتلع الدولة من أصولا و جعل عاليها سافلها أعظم ما كانت قوة‪ i‬و أشد شوكة‬ ‫و أعز أنصارا‪ i‬و حامية‪ i‬و تساقطت ف ذلك من أتباعه نفوس ل يصيها إل خالقها و قد بايعوه على الوت و وقوه بأنفسهم م ن اللك ة و‬ ‫تقربوا إل ال تعال بإتلف مهجهم ف إظهار تلك الدعوة و التعصب لتلك الكلمة حت علت على الكلم و دالت بالعدوتي من الدول و هو‬ ‫باله من التقشف و الصر و الصب على الكاره و التقلل من الدنيا حت قبضه ال و ليس على شيء من الظ و التاع ف دنياه حت الول د‬ ‫الذي ربا تنح أليه النفوس و تادع عن تنيه فليت شعري ما الذي قصد بذلك إن ل يكن و جه ال و هو ل يصل له حظ من ال دنيا ف‬ ‫عاجله و مع هذا فلو كان قصده غي صال لا ت أمره و انفسحت دعوته سنة ال الت قد خلت ف عباده و أما انكارهم نسبه ف أهل البيت‬ ‫فل تعضده حجة لم مع أنه إن ثبت أنه ادعاه و انتسب إليه فل دليل يقوم على بطلنه لن الناس مصدقون ف أنسابم و إن قالوا أن الرئاسة‬ ‫ل تكون على قوم ف غي أهل جلدتم كما هو الصحيح حسبما يأت ف الفصل الول من هذا الكتاب و الرجل قد رأس سائر الص امدة و‬ ‫دانوا باتباعه و النقياد إليه و إل عصابته من هرغة حت ت أمر ال ف دعوته فأعلم أن هذا النسب الفاطمي ل يكن أمر الهدي يتوقف عليه‬ ‫و ل اتبعه الناس بسببه و إنا كان اتباعهم له بعصبية الريغة و الصمودية و مكانه منها و رسوخ شجرته فيها و كان ذلك النسب الف اطمي‬ ‫خفيا‪ i‬قد درس عند الناس ليبقى عنده و عند عشيته يتناقلونه بينهم فيكون النسب الول كأنه انسلخ منه و لبس جلدة هؤلء و ظهر فيها فل‬ ‫يضره النتساب الول ف عصبيته إذ هو مهول عند أهل العصابة و مثل هذا واقع كثيا‪ i‬إذا كان النسب الول خفيا‪ .i‬و انظز قصة عرفجة و‬ ‫جرير ف رئاسة بيلة و كيف كان عرفجة من الزد و لبس جلدة بيلة حت تنازع مع جرير رئاستهم عند عمر رضي ال عنه كم ا ه و‬ ‫مذكور تتفهم منه وجه الق و ال الادي للصواب و قد كدنا أن نرج عن غرض الكتاب بالطناب ف هذه الغالط فقد زلت أقدام ك ثي‬ ‫من الثبات و الؤرخي الفاظ ف مثل هذه الحاديث و الراء و علقت أفكارهم و نقلها عنهم الكافة من ضعفة النظر و الغفلة عن القياس‬ ‫و تلقوها هم أيضا‪ i‬كذلك من غي بث و ل روية و اندرجت ف مفوظاتم حت صار فن التاريخ واهيا‪ i‬متلطا‪ i‬و ناظره مرتبكا‪ i‬وع د م ن‬ ‫مناحي العامة فإذا يتاج صاحب هذا الفن إل العلم بقواعد السياسة و طبائع الوجودات و اختلف المم و البقاع و العصار ف الس ي و‬ ‫الخلق و العوائد و النحل و الذاهب و سائر الحوال و الحاطة بالاضر من ذلك و ماثلة ما بينه و بي الغائب من الوفاق أو ب ون م ا‬ ‫بينهما من اللف و تعليل التفق منها و الختلف و القيام على أصول الدول و اللل و مبادىء ظهورها و أسباب حدوثها و دواعي كونا و‬ ‫أحوال القائمي با و أخبارهم حت يكون مستوعبا‪ i‬لسباب كل خبه و حينئذ يعرض خب النقول على ما عنده من القواعد و الصول فإن‬ ‫وافقها و جرى على مقتضها كان صحيحا‪ i‬و إل زيفه و استغن عنه و ما استكب القدماء علم التاريخ إل لذلك ح ت انتحل ه الط بي و‬ ‫البخاري و ابن إسحاق من قبلهما و أمثالم من علماء المة و قد ذهل الكثي عن هذا السر فيه حت صار انتحاله مهلة و استخف العوام و‬ ‫من ل رسوخ له ف العارف مطالعته و حله و الوض فيه و التطفل عليه فاختلط الرعي بالمل و اللباب بالقشر و الصادق بالكاذب و إل‬ ‫ال عاقبة المور و من الغلط الفي ف التاريخ الذهول عن تبدل الحوال ف المم و الجيال بتبدل العصار و مرور اليام و ه و داء دوي‬ ‫شديد الفاء إذ ل يقع إل بعد أحقاب متطاولة فل يكاد يتفطن له إل الحاد من أهل الليقة و ذلك أن أحوال العال و المم و عوائدهم و‬ ‫نلهم ل تدوم على وتية واحدة و منهاح مستقر إنا هو اختلف على اليام و الزمنة و انتقال من حال إل حال و كما يكون ذل ك ف‬ ‫الشخاص و الوقات و المصار فكذلك يقع ف الفاق و القطار و الزمنة و الدول سنة ال الت قد خلت ف عباده و قد كانت ف العال‬ ‫أمم الفرس الول و السريانيون و النبط و التبابعة و بنو إسرائيل و القبط و كانوا على أحوال خاصة بم ف دولم و مالكهم و سياستهم و‬ ‫صنائعهم و لغاتم و اصطلحاتم و سائر مشاركاتم مع أبناء جنسهم وأحوال اعتمارهم للعال تشهد با آثارهم ث جاء من بعدهم الف رق‬ ‫الثانية و الروم و العرب فتبدلت تلك الحوال و انقلبت با العوائد إل ما يانسها أو يشابها و إل ما يباينها أو يباعدها ث ج اء الس لم‬ ‫بدولة مضر فانقلبت تلك الحوال و أجع انقلبة أخرى و صارت إل ما أكثره فتعارف لذا العهد بأخذه اللف عن الس لف ث درس ت‬ ‫دولة العرب و أيامهم و ذهبت السلف الذين شيدوا عزمهم و مهدوا ملكهم و صار المر ف أيدي سواهم من العجم مثل الترك بالشرق‬ ‫و الببر بالغرب و الفرنة بالشمال فذهبت بذهابم أمم و انقلبت أحوال و عوائد نسي شأنا و أغفل أمرها و السبب الش ائع ف تب دل‬ ‫الحوال و العوائد أن عوائد كل جيل تابعة لعوائد سلطانه كما يقال ف المثال الكمية الناس على دين اللك و أهل اللك و الس لطان إذا‬ ‫استولوا على الدولة و المر فلبد من أن يفزعوا إل عوائد من قبلهم و يأخذون الكثي منها و ل يغفلون عوائد جيلهم مع ذل ك فيق ع ف‬ ‫عوائد الدولة بعض الخالفة لعوائد اليل الول فإذا جاءت دولة أخرى من بعدهم و مزجت من عوائدهم و عوائدها خالفت أيضا‪ i‬بع ض‬


‫الشيء و كانت للول أشد مالفة ث ل يزال التدريج ف الخالفة حت ينتهي إل الباينة بالملة فما دامت المم و الجيال تتعاقب ف اللك‬ ‫و السلطان ل تزال الخالفة ف العوائد و الحوال واقعة‪ .‬و القياس و الاكاة للنسان طبيعة معروفة و من الغلط غي مأمون ة ترج ه م ع‬ ‫الذهول و الغفلة عن قصده و تعوج به عن مرامه فربا يسمع السامع كثيا‪ i‬من أخبار الاضي و ل يتفطن لا وقع من تغي الحوال و انقلبا‬ ‫فيجريها لول وهلة على ما عرف و يقيسها با شهد و قد يكون الفرق بينهما كثيا‪ i‬فيقع ف مهواة من الغلط فمن هذا الب اب م ا ينقل ه‬ ‫الؤرخون من أحوال الجاج و أن أباه كان من العلمي مع أن التعليم لذا العهد من جلة الصنائع العاشية البعيدة من اعتزاز أهل العصبية و‬ ‫العلم مستضعف مسكي منقطع الذم فيتشوف الكثي من الستضعفي أهل الرف و الصنائع العاشية إل نيل الرتب الت ليسوا لا بأه ل و‬ ‫يعدونا من المكنات لم فتذهب بم وساوس الطامع و ربا انقطع حبلها من أيديهم فسقطوا ف مهواة اللك ة و التل ف و ل يعلم ون‬ ‫استحالتها ف حقهم و أنم أهل حرف و صنائع للمعاش و أن التعليم صدر السلم و الدولتي ل كذلك و ل يكن العلم بالملة صناعة إنا‬ ‫كان نقل‪ i‬لا سع من الشارع و تعليما‪ i‬لا جهل من الذين على جهة البلغ فكان أهل النساب و العصبة الذين قاموا باللة ث الذين يعلم ون‬ ‫كتاب ال و سنة نبيه صلى ال عليه و سلم على معن التبليغ البي ل على وجه التعليم الصناعي إذ هو كتابم النل على الرسول منهم و‬ ‫به هداياتم و السلم دينهم قاتلوا عليه و قتلوا و اختصوا به من بي المم و شرفوا فيحرصون على تبليغ ذلك و تفهيمه للمة ل تص دهم‬ ‫عنه لئمة الكب و ل يزغهم عاذل النفة و يشهد لذلك بعث النب صلى ال عليه و سلم كبار أصحابه مع وفود العرب يعلم ونم ح دود‬ ‫السلم و ما جاء به من شرائع الدين بعث ف ذلك من أصحابه العشرة فمن بعدهم فما استقر السلم و وشجت عروق اللة حت تناول ا‬ ‫المم البعيدة من أيدي أهلها و استحالت برور اليام أحوالا و كثر استنباط الحكام الشرعية من النصوص لتع دد الوق ائع و تلحقه ا‬ ‫فاحتاج ذلك لقانون يفظه من الطإ و صار العلم ملكة‪ i‬يتاج إل التعلم فأصبح من جلة الصنائع و الرف كما يأت ذكره ف فصل العلم و‬ ‫التعليم و اشتغل أهل العصبية بالقيام باللك و السلطان فدفع لعلم من قام به من سواهم و أصبح حرفة للمعاش و شخت أنوف ال ترفي و‬ ‫أهل السلطان عن التصدي للتعليم و اختص انتحاله بالستضعفي و صار منتحله متقرا‪ i‬عند أهل العصبية و اللك و الجاج بن يوسف كان‬ ‫أبوه من سادات ثقيف و أشرافهم و مكانم من عصبية العرب و مناهضة قريش ف الشرف ما علمت و ل يكن تعليمه للقرآن على ما ه و‬ ‫المر عليه لذا العهد من أنه حرفة للمعاش و أنا كان على ما وصفناه من المر الول ف السلم و من هذا الب اب أيض ا‪ i‬م ا يت وهه‬ ‫التصفحون لكتب التاريخ إذا سعوا أحوال القضاة و ما كانوا عليه من الرئاسة ف الروب و قود العساكر فتترامى بم و ساوس الم م إل‬ ‫مثل تلك الرتب يسبون أن الشأن خطة القضاء لذا العهد على ما كان عليه من قبل و يظنون بابن أب عامر صاحب هشام الستبد علي ه و‬ ‫ابن عباس من ملوك الطوائف بإشبيلية إذا سعوا أن آباءهم كانوا قضاة أنم مثل القضاة لذا العهد و ل يتفطنون لا وقع ف رتبة القضاء م ن‬ ‫مالفة العوائد كما نبينه ف فصل القضاء من الكتاب الول و ابن أب عامر و ابن عباد كانا من قبائل العرب الق ائمي بالدول ة الموي ة‬ ‫بالندلس و أهل عصبيتها و كان مكانم فيها معلوما‪ i‬و ل يكن نيلهم لا نالوه من الرئاسة و اللك بطة القضاء كما هي لذا العهد بل إن ا‬ ‫كان القضاء ف المر القدي لهل العصبية من قبيل الدولة و مواليه كما هي الوزارة لعهدنا بالغرب و انظر خروجهم بالعساكر ف الطرائف‬ ‫و تقليدهم عظائم المور الت ل تقلد إل لن له الغن فيها بالعصبية فيغلط السامع ف ذلك و يمل الحوال على غي ما هي و أكثر ما يقع ف‬ ‫هذا الغلط ضعفاء البصائر من أهل الندلس لذا العهد لفقدان العصبية ف مواطنهم منذ أعصار بعيدة بفناء العرب و دولتهم با و خروجهم‬ ‫عن ملكة أهل العصبيات من الببر فبقيت أنسابم العربية مفوظة و الذريعة إل العز من العصبية و التناصر مفقودة بل صاروا من جلة الرعايا‬ ‫التخاذلي الذين من تعبدهم القهر و رئموا للمذلة يسبون أن أنسابم مع مالطة الدولة هي الت يكون لم با الغلب و التحكم فتجد أه ل‬ ‫الرف و الصنائع منهم متصدين لذلك ساعي ف نيله فأما من باشر أحوال القبائل و العصبية و دولم بالعدوة الغربية و كيف يكون التغلب‬ ‫بي المم و العشائر فقلما يغلطون ف ذلك و يطئون ف اعتباره‪ .‬و من هذا الباب أيضا‪ i‬ما يسلكه الؤرخون عند ذكر الدول و نسق ملوكها‬ ‫فيذكرون اسه و نسبه و أباه و أمه و نساءه و لقبه و خاته و قاضيه و حاجبه و وزيره كل ذلك تقليد لؤرخي الدولتي م ن غي تفط ن‬ ‫لقاصدهم و الؤرخون لذلك العهد كانوا يضعون تواريهم لهل الدولة و أبناؤها متشوفون إل سي أسلفهم و معرفة أح والم ليقتف وا‬ ‫آثارهم و ينسجوا على منوالم حت ف اصطناع الرجال من خلف دولتهم و تقليد الطط و الراتب لبناء صنائعهم و ذويهم و القضاة أيضا‪i‬‬ ‫كانوا من أهل عصبية الدولة و ف عداد الوزراء كما ذكرناه لك فيحتاجون إل ذكر ذلك كله و أما حي تباينت الدول و تباع د م ا بي‬ ‫العصور و وقف الغرض على معرفة اللوك بأنفسهم خاصة و نسب الدول بعضها من بعض ف قوتا و غلبتها و من كان يناهضها من المم‬


‫أو يقصر عنها فما الفائدة للمصنف ف هذا العهد ف ذكر النباء و النساء و نقش الات و اللقب و القاضي و الوزير و الاجب من دول ة‬ ‫قدية ل يعرف فيها أصولم و ل أنسابم و ل مقاماتم إنا حلهم على ذلك التقليد و الغفلة عن مقاصد الؤلفي القدمي و ال ذهول ع ن‬ ‫تري الغراض من التاريخ اللهم إل ذكر الوزراء الذين عظمت آثارهم و عمت على اللوك أخبارهم كالجاج و بن الهلب و البامكة و‬ ‫بن سهل بن نوبت و كافور الخشيدي و ابن أب عامر و أمثالم فغي نكي اللاع بآبائهم و الشارة إل أحوالم لنتظ امهم ف ع داد‬ ‫اللوك‪ .‬و لنذكر هنا فائدة نتم كلمنا ف هذا الفصل با و هي أن التاريخ إنا هو ذكر الخبار الاصة بعصر أو جيل فأما ذك ر الح وال‬ ‫العامة للفاق و الجيال و العصار فهو أس للمؤرخ تنبن عليه أكثر مقاصده و تتبي به أخباره و قد كان الناس يفردونه بالتأليف كما فعله‬ ‫السعودي ف كتاب مروج الذهب شرح فيه أحوال المم و الفاق لعهده ف عصر الثلثي و الثلثائة غربا‪ i‬و شرقا‪ i‬و ذكر نلهم و عوائدهم‬ ‫و وصف البلدان و البال و البحار و المالك و الدول و فرق شعوب العرب و العجم فصار إماما‪ i‬لؤرخي يرجعون إليه و أصل‪ i‬يعولون ف‬ ‫تقيق الكثي من أخبارهم عليه ث جاء البكري من بعده ففعل مثل ذلك ف السالك و المالك خاصة دون غيها من الحوال لن الم م و‬ ‫الجيال لعهده ل يقع فيها كثي انتقال و ل عظيم تغي و أما لذا العهد و هو آخر الائة الثامنة فقد انقلبت أحوال الغرب الذي نن شاهدوه‬ ‫و تبدلت بالملة و اعتاض من أجيال الببر أهله على القدم با طرأ فيه من لدن الائة الامسة من أجيال العرب با كسروهم و غلب وهم و‬ ‫انتزعوا منهم عامة الوطان و شاركوهم فيما بقي من البلدان للكهم هذا إل ما نزل بالعمران شرقا‪ i‬و غربا‪ i‬ف منتصف هذه الائة الثامنة من‬ ‫الطاعون الارف الذي تيف المم و ذهب بأهل اليل و طوى كثيا‪ i‬من ماسن العمران و ماها و جاء للدول على حي هرمها و بل وغ‬ ‫الغاية من مداها فقلص من ظللا و فل من حدها و أوهن من سلطانا و تداعت إل التلشي و الضمحلل أموالا و انتقض عمران الرض‬ ‫بانتقاض البشر فخربت المصار و الصانع و درست السبل و العال و خلت الديار و النازل و ضعفت الدول و القبائل و تبدل الس اكن و‬ ‫كأن بالشرق قد نزل به مثل ما نزل بالغرب لكن على نسبته و مقدار عمرانه و كأنا نادى لسان الكون ف العال ب المول و النقب اض‬ ‫فبادر بالجابة و ال وارث الرض و من عليها و إذا تبدلت الحوال جلة فكأنا تبدل اللق من أصله و تول العال بأسره و ك أنه خل ق‬ ‫جديد و نشأة مستأنفة و عال مدث فاحتاج لذا العهد من يدون أحوال الليقة و الفاق و أجيالا و العوائد و النحل الت تبدلت لهلها و‬ ‫يقفو مسلك السعودي لعصره ليكون أصل‪ i‬يقتدي به من يأت من الؤرخي من بعده و أنا ذاكر ف كتاب هذا ما أمكنن منه ف هذا القط ر‬ ‫الغرب إما صريا‪ i‬أو مندرجا‪ i‬ف أخباره و تلويا‪ i‬لختصاص قصدي ف التأليف بالغرب و أحوال أجياله و أمه و ذكر مالكه و دوله دون ما‬ ‫سواه من القطار لعدم اطلعي على أحوال الشرق و أمه و أن الخبار التناقلة ل تفي كنه ما أريده منه و السعودي إنا استوف ذلك لبع د‬ ‫رحلته و تقلبه ف البلد كما ذكر ف كتابه مع أنه لا ذكر الغرب قصر ف استيفاء أحواله و فوق كل ذي علم عليم و مرد العلم كله إل ال‬ ‫و البشر عاجز قاصر و العتراف متعي واجب و من كان ال ف عونه تيسرت‬ ‫عليه الذاهب و انحت له الساعي و الطالب و نن آخذون بعون ال فيما رمناه من أغراض التأليف و ال السدد و العي و عليه التكلن و‬ ‫قد بقي علينا أن نقدم مقدمة ف كيفية وضع الروف الت ليست من لغات العرب إذا عرضت ف كتابنا هذا‪.‬‬ ‫اعلم أن الروف ف النطق كما يأت شرحه بعد هي كيفيات الصوات الارجة من النجرة تعرض من تقطيع الصوت بقرع اللهاة و أطراف‬ ‫اللسان مع النك و اللق و الضراس أو بقرع الشفتي أيضا‪ i‬فتتغاير كيفيات الصوات بتغاير ذلك القرع و تيء ال روف متم ايزة ف‬ ‫السمع و تتركب منها الكلمات الدالة على ما ف الضمائر و ليست المم كلها متساوية ف النطق بتلك الروف فق د يك ون لم ة من‬ ‫الروف ما ليس لمة أخرى و الروف الت نطقت با العرب هي ثانية و عشرون حرفا‪ i‬كما عرفت و ند للعبانيي حروفا‪ i‬ليست ف لغتنا‬ ‫و ف لغتنا أيضا‪ i‬حروف ليست ف لغتهم و كذلك الفرنج و الترك و الببر و غي هؤلء من العجم ث إن أهل الكتاب من العرب اصطلحوا‬ ‫ف الدللة على حروفهم السموعة بأوضاع حروف مكتوبة متميزة بأشخاصها كوضع ألف وباء و جيم وراء و ط أ إل آخ ر الثماني ة و‬ ‫العشرين و إذا عرض لم الرف الذي ليس من حروف لغتهم بقي مهمل‪ i‬عن الدللة الكتابية مغفل‪ i‬عن البيان و ربا يرسه بعض الكت اب‬ ‫بشكل الرف الذي يكتنفه من لغتنا قبله أو بعده و ليس بكاف ف الدللة بل هو تغيي للحرف من أصله‪ .‬و لا كان كتابنا مشتمل‪ i‬عل ى‬ ‫أخبار الببر و بعض العجم و كانت تعرض لنا ف أسائهم أو بعض كلماتم حروف ليست من لغة كتابنا و ل اصطلح أوضاعنا‪ i‬اضطررنا‬


‫إل بيانه و ل نكتف برسم الرف الذي يليه كما قلناه لنه عندنا غي واف بالدللة عليه فاصطلحت ف كتاب هذا على أن أض ع ذل ك‬ ‫الرف العجمي با يدل على الرفي اللذين يكتنفانه ليتوسط القارىء بالنطق به بي مرجي ذينك الرفي فتحصل تأديته و إن ا اقتبس ت‬ ‫ذلك من رسم أهل الصحف حروف الشام كالصراط ف قراءة خلف فإن النطق بصاده فيها معجم متوسط بي الصاد و ال زاي فوض عوا‬ ‫الصاد و رسوا ف داخلها شكل الزاي و دل ذلك عندهم على التوسط بي الرفي فكذلك رست أنا الكاف حرف يتوسط بي حرفي من‬ ‫حروفنا كالكاف التوسطة عند الببر بي الكاف الصرية عندنا و اليم أو القاف مثل اسم بلكي فأضعها كافا‪ i‬و أنقطها بنقطة اليم واحدة‬ ‫من أسفل أو بنقطة القاف واحدة من فوق أو اثنتي فيدل ذلك على أنه متوسط بي الكاف و اليم أو القاف و هذا الرف أكثر م ا ييء‬ ‫ف لغة الببر و ما جاء من غيه فعلى هذا القياس أضع الرف التوسط بي حرفي من لغتنا بالرفي معا‪ i‬ليعلم القارىء أنه متوسط فينطق به‬ ‫كذلك فنكون قد دللنا عليه و لو وضعناه برسم الرف الواحد عن جانبه لكنا قد صرفناه من مرجه إل مرج الرف الذي من لغتنا و غينا‬ ‫لغة القوم فأعلم ذلك و ال الوفق للصواب بنه و فضله‪.‬‬

‫الكتاب الول ف طبيعة العمران ف الليقة و ما يعرض فيها م ن الب دو و‬ ‫الصر و التغلب و الكسب و العاش و الصنائع و العلوم و نوها و ما لذلك‬ ‫من العلل و السباب‬ ‫إعلم أنه لا كانت حقيقة التاريخ أنه خب عن الجتماع النسان الذي هو عمران العال و ما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الحوال مث ل‬ ‫التوحش و التأنس و العصبيات و أصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض و ما ينشأ عن ذلك من اللك و الدول و مراتبها و ما ينتحل ه‬ ‫البشر بأعمالم و مساعيهم من الكسب و العاش والعلوم و الصنائع و سائر ما يدث من ذلك العمران بطبيعته من الحوال‪ .‬و ل ا ك ان‬ ‫الكذب متطرقا‪ i‬للخب بطبعته و له أسباه تقتضيه‪ .‬فمنها التشيعات للراء و الذاهب فإن النفس إذا كانت على حال العتدال ف قبول ال ب‬ ‫أعطته حقه من التمحيص و النظر حت تتبي صدقه من كذبه و إذا خامرها تشيع لرأي أو نلة قبلت ما يوافقها من الخبار لول وهل ة‪ .‬و‬ ‫كان ذلك اليل و التشيع غطاء على عي بصيتا عن النتقاد و التمحيص فتقع ف قبول الكذب و نقله‪ .‬و من السباب القتضية للكذب ف‬ ‫الخبار أيضا‪ i‬الثقة بالناقلي و تحيص ذلك يرجع إل التعديل و التجريح‪ .‬و منها الذهول عن القاصد فكثي من الناقلي ل يعرف القصد با‬ ‫عاين أو سع و ينقل الب على ما ف ظنه و تمينه فيقع ف الكذب‪.‬‬ ‫و منها توهم الصدق و هو كثي و إنا ييء ف الكثر من جهة الثقة بالناقلي و منها الهل بتطبيق الحوال على الوقائع لجل ما ي داخلها‬ ‫من التلبيس و التصنع فينقلها الخب كما رآها و هي بالتصنع على غي الق ف نفسه‪ .‬و منها تقرب الناس ف الكثر لص حاب التجل ة و‬ ‫الراتب بالثناء و الدح و تسي الحوال و إشاعة الذكر بذلك فيستفيض الخبار با على غي حقيقة فالنفوس مولعة بب الثن اء و الن اس‬ ‫متطلعون إل الدنيا و أسبابا من جاه أو ثروة و ليسوا ف الكثر براغبي ف الفصائل و ل متنافسي ف أهلها‪ .‬و من السباب القتضية له أيضا‪i‬‬ ‫و هي سابقة على جيع ما تقدم الهل بطبائع الحوال ف العمران فإن كل حادث من الوادث ذاتا‪ i‬كان أو فعل‪ i‬ل بد له من طبيعة تصه ف‬ ‫ذاته و فيما يعرض له من أحواله فإذا كان السامع عارفا‪ i‬بطبائع الوادث و الحوال ف الوجود و مقتضياتا أعانه ذلك ف تحيص الب على‬ ‫تييز الصدق من الكذب و هذا أبلغ ف التمحيص من كل وجه يعرض و كثيا‪ i‬ما يعرض للسامعي قبول الخبار الس تحيلة و ينقلون ا و‬ ‫تؤثرعنهم كما نقله السعودي عن السكندر لا صدته دواب البحر عن بناء السكندرية و كيف أتذ صندوق الزجاج و غاص فيه إل قع ر‬ ‫البحر حت صور تلك الدواب الشيطانية الت رآها و عمل تاثيلها من أجساد معدنية و نصبها حذاء البنيان ففرت تلك الدواب حي خرجت‬ ‫و عاينتها و ت بناؤها ف حكاية طويلة من أحاديث خرافة مستحيلة من قبل اتاذه التابوت الزجاجي و مصادمة البحر و أمواجه برمه و من‬ ‫قبل أن اللوك ل تمل أنفسها على مثل هذا الغرور و من اعتمده منهم فقد عرض نفسه للهلكة و انتقاض العقدة و اجتماع الناس إل غيه‬


‫و ف ذلك إتلفه و ل ينظرون به رجوعه من غروره ذلك طرفة عي و من قبل أن الن ل يعرف لا صورة و ل تاثيل تتص با إن ا ه ي‬ ‫قادرة على التشكيل و ما يذكره من كثرة الرؤوس لا فإنا الراد به البشاعة و التهويل ل إنه حقيقة‪ .‬و هذه كلها قادحة ف تلك الكاي ة و‬ ‫القادح اليل لا من طريق الوجود أبي من هذا كله و هو أن النغمس ف الاء و لو كان ف الصندوق يضيق عليه الواء للتنفس الط بيعي و‬ ‫تسخن روحه بسرعة لقلته فيفقد صاحبه الواء البارد العدل لزاج الرئة و الروح القلب و يهلك مكانه و هذا هو الس بب ف هلك أه ل‬ ‫المامات إذا أطبقت عليهم عن الواء البارد و التدلي ف البار و الطامي العميقة الهوى إذا سخن هواؤها بالعونة و ل ت داخلها الري اح‬ ‫فتخلخلها فإن التدل فيها يهلك لينه و بذا السبب يكون موت الوت إذا فارق البحر فإن الواء ل يكفيه ف تعديل رئته إذ ه و ح ار‬ ‫بإفراط و الاء الذي يعدله بارد و الواء الذي ف خرج إليه حار فيستول الار على روحه اليوان و يهلك دفعة و منه هلك الص عوقي و‬ ‫أمثال ذلك ومن الخبار الستحيلة ما نقله السعودي أيضا‪ i‬ف تثال الزرزور الذي برومة تتمع إليه الزرازير ف يوم معلوم من السنة حامل ة‬ ‫للزيتون و منه يتخذون زيتهم و انظر ما أبعد ذلك عن الرى الطبيعي ف اتاذ الزيت‬ ‫و منها ما نقله البكري ف بناء الدينة السماة ذات البواب تيط بأكثر من ثلثي مرحلة و تشتمل على عشرة آلف باب و الدن إنا اتذت‬ ‫للتحصن و العتصام كما يأت و هذه خرجت عن أن ياط با فل يكون فيها حصن و ل معتصم و كما نقله السعودي أيضا‪ i‬ف ح ديث‬ ‫مدينة النحاس و أنا مدينة كل بنائها ناس بصحراء سجلماسة ظفر با موسى بن نصي ف غروته إل الغرب و أنا مغلق ة الب واب و أن‬ ‫الصاعد إليها من أسوارها إذا أشرف على الائط صفق و رمي بنفسه فل يرجع آخر الدهر ف حديث مستحيل عادة من خرافات القصاص‬ ‫و صحراء سجلماسة قد نفضها الركاب و الدلء و ل يقفوا لذه الدينة على خبهم أن هذه الحوال الت ذكروا عنها كلها مستحيل عادة‪i‬‬ ‫مناف للمور الطبيعية ف بناء الدن و اختطاطها و أن العادن غاية الوجود منها أن يصرف ف النية و الرثي و أما تشييد مدينة منها فكما‬ ‫تراه من الستحالة و البعد و أمثال ذلك كثية و تحيصه إنا هو بعرفة طبائع العمران و هو أحسن الوجوه و أوثقها ف تحي ص الخب ار‬ ‫وتييز صدقها من كذبا و هو سابق على التمحيص بتعديل الرواة و ل يرجع إل تعديل الرواة حت يعلم أن ذلك الب ف نفس ه مك ن أو‬ ‫متنع و أما إذا كان مستحيل‪ i‬فل فائدة للنظر ف التعديل و التجريح و لقد عد أهل النظر من الطاعن ف الب استحالة مدلول اللفظ و تأويله‬ ‫با ل يقبله العقل وإنا كان التعديل و التجريح هو العتب ف صحة الخبار الشرعية لن معظمها تكاليف إنشائية أوجب الشارع العمل ب ا‬ ‫حت حصل الظن بصدقها و سبيل صحة الظن الثقة بالرواة بالعدالة و الضبط‪ .‬و أما الخبار عن الواقعات فل بد ف صدقها و صحتها م ن‬ ‫اعتبار الطابقة فلذلك وجب أن ينظر ف إمكان وقوعه و صار فيها ذلك أهم من التعديل و مقدما‪ i‬عليه إذ فائدة النشاء مقتبسة منه فقط و‬ ‫فائدة الب منه و من الارج بالطابقة و إذا كان ذلك فالقانون ف تييز الق من الباطل ف الخبار بالمك ان و الس تحالة أن ننظ ر ف‬ ‫الجتماع البشري الذي هو العمران و نيز ما يلحقه من الحوال لذاته و بقتضى طبعه و ما يكون عارضا‪ i‬ل يعتد به و م ا ل يك ن أن‬ ‫يعرض له و إذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانونا‪ i‬ف تييز الق من الباطل ف الخبار و الصدق من الكذب بوجه برهان ل مدخل للشك فيه و‬ ‫حينئذ فإذا سعنا عن شيء من الحوال الواقعة ف العمران علمنا ما نكم بقبوله ما نكم بتزييفه و كان ذلك لنا معيارا‪ i‬صحيحا‪ i‬يتحرى به‬ ‫الؤرخون طريق الصدق و الصواب فيما ينقلونه و هذا هو غرض هذا الكتاب الول من تأليفنا و كأن هذا علم مستقل بنفس ه ف إنه ذو‬ ‫موضوع و هو العمران البشري و الجتماع النسان و ذو مسائل و هي بيان ما يلحقه من العوارض و الحوال لذاته واحدة بعد أخرى و‬ ‫هذا شأن كل علم من العلوم وضعيا‪ i‬كان أو عقليا‪.i‬‬ ‫و إعلم أن الكلم ف هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النعة عزيز الفائدة اعثر عليه البحث و أدى إليه الغوص و ليس من علم الطابة‬ ‫إنا هو القوال القنعة النافعة ف استمالة المهور إل رأي أو صدهم عنه و ل هو أيضا‪ i‬من علم السياسة الدنية إذ السياسة الدنية هي ت دبي‬ ‫النل أو الدينة با يب بقتضى الخلق و الكمة ليحمل المهور على منهاح يكون فيه حفظ النوع و بقاؤه فق د خ الف موض وعه‬ ‫موضوع هذين الفني اللذين ربا يشبهانه و كأنه علم مسنبط النشأة و لعمري ل أقف على الكلم ف منحاه لحد من الليق ة م ا أدري‬ ‫ألغفلتهم عن ذلك و ليس الظن بم أو لعلهم كتبوا ف هذا الغرض و استوفوه و ل يصل إلينا فالعلوم كثية و الكماء ف أمم النوع النسان‬ ‫متعددون و ما ل يصل إلينا من العلوم أكثر ما وصل فأين علوم الفرس الت أمر عمر رضى ال عنه بحوها عند الفتح و أين علوم الكلدانيي‬


‫و السريانيي و أهل بابل و ما ظهر عليهم من آثارها و نتائجها و أين علوم القبط و من قبلهم و إنا وصل إلينا علوم أمة واحدة و هم يونان‬ ‫خاصة لكلف الأمون بإخراجها من لغتهم و اقتداره على ذلك بكثرة الترجي و بذل الموال فيها و ل نقف على شيء من علوم غيهم و‬ ‫إذا كانت كل حقيقة متعلقة طبيعية يصلح أن نبحث عما يعرض لا من العوارض لذاتا وجب أن يكون باعتبار كل مفهوم و حقيقة عل م‬ ‫من العلوم يصه لكن الكماء لعلهم إنا لحظوا ف ذلك العناية بالثمرات و هذا إنا ثرته ف الخبار فقط كما رأيت و إن كانت مسائله ف‬ ‫ذاتا و ف اختصاصها شريفة لكن ثرته تصحيح الخبار و هي ضعيفة فلهذا هجروه و ال أعلم و ما أوتيتم من العلم إل قليل‪ i‬و هذا الف ن‬ ‫الذي لح لنا النظر فيه ند منة مسائل تري بالعرض لهل العلوم ف براهي علومهم و هي من جنس مسائله بالوضوع و الطلب مثل م ا‬ ‫يذكره الكماء و العلماء ف إثبات النبوة من أن البشر متعاونون ف وجودهم فيحتاجون فيه إل الاكم و الوازع و مثل ما يذكر ف أصول‬ ‫الفقه ف باب إثبات اللغات أن الناس متاجون إل العبارة عن القاصد بطبيعة التعاون و الجتماع و تبيان العبارات أخف و مثل ما ي ذكره‬ ‫الفقهاء ف تعليل الحكام الشرعية بالقاصد ف أن الزنا ملط للنساب مفسد للنوع و أن القتل أيضا‪ i‬مفسد للنوع و أن الظلم مؤذن براب‬ ‫العمران الفضي لفساد النوع غي ذلك من سائر القاصد الشرعية ف الحكام فإنا كلها مبنية على الافظة على العمران فكان لا النظر فيما‬ ‫يعرض له و هو ظاهر من كلمنا هذا ف هذه السائل المثلة و كذلك أيضا‪ i‬يقع إلينا القليل من مسائله ف كلمات متفقرقة لكماء الليق ة‬ ‫لكهم ل يستوفوه فمن كلم الوبذان برام بن برام ف حكاية البوم الت نقلها السعودي أيها اللك إن اللك ل يتم عزه إل بالشريعة و القيام‬ ‫ل بطاعته و التصرف تت أمره و نيه و ل قوام للشريعة إل باللك و ل عز للملك إل بالرجال و ل قوام للرجال إل بال ال و ل س بيل‬ ‫للمال إل بالعمارة و ل سبيل للعمارة إل بالعدل و العدل اليزان النصوب بي الليقة نصبه الرب و جعل له قيما‪ i‬و هو اللك‪ .‬و م ن كلم‬ ‫أنوشروان ف هذا العن بعينه اللك بالند و الند بالال و الال بالراج و الراج بالعمارة و العمارة بالعدل و العدل بإص لح العم ال و‬ ‫إصلح العمال باستقامة الوزراء و رأس الكل بافتقاد اللك حال رعيته بنفسه و اقتداره على تأديتها حت يلكها و ل تلك ه و ف الكت اب‬ ‫النسوب لرسطو ف السياسة التداول بي الناس جزء صال منه إل أنه غي مستوف و ل معطى حقه من الباهي و متلط بغيه و قد أش ار‬ ‫ف ذلك الكتاب إل هذه الكلمات الت نقلناها عن الوبذان و أنوشروان و جعلها ف الدائرة القريبة الت أعظم القول فيها هو ق وله‪ :‬الع ال‬ ‫بستان سياجه الدولة و الدولة سلطان تيا به السنة السنة سياسة يسوسها اللك اللك نظام يعضده الند الند أعوان يكفلهم الال الال رزق‬ ‫تمعه الرعية الرعية عبيد يكنفهم العدل العدل مألوف و به قوائم العال العال بستان ث ترجع إل أول الكلم‪ .‬فهذه ثان كلمات حكمي ة‬ ‫سياسية ارتبط بعضها ببعض و ارتدت أعجازها إل صدورها و اتصلت ف دائرة ل يتعي طرفها فخر بعثوره عليها و عظم من فوائده ا‪ .‬و‬ ‫أنت إذا تأملت كلمنا ف فصل الدول و اللك و أعطيته حقه من التصفح و التفهم عثرت ف أثنائه على تفسي هذه الكلم ات و تفص يل‬ ‫إجالا مستوف بينا‪ i‬بأوعب بيانا‪ i‬و أوضح دليل و برهان أطلعنا ال عليه من غي تعليم أرسطو و ل إفادة موبذان و كذلك تد ف كلم اب ن‬ ‫القفع و ما يستطرد ف رسائله من ذكر السياسات الكثي من مسائل كتابنا هذا غي مبهنة كما برهناه إنا يليه ا ف ال ذكرعلى منح ى‬ ‫الطابة ف أسلوب الترسل و بلغة الكلم و كذلك حوم القاضي أبو بكر الطرطوشي ف كتاب سراج اللوك و بوبه على أبواب تقرب من‬ ‫أبواب كتابنا هذا و مسائله لكنه ل يصادف فيه الرمية و ل أصاب الشاكلة و ل استوف السائل و ل أوضح الدلة إنا يبوب الباب للمسألة‬ ‫ث يستكثر من الحادث و الثار و ينقل كلمات متفرقة لكماء الفرس مثل بزر جهر و الوبذان و حكماء الند و الأثور ع ن داني ال و‬ ‫هرمس و غيهم من أكابر الليقة و ل يكشف عن التحقيق قناعا‪ i‬و ل يرفع الباهي الطبيعية حجابا‪ i‬إنا هو نقل و تركيب شبيه بالواعظ و‬ ‫كأنه حوم على العرض و ل يصادفه و ل تقق قصده و ل استوف مسائله و نن ألمنا ال إل ذلك إلاما‪ i‬و أعثرنا على علم جعلنا بي نكرة‬ ‫و جهينة خبه فإن كنت قد استوفيت مسائله و ميزت عن سائر الصنائع أنظاره و أناءه فتوفيق من ال و هداية و أن فاتن شيء ف إحصائه‬ ‫و اشتبهت بغي فللناظر التحقق إصلحه ول الفضل لن نجت له السبيل و أوضحت له الطريق و ال يهدي بنوره من يشاء‪ .‬و ن ن الن‬ ‫نبي ف هذا الكتاب ما يعرض للبشر ف اجتماعهم من أحوال العمران ف اللك و الكسب و العلوم و الصنائع بوجوه برهانية يتض ح ب ا‬ ‫التحقيق ف معارف الاصة و العامة و تندفع با الوهام و ترفع الشكوك‪ .‬و نقول لا كان النسان متميزا‪ i‬عن سائر اليوانات بواص اختص‬ ‫با فمنها العلوم و الصنائع الت هي نتيجة الفكر الذي تيز به عن اليوانات و شرف بوصفه على الخلوقات و منها الاجة إل الكم الوازع‬ ‫و السلطان القاهر إذ ل يكن وجوده دون ذلك من بي اليوانات كلها إل ما يقال عن النحل و الراد و هذه و أن كان لا مث ل ذل ك‬ ‫فبطريق إلامي ل بفكر و روية و منها السعي ف العاش و العتمال ف تصيله من وجوهه و اكتساب أسبابه لا جعل ال من الفتق ار إل‬


‫الغذاء ف حياته و بقائه و هداه إل التماسه و طلبه فإن تعال أعطى كل شيء خلقه ث هدى و منهما العمران و هو التساكن و التن ازل ف‬ ‫مصر أو حلة للنس بالعشي و اقتضاء الاجات لا ف طباعهم من التعاون على العاش كما نبينه و من هذا العمران ما يكون بدويا‪ i‬و ه و‬ ‫الذي يكون ف الضواحي و ف البال و ف اللل النتجعة ف القفار و أطراف الرمال و منه ما يكون حضريا‪ i‬و هو الذي بالمصار و القرى‬ ‫و الدن والدر للعتصام با و التحصن بدرانا و له ف كل هذه الحوال أمور تعرض من حيث الجتماع عروضا‪ i‬ذاتيا‪ i‬له فل جرم انصر‬ ‫الكلم ف هذا الكتاب ف ستة فصول‪.‬‬ ‫الول ف العمران البشري على الملة و أصنافه و قسطه من الرض‪.‬‬ ‫و الثان ف العمران البدوي ف و ذكر القبائل و المم الوحشية‪ .‬و الثالث ف الدول و اللفة و اللك و ذكر الراتب السلطانية و الراب ع ف‬ ‫العمران الضري و البلدان و المصار‪ .‬و الامس ف الصنائع و العاش و الكسب و وجوهه‪ .‬و السادس ف العلوم و اكتسابا و تعلمه ا‪ .‬و‬ ‫قد قدمت العمران البدوي لنه سابق على جيعها كما نبي لك بعد و كذا تقدي اللك على البلدان و المصار وأما تق دي الع اش فلن‬ ‫العاش ضروري طبيعي و تعلم العلم كمال أو حاجي و الطبيعي أقدم من الكمال و جعلت الصنائع مع الكسب لنا منه ببعض الوج وه و‬ ‫من حيث العمران كما نبي لك بعد و ال الوفق للصواب و العي عليه‪.‬‬

‫الباب الول من الكتاب الول ف العمران البشري عل ى المل ة و في ه‬ ‫مقدمات‬ ‫الول ف أن الجتماع النسان ضروري و يعب الكماء عن هذا بقولم النسان مدن بالطبع أي ل بد له من الجتماع الذي هو الدينة ف‬ ‫اصطلحهم و هو معن العمران و بيانه أن ال سبحانه خلق النسان و ركبه على صورة ل يصح حياتا و بقاؤها إل بالغ ذاء و ه داه إل‬ ‫التماسه بفطرته و با ركب فيه من القدرة على تصيله إل أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تصيل حاجته من ذلك الغذاء غي موفية له‬ ‫بادة حياته منه و لو فرضنا منه أقل ما يكن فرصة و هو قوت يوم من النطة مثل‪ i‬فل يصل إل بعلج كثي من الطحن و العجن و الطبخ و‬ ‫كل واحد من هذه العمال الثلثة يتاج إل مواعي و آلت ل تتم إل بصناعات متعددة من حداد و نار و فاخوري وهب أنه يأكله حبا‪i‬‬ ‫من غي علج فهو أيضا‪ i‬يتاج ف تصيله أيضا‪ i‬حبا‪ i‬إل أعمال أخرى أكثر من هذه من الزراعة و الصاد و الدراس الذي يرج الب م ن‬ ‫غلف السنبل و يتاج كل واحد من هذه آلت متعددة و صنائع كثية أكثر من الول بكثي و يستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة‬ ‫الواحد فل بد من اجتماع القدر الكثية من أبناء جنسه ليحصل القوت له و لم فيحصل بالتعاون قدر الكفاية من الاجة لك ثر منه م‬ ‫بإضعاف و كذلك يتاج كل واحد منهم أيضا‪ i‬ف الدفاع عن نفسه إل الستعانة بأبناء جنسه لن ال سبحانه لا ركب الطباع ف اليوانات‬ ‫كلها و قسم القدر بينها جعل حظوظ كثي من اليوانات العجم من القدرة أكمل من حظ النسان فقدرة الفرس مثل‪ i‬أعظم بكثي من قدرة‬ ‫النسان و كذا قدرة المار و الثور و قدرة السد و الفيل أضعاف من قدرته‪ .‬و لا كان العدوان طبيعيا‪ i‬ف اليوان جعل لكل واحد منه ا‬ ‫عضوا‪ i‬يتص بدافعته ما يصل إليه من عادية غيه و جعل للنسان عوضا‪ i‬من ذلك كله الفكر و اليد فاليد مهيئة للصنائع بدم ة الفك ر و‬ ‫الصنائع تصل له اللت الت تنوب له عن الوارح العدة ف سائر اليوانات للدفاع مثل الرماح الت تنوب عن القرون الناطحة و السيوف‬ ‫النائبة عن الخالب الارحة و التراس النائبة عن البشرات الاسية إل غي ذلك و غيه ما ذكره جالينوس ف كتاب منافع العضاء فالواح د‬ ‫من البشر ل تقاوم قدرته قدرة واحد من اليوانات العجم سيما الفترسة فهو عاجز عن مدافعتها وحده بالملة و ل تف ي ق درته أيض ا‪i‬‬ ‫باستعمال اللت العدة لا فل بد ف ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه و ما ل يكن هذا التعاون فل يصل له قوت و ل غ ذاءا‪ i‬و ل‬ ‫تتم حياته لا ركبه ال تعال عليه من الاجة إل الغذاء ف حياته و ل يصل له أيضا‪ i‬دفاع عن نفسه لفقدان السلح فيكون فريسة للحيوانات‬ ‫و يعاجله اللك عن مدى حياته و يبطل نوع البشر و إذا كان التعاون حصل له القوت للغذاء و السلح للمدافعة و تت حكمة ال ف بقائه‬


‫و حفظ نوعه فإذن هذا الجتماع ضروري للنوع النسان و إل ل يكمل و جودهم و ما أراده ال من اعتمار العال بم و استخلفه إياهم‬ ‫و هذا هو معن العمران الذي جعلناه موضوعا‪ i‬لذا العلم و ف هذا الكلم نوع إثبات للموضوع ف فنه الذي هو موضوع له و هذا و أن ل‬ ‫يكن واجبا‪ i‬على صاحب الفن لا تقرر ف الصناعة النطقية أنه ليس على صاحب علم إثبات الوضوع ف ذلك العلم فليس أيضا‪ i‬من النوعات‬ ‫عندهم فيكون إثباته من التبعات و ال الوفق بفضله‪ .‬ث أن هذا الجتماع إذا حصل للبشر كما قررناه و ت عمران العال بم فل بد م ن‬ ‫وازع يدفع بعضهم عن بعض لا ف طباعهم اليوانية من العدوان و الظلم و ليست السلح الت جعلت دافعة لعدوان اليوانات العجم عنهم‬ ‫كافية ف دفع العدوان عنهم لنا موجودة لميعهم فل بد من شيء آخر يدفع عدوان بعضهم عن بعض‪ .‬و ل يكون من غيه م لقص ور‬ ‫جيع اليوانات عن مداركهم و إلاماتم فيكون ذلك الوازع واحدا‪ i‬منهم يكون له عليهم الغلبة و السلطان و اليد القاهرة حت ل يصل أحد‬ ‫إل غيه بعدوان و هذا هو معن اللك و قد تبي لك بذا أن للنسان خاصة طبيعية و ل بد لم منها و قد يوجد ف بعض اليوانات العجم‬ ‫على ما ذكره الكماء كما ف النحل و الراد لا استقرىء فيها من الكم و النقياد و التباع لرئيس من أشخاصها متميز عنهم ف خلقه و‬ ‫جثمانه إل أن ذلك موجود لغي النسان بقتضى الفطرة و الداية ل بقتضى الفكرة و السياسة أعطى كل شيء خلقه ث ه دى و تزي د‬ ‫الفلسفة على هذا البهان حيث ياولون إثبات النبوة بالدليل! العقلي و أنا خاصة طبيعية للنسان فيقررون هذا البهان إل غاية و أنه ل بد‬ ‫للبشر من الكم الوازع ث يقولون بعد ذلك و ذلك الكم يكون بشرع مفروض من عند ال يأت به واحد من البشر و أنه ل بد أن يكون‬ ‫متميزا‪ i‬عنهم با يودع ال فيه ف خواص هدايته ليقع التسليم له و القبول منه حت يتم الكم فيهم و عليهم من غي إنكار و ل تزيف و هذه‬ ‫القضية للحكماء غي برهانية كما تراه إذ الوجود و حياة البشر قد تتم من دون ذلك با يفرضه الاكم لنفسه أو بالعصبية الت يقتدر با على‬ ‫قهرهم و حلهم على جادته فأهل الكتاب و التبعون للنبياء قليلون بالنسبة إل الوس الذين ليس لم كتاب فإنم أكثر أهل الع ال و م ع‬ ‫ذلك فقد كانت لم الدول و الثار فضل‪ i‬عن الياة و كذلك هي لم لذا العهد ف القاليم النحرفة ف الشمال و الن وب بلف حي اة‬ ‫البشر فوضى دون وازع لم البتة فإنه يتنع و بذا يتبي لك غلطهم ف وجوب النبوات و أنه ليس بعقلي و إنا مدركه الشرع كم ا ه و‬ ‫مذهب السلف من المة و ال ول التوفيق و الداية‪.‬‬

‫القدمة الثانية ف قسط العمران من الرض و الشارة إل بعض ما فيه م‬ ‫الشجار و النار و القاليم‬

‫ن‬

‫اعلم أنه تبي ف كتب الكماء الناظرين ف أحوال العال أن شكل الرض كروي و أنا مفوفة بعنصر الاء كأنا عنبة طافية عليه فانسر الاء‬ ‫عن بعض جوانبها لا أراد ال من تكوين اليوانات فيها و عمرانا بالنوع البشري الذي له اللفة على سائرها و قد يتوهم من ذلك أن الاء‬ ‫تت الرض و ليس بصحيح و أنا النحت الطبيعي قلب بالرض و وسط كرتا الذي هو مركزها و الكل يطلبه با فيه من الثقل و ما ع دا‬ ‫ذلك من جوانبها و أما الاء اليط با فهو فوق الرض و أن قيل ف شيء منها إنه تت الرض فبالضافة إل جهة أخرى منه‪ .‬و أما ال ذي‬ ‫انسر عنه الاء من الرض فهو النصف من سطح كرتا ف شكل دائرة أحاط العنصر الاء من با من جيع جهاتا برا‪ i‬يسمى البحر اليط و‬ ‫يسمى أيضا‪ i‬لبليه بتفخيم اللم الثانية و يسمى أوقيانوس أساء أعجمية و يقال له البحر الخضر و السود ث أن هذا النكشف من الرض‬ ‫للعمران فيه القفار و اللء أكثر من عمرانه و الال من جهة النوب منه أكثر من جهة الشمال و إنا العمور منه أميل إل الانب الشمال‬ ‫على شكل مسطح كروي ينتهي من جهة النوب إل خط الستواء و من جهة الشمال إل خط كروي و وراءه البال الفاصلة بين ه و بي‬ ‫الاء العنصري الذي بينهما سد يأجوج و مأجوج و هذه البال مائلة إل جهة الشرق و ينتهي من الشرق و الغرب إل عنصر الاء أيض ا‪i‬‬ ‫بقطعتي من الدائرة اليطة و هذا النكشف من الرض قالوا هو مقدار النصف من الكرة أو أقل و العمور منه مقدار ربعه و ه و النقس م‬ ‫بالقاليم السبعة و خط الستواء يقسم الرض بنصفي من الغرب إل الشرق و هو طول الرض و أكب خط ف كرتا كما أن منطقة فلك‬ ‫البوج و دائرة فعدل النهار أكب خط ف الفلك و منطقة البوج منقسمة بثلثمائة و ستي درجة و الدرجة م ن مس افة الرض خس ة و‬


‫عشرون فرسخا‪ i‬و الفرسخ اثنا عشر ألف ذراع و الذراع أربعة و عشرون إصبعا‪ i‬و الصبع ست حبات شعي مصفوفة ملص ق بعض ها إل‬ ‫بعض ظهرا‪ i‬لبطن و بي دائرة فعدل النهار الت تقسم الفلك بنصفي و تسامت خط الستواء من الرض و بي كل واح د م ن القط بي‬ ‫تسعون درجة لكن العمارة ف الهة الشمالية من خط الستواء أربع و ستون درجة و الباقي منها خلء ل عمارة فيه لشدة البد و الم ود‬ ‫كما كانت الهة النوبية خلء كلها لشدة الر كما نبي ذلك كله إن شاء ال تعال‪ .‬ث إن الخبين عن هذا العمور و حدوده و عما فيه‬ ‫من المصار و الدن و البال و البحار و النار و القفار و الرمال مثل بطليموس ف كتاب الغرافيا و صاحب كتاب زخار من بعده قسموا‬ ‫هذا العمور بسبعة أقسام يسمونا القاليم السبعة بدود وهية بي الشرق و الغرب متساوية ف العرض متلفة ف الطول فالقليم الول أطول‬ ‫ما بعده و هكذا الثان إل آخرها فيكون السابع أقصر لا اقتضاه وضع الدائرة الناشئة عن انسار الاء عن كرة الرض و كل واحد من هذه‬ ‫القاليم عندهم منقسم بعشرة أجزاء من الغرب إل الشرق على التوال و ف كل جزء الب عن أحواله و أحوال عمرانه‪ .‬و ذكروا أن ه ذا‬ ‫البحر اليط يرج من جهة الغرب ف القليم الرابع البحر الرومي العروف يبدأ ف خليج فتضايق ف عرض اثن عشر ميل‪ i‬أو نوها م ا بي‬ ‫طنجة و طريف و يسمى أن الزقاق ث يذهب مشرقا‪ i‬و ينفسح إل عرض ستمائة ميل و نايته ف آخر الزء الرابع من القليم الرابع على ألف‬ ‫فرسخ و مائة و ستي فرسخا‪ i‬من مبدأه و عليه هنالك سواحل الشام و عليه من جهة النوب سواحل الغرب أولا طنجة عن د اللي ج ث‬ ‫أفريقية ث برقة إذ السكندرية و من جهة الشمال سواحل القسطنطينية عند الليج ث البنادقة ث رومة ث الفرنة ث الندلس إل طريف عند‬ ‫أن الزقاق قبالة طنجة و يسمى هذا البحر الرومي و الشامي و فيه جزر كثية عامرة كبار مثل أقريطش و ق بص و ص قلية و ميورق ة و‬ ‫سردانية قالوا‪ :‬و يرج منه ف جهة الشمال بران آخران من خليجي‪ .‬أحدها مسامت للقسطنطينية يبدأ من هذا البحر متضايقا‪ i‬ف ع رض‬ ‫رمية السهم و ير ثلثة بار فيتصل بالقسطنطينية ث ينفسح ف عرض أربعة أميال و ير ف جريه ستي ميل‪ i‬و يسمى خليج القس طنطينية ث‬ ‫يرج من فوهة عرضها ستة أميال فيمد بر نيطش و هو بر ينحرف من هنالك ف مذهبه إل ناحية الشرق فيمر بأرض هرقلة و ينته ي إل‬ ‫بلد الزرية على ألف و ثلثمائة ميل من فوهته و عليه من الانبي أمم من الروم و الترك و برجان و الروس‪ .‬و البحر الثان من خليجي هذا‬ ‫البحر الرومي و هو بر البنادقة يرج من بلد الروم على ست الشمال فإذا انتهى إل ست البل انرف ف ست الغرب إل بلد البنادقة و‬ ‫ينتهي إل بلد إنكلية على ألف و مائة ميل من مبدإه و على حافتيه من البنادقة و الروم و غيهم أمم و يسمى خليج البنادق ة‪ .‬ق الوا و‬ ‫ينساح من هذا البحر اليط أيضا‪ i‬من الشرق و على ثلث عشرة درجة ف الشمال من خط الستواء بر عظيم متسع ير ف الن وب قليل‪i‬‬ ‫حت ينتهي إل القليم الول ث ير فيه مغربا‪ i‬إل أن ينتهي ف الزء الامس منه إل بلد البشة و الزنج و إل بلد باب الندب من ه عل ى‬ ‫أربعة آلف فرسخ من مبدئه و يسمى البحر الصين و الندي و البشي و عليه من جهة النوب بلد الزنج و بلد بربر الت ذكرها ام رؤ‬ ‫القيس ف شعره و ليسوا من الببر الذين هم قبائل الغرب ث بلد سفالة و أرض الواق واق و أمم أخر ليس بعدهم إل القفار و اللء و عليه‬ ‫من جهة الشمال الصي من عند مبدئه ث الند ث السند ث سواحل اليمن من الحقاف و زبيد و غيها ث بلد الزنج عند نايته و بع دهم‬ ‫البشة‪ .‬قالوا و يرج من هذا البحر البشي بران آخران أحدها يرج من نايته عند باب الندب فيبدأ متضايقا‪ i‬ث ير مستبحرا‪ i‬إل ناحي ة‬ ‫الشمال و مغربا‪ i‬قليل‪ i‬إل أن بنتهي إل القلزم ف الزء الامس من القليم الثان على ألف و أربعمائة ميل من مبدئه ف و يسمى بر القلزم و‬ ‫بر السويس و بينه و بي فسطاط مصر من هنالك ثلث مراحل و عليه من جهة الشرق سواحل اليمن ث الجاز و جدة ث مدين و أيلة و‬ ‫فازان عند نايته و من جهة الغرب سواحل الصعيد‪ ،‬و عيذاب و سواكن وزيلع ث بلد البشة عند مبدئه و آخره عند القلزم يسامت البحر‬ ‫الرومي عند العريش و بينهما نو ست مراحل و مازال اللوك ف السلم و قبله يرمون خرق ما بينهما و ل يتم ذلك‪ .‬و البحر الثان م ن‬ ‫هذا البحر البشي و يسمى الليج الخضر يرج ما بي بلد السند و الحقاف من اليمن و ير إل ناحية الشمال مغربا‪ i‬قليل‪ i‬إل أن ينتهي‬ ‫إل البلة من سواحل البصرة ف الزء السادس من القليم الثان على أربعمائة فرسخ و أربعي فرسخا‪ i‬من مبدئه و يسمى بر فارس و عليه‬ ‫من جهة الشرق سواحل السند و مكران و كرمان و فارس و البلة و عند نايته من جهة الغرب سواحل البحرين و اليمام ة و عم ان و‬ ‫الشحر و الحقاف عند مبدئه و فيما بي بر فارس و القلزم و جزيرة العرب كأنا داخلة من الب ف البحر ييط با البحر البش ي م ن‬ ‫النوب و بر القلزم من الغرب و بر فارس من الشرق و تفضي إل العراق بي الشام و البصرة على ألف و خسمائة ميل بينهما و هنالك‬ ‫الكوفة و القادسية و بغداد و إيوان كسرى و الية و وراء ذلك أمم العاجم من الترك و الزر و غيهم و ف جزيرة العرب بلد الج از‬ ‫ف جهة الغرب منها و بلد اليمامة و البحرين و عمان ف جهة الشرق منها و بلد اليمن ف جهة النوب منها و س واحله عل ى البح ر‬


‫البشي‪ .‬قالوا و ف هذا العمور بر آخر منقطع من سائر البحار ف ناحية الشمال بأرض الديلم يسمى بر جرجان و طبستان طوله أل ف‬ ‫ميل ف عرض ستمائة ميل ف غربه أذربيجان والديلم و ف شرقه أرض الترك و خوارزم و ف جنوبه طبستان و ف ش اله أرض ال زر و‬ ‫اللن‪ .‬هذه جلة البحار الشهورة الت ذكرها أهل الغرافيا‪ .‬قالوا و ف هذا الزء العمور أنار كثية أعظمها أربعة أنار و ه ي الني ل و‬ ‫الفرات و دجلة و نر بلخ السمى جيحون‪ .‬فأما النيل فمبدأه من جبل عظيم وراء خط الستواء بست عشرة درجة على ست الزء الراب ع‬ ‫من القليم الول و يسمى جبل القمر و ل يعلم ف الرض جبل أعلى منه ترج منه عيون كثية فيصب بعضها ف الية هناك و بعضها ف‬ ‫أخرى ث ترج أنار من البحيتي فتصب كلها ف بية واحدة عند خط الستواء على عشر مراحل من البل و يرج م ن ه ذه البحية‬ ‫نران يذهب أحدها إل ناحية الشمال على سته و ير ببلد النوبة ث بلد مصر فإذا جاوزها تشعب ف شعب مقاربة يسمى كل واحد منها‬ ‫خليجا‪ i‬و تصب كلها ف البحر الرومي عند السكندرية و يسمى نيل مصر و عليه الصيعد من شرقه و الواحات من غربه و يذهب الخ ر‬ ‫منعطفا‪ i‬إل الغرب ث ير على سته إل أن يصب ي البحر اليط و هو نر السودان و أمهم كلهم على ضفتيه‪ .‬و أما الفرات فمبدؤه من بلد‬ ‫أرمينية ف الزء السادس من القليم الامس و ير جنوبا‪ i‬ف أرض الروم و ملطية إل منبج ث ير بصفي ث بالرقة ث بالكوفة إل أن ينتهي إل‬ ‫البطحاء الت بي البصرة و واسط و من هناك يصب ف البحر البشي و تنجلب إليه ف طريقه أنار كثية و يرج منه أنار أخرى تصب ف‬ ‫دجلة‪ .‬و أما دجلة فمبدؤها عي ببلد جلط من أرمينية أيضا‪ i‬و تر على ست النوب بالوصل و أذربيجان و بغداد إل واسط فتتف رق إل‬ ‫خلجان كلها تصب ف بية البصرة و تفضي إل بر فارس و هو ف الشرق على يي الفرات و ينجلب إليه أنار كثية عظيمة م ن ك ل‬ ‫جانب و فيما بي الفرات و دجلة من أوله جزيرة الوصل قبالة الشام من عدوت الفرات و قبالة أذربيجان من عدوة دجلة‪ .‬و أما نر جيحون‬ ‫فمبدؤه من بلخ ف الزء الثامن من القليم الثالث من عيون هناك كثية و تنجلب إليه أنار عظام و يذهب من النوب إل الش مال فيم ر‬ ‫ببلد خراسان ث يرج معها إل بلد خوارزم ف الزء الثامن من القليم الامس فيصب ف بية الرجانية الت بأسفل مدينتها و هي مسية‬ ‫شهر ف مثله و إليها ينصب نر فرغانة و الشاش الت من بلد الترك و على غرب نر جيحون بلد خراسان و خوارزم و على ش رقه بلد‬ ‫بارى و ترمذ و سرقند و من هنالك إل ما وراءه بلد الترك و فرغانة و الرجانية و أمم العاجم و قد ذكر ذلك كله بطليموس ف كتابه‬ ‫و الشريف ف كتاب روجار و صوروا ف الغرافيا جيع ما ف العمور من البال و البحار و الودية و استوفوا من ذلك مل حاجة انا ب ه‬ ‫لطوله ولن عنايتنا ف الكثر إنا هي بالغرب الذي هو وطن الببر و بالوطان الت للعرب من الشرق وال الوفق‪.‬‬

‫تكملة لذه القدمة الثانية ف أن الربع الشمال من الرض أكثر عمرانا‪ i‬م ن‬ ‫الربع النوب و ذكر السبب ف ذلك‬ ‫و نن نرى بالشاهدة و الخبار التواترة أن الول و الثان من القاليم لعمورة أقل عمرانا‪ i‬ما بعدها و ما وجد من عمرانه فيتخلله اللء و‬ ‫لقفار و الرمال و البحر الندي الذي ف الشرق منهما و أمم هذين القليمي و أناسيهما ليست لم الكثرة البالغة و أمصاره و مدنه كذلك و‬ ‫الثالث و الرابع و ما بعدها بلف ذلك فالقفار فيها قليلة و الرمال كذلك أو معدومة و أمها و أناسيها توز الد من الكثرة و أمصارها و‬ ‫مدنا تاوز الد عددا‪ i‬و العمران فيها مندرج ما بي الثالث و السادس و النوب خلء كله و قد ذكر كثي من الكماء أن ذلك لف راط‬ ‫الر و قلة ميل الشمس فيها عن ست الرؤوس فلنوضح ذلك ببهانه و يتبي منه سبب كثرة العمارة فيما بي الثالث و الرابع م ن ج انب‬ ‫الشمال إل الامس و السابع‪ .‬فنقول إن قطب الفلك النوب و الشمال إذا كانا على الفق فهنالك دائرة عظيمة تقسم الفلك بنصفي ه ي‬ ‫أعظم الدوائر الارة من الشرق إل الغرب و تسمى دائرة معدل النهار و قد تبي ف موضعه من اليئة أن الفلك العلى متحرك من الش رق‬ ‫إل الغرب حركة يومية يرك با سائر الفلك ف جوفه قهرا‪ i‬و هذه الركة مسوسة و كذلك تبي أن للكواكب ف أفلكها حركة مالف ة‬ ‫لذه الركة و هي من الغرب إل الشرق و تتلف آمادها باختلف حركة الكواكب ف السرعة و البطء و م رات ه ذه الك واكب ف‬ ‫أفلكها توازيها كلها دائرة عظيمة من الفلك العلى تقسمه بنصفي و هي دائرة فلك البوج منقسمة باثن عشر برجا‪ i‬و هي على ما ت بي‬


‫ف موضعه مقاطعة لدائرة معدل النهار على نقطتي متقابلتي من البوج ها أول المل و أول اليزان فتقسمهما دائرة معدل النهار بنص في‬ ‫نصف مائل عن معدل النهار إل الشمال و هو من أول المل إل آخر السنبلة و نصف مائل عنه إل النوب و هو من أول اليزان إل آخر‬ ‫الوت و إذا وقع القطبان على الفق ف جيع نواحي الرض كان على سطح الرض خط واحد يسامت دائرة معدل النهار ير من الغ رب‬ ‫إل الشرق و يسمى خط الستواء و وقع هذا الط بالرصد على ما زعموا ف مبدإ القليم الول من القاليم السبعة و العمران كله ف الهة‬ ‫الشمالية يرتفع عن آفاق هذا العمور بالتدريج إل أن ينتهي ارتفاعه إل أربع‪ ،‬و ستي درجة و هنالك ينقطع العمران و هو آخ ر القلي م‬ ‫السابع‪ ،‬إذا ارتفع على الفق و بقيت تسعي درجة و هي الت بي القطب و دائرة معدل النهار على الفق و بقيت ستة من ال بوج ف وق‬ ‫الفق و هي الشمالية و ستة تت الفق و هي النوبية و العمارة فيما بي الربعة و الستي إل التسعي متنعة لن ال ر و ال بد حينئذ ل‬ ‫يصلن متزجي لبعد الزمان بينهما يصل التكوين فإذا‪ i‬الشمس تسامت الرؤوس على خط الستواء ف رأس المل و الي زان ث تي ل ف‬ ‫السامتة إل رأس السرطان ورأس الدي و يكون ناية ميلها عن دائرة معدل النهار أربعا‪ i‬و عشرين درجة ث إذا ارتفع القطب الشمال ع ن‬ ‫الفق مالت دائرة معدل النهار عن ست الرؤوس بقدار ارتفاع و انفض القطب النوب كذلك بقدار متساو ف الثلثة وهو السمى عن د‬ ‫أهل الواقيت عرض البلد و إذا مالت دائرة معدل النهار عن ست الرؤوس علت عليها البوج الشمالية مندرجة ف مقدار علوه ا إل رأس‬ ‫السرطان و انفضت البوج النوبية من الفق كذلك إل رأس الدي لنرافها إل الانبي ف أفق الستواء كما قلن اه فل ي زال الف ق‬ ‫الشمال يرتفع حت يصي أبعد الشمالية و هو رأس السرطان ف ست الرؤوس و ذلك حيث يكون عرض البلد أربعا‪ i‬و عشرين ف الجاز و‬ ‫ما يليه و هذا هو اليل الذي إذا مال رأس السرطان عن معدل النهار ف أفق الستواء ارتفع بارتفاع القطب الشمال حت صار مسامتا‪ i‬ف إذا‬ ‫ارتفع القطب أكثر من أربع و عشرين نزلت الشمس عن السامتة و ل تزال ف انفاض إل أن يكون ارتفاع القطب أربعا‪ i‬و ستي و يكون‬ ‫انفاض الشمس عن السامتة كذلك و انفاض القطب النوب عن الفق مثلها فينقطع التكوين لفراط البد و المد و ط ول زم انه غي‬ ‫متزج بالر‪ .‬ث إن الشمس عند السامتة و ما يقاربا تبعث الشعة قائمة و فيما دون السامتة على زوايا منفرجة و حادة و إذا كانت زوايا‬ ‫الشعة قائمة عظم الضوء و انتشر بلفه ف النفرجة و الادة فلهذا يكون الر عند السامتة و ما يقرب منها أكثر منه فيما بعد لن الض وء‬ ‫سبب الر و التسخي‪.‬‬ ‫ث أن السامتة ف خط الستواء تكون مرتي ف السنة عند نقطت المل و اليزان و إذا مالت فغي بعيد و ل يكاد الر يعتدل ف آخر ميله ا‬ ‫عند رأس السرطان و الدي إل أن صعدت إل السامتة فتبقى الشعة القائمة الزوايا تلح على ذلك الفق و يطول مكثها أو يدوم فيش تعل‬ ‫الواء حرارة و يفرط ف شدتا و كذا ما دامت الشمس تسامت مرتي فيما بعد خط الستواء إل عرض أربع و عشرين فإن الشعة ملح ة‬ ‫على الفق ف ذلك بقريب من إلاحها ف خط الستواء و إفراط الر يفعل ف الواء تفيفا‪ i‬و يبسا‪ i‬ينع من التكوين لنه إذا أفرط الر جفت‬ ‫الياه و الرطوبات و فسد التكوين ف العدن و اليوان و النبات إذ التكوين ل يكون إل بالرطوبة ث إذا مال رأس الس رطان ع ن س ت‬ ‫الرؤوس ف عرض خس و عشرين فما بعده نزلت الشمس عن السامتة فيصي الر إل العتدال أو ييل عنه ميل‪ i‬قليل‪ i‬فيكون التك وين و‬ ‫يتزايد على التدريج إل أن يفرط البد ف شدته لقلة الضوء و كون الشعة منفرجة الزوايا فينقص التكوين و يفسد بيد أن فساد التكوين من‬ ‫جهة شدة الر أعظم منه من جهة شدة البد لن الر أسرع تأثيا‪ i‬ف التجفيف من تأثي البد ف المد فلذلك كان العمران ف القليم الول‬ ‫و الثان قليل‪ i‬و ف الثالث و الرابع و الامس متوسطا‪ i‬لعتدال الر بنقصان الضوء و ف السادس و السابع كثيا‪ i‬لنقصان الر و أن كيفي ة‬ ‫البد ل تؤثر عند أولا ف فساد التكوين كما يفعل الر إذ ل تفيف فيها إل عند الفراط با يعرض لا حينئذ من اليبس كما بعد الس ابع‬ ‫فلهذا كان العمران ف الربع الشمال أكثر و أوفر و ال أعلم‪ .‬و من هنا أخذ الكماء خلء خط الستواء و ما وراءه و أورد عليه م أن ه‬ ‫مغمور بالشاهدة و الخبار التواترة فكيف يتم البهان على ذلك و الظاهر أنم ل يريدوا امتناع العمران فيه بالكلية إنا أداهم البهان إل أن‬ ‫فساد التكوين فيه قري بإفراط الر و العمران فيه إما متنع أو مكن أقلي و هو كذلك فإن خط الستواء و الذي وراءه و إن كان فيه عمران‬ ‫كما نقل فهو قليل جدا‪ .i‬و قد زعم ابن رشد أن خط الستواء معتدل و أن ما وراءه ف النوب بثابة ما وراءه ف الشمال فيعمر منه ما عمر‬ ‫من هذا و الذي قاله غي متنع من جهة فساد التكوين و إنا امتنع فيما وراء خط الستواء ف النوب من جهة أن العنصر الائي غمر وج ه‬ ‫الرض هنالك إل الد الذي كان مقابله من الهة الشمالية قابل‪ i‬للتكوين و لا امتنع العتدل لغيبة الاء تبعه ما سواه لن العمران مت درج و‬


‫يأخذ ف التدريج من جهة الوجود ل من جهة المتناع و أما القول بامتناعه ف خط الستواء فيده النقل التواتر و ال أعلم‪ .‬و لنرسم بع د‬ ‫هذا الكلم صورة الغرافيا كما رسها صاحب كتاب روجار ث نأخذ ف تفصيل الكلم عليها إل أخره‪.‬‬

‫القسم الول من تفصيل الكلم على هذه الغرافيا‬ ‫إعلم أن الكماء قسموا هذا العمور كما تقدم ذكره على سبعة أقسام من الشمال إل النوب يسمون كل قسم منها إقليما‪ i‬فانقسم العمور‬ ‫من الرض كله على هذه السبعة القاليم كل واحد منها أخذ من الغرب إل الشرق على طوله‪ .‬فالول منها مار من الغرب إل الشرق مع‬ ‫خط الستواء بده من جهة النوب و ليس وراءه هنالك إل القفار و الرمال و بعض عمارة إن صحت فهي كل عمارة و يليه من جه ة‬ ‫شالية القليم الثان ث الثالث كذلك ث الرابع و الامس و السادس و السابع و هو آخر العمران من جهة الشمال و ليس وراء الس ابع إل‬ ‫اللء و القفار إل أن ينتهي إل البحر اليط كالال فيما وراء القليم الول ف جهة النوب إل أن اللء ف جهة الشمال أقل بكثي م ن‬ ‫اللء الذي ف جهة النوب‪ .‬ث أن أزمنة الليل و النهار تتفاوت ف هذه القاليم بسبب ميل الشمس عن دائرة معدل النهار و ارتفاع القطب‬ ‫الشمال عن آفاقها فيتفاوت قوس الليل و النهار لذلك و ينتهي طول الليل و النهار ف آخر القليم الول و ذلك عند حلول الشمس ب رأس‬ ‫الدي لليل و برأس السرطان للنهار كل واحد منهما إل ثلث عشرة ساعة و كذلك ف آخر القليم الثان ما يلي الشمال فينتهي‪ ،‬ط ول‬ ‫النهار فيه عند حلول الشمس برأس السرطان و هو منقلبها الصيفي إل ثلث عشرة ساعة و نصف ساعي و مثله أطول الليل عند منقلبه ا‬ ‫الشتوي برأس الدي و يبقى للقصر من الليل و النهار ما يبقى بعد الثلث عشرة و نصف من جلة أربع و عش رين الس اعات الزماني ة‬ ‫لموع الليل و النهار و هي دورة الفلك الكاملة و كذلك ف آخر القليم الثالث ما يلي الشمال أيضا‪ i‬ينتهيان إل أربع عشرة س اعة و ف‬ ‫آخر الرابع إل أربع عشرة ساعة و نصف ساعة و ف آخر الامس إل خس عشرة ساعة و ف آخر السادس إل خس عشرة ساعة و نصف‬ ‫و إل آخر السابع إل ست عشرة ساعة و هنالك ينقطع العمران فيكون تفاوت هذه القاليم ف الطول من ليلها و نارها بنصف ساعة لكل‬ ‫إقليمه يتزايد من أوله ف ناحية النوب إل آخر ف ناحية الشمال موزعة على أجزاء هذا البعد‪ .‬و أما عرض البلدان ف هذه القاليم و ه و‬ ‫عبارة عن بعد ما بي ست رأس البلد و دائرة معدل النهار الذي هو ست رأس خط الستواء و بثله سواء ينخفض القطب النوب عن أفق‬ ‫ذلك البلد و يرتفع القطب الشمال عنه و هو ثلثة أبعاد متساوية تسمى عرض البلد كما مر ذلك قبل‪ .‬و التكلمون على ه ذه الغرافي ا‬ ‫قسموا كل واحد من هذه القاليم السبعة ف طوله من الغرب إل الشرق بعشرة أجزاء متساوية و يذكرون ما اشتمل عليه كل جزء منها من‬ ‫البلدان و المصار و البال و النار و السافات بينها ف السالك و نن الن نوجز القول ف ذلك و نذكر مشاهي البل دان و الن ار و‬ ‫البحار ف كل جزء منها و ناذي بذلك ما وقع ف كتاب نزهة الشتاق الذي ألفه العلوي الدريسي المودي للك صقلية من الفرنج و هو‬ ‫زخار بن زخار عندما كان نازل‪ i‬عليه بصقلية بعد خروج صقلية من إمارة مالقة و كان تأليفه للكتاب ف منتصف الائة السادسة و جع ل ه‬ ‫كتبا‪ i‬جة للمسعودي و ابن خرداذيه و الوقلي و القدري و ابن إسحاق النجم و بطليموس و غيهم و نبدأ منها بالقليم الول إل آخرها‬ ‫و ال سبحانه و تعال يعصمنا بنه و فضله‪.‬‬ ‫القليم الول‪ ،‬و فيه من جهة غربيه الزائر الالدات الت منها بدأ بطليموس بأخذ أطوال البلد و ليست ف بسيط القليم و إنا هي ف البحر‬ ‫اليط ف جزر متكثرة أكبها و أشهرها ثلث و يقال أنا معمورة و قد بلغنا أن سفائن من الفرنج مرت با ف أواسط هذه الائة و قاتلوهم‬ ‫فغنموا منهم و سبوا و باعوا بعض أسراهم بسواحل الغرب القصى و صاروا إل خدمة السلطان فلما تعلموا اللسان العرب أخبوا عن حال‬ ‫جزائرهم و أنم يتفرون الرض للزراعة بالقرون و أن الديد مفقود بأرضهم و عيشهم من الشعي و ماشيتهم العز و قت الم بالج ارة‬ ‫يرمونا إل خلف و عبادتم السجود للشمس إذا طلعت و ل يعرفون دينا‪ i‬و ل تبلغهم دعوة و ل يوقف على مكان هذه الزائر إل بالعثور‬ ‫ل بالقصد إليها لن سفر السفن ف البحر إنا هو بالرياح و معرفة جهات مهابا و إل أين يوصل إذا مرت على الستقامة من البلد الت ف‬


‫مر ذلك الهب و إذا اختلف الهب و علم حيث يوصل على الستقامة حوذي به القلع ماذاة يمل السفينة با على قواني ف ذلك مص لة‬ ‫عند النواتية و اللحي الذين هم رؤساء السفن ف البحر و البلد الت ف حافات البحر الرومي و ف عدوته مكتوبة كلها ف صحيفة عل ى‬ ‫شكل ما هي عليه ف الوجود و ف وضعها ف سواحل البحر على ترتيبها و مهاب الرياح و مراتا على اختلفها معها ف تلك الص حيفة و‬ ‫يسمونا الكنباص و عليها يعتمدون ف أسفارهم و هذا كله مفقود ف البحر اليط فلذلك ل تلج فيه السفن لنا إن غ ابت ع ن م رأى‬ ‫السواحل فقل أن تتدي إل الرجوع إليها مع ما ينعقد ف جو هذا البحر و على سطح مائه من البرة المانعة للسفن ف مس يها و ه ي‬ ‫لبعدها ل تدركها أضواء الشمس النعكسة من سطح الرض فتحللها فلذلك عسر الهتداء إليها و صعب الوقوف على خبها‪ .‬و أما الزء‬ ‫الول من هذا القليم ففيه مصب النيل الت من مبدئه عند جبل القمر كما ذكرناه و يسمى نيل السودان و يذهب إل البحر اليط فيصب‬ ‫فيه عند جزيرة أوليك و على هذا النيل مدينة سل و تكرور و غانة و كلها لذا العهد ف ملكة ملك مال من أمم السودان و إل بلده م‬ ‫تسافر تار الغرب القصى و بالقرب منها من شاليها بلد لتونة و سائر طوائف اللثمي و مفاوز يولون فيها و ف جنوب هذا النيل قوم من‬ ‫السودان يقال لم )) للم (( و هم كفار و يكتوون ف وجوههم و أصداغهم و أهل غانة و التكرور يغيون عليهم و يسبونم و ي بيعونم‬ ‫للتجار فيجلبونم إل الغرب و كلهم عامة رقيقهم و ليس وراءهم ف النوب عمران يعتب إل أناسي أقرب إل اليوان العجم من الن اطق‬ ‫يسكنون الفياف و الكهوف و يأكلون العشب و البوب غي مهيأة و ربا يأكل بعضهم بعضا‪ i‬و ليسوا ف ع داد البش ر‪ .‬و ف واكه بلد‬ ‫السودان كلها من قصور صحراء الغرب مثل توات و تكدرارين و وركلن‪ .‬فكان ف غانة فيما يقال ملك و دولة لقوم من العلويي يعرفون‬ ‫ببن صال و قال صاحب كتاب روجار إنه صال بن عبد ال بن حسن بن السن و ل يعرف صال هذا ف ولد عبد ال بن حس ن و ق د‬ ‫ذهبت هذه الدولة لذا العهد و صارت غانة لسلطان مال و ف شرقي هذا البلد ف الزء الثالث من القليم بلد ) كوكو ( على نر ينبع من‬ ‫بعض البال هنالك و ير مغربا‪ i‬فيغوص ف رمال الزء الثالث و كان ملك كوكو قائم‪i‬ا بنفسه ث استول عليها سلطان مال و أص بحت ف‬ ‫ملكته و خربت لذا العهد من أجل فتنة وقعت هناك نذكرها عند ذكر دولة مال ف ملها من تاريخ الببر و ف جنوب بلد كوكو بلد كات‬ ‫من أمم السودان و بعدهم و نغارة على ضفة النيل من شاليه و ف شرقي بلد و نغارة و كات بلد زغاوة و تاجرة التصلة بأرض النوب ة ف‬ ‫الزء الرابع من هذا القليم و فيه ير نيل مصر ذاهبا‪ i‬من مبدإه عند خط الستواء إل البحر الرومي ف الشمال و مرج هذا النيل من جب ل‬ ‫القمر الذي فوق خط الستواء بست عشرة درجة و اختلفوا ف ضبط هذه اللفظة فضبطها بعضهم يفتح القاف و اليم نسبة إل قمر السماء‬ ‫لشدة بياضه و كثرة ضوءه و ف كتاب الشترك لياقوت بضم القاف و سكون اليم نسبة‪ i‬إل قوم من أهل الند و كذا ضبطه اب ن س عيد‬ ‫فيخرج من هذا البل عشر عيون تتمع كل خسة منها ف بية و بينهما ستة أميال و يرج من كل واحدة من البحيتي ثلثة أنار تتمع‬ ‫كلها ف بطيحة واحدة ف أسفلها جبل معترض يشق البحية من ناحية الشمال و ينقسم ماؤها بقسمي فيمر الغرب منه إل بلد الس ودان‬ ‫مغربا‪ i‬حت يصب ف البحر اليط و يرج الشرقي منه ذاهبا‪ i‬إل الشمال على بلد البشة و النوبة و فيما بينهما و ينقس ما ف أعل ى أرض‬ ‫مصر فيصب ثلثة من جداوله ف البحر الرومي عند السكندرية‪ .‬و رشيد و دمياط و يصب واحد ف بية ملحة قبل أن يتصل ب البحر ف‬ ‫وسط هذا القليم الول و على هذا النيل به بلد النوبة و البشة و بعض بلد الواحات إل أسوان و حاضرة بلد النوبة مدينة دنقلة و هي‬ ‫ف غرب هذا النيل و بعدها علوة و بلق و بعدها جبل النادل على ستة مراحل من بلق ف الشمال و هو جبل عال من جه ة مص ر و‬ ‫منخفض من جهة النوبة فينفذ فيه النيل و يصب ف مهوى بعيد صبا‪ i‬هائل‪ i‬فل يكن أن تسلكه الراكب بل يول الوسق من مراكب السودان‬ ‫فيحمل على الظهر إل بلد أسوان قاعدة الصعيد إل فوق النادل و بي النادل و أسوان اثنتا عشرة مرحلة و الواحات ف غربيه ا ع دوة‬ ‫النيل و هي الن خراب و با آثار العمارة القدية‪ .‬و ف وسط هذا القليم ف الزء الامس منه بلد البشة على واد يأت م ن وراء خ ط‬ ‫الستواء ذاهبا‪ i‬إل أرض النوبة فيصب هناك ف النيل الابط إل مصر و قد وهم فيه كثي من الناس و زعموا أنه من نيل القمر و بطليم وس‬ ‫ذكره ف كتاب الغرافيا و ذكر أنه ليس من هذا النيل‪ .‬و إل وسط هذا القليم ف الزء الاص ينتهي بر الند الذي يدخل م ن ناحي ة‬ ‫الصي و يغمر عامة هذا القليم إل هذا الزء الامس فل يبقى فيه عمران إل ما كان ف الزائر الت ف داخله و هي متمددة يقال تنتهي إل‬ ‫ألف جزيرة أو فيما على سواحله من جهة الشمال و ليس منها ف هذا القليم الول إل طرف من بلد الصي ف جهة الش رق و ف بلد‬ ‫اليمن‪ .‬و ف الزء السادس من هذا القليم فيما بي البحرين الابطي من هذا البحر الندي إل جهة الشمال و ها بر قلزم و بر ف ارس و‬ ‫فيما بينهما جزيرة العرب و تشتمل على بلد اليمن و بلد الشحر ف شرقيها على ساحل هذا البحر الندي و على بلد الجاز و اليمامة و‬


‫ما إليهما كما نذكره ف القليم الثان و ما بعده فأما الذي على ساحل هذا البحر من غربيه فبلد زالع من أطراف بلد البش ة و م الت‬ ‫البجة ف شال البشة ما بي جبل العلقي أعال الصعيد و بي بر القلزم الابط من البحر الندي و تت بلد زالع من جهة الشمال ف هذا‬ ‫الزء خليج باب الندب يضيق البحر الابط هنالك بزاحة جبل الندب الائل ف وسط البحر الندي متدا‪ i‬مع ساحل اليمن من الن وب إل‬ ‫الشمال ف طول اثن عشر ميل‪ i‬فيضيق البحر بسبب ذلك إل أن يصي ف عرض ثلثة أميال أو نوها و يسمى باب الندب و علي ه ت ر‬ ‫مراكب اليمن إل ساحل السويس قريبا‪ i‬من مصر و تت باب الندب جزيرة سواكن و دهلك و قبالته من غربيه مالت البخة م ن أم م‬ ‫السودان كما ذكرناه و من شرقيه ف هذا الزء تائم اليمن و منها على ساحله بلد علي بن يعقوب و ف جهة النوب من بلد زالع و على‬ ‫ساحل هذا البحر من غربيه ترى بربر يتلو بعضها بعضا‪ i‬و ينعطف من جنوبيه إل آخر الزء السادس و يليها هنالك من جهة ش رقيها بلد‬ ‫الزنج ث بلد سفالة من ساحله النوب بلد الوقواق متصلة إل آخر الزء العاشر من هذا القليم عند مدخل هذا البحر من البحر اليط‪ .‬و‬ ‫أما جزائر هذا البحر فكثية‪ .‬من أعظمها جزيرة سرنديب مدورة الشكل‪ .‬و با البل الشهور يقال ليس ف الرض أعلى منه و هي قبال ة‬ ‫سفالة‪ .‬ث جزيرة القمر و هي جزيرة مستطيلة تبدأ من قبالة أرض سفالة و تذهب إل الشرق منحرفة بكثي إل أن تقرب من سواحل أعال‬ ‫الصي و يتف با ف هذا البحر من جنوبيها جزائر الوقواق و من شرقيها جزائر السيلن إل جزائر أخر ف هذا البحر كثية العدد و فيه ا‬ ‫أنواع الطيب و الفاويه و فيها يقال معادن الذهب و الزمرد و عامة أهلها على دين الوسية و فيهم ملوك متعددون و بذه ال زائر م ن‬ ‫أحوال العمران عجائب ذكرها أهل الغرافيا و على الضفة الشمالية من هذا البحر ف الزء السادس من هذا القليم بلد اليمن كلها فم ن‬ ‫جهة بر القلزم بلد زبيد و الهجم و تامة اليمن و بعدها بلد صغية مقر المامة الزبدية و هي بعيدة عن البحر النوب و عن البحر الشرقي‬ ‫و فيما بعد ذلك مدينة عدن و ف شالا صنعاء و بعدها إل الشرق أرض الحقاف و ظفار و بعدها أرض حضر موت ث بلد الشحر م ا‬ ‫بي البحر النوب و بر فارس‪ .‬و هذه القطعة من الزء السادس هي الت الكشف عنها البحر من أجزاء هذا القليم الوس طى و ينكش ف‬ ‫بعدها قليل من الزء التاسع و أكثر منه من العاشر فيه أعال بلد الصي و من مدنه الشهية خانكو و قبالتها من جهة الشرق جزائر السيلن‬ ‫و قد تقدم ذكرها و هذا آخر الكلم ف القليم الول و ال سبحانه و تعال و ل التوفيق بنه و فضله‪.‬‬ ‫القليم الثان‪ :‬و هو متصل بالول من جهة الشمال و قبالة الغرب منه ف البحر اليط جزيرتان من الزائر الالدات الت مر ذكره ا و ف‬ ‫الزء الول و الثان منه ف الانب العلى منهما أرض قنورية و بعدها ف جهة الشرق أعال أرض غانة ث مالت زغاوة من السودان و ف‬ ‫الانب السفل منهما صحراء نستر متصلة من الغرب إل الشرق ذات مفاوز تسلك فيها التجار ما بي بلد الغرب و بلد السودان و فيها‬ ‫مالت اللثمي من صنهاجة و هم شعوب كثية ما بي كزولة و لتونة و مسراتة و لطة و وريكة و على ست هذه الفاوز شرقا‪ i‬أرض فزان‬ ‫ث مالت أزكار من قبائل الببر ذاهبة إل أعال الزء الثالث على ستها ف الشرق و بعدها من هذا الزء الثالث و هي جهة الشمال من ه‬ ‫بقية أرض وذان و على ستها شرقا‪ i‬أرض سنترية و تسمى الواحات الداخلة و ف الزء الرابع من أعله بقية أرض الباجويي ث يع ترض ف‬ ‫وسط هذا الزء بلد الصعيد حافات النيل الذاهب من مبدأه ف القليم الول إل مصبه ف البحر فيمر ف هذا الزء بي البلي الاجزين و‬ ‫ها جبل الواحات من غربيه و جبل القطم من شرقيه و عليه من أعله بلد أسنا و أرمنت و يتصل كذلك حافاته إل أسيوط و قوص ث إل‬ ‫صول و يفترق النيل هنالك على شعبي ينتهي الين منهما ف هذا الزء عند اللهون و اليسر عند دلص و فيما بينهما أعال ديار مصر و‬ ‫ف الشرق من جبل القطم صحارى عيذاب ذاهبة ف الزء الامس إل أن تنتهي إل بر السويس و هو بر القلزم الابط من البحر الندي ف‬ ‫النوب إل جهة الشمال و ف عدوته الشرقية من هذا الزء أرض الجاز من جبل يلملم إل بلد يثرب ف وسط الجاز مكة شرفها ال و‬ ‫ف ساحلها مدينة جدة تقابل بلد عيذاب ف العدوة الغربية من هذا البحر‪ .‬و ف الزء السادس من غربيه بلد ند أعلها ف النوب و تبالة و‬ ‫جرش إل عكاظ من الشمال و تت ند من هذا الزء بقية أرض الجاز و على ستها ف الشرق بلد نران و خيب و تتها أرض اليمامة و‬ ‫على ست نران ف الشرق أرض سبأ و مأرب ث أرض الشحر و ينتهي إل بر فارس و هو البحر الثان الابط من البحر الندي إل الشمال‬ ‫كما مر و يذهب ف هذا الزء بانراف إل الغرب فيمر ما بي شرقيه و جوفيه قطعة مثلثة عليها من أعله مدينة قلهات و ه ي س احل‬ ‫الشحر ث تتها على ساحله بلد عمال‪ .‬ث بلد البحرين و هجر منها ف آخر الزء و ف الزء السابع ف العلى من غربيه قطعة م ن ب ر‬ ‫فارس تتصل ب القطعة الخرى ف السادس و يغمر بر الند جانبه العلى كله و عليه هنالك بلد السند إل بلد مك ران و يقابله ا بلد‬


‫الطوبران و هي من السند أيضا‪ i‬فيتصل السند كله ف الانب الغرب من هذا الزء و تول الفاوز بينه و بي أرض الند و ير فيه ن ره الت‬ ‫من ناحية بلد الند و يصب ف البحر الندي ف النوب و أول بلد الند على ساحل البحر الندي و ف ستها شرقا‪ i‬بلد بله را و تته ا‬ ‫اللتان بلد الصنم العظم عندهم‪ ،‬ث إل أسفل من السند‪ ،‬ث إل أعال بلد سجستان‪ .‬و ف الزء الثامن من غربيه بقية بلد بلهرا من الند‪،‬‬ ‫و على ستها شرقا‪ i‬بلد القندهار‪ .‬ث بلد منيبار و ف الانب العلى على ساحل البحر الندي و تتها ف الالب الس فل أرض كاب ل و‬ ‫بعدها شرقا‪ i‬إل البحر اليط بلد القنوج ما بي قشمي الداخلة و قشمي الارجة عند آخر القليم و ف الزء التاسع ث ف الانب الغرب منه‬ ‫بلد الند القصى و يتصل فيه إل الانب الشرقي فيتصل من أعله إل العاشر و تبقى ف أسفل ذلك الانب قطعة من بلد الص ي فيه ا‬ ‫مدينة شيغون ث تتصل بلد الصي ف الزء العاشر كله إل البحر اليط و ال و رسوله أعلم و به سبحانه التوفيق و ه و و ل الفض ل و‬ ‫الكرم‪.‬‬ ‫القليم الثالث‪ :‬و هو متصل بالثان من جهة الشمال ففي الزء الول منه و على نو الثلث من أعله جبل درن معترض فيه من غربيه عن د‬ ‫البحر اليط إل الشرق عند آخر و يسكن هذا البل من الببر أمم ل يصيهم إل خالقهم حسبما يأت ذكره و ف القطعة الت بي هذا البل‬ ‫و القليم الثان و على البحر اليط منها رباط ماسة و يتصل به شرقا‪ i‬بلد سوس و نول و على ستها شرقا‪ i‬بلد درعة ث بلد سجلماسة ث‬ ‫قطعة من صحراء نستر الفازة الت ذكرناها ف القليم الثان و هذا البل مطل على هذه البلد كلها ف هذا الزء و هو قليل الثنايا و السالك‬ ‫ف هذه الناحية الغربية إل أن يسامت وادي ملوية فتكثر ثناياه و مسالكه إل أن ينتهي و ف هذه الناحية منه أم م الص امدة ث هنتان ة ث‬ ‫تينملك ث كدميوه ث مشكورة و ث آخر الصامدة فيه ث قبائل صنهاكة و هم صنهاجة و ف آخر هذا الزء منه بعض قبائل زناتة و يتصل به‬ ‫هنالك من جوفيه جبل أوراس و هو جبل كتامة و بعد ذلك أمم أخرى من البابرة نذكرهم ف أماكنهم‪ .‬ث إن جبل درن هذا م ن جه ة‬ ‫غربيه مطل على بلد الغرب القصى و هي ف جوفيه ففي الناحية النوبية منها بلد مراكش و أغمات و تادل‪ i‬و على البحر الي ط منه ا‬ ‫رباط أسفى و مدينة سل و ف الوف عن بلد مراكش بلد فاس و مكناسة و تازا و قصر كتامة و هذه هي الت تسمى الغرب القصى ف‬ ‫عرف أهلها و على ساحل البحر اليط منها بلدان أصيل و العرايش و ف ست هذه البلد شرقا‪ i‬بلد الغرب الوسط و قاعدتا تلمس ان و‬ ‫ف سواحلها على البحر الرومي بلد هني و وهران و الزائر لن هذا البحر الرومي يرج من البحر اليط من خليج طنجة ف الناحية الغربية‬ ‫من القليم الرابع و يذهب مشرقا‪ i‬فينتهي إل بلد الشام فإذا خرج من الليج التضايق غي بعيد انفسح جنوبا‪ i‬و شال‪ i‬ف دخل ف القلي م‬ ‫الثالث و الامس فلهذا كان على ساحله من هذا القليم الثالث الكثي ف بلده ث يتصل ببلد الزائر من شرقيها بلد باية ف ساحل البحر‬ ‫ث قسطنطينية ف الشرق منها و ف آخر الزء الول و على مرحلة من هذا البحر ف جنوب هذه البلد و مرتفعا‪ i‬إل جنوب الغرب الوسط‬ ‫بلد أشي ث بلد السيلة ث الزاب و قاعدته بسكرة تت جبل أوراس التصل بدرن كما مر و ذلك عند آخر هذا الزء من جهة الش رق و‬ ‫الزء الثالث من هذا القليم على هيئة الزء الول ث جبل درن على نو الثلث من جنوبه ذاهبا‪ i‬فيه من غرب إل شرق فيقسمه بقطع تي و‬ ‫يعب البحر الرومي مسافة من شاله فالقطعة النوبية عن جبل درن غربيها كله مفاوز و ف الشرق منها بلد عذامس و ف ستها شرقا‪ i‬أرض و‬ ‫دان الت بقيتها ف القليم الثان كما مر و القطعة الوفية عن جبل درن ما بينه و بي البحر الرومي ف الغرب منها جبل أوراس و تبس ة و‬ ‫الوبس و على ساحل البحر بلد بونة ث ف ست هذه البلد شرقا‪ i‬بلد أفريقية فعلى ساحل البحر مدينة تونس ث السوسة ث الهدي ة و ف‬ ‫جنوب هذه البلد تت جبل درن بلد الريد توزر و قفصة و نفراوة و فيما بينها و بي السواحل مدين ة القيوان و جب ل و س لت و‬ ‫سبيطلة و على ست هذه البلد كلها شرقا‪ i‬بلد طرابلس على البحر الرومي و بإزائها ف النوب جبل دمر و نقرة من قبائل هوارة متص لة‬ ‫ببل درن و ف مقابلة غذامس الت مر ف نرها ف آخر القطعة النوبية و آخر هذا الزء ف الشرق سويقة ابن مشكورة عل ى البح ر و ف‬ ‫جنوبا مالت العرب ف أرض و دان و ف الزء الثالث من هذا القليم ير أيضا‪ i‬فيه جبل درن إل أنه ينعطف عند آخر إل الشمال و يذهب‬ ‫على سته إل أن يدخل ف البحر الرومي و يسمى هنالك طرف أوثان و البحر الرومي من شاليه يغمر طائفة منه إل أن يضايق ما بينه و بي‬ ‫جبل درن فالذي وراء البل ف النوب و ف الغرب منه بقية أرض و دان‪ .‬و مالت العرب فيها ث زويلة ابن خطاب ث رمال و قف ار إل‬ ‫آخر الزء ف الشرقي و فيما بي البل و البحر ف الغرب منه بلد سرت على البحر ث خلء و قفار تول فيها العرب ث أجدابية ث برقة عند‬ ‫منعطف البل ث طلمسة على البحر هنالك ث ف شرقي النعطف من البل مالت هيب و رواحة إل آخر الزء و ف الزء الرابع من ه ذا‬


‫القليم و ف العلى من غربيه صحارى برقيق و أسفل منها بلد هيب و رواحة ث يدخل البحر الرومي ف هذا الزء فيغي طائف ة من ه إل‬ ‫النوب حت يزاحم طرفه العلى و يبقى بينه و بي آخر الزء فيها قفار تول فيها العرب و على ستها شرقا‪ i‬بلد الفيوم و هي على مصب‬ ‫أحد الشعبي من النيل الذي ير على اللهون من بلد الصعيد ف الزء الرابع من القليم الثان و يصب ف بية فيوم و على سته شرقا‪ i‬أرض‬ ‫مصر و مدينتها الشهية على الشعب الثان الذي ير بدلص من بلد الصعيد عند آخر الزء الثان و يفترق هذا الشعب افتراقه ثاني ة م ن‬ ‫تت مصر على شعبي آخرين من شطنوف و زفت و ينقسم الين منهما من قرمط بشعبي آخرين و يصب جيعها ف البحر الرومي فعل ى‬ ‫مصب الغرب من هذا الشعب بلد السكندرية و على مصب الوسط بلد رشيد و على مصب الشرقي بلد دمياط و بي مصر و القاهرة و بي‬ ‫هذه السواحل البحرية أسافل الديار الصرية كلها مشوة عمرانا‪ i‬و فلجا‪ i‬و ف الزء الاص من هذا القليم بلد الشام و كثرها على ما أصف‬ ‫و ذلك لن بر القلزم ينتهي من النوب و ف الغرب منه عند السويس لنه ف مره مبتدىء من البحر الندي إل الشمال ينعطف آخذا‪ i‬إل‬ ‫جهة الغرب فتكون قطعة من انعطافه ف الزء طويلة فينتهي ف الطرف الغرب منه إل السويس و على هذه القطعة بغد الس ويس ف اران ث‬ ‫جبل الطور ث أيلة مدين ث الوراء ف آخرها و من هنالك ينعطف بساحله إل النوب ف أرضي الجاز كما مر ف القليم الثان ف ال زء‬ ‫الامس منه و ف الناحية الشمالية من هذا الزء قطعة من البحر الرومي غمرت كثيا‪ i‬من غربيه عليها الفرما و العريش و قارب طرفها بل د‬ ‫القلزم فيضايق ما بينهما من هنالك و بقي شبه الباب مفضيا‪ i‬إل أرض الشام و ف غرب هذا الباب فحص التيه أرض جرداء ل تنبت ك انت‬ ‫مال‪ i‬لبن إسرائيل بعد خروجهم من مصر و قبل دخولم إل الشام أربعي سنة كما قصة القرآن‪ ،‬و ف هذه القطعة من البحر الرومي ف هذا‬ ‫الزء طائفة من جزيرة قبص و بقيتها ف القليم الرابع كما نذكره و على ساحل هذه القطعة عند الطرف التضايق لبحر الس ويس بل د‬ ‫العريش و هو آخر الديار الصرية و عسقلن و بينهما طرف هذا البحر ث تنحط هذه القطعة ف انعطافها من هنالك إل القليم الرابع عن د‬ ‫طرابلس و غزة و هنالك ينتهي البحر الرومي ف جهة الشرق و على هذه القطعة أكثر سواحل الشام ففي شرقه غزة ث عسقلن و بانراف‬ ‫يسي عنها إل الشمال بلد قيسارية ث كذلك بلد عكاء ث صور ث صيداء ث ينعطف البحر إل الشمال ف القليم الرابع و يقابل ه ذه البلد‬ ‫الساحلية من هذه القطعة ف هذا الزء جبل عظيها يرج من ساحل أيلة من بر القلزم و يذهب ف ناحية الشمال منحرفا‪ i‬إل الشرق إل أن‬ ‫ياوز هذا الزء و يسمى جبل اللكام و كأنه حاجز بي أرض مصر و الشام ففي طرفه عند أيلة العقبة الت يفر عليها الجاج من مص ر إل‬ ‫مكة ث بعدها ف ناحية الشمال مدفن الليل عليه الصلة و السلم عند جبل السراة يتصل من عند جبل اللكام الذكور من شال العقبة ذاهبا‪i‬‬ ‫على ست الشرق ث ينعطف قليل‪ i‬و ف شرقه هنالك بلد الجر و ديار ثود و تيماء و دومة الندل و هي أسافل الجاز و فوقه ا جب ل‬ ‫رضوى و حصون خيب ف جهة النوب عنها و فيما بي جبل السراة و بر القلزم صحراء تبوك و ف شال جبل السراة مدينة القدس عن د‬ ‫جبل اللكام ث الردن ث طبية و ف شرقيها بلد الغور إل أذرعات و ف ستها دومة الندل آخر هذا الزء و هي آخر الج از‪ .‬و عن د‬ ‫منعطف جبل اللكام إل الشمال من آخر هذا الزء مدينة دمشق مقابلة صيدا و بيوت من القطعة البحرية و جبل اللكام يعترض بينه ا و‬ ‫بينها و على سنت دمشق ف الشرق مدينة بعلبك ث مدينة حص ف الهة الشمالية آخر الزء عند منقطع جبل اللكام و ف الش رق ع ن‬ ‫بعلبك و حص بلد تدمر و مالت البادية إل آخر الزء و ف الزء السادس من أعله مالت العراب تت بلد ند و اليمامة ما بي جبل‬ ‫العرج و الصمان إل البحرين و هجر على بر فارس و ف أسافل هذا الزء تت الالت بلد الية و القادسية و مغايض الفرات‪ .‬و فيم ا‬ ‫بعدها شرقا‪ i‬مدينة البصرة و ف هذا الزء ينتهي بر فارس عند عبادان و اليلة من أسافل الزء من شاله و يصب! فيه عند عبادان نر دجلة‬ ‫بعد أن ينقسم بداول كثية و تتلط به جداول أخرى من الفرات ث تتمع كلها عند عبادان و تصب ف بر فارس و هذه القطعة من البحر‬ ‫متسعة ف أعله مضايقة ف آخر ف شرقيه و ضيقة عند منتهاه مضايقة للحد الشمال منه و على عدوتا الغربية منه أسافل البحرين و هجر و‬ ‫الحساء و ف غربا أخطب و الصمان و بقية أرض اليمامة و على عدوته الشرقية سواحل فارس من أعلها و هو من عند آخر الزء م ن‬ ‫الشرق لا على طرف قد امتد من هذا البحر مشرقا‪ i‬و وراءه إل النوب ف هذا الزء جبال القفص من كرمان و تت هرمز على الس احل‬ ‫بلد سياف و نيم على ساحل هذا البحر و ف شرقيه إل آخر هذا الزء و تت هرمز بلد فارس مثل سابور و دار أبرد و نسا و إصطخر‬ ‫و الشاهجان و شياز و هي قاعدتا كلها و تت بلد فارس إل الشمال عند طرف البحر بلد خوزستان و منها الهواز و تستر و صدى و‬ ‫سابور و السوس و رام هرمز و غيها و أزجال و هي حد ما بي فارس و خوزستان و ف شرقي بلد خوزستان جبال الكراد متص لة إل‬ ‫نواحي أصبهان و با مساكنهم و مالتم وراءها ف أرض فارس و تسمى الرسوم‪ .‬و ف الزء السابع ف العلى منه من الغرب بقية جب ال‬


‫القفص و يليها من النوب و الشمال بلد كرمان و مكران و من مدنا الرودن و الشيجان و جيفت و يزدشي و البهرج و ت ت أرض‬ ‫كرمان إل الشمال بقية بلد فارس إل حدود أصبهان و مدينة أصبهان ف طرف هذا الزء ما بي غربه و شاله ث ف الش رق ع ن بلد‬ ‫كرمان و بلد فارس أرض سجستان و كوهستان ف النوب و أرض كوهستان ف الشمال عنها و يتوسط بي كرم ان و ف ارس و بي‬ ‫سجستان و كوهستان‪ ،‬و ف وسط هذا الزء الفاوز العظمى القليلة السالك لصعوبتها من مدن سجستان بست الطاق و أم ا كوهس تان‬ ‫فهي من بلد خراسان و من مشاهي بلد سرخس و قوهستان آخر الزء‪ .‬و ف الزء الثامن غربه و جنوبه مالت اللج من أم م ال ترك‬ ‫متصلة بأرض سجستان من غربا و بأرض كابل الند من جنوبا و ف الشمال عن هذه الالة جبال الغور و بلدها و قاعدتا غزنة فرض ة‬ ‫الند و ف آخر الغور من الشمال بلد أستراباذ ث ف الشمال غربا‪ i‬إل أخر الزء بلد هراة أوسط خراسان و با أسفراين و قاشان و بوشنج‬ ‫و مرو الروذ و الطالقان و الوزجان و تنتهي خراسان هنالك إل نر جيحون‪.‬‬

‫القسم الثان من تفصيل الكلم على هذه الغرافيا‬ ‫و على هذا النهر من بلد خراسان من غرببه مدينة بلخ و ف شرقيه مدينة ترمذ و مدينة بلخ كانت كرسي ملكة الترك و هذا النه ر ن ر‬ ‫جيحون مرجه من بلد و جار ف حدود بذخشان ما يلي الند و يرج من جنوب هذا الزء و عند آخر من الشرق فينعطف ع ن ق رب‬ ‫مغربا‪ i‬إل وسط الزء و يسمى هنالك نر خرناب ث ينعطف إل الشمال حت ير براسان و يذهب عل ى س نته إل أن يص ب ف بية‬ ‫خوارزم ف القليم لامس كما نذكره و يده عند انعطافه ف وسط الزء من النوب إل الشمال خسة أنار عظيم ة م ن بلد الت ل و‬ ‫الوخش من شرقيه و أنار أخرى من جبال البتم من شرقيه أيضا‪ i‬و جوف البل حت يتسع و يعظم با ل كفاء له و من هذه النار المس ة‬ ‫المدة له نر و خشاب يرج من بلد التبت و هي بي النوب و الشرق من هذا الزء فيمر مغربا‪ i‬بالر إل الشمال إل أن يرج إل الزء‬ ‫التاسع قريبا‪ i‬من شال هذا الزء يعترضه ف طريقه جبل عظيم ير من وسط النوب ف هذا الزء و يذهب مشرقا‪ i‬بانراف إل الش مال إل‬ ‫أن يرج إل الزء التاسع قريبا‪ i‬من شال هذا الزء فيجوز بلد التبت إل القطعة الشرقية النوبية من هذا الزء و يول بي الترك و بي بلد‬ ‫التل و ليس فيه إل مسلك واحد ف وسط الشرق من هذا الزء جعل فيه الفصل بن يي سدا‪ i‬و بن فيه بابا‪ i‬كسد ياجوج و ماجوج ف إذا‬ ‫خرج نر و خشاب من بلد التبت و اعترضه هذا البل فيمر تته ف مدى بعيد إل أن ير ف بلد الوخش و يصب ف نر جيح ون عن د‬ ‫حدود بلخ ث ير هابطا‪ i‬إل الترمذ ف الشمال إل بلد الوزجان و ف الشرق عن بلد الغور فيما بينها و بي نر جيحون بلد الناسان م ن‬ ‫خراسان و ف العدوة الشرقية هنالك من النهر بلد التل و أكثرها جبال و بلد الوخش و يدها من جهة الشمال جبال البتم ت رج م ن‬ ‫طرف خراسان غرب نر جيحون و تذهب مشرقة‪ i‬إل أن يتصل طرفها بالبل العظيم الذي خلفه بلد التبت و ير تته نر و خشاب كم ا‬ ‫قلناه فيتصل عند باب الفضل بن يي و ير نر جيحون بي هذه البال و أنار أخرى تصب فيه منها نر بلد الوخش يصب فيه من الشرق‬ ‫تت الترمذ إل جهة الشمال و نر بلخ يرج من جبال البتم مبدإه عند الوزجان و يصب فيه من غربيه و على هذا النهر من غربي ه بلد‬ ‫آمد من خراسان و ف شرقي النهر من هنالك أرض الصغد و أسر وشنة من بلد الترك و ف شرقها أرض فرغانة أيضا‪ i‬إل آخر الزء شرقا‪ i‬و‬ ‫كل بلد الترك توزها جبال البتم إل شالا و ف الزء التاسع من غربه أرض التبت إل وسط الزء و ف جنوبيها بلد الند و ف ش رقيها‬ ‫بلد الصي إل آخر الزء و ف أسفل هذا الزء شال‪ i‬عن بلد التبت بلد الزلية من بلد الترك إل آخر الزء شرقا‪ i‬و شال‪ i‬و يتصل ب ا‬ ‫من غربيها أرض فرغانة أيضا‪ i‬إل آخر الزء شرقا‪ i‬و من شرقيها أرض التغرغر من الترك إل الزء شرقا‪ i‬و ش ال‪ .i‬و ف ال زء العاش ر ف‬ ‫النوب منه جيعا‪ i‬بقية الصي و أسافله و ف الشمال بقية بلد التغرغر ث شرقا‪ i‬عنهم بلد خرخي من الترك أيضا‪ i‬إل آخر الزء ش رقا‪ i‬و ف‬ ‫الشمال من أرض خرخي بلد كتمان من الترك و قبالتها ف البحر اليط جزيرة الياقوت ف وسط جبل مستدير ل منفذ من ه إليه ا و ل‬ ‫مسلك و الصعود إل أعله من خارجه صعب ف الغاية و ف الزيرة حيات قتالة و حصى من الياقوت كثية فيحتال أهل تلك الناحية ب ا‬ ‫يلهمهم ال إليه و أهل هذه البلد ف هذا الزء التاسع و العاشر فيما وراء خراسان و البال كلها مالت للترك أمم ل تصى و هم ظواعن‬


‫رحالة أهل إبل و شاء و بقر و خيل للنتاج و الركوب و الكل و طوائفهم كثية ل يصيهم إل خالقهم و فيهم مسلمون ما يلي بلد النهر‬ ‫نر جيحون و يغزون الكفار منهم الدائني بالوسية فيبيعون رقيقهم لن يليهم و يرجون إل بلد خراسان و الند و العراق‬ ‫القليم الرابع‪ :‬يتصل بالثالث من جهة الشمال‪ .‬و الزء الول منه ف غربيه قطعة من البحر اليط مستطيلة من أوله جنوبا‪ i‬إل آخر ش ال‪ i‬و‬ ‫عليها ف النوب مدينة طنجة و من هذه القطعة تت طنجة من البحر اليط إل البحر الرومي ف خليج متضايق بقدار اثن عشر ميل‪ i‬ما بي‬ ‫طريف و الزيرة الضراء شال‪ i‬و قصر الاز و سبتة جنوبا‪ i‬و يذهب مشرقا‪ i‬إل أن ينتهي إل وسط الزء الامس من هذا القليم و ينفسح‬ ‫ف ذهابه بتدريج إل أن يغمر الربعة الجزاء و أكثر الامس من هذا القليم الثالث و الامس كما سنذكره و يسمى هذا البح ر البح ر‬ ‫الشامي أيضا‪ i‬و فيه جزائر كثية أعظمها ف جهة الغرب يابسة ث ما يرقة ث منرقة ث سردانية ث صقلية و هي أعظمها ث بلونس ث أقريط ش‬ ‫ث قبص كما نذكرها كلها ف أجزائها الت وقعت فيها و يرج من هذا البحر الرومي عند آخر الزء الثالث منه و ف الزء الث الث م ن‬ ‫القليم الامس خليج البنادقة يذهب إل ناحية الشمال ث ينعطف عند وسط الزء من جوفه و ير مغربا‪ i‬إل أن ينتهي ف الزء الث ان م ن‬ ‫الامس و يرج منه أيضا‪ i‬ف آخر الزء الرابع شرقا‪ i‬من القليم الامس خليج القسطنطينية ير ف الشمال متضايقا‪ i‬ف عرض رمية السهم إل‬ ‫آخر القليم ث يفضي إل الزء الرابع من القليم السادس و ينعطف إل بر نيطش ذاهبا‪ i‬إل الشرق ف الزء الامس كله و نصف السادس‬ ‫من القليم السادس كما نذكر ذلك ف أماكنه و عندما يرج هذا البحر الرومي من البحر اليط ف خليج طنج ة و ينفس ح إل القلي م‬ ‫الثالث‪ .‬يبقى ف النوب عن الليج قطعة صغية من هذا الزء فيها مدينة طنجة على ممع البحرين و بعدها مدينة سبتة على البحر الرومي‬ ‫ث قطأون ث باديس ث يغمر هذا البحر بقية هذا الزء شرقا‪ i‬و يرج إل الثالث و أكثر العمارة ف هذا الزء ف شاله و شال الليج من ه و‬ ‫هي كلها بلد الندلس الغربية منها ما بي البحر اليط و البحر الرومي أولا طريف عند ممع البحرين و ف الشرق منها على ساحل البحر‬ ‫الرومي الزيرة الضراء ث مالقة ث النقب ث الرية و تت هذه من لدن البحر اليط غربا‪ i‬و على مقربة منه شريش ث لبلة و قبالته ا في ه‬ ‫جزيرة قادس و ف الشرق عن شريش و لبلة إشبيلية ث أستجة و قرطبة و مديلة ث غرناطة و جيان و أبدة ث و اديش و بسطة و تت ه ذه‬ ‫شنتمرية و شلب على البحر اليط غربا‪ i‬و ف الشرق عنهما بطلموس و ماردة و يابرة ث غافق و بزجالة ث قلعة رياح و تت هذه أش بونة‬ ‫على البحر اليط غربا‪ i‬و على نر باجة و ف الشرق عنها شنترين و موزية على النهر الذكور ث قنطرة السيف و يسامت اشبونة من جه ة‬ ‫الشرق جبل الشارات يبدأ من الغرب هنالك و يذهب مشرقا‪ i‬مع آخر الزء من شاليه فينتهي إل مدينة سال فيما بعد النصف منه و ت ت‬ ‫هذا البل طلبية ف الشرق من فورنة ث طليطلة ث وادي الجارة ث مدينة سال و عند أول هذا البل فيما بينه و بي أشبونة بلد قلمري ة و‬ ‫هذه غرب الندلس‪ .‬و أما شرقي الندلس فعلى ساحل البحر الرومي منها بعد الرية قرطاجنة ث لفتة ث دانية ث بلنسية إل طرطوشة آخ ر‬ ‫الزء ف الشرق‪ ،‬و تتها شال‪ i‬ليورقة و شقورة تتاخان بسطة و قلعة رياح من غرب الندلس ث مرسية شرقا‪ i‬ث شاطبة تت بلنسية شال‪ i‬ث‬ ‫شقر ث طرطوشة ث طركونة آخر الزء ث تت هذه شال‪ i‬أرض منجالة وريدة متاخان لشقورة و طليطلة من الغرب ث أفراغة شرقا‪ i‬ت ت‬ ‫طرطوشة و شال‪ i‬عنها ث ف الشرق عن مدينة سال تقلة أيوب ث سرقسطة ث لردة آخر الزء شرقا‪ i‬و شال‪ .i‬و الزء الثان من هذا القليم‬ ‫غمر الاء جيعه إل قطعة من غربيه ف الشمال فيها بقية جبل البنات و معناه جبل الثنايا و السالك يرج إليه من آخر ال زء الول م ن‬ ‫القليم الامس يبدأ من الطرف النتهي‪ ،‬من البحر اليط عند آخر ذلك الزء جنوبا‪ i‬و شرقا‪ i‬و ير ف النوب بالر إل الشرق فيخ رج ف‬ ‫هذا القليم الرابع منحرفا‪ i‬عن الزء الول منه إل هذا الزء الثان فيقع فيه قطعة منه تفضي ثناياها إل الب التصل و تسمى أرض غشكونية و‬ ‫فيه مدينة خريدة و قرقشونة و على ساحل البحر الرومي من هذه القطعة مدينة برشلونة ث أربونة و ف هذا البحر الذي غمر الزء ج زائر‬ ‫كثية و الكثي منها غي مسكون لصغرها ففي غربيه جزيرة سردانية و ف شرقيه جزيرة صقلية متسعة القطار يقال إن دورها سبعمائة ميل و‬ ‫با مدن كثية من مشاهيها سرقوسة و بلرم و طرابغة و مازر و مسين و هذه الزيرة تقابل أرض أفريقية و فيما بينهما جزيرة أع دوش و‬ ‫مالطة‪ .‬و الزء الثالث من هذا القليم مغمور أيضا‪ i‬بالبحر إل ثلث قطع من ناحية الشمال الغربية منها أرض قلورية و الوسطى م ن أرض‬ ‫أبكيدة و الشرقية من بلد البنادقة‪ .‬و الزء الرابع من هذا القليم مغمور أيضا‪ i‬بالبحر كما مر و جزائره كثية و أكثرها غي مسكون كم ا‬ ‫ف الثالث و الغمور منها جزيرة بلونس ف الناحية الغريبة الشمالية و جزيرة أقريطش مستطيلة من وسط الزء إل ما بي النوب و الش رق‬ ‫منة‪ .‬و الزء الامس من هذا القليم غمر البحر منه مثلثة كبية بي النوب و الغرب ينتهي الضلع الغرب منها إل‪ ،‬آخر الزء ف الشمال و‬


‫ينتهي الضلع النوب منها إل نو الثلثي من الزء و يبقى ف الالب الشرقي من الزء قطعة نو الثلث ير الشمال منها إل الغرب منعطف ‪i‬ا‬ ‫مع البحر كما قلناه و ف النصف النوب منها أسافل الشام و ير ف وسطها جبل اللكام إل أن ينتهي إل آخر الشام ف الشمال فينعطف من‬ ‫هنالك ذاهبا‪ i‬إل القطر الشرقي الشمال و يسمى بعد انعطافه جبل السلسلة و من هنالك يرج إل القليم الامس و يوز من عند منعطف ه‬ ‫قطعة من بلد الزيرة إل جهة الشرق و يقوم من عند منعطفه من جهة الغرب جبال متصلة بعضها ببعض إل أن ينتهي إل طرف خ ارج‬ ‫من البحر الرومي متأخر إل آخر الزء من الشمال و بي هذه البال ثنايا تسمى الدروب و هي الت تفضي إل بلد الرمن و ف هذا الزء‬ ‫قطعة منها بي هذه البال و بي جبل السلسلة فأما الهة النوبية الت قدمنا أن فيها أسافل الشام و أن جبل اللكام معترض فيها بي البح ر‬ ‫الرومي و آخر الزء من النوب إل الشمال فعلى ساحلي البحر بلد أنطرطوس ف أول الزء من النوب متاخة لغزة و طرابلس على ساحله‬ ‫من القليم الثالث و ف شال أنطرطوس جبلة ث اللذقية ث إسكندرونة ث سلوقية و بعدها شال‪ i‬بلد الروم و أما جبل اللكام الع ترض بي‬ ‫البحر و آخر الزء بافاته فيصاقبه من بلد الشام من أعلى الزء جنوبا‪ i‬من غربيه حصن الوان و هو للحشيشة الساعيلية و يعرفون ل ذا‬ ‫العهد بالفداوية و يسمى مصيات و هو قبالة أنطرطوس و قبالة هذا الصن ف شرق البل بلد سلمية ف الشمال عن حص و ف الشمال و‬ ‫ف مصيات بي البل و البحر بلد انطاكية و يقابلها ف شرق البل العرة و ف شرقها الراغة و ف شال انطاكية الصيصة ث أذنة ث طرسوس‬ ‫آخر الشام و ياذيها من غرب البل قنسرين ث عي زربة و قبالة قنسرين ف شرق البل حلب و يقابل عي زربة منبج آخر الشام‪ .‬و أم ا‬ ‫الدروب فعن يينها ما بينها و بي البحر الرومي بلد الروم الت هي لذا العهد للتركمان و سلطانا ابن عثمان و ف ساحل البحر منها بل د‬ ‫أنطاكية و العليا‪ .‬و أما بلد الرمن الت بي جبل الدروب و جبل السلسلة ففيها بلد مرعش و ملطية و العرة إل آخر ال زء الش مال و‬ ‫يرج من الزء الامس ف بلد الرمن نر جيحان و نر سيحان ف شرقيه فيمر با جيحان جنوبا‪ i‬حت يتجاوز الدروب ث ير بطرسوس ث‬ ‫بالصيصة ث ينعطف هابطا‪ i‬إل الشمال و مغربا‪ i‬حت يصب ف البحر الرومي جنوب سلوقية و ير نر سيحان مؤازيا‪ i‬لنهر جيحان فيح اذى‬ ‫العرة و مرعش و يتجاوز جبال الدروب إل أرض الشام ث ير بعي زربة و يوز عن نر جيحان ث ينعطف إل الشمال مغربا‪ i‬فيختلط بنهر‬ ‫جيحان عند الصيصة و من غربا و أما بلد الزيرة الت ييط با منعطف جبل اللكام إل جبل السلسلة ففي جنوبا الرافضة و الرقة ث حران‬ ‫ث سروج و الرها ث نصيبي ث سيساط و آمد تت جبل السلسلة و آخر الزء من شاله و هو أيضا‪ i‬آخر الزء من شرقيه و ير ف وس ط‬ ‫هذه القطعة نر الفرات و نر دجلة يرجان من القليم الامس و يران ف بلد الرمن جنوبا‪ i‬إل أن يتجاوزا جبل السلسلة فيمر نر الفرات‬ ‫من غرب سيساط و سروج و ينحرف إل الشرق فيمر بقرب الرافضة و الرقة و يرج إل الزء السادس و ير دجلة شرق آمد و ينعط ف‬ ‫قريبا‪ i‬إل الشرق فيخرج قريبا‪ i‬إل الزء السادس و ف الزء السادس من هذا القليم من غربيه بلد الزيرة و ف الشرق منه ا بلد الع راق‬ ‫متصلة با تنتهي ف الشرق إل قرب آخر الزء و يعترض من آخر العراق هنالك جبل أصبهان هابطا‪ i‬من جنوب الزء منحرفا‪ i‬إل الغ رب‬ ‫فإذا انتهي إل وسط الزء من آخر ف الشمال يذهب مغربا‪ i‬إل أن يرج من الزء السادس و يتصل على سنته بب ل السلس لة ف ال زء‬ ‫الامس فينقطع هذا الزة السادس بقطعتي غربية و شرقية ففي الغربية من جنوبيها مرج الفرات من الامس و ف شاليها مرج دجلة من ه‬ ‫أما الفرات فأول ما يرج إل السادس ير بقرقيسيا و يرج من هنالك جدول إل الشمال ينساب ف أرض الزيرة و يغوص ف نواحيه ا و‬ ‫ير من قرقيسيا غي بعيد ث ينعطف إل النوب فيمر بقرب الابور إل غرب الرحبة و يرج منه جداول من هنالك ير جنوبا‪ i‬و لبقى صفي‬ ‫ف غربيه ث ينعطف شرقا‪ i‬و ينقسم بشعوب فيمر بعضها بالكوفة و بعضها بقصر ابن هبية و بالامعي و ترج جيعا‪ i‬ف جنوب ال زء إل‬ ‫القليم الثالث فيغوص هنالك ف شرق الية و القادسية و يرج الفرات من الرحبة مشرقا‪ i‬على سته إل هيت من شالا ي ر إل ال زاب و‬ ‫النبار من جنوبما ث يصب ف دجلة عند بغداد‪ .‬و أما نر دجلة فإذا دخل من الزء الامس إل هذا الزء ير بزيرة ابن عمر على شالا ث‬ ‫بالوصل كذلك و تكريت و ينتهي إل الديثة فينعطف جنوبا‪ i‬و تبقى الديثة ف شرقه و الزاب الكبي و الصغي كذلك و ير عل ى س ته‬ ‫جنوبا‪ i‬و ف غرب القادسية إل أن ينتهي إل بغداد و يتلط بالفرات ث ير جنوبا‪ i‬على غرب جرجرايا إل أن يرج من ال زء إل القلي م‬ ‫الثالث فتنتشر هنالك شعوبه و جداوله ث يتمع و يصب هنالك ف بر فارس عند عبادان و فيما بي نر دجلة و الفرات قبل ممعهما كما‬ ‫يبغداد هي بلد الزيرة و يتلط بنهر دجلة بعد مفارقته ببغداد نر آخر يأت من الهة الشرقية الشمالية منه و ينتهي إل بلد النهروان قبال ة‬ ‫بغداد شرقا‪ i‬ث ينعطف جنوبا‪ i‬و يتلط بدجلة قبل خروجه إل القليم الثالث و يبقى ما بي هذا النهر و بي جبل العراق و الع اجم بل د‬ ‫جلولء و ف شرقها عند البل بلد حلوان و صيمرة‪ .‬و أما القطعة الغربية من الزء فيعترض‪ ،‬جبل يبدأ من جبل العاجيم مشرقا‪ i‬إل آخ ر‬


‫الزء و يسمى جبل شهرزور و يقسمها بقطعتي ف النوب من هذه القطعة الصغرى بلد خونان من الغرب و الشمال ع ن أص بهان و‬ ‫تسمى هذه القطعة بلد اللوس و ف وسطها بلد ناوند و ف شالا بلد شهرزور غربا‪ i‬عند ملتقى البلي و الدينور شرقا‪ i‬عند آخر الزء و ف‬ ‫القطعة الصغرى الثانية من بلد أرمينية قاعدتا الراغة و الذي يقابلها من جبل العراق يسمى باريا و هو مساكن للكراد و الزاب الك بي و‬ ‫الصغي الذي على دجلة من ورائه و ف آخر هذه القطعة من جهة الشرق بلد أذربيجان و منها تبيز و البي دقان و ف الزاوي ة الش رقية‬ ‫الشمالية من هذا الزء قطعة من بر نيطش و هو بر الزر و ف الزء السابع من هذا القليم من غربه و جنوبه معظم بلد اللوس و فيه ا‬ ‫هذان و قزوين و بقيتها ف القليم الثالث و فيها هنالك أصبهان و ييط با من النوب جبل يرج من غربا و ير بالقليم الثالث ث ينعطف‬ ‫من الزء السادس إل القليم الرابع و يتصل ببل العراق ف شرقيه الذي مر ذكره هنالك و إنه ميط ببلد اللوس ف القطعة الشرقية و يهبط‬ ‫هذا البل اليط بأصبهان من القليم الثالث إل جهة الشمال و يرج إل هذا الزء السابع ميط ببلد اللوس من شرقها و تت ه هنال ك‬ ‫قاشان ث قم و ينعطف ف قرب النصف من طريقه مغربا‪ i‬بعض الشيء ث يرجع مستديرا‪ i‬فيذهب مشرقا‪ i‬و منحرفا‪ i‬إل الشمال حت يرج إل‬ ‫القليم الامس و يشتمل على منعطفه و استدارته على بلد الري ف شرقيه و يبدأ من منعطفه جبل آخر ير غربا‪ i‬إل آخر هذا الزء و م ن‬ ‫جنوبه من هنالك قزوين و من جانبه الشمال و جانب جبل الري التصل معه ذاهبا‪ i‬إل الشرق و الشمال إل وسط ال زء ث إل القلي م‬ ‫الاص بلد طبستان فيما بي هذه البال و بي قطعة من بر طبستان و يدخل من القليم الامس ف هذا الزء ف نو النصف من غرب ه‬ ‫إل شرقه و يعترض عند جبل الري و عند انعطافه إل الغرب جبل متصل ير على سته مشرقا‪ i‬و بانران قليل إل النوب ح ت ي دخل ف‬ ‫الزء الثامن من غربه و يبقى بي جبل الري و هذا البل من عند مبدأها بلد جرجان فيما بي البلي و منها بسطام و وراء ه ذا الب ل‬ ‫قطعة من هذا الزء فيها بقية الفازة الت بي فارس و خراسان و هي ف شرقيه قاشان و ف آخرها عند هذا البل بلد أستراباذ و حافات هذا‬ ‫البل من شرقيه إل آخر الزء بلد نيسابور من خراسان ففي جنوب البل و شرق الفازة بلد نيسابور ث مرو الشاهجان آخر ال زء و ف‬ ‫شاله و شرقي جرجان بلد مهرجان و خازرون و طوس آخر الزء شرقا‪ i‬و كل هذا تت البل و ف الشمال عنها بلد نسا و ييط با عند‬ ‫زاوية الزئي الشمال و الشرق مفاوز معطلة‪ .‬و ف الزء الثامن من هذا القليم و ف غربيه نر جيحون ذاهبا‪ i‬من النوب إل الشمال فف ي‬ ‫عدوته الغربية رمم و آمل من بلد خراسان و الظاهرية و الرجانية من بلد خوارزم و ييط بالزاوية الغربية النوبية منه جب ل أس تراباذ‬ ‫العترض ف الزء السابع قبله و يرج ف هذا الزء من غربيه و ييط بذه الزاوية و فيها بقية بلد هراة و الوزخان حت يتصل ببل البت م‬ ‫كما ذكرناه هنالك و ف شرقي نر جيحون من هذا الزء و ف النوب منه بلد بارى ث بلد الصغد و قاعدتا سرقند ث سردارا و أشنة و‬ ‫منها خجندة آخر الزء شرقا‪ i‬و ف الشمال عن سرقند و سردار و أشنة أرض إيلق ث ف الشمال عن إيلق أرض الشاش إل آخر ال زء‬ ‫شرقا‪ i‬و يأخذ قطعة من الزء التاسع ف جنوب تلك القطعة بقية أرض فرغانة و يرج من تلك القطعة الت ف الزء التاسع نر الشاش ي ر‬ ‫معترضا‪ i‬ف الزء الثامن إل أن ينصب ف نر جيحون عند مرجه من هذا الزء الثامن ف شاله إل القليم الامس و يتل ط مع ه ف أرض‬ ‫إيلق نر يأت من الزء التاسع من القليم الثالث من توم بلد التبت و يتلط معه قبل مرجه من الزء التاسع نر فرغانة و على ست ن ر‬ ‫الشاش جبل جباغون يبدأ من القليم الامس و ينعطف شرقا‪ i‬و منحرفا‪ i‬إل النوب حت يرج إل الزء التاسع ميطا‪ i‬ب أرض الش اش ث‬ ‫ينعطف ف الزء التاسع فيحيط بالشاش و فرغانة هناك إل جنوبه فيدخل ف القليم الثالث و بي نر الشاش و طرف هذا البل ف وس ط‬ ‫هذا الزء بلد فاراب و بينه و بي أرض بارى و خوارزم مفاوز معطلة و ف زاوية هذا الزء من الشمال و الشرق أرض خجندة و فيه ا‬ ‫بلد إسبيجاب و طراز‪ .‬و ف الزء التاسع من هذا القليم ف غربيه بعد أرض فرغانة و الشاش أرض الزلية ف النوب و أرض الليجة ف‬ ‫الشمال و ف شرقي الزء كله أرض الكيماكية و يتصل ف الزء العاشر كله إل جبل قوقيا آخر الزء شرقا‪ i‬و على قطعة من البحر الي ط‬ ‫هنالك و هو جبل يأجوج و مأجوج و هذه المم كلها من شعوب الترك‪ .‬انتهي‪.‬‬ ‫القليم الامس‪ :‬الزء الول منه أكثره مغمور بالاء إل قليل‪ i‬من جنوبه شرقه لن البحر اليط بذه الهة الغربية دخل ف القليم الامس و‬ ‫السادس و السابع عن الدائرة اليطة بالقليم فأما النكشف من جنوبه فقطعة على شكل مثلث متصلة من هنالك بالندلس و عليها بقيتها و‬ ‫ييط با البحر من جهتي كأنما ضلعان ميطان بزاوية الثلث ففيها من بقية غرب الندلس سعيور على البحر عند أول الزء من النوب و‬ ‫الغرب و سلمنكة شرقا‪ i‬عنها و ف جوفها سورة و ف الشرق عن سلمنكة أيلة آخر النوب و أرض قستالية شرقا‪ i‬عنها و فيها مدينة شقونية‬


‫و ف شالا أرض ليون و برغشت ث وراءها ف الشمال أرض جليقية إل زاوية القطعة و فيها على البحر اليط ف آخر الض لع الغرب بل د‬ ‫شنتياقو و معناه يعقوب و فيها من شرق بلد الندلس مدينة شطلية عند آخر الزء ف النوب و شرقا‪ i‬عن قستالية و ف شالا و ش رقها و‬ ‫شقة و بنبلونة على ستها شرقا‪ i‬و شال‪ i‬و ف غرب بنبلونة قشتالة ث ناجزة فيما بينها و بي برغشت و يعترض وسط هذه القطعة جبل عظيم‬ ‫ماذ للبحر و للضلع الشمال الشرقي منه و على قرب و يتصل به و بطرف البحر عند بنبلونة ف جهة الشرق الذي ذكرنا من قبل أن يتصل‬ ‫ف النوب بالبحر الرومي ف القليم الرابع و يصي حجرا‪ i‬على بلد الندلس من جهة الشرق و ثناياه لا أبواب تفضي إل بلد غشكونية من‬ ‫أمم الفرنج فمنها من القليم الرابع برشلونة و أربونة على ساحل البحر الرومي و خريدة و قرقشونة وراءها ف الشمال و منها من القلي م‬ ‫الامس طلوشة شال‪ i‬عن خريدة‪ .‬و أما النكشف ف هذا الزء من جهة الشرق فقطعة على شكل مثلث مستطيل زاويته الادة وراء البنات‬ ‫شرقا‪ i‬و فيها على البحر اليط على رأي القطعة الت يتصل با جبل البنات بلد نيونة و ف آخر هذه القطعة ف الناحية الشرقية الشمالية م ن‬ ‫الزء أرض بنطو من الفرنج إل آخر الزء‪ .‬و ف الزء الثان من الناحية الغربية منه أرض غشكونية و ف شالا أرض بنطو و برغشت و قد‬ ‫ذكرناها و ف شرق بلد غشكونية ف شالا قطعة أرض من البحر الرومي دخلت ف هذا الزء كالضرس مائلة إل الشرق قليل‪ i‬و ص ارت‬ ‫بلد غشكونية ف غربا داخلة ف جون من البحر و على رأس هذه القطعة شال‪ i‬بلد جنوة و على ستها ف الشمال جبل نيت ج ون و ف‬ ‫شاله و على سعه أرض برغونة و ف الشرق عن طرف جنوة الارج من البحر الرومي طرف آخر خارج منه يبقى بينهما جون داخل م ن‬ ‫الب ف البحر ف غزبيه نيش و ف شرقيه مدينة رومة العظمى كرسي ملك الفرنة و مسكن البابا بطركهم العظم و فيها من البان الضخمة‬ ‫و الياكل الائلة و الكنائس العادية ما هو معروف الخبار و من عجائبها النهر الاري ف وسطها من الشرق إل الغرب مفروش قاعه ببلط‬ ‫النحاس و فيها كنيسة بطرس و بولس من الواريي و ها مدفونان با و ف الشمال عن بلد رومة بلد أقرنصيصة إل آخر الزء‪ ،‬و عل ى‬ ‫هذا الطرف من البحر الذي ف جنوبه رومة بلد نابل ف الانب الشرقي منه متصلة ببلد قلورية من بلد الفرنج و ف شالا طرف من خليج‬ ‫البنادقة دخل ف هذا الزء من الزء الثالث مغربا‪ i‬و ماذيا‪ i‬للشمال من هذا الزء و انتهى إل نو الثلث منه و عليه كثي م ن بلد البنادق ة‬ ‫دخل ف هذا الزء من جنوبه فيما بينه و بي البحر اليط و من شاله بلد إنكلية ف القليم السادس‪ .‬و ف الزء الثالث من هذا القليم ف‬ ‫غربيه بلد قلورية بي خليج البنادقة و البحر الرومي ييط با من شرقيه يصل من برها ف القليم الرابع ف البحر الرومي ف جون بي طرفي‬ ‫خرجا من البحر على ست الشمال إل هذا الزء ف شرقي بلد قلورية بلد أنكيدة ف جون بي خليج البنادقة و البحر الرومي و ي دخل‬ ‫طرف من هذا الزء ف الون ف القليم الرابع و ف البحر الرومي و ييط به من شرقيه خليج البنادقة من البحر الرومي ذاهب ا‪ i‬إل س ت‬ ‫الشمال ث ينعطف إل الغرب ماذيا‪ i‬لخر الزء الشمال و يرج على سته من القليم الرابع جبل عظيم يوازيه و يذهب معه إل الشمال ث‬ ‫يغرب معه ف القليم السادس إل أن ينتهي قبالة خليج ف شاليه ف بلد إنكلية من أمم اللمانيي كما نذكر و على هذا الليج و بينه و بي‬ ‫هذا البل ماداما ذاهبي إل الشمال بلد البنادقة فإذا ذهبا إل الغرب فبينهما بلد حروايا ث بلد اللانيي عند طرف الليج‪ .‬و ف ال زء‬ ‫الرابع من هذا القليم قطعة من البحر الرومي خرجت إليه من القليم الرابع مضرسة‪ i‬كلها بقطع من البحر و يرج منها إل الش مال و بي‬ ‫كل ضرسي منها طرف من البحر ف الون بينهما و ف آخر الزء شرقا‪ i‬قطع من البحر و يرج منها إل الشمال خليج القسطنطينية ي رج‬ ‫من هذا الطرف النوب و يذهب على ست الشمال إل أن يدخل ف القليم السادس و ينعطف من هنالك عن قرب مشرقا‪ i‬إل بر نيط ش‬ ‫ف الزء الامس و بعض الرابع قبلة و السادس بعدة من القليم السادس كما نذكر و بلد القسطنطينية ف شرقي هذا الليج عند آخر الزء‬ ‫من الشمال و هي الدينة العظيمة الت كانت كرسي القياصرة و با من آثار البناء و الضخامة ما كثرت عنه الحاديث و القطعة الت‪ ،‬ما بي‬ ‫البحر الرومي و خليج القسطنطينية من هذا الزء و فيها بلد مقدونية الت كانت لليونانيي و منها ابتداء ملكهم و ف شرقي هذا الليج إل‬ ‫آخر الزء قطعة من أرض باطوس و أظنها لذا العهد مالت للتركمان و با ملك ابن عثمان و قاعدته با بورصة و كانت من قبلهم للروم‬ ‫و غلبهم عليها لا المم إل أن صارت للتركمان‪ .‬و ف الزء الاص من هذا القليم من غربيه و جنوبيه أرض باطوس و ف الشمال عنها إل‬ ‫آخر الزء بلد عمورية و ف شرقي عمورية نر قباقب الذي يد الغرات و يرج من جبل هنالك و يذهب ف النوب حت يالط الف رات‬ ‫قبل وصوله من هذا الزء إل مره ف القليم الرابع و هنالك ف غربيه آخر الزء ف مبدأ سيحال ث نر جيحان غربيه الذاهبي على س ته و‬ ‫قد مر ذكرها و ف شرقه هنالك مبدأ نر دجلة الذاهب على سته و ف موازاته حت يالطه عند بغداد و ف الزاوية الت بي النوب و الشرق‬ ‫من هذا الزء وراء البل الذي يبدأ منه نر دجلة بلد ميافارقي و نر قباقب الذي ذكرناه يقسم هذا الزء بقطعتي إحداها غربية جنوبية و‬


‫فيها أرض باطوس كما قلناه و أسافلها إل آخر الزء شال‪ i‬و وراء البل الذي يبدأ منه نر قباقب أرض عمورية كما قلناه و القطعة الثاني ة‬ ‫شرقية شالية على الثلث ف النوب منها مبدأ دجلة و الفرات و ف الشمال بلد البيلقان متصلة بأرضي عمورية من وراء جبل قباقب و هي‬ ‫عريبة و ف آخرها عند مبدإ الفرات بلد خرشنة و ف الزاوية الشرقية الشمالية قطعة من بر نيطش الذي يده خليج القسطنطينية‪.‬‬ ‫القسم الثالث من تفصيل الكلم على هذه الغرافيا‬ ‫و ف الزء السادس من هذا القليم ف جنوبه و غربه بلد ارمينية متصلة إل أن يتجاوز وسط الزء إل جانب الشرق و فيها بلدان أردن ف‬ ‫النوب و الغرب و ف شالا تفليس و دبيل و ف شرق أردن مدينة خلط ث بردعة ف جنوبا بانراف إل الشرق مدينة أرمينية و من هنالك‬ ‫مرج بلد أرمينية إل القليم الرابع و فيها هنالك بلد الراغة ف شرقي جبل الكراد السمى بأرمى و قد مر ذكره ف الزء السادس من ه و‬ ‫يتاخم بلد أرمينية ف هذا الزء و ف القليم الرابع قبله من جهة الشرق فيها بلد أذربيجان و آخرها ف هذا الزء شرقا‪ i‬بلد اردبيل عل ى‬ ‫قطعة من بر طبستان دخلت ف الناحية الشرقية من الزء السابع و يسمى بر طبسان و عليه من شاله ف هذا الزء قطعة من بلد الزر و‬ ‫هم التركمان و يبدأ من عند آخر هذه القطعة البحرية ف الشمال جبال يتصل بعضها ببعض على ست الغرب إل الزء الاص فتم ر في ه‬ ‫منعطفة و ميطة ببلد ميافارقي و يرج إل القليم الرابع عند آمد و يتصل ببل السلسلة ف أسافل الشام و من هنالك يتصل ببل اللك ام‬ ‫كما مر و بي هذه البال الشمالية ف هذا الزء ثنايا كالبواب تفضي من الانبي ففي جنوبيها بلد البواب متصلة ف الش رق إل ب ر‬ ‫طبستان و عليه من هذه البلد مدينة باب البواب و تتصل بلد البواب ف الغرب من ناحية جنوبيها ببلد أرمينية و بينهما ف الشرق و بي‬ ‫بلد أذربيجان النوبية بلد الزاب متصلة إل بر طبستان و ف شال هذه البال قطعة من هذا الزء ف غربا ملكة السرير ف الزاوية الغربية‬ ‫الشمالية منها و ف زاوية الزء كله قطعة أيضا‪ i‬من بر نيطش الذي يده خليج القسطنطينية و قد مر ذكره و يف بذه القطعة من نيط ش‬ ‫بلد السرير وعليها منها بلد أطرابزيدة و تتصل بلد السرير بي جبل البواب و الهة الشمالية من الزء إل أن ينتهي شرقا‪ i‬إل جبل حاجز‬ ‫بينها و بي أرض الزر و عند آخرها مدينة صول و وراء هذا البل الاجز قطعة من أرض الزر تنتهي إل الزاوية الشرقية الشمالية من هذا‬ ‫الزء من بر طبستان و آخر الزء شال‪ .i‬و الزء السابع من هذا القليم غربيه كله مغمور ببحر طبستان و خرج من جنوبه ف القلي م‬ ‫الرابع القطعة الت ذكرنا هنالك أن عليها بلد طبستان و جبال الديلم إل قزوين و ف غرب تلك القطعة متصلة با القطعة ال ت ف ال زء‬ ‫السادس من القليم الرابع و يتصل با من شالا القطعة الت ف الزء السادس من شرقه أيضا‪ i‬و ينكشف من هذا الزء قطعة عن د زاويت ه‬ ‫الشمالية الغربية يصب فيها نر أثل ف هذا البحر و يبقى من هذا الزء ف ناحية الشرق قطعة منكشفة من البحر هي مالت للغز من أم م‬ ‫الترك ييط با جبل من جهة النوب داخل ف الزء الثامن و يذهب ف الغرب إل ما دون وسطه فينعطف إل الشمال إل أن يلقي ب ر‬ ‫طبستان فيحتف به ذاهبا‪ i‬معه إل بقيته ف القليم السادس ث ينعطف مع طرفه و يفارقه و يسمى هنالك جبل سياه و يذهب مغربا‪ i‬إل الزء‬ ‫السادس من القليم السادس ث يرجع جنوبا‪ i‬إل الزء السادس من القليم الامس و هذا الطرف منه و هو الذي اعترض ف هذا ال زء بي‬ ‫أرض السرير و أرض الزر و اتصلت بأرض الزر ف الزء السادس و السابع حافات هذا البل السمى جبل سياه كما س يأت‪ .‬و ال زء‬ ‫الثامن من هذا القليم الامس كله مالت للغز من أمم الترك و ف الهة النوبية الغربية‪ .‬منه بية خوارزم الت يصب فيها ن ر جيح ون‬ ‫دورها ثلثائة ميل و يصب فيها أنار كثية من أرض هذه الالت و ف الهة الشمالية الشرقية منه بية عرعون دورها أربعمائة مي ل و‬ ‫ماؤها حلو و ف الناحية الشمالية من هذا الزء جبل مرغار و معناه جبل الثلج لنه ل يذوب فيه و هو متصل بآخر الزء و ف النوب عن‬ ‫بية عرعون جبل من الجر الصلد ل ينبت شيئا‪ i‬يسمى عرعون و به سيت البحية و ينجلب منه و من جبل مرغار شال البحية أنار ل‬ ‫تنحصر عدتا فتصب فيها من الانبي‪ .‬و ف الزء التاسع من هذا القليم بلد أركس من أمم الترك ف غ رب بلد الغ ز و ش رق بلد‬ ‫الكيماكية و يف به من جهة الشرق آخر الزء جبل قوقيا اليط بيأجوج و مأجوج يعترض هنالك من النوب إل الشمال حت ينعط ف‬ ‫أول دخوله من الزء العاشر و قد كان دخل إليه من آخر الزء العاشر من القليم الرابع قبله و احتف هنالك بالبحر اليط إل آخر الزء ف‬ ‫الشمال ث انعطف مغربا‪ i‬ف الزء العاشر من القليم الرابع إل ما دون نصفه و أحاط من أوله إل هنا ببلد الكيماكية ث خ رج إل ال زء‬ ‫العاشر من القليم الامس فذهب فيه مغربا‪ i‬إل آخره و بقيت ف جنوبه من هذا الزء قطعة مستطيلة إل الغرب قبل آخر بلد الكيماكية ث‬


‫خرج إل الزء التاسع ف شرقيه و ف العلى منه و انعطف قريبا‪ i‬إل الشمال و ذهب على سته إل الزء التاسع من القليم السادس و في ه‬ ‫السد هنالك كما نذكره و بقيت منه القطعة الت أحاط با جبل قوقيا عند الزاوية الشرقية الشمالية من هذا الزء مستطيلة إل النوب و هي‬ ‫من بلد يأجوج و مأجوج و ف الزء العاشر من هذا القليم أرض يأجوج و مأجوج فتصله ف كله إل قطعة‪ i‬من البحر غم رت طرف ا‪ i‬ف‬ ‫شرقيه من جنوبه إل شاله إل القطعة الت يفصلها إل جهة النوب و الغرب جبل قوقيا حي مر فيه و ما سوى ذلك ف أرض ي أجوج و‬ ‫مأخوج و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬ ‫القليم السادس‪ .‬فالزء الول منه غمر البحر أكثر من نصفه و استدار شرقا‪ i‬مع الناحية الشمالية ث ذهب مع الناحية الشرقية إل النوب و‬ ‫انتهى قريبا‪ i‬من الناحية النوبية فانكشف قطعة من هذه الرض ف هذا الزء داخلة بي الطرفي و ف الزاوية النوبية الشرقية من البحر اليط‬ ‫كالون فيه و ينفسح طول‪ i‬و عرضا‪ i‬و هي كلها أرض بريطانية و ف بابا بي الطرفي و ف الزاوية النوبية الشرقية من ه ذا ال زء بلد‬ ‫صاقس متصلة ببلد بنطو الت مر ذكرها ف الزء الول و الثان من القليم الامس‪ .‬و الزء الثان من هذا القليم دخل البحر اليط م ن‬ ‫غربه و شاله فمن غربه قطعة مستطيلة أكب من نصفه الشمال من شرق أرض بريطانية ف الزء الول و اتصلت با القطع ة الخ رى ف‬ ‫الشمال من غربه إل شرقه و انفسحت ف النصف الغرب منه بعض الشيء و فيه هنالك قطعة من جزيرة أنكلترا و ه ي جزي رة عظيم ة‬ ‫مشتملة على مدن و با ملك ضخم و بقيتها ف القليم السابع و ف جنوب هذه القطعة و جزيرتا ف النصف الغرب من ه ذا ال زء بلد‬ ‫أرمندية و بلد أفلدش متصلي با ث بلد إفرنسية جنوبا‪ i‬و غربا‪ i‬من هذا الزء و بلد برغونية شرقا‪ i‬عنها و كلها لم م الفرن ة و بلد‬ ‫اللمانيي ف النصف الشرقي من الزء فجنوبه بلد أنكلية ث بلد برغونية شال‪ i‬ث أرض لويكة و شطونية و على قطعة البح ر الي ط ف‬ ‫الزاوية الشمالية الشرقية أرض أفريرة و كلها لمم اللمانيي‪ .‬و ف الزء الثالث من هذا القليم ف الناحية الغربية بلد مراتية ف الن وب و‬ ‫بلد شطونية ف الشمال و ف الناحية الشرقية بلد أنكوية ف النوب و بلد بلونية ف الشمال يعترض بينهما جبل بلواط داخل‪ i‬من ال زء‬ ‫الرابع و ير مغربا‪ i‬بانراف إل الشمال إل أن يقف ف بلد شطونية آخر النصف الغرب‪ .‬و ف الزء الرابع ف ناحية النوب أرض جثولية و‬ ‫تتها ف الشمال بلد الروسية و يفصل بينهما جبل بلواط من أول الزء غربا‪ i‬إل أن يقف ف النصف الشرقي و ف شرق أرض جثولية بلد‬ ‫جرمانية و ف الزاوية النوبية الشرقية أرض القسطنطينية و مدينتها عند آخر الليج الارج من البحر الرومي و عند مدفعه ف ب ر نيط ش‬ ‫فيقع قطيعة من بر نيطش ف أعال الناحية الشرقية من هذا الزء و يدها الليج و بينهما ف الزاوية بلد مسيناه‪ .‬و ف الزء ال امس م ن‬ ‫القليم السادس ث ف الناحية النوبية عند بر نيطش يتصل من الليج ف آخر الزء الرابع و يرج من سته مشرقا‪ i‬فيمر ف هذا الزء كله و‬ ‫ف بعض السادس على طول ألف و ثلثائة ميل من مبدإه ف عرض ستمائة ميل و يبقى وراء هذا البحر ف الناحية النوبية من هذا الزء ف‬ ‫غربا إل شرقها بر مستطيل ف غربه هرقلية على ساحل بر نيطش متصلة بأرض البيلقان من القليم الامس و ف ش رقه بلد اللني ة و‬ ‫قاعدتا سوتلي على بر نيطش و ف شال بر نيطش ف هذا الزء غربا‪ i‬أرض ترخان و شرقا‪ i‬بلد الروسية و كلها على ساحل هذا البحر و‬ ‫بلد الروسية ميطة ببلد ترخان من شرقها ف هذا الزء من شالا ف الزء الامس من القليم السابع و من غربا ف الزء الرابع من ه ذا‬ ‫القليم‪ .‬و ف الزء السادس ف غربيه بقية بر نيطش و ينحرف قليل إل الشمال و يبقى بينه هنالك و بي آخر الزء شال‪ i‬بلد قمانية و ف‬ ‫جنوبه منفسحا‪ i‬إل الشمال با انرف هو كذلك بقية بلد اللنية الت كانت آخر جنوبه ف الزء الامس و ف الناحية الشرقية من هذا الزء‬ ‫متصل أرض الزر و ف شرقها أرض برطاس و ف الزاوية الشرقية الشمالية أرض بلغار و ف الزاوية الشرقية النوبية أرض بلجر يوزها هناك‬ ‫قطعة من جبل سياكوه النعطف مع بر الزر ف الزء السابع بعده و يذهب بعد مفارقته مغربا‪ i‬فيجوز ف هذه القطعة و يدخل إل ال زء‬ ‫السادس من القليم الامس فيتصل هنالك ببل البواب و عليه من هنالك ناحية بلد الزر‪ .‬و ف الزء السابع من هذا القليم ف الناحي ة‬ ‫النوبية ما جازه جبل سياه بعد مفارقته بر طبستان و هو قطعة من أرض الزر إل آخر الزء غربا‪ i‬و ف شرقها القطعة من بر طبس تان‬ ‫الت يوزها هذا البل من شرقها و شالا و وراء جبل سياه ف الناحية الغربية الشمالية أرض برطاس و ف الناحية الشرقية من ال زء أرض‬ ‫شحرب و يناك و هم أمم الترك‪ .‬و ف الزء الثامن و الناحية النوبية منة كلها أرض الول من الترك ف الناحية الشمالية غرب ا و الرض‬ ‫النتنة و شرق الرض الت يقال إن يأجوج و مأجوج خرباها قبل بناء السد و ف هذه الرض النتنة مبدأ نر الثل من أعظم أنار الع ال و‬ ‫مره ف بلد الترك و مصبه ف بر طبستان ف القليم الامس ف الزء السابع منه و هو كثي النعطاف يرج من جبل من الرض النتنة من‬


‫ثلثة ينابيع تتمع ف نر واحد و ير على ست الغرب إل آخر السابع من هذا القليم فينعطف شال‪ i‬إل الزء السابع من القلي م الس ابع‬ ‫فيمر ف طرفه بي النوب و الغرب فيخرج ف الزء السادس من السابع و يذهب مغربا‪ i‬غي بعيد ث ينعطف ثانية إل النوب و يرج ع إل‬ ‫الزء السادس من القليم السادس و يرج منه جدول يذهب مغربا‪ i‬و يصب ف بر نيطش ف ذلك الزء و ير هو ف قطعة بي الش مال و‬ ‫الشرق ف بلد بلغار فيخرج ف الزء السابع من القليم السادس ث ينعطف ثالثة‪ i‬إل النوب و ينفذ ف جبل سياه و ي ر ف بلد ال زر و‬ ‫يرج إل القليم الامس ف الزء السابع منه فيصب هنالك ف بر طبستان ف القطعة الت انكشفت من الزء عند الزاوية الغربية النوبية‪.‬‬ ‫والزء التاسع من هذا القليم ف الانب الغرب منه بلد خفشاخ من الترك و هم قفجاق و بلد الشركس منهم أيضا‪ i‬و ف الشرق منه بلد‬ ‫يأجوج يفصل بينهما جبل قوقيا اليط و قد مر ذكره يبدأ من البحر اليط ف شرق القليم الرابع و يذهب معه إل آخر القليم ف الشمال و‬ ‫يفارقه مغربا‪ i‬و بانراف إل الشمال حت يدخل ف الزء التاسع من القليم الامس فيجع إل سته الول حت يدخل ف هذا الزء التاس ع‬ ‫من القليم من جنوبه إل شاله بانراف إل الغرب و ف وسطه ههنا السد الذي بناه السكندر ث يرج على سته إل القليم الس ابع و ف‬ ‫الزء التاسع منه فيمر فيه إل النوب إل أن يلقى البحر اليط ف شاله ث ينعطف معه من هنالك مغربا‪ i‬إل القليم السابع إل الزء الامس‬ ‫منه فيتصل هنالك بقطعة من البحر اليط ف غربيه و ف وسط هذا الزء التاسع هو السد الذي بناه السكندر كما قلناه و الص حيح م ن‬ ‫خبه ف القرآن و قد ذكر عبد ال بن خرداذبة ف كتابه ف الغرافيا أن الواثق رأى ف منامه كأن السد انفتح فانتبه فزعا‪ i‬و بع ث س لما‬ ‫الترجان فوقف عليه و جاء ببه وصفه ف حكاية طويلة ليست من مقاصد كتابنا هذا و ف الزء العاشر من هذا القلي م بلد م أجوج‬ ‫متصلة فيه إل آخره على قطعة من هنالك من البحر اليط أحاطت به من شرقه و شاله مستطيلة ف الشمال و عريضة بع ض الش يء ف‬ ‫الشرق‪.‬‬ ‫القليم السابع‪ :‬و البحر اليط قد غمر عامته من جهة الشمال إل وسط الزء الامس حيث يتصل ببل قوقيا اليط بيأجوج و م أجوج‪.‬‬ ‫فالزء الول و الثان مغموران بالاء إل ما انكشف من جزيرة أنكلترا الت معظمها ف الثان و ف الول منها طرف انعط ف ب انراف إل‬ ‫الشمال و بقيتها مع قطعة من البحر مستديرة عليه ف الزء الثان من القليم السادس و هي مذكورة هناك والاز منها إل ال ب ف ه ذه‬ ‫القطعة سعة اثن عشر ميل‪ i‬و وراء هذه الزيرة ف شال الزء الثان جزيرة رسلندة مستطيلة‪ i‬من الغرب إل الشرق‪ .‬و الزء الثالث من هذا‬ ‫القليم مغمور أكثره بالبحر إل قطعة مستطيلة ف جنوبه و تتسع ف شرقها و فيها هنالك متصل أرض فلونية الت مر ذكرها ف الثالث م ن‬ ‫القليم السادس و أنا ف شاله و ف القطعة من البحر الت تغمر هذا الزء ث ف الانب الغرب منها مستديرة‪ i‬فسيحة‪ i‬و تتصل بالب من ب اب‬ ‫ف جنوبا يفضي إل بلد فلونية و ف شالا‪ .‬جزيرة برقاعة و ف نسخة بوقاعة مستطيلة مع الشمال من الغرب إل الشرق‪ .‬و الزء الراب ع‬ ‫من هذا القليم شاله كله مغمور بالبحر اليط من الغرب إل الشرق و جنوبه منكشف و ف غربه أرض قيمازك من الترك و ف شرقها بلد‬ ‫طست ث أرض رسلن إل آخر الزء شرقا‪ i‬وهي دائمة الثلوج و عمرانا قليل و يتصل ببلد الروسية ف القليم السادس و ف الزء الرابع و‬ ‫الامس منه و ف الزء الامس من هذا القليم ف الناحية الغربية منه بلد الروسية و ينتهي ف الشمال إل قطعة من البحر اليط الت يتص ل‬ ‫با جبل قوقيا كما ذكرناه من قبل و ف الناحية الشرقية منه متصل أرض القمانية الت على قطعة بر نيطش من الزء السادس م ن القلي م‬ ‫السادس و ينتهي إل بية طرمى من هذا الزء و هي عذبة تنجلب إليها أنار كثية من البال عن النوب و الشمال و ف شال الناحي ة‬ ‫الشرقية من هذا الزء أرض التتارية من الترك و ف نسخة التركمان إل آخره و ف الزء السادس من الناحية الغربية النوبي ة متص ل بلد‬ ‫القمانية و ف وسط الناحية بية عثور عذبة‪ i‬تنجلب إليها النار من البال ف النواحي الشرقية و هي جامدة دائما‪ i‬لشدة ال بد إل قليل‪ i‬ف‬ ‫زمن الصيف و ف شرق بلد القمانية بلد الروسية الت كان مبدؤها ف القليم السادس ف الناحية الشرقية الشمالية من الزء الامس منه و‬ ‫ف الزاوية النوبية الشرقية من هذا الزء بقية أرض بلغار الت كان مبدؤها ف القليم السادس و ف الناحية الشرقية الش مالية م ن ال زء‬ ‫السادس منه و ف وسط هذه القطعة من أرض بلغار منعطف نر أثل القطعة الول إل النوب كما مر و ف آخر هذا الزء الس ادس م ن‬ ‫شاله جبل قوقيا متصل من غربه إل شرقه و ف الزء السابع من هذا القليم ف غربه بقية أرض يناك من أمم الترك و كان من مبدؤها م ن‬ ‫الناحية الشمالية الشرقية من الزء السادس قبله و ف الناحية النوبية الغربية من هذا الزء و يرج إل القليم السادس من فوقه و ف الناحية‬ ‫الشرقية بقية أرض سحرب ث بقية الرض النتنة إل آخر الزء شرقا‪ i‬و ف آخر الزء من جهة الشمال جبل قوقيا اليط متصل من غربه إل‬


‫شرقه‪ .‬و ف الزء الثامن من هذا القليم ف النوبية الغربية منه متصل الرض النتنة و ف شرقها الرض الفورة و هي من العجائب خ رق‬ ‫عظيم ف الرض بعيد الهوى فسيح القطار متنع الوصول إل قعره يستدل على عمرانه بالدخان ف النهار و النيان ف الليل تضيء و تفى و‬ ‫ربا رئي فيها نر يشقها من النوب إل الشمال و ف الناحية الشرقية من هذا الزء البلد الراب التاخة للسد و ف آخر الشمال منه جبل‬ ‫قوقيا متصل‪ i‬من الشرق إل الغرب و ف الزء التاسع من هذا القليم ف الانب الغرب منه بلد خفشاخ و هم قفجق يوزها جبل قوقيا حي‬ ‫ينعطف من شاله عند البحر اليط و يذهب ف وسطه إل النوب بانراف إل الشرق فيخرج ف الزء التاسع من القليم الس ادس و ي ر‬ ‫معترضا‪ i‬فيه و ف وسطه هنالك سد‪ .‬يأجوج و مأجوج و قد ذكرناه و ف الناحية الشرقية من هذا الزء أرض يأجوج وراء جبل قوقيا على‬ ‫البحر قليلة العرض مستطيلة‪ i‬أحاطت به من شرقه و شاله‪ .‬و الزء العاشر غمر البحر جيعه‪ .‬هذا آخر الكلم على الغرافيا و أقاليمها السبعة‬ ‫و ف خلق السموات و الرض و اختلف الليل و النهار ليات للعالي‪.‬‬

‫القدمة الثالثة ف العتدل من القاليم و النحرف و تأثي الواء ف ألوان البشر‬ ‫و الكثي ف أحوالم‬ ‫قد بينا أن العمور من هذا النكشف من الرض إنا هو وسطه لفراط الر ف النوب منه و البد ف الشمال‪ .‬و لا كان الانبان من الشمال‬ ‫و النوب متضادين من الر و البد وجب أن تندرج الكيفية من كليهما إل الوسط فيكون معتدل‪ i‬فالقليم الرابع أعدل العمران و ال ذي‬ ‫حافاته من الثالث و الامس أقرب إل العتدال و الذي يليهما و الثان و السادس بعيدان من العتدال و الول و السابع أبعد بكثي فله ذا‬ ‫كانت العلوم و الصنائع و البان و اللبس و القوات و الفواكه بل و اليوانات و جيع ما يتكون ف هذه القاليم الثلثة التوسطة مصوصة‬ ‫بالعتدال و سكانا من البشر أعدل أجساما‪ i‬و ألوانا‪ i‬و أخلقا‪ i‬و أديانا‪ i‬حت النبؤات فإنا توجد ف الكثر فيها و ل نقف على خب بعث ة ف‬ ‫القاليم النوبية و ل الشمالية و ذلك أن النبياء و الرسل إنا يتص بم أكمل النوع ف خلقهم و أخلقهم قال تع ال‪ :‬كنت م خي أم ة‬ ‫أخرجت للناس و ذلك ليتم القبول با يأتيهم به النبياء من عند ال و أهل هذه القاليم أكمل لوجود العتدال لم فتجده على غاي ة م ن‬ ‫التوسط ف مساكنهم و ملبسهم و أقواتم و صنائعهم يتخذون البيوت النجدة بالجارة النمقة بالصناعة و يتناغون ف اس تجادة اللت‬ ‫والواعي ويذهبون ف ذلك إل الغاية وتوجد لديهم العادن الطبيعية من الذهب و الفضة و الديد و النحاس و الرص اص و القص دير و‬ ‫يتصرفون ف معاملتم بالنقدين العزيزين و يبعدون عن النراف ف عامة أحوالم و هؤلء أهل الغرب و الشام و الجاز و اليمن و العراقي‬ ‫و الند و السند و الصي و كذلك الندلس و من قرب منها من الفرنة و الللقة و الروم و اليونانيي و من كان مع هؤلء أو قريبا‪ i‬منهم‬ ‫ف هذه القاليم العتدلة و لذا كان العراق و الشام أعدل هذه كلها لنا وسط من جيع الهات‪ .‬و أما القاليم البعيدة من العتدال مث ل‬ ‫الول و الثان و السادس و السابع فأهلها أبعد من العتدال ف جيع أحوالم فبناؤهم بالطي و القصب و أقواتم من ال ذرة و العش ب و‬ ‫ملبسهم من أوراق الشجر يصفونا عليهم أو اللود و أكثرهم عرايا من اللباس و فواكه بلدهم و أدمها غريبة التكوين مائلة إل النراف‬ ‫و معاملتم بغي الجرين الشريفي من ناس أو حديد أو جلود يقدرونا للمعاملت و أخلقهم مع ذلك قريبة من خلق اليوانات العج م‬ ‫حت لينقل عن الكثي من السودان أهل القليم الول أنم يسكنون الكهوف و الغياض و يأكلون العشب و أنم متوحشون غي مستأنس ي‬ ‫يأكل بعضهم بعضا‪ i‬و كذا الصقالبة و السبب ف ذلك أنم لبعدهم عن العتدال يقرب عرض أمزجتهم و أخلقهم من ع رض اليوان ات‬ ‫العجم و يبعدون عن النسانية بقدار ذلك و كذلك أحوالم ف الديانة أيضا‪ i‬فل يعرفون نبؤة‪ i‬و ل يدينون بشريعة إل من قرب منهم م ن‬ ‫جوانب العتدال و هو ف القل النادر مثل البشة الاورين لليمن الدائني بالنصرانية فيما قبل السلم و ما بعده لذا العهد و مثل أهل مال‬ ‫و كوكو و التكرور الاورين لرض الغرب الدائني بالسلم لذا العهد يقال أنم دانوا به ف الائة السابعة و مثل من دان بالنصرانية من أمم‬ ‫الصقالبة و الفرنة و الترك من الشمال و من سوى هؤلء من أهل تلك القاليم النحرفة جنوبا‪ i‬و شال‪ i‬فالدين مهول عندهم و العلم مفقود‬ ‫بينهم و جيع أحوالم بعيدة من أحوال الناسي قريبة من أحوال البهائم و يلق ما ل تعلمون و ل يعترض على هذا القول بوجود اليم ن و‬


‫حضرموت و الحقاف و بلد الجاز و اليمامة و ما يليها من جزيرة العرب ف القليم الول و الثان فأن جزيرة العرب كلها أحاطت ب ا‬ ‫البحار من الهات الثلث كما ذكرنا فكان لرطوبتها أثر ف رطوبة هوائها فنقص ذلك من اليبس و النراف الذي يقتضيه الر و صار فيها‬ ‫بعض العتدال بسبب رطوبة البحر‪ .‬و قد توهم بعض النسابي من ل علم لديه بطبائع الكائنات أن السودان هم ولد حام بن نوح اختصوا‬ ‫بلون السواد لدعوة كانت عليه من أبيه ظهر أثرها ف لونه و فيما جعل ال من الرق ف عقبه و ينقلون ف ذلك حكاية من خرافات القصاص‬ ‫و دعاء نوح على ابنه حام قد وقع ف التوراة و ليس فيه ذكر السواد و إنا دعا عليه بأن يكون ولده عبيدا‪ i‬لولد إخوته ل غي و ف الق ول‬ ‫بنسبة السواد إل حام غفلة عن طبيعة الر و البد و أثرها ف الواء و فيما يتكون فيه من اليوانات و ذلك أن هذا اللون شل أهل القلي م‬ ‫الول و الثان من مزاج هوائهم للحرارة التضاعفة بالنوب فأن الشمس تسامت رؤوسهم مرتي ف كل سنة قريبة إحداها م ن الخ رى‬ ‫فتطول السامتة عامة الفصول فيكثر الضوء لجلها و يلح القيظ الشديد عليهم و تسود جلودهم لفراط الر ونظي ه ذين القليمي م ا‬ ‫يقابلهما من الشمال القليم السابع والسادس شل سكانما أيضا‪ i‬البياض من مزاج هوائهم للبد الفرط بالشمال إذ الشمس ل تزال ب أفقهم‬ ‫ف دائرة مرأى العي أو ما قرب منها و ل ترتفع إل السامتة و ل ما قرب منها فيضعف الر فيها و يشتد البد عامة الفصول فتبيض أل وان‬ ‫أهلها و تنتهي إل الزعورة و يتبع ذلك ما يقتضيه مزاج البد الفرط من زرقة العيون و برش اللود و صهوبة الشعور و توس طت بينهم ا‬ ‫القاليم الثلثة الامس و الرابع و الثالث فكان لا ف العتدال الذي هو مزاج التوسط حظ وافر و الرابع أبلغها ف العتدال غاية لنهايته ف‬ ‫التوسط كما قدمناه فكان لهله من العتدال ف خلقهم و خلقهم ما اقتضاه مزاج أهويتهم و تبعه من جانبيه الثالث و الامس و أن ل يبلغا‬ ‫غاية التوسط ليل هذا قليل إل النوب الار و هذا قليل إل الشمال البارد إل أنما ل ينتهيا إل النراف و كانت القاليم الربعة منحرفة‬ ‫و أهلها كذلك ف خلقهم و خلقهم فالول و الثان للحر و السواد و السابع للبد و البياض و يسمى سكان النوب م ن القليمي الول‬ ‫والثان باسم البشة و الزنج و السودان أساء مترادفة على المم التغية بالسواد و إن كان اسم البشة متصا‪ i‬منهم بن تاه مكة و اليمن و‬ ‫الزنج بن تاه بر الند و ليست هذه الساء لم من أجل انتسابم إل آدمي أسود ل حام و ل غيه و قد ند من السودان أهل النوب من‬ ‫يسكن الربع العتدل أو السابع النحرف إل البياض فتبيض ألوان أعقابم على التدريج مع اليام و بالعكس فيمن يسكن من أهل الشمال أو‬ ‫الرابع بالنوب فتسود ألوان أعقابم و ف ذلك دليل على أن اللون تابع لزاج الواء قال ابن سينا ف أرجوزته ف الطب‬ ‫بالزنج حر غي الجساداحت كسا جلودها سوادا‬ ‫و الصقلب اكتسبت البياضاحت غدت جلودها بضاضا‬ ‫و أما أهل الشمال فلم يسموا باعتبار ألوانم لن البياض كان لونا‪ i‬لهل تلك اللغة الواضعة للساء فلم يكن فيه غرابة تمل على اعتباره ف‬ ‫التسمية لوافقته و اعتياده و وجدنا سكانه من الترك و الصقالبة و الطغرغر و الزر و اللن و الكثي من الفرنة و يأجوج و مأجوج أساء¸‬ ‫متفرفة‪ i‬و أجيال‪ i‬متعددة مسمي بأساء متنوعة و أما أهل القاليم الثلثة التوسطة أهل العتدال ف خلقهم و سيهم و كافة الحوال الطبيعية‬ ‫للعتمار لديهم من العاش و الساكن و الصنائع و العلوم و الرئاسات و اللك فكانت فيهم النبؤات و اللك و الدول و الشرائع و العلوم و‬ ‫البلدان و المصار و البان و الفراسة و الصنائع الفائقة و سائر الحوال العتدلة و أهل هذه القاليم الت وقفنا على أخبارهم مثل الع رب و‬ ‫الروم و فارس و بن إسرائيل و اليونان و أهل السند و الند و الصي‪ .‬و لا رأى النسابون اختلف هذه المم بسماتا و ش عارها حس بوا‬ ‫ذلك لجل النساب فجعلوا أهل النوب كلهم السودان من ولد حام و ارتابوا ف ألوانم فتكلفوا نقل تلك الكاية الواهية و جعلوا أه ل‬ ‫الشمال كلهم أو أكثرهم من ولد يافث و أكثر المم العتدلة و أهل الوسط النتحلي للعلوم و الصنائع و اللل و الشرائع و السياسة و اللك‬ ‫من ولد سام و هذا الزعم إن صادف الق ف انتساب هؤلء فليس ذلك بقياس مطرد إنا هو إخبار عن الواقع ل أن تسمية أه ل الن وب‬ ‫بالسودان و البشان من أجل انتسابم إل حام السود‪ .‬و ما أداهم إل هذا الغلط إل اعتقادهم أن التمييز بي المم إنا يقع بالنساب فقط‬ ‫و ليس كذلك فإن التمييز للجيل أو المة يكون بالنسب ف بعضهم كما للعرب و بن إسرائيل و الفرس و يكون بالهة و السمة كما للزنج‬ ‫و البشة و الصقالبة و السودان و يكون بالعوائد و الشعار و النسب كما للعرب‪ .‬و يكون بغي ذلك من أح وال الم م و خواص هم و‬


‫ميزاتم فتعميم القول ف أهل جهة معينة من جنوب أو شال بأنم من ولد فلن العروف لا شلهم من نلة أو لون أو سة وجدت ل ذلك‬ ‫الب إنا هو من الغاليط الت أوقع فيها الغفلة عن طبائع الكوان و الهات أن هذه كلها تتبدل ف العقاب و ل يب استمرارها سنة ال‬ ‫ف عباده و لن تد لسنة ال تبديل‪ i‬و ال و رسوله أعلم بغيبه و أحكم و هو الول النعم الرؤوف الرحيم‪.‬‬

‫القدمة الرابعة ف أثر الواء ف أخلق البشر‬ ‫قد رأينا من خلق السودان على العموم الفة و الطيش و كثرة الطرب فتجدهم مولعي بالرقص على كل توقيع موصوفي بالمق ف ك ل‬ ‫قطر و السبب الصحيح ف ذلك أنه تقرر ف موضعه من الكمة أن طبيعة الفرح و السرور هي انتشار الروح اليوان و تفشيه و طبيعة الزن‬ ‫بالعكس و هو انقباضه و تكاثفه‪ .‬و تقرر أن الرارة مفشية للهواء و البخار ملخلة له زائدة ف كميته و لذا يد النتش ي م ن الف رح و‬ ‫السرور مال يعب عنه و ذلك با يداخل بار الروح ف القلب من الرارة العزيزية الت تبعثها سورة المر ف الروح من مزاجه فيتفشى الروح‬ ‫و تيء طبيعة الفرح و كذلك ند التنعمي بالمامات إذا تنفسوا ف هوائها و اتصلت حرارة الواء ف أرواحهم فتسخنت لذلك حدث لم‬ ‫فرح و ربا انبعث الكثي منهم بالغناء الناشئ عن السرور‪ .‬و لا كان السودان ساكني ف القليم الار و استول الر على أمزجته م و ف‬ ‫أصل تكوينهم كان ف أرواحهم من الرارة على نسبة أبدانم و إقليمهم فتكون أرواحهم بالقياس إل أرواح أهل القليم الرابع أشد ح را‪i‬‬ ‫فتكون أكثر تفشيا‪ i‬فتكون أسرع فرحا‪ i‬و سرورا‪ i‬و أكثر انبساطا‪ i‬و ييء الطيش على أثر هذه وكذلك يلحق بم قليل أهل البلد البحرية لا‬ ‫كان هواؤها متضاعف الرارة با ينعكس عليه من أضواء بسيط البحر و أشعته كانت حصتهم من توابع الرارة ف الفرح و الفة موجودة‬ ‫أكثر من بلد التلول و البال الباردة و قد ند يسيا‪ i‬من ذلك ف أهل البلد الزيرية من القليم الثالث لتوفر الرارة فيها و ف هوائها لن ا‬ ‫عريقة ف النوب عن الرياف و التلول و اعتب ذلك أيضا‪ i‬بأهل مصر فإنا مثل عرض البلد الزيرية أو قريبا‪ i‬منها كيف غلب الفرح عليهم‬ ‫و الفة و الغفلة عن العواقب حت أنم ل يدخرون أقوات سنتهم و ل شهرهم و عامة‪ i‬مأكلهم من أسواقهم‪ .‬و لا كانت ف اس م ن بلد‬ ‫الغرب بالعكس منها ف التوغل ف التلول الباردة كيف ترى أهلها مطرقي إطراق الزن و كيف أفرطوا ف نظر العواقب ح ت أن الرج ل‬ ‫منهم ليدخر قوت سنتي من حبوب النطة و يباكر السواق لشراء قوته ليومه مافة أن يرزأ شيئا‪ i‬من مدخره وتتب ع ذل ك ف الق اليم و‬ ‫البلدان تد ف الخلق أثرا‪ i‬من كيفيات الواء و ال اللق العليم و قد تعرض السعودي للبحث عن السبب ف خفة السودان و طيشهم و‬ ‫كثرة الطرب فيهم و حاول تعليله فلم يأت بشيء أكثر من أنه نقل عن جالينوس و يعقوب بن إسحاق الكندي أن ذلك لضعف أدمغتهم و‬ ‫ما نشأ عنه من ضعف عقولم و هذا كلم ل مصل له و ل برهان فيه و ال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم‪.‬‬

‫القدمة الامسة ف اختلف أحوال العمران ف الصب و الوع و ما ينش أ‬ ‫عن ذلك من الثار ف أبدان البشر و أخلقهم‬ ‫إعلم أن هذه القاليم العتدلة ليس كلها يوجد با الصب و ل كل سكانا ف رغد من العيش بل فيها ما يوجد لهله خصب العيش م ن‬ ‫البوب و الدم و النطة و الفواكه‪ .‬لزكاء النابت و اعتدال الطينة و وفور العمران و فيها الرض الرة الترب ل تنبت زرعا‪ i‬و ل عش با‪i‬‬ ‫بالملة فسكانا ف شظف من العيش مثل أهل الجاز و جنوب اليمن و مثل اللثمي من صنبهاجة الساكني بصحراء الغ رب و أط راف‬ ‫الرمال فيما بي الببر و السودان فإن هؤلء يفقدون البوب و الدم جلة‪ i‬و إنا أغذيتهم و أقواتم اللبان و اللحوم و مثل الع رب أيض ا‪i‬‬ ‫الائلي ف القفار فإنم و إن كانوا يأخذون البوب و الدم من التلول إل أن ذلك ف الحايي و تت ربقة من حاميتها و على القلل لقلة‬ ‫وجدهم فل يتوصلون منه إل سد اللة أو دونا فضل‪ i‬عن الرغد و الصب و تدهم يقتصرون ف غالب أحوالم على اللبان و تعوض هم‬ ‫من النطة أحسن معاض و تد مع ذلك هؤلء الفاقدين للحبوب و الدم من أهل القفار أحسن حال‪ i‬ف جسومهم و أخلقهم م ن أه ل‬


‫التلول النغمسي ف العيش فألوانم أصفى و أبدانم أنقى و أشكالم أت و أحسن و أخلقهم أبعد من النراف و أذهانم اثقب ف العارف‬ ‫و الدراكات هذا أمر تشهد له التجربة ف كل جيل منهم فكثي ما بي العرب و الببر فيما وصفناه و بي اللثمي و أهل التلول يعرف ذلك‬ ‫من خبه و السبب ف ذلك و ال أعلم أن كثرة الغذية و كثرة الخلط الفاسدة العفنة و رطوباتا تولد ف السم فضلت رديئة‪ i‬تنشأ عنها‬ ‫بعد افظارها ف غي نسبة و يتبع ذلك انكساف اللوان و قبح الشكال من كثرة اللحم كما قلناه و تغطي الرطوب ات عل ى الذه ان و‬ ‫الفكار با يصعد إل الدماغ من أبرتا الردية فتجيء البلدة و الغفلة و النراف عن العتدال بالملة و اعتب ذلك ف حي وان القف ر و‬ ‫مواطن الدب من الغزال و النعام و الها و الزرافة و المر الوحشية و البقر مع أمثالا من حيوان التلول و الرياف و الراعي الصبة كيف‬ ‫تد بينها بونا‪ i‬بعيدا‪ i‬ف صفاء أديها و حسن رونقها و أشكالا و تناسب أعضائها و حدة مداركها فالغزال أخو العز و الزرافة أخو البعي و‬ ‫المار و البقر أخو المار و البقر و البون بينها ما رأيت و ما ذاك إل لجل أن الصب ف التلول فعل ف أ بدان هذه من الفضلت الردية و‬ ‫الخلط الفاسدة ما ظهر عليها أثره و الوع ليوان القفر حسن ف خلقها و أشكالا ما شاء و اعتب ذلك ف الدميي أيضا‪ i‬فإنا ند أه ل‬ ‫القاليم الخصبة العيش الكثية الزرع و الضرع و الدم و الفواكه يتصف أهلها غالبا‪ i‬بالبلدة ف أذهانم و الشونة ف أجسامهم و هذا شان‬ ‫الببر النغمسي ف الدم و النطة مع التقشفي ف عيشهم القتصرين على الشعي أو الذرة مثل الصامدة منهم و أهل غمارة و السوس فتجد‬ ‫هؤلء أحسن حال‪ i‬ف عقولم و جسومهم و كذا أهل بلد الغرب على الملة النغمسي ف الدم و الب مع أهل الندلس الفقود بأرض هم‬ ‫السمن حلة‪ i‬و غالب عيشهم الذرة فتجد لهل الندلس من ذكاء العقول و خفة الجسام و قبول التعليم مال يوجد لغيهم و ك ذا أه ل‬ ‫الضواحي من الغرب بالملة مع أهل الضر و المصار فأن المصار و إن كانوا مكثرين مثلهم م ن الدم ومص بي ف العي ش إل أن‬ ‫استعمالم إياها بعد العلج بالطبخ و التلطيف با يلطون معها فيذهب لذلك غلظها و يرق قوامها و عامة مآكلهم لوم الضأن و الدجاج و‬ ‫ل يغبطون السمن من بي الدم لتفاهته فتقل الرطوبات لذلك ف أغذيتهم و يف ما تؤديه إل أجسامهم من الفضلت الردية فلذلك ت د‬ ‫جسوم أهل المصار ألطف من جسوم البادية الخشني ف العيش و كذلك تد العودين بالوع من أهل البادية ل فضلت ف جس ومهم‬ ‫غليظة‪ i‬و ل لطيفة‪ .i‬و اعلم أن أثر هذا الصب ف البدن و أحواله يظهر حت ف حال الدين و العبادة فنجد التقشفي من أه ل البادي ة أو‬ ‫الاضرة من يأخذ نفسه بالوع و التجاف عن اللذ أحسن دينا‪ i‬و إقبال‪ i‬على العبادة من أهل الترف و الصب بل ند أهل الدين قليلي ف‬ ‫الدن و المصار لا يعمها من القساوة و الغفلة التصلة بالكثار من اللحمان و الدم و لباب الب و يتص وجود العباد و الزه اد ل ذلك‬ ‫بالتقشفي ف غذائهم من أهل البوادي و كذلك ند هؤلء الخصبي ف العيش النغمسي ف طيباته من أهل البادية و من أهل الواض ر و‬ ‫المصار إذا نزلت بم السنون و أخذتم الاعات يسرع إليهم اللك أكثر من غيهم مثل برابرة الغرب و أهل مدينة فاس و مص ر فيم ا‬ ‫يبلغنا ل مثل العرب أهل القفر و الصحراء و ل مثل أهل بلد النخل الذين غالب عيشهم التمر و ل مثل أهل أفريقية لذا العهد الذين غالب‬ ‫عيشهم الشعي و الزيت و أهل الندلس الذين غالب عيشيم الذرة و الزيت فإن هؤلء و أن أخذتم السنون و الاعات فل تنال منهم م ا‬ ‫تنال من أولئك و ل يكثر فيهما اللك بالوع بل و ل يندر و السبب ف ذلك و ال أعلم أن النغمسي ف الصب التعودين للدم و السمن‬ ‫خصوصا‪ i‬تكتسب من ذلك أمعائهم رطوبة فوق رطوبتها الصلية الزاجية حت تاوز حدها فإذا خولف با العادة بقلة الق وات و فق دان‬ ‫الدم و استعمال الشن غي الألوف من الغذاء أسرع إل العا اليبس و النكماش و هو ضعيف ف الغاية ف فيسرع إليه ال رض و يهل ك‬ ‫صاحبه دفعة‪ i‬لنه من القاتل فالالكون ف الاعات إنا قتلهم الشبع العتاد السابق ل الوع الادث اللحق‪ .‬و أما التع ودون لقل ة الدم و‬ ‫السمن فل تزال رطوبتهم الصلية واقفة‪ i‬عند حدها من غي زيادة و هي قابلة لميع الغذية الطبيعة فل يقع ف معاهم بتبدل الغذية يبس و‬ ‫ل انراف فيسلمون ف الغالب من اللك الذي يعرض لغيهم بالصب و كثرة الدم ف الآكل و أصل هذا كله أن تعل م أن الغذي ة و‬ ‫ائتلفها أو تركها إنا هو بالعادة فمن عود نفسه غذاء و لءمه تناوله كان له مألوفا‪ i‬و صار الروج عنه و التبدل به داء¸ ما ل ي رج ع ن‬ ‫غرض الغذاء بالملة كالسموم و اليتوع و ما أفرط ف النراف فأما ما وجد فيه التغذي و اللءمة فيصي غذاء مألوفا‪ i‬بالعادة ف إذا أخ ذ‬ ‫النسان نفسه باستعمال اللب و البقل عوضا‪ i‬عن النطة حت صار له ديدنا‪ i‬فقد حصل له ذلك غذاء و استغن به عن النطة و البوب م ن‬ ‫غي شك و كذا من عود نفسه الصب على الوع و الستغناء عن الطعام كما ينقل عن أهل الرياضيات فإنا نسمع عنهم ف ذل ك أخب ارا‪i‬‬ ‫غريبة يكاد ينكرها من ل يعرفها و السبب ف ذلك العادة فإن النفس إذا ألفت شيئا‪ i‬صار من جبلتها و طبيعتها لنا كثية التلون فإذا حصل‬ ‫لا اعتياد الوع بالتدريج و الرياضة فقد حصل ذلك عادة‪ i‬طبيعية‪ i‬لا و ما يتوهه الطباء من أن الوع مهلك فليس على ما يتوهونه إل إذا‬


‫حلت النفس عليه دفعة و قطع عنها الغذاء بالكلية فإنه حينئذ ينحسم العاء و يناله الرض الذي يشى معه اللك و أما إذا كان ذلك القدر‬ ‫تدريا‪ i‬و رياضة‪ i‬بإقلل الغذاء شيئا‪ i‬فشيئا‪ i‬كما يفعله التصوفة فهو بعزل عن اللك و هذا التدريج ضروري حت ف الرج وع ع ن ه ذه‬ ‫الرياضة فإنه إذا رجع به إل الغذاء الول دفعة‪ i‬خيف عليه اللك و إنا يرجع به كما بدأ ف الرياضة بالتدريج و لقد شاهدنا من يصب عل ى‬ ‫الوع أربعي يوما‪ i‬و صال‪ i‬و أكثر‪ .‬و حضر أشياخنا‪ i‬بجلس السلطان أب السن و قد رفع إليه امرأتان من أهل الزيرة الض راء و رن دة‬ ‫حبستا أنفسهما عن الكل جلة منذ سني و شاع أمرها و وقع اختبارها فصح شأنما و اتصل على ذلك حالما إل أن ماتتا و رأينا كثيا‪i‬‬ ‫من أصحابنا أيضا‪ i‬من يقتصر على حليب شاة من العز يلتقم ثديها ف بعض النهار أو عند الفطار و يكون ذلك غذاءه و استدام على ذلك‬ ‫خس عشرة سنة‪ i‬و غيهم كثيون و ل يستنكر ذلك‪ .‬و اعلم أن الوع أصلح للبدن من إكثار الغذية بكل وجه لن قدر علي ه أو عل ى‬ ‫القلل منها أو على القلل منها و إن له أثرا‪ i‬ف الجسام و العقول ف صفاتا و صلحها كما قلناه و اعتب ذلك بآثار الغذية الت تص ل‬ ‫عنها ف السوم فقد رأينا التغذين بلحوم اليوانات الفاخرة العظيمة الثمان تنشأ أجيالم كذلك و هذا مشاهد ف أهل البادية م ع أه ل‬ ‫الاضرة و كذا التغذون بألبان البل و لومها أيضا‪ i‬مع ما يؤثر ف أخلقهم من الصب و الحتمال و القدرة على حل الثقال الوجود ذلك‬ ‫للبل و تنشأ أمعاؤهم أيضا‪ i‬على نسبة أمعاء البل ف الصحة و الغلظ فل يطرقها الوهن و ل ينالا من مدار الغذية ما ينال غيهم فيشربون‬ ‫اليتوعات لستطلق بطونم غي مجوبة كالنظل قبل طبخه و الدرياس و القربيون و ل ينال أمعاءهم منها ضرر و هي لو تناول ا أه ل‬ ‫الضر الرقيقة أمعاؤهم با نشأت عليه من لطيف الغذية لكان اللك أسرع إليهم من طرفة العي لا فيها من السمية و من تأثي الغذية ف‬ ‫البدان ما ذكره أهل الفلحة و شاهده أهل التجربة أن الدجاج إذا غذيت بالبوب الطبوخة ف بعر البل و اتذ بيضها ث حضنت علي ه‬ ‫جاء الدجاج منها أعظم ما يكون و قد يستغنون عن تغذيتها و طبخ البوب بطرح ذلك البعر مع البيض الضن فيجيء دجاجها ف غاي ة‬ ‫العظم و أمثال ذلك كثية فإذا رأينا هذه الثار من الغذية ف البدان فل شك أن للجوع أيضا‪ i‬آثارا ف البدان لن الضدين عل ى نس بة‬ ‫واحدة ف ال تأثي و عدمه فيكون تأثي الوع ف نقاء البدان من الزيادات الفاسدة و الرطوبات الختلطة الخلة بالسم والعقل كما ك ان‬ ‫الغذاء مؤثرا‪ i‬ف وجود ذلك السم و ال ميط بعلمه‪.‬‬

‫القدمة السادسة ف أصناف الدركي من البشر بالفطرة أو الرياضة و يتقدمه‬ ‫الكلم ف الوحي و الرؤيا‬ ‫إعلم أن ال سبحانه اصطفى من البشر أشخاصا‪ i‬فضلهم بطابه و فطرهم على معرفته و جعلهم وسائل بينهم و بي عباده يعرفونم بصالهم‬ ‫و يرضونم على هدايتهم و يأخذون بجزاتم عن النار و يدلونم على طريق النجاة و كان فيما يلقيه إليهم من العارف ويظه ره عل ى‬ ‫ألسنتهم من الوارق و الخبار الكائنات الغيبة عن البشر الت ل سبيل إل معرفتها إل من ال بوساطتهم و ل يعلمونا إل بتعليم ال إي اهم‬ ‫قال صلى ال عليه وسلم أل و أن ل أعلم إل ما علمن ال و اعلم أن خبهم ف ذلك من خاصيته و ضرورته الصدق لا يتبي لك عند بيان‬ ‫لك عند بيان حقيقة النبؤة و علمة هذا الصنف من البشر أن توجد لم ف حال الوحي غيبة عن الاضرين معهم مع غطيط كأنا غشي أو‬ ‫إغماء ف رأي العي و ليست منهما ف شيء و إنا هي ف القيقة استغراق ف لقاء اللك الروحان بإدراكهم الناسب لم الارج عن مدارك‬ ‫البشر بالكلية ث يتنل إل الدارك البشرية إما بسماع دوي من الكلم فيتفهمه أو يتمثل له صورة شخص ياطبه با جاء به من عن د ال ث‬ ‫تنجلي عنه تلك الال و قد وعى ما القي إليه قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬و قد سئل عن الوحي أحيانا‪ i‬يأتين مثل صلصلة الرس و هو أشده‬ ‫علي فيفصم عن و قد وعيت ما قال و أحيانا‪ i‬يتمثل ل اللك رجل فيكلمن فأعي ما يقول و يدركه أثناء ذلك من الشدة و الغط مال يعب‬ ‫عنه ففي الديث كان ما يعال من التنيل شدة و قالت عائشة كان ينل عليه الوحي ف اليوم الشديد البد فيفصم عنه و إن جبينه ليتفصد‬ ‫عرقا‪ i‬و قال تعال‪ :‬إنا سنلقي عليك قول‪ i‬ثقيل‪ i‬و لجل هذه الغاية ف تنل الوحي كان الشركون يرمون النبياء بالنون و يقولون له رئي أو‬ ‫تابع من الن و إنا لبس عليهم با شاهدوه من ظاهر تلك الحوال و من يضلل ال فما له من هاد‪ .‬و من علماتم أيضا‪ i‬أنه يوجد لم قبل‬


‫الوحي خلق الي و الزكاء و مانبة الذمومات و الرجس أجع و هذا هو معن العصمة و كأنه مفطور على التنه عن الذمومات و الن افرة‬ ‫لا و كأنا منافية لبلته و ف الصحيح أنه حل الجارة و هو غلم مع عمه العباس لبناء الكعبة فجعلها ف إزاره فانكشف فسقط مغشيا‪ i‬عليه‬ ‫حت استتر بإزاره و دعي إل متمع وليمة فيها عرس و لعب فأصابه غشي النوم إل أن طلعت الشمس و ل يضر شيئا‪ i‬من شأنم بل نزه ه‬ ‫ال عن ذلك كله حت إنه ببلته يتنه عن الطعومات الستكرهة فقد كان صلى ال عليه و سلم ل يقرب البصل و الثوم فقيل ل ه ف ذل ك‬ ‫فقال إن أناجي من ل تناجون و انظر لا أخب النب صلى ال عليه و سلم خدية رضي ال عنها بال الوحي أول ما فجأته و أرادت اختباره‬ ‫فقالت اجعلن بينك و بي ثوبك فلما فعل ذلك ذهب عنه فقالت إنه ملك و ليس بشيطان و معناه أنه ل يقرب النساء و كذلك سألته عن‬ ‫أحب الثياب إليه أن يأتيه فيها فقال البياض و الضرة فقالت إنه اللك يعن أن البياض و الضرة من ألوان الي و اللئكة و الس واد م ن‬ ‫ألوان الشر و الشياطي و أمثال ذلك‪ .‬و من علماتم أيضا‪ i‬دعاؤهم إل الدين و العبادة من الصلة و الصدقة و العفاف و قد استدلت خدية‬ ‫على صدقه صلى ال عليه و سلم بذلك و كذلك أبو بكر و ل يتاجا ف أمره إل دليل خارج عن حاله و خلقه و ف الصحيح أن هرق ل‬ ‫حي جاءه كتاب النب صلى ال عليه و سلم يدعوه إل السلم أحضر من وجد ببلده من قريش و فيهم أبو سفيان ليسألم عن حاله فكان‬ ‫فيما سأل أن قال با يأمركم فقال أبو سفيان بالصلة و الزكاة و الصلة و العفاف إل آخر ما سأل فأجابه فقال إن يكن ما تقول حقا‪ i‬فهو‬ ‫نب و سيملك ما تت قدمي هاتي و العفاف الذي أشار إليه هرقل هو العصمة فانظر كيف أخذ من العصمة و الدعاء إل الدين والعب ادة‬ ‫دليل‪ i‬على صحة نبؤته و ل يتج إل معجزة فدل على أن ذلك من علمات النبؤة‪ .‬و من علماتم أيضا‪ i‬أن يكونوا ذوي حسب ف قومهم و‬ ‫ف الصحيح ما بعث ال نبيا‪ i‬إل ف منعة من قومه و ف رواية أخرى ف ثروة من قومه استدركه الاكم على الصحيحي و ف مسئلة هرق ل‬ ‫لب سفيان كما هو ف الصحيح قال كيف هو فيكم فقال أبو سفيان هو فينا ذو حسب فقال هرقل والرسل تبعث ف أحس اب قومه ا و‬ ‫معناه أن تكون له عصبة و شوكة تنعه عي أذى الكفار حت يبلغ رسالة ربه و يتم مراد ال من إكمال دينه و ملته‪ .‬و من علم اتم أيض ا‪i‬‬ ‫وقوع الوارق لم شاهدة‪ i‬بصدقهم و هي أفعال يعجز البشر عن مثلها فسميت بذلك معجزة‪ i‬و ليست من جنس مقدور العباد و إنا تقع ف‬ ‫غي مل قدرتم و للناس ف كيفية وقوعها و دللتها على تصديق النبياء خلف فالتكلمون بناء على القول بالفاعل الختار قائلون بأن ا و‬ ‫اقعة بقدرة ال ل بفعل النب و إن كانت أفعال العباد عند العتزلة صادرة عنهم إل أن العجزة ل تكون من جنس أفعالم و ليس للنب فيه ا‬ ‫عند سائر التكلمي إل التحدي با بأذن ال و هو أن يستدل با النب صلى ال عليه و سلم قبل وقوعها على صدقه ف مدعاه فإذا وقع ت‬ ‫تنلت منلة القول الصريح من ال بأنه صادق و تكون دللتها حينئذ على الصدق قطعية فالعجزة الدالة بجموع الارق و التحدي و لذلك‬ ‫كان التحدي جزء منها و عبارة التكلمي صفة نفسها و هو واحد لنه معن الذات عندهم و التحدي هو الفارق بينه ا و بي الكرام ة و‬ ‫السحر إذ ل حاجة فيهما إل التصديق فل وجود للتحدي إل إن وجد اتفاقا‪ i‬و إن وقع التحدي ف الكرامة عند من ييزها و كانت لا دللة‬ ‫فإنا هي على الولية و هي غي النبؤة و من هنا منع الستاذ أبو إسحق و غيه وقوع الوارق كرامة فرارا‪ i‬من اللتباس بالنبؤة عند التحدي‬ ‫بالولية و قد أريناك الغايرة بينهما و إنه يتحدى بغي ما يتحدى به النب فل لبس على أن النقل عن الستاذ ف ذلك ليس صري‪i‬ا و ربا حل‬ ‫على إنكار لن تقع خوارق النبياء لم بناء على اختصاص كل من الفريقي بوارقه‪ .‬و أما العتزلة فالانع من وقوع الكرام ة عن دهم أن‬ ‫الوارق ليست من أفعال العباد و أفعالم معتادة فل فرق و أما وقوعها على يد الكاذب تلبيسا‪ i‬فهو مال أما عند الشعرية فلن صفة نفس‬ ‫العجزة التصديق و الداية فلو وقعت بلف ذلك انقلب الدليل شبهة‪ i‬و الداية ضللة‪ i‬و التصديق كذبا‪ i‬و استحالت الق ائق و انقلب ت‬ ‫صفات النفس و ما يلزم من فرض وقوعه الال ل يكون مكنا‪ i‬و أما عند العتزلة فلن وقوع الدليل شبهة و الداية ضللة قبيح فل يقع م ن‬ ‫ال‪ .‬و أما الكماء فالارق عندهم من فعل النب و لو كان ف غي مل القدرة بناء على مذهبهم ف الياب الذات و وقوع الوادث بعضها‬ ‫عن بعض متوقف عن السباب و الشروط الادثة مستندة أخيا‪ i‬إل الواجب الفاعل بالذات ل بالختيار و أن النفس النبوية عن دهم ل ا‬ ‫خواص ذاتية منها صدور هذه الوارق بقدرته و طاعة العناصر له ف التكوين و النب عندهم مبول على التصريف ف الكوان مهما ت وجه‬ ‫إليها و استجمع لا با جعل ال له من ذلك و الارق عندهم يقع للنب سواء كان للتحدي أم ل يكن و هو شاهد بصدقه من حيث دللت ه‬ ‫على تصرف النب ف الكوان الذي هو من خواص النفس النبوية ل بأنه يتنل منلة القول الصريح بالتصديق فلذلك ل تكون دللتها عندهم‬ ‫قطعية‪ i‬كما هي عند التكلمي و ل يكون التحدي جزأ من العجزة و ل يصح فارقا‪ i‬لا عن السحر و الكرامة و فارقها عندهم عن السحر أن‬ ‫النب مبول على أفعال الي مصروف عن أفعال الشر فل يلم الشر بوارقه و الساحر على الضد فأفعاله كلها شر و ف مقاصد الشر و فارقها‬


‫عن الكرامة أن خوارق النب مصوصة كالصعود إل السماء و النفوذ ف الجسام الكثيفة و إحياء الوتى و تكليم اللئكة و الطيان ف الواء‬ ‫و خوارق الول دون ذلك كتكثي القليل و الديث عن بعض الستقبل و أمثاله ما هو قاصر عن تصريف النبياء و يأت النب بميع خوارقه‬ ‫و ل يقدر هو على مثل خوارق النبياء و قد قرر ذلك التصوفة فيما كتبوه ف طريقتهم و لقنوه عمن أخبهم و إذا تقرر ذل ك ف اعلم أن‬ ‫أعظهم العجزات و أشرفها و أوضحها دللة القرآن الكري النل على نبينا ممد صلى ال عليه و سلم فإن الوارق ف الغالب تقع مغ ايرة‪i‬‬ ‫للوحي الذي يتلقاه النب و يأت بالعجزة شاهدة بصدقه و القرآن هو بنفسه الوحي الدعى و هو الارق العجز فشاهده ف عينه و ل يفتق ر‬ ‫إل دليل مغاير له كسائر العجزات مع الوحي فهو أوضح دللة لتاد الدليل و الدلول فيه وهذا معن قوله صلى ال عليه و سلم ما من نب‬ ‫من النبياء إل و أت من اليات ما مثله آمن عليه البشر و إنا كان الذي أوتيته و حيا‪ i‬أوحى إل فأنا أرجو أن أكون تابعا‪ i‬يوم القيامة يش ي‬ ‫إل أن العجزة مت كانت بذه الثابة ف الوضوح و قوة الدللة و هو كونا نفس الوحي كان الصدق لا أكثر لوضوحها فك ثر الص دق‬ ‫الؤمن و هو التابع و المة‪.‬‬

‫و لنذكر الن تفسي حقيقة النبؤة على ما شرحه كثي من الققي ث ن ذكر‬ ‫حقيقة الكهانة ث الرؤيا ث شان العرافي و غي ذلك من مدارك الغيب فنقول‬ ‫إعلم‪ .‬أرشدنا ال و إياك أنا نشاهد هذا العال با فيه من الخلوقات كلها على هيئة من الترتيب و الحكام و ربط السباب بالس ببات و‬ ‫اتصال الكوان بالكوان و استحالة بعض الوجودات إل بعض ل تنقضي عجائبه ف ذلك و ل تنتهي غاياته و أبدأ من ذلك بالعال السوس‬ ‫الثمان و أول‪ i‬عال العناصر الشاهدة كيف تدرج صاعدا‪ i‬من الرض إل الاء ث إل الواء ث إل النار متصل‪ i‬بعضها ببعض و ك ل واح د‬ ‫منها مستعد إل أن يستحيل إل ما يليه صاعدا‪ i‬و هابطا‪ i‬و يستحيل بعض الوقات و الصاعد منها ألطف ما قبل ه إل أن ينته ي إل ع ال‬ ‫الفلك و هو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضها ببعض على هيئة ل يدرك الس منها إل الركات فقط و با يهتدي بعض هم إل‬ ‫معرفة مقاديرها و أوضاعها و ما بعد ذلك من وجود الذوات الت لا هذه الثار فيها ث انظر إل عال التكوين كيف ابتدأ م ن الع ادن ث‬ ‫النبات ث اليوان على هيئة بديعة من التدريج آخر أفق العادن متصل بأول أفق النبات مثل الشائش و ما ل بذر له و آخر أفق النبات مثل‬ ‫النخل و الكرم متصل بأول أفق اليوان مثل اللزون و الصدف و ل يوجد لما إل قوة اللمس فقط و معن التصال ف هذه الكون ات أن‬ ‫آخر أفق منها مستعد بالستعداد الغريب لن يصي أول أفق الذي بعده و اتسع عال اليوان و تعددت أنواعه و انتهى ف تدريج التكوين إل‬ ‫النسان صاحب الفكر و الروية ترتفع إليه من عال القدرة الذي اجتمع فيه الس و الدراك و ل ينته إل الروية و الفكر بالفعل و كان ذلك‬ ‫أول أفق من النسان بعده و هذا غاية شهودنا ث إنا ند ف العوال على اختلفها آثارا‪ i‬متنوعة‪ i‬ففي عال الس آثار من حرك ات الفلك و‬ ‫العناصر و ف عال التكوين آثار من حركة النمو و الدراك تشهد كلها بأن لا مؤثرا‪ i‬مباينا‪ i‬للجسام فهو روحان و يتصل بالكونات لوجود‬ ‫اتصال هذا العال ف و جودها و لذلك هو النفس الدركة و الركة و ل بد فوقها من وجود آخر يعطيها قوى الدراك و الركة و يتصل با‬ ‫أيضا‪ i‬و يكون ذاته إدراكا صرفا‪ i‬و تعقل‪ i‬مضا‪ i‬و هو عال اللئكة فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للنسلخ م ن البش رية إل‬ ‫اللكية ليصي بالفعل من جنس اللئكة وقتا‪ i‬من الوقات ف لة من اللمحات و ذلك بعد أن تكمل ذاتا الروحانية بالفعل كما نذكره بعد و‬ ‫يكون لا اتصال بالفق الذي بعدها شأن الوجودات الرتبة كما قدمناه فلها ف التصال جهتا العلو و السفل و هي متصلة بالبدن من أسعف‬ ‫منها و تكتسب به الدارك السية الت تستعد با للحصو ل على التعقل بالفعل و متصلة من جهة العلى منها بأفق اللئكة و مكتسبة ب ه‬ ‫الدارك العلمية و الغيبية فإن عال الوادث موجود ف تعقلتم من غي زمان و هذا على ما قدمناه من الترتيب الكم ف الوج ود باتص ال‬ ‫ذواته و قواه بعضها ببعض ث إن هذه النفس النسانية غائبة عن العيان و آثارها ظاهرة ف البدن فكأنه و جيع أجزائه متمعة‪ i‬و مفترقة‪ i‬آلت‬ ‫للنفس و لقواها أما الفاعلية فالبطش باليد و الشي بالرجل و الكلم باللسان و الركة الكلية بالبدن متدافعا‪ i‬و أما الدركة و إن كانت قوى‬ ‫الدراك مرتبة و مرتقية‪ i‬إل القوة العليا منها و من الفكرة الت يعب عنها بالناطقة فقوى الس الظاهرة بآلته من السمع و البصر و س ائرها‬


‫يرتقي إل الباطن و أوله الس الشترك و هو قوة تدرك السوسات مبصرة‪ i‬و مسموعة‪ i‬وملموسة‪ i‬و غيها ف حالة واحدة و بذلك ف ارقت‬ ‫قوة الس الظاهر لن السوسات ل تزدحم عليها ف الوقت الواحد ث يؤديه الس الشترك إل اليال و هي قوة تثل الش ي الس وس ف‬ ‫النفس كما هو مرد عن الواد الارجة فقط و آلة هاتي القوتي ف تصريفهما البطن الول من الدماغ مقدمه للول و م ؤخرة للثاني ة ث‬ ‫يرتقي اليال إل الواهة و الافظة فالواهة لدراك العان التعلقة بالشخصيات كعداوة زيد و صداقة عمرو و رحة الب و افتراس الذئب و‬ ‫الافظة لبداع الدركات كلها متخيلة‪ i‬و هي لا كالزانة تفظها لوقت الاجة إليها و آلة هاتي القوتي ف تصريفهما البطن ال ؤخر م ن‬ ‫الدماغ أوله للول و مؤخره للخرى ث ترتقي جيعها إل قوة الفكر و آلته البطن الوسط من الدماغ و هي القوة الت يقع با حركة الرؤية‬ ‫و التوجه نو التعقل فتحرك النفس با دائما‪ i‬لا ركب فيها من النوع للتخلص من درك القوة و الستعداد الذي للبشرية و ترج إل الفعل‬ ‫ف تعقلها متشبهة‪ i‬بالل العلى الروحان و تصي ف أول مراتب الروحانيات ف إدراكها بغي اللت السمانية فه ي متحرك ة دائم ا‪ i‬و‬ ‫متوجهة نو ذلك و قد تنسلخ بالكلية من البشرية و روحانيتها إل اللكية من الفق العلى من غي اكتساب بل با جعل ال فيها من البلة‬ ‫و الفطرة الول ف ذلك‪.‬‬

‫أصناف النفوس البشرية‬ ‫إن النفوس البشرية على ثلثة أصناف‪ :‬صنف عاجز بالطبع عن الوصول فينقطع بالركة إل الهة السفلى نو الدارك السية و اليالي ة و‬ ‫تركيب العان من الافظة و الواهة على قواني مصورة و ترتيب خاص يستفيدون به العلو م التصورية و التصديقية الت للفكر ف البدن و‬ ‫كلها خيال منحصر نطاقه إذ هو من جهة مبدإه ينتهي إل الوليات و ل يتجاوزها و إن فسد فسد ما بعدها و هذا هو ف الغلب نط اق‬ ‫الدراك البشري ف السمان و إليه تنتهي مدارك العلماء و فيه ترسخ أقدامهم‪ .‬و صنف متوجه بتلك الركة الفكرية نو العقل الروحان و‬ ‫الدراك الذي ل يفتقر إل اللت البدنية با جعل فيه من الستعداد لذلك فيتسع نطاق إدراكه عن الوليات الت هي نط اق الدراك الول‬ ‫البشر ف و يسرح ف فضاء الشاهدات الباطنية و هي وجدان كلها نطاق من مبدإها و ل من منتهاها و هذه مدارك العلماء الولي اء أه ل‬ ‫العلوم الدينية و العارف الربانية و هي الاصلة بعد الوت لهل السعادة ف البزخ‪.‬‬

‫الوحي‬ ‫و صنف مفطور على النسلخ من البشرية جلة جسمانيتها و روحانيتها إل اللئكة من الفق العلى ليصي ف لة من اللمح ات ملك ‪i‬ا‬ ‫بالفعل و يصل له شهود الل العلى ف أفقهم و ساع الكلم النفسان و الطاب اللي ف تلك اللمحة و هؤلء النبي اء ص لوات ال و‬ ‫سلمه عليهم جعل ال لم النسلخ من البشرية ف تلك اللمحة و هي حالة الوحي فطره فطرهم ال عليها و جبلة صورهم فيها و نزهه م‬ ‫عن موانع البدن و عوائقه ما داموا ملبسي لا بالبشرية با ركب ف غرائزهم من القصد و الستقامة الت ياذون با تلك الوجهة وركز ف‬ ‫طبائعهم رغبة‪ i‬ف العبادة تكشف بتلك الوجهة و تسيغ نوها فهم يتوجهون إل ذلك الفق بذلك النوع من النسلخ مت ش اءوا بتل ك‬ ‫الفطرة الت فطروا عليها ل باكتساب و ل صناعة فلذا توجهوا و انسلخوا عن بشريتهم و تلقوا ف ذلك الل العلى ما يتلقونه‪ ،‬و عاجوا به‬ ‫على الدارك البشرية منل‪ i‬ف قواها لكمة التبليغ للعباد فتارة‪ i‬يسمع أحدهم دويا‪ i‬كأنه رمز من الكلم يأخذ منه العن الذي ألقي إلي ه فل‬ ‫ينقضي الدوي إل و قد وعاه و فهمه و تارة‪ i‬يتمثل له اللك الذي يلقي إليه رجل‪ i‬فيكلمه و يعي ما يقوله و التلقى من اللك و الرج وع إل‬ ‫الدارك البشرية و فهمه ما ألقي عليه كله كأنه ف لظة واحدة بل أقرب من لح البصر لنه ليس ف زمان بل كلما تقع جيعا‪ i‬فيظهر كأن ا‬ ‫سريعة و لذلك سيت وحيا‪ i‬لن الوحي ف اللغة السراع و اعلم أن الول و هي حالة الدوي هي رتبة النبياء غي الرسلي على ما حققوه و‬ ‫الثانية و هي حالة تثل اللك رجل‪ i‬ياطب هي رتبة النبياء الرسلي و لذلك كانت أكمل من الول و هذا معن الديث الذي فسر في ه‬ ‫النب صلى ال عليه و سلم الوحي لا سأله الارث بن هشام و قال‪ :‬كيف يأتيك الوحي ؟ فقال‪ :‬أحيانا‪ i‬يأتين مثل صلصلة ال رس و ه و‬


‫أشده علي فيفصم عن و قد وعيت ما قال و أحيانا‪ i‬يتمثل ل اللك فيكلمن فأعي ما يقول و إنا كانت الول أشد لنا مبدأ ال روج ف‬ ‫ذلك التصال من القوة إل الفعل فيعسر بعض العسر و لذلك لا عاج فيها على الدارك البشرية اختصت بالسمع و صعب ما سواه و عندما‬ ‫يتكرر الوحي و يكثر التلقي يسهل ذلك التصال فعندما يعرج إل الدارك البشرية يأت على جيعها و خصوصا‪ i‬الوضح منها و ه و إدراك‬ ‫البصر و ف العبارة عن الوعي ف الول بصيغة الاضي و ف الثانية بصيغة الضارع لطيفة من البلغة و هي أن الكلم جاء ميء التمثيل لالت‬ ‫الوحي فمثل الالة الول بالدوي الذي هو ف التعارف غي كلم و أخب أن الفهم و الوعي يتبعه غب انقضائه فناسب عند تصوير انقضائه‬ ‫و انفصاله العبارة عن الوعي بالاضي الطابق للنقضاء و النقطاع و مثل اللك ف الالة الثانية برجل ياطب و يتكل م و الكلم يس اوقه‬ ‫الوعي فناسب العبارة بالضارع القتضي للتجدد‪ .‬واعلم أن ف حالة الوحي كلها صعوبة‪ i‬على الملة و شدة قد أشار إليها القرآن قال تعال‪:‬‬ ‫إنا سنلقي عليك قول ثقيل و قالت عائشة‪ :‬كان ما يعان من التنيل شدة و قالت‪ :‬كان عليه الوحي ف اليوم الشديد البد فيفصم عنه و أن‬ ‫جبينه ليتفصد عرقا‪ .i‬و لذلك كان يدث عنه ف تلك الالة من الغيبة و الغطيط ما هو معروف و سبب ذلك أن الوحي كما قررنا مفارق ة‬ ‫البشرية إل الدارك اللكية و تلقي كلم النفس فيحدث عنه شدة من مفارقة الذات ذاتا و انسلخها عنها من أفقها إل ذلك الفق الخر و‬ ‫هذا هو معن الغط الذي عب به ف مبدإ الوحي ف قوله فغطن حت بلغ من الهد ث أرسلن فقال اقرأ فقلت ما إنا بقارئ و ك ذا ثاني ة و‬ ‫ثالثة‪ .‬كما ف الديث و قد يفضي العتياد بالتدريج فيه شيئا‪ i‬فشيئا‪ i‬إل بعض السهولة بالقياس إل ما قبله و لذلك كان تنل نوم القرآن و‬ ‫سوره و آيه حي كان بكة أقصر منها و هو بالدينة و انظر إل ما نقل ف نزول سورة براءة ف غزوة تبوك و أنا نزلت كلها أو أكثرها عليه‬ ‫و هو يسي على ناقته بعد أن كان بكة ينل عليه بعض السورة من قصار الفصل ف وقت و ينل الباقي ف حي آخر و كذلك كان آخر ما‬ ‫نزل بالدينة آية الدين و هي ما هي ف الطول بعد أن كانت الية تنل بكة مثل آيات الرحن و الذاريات و الدثر و الض حى و الفل ق و‬ ‫أمثالا‪ .‬و اعتب من ذلك علمة تيز با بي الكي و الدن من السور و اليات و ال الرشد إل الصواب‪ .‬هذا مصل أمر النبؤة‪.‬‬

‫الكهانة‬ ‫و أما الكهانة فهي أيضا‪ i‬من خواص النفس النسانية و ذلك أنه قد تقدم لنا ف جيع ما مر أن للنفس النسانية اس تعدادا‪ i‬للنس لخ م ن‬ ‫البشرية إل الروحانية الت فوقها و أنه يصل من ذلك لة للبشر ف صنف النبياء با فطروا عليه من ذلك و تقرر أنه يصل ل م م ن غي‬ ‫اكتساب و ل استعانة بشيء من الدارك و ل من التصورات و ل من الفعال البدنية كلما‪ i‬أو حركة‪ i‬و ل بأمر من المور إنا هو انس لخ‬ ‫من البشرية إل اللكية بالفطرة ف لظة أقرب من لح البصر و إذا كان كذلك و كان ذلك الستعداد موجودا‪ i‬ف الطبيعة البش رية فيعط ى‬ ‫التقسيم العقلي و إن هنا صنفا‪ i‬آخر من البشر ناقصا‪ i‬عن رتبة الصنف الول نقصان الضد عن ضده الكامل لن عدم الس تعانة ف ذل ك‬ ‫الدراك ضد الستعانة فيه و شتان ما بينهما فإذا أعطي تقسيم الوجود إل هنا صنفا‪ i‬آخر من البشر مفطورا‪ i‬على أن تتحرك ق وته العقلي ة‬ ‫حركتها الفكرية بالرادة عندما يبعثها النوع لذلك و هي ناقصة عنه بالبلة عندما يعوقها العجز عن ذلك تشبث بأمور جزئية مسوسة أو‬ ‫متخيلة كالجسام الشفافة و عظام اليوانات و سجع الكلم و ما سنح من طي أو حيوان فيستدي ذلك الحساس أو التخيل مستعينا‪ i‬به ف‬ ‫ذلك النسلخ الذي يقصده و يكون كالشيع له و هذه القوة الت فيهم مبدأ لذلك الدراك هي الكهانة و لكون هذه النفوس مفطورة‪ i‬على‬ ‫النقص و القصور عن الكمال كان إدراكها ف الزئيات أكثر من الكليات و لذلك تكون الخيلة فيهم ف غاية القوة لنا آلة الزئيات فتنفذ‬ ‫فيها نفوذا‪ i‬تاما‪ i‬ف نوم أو يقظة و تكون عندها حاضرة‪ i‬عتيدة‪ i‬تضرها الخيلة و تكون لا كالرآة تنظر فيها دائما و ل يقوى الكاهن عل ى‬ ‫الكمال ف إدراك العقولت لن وحيه من وحي الشيطان و أرفع أحوال هذا الصنف أن يستعي بالكلم الذي فيه السجع و الوازنة ليشتغل‬ ‫به عن الواس و يقوى بعض الشيء على ذلك التصال الناقص فيهجس ف قلبه عن تلك الركة و الذي يشيعها من ذلك الجنب ما يقذفه‬ ‫على لسانه فربا صدق و وافق الق و با كذب لنه يتمم نقصه بأمر أجنب عن ذاته الدركة و مباين لا غي ملئم فيعرض ل ه الص دق و‬ ‫الكذب جيعا‪ i‬و ل يكون موثوقا‪ i‬به و ربا يفزع إل الظنون و التخمينات حرصا على الظفر بالدراك بزعمه و تويه ا‪ i‬عل ى الس ائلي و‬ ‫أصحاب هذا السجع هم الخصوصون باسم الكهان لنم أرفع سائر أصنافهم و قد قال صلى ال عليه و سلم ف مثله هذا من سجع الكهان‬


‫فجعل السجع متصا‪ i‬بم بقتضى الضافة و قد قال لبن صياد حي سأله كاشفا‪ i‬عن حاله بالخبار كيف يأتيك هذا المر ؟ ق ال‪ :‬ي أتين‬ ‫صادقا‪ i‬و كاذبا‪ i‬فقال‪ :‬خلط عليك المر يعن أن النبؤة خاصتها الصدق فل يعتريها الكذب بال لنا اتصال من ذات النب بالل العلى من‬ ‫غي مشيع و ل استعانة بأجنب و الكهانة لا احتاج صاحبها بسبب عجزه إل الستعانة بالتصورات الجنبية كانت داخل ة ف إدراك ه و‬ ‫التبست بالدراك الذي توجه إليه فصار متلطا‪ i‬با و طرقه الكذب من هذه الهة فامتنع أن تكون نبؤة و إنا قلنا إن أرفع مرات ب الكهان ة‬ ‫حالة السجع لن معن السجع أخفه من سائر الغيبات من الرئيات و السموعات و تدل خفة العن على قرب ذلك التص ال و الدراك و‬ ‫البعد فيه عن العجز بعض الشيء و قد زعم بعض الناس أن هذه الكهانة قد انقطعت منذ زمن النبؤة با وقع من ش أن رج م الش ياطي‬ ‫بالشهب بي يدي البعثة و أن ذلك كان لنعهم من خب السماء كما وقع ف القرآن و الكهان إنا يتعرفون أخبار الس ماء م ن الش ياطي‬ ‫فبطلت الكهانة من يومئذ و ل يقوم من ذلك دليل لن علوم الكهان كما تكون من الشياطي تكون من نفوسهم أيضا‪ i‬كما قررناه و أيض ا‪i‬‬ ‫فالية إنا دلت على منع الشياطي من نوع واحد من أخبار السماء و هو ما يتعلق بب البعثة و ل ينعوا ما سوى ذلك‪ .‬و أيضا‪ i‬فإنا ك ان‬ ‫ذلك النقطاع بي يدي النبؤة فقط و لعلها عادت بعد ذلك إل ما كانت عليه و هذا هو الظاهر لن هذه الدارك كلها تمد ف زمن النبؤة‬ ‫كما تمد الكواكب و السرج عند وجود الشمس لن النبؤة هي النور العظم الذي يفى معه كل نور و يذهب‪.‬‬ ‫و قد زعم بعض الكماء أنا إنا توجد بي يدي النبؤة ث تنقطع و هكذا كل نبؤة وقعت لن وجود النبوة ل بد له من وضع فلكي يقتضيه‬ ‫و ف تام ذلك الوضع تام تلك النبؤة الت تدل عليها و نقص ذلك الوضع عن التمام يقتضي وجود طبيعة من ذلك النوع ال ذي يقتض يه‬ ‫ناقصة و هو معن الكاهن على ما قررناه فقبل أن يتم ذلك الوضع الكامل يقع الوضع الناقص و يقتضي وجود الكاهن إما واحدا‪ i‬أو متعددا‪i‬‬ ‫فإذا ت ذلك الوضع ت وجود النب بكماله و انقضت الوضاع الدالة على مثل تلك الطبيعة فل يوجد منها شيء بعد و هذا بن اء عل ى أن‬ ‫بعض الوضع الفلكي يقتضي بعض أثره و هو غي مسلم‪ .‬فلعل الوضع إنا يقتضي ذلك الثر بيئته الالصة و لو نقص بع ض أجزائه ا فل‬ ‫يقتضي شيئا‪ ،i‬ل إنه يقتضي ذلك الثر ناقصا‪ i‬كما قالوه‪ .‬ث إن هؤلء الكهان إذا عاصروا زمن النبؤة فإنم عارفون بصدق الن ب و دلل ة‬ ‫معجزته لن لم بعض الوجدان من أمر النبؤة كما لكل إنسان من أمر اليوم و معقوبية تلك النسبة موجودة للكاهن بأشد م ا للن ائم و ل‬ ‫يصدهم عن ذلك و يوقعهم ف التكذيب إل قوة الطامع ف أنا نبؤة لم فيقعون ف العناد كما وقع لمية بن أب الصلت فإنه كان يطم ع أن‬ ‫يتنبأ و كذا وقع لبن صياد و لسيلمة و غيهم فإذا غلب اليان و انقطعت تلك المان آمنوا أحسن إيان كما وقع لطليح ة الس دي و‬ ‫سواد بن قارب و كان لما ف الفتوحات السلمية من الثار الشاهدة بسن اليان‪.‬‬

‫الرؤيا‬ ‫و أما الرؤيا فحقيقتها مطالعة النفس الناطقة ف ذاتا الروحانية لة من صور الواقعات فإنا عندما تكون روحانية تكون صور الواقعات فيها‬ ‫موجودة بالفعل كما هو شأن الذوات الروحانية كلها و تصي روحانية بأن تتجرد عن الواد السمانية و الدارك البدنية و قد يقع لا ذل ك‬ ‫لة بسبب النوم كما نذكر فتقتبس با علم ما تتشوف إليه من المور الستقبلة و تعود به إل مداركها فإن كان ذلك القتباس ضعيفا‪ i‬و غي‬ ‫جلي بالاكاة و الثال ف اليال لتخلصه فيحتاج‪ .‬من أجل هذه الاكاة إل التعبي و قد يكون القتباس قويا‪ i‬يستغن فيه ع ن الاك اة فل‬ ‫يتاج إل تعبي للوصه من الثال و اليال و السبب ف وقوع هذه اللمحة للنفس أنا ذات روحانية بالقوة مستكملة بالبدن و مداركه حت‬ ‫تصي ذاتا تعقل‪ i‬مضا‪ i‬و يكمل وجودها بالفعل فتكون حينئذ ذاتا‪ i‬روحانية مدركة بغي شيء من اللت البدنية إل أن نوعها ف الروحاني ة‬ ‫دون نوع اللئكة أهل الفق العلى على الذين ل يستكملوا ذواتم بشيء من مدارك البدن و ل غيه فهذا الستعداد حاصل لا ما دامت ف‬ ‫البدن و منه خاص كالذي للولياء و منه عام للبشر على العموم و هو أمر الرؤيا‪ .‬و أما الذي للنبياء فهو استعداد بالنسلخ من البشرية إل‬ ‫اللكية الضة الت هي‪ ،‬أعلى الروحانيات و يرج هذا الستعداد فيهم متكررا‪ i‬ف حالت الوحي و هو عندما يعرج على الدارك البدني ة و‬ ‫يقع فيها ما يقع من الدراك يكون شبيها‪ i‬بال النوم شبها‪ i‬بينا‪ i‬و إن كان حال النوم أدون منه بكثي فلجل هذا الشبه عب الشارع عن الرؤيا‬


‫بأنا جزء من ستة و أربعي جزا‪ i‬من النبؤة و ف رواية ثلثة و أربعي و ف رواية سبعي و ليس العدد ف جيعها مقصودا‪ i‬بالذات و إنا الراد‬ ‫الكثرة ف تفاوت هذه الراتب بدليل ذكر السبعي ف بعض طرقه و هو للتكثي عند العرب و ما ذهب إليه بعضهم ف رواية س تي و أربعي‬ ‫من أن الوحي كان ف مبدإه بالرؤيا ستة أشهر و هي نصف سنة و مدة النبوة كلها بكة و الدينة ثلث و عشرين سنة فنصف السنة منه ا‬ ‫جزء من ستة و أربعي فكلم بعيد من التحقيق لنة إنا وقع ذلك للنب صلى ال عليه و سلم و من أين لنا أن هذه الدة وقع ت لغيه م ن‬ ‫النبياء مع أن ذلك إنا يعطي نسبة زمن الرؤيا من زمن النبؤة و ل يعطي حقيقتها من حقيقة النبؤة و إذا تبي لك هذا ما ذكرناه أول‪ i‬علمت‬ ‫أن معن هذا الزء نسبة الستعداد الول الشامل للبشر إل الستعداد القريب الاص بصنف النبياء الفطري لم صلوات ال عليهم إذ ه و‬ ‫الستعداد البعيد و إن كان عاما‪ i‬ف البشر و معه عوائق و موانع كثية من حصوله بالفعل و من أعظم تلك الوانع الواس الظاهرة ففطر ال‬ ‫البشر على ارتفاع حجاب الواس بالنوم الذي هو جبلي لم فتتعرض النفس عند ارتفاعه إل معرفة ما تتشوف إليه ف عال الق فت درك ف‬ ‫بعض الحيان منه لة يكون فيها الظفر بالطلوب و لذلك جعلها الشارع من البشرات فقال ل يبق من النبؤة إل البش رات ق الوا و م ا‬ ‫البشرات يا ر سول ال قال الرؤيا الصالة يراها الرجل الصال أو ترى له و أما سبب ارتفاع حجاب الواس بالنوم فعلى ما أصفه ل ك و‬ ‫ذلك أن النفس الناطقة إنا إدراكها و أفعالا بالروح اليوان السمان و هو بار لطيف مركزه بالتجويف اليسر من القلب عل ى م ا ف‬ ‫كتب التشريح لالينوس و غيه و ينبعث مع الدم ف الشريانات و العروق فيعطي الس و الركة‪ ،‬و سائر الفعال البدنية و يرتفع لطيفه إل‬ ‫الدماغ فيعدل من برده و تتم أفعال القوى الت ف بطونه فالنفس الناطقة إنا تدرك و تعقل بذا الروح البخاري و هي متعلقة به لا اقتض ته‬ ‫حكمة التكوين ف أن اللطيف ل يؤثر ف الكثيف و لا لطف هذا الروح اليوان من بي الواد البدنية صار مل‪ i‬لثار الذات الباين ة ل ه ف‬ ‫جسمانيته وهي النفس الناطقة و صارت آثارها حاصلة ف البدن بواسطته و قد كنا قدمنا أن إدراكها على نوعي إدراك بالظ اهر و ه و‬ ‫الواس المس و إدراك بالباطن و هو القوى الدماغية و أن هذا الدراك كله صارف لا عن إدراكها ما فوقها من ذواتا الروحانية الت هي‬ ‫مستعدة له بالفطرة و لا كانت الواس الظاهرة جسمانية كانت معرضة‪ i‬للوسن و الفشل با يدركها من التعب و الكلل و تغشى ال روح‬ ‫بكثرة التصرف فخلق ال لا طلب الستجمام لتجرد الدراك على الصورة الكاملة و إنا يكون ذلك بانناس الروح اليوان م ن ال واس‬ ‫الظاهرة كلها و رجوعه إل الس الباطن و يعي على ذلك ما يغشى البدن من البد بالليل فتطلب الرارة الغزيرة أعماق البدن و تذهب من‬ ‫ظاهره إل باطنه فتكون مشيعة مركبها و هو الروح اليوان إل الباطن و لذلك كال النوم للبشر ف الغالب إنا هو بالليل فإذا اننس الروح‬ ‫عن الواس الظاهرة و رجع إل القوى الباطنة و خفت عن النفس شواغل الس و موانعه و رجعت إل الصورة الت ف الافظة تثل منه ا‬ ‫بالتركيب و التحليل صور خيالية و أكثر ما تكون معتادة لنا منتزعة من الدركات التعاهدة قريبا‪ i‬ث ينلا الس الشترك الذي هو ج امع‬ ‫الواس الظاهرة فيدركها على أناء الواس المس الظاهرة و ربا التفتت النفس لفتة إل ذاتا الروحانية مع منازعتها القوى الباطنية فتدرك‬ ‫بإدراكها الروحان لنا مفطورة عليه و تقيس من صور الشياء الت صارت متعلقة ف ذاتا حينئذ ث يأخذ اليال تل ك الص ور الدرك ة‬ ‫فيمثلها بالقيقة أو الاكاة ف القوالب العهودة و الاكاة من هذه هي التاجة للتعبي و تصرفها بالتركيب و التحليل ف صور الافظة قبل أن‬ ‫تدرك من تلك اللمحة ما تدركه هي أضغاث أحلم‪ .‬و ف الصحيح أن النب صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬الرؤيا ثلث رؤيا من ال و رؤيا من‬ ‫اللك و رؤيا من الشيطان و هذا التفصيل مطابق لا ذكرناه فاللي من ال و الاكاة الداعية إل التعبي من اللك و أض غاث الحلم م ن‬ ‫الشيطان لنا كلها باطل و الشيطان ينبوع الباطل هذه حقيقة الرؤيا و ما يسببها و يشيعها من النوم و هي خواص للنفس النسانية موجودة‬ ‫ف البشر على العموم ل يلو عنها أحد منهم بل كل واحد من النسان رأى ف نومه ما صدر له ف يقظته مرارا‪ i‬غي واحدة و حصل له على‬ ‫القطع أن النفس مدركة للغيب ف النوم و ل بد و إذا جاز ف ذلك ف عال النوم فل يتنع ف غي من الحوال لن الذات الدركة واحدة و‬ ‫خواصها عامة ف كل حال و ال الادي إل الق بنه و فصله‪.‬‬ ‫فصل‪ :‬و وقوع ما يقع للبشر من ذلك غالبا‪ i‬إنا هو من غي قصد ول قدرة عليه و إنا تكون النفس متشوقة لذلك الشيء فيقع بتلك اللمحة‬ ‫ف النوم لنا تقصد إل ذلك فتراه و قد وقع ف كتاب الغاية و غي من كتب أهل الرياضيات ذكر أساء تذكر عند النوم فتكون عنها الرؤيا‬ ‫فيما يتشوف إليه و يسمونا الالومية و ذكر منها مسلمة ف كتاب الغاية حالومة ساها حالومة الطباع التام و هو أن يقال عند النوم بع د‬ ‫فراغ السر و صحة التوجه هذه الكلمات العجمية و هي تاغس بعد أن يسواد و غداس نوفنا غادس و يذكر حاجته فإنه يرى الكشف عما‬


‫يسأل عنه ف النوم‪ .‬و حكى أن رجل‪ i‬فعل ذلك بعد رياضة ليال ف مأكله و ذكره فتمثل له شخص يقول له إن طباعك التام فسأله و أخبه‬ ‫عما كان يتشوف إليه و قد وقع ل أنا بذه الساء مراء عجيبة و اطلعت با على أمور كنت أتشوف عليها من أحوال و ليس ذلك ب دليل‬ ‫على أن القصد للرؤيا يدثها و إنا هذه الالومات تدث استعدادا‪ i‬ف النفس لوقوع الرؤيا فإذا قوي الستعداد كال أقرب إل حصول م ا‬ ‫يستعد له و للشخص أن يفعل من الستعداد ما أحب و ل يكون دليل‪ i‬على إيقاع الستمد له فالقدرة على الستعداد غي القدرة على الشيء‬ ‫فاعلم ذلك و تدبره فيما تد من أمثاله و ال الكيم البي‪.‬‬ ‫فصل‪ :‬ث إنا ند ف النوع النسان أشخاصا‪ i‬يبون بالكائنات قبل وقوعها بطبيعة فيهم يتميز با صنفهم عن سائر الناس و ل يرجع ون ف‬ ‫ذلك إل صناعة و ل يستدلون عليه بأثر من النجوم و ل من غيها إنا ند مداركهم ف ذلك بقتضى فطرته الت فطروا عليها و ذلك مث ل‬ ‫العرافي و الناظرين ف الجسام الشفافي كالرايا و طساس الاء و الناظرين ف قلوب اليوانات و أكبادها و عظامها و أهل الزجر ف الطي‬ ‫و السباع و أهل الطرق بالصى و البوب من النطة و النوى و هذه كلها موجودة ف عال النسان ل يسع أحدا‪ i‬جحدها و ل إنكارها و‬ ‫كذلك الاني يلقى على ألسنتهم كلمات من الغيب فيخبون با و كذلك النائم و اليت لول موته أو نومه يتكلم بالغيب و كذلك أه ل‬ ‫الرياضيات من التصوفة لم مدارك ف الغيب على سبيل الكرامة معروفة‪ .‬و نن الن نتكلم عن هذه الدراكات كلها و نبتدئ منها بالكهانة‬ ‫ث نأت عليها واحدة‪ i‬واحدة‪ i‬إل آخرها و نقدم على ذلك مقدمة ف أن النفس النسانية كيف تستعد لدراك الغيب ف جيع الصناف ال ت‬ ‫ذكرناها و ذلك أنا ذات روحانية موجودة بالقوة إل الفعل بالبدن و أحواله و هذا أمر مدرك لكل أحد و كل ما بالقوة فله مادة و صورة‬ ‫و صورة هذه النفس الت با يتم وجودها هو عي الدراك و التعقل فهي توجد أول‪ i‬بالقوة مستعدة للدراك و التعقل فهي توجد أول‪ i‬بالقوة‬ ‫مستعدة للدراك و قبول الصور الكلية و الزئية ث يتم نشؤها و وجودها بالفعل بصاحبة البدن و ما يعودها بورود م دركاتا السوس ة‬ ‫عليها و ما تنتزع من تلك الدراكات من العان الكلية فتتعقل الصور مرة بعد أخرى حت يصل لا الدراك و التعقل بالفعل فتتم ذات ا و‬ ‫تبقى النفس كاليول و الصور متعاقبة عليها بالدراك واحدة بعد واحدة و لذلك ند الصب ف أول نشأته ل يقدر على الدراك الذي لا من‬ ‫ذاتا ل بنوم و ل بكشف و ل بغيها و ذلك أن صورتا الت هي عي ذاتا و هي الدراك و التعقل ل تتم بعد بل ل يتم لا انتزاع الكليات‬ ‫ث إذا تت ذاتا بالفعل حصل لا ما دامت مع البدن نوعان من الدراك إدراك بآلت السم تؤديه إليها الدارك البدنية و إدراك بذاتا من غي‬ ‫واسطة و هي مجوبة عنه بالنغماس ف البدن و الواس و بشواغلها لن الواس أبدا‪ i‬جاذبة لا إل الظاهر با فطرت عليه أول‪ i‬من الدراك‬ ‫السمان و ربا تنغمس من الظاهر إل الباطن فيتفع حجاب البدن لظة‪ i‬إما بالاصية الت هي للنسان على الطلق مثل النوم أو بالاصية‬ ‫الوجودة لبعض البشر مثل الكهانة و الطرق أو بالرياضة مثل أهل الكشف من الصوفية فتلتفت حينئذ إل الذوات الت فوقها من الل لا بي‬ ‫أفقها و أفقهم من التصال ف الوجود كما قررنا قبل و تلك الذوات روحانية و هي إدراك مض و عقول بالفعل و فيها صور الوجودات و‬ ‫حقائقها كما مر فيتجلى فيها شيء من تلك الصور و تقتبس منها علوما‪ i‬و ربا دفعت تلك الصور الدركة إل اليال فيصرفه ف الق والب‬ ‫العتادة ث يراجع الس با أدركت إما مردا‪ i‬أو ف قوالبه فتخب به‪ .‬هذا هو شرح استعداد النفس لذا الدراك الغيب‪ .‬و لنرجع إل ما وعدنا‬ ‫به من بيان أصنافه‪ .‬فأما الناظرون ف الجسام الشفافة من الرايا و طساس الياه و قلوب اليوان و أكبادها و عظامها و أهل الطرق بالصى‬ ‫و النوى فكلهم من قبيل الكهان إل أنم أضعف رتبة فيه ف أصل خلقهم لن الكاهن ل يتاج ف رفع حجاب الس إل ك ثي معان اة و‬ ‫هؤلء يعانونه بانصار الدارك السية كلها ف نوع واحد منها و أشرفها البصر فيعكف على الرئي البسيط حت يبدو له مدركه الذي ي ب‬ ‫به عنه و ربا يظن أن مشاهدة هؤلء لا يرونه هو ف سطح الرآة و ليس كذلك بل ل يزالون ينفرون ف سطح الرآة إل أن يغيب عن البصر‬ ‫و يبدو فيما بينهم و بي سطح الرآة حجاب كأنة غمام يتمثل فيه صور هي مداركهم فيشيون إليه بالقصود لا يتوجهون إل معرفته م ن‬ ‫نفي أو إثبات فيخبون بذلك على نو ما أدركوه و أما الرآة و ما يدرك فيها من الصور فل يدركونه ف تلك الال و إنا ينشأ لم با هذا‬ ‫النوع الخر من الدراك و هو نفسان ليس من إدراك البصر بل يتشكل به الدرك النفسان للحس كما هو معروف و مثل ذلك ما يع رض‬ ‫للناظرين ف قلوب اليوانات و أكبادها و لناظرين ف الاء و الطساس و أمثال ذلك‪ .‬و قد شاهدنا من هؤلء من يشغل الس بالبخور فقط‬ ‫ث بالعزائم للستعداد ث يب كما أدرك و يزعمون أنم يرون الصور متشخصة ف الواء تكي لم أحوال ما يتوجهون إل إدراكه بالثال و‬ ‫الشارة وغيبة هؤلء عن الس أخف من الولي و العال أبو الغرائب‪ .‬و أما الزجر و هو ما يدث من بعض الناس من التكلم بالغيب عند‬


‫سنوح طائر أو حيوان و الفكر فيه بعد مغيبه و هي قوة ف النفس تبعث على الرص و الفكر فيما زجر فيه من مرئي أو مسموع و تك ون‬ ‫قوته الخيلة كما قدمناه قوية فيبعثها ف البحث مستعينا‪ i‬با رآه أو سعه فيؤديه ذلك إل إدراك ما‪ ،‬كما تفعله القوة التخيلة ف النوم و عن د‬ ‫ركود الواس تتوسط بي السوس الرئي ف يقظته و تمعه مع ما عقلته فيكون عنها الرؤيا‪ .‬و أما الاني فنفوسهم الناطقة ضعيفة التعل ق‬ ‫بالبدن لفساد أمزجتهم غالبا‪ i‬و ضعف الروح اليوان فيها فتكون نفسه غي مستغرقة ف الواس و ل منغمسة فيها با شغلها ف نفسها م ن‬ ‫أل النقص و مرضه و ربا زاحها على التعلق به روحانية أخرى شيطانية تتشبث به و تضعف هذه عن مانعتها فيكون عنه التخبط فإذا أصابه‬ ‫ذلك التخبط إما لفساد مزاجه من فساد ف ذاتا أو لزاحة من النفوس الشيطانية ف تعلقه غاب عن حسه جلة فأدرك لة من عال نفس ه و‬ ‫الطبع فيها بعض الصور و صرفها اليال و ربا نطق عن لسانه ف تلك الال من غي إرادة النطق وإدراك هؤلء كلهم مشوب في ه ال ق‬ ‫بالباطل لنة ل يصل لم التصال و إن فقدوا الس إل بعد الستعانة بالتصورات الجنبية كما قررناه و من ذلك ييء الكذب ف ه ذه‬ ‫الدارك و أما العرافون فهم التعلقون بذا الدراك و ليس لم ذلك التصال فيسلطون الفكر على المر الذي يتوجهون إليه و يأخذون في ه‬ ‫بالفن و التخمي بناء على ما يتوهونه من مبادىء ذلك التصال و الدراك و يدعون بذلك معرفة الغيب و ليس منه على القيقة هذا تصيل‬ ‫هذه المور و قد تكلم عليها السعودي ف مروج الذهب فما صادف تقيقا‪ i‬و ل إصابة و يظهر من كلم الرجل أنه كان بعيدا‪ i‬عن الرسوخ‬ ‫ف العارف فينقل ما سع من أهله و من غي أهله و هذه الدراكات الت ذكرناها موجودة كلها ف نوع البشر فقد كان العرب يفزعون إل‬ ‫الكهان ف تعرف الوادث و يتنافرون إليهم ف الصومات ليعرفوهم بالق فيها من إدراك غيبهم و ف كتب أهل الدب كثي من ذل ك و‬ ‫اشتهر منهم ف الاهلية شق بن أنار بن نزار و سطيح بن مازن بن غسان و كان يدرج كما يدرج الثوب و ل عظم فيه إل المجمة و من‬ ‫مشهور الكايات عنهما تأويل رؤيا ربيعه بن مضر و ما أخباه به ملك البشة لليمن و ملك مضر من بعدهم و لظهور النبؤة المدي ة ف‬ ‫قريش و رؤيا الوبذان الت أولا سطيح لا بعث إليه با كسرى عبد السيح فاخبه بشأن النبؤة و خراب ملك فارس و هذه كلها مشهورة و‬ ‫كذلك العرافون كان ف العرب منهم كثي و ذكروهم ف أشعارهم قال‬ ‫فقلت لعراف اليمامة داون فإنك إن داويتن لطبيب‬ ‫و قال الخر‬ ‫جعلت لعراف اليمامة حكمه و عراف ند إن ها شفيان‬ ‫فقال شفاك ال و ال مالنا با حلت منك الضلوع يدان‬ ‫وعراف اليمامة هو رباح بن عجلة و عراف ند البلق السدي‪ .‬و من هذه الدارك الغيبية ما يصدر لبعض الناس عند مفارق ة اليقظ ة و‬ ‫التباسه بالنوم من الكلم على الشيء الذي يتشوف إليه با يعطيه غيب ذلك المر كما يريد و ل يقع ذلك إل ف مبادىء النوم عند مفارقة‬ ‫اليقظة و ذهاب الختبار ف الكلم فيتكلم كأنه مبور على النطق و غايته أن يسمعه و يفهمه و كذلك يصدر عن القتولي عن د مفارق ة‬ ‫رؤوسهم و أوساط أبدانم كلم بثل ذلك‪ .‬و لقد بلغنا عن بعض البابرة الظالي أن قتلوا من سجونم أشخاصا‪ i‬ليتعرفوا من كلمهم عند‬ ‫القتل عواقب أمورهم ف أنفسهم فأعلموهم با يستبشع‪ .‬و ذكر مسلمة ف كتاب الغاية له ف مثل ذلك أن آدميا‪ i‬إذا جعل ف دن ملوء بدهن‬ ‫السمسم و مكث فيه أربعي يوما‪ i‬يغذى بالتي و الوز حت يذهب لمة و ل يبقى منه إل العروق و شؤون رأسه فيخرج من ذلك ال دفن‬ ‫فحي يف عليه الواء ييب عن كل شيء يسأل عنه من عواقب المور الاصة و العامة و هذا فعل من مناكي أفعال السحرة لكن يفهم منه‬ ‫عجائب العال النسان و من الناس‪ .‬من ياول حصول هذا الدرك الغيب بالرياضة فيحاولون بالاهدة موتا‪ i‬صناعيا‪ i‬بإماتة جيع القوى البدنية‬ ‫ث مو آثارها الت تلونت با النسق ث تغذيتها بالذكر لتزداد قوة ف نشئها و يصل ذلك بمع الفكر و كثرة الوع و من العلوم على القطع‬ ‫أنه إذا نزل الوت بالبدن ذهب الس و حجابة و اطلعت النفس على الغيبات و من هؤلء أهل الرياضة السحرية يرتاضون بذلك ليحص ل‬ ‫لم الطلع على الغيبات و التصرفات ف العوال و أكثر هؤلء ف القاليم النحرفة جنوبا‪ i‬و شال‪ i‬خصوصا‪ i‬بلد الند و يس مون هنال ك‬


‫الوكية و لم كتب ف كيفية هذه الرياضة كثية و الخبار عنهم ف ذلك غريبة‪ .‬و أما التصوفة فرياضتهم دينية و عرية عن هذه القاص د‬ ‫الذمومة و إنا يقصدون جع المة و القبال على ال بالكلية ليحصل لم أذواق أهل العرفان و التوحيد و يزيدون ف رياضتهم إل المع و‬ ‫الوع التغذية بالذكر فبها تتم و جهتهم ف هذه الرياضة لنه إذا نشأة النفس على الذكر كانت أقرب إل العرفان بال و إذا عري ت ع ن‬ ‫الذكر كانت شيطانية و حصول ما يصل من معرفة الغيب و التصرف لؤلء التصوفة إنا هو بالعرض و ل يكون مقصودا‪ i‬من أول الم ر‬ ‫لنه إذا قصد ذلك كانت الوجهة فيه لغي ال و إنا هي لقصد التصرف و الطلع على الغيب و أخسر با صفقة فإنا ف القيقة شرك قال‬ ‫بعضهم‪ :‬من آثر العرفان للعرفان فقد قال بالثان فهم يقصدون بوجهتهم العبود ل لشيء سواه ل إذا حصل ف أثناء ذلك ما يصل فبالعرض‬ ‫و غي مقصود لم و كثي منهم يفر منه إذا عرض له و ل يفل به و إنا يريد ال لذاته ل لغيه و حصول ذلك لم معروف و يسمون ما يقع‬ ‫لم من الغيب و الديث على الواطر فراسة و كشفا‪ i‬و ما يقع لم من التصرف كرامة و ليس شيء من ذلك بنكي ف حقهم و قد ذه ب‬ ‫إل إنكاره الستاذ أبو إسحق السفراين و أبو ممد بن أب زيد الالكي ف آخرين فرار‪i‬ا من التباس العجزة بغيها و الع ول علي ه عن د‬ ‫التكلمي حصول التفرقة بالتحدي فهو كاف‪ .‬و قد ثبت ف الصحيح أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬إن فيكم مدثي و أن منهم‬ ‫عمر و قد وقع للصحابة من ذلك وقائع معروفة تشهد بذلك ف مثل قول عمر رضي ال عنة يا سارية البل و هو سارية بن زنيم كان قائدا‪i‬‬ ‫على بعض جيوش السلمي بالعراق أيام الفتوحات و تورط مع الشتركي ف معترك و هم بالنزام و كان بقربه جبل يتحيز إليه فرفع لعمر‬ ‫ذلك و هو يطب على النب بالدينة فناداه يا سارية البل و سعه سارية و هو بكانه و رأى شخصه هنالك و القصة معروفة و وق ع مثل ه‬ ‫أيضا‪ i‬لب بكر ف وصيته عائشة ابنته رضي ال عنهما ف شأن ما نلها من أوسق التمر من حديقته ث نبهها على جذاذه لتحوزه عن الورث ة‬ ‫فقال ف سياق كلمه و إنا ها أخواك و أختاك فقالت‪ :‬إنا هي أساء فمن الخرى ؟ فقال‪ :‬إن ذا بطن بنت خارجة أراها جارية فك انت‬ ‫جارية وقع ف الوطإ ف باب ما ل يوز من النحل و مثل هذه الوقائع كثية لم و لن بعدهم من الصالي و أه ل القت داء إل أن أه ل‬ ‫التصوف يقولون إنه يقل ف زمن النبؤة إذ ل يبقى للمريد حالة بضرة النب حت أنم يقولون إن الريد إذا جاء للمدينة النبوية يسلب حاله ما‬ ‫دام فيها حت يفارقها و ال يرزقنا الداية و يرشدنا إل الق‪.‬‬ ‫و من هؤلء الريدين من التصوفة قوم باليل معتوهون أشبه بالاني من العقلء و هم مع ذلك قد صحت لم مقامات الولي ة و أح وال‬ ‫الصديقي و علم ذلك من أحوالم من يفهم عنهم من أهل الذوق مع أنم غي مكلفي و يقع لم من الخبار عن الغيبات عجائب لنم ل‬ ‫يتقيدون بشيء فيطلقون كلمهم ف ذلك و يأتون منه بالعجائب و ربا ينكر الفقهاء أنم على شيء من القامات لا ي رون م ن س قوط‬ ‫التكليف عنهم و الولية ل تصل إل بالعبادة و هو غلط فإن فضل ال يؤتيه من يشاء و ل يتوقف حصول الولية على العبادة و ل غيها و‬ ‫إذا كانت النفس النسانية ثابتة الوجود فال تعال يصها با شاء من مواهبه و هؤلء القوم ل تعدم نفوسهم الناطقة و ل فس دت كح ال‬ ‫الاني و إنا فقد لم العقل الذي يناط به التكليف و هي صفة خاصة للنفس و هي علوم ضروية للنسان يشتد با نظره و يعرف أح وال‬ ‫معاشه و استقامة منله و كأنة إذا ميز أحوال معاشه و استقامة منله ل يبق له عذر ف قبول التكاليف لصلح معاده و ليس من فقد ه ذه‬ ‫الصفة بعاقل لنفسه و ل ذاهل عن حقيقته فيكون موجود القيقة معدوم العقل التكليفي الذي هو معرفة العاش و ل استحالة ف ذل ك و ل‬ ‫يتوقف اصطفاء ال عباده للمعرفة على شيء من التكاليف و إذا صح ذلك فأعلم أنه ربا يلتبس حال هؤلء بالاني الذين تفسد نفوس هم‬ ‫الناطقة و يلتحقون بالبهائم و لك ف تييزهم علمات منها أن هؤلء البهاليل ل تد لم وجهة أصل‪ i‬و منها أنم يلقون على البله من أول‪،‬‬ ‫نشأتم و الاني يعرض لم النون بعد مدة من العمر لعوارض بدنية طبيعية فإذا عرض لم ذلك و فسدت نفوسهم الناطقة ذهبوا باليبة و‬ ‫منها كثرة تصرفهم ف الناس بالي و الشر لنم ل يتوقفون على إذن لعدم التكليف ف حقهم و الاني ل تصرف لم و هذا فصل انتهى بنا‬ ‫الكلم إليه و ال الرشد للصواب‪.‬‬ ‫و قد يزعم بعض الناس أن هنا مدارك للغيب من دون غيبة عن الس فمنهم النجمون القائلون بالدللت النجومية و مقتضى أوض اعها ف‬ ‫الفلك و آثارها ف العناصر و ما يصل من المتزاج بي طباعها بالتناظر و يتأدى من ذلك الزاج إل الواء و هؤلء النجمون ليس وا م ن‬ ‫الغيب ف شيء إنا هي ظنون حدسية و تمينات مبنية على التأثي النجومية و حصول الزاج منه للهواء مع مزيد حدس يقف به الناظر على‬


‫تفصيله ف الشخصيات ف العال كما قاله بطليموس و نن نبي بطلن ذلك ف مله إن شاء ال و هؤلء لو ثبت فغايته ح دس و تمي و‬ ‫ليس ما ذكرناه ف شيء‪ .‬و من هؤلء قوم من العامة استنبطوا لستخراج الغيب و تعرف الكائنات صناعة سوها خط الرمل نسبة إل الادة‬ ‫الت يضعون فيها عملهم و مصول هذه الصناعة أنم صيوا من النقط أشكال‪ i‬ذات أربع مراتب تتلف باختلف مراتبه ا ف الزوجي ة و‬ ‫الفردية و استوائها فيهما فكالت ستة عشر شكل‪ i‬لنا إن كانت أزواجا‪ i‬كلها أو أفرادا‪ i‬كلها فشكلن و إن كان الفرد فيهم ا ف مرتب ة‬ ‫واحدة فقط فأربعة أشكال و إن كان الفرد ف مرتبتي فستة أشكال و إن كان ف ثلث مراتب فأربعة أشكال جاءت ستة عش ر ش كل‬ ‫ميزوها كلها بأسائها و أنواعها إل سعود و نوس شأن الكواكب و جعلوا لا ستة عشر بيتا‪ i‬طبيعية يزعمهم و كأنا البوج الثنا عشر الت‬ ‫للفلك و الوتاد الربعة و جعلوا لكل شكل منها بيتا‪ i‬و خطوطا‪ ،i‬و دللة على صنف من موجودات عال العناصر يتص به و استنبطوا من‬ ‫ذلك فنا حاذوا به فن النجامة و نوع فصائه إل أن أحكام النجامة مستندة إل أوضاع طبيعية كما يزعم بطليموس و هذه إن ا مس تندها‬ ‫أوضاع تكيمية و أهواء اتفاقية و ل دليل يقوم على شيء منها و يزعمون أن أصل ذلك من النبؤات القدية ف العال و رب ا نس بوها إل‬ ‫دانيال أو إل إدريس صلوات ال عليهما شأن الصنائع كلها و ربا يدعون مشروعيتها و يتجون بقوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬كان نب يط‬ ‫فمن وافق خطة فذاك و ليس ف الديث دليل على مشروعية خط الرمل كما يزعمه بعض من ل تصيل لديه لن معن الديث كان ن ب‬ ‫يط فيأتيه الوحي عند ذلك الط و ل استحالة ف أن يكون ذلك عادة لبعض النبياء فمن وافق خطة ذلك النب فهو ذاك أي فهو ص حيح‬ ‫من بي الط با عضده من الوحي لذلك النب الذي كانت عادته أن يأتيه الوحي عند الط و أما إذا أخذ ذلك من الط م ردا‪ i‬م ن غي‬ ‫موافقة وحي فل و هذا معن الديث و ال أعلم‪ .‬فإذا أرادوا استخراج مغيب بزعمهم عمدوا إل قرطاس أو رمل أو دقيق فوضعوا النق ط‬ ‫سطورا‪ i‬على عدد الراتب الربع ث كرروا ذلك أربع مرات فتجيء ستة عشر سطرا‪ i‬ث يطرحون النقط أزواجا‪ i‬و يضعون ما بقى م ن ك ل‬ ‫سطر زوجا‪ i‬كان أو فردا‪ i‬ف مرتبته على الترتيب فتجيء أربعة أشكال يضعونا ف سطر متتالية ث يولدون منها أربعة أشكال أخ رى م ن‬ ‫جالب العرض باعتبار كل مرتبة و ما قابلها من الشك الذي بإزائه و ما يتمع منهما من زوج أو فرد فتكون ثانية أشكال موضوعة ف سطر‬ ‫ث يولدون من كل شكلي شكل‪ i‬تتهما باعتبار ما يتمع ف كل مرتبة من مراتب الشكلي أيضا‪ i‬من زوج أو فرد فتكون أربعة أخرى تتها‬ ‫ث يولدون من الربعة شكلي كذلك تتها من الشكلي شكل‪ i‬كذلك تتهما ث من هذا الشكل الامس عشر مع الش كل الول ش كل‪i‬‬ ‫يكون أخر الستة عشر ث يكمون على الط كله با اقتضته أشكاله من السعودة و النحوسة بالذات و النظر و اللول و المتزاج و الدللة‬ ‫على أصناف الوجودات و سائر ذلك تكما‪ i‬غريبا‪ i‬و كثرت هذه الصناعة ف العمران و وضعت فيها التآليف و اشتهر فيه ا العلم م ن‬ ‫التقدمي و التأخرين و هي كما رأيت تكم و هوى و التحقيق الذي ينبغي أن يكون نصب فكرك أن الغيوب ل تدرك بصناعة البت ة و ل‬ ‫سبيل إل تعرفها إل للخواص من البشر الفطورين على الرجوع من عال الس إل عال الروح و لذلك يسمى النجمون هذا الصنف كلهم‬ ‫بالزهريي نسبة إل ما تقتضيه دللة الزهرة بزعمهم ف أصل مواليدهم على إدراك الغيب فالط و غيه من هذه أن كان الناظر فيه من أه ل‬ ‫هذه الاصية و قصد بذه المور الت ينظر فيها من النقط أو العظام أو غيها إشغال الس لترجع النفس إل عال الروحانيات لظة ما‪ ،‬فهو‬ ‫من باب الطرق بالصى و النظر ف قلوب اليوانات و الرايا الشفافة كما ذكرناه‪ .‬و أن ل يكن كذلك و إنا قصد معرفة الغي ب ب ذه‬ ‫الصناعة و أنا تفيده ذلك فهذر من القول و العمل و ال يهدي من يشاء‪ .‬و العلمة لذه الفطرة الت فطر عليها أهل هذا الدراك الغيب أنم‬ ‫عند توجههم إل تعرف الكائنات يعتريهم خروج عن حالتهم الطبيعية كالتثاؤب و التمطط و مبادىء الغيبة عن الس و يتلف ذلك بالقوة‬ ‫و الضعف على اختلف وجودها فيهم فمن ل توجد له هذه العلمة فليس من إدراك الغيب ف شيء و إنا هو ساع ف تنفيق كذبه‪.‬‬

‫فصل‬ ‫و منهم طوائف يضعون قواني لستخراج الغيب ليست من الطور الول الذي هو من مدارك النفس الروحانية و ل من الدس البن عل ى‬ ‫تأثيات النجوم كما زعمه بطليموس و ل من الظن و التخمي الذي ياول عليه العرافون و إنا هي مغالط يعلونا كالصائد لهل العق ول‬ ‫الستضعفة و لست أذكر من ذلك إل ما ذكره الصنفون و ولع به الواص فمن تلك القواني الساب الذي يسمونه حساب النيم و ه و‬ ‫مذكور ف آخر كتاب السياسة النسوب لرسطو يعرف به الغالب من الغلوب ف التحاربي من اللوك و هو أن تسب الروف ال ت ف‬


‫اسم أحدها بساب المل الصطلح عليه ف حروف أبد من الواحد إل اللف آحادا‪ i‬و عشرات و مئي وألوفا‪ i‬فإذا حسبت السم و تصل‬ ‫لك منه عدد فاحسب اسم الخر كذلك ث اطرح من كل واحد منهما تسعة و احفظ بقية هذا و بقية هذا ث انظر بي العددين الباقيي من‬ ‫حساب السي فإن كان العددان متلفي ف الكمية وكانا معا زوجي أو فردين معا‪ .i‬فصاحب القل منهما هو الغالب و إن كان أح دها‬ ‫زوجا‪ i‬و الخر فردا‪ i‬فصاحب الصغر هو الغالب و أن كانا متساويي ف الكمية و ها معا زوجان فالطلوب هو الغالب و إن كانا معا‪ i‬فردين‬ ‫فالطالب هو الغالب و يقال هنالك بيتان ف هذا العمل اشتهرا بي الناس و ها‪:‬‬ ‫و أكثرها عند التحالف غالب‬ ‫أرى الزوج و الفراد يسمو اقلها‬ ‫و عند استواء الفرد يغلب طالب‬ ‫و يغلب مطلوب إذا الزوج يستوي‬ ‫ث وضعوا لعرفة ما بقى من الروف بعد طرحها بتسعة قانونا‪ i‬معروفا‪ i‬عندهم ف طرح تسعة و ذلك أنم جعوا الروف الدالة على الواح د‬ ‫ف الراتب الربع و هي )ا( الدالة على الواحد وهي )ي( الدالة على العشرة و هي واحد ف مرتبة العشرات و)ق( الدالة على ال ائة لن ا‬ ‫واحد ف مرتبة الئي و )ش( الدالة على اللف لنا واحد ف منلة اللف و ليس بعد اللف عدد يدل عليه بالروف لن الشي هي آخ ر‬ ‫حروف أبد ث رتبوا هذه الحرف الربعة على نسق الراتب فكان منها كلمة رباعية و هي )ايقش( ث فعلوا ذلك بالروف الدالة على اثني‬ ‫ف الراتب الثلث و أسقطوا مرتبة اللف منها لنا كانت آخر حروف أبد فكان مموع حروف الثني ف الراتب الثلث ثلثة حروف‬ ‫و هي )ب( الدالة على اثني ف الحاد و )ك( الدالة على اثني ف العشرات و هي عشرون و )ر( الدالة على اثني ف الئي و هي مائت ان و‬ ‫صيوها كلمة واحدة ثلثة على نسق الراتب و هي بكر ث فعلوا ذلك بالروف الدالة على ثلثة فنشأت عنها كلمة جلس و ك ذلك إل‬ ‫آخر حروف أبد و صارت تسع كلمات ناية عدد الحاد و هي ايقش بكر جلس دمت هنث و صخ زعد حفظ طضغ مرتبة على ت وال‬ ‫العداد و لكل كلمة منها عددها الذي هي ف مرتبته فالواحد لكلمة ايقش و الثنان لكلمة بكر و الثلثة لكلمة جلس و كذلك إل التاسعة‬ ‫الت هي طضغ فتكون لا التسعة فإذا أرادوا طرح السم بتسعة نظروا كل حرف منه ف أي كلمة هو من هذه الكلمات و أخذوا ع ددها‬ ‫مكانه ث جعوا العداد الت يأخذونا بدل‪ i‬من حروف السم فإن كانت زائدة على التسمية أخذوا ما فضل عنها و إل أخذوه كما ه و ث‬ ‫يفعلون كذلك بالسم الخر و ينظرون بي الارجي با قدمناه و السر ف هذا بي و ذلك أن الباقي من كل عقد من عقود العداد بطرح‬ ‫تسعة إنا هو واحد فكأنه يمع عدد العقود خاصة من كل مرتبة فصارت أعداد العقود كأنا آحاد فل فرق بي الثني و العشرين و الائتي‬ ‫و اللفي و كلها اثني و كذلك الثلثة و الثلثون و الثلثائة و الثلثة اللف كلها ثلثة‪ i‬ثلثة‪ i‬فوضعت العداد على التوال دالة على أعداد‬ ‫العقود ل غي و جعلت الروف الدالة على أصناف العقود ف كل كلمة من الحاد و العشرات و الئي و اللوف و صار ع دد الكلم ة‬ ‫الوضوع عليها نائبا‪ i‬عن كل حرف فيها سواء دل على الحاد أو العشرات أو الئي فيؤخذ عدد كل كلمة عوضا‪ i‬من الروف الت فيه ا و‬ ‫تمع كلها إل آخرها كما قلناه هذا هو العمل التداول بي الناس منذ المر القدي و كان بعض من لقيناه من شيوخنا يرى أن الصحيح فيها‬ ‫كلمات أخرى تسعة مكان هذه و متوالية كتواليها و يفعلون با ف الطرح بتسعة مثل ما يفعلونه بالخرى سواء و هي هذه ارب يس قك‬ ‫جزلط مدوص هف تذن عش خع ثضظ تسع كلمات على توال‪ ،‬العدد و لكل كلمة منها عددها الذي ف مرتبته فيها الثلثي و الرباعي و‬ ‫الثنائي و ليست جارية على أصل مطرد كما تراه لكن كان شيوخنا ينقلونا عن شيخ الغرب ف هذه العارف من السيمياء و أسرار الروف‬ ‫و النجامة و هو أبو العباس بن البناء و يقولون عنه أن العمل بذه الكلمات ف طرح حساب النيم أصح من العمل بكلمات ايقش و ال يعلم‬ ‫كيف ذلك و هذه كلها مدارك للغيب غي معروف أرسطو عند الققي لا فيه من الراء البعيدة عن التحقيق و البهان يشهد لك ب ذلك‬ ‫تصفحه إن كنت من أهل الرسوخ‪ .‬و من هذه القواني الصناعية لستخراج الغيوب فيما يزعمون الزايرجة السماة بزايرجة العال‪ ،‬العزوة إل‬ ‫أب العباس سيدي أحد السبت من أعلم التصوفة بالغرب كان ف آخر الائة السادسة براكش و لعهد أب يعقوب النص ور م ن مل وك‬ ‫الوحدين و هي غريبة العمل صناعة‪ .‬و كثي من الواص يولعون بإفادة الغيب منها بعملها العروف اللغوز فيحرضون بذلك على حل رمزه‬ ‫و كشف غامضه‪ .‬و صورتا الت يقع العمل عندهم فيها دائرة عظيمة ف داخلها دوائر متوازية للفلك و العناصر و الكونات و الروحانيات‬ ‫و غي ذلك من أصناف الكائنات و العلوم و كل دائرة مقسومة بأقسام فلكها إما البوج و إما العناصر أو غيها و خطوط كل قسم مارة‬ ‫إل الركز و يسمونا الوتار و على كل وتر حروف متتابعة موضوعة فمنها برشوم الزمام الت هي أشكال العداد عند أه ل ال دواوين و‬ ‫الساب بالغرب لذا العهد و منها برشوم الغبار التعارفة ف داخل الزايرجة و بي الدوائر أساء العلوم و مواضع الكوان و عل ى ظ اهر‬


‫الدوائر جدول متكثر البيوت التقاطعة طول‪ i‬و عرضا‪ i‬يشتمل على خسة و خسي بيتا‪ i‬ف العرض و مائة و واحد و ثلثي ف الطول جوانب‬ ‫منه معمورة البيوت تارة بالعدد و أخرى بالروف و جوانب خالية البيوت و ل تعلم نسبة تلك العداد ف أو ضاعها و ل القس مة ال ت‬ ‫عينت البيوت العامرة من الالية و حافات الزايزجة أبيات من عروض الطويل على روي اللم النصوبة تتضمن صورة العمل ف اس تخراج‬ ‫الطلوب من تلك الزايرجة إل أنا من قبيل اللغاز ف عدم الوضوح و اللء و ف بعض جوانب الزايرجة بيت من الشعر منس وب لبع ض‬ ‫أكابر أهل الدثان بالغرب و هو مالك بن وهيب من علماء أشبيلية كان ف الدولة اللمتونية و نص البيت‬ ‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬ ‫و هو البيت التداول عندهم ف العمل لستخراج الواب من السؤال ف هذه الزايرجة و غيها فإذا أرادوا استخراج الواب عما يسأل عنه‬ ‫من السائل كتبوا ذلك السؤال و قطعوه حروفا‪ i‬ث أخذوا الطالع لذلك الوقت من بروج الفلك و درجها و عمدوا إل الزايرجة ث إل ال وتر‬ ‫الكتنف فيها بالبج الطالع من أوله مارا‪ i‬إل الركز ث إل ميط الدائرة قبالة الطالع فيأخذون جيع الروف الكتوبة عليه من أوله إل آخره و‬ ‫العداد الرسومة بينهما و يصيونا حروفا‪ i‬بساب المل و قد ينقلون آحادها إل العشرات و عشراتا إل الئي و بالعكس فيهم ا كم ا‬ ‫يقتضيه قانون العمل عندهم و يضعونا مع حروف السؤال و يضيفون إل ذلك جيع ما على الوتر الكتنف بالبج الثالث من الط الع م ن‬ ‫الروف و العداد من أوله إل الركز فقط ل يتجاوزونه إل اليط و يفعلون بالعداد ما فعلوه بالول و يضيفونا إل الروف الخرى ث‬ ‫يقطعون حروف البيت الذي هو أصل العمل و قانونه عندهم و هو بيت مالك بن وهيب التقدم و يضعونا ناحية ث يض ربون ع دد درج‬ ‫الطالع ف أس البج و أسه عندهم هو بعد البج عن آخر الراتب عكس ما عليه الس عند أهل صناعة الساب فانه عندهم البعد ع ن أول‬ ‫الراتب ث يضربونه ف عدد آخر يسمونه الس الكب و الدور الصلي و يدخلون با تمع لم من ذلك ف بيوت الدول على قواني معروفة‬ ‫و أعمال مذكورة و أدوار معدودة و يستخرجون منها حروفا‪ i‬و يسقطون أخرى و يقابلون با معهم ف حروف البيت و ينقلون من ه م ا‬ ‫ينقلون إل حروف السؤال و ما معها ث يطرحون تلك الروف بأعداد معلومة يسمونا الدوار و يرجون ف كل دور الرف الذي ينتهي‬ ‫عنده الدور و يعاودون ذلك بعدد الدوار العينة عندهم لذلك فيخرج آخرها حروف متقطعة و تؤلف على التوال فتصي كلمات منظوم ة‬ ‫ف بيت واحد على وزن البيت الذي يقابل به العمل و رويه و هو بيت مالك ابن وهيب التقدم حسبما نذكر ذلك كله ف فصل العلوم عند‬ ‫كيفية العمل بذه الزايرجة و قد رأينا كثيا‪ i‬من الواص يتهافتون على استخراج الغيب منها بتلك العمال و يسبون أن ما وقع من مطابقة‬ ‫الواب للسؤال ف توافق الطاب دليل على مطابقة الواقع و ليس ذلك بصحيح لنه قد مر لك أن الغيب ل يدرك بأمر صناعي البتة و إن ا‬ ‫الطابقة الت فيها بي الواب و السؤل من حيث الفهام و التوافق ف الطاب حت يكون الواب مستقيما‪ i‬أو موافقا‪ i‬للسؤال و وقوع ذلك‬ ‫ف هذه الصناعة ف تكسي الروف التمعة من السؤال و الوتار و الدخول ف الدول بالعداد التمعة من ضرب الع داد الفروض ة و‬ ‫استخراج الروف من الدول بذلك و طرح أخرى و معاودة ذلك ف الدوار العدودة و مقابلة ذلك كله بروف البيت على الت وال غي‬ ‫مستنكر و قد يقع الطلع من بعض الذكياء على تناسب بي هذه الشياء فيقع له معرفة الهول فالتناسب بي الشياء هو سبب الصول‬ ‫على الهول من العلوم الاصل للنفس و طريق لصوله سيما من أهل الرياضة فإنا تفيد العقل قوة على القياس و زيادة ف الفكر و قد م ر‬ ‫تعليل ذلك غي مرة و من أجل هذا العن ينسبون هذه الزايرجة ف الغالب لهل الرياضة فهي منسوبة للسبت و لقد وقفت عل ى أخ رى‬ ‫منسوبة لسهل بن عبد ال و لعمري إنا من العمال الغريبة و العاناة العجيبة‪ .‬و الواب الذي يرج منها فالسر ف خروجه منظوما‪ i‬يظهر ل‬ ‫إنا هو القابلة بروف ذلك البيت و لذا يكون النظم على وزنه و رويه و يدل عليه أنا و جدنا أعمال‪ i‬أخرى لم ف مثل ذلك أسقطوا فيها‬ ‫القابلة بالبيت فلم يرج الواب منظوما‪ i‬كما تراه عند الكلم على ذلك ف موضعه و كثي من الناس تضيق مداركهم عن التص ديق ب ذا‬ ‫العمل و نفوذه إل الطلوب فينكر صحتها و يسب أنا من التخيلت و اليهامات و أن صاحب العمل با يثبت حروف البيت الذي ينظمه‬ ‫كما يريد بي أثناء حروف السؤال و أن الوتار و يفعل تلك الصناعات على غي نسبة و ل قانون ث ييء بالبيت و يوهم أن العمل ج اء‬ ‫على طريقي منضبطة و هذا السبان توهم فاسد حل عليه العقول عن فهم التناسب بي الوجودات و العدومات و التفاوت بي الدارك و‬ ‫العقول و لكن من شأن كل مدرك إنكار ما ليس ف طوقه إدراكه و يكفينا ف رد ذلك مشاهدة العمل بذه الصناعي و الدس القطعي فإنا‬ ‫جاءت بعمل مطرد و قانون صحيح ل مرية فيه عند من يباشر ذلك من له ذكاء و حدس و إذا كان كثي من العاياة ف العدد ال ذي ه و‬ ‫أوضح الواضحات يعسر على الفهم إدراكه لبعد النسبة فيه و خفائها فما ظنك بثل هذا مع خفاء النسبة فيه و غرابتها فلنذكر مسئلة م ن‬


‫العاياة يتضح لك با شيء ما ذكرنا مثاله لو قيل لك أخذت عددا‪ i‬من الدراهم و اجعل بإزاء كل درهم ثلثة من الفلوس ث المع الفل وس‬ ‫الت أخذت و اشتر با طائرا‪ i‬ث اشتر بالدراهم كلها طيورا‪ i‬بسعر ذلك الطائر فكم الطيور الشتراة بالدراهم فجوابه أن تقول هي تسعة لنك‬ ‫تعلم أن فلوس الدراهم أربعة و عشرون و أن الثلثة ثنها و أن عدة أثان الواحد ثانية فإذا جعت الثمن من الدراهم إل الثمن الخر فكان‬ ‫كله ثن طائر فهي ثانية طيور عدة أثان الواحد و تزيد على الثمانية طائرا‪ i‬آخر و هو الشترى بالفلوس الأخوذة أول‪ i‬و على سعر اش تريت‬ ‫بالدراهم فتكون تسعة فأنت ترى كيف خرج لك الواب الضمر بسر التناسب الذي بي أعداد السئلة و الوهم أول ما يلقي إليك ه ذه و‬ ‫أمثالا إنا يعله من قبيل الغيب الذي ل يكن معرفته و ظهر أن التناسب بي المور هو الذي يرج مهولا من معلومها و هذا إنا ه و ف‬ ‫الواقعات الاصلة ف الوجود أو العلم و أما الكائنات الستقبلة إذا ل تعلم أسباب وقوعها و ل يثبت لا خب صادق عنها فهو غيب ل يكن‬ ‫معرفته ل إذا تبي لك ذلك فالعمال الواقعة ف الزايرجة كلها إنا هي ف استخراج الواب من ألفاظ السؤال لنا كما رأي ت اس تنباط‬ ‫حروف على ترتيب من تلك الروف بعينها على ترتيب آخر و سر ذلك إنا هو من تناسب بينهما يطلع عليه بعض دون بعض فمن عرف‬ ‫ذلك التناسب تيسر عليه استخراج ذلك الواب يتلك القواني و الواب يدل ف مقام آخر من حيث موضوع ألفاظه و تراكيبه على وقوع‬ ‫أحد طرف السؤال من نفي أو إثبات و ليس هذا من القام الول بل إنا يرجع لطابقة الكلم لا ف الارج و ل سبيل إل معرفة ذلك م ن‬ ‫هذه العمال بل البشر مجوبون عنه و قد استأثر ال بعلمه و ال يعلم و أنتم ل تعلمون‪.‬‬

‫الباب الثان ف العمران البدوي و المم الوحشية و القبائل و ما يع رض ف‬ ‫ذلك من الحوال و فيه فصول و تهيدات الفصل الول ف أن أجيال البدو‬ ‫و الضر طبيعية‬ ‫إعلم أن اختلف الجيال ف أحوالم إنا هو باختلف نلتهم ف العاش فإن اجتماعهم إنا هو للتعاون على تصيله و البت داء ب ا ه و‬ ‫ضروري منعه و نشيطه قبل الاجي و الكمال فمنهم من يستعمل الفلح من الغراسة و الزراعة و منهم من ينتحل القيام على الي وان م ن‬ ‫الغنم و البقر و العز و النحل و الدود لنتاجها واستخراج فضلتا و هؤلء القائمون على الفلح و اليوان تدعوهم الض رورة و ل ب د إل‬ ‫البدو لنه متسع لا ل يتسع له الواضر من الزارع و الفدن و السارح للحيوان و غي ذلك فكان اختصاص هؤلء بالبدو أمرا‪ i‬ضروريا لم و‬ ‫كان حينئذ اجتماعهم و تعاونم ف حاجاتم و معاشهم و عمرانم من القوت و الكن و الدفء إنا هو بالقدار الذي يفظ الياة و يصل‬ ‫بلغة العيش من غي مزيد عليه للعجز عما وراء ذلك ث إذا اتسعت أحوال هؤلء النتحلي للمعاش و حصل لم ما فوق الاجة م ن الغن و‬ ‫الرفه دعاهم ذلك إل السكون و الدعة و تعاونوا ف الزائد على الضرورة و استكثروا من القوات و اللبس و التأنق فيها و توسعة البيوت و‬ ‫اختطاط الدن و المصار للتحضر ث تزيد أحوال الرفه و الدعة فتجيء عوائد الترف البالغة مبالغها ف التأنق ف علج الق وت و اس تجادة‬ ‫الطابخ و التقاء اللبس الفاخرة ف أنواعها من الرير و الديباج و غي ذلك و معالة البيوت و الصروح و إحكام وضعها ف تنجي دها و‬ ‫النتهاء ف الصنائع ف الروج من القوة إل الفعل إل غايتها فيتخذون القصور و النازل و يرون فيها الياه و يعالون ف صرحها و يب الغون‬ ‫ف تنجيدها و يتلفون ف استجادة ما يتخذونه لعاشهم من ملبوس أو فراش أو آنية أو ماعون و هؤلء هم الصر و معناه الاضرون أه ل‬ ‫المصار و البلدان و من هؤلء من ينتحل معاشه الصنائع و منهم من ينتحل التجارة و تكون مكاسبهم أنى و أرفه من أه ل الب دو لن‬ ‫أحوالم زائدة على الضروري و معاشهم على نسبة و جدهم فقد تبي أن أجيال البدو و الضر طبيعية ل بد منها كما قلناه‪.‬‬

‫الفصل الثان ف أن جيل العرب ف الليقة طبيعي‬ ‫قد قدمنا ف الفصل قبله أن أهل البدر هم النتحلون للمعاش الطبيعي من الفلح و القيام على النعام و أنم مقتصرون على الض روري م ن‬ ‫القوات و اللبس و الساكن و سائر الحوال و العوائد و مقصرون عما فوق ذلك من حاجى أو كمال يتخذون البيوت من الشعر و الوبر‬


‫أو الشجر أو من الطي و الجارة غي منجدة إنا هو قصد الستظلل والكن ل ما وراءه و قد يأوون إل الغيان و الكهوف و أما أق واتم‬ ‫فيتناولون با يسيا‪ i‬بعلج أو بغي علج البتة إل ما مسته النار فمن كان معاشه منهم ف الزراعة و القيام بالفلح كان القام به أول من الظعن‬ ‫و هؤلء سكان الدر و القرى و البال و هم عامة الببر و العاجم و من كان معاشه ف السائمة مثل الغنم و البقر فهم ظعن ف الغل ب‬ ‫لرتياد السارح و الياه ليواناتم فالتقلب ف الرض أصلح بم و يسمون شاوية و معناه القائمون على الشاه و البقر و ل يبعدون ف القفر‬ ‫لفقدان السارح الطيبة و هؤلء مثل الببر و الترك و إخوانم من التركمان و الصقالبة و أما من كان معاشهم ف البل فهم أكثر ظغن ا‪ i‬و‬ ‫أبعد ف القفر مال‪ i‬لن مسارح التلول و نباتا و شجرها ل يستغن با البل ف قوام حياتا عن مراعي الشجر بالقفر وورود مياهه اللحة و‬ ‫التقلب فصل الشتاء ف نواحيه فرارا‪ i‬من أذى البد إل دفء هوائه و طلبا‪ i‬لاخض النتاج ف رماله إذ البل أصعب اليوان فصا ‪i‬ل و ماضا‪ i‬و‬ ‫أحوجها ف ذلك إل الدفء فاضطروا إل إبعاد النجعة و ربا زادتم الامية عن التلول أيضا‪ i‬فأوغلوا ف القفار نفرة عن الضعة منهم فكانوا‬ ‫لذلك أشد الناس توحشا‪ i‬و ينلون من أهل الواضر منلة الوحش غي القدور عليه و الفترس من اليوان العجم و هؤلء هم الع رب و ف‬ ‫معناهم ظعون الببر و زناتة بالغرب له الكراد و التركمان و الترك بالشرق إل أنا العرب أبعد نعة و أشد بداوة لنم متصون بالقيام على‬ ‫البل فقط و هؤلء يقومون عليها و على الشياه و البقر معها فقد تبي لك أن جيل العرب طبيعي ل بد منه ف العم ران و ال س بحانه و‬ ‫تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن البدو أقدم من الضر و سابق عليه و أن البادية أص ل‬ ‫العمران و المصار مدد لا‬ ‫قد ذكرنا أن البدو هم القتصرون على الضروري ف أحوالم العاجزون عما فوقه و أن الضر العتنون باجات الترف و الكمال ف أحوالم‬ ‫و عوائدهم و ل شك أن الضروري أقدم من الاجي و الكمال و سابق عليه و لن الضروري أصل و الكمال فرع ناشىء عنه فالبدو أصل‬ ‫الدن و الضر‪ ،‬و سابق عليهما لن أول مطالب النسان الضروري و ل ينتهي إل الكمال و الترف إل إذا كان الضروري حاصل‪ i‬فخشونة‬ ‫البداوة قبل رقة الضارة و لذا ند التمدن غاية للبدوي يري إليها و ينتهي بسعيه إل مقترحه منها و مت حصل على الرياش الذي يص ل‬ ‫له به أحوال الترف و عوائده عاج إل الدعة و أمكن نفسه إل قياد الدينة و هكذا شأن القبائل التبدية كلهم و الض ري ل يتش وف إل‬ ‫أحوال البادية إل لضرورة تدعوه إليها أو لتقصي عن أحوال أهل مدينته و ما يشهد لنا أن البدو أصل للحضر و متقدم عليه أنا إذا فتشنا أهل‬ ‫مصر من المصار و جدنا أولية أكثرهم من أهل البدو الذين بناحية ذلك الصر و عدلوا إل الدعة و الترف الذي ف الضر و ذلك يدل على‬ ‫أن أحوال الضارة ناشئة عن أحوال البداوة و أنا أصل لا فتفهمه‪ .‬ث إن كل واحد من البدو و الضر متفاوت الحوال من جنسه ف رب‬ ‫حي أعظم من حي و قبيلة أعظم من قبيلة و مصر أوسع من مصر و مدينة أكثر عمرانا‪ i‬من مدينة فقد تبي أن وجود البدو متقدم على وجود‬ ‫الدن و المصار و أصل لا با أن وجود الدن و المصار من عوائد الترف و الدعة الت هي متأخرة عن عوائد الض روري العاش ية و ال‬ ‫أعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع ف أن أهل البدو أقرب إل الي من أهل الضر‬ ‫و سببه أن النفس إذا كانت على الفطرة الول كانت متهيئة لقبول ما يرد‬ ‫عليها و ينطبع فيها من خي أو شر قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يجسانه و بقدر ما‬ ‫سبق إليها من أحد اللقي تبعد عن الخر و يصعب عليها اكتسابه فصاحب الي إذا سبقت إل نفسه عوائد الي و حصلت لا ملكته بعد‬ ‫عن الشر و صعب عليه طريقة و كذا صاحب الشر إذا سبقت إليه أيضا‪ i‬عوائده و أهل الضر لكثرة ما يعانون من فن ون اللذ و ع وائد‬ ‫الترف و القبال على الدنيا و العكوف على شهواتم منها و قد تلونت أنفسهم بكثي من مذمومات اللق و الشر و بعدت عليه م ط رق‬ ‫الي و مسالكه بقدر ما حصل لم من ذلك حت لقد ذهبت عنهم مذاهب الشمة ف أحوالم فتجد الكثي منهم يقذعون ف أقوال الفحشاء‬


‫ف مالسهم و بي كبائهم و أهل مارمهم ل يصدهم عنه و ازع الشمة لا أخذتم به عوائد السوء ف التظاهر بالفواحش ق ول‪ i‬و عمل‪ i‬و‬ ‫أهل البدو و إن كانوا مقبلي على الدنيا مثلهم إل أنه ف القدار الضروري ف الترف و ل ف شيء من أسباب الشهوات و اللذات و دواعيها‬ ‫فعوائدهم ف معاملتم على نسبتها و ما يصل فيهم من مذاهب السوء و مذمومات اللق بالنسبة إل أهل الضر أقل بكثي فهم أقرب إل‬ ‫الفطرة الول و أبعد عما ينطبع ف النفس من سوء اللكات بكثرة العوائد الذمومة و قبحها فيسهل علجهم عن علج الضر و هو ظاهر و‬ ‫قد يتوضح فيما بعد أن الضارة هي ناية العمران و خروجه إل الفساد و ناية الشر و البعد عن الي فقد تبي أن أهل البدو أقرب إل الي‬ ‫من أهل الضر و ال يب التقي و ل يعترض على ذلك با ورد ف صحيح البخاري من قول الجاج لسلمة بن الكوع و قد بلغ ة أن ه‬ ‫خرج إل سكن البادية فقال له ارتددت على عقبيك تعربت فقال ل و لكن رسول ال صلى ال عليه و سلم أذن ل ف الب دو ف اعلم أن‬ ‫الجرة افترضت أول السلم على أهل مكة ليكونوا مع النب صلى ال عليه و سلم حيث حل من الواطن ينصرونه و يظاهرونه على أم ر و‬ ‫يرسونه و ل تكن واجبة على العراب أهل البادية لن أهل مكة يسهم من عصبية النب صلى ال عليه و سلم ف الظاهرة و الراسة م ال‬ ‫يس غيهم من بادية العراب و قد كان الهاجرون يستعيذون بال من التعرب و هو سكن البادية حيث ل تب الجرة و قال ص لى ال‬ ‫عليه و سلم ف حديث سعد بن أب وقاص عند مرضه بكة اللهم أمض لصحاب هجرتم و ل تردهم على أعقابم و معن اه أن ي وفقهم‬ ‫لتلزمه الدينة و عدم التحول عنها فل يرجعوا عن هجرتم الت ابتدأوا با و هو من باب الرجوع على العقب ف الس عي إل وج ه م ن‬ ‫الوجوه و قيل أن ذلك كان خاصا‪ i‬با قبل الفتح حي كانت الاجة داعية إل الجرة لقلة السلمي و أما بعد الفتح و حي كثر السلمون و‬ ‫اعتزوا و تكفل ال لنبيه بالعصمة من الناس فإن الجرة ساقطة حينئذ لقوله صلى ال عليه و سلم ل هجرة بعد الفتح و قيل سقط إنش اوها‬ ‫عمن يسلم بعد الفتح و قيل سقط وجوبا عمن أسلم و هاجر قبل الفتح و الكل ممعون على أنا بعد الوفاة ساقطة لن الصحابة افترقوا من‬ ‫يومئذ ف الفاق و انتشروا و ل يبق إل فضل السكن بالدينة و هو هجرة فقول الجاج لسلمة حي سكن البادية ارتددت عل ى عقبي ك‬ ‫تعربت نعى عليه ف ترك السكن بالدينة بالشارة إل الدعاء الأثور الذي فقدناه و هو قوله ل تردهم على أعقابم و قوله تعربت إشارة إل‬ ‫أنة صار من العراب الذين ل يهاجرون و أجاب سلمة بإنكار ما ألزمه من المرين و أن النب صلى ال عليه و سلم أذن ل ه ف الب در و‬ ‫يكون ذلك خاصا‪ i‬به كشهادة خزية و عناق أب بردة أو يكون الجاج إنا نعى عليه ترك السكن بالدينة فقط لعلمه بسقوط الجرة بع د‬ ‫الوفاة و أجابه سلمة بأن اغتنامه لذن النب صلى ال عليه و سلم أول و أفضل فما آثره به و اختصه إل لعن علمه فيه و على كل تق دير‬ ‫فليس دليل‪ i‬على مذمة البدو الذي عب عنه بالتعرب لن مشروعية الجرة إنا كانت كما علمت لظاهرة النب ص لى ال علي ه و س لم و‬ ‫حراسته ل لذمة البدو فليس ف النعي على ترك هذا الواجب دليل على مذمة التعرب و ال سبحانه أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الامس ف أن أهل البدو أقرب إل الشجاعة من أهل الضر‬ ‫و السبب ف ذلك أن أهل الضر ألقوا جنوبم على مهاد الراحة و الدعة و انغمسوا ف النعيم و الترف و وكلوا أمره م ف الدافع ة ع ن‬ ‫أموالم و أنفسهم إل واليهم و الاكم الذي يسوسهم و الامية الت تولت حراستهم و استناموا إل السوار الت توطهم و ال رز ال ذي‬ ‫يول دونم فل تيجهم هيعة و ل ينفر لم صيد فهم غازون آمنون‪ ،‬قد ألقوا السلح و توالت على ذلك منهم الجيال و تنلوا منلة النساء‬ ‫و الولدان الذين هم عيال على أب مثواهم حت صار ذلك خلقا‪ i‬يتنل منلة الطبيعة و أهل البدو لتفردهم ع ن التجم ع و توحش هم ف‬ ‫الضواحي و بعدهم عن الامية و انتباذهم عن السوار و البواب قائمون بالدافعة عن أنفسهم ل يكلونا إل سواهم و ل يثقون فيها بغيهم‬ ‫فهم دائما‪ i‬يملون السلح و يتلفتون عن كل جانب ف الطرق و يتجافون عن الجوع إل غرارا‪ i‬ف الالس و على الرحال و فوق القتاب و‬ ‫يتوجسون للنبات و اليعات و يتفردون ف القفر و البيداء فدلي بيأسهم واثقي بأنفسهم قد صار لم البأس خلقا‪ i‬و الشجاعة سجنة‪ i‬يرجعون‬ ‫إليه مت دعاهم داع أو استنفرهم صارخ و أهل الضر مهما خالطوهم ف البادية أو صاحبوهم ف السفر عيال عليهم ل يلكون منهم ش يئا‪i‬‬ ‫من أمر أنفسهم و ذلك مشاهد بالعيان حت ف معرفة النواحي و الهات و موارد الياه و مشاريع السبل و سبب ذلك ما ش رحناه و أصله‬ ‫أن النسان ابن عوائده و مألوفه ل ابن طبيعته و مزاجه فالذي ألفه ف الحوال حت صار خلقا‪ i‬و ملكة و عادة تنل منلة الطبيعة و البلة و‬ ‫اعتب ذلك ف الدميي تده كثيا‪ i‬صحيحا‪ i‬و ال يلق ما يشاء‪.‬‬


‫الفصل السادس ف أن معاناة أهل الضر للحكام مفسدة للبأس فيهم ذاهبة‬ ‫بالنعة منهم‬ ‫و ذلك أنه ليس كل أحد مالك أمر نفسه إذ الرؤساء و المراء الالكون لمر الناس قليل بالنسبة إل غيهم فمن الغالب أن يكون النسان ف‬ ‫ملكة غيه‪ ،‬و ل بد فإن كانت اللكة رفيقة و عادلة ل يعان منها حكم و ل منع و صد كان الناس من تت يدها مدلي با ف أنفسهم من‬ ‫شجاعة أو جب واثقي بعدم الوازع حت صار لم الذلل جبلة ل يعرفون سواها و أما إذا كانت اللكة و أحكامها ب القهر و الس طوة و‬ ‫الخافة فتكسر حينئذ من سورة بأسهم و تذهب النعة عنهم لا يكون من التكاسل ف النفوس الضطهدة كما نبينه و قد نى عم ر س عدا‪i‬‬ ‫رضي ال عنهما عن مثلها لا أخذ زهرة بن حوبة سلب الالنوس و كانت قيمته خسة و سبعي ألفا‪ i‬من الذهب و كان أتبع الالنوس ي وم‬ ‫القادسية فقتله و أخذ سلبه فانتزعه منه سعد و قال له هل انتظرت ف أتباعه إذن و كتب إل عمر يستأذنه فكتب إليه عمر تعمد إل مث ل‬ ‫زهرة و قد صلى با صلى به و بقى عليك ما بقى من حربك و تكسر فوقه و تفسد قلبه و أمضى له عمر سلبه و أما إذا كانت الحك ام‬ ‫بالعقاب فمذهبة للبأس بالكلية لن وقوع العقاب به و ل يدافع عن نفسه يكسبه الذلة الت تكسر من سورة بأسه بل شك و أما إذا كانت‬ ‫الحكام تأديبية و تعليمية و أخذت من عند الصبا أثرت ف ذلك بعض الشيء لرباه على الخافة و النقياد فل يكون مدل‪ i‬ببأسه و لذا ند‬ ‫التوحشي من العرب أهل البدو أشد بأسا‪ i‬من تأخذه الحكام و ند أيضا‪ i‬الذين يعانون الحكام و ملكتها من لدن مرباهم ف الت أديب و‬ ‫التعليم ف الصنائع و العلوم و الديانات ينقص ذلك من بأسهم كثيا‪ i‬و ل يكادون يدفعون عن أنفسهم عادية بوجه من الوجوه و هذا ش أن‬ ‫طلبة العلم النتحلي للقراءة و الخذ عن الشايخ و الية المارسي للتعليم و التأديب ف مالس الوقار و اليبة فيهم هذه الحوال و ذهاب ا‬ ‫بالنعة و البأس‪ .‬و ل تستنكر ذلك با وقع ف الصحابة من أخذهم بأحكام الدين و الشريعة و ل ينقص ذلك من بأسهم بل كانوا أشد الناس‬ ‫بأسا‪ i‬لن الشارع صلوات ال عليه لا أخذ السلمون عنه دينهم كان وازعهم فيه من أنفسهم لا تلي عليهم من ال ترغيب و ال ترهيب و ل‬ ‫يكن بتعليم صناعي و ل تأديب تعليمي إنا هي أحكام الذين و آدابه التلقاة نقل‪ i‬يأخذون أنفسهم با با رسخ فيهم من عق ائد الي ان و‬ ‫التصديق فلم تزل سورة بأسهم مستحكمة كما كانت و ل تدشها أظفار التأديب و الكم قال عمر رضي ال عنه ) من ل يؤدبه الشرع ل‬ ‫أدبه ال ( حرصا‪ i‬على أن يكون الوازع لكل أحد من نفسه و يقينا‪ i‬بأن الشارع أعلم بصال العباد و لا تناقص الدين ف الن اس و أخ ذوا‬ ‫بالحكام الوازعة ث صار الشرع علما‪ i‬و صناعة يؤخز بالتعليم و التأديب و رجع الناس إل الضارة و خلق النقياد إل الحكام نقص ت‬ ‫يذلك سورة البأس فيهم فقد تبي أن الحكام السلطانية و التعليمية مفسدة للبأس لن الوازع فيها ذات و لذا كانت هذه الحكام السلطانية‬ ‫و التعليم ما تؤثر ف أهل الواضر ف ضعف نفوسهم و حضد الشوكة منهم بعاناتم ف وليدهم و كهولم و البدو بعزل من ه ذه النل ة‬ ‫لبعدهم عن أحكام السلطان و التعليم و الداب و لذا قال ممد بن أب زيد ف كتابه ف أحكام العلمي و التعلمي ) أنه ل ينبغي للمؤدب‬ ‫أن يضرب أحدا‪ i‬من الصبيان ف التعليم فوق ثلثة أسواط ( نقله عن شريح القاضي و احتج له بعضهم با وقع ف حديث بدء ال وحي م ن‬ ‫شأن الغط و أنه كان ثلث مرات و هو ضعيف و ل يصلح شأن الغط أن يكون دليل‪ i‬على ذلك لبعده عن التعليم التعارف و ال الكي م‬ ‫البي‪.‬‬

‫الفصل السابع ف أن سكن البدو ل تكون إل للقبائل أهل العصبية‬ ‫إعلم أن ال سبحانه ركب ف طبائع البشر الي و الشر كما قال تعال و هديناه النجدين و قال فألمها فجورها و تقواها و الش ر أق رب‬ ‫اللل إليه إذا أهل ف مرعى عوائده و ل يهذبه القتداء بالدين و على ذلك الم الغفي إل من وفقه ال و من أخلق البشر فيهم الظل م و‬ ‫العدوان بعض على بعض فمن امتدت عينه إل متاع أخيه فقل امتدت يده إل أخذه إل أن يصده وازع كما قال‪:‬‬ ‫و الظلم من شيم النفوس فإن تد ذا عفة فلعلة ل يظلم‬


‫فأما الدن و المصار فعدوان بعضهم على بعض‪ ،‬تدفعه الكام و الدولة با قبضوا على أيدي من تتهم من الكافة أن يتد بعضهم على بعض‬ ‫أو يدو عليه فهم مكبوحون بكمة القهر و السلطان عن التظال إل إذا كان من الاكم بنفسه و أما العدوان الذي من خال الدينة في دفعه‬ ‫سياج السوار عند الغفلة أو الغرة ليل‪ i‬أو العجز عن القاومة نارا‪ i‬أو يدفعه ازدياد الامية من أعوان الدولة عند الستعداد و القاومة و أم ا‬ ‫أحياء البدو فيزع بعضهم عن بعض مشائخهم و كباؤهم با وفر ف نفوس الكافة لم من الوقار و التجلة و أما حللهم فإنا يذود عنها م ن‬ ‫خارج حامية الي من أنادهم و فتيانم العروفي بالشجاعة فيهم و ل يصدق دفاعهم و ذيادهم إل إذا كانوا عصبية و أهل نسب واح د‬ ‫لنم بذلك تشتد شوكتهم و يشى جانبهم إذ نعرة كل أحد على نسبه و عصبيته أهم و ما جعل ال ف قلوب عباده من الشفقة و النع رة‬ ‫على ذوي أرحامهم و قرباهم موجودة ف الطبائع البشرية و با يكون التعاضد و التناصر و تعظم رهبة العدو لم و اعتب ذلك فيما حك اة‬ ‫القرآن عن اخوة يوسف عليه السلم حي قالوا لبيه لئن أكلة الذئب و نن عصبة إل إذا‪ i‬لاسرون و العن أنه ل يتوهم العدوان على أحد‬ ‫مع وجود العصبة له و أما التفردون ف أنسابم فقل أن تصيب أحدا‪ i‬منهم نعرة على صاحبه فإذا أظلم الو بالشر يوم الرب تس لل ك ل‬ ‫واحد منهم يبغي النجاة لنفسه خيفة و استيحاشا‪ i‬من التخاذل فل يقدرون من أجل ذلك على سكن القفر لا أنم حينئذ طعمة لن يلتهمهم‬ ‫من المم سواهم و إذا تبي ذلك ف السكن الت تتاج للمدافعة و الماية فبمثله يتبي لك ف كل أمر يمل الناس عليه من نبؤة أو إقام ة‬ ‫ملك أو دعوة إذ بلوغ الغرض من ذلك كله إنا يتم بالقتال عليه لا ف طبائع البشر من الستعصاء و ل بد ف القتال من العصبية كما ذكرناه‬ ‫آنفا‪ i‬فاتذه إماما‪ i‬تقتدي به فيما نورده عليك بعد و ال الوفق للصواب‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف أن العصبية إنا تكون من اللتحام بالنسب أو ما ف معناه‬ ‫و ذلك أن صلة الرحم طبيعي ف البشر إل ف القل و من صلتها النعرة على ذوي القرب و أهل الرحام أن ينالم ضيم أو تصيبهم هلكة فإن‬ ‫القريب يد ف نفسه غضاضة من ظلم قريبه أو العداء عليه و يود لو يول بينه و بي ما يصله من العاطب و الهالك نزعة طبيعية ف البش ر‬ ‫مذ كانوا فإذا كان النسب التواصل بي التناصرين قريبا‪ i‬جدا‪ i‬بيث حصل به التاد و اللتحام كانت الوصلة ظ اهرة فاس تدعت ذل ك‬ ‫بجردها و وضوحها و إذا بعد النسب بعض الشيء فربا تنوسي بعضها و يبقى منها شهر فتحمل على النصرة لذري نسبه بالمر الش هور‬ ‫منه فرارا‪ i‬من الغضاضة الت يتوهها ف نفسه من ظلم من هو منسوب إليه بوجه و من هذا الباب الولء و اللف إذ نعرة كل أحد على أهل‬ ‫ولئه و حلفه لللفة الت تلحق‪ ،‬النفس من اهتضام جارها أوقريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب و ذلك لجل اللحمة الاص لة م ن‬ ‫الولء مثل لمة النسب أو قريبا‪ i‬منها و من هذا تفهم معن قوله صلى ال عليه و سلم تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرح امكم بعن أن‬ ‫النسب إنا فائدته هذا اللتحام الذي يوجب صلة الرحام حت تقع الناصرة و النعرة و ما فوق ذلك مستغن عنه إذ النسب أمر وه ي ل‬ ‫حقيقة له و نفعه إنا هو ف هذه الوصلة و اللتحام فإذا كان ظاهرا‪ i‬واضحا‪ i‬حل النفوس على طبيعتها من النعرة كما قلناه وإذا ك ان إن ا‬ ‫يستفاد من الب البعيد ضعف فيه الوهم و ذهبت فائدته و صار الشغل به مانا‪ i‬و من أعمال اللهو النهي عنه و من هذا العتبار معن قولم‬ ‫النسب علم ل ينفع و جهالة ل تضر بعن أن النسب إذا خرج عن الوضوح و صار من قبيل العلوم ذهبت فائدة الوهم فيه ع ن النف س و‬ ‫انتفعت النعرة الت تمل عليها العصبية فل منفعة فيه حينئذ و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أن الصريح من النسب إنا يوحد للمتوحشي ف القفر من‬ ‫العرب و من ف معناهم‬ ‫و ذلك لا اختصوا به من نكد العيش و شظف الحوال و سوء الواطن حلتهم عليها الضرورة الت عينت لم تلك القسمة و هي لا ك ان‬ ‫معاشهم من القيام على البل و نتاجها و رعايتها و البل تدعوهم إل التوحش ف القفر لرعيها من شجره و نتاجها ف رماله كما تق دم و‬ ‫القفر مكان الشظف و السغب فصار لم إلفا‪ i‬و عادة و ربيت فيه أجيالم حت تكنت خلقا‪ i‬و جبلة فل ينع إليها أح د م ن الم م أن‬ ‫يساههم ف حالم و ل يأنس بم أحد من الجيال بل لو وجد واحد منهم السبيل إل الفرار من حاله و أمكنه ذلك لا تركه فيؤمن عليه م‬


‫لجل ذلك من اختلط أنسابم و فسادها و ل تزال بينهم مفوظة صرية و اعتب ذلك ف مضر من قريش وكنانة و ثقي ف و بن أس د و‬ ‫هديل و من جاورهم من خزاعة لا كانوا أهل شظف و مواطن غي ذات زرع و ل ضرع و بعدوا من أرياف الشام و العراق و معادن الدم‬ ‫و البوب كيف كانت أنسابم صرية مفوظة ل يدخلها اختلط و ل عرف فيها شوب‪ .‬و أما العرب الذين كانوا ب التلول و ف مع ادن‬ ‫الصب للمراعي و العيش من حي و كهلل مثل لم و جذام و غسان و طي و قضاعة و إياد فاختلطت أنسابم و تداخلت شعوبم ففي‬ ‫كل واحد من بيوتم من اللف عند الناس ما تعرف و إنا جاءهم ذلك من قبل العجم و مالطتهم و هم ل يعتبون الافظة على النس ب‬ ‫ف بيوتم و شعوبم و إنا هذا للعرب فقط‪ .‬قال عمر رضي ال تعال عنه ) تعلموا النسب و ل تكونوا كنبط السواد ( إذا سئل أحدهم عن‬ ‫أصله قال من قرية كذا هذا أي ما لق هؤلء العرب أهل الرياف من الزدحام مع الناس على البلد الطيب و الراع ي الص يبة فك ثر‬ ‫الختلط و تداخلت النساب و قد كان وقع ف صدر السلم النتماء إل الواطن فيقال جند قنسرين جند دمشق جند العواصم و انتق ل‬ ‫ذلك إل الندلس و ل يكن لطراح العرب أمر النسب و إنا كان لختصاصهم بالواطن بعد الفتح حت عرفوا با و صارت لم علمة زائدة‬ ‫على النسب يتميزون با عند أمرائهم ث وقع الختلط ف الواضر مع العجم و غيهم و فسدت النساب بالملة و فق دت ثرت ا م ن‬ ‫العصبية فاطرحت ث تلشت القبائل و دثرت فدثرت العصبية بدثورها و بقي ذلك ف البدو كما كان و ال وارث الرض و من عليها‪.‬‬

‫الفصل العاشر ف اختلط النساب كيف يقع‬ ‫إعلم أنه من البي أن بعضا‪ i‬من أهل النساب يسقط إل أهل نسب آخر بقرابة إليهم أو حلف أو ولء أو لفرار من قومه بناية أصابا فيدعي‬ ‫بنسب هؤلء و يعد منهم ف ثراته من النعرة و القود و حل الديات و سائر الحوال و إذا و جدت ثرات النسب فكأنه وجد لنه ل معن‬ ‫لكونه من هؤلء و من هؤلء إل جريان أحكامهم و أحوالم عليه و كأنه التحم بم ث أنه قد يتناسى النسب الول بطول الزمان و يذهب‬ ‫أهل العليم به فيخفى على الكثر و ما زالت النساب تسقط من شعب إل شعب و يلتحم قوم بآخرين ف الاهلية و السلم و الع رب و‬ ‫العجم‪ .‬و انظر خلف الناس ف نسب أن النذر و غيهم يتبي لك شيء من ذلك و منه شأن بيلة ف عرفجة بن هرثة لا وله عمر عليهم‬ ‫فسألوه العفاء منه و قالوا هو فينا لزيق أي دخيل و لصيق و طلبوا أن يول عليهم جريرا‪ i‬فسأله عمر عن ذلك فقال عرفجة صدقوا ي ا أمي‬ ‫الؤمني أنا رجل من الزد أصبت دما‪ i‬ف قومي و لقت بم و انظر منه كيف اختلط عرفجة ببجيلة و لبس جلدتم و دعي بنسبهم ح ت‬ ‫ترشح للرئاسة عليهم لول علم بعضهم بوشائجه و لو غفلوا عن ذلك و امتد الزمن لتنوسي بالملة و عد منهم بكل وجه و مذهب فافهمه‬ ‫و اعتب سر ال ف خليقته و مثل هذا كثي لذا العهد و لا قبله من العهود و ال الوفق للصواب بنه و فضله و كرمه‪.‬‬

‫الفصل الادي عشر ف أن الرئاسة ل تزال ف نصابا الخصوص من أه‬ ‫الصبية‬

‫ل‬

‫إعلم أن كل حي أو بطن من القبائل وإن كانوا عصابة واحدة لنسبهم العام ففيهم أيضا‪ i‬عصبيات أخرى لنساب خاصة هي أشد التحاما‪ i‬من‬ ‫النسب العام لم مثل عشي واحد أو أهل بيت واحد أو اخوة بن أب واحد ل مثل بن الم القربي أو البعدين فه ؤلء أقع د بنس بهم‬ ‫الخصوص و يشاركون من سواهم من العصائب ف النسب العام و النعرة تقع من أهل نسبهم الخصوص و من أهل النسب العام إل أنا ف‬ ‫النسب الاص أشد لقرب اللحمة و الرئاسة فيهم إنا تكون ف نصاب واحد منهم و ل تكون ف الكل و لا كانت الرئاسة إنا تكون بالغلب‬ ‫وجب أن تكون عصبية ذلك النصاب أقوى من سائر العصائب ليقع الغلب با و تتم الرئاسة لهلها فإذا وجب ذلك تعي أن الرئاسة عليهم‬ ‫ل تزال ف ذلك النصاب الخصوص بأهل الغلب عليهم إذ لو خرجت عنهم و صارت ف العصائب الخرى النازلة عن عصابتهم ف الغلب‬ ‫لا تفت لم الرئاسة فل تزال ف ذلك النصاب متناقلة من فرع منهم إل فرع و ل تنتقل إل إل القوى من فروعه لا قلناه من سر الغلب لن‬ ‫الجتماع و العصبية بثابة الزاج للمتكون و الزاج ف التكون ل يصلح إذا تكافأت العناصر فل بد من غلبة أحدها و إل ل يت م التك وين‬ ‫فهذا هو سر اشتراط الغلب ف العصبية و منه تعي استمرار الرئاسة ف النصاب الخصوص با كما قررناه‪.‬‬


‫الفصل الثان عشر ف أن الرئاسة على أهل الصبية ل تكون ف غي نسبهم‬ ‫و ذلك أن الرئاسة ل تكون إل بالغلب و الغلب إنا يكون بالعصبية كما قدمناه فل بد ف الرئاسة على القوم أن تكون من عص بية غالب ة‬ ‫لعصبياتم واحدة واحدة لن كل عصبية منهم إذا أحست بغلب عصبية الرئيس لم أقروا بالذعان و التباع و الساقط ف نسبهم بالملة ل‬ ‫تكون له عصبية فيهم بالنسب إنا هو ملصق لزيق و غاية التعصب له بالولء و اللف و ذلك ل يوجب له غلبا‪ i‬عليهم البتة و إذا فرضنا أنه‬ ‫قد التحم بم و اختلط و تنوسي عهده الول من اللتصاق و لبس جلدتم و دعي بنسبهم فكيف له الرئاسة قبل هذا اللتحام أو لحد من‬ ‫سلفه و الرئاسة على القوم إنا تكون متناقلة ف منبت واحد تعي له الغلب بالعصبية فالولية الت كانت لذا اللصق قد عرف فيها التص اقه‬ ‫من غي شك و منعة ذلك اللتصاق من الرئاسة حينئذ فكيف تنوقلت عنه و هو على حال اللصاق و الرئاسة ل بد و أن تكون موروثة عن‬ ‫مستحقها لا قلناه من التغلب بالعصبية و قد يتشوف كثي من الرؤساء على القبائل و العصائب إل أنساب يلهجون با إما لصوصية فصيلة‬ ‫كانت ف أهل ذلك النسب من شجاعة أو كرم أو ذكر كيف اتفق فينعون إل ذلك النسب و يتورطون بالدعوى ف شعوبه و ل يعلم ون‬ ‫ما يوقعون فيه أنفسهم من القدح ف رئاستهم و الطعن ف شرفهم و هذا كثي ف الناس لذا العهد فمن ذلك ما يدعيه زناتة جلة أنم م ن‬ ‫العرب و منه ادعاء أولد رباب العروفي بالجازيي من بن عامر أحد شعوب زغبة أنم من بن سليم ث من الشريد منهم لق جدهم ببن‬ ‫عامر نارا‪ i‬يصنع الرجان و أختلط بم و التحم بنسبهم حت رأس عليهم و يسمونه الجازي‪ .‬و من ذلك ادعاء بن عبد القوي بن العباس‬ ‫بن توجي أنم من ولد العباس بن عبد الطلب رغبة ف هذا النسب الشريف و غلطا باسم العباس بن عطية أب عبد القوي و ل يعلم دخول‬ ‫أحد من العباسي إل الغرب لنه كان منذ أول دولتيهم على دعوة العلويي أعدائهم من الدارسة و العبيديي فكيف يكون من سبط العباس‬ ‫أحد من شيعة العلويي من و كذلك ما يدعيه أبناء زيان ملوك تلمسان من بن عبد الواحد أنم من ولد القاسم بن إدريس ذهاب ا‪ i‬إل م ا‬ ‫اشتهر ف نسبهم أنم من ولد القاسم فيقولون بلسانم الزنات أنت القاسم أي بنو القاسم ث يدعون أن القاسم هذا هو القاسم بن إدريس أو‬ ‫القاسم بن ممد بن إدريس و لو كان ذلك صحيحا‪ i‬فغاية القاسم هذا أنه فر من مكان سلطانه مستجيا‪ i‬بم فكيف تتم له الرئاسة عليهم ف‬ ‫باديتهم و إنا هو غلط من قبل اسم القاسم فإنه كثي الوجود ف الدارسة فتوهوا أن قاسهم من ذلك النسب و هم غي متاجي لذلك فإن‬ ‫منالم للملك و العزة إنا كان بعصبيتهم و ل يكن بادعاء علوية و ل عباسية و ل شيء من النساب و إنا يمل على ه ذا التقرب ون إل‬ ‫اللوك بنازعهم و مذاهبهم و يشتهر حت يبعد عن الرد و لقد بلغن عن يغمراسن بن زيان مؤئل سلطانم أنه لا قيل له ذلك أنكره و ق ال‬ ‫بلغته الزناتية ما معناه أما الدنيا و اللك فنلناها بسيوفنا ل بذا النسب و أما نفعهما ف الخرة فمردود إل ال و أعرض عن التقرب إليه م ا‬ ‫بذلك‪ .‬و من هذا الباب ما يدعيه بنو سعد شيوخ بن يزيد من زغبة أنم من ولد أب بكر الصديق رضي ال عنه و بنو س لمة ش يوخ بن‬ ‫يدللت من توجي أنم من سليم و الزواودة شيوخ رياح أنم من أعقاب البامكة و كذا بنو مهنا أمراء طيء بالشرق يدعون فيما بلغنا أنم‬ ‫من أعقابم و أمثال ذلك كثي و رئاستهم ف قومهم مانعة من ادعاء هذه النساب كما ذكرناه بل تعي أن يكونوا من صريح ذلك النسب‬ ‫و أقوى عصبياته فاعتبه و اجتنب الغالط فيه و ل تعل من هذا الباب إلاق مهدي الوحدين بنسب العلوية فإن الهدي ل يكن من منبت‬ ‫الرئاسة ف هرثة قومه‪ ،‬و إنا رأس عليهم بعد اشتهاره بالعلم و الدين و دخول قبائل الصامدة ف دعوته و كان مع ذلك من أهل الن ابت‬ ‫التوسطة فيهم و ال عال الغيب و الشهادة‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر ف أن البيت و الشرف بالصالة و القيقة لهل الصبية‬ ‫و يكون لغيهم بالاز و الشبه‬ ‫و ذلك أن الشرف و السب إنا هو باللل و معن البيت أن يعد الرجل ف آبائه أشرافا مذكورين يكون له بولدتم إياه و النتساب إليهم‬ ‫تلة ف أهل جلدته لا و قر ف نفوسهم من تلة سلفه و شرفهم بللم و الناس ف نشأتم و تناسلهم معادن قال صلى ال عليه و سلم الناس‬


‫معادن خيارهم ف الاهلية خيارهم ف السلم إذا فقهوا فمعن السب راجع إل النساب و قد بينا أن ثرة النساب و فائدتا إن ا ه ي‬ ‫العصبية للنعرة و التناصر فحيث تكون العصبية مرهوبة و النبت فيها زكي ممى تكون فائدة النسب أو صح و ثرت ا أق وى و تعدي د‬ ‫الشراف من الباء زائد ف فائدتا فيكون السب و الشرف أصليي ف أهل العصبية لوجود ثرة النسب و تفاوت البيوت ف هذا الش رف‬ ‫بتفاوت العصبية لنه سيها و ل يكون للمنفردين من‪ ،‬أهل المصار بيت إل بالاز و إن توهوه فزخرف م ن ال دعاوى و إذا اعت بت‬ ‫السب ف أهل المصار و جدت معناه أن الرجل منهم يعد سلفا‪ i‬ف خلل الي و مالطة أهله مع الركون إل العافية ما اس تطاع و ه ذا‬ ‫مغاير لسر العصبية الت هي ثرة النسب و تعديد الباء لكنه يطلق عليه حسب وبيت بالاز لعلمة ما فيه من تعديد الباء التع اقبي عل ى‬ ‫طريقة واحدة من الي و مسالكه و ليس حسبا‪ i‬بالقيقة و على الطلق و أن ثبت إنه حقيقة فيهما بالوضع اللغوي فيكون من الش كك‬ ‫الذي هو ف بعض مواضعه أول و قد يكون للبيت شرف أول بالعصبية و اللل ث ينسلخون منه لذهابا بالضارة كما تقدم و يتلط ون‬ ‫بالغمار و يبقى ف نفوسهم وسواس ذلك السب يعدون به أنفسهم من أشراف البيوتات أهل العصائب و ليسوا منها ف ش يء ل ذهاب‬ ‫العصبية جلة و كثي من أهل المصار الناشئي ف بيوت العرب أو العجم لول عهدهم موسوسون بذلك و أكثر ما رسخ الوسواس ف ذلك‬ ‫لبن إسرائيل فإنه كان لم بيت من أعظم بيوت العال بالنبت أول‪ i‬لا تعدد ف سلفهم من النبياء و الرسل من لدن إبراهيم عليه الس لم إل‬ ‫موسى صاحب ملتهم و شريعتهم ث بالعصبية ثانيا‪ i‬و ما أتاهم ال با من اللك الذي وعدهم به ث انسلخوا من ذلك أجع و ضربت عليهم‬ ‫الذلة و السكنة و كتب عليهم اللء ف الرض و انفردوا بالستعباد للكفر آلفا‪ i‬من السني و ما زال هذا الوسواس مصاحبا‪ i‬لم فتج دهم‬ ‫يقولون هذا هارون هذا من نسل يوشع هذا من عقب كالب هذا من سبط يهوذا مع ذهاب العصبية و رسوخ الذل فيهم من ذ أحق اب‬ ‫متطاولة و كثي من أهل المصار و غيهم النقطعي ف أنسابم عن العصبية يذهب إل هذا الذيان و قد غلط أبو الوليد بن رشد ف هذا لا‬ ‫ذكر السب ف كتاب الطابة من تلخيص كتاب العلم الول و السب هو أن يكون من قوم قدي نزلم بالدينة و ل يتعرض لا ذكرناه و‬ ‫ليت شعري ما الذي ينفعه قدم نزلم بالدينة إنا ل تكن له عصابة يرهب با جانبه و تمل غيهم على القبول منه فكأنه أطلق السب على‬ ‫تعديد الباء فقط مع أن الطابة إنا هي استمالة من تؤثر استمالته و هم أهل الل و العقد و أما من ل قدرة له البتة فل يلتف ت إلي ه و ل‬ ‫يقدر على استمالة أحد و ل يستمال هو و أهل المصار من الضر بذه الثابة إل أن ابن رشد ربا ف جبل و بلد و ل يارسوا العصبية و ل‬ ‫أنسوا أحوالم فبقي ف أمر البيت و السب على المر الشهور من تعديد الباء على الطلق و ل يراجع فيه حقيقة العص بية و س رها ف‬ ‫الليقة و ال بكل شيء عليم‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ف أن البيت و الشرف للموال و أهل الصطناع إنا هو‬ ‫بواليهم ل بأنسابم‬ ‫و ذلك أنا قدمنا أن الشرف بالصالة و القيقة إنا هو لهل العصبية فإذا اصطنع أهل العصبية قوما‪ i‬من غي نسبهم أو اس ترقوا العب دان و‬ ‫الوال و التحموا به كما قلناه ضرب معهم أولئك الوال و الصطنعون بنسبهم ف تلك العصبية و لبسوا جلدتا كأنا عصبتهم و حصل لم‬ ‫من النتظام ف العصبية مساهة ف نسبها كما قال صلى ال تعال عليه و سلم مول القوم منهم و سواء كال مول رق أو مول اص طناع و‬ ‫حلف و ليس نسب ولدته بنافع له ف تلك العصبية إذ هي مباينة لذلك النسب و عصبية ذلك النسب مفقودة لذهاب سرها عند التح امه‬ ‫بذا النسب الخر و فقدانه أهل عصبيتها فيصي من هؤلء و يندرج فيهم فإذا تددت له الباء ف هذه العصبية كان له بينهم شرف و بي ت‬ ‫على نسبته ف ولئهم و اصطناعهم ل يتجاوزه إل شرفهم بل يكون أدون منهم على كل حال و هذا شأن الوال ف الدول و الدمة كلهم‬ ‫فإنم إنا يشرفون بالرسوخ ف‪ ،‬ولء الدولة و خدمتها و تعدد الباء ف وليتها أل ترى إل موال التراك ف دولة بن العباس و إل بن برمك‬ ‫من قبليهم و بن نوبت كيف أدركوا البيت و الشرف و بنوا الد و الصالة بالرسوخ ف ولء الدولة فكان جعفر بن يي بن خال د م ن‬ ‫أعظم الناس بيتا‪ i‬و شرفا‪ i‬بالنتساب إل ولء الرشيد و قومه ل بالنتساب ف الفرس و كذا موال كل دولة و خدمها إنا يكون لم البيت و‬ ‫السب بالرسوخ ف ولئها و الصالة ف اصطناعها و يضمحل نسبه القدم من غي نسبها و يبقى ملغى ل عبة به ف أصالته و مده و إن ا‬


‫العتب نسبة ولئه و اصطناعه إذ فيه سر العصبية الت با البيت و الشرف فكان شرفه مشتقا‪ i‬من شرف مواليه و بناؤه من بنائهم فلم ينفع ه‬ ‫نسب ولدته و إنا بن مده نسب الولء ف الدولة و لمة الصطناع فيها و التربية و قد يكون نسبه الول ف لمة عصبته و دولت ه ف إذا‬ ‫ذهبت و صار ولوه و اصطناعه ف أخرى ل تنفعه الول لذهاب عصبيتها و انتفع بالثانية لوجودها و هذا حال بن برمك إذ النقول أن م‬ ‫كانوا أهل بيت ف الفرس من سدنة بيوت النار عندهم و لا صاروا إل ولء بن العباس ل يكن بالول اعتبار و إنا كان شرفهم من حي ث‬ ‫وليتهم ف الدولة و اصطناعهم و ما سوى هذا فوهم توسوس به النفوس الامة و ل حقيقة له و الوجود شاهد با قلناه ل إن أكرمكم عند‬ ‫ال أتقاكم و ال و رسوله أعلم‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف أن ناية السب ف العقب الواحد أربعة آباء‬ ‫إعلم أن العال العنصري با فيه كائن فاسد ل من ذواته و ل من أحواله و الكونات من العدن و النبات و جيع اليوانات النس ان و غيه‬ ‫كائنة فاسدة بالعاينة و كذلك ما يعرض لا من الحوال و خصوصا النسانية فالعلوم تنشأ ث تدرس و كذا الصنائع و أمثالا و السب من‬ ‫العوارض الت تعرض للدميي فهو كائن فاسد ل مالة و ليس يوجد لحد من أهل الليقة شرف متصل ف آبائه من لدن آدم إلي ه إل م ا‬ ‫كان من ذلك للنب صلى ال عليه و سلم كرامة به و حياطة‪ i‬على السر فيه و أول كل شرف خارجية كما قيل‪ ،‬و هي الروج عن الرئاسة‬ ‫و الشرف إل الضعة و البتذال و عدم السب و معناه أن كل شرف و حسب فعدمه سابق عليه شأن كل مدث ث إن نايته ف أربعة آباء‬ ‫و ذلك أن بان الد عال يا عاناه ف بنائه و مافظ على اللل الت هي أسباب كونه و بقائه و ابنه من بعده مباشر لبيه فقد سع منه ذلك‬ ‫و أخذه عنه إل أنه مقصر ف ذلك تقصي السامع بالشيء عن العان له ث إذا جاء الثالث كان حظه القتفاء و التقليد خاصة فقصر عن الثان‬ ‫تقصي القلد عن التهد ث إذا جاء الرابع قصر عن طريقتيهم جلة و أضاع اللل الافظة لبناء مدهم و احتقرها و توهم أن ذلك البنيان ل‬ ‫يكن بعاناة و ل تكلف و إنا هو أمر وجب لم منذ أول النشأة بجرد انتسابم و ليس بعصابة و ل بلل لا يرى من التجلة بي الناس و ل‬ ‫يعلم كيف كان حدوثها و ل سببها و يتوهم أنه النسب فقط فيبأ بنفسه عن أهل عصيته و يرى الفصل له عليهم وثوقا‪ i‬با رب في ه م ن‬ ‫استتباعهم و جهل‪ i‬با أوجب ذلك الستتباع من اللل الت منها التواضع لم و الخذ بجامع قلوبم فيحتقرهم بذلك فينغص ون علي ه و‬ ‫يتقرونه و يديلون منه سواه من أهل ذلك النبت و من فروعه ف غي ذلك العقب للذعان لعصبيتهم كما قلناه بعد الوثوق با يرضونه م ن‬ ‫خلله فتنمو فروع هذا و تذوي فروع الول و ينهدم بناء بيته هذا ف اللوك و هكذا ف بيوت القبائل و المراء و أهل العصبية أج ع ث ف‬ ‫بيوت أهل المصار إذا تطمت بيوت نشأت بيوت أخرى من ذلك النسب إن يشأ يذهبكم ويأت بلق جديد * وما ذلك على ال بعزيز و‬ ‫اشتراط الربعة ف الحساب إنا هو ف الغالب و إل فقد يدثر البيت من دون الربعة و يتلشى و ينهدم و قد يتصل أمرها إل ال امس و‬ ‫السادس إل أنه ف انطاط و ذهاب و اعتبار الربعة من قبل الجيال الربعة بأن و مباشر له و مقلد و هادم و هو أقل ما يكن و قد اعتبت‬ ‫الربعة ف ناية السب ف باب الدح و الثناء قال صلى ال عليه و سلم إنا الكري ابن الكري ابن الكري ابن الكري يوسف بن يعقوب ب ن‬ ‫إسحاق بن إبراهيم إشارة إل أنه بلغ الغاية من الد و ف التوراة ما معناه أن ال ربك طائق غيور مطالب بذنوب الباء للبني على الثوالث و‬ ‫الروابع و هذا يدل على أن الربعة العقاب غاية ف النساب و السب‪ .‬و ف كتاب الغان ف أخبار عزيف الغ وان أن كس رى ق ال‬ ‫للنعمان هل ف العرب قبيلة تتشرف على قبيلة قال نعم قال بأي شيء قال من كان له ثلثة آباء متوالية رؤساء ث تصل ذلك بكمال الراب ع‬ ‫فالبيت من قبيلته و طلب ذلك فلم يده إل ف آل حذيفة بن بدر الفزاري و هم بيت قيس و آل ذي الدين بيت شيبان و آل الشعث بن‬ ‫قيس من كندة و آل حاجب بن زرارة و آل قيس بن عاصم النقري من بن تيم فجمع هؤلء الرهط و من تبعهم من عشائرهم و أقعد لم‬ ‫الكام و العدول فقام حذيفة بن بدر ث الشعث بن قيس لقرابته من النعمان ث بسطام بن قيس بن شيبان ث حاجب بن زرارة ث قيس ب ن‬ ‫عاصم و خطبوا و نثروا فقال كسرى كلهم سيد يصلح لوضعه و كانت هذه البيوتات هي الذكورة ف العرب بعد بن هاشم و معهم بيت‬ ‫بن الذبيان من بن الرث بن كعب اليمن و هذا كله يدل على أن الربعة الباء ناية ف السب و ال أعلم‪.‬‬


‫الفصل السادس عشر ف أن المم الوحشية أقدر على التغلب من سواها‬ ‫إعلم أنه لا كانت البداوة سببا‪ i‬ف الشجاعة كما قلناه ف القدمة الثالثة ل جرم كان هذا اليل الوحشي أشد شجاعة من اليل الخر فه م‬ ‫أقدر على التغلب و انتزاع ما ف أيدي سواهم من المم بل اليل الواحد تتلف أحواله ف ذلك باختلف العصار فكلما نزلوا الرياف و‬ ‫تفنقوا النعيم و ألفوا عوائد الصب ف العاش و النعيم‪ ،‬نقص من شجاعتهم بقدار ما نقص من توحشهم و ب داوتم و اعت ب ذل ك ف‬ ‫اليوانات العجم بدواجن الظباء و البقر الوحشية و الفر إذا زال توحشها بخالطة الدميي و أخصب عيشها كي ف يتل ف حال ا ف‬ ‫النتهاض و الشدة حت ف مشيتها و حسن أديها و كذلك الدمي التوحش إذا أنس و ألف و سببه أن تكون السجايا و الطباخ إنا هو عن‬ ‫الألوفات و العوائد و إذا كان الغلب للمم إنا يكون بالقدام و البسالة فمن كان من هذه الجيال أعرق ف البداوة و أكثر توحشا‪ i‬ك ان‬ ‫أقرب إل التغلب على سواه إذا تقاربا ف العدد و تكافآ ف القوة العصبية و انظر ف ذلك شأن مضر مع م ن قبله م م ن حي و كهلن‬ ‫السابقي إل اللك و النعيم و مع ربيعة التوطني أرياف العراق و نعيمه لا بقي مضر ف بداوتم و تقدمهم الخرون إل خصب العي ش و‬ ‫غضارة النعيم كيف أرهفت البداوة حدهم ف التغلب فغلبوهم على ما ف أيديهم و انتزعوه منهم و هذا ح ال بن طيء و بن ع امر ب ن‬ ‫صعصعة و بن سليم بن منصور و من بعدهم لا تأخروا ف باديتهم عن سائر قبائل مضر و اليمن و ل يتلبسوا بشيء م ن دني اهم كي ف‬ ‫أمسكت حال البداوة عليهم قوة عصبيتهم و ل تلفها مذاهب الترف حت صاروا أغلب على المر منهم و كذا كل حي من العرب يل ي‬ ‫نعيما‪ i‬و عيشا‪ i‬خصبا‪ i‬دون الي الخر فإن الي التبدي‪ ،‬يكون أغلب له و أقدر عليه إذا تكافآ ف القوة و العدد سنة ال ف خلقه‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر ف أن الغاية الت تري إليها العصبية هي اللك‬ ‫و ذلك لنا قدمنا أن العصبية با تكون الماية و الدافعة و الطالبة و كل أمر يتمع عليه و قدمنا أن الدميي بالطبيعة النسانيه يتاجون ف‬ ‫كل اجتماع إل وازع و حاكم يزع بعضهم عن بعض فل بد أن يكون متغلبا‪ i‬عليهم بتلك العصبية و إل ل تتم قدرته على ذل ك و ه ذا‬ ‫التغلب هو اللك و هو أمر زائد على الرئاسة لن الرئاسة إنا هي سؤدد و صاحبها متبوع و ليس له عليهم قهر ف أحكامه و أما اللك فهو‬ ‫التغلب و الكم بالقهر و صاحبها متبوع و ليس له عليهم قهر ف أحكامه‪ .‬و أما اللك فهو التغلب و الكم بالقوة و صاحب العص بية إذا‬ ‫بلغ إل رتبة طلب ما فوقها فإذا بلغ رتبة السؤدد و التباع و وجد السبيل إل التغلب و القهر ل يتركه لنه مطلوب للنفس و ل يتم اقتدارها‬ ‫عليه إل بالعصبية الت يكون با متبوعا‪ i‬فالتغلب اللكي غاية للعصبية كما رأيت ث أن القبيل الواحد و إن كانت في ه بيوت ات مفترق ة و‬ ‫عصبيات متعددة فل بد من عصبية تكون أقوى من جيعها تغلبها و تستتبعها وتلتحم جيع العصبيات فيها و تصي كأنا عص بية واح دة‬ ‫كبى و إل وقع الفتراق الفضي إل الختلف و التنافس ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض لفسدت الرض ث إذا حصل التغلب لتل ك‬ ‫العصبية على قومها طلبت بطبعها التغلب على أهل عصبية أخرى بعيدة عنها فإن كافأتا أو مانعتها كانوا أقتال‪ i‬و أنظارا‪ i‬و لك ل واح دة‬ ‫منهما التغلب على حوزتا و قومها شأن القبائل و المم الفترقة ف العال و إن غلبتها و استتبعتها التحمت با أيضا‪ i‬و زادت قوة ف التغلب‬ ‫إل قوتا و طلبت غاية من التغلب و التحكم أعلى من الغاية الول و أبعد و هكذا دائما‪ i‬حت تكافء بقوتا قوة الدولة ف هرمها و ل يكن‬ ‫لا مانع من أولياء الدولة أهل العصبيات استولت عليها و انتزعت المر من يدها و صار اللك أجع لا و إن انتهت قوتا و ل يقارن ذل ك‬ ‫هرم‪ ،‬الدولة و إنا قارن حاجتها إل الستظهار بأهل العصبيات انتظمتها الدولة ف أوليائها تستظهر با على ما يعن من مقاصدها و ذل ك‬ ‫ملك آخر دون اللك الستبد و هو كما وقع للترك ف دولة بن العباس و لصنهاجة و زناتة مع كتامة و لبن حدان مع ملوك الش يعة م ن‬ ‫العلوية و العباسية فقد ظهر أن اللك هو غاية العصبية و أنا إذا بلغت إل غايتها حصل للقبيلة اللك إما بالستبداد أو بالظاهرة على حسب‬ ‫ما يسعه الوقت القارن لذلك و إن عاقها عن بلوغ الغاية عوائق كما نبينه وقفت ف مقامها إل أن يقضي ال بأمره‪.‬‬


‫الفصل الثامن عشر ف أن من عوائق اللك حصول الترف و انغماس القبي ل‬ ‫ف النعيم‬ ‫و سبب ذلك أن القبيل إذا غلبت بعصبيتها بعض الغلب استولت على النعمة بقداره و شاركت أهل النعم و الصب ف نعمتهم و خصبهم‬ ‫و ضربت معهم ف ذلك بسهم و حصة بقدار غلبها و استظهار الدولة با فإن كانت الدولة من القوة بيث ل يطمع أحد ف انتزاع أمرها و‬ ‫ل مشاركتها فيه أذعن ذلك القبيل لوليتها و القنوع با يسوغون من نعمتها و يشركون فيه من جبايتها و ل تسم آمالم إل ش يء م ن‬ ‫منازع اللك و ل أسبابه إنا هتهم النعيم و الكسب و خصب العيش و السكون ف ظل الدولة إل الدعة و الراحة و الخذ بذاهب اللك ف‬ ‫البان و اللبس و الستكثار من ذلك و التأنق فيه بقدار ما حصل من الرياش و الترف و ما يدعو إليه من توابع ذلك فت ذهب خش ونة‬ ‫البداوة و تضعف العصبية و البسالة و يتنعمون فيما أتاهم ال من البسطة و تنشأ بنوهم و أعقابم ف مثل ذلك من الترفع عن خدمة أنفسهم‬ ‫و ولية حاجاتم و يستنكفون عن سائر المور الضرورية ف العصبية حت يصي ذلك خلقا‪ i‬لم و سجية فتنقص عص بيتهم و بس التهم ف‬ ‫الجيال بعدهم يتعاقبها إل أن تنقرض العصبية فيأذنون بالنقراض و على قدر ترفهم و نعمتهم يكون إشرافهم على الفناء فضل‪ i‬عن الل ك‬ ‫فإن عوارض الترف و الغرق ف النعيم كاسر من سورة الصبية الت با التغلب و إذا انقرضت العصبية قصر القبيل عن الدافعة و الماية فضل‪i‬‬ ‫عن الطالبة و التهمتهم المم سواهم فقد تبي أن الترف من عوائق اللك و ال يؤت ملكه من يشاء‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر ف أن من عوائق اللك الذلة للقبيل و النقياد إل سواهم‬ ‫و سبب ذلك أن الذلة و النقياد كاسران لسورة العصبية و شدتا فإن انقيادهم و مذلتهم دليل على فقدانا فما رئموا للمذلة حت عج زوا‬ ‫عن الدافعة فأول أن يكون عاجزا‪ i‬عن القاومة و الطالبة و اعتب ذلك ف بن إسرائيل لا دعاهم موسى عليه السلم إل ملك الشام و أخبهم‬ ‫بأن ال قد كتب لم ملكهم كيف عجزوا عن ذلك و قالوا‪ :‬إن فيها قوما‪ i‬جبارين و إنا لن ندخلها حت يرجوا منها أي يرجهم ال تعال‬ ‫منها بضرب من قدرته غي عصبيتنا و تكون من معجزاتك يا موسى و لا عزم عليهم لوا و ارتكبوا العصيان و قالوا له‪ :‬اذهب أنت و ربك‬ ‫فقاتل و ما ذلك إل لا أنسوا من أنفسهم من العجز عن القاومة و الطالبة كما تقتضيه الية و ما يؤثر ف تفسيها و ذلك با حصل فيه م‬ ‫من خلق النقياد و ما رئموا من الذل للقبط أحقابا‪ i‬حت ذهبت العصبية منهم جلة مع أنم ل يؤمنوا حق اليان با أخبهم به موسى من أن‬ ‫الشام لم و أن العمالقة الذين كانوا بأريا فريستهم بكم من ال قدره لم فأقصروا عن ذلك و عجزوا تعويل‪ i‬على ما ف أنفسهم من العجز‬ ‫عن الطالبة لا حصل لم من خلق الذلة و طعنوا فيما أخبهم به نبيهم من ذلك و ما أمرهم به فعاقبهم ال بالتيه و هو أنم تاهوا ف قفر من‬ ‫الرض ما بي الشام و مصر أربعي سنة ل يأووا فيها العمران و ل نزلوا مصرا‪ i‬و ل خالطوا بشرا‪ i‬كما قصه القرآن لغلظة العمالقة بالشام و‬ ‫القبط بصر عليهم لعجزهم عن مقاومتهم كما زعموه و يظهر من مساق الية و مفهومها أن حكمة ذلك التيه مقصودة و هي فناء الي ل‬ ‫الذين خرجوا من قبضة الذل و القهر و القوة و تلقوا به و أفسدوا من عصبيتهم حت نشأ ف ذلك التيه جيل آخر عزيز ل يعرف الحكام و‬ ‫القهر و ل يساهم بالذلة فنشأت بذلك عصبية أخرى اقتدروا با على الطالبة و التغلب و يظهر لك من ذلك أن الربعي سنة أقل ما ي أت‬ ‫فيها فناء جيل و نشأة جيل آخر سبحان الكيم العليم و ف هذا أوضح دليل على شأن العصبية و أنا هي الت تكون با الدافعة و القاومة و‬ ‫الماية و الطالبة و أن من فقدها عجز عن جيع ذلك كله و لق بذا الفصل فيما يوجب الذلة للقبيل شأن الغارم و الضرائب فإن القبي ل‬ ‫الغارمي ما أعطوا اليد من ذلك حت رضوا بالذلة فيه لن ف الغارم و الضرائب ضيما‪ i‬و مذلة ل تتملها النفوس البية إل إذا استهونته عن‬ ‫القتل و التلف و أن عصبيتهم حينئذ ضعيفة عن الدافعة و الماية و من كانت عصبيته ل تدفع عنه الضيم فكيف له بالقاومة و الطالبة و قد‬ ‫حصل له النقياد للذل و الذلة عائقة كما قدمناه‪ .‬و منه قوله صلى ال عليه و سلم شأن الرث لا رأى سكة الراث ف بعض دور النصار‬ ‫ما دخلت هذه دار قوم إل دخلهم الذل فهو دليل صريح على أن الغرم موجب للذلة هذا إل ما يصحب ذل الغارم م ن خل ق الك ر و‬ ‫الديعة بسبب ملكة القهر فإذا رأيت القبيل بالغارم ف ربقة من الذل فل تطمعن لا بلك آخر الدهر و من هنا يتبي لك غلط من يزعم أن‬


‫زناتة بالغرب كانوا شاوية يودون الغارم لن كان على عهدهم من اللوك و هو غلط فاحش كما رأيت إذ لو وقع ذلك لا استتب لم ملك‬ ‫و ل تت لم دولة و انظر فيما قاله شهر براز ملك الباب لعبد الرحن بن ربيعة لا أطل عليه و سأل شهر براز أمانه على أن يكون له فق ال‬ ‫أنا اليوم منكم يدي ف أيديكم و صعري معكم فمرحبا‪ i‬بكم و بارك ال لنا و لكم و جزيتنا إليكم النصر لكم و القيام با تبون و ل تذلونا‬ ‫بالزية فتوهونا لعدوكم فاعتب هذا فيما قلناه فإنه كاف‪.‬‬

‫الفصل العشرون‬ ‫بالعكس‬

‫ف أن من علمات اللك التنافس ف اللل المي دة و‬

‫لا كان اللك طبيعيا‪ i‬للنسان لا فيه من طبيعة الجتماع كما قلناه و كان النسان أقرب إل خلل الي من خلل الشر بأصل فطرته و قوته‬ ‫الناطقة العاقلة لن الشر إنا جاءه من قبل القوى اليوانية الت فيه و إما من حيث هو إنسان فهو إل الي و خلله أقرب و اللك و السياسة‬ ‫إنا كانا له من حيث هو إنسان لنما للنسان خاصة ل للحيوان فإذا‪ i‬خلل الي فيه هي الت تناسب السياسة و اللك إذ الي هو الناسب‬ ‫للسياسة و قد ذكرنا أن الد له أصل يبن عليه و تتحقق به حقيقته و هو العصبية و العشي و فرع يتمم و جوده و يكمله و هو اللل و إذا‬ ‫كان اللك غاية للعصبية فهو غاية لفروعها و متمماتا و هي اللل لن وجوده دون متمماته كوجود شخص مقطوع العضاء أو ظهوره‬ ‫عريانا‪ i‬بي الناس ل إذا كان وجود العصبية فقط من غي انتحال اللل الميدة نقصا‪ i‬ف أهل البيوت و الحساب فما ظنك بأه ل الل ك‬ ‫الذي هو غاية لكل مد و ناية لكل حسب و أيضا‪ i‬فالسياسة و اللك هي كفالة للخلق و خلفة ل ف العباد لتنفيذ أحكامه فيهم و أحكام‬ ‫ال ف خلقه و عباده إنا هي بالي و مراعاة الصال كما تشهد به الشرائع و أحكام البشر إنا هي من الهل و الشيطان بلف ق درة ال‬ ‫سبحانه و قدره فإنه فاعل للخي و الشر معا‪ i‬و مقدرها إذ ل فاعل سواه فمن حصلت له العصبية الكفيلة بالقدرة و أونست منه خلل الي‬ ‫الناسبة لتنفيذ أحكام ال ف خلقه فقد تيأ للخلفة ف العباد و كفالة اللق و وجدت فيه الصلحية لذلك‪ .‬و هذا البهان أوثق من أن أول‬ ‫و أصح مبن فقد تبي أن خلل الي شاهدة بوجود اللك لن و جدت له العصبية فإذا نفرنا ف أهل العصبية و من حصل لم م ن الغل ب‬ ‫على كثي من النواحي و المم فوجدناهم يتنافسون ف الي و خلله من الكرم و العفو عن الزلت و الحتمال من غي الق ادر و الق رى‬ ‫للضيوف و حل الكل و كسب العدم و الصب على الكاره و الوفاء بالعهد و بذل الموال ف صون العراض و تعظيم الش ريعة و إجلل‬ ‫العلماء الاملي لا و الوقوف عند ما يددونه لم من فعل أو ترك و حسن الظن بم و اعتقاد أهل الدين و التبك بم و رغبه الدعاء منهم و‬ ‫الياء من الكابر و الشايخ و توقيهم و إجللم و النقياد إل الق مع الداعي إليه و إنصاف الستضعفي من أنفسهم و التبدل ف أحوالم‬ ‫و النقياد للحق و التواضع للمسكي و استماع شهوى الستغيثي و التدين بالشرائع و العبادات و القيام عليها و على أسبابا و التجاف عن‬ ‫الغدر و الكر و الديعة و نقض العهد و أمثال ذلك علمنا أن هذه خلق السياسة قد حصلت لديهم و استحقوا با أن يكونوا ساس ة ل ن‬ ‫تت أيديهم أو على العموم و أنه خي ساقه ال تعال إليهم مناسب لعصبيتهم و غلبهم و ليس ذلك سدى‪ Ï‬فيهم و ل وجد عبث ا‪ i‬منه م و‬ ‫اللك أنسب الراتب و اليات لعصبيتهم فعلمنا بذلك أن ال تأذن لم باللك و ساقه إليهم و بالعكس من ذلك إذا تأذن ال بانقراض اللك‬ ‫من أمة حلتهم على ارتكاب الذمومات و انتحال الرذائل و سلوك طرقها فتفقد الفصائل السياسية منهم جلة و ل تزال ف انتق اص إل أن‬ ‫يرج اللك من أيديهم و يتبدل به سواهم ليكون نعيا‪ i‬عليهم ف سلب ما كان ال قد أتاهم من اللك و جعل ف أيديهم من الي وإذا أردنا‬ ‫أن نلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميا و استقرىء ذلك و تتبعه ف المم السابقة تد كثيا‪ i‬ما قلن اه و‬ ‫رسناه و ال يلق ما يشاء و يتار و اعلم أن من خلل الكمال الت يتنافس فيها القبائل ألو العصبية و تكون شاهدة لم باللك إكرام العلماء‬ ‫و الصالي و الشراف و أهل الحساب و أصناف التجار و الغرباء و إنزال الناس منازلم و ذلك أن إكرام القبائل و أه ل العص بيات و‬ ‫العشائر لن يناهضهم ف الشرف و ياد بم حبل العشي و العصبية و يشاركهم ف اتساع الاه أمر طبيعي يمل عليه ف الكثر الرغب ة ف‬ ‫الاه أو الخافة من قوم الكرم أو التماس مثلها منه و أما أمثال هؤلء من ليس لم عصبية تتقى و ل جاه يرتى فين دفع الش ك ف ش أن‬ ‫كرامتهم و يتمحض القصد فيهم أنه للمجد و انتحال الكمال ف اللل و القبال على السياسة بالكلية لن إكرام أقتاله و أمثاله ضروي ف‬


‫السياسة الاصة بي قبيلة و نظرائه و إكرام الطارئي من أهل الفضائل و الصوصيات كمال ف السياسة العامة فالصالون للدين و العلم اء‬ ‫للجاءي إليهم ف إقامة مراسم الشريعة و التجار للترغيب حت تعم النفعة با ف أيديهم و الغرباء من مكارم الخلق و إنزال الناس من ازلم‬ ‫من النصاف و هو من العدل فيعلم بوجود ذلك من أهل عصبيته انتماؤهم للسياسة العامة و هي اللك و أن ال قد تأذن بوجودها فيه م‬ ‫لوجوب علماتا و لذا كان أول ما يذهب من القبيل أهل اللك إذا تأذن ال تعال بسلب ملكهم و سلطانم إكرام هذا الصنف من الل ق‬ ‫فإذا رأيته قد ذهب من أمة من المم فاعلم أن الفضائل قد أخذت ف الذهاب عنهم و ارتقب زوال اللك منهم و إذا أراد ال بقوم سوءا‪ i‬فل‬ ‫مرد له و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون ف أنه إذا كانت المة وحشية كان ملكها أوسع‬ ‫و ذلك لنم أقدر على التغلب و الستبداد كما قلناه و استعباد الطوائف لقدرتم على ماربة المم سواهم و لنم يتنلون من الهلي منلة‬ ‫الفترس من اليوانات العجم و هؤلء مثل العرب و زناتة و من ف معناهم من الكراد و التركمان و أهل اللثام من صنهاجة و أيضا‪ i‬فهؤلء‬ ‫التوحشون ليس لم وطن يرتافون منه و ل بلد ينحون إليه فنسبة القطار و الواطن إليهم على السواء فلهذا ل يقتصرون على ملكة قطرهم‬ ‫و ما جاورهم من البلد و ل يقفون عند حدود أفقهم بل يظفرون إل القاليم البعيدة و يتغلبون على المم النائية و انظر ما يكى ف ذلك‬ ‫عن عمر رضي ال عنه لا بويع و قام يرض الناس على العراق فقال‪ :‬إن الجاز ليس لكم بدار إل على النجعة و ل قوى علي ه أهل ه إل‬ ‫بذلك أين القراء الهاجرون عن موعد ال سيوا ف الرض الت وعدكم ال ف الكتاب أن يورثكموها فقال‪ :‬ليظهره على الدين كله و ل و‬ ‫كره الشركون و اعتب ذلك أيضا‪ i‬بال العرب السالفة من قبل مثل التبابعة و حي كيف كانوا يطون من اليمن إل الغرب مرة و إل العراق‬ ‫و الند أخرى و ل يكن ذلك لغي العرب من المم و كذا حال اللثمي من الغرب لا نزعوا إل اللك طفروا من القليم الول و م التم‬ ‫منه ف جوار السودان إل القليم الرابع و الامس ف مالك الندلس من غي واسطة و هذا شأن هذه المم الوحشية فلذلك تكون دولته م‬ ‫أوسع نطاقا‪ i‬و أبعد من مراكزها ناية‪ ،‬و ال يقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار ل شريك له‪.‬‬

‫الفصل الثان و العشرون ف أن اللك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أم ة‬ ‫فل بد من عوده إل شعب أخر منها ما دامت لم العصبية‬ ‫و السبب ف ذلك أن اللك إنا حصل لم بعد سورة الغلب و الذعان لم من سائر المم سواهم فيتعي منهم الباشرون للم ر ال املون‬ ‫سرير اللك و ل يكون ذلك لميعهم لا هم عليه من الكثرة الت يضيق عنها نطاق الزاحة و الغية الت تدع أنوف كثي م ن التط اولي‬ ‫للرتبة فإذا تعي أولئك القائمون بالدولة انغمسوا ف النعيم و غرقوا ف بر الترف و الصب و استعبدوا إخوانم من ذلك اليل و أنفق وهم‬ ‫ف وجوه الدولة و مذاهبها و بقي الذين بعدوا عن المر و كبحوا عن الشاركة ف ظل من عز الدولة الت شاركوها بنسبهم و بنجاة م ن‬ ‫الرم لبعدهم عن الترف و أسبابه فإذا استولت على الولي اليام و أباد غضراءهم الرم فطبختهم الدولة و أكل الدهر عليهم و شرب ب ا‬ ‫أرهف النعيم من حدهم و استقت غريزة الترف من مائهم و بلغوا غايتهم من طبيعة التمدن النسان و التغلب السياسي شعر‪.‬‬ ‫كدود القز ينسج ث يفنىبمركز نسجه ف النعكاس‬ ‫كانت حينئذ عصبية الخرين موفورة و سورة غلبهم من الكاسر مفوظة و شارتم ف الغلب معلومة فتسمو آمالم إل اللك الذي ك انوا‬ ‫منوعي منه بالقوة الغالبة من جنس عصبيتهم و ترتفع النازعة لا عرف من غلبهم فيستولون على المر و يصي إليهم و كذا يتفق فيهم م ع‬ ‫من بقي أيضا‪ i‬منتبذا‪ i‬عنه من عشائر أمتهم فل يزال اللك ملجئا‪ i‬ف المة إل أن تنكسر سورة العصبية منها أو يفن سائر عشائرها سنة ال ف‬ ‫الياة الدنيا و الخرة عند ربك للمتقي و اعتب هذا با وقع ف العرب لا انقرض ملك عاد قام به من بعدهم إخوانم من ثود و من بعدهم‬ ‫إخوانم العمالقة و من بعدهم إخوانم من حي أيضا‪ i‬و من بعدهم إخوانم التبابعة من حي أيضا‪ i‬و من بعدهم الذواء ك ذلك ث ج اءت‬ ‫الدولة لضر و كذا الفرس لا انقرض أمر الكينية ملك من بعدهم الساسانية حت تأذن ال بانقراضهم أجع بالسلم و كذا اليونانيون انقرض‬


‫أمرهم و انتقل إل إخوانم من الروم و كذا الببر بالغرب لا انقرض أمر مغراوة و كتامة اللوك الول منهم رجع إل صنهاجة ث اللثمي من‬ ‫بعدهم ث من بقي من شعوب زناتة و هكذا سنة ال ف عباده و خلقه و أصل هذا كله إنا يكون بالعصبية و هي متفاوتة ف الجيال و اللك‬ ‫يلقه الترف و يذهبه كما سنذكره بعد فإذا انقرضت دولة فإنا يتناول المر منهم من له عصبية مشاركة لعصبيتهم الت عرف لا التسليم و‬ ‫النقياد و أونس منها الغلب‪ ،‬لميع العصبيات و ذلك إنا يوجد ف النسب القريب منهم لن تفاوت العصبية بسب ما قرب م ن ذل ك‬ ‫النسب الت هي فيه أو بعد حت إذا وقع ف العال تبديل كبي من تويل ملة أو ذهاب عمران أو ما شاء ال من قدرته فحينئذ يرج عن ذلك‬ ‫اليل إل اليل الذي يأذن ال بقيامه بذلك التبديل كما وقع لضر حي غلبوا على المم و الدول و أخذوا المر من أيدي أهل العال بعد أن‬ ‫كانوا مكبوحي عنه أحقابا‪.i‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون ف أن الغلوب مولع أبدا‪ i‬بالقت داء بالغ الب ف‬ ‫شعاره وزيه و نلته و سائر أحواله و عوائده‬ ‫و السبب ف ذلك أن النفس أبدا‪ i‬تعتقد الكمال ف من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال با وقر عندها من تعظيمه أولا تغالط به من أن‬ ‫انقيادها ليس لغلب طبيعي إنا هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لا اعتقادا‪ i‬فانتحلت جيع مذاهب الغالب و تشبهت به و ذلك‬ ‫هو القتداء أو لا تراه و ال أعلم من أن غلب الغالب لا ليس بعصبية و ل قوة بأس ل إنا هو با انتحلته من العوائد و الذاهب تغالط أيضا‪i‬‬ ‫بذلك عن الغلب و هذا راجع للول و لذلك ترى الغلوب يتشبه أبدا‪ i‬بالغالب ف ملبسه و مركبه و سلحه ف اتاذها و أشكالا ب ل و ف‬ ‫سائر أحواله و انظر ذلك ف البناء مع آبائهم كيف تدهم متشبهي بم دائما‪ i‬و ما ذلك إل لعتقادهم الكمال فيهم و انظر إل كل قط ر‬ ‫من القطار كيف يغلب على أهله زي الامية و جند السلطان ف الكثر لنم الغالبون لم حت أنه إذا كانت أمة تاور أخرى و لا الغلب‬ ‫عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و القتداء حظ كبي كما هو ف الندلس لذا العهد مع أمم الللقة فإنك ت دهم يتش بهون ب م ف‬ ‫ملبسهم و شاراتم و الكثي من عوائدهم و أحوالم حت ف رسم التماثيل ف الدان و الصانع و البيوت حت لقد يستشعر من ذلك الناظر‬ ‫بعي الكمة أنه من علمات الستيلء و المر ل‪ .‬و تأمل ف هذا سر قولم العامة على دين اللك فإنه من بابه إذ اللك غالب لن تت يده‬ ‫و الرعية مقتدون به لعتقاد الكمال فيه اعتقاد البناء بآبائهم و التعلمي بعلميهم و ال العليم الكيم و به سبحانه و تعال التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الرابع و العشرون ف أن المة إذا غلبت و صارت ف ملك غيه‬ ‫أسرع إليها الفناء‬

‫ا‬

‫و السبب ف ذلك و ال أعلم ما يصل ف النفوس من التكاسل إذا ملك أمرها عليها و صارت بالستعباد آلة لسواها و عالة عليهم فيقص ر‬ ‫المل و يضعف التناسل و العتمار إنا هو عن جدة المل و ما يدث عنه من النشاط ف القوى اليوانية فإذا ذهب الم ل بالتكاس ل و‬ ‫ذهب ما يدعو إليه من الحوال و كانت العصبية ذاهبة بالغلب الاصل عليهم تناقص عمرانم و تلشت مكاسبهم و مساعيهم وعجزوا عن‬ ‫الدافعة عن أنفسهم با خضد الغلب من شوكتيهم فأصبحوا مغلبي لكل متغلب و طعمة‪ i‬لكل آكل و سواء كانوا حصلوا على غايتهم م ن‬ ‫اللك أم ل يصلوا‪ .‬و فيه و ال أعلم سر آخر و هو أن النسان رئيس بطبعه بقتضى الستخلف الذي خلق له و الرئيس إذا غلب عل ى‬ ‫رئاسته و كبح عن غاية عزه تكاسل حت عن شبع بطنه و ري كبده و هذا موجود ف أخلق الناسي‪ .‬و لقد يقال مثل ه ف اليوان ات‬ ‫الفترسة و أنا ل تسافد إل إذا كانت ف ملكة الدميي فل يزال هذا القبيل الملوك عليه أمره ف تناقص و اضمحلل إل أن يأخذهم الفناء‬ ‫و البقاء ل وحده و اعتب ذلك ف أمة الفرس كيف كانت قد ملت العال كثرة و لا فنيت حاميتهم ف أيام العرب بقي منهم كثي و أك ثر‬ ‫من الكثي يقال إن سعدا‪ i‬أحصى ما وراء الدائن فكالوا مائة ألف و سبعة و ثلثي ألفا‪ i‬منهم سبعة و ثلثون ألفا‪ i‬رب بيت و لا تص لوا ف‬ ‫ملكة الغرب و قبضة القهر ل يكن بقاؤهم إل قليل‪ i‬و دثروا كأن ل يكونوا و ل تسب أن ذلك لظلم نزل بم أو عدوان ش لهم فملك ة‬


‫السلم ف العدل ما علمت و إنا هي طبيعة ف النسان إذا غلب على أمر و صار آلة لغيه و لذا إنا تذعن للرق ف الغالب أمم الس ودان‬ ‫لنقص النسانية فيهم و قربم من عرض اليوانات العجم كما قلناه أو من يرجو بانتظامه ف ربقة الرق حصول رتبة أو إفادة مال أو عز كما‬ ‫يقع لمالك الترك بالشرق و العلوج من الللقة و الفرنة فإن العادة جارية باستخلص الدولة لم فل يأنفون من الرق لا يأملونه من الاه‬ ‫و الرتبة باصطفاء الدولة و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون ف أن العرب ل يتغلبون إل على البسائط‬ ‫و ذلك أنم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب و عيث ينتهبون ما قدروا عليه من غي مغالبة و ل ركوب خطر و يفرون إل منتجعهم‬ ‫بالقفر و ل يذهبون إل الزاحفة و الاربة إل إذا دفعوا بذلك عن أنفسهم فكل معقل أو مستصعب عليهم فهم تاركوه إل ما يسهل عنه و ل‬ ‫يعرضون له و القبائل المتنعة عليهم بأوعار البال بنجاة من عيثهم و فسادهم لنم ل يتسنمون‪ ،‬إليهم الضاب و ل يركبون الصعاب و ل‬ ‫ياولون الطر و أما البسائط فمت اقتدروا عليها بفقدان الامية و ضعف الدولة فهي نب لم و طمعة لكلهم يرددون عليه ا الغ ارة و‬ ‫النهب و الزحف لسهولتها عليهم إل أن يصبح أهلها مغلبي لم ث يتعاورونم باختلف اليدي و انراف السياسة إل أن ينقرض عمرانم‬ ‫و ال قادر على خلقه و هو الواحد القهار ل رب غيه‪.‬‬

‫الفصل السادس و العشرون ف أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها‬ ‫الراب‬ ‫و السبب ف ذلك أنم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش و أسبابه فيهم فصار لم خلقا‪ i‬و جبلة‪ i‬و كان عندهم ملذوذا‪ i‬لا فيه من الروج‬ ‫عن ربقة الكم و عدم النقياد للسياسة و هذه الطبيعة منافية للعمران و مناقضة له فغاية الحوال العادية كلها عندهم الرحلة و التغل ب و‬ ‫ذلك مناقض للسكون الذي به العمران و فناف له فالجر مثل‪ i‬إنا حاجتهم إليه لنصبه أثاف القدر فينقلونه من البان و يربون ا علي ه و‬ ‫يعدونه لذلك و الشب أيضا‪ i‬إنا حاجتهم إليه ليعمدوا به خيامهم و يتخذوا الوتاد منه لبيوتم فيخربون السقف عليه لذلك فصارت طبيعة‬ ‫وجودهم منافية للبناء الذي هو أصل العمران هذا ف حالم على العموم و أيضا‪ i‬فطبيعتهم انتهاب ما ف أيدي الناس و أن رزقه م ف ظلل‬ ‫رماحهم و ليس عندهم ف أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه بل كلما امتدت أعينهم إل مال أو متاع أو ماعون انتهبوه فإذا ت اقتدارهم على‬ ‫ذلك بالتغلب و اللك بطلت السياسة ف حفظ أموال الناس و خرب العمران و أيضا‪ i‬فلنم يكلفون على أهل العمال من الصنائع و الرف‬ ‫أعمالم ل يرون لا قيمة و ل قسطا‪ i‬من الجر و الثمن و العمال كما سنذكره هي أصل الكاسب و حقيقتها و إذا فس دت العم ال و‬ ‫صارت مانا‪ i‬ضعفت المال ف الكاسب و انقبضت اليدي عن العمل و ابذعر الساكن و فسد العمران و أيضا‪ i‬فإنم ليست ل م عناي ة‬ ‫بالحكام و زجر الناس عن الفاسد و دفاع بعضهم عن بعض إنا ههم ما يأخذونه من أموال الناس نبا‪ i‬أو غرامة فإذا توصلوا إل ذل ك و‬ ‫حصلوا عليه أعرضوا عما بعده من تسديد أحوالم و النظر ف مصالهم و قهر بعضهم عن أغراض الفاسد و ربا فرض وا العقوب ات ف‬ ‫الموال حرصا‪ i‬على تصيل الفائدة و الباية و الستكثار منها كما هو شأنم و ذلك ليس بغن ف دفع الفاسد و زجر التعرض لا بل يكون‬ ‫ذلك زائدا‪ i‬فيها لستسهال الغرم ف جانب حصول الغرض فتبقى الرعايا ف ملكتهم كأنا فوضى دون حكم و الفوضى مهلكة للبشر مفسدة‬ ‫للعمران با ذكرناه من أن وجود اللك خاصة طبيعية للنسان ل يستقيم وجودهم و اجتماعهم إل با و تقدم ذلك أول الفصل و أيضا‪ i‬فهم‬ ‫متنافسون ف الرئاسة و قل أن يسلم أحد منهم المر لغيه و لو كان أباه أو أخاه أو كبي عشيته إل ف القل و على كره من أجل الي اء‬ ‫فيتعدد الكام منهم و المراء و تتلف اليدي على الرعية ف الباية و الحكام فيفسد العمران و ينتقض‪ .‬قال العراب الوافد عل ى عب د‬ ‫اللك لا سأله عن الجاج و أراد الثناء عليه عنده بسن السياسة و العمران فقال‪ :‬تركته يظلم و حده و انظر إل ما ملكوه و تغلبوا عليه من‬ ‫الوطان من لدن الليقة كيف تقوض عمرانه و اقفر ساكنه و بدلت الرض فيه غي الرض فاليمن قرارهم خراب إل قليل‪ i‬من المص ار و‬ ‫عراق العرب كذلك قد خرب عمرانه الذي كان للفرس أجع و الشام لذا العهد كذلك و أفريقية و الغرب لا جاز إليها بنو هلل و بن و‬


‫سليم منذ أول الائة الامسة و ترسوا با لثلثائة و خسي من السني قد لق با و عادت بسائطه خرابا‪ i‬كلها بعد أن كان ما بي السودان‬ ‫و البحر الرومي كله عمرانا‪ i‬تشهد بذلك آثار العمران فيه من العال و تاثيل البناء و شواهد القرى و الدر و ال يرث الرض و من عليها و‬ ‫هو خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل السابع و العشرون ف أن العرب ل يصل لم اللك إل بصبغة دينية‬ ‫من نبوة أو ولية أو أثر عظيم من الدين على الملة‬ ‫و السبب ف ذلك أنم للق التوحش الذي فيهم أصعب المم انقيادا‪ i‬بعضهم لبعض للغلظة و النفة و بعد المة و النافسة ف الرئاسة فقلما‬ ‫تتمع أهواؤهم فإذا كان الدين بالنبؤة أو الولية كان الوازع لم من أنفسهم و ذهب خلق الكب و النافسة منه م فس هل انقي ادهم و‬ ‫اجتماعهم و ذلك با يشملهم من الدين الذهب للغلظة و اللفة الوازع عن التحاسد و التنافس فإذا كان فيهم النب أو الول الذي يبعثه م‬ ‫على القيام بأمر ال يذهب عنهم مذمومات الخلق و يأخذهم بحمودها و يؤلف كلمتهم لظهار الق ت اجتماعهم و حصل لم التغلب‬ ‫و اللك و هم مع ذلك أسرع الناس قبول‪ i‬للحق و الدى لسلمة طباعهم من عوج اللكات و براءتا من ذميم الخلق إل ما كان من خلق‬ ‫التوحش القريب العاناة التهيء لقبول الي ببقائه على الفطرة الول و بعده عما ينطبع ف النفوس من قبيح العوائد و سوء اللكات فإن كل‬ ‫مولود يولد على الفطرة كما ورد ف الديث و قد تقدم‪.‬‬

‫الفصل الثامن و العشرون ف أن العرب أبعد المم عن سياسة اللك‬ ‫و السبب ف ذلك أنم أكثر بداوة من سائر المم و أبعد مال‪ i‬ف القفر و أغن عن حاجات التلول و حبوبا لعتيادهم لشظف و خش ونة‬ ‫العيش فاستغنوا عن غيهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لفلهم ذلك و للتوحش و رئيسهم متاج إليهم غالبا‪ i‬للعصبية الت با الدافعة فكان‬ ‫مضطرا‪ i‬إل إحسان ملكتهم و ترك مراغمتهم لئل يتل عليه شأن عصبيته فيكون فيها هلكه و هلكهم و سياسة اللك و السلطان تقتضي‬ ‫أن يكون السائس وازعا‪ i‬بالقهر و إل ل تستقم سياسته و أيضا‪ i‬فإن من طبيعتهم كما قدمناه أخذ ما ف أيدي الناس خاصة و التجاف عم ا‬ ‫سوى ذلك من الحكام بينهم و دفاع بعضهم عن بعض فإذا ملكوا أمة من المم جعلوا غاية ملكهم النتفاع بأخذ ما ف أيديهم و ترك وا‬ ‫ما سوى ذلك من الحكام بينهم و ربا جعلوا العقوبات على الفاسد ف الموال حرصا‪ i‬على تكثي البايات و تصيل الفوائد فل يك ون‬ ‫ذلك وازعا‪ i‬و ربا يكون باعثا‪ i‬بسب الغراض الباعثة على الفاسد و استهانة ما يعطي من ماله ف جانب غرضه فتنمو الفاسد بذلك و يقع‬ ‫تريب العمران فتبقى تلك المة كأنا فوضى مستطيلة أيدي بعضها على بعض فل يستقيم لا عمران و ترب سريعا‪ i‬شأن الفوضى كم ا‬ ‫قدمناه فبعدت طباع العرب لذلك كله عن سياسة اللك و إنا يصيون إليها بعد انقلب طباعهم و تبدلا بصبغة دينية تحو ذلك منه م و‬ ‫تعل الوازع لم من أنفسهم و تملهم على دفاع الناس بعضهم عن بعض كما ذكرناه و اعتب ذلك بدولتهم ف اللة لا شيد لم الدين أم ر‬ ‫السياسة بالشريعة و أحكامها الراعية لصال العمران ظاهرا‪ i‬و باطنا‪ i‬و تتابع فيها اللفاء عظم حينئذ ملكهم و قوي سلطانم‪ .‬كان رستم إذا‬ ‫رأى السلمي يتمعون للصلة يقول أكل عمر كبدي يعلم الكلب الداب ث إنم بعد ذلك انقطعت منهم عن الدولة أجيال نبذوا ال دين‬ ‫فنسوا السياسة و رجعوا إل قفرهم و جهلوا شأن عصبيتهم مع أهل الدولة ببعدهم ف النقياد و إعطاء النصفة فتوحشوا كما كانوا و ل يبق‬ ‫لم من اسم اللك إل أنم من جنس اللفاء و من جيلهم و لا ذهب أمر اللفة و امي رسها انقطع المر جلة من أيديهم و غلب عليه م‬ ‫العجم دونم و أقاموا ف بادية قفارهم ل يعرفون اللك و ل سياسته بل قد يهل الكثي منهم أنم قد كان لم ملك ف القدي و ما ك ان ف‬ ‫القدي لحد من المم ف الليقة ما كان لجيالم من اللك و دول عاد و ثود و العمالقة و حي و التبابعة شاهدة بذلك ث دولة مض ر ف‬ ‫السلم بن أمية و بن العباس لكن بعد عهدهم بالسياسة لا نسوا الدين فرجعوا إل أصلهم من البداوة و قد يصل لم ف بع ض الحي ان‬ ‫غلب على الدول الستضعفة كما ف الغرب لذا العهد فل يكون ماله و غايته إل تريب ما يستولون عليه من العمران كما ق دمناه و ال‬ ‫يؤت ملكه من يشاء‪.‬‬


‫الفصل التاسع و العشرون ف أن البوادي من القبائل و العصائب مغلوب‬ ‫لهل المصار‬

‫ون‬

‫قد تقدم لنا أن عمران البادية ناقص عن عمران الواضر و المصار لن المور الضرورية ف العمران ليس كلها موجودة‪ i‬لهل البدو‪ .‬و إنا‬ ‫توجد لديهم ف مواطنهم أمور الفلح و موادها معدومة و معظمها الصنائع فل توجد لديهم ف الكلية من نار و خياط و حداد و أمثال ذلك‬ ‫ما يقيم لم ضروريات معاشهم ف الفلح و غيه و كذا الدناني و الدراهم مفقودة لديهم و إنا بأيديهم أعواضها من مغل الزراعة و أعي ان‬ ‫اليوان أو فضلته ألبانا‪ i‬و أوبارا‪ i‬و أشعارا‪ i‬و إهابا‪ i‬ما يتاج إليه أهل المصار فيعوضونم عنه بالدناني و الدراهم إل أن حاجتهم إل المصار‬ ‫ف الضروري و حاجة أهل المصار إليهم ف الاجي و الكمال فهم متاجون إل المصار بطبيعة وجودهم فما داموا ف البادية و ل يصل‬ ‫لم ملك و ل استيلء على المصار فهم متاجون إل أهلها و يتصرفون ف مصالهم و طاعتهم مت دعوهم إل ذلك و طالبوهم ب ه و أن‬ ‫كان ف الصر ملك كان خضوعهم و طاعتهم لغلب اللك و أن ل يكن ف الصر ملك فل بد فيه من رئاسة و نوع استبداد من بعض أهل ه‬ ‫على الباقي و إل انتقض عمرانه و ذلك الرئيس يملهم على طاعته و السعي ف مصاله إما طوعا‪ i‬ببذل الال لم ث يبدي لم ما يت اجون‬ ‫إليه من الضروريات ف مصره فيستقيم عمرانمم و إما كرها‪ i‬إن تت قدرته على ذلك و لو بالتغريب بينهم حت يصل له ج انب منه م‬ ‫يغالب به الباقي فيضطر الباقون إل طاعته با يتوقعون لذلك من فساد عمرانم و ربا ل يسعهم مفارقة تلك النواحي إل جهات أخرى لن‬ ‫كل الهات معمور بالبدو الذين غلبوا عليها و منعوها من غيها فل يد هؤلء ملجأ إل طاعة الصر فهم بالضرورة مغلوبون لهل المصار‬ ‫و ال قاهر فوق عباده و هو الواحد الحد القهار‪.‬‬

‫الباب الثالث من الكتاب الول ف الدول العامة و اللك و اللفة و الراتب‬ ‫السلطانية و ما يعرض ف ذلك كله من الحوال و فيه قواعد و متممات‬ ‫الفصل الول ف أن اللك و الدولة العامة إنا يصلن بالقبيل و العصبية‬ ‫و ذلك أنا قررنا ف الفصل الول أن الغالبة و المانعة إنا تكون بالعصبية لا فيها من النعرة و التذامر و استماتة ك ل واح د منه م دون‬ ‫صاحبه‪ .‬ث أن اللك منصب شريف ملذوذ يشتمل على جيع اليات الدنيوية و الشهوات البدنية و اللذ النفسانية فيقع فيه التنافس غالبا‪ i‬و‬ ‫قل أن يسلمه أحد لصاحبه إل إذا غلب عليه فتقع النازعة و تفضي إل الرب و القتال و الغالبة و شيء منها ل يقع إل بالعص بية كم ا‬ ‫ذكرناه آنفا‪ i‬و هذا المر بعيد عن أفهام المهور بالملة و متناسون له لنم نسوا عهد تهيد الدولة منذ أولا و طال أمد مرباهم ف الضارة‬ ‫و تعاقبهم فيها جيل‪ i‬بعد جيل فل يعرفون ما فعل ال أول الدولة إنا يدركون أصحاب الدولة و قد استحكمت صبغتهم و وقع التسليم لم‬ ‫و الستغناء عن العصبية ف تهيد أمرهم و ل يعرفون كيف كان المر من أوله و ما لقي أولم من التاعب دونه و خصوصا‪ i‬أهل الندلس ف‬ ‫نسيان هذه العصبية و أثرها لطول المد و استغنائهم ف الغالب عن قوة العصبية با تلشى وطنهم و خل من العصائب و ال قادر على م ا‬ ‫يشاء و هو بكل شيء عليم و هو حسبنا و نعم الوكيل‪.‬‬

‫الفصل الثان ف أنه إذا استقرت الدولة و تهدت فقد تستغن عن العصبية‬ ‫و السبب ف ذلك أن الدول العامة ف أولا يصعب على النفوس النقياد لا إل بقوة قوية من الغلب للغرابة و أن الناس ل يألفوا ملكها و ل‬ ‫اعتادوه فإذا استقرت الرئاسة ف أهل النصاب الخصوص باللك ف الدولة و توارثوه واحدا‪ i‬بعد آخر ف أعقاب ك ثيين و دول متعاقب ة‬


‫نسيت النفوس شأن الولية و استحكمت لهل ذلك النصاب صبغة الرئاسة و رسخ ف العقائد دين النقياد لم و التسليم و قات ل الن اس‬ ‫معهم على أمرهم قتالم على العقائد اليانية فلم يتاجوا حينئذ ف أمرهم إل كبي عصابة بل كأن طاعتها كتاب من ال ل يبدل و ل يعلم‬ ‫خلفه و لمر ما يوضع الكلم ف المامة آخر الكلم على العقائد اليانية كأنه من جلة عقودها و يكون استظهارهم حينئذ على سلطانم‬ ‫و دولتهم الخصوصة إما بالوال و الصطنعي الذين نشأوا ف ظل العصبية و غيها و إما بالعصائب الارجي عن نسبها الداخلي ف وليتها‬ ‫و مثل هذا و قع لبن العباس فإن عصبية العرب كانت فسدت لعهد دولة العتصم و ابنه الواثق و استظهارهم بعد ذلك إنا كان بالوال من‬ ‫العجم و الترك و الديلم و السلجوقية و غيهم ث تغلب العجم الولياء على النواحي و تقلص ظل الدولة فلم تكن تعدو أعمال بغداد ح ت‬ ‫زحف إليها الديلم و ملكوها و صار اللئق ف حكمهم ث انقرض أمرهم و ملك السلجوقية من بعدهم فصاروا ف حكمه م ث انق رض‬ ‫أمرهم و زحف آخر التتار فقتلوا الليفة و موا رسم الدولة و كذا صنهانة بالغرب فسدت عصبيتهم منذ الائة الامسة أو م ا قبله ا و‬ ‫استمرت لم الدولة متقلصة الظل بالهدية و باية و القلعة و سائر ثغور أفريقية و ربا انتزى بتلك الثغور من نازعهم اللك و اعتصم فيها و‬ ‫السلطان و اللك مع ذلك مسلم لم حت تأذن ال بانقراض الدولة و جاء الوحدون بقوة قوية من العصبية ف الصامدة فمحوا آثارهم و كذا‬ ‫دولة بن أمية بالندلس لا فسدت عصبيتها من العرب استول ملوك الطوائف على أمرها و اقتسموا خطتها و تنافسوا بينهم و توزعوا مالك‬ ‫الدولة و انتزى كل واحد منهم على ما كان ف وليته و شخ بأنفه و بلغهم شأن العجم مع الدولة العباسية فتلقبوا بألقاب اللك و لبس وا‬ ‫شارته و أمنوا من ينقص ذلك عليهم أو يغيه لن الندلس ليس بدار عصائب و ل قبائل كما سنذكره و استمر لم ذلك كما ق ال اب ن‬ ‫شرف‪.‬‬ ‫‌ ما يزهدن ف أرض أندلس أساء معتصم فيها و معتضد‬ ‫ألقاب ملكة ف غي موضعها كالر يكي انتفاخا‪ i‬صورة السد‬ ‫فاستظهروا على أمرهم بالوال و الصطنعي و الطراء على الندلس من أهل العدوة من قبائل الببر و زناتة و غيهم اقتداء¸ بالدولة ف آخ ر‬ ‫أمرها ف الستظهار بم حي ضعفت عصبية العرب و استبد ا بن أ ب عامر على الدولة فكان لم دول عظيمة استبدت كل واح دة منه ا‬ ‫بانب من الندلس و حظ كبي من اللك على نسبة الدولة الت اقتسموها و ل يزالوا ف سلطانم ذلك حت جاز إليهم البجر الرابطون أهل‬ ‫العصبية القوية من لتونة فاستبدلوا بم و أزالوهم عن مراكزهم و موا آثارهم و ل يقتدروا على مدافعتهم لفقدان العصبية ل ديهم فبه ذه‬ ‫العصبية يكون تهيد الدولة و حايتها من أولا و قد ظن الطرطوشي أن حامية الدول بإطلق هم الند أهل العطاء الفروض مع الهلة ذكر‬ ‫ذلك ف كتابه الذي ساه سراج اللوك و كلمه ل يتناول تأسيس الدول العامة ف أولا و إنا هو مصوص بالدول الخية بعد التمهي د و‬ ‫استقرار اللك ف النصاب و استحكام الصبغة لهله فالرجل إنا أدرك الدولة عند هرمها و خلق جدتا و رجوعها إل الستظهار ب الوال و‬ ‫الصنائع ث إل الستخدمي من ورائهم بالجر على الدافعة فإنه إنا أدرك دول الطوائف و ذلك عند اختلل بن أمية و انقراض عصبتها من‬ ‫العرب و استبداد كل أمي بقطره و كان ف إيالة الستعي بن هود و ابنه الظفر أهل سرقسطة و ل يكن بقي لم من أمر العص بية ش يء‬ ‫لستيلء الترف على العرب منذ ثلثائة من السني و هلكهم و ل ير إل سلطانا‪ i‬مستبدا‪ i‬باللك عن عشائره قد اس تحكمت ل ه ص بغة‬ ‫الستبداد منذ عهد الدولة و بقية العصبية فهو لذلك ل ينازع فيه و يستعي على أمره بالجراء من الرتزقة فأطلق الطرطوشي القول ف ذلك‬ ‫ل يتفطن لكيفية المر منذ أول الدولة و إنه ل يتم إل لهل العصبية فتفطن أنت له و افهم سر ال فيه و ال يؤت ملكه من يشاء‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬ف أنه قد يدث لبعض أهل النصاب اللكي دولة تستغن عن‬ ‫العصبية‬ ‫و ذلك أنه إذا كان لعصبية غلب كثي على المم و الجيال و ف نفوس القائمي بأمره من أهل القاصية إذعان لم و انقياد فإذا نزع إليه م‬ ‫هذا الارج و انتبذ عن مقر ملكه و منبت عزه اشتملوا عليه و قاموا بأمره و ظاهروه على شأنه و عنوا بتمهيد دولته يرجون اس تقراره ف‬ ‫نصابه و تناوله المر من يد أعياصه و جزاءه لم على مظاهرته باصطفائهم لرتب اللك و خططه من وزارة أو قي ادة أو ولي ة ثغ ر و ل‬


‫يطمعون ف مشاركته ف شيء من سلطانه تسليما‪ i‬لعصبيته و انقيادا‪ i‬لا استحكم له و لقومه من صبغة الغلب ف الع ال و عقي دة إياني ة‬ ‫استقرت ف الذعان لم فلو راموها معه أو دونه لزلزلت الرض زلزالا و هذا كما وقع للدارسة بالغرب القصى و العبيديي بأفريقي ة و‬ ‫مصر لا انتبذ الطالبيون من الشرق إل القاصية و ابتعدوا عن مقر اللفة و سوا إل طلبها من أيدي بن العباس بعد أن استحكمت الص بغة‬ ‫لبن عبد مناف لبن أمية أول ث لبن هاشم من بعدهم فخرجوا بالقاصية من الغرب و دعوا لنفسهم و قام بأمرهم البابرة مرة‪ i‬بعد أخ رى‬ ‫فأوربة و مغيلة للدارسة و كتامة و صنهاجة و هوارة للعبيديي فشيدوا دولتهم و مهدوا بعصائبهم أمرهم و اقتطعوا من مال ك العباس يي‬ ‫الغرب كله ث أفريقية و ل يزل ظل الدولة يتقلص و ظل العبيديي يتد إل أن ملكوا مصر و الشام والجاز و قاسوهم ف المالك السلمية‬ ‫شق البلمة و هؤلء البابرة القائمون بالدولة مع ذلك كلهم مسلمون للعبيديي أمرهم مذعنون للكهم و إنا كانوا يتنافس ون ف الرتب ة‬ ‫عندهم خاصة تسليما‪ i‬لا حصل من صبغة اللك لبن هاشم و لا استحكم من الغلب لقريش و مضر على سائر المم فلم ي زل الل ك ف‬ ‫أعقابم إل أن انقرضت دولة العرب بأسرها و ال يكم ل معقب لكمه‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬ف أن الدولة العامة الستيلء العظيمة اللك أصلها الدين إم ا‬ ‫من نبوة أو دعوة حق‬ ‫و ذلك لن اللك إنا يصل بالتغلب و التغلب إنا يكون بالعصبية و اتفاق الهواء على الطالبة و جع القلوب و تأليفها إنا يكون بعونة من‬ ‫ال ف إقامة دينه قال تعال‪ :‬لو أنفقت ما ف الرض جيعا‪ i‬ما ألفت بي قلوبم و سره أن القلوب إذا تداعت إل أهواء الباط ل و الي ل إل‬ ‫الدنيا حصل التنافس و فشا اللف و إذا انصرفت إل الق و رفضت الدنيا و الباطل و أقبلت على ال اتدت و جهتها فذهب التنافس و‬ ‫قل اللف و حسن التعاون و التعاضد و اتسع نطاق الكلمة لذلك فعظمت الدولة كما نبي لك بعد أن شاء ال سبحانه و تع ال و ب ه‬ ‫التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الامس ف أن الدعوة الدينية تزيد الدولة ف أصلها قوة عل ى ق وة‬ ‫العصبية الت كانت لا من عددها‬ ‫و السبب ف ذلك كما قدمناه أن الصبغة الدينية تذهب بالتنافس و التحاسد الذي ف أهل العصبية و تفرد الوجهة إل الق فإذا حصل ل م‬ ‫الستبصار ف أمرهم ل يقف لم شيء لن الوجهة واحدة و الطلوب متساو عندهم و هم مستميتون عليه و أهل الدولة الت هم طالبوها إن‬ ‫كانوا أضعافهم فأغراضهم متباينة بالباطل و تاذلم لتقية الوت حاصل فل يقاومونم و إن كانوا أكثر منهم بل يغلبون عليهم و يع اجلهم‬ ‫الفناء با فيهم من الترف و الذل كما قدمناه و هذا كما وقع للعرب صدر السلم ف الفتوحات فكانت جيوش الس لمي بالقادس ية و‬ ‫اليموك بضعة‪ i‬و ثلثي ألفا‪ i‬ف كل معسكر و جوع فارس مائة و عشرين ألفا‪ i‬بالقادسية و جوع هرقل على ما قاله الواقدي أربعمائة أل ف‬ ‫فلم يقف للعرب أحد من الانبي و هزموهم و غلبوهم على ما بأيديهم و اعتب ذلك أيضا‪ i‬ف دولة لتونة و دولة الوحد ي ن فق د ك ان‬ ‫بالغرب من القبائل كثي من يقاومهم ف العدد و العصبية أو يشف عليهم إل أن الجتماع الدين ضاعف قوة عص بيتهم بالستبص ار و‬ ‫الستماتة كما قلناه فلم يقف لم شيء و اعتب ذلك إذا حالت صبغة الدين و فسدت كيف ينتقض المر و يصي الغلب على نسبة العصبية‬ ‫وحدها دون زيادة الدين فتغلب الدولة من كان تت يدها من العصائب الكافئة لا أو الزائدة القوة عليها الذين غلبتهم بضاعفة الدين لقوتا‬ ‫و لو كانوا أكثر عصبية منها و أشد بداوة‪ i‬و اعتب هذا ف الوحدين مع زناتة لا كانت زناتة أبدى من الصامدة و أشد توحش ا‪ i‬و ك ان‬ ‫للمصامدة الدعوة الدينية باتباع الهدي فلبسوا صبغتها و تضاعفت قوة عصبيتهم با فغلبوا على زناتة أول‪ i‬و استتبعوهم و أن ك انوا م ن‬ ‫حيث العصبية و البداوة أشد منهم فلما خلوا من تلك الصبغة الدينية انتقضت عليهم زناتة من كل جانب و غلبوهم على المر و ان تزعوه‬ ‫منهم و ال غالب على أمره‪.‬‬


‫الفصل السادس ف أن الدعوة الدينية من غي عصبية ل تتم‬ ‫و هذا لا قدمناه من أن كل أمر تمل عليه الكافة فل بد له من العصبية و ف الديث الصحيح كما مر‪ :‬ما بعث ال نبيا‪ i‬إل ف منعة من قومه‬ ‫و إذا كان هذا ف النبياء و هم أول الناس برق العوائد فما ظنك بغيهم أن ل ترق له العادة ف الغلب بغي عصبية و قد وقع هذا لب ن‬ ‫قسي شيخ الصوفية و صاحب كتاب خلع النعلي ف التصوف ثار بالندلس داعيا‪ i‬إل الق و سي أصحابه بالرابطي قبيل دع وة اله دي‬ ‫فاستتب له المر قليل‪ i‬لشغل لتونة با دههم من أمر الوحدين و ل تكن هناك عصائب و ل قبائل يدفعونه عن شأنه فلم يلبث حي استول‬ ‫الوحدون على الغرب أن أذعن لم و دخل ف دعوتم و تابعهم من معقله بصن أركش و أمكنهم من ثغره و كان أول داعية لم بالندلس‬ ‫و كانت ثورته تسمى ثورة الرابطي و من هذا الباب أحوال الثوار القائمي بتغيي النكر من العامة و الفقهاء فإن كثيا‪ i‬من النتحلي للعبادة‬ ‫و سلوك طرق الدين يذهبون إل القيام على أهل الور من المراء داعي إل تغيي النكر و النهي عنه و المر بالعروف رجاء¸ ف الثواب عليه‬ ‫من ال فيكثر أتباعهم و التلثلثون بم من الغوغاء و الدهاء و يعرضون أنفسهم ف ذلك للمهالك و أكثرهم يهلكون ف هذا السبيل مأزورين‬ ‫غي مأجورين لن ال سبحانه ل يكتب ذلك عليهم و إنا أمر به حيث تكون القدرة عليه قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬من رأى منكم منكرا‪i‬‬ ‫فليغيه بيده فأن ل يستطع فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه و أحوال اللوك و الدول راسخة قوية ل يزحزحها و يهدم بناءها إل الطالبة القوي ة‬ ‫الت من ورائها عصبية القبائل و العشائر كما قدمناه و هكذا كان حال النبياء عليهم الصلة و الس لم ف دع وتم إل ال بالعش ائر و‬ ‫العصائب و هم الؤيدون من ال بالكون كله لو شاء‪ ،‬لكنه إنا أجرى المور على مستقر العادة و ال حكيم عليم فإذا ذهب أحد من الناس‬ ‫هذا الذهب و كان فيه مقا‪ i‬قصر به النفراد عن العصبية فطاح ف هوة اللك و أما إن كان من التلبسي بذلك ف طلب الرئاسة فأجدر إن‬ ‫تعوقه العوائق و تنقطع به الهالك لنه أمر ال ل يتم إل برضاه و إعانته و الخلص له و النصيحة للمسلمي و ل يشك ف ذلك مسلم و ل‬ ‫يرتاب فيه ذو بصية و أول ابتداء هذه النعة ف اللة ببغداد حي و قعت فتنة طاهر و قتل المي و أبطأ الأمون براسان عن مقدم العراق ث‬ ‫عهد لعلي بن موسى الرضى من آل السي فكشف بنو العباس عن‪.‬‬ ‫وجه النكي عليه و تداعوا للقيام و خلع طاعة الأمون و الستبدال منه و بويع إبراهيم بن الهدي فوقع الرج ببغداد و انطلقت أيدي الزعرة‬ ‫با من الشطار و الربية على أهل العافية و الصون و قطعوا السبيل و امتلت أيديهم من ناب الناس و باعوه ا علني ة ف الس واق و‬ ‫استعدى أهلها الكام فلم يعدوهم فتوافر أهل الدين و الصلح على منع الفساق و كف عاديتهم و قام ببغداد رجل يعرف بالد الدريوس و‬ ‫دعا الناس إل المر بالعروف و النهي عن النكر فأجابه خلق و قاتل أهل الزعارة فغلبهم و أطلق يده فيهم بالضرب و التنكيل ث قام م ن‬ ‫بعده رجل آخر من سواد أهل بغداد يعرف بسهل بن سلمة النصاري و يكن أبا حات و علق مصحفا‪ i‬ف عنقه و دعا الن اس إل الم ر‬ ‫بالعروف و النهى عن النكر و العمل بكتاب ال و سنة نبيه صلى ال عليه و سلم فاتبعه الناس كافة‪ i‬من بي شريف و وضيع من بن هاشم‬ ‫فمن دونم و نزل قصر طاهر و أتذ الديوان و طاف ببغداد و منع كل من أخاف الارة و منع الفارة لولئك الشطار و قال ل ه خال د‬ ‫الدريوس أنا ل أعيب على السلطان فقال له سهل لكن أقاتل كل من خالف الكتاب و السنة كائنا‪ i‬من كان و ذلك سنة إحدى و مائتي و‬ ‫جهز له إبراهيم بن الهدي العساكر فغلبه و أسره و انل أمره سريعا‪ i‬و ذهب و نا بنفسه ث اقتدى بذا العمل بعد كثي م ن الوسوس ي‬ ‫يأخذون أنفسهم بإقامة الق و ل يعرفون ما يتاجون إليه ف إقامته من العصبية و ل يشعرون بغبة أمرهم و مآل أحوالم و الذي يتاج إليه‬ ‫ف أمر هؤلء إما الداواة إن كانوا من أهل النون و إما التنكيل بالقتل أو الضرب إن أحدثوا هرجا‪ i‬و إما إذاعة السخرية منهم و عدهم من‬ ‫جلة الصفاعي و قد ينتسب بعضهم إل الفاطمي النتظر إما بأنه هو أو بأنه داع له و ليس مع ذلك على علم من أمر الفاطمي و ل ما هو و‬ ‫أكثر النتحلي لثل هذا تدهم موسوسي أو ماني أو ملبسي يطلبون بثل هذه الدعوة رئاسة‪ i‬امتلت با جوانهم و عجزوا عن التوص ل‬ ‫إليها بشيء من أسبابا العادية فيحسبون أن هذا من السباب البالغة بم إل ما يؤملونه من ذلك و ل يسبون ما ينالم فيه من اللكة فيسرع‬ ‫إليهم القتل با يدثونه من الفتنة و تسوء عاقبة مكرهم و قد كان لول هذه الائة خرج بالسوس رجل من التصوفة يدعى التوبذري عمد إل‬ ‫مسجد ماسة بساحل البحر هناك و زعم أنه الفاطمي النتظر تلبيسا‪ i‬على العامة هنالك با مل قلوبم من الدثان بانتظاره هنالك و أن م ن‬ ‫ذلك السجد يكون أصل دعوته فتهافتت عليه طوائف من عامة الببر تافت الفراش ث خشي رؤساؤهم أتساع نطاق الفتنة فدس إليه ك بي‬


‫الصامدة يومئذ عمر السكسيوي من قتله ف فراشه و كذلك خرج ف غماره أيضا‪ i‬لول هذه الائة رجل يعرف بالعباس و ادعى مثل ه ذه‬ ‫الدعوة و اتبع نعيقه الرذلون من سفهاء تلك القبائل و أغمارهم و زحف إل بادس من أمصارهم و دخلها عنوة‪ .‬ث قتل لربعي يوما م ن‬ ‫ظهور دعوته و مضى ف الالكي الولي و أمثال ذلك كثي و الغلط فيه من الغفلة عن اعتبار العصبية ف مثلها و أما إن كان التلبيس فأحرى‬ ‫أن ل يتم له أمر و أن يبوء بإثه و ذلك جزاء الظالي و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب غيه و ل معبود سواه‪.‬‬

‫الفصل السابع ف أن كل دولة لا حصة من المالك و الوطان ل تزيد عليها‬ ‫و السبب ف ذلك أن عصابة الدولة و قومها القائمي با المهدين لا ل بد من توزيعهم حصصا‪ i‬على المالك و الثغور الت تصي إليه م و‬ ‫يستولون عليها لمايتها من العدو و إمضاء أحكام الدولة فيها من جباية و ردع و غي ذلك فإذا توزعت العصائب كلها عل ى الثغ ور و‬ ‫المالك فل بد من نفاد عددها و قد بلغت المالك حينئذ إل حد يكون ثغرا‪ i‬للدولة و تما‪ i‬لوطنها و نطاقا‪ i‬لركز ملكها فإن تكفلت الدولة‬ ‫بعد ذلك زيادة‪ i‬على ما بيدها بقى دون حامية‪ i‬و كان موضعا‪ i‬لنتهاز الفرصة من العدو و الاور و يعود وبال ذلك على الدولة با يكون فيه‬ ‫من التجاسر و خرق سياج اليبة و ما كانت العصابة موفورة و ل ينفد عددها ف توزيع الصص على الثغور و النواحي بقي ف الدولة قوة‬ ‫على تناول ما وراء الغاية حت ينفسح نطاقها إل غايته و العلة الطبيعية ف ذلك هي قوة العصبية من سائر القوى الطبيعية و كل قوة يص در‬ ‫عنها فعل من الفعال فشأنا ذلك ف فعلها و الدولة ف مركزها أشد ما يكون ف الطرف و النطاق و إذا انتهت إل النطاق الذي هو الغاي ة‬ ‫عجزت و أقصرت عما وراءه شأن الشعة و النوار إذا انبعثت من الراكز و الدوائر النفسحة على سطح الاء من النقر عليه ث إذا أدركه ا‬ ‫الرم و الضعف فإنا تأخذ ف التناقص من جهة الطراف و ل يزال الركز مفوظا‪ i‬إل أن يتأذن ال بانقراض الم ر جل ة فحينئذ يك ون‬ ‫انقراض الركز و إذا غلب على الدولة من مركزها فل ينفعها بقاء الطراف و النطاق بل تضمحل لوقتها فأن الركز كالقلب الذي تنبع ث‬ ‫منه الروح فإذا غلب على القلب و ملك انزم جيع الطراف و انظر هذا ف الدولة الفارسية كان مركزها الدائن فلما غلب السلمون على‬ ‫الدائن انقرض أمر فارس أجع و ل ينفع يزدجرد ما بقي بيده من أطراف مالكه و بالعكس من ذلك الدولة الرومية بالشام لا كان مركزها‬ ‫القسطنطينية و غلبهم السلمون بالشام تيزوا إل مركزهم بالقسطنطينية و ل يضرهم انتزاع الشام من أيديهم فلم يزل ملكهم متصل‪ i‬با إل‬ ‫أن تأذن ال بانقراضه و انظر أيضا‪ i‬شأن العرب أول السلم لا كانت عصائبهم موفورة كيف غلبوا على ما جاورهم من الشام و العراق و‬ ‫مصر لسرع وقت ث تاوزوا ذلك إل ما وراءه من السند و البشة و أفريقية و الغرب ث إل الندلس فلما تفرقوا حصصا‪ i‬على المالك و‬ ‫الثغور و نزلوها حامية و نفد عددهم ف تلك التوزيعات أقصروا عن الفتوحات بعد و انتهى أمر السلم و ل يتجاوز تلك الدود و منه ا‬ ‫تراجعت الدولة حت تأذن ال بانقراضها و كذا كان حال الدول من بعد ذلك كل دولة على نسبة القائمي با ف القلة و الكثرة و عند نفاد‬ ‫عددهم بالتوزيع ينقطع لم الفتح و الستيلء سنة ال ف خلقه‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف أن عظم الدولة و اتساع نطاقها و طول أمدها على نس بة‬ ‫القائمي با ف القلة و الكثرة‬ ‫و السبب ف ذلك أن اللك إنا يكون بالعصبية و أهل العصبية هم الامية الذين ينلون بمالك الدولة و أقطارها و ينقسمون عليها فما كان‬ ‫من الدولة العامة قبيلها و أهل عصابتها أكثر كانت أقوى و أكثر مالك و أوطانا‪ i‬و كان ملكها أوسع لذلك و اعتب ذلك بالدولة السلمية‬ ‫لا ألف ال كلمة العرب على السلم و كان عدد السلمي ف غزوة تبوك آخر غزوات النب صلى ال عليه و سلم مائة ألف و عشرة آلف‬ ‫من مضر و قحطان ما بي فارس و راجل إل من أسلم منهم بعد ذلك إل الوفاة فلما توجهوا لطلب ما ف أيدي المم من اللك ل يك ن‬ ‫دونه حى‪ Ï‬و ل وزر فاستبيح حى فارس و الروم أهل الدولتي العظيمتي ف العال لعهدهم و الترك بالشرق و الفرنة و الببر ب الغرب و‬ ‫القوط بالندلس و خطوا من الجاز إل السوس القصى و من اليمن إل الترك بأقصى الشمال و استولوا على القاليم السبعة ث انظر بع د‬ ‫ذلك دولة صنهاجة و الوحدين مع العبيديي قبلهم لا كان كتامة القائمي بدولة العبيديي أكثر من صنهاجة و من الصامدة كانت دولته م‬


‫أعظم فملكوا أفريقية و الغرب و الشام و مصر و الجاز ث انظر بعد ذلك دولة زناتة لا كان عددهم أقل من الصامدة قصر ملكهم ع ن‬ ‫ملك الوحدين لقصور عددهم عن عدد الصامدة فمذ أول أمرهم ث اعتب بعد ذلك حال الدولتي لذا العهد لزناتة بن مري ن و بن عب د‬ ‫الواد‪ ،‬كانت دولتهم أقوى منها و أسع نطاقا‪ i‬و كان لم عليهم الغلب مرة بعد أخرى‪ .‬يقال أن عدد بن مرين لول ملكهم كان ثلثة آلف‬ ‫و أن بن عبد الواد كانوا ألفا‪ i‬إل أن الدولة بالرفه و كثرة التابع كثرت من أعدادهم و على هذه النسبة ف أعداد التغلبي لول اللك يكون‬ ‫أتساع الدولة و قوتا و أما طول أمدها أيضا‪ i‬فعلى تلك النسبة لن عمر الادث من قوة مزاجه و مزاج الدول إنا هو بالعصبية فإذا ك انت‬ ‫العصبية قوية كان الزاج تابعا‪ i‬لا و كان أمد العمر طويل‪ i‬و العصبية إنا هي بكثرة العدد و وفوره كما قلناه و السبب الصحيح ف ذلك أن‬ ‫النقص إنا يبدو ف الدولة من الطراف فإذا كانت مالكها كثية كانت أطرافها بعيدة‪ i‬عن مركزها و كثية‪ i‬و كل نقص يقع فل بد له م ن‬ ‫زمن فتكثر أزمان النقص لكثرة المالك و اختصاص كل واحد منها بنقص و زمان فيكون أمدها أطول الدول ل بنو العباس أهل الركز و ل‬ ‫بنو أمية الستبدون بالندلس و ل ينقص أمر جيعهم إل بعد الربعمائة من الجرة و دولة العبيديي كان أمدها قريبا‪ i‬من مائتي و ثاني سنة‬ ‫و دولة صنهاجة دونم من لدن تقليد معز الدولة أمر أفريقية لبلكي بن زيري ف سنة ثان و خسي و ثلثائة إل حي اس تيلء الوح دين‬ ‫على القلعة و باية سنة سبع و خسي و خسمائة و دولة الوحدين لذا العهد تناهز مائتي و سبعي سنة و هكذا نسب الدول ف أعمارها‬ ‫على نسبة القائمي با سنة ال الت قد خلت ف عباده‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أن الوطان الكثرة القبائل و العصائب قل أن تستحكم فيها‬ ‫دولة‬ ‫و السبب ف ذلك اختلف الراء و الهواء و أن وراء كل رأي منها و هوى‪ Ï‬عصبية تانع دونا فيكثر النتقاض على الدولة و الروج عليها‬ ‫ف كل وقت و أن كانت ذات عصبية لن كل عصبية من تت يدها تظن ف نفسها منعة‪ i‬و قوة و انظر ما و قع من ذلك بأفريقية و الغرب‬ ‫منذ أو ل السلم و لذا العهد فإن ساكن هذه الوطان من الببر أهل قبائل و عصبيات فلم يغن فيهم الغلب الول الذي ك ان لب ن أب‬ ‫سرح عليهم و على الفرنة شيئا‪ i‬و عاودوا بعد ذلك الثورة و الردة مرة‪ i‬بعد أخرى و عظم الثخان من السلمي فيهم و لا استقر ال دين‬ ‫عندهم عادوا إل الثورة و الروج و الخذ بدين الوارج مرات عديدة‪ i‬قال ابن أب زيد ارتدت البابرة بالغرب اثنت عشرة مرة و ل تستقر‬ ‫كلمة السلم فيهم إل لعهد ولية موسى بن نصي فما بعده و هذا معن ما ينقل عن عمر أن أفريقة مفرقة لقلوب أهلها إشارة‪ i‬إل ما فيه ا‬ ‫من كثرة العصائب و القبائل الاملة لم على عدم الذعان و النقياد و ل يكن العراق لذلك العهد بتلك الصفة و ل الش ام إن ا ك انت‬ ‫حاميتها من فارس و الروم و الكافة دهاء أهل مدن و أمصار فلما غلبهم السلمون على المر و انتزعوه من أيديهم ل يبق فيها م انع و ل‬ ‫مشاق و الببر قبائلهم بالغرب أكثر من أن تص و كلهم بادية و أهل عصائب و عشائر و كلما هلكت قبيلة عادت الخرى مكانا و إل‬ ‫دينها من اللف و الردة فطال أمر العرب ف تهيد الدولة بوطن أفريقية و الغرب و كذلك كان المر بالشام لعهد بن إسرائيل كان فيه من‬ ‫قبائل فلسطي و كنعان و بن عيصو و بن مدين و بن لوط و الروم و اليونان و العمالقة و أكريكش و النبط من جانب الزيرة و الوص ل‬ ‫ما ل يصى كثرة و تنوعا ف العصبية فصعب على بن إسرائيل تهيد دولتهم و رسوخ أمرهم و اضطرب عليهم اللك مرة بع د أخ رى و‬ ‫سرى ذلك اللف إليهم فاختلفوا على سلطانم و خرجوا عليه و ل يكن لم ملك موطد سائر أيامهم إل أن غلبهم الف رس ث يون ان ث‬ ‫الروم آخر أمرهم عند اللء و ال غالب على أمره و بعكس هذا أيضا الوطان الالية من العصبيات يسهل تهيد الدولة فيه ا و يك ون‬ ‫سلطانا وازعا لقلة الرج و النتقاض و ل تتاج الدولة فيها إل كثي من العصبية كما هو الشأن ف مصر و الشام لذا العهد إذ هي خلو من‬ ‫القبائل و العصبيات كأن ل يكن الشام معدنا لم كما قلناه فملك مصر ف غاية الدعة و الرسوخ لقلة الوارج و أهل العصائب إن ا ه و‬ ‫سلطان و رعية و دولتها قائمة بلوك الترك و عصائبهم يغلبون على المر واحدا بعد واحد و ينتقل المر فيهم من منبت إل منبت و اللفة‬ ‫مسماة للعباسي من أعقاب اللفاء ببغداد و كذا شأن الندلس لذا العهد فإن عصبية ابن الحر سلطانا ل تكن لول دولتهم بقوي ة و ل‬ ‫كانت كرات إنا يكون أهل بيت من بيوت العرب أهل الدولة الموية بقوا من ذلك القلة و ذلك أن أهل الندلس لا انقرض ت الدول ة‬


‫العربية منهم و ملكهم الببر من لتونة و الوحدين سئموا ملكتهم و ثقلت وطأتم عليهم فأشربت القلوب بغضاءهم و أمكن الوح دون و‬ ‫السادة ف آخر الدولة كثيا من الصون للطاغية ف سبيل الستظهار به على شأنم من تلك الضرة مراكش فاجتمع من كان بقي با م ن‬ ‫أهل العصبية القدية معادن من بيوت العرب تاف بم النبت عن الاضرة و المصار بعض الشيء و رسخوا ف العصبية مثل ابن هود و ابن‬ ‫الحر و ابن مردنيش و أمثالم فقام ابن هود بالمر و دعا بدعوة اللفة العباسية بالشرق و حل الناس على الروج على الوحدين فنبذوا‬ ‫إليهم العهد و أخرجوهم و استقل ابن هود بالمر ف الندلس ث سا ابن الحر للمر و خالف ابن هود ف دعوته فدعا ه ؤلء لب ن أب‬ ‫حفص صاحب أفريقية من الوحدين و قام بالمر و تناوله بعصابة قريبة من قرابته كانوا يسمون الرؤساء و ل يتج لك ثر منه م لقل ة‬ ‫العصائب بالندلس و إنا سلطان و رعية ث استظهر بعد ذلك على الطاغية بن ييز إليه البحر من أعياص زناتة فصاروا معه عص بة عل ى‬ ‫الثاغرة و الرباط ث سا لصاحب من ملوك زناتة أمل ف الستيلء على الندلس فصار أولئك العياص عصابة ابن الحر على المتناع من ه‬ ‫إل أن تأثل أمره و رسخ و ألفته النفوس و عجز الناس عن مطالبته و ورثة أعقابه لذا العهد فل تظن أنه بغي عصابة فليس كذلك و قد كان‬ ‫مبدأه بعصابة إل أنا قليلة و على قدر الاجة فإن قطر الندلس لقلة العصائب و القبائل فيه يغن عن كثرة العصبية ف التغلب عليه م و ال‬ ‫غن عن العالي‪.‬‬

‫الفصل العاشر ف أن من طبيعة اللك النفراد بالد‬ ‫و ذلك أن اللك كما قدمناه إنا هو بالعصبية و العصبية متألفة من عصبات كثية تكون واحدة منها أقوى من الخرى كله ا فتغلبه ا و‬ ‫تستول عليها حت تصيها جيعا‪ i‬ف ضمنها و بذلك يكون الجتماع و الغلب على الناس و الدول و سره أن العصبية العامة للقبيل هي مثل‬ ‫الزاج للمتكون و الزاج إنا يكون عن العناصر و قد تبي ف موضعه أن العناصر إذا اجتمعت متكافئة‪ i‬فل يقع منها مزاج أصل‪ i‬بل ل بد من‬ ‫أن تكون واحدة منها هي الغالبة على الكل حت تمعها و تؤلفها و تصيها عصبية‪ i‬واحدة‪ i‬شاملة‪ i‬لميع العصائب و هي موجودة ف ضمنها‬ ‫و تلك العصبية الكبى إنا تكون لقوم أهل بيت و رئاسة فيهم‪ ،‬و ل بد من أن يكون واحد منهم رئيسا‪ i‬لم غالبا‪ i‬عليه م فيتعي رئيس ا‪i‬‬ ‫للعصابات كلها لغلب منبته لميعها و إذا تعي له ذلك فمن الطبيعة اليوانية خلق الكب و النفة فيأنف حينئذ من الساهة و الش اركة ف‬ ‫استتباعهم و التحكم فيهم و يئ خلق التأله الذي ف طباع البشر مع ما تقتضيه السياسة من انفراد الاكم لفساد الكل باختلف الكام لو‬ ‫كان فيهما آلة إل ال لفسدتا فتجدع حينئذ أنوف العصبيات و تفلح شكائمهم عن أن يسموا إل مشاركته ف التحكم و تقرع عص بيتهم‬ ‫عن ذلك و ينفرد به ما استطاع حت ل يترك لحد منهم ف المر ل ناقة و ل جل‪ i‬فينفرد بذلك الد بكليته و يدفعهم عن مساهته و ق د‬ ‫يتم ذلك للول من ملوك الدولة و قد ل يتم إل للثان و الثالث على قدر مانعة العصبيات و قوتا إل أنه أمر لبد منه ف الدول سنة ال الت‬ ‫قد خلت ف عباده و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الادي عشر ف أن من طبيعة اللك الترف‬ ‫و ذلك أن المة إذا تغلبت و ملكت ما بأيدي أهل اللك قبلها كثر رياشها و نعمتها فتكثر عوائدهم و يتج اوزون ض رورات العي ش و‬ ‫خشونته إل نوافله و رقته و زينته و يذهبون إل أتباع من قبلهم ف عوائدهم و أحوالم و تصي لتلك النوافل عوائد ضرورية ف تص يلها و‬ ‫ينعون مع ذلك إل رقة الحوال ف الطاعم و اللبس و الفرش و النية و يتفاخرون ف ذلك و يفاخرون فيه غيهم من الم م ف أك ل‬ ‫الطيب و لبس النيق و ركوب الفاره و يناغي خلفهم ف ذلك سلفهم إل آخر الدولة و على قدر ملكهم يكون حظهم من ذلك و ترفه م‬ ‫فيه إل أن يبلغوا من ذلك الغاية الت للدولة إل أن تبلغها بسب قوتا و عوائد من قبلها سنة ال ف خلقه و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف أن من طبيعة اللك الدعة و السكون‬


‫و ذلك أن المة ل يصل لا اللك إل بالطالبة و الطالبة غايتها الغلب و اللك و إذا حصلت الغاية انقضى السعي إليها قال الشاعر‪:‬‬ ‫فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر‬ ‫عجبت لسعي الدهر بين و بينها‬ ‫فإذا حصل اللك أقصروا عن التاعب الت كانوا يتكلفونا ف طلبه و آثروا الراحة و السكون و الدعة و رجعوا إل تصيل ثرات اللك م ن‬ ‫البان و الساكن و اللبس فيبنون القصور و يرون الياه و يغرسون الرياض و يستمتعون بأحوال الدنيا و يؤثرون الراحة على الت اعب و‬ ‫يتأنقون ف أحوال اللبس و الطاعم و النية و الفرش ما استطاعوا و يألفون ذلك و ويورثونه من بعدهم من أجيالم و ل يزال ذلك يتزايد‬ ‫فيهم إل أن يتأذن ال بأمره و هو خي الاكمي و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر ف أنه إذا تكمت طبيعة اللك من النف راد بال د و‬ ‫حصول الترف و الدعة أقبلت الدولة على الرم‬ ‫و بيانه من وجود الول أنا تقتضي النفراد بالد كما قلناه و مهما كان الد مشتركا‪ i‬بي العصابة و كان سعيهم له واحدا‪ i‬كانت همه م‬ ‫ف التغلب على الغي و الذب عن الوزة أسوة‪ i‬ف طموحها و قوة شكائمها و مرماهم إل العز جيعا‪ i‬يستطيبون الوت ف بن اء م دهم و‬ ‫يؤثرون اللكة على فساده و إذا انفرد الواحد منهم بالد قرع عصبيتهم و كبح من أعنتهم و استأثر بالموال دونم فتكاسلوا عن الغ زو و‬ ‫فشل ربهم و رئموا الذلة و الستعباد ث رب اليل الثان منهم على ذلك يسبون ما ينالم من العطاء أجرا‪ i‬من السلطان لم عن الماي ة و‬ ‫العونة ل يري ف عقولم سواه و قل أن يستأجر أحد نفسه على الوت فيصي ذلك وهنا‪ i‬ف الدولة و خضدا‪ i‬من الشوكة و تقبل به عل ى‬ ‫مناحي الضعف و الرم لفساد العصبية بذهاب البأس من أهلها‪ .‬و الوجه الثان أن طبيعة اللك تقتضي الترف كما قدمناه فتكثر عوائدهم و‬ ‫تزيد نفقاتم على أعطياتم و ل يفي دخلهم برجهم فالفقي منهم يهلك و الترف يستغرق عطاءه بترفه ث يزداد ذلك ف أجيالم التأخرة إل‬ ‫أن يقصر العطاء كله عن الترف و عوائده و تسهم الاجة و تطالبهم ملوكهم بصر نفقاتم ف الغزو و الروب فل يدون وليج ة‪ i‬عنه ا‬ ‫فيوقعون بم العقوبات و ينتزعون ما ف أيدي الكثي منهم يستأثرون به عليهم أو يؤثرون به أبناءهم و صنائع دولتهم فيضعفونم لذلك ع ن‬ ‫إقامة أحوالم و يضعف صاحب الدولة بضعفهم و أيضا‪ i‬إذا كثر الترف ف الدولة و صار عطاؤهم مقصرا‪ i‬عن حاجاتم و نفقاتم احت اج‬ ‫صاحب الدولة الذي هو السلطان إل الزيادة ف أعطياتم حت يسد خللهم و يزيح عللهم و الباية مقدارها معلوم و ل تزيد و ل تنق ص و‬ ‫أن زادت با يستحدث من الكوس فيصي مقدارها بعد الزيادة مدودا‪ i‬فإذا وزعت الباية على العطيات و قد حدثت فيها الزي ادة لك ل‬ ‫واحد با حدث من ترفهم و كثرة نفقاتم نقص عدد الامية حينئذ عما كان قبل زيادة العطيات ث يعظم الترف و تكثر مقادير العطيات‬ ‫لذلك فينقص عدد الامية و ثالثا‪ i‬و رابعا‪ i‬إل أن يعود العسكر إل أقل العداد فتضعف الماية لذلك و تسقط قوة الدولة و يتجاسر عليه ا‬ ‫من ياوزها من الدول أو من هو تت يديها من القبائل و العصائب و يأذن ال فيها بالفناء الذي كتبه على خليقته و أيضا‪ i‬فالترف مفس د‬ ‫للخلق با يصل ف النفس من ألوان الشر و السفسفة و عوائدها كما يأت ف فصل الضارة فتذهب منهم خلل الي الت ك انت علم ة‬ ‫على اللك و دليل‪ i‬عليه و يتصفون ب يناقضها من خلل الشر فيكون علمة على الدبار و النقراض با جعل من ذلك ف خليقته و تأخ ذ‬ ‫الدولة مبادئ العطب و تتضعضع أحوالا و تنل با أمراض مزمنة من الرم إل أن يقضي عليها‪ .‬الوجه الثالث أن طبيعة اللك تقتضي الدعة‬ ‫كما ذكرناه و إذا اتذوا الدعة و الراحة مؤلفا‪ i‬و خلقا‪ i‬صار لم ذلك طبيعة‪ i‬و جبلة‪ i‬شأن العوائد كلها و إيلفها فترب أجي الم الادث ة ف‬ ‫غضارة العيش و مهاد الترف و الدعة و ينقلب خلق التوحش و ينسون عوائد البداوة الت كان با اللك من شدة البأس و تعود الفتراس و‬ ‫ركوب البيداء و هداية القفر فل يفرق بينهم و بي السوقة من الضر إل ف الثقافة و الشارة فتضعف حايتهم و يذهب بأسهم و تنخض د‬ ‫شوكتهم و يعود وبال ذلك على الدولة با تلبس من ثياب الرم ث ل يزالون يتلونون بعوائد الترف و الضارة و السكون و الدعة و رق ة‬ ‫الاشية ف جيع أحوالم و ينغمسون فيها و هم ف ذلك يبعدون عن البداوة و الشونة و ينسلخون عنها شيئا‪ i‬فشيئا‪ i‬و ينسون خلق البسالة‬ ‫الت كانت با الماية و الدافعة حت يعودوا عيال‪ i‬على حامية أخرى أن كانت لم و اعتب ذلك ف الدول الت أخبارها ف الصحف ل ديك‬ ‫تد ما قلته لك من ذلك صحيحا‪ i‬من غي ريبة و ربا يدث ف الدولة إذا طرقها هذا الرم بالترف و الراحة أن يتخي صاحب الدولة أنصارا‪i‬‬


‫و شيعة‪ i‬من غي جلدتم من تعود الشونة فيتخذهم جندا‪ i‬يكون أصب على الرب و أقدر على معاناة الشدائد من الوع و الشظف و يكون‬ ‫ذلك دواء¸ للدولة من الرم الذي عساه أن يطرقها حت يأذن ال فيها بأمره و هذا كما وقع ف دولة الترك بالشرق فإن غالب جندها ال وال‬ ‫من الترك فتتخي ملوكهم من أولئك الماليك اللوبي إليهم فرسانا‪ i‬و جندا‪ i‬فيكونون أجرا‪ i‬على الرب و أصب على الش ظف م ن أبن اء‬ ‫الماليك الذين كانوا قبلهم و ربوا ف ماء النعيم و السلطان و ظله و كذلك ف دولة الوحدين بأفريقية فإن صاحبها كثيا‪ i‬ما يتخذ أجن اده‬ ‫من زناتة و العرب ويستكثر منهم و يترك أهل الدولة التعودين للترف فتستجد الدولة بذلك غفرا‪ i‬آخر سالا‪ i‬من الرم و ال وارث الرض و‬ ‫من عليها‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ف أن الدولة لا أعمار طبيعية كما للشخاص‬ ‫إعلم أن العمر الطبيعي للشخاص على ما زعم الطباء و النجمون مائة وعشرون سنة‪ i‬و هي سنو القمر الكبى عن د النجمي و يتل ف‬ ‫العمر ف كل جيل بسب القرانات فيزيد عن هذا و ينقص منه فتكون أعمار بعض أهل القرانات مائة تامة و بعضهم خسي أو ث اني أو‬ ‫سبعي على ما تقتضيه أدلة القرانات عند الناظرين فيها و أعمار هذه اللة ما بي الستينن إل السبعي كما ف الديث و ل يزيد على العم ر‬ ‫الطبيعي الذي هو مائة و عشرون إل ف الصور النادرة و على الوضاع الغريبة من الفلك كما و قع ف شأن نوح عليه السلم و قليل م ن‬ ‫قوم عاد و ثود‪ .‬و أما أعمار الدول أيضا‪ i‬و إن كانت تتلف بسب القرانات إل أن الدولة ف الغالب ل تعدو أعمار ثلثة أجيال و الي ل‬ ‫هو عمر شخص واحد من العمر الوسط فيكون أربعي الذي هو انتهاء النمو و النشوء إل غايته قال تعال‪ :‬حت إذا بلغ أشده و بلغ أربعي‬ ‫سنة و لذا قلنا أن عمر الشخص الواحد هو عمر اليل و يؤيده ما ذكرناه ف حكمة التيه الذي وقع ف بن إسرائيل و أن القصود بالربعي‬ ‫فيه فناء اليل الحياء و نشأة جيل آخر ل يعهدوا الذل و ل عرفوه فدل على اعتبار الربعي ف عمر اليل الذي هو عمر الشخص الواحد‬ ‫و إنا قلنا أن عمر الدولة ل يعدو ف الغالب ثلثة أجيال لن اليل الول ل يزالوا على خلق البداوة و خشونتها و توحشها م ن ش ظف‬ ‫العيش و البسالة و الفتراس و الشتراك ف الد فل تزال بذلك سورة العصبية مفوظة‪ i‬فيهم فحدهم مرهف و جانبهم مرهوب و الناس لم‬ ‫مغلوبون و اليل الثان تول حالم باللك و الترفه من البداوة إل الضارة و من الشظف إل الترف و الصب و من الشتراك ف ال د إل‬ ‫انفراد الواحد به و كسل الباقي عن السعي فيه و من عز الستطالة إل ذل الستكانة فتنكسر سورة العصبية بعض الشيء و ت ؤنس منه م‬ ‫الهانة و الضوع و يبقى لم الكثي من ذلك با أدركوا اليل الول و باشروا أحوالم و شاهدوا اعتزازهم و سعيهم إل الد و مراميهم ف‬ ‫الدافعة و الماية فل يسعهم ترك ذلك بالكلية و إن ذهب منه ما ذهب و يكونون على رجاء من مراجعة الحوال الت كانت للجيل الول‬ ‫أو على ظن من وجودها فيهم و أما اليل الثالث فينسون عهد البداوة و الشونة كأن ل تكن و يفقدون حلوة العز و العصبية با هم في ه‬ ‫من ملكة القهر و يبلغ فيهم الترف غايته با تبنقوه من النعيم و غضارة العيش فيصيون عيال‪ i‬على الدولة و من جل ة النس اء و الول دان‬ ‫التاجي للمدافعة عنهم و تسقط العصبية بالملة و ينسون الماية و الدافعة و الطالبة و يلبسون على الناس ف الشارة و الزي و رك وب‬ ‫اليل و حسن الثقافة يوهون با و هم ف الكثر أجب من النسوان على ظهورها فإذا جاء الطالب لم ل يقاوموا مدافعته فيحتاج ص احب‬ ‫الدولة حينئذ إل الستظهار بسواهم من أهل النجدة و يستكثر بالوال و يصطنع من يغن عن الدولة بعض الغناء حت يتأذن ال بانقراض ها‬ ‫فتذهب الدولة با حلت فهذه كما تراه ثلثة أجيال فيها يكون هرم الدولة و تلفها و لذا كان انقراض السب ف اليل الرابع كما مر ف‬ ‫أن الد و السب إنا هو أربعة آباء و قد أتيناك فيه ببهان طبيعي كاف ظافر مبن على ما مهدناه قبل من القدمات فتأمله فلن تعدو وج ه‬ ‫الق إن كنت من أهل النصاف و هذه الجيال الثلثة عمرها مائة و عشرون سنة على ما مر و ل تعدو الدول ف الغ الب ه ذا العم ر‬ ‫بتقريب قبله أو بعده إل أن عرض لا عارض آخر من فقدان الطالب فيكون الرم حاصل‪ i‬مستوليا‪ i‬و الطالب ل يضرها و ل و ق د ج اء‬ ‫الطالب لا وجد مدافعا‪ i‬فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة‪ i‬و ل يستقدمون فهذا العمر للدولة بثابة عمر الشخص من التزاي د إل س ن‬ ‫الوقوف ث إل سن الرجوع و لذا يري على ألسنة الناس ف الشهور أن عمر الدولة مائة سنة و هذا معناه فأعتبه و اتذ منه قانونا‪ i‬يصحح‬ ‫لك عدد الباء ف عمود النسب الذي تريده من قبل معرفة السني الاضية إذا كنت قد استربت ف عددهم و كانت السنون الاض ية من ذ‬ ‫أولم مصلة لديك فعد لكل مائة من السني ثلثة من الباء فإن نفدت على هذا القياس مع نفود عددهم فهو صحح و إن نقصت عنه بيل‬


‫فقد غلط عددهم بزيادة واحد ف عمود النسب و أن زادت بثله فقد سقط واحد و كذلك تأخذ عدد السني من عددهم إذا كان مص ل‪i‬‬ ‫لديك فتأمله تده ف الغالب صحيحا‪ i‬و ال يقدر الليل و النهار‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف انتقال الدولة من البداوة إل الضارة‬ ‫اعلم أن هذه الطوار طبيعية للدول فإن الغلب الذي يكون به اللك إنا هو بالعصيبة و با يتبعها من شدة البأس و تعود الفتراس و ل يكون‬ ‫ذلك غالبا‪ i‬إل مع البداوة فطور الدولة من أولا بداوة ث إذا حصل اللك تبعه الرفه و اتساع الحوال و الضارة إنا هي تفنن ف ال ترف و‬ ‫إحكام الصنائع الستعملة ف وجوهه و مذاهبه من الطابخ و اللبس و البان و الفرش و البنية و سائر عوائد النل و أحواله فلكل واح د‬ ‫منها صنائع ف استجادته و التأنق فيه تتص به و يتلو بعضها بعضا‪ i‬و تتكثر باختلف ما تنع إليه النفوس من الش هوات و اللذ والتنع م‬ ‫بأحوال الترف و ما تتلون به من العوائد فصار طور الضارة ف اللك يتبع طور البداوة ضرورة لضرورة تبعية الرفه للملك و أهل الدول أبدا‪i‬‬ ‫يقلدون ف طور الضارة و أحوالا للدولة السابقة قبلهم‪ .‬فأحوالم يشاهدون‪ ،‬و منهم ف الغلب يأخذون‪ ،‬و مثل هذا وقع للعرب لا ك ان‬ ‫الفتح و ملكوا فارس و الروم و استخدموا بناتم و أبناءهم و ل يكونوا لذلك العهد ف شيء من الضارة فقد حكي أنه قدم ل م الرق ق‬ ‫فكانوا يسبونه رقاعا‪ i‬و عثروا على الكافور ف خزائن كسرى فاستعملوه ف عجينهم ملحا‪ i‬و مثال ذلك كثي فلما استعبدوا أه ل ال دول‬ ‫قبلهم و استعملوهم ف مهنهم و حاجات منازلم و اختاروا منهم الهرة ف أمثال ذلك و القومة عليهم أفادوهم علج ذلك و القيام عل ى‬ ‫عمله و التفنن فيه مع ما حصل لم من أتساع العيش و التفنن ف أحواله فبلغوا الغاية ف ذلك و تطوروا بطور الضارة و الترف ف الحوال‬ ‫و استجادة الطاعم و الشارب و اللبس و البان و السلحة و الفرش و آلنية و سائر الاعون و الرثي و كذلك أحوالم ف أيام الباهاة و‬ ‫الولئم و ليال العراس فأتوا من ذلك وراء الغاية و انظر ما نقلة السعودي و الطبي و غيها ف أعراس الأمون ببوران بنت الس ن ب ن‬ ‫سهل و ما بذل أبوها لاشية الأمون حي وافاه ف خطبتها إل داره بفم الصلح و ركب إليها ف السفي و ما انفق ف أملكها و ما نله ا‬ ‫الأمون و أنفق ف عرسها تقف من ذلك على العجب فمنة أن السن بن سهل نثر يوم الملك ف الصنيع الذي حضره حاشية الأمون فن ثر‬ ‫على الطبقة الول منهم بنادق السك ملثوثة‪ i‬على الرقاع بالضياع و العقار مسوغة لن حصلت ف يده يقع لكل واحد منهم م ا أداه إلي ه‬ ‫التفاق و البخت و فرق على الطبقة الثانية بدر الدناني ف كل بدرة عشرة آلف و فرق على الطبقة الثالثة بدر الدراهم كذلك بعد أن أنفق‬ ‫على مقامة الأمون بداره أضعاف ذلك و منه أن الأمون أعطاها ف مهرها ليلة زفافها ألف حصاة من الياقوت و أوقد شوع العنب ف ك ل‬ ‫واحدة مائة من و هو رطل و ثلثان و بسط لا فرشا‪ i‬كان الصي منها منسوجا‪ i‬بالذهب مكلل‪ i‬بالدر و الياقوت و قال الأمون حي رآه قاتل‬ ‫ال أبا نواس كأنه أبصر هذا حيث يقول ف صفة المر‪:‬‬ ‫كأن صغرى و كبى من فواقعها حصباء در على أرض من الذهب‬ ‫و أعد بدار الطبخ من الطب لليلة الوليمة نقل مائة و أربعي بغل‪ i‬مدة عام كامل ثلث مرات ف كل يوم و فن الطب لليلتي و أوق دوا‬ ‫الريد يصبون عليه الزيت و أوعز إل النواتية بإحضار السفن لجازة الواص من الناس بدجلة من بغداد إل قصور اللك بدين ة ال أمون‬ ‫لضور الوليمة فكانت الراقات العدة لذلك ثلثي ألفا‪ i‬أجازوا الناس فيها أخريات نارهم و كثي من هذا و أمثاله و كذلك عرس الأمون‬ ‫بن ذي النون بطليطلة نقلة ابن سام ف كتاب الذخية و ابن حيان بعد أن كانوا كلهم ف الطور الول من البداوة عاجزين عن ذلك جل ة‪i‬‬ ‫لفقدان أسبابه و القائمي على صنائعه ف غضاضتهم و سذاجتهم يذكر أن الجاج أول ف اختتان بعض ولده فاستحضر بع ض ال دهاقي‬ ‫يسأله عن ولئم الفرس و قال أخبن بأعظم صنيع شهدته فقال له نعم أيها المي شهدت بعض مرازبة كسرى و قد صنع له ل ف ارس‬ ‫صنيعا‪ i‬أحضر فيه صحاف الذهب على أخونة الفضة أربعا‪ i‬على كل واحد و تمله أربع و صائف و يلس عليه أربعة من الناس فإذا طعم وا‬ ‫أتبعوا أربعتهم الائدة بصحافها و وصفائها فقال الجاج يا غلم انر الزر و أطعم الناس و علم أنه ل يستقل بذه البة و كذلك كانت‪.‬‬ ‫و من هذا الباب أعطية بن أمية و جوائزهم فإنا كان أكثرها البل أخذا‪ i‬بذاهب العرب وبداوتم ث كانت الوائز ف دولة بن العب اس و‬ ‫العبيديي من بعدهم ما علمت من أحال الال و توت الثياب و إعداد اليل براكبها و هكذا كان شأن كتامة مع الغالبة بأفريقية و ك ذا‬ ‫بن طفج بصر و شأن لتونة مع ملوك الطوائف بالندلس و الوحدين كذلك و شأن زناتة مع الوحدين و هلم جرا‪ i‬تنتقل الض ارة م ن‬


‫الدول السالفة إل الدول الالفة فانتقلت حضارة الفرس للعرب بن أمية و بن العباس و انتقلت حضارة بن أمية بالندلس إل ملوك الغرب‬ ‫من الوحدين و زناتة لذا العهد و انتقلت حضارة بن العباس إل الديلم ث إل الترك ث إل السلجوقية ث إل الترك الماليك بص ر و الت تر‬ ‫بالعراقي و على قدر عظم لدولة يكون شأنا ف الضارة إذ أمور الضارة من توابع الترف و الترف من توا بع الثروة و النعمة و ال ثروة و‬ ‫النعمة من توابع اللك و مقدار ما يستول عليه أهل الدولة فعلى نسبة اللك يكون ذلك كله فاعتبه و تفهمه و تأمله ت ده ص حيحا‪ i‬ف‬ ‫العمران و ال وارث الرض و من عليها و هو خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر ف أن الترف يزيد الدولة ف أولا قوة إل قوتا‬ ‫و السبب ف ذلك أن القبيل إذا حصل لم اللك و الترف كثر التناسل و الولد والعمومية فكثرت العصابة و استكثروا أيضا‪ i‬م ن ال وال و‬ ‫الصنائع و ربيت أجيالم ف جو ذلك النعيم و الرفه فازدادوا به عددا‪ i‬إل عددهم و قوة إل قوتم بسبب كثرة العصائب حينئذ بكثرة العدد‬ ‫فإذا ذهب اليل الول و الثان و أخذت الدولة ف الرم ل تستقل أولئك الصنائع و الوال بأنفسهم ف تأسيس الدولة و تهيد ملكها لن م‬ ‫ليس لم من المر شيء إنا كانوا عيال‪ i‬على أهلها و معونة‪ i‬لا فإذا ذهب الصل ل يستقل الفرع بالرسوخ فيذهب و يتلش ى و ل تبق ى‬ ‫الدولة على حالا من القوة‪ .‬و اعتب هذا با وقع ف الدولة العربية ف السلم‪.‬كان عدد العرب كما قلنا لعهد النبؤة و اللقة مائة و خسي‬ ‫ألفا و ما يقاربا من مضر و قحطان و لا بلغ الترف مبالغة قي الدولة و توفر نوهم بتوفر النعمة و استكثر اللفاء من الوال و الصنائع بل غ‬ ‫ذلك العدد إل أضعافه يقال إن العتصم نازل عمورية لا افتتحها ف تسعمائة ألف و ل يبعد مثل هذا العدد أن يكون صحيحا‪ i‬إذا اعت بت‬ ‫حاميتهم ف الثغور الدانية و القاصية شرقا‪ i‬و غربا‪ i‬إل الند الاملي سرير اللك و الوال والصطنعي و قال السعودي أحصى بنو العباس ابن‬ ‫عبد الطلب خاصة أيام الأمون للنفاق عليهم فكانوا ثلثي ألفا‪ i‬بي ذكران و إناث فانظر مبالغ هذا العدد لقل من مائت سنة و اعل م أن‬ ‫سببه الرفه و النعيم الذي حصل للدولة و رب فيه أجيالم و إل فعدد العرب لول الفتح ل يبلغ هذا و ل قريبا منة و ال اللق العليم‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر ف أطوار الدولة و اختلف أحوال ا و خل ق أهله ا‬ ‫باختلف الطوار‬ ‫إعلم أن الدولة تنتقل ف أطوار متلفة و حالت متجددة و يكتسب القائمون با ف كل طور خلقا‪ i‬من أحوال ذلك الطور ل يكون مثله ف‬ ‫الطور الخر لن اللق تابع بالطبع لزاج الال الذي هو فيه و حالت الدولة و أطوارها ل تعدو ف الغالب خسة أطوار‪ .‬الطور الول طور‬ ‫الظفر بالبغية و غلب الدافع و المانع و الستيلء على اللك و انتزاعه من أيدي الدولة ف هذا الطور أسوة قومه ف اكتساب الد و جباي ة‬ ‫الال و الدافعة عن الوزة و الماية ل ينفرد دونم بشيء لن ذلك هو مقتضى العصبية الت وقع با الغلب وهي ل تزل بعد بالا‪ .‬الط ور‬ ‫الثان طور الستبداد على قومه و النفراد دونم باللك و كبحهم عن التطاول للمساهة و الشاركة و يكون صاحب الدولة ف هذا الطور‬ ‫معنيا‪ i‬باصطناع الرجال و اتاذ الوال و الصنائع و الستكثار من ذلك لدع الوت أهل عصبيته و عشيته القاسي له ف نسبة الضاربي ف‬ ‫اللك بثل سهمه فهو يدافعهم عن المر و يصدهم عن موارده و يردهم على أعقابم‪ ،‬أن يلصوا إليه حت يقر المر ف نصابه و يفرد أه ل‬ ‫بيته با يبن من مده فيعان من مدافعتهم و مغالبتهم مثل ما عاناه الولون ف طلب المر أو أش د لن الولي دافع وا الج انب فك ان‬ ‫ظهراؤهم على مدافعتهم أهل العصبية بأجعهم و هذا يدافع القارب ل يظاهره على مدافعتهم إل القل من الباعد فيكب صعبا‪ i‬من المر‪.‬‬ ‫الطور الثالث طور الفراغ و الدعة لتحصيل ثرات اللك ما تنع طباع البشر إليه من تصيل الال و تليد الثار و بعد الص يت فيس تفرغ‬ ‫وسعه ف الباية و ضبط الدخل و الرج و إحصاء النفقات و القصد فيها و تشييد البان الافلة و الصانع العظيمة و المص ار التس عة و‬ ‫الياكل الرتفعة و إجازة الوفود من أشراف المم و وجوه القبائل و بث العروف ف أهله هذا مع التوسعة على صنائعه و حاشيته ف أحوالم‬ ‫بالال و الاه واعتراض جنوده و إدرار أرزاقهم و إنصافهم ف أعطياتم لكل هلل حت يظهر أثر ذلك عليهم ف ملبس هم و ش كثهم و‬


‫شاراتم يوم الزينة فيباهي بم الدول السالة و يرهب الدول الاربة و هذا الطور آخر أطوار الستبداد من أصحاب الدولة لن م ف ه ذه‬ ‫الطوار كلها مستقلون بآرائهم بانون لعزهم موضحون الطرق لن بعدهم‪ .‬طور القنوع و السالة و يكون صاحب الدولة ف هذا قانعا‪ i‬ب ا‬ ‫بن أولوه سلما‪ i‬لنظاره من اللوك و أقتاله مقلدا‪ i‬للماضي من سلفه فيتبع آثارهم حذو النعل بالنعل و يقتفي طرقهم بأحسن مناهج القتداء و‬ ‫يرى أن ف الروج عن تقليدهم فساد أمره و أنم أبصر با بنوا من مده‪ .‬الطور الامس طور السراف و التبذير و يكون صاحب الدولة ف‬ ‫هذا الطور متلفا‪ i‬لا جع أولوه ف سبيل الشهوات و اللذ و الكرم على بطانته و ف مالسه و اصطناع أخدان السوء و خض راء ال دمن و‬ ‫تقليدهم عظيمات المور الت ل يستقلون بملها و ل يعرفون ما يأتون منها يذرون منها مستفسدا‪ i‬لكبار الولياء من قومه و صنائع س لفه‬ ‫حت يضطغنوا عليه و يتخاذلوا عن نصرته مضيعا‪ i‬من جنده با أنفق من أعطياتم ف شهواته و حجب عنهم وجه مباشرته و تفقده فيك ون‬ ‫مربا‪ i‬لا كان سلفه يؤسسون و هادما‪ i‬لا كانوا يبنون و ف هذا الطور تصل ف الدولة طبيعة الرم و يستول عليها الرض الزم ن ال ذي ل‬ ‫تكاد تلص منه و ل يكون لا معه برء إل أن تنقرض كما نبينه ف الحوال الت نسردها و ال خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر ف أن آثار الدولة كلها على نسبة قوتا ف أصلها‬ ‫و السبب ف ذلك أن الثار إنا تدث عن القوة الت با كانت أول‪ i‬و على قدرها يكون الثر فمن ذلك مبان الدولة و هياكلها العظيمة فإنا‬ ‫تكون على نسبة قوة الدولة ف أصلها لنا ل تتم إل بكثرة الفعلة و اجتماع اليدي على العمل بالتعاون فيه فإذا كانت الدول ة عظيم ة‬ ‫فسيحة الوانب كثية المالك و الرعايا كان الفعلة كثيين جدا‪ i‬و حشروا من آفاق الدولة و أقطارها فتم العمل على أعظم هياكله أل ترى‬ ‫إل مصانع قوم عاد و ثود و ما قصة القرآن عنهما‪.‬‬ ‫و انظر بالشاهدة إيوان كسرى و ما أقتدر فيه الفرس حت أنه عزم الرشيد على هدمه و تريبه فتكاءد عنه و شرع فيه ث أدركه العج ز و‬ ‫قصة استشارته ليحي بن خالد ف شأنه معروفة فانظر كيف تقتدر دولة على بناء ل تستطيع أخرى على هدمه مع بون ما بي الدم و البناء‬ ‫ف السهولة‪ .‬تعرف من ذلك بون ما بي الدولتي و انظر إل بلط الوليد بدمشق و جامع بن أمية بقرطبة و القنطرة الت على واديها كذلك‬ ‫بناء النايا للب الاء إل قرطاجنة ف القناة الراكبة عليها آثار شرشال بالغرب و الهرام بصر و كثي من هذه الثار الاثلة للعيان يعلم من ه‬ ‫اختلف الدول ف القوة و الضعف و اعلم أن تلك الفعال للقدمي إنا كانت بالندام و اجتماع الفعلة و كثرة اليدي عليها فبذلك شيدت‬ ‫تلك الياكل و الصانع و ل تتوهم ما تتوهه العامة أن ذلك لعظم أجسام القدمي عن أجسامنا ف أطرافها و أقطارها فليس بي البش ر ف‬ ‫ذلك كبي بون كما ند بي الياكل و الثار و لقد ولع القصاص بذلك و تغالوا فيه و سطروا عن عاد و ثود و العمالقة ف ذلك أخب ارا‪i‬‬ ‫عريقة ف الكذب من أغربا ما يكون عن عوج بن عناق رجل من العمالقة الذين قاتلهم بنو إسرائيل ف الشام زعموا أنه كان لطوله يتناول‬ ‫السمك من البحر و يشويه إل الشمس و يزيدون إل جهلهم بأحوال البشر الهل بأحوال الكواكب لا اعتقدوا أن للشمس حرارة و أن ا‬ ‫شديدة فيما قرب منها و ل يعلمون أن الر هو الضوء و أن الضوء فيما قرب من الرض أكثر لنعكاس الشعة من سطح الرض بقابل ة‬ ‫الضواء فتتضاعف الرارة هنا لجل ذلك و إذا تاوزت مطارح الشعة النعكسة فل حر هنالك بل يكون فيه البد حيث ماري السحاب‬ ‫و أن الشمس ف نفسها ل حارة و ل باردة و أنا هي جسم بسيط مضيء ل مزاج له‪.‬‬ ‫و كذلك عوج بن عناق هو فيما ذكروه من العمالقة أو من الكنعانيي الذين كانوا فريسة بن إسرائيل عند فتحه م الش ام و أط وال بن‬ ‫إسرائيل و جسمانم لذلك العهد قريبة من هياكلنا يشهد لذلك أبواب بيت القدس فإنا وإن خربت و جددت ل تزل الافظة على أشكالا‬ ‫و مقادير أبوابا و كيف يكون التفاوت بي عوج و بي أهل عصره بذا القدار و إنا مثارغلطهم ف هذا أنم استعظموا آث ار الم م و ل‬ ‫يفهموا حال الدول ف الجتماع و التعاون و ما يصل بذلك و بالندام من الثار العظيمة فصرفوه إل قوة الجسام و شدتا بعظم هياكلها‬ ‫و ليس المر كذلك‪ .‬و قد زعم السعودي و نقله عن الفلسفة مزعما‪ i‬ل مستند له إل التحكم و هو أن الطبيعة الت هي جبلة للجسام ل ا‬ ‫برأ ال اللق كانت ف تام الكرة و ناية القوة و الكمال و كانت العمار أطول و الجسام أقوى لكمال تلك الطبيعة فإن طروء الوت أنا‬ ‫هو بانلل القوى الطبيعية فإذا كانت قوية كانت العمار أزيد فكان العال ف أولية نشأته تام العمار كامل الجسام ث ل ي زل يتن اقص‬ ‫لنقصان الادة إل أن بلغ إل هذه الال الت هو عليها ث ل يزال يتناقص إل وقت النلل و انقراض العال و ه ذا رأي ل وج ه ل ه إل‬


‫التحكم كما تراه و ليس له علة طبيعية و ل سبب برهان و نن نشاهد مساكن الولي و أبوابم و طرقهم فيما أح دثوه م ن البني ان و‬ ‫الياكل و الديار و الساكن كديار ثود النحوتة ف الصلد من الصخر بيوتا‪ i‬صغارا‪ i‬و أبوابا ضيقة و قد أشار صلى ال عليه و سلم إل أن ا‬ ‫ديارهم و نى عن استعمال مياههم و طرح ما عجن به و أهرق و قال‪ :‬ل تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفس هم إل أن تكون وا ب اكي‬ ‫يصيبكم ما أصابم‪.‬‬ ‫و كذلك أرض عاد و مصر و الشام و سائر بقاع الرض شرقا‪ i‬و غربا‪ i‬و الق ما قررناه و من آثار الدول أيضا‪ i‬حالا ف العراس و الولئم‬ ‫كما ذكرناه ف وليمة بوران و صنيع الجاج و ابن ذي النون و قد مر ذلك كله‪.‬‬ ‫و من آثارها أيضا‪ i‬عطايا الدول و أنا تكون على نسبتها و يظهر ذلك فيها و لو أشرفت على الرم فإن المم الت لهل الدولة تكون عل ى‬ ‫نسبة قوة ملكهم و غلبهم للناس و المم ل تزال مصاحبة لم إل انقراض الدولة و اعتب ذلك بوائز ابن ذي يزن لوفد قريش كيف أعطاهم‬ ‫من أرطال الذهب و الفضة و العبد و الوصائف عشرا‪ i‬عشرا‪ i‬و من كرش العنب واحدة و أضعف ذلك بعشرة أمثاله لعبد الطلب و إنا ملكه‬ ‫يومئذ قرارة اليمن خاصة تت استبداد فارس و إنا حله على ذلك هة نفسه با كان لقومه التبابعة من اللك ف الرض و الغلب على المم‬ ‫ف العراقي و الند و الغرب و كان الصنهاجيون بأفريقية أيضا‪ i‬إذا أجازوا الوفد من أمراء زناتة الوافدين عليهم فإنا يعطونم الال أح ال‪ i‬و‬ ‫الكساء توتا‪ i‬ملوءة‪ i‬و الملن جنائب عديدة‪.‬‬ ‫و ف تاريخ ابن الرقيق من ذلك أخبار كثية و كذلك كان عطاء البامكة و جوائزهم و نفقاتم و كانوا إذا كسبوا معدما‪ i‬فإنا هو الولية و‬ ‫النعمة آخر الدهر ل العطاء الذي يستنفده يوم أو بعض يوم و أخبارهم ف ذلك كثية مسطورة و هي كلها على نسبة الدول جارية ه ذا‬ ‫جوهر الصقلب الكاتب قائد جيش العبيديي لا ارتل إل فتح مصر استعد من القيوان بألف حل من الال و ل تنتهي اليوم دولة إل مث ل‬ ‫هذا‪ .‬و كذلك وجد بط أحد بن ممد بن عبد الميد عمل با يمل إل بيت الال ببغداد أيام الأمون من جيع النواحي نقلته من ج راب‬ ‫الدولة غلت السواد سبع و عشرون ألف ألف درهم مرتي و ثانائة ألف درهم و من اللل النجرانية مائتا حلة و من طي التم مائت ان و‬ ‫أربعون رطل‪ i‬كنكر أحد عشر ألف ألف درهم مرتي و ستمائة ألف درهم كورد جلة عشرون ألف ألف درهم و ثانية دراهم حلوان أربعة‬ ‫آلف ألف درهم مرتي و ثانائة ألف درهم الهواز خسة و عشرون ألف درهم مرة و من السكر ثلثون ألف رط ل ف ارس س بعة و‬ ‫عشرون ألف ألف درهم و من ماء الورد ثلثون ألف قارورة و من الزيت السود عشرون ألف رطل كرمان أربعة آلف ألف درهم مرتي‬ ‫و مائتا ألف درهم و من التاع اليمان خسمائة ثوب و من التمر عشرون ألف رطل مكران أربعمائة ألف درهم مرة السند و ما يليه أح د‬ ‫عشر ألف ألف درهم مرتي و خسمائة ألف درهم و من العود الندي مائة و خسون رطل‪ i‬سجستان أربعة آلف ألف درهم مرتي و من‬ ‫الثياب العينة ثلثمائة ثوب ومن الفانيد عشرون رطل‪ i‬خراسان ثانية و عشرون ألف ألف درهم مرتي و من نقر الفضة ألفا نق رة و م ن‬ ‫الباذين أربعة آلف و من الرقيق ألف رأس‪ .‬و من التاع عشرون ألف ثوب و من الهليلج ثلثون ألف رطل جرجان اثنا عشر ألف أل ف‬ ‫درهم مرتي و من البريسم ألف شقة‪ .‬قومس ألف ألف مرتي و خسمائة من نقر الفضة طبستان و الروبان و ناوند س تة آلف أل ف‬ ‫مرتي و ثلئمائة ألف و من الفرش الطبي ستمائة قطعة و من الكسية مائتان و من الثياب خسمائة ثوب و من الناديل ثلث ائة و م ن‬ ‫الامات ثلثائة الري اثنا عشر ألف ألف درهم مرتي و من العسل عشرون ألف رطل هذان أحد عشر ألف ألف درهم مرتي و ثلث ائة‬ ‫ألف و من رب الرمان ألف رطل و من العسل اثنا عشر ألف رطل ما بي البصرة و الكوفة عشرة آلف ألف درهم مرتي و سبعمائة أل ف‬ ‫درهم ماسبذان والدينار أربعة آلف ألف درهم مرتي شهر زور ستة آلف ألف درهم مرتي و سبعمائة ألف درهم الوصل و ما يليها أربعة‬ ‫و عشرون ألف ألف درهم مرتي و من العسل البيض عشرون ألف ألف رطل أذربيجان أربعة آلف ألف درهم مرتي الزيرة و ما يليه ا‬ ‫من أعمال الفرات أربعة و ثلثون ألف ألف درهم مرتي و من الرقيق ألف رأس و من العسل اثنا عشر ألف زق و من البزاة عشرة و م ن‬ ‫الكسية عشرون أرمينية ثلثة عشر ألف ألف درهم مرتي و من البسط الفور عشرون و من الزقم خسمائة و ثلثون رطل‪ i‬و من السايج‬ ‫السور ما هي عشرة آلف رطل و من الصونج عشرة آلف رطل و من البغال مائتان و من الهرة ثلثون قنسرين أربعمائة ألف دينار و من‬ ‫الزيت ألف حل دمشق أربعمائة ألف دينار و عشرون ألف دينار و الردن سبعة و تسعون ألف دينار فلسطي ثلثائة ألف دينار و عش رة‬ ‫آلف دينار و من الزيت ثلثائة ألف رطل مصر ألف ألف دينار و تسعمائة ألف دينار و عشرون ألف دينار‪ .‬برقة ألف ألف درهم مرتي‪.‬‬


‫أفريقية ثلثة عشر ألف ألف درهم مرتي و من البسط مائة و عشرون‪ .‬اليمن ثلثائة ألف دينار و سبعون ألف دينار سوى التاع‪ .‬الج از‬ ‫ثلثائة ألف د ينار انتهي‪.‬‬ ‫و أما الندلس فالذي ذكره الثقات من مؤرخيها أن عبد الرحن الناصر خلف ف بيوت أمواله خسة آلف ألف ألف دينار مك ررة ثلث‬ ‫مرات يكون جلتها بالقناطي خسمائة ألف قنطار‪.‬‬ ‫و رأيت ف بعض تواريخ الرشيد أن المول إل بيت الال ف أيامه سبعة آلف قنطار و خسمائة قنطار ف كل سنة فاعتب ذلك ف نس ب‬ ‫الدول بعضها من بعض و لتنكرن ما ليس بعهود عندك و ل ف عصرك شيء من أمثاله فتضيق حوصلتك عند ملتقط المكنات فكثي م ن‬ ‫الواص إذا سعوا أمثال هذه الخبار عن الدول السالفة بادر بالنكار و ليس ذلك من الصواب فإن أحوال الوجود والعمران متفاوتة و من‬ ‫أدرك منها رتبة سفلى أو وسطى فل يصر الدارك كلها فيها و نن إذا اعتبنا ما ينقل لنا عن دولة بن العباس و بن أمي ة و العبي ديي و‬ ‫ناسبنا الصحيح من ذلك و الذي ل شك فيه بالذي نشاهده من هذه الدول الت هي أقل بالنسبة إليها وجدنا بينها بونا‪ i‬و هو لا بينها م ن‬ ‫التفاوت ف أصل قوتا و عمران مالكها فالثار كلها جارية على نسبة الصل ف القوة كما قدمناه و ل يسعنا إنكار ذلك عنها إذ كثي من‬ ‫هذه الحوال ف غاية الشهرة و الوضوح بل فيها ما يلحق بالستفيض و التواتر و فيها العاين و الشاهد من آثار البناء و غيه فخ ذ م ن‬ ‫الحوال النقولة مراتب الدول ف قوتا أو ضعفها و ضخامتها أو صغرها و اعتب ذلك با نقصه عليك من هذه الكاية الستظرفة‪.‬‬ ‫و ذلك أنه ورد بالغرب لعهد السلطان أب عنان من ملوك بن مرين رجل من مشيخة طنجة يعرف بابن بطوطة كان رحل منذ عشرين سنة‬ ‫قبلها إل الشرق و تقلب ف بلد العراق و اليمن و الند و دخل مدينة دهلي حاضرة ملك الند و هو السلطان ممد شاه و اتصل بلكه ا‬ ‫لذلك العهد و هو فيوزجوه و كان له منه مكان و استعمله ف خطة القضاء بذهب الالكية ف عمله ث انقلب إل الغرب و اتصل بالسلطان‬ ‫أب عنان و كان يدث عن شأن رحلته و ما رأى من العجائب بمالك الرض و أكثر ما كان يدث عن دولة صاحب الند و ي أت م ن‬ ‫أحواله با يستغربه السامعون مثل أن ملك الند إذا خرج إل السفر أحصى أهل مدينته من الرجال و النساء و الولدان و فرض لم رزق ستة‬ ‫أشهر تدفع لم من عطائه و أنه عند رجوعه من سفره يدخل ف يوم مشهود يبز فيه الناس كافة إل صحراء البلد و يطوفون به و ينص ب‬ ‫أمامه ف ذلك القل منجنيقات على الظهر ترمى با شكائر الدراهم و الدناني على الناس إل أن يدخل إيوانه و أمثال هذه الكايات فتناحى‬ ‫الناس بتكذيبه و لقيت أيامئذ وزير السلطان فارس بن وردار البعيد الصيت ففاوضته ف هذا الشأن و أريته إنكار أخبار ذلك الرج ل ل ا‬ ‫استفاض ف الناس من تكذيبه‪.‬‬ ‫فقال ل الوزير فارس إياك أن تستنكر مثل هذا من أحوال الدول با أنك ل تره فتكون كابن الوزير الناشىء ف السجن و ذلك أن وزي را‪i‬‬ ‫اعتقله سلطانه و مكث ف السجن سني رب فيها ابنه ف ذلك اللس فلما أدرك و عقل سأل عن اللحمان الت كان يتغذى با فقال له أبوه‬ ‫هذا لم الغنم فقال و ما الغنم فيصفها له أبوه بشياتا و نعوتا فيقول يا أبت تراها مثل الفأر فينكر عليه و يقول أين الغنم من الفأر و ك ذا‬ ‫ف لم البل و البقر إذ ل يعاين ف مبسه من اليوانات إل الفأر فيحسبها كلها أبناء جنس الفأر و لذا كثيا‪ i‬ما يعتري الناس ف الخب ار‬ ‫كما يعتريهم الوسواس ف الزيادة عند قصد الغراب كما قدمناه أول الكتاب فليجع النسان إل أصوله و ليكن مهيمنا‪ i‬على نفسه و مي زا‪i‬‬ ‫بي طبيعة المكن و المتنع بصريح عقله و مستقيم فطرته فما دخل ف نطاق المكان قبله و ما خرج عنه رفضه و ليس مرادن ا المك ان‬ ‫العقلي الطلق فإن نطاقه أوسع شيء فل يفرض حدا‪ i‬بي الواقعات و أنا مرادنا المكان بسب الادة الت للشيء فإنا إذا نظرنا أصل الشيء و‬ ‫جنسه و صنفه و مقدار عظمه و قوته أجرينا الكم من نسبة ذلك على أحواله و حكمنا بالمتناع على ما خرج من نطاقه‪ ،‬و قل رب زدن‬ ‫علما‪ i‬و أنت أرحم الراحي و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر ف استظهار صاحب الدولة على قومه و أهل عص‬ ‫بالوال و الصطنعي‬

‫بيته‬


‫إعلم أن صاحب الدولة إنا يتم أمره كما قلناه بقومه فهم عصابته و ظهراؤه على شأنه و بم يقارع الوارج على دولته و منهم يقلد أعمال‬ ‫ملكته و وزارة دولته و جباية أموله لنم أعوانه على الغلب و شركاؤه ف المر و مساهوه ف سائر مهماته هذا ما دام الطور الول للدولة‬ ‫كما قلناه فإذا جاء الطور الثان و ظهر الستبداد عنهم و النفراد بالد و دافعهم عنه بالراح صاروا ف حقيقة المر من بع ض أع دائه و‬ ‫احتاج ف مدافعتهم عن المر و صدهم عن الشاركة إل أولياء آخرين من غي جلدتم يستظهر بم عليهم و يتولهم دونم فيكونون أقرب‬ ‫إليه من سائرهم و أخص به قربا‪ i‬و اصطناعا‪ i‬و أول إيثارا‪ i‬و جاها‪ i‬لا أنم يستميتون دونه ف مدافعة قومه عن المر الذي كان لم و الرتب ة‬ ‫الت ألفوها ف مشاركتهم فيستخلصهم صاحب الدولة و يصهم بزيد التكرمة و اليثار و يقسم لم ما للكثي من قومه و يقل دهم جلي ل‬ ‫العمال و الوليات من الوزارة و القيادة و الباية و ما يتص به لنفسه و تكون خالصة له دون قومه من ألقاب الملكة لنم حينئذ أولياؤه‬ ‫القربون و نصحاؤه الخلصون و ذلك حينئذ مؤذن باهتضام الدولة و علمة على الرض الزمن فيها لفساد العصبية الت كان بن اء الغل ب‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫و مرض قلوب أهل الدولة حينئذ من المتهان و عداوة السلطان فيضطغنون عليه و يتربصون به الدوائر و يعود وبال ذلك على الدولة و ل‬ ‫يطمع ف برئها من هذا الداء لنه ما مضى يتأكد ف العقاب إل أن ذهب رسها و اعتب ذلك ف دولة بن أمية كيف كانوا إنا يستظهرون‬ ‫ف حروبم و ولية أعمالم برجال العرب مثل عمرو بن سعد بن أب و قاص و عبد ال بن زياد بن أب سفيان والجاج ب ن يوس ف و‬ ‫الهلب بن أب صفرة و خالد بن عبد ال القسري و ابن هبية و موسى بن نصي و بلل بن أب بردة بن أب موسى الشعري و نص ر ب ن‬ ‫سيار و أمثالم من رجالت العرب و كذا صدر من دولة بن العباس كان الستظهار فيها أيضا‪ i‬برجالت العرب فلما صارت الدولة للنفراد‬ ‫بالد و كبح العرب عن التطاول للوليات صارت الوزارة للعجم و الصنائع من البامكة و بن سهل بن نوبت و بن طاهر ث بن ب ويه و‬ ‫موال الترك مثل بغا و وصيف و أثلمش و باكناك و ابن طولون و أبنائهم و غي هؤلء من موال العجم فتكون الدولة لغي من مهدها و العز‬ ‫لغي من اجتلبه سنة ال ف عباده و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل العشرون ف أحوال الوال و الصطنعي ف الدول‬ ‫إعلم أن الصطنعي ف الدول يتفاوتون ف اللتحام بصاحب الدولة بتفاوت قديهم و حديثهم ف اللتحام بصاحبها و السبب ف ذل ك أن‬ ‫القصود ف العصبية من الدافعة و الغالبة إنا يتم بالنسب لجل التناصر ف ذوي الرحام و القرب و التخاذل ف الجانب و البع داء كم ا‬ ‫قدمناه و الولية و الخالطة بالرق أو باللف تتنل منلة ذلك لن أمر النسب و إن كان طبيعيا‪ i‬فإنا هو وهي و العن الذي كان به اللتحام‬ ‫إنا هو العشرة و الدافعة و طول المارسة و الصحبة بالرب و الرضاع و سائر أحوال الوت و الياة و إذا حصل اللتحام ب ذلك ج اءت‬ ‫النعرة و التناصر و هذا مشاهد بي الناس و اعتب مثله ف الصطناع فإنه يدث بي الصطنع و من اصطنعه نسبة خاصة من الوص لة تتنل‬ ‫هذه النلة و تؤكد اللحمة و إن ل يكن نسب فثمرات النسب موجودة فإذا كانت هذه الولية بي القبيل و بي أوليائهم قبل حصول اللك‬ ‫لم كانت عروقها أوشج و عقائدها أصح و نسبها أصرح لوجهي أحدها أنم قبل اللك أسوة ف حالم فل يتميز النسب عن الولي ة إل‬ ‫عند القل منهم فينلون منهم منلة ذوي قرابتهم و أهل أرحامهم و إذا اصطنعوهم بعد اللك كانت مرتبة اللك ميزة للسيد عن ال ول‪ .‬و‬ ‫لهل القرابة عن أهل الولية و الصطناع لا تقتضيه أحوال الرئاسة و اللك من تيز الرتب و تفاوتا فتتميز حالتهم و يتنلون منلة الجانب‬ ‫و يكون اللتحام بينهم أضعف و التناصر لذلك أبعد و ذلك انقص من الصطناع قبل اللك‪.‬‬ ‫الوجه الثان أن الصطناع قبل اللك يبعد عهده عن أهل الدولة بطول الزمان و يفي شأن تلك اللحمة و يظن با ف الكثر النسب فيقوى‬ ‫حال العصبية و أما بعد اللك فيقرب العهد و يستوي ف معرفته الكثر فتتبي اللحمة و تتميز عن النسب فتضعف العصبية بالنسبة إل الولية‬ ‫الت كانت قبل الدولة و اعتب ذلك ف الدول و الرئاسات تده فكل من كان اصطناعه قبل حصول الرئاسة و اللك لصطنعه ت ده أش د‬ ‫التحاما‪ i‬به و أقرب قرابة‪ i‬إليه و يتنل منه منلة أبنائه و إخوانه و ذوي رحه و من كان اصطناعه بعد حصول اللك و الرئاسة لص طنعه ل‬ ‫يكون له من القرابة و اللحمة ما للولي و هذا مشاهد بالعيان حت أن الدولة ف آخر عمرها ترجع إل الشمال الجانب و اصطناعهم و ل‬


‫يبن لم مد كما بناه الصطنعون قبل الدولة لقرب العهد حينئذ بأوليتهم و مشارفة الدولة على النقراض فيكون ون منحطي ف مه اوي‬ ‫الضعة‪.‬‬ ‫و إنا يمل صاحب الدولة على اصطناعهم و العدول إليهم عن أوليائها القدمي و صنائعها الولي ما يعتريهم ف أنفسهم من العزة عل ى‬ ‫صاحب الدولة و قلة الضوع له و نظره با ينظره به قبيله و أهل نسبه لتأكد اللحمة منذ العصور التطاولة بالرب و التصال بآبائه و سلف‬ ‫قومه و النتظام مع كباء أهل بيته فيحصل لم بذلك دالة عليه و اعتزاز فينافرهم بسببها صاحب الدولة و يعدل عنهم إل استعمال سواهم‬ ‫و يكون عهد استخلصهم و اصطناعهم قريبا‪ i‬فل يبلغون رتب الد و يبقون على حالم من الارجية و هكذا شأن الدول ف أواخره ا و‬ ‫أكثر ما يطلق اسم الصنائع و الولياء على الولي و أما هؤلء الدثون فخدم و أعوان وال ول الؤمني و هو على كل شيء وكيل‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون فيما يعرض ف الدول من حج ر الس لطان و‬ ‫الستبداد عليه‬ ‫إذا استقر اللك ف نصاب معي و منبت واحد من القبيل القائمي بالدولة و انفردوا به و دفعوا سائر القبيل عنه و تداوله بنو واح دا‪ i‬بع د‬ ‫واحد بسب الترشيح فربا حدث التغلب على النصب من وزرائهم و حاشيتهم و سببه ف الكثر ولية صب صغي أو مضعف م ن أه ل‬ ‫النبت يترشح للولية بعهد أبيه أو بترشيح ذويه و خوله و يؤنس منه العجز عن القيام باللك فيقوم به كافله من وزراء أبي ه و حاش يته و‬ ‫مواليه أو قبيله و يوري بفظ أمره عليه حت يؤنس منه الستبداد و يعل ذلك ذريعة للملك فيححب الصب عن الناس و يعوده إليها ت رف‬ ‫أحواله و يسيمه ف مراعيها مت أمكنه و ينسيه النظر ف المور السلطانية حت يستبد عليه و هو با عوده يعتقد أن حظ السلطان من الل ك‬ ‫إنا هو جلوس السرير إعطاء الصفقة و خطاب التهويل و القعود مع النساء خلف الجاب و أن الل و الربط و المر و النهي و مباش رة‬ ‫الحوال اللوكية و تفقدها من النظر ف اليش و الال و الثغور أنا هو للوزير و يسلم له ف ذلك إل أن تستحكم ل ه ص بغة الرئاس ة و‬ ‫الستبداد و يتحول اللك إليه و يؤثر به عشيته و أبناءه من بعده كما وقع لبن بويه و الترك و كافور الخشيدي و غيه م بالش رق و‬ ‫للمنصور بن أب عامر بالندلس‪.‬‬ ‫و قد يتفطن ذلك الجور الغلب لشأنه فيحاول على الروج من ربقة الجر و الستبداد و يرجع اللك إل نصابه و يصرب عل ى أي دي‬ ‫التغلبي عليه إما بقتل أو برفع عن الرتبة فقط إل أن ذلك ف النادر القل لن الدولة إذا أخذت ف تغلب الوزراء و الولياء استمر لا ذلك و‬ ‫قل أن ترج عنه لن ذلك إنا يوجد ف الكثر عن أحوال الترف و نشأة أبناء اللك منغمسي ف نعيمة قد نسوا عه د الرجول ة و ألف وا‬ ‫أخلق الدايات و الظار و ربوا عليها فل ينعون إل رئاسة و ل يعرفون استبدادا‪ i‬من تغلب إنا ههم ف القنوع بالبة و التنفس ف اللذات‬ ‫و أنواع الترف و هذا التغلب يكون للموال و الصطنعي عند استبداد عشي اللك على قومهم و انفرادهم به دونم و هو عارض للدول ة‬ ‫ضروري كما قدمناه و هذان مرضان لبرء للدولة منهما إل ف القل النادر و ال يؤت ملكه من يشاء و هو على كل شيء قدير‪.‬‬

‫الفصل الثان و العشرون ف أن التغلبي على السلطان ل يشاركونه ف اللقب‬ ‫الاص باللك‬ ‫و ذلك أن اللك و السلطان حصل لوليه منذ أول الدولة بعصبية قومه و عصبيته الت استتبعتهم حت استحكمت له و لقومه صبغة اللك و‬ ‫الغلب و هي ل تزل باقية و با انفظ رسم الدولة و بقاؤها و هذا التغلب و إن كان صاحب عصبية من قبيل اللك أو الوال و الص نائع‬ ‫فعصبيته مندرجة ف عصبية أهل اللك وتابعة لا و ليس له صبغة ف اللك و هو ل ياول ف استبداده انتزاع ثراته من المر والنهي و الل و‬ ‫العقد و البرام و النقض يوهم فيها أهل الدولة أنه متصرف عن سلطانه منفذ ف ذلك من وراء الجاب لحكامه‪ .‬فهو يتجاف عن س ات‬ ‫اللك و شاراته و ألقى به جهده و يبعد نفسه عن التهمة بذلك‪.‬‬


‫و إن حصل له الستبداد لنه مستتر ف استبداده ذلك بالجاب الذي ضربه السلطان و أولوه على أنفسهم عن القبيل من ذ أول الدول ة و‬ ‫مغالط عنه بالنيابة و لو تعرض لشيء من ذلك لنفسه عليه أهل العصبية و قبيل اللك و حاولوا الستئثار به دونه لنه ل يستحكم له ف ذلك‬ ‫صبغة تملهم على التسليم له و النقياد فيهلك لول وهلة و قد وقع مثل هذا لعبد الرحن بن الناصر بن منصور بن أب عامر حي سى إل‬ ‫مشاركة هشام و أهل بيته ف لقب اللفة و ل يقنع با قنع به أبوه و أخوه من الستبداد بالل و العقد و الراسم التابعة فطلب من هش ام‬ ‫خليفته أن يعهد له باللفة فنفس ذلك عليه بنو مروان و سائر قريش و بايعوا لبن عم الليفة هشام ممد بن عبد البار ب ن الناص ر و‬ ‫خرجوا عليهم و كان ف ذلك خراب دولة العامريي و هلك الؤيد خليفتهم و استبدل منه سواه من أعياص الدولة إل آخره ا و اختل ت‬ ‫مراسم ملكهم و ال خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون ف حقيقة اللك و أصنافه‬ ‫اللك منصب طبيعي للنسان لننا قد بنا أن البشر ل يكن حياتم و وجودهم إل باجتماعهم و تعاونم على تصيل قوتم و ضرورياتم و‬ ‫إذا اجتمعوا دعت الضرورة إل العاملة و اقتضاء الاجات و مد كل واحد منهم يده إل حاجته يأخذها من صاحبه لا ف الطبيعة اليواني ة‬ ‫من الظلم و العدوان بعضهم على بعض و يانعه الخر عنها بقتضى الغضب و اللفة و مقتضى القوة البشرية ف ذلك فيقع التنازع الفض ي‬ ‫إل القاتلة و هي تؤدي إل الرج و سفك الدماء و إذهاب النفوس الفضي ذلك إل انقطاع النوع و هو ما خصه الباري سبحانه بالافظ ة‬ ‫فاستحال بقاؤهم فوضى دون حال يزغ بعضهم عن بعض و احتاجوا من أجل ذلك إل الوازع و هو الاكم عليهم و هو بقتضى الطبيع ة‬ ‫البشرية اللك القاهر التحكم و ل بد ف ذلك من العصبية لا قدمناه من أن الطالبات كلها و الدافعات ل تتم إل بالعصبية و هذا اللك كما‬ ‫تراه منصب شريف تتوجه نوه الطالبات و يتاج إل الدافعات‪ .‬و ل يتم شيء من ذلك إل بالعصبيات كما مر و العصبيات متفاوتة و كل‬ ‫عصبية فلها تكم و تغلب على من يليها من قومها و عشيها و ليس اللك لكل عصبية و إنا اللك على القيقة لن يستعبد الرعية و ي ب‬ ‫الموال و يبعث البعوث و يمي الثغور و ل تكون فوق يده يد قاهرة و هذا معن اللك و حقيقته ف الشهور فمن قصرت به عصبيته ع ن‬ ‫بعضها مثل حاية الثغور أو جباية الموال أو بعث البعوث فهو ملك ناقص ل تتم حقيقته كما وقع لكثي من ملوك الببر ف دولة الغالب ة‬ ‫بالقيوان و للوك العجم صدر الدولة العباسية‪ .‬و من قصرت به عصبيته أيضا‪ i‬عن الستعلء على جيع العصبيات‪ ،‬و الضرب عل ى س ائر‬ ‫اليدي و كان فوقه حكم غيه فهو أيضا‪ i‬ملك ناقص ل تتم حقيقته و هؤلء مثل أمراء النواحي و رؤساء الهات ال ذين تمعه م دول ة‬ ‫واحدة و كثيا‪ i‬ما يوجد هذا ف الدولة التسعة النطاق أعن توجد ملوك على قومهم ف النواحي القاصية يدينون بطاعة الدولة الت جعته م‬ ‫مثل صنهاجة مع العبيديي و زناتة مع المويي تارة و العبيديي تارة‪ i‬أخرى و مثل ملوك العجم ف دولة بن العباس و مثل ملوك الطوائف من‬ ‫الفرس مع السكندر و قومه اليونانيي و كثي من هؤلء فاعتبه تده و ال القاهر فوق عباده‪.‬‬

‫الفصل الرابع و العشرون ف أن إرهاف الد مضر باللك و مفس د ل ه ف‬ ‫الكثر‬ ‫إعلم أن مصلحة الرعية ف السلطان ليست ف ذاته و جسمه من حسن شكله أو ملحة وجهه أو عظم جثمانه أو أتساع علم ه أو ج ودة‬ ‫خطه أو ثقوب ذهنه و إنا مصلحتهم فيه من حيث إضافته إليهم فإن اللك و السلطان من المور الضافية و هي نسبة بي منتسبي فحقيقة‬ ‫السلطان أنه الالك للرعية القائم ف أمورهم عليهم فالسلطان من له رعية و الرعية من لا سلطان و الصفة الت له من حيث إضافته إليهم هي‬ ‫الت تسمى اللكة و هي كونه يلكهم فإذا كانت هذه اللكة و توابعها من الودة بكان حصل القصود من السلطان على أت الوجوه فإنا إن‬ ‫كانت جيلة صالة كان ذلك مصلحة لم و إن كانت سيئة متعسفة كان ذلك ضررا‪ i‬عليهم و إهلكا‪ i‬لم‪.‬‬ ‫و يعود حسن اللكة إل الرفق فإن اللك إذا كان قاهرا‪ i‬باطشا‪ i‬بالعقوبات منقبا‪ i‬عن عورات الناس و تعديد ذنوبم شلهم الوف و ال ذل و‬ ‫لذوا منه بالكذب و الكر و الديعة فتخلقوا با و فسدت بصائرهم و أخلقهم و ربا خذلوه ف مواطن الروب و ال دافعات ففس دت‬


‫الماية بفساد النيات و ربا أجعوا على قتله لذلك فتفسد الدولة و يرب السياج و إن دام أمره عليهم و قهره فسدت العصبية لا قلناه أو ‪i‬ل‬ ‫و فسد السياج من أصله بالعجز عن الماية و إذا كان رفيقا‪ i‬بم متجاوزا‪ i‬عن سيئاتم استناموا إليه و لذوا به و أشربوا مبت ه و اس تماتوا‬ ‫دونه ف ماربة أعدائه فاستقام المر من كل جانب و أما توابع حسن اللكة فهي النعمة عليهم و الدافعة عنهم فالدافعة با تتم حقيقة اللك‬ ‫و أما النعمة عليهم و الحسان لم فمن حلة الرفق بم و النظر لم ف معاشهم و هي أصل كبي من التحبب إل الرعية و أعلم أن ه قلم ا‬ ‫تكون ملكة الرفق ف من يكون يقظا‪ i‬شديد الذكاء من الناس و أكثر ما يوجد الرفق ف الغفل و التغفل و أقل ما يكون ف اليقظ لنه يكلف‬ ‫الرعية فوق طاقتهم لنفوذ نظره فيما وراء مداركهم و إطلعه على عواقب المور ف مبادئها بالعية فيهلكون لذلك قال ص لى ال علي ه و‬ ‫سلم سيوا على سي أضعفكم‪ .‬و من هذا الباب اشترط الشارع ف الاكم قلة الفراط ف الذكاء‪ ،‬و مأخذه من قصة زياد ابن أب سفيان لا‬ ‫عزله عمر عن العراق و قال له ل عزلتن يا أمي الؤمني لعجز أم ليانة فقال عمر ل أعزلك لواحدة منهما و لكن كرهت أن أحل فض ل‬ ‫عقلك عن الناس‪ ،‬فأخذ من هذا أن الاكم ل يكون مفرط الذكاء و الكيس مثل زياد بن أب سفيان و عمرو بن العاص لا يتبع ذلك م ن‬ ‫التعسف و سوء اللكة و حل الوجود على ما ليس ف طبعه كما يأت ف آخر هذا الكتاب و ال خي الالكي و تقرر من هذا أن الكي س و‬ ‫الذكاء عيب ف صاحب السياسة لنه إفراط ف الفكر كما أن البلدة إفراط ف المود و الطرفان مذمومان من كل صفة إنسانية و الم ود‬ ‫هو التوسط كما ف الكرم مع التبذير و البخل و كما ف الشجاعة مع الوج و الب و غي ذلك من الصفات النس انية و ل ذا يوص ف‬ ‫الشديد الكيس بصفات الشيطان فيقال شيطان و متشيطن و أمثال ذلك و ال يلق ما يشاء و هو العليم القدير‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون ف معن اللفة و المامة‬ ‫لا كانت حقيقة اللك أنه الجتماع الضروري للبشر و مقتضاه التغلب و القهر اللذان ها من آثار الغضب و اليوانية كانت أحكام صاحبه‬ ‫ف الغالب جائزة عن الق محفة بن تت يده من اللق ف أحوال دنياهم لمله إياهم ف الغالب على ما ليس ف طوقهم م ن أغراض ه و‬ ‫شهواته و يتلف ف ذلك باختلف القاصد من اللف و السلف منهم متعسر طاعته لذلك و تيء العصبية الفض ية إل ال رج و القت ل‬ ‫فوجب أن يرجع ف ذلك إل قواني سياسية مفروضة يسلمها الكافة و ينقادون إل أحكامها كما كان ذلك للفرس و غيهم من المم و إذا‬ ‫خلت الدولة من مثل هذه السياسة ل يستتب أمرها و ل يتم استيلؤها سنة ال ف الذين خلوا من قبل فإذا كانت هذه القواني مفروضة من‬ ‫العقلء و أكابر الدولة و بصرائها كانت سياسة عقلية و إذا كانت مفروضة من ال بشارع يقررها و يشرعها كانت سياسة دينية نافع ة ف‬ ‫الياة الدنيا و ف الخرة و ذلك أن اللق ليس القصود بم دنياهم فقط فإنا كلها عبث و باطل إذ غايتها الوت و الفن اء‪ ،‬و ال يق ول‬ ‫أفحسبتم أنا خلقناكم عبثا فالقصود بم إنا هو دينهم الفضي بم إل السعادة ف آخرتم صراط ال الذي له م ا ف الس موات و م ا ف‬ ‫الرض فجاءت الشرائع بملهم على ذلك ف جيع أحوالم من عبادة و معاملة حت ف اللك الذي هو طبيعي للجتماع النسان ف أجرته‬ ‫على منهاج الدين ليكون الكل موطا‪ i‬بنظر الشارع‪ .‬فما كان منه بقتضى القهر و التغلب و إهال القوة العصبية ف مرعاها فجور و عدوان‬ ‫و مذموم عنده كما هو مقتضى الكمة السياسية و ما كان منه بقتضى السياسة و أحكامها فمذموم أيضا‪ i‬لنه نظر بغي نور ال و م ن ل‬ ‫يعل ال له نورا‪ i‬فما له من نور لن الشارع أعلم بصال الكافة فيما هو مغيب عنهم من أمور آخرتم و أعمال البشر كلها عائدة عليهم ف‬ ‫معادهم من ملك أو غيه قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬إنا هي أعمالكم ترد عليكم‪ .‬و أحكام السياسة إنا تطلع على مصال ال دنيا فق ط‬ ‫يعلمون ظاهرا‪ i‬من حياة الدنيا و مقصود الشارع بالناس صلح آخرتم فوجب بقتضى الشرائع حل الكافة على الحكام الشرعية ف أحوال‬ ‫دنياهم و آخرتم و كان هذا الكم لهل الشريعة و هم النبياء و من قام فيه مقامهم و هم اللفاء فقد تبي لك من ذلك معن اللفة و أن‬ ‫اللك الطبيعي هو حل الكافة على مقتضى النظر العقلي ف جلب الصال الدنيوية و دفع الضار و اللفة هي حل الكافة على مقتضى النظر‬ ‫الشرعي ف مصالهم الخروية و الدنيوية الراجعة إليها إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إل اعتبارها بصال الخرة فهي ف القيقة‬ ‫خلفة عن صاحب الشرع ف حراسة الدين و سياسة الدنيا به فأفهم ذلك و اعتبه فيما نورده عليك من بعد و ال الكيم العليم‪.‬‬


‫الفصل السادس و العشرون ف اختلف المة ف حك م ه ذا النص ب و‬ ‫شروطه‬ ‫و إذ قد بينا حقيقة هذا النصب و أنه نيابة عن صاحب الشريعة ف حفظ الدين و سياسة الدنيا به تسمى خلفة و إمامة و القائم به خليفة و‬ ‫إماما‪ i‬فأما تسميته إماما‪ i‬فتشبيها‪ i‬بإمام الصلة ف أتباعه و القتداء به و لذا يقال المامة الكبى و أما تسميته خليفة فلكونه يلف الن ب ف‬ ‫أمته فيقال خليفة بإطلق و خليفة رسول ال و اختلف ف تسميته خليفة ال فأجازه بعضهم اقتباسا‪ i‬من اللفة العامة الت للدمي ف ق وله‬ ‫تعال إن جاعل ف الرض خليفة و قوله جعلكم خلئف الرض‪.‬‬ ‫و منع المهور منه لن معن الية ليس عليه و قد نى أبو بكر عنه لا دعي به و قال‪ :‬لست خليفة ال و لكن خليفة رسول ال ص لى ال‬ ‫عليه و سلم‪ .‬و لن الستخلف إنا هو ف حق الغائب و أما الاضر فل‪ .‬ث إن نصب المام واجب قد عرف وجوبه ف الش رع بإج اع‬ ‫الصحابة و التابعي لن أصحاب رسول ال صلى ال عليه و سلم عند وفاته بادروا إل بيعة أب بكر رضي ال عنه و تسليم النظ ر إلي ه ف‬ ‫أمورهم و كذا ف كل عصر من بعد ذلك و ل تترك الناس فوضى ف عصر من العصار واستقر ذلك إجاعا‪ i‬دال‪ i‬على وجوب نصب المام‪.‬‬ ‫و قد ذهب بعض الناس إل أن مدرك وجوبه العقل‪ ،‬و أن الجاع الذي وقع إنا هو قضاء بكم العقل فيه‪.‬‬ ‫قالوا و إنا وجب بالعقل لضرورة الجتماع للبشر و استحالة حياتم و وجودهم منفردين و من ضرورة الجتم اع التن ازع لزدح ام‬ ‫الغراض‪ .‬فما ل يكن الاكم الوازع أفضى ذلك إل الرج الؤذن بلك البشر و انقطاعهم مع أن حفظ النوع من مقاصد الشرع الضرورية‬ ‫و هذا العن بعينه هو الذي لظه الكماء ف وجوب النبؤات ف البشر و قد نبهنا على فساده و أن إحدى مقدماته أن الوازع إن ا يك ون‬ ‫بشرع من ال تسلم له الكافة تسليم إيان ما و اعتقاد و هو غي مسلم لن الوازع قد يكون بسطوة اللك و قهر أهل الشوكة و لو ل يكن‬ ‫شرع كما ف أمم الوس و غيهم من ليس له كتاب أو ل تبلغه الدعوة أو نقول يكفي ف رفع التنازع معرفة كل واحد بتحري الظلم عليه‬ ‫بكم العقل فادعاؤهم أن ارتفاع التنازع إنا يكون بوجود الشرع هناك و نصب المام هنا غي صحيح بل كما يكون بنصب المام يكون‬ ‫بوجود الرؤساء أهل الشوكة أو بامتناع الناس عن التنازع و التظال فل ينهض دليلهم العقلي البن على هذه القدمة فدل عل ى أن م درك‬ ‫وجوبه أنا هو بالشرع و هو الجاع الذي قدمناه‪.‬‬ ‫و قد شذ بعض الناس فقال بعدم وجوب هذا النصب رأسا‪ i‬ل بالعقل و ل بالشرع منهم الصم من العتزلة و بعض الوارج و غيه م‪ ،‬و‬ ‫الواجب عند هؤلء إنا هو إمضاء الكم الشرع فإذا تواطأت المة على العدل و تنفيذ أحكام ال تعال ل يتج إل إمام و ل يب نصبه و‬ ‫هؤلء مجوجون بإلجاع‪ .‬و الذي حلهم على هذا الذهب إنا هو الفرار عن اللك و مذاهبه من الستطالة و التغلب و الستمتاع بالدنيا‬ ‫لا رأوا الشريعة متلئة بذم ذلك و النعي على أهله و مرغبة ف رفضه‪ .‬و أعلم أن الشرع ل يذم اللك لذاته و ل حظر القيام ب ه ل إن ا ذم‬ ‫الفاسد الناشئة عنه من القهر و الظلم و التمتع باللذات و ل شك أن ف هذه مفاسد مظورة و هي من توابعه كما أثن على العدل و النصفة‬ ‫و إقامة مراسم الدين و الذب عنه و أوجب بإزائها الثواب و هي كلها من توابع اللك‪.‬‬ ‫فإذا‪ i‬إنا وقع الذم للملك على صفة و حال دون حال أخرى و ل يذمه لذاته و ل طلب تركه كما ذم الشهوة و الغضب من الكلفي و ليس‬ ‫مراده تركهما بالكلية لدعاية الضرورة إليه و أما الراد تصريفهما على مقتضى الق و قد كان لداود و سليمان صلوات ال و سلمه عليهما‬ ‫اللك الذي ل يكن لغيها و ها من أنبياء ال تعال و أكرم اللق عنده ث نقول لم أن هذا الفرار عن اللك بعدم و جوب هذا النص ب ل‬ ‫يغنيكم شيئا‪ i‬لنكم موافقون على وجوب إقامة أحكام الشريعة و ذلك ل يصل إل بالعصبية و الشوكة و العصبية مقتضية بطبعها للم ك‬ ‫فيحصل اللك و إن ل ينصب إمام و هو عي ما قررت عنه‪ .‬و إذا تقرر أن هذا النصب واجب بإجاع فهو من فروض الكفاية و راج ع إل‬ ‫اختيار أهل العقد و الل فيتعي عليهم نصبه و يب على اللق جيعا‪ i‬طاعته لقوله تعال أطيعوا ال و أطيعوا الرسول و أول المر منكم‪.‬‬ ‫و أما شروط هذا النصب فهي أربعة‪ :‬العلم و العدالة و الكفاية و سلمة الواس و العضاء ما يؤثر ف الرأي و العمل و اختلف ف ش رط‬ ‫خامس و هو النسب القرشي فأما اشتراط العلم فطاهر لنه إنا يكون منفذا‪ i‬لحكام ال تعال إذا كان عالا‪ i‬با و ما ل يعلنها ل يصح تقديه‬


‫لا و ل يكفي من العلم إل أن يكون متهدا‪ i‬لن التقليد نقص و المامة تستدعي الكمال ف الوصاف و الحوال و أما العدالة فلنه منصب‬ ‫دين ينظر ف سائر الناصب الت هي شرط فيها فكان أول باشتراطها فيه‪.‬‬ ‫و لخلف ف انتقاء العدالة فيه بفسق الوارح من ارتكاب الظورات و أمثالا و ف انتفائها بالبدع العتقادية خلف‪.‬‬ ‫و أما الكفاية فهو أن يكون جزئيا‪ i‬على إقامة الدود و اقتحام الروب بصيا‪ i‬با كفيل‪ i‬يمل الناس عليها عارفا‪ i‬بالعصبية و أحوال ال دهاء‬ ‫قويا‪ i‬على معاناة السياسة ليصح له بذلك ما جعل إليه من حاية الدين و جهاد العدو و إقامة الحكام و تدبي الصال‪.‬‬ ‫و أما سلمة الواس و العضاء من النقص و العطلة كالنون و العمى و الصمم و الرس و ما يؤثر فقده من العضاء ف العم ل كفق د‬ ‫اليدين و الرجلي و النثيي فتشترط السلمة منها كلها لتأثي ذلك ف تام عمله و قيامه با جعل إليه و إن كان إنا يشي ف النظ ر فق ط‬ ‫كفقد إحدى هذه العضاء فشرط السلمة منه شرط كمال و يلحق بفقدان العضاء النع من التصرف و هو ضربان ضرب يلحق ب ذه ف‬ ‫اشتراط السلمة منه شرط وجوب و هو القهر و العجز عن التصرف جلة بالسر و شبهه و ضرب ل يلحق بذه و هو الج ر باس تيلء‬ ‫بعض أعوانه عليه من غي عصيان و ل مشاقة فينتقل النظر ف حال هذا الستول فإن جرى على حكم الدين و العدل و حيد السياسة ج از‬ ‫قراره و إل استنصر السلمون بن يقبض يده عن ذلك و يدفع علته حت ينفذ فعل الليفة‪.‬‬ ‫و أما النسب القرشي فلجاع الصحابة يوم السقيفة على ذلك و احتجت قريش على النصار لا هوا يومئذ ببيعة سعد بن عبادة و قالوا‪ :‬منا‬ ‫أمي و منكم أمي‪ .‬بقوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬الئمة من قريش‪ .‬و بأن النب صلى ال عليه و سلم أوصانا بأن نسن إل مسنكم و نتجاوز‬ ‫عن مسيئكم و لو كانت المارة فيكم ل تكن الوصية بكم فحجوا النصار و رجعوا عن قولم منا أمي و منكم أمي و عدلوا عما ك انوا‬ ‫هوا به من بيعة سعد لذلك‪ .‬و ثبت أيضا‪ i‬ف الصحيح ل يزال هذا المر ف هذا الي من قريش و أمثال هذه الدلة كثية إل أنه لا ض عف‬ ‫أمر قريش و تلشت عصبيتهم با نالم من الترف و النعيم و با أنفقتهم الدولة ف سائر أقطار الرض عجزوا بذلك عن ح ل اللف ة و‬ ‫تغلبت عليهم العاجم و صار الل و العقد لم فاشتبه ذلك على كثي من الققي حت ذهبوا إل نفي طه اشتراط القرشية و عول وا عل ى‬ ‫ظواهر ف ذلك مثل قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬اسعوا و أطيعوا و إن ول عليكم عبد حبشي ذو زبيبة‪ .‬و هذا ل تقوم به حجة ذلك ف إنه‬ ‫خرج مرج التمثيل و الغرض للمبالغة ف إياب السمع و الطاعة و مثل قول عمر لو كان سال مول حذيفة حيا‪ i‬لوليته أو ل ا دخلتن في ه‬ ‫الظنة و هو أيضا‪ i‬ل يفيد ذلك لا علمت أن مذهب الصحاب ليس بجة و أيضا‪ i‬فمول القوم منهم و عصبية الولء حاصلة لسال ف قريش و‬ ‫هي الفائدة ف اشتراط النسب و لا استعظم عمر أمر اللفة و رأى شروطها كأنا مفقودة ف ظنه عدل إل سال لتوفر شروط اللفة عنده‬ ‫فيه حت من النسب الفيد للعصبية كما نذكر و ل يبق إل صراحة النسب فرآه غي متاج إليه إذ الفائدة ف النسب إنا هي العصبية و ه ي‬ ‫حاصلة من الولء فكان ذلك حرصا‪ i‬من عمر رضي ال عنه على النظر للمسلمي و تقليد أمرهم لن ل تلحقه فيه لئمة و ل عليه فيه عهدة‪.‬‬ ‫و من القائلي بنفي اشتراط القرشية القاضي أبو بكر الباقلن لا أدرك عليه عصبية قريش من التلشي و الضمحلل و استبداد ملوك العجم‬ ‫من اللفاء فأسقط شرط القرشية و إن كان موافقا‪ i‬لرأي الوارج لا رأى عليه حال اللفاء لعهده و بقي المهور على القول باش تراطها و‬ ‫صحة المامة للقرشي و لو كان عاجزا‪ i‬عن القيام بأمور السلمي و رد عليهم سقوط شرط الكفاية الت يقوى با على أمره لنه إذا ذهب ت‬ ‫الشوكة بذهاب العصبية فقد ذهبت الكفاية و إذا وقع الخلل بشرط الكفاية تطرق ذلك أيضا‪ i‬إل العلم والدين و سقط اعتبار شروط هذا‬ ‫النصب و هو خلف الجتماع‪.‬‬ ‫و لنتكلم الن ف حكمة اشتراط النسب ليتحقق به الصواب ف هذه الذاهب فنقول‪ :‬أن الحكام الشرعية كلها ل بد لا من مقاصد و حكم‬ ‫تشتمل عليها و تشرع لجلها و نن إذا بثنا عن الكمة ف اشتراط النسب القرشي و مقصد الشارع منه ل يقتصر فيه على التبك بوص لة‬ ‫النب صلى ال عليه و سلم كما هو ف الشهور و إن كانت تلك الوصلة موجودة و التبك با حاصل‪ i‬لكن التبك ليس من القاصد الشرعية‬ ‫كما علمت فل بد إذن من الصلحة ف اشتراط النسب و هي القصودة من مشروعيتها و إذا سبنا و قسمنا ل ندها إل اعتبار العصبية الت‬ ‫تكون با الماية و الطالبة و يرتفع اللف و الفرقة بوجودها لصاحب النصب فتسكن إليه اللة و أهلها و ينتظم حبل اللفة فيها و ذل ك‬ ‫أن قريشا‪ i‬كانوا عصبة مضر و أصلهم و أهل الغلب منهم و كان لم على سائر مضر العزة بالكثرة و العصبية و الشرف فكان سائر العرب‬ ‫يعترف لم بذلك و يستكينون لغلبهم فلو جعل المر ف سواهم لتوقع افتراق الكلمة بخالفتهم و عدم انقيادهم و ل يقدر غيهم من قبائل‬ ‫مضر أن يردهم عن اللف و ل يملهم على الكرة فتتفرق الماعة و تتلف الكلمة‪.‬‬


‫و الشارع مذر من ذلك حريص على أتفاقهم و رفع التنازع و الشتات بينهم لتحصل اللحمة و العصبية و تسن الماية بلف ما إذا كان‬ ‫المر ف قريش لنم قادرون على سوق الناس بعصا الغلب إل ما يراد منهم فل يشى من أحد من خلف عليهم و ل فرقة لنم كفيل ون‬ ‫حينئذ بدفعها و منع الناس منها فاشترط نسبهم القرشي ف هذا النصب و هم أهل العصبية القوية ليكون أبلغ ف انتظام اللة و أتفاق الكلمة‬ ‫و إذا انتظمت كلمتهم انتظمت بانتظامها كلمة مضر أجع فأذعن لم سائر العرب و انقادت المم س واهم إل أحك ام الل ة و وطئت‬ ‫جنودهم قاصية البلد كما وقع ف أيام الفتوحات و استمر بعدها ف الدولتي إل أن أضمحل أمر اللفة و تلشت عصبية العرب و يعلم ما‬ ‫كان لقريش من الكثرة و التغلب على بطون مضر من مارس أخبار العرب و سيهم و تفطن لذلك ف أحوالم‪.‬‬ ‫و قد ذكر ذلك ابن إسحاق ف كتاب السي و غيه فإذا ثبت أن اشتراط القرشية أنا هو لدفع التنازع با كان لم من العصبية و الغل ب و‬ ‫علمنا أن الشارع ل يص الحكام بيل و ل عصر و ل أمة علمنا أن ذلك إنا هو من الكفاية فرددناه إليها و طردنا اللة الش تملة عل ى‬ ‫القصود من القرشية و هي وجود العصبية فاشترطنا ف القائم بأمور السلمي أن يكون من قوم أول عصبية قوية غالبة على من معها لعصرها‬ ‫ليستتبعوا من سواهم و تتمع الكلمة على حسن الماية و ل يعلم ذلك ف القطار و الفاق كما كان ف القرشية إذ الدعوة السلمية الت‬ ‫كانت لم كانت عامة و عصبية العرب كانت وافية با فغلبوا سائر المم و إنا يص لذا العهد كل قطر بن تكون له فيه العصبية الغالبة و‬ ‫إذا نظرت سر ال ف اللفة ل تعد هذا لنه سبحانه إنا جعل الليفة نائبا‪ i‬عنه ف القيام بأمور عباده ليحملهم على مصالهم و يردهم ع ن‬ ‫مضارهم و هو ماطب بذلك و ل ياطب بالمر إل من له قدرة عليه أل ترى ما ذكره المام ابن الطيب ف شأن النساء و أنن ف ك بي‬ ‫من الحكام الشرعية جعلن تبعا‪ i‬للرجال و ل يدخلن ف الطاب بالوضع‪ .‬و إنا دخلن عنده بالقياس و ذلك لا ل يكن لن من المر شيء و‬ ‫كان الرجال قوامي عليهن اللهم إل ف العبادات الت كل أحد فيها قائم على نفسه فخطابن فيها بالوضع ل بالقياس ث أن الوجود ش اهد‬ ‫بذلك فإنه ل يقوم بأمر أمة أو جيل إل من غلب عليهم و قل أن يكون المر الشرعي مالفا‪ i‬للمر الوجودي و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السابع و العشرون ف مذاهب الشيعة ف حكم المامة‬ ‫إعلم أن الشيعة لغة هم الصحب و التباع و يطلق ف عرف الفقهاء و التكلمي من اللف و السلف على اتباع علي و بنيه رضي ال عنهم‬ ‫و مذهبهم جيعا‪ i‬متفقي عليه أن القامة ليست من الصال العامة الت تفوض إل نظر المة و يتعي القائم با بتعيينهم بل هي ركن ال دين و‬ ‫قاعدة السلم و ل يوز لنب إغفاله و ل تفويضه إل المة بل يب عليه تعيي المام لم و يكون معصوما‪ i‬من الكبائر و الصغائر و أن عليا‪i‬‬ ‫رضي ال عنه هو الذي عينه صلوات ال و سلمه عليه بنصوص ينقلونا و يؤولونا على مقتضى مذهبهم ل يعرفها جهابذة السنة و ل نقله‬ ‫الشريعة بل أكثرها موضوع أو مطعون ف طريقه أو بعيد عن تأويلتم الفاسدة‪.‬‬ ‫و تنقسم هذه النصوص عندهم إل جلي و خفي فاللي مثل قوله‪ :‬من كنت موله فعلي موله‪ .‬قالوا و ل تطرد هذه الولية إل ف عل ي و‬ ‫لذا قال له عمر أصبحت مول كل مؤمن و مؤمنة و منها قوله‪ :‬أقضاكم علي و ل معن للمامة إل القضاء بأحكام ال و هو الراد ب أول‬ ‫المر الواجبة طاعتهم بقوله‪ :‬أطيعوا ال و أطيعوا الرسول و أول المر منكم‪ .‬و الراد الكم و القضاء و لذا كان حكما‪ i‬ف قضية المام ة‬ ‫يوم السقيفة دون غيه و منها قوله من يبايعن على روحه و هو وصي و ول هذا المر من بعدي فلم يبايعه إل علي‪.‬‬ ‫و من الفي عندهم بعث النب صلى ال عليه و سلم عليا‪ i‬لقراءة سورة براءة ف الوسم حي أنزلت فإنه بعث با أول‪ i‬أبا بكر ث أوحي إلي ه‬ ‫ليبلغه رجل منك أو من قومك فبعث عليا‪ i‬ليكون القارىء البلغ قالوا‪ :‬و هذا يدل على تقدي علي‪ .‬و أيضا‪ i‬فلم يعرف أنه قدم أحدا‪ i‬عل ى‬ ‫علي‪ .‬و أما أبو بكر و عمر فقدم عليهما ف غزاتي أسامة بن زيد مرة و عمر بن العاص أخرى و هذه كلها أدلة شاهدة بتعيي علي للخلفة‬ ‫دون غيه فمنها ما هو غي معروف و منها ما هو بعيد عن تأويلهم ث منهم من يرى أن هذه النصوص تدل على تعيي علي و تشخيصه‪ .‬و‬ ‫كذلك تنتقل منه إل من بعده و هؤلء هم المامية و يتبأون من الشيخي حيث ل يقدموا عليا‪ i‬و يبايعوه بقتضى هذه النصوص و يغمصون‬ ‫ف إمامتهما و ل يلتفت إل نقل القدح فيهما من غلتم فهو مردود عندنا و عندهم و منهم من يقول أن هذه الدلة إنا اقتضت تعيي علي‬ ‫بالوصف ل بالشخص و الناس مقصرون حيث ل يصغوا الوصف موضعه و هؤلء هم الزيدية و ل يتبأون من الشيخي و ل يغمص ون ف‬ ‫إمامتهما مع قولم بأن عليا‪ i‬أفضل منهما لكنهم يوزون إمامة الفضول مع وجود الفضل‪.‬‬


‫ث اختلفت نقول هؤلء الشيعة ف مساق اللفة بعد علي فمنهم من ساقها ف ولد فاطمة بالنص عليهم واحدا‪ i‬بعد واحد على ما يذكر بعد‬ ‫و هؤلء يسمون المامية نسبة‪ i‬إل مقالتهم باشتراط معرفة المام و تعيينه ف اليان و هي أصل عندهم و منهم من ساقها ف ولد فاطمة لكن‬ ‫بالختيار من الشيوخ و يشترط أن يكون المام منهم عالا‪ i‬زاهدا‪ i‬جوادا‪ i‬شجاعا‪ i‬و يرج داعيا‪ i‬إل إمامته و هؤلء ه م الزيدي ة نس بة إل‬ ‫صاحب الذهب و هو زيد بن علي بن السي السبط و قد كان يناظر أخاه ممدا‪ i‬الباقر على اشتراط الروج ف المام فيلزمه الب اقر أن ل‬ ‫يكون أبوها زين العابدين إماما‪ i‬لنه ل يرج و ل تعرض للخروج و كان مع ذلك ينعى عليه مذاهب العتزلة و أخذه إياها عن واصل ب ن‬ ‫عطاء و لا ناظر المامية زيدا‪ i‬ف إمامة الشيخي و رأوه يقول بإمامتهما و ل يتبأ منهما رفضوه و ل يعلوه من الئمة و بذلك سوا رافضة‬ ‫و منهم من ساقها بعد علي و ابنيه السبطي على اختلفهم ف ذلك إل أخيهما ممد بن النفية ث إل ولده و هم الكيسانية نسبة إل كيسان‬ ‫موله و بي هذه الطوائف اختلفات كثية تركناها اختصارا‪ i‬و منهم طوائف يسمون الغلة تاوزوا حد العقل و اليان ف القول بألوهي ة‬ ‫هؤلء الئمة‪ .‬إما على أنم بشر اتصفوا بصفات اللوهية أو أن الله حل ف ذاته البشرية و هو قول باللول يوافق م ذهب النص ارى ف‬ ‫عيسى صلوات ال عليه و لقد حرق علي رضي ال عنه بالنار من ذهب فيه إل ذلك منهم و سخط ممد بن النفية الختار بن أب عبيد لا‬ ‫بلغه مثل ذلك عنه فصرح بلعنته و الباءة منه و كذلك فعل جعفر الصادق رضي ال تعال عنه بن بلغه مثل هذا عنه و منهم من يق ول إن‬ ‫كمال المام ل يكون لغيه فإذا مات انتقلت روحه إل إمام آخر ليكون فيه ذلك الكمال و هو قول بالتناسخ و من هؤلء الغلة من يقف‬ ‫عند واحد من الئمة ل يتجاوزه إل غيه بسب من يعي لذلك عندهم و هؤلء هم الواقفية فبعضهم يقول هو حي ل يت إل أنه غ ائب‬ ‫عن أعي الناس و يستشهدون لذلك بقصة الضر قيل مثل ذلك ف علي رضي ال عنه ل أنه ف السحاب و الرعد صوته و البق ف صوته و‬ ‫قالوا مثله ف ممد بن النيفة و إنه ف جبل رضوى من أرض الجاز‪.‬‬ ‫و قال شاعرهم‪.‬‬ ‫ولة الق أربعة سواء‬ ‫أل أن الئمة من قريش‬ ‫علي و الثلثة من بنيه هم السباط ليس بم خفاء‬ ‫فسبط سبط إيان و بر و سبط غيبته كربلء‬ ‫و سبط ل يذوق الوت حت يقود اليش يقدمه اللواء‬ ‫تغيب ل يرى فيهم زمانا‪ i‬برضوى عنده عسل و ماء‬ ‫و قال مثله غلة المامية و خصوصا‪ i‬الثنا عشرية منهم يزعمون أن الثان عشر من أئمتهم و هو ممد بن السن العسكري و يلقبونه الهدي‬ ‫دخل ف سرداب بدارهم ف اللة و تغيب حي اعتقل مع أمه و غاب هنالك و هو يرج آخر الزمال فيمل الرض عدل‪ i‬يشيون بذلك إل‬ ‫الديث الواقع ف كتاب الترمذي ف الهدي و هم إل الن ينتظرونه و يسمونه النتظر لذلك‪ ،‬و يقفون ف كل ليلة بعد صلة الغرب بباب‬ ‫هذا السرداب و قد قدموا مركبا‪ i‬فيهتمون باسه و يدعونه للخروج حت تشتبك النجوم ث ينفضون و يرجئون المر إل الليلة التية و ه م‬ ‫على ذلك لذا العهد و بعض هؤلء الواقفية يقول أن المام الذي مات يرجع إل حياته الدنيا و يستشهدون لذلك با وقع ف القرآن الكري‬ ‫من قصة أهل الكهف و الذي مر على قرية و قتيل بن إسرائيل حي ضرب بعظام البقرة الت أمروا بذبها و مثل ذلك من ال وارق ال ت‬ ‫وقعت على طريق العجزة و ل يصح الستشهاد با ف غي مواضعها و كان من هؤلء السيد الميي و من شعره ف ذلك‬ ‫إذا ما الرء شاب له قذال وعلله الواشط بالضاب‬ ‫فقد ذهبت بشاشته و أودى فقم يا صاح نبك على الشباب‬ ‫إل يوم تتوب الناس فيه إل دنياهم قبل الساب‬ ‫فليس بعائد مافات منه إل أحد إل يوم الياب‬ ‫أدين بأن ذلك دين حق وما أنا ف النشور بذي ارتياب‬ ‫كذاك ال أخب عن أناس حيوا من بعد درس ف التراب‬ ‫و قد كفانا مؤونة هؤلء الغلة أئمة الشيعة فإنم ل يقولون با و يبطلون احتجاجاتم عليها و أما الكيسانية فساقوا المامة من بعد ممد بن‬ ‫النفية إل ابنه أب هاشم و هؤلء هم الاشية ث افترقوا فمنهم من ساقها بعده إل أخيه علي ث إل ابنه السن بن علي و آخرون يزعمون أن‬


‫أبا هاشم لا مات بأرض السراة منصرفا‪ i‬من الشام أوصى إل ممد بن علي بن عبد ال بن عباس و أوصى ممد إل ابنه ابراهي م الع روف‬ ‫بالمام و أوصى هو إل أخيه عبد ال بن الارثية اللقب بالسفاح و أوصى هو إل أخيه عبد ال أب جعفر اللقب بالنص ور و انتقل ت ف‬ ‫ولده بالنص و العهد واحدا‪ i‬بعد واحد إل آخرهم و هذا مذهب الاشية القائمي بدولة بن العباس و كان منهم أبو مسلم و س ليمان ب ن‬ ‫كثي و أبو سلمة اللل و غيهم من شيعة العباسية و ربا يعضدون ذلك بأن حقهم ف هذا المر يصل إليه من العباس لنه كان حيا‪ i‬وقت‬ ‫الوفاة و هو أول بالوراثة بعصبية العمومة و أما الزيدية فساقوا المامة على مذهبهم فيها و إنا باختيار أهل الل و العقد ل بالنص فق الوا‬ ‫بإمامة علي ث ابنه السن ث أخيه السي ث ابنه زيد بن علي و هو صاحب هذا الذهب و خرج بالكوفة داعيا‪ i‬إل المامة فقتل و ص لب‬ ‫بالكناسة و قال الزيدية بإمامة ابنه يي من بعده فمضى إل خراسان و قتل بالوزجان بعد أن أوصى إل ممد بن عبد ال بن حس ن ب ن‬ ‫السن السبط و يقال له النفس الزكية‪ ،‬فخرج بالجاز و تلقب بالهدي و جاءته عساكر النصور فقتل و عهد إل أخي ه إبراهي م فق ام‬ ‫بالبصرة و معه عيسى بن زيد بن علي فوجه إليهم النصور عساكره فهزم و قتل إبراهيم و عيسى و كان جعفر الصادق أخبهم بذلك كله‬ ‫و هي معدودة ف كراماته و ذهب آخرون منهم إل أن المام بعد ممد ابن عبد ال النفس الزكية هو ممد بن القاسم بن علي بن عمر‪ ،‬و‬ ‫عمر هو أخو زيد بن علي فخرج ممد بن القاسم بالطالقان فقبض عليه و سيق إل العتصم فحبسه و مات ف حبسه و قال آخ رون م ن‬ ‫الزيدية أن المام بعد يي بن زيد هو أخوه عيسى الذي حصر مع إبراهيم بن عبد ال ف قتاله مع منصور و نقلوا المامة ف عقب ه و إلي ه‬ ‫انتسب دعي الزنج كما نذكره ف أخبارهم و قال آخرون من الزيدية أن المام بعد ممد بن عبد ال أخوة إدريس الذي فر إل الغ رب و‬ ‫مات هنالك و قام بأمر ابنه إدريس و اختط مدينة فاس و كان من بعده عقبه ملوكا‪ i‬بالغرب إل أن انقرضوا كما نذكره ف أخب ارهم‪ .‬و‬ ‫بقي أمر الزيدية بعد ذلك غي منتظم و كان منهم الذاعي الذي ملك طبستان و هو السن بن زيد بن ممد بن إساعيل بن السن بن زيد‬ ‫بن علي بن السي السبط و أخوه ممد بن زيد ث قام بذه الدعوة ف الديلم الناصر الطروش منهم‪ ،‬و أسلموا على يده و هو السن ب ن‬ ‫علي بن السن بن علي بن عمر و عمر أخو زيد بن علي فكانت لبنيه بطبستان دولة و توصل الديلم من نسبهم إل اللك و الستبداد على‬ ‫اللفاء ببغداد كما نذكر ف أخبارهم‪ .‬و أما المامية فساقوا المامة من علي الرضى إل ابنه السن بالوصية ث إل أخيه السي ث إل ابن ه‬ ‫علي زين العابدين ث إل ابنه ممد الباقر ث إل ابنه جعفر الصادق و من هنا افترقوا فرقتي فرقة ساقها إل ولده إساعيل و يعرف ونه بينه م‬ ‫بالمام و هم الساعيلية و فرقة ساقوها إل ابنه موسى الكاظم و هم الثنا عشرية لوقوفهم عند الثان عشر من الئمة و قولم بغيبته إل آخر‬ ‫الزمان كما مر فأما الساعيلية فقالوا بإمامة اساعيل المام بالنص من أبيه جعفر و فائدة النص عليه عندهم و إن كان قد مات قبل أبيه إن ا‬ ‫هو بقاء المامة ف عقبه كقصة هارون مع موسى صلوات ال عليهما قالوا انتقلت المامة من إساعيل إل ابنه ممد الكتوم و هو أول الئمة‬ ‫الستورين لن المام عندهم قد ل يكون له شوكة فيستتر و تكون دعاته ظاهرين إقامة للحجة على اللق و إذا كانت له ش وكة ظه ر و‬ ‫أظهر دعوته قالوا و بعد ممد الكتوم ابنه جعفر الصادق و بعده ابنه ممد البيب و هو آخر الستورين و بعده ابنه عبد ال الهدي ال ذي‬ ‫أظهر دعوته أبو عبد ال الشيعي ف كتامة و تتابع الناس على دعوته ث أخرجه من معتقله بسجلماسة و ملك القيوان و الغرب و ملك بنوه‬ ‫من بعده مصر كما هو معروف ف أخبارهم و يسمى هؤلء نسبة إل القول بإمامة إساعيل و يسمون أيضا‪ i‬بالباطنية نسبة إل قولم بالمام‬ ‫الباطن أي الستور و يسمون أيضا‪ i‬اللحدة لا ف ضمن مقالتهم من اللاد و لم مقالت قدية و مقالت جديدة دعا إليها السن بن ممد‬ ‫الصباح ف آخر الائة الامسة و ملك حصونا‪ i‬بالشام و العراق و ل تزل دعوته فيها إل أن توزعها اللك بي ملوك الترك بصر و ملوك التتر‬ ‫بالعراق فانفرضت‪ .‬و مقالة هذا الصباح ف دعوته مذكورة ف كتاب اللل و النحل للشهرستان‪ .‬و أما الثنا عشرية فربا خص وا باس م‬ ‫المامية عند التأخرين منهم فقالوا بإمامة موسى الكاظم بن جعفر الصادق لوفاة أخيه الكب إساعيل المام ف حياة أبيهما جعفر فنص على‬ ‫إمامة موسى هذا ث ابنه علي الرضا الذي عهد إليه الأمون و مات قبله ل يتم له أمر ث ابنه ممد التقي ث ابنه علي الادي ث ابنه ممد السن‬ ‫العسكري ث ابنه ممد الهدي النتظر الذي قدمناه قبل و ف كل واحدة من هذه القالت للشيعة اختلف كثي إل أن هذه أشهر مذاهبهم و‬ ‫من أراد استيعابا و مطالعتها فعليه بكتاب اللل و النحل لبن حزم و الشهرستان و غيها ففيها بيان ذلك و ال يضل من يشاء و يهدي من‬ ‫يشاء إل صراط مستقيم و هو العلي الكبي‪.‬‬


‫الفصل الثامن و العثسرون ف انقلب اللفة إل اللك‬ ‫إعلم أن اللك غاية طبيعية للعصبية ليس وقوعه عنها باختيار إنا هو بضرورة الوجود و ترتيبه كما قلناه من قبل و أن الشرائع و الديانات و‬ ‫كل أمر يل عليه المهور فل بد فيه من العصبية إذ الطالبة ل تتم إل با كما قدمناه‪.‬‬ ‫فالعصبية ضرورية للملة و بوجودها يتم أمر ال منها و ف الصحيح ما بعث ال نبيا‪ i‬إل ف منعة من قومه ث وجدنا الشارع قد ذم العصبية و‬ ‫ندب إل إطراحها و تركها فقال‪ :‬إن ال أذهب عنكم عبية الاهلية و فخرها بالباء أنتم بنو آدم و آدم من تراب‪ ،‬و قال تعال إن أكرمكم‬ ‫عند ال أتقاكم و وجدناه أيضا‪ i‬قد ذم اللك و أهله و نعى على أهله أحوالم من الستمتاع باللق و السراف ف غي القصد و التنك ب‬ ‫عن صراط ال و إنا حض على اللفة ف الدين و حذر من اللف و الفرقة‪ ،‬و أعلم أن الدنيا كلها و أحوالا مطية للخرة و من فقد الطية‬ ‫فقد الوصول‪ ،‬و ليس مراده فيما ينهى عنه أو يذمه من أفعال البشر أو يندب إل تركه إهاله بالكلية أو اقتلعه من أصله و تعطيل القوى الت‬ ‫ينشأ عليها بالكلية إنا قصده تصريفها ف أغراض الق جهد الستطاعة حت تصي القاصد كلها حقا‪ i‬و تتحد الوجهة كما قال صلى ال عليه‬ ‫و سلم‪ :‬من كانت هجرته إل ال و رسوله فهجرته إل ال و رسوله و من كانت هجرته إل دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إل م ا‬ ‫هاجر إليه‪ .‬فلم يذم الغضب و هو يقصد نزعه من النسان فإنه لو زالت منه قوة الغضب لفقد منه النتصار للحق و بطل اله اد و إعلء‬ ‫كلمة ال و إنا يذم الغضب للشيطان و للغراض الذميمة فإذا كان الغصب لذلك كان مذموما‪ i‬و إذا كان الغضب ف ال و ل كان مدوحا‪i‬‬ ‫و هو من شائله صلى ال عليه و سلم و كذا ذم الشهوات أيضا‪ i‬ليس الراد إبطالا بالكلية فإن من بطلت شهوته كان نقصا‪ i‬ف حقه و إن ا‬ ‫الراد تصريفها فيما أبيح له باشتماله على الصال ليكون النسان عبدا‪ i‬متصرفا‪ i‬طوع الوامر اللية و كذا العصبية حيث ذمها الشارع و قال‬ ‫لن تنفعكم أرحامكم ول أولدكم‪ ،‬فإنا مراده حيث تكون العصبية على الباطل و أحواله كما كانت ف الاهلية و أن يكون لحد فخر با‬ ‫أو حق على أحد لن ذلك مال من أفعال العقلء و غي نافع ف الخرة الت هي دار القرار فأما إذا كانت العصبية ف الق و إقامة أم ر ال‬ ‫فأمر مطلوب و لو بطل لبطلت الشرائع إذ ل يتم قوامها إل بالعصبية كما قلناه من قبل و كذا اللك لا ذمه الشارع ل يذم منه الغلب بالق‬ ‫و قهر الكافة على الدين و مراعاة الصلح و إنا ذمه لا فيه من التغلب بالباطل و تصريف الدميي طوع الغراض و الشهوات كما قلن اه‪،‬‬ ‫فلو كان اللك ملصا‪ i‬ف غلبه للناس أنه ل و لملهم على عبادة ال و جهاد عدوه ل يكن ذلك مذموما‪ i‬و قد قال سليمان صلوات ال عليه‪:‬‬ ‫رب هب ل ملكا‪ i‬ل ينبغي لحد من بعدي‪.‬‬ ‫لا علم من نفسه أنه بعزل عن الباطل ف النبؤة و اللك‪ .‬و لا لقي معاوية عمر بن الطاب رضي ال عنهما عند قدومه إل الش ام ف أب ة‬ ‫اللك وزيه من العديد و العدة استنكر ذلك و قال‪ :‬أكسروية يا معاوية فقال يا أمي الؤمني أنا ف ثغر تاه العدو و بنا إل مباه اتم بزين ة‬ ‫الرب و الهاد حاجة فسكت و ل يطئه لا احتج عليه بقصد من مقاصد الق و الدين فلو كان القصد رفض اللك م ن أصله ل يقنع ه‬ ‫الواب ف تلك الكسروية و انتحالا بل كان يرض على خروجه عنها بالملة و إنا أراد عمر بالكسروية ما كان عليه أه ل ف ارس ف‬ ‫ملكهم من ارتكاب الباطل و الظلم و البغي و سلوك شبله و الغفلة عن ال و أجابه معاوية بأن القصد بذلك ليس كسروية فارس و باطلهم‬ ‫و إنا قصده با وجه ال فسكت‪ ،‬و هكذا كان شأن الصحابة ف رفض اللك و أحواله و نسيان عوائده حذرا‪ i‬من التباسها بالباط ل فلم ا‬ ‫استحضر رسول ال صلى ال عليه و سلم استخلف أبا بكر على الصلة إذ هي أهم أمور الدين و ارتضاه الناس للخلفة و هي حل الكافة‬ ‫على أحكام الشريعة و ل ير للملك ذكر لا أنه مظنة للباطل و نلة يومئذ لهل الكفر و أعداء الدين فقام بذلك أبو بكر ما شاء ال متبع ا‪i‬‬ ‫سنن صاحبه وقاتل أهل الردة حت اجتمع العرب على السلم ث عهد إل عمر فاقتفى أثره و قاتل المم فغلبهم و أذن للعرب بانتزاع م ا‬ ‫بأيديهم من الدنيا و اللك فغلبوهم عليه و انتزعوه منهم ث صارت إل عثمان بن عفان ث إل علي رضى عنهما و الكل متبئون من الل ك‬ ‫منكبون عن طرقه و أكد ذلك لديهم ما كانوا عليه من عضاضة السلم و بداوة العرب فقد كانوا أبعد المم عن أحوال الدنيا و ترفه ا ل‬ ‫من حيث دينهم الذي يدعوهم إل الزهد ف النعيم و ل من حيث بداوتم و مواطنهم و ما كانوا عليه من خشونة العيش و ش ظفه ال ذي‬ ‫ألفوه‪ ،‬فلم تكن أمة من المم أسغب عيشا‪ i‬من مضر لا كانوا بالجاز ف أرض غي ذات زرع و ل ضرع و كانوا منوعي من الري اف و‬ ‫حبوبا لبعدها و اختصاصها بن وليها من ربيعة و اليمن فلم يكونوا يتطاولون إل خصبها و لقد كانوا كثيا‪ i‬ما يأكلون العقارب و النافس‬ ‫و يفخرون بأكل العلهز و هو وبر البل يهونه بالجارة ف الدم و يطبخونه و قريبا من هذا كانت حال قريش ف مطاعمهم و مس اكنهم‬


‫حت إذا اجتمعت عصبية العرب على الدين با أكرمهم ال من نبوة ممد صلى ال عليه و سلم زحفوا إل أمم فارس و الروم و طلب وا م ا‬ ‫كتب ال لم من الرض بوعد الصدق فابتزوا ملكهم و استباحوا دنياهم فزخرت بار الرفه لديهم حت كان الفارس الواحد يقسم ل ه ف‬ ‫بعض الغزوات ثلثون ألفا‪ i‬من الذهب أو نوها فاستولوا من ذلك على مال يأخذه الصر و هم مع ذلك على خشونة عيشهم فكان عم ر‬ ‫يرقع ثوبه باللد و كان علي يقول‪ :‬يا صفراء و يا بيضاء غري غيي و كان أبو موسى يتجاف عن أكل الدجاج لنه ل يعه دها للع رب‬ ‫لقلتها يومئذ و كانت الناخل مفقودة‪ i‬عندهم بالملة و إنا يأكلون النطة بنخالا و مكاسبهم مع هذا أت ما كانت لحد من أهل الع ال‬ ‫قال‪ :‬السعودي ف أيام عثمان أفت الصحابة الضياع و الال فكان له يوم قتل عند خازنه خسون و مائة ألف دينار و ألف ألف درهم و قيمة‬ ‫ضياعه بوادي القرى و حني و غيها مائتا ألف دينار و خلف إبل‪ i‬و خيل‪ i‬كثية‪ i‬و بلغ الثمن الواحد من متروك الزبي بعد وفاته خس ي‬ ‫ألف دينار و خلف ألف فرس و ألف أمة و كانت غلة طلحة من العراق ألف دينار كل يوم و من ناحية السراة أكثر من ذلك و كان على‬ ‫مربط عبد الرحن بن عوف ألف فرس و له ألف بعي و عشرة آلف من الغنم و بلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة و ثاني ألفا‪ i‬و خلف‬ ‫زيد بن ثابت من الفضة و الذهب ما كان يكسر بالفؤوس غي ما خلف من الموال و الضياع بائة ألف دينار و بن الزبي داره بالبص رة و‬ ‫كذلك بن بصر و الكوفة والسكندرية و كذلك بن طلحة داره بالكوفة و شيد دارة بالدينة وبناها بالص و الجر و الساج و بن س عد‬ ‫بن أب وقاص داره بالعقيق و رفع سكها و أوسع فضاءها و جعل على أعلها شرفات و بن القداد داره بالدينة و جعلها مصصة الظاهر و‬ ‫الباطن و خلف يعلى بن منبه خسي ألف دينار و عقارا‪ i‬و غي ذلك ما قيمته ثلثائة ألف درهم من كلم السعودي‪ .‬فكانت مكاسب القوم‬ ‫كما تراه و ل يكن ذلك منيعا‪ i‬عليهم ف دينهم إذ هي أموال حلل لنا غنائم و فيوء و ل يكن تصرفهم فيها بإسراف إنا كانوا على قصد‬ ‫ف أحوالم كما قلناه فلم يكن ذلك بقادح فيهم و أن كان الستكثار من الدنيا مذموما‪ i‬فإنا يرجع إل ما أشرنا إليه من السراف و الروج‬ ‫به عن القصد و إذا كان حالم قصدا‪ i‬و نفقاتم ف سبيل الق و مذاهبه كان ذلك الستكثار عونا‪ i‬لم على طرق الق و اكتس اب ال دار‬ ‫الخرة فلما تدرجت البداوة و الغضاضة إل نايتها و جاءت طبيعة اللك الت هي مقتضى العصبية كما قلناه و حصل التغلب و القهر كان‬ ‫حكم ذلك اللك عندهم حكم ذلك الرفه و الستكثار من الموال فلم يصرفوا ذلك التغلب ف باطل ول خرجوا به عن مقاصد الديان ة و‬ ‫مذاهب الق‪ ،‬و لا وقعت الفتنة بي علي و معاوية و هي مقتضى العصبية كان طريقهم فيها الق و الجتهاد و ل يكون وا ف م اربتهم‬ ‫لغرض دنيوي أو ليثار باطل أو لستشعار حقد كما قد يتوهه متوهم وينع إليه ملحد و إنا اختلف اجتهادهم ف الق و سفه كل واحد‬ ‫نظر صاحبه باجتهاده ف الق فاقتتلوا عليه و إن كان الصيب عليا فلم يكن معاوية قائما‪ i‬فيها بقصد الباطل إنا قصد الق و أخطأ و الك ل‬ ‫كانوا ف مقاصدهم على حق ث اقتضت طبيعة اللك النفراد بالد و استئثار الواحد به و ل يكن لعاوية أن يدفع عن نفسه و قومه فهو أمر‬ ‫طبيعي ساقته العصبية بطبيعتها و استشعرته بنو أمية و من ل يكن على طريقة معاويه ف اقتفاء الق من أتباعهم فاعصوصبوا عليه و استماتوا‬ ‫دونه و لو حلهم معاوية على غي تلك الطريقة و خالفهم ف النفراد بالمر لوقوع ف افتراق الكلمة الت كان جعها و تأليفها أهم عليه من‬ ‫أمر ليس وراءه كبي مالفة و قد كان عمر بن عبد العزيز رضي ال عنه يقول‪ :‬إذا رأى القاسم بن ممد بن أب بكر لو كان ل من الم ر‬ ‫شيء لوليته اللفة و لو أراد أن يعهد إليه لفعل و لكنة كان يشى من بن أمية أهل الل و العقد لا ذكرناه فل يقدر أن يول المر عنه م‬ ‫لئل تقع الفرقة‪ .‬و هذا كله إنا حل عليه منازع اللك الت هي مقتضى العصبية فاللك إذا حصل و فرضنا أن الواحد انفرد به و ص رفه ف‬ ‫مذاهب الق و وجوهه ل يكن ف ذلك نكي عليه و لقد انفرد سليمان و أبوه داود صلوات ال عليهما بلك بن إسرائيل لا اقتضته طبيع ة‬ ‫اللك من النفراد به وكانوا ما علمت من النبؤة و الق و كذلك عيد معاوية إل يزيد خوفا‪ i‬من افتراق الكلمة با كانت بنو أمية ل يرضوا‬ ‫تسليم المر إل من سواهم‪ .‬فلو قد عهد إل غيه اختلفوا عليه مع أن ظنهم كان به صالا‪ i‬و ل يرتاب أحد ف ذلك و ل يظن بعاوية غيه‬ ‫فلم يكن ليعهد إليه و هو يعتقد ما كان عليه من الفسق حاشا ال لعاوية من ذلك و كذلك كان مروان بن الكم و ابنه و أن كانوا ملوكا‪i‬‬ ‫ل يكن مذهبهم ف اللك مذهب أهل البطالة و البغي إنا كانوا متحرين لقاصد الق جهدهم إل ف ضرورة تملهم على بعضها مثل خشية‬ ‫افتراق الكلمة الذي هو أهم لديهم من كل مقصد يشهد لذلك ما كانوا عليه من التباع و القتداء و ما علم الس لف م ن أح والم و‬ ‫مقاصدهم فقد احتج مالك ف الوطأ بعمل عند اللك و أما مروان فكان من الطبقة الول من التابعي و عدالتهم معروفة ث تدرج الم ر ف‬ ‫ولد عبد اللك و كانوا من الدين بالكان الذي كانوا عليه و توسطهم عمر بن عبد العزيز فنع إل طريقة اللفاء الربعة و الصحابة جهده‬ ‫و ل يهمل‪ .‬ث جاء خلفهم و استعملوا طبيعة اللك ف أغراضهم الدنيوية و مقاصدهم و نسوا ما كان عليه سلفهم من تري القصد فيها و‬


‫اعتماد الق ف مذاهبها فكان ذلك ما دعا الناس إل أن نعوا عليهم أفعالم و أدالوا بالدعوة العباسية منهم و ول رجالا المر فكانوا م ن‬ ‫العدالة بكان و صرفوا اللك ف وجوه الق و مذاهبه ما استطاعوا حت جاء بنو الرشيد من بعده فكان منهم الصال و الطال ث أفضى المر‬ ‫إل بنيهم فأعطوا اللك و الترف حقه و انغمسوا ف الدنيا و باطلها و نبذوا الدين وراءهم ظهريا‪ i‬فتأذن ال بربم و انتزاع المر من أي دي‬ ‫العرب جلة و أمكن سواهم و ال ل يظلم مثقال ذرة‪ .‬و من تأمل سي هؤلء اللفاء و اللوك و اختلفهم ف تري الق من الباطل عل م‬ ‫صحة ما قلناه و قد حكاه السعودي مثله ف أحوال بن أمية عن أب جعفر النصور و قد حصر عمومته و ذكروا بن أمية فقال‪ :‬أم ا عب د‬ ‫اللك فكان جبارا‪ i‬ل يبال با صنع و أما سليمان فكان هه بطنه و فرجه و أما عمر فكان أعور بي عميان و كان رجل القوم هشام قال و‬ ‫ل يزل بنو أمية ضابطي لا مهد لم من السلطان يوطونه و يصونون ما و هب ال لم منه مع تسلمهم معال المور و رفضهم دنياتا حت‬ ‫أفضى المر إل أبنائهم الترفي فكانت هتهم قصد الشهوات و ركوب اللذات من معاصي ال جهل‪ i‬باستدراجه و أمنا‪ i‬لكره مع اطراحه م‬ ‫صيانة اللفة و استخفافهم بق الرئاسة و ضعفهم عن السياسة فسلبهم ال العز و ألبسهم الذل و نفى عنهم النعمة ث استحضر عبد ال ابن‬ ‫مروان فقص عليه خبه مع ملك النوبة لا دخل أرضهم فارا‪ i‬أيام السفاح قال أقمت مليا‪ i‬ث أتان ملكهم فقعد على الرض و قد بسطت ل‬ ‫فرش ذات قيمة فقلت ما منعك عن القعود على ثيابنا فقال إن ملك و حق لكل ملك أن يتواضع لعظم ة ال إذ رفع ه ال ث ق ال ل‪ :‬ل‬ ‫تشربون المر و هي مرمة عليكم ف كتابكم ؟ فقلت‪ :‬اجترأ على ذلك عبيدنا و أتباعنا قال‪ :‬فلم تطئون الزرع بدوابكم و الفس اد م رم‬ ‫عليكم ؟ قلت‪ :‬فعل ذلك عبيدنا و أتباعنا بهلهم قال‪ :‬فلم تلبسون الديباج و الذهب و الرير و هو مرم عليكم ف كتابكم ؟ قلت‪ :‬ذهب‬ ‫منا اللك و انتصرنا بقوم من العجم دخلوا ف ديننا فلبسوا ذلك على الكره منا‪ ،‬فأطرق ينكث بيده ف الرض و يقول عبيدنا و أتباعن ا و‬ ‫أعاجم دخلوا ف ديننا ث رفع رأسه إل و قال‪ :‬ليس كما ذكرت بل أنتم قوم استحللتم ما حرم ال عليكم وأتيتم ما عنه نيتم و ظلمتم فيما‬ ‫ملكتم فسلبكم ال العز و ألبسكم الذل بذنوبكم و ل نقمة ل تبلغ غايتها فيكم و أنا خائف أن يل بكم العذاب و أنتم ببلدي فينالن معكم‬ ‫و إنا الضيافة ثلث فتزود ما احتجت إليه و ارتل عن أرضي فتعجب النصور و أطرق فقد تبي لك كيف انقلبت اللفة إل الل ك و أن‬ ‫المر كان ف أوله خلفة و وازع كل أحد فيها من نفسه و هو الدين و كانوا يؤثرونه على أمور دنياهم و أن أفضت إل هلكهم وحدهم‬ ‫دون الكافة فهذا عثمان لا حصر ف الدار جاءه السن و السي و عبد ال بن عمر و ابن جعفر وأمثالم يريدون الدافعة عنه فأب و منع من‬ ‫سل السيوف بي السلمي مافة الفرقة و حفظا‪ i‬لللفة الت با حفظ الكلمة و لو أدى إل هلكه‪ .‬و هذا علي أشار عليه الغية لول وليته‬ ‫باستبقاء الزبي ومعاوية و طلحة على أعمالم حت يتمع الناس على بيعته و تتفق الكلمة و له بعد ذلك ما شاء من أمره و كان ذلك م ن‬ ‫سياسة اللك فأب فرارا‪ i‬من الغش الذي ينافيه السلم و غدا عليه الغية من الغداة فقال‪ :‬لقد أشرت عليك بالمس با أشرت ث ع دت إل‬ ‫نظري فعلمت أنه ليس من الق و النصيحة وأن الق فيما رأيته أنت فقال علي‪ :‬ل و ال بل أعلم أنك نصحتن بالمس و غششتن اليوم و‬ ‫لكن منعن ما أشرت به زائد الق و هكذا كانت أحوالم ف إصلح دينهم بفساد دنياهم و نن‪:‬‬ ‫نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فل ديننا يبقى و ل ما نرقع‬ ‫فقد رأيت كيف صار المر إل اللك و بقيت معان اللفة من تري الدين ومذاهبه و الري على منهاج ال ق و ل يظه ر التغي إل ف‬ ‫الوازع الذي كان دينا‪ i‬ث انقلب عصبية‪ i‬و سيفا‪ i‬و هكذا كان المر لعهد معاوية و مروان و ابنه عبد اللك و الصدر الول من خلف اء بن‬ ‫العباس إل الرشيد و بعض ولده ث ذهبت معان اللفة و ل يبق إل اسها و صار المر ملكا‪ i‬بتا‪ i‬و جرت طبيع ة التغل ب إل غايته ا و‬ ‫استعملت ف أغراضها من القهر التقلب ف الشهوات و اللذ و هكذا كان المر لولد عبد اللك و لن جاء بعد الرشيد من بن العب اس و‬ ‫اسم اللفة باقيا‪ i‬فيهم لبقاء عصبية العرب و اللفة و اللك ف الطورين ملتبس بعضهما ببعض ث ذهب رسم اللفة و أثرها بذهاب عصبية‬ ‫العرب و فناء جيلهم و تلشى أحوالم وبقى المر ملكا‪ i‬بتا‪ i‬كما كان الشأن ف ملوك العجم بالشرق يدينون بطاعة الليفة تبكا‪ i‬و الل ك‬ ‫بميع ألقابه و مناحيه لم و ليس للخليفة منه شيء و كذلك فعل ملوك زناتة بالغرب مثل صنهاجة مع العبيديي و مغراوة و بن يفرن أيضا‪i‬‬ ‫مع خلفاء بن أمية بالندلس و العبيديي بالقيوان فقد تبي أن اللفة قد وجدت بدون اللك أول ث التبست معانيهما و اختلطت ث انفرد‬ ‫اللك حيث افترقت عصبيته من عصبية اللفة و ال مقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار‪.‬‬


‫الفصل التاسع و العشرون ف معن البيعة‬ ‫إعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة كأن البايع يعاهد أميه على أنه يسلم له النظر ف أمر نفسه و أمور السلمي ل ينازعه ف ش يء م ن‬ ‫ذلك و يطيعه فيما يكلفه به من المر على النشط و الكره و كانوا إذا بايعوا المي و عقدوا عهده جعلوا أيديهم ف يديه تأكي دا‪ i‬للعه د‬ ‫فأشبه ذلك فعل البائع و الشتري فسمي بيعة‪ i‬مصدر باع و صارت البيعة مصافحة‪ i‬باليدي هذا مدلولا ف عرف اللغة و معهود الش رع و‬ ‫هو الراد ف الديث ف بيعة النب صلى ال عليه و سلم ليلة العقبة و عند الشجرة وحيثما و رد هذا اللفظ و منه بيعة اللفاء و من ه أي ان‬ ‫البيعة كان اللفاء يستحلفون على العهد و يستوعبون اليان كلها لذلك فسمي هذا الستيعاب إيان البيعة و كان الكراه فيه ا أك ثر و‬ ‫أغلب و لذا لا أفت مالك رضي ال عنه بسقوط يي الكراه أنكرها الولة عليه و رأوها قادحة‪ i‬ف أيان البيعة‪ ،‬و وقع ما وقع م ن من ة‬ ‫المام رضي ال عنه و أما البيعة الشهورة لذا العهد فهي تية اللوك الكسروية من تقبيل الرض أو اليد أو الرجل أو الذيل أطلق عليها اسم‬ ‫البيعة الت هي العهد على الطاعة مازا‪ i‬لا كان هذا الضوع ف التحية و التزام الداب من لوازم الطاعة و توابعها و غلب فيه حت ص ارت‬ ‫حقيقية‪ i‬عرفية‪ i‬و استغن با عن مصافحة أيدي الناس الت هي القيقة ف الصل لا ف الصافحة لكل أحد م ن التنل و البت ذال الن افيي‬ ‫للرئاسة و صون النصب اللوكي إل ف القل من يقصد التواضع من اللوك فيأخذ به نفسه مع خواصه و مشاهي أهل الدين من رعيته فافهم‬ ‫معن البيعة ف العزف فإنه أكيد على النسان معرفته لا يلزمه من حق سلطانه و إمامه و ل تكون أفعاله عبثا‪ i‬و مانا‪ i‬و اعتب ذلك من أفعالك‬ ‫مع اللوك و ال القوي العزيز‪.‬‬

‫الفصل الثلثون ف ولية العهد‬ ‫إعلم أنا قدمنا الكلم ف المامة و مشروعيتها لا فيها من الصلحة و أن حقيقتها للنظر ف مصال المة لدينهم و دنياهم فهو وليهم و المي‬ ‫عليهم ينظر لم ذلك ف حياته و يتبع ذلك أن ينظر لم بعد ماته و يقيم لم من يتول أمورهم كما كان هو يتولها ويثقون بنظره ل م ف‬ ‫ذلك كما و ثقوا به فيما قبل و قد عرف ذلك من الشرع بإجاع المة على جوازه و انعقاده إذ وقع بعهد أب بكر رضي ال عن ه لعم ر‬ ‫بحضر من الصحابة و أجازوه و أوجبوا على أنفسهم به طاعة عمر رضي ال عنه و عنهم و كذلك عهد عمر ف الشورى إل الستة بقي ة‬ ‫العشرة و جعل لم أن يتاروا للمسلمي ففوض بعضهم إل بعض حت أفضى ذلك إل عبد الرحن بن عوف فاجتهد و ن اظر الس لمي‬ ‫فوجدهم متفقي على عثمان و على علي فآثر عثمان بالبيعة على ذلك لوافقته إياه على لزوم القتداء بالشيخي ف كل ما يعن دون اجتهاده‬ ‫فانعقد أمر عثمان لذلك و أوجبوا طاعته و الل من الصحابة حاضرون للول و الثانية و ل ينكره أحد منهم فدل على أنم متفقون عل ى‬ ‫صحة هذا العهد عارفون بشروعيته‪.‬‬ ‫و الجاع حجة كما عرف وليتهم المام ف هذا المر و أن عهد إل أبيه أو ابنه لنه مأمون على النظر لم ف حياته فأول أن ل يتم ل‬ ‫فيها تبعة‪ i‬بعد ماته خلفا‪ i‬لن قال باتامه ف الولد و الوالد أو لن خصص التهمة بالولد دون الوالد فإنه بعيد عن الظنة ف ذلك كله ل س يما‬ ‫إذا كانت هناك داعية تدعو إليه من إيثار مصلحة أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة ف ذلك رأسا‪ i‬كما وقع ف عهد معاوية لبنه يزيد و إن كان‬ ‫فعل معاوية مع وفاق الناس له حجة ف الباب و الذي دعا معاوية ليثار ابنه يزيد بالعهد دون من سواه إنا هو مراعاة الصلحة ف اجتم اع‬ ‫الناس و اتفاق أهوائهم باتفاق أهل الل و العقد عليه حينئذ من بن أمية إذ بنو أمية يومئذ ل يرضون سواهم و هم عصابة قريش و أهل اللة‬ ‫أجع و أهل الغلب منهم فآثره بذلك دون غيه من يظن أنه أول با و عدل عن الفاضل إل الفضول حرصا‪ i‬على التفاق و اجتماع الهواء‬ ‫الذي شأنه أهم عند الشارع‪.‬‬ ‫و إن كان ل يظن بعاوية غي هذا فعدالته و صحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك و سكوتم عنه دليل على انتف اء‬ ‫الريب فيه فليسوا من يأخذهم ف الق هوادة و ليس معاوية من تأخذه العزة ف قبول الق فإنم كلهم أجل من ذلك و عدالتهم مانعة منه و‬ ‫فرار عبد ال بن عمر من ذلك إنا هو ممول على تورعه من الدخول ف شيء من المور مباحا‪ i‬كان أو مظورا‪ i‬كما هو معروف عنه و ل‬ ‫يبق ف الخالفة لذا العهد الذي اتفق عليه المهور إل ابن الزبي و ندور الخالف معروف ث إنه وقع مثل ذلك من بعد معاوية من اللف اء‬


‫الذين كانوا يتحرون الق و يعملون به مثل عبد اللك و سليمان من بن أمية و السفاح والنصور والهدي و الرشيد من بن العباس و أمثالم‬ ‫من عرفت عدالتهم و حسن رأيهم للمسلمي و النظر لم و ل يعاب عليهم إيثار أبنائهم و إخوانم و خروجهم عن سنن اللفاء الربعة ف‬ ‫ذلك فشأنم غي شأن أولئك اللفاء فأنم كانوا على حي ل‪ .‬تدث طبيعة اللك و كان الوازع دينيا‪ i‬فعند كل أحد وازع من نفسه فعهدوا‬ ‫إل من يرتضيه الدين فقط و آثروه على غيه و وكلوا كل من يسمو إل ذلك إل وازعه‪ .‬و أما من بعدهم من لدن معاوية فكانت العصبية‬ ‫قد أشرفت على غايتها من اللك و الوازع الدين قد ضعف و احتيج إل الوازع السلطان و العصبان فلو عهد إل غي من ترتضيه العص بية‬ ‫لردت ذلك العهد و انتقض أمره سريعا‪ i‬و صارت الماعة إل الفرقة و الختلف‪.‬‬ ‫سأل رجل عليا‪ i‬رضي ال عنه‪ :‬ما بال السلمي اختلفوا عليك و ل يتلفوا على أب بكر و عمر فقال‪ :‬لن أبا بكر و عمر كانا واليي عل ى‬ ‫مثلي و أنا اليوم وال على مثلك يشي إل وازع الدين أفل ترى إل الأمون لا عهد إل علي بن موسى بن جعفر الصادق و ساه الرضا كيف‬ ‫أنكرت العباسية ذلك و نقضوا بيعته و بايعوا لعمه بن الهدي و ظهر من الرج و اللف وانقطاع السبل و تعدد الثوار و الوارج ما كاد‬ ‫أن يصطلم المر حت بادر الأمون من خراسان إل بغداد ورد أمرهم لعاهده فل بد من اعتبار ذلك ف العهد فالعصور تتلف باختلف م ا‬ ‫يدث فيها من المور و القبائل و العصبيات و تتلف باختلف الصال و لكل واحد منها حكم يصه لطفا‪ i‬من ال بعباده و أما أن يك ون‬ ‫القصد بالعهد حفظ التراث على البناء فليس من القاصد الدينية إذ هو أمر من ال يص به من يشاء من عباده ينبغي أن تسن فيه النية م ا‬ ‫أمكن خوفا‪ i‬من العبث بالناصب الدينية و اللك ل يؤتيه من يشاء‪ ،‬و عرض هنا أمور تدعو الضرورة إل بيان الق فيها‪.‬‬ ‫فالول منها ما حدث ف يزيد من الفسق أيام خلفته فإياك أن تظن بعاوية رضي ال عنه أنه علم ذلك من يزيد فإنه أعدل من ذلك و أفضل‬ ‫بل كان يعذله أيام حياته ف ساع الغناء و ينهاه عنه و هو أقل من ذلك و كانت مذاهبهم فيه متلفة و لا حدث ف يزيد ما ح دث م ن‬ ‫الفسق اختلف الصحابة حينئذ ف شأنه فمنهم من رأى الروج عليه و نقض بيعته من أجل ذلك كما فعل السي و عبد ال بن الزبي رضي‬ ‫ال عنهما و من اتبعهما ف ذلك و منهم من أباه لا فيه من إثارة الفتنة و كثرة القتل مع العجز عن الوفاء به لن شوكة يزيد ي ومئذ ه ي‬ ‫عصابة بن أمية و جهور أهل الل و العقد من قريش و تستتبع عصبية مضر أجع و هي أعظم من كل شوكة و ل تطاق مقاومتهم فأقصروا‬ ‫عن يزيد بسبب ذلك وأقاموا على الدعاء بدايته و الراحة منه و هذا كان شأن جهور السلمي و الكل متهدون و ل ينكر على أحد م ن‬ ‫الفريقي فمقاصدهم ف الب و تري الق معروفة وفقنا ال للقتداء بم‪.‬‬ ‫و المر الثان هو شأن العهد مع النب صلى ال عليه و سلم و ما تدعيه الشيعة من وصيته لعلي رضي ال عنه و هو أمر ل يصح و ل نقل ه‬ ‫أحد من أئمة النقل و الذي وقع ف الصحيح من طلب الدواة و القرطاس ليكتب الوصية و أن عمر منع من ذلك فدليل واضح على أن ه ل‬ ‫يقع و كذا قول عمر رضي ال عنه حي طعن و سئل ف العهد فقال‪ :‬إن أعهد فقد عهد من هو خي من يعن أبا بكر و إن أترك فقد ت رك‬ ‫من هو خي من يعن النب صلى ال عليه و سلم ل يعهد و كذلك قول علي للعباس رضي ال عنهما حي دعاه للدخول إل النب ص لى ال‬ ‫عليه و سلم يسألنه عن شأنما ف العهد فأب على من ذلك و قال إنه إن منعنا منها فل نطمع فيها آخر الدهر و هذا دليل على أن عليا‪ i‬علم‬ ‫أنه ل يوص و ل عهد إل أحد و شبهة المامية ف ذلك إنا هي كون المامة من أركان الدين كما يزعمون و ليس كذلك و إنا هي م ن‬ ‫الصال العامة الفوضة إل نظر اللق و لو كانت من أركان الدين لكان شأنا شأن الصلة و لكان يستخلف فيها كما استخلف أبا بكر ف‬ ‫الصلة و لكان يشتهر كما اشتهر أمر الصلة و احتجاج الصحابة على خلفة أب بكر بقياسها على الصلة ف قولم ارتض اه رس ول ال‬ ‫صلى ال عليه و سلم لديننا أفل نرضاه لدنيانا دليل على أن الوصية ل تقع‪ .‬و يدل ذلك أيضا‪ i‬على أن أمر المامة و العهد با ل يكن مهما‬ ‫كما هو اليوم و شأن العصبية الراعاة ف الجتماع و الفتراق ف ماري العادة ل يكن يومئذ بذلك العتبار لن أمر الدين و السلم ك ان‬ ‫كله بوارق العادة من تأليف القلوب عليه و استماتة الناس دونه و ذلك من أجل الحوال الت كانوا يشاهدونا ف حضور اللئكة لنصرهم‬ ‫و تردد خب السماء بينهم و تدد خطاب ال ف كل حادثة تتلى عليهم فلم يتج إل مراعاة العصبية لا شل الناس من ص بغة النقي اد و‬ ‫الذعان وما يستفزهم من تتابع العجزات الارقة و الحوال اللية الواقعة و اللئكة الترددة الت وجوا منها و دهشوا من تتابعها فكان أمر‬ ‫اللفة و اللك و العهد والعصبية و سائر هذه النواع مندرجا‪ i‬ف ذلك القبيل كما وقع فلما انصر ذلك الدد بذهاب تلك العج زات ث‬ ‫بفناء القرون الذين شاهدوها فاستحالت تلك الصبغة قليل‪ i‬قليل‪ i‬و ذهبت الوارق و صار الكم للعادة كما كان فاعتب أم ر العص بية و‬ ‫ماري العوائد فيما ينشأ عنها من الصال و الفاسد و أصبح اللك واللفة و العهد بما مهما‪ i‬من الهمات الكيدة كما زعموا و ل يك ن‬


‫ذلك من قبل فانظر كيف كانت اللفة لعهد النب صلى ال عليه وسلم غي مهمة فلم يعهد فيها ث تدرجت الهية زمان اللف ة بع ض‬ ‫الشيء با دعت الضرورة إليه ف الماية والهاد و شأن الردة و الفتوحات فكانوا باليار ف الفعل و الترك كما ذكرناه عن عمر رضي ال‬ ‫عنه ث صارت اليوم من أهم المور لللفة على الماية و القيام بالصال فاعتبت فيها العصبية الت هي سر الوازع عن الفرقة و التخ اذل و‬ ‫منشأ الجتماع و التوافق الكفيل بقاصد الشريعة و أحكامها‪.‬‬ ‫و المر الثالث شأن الروب الواقعة ف السلم بي الصحابة و التابعي فاعلم أن اختلفهم إنا يقع ف المور الدينية و ينشأ عن الجتهاد ف‬ ‫الدلة الصحيحة و الدارك العتبة و التهدون إذا اختلفوا فإن قلنا إن الق ف السائل الجتهادية واحد من الطرفي و من ل يصادفه فه و‬ ‫مطئ فإن جهته ل تتعي بإجاع فيبقى الكل على احتمال الصابة و ل يتعي الخطئ منها و التأثيم مدفوع عن الكل إجاعا‪ i‬و إن قلن ا إن‬ ‫الكل حق و إن كل متهد مصيب فأحرى بنفي الطأ و التأثيم و غاية اللف الذي بي الصحابة و التابعي أنه خلف اجتهادي ف مسائل‬ ‫دينية ظنية و هذا حكمه و الذي وقع من ذلك ف السلم إنا هو واقعة على مع معاوية و مع الزبي و عائشة و طلحة و واقعة السي م ع‬ ‫يزيد و واقعة ابن الزبي مع عبد اللك فأما و واقعة علي فإن الناس كانوا عند مقتل عثمان مفترقي ف المصار فلم يشهدوا بيعة علي و الذين‬ ‫شهدوا فمنهم من بايع و منهم من توقف حت يتمع الناس و يتفقوا على إمام كسعد و سعيد و ابن عمر و أسامة بن زيد و الغية بن شعبة‬ ‫و عبد ال بن سلم و قدامة بن مظعون و أب سعيد الدري و كعب بن مالك و النعمان بن بشي و حسان بن ثابت و مسلمة بن مل د و‬ ‫فضالة بن عبيد و أمثالم من أكابر الصحابة و الذين كانوا ف المصار عدلوا عن بيعته أيضا‪ i‬إل الطلب بدم عثمان و تركوا المر فوض ى‬ ‫حت يكون شورى بي السلمي لن يولونه و ظنوا بعلي هوادة ف السكوت عن نصر عثمان من قاتله ل ف المالة عليه فحاش ل من ذلك‪.‬‬ ‫و لقد كان معاوية إذا صرح بلمته إنا يوجهها عليه ف سكوته فقط ث اختلفوا بعد ذلك فرأى علي أن بيعته قد انعقدت و لزمت من تأخر‬ ‫عنها باجتماع من اجتمع عليها بالدينة دار النب صلى ال عليه و سلم و موطن الصحابة و أرجأ المر ف الطالبة بدم عثمان إل اجتم اع‬ ‫الناس و اتفاق الكلمة فيتمكن حينئذ من ذلك و رأى الخرون أن بيعته ل تنعقد لفتراق الصحابة أهل الل و العقد بالفاق و ل يصر إل‬ ‫قليل و ل تكون البيعة إل باتفاق أهل الل و العقد و ل تلزم بعقد من تولها من غيهم أو من القليل منهم و إن السلمي حينئذ فوض ى‬ ‫فيطالبون أول‪ i‬بدم عثمان ث يتمعون على إمام وذهب إل هذا معاوية و عمرو بن العاص و أم الؤمني عائشة و الزبي و ابن ه عب د ال و‬ ‫طلحة و ابنه ممد و سعد و سعيد و النعمان بن بشي و معاوية بن خديج و من كان على رأيهم من الصحابة الذين تلفوا عن بيعة عل ي‬ ‫بالدينة كما ذكرنا إل أن أهل العصر الثان من بعدهم اتفقوا على انعقاد بيعة علي و لزومها للمسلمي أجعي و تصويب رأيه فيما ذه ب‬ ‫إليه و تعيي الطأ من جهة معاوية و من كان على رأيه و خصوصا‪ i‬طلحة و الزبي لنتقاضهما على علي بعد البيعة له فيما نقل م ع دف ع‬ ‫التأثيم عن كل من الفريقي كالشأن ف التهدين و صار ذلك إجاعا‪ i‬من أهل العصر الثان على أحد قول أهل العص ر الول كم ا ه و‬ ‫معروف‪.‬‬ ‫و لقد سئل علي رضي ال عنه عن قتلى المل وصفي فقال‪ :‬و الذي نفسي بيده ل يوتن أحد من هؤلء و قلبه نقي إل دخل النة يشي إل‬ ‫الفريقي نقله الطبي و غيه فل يقعن عندك ريب ف عدالة أحد منهم و ل قدح ف شيء من ذلك فهم من علمت و أقوالم و أفعالم إن ا‬ ‫هي عن الستندات و عدالتهم مفروغ منها عند أهل السنة إل قول‪ i‬للمعتزلة فيمن قاتل عليا‪ i‬ل يلتفت إليه أحد من أهل الق و ل عرج عليه‬ ‫و إذا نظر ت بعي النصاف عذرت الناس أجعي ف شأن الختلف ف عثمان و اختلف الصحابة من بعد و علمت أنا كانت فتنة‪ i‬ابتلى‬ ‫ال با المة بينما السلمون قد أذهب ال عدوهم و ملكهم أرضهم و ديارهم و نزلوا المصار على حدودهم بالبصرة و الكوفة و الش ام و‬ ‫مصر و كان أكثر العرب الذين نزلوا هذه المصار جفاة‪ i‬ل يستكثروا من صحبة النب صلى ال عليه و سلم و ل ارتاضوا بلقه مع ما ك ان‬ ‫فيهم من الاهلية من الفاء و العصبية و التفاخر و البعد عن سكينة اليان و إذا بم عند استفحال الدولة قد أصبحوا ف ملكة الهاجرين و‬ ‫النصار من قريش وكنانة و ثقيف و هذيل و أهل الجاز و يثرب السابقي الولي إل اليان فاستنكفوا من ذلك و غضوا به ل ا ي رون‬ ‫لنفسهم من التقدم بأنسابم و كثرتم ومصادمة فارس و الروم مثل قبائل بكر بن وائل و عبد القيس بن ربيعة و قبائل كندة و الزد م ن‬ ‫اليمن و تيم و قيس من مضر فصاروا إل الغض من قريش و النفة عليهم‪ ،‬و التمريض ف طاعتهم و التعلل ف ذل ك ب التظلم منه م و‬ ‫الستعداء عليهم والطعن فيهم بالعجز عن السوية و العدل ف العدل عن السوية و فشت القالة بذلك و انتهت إل الدينة و هم من علم ت‬ ‫فأعظموه و أبلغوه عثمان فبعث إل المصار من يكشف له الب‪.‬‬


‫بعث ابن عمر و ممد بن مسلمة و أسامة بن زيد و أمثالم فلم ينكروا على المراء شيئا‪ i‬و ل رأوا عليهم طعنا‪ i‬و أدوا ذلك كما علموه فلم‬ ‫ينقطع الطعن من أهل المصار و مازالت الشناعات تنمو و رمي الوليد بن عقبة و هو على الكوفة بشرب المر و شهد عليه جاعة منهم و‬ ‫حده عثمان و عزلة ث جاء إل الدينة من أهل المصار يسألون عزل العمال و شكوا إل عائشة و علي و الزبي و طلحة و عزل لم عثمان‬ ‫بعض العمال فلم تنقطع بذلك ألسنتهم بل وفد سعيد بن العاصي وهو على الكوفة فلما رجع اعترضوه بالطريق و ردوه مع زول‪ i‬ث انتق ل‬ ‫اللف بي عثمان ومن معه من الصحابة بالدينة و نقموا عليه امتناعه من العزل فأب إل أن يكون على جرحة ث نقلوا النكي إل غي ذلك‬ ‫من أفعاله و هو متمسك بالجتهاد و هم أيضا‪ i‬كذلك ث تمع قوم من الغوغاء وجاءوا إل الدينة يظهرون طلب النصفة من عثمان و ه م‬ ‫يضمرون خلف ذلك من قتله و فيهم من البصرة و الكوفة و مصر وقام معهم ف ذلك علي و عائشة و الزبي و طلحة و غيهم ي اولون‬ ‫تسكي المور و رجوع عثمان إل رأيهم و عزل لم عامل مصر فانصرفوا قليل‪ i‬ث رجعوا و قد لبسوا بكتاب مدلس يزعمون أنم لق وة ف‬ ‫يد حامله إل عامل مصر بأن يقتلهم و حلف عثمان على ذلك فقالوا مكنا من مروان فإنه كاتبك فحلف مروان فقال ليس ف الكم أك ثر‬ ‫من هذا فحاصروه بداره ث بيتوه على حي غفلة من الناس و قتلوه وانفتح باب الفتنة فلكل من هؤلء عذر فيما وقع و كلهم كانوا مهتمي‬ ‫بأمر الدين ول يضيعون شيئا‪ i‬من تعلقاته‪.‬‬ ‫ث نظروا بعد هذا الواقع و اجتهدوا و ال مطلع على أحوالم و عال بم و نن ل نظن بم إل خيا‪ i‬لا شهدت ب ه أح والم و مق الت‬ ‫الصادق فيهم و أما السي فإنه لا ظهر فسق يزيد عند الكافة من أهل عصره بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسي أن يأتيهم فيقوم وا‬ ‫بأمره فرأى السي أن الروج على يزيد متعي من أجل فسقه ل سيما من له القدرة على ذلك و ظنها من نفسه بأهليته و ش وكته فأم ا‬ ‫الهلية فكانت كما ظن و زيادة و أما الشوكة فغلط يرحه ال فيها لن عصبية مضر كانت ف قريش و عصبية عبد مناف إنا كانت ف بن‬ ‫أمية تعرف ذلك لم قريش و سائر الناس و ل ينكرونه و إنا نسي ذلك أول السلم لا شغل الناس من الذهول بالوارق و أمر ال وحي و‬ ‫تردد اللئكة لنصرة السلمي فأغفلوا أمور عوائدهم و ذهبت عصبية الاهلية و منازعها و نسيت و ل يبق إل العصبية الطبيعية ف الماية و‬ ‫الدفاع ينتفع با ف إقامة الدين و جهاد الشركي و الدين فيها مكم و العادة معزولة حت إذا انقطع أمر النبؤة و الوارق الهول ة تراج ع‬ ‫الكم بعض الشيء للعوائد فعادت العصبية كما كانت و لن كانت و أصبحت مصر أطوع لبن أمية من سواهم با كان لم من ذلك قبل‬ ‫فقد تبي لك غلط السي إل أنه ف أمر دنيوي ل يضره الغلط فيه و أما الكم الشرعي فلم يغلط فيه لنه منوط بظنه و كان ظنه الق درة‬ ‫على ذلك و لقد عذله ابن العباس و ابن الزبي و ابن عمر و ابن النفية أخوه و غيه ف مسيه إل الكوفة و علموا غلطه ف ذلك و ل يرجع‬ ‫عما هو بسبيله لا أراده ال‪.‬‬ ‫و أما غي السي من الصحابة الذين كانوا بالجاز و مع يزيد بالشام والعراق و من التابعي لم فرأوا أن الروج على يزيد و إن كان فاسقا‪i‬‬ ‫ل يوز لا ينشأ عنه من الرج و الدماء فأقصروا عن ذلك و ل يتابعوا السي و ل أنكروا عليه و ل أثوه لنه متهد و هو أسوة التهدين و‬ ‫ل يذهب بك الغلط أن تقول بتأثيم هؤلء بخالفة السي و قعودهم عن نصره فإنم أكثر الصحابة و كانوا مع يزيد و ل يروا الروج عليه‬ ‫و كان السي يستشهد بم و هو بكربلء على فصله و حقه و يقول سلوا جابر بن عبد ال و أبا سعيد الدري و أنس بن مالك و س هل‬ ‫بن سعيد و زيد بن أرقم و أمثالم و ل ينكر عليهم قعودهم عن نصره و ل تعرض لذلك لعلمه أنه عن اجتهاد و إن كان هو على اجتهاد و‬ ‫يكون ذلك كما يد الشافعي و الالكي و النفي على شرب النبيذ و اعلم أن المر ليس كذلك و قتاله ل يكن عن اجته اد ه ؤلء و إن‬ ‫كان خلفه عن اجتهادهم و إنا انفرد بقتاله يزيد و أصحابه و ل تقولن إن يزيد و إن كان فاسقا‪ i‬و ل يز هؤلء ال روج علي ه فأفع اله‬ ‫عندهم صحيحة و اعلم أنه إنا ينفذ من أعمال الفاسق ما كان مشروعا‪ i‬و قتال البغاة عندهم من شرطه أن يكون مع المام العادل و ه و‬ ‫مفقود ف مسئلتنا فل يوز قتال السي مع يزيد و ل ليزيد بل هي من فعلته الؤكدة لفسقه و السي فيها شهيد مثاب و هو على حق و‬ ‫اجتهاد و الصحابة الذين كانوا مع يزيد على حق أيضا‪ i‬و اجتهاد و قد غلط القاضي أبو بكر بن العرب الالكي ف هذا فقال ف كتابه ال ذي‬ ‫ساه بالعواصم و القواصم ما معناه‪:‬‬ ‫إن السي قتل بشرع جده و هو غلط حلته عليه الغفلة عن اشتراط المام العادل و من أعدل من السي ف زمانه ف إمامته و ع دالته ف‬ ‫قتال أهل الراء و أما ابن الزبي فإنه رأى ف منامه ما رآه السي و ظن كما ظن و غلطه ف أمر الشوكة أعظم لن بن أسد ل يقاومون بن‬ ‫أمية ف جاهلية و ل إسلم‪ .‬و القول بتعي الطاء ف جهة مالفة كما كان ف جهة معاوية مع علي ل سبيل إليه‪ .‬لن الجاع هنالك قضى‬


‫لنا به و ل نده ها هنا‪ .‬و أما يزيد فعي خطأه فسقه‪ .‬و عبد اللك صاحب ابن الزبي أعظم الناس عدالة و ناهيك بعدالته احتجاج مال ك‬ ‫بفعله و عدول ابن عباس و ابن عمر إل بيعته عن ابن الزبي و هم معه بالجاز مع أن الكثي من الصحابة كانوا يرون أن بيعة اب ن الزبي ل‬ ‫تنعقد لنه ل يضرها أهل العقد و الل كبيعة مروان و ابن الزبي على خلف ذلك و الكل متهدون ممولون على الق ف الظاهر و إن ل‬ ‫يتعي ف جهة منهما و القتل الذي نزل به بعد تقرير ما قررناه ييء على قواعد الفقه و قوانينه مع أنه شهيد مثاب باعتبار قصده و تري ه‬ ‫الق هذا هو الذي ينبغي أن تمل عليه أفعال السلف من الصحابة و التابعي فهم خيار المة و إذا جعلناهم عرضة للقدح فمن الذي يتص‬ ‫بالعدالة و النب صلى ال عليه و سلم يقول‪ :‬خي الناس قرن ث الذين يلونم مرتي أو ثلثا‪ i‬ث يفشو الكذب فجعل الية و هي العدالة متصة‬ ‫بالقرن الول و الذي يليه فإياك أن تعود نفسك أو لسانك التعرض لحد منهم و ل يشوش قلبك بالريب ف شيء ما وقع مهم و التمس لم‬ ‫مذاهب الق و طرقه ما استطعت فهم أول الناس بذلك و ما اختلفوا إل عن بينة و ما قاتلوا أو قتلوا إل ف سبيل جهاد أو إظه ار ح ق‬ ‫واعتقد مع ذلك أن اختلفهم رحة لن بعدهم من المة ليقتدي كل واحد بن يتاره منهم و يعله إمامه و هادية و دليله فافهم ذلك و تبي‬ ‫حكمه ال ف خلقه و أكوانه و اعلم أنه على كل شيء قدير و إليه اللجأ و الصي و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الادي و الثلثون ف الطط الدينية اللفية‬ ‫لا تبي أن حقيقة اللفة نيابة عن صاحب الشرع ف حفظ الدين و سياسة الدنيا فصاحب الشرع متصرف ف المري ن أم ا ف ال دين‬ ‫فبمقتضى التكاليف الشرعية الذي هو مأمور بتبليغها و حل الناس عليها و أما سياسة الدنيا فبمقتضى رعايته لصالهم ف العمران البشري و‬ ‫قد قدمنا أن هذا العمران ضروري للبشر و أن رعاية مصاله كذلك لئل يفسد إن أهلت و قدمنا أن اللك و سطوته كاف ف حصول هذه‬ ‫الصال‪.‬‬ ‫نعم إنا تكون أكمل إذا كانت بالحكام الشرعية لنه أعلم بذه الصال فقد صار اللك يندرج تت اللفة إذا كان إسلميا و يكون م ن‬ ‫توابعها و قد ينفر إذا كان ف غي اللة و له على كل حال مراتب خادمة و وظائف تابعة تتعي خططا‪ i‬و تتوزع على رجال الدولة وظ ائف‬ ‫فيقوم كل واحد بوظيفته حسبما يعينه اللك الذي تكون يده عالية‪ i‬عليهم فيتم بذلك أمره و يسن قيامه بسلطانه و أما النصب اللف و إن‬ ‫كان اللك يندرج تته بذا العتبار الذي ذكرناه فتصرفه الدين يص بطط و مراتب ل تعرف إل للخلفاء السلميي فلنذكر الن الطط‬ ‫الدينية الختصة باللفة و نرجع إل الطط اللوكية السلطانية‪.‬‬ ‫فاعلم أن الطط الدينية الشرعية من الصلة و الفتيا و لقضاء و الهاد و السبة كلها مندرجة تت المامة الكبى الت هي اللفة فكأن ا‬ ‫المام الكبي و الصل الامع و هذه كلها متفرعة عنها و داخلة فيها لعموم نظر اللفة وتصرفها ف سائر أحوال اللة الدينية و الدنيوي ة و‬ ‫تنفيذ أحكام الشرع فيها على العموم‪.‬‬ ‫فأما إمامة الصلة فهي أرفع هذه الطط كلها و أرفع من اللك بصوصه الندرج معها تت اللفة‪ .‬و لقد يشهد لذلك استدلل الصحابة‬ ‫ف شأن أب بكر رضي ال عنه باستخلفه ف الصلة على استخلفه ف السياسة ف قولم ارتضاه رسول ال صلى ال عليه و سلم لديننا أفل‬ ‫نرضاه لدنيانا ؟ فلول أن الصلة أرفع من السياسة لا صح القياس و إذا ثبت ذلك فاعلم أن الساجد ف الدينة صنفان مساجد عظيمة كثية‬ ‫الغاشية معدة للصلوات الشهودة‪ .‬و أخرى دونا متصة بقوم أو ملة وليست للصلوات العامة فأما الساجد العظيمة فأمرها راجع إل الليفة‬ ‫أو من يفوض إليه من سلطان أو من وزير أو قاض فينصب لا المام ف الصلوات المس و المعة و العيدين و السوفي و الستس قاء و‬ ‫تعي ذلك إنا هو من طريق الول و الستحسان و لئل‪ i‬يفتات الرعايا عليه ف شيء من النظر ف الصال العامة وقد يقول بالوجوب ف ذلك‬ ‫من يقول بوجوب إقامة المعة فيكون نصب المام لا عنده واجبا‪ i‬و أما الساجد الختصة بقوم أو ملة فأمرها راجع إل اليان و ل تتاج‬ ‫إل نظر خليفة و ل سلطانا و أحكام هذه الولية و شروطها و الول فيها معروفة ف كتب الفقه و مبسوطة ف كتب الحك ام الس لطانية‬ ‫للماوردي و غيه فل نطول بذكرها و لقد كان اللفاء الولون ل يقلدونا لغيهم من الناس‪ .‬و انظر من طعن من اللفاء ف السجد عن د‬ ‫الذان بالصلة و ترصدهم لذلك ف أوقاتا‪ .‬يشهد لك ذلك بباشرتم لا و أنم ل يكونوا مستخلفي فيها‪ .‬و كذا ك ان رج ال الدول ة‬ ‫الموية من بعدهم استئثارا‪ i‬با و استعظاما‪ i‬لرتبتها‪.‬‬


‫يكى عن عبد اللك أنه قال لاجبه قد جعلت لك حجابه‪ Ï‬يأب إل عن ثلثة صاحب الطعام فإنه يفسد بالتأخي و الذان بالصلة ف إنه داع‬ ‫إل ال و البيد فال ف تأخيه فساد القاصية فلما جاءت طبيعة اللك و عوارضه من الغلظة و الترفع عن مساواة الناس ف دينهم و دني اهم‬ ‫استنابوا ف الصلة فكانوا يستأثرون با ف الحيان و ف الصلوات العامة كالعيدين و المعة إشارة‪ i‬و تنويها‪ i‬فعل ذلك كثي من خلف اء بن‬ ‫العباس و العبيديي صدر دولتهم‪.‬‬ ‫و أما الفتيا فللخليفة تصفح أهل العلم و التدريس و رد الفتيا إل من هو أهل لا وإعانته على ذلك و منع من ليس أهل لا و زجره لنا من‬ ‫مصال السلمي ف أديانم فتجب عليه مراعاتا لئل يتعرض لذلك من ليس له بأهل فيضل الناس‪ .‬وللمدرس النتصاب لتعليم العلم و بث ه و‬ ‫اللوس لذلك ف الساجد فإن كانت من الساجد العظام الت للسلطان الولية عليها و النظر ف أئمتها كما مر فل بد من استئذانه ف ذلك و‬ ‫إن كانت من مساجد العامة فل يتوقف ذلك‪ .‬على إذن‪ .‬على أنه ينبغي أن يكون لكل أحد من الفتي و الدرسي زاجر من نفسه ينعه عن‬ ‫التصدي لا ليس له بأهل فيضل به الستهدي و يضل به السترشد و ف الثر أجراكم على الفتيا أجراكم على جراثيم جهنم فللسلطان فيهم‬ ‫لذلك من النظر ما توجبه الصلحة من إجازة أو رد‪.‬‬ ‫و أما القضاء فهو من الوظائف الداخلة تت اللفة لنه منصب الفصل بي الناس ف الصومات حسما‪ i‬للتداعي و قطعا‪ i‬للتن ازع إل أن ه‬ ‫بالحكام الشرعية التلقاة من الكتاب و السنة‪ ،‬فكان لذلك من وظائف اللفة و مندرجا‪ i‬ف عمومها و كان اللفاء ف ص در الس لم‬ ‫يباشرونه بأنفسهم و ل يعلون القضاء إل من سواهم‪ .‬و أول من دفعه إل غيه و فوضه فيه عمر رضي ال عنه فول أبا الدرداء معه بالدينة‬ ‫و ول شريا‪ i‬بالبصرة و ول أبا موسى الشعري بالكوفة و كتب له ف ذلك الكتاب الشهور الذي تدور عليه أحكام القضاة و هي مستوفاة‬ ‫فيه يقول أما بعد‪ :‬فإن القضاء فريضة مكمة و سنة متبعة فافهم إذا أدل إليك فإنه ل ينفع تكلم بق ل نفاذ له و آس بي الناس ف وجهك و‬ ‫ملسك و عدلك حت ل يطمع شريف ف حيفك و ل ييأس ضعيف من عدلك البينة على من ادعى و اليمي على من أنكر‪ .‬و الصلح جائز‬ ‫بي السلمي إل صلحا‪ i‬أحل حراما‪ i‬أو حرم حلل‪ i‬و ل ينعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك و هديت فيه لرشدك أن ترجع إل‬ ‫الق فإن الق قدي و مراجعة الق خي من التمادي ف الباطل الفهم الفهم فيما يتلجلج ف صدرك ما ليس ف كتاب و ل سنة ث اع رف‬ ‫المثال و الشباه و قس المور بنظائرها و اجعل لن ادعى حقا‪ i‬غائبا‪ i‬أو بينة‪ i‬أمدا‪ i‬ينتهي إليه فإن أحضر بينته أخذت له بقه و إل استحللت‬ ‫القضاء عليه فإن ذلك أنفى للشك و أجلى للعمى‪ .‬السلمون عدول بعضهم على بعض إل ملودا‪ i‬ف حد أو مرى عليه شهادة زور أو ظنينا‪i‬‬ ‫ف نسب أو ولء‪ ،‬فإن ال سبحانه عفا عن اليان و درأ بالبينات‪ .‬و إياك و القلق و الضجر و التأفف بالصوم فإن استقرار الق ف مواطن‬ ‫الق يعظم ال به الجر و يسن به الذكر و السلم‪.‬‬ ‫انتهى كتاب عمر و إنا كانوا يقلدون القضاء لغيهم و إن كان ما يتعلق بم لقيامهم بالسياسة العامة و ك ثرة أش غالا م ن اله اد و‬ ‫الفتوحات و سد الثغور وحاية البيضة‪ ،‬و ل يكن ذلك ما يقوم به غيهم لعظم العناية فاستحقوا القضاء ف الواقعات بي الناس و استخلفوا‬ ‫فيه من يقوم به تفيفا‪ i‬على أنفسهم و كانوا مع ذلك إنا يقلدونه أهل عصبيتهم بالنسب أو الولء و ل يقلدونه لن بعد عنهم ف ذلك‪ .‬و أما‬ ‫أحكام هذا النصب و شروطه فمعروفة ف كتب الفقه و خصوصا‪ i‬كتب الحكام السلطانية‪ .‬إل أن القاضي إنا كان له ف عص ر اللف اء‬ ‫الفصل بي الصوم فقط ث دفع لم بعد ذلك أمور أخرى على التدريج بسب اشتغال اللفاء و اللوك بالسياسة الكبى و استقر منص ب‬ ‫القضاء آخر المر على أنه يمع مع الفصل بي الصوم استيفاء بعض القوق العامة للمسلمي بالنظر ف أموال الجور عليهم من الاني و‬ ‫اليتامى و الفلسي و أهل السفه و ف وصايا السلمي و أوقافهم و تزويج اليامى عند فقد الولياء على رأي من رآه و النظ ر ف مص ال‬ ‫الطرقات و البنية و تصفح الشهود و المناء و النواب و استيفاء العلم و البة فيهم بالعدالة و الرح ليحصل له الوثوق بم و صارت هذه‬ ‫كلها من تعلقات وظيفته و توابع وليته‪ .‬و قد كان اللفاء من قبل يعلون للقاضي النظر ف الظال و هي وظيفة متزجة من سطوة السلطنة‬ ‫و نصفة القضاء و تتاج إل علو يد و عظيم رهبة تقمع الظال من الصمي و تزجر التعدي و كأنه يضي ما عجز القضاة أو غيهم ع ن‬ ‫إمضائه و يكون نظره ف البينات و التقرير و اعتماد المارات و القرائن و تأخي الكم إل استجلء الق و حل الصمي على الص لح و‬ ‫استحلف الشهود و ذلك أوسع من نظر القاضي‪.‬‬ ‫و كان اللفاء الولون يباشرونا بأنفسهم إل أيام الهتدي من بن العباس و ربا كانوا يعلونا لقضاتم كما فعل عمر رضي ال عن ه م ع‬ ‫قاضيه أب أدريس الولن و كما فعله الأمون ليحي بن أكثم و العتصم لحد بن أب داود و ربا كانوا يعلون للقاضي قي ادة اله اد ف‬


‫عساكر الطوائف و كان يي بن أكثم يرج أيام الأمون بالطائفة إل أرض الروم و كذا منذر بن سعيد قاضي عبد الرحن الناصر م ن بن‬ ‫أمية بالندلس فكانت توليه هذه الوظائف إنا تكون للخلفاء أو من يعلون ذلك له من وزير مفوض أو سلطان متغلب‪ .‬و كان أيضا‪ i‬النظر‬ ‫ف الرائم و إقامة الدود ف الدولة العباسية و الموية بالندلس و العبيديي بصر و الغرب راجعا‪ i‬إل صاحب الشرطة و هي وظيفة أخرى‬ ‫دينية كانت من الوظائف الشرعية ف تلك الدول توسع النظر فيها عن أحكام القضاء قليل‪ i‬فيجعل للتهمة ف الكم مال‪ i‬و يفرض العقوبات‬ ‫الزاجرة قبل ثبوت الرائم و يقيم الدود الثابتة ف مالا و يكم ف القود و القصاص و يقيم التعزيز و التأديب ف حق من ل ينته عن الرية‪.‬‬ ‫ث تنوسي شأن هاتي الوظيفتي ف الدول الت تنوسي فيها أمر اللفة فصار أمر الظال راجعا‪ i‬إل السلطان كان له تفويض من الليفة أو ل‬ ‫يكن و انقسمت وظيفة الشرطة قسمي منها وظيفة التهمة على الرائم و إقامة حدودها و مباشرة القطع و القصاص حيث يتعي و نص ب‬ ‫لذلك ف هذه الدول حاكم يكم فيها بوجب السياسة دون مراجعة الحكام الشرعية و يسمى تارة‪ i‬باسم الوال و تارة‪ i‬باسم الشرطة و بقي‬ ‫قسم التعازير و إقامة الدود ف الرائم الثابتة شرعا‪ i‬فجمع ذلك للقاضي مع ما تقدم و صار ذلك من توابع وظيفة وليته و استقر المر لذا‬ ‫العهد على ذلك و خرجت هذه الوظيفة عن أهل عصبية الدولة لن المر لا كان خلفة‪ i‬دينية‪ i‬و هذه الطة من مراسم ال دين فك انوا ل‬ ‫يولون فيها إل من أهل عصبيتهم من العرب و مواليهم باللف أو بالرق أو بالصطناع من يوثق بكفايته أو غنائه فيما يدفع إلي ه‪ ،‬و ل ا‬ ‫انقرض شأن اللفة و طورها و صار المر كله ملكا‪ i‬أو سلطانا صارت هذه الطط الدينية بعيدة عنه بعض الشيء لنا ليست من ألق اب‬ ‫اللك و ل مراسه ث خرج المر جلة من العرب و صار اللك لسواهم من أمم الترك و الببر فازدادت هذه الطط اللفية بع دا‪ i‬عنه م‬ ‫بنحاها وعصبيتها‪ .‬و ذلك أن العرب كانوا يرون أن الشريعة دينهم و هل النب صلى ال عليه و سلم منهم و أحكامه و شرائعه نلتهم بي‬ ‫المم و طريقهم‪ ،‬و غيهم ل يرون ذلك إنا يولونا جانبا‪ i‬من التعظيم لا دانوا باللة فقط‪ .‬فصاروا يقلدونا من غي عصابتهم من كان تأهل‬ ‫لا ف دول اللفاء السالفة‪.‬‬ ‫و كان أولئك التأهلون با أخذهم ترف الدول منذ مئتي من السني قد نسوا عهد البداوة و خشونتها و التبسوا بالضارة ف عوائد ترفهم و‬ ‫دعتهم‪ ،‬و قلة المانعة عن أنفسهم‪ ،‬و صارت هذه الطط ف الدول اللوكية من بعد اللفاء متصة‪ i‬بذا الصنف من الستض عفي ف أه ل‬ ‫المصار و نزل أهلها عن مراتب العز لفقد الهلية بأنسابم و ما هم عليه من الضارة فلحقهم من الحتقار ما لق الضر النغمس ي ف‬ ‫الترف و الدعة‪ ،‬البعداء عن عصبية اللك الذين هم عيال على الامية‪ ،‬و صار اعتبارهم ف الدولة من أجل قيامها باللة و أخ ذها بأحك ام‬ ‫الشريعة‪ ،‬لا أنم الاملون للحكام القتدون با‪ .‬و ل يكن إيثارهم ف الدولة حينئذ إكراما‪ i‬لذواتم‪ ،‬و إنا هو لا يتلمح من التجمل بك انم‬ ‫ف مالس اللك لتعظيم الرتب الشرعية‪ ،‬و ل يكن لم فيها من الل و العقد شيء‪ ،‬و أن حضروه فحضور رسي ل حقيقة وراءه‪ ،‬إذ حقيقة‬ ‫الل و العقد إنا هي لهل القدرة عليه فمن ل قدرة له عليه فل حل له و ل عقد لديه‪ .‬اللهم إل أخذ الحكام الشرعية عنه م‪ ،‬و تلق ي‬ ‫الفتاوى منهم فنعم و ال الوفق‪ .‬و ربا يظن بعض الناس أن الق فيما وراء ذلك و أن فعل اللوك فيما فعلوه من إخراج الفقهاء و القض اة‬ ‫من الشورى مرجوح و قد قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬العلماء ورثة النبياء فاعلم أن ذلك ليس كما ظنه و حكم اللك و السلطان إنا يري‬ ‫على ما تقتضيه طبيعة العمران و إل كان بعيدا‪ i‬عن السياسة‪ .‬فطبيعة العمران ف هؤلء ل تقضي لم شيئا‪ i‬من ذلك لن الشورى و ال ل و‬ ‫العقد ل تكون إل لصاحب عصبية يقتدر با على حل أو عقد أو فعل أو ترك‪ ،‬و أما من ل عصبية له و ل يلك من أمر نفسه شيئا‪ i‬و ل من‬ ‫حايتها و إنا هو عيال على غيه فأي مدخل له ف الشورى أو أي معن يدعو إل اعتباره فيها اللهم إل شوراه فيما يعلمه م ن الحك ام‬ ‫الشرعية فموجودة ف الستفتاء خاصة‪ .‬و أما شوراه ف السياسة فهو بعيد عنها لفقدانه العصبية و القيام على معرفة أحوالا وأحكامها و إنا‬ ‫إكرامهم من تبعات اللوك و المراء الشاهدة لم بميل العتقاد ف الدين و تعظيم من ينتسب إليه بأي جهة انتسب و أما قوله ص لى ال‬ ‫عليه و سلم العلماء ورثة النبياء فاعلم أن الفقهاء ف الغلب لذا العهد و ما احتف به إنا حلوا الشريعة أق وال‪ i‬ف كيفي ة العم ال ف‬ ‫العبادات و كيفية القضاء ف العاملت ينصونا على من يتاج إل العمل با هذه غاية أكابرهم و ل يتصفون إل بالقل منه ا و ف بع ض‬ ‫الحوال و السلف رضوان ال عليهم و أهل الدين و الورع من السلمي حلوا الشريعة اتصافا‪ i‬با و تققا‪ i‬بذاهبها‪ .‬فمن حله ا اتص افا‪ i‬و‬ ‫تققا‪ i‬دون نقل فهو من الوارثي مثل أهل رسالة القشيي و من اجتمع له المران فهو الوارث على القيقة مثل فقهاء التابعي و الس لف و‬ ‫الئمة الربعة و من اقتفى طريقهم و جاء على أثرهم و إذا انفرد واحد من المة بأحد المرين فالعابد أحق بالوراثة من الفقيه الذي لي س‬


‫بعابد لن العابد ورث بصفة و الفقيه الذي ليس بعابد ل يرث شيئا‪ i‬إنا هو صاحب أقوال بنصها علينا ف كيفيات العمل و ه ؤلء أك ثر‬ ‫فقهاء عصرنا إل الذين آمنوا و عملوا الصالات و قليل ما هم‪.‬‬ ‫العدالة‪ :‬و هي وظيفة دينية تابعة للقضاء و من مواد تصريفه و حقيقة هذه الوظيفة القيام عن إذن القاضي بالشهادة بي الناس فيم ا ل م و‬ ‫عليهم تمل‪ i‬عند الشهاد و أداء عند التنازع و كتبا‪ i‬ف السجلت تفظ به حقوق الناس و أملكهم و ديونم و سائر معاملتم و ش رط‬ ‫هذه الوظيفة التصاف بالعدالة الشرعية و الباءة من الرح ث القيام بكتب السجلت و العقود من جهة عباراتا و انتظام فصولا و من جهة‬ ‫إحكام شروطها الشرعية و عقودها فيحتاج حينئذ إل ما يتعلق بذلك من الفقه و لجل هذه الشروط و ما يتاج إليه من الران على ذلك و‬ ‫المارسة له اختص ذلك ببعض العدول و صار الصنف القائمون به كأنم متصون بالعدالة و ليس كذلك و إن ا العدال ة م ن ش روط‬ ‫اختصاصهم بالوظيفة و يب على القاضي تصفح أحوالم و الكشف عن سيهم رعاية لشرط العدالة فيهم و أن ل يهمل ذلك لا يتعي عليه‬ ‫من حفظ حقوق الناس فالعهدة عليه ف ذلك كله و هو ضامن دركه و إذا تعي هؤلء لذه الوظيفة عمت الفائدة ف تعبي من تفى عدالته‬ ‫على القضاة بسبب اتساع المصار و اشتباه الحوال و اضطرار القضاة إل الفصل بي التنازعي بالبينات الوثوقة فيعولون غالبا‪ i‬ف الوث وق‬ ‫با على هذا الصنف و لم ف سائر المصار دكاكي و مصاطب يتصون باللوس عليها فيتعاهدهم أصحاب العاملت للشهاد و تقيي ده‬ ‫بالكتاب و صار مدلول هذه اللفظة مشتركا‪ i‬بي هذه الوظيفة الت تبي مدلولا و بي العدالة الشرعية الت هي أخت الرح و قد يتواردان و‬ ‫يفترقان و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫السبة و السكة‬ ‫إما السبة فهي وظيفة دينية من باب المر بالعروف و النهي عن النكر الذي هو فرض على القائم بأمور السلمي يعي لذلك من يراه أه ‪i‬‬ ‫ل‬ ‫له فيتعي فرضه عليه ويتخذ العوان على ذلك و يبحث عن النكرات و يعزر و يؤدب على قدرها و يمل الناس على الص ال العام ة ف‬ ‫الدينة مثل النع من الضايقة ف الطرقات و منع المالي و أهل السفن من الكثار ف المل و الكم على أهل البان التداعي ة للس قوط‬ ‫بدمها و إزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة والضرب على أيدي العلمي ف الكاتب و غيها ف البلغ ف ضربم للصبيان التعلمي و‬ ‫ل يتوقف حكمه على تنازع أو استعداء بل له النظر و الكم فيما يصل إل علمه من ذلك و يرفع إليه و ليس له إمضاء الكم ف الدعاوي‬ ‫مطلقا‪ i‬بل فيما يتعلق بالغش و التدليس ف العايش و غيها ف الكاييل و الوازين و له أيضا‪ i‬حل الماطلي على النصاف و أمثال ذلك م ا‬ ‫ليس فيه ساع بينة و ل إنفاذ حكم و كأنا أحكام ينه القاضي عنها لعمومها و سهولة أغراضها فتدفع إل صاحب هذه الوظيفة ليقوم ب ا‬ ‫فوضعها على ذلك أن تكون خادمة لنصب القضاء و قد كانت ف كثي من الدول السلمية مثل العبيديي بصر و الغ رب و الم ويي‬ ‫بالندلس داخلة ف عموم ولية القاضي يول فيها باختياره ث لا انفردت وظيفة السلطان عن اللفة و صار نظره عاما ف أم ور السياس ة‬ ‫اندرجت ف وظائف اللك و أفردت بالولية‪.‬‬ ‫و أما السكة فهي النظر ف النقود التعامل با بي الناس و حفظها ما يداخلها من الغش أو النقص إن كان يتعامل با عددا‪ i‬أو ما يتعلق بذلك‬ ‫و يوصل إليه من جيع العتبارات ث ف وضع علمة السلطان على تلك النقود بالستجادة و اللوص برسم تلك العلمة فيها م ن خ ات‬ ‫حديد أتذ لذلك و نقش فيه نقوش خاصة به فيوضع على الدينار بعد أن يقدر ويضرب عليه بالطرقة حت ترسم فيه تلك النقوش و تك ون‬ ‫علمة على جودته بسب الغاية الت وقف عندها السبك والتخليص ف متعارف أهل القطر و مذاهب الدولة الاكم ة ف إن الس بك و‬ ‫التخليص ف النقود ل يقف عند غاية و إنا ترجع غايته إل الجتهاد فإذا وقف أهل أفق أو قطر على غاية من التخليص وقف وا عن دها و‬ ‫سوها إماما‪ i‬و عيارا‪ i‬يعتبون به نقودهم وينتقدونا بماثلته فإن نقص عن ذلك كان زيفا‪ i‬و النظر ف ذلك كله لصاحب هذه الوظيفة و ه ي‬ ‫دينية بذا العتبار فتندرج تت اللفة و قد كانت تندرج ف عموم ولية القاضي ث أفردت لذا العهد كما وقع ف البشة‪.‬‬ ‫هذا آخر الكلم ف الوظائف اللفية و بقيت منها وظائف ذهبت بذهاب ما ينظر فيه و أخرى صارت سلطانية‪ i‬فوظيفة المارة و الوزارة و‬ ‫الرب و الراج صارت سلطانية نتكلم عليها ف أماكنها بعد وظيفة الهاد وظيفة الهاد بطلت ببطلنه إل ف قليل من الدول يارس ونه و‬ ‫يدرجون أحكامه غالبا‪ i‬ف السلطانيات وكذا نقابة النساب الت يتوصل با إل اللفة أو الق ف بيت الال قد بطلت ل دثور اللف ة و‬


‫رسومها و بالملة قد اندرجت رسوم اللفة و وظائفها ف رسوم اللك و السياسة ف سائر الدول لذا العهد و ال مصرف المور كي ف‬ ‫يشاء‪.‬‬

‫الفصل الثان و الثلثون ف اللقب بأمي الؤمني و إنه من سات اللفة و هو‬ ‫مدث منذ عهد اللفاء‬ ‫و ذلك أنه لا بويع أبو بكر رضي ال عنه و كان الصحابة رضي ال عنهم و سائر السلمي يسمونه خليفة رسول ال صلى ال عليه و سلم‬ ‫و ل يزل المر على ذلك إل أن هلك فلما بويع لعمر بعهده إليه كانوا يدعونه خليفة خليفة رسول ال صلى ال عليه و س لم و ك أنم‬ ‫استثقلوا هذا اللقب بكثرته و طول إضافته و أنه يتزايد فيما بعد دائما إل أن ينتهي إل الجنة و يذهب منه التمييز بتعدد الضافات و كثرتا‬ ‫فل يعرف فكانوا يعدلون عن هذا اللقب إل ما سواه ما يناسبه و يدعى به مثله و كانوا يسمون قواد البعوث باسم المي و هو فعيل م ن‬ ‫المارة و قد كان الاهلية يدعون النب صلى ال عليه و سلم أمي مكة و أمي الجاز و كان الصحابة أيضا‪ i‬يدعون سعد بن أب و قاص أمي‬ ‫الؤمني لمارته على جيش القادسية و هم معظم السلمي يومئذ و اتفق أن دعا بعض الصحابة عمر رضي ال عنه يا أمي الؤمني فاستحسنه‬ ‫الناس و استصوبوه و دعوه به‪.‬‬ ‫يقال إن أول من دعاه بذلك عبد ال بن جحش و قيل عمرو بن العاصي والغية بن شعبة و قيل بريد جاء بالفتح من بعض البعوث و دخل‬ ‫الدينة و هو يسأل عن عمر و يقول أين أمي الؤمني و سمها أصحابه فاستحسنوه و قالوا أصبت و ال اسه إنه و ال أمي ال ؤمني حق ا‪i‬‬ ‫فدعوه بذلك و ذهب لقبا‪ i‬له ف الناس وتوارثه اللفاء من بعده سة‪ i‬ل يشاركهم فيها أحد سواهم إل سائر دولة بن أمية ث إن الشيعة خصوا‬ ‫عليا‪ i‬باسم المام نعتا‪ i‬له بالمامة الت هي أخت اللفة وتعريضا‪ i‬بذهبهم ف أنه أحق بإمامة الصلة من أب بكر لا هو مذهبهم و ب دعتهم‬ ‫فخصوه بذا اللقب و لن يسوقون إليه منصب اللفة من بعده فكانوا كلهم يسمون بالمام ما داموا يدعون لم ف اللفاء حت إذا يستولون‬ ‫على الدولة يولون اللقب فيما بعده إل أمي الؤمني كما فعله شيعة بن العباس فإنم ما زالوا يدعون أئمتهم بالمام إل إبراهيم الذي جهروا‬ ‫بالدعاء له و عقدوا الرايات للحرب على أمره فلما هلك دعي أخوة السفاح بأمي الؤمني‪.‬‬ ‫و كذا الرافضة بأفريقيا فإنم ما زالوا يدعون أئمتهم من ولد إساعيل بالمام حت انتهى المر إل عبيد ال الهدي و كانوا أيض ا‪ i‬ي دعونه‬ ‫بالمام و لبنه أب القاسم من بعده فلما استوثق لم المر دعوا من بعدها بأمي الؤمني و كذا الدارسة بالغرب كانوا يلقب ون إدري س‬ ‫بالمام و ابنه إدريس الصغر كذلك وهكذا شأنم و توارث اللفاء هذا اللقب بأمي الؤمني و جعلوه سة لن يلك الج از و الش ام و‬ ‫العراق و الواطن الت هي ديار العرب و مراكز الدولة و أهل اللة و الفتح و ازداد لذلك ف عنفوان الدولة و بذخها لقب آخر اللفاء يتميز‬ ‫به بعضهم عن بعض لا ف أمي الؤمني من الشتراك بينهم فاستحدث لذلك بنو العباس حجابا‪ i‬لسائهم العلم عن امتهانا ف ألسنة السوقة‬ ‫و صونا‪ i‬لا عن البتذال فتلقبوا بالسفاح و النصور و الهدي و الادي و الرشيد إل آخر الدولة و اقتفى أثرهم ف ذلك العبيديون بأفريقية و‬ ‫مصر و تاف بنو أمية عن ذلك بالشرق قبلهم مع الغضاضة و السذاجة لن العروبية و منازعها ل تفارقهم حينئذ و ل يتحول عنهم ش عار‬ ‫البداوة إل شعار الضارة و أما بالندلس فتلقبوا كسلفهم مع ما عملوه من أنفسهم من القصور عن ذلك بالقصور عن ملك الجاز أص ل‬ ‫العرب و اللة و البعد عن دار اللفة الت هي مركز العصبية و أنم إنا منعوا بإمارة القاصية أنفسهم من مهالك بن العباس حت إذا جاء عبد‬ ‫الرحن الداخل الخر منهم و هو الناصر بن ممد بن المي عبد ال بن ممد بن عبد الرحن الوسط لول الائة الرابعة و اشتهر م ا ن ال‬ ‫اللفة بالشرق من الجر و استبداد الوال و عيثهم ف اللفاء بالعزل و الستبدال و القتل و السمل ذهب عبد الرحن هذا إل مثل مذاهب‬ ‫اللفاء بالشرق و أفريقية و تسمى بأمي الؤمني و تلقب بالناصر لدين ال‪ .‬و أخذت من بعده عادة و مذهب لقن عنه و ل يكن لب ائه و‬ ‫سلف قومه‪ .‬و استمر الال على ذلك إل أن انقرضت عصبية العرب أجع و ذهب رسم اللفة و تغلب الوال من العجم على بن العباس‬


‫و الصنائع على العبيديي بالقاهرة و صنهاجة على أمراء أفريقية و زناتة على الغرب و ملوك الطوائف بالندلس على أمر بن أمية واقتسموه‬ ‫و افترق أمر السلم فاختلفت مذاهب اللوك بالغرب و الشرق ف الختصاص باللقاب بعد أن تسموا جيعا باسم السلطان‪.‬‬ ‫فأما ملوك الشرق من العجم فكان اللفاء يصونم يألقاب تشريفية حت يستشعر منها انقيادهم و طاعتهم و حسن وليتهم مث ل ش رف‬ ‫الدولة و عضد الدولة و ركن الدولة و معز الدولة و نصي الدولة و نظام اللك و باء الدولة و ذخية اللك و أمثال هذه و كان العبي ديون‬ ‫أيضا‪ i‬يصون با أمراء صنهاجة فلما استبدوا على اللفة قنعوا بذه اللقاب و تافوا عن ألقاب اللفة أدبا‪ i‬معها و ع دول ع ن س اتا‬ ‫الختصة با شأن التغلبي الستبدين كما قلناه و نزع التأخرون أعاجم الشرق حي قوي استبدادهم على اللك و عل كعبهم ف الدول ة و‬ ‫السلطان و تلشت عصبية اللفة و اضمحلت بالملة إل انتحال اللقاب الاصة باللك مثل الناصر و النصور و زي ادة عل ى ألق اب‬ ‫يتصون با قبل هذا النتحال مشعرة بالروج عن ربقة الولء و الصطناع با أضافوها إل الدين فقط فيقولون صلح الدين أسد الدين نور‬ ‫الدين‪ .‬و أما ملوك الطوائف بالندلس فاقتسموا ألقاب اللفة و توزعوها لقوة استبدادهم عليها با كانوا من قبيله ا و عص بتها فتلقب وا‬ ‫بالناصر و النصور و العتمد و الظفر و أمثالا كما قال ابن أب شرف ينعى عليهم‪:‬‬ ‫ما يزهدن ف أرض أندلس أساء معتمد فيها و معتضد‬ ‫ألقاب ملكة ف غي موضعها كالر يكي انتفاخا‪ i‬صورة السد‬ ‫و أما صنهاجة فاقصروا عن اللقاب الت كان اللفاء العبيديون يلقبون با للتنويه مثل نصي الدولة و معز الدولة و اتصل لم ذلك لا أدال وا‬ ‫من دعوة العبيديي بدعوة العباسيي ث بعدت الشقة بينهم و بي اللفة و نسوا عهدها فنسوا هذه اللقاب و اقتصروا على اسم السلطان و‬ ‫كذا شأن ملوك مغراوة بالغرب ل ينتحلوا شيئا‪ i‬من هذه اللقاب إل اسم السلطان جريا‪ i‬على مذاهب البداوة و الغضاضة‪ .‬و لا مي رس م‬ ‫اللفة و تعطل دستها ا و قام بالغرب من قبائل الببر يوسف بن تاشفي ملك لنتونة فملك العدوتي و كان من أهل الي و القتداء نزعت‬ ‫به هته إل الدخول ف طاعة الليفة تكميل‪ i‬لراسم دينه فخاطب الستظهر العباسي و أوفد عليه بيعته عبد ال بن العرب و ابنه القاضي أب ا‬ ‫بكر من مشيخة إشبيلية يطلبان توليته إياها على الغرب و تقليده ذلك فانقلبوا إليه بعهد اللفة له على الغرب و استشعار زيهم ف لبوسه و‬ ‫رتبته وخاطبه فيه يا أمي الؤمني تشريفا‪ i‬و اختصاصا‪ i‬فاتذها لقبا‪ i‬و يقال إنه كان دعي له بأمي الؤمني من قبل أدبا‪ i‬مع رتبة اللفة لا كان‬ ‫عليه هو و قومه الرابطون من انتحال الدين و اتباع السنة و جاء الهدي على أثرهم داعيا‪ i‬إل الق آخذا‪ i‬بذاهب الشعرية ناعيا‪ i‬على أه ل‬ ‫الغرب عدولم عنها إل تقليد السلف ف ترك التأويل لظواهر الشريعة و ما يؤول إليه ذلك من التجسيم كما ه و مع روف ف م ذهب‬ ‫الشعرية و سي أتباعه الوحدين تعريضا‪ i‬بذلك النكي و كان يرى رأي أهل البيت ف المام العصوم و أنه ل بد منه ف كل زم ان يف ظ‬ ‫بوجوده نظام هذا العال فسمى بالمام لا قلناه أول‪ i‬من مذهب الشيعة ف ألقاب خلفائهم و أردف بالعصوم إشارة‪ i‬إل م ذهبه ف عص مة‬ ‫المام و تنه عند اتباعه عن أمي الؤمني أخذا‪ i‬بذاهب التقدمي من الشيعة و لا فيها من مشاركة الغمار و الولدان من أعقاب أهل اللفة‬ ‫يومئذ بالشرق‪.‬‬ ‫ث انتحل عبد الؤمن ول عهده اللقب بأمي الؤمني و جرى عليه من بعده خلفاء بن عبد الؤمن و آل أب حفص من بعدهم اس تئثارا‪ i‬ب ه‬ ‫عمن سواهم لا دعا إليه شيخهم الهدي من ذلك و أنه صاحب المر و أولياؤه من بعده كذلك دون كل أحد لنتقاء عص بية قري ش و‬ ‫تلشيها فكان ذلك دأبم‪ .‬و لا انتقض المر بالغرب و انتزعه زناتة ذهب أولم مذاهب البداوة و السذاجة و أتباع لتونة ف انتحال اللقب‬ ‫بأمي الؤمني أدبا‪ i‬مع رتبة اللفة الت كانوا على طاعتها لبن عبد الؤمن أول و لبن أب حفص من بعدهم ث نزع التأخرون منهم إل اللقب‬ ‫بأمي الؤمني و انتحلوه لذا العهد استبلغا‪ i‬ف منازع اللك و تتميما‪ i‬لذاهبه وساته و ال غالب على أمره‪.‬‬

‫الفصل الثالث و الثلثون ف شرح اسم البابا و البطرك ف اللة النص رانية و‬ ‫اسم الكوهن عند اليهود‬


‫إعلم أن اللة ل بد لا من قائم عند غيبة النب يملهم على أحكامها و شرائعها و يكون كالليفة فيهم للنب فيما جاء به م ن التك اليف و‬ ‫النوع النسان أيضا‪ i‬با تقدم من ضرورة السياسة فيهم للجتماع البشري ل بد لم من شخص يملهم على مص الهم و يزعه م ع ن‬ ‫مفاسدهم بالقهر و هو السمى باللك و اللة السلمية لا كان الهاد فيها مشروعا‪ i‬لعموم الدعوة و حل الكافة على دين السلم طوعا‪ i‬أو‬ ‫كرها‪ i‬اتذت فيها اللفة و اللك لتوجه الشوكة من القائمي با إليهما معا‪ .i‬و أما ما سوى اللة السلمية فلم تكن دع وتم عام ة و ل‬ ‫الهاد عندهم مشروعا‪ i‬إل ف الدافعة فقط فصار القائم بأمر الدين فيها ل يغنيه شيء من سياسة اللك و إنا وقع اللك ل ن وق ع منه م‬ ‫بالعرض و لمر غي دين و هو ما اقتضته لم العصبية لا فيها من الطلب للملك بالطبع لا قدمناه لنم غي مكلفي بالتغلب على المم كما‬ ‫ف اللة السلمية و إنا هم مطلوبون بإقامة دينهم ف خاصتهم‪.‬‬ ‫و لذلك بقي بنو إسرائيل من بعد موسى و يوشع صلوات ال عليهما نو أربعمائة سنة ل يعتنون بشيء من أمر اللك إنا ههم إقامة دينهم‬ ‫فقط و كان القائم به بينهم يسمى الكوهن كأنه خليفة موسى صلوات ال عليه يقيم لم أمر الصلة و القربان و يشترطون فيه أن يكون من‬ ‫ذرية هارون صلوات ال عليه لن موسى ل يعقب ث اختاروا لقامة السياسة الت هي للبشر بالطبع سبعي شيخا‪ i‬كانوا يتل ون أحك امهم‬ ‫العامة و الكوهن أعظم منهم رتبة‪ i‬ف الدين و أبعد عن شغب الحكام و اتصل ذلك فيهم إل أن استحكمت طبيعة العص بية و تحض ت‬ ‫الشوكة للملك فغلبوا الكنعاني على الرض الت أورثهم ال بيت القدس و ما جاورها كما بي لم على لسان موسى ص لوات ال علي ه‬ ‫فحاربتهم أمم الفلسطي و الكنعانني و الرمن و أردن و عمان و مأرب و رئاستهم ف ذلك راجعة إل شيوخهم و أقاموا على ذلك ن وا‪i‬‬ ‫من أربعمائة سنة و ل تكن لم صولة اللك و ضجر بنو إسرائيل من مطالبة المم فطلبوا على لسان شويل من أنبيائهم أن يأذن ال ل م ف‬ ‫تليك رجل عليهم فول عليهم طالوت و غلب المم و قتل جالوت ملك الفلسطي ث ملك بعده داود ث سليمان ص لوات ال عليهم ا و‬ ‫استفحل ملكه وامتد إل الجاز ث أطراف اليمن ث إل أطراف بلد الروم ث افترق السباط من بعد سليمان صلوات ال علي ه بقتض ى‬ ‫العصبية ف الدول كما قدمناه إل دولتي كانت إحداها يالزيرة و الوصل للسباط العشرة و الخرى بالق دس و الش ام لبن يه وذا و‬ ‫بنيامي‪.‬‬ ‫ث غلبهم بت نصر ملك بابل على ما كان بأيديهم من اللك أول‪ i‬السباط العشرة ث ثانيا‪ i‬بن يهوذا و بنت القدس بعد اتصال ملكهم ن و‬ ‫ألف سنة و خرب مسجدهم و أحرق توراتم و أمات دينهم و نقلهم إل أصبهان و بلد العراق إل أن ردهم بعض ملوك الكياني ة م ن‬ ‫الفرس إل بيت القدس من بعد سبعي سنة‪ i‬من خروجهم فبنوا السجد وأقاموا أمر دينهم على الرسم الول للكهنة فقط و اللك للف رس ث‬ ‫غلب السكندر و بنو يونان على الفرس و صار اليهود ف ملكتهم ث فشل أمر اليونانيي فاعز اليهود عليهم بالعصبية الطبيعية و دفعوهم عن‬ ‫الستيلء عليهم و قام بلكهم الكهنة الذين كانوا فيهم من بن حشمناي و قاتلوا يونان حت انقرض أمرهم و غلبهم الروم فص اروا ت ت‬ ‫أمرهم ث رجعوا إل بيت القدس و فيها بنو هيودس أصهار بن حشمناي و بقيت دولتهم فحاصروهم مدة ث افتتحوها عنوة و أفحشوا ف‬ ‫القتل و الدم و التحريق و خربوا بيت القدس و أجلوهم عنها إل رومة و ما وراءها و هو الراب الثان للمسجد و يسميه اليهود ب اللوة‬ ‫الكبى فلم يقم لم بعدها ملك لفقدان العصبية منهم و بقوا بعد ذلك ف ملكة الروم من بعدهم يقيم لم أمر دينهم الرئيس عليهم الس مى‬ ‫بالكوهن ث جاء السيح صلوات ال و سلمة عليه با جاءهم به من الدين و النسخ لبعض أحكام التوراة و ظهرت عل ى ي ديه ال وارق‬ ‫العجيبة من إبراء الكمة و البرص و إحياء الوتى و اجتمع عليه كثي من الناس و آمنوا به و أكثرهم الواريون من أصحابه و ك انوا أثن‬ ‫عشر و بعث منهم رسل‪ i‬إل الفاق داعي إل ملته و ذلك أيام أوغسطس أول ملوك القياصرة و ف مدة هيودس ملك اليهود الذي ان تزع‬ ‫اللك من بن حشمناي أصهاره فحسده اليهود و كذبوه و كاتب هيودس ملكهم ملك القياصرة أوغسطس يغريه به فأذن لم ف قتل ه و‬ ‫وقع ما تله القرآن من أمره و افترق الواريون شيعا‪ i‬و دخل أكثرهم بلد الروم داعي إل دين النصرانية و كان بطرس كبيهم فنل برومة‬ ‫دار ملك القياصرة ث كتبوا النيل الذي انزل على عيسى صلوات ال عليه ف نسخ أربع على اختلف رواياتم فكتب مت إنيله ف بي ت‬ ‫القدس بالعبانية و نقله يوحنا بن زبدي منهم إل اللسان اللتين و كتب لوقا منهم إنيله باللتين إل بعض أكابر الروم و كتب يوحنا بن‬ ‫زبدي منهم إنيله برومة و كتب بطرس إنيله باللتين و نسبه إل مرقاص تلميذه و اختلفت هذه النسخ الربع من النيل مع أنا ليس ت‬ ‫كلها و حيا صرفا‪ i‬بل مشوبة بكلم عيسى عليه السلم و بكلم الواريي و كلها مواعظ و قصص و الحكام فيها قليلة ج دا‪ i‬و اجتم ع‬


‫ت‬

‫الواريون الرسل لذلك العهد برومة و وضعوا قواني اللة النصرانية و صيوها بيد أقليمنطس تلميذ بطرس و كتبوا فيها عدد الكتب ال‬ ‫يب قبولا و العمل با‪.‬‬ ‫فمن شريعة اليهود القدية التوراة و هي خسة أسفار و كتاب يوشع و كتاب القضاة و كتاب راعوث و كتاب يهوذا و أسفار اللوك أربعة‬ ‫و سفر بنيامي و كتب القابيي ل بن كريون ثلثة و كتاب عزرا المام و كتابا أوشي و قصة هامان و كتاب أيوب الصديق و مزامي داود‬ ‫عليه السلم و كتب ابنه سليمان عليه السلم خسة و نبؤات النبياء الكبار و الصغار ستة عشر و كتاب يشوع بن شارخ وزير سليمان‪ .‬و‬ ‫من شريعة عيسى صلوات ال عليه التلقاة من الواريي نسخ النيل الربع و كتب القتاليقون سبع رسائل و ثامنها البريكسيس ف قصص‬ ‫الرسل و كتاب بولس أربع عشرة رسالة و كتاب أقليمنطس و فيه الحكام و كتاب أبو غالسيس و فيه رؤيا يوحنا بن زبدي‪ .‬و اختل ف‬ ‫شأن القياصرة ف الخذ بذه الشريعة تارة و تعظيم أهلها ث تركها أخرى و التسلط عليهم بالقتل و البغي إل أن جاء قسطنطي و أخذ با و‬ ‫استمروا عليها‪ .‬و كان صاحب هذا الدين و القيم لراسيمه يسمونه البطرك و هو رئيس اللة عندهم و خليفة السيح فيهم يبع ث ن وابه و‬ ‫خلفاءه إل ما بعد عنه من أمم النصرانية و يسمونه السقف أي نائب البطرك و يسمون المام الذي يقيم الصلوات و يف تيهم ف ال دين‬ ‫بالقسيس و يسمون النقطع الذي حبس نفسه ف اللوة للعبادة بالراهب‪.‬‬ ‫و أكثر خلواتم ف الصوامع و كان بطرس الرسول رأس الواريي و كبي التلميذ برومة يقيهم با دين النصرانية إل أن قتله نيون خ امس‬ ‫القياصرة فيمن قتل من البطارق و الساقفة ث قام بلفته ف كرسي رومة آريوس و كان مرقاس النيلي بالسكندرية و مص ر و الغ رب‬ ‫داعيا سبع سنيي فقام بعده حنانيا و تسمى بالبطرك و هو أول البطاركة فيها و جعل معه اثن عشر قسا‪ i‬على أنه إذا مات البط رك يك ون‬ ‫واحد من الثن عشر مكانه و يتار من الؤمني واحدا‪ i‬مكان ذلك الثان عشر فكان أمر البطاركة إل القسوس ث لا وقع الختلف بينهم ف‬ ‫قواعد دينهم و عقائده و اجتمعوا بنيقية أيام قسطنطي لتحرير الق ف الدين و اتفق ثلثائة و ثانية عشر من أساقفتهم على رأي واح د ف‬ ‫الدين فكتبوه و سوه المام و صيوه أصل‪ i‬يرجعون إليه و كان فيما كتبوه أن البطرك القائم بالدين ل يرجع ف تعيينه إل اجتهاد القس ة‬ ‫كما قرره حنانيا تلميذ مرقاس و أبطلوا ذلك الرأي و إنا يقدهم عن بلء و اختبار من أئمة الؤمني و رؤسائهم فبقي المر كذلك‪.‬‬ ‫ث اختلفوا بعد ذلك ف تقرير قواعد الذين و كانت لم متمعات ف تقرير و ل يتلفوا ف هذه القاعدة فبقي المر فيها على ذلك و تص ل‬ ‫فيهم نيابة الساقفة عن البطاركة و كان الساقفة يدعون البطرك بالب أيضا‪ i‬تعظيما‪ i‬له فاشتبه السم ف أعصار متطاول ة يق ال آخره ا‬ ‫بطركية هرقل بإسكندرية فأرادوا أن ييزوا البطرك عن السقف ف التعظيم فدعوه البابا و معناه أبو الباء و ظهر هذا الس م أول ظه وره‬ ‫بصر على ما زعم جرجيس بن العميد ف تأريه ث نقلوه إل صاحب الكرسي العظم عندهم و هو كرسي بطرس الرسول كما قدمناه فلم‬ ‫يزل سة عليه حت الن ث اختلفت النصارى ف دينهم بعد ذلك و فيما يعتقدونه ف السيح و صاروا طوائف و فرق ا‪ i‬و اس ظهروا بل وك‬ ‫النصرانية كل على صاحبه فاختلف الال ف العصور ف ظهور فرقة دون فرقة إل أن استقرت لم ثلث طوائف هي فرقهم و ل يلتفتون إل‬ ‫غيها و هم اللكية و اليعقوبية و النسطورية ث اختصت كل فرقة منهم ببطرك فبطرك رومة اليوم السمى بالبابا على رأي اللكية و روم ة‬ ‫للفرنة و ملكلهم قائم بتلك الناحية و بطرك العاهدين بصر على رأي اليعقوبية و هو ساكن بي ظهرانيهم و البشة ي دينون ب دينهم و‬ ‫لبطرك مصر فيهم أساقفة ينوبون عنه ف إقامة دينهم هنالك‪.‬‬ ‫و اختص اسم البابا ببطرك رومة لذا العهد و ل تسمي اليعاقبة بطركهم بذا السم و ضبط هذه اللفظة بباءين موحدتي من أسفل و النطق‬ ‫با مفخمة و الثانية مشددة و من مذاهب البابا عند الفرنة أنه يضهم على النقياد للك واحد يرجعون إليه ف اختلفه م و اجتم اعهم‬ ‫ترجا‪ i‬من افتراق الكلمة و يتحرى به العصبية الت ل فوقها منهم لتكون يده عالية على جيعهم و يسمونه النبذور و حرف ة الوس ط بي‬ ‫الذال و الظاء العجمتي و مباشرة يضع التاج على رأسه للتبك فيسمى التوج‪ ،‬و لعله معن لفظة النبذور و هذا ملخص ما أوردناه م ن‬ ‫شرح هذين السي الذين ها البابا و الكوهن و ال يضل من يشاء و يهدي من يشاء‪.‬‬

‫الفصل الرابع و الثلثون ف مراتب اللك و السلطان و ألقابا‬


‫إعلم أن السلطان ف نفسه ضعيف يمل أمرا‪ i‬ثقيل‪ i‬فل بد له من الستعانة بأبناء جنسه و إذا كان يستعي بم ف ضرورة معاشه و سائر مهنه‬ ‫فما ظنك بسياسة نوعه و من استرعاه ال من خلقه و عباده و هو متاج إل حاية الكافة من عدوهم بالدافعة عنهم و إل ك ف ع دوان‬ ‫بعضهم على بعض ف أنفسهم بإمضاء الحكام الوازعة فيهم و كف عدوان عليهم ف أموالم بإصلح سابلتهم و إل حلهم على مصالهم‬ ‫و ما تعمهم به البلوى ف معاشهم و معاملتم من تفقد العايش و الكاييل و الوازين حذرا‪ i‬من التطفيف و إل النظر ف السكة بفظ النقود‬ ‫الت يتعاملون با من الغش و إل سياستهم با يريده منهم من النقياد له و الرضى بقاصده منهم و انفراده بالد دونم فيتحمل م ن ذل ك‬ ‫فوق الغاية من معاناة القلوب قال بعض الشراف من الكماء‪ :‬لعاناة نقل البال من أماكنها أهون على من معاناة قل وب الرج ال ث إن‬ ‫الستعانة إذا كانت بأول القرب من أهل النسب أو التربية أو الصطناع القدي للدولة كانت أكمل لا يقع ف ذلك من مانسة خلقهم للقه‬ ‫فتتم الشاكلة ف الستعانة قال تعال واجعل ل وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه ف أمري و هو إما أن يستعي ف‬ ‫ذلك بسيفه أو قلمه أو رأيه أو معارفه أو بجابه عن الناس أن يزدحوا عليه فيشغلوه عن النظر ف مهماتم أو يدفع النظر ف اللك كل ه و‬ ‫يعول على كفايته ف ذلك و اضطلعه فلذلك قد توجد ف رجل واحد و قد تفترق ف أشخاص و قد يتفرع كل واحد منه ا إل ف روع‬ ‫كثية كالقلم يتفرع إل قلم الرسائل و الخاطبات و قلم الصكوك و القطاعات و إل قلم الاسبات و هو صاحب الباية و العطاء و ديوان‬ ‫اليش و كالسيف يتفرع إل صاحب الرب و صاحب الشرطة و صاحب البيد و ولية الثغور ث اعلم أن الوظائف السلطانية ف هذه اللة‬ ‫السلمية مندرجة تت اللفة لحتمال منصب اللفة على الدين و الدنيا كما قدمناه فالحكام الشرعية متعلقة بميعها و موجودة لكل‬ ‫واحدة منها ف سائر وجوهها لعموم تعلق الكم الشرعية بميع أفعال العباد و الفقية ينظر ف مرتبة اللك و السلطان و ش روط تقلي دها‬ ‫استبدادا على اللفة و هو معن السلطان أو تعويضا‪ i‬منها و هو معن الوزارة عندهم كما يأت و ف نظره ف الحكام و الق وال و س ائر‬ ‫السياسات مطلقا‪ i‬أو مقيدا‪ i‬و ف موجبات العزل إن عرضت و غي ذلك من معان اللك و السلطان و كذا ف سائر الوظائف الت تت اللك‬ ‫و السلطان من وزارة أو جباية أو ولية ل بد للفقيه من النظر ف جيع ذلك كما قدمناه من انسحاب حكم اللف ة الش رعية ف الل ة‬ ‫السلمية على رتبة اللك و السلطان إل أن كلمنا ف وظائف اللك و السلطان و رتبته إنا هو بقتضى طبيعة العمران و وجود البشر ل با‬ ‫يصها من أحكام الشرع فليس من غرض كتابنا كما علمت فل نتاج إل تفصيل أحكامها الشرعية مع أنا مستوفاة ف كت ب الحك ام‬ ‫السلطانية مثل كتاب القاضي أب السن الاوردي و غيه من أعلم الفقهاء فإن أردت استيفاءها فعليك بطالعتها هنالك و إنا تكلمن ا ف‬ ‫الوظائف اللفية و أفردناها لنمي بينها و بي الوظائف السلطانية فقط ل لتحقيق أحكامها الشرعية فليس من غرض كتابنا و إنا نتكل م ف‬ ‫ذلك با تقتضيه طبيعة العمران ف الوجود النسان و ال الوفق‪.‬‬ ‫الوزارة‪ :‬و هي أهم الطط السلطانية و الرتب اللوكية لن اسها يدل على مطلق العانة فإن الوزارة مأخوذة إما من الؤازرة و هي العاونة‬ ‫أو من الوزر و هو الثقل كأنه يمل مع مفاعله أوزاره و أثقاله و هو راجع إل العاونة الطلقة و قد كنا قدمنا ف أول الفص ل أن أح وال‬ ‫السلطان و تصرفاته ل تعدو أربعة‪ i‬لنا إما أن تكون ف أمور حاية الكافة و أسبابا من النظر ف الد و السلح و الروب و سائر أم ور‬ ‫الماية و الطالبة و صاحب هذا هو الوزير التعارف ف الدول القدية بالشرق و لذا العهد بالغرب و إما أن تكون ف أمور ماطباته لن بعد‬ ‫عنه ف أمور جباية الال و إنفاقه و ضبط ذلك من جيع وجوهه أن يكون بضبطة و صاحب هذا هو صاحب الال و الباية و هو الس مى‬ ‫بالوزير لذا العهد بالشرق و إما أن يكون ف مدافعة الناس ذوي الاجات عنه أن يزدحوا عليه فيشغلوه عن فهمه و هذا راجع لص احب‬ ‫الباب الذي يجبه‪ .‬فل تعدو أحواله هذه الربعة بوجه‪ .‬و كل خطة أو رتبة من رتب اللك و السلطان فإليها ترجع‪ .‬إل أن الرفع منها م ا‬ ‫كانت العانة فيه عامة فيما تت يد السلطان من ذلك الصنف إذ هو يقتضي مباشر السلطان دائما‪ i‬و مشاركته ف كل صنف من أح وال‬ ‫ملكه و أما ما كان خاصا‪ i‬ببعض الناس أو ببعض الهات فيكون دون الرتبة الخرى كقيادة ثغر أو ولية جباية خاصة أو النظ ر ف أم ر‬ ‫خاص كحسبة الطعام أو النظر ف السكة فإن هذه كلها نظر ف أحوال خاصة فيكون صاحبها تبعا‪ i‬لهل النظر العام و تكون رتبته مرؤوسة‬ ‫لولئك‪ .‬و ما زال المر ف الدول قبل السلم هكذا حت جاء السلم و صار المر خلفة فذهبت تلك الطط كلما بذهاب رسم الل ك‬ ‫إل ما هو طبيعي من العاونة بالرأي و الفاوضة فيه فلم يكن زواله إذ هو أمر ل بد منه فكان صلى ال عليه و س لم يش اور أص حابه و‬ ‫يفاوضهم ف مهماته العامة و الاصة و يص مع ذلك أبا بكر بصوصيات أخرى حت كان العرب الذين عرفوا الدول و أحوالا ف كسرى‬ ‫و قيصر و النجاشي يسمون أبا بكر وزيره و ل يكن لفظ الوزير يعرف بي السلمي لذهاب رتبة اللك بسذاجة السلم و كذا عمر مع أب‬


‫بكر و علي ف و عثمان مع عمر و أما حال الباية و النفاق و السبان فلم يكن عندهم برتبة لن القوم كانوا عرب ا‪ i‬أميي ل يس نون‬ ‫الكتاب و الساب فكانوا يستعملون ف الساب أهل الكتاب أو أفرادا‪ i‬من موال العجم من ييده و كان قليل‪ i‬فيهم و أما أش رافهم فل م‬ ‫يكونوا ييدونه لن المية كانت صفتهم الت امتازوا با و كذا حال الخاطبات و تنفيذ المور ل تكن عندهم رتبة خاصة للمية الت كانت‬ ‫فيهم و المانة العامة ف كتمان القول و تأديته و ل ترج السياسة إل اختياره لن اللفة إنا هي دين ليست من السياسة اللكية ف شيء و‬ ‫أيضا‪ i‬فلم تكن الكتابة صناعة فيستجاد لليفة أحسنها لن الكل كانوا يعبون عن مقاصدهم بأبلغ العبارات و ل يبق إل الط فكان الليفة‬ ‫يستنيب ف كتابته مت عن له من يسنه و أما مدافعة ذوي الاجات عن أبوابم فكان مظورا‪ i‬بالشريعة فلم يفعلوه فلما انقلبت اللف ة إل‬ ‫اللك و جاءت رسوم السلطان و ألقابه كان أول شيء بديء به ف الدولة شأن الباب و سده دون الهور با كانوا يشون عن أنفسهم من‬ ‫اغتيال الوارج و غيهم كما وقع بعمر و علي و معاوية و عمر بن العاص و غيهم مع‬ ‫ما ف فتحه من ازدحام الناس عليهم و شغلهم بم عن الهمات فاتذوا من يقوهم لم بذلك و سوه الاجب و قد جاء أن عبد اللك لا ول‬ ‫حاجبه قال له قد وليتك حجابة باب إل عن ثلثة الؤذن للصلة فإنه داعي ال و صاحب البيد فأمر ما جاء به و صاحب الطعام لئل يفسد‬ ‫ث استفحل اللك بعد ذلك فظهر الشاور و العي ف أمور القبائل و العصائب و استئلفهم و أطلق عليه اسم الوزير و بقي أمر الس بان ف‬ ‫الوال و الذميي و أتذ للسجلت كاتب مصوص حوطة‪ i‬على أسرار السلطان أن تشتهر فتفسد سياسته مع قومه و ل يكن بثابة الوزير لنه‬ ‫إنا احتيج له من حيث الط و الكتاب ل من حيث اللسان الذي هو الكلم إذ اللسان لذلك العهد على حاله ل يفسد فك انت ال وزارة‬ ‫لذلك أرفع رتبهم يومئذ ف سائر دولة بن أمية فكان النظر للوزير عاما ف أحوال التدبي و الفاوضات و سائر أمور المايات و الطالبات و‬ ‫ما يتبعها من النظر ف ديوان الند و فرض العطاء بالهلية و غي ذلك فلما جاءت دولة بن العباس و استفحل اللك و عظم ت مراتب ه و‬ ‫ارتفعت و عظم شأن الوزير و صارت إليه النيابة ف إنفاذ الل و العقد تعينت مرتبته ف الدولة و عنت لا الوجوه و خضعت لا الرق اب و‬ ‫جعل لا النظر ف ديوان السبان لا تتاج إليه خطته من قسم العطيات ف الند فاحتاج إل النظر ف جعه و تفريقه و أضيف إليه النظر فيه‬ ‫ث جعل له النظر ف القلم و الترسيل لصون أسرار السلطان و لفظ البلغة لا كان اللسان قد فسد عند المهور و جعل الات لس جلت‬ ‫السلطان ليحفظها من الذياع و الشياع و دفع إليه فصار اسم الوزير جامعا‪ i‬لطت السيف و القلم و سائر معال الوزارة و العاونة حت لقد‬ ‫دعي جعفر بن يي بالسلطان أيام الرشيد إشارة إل عموم نظره و قيامه بالدولة و ل يرج عنه من الرتب السلطانية كلها إل الجابة ال ت‬ ‫هي القيام على الباب فلم تكن له لستنكافه عن مثل ذلك ث جاء ف الدولة العباسية شأن الستبداد على السلطان و تعاور فيه ا اس تبداد‬ ‫الوزارة مرة و السلطان أخرى و صار الوزير إذا استبد متاجا‪ i‬إل استنابة الليفة إياه لذلك لتصح الحكام الشرعية و تيء على حالا كما‬ ‫تقدمت فانقسمت الوزارة حينئذ إل وزارة تنفيذ و هي حال ما يكون السلطان قائما‪ i‬على نفسه و إل وزارة تفويض و هي حال ما يك ون‬ ‫الوزير مستبدا‪ i‬عليه ث استمر الستبداد و صار المر للوك العجم و تعطل رسم اللفة و ل يكن لولئك التغلبي أن ينتحلوا ألقاب اللفة‬ ‫و استنكفوا من مشاركة الوزراء ف اللقب لنم خول لم فتسموا بالمارة و السلطان و كأن الستبد على الدولة يس مى أمي الم راء أو‬ ‫بالسلطان إل ما يليه به الليفة من ألقابه كما تراه ف ألقابم و تركوا اسم الوزارة إل من يتولها للخليفة ف خاصته و ل يزل هذا الشأن‬ ‫عندهم إل آخر دولتهم و فسد اللسان خلل ذلك كله و صارت صناعة ينتحلها بعض الناس فامتهنت و ترفع الوزراء عنها لذلك و لن م‬ ‫عجم و ليست تلك البلغة هي القصودة من لسانم فتخي لا من سائر الطبقات و اختصت به و صارت خادمة للوزير و اختص اسم المي‬ ‫بصاحب الروب و الند و ما يرجع إليها و يده مع ذلك عالية على أهل الرتب و أمره نافذ ف الكل إما نيابة أو استبدادا‪ i‬و استمر الم ر‬ ‫على هذا ث جاءت دولة الترك آخرا‪ i‬بصر فرأوا أن الوزارة قد ابتذلت بترفع أولئك عنها و دفعها لن يقوهم با للخليفة الجور و نظره مع‬ ‫ذلك فتعقب بنظر المي فصارت مرؤوسة ناقصة فاستنكف أهل هذه الرتبة الالية ف الدولة عن اسم الوزارة و صار ص احب الحك ام و‬ ‫النظر ف الند يسمى عندهم بالنائب لذا العهد و بقي اسم الاجب ف مدلوله و اختص اسم الوزير عندهم بالنظر ف الباية‪ .‬و أما دولة بن‬ ‫أمية بالندلس فأنفوا اسم الوزير ف مدلوله أول الدولة ث قسموا خطته أصنافا‪ i‬و أفردوا‪ i‬لكل صنف وزيرا‪ i‬فجعلوا لسبان ال ال وزي را‪ i‬و‬ ‫للترسيل وزيرا‪ i‬و للنظر ف حوائج التظلمي وزيرا‪ i‬و للنظر ف أحوال أهل الثغور وزيرا‪ i‬و جعل لم بيت يلسون فيه على فرش منضدة لم و‬ ‫ينفذون أمر السلطان هناك كل فيما جعل له و أفرد للتردد بينهم و بي الليفة واحد منهم ارتفع عنهم بباشرة السلطان ف كل وقت فارتفع‬ ‫ملسه عن مالسهم و خصوه باسم الاجب و ل يزل الشأن هذا إل آخر دولتهم فارتفعت خطة الاجب و مرتبته على سائر الرتب ح ت‬


‫صار ملوك الطوائف ينتحلون لقبها فأكثرهم يومئذ يسمى الاجب كما نذكره ث جاءت دولة الشيعة بإفريقية و القيوان و كان للقائمي با‬ ‫رسوخ ف البداوة فاغفلوا أمر هذه الطط أول‪ i‬و تنقيح أسائها كما تراه ف أخبار دولتهم‪ ،‬و لا جاءت دولة الوحدين من بعد ذاك أغفلت‬ ‫المر أول للبداوة ث صارت إل انتحال الساء و اللقاب و كان اسم الوزير ف مدلوله ث اتبعوا دولة المويي و قلدوها ف مذاهب السلطان‬ ‫و اختاروا اسم الوزير لن يجب السلطان ف ملسه و يقف بالوفود و الداخلي على السلطان عند الدود ف تيتهم و خط ابم و الداب‬ ‫الت تلزم ف الكون بي يديه و رفعوا خطة الجابة عنه ما شاءوا و ل يزل الشأن ذلك إل هذا العهد و أما ف دولة الترك بالشرق فيس مون‬ ‫هذا الذي يقف بالناس على حدود الداب ف اللقاء و التحية ف مالس السلطان و التقدم بالوفود بي يدي الدويدار و يضيفون إليه استتباع‬ ‫كاتب السر و أصحاب البيد التصرفي ف حاجات السلطان بالقاصية و بالاضرة و حالم على ذلك لذا العهد و ال مول الم ور ل ن‬ ‫يشاء‪.‬‬ ‫الجابة‪ :‬قد قدمنا أن هذا اللقب كان مصوصا‪ i‬ف الدولة الموية و العباسية بن يجب السلطان عن العامة و يغلق بابه دونم أو يفتحه لم‬ ‫على قدره ف مواقيته و كانت هذه منلة يوما‪ i‬عن الطط مرؤوسة لا إذ الوزير متصرف فيها با يراه و هكذا كانت سائر أيام بن العباس ل‬ ‫إل هذا الهد فهي بصر مرؤوسة لصاحب الطة العليا السمى بالنائب‪ .‬و أما ف الدولة الموية بالندلس فكانت الجاب ة ل ن يج ب‬ ‫السلطان عن الاصة و العامة و يكون واسطة بينه و بي الوزراء فمن دونم فكانت ف دولتهم رفيعة غاية كما تراه ف أخبارهم كابن حديد‬ ‫و غي من حجابم ث لا جاء الستبداد على الدولة اختص الستبد باسم الجابة لشرفها فكان النصور بن أب عامر و أبناوه ك ذلك و ل ا‬ ‫بدوا ف مظاهر اللك و أطواره جاء من بعدهم من ملوك الطوائف فلم يتركوا لقبها و كانوا يعدونه شرفا‪ i‬لم و كان أعظمهم ملك ا‪ i‬بع د‬ ‫انتحال ألقاب اللك و أسائه ل بد له من ذكر الاجب و ذي الوزارتي يعنون به السيف و القلم و يدلون بالجابة على حجابة الس لطان‬ ‫عن العامة و الاصة و بذي الوزارتي عن جعه لطت السيف و القلم‪ .‬ث ل يكن ف دول الغرب و أفريقية ذكر لذا السم للب داوة ال ت‬ ‫كانت فيهم و ربا يوجد ف دولة العبيديي بصر عند استعظامها و حضارتا إل أنه قليل‪ .‬و لا جاءت دولة الوحدين ل تس تمكن فيه ا‬ ‫الضارة الداعية إل انتحال اللقاب و تييز الطط و تعيينها بالساء إل آخرا‪ i‬فلم يكن عندهم من الرتب إل الوزير فكانوا أول‪ i‬يصون بذا‬ ‫السم الكاتب التصرف الشارك للسلطان ف خاص أمر كابن عطية و عبد السلم الكومي و كان له مع ذلك النظر ف الساب و الشغال‬ ‫الالية ث صار بعد ذلك اسم الوزير لهل نسب الدولة من الوحدين كابن جامع و غيه و ل يكن اسم الاجب معروفا‪ i‬ف دولتهم يومئذ‪ .‬و‬ ‫أما بنو أب حفص بأفريقية فكانت الرئاسة ف دولتهم أول‪ i‬و التقدم لوزير و الرأي و الشورة و كان يص باسم شيخ الوحدين و كان ل ه‬ ‫النظر ف الوليات و العزل وقود العساكر و الروب و اختص السبان و الديوان برتبة أخرى و يسمى متوليها بصاحب الشغال ينظر فيها‬ ‫النظر الطلق ف الدخل و الرج و ياسب و يستخلص الموال و يعاقب على التفريط و كان من شرطه أن يكون من الوحدين و اخت ص‬ ‫عندهم القلم أيضا‪ i‬بن ييد الترسيل و يؤتن على السرار لن الكتابة ل تكن من منتحل القوم و ل الترسيل بلسانم فلم يشترط فيه النسب‬ ‫و احتاج السلطان لتساع ملكه و كثرة الرتزقي بداره إل قهرمان خاص بداره ف أحواله يريها على قدرها و ترتيبها من رزق و عطاء و‬ ‫كسوة و نفقة ف الطابخ و الصطبلت و غيها و حصر الذخية و تنفيذ ما يتاج إليه ف ذلك على أهل الباية فخصوه باسم الاجب و‬ ‫ربا أضافوا إليه كتابة فعلمة على السجلت إذا اتفق أنه يسن صناعة الكتابة و ربا جعلوه لغيه و استمر المر عل ى ذل ك و حج ب‬ ‫السلطان نفسه عن الناس فصار هذا الاجب واسطة بي الناس و بي أهل الرتب كلهم ث جع له آخر الدولة السيف و الرب ث ال رأي و‬ ‫الشورة فصارت الطة أرفع الرتب و أوعبها للخطط ث جاء الستبداد و الجر مدة من بعد السلطان الثان عشر منهم ث استبد بعد ذل ك‬ ‫حفيده السلطان أبو العباس على نفسه و أذهب آثار الجر و الستبداد بإذهاب خطة الجابة الت كانت سلما‪ i‬إليه و باشر أم وره كله ا‬ ‫بنفسه من غي استعانة بأحد و المر على ذلك لذا العهد‪.‬‬ ‫و أما دولة زناتة بالغرب و أعظمها دولة بن مرين فل أثر لسم الاجب عندهم و أما رئاسة الرب و العساكر ف للوزير و رتبة القل م ف‬ ‫السبان و الرسائل راجعة إل من يسنها من أهلها و إن اختصت ببعض البيوت الصطنعي ف دولتهم و قد تمع عندهم و قد تفرق و أما‬ ‫باب السلطان و حجبه عن الائة فهي رتبة عندهم فيسمى صاحبها عندهم بالزوار و معناه القدم على النادرة التصرفي بباب الس لطان ف‬ ‫تنفيذ أوامر و تصريف عقوباته و إنزال سطواته و حفظ العتقلي ف سجونه و العريف عليهم ف ذلك فالباب له و أخذ الناس بالوقوف عند‬ ‫الدود ف دار العامة راجع إليه فكأنا وزارة صغرى‪ .‬و أما دولة بن عبد الواد فل أثر عندهم لشيء من هذه اللقاب و ل تيي ز الط ط‬


‫لبداوة دولتهم و قصورها و إنا يصون باسم الاجب ف بعض الحوال منفذ الاص بالسلطان ف داره كما كان ف دولة بن أب حفص و‬ ‫قد يمعون له السبان و السجل كما كان فيها حلهم على ذلك تقليد الدولة با كانوا ف تبعتها و قائمي بدعوتا منذ أول أمرهم‪.‬‬ ‫و أما أهل الندلس لذا العهد فالخصوص عندهم بالسبان و تنفيذ حال السلطان و سائر المور الالية يسمونه بالوكي ل و أم ا ال وزير‬ ‫فكالوزير إل أنه يمع له الترسيل و السلطان عندهم يضع خطه على السجلت كلها فليس هناك خطة العلمة كما لغيهم من الدول‪ .‬و أما‬ ‫دولة الترك بصر فاسم الاجب عندهم موضوع لاكم من أهل الشوكة و هم الترك ينفذ الحكام بي الناس ف الدينة و هم متع ددون و‬ ‫هذه الوظيفة عندهم تت وظيفة النيابة الت لا الكم ف أهل الدولة و ف العامة على الطلق و للنائب التولية و العزل ف بعض الوظ ائف‬ ‫على الحيان و يقطع القليل من الرزاق و يبتها و تنفذ أوامره كما تنفذ الراسم السلطانية و كان له النيابة الطلقة عن السلطان و للحجاب‬ ‫الكم فقط ف طبقات العامة و الند عند الترافع إليهم و إجبار من أب النقياد للحكم و طورهم تت طور النيابة و الوزير ف دولة ال ترك‬ ‫هو صاحب جباية الموال ف الدولة على اختلف أصنافها من خراج أو مكس أو جزية ث ف تصريفها ف النفاقات السلطانية أو الرايات‬ ‫القدرة و له مع ذلك التولية و العزل ف سائر العمال الباشرين لذه الباية و التنفيذ على اختلف مراتبهم و تباين أصنافهم و من ع وائدهم‬ ‫أن يكون هذا الوزير من صنف القبط القائمي على ديوان السبان و الباية لختصاصهم بذلك ف مصر منذ عصور قدية و ق د يوليه ا‬ ‫السلطان بعض الحيان لهل الشوكة من رجالت الترك أو أبنائهم على حسب الداعية لذلك و ال مدبر المور و مصرفها بكمته ل إل ه‬ ‫إل هو رب الولي و الخرين‪.‬‬

‫ديوان العمال و البايات‬ ‫إعلم أن هذه الوظيفة من الوظائف الضرورية للملك و هي القياهم على أعمال البايات و حفظ حقوق الدولة ف الدخل و الرج و إحصاء‬ ‫العساكر بأسائهم و تقدير أرزاقهم و صرف أعطياتم ف إباناتا و الرجوع ف ذلك إل القواني الت يرتبها قومه تلك العم ال و قهارم ة‬ ‫الدولة و هي كلها مسطورة ف كتاب شاهد بتفاصيل ذلك ف الدخل و الرج مبن على جزء كبي من الساب ل يقوهم به إل الهرة م ن‬ ‫أهل تلك العمال و يسمى ذلك الكتاب بالديوان و كذلك مكان جلوس العمال الباشرين لا‪ .‬و يقال أن أصل هذه التسمية أن كس رى‬ ‫نظر يوما‪ i‬إل كتاب ديوانه و هم يسبون على أنفسهم كأنم يادثون فقال ديوانه أي ماني بلغة الفرس فسمي موضعهم بذلك و ح ذفت‬ ‫الاء لكثرة الستعمال تفيفا‪ i‬فقيل ديوان ث نقل هذا السم إل كتاب هذه العمال التضمن للقواني و السبانات و قيل أنه اسم للشياطي‬ ‫بالفارسية سي الكتاب بذلك لسرعة نفوذهم ف المور و وقوفهم على اللي معها و الفي و جعهم لا شد و تفرق ث نق ل إل مك ان‬ ‫جلوسهم لتلك العمال و على هذا فيتناول اسم الديوان كتاب الرسائل و مكان جلوسه بباب السلطان على ما يأت بعد و قد تفرد ه ذه‬ ‫الوظيفة بناظر واحد ينظر ف سائر هذه العمال و قد يفرد كل صنف منها بناظر كما يفرد ف بعض الدول النظر ف العساكر و إقطاعاتم و‬ ‫حسبان أعطيه لم أو غي ذلك على حسب مصطلح الدولة و ما قرره أولوها‪ .‬و اعلم أن هذه الوظيفة إنا تدث ف الدول عند تكن الغلب‬ ‫و الستيلء و النظر ف أعطاف اللك و فنون التمهيد‪ .‬و أول من وضع الديوان ف الدولة السلمية عمر رضي ال عنه يقاد لسبب مال أتى‬ ‫به أبو هريرة رضي ال عنه من البحرين فاستكثروه و تعبوا ف قسمه فسموا إل إحصاء الموال و ضبط العطاء و القوق فأشار خالد ب ن‬ ‫الوليد بالديوان و قال‪ :‬رأيت ملوك الشام يدونون فقبل منه عمر و قيل بل أشار عليه به الرمزان لا رآه يبعث البعوث بغي ديوان فقيل له و‬ ‫من يعلهم بغيبة من يغيب منهم فإن من تلف أخل بكانه و إنا يضبط ذلك الكتاب فأثبت لم ديوانا‪ i‬و سأل عمر عن اسم الديوان‪ .‬فعب له‬ ‫و لا اجتمع ذلك أمر عقيل بن أب طالب و مرمة بن نوفل و خبي بن مطعم و كانوا من كتاب قريش فكتبوا ديوان العساكر السلمية على‬ ‫ترتيب النساب مبتدأ من قرابة رسول ال صلى ال عليه و سلم و ما بعدها القرب فالقرب هكذا كان ابتداء ديوان اليش و روى الزهري‬ ‫بن سعيد بن السيب أن ذلك كان ف الرم سنة عشرين و أما ديوان الراج و البايات فبقي بعد السلم على ما كان عليه من قبل ديوان‬ ‫العراق بالفارسية و ديوان الشام بالرومية و كتاب الدواوين من أهل العهد من الفريقي و لا جاء عبد اللك بن مروان و استحال المر ملكا‪i‬‬ ‫و انتقل القوم من غضاضة البداوة إل رونق الضارة و من سذاجة المية إل حذق الكتابة و ظهر ف العرب و مواليه م مهرة ف الكت اب و‬ ‫السبان فأمر عبد اللك سليمان بن سعد وال الردن لعهده أن ينقل ديوان الشام إل العربية فأكمله لسنة من يوم ابتدائه و وق ف علي ه‬


‫سرحون كاتب عبد اللك فقال لكتاب الروم‪ :‬اطلبوا العيش ف غي هذه الصناعة فقد قطعها ال عنكم‪ .‬و أما ديوان العراق فأمر الج اج‬ ‫كاتبه صال بن عبد الرحن و كان يكتب بالعربية و الفارسية و لقن ذلك عن زادان فروخ كاتب الجاج قبله و لا قتل زادان ف حرب عبد‬ ‫الرحن بن الشعث استخلف الجاج صالا‪ i‬هذا مكانه و أمره أن ينقل الديوان من الفارسية إل العربية ففعل و رغم لذلك كتاب الفرس و‬ ‫كان عبد الميد بن يي يقول ل در صال ما أعظم منته على الكتاب ث جعلت هذه الوظيفة ف دولة بن العباس مضافة إل من ك ان ل ه‬ ‫النظر فيه كما كان شأن بن برمك و بن سهل بن نوبت و غيهم من وزراء الدولة‪ .‬و أما ما يتعلق بذه الوظيفة من الحكام الشرعية ما‬ ‫يتص باليش أو بيت الال ف الدخل و الرج و تييز النواحي بالصلح و الغنوة و ف تقليد هذه الوظيفة لن يكون و شروط الناظر فيه ا و‬ ‫الكاتب و قواني السبانات فأمر راجع إل كتب الحكام السلطانية و هي مسطورة هنالك و ليست من عرض كتابنا و إنا نتكلم فيها من‬ ‫حيث طبيعة اللك الذي نن بصدد الكلم فيه و هذه الوظيفة جزء عظيم من اللك بل هي ثالثة أركانه لن اللك ل بد له من الند و الال‬ ‫و الخاطبة لن غاب عنه فاحتاج صاحب اللك إل العوان ف أمر السيف و أمر القلم و أمر الال فينفرد صاحبها لذلك بزء م ن رئاس ة‬ ‫اللك و كذلك كال المر ف دولة بن أمية بالندلس و الطوائف بعدهم و أما ف دولة الوحدين فكان صاحبها إنا يكون م ن الوح دين‬ ‫يستقل بالنظر ف استخراج الموال و جعها و ضبطها و تعقب نظر الولة و العمال فيها ث تنفيذها على قدرها و ف مواقيتها و كان يعرف‬ ‫بصاحب الشغال و كان ربا يليها ف الهات غي الوحدين من يسنها‪ .‬و لا استبد بنو أب حفص بأفريقية و كان شأن الالية من الندلس‬ ‫فقدم عليهم أهل البيوتات و فيهم من كان يستعمل ذلك ف الندلس مثل بن سعيد أصحاب القلعة جوار غرناطة العروفي ببن أب الس ن‬ ‫فاستكفوا بم ف ذلك و جعلوا لم النظر ف الشغال كما كان لم بالندلس و دالوا فيها بينهم و بي الوحدين ث استقل با أهل السبان و‬ ‫الكتاب و خرجت عن الوحدين ث لا استغلظ أمر الاجب و نفذ أمره ف كل شأن من شؤون الدولة تعطل هذا الرسل و ص ار ص احبه‬ ‫مرؤوسا‪ i‬للحاجب و أصبح من جلة الباة و ذهبت تلك الرئاسة الت كانت له ف الدولة‪ .‬و أما دولة بن مرين لذا العهد فحسبان العطاء و‬ ‫الراج مموع لواحد و صاحب هذه الرتبة هو الذي يصحح السبانات كلها و يرجع إل ديوانه و نظره معقب بنظر السلطان أو الوزير و‬ ‫خطه معتب ف صحت السبان ف الارج و العطاء هذه أصول الرتب و الطط السلطانية و هي الرتب العالية الت هي عامة النظر و مباش ر‬ ‫للسلطان‪ .‬و أما هذه الرتبة ف دولة الترك فمتنوعة و صاحب ديوان العطاء يعرف بناظر اليش و صاحب الال مصوص باسم الوزير و هو‬ ‫الناظر ف ديوان الباية العامة للدولة و هو أعلى رتب الناظرين ف الموال لن النظر ف الموال عندهم يتنوع إل رتب ك ثية لنفس اح‬ ‫دولتهم و عظمة سلطانم و أتساع الموال و البايات عن أن يستقل بضبطها الواحد من الرجال و لو بلغ ف الكفاية مبالغة فتعي للنظ ر‬ ‫العام منها هذا الخصوص باسم الوزير و هو مع ذلك رديف لول من موال السلطان و أهل عصبيته و أرباب السيوف ف الدولة يرجع نظر‬ ‫الوزير إل نظره و يتهد جهده ف متابعته و يسمى عندهم أستاذ الدولة و هو أحد المراء الكابر ف الدولة من الند و أرباب الس يوف و‬ ‫يتبع هذه الطة خطط عندهم أخرى كلما راجعة إل الموال و السبان مقصورة النظر إل أمور خاصة مثل ناظر الاص و ه و الباش ر‬ ‫لموال السلطان الاصة به من إقطاعاته أو سهمانه من أموال الراج و بلد الباية ما ليس من أموال السلمي العامة و هو تت ي د المي‬ ‫أستاذ الدار و إن كان الوزير من الند فل يكون لستاذ الدار نظر عليه و نظر الاص تت يد الازن لموال السلطان من ماليكه الس مى‬ ‫خازن الدار لختصاص وظيفتهما بال السلطان الاص‪ .‬هذا بيان هذه الطة بدولة الترك بالشرق بعد ما قدمناه من أمرها ب الغرب و ال‬ ‫مصرف المور ل رب غيه‪.‬‬

‫ديوان الرسائل و الكتابة‬ ‫هذه الوظيفة غي ضرورية ف اللك لستغناء كثي من الدول عنها رأسا‪ i‬كما ف الدول العريقة ف البداوة الت ل يأخذها تذيب الضارة و ل‬ ‫استحكام الصنائع و إنا أكد الاجة إليها ف الدولة السلمية شأن اللسان العرب و البلغة ف العبارة عن القاصد فصار الكتاب يؤدي كنه‬ ‫الاجة ب بلغ من العبارة اللسانية ف الكثر و كان الكاتب للمي يكون من أهل نسبه و من عظماء قبيله كما كان للخلفاء و أمراء الصحابة‬ ‫بالشام و العراق لعظم أمانتهم و خلوص أسرارهم فلما فسد اللسان و مهار صناعة اختص بن يسنه و كانت عند بن العباس رفيعة‪ i‬و كان‬ ‫الكاتب يصدر السجلت مطلقة و يكتب ف آخرها اسه و يتم عليها بات السلطان و هو طابع منقوش فيه اسم السلطان أو شارته يغمس‬


‫ف طي أحر مذاب بالاء و يسمى طي التم و يطبع به على طرف السجل عند طيه و إلصاقه ث صارت السجلت من بعدهم تصدر باسم‬ ‫السلطان و يضع الكاتب فيها علمته أول‪ i‬أو آخرا‪ i‬على حسب الختيار ف ملها و ف لفظها ث قد تنل هذه الطة بارتفاع الك ان عن د‬ ‫السلطان لغي صاحبها من أهل الراتب ف الدولة أو استبداد وزير عليه فتصي علمة هذا الكتاب ملغاة الكم بعلمة الرئيس عليه يستدل با‬ ‫فيكتب صورة علمته العهودة و الكم لعلمة ذلك الرئيس كما وقع آخر الدولة الفصية لا ارتفع شأن الجابة و صار أمرها إل التفويض‬ ‫ث الستبداد فصار حكم العلمة الت للكاتب ملغى و صورتا ثابتة إتباعا‪ i‬لا سلف من أمرها فصار الاجب يرسم للكاتب إمضاء كتابه ذلك‬ ‫بط يضعه و يتخي له من صيغ النفاذ ما شاء فيأتر الكاتب له و يضع العلمة العتادة و قد يتص السلطان لنفسه بوضع ذل ك إذا ك ان‬ ‫مستبدا‪ i‬بأمر قائما‪ i‬على نفسه فيسم المر للكاتب ليضع علمته و من خطط الكتابة التوقيع و هو أن يلس الكاتب بي يدي الس لطان ف‬ ‫مالس حكمه و فصله و يوقع على القصص الرفوعة إليه أحكامها و الفصل فيها متلقاة من السلطان بأوجز لفظ و أبلغه فإم ا أن تص در‬ ‫كذلك و إما أن يذو الكاتب على مثالا ف سجل يكون بيد صاحب القصة و يتاج الوقع إل عارضة من البلغة يستقيم با توقيعه و ق د‬ ‫كان جعفر بن يي يوقع ف القصص بي يدي الرشيد و يرمي بالقصة إل صاحبها فكانت توقيعاته يتنافس البلغاء ف تصيلها للوقوف فيه ا‬ ‫على أساليب البلغة و فنونا حت قيل أنا كانت تباع كل قصة منها بدينار و هكذا كان شأن الدول‪ ،‬و اعلم أن صاحب هذه الطة ل بد‬ ‫من أن يتخي أرفع طبقات الناس و أهل الرؤة و الشمة منهم و زيادة العلم و عارضة البلغة فأنه معرض للنظر ف أصول العلم لا يعرض ف‬ ‫مالس اللوك و مقاصد أحكامهم من أمثال ذلك ما تدعو إليه عشرة اللوك من القيام على الداب و التخلق بالفضائل مع ما يضطر إلي ه ف‬ ‫الترسيل و تطبيق مقاصد الكلم من البلغة و أسرارها و قد تكون الرتبة ف بعض الدول مستندة إل أرباب السيوف لا يقتضيه طبع الدولة‬ ‫من البعد عن معاناة العلوم لجل سذاجة العصبية فيختص السلطان أهل عصبيته بطط دولته و سائر رتبه فيقلد الال و الس يف و الكتاب ة‬ ‫منهم فأما رتبة السيف فتستغن عن معاناة العلم و أما الال و الكتابة فيضطر إل ذلك البلغة ف هذه و السبان ف الخرى فيختارون لا من‬ ‫هذه الطبقة ما دعت إليه الضرورة و يقلدونه إل أنه ل تكون يد آخر من أهل العصبية غالبة على يده و يكون نظره منصرفا‪ i‬عن نظره كم ا‬ ‫هو ف دولة الترك لذا العهد بالشرق فإن الكتابة عندهم و إن كانت لصاحب النشاء إل أنه تت يد أمي من أهل عصبية السلطان يع رف‬ ‫بالدويدار و تعويل السلطان و وثوقه به و استنامته ف غالب أحواله إليه و تعويله على الخر ف أحوال البلغة و تطبيق القاصد و كتم ان‬ ‫السرار و غي ذلك من توابعها‪ .‬و أما الشروط العتبة ف صاحب هذه الرتبة الت يلحظها السلطان ف اختياره و انتقائه من أصناف الن اس‬ ‫فهي كثية و أحسن من استوعبها عبد الميد الكاتب ف رسالته إل الكتاب و هي‪ :‬أما بعد حفظكم ال يا أهل صناعة الكتابة و حاطكم و‬ ‫وفقكم و أرشدكم فإن ال عز و جل جعل الناس بعد النبياء و الرسلي صلوات ال و سلمه عليهم أجعي و من بع د الل وك الكرمي‬ ‫أصنافا‪ i‬و إن كانوا ف القيقة سواء و صرفهم ف صنوف الصناعات و ضروب الاولت إل أسباب معاشهم و الواب أرزاقهم فجعلك م‬ ‫معشر الكتاب ف أشرف الهات أهل الدب و الرؤات و العلم و الرزانة بكم ينتظم للخلفة ماسنها و تستقيم أمورها و بنصحائكم يصلح‬ ‫ال للخلق سلطانم و تعمر بلدانم ل يستغن اللك عنكم و ل يوجد كاف إل منكم فموقعكم من اللوك موقع أساعهم الت با يسمعون و‬ ‫أبصارهم الت با يبصرون و ألسنتهم الت با ينطقون و أيديهم الت با يبطشون فأمتعكم ال با خصكم من فصل صناعتكم و ل نزع عنكم‬ ‫ما أضفاه من النغمة عليكم و ليس أحد من أهل الصناعات كلها أحوج إل اجتماع خلل الي المودة و خصال الفضل الذكورة العدودة‬ ‫منهم أيها الكتاب إذا كنتم على ما يأت ف هذا الكتاب من صفتكم فإن الكاتب يتاج ف نفسه و يتاج منه صاحبه الذي يثق به ف مهمات‬ ‫أموره أن يكون حليما‪ i‬ف موضع اللم فهيما‪ i‬ف موضع الكم مقداما‪ i‬ف موضع القدام مجما‪ i‬ف موضع الحجام مؤثرا‪ i‬للعفاف و العدل و‬ ‫النصاف كتوما‪ i‬للسرار و فيا‪ i‬عند الشدائد عالا‪ i‬با يأت من النوازل يضع المور مواضعها و الطوارق ف أماكنها قد نظر ف كل ف ن م ن‬ ‫فنون العلم فأحكمه و إن ل يكمه أخذ منه بقدار ما يكتفي به يعرف بغريزة عقله و حسن أدبه و فضل تربته ما يرد عليه قب ل وروده و‬ ‫عاتبة ما يصدر عنه قبل صدور فيعد لكل أمر عدته و عتاده و يهيء لكل وجه هيئته و عادته فتنافسوا يا معشر الكتاب ف صنوف الداب و‬ ‫تفقهوا ف الدين و ابدأوا بعلم كتاب ال عز و جل و الفرائض ث العربية فإنا ثقاف ألسنتكم ث أجيدوا الط فإنه حلي ة كتبك م و ارووا‬ ‫الشعار و اعرفوا غريبها و معانيها و أيام العرب و العجم و أحاديثها و سيها فإن ذلك معي لم على ما تسمو إليه همكم و ل تض يعوا‬ ‫النظر ف الساب فإنه قوام كتاب الراج و ارغبوا بأنفسكم عن الطامع سنيها و دنيها و سفساف المور و ماقرها فإنا مذل ة للرق اب‬ ‫مفسدة للكتاب و نزهوا صناعتكم عن الدناءة و اربأوا بأنفسكم عن السعاية و النميمة و ما فيه أهل الهالت و إياكم و الكب و السخف‬


‫و العظمة فإنا عداوة متلبة من غي إحنة و تابوا ف ال عز و جل ف صناعتكم و تواصوا عليها بالذي هو أليق لهل الفض ل و الع دل و‬ ‫النبل من سلفكم و إن نبا الزمان برجل منكم فاعطفوا عليه و آسوه حت يرجع إليه حاله و يثوب إليه أمره و إن أقعد أحدا‪ i‬منهم الكن ع ن‬ ‫مكسبه و لقاء إخوانه فزوروه و عظموه و شاوروه و استظهروا بفضل تربته و قدي معرفته و ليكن الرجل منكم عل ى م ن اص طنعه و‬ ‫استظهر به ليوم حاجته إليه أحوط منه على ولده و أخيه فإن عرضت ف الشغل ممدة فل يصفها إل إل ص احبه و إن عرض ت مذم ة‬ ‫فليحملها هو من دونه و ليحذر السقطة و الزلة و اللل عند تغي الال فإن العيب إليكم معشر الكتاب أسرع منه إل القراء و هو لكم أفسد‬ ‫منه لم فقد علمتم أن الرجل منكم إذا صحبة من يبذل له من نفسه ما يب له عليه من حقه فواجب عليه أن يعتقد له من وفائه و شكره و‬ ‫احتماله و خيه و نصيحته و كتمان سر و تدبي أمر ما هو جزاء لقه و يصدق ذلك بفعاله عند الاجة إليه و الض طرار إل م ا ل ديه‬ ‫فاستشعروا ذلك و فقكم ال من أنفسكم ف حالة الرخاء و الشدة و الرمان و الؤاساة و الحسان و السراء و الضراء فنعمت السيمة هذه‬ ‫من وسم با من أهل هذه الصناعة الشريفة و إذا ول الرجل منكم أو صي إليه من أمر خلق ال و عياله أمر فلياقب ال عز و جل و لي ؤثر‬ ‫طاعته و ليكن على الضعيف رفيقا‪ i‬و للمظلوم منصفا‪ ) i‬فإن اللق عيال ال و أحبهم إليه أرفقهم بعياله ( ث ليكن بالعدل حاكما‪ i‬و للشراف‬ ‫مكرما‪ i‬و للفيء موفرا‪ i‬و للبلد عامرا‪ i‬و للرعية متألفا‪ i‬و عن أذاهم متخلفا‪ i‬و ليكن ف ملسه متواضعا‪ i‬حليما‪ i‬و ف سجلت خراجه و استقضاء‬ ‫حقوقه رفيقا‪ i‬و إذا صحب أحدكم رجل‪ i‬فليختب خلئقه فإذا عرف حسنها و قبحها أعانه على ما يوافقه من السن و احتال على ص رفه‬ ‫عما يهواه من القبح بألطف حيلة و أجل و سبيلة و قد علمتم أن سائس البهيمة إذا كان بصي بسياستها التمس معرفة إخلقها فإن ك انت‬ ‫رموحا‪ i‬ل يهجها إذا ركبها و إن كانت شبوبا‪ i‬أتقاها من بي يديها و إن خاف منها شرودا توقاها من ناحية رأسها و إن كانت حرونا‪ i‬قمع‬ ‫برفق هواها ف طرقها فإن استمرت عطفها يسيا‪ i‬فيسلس له قيادها و ف هذا الوصف من السياسة دلئل لن ساس الناس و عاملهم و جربم‬ ‫و داخلهم و الكاتب يفضل أدبه و شريف صنعته و لطيف حيلته و معاملته لب ياوره من الناس و يناظره و يفهم عنه أو ياف سطوته أول‬ ‫بالرفق لصاحبه و مداراته و تقوي أوده من سائس البهيمة الت ل تي جوابا‪ i‬و ل تعرف صوابا‪ i‬و ل تفهم خطابا‪ i‬إل بقدر ما يص يها إلي ه‬ ‫صاحبها الراكب عليها أل فارفقوا رحكم ال ف النظر و اعملوا ما أمكنكم فيه من الروية و الفكر تأمنوا بإذن ال من صحبتموه النب وة و‬ ‫الستثقال و الفوة و يصي منكم إل الوافقة و تصيوا منه إل الؤاخاة و الشفقة إن شاء ال‪ .‬و ل ياوزن الرجل منكم ف هيئة ملس ه و‬ ‫ملبسه و مركبه و مطعمه و مشربه و بنائه و خدمه و غي ذلك من فنون أمر قدر حقه فإنكم مع ما فضلكم ال به من شرف صنعتكم خدمة‬ ‫ل تملون ف خدمتكم على التقصي و حفظة ل تتمل منكم أفعال التضييع و التبذير و استعينوا على عفافكم بالقصد ف كل ما ذكرته لكم‬ ‫و قصصته عليكم و احذروا متالف السرف و سوء عاقبة الترف فإنما يعقبان الفقر و يذلن الرقاب و يفصحان أهلهما و سيما الكت اب و‬ ‫أرباب الداب و للمور أشباه و بعضها دليل على بعض فاستدلوا على مؤتنف أعمالكم با سبقت إليه تربتكم ث اسلكوا من مسالك التدبي‬ ‫أوضحها مجة‪ i‬و أصدقها حجة‪ i‬و أحدها عاقبة‪ i‬و اعلموا أن للتدبي آفة متلفة و هو الوصف الشاغل لصاحبه عن إنق اذ علم ه و رويت ه‬ ‫فليقصد الرجل منكم ف ملسه قصد الكاف من منطقه و ليوجز ف ابتدائه و جوابه و ليأخذ بجامع حججه فإن ذلك مصلحة لفعله و مدفعه‬ ‫للتشاغل عن إكثاره و ليضرع إل ال ف صلة توفيقه و إمداده بتسديده مافة وقوعه ف الغلط الضر ببدنه و عقله و أدبه فإنه إن ظن منك م‬ ‫ظان أو قال قائل إن الذي برز من جيل صنعته و قوة حركته إنا هو بفصل حيلته و حسن تدبيه فقد تعرض بظنه أو مقالته إل أن يكله ال‬ ‫عز و جل إل نفسه فيصي منها إل غي كاف و ذلك على من تأمله غي خاف و ل يقل أحد منكم إنه أبصر بالمور و أحل لعبء التدبي‬ ‫من مرافقه ف صناعته و مصاحبه ف خدمته فإن أعقل الرجلي عند ذوي اللباب من رمى بالعجب وراء ظهره و رأى أن أصحابه أعقل منه‬ ‫و أحد ف طريقته و على كل واحد من الفريقي أن يعرف فضل نعم ال جل ثنأوه من غي اغترار برأيه و ل تزكية لنفسه و ل يكاثر عل ى‬ ‫أخيه أو نظيه و صاحبه و عشيه و حد ال واجب على الميع و ذلك بالتواضع لعظمته و التذلل لعزته و التحدث بنعمته و أنا أق ول ف‬ ‫كتاب هذا ما سبق به الثل من تلزمه النصيحة يلزمه العمل و هو جوهر هذا الكتاب و غره كلمه بعد الذي فيه من ذكر ال ع ز و ج ل‬ ‫فلذلك جعلته آخره و تمته به تولنا ال و إياكم يا معشر الطلبة و الكتبة با يتول به من سبق عليه بإسعاده و إرشاده فإن ذلك إليه و بيده‬ ‫و السلل عليكم و رحة ال و بركاته‪.‬‬ ‫) الشرطة (‪ :‬و يسمى صاحبها لذا العمل بأفريقية الاكم و ف دولة أهل الندلس صاحب الدينة و ف دولة الترك الوال‪ .‬و ه ي وظيف ة‬ ‫مرؤوسة لصاحب السيف ف الدولة و حكمه نافذ ف صاحبها ف بعض الحيان و كان أصل و ضعها ف الدولة العباسية لن يقيم أحك ام‬


‫الرائم ف حال اسبدادها أول‪ i‬ث الدود بعد استيفائها فإن التهم الت تعرض ف الرائم ل نظر للشرع إل ف استيفاء حدودها و للسياس ة‬ ‫النظر ف استيفاء موجباتا بإقرار يكرهه عليه الاكم إذا احتفت به القرائن لا توجبه الصلحة العامة ف ذلك فكان الذي يقوم بذا الستبداد‬ ‫و باستيفاء الدود بعده إذا تنه عنه القاضي يسمى صاحب الشرطة و ربا جعلوا إليه النظر ف الدود و الدماء بإطلق‪ ،‬و أفردوها من نظر‬ ‫القاضي و نزهوا هذه الرتبة و قلدوها كبار القواد و عظماء الاصة من مواليهم و ل تكن عامة التنفيذ ف طبقات الناس إنا كان حكمه م‬ ‫على الدماء و أهل الريب و الضرب على أيدي الرعاع و الفجرة‪ .‬ث عظمت نباهتها ف دولة بن أمية بالندلس و نوعت إل شرقي كبى و‬ ‫شرطة صغرى و جعل حكم الكبى على الاصة و الدماء و جعل له الكم على أهل الراتب السلطانية و الضرب على أيديهم ف الظلمات‬ ‫و على أيدي أقاربم و من إليه من أهل الاه و جعل صاحب الصغرى مصوصا‪ i‬بالعامة و نصب لصاحب الكبى كرسي بباب دار السلطان‬ ‫و رجال يتبوؤن القاعد بي يديه فل يبحون عنها إل ف تصريفه و كانت وليتها للكابر من رجالت الدولة حت كانت ترشيحا‪ i‬للوزارة و‬ ‫الجابة‪.‬‬ ‫و أما ف دولة الوحدين بالغرب فكان لا حظ من التنويه إن ل يعلوها عامة و كان ل يليها إل رجالت الوحدين و كباؤهم و ل يكن له‬ ‫التحكم على أهل الراتب السلطانية ث فسد اليوم منصبها و خرجت عن رجال الوحدين و صارت وليتها لن قام با من الصطنعي‪ .‬و أما‬ ‫ف دولة بن مرين لذا العهد بالشرق فوليتها ف بيوت مواليه و أهل اصطناعهم و ف دولة الترك بالشرق ف رجالت الترك أو أعقاب أهل‬ ‫الدولة قبلهم من الترك يتخيونم لا ف النظر با يظهر منهم من الصلبة و الضاء ف الحكام لقطع مواد الفساد و حسم أبواب ال دعارة و‬ ‫تريب مواطن الفسوق و تفريق مامعه مع إقامة الدود الشرعية و السياسة كما تقتضيه رعاية الصال العامة ف الدينة و ال مقلب الليل و‬ ‫النهار و هو العزيز البار و ال تعال أعلم‪.‬‬ ‫) قيادة الساطيل (‪ :‬و هي من مراتب الدولة و خططها ف ملك الغرب و أفريقية و مرؤسة لصاحب السيف و تت حكمه ف كثي م ن‬ ‫الحوال و يسمى صاحبها ف عرفهم البلمند بتفخيم اللم منقول‪ i‬من لغة الفرنة فإنه اسها ف اصطلح لغتهم و إنا اختصت هذه الرتب ة‬ ‫بلك أفريقية و الغرب لنما جيعا‪ i‬على ضفة البحر الرومي من جهة النوب و على عدوته النوبية بلد الببر كلهم من سبتة إل الش ام و‬ ‫على عدوته الشمالية بلد الندلس و الفرنة و الصقالبة و الروم إل بلد الشام أيضا‪ i‬و يسمى البحر الرومي و البحر الشامي نسبة‪ i‬إل أهل‬ ‫عدوته و الساكنون بسيف هذا البحر و سواحله من عدوتيه يعانون من أحواله مال تعانيه أمة من أمم البحار فقد كانت الروم و الفرنة و‬ ‫القوط بالعدوة الشمالية من هذا البحر الرومي و كانت أكثر حروبم و متاجرهم ف السفن فكانوا مهرة ف ركوبه و الرب ف أساطيله و لا‬ ‫أسف من أسف منهم إل تلك العدوة النوبية مثل الروم إل أفريقية و القوط إل الغرب أجازوا ف الساطيل و ملكوها و تغلبوا على الببر‬ ‫با و انتزعوا من أيديهم أمرها و كان لا با الدن الافلة مثل قرطاجنة و سبيطلة و جلولء و مرناق و شرشال و طنجة و كان ص احب‬ ‫قرطاجنة من قبليهم يارب صاحب رومة و يبعث الساطيل لربه مشحونة بالعساكر و الدد فكانت هذه عادة لهل هذا البحر الس اكني‬ ‫حفافيه معروفة ف القدي و الديث و لا ملك السلمون مصر كتب عمر بن الطاب إل عمرو بن العاص رضي ال عنهما أن ) ص ف ل‬ ‫البحر ( فكتب إليه‪ ) :‬إن البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود ( فأوعز حينئذ بنع السلمي من ركوبه و ل يركبه أحد م ن‬ ‫العرب إل من افتات على عمر ف ركوبه و نال من عقابه كما فعل بعرفجة بن هرثة الزدي سيد بيلة لا أغزاه عمال فبلغه غزوه ف البحر‬ ‫فأنكر عليه و عنفه أنه ركب البحر للغزو و ل يزل الشأن ذلك حت إذا كان لعهد معاوية أذن للمسلمي ف ركوبه و الهاد على أعواده و‬ ‫السبب ف ذلك أن العرب لبداوتم ل يكونوا مهرة ف ثقافته و ركوبه و الروم و الفرنة لمارستهم أحواله و مرباهم ف التقلب على أعواده‬ ‫مرنوا عليه و أحكموا الدراية بثقافته فلما استقر اللك للعرب و شخ سلطانم و صارت أمم العجم خول لم و تت أيديهم و تقرب ك ل‬ ‫ذي صنعة إليهم ببلغ صناعته و استخدموا من النواتية ف حاجاتم البحرية أما‪ i‬و تكررت مارستهم للبحر و ثقافته و استحدثوا بصراء ب ا‬ ‫فشرهوا إل الهاد فيه و أنشأوا السفن فيه و الشوان و شحنوا الساطيل بالرجال و السلح و أمطوها العساكر و القاتلة لن وراء البحر من‬ ‫أمم الكفر و اختصوا بذلك من مالكهم و ثغورهم ما كان أقرب لذا البحر و على حافته مثل الشام و أفريقية و الغرب و الندلس و أوعز‬ ‫الليفة عند اللك إل حسان بن النعمان عامل أفريقية باتاذ دار صناعة بتونس لنشاء اللت البحرية حرصا‪ i‬على مراسم الهاد و منها كان‬ ‫فتح صقلية أيام زيادة ال الول ابن إبراهيم بن الغلب على يد أسد بن الفرات شيخ الفتيا و فتح قوصرة أيضا‪ i‬ف أيامه بعد أن كان معاوية‬ ‫بن حديج أغزى صقلية أيام معاوية بن أب سفيان فلم يفتح ال على يديه و فتحت على يد ابن الغلب و قائده أسد بن الفرات و كانت من‬


‫بعد ذلك أساطيل أفريقية و الندلس ف دولة العبيديي و المويي تتعاقب إل بلدها ف سبيل الفتنة فتجوس خلل السواحل بالفس اد و‬ ‫التخريب‪ .‬و انتهي أسطول الندلس أيام عبد الرحن الناصر إل مائت مركب أو نوها و أسطول أفريقية كذلك مثله أو قريبا‪ i‬منه و ك ان‬ ‫قائد الساطيل بالندلس ابن دماحس و مرفأها للخط و القلع باية و الرية و كانت أساطيلها متمعة من سائر المالك من كل بلد تتخذ‬ ‫فيه السفن أسطول يرجع نظره إل قائد من النواتية يدبر أمر حربه و سلحه و مقاتلته و رئيس يدبر أمر جزيته بالريح أو بالاذيف و أم ر‬ ‫إرسائه ف مرفئه فإذا اجتمعت الساطيل لغزو متفل أو غرض سلطان مهم عسكرت برفئها العلوم و شحنها الس لطان برج اله و أن اد‬ ‫عساكره و مواليه و جعلهم لنظر أمي واحد من أعلى طبقات أهل ملكته يرجعون كلهم إليه ث يسرحهم لوجههم و ينتظر إيابم الفت ح و‬ ‫الغنيمة و كان السلمون لعهده الدولة السلمية قد غلبوا على هذا البحر من جيع جوانبه و عظمت صولتهم و سلطانم فيه فلم يكن للمم‬ ‫النصرانية قبل بأساطيلهم بشي من جوانبه و امتطوا ظهره للفتح سائر أيامهم فكانت لم القامات العلومة من الفتح و الغنائم و ملكوا سائر‬ ‫الزائر النقطعة عن السواحل فيه مثل ميورقة و منورقة و يابسة و سردانية و صقلية و قوصرة و مالطة و أقريطش و قبص و سائر مال ك‬ ‫الروم و الفرنج و كان أبو القاسم الشيعي و أبناوه يغزون أساطيلهم من الهدية جزيرة جنوة فتنقلب بالظفر و الغنيمة و افتتح ماهد العامري‬ ‫صاحب دانية من ملوك الطوائف جزيرة سردانية ف أساطيل سنة خس و أربعمائة و ارتعها النصارى لوقتها و السلمون خلل ذلك كله قد‬ ‫تغلبوا على كثي من لة هذا البحر و صارت أساطيلهم فيهم جائية و ذاهبة و العساكر السلمية تيز البحر ف الساطيل من صقلية إل الب‬ ‫الكبي القابل لا من العدوة الشمالية فتوقع بلوك الفرنج و تثخن ف مالكهم كما وقع ف أيام بن السي ملوك صقلية القائمي فيها بدعوة‬ ‫العبيديي و انازت أمم النصرانية بأساطيلهم إل الالب الشمال الشرقي منه من سواحل الفرنة و الصقالبة و جزائر الرومانية ل يعدونا و‬ ‫أساطيل السلمي قد ضربت عليهم ضراء السد على فريسته و قد ملت الكثر من بسيط هذا البحر عدة و عددا‪ i‬و اختلفت ف طرقه سلما‪i‬‬ ‫و حربا‪ i‬فلم تظهر للنصرانية فيه ألواح حت إذا أدرك الدولة العبيدية و الموية الفشل و الوهن و طرقها العتلل مد النص ارى أي ديهم إل‬ ‫جزائر البحر الشرقية مثل صقلية و إقريطش و مالطة فملكوها ث ألوا على سواحل الشام ف تلك الفترة و ملكوا طرابل س و عس قلن و‬ ‫صور و عكاء و استولوا على جيع الثغور بسواحل الشام و غلبوا على بيت القدس و بنوا عليه كنيسة لظهر دينهم و عبادتم و غلب وا بن‬ ‫خزرون على طرابلس ث على قابس و صفاقس و وضعوا عليهم الزية ث ملكوا الهدية مقر ملوك العبيديي من يد أعقاب بلكي بن زيري و‬ ‫كانت لم ف الائة الامسة الكرة بذا البحر و ضعف شأن الساطيل ف دولة مصر و الشام إل أن انقطع و ل يعتنوا بشيء من أمره ل ذا‬ ‫العهد بعد أن كان لم به ف الدولة العبيدية عناية تاوزت الد كما هو تاوزت ف أخبارهم فبطل رسم هذه الوظيف ة هنال ك و بقي ت‬ ‫بأفريقية و الغرب فصارت متصة با و كان الانب الغرب من هذا البحر لذا العهد موفور الساطيل ثابت القوة ل يتحيفه عدو و ل كانت‬ ‫لم به كرة فكال قائد السطول به لعهد لتونة بن ميمون رؤساء جزيرة قادس و من أيديهم أخذها عبد الؤمن بتسليمهم و طاعتهم و انتهى‬ ‫عدد أساطيلهم إل الائة من بلد العدوتي جيعا‪ .i‬و لا استفحلت دولة الوحدين ف الائة السادسة و ملكوا العدوتي أق اموا خط ة ه ذا‬ ‫السطول على أت ما عرف و أعظم ما عهد و كان قائد أسطولم أحد الصقلي أصله من صد غيار الوطني بزيرة جربة م ن س رويكش‬ ‫أسرة النصارى من سواحلها و رب عندهم و استخلصه صاحب صقلية و استكفاه ث هلك‪ ،‬و ول النة فأسخطه ببعض النعات و خش ي‬ ‫على نفسه و لق بتونس و نزل على السند با من بن عبد الؤمن و أجاز مراكش فتلقاه الليفة يوسف بن عبد الؤمن بالبة و الكرام ة و‬ ‫أجزل الصلة و قلده أمر أساطيله فجلى ف جهاد أمم النصرانية و كانت له آثار و أخبار و مقامات مذكورة ف دولة الوحدين‪ .‬و انته ت‬ ‫أساطيل السلمي على عهده ف الكثرة و الستجادة إل ما ل تبلغه من قبل و ل بعد فيما عهدناه و لا قام صلح الدين يوسف بن أي وب‬ ‫ملك مصر و الشام لعهده باسترجاع ثغور الشام من يد أمم النصرانية و تطهي بيت القدس تتابعت أساطيلهم بالدد لتلك الثغور من ك ل‬ ‫ناحية قريبة لبيت القدس الذي كانوا قد استولوا عليه فأمدوهم بالعدد و القوات و ل تقاومهم أساطيل السكندرية لستمرار الغلب لم ف‬ ‫ذلك الانب الشرقي من البحرية و تعدد أساطيلهم فيه و ضعف السلمي منذ زمان طويل عن مانعتهم هناك كما أشرنا إليه قب ل فأوف د‬ ‫صلح الدين على أب يعقوب فمنصور سلطان الغرب لعهده من الوحدين رسوله عبد الكري بن منقذ من ملوك بن منقذ ملوك ش يزر‪ ،‬و‬ ‫كان ملكها من أيديهم و أبقى عليهم ف دولته فبعث عند الكري منهم هذا إل ملك الغرب طالبا‪ i‬مدد الس اطيل لتح ول ف البح ر بي‬ ‫أساطيل الجانب و بي مرامهم من أمداد النصرانية بثغور الشام و أصحبه كتابة إليه ف ذلك من إنشاء الفاضل البيسان يق ول ف افتت احه‬ ‫) فتح ال لسيدنا أبواب الناحج و اليامن ( حسبما نقله العماد الصفهان ف كتاب الفتح القيسي فنقم عليهم النصور تافيهم عن خط ابه‬


‫بأمي الؤمني و أسرها ف نفسه و حلهم على مناهج الب و الكرامة و ردهم إل مرسلهم و ل يبه إل حاجته من ذلك و ف هذا دليل على‬ ‫اختصاص ملك الغرب بالساطيل و ما حصل للنصرانية ف الانب الشرقي من هذا البحر من الستطالة و عدم عناية الدول بصر و الش ام‬ ‫لذلك العهد و ما بعده لشأن الساطيل البحرية و الستعداد منها للدولة و لا هلك أبو يعقوب النصور و اعتلت دولة الوحدين و اس تولت‬ ‫أمهم الللقة على الكثر من بلد الندلس و ألأوا السلمي إل سيف البحر و ملكوا الزائر الت بالانب الغرب ف من البح ر الروم ي‬ ‫قويت ريهم ف بسيط هذا البحر و اشتدت شوكتهم و كثرت فيه أساطيلهم و تراجعت قوة السلمي فيه إل الساواة معهم كما وقع لعهد‬ ‫السلطان أب السن ملك زناتة بالغرب فإن أساطيله كانت عند مرامه الهاد مثل عدة النصرانية و عديدهم ث تراجعت ع ن ذل ك ق وة‬ ‫السلمي ف الساطيل لضعف الدولة و نسيان عوائد البحر بكثرة العوائد البدوية بالغرب و انقطاع الوائد الندلسية و رجع النصارى فيه إل‬ ‫دينهم العروف من الدربة فيه و الران عليه و البصر بأحواله و غلب المم ف لته على أعواده و صار السلمون فيه كالجانب إل قليل‪ i‬من‬ ‫أهل البلد الساحلية لم الران عليه لو وجدوا كثرة من النصار و العوال أو قلة من الدولة تستجيش لم أعوانا‪ i‬و ترضع لم ف هذا الغرض‬ ‫مسلكا‪ i‬و بقيت الرتبة لذا العهد ف الدولة الغربية مفوظة و الرسم ف معاناة الساطيل بالنشاء و الركوب مهودا‪ i‬لا عساه أن ت دعو إلي ه‬ ‫الاجة من الغراض السلطانية ف البلد البحرية و السلمون يستهبون الريح على الكفر و أهله فمن الشتهر بي أهل الغرب ع ن كت ب‬ ‫الدثان أنه ل بد للمسلمي من الكرة على النصرانية و افتتاح ما وراء البحر من بلد الفرنة و أن ذلك يك ون ف الس اطيل و ال و ل‬ ‫الؤمني و هو حسبنا و نعم الوكيل‪.‬‬

‫الفصل الامس و الثلثون ف التفاوت بي مراتب السيف و القلم ف الدول‬ ‫إعلم أن السيف و القلم كلها آلة لصاحب الدولة يستعي با على أمر إل أن الاجة ف أول الدولة إل السيف ما دام أهلها ف تهيد أمرهم‬ ‫أشد من الاجة إل القلم لن القلم ف تلك الال خادم فقط منفذ للحكم السلطان و السيف شريك ف العونة و كذلك ف آخ ر الدول ة‬ ‫حيث تضعف عصبيتهما كما ذكرناه و يقل أهلها با ينالم من الرم الذي قذفناه فتحتاج الدولة إل الستظهار بأرباب السيوف و تق وى‬ ‫الاجة إليهم ف حاية الدولة و الدافعة عنها كما كان الشأن أول المر ف تهيدها فيكون للسيف مزية على القلم ف الالتي و يكون أرباب‬ ‫السيف حينئذ أوسع جاها‪ i‬و أكثر نعمة و اسن إقطاعا‪ i‬و أما ف وسط الدولة فيستغن صاحبها بعض الشيء عن السيف لنه قد تهد أمره و‬ ‫ل يبقى هه إل ف تصيل ثرات اللك من الباية و الضبط و مباهاة الدول و تنفيذ الحكام و القلم هو العي له ف ذلك فتعظم الاجة إل‬ ‫تصريفه و تكون السيوف مهملة ف مضاجع أعمالا إل إذا أنابت نائبة أو دعيت إل سد فرجة و ما سوى ذلك فل حاجة إليه ا فتك ون‬ ‫أرباب القلم ف هذه الاجة أوسع جاها‪ i‬و أعلى رتبة و أعظم نعمة‪ i‬و ثروة‪ i‬و أقرب من السلطان ملسا‪ i‬و أكثر إليه ترددا‪ i‬و ف خلواته نيا‪i‬‬ ‫لنه حينئذ آلته الت با يستظهر على تصيل ثرات ملكه و النظر إل أعطافه و تثقيف أطرافه و الباهاة بأحواله و يكون الوزراء حينئذ و أهل‬ ‫السيوف مستغن عنهم مبعدين عن باطن السلطان حذرين على أنفسهم من بوادره‪ .‬و ف معن ذلك ما كتب به أبو مسلم للمنص ور حي‬ ‫أمره بالقدوم أما بعد فإنه ما حفظناه من وصايا الفرس أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدها سنة ال ف عباده و ال سبحانه و تع ال‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫الفصل السادس و الثلثون ف شارات اللك و السلطان الاصة به‬ ‫إعلم أن للسلطان شارات و أحوال‪ i‬تقتضيها البة و البذخ فيختص با و يتميز بانتحالا عن الرعية و البطالة و سائر الرؤساء ف دولته فنذكر‬ ‫ما هو مشتهر منها ببلغ العرفة ) و فوق كل ذي علم عليم (‪.‬‬ ‫اللة‪ :‬فمن شارات اللك اتاذ اللة من نشر اللوية و الرايات و قرع الطبول و النفخ ف البواق و القرون و قد ذكر أرسطو ف الكت اب‬ ‫النسوب إليه ف السياسة أن السر ف ذلك إرهاب العدو ف الرب فإن الصوات الائلة لا تأثي ف النفوس بالروعة و لعمري أنه أمر وجدان‬ ‫ف مواطن الرب يده كل أحد من نفسه و هذا السبب الذي ذكره أرسطو أن كان ذكره فهو صحيح ببعض العتبارات‪ .‬و أما ال ق ف‬


‫ذلك فهو أن النفس عند ساع النغم و الصوات يدركها الفرح و الطرب بل شك فتصيب مزاج الروح نشوة يستس هل ب ا الص عب و‬ ‫يستميت ف ذلك الوجه الذي هو فيه و هذا موجود حت ف اليوانات العجم بانفعال البل بالداء و اليل بالصفي و الصريخ كما علمت‬ ‫و يريد ذلك تأثيا‪ i‬إذا كانت الصوات متناسبة كما ف الغناء و أنت تعلم ما يدث لسامعه من مثل هذا العن لجل ذلك تتخذ العج م ف‬ ‫مواطن حروبم اللت الوسيقية ل طبل‪ i‬و ل بوقا‪ i‬فيحدق الغنون بالسلطان ف موكبه بآلتم و يغنون فيحركون نفوس الشجعان بض ربم‬ ‫إل الستماتة و لقد رأينا ف حروب العرب من يتغن أمام الوكب بالشعر و يطرب فتجيش هم البطال با فيها و يسارعون إل مال الرب‬ ‫و ينبعث كل قرن إل قرنه و كذلك زناتة من أمم الغرب يتقدم الشاعر عندهم أمام الصفوف و يتغن فيحرك بغنائه البال الرواسي و يبعث‬ ‫على الستماتة من ل يظن با و يسمون ذلك الغناء تاصو كايت و أصله كأنه فرح يدث ف النفس فتنبعث عنه الشجاعة كما تنبعث ع ن‬ ‫نشوة الب با حدث عنها من الفرح و ال أعلم و أما تكثي الرايات و تلوينها و إطالتها فالقصد به التهويل ل أكثر و با تدث ف النف وس‬ ‫من التهويل زيادة ف القدام و أحوال النفوس و تنويعاتا غريبة و ال اللق العليم‪ .‬ث أن اللوك و الدول يتلفون ف اتاذ هذه الش ارات‬ ‫فمنهم مكثر و منهم مقلل بسب أتساع الدولة و عظمها فأما الرايات فإنا شعار الروب من عهد الليقة و ل تزل المم تعقدها ف مواطن‬ ‫الروب و الغزوات لعهد النب صلى ال عليه و سلم و من بعده من اللفاء‪ .‬و أما قرع الطبول النفخ ف البواق فكان السلمون لول الل ة‬ ‫متجافي عنه تنها عن غلظة اللك و رفضا‪ i‬لحواله و احتقارا‪ i‬لبته الت ليست من الق ف شيء حت إذا انقلبت اللفة ملكا‪ i‬و تبجح وا‬ ‫بزهرة الدنيا و نعيمها و ل بسهم الوال من الفرس و الروم أهل الدول السالفة و أروهم ما كان أولئك ينتحلونه من مذاهب البذخ و الترف‬ ‫فكان ما استحسنوه اتاذ اللة فأخذوها و أذنوا لعمالم ف أتاذها تنويها‪ i‬باللك و أهله فكثيا‪ i‬ما كان العامل صاحب الثغر أو قائد اليش و‬ ‫يعقد له الليفة من العباسيي أو العبيديي لواءه و يرج إل بعثه أو عمله من دار الليفة أو داره ف موكب من أصحاب الراي ات و اللت‬ ‫فل ييز بي موكب العامل و الليفة إل بكثرة اللوية و قلتها أو با اختص به الليفة من اللوان لرايته كالسواد ف رايات بن العباس ف إن‬ ‫راياتم كانت سودا‪ i‬حزنا‪ i‬على شهدائهم من بن هاشم و نعيا‪ i‬على بن أمية ف قتلهم و لذلك سوا السودة‪ ،‬و لا افترق أمر الاشيي و خرج‬ ‫الطالبيون على العباسيي من كل جهة و عصر ذهبوا إل مالفتهم ف ذلك فاتذوا الرايات بيضا‪ i‬و سوا البيضة لذلك سائر أيام العبي ديي و‬ ‫من خرج من الطالبيي ف ذلك العهد بالشرق كالداعي بطبستان و داعي صعدة أو من دعا إل بدعة الرافضة من غيهم كالقرامطة‪ .‬و ل ا‬ ‫نزع الأمون عن لبس السواد و شعاره ف دولته عدل إل لون الضرة فجعل رايته خضراء‪ .‬و أما الستكثار منها فل ينتهي إل ح د و ق د‬ ‫كانت أنه العبيدبي لا خرج العزيز إل فتح الشام خسمائة من البنود و خسمائة من البواق‪ .‬و أما ملوك الببر بالغرب م ن ص نهاجة و‬ ‫غيها فلم يتصوا بلون واحد بل وشوها بالذهب و اتذوها من الرير الالص ملونة و استمروا على الذن فيها لعمالم حت إذا ج اءت‬ ‫دولة الوحدين و من بعدهم من زناتة قصروا اللة من الطبول و البنود على السلطان و حظروها على من سواه من عماله و جعلوا لا موكبا‬ ‫خاصا‪ i‬يتبع أثر السلطان ف مسيه يسمى الساقة و هم فيه بي مكر و مقل باختلف مذاهب الدول ف ذلك فمنهم من يقتصر على سبعة من‬ ‫العدد تبكا‪ i‬بالسنة كما هو ف دولة الوحدين و بن الحر بالندلس و منهم من يبلغ العشرة و العشرين كما هو عند زناتة و قد بلغ ت ف‬ ‫أيام السلطان أب السن فيما أدركناه مائة من الطبول و مائة من البنود ملونة بالرير منسوجة بالذهب ما بي كبي و صغي و يأذنون للولة‬ ‫و العمال و القواد ف اتاذ راية واحدة صغية من الكتان بيضاء و طبل صغي أيام الرب ل يتجاوزون ذلك و أما دولة الترك ل ذا العه د‬ ‫بالشرق فيتخذون راية واحدة عظيمة و ف رأسها خصلة كبية من الشعر يسمونا الشالش و التر و هي شعار السلطان عندهم ث تتع دد‬ ‫الرايات و يسمونا السناجق واحدها سنجق و هي الراية بلسانم‪ .‬و أما الطبول فيبالغون ف الستكثار منها و يسمونا الكوسات و يبيحون‬ ‫لكل أمي أو قائد عسكر أن يتخذ من ذلك ما يشاء إل التر فإنه خاص بالسلطان‪ .‬و أما الللقة لذا العهد من أمم الفرنة بالندلس فأكثر‬ ‫شأنم اتاذ اللوية القليلة ذاهبة ف الو صعدا‪ i‬و معها قرع الوتار من الطنابي و نفخ الغيطات يذهبون فيها مذهب الغناء و طريقه ف مواطن‬ ‫حروبم هكذا يبلغنا عنهم و عمن وراءهم من ملوك العجم و من آياته خلق السموات و الرض و اختلف ألسنتكم و ألوانكم إن ف ذلك‬ ‫ليات للعالي‪.‬‬ ‫السرير‪ :‬و أما السرير و النب و التخت و الكرسي‪ ،‬فهي أعواد منصوبة أو أرائك منضدة للوس السلطان عليها مرتفعا‪ i‬عن أهل ملس ه أن‬ ‫يساويهم ف الصعيد و ل يزل ذلك من سنن اللوك قبل السلم و ف دول العجم و قد كانوا يلسون على أسرة الذهب و كان لسليمان بن‬ ‫داود صلوات ال عليهما و سلمه كرسي و سرير من عاج مغشى بالذهب إل أنه ل تأخذ به الدول إل بعد الستفحال و الترف شأن البة‬


‫كلها كما قلناه و أما ف أول الدولة عند البداوة فل يتشوقون إليه و أول من أتذه ف السلم معاوية و استأذن الناس فيه و قال لم إن ق د‬ ‫بدنت فأذنوا له فاتذه و أتبعه اللوك السلميون فيه و صار من منازع البة و لقد كان عمرو بن العاصي بصر يلس ف قصره على الرض‬ ‫مع العرب و يأتيه القوقس إل قصره و معه سرير من الذهب ممول‪ i‬على اليدي للوسه شأن اللوك فيجلس عليه و هو أمامه و ل يغيون‬ ‫عليه وفاء¸ له با عقد معهم من الذمة و اطراحا‪ i‬لبة اللك ث كان بعد ذلك لبن العباس و العبيديي و سائر ملوك السلم شرقا‪ i‬و غربا‪ i‬م ن‬ ‫السرة و النابر و التخوت ما عفا عن الكاسرة و القياصرة و ال مقلب الليل و النهار‪.‬‬ ‫السكة‪ :‬و هي التم على الدناني و الدراهم التعامل با بي الناس بطابع حديد ينقش فيه صور أو كلمات مقلوبة و يضرب با على الدينار‬ ‫أو الدرهم فتخرج رسوم تلك النقوش عليها ظاهرة‪ i‬مستقيمة‪ i‬بعد أن يعتب عيار النقد من ذلك النس ف خلوصه بالسبك مرة بعد أخرى و‬ ‫بعد تقدير أشخاص الدراهم و الدناني بوزن معي صحيح يصطلح عليه فيكون التعامل با عددا‪ i‬و أن ل تقدر أشخاصها يكون التعامل ب ا‬ ‫وزنا‪ i‬و لفظ السكة كان ا سا‪ i‬للطابع و هي الديدة التخذة لذلك ث نقل إل أثرها و هي النقوش الاثلة على الدناني و الدراهم ث نق ل إل‬ ‫القيام على ذلك و النظر ف استيفاء حاجاته و شروطه و هي الوظيفة فصار علما‪ i‬عليها ف عرف الدول و هي وظيفة ضرورية للملك إذ با‬ ‫يتميز الالص من الغشوش بي الناس ف النقود عند العاملت و يتقون ف سلمتها الغش بتم السلطان عليها بتلك النقوش العروفة و كان‬ ‫ملوك العجم يتخذونا و ينقشون فيها تاثيل تكون مصوصة با مثل تثال السلطان لعهدها أو تثيل حصن أو حيوان أو مصنوع أو غي ذلك‬ ‫و ل يزل هذا الشأن عند العجم إل آخر أمرهم و لا جاء السلم أغفل ذلك لسذاجة الدين و بداوة العرب و كانوا يتعاملون بال ذهب و‬ ‫الفضة وزنا‪ i‬و كانت دناني الفرس و دراههم بي أيديهم و يردونا ف معاملتهم إل الوزن و يتصارفون با بينهم إل أن تفاحش الغ ش ف‬ ‫الدناني و الدراهم لغفلة الدولة عن ذلك و أمر عبد اللك الجاج على ما نقل سعيد بن السيب و أبو الزناد بض رب ال دراهم و تيي ز‬ ‫الغشوش من الالص و ذلك سنة أربع و سبعي و قال الدائن سنة خس و سبعي ث أمر بصرفها ف سائر النواحي سنة ست و س بعي و‬ ‫كتب عليها ال أحد ال الصمد ث ول ابن هبية العراق أيام يزيد بن عبد اللك فجود السكة ث بالغ خالد القسري ف تويدها ث يوسف بن‬ ‫عمر بعده و قيل أول من ضرب الدناني و الدراهم مصعب بن الزبي بالعراق سنة سبعي بأمر أخيه عبد ال لا ول الجاز و كتب عليها ف‬ ‫أحد الوجهي بركة ال و ف الخر اسم ال ث غيها الجاج بعد ذلك بسنة و كتب عليها اسم الجاج و قدر وزنا عل ى م ا ك انت‬ ‫استقرت أيام عمر و ذلك أن الدرهم كان وزنه أول السلم ستة دوانق و الثقال وزنه درهم و ثلثة أسباع درهم فتكون عش رة دراه م‬ ‫بسبعة مثاقيل و كان السبب ف ذلك أن أوزان الدرهم أيام الفرس كانت متلفة و كان منها على وزن الثقال عشرون قياطا‪ i‬و منه ا اثن ا‬ ‫عشر و منها عشرة فلما احتيج إل تقديره ف الزكاة أخذ الوسط و ذلك اثنا عشر قياطا‪ i‬فكان الثقال درها‪ i‬و ثلثة أسباع دره م و قي ل‬ ‫كان منها البغلي بثمانية دوانق و الطبي أربعة دوانق و الغرب ثانية دوانق و اليمن ستة دوانق فأمر عمر أن ينظر الغلب ف التعامل فك ان‬ ‫البغلي و الطبي اثن عشر دانقا‪ i‬و كان الدرهم ستة دوانق و إن زدت ثلثة أسباعه كان مثقال‪ i‬و إذا أنقصت ثلثة أعشار الثقال كان درها‪i‬‬ ‫فلما رأى عبد اللك اتاذ السكة لصيانة النقدين الاريي ف معاملة السلمي من الغش عي مقدارها على هذا الذي استقر لعهد عمر رضي‬ ‫ال عنه و اتذ فيه كلمات ل صورا‪ ،i‬لن العرب كان الكلم و البلغة أقرب مناحيهم و أظهرها مع أن الشرع ينهى عن الصور فلما فع ل‬ ‫ذلك استمر بي الناس ف أيام اللة كلها و كان الدينار و الدرهم على شكلي مدورين و الكتابة عليهما ف دوائر متوازية يكتب فيها م ن‬ ‫أحد الوجهي أساء ال تليل‪ i‬و تميدا‪ i‬و صلة على النب و آله و ف الوجه الثان التاريخ و اسم الليفة و هكذا أيام العباسيي و العبيديي و‬ ‫المويي و أما صنهاجة فلم يتخذوا سكة‪ i‬إل آخر المر اتذها منصور صاحب باية ذكر ذلك ابن حاد ف تاريه و ل ا ج اءت دول ة‬ ‫الوحدين كان ما سن لم الهدي اتاذ السكة الدرهم مربع الشكل و أن يرسم ف دائرة الدينار شكل مربع ف وس طه و يل م ن أح د‬ ‫الانبي تليل‪ i‬و تميدا‪ i‬من الانب الخر كتبا‪ i‬ف السطور باسه و اسم اللفاء من بعده ففعل ذلك الوحدون و كانت سكتهم على ه ذا‬ ‫الشكل لذا العهد و لقد كان الهدي فيما ينقل ينعت قبل ظهوره بصاحب الدرهم الربع نعته بذلك التكلمون بالدثان من قبله الخبون ف‬ ‫ملحهم عن دولته و أما أهل الشرق لذا العهد فسكتهم غي مقدرة و إنا يتعاملون بالدناني و الدراهم وزنا‪ i‬بالصنجات القدرة بعدة منها و‬ ‫ل يطبعون عليها بالسكة نقوش الكلمات بالتهليل و الصلة و اسم السلطان كما يفعله أهل الغرب ذلك تقدير العزيز العليم‪.‬‬ ‫و لنختم الكلم ف السكة بذكر حقيقة الدرهم و الدينار الشرعيي و بيان حقيقة مقدارها‪.‬‬


‫مقدار الدرهم و الدينار الشرعيي‬ ‫و ذلك أن الدينار و الدرهم متلفا السكة ف القدار و الوازين بالفاق و المصار و سائر العمال و الشرع قد تعرض لذكرها و علق كثيا‪i‬‬ ‫من الحكام بما ف الزكاة و النكحة و الدود و غيها فل بد لما عنده من حقيقة و مقدار معي ف تقدير تري عليهما أحك امه دون‬ ‫غي الشرعي‪ ،‬منهما فاعلم أن الجاع منعقد منذ صدر السلم و عهد الصحابة و التابعي أن الدرهم الشرعي‪ ،‬هو الذي تزن العشرة من ه‬ ‫سبعة مثاقيل من الذهب و الوقية منه أربعي درها‪ i‬و هو على هذا سبعة أعشار الدينار و وزن الثقال من الذهب اثنتان و سبعون حبة م ن‬ ‫الشعي فالدرهم الذي هو سبعة أعشاره خسون حبة و خسا حبة و هذه القادير كلها ثابتة بالجاع فإن الدرهم الاهلي كان بينهم عل ى‬ ‫أنواع أجودها الطبي و هو أربعة دوانق و البغلي وهو ثانية دوانق فجعلوا الشرعي بينما و هوست دوانق فكانوا يوجبون الزكاة ف م ائة‬ ‫درهم بغلية و مائة طبية خسة دراهم و سطا‪ i‬و قد اختلف الناس هل كان ذلك من وضع عبد اللك أو إجاع الناس بعد عليه كما ذكرناه‪.‬‬ ‫ذكر ذلك الطام ف كتاب معال السنن و الاوردي ف الحكام السلطانية و أنكره الققون من التأخرين لا يلزم عليه أن يكون ال دينار و‬ ‫الدرهم الشرعيان مهولي ف عهد الصحابة من بعدهم مع تعلق القوق الشرعية بما ف الزكاة و النكحة والدود و غيها كما ذكرناه و‬ ‫الق أنما كانا معلومي القدار ف ذلك العصر لريان الحكام يومئذ با يتعلق بما من القوق و كان مقدارها غي مستخص ف الارج و‬ ‫إنا كان متعارفا‪ i‬بينهم بالكم الشرعي على القدار ف مقدارها و زنتهما حت استفحل السلم و عظمت الدول ة و دع ت ال ال إل‬ ‫تشخيصهما ف القدار و الوزن كما هو عند الشرع ليستريوا من كلفة التقدير و قارن ذلك أيام عبد اللك فشخص مقدارها و عينهما ف‬ ‫الارج كما هو ف الذهن و نقش عليهما السكة باسه و تأريه أثر الشهادتي اليانيتي و طرح النقود الاهلية رأسا‪ i‬حت خلصت و نق ش‬ ‫عليها سكة‪ i‬و تلشى وجودها فهذا هو الق الذي ل ميد عنه و من بعد ذلك وقع اختيار أهل السكة ف الدول على مالفة القدار الشرعي‬ ‫ف الدينار و الدرهم و اختلفت ف كل القطار و الفاق و رجع الناس إل تصور مقاديرها الشرعية ذهنا‪ i‬كما كان ف الصدر الول و صار‬ ‫أهل كل أفق يستخرجون القوق الشرعية من سكتهم بعرفة النسب الت بينها و بي مقاديرها الشرعية و أما وزن الدينار باثنتي و س بعي‬ ‫حبة من الشعي الوسط فهو الذي نقله الققون و عليه الجاع إل ابن حزم خالف ذلك و زعم أن وزنه أربع و ثانون حبة‪ .‬نقل ذلك عن ه‬ ‫القاضي عبد الق و رده الققون و عدوه وها‪ i‬و غلطا‪ i‬و هو الصحيح و ال يق الق بكلماته و كذلك تعلم أن الوقية الشرعية ليست هي‬ ‫التعارفة بي الناس لن التعارفة متلفة باختلف القطار و الشرعية متحدة ذهنا‪ i‬ل اختلف فيها و ال خلق كل شيء فقدره تقديرا‪.i‬‬ ‫الات و أما الات فهو من الطط السلطانية و الوظائف اللوكية و التم على الرسائل و الصكوك معروف للملوك قبل السلم و بعده و قد‬ ‫ثبت ف الصحيحي أن النب صلى ال عليه و سلم أراد أن يكتب إل قيصر فقيل له إن العجم ل يقبلون كتابا‪ i‬إل أن يكون متوم‪i‬ا فاتذ خاتا‪i‬‬ ‫من فضة و نقش فيه ممد رسول ال قال البخاري جعل الثلث الكلمات ثلثة أسطر و ختم به و قال ل ينقش أحد مثله قال و تتم به أبو‬ ‫بكر و عمر و عثمان ث سقط من يد عثمان ف بئر أريس و كانت قليلة الاء فلم يدرك قعرها بعد و اغتم عثمان و تطي منه و صنع آخ ر‬ ‫على مثله و ف كيفية نقش الات و التم به وجوه و ذلك أن الات يطلق على اللة الت تعل ف الصبع و منه تتم إذا لبسه و يطلق عل ى‬ ‫النهاية و التمام و منه ختمت المر إذا بلغت آخره و ختمت القرآن كذلك و منه خات النبيي و خات المر و يطلق على السداد الذي يسد‬ ‫به الوان و الدنان و يقال فيه ختام و منه قوله تعال‪ :‬ختامه مسك و قد غلط من فسر ذلك بالنهاية و التمام قال لن آخر ما ي دونه ف‬ ‫شرابم ريح السك و ليس العن عليه و إنا هو من التام هو السداد لن المر يعل لا ف الدن سداد الطي أو القار يفظها و يطيب عرفها‬ ‫و ذوقها فبولغ ف وصف خر النة بأن سدادها من السك و هو أطيب عرفا‪ i‬و ذوقا‪ i‬من القار و الطي العهودين ف الدنيا فإذا ص ح إطلق‬ ‫الات على هذه كلها صح إطلقه على أثرها الناشئ عنها و ذلك أن الات إذا نقشت به كلمات أو أشكال ث غمس ف مداف من الطي أو‬ ‫مداد و وضع على صفح القرطاس بقى أكثر الكلمات ف ذلك الصفح و كذلك إذا طبع به على جسم لي كالشمع فإنه يبقى نقش ذل ك‬ ‫الكتوب مرتسما‪ i‬فيه و إذا كانت كلمات و ارتسمت فقد تقرأ من الهة اليسرى إذا كان النفش على الستقامة من اليمن و قد يقرأ م ن‬ ‫الهة اليمن إذا كان النقش من الهة اليسرى لن التم يقلب جهة الط ف الصفح عما كان ف النقش من يي أو يسار فيحتمل أن يكون‬ ‫التم بذا الات بغمسه ف الداد أو الطي و وضعه ف الصفح فتنتقش الكلمات فيه و يكون هذا من معن النهاية و التمام بعن صحة ذل ك‬ ‫الكتوب و نفوذه كأن الكتاب إنا يتم العمل به بذه العلمات و هو من دونا ملغى ليس بتمام و قد يكون هذا التم بالط آخر الكتاب أو‬


‫أوله بكلمات منتظمة من تميد أو تسبيح أو باسم السلطان أو المي أو صاحب الكتاب من كان أو شيء من نعوته يكون ذل ك ال ط‬ ‫علمة على صحة الكتاب و نفوذه و يسمى ذلك ف التعارف علمة‪ ،‬و ليس ختما‪ i‬تشبيها‪ i‬له بأثر الات الصفي ف النقش و من هذا خ ات‬ ‫القاضي الذي يبعث به للخصوم أي علمته و خطه الذي ينفذ بما أحكامه و منه خات السلطان أو الليفة أي علمته‪ .‬قال الرشيد ليحي بن‬ ‫خالد لا أراد أن يستوزر جعفرا‪ i‬و يستبدل به من الفضل أخيه فقال لبيهما يي‪ :‬يا أبت إن أردت أن أحول الات من يين إل شال‪ .‬فكن‬ ‫له بالات ف الوزارة لا كانت العلمة على الرسائل و الصكوك من وظائف الوزارة لعهدهم و يشهد لصحة هذا الطلق ما نقله الطبي أن‬ ‫معاوية أرسل إل السن عند مراودته إياه ف الصلح صحيفة بيضاء ختم على أسفلها و كتب إليه أن اشترط ف هذه الصحيفة الت ختم ت‬ ‫أسفلها ما شئت فهو لك و معن التم هنا علمة ف آخر الصحيفة بطه أو غيه و يتمل أن يتم به ف جسم لي فتنتقش في ه حروف ه و‬ ‫يعل على موضع الزم من الكتاب إذا حزم و على الودوعات و هو من السداد كما مر و هو ف الوجهي آثار الات فيطلق عليه خ ات و‬ ‫أول من أطلق التم على الكتاب أي العلمة معاوية لنه أمر لعمر بن الزبي عند زياد بالكوفة بائة ألف ففتح الكتاب و صي الائة م ائتي و‬ ‫رفع زياد حسابه فأنكرها معاوية و طلب با عمر و حبسه حت قضاها عنه أخوه عبد ال و اتذ معاوية عند ذلك دي وان ال ات‪ .‬ذك ره‬ ‫الطبي و قال آخرون و حزم الكتب و ل تكن تزم أي جعل لا السداد و ديوان التم عبارة عن الكتاب القائمي على إنفاذ كتب السلطان‬ ‫و التم عليها إما بالعلمة أو بالزم و قد يطلق الديوان على مكان جلوس هؤلء الكتاب كما ذكرناه ف ديوان العمال و الزم للكت ب‬ ‫يكون إما بدس الورق كما ف عرف كتاب الغرب و إما بإلصاق رأس الصحيفة على ما تنطوي عليه من الكتاب كما ف عرف أهل الشرق‬ ‫و قد يعل على مكان الدس أو اللصاق علمة يؤمن معها من فتحه و الطلع على ما فيه فأهل الغرب يعلون على مكان الدس قطعة من‬ ‫الشمع و يتمون عليها باته نقشت فيه علمة لذلك فيتسم النقش ف الشمع و كان ف الشرق ف الدول القدية يتم على مكان اللص ق‬ ‫باته منقوش أيضا‪ i‬قد غمس ف مداف من الطي معد لذلك صبغه أحر فيتسم ذلك النقش عليه و كان هذا الطي ف الدولة العباسية يعرف‬ ‫بطي التم و كان يلب من سياف فيظهر أنه مصوص با فهذا الات الذي هو العلمة الكتوبة أو النقش للسداد و الزم للكتب خ اص‬ ‫بديوان الرسائل و كان ذلك للوزير ف الدولة العباسية ث اختلف العرف و صار لن إليه الترسيل و ديوان الكتاب ف الدولة ث صاروا ف دول‬ ‫الغرب يعدون من علمات اللك و شاراته الات للصبع فيستجيدون صوغه من الذهب و يرصعونه بالفصوص من الي اقوت و الفيوزج و‬ ‫الزمرد و يلبسه السلطان شارة ف عرفهم كما كانت البدة و القضيب ف الدولة العباسية و الظلة ف الدولة العبيدية و ال مصرف الم ور‬ ‫بكمه‪.‬‬ ‫الطراز‪ :‬من أبة اللك و السلطان و مذاهب الدول إل ترسم أساؤهم أو علمات تتص بم ف طراز أثوابم العدة للباسهم من الري ر أو‬ ‫الديباج أو البريسم تعتب كتابة خطها ف نسج الثوب ألاما‪ i‬و إسداء¸ بيط الذهب أو ما يالف لون الثوب من الي وط اللون ة م ن غي‬ ‫الذهب على ما يكمه الصناع ف تقدير ذلك و وضعه ف صناعة نسجهم فتصي الثياب اللوكية معلمة بذلك الطراز قصد التنويه بلبسها من‬ ‫السلطان فمن دونه أو التنويه بن يتصه السلطان بلبوسه إذا قصد تشريفه بذلك أو وليته لوظيفة من وظائف دولته و كان ملوك العجم من‬ ‫قبل السلم يعلون ذلك الطراز بصور اللوك و أشكالم أو أشكال و صور معينة لذلك ث اعتاض ملوك السلم عن ذلك بكتب أس ائهم‬ ‫مع كلمات أخرى تري مرى الفأل أو السجلت‪ .‬و كان ذلك ف الدولتي من أبة المور و أفخم الحوال و كانت الدور العدة لنس ج‬ ‫أثوابم ف قصورهم تسمى دور الطراز لذلك و كان القائم على النظر فيها يسمى صاحب الطراز‪ ،‬ينظر ف أمور الصباغ و اللة و الاك ة‬ ‫فيها و إجراء أرزاقهم و تسهيل آلتم و مشارفة أعمالم و كانوا يقلدون ذلك لواص دولتيهم و ثقات مواليهم و كذلك كان ال ال ف‬ ‫دولة بن أمية بالندلس و الطوائف من بعدهم و ف دولة العبيديي بصر و من كان على عهدهم من ملوك العجم بالشرق ث لا ضاق نطاق‬ ‫الدول عن الترف و التفنن فيه لضيق نطاقها ف الستيلء و تعددت الدول تعطلت هذه الوظيفة و الولية عليها من أكثر الدول بالملة و لا‬ ‫جاءت دولة الوحدين بالغرب بعد بن أمية أول الائة السادسة ل يأخذوا بذلك أول دولتهم لا كانوا عليه من منازع الديانة و السذاجة الت‬ ‫لقنوها عن إمامهم ممد بن تومرت الهدي و كانوا يتورعون عن لباس الرير و الذهب فسقطت هذه الوظيفة من دولتهم و استدرك منه ا‬ ‫أعقابم آخر الدولة طرفا‪ i‬ل يكن بتلك النباهة و أما لذا العهد‪ ،‬فأدركنا بالغرب ف الدولة الرينية لعنفوانا و شوخها رسا‪ i‬جليل‪ i‬لقنوه م ن‬ ‫دولة ابن الحر معاصرهم بالندلس و اتبع هو ف ذلك ملوك الطوائف فأتى منه بلمحة شاهدة بالثر‪ .‬و أما دولة الترك بصر و الشام ل ذا‬ ‫العهد ففيها من الطراز ترير آخر على مقدار ملكهم و عمران بلدهم إل أن ذلك ل يصنع ف دورهم و قصورهم و ليست م ن وظ ائف‬


‫دولتهم و إنا ينسج ما تطلبه الدولة من ذلك عند صناعه من الرير و من الذهب الالص و يسمونه الزركش لفظة أعجمية و يرسم اس م‬ ‫السلطان أو المي عليه و يعده الصناع لم فيما يعدونه للدولة من طرف الصناعة اللئقة با و ال مقدر الليل و النهار و ال خي الوارثي‪.‬‬

‫الفساطيط و ا لسياج‬ ‫اعلم أن من شارات اللك و ترفه اتاذ الخبية و الفساطيط و الفازات من ثياب الكتان و الصوف و القطن فيباهى با ف السفار و تن وع‬ ‫منها اللوان ما بي كبي و صغي على نسبة الدولة ف الثروة و اليسار و إنا يكون المر ف أول الدولة ف بيوتم الت جرت عادتم باتاذها‬ ‫قبل اللك و كان العرب لعهد اللفاء الولي من بن أمية إنا يسكنون بيوتم الت كانت لم خياما‪ i‬من الوبر و الصوف و ل ت زل الع رب‬ ‫لذلك العهد بادين إل القل منهم فكانت أسفارهم لغزواتم و حروبم بظعونم و سائر حللهم و أحيائهم من الهل و الولد كما هو ش أن‬ ‫العرب لذا العهد و كانت عساكرهم لذلك كثية اللل بعيدة ما بي النازل متفرقة الحياء يغيب كل واحد منها عن نظر ص احبه م ن‬ ‫الخرى كشأن العرب و لذلك ما كان عبد اللك يتاج إل ساقة تشد الناس على أثره و أن يقيموا إذا ظعن‪.‬‬ ‫و نقل أنه استعمل ف ذلك الجاج حي أشار به روح بن زنباغ و قصتهما ف إحراق فساطيط روح و خيامه لول وليته حي وج دهم‬ ‫مقيمي ف يوم رحيل عبد اللك قصة مشهورة‪ .‬و من هذه الولية تعرف رتبة الجاج بي العرب فإنه ل يتول إرادتم على الظعن إل م ن‬ ‫يأمن بوادر السفهاء من أحيائهم با له من العصبية الائلة دون ذلك و لذلك اختصه عبد اللك بذه الرتبة ثقة بغنائه فيها بعصبيته و صرامته‬ ‫فلما تفننت الدولة العربية ف مذاهب الضارة و البذخ و نزلوا الدن و المصار و انتقلوا من سكن اليام إل سكن القصور و م ن ظه ر‬ ‫الف إل ظهر الافر اتذوا للسكن ف أسفارهم ثياب الكتان يستعملون منها بيوتا‪ i‬متلفة الشكال مقدرة المثال من القوراء و الستطيلة و‬ ‫الربعة و يتفلون فيها بأبلغ مذاهب الحتفال و الزينة و يدير المي و القائد للعساكر على فساطيطه و فازاته من بينهم سياجا‪ i‬من الكت ان‬ ‫يسمى ف الغرب بلسان الببر الذي هو لسان أهله أفراك بالكاف و القاف و يتص به السلطان بذلك القط ر ل يك ون لغيه‪ .‬و أم ا ف‬ ‫الشرق فيتخذه كل أمي و إن كان دون السلطان ث جنحت الدعة بالنساء و الولدان إل القام بقصورهم و منازلم فخف لذلك ظهرهم و‬ ‫تقاربت السياج بي منازل العسكر و اجتمع اليش و السلطان ف معسكر واحد يصره البصر ف بسيطة زهوا‪ i‬أنيق ا‪ i‬لختلف أل وانه و‬ ‫استمر الال على ذلك ف مذاهب الدول ف بذخها و ترفها‪ .‬و كذا كانت دولة الوحدين و زناتة الت أظلتنا كان سفرهم أول أمره م ف‬ ‫بيوت سكناهم قبل اللك من اليام و القياطي حت إذا أخذت الدولة ف مذاهب الترف و سكن القصور و عادوا إل س كن الخبي ة و‬ ‫الفساطيط بلغوا من ذلك فوق ما أرادوه و هو من الترف بكان إل أن العساكر به تصي عرضة للبيات لجتماعهم ف مكان واحد تشملهم‬ ‫فيه الصيحة و لفتهم من الهل و الولد الذين تكون الستماتة دونم فيحتاج ف ذلك إل تفظ آخر و ال القوي العزيز‪.‬‬

‫القصورة للصلة و الدعاء ف الطبة‬ ‫و ها من المور اللفية و من شارات اللك السلمي و ل يعرف ف غي دول السلم‪ .‬فأما البيت القصورة من السجد لصلة الس لطان‬ ‫فيتخذ سياجا‪ i‬على الراب فيحوزه و ما يليه فأول من اتذها معاوية بن أب سفيان حي طعنه الارجي و القصة معروفة و قي ل أول م ن‬ ‫اتذها مروان بن الكم حي طعنه اليمان ث اتذها اللفاء من بعدها و صارت سنة ف تييز السلطان عن الناس ف الصلة و هي إنا تدث‬ ‫عند حصول الترف ف الدول و الستفحال شأن أحوال البة كلها و ما زال الشأن ذلك ف الدول السلمية كلها‪ ،‬و عند افتراق الدول ة‬ ‫العباسية و تعدد الدول بالشرق و كذا بالندلس عند انقراض الدولة الموية و تعدد ملوك الطوائف و أما الغرب فكان بنو الغلب يتخذونا‬ ‫بالقيوان ث اللفاء العبيديون ث ولتم على الغرب من صنهاجة بنو باديس بفاس و بنو حاد بالقلعة ث ملك الوحدين س ائر الغ رب و‬ ‫الندلس و موا ذلك الرسم على طريقة البداوة الت كانت شعارهم و لا استفحلت الدولة و أخذت بظها من الترف و جاء أبو يعق وب‬


‫النصور ثالث ملوكهم فاتذ هذه القصورة و بقيت من بعده سنة للوك الغرب و الندلس و هكذا كان الشأن ف سائر الدول س نة ال ف‬ ‫عباده‪.‬‬ ‫و أما الدعاء على النابر ف الطبة فكان الشأن أول‪ i‬عند اللفاء ولية الصلة بأنفسهم فكانوا يدعون لذلك بعد الصلة على النب صلى ال‬ ‫عليه و سلم و الرضى عن أصحابه و أول من اتذ النب عمرو بن العاص لا بن جامعه بصر و أول من دعا للخليفة على النب ابن عباس دعا‬ ‫لعلي رضي ال عنهما ف خطبته‪ .‬و هو بالبصرة عامل له عليها فقال اللهم انصر عليا‪ i‬على الق و اتصل العمل على ذلك فيما بعد و بع د‬ ‫أخذ عمرو بن العاص النب بلغ عمر بن الطاب ذلك فكتب إليه عمر بن الطاب أما بعد فقد بلغن أنك اتذت منبا‪ i‬ترقى به على رق اب‬ ‫السلمي أو ما يكفيك أن تكون قائما‪ i‬و السلمون تت عقبيك فعزمت عليك إل ما كسرته فلما حدثت البة و حدث ف اللفاء الانع من‬ ‫الطبة و الصلة استنابوا فيهما فكان الطيب يشيد بذكر الليفة على النب تنويها‪ i‬باسه و دعاء¸ له با جعل ال مصلحة العال فيه و لن تلك‬ ‫الساعة مظنة للجابة و لا ثبت عن السلف ف قولم من كانت له دعوة صالة فليضعها ف السلطان و كان الليفة يفرد بذلك فلما ج اء‬ ‫الجر و الستبداد صار التغلبون على الدول كثيا‪ i‬ما يشاركون الليفة ف ذلك و يشاد باسهم عقب اسه و ذهب ذلك بذهاب تلك الدول‬ ‫و صار المر إل اختصاص السلطان بالدعاء له على النب دون من سواه و حظر أن يشاركه فيه أحد أو يسمو إلي ه و ك ثيا‪ i‬م ا يغف ل‬ ‫العاهدون من أهل الدول هذا الرسم عندما تكون الدولة ف أسلوب الغضاضة و مناحي البداوة ف التغافل و الشونة و يقنعون بالدعاء على‬ ‫البام و الجال لن ول أمور السلمي و يسمون مثل هذه الطبة إذا كانت على هذا النحى عباسية يعنون بذلك أن الدعاء على الج ال‬ ‫إنا يتناول العباسي تقليدا‪ i‬ف ذلك لا سلف من المر و ل يفلون با وراء ذلك من تعيينه و التصريح باسه يكى أن يغمراسن بن زيان عاهد‬ ‫دولة بن عبد الواد لا غلبه المي أبو زكريا يي بن أب حفص على تلمسان ث بدا له ف إعادة المر إليه على شروط شرطها كان فيها ذكر‬ ‫اسه على منابر عمله فقال يغمراسن تلك أعوادهم يذكرون عليها من شاءوا و كذلك يعقوب بن عبد الق عاهد دولة بن مري ن حض ره‬ ‫رسول الستنصر الليفة بتونس من بن أب حفص و ثالث ملوكهم و تلف بعض أيامه عن شهود المعة فقيل له ل يضر ه ذا الرس ول‬ ‫كراهية للو الطبة من ذكر سلطانه فأذن ف الدعاء له و كان ذلك سببا‪ i‬لخذهم بدعوته و هكذا شأن ال دول ف ب دايتها و تكنه ا ف‬ ‫الغضاضة و البداوة فإذا انتبهت عيون سياستهم و نظروا ف أعطاف ملكهم و استتموا شيات الضارة و مفان البذخ و البة انتحلوا جي ع‬ ‫هذه السمات و تفننوا فيها و تاروا إل غايتها و أنفوا من الشاركة فيها و جزعوا من افتقادها و خلو دولتهم من أثارها و العال بس تان و‬ ‫ال على كل شيء رقيب‪.‬‬

‫الفصل السابع و الثلثون ف الروب و مذاهب المم و ترتيبها‬ ‫اعلم أن الروب و أنواع القاتلة ل تزل واقعة ف الليقة منذ براها ال و أصلها إرادة انتقام بعض البشر من بعض و يتعصب لكل منها أهل‬ ‫عصبيه فإذا تذامروا لذلك و توافقت الطائفتان إحداها تطلب النتقام و الخرى تدافع كانت الرب و هو أمر طبيعي ف البشر ل تلو عنه‬ ‫أمة و ل جيل و سبب هذا النتقام ف الكثر إما غية و منافسة‪ .‬و إما عدوان و إما غضب ل ولدينه و أما غضب للملك و سعي ف تهيده‬ ‫فالول أكثر ما يري بي القبائل التجاورة و العشائر التناظرة و الثان و هو العدوان أكثر ما يكون من المم الوحشية الس اكني ب القفر‬ ‫كالعرب و الترك و التركمان و الكراد و أشباههم لنم جعلوا أرزاقهم ف رماحهم و معاشهم فيما بأيدي غيهم و من دافعهم عن متاعه‬ ‫آذنوه بالرب و ل بغية لم فيما وراء ذلك من رتبة و ل ملك و إنا ههم و نصب أعينهم غلب الناس على ما ف أيديهم و الث الث ه و‬ ‫السمى ف الشريعة بالهاد و الرابع هو حروب الدول مع الارجي عليها و الانعي لطاعتها فهذه أربعة أصناف م ن ال روب الص نفان‬ ‫الولن منها حروب بغي و فتنة و الصنفان الخيان حروب جهاد و عدل و صفة الروب الواقعة بي أهل الليقة منذ أول وجودهم على‬ ‫نوعي نوع بالزحف صفوفا‪ i‬و نوع بالكر و الفر أما الذي بالزحف فهو قتال العجم كلهم على تعاقب أجيالم و أما الذي بالكر و الفر فهو‬ ‫قتال العرب و الببر من أهل الغرب و قتال الزحف أوثق و أشد من قتال الكر و الفر و ذلك لن قتال الزحف ترتب فيه الصفوف و تسوى‬


‫كما تسوى القداح أو صفوف الصلة و يشون بصفوفهم إل العدو قدما‪ ،i‬فلذلك تكون أثبت عند الصال و أصدق ف القت ال و أره ب‬ ‫للعدو‪ .‬لنه كالائط المتد و القصر الشيد ل يطمع ف إزالته و ف التنيل إن ال يب الذين يقاتلون ف سبيله صفا‪ i‬كأنم بنيان مرص وص‬ ‫أي يشد بعضهم بعضا‪ i‬بالثبات و ف الديث الكري الؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضة بعضا‪ i‬و من هنا يظهر لك حكمة إياب الثب ات و‬ ‫تري التول يوم الزحف فإن القصود من الصف ف القتال حفظ النظام كما قلناه فمن ول العدو ظهره فقد أخل بالصاف و باء بإث الزي ة‬ ‫إن وقعت و صار كأنه جرها على السلمي و أمكن منهم عدوهم فعظم الذنب لعموم الفسدة و تعديها إل الدين برق سياجه فع د م ن‬ ‫الكبائر و يظهر من هذه الدلة أن قتال الزحف أشد عند الشارع و أما قتال الكر و الفر فليس فيه من الشدة و المن من الزية ما ف قت ال‬ ‫الزحف إل أنم قد يتخذون وراءهم ف القتال مصافا‪ i‬ثابتا‪ i‬يلجأون إليه ف الكر و الفر و يقوم لم مقام قتال الزحف كما نذكره بعد‪ .‬ث إن‬ ‫الدول القدية الكثية النود التسعة المالك كانوا يقسمون اليوش و العساكر أقسام‪i‬ا يسمونا كراديس و يسوون ف كل كردوس صفوفه‬ ‫ذلك أنه لا كثرت جنودهم الكثرة البالغة و حشدوا من قاصية النواحي استدعى ذلك أن يهل بعضهم بعضا‪ i‬إذا اختلطوا ف مال الرب و‬ ‫اعتوروا مع عدوهم الطعن و الضرب فيخشى من تدافعهم فيما بينهم لجل النكراء و جهل بعضهم ببعض فلذلك كانوا يقسمون العساكر‬ ‫جوعا‪ i‬و يضمون التعارفي بعضهم لبعض و يرتبونا قريبا‪ i‬من الترتيب الطبيعي ف الهات الربع و رئيس العساكر كلها من سلطان أو قائد‬ ‫ف القلب و يسمون هذا الترتيب التعبئة و هو مذكور ف أخبار فارس و الروم و الدولتي و صدر السلم فيجعلون بي يدي اللك عسكرا‪i‬‬ ‫منفردا‪ i‬بصفوفه متميزا‪ i‬بقائده و رايته و شعاره و يسمونه القدمة ث عسكرا‪ i‬آخر ناحية اليمي عن موقف اللك و على سته يسمونه اليمنة ث‬ ‫عسكرا‪ i‬آخر من ناحية الشمال كذلك يسمونه اليسرة ث عسكرا‪ i‬آخر من وراء العسكر يسمونه الساقة و يقف اللك و أصحابه ف الوسط‬ ‫بي هذه الربع و يسمون موقفه القلب فإذا ت لم هذا الترتيب الكم أما ف مدى واحد للبصر أو على مسافة بعيدة أكثرها اليوم و اليومان‬ ‫بي كل عسكرين منها أو كيفما أعطاه حال العساكر ف القلة و الكثرة فحينئذ يكون الزحف من بعد هذه التعبئة و انظر ذلك ف أخب ار‬ ‫الفتوحات و أخبار الدولتي بالشرق و كيف كانت العساكر لعهد عبد اللك تتخلف عن رحيله لبعد الدى ف التعبئة فاحتيج لن يس وقها‬ ‫من خلفه و عي لذلك الجاج بن يوسف كما أشرنا إليه و كما هو معروف ف أخباره و كان ف الدولة الموية بالندلس أيض‪i‬ا كثي منه و‬ ‫هو مهول فيما لدينا لنا إنا أدركنا دول‪ i‬قليلة العساكر ل تنتهي ف مال الرب إل التناكر بل أكثر اليوش من الطائفتي معا‪ i‬يمعهم لدينا‬ ‫حلة أو مدينة و يعرف كل واحد منهم قرنة و يناديه ف حومة الرب باسه و لقبه فاستغن عن تلك التعبئة‪.‬‬ ‫و من مذاهب أهل الكر و الفر ف الروب ضرب الصاف وراء عسكرهم من المادات و اليوانات العجم فيتخذونا ملج أ‪ i‬للخيال ة ف‬ ‫كرهم و فرهم يطلبون به ثبات القاتلة ليكون أدوم للحرب و أقرب إل الغلب و قد يفعله أهل الزحف أيضا‪ i‬ليزيدهم ثباتا‪ i‬و شدة فقد كان‬ ‫الفرس و هم أهل الزحف يتخذون الفيلة ف الروب و يملون عليها أبراجا‪ i‬من الشب أمثال الصروح مشحونة بالقاتل ة و الس لح و‬ ‫الرايات و يصفونا وراءهم ف حومة الرب كأنا حصون فتقوى بذلك نفوسهم و يزداد وثوقهم و انظر ما وقع من ذلك ف القادسية و إن‬ ‫فارس ف اليوم الثالث اشتدوا بم على السلمي حت اشتدت رجالت من العرب فخالطوهم و بعجوها بالسيوف على خراطيمها فنفرت و‬ ‫نكصت على أعقابا إل مرابطها بالدائن فجفا معسكر فارس لذلك و انزموا ف اليوم الرابع‪ .‬و أما الروم و ملوك القوط بالندلس و أك ثر‬ ‫العجم فكانوا يتخذون لذلك السرة ينصبون للملك سريره ف حومة الرب و يف به من خدمه و حاشيته و جن وده م ن ه و زعي م‬ ‫بالستماتة دونه و ترفع الرايات ف أركان السرير و يدق به سياج آخر من الرماة و الرجالة فيعظم هيكل السرير و يص ي فئة للمقاتل ة و‬ ‫ملجأ للكر و الفر و جعل ذلك الفرس أيام القادسية و كان رستم جالسا‪ i‬على سرير نصبه للوسه حت اختلفت صفوف فارس و خ الطه‬ ‫العرب ف سريره ذلك فتحول عنه إل الفرات و قتل‪ .‬و أما أهل الكر و الفر من العرب و أكثر المم البدوية الرحالة فيصفون لذلك إبلهم و‬ ‫الظهر الذي يمل ظعائنهم فيكون فئة لم و يسمونا البوذة و ليس أمة من المم إل و هي تفعل ف حروبا و تراه أوثق ف الولة و آم ن‬ ‫من الغرة و الزية و هو أمر مشاهد و قد أغفلته الدول لعهدنا بالملة و اعتاضوا عنه بالظهر الامل للثقال و الفساطيط يعلونا ساقة‪ i‬من‬ ‫خلفهم و ل تغن غناء الفيلة و البل فصارت العساكر بذلك عرضة للهزائم و مستشعرة للفرار ف الواقف‪ .‬و كان الرب أول السلم كله‬ ‫زحفا‪ i‬و كان العرب إنا يعرفون الكر و الفر لكن حلهم على ذلك أول السلم أمران أحدها أن أعداءهم كانوا يقاتلون زحفا‪ i‬فيض طرون‬ ‫إل مقاتلتهم بثل قتالم‪ .‬و الثان أنم كانوا مستميتي ف جهادهم لا رغبوا فيه من الصب‪ ،‬و لا رسخ فيهم م ن الي ان و الزح ف إل‬


‫الستماتة أقرب‪ .‬و أول من أبطل الصف ف الروب و صار إل التعبئة كراديس مروان بن الكم ف قتال الضحاك الارجي و البيي بعده‬ ‫قال الطبي لا ذكر قتال البيي فول الوارج عليهم شيبان بن عبد العزيز اليشكري و يلقب أبا الذلفاء قاتلهم مروان بعد ذلك بالكراديس‬ ‫و أبطل الصف من يومئذ انتهى‪ .‬فتنوسي قتال الزحف بإبطال الصف ث تنوسي الصف وراء القاتلة با داخل الدول من الترف و ذلك أن ا‬ ‫حينما كانت بدوية و سكناهم اليام كانوا يستكثرون من البل و سكن النساء و الولدان معهم ف الحياء فلما حصلوا على ترف اللك و‬ ‫ألفوا سكن القصور و الواضر و تركوا شأن البادية و القفر نسوا لذلك عهد البل و الظعائن و صعب عليهم اتاذها فخلف وا النس اء ف‬ ‫السفار وحلهم اللك و الترف على اتاذ الفساطيط و الخبية فاقتصروا على الظهر الامل للثقال و البنية و كان ذلك صفتهم ف الرب‬ ‫و ل يغن كل الغناء لنه ل يدعو إل الستماتة كما يدعو إليها الهل و الال فيخف الصب من أجل ذلك و تص رفهم اليع ات و ت رم‬ ‫صفوفهم‪ .‬و لا ذكرناه من ضرب الصاف وراء العساكر و تأكده ف قتال الكر و الفر صار ملوك الغرب يتخذون طائفة م ن الفرن ج ف‬ ‫جندهم و اختصوا بذلك لن قتال أهل وطنهم كله بالكر و الفر و السلطان يتأكد ف حقه ضرب الصاف ليكون ردءا‪ i‬للمقاتلة أمامه فل بد‬ ‫من أن يكون أهل ذلك الصف من قوم متعودين للثبات ف الزحف و إل أجفلوا على طريقة أهل الكر و الفر فانزم الس لطان و العس اكر‬ ‫بإجفالم فاحتاج اللوك بالغرب أن يتخذوا جندا‪ i‬من هذه المة التعودة الثبات ف الزحف و هم الفرنج و يرتبون مصافهم الدق بم منه ا‬ ‫هذا على ما فيه من الستعانة بأهل الكفر‪ .‬و إنم استخفوا ذلك للضرورة الت أريناكها من توف الجفال على مصاف السلطان و الفرنج‬ ‫ل يعرفون غي الثبات ف ذلك لن عادتم ف القتال الزحف فكانوا أقوم بذلك من غيهم مع أن اللوك ف الغرب إنا يفعلون ذل ك عن د‬ ‫الرب مع أمم العرب و الببر و قتالم على الطاعة و أما ف الهاد فل يستعينون بم حذرا‪ i‬من مالتم على السلمي هذا هو الواقع ل ذا‬ ‫العهد و قد أ بدينا سببه و ال بكل شيء عليم‪ .‬و بلغنا أن أمم الترك لذا العهد قتالم مناضلة بالسهام و إن تعبئة الرب عندهم بالصاف و‬ ‫أنم يقسمون بثلثة صفوف يضربون صفا‪ i‬وراء صف و يترجلون عن خيولم و يفرغون سهامهم بي أيديهم ث يتناضلون جلوس ا‪ i‬و ك ل‬ ‫صف ردء للذي أمامه أن يكبسهم العدو إل أن يتهيأ النصر لحدى الطائفتي على الخرى و هي تعبئة مكمة غريبة‪ .‬و كان من م ذاهب‬ ‫الول ف حروبم حفر النادق على معسكرهم عندما يتقاربون للزحف حذرا‪ i‬من معرة البيات و الجوم على العسكر بالليل لا ف ظلمته و‬ ‫وحشته من مضاعفة الوف فيلوذ اليش بالفرار و تد النفوس ف الظلمة سترا‪ i‬من عاره فإذا تساووا ف ذلك أرجف العسكر و وقعت الزية‬ ‫فكانوا لذلك يتفرون النادق على معسكرهم إذا نزلوا و ضربوا أبنيتهم و يديرون الفائر نطاقا‪ i‬عليهم من جيع جهاتم حرصا‪ i‬أن يالطهم‬ ‫العدو بالبيات فيتخاذلوا‪ .‬و كانت للدول ف أمثال هذا قوة و عليه اقتدار باحتشاد الرجال و جع اليدي عليه ف كل منل من منازلم ب ا‬ ‫كانوا عليه من وفور العمران و ضخامة اللك فلما خرب العمران و تبعه ضعف الدول و قلة النود و عدم الفعلة نسي هذا الشأن جلة كأنه‬ ‫ل يكن و ال خي القادرين‪ .‬و انظر وصية علي رضي ال عنه و تريضه لصحابه يوم صفي تد كثيا‪ i‬من علم الرب و ل يكن أحد أبصر‬ ‫با منه قال ف كلم له‪ :‬فسووا صفوفكم كالبنيان الرصوص و قدموا الدارع و أخروا الاسر و عضوا على الضراس فإنه أنب للسيوف عن‬ ‫الام و التووا على أطراف الرماح فإنه أصون للسنة و غضوا البصار فإنه أربط للجأش و أسكن للقلوب و اخفتوا الصوات ف إنه أط رد‬ ‫للفشل و أول بالوقار و أقيموا راياتكم فل تيلوها و ل تعلوها إل بأيدي شجعانكم و استعينوا بالصدق و الصب فإنه بق در الص ب ينل‬ ‫النصر و قال الشتر يومئذ يرص الزد‪ :‬عضوا على النواجذ من الضراس و استقبلوا القوم بامكم و شدوا شدة قوم موتورين من يث أرون‬ ‫بآبائهم و إخوانم حناقا‪ i‬على عدوهم و قد وطنوا على الوت أنفسهم لئل يسبقوا بوتر و ل يلحقهم ف الدنيا عار و قد أشار إل كثي م ن‬ ‫ذلك أبو بكر الصيف شاعر لتونة و أهل الندلس ف كلمة يدح با تاشفي بن علي بن يوسف و يصف ثباته ف حرب شهدها و ي ذكره‬ ‫بأمور الرب ف وصايا تذيرات تنبهك على معرفة كثي من سياسة الرب يقول فيها‪.‬‬ ‫يا أيها الل الذي يتقنعمن منكم اللك المام الروع‬ ‫و من الذي غدر العدو به دجى‬

‫فانفض كل و هو ل يتزعزع‬

‫تضي الفوارس و الطعان يصدها‬

‫عنه و يدمرها الوفاء فترجع‬


‫و الليل من وضح الترائك إنصبح على هام اليوش يلمع‬ ‫أن فزعتم يا بن صنهاجةو إليكم ف الروع كان الفزع‬ ‫إنسان عي ل يصبها منكمحضن و قلب أسلمته الضلع‬ ‫و صددت عن تاشفي و إنلعقابه لو شاء فيكم موضع‬ ‫ما أنتم إل أسود خفية‬

‫كل لكل كريهة مستطلع‬

‫يا تاشفي أقم ليشك عذرهبالليل و العذر الذي ل يدفع‬ ‫و منها ف سياسة الرب‬ ‫أهديك من أدب السياسة ما به كانت ملوك الفرس قبلك تولع‬ ‫ل إنن أدري با لكنها ذكرى تض الؤمني و تنفع‬ ‫و البس من اللق الضاعفة الت‬

‫وصى با صنع الصنائع تبع‬

‫و الندوان الرقيق فإنأمضى على حد الدلص و أقطع‬ ‫و اركب من اليل السوابق عدة حصنا‪ i‬حصينا‪ i‬ليس فيه مدفع‬ ‫خندق عليك إذا ضربت ملة‬

‫سيان تتبع ظافرا‪ i‬أو تتبع‬

‫و الواد ل تعبه و انزل عنده بي العدو و بي جيشك يقطع‬ ‫و اجعل مناجزة اليوش عشية و وراءك الصدق الذي هو أمنع‬ ‫و إذا تضايقت اليوش بعرك ضنك فأطراف الرماح توشع‬ ‫و اصدمه أول وهلة ل تكترث شيئا‪ i‬فإظهار النكول يضعضع‬ ‫و اجعل من الطلع أهل شهامة للصدق فيهم شيمة ل تدع‬ ‫ل تسمع الكذاب جاءك مرجفا‪ i‬ل رأي للكذاب فيما يصنع‬ ‫قوله و اصدمه أول وهلة ل تكترث البيت مالف لا عليه الناس ف أمر الرب فقد قال عمر لب عبيد بن مسعود الثقفي ل ا وله ح رب‬ ‫فارس و العراق فقال له اسع و أطع من أصحاب النب صلى ال عليه و سلم و أشركهم ف المر و ل تيب مسرعا‪ i‬حت تتبي فإنا الرب و‬


‫ل يصلح لا الرجل الكيث الذي يعرف الفرصة و الكف و قال له ف أخرى‪ :‬إنه لن ينعن أن أؤمر سليطا‪ i‬إل سرعته ف الرب و ف التسرع‬ ‫ف الرب إل عن بيان ضياع و ال لول ذلك لمرته لكن الرب ل يصلحها إل الرجل الكيث هذا كلم عمر و هو شاهد بأن التثاق ل ف‬ ‫الرب أول من الفوف حت يتبي حال تلك الرب و ذلك عكس ما قاله الصيف إل أن يريد أن الصدم بعد البيان فله وجه و ال تع ال‬ ‫اعلم‪ .‬و ل وثوق ف الرب بالظفر و إن حصلت أسبابه من العدة و العديد و إنا الظفر فيها و الغلب من قبيل البحث و التف اق و بي ان‬ ‫ذلك أن أسباب الغلب ف الكثر متمعة من أمور ظاهرة و هي اليوش و وفورها و كمال السلحة و استجادتا و كثرة الشجعان و ترتيب‬ ‫الصاف و منه صدق القتال و ما جرى مرى ذلك و من أمور خفية و هي إما خداع البشر و حيلهم ف الرجاف و التشانيع الت يقع ب ا‬ ‫التخذيل و ف التقدم إل الماكن الرتفعة ليكون الرب من أعلى فيتوههم النخفض لذلك و ف الكم ون ف الغي اض و مطمئن الرض و‬ ‫التواري بالكدى حول العدو حت يتداولم العسكر دفعة و قد تورطوا فيتلفتون إل النجاة و أمثال ذلك و إما أن تكون تلك السباب الفية‬ ‫أمورا‪ i‬ساوية ل قدرة للبشر على اكتسابا تلقى ف القلوب فيستول الرهب عليهم لجلها فتختل مراكزهم فتقع الزية و أكثر ما تقع الزائم‬ ‫عن هذه السباب الفية لكثرة ما يعتمل لكل واحد من الفريقي فيها حرصا‪ i‬على الغلب فل بد من وقوع التأثي ف ذلك لحدها ضرورة و‬ ‫لذلك قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الرب خدعة و من أمثال العرب رب حيلة أنفع من قبيلة فقد تبي أن وقوع الغلب ف الروب غالبا‪ i‬عن‬ ‫أسباب خفية غي ظاهرة و وقوع الشياء عن السباب الفية هو معن البخت كما تقرر ف موضعه فاعتبه و تفهم من وقع الغل ب ع ن‬ ‫المور السماوية كما شرحناه معن قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬نصرت بالرعب مسية شهر و ما وقع من غلبه للمشركي ف حياته بالع دد‬ ‫القليل و غلب السلمي من بعده كذلك ف الفتوحات فإن ال سبحانه و تعال تكفل لنبيه بإلقاء الرعب ف قلوب الكافرين حت يستول على‬ ‫قلوبم فينهرموا معجزة لرسوله صلى ال عليه و سلم فكان الرعب ف قلوبم سببا‪ i‬للهزائم ف الفتوحات السلمية كلها أنه خفي عن العيون‪.‬‬ ‫و قد ذكر الطرطوشي‪ :‬أن من أسباب الغلب ف الرب أن تفضل عدة الفرسان الشاهي من الشجعان ف أحد الانبي على عدتم ف الانب‬ ‫الخر مثل أن يكون أحد الانبي فيه عشرة أو عشرون من الشجعان الشاهي و ف الالب الخر ثانية أو ستة عشر فالانب الزائد و ل و‬ ‫بواحد يكون له الغلب و أعاد ف ذلك و أبدى و هو راجع إل السباب الظاهرة الت قدمنا و ليس بصحيح‪ .‬و إنا الصحيح العتب ف الغلب‬ ‫حال العصبية أن يكون ف أحد الانبي عصبية واحدة جامعة لكلهم و ف الانب الخر عصائب متعددة لن العصائب إذا كانت متع ددة‬ ‫يقع بينها من التخاذل ما يقع ف الوحدان التفرقي الفاقدين للعصبية تنل كل عصابة منهم منلة الواحد و يكون الانب ال ذي عص ابته‬ ‫متعددة ل يقاوم الانب الذي عصبته واحدة لجل ذلك فتفهمه و اعلم أنه أصح ف العتبار ما ذهب إليه الطرطوشي و ل يمله على ذلك‬ ‫إل نسيان شأن العصبية ف حلة و بلدة و أنم إنا يرون ذلك الدفاع و الماية و الطالبة إل الوحدان و الماعة الناشئة عنهم ل يعتبون ف‬ ‫ذلك عصبية و ل نسبا‪ i‬و قد بينا ذلك أول الكتاب مع أن هذا و أمثاله على تقدير صحته إنا هو من السباب الظاهرة مثل اتفاق اليش ف‬ ‫العدة و صدق القتال و كثرة السلحة و ما أشبهها فكيف يعل ذلك كفيل‪ i‬بالغلب و نن قد قررنا لك الن أن ش يئا‪ i‬منه ا ل يع ارض‬ ‫السباب الفية من اليل و الداع و ل المور السماوية من الرعب و الذلن اللي فافهمه و تفهم أحوال الكون و ال مق در اللي ل و‬ ‫النهار‪ .‬و يلحق بعن الغلب ف الروب و أن أسبابه خفية و غي طبيعية حال الشهرة و الصيت فقل أن تصادف موضعها ف أحد من طبقات‬ ‫الناس من اللوك و العلماء و الصالي و النتحلي للفصائل على العموم و كثي من اشتهر بالشر و هو بلفه و كثي م ن ت اوزت عن ه‬ ‫الشهرة و هو أحق با و أهلها و قد تصادف موضعها و تكون طبقا‪ i‬على صاحبها و السبب ف ذلك أن الشهرة و الصيت إنا ها بالخبار و‬ ‫الخبار يدخلها الذهول عن القاصد عند التناقل و يدخلها التعصب و التشييع و يدخلها الوهام و يدخلها الهل بطابقة الكايات للحوال‬ ‫لفائها بالتلبيس و التصنع أو لهل الناقل و يدخلها التقرب لصحاب التجلة و الراتب الدنيوية بالثناء و الدح و تسي الحوال و إش اعة‬ ‫الذكر بذلك و النفوس مولعة بب الثناء و الناس متطاولون إل الدنيا و أسبابا من جاه أو ثروة و ليسوا من الكثر براغبي ف الفضائل و ل‬ ‫منافسي ف أهلها و أين مطابقة الق مع هذه كلها فتختل الشهرة عن أسباب خفية من هذه و تكون غي مطابقة و كل ما حصل بس بب‬ ‫خفي فهو الذي يعب عنه بالبخت كما تقرر و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬


‫الفصل الثامن و الثلثون ف الباية و سبب قلتها و كثرتا‬ ‫إعلم أن الباية أول الدولة تكون قليلة الوزائع كثية الملة و آخر الدولة تكون كثية الوزائع قليلة الملة و السبب ف ذلك أن الدول ة إن‬ ‫كانت على سنن الدين فليست تقتضي إل الغارم الشرعية من الصدقات و الراج و الزية و هي قليلة الوزائع لن مقدار الزكاة من ال ال‬ ‫قليل كما علمت و كذا زكاة البوب و الاشية و كذا الزية و الراج و جيع الغارم الشرعية و هي حدود ل تتعدى و إن ك انت عل ى‬ ‫سنن التغلب و العصبية فل بد من البداوة ف أولا كما تقدم و البداوة تقتضي السامة و الكارمة و خفض الناح و التجاف عن أموال الناس‬ ‫و الغفلة عن تصيل ذلك إل ف النادر فيقل لذلك مقدار الوظيفة الواحدة و الوزيعة الت تمع الموال من مموعها و إذا قل ت ال وزائع و‬ ‫الوظائف على الرعايا نشطوا للعمل و رغبوا فيه فيكثر العتمار و يتزايد لصول الغتباط بقلة الغرم و إذا كثر العتمار كثرت أعداد تلك‬ ‫الوظائف و الوزائع فكثرت الباية الت هي جلتها فإذا استمرت الدولة و اتصلت و تعاقب ملوكها واحدا‪ i‬بعد واحد و اتصفوا ب الكيس و‬ ‫ذهب سر البداوة و السذاجة و خلقها من الغضاء و التجاف و جاء اللك العضوض و الضارة الداعية إل الكيس و تلق أهل الدولة حينئذ‬ ‫بلق التحذلق و تكثرت عوائدهم و حوائجهم بسبب ما انغمسوا فيه من النعيم و الترف فيكثرون الوظائف و الوزائع حينئذ على الرعايا و‬ ‫الكرة و الفلحي و سائر أهل الغارم و يزيدون ف كل وظيفة و وزيعة مقدارا‪ i‬عظيما‪ i‬لتكثر لم الباية و يضعون الكوس على البايعات و‬ ‫ف البواب كما نذكر بعد ث تتدرج الزيادات فيها بقدار بعد مقدار لتدرج عوائد الدولة ف الترف و كثرة الاجات و النفاق بسببه حت‬ ‫تثقل الغارم على الرعايا و تضمهم و تصي عادة مفروضة لن تلك الزيادة تدرجت قليل‪ i‬قليل‪ i‬و ل يشعر أحد بن زادها عل ى التعيي و ل‬ ‫من هو واضعها إنا ثبت على الرعايا ف العتمار لذهاب المل من نفوسهم بقلة النفع إذا قابل بي نفعه و مغارمه و بي ثرت ه و ف ائدته‬ ‫فتنقبض كثي من اليدي عن العتمار جلة فتنقص جلة الباية حينئذ بنقصان تلك الوزائع منها و ربا يزيدون ف مقدار الوظ ائف إذا رأوا‬ ‫ذلك النقص ف الباية و يسبونه جبا‪ i‬لا نقص حت تنتهي كل وظيفة و وزيعة إل غاية ليس وراءها نفع و ل فائدة لكثرة النفاق حينئذ ف‬ ‫العتمار و كثرة الغارم و عدم وفاء الفائدة الرجوة به فل تزال الملة ف نقص و مقدار الوزائع و الوظائف ف زيادة لا يفتقدونه من ج ب‬ ‫الملة با إل أن ينتقص العمران بذهاب المال من العتمار و يعود وبال ذلك على الدولة لن فائدة العتمار عائدة إليها و إذا فهمت ذلك‬ ‫علمت إل أقوى السباب ف العتمار تقليل مقدار الوظائف على العتمرين ما أمكن فبذلك تنبسط النفوس إليه لثقتها بإدراك النفعة في ه و‬ ‫ال سبحانه و تعال مالك المور كلها و بيده ملكوت كل شيء‪.‬‬

‫الفصل التاسع و الثلثون ف ضرب الكوس أواخر الدولة‬ ‫إعلم أن الدولة تكون ف أولا بدوية كما قلنا فتكون لذلك قليلة الاجات يعدم الترف و عوائده فيكون خرجها و إنفاقها قليل‪ i‬فيك ون ف‬ ‫الباية حينئذ وفاء بأزيد منها كثي عن حاجاتم ث ل تلبث أن تأخذ بدين الضارة ف الترف و عوائدها و تري على نج الدول الس ابقة‬ ‫قبلها فيكثر لذلك خراج أهل الدولة و يكثر خراج السلطان خصوصا‪ i‬كثرة بالغة بنفقته ف خاصته و كثرة عطائه و ل تفي ب ذلك الباي ة‬ ‫فتحتاج الدولة إل زيادة ف الباية لا تتاج إليه الامية من العطاء و السلطان من النفقة فيزيد ف مقدار الوظائف و الوزائع أول‪ i‬كما قلناه ث‬ ‫يزيد الراج و الاجات و التدريج ف عوائد الترف و ف العطاء للحامية و يدرك الدولة الرم و تضعف عصابتها عن جباية الم وال م ن‬ ‫العمال و القاصية فتقل الباية و تكثر العوائد و يكثر بكثرتا أرزاق الند و عطاؤهم فيستحدث صاحب الدولة أنواعا‪ i‬من الباية يض ربا‬ ‫على البياعات و يفرض لا قدرا‪ i‬معلوما‪ i‬على الثان ف السواق و على أعيان السلع ف أموال الدينة و هو مع هذا مضطر لذلك با دعاه إليه‬ ‫طرق الناس من كثرة العطاء من زيادة اليوش و الامية و ربا يزيد ذلك ف أواخر الدولة زيادة بالغة فتكسد السواق لفساد المال و يؤذن‬ ‫ذلك باختلل العمران و يعود على الدولة و ل يزال ذلك يتزايد إل أن تضمحل‪ .‬و قد كان وقع منه بأمصار الشرق ف أخري ات الدول ة‬ ‫العباسية و العبيدية كثي و فرضت الغارم حت على الاج ف الوسم و أسقط صلح الدين أيوب تلك الرسوم جلة و أعاضها بآثار الي و‬ ‫كذلك وقع بالندلس لعهد الطوائف حت مى رسه يوسف بن تاشفي أمي الرابطي و كذلك وقع بأمصار الريد بإفريقية لذا العهد حي‬ ‫استبد با رؤساؤها و ال تعال أعلم‪.‬‬


‫الفصل الربعون ف أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا و مفسدة للجباية‬ ‫اعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها با قدمناه من الترف و كثرة العوائد و النفقات و قصر الاصل من جبايتها على الوفاء باجاتا و نفقاتا و‬ ‫احتاجت إل مزيد الال و الباية فتارة توضع الكوس على بياعات الرعايا و أسواقهم كما قدمنا ذلك ف الفصل قبله و ت ارة بالزي ادة ف‬ ‫ألقاب الكوس إن كان قد استحدث من قبل و تارة بقاسة العمال و الباة و امتكاك عظامهم لا يرون أنم قد حصلوا على شيء طائل من‬ ‫أموال الباية ل يظهره السبان و تارة باستحداث التجارة و الفلحة للسلطان على تسمية الباية لا يرون التجار و الفلحي يصلون على‬ ‫الفوائد و الغلت مع يسارة أموالم و أن الرباح تكون على نسبة رؤوس الموال فيأخذون ف اكتساب اليوان و النبات لستغلله ف شراء‬ ‫البضائع والتعرض با لوالة السواق و يسبون ذلك من إدرار الباية و تكثي الفوائد و هو غلط عظيم و إدخال الضرر على الرعايا م ن‬ ‫وجوه متعددة فأول‪ i‬مضايقة الفلحي و التجار ف شراء اليوان و البضائع و تيسي أسباب ذلك فإن الرعايا متكافئون ف اليسار متقاربون و‬ ‫مزاحة بعضهم بعضا‪ i‬تنتهي إل غاية موجودهم أو تقرب و إذا رافقهم السلطان ف ذلك و ماله أعظم كثيا‪ i‬منهم فل يكاد أحد منهم يصل‬ ‫على غرضه ف شيء من حاجاته و يدخل على النفوس من ذلك غم و نكد ث إن السلطان قد ينتزع الكثي من ذلك إذا تعرض له غض ا‪ i‬أو‬ ‫بأيسر ثن أو ل يد من يناقشه ف شرائه فيبخس ثنه على بائعه ث إذا حصل فوائد الفلحة و مغلها كله من زرع أو حرير أو عسل أو سكر‬ ‫أو غي ذلك من أنواع الغلت و حصلت بضائع التجارة من سائر النواع فل ينتظرون به حوالة السواق و ل نفاق البياعات لا ي دعوهم‬ ‫إليه تكاليف الدولة فيكلفون أهل تلك الصناف من تاجر أو فلح بشراء تلك البضائع و ل يرضون ف أثانا إل القيم و أزيد فيستوعبون ف‬ ‫ذلك ناض أموالم و تبقى تلك البضائع بأيديهم عروضا‪ i‬جامدة و يكثون عطل‪ i‬من الدارة الت فيها كسبهم و معاشهم و رب ا ت دعوهم‬ ‫الضرورة إل شيء من الال فيبيعون تلك السلع على كساد من السواق بأبس ثن‪ .‬و ربا يتكرر ذلك على التاجر و الفلح منهم با يذهب‬ ‫رأس ماله فيقعد عن سوقه و يتعدد ذلك و يتكرر و يدخل به على الرعايا من العنت و الضايقة و فساد الرباح ما يقبض آمالم عن السعي‬ ‫ف ذلك جلة و يؤدي إل فساد الباية فإن معظم الباية إنا هي من الفلحي و التجار و ل سيما بعد وضع الكوس و نو الباية با ف إذا‬ ‫انقبض الفلحون عن الفلحة و قعد التجار عن التجارة ذهبت الباية جلة أو دخلها النقص التفاحش و إذا قايس السلطان بي ما يصل له‬ ‫من الباية و بي هذه الرباح القليلة وجدها بالنسبة إل الباية أقل من القليل ث إنه و لو كان مفيدا‪ i‬فيذهب له بظ عظيم من الباية فيم ا‬ ‫يعانيه من شراء أو بيع فإنه من البعيد أن يوجد فيه من الكس و لو كان غيه ف تلك الصفقات لكال تكسبها كلها حاصل‪ i‬من جهة الباية‬ ‫ث فيه التعرض لهل عمرانه و اختلل الدولة بفسادهم و نقصهم فإن الرعايا إذا قعدوا عن تثمي أموالم بالفلح ة و التج ارة نقص ت و‬ ‫تلشت بالنفقات و كان فيها تلف أحوالم‪ ،‬فافهم ذلك و كان الفرس ل يلكون عليهم إل من أهل بيت الملكة ث يتارونه م ن أه ل‬ ‫الفضل و الدين و الدب و السخاء و الشجاعة و الكرم ث يشترطون عليه مع ذلك العدل و أن ل يتخذ صنعة فيضر بيان ه و ل يت اجر‬ ‫فيحب غلء السعار ف البضائع و أن ل يستخدم العبيد فإنم ل يشيون بي و ل مصلحة‪ .‬و اعلم أن السلطان ل ينمي م اله و ل ي در‬ ‫موجوده إل الباية و إدرارها إنا يكون بالعدل ف أهل الموال و النظر لم بذلك فبذلك تنبسط آمالم و تنشرح صدورهم للخذ ف تثمي‬ ‫الموال و تنميتها فتعظم منها جباية السلطان و أما غي ذلك من تارة أو فلح فإنا هو مضرة عاجلة للرعايا و فساد للجباية و نقص للعمارة‬ ‫و قد ينتهي الال بؤلء النسلخي للتجارة و الفلحة من المراء و التغلبي ف البلدان أنم يتعرضون لشراء الغلت و السلع م ن أرباب ا‬ ‫الواردين على بلدهم و يفرضون لذلك من الثمن ما يشاءون و يبيعونا ف وقتها لن تت أيديهم من الرعايا با يفرضون من الثمن و ه ذه‬ ‫أشد من الول و أقرب إل فساد الرعية و اختلل أحوالم و ربا يمل السلطان على ذلك من يداخله من هذه الص ناف أعن التج ار و‬ ‫الفلحي لا هي صناعته الت نشأ عليها فيحمل السلطان على ذلك و يضرب معه بسهم لنفسه ليحصل على غرضه من جع الال سريعا‪ i‬و ل‬ ‫سيما مع ما يصل له من التجارة بل مغرم و ل مكس فإنا أجدر بنمو الموال و أسرع ف تثميه و ل يفهم ما يدخل على السلطان م ن‬ ‫الضرر بنقص جبايته فينبغي للسلطان أن يذر من هؤلء و يعرض عن سعايتهم الضرة ببايته و سلطانه و ال يلهمنا رشد أنفسنا و ينفعن ا‬ ‫بصال العمال و ال تعال أعلم‪.‬‬


‫الفصل الادي و الربعون ف أن ثروة السلطان و حاشيته إن ا تك ون ف‬ ‫وسط الدولة‬ ‫و السبب ف ذلك أن الباية ف أول الدولة تتوزع على أهل القبيل و العصبية بقدار غنائهم و عصبيتهم و لن الاجة إليهم ف تهيد الدولة‬ ‫كما قلناه من قبل فرئيسهم ف ذلك متجاف لم عما يسمون إليه من الستبداد عليهم فله عليهم عزة و له إليهم حاجة فل يطي ف سهمانه‬ ‫من الباية إل القل من حاجته فتجد حاشيته لذلك و أذياله من الوزراء و الكتاب و الوال متملقي ف الغالب و جاههم متقلص لنه م ن‬ ‫جاه مدومهم و نطاقه قد ضاق بن يزاحه فيه من أهل عصبيته فإذا استفحلت طبيعة اللك و حصل لصاحب الدولة الستبداد على ق ومه‬ ‫قبض أيديهم عن البايات إل ما يطي لم بي الناس ف سهمانم و تقل حظوظهم ذاك لقلة غنائهم ف الدولة با انكبح من أعنتهم و ص ار‬ ‫الوال و الصنائع مساهي لم ف القيام بالدولة و تهيد المر فينفرد صاحب الدولة حينئذ بالباية أو معظمها و يتوي عل ى الم وال و‬ ‫يتجنها للنفقات ف مهمات الحوال فتكثر ثروته و تتلئ خزائنه و يتسع نطاق جاهه و يعتز على سائر قومه فيعظم حال حاشيته و ذويه من‬ ‫وزير و كاتب و حاجب و مول و شرطي و يتسع جاههم و يقتنون الموال و يتأثلونا ث إذا أخذت الدولة ف الرم بتلشي العصبية و فناء‬ ‫القليل العاهدين للدولة احتاج صاحب المر حينئذ إل العوان و النصار لكثرة الوارج و النازعي و الثوار و ت وهم النتق اض فص ار‬ ‫خراجه لظهرائه و أعوانه و هم أرباب السيوف و أهل العصبيات و أنفق خزائنه و حاصله ف مهمات الدولة و قلت مع ذلك الباي ة ل ا‬ ‫قدمناه من كثرة العطاء و النفاق فيقل الراج و تشتد حاجة الدولة إل الال فيتقلص ظل النعمة و الترف عن الواص و الجاب و الكتاب‬ ‫بتقلص الاه عنهم و ضيق نطاقه على صاحب الدولة ث تشتد حاجة صاحب الدولة إل الال و تنفق أبناء البطانة و الاشية ما تأثله آباؤهم‬ ‫من الموال ف غي سبيلها من إعانة صاحب الدولة و يقبلون على غي ما كان عليه آباؤهم و سلفهم من الناصحة و يرى صاحب الدولة أنه‬ ‫أحق بتلك الموال الت اكتسبت ف دولة سلفه و باههم فيصطلمها و ينتزعها منهم لنفسه شيئا‪ i‬فشيئا‪ i‬و واحدا‪ i‬بعد واحد على نسبة رتبهم‬ ‫و تنكر الدولة لم و يعود وبال ذلك على الدولة بفناء حاشيتها و رجالتا و أهل الثروة و النعمة من بطانتها و يتقوض بذلك كثي من مبان‬ ‫الد بعد أن يدعمه أهله و يرفعوه‪ .‬و انظر ما وقع من ذلك لوزراء الدولة العباسية ف بن قحطبة و بن برمك و بن س هل و بن ط اهر و‬ ‫أمثالم ث ف الدولة الموية بالندلس عند انللا أيام الطوائف ف بن شهيد و بن أب عبدة و بن حدير و بن برد و أمثالم و كذا ف الدولة‬ ‫الت أدركناها لعهدنا سنة ال الت قد خلت ف عباده‪.‬‬ ‫فصل‪ :‬و لا يتوقعه أهل الدولة من أمثال هذه العاطب صار الكثي منهم ينعون إل الفرار عن الرتب و التخلص من ربقة السلطان با حصل‬ ‫ف أيديهم من مال الدولة إل قطر آخر و يرون أنه أهنأ لم و أسلم ف إنفاقه و حصول ثرته و هو من الغلط الفاحشة و الوهام الفسدة‬ ‫لحوالم و دنياهم و اعلم أن اللص من ذلك بعد الصول فيه عسي متنع فإن صاحب هذا الغرض إذا كان هو اللك نفس ه فل تكن ه‬ ‫الرعية من ذلك طرفة عي و ل أهل العصبية الزاحون له بل ف ظهور ذلك منه هدم للكه و إتلف لنفسه بجاري العادة بذلك لن ربق ة‬ ‫اللك يعسر اللص منها و ل سيما عند استفحال الدولة و ضيق نطاقها و ما يعرض فيها من البعد عن الد و اللل و التخلق بالشر و أما‬ ‫إذا كان صاحب هذا الغرض من بطانة السلطان و حاشيته و أهل الرتب ف دولته فقل أن يلى بينه و بي ذلك‪ .‬أما أول فلما يراه اللوك أن‬ ‫ذويهم و حاشيتهم بل و سائر رعاياهم ماليك لم مطلعون على ذات صدورهم فل يسمحون بل ربقته من الدم ة ض نا بأس رارهم و‬ ‫أحوالم أن يطلع عليها أحد‪ .‬و غيه من خدمته لسواهم و لقد كان بنو أمية بالندلس ينعون أهل دولتهم من السفر لفريض ة ال ج ل ا‬ ‫يتوهونه من وقوعهم بأيدي بن العباس فلم يج سائر أيامهم أحد من أهل دولتهم و ما أبيح الج لهل الدول من الندلس إل بعد ف راغ‬ ‫شأن الموية و رجوعها إل الطوائف و أما ثانيا فلنم و إن سحوا بل ربقته فل يسمحون بالتجاف عن ذلك الال لا يرون أنه جزء م ن‬ ‫مالم كما يرون أنه جزء من دولتهم إذ ل يكتسب إل با و ف ظل جاهها‪ ،‬فتخوم نفوسهم على انتزاع ذلك الال و التقامه كما هو ج زء‬ ‫من الدولة ينتفعون به ث إذا توهنا أنه خلص بذلك الال إل قطر آخر و هو ف النادر القل فتمتد إليه أعي اللوك بذلك القطر و ين تزعونه‬ ‫بالرهاب و التخويف تعريضا أو بالقهر ظاهرا لا يرون أنه مال الباية و الدول و أنه مستحق للنفاق ف الصال و إذا كانت أعينهم تت د‬ ‫إل أهل الثروة و اليسار التكسبي من وجوه العاش فأحرى با أن تتد إل أموال الباية و الدول الت تد السبيل إليه بالشرع و العادة و لقد‬


‫حاول السلطان أبو يي زكريا بن أحد اللحيان تاسع أو عاشر ملوك الفصيي بأفريقة الروج عن عهدة اللك و اللحاق بصر فرارا م ن‬ ‫طلب صاحب الثغور الغربية لا استجمع لغزو تونس فاستعمل اللحيان الرحلة إل ثغر طرابلس يوري بتمهيده و ركب السفي هن هنالك و‬ ‫خلص إل السكندرية بعد أن حل جيع ما وجده ببيت الال من الصامت و الذخية و باع كل ما كان بزائنهم من الت اع و العق ار و‬ ‫الوهر حت الكتب و احتمل ذلك كله إل مصر و نزل على اللك الناصر ممد بن قلون سنة سبع عشرة من الائة الثامنة فأكرم نزله و رفع‬ ‫ملسة و ل يزل يستخلص ذخيته شيئا فشيئا بالتعريض إل أن حصل عليها و ل يبق معاش ابن اللحيان إل ف جرابته الت فرضت له إل أن‬ ‫هلك سنة ثان و عشرين حسبما نذكره ف أخباره فهذا و أمثاله من جلة الوسواس الذي يعتري أهل الدول لا يتوقعونه من مل وكهم م ن‬ ‫العاطب و إنا يلصون إن اتفق لم اللص بأنفسهم و ما يتوهونه من الاجة فغلط و وهم و الذي حصل لم من الشهرة بدمة ال دول‬ ‫كاف ف وجدان العاش لم بالرايات السلطانية أو بالاه ف انتحال طرق الكسب من التجارة و الفلحة و الدول أنساب لكن‪:‬‬ ‫و إذا ترد إل قليل تقنع‬ ‫النفس راغبة إذا رغبتها‬ ‫و ال سبحانه هو الرزاق و هو الوفق بنه و فضله و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثان و الربعون ف أن نقص العطاء من السلطان نقص ف الباية‬ ‫و السبب ف ذلك أن الدولة و السلطان هي السوق العظم للعال و منه مادة العمران فإذا احتجن السلطان الموال أو البايات أو فق دت‬ ‫فلم يصرفها ن مصارفها قل حينئذ ما بأيدي الاشية و الامية و انقطع أيضا ما كان يصل منهم لاشيتهم و ذويهم و قلت نفقاتم جلة و‬ ‫هم معظم السواد و نفقاتم أكثر مادة للسواق من سواهم فيقع الكساد حينئذ ف السواق و تضعف الرباح ف التاجر فيقل الراج لذلك‬ ‫لن الراج و الباية إنا تكون من العتمار و العاملت و نفاق السواق و طلب الناس للفوائد و الرباح و وبال ذلك عائد على الدول ة‬ ‫بالنقص لقلة أموال السلطان حينئذ بقلة الراج فإن الدولة كما قلناه هي الشرق العظم أم السواق كلها و أصلها و مادت ا ف ال دخل و‬ ‫الرج فإن كسدت و قلت مصارفها فاجدر با بعدها من السواق أن يلحقها مثل ذلك و أشد منه و أيضا فالال إنا هو متردد بي الرعية و‬ ‫السلطان منهم إليه و منه إليهم فإذا حبسه السلطان عنده فقدته الرعية سنة ال ف عباده‪.‬‬

‫الفصل الثالث و الربعون ف أن الظلم مؤذن براب العمران‬ ‫اعلم أن العدوان على الناس ف أموالم ذاهب بآمالم ف تصيلها و اكتسابا لا يرونه حينئذ من أن غايتها و مصيها انتهابا من أيديهم و إذا‬ ‫ذهبت آمالم ف اكتسابا و تصيلها انقبضت أيديهم عن السعي ف ذلك و على قدر العتداء و نسبته يكون انقباض الرعايا عن الس عي ف‬ ‫الكتساب فإذا كان العتداء كثيا عاما ف جيع أبواب العاش كان القعود عن الكسب كذلك لذهابه بالمال جلة بدخوله من جيع أبوابا‬ ‫و إن كان العتداء يسيا كان النقباض عن الكسب على نسبته و العمران و وفوره و نفاق أسواقه إنا هو بالعمال و س عي الن اس ف‬ ‫الصال و الكاسب ذاهبي و جائي فإذا قعد الناس عن العاش و انقبضت أيديهم ف الكاسب كسدت أسواق العمران و انتفضت الحوال‬ ‫و ابذعر الناس ف الفاق من غي تلك اليالة ف طلب الرزق فيما خرج عن نطاقها فخف ساكن القطر و خلت دياره و خرجت أمصاره و‬ ‫اختل باختلله حال الدولة و السلطان لا أنا صورة للعمران تفسد بفساد مادتا ضرورة و انظر ف ذلك ما حكاه السعودي ف أخبار الفرس‬ ‫عن الوبذان صاحب الدين عندهم أيام برام بن برام و ما عرض به للملك ف إنكار ما كان عليه من الظلم و الغفلة عن عائدته على الدولة‬ ‫بضرب الثال ف ذلك على لسان البوم حي سع اللك أصواتا و سأله عن فهم كلمها فقال له‪ :‬إن بوما ذكرا يروم نكاح بوم أنثى و إن ا‬ ‫شرطت عليه عشرين قرية من الراب ف أيام برام فقبل شرطها‪ ،‬و قال لا‪ :‬إن دامت أيام اللك أقطعتك ألف قرية و هذا أسهل مرام‪ .‬فتنبه‬ ‫اللك من غفلته و خل بالوبذان و سأله عن مراده فقال له أيها اللك إن اللك ل يتم عزه إل بالشريعة و القيام ل بطاعته و التصرف ت ت‬ ‫أمره و نيه و ل قوام للشريعة إل باللك و ل عز للملك إل بالرجال و ل قوام للرجال إل بالال و ل سبيل إل الال إل بالعمارة و ل سبيل‬ ‫للعمارة إل بالعدل و العدل اليزان النصوب بي الليقة نصبه الرب و جعل له قيما و هو اللك و أنت أيها الل ك عم دت إل الض ياع‬


‫فانتزعتها من أربابا و عمارها و هم أرباب الراج و من تؤخذ منهم الموال و أقطعتها الاشية و الدم و أهل البطالة فتركوا العم ارة و‬ ‫النظر ف العواقب و ما يصلح الضياع و سوموا ف الراج لقربم من اللك و وقع اليف على من بقي من أرباب الراج و عمار الض ياع‬ ‫فانلوا عن ضياعهم و خلوا ديارهم و أووا إل ما تعذر من الضياع فسكنوها فقلت العمارة و خربت الضياع و قلت الم وال و هلك ت‬ ‫النود و الرعية و طمع ف ملك فارس من جاورهم من اللوك لعلمهم بانقطاع الواد الت ل تستقيم دعائم اللك إل با‪ .‬فلما سع اللك ذلك‬ ‫أقبل على النظر ف ملكه و انتزعت الضياع من أيدي الاصة و ردت على أربابا و حلوا على رسومهم السالفة و أخذوا ف العمارة و قوي‬ ‫من ضعف منهم فعمرت الرض و أخصبت البلد و كثرت الموال عند جباة الراج و قويت النود و قطعت مواد الع داء و ش حنت‬ ‫الثغور و أقبل اللك على مباشرة أموره بنفسه فحسنت أيامه و انتظم ملكه فتفهم من هذه الكاية أن الظلم مرب للعم ران و أن ع ائدة‬ ‫الراب ف العمران على الدولة بالفساد و النتقاض‪ .‬و ل تنظر ف ذلك إل أن العتداء قد يوجد بالمصار العظيمة من الدول الت ب ا و ل‬ ‫يقع فيها خراب و اعلم أن ذلك إنا جاء من قبل الناسبة بي العتداء و أحوال أهل الصر فلما كان الصر كبيا و عمرانه كثيا و أح واله‬ ‫متسعة با ل ينحصر كان وقوع النقص فيه بالعتداء و الظلم يسيا لن النقص إنا يقع بالتدريج فإذا خفي بكثرة الحوال و اتساع العمال‬ ‫ف الصر ل يظهر أثره إل بعد حي و قد تذهب تلك الدولة العتدية من أصلها قبل خراب و تيء الدولة الخرى فترفعه ب دتا و ت ب‬ ‫النقص الذي كان خفيا فيه فل يكاد يشعر به إل أن ذلك ف القل النادر و الراد من هذا أن حصول النقص ف العمران عن الظلم و العدوان‬ ‫أمر و اقع ل بد منه لا قدمناه و وباله عائد على الدول‪ .‬و ل تسب الظلم إنا هو أخذ الال أو اللك من يد مالكه من غي عوض و ل سبب‬ ‫كما هو الشهور بل الظلم أعم من ذلك و كل من أخذ ملك أحد أو غصبه ف عمله أو طالبه بغي حق أو فرض عليه حقا ل يفرضه الشرع‬ ‫فقد ظلمه فجباة الموال بغي حقها ظلمة و العتدون عليها ظلمة و النتهبون لا ظلمة و الانعون لقوق الناس ظلمة و خصاب الملك على‬ ‫العموم ظلمة و وبال ذلك كله عائد على الدولة براب العمران الذي هو مادتا لذهابه المال من أهله و اعلم أن ه ذه ه ي الكم ة‬ ‫القصودة للشارع ف تري الظلم و هو ما ينشأ عنه من فساد العمران و خرابه و ذلك مؤذن بانقطاع النوع البشري و هي الكمة العام ة‬ ‫الراعية للشرع ف جيع مقاصده الضرورية المسة من حفظ الدين و النفس و العقل و النسل و الال‪ .‬فلما كان الظلم كما رأي ت مؤذن ا‬ ‫بانقطاع النوع لا أدى إليه من تريب العمران‪ ،‬كانت حكمة الطر فيه موجودة‪ ،‬فكان تريه مهما‪ ،‬و أدلته من القرآن و السنة كثية‪ ،‬أكثر‬ ‫من أن يأخذها قانون الضبط و الصر‪ .‬و لو كان كل واحد قادرا على الظلم لوضع بإزائه من العقوبات الزاجرة ما وضع ب إزاء غيه م ن‬ ‫الفسدات للنوع الت يقدر كل أحد على اقترافها من الزنا و القتل و السكر إل أن الظلم ل يقدر عليه إل من يقدر عليه لنه إنا يقع من أهل‬ ‫القدرة و السلطان فبولغ ف ذمة و تكرير الوعيد فيه عسى أن يكون الوازع فيه للقادر عليه ن نفسه و ما ربك بظلم للعبيد و ل تق ولن إن‬ ‫العقوبة قد وضعت بإزاء الرابة ف الشرع و هي من ظلم القادر لن الارب زمن حرابته قادر فإن ف الواب عن ذلك طريقي‪ .‬أحدها أن‬ ‫تقول العقوبة على ما يقترفه من النايات ف نفس أموال على ما ذهب إليه كثي و ذلك إنا يكون بعد القدرة عليه و الطالبة بنايته و أم ا‬ ‫نفس الرابة فهي خلو من العقوبة‪ .‬الطريق الثان أن تقول‪ :‬الارب ل يوصف بالقدرة لنا إنا نعن بقدرة الظال الي د البس وطة ال ت ل‬ ‫تعارضها قدرة فهي الؤذنة بالراب و أما قدرة الارب فإنا هي إخافة يعلها ذريعة لخذ الموال و الدافعة عنها بيد الكل موجودة شرعا و‬ ‫سياسة فليست من القدر الؤذن بالراب و ال قادر على ما يشاء‪.‬‬ ‫فصل‪ :‬و من أشد الظلمات و أعظمها ف إفساد العمران تكليف العمال و تسخي الرعايا بغي حق و ذلك أن العمال من قبيل التمولت‬ ‫كما سنبي ف باب الرزق لن الرزق و الكسب إنا هو قيم أعمال أهل العمران‪ .‬فإذا مساعيهم و أعمالم كلها متمولت و مكاسب لم بل‬ ‫ل مكاسب لم سواها فإن الرعية العتملي ف العمارة إنا معاشهم و مكاسبهم من اعتمالم ذلك فإذا كلفوا العمل ف غي شأنم و ات ذوا‬ ‫سخريا ف معاشهم بطل كسبهم و اغتصبوا قيمة عملهم ذلك و هو متمولم فدخل عليهم الضرر و ذهب لم حظ كبي من معاشهم بل هو‬ ‫معاشهم بالملة و إن تكرر ذلك عليهم أفسد آمالم ف العمارة و قعدوا عن السعى فيها جلة فأدى ذلك إل انتقاض العمران و تريبه و ال‬ ‫سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬ ‫الحتكار‪ :‬و أعظم من ذلك ف الظلم و إفساد العمران و الدولة التسلط على أموال الناس بشراء ما بي أيديهم ب أبس الث ان ث ف رض‬ ‫البضائع عليهم بأرفع الثان على وجه الغصب و الكراه ف الشراء و البيع و ربا تفرض عليهم تلك الثان على التواحي و التعجيل فيتعللون‬ ‫ف تلك السارة الت تلحقهم با تدثهم الطامع من جب ذلك بوالة السواق ف تلك البضائع الت فرضت عليهم بالغلء إل بيعها ب أبس‬


‫الثان‪ ،‬و تعود خسارة ما بي الصفقتي على رؤوس أموالم‪ .‬و قد يعم ذلك أصناف التجار القيمي بالدينة و ال واردين م ن الف اق ف‬ ‫البضائع و سائر السوقة و أهل الدكاكي ف الآكل و الفواكه و أهل الصنائع فيما يتخذ من اللت و الواعي فتش مل الس ارة س ائر‬ ‫الصناف و الطبقات و تتوال على الساعات و تحف برؤوس الموال و ل يدون عنها وليجة إل القعود عن الس واق ل ذهاب رؤوس‬ ‫الموال ف جبها بالرباح و يتثاقل الواردون من الفاق لشراء البضائع و بيعها من أجل ذلك فتكسد السواق و يبطل معاق الرعاي ا لن‬ ‫عامته من البيع و الشراء و إذا كانت السواق عطل منها بطل معاشهم و تنقص جباية السلطان أو تفسد لن معظمها من أوسط الدول ة و‬ ‫ما بعدها إنا هو من الكوس على البياعات كما قدمناه و يؤول ذلك إل تلشى الدولة و فساد عمران الدينة و يتطرق هذا الل ل عل ى‬ ‫التدريج و ل يشعر به‪ .‬هذا ما كان بأمثال هذه الذرائع و السباب إل أخذ الموال و أما أخذها مانا و العدوان على الناس ف أم والم و‬ ‫حرمهم و دمائهم و أسرارهم و أغراضهم فهو يفضي إل اللل و الفساد دفعة و تنتقض الدولة سريعا با ينشأ عنه من ال رج الفض ي إل‬ ‫النتقاض و من أجل هذه الفاسد حظر الشرع ذلك كله و شرع الكايسة ف البيع و الشراء و حظر أكل أموال الناس بالباطل سدا لبواب‬ ‫الفاسد الفضية إل انتقاض العمران بالرج أو بطلن العاش واعلم أن الداعي لذلك كله إنا هو حاجة الدولة و السلطان إل الكث ار م ن‬ ‫الال با يعرض لم من الترف ف الحوال فتكثر نفقاتم و يعظم الرج و ل يفي به الدخل على القواني العتادة يستحدثون ألقابا‪ i‬و وجوها‪i‬‬ ‫يوسعون با الباية ليفي لم الدخل بالرج ث ل يزال الترف يزيد و الرج بسببه يكثر و الاجة إل أموال الناس تشتد و نطاق الدولة بذلك‬ ‫يزيد إل أن تحي دائرتا ويذهب برسها و يغلبها طالبها و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع و الربعون ف أن الجاب كيف يقع ف الدول و ف أنه يعظم‬ ‫عند الرم‬ ‫اعلم أن الدولة ف أول أمرها تكون بعيدة عن منازع اللك كما قدمناه لته لبد لا من العصبية الت با يتم أمرها و يص ل اس تيلؤها و‬ ‫البداوة هي شعار العصبية و الدولة إن كان قيامها بالدين فإنه بعيد عن منازع اللك و إن كان قيامها بعز الغلب فقط فالبداوة الت با يصل‬ ‫الغلب بعيدة أيضا عن منازع اللك و مذاهبه فإذا كانت الدولة ف أول أمرها بدوية كان صاحبها على حال الغضاضة و البداوة و القرب من‬ ‫الناس و سهولة الذن فإذا رسخ عزه و صار إل النفراد بنفسه عن الناس للحديث مع أوليائه ف خواص شؤونه لا يك ثر حينئذ باش يته‬ ‫فيطلب النفراد من العامة ما استطاع و يتخذ الذن ببابه على من ل يأمنه من أوليائه و أهل دولته و يتخذ حاجبا له عن الناس يقيمه بب ابه‬ ‫لذه الوظيفة ث إذا استفحل اللك و جاءت مذاهبه و منازعه استحالت أخلق صاحب الدولة إل أخلق الل ك و ه ي أخلق غريب ة‬ ‫مصوصة يتاج مباشرها إل مداراتا و معاملتها با يب لا و ربا جهل تلك الخلق منهم بعض من يباشرهم فوق ع فيم ا ل يرض يهم‬ ‫فسخطوا و صاروا إل حالة النتقام منة فانفرد بغرفة هذه الداب الواص من أوليائهم و حجبوا غي أولئك الاصة عن لقائهم ف كل وقت‬ ‫حفظا على أنفسهم من معاينة ما يسخطهم على الناس من التعرض لعقا بم فصار حجاب آخر أخص من الجاب الول يفضي إليهم من ه‬ ‫خواصهم من الولياء و بجب دونه من سواهم من العامة‪ .‬و الجاب الثان يفضي إل مالس الولياء و يجب دونه من سواهم من العامة‪.‬‬ ‫و الجاب الول يكون ف أول الدولة كما ذكرنا كما حدث ليام معاوية و عبد اللك و خلفاء بن أمية و كان القائم على ذلك الجاب‬ ‫يسمى عندهم الاجب جريا عل مذهب الشتقاق الصحيح‪ .‬ث لا جاءت دولة بن العباس وجدت الدولة من الترف و العز ما هو معررف و‬ ‫كملت خلق اللك على ما يب فيها فدعا ذلك إل الجاب الثان و صار اسم الاجب أخص به و صار بباب اللفاء داران للعباسية‪ :‬دار‬ ‫الاصة و دار العامة كما هو مسطور ف أخبارهم‪ .‬ث حدث ف الدولة حجاب ثالث أخص من الولي و هو عند ماول ة الج ر عل ى‬ ‫صاحب الدولة و ذلك أن أهل الدولة و خواص اللك إذ نصبوا البناء من العقاب و حاولوا الستبداد عليهم فأول ما يبدأ به ذلك الستبد‬ ‫أن يجب عنة بطانة ابنه و خواص أوليائه يوهه أن ف مباشرتم إياه خرق حجاب اليبة و فساد قانون الدب ليقطع ب ذلك لق اء الغي و‬ ‫يعوده ملبسة أخلقه هو حت ل يتبدل به سواه إل أن يستحكم الستيلء عليه فيكون هذا الجاب من دواعيه و هذا الجاب ل يق ع ف‬ ‫الغالب إل أواخر الدولة كما قدمناه ف الجر و يكون دليل على هرم الدولة و نفاد قوتا و هو ما يشاه أهل الدول عل ى أنفس هم لن‬


‫القائمي بالدولة ياولون على ذلك بطباعهم عند هرم الدولة و ذهاب الستبداد من أعقاب ملوكهم لا ركب ف النفوس من مبة الستبداد‬ ‫باللك و خصوصا مع الترشيح لذلك و حصول دواعيه و مباديه‪.‬‬

‫الفصل الامس و الربعون ف انقسام الدولة الواحدة بدولتي‬ ‫اعلم أن أول ما يقع من آثار الرم ف الدولة انقسامها و ذلك أن اللك عندما يستفحل و يبلغ من أحوال الترف و النعيم إل غايتها و يستبد‬ ‫صاحب الدولة بالد و ينفرد به و يأنف حينئذ عن الشاركة يصي إل قطع أسبابا ما استطاع بإهلك من استراب ب ه م ن ذوي قرابت ه‬ ‫الرشحي لنصبه فربا ارتاب الساهون له ف ذلك بأنفسهم و نزعوا إل القاصية إليهم من يلحق بم مثل حالم من العتزاز و الس ترابة و‬ ‫يكون نطاق الدولة قد أخذ ف التضايق و رجع عن القاصية فيستبد ذلك النازع من القرابة فيها و ل يزال أمره يعظم بتراجع نطاق الدول ة‬ ‫حت يقاسم الدولة أو يكاد و انظر ذلك ف الدولة السلمية العربية حي كان أمرها حريزا متمعا و نطاقا متدا ف التساع و عصبية بن عبد‬ ‫مناف واحدة غالبة على سائر مضر ينبض عرق من اللفة سائر أيامه إل ما كان من بدعة الوارج الستميتي ف شأن بدعتهم ل يكن ذلك‬ ‫لنعة ملك و ل رئاسة و ل يتم أمرهم لزاحتهم العصبية القوية ث لا خرج المر من بن أمية و استقل بنو العباس بالمر‪ .‬و كانت الدول ة‬ ‫العربية قد بلغت الغاية من الغلب و الترف و آذنت بالتقلص عن القاصية نزع عبد الرحن الداخل إل الن دلس قاص ية دول ة الس لم‬ ‫فاستحدث با ملكا و اقتطعها عن دولتهم و صي الدولة دولتي ث نرع إدريس إل الغرب و خرج به و قام بأمره و أمر ابنه من بعده البابرة‬ ‫من أوربة و مغيلة و زناتة و استول على ناحية الغربي ث ازدادت الدولة تقلصا فاضطرب الغالبة ن المتناع عليهم ث خرج الشيعة و قام‬ ‫بأمرهم كتامة و صنهاجة و استولوا على أفريقية و الغرب ث مصر و الشام و الجاز و غلبوا على الدارسة و قسموا الدولة دولتي أخريي‬ ‫و صارت الدولة العربية ثلث دول‪ :‬دولة بن العباس مركز العرب و أصلهم و مادتم السلم‪ ،‬و دولة بن أمية الددين بالندلس ملكه م‬ ‫القدي و خلفتهم بالشرق‪ ،‬و دولة العبيديي بأفريقية و مصر و الشام و الجاز و ل تزل هذه الدولة إل أن أصبح انقراضها متقاربا أو جيعا‬ ‫و كذلك انقسمت دولة بن العباس بدول أخرى و كان بالقاصية بنو ساسان فيما وراء النهر و خراسان و العلوية ف الديلم و طبس تان و‬ ‫آل ذلك إل استيلء الديلم على العراقيي و على بغداد و اللفاء ث جاء السلجوقية فملكوا جيع ذلك ث انقسمت دولته م أيض ا بع د‬ ‫الستفحال كما هو معروف ف أخبارهم و كذلك اعتبه ف دولة صنهاجة بالغرب و أفريقية لا بلغت إل غابتها أيام باديس بن النص ور‪،‬‬ ‫خرج عليه عمه حاد و اقتطع مالك العرب لنفسه ما بي جبل أوراس إل تلمسان و ملوية و اختط القلعة ببل كتامة حيال السيلة و نزلا و‬ ‫استول على مركزهم أشي ببل تيطرى و استحدث ملكا آخر قسيما للك آل باديس و بقى آل باديس بالقيوان و ما إليها و ل يزل ذلك‬ ‫إل أن انقرض أمرها جيعا‪ .‬و كذلك دولة الوحدين‪ ،‬لا تقلص ظلها ثار بأفريقية بنو أب حفص فاستقلوا با و استحدثوا ملك ا لعق ابم‬ ‫بنواحيها ث لا استفحل أمرهم و استول على الغاية خرج على المالك الغربية من أعقابم المي أبو زكريا يي ابن السلطان أب إس حاق‬ ‫إبراهيم رابع خلفائهم و استحدث ملكا بباية و قسنطينة و ما إليها‪ ،‬أورثه بنيه و قسموا به الدولة قسمي ث استولوا على كرسي الض رة‬ ‫بتونس ث انقسم ما بي أعقابم ث عاد الستيلء فيهم و قد ينتهي النقسام إل أكثر من دولتي و ثلث و ف غي أعياص اللك من ق ومه‬ ‫كما وقع ف ملوك الطوائف بالندلس و ملوك العجم بالشرق و ف ملك صنهاجة بأفريقية فقد كان لخر دولتهم ف كل حصن من حصون‬ ‫أفريقية ثائر مستقل بأمره كما تقدم ذكره و كذا حال الريد و الزاب من أفريقية قبيل هذا العهد كما نذكره و هكذا شأن كل دولة لبد و‬ ‫أن يعرض فيها عوارض الرم بالترف و الدعة و تقلص ظل الغلب فينقسم أعياصها أو من يغلب من رجال دولتها المر و يتعدد فيها الدول‬ ‫و ال وارث الرض و من عليها‪.‬‬

‫الفصل السادس و الربعون ف أن الرم إذا نزل بالدولة ل يرتفع‬ ‫قد قدمنا ذكر العوارض الؤذنة بالرم و أسبابه واحدا بعد واحد و بينا أنا تدث للدولة بالطبع و أنا كلها أمور طبيعية لا و إذا كان ال رم‬ ‫طبيعيا ف الدولة كان حدوثه بثابة حدوث المور الطبيعية كما يدث الرم ف الزاج اليوان و الرم من المراض الزمنة ال ت ل يك ن‬


‫دواؤها و ل ارتفاعها با أنه طبيعي و المور الطبيعية ل تتبدل و قد يتنبه كثي من أهل الدول من له يقظة ف السياسة فيى ما نزل بدولتهم‬ ‫من عوارض الرم و يظن أنه مكن الرتفاع فيأخذ نفسه بتلف الدولة و إصلح مزاجها عن ذلك الرم و يسبه أنه لقها بتقصي من قبل ه‬ ‫من أهل الدولة و غفلتهم و ليس كذلك فإنا أمور طبيعية للدولة و العوائد هي الانعة له من تلفيها و العوائد منلة طبيعية أخرى فإن م ن‬ ‫أدرك مثل أباه و أكثر أهل بيته يلبسون الرير و الديباج و يتحلون بالذهب ف السلح و الراكب و يتجبون ع ن الن اس ف ال الس و‬ ‫الصلوات فل يكنه مالفة سلفه ف ذلك إل الشونة ف اللباس و الزي و الختلط بالناس إذ العوائد حينئذ تنعه و تقبح عليه مرتكبه و ل و‬ ‫فعله لرمي بالنون و الوسواس ل ف الروج عن العوائد دفعة‪ ،‬و خشي عليه عائده ذلك و عاقبته ف سلطانه و انظر شأن النبياء ف إنك ار‬ ‫العوائد و فخالفتها لول التأييد اللي و النصر السماوي و ربا تكون العصبية قد ذهبت فتكون البة تعوض عن موقعها من النفوس ف إذا‬ ‫أزيلت تلك البة مع ضعف العصبية تاسرت الرعايا على الدولة بذهاب أوهام البة فتتدرع الدولة بتلك البة ما أمكنها ح ت ينقض يي‬ ‫المر و ربا يدث عند آخر الدولة قوة توهم أن الرم قد ارتفع عنها و يومض ذبالا إياضة المود كما يقع ف الذبال الشتعل ف إنه عن د‬ ‫مقاربة انطفائه يومض إياضة توهم أنا اشتعال و هي انطفاء فاعتب ذلك و ل تغفل سر ال تعال و حكمته ف اطراد وجوده على ما قرر فيه‬ ‫و لكل أجل كتاب‪.‬‬

‫الفصل السابع و الربعون ف كيفية طروق اللل للدولة‬ ‫إعلم أن مبن اللك على أساسي لبد منهما فالول الشوكة و العصبية و هو العب عنه بالند و الثان الال الذي هو قوام أولك الند و إقامة‬ ‫ما يتاج إليه اللك من الحوال‪ .‬و اللل إذا طرق الدولة طرقها ف هذين الساسي فلنذكر أول طروق اللل ف الشوكة و العصبية ث نرجع‬ ‫إل طروقه ف الال و الباية‪ .‬و اعلم أن تهيد الدولة و تأسيسها كما قلناه إنا يكون بالعصبة و أنه لبد من عصبية كبى جامعة للعص ائب‬ ‫مستتبعة لا و هي عصبية صاحب الدولة الاصة من عشية و قبيلة فإذا جاءت الدولة طبيعة اللك من الترف و جدع أنوف أهل العص بية‬ ‫كان أول ما يدع أنوف عشيته و ذري قرباه القاسي له ف اسم اللك فيستبد ف جدع أنوفهم با بلغ من سوادهم لكانم من اللك و العز‬ ‫و الغلب فيحيط بم هادمان و ها الترف و القهر ث يصي القهر آخرا إل القتل لا يصل من مرض قلوبم عند رسوخ اللك لصاحب المر‬ ‫فيقلب غيته منهم إل الوف على ملكه فيأخذهم بالقتل و الهانة و سلب النعمة و الترف الذي تعودوا الكثي منه فيهلكون و يقل ون و‬ ‫تفسد عصبيبة صاحب الدولة منهم و هي العصبية الكبى الت كانت تمع با العصائب و تستتبعها فتنحل عروتا و تضعف ش كيمتها و‬ ‫تستبدل عنها بالبطانة من موال النعمة و صنائع الحسان و تتخذ منهم عصبة إل أنا ليست مثل تلك الشدة الشكيمية لفق دان الرح م و‬ ‫القرابة منها و قد كنا قدمنا أن شأن العصبية و قوتا إنا هي بالقرابة و الرحم لا جعل ال ف ذلك فينفرد صاحب الدول ة ع ن العش ي و‬ ‫النصار الطبيعية و يس بذلك أهل العصاب الخرى فيتجاسرون عليه و على بطانته تاسرا طبيعيا فيهلكهم صاحب الدولة و يتبعهم بالقتل‬ ‫واحد بعد واحد و يقلد الخر من أهل الدولة ف ذلك‪ ،‬الول مع ما يكون قد نزل بم من مهلكة الترف الذي قدمنا فيستول عليهم اللك‬ ‫بالترف و القتل حت يرجوا عن صبغة تلك العصبة و يفشوا بعزتا و ثورتا و يصيوا أوجز على الماية و يقلون لذلك فتقل الماية ال ت‬ ‫تنل بالطراف و الثغور فتتجاسر الرعايا على بعض الدعوة ف الطراف و يبادر الوارج على الدولة من العي اص و غيه م إل تل ك‬ ‫الطراف لا يرجون حينئذ من حصول غرضهم ببايعة أهل القاصية لم و أمنهم من وصول الامية إليهم و ل يزال ذلك يت درج و نط اق‬ ‫الدولة يتضايق حت تصي الوارج ف أقرب الماكن إل مركز الدولة و ربا انقسمت الدولة عند ذلك بدولتي أو ثلث على قدر قوت ا ف‬ ‫الصل كما قلناه و يقوم بأمرها غي أهل عصبيتها لكن إذعانا لهل عصبتها و لغلبهم العهود و اعتب هذا ف دولة العرب ف السلم كيف‬ ‫انتهت أول إل الندلس و الند و الصي و كان أمر بن أمية نافذا ف جيع العرب بعصبة بن عبد مناف حت لقد أمر سليمان بن عبد اللك‬ ‫بدمشق بقتل عبد العزيز بن موسى بن نصي بقرطبة فقتل و ل يرد أمره‪ .‬ث تلشت عصبة بن أمية با أصابم من الترف فانقرضوا‪ .‬و ج اء‬ ‫بنو العباس فنضوا من أعنة بنب هاشم و قتلوا الطالبي و شردوهم فانلت عصبية عبد مناف و تلشت و تاسر العرب عليهم فاستبد عليهم‬ ‫أهل القاصية مثل بن الغلب بأفريقية و أهل الندلس و غيهم و انقسمت الدولة ث خرج بنو إدريس بالغرب و قام الببر بأمرهم إذعان ا‬ ‫للعصبية الت لم و أمنا أن تصلهم مقاتلة أو حامية للدولة‪ .‬فإذا خرج الدعاة آخرا فيتغلبون على الطراف و القاصية و تصل لم هناك دعوة‬


‫و ملك تنقسم به الدولة و ربا يزيد ذلك مت زادت الدولة تقلصا إل أن ينتهي إل الركز و تضعف البطانة بعد ذلك با أخذ منها ال ترف‬ ‫فتهلك و تضمحل و تضعف الدولة النقسمة كلها و ربا طال أمدها بعد ذلك فتستغن عن العصبية با حصل لا من الصبغة ف نفوس أه ل‬ ‫إيالتها و هي صبغة النقياد و التسليم منذ السني الطويلة الت ل يعقل أحد من الجيال مبدأها و ل أوليتها فل يعقلون إل التسليم لصاحب‬ ‫الدولة فيستغن بذلك عن قوة العصائب و يكفي صاحبها با حصل لا ف تهيد أمرها الجراء على الامية من جندي و مرت زق و يعض د‬ ‫ذلك ما وقع ف النفوس عامة من التسليم فل يكاد أحد يتصور عصيانا أو خروجا إل و المهور منكرون عليه مالفون له فل يق در عل ى‬ ‫التصدي لذلك و لو جهد جهده و ربا كانت الدولة ف هذا الال أسلم من الوارج و النازعة لستحكام صبغة التسليم و النقياد لم فل‬ ‫تكاد النفوس تدث سرها بخالفة و ل يتلج ف ضميها انراف عن الطاعة فيكون أسلم من الرج و النتقاض الذي يدث من العصاب و‬ ‫العشائر ث ل يزال أمر الدولة كذلك و هي تتلشى ف ذاتا شأن الرارة الغريزية ف البدن العادم للغذاء إل أن تنتهي إل وقتها الق دور و‬ ‫لكل أجل كتاب و لكل دولة أمد و ال يقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار‪ .‬و أما اللل الذي يتطرق من جهة الال فاعلم أن الدولة ف‬ ‫أولا تكون بدوية كما مر فيكون خلق الرفق بالرعايا و القصد ف النفقات و التعفف عن الموال فتتجاف عن المعان ف الباية و التحذلق و‬ ‫الكيس ف جيع الموال حسبان العمال و ل داعية حينئذ إل السراف ف النفقة فل تتاج الدولة إل كثرة الال ث يصل الستيلء و يعظم‬ ‫و يستفحل اللك فيدعو إل الترف و يكثر النفاق بسببه فتعظهم نفقات السلطان و أهل الدولة على العموم بل يتعدى ذلك إل أهل الصر‬ ‫و يدعو ذلك إل الزيادة ف أعطيات الند و أرزاق أهل الدولة ث يعظم الترف فيكثر السراف ف النفقات و ينتشر ذلك ف الرعية لن الناس‬ ‫على دين ملوكها و عوائدها و يتاج السلطان إل ضرب الكوس على أثان البياعات ف السواق لدرار الباية لا يراه من ت رف الدين ة‬ ‫الشاهد عليهم بالرفه و لا يتاج هو إليه من نفقات سلطانه و أرزاق جنده ث تزيد عوائد الترف فل تفي با الكوس و تكون الدول ة ق د‬ ‫استفحلت ف الستطالة و القهر لن تت يدها من الرعايا فتمتد أيديهم إل جع الال من أموال الرعايا من مكس أو تارة أو نقد ف بع ض‬ ‫الحوال بشبهة أو بغي شبهة و يكون الند ف ذلك الطور قد تاسر على الدولة با لقها من الفشل و الرم ف العصبية فتتوقع ذلك منهم و‬ ‫تداوى بسكينة العطايا و كثرة النفاق فيهم و ل تد عن ذلك وليجة و تكون جباة الموال ف الدولة قد عظمت ثروتم ف ه ذا الط ور‬ ‫بكثرة الباية و كونا بأيديهم و با اتسع لذلك من جاههم فيتوجه إليهم باحتجان الموال من الباية و تفشو السعاية فيهم‪ ،‬بعضهم م ن‬ ‫بعض للمنافسة و القد فتعمهم النكبات و الصادرات واحدا واحدا إل أن تذهب ثروتم و تتلشى أحوالم و يفقد ما كان للدول ة م ن‬ ‫البة و المال بم و إذا اصطلمت نعمتهم تاوزتم الدولة إل أهل الثروة من الرعايا سواهم و يكون الوهن ف هذا الطور قد لق الشوكة‬ ‫و ضعفت عن الستطالة و القهر فتنصرف سياسة صاحب الدولة حينئذ إل مداراة المور ببذل الال و يراه أرفع من السيف لقل ة غن ائه‬ ‫فتعظم حاجته إل الموال زيادة على النفقات و أرزاق الند و ل يغن فيما يريد و يعظم الرم بالدولة و يتجاسر عليها أه ل الن واحي و‬ ‫الدولة تنحل عراها ف كل طور من هذه إل أن تفضي إل اللل و تتعوض من الستيلء الكلل فإن قصدها طالب انتزعها من أيدي القائمي‬ ‫با و إل بقيت و هي تتلشى إل أن تضمحل كالذبال ف السراج إذا فن زيته و طفئ و ال مالك المور و مدبر الكوان ل إله إل هو‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الربعي فصل ف اتساع الدولة أول إل ن ايته ث تض ايقه‬ ‫طورا بعد طور إل فناء الدولة و اضمحللا‬ ‫قد كان تقدم لنا ف فصل اللفة و اللك‪ ،‬و هو الثالث من هذه القدمة أن كل دولة لا حصة من المالك و العمالت ل تزيد عليه ا‪ .‬و‬ ‫اعتب ذلك بتوزيع عصابة الدولة على حاية أقطارها و جهاتا‪ .‬فحيث نفد عددهم فالطرف الذي انتهى عنده هو الثغر‪ ،‬و ييط بالدولة من‬ ‫سائر جهاتا كالنطاق‪ .‬و قد تكون النهاية هي نطاق الدولة الول‪ .‬و قد تكون أوسع منه إذا كان عدد العصابة أوفر من الدولة قبلها‪ .‬و هذا‬ ‫كله عندما تكون الدولة ف شعار البداوة و خشونة البأس‪ .‬فإذا استفحل العز و الغلب و توفرت النعم و الرزاق بدرور البايات‪ ،‬و زخ ر‬ ‫بر الترف و الضارة و نشأت الجيال على اعتبار ذلك لطفت أخلق الامية و رقت حواشيهم‪ ،‬و عاد من ذلك إل نفوسهم هينات الب‬ ‫و الكسل‪ ،‬با يعانونه من ضنث الضارة الؤدي إل النسلخ من شعار البأس و الرجولية بفارقة البداوة و خش ونتها‪ ،‬و بأخ ذهم الع ز‬


‫بالتطاول إل الرياسة و التنازع عليها‪ ،‬فيفضي إل قتل بعضهم ببغض‪ ،‬و يبكهم السلطان عن ذلك با يؤدي إل قت ل أك ابرهم و إهلك‬ ‫رؤسائهم‪ ،‬فتفقد المراء و الكباء‪ ،‬و تكثر التابع و الرؤوس‪ ،‬فيفل ذلك من حد الدولة‪ ،‬و يكسر من شوكتها‪ .‬و يقع اللل الول ف الدولة‬ ‫و هو الذي من جهة الند و الامية كما تقدم‪ .‬و يساوق ذلك السرف ف النفقات با يعتريهم من أبة العز‪ .‬و ت اوز ال دود بالب ذخ‪.‬‬ ‫بالناغاة ف الطاعم و اللبس و تشييد القصور و استجادة السلح و ارتباط اليول‪ ،‬فيقصر دخل الدولة حينئذ عن خرجها و يطرق اللل‪.‬‬ ‫الثان ف الدولة و هو الذي من جهة الال و الباية‪ .‬و يصل العجز و النتقاض بوجود الللي‪ .‬و ربا تنافس رؤساؤهم فتنازعوا و عجزوا‬ ‫عن مغالبة الاورين و النازعي و مدافعتهم‪ .‬و ربا اعتز أهل الثغور و الطراف با يسبون من ضعف الدول ة وراءه م‪ ،‬فيص يون إل‬ ‫الستغلل و الستبداد با ف أيديهم من العمالت‪ ،‬و يعجز صاحب الدولة عن حلهم على الادة فيضيق نطاق الدولة عن كانت انتهت إليه‬ ‫ف أولا‪ ،‬و ترجع العناية ف تدبيها بنطاق دونه‪ ،‬إل أن يدث ف النطاق الثان ما حدث ف الول بعينه من العجز و الكسل ف العص ابة و‬ ‫قلة الموال و الباية‪ .‬فيذهب القائم بالدولة إل تغي القواني الت كانت عليها سياسة الدولة من قبل الند و الال و الوليات‪ ،‬ليجري حالا‬ ‫على استقامة بتكافؤ الدخل و الرج و الامية و العمالت و توزيع الباية على الرزاق‪ ،‬و مقايسة ذلك بأول الدولة ف سائر الحوال‪.‬‬ ‫و الفاسد مع ذلك متوقعة من كل جهة‪ .‬فيحدث ف هذا الطور من بعد ما حدث ف الول من قبل‪ .‬و يعتب صاحب الدولة ما اعتبه الول‪،‬‬ ‫و يقايس بالوزان الول أحوالا الثانية‪ ،‬يروم دفع مفاسد اللل الذي يتجدد ف كل طور و يأخذ من كل طرف حت يضيق نطاقها الخر إل‬ ‫نطاق دونه كذلك‪ ،‬و يقع فيه ما وقع ف الول‪ .‬فكل واحد من هؤلء الغيين للقواني قبلهم كأنم منشئون دولة أخرى‪ ،‬و مددون ملكا‪.‬‬ ‫حت تنقرض الدولة‪ ،‬و تتطاول المم حولا إل التغلب عليها و إنشاء دولة أخرى لم‪ ،‬فيقع من ذلك ما قدر ال وقوعه‪.‬‬ ‫و اعتب ذلك ف الدولة السلمية كيف اتسع نطاقها بالفتوحات و التغلب على المم‪ ،‬ث تزايد الامية و تكاثر عددهم ما تولوه من النعم و‬ ‫الرزاق‪ ،‬إل أن انقرض أمر بن أمية و غلب بنو العباس‪ .‬ث تزايد الترف‪ .‬و نشأت الضارة و طرق اللل‪ ،‬فضاق النطاق من الن دلس و‬ ‫الغرب بدوث الدولة الموية الروانية و العلوية‪ ،‬و اقتطعوا ذينك الثغرين عن نطاقها‪ ،‬إل أن وقع اللف بي بن الرشيد‪ ،‬و ظه ر دع اة‬ ‫العلوية من كل جانب‪ ،‬و تهدت لم دول‪ ،‬ث قتل التوكل‪ ،‬و استبد الرار على اللفاء و حجروه م‪ ،‬و اس تقل ال ولة ب العملت ف‬ ‫الطراف‪ .‬و انقطع الراج منها‪ ،‬و تزايد الترف‪ .‬و جاء العتضد فغي قواني الدولة إل قانون آخر من السياسة أقطع فيه ولة الطراف م ا‬ ‫غلبوا عليه‪ ،‬مثل بن سامان وراء النهر و بن طاهر العراق و خراسان‪ ،‬و بن الصغار السند وفارس‪ ،‬و بن طول ون مص ر‪ ،‬و بن الغل ب‬ ‫أفريقية‪ ،‬إل أن افترق أمر العرب وغلب العجم‪ ،‬و استبد بنو بويه و الديلم بدولة السلم و حجروا اللفة‪ ،‬و بقي بنو سامان ف استبدادهم‬ ‫وراء النهر و تطاول الفاطميون من الغرب إل مصر و الشام فملكوه‪ .‬ث قامت الدولة السلجوقية من الترك فاستولوا على مالك الس لم و‬ ‫أبقوا اللفاء ف حجرهم‪ ،‬إل أن تلشت دولم‪ .‬و استبد اللفاء منذ عهد الناصر ف نطاق أضيق من هالة القمر و هو ع راق الع رب إل‬ ‫أصبهان و فارس و البحرين‪ .‬و أقامت الدولة كذلك بعض الشيء إل أن انقرض أمر اللفاء على يد هولكو بن طول بن دوشي خان ملك‬ ‫التتر و الغل حي غلبوا السلجوقية و ملكوا ما كان بأيديهم من مالك السلم‪ .‬و هكذا يتضايق نطاق كل دولة على نسبة نطاقها الول‪ .‬و‬ ‫ل يزال طورا بعد طور إل أن تنقرض الدولة‪ .‬و اعتب ذلك ف كل دولة عظمت أو صغرت‪ .‬فهكذا سنة ال ف الدول إل أن يأت ما قدر ال‬ ‫من الغناء على خلقه‪ .‬و كل شيء هالك إل وجهه‪.‬‬

‫الفصل التاسع و الربعون ف حدوث الدولة و تددها كيف يقع‬ ‫اعلم أن نشأة الدول و بدائتها إذا أخذت الدولة الستقرة ف الرم و النتقاص تكون على نوعي إما بأن يستبد ولة العم ال ف الدول ة‬ ‫بالقاصية عندما يتقلص ظلها عنهم فيكون لكل واحد منهم دولة يستجدها لقومه و ما يستقر ف نصابه يرثه عنه أبناؤه أو مواليه و يستفحل‬ ‫لم اللك بالتدريج و ربا يزدحون على ذلك اللك و يتقارعون عليه و يتنازعون ف الستئثار به و يغلب منهم من يكون له فضل قوة على‬ ‫صاحبه و ينتزع ما ف يده كما وقع ف دولة بن العباس حي أخذت دولتهم ف الرم و تقلص ظلها عن القاصية و استبد بنو ساسان با وراء‬ ‫النهر و بنو حدان بالوصل و الشام و بنو طولئون بصر و كما وقع بالدولة الموية بالندلس و افترق ملكها ف الطوائف الذين كانوا ولتا‬ ‫ف العمال و انقسمت دول و ملوكا أورثوها من بعدهم من قرابتهم أو مواليهم و هذا النوع ل يكون بينهم و بي الدولة الستقرة حرب ا‬


‫لنم مستقرون ف رئاستهم و ل يطمعون ف الستيلء على الدولة الستقرة برب و إنا الدولة أدركها الرم و تقلص ظلها عن القاص ية و‬ ‫عجزت عن الوصول إليها و النوع الثان بأن يرج على الدولة خارج من ياورها من المم و القبائل إما بدعوة يمل الناس عليه ا كم ا‬ ‫أشرنا إليه أو يكون صاحب شوكة و عصبية كبيا ف قومه قد استفحل أمره فيسمو بم إل اللك و قد حدثوا به أنفسهم با حصل لم من‬ ‫العتزاز على الدولة الستقرة و ما نزل با من الرم فيتعي له و لقومه الستيلء عليها و يارسونا بالطالبة إل أن يظفروا با و يزنون كم ا‬ ‫تبي و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل المسون ف أن الدولة الستجدة إنا تستول على الدول ة الس تقرة‬ ‫بالطاولة ل بالناجزة‬ ‫قد ذكرنا أن الدول الادثة التجددة نوعان نوع من ولية الطراف إذا تقلص ظل الدولة عنهم و انسر تيارها و هؤلء ل يقع منهم مطالبة‬ ‫للدولة ف الكثر كما قدمناه لن قصاراهم القنوع با ف أيديهم و هو ناية قوتم و النوع الثان نوع الدعاة و الوارج على الدولة و هؤلء‬ ‫لبد لم من الطالبة لن قوتم وافية با فإن ذلك إنا يكون ف نصاب يكون له من العصبية و العتزاز ما هو كفاء ذلك و واف ب ه فيق ع‬ ‫بينهم و بي الدولة الستقرة حروب سجال تتكور و تتصل إل أن يقع لم الستيلء و الظفر بالطلوب و ل يصل ل م ف الغ الب ظف ر‬ ‫بالناجزة و السبب ف ذلك أن الظفر ف الروب إنا يقع كما قدمناه بأمور نفسانية وهية و إن كان العدد و السلح و صدق القتال كفيل‬ ‫به لكنه قاصر مع تلك المور الوهية كما مر و لذلك كان الداع من أرفع ما يستعمل ف الرب و أكثر ما يقع الظفر به و ف ال ديث‬ ‫الرب خدعة و الدولة الستقرة قد صيت العوائد الألوفة طاعتها ضرورية واجبة كما تقدم ف غي موضع فتكثر بذلك الع وائق لص احب‬ ‫الدولة الستجدة و يكثر من هم أتباعه و أهل شوكته و إن كان القربون من بطانته على بصية ف طاعته و مؤازرته إل أن الخرين أكثر و‬ ‫قد داخلهم الفشل بتلك العقائد ف التسليم للدولة الستقرة فيحصل بعض الفتور منهم و ل يكاد صاحب الدولة الستقرة يرجع إل الصب و‬ ‫الطاولة حت يتضح هرم الدولة الستقرة فتضمحل عقائد التسليم لا من قومه و تنبعث منهم المم لصدق الطالبة معه فيقع الظفر و الستيلء‬ ‫و أيضا فالدولة الستقرة كثية الرزق با استحكم لم من اللك و توسع من النعيم و اللذات و اختصوا به دون غيهم من أم وال الباي ة‬ ‫فيكثر عندهم ارتباط اليول و استجادة السلحة و تعظم فيهم البة اللكية و يفيض العطاء بينهم من ملوكهم اختيارا و اضطرارا فيهب ون‬ ‫بذلك كله عدوهم و أهل الدولة الستجدة بعزل عن ذلك لا هم فيه من البداوة و أحوال الفقر و الصاصة فيسبق إل قلوبم أوهام الرعب‬ ‫با يبلغهم من أحوال الدولة الستقرة و يرمون عن قتالم من أجل ذلك فيصي أمرهم إل الطاولة حت تأخذ الستقرة مآخذها من ال رم و‬ ‫يستحكم اللل فيها ف العصبية و الباية فينتهز حينئذ صاحب الدولة الستجدة فرصته ف الستيلء عليها بعد حي منذ الطالبة س نة ال ف‬ ‫عباده و أيضا فأهل الدولة الستجدة كلهم مباينون للدولة الستقرة بأنسابم و عوائدهم و ف سائر مناحيهم ث هم مفاخرون لم و منابذون‬ ‫با وقع من هذه الطالبة و بطمعهم ف الستيلء عليه فتتمكن الباعدة بي أهل الدولتي سرا و جهرا و ل يصل إل أهل الدولة الستجدة خب‬ ‫عن أهل الدولة الستقرة يصيبون منه غرة باطنا و ظاهرا لنقطاع الداخلة بي الدولتي فيقيمون على الطالبة و هم ف إحجام و ينكلون عن‬ ‫الناجزة حت يأذن ال بزوال الدولة الستقرة و فناء عمرها و وفور اللل ف جيع جهاتا و اتضح لهل الدولة السنتجدة مع ما كان يف ى‬ ‫من هرمها و تلشيها و قد عظمت قوتم با اقتطعوه من أعمالا و نقصوه من أطرافها فتنبعث همهم يدا واحدة للمناجزة و يذهب ما كان‬ ‫بث ف عزائمهم من التوهات و تنتهي الطاولة إل حدها و يقع الستيلء آخرا بالعاجلة و اعتب ذلك ف دولة بن العباس حي ظهورها حي‬ ‫قام الشيعة براسان بعد انعقاد الدعوة و اجتماعهم على الطالبة عشر سني أو تزيد و حينئذ ت لم الظفر و استولوا على الدولة الموي ة و‬ ‫كذا العلوية بطبستان عند ظهور دعوتم ف الديلم كيف كانت مطاولتهم حت استولوا على تلك الناحية ث لا انقضى أمر العلوي ة و س ا‬ ‫الديلم إل ملك فارس و العراقي فمكثوا سني كثية يطاولون حت اقتطعوا أصبهان ث استولوا على الليفة ببغداد‪ .‬و كذا العبي ديون أق ام‬ ‫داعيتهم بالغرب أبو عبد ال الشيعي ببن كتامة من قبائل الببر عشر سيني و يزيد تطاول بن الغلب بأفريقية حت ظفر بم و استولوا على‬ ‫الغرب كله و سوا إل ملك مصر فمكثوا ثلثي سنة أو نوها ف طلبها يهزون إلا العساكر و الساطيل ف ك ل وق ت و ييء ال دد‬


‫لدافعتهم برا و برا من بغداد و الشام و ملكوا السكندرية و الفيوم و الصعيد و تطت دعوتم من هنالك إل الجاز و أقيمت بالرمي ث‬ ‫نازل قائدهم جوهر الكاتب بعساكره مدينة مصر و استول عليها و اقتلع دولة بن طغج من أصولا و اختط القاهرة فجاء الليفة بعد الع ز‬ ‫لدين ال فنلا لستي سنة أو نوها منذ استيلئهم على السكندرية و كذا السلجوقية ملوك النك لا استولوا على بن ساسان و أجازوا من‬ ‫وراء النهر مكثوا نوا من ثلثي سنة يطاولون بن سبكتكي براسان حت استولوا على دولته‪ .‬ث زحفوا إل بغداد فاستولوا عليها و عل ى‬ ‫الليفة با بعد أيام من الدهر‪ .‬و كذا التتر من بعدهم خرجوا من الفازة عام سبعة عشر و ستمائة فلم يتم لم الستيلء إل بعد أربعي سنة‪.‬‬ ‫و كذا أهل الغرب خرج به الرابطون من لتونة على ملوكه من مغراوة فطاولوهم سني ث استولوا عليه‪ .‬ث خرج الوحدون بدعوتم عل ى‬ ‫لتونة فمكثوا نوا من ثلثي سنة ياربونم حت استولوا على كرسيهم براكش و كذا بنو مرين من زناتة خرجوا على الوحدين فمكث وا‬ ‫يطاولونم نوا من ثلثي سنة و استولوا على فاس و اقتطعوها و أعمالا من ملوكهم ث أقاموا ف ماربتهم ثلثي أخرى حت استولوا عل ى‬ ‫كرسيهم براكش حسبما نذكر ذلك كله ف تواريخ هذه الدول فهكذا حال الدول الستجدة مع الستقرة ف الطالبة و الطاولة س نة ال ف‬ ‫عباده و لن تد لسنة ال تبديل‪ .‬و ل يعارض ذلك با وقع ف الفتوحات السلمية و كيف كان استيلؤهم على فارس و ال روم لثلث أو‬ ‫أربع من وفاة النب صلى ال عليه و سلم و اعلم أن ذلك إنا كان معجزة من معجزات نبينا سرها استماتة الس لمي ف جه اد ع دوهم‬ ‫استبعادا باليان و ما أوقع ال ف قلوب عدوهم من الرعب و التخاذل فكان ذلك كله خارقا للعادة القررة ف مطاولة ال دول الس تجدة‬ ‫للمستقرة و إذا كان ذلك خارقا فهو من معجزات نبينا صلوات ال عليه التعارف ظهورها ف اللة السلمية و العجزات ل يقاس عليه ا‬ ‫المور العادية و ل يعترض با و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الادي و المسون ف وفور العمران آخر الدولة و ما يقع فيها م ن‬ ‫كثر الوتان و الاعات‬ ‫اعلم أنه قد تقرر لك فيما سلف أن الدولة ف أول أمرها لبد لا من الرفق ف ملكتها و العتدال ف إيالتها إما من الدين إن كانت ال دعوة‬ ‫دينية أو من الكارهة و الاسنة الت تقتضيها البداوة الطبيعية للدول و إذا كانت اللكة رفيقة مسنة انبسطت آمال الرعايا و انتشطوا للعمران‬ ‫و أسبابه فتوفر و يكثر التناسل و إذا كان ذلك كله بالتدريج فإنا يظهر أثره بعد جيل أو جيلي ف القل و ف انقضاء اليلي تشرف الدولة‬ ‫على ناية عمرها الطبيعي فيكون حينئذ العمران ف غاية الوفور و النماء و ل تقولن إنه قد مر لك أن أواخر الدولة يكون فيها الجح اف‬ ‫بالرعايا و سوء اللكة فذلك صحيح و ل يعارض ما قلناه لن الجحاف و إن حدث حينئذ و قلت البايات فإنا يظهر أث ره ف تن اقص‬ ‫العمران بعد حي من أجل التدريج ف المور الطبيعية ث إن الاعات و الوتان تكثر عند ذلك ف أواخر الدول و السبب فيه‪ :‬إما الاع ات‬ ‫فلقبض الناس أيديهم عن الفلح ف الكثر بسبب ما يقع ف آخر الدولة من العدوان ف الموال و البايات أو الفت الواقعة ف انتقاص الرعايا‬ ‫و كثرة الوارج لرم الدولة فيقل احتكار الزرع غالبا و ليس صلح الزرع و ثرته بستمر الوجود و ل على وتية واحدة فطبيعة الع ال ف‬ ‫كثرة المطار و قلتها متلفة و الطر يقوى و يضعف و يقل و يكثر و الزرع و الثمار و الضرع على نسبته إل أن الناس واثقون ف أق واتم‬ ‫بالحتكار فإذا فقد الحتكار عظم توقع الناس للمجاعات فغل الزرع و عجز عنه أولو الصاصة فهلكوا و كان بعض السنوات الحتك ار‬ ‫مفقودا فشمل الناس الوع و أما كثرة الوتان فلها أسباب من كثرة الاعات كما ذكرناه أو كثرة الفت لختلل الدولة فيك ثر ال رج و‬ ‫القتل أو وقوع الوباء و سببه ف الغالب فساد الواء بكثرة العمران لكثرة ما يالطه من العفن و الرطوبات الفاسدة و إذا فسد الواء و ه و‬ ‫غذاء الروح اليوان و ملبسه دائما فيسري الفساد إل مزاجه فإن كان الفساد قويا وقع الرض ف الرئة و هذه هي الطواعي و أمراض ها‬ ‫مصوصة بالرئة و إن كان الفساد دون القوي و الكثي فيكثر العفن و يتضاعف فتكثر الميات ف المزجة و ترض البدان و تلك س بب‬ ‫كثرة العفن و الرطوبات الفاسدة ف هذا كله كثرة العمران و وفوره آخر الدولة لا كان ف أوائلها من حسن اللكة و رفقها و قلة الغ رم و‬ ‫هو ظاهر و لذا تبي ف موضعه من الكمة أن تلل اللء و القفر بي العمران ضروري ليكون توج الواء يذهب با يصل ف الواء م ن‬


‫الفساد و العفن بخالطة اليوانات و يأت بالواء الصحيح و لذا أيضا‪ i‬فإن الوتان يكون ف الدن الوفورة العمران أكثر من غيه ا بك ثي‬ ‫كمصر بالشرق و فاس بالغرب و ال يقدر ما يشاء‪.‬‬

‫الفصل الثان والمسون ف أن العمران البشري ل بد له من سياسة ينتظم با‬ ‫أمره‬ ‫اعلم أنه قد تقدم لنا ف غي موضع أن الجتماع للبشر ضروري و هو معن العمران الذي نتكلم فيه و أنه ل بد لم ف الجتماع من وازع‬ ‫حاكم يرجعون إليه و حكمه فيهم تارة يكون مستندا‪ i‬إل شرع منل من عند ال يوجب انقيادهم إليه إيانم بالثواب و العقاب عليه ال ذي‬ ‫جاء به مبلغه و تارة إل سياسة عقلية يوجب انقيادهم إليها ما يتوقعونه من ثواب ذلك الاكم بعد معرفته بصالهم‪ .‬فالول يصل نفعه ا‬ ‫ف الدنيا و الخرة لعلم الشارع بالصال ف العاقبة و لراعاته ناة العباد ف الخرة و الثانية إنا يصل نفعها ف الدنيا فقط و ما تسمعه م ن‬ ‫السياسة الدنية فليس من هذا الباب و إنا معناه عند الكماء ما يب أن يكون عليه كل واحد من أهل ذلك التمع ف نفسه و خلقه ح ت‬ ‫يستغنوا عن الكام رأسا‪ i‬و يسمون التمع الذي يصل فيه ما يسمى من ذلك بالدينة الفاضلة‪ ،‬و القواني الراعاة ف ذلك بالسياسة الدنية و‬ ‫ليس مرادهم السياسة الت يمل عليها أهل الجتماع بالصال العامة فإن هذه غي تلك و هذه الدينة الفاضلة عندهم نادرة أو بعيدة الوقوع‬ ‫و إنا يتكلمون علنها على جهة الفرض و التقدير ث إن السياسة العقلية الت قدمناها تكون على وجهي أحدها يراعى فيها الص ال عل ى‬ ‫العموم و مصال السلطان ف استقامة ملكه على الصوص و هذه كانت سياسة الفرس و هي على جهة الكمة‪ .‬و قد أغنانا ال تعال عنها‬ ‫ف اللة و لعهد اللفة لن الحكام الشرعية مغنية عنها ف الصال العامة و الاصة و أحكام اللك مندرجة فيها‪ .‬الوجه الثان أن يراعى فيها‬ ‫مصلحة السلطان و كيف يستقيم له اللك مع القهر و الستطالة و تكون الصال العامة ف هذه تبعا‪ i‬و هذه السياسة الت يمل عليها أه ل‬ ‫الجتماع الت لسائر اللوك ف العال من مسلم و غيه إل أن ملوك السلمي يرون منها على ما تقتضيه الشريعة السلمية بسب جه دهم‬ ‫فقوانينها إذا متمعة من أحكام شرعية و آداب خلقية و قواني ف الجتماع طبيعية‪ ،‬و أشياء من مراعاة الش وكة و العص بية ض رورية و‬ ‫القتداء فيها بالشرع أول‪ i‬ث الكماء ف آدابم و اللوك ف سيهم و من أحسن ما كتب ف ذلك و أودع كتابا‪ i‬طاهر بن السي لبنه عبد‬ ‫ال بن طاهر لا وله الأمون الرقة و مصر و ما بينهما فكتب إليه أبوه طاهر كتابه الشهور عهد إليه فيه و وصاه بميع ما يتاج إليه ف دولته‬ ‫و سلطانه من الداب الدينية و اللقية و السياسة الشرعية و اللوكية‪ ،‬و حثه على مكارم الخلق و ماسن الشيم با ل يستغن عنة ملك و‬ ‫ل سوقة‪ .‬و نص الكتاب بسم ال الرحن الرحيم أما بعد فعليك بتقوى ال وحده ل شريك له و خشيته و مراقبته عز و جل و مزايلة سخطه‬ ‫و احفظ رعيتك ف الليل و النهار و الزم ما ألبسك ال من العافية بالذكر لعادك و ما أنت صائر إليه و موقوف عليه و مسئول عنه‪ ،‬و العمل‬ ‫ف ذلك كله با يعصمك ال عز و جل و ينجيك يوم القيامة من عقابه و أليم عذابه فإن ال سبحانه قد أحسن إليك و أوجب الرأفة عليك‬ ‫بن استرعاك أمرهم من عباده و ألزمك العدل فيهم و القيام بقه و حدوده عليهم و الذب عنهم و الدفع عن حريهم و منصبهم و الق ن‬ ‫لدمائهم و المن لسربم و إدخال الراحة عليهم و مؤاخذك با فرض عليك و موقفك عليه و سائلك عنه و مثيبك عليه با قدمت و أخرت‬ ‫ففرغ لذلك فهمك و عقلك و بصرك و ل يشغلك عنه شاغل‪ ،‬و أنه رأس أمرك و ملك شأنك و أول ما يوقعك ال عليه و ليكن أول م ا‬ ‫تلزم به نفسك و تنسب إليه فعلك الواظبة على ما فرض ال عز و جل عليك من الصلوات المس و الماعة عليها بالناس قبلك و توابعها‬ ‫على سننها من إسباغ الوضوء لا و افتتاح ذكر ال عز وجل فيها و رتل ف قراءتك و تكن ف ركوعك و سجودك و تشهدك و لتص رف‬ ‫فيه رأيك و نيتك و احضض عليه جاعة من معك و تت يدك و ادأب عليها فإنا كما قال ال عز و جل تنهى عن الفحشاء و النك ر ث‬ ‫اتبع ذلك بالخذ بسنن رسول ال صلى ال عليه وسلم و الثابرة على خلئقه و اقتفاء أثر السلف الصال من بعده‪ ،‬و إذا ورد عليك أم ر‬ ‫فاستعن عليه باستخارة ال عز و جل و تقواه و بلزوم ما أنزل ال عز و جل ف كتابه من أمره و نيه و حلله و حرامه و ائتمام ما جاءت به‬ ‫الثار عن رسول ال صلى ال عليه و سلم ث قم فيه بالق ل عز وجل و ل تيلن عن العدل فيما أحببت أو كرهت لقريب من الن اس أو‬ ‫لبعيد و آثر الفقه و أهله و الدين و حلته و كتاب ال عز و جل و العاملي به فإن أفضل ما يتزين به الرء الفقه ف الدين و الطل ب ل ه و‬


‫الث عليه و العرفة با يتقرب به إل ال عز و جل فإنه الدليل على الي كله و القائد إليه و المر و الناهي عن العاصي و الوبقات كلها و‬ ‫مع توفيق ال عز و جل يزداد الرء معرفة و إجلل‪ i‬له و دركا‪ i‬للدرجات العلى ف العاد مع ما ف ظهوره للناس من التوقي لمرك و اليب ة‬ ‫لسلطانك و النسة بك و الثقة بعدلك و عليك بالقتصاد ف المور كلها فليس شيء أبي نفعا‪ i‬و ل أخص أمنا‪ i‬و ل أجع فض ل‪ i‬من ه‪ .‬و‬ ‫القصد داعية إل الرشد و الرشد دليل على التوفيق و التوفيق قائد إل السعادة و قوام الدين و السنن الادية بالقتصاد و كذا ف دنياك كلها‪.‬‬ ‫و ل تقصر ف طلب الخرة و الجر و العمال الصالة و السنن العروفة و معال الرشد و العانة و الستكثار من الب و السعي له إذا كان‬ ‫يطلب به وجه ال تعال و مرضاته و مرافقة أولياء ال ف دار كرامته أما تعلم أن القصد ف شأن الدنيا يورث العز و يحص من ال ذنوب و‬ ‫أنك لن توط نفسك من قائل و ل تنصلح أمورك بأفضل منه فأته و افتد به تتم أمورك و تزد مقدرتك و تصلح عامت ك و خاص تك و‬ ‫أحسن ظنك بال عز و جل تستقيم لك رعيتك و التمس الوسيلة إليه ف المور كلها تستدم به النعمة عليك و ل تتهمن أحدا‪ i‬من الن اس‬ ‫فيما توليه من عملك قبل أن تكشف أمره فإن إيقاع التهم بالباء و الظنون السيئة بم آث إث‪ .‬فاجعل من شأنك حسن الظن بأص حابك و‬ ‫اطرد عنك سوء الظن بم‪ ،‬و ارفضه فيهم يعنك ذلك على استطاعتهم و رياضتهم‪ .‬و ل يدن عدو ال الشيطان ف أمرك مغمزا‪ i‬فإنه يكتفي‬ ‫بالقليل من وهنك و يدخل عليك من الغم بسوء الظن بم ما ينقص لذاذة عيشك‪ .‬و اعلم أنك تد بسن الظن قوة و راحة‪ ،‬و تكتفي به ما‬ ‫أحببت كفايته من أمورك و تدعو به الناس إل مبتك و الستقامة ف المور كلها و ل ينعك حسن الظن بأصحابك و الرأفة برعيت ك أن‬ ‫تستعمل السألة و البحث عن أمورك و الباشرة لمور الولياء و حياطة الرعية و النظر ف حوائجهم و حل مؤوناتم أيسر عندك ما س وى‬ ‫ذلك فإنه أقوم للدين و أحيا للسنة‪ .‬و أخلص نيتك ف جيع هذا و تفرد بتقوي نفسك تفرد من يعلم أنه مسئول عما صنع و مزي با أحسن‬ ‫و مؤاخذ با أساء فإن ال عز و جل جعل الدين حرزا‪ i‬و عزا‪ i‬و رفع من اتبعه و عزره و اسلك بن تسوسه و ترعاه نج ال دين و طريق ة‬ ‫الدى‪ .‬و أقم حدود ال تعال ف أصحاب الرائم على قدر منازلم و ما استحقوه و ل تعطل ذلك و ل تتهاون به و ل تؤخر عقوبة أه ل‬ ‫العقوبة فإن ف تفريطك ف ذلك ما يفسد عليك حسن ظنك و اعتزم على أمرك ف ذلك بالسنن العروفة و جانب البدع و الشبهات يس لم‬ ‫لك دينك و تقم لك مرؤتك‪ .‬و إذا عاهدت عهدا‪ i‬فأوف به و إذا وعدت خيا‪ i‬فأنزه و اقبل السنة و ادفع با‪ ،‬و اغمض عن عيب ك ل‬ ‫ذي عيب من رعيتك‪ ،‬و اشدد لسانك عن قول الكذب و الزور‪ ،‬و أبغض أهل النميمة‪ ،‬فإن أول فساد أمورك ف عاجلها و آجلها‪ ،‬تقريب‬ ‫الكذوب‪ ،‬و الراءة على الكذب‪ ،‬لن الكذب رأس الآث‪ ،‬و الزور و النميمة خاتتها‪ ،‬لن النميمة ل يسلم صاحبها و قائلها‪ ،‬ل يسلم ل ه‬ ‫صاحب و ل يستقيم له أمر‪ .‬و أحبب أهل الصلح و الصدق‪ ،‬و أعز الشراف بالق‪ ،‬و آس الضعفاء‪ ،‬و صل الرحم‪ ،‬و ابتغ بذلك وجه ال‬ ‫تعال و إعزاز أمره‪ ،‬و التمس فيه ثوابه و الدار الخرة‪ .‬و اجتنب سوء الهواء و الور‪ ،‬و اصرف عنهما رأيك و أظهر براءتك من ذل ك‬ ‫لرعيتك و أنعم بالعدل ف سياستهم و قم بالق فيهم‪ ،‬و بالعرفة الت تنتهي بك إل سبيل الدى‪ .‬و املك نفسك عند الغضب‪ ،‬و آثر اللم و‬ ‫الوقار‪ ،‬و إياك و الدة و الطيش و الغرور فيما أنت بسبيله‪ .‬و إياك أن تقول أنا مسلط أفعل ما أشاء فإن ذلك سريع إل نقص الرأي و قلة‬ ‫اليقي بال عز و جل و أخلص ل وحده النية فيه و اليقي به‪ .‬و اعلم أن اللك ل سبحانه و تعال يؤتيه من يشاء و ينعه من يشاء‪ .‬و ل ن‬ ‫تد تغي النعمة و حلول النقمة على أحد أسرع منه إل حلة النعمة من أصحاب السلطان و البسوط لم ف الدولة إذا كف روا نع م ال و‬ ‫إحسانه و استطالوا با أعطاهم ال عز و جل من فضله‪ .‬و دع عنك شره نفسك و لتكن ذخائرك و كنوزك الت تدخر و تكن الب و التقوى‬ ‫و استصلح الرعية و عمارة بلدهم و التفقد لمورهم و الفظ لدمائهم و الغاثة للهوفهم‪ .‬و اعلم أن الموال إذا اكتنت و ادخ رت ف‬ ‫الزائن ل تنمو و إذا كانت ف صلج الرعية و إعطاء حقوقهم و كف الذية عنهم نت و زكت و صلحت با العامة و ترتبت با الولية و‬ ‫طاب با الزمان و اعتقد فيها العز و النفعة‪ .‬فليكن كن خزائنك تفريق الموال ف عمارة السلم و أهله‪ .‬و وفر منه على أولياء أمي الؤمني‬ ‫قبلك حقوقهم و أوف من ذلك حصصهم و تعهد ما يصلح أمورهم و معاشهم فإنك إذا فعلت ذلك قرت النعمة عليك و استوجبت الزيد‬ ‫من ال تعال و كنت بذلك على جباية خراجك و جع أموال رعيتك و عملك أقدر و كان الميع لا شلهم من عدلك و إحسانك أسلس‬ ‫لطاعتك و أطيب أنفسا‪ i‬بكل ما أردت‪ .‬و أجهد نفسك فيما حددت لك ف هذا الباب و ليعظم حقك فيه و إنا يبقى من الال ما أنف ق ف‬ ‫سبيل ال و اعرف للشاكرين حقهم و أثبهم عليه و إياك أن تنسيك الدنيا و غرورها هول الخرة فتتهاون با يق عليك فإن التهاون يورث‬ ‫التفريط و التفريط يورث البوار‪ .‬و ليكن عملك ل عز و جل و ارج الثواب فيه فإن ال سبحانه قد أسبغ عليك فضله‪ .‬و اعتصم بالشكر و‬ ‫عليه فاعتمد يزدك ال خيا‪ i‬و إحسانا‪ i‬فإن ال عز و جل يثيب بقدر شكر الشاكرين و إحسان السني‪ .‬و ل تقرن ذنبا‪ i‬و ل تالئن حاسدا‪i‬‬


‫و ل ترحن فاجرا‪ i‬و ل تصلن كفورا‪ i‬و ل تداهنن عدوا‪ i‬و ل تصدقن ناما‪ i‬و ل تأمنن غدارا‪ i‬و ل توالي فاسقا‪ i‬و ل تتبعن غاويا‪ i‬و ل تمدن‬ ‫مرائيا‪ i‬و ل تقرن إنسانا‪ i‬و ل تردن سائل‪ i‬فقيا‪ i‬و ل تسنن باطل‪ i‬و ل تلحظن مضحكا‪ i‬و ل تلفن وعدا‪ i‬و ل تزهون فخرا‪ i‬و ل تظه رن‬ ‫غضبا‪ i‬و ل تباينن رجاء¸ و ل تشي مرحا‪ i‬و ل تفرطن ف طلب الخرة و ل ترفع للنمام عينا‪ i‬و ل تغمضن عن ظال رهبة منه أو ماب اة‪ i‬و ل‬ ‫تطلب ثواب الخرة ف الدنيا‪ .‬و أكثر مشاورة الفقهاء و استعمل نفسك باللم و خذ عن أهل التجارب و ذوي العقل و الرأي و الكمة‪.‬‬ ‫و ل تدخلن ف مشورتك أهل الرفه و البخل و ل تسمعن لم قول‪ i‬فإن ضررهم أكثر من نفعهم و ليس شيء أسرع فسادا‪ i‬لا استقبلت في ه‬ ‫أمر رعيتك من الشح‪ .‬و اعلم أنك إذا كنت حريصا‪ i‬كنت كثي الخذ قليل العطية و إذا كنت كذلك ل يستقم لك أم رك إل قليل‪ i‬ف إن‬ ‫رعيتك إنا تعقد على مبتك بالكف عن أموالم و ترك الور عليهم‪ .‬و ابتدئ من صافاك من أوليائك بالفصال عليهم و حسن العطية لم‪.‬‬ ‫و اجتنب الشح و اعلم أنه أول ما عصى النسان به ربه و إن العاصي بنلة خزي و هو قول ال عز و جل و من يوق شح نفسه ف أولئك‬ ‫هم الفلحون فسهل طريق الود بالق و اجعل للمسلمي كلهم من فيئك‪ ،‬حظا‪ i‬و نصيبا‪ i‬و أيقن أن الود أفضل أعمال العباد فأعده لنفسك‬ ‫خلقا‪ i‬و ارض به عمل‪ i‬و مذهبا‪ .i‬و تفقد الند ف دواوينهم و مكانتهم و أدر عليهم أرزاقهم و و وسع عليهم ف معايشهم يذهب ال عز و‬ ‫جل بذلك فاقتهم فيقوى لك أمرهم و تزيد قلوبم ف طاعتك و أمرك خلوصا‪ i‬و انشراحا‪ .i‬و حسب ذي السلطان من الس عادة أن يك ون‬ ‫على جنده و رعيته ذا رحة ف عدله و حيطته و إنصافه و عنايته و شفقته و بره و توسعته فزايل مكروه أحد البابي باستشعار فضيلة الباب‬ ‫الخر و لزوم العمل به تلق إن شاء ال تعال ناحا‪ i‬و صلحا‪ i‬و فلحا‪ .i‬و اعلم أن القضاء من ال تعال بالكان الذي ليس فوقه شيء م ن‬ ‫المور لنه ميزان ال الذي تعدل عليه أحوال الناس ف الرض‪ .‬و بإقامة العدل ف القضاء و العمل تصلح أحوال الرعية و ت أمن الس بل و‬ ‫ينتصف الظلوم و تأخذ الناس حقوقهم و تسن العيشة و يؤدى حق الطاعة و يرزق ال العافية و السلمة و يقيم الدين و يري الس نن و‬ ‫الشرائع ف ماريها‪ .‬و اشتد ف أمر ال عز و جل و تورع عن النطف و امض لقامة الدود‪ .‬و أقل العجلة و ابعد عن الضجر و القلق و اقنع‬ ‫بالقسم و انتفع بتجربتك و انتبه ف صمتك و اسدد ف منطقك و أنصف الصم و قف عند الشبهة و أبلغ ف الجة و ل يأخذك ف أح د‬ ‫من رعيتك ماباة و ل ماملة و ل لومة لئم و تثبت و تأن و راقب و انظر و تنكر و تدبر و اعتب و تواضع لربك و ارفق بميع الرعي ة و‬ ‫سلط الق على نفسك و ل تسرعن إل سفك دم فإن الدماء من ال عز و جل بكان عظيم انتهاكا‪ i‬لا بغي حقها‪ .‬و انظر هذا الراج الذي‬ ‫استقامت عليه الرعية و جعله ال للسلم عزا‪ i‬و رفعة‪ i‬و لهله توسعة و منعة و لعدوه و عدوهم كبتا‪ i‬و غيظا‪ i‬و لهل الكفرمن معاديهم ذل‪i‬‬ ‫و صغارا‪ i‬فوزعه بي أصحابه بالق و العدل و التسوية و العموم و ل تدفعن شيئا‪ i‬منه عن شريف لشرفه و ل عن غن لغناه و ل عن ك اتب‬ ‫لك و ل عن أحد من خاصتك و ل حاشيتك و ل تأخذن منه فوق الحتمال له‪ .‬و ل تكلف أمرا‪ i‬فيه شطط‪ .‬و احل الناس كلهم على أمر‬ ‫الق فإن ذلك أجع لنفسهم و ألزم لرضاء العامة‪ .‬و اعلم أنك جعلت بوليتك خازنا‪ i‬و حافظا‪ i‬و راعيا‪ i‬و إنا سي أهل عمل ك رعيت ك‬ ‫لنك راعيهم و قيمهم‪ .‬فخذ منهم ما أعطوك من عفوهم و نفذه ف قوام أمرهم و صلحهم و تقوي أودهم‪ .‬و استعمل عليهم أول الرأي و‬ ‫التدبي و التجربة و البة بالعلم و العمل بالسياسة و العفاف‪ .‬و وسع عليهم ف الرزق فإن ذلك من القوق اللزمة لك فيم ا تقل دت و‬ ‫أسند إليك فل يشغلك عنه شاغل و ل يصرفك عنه صارف فإنك مت آثرته و قمت فيه بالواجب استدعيت به زيادة النعمة م ن رب ك و‬ ‫حسن الحدوثة ف عملك و اجتررت به البة من رعيتك و أعنت على الصلح فدرت اليات ببلدك و فشت العمارة بناحيتك و ظه ر‬ ‫الصب ف كورك و كثر خراجك و توفرت أموالك و قويت بذلك على ارتياض جندك و إرضاء العامة بإفاضة العطاء فيهم من نفس ك و‬ ‫كنت ممود السياسة مرضي العدل ف ذلك عند عدوك و كنت ف أمورك كلها ذا عدل و آلة و قوة و عدة‪ .‬فنافس ف ذلك و ل تقدم عليه‬ ‫شيئا‪ i‬تمد عاقبة أمرك إن شاء ال تعال‪ .‬و اجعل ف كل كورة من عملك أمينا‪ i‬يبك أخبار عمالك و يكتب إليك بسيهم و أعمالم حت‬ ‫كأنك مع كل عامل ف عمله معاين لموره كلها‪ .‬فإن أردت أن تأمرهم بأمر فانظر ف عواقب ما أردت من ذلك فإن رأيت السلمة فيه و‬ ‫العافية و رجوت فيه حسن الدفاع و الصنع فأمضه و إل فتوقف عنه و راجع أهل البصر و العلم به ث خذ فيه عدته فإنه ربا نظر الرجل ف‬ ‫أمره و قدره و أتاه على ما يهوى فأغواه ذلك و أعجبه فإن ل ينظر ف عواقبه أهلكه و نقص عليه أمره‪ .‬فاستعمل الزم ف كل ما أردت و‬ ‫باشره بعد عون ال عز و جل بالقوة‪ .‬و أكثر من استخارة ربك ف جيع أمورك‪ .‬و افرغ من يومك و ل تؤخره لغدك و أك ثر مباش رته‬ ‫بنفسك فإن للغد أمورا‪ i‬و حوادث تلهيك عن عمل يومك الذي أخرت‪ .‬و اعلم أن اليوم إذا مضى ذهب با فيه و إذا أخرت عمله اجتم ع‬ ‫عليك عمل يومي فيثقلك ذلك حت ترض منه‪ .‬و إذا مضيت لكل يوم عمله أرحت بدنك و نفسك و جعت أمر سلطانك و انظر أح رار‬


‫الناس و ذوي الفضل منهم من بلوت صفاء طويتهم و شهدت مودتم لك و مظاهرتم بالنصح و الافظة على أمرك فاستخلصهم و أحسن‬ ‫إليهم و تعاهد أهل البيوتات من قد دخلت عليهم الاجة و احتمل مؤونتهم و أصلح حالم حت ل يدوا للتهم مسا‪ i‬و أفرد نفسك للنظر‬ ‫ف أمور الفقراء و الساكي و من ل يقدر على رفع مظلمته إليك و التقر الذي ل علم له بطلب حقه فسل عنه أحفى مسألة و وكل بأمثاله‬ ‫أهل الصلح من رعيتك و مرهم برفع حوائجهم و حالتم إليك لتنفر فيما يصلح ال به أمرهم و تعاهد ذوي البأساء و أيتامهم و أراملهم‬ ‫و اجعل لم أرزاقا‪ i‬من بيت الال اقتداء بأمي الؤمني أعزه ال تعال ف العطف عليهم و الصلة لم ليصلح ال بذلك عيشهم و يرزق ك ب ه‬ ‫بركة و زيادة‪ .‬و أجر للضراء من بيت الال و قدم حلة القرآن منهم و الافظي لكثره ف الراية على غيهم و انصب لرضى الس لمي‬ ‫دورا‪ i‬تأويهم و قواما‪ i‬يرفقون بم و أطباء يعالون أسقامهم و أسعفهم بشهواتم مال يؤد ذلك إل إسراف ف بيت الال‪ .‬و اعلم أن الناس إذا‬ ‫أعطوا حقوقهم و أفضل أمانيهم ل يرضيهم ذلك و ل تطب أنفسهم دون رفع حوائجهم إل ولتم طمعا‪ i‬ف نيل الزيادة و فض ل الرف ق‬ ‫منهم‪ .‬و ربا تبم التصفح لمور الناس لكثرة ما يرد عليه و يشغل فكره و ذهنه فيها ما يناله به من مؤونة و مشقة‪ .‬و ليس من يرغ ب ف‬ ‫العدل و يعرف ماسن أموره ف العاجل و فضل ثواب الجل كالذي يستقبل ما يقرئه إل ال تعال و يلتمس رحته و أك ثر الذن للن اس‬ ‫عليك و أبرز لم وجهك و سكن لم حواسك و اخفض لم جناحك و أظهر لم بشرك و لن لم ف السألة و النطق و اعط ف عليه م‬ ‫بودك و فضلك‪ .‬و إذا أعطيت فأعط بسماحة و طيب نفس و التماس للصنيعة و الجر من غي تكدير و ل امتنان فإن العطية على ذل ك‬ ‫تارة مربة إن شاء ال تعال‪ .‬و اعتب با ترى من أمور الدنيا و من مضى قبلك من أهل السلطان و الرئاسة ف الق رون الالي ة و الم م‬ ‫البائدة‪ .‬ث اعتصم ف أحوالك كلها بال سبحانه و تعال و الوقوف عند مبته و العمل بشريعته و سنته و بإقامة دينه و كتابه و اجتنب م ا‬ ‫فارق ذلك و خالفه و دعا إل سخط ال عز و جل و اعرف ما يمع عمالك من الموال و ما ينفقون منها و ل تمع حرام ا‪ i‬و ل تنف ق‬ ‫إسرافا‪ .i‬و أكثر مالسة العلماء و مشاورتم و مالطتهم و ليكن هواك اتباع السنن و إقامتها و إيثار مكارم الخلق و معاليها و ليكن أكرم‬ ‫دخلئك و خاصتك عليك من إذا رأى عيبا فيك ل تنعه هيبتك عن إناء ذلك إليك ف سرك و إعلنك با فيه من النقص فإن أولئك أنصح‬ ‫أوليائك و مظاهرون لك‪ .‬و انظر عمالك الذين بضرتك و كتابك فوقت لكل رجل منهم ف كل يوم وقتا‪ i‬يدخل في ه علي ك بكتب ه و‬ ‫مؤامراته و ما عنده من حوائج عمالك و أمور الدولة و رعيتك ث فرغ لا يورد عليك من ذلك سعك و بصرك و فهمك و عقلك و ك رر‬ ‫النظر فيه و التدبر له فما كان موافقا‪ i‬للحق و الزم فأمضه و استخر ال عز و جل فيه و ما كان مالفا‪ i‬لذلك فاصرفه إل الس ألة عن ه و‬ ‫التثبت منه و ل تنن على رعيتك و ل غيهم بعروف تؤتيه إليهم‪ .‬و ل تقبل من أحد إل الوفاء و الستقامة و العون ف أمور أمي السلمي‬ ‫و ل تضعن العروف إل على ذلك‪ .‬و تفهم كتاب إليك و انعم النظر فيه و العمل به و استعن بال على جيع أمورك و استخره فإن ال عز و‬ ‫جل مع الصلح و أهله و ليكن أعظم سيتك و أفضل رغبتك ما كان ل عز و جل رضى و لدينه نظاما‪ i‬و لهله عزا‪ i‬و تكينا‪ i‬و للمل ة و‬ ‫الذمة عدل‪ i‬و صلحا‪ i‬و أنا أسأل ال أن يسن عونك و توفيقك و رشدك و كلءتك و السلم‪ .‬و حدث الخباريون أن هذا الكتاب ل ا‬ ‫ظهر و شاع أمره أعجب به الناس و اتصل بالأمون فلما قرئ عليه قال ما أبقى أبو الطيب يعن طاهرا‪ i‬شيئا‪ i‬من أمور الدنيا والدين و التدبي‬ ‫و الرأي و السياسة و صلح اللك و الرعية و حفظ السلطان و طاعة اللفاء و تقوي اللفة إل و قد أحكمه و أوصى به ث أمر ال أمون‬ ‫فكتب به إل جيع العمال ف النواحي ليقتدوا به و يعملوا با فيه هذا أحسن ما وقفت عليه ف هذه السياسة و ال أعلم‪.‬‬

‫القسم الول من الفصل الثالث و المسون ف أمر الفاطمي و ما يذهب إليه‬ ‫الناس ف شأنه و كشف الغطاء عن ذلك القسم الول‬ ‫اعلم أن ف الشهور بي الكافة من أهل السلم على مر العصار أنه ل بد ف آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين و يظهر‬ ‫العدل و يتبعه السلمون و يستول على المالك السلمية و يسمى بالهدي و يكون خروج الدجال و ما بعده من أشراط الساعة الثابتة ف‬ ‫الصحيح على أثره‪ .‬و أن عيسى ينل من بعده فيقتل الدجال أو ينل معه فيساعده على قتله و يأت بالهدي ف صلته و يتجون ف الش أن‬ ‫بأحاديث خرجها المة و تكلم فيها النكرون لذلك و ربا عارضوها ببعض الخبار و للمتصوفة التأخرين ف أمر هذا الفاطمي طريقة أخرى‬


‫و نوع من الستدلل و ربا يعتمدون ف ذلك على الكشف الذي هو أصل طرائقهم‪ .‬و نن الن نذكر هنا الحاديث الواردة ف هذا الشأن‬ ‫و ما للمنكرين فيها من الطاعن و ما لم ف إنكارهم من الستند ث نتبعه بذكر كلم التصوفة و رأيهم ليتبي لك الصحيح من ذلك إن شاء‬ ‫ال تعال فنقول إن جاعة من المة خرجوا أحاديث الهدي منهم الترمذي و أبو داود و البزاز و ابن ماجة و الاكم و الطبان و أبو يعلى‬ ‫الوصلي و أسندوها إل جاعة من الصحابة مثل علي و ابن عباس و ابن عمر و طلحة و ابن مسعود و أب هري رة و أن س و أب س عيد‬ ‫الدري و أم حبيبة و أم سلمة و ثوبان و قرة بن إياس و علي اللل و عبد ال بن الارث بن جزء بأسانيد ربا يعرض لا النكرون كم ا‬ ‫نذكره إل أن العروف عند أهل الديث أن الرح مقدم على التعديل فإذا وجدنا طعنا‪ i‬ف بعض رجال السانيد بغفلة أو بس وء حف ظ أو‬ ‫ضعف أو سوء رأي تطرق ذلك إل صحة الديث و أوهن منها و ل تقولن مثل ذلك ربا يتطرق إل رجال الصحيحي فإن الج اع ق د‬ ‫اتصل ف المة على تلقيهما بالقول و العمل با فيهما و ف الجاع أعظم حاية و أحسن دفعا‪ i‬و ليس غي الصحيحي بثابتهما ف ذلك فقد‬ ‫تد مال‪ i‬للكلم ف أسانيدها با نقل عن أمة الديث ف ذلك‪.‬‬ ‫و لقد توغل أبو بكر بن أب خيثمة على ما نقل السهيلي عنه ف جعه للحاديث الواردة ف الهدي فقال و من أغربا إسنادا‪ i‬ما ذكره أب و‬ ‫بكر السكاف ف فوائد الخبار مستندا‪ i‬إل مالك بن أنس عن ممد بن النكدر عن جابر قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬م ن‬ ‫كذب بالهدي فقد كفر و من كذب بالدجال فقد كذب و قال ف طلوع الشمس من مغربا مثل ذلك فيما أحسب و حسبك هذا غلوا‪ .i‬و‬ ‫ال أعلم بصحة طريقه إل مالك بن أنس على أن أبا بكر السكاف عندهم متهم وضاع‪.‬‬ ‫و أما الترمذي فخرج هو و أبو داود بسند ها إل ابن عباس‪ .‬من طريق عاصم بن أب النجود أحد القراء السبعة إل زر بن حبيش عن عب د‬ ‫ال بن مسعود عن النب صلى ال عليه و سلم‪ :‬لو ل يبق من الدنيا إل يوم لطول ال ذلك اليوم حت يبعث ال فيه رجل‪ i‬من أو من أهل بيت‬ ‫يواطئ اسه اسي و اسم أبيه اسم أب‪ .‬هذا لفظ أب داود و سكت عليه و قال ف رسالته الشهورة إن ما سكت عليه ف كتابه فهو صال و‬ ‫لفظ الترمذي ل تذهب الدنيا حت يلك العرب رجل من أهل بيت يواطىء اسه اسي و ف لفظ آخر حت يلي رجل من أهل بيت و كلها‬ ‫حديثا‪ i‬حسن صحيح و رواه أيضا‪ i‬من طريق موقوفا‪ i‬على أب هريرة و قال الاكم رواه الثوري و شعبة و زائدة و غيهم من أئمة الس لمي‬ ‫عن عاصم قال‪ :‬و طرق عاصم عن زر عن عبد ال كلها صحيحة على ما أصلته من الحتجاج بأخبار عاصم إذ هو إمام من أئمة السلمي‬ ‫انتهى إل أن عاصما‪ i‬قال فيه أحد بن حنبل‪ :‬كان رجل‪ i‬صالا‪ i‬قارئا‪ i‬للقرآن خيا‪ i‬ثقة و العمش أحفظ منه و كان شعبة يتار العمش عليه‬ ‫ف تثبيت الديث و قال العجلي كان يتلف عليه ف زر و أب وائل يشي بذلك إل ضعف روايته عنهما و قال ممد بن سعد كان ثق ة إل‬ ‫أنه كثي الطأ ف حديثه و قال يعقوب بن سفيان ف حديثه اضطراب و قال عبد الرحن بن أب حات قلت لب أن أبا زرعة يقول عاصم ثقة‬ ‫فقال ليس مله هذا و قد تكلم فيه ابن علية فقال كل من اسه عاصم سيء الفظ و قال أبو حات مله عندي مل الصدق صال الديث و ل‬ ‫يكن بذلك الافظ و اختلف فيه قول النسائي و قال ا بن حراش ف حديثه نكرة و قال أبو جعفر العقيلي ل يكن فيه إل سوء الفظ و قال‬ ‫الدارقطن ف حفظه شيء و قال يي القطان ما وجدت رجل‪ i‬اسه عاصم إل وجدته سيء الفظ و قال أيضا‪ i‬سعت شعبة يق ول ح دثنا‬ ‫عاصم بن أب النجود و ف الناس ما فيها و قال الذهب ثبت ف القراءة و هو حسن الديث‪ .‬و إن حتج أحد بأن الشيخي أخرجا له منقول‬ ‫أخرجا له مقرونا‪ i‬بغيه ل أصل‪ i‬و ال أعلم‪.‬‬ ‫و خرج أبو داود ف الباب عن علي رضي ال عنه من رواية قطن بن خليفة عن لقاسم بن أب مرة عن أب الطفيل عن علي عن النب صلى ال‬ ‫عليه و سلم قال‪ :‬لو ل يبق من الدهر إل يوم لبعث ال رجل‪ i‬من أهل بيت يلها عدل‪ i‬كما ملئت جورا‪ i‬و قطن بن خليفة و إن وثقه أحد و‬ ‫يي بن القطان و ابن معي و النسائي و غيهم إل أن العجلي قال‪ :‬حسن الديث و فيه تشيع قليل و قال ابن معي مرة‪ :‬ثقة شيعي‪ .‬و قال‬ ‫أحد بن عبد ال بن يونس‪ :‬كنا نر على قطن و هو مطروح ل نكتب عنه‪ .‬و قال مرة‪ :‬كنت أمر به و أدعه مثل الكلب‪ .‬و قال الدارقطن‪:‬‬ ‫ل يتج به‪ .‬و قال أبو بكر بن عياش‪ :‬ما تركت الرواية عنه إل لسوء مذهبه‪ .‬و قال الرجان‪ :‬زائغ غي ثقة انتهى‪ .‬و خرج أبو داود أيض ا‪i‬‬ ‫بسنده إل علي رضي ال عنه عن مروان بن الغية عن عمر بن أب قيس عن شعيب بن أب خالد عن أب إسحاق النسفي قال‪ :‬قال عل ي و‬ ‫نظر إل ابنه السن إن ابن هذا سيد كما ساه رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ .‬سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه ف اللق‬ ‫و ل يشبهه ف اللق يل الرض عدل‪ i‬و قال هارون حدثنا عمر بن أب قيس عن مطرف بن طريف عن أب السن عن هلل بن عمر سعت‬ ‫عليا‪ i‬يقول‪ :‬قال النب صلى ال عليه و سلم‪ :‬يرج رجل من وراء النهر يقال له الارث على مقدمته رجل يقال له منصور يوطىء أو يك ن‬


‫لل ممد كما مكنت قريش لرسول ال صلى ال عليه و سلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال إجابته‪ .‬سكت أبو داود عليه‪ .‬و قال ف‬ ‫موضع آخر ف هارون‪ :‬هو من ولد الشيعة‪ .‬و قال السليمان‪ :‬فيه نظر‪ .‬و قال أبو داود ف عمر بن أب قيس‪ :‬ل بأس ف حديثه خطأ‪ .‬و قال‬ ‫الذهب‪ :‬صدق له أوهام‪ .‬و أما أبو إسحاق الشيعي و إن خرج عنه ف الصحيحي فقد ثبت أنه اختلط آخر عمره و روايت ه ع ن عل ي‪،‬‬ ‫منقطعة‪ ،‬و كذلك رواية أب داود عن هارون بن الغية‪ .‬و أما السند الثان فأبو السن فيه و هلل بن عمر مهولن و ل يعرف أبو السن‬ ‫إل من رواية مطرف بن طريف عنه انتهى‪ .‬و خرج أبو داود أيضا‪ i‬عن أم سلمة قالت سعت ف الستدرك من طريق علي بن نفيل عن سعيد‬ ‫بن السيب عن أم سلمة قالت سعت رسول ال صلى ال عليه و سلم يقول‪ :‬الهدي من ولد فاطمة و لفظ الاكم‪ :‬سعت رسول ال صلى‬ ‫ال عليه و سلم يذكر الهدي فقال‪ :‬نعم هو حق و هو من بن فاطمة و ل يتكلم عليه بالصحيح و ل غيه و قد ضعفه أبو جعفر العقيلي و‬ ‫قال‪ :‬ل يتابع علي بن نفيل عليه و ل عرف إل به‪ .‬و خرج أبو داود أيضا‪ i‬عن أم سلمة من رواية صال أب الليل عن صاحب ل ه ع ن أم‬ ‫سلمة قال‪ :‬يكون اختلف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل الدينة هاربا‪ i‬إل مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه و ه و ك اره‬ ‫فيبايعونه بي الركن و القام فيبعث إليه بعث من الشام فيخسف بم بالبيداء بي مكة و الدينة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال أهل الش ام و‬ ‫عصائب أهل العراق فيبايعونه ث ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا‪ i‬فيظهرون عليهم و ذلك بعث كلب و اليب ة ل ن ل‬ ‫يشهد غنيمة كلب فيقسم الال و يعمل ف الناس بسنة نبيهم صلى ال عليه و سلم و يلقي السلم برانه على الرض فيلبث سبع س ني و‬ ‫قال بعضهم تسع سني ث رواه أبو داود من رواية أب الليل عن عبد ال بن الارث عن أم سلمة فتبي بذلك البه م ف الس ناد الول و‬ ‫رجاله رجال الصحيحي ل مطعن فيهم و ل مغمز و قد يقال إنه من رواية قتادة عن أب الليل و قتادة مدلس و قد عنعنه و الدلس ل يقبل‬ ‫من حديثه إل ما صرح فيه بالسماع‪ .‬مع أن الديث ليس فيه تصريح بذكر الهدي نعم ذكره أبو داود ف أبوابه و خرج أبو داود أيض ا‪ i‬و‬ ‫تابعه الاكم عن أب سعيد الدري قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الهدي من أجلى البهة اقن الن ف يل الرض قس طا‪ i‬و‬ ‫عدل‪ i‬كما ملئت ظلما‪ i‬و جورا‪ i‬يلك سبع سني هذا لفظ أب داود و سكت عليه و لفظ الاكم‪ :‬الهدي منا أهل البيت أش م الن ف أقن‬ ‫أجلى يل الرض قسطا‪ i‬و عدل‪ i‬كما ملئت جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬يعيش هكذا و يبسط يساره و إصبعي من يينه السبابة و البام و عقد ثلث قال‬ ‫الاكم‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط مسلم و ل يرجاه‪ .‬و عمران القطان متلف ف الحتجاج يه إنا أخرج له البخاري استش هادا‪ i‬ل‬ ‫أصل‪ i‬و كان يي القطان ل يدث عنه و قال يي بن معي‪ :‬ليس بالقوي و قال مرة‪ :‬ليس بشيء‪ .‬و قال أحد بن حنبل أرجو أن يك ون‬ ‫صال الديث و قال يزيد بن زريع كان حروريا‪ i‬و كان يرى السيف على أهل القبلة و قال النسائي ضعيف و قال أبو عبيد الجري‪ :‬سألت‬ ‫أبا داود عنه‪ .‬فقال‪ :‬من أصحاب السن و ما سعت إل خيا‪ .i‬و سعته مرة أخرى ذكره فقال‪ :‬ضعيف أفت ف إبراهيم بن عبد ال بن حسن‬ ‫بفتوى شديدة فيها سفك الدماء‪ .‬و خرج الترمذي و ابن ماجة و الاكم عن أب سعيد الدري من طريق زيد العمي عن أب صديق الناجي‬ ‫عن أب سعيد الدري قال‪ :‬خشينا أن يكون بعض شيء حدث فسألنا نب ال صلى ال عليه و سلم فقال‪ :‬إن ف أمت الهدي يرج و يعيش‬ ‫خسا‪ i‬أو سبعا‪ i‬أو تسعا‪ i‬زيد الشاك قال قلنا‪ :‬و ما ذاك ؟ قال سني ! قال‪ :‬فيجيء إليه الرجل فيقول‪ :‬يا مهدي أعطن قال‪ :‬فيحثو له ف ثوبه‬ ‫ما استطاع أن يمله لفظ الترمذي و قال‪ :‬هذا حديث حسن و قد روى من غي وجه عن أب سعيد عن النب صلى ال عليه و سلم و لفظ‬ ‫ابن ماجة و الاكم‪ :‬يكون ف أمت الهدي إن قصر فسبع و إل فتسع فتنعم أمت فيه نعمة ل يسمعوا بثلها قط ت ؤتى الرض أكله ا و ل‬ ‫يدخر منه شيء و الال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول‪ :‬يا مهدي أعطن فيقول خذ‪ .‬انتهى‪ .‬و زيد العمي و إن قال فيه الدارقطن و أحد‬ ‫بن حنبل و يي بن معي إنه صال و زاد أحد إنه فوق يزيد الرقاش و فضل بن عيسى إل أنه قال فيه أبو حات‪ :‬ضعيف يكتب ح ديثه و ل‬ ‫يتج به‪ .‬و قال يي بن معي ف رواية أخرى‪ :‬ل شيء‪ .‬و قال مرة يكتب حديثه و هو ضعيف‪ .‬و قال الرجان‪ :‬متماسك و قال أبو زرعة‬ ‫ليس بقوي واهي الديث ضعيفا‪ i‬و قال أبو حات ليس بذاك و قد حدث عنه شعبة‪ .‬و قال النسائي‪ :‬ضعيف و قال ابن عدي‪ :‬عامة ما يرويه‬ ‫و من يروى عنهم ضعفاء على أن شعبة قد روى عنه و لعل شعبة ل يرو عن أضعف منه‪.‬‬ ‫و قد يقال إن حديث الترمذي وقع تفسيا‪ i‬لا رواه مسلم ف صحيحه من حديث جابر قال قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬يكون ف‬ ‫آخر أمت‪ ،‬خليفة يثو الال حثوا‪ i‬ل يعده عدا‪ i‬و من حديث أب سعيد قال‪ :‬من خلفائكم خليفة يثو الال حثوا‪ i‬و من طريق أخرى عنهم ا‬ ‫قال‪ :‬يكون ف آخر الزمان خليفة يقسم الال و ل يعده انتهى‪ .‬و أحاديث مسلم يقع فيها ذكر الهدي و ل دليل يقوم على أنه الراد منها‪ .‬و‬ ‫رواة الاكم أيضا‪ i‬من طريق عوف العراب عن أب الصديق الناجي عن أب سعيد الدري قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و س لم‪ :‬ل‬


‫تقوم الساعة حت تل الرض جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬و عدوانا‪ i‬ث يرج من أهل بيت رجل يلها قسطا‪ i‬و عدل‪ i‬كما ملئت ظلما‪ i‬و عدوانا‪ i‬و قال فيه‬ ‫الاكم‪ :‬هذا صحيح على شرط الشيخي و ل يرجاه‪ .‬و رواه الاكم أيضا‪ i‬عن طريق سليمان بن عبيد عن أب الصديق الن اجي ع ن أب‬ ‫سعيد الدري عن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬يرج ف آخر أمت الهدي يسقيه ال الغيث و ترج الرض نباتا و يعط ي ال ال‬ ‫صحاحا‪ i‬و تكثر الاشية و تعظم المة يعيش سبعا‪ i‬أو ثانيا‪ i‬يعن حججا‪ i‬و قال فيه حديث صحيح السناد و ل يرجاه‪ .‬مع أن سليمان ب ن‬ ‫عبيد ل يرج له أحد من الستة لكن ذكره ابن حبان ف الثقات و ل يرد أن أحدا‪ i‬تكلم فيه ث رواه الاكم أيضا‪ i‬من طريق أسد بن موس ى‬ ‫عن حاد بن سلمة عن مطر الوراق و أب هارون العبدي عن أب الصديق الناجي عن أب سعيد أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬تل‬ ‫الرض جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬فيخرج رجل من عترت فيملك سبعا‪ i‬أو تسعا‪ i‬فيمل الرض عد ‪i‬ل و قسطا‪ i‬كما ملئت جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬و قال الاكم فيه‪:‬‬ ‫هذا حديث صحيح على شرط مسلم لنه أخرج عن حاد بن سلمة و عن‬ ‫شيخه مطر الوراق‪ .‬و أما شيخه الخر و هو أبو هارون العبدي فلم يرج له‪ .‬و هو ضعيف جدا‪ i‬متهم بالكذب و ل حاجة إل بسط أقوال‬ ‫الئمة ف تضعيفه‪ .‬و أما الراوي له عن حاد بن سلمة فهو أسد بن موسى يلقب أسد السنة و إن قال البخاري‪ :‬مشهور الديث و استشهد‬ ‫به ف صحيحه‪ .‬و احتج به أبو داود و النسائي إل إنه قال مرة أخرى‪ :‬ثقة لو ل يصنف كان خيا‪ i‬له‪ .‬و قال فيه ممد ب ن ح زم‪ :‬منك ر‬ ‫الديث‪ .‬و رواه الطبان ف معجمه الوسط من رواية أب الواصل عبد الميد بن واصل عن أب الصديق الناجي عن الس ن ب ن يزي د‬ ‫السعدي أحد بن بذلة عن أب سعيد الدري قال سعت رسول ال صلى ال عليه و سلم يقول‪ :‬يرج رجل من أمت يقول بسنت ينل ال‬ ‫عز و جل له القطر من السماء و ترج الرض بركتها و تل الرض منه قسطا‪ i‬و عدل‪ i‬كما ملئت جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬يعمل على هذه المة سبع‬ ‫سني و ينل على بيت القدس و قال الطبان‪ :‬فيه رواة جاعة عن أب الصديق و ل يدخل أحد منهم بينه و بي أب سعيد أح دا‪ i‬إل أب ا‬ ‫الواصل فإنه رواه عن السن بن يزيد عن أب سعيد انتهى‪ .‬و هذا السن بن يزيد ذكره ابن أب حات و ل يعرفه بأكثر ما ف هذا السناد من‬ ‫روايته عن أب سعيد و رواية أب الصديق عنه و قال الذهب ف اليزان‪ :‬إنه مهول‪ .‬لكن ذكره ابن حبان ف الثقات و أما أبو الواصل ال ذي‬ ‫رواه عن أب الصديق فلم يرج له أحد من الستة‪ .‬و ذكره ابن حبان ف الثقات ف الطبقة الثانية و قال فيه‪ :‬يروى عن أنس روى عنه شعبة و‬ ‫عتاب بن بشر و خرج ابن ماجة ف كتاب السنن عن عبد ال بن مسعود من طريق يزيد بن أب زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال قال‬ ‫بينما نن عند رسول ال صلى ال عليه و سلم إذ أقبل فتية من بن هاشم فلما رآهم رسول ال صلى ال عليه و سلم ذرفت عين اه و تغي‬ ‫لونه قال فقلت ما نزال نرى ف وجهك شيئا‪ i‬نكرهه فقال‪ :‬إنا أهل البيت اختار ال لنا الخرة على الدنيا و إن أهل بيت سيلقون بعدي بلء‬ ‫و تشريدا‪ i‬و تطريدا‪ i‬حت يأت قوم من قبل الشرق معهم رايات سود فيسألون الب فل يعطونه فيقاتلون و ينصرون فيعطون م ا س ألوا فل‬ ‫يقبلونه حت يدفعوها إل رجل من أهل بيت فيملها قسطا‪ i‬كما ملوها جورا‪ i‬فمن أدرك ذلك منكم فليأتم و لو حبوا‪ i‬على الثلج انتهى‪.‬‬ ‫و هذا الديث يعرف عند الدثي بديث الرايات‪ .‬و يزيد بن أب زياد راويه قال فيه شعبة‪ :‬كان رفاعا‪ i‬يعن يرفع الحاديث الت ل تع رف‬ ‫مرفوعة‪ .‬و قال ممد بن الفضيل‪ :‬من كبار أئمة الشيعة‪ .‬و قال أحد بن حنبل‪ :‬ل يكن بالافظ و قال مرة‪ :‬حديثة ليس بذلك‪ .‬و قال يي‬ ‫بن معي‪ :‬ضعيف‪ .‬و قال العجلي‪ :‬جائز الديث‪ ،‬و كان بآخره يلقن‪ .‬و قال أبو زرعة‪ :‬لي يكتب حديثه و ل يتج به‪ .‬و قال أبو ح ات‪:‬‬ ‫ليس بالقوي‪ .‬و قال الرجان‪ :‬سعتهم يضعفون حديثه‪ .‬و قال أبو داود‪ :‬ل أعلم أحدا‪ i‬ترك حديثه و غيه أحب إل منه‪ .‬و قال ابن ع دي‬ ‫هو من شيعة أهل الكوفة و مع ضعفه يكتب حديثه‪ .‬و روى له مسلم لكن مقرونا‪ i‬بغيه‪ .‬و بالملة فالكثرون على ضعفه‪ .‬و ق د ص رح‬ ‫الئمة بتضعيف هذا الديث الذي رواه عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال و هو حديث الرايات‪ .‬و قال وكيع بن الراح فيه‪ :‬ليس بشيء‪.‬‬ ‫و كذلك قال أحد بن حنبل و قال أبو قدامة سعت أبا أسامة يقول ف حديث يزيد عن إبراهيم ف الرايات لو حلف عندي خس ي يين ا‪i‬‬ ‫أسامة ما صدقته أهذا مذهب إبراهيم ؟ أهذا مذهب علقمة ؟ أهذا مذهب عبد ال ؟ و أورد العقيلي هذا الديث ف الضعفاء و قال الذهب‬ ‫ليس بصحيح‪ .‬و خرج ابن ماجة عن علي رضي ال عنه من رواية ياسي العجلي عن إبراهيم بن ممد بن النفية عن أبيه عن جده قال‪ :‬قال‬ ‫رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الهدي منا أهل البيت يصلح ال به ف ليلة‪.‬‬ ‫و ياسي العجلي و إن قال فيه ابن معي ليس به بأس فقد قال البخاري فيه نظر‪ .‬و هذه اللفظة من اصطلحه قوية ف التضعيف جدا‪ .i‬و أورد‬ ‫له ابن عدي ف الكامل و الذهب ف اليزان هذا الديث على وجه الستنكار له و قال هو معروف به‪ .‬و خرج الطبان ف معجمه الوسط‬ ‫عن علي رضي ال عنه إنه قال للنب صلى ال عليه و سلم أمنا الهدي أم من غينا يا رسول ال ؟ فقال‪ :‬بل منا بنا يتم ال كما بنا فت ح و‬


‫بنا يستنقذون من الشرك و بنا يؤلف ال قلوبم بعد عداوة بينة كما بنا ألف بي قلوبم بعد عداوة الشرك‪ .‬قال علي أمؤمنون أم كافرون ؟‪،‬‬ ‫قال‪ :‬مفتون و كافر انتهى‪ .‬و فيه عبد ال بن ليعة و هو ضعيف معروف الال‪ .‬و فيه عمر بن جابر و الضرمي و هو أضعف من ه‪ .‬ق ال‬ ‫أحد بن حنبل‪ :‬روي عن جابر مناكيز و بلغن أنه كان يكذب و قال النسائي ليس بثقة و قال كان ابن ليعة شيخا‪ i‬أحق ضعيف العق ل و‬ ‫كان يقول‪ :‬علي ف السحاب‪ ،‬و كان يلس معنا فيبصر سحابة فيقول‪ ،‬هذا علي قد مر ف السحاب‪ ،‬و خرج الطبان عن علي رض ي ال‬ ‫تعال عنه أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬يكون ف آخر الزمان فتنة يصل الناس فيها كما يصل الذهب ف العدن فل تسبوا أهل‬ ‫الشام و لكن سبوا أشرارهم فإن فيهم البدال يوشك أن يرسل على أهل الشام صيب من السماء فيفرق جاعتهم حت لو قاتلتهم الثع الب‬ ‫غلبتهم فعند ذلك يرج خارج من أهل بيت ف ثلث رايات الكثر يقول بم خسة عشر ألفا‪ i‬و القل يقول بم اثنا عشر ألفا‪ i‬و أمارتم امت‬ ‫امت يلقون سبع رايات تت كل راية منها رجل يطلب اللك فيقتلهم ال جيعا‪ i‬و يرد ال إل السلمي إلفتهم و نعمته م و قاص يتهم و‬ ‫رأيهم‪.‬‬ ‫و فيه عبد ال بن ليعة و هو ضعيف معروف الال و رواه الاكم ف الستدرك و قال صحيح السناد و ل يرجاه ف روايته ث يظهر الاشي‬ ‫فيد ال الناس إل إلفتهم ال و ليس ف طريقه ابن ليعة و هو إسناد صحيح كما ذكر‪.‬‬ ‫و خرج الاكم ف الستدرك عن علي رضي ال عنه من رواية أب الطفيل عن ممد بن النفية قال‪ :‬كنا عند علي رضي ال عنه فسأله رجل‬ ‫عن الهدي فقال له‪ :‬هيهات ث عقد بيده سبعا‪ i‬فقال ذلك يرج ف آخر الزمان إذا قال الرجل ال ال قتل و يمع ال له قوما‪ i‬قزعا‪ ،i‬كق زع‬ ‫السحاب يؤلف ال بي قلوبم فل يستوحشون إل أحد و ل يفرحون بأحد دخل فيهم عدتم على عدة أهل بدر ل يسبقهم الول ون و ل‬ ‫يدركهم الخرون و على عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر‪ .‬قال أبو الطفيل قال ابن النفية‪ :‬أتريده ؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ف إنه‬ ‫يرج من بي هذين الخشبي قلت ل جرم و ال و ل أدعها حت أموت‪ .‬و مات با يعن مكة قال الاكم‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط‬ ‫الشيخي‪.‬‬ ‫و إنا هو على شرط مسلم فقط فإن فيه عمارا‪ i‬الذهب و يونس بن أب إسحاق و ل يرج لما البخاري و فيه عمرو بن ممد العبقري و ل‬ ‫يرج له البخاري احتجاجا‪ i‬بل استشهادا‪ i‬مع ما ينضم إل ذلك من تشيع عمار الذهب و هو و إن وثقه أحد و ابن معي و أبو حات النسائي‬ ‫و غيهم فقد قال علي بن الدن عن سفيان أن بشر بن مروان قطع عرقوبيه قلت ف أي شيء ؟ قال‪ :‬ف التشيع‪ .‬و خرج ابن ماجة عن أنس‬ ‫بن مالك رضي ال عنه ف رواية سعد بن عبد الميد بن جعفر عن علي بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد ال ع ن‬ ‫أنس قال سعت رسول ال صلى ال عليه و سلم يقول‪ :‬نن ولد عبد الطلب سادات أهل النة أنا و حزة و علي و جعف ر و الس ن و‬ ‫السي و الهدي‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫و عكرمة بن عمار و إن أخرج له مسلم فإنا أخرج له متابعة‪ .‬و قد ضعفه بعض و وثقه آخرون و قال أبو حات الرازي‪ :‬هو مدلس فل يقبل‬ ‫إل أن يصرح بالسماع علي بن زياد‪ .‬قال الذهب ف اليزان‪ :‬ل ندري من هو‪ ،‬ث قال الصواب فيه‪ :‬عبد ال بن زياد و سعد بن عبد الميد‬ ‫و إن وثقه يعقوب بن أب شيبة و قال فيه يي بن معي ليس به بأس فقد تكلم فيه الثوري قالوا لنه رآه يفت ف مسائل و يطئ فيها‪ .‬و قال‬ ‫ابن حبان‪ :‬كان من فحش عطاؤه فل يتج فيه‪ .‬و قال أحد بن حنبل‪ :‬سعيد بن عبد الميد يدعي أنه سع عرض كتب مال ك و الن اس‬ ‫ينكرون عليه ذلك و هو ههنا ببغداد ل يتج فكيف سعها ؟ و جعله الذهب من ل يقدح فيه كلم من تكلم في ه و خ رج ال اكم ف‬ ‫مستدركه من رواية ماهد عن ابن عباس موقوفا‪ i‬عليه قال ماهد قال ل ابن عباس‪ :‬لو ل أسع أنك مثل أهل البيت ما حدثتك بذا الديث‬ ‫قال فقال ماهد‪ :‬فإنه ف ستر ل أذكره لن يكره قال فقال ابن عباس‪ :‬منا أهل البيت أربعة منا السفاح و منا النذر و منا النص ور و من ا‬ ‫الهدي قال فقال ماهد‪ :‬بي ل هؤلء الربعة‪ .‬فقال ابن عباس‪ :‬أما السفاح فربا قتل أنصاره و عفا عن عدوه‪ ،‬و أما النذر أراه قال ف إنه‬ ‫يعطي الال الكثي و ل يتعاظم ف نفسه و يسك القليل من حقه و أما النصور فإنه يعطى النصر على عدوه الشطر ما كان يعطي رسول ال‬ ‫صلى ال عليه و سلم و يرهب منه عدوه على مسية شهرين و النصور يرهب منه عدوه على مسية شهر و أما الهدي ال ذي يل الرض‬ ‫عدل‪ i‬كما ملئت جورا‪ i‬و تأمن البهائم السباع و تلقي الرض أفلذ كبدها‪ .‬قال‪ :‬قلت و ما أفلذ كبدها ؟ قال‪ :‬أمثال السطوانة من الذهب‬ ‫و الفضة‪ .‬و قال الاكم هذا حديث صحيح السناد و ل يرجاه و هو من رواية إساعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه و إساعيل ضعيف و‬ ‫إبراهيم أبوه و إن خرج له مسلم فالكثرون على تضعيفه‪ .‬و خرج ابن ماجة عن ثوبان قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬يقتت ل‬


‫عند كبكم ثلثة كلهم ابن خليفة ث ل يصي إل واحد منهم ث تطلع الرايات السود من قبل الشرق فيقتلونم قتل‪ i‬ل يقتله قوم ث ذكر شيئا‪i‬‬ ‫ل أحفظه قال‪ :‬فإذا رأيتموه فبايعوه و لو حبوا‪ i‬على الثلج فإنه خليفة ال الهدي‪.‬‬ ‫و رجاله رجال الصحيحي إل أن فيه أبا قلبة الرمي و ذكر الذهب و غيه أنه مدلس و فيه سفيان الثوري و هو مشهور بالتدليس و ك ل‬ ‫واحد منهما عنعن و ل يصرح بالسماع فل يقبل و فبه عبد الرزاق بن هام و كان مشهورا‪ i‬بالتشيع و عمي ف آخر وقته فخلط قال اب ن‬ ‫عدي‪ :‬حدث بأحاديث ف الفضائل ل يوافقه عليها أحد‪ ،‬و نسبوه إل التشيع‪ .‬انتهى‪ .‬و خرج ابن ماجة عن عبد ال بن الارث بن ج زء‬ ‫الزيدي من طريق ابن ليعة عن أب زرعة عن عمر بن جابر الضرمي عن عبد ال بن الارث بن جزء قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و‬ ‫سلم‪ :‬يرج ناس من الشرق فيوطئون للمهدي‪ .‬يعن سلطانه‪ .‬قال الطبان‪ :‬تفرد به ابن ليعة و قد تقدم لنا ف حديث علي الذي خرج ه‬ ‫الطبان ف معجمه الوسط أن ابن ليعة ضعيف و أن شيخه عمر بن جابر أضعف منه و خرج البزاز ف مس نده و الط بان ف معجم ه‬ ‫الوسط و اللفظ للطبان عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬يكون ف أمت الهدي إن قصر فسبع و إل فثمان و إل فتس ع‬ ‫تنعم فيها أمت نعمة ل ينعموا بثلها ترسل السماء عليهم مدرارا‪ i‬و ل تدخر الرض شيئا‪ i‬من النبات و الال كدوس يقوم الرجل يق ول ي ا‬ ‫مهدي أعطن فيقول خذ‪.‬‬ ‫قال الطبان و البزار تفرد به ممد بن مروان العجلي زاد البزار‪ :‬و ل نعلم أنه تابعه عليه أحد و هو و إن وثقه أبو داود و ابن حبان أيضا‪ i‬با‬ ‫ذكره ف الثقات و قال فيه يي بن معي صال و قال مرة ليس به بأس فقد اختلفوا فيه و قال أبو زرعة‪ :‬ليس عندي بذلك و قال عب د ال‬ ‫بن أحد بن حنبل‪ :‬رأيت ممد بن مروان العجلي حدث بأحاديث و أنا شاهد ل نكتبها تركتها على عمد و كتب بعض أصحابنا عنه كأنه‬ ‫ضعفه‪ .‬و خرجه أبو يعلى الوصلي ف مسنده عن أب هريرة و قال‪ :‬حدثن خليلي أبو القاسم صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬ل تقوم الساعة حت‬ ‫يرج عليهم رجل من أهل بيت فيضربم حت يرجعوا إل الق قال قلت و كم يلك ؟ قال‪ :‬خسا‪ i‬و اثنتي قال قلت و ما خسا‪ i‬و اثنتي قال‬ ‫ل أدري‪.‬‬ ‫و هذا السند غي متج به و إن قال فيه بشي بن نيك و قال فيه أبو حات ل يتج به فقلت احتج به الشيخان و وثقه الناس و ل يلتفت وا إل‬ ‫قول أب حات ل يتج به إل أنه قال فيه رجاء ابن أب رجاء اليشكري و هو متلف فيه قال أبو زرعة ثقة و قال يي بن معي‪ :‬ض عيف‪ .‬و‬ ‫قال أبو داود‪ :‬ضعيف‪ .‬و قال مرة‪ ،‬صال‪ .‬و علق له البخاري ف صحيحه حديثا‪ i‬واحدا‪ .i‬و خرج أبو بكر الباز ف مس نده و الط بان ف‬ ‫معجمه الكبي و الوسط عن قرة بن إياس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ :‬لتملن الرض جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬فإذا ملئت جورا‪ i‬و ظلما‪i‬‬ ‫بعث ال رجل‪ i‬من أمت اسه اسي و اسم أبيه اسم أب يلها عدل‪ i‬و قسطا‪ i‬كما ملئت جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬فل تنع السماء من قطرها ش يئ‪i‬ا و ل‬ ‫تدخر الرض من نباتا يلبث فيكم سبعا‪ i‬أو ثانيا‪ i‬أو تسعا‪ i‬يعن سني‪ .‬ا ه ‪ .‬و فيه داود بن الب بن الرم عن أبيه و ها ضعيفان ج دا‪ .i‬و‬ ‫خرج الطبان ف معجمه الوسط عن ابن عمر قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه و سلم ف نفر من الهاجرين و النصار و علي ب ن أ ب‬ ‫طالب عن يساره و العباس عن يينه إذ تلحى العباس و رجل من النصار فأغلظ النصاري للعباس فأخذ النب صلى ال عليه و سلم بي د‬ ‫العباس و بيد علي و قال‪ :‬سيخرج من صلب هذا فت يل الرض جورا‪ i‬و ظلما‪ i‬و سيخرج من صلب هذا فت‪ Ï‬يل الرض قسطا‪ i‬و ع دل‪i‬‬ ‫فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفت التميمي فإنه يقبل من قبل الشرق و هو صاحب راية الهدي انتهى‪ .‬و فيه عبد ال بن عمر و عبد ال بن ليعة‬ ‫و ها ضعيفان‪.‬‬

‫القسم الثان من الفصل الثالث و المسون ف أمر الفاطمي و ما يذهب إليه‬ ‫الناس ف شأنه و كشف الغطاء عن ذلك القسم الثان‬ ‫و خرج الطبان ف معجمه الوسط عن طلحة بن عبد ال عن النب صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬ستكون فتنة ل يس كن منه ا ج انب إل‬ ‫تشاجر جانب حت ينادي مناد من السماء أن أميكم فلن‪ 1 .‬ه ‪ .‬و فيه الثن بن الصباح و هو ضعيف جدا‪ .i‬و ليس ف الديث تصريح‬ ‫بذكر الهدي و إنا ذكروه ف أبوابه و ترجته استئناسا‪ .i‬فهذه جلة الحاديث الت خرجها الئمة ف شأن الهدي و خروجه آخر الزمان‪ .‬و‬


‫هي كما رأيت ل يلص منها من النقد إل القليل و القل منه‪ .‬و ربا تسك النكرون لشأنه با رواه ممد بن خالد الندي عن أب ان ب ن‬ ‫صال بن أب عياش عن السن البصري عن أنس بن مالك عن النب صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬ل مهدي إل عيسى بن مري و قال يي ب ن‬ ‫معي ف ممد بن خالد الندي‪ :‬إنه ثقة‪ .‬و قال البيهقي‪ :‬تفرد به ممد بن خالد‪ .‬و قال الاكم فيه‪ :‬أنه رجل مهول و اختل ف علي ه ف‬ ‫إسناده فمرة يروونه كما تقدم و ينسب ذلك لمد بن إدريس الشافعي و مرة يروونه عن ممد بن خالد عن أباب عن السن عن النب صلى‬ ‫ال عليه و سلم مرسل‪ .i‬قال البيهقي‪ :‬فرجع إل رواية ممد بن خالد و هو مهول عن أبان بن أب عياش و هو متروك عن السن عن الن ب‬ ‫صلى ال عليه و سلم و هو منقطع و بالملة فالديث ضعيف مضطرب‪ .‬و قد قيل أن ل مهدي إل عيسى أي ل يتكلم ف الهد إل عيسى‬ ‫ياولون بذا التأويل رد الحتجاج به أو المع بينه و بي الحاديث و هو مدفوع بديث جريج و مثله من الوارق‪ .‬و أما التصوفة فل م‬ ‫يكن التقدمون منهم يوضون ف شيء من هذا ل إنا كان كلمهم ف الاهدة بالعمال و ما يصل عنها من نتائج الواجد و الح وال و‬ ‫كان كلم المامية و الرافضة من الشيعة ف تفصيل علي رضي ال عنه و القول بإمامته و ادعاء الوصية له بذلك من النب صلى ال علي ه و‬ ‫سلم و التبىء من الشيخي كما ذكرناه ف مذاهبهم ث حدث فيهم بعد القول بالمام العصوم و كثرت الت أليف ف م ذاهبهم‪ .‬و ج اء‬ ‫الساعيلية منهم يدعون الوهية المام بنوع من اللول و آخرون يدعون رجعة من مات من الئمة بنوع التناسخ‪ ،‬و آخرون منتظرون ميء‬ ‫من يقطع بوته منكم و آخرون منتظرون عود المر ف أهل البيت مستدلي على ذلك با قدمناه من الحاديث ف الهدي و غيها‪ .‬ث حدث‬ ‫أيضا‪ i‬عند التأخرين من الصوفية الكلم ف الكشف و فيما وراء الس و ظهر من كثي منهم القول عل ى الطلق ب اللول و الوح دة‬ ‫فشاركوا فيها المامية و الرافضة لقولم بألوهية الئمة و حلول الله فيهم‪.‬‬ ‫و ظهر منهم أيضا‪ i‬القول بالقطب و البدال و كأنه ياكي مذهب الرافضة ف المام و النقباء‪ .‬و أشربوا أقوال الشيعة و توغلوا ف الديان ة‬ ‫بذاهبهم‪ ،‬حت جعلوا مستند طريقهم ف لبس الرقة أن عليا‪ i‬رضي ال عنه ألبسها السن البصري و أخذ عليه العهد بالتزام الطريقة‪ .‬و اتصل‬ ‫ذلك عنهم بالنيد من شيوخهم‪ .‬و ل يعلم هذا عن علي من وجه صحيح‪ .‬و ل تكن هذه الطريقة خاصة بعلي كرم ال وجهه بل الصحابة‬ ‫كلهم أسوة ف طريق الدى و ف تصيص هذا بعلي دونم رائحة من التشيع قوية يفهم منها و من غيها من القوم دخله م ف التش يع و‬ ‫انراطهم ف سلكه‪ .‬و ظهر منهم أيضا‪ i‬القول بالقطب و امتلت كتب الساعيلية من الرافضة و كتب التأخرين من التصوفة بثل ذل ك ف‬ ‫الفاطمي النتظر و كان بعضهم يليه على بعض و يلقنه بعضهم عن بعض و كانة مبن على أصول واهية من الفريقي و ربا يستدد بعض هم‬ ‫بكلم النجمي ف القرانات و هو من نوع الكلم ف اللحم و يأت الكلم عليها ف الباب الذي يلي هذا‪ .‬و أكثر من تكلم م ن ه ؤلء‬ ‫التصوفة التأخرين ف شأن الفاطمي‪ ،‬ابن العرب‪ ،‬الاتي ف كتاب عنقاء مغرب و ابن قسي ف كتاب خلع النعلي و عبد الق بن سبعي و‬ ‫ابن أب واصل تلميذه ف شرحه لكتاب خلع النعلي‪ .‬و أكثر كلماتم ف شأنه ألغاز و أمثال و ربا يصرحون ف القل أو ص رح مفس رو‬ ‫كلمهم‪ .‬و حاصل مذهبهم فيه على ما ذكر ابن أ ب واصل أن النبؤة با ظهر الق و الدى بعد الضلل و العمى و أنا تعقبها اللف ة ث‬ ‫يعقب اللفة اللك ث يعود تبا‪ i‬و تكبا‪ i‬و باطل‪ .i‬قالوا‪ :‬و لا كان ف العهود من سنة ال رجوع المور إل ما كانت وجب أن ييا أم ر‬ ‫النبؤة و الق بالولية ث بلفتها ث يعقبها الدجل مكان اللك و التسلط ث يعود الكفر باله يشيون بذا لا وقع من شأن النبؤة و اللف ة‬ ‫بعدها و اللك بعد اللفة‪ .‬هذه ثلث مراتب‪ .‬و كذلك الولية الت هي لذا الفاطمي و الدجل بعدها كناية عن خروج الدجل على أثره و‬ ‫الكفر من بعد ذلك فهي ثلث مراتب على نسبة الثلث الراتب الول‪ .‬قالوا‪ :‬و لا كان أمر اللفة لقريش حكما‪ i‬شرعيا‪ i‬بالجاع الذي ل‬ ‫يوهنه إنكار من يزاول علمه وجب أن تكون المامة فيمن هو أخص من قريش بالنب صلى ال عليه و سلم إما ظاهرا‪ i‬كبن عبد الطل ب و‬ ‫إما باطنا‪ i‬من كان من حقيقة الل‪ ،‬و الل من إذا حضر ل يلقب من هو آله‪.‬‬ ‫و ابن العرب الاتي ساه ف كتابه عنقاء مغرب من تأليفه‪ :‬خات الولياء و كن عنه بلبنة الفضة إشارة إل حديث البخاري ف ب اب خ ات‬ ‫النبيي قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬مثلي فيمن قبلي من النبياء كمثل رجل ابتن بيتا‪ i‬و أكمله حت إذا ل يبق منه إل موضع لبنة فأنا تلك اللبنة‬ ‫فيفسرون خات النبيي باللبنة حت أكملت البنيان و معناه النب الذي حصلت له النبؤة الكاملة‪ .‬و يثلون الولية ف تفاوت مراتبها ب النبؤة و‬ ‫يعلون صاحب الكمال فيها خات الولياء أي حائز الرتبة الت هي خاتة الولية كما كان خات النبياء حائزا‪ i‬للمرتبة الت هي خاتة النب ؤة‪.‬‬ ‫فكن الشارح عن تلك الرتبة الاتة بلبنة البيت ف الديث الذكور‪.‬‬


‫و ها على نسبة واحدة فيهما‪ .‬فهي لبنة واحدة ف التمثيل‪ .‬ففي النبؤة لبنة ذهب و ف الولية لبنة فضة للتفاوت بي الرتبتي كما بي الذهب‬ ‫و الفضة‪ .‬فيجعلون لبنة الذهب كناية عن النب صلى ال عليه و سلم و لبنة الفضة كناية عن هذا الول الفاطمي النتظر و ذلك خات النبياء‬ ‫و هذا خات الولياء‪ .‬و قال ابن العرب فيما نقل ابن أب واصل عنه و هذا المام النتظر هو من أهل البيت من ولد فاطمة و ظهوره يكون من‬ ‫بعد مضي ) خ ف ج ( من الجرة و رسم حروفا‪ i‬ثلثة يريد عددها بساب المل و هو الاء العجمة بواحدة من فوق س تمائة و الف اء‬ ‫أخت القاف بثماني و اليم العجمة بواحدة من أسفل ثلثة و ذلك ستمائة و ثلث و ثانون سنة و هي آخر القرن السابع و لا انصرم هذا‬ ‫العصر و ل يظهر حل ذلك بعض القلدين لم على أن الراد بتلك الدة مولده و عب بظهوره عن مولده و أن خروجه يكون بع د العش ر‬ ‫السبعمائة فإنه المام الناجم من ناجية الغرب‪ .‬قال‪ :‬و إذا كان مولده كما زعم ابن العرب سنة ثلث و ثاني و ستمائة فيكون عمره عن د‬ ‫خروجه ستا‪ i‬و عشرين سنة قال و زعموا أن خروج الدجال يكون سنة ثلث و أربعي و سبعمائة من اليوم المدي و ابتداء اليوم المدي‬ ‫عندهم من يوم وفاة النب صلى ال عليه و سلم إل تام ألف سنة قال ابن أب واصل ف شرحه كتاب خلع النعلي الول النتظر القائم بأمر ال‬ ‫الشار إليه بحمد الهدي و خات الولياء و ليس هو بنب و إنا هو ول ابتعثه روحه و حبيبه‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الع ال ف ق ومه‬ ‫كالنب ف أمته‪ .‬و قال‪ :‬علماء أمت كأنبياء بن إسرائيل و ل تزل البشرى تتابع به من أول اليوم المدي إل قبيل المسمائة نصف الي وم و‬ ‫تأكدت و تضاعفت بتباشي الشايخ بتقريب وقته و ازدلف زمانه منذ انقضت إل هلم جرا قال و ذكر الكندي‪ :‬أن هذا الول هو ال ذي‬ ‫يصلي بالناس صلة الظهر و يدد السلم و يظهر العدل و يفتح جزيرة الندلس و يصل إل رومية فيفتحها و يسي إل الشرق فيفتح ه و‬ ‫يفتح القسطنطيبية و يصي له ملك الرض فيتقوى السلمون و يعلو السلم و يطهر دين النيفية فإن من صلة الظهر إل صلة العصر وقت‬ ‫صلة قال عليه الصلة و السلم‪ :‬ما بي هذين وقت و قال الكندي أيضا‪ :i‬الروف العربية غي العجمة يعن الفتتح با سور القرآن جل ة‬ ‫عددها سبعمائة و ثلث و أربعون و سبع دجالية ث ينل عيسى ف وقت صلة العصر فيصلح الدنيا وتشي الشاة مع الذئب ث مبلغ مل ك‬ ‫العجم بعد إسلمهم مع عيسى مائة و سبعون عاما‪ i‬عدد حروف العجم ) ق ي ن ( دولة العدل منها أربعون عاما‪ i‬قال ابن أب واصل و م ا‬ ‫ورد من قوله ل مهدي إل عيسى فمعناه ل مهدي تساوي هدايته وليته و قيل ل يتكلم ف الهد إل عيسى و هذا مدفوع بديث جريج و‬ ‫غي‪ .‬و قد جاء ف الصحيح أنه قال‪ ) :‬ل يزال هذا المر قائما‪ i‬حت تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة يعن قرشيا‪.( i‬‬ ‫و قد أعطى الوجود أن منهم من كان ف أول السلم و منهم من سيكون ف آخره‪ .‬و قال‪ :‬اللفة بعدي ثلثون أو إحدى و ثلث ون أو‬ ‫ست و ثلثون وانقضاؤها ف خلفة السن و أول أمر معاوية فيكون أول أمر معاوية خلفة أخذا‪ i‬بأوائل الساء فهو سادس اللفاء و أم ا‬ ‫سابع اللفاء فعمر بن عند العزيز‪ .‬و الباقون خسة من أهل البيت من ذرية علي يؤيده قوله‪ ) :‬إنك لذو قرنيها ( يريد المة أي إنك لليف ة‬ ‫ف أولا و ذريتك ف آخبها‪ .‬و ربا استدل بذا الديث القائلون بالرجعة‪ .‬فالول هو الشار إليه عندهم بطلوع الشمس من مغربا‪ .‬و ق د‬ ‫قال صلى ال عليه و سلم إذا هلك كسرى فل كسرى بعده و إذا هلك قيصر فل قيصر بعده و الذي نفسي بيده لتنفقن كنوزها ف سبيل‬ ‫ال و قد انفق عمر بن الطاب كنوز كسرى ف سبيل ال و الذي يهلك قيصر و ينفق كنوزه ف سبيل ال هو ه ذا النتظ ر حي يفت ح‬ ‫القسطنطينية‪ :‬فنعم المي أميها و نعم اليش ذلك اليش‪.‬‬ ‫كذا قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬و مدة حكمه بضع و البضع من ثلث إل تسع و قيل إل عشر و جاء ذكر أربعي و ف بعض الرواي ات‬ ‫سبعي‪ .‬و أما الربعون فإنا مدته و مدة اللفاء الربعة الباقي من أهله القائمي بأمره من بعده على جيعهم السلم قال و ذكر أص حاب‬ ‫النجوم و القرانات أن مدة بقاء أمر و أهل بيته من بعده مائة و تسعة و خسون عاما‪ i‬فيكون المر على هذا جاريا‪ i‬على اللف ة و الع دل‬ ‫أربعي أو سبعي ث تتلف الحوال فتكون ملكا‪ i‬انتهي كلم ابن أب واصل‪ .‬و قال ف موضع آخر‪ ) :‬نزول عيسى يكون ف وقت ص لة‬ ‫العصر من اليوم المدي حي تضي ثلثة أرباعه ( قال و ذكر الكندي يعقوب بن إسحاق ف كتاب الفر الذي ذكر فيه القرانات‪ ) :‬أنه إذا‬ ‫وصل القرآن إل الثور على رأس ضح برفي الضاد العجمة و الاء الهملة ( يريد ثانية و تسعي و ستمائة من الجرة ينل السيح فيحكم‬ ‫ف الرض ما شاء ال تعال قال و قد ورد ف الديث أن عيسى ينل عند النارة البيضاء ش رقي دمش ق ينل بي مهرودتي يعن حل تي‬ ‫مزعفرتي صفراوين مصرتي واضعا‪ i‬كفيه على أجنحة اللكي له لة كأنا خرج من دياس إذا طأطأ رأسه قطر و إذا رفعه تدر منه ج ان‬ ‫كاللؤلؤ كثي خيلن الوجه و ف حديث آخر مربوع اللق و إل البياض و المرة‪ .‬و ف آخر‪ :‬أنه يتزوج ف الغرب‪ .‬و الغرب دلو البادي ة‬ ‫يريد اله يتزوج منها و تلد زوجته‪ .‬و ذكر وفاته بعد أربعي عاما‪ .i‬و جاء أن عيسى يوت بالدينة و يدفن إل جانب عمر بن الط اب‪ .‬و‬


‫جاء أن أبا بكر و عمر يشران بي نبيي قال ابن أب واصل‪ ) :‬و الشيعة تقول إنه هو السيح مسيح السائح من آل ممد قلت و عليه ح ل‬ ‫بعض التصوفة حديث ل مهدي إل عيسى أي ل يكون مهدي إل الهدي الذي نسبته إل الشريعة المدية نسبة عيسى إل الشريعة الوسوية‬ ‫ف التباع و عدم النسخ إل كلم من أمثال هذا يعينون فيه الوقت و الرجل و الكان بأدلة واهية و تكمات متلفة فينقضي الزمان و ل أثر‬ ‫لشيء من ذلك فيجعون إل تديد رأي آخر تنتحل كما تراه من مفهومات لغوية و أشياء تييلية و أحكام نومية ف هذا انقضت أعمار أن‬ ‫أول منهم و الخر‪.‬‬ ‫و أما التصوفة الذين عاصرناهم فأكثرهم يشيون إل ظهور رجل مدد لحكام اللة و مراسم الق و يتحينون ظهوره لا قرب من عص رنا‬ ‫فبعضهم يقول من ولد فاطمة و بعضهم يطلق القول فيه سعناه من جاعة أكبهم أبو يعقوب البادسي كبي الولياء بالغرب ك ان ف أول‬ ‫هذه الائة الثامنة و أخبن عنه حافده صاحبنا أبو يي زكرياء عن أبيه أب ممد عبد ال عن أبيه الول أب يعقوب الذكور هذا آخ ر م ا‬ ‫اطلعنا عليه أو بلغنا من كلم هؤلء التصوفة و ما أورده أهل الديث من أخبار الهدي قد استوفينا جيعه ببلغ طاقتنا و الق الذي ينبغي أن‬ ‫يتقرر لديك أنه ل تتم دعوة من الدين و اللك إل بوجود شوكة عصبية تظهره و تدافع عنه من يدفعه حت يتم أمر ال فيه‪ .‬و قد قررنا ذلك‬ ‫من قبل بالباهي القطعية الت أريناك هناك و عصبية الفاطميي بل و قريش أجع قد تلشت من جيع الفاق و وجد أمم آخرون قد اشتغلت‬ ‫عصبيتهم على عصبية قريش إل ما بقي بالجاز ف مكة و ينبع بالدينة من الطالبي من بن حسن و بن حسي و بن جعفر و هم منتشرون‬ ‫ف تلك البلد و غالبون عليها و هم عصائب بدوية متفرقون ف مواطنهم و إماراتم يبلغون آلفا‪ i‬من الكثرة فإن صح ظهور هذا الهدي فل‬ ‫وجه لظهور دعوته إل بأن يكون منهم و يؤلف ال بي قلوبم ف اتباعه حت تتم له شوكة و عصبة وافية بإظهار كلمته و حل الناس عليها‬ ‫و أما على غي هذا الوجه مثل أن يدعو فاطمي منهم إل مثل هذا المر ف أفق من الفاق من غي عصبية و ل شوكة إل مرد نسبة ف أهل‬ ‫البيت فل يتم ذلك و ل يكن لا أسلفناه من الباهي الصحيحة‪ .‬و أما ما تدعيه العامة و الغمار من الدهاء من ل يرجع ف ذلك إل عقل‬ ‫يهديه و ل علم يفيده فيجيبون ذلك على غي نسبة و ف غي مكان تقليدا‪ i‬لا اشتهر من ظهور فاطمي و ل يعلمون حقيقة المر كما بيناه و‬ ‫أكثر ما ييبون ف ذلك القاصية من المالك و أطراف العمران مثل الزاب بأفريقية و السوس من الغرب‪ .‬و ند الكثي من ضعفاء البص ائر‬ ‫يقصدون رباطا‪ i‬باسة لا كان ذلك الرباط بالغرب من اللثمي من كدالة و اعتقادهم أنه منهم أو قائمون بدعوته زعما‪ i‬ل مس تند ل م إل‬ ‫غرابة تلك المم و بعدهم عن يقي العرفة بأحوالا من كثية أو قلة أو ضعف أو قوة و لبعد القاصية عن منال الدولة و خروجها عن نطاقها‬ ‫فتقوى عندهم الوهام ف ظهوره هناك بروجه عن برقة الدولة و منال الحكام و القهر و ل مصول لديهم ف ذلك إل هذا‪ .‬و قد يقص د‬ ‫ذلك الوضع كثي من ضعفاء العقول للتلبيس بدعوة يييه تامها وسواسا‪ i‬و حقا‪ i‬و قتل كثي منهم‪ .‬اخبن شيخنا‪ i‬ممد بن إبراهيم البلي قال‬ ‫خرج برباط ماسة لول الائة الثامنة و عصر السلطان يوسف بن يعقوب رجل من منتحلي التصوف يعرف بالتويرزي نسبة إل توزر مصغرا‪i‬‬ ‫و ادعى أنه الفاطمي النتظر و اتبعه الكثي من أهل السوس من ضالة‪ i‬و كزولة و عظم أمره و خافه رؤساء الصامدة على أمرهم فدس علي ه‬ ‫السكسوي من قتله بياتا‪ i‬و انل أمره‪ .‬و كذلك ظهر ف غمارة ف آخر الائة السابعة و عشر التسعي منها رجل يعرف بالعباس و ادعى أن ه‬ ‫الفاطمي و اتبعه الدهاء من غمارة و دخل مدينة فاس عنوة و حرق أسواقها و ارتل إل بلد الزمة فقتل با غيلة و ل يتم أمره‪ .‬و كثي من‬ ‫هذا النمط‪ .‬و أخبن شيخنا الذكور بغريبة ف مثل هذا و هو أنه صحب ف حجة ف رباط العباد و هو مدفن الشيخ أب م دين ف جب ل‬ ‫تلمسان الطل عليها رجل‪ i‬من أهل البيت من سكان كربلء كان متبوعا‪ i‬معظما‪ i‬كثي التلميذ و الادم‪ .‬قال و كان الرجال من موطنه يتلقونه‬ ‫بالنفقات ف أكثر البلدان‪ .‬قال و تأكدت الصحبة بيننا ف ذلك الطريق فانكشف ل أمرهم و أنم إنا جاءوا من موطنهم بكر بلء لطل ب‬ ‫هذا المر و انتحال دعوة الفاطمي بالغرب‪ .‬فلما عاين دولة بن مرين و يوسف بن يعقوب يومئذ منازل تلمسان قال لصحابه ارجعوا فقد‬ ‫أزرى بنا الغلط و ليس هذا الوقت وقتنا‪ .‬و يدل هذا القول من هذا الرجل على أنه مستبصر ف أن المر ل يتم إل بالعصبية الكافئة له ل‬ ‫الوقت فلما علم أنه غريب ف ذلك الوطن و ل شوكة له و أن عصبية بن مرين لذلك العهد ل يقاومها أحد من أهل الغ رب اس تكان و‬ ‫رجع إل الق و أقصر عن مطامعه‪ .‬و بقي عليه أن يستيقن أن عصبية الفواطم و قريش أجع قد ذهبت ل سيما ف الغرب إل أن التعص ب‬ ‫لشأنه ل يتركه لذا القول و ال يعلم و أنتم ل تعلمون‪ .‬و قد كانت بالغرب لذه العصور القريبة نزعة من الدعاة إل الق و القيام بالسنة ل‬ ‫ينتحلون فيها دعوة فاطمي و ل غيه و إنا ينع منهم ف بعض الحيان الواحد فالواحد إل إقامة السنة و تغيي النكر و يعتن بذلك و يكثر‬ ‫تابعه و أكثر ما يعنون بإصلح السابلة لا أن أكثر فساد العراب فيها لا قدمناه من طبيعة معاشهم فيأخذون ف تغيي النكر با استطاعوا إل‬


‫أن الصبغة الدينية فيهم ل تستحكم لا أن توبة العرب و رجوعهم إل الدين إنا يقصدون با القصار عن الغارة و النه ب ل يعقل ون ف‬ ‫توبتهم و إقبالم إل مناحي الديانة غي ذلك لنا العصية الت كانوا عليها قبل القربة و منها توبتهم‪ .‬فتجد ذلك النتحل لل دعوة و الق ائم‬ ‫بزعمه بالسنة غي متعمقي ف فروع القتداء و التباع إنا دينهم العراض عن النهب و البغي و إفساد السابلة ث القبال على طلب الدنيا و‬ ‫العاش بأقصى جهدهم‪ .‬و شتان بي طلب هذا الجر من إصلح اللق و من طلب الدنيا فاتفاقهما متنع ل تستحكم له صبغة ف الدين و ل‬ ‫يكمل له نزوع عن الباطل على الملة و ل يكثرون‪ .‬و يتلف حال صاحب الدعوة معهم ف استحكام دينه و ول يته ف نفسه دون ت ابعه‬ ‫فإذا هلك انل أمرهم و تلشت عصبتهم و قد وقع ذلك بأفريقية لرجل من كعب من سليم يسمى قاسم بن مرة بن أحد ف الائة السابعة ث‬ ‫من بعده لرجل آخر من بادية رياح من بطون منهم يعرفون بسلم و كان يسمى سعادة و كان أشد دينا‪ i‬من الول و أقوم طريقة ف نفسه و‬ ‫مع ذلك فلم يستتب أمر تابعه كما ذكرناه حسبما يأت ف ذكر ذلك ف موضعه عند ذكر قبائل سليم و رياح و بعد ذلك ظهر ناس ب ذه‬ ‫الدعوة يتشبهون بثل ذلك و يلبسون فيها و ينتحلون اسم السنة و ليسوا عليها إل القل فل يتيم لم و ل لن بعدهم شيء م ن أمره م‪.‬‬ ‫انتهى‪.‬‬

‫الفصل الرابع و المسون ف ابتداء الدول و المم و ف الكلم على اللحم‬ ‫و الكشف عن مسمى الفر‬ ‫إعلم أن من خواص النفوس البشرية التشوق إل عواقب أمورهم و علم ما يدث لم من حياة و موت و خي و شر سيما الوادث العام ة‬ ‫كمعرفة ما بقي من الدنيا و معرفة مدد الدول أو تفاوتا و التطلع إل هذا طبيعة مبولون عليها و لذلك تد الكثي من الناس يتش وقون إل‬ ‫الوقوف على ذلك ف النام و الخبار من الكهان لن قصدهم بثل ذلك من اللوك و السوقة معروفة و لقد ند ف الدن صنفا‪ i‬م ن الن اس‬ ‫ينتحلون العاش من ذلك لعلمهم برص الناس عليه فينتصبون لم ف الطرقات و الدكاكي يتعرضون لن يسألم عنه فتغدو عليهم و ت روح‬ ‫نسوان الدينة و صبيانا و كثي من ضعفاء العقول يستكشفون عواقب أمرهم ف الكسب و الاه و العاش و العاشرة و العداوة و أمثال ذلك‬ ‫ما بي خط ف الرمل و يسمونه النجم و طرف بالصى و البوب و يسمونه الاسب و نظر ف الرايا و الياه و يسمونه ضارب الندل و هو‬ ‫من النكرات الفاشية ف المصار لا تقرر ف الشريعة من ذم ذلك و إن البشر مجوبون عن الغيب إل من أطلعه ال عليه من عنده ف نوم أو‬ ‫ولية‪ .‬و أكثر ما يعتن بذلك و يتطلع إليه المراء و اللوك ف آماد دولتهم و لذلك انصرفت العناية من أهل العلم إليه و كل أمة من الم م‬ ‫يوجد لم كلم من كاهن أو منجم أو ول ف مثل ذلك من ملك يرتقبونه أو دولة يدثون أنفسهم با و ما يدث لم من الرب و اللحم‬ ‫و مدة بقاء الدولة و عدد اللوك فيها و التعرض لسائهم و يسمى مثل ذلك الدثان و كان ف العرب الكهان و العرافون يرجعون إليهم ف‬ ‫ذلك و قد أخبوا با سيكون للعرب من اللك و الدولة كما وقع لشق و سطيح ف تأويل رؤيا ربيعة بن نصر من ملوك اليمن أخبهم بلك‬ ‫البشة بلدهم ث رجوعها إليهم ث ظهر اللك و الدولة للعرب من بعد ذلك و كذا تأويل سطيح لرؤيا الوبذان حيث بعث إليه كسرى با‬ ‫مع عند السيح و أخبهم بظهور دولة العرب‪ .‬و كذا كان ف جيل الببر كهان من أشهرهم موسى بن صال من بن يفرن و يقال من غمرة‬ ‫له كلمات حدثانية على طريقة الشر برطانتهم و فيها حدثان كثي و معظمة فيما يكون‪ .‬لزناتة من اللك و الدولة بالغرب و هي متداولة بي‬ ‫أهل اليل و هم يزعمون تارة أنه ول و تارة أنه كاهن و قد يزعم بعض مزاعمهم أنه كان نبيا‪ i‬لن تاريه عندهم قبل الجرة بك ثي و ال‬ ‫أعلم‪ .‬و قد يستند اليل إل خب النبياء أن كان لعهدهم كما وقع لبن إسرائيل فإن أنبياءهم التعاقبي فيهم كانوا يبونم بثل ه عن دما‬ ‫يعنونم ف السؤال عنه‪ .‬و أما ف الدولة السلمية فوقع منه كثي فيما يرجع إل بقاء الدنيا و مدتا على العموم و فيما يرجع إل الدول ة و‬ ‫أعمارها على الصوص و كان العتمد ف ذلك ف صدر السلم لثار منقولة عن الصحابة و خصوصا‪ i‬مسلمة بن إسرائيل مث ل كع ب‬ ‫الخبار و وهب بن منبه و أمثالما و ربا اقتبسوا بعض ذلك من ظواهر مأثورة و تأويلت متملة‪ .‬و وقع لعفر و أمثاله من أهل البيت كثي‬ ‫من ذلك مستندهم فيه و ال أعلم الكشف با كانوا عليه من الولية و إذا كان مثله ل ينكر من غيهم من الولياء ف ذويهم و أعقابم و قد‬ ‫قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬إن فيكم مدثي فهم أول الناس بذه الرتب الشريفة و الكرامات الوهوبة‪ .‬و أما بعد صدر الل ة و حي عل ق‬


‫الناس على العلوم و الصطلحات و ترجت كتب الكماء إل اللسان العرب‪ .‬فأكثر معتمدهم ف ذلك كلم النجمي ف اللك و الدول و‬ ‫سائر المور العامة من القرانات و ف الواليد و السائل و سائر المور الاصة من الطوالع لا و هي شكل الفلك عند حدوثها فلن ذكر الن‬ ‫ما وقع لهل الثر ف ذلك ث يرجع إل كلم النجمي‪ .‬أما أهل الثر فلهم ف مدة اللل و بقاء الدنيا على ما وقع ف كتاب السهيلي ف إنه‬ ‫نقل عن الطبي ما يقتضي أن مدة بقاء الدنيا منذ اللة خسمائة سنة و نقص ذلك بظهور كذبه و مستند الطبي ف ذلك أنه نقل عن اب ن‬ ‫عباس أن الدنيا جعة من جع الخرة و ل يذكر لذلك دليل‪ .i‬و سره و ال أعلم تقدير الدنيا بأيام خلق السماوات و الرض و هي سبعة ث‬ ‫اليوم بألف سنة لقوله‪ :‬وإن يوما عند ربك كألف سنة ما تعدون و قد ثبت ف الصحيحي‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪ :‬أجلهم‬ ‫ف أجل من كان قبلهم من صلة العصر إل غروب الشمس و قال‪ :‬بعثت أنا و الساعة كهاتي و أشار بالسبابة و الوسطى و قدر م ا بي‬ ‫صلة العصر و غروب الشمس و حي صيورة ظل كل شيء مثليه يكون على التقريب نصف سبع‪ ،‬و كذلك وصل الوسطى على السبابة‬ ‫فتكون هذه الدة نصف سبع المعة كلها و هو خسمائة سنة و يؤيده قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬لن يعجز ال أن يؤخر هذه المة نصف‬ ‫يوم فدل ذلك على أن مدة الدنيا قبل اللة خسة آلف و خسمائة سنة و عن وهب بن منبه أنا خسة آلف و ستمائة سنة أعن الاضي و‬ ‫عن كعب أن مدة الدنيا كلها ستة آلف سنة قال السهيلي‪ :‬و ليس ف الديثي ما يشهد لشيء ما ذكره مع وقوع الوجود بلفه فأما قوله‪:‬‬ ‫لن يعجز ال أن يؤخر هذه المة نصف يوم فل يقتضي نفي أن الزيادة على النصف و أما قوله‪ :‬بعثت أنا و الساعة كهاتي فإنا فيه الشارة‬ ‫إل القرب و أنه ليس بينه و بي الساعة نب غيه و ل شرع غي شرعه ث رجع السهيلي إل تعيي أمد اللة من مدرك آخر لو ساعده التحقيق‬ ‫و هو أنه جع الروف القطعة ف أوائل السور بعد حذف الكرر قال و هي أربعة عشر حرفا‪ i‬يمعها قولك ) أل يسطع نص حق ك ره (‬ ‫فأخذ عددها بساب المل فكان سبعمائة و ثلثة أضافه إل النقضي من اللف الخر قبل بعثته فهذه هي مدة اللة قال و ل يبعد ذلك أن‬ ‫يكون من مقتضيات هذه الروف و فوائدها قلت‪ :‬و كونه ل يبعد ل يقتضي ظهوره و ل التعويل عليه‪ .‬و الذي حل السهيلي على ذل ك‬ ‫إنا هو ما وقع ف كتاب السي لبن إسحاق ف حديث ابن أخطب من أخبار اليهود و ها أبو ياسر و أخوه حي حي سعا من الح رف‬ ‫القطعة ) أل ( و تأولها على بيان الدة بذا الساب فبلغت إحدى و سبعي فاستقل الدة و جاء حي إل النب صلى ال عليه و سلم يسأله‪:‬‬ ‫هل مع هذا غيه ؟ فقال ) الص ( ث استزاد ) الرث ( ث استزاد ) الر ( فكانت إحدى و سبعي و مائتي فاستطال الدة و قال‪ :‬قد لبس علينا‬ ‫أمرك يا ممد حت ل ندري أقليل‪ i‬أعطيت أم كثيا‪ i‬ث ذهبوا عنه و قال لم أبو ياسر ما يدريكم لعله أعطى عددها كلها تسعمائة و أرب ع‬ ‫سني قال ابن إسحاق فنل قولة تعال‪ :‬منه آيات مكمات هن أم الكتاب و أخر متشابات‪ 1 .‬ه ‪ .‬و ل يقوم من القصة دليل على تقدير‬ ‫اللة بذا العدد لن دللة هذه الروف على تلك العداد ليست طبيعية و ل عقلية و إنا هي بالتواضع و الصطلح الذي يسمونه حس اب‬ ‫المل نعم إنه قدي مشهور و قدم الصطلح ل يصي حجة و ليس أبو ياسر و أخوة حي من يؤخذ رأيه ف ذلك دليل‪ i‬و ل م ن علم اء‬ ‫اليهود لنم كانوا بادية بالجاز غفل‪ i‬عن الصنائع و العلوم حت عن علم شريعتهم وفقه كتابم و ملتهم و إنا يتلقفون مثل هذا الس اب‬ ‫كما تتلقفه العوام ف كل ملة فل ينهض للسهيلي دليل على ما ادعاه من ذلك‪ .‬و وقع ف اللة ف حدثان دولتها على الصوص مسند م ن‬ ‫الثر إجال ف حديث خرجه أبو داود عن حذيفة بن اليمان من طريق شيخه ممد بن يي الذهب عن سعيد بن أب مري عن عبد ال ب ن‬ ‫فروخ عن أسامة بن زيد الليثي عن أب قبيصة بن ذؤيب عن أبيه قال قال حذيفة بن اليمان‪ :‬و ال ما أدري أنسي أصحاب أم تناسوه و ال ما‬ ‫ترك رسول ال صلى ال عليه و سلم من قائد فئة إل أن تنقضي الدنيا ل يبلغ من معه ثلثمائة فصاعدا‪ i‬إل قد ساه لنا باسه و اس م أبي ه و‬ ‫قبيلته و سكت عليه أبو داود و قد تقدم أنه قال ف رسالته ما سكته عليه ف كتابه فهو صال و هذا الديث إذا كان صحيحا‪ i‬فهو مم ل و‬ ‫يفتقر ف بيان إجاله و تعيي مبهماته إل آثار أخرى يود أسانيدها‪ .‬و قد وقع إسناد هذا الديث ف غي كتاب السنن على غي هذا ال وجه‬ ‫فوقع ف الصحيحي من حديث حذيفة أيضا‪ i‬قال‪ :‬قام رسول ال صلى ال عليه و سلم فينا خطيبا‪ i‬فما ترك شيئا‪ i‬يكون ف مقامه ذاك إل قيام‬ ‫الساعة إل حدث عنه حفظه من حفظه و نسيه من نسيه قد علمه أصحابه هؤلء و لفظ البخاري‪ :‬ما ترك شيئا‪ i‬إل قيام الساعة إل ذكره و‬ ‫ف كتاب الترمذي من حديث أب سعيد الدري قال صلى بنا رسول ال صلى ال عليه و سلم يوما‪ i‬صلة العصر بنهار ث قام خطيبا‪ i‬فل م‬ ‫يدع شيئا‪ i‬يكون إل قيام الساعة إل أخبنا به حفظه من حفظه و نسيه من نسيه و هذه الحاديث كلها ممولة على ما ثبت ف الصحيحي‬ ‫من أحاديث الفت و الشتراط ل غي لنه العهود من الشارع صلوات ال و سلمه عليه ف أمثال هذه العمومات و هذه الزيادة الت تفرد با‬ ‫أبو داود ف هذه الطريق شاذة منكرة مع أن الئمة اختلفوا ف رجاله فقال ابن أب مري ف ابن فروخ أحاديثه مناكي‪ .‬و قال البخاري يعرف‬


‫منه و ينكر و قال ابن عدي أحاديثه غي مفوظة و أسامة بن زيد و أن خرج له ف الصحيحي و وثقه ابن معي فإنا خرج ل ه البخ اري‬ ‫استشهادا‪ i‬و ضعفه يي بن سعيد و أحد بن حنبل و قال ابن حات يكتب حديثه و ل يتج به‪ .‬و أبو قبيضة ابن ذؤيب مهول‪ .‬فتضعف هذه‬ ‫الزيادة الت وقعت لب داود ف هذا الديث من هذه الهات مع شذوذها كما مر‪ .‬و قد يستندون ف حدثان الدول عل ى الص وص إل‬ ‫كتاب الفر و يزعمون أن فيه علم ذلك كله من طريق الثار و النجوم ل يزيدون على ذلك و ل يعرفون أصل ذلك و ل مستنده و اعل م‬ ‫أن كتاب الفر كان أصله أن هازون بن سعيد العجلي و هو رأس الزيدية كان له كتاب يرويه عن جعفر الصادق و فيه علم ما سيقع لهل‬ ‫البيت على العموم و لبعض الشخاص منهم على الصوص وقع ذلك لعفر و نظائره من رجالتم على طريق الكرامة و الكشف الذي يقع‬ ‫لثلهم من الولياء و كان مكتوبا‪ i‬عند جعفر ف جند ثور صغي فرواه عنه هارون العجلي و كتبه و ساه الفر باسم اللد الذي كتب في ه‬ ‫لن الفر ف اللغة هو الصغي و صار هذا السم علما‪ i‬على هذا الكتاب عندهم و كان فيه تفسي القرآن و ما ف باطنه من غرائب الع ان‬ ‫مروية عن جعفر الصادق‪ .‬و هذا الكتاب ل تتصل روايته و ل عرف عينه و إنا يظهر منه شواذ من الكلمات ل يصحبها دليل و لو ص ح‬ ‫السند إل جعفر الصادق لكان فيه نعم الستند من نفسه أو من رجال قومه فهم أهل الكرامات و قد صح عنه أنه كان يذر بعض قرابت ه‬ ‫بوقائع تكون لم فتصح كما يقول و قد حذر يي ابن عمه زيد من مصرعه و عصاه فخرج و قتل بالوزجان كما ه و مع روف‪ .‬و إذا‬ ‫كانت الكرامة تقع لغيهم فما ظنك بم علما‪ i‬و دينا‪ i‬و آثارا‪ i‬من النؤة و عناية من ال بالصل الكري تشهد لفروعه الطيبة و قد ينقل بي أهل‬ ‫البيت كثي من هذا الكلم غي منسوب إل أحد و ف أخبار دولة العبيديي كثي منه و انظر ما حكاه ابن الرقيق ف لقاء أب عبد ال الشيعي‬ ‫لعبيد ال الهدي مع ابنه ممد البيب و ما حدثاه به و كيف بعثاه إل ابن حوشب داعيتهم باليمن فأمره بالروج إل الغرب و بث الدعوة‬ ‫فيه على علمه لقنه أن دعوته تتم هناك و أن عبيد ال لا بن الهدية بعد استفحال دولتهم بأفريقية قال‪ ) :‬بنيتها ليعتصم با الفواطم ساعة من‬ ‫نار ( و أراهم موقف صاحب المار أب يزيد بالدية و كان يسأل عن منتهى موقفه حت جاءه الب ببلوغه إل الكان الذي عينه جده أبو‬ ‫عبيد ال فأيقن بالظفر و برز من البلد فهزمه و اتبعه إل ناحية الزاب فظفر به و قتله و مثل هذه الخبار كثية‪.‬‬ ‫و أما النجمون فيستندون ف حدثان الدول إل الحكام النجومية أما ف المور العامة مثل اللك و الدول فمن القران ات و خصوص ا‪ i‬بي‬ ‫العلويي و ذلك أن العلويي زحل و الشتري يقترنان ف كل عشرين سنة مرة ث يعود القرآن إل برج آخر ف تلك الثلثة من التثليث الين ث‬ ‫بعده إل آخر كذلك إل أن يتكرر ف الثلثة الواحدة اثنت عشرة مرة تستوي بروجه الثلثة ف ستي سنة ث يعود فيستوي با ف ستي سنة ث‬ ‫يعود ثالثة ث رابعة فيستوي ف الثلثة باثنت عشرة مرة و أربع عودات ف مائتي و أربعي سنة و يكون انتقاله ف كل برج على التثليث الين‬ ‫و ينتقل من الثلثة إل الثلثة الت تليها أعن البج الذي يلي البج الخي من القرآن الذي قبلة ف الثلثة و هذا القرآن الذي هو قران العلويي‬ ‫ينقسم إل كبي و صغي و وسط فالكبي هو اجتماع العلويي ف درجة واحدة من الفلك إل أن يعود إليها بعد تسعمائة و ستي سنة م رة‬ ‫واحدة و الوسط هو اقتران العلويي ف كل مثلثة اثنت عشرة مرة و بعد مائتي و أربعي سنة ينتقل إل مثلثة أخرى و الصغي ه و اق تران‬ ‫العلويي ف درجة برج و بعد عشرين سنة يقترنان ف برج آخر على تثليثه الين ف مثل درجه أو دقائقه مثال ذلك وقع القرآن يك ون أول‬ ‫دقيقة من المل و بعد عشرين يكون ف أول دقيقة من السد و هذه كلها نارية و هذا كله قران صغي ث يعود إل أول المل بعد س تي‬ ‫سنة و يسمى دور القران و عود القران و بعد مائتي و أربعي ينتقل من النارية إل الترابية لنا بعدها و هذا قران وسط ث ينتقل إل الوائية‬ ‫ث الائية ث يرجع إل أول المل ف تسعمائة و ستي سنة و هو الكبي و القران الكبي يدل على عظام المور مثل تغيي الل ك و الدول ة و‬ ‫انتقال اللك من قوم إل قوم و الوسط على ظهور التغلبي و الطالبي للملك و الصغي على ظهور الوارج وال دعاة و خ راب ال دن أو‬ ‫عمرانا و يقع ف أثناء هذه القرانات قران النحسي ف برج السرطان ف كل ثلثي سنة مرة و يسمى الرابع و برج السرطان هو طالع العال‬ ‫و فيه و بال زحل و هبوط الريخ فتعظم دللة هذا القران ف الفت و الروب و سفك الدماء و ظهور الوارج و حركة العساكر و عصيان‬ ‫الند و الوباء و القحط و يدوم ذلك أو ينتهي على قدر السعادة و النحوسة ف وقت قرانما على قدر تيسي الدليل فيه‪ .‬قال جراس بن أحد‬ ‫الاسب ف الكتاب الذي ألفه لنظام اللك و رجوع الريخ إل العرب له أثر عظيم ف اللة السلمية لنه كان دليلها فالولد النبوي كان عند‬ ‫قران العلويي ببج العقرب فلما رجع هنالك حدث التشويش على اللفاء و كثر الرض ف أهل العلم و الدين و نقصت أح والم و رب ا‬ ‫اندم بعض بيوت العبادة و قد يقال أنه كان عند قتل علي رضي ال عنه و مروان من بن أمية و التوكل من بن العباس فإذا روعيت ه ذه‬ ‫الحكام مع أحكام القرانات كانت ف غاية الحكام و ذكر شاذان البلخي‪ :‬أن اللة تنتهي إل ثلثائة و عشرين‪ .‬و قد ظهر ك ذب ه ذا‬


‫القول‪ .‬و قال أبو معشر‪ :‬يظهر بعد الائة و المسي منها اختلف كثي و ل يصح ذلك‪ .‬و قال خراشى‪ :‬رأي ت ف كت ب الق دماء أن‬ ‫النجمي أخبوا كسرى عن ملك العرب و ظهور النبؤة فيهم‪ .‬و أن دليلهم الزهرة و كانت ف شرفها فيبقى اللك فيهم أربعي سنة و ق ال‬ ‫أبو معشر ف كتاب القرانات القسمة إذا انتهت إل السابعة و العشرين من الوت فيها شرف الزهرة و وقع القران مع ذلك ببج العقرب و‬ ‫هو دليل الرب ظهرت حينئذ دولة العرب و كان منهم نب و يكون قوة ملكه و مدته على ما بقي من درجات شرف الزهرة و هي إحدى‬ ‫عشرة درجة بتقريب من برج الوت و مدة ذلك ستمائة و عشر سني و كان ظهور أب مسلم عند انتقال الزهرة و وق وع القس مة أول‬ ‫المل و صاحب الد الشتري‪ .‬و قال يعقوب بن إسحاق الكندي أن مدة اللة تنتهي إل ستمائة و ثلثا‪ i‬و تسعي سنة‪ .‬قال‪ :‬لن الزه رة‬ ‫كانت عند قران اللة ف ثان و عشرين درجة و ثلثي دقيقة من الوت فالباقي إحدى عشرة درجة و ثان عشرة دقيقة و دقائقها س تون‬ ‫فيكون ستمائة و ثلثا‪ i‬و تسعي سنة‪ .‬قال‪ :‬و هذه مدة اللة باتفاق الكماء و يعضده الروف الواقعة ف أول السور بذف الكرر و اعتبار‬ ‫بساب المل‪ .‬قلت و هذا هو الذي ذكره السهيلي و الغالب أن الول هو مستند السهيلي فيما نقلناه عنه‪ .‬قال خراش‪ :‬سأل هرمز إفري د‬ ‫الكيم عن مدة أردشي و ولده ملوك الساسانية فقال‪ :‬دليل ملكه الشتري و كان ف شرفه فيعطى أطول السني و أجودها أربعمائة و سبعا‪i‬‬ ‫و عشرين سنة ث تزيد الزهرة و تكون ف شرفها و هي دليل العرب فيملكون لن طالع القران اليزان و صاحبه الزهرة و كانت عند القران‬ ‫ف شرفها مدة انم يلكون ألف سنة و ستي سنة‪ .‬و سأل كسرى أنوشروان وزيره بزر جهر الكيم عن خروج اللك من فارس إل العرب‬ ‫فأخبه أن القائم منهم يولد لمس و أربعي من دولته و يلك الشرق و الغرب و الشتري يغوص إل الزهرة و ينتقل القران من الوائية إل‬ ‫العقرب و هو مائي و هو دليل العرب فهذه الدلة تفضي للملة بدة دور الزهرة و هي ألف و ستون سنة‪ .‬و سأل كسرى ال وزير ألي وس‬ ‫الكيم عن ذلك فقال مثل قول بزر جهر‪ .‬و قال توفيل الرومي النجم ف أيام بن أمية‪ :‬أن ملة السلم تبقى مدة القران الكبي تس عمائة و‬ ‫ستي سنة فإذا عاد القران إل برج العقرب كما كان ف ابتداء اللة و تغي وضع الكواكب عن هيئتها ف قران اللة فحينئذ إما أن يفتر العمل‬ ‫به أو يتجدد من الحكام ما يوجب خلف الفن‪ .‬قال خراش‪ :‬و اتفقوا على أن خراب العال يكون باستيلء الاء و النار حت تلك س ائر‬ ‫الكونات و ذلك عندما يقطع قلب السد أربعا‪ i‬و عشرين درجة و هي حد الريخ‪ ،‬و ذلك بعد مضي تسعمائة و ستي سنة‪ .‬و ذكر خراش‪:‬‬ ‫أن ملك زابلستان بعث إل الأمون بكيمه ذوبان أتفه به ف هدية و أنه تصرف للمأمون ف الختيارات بروب أخيه و بعقد اللواء لطاهر و‬ ‫أن الأمون أعظم حكمته فسأله عن مدة ملكهم فأخبه بانقطاع اللك من عقبه و اتصاله ف ولد أخيه و أن العجم يتغلبون على اللفة م ن‬ ‫الديلم ف دولة سنة خسي و يكون ما يريده ال ث يسوء حالم ث تظهر الترك من شال الشرق فيملكون إل الشام و الفرات و سيحون و‬ ‫سيملكون بلد الروم و يكون ما يريده ال فقال له الأمون‪ :‬من أين لك هذا ؟ فقال‪ :‬من كتب الكماء و من أحكام صصة بن داهر الندي‬ ‫الذي وضع الشطرنج‪ .‬قلت و الترك الذين أشار إل ظهورهم بعد الديلم هم السلجوقية و قد انقضت دولتهم أول الق رن الس ابع‪ .‬ق ال‬ ‫خراش‪ :‬و انتقال القران إل الثلثة الائية من برج الوت يكون سنة ثلث و ثلثي و ثانائة ليزدجرد و بعدها إل برج العقرب حيث ك ان‬ ‫قران الئة سنة ثلث و خسي‪ .‬قال‪ :‬و الذي ف الوت هو أول النتقال و الذي ف العقرب يستخرج منه دلئل اللة‪ .‬قال‪ :‬و تويل الس نة‬ ‫الول من القران الول ف الثلثات الائية ف ثان رجب سنة ثان و ستي و ثانائة و ل يستوف الكلم على ذلك‪ .‬و أما مستند النجمي ف‬ ‫دولة على الصوص فمن القران الوسط و هيئة الفلك عند وقوعه لن له دللة عندهم على حدوث الدولة و جهاتا من العمران و القائمي‬ ‫با من المم و عدد ملوكهم و أسائهم و أعمارهم و نلهم و أديانم و عوائدهم و حروبم كما ذكر أبو معشر ف كتابه ف القرانات و قد‬ ‫توجد هذه الدللة من القران الصغر إذا كان الوسط دال‪ i‬عليه فمن يوجد الكلم ف الدول و قد كان يعقوب بن إسحاق الكندي منج م‬ ‫الرشيد و الأمون وضع ف القرانات الكائنة ف اللة كتابا‪ i‬ساه الشيعة بالفر باسم كتابم النسوب إل جعفر الصادق و ذكر فيه فيما يق ال‬ ‫حدثان‪ :‬دولة بن العباس و أنا نايته و أشار إل انقراضها و الادثة على بغداد أنا تقع ف انتصاف الائة السابعة و أنه بانقراض ها يك ون‬ ‫انقراض اللة و ل نقف على شيء من خب هذا الكتاب و ل رأينا من وقف عليه و لعله غرق ف كتبهم الت طرحها هلكو ملك الت تر ف‬ ‫دجلة عند استيلئهم على بغداد و قتل الستعصم آخر اللفاء و قد وقع بالغرب جزء منسوب إل هذا الكتاب يسمونه الف ر الص غي و‬ ‫الظاهر أنه وضع لبن عبد الؤمن لذكر الولي من ملوك الوحدين فيه على التفصيل و مطابقة من تقدم عن ذلك من حدثانه و ك ذب م ا‬ ‫بعده و كان ف دولة بن العباس من بعد الكندي منجمون و كتب ف الدثان و انظر ما نقله الطبي ف أخبار الهدي عن أب ب ديل م ن‬ ‫أصحاب صنائع الدولة قال بعث إل الربيع و السن ف غزاتما مع الرشيد أيام أبيه فجئتهما جوف الليل فإذا عندها كتاب من كتب الدولة‬


‫يعن الدثان و إذا مدة الهدي فيه عشر سيني فقلت‪ :‬هذا الكتاب ل يفى على الهدي و قد مضى من دولته ما مضى فإذا وقف عليه كنتم‬ ‫قد نعيتم إليه نفسه‪ .‬قال فما اليلة فاستدعيت عنبسة الوراق مول آل بديل و قلت له انسخ هذه الورقة و اكتب مكان عشر أربعي ففعل فو‬ ‫ال لول أن رأيت العشرة ف تلك الورقة و الربعي ف هذه ما كنت أشك أنا هي ث كتب الناس من بعد ذلك ف حدثان الدول منظوما‪ i‬و‬ ‫منثورا‪ i‬و رجزا‪ i‬ما شاء ال أن يكتبوه و بأيدي الناس متفرقة كثي منها و تسمى اللحم‪ .‬و بعضها ف حدثان اللة على العموم و بعض ها ف‬ ‫دولة على الصوص و كلها منسوبة إل مشاهي من أهل الليقة و ليس منها أصل يعتمد على روايته عن واضعه النسوب إليه فم ن ه ذه‬ ‫اللحم بالغرب قصيدة ابن مرانة من بر الطويل على روي الراء و هي متداولة بي الناس و تسب العامة أنا من الدثان العام فيطلق ون‬ ‫الكثي منها على الاضر و الستقبل و الذي سعناه من شيوخنا أنا مصوصة بدولة لتونه لن الرجل كان قبيل دولتهم و ذكر فيها استيلءهم‬ ‫على سبتة من يد موال بن حود و ملكهم لعدوة الندلس و من اللحم بيد أهل الغرب أيضا‪ i‬قصيدة تسمى التبعية أولا‪:‬‬ ‫طربت و ما ذاك من طرب و قد يطرب الطائر الغتصب‬ ‫و ما ذاك من للهو أراه و لكن لتذكار بعض السبب‬ ‫قريبا‪ i‬من خسمائة بيت أو ألف فيما يقال ذكر فيها كثيا‪ i‬من دولة الوحدين و أشار فيها إل الفاطمي و غيه و الظاهر أنا مصنوعة و م ن‬ ‫اللحم بالغرب أيضا‪ i‬ملعبة من الشعر الزجلي منسوبة لبعض اليهود ذكر فيها أحكام القرانات لعصره العلويي و النحسي و غيها و ذكر‬ ‫ميتته قتيل‪ i‬بفاس و كان كذلك فيما زعموه و أوله‪:‬‬ ‫ف صبغ ذا الزرق لشرفه خيارا فافهموا يا قوم هذي الشارا‬ ‫نم زحل اخب بذي العلما و بدل الشكل و هي سلما‬ ‫شاشية زرقا بدل العماما و شاش أزرق بدل الغرارا‬ ‫يقول ف آخره‬ ‫قد ت ذا التجنيس لنسان يهودي يصلب ف بلدة فاس ف يوم عيد‬ ‫حت ييه الناس من البوادي و قتله يا قوم على الفراد‬ ‫و أبياته نو المسمائة و هي ف القرانات الت دلت على دولة الوحدين و من ملحم الغرب أيضا‪ i‬قصيدة من عروض التقارب عل ى روي‬ ‫الباء ف حدثان دولة بن أب حفص بتونس من الوحدين منسوبة لبن البار‪ .‬و قال ل قاضي قسنطينية الطيب الكبي أبو علي بن باديس و‬ ‫كان بصيا‪ i‬با يقوله و له قدم ف التنجيم فقال ل‪ :‬أن هذا ابن البار ليس هو الافظ الندلسي الكاتب مقتول الستنصر و إنا ه و رج ل‬ ‫خياط من أهلي تونس تواطأت شهرته مع شهرة الافظ و كان والدي رحه ال تعال ينشد هذه البيات من هذه اللحمة و بقي بعضها ف‬ ‫حفظي مطلعها‪:‬‬ ‫عذيري من زمن قلب يغز ببارقه الشنب‬ ‫و منها‪.‬‬ ‫و يبقى هناك على مرقب‬ ‫و يبعث من جيشه قائدا‪i‬‬ ‫فتأت إل الشيخ أخباره فيقبل كالمل الجرب‬ ‫و يظهر من عدله سية و تلك سياسة مستجلب‬ ‫و منها ف ذكر أحوال تونس على العموم‪.‬‬ ‫فأما رأيت الرسوم امت و ل يرع حق لذي منصب‬ ‫فخذ ف الترحل عن تونس وودع معالها و اذهب‬ ‫تضيف البيء إل الذنب‬ ‫فسوف تكون با فتنة‬ ‫و وقفت بالغرب على ملحمة أخرى ف دولة بن أب حفص هؤلء بتونس‬ ‫فيها بعد السلطات أب يي الشهي عاشر ملوكهم ذكر ممد أخيه من بعده‬ ‫يقول فيها‪:‬‬


‫و يعرف بالوثاب ف نسخة الصل‬ ‫و بعد أب عبد الله شقيقه‬ ‫إل أن هذا الرجل ل يلكها بعد أخيه و كان ين بذلك نفسه إل أن هلك‬ ‫و من اللحم ف الغرب أيضا‪ i‬اللعبة النسوبة إل الوثن على لغة العامة ف عروض البلد‪:‬‬ ‫فترت المطار و ل تفتر‬ ‫دعن بدمعي التان‬ ‫و ان تلى و تغدر‬ ‫و استقت كلها الويدان‬ ‫فأول ما ميل ما تدري‬ ‫البلد كلما تروي‬ ‫و العام و الربيع تري‬ ‫ما بي الصيف و الشتوي‬ ‫دعن نبكي و من عذر‬ ‫قال حي صحت الدعوى‪:‬‬ ‫ذا القرن اشتد و تري‬ ‫أنادي من ذي الزمان‬ ‫و هي طويلة و مفوظة بي عامة الغرب القصى و الغالب عليها الوضع‬ ‫لنه ل يصح منها قول إل على تأويل ترفه العامة أو الارف فيه من ينتحلها من الاصة و وقفت بالشرق على ملحمة منسوبة لب العرب‬ ‫الاتي ف كلم طويل شبه اللغاز ل يعلم تأويله إل ال لتحلله إل أوفاق عددية و رموز ملغوزة و أشكال حيوانات تامه و رؤوس مقطعة و‬ ‫تاثيل من حيوانات غريبة‪ .‬و ف آخرها قصيدة على روي اللم و الغالب أنا كلها غي صحيحة لنا ل تنشأ عن أصل علمي من نامة و ل‬ ‫غيها و سعت أيضا‪ i‬أن هناك ملحم أخرى منسوبة لبن سيناء و ابن عقاب و ليس ف شيء معها دليل على الصحة لن ذلك إنا يؤخذ من‬ ‫القرانات و وقفت بالشرق أيضا‪ i‬على ملحمة من حدثان دولة الترك منسوبة إل رجل من الصوفية يسمى الباجر بقي و كلها إلغاز بالروف‬ ‫أولا‪.‬‬ ‫من علم جفر و صي والد السن‬ ‫إن شئت تكسف سر الفر يا سائلي‬ ‫و الوصف فافهم كفعل الاذق الفطن‬ ‫فافهم و كن و اعيا‪ i‬حرفا‪ i‬و جلته‬ ‫لكنن أذكر الت من الزمن‬ ‫أما الذي قبل عصري لست أذكره‬ ‫باء ميم بطيش نام ف الكنن‬ ‫يشهر بيبس يبقى بعد خستها‬ ‫له القضاء قضى أي ذلك النن‬ ‫شي له أثر من تت سرته‬ ‫و أذربيجان ف ملك إل اليمن‬ ‫فمصر و الشام مع أرض العراق له‬ ‫و منها‪:‬‬ ‫الفاتك الباتك العن بالسمن‬ ‫و آل بوران لا نال طاهرهم‬ ‫ل لو فاق و نوت ذي قرن‬ ‫للع سي ضعيف السن سي أتى‬ ‫يبقى باء و أين بعد ذو سن‬ ‫قوم شجاع له عقل و مشورة‬ ‫و منها‪:‬‬ ‫يلي الشورة ميم اللك ذو اللسن‬ ‫من بعد باء من العوام قتلته‬ ‫و منها‪:‬‬ ‫ف عصره فت ناهيك من فت‬ ‫هذا هو العرج الكلب فاعن به‬ ‫عار عن القاف قاف جد بالفت‬ ‫يأت من الشرق ف جيش يقدمهم‬ ‫أبدت بشجو على الهلي و الوطن‬ ‫بقتل دال و مثل الشام أجعها‬ ‫ن الزلزال ما زال حاء غي مقتطن‬ ‫إذا أتى زلزلت يا ويح مصر م‬ ‫هلكا‪ i‬و ينفق أموال‪ i‬بل ثن‬ ‫طاء و ظاء و عي كلهم حبسوا‬ ‫هون به إن ذاك الصن ف سكن‬ ‫يسي القاف قافا‪ i‬عند جعهم‬ ‫ل سلم اللف سي لذاك بن‬ ‫و ينصبون أخاه و هو صالهم‬


‫من السني يدان اللك ف الزمن‬ ‫تت وليتهم بالاء ل أحد‬ ‫و يقال أنه أشار إل اللك الظاهر و قدوم أبيه عليه بصر‪:‬‬ ‫و طول غيبته و الشطف و الزرن‬ ‫يأت إليه أبوه بعد هجرته‬ ‫و أبياتا كثية و الغالب أنا موضوعة و مثل صنعتها كان ف القدي كثي و معروف للنتحال‪.‬‬ ‫حكى الؤرخون لخبار بغداد أنه كان با أيام القتدر وراق ذكي يعرف بالدانال يبل الوراق و يكتب فيها بط عتيق يرمز فيه بروف من‬ ‫أساء أهل الدولة و يشي با إل ما يعرف ميلهم إليه من أحوال الرفعة و الاه كأنا ملحم و يصل على ما يريده منهم من ال دنيا و أن ه‬ ‫وضع ف بعض دفاتره ميما‪ i‬مكررة ثلث مرات و جاء به إل مفلح مول القتدر‪ .‬فقال له هذا كناية عنك و هو مفلح مول القتدر و ذك ر‬ ‫عنه ما يرضاه و يناله من الدولة و نصب لذلك علمات يوه با عليه فبدل له ما أغناه به ث وضعه للوزير ابن القاسم بن وهب على مفل ح‬ ‫هذا و كان معزول‪ i‬فجاءه بأوراق مثلها و ذكر اسم الوزير بثل هذه الروف و بعلمات ذكرها و أنه يلي الوزارة للثان عشر من اللفاء و‬ ‫تستقيم المور على يديه و يقهر العداء و يغي الدنيا ف أيامه و أوقف مفلحا‪ i‬هذا على الوراق و ذكر فيها كوائن أخرى و ملحم من هذا‬ ‫النوع ما وقع و ما ل يقع و نسب جيعه إل دانيال فأعجب به مفلح‪ .‬و وقف عليه القتدر و اهتدى من تلك المور و العلمات إل اب ن‬ ‫وهب و كان ذلك سببا‪ i‬لوزارته بثل هذه اليلة العريقة ف الكذب و الهل بثل هذه اللغاز و الظاهر أن هذه اللحمة ال ت ينس بونا إل‬ ‫الباجربقي من هذا النوع و لقد سألت أكمل الدين ابن شيخ النفية من العجم بالديار الصرية عن هذه اللحمة و عن هذا الرج ل ال ذي‬ ‫تنسب إليه من الصوفية و هو الباجربقي و كان عارفا‪ i‬بطرائقهم فقال كان من القلندرية البتدعة ف حلق اللحية و كان يتحدث عما يك ون‬ ‫بطريق الكشف و يومي إل رجال معيني عنده و يلغز عليهم بروف يعينها ف ضمنها لن يراه منهم و ربا يظهر نظم ذلك ف أبيات قليل ة‬ ‫كان يتعاهدها فتنوقلت عنه و ولع الناس با و جعلوها ملحمة مرموزة و زاد فيها الراصون من ذلك النس ف كل عصر و شغل العام ة‬ ‫بفك رموزها و هو أمر متنع إذ الرمز إنا يهدي إل كشفه قانون يعرف قبله و يوضع له و أما مثل هذه الروف فدللتها على الراد منه ا‬ ‫مصوصة بذا النظم ل يتجاوزوه فرأيت من كلم هذا الرجل الفاصل شفاء لا كان ف النفس من أمر هذه اللحمة و ما كنا لنهتدي لول أن‬ ‫هدانا ال و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الباب الرابع من الكتاب الول ف البلدان و المصار و سائر العمران و م ا‬ ‫يعرض ف ذلك من الحوال و فيه سوابق و لواحق الفص ل الول ف أن‬ ‫الدول من الدن و المصار و أنا إنا توجد ثانية عن اللك‬ ‫و بيانه أن البناء و اختطاط النازل إنا من منازع الضارة الت يدعو إليها الترف و الدعة كما قدمناه و ذلك متأخر عن البداوة و منازعها و‬ ‫أيضا‪ i‬فالدن و المصار ذات هياكل و أجرام عظيمة و بناء كبي و هي موضوعة للعموم ل للخصوص فتحتاج إل اجتماع اليدي و ك ثرة‬ ‫التعاون و ليست من المور الضرورية للناس الت تعم با البلوى حت يكون نزوعهم إليها اضطرارا‪ i‬بل ل بد من إكراهه م عل ى ذل ك و‬ ‫سوقهم إليه مضطهدين بعصا اللك أو مرغبي ف الثواب و الجر الذي ل يفي بكثرته إل اللك و الدولة‪ .‬فل ب د ف تص ي المص ار و‬ ‫اختطاط الدن من الدولة و اللك‪ .‬ث إذا بنيت الدينة و كمل تشييدها بسب نظر من شيدها و با اقتضته الحوال السماوية و الرضية فيها‬ ‫فعمر الدولة حينئذ عمر لا فإن كان عمر الدولة قصيا‪ i‬وقف الل فيها عند انتهاء الدولة و تراجع عمرانا و خربت و إن كان أمد الدول ة‬ ‫طويل‪ i‬و مدتا منفسحة فلتزال الصانع فيها تشاد و النازل الرحيبة تكثر و تتعدد و نطاق السواق يتباعد و ينفسح إل أن تسمع الط ة و‬ ‫تبعد السافة و ينفسح ذرع الساحة كما وقع ببغداد و أمثالا‪ .‬ذكر الطيب ف تأريه أن المامات بلغ عددها ببغداد لعهد الأمون خسة و‬ ‫ستي ألف حام و كانت مشتملة على مدن و أمصار متلصقة و متقاربة تاوز الربعي و ل تكن مدينة وحدها يمعها سور واحد لفراط‬ ‫العمران و كذا حال القيوان و قرطبة و الهدية ف اللة السلمية و حال مصر القاهرة بعدها فيما بلغنا لذا العهد و أما بعد انقراض الدولة‬


‫الشيدة للمدينة فإما أن يكون لضواحي تلك الدينة و ما قاربا من البال و البسائط بادية يدها العمران دائما‪ i‬فيكون ذلك حافظا‪ i‬لوجودها‬ ‫و يستمر عمرها بعد الدولة كما تراه بفاس و باية من الغرب و بعراق العجم من الشرق الوجود لا العمران من البال لن أهل البداوة إذا‬ ‫انتهت أحوالم إل غاياتا من الرفه و الكسب تدعو إل الدعة و السكون الذي ف طبيعة البشر فينلون الدن و المصار و يتأهلون و أما إذا‬ ‫ل يكن لتلك الدينة الؤسسة مادة تفيدها العمران بترادف الساكن من بدرها فيكون انقراض الدولة خرقا‪ i‬لسياجها فيزول حفظها و يتناقص‬ ‫عمرانا شيئا‪ i‬فشيئا‪ i‬إل أن يبذعر ساكنها و ترب كما و قع بصر و بغداد و الكوفة بالشرق و القيوان و الهدية و قلعة بن حاد بالغرب و‬ ‫أمثالا فتفهمه و ربا ينل الدينة بعد انقراض متطيها الولي ملك آخر و دولة ثانية يتخذها قرارا‪ i‬و كرسيا‪ i‬يستغن با عن اختطاط مدين ة‬ ‫ينلا فتحفظ تلك الدولة سياجها و تتزايد مبانيها و مصانعها بتزايد أحوال الدولة الثانية و ترفها و تستجد بعمرانا عمرا‪ i‬آخر كم ا وق ع‬ ‫بفاس و القاهرة لذا العهد و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثان ف أن اللك يدعو إل نزول المصار‬ ‫و ذلك أن القبائل و العصائب إذا حصل لم اللك اضطروا للستيلء على المصار لمرين أحدها ما يدعو إليه اللك من الدعة و الراحة و‬ ‫حط الثقال و استكمال ما كان ناقصا‪ i‬من أمور العمران ف البدو و الثان دفع ما يتوقع على اللك من أمر النازعي و الشاغبي لن الص ر‬ ‫الذي يكون ف نواحيهم ربا يكون ملجأ لن يروم منازعتهم و الروج عليهم و انتزاع ذلك اللك الذي سوا إليه من أيديهم فيعتصم بذلك‬ ‫الصر و يغالبهم و مغالبة الصر على ناية من الصعوبة و الشقة و الصر يقوم مقام العساكر التعددة لا فيه من المتناع و نكاية الرب م ن‬ ‫وراء الدران من غي حاجة إل كثي عدد و ل عظيم شوكة لن الشوكة و العصابة إنا احتيج إليهما ف الرب للثبات لا يقع من بعد كرة‬ ‫القوم بعضهم على بعض عند الولة و ثبات هؤلء بالدران فل يضطرون إل كبي عصابة و ل عدد فيكون حال هذا الصن و من يعتصم‬ ‫به من النازعي ما يفت عضد المة الت تروم الستيلء و يضد شوكة استيلئها فإذا كانت بي أجنابم أمصار انتظموه ا ف اس تيلئهم‬ ‫للمن من مثل هذا النرام و إن ل يكن هناك مصر استحدثوه ضرورة لتكميل عمرانم أول‪ i‬و حط أثقالم و ليكون شجا‪ i‬ف حلق من يروم‬ ‫العزة و المتناع عليهم من طوائفهم و عصائبهم فتعي أن اللك يدعو إل نزول المصار و الستيلء عليها و ال سبحانه و تعال أعلم و به‬ ‫التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن الدن العظيمة و الياكل الرتفعة إنا يشيدها اللك الكثي‬ ‫قد قدمنا ذلك ف آثار الدولة من البان و غيها و أنا تكون على نسبتها و ذلك أن تشييد الدن إنا يصل باجتماع الفعل ة و ك ثرتم و‬ ‫تعاونم فإذا كانت الدولة عظيمة متسعة المالك حشر الفعلة من أقطارها و جعت أيديهم على عملها و ربا استعي ف ذلك ف أكثر المر‬ ‫بالندام الذي يضاعف القوي و القدر ف حل أثقال البناء لعجز القوة البشرية و ضعفها عن ذلك كالخال و غيه و ربا يتوهم ك ثي م ن‬ ‫الناس إذا نظر إل آثار القدمي و مصانعهم العظيمة مثل إيوان كسرى و أهرام مصر و حنايا العلقة و شرشال بالغرب إنا كانت بق درهم‬ ‫متفرقي أو متمعي فيتخيل لم أجساما‪ i‬تناسب ذلك أعظم من هذه بكثي ف طولا و قدرها لتناسب بينها و بي القدر الت صدرت تل ك‬ ‫البان عنها و يغفل عن شأن الندام و الخال و ما اقتضته ف ذلك الصناعة الندسية و كثي من التغلبي ف البلد يعاين ف ش أن البن اء و‬ ‫استعمال اليل ف نقل الجرام عند أهل الدولة العتني بذلك من العجم ما يشهد له با قلناه عيانا‪ i‬و أكثر آثار القدمي لذا العهد تس ميها‬ ‫العامة عادية‪ i‬نسبة‪ i‬إل قوم عاد لتوههم أن مبان عاد و مصانعهم إنا عظمت لعظم أجسامهم و تضاعف قدرهم‪ .‬و ليس كذلك‪ ،‬فقد ن د‬ ‫آثارا‪ i‬كثية من آثار الذين تعرف مقادير أجسامهم من المم و هي ف مثل ذلك العظم أو أعظم كإيوان كسرى و مبان العبيديي من الشيعة‬ ‫بأفريقية و الصنهاجيي وأثرهم باد إل اليوم ف صومعة قلعة بن حاد و كذلك بناء الغالبة ف جامع القيوان و بناء الوحدين ف رباط الفتح‬ ‫و رباط السلطان أب سعيد لعهد أربعي سنة ف النصورة بإزاء تلمسان و كذلك النايا الت جلب إليها أهل قرطاجنة الاء ف القناة الراكب ة‬ ‫عليها ماثلة لذا العهد و غي ذلك من البان و الياكل الت نقلت إلينا أخبار أهلها قريبا‪ i‬و بعيدا‪ i‬و تيقنا‪ i‬أنم ل يكونوا ب إفراط ف مق ادير‬


‫أجسامهم و إنا هذا رأي ولع به القصاص عن قوم عاد و ثود و العمالقة‪ .‬و ند بيوت ثود ف الجر منحوتة إل هذا العهد و قد ثب ت ف‬ ‫الديث الصحيح أنا بيوتم ير با الركب الجازي ف أكثر السني و يشاهدونا ل تزيد ف جوها و مساحتها و سكها على التعاهد و إنم‬ ‫ليبالغون فيما يعتقدون من ذلك حت أنم ليزعمون أن عوج بن عناق من جيل العمالقة كان يتناول السمك من البحر ط ريئا‪ i‬فيش ويه ف‬ ‫الشمس يزعمون بذلك أن الشمس حارة فيما قرب منها و ل يعلمون أن الر فيما لدينا هو الضوء لنعكاس الشعاع بقابلة سطح الرض و‬ ‫الواء و أما الشمس ف نفسها فغي حارة و ل باردة و إنا هي كوكب مضيء ل مزاج له و قد تقدم شيء من هذا ف الفصل الثان حي ث‬ ‫ذكرنا أن آثار الدولة على نسبة كل قوتا ف أصلها‪ .‬و ال يلق ما يشاء و يكم ما يريد‪.‬‬

‫الفصل الرابع ف أن الياكل العظيمة جدا‪ i‬ل تستقل ببنائها الدولة الواحدة‬ ‫و السبب ف ذلك ما ذكرناه من حاجة البناء إل التعاون و مضاعفة القدر البشرية و قد تكون البان ف عظمها أكثر من الق در مف ردة أو‬ ‫مضاعفة بالندام كما قلناه فيحتاج إل معاودة قدر أخرى مثلها ف أزمنة متعاقبة إل أن تتم‪.‬‬ ‫فيبتدئ الول منهم بالبناء‪ ،‬و يعقبه الثان و الثالث‪ ،‬و كل واحد منهم قد استكمل شأنه ف حشر الفعلة و جع اليدي حت يتم القصد من‬ ‫ذلك و يكمل و يكون ماثل‪ i‬للعيان يظنه من يراه من الخرين أنه بناء دولة واحدة‪ .‬و انظر ف ذلك ما نقله الؤرخون ف بناء سد م أرب و‬ ‫أن الذي بناه سبأ بن يشخب و ساق إليه سبعي واديا‪ i‬و عاقه الوت عن إتامه فأته ملوك حي من بعده و مثل هذا ما نقل ف بناء قرطاجنة‬ ‫و قناتا الراكبة على النايا العادية و أكثر البان العظيمة ف الغالب هذا شأنا و يشهد لذلك أن البان العظيمة لعهدنا ند الل ك الواح د‬ ‫يشرع ف اختطاطها و تأسيسها فإذا ل يتبع أثره من بعده من اللوك ف إتامها بقيت بالا و ل يكمل القصد فيها‪ .‬و يشهد لذلك أيضا‪ i‬أن ا‬ ‫ند آثارا‪ i‬كثية من البان العظيمة تعجز الدول عن هدمها و تريبها مع أن الدم أيسر من البناء بكثي لن الدم رجوع إل الصل الذي هو‬ ‫العدم و البناء على خلف الصل‪.‬‬ ‫فإذا وجدنا بناء تضعف قوتنا البشرية عن هدمه مع سهولة الدم علمنا أن القدرة الت أسسته مفرطة القوة و أنا ليست أثر دولة واح دة و‬ ‫هذا مثل ما وقع للعرب ف إيوان كسرى لا اعتزم الرشيد على هدمه و بعث إل يي بن خالد و هو ف مبسه يستشيه ف ذلك فقال يا أمي‬ ‫الؤمني ل تفعل و اتركه ماثل‪ i‬يستدل به على عظم ملك آبائك الذين سلبوا اللك لهل ذلك اليكل فاتمه ف النصيحة و قال أخذته النعرة‬ ‫للعجم و ال لصر عنه و شرع ف هدمه و جع اليدي عليه و اتذ له الفؤس و حاه بالنار و صب عليه الل حت إذا أدركه العج ز بع د‬ ‫ذلك كله وخاف الفضيحة بعث إل يي يستشيه ثانيا‪ i‬ف التجاف عن الدم فقال ل تفعل و استمر على ذلك لئل يقال عجز أمي الؤمني و‬ ‫ملك العرب عن هدم مصنع من مصانع العجم فرفعها الرشيد و أقصر عن هدمه و كذلك اتفق للمأمون ف هدم الهرام الت بصر و ج ع‬ ‫الفعلة لدمها فلم يل بطائل و شرعوا ف نقبه فانتهوا إل جو بي الائط و الظاهر و ما بعده من اليطان و هنالك كان منتهى هدمهم و هو‬ ‫إل اليوم فيما يقال منفذ ظاهر و يزعم الزاعمون أنه وجد ركازا‪ i‬بي تلك اليطان وال أعلم‪ .‬و كذلك حنايا العلقة إل هذا العهد تت اج‬ ‫أهل مدينة تونس إل انتخاب الجارة لبنائهم أو تستجيد الصناع حجارة تلك النايا فيحاولون على هدمها اليام العدي دة و ل يس قط‬ ‫الصغي من جدرانا إل بعد عصب الريق و تتمع له الافل الشهورة شهدت منها ف أيام صباي كثيا‪ i‬وال خلقكم وما تعملون‪.‬‬

‫الفصل الامس فيما تب مراعاته ف أوضاع الدن و ما يدث إذا غفل عن‬ ‫الراعاة‬ ‫إعلم أن الدن قرار يتخذه المم عند حصول الغاية الطلوبة من الترف و دواعيه فتؤثر الدعة و السكون و تتوجه إل اتاذ النازل للقرار و لا‬ ‫كان ذلك القرار و الأوى وجب أن يراعى فيه دفع الضار بالماية من طوارقها و جلب النافع و تسهيل الرافق لا فأما الماية من الض ار‬ ‫فياعى لا أن يدار على منازلا جيعا‪ i‬سياج السوار و أن يكون وضع ذلك ف تنع من المكنة إما على هضبة متوعرة م ن الب ل و إم ا‬ ‫باستدارة بر أو نر با حت ل يوصل إليها إل بعد العبور على جسر أو قنطرة فيصعب منالا على العدو و يتضاعف امتناعها و حص نها‪ .‬و‬


‫ما يراعى ف ذلك للحماية من الفات السماوية طيب الواء للسلمة من المراض‪ .‬فإن الواء إذا كان راكدا‪ i‬خبيثا‪ i‬أو ماورا‪ i‬للمياه الفاسدة‬ ‫أو منافع متعفنة أو مروج خبيثة أسرع إليها العفن من ماورتا فأسرع الرض للحيوان الكائن فيه ل مالة و هذا مشاهد‪ .‬و الدن الت ل يراع‬ ‫فيها طيب الواء كثية المراض ف الغالب‪ .‬و قد اشتهر بذلك ف قطر الغرب بلد قابس من بلد الريد بأفريقية فل يكاد ساكنها أو طارقها‬ ‫يلص من حى العفن بوجه‪ .‬و لقد يقال أن ذلك حادث فيها و ل تكن كذلك من قبل و نقل البكري ف سبب حدوثه أنه وقع فيها حف ر‬ ‫ظهر فيه أناء من ناس متوم بالرصاص‪ .‬فلما فض ختامه صعد منه دخان إل الو و انقطع‪ .‬و كان ذلك مبدأ أمراض الميات في ه و أراد‬ ‫بذلك أن الناء كان مشتمل‪ i‬على بعض أعمال الطلمسات لوبائه و أنه ذهب سره بذهابه فرجع إليها العغن و الوباء و هذه الكاي ة م ن‬ ‫مذاهب العامة و مباحثهم الركيكة و البكري ل يكن من نباهة العلم و استنارة البصية بيث يدفع مثل هذا أو يتبي خرفه فنقله كما سعه‪.‬‬ ‫و الذي يكشف لك الق ف ذلك أن هذه الهوية العفنة أكثر ما يهيئها لتعفي الجسام و أمراض الميات ركودها‪ .‬فإذا تللتها الري ح و‬ ‫تفشت و ذهبت با يينا‪ i‬و شال‪ i‬خف شأن العفن و الرض البادي منها للحيوانات‪ .‬و البلد إذا كان كثي الساكن و كثرت حركات أهل ه‬ ‫فيتموج الواء ضرورة و تدث الريح التخللة للهواء الراكد و يكون ذلك معينا‪ i‬له على الركة و التموج و إذا خف الساكن ل يد ال واء‬ ‫معينا‪ i‬على حركته و توجه و بقي ساكنا‪ i‬راكدا‪ i‬و عظم عفنه و كثر ضرره‪ .‬و بلد قابس هذه كانت عندما كانت أفريقية مستجدة العمران‬ ‫كثية الساكن توج بأهلها موجا‪ i‬فكان ذلك معينا‪ i‬على توج الواء و اضطرابه و تفيف الذى منه فلم يكن فيها كثي عفن و ل م رض‪،‬‬ ‫وعندما خف ساكنها ركد هواؤها التعفن بفساد مياهها فكثر العفن و الرض‪ .‬فهذا و جهه ل غي‪ .‬و قد رأينا عكس ذلك ف بلد وضعت‬ ‫و ل يراع فيها طيب الواء و كانت أول‪ i‬قليلة الساكن فكانت أمراضها كثية فلما كثر سكانا انتقل حالا عن ذلك و هذا مثل دار الل ك‬ ‫بفاس لذا العهد السمى بالبلد الديد و كثي من ذلك ف العال فتفهمه تد ما قلته لك‪ .‬و أما جلب النافع و الرافق للبلد فياعى فيه أم ور‬ ‫منها الاء بأن يكون البلد على نر أو بإزائها عيون عذبة ثرة فإن وجود الاء قريبا‪ i‬من البلد يسهل على الساكن حاجة الاء و هي ض رورية‬ ‫فيكون لم ف وجوده مرفقة عظيمة عامة‪ .‬و ما يراعى من الرافق ف الدن طيب الراعي لسائمتهم إذ صاحب كل قرار ل بد له من دوج ن‬ ‫اليوان للنتاج و الضرع و الركوب و ل بد لا من الرعى فإذا كان قريبا‪ i‬طيبا‪ i‬كان ذلك أرفق بالم لا يعانون من الشقة ف بع ده و م ا‬ ‫راعى أيضا‪ i‬الزارع فإن الزروع هي القوات‪ .‬فإذا كانت مزارع البلد بالقرب منها كان ذلك أسهل ف اتاذه و أقرب ف تصيله و من ذلك‬ ‫الشجر للحطب و البناء فإن الطب ما تعم البلوى ف اتاذه لوقوب النيان للصطلء و الطبخ‪ .‬و الشب أيضا‪ i‬ضروري لسقفهم و كثي ما‬ ‫يستعمل فيه الشب من ضرورياتم و قد يراعى أيضا‪ i‬قربا من البحر لتسهيل الاجات القاصية من البلد النائية إل أن ذلك ليس بثابة الول‬ ‫و هذه كلها متفاوتة بتفاوت الاجات و ما تدعو إليه ضرورة الساكن‪ .‬و قد يكون الواضع غافل‪ i‬عن حسن الختيار الطبيعي أو إنا يراعي‬ ‫ما هو أهم على نفسه و قومه‪ ،‬و ل يذكر حاجة غيهم كما فعله العرب لول السلم ف الدن الت اختطوها بالعراق و أفريقي ة ف إنم ل‬ ‫يراعوا فيها إل الهم عندهم من مراعي البل و ما يصلح لا من الشجر و الاء اللح و ل يراعوا الاء و ل الزارع و ل الطب و ل مراع ي‬ ‫السائمة من ذوات الظلف و ل غي ذلك كالقيوان و الكوفة و البصرة و أمثالا و لذا كانت أقرب إل الراب ما ل تراع فيه ا الم ور‬ ‫الطبيعية‪.‬‬ ‫و ما يراعى ف البلد إل الساحلية الت على البحر أن تكون ف جبل أو تكون بي أمة من المم موفورة العدد تكون صريا‪ i‬للمدين ة م ت‬ ‫طرقها‪ .‬طارق من العدو و السبب ف ذلك أن الدينة إذا كانت حاضرة البحر و ل يكن بساحتها عمران للقب ائل أه ل العص بيات و ل‬ ‫موضعها متوعر من البل كانت ف غرة للبيات و سهل طروقها ف الساطيل البحرية على عدوها و تيفه لا لا يأمن من وجود الصريخ لا‪.‬‬ ‫و أن الضر التعودين للدعة قد صاروا عيال‪ i‬و خرجوا عن حكم القاتلة‪ .‬و هذه كالسكندرية من الشرق و طرابلس من الغرب و بونة و‬ ‫سل‪.‬‬ ‫و مت كانت القبائل و العصائب موطني بقربا بيث يبلغهم الصريخ و النعي و كانت متوعرة السالك على من يرومه ا باختطاطه ا ف‬ ‫هضاب البال و على أسنمتها كان لا بذلك منعة من العدو و يئسوا من طروقها لا يكابدونه من وعرها و ما يتوقعونه من إجابة ص ريها‬ ‫كما ف سبتة و باية و بلد القل على صغرها فافهم ذلك و اعتبه ف اختصاص السكندرية باسم الثغر من لدن الدول ة العباس ية م ع أن‬ ‫الدعوة من ورائها ببقة و أفريقية‪ .‬و إنا اعتب ف ذلك الخافة التوقعة فيها من البحر لسهولة وضعها و لذلك و ال أعلم كان طروق العدو‬ ‫للسكندرية و طرابلس ف اللة مرات متعددة و ال تعال أعلم‪.‬‬


‫الفصل السادس ف الساجد و البيوت العظيمة ف العال‬ ‫إعلم أن ال سبحانه و تعال فضل من الرض بقاعا‪ i‬اختصها بتشريفه و جعلها مواطن لعبادته يضاعف فيها الثواب و ينمو ب ا الج ور و‬ ‫أخبنا بذلك على ألسن رسله و أنبيائه لطفا‪ i‬بعباده و تسهيل‪ i‬لطرق السعادة لم‪ .‬و كانت الساجد الثلثة هي أفضل بقاع الرض حس بما‬ ‫ثبت ف الصحيحي و هي مكة و الدينة و بيت القدس‪ .‬أما البيت الرام الذي بكة فهو بيت إبراهيم صلوات ال و سلمه عليه‪ .‬أم ره ال‬ ‫ببنائه و أن يؤذن ف الناس بالج إليه فبناه هو و ابنه إساعيل كما نصه القرآن و قام با أمره ال فيه و سكن إساعيل به مع هاجر و من نزل‬ ‫معهم من جرهم إل أن قبضهما ال و دفنا بالجر منه‪ .‬و بيت القدس بناه داوود و سليمان عليهما السلم‪ .‬أمرها ال ببن اء مس جده و‬ ‫نصب هياكله و دفن كثي من النبياء من ولد إسحاق عليه السلم حواليه‪ .‬و الدينة فهاجر نبينا ممد صلوات ال و سلمة عليه أم ره ال‬ ‫تعال بالجرة إليها و إقامة دين السلم با فبن مسجده الرام با و كان ملحده الشريف ف تربتها فبهذه الساجد الثلثة قرة عي السلمي‬ ‫و مهوى أفئدتم و عظمة دينهم و ف الثار من فضلها و مضاعفة الثواب ف ماورتا و الصلة فيها كثي معروف فلنشر إل شيء من الب‬ ‫عن أولية هذه الساجد الثلثة و كيف تدرجت أحوالا إل أن كمل ظهورها ف العال‪ .‬فأما مكة فأوليتها فيما يقال أن آدم صلوات ال عليه‬ ‫بناها قبالة البيت العمور ث هدمها الطوفان بعد ذلك و ليس فيه خب صحيح يعول عليه‪ .‬و إنا اقتبسوه من ممل الية ف ق وله و إذ يرف ع‬ ‫إبراهيم القواعد من البيت و إساعيل ث بعث ال إبراهيم و كان من شأنه و شأن زوجته سارة و غيتا من هاجر ما هو معروف و أوح ى‬ ‫ال إليه أن يترك ابنه اساعيل و أمه هاجر بالفلة فوضعهما ف مكان البيت و سار عنهما و كيف جعل ال لما من اللطف ف نبع ماء زمزم‬ ‫و مرور الرفقة من جرهم با حت احتملوها و سكنوا إليهم كما و نزلوا معهما حوال زمزم كما عرف ف موضعه فاتذ إساعيل بوض ع‬ ‫الكعبة بيتا‪ i‬يأوي إليه و أدار عليه سياجا‪ i‬من الردم و جعله زربا‪ i‬لغنمه و جاء إبراهيم صلوات ال عليه مرارا‪ i‬لزيارته من الشام أمر ف آخره ا‬ ‫ببناء الكعبة مكان ذلك الزرب فبناه و استعان فيه بابنه إساعيل و دعا الناس إل حجه و بقي إساعيل ساكنا‪ i‬به و لا قبضت أمه هاجر و قام‬ ‫بنوه من بعده بأمر البيت مع أخوالم من جرهم ث العماليق من بعدهم و استمر الال على ذلك و الناس يهرعون إليها من كل أفق من جيع‬ ‫أهل الليقة ل من بن إساعيل و ل من غيهم من دنا أو نأى فقد نقل أن التبابعة كانت تج البيت وتعظمه و أن تبع ا‪ i‬كس اها اللء و‬ ‫الوصائل و أمر بتطهيها و جعل لا مفتاحا‪.i‬‬ ‫و نقل أيضا‪ i‬أن الفرس كانت تجه و تقرب إليه و أن غزال الذهب اللذين وجدها عبد الطلب حي احتقر زمزم كانا من قرابينه م‪ .‬و ل‬ ‫يزل لرهم الولية عليه من بعد ولد إساعيل من قبل خؤولتهم حت إذا خرجت خزاعة و أقاموا با بعدهم ما شاء ال‪ .‬ث كثر ولد إساعيل‬ ‫و انتشروا و تشعبوا إل كنانة ث كنانة إل قريش و غيهم و ساءت ولية خزاعة فغلبتهم قريش على أمره و أخرجوهم من البيت و ملك وا‬ ‫عليهم يومئذ قصي بن كلب فبن البيت و سقفه بشب الدوم و جريد النخل و قال العشى‪:‬‬ ‫بناها قصي و الضاض بن جرهم‬ ‫خلفت بثوب راهب الدور و الت‬ ‫ث أصاب البيت سيل و يقال حريق و تدم و أعادوا بناءه و جعوا النفقة لذلك من أموالم و انكسرت سفينة بساحل جدة فاشتروا خشبها‬ ‫للسقف و كانت جدرانه فوق القامة فجعلوها ثان عشرة ذراعا‪ i‬و كان الباب لصقا‪ i‬بالرض فجعلوه فوق القامة لئل ت دخله الس يول و‬ ‫قصرت بم النفقة عن إتامه فقصروا عن قواعده و تركوا منه ست أذرع و شبا‪ i‬أداروها بدار قصي يطاف من ورائه و هو الجر و بق ي‬ ‫البيت على هذا البناء إل أن تصن ابن الزبي بكة حي دعا لنفسه و زحفت إليه جيوش يزيد بن معاوية مع الصي ب ن ني الس كون‪ .‬و‬ ‫رمى البيت سنة أربع و ستي فأصابه حريق‪ ،‬يقال من النفط الذي رموا به على ابن الزبي فتصدعت حيطانه فهدمه ابن الزبي فأع اد بن اءه‬ ‫أحسن ما كان بعد أن اختلفت عليه الصحابة ف بنائه‪ .‬و احتج عليهم بقول رسول ال صلى ال عليه و سلم لعائشة رضي ال عنها‪ ،‬ل ول‬ ‫قومك حديثو عهد بكفر لرددت البيت على قواعد إبراهيم و لعلت له بابي شرقيا‪ i‬و غربيا‪ i‬فهدمه و كشف عن أساس إبراهيم عليه السلم‬ ‫و جع الوجوه و الكابر حت عاينوه و أشار عليه ابن عباس بالتحري ف حفظ القبلة على الناس فأدار على الساس الشب و نصب م ن‬ ‫فوقها الستار حفظا‪ i‬للقبلة و بعث إل صنعاء ف الفضة و الكلس فحملها‪ .‬وسأل عن مقطع الجارة الول فجمع منها ما احت اج إلي ه ث‬ ‫شرع ف البناء على أساس إبراهيم عليه السلم و رفع ف جدرانا سبعا‪ i‬و عشرين ذراعا‪ i‬و جعل لا بابي لصقي ب الرض كم ا روى ف‬


‫حديثه و جعل فرشها و إزرها بالرخام و صاغ لا الفاتيح و صفائح البواب من الذهب‪ .‬ث جاء الجاج لصاره أيام عبد اللك و رم ى‬ ‫على السجد بالنجنيقات إل أن تصدعت حيطانا‪ .‬ث لا ظفر بابن الزبي شاور عبد اللك فيما بناه و زاده ف البيت فأمره بدمه و رد البيت‬ ‫على قواعد قريش كما هي اليوم‪ .‬و يقال‪ :‬أنه ندم على ذلك حي علم صحة رواية ابن الزبي لديث عائشة‪ ،‬و قال وددت أن كنت حلت‬ ‫أبا حبيب ف أمر البيت و بنائه ما تمل‪ .‬فهدم الجاج منها ست أذرع و شبا‪ i‬مكان الجر و بناها على أساس قريش و سد الباب الغرب و‬ ‫ما تت عتبة بابا اليوم من الباب الشرقي‪ .‬و ترك سائرها ل يغي منه شيئا‪ i‬فكل البناء الذي فيه اليوم بناء ابن الزبي و بناء الجاج ف الائط‬ ‫صلة ظاهرة للعيان لمة ظاهرة بي البناءين‪ .‬و البناء متميز عن البناء بقدار إصبع شبه الصدع و قد لم‪.‬‬ ‫و يعرض ههنا إشكال قوي لنافاته لا يقوله الفقهاء ف أمر الطواف و يذر الطائف أن ييل على الشاذروان الدائر على أساس ال در م ن‬ ‫أسفلها فيقع طوافه داخل البيت بناء على أن الدر إنا قامت على بعض الساس و ترك بعضه و هو مكان الشاذروان و كذا قالوا ف تقبيل‬ ‫الجر السود ل بد من رجوع الطائف من التقبيل حت يستوي قائما‪ i‬لئل يقع بعض طوافه داخل البيت و إذا كانت الدران كلها من بن اء‬ ‫ابن الزبي و هو إنا بن على أساس ابراهيم فكيف يقع هذا الذي قالوه و ل ملص من هذا إل بأحد أمرين أحدها أن يكون الجاج ه دم‬ ‫جيعه و أعاده و قد نقل ذلك جاعة إل أن العيان ف شواهد البناء بالتحام ما بي البناءين و تييز أحد الشقي م ن أعله عل ى الخ ر ف‬ ‫الصناعة يرد ذلك و أما أن يكون ابن الزبي ل يرد البيت على أساس إبراهيم مع جيع جهاته و إنا فعل ذلك ف الجر فقط ليدخله فه ي‬ ‫الن مع كونا من بناء ابن الزني ليست على قواعد إبراهيم و هذا بعيد و ل ميص من هذين و ال تعال اعلم‪ .‬ث أن مساحة البيت و ه و‬ ‫السجد كان فضاء للطائفي و ل يكن عليه جدر أيام النب صلى ال عليه و سلم و أب بكر من بعده‪ .‬ث كثر الناس فاشترى عمر رضي ال‬ ‫عنه دورا‪ i‬هدمها و زادها ف السجد و أدار عليها جدارا‪ i‬دون القامة و فعل مثل ذلك عثمان ث ابن الزبي ث الوليد بن عبد اللك و بناه بعمد‬ ‫الرخام ث زاد فيه النصور و ابنه الهدي من بعده و وقفت الزيادة و استقرت على ذلك لعهدنا‪.‬‬ ‫و تشريف ال لذا البيت و عنايته به أكثر من أن ياط به و كفى بذلك أن جعله مهبطا‪ i‬للوحي و اللئكة و مكانا‪ i‬للعبادة و فرض ش رائع‬ ‫الج و مناسكه و أوجب لرمه من سائر نواحيه من حقوق التعظيم و الق ما ل يوجبه لغي فمنع كل من خالف دين السلم من دخ ول‬ ‫ذلك الرم و أوجب على دخله أن يتجرد من اليط إل أزارا‪ i‬يستره و حى العائذ به و الراتع ف مسارحه من مواقع الفات فل ي رام في ه‬ ‫خائف و ل يصاد له وحش و ل يتطب له شجر‪ .‬و حد الرم الذي يتص بذه الرمة من طريق الدينة ثلثة أميال إل التنعيم و من طريق‬ ‫العراق سبعة أميال إل الثنية من جبل النقطع و من طريق الطائف سبعة أميال إل بطن نرة و من طريق جدة سبعه أميال إل منقطع العشائر‪.‬‬ ‫هذا شأن مكة و خبها و تسمى أم القرى و تسمى الكعبة لعلوها من اسم الكعب‪ .‬و يقال لا أيضا‪ i‬بكة قال الصمعي‪ ،‬لن الناس يب ك‬ ‫بعضهم بعضا‪ i‬إليها أي يدفع و قال ماهد باء بكة أبدلوها ميما‪ i‬كما قالوا لزب و لزم لقرب الخرجي‪ .‬و قال النخعي بالباء و باليم البلد‬ ‫و قال الزهري بالباء للمسجد كله و باليم للحرم و قد كانت المم منذ عهد الاهلية تعظمه و اللوك تبعث إليه بالموال و الذخائر مث ل‬ ‫كسرى و غيه و قصة السياف و غزال الذهب اللذين وجدها عبد الطلب حي احتفر زمزم معروفة و قد وجد رسول ال صلى ال عليه‬ ‫و سلم حي افتتح مكة ف الب الذي كان فيها سبعي ألف أوقية من الذهب ما كان اللوك يهدون للبيت فيها ألف ألف دين ار مك ررة‬ ‫مرتي بائت قنطار‪ ،‬وزنا‪ i‬و قال له علي بن أب طالب رضي ال عنه‪:‬‬ ‫يا رسول ال لو استعنت بذا الال على حربك‪ .‬فلم يفعل ث ذكر لب بكر فلم يركه‪ .‬هكذا قال الزرقي‪ .‬و ف البخاري يس نده إل أب‬ ‫وائل قال‪:‬‬ ‫جلست إل شيبة بن عثمان و قال جلس إل عمر بن الطاب فقال‪ :‬همت أن ل أدع فيها صفراء و ل بيضاء إل قس متها بي الس لمي‪،‬‬ ‫قلت‪ :‬ما أنت بفاعل‪ ،‬قال‪ :‬و ل ؟ قلت‪ :‬فلم يفعله صاحباك فقال ها اللذان يقتدى بما‪ .‬و خرجه أبو داود و ابن ماجة و أقام ذلك ال ال‬ ‫إل أن كانت فتنة الفطس و هو السن بن السي بن علي بن علي زين العابدين سنة تسع و تسعي و مائة حي غلب مكة عمد إل الكعبة‬ ‫فأخذ ماف خزائنها و قال ما تصنع الكعبة بذا الال موضوعا‪ i‬فيها ل ينتفع به نن أحق به نستعي به على حربنا و أخرجه و تصرف في ه و‬ ‫بطلت الذخية من الكعبة من يومئذ‪ .‬و أما بيت القدس و هو السجد القصى فكان أول أمره أيام الصابئة موضع الزهرة و كانوا يقرب ون‬ ‫إليه الزيت فيما يقربونه يصبونه على الصخرة الت هناك ث دثر ذلك اليكل و اتذها بنو إسرائيل حي ملكوها قبلة لص لتم‪ .‬و ذل ك أن‬ ‫موسى صلوات ال عليه لا خرج ببن إسرائيل من مصر لتمليكهم بيت القدس كما وعد ال أباهم إسرائيل و أباه إسحق من قبله و أق اموا‬


‫بأرض التيه أمره ال باتاذ قبة من خشب السنط عي بالوحي و مقدارها و صفتها و هياكلها و تاثيلها و أن يكون فيها التابوت و م ائدة‬ ‫بصحافها و منارة بقناديلها و أن يصنع مذبا‪ i‬للقربان وصف ذلك كأنه ف التوراة أكمل وصف فصنع القبة و وضع فيها تابوت العهد و هو‬ ‫التابوت الذي فيه اللواح الصنوعة عوضا‪ i‬عن اللواح النلة بالكلمات العشر لا تكسرت و وضع الذبح عندها‪ .‬و عهد ال إل موسى بأن‬ ‫يكون هارون صاحب القربان و نصبوا تلك القبة بي خيامهم ف التيه يصلون إليها و يتقربون ف الذبح أمامها و يتعرضون للوحي عندها‪.‬‬ ‫و لا ملكوا أرض الشام أنزلوها بكلكال من بلد الرض القدسة ما بي قسم بن يامي و بن أفراييم‪ .‬و بقيت هنالك أربع عشرة سنة سبعا‪i‬‬ ‫مدة الرب‪ ،‬و سبعا‪ i‬بعد الفتح أيام قسمة البلد‪ .‬و لا توف يوشع عليه السلم نقلوها إل بلد شيلو قريبا‪ i‬م ن كلك ال‪ ،‬و أداروا عليه ا‬ ‫اليطان‪ .‬و أقامت على ذلك ثلثمائة سنة‪ ،‬حت ملكها بنو فلسطي من أيديهم كما مر‪ ،‬و تغلبوا عليهم‪ .‬ث ردوا عليهم القبة و نقلوها بع د‬ ‫وفاة عال الكوهن إل نوف‪ .‬ث نقلت أيام طالوت إل كنعون ف بلد بن يامي‪ .‬و لا ملك داوود عليه السلم نقل القبة و التابوت إل بيت‬ ‫القدس و جعل عليها خباء خاصا‪ i‬و وضعها على الصخرة‪.‬‬ ‫و بقيت تلك القبة قبلتهم و وضعوها على الصخرة ببيت القدس و أراد داود عليه السلم بناء مسجده على الصخرة مكانا فلم يتم له ذلك‬ ‫و عهد به إل ابنه سليمان فبناه لربع سني من ملكه و لمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلم‪.‬‬ ‫و أتذ عمده من الصفر و جعل به صرح الزجاج و غشى أبوابه و حيطانه بالذهب و صاغ هياكله و تاثيله و أوعيته و منارته و مفتاحه من‬ ‫الذهب و جعل ف ظهره قبا‪ i‬ليضع فيه تابوت العهد و هو التابوت الذي فيه اللواح و جاء به من صهيون بلد أبيه داوود نقله إلي ه أي ام‬ ‫عمارة السجد‪ ،‬فجيء به تمله السباط و الكهنوتية حت وضعه ف القب و وضعت القبة و الوعية و الذبح كل واحد حيث أعد له م ن‬ ‫السجد‪ .‬و أقام كذلك ما شاء ال‪ .‬ث خربه بت نصر بعد ثانائة سنة من بنائه و أحرق التوراة و العصا و صاغ الياكل و نثر الحجار‪ .‬ث‬ ‫لا أعادهم ملوك الفرس بناه عزيز بن إسرائيل لعهده بإعانة بمن ملك الفرس الذي كانت الولدة لبن إسرائيل عليه من سب بت نص ر و‬ ‫حد لم ف بنيانه حدودا‪ i‬دون بناء سليمان بن داوود عليهما السلم فلم يتجارزوها‪.‬‬ ‫و أما الواوين الت تت السجد‪ ،‬يركب بعضها بعضا‪ ،i‬عمود العلى منها على قوس السفل ف طبقتي‪ .‬و يتوهم كثي م ن الن اس أن ا‬ ‫إصطبلت سليمان عليه السلم‪ ،‬و ليس كذلك‪ .‬لو إنا بناها تنيها‪ i‬للبيت القدس عما يتوهم من النجاسة‪ ،‬لن النجاسات ف شريعتهم و إن‬ ‫كانت ف باطن الرض و كان ما بينها و بي ظاهر الرض مشوا‪ i‬بالتراب‪ ،‬بيث يصل ما بينها و بي الظاهر خط مستقيم ينج س ذل ك‬ ‫الظاهر بالتوهم‪ .‬و التوهم عندهم كالقق‪.‬‬ ‫فبنوا هذه الواوين على هذه الصورة بعمود الواوين السفلية تنتهي إل أقواسها و ينقطع خطه‪ ،‬فل تتصل النجاسة ب العلى عل ى خ ط‬ ‫مستقيم‪ .‬و تنه البيت عن هذه النجاسة التوهة ليكون ذلك أبلغ ف الطهارة و التقديس‪.‬‬ ‫ث تداونتهم ملوك يونان الفرس و الروم و استفحل اللك لبن اسرائيل ف هذه الدة ث لبن حشمناي من كهنتهم ث لصهرهم هيودس و لبنيه‬ ‫من بعد‪.‬‬ ‫و بن هيودوس بيت القدس على بناء سليمان عليه السلم و تأنق فيه حت أكمله ف ست سني فلما جاء طيطش من ملوك الروم و غلبهم‬ ‫و ملك أمرهم خرب بيت القدس و مسجدها و أمر أن يزرع مكانه ث أخذ الروم بدين السيح عليه السلم و دانوا بتعظيمه ث اختلف حال‬ ‫ملوك الروم ف الخذ بدين النصارى تارة‪ i‬و تركه أخرى إل أن جاء قسطنطي و تنصرت أمه هيلنة و ارتلت إل القدس ف طلب الش بة‬ ‫الت صلب عليها السيح بزعمهم فأخبها القساوسة بأنه رمى بشبته على الرض و ألقى عليها القمامات و القاذورات فاستخرجت الشبة‬ ‫و بنت مكان تلك القمامات كنيسة القمامة كأنا على قبه بزعمهم و هربت ما وجدت من عمارة البيت و أمرت بطرح الزبل و القمامات‬ ‫على الصخرة حت غطاها و خفي مكانا جزاء بزعمها لا فعلوه بقب السيح ث بنوا بإزاء القمامة بيت لم و هو البيت الذي ولد فيه عيسى‬ ‫عليه السلم و بقي المر كذلك إل أن جاء السلم و حضر عمر لفتح بيت القدس و سأل عن الصخرة فأري مكانا و قد علها الزبل و‬ ‫التراب فكشف عنها و بن عليها مسجدا‪ i‬على طريق البداوة و عظم من شأنه ما أذن ال من تعظيمه و ما سبق م ن أم الكت اب ف فضله‬ ‫حسبما ثبت ث احتفل الوليد بن عبد اللك ف تشييد مسجده على سنن مساجد السلم با شاء ال من الحتفال كما فعل ف السجد الرام‬ ‫و ف مسجد النب صلى ال عليه وسلم بالدينة و ف مسجد دمشق و كانت العرب تسميه بلط الوليد و ألزم ملك الروم أن يبعث الفعلة و‬ ‫الال لبناء هذه الساجد و أن ينمقوها بالفسيفساء فأطاع لذلك و ت بناؤها على ما اقترحه‪ .‬ث لا ضعف أمر اللفة أعوام المسمائة م ن‬


‫الجرة ف آخرها وكانت ف ملكة العبيديي خلفاء القاهر من الشيعة و اختل أمرهم زحف الفرنة إل بيت القدس فملكوه و ملكوا مع ه‬ ‫عامة ثغور الشام و بنوا على الصخرة القدسة منه كنيسة كانوا يعظمونا و يفتخرون ببنائها حت إذا استقل صلح الدين بن أيوب الكردي‬ ‫بلك مصر و الشام و ما أثر العبيديي و بدعهم زحف إل الشام و جاهد من كان به من الفرنة حت غلبهم على بيت القدس و على م ا‬ ‫كانوا ملكوه من ثغور الشام و ذلك لنحو ثاني و خسمائة من الجرة و هدم تلك الكنيسة و أظهر الصخرة و بن السجد على النحو الذي‬ ‫هو عليه اليوم لذا العهد‪.‬‬ ‫و ل يعرض لك الشكال العروف ف الديث الصحيح أن النب صلى ال عليه و سلم سئل عن أول بيت وضع فقال‪ :‬بي مكة و بي بن اء‬ ‫بيت القدس قيل فكم بينهما ؟ قال أربعون سنة فإن الدة بي بناء مكة و بي بناء بيت القدس بقدار ما بي إبراهيم و سليمان لن سليمان‬ ‫بانيه و هو ينيف على اللف بكثي‪ .‬و أعلم أن الراد بالوضع ف الديث ليس البناء و إنا الراد أول بيت عي للعبادة و ل يبعد أن يك ون‬ ‫بيت القدس عي للعبادة قبل بناء سليمان بثل هذه الدة و قد نقل أن الصابئه بنوا على الصخرة هيكل الزهرة فلعل ذلك أنا كانت مكان ا‪i‬‬ ‫للعبادة كما كانت الاهلية تضع الصنام و التماثيل حوال الكعبة و ف جوفها و الصابئة الذين بنوا هيكل الزهرة كانوا على عهد إبراهي م‬ ‫عليه السلم فل تبعد مدة الربعي سنة بي وضع مكة للعبادة و وضع بيت القدس و إن ل يكن هناك بناء كما هو العروف و أن أول م ن‬ ‫بن بيت القدس سليمان عليه السلم فتفهمه ففيه حل هذا الشكال‪ .‬و أما الدينة و هي السماة بيثرب فهي من بناء يثرب بن مهلئيل م ن‬ ‫العمالقة و ملكها بنو إسرائيل من أيديهم فيما ملكوه من أرض الجاز ث جاورهم بنو قيلة من غسان و غلبوهم عليها و على حص ونا‪ .‬ث‬ ‫أمر النب صلى ال عليه و سلم بالجرة إليها لا سبق من عناية ال با فهاجر إليها و معه أبو بكر و تبعه أصحابه و نزل با و بن مس جده و‬ ‫بيوته ف الوضع الذي كان ال قد أعده لذلك و شرفه ف سابق أزله و أواه أبناء قيلة و نصروه فلذلك سوا النصار و تت كلمة السلم من‬ ‫الدينة حت علت على الكلمات و غلب على قومه و فتح مكة و ملكها و ظن النصار أنه يتحول عنهم إل بلده فأههم ذل ك فخ اطبهم‬ ‫رسول ال صلى ال عليه و سلم و أخبهم انه غي متحول حت إذا قبض صلى ال عليه و سلم كان ملحده الشريف با و جاء ف فضلها من‬ ‫الحاديث الصحيحة مال خفاء به و وقع اللف بي العلماء ف تفضيلها على مكة و به قال مالك رحه ال لا ثبت عنده ف ذلك من النص‬ ‫الصريح عن رفيع بن مدج أن النب صلى ال عليه و سلم قال الدينة خي من مكة نقل ذلك أبو الوهاب ف العونة إل أحاديث أخرى تدل‬ ‫بظاهرها على ذلك و خالف أبو حنيفة و الشافعي‪ .‬و أصبحت على كل حال ثانية السجد الرام و جنح إليها المم بأفئدتم من كل أوب‬ ‫فانظر كيف تدرجت الفضيلة ف هذه الساجد العظمة لا سبق من عناية ال لا و تفهم سر ال ف الكون و تدريه على ترتي ب مك م ف‬ ‫أمور الدين و الدنيا‪ .‬و أما غي هذه الساجد الثلثة فل نعلمه ف الرض إل ما يقال من شأن مسجد آدم عليه السلم بسرنديب من ج زائر‬ ‫الند لكنه ل يثبت فيه شيء يعول عليه و قد كانت للمم ف القدي مساجد يعظمونا على جهة الديانة بزعمهم منها بيوت النار للف رس و‬ ‫هياكل يونان و بيوت العرب بالجاز الت أمر النب صلى ال عليه و سلم بدمها ف غزواته و قد ذكر السعودي منها بيوتا‪ i‬لسنا من ذكرها‬ ‫ف شيء إذ هي غي مشروعة و ل هي على طريق دين و ل يلتفت إليها و ل إل الب عنها و يكفي ف ذلك ما وقع ف التواريخ فم ن أراد‬ ‫معرفة الخبار فعليه با و ال يهدي من يشاء سبحانه‪.‬‬

‫الفصل السابع ف أن الدن و المصار بإفريقية و الغرب قليلة‬ ‫و السبب ف ذلك أن هذه القطار كانت للببر منذ آلف من السني قبل السلم و كان عمرانا كله بدويا‪ i‬و ل تستمر فيهم الضارة حت‬ ‫تستكمل أحوالا و الدول الت ملكتهم من الفرنة و العرب ل يطل أمد ملكهم فيهم حت ترسخ الضارة منها فلم تزل ع وائد الب داوة و‬ ‫شؤونا فكانوا إليها أقرب فلم تكثر مبانيهم و أيضا‪ i‬فالصنائع بعيدة عن الببر لنم أعرق ف البدو و الصنائع من توابع الضارة و إنا تت م‬ ‫البان با فل بد من الذق ف تعلمها فلما ل يكن للببر انتحال لا ل يكن لم تشوق إل البان فضل‪ i‬عن الدن‪ .‬و أيضا‪ i‬فهم أهل عصبيات‬ ‫و أنساب ل يلو عن ذلك جع منهم و النساب و العصبية أجنح إل البدو و إنا يدعو إل الدن الدعة و السكون و يصي ساكنها عي ال‪i‬‬ ‫على حاميتها فتجد أهل البدو لذلك يستنكفون عن سكن الدينة أو القامة با فل يدعو إل ذلك إل الترف و الغن و قليل ما هو ف الناس‬ ‫فلذلك كان عمران أفريقية و الغرب كله أو أكثره بدويا‪ i‬أهل خيام و ظواعن و قياطن و كنن ف البال و كان عمران بلد العجم كل ه أو‬


‫أكثره قرى و أمصارا‪ i‬و رساتيق من بلد الندلس و الشام و مصر و عراق العجم و أمثالا لن العجم ليسوا بأهل أنساب يافظون عليها و‬ ‫يتباهون ف صراحتها و التحامها إل ف القل و أكثر ما يكون سكن البدو لهل النساب لن لمة النسب أقرب و أشد فتكون عص بيته‬ ‫كذلك و تنع بصاحبها إل سكن البدو و التجاف عن الصر الذي يذهب بالبسالة و يصيه عيال‪ i‬على غيه فأفهمه و قس ى علي ه و ال‬ ‫سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف أن البان و الصانع ف اللة السلمية قليل ة بالنس بة إل‬ ‫قدرتا و إل من كان قبلها من الدول‬ ‫و السبب ف ذلك ما ذكرنا مثله ف الببر بعينه إذ العرب أيضا‪ i‬أعرق ف البدو و أبعد عن الصنائع و أيضا‪ i‬فكانوا أجانب من المال ك ال ت‬ ‫استولوا عليها قبل السلم و لا تلكوها ل ينفسح المد حت تستوف رسوم الضارة مع أنم استغنوا با وجدوا من مبان غيه م و أيض ا‪i‬‬ ‫فكان الدين أول المر مانعا‪ i‬من الغالة أو البنيان و السراف فيه ف غي القصد كما عهد لم عمر حي استأذنوه ف بناء الكوفة بالجارة و‬ ‫قد وقع الريق ف القصب الذي كانوا بنوا به من قبل فقال افعلوا و ل يزيدن أحد على ثلثة أبيات و ل تطاولوا ف البنيان و ألزموا الس نة‬ ‫تلزمكم الدولة و عهد إل الوفد و تقدم إل الناس أن ل يرفعوا بنيانا‪ i‬فوق القدر قالوا‪ :‬و ما القدر ؟ قال‪ :‬ل يقربك م م ن الس رف و ل‬ ‫يرجكم عن القصد فلما بعد العهد بالدين و التخرج ف أمثال هذه القاصد و غلبت طبيعة اللك و الترف و استقدم العرب أمة الف رس و‬ ‫أخذوا عنهم الصنائع و البان و دعتهم إليها أحوال الدعة و الترف فحينئذ شيدوا البان و الصانع و كان عهد ذلك قريبا‪ i‬بانقراض الدولة و‬ ‫ل ينفسح المد لكثرة البناء و اختطاط الدن و المصار إل قليل‪ i‬و ليس كذلك غيهم من المم فالفرس طالت مدتم آلفا‪ i‬من الس ني و‬ ‫كذلك القبط و النبط و الروم و كذلك العرب الول من عاد و ثود و العمالقة و التبابعة طالت أمادهم و رسخت الصنائع فيهم فك انت‬ ‫مبانيهم و هياكلهم أكثر عددا‪ i‬و أبقى على اليام أثرا‪ i‬و استبصر ف هذا تده كما قلت و ال وارث الرض و من عليها‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أن البان الت كانت تتطها العرب يسرع إليها الراب إل‬ ‫ف القل‬ ‫و السبب ف ذلك شأن البداوة و البعد عن الصنائع كما قدمناه فل تكون البان وثيقة ف تشييدها و له و ال أعلم وجه آخر و هو أمس به‬ ‫و ذلك قلة مراعاتم لسن الختيار ف اختطاط الدن كما قلناه ف الكان و طيب الواء‪ .‬و الياه و الزارع و الراعي فإنه بالتفاوت ف ه ذا‬ ‫تتفاوت جودة الصر و رداءته من حيث العمران الطبيعي و العرب بعزل عن هذا و إنا يراعون مراعي إبلهم خاصة ل يبالون بالاء طاب أو‬ ‫خبث و ل قل أو كثر و ل يسألون عن زكاء الزارع و النابت و الهوية لنتقالم ف الرض و نقلهم البوب من البلد البعيد و أما الرياح‬ ‫فالقفر متلف للمهاب كلها و الظعن كفيل لم بطيبها لن الرياح إنا تبث مع القرار و السكن و كثرة الفضلت و انظر لا اختطوا الكوفة‬ ‫و البصرة و القيوان كيف ل يراعوا ف اختطاها إل مراعي إبلهم و ما يقرب من القفر و مسالك الظعن فكانت بعيدة عن الوضع الطبيعي‪،‬‬ ‫للمدن و ل تكن لا مادة تد عمرانا من بعدهم كما قدمنا أنه يتاج إليه ف العمران فقد كانت مواطنها غي طبيعية للق رار و ل تك ن ف‬ ‫وسط المم فيعمرها الناس فلول وهلة من انلل أمرهم و ذهاب عصبيتهم الت كانت سياجا‪ i‬لا أتى عليها ال راب و النلل ك أن ل‬ ‫تكن‪ .‬و ال يكم ل معقب لكمه‪.‬‬

‫الفصل العاشر ف مبادي الراب ف المصار‬


‫إعلم أن المصار إذا اختطت أول‪ i‬تكون قليلة الساكن و قليلة آلت البناء من الجر و الي و غيها ما يعال على اليطان عن د الت أنق‬ ‫كالزل و الرخام و الربج و الزجاج و الفسيفساء و الصدف فيكون بناؤها يؤمئذ بدوي‪i‬ا و آلتا فاسدة فإذا عظم عم ران الدين ة و ك ثر‬ ‫ساكنها كثرت اللت بكثرة العمال حينئذ و كثرت الصناع إل أن تبلغ غايتها من ذلك كما سبق بشأنا فإذا تراجع عمران ا و خ ف‬ ‫ساكنها قلت الصنائع لجل ذلك و فقدت الجادة ف البناء و الحكام و العالة عليه بالتنميق ث تقل العمال لعدم الساكن فيق ل جل ب‬ ‫اللت من الجر و الرخام و غيها فتفقد و يصي بناؤهم و تشيدهم من اللت الت ف مبانيهم فينقلونا من مصنع إل مصنع لجل خلء‬ ‫أكثر الصانع و القصور و النازل بقلة العمران و قصوره عما كان أول‪ i‬ث ل تزال تنقل من قصر إل قصر و م ن دار إل دار إل أن يفق د‬ ‫الكثي منها جلة فيعودون إل البداوة ف البناء و أتاذ الطوب عوضا‪ i‬عن الجارة و القصور عن التنميق بالكلية فيعود بناء الدينة مثل بن اء‬ ‫القرى و الدر و تظهر عليها سيماء البداوة ث تر ف التناقص إل غايتها من الراب إن قدر لا به سنة ال ف خلقه‪.‬‬

‫الفصل الادي عشر ف أن تفاضل المصار و الدن ف كثرة الرزق لهلها و‬ ‫نفاق السواق إنا هو ف تفاضل عمرانا ف الكثرة و القلة‬ ‫و السبب ف ذلك أنه قد عرف و ثبت أن الواحد من البشر غي مستقل بتحصيل حاجاته ف معاشه و إنم متعاونون جيعا‪ i‬ف عمرانم على‬ ‫ذلك و الاجة الت تصل بتعاون طائفة منهم تشتد ضرورة الكثر من عددهم أضعافا‪ .i‬فالقوت من النطة مثل‪ i‬ل يستقل الواحد بتحص يل‬ ‫حصته منه‪ .‬و إذا انتدب لتحصيله الستة أو العشرة من حداد و نار لللت و قائم على البقر و إثارة الرض و حصاد السنبل و سائر مؤن‬ ‫الفلح و توزعوا على تلك العمال أو اجتمعوا و حصل بعملهم ذلك مقدار من القوت فإنه حينئذ قوت لضعافهم مرات‪ .‬فالعمال بع د‬ ‫الجتماع زائدة على حاجات العاملي و ضروراتم‪ .‬فأهل مدين أو مصر إذا وزعت أعمالم كلها على مقدار ضروراتم و حاجاتم اكتفي‬ ‫فيها بالقل من تلك العمال و بقيت العمال كلها زائدة على الضرورات فتصرف ف حالت الترف و عوائده و ما يتاج إليه غيهم من‬ ‫أهل المصار و يستجلبونه منهم بأعواضه و قيمه فيكون لم بذلك حظا‪ i‬من الغن و قد تبي لك ف الفصل الامس ف ب اب الكس ب و‬ ‫الرزق أن الكاسب إنا هي قيم العمال فإذا كثرت العمال كثرت قيمها بينهم فكثرت مكاسبهم ضرورة و دعتهم أحوال الرفه و الغن إل‬ ‫الترف و حاجاته من التأنق ف الساكن و اللبس و استجادة النية و الاعون و اتاذ الدم و الراكب و هذه كلها أعمال تستدعى بقيمها‬ ‫و يتار الهرة ف صناعتها و القيام عليها فتنفق أسواق العمال و الصنائع و يكثر دخل الصر و خرجه و يصل اليسار لنتحلي ذلك من قبل‬ ‫أعمالم‪ .‬و مت زاد العمران زادت العمال ثانية ث زاد الترف تابعا‪ i‬للكسب و زادت عوائده و حاجاته‪ .‬و استنبطت الص نائع لتحص يلها‬ ‫فزادت قيمها و تضاعف الكسب ف الدينة لذلك ثانية و نفقت سوق العمال با أكثر من الول‪ .‬و كذا ف الزيادة الثاني ة و الثالث ة لن‬ ‫العمال الزائدة كلها تتص بالترف و الغن بلف العمال الصلية الت تتص بالعاش‪ .‬فالصر إذا فضل بعمران واحد ففضله بزيادة كسب‬ ‫و رفه بعوائد من الترف ل توجد ف الخر فما كان عمرانه من المصار أكثر و أوفر كان حال أهله ف الترف أبلغ من حال الصر ال ذي‬ ‫دونه على وتية واحدة ف الصناف‪ .‬القاضي مع القاضي و التاجر مع التاجر و الصانع مع الصانع و السوقي مع السوقي و المي مع المي‬ ‫و الشرطي مع الشرطي‪ .‬و اعتب ذلك ف الغرب مثل‪ i‬بال فاس مع غيها من أمصاره مثل باية و تلمسان و سبتة تد بينهما بونا‪ i‬كثيا‪ i‬على‬ ‫الملة‪ ،‬ث على الصوصيات فحال القاضي بفاس أوسع من حال القاضي بتلمسان و هكذا كل صنف مع صنف أهله‪ .‬و كذا أيضا‪ i‬ح ال‬ ‫تلمسان مع وهران أو الزائر و حال وهران و الزائر مع ما دونما إل أن تنتهي إل الدر الذين اعتمالم ف ضروريات معاش هم فق ط و‬ ‫يقصرون عنها‪ .‬و ما ذلك إل لتفاوت العمال فيها فكأنا كلها أسواق للعمال‪ .‬و الرج ف كل سوق على نسبته فالقاضي بفاس دخل ه‬ ‫كفاء خرجه و كذا القاضي بتلمسان و حيث الدخل و الرج أكثر تكون الحوال أعظم و ها بفاس أكثر لنفاق سوق العمال با ي دعو‬ ‫إليه الترف فالحوال أضخم‪ .‬ث هكذا حال وهران و قسطنطينية و الزائر و بسكرة حت تنتهي كما قلناه إل المصار الت ل توف أعمال ا‬ ‫بضروراتا و ل تعد ف المصار إذ هي من قبيل القرى و الدر‪ .‬فلذلك تد أهل هذه المصار الصغية ضعفاء الحوال متقاربي ف الفق ر و‬ ‫الصاصة لا أن أعمالم ل تفي بضروراتم و ل يفضل ما يتأثلونه كسبا‪ i‬فل تنمو مكاسبهم‪ .‬و هم لذلك مساكي ماوي ج إل ف الق ل‬


‫النادر‪ .‬و اعتب ذلك حت ف أحوال الفقراء و السؤال فإن السائل بفاس أحسن حال‪ i‬من السائل بتلمسان أو وهران‪ .‬و لقد شاهدت بف اس‬ ‫السؤال يسألون أيام الضاحي أثان ضحاياهم و رأيتهم يسألون كثيا‪ i‬من أحوال الترف و اقتراح الآكل مثل سؤال اللحم و السمن و علج‬ ‫الطبخ و اللبس و الاعون كالغربال و النية‪ .‬و لو سأل سائل مثل هذا بتلمسان أو وهران لستنكر و عنف و زجر‪ .‬و يبلغنا لذا العهد عن‬ ‫أحوال القاهرة و مصر من الترف و الغن ف عوائدهم ما يقضى منه العجب حت أن كثيا‪ i‬من الفقراء بالغرب ينعون من الثقلة إل مص ر‬ ‫لذلك و لا يبلغهم من شأن الرفه بصر أعظم من غيها‪ .‬و بعتقد العامة من الناس أن ذلك لزيادة إيثار ف أهل تلك الفاق على غيه م أو‬ ‫أموال متزنة لديهم‪ .‬و أنم أكثر صدقة و إيثارا‪ i‬من جيع أهل المصار و ليس كذلك و إنا هو لا تعرفه من أن عمران مصر و القاهرة أكثر‬ ‫من عمران هذه المصار الت لديك فعظمت لذلك أحوالم‪ .‬و أما حال الدخل و الرج فمتكافئ ف جيع المصار أحوال الساكن و وسع‬ ‫الصر‪ .‬كل شيء يبلغك من مثل هذا فل تنكره و اعتبه بكثرة العمران و ما يكون عنه من كثرة الكاسبة الت يسهل بسببها البذل و اليثار‬ ‫على مبتغيه و مثله بشأن اليوانات العجم مع بيوت الدينة الواحدة و كيف تتلف أحوالا ف هجرانا أو غشيانا فإن بيوت أهل النع م و‬ ‫الثروة و الوائد الصبة منها تكثر بساحتها و أقنيتها بنثر البوب و سواقط الفتات فيزدحم عليها غواشي النمل و الشاش و يلحق فوقه ا‬ ‫عصائب الطيور حت تروح بطانا‪ i‬و تتلئ شبعا‪ i‬و ريا‪ i‬و بيوت أهل الصاصة و الفقراء الكاسدة أرزاقهم ل يسري بساحتها دبيب و ل يلق‬ ‫بوها طائر و ل تأوي إل زوايا بيوتم فأرة و ل هرة كما قال الشاعر‪:‬‬ ‫و تغشى منازل الكرماء‬ ‫تسقط الطي حيث تلتقط الب‬ ‫فتأمل سر ال تعال ف ذلك و اعتب غاشية الناسي بغاشية العجم من اليوانات و فتات الوائد بفضلت الرزق و الترف و سهولتها على من‬ ‫يبذلا لستغنائهم عنها ف الكثر لوجود أمثالا لديهم و اعلم أن اتساع الحوال و كثرة النعم ف العمران تابع لكثرته و ال سبحانه و تعال‬ ‫أعلم و هو غن عن العالي‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف أسعار الدن‬ ‫إعلم أن السواق كلها تشتمل على حاجات الناس فمنها الضروري و هي القوات من النطة و ما معناها كالباقلء و البص ل و الث وم و‬ ‫أشباهه و منها الاجي والكمال مثل الدم و الفواكه و اللبس و الاعون و الراكب و سائر الصانع والبان فإذا استبحر الص ر و ك ثر‬ ‫ساكنة رخصت أسعار الضروري من القوت و ما ف معناه و غلت أ سعار الكمال من الدي و الفواكه و ما يتبعها و إذا قل ساكن الصر و‬ ‫ضعف عمرانه كان المر بالعكس من ذلك‪ .‬و السبب ف ذلك أن البوب من ضرورات القوت فتتوفر الدواعي على اتاذها إذ كل أحد ل‬ ‫يهمل قوت نفسه و ل قوت منله لشهر أو سنته فيعم اتاذها أهل الصر أجع أو الكثر منهم ف ذلك الصر أو فيما قرب منه ل ب د م ن‬ ‫ذلك‪ .‬و كل متخذ لقوته فتفضل عنه و عن أهل بيته فضلة كبية تسد خلة كثيين من أهل ذلك الصر فتفضل القتوات عن أهل الصر م ن‬ ‫غي شك فترخص أسعارها ف الغالب إل ما يصيبها ف بعض السني من الفات السماوية و لول احتكار الناس لا لا يتوقع من تلك الفات‬ ‫لبذلت دون ثن و ل عوض لكثرتا بكثرة العمران‪ .‬و أما سائر الرافق من الدم و الفواكه و ما إليها ل تعم با البلوى و ل يستغرق اتاذها‬ ‫أعمال أهل الصر أجعي و ل الكثي منهم ث أن الصر إذا كان مستبحرا‪ i‬موفور العمران كثي حاجات الترف توفرت حينئذ الدواعي عل ى‬ ‫طلب تلك الرافق و الستكثار منها كل بسب حاله فيقصر الوجود منها على الاجات قصورا‪ i‬بالغا‪ i‬و يكثر الستامون لا و هي قليل ة ف‬ ‫نفسها فتزدحم أهل الغراض و يبذل أهل الرفه و الترف أثانا بإسراف ف الغلء لاجتهم إليها أكثر من غيهم فيقع فيها الغلء كما تراه‪.‬‬ ‫و أما الصنائع و العمال أيضا‪ i‬ف المصار الوفورة العمران فسبب الغلء فيها أمور ثلثة‪ :‬الول كثرة الاجة لكان الترف ف الصر بك ثرة‬ ‫عمرانه‪ ،‬و الثان اعتزاز أهل العمال لدمتهم وامتهان أنفسهم لسهولة العاش ف الدينة بكثرة أقواتا‪ ،‬و الثالث ك ثرة ال ترفي و ك ثرة‬ ‫حاجاتم إل امتهان غيهم و إل استعمال الصناع ف مهنهم فيبذلون ف ذلك لهل العمال أكثر من قيمة أعمالم مزاح ة و منافس ة ف‬ ‫الستئثار با فيغتر العمال و الصناع و أهل الرف و تغلو أعمالم و تكثر نفقات أهل الصر ف ذلك‪ .‬و أما المصار الص غية و القليل ة‬ ‫الساكن فأقواتم قليلة لقلة العمل فيها و ما يتوقعونه لصغر مصرهم من عدم القوت فيتمسكون با يصل منه ف أيديهم ويتكرونه ف فيع ز‬ ‫وجوده لديهم و يغلو ثنه على مستامه‪ .‬و أما مرافقهم فل تدعو إليها أيضا‪ i‬حاجة بقلة الساكن و ضعف الحوال فل تنفق ل ديهم س وقه‬


‫فيختص بالرخص ف سعره‪ .‬و قد يدخل أيضا‪ i‬ف قيمة القوات قيمة ما يعرض عليها من الكوس و الغارم للسلطان ف السواق و باب الفر‬ ‫و الياة ف منافع وصولا عن البيوعات لا يسهم‪ .‬و بذلك كانت السعار ف المصار أغلى من السعار ف البادية إذ الكوس و الغ ارم و‬ ‫الفرائض قليلة لديهم أو معدومة‪ .‬و كثرتا قي المصار ل سيما ف آخر الدولة و قد تدخل أيضا‪ i‬ف قيمة القوات قيمة علجها ف الفل ح و‬ ‫يافظ على ذلك ف أسعارها كما و قع بالندلس لذا العهد‪ .‬و ذلك أنم لا ألأهم النصارى إل سيف البحر و بلده التوعرة البيثة الزارعة‬ ‫النكدة النبات وملكوا عليهم الرض الزاكية و البلد الطيب فاحتاجوا إل علج الزارع و الفدن لصلح نباتا و فلحها و كان ذلك العلج‬ ‫بأعمال ذات قيم و مواد من الزبل و غيه لا مؤنة و صارت ف فلحهم نفقات لا خطر فاعتبوها ف سعرهم‪ .‬و اختص قط ر الن دلس‬ ‫بالغلء منذ اضطرهم النصارى إل هذا العمور بالسلم مع سواحلها لجل ذلك‪ .‬و يسب الناس إذا سعوا بغلء السعار ف قطرهم أن ا‬ ‫لقلة القوات و البوب ف أرضهم و ليس كذلك فهم أكثر أهل العمور فلحا‪ i‬فيما علمناه و أقومهم عليه و قل أن يلو منه م س لطان أو‬ ‫سوقة عن فدان أو مزرعة أو فلح إل قليل‪ i‬من أهل الصناعات و الهن أو الطراء على الوطن من الغزاة الاهدين‪ .‬و لذا يتصهم السلطان ف‬ ‫عطائهم بالعولة و أقواتم و علوفاتم من الزرع‪ .‬و إنا السبب ف غلء سعر البوب عندهم ما ذكرناه‪ .‬و لا كانت بلد الببر بالعكس من‬ ‫ذلك ف زكاء منابتهم و طيب أرضهم ارتفعت عنهم الون جلة ف الفلح مع كثرته و عمومته فصار ذلك سببا‪ i‬لرخص القوات ببل دهم و‬ ‫ال مقدر الليل والنهار و هو الواحد القهار ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر ف قصور أهل البادية عن سكن الصر الكثي العمران‬ ‫والسبب ف ذلك أن الصر الكثي العمران يكثر ترفه كما قدمناه و تكثر حاجات ساكنه من أجل الترف‪ .‬و تعتاد تلك الاجات لا ي دعو‬ ‫إليها فتنقلب ضرورات و تصي فيه العمال كلها مع ذلك عزيزة و الرافق غالية بازدحام العراض عليها من أجل الترف و بالغارم السلطانية‬ ‫الت توضع على السواق والبياعات و تعتب ف قيم البيعات و يعظهم فيها الغلء ف الرافق و أن أوقات والعمال فتكثر لذلك نفقات ساكنه‬ ‫كثرة بالغة على نسبة عمرانه‪ .‬و يعظم خرجه فيحتاج حينئذ إل الال الكثي للنفقة على نفسه و عياله ف ضرورات عيشهم و سائر مؤونتهم‪.‬‬ ‫والبدوي ل يكن دخله كثيا‪ i‬ساكنا‪ i‬بكان كاسد السواق ف العمال الت هي سبب الكسب فلم يتأهل كسبا‪ i‬و ل مال‪ i‬فيتعذر عليه م ن‬ ‫أجل ذلك سكن الصر الكبي لغلء مرافقه و عزة حاجاته‪ .‬و هو ف بدوه يسد حاجته بأقل العمال لنه قليل عوائد ال ترف ف معاش ه و‬ ‫سائر مؤونته فل يضطر إل الال و كل من يتشوف إل الصر و سكناه من البادية فسريعا‪ i‬ما يظهر عجزه و يفتضح ف استيطانه إل من يقدم‬ ‫منهم تأثل الال و يصل له منه فوق الاجة و يري إل الغاية الطبيعية لهل العمران من الدعة و الترف فحينئذ ينتقل إل الص ر و ينتظ م‬ ‫حالة مع أحوال أهله ف عوائدهم و ترفهم‪ .‬و هكذا شأن بداءة عمران المصار‪ .‬و ال بكل شيء ميط‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ف أن القطار ف اختلف أحوالا بالرفه و الفق ر مث ل‬ ‫المصار‬ ‫إعلم أن ما توفر عمرانه من القطار و تعددت المم ف جهاته و كثر ساكنه اتسعت أحوال أهله و كثرت أموالم و أمصارهم و عظم ت‬ ‫دولم و مالكهم‪ .‬و السبب ف ذلك كله ما ذكرناه من كثرة العمال و ما سيأت ذكره من أنا سبب للثروة با يفصل عنها بع د الوف اء‬ ‫بالضروريات ف حاجات الساكن من الفضلة البالغة على مقدار العمران و كثرته فيعود على الناس كسبا‪ i‬يتأثلونة حسبما نذكر ذلك ف فصل‬ ‫العا ش و بيان الرزق و الكسب فيتزيد الرفه لذلك و تتسع الحوال و ييء الترف والغن و تكثر الباية للدولة بنفاق السواق فيكثر مالا‬ ‫و يشمخ سلطانا و تتفنن ف اتاذ العاقل و الصون و اختطاط الدن و تشييد المصار‪ .‬و اعتب ذلك بأقطار الشرق مثل مصر و الش ام و‬ ‫عراق العجم و الند و الصي و ناحية الشمال كلها وأقطارها وراء البحر الرومي وعظمت لا كثر عمرانا كيف كثر الال فيهم و عظم ت‬ ‫دولتهم و تعددت مدنم و حواضرهم و عظمت متاجرهم و أحوالم‪ .‬فالذي نشاهده لذا العهد من أحوال تار المم النصرانية ال واردين‬ ‫على السلمي بالغرب ف رفههم و اتساع أحوالم أكثر من أن ييط به الوصف‪ .‬و كذا تار أهل الشرق و ما يبلغنا عن أحوالم و أبل غ‬


‫منها أهل الشرق القصى من عراق العجم و الند و الصي فإنه يبلغنا عنهم ف باب الغن و الرفه غرائب تسي الركبان بديثها و ربا تتلقى‬ ‫بالنكار ف غالب المر‪ .‬و يسب من يسمعها من العامة أن ذلك لزيادة ف أموالم أو لن العادن الذهبية و الفضية أكثر بأرض هم أو لن‬ ‫ذهب القدمي من المم استأثروا به دون غيهم و ليس كذلك فمعدن الذهب الذي نعرفه ف هذه القطار إنا هو من بلد السودان و هي‬ ‫إل الغرب أقرب‪ .‬وجيع ما ف أرضهم من البضاعة فإنا يلبونه إل غي بلدهم للتجارة‪ .‬فلو كان الال عتيدا‪ i‬موفورا‪ i‬ل ديهم ل ا جلب وا‬ ‫بضائعهم إل سواهم يبتغون با الموال و ل استغنوا عن أموال الناس بالملة‪ .‬و لقد ذهب النجمون لما رأوا مثل ذلك واستغربوا م ا ف‬ ‫الشرق من كثرة الحوال و اتساعها و وفور أموالا فقالوا بأن عطايا الكواكب و السهام ف مواليد الشرق أكثر منها حصصا‪ i‬ف مواليد أهل‬ ‫الغرب و ذلك صحيح من جهة الطابقة بي الحكام النجومية و الحوال الرضية كما قلناه و هم إنا أعطوا ف ذلك السبب النج ومي و‬ ‫بقي عليهم أن يعطوا السبب الرضي و هو ما ذكرناه من كثرة العمران و اختصاصه بأرض الشرق وأقطاره و كثرة العمران تفي د ك ثرة‬ ‫الكسب بكثرة قي العمال الت هي سببه فلذلك اختص الشرق بالرفه من بي الفاق ل إن ذلك لرد الثر النجومي‪ .‬فقد فهمت ما أشرنا‬ ‫لك أول‪ i‬أنه ل يستقل بذلك و أن الطابقة بي حكمه و عمران الرض و طبيعتها أمر ل بد منه‪ .‬و اعتب حال هذا الرفه من العمران ف قطر‬ ‫أفريقية و برقة لا خف سكنها وتناقص عمرانا كيف تلشت أحوال أهلها وانتهوا إل الفقر والصاصه‪ .‬و ضعفت جباياتا فقل ت أم وال‬ ‫دولا بعد أن كانت دول الشيعة و صنهاجة با على ما بلغك من الرفه و كثرة البايات و اتساع الحوال ف نفقاتم و أعطياتم‪ .‬حت لقد‬ ‫كانت الموال ترفع من القيوان إل صاحب مصر لاجاته و مهماته و كانت أموال الدولة بيث حل جوهر الكاتب ف سفر إل فتح مصر‬ ‫ألف حل من الال يستعد با لرزاق النود و أعطياتم ونفقات الغزاة‪ .‬و قطر الغرب و أن كان ف القدي دون أفريقية فلم يكن بالقليل ف‬ ‫ذلك و كانت أحواله ف دول الوحدين متسعة و جباياته موفورة و هو لذا العهد قد أقصر عن ذلك لقصور العمران فيه و تناقصه فقد ذهب‬ ‫من عمران الببر فيه أكثره و نقص عن معهوده نقصا‪ i‬ظاهرا‪ i‬مسوسا‪ ،‬و كاد أن يلحق ف أحواله بثل أحوال أفريقية بعد أن كان عمران ه‬ ‫متصل‪ i‬من البحر الرومي إل بلد السودان ف طول ما بي السوس القصى و برقة‪ .‬و هي اليوم كلها أو أكثرها قفار و خلء و صحارى إل‬ ‫ما هو منها بسيف البحر أو ما يقاربه من التلول و ال وارث الرض ومن عليها و هو خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف تأثل ا لعقار و الضياع ف المصار و حال فوائدها و‬ ‫مستغلتا‬ ‫اعلم أن تأثل العقار و الضياع الكثية لهل المصار و الدن ل يكون دفعة واحدة و ل ف عصر واحد إذ ليس يكون لحد منهم من الثروة‬ ‫ما يلك به الملك الت ترج قيمتها عن الد و لو بلغت أحوالم ف الرفه ما عسى أن تبلغ‪ .‬وإنا يكون ملكهم و تأثلهم لا ت دريا‪ i‬أم ا‬ ‫بالوراثة من آبائه و ذوي رحه حت تتأدى أملك الكثيين منهم إل الواحد و أكثر لذلك أو أن يكون بوالة السواق فإن العقار ف آخ ر‬ ‫الدولة و أول الخرى عند فناء الامية و خرق السياج وتداعى الصر إل الراب تقل الغبطة به لقلة النفعة فيها بتلشي الحوال ف ترخص‬ ‫قيمتها و تتملك بالثان اليسية و تتخلى بالياث إل ملك آخر و قد استجد الصر شبابه باستفحال الدولة الثانية و انتظمت له أحوال رائقة‬ ‫حسنة تصل معها الغبطة ف العقار والضياع لكثرة منافعها حينئذ فتعظم قيمها و يكون لا خطر ل يكن ف الول‪ .‬و هذا معن الوالة فيها‬ ‫و يصبح مالكها من أغن أهل الصر و ليس ذلك بسعيه و اكتسابه إذ قدرته تعجز عن مثل ذلك‪ .‬و أما فوائد العقار و الض ياع فه ي غي‬ ‫كافية لالكها ف حاجات معاشه إذ هي ل تفي بوائد الترف و أسبابه و إنا هي ف الغالب لسد اللة و ضرورة العاش‪ .‬و الذي سعناه م ن‬ ‫مشيخة البلدان أن القصد باقتناء اللك من العقار والضياع إنا هو الشية على من يترك خلفه من الذرية الضعفاء ليكون مرباهم به و رزق ه‬ ‫فيه و نشؤهم بفائدته ما داموا عاجزين عن الكتساب فإذا اقتدروا على تصيل الكاسب سعوا فيها بأنفسهم و ربا يكون من الول د م ن‬ ‫يعجز عن التكسب لضعف ف بدنه أو آفة ف عقله العاشي فيكون ذلك العقار قواما‪ i‬لاله‪ .‬هذا قصد الترفي ف اقتنائه‪ .‬و أما التمول من ه‬ ‫وإجراء أحوال الترفي فل‪ .‬و قد يصل ذلك منه للقليل أو النادر بوالة السواق و حصول الكثرة البالغة منه و العال ف جنسه و قيمت ه ف‬


‫الصر إل أن ذلك إذا حصل ربا امتدت إليه أعي المراء و الولة و اغتصبوه ف الغالب أو أرادوه على بيعه منهم و نالت أصحابه منه مضار‬ ‫و معاطب و ال غالب على أمره و هو رب العرش العظيم‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر ف حاجات التمولي من أهل المص ار إل ال اه و‬ ‫الدافعة‬ ‫وذلك أن الضري إذا عظم توله و كثر للعقار و الضياع تأثله و أصبح أغن أهل الصر و رمقته العيون بذلك و انفسحت أحواله ف الترف‬ ‫و العوائد زاحم عليها المراء و اللوك و غصوا به‪ .‬و لا ف طباع البشر من العدوان تتد أعينهم إل تلك ما بيده و ينافسونه فيه و يتحيلون‬ ‫على ذلك بكل مكن حت يصلوه ف ربقة حكمه سلطان و سبب من الؤاخذة ظاهر ينتزع به ماله و أكثر الحكام السلطانية ج ائزة ف‬ ‫الغالب إذ العدل الض إنا هو ف اللفة الشرعية و هي قليلة اللبث قال صلى ال عليه وسلم اللفة بعدي ثلثون سنة ث‪ .‬تع ود ملك ا‪i‬‬ ‫عضوضا‪ .i‬فل بد حينئذ لصاحب الال و الثروة الشهية ف العمران من حامية تذود عنه و جاه ينسحب عليه من ذي قرابة للملك أو خالصة‬ ‫له أو عصبية يتحاماها السلطان فيستظل هو بظلها و يرتع ف أمنها من طوارق التعدي‪ .‬و أن ل يكن له ذلك أصبح نبا‪ i‬بوجوه التخيلت و‬ ‫أسباب الكام‪ .‬و ال يكم ل معقب لكمه‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر ف أن الضارة ف المصار من قبل ا لدول و أنا ترسخ‬ ‫باتصال الدولة ورسوخها‬ ‫و السبب ف ذلك أن الضارة هي أحوال عادية زائدة على الضروري من أحوال العمران زيادة تتفاوت بتفاوت الرفه و تفاوت الم م ف‬ ‫القلة و الكثرة تفاوتا‪ i‬غي منحصر و تقع فيها عند كثرة التفنن ف أنواعها و أصنافها فتكون بنلة الصنائع و يتاج كل صنف منها إل القومة‬ ‫عليه و الهرة فيه و بقدر ما يتزيد من أصنافها تتزيد أهل‪ .‬صناعتها و يتلون ذلك اليل با و مت اتصلت اليام و تعاقبت تلك الص ناعات‬ ‫حذق أولئك الصناع ف صناعتهم و مهروا ف معرفتها و العصار بطولا و انفساح أمدها و تكرير أمثالا تزيدها استحكاما‪ i‬و رس وخا‪ i‬و‬ ‫أكثر ما يقع ذلك ف المصار لستجار العمران و كثرة الرفه ف أهلها‪ .‬و ذلك كله إنا ييء من قبل الدولة لن الدولة تمع أموال الرعية و‬ ‫تنفقها ف بطانتها و رجالا وتتسع أحوالم بالاه أكثر من أتساعها بالال فيكون دخل تلك الموال من الرعايا و خرجها ف أهل الدول ة ث‬ ‫ف من تعلق بم من أهل الصر و هم الكثر فتعظم لذلك ثروتم ويكثر غناهم و تتزيد عوائد الترف و مذاهبه و تستحكم لديهم الصنائع ف‬ ‫سائر فنونه و هذه هي الضارة‪ .‬و لذا تد المصار الت ف القاصية و لو كانت موفورة العمران تغلب عليها أحوال البداوة و تبع د ع ن‬ ‫الضارة ف جيع مذاهبها بلف الدن التوسطة ف القطار الت هي مركز الدولة و مقرها و ما ذاك إل لاورة السلطان لم و فيض أم واله‬ ‫فيهم كالاء يضر ما قرب منه فما قرب من الرض إل أن ينتهي إل الفوف على البعد و قد قدمنا أن السلطان و الدولة س وق للع ال‪.‬‬ ‫فالبضائع كلها موجودة ف السوق و ما قرب منه و إذا أبعدت عن السوق افتقدت البضائع جلة ث أنه إذا اتصلت تلك الدول ة و تع اقب‬ ‫ملوكها ف ذلك الصر واحدا‪ i‬بعد واحد استحكمت الضارة فيهم و زادت رسوخا‪ i‬و اعتب ذلك ف اليهود لا طال ملكهم بالشام نوا‪ i‬م ن‬ ‫ألف و أربعمائة سني رسخت حضارتم و حذقوا ف أحوال العا ش و عوائده و التفنن ف صناعاته من الطاعم و اللبس و سائر أح وال‬ ‫النل حت أنا لتؤخذ عنهم ف الغالب إل اليوم‪ .‬و رسخت الضارة أيضا‪ i‬و عوائدها ف الشام منهم و من دولة الروم بعدهم ستمائة س نة‬ ‫فكانوا ف غاية الضارة‪ .‬و كذلك أيضا‪ i‬القبط دام ملكهم ف الليقة ثلثة آلف من السني فرسخت عوائد الض ارة ف بل دهم مص ر‬ ‫وأعقبهم با ملك اليونان و الروم ث ملك السلم الناسخ للكل‪ .‬فلم تزل عوائد الضارة با متصلة و كذلك أيضا‪ i‬رسخت عوائد الضارة‬ ‫باليمن لتصال دولة العرب با منذ عهد العمالقة و التبابعة آلفا‪ i‬من السني و أعقبهم ملك مصر‪ .‬و كذلك الضارة بالعراق لتصال دول ة‬ ‫النبط و الفرس با من لدن الكلدانيي و الكيانية و الكسروية و العرب بعدهم آلفا‪ i‬من السني فلم يكن على وجه الرض لذا العهد أحضر‬


‫من أهل الشام و العراق و مصر‪ .‬و كذا أيضا‪ i‬رسخت عوائد الضارة و استحكمت بالندلس لتصال الدولة العظيمة فيها للق وط ث م ا‬ ‫أعقبها من ملك بن أمية آلفا‪ i‬من السني و كلتا الدولتي عظيمة فاتصلت فيها عوائد الضارة و استحكمت‪ .‬و أما أفريقية و الغرب فل م‬ ‫يكن با قبل السلم ملك ضخم إنا قطع الفرنة إل أفريقية البحر و ملكوا الساحل و كانت طاعة الببر أهل الضاحية ل م طاع ة غي‬ ‫مستحكمة فكانوا على قلعة و أوفاز و أهل الغرب ل تاورهم دولة و إنا كانوا يبعثون بطاعتهم إل القوط من وراء البحر ول ا ج اء ال‬ ‫بالسلم و ملك العرب أفريقية و الغرب ل يلبث فيهم ملك العرب إل قليل‪ i‬أول السلم و كانوا لذلك العهد ف طور البداوة و من استقر‬ ‫منهم بإفريقية والغرب ل يد بما من الضارة ما يقلد فيه من سلفة إذ كانوا برابر منغمسي ف البداوة ث انتقض برابرة الغ رب القص ى‬ ‫لقرب العهود على ميسرة الطفري أيام هشام بن عبد اللك و ل يراجعوا أمر العرب بعد و استقلوا بأمر أنفسهم و إن بايعوا لدري س فل‬ ‫تعد دولته فيهم عربية لن الباير هم الذين تولوها و ل يكن من العرب فيها كثي عدد و بقيت أفريقية للغالبة و من إليهم من العرب فكان‬ ‫لم من الضارة بعض الشيء با حصل لم من ترف اللك و نعيمه و كثرة عمران القيوان و ورث ذلك عنهم كتامة ث صنهاجة من بعدهم‬ ‫و ذلك كله قليل ل يبلغ أربعمائة سنة و انصرمت دولتهم و استحالت صبغة الضارة با كانت غي مستحكمة و تغلب بدو العرب اللليي‬ ‫عليها و خربوها و بقي أثر خفي من حضارة العمران فيها و إل هذا العهد يونس فيمن سلف له بالقلعة أو القيوان أو الهدية سلف فتجد له‬ ‫من الضارة ف شؤن منله و عوائد أحواله آثارا‪ i‬ملتبسة بغيها ييزها الضري البصي با و كذا ف أكثر أمصار أفريقية و ليس ك ذلك ف‬ ‫الغرب و أمصاره لرسوخ الدولة بأفريقية أكثر أمدا‪ i‬منذ عند الغالبة و الشيعة وصنهاجة و أما الغرب فانتقل إليه منذ دولة الوح دين م ن‬ ‫الندلس حظ كبي من الضارة و استحكمت به عوائدها با كان لدولتهم من الستيلء على بلد الندلس و انتقل الكثي من أهلها إليه م‬ ‫طوعا‪ i‬و كرها‪ i‬و كانت من اتساع النطاق ما علمت فكان فيها حظ صال من الضارة و استحكامها و معظمها من أهل الندلس ث انتقل‬ ‫أهل شرف الندلس عند جالية النصارى إل أفريقية فأبقوا فيها وبأمصارها من الضارة آثارا‪ i‬و معظمها بتونس امتزجت بضارة مصر و ما‬ ‫ينقله السافرون من عوائدها فكان بذلك للمغرب و أفريقية حظ صال من الضارة عفي عليه اللء و رجع إل أعقابه و عاد الببر بالغرب‬ ‫إل أديانم من البداوة و الشونة و على كل حال فآثار الضارة بإفريقية أكثر منها بالغرب و أمصاره لا تداول فيها من الدول السالفة أكثر‬ ‫من الغرب و لقرب عوائدهم من عوائد أهل مصر بكثرة الترددين بينهم‪ .‬فتفطن لذا السر فإنه خفي عن الناس‪ .‬و اعلم أنا أمور متناسبة و‬ ‫هي حال الدولة ف القوة و الضعف و كثرة المة أو اليل و عظم الدينة أو الصر و كثرة النعمة و اليسار و ذلك أن الدولة و اللك صورة‬ ‫الليفة و العمران وكلها مادة لا من الرعايا و المصار و سائر الحوال و أموال الباية عائدة عليهم ويسارهم ف الغالب من أس واقهم و‬ ‫متاجرهم و إذا أفاض السلطان عطاءه و أمواله ف أهلها انبثت فيهم و رجعت إليه ث إليهم منه فهي ذاهبة عنهم ف الباية و الراج ع ائدة‬ ‫عليهم ف العطاء فعلى نسبة حال الدولة يكون يسار الرعايا و على يسار الرعايا و كثرتم يكون مال الدولة و أصله كله العمران و ك ثرته‬ ‫فاعتبه و تأمله ف الدول تده و ال يكم و ل معقب لكمه‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر ف أن الضارة غاية العمران و ناية لعمره و أنا مؤذن ة‬ ‫بفساده‬ ‫قد بينا لك فيما سلف أن اللك و الدولة غاية للعصبية و أن الضارة غاية للبداوة و أن العمران كله من بداوة و حضارة و ملك و سوقة له‬ ‫عمر مسوس كما أن للشخص الواحد من أشخاص الكونات عمرا‪ i‬مسوسا‪ i‬و تبي ف العقول والنقول أن الربعي للنسان غاية ف تزاي د‬ ‫قواه و نوها و أنه إذا بلغ سن الربعي و قفت الطبيعة عن أثر النشوء و النمو برهة ث تأخذ بعد ذلك ف النطاط‪ .‬فلتعلم أن الض ارة ف‬ ‫العمران أيضا‪ i‬كذلك لنه غاية ل مزيد وراءها و ذلك أن الترف و النعمة إذا حصل لهل العمران دعاهم بطبعه إل م ذاهب الض ارة و‬ ‫التخلق بعوائدها و الضارة كما علمت هي التفنن ف الترف و استجاده أحواله و الكلف بالصنائع الت تؤنق من أصنافه و سائر فنونه م ن‬ ‫الصنائع الهيئة للمطابخ أو اللبس أو البان أو الفرش أو النية و لسائر أحوال النل‪ .‬و للتأنق ف كل واحد من هذه صنائع كثية ل يتاج‬ ‫إليها عند البداوة و عدم التأنق فيها‪ .‬و إذا بلغ أن التأنق ف هذه الحوال النلية الغاية تبعه طاعة الشهوات فتتلون النفس من تل ك الع وائد‬


‫بألوان كثية ل يستقيم حالا معها ف دينها و ل دنياها أما دينها فلستحكام صبغة العوائد الت يعسر نزعها و أما دنياها فلكثرة الاجات و‬ ‫الؤنات ائت تطالب با العوائد و يعجز و ينكب عن الوفاء با‪ .‬و بيانه أن‪ ،‬الصر بالتفنن ف الضارة تعظم نفقات أهله و الضارة تتف اوت‬ ‫بتفاوت العمران فمت كان العمران أكثر كانت الضارة أكمل‪ .‬و قد كنا قدمنا أن الصر الكثي العمران يتص بالغلء ف أسواقه و أش عار‬ ‫حاجته‪ .‬ث تزيدها الكوس غلة لن الضارة إنا تكون عند انتهاء الدولة ف استفحالا و هو زمن وضع الكوس ف الدول لكثرة خرجه ا‬ ‫حينئذ كما تقدم‪ .‬و الكوس تعود إل البياعات بالغلء لن السوقة و التجار كلهم يتسبون على سلعهم و بضائعهم جيع ما ينفقونه حت ف‬ ‫مؤنة أنفسهم فيكون الكس لذلك داخل‪ i‬ف قيم البيعات و أثانا‪ .‬فتعظم نفقات أهل الضارة و ترج عن القصد إل السراف‪ .‬و ل يدون‬ ‫و ليجة عن ذلك لا ملكهم من أثر العوائد و طاعتها و تذهب مكاسبهم كلها ف النفقات و يتتابعون ف الملق و الاصة و يغلب عليه م‬ ‫الفقر و يقل الستامون للبضائع فتكسد السواق و يفسد حال الدينة و داعية ذلك كله إفراط الضارة و الترف‪ .‬و هذه مفسدات ف الدينة‬ ‫على العموم ف السواق و العمران‪ .‬و أما فساد أهلها ف ذاتم واحدا‪ i‬واحدا‪ i‬على الصوص فمن الكد و التعب ف حاجات العوائد و التلون‬ ‫بألوان الشر ف تصيلها و ما يعود على النفس من الضرر بعد تصيلها بصول لون آخر من ألوانا‪ .‬فلذلك يكثر منهم الفس ق و الش ر و‬ ‫السفسفة و التحيل على تصيل العاش من وجهه و من غي وجهه‪ .‬و تنصرف النفس إل الفكر ف ذلك و الغوص عليه و استجماع اليلة له‬ ‫فتجدهم أجرياء على الكذب و القامرة و الغش و اللبة و السرقة و الفجور ف اليان و الربا ف البياعات ث تدهم لكثرة الش هوات و‬ ‫اللذ الناشئة عن الترف أبصر بطرق الفسق و مذاهبه و الاهرة به و بداوعيه و اطراح الشمة ف الوض فيه ح ت بي الق ارب و ذوي‬ ‫الرحام و الارم الذين تقتضي البداوة الياء منهم ف القذاع بذلك‪ .‬و تدهم أيضا‪ i‬أبصر بالكر و الديعة يدفعون بذلك ما عساه أن ينالم‬ ‫من القهر و ما يتوقعونه من العقاب على تلك القبائح حت يصي ذلك عادة و خلقا‪ i‬لكثرهم إل من عصمه ال‪ .‬و يوج بر الدينة بالس فلة‬ ‫من أهل الخلق الذميمة و ياريهم فيها كثي من ناشئة الدولة وولدانم من أهل عن التأديب و أهلته الدولة من عدادها و غلب عليه خلق‬ ‫الوار و إن كانوا أهل أنساب و بيوتات و ذلك أن الناس بشر متماثلون و إنا تفاضلوا و تيزوا باللق و اكتساب الفض ائل و اجتن اب‬ ‫الرذائل‪ .‬فمن استحكمت فيه صبغة الرذيلة بأي وجه كان‪ ،‬و فسد خلق الي فيه‪ ،‬ل ينفعه زكاء نسبه و ل طيب منبته‪ .‬و لذا تد كثيا‪ i‬من‬ ‫أعقاب البيوت و ذوي الحساب و الصالة و أهل الدول منطرحي ف الغمار منتحلي للحرف الدنيئة ف معاشهم با فسد من أخلقه م و‬ ‫ما تلونوا به من صبغة الشر و السفسفة و إذا كثر ذلك ف الدينة أو المة تأذن ال برابا و انقراضها و هو معن قوله تعال‪ :‬و إذا أردنا أن‬ ‫نلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميا‪ .i‬و وجهه حينئذ إن مكاسبهم حينئذ ل تفي باجاتم لكثرة العوائد و‬ ‫مطالبة النفس با فل تستقيم أحوالم‪ .‬و إذا فسدت أحوال الشخاص واحدا‪ i‬واحدا‪ i‬اختل نظام الدينة و خربت وهذا معن ما يقوله بع ض‬ ‫أهل الواص أن الدينة إذا كثر فيها غرس النارنج تأذنت بالراب حت أن كثيا‪ i‬من العامة يتحامى غرس النارنج بالدور تطيا‪ i‬به‪ .‬و لي س‬ ‫الراد ذلك و ل أنه خاصية ف النارنج و إنا معناه أن البساتي وإجراء الياه هو من توابع الضارة‪ .‬ث أن النارنج و اللية و الس رو و أمث ال‬ ‫ذلك ما ل طعم فيه و ل منفعة هو من غاية الضارة إذ ل يقصد با ف البساتي إل أشكالا فقط ول تغرس إل بع د التفن ن ف م ذاهب‬ ‫الترف‪ .‬و هذا هو الطور الذي يشى معه هلك الصر و خرابه كما قلناه‪ .‬و لقد قيل مثل ذلك ف الدفلى و هو من هذا الباب إذ الدفلى ل‬ ‫يقصد با إل تلون البساتي بنورها ما بي أحر وأبيض و هو من مذاهب الترف‪ .‬و من مفاسد الضارة النماك ف الشهوات و السترسال‬ ‫فيها لكثرة الترف فيقع التفنن ف شهوات البطن من الآكل و اللذ و الشارب وطيبها‪ .‬و يتبع ذلك التفنن ف شهوات الفرج بأنواع الناكح‬ ‫من الزنا و اللواط‪ ،‬فيفضي ذلك إل فساد النوع‪ .‬إما بواسطة اختلط النساب كما ف الزنا‪ ،‬فيجهل كل واحد ابنه‪ ،‬إذ هو لغي رشدة‪ ،‬لن‬ ‫الياه متلطة ف الرحام‪ ،‬فتفقد الشفقة الطبيعية على البني و القيام عليهم فيهلكون‪ ،‬و يؤدي ذلك إل انقطاع النوع‪ ،‬أو يكون فساد الن وع‬ ‫بغي واسطة‪ ،‬كما ف اللواط الؤدي إل عدم النسل رأسا‪ i‬و هو أشد ف فساد النوع‪ .‬و الزنا يؤدي إل عدم ما يوجد منه‪ .‬و ل ذلك ك ان‬ ‫مذهب مالك رحه ال ف اللواط أظهر من مذهب غيه‪ ،‬و دل على أنه أبصر بقاصد الشريعة واعتبارها للمصال‪.‬‬ ‫فافهم ذلك و اعتب به أن غاية العمران هي الضارة و الترف و أنه إذا بلغ غايته انقلب إل الفساد و أخذ ف ال رم كالعم ار الطبيعي ة‬ ‫للحيوانات‪ .‬بل نقول إن الخلق الاصلة من الضارة و الترف هي عي الفساد لن النسان إنا هو إنسان باقتداره على جلب من افعه و‬ ‫دفع مضاره و استقامة خلقه للسعي ف ذلك‪ .‬و الضري ل يقدر على مباشرته حاجاته أما عجزا‪ i‬لا حصل له من الدعة أو ترفا‪ i‬لا حصل من‬ ‫الرب ف النعيم و الترف و كل المرين ذميم‪ .‬و كذلك ل يقدر على دفع الضار و استقامة خلقه للسعي ف ذلك‪ .‬و الضري با قد فقد من‬


‫خلق النسان بالترف و النعيم ف قهر التأديب و التعلم فهو بذلك عيال على الامية الت تدافع عنه‪ .‬ث هو فاسد أيضا‪ i‬غالبا‪ i‬با فسدت من ه‬ ‫العوائد و طاعتها ف ما تلونت به النفس من مكانتها كما قررناه إل ف القل النادر‪ .‬و إذا فسد النسان ف قدرته على أخلقه و دينه فق د‬ ‫فسدت إنسانيته و صار مسخا‪ i‬على القيقة‪ .‬و بذا العتبار كان الذين يتقربون من جند السلطان إل البداوة و الشونة أنفع م ن ال ذين‬ ‫يتربون على الضارة و خلقها‪ .‬موجودون ف كل دولة‪ .‬فقد تبي أن الضارة هي سن الوقوف لعمر الع ال ف العم ران و الدول ة و ال‬ ‫سبحانه و تعال كل يوم هو ف شأن ل يشغله شأن عن شأن‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر ف أن المصار الت تكون كراسي للملك ترب براب‬ ‫الدولة وانقراضها‬ ‫قد استقرينا ف العمران أن الدولة إذا اختلت و انتقصت فإن الصر الذي يكون كرسيا‪ i‬لسلطانا ينتقض عمرانه و ربا ينتهي ف انتقاض ه إل‬ ‫الراب و ل يكاد ذلك يتخلف‪ .‬و السبب فيه أمور‪ :‬الول أن الدولة ل بد ف أولا من البداوة القتضية للتجاف عن أموال الناس و البعد عن‬ ‫التحذلق‪ .‬و يدغو ذلك إل تفيف الباية و الغارم‪ .‬الت منها مادة الدولة فتقل النفقات و يقل الترف فإذا صار الصر الذي ك ان كرس يا‪i‬‬ ‫للملك ف ملكة هذه الدولة التجددة و نقصت أحوال الترف فيها نقص الترف فيمن تت أيديها من أهل الصر لن الرعايا تب ع الدول ة‬ ‫فيجعون إل خلق الدولة أما طوعا‪ i‬لا ف طباع البشر من تقليد متبوعهم أو كرها‪ i‬لا يدعو إليه خلق الدولة من النقباض عن الترف ف جيع‬ ‫الحوال و قلة الفوائد الت هي مادة العوائد فتقصر لذلك حضارة الصر و يذهب معه كثي من عوائد الترف‪ .‬و هو معن ما نقول ف خراب‬ ‫الصر‪ .‬المر الثان أن الدولة إنا يصل لا اللك و الستيلء بالغلب‪ ،‬و إنا يكون بعد العداوة و الروب‪ .‬و العداوة تقتضي منافاة بي أهل‬ ‫الدولتي و تكثر إحداها على الخرى ف العوائد والحوال‪ .‬و غلب أحد التنافيي يذهب بالناف الخر فتكون أحوال الدولة السابقة منكرة‬ ‫عند أهل الدولة الديدة و مستبشعة و قبيحة‪ .‬و خصوصا‪ i‬أحوال الترف فتفقد ف عرفهم بنكي الدولة لا حت تنشأ لم بالتدري ج ع وائد‬ ‫أخرى من الترف فتكون عنها حضارة مستأنفة‪ .‬و فيما بي ذلك قصور الضارة الول ونقصها و هو معن اختلل العمران ف الصر‪ .‬المر‬ ‫الثالث أن كل أمة ل بد لم من وطن و هو منشآهم و منه أولية ملكهم‪ .‬و إذا ملكوا ملكا‪ i‬آخر صار تبعا‪ i‬للول وأمصاره تابع ة لمص ار‬ ‫الول‪ .‬و أتسع نطاق اللك عليهم‪ .‬و ل بد من توسط الكرسي بي توم المالك الت للدولة لنه شبه الركز للنطاق فيبعد مكانه عن مكان‬ ‫الكرسي الول و توي أفئدة الناس من أجل الدولة و السلطان فينتقل إليه العمران و يف من مصر الكرسي الول‪ .‬و الضارة إنا هي توفر‬ ‫العمران كما قدمناه فتنقص حضارته و تدنه‪ .‬و هو معن اختلله‪ .‬و هذا كما وقع للسلجوقية ف عدولم بكرسيهم عن بغداد إل أصبهان و‬ ‫للعرب قبلهم ف العدول عن الدائن إل الكوفة و البصرة‪ ،‬و لبن العباس ف العدول عن دمشق إل بغداد و لبن مرين بالغرب ف العدول عن‬ ‫مراكش إل فاس‪ .‬و بالملة فاتاذ الدولة الكرسي ف مصر يل بعمران الكرسي الول‪ .‬المر الرابع أن الدولة الثانية ل بد فيها م ن أه ل‬ ‫الدولة السابقة و أشياعها بتحويلهم إل قطر آخر هو من فيه غائلتهم على الدولة و أكثر أهل الصر الكرسي أتباع الدولة‪ .‬أما من الامي ة‬ ‫الذين نزلوا به أول الدولة أو أعيان الصر لن لم ف الغالب مالطة للدولة على طبقاتم و تنوع أصنافهم‪ .‬بل أكثرهم ناشئ ف الدولة فه م‬ ‫شيعة لا‪ .‬و إن ل يكونوا بالشوكة والعصبية فهم باليل و البة و العقيدة‪ .‬و طبيعة الدولة التجددة مو آثار الدولة السابقة فينقلهم من مصر‬ ‫الكرسي إل و طنها التمكن ف ملكتها‪ .‬فبعضهم على نوع التغريب و البس و بعضهم على نوع الكرامة و التلطف بي ث ل ي ؤدي إل‬ ‫النفرة حت ل يبقى ف مصر الكرسي إل الباعة و المل من أهل الفلح و العيارة و سواد العامة و ينل مكانم حاميتها و أشياعها من يشتد به‬ ‫الصر وإذا ذهب من الصر أعيانم على طبقاتم نقص ساكنه و هو معن اختلل عمرانه‪ .‬ث ل بد من أن يستجد عمران آخر ف ظل الدولة‬ ‫الديدة و تصل فيه حضارة أخرى على قدر الدولة‪ .‬و إنا ذلك بثابة من له بيت على أوصاف مصوصة فاظهر من قدرته على تغيي تلك‬ ‫الوصاف و إعادة بنائها على ما يتاره و يقترحه فيخري ذلك البيت ث يعيد بناءه ثانيا‪ .i‬و قد و قع من ذلك كثي ف المصار ال ت ه ي‬ ‫كراسي للملك و شاهدناه‪ .‬و عرفناه و ال يقدر الليل و النهار‪ .‬و السبب الطبيعي الول ف ذ لك على الملة أن الدولة و اللك للعم ران‬ ‫بثابة الصورة للمادة و هو الشكل الافظ بنوعه لوجودها‪ .‬و قد تقرر ف علوم الكمة أنه ل يكن انفكاك أحدها عن الخر‪ .‬فالدولة دون‬


‫العمران ل تتصور و العمران دون الدولة و اللك متعذر لا ف طباع البشر من العدوان الداعي إل الوازع فتتعي السياسة لذلك أما الشريعة‬ ‫أو اللكية و هو معن الدولة و إذا كانا ل ينفكان فاختلل أحدها ف مؤثر ف اختلل الخر كما أن عدمه مؤثر ف عدمه و اللل العظيم إنا‬ ‫يكون من خلل الدولة الكلية مثل دولة الروم أو الفرس أو العرب على العموم أو بن أمية أو بن العباس كذلك‪ .‬و أما الدولة الشخصية مثل‬ ‫دولة أنو شروان أو هرقل أو عبد اللك بن مروان أو الرشيد فأشخاصها متعاقبة على العمران حافظة لوجوده و بقائه و قريبة الشبه بعض ها‬ ‫من بعض فل تؤثر كثي اختلل لن الدولة بالقيقة الفاعلة ف مادة العمران إنا هي العصبية و الشوكة و هي مستمرة على أشخاص الدولة‬ ‫فإذا ذهبت تلك العصبية و دفعتها عصبية أخرى مؤثرة ف العمران ذهبت أهل الشوكة بأجعهم و عظم اللل كما قررناه أول‪ i‬و ال سبحانه‬ ‫و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل العشرون ف اختصاص بعض المصار ببعض الصنائع دون بعض‬ ‫وذلك أنه من البي أن أعمال أهل الصر يستدعي بعضها بعضا‪ i‬لا ف طبيعة العمران من التعاون و ما يستدعي من العمال يتص ببعض أهل‬ ‫الصر فيقومون عليه و يستبصرون ف صناعته و يتصون بوظيفته و يعلون معاشهم فيه و رزقهم منه لعموم البلوى به ف الصر والاجة إليه‪.‬‬ ‫و ما ل تستدعي ف الصر يكون غفل‪ i‬إذ ل فائدة لنتحله ف الحتراف به‪ .‬و ما يستدعي من ذلك لضرورة العاش فيوجد ف ك ل مص ر‬ ‫كالياط و الداد و النجار وأمثالا و ما يستدعي لعوائد الترف وأحواله فإنا يوجد ف الدن الستبحرة ف العمارة الخذة ف عوائد ال ترف‬ ‫والضارة مثل الزجاج و الصائغ و الدهان و الطباخ و الصفار و السفاج و الفراش والذباح و أمثال هذه و هي متفاوتة‪ .‬و بقدر ما تزي د‬ ‫الضارة و تستدعي أحوال الترف تدث صنائع لذلك النوع فتوجد بذلك الصر دون غيه و من هذا الباب المامات لنا إنا توج د ف‬ ‫المصار الستحضرة الستبحرة العمران لا يدعو إليه الترف و الغن من التنعم و لذلك ل تكون ف الدن التوسطة‪ .‬و أن نزع بعض اللوك و‬ ‫الرؤساء إليها فيختطها و يري أحوالا‪ .‬إل أنا إذا ل تكن لا داعية من كافة الناس فسرعان ما تجر و ترب و تفر عنها القومة لقلة فائدتم‬ ‫ومعاشهم منها‪ .‬و ال يقبض و يبسط‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون ف و جود العصبية ف المصار و تغلب بعض هم‬ ‫على بعض‬ ‫من البي أن اللتحام أو التصال موجود ف طباع البشر و أن ل يكونوا أهل نسب واحد إل أنه كما قدمناه أضعف ما يكون بالنسب و أنه‬ ‫تصل به العصبية بعضا‪ i‬ما تصل بالنسب‪ .‬و أهل المصار كثي منكم ملتحمون بالصهر يذب بعضهم بعضا‪ i‬إل أن يكونوا لما‪ i‬لم ا‪ i‬و‬ ‫قرابة قرابة و تد بينهم من العداوة والصداقة ما يكون بي القبائل و العشائر مثله فيفترقون شيعا‪ i‬و عصائب فإذا نزل الرم بالدولة و تقل ص‬ ‫ظل الدولة عن القاصية احتاج أهل أمصارها إل القيام على أمرهم و النظر ف حاية بلدهم و رجعوا إل الشورى و تيز العلية عن السفلة و‬ ‫النفوس بطباعها متطاولة إل الغلب و الرئاسة فتطمح الشيخة للء الو من السلطان و الدولة القاهرة إل الستبداد و تنازع كل صاحبه و‬ ‫يستوصلون بالتباع من الوال و الشيع و الحلف و يبذلون ما ف أ يديهم للوغاد و الوشاب فيعصوصب كل لصاحبه و يتعي الغل ب‬ ‫لبعضهم فيعطف على أكفائه ليقص من أعنتهم و يتتبعهم بالقتل أو التغريب حت يضد منهم الشوكات النافذة و يقلم الظفار الادش ة و‬ ‫يستبد بصر أجع و يرى أنه قد استحدث ملكا‪ i‬يورثه عقبه فيحدث ف ذلك اللك الصغر ما يدث ف اللك العظم من ع وارض ال دة‬ ‫والرم و ربا يسمو بعض هؤلء إل مناخ اللوك العاظم أصحاب القبائل والعشائر و العصبيات و الزحوف و الروب و القطار و المالك‬ ‫فينتحلون با من اللوس على السرير و اتاذ اللة و إعداد الواكب للسي ف أقطار البلد و التختم والتحية و الطاب بالتهويل ما يسخر منه‬ ‫من يشاهد أحوالم لا انتحلوه من شارات اللك الت ليسوا لا بأهل‪ .‬إنا دفعهم إل ذلك تقلص الدولة و التحام بعض القرابات حت صارت‬ ‫عصبية‪ .‬و قد يتنه بعضهم عن ذلك و يري على مذهب السذاجة فرارا‪ i‬من التعريض بنفسه للسخرية و العبث‪ .‬و قد وقع هذا بأفريقية لذا‬ ‫العهد ف آخر الدولة الفصية لهل بلد الربد من طرابلس وقابس و تؤزر و نفطة و قفصة و بسكرة و الزاب و ما إل ذل ك‪ .‬س وا إل‬


‫مثلها عند تقلص ظل الدولة عنهم منذ عقود من السني فاستغلبوا على أمصارهم و استبدوا بأمرها على الدولة ف الحك ام و الباي ة‪ .‬و‬ ‫أعطوا طاعة معروفة و صفقة مرضة و أقطعوها جانبا‪ i‬من اللينة و اللطفة و النقياد و هم بعزل عنه‪ .‬و أورثوا ذلك أعقابم لذا العهد‪ .‬و‬ ‫حدث ف خلفهم من الغلظة و التجب ما يدث لعقاب اللوك و خلفهم و نظموا أنفسهم ف عداد السلطي على قرب عهدهم بالس وقة‬ ‫حت ما ذلك مولنا أمي الؤمني أبو العباس و انتزع ما كان بأيديهم من ذلك كما نذكره ف أخبار الدولة‪ .‬و قد كان مثل ذلك و ق ع ف‬ ‫آخر الدولة الصنهاجية‪ .‬و استقل بأمصار الريد أهلها و استبدوا على الدولة حت انتزع ذلك منهم شيخ الوحدين وملكهم عبد الؤمن ب ن‬ ‫علي و نقلهم من إماراتم با إل الغرب و ما من تلك البلد آثارهم كما نذكر ف أخباره‪ .‬و كذا و قع بسبتة لخر دولة بن عبد الؤمن‪.‬‬ ‫وهذا التغلب يكون غالبا‪ i‬ف أهل السروات و البيوتات الرشحي للمشيخة و الرئاسة ف الصر‪ ،‬و قد يدذث التغلب لبعض السفلة من الغوغاء‬ ‫والدهاء‪ .‬و إذا حصلت له العصبية و اللتحام بالوغاد لسباب يرها له القدار فيتغلب على الشيخة والعلية إذا كانوا فاقدين للعصابة و ال‬ ‫سبحانه و تعال غالب على أمره‪.‬‬

‫الفصل الثان و العشرون ف لغات أهل المصار‬ ‫إعلم أن لغات أهل المصار إنا تكون بلسان المة أو اليل الغالبي عليها أو الختطي لا و لذلك كانت لغات المصار الس لمية كله ا‬ ‫بالشرق و الغرب لذا العهد عربية و أن كان اللسان العرب الصري قد فسدت ملكته و تغي إعرابه والسبب ف ذلك م ا و ق ع للدول ة‬ ‫السلمية من الغلب على المم و الدين و اللة صورة للوجود و للملك‪ .‬و كلها مواد له و الصورة مقدمة على الادة و الدين إنا يستفاد من‬ ‫الشريعة و هي بلسان العرب لا أن النب صلى ال عليه و سلم عرب فوجب هجر ما سوى اللسان العرب من اللسن ف جي ع مالكه ا‪ .‬و‬ ‫اعتب ذلك ف ني عمر رضي ال عنه عن بطالة العاجم و قال إنا خب‪ .‬أي مكر و خديعة‪ .‬فلما هجر الدين اللغات العجمي ة و ك ان‬ ‫لسان القائمي بالدولة السلمية عربيا‪ i‬هجرت كلها ف جيع مالكها لن الناس تبع للسلطان و على دينه فصار استعمال اللسان العرب م ن‬ ‫شعائر السلم و طاعة العرب‪ .‬و هجر المم لغاتم و ألسنتهم ف جيع المصار والمالك‪ .‬و صار اللسان العرب لسانم حت رسخ ذلك لغة‬ ‫ف جيع أمصارهم ومدنم و صارت اللسنة العجمية دخيلة فيها و غريبة‪ .‬ث فسد اللسان العرب بخالطتها ف بعض أحكامه و تغي أواخره‬ ‫و إن كان بقي ف الدللت على أصله وسي لسانا‪ i‬حضريا‪ i‬ف جيع أمصار السلم‪ .‬و أيضا‪ i‬فأكثر أهل المصار ف اللة لذا العه د م ن‬ ‫أعقاب العرب الالكي لا‪ ،‬الالكي ف ترفها با كثروا العجم الذين كانوا با و ورثوا أرضهم و ديارهم‪ .‬و اللغات متوارث ة فبقي ت لغ ة‬ ‫العقاب على حيال لغة الباء و إن فسدت أحكامها بخالطة العجام شيئا‪ i‬فشيئا‪ .i‬و سيت لغتهم حضرية منسوبة إل أه ل الواض ر و‬ ‫المصار بلف لغة البدو من العرب فإنا كانت أعرق ف العروبية و لا تلك العجم من الديلم و السلجوقية بعدهم بالش رق‪ ،‬و زنات ة و‬ ‫الببر بالغرب‪ ،‬و صار لم اللك و الستيلء على جيع المالك السلمية فسد اللسان العرب لذلك و كاد يذهب لول ما حفظه من عناي ة‬ ‫السلمي بالكتاب و السنة اللذين بما حفظ الدين و سار ذلك مرجحا‪ i‬لبقاء اللغة العربية الصرية من الشر و الكلم إل قليل‪ i‬بالمصار فلما‬ ‫ملك التتر والغول بالشرق و ل يكونوا على دين السلم ذهب ذلك الرجح و فسدت اللغة العربية على الطلق و ل يبق ل ا رس م ف‬ ‫المالك السلمية بالعراق و خراسان وبلد فارس و أرض الند و السند و ما وراء النهر و بلد الشمال و بلد الروم و ذهبت أسابيب اللغة‬ ‫العربية من الشعر و الكلم إل قليل‪ i‬يقع تعليمه صناعيا‪ i‬بالقواني التدارسة من كلم العرب و حفظ كلمهم لن يسره ال تعال لذلك‪ .‬و ربا‬ ‫بقيت اللغة العربية الصرية بصر والشام و الندلس و بالغرب لبقاء الدين طلبا‪ i‬لا فانفظت ببعض الشيء و أما ف مالك العراق و ما وراءه‬ ‫فلم يبق له أثر و ل عي حت إن كتب العلوم صارت تكتب باللسان العجمي و كذا تدريسه ف الالس و ال أعلم بالصواب‪ .‬و ال مق در‬ ‫الليل و النهار‪ .‬صلى ال على سيدنا ممد و آله و صحبه و سلم تسليما‪ i‬كثيا‪ i‬دائما‪ i‬أبدا‪ i‬إل يوم الدين و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫الباب الامس من الكتاب الول ف العاش و وجوبه من الكسب و الصنائع‬ ‫و ما يعرض ف ذلك كله من الحوال و فيه مسائل‬


‫الفصل الول ف حقيقة الرزق و الكسب و شرحهما و أن الكسب هو قيمة‬ ‫العمال ا لبشرية‬ ‫إعلم أن النسان مفتقر بالطبع إل ما يقوته و يونة ف حالته و أطواره من لدن نشوءه إل أشده إل كبه و ال الغن و أنتم الفق راء و ال‬ ‫سبحانه خلق جيع ما ف العال للنسان و امت به عليه ف غي ما آية من كتابه فقال‪ :‬خلق لكم ما ف السماوات وما ف الرض جيعا منه و‬ ‫سخر لكم البحر و سخر لكم الفلك و سخر لكم النعام‪ .‬و كثي من شواهده‪ .‬و يد النسان مبسوطة على العال و ما فيه با جعل ال ل ه‬ ‫من الستخلف‪ .‬و أيدي البشر منتشرة فهي مشتركة ف ذلك‪ .‬و ما حصل عليه يد هذا امتنع عن الخر إل بعوض‪ .‬فالنسان م ت اقت در‬ ‫على نفسه و تاوز طور الضعف سعى ف اقتناء الكسب لينفق ما آتاه ال منها ف تصيل حاجاته و ضروراته بدفع العواض عنها‪ .‬قال ال‬ ‫تعال‪ :‬فابتغوا عند ال الرزق و قد يصل له ذلك بغي سعي كالطر الصلح للزراعة و أمثاله‪ .‬إل أنا إنا تكون معينة و ل بد من سعيه معها‬ ‫كما يأت فتكون له‪ .‬تلك الكاسب معاشا‪ i‬إن كانتا بقدار الضرورة و الاجة و رياشا‪ i‬و متمول‪ i‬إن زادت على ذلك‪ .‬ث إن ذلك الاصل أو‬ ‫القتن إن عادت منفعته على العبد و حصلت له ثرته من إنفاقه ف مصاله و حاجاته سي ذلك رزقا‪ .i‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬إنا لك من‬ ‫مالك ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت و إن ل ينتفع به ف شيء من مصاله و ل حاجاته فل يسمى بالنس بة إل‬ ‫الالك رزقا‪ i‬و التملك منه حينئذ بسعي العبد و قدرته يسمى كسبا‪ .i‬و هذا مثل التراث فإنه يسمى بالنسبة إل الالك كسبا‪ i‬و ل يسمى رزقا‪i‬‬ ‫إذ ل يصل به منتفع و بالنسبة إل الوارثي مت انتفعوا به يسمى رزقا‪ .i‬هذا حقيقة مسمى الرزق عند أهل السنة و قد اش ترط الع تزل ف‬ ‫تسميته رزقا‪ i‬إن يكون بيث يصح تلكه و ما ل يتملك عندهم ل يسمى رزقا‪ i‬و أخرجوا الغصوبات و الرام كله عن أن يسمى شيء منها‬ ‫رزقا‪ i‬و ال تعال يرزق الغاصب و الظال و الؤمن و الكافر برحته و هدايته من يشاء‪ .‬و لم ف ذلك حجج ليس هذا موضع بسطها‪ .‬ث اعلم‬ ‫أن الكسب إنا يكون بالسعي ف القتناء و القصد إل التحصيل فل بد ف الرزق من سعي و عمل و لو ف تناوله و ابتغائه من وجوهه‪ .‬قال‬ ‫تعال‪ :‬فابتغوا عند ال الرزق و السعي إليه إنا يكون بأقدار ال تعال و إلامه‪ ،‬فالكل من عند ال‪ .‬فل بد من العمال النس انية ف ك ل‬ ‫مكسوب و متمول‪ .‬لنه إن كان عمل‪ i‬بنفسه مثل الصنائع فظاهر دال كان مقتن من اليوان و النبات و العدن فل بد في ه م ن العم ل‬ ‫النسان كما تراه و إل ل يصل و ل يقع به انتفاع‪ .‬ث إن ال تعال خلق الجرين العدنيي من الذهب و الفضة قيمة لكل متمول‪ ،‬و ه ا‬ ‫الذخية و القنية لهل العال ف الغالب‪ .‬و إن اقتن سواها ف بعض الحيان فإنا هو لقصد تصيلهما با يقع ف غيها من حوالة الس واق‬ ‫الت ها عنها بعزل فهما أصل الكاسب و القنية و الذخية‪ .‬و إذا تقرر هذا كله فاعلم أن ما يفيده النسان و يقتنيه من التمولت إن كان‬ ‫من الصنائع فالفاد القتن منه قيمة عمله و هو القصد بالقنية إذ ليس هناك إل العمل و ليس بقصود بنفسه للقنية‪ .‬و قد يكون مع الصنائع ف‬ ‫بعضها غيها مثل التجارة و الياكة معهما الشب و الغزل إل أن العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر و إن كان من غي الصنائع فل بد من قيمة‬ ‫ذلك الفاد و القنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به إذ لول العمل ل تصل قنيتها‪ .‬و قد تكون ملحظة العمل ظاهرة ف الكثي منها‬ ‫فتجعل له حصة من القيمة عظمت أو صغرت‪ .‬و قد تفى ملحظة العمل كما ف أسعار القوات بي الناس فإن اعتبار العمال و النفقات‬ ‫فيها ملحظ ف أسعار البوب كما قدمناه لكنه خفي ف القطار الت علج الفلح فيها و مؤنته بسية فل يشعر به إل القليل من أهل الفلح‪.‬‬ ‫فقد تبي أن الفادات و الكتسبات كلها أو أكثرها إنا هي قيم العمال النسانية و تبي مسمى الرزق و أنه النتفع ب ه‪ .‬فق د ب ان معن‬ ‫الكسب و الرزق و شرح مسماها‪ .‬و اعلم أنه إذا فقدت العمال أو قلت بانتقاص العمران تأذن ال برفع الكسب أترى أل المصار القليلة‬ ‫الساكن كيف يقل الرزق و الكسب فيها أو يفقد لقلة العمال النسانية و كذلك المصار الت يكون عمرانا أكثر يكون أهله ا أوس ع‬ ‫أحوال‪ i‬و أشد رفاهية كما قدمناه قبل و من هذا الباب تقول العامة ف البلد إذا تناقص عمرانا إنا قد ذهب رزقها حت إن النار و العيون‬ ‫ينقطع جريها ف القفر لا أن فور العيون إنا يكون بالنباط و المتراء الذي هو بالعمل النسان كالال ف ضروع النعام فما ل يكن إنباط‬ ‫و ل امتراء نصبت و غارت بالملة كما يف الضرع إذا ترك امتراؤه‪ .‬و انظره ف البلد الت تعهد فيها العيون ليام عمرانا ث يأت عليه ا‬ ‫الراب كيف تغور مياهها جلة كأنا ل تكن و ال مقدر الليل و النهار‪.‬‬


‫الفصل الثان ف وجوه العاش و أصنافه و مذاهبه‬ ‫إعلم أن العاش هو عبارة عن ابتغاء الرزق و السعي ف تصيله و هو مغفل من العيش‪ .‬كأنه لا كان العيش الذي هو الياة ل يصل إل بذه‬ ‫جعلت موضعا‪ i‬له على طريق البالغة ث إن تصيل الرزق و كسبه‪ ،‬إما أن يكون بأخذه من يد الغي و انتزاعه بالقتدار عليه عل ى ق انون‬ ‫متعارف و يسمى مغرما‪ i‬و جباية و إما أن يكون من اليوان الوحشي بافتراسه و أخذه برميه من الب أو البحر و يسمى اصطيادا‪ i‬و إم ا أن‬ ‫يكون من اليوان الداجن باستخراج فضوله النصرفة بي الناس ف منافعهم كاللب من النعام و الرير من دوده و العسل من نله أو يكون‬ ‫من النبات ف الزرع و الشجر بالقيام عليه و إعداده لستخراج ثرته و يسمى هذا كله فلحا‪ i‬و إما أن يكون الكسب من العمال النسانية‬ ‫إما ف مواد معينة و تسمى الصنائع من كتابة و تارة و خياطة و حياكة و فروسية و أمثال ذلك أو ف م واد غي معين ة و ه ي جي ع‬ ‫المتهانات و التصرفات و إما أن يكون الكسب من البضائع و إعدادها للعواض إما بالتغلب با ف البلد و احتكارها و ارتقاب حوال ة‬ ‫السواق فيها‪ .‬و يسمى هذا تارة‪ .‬فهذه وجوه العاش و أصنافه و هي معن ما ذكره الققون من أهل الدب و الكمة كالريري و غيه‬ ‫فإنم قالوا‪ :‬العاش إمارة و تارة و فلحة و صناعة‪ .‬فأما المارة فليست بذهب طبيعي للمعاش فل حاجة بنا إل ذكرها و قد تقدم ش يء‬ ‫من أحوال البايات السلطانية و أهلها ف الفصل الثان‪ .‬و أما الفلحة و الصناعة و التجارة فهي وجوه طبيعية للمعاش أما الفلح ة فه ي‬ ‫متقدمة عليها كلها بالذات إذ هي بسيطة و طبيعية فطرية ل تتاج إل نظر و ل علم و لذا تنسب ف الليقة إل آدم أب البشر و أنه معلمها‬ ‫و القائم عليها إشارة إل أنا أقدم وجوه العاش و أنسبها إل الطبيعة‪ .‬و أما الصنائع فهي ثانيتها و متأخرة عنها لنا مركبة و علمية تصرف‬ ‫فيها الفكار و النظار و بذا ل يوجد غالبا‪ i‬إل ف أهل الضر الذي هو متأخر عن البدو و ثان عنه‪ .‬و من هذا العن نس بت إل إدري س‬ ‫الب الثان للخليقة فإنه مستنبطها لن بعده من البشر بالوحي من ال تعال‪ .‬و أما التجارة و إن كانت طبيعية ف الكسب فالكثر من طرقها‬ ‫و مذاهبها إنا هي تيلت ف الصول على ما بي القيمتي ف الشراء و البيع لتحصل فائدة الكسب من تلك الفضلة‪ .‬و لذلك أباح الشرع‬ ‫فيه الكاسبة لا أنه من باب القامرة إل أنه ليس أخذ الال الغي مانا‪ i‬فلهذا اختص بالشروعية‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن الدمة ليست من الطبيعي‬ ‫إعلم أن السلطان ل بد له من اتاذ الدمة ف سائر أبواب المارة و اللك الذي هو بسبيله من الندي و الشرطي و الكاتب‪ .‬و يستكفي ف‬ ‫كل باب بن الضيع و لو كان مأمونا‪ i‬فضرره بالتضييع أكثر من نفعه‪ .‬فاعلم ذلك و اتذه قانونا‪ i‬ف الستكفاء بالدمة‪ .‬و أن ه س بحانه و‬ ‫تعال قادر على كل شيء‪.‬‬

‫الفصل الرابع ف ابتغاء الموال من الدفائن و الكنوز ليس بعاش طبيعي‬ ‫اعلم أن كثيا‪ i‬من ضعفاء العقول ف المصار يرصون على استخراج الموال من تت الرض و يبتغون اكسب من ذلك‪ .‬و يعتق دون أن‬ ‫أموال المم السالفة متزنة كلها تت الرض متوم عليها كلها بطلسم سحرية‪ .‬ل يفض ختامها ذلك إل من عثر على علمه و استحضر ما‬ ‫يله من البخور و الدعاء و القربان‪ .‬فأهل المصار بإفريقية يرون أن الفرنة الذين كانوا قبل السلم با دفنوا أموالم كذلك و أودعوها ف‬ ‫الصحف بالكتاب إل أن يدوا السبيل إل استخراجها‪ .‬و أهل المصار بالشرق يرون مثل ذلك ف أمم القبط و الروم و الفرس‪ .‬و يتناقلون‬ ‫ف ذلك أحاديث تشبه حديث خرافة من انتهاء بعض الطالبي لذلك إل حفر موضع الال من ل يعرف طلسمه و ل خبة فيجدونه خاليا‪ i‬أو‬ ‫معمورا‪ i‬بالديدان‪ .‬أو يشاهد الموال و الواهر موضوعة و الرس دونا منتضي سيوفهم‪ .‬أو تيد به الرض حت يظنه خسفا‪ i‬أو مثل ذل ك‬ ‫من الذر‪ .‬و ند كثيا‪ i‬من طلبة الببر بالغرب العاجزين عن العاش الطبيعي و أسبابه يتقربون إل أهل الدنيا بالوراق التخرمة الواشي إما‬ ‫بطوط عجمية أو با ترجم بزعمهم منها من خطوط أهل الدفائن بإعطاء المارات عليها ف أماكنها يبتغون بذلك الرزق منهم با يبعث ونه‬ ‫على الفر و الطلب و يوهون عليهم بأنم إنا حلهم على الستعانة بم طلب الاه ف مثل هذا من منال الكام و العقوبات‪ .‬و ربا تكون‬


‫عند يعلم غناءه فيه و يتكفل بأرزاقهم من بيت ماله‪ .‬و هذا كله مندرج ف المارة و معاشها إذ كلهم ينسحب عليهم حكم المارة و اللك‬ ‫العظم هو ينبوع جداولم‪ .‬و أما ما دون ذلك من الدمة فسببها أن أكثر الترفي يترفع عن مباشرة حاجاته أو يكون عاجزا‪ i‬عنها ل ا رب‬ ‫عليه من خلق التنعم و الترف فيتخذ من يتول ذلك له و يقطعه عليه أجرا‪ i‬من ماله‪ .‬و هذه الالة غي ممودة بس ب الرجولي ة الطبيعي ة‬ ‫للنسان إذ الثقة بكل أحد عجز‪ ،‬و لنا تزيد ف الوظائف و الرج و تدل على العجز و النث الذي ينبغي ف م ذاهب الرجولي ة التنه‬ ‫عنهما‪ .‬إل أن العوائد تقلب طباع النسان إل مألوفها فهو ابن عوائده ل ابن نسبه‪ .‬و مع ذلك فالدي الذي يستكفى به و يوث ق بغن ائه‬ ‫كالفقود إذ الدي القائم بذلك ل يعدو أربع حالت‪ :‬إما مضطلع بأمره و ل موثوق فيما يصل بيده و إما بالعكس فيهما‪ ،‬و هو أن يكون‬ ‫غي مضطلع بأمر و ل موثوق فيما يصل بيده و إما بالعكس ف إحداها فقط مثل أن يكون مضطلعا‪ i‬غي موثوق أو موثوقا‪ i‬غي مض طلع‪.‬‬ ‫فأما الول و هو الضطلع الوثوق فل يكن أحدا‪ i‬استعماله بوجه إذ هو باضطلعه و ثقته غن عن أهل الرتب الدنيئة و متقر لثال الجر من‬ ‫الدمة لقتداره على أكثر من ذلك فل يستعمله إل المراء أهل الاه الغريض لعموم الاجة إل الاه‪ .‬و أما الصنف الثان و هو من لي س‬ ‫بضطلع و ل موثوق فل ينبغي لعاقل استعماله لنه يجف بخدومه ف المرين معا‪ i‬فيضيع عليه لعدم الصطناع تارة و يذهب ماله باليان ة‬ ‫أخرى فهو على كل حال كل على موله‪ .‬فهذان الصنفان ل يطمع أحد ف استعمالما‪ .‬و ل يبق إل استعمال الصنفي الخرين‪ :‬موثوق غي‬ ‫مضطلع و مضطلع غي موثوق و للناس ف الترجيح بينهما مذهبان‪ ،‬و لكل من الترجيحي وجه‪ .‬إل أن الضطلع و لو كان غي موثوق أرجح‬ ‫لنه يؤمن من تضييعه و ياول على التحرز من خيانته جهد الستطاعة و أما بعضهم نادرة أو غريبة من العمال السحرية يوه ب ا عل ى‬ ‫تصديق ما بقي من دعواه و هو بعزل عن السحر و طرقه فتولع كثي من ضعفاء العقول بمع اليدي على الحتفار و التستر فيه بظلم ات‬ ‫الليل مافة الرقباء و عيون أهل الدول‪ ،‬فإذا ل يعثروا على شيء ردوا ذلك إل الهل بالطلسم الذي ختم به على ذلك الال ي ادعون ب ه‬ ‫أنفسهم عن إخفاق مطامعهم‪ .‬و الذي يمل على ذلك ف الغالب زيادة على ضعف العقل إنا هو العجز عن طلب العاش بالوجوه الطبيعية‬ ‫للكسب من التجارة و الفلح و الصناعة فيطلبونه بالوجوه النحرفة و على غي الرى الطبيعي من هذا و أمثاله عجزا‪ i‬عن السعي ف الكاسب‬ ‫و ركونا‪ i‬إل تناول الرزق من غي تعب و ل نصب ف تصيله و اكتسابه و ل يعلمون أنم يوقعون أنفسهم بابتغاء ذلك من غي وجه ه ف‬ ‫نصب و متاعب و جهد شديد أشد من الول و يعرضون أنفسهم مع ذلك لنال العقوبات‪ .‬و ربا يمل على ذلك ف الكثر زيادة الترف و‬ ‫عوائده و خروجها عن حد النهاية حت تقصر عنها وجوه الكسب و مذاهبه و ل تفي بطالبها‪ .‬فإذا عجز عن الكسب بالرى الط بيعي ل‬ ‫يد وليجة ف نفسه إل التمن لوجود الال العظيم دفعة من غي كلفة ليفي له ذلك بالعوائد الت حصل ف أسرها فيحرص على ابتغاء ذلك و‬ ‫يسعى فيه جهده و لذا فأكثر من تراهم يرصون على ذلك هم الترفون من أهل الدولة و من سكان المصار الكثية الترف التسعة الحوال‬ ‫مثل مصر و ما ف معناها فنجد الكثي منهم مغرمي بابتغاء ذلك و تصيله و مساءلة الركبان عن شواذه كما يرصون على الكيمياء‪ .‬هكذا‬ ‫بلغن عن أهل مصر ف مفاوضة من يلقونه من طلبة الغاربة لعلهم يعثرون منه على دفي أو كن و يزيدون على ذلك البحث عن تغوير الياه‬ ‫لا يرون أن غالب هذه الموال الدفينة كلها ف ماري النيل و أنه أعظم ما يستر دفينا‪ i‬أو متزنا‪ i‬ف تلك الفاق و يوه عليهم أصحاب تل ك‬ ‫الدفاتر الفتعلة ف العتذار عن الوصول إليها برية النيل تسترا‪ i‬بذلك من الكذب حت يصل على معاشه فيحرص سامع ذلك منه م عل ى‬ ‫نضوب الاء بالعمال السحرية لتحصيل مبتغاه من هذه كلفا‪ i‬بشأن السحر متوارثا‪ i‬ف ذلك القطر عن أوليه فعلومهم السحرية و آثارها باقية‬ ‫بأرضهم ف الباري و غيها‪ .‬و قصة سحرة فرعون شاهدة باختصاصهم بذلك و قد تناقل أهل الغرب قصيدة ينسبونا إل حكماء الشرق‬ ‫تعطى فيها كيفية العمل بالتغوير بصناعة سحرية حسبما تراه فيها و هي هذه‪:‬‬ ‫إسع كلم الصدق من خبي‬ ‫يا طالبا‪ i‬للسر ف التغوير‬ ‫من قول بتان و لفظ غرور‬ ‫دع عنك ما قد صنفوا فيكتبهم‬ ‫إن كنت من ل يرى بالزور‬ ‫و اسع لصدق مقالت و نصيحت‬ ‫حارت لا الوهام ف التدبي‬ ‫فإذا أردت تغور البئر الت‬ ‫و الرأس رأس الشبل ف التقوير‬ ‫صور كصورتك الت أوقفتها‬ ‫ف الدلو ينشل من قرار البي‬ ‫و يداه ماسكتان للحبل الذي‬ ‫عدد الطلق احذر من التكرير‬ ‫و بصدره هاء كما عاينتها‬


‫مشي اللبيب الكيس النحرير‬ ‫و يطا على الطاءات غي ملمس‬ ‫تربيعه أول من التكوير‬ ‫و يكون حول الكل خط دائر‬ ‫و اقصده عقب الذبح بالتبخي‬ ‫و اذبح عليه الطي و الطخه به‬ ‫و القسط و البسه بثوب حرير‬ ‫بالسندروس و باللبان و ميعة‬ ‫من أحر أو أصفر ل أزرقل أخضر فيه و ل تكدير‬ ‫أحر من خالص التحمي‬ ‫و يشده خيطان صوف أبيضأو‬ ‫و يكون بدء الشهر غي مني‬ ‫و الطالع السد الذي قد بينوا‬ ‫ف يوم سبت ساعة التدبي‬ ‫و البدر متصل بسعد عطارد‬ ‫يعن أن تكون الطاءات بي قدميه كأنه يشي عليها و عندي أن هذه القصيدة من تويهات التخرفي فله م ف ذل ك أح وال غريب ة و‬ ‫اصطلحات عجيبة و تنتهي التخرفة و الكذب بم إل أن يسكنوا النازل الشهورة و الدور العروفة لثل هذه و يتفرون الفر و يض عون‬ ‫الطابق فيها و الشواهد الت يكتبونا ف صحائف كذبم ث يقصدون ضعفاء العقول بأمثال هذه الصحائف و يعثون على كباء ذلك النل و‬ ‫سكناه و يوهون أن به دفينا‪ i‬من الال ل يعب عن كثرته و يطالبون بالال لشتراء العقاقي و البخورات لل الطلس م و يع دونه بظه ور‬ ‫الشواهد الت قد أعدوها هنالك بأنفسهم و من فعلهم فينبعث لا يراه من ذلك و هو قد خدع و لبس عليه من حي ل يشعر و بينهم ف ذلك‬ ‫اصطلح ف كلمهم يلبسون به عليهم ليخفى عند ماورتم فيما يتلونه من حفر و بور‪ ،‬و ذبح حيوان و أمثال ذلك‪ .‬و أما الكلم ف ذلك‬ ‫على القيقة فل أصل له ف علم و ل خب و اعلم أن الكنوز و إن كانت توجد لكنها ف حكم النادر و على وجه التفاق ل عل ى وج ه‬ ‫القصد إليها‪ .‬و ليس ذلك بأمر تعم به البلوى حت يدخر الناس أموالم تت الرض و يتمون عليها بالطلسم ل ف القدي و ل ف الديث‪.‬‬ ‫و الركاز الذي ورد ف الديث و فرضه الفقهاء و هو دفي الاهلية إنا يوجد بالعثور و التفاق ل بالقصد و الطلب و أيضا‪ i‬فمن اخ تزن‬ ‫ماله و ختم عليه بالعمال السحرية فقد بالغ ف إخفائه فكيف ينصب عليه الدلة و المارات لن يبتغيه‪ .‬و يكتب ذلك ف الصحائف ح ت‬ ‫يطلع على ذخيته أهل المصار و الفاق ؟ هذا يناقض قصد الخفاء‪ .‬و أيضا‪ i‬فأفعال العقلء ل بد و أن تكون لغرض مقصود ف النتفاع‪.‬‬ ‫و من اختزن الال فإنه يتزنه لولده أو قريبه أو من يؤثره‪ .‬و أما أن يقصد إخفاءه بالكلية عن كل أحد و إنا هو للبلء و اللك أو ل ن ل‬ ‫يعرفه بالكلية من سيأت من المم فهذا ليس من مقاصد العقلء بوجه‪ .‬و أما قولم‪ :‬أين أموال المم من قبلنا و ما علم فيها‪ .‬من الك ثرة و‬ ‫الوفور فاعلم أن الموال من الذهب و الفضة و الواهر و المتعة إنا هي معادن و مكاسب مثل الديد و النحاس و الرص اص و س ائر‬ ‫العقارات و العادن‪ .‬و العمران يظهرها بالعمال النسانية و يزيد فيها أو ينقصها و ما يوجد منها بأيدي الناس فهو متناقل متوارث و رب ا‬ ‫انتقل من قطر إل قطر و من دولة إل أخرى بسب أغراضه‪ .‬و العمران الذي يستدعي له فإن نقص الال ف الغرب و أفريقية فلم ينق ص‬ ‫ببلد الصقالبة و الفرنج و إن نقص ف مصر و الشام فلم ينقص ف الند و الصي‪ .‬و إنا هي اللت و الكاسب و العم ران يوفره ا أو‬ ‫ينقصها‪ ،‬مع أن العادن يدركها البلء كما يدرك سائر الوجودات و يسرع إل اللؤلؤ و الوهر أعظم ما يسرع إل غيه‪ .‬و كذا الذهب و‬ ‫الفضة و النحاس و الديد و الرصاص و القصدير ينالا من البلء و الفناء ما يذهب بأعيانا لقرب وقت‪ .‬و أما ما وقع ف مصر م ن أم ر‬ ‫الطالب و الكنوز فسببه أن مصر ف ملكة القبط منذ آلف أو يزيد من السني و كان موتاهم يدفنون بوجودهم من ال ذهب و الفض ة و‬ ‫الواهر و الللئ على مذهب من تقدم من أهل الدول فلما انقضت دولة القبط و ملك الفرس بلدهم نقروا على ذلك ف قبورهم فكشفوا‬ ‫عنه فأخذوا من قبورهم ما ل يوصف‪ :‬كالهرام من قبور اللوك و غيها‪ .‬و كذا فعل اليونانيون من بعدهم و صارت قبورهم مظنة ل ذلك‬ ‫لذا العهد‪ .‬و يعثر على الدفي فيها كثيا‪ i‬من الوقات‪ .‬أما ما يدفنونه من أموالم أو ما يكرمون به موتاهم ف الدفن من أوعية و توابيت من‬ ‫الذهب و الفضة معدة لذلك فصارت قبور القبط منذ آلف من السني مظنة لوجود ذلك فيها‪ .‬فلذلك عن أهل مصر بالبحث عن الطالب‬ ‫لوجود ذلك فيها و استخراجها‪ .‬حت أنم حي ضربت الكوس على الصناف آخر الدولة ضربت على أهل الطالب‪ .‬و صدرت ضريبة على‬ ‫من يشتغل بذلك من المقى و الهوسي فوجد بذلك التعاطون من أهل الطماع الذريعة إل الكشف عنه و ال ذرع باس تخراجه و م ا‬ ‫حصلوا إل على اليبة ف جيع مساعيهم نعوذ بال من السران فيحتاج من وقع له شيء من هذا الوسواس و ابتلي به أن يتعوذ ب ال م ن‬


‫العجز و الكسل ف طلب معاشه كما تعوذ رسول ال صلى ال عليه و سلم من ذلك و ينصرف عن طرق الشيطان و وسواسه و ل يش غل‬ ‫بالالت و الكاذب من الكايات و ال يرزق من يشاء بغي حساب‪.‬‬

‫الفصل الامس ف أن الاه مفيد للمال‬ ‫و ذلك أنا ند صاحب الال و الظوة ف جيع أصناف العاش أكثر يسارا‪ i‬و ثروة من فاقد الاه‪ .‬و السبب ف ذلك أن صاحب الاه مدوم‬ ‫بالعمال يتقرب با إليه ف سبيل التزلف و الاجة إل جاهه فالناس معينون له بأعمالم ف جيع حاجاته من ضروري أو حاجي أو كم ال‬ ‫فتحصل قيم تلك العمال كلها من كسبه و جيع معاشاته إن تبذل فيه العواض من العمل يستعمل فيها الناس من غي عوض فتتوفر قي م‬ ‫تلك العمال عليه‪ .‬فهو بي قيم للعمال يكتسبها و قيم أخرى تدعوه الضرورة إل إخراجها فتتوفر عليه‪ .‬و العمال لصاحب الاه ك ثية‬ ‫فتفيد الغن لقرب وقت و يزداد مع اليام يسارا‪ i‬و ثروة‪ .‬و لذا العن كانت المارة أحد أسباب العاش كما قدمناه و فاقد الاه بالكلية و‬ ‫لو كان صاحب مال فل يكون يساره إل بقدار ماله و على نسبة سعيه و هؤلء هم أكثر التجار‪ .‬و لذا تد أهل الاه منهم يكونون أيسر‬ ‫بكثي‪ .‬و ما يشهد لذلك أل ند كثيا‪ i‬من الفقهاء و أهل الدين و العبادة إذا اشتهروا حسن الظن بم و اعتق د المه ور معامل ة ال ف‬ ‫إرفادهم فأخلص الناس ف إعالتهم على أحوال دنياهم و العتمال ف مصالهم و أسرعت إليهم الثروة و أصبحوا مياسي من غي مال مقتن‬ ‫إل ما يصل لم من قيم العمال الت وقعت العونة با من الناس لم‪ .‬رأينا من ذلك أعدادا‪ i‬ف المصار و الدن‪ .‬و ف البدو يسعى لم الناس‬ ‫ف الفلح و التجر و كل هو قاعد بنله ل يبح من مكانه فينمو ماله و يعظم كسبه و يتأثل الغن من غي سعي و يعجب من ل يفطن ل ذا‬ ‫السر ف حال ثروته و أسباب غناه و يساره و ال سبحانه و تعال يرزق من يشاء بغي حساب‪.‬‬

‫الفصل السادس ف أن السعادة و الكسب إنا يصل غالبا‪ i‬لهل الضوع و‬ ‫التملق و أن هذا اللق من أسباب السعادة‬ ‫قد سلف لنا فيما سبق أن الكسب الذي يستفيده البشر إنا هو قيم أعمالم و لو قدر أحد عطل عن العمل جلة لكان فاقد الكسب بالكلية‪.‬‬ ‫و على قدر عمله و شرفه بي العمال و حاجة الناس إليه يكون قدر قيمته‪ .‬و على نسبه ذلك نو كسبه أو نقصانه‪ .‬و قد بينا آنفا‪ i‬أن الاه‬ ‫يفيد الال لا يصل لصاحبه من تقرب الناس إليه بأعمالم و أموالم ف دفع الضار و جلب النافع‪ .‬و كان ما يتقربون به من عمل أو م ال‬ ‫عوضا‪ i‬عما يصلون عليه بسبب الاه من الغراض ف صال أو طال‪ .‬و تصي تلك العمال ف كسبه و قيمها أموال و ثروة له فيستفيد الغن‬ ‫و اليسار لقرب وقت‪ .‬ث إن الاه متوزع ف الناس و مترتب فيهم طبقة بعد طبقة و ينتهي ف العلو إل اللوك الذين ليس فوقهم يد عالية و‬ ‫ف السفل إل من ل يلك ضرا‪ i‬و ل نفعا‪ i‬بي أبناء جنسه و بي ذلك طبقات متعددة حكمة ال ف خلقه با ينتظم معاشهم و تتيسر مصالهم‬ ‫و يتم بقاؤهم لن النوع النسان ل يتم وجوده و بقاؤه إل بالتعاون بي أبنائه على مصالهم‪ ،‬لنه قد تقرر أن الواحد منهم ل يتم وجوده‬ ‫و إنه و إن ندر ذلك ف صورة مفروضة ل يصح بقاؤه‪ .‬ث إن هذا التعاون ل يصل إل بالكراه عليه لهلهم ف الكثر بصال النوع و ل ا‬ ‫جعل لم من الختيار و أن أفعالم إنا تصدر بالفكر و الروية ل بالطبع‪ .‬و قد يتنع من العاونة فيتعي حله عليها فل بد من حامل يكره أبناء‬ ‫النوع على مصالهم لتتم الكمة اللية ف بقاء هذا النوع‪ .‬و هذا معن قوله تعال و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا‪i‬‬ ‫سخريا‪ i‬و رحة ربك خي ما يمعون فقد تبي أن الاه هو القدرة الاملة للبشر على التصرف ف من تت أيديهم من أبناء جنسهم بالذن و‬ ‫النع و التسلط بالقهر و الغلبة ليحملهم على دفع مضارهم و جلب منافعهم ف العدل بأحكام الشرائع و السياسة و على أغراضه فيما سوى‬ ‫ذلك و لكن الول مقصود ف العناية الربانية بالذات و الثان داخل فيها بالعرض كسائر الشرور الداخلة ف القضاء اللي‪ ،‬لنه قد ل يت م‬ ‫وجود الي الكثي إل بوجود شر يسي من أجل الواد فل يفوت الي بذلك بل يقع على ما ينطوي عليه من الشر اليسي‪ .‬و هذا معن وقوع‬ ‫الظلم ف الليقة فتفهم‪ .‬ث إن كل طبقة من طباق أهل العمران من مدينة أو إقليم لا قدرة على من دونا من الطباق و كل واحدة من الطبقة‬ ‫السفلى يستمد بذي الاه من أهل الطبقة الت فوقه و يزداد كسبه تصرفا‪ i‬فيمن تت يده على قدر ما يستفيد منه و الاه على ذلك داخ ل‬


‫على الناس ف جيع أبواب العاش و يتسع و يضيق بسب الطبقة و الطور الذي فيه صاحبه‪ .‬فإن كان الاه متسعا‪ i‬كان الكسب الناشئ عنه‬ ‫كذلك و إن كان ضيقا‪ i‬قليل‪ i‬فمثله‪ .‬و فاقد الاه و إن كان له مال فل يكون يساره إل بقدار عمله أو ماله و نسبة سعيه ذاهبا‪ i‬و آيب ا‪ i‬ف‬ ‫تنميته كأكثر التجار و أهل الفلحة ف الغالب و أهل الصنائع كذلك إذا فقدوا الاه و اقتصروا على فوائد صنائعهم فإنم يصيون إل الفقر‬ ‫و الصاصة ف الكثر و ل تسرع إليهم ثروة و إنا يرمقون العيش ترميقا‪ i‬و يدافعون ضرورة الفقر مدافعة‪ .‬و إذا تقرر ذل ك و أن ال اه‬ ‫متفرع و أن السعادة و الي مقترنان بصوله علمت إن بذله و إفادته من أعظم النعم و أجلها و أن باذلة من أجل النعمي و إنا يبدله ل ن‬ ‫تت يديه فيكون بذله بيد عالية و عزة فيحتاج طالبه و مبتغيه إل خضوع و تلق كما يسال أهل العز و اللوك و إل فيتعذر حصوله‪ .‬فلذلك‬ ‫قلنا إن الضوع و التملق من أسباب حصول هذا الاه الصل للسعادة و الكسب و إن أكثر أهل الثروة و السعادة بذا التملق و لذا ن د‬ ‫الكثي من يتخلق بالترفع و الشمم ل يصل لم غرض الاه فيقتصرون ف التكسب على أعمالم و يصيون إل الفقر و الصاصة‪ .‬و اعل م‬ ‫أن هذا الكب و الترفع من الخلق الذمومة إنا يصل من توهم الكمال و أن الناس يتاجون إل بضاعته من علم أو صناعة كالعال التبحر‬ ‫ف علمه و الكاتب اليد ف كتابته أو الشاعر البليغ ف شعره و كل مسن ف صناعته يتوهم أن الناس متاجون لا بيده فيحدث ل ه ترف ع‬ ‫عليهم بذلك و كذا يتوهم أهل النساب من كان ف آبائه ملك أو عال مشهور أو كامل ف طور يعبون به با رأوه أو سعوه من رج ال‬ ‫آبائهم ف الدينة و يتوهون أنم استحقوا مثل ذلك بقرابتهم إليهم و وراثتهم عنهم‪ .‬فهم متمسكون ف الاضر بالمر العدوم و كذلك أهل‬ ‫اليلة و البصر و التجارب بالمور قد يتوهم بعضهم كمال‪ i‬ف نفسه بذلك و احتياجا‪ i‬إليه‪ .‬و تد هؤلء الص ناف كله م م ترفعي ل‬ ‫يضعون لصاحب الاه و ل يتملقون لن هو أعلى منهم و يستصغرون من سواهم لعتقادهم الفضل على الناس فيستنكف أح دهم ع ن‬ ‫الضوع و لو كان للملك و يعده مذلة و هوانا‪ i‬و سفها‪ .i‬و ياسب الناس ف معاملتهم إياه بقدار ما يتوهم ف نفسه و يقد على من قص ر‬ ‫له ف شيء ما يتوهه من ذلك‪ .‬و ربا يدخل على نفسه الموم و الحزان من تقصيهم فيه و يستمر ف عناء عظيم من إياب الق لنفسه أو‬ ‫إباية الناس له من ذلك‪ .‬و يصل له القت من الناس لا ف طباع البشر من التأله‪ .‬و قل أن يسلم أحد منهم لحد ف الكمال و الترفع علي ه‬ ‫إل أن يكون ذلك بنوع من القهر و الغلبة و الستطالة‪ .‬و هذا كله ف ضمن الاه‪ .‬فإذا فقد صاحب هذا اللق الاه و هو مفقود له كم ا‬ ‫تبي لك مقته الناس بذا الترفع و ل يصل له حظ من إحسانم و فقد الاه لذلك من أهل الطبقة الت هي أعلى منه لجل القت و ما يصل‬ ‫له بذلك من القعود عن تعاهدهم و غشيان منازلم ففسد معاشه و بقي ف خصاصة و فقر أو فوق ذلك بقليل‪ .‬و أما الثروة فل تصل ل ه‬ ‫أصل‪ .i‬و من هذا اشتهر بي الناس أن الكامل ف العرفة مروم من الظ و أنه قد حوسب با رزق من العرفة و اقتطع ذلك من الظ و هذا‬ ‫معناه‪ .‬و من خلق لشيء يسر له‪ .‬و ال القدر ل رب سواه‪ .‬و لقد يقع ف الدول أضراب ف الراتب من أهل اللق و يرتفع فيها كثي م ن‬ ‫السفلة و ينل كثي من العلية بسبب ذلك و ذلك أن الدول إذا بلغت نايتها من التغلب و الستيلء انفرد منها منب ت الل ك بلكه م و‬ ‫سلطانم و يئس من سواهم من ذلك و إنا صاروا ف مراتب دون مرتبة اللك‪ ،‬و تت يد السلطان و كأنم خول له‪ .‬فإذا استمرت الدولة و‬ ‫شخ اللك تساوى حينئذ ف النلة عند السلطان كل من انتمى إل خدمته و تقرب إليه بنصيحة و اصطنعه السلطان لغنائه ف ك ثي م ن‬ ‫مهماته‪ .‬فتجد كثيا‪ i‬من السوقة يسعى ف التقرب من السلطان بده و نصحه و يتزلف إليه بوجوه خدمته و يستعي على ذلك بعظيم م ن‬ ‫الضوع و التملق له و لاشيته و أهل نسبه‪ .‬حت يرسخ قدمه معهم و ينظمه السلطان ف جلته فيحصل له بذلك حظ عظيم من السعادة و‬ ‫ينتظم ف عدد أهل الدولة و ناشئة الدولة حينئذ من أبناء قومها الذين ذللوا أضغانم و مهدوا أكنافهم مغترين با كان لبائهم ف ذلك م ن‬ ‫الثار ل تسمح به نفوسهم على السلطان و يعتدون بآثاره و يرون ف مضمار الدولة بسببه فيمقتهم السلطان لذلك و يباعدهم‪ .‬و ييل إل‬ ‫هؤلء الصطنعي الذين ل يعتدون بقدي و ل يذهبون إل دالة و ل ترفع‪ .‬إنا دأبم الضوع له و التملق و العتمال ف غرضه مت ذهب إليه‬ ‫فيتسع جاههم و تعلو منازلم و تنصرف إليهم الوجوه و الواطر با يصل لم من قبل السلطان و الكانة عنده و يبقى ناشئة الدولة فيما هم‬ ‫فيه من الترفع و العتداد بالقدي ل يزيدهم ذلك إل بعدا‪ i‬من السلطان و مقتا‪ i‬و إيثارا‪ i‬لؤلء الصطنعي عليهم إل أن تنقرض الدولة‪ .‬و هذا‬ ‫أمر طبيعي ف الدولة و منه جاء شأن الصطنعي ف الغالب و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب سواه‪.‬‬


‫الفصل السابع ف أن القائمي بأمور الدين من القضاء و الفتيا و التدريس و‬ ‫المامة و الطابة و الذان و نو ذلك ل تعظم ثروتم ف الغالب‬ ‫و السبب لذلك أن الكسب كما قدمناه قيمة العمال و أنا متفاوتة بسب الاجة إليها‪ .‬فإذا كانت العمال ضرورية ف العم ران عام ة‬ ‫البلوى به كانت قيمتها أعظم و كانت الاجة إليها أشد‪ .‬و أهل هذه الصنائع الدينية ل تضطر إليهم عامة اللق و إنا يتاج إل ما عندهم‬ ‫الواص من أقبل على دينه‪ .‬و إن احتيج إل الفتيا و القضاء ف الصومات فليس على وجه الضطرار و العموم فيقع الستغناء عن هؤلء ف‬ ‫الكثر‪ .‬و إنا يهتم بإقامة مراسهم صاحب الدولة با ناله من النظر ف الصال فيقسم لم حظا‪ i‬من الرزق على نسبة الاجة إليهم على النحو‬ ‫الذي قررناه‪ .‬ل يساويهم بأهل الشوكة و ل بأهل الصنائع من حيث الدين و الراسم الشرعية لكنه يقسم بسب عموم الاجة و ض رورة‬ ‫أهل العمران فل يصح قسمهم إل القليل‪ .‬و هم أيضا‪ i‬لشرف بضائعهم أعزة على اللق و عند نفوسهم فل يضعون لهل الاه حت ين الوا‬ ‫منه حظا‪ i‬يستدرون به الرزق بل و ل تفرغ أوقاتم لذلك لا هم فيه من الشغل بذه البضائع الشريفة الشتملة على إعمال الفكر و البدن‪ .‬بل‬ ‫و ل يسعهم ابتذال أنفسهم لهل الدنيا لشرف بضائعهم فهم بعزل عن ذلك‪ ،‬فلذلك ل تعظم ثروتم ف الغالب‪ .‬و لقد ب احثت بع ض‬ ‫الفضلء فأنكر ذلك علي فوقع بيدي أوراق مرقة من حسابات الدواوين بدار الأمون تشتمل على كثي من الدخل و الرج و كان فيم ا‬ ‫طالعت فيه أرزاق القضاة و الئمة و الؤذني فوقفته عليه و علم منه صحة ما قلته و رجع إليه و قضينا العجب م ن أس رار ال ف خلق ه‬ ‫حكمته ف عواله و ال الالق القادر ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف أن الفلحة من معاش التضعي و أهل العافية من البدو‬ ‫و ذلك لنه أصيل ف الطبيعة و بسيط ف منحاه و لذلك ل تده ينتحله أحد من أهل الضر ف الغالب و ل من الترفي‪ .‬و يتص منتحل ه‬ ‫بالذلة قال صلى ال عليه و سلم و قد رأى السكة ببعض دور النصار‪ :‬ما دخلت هذه دار قوم إل دخله الذل‪ ،‬و حل ه البخ اري عل ى‬ ‫الستكثار منه‪ .‬و ترجم عليه باب ما يذر من عواقب الشتغال بآلة الزرع أو تاوز الد الذي أمر به‪ .‬و السبب فيه و ال أعلم ما يتبعه ا‬ ‫من الغرم الفضي إل التحكم و اليد العالية فيكون الغارم ذليل‪ i‬بائسا‪ i‬با تتناوله أيدي القهر و الستطالة‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬ل تقوم‬ ‫الساعة حت تعود الزكاة مغرما‪ ،i‬إشارة إل اللك العضوض القاهر للناس الذي معه التسلط و الور و نسيان حقوق ال تعال ف التمولت و‬ ‫اعتبار القوق كلها مغرم للملوك و الدول‪ .‬و ال قادر على ما يشاء‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف معن التجارة و مذاهبها و أصنافها‬ ‫اعلم أن التجارة ماولة الكسب بتنمية الال بشراء السلع بالرخص و بيعها بالغلء أيام كانت السلعة من دقيق أو زرع أو حيوان أو قماش‪ .‬و‬ ‫ذلك القدر النامي يسمى ربا‪ .i‬فالاول لذلك الربح إما أن يتزن السلعة و يتحي با حوالة السواق من الرخص إل الغلء فيعظم ربه و إما‬ ‫بأن ينقله إل بلد آخر تنفق فيه تلك السلعة أكثر من بلده الذي اشتراها فيه فيعظم ربه‪ .‬و لذلك قال بعض الشيوخ م ن التج ار لطل ب‬ ‫الكشف عن حقيقة التجارة أنا أعلمها لك ف كلمتي‪ :‬اشتراء الرخيص و بيع الغال‪ .‬فقد حصلت التجارة إشارة منه بذلك إل العن ال ذي‬ ‫قررناه‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل العاشر ف أي أصناف الناس يترف بالتجارة و أيهم ينبغي له اجتناب‬ ‫حرفها‬


‫قد قدمنا أن معن التجارة تنمية الال بشراء البضائع و ماولة بيعها بأغلى من ثن الشراء إما بانتظار حوالة السواق أو نقلها إل بلد هي فيه‬ ‫أنفق و أغلى أو بيعها بالغلء على الجال‪ .‬و هذا الربح بالنسبة إل أصل الال يسي إل أن الال إذا كان كثيا‪ i‬عظم الرب ح لن القلي ل ف‬ ‫الكثي كثي‪ .‬ث ل بد ف ماولة هذه التنمية الذي هو الربح من حصول هذا الال بأيدي الباعة ف شراء البضائع و بيعه ا‪ .‬و مع املتهم ف‬ ‫تقاضي أثانا‪ .‬و أهل النصفة قليل‪ ،‬فل بد من الغش و التطفيف الحف بالبضائع و من الطل ف الثان الحف بالربح‪ .‬كتعطيل الاولة ف‬ ‫تلك الدة و با ناؤه‪ .‬و من الحود و النكار السحت لرأس الال إن ل يتقيد بالكتاب و الشهادة‪ ،‬و غن الكام ف ذلك قليل لن الكم‬ ‫إنا هو على الظاهر‪ .‬فيعان التاجر من ذلك أحوال‪ i‬صعبة‪ .‬و ل يكاد يصل على ذلك التافه من الربح إل بعظم العناء و الشقة‪ ،‬أو ل يصل‬ ‫أو يتلشى رأس ماله‪ .‬فإن كان جريئا‪ i‬على الصومة بصيا‪ i‬بالسبان شديد الماحكة مقداما‪ i‬على الكام كان ذلك أقرب ل ه إل النص فة‬ ‫براءته منهم و ماحكته و إل فل بد له من جاه يدرع به‪ ،‬يوقع له اليبة عند الباعة و يمل الكام على إنصافه من معامليه فيحصل له بذلك‬ ‫النصفة ف ماله طوعا‪ i‬ف الول و كرها‪ i‬ف الثان و أما من كان فاقدا‪ i‬للجراءة و القدام من نفسه فاقد الاه من الكام فينبغي له أن ين ب‬ ‫الحتراف بالتجارة لنه يعرض ماله للضياع و الذهاب و يصي مأكلة للباعة و ل يكاد ينتصف منهم لن الغالب ف الن اس و خصوص ا‪i‬‬ ‫الرعاع و الباعة شرهون إل ما ف أيدي الناس سواهم متوثبون عليه‪ .‬و لول وازع الحكام لصبحت أموال الناس نبا‪ i‬و لول دفع ال الناس‬ ‫بعضهم ببعض لفسدت الرض و لكن ال ذو فضل على العالي‪.‬‬

‫الفصل الادي عشر ف أن خلق التجار نازلة عن خلق الشراف و اللوك‬ ‫و ذلك أن التجار ف غالب أحوالم إنا يعانون البيع و الشراء و ل بد فيه من الكايسة ضرورة فإن اقتصر عليها اقتصرت به على خلقه ا و‬ ‫هي أعن خلق الكايسة بعيدة عن الرؤة الت تتخلق با اللوك و الشراف‪ .‬و أما إن استرذل خلقه با يتبع ذلك ف أهل الطبقة السفلى منهم‬ ‫من الماحكة و الغش و اللبة و تعاهد اليان الكاذبة على الثان ردا‪ i‬و قبول‪ i‬فأجدر بذلك اللق أن يكون ف غاية الذلة لا هو معروف‪.‬‬ ‫و لذلك تد أهل الرئاسة يتحامون الحتراف بذه الرفة لجل ما يكسب من هذا اللق‪ .‬و قد يوجد منهم من يسلم من ه ذا الل ق و‬ ‫يتحاماه لشرف نفسه و كرم جلله إل أنه ف النادر بي الوجود و ال يهدي من يشاء بفضله و كرمه و هو رب الولي و الخرين‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف نقل التاجر للسلع‬ ‫التاجر البصي بالتجارة ل ينقل من السلع إل ما تعم الاجة إليه من الغن و الفقي و السلطان و السوقة إذ ف ذلك نفاق سلعته‪ .‬و أم ا إذا‬ ‫اختص نقله با يتاج إليه البعض فقط فقد يتعذر نفاق سلعته حينئذ بإعواز الشراء من ذلك البعض لعارض من العوارض فتكسد س وقه و‬ ‫تفسد أرباحه‪ .‬و كذلك إذا نقل السلعة التاج إليها فإنا ينقل الوسط من صنفها فإن العال من كل صنف من السلع إنا يتص به أهل الثروة‬ ‫و حاشية الدولة و هم القل‪ .‬و إنا يكون الناس أسوة ف الاجة إل الوسط من كل صنف فليتحر ذلك جهده ففيه نفاق سلعة أو كسادها‬ ‫و كذلك نقل السلع من البلد البعيد السافة أو ف شدة الطر ف الطرقات يكون أكثر فائدة للتجار و أعظم أرباحا‪ i‬و أكفل بوالة السواق‬ ‫لن السلعة النقولة حينئذ تكون قليلة معوزة لبعد مكانا أو شدة الغرر ف طريقها فيقل حاملوها و يعز وجودها و إذا قلت و عزت غل ت‬ ‫أثانا‪ .‬و أما إذا كان البلد قريب السافة و الطريق سابل بالمن فإنه حينئذ يكثر ناقلوها فتكثر و ترخص أثانا و بذا تد التج ار ال ذين‬ ‫يولعون بالدخول إل بلد السودان أرفه الناس و أكثرهم أموال‪ i‬لبعد طريقها و مشقته و اعتراض الفازة الصعبة الخطرة بالوف و العطش‪.‬‬ ‫ل يوجد فيها الاء إل ف أماكن معلومة يهتدي إليها أدلء الركبان فل يرتكب خطر هذا الطريق و بعده إل القل من الناس فتجد سلع بلد‬ ‫السودان قليلة لدينا فتختص بالغلء و كذلك سلعنا لديهم‪ .‬فتعظم بضائع التجار من تناقلها و يسرع إليهم الغن و الثروة من أجل ذل ك‪ .‬و‬ ‫كذلك السافرون من بلدنا إل الشرق لبعد الشقة أيضا‪ .i‬و أما الترددون ف أفق واحد ما بي أمصاره و بلدانه ففائدتم قليلة و أرب احهم‬ ‫تافهة لكثرة السلع و كثرة ناقليها إن ال هو الرزاق ذو القوة التي‪.‬‬


‫الفصل الثالث عشر ف الحتكار‬ ‫و ما اشتهر عند قوي البصر و التجربة ف المصار أن احتكار الزرع لتحي أوقات الغلء مشؤم‪ .‬و أنه يعود على فائدته بالتلف و السران‪.‬‬ ‫و سببه و ال أعلم أن الناس لاجتهم إل القوات مضطرون إل ما يبذلون فيها من الال اضطرارا‪ i‬فتبقى النفوس متعلقة به و ف تعلق النفوس‬ ‫با لا سر كبي ف وباله على من يأخذه مانا‪ i‬و فعله الذي اعتبه الشارع ف أخذ أموال الناس بالباطل و هذا و إن ل يكن مان ‪i‬ا ف النفوس‬ ‫متعلقة به لعطائه ضرورة من غي سي ف العذر فهو كالكره و ما عدا القوات و الأكولت من البيعات ل اضطرار للناس إليه ا و إن ا‬ ‫يبعثهم عليها التفنن ف الشهوات فل يبذلون أموالم فيها إل ياختيار و حرص‪ .‬و ل يبقى لم تعلق با أعطوه فله ذا يك ون م ن ع رف‬ ‫بالحتكار تتمع القوى النفسانية على متابعته لا يأخذه من أموالم فيفسد ربه‪ .‬و ال تعال أعلم‪ .‬و سعت فيما يناسب هذا حكاية ظريفة‬ ‫عن بعض مشيخة الغرب‪ .‬أخبن شيخنا أبو عبد ال البلي قال‪ :‬حضرت عند القاضي بفاس لعهد السلطان أب سعيد و هو الفقي ه أب و‬ ‫السن الليلي و قد عرض عليه أن يتار بعض اللقاب الخزنية لرايته قال فأطرق ملي‪i‬ا ث قال‪ :‬من مكس المر‪ .‬فاستضحك الاضرون من‬ ‫أصحابه و عجبوا و سألوه عن حكمة ذلك‪ .‬فقال‪ :‬إذا كانت البايات كلها حراما‪ i‬فأختار منها مال‪ i‬تتابعه نفس معطيه و المر قل أن يبذل‬ ‫فيها أحد ماله إل و هو طرب مسرور بوجوداته غي أسف عليه و ل متعلقة به نفسه و هذه ملحظة غريبة و ال سبحانه و تعال يعلم م ا‬ ‫تكن الصدور‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ف أن رخص السعار مضر بالترفي بالرخص‬ ‫و ذلك أن الكسب و العاش كما قدمناه إنا هو بالصنائع أو التجارة‪ .‬و التجارة هي شراء البضائع و السلع و ادخارها‪ .‬يتحي با حوال ة‬ ‫السواق بالزيادة ف أثانا و يسمى ربا‪ .i‬و يصل منه الكسب و العاش للمحترفي بالتجارة دائما‪ i‬فإذا استدي الرخص ف سلعة أو ع رض‬ ‫من مأكول أو ملبوس أو متمول على الملة و ل يصل للتاجر حوالة السواق فسد الربح و النماء بطول تلك الدة و كسدت سوق ذل ك‬ ‫الصنف و ل يصل التاجر إل على العناء فقعد التجار عن السعي فيها و فسدت رؤوس أموالم‪ .‬و اعتب ذلك أول‪ i‬بالزرع فإنه إذا اس تدي‬ ‫رخصه يفسد به حال الترفي بسائر أطواره من الفلح و الزراعة لقلة الربح فيه و ندارته أو فقده‪ .‬فيفقدون النماء ف أموالم أو يدونه على‬ ‫قلة و يعودون بالنفاق على رؤوس أموالم و تفسد أحوالم و بصيون إل الفقر و الصاصة‪ .‬و يتبع ذلك فساد حال الترفي أيضا‪ i‬بالطحن‬ ‫و البز و سائر ما يتعلق بالزراعة من الرث إل صيورته مأكول‪ .i‬و كذا يفسد حال الند إذا كانت أرزاقهم من السلطان على أهل الفلح‬ ‫زرعا‪ i‬فإنا تقل جبايتهم من ذلك و يعجزون عن إقامة الندية الت هي بسببها و مطالبون با و منقطعون لا فتفسد أحوالم و كذا إذا استدي‬ ‫الرخص ف السكر أو العسل فسد جيع ما يتعلق به و قعد الترفون عن التجارة فيه و كذا حال اللبوسات إذا استدي فيها الرخص أيضا‪ i‬فإذا‬ ‫الرخص الفرط يحف بعاش الترفي بذلك الصنف الرخيص و كذا الغلء الفرط أيضا‪ .i‬و إنا معاش الناس و كسبهم ف التوسط من ذلك‬ ‫و سرعة حوالة السواق و علم ذلك يرجع إل العوائد التقررة بي أهل العمران‪ .‬و إنا يمد الرخص ف الزرع من بي البيع ات لعم وم‬ ‫الاجة إليه و اضطرار الناس إل القوات من بي الغن و الفقي‪ .‬و العالة من اللق هم الكثر ف العمران فيعم الرفق بذلك و يرجح ج انب‬ ‫القوت على جانب التجارة ف هذا الصنف الاص إن ال هو الرزاق ذو القوة التي و ال سبحانه و تعال رب العرش العظيم‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف أن خلق التجارة نازلة عن خلق الرؤساء و بعيدة من‬ ‫الروءة‬ ‫قد قدمنا ف الفصل قبله أن التاجر مدفوع إل معاناة البيع و الشراء و جلب الفوائد و الرباح و ل بد ف ذلك من الكايسة و الماحك ة و‬ ‫التحذلق و مارسة الصومات و اللجاج و هي عوارض هذه الرفة‪ .‬و هذه الوصاف نقص من الذكاء و الروءة و ترح فيها لن الفع ال‬ ‫ل بد من عود آثارها على النفس‪ .‬فأفعال الي تعود بآثار الي و الذكاء و أفعال الشر و السفسفة تعود بضد ذلك فتتمك ن و ترس خ إن‬


‫سبقت و تكررت و تنقص خلل الي إن تأخرت عنها با ينطبع من آثارها الذمومة ف النفس شأن اللكات الناشئة عن الفعال‪ .‬و تتفاوت‬ ‫هذه الثار بتفاوت أصناف التجار ف أطوارهم فمن كان منهم سافل الطور مالفا‪ i‬لشرار الباعة أهل الغش و اللبة و الديعة و الفجور ف‬ ‫الثان إقرارا‪ i‬و إنكارا‪ .i‬كانت رداءة تلك اللق عنه أشد و غلبت عليه السفسفة و بعد عن الروءة و اكتسابا بالملة‪ .‬و إل فل بد له م ن‬ ‫تأثي الكايسة و الماحكة ف مروءته‪ ،‬و فقدان ذلك منهم ف الملة‪ .‬و وجود الصنف الثان منهم الذي قدمناه ف الفصل قبلة أنم يدرعون‬ ‫بالاه و يعوض لم من مباشرة ذلك‪ ،‬فهم نادر و أقل من النادر‪ .‬و ذلك أن يكون الال قد يوجد عنده دفعة بنوع غريب أو ورثه عن أحد‬ ‫من أهل بيته فحصلت له ثروة تعينه على التصال بأهل الدولة و تكسبه ظهورا‪ i‬و شهرة بي أهل عصره فيتفع عن مباشرة ذلك بنفس ه و‬ ‫يدفعه إل من يقوم له به من وكلئه و حشمه‪ .‬و يسهل له الكام النصفة ف حقوقهم با يؤنسونه من بره و إتافه فيبعدونه عن تلك الل ق‬ ‫بالبعد عن معاناة الفعال القتضية لا كما مر‪ .‬فتكون مروءتم أرسخ و أبعد عن تلك الاجاة إل ما يسري من آثار تلك الفعال م ن وراء‬ ‫الجاب فإنم يضطرون إل مشارفة أحوال أولئك الوكلء و رفاقهم أو خلفهم فيما يأتون أو يدرون من ذلك إل أنه قليل و ل يكاد يظهر‬ ‫أثره و ال خلقكم و ما تعملون‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر ف أن الصنائع ل بد لا من العلم‬ ‫إعلم أن الصناعة هي ملكة ف أمر عملي فكري و بكونه عمليا‪ i‬هو جسمان مسوس‪ .‬و الحوال السمانية السوسة فنقلها بالباشرة أوعب‬ ‫لا و أكمل‪ ،‬لن الباشرة ف الحوال السمانية السوسة أت فائدة و اللكة صفة راسخة تصل عن استعمال ذلك الفعل و تكرره مرة بع د‬ ‫أخرى حت ترسخ صورته‪ .‬و على نسبة الصل تكون اللكة‪ .‬و نقل العاينة أوعب و أت من نقل الب و العلم‪ .‬فاللكة الاصلة عن الب‪ .‬و‬ ‫على قدر جودة التعليم و ملكة العلم يكون حذق التعلم ف الصناعة و حصول ملكته‪ .‬ث أن الصنائع منها البسيط و منها الركب‪ .‬و البسيط‬ ‫هو الذي يتص بالضروريات و الركب هو الذي يكون للكماليات‪ .‬و التقدم منها ف التعليم هو البسيط لبس اطته أول‪ ،i‬و لن ه مت ص‬ ‫بالضروري الذي تتوفر الدواعي على نقله فيكون سابقا‪ i‬ف التعليم و يكون تعليمه لذلك ناقصا‪ .i‬و ل يزال الفكر يرج أصنافها و مركبات ا‬ ‫من القوة إل الفعل بالستنباط شيئا‪ i‬فشيئا‪ i‬على التدريج حت تكمل‪ .‬و ل يصل ذلك دفعة و إنا يصل ف أزمان و أجيال إذ خروج الشياء‬ ‫من القوة إل الفعل ل يكون دفعة ل سيما ف المور الصناعية فل بد له إذن من زمان‪ .‬و لذا تد الصنائع ف المصار الصغية ناقص ة و ل‬ ‫يوجد منها إل البسيط فإذا تزايدت حضارتا و دعت أمور الترف فيها إل استعمال الصنائع خرجت من القوة إل الفعل‪ .‬و تنقسم الصنائع‬ ‫أيضا‪ i‬إل ما يتص بأمر العاش ضروريا‪ i‬كان أو غي ضروري و إل ما يتص بالفكار الت هي خاصية النسان م ن العل وم و الص نائع و‬ ‫السياسة‪ .‬و من الول الياكة و الزارة و النجارة و الدادة و أمثالا‪ .‬و من الثان الوراقة و هي معاناة الكتب بالنتساخ و التخليد و الغناء‬ ‫و الشعر و تعليم العلم و أمثال ذلك‪ .‬و من الثالث الندية و أمثالا‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر ف أن الصنائع إنا تكمل بكمال العمران الض‬ ‫كثرته‬

‫ري و‬

‫و السبب ف ذلك أن الناس ما ل يستوف العمران الضري و تتمدن الدينة إنا ههم ف الضروري من العاش و هو تصيل الق وات م ن‬ ‫النطة و غيها‪ .‬فإذا تدنت الدبنة و تزايدت فيها العمال و وفت بالضروري و زادت عليه صرف الزائد و إنا إل الكمالت من العاش‪.‬‬ ‫ث إن الصنائع و العلوم إنا هي للنسان من حيث فكره الذي يتميز به عن اليوانات و القوت له من حيث اليوانية و الغذائية فهو مق دم‬ ‫لضرورته على العلوم و الصنائع و هي متأخرة عن الضروري‪ .‬و على مقدار عمران البلد تكون جودة الصنائع للتأنق فيها و إنا و اس تجادة‬ ‫ما يطلب منها بيث تتوفر دواعي الترف و الثروة و أما العمران البدوي أو القليل فل يتاج من الصنائع إل البسيط خاص ة الس تعمل ف‬ ‫الضروريات من نار أو حداد او خياط أو حائك أو جزار‪ .‬و إذا وجدت هذه بعد فل توجد فيه كاملة و ل مستجادة و إنا يوج د منه ا‬


‫بقدار الضرورة إذ هي كلها وسائل إل غيها و ليست مقصودة لذاتا‪ .‬و إذا زخر بر العمران و طلبت فيه الكمالت كان م ن جلته ا‬ ‫التأنق ف الصنائع و استجادتا فكملت بميع متمماتا و تزايدت صنائع أخرى معها ما تدعو إليه عوائد الترف و أحواله من جزار و دباغ و‬ ‫خراز و صائغ و أمثال ذلك‪ .‬و قد تنتهي هذه الصناف إذا استبحر العمران إل أن يوجد فيها كثي من الكمالت و التأنق فيها ف الغاي ة و‬ ‫تكون من وجوه العاش ف الصر لنتحلها‪ .‬بل تكون فائدتا من أعظم فوائد العمال لا يدعو إليه الترف ف الدينة مثل الدهان و الص فار و‬ ‫المامي و الطباخ و الشماع و الراس و معلم الغناء و الرقص و قرع الطبول على الترقيع‪ .‬و مثل الوراقي الذين يعانون ص ناعة انتس اخ‬ ‫الكتب و تليدها و تصحيحها فإن هذه الصناعة إنا يدعو إليها الترف ف الدينة من الشتغال بالمور الفكرية و أمثال ذلك‪ .‬و قد ترج عن‬ ‫الد إذا كان العمران خارجا‪ i‬عن الد كما بلغنا عن أهل مصر أن فيهم من يعلم الطيور العجم و المر النسية و يتخيل أشياء من العجائب‬ ‫بإيهام قلب العيان و تعليم الداء و الرقص و الشي على اليوط ف الواء و رفع الثقال من اليوان و الجارة و غي ذلك من الصنائع الت‬ ‫ل توجد عندنا بالغرب‪ .‬لن عمران أمصاره ل يبلغ عمران مصر و القاهرة‪ .‬أدام ال عمرانا بالسلمي‪ .‬و ال الكيم العليم‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر ف أن رسوخ الصنائع ف المصار إن ا ه و برس وخ‬ ‫الضارة و طول أمده‬ ‫و السبب ف ذلك ظاهر و هو أن هذه كلها عوائد للعمران و الوان‪ .‬و العوائد إنا ترسخ بكثرة التكرار و طول المد فتستحكم صبغة ذلك‬ ‫و ترسخ ف الجيال‪ .‬و إذا استحكمت الصبغة عسر نزعها‪ .‬و لذا ند ف المصار الت كانت استبحرت ف الضارة لا تراجع عمران ا و‬ ‫تناقص بقيت فيها آثار من هذه الصنائع ليست ف غيها من المصار الستحدثة العمران و لو بلغت مبالغها ف الوفور و الكثرة و ما ذاك إل‬ ‫لن أحوال تلك القدية العمران مستحكمة راسخة بطول الحقاب و تداول الحوال و تكررها و هذه ل تبلغ الغاية بعد‪ .‬و هذا كالال ف‬ ‫الندلس لذا العهد فإنا ند فيها رسوم الصنائع قائمة و أحوالا فمن مستحكمة راسخة ف جيع ما تدعو إليه عوائد أمص ارها كالب ان و‬ ‫الطبخ و أصناف الغناء و اللهو من اللت و الوتار و الرقص و تنضيد الفرش ف القصور‪ ،‬و حسن الترتيب و الوضاع ف البناء و ص وغ‬ ‫النية من العادن و الزف و جيع الواعي و إقامة الولئم و العراس و سائر الصنائع الت يدعو إليها الترف و عوائده‪ .‬فنجدهم أقوم عليها‬ ‫و أبصر با‪ .‬و ند صنائعها مستحكمة لديهم فهم على حصة موفورة من ذلك و حظ متميز بي جيع المصار‪ .‬و إن كان عمران ا ق د‬ ‫تناقص‪ .‬و الكثي منه ل يساوي عمران غيها من بلد العدوة‪ .‬و ما ذاك إل لا قدمناه من رسوخ الضارة فيهم برسوخ الدولة الموية و ما‬ ‫قبلها من دولة القوط و ما بعدها من دولة الطوائف و هلم جرا‪ .‬فبلغت الضارة فيها مبلغا‪ i‬ل تبلغه ف قطر إل ما ينقل عن العراق و الشام و‬ ‫مصر أيضا‪ i‬لطول آماد الدول فيها فاستحكمت فيها الصنائع و كملت جيع أصنافها على الستجادة و التنميق‪ .‬و بقيت ص بغتها ثابت ة ف‬ ‫ذلك العمران ل تفارقه إل أن ينتقض بالكلية حال الصبغ إذا رسخ ف الثوب‪ .‬و كذا أيضا‪ i‬حال تونس فيما حصل فيها بالضارة من الدول‬ ‫الصنهاجية و الوحدين من بعدهم و ما استكمل لا ف ذلك من الصنائع ف سائر الحوال و إن كان ذلك دون الندلس‪ .‬إل أنه متض اعف‬ ‫برسوم منها تنقل إليها من مصر لقرب السافة بينهما‪ .‬و تردد السافرين من قطرها إل قطر مصر ف كل سنة و ربا س كن أهله ا هن اك‬ ‫عصورا‪ i‬فينقلون من عوائد ترفهم و مكم صنائعهم ما يقع لديهم موقع الستحسان‪ .‬فصارت أحوالا ف ذلك متشابة من أحوال مصر ل ا‬ ‫ذكرناه و من أحوال الندلس لا أن أكثر ساكنها من شرق الندلس حي اللء لعهد الائة السابعة‪ .‬و رسخ فيها من ذلك أحوال و إن كان‬ ‫عمرانا ليس مناسب لذلك لذا العهد‪ .‬إل أن الصبغة إذا استحكمت فقليل‪ i‬ما تول إل بزوال ملها‪ .‬و كذا ند بالقيوان و مراكش و قلعة‬ ‫ابن حاد أثرا‪ i‬باقيا‪ i‬من ذلك و إن كانت هذه كلها اليوم خرابا‪ i‬أو ف حكم الراب‪ .‬و ل يتفطن لا إل البصي من الناس فيجد م ن ه ذه‬ ‫الصنائع آثارا‪ i‬تدله على ما كان با كأثر الط المحو ف الكتاب و ال اللق العليم‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر ف أن الصنائع إنا تستجاد و تكثر إذا كثر طالبها‬


‫و السبب ف ذلك ظاهر و هو أن النسان ل يسمح بعمله أن يقع مانا‪ i‬لنه كسبه و منه معاشه‪ .‬إذ ل فائدة له ف جيع عمره ف شيء م ا‬ ‫سواه فل يصرفه إل فيما له قيمة ف مصره ليعود عليه بالنفع‪ .‬و إن كانت الصناعة مطلوبة و توجه إليها النفاق كانت و إنا الصناعة بثاب ة‬ ‫السلعة الت تنفق سوقها و تلب للبيع‪ .‬فتجتهد الناس ف الدينة لتعلم تلك الصناعة ليكون منها معاشهم‪ .‬و إذا ل تكن الصناعة مطلوب ة ل‬ ‫تنفق سوقها و ل يوجه قصد إل تعلمها‪ ،‬فاختصت بالترك و فقدت للهال‪ .‬و لذا يقال عن علي رضي ال عنه‪ ،‬قيمة كل امرئ ما يسن‬ ‫بعن أن صناعته هي قيمته أي قيمة عمله الذي هو معاشه‪ .‬و أيضا‪ i‬فهنا سر آخر و هو أن الصنائع و إجادتا إنا تطلبها الدولة فهي الت تنفق‬ ‫سوقها و توجه الطالبات إليها‪ .‬و ما ل تطلبه الدولة و إنا يطلبها غيها من أهل الصر فليس على نسبتها لن الدولة هي السوق العظ م و‬ ‫فيها نفاق كل شيء و القليل و الكثي فيها على نسبة واحدة‪ .‬فما نفق منها كان أكثريا‪ i‬ضرورة‪ .‬و السوقة و إن طلبوا الصناعة فليس طلبهم‬ ‫بعام و ل شوقهم بنافقة‪ .‬و ال سبحانه و تعال قادر على ما يشاء‪.‬‬

‫الفصل العشرون ف أن المصار إذا قاربت الراب انتقصت منها الصنائع‬ ‫و ذلك لا بينا أن الصنائع إنا تستجاد إذا احتيج إليها و كثر طالبها‪ .‬و إذا ضعفت أحوال الصر و أخذ ف الرم بانتقاض عمران ه و قل ة‬ ‫ساكنه تناقص فيه الترف و رجعوا إل القتصار على الضروري من أحوالم فتقل الصنائع الت كانت من توابع الترف لن صاحبها حينئد ل‬ ‫يصح له با معاشه فيفر إل غيها‪ ،‬أو يوت و ل يكون خلف منه‪ .‬فيذهب رسم تلك الصنائع جلة‪ ،‬كما يذهب النقاش ون و الص واغ و‬ ‫الكتاب و النساخ و أمثالم من الصنائع لاجات الترف‪ .‬و ل تزال الصناعات ف التناقص إل أن تضمحل‪ .‬و ال اللق العليم و سبحانه و‬ ‫تعال‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون ف أن العرب أبعد الناس عن الصنائع‬ ‫و السبب ف ذلك أنم أعرق ف البدو و أبعد عن العمران الضري و ما يدعو إليه من الصنائع و غيها‪ .‬و العجم من أهل الشرق و أم م‬ ‫النصرانية عدوة البحر الرومي أقوم الناس عليها لنم أعرق ف العمران الضري و أبعد عن البدو و عمرانه‪ .‬حت إن البل الت أعانت العرب‬ ‫على التوحش و ف القفر‪ ،‬و العراق ف البدو‪ ،‬مفقودة لديهم بالملة‪ ،‬و مفقودة مراعيها‪ ،‬و الرمال الهيئة لنتاجها‪ .‬و لذا ند أوطان العرب‬ ‫و ما ملكوه ف السلم قليل الصنائع بالملة‪ ،‬حت تلب إليه من قطر آخر‪ .‬و انظر بلد العجم من الصي و الند و أرض ال ترك و أم م‬ ‫النصرانية‪ ،‬كيف استكثرث فيهم الصنائع و استجلبها المم من عندهم‪ .‬و عجم الغرب من الببر مثل العرب ف ذلك لرسوخهم ف البداوة‬ ‫منذ أحقاب من السني‪ .‬و يشهد لك بذلك قلة المصار بقطرهم كما قدمناه‪ ..‬فالصنائع بالغرب لذلك قليلة و غي مستحكمة الماكن من‬ ‫صناعة الصوف من نسجه‪ ،‬و اللد ف خرزه و دبغه‪ .‬فإنم لا استحضروا بلغوا فيها البالغ لعموم البلوى با و كون هذين أغلب الس لع ف‬ ‫قطرهم‪ ،‬لا هم عليه من حال البداوة‪ .‬و أما الشرق فقد رسخت الصنائع فيه منذ ملك المم القدمي من الفرس و النب ط و القب ط و بن‬ ‫إسرائيل و يونان و الروم أحقابا‪ i‬متطاولة‪ ،‬فرسخت فيهم أحوال الضارة‪ .‬و من جلتها الصنائع كما قدمناه‪ ،‬فلم يح رسها‪ .‬و أما اليمن و‬ ‫البحرين و عمان و الزيرة و إن ملكه العرب إل أنم تداولوا ملكه آلفا‪ i‬من السني ف أمم كثيين منهم‪ .‬و اختطوا أمصاره و مدنه و بلغوا‬ ‫الغاية من الضارة و الترف مثل عاد و ثود و العمالقة و حي من بعدهم‪ .‬و التبابعة و الذواء فطال أمد اللك و الضارة و اس تحكمت‬ ‫صبغتها و توفرت الصنائع و رسخت‪ ،‬فلم تبل ببلى الدولة كما قدمناه‪ .‬فبقيت مستجدة حت الن‪ .‬و اختصت بذلك لل وطن‪ ،‬كص ناعة‬ ‫الوشي و العصب و ما يستجاد من حول الثياب و الرير فيها و ال وارث الرض و من عليها و هو خي الوارثي‪.‬‬

‫الفصل الثان و العشرون فيمن حصلت له ملكة ف صناعة فقل أن ييد بعد‬ ‫ف ملكة أخرى‬


‫و مثال ذلك الياط إذا أجاد ملكة الياطة و أحكمها و رسخت ف نفسه فل ييد من بعدها ملكة النجارة أو البناء إل أن تكون الول ل‬ ‫تستحكم بعد و ل ترسخ صبغتها‪ .‬و السبب ف ذلك أن اللكات صفات للنفس و ألوان فل تزدحم دفعة‪ .‬و من كان على الفط رة ك ان‬ ‫أسهل لقبول اللكات و أحسن استعدادا‪ i‬لصولا‪ .‬فإذا تلونت النفس باللكة الخرى و خرجت عن الفطرة ضعف فيها الستعداد ب اللون‬ ‫الاصل من هذه اللكة فكان قبولا للملكة الخرى أضعف‪ .‬و هذا بي يشهد له الوجود‪ .‬فقل أن تد صاحب صناعة يكمها ث يكم من‬ ‫بعدها أخرى و يكون فيهما معا‪ i‬على رتبة واحدة من الجادة‪ .‬حت أن أهل العلم الذين ملكتهم فكرية فهم بذه الثابة‪ .‬و من حصل منه م‬ ‫على ملكة علم من العلوم و أجادها ف الغاية فقل أن ييد ملكة علم آخر على نسبته بل يكون مقصرا‪ i‬فيه إن طلبه إل ف القل النادر م ن‬ ‫الحوال‪ .‬و مبن سببه على ما ذكرناه من الستعداد و تلوينه بلون اللكة الاصلة ف النفس‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق ل رب‬ ‫سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون ف الشارة إل أمهات الصنائع‬ ‫إعلم أن الصنائع ف النوع النسان كثية لكثرة العمال التداولة ف العمران‪ .‬فهي بيث تشذ عن الصر و ل يأخذها العد‪ .‬إل أن منها ما‬ ‫هو ضروري ف العمران أو شريف بالوضع فنخصها بالذكر و نترك ما سواها‪ .‬فأما الضروري فالفلحة و البناء و الياط ة و النج ارة و‬ ‫الياكة‪ ،‬و أما الشريفة بالوضع فكالتوليد و الكتابة و الوراقة و الغناء و الطب‪ .‬فأما التوليد فإنا ضرورية ف العمران و عامة البلوى إذ ب ا‬ ‫تصل حياة الولود و تتم غالبا‪ .i‬و موضوعها مع ذلك الولودون و أمهاتم‪ .‬و أما الطب فهو حفظ الصحة لنسان و دفع ال رض عن ه و‬ ‫يتفرع عن علم الطبيعة‪ ،‬و موضوعه مع ذلك بدن النسان‪ .‬و أما الكتابة و ما يتبعها من الوراقة فهي حافظة على النسان حاجته و مقيدة لا‬ ‫عن النسيان و مبلغة ضمائر النفس إل البعيد الغائب و ملدة نتائج الفكار و العلوم ف الصحف و رافعة رتب الوجود للمعان‪ .‬و أما الغناء‬ ‫فهو نسب الصوات و مظهر جالا للساع‪ .‬و كل هذه الصنائع الثلث داع إل مالطة اللوك العاظم ف خلواتم و مالس أنسهم فله ا‬ ‫بذلك شرف ليس لغيها‪ .‬و ما سوى ذلك من الصنائع فتابعة و متهنة ف الغالب‪ .‬و قد يتلف ذلك باختلف الغراض و ال دواعي‪ .‬و ال‬ ‫أعلم بالصواب‪.‬‬

‫الفصل الرابع و العشرون ف صناعة الفلحة‬ ‫هذه الصناعة ثرتا اتاذ القوات و البوب بالقيام على إثارة الرض لا ازدراعها و علج نباتا و تعهده بالسقي و التنمية إل بلوغ غايته ث‬ ‫حصاد سنبله و استخراج حبه من غلفه و إحكام العمال لذلك‪ .‬و تصيل أسبابه و دواعيه‪ .‬و هي أقدم الصنائع لا أنا مص لة للق وت‬ ‫الكمل لياة النسان غالبا‪ i‬إذ يكن وجوده من دون القوت‪ .‬و لذا اختصت هذه الصناعة بالبدو‪ .‬إذ قدمنا أنه أقدم من الضر و سابق عليه‬ ‫فكانت هذه الصناعة لذلك بدوية ل يقوم عليها الضر و ل يعرفونا لن أحوالم كلها ثانية على البداوة فصنائعهم ثانية عن صنائعها و تابعة‬ ‫لا‪ .‬و ال سبحانه و تعال مقيم العباد فيما أراد‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون ف صناعة البناء‬ ‫هذه الصناعة أول صنائع العمران الضري و أقدمها و هي معرفة العمل ف اتاذ البيوت و النازل للكن و الأوى للبدان ف الدن‪ .‬و ذل ك‬ ‫أن النسان لا جبل عليها من الفكر ف عواقب أحواله‪ ،‬ل بد أن يفكر فيما يدفع عنه الذى من الر و البد كاتاذ البيوت الكتنفة بالسقف‬ ‫و اليطان‪ .‬من سائر جهاتا و البشر متلف ف هذه البلة الفكرية فمنهم العتدلون فيها فيتخذون ذلك باعتدال أهال الثان و الثالث و الرابع‬ ‫و الامس و السادس و أما أهل البدو فيبعدون عن اتاذ ذلك لقصور أفكارهم عن إدراك الصنائع البشرية فيب ادرون للغيان و الكه وف‬ ‫العدة من غي علج‪ .‬ث العتدلون و التخذون البيوت للمأوى قد يتكاثرون ف البسيط الواحد بيث يتناكرون و ل يتعارفون فيخشون طرق‬ ‫بعضهم بعضا‪ i‬بياتا‪ i‬فيحتاجون إل حفظ متمعهم بإدارة ماء أو أسوار توطهم و يصي جيعا‪ i‬مدينة واحدة و مصرا‪ i‬واحدا‪ i‬و يوطهم الك م‬


‫من داخل يدفع بعضهم عن بعض و قد يتاجون إل النتصاف و يتخذون العاقل و الصون لم و لن تت أيديهم و هؤلء مثل الل وك و‬ ‫من ف معناهم من المراء و كبار القبائل‪ .‬ث تتلف أحوال البناء ف الهن كل مدينة على ما يتعارفون و يصطلحون عليه و يناس ب م زاج‬ ‫هوائهم و اختلف أحوالم ف الغن و الفقر‪ .‬و كذا حال أهل الدينة الواحدة فمنهم من يتخذ القصور و البضائع العظيمة الساحة الش تملة‬ ‫على عدة الدور و البيوت و الغرف الكبية لكثرة ولده و حشمه و عياله و تابعه و يؤسس جدرانا بالجارة و يلحم بينها بالكلس و يعال‬ ‫عليها بالصبغة و الص و يبالغ ف كل ذلك بالتنجيد و التنميق إظهارا‪ i‬للبسطة بالعناية ف شأن الأوى‪ .‬و يهيء مع ذلك السراب و الطامي‬ ‫للختزان لقواته و السطبلت لربط مقرباته إذا كان من أهل النود و كثرة التابع و الاشية كالمراء و من ف معناهم و منه م م ن يبن‬ ‫الدويرة و البيوت لنفسه و سكنه و ولده ل يبتغي ما وراء ذلك لقصور حاله عنه و اقتصاره عن الكن الطبيعي للبشر و بي ذلك مراتب غي‬ ‫منحصرة و قد يتاج لذه الصناعة أيضا‪ i‬عند تأسيس اللوك و أهل و الدول الدن العظيمة و الياكل الرتفعة و يبالغون ف إتقان الوضاع و‬ ‫علو الجرام مع الحكام بتبلغ الصناعة مبالغها‪ .‬و هذه الصناعة هي الت تصل الدواعي لذلك كله و أكثر ما تكون هذه الصناعة ف القاليم‬ ‫العتدلة من الرابع و ما حواليه إذ القاليم النحرفة ل بناء فيها‪ .‬و إنا يتخذون البيوت حظائر من القصب و الطي أو يأوون إل الكه وف و‬ ‫الغيان‪ .‬و أهل هذه الصناعة القائلون عليها متفاوتون‪ :‬فمنهم البصي الاهر و منهم القاصر‪ .‬ث هي تتنوع أنواعا‪ i‬كثية فمنها البناء بالجارة‬ ‫النجدة أو بالجر يقام با الدران ملصقا‪ i‬بعضها إل بعض بالطي و الكلس الذي يعقد معها و يلتحم كأنا جسم واح د و منه ا البن اء‬ ‫بالتراب خاصة تقام منه حيطان يتخذ لا لوحان من الشب فقدران طول‪ i‬و عرضا‪ i‬باختلف العادات ف التقدير‪ .‬و أوسطه أرب ع أذرع ف‬ ‫ذراعي فينصبان على أساس و قد يوعد ما بينهما با يراه صاحب البناء ف عرض الساس و يوصل بينهما بأذرع من الشب يربط عليه ا‬ ‫بالبال و الدر‪ .‬و يسد الهتان الباقيتان من ذلك اللء بينهما بلوحي آخرين صغيين ث يوضع فيه التراب ملطا‪ i‬بالكلس و يركز بالراكز‬ ‫العدة حت ينعم ركزه و يتلط أجزاؤه بالكلس ث يزاد التراب ثانيا‪ i‬و ثالثا‪ i‬إل أن يتلىء ذلك اللء بي اللوحي و ق د ت داخلت أج زاء‬ ‫الكلس و التراب و صارت جسما‪ i‬واحدا‪ .i‬ث يعاد نصب اللوحي على صورة و يركز كذلك إل أن يتم و ينظم اللواح كلها س طرا‪ i‬م ن‬ ‫فوق سطر إل أن ينتظم الائط كله ملتحما‪ i‬كأنه قطعة واحدة و يسمى الطابية و صانعه الطواب‪ .‬و من صنائع البناء أيضا‪ i‬أن تلل اليطان‬ ‫بالكلس بعد أن يل بالاء و يمر أسبوعا‪ i‬أو أسبوعي على قدر ما يعتدل مزاجه عن إفراط النارية الفسدة لللام‪ .‬فإذا ت له ما يرضاه م ن‬ ‫ذلك عله من فوق الائط و ذلك إل أن يلتحم‪ .‬و من صنائع البناء عمل السقف بأن يد الشب الكمة النجارة أو الساذجة على حائطي‬ ‫البيت و من فوقها اللواح كذلك موصولة بالدسائر و يصب عليها التراب و الكلس و يبسط بالراكز حت تتداخل أجزاؤه ا و تلتح م و‬ ‫يعال عليها الكلس كما يعال على الائط‪ .‬و من صناعة البناء ما يرجع إل التنميق و التزيي كما يصنع من فوق اليطان الشكال السمة‬ ‫من الص يمر بالاء ث يرجع جسدا‪ i‬و فيه بقية البلل‪ ،‬فيشكل على التناسب تريا‪ i‬بثاقب الديد إل أن يبقى له رونق و رؤاء‪ .‬و ربا عول‬ ‫على اليطان أيضا‪ i‬بقطع الرخام أو الجر أو الزف أو بالصدف أو السبج يفصل أجزاء متجانسة أو متلفة و توضع ف الكلس على نسب و‬ ‫أوضاع مقدرة عندهم يبدو به الائط للعيان‪ ،‬كأنه قطع الرياض النمنمة‪ .‬إل غي ذلك من بناء الباب و الصهاريج لسفح الاء بعد أن تع د‬ ‫ف البيوت قصاع الرخام القوراء الكمة الرط بالفوهات ف وسطها لنبع الاء الاري إل الصهريج يلب إليه من خارج القنوات الفضية إل‬ ‫البيوت و أمثال ذلك من أنواع البناء‪ .‬و تتلف الصناع ف جيع ذلك باختلف الذق و البصر و يعظم عمران الدينة و يتسع فيكثرون‪ .‬و‬ ‫ربا يرجع الكام إل نظر هؤلء فيما هم أبصر به من أحوال البناء‪ .‬و ذلك أن الناس ف الدن لكثرة الزدحام و العمران يتشاحون حت ف‬ ‫الفضاء و الواء العلى و السفل و من النتفاع بظاهر البناء ما يتوقع معه حصول الضرر ف اليطان‪ .‬فيمنع جاره من ذلك إل ما كان ل ه‬ ‫فيه حق‪ .‬و يتلفون أيضا‪ i‬ف استحقاق الطرق و النافذ للمياه الارية و الفضلت السربة ف القنوات و ربا يدعي بعضهم ح ق بع ض ف‬ ‫حائطه أو علوه أو قناته لتضايق الوار أو يدعي بعضهم على جاره اختلل حائطه خشية سقوطه و يتاج إل الكم عليه بدمه و دفع ضرر‬ ‫عن جاره عند من يراه أو يتاج إل قسمة دار أو عرضة بي شريكي بيث ل يقع معها فساد ف الدار و ل إهال لنفعتها‪ .‬و أمثال ذلك‪ .‬و‬ ‫يفى جيع ذلك إل على أهل البصر العارفي بالبناء و أحواله الستدلي عليها بالعاقد و القمط و مراكز الشب و ميل اليطان و اعتدالا و‬ ‫قسم الساكن على نسبة أوضاعها‪ .‬و منافعها و تسريب الياه ف القنوات ملوبة و مرفوعة بيث ل تضر با مرت عليه من البيوت و اليطان‬ ‫و غي ذلك‪ .‬فلهم بذا كله البصر و البة الت ليست لغيهم‪ .‬و هم مع ذلك يتلفون بالودة و القصور ف الجيال باعتبار الدول و قوتا‪.‬‬ ‫فإنا قدمنا أن الصنائع و كمالا‪ ،‬إنا هو بكمال الضارة و كثرتا بكثرة الطالب لا‪ .‬فلذلك عندما تكون الدولة بدوية ف أول أمرها تفتقر ف‬


‫أمر البناء إل غي قطرها‪ .‬كما وقع للوليد بن عبد اللك حي أجع على بناء مسجد الدينة و القدس و مسجده بالشام‪ .‬فبعث إل ملك الروم‬ ‫بالقسطنطينية ف الفعلة الهرة ف البناء فبعث إليه منهم من حصل له غرضه من تلك الساجد و قد يعرف صاحب هذه الصناعة أشياء م ن‬ ‫الندسة مثل تسوية اليطان بالوزن و إجراء الياه بأخذ الرتفاع و أمثال ذلك فيحتاج إل البصر بشيء من مسائله‪ .‬و كذلك ف جر الثقال‬ ‫بالندام فإن الجرام العظيمة إذا شيدت بالجارة الكبية يعجز قدر الفعلة عن رقمها إل مكانا من الائط فيتحيل لذلك بضاعفة قوة البل‬ ‫بإدخاله ف العالق من أثقاب مقدرة على نسب هندسية تصي الثقيل عند معاناة الرفع خفيفا‪ i‬فيتم الراد من ذلك بغي كلفة و هذا إن ا يت م‬ ‫بأصول هندسية معروفي متداولي بي البشر و بثلها كان بناء الياكل الاثلة لذا العهد الت يسب أنا من بناء الاهلية‪ .‬و أن أبدانم كانت‬ ‫على نسبتها ف العظم السمان و ليس كذلك و إنا ت لم ذلك باليل الندسية كما ذكرناه‪ .‬فتفهم ذلك‪ .‬و ال يلق ما يشاء سبحانه‪.‬‬

‫الفصل السادس و العشرون ف صناعة النجارة‬ ‫هذه الصناعة من ضروريات العمران و مادتا الشب و ذلك أن ال سبحانه و تعال جعل للدمي ف كل مكون من الكونات منافع تكمل‬ ‫با ضروراته و كان منها الشجر فإن له فيه من النافع مال ينحصر ما هو معروف لكل أحد‪ .‬و من منافعها اتاذها خشبا‪ i‬إذا يبس ت و أول‬ ‫منافعه أن يكون وقودا‪ i‬للنيان ف معاشهم و عصيا‪ i‬للتكاء و الذود و غيها من ضرورياتم و دعائم لا يشى ميله من أثقالم‪ .‬ث بعد ذلك‬ ‫منافع أخرى لهل البدو و الضر فأما أهل البدو فيتخذون منها العمد و الوتاد ليامهم و الدوج لظعائنهم و الرماح و القسي و الس هام‬ ‫لسلحهم و أما أهل الضر فالسقف لبيوتم و الغلق ل بوابم و الكراسي للوسهم‪ .‬و كل واحدة من هذه فالشبة مادة لا و ل تص ي‬ ‫إل الصورة الاصة با إل بالصناعة‪ .‬و الصناعة التكفلة بذلك الصلة لكل واحد من صورها هي النجارة على اختلف رتبه ا‪ .‬فيحت اج‬ ‫صاحبها إل تفصيل الشب أول‪ ،i‬إما بشب أصغر منه أو ألواح‪.‬‬ ‫ث تركب تلك الفضائل بسب الصور الطلوبة‪ .‬و هو ف كل ذلك ياول بصنعته إعداد تلك الفصائل بالنتظام إل أن تصي أعضاء ل ذلك‬ ‫الشكل الخصوص‪ .‬و القائم على هذه الصناعة هو النجار و هو ضروري ف العمران‪ .‬ث إذا عظمت الضارة و جاء الترف و تأنق الن اس‬ ‫فيما يتخذونه من كل صنف من سقف أو باب أو كرسي أو ماعون‪ ،‬حدث التأنق ف صناعة ذلك و استجادته بغرائب من الصناعة كمالية‬ ‫ليست من الضروري ف شيء مثل التخطيط ف البواب و الكراسي و مثل تيئة القطع من الشب بصناعة الرط يكم بريها و تشكيلها ث‬ ‫تؤلف على نسب مقدرة و تلحم بالدسائر فتبدو لرأي العي ملتحمة و قد أخذ منها اختلف الشكال على تناسب‪ .‬يصنع هذا ف كل شيء‬ ‫يتخذ من الشب فيجيء آنق ما يكون‪ .‬و كذلك ف جيع ما يتاج إليه من اللت التخذة من الشب من أي نوع كان‪ .‬و ك ذلك ق د‬ ‫يتاج إل هذه الصناعة ف إنشاء الراكب البحرية ذات اللواح و الدسر و هي أجرام هندسية صنعت على قالب الوت و اعتبار س بحه ف‬ ‫الاء بقوادمه و كلكله ليكون ذلك الشكل أعون لا ف مصادمة الاء و جعل لا عوض الركة اليوانية الت للسمك تريك الرياح‪ .‬و رب ا‬ ‫أعينت بركة القاذيف كما ف الساطيل‪ .‬و هذه الصناعة من أصلها متاجة إل أصل كبي من الندسة ف جيع أصنافها لن إخراج الصور‬ ‫من القوة إل الفعل على وجه الحكام متاج إل معرفة التناسب ف القادير إما عموما‪ i‬أو خصوصا‪ i‬و تناسب القادير ل بد فيه من الرج وع‬ ‫إل الهندس‪ .‬و لذا كانت أئمة الندسة اليونانيون كلهم أئمة ف هذه الصناعة فكان أوقليدوس صاحب كتاب الصول ف الندسة ن ارا‪ i‬و‬ ‫با كان يعرف‪ .‬و كذلك أبلونيوس صاحب كتاب الخروطات و ميلوش و غيهم‪ .‬و فيما يقال‪ :‬أن معلم هذه الصناعة ف الليقة هو نوح‬ ‫عليه السلم و با أنشأ سفينة النجاة الت كانت با معجزته عند الطوفان‪ .‬و هذا الب و إن كان مكنا‪ i‬أعن كونه نارا‪ i‬إل أن كونه أول من‬ ‫علمها أو تعلمها ل يقوم دليل من النقل عليه لبعد الماد‪ .‬و إنا معناه و ال أعلم الشارة إل قدم النجارة لنه ل يصح حكاية عنها قبل خب‬ ‫نوع عليه السلم فجعل كأنه أول من تعلمها‪ .‬فتفهم أسرار الصنائع ف الليقة‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل السابع و العشرون ف صناعة الياكة و الياطة‬


‫إعلم أن العتدلي من البشر ف معن النسانية ل بد لم من الفكر ف الدفء كالفكر ف الكن‪ .‬و يصل الدفء باشتمال النسوج للوقاية من‬ ‫الر و البد‪ .‬و ل بد لذلك من إلام الغزل حت يصي ثوبا‪ i‬واحدا‪ ،i‬و هو النسج و الياكة‪ .‬فإن كانوا بادية اقتصروا عليه‪ ،‬و إن ق الوا إل‬ ‫الضارة فصلوا تلك النسوجة قطعا‪ i‬يقدرون منها ثوبا‪ i‬على البدن بشكله و تعدد أعضائه و اختلف نواحيها‪ .‬ث يلئمون بي تلك القط ع‬ ‫بالوصائل حت تصي ثوبا‪ i‬واحدا‪ i‬على البدن و يلبسونا‪ .‬و الصناعة الصلة لذه اللءمة هي الياطة‪.‬‬ ‫هاتان الصناعتان ضروريتان ف العمران لا يتاج إليه البشر من الرفه فالول لنسج الغزل من الصوف و الكتان و القطن إسداء ف الط ول و‬ ‫إلاما‪ i‬ف العرض و إحكاما‪ i‬لذلك النسج باللتحام الشديد‪ ،‬فيتم منها قطع مقدرة فمنها الكسية من الصوف للشتمال‪ ،‬و منها الثياب م ن‬ ‫القطن و الكتان للباس‪ .‬و الصناعة الثانية لتقدير النسوجات على اختلف الشكال و العوائد‪ ،‬تفصل بالقراض قطعا‪ i‬مناسبة للعضاء البدنية‬ ‫ث تلحم تلك القطع بالياطة الكمة وصل‪ i‬أو تنبيتا‪ i‬أو تفسحا‪ i‬على حسب نوع الصناعة‪ .‬و هذه الصناعة متصة بالعمران الضري ل ا أن‬ ‫أهل البدو يستغنون عنها و إنا يشتملون الثواب اشتمال‪ .i‬و إنا تفصيل الثياب و تقديرها و إلامها بالياطة للباس من مذاهب الضارة و‬ ‫فنونا‪ .‬و تفهم هذه ف سر تري الخيط ف الج لا أن مشروعية الج مشتملة على نبذ العلئق الدنيويئة كلها و الرجوع إل ال تعال كما‬ ‫خلقنا أول مرة‪ ،‬حت ل يعلق العبد قلبه بشيء من عوائد ترفه‪ ،‬ل طيبا‪ i‬و ل نساء¸ ل ميطا‪ i‬و ل خفا‪ ،i‬و ل يتعرض لصيد و ل لش يء م ن‬ ‫عوائده الت تلونت با نفسه و خلقه‪ ،‬مع أنه يفقدها بالوت ضرورة‪ .‬و إنا ييء كأنه وارد إل الشر ضارعا‪ i‬بقلبه ملصا‪ i‬لرب ه‪ .‬و ك ان‬ ‫جزاؤه إن ت له إخلصه ف ذلك أن يرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه‪ .‬سبحانك ما أرفقك بعبادك و أرحك بم ف طلب هدايتهم إلي ك‪ .‬و‬ ‫هاتان الصنعتان قديتان ف الليقة لا أن الدفء ضروري للبشر ف العمران العتدل‪ .‬و أما النحرف إل الر فل يتاج أهله إل دفء‪ .‬و لذا‬ ‫يبلغنا عن أهل القليم الول من السودان أنم عراة ف الغالب‪ .‬و لقدم هذه الصنائع ينسبها العامة إل ادريس عليه السلم و هو أقدم النبياء‪.‬‬ ‫و ربا ينسبونا إل هرمس و قد يقال إن هرمس هو إدريس‪ .‬و ال سبحانه و تعال هو اللق العليم‪.‬‬

‫الفصل الثامن و العشرون ف صناعة التوليد‬ ‫و هي صناعة يعرف با العمل ف استخراج الولود الدمي من بطن أمه من الرفق ف إخراجه من رحها و تيئة أسباب ذلك‪ .‬ث ما يص لحه‬ ‫بعد الروج على ما نذكر‪ .‬و هي متصة بالنساء ف غالب المر لا أنن الظاهرات بعضهن على عورات بعض‪ .‬و تسمى القائمة على ذل ك‬ ‫منهن القابلة‪ .‬استعي فيها معن العطاء و القبول كأن النساء تعطيها الني و كأنا تقبله‪ .‬و ذلك أن الني إذا استكمل خلقه ف الرح م و‬ ‫أطواره و بلغ إل غايته و الدة الت قدرها ال لكثه هي تسعة أشهر ف الغالب فيطلب الروج با جعل ال ف الولود م ن النوع ل ذلك و‬ ‫يضيق عليه النفذ فيعسر‪ .‬و ربا مزق بعض جوانب الفرج بالضغط و ربا انقطع بعض ما كان من الغشية من اللتصاق و اللتحام بالرحم‪.‬‬ ‫و هذه كلها آلم يشتد لا الوجع و هو معن الطلق فتكون القابلة معينة ف ذلك بعض الشيء بغمز الظهر و الوركي و ما ياذي الرحم من‬ ‫السافل تساوق بذلك فعل الدافعة ف إخراج الني و تسهيل ما يصعب منه با يكنها و على ما تتدي إل معرفة عسرة‪ .‬ث إن أخرج الني‬ ‫بقيت بينه و بي الرحم الوصلة حيث كان يتغذى منها متصلة من سرته بعاه‪ .‬و تلك الوصلة عضو فضلي لتغذية الولود خاص ة فتقطعه ا‬ ‫القابلة من حيث ل تتعدى مكان الفضلة و ل تضر بعاه و ل برحم أمه ث تدمل مكان الراحة منه بالكي أو با تراه من وجوه الندمال‪ .‬ث‬ ‫إن الني عند خروجه من ذلك النفذ الضيق و هو رطب العظام سهل النعطاف و النثناء فربا تتغي أشكال أعضائه و أوص افها لق رب‬ ‫التكوين و رطوبة الواد فتتناوله القابلة بالغمز و الصلح حت يرجع كل عضو إل شكله الطبيعي و وضعه القدر له و يرتد خلقه سويا‪ .i‬ث‬ ‫بعد ذلك تراجع النفساء و تاذيها بالغمز و اللينة لروج أغشية الني لنا ربا تتأخر عن خروجه قليل‪ .i‬و يشى عند ذل ك أن تراج ع‬ ‫الاسكة حالا الطبيعية قبل استكمال خروج الغشية و هي فضلت فتتعفن و يسري عفنها إل الرحم فيقع اللك فتحاذر القابل ة ه ذا و‬ ‫تاول ف إعانة الدفع إل أن ترج تلك الغشية الت كانت قد تأخرت ث ترجع إل الولود فتمرخ أعضاءه بالدهان و الذرورات القابض ة‬ ‫لتشده و تفف رطوبات الرحم و تنكه لرفع لاته و تسعطه لستفراغ نطوف دماغه و تغرغره باللعوق لدفع السدد من معاه و تويفها عن‬ ‫اللتصاق‪ .‬ث تداوي النفساء بعد ذلك من الوهن الذي أصابا بالطلق و ما لق رحها من أل النفصال‪ ،‬إذ الولود إن ل يكن عضوا‪ i‬طبيعيا‪i‬‬ ‫فحالة التكوين ف الرحم صيته باللتحام كالعضو التصل فلذلك كان ف انفصاله أل يقرب من أل القطع‪ .‬و تداوي مع ذلك ما يلحق الفرج‬


‫من أل من جراحة التمزيق عند الضغط ف الروج‪ .‬و هذه كلها أدواء ند هولء القوابل أبصر بدوائها‪ .‬و كذلك ما يعرض للمولود م دة‬ ‫الرضاع من أدواء ف بدنه إل حي الفصال ندهن أبصر با من الطبيب الاهر‪ .‬و ما ذاك إل لن بدن النسان ف تلك الالة إنا ه و ب دن‬ ‫إنسان بالقوة فقط‪ .‬فإذا جاوز الفصال صار بدنا‪ i‬إنسانيا‪ i‬بالفعل فكانت حاجته حينئذ إل الطبيب أشد‪ .‬فهذه الصناعة كما تراه ضرورية ف‬ ‫العمران للنوع النسان‪ ،‬ل يتم كون أشخاصه ف الغالب دونا‪ .‬و قد يعرض لبعض أشخاص النوع الستغناء عن هذه الصناعة‪ ،‬إما بلق ال‬ ‫ذلك لم معجزة و خرقا‪ i‬للعادة كما ف حق النبياء صلوات ال و سلمه عليهم أو بإلام و هداية يلهم لا الولود و يفطرعليها فيتم وجودهم‬ ‫من دون هذه الصناعة‪ .‬فأما شأن العجزة من ذلك فقد وقع كثيا‪ .i‬و منه ما روي أن النب صلى ال عليه و سلم ولد مسرورا‪ i‬متونا‪ i‬واض عا‪i‬‬ ‫يديه على الرض شاخصا‪ i‬ببصره إل السماء‪ .‬و كذلك شأن عيسى ف الهد و غي ذلك‪ .‬و أما شأن اللام فل ينكر‪ .‬و إذا كانت اليوانات‬ ‫العجم تتص بغرائب اللامات كالنحل و غيها فما ظنك بالنسان الفضل عليها‪ .‬و خصوصا‪ i‬بن اختص بكرام ة ال‪ .‬ث الل ام الع ام‬ ‫للمولودين ف القبال على الثدي أوضح شاهد على وجوب اللام العام لم‪ .‬فشأن العناية اللية أعظم من أن ياط به‪ .‬و من هن ا يفه م‬ ‫بطلن رأي الفاراب و حكماء الندلس فيما احتجوا به لعدم انقراض اللواح و استحالة انقطاع الكونات‪ .‬و خصوصا‪ i‬ف النوع النسان‪ ،‬و‬ ‫قالوا‪ :‬لو انقطعت أشخاصه لستحال وجودها بعد ذلك لتوقفه على وجود هذه الصناعة الت ل يتم كون النسان إل با‪ .‬إذ لو قدرنا مولودا‪i‬‬ ‫دون هذه الصناعة و كفالتها إل حي الفصال ل يتم بقاؤه أصل‪ .i‬و وجود الصنائع دون الفكر متنع لنا ثرته و تابعة له‪ .‬و تكلف ابن سينا‬ ‫ف الرد على هذا الرأي لخالفته إياه و ذهابه إل إمكان انقطاع النواع و خراب عال التكوين ث عوده ثانيا‪ i‬لقتضاءات فلكي ة و أوض اع‬ ‫غريبة تنذر ف الحقاب بزعمه فتقتضي تمي طينة مناسبة لزاجه برارة مناسبة فيتم كونه إنسانا‪ i‬ث يقيض له حيوان يلق فيه إلاما‪ i‬لتربيته و‬ ‫النو عليه إل أن يتم وجوده و فصاله‪ .‬و أطنب ف بيان ذلك ف الرسالة الت ساها رسالة حي بن يقظان‪ .‬و هذا الستدلل غي ص حيح و‬ ‫إن كنا نوافقه على انقطاع النواع لكن من غي ما استدل به‪ .‬فإن دليله مبن على إسناد الفعال إل العلة الوجبة‪ .‬و دليل الق ول بالفاع ل‬ ‫الختار يرد عليه و ل واسطة على القول بالفاعل الختار بي الفعال و القدرة القدية و ل حاجة إل هذا التكلف‪ .‬ث لو سلمناه جدل‪ i‬فغاية‬ ‫ما ينبن عليه اطراد وجوب هذا الشخص بلق اللام لترتيبه ف اليوان العجم‪ .‬و ما الضرورة الداعية لذلك ؟ و إذا كان اللام يل ق ف‬ ‫اليوان العجم فما الانع من خلقه للمولود نفسه كما قررناه أول‪ .i‬و خلق اللام ف شخص لصال نفسه أقرب من خلقه فيه لص ال غيه‬ ‫فكل الذهبي شاهدان على أنفسهما بالبطلن ف مناحيهما لا قررته لك و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل التاسع و العشرون ف صناعة الطب و أنا متاج إليها ف الواضر و‬ ‫المصار دون البادية‬ ‫هذه الصناعة ضرورية ف الدن و المصار لا عرف من فائدتا فإن ثرتا حفظ الصحة للصحاء و دفع الرض عن الرضى بال داواة ح ت‬ ‫يصل لم البء من أمراضهم‪ .‬و اعلم أن أصل المراض كلها إنا هو من الغذية كما قال صلى ال عليه و سلم ف الديث الامع للطب و‬ ‫هو قوله‪ :‬العدة بيت الداء و المية رأس الدواء و أصل كل داء البدة فأما قوله العدة بيت الداء فهو ظاهر و أما قوله المية رأس ال دواء‬ ‫فالمية الوع و هو الحتماء من الطعام‪ .‬و العن أن الوع هو الدواء العظيم الذي هو أصل الدوية و أما قوله أصل كل داء ال بدة فمعن‬ ‫البدة إدخال الطعام على الطعام ف العدة قبل أن يتم هضم الول‪ .‬و شرح هذا أن ال سبحانه خلق النسان و حفظ حياته بالغذاء يستعمله‬ ‫بالكل و ينفذ فيه القوى الاضمة و الغاذية إل أن يصي دما‪ i‬فل ملئما‪ i‬لجزاء البدن من اللحم و العظم‪ ،‬ث تأخذه النامية فينقلب لم ا‪ i‬و‬ ‫عظما‪ .i‬و معن الضم طبخ الغذاء بالرارة الغريزية طورا‪ i‬بعد طور حت يصيجزءا‪ i‬بالفعل من البدن و تفسيه أن الغذاء إذا حصل ف الفم و‬ ‫لكته الشداق أثرت فيه حرارة الفم طبخا‪ i‬يسيا‪ i‬و قلبت مزاجه بعض الشيء‪ ،‬كما تراه ف اللقمة إذا تناولتها طعاما‪ i‬ث أجدتا مضغا‪ i‬ف ترى‬ ‫مزاجها غي مزاج الطعام ث يصل ف العدة فتطبخه حرارة العدة إل أن يصي كيموس‪i‬ا و هو صفو ذلك الطبوخ و ترسله إل الكبد و ترسل‬ ‫ما رسب منه ف العى ثقل‪ i‬ينفذ إل الخرجي‪ .‬ث تطبخ حرارة الكبد ذلك الكيموس إل أن يصي دما‪ i‬عبيطا‪ i‬و تطفو عليه رغوة من الطب خ‬ ‫هي الصفراء‪ .‬و ترسب منه أجزاء يابسة هي السوداء و يقصر الار الغريزي بعض الشيء عن طبخ الغليظ منه فهو البلغم‪ .‬ث ترسلها الكب د‬


‫كلها ف العزوق و الداول‪ ،‬و يأخذها طبخ الال الغريزي هناك فيكون عن الدم الالص بار حار رطب يد الروح اليوان و تأخذ النامية‬ ‫مأخذها ف الدم فيكون لما‪ i‬ث غليظة عظاما‪ .i‬ث يرسل البدن ما يفضل عن حاجاته من ذلك فضلت متلفة من العرق و اللعاب و الخاط و‬ ‫الدمع‪ .‬هذه صورة الغذاء و خروجه من القوة إل الفعل لما‪ .i‬ث إن أصل المراض و معظمها هي الميات‪ .‬و سببها أن الار الغريزي ق د‬ ‫يضعف عن تام النضج ف طبخه ف كل طور من هذه‪ ،‬فيبقى ذلك الغذاء دون نضج‪ ،‬و سببه غالبا‪ i‬كثرة الغذاء ف العدة حت يكون أغل ب‬ ‫على الار الغزيري أو إدخال الطعام إل العدة قبل أن تستوف طبخ الول فيستقل به الار الغريزي و يترك الول بالة أو يت وزع عليهم ا‬ ‫فيقصر عن تام الطبخ و النضج‪ .‬و ترسله العدة كذلك إل الكبد فل تقوى حرارة الكبد أيضا‪ i‬على إنضاجه‪ .‬و ربا بقي ف الكبد من الغذاء‬ ‫الول فضلة غي ناضجة‪ .‬و ترسل الكبد جيع ذلك إل العروق غي ناضج كما هو‪ .‬فإذا أخذ البدن حاجته اللئمة أرسله م ع الفض لت‬ ‫الخرى من العرق و الدمع و اللعاب إن اقتدر على ذلك‪ .‬و ربا يعجز عن الكثي منه فيبقى ف العروق و الكبد و العدة و تتزايد مع اليام‪.‬‬ ‫و كل ذي رطوبة من المتزجات إذا ل يأخذه الطبخ و النضج يعفن فيتعفن ذلك الغذاء غي الناضج و هو السمى باللط‪ .‬و كل متعفن ففيه‬ ‫حرارة غريبة و تلك هي السماة ف بدن النسان بالمى‪ .‬و اختب ذلك بالطعام إذا ترك حت يتعفن و ف الزبل إذا تعفن أيضا‪ ،i‬كيف تنبعث‬ ‫فيه الرارة و تأخذ مأخذها‪ .‬فهذا معن الميات ف البدان و هي رأس المراض و أصلها كما وقع ف الديث‪ .‬و هذه الميات علجه ا‬ ‫بقطع الغذاء عن الريض أسابيع معلومة ث يتناول الغذية اللئمة حت يتم برؤه‪ .‬و ذلك ف حال الصحة له علج ف التحفظ من هذا الرض‬ ‫و غيه و أصله كما وقع ف الديث و قد يكون ذلك العفن ف عضو مصوص‪ ،‬فيتولد عنه مرض ف ذلك العضو و ي دث جراح ات ف‬ ‫البدن‪ ،‬إما ف العضاء الرئيسية أو ف غيها‪ .‬و قد يرض العضو و يدث عنه مرض القوى الوجودة له‪ .‬هذه كلها جاع المراض‪ ،‬و أصلها‬ ‫ف الغالب من الغذية و هذا كله مرفوع إل الطبيب‪ .‬و وقوع هذه المراض ف أهل الضر و المصار أكثر‪ .‬لصب عيش هم و ك ثرة‬ ‫مآكلهم و قلة اقتصارهم على نوع واحد من الغذية و عدم توقيتهم لتناولا‪ .‬و كثيا‪ i‬ما يلطون بالغذية من التوابل و البقول و الف واكه‪،‬‬ ‫رصبا‪ i‬و يابسا‪ i‬ف سبيل العلج بالطبخ و ل يقتصرون ف ذلك على نوع أو أنواع‪ .‬فربا عددنا ف اليوم ا الواحد من ألوان الطبخ أربعي نوعا‪i‬‬ ‫من النبات و اليوان فيصي للغذاء مزاج غريب‪ .‬و ربا يكون غريبا‪ i‬عن ملءمة البدن و أجزائه‪ .‬ث إن الهوية ف المصار تفسد بخالط ة‬ ‫البرة العفنة من كثرة الفصلت‪ .‬و الهوية فنشطة للرواح و مقوية بنشاطها الثر الار الغريزي ف الضم‪ .‬ث الرياضة مفق ودة له ل‬ ‫المصار إذ هم ف الغالب وادعون ساكنون ل تأخذ منهم الرياضة شيئا‪ i‬و ل تؤثر فيهم أثرا‪ ،i‬فكان وقوع المراض كثيا‪ i‬ف الدن و المصار‬ ‫و على قدر وقوعه كانت حاجتهم إل هذه الصناعة‪ .‬و أما أهل البدو فمأكولم قليل ف الغالب و الوع أغلب عليهم لقلة الب وب ح ت‬ ‫صار لم ذلك عادة‪ .‬و ربا يظن أنا جبلة لستمرارها‪ .‬ث الدم قليلة لديهم أو مفقودة بالملة‪ .‬و علج الطبخ بالتوابل و الفواكه إنا يدعو‬ ‫إل ترف الضارة الذين هم بعزل عنه فيتناولون أغذيتهم بسيطة بعيدة عما يالطها و يقرب مزاجها من ملءمة البدن‪ .‬و أما أهويتهم فقليلة‬ ‫العفن لقلة الرطوبات و العفونات إن كانوا آهلي‪ ،‬أو لختلف الهوية إن كانوا ظواعن‪ .‬ث إن الرياضة موجودة فيهم لك ثرة الرك ة ف‬ ‫ركض اليل أو الصيد أو طلب الاجات لهنة أنفسهم ف حاجاتم فيحسن بذلك كله الضم و يود و يفقد إدخال الطعام عل ى الطع ام‬ ‫فتكون أمزجتهم أصلح و أبعد من المراض فتقل حاجتهم إل الطب‪ .‬و لذا ل يوجد الطبيب ف البادية بوجه‪ .‬و ما ذاك إل للستغناء عن ه‬ ‫إذ لو احتيج إليه لوجد‪ ،‬لنه يكون له بذلك ف البدو معاش يدعوه إل سكناه سنة ال ف عباده و لن تد لسنة ال تبديل‪.i‬‬

‫الفصل الثلثون ف أن الط و الكتابة من عداد الصنائع النسانية‬ ‫و هو رسوم و أشكال حرفية تدل على الكلمات السموعة الدالة على ما ف النفس‪ .‬فهو ثان رتبة من الدللة اللغوية و هو صناعة شريفة إذ‬ ‫الكتابة من خواص النسان الت ييز با عن اليوان‪ .‬و أيضا‪ i‬فهي تطلع على ما ف الضمائر و تتأدى با الغراض إل البلد البعيدة فتقض ي‬ ‫الاجات و قد دفعت مؤنة الباشرة لا و يطلع با على العلوم و العارف و صحف الولي و ما كتبوه من علومهم و أخبارهم فهي شريفة‬ ‫بذه الوجوه و النافع‪ .‬و خروجها ف النسان من القوة إل الفعل إنا يكون بالتعليم و على قدر الجتماع و العمران و التناغي ف الكمالت‬ ‫و الطلب لذلك تكون جودة الط ف الدينة‪ .‬إذ هو من جلة الصنائع‪ .‬و قد قدمنا أن هذا شأنا و أنا تابعة للعمران و لذا ند أكثر الب دو‬ ‫أميي ل يكتبون و ل يقرأون و من قرأ منهم أو كتب فيكون خطه قاصرا‪ i‬أو قراءته غي نافذة‪ .‬و ند تعليم الط ف المصار الارج عمرانا‬


‫عن الد أبلغ و أحسن و أسهل طريقا‪ i‬لستحكام الصنعة فيها‪ .‬كما يكى لنا عن مصر لذا العهد و أن با معلمي منتصبي لتعلي م ال ط‬ ‫يلقون على التعلم قواني و أحكاما‪ i‬ف وضع كل حرف و يزيدون إل ذلك الباشر بتعليم وضعه فتعتضد لديه رتبة العلم و الس ف التعليم و‬ ‫تأت ملكته على أت الوجوه‪ .‬و إنا أتى هذا من كمال الصنائع و وفورها بكثرة العمران و انفساح العمال و قد كان ال ط العرب بالغ ا‪i‬‬ ‫مبالغه من الحكام و التقان و الودة ف دولة التبابعة لا بلغت من الضارة و الترف و هو السمى بالط الميي‪ .‬و انتقل منها إل الية‬ ‫لا كان با من دولة آل النذر نسباء التبابعة ف العصبية و الددين للك العرب بأرض العراق‪ .‬و ل يكن الط عندهم من الجادة كما كان‬ ‫عند التبابعة لقصور ما بي الدولتي‪ .‬و كانت الضارة و توابعها من الصنائع و غيها قاصرة عن ذلك‪ .‬و من الية لقنه أه ل الط ائف و‬ ‫قريش فيما ذكر‪ .‬و يقال إن الذي تعلم الكتابة من الية هو سفيان بن أمية و يقال حرب بن أمية و أخذها من أسلم بن سدرة‪ .‬و هو قول‬ ‫مكن و أقرب من ذهب إل أنم تعلموها من إياد أهل العراق لقول شاعرهم‪:‬‬ ‫ساروا جيعا‪ i‬و الط و القلم‬ ‫قوم لم ساحة العراقإذا‬ ‫و هو قول بعيد لن إيادا‪ i‬و إن نزلوا ساحة العراق فلم يزالوا على شأنم من البداوة‪ .‬و الط من الصنائع الضرية‪ .‬و إنا معن قول الش اعر‬ ‫أنم أقرب إل الط و القلم من غيهم من العرب لقربم من ساحة المصار و ضواحيها فالقول بأن أهل الجاز إنا لقنوه ا م ن الية و‬ ‫لقنها أهل الية من التبابعة و حي هو الليق من القوال و رأيت ف كتاب التكملة لبن البار عند التعريف بابن فروخ الفيوان القاس ي‬ ‫الندلسي من أصحاب مالك رضي ال عنه و اسه عبد ال بن فروخ بن عبد الرحن بن زياد بن أنعم‪ .‬عن أبيه قال قلت لعبد ال بن عباس‪:‬‬ ‫يا معشر قريش‪ ،‬خبون عن هذا الكتاب العرب‪ ،‬هل كنتم تكتبونه قبل أن يبعث ال ممدا‪ i‬صلى ال عليه و سلم تمعون منه ما أجتم ع و‬ ‫تفرقون منه ما افترق مثل اللف و اللم و اليم و النون ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قلت و من أخذتوه ؟ قال‪ ،‬من حرب بن أمية‪ .‬قلت‪ :‬و م ن أخ ذه‬ ‫حرب ؟ قال‪ ،‬من عبد ال بن جدعان‪ .‬قلت‪ :‬و من أخذه عبد ال بن جدعان ؟ قال من أهل النبار‪ .‬قلت‪ :‬و من أخذه أهل النبار ؟ قال‪:‬‬ ‫من طارئ طرأ عليه من أهل اليمن‪ .‬قلت و من أخذه ذلك لطاريء ؟ قال‪ :‬من اللجان بن القسم كاتب الوحي ليهود النب عليه السلم‪ .‬و‬ ‫هو الذي يقول‪:‬‬ ‫و رأي على غي الطريق يعب‬ ‫أف كل عام سنة تدثونا‬ ‫با جرهم فيمن يسب و حي‬ ‫و الوت خي من حياة تسبنا‬ ‫انتهى ما نقله ابن البار ف كتاب التكملة‪ .‬و زاد ف آخره حدثن بذلك أبو بكر بن أب حيه ف كتابه عن أب بر بن العاص عن أب الوليد‬ ‫الوقشي عن أب عمر الطلعنكي بن أب عبد ال بن مفرح‪ .‬و من خطه نقلته عن أب سعيد بن يونس عن ممد بن موسى بن النعمان عن يي‬ ‫بن ممد بن حشيش بن عمر بن أيوب الغافري التونسي عن بلول بن عبيدة المي عن عبد ال بن فروخ‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫و كان لمي كتابة تسمى السند حروفها منفصلة و كانوا ينعون من تعلمها إل بإذنم‪ .‬و من حي تعلمت مصر الكتابة العربية إل أن م ل‬ ‫يكونوا ميدين لا شأن الصنائع إذا وقعت بالبدو فل تكون مكمة الذاهب و ل مائلة إل التقان والتنميق لبون ما بي البدو و الص ناعة و‬ ‫استغناء البدو عنها ف الكثر‪ .‬و كانت كتابة العرب بدوية مثل كتابتهم أو قريبا‪ i‬من كتابتهم لذا العهد أو نقول أن كتابتهم ل ذا العه د‬ ‫أحسن صناعة لن هؤلء أقرب إل الضارة و مالطة المصار و الدول‪ .‬و أما مصر فكانوا أعرق ف البدو و أبعد عن الضر من أهل اليمن‬ ‫و أهل العراق و أهل الشام و مصر فكان الط العرب لول السلم غي بالغ إل الغاية من الحكام و التقان و الجادة و ل إل التوس ط‬ ‫لكان العرب من البداوة و التوحش و بعدهم عن الصنائع‪ ،‬و انظر ما وقع لجل ذلك ف رسهم الصحف حيث رسه الصحابة بطوطهم و‬ ‫كانت غي مستحكمة ف الجادة فخالف الكثي من رسومهم ما اقتضته أقيسة رسوم صناعة الط عند أهلها ث اقتفى التابعون من الس لف‬ ‫رسهم فيها تبكا‪ i‬با رسه أصحاب الرسول صلى ال عليه و سلم و خي اللق من بعده التلقون لوحيه من كتاب ال و كلمه‪ .‬كما يقتفى‬ ‫لذا العهد خط ول أو عال تبكا‪ i‬و يتبع رسه خطا‪ i‬أو صوابا‪ .i‬و أين نسبة ذلك من الصحابة فيما كتبوه فاتبع ذلك و أثبت رس ا‪ i‬و نب ه‬ ‫العلماء بالرسم على مواضعه‪ .‬و ل تلتفت ف ذلك إل ما يزعمه بعض الغفلي من أنم كانوا مكمي لصناعة الط و أن ما يتخيل من مالفة‬ ‫خطوطهم لصول الرسم ليس كما يتخيل بل لكلها وجه‪ .‬يقولون ف مثل زيادة اللف ف ل أذبنه‪ :‬إنه تنبيه على الذبح ل يقع و ف زي ادة‬ ‫الياء ف بأييد إنه تنبيه على كمال القدرة الربانية و أمثال ذلك ما ل أصل له إل التحكم الض‪ .‬و ما حلهم على ذلك إل اعتق ادهم أن ف‬ ‫ذلك تنيها‪ i‬للصحابة عن توهم النقص ف قلة إجادة الط‪ .‬و حسبوا أن الط كمال فنهوهم عن نقصه و نسبوا إليهم الكمال بإج ادته و‬


‫طلبوا تعليل ما خالف الجادة من رسه و ذلك ليس بصحيح‪ .‬و اعلم أن الط ليس بكمال ف حقهم إذ الط من جلة الص نائع الدني ة‬ ‫العاشية كما رأيته فيما مر‪ .‬و الكمال ف الصنائع إضاف و ليس بكمال مطلق إذ ل يعود نقصه على الذات ف الدين و ل ف اللل و إن ا‬ ‫يعود على أسباب العا ش و بسب العمران و التعاون عليه لجل دللته على ما ف النفوس‪ .‬و قد كان صلى ال عليه و سلم أميا‪ i‬و ك ان‬ ‫ذلك كمال‪ i‬ف حقه و بالنسبة إل مقامه لشرفه و تنهه عن الصنائع العملية الت هي أسباب العا ش و العمران كلها‪ .‬و ليست المية كمال‪i‬‬ ‫ف حقنا نن إذ هو منقطع إل ربه و نن متعاونون على الياة الدنيا شأن الصنائع كلها حت العلوم الصطلحية فإن الكمال ف حقه تنهه‬ ‫عنها جلة‪ i‬بلفنا‪ .‬ث لا جاء اللك للعرب و فتحوا المصار و ملكوا المالك و نزلوا البصرة و الكوفة و احت اجت الدول ة إل الكتاب ة‬ ‫استعملوا الط و طلبوا صناعته و تعلموه و تداولوه فترقت الجادة فيه و استحكم و بلغ ف الكوفة و البصرة رتبة من التقان إل أنا كانت‬ ‫دون الغاية‪ .‬و الط الكوف معروف الرسم لذا العهد‪ .‬ث انتشر العرب ف القطار و المالك و افتتحوا أفريقية و الندلس و اخت ط بن و‬ ‫العباس بغداد و ترقت الطوط فيها إل الغاية لا استبحرت ف العمران و كانت دار السلم و مركز الدولة العربية و خالفت أوضاع الط‬ ‫ببغداد أوضاعه بالكوفة‪ .‬ف اليل إل إجادة الرسوم و جال الرونق و حسن الرواء‪ .‬و استحكمت هذه الخالفة ف المصار إل أن رفع رايتها‬ ‫ببغداد علي بن مقلة الوزير‪ .‬ث تله ف ذلك علي بن هلل‪ .‬الكاتب الشهي بابن البواب‪ .‬و وقف سند تعليمها عليه ف الاية الثالث ة و م ا‬ ‫بعدها‪.‬‬ ‫و بعدت رسوم الط البغدادي و أوضاعه عن الكوفة حت انتهى إل الباينة‪ .‬ث ازدادت الخالفة بعد تلك القصور بتفنن الهابذة ف إحك ام‬ ‫رسومه و أوضاعه‪ ،‬حت انتهت إل التأخرين مثل ياقوت و الول علي العجمي‪ .‬و وقف سند تعليم الط عليهم و انتقل ذلك إل مص ر‪ ،‬و‬ ‫خالفت طريقة العراق بعض الشيء و لقنها العجم هنالك‪ ،‬و ظهرت مالفة لط أهل مصر أو مباينة‪.‬‬ ‫و كان الط البغدادي معروف الرسم و تبعه الفريقي العروف رسه القدي لذا العهد‪ .‬و يقرب من أوضاع الط الشرقي و تي ز مل ك‬ ‫الندلس بالمويي فتميزوا بأحوالم من الضارة و الصنائع و الطوط فتميز صنف خطهم الندلسي كما هو معروف الرسم لذا العهد‪ .‬و‬ ‫طما بر العمران و الضارة ف الدول السلمية ف كل قطر‪ .‬و عظم اللك و نفقت أسواق العلوم و انتسخت الكتب و أجي د كتبه ا و‬ ‫تليدها و ملئت با القصور و الزائن اللوكية با ل كفاء له و تنافس أهل القطار ف ذلك و تناغوا فيه‪ .‬ث لا انل نظام الدولة السلمية و‬ ‫تناقص ذلك أجع و درست معال بغداد بدروس اللفة فانتقل شأنا من الط و الكتابة بل و العلم إل مصر و القاهرة فلم تزل أسواقه ب ا‬ ‫نافقة لذا العهد و له با معلمون يرسون لتعليم الروف بقواني ف وضعها و أشكالا متعارفة بينهم فل يلبث التعلم أن يكم أشكال تل ك‬ ‫الروف على تلك الوضاع و قد لقنها حسنا‪ i‬و حذق فيها دربة‪ i‬و كتابا‪ i‬و أخذها قواني علمية فتجئ أحسن ما يكون‪ .‬و أما أهل الندلس‬ ‫فافترقوا ف القطار عند تلشي ملك العرب با و من خلفهم من الببر‪ ،‬و تغلبت عليهم أمم النصرانية فانتشروا ف عدوة الغرب و أفريقي ة‬ ‫من لدن الدولة اللمتونية إل هذا العهد‪ .‬و شاركوا أهل العمران با لديهم من الصنائع و تعلقوا بأذيال الدولة فغلب خطه م عل ى ال ط‬ ‫الفريقي و عفى عليه و نسي خط القيوان و الهدية بنسيان عوائدها و صنائعهما‪ .‬و صارت خطوط أهل أفريقية كله ا عل ى الرس م‬ ‫الندلسي بتونس و ما إليها لتوفر أهل الندلس با عند الالية من شرق الندلس‪ .‬و بقي منه رسم ببلد الريد الذين ل ي الطوا كت اب‬ ‫الندلس و ل ترسوا بوارهم‪ .‬إنا كانوا يغدون على دار اللك بتونس فصار خط أهل أفريقية من أحسن خطوط أهل الن دلس ح ت إذا‬ ‫تقلص ظل الدولة الوحدية بعض الشيء و تراجع أمر الضارة و الترف بتراجع العمران نقص حينئذ حال الط و فسدت رسومه و جه ل‬ ‫فيه وجه التعليم بفساد الضارة و تناقص العمران‪ .‬و بقيت فيه آثار الط الندلسي تشهد با كان لم من ذلك لا قدمناه من أن الصنائع إذا‬ ‫رسخت بالضارة فيعسر موها و حصل ف دولة بن مرين من بعد ذلك بالغرب القصى لون من الط الندلسي لقرب جرارهم و سقوط‬ ‫من خرج منهم إل فاس قريبا‪ i‬و استعمالم إياهم سائر الدولة‪ .‬و نسي عهد الط فيما بعد عن سدة اللك و داره‪ .‬كأنه ل يعرف‪ .‬فصارت‬ ‫الطوط بإفريقية و الغربيي مائلة إل الرداءة بعيدة عن الودة و صارت الكتب إذا انتسخت فل فائدة تصل لتصفحها منها إل العن اء و‬ ‫الشقة لكثرة ما يقع فيها من الفساد و التصحيف و تغيي الشكال الطية عن الودة حت ل تكاد تقرأ إل بعد عسر و وقع فيه ما وق ع ف‬ ‫سائر الصنائع بنقص الضارة و فساد الدول و ال يكم ل معقب لكمه‪.‬‬ ‫و للستاذ أب السن علي بن هلل الكاتب البغدادي الشهي بابن البواب قصيدة من بر البسيط على روي الراء يذكر فيها صناعة الط و‬ ‫قوادها من أحسن ما كتب ف ذلك‪ .‬رأيت إثباتا ف هذا الكتاب من هذا الباب لينتفع با من يريد تعلم هذه الصناعة‪ .‬و أولا‪:‬‬


‫و يروم حسن الط و التصوير‬ ‫يا من يريد إجادة التحرير‬ ‫فارغب إل مولك ف التيسي‬ ‫إن كان عزمك ف الكتابة صادقا‪i‬‬ ‫يصوغ صناعة التحبي‬ ‫أعدد من القلم كل مثقفصلب‬ ‫عند القياس بأوسط التقدير‬ ‫و إذا عمدت لبية فتوخه‬ ‫من جانب التدقيق و التحضي‬ ‫انظر إل طرفيه فاجعل بريه‬ ‫خلوا‪ i‬عن التطويل و التقصي‬ ‫و اجعل للفته قواما‪ i‬عادل‪i‬‬ ‫من جانبيه مشاكل التقدير‬ ‫و الشق وسطه ليبقى بريه‬ ‫فالقط فيه جلة التدبي‬ ‫حت إذا أيقنت ذلك كله‬ ‫إن أضن بسره الستور‬ ‫ل تطمعن ف أن أبوح بسره‬ ‫ما بي تريف إل تدوير‬ ‫لكن جلة ما أقول بأنه‬ ‫بالل أو بالصرم العصور‬ ‫و ألق دواتك بالدخان مدبرا‪i‬‬ ‫مع أصغر الزرنيخ و الكافور‬ ‫و أضف إليه قفرة قد صولت‬ ‫الورق النقي الناعم الخبور‬ ‫حت إذا ما خرت فاعمد إل‬ ‫ينأى عن التشعيث و التغيي‬ ‫فاكسبه بعد القطع بالعصابر كي‬ ‫ما أدرك الأمول مثل صبور‬ ‫ث اجعل التمثيل دأبك صابرا‪i‬‬ ‫غرما‪ i‬ترده عن التشمي‬ ‫إبدأ به ف اللوح منتفيا‪ i‬له‬ ‫ف أول التمثيل و الشطي‬ ‫ل تجلن من الردى تتطه‬ ‫و لرب سهل جاء بعد عسي‬ ‫فالمر يصعب ث يرجع هينا‪i‬‬ ‫أضحيت رب مسرة و حبور‬ ‫حت إذا أدركت ما أملته‬ ‫إن الله ييب كل شكور‬ ‫فاشكر الك و اتبع رضوانه‬ ‫خيا‪ i‬يلفه بدار غرور‬ ‫و ارغب لكفك أن تط بنانا‬ ‫عند الشقاء كتابه النشور‬ ‫فجميع فعل الرء يلقاه غدا‪i‬‬ ‫و اعلم بأن الط بيان عن القول و الكلم‪ ،‬كما أن القول و الكلم‪ .‬بيان عما ف النفس و الضمي من العان فل بد لكل منهما أن يك ون‬ ‫واضح الدللة‪.‬‬ ‫قال ال تعال‪ :‬خلق النسان * علمه البيان و هو يشتمل‪ .‬بيان الدلة كلها‪ .‬فالط الود كماله أن تكون دللته واضحة‪ ،‬بإبان ة حروف ه‬ ‫التواضعة و إجادة وضعها و رسها كل واحد على حدة متميز عن الخر‪ .‬إل ما اصطلح عليه الكتاب من إيصال حرف الكلم ة الواح دة‬ ‫بعضها ببعض‪ .‬سوى حروف اصطلحوا على قطعها‪ ،‬مثل اللف التقدمة ف الكلمة‪ ،‬و كذا الراء و الزاي و الدال و الذال و غيها‪ ،‬بلف‬ ‫ما إذا كانت متأخرة‪ .‬و هكذا إل آخرها‪ .‬ث إن التأخرين من الكتاب اصطلحوا على وصل كلمات‪ ،‬بعضها ببعض‪ ،‬و ح ذف ح روف‬ ‫معروفة عندهم‪ ،‬ل يعرفها إل أهل مصطلحهم فتستعجم على غيهم و هؤلء كتاب دواوين السلطان و سجلت القضاة‪ ،‬كأنم انفردوا بذا‬ ‫الصطلح عن غيهم لكثرة موارد الكتابة عليهم‪ ،‬و شهرة كتابتهم و إحاطة كثي من دونم بصطلحهم فإن كتبوا ذلك لن ل خ بة ل ه‬ ‫بصطلحهم فينبغي أن يعدلوا عن ذلك إل البيان ما استطاعوه‪ ،‬و إل كان بثابة الط العجمي‪ ،‬لنما بنلة واحدة من عدم التواضع عليه‪.‬‬ ‫و ليس بعذر ف هذا القدر‪ ،‬إل كتاب العمال السلطانية ف الموال و اليوش‪ ،‬لنم مطلوبون بكتمان ذلك عن الناس فإنه م ن الس رار‬ ‫السلطانية الت يب إخفاؤها‪ ،‬فيبالغون ف رسم اصطلح خاص بم‪ .‬و يصي بثابة العمى‪ .‬و هو الصطلح على العب ارة ع ن ال روف‬ ‫بكلمات من أساء الطيب و الفواكه و الطيور و الزاهي‪ ،‬و وضع أشكال أخرى غي أشكال الروف التعارفة يصطلح عليها التخ اطبون‬ ‫لتأدية ماف ضمائرهم بالكتابة‪ .‬و ربا وضع الكتاب للعثور على ذلك‪ ،‬و إن ل يضعوه أول‪ ،i‬قواني بقاييس استخرجوها لذلك ب داركهم‬ ‫يسفونا فك العمى‪ .‬و للناس ف ذلك دواوين مشهورة‪ .‬و ال العليم الكيم‪.‬‬


‫الفصل الادي و الثلثون ف صناعة الوراقة‬ ‫كانت العناية قديا‪ i‬بالدواوين العلمية و السجلت ف نسخها و تليدها و تصحيحها بالرواية و الضبط‪ .‬و كان سبب ذلك ما وق ع م ن‬ ‫ضخامة الدولة و توابع الضارة‪ .‬و قد ذهب ذلك لذا العهد بذهاب الدولة و تناقص العمران بعد أن كان منه ف اللة السلمية بر زاخ ر‬ ‫بالعراق و الندلس إذ هو كله من توابع العمران و اتساع نطاق الدولة و نفاق أسواق ذلك لديهما‪ .‬فكثرت التآليف العلمية و ال دواوين و‬ ‫حرص الناس على تناقلهما ف الفاق و العصار فانتسخت و جلدت‪ .‬و جاءت صناعة الوراقي العاني للنتساخ و التصحيح و التجليد و‬ ‫سائر المور الكتبية‪ .‬و الدواوين و اختصت بالمصار العظيمة العمران‪ .‬و كانت السجلت أول‪ :i‬لنتساخ العلوم و كتب الرسائل السلطانية‬ ‫و القطاعات‪ ،‬و الصكوك ف الرقوق الهيأة بالصناعة من اللد لكثرة الرفه و قلة التآليف صدر اللة كما نذكره‪ .‬و قلة الرسائل السلطانية و‬ ‫الصكوك مع ذلك فاقتصروا على الكتاب ف الرق تشريفا‪ i‬للمكتوبات و ميل‪ i‬با إل الصحة و التقان‪ .‬ث طما بر التآليف و التدوين و كثر‬ ‫ترسيل السلطان و صكوكه و ضاق الرق عن ذلك‪ .‬فأشار الفضل بن يي صناعة الكاغد و صنعه و كتب فبه رسائل السلطان و صكوكه‪.‬‬ ‫و اتذه الناس من بعده صحفا‪ i‬لكتوباتم السلطانية و العلمية‪ .‬و بلغت الجادة ف صناعته ما شاءت‪ .‬ث وقفت عناية أهل العلوم و هم أهل‬ ‫الدول على ضبط الدواوين العلمية و تصحيحها بالرواية السندة إل مؤلفيها و واضعيها لنه الشأن الهم من التصحيح و الض بط فب ذلك‬ ‫تسند القوال إل قائلها و الفتيا إل الاكم با التهد ف طريق استنباطها‪ .‬و ما ل يكن تصحيح التون بإسنادها إل مدونا فل يصح إس ناد‬ ‫قول لم و ل فتيا‪ .‬و هكذا كان شأن أهل العلم و حلته ف العصور و الجيال و الفاق‪.‬‬ ‫حت لقد قصرت فائدة الصناعة الديثية ف الرواية على هذه فقط إذ ثرتا الكبى من معرفة صحيح الحاديث و حس نها و مس ندها و‬ ‫مرسلها و مقطوعها و موقوفها من موضوعها قد ذهبت و تخضت زبدة‪ i‬ف ذلك المهات التلقاة بالقبول عند المة‪ .‬و ص ار القص د إل‬ ‫ذلك لغوا‪ i‬من العمل‪ .‬و ل تبق ثرة الرواية و الشتغال با إل ف تصحيح تلك المهات الديثية و سواها من كتب الفقه للفتيا‪ ،‬و غي ذلك‬ ‫من الدواوين و التآلبف العلمية‪ .‬و اتصال سندها بؤلفيها ليصح النقل عنهم‪ ،‬و السناد إليهم‪ .‬و كانت هذه الرسوم بالش رق و الن دلس‬ ‫معبدة الطرق واضحة السالك‪ .‬و لذا ند الدواوين النتسخة لذلك العهد ف أقطارهم على غاية من التقان و الحكام و الصحة‪ .‬و منه ا‬ ‫لذا العهد بأيدي الناس ف العال أصول عتيقة تشهد ببلوغ الغاية لم ف ذلك‪ .‬و أهل الفاق يتناقلونا إل الن و يشدون عليها يد الضنانة و‬ ‫لقد ذهبت هذه الرسوم لذا العهد جلة بالغرب و أهله لنقطاع صناعة الط و الضبط و الرواية منه بانتقاص عمرانه و بداوة أهله و صارت‬ ‫المهات و الدواوين تنسخ بالطوط اليدوية تنسخها طلبة الببر صحائف مستعجمة برداءة الط و كثرة الفساد و التصحيف فتستغلق على‬ ‫متصفحها و ل يصل منها فائدة إل ف المل النادر‪ .‬و أيضا‪ i‬فقد دخل اللل من ذلك ف الفتيا فإن غالب القوال العزوة غي مروية عن أئمة‬ ‫الذهب و إنا تتلقى من تلك الدواوين على ما هي عليه‪ .‬و تبع ذلك أيضا‪ i‬ما يتصدى إليه بعض أئمتهم من التأليف لقلة بصرهم بصناعته و‬ ‫عدم الصنائع الوافية بقاصده‪ .‬و ل ينق من هذا الرسم بالندلس إل إثارة خفية بالماء و هي الضمحلل فقد كاد العلم ينقطع بالكلية من‬ ‫الغرب‪ .‬و ال غالب على أمره‪ .‬و يبلغنا لذا العهد أن صناعة الرواية قائمة بالشرق و تصحيح الدواوين لن يرومه بذلك سهل على مبتغي ه‬ ‫لنفاق أسواق العلوم و الصنائع كما نذكره بعد‪ .‬إل أن الط الذي بقي من الجادة ف النتساخ هنالك إنا هو للعجم و ف خطوطهم‪ .‬و أما‬ ‫النسخ بصر ففسد كما فسد بالغرب و أشد‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثان و الثلثون ف صناعة الغناء‬ ‫هذه الصناعة هي تلحي الشعار الوزونة بتقطيع الصوات على نسب منتظمة معروفة يوقع كل صوت منها توقيعا‪ i‬عند قطعه فيكون نغمة‪.‬‬ ‫ث تؤلف تلك النغم بعضها إل بعض على نسب متعارفة فيلذ ساعها لجل ذلك التناسب و ما يدث عنه من الكيفيه ف تلك الصوات‪ .‬و‬ ‫ذلك أنه تبي ف علم الوسيقى أن الصوات تتناسب‪ ،‬فيكون صوت نصف صوت و ربع آخر و خس آخر و جزء من أحد عشر من آخر‬ ‫و اختلف هذه النسب عند تأديتها إل السمع بروجها من البساطة إل التركيب و ليس كل تركيب منها ملذوذا‪ i‬عند السماع بل للمنذور‬


‫تراكيب خاصة و هي الت حصرها أهل علم الوسيقى و تكلموا عليها كما هو مذكور ف موضعه و قد يساوق ذلك التلحي ف النغم ات‬ ‫الغنائية بتقطيع أصوات أخرى من المادات إما بالقرع أو بالنفخ ف اللت تتخذ لذلك فترى لا لذة عند السماع‪ .‬فمنه ا ل ذا العه د‬ ‫بالغرب أصناف منها الزمار و يسمونه الشبابة و هي قصبة جوفاء بأباش ف جوانبها معدودة ينفخ فيها فتصوت‪ .‬فيخرج الص وت م ن‬ ‫جوفها على سداده من تلك الباش و يقطع الصوت بوضع الصابع من اليدين جيعا‪ i‬على تلك الباش وضعا متعارفا‪ i‬حت تدث النس ب‬ ‫بي الصوات فيه و تتصل كذلك متناسبة فيلتذ السمع بإدراكها للتناسب الذي ذكرناه‪ .‬و من جنس هذه اللة الزمار الذي يسمى الزلمي‬ ‫و هو شكل القصبة منحوتة الانبي من الشب جوفاء من غي تدوير لجل ائتلفها ف قطعتي منفردتي كذلك بأباش معدودة ينفخ فيه ا‬ ‫بقصبة صغية توصل فينفذ النفخ بواسطتها إليها و تصوت بنغمة حادة يرى فيها من تقطيع الصوات من تلك الباش بالصابع مثل م ا‬ ‫يري ف الشبابة‪ .‬و من أحسن آلت الزمر لذا العهد البوق و هو بوق من ناس أجوف ف مقدار الذراع‪ .‬يتسع إل أن يكون انفراج مرجه‬ ‫ف مقدار دون الكف ف شكل بري القلم‪ .‬و ينفخ فيه بقصبة صغية تؤدي الريح من الفم إليه فيخرج الصوت ثخينا‪ i‬دويا‪ i‬و فيه أباش أيضا‪i‬‬ ‫معدودة‪ .‬و تقطع نغمة منها كذلك بالصابع على التناسب فيكون ملذوذا‪ .i‬و منها آلت الوتار و هي جوفاء كلها إما على شكل قطعة من‬ ‫الكرة مثل الربط و الرباب أو على شكل مربع كالقانون توضع الوتار على بسائطها مشدودة ف رأسها إل دسر جائلة ليأت شد الوتار و‬ ‫رخوها عند الاجة إليه بإدارتا‪ .‬ث تقرع الوتار إما بعود آخر أو بوتر مشدود بي طرف قوس ير عليها بعد أن يطلى بالشمع و الكندر‪ .‬و‬ ‫يقطع الصوت فيه بتخفيف اليد ف إمراره أو نقله من وتر إل وتر‪ .‬و اليد اليسرى مع ذلك ف جيع آلت الوتار توقع بأصابعها على أطراف‬ ‫الوتار فيما يقرع أو يك بالوتر فتحدث الصوات متناسبة ملذوذة‪ .‬و قد يكون القرع ف الطسوت بالقضبان أو ف العواد بعضها ببعض‬ ‫على توقيع مناسب يدث عنه التذاذ بالسموع‪ .‬و لنبي لك السبب ف اللذة الناشئة عن الغناء‪ .‬و ذلك أن اللذة كما تقرر ف موضعه ه ي‬ ‫إدراك اللئم و السوس إنا تدرك منه كيفية‪ .‬فإذا كانت مناسبة للمدرك و ملئمة كانت ملذوذة‪ ،‬و إذا كانت منافية له من افرة ك انت‬ ‫مؤلة‪ .‬فاللئم من الطعوم ما ناسبت كيفيته حاسة الذوق ف مزاجها و كذا اللئم من اللموسات و ف الروائح ما ناسب مزاج الروح القلب‬ ‫البخاري لنه الدرك و إليه تؤديه الاسة‪ .‬و لذا كانت الرياحي و الزهار العطريات أحسن رائحة و أشد ملءمة للروح لغلبة الرارة فيها‬ ‫الت هي مزاج الروح القلب‪ .‬و أما الرئيات و السموعات فاللئم فيها تناسب الوضاع ف أشكالا و كيفياتا فهو أنسب عند النفس و أشد‬ ‫ملءمة لا‪ .‬فإذا كان الرب متناسبا‪ i‬ف أشكاله و تاطيطه الت له بسب مادته بيث ل يرج عما تقتضيه مادته الاصة من كمال الناسبة و‬ ‫الوضع و ذلك هو معن المال و السن ف كل مدرك‪ .‬كان ذلك حينئذ مناسبا‪ i‬للنفس الدركة فتلتذ بإدراك ملئمها‪ ،‬و لذا تد العاشقي‬ ‫الستهترين ف البة يعبون عن غاية مبتهم و عشقهم بامتزاج أرواحهم بروح البوب‪ .‬و ف هذا سر تفهمه إن كنت من أهله و هو ات اد‬ ‫البدأ و إن كان ما سواك إذا نظرته و تأملته رأيت بينك و بينه اتادا‪ i‬ف البداءة‪ .‬يشهد لك به اتاد كما ف الكون و معناه من وجه آخر أن‬ ‫الوجود يشرك بي الوجودات كما تقوله الكماء‪ .‬فتود أن يتزج بشاهدات فيه الكمال لتتحد به بل تروم النفس حينئذ الروج عن الوهم‬ ‫إل القيقة الت هي اتاد البدإ و الكون‪ .‬و لا كان أنسب الشياء إل النسان و أقربا إل أن يدرك الكمال ف تناسب موضوعها هو شكله‬ ‫النسان فكان إدراكه للجمال و السن ف تاطيطه و أصواته من الدارك الت هي أقرب إل فطرته‪ ،‬فيلهج كل إنسان بالسن من الرئي أو‬ ‫السموع بقتضى الفطرة‪ .‬و السن ف السموع أن تكون الصوات متناسبة ل متنافرة‪ .‬و ذلك أن الصوات لا كيفيات من المس و الهر‬ ‫و الرخاوة و الشدة و القلقلة و الضغط و غي ذلك‪ .‬و التناسب فيها هو الذي يوجب لا السن‪ .‬فأول‪ :i‬أن ل يرج من الصوت إل م ده‬ ‫دفعة بل بتدريج‪ .‬ث يرجع كذلك‪ ،‬و هكذا إل الثل‪ ،‬بل ل بد من توسط الغاير بي الصوتي‪ .‬و تأمل هذا من افتتاح أهل اللسان التراكيب‬ ‫من الروف التنافرة أو التقاربة الخارج فإنه من بابه‪ .‬و ثانيا‪ :i‬تناسبها ف الجزاء كما مر أول الباب فيخرج من الصوت إل نصفه أو ثلث ه‬ ‫أو جزء من كذا منه‪ ،‬على حسب ما يكون التنقل متناسبا‪ i‬على ما حصره أهل الصناعة‪ .‬فإذا كانت الصوات على تناسب ف الكيفيات كما‬ ‫ذكره أهل تلك الصناعة كانت ملئمة ملذوذة‪ .‬و من هذا التناسب ما يكون بسيطا‪ i‬و يكون الكثي من الناس مطبوعا‪ i‬عليه ل يتاجون في ه‬ ‫إل تعليم و ل صناعة كما ند الطبوعي على الوازين الشعرية و توقيع الرقص و أمثال ذلك‪ .‬و تسمي العامة هذه القابلية بالضمار‪ .‬و كثي‬ ‫من القراء بذه الثابة يقرأون القرآن فيجيدون ف تلحي أصواتم كأنا الزامي فيطربون بسن مساقهم و تناسب نغم اتم‪ .‬و م ن ه ذا‬ ‫التناسب ما يدث بالتركيب و ليس كل الناس يستوي ف معرفته و ل كل الطباع توافق صاحبها ف العمل به إذا علم‪ .‬و هذا ه و التلحي‬ ‫الذي يتكفل به علم الوسيقى كما نشرحة بعد عند ذكر العلوم‪ .‬و قد أنكر مالك رحه ال تعال القراءة بالتلحي و أجازها الشافعي رضي‬


‫ال تعال عنه‪ .‬و ليس الراد تلحي الوسيقى الصناعي فإنه ل ينبغي أن يتلف ف حظره إذ صناعة الغناء مباينة للقرآن بكل وجه لن القراءة و‬ ‫الداء تتاج إل مقدار من الصوت لتعي أداء الروف ل من حيث اتباع الركات ف مواضعها و يقدار الد عند من يطلقه أو يقص ره‪ ،‬و‬ ‫أمثال ذلك‪ .‬و التلحي أيضا‪ i‬يتعي له مقدار من الصوت ل تتم إل به من أجل التناسب الذي قلناه ف حقيقة التلحي و اعتبار أحدها قد يل‬ ‫بالخر إذا تعارضا‪ .‬و تقدي الرواية‪ ،‬متعي فرارا‪ i‬من تغيي الرواية النقولة ف القرآن‪ ،‬فل يكن اجتماع التلحي و الداء العتب ف القرآن بوجه‬ ‫و إنا مرادهم التلحي البسيط الذي يهتدي إليه صاحب الضمار بطبعه كما قدمناه فيدد أصواته ترديدا‪ i‬على نسب يدركها العال بالغن اء و‬ ‫غيه و ل ينبغي ذلك بوجه و إنا الراد من اختلفهم التلحي البسيط الذي يهتدي إليه صاحب الضمار بطبعه كما قدمناه‪ ،‬فيدد أص واته‬ ‫ترديدا‪ i‬على نسب يدركها العال بالغناء و غيه‪ ،‬و ل ينبغي ذلك بوجه كما قاله مالك‪ .‬هذا هو مل اللف‪ .‬و الظاهر تنيه القرآن عن هذا‬ ‫كله كما ذهب إليه المام رحة ال تعال لن القرآن مل خشوع بذكر الوت و ما بعده و ليس مقام التذاذ بإدراك السن من الصوات‪ .‬و‬ ‫هكذا كانت قراءة الصحابة رضي ال عنهم كما ف أخبارهم‪ .‬و أما قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬لقد أوت مزمارا‪ i‬من مزامي آل داود فلي س‬ ‫الراد به الترديد و التلحي إنا معناه حسن الصوت و أداء القراءة و البانة ف مارج الروف و النطق با‪ .‬و إذ قد ذكرنا معن الغناء ف اعلم‬ ‫أنه يدث ف العمران إذا توفر و تاوز حد الضروري إل الاجي‪ ،‬ث إل الكمال‪ ،‬و تفننوا فيه‪ ،‬فتحدث هذه الصناعة‪ ،‬لنه ل يستدعيها إل‬ ‫من فرغ من جيع حاجاته الضرورية و الهمة من العاش و النل و غيه فل يطلبها إل الفارغون عن س ائر أح والم تفنن ا‪ i‬ف م ذاهب‬ ‫اللذوذات‪ .‬و كان ف سلطان العجم قبل اللة منها بر زاخر ف أمصارهم و مدنم‪ .‬و كان ملوكهم يتخذون ذلك و يولعون به‪ ،‬حت لق د‬ ‫كان للوك الفرس اهتمام بأهل هذه الصناعة‪ ،‬و لم مكان ف دولتهم‪ ،‬و كانوا يضرون مشاهدهم و مامعهم و يغنون فيها‪ .‬و هذا ش أن‬ ‫العجم لذا العهد ف كل أفق من آفاقهم‪ .‬و ملكة من مالكهم‪ .‬و أما العرب فكان لم أول‪ i‬فن الشعر يؤلفون فيه الكلم أجزاء متساوية على‬ ‫تناسب بينها ف عدة حروفها التحركة و الساكنة‪ .‬و يفصلون الكلم ف تلك الجزاء تفصيل‪ i‬يكون كل جزء منها مس تقل‪ i‬بالف ادة‪ ،‬ل‬ ‫ينعطف على الخر‪ .‬و يسمونه البيت‪ .‬فتلئم الطبع بالتجزئة أول‪ i‬ث يتناسب الجزاء ف القاطع و البادئ‪ ،‬ث بتأدية العن القصود و تط بيق‬ ‫الكلم عليها‪ .‬فلهجوا به فامتاز من بي كلمهم بط من الشرف ليس لغيه لجل اختصاصه‪ .‬بذا التناسب‪ .‬و جعلوه ديوانا‪ i‬لخب ارهم و‬ ‫حكمهم و شرفهم و مكا‪ i‬لقرائحهم ف إصابة العان و إجادة الساليب‪ .‬و استمروا على ذلك‪ .‬و هذا التناسب الذي من أجل الج زاء و‬ ‫التحرك و الساكن من الروف قطرة من بر من تناسب الصوات كما هو معروف ف كتب الوسيقى‪ .‬إل أنم ل يشعروا با سواه لن م‬ ‫حينئذ ل ينتحلوا علما‪ i‬و ل عرفوا صناعة‪ .i‬و كانت البداوة أغلب نلهم‪ .‬ث تغن الداة منهم ف حداء إبلهم و الفتيان ف فض اء خل واتم‬ ‫فرجعوا الصوات و ترنوا‪ .‬و كانوا يسمون الترن إذا كان بالشعر غناء و إذا كان بالتهليل أو نوع القراءة تغييا‪ i‬بالغي العجم ة و الب اء‬ ‫الوحدة‪ .‬و عللها أبو إسحاق الزجاج بأنا تذكر بالغابر و هو الباقي أي بأحوال الخرة‪ .‬و ربا ناسبوا ف غنائهم بي النغمات مناسبة بسيطة‬ ‫كما ذكره ابن رشيق آخر كتاب العمدة و غيه‪ .‬و كانوا يسمونه السناد‪ .‬و كان أكثر ما يكون منهم‪ ،‬ف الفيف الذي يرق ص علي ه و‬ ‫يشى بالدف و الزمار فيضطرب و يستخف اللوم‪ .‬و كانوا يسمون هذا الرج و هذا البسيط كله من التلحي هو من أوائلها و ل يبعد أن‬ ‫تتفطن له الطباع من غي تعليم شأن البسائط كلها من الصنائع‪ .‬و ل يزل هذا شأن العرب ف بداوتم و جاهليتهم‪ .‬فلما ج اء الس لم و‬ ‫استولوا على مالك الدنيا و حازوا سلطان العجم و غلبوهم عليه و كانوا من البداوة و الغضاضة على الال الت عرفت لم مع غضارة الدين‬ ‫و شدته ف ترك أحوال الفراغ و ما ليس بنافع ف دين و ل معاش فهجروا ذلك شيئا‪ i‬ما‪ .‬و ل يكن اللذوذ عندهم إل ترجيع القراءة و الترن‬ ‫بالشعر الذي هو ديدنم و مذهبهم‪ .‬فلما جاءهم الترف و غلب عليهم الرفه با حصل لم من غنائم المم صاروا إل نصارة العيش و رق ة‬ ‫الاشية و استحلء الفراغ‪ .‬و افترق الغنون من الفرس و الروم فوقعوا إل الجاز و صاروا موال للعرب و غنوا جيعا‪ i‬بالعيدان و الطنابي و‬ ‫العازف و الزامي و سع العرب تلحينهم للصوات فلحنوا عليها أشعارهم‪ .‬و ظهر بالدينة نشيط الفارسي و طويس و سائب بن جابر مول‬ ‫عبيد ال بن جعفر فسمعوا شعر العرب و لنوه و أجادوا فيه و طار لم ذكر‪ .‬ث أخذ عنهم معبد و طبقته و ابن شربح و أنظ اره‪ .‬و م ا‬ ‫زالت صناعة الغناء تتدرج إل أن كملت أيام بن العباس عند إبراهيم بن الهدي و إبراهيم الوصلي و ابنه إسحاق و ابنه حاد‪ .‬و كان م ن‬ ‫ذلك ف دولتهم ببغداد ما تبعه الديث بعده به و بجالسه بذا العهد و أمعنوا ف اللهو و اللعب و اتذت آلت الرقص ف اللبس و القضبان‬ ‫و الشعار الت يترن با عليه‪ .‬و جعل صنفا‪ i‬وحده و اتذت آلت أخرى للرقص تسمى بالكرج و هي تاثيل خيل مسرجة م ن الش ب‬ ‫معلقة بأطراف أقبية يلبسها النسوان و ياكي با امتطاء اليل فيكرون و يفرون و يتثاقفون و أمثال ذلك من اللعب العد للولئم و العراس‬


‫و أيام العياد و مالس الفراغ و اللهو‪ .‬و كثر ذلك ببغداد و أمصار العراق و انتشر منها إل غيها‪ .‬و كان للموصليي غلم اسه زري اب‬ ‫أخذ عنهم الغناء فأجاد فصرفوه إل الغرب غية منه فلحق بالكم بن هشام بن عبد الرحن الداخل أمي الندلس‪ .‬فبالغ ف تكرمته و ركب‬ ‫للقائه و أسن له الوائز و القطاعات و الرايات و أحله من دولته و ندمائه بكان‪ .‬فأورث بالندلس من صناعة الغناء ما تناقلوه إل أزمان‬ ‫الطوائف‪ .‬و طما منها بإشبيلية بر زاخز و تناقل منها بعد ذهاب غضارتا إل بلد العدوة بإفريقية و الغرب‪ .‬و انقسم على أمصارها و با‬ ‫الن منها صبابة على تراجع عمرانا و تناقص دولا‪ .‬و هذه الصناعة آخر ما يصل ف العمران من الصنائع لنا كمالية ف غي وظيفة م ن‬ ‫الوظائف إل وظيفة الفراغ و الفرح‪ .‬و هو أيضا‪ i‬أول ما ينقطع من العمران عند اختلله و تراجعه‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثالث و الثلثون ف أن الصنائع تكسب صاحبها عقل‪ i‬و خصوص ا‪i‬‬ ‫الكتابة و الساب‬ ‫قد ذكرنا ف الكتاب أن النفس الناطقة للنسان إنا توجد فيه بالقوة‪ .‬و أن خروجها من القوة إل الفعل إنا هو بتجدد العلوم و الدراكات‬ ‫عن السوسات أول‪ ،i‬ث ما يكتسب بعدها بالقوة النظرية إل أن يصي إدراكا‪ i‬بالفعل و عقل‪ i‬مضا‪ i‬فتكون ذاتا‪ i‬روحانية‪ i‬و يس تكمل حينئذ‬ ‫وجودها‪ .‬فوجب لذلك أن يكون كل نوع من العلم و النظر يفيدها عقل‪ i‬فريدا‪ i‬و الصنائع أبدا‪ i‬يصل عنها و عن ملكتها ق انون علم ي‬ ‫مستفاد من تلك اللكة‪ .‬فلهذا كانت النكة ف التجربة تفيد عقل‪ i‬و الضارة الكاملة تفيد عقل‪ i‬لنا متمعة من صنائع ف شأن تدبي النل‬ ‫و معاشرة أبناء النس و تصيل الداب ف مالطتهم ث القيام بأمور الدين و اعتبار آدابا و شرائطها‪ .‬و هذه كلها ق واني تنتظ م علوم ا‪i‬‬ ‫فيحصل منها زيادة عقل‪ .‬و الكتابة من بي الصنائع أكثر إفادة لذلك لنا تشتمل على العلوم و النظار بلف الص نائع‪ .‬و بي انه أن ف‬ ‫الكتابة انتقال‪ i‬من الروف الطية إل الكلمات اللفظية ف اليال و من الكلمات اللفظية ف اليال إل العان الت ف النفس فهو ينتقل أب دا‪i‬‬ ‫من دليل إل دليل‪ ،‬ما دام ملتبسا‪ i‬بالكتابة و تتعود النفس ذلك دائما‪ .i‬فيحصل لا ملكة النتقال من الدلة إل الدلولت و هو معن النظ ر‬ ‫العقلي الذي يكسب العلوم الهولة فيكسب بذلك ملكة من التعقل تكون زيادة عقل و يصل به قوة فطنة و كيس ف المور لا تعودوه من‬ ‫ذلك النتقال‪ .‬و لذلك قال كسرى ف كتابه لا رآهم بتلك الفطنة و الكيس فقال‪ :‬ديوانه أي شياطي و جنون‪ .‬قالوا‪ :‬و ذلك أصل اشتقاق‬ ‫الديوان لهل الكتابة و يلحق بذلك الساب فإن ف صناعة الساب نوع تصرف ف الدد بالضم و التفريق يتاج فيه إل اس تدلل ك ثي‬ ‫فيبقى متعودا‪ i‬للستدلل و النظر و هو معن العقل‪ .‬و ال أخرجكم من بطون أمهاتكم ل تعلمون شيئا‪ ،i‬و جعل لكم السمع و البص ار و‬ ‫الفئدة‪ ،‬قليل‪ i‬ما تشكرون‪.‬‬

‫الباب السادس من الكتاب الول ف العلوم و أصنافها و التعليم و طرق ه و‬ ‫سائر وجوهه و ما يعرض ف ذلك كله من الحوال و فيه مقدمة و لواحق‬ ‫فالقدمة ف الفكر النسان الذي تيز به البشر عن اليوانات و اهتدى به لتحصيل معاشه و التعاون عليه بأبناء جنسه و النظر ف معبوده‪ .‬و‬ ‫ما جاءت به الرسل من عنده‪ ،‬فصار جيع اليوانات ف طاعته و ملك قدرته و فضله به على كثي خلقه‪.‬‬

‫الفصل الول ف أن العلم و التعليم طبيعي ف العمران البشري‬ ‫و ذلك أن النسان قد شاركته جيع اليوانات ف حيوانيته من الس و الركة و الغذاء و الكن و غي ذلك‪ .‬و إنا تيز عنها بالفكر ال ذي‬ ‫يهتدي به لتحصيل معاشه و التعاون عليه بأبناء جنسه و الجتماع الهيء لذلك التعاون و قبول ما جاءت به النبياء عن ال تعال و العم ل‬ ‫به و اتباع صلح أخراه‪ .‬فهو منكر ف ذلك كله دائما‪ i‬ل يفترعن الفكر فيه طرفة عي بل اختلج الفكر أسرع من لح البصر‪ .‬و عن ه ذا‬


‫الفكر تنشأ العلوم و ما قدمناه من الصنائع‪ .‬ث لجل هذا الفكر و ما جبل عليه النسان بل اليوان من تصيل ما تستدعيه الطباع فيك ون‬ ‫الفكر راغبا‪ i‬ف تصيل ما ليس عنده من الدراكات فيجع إل من سبقه بعلم أو زاد عليه بعرفة أو إدراك أو أخذه من تقدمه م ن النبي اء‬ ‫الذين يبلغونه لن تلقاه فيلقن ذلك عنهم و يرص على أخذه و علمه‪ .‬ث أن فكره و نظره يتوجه إل واحد واحد من القائق و ينظ ر م ا‬ ‫يعرض له لذاته واحدا‪ i‬بعد آخر و يتمرن على ذلك حت يصي إلاق العوارض بتلك القيقة ملكة له فيكون حينئذ علمه با يع رض لتل ك‬ ‫القيقة علما‪ i‬مصوصا‪ .i‬و تتشوف نفوس أهل اليل الناشىء إل تصيل ذلك فيفرغون إل أهل معرفته و ييء التعليم من هذا‪ .‬فق د ت بي‬ ‫بذلك أن العلم و التعليم طبيعي ف البشر‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الثان ف أن التعليم للعلم من جلة الصنائع‬ ‫و ذلك أن الذق ف العلم و التفنن فيه و الستيلء عليه إنا هو بصول ملكة ف الحاطة ببادئه و قواعده و الوقوف على مسائله و استنباط‬ ‫فروعه من أصوله‪ .‬و ما ل تصل هذه اللكة ل يكن الذق ف ذلك الفن التناول حاصل‪ .i‬و هذه اللكة هي ف غي الفهم و الوعي‪ .‬لنا ند‬ ‫فهم السألة الواحدة من الفن الواحد و وعيها مشتركا‪ i‬بي من شدا ف ذلك الفن و بي من هو مبتدئ فيه و بي العامي الذي ل يعرف علما‪i‬‬ ‫و بي العال النحرير‪ .‬و اللكة إنا هي للعال أو الشادي ف‪ .‬الفنون دون من سواها فدل على أن هذه اللكة غي الفهم و الوعي‪ .‬و اللكات‬ ‫كلها جسمانية سواء كانت ف البدن أو ف الدماغ من الفكر و غيه كالساب‪ .‬و السمانيات كلها مسوسة فتفتقر إل التعلي م‪ .‬و ل ذا‬ ‫كان السند ف التعليم ف كل علم أو صناعة يفتقر إل مشاهي العلمي فيها معتبا‪ i‬عند كل أهل أفق و جيل‪ .‬و يدل أيضا‪ i‬على أن تعليم العلم‬ ‫صناعة اختلف الصطلحات فيه‪ .‬فلكل إمام من الئمة الشاهي اصطلح ف التعليم يتص به شأن الصنائع كلها ف دل عل ى أن ذل ك‬ ‫الصطلح ليس من العلم‪ ،‬و إذ لو كان من العلم لكان واحدا‪ i‬عند جيعهم‪ .‬أل ترى إل علم الكلم كيف ت الف ف تعليم ه اص طلح‬ ‫التقدمي و التأخرين و كذا أصول الفقه و كذا العربية و كذا كل علم يتوجه إل مطالعته تد الصطلحات ف تعليمه متخالفة فدل عل ى‬ ‫أنا صناعات ف التعليم‪ .‬و العلم واحد ف نفسه‪ .‬و إذا تقرر ذلك فاعلم أن سند تعليم العلم لذا العهد قد كاد ينقطع عمن أه ل الغ رب‬ ‫باختلل عمرانه و تناقص الدول فيه‪ .‬و ما يدث عن ذلك من نقص الصنائع و فقدانا كما مر‪ .‬و ذلك أن القيوان و قرطبة كانتا حاضرت‬ ‫الغرب و الندلس و استبحر عمرانما و كان فيهما للعلوم و الصنائع أسواق نافقة و بور زاخرة‪ .‬و رسخ فيهما التعليم لمتداد عصورها و‬ ‫ما كان فيهما من الضارة‪ .‬فلما خربتا انقطع التعليم من الغرب إل قليل‪ i‬كان ف دولة الوحدين براكش مستفادا‪ i‬منها‪ .‬و ل ترسخ الضارة‬ ‫براكش لبداوة الدولة الوحدية ف أولا و قرب عهد انقراضها ببدئها فلم تتصل أحوال الضارة فيها إل ف القل‪ .‬و بعد انقراض الدول ة‬ ‫براكش ارتل إل الشرق من أفريقية القاضي أبو القاسم بن زيتون لعهد أواسط الائة السابعة فأدرك تلميذ المام ابن الطيب فأخذ عنهم و‬ ‫لقن تعليمهم‪ .‬و حذق ف العقليات و النقليات و رجع إل تونس بعلم كثي و تعليم حسن‪ .‬و جاء على أثره من الشرق أبو عب د ال ب ن‬ ‫شعيب الدكال‪ .‬كان ارتل إليه من الغرب فأخذ عن مشيخة مصر و رجع إل تونس و استقر با و كان تعليمه مفيدا‪ i‬فأخذ عنهم ا أه ل‬ ‫تونس‪ .‬و اتصل سند تعليمهما ف تلميذها جيل‪ i‬بعد جيل حت انتهى إل القاضي ممد بن عبد السلم‪ .‬شارح بن ال اجب و تلمي ذه و‬ ‫انتقل من تونس إل تلمسان ف ابن المام و تلميذه‪ .‬فإنه قرأ مع ابن عبد السلم على مشيخة واحدة ف مالس بأعيانا و تلميذ اب ن عب د‬ ‫السلم بتونس و ابن المام بتلمسان لذا العهد إل أنم من القلة بيث يشى انقطاع سندهم‪ .‬ث ارتل من زواوة ف آخر الائة السابعة أب و‬ ‫علي ناصر الدين الشدال و أدرك تلميذ أب عمرو بن الاجب و أخذ عنهم و لقن تعليمهم‪ .‬و قرأ مع شهاب الدين القراف ف مالس واحدة‬ ‫و حذق ف العقليات و النقليات‪ .‬و رجع إل الغرب بعلم كثي و تعليم مفيد‪ .‬و نزل ببجاية و اتصل سند تعليمه ف طلبتها‪ .‬و ربا انتقل إل‬ ‫تلمسان عمران الشدال من تلميذه و أوطنها و بث طريقته فيها‪ .‬و تلميذه لذا العهد ببجاية و تلمسان قليل أو أقل من القليل‪ .‬و بقيت فاس‬ ‫و سائر أقطار الغرب خلوا‪ i‬من حسن التعليم من لدن انقراض تعليم قرطبة و القيوان و ل يتصل سند التعليم فيهم فعصر عليه م حص ول‬ ‫اللكة و الذق ف العلوم‪ .‬و أيسر طرق هذه اللكة فتق اللسان بالاورة و الناظرة ف السائل العلمية فهو الذي يقرب شأنا و يصل مرامها‪.‬‬ ‫فتجد طالب العلم منهم بعد ذهاب الكثي من أعمارهم ف ملزمة الالس العلمية سكوتا‪ i‬ل ينطقون و ل يفاوضون و عنايتهم بالفظ أكثر‬ ‫من الاجة‪ .‬فل يصلون على طائل من ملكة التصرف ف العلم و التعليم ث بعد تصيل من يرى منهم أنه قد حصل تد ملكته قاص رة ف‬


‫علمه إن فاوض أو ناظر أو علم و ما أتاهم القصور إل قبل التعليم و انقطاع سنده‪ .‬و إل فحفظهم أبلغ من حفظ سواهم لشدة عنايتهم به‪،‬‬ ‫و ظنهم أنه القصود من اللكة العلمية و ليس كذلك‪ .‬و ما يشهد بذلك ف الغرب أن الدة العينة لسكن طلبة العلم بالدارس عندهم س ت‬ ‫عشرة سنة و هي بتونس خس سني‪ .‬و هذه الدة بالدارس على التعارف هي أقل ما يتأتى فيها لطالب العلم حصول مبتغاه م ن اللك ة‬ ‫العلمية أو اليأس من تصيلها فطال أمدها ف الغرب لذه الدة لجل عسرها من قلة الودة ف التعليم خاصة ل ما سوى ذلك‪ .‬و أما أه ل‬ ‫الندلس فذهب رسم التعليم من بينهم و ذهبت عنايتهم بالعلوم لتناقص عمران السلمي با منذ مئي من السني‪ .‬و ل يبق من رسم العل م‬ ‫فيهم إل فن العربية و الدب‪ .‬اقتصروا عليه و الفظ سند تعليمه بينهم فانفظ بفظه‪ .‬و أما الفقه بينهم فرسم خلو و أثر بعد عي‪ .‬و أم ا‬ ‫العقليات فل أثر و ل عي‪ .‬و ما ذاك إل لنقطاع سند التعليم فيها بتناقص العمران و تغلب العدو على عامتها إل قليل‪ i‬بسيف البحر شغلهم‬ ‫بعايشهم أكثر من شغلهم با بعدها‪ .‬و ال غالب على أمره‪ .‬و أما الشرق فلم ينقطع سند التعليم فيه بل أسواقه نافق ة و ب وره زاخ رة‬ ‫لتصال العمران الوفور و اتصال السند فيه‪ .‬و إن كانت المصار العظيمة الت كانت معادن العلم قد خربت مثل بغداد و البصرة و الكوفة‬ ‫إل أن ال تعال قد أدال منها بأمصار أعظم من تلك‪ .‬و انتقل العلم منها إل عراق العجم براسان‪ ،‬و ما وراء النهر م ن الش رق‪ ،‬ث إل‬ ‫القاهرة و ما إليها من الغرب‪ ،‬فلم تزل موفورة و عمرانا متصل‪ i‬و سند التعليم با قائما‪ .i‬فأهل الشرق على الملة أرسخ ف صناعة تعلي م‬ ‫العلم بل و ف سائر الصنائع‪ .‬حت أنه ليظن كثي من رحالة أهل الغرب إل الشرق ف طلب العلم أن عقولم على الملة أكمل من عق ول‬ ‫أهل الغرب و أنم أشد نباهة و أعظم كيسا‪ i‬بفطرتم الول‪ .‬و أن نفوسهم الناطقة أكمل بفطرتا من نفوس أه ل الغ رب‪ .‬و يعتق دون‬ ‫التفاوت بيننا و بينهم ف حقيقة النسانية و يتشيعون لذلك و يولعون به لا يرون من كيسهم ف العلوم و الصنائع و ليس كذلك‪ .‬و ليس بي‬ ‫قطر الشرق و الغرب تفاوت بذا القدار الذي هو تفاوت ف القيقة الواحدة اللهم إل القاليم النحرفة مثل الول و السابع فإن المزج ة‬ ‫فيها منحرفة و النفوس على نسبتها كما مر و إنا الذي فضل به أهل الشرق أهل الغرب هو ما يصل ف النفس من آثار الضارة من العقل‬ ‫الزيد كما تقدم ف الصنائع‪ ،‬و نزيده الن شرحا‪ i‬و تقيقا‪ .i‬و ذلك أن الضر لم آداب ف أحوالم ف العاش و السكن و البناء و أمور الدين‬ ‫و الدنيا و كذا سائر أعمالم و عاداتم‪ .‬و معاملتم و جيع تصرفاتم‪ .‬فلهم ف ذلك كله آداب يوقف عندها ف جي ع م ا يتن اولونه و‬ ‫يتلبسون به من أخذ و ترك حت كأنا حدود ل تتعدى‪ .‬و هي مع ذلك صنائع يتلقاها الخر عن الول منهم‪ .‬و ل شك أن ك ل ص ناعة‬ ‫مرتبة يرجع منها إل النفس أثر يكسبها عقل‪ i‬جديدا‪ i‬تستعد به لقبول صناعة أخرى و يتهيأ با العقل بسرعة الدراك للمعارف‪ .‬و لقد بلغن ا‬ ‫ف تعليم الصنائع عن أهل مصر غايات ل تدرك مثل أنم يعلمون المر النسية و اليوانات العجم من الاشي‪ ،‬و الطائر مفردات من الكلم‬ ‫و الفعال يستغرب ندورها و يعجز أهل الغرب عن فهمها فضل‪ i‬عن تعليمها و حسن اللكات ف التعليم و الصنائع و سائر الحوال العادية‬ ‫يزيد النسان ذكاء ف عقله و إضاءة ف فكره بكثرة اللكات الاصلة للنفس‪ .‬إذ قدمنا أن النفس إنا تنشأ بالدراكات‪ .‬و ما يرجع إليها من‬ ‫اللكات فيزدادون بذلك كيسا‪ i‬لا يرجع إل النفس من الثار العلمية فيظنه العامي تفاوت‪i‬ا ف القيقة النسانية و ليس كذلك‪ .‬أل ت رى إل‬ ‫أهل الضر مع أهل البدو كيف تد الضري متحليا‪ i‬بالذكاء متلئا‪ i‬من الكيس حت أن البدوي ليظنه أنه قد فاته ف حقيقة إنسانيته و عقله و‬ ‫ليس كذلك‪ .‬و ما ذاك إل لجادته ف ملكات الصنائع و الداب ف العوائد و الحوال الضرية مال يعرفه البدوي‪ .‬فلما امتل الضري من‬ ‫الصنائع و ملكاتا و حسن تعليمها ظن كل من قصر عن تلك اللكات أنا لكمال ف عقله و أن نفوس أهل البدو قاصرة بفطرتا و جبلته ا‬ ‫عن فطرته و ليس كذلك‪ .‬فإنا ند من أهل البدو من هو ف أعلى رتبة من الفهم و الكمال ف عقله و فطرته إنا الذي ظهر على أهل الضر‬ ‫من ذلك هو رونق الصنائع و التعليم فإن لما آثارا‪ i‬ترجع إل النفس كما قدمناه‪ .‬و كذا أهل الشرق لا كانوا ف التعليم و الصنائع أرس خ‬ ‫رتبة و أعلى قدما‪ i‬و كان أهل الغرب أقرب إل البداوة لا قدمناه ف الفصل قبل هذا ظن الغفلون ف بادئ الرأي أن ه لكم ال ف حقيق ة‬ ‫النسانية اختصوا به عن أهل الغرب و ليس ذلك بصحيح فتفهمه و ال يزيد ف اللق ما يشاء و هو إله السموات و الرض‪.‬‬

‫الفصل الثالث ف أن العلوم إنا تكثر حيث يكثر العمران و تعظم الضارة‬ ‫و السبب ف ذلك أن تعليم العلم كما قدمناه من جلة الصنائع‪ .‬و قد كنا قدمنا أن الصنائع إنا تكثر ف المصار‪ .‬و على نسبة عمران ا ف‬ ‫الكثرة و القلة و الضارة و الترف تكون نسبة الصنائع ف الودة و الكثرة لنه أمر زائد على العاش‪ .‬فمت فضلت أعمال أهل العمران عن‬


‫معاشهم انصرفت إل ما وراء العاش من التصرف ف خاصية النسان و هي العلوم و الصنائع‪ .‬و من تشوف بفطرته إل العلم من نش أ ف‬ ‫القرى و المصار غي التمدنة فل يد فيها التعليم الذي هو صناعي لفقدان الصنائع ف أهل البدو‪ .‬كما قدمناه و ل بد له من الرحلة ف طلبه‬ ‫إل المصار الستبحرة شأن الصنائع كلها‪ .‬و اعتب ما قررناه بال بغداد و قرطبة و القيوان و البصرة و الكوفة لا ك ثر عمران ا ص در‬ ‫السلم و استوت فيها الضارة‪ .‬كيف زخرت فيها بار العلم و تفننوا ف اصطلحات التعليم و أصناف العلوم و استنباط السائل و الفنون‬ ‫حت أربوا على التقدمي و فاتوا التأخرين‪ .‬و لا تناقص عمرانا و ابذعر سكانا انطوى ذلك البساط با عليه جلة‪ ،‬و فق د العل م ب ا و‬ ‫التعليم‪ .‬و انتقل إل غيها من أمصار السلم‪ .‬و نن لذا العهد نرى أن العلم و التعليم إنا هو بالقاهرة من بلد مصر لا أن عمرانا مستبحر‬ ‫و حضارتا مستحكمة منذ آلف من السني‪ ،‬فاستحكمت فيها الصنائع و تفننت و من جلتها تعليم العلم‪ .‬و أكد ذلك فيها و حفظه م ا‬ ‫وقع لذه العصور با منذ مائتي من السني ف دولة الترك من أيام صلح الدين بن أيوب و هلم جرا‪ .‬و ذلك أن أمراء ال ترك ف دولته م‬ ‫يشون عادية سلطانم على من يتخلفونه من ذريتهم لا له عليهم من الرق أو الولء و لا يشى من معاطب اللك و نكباته‪ .‬فاستكثروا من‬ ‫بناء الدارس و الزوايا و الربط و وقفوا عليها الوقاف الغلة يعلون فيها شركا‪ i‬لولدهم ينظر عليها أو يصيب منها مع ما فيهم غالب ا‪ i‬م ن‬ ‫النوح إل الي و التماس الجور ف القاصد و الفعال‪ .‬فكثرت الوقاف لذلك و عظمت الغلت و الفوائد و كثر طالب العلم و معلم ه‬ ‫بكثرة جرايتهم منها و ارتل إليها الناس ف طلب العلم من العراق و الغرب و نفقت با أسواق العلوم و زخرت بارها‪ .‬و ال يل ق م ا‬ ‫يشاء‪.‬‬

‫الفصل الرابع ف أصناف العلوم الواقعة ف العمران لذا العهد‬ ‫اعلم أن العلوم الت يوض فيها البشر و يتداولونا ف المصار تصيل‪ i‬و تعليما‪ i‬هي على صنفي‪ :‬صنف طبيعي للنسان يهتدي إليه بفكره‪ ،‬و‬ ‫صنف نقلي يأخذه عمن وضعه‪ .‬و الول هي العلوم الكمية الفلسفية و هي الت يكن أن يقف عليها النسان بطبيع ة فك ره و يهت دي‬ ‫بداركه البشرية إل موضوعاتا و مسائلها و أناء براهينها و وجوه تعليمها حت يقفه نظره و يثه على الصواب من الطأ فيها من حيث هو‬ ‫إنسان ذو فكر‪ .‬و الثان هي العلوم النقلية الوضعية و هي كلها مستندة إل الب عن الواضع الشرعي‪ .‬و ل مال فيها للعق ل إل ف إل اق‬ ‫الفروع من مسائلها بالصول لن الزئيات الادثة التعاقبة ل تندرج تت النقل الكلي بجرد وضعه فتحتاج إل اللاق بوجه قياس ي‪ .‬إل‬ ‫أن هذا القياس يتفرع عن الب بثبوت الكم ف الصل و هو نقلي فرجع هذا القياس إل النقل لتفرعه عنه‪ .‬و أصل هذه العلوم النقلية كلها‬ ‫هي الشرعيات من الكتاب و السنة الت هي مشروعة لنا من ال و رسوله و ما يتعلق بذلك من العلوم الت تيئوها للفادة‪ .‬ث يستتبع ذل ك‬ ‫علوم اللسان العرب الذي هو لسان اللة و به نزل القرآن‪ .‬و أصناف هذه العلوم النقلية كثية لن الكلف يب عليه أن يعرف أحك ام ال‬ ‫تعال الفروضة عليه و على أبناء جنسه و هي مأخوذة من الكتاب و السنه بالنص أو بالجاع أو باللاق فل بد من النظر بالكتاب ببي ان‬ ‫ألفاظه أول‪ i‬و هذا هو علم التفسي ث بإسناد نقله و روايته إل النب صلى ال عليه و سلم الذي جاء به من عند ال و اختلف روايات القراء‬ ‫ف قراءته و هذا هو علم القراءات ث بإسناد السنة إل صاحبها و الكلم ف الرواة الناقلي لا و معرفة أحوالم وع دالتهم ليق ع الوث وق‬ ‫بأخبارهم بعلم ما يب العمل بقتضاه من ذلك‪ ،‬و هذه هي علوم الديث‪ .‬ث ل بد ف استنباط هذه الحكام من أصولا من وجه ق انون‬ ‫يفيد العلم بكيفية هذا الستنباط و هذا هو أصول الفقه‪ .‬و بعد هذا تصل الثمرة بعرفة أحكام ال تعال ف أفعال الكلفي و هذا هو الفقه‪.‬‬ ‫ث أن التكاليف منها بدن‪ ،‬و منها قلب‪ ،‬و هو الختص باليان و ما يب أن يعتقد ما ل يعتقد‪ .‬و هذه هي العقائد الياني ة ف ال ذات و‬ ‫الصفات و أمور الشر و النعيم و العذاب و القدر‪ .‬و الجاج عن هذه بالدلة العقلية هو علم الكلم‪ .‬ث النظر ف القرآن و الديث ل ب د‬ ‫أن تتقدمه العلوم اللسانية لنه متوقف عليها و هي أصناف‪ .‬فمنها علم اللغة و علم النحو و علم البيان و علم الداب حسبما نتكلم عليها‪.‬‬ ‫و هذه العلوم النقلية كلها متصة باللة السلمية و أهلها و إن كانت كل ملة على الملة ل بد فيها من مثل ذلك فهي مش اركة ل ا ف‬ ‫النس البعيد من حيث أنا العلوم الشرعية النلة من عند ال تعال على صاحب الشريعة البلغ لا‪ .‬و أما على الصوص فمباينة لميع الل ل‬ ‫لنا ناسخة لا‪ .‬و كل ما قبلها من علوم اللل فمهجورة و النظر فيها مظور‪ .‬فقد نى الشرع عن النظر ف الكتب النلة غي القرآن‪ .‬ق ال‬ ‫صلى ال عليه و سلم‪ :‬ل تصدقوا أهل الكتاب و ل تكذبوهم و قولوا آمنا بالذي‬


‫أنزل علينا و أنزل إليكم و إلنا و إلكم واحد و رأى النب صلى ال عليه و سلم ف يد عمر رضي ال عنه ورقة من التوراة فغضب حت تبي‬ ‫الغضب ف وجهه ث قال‪ :‬أل آتكم با بيضاء نقية ؟ و ال لو كان موسى حيا‪ i‬ما وسعه إل أتباعي‪ .‬ث إن هذه العلوم الشرعية ق د نفق ت‬ ‫أسواقها ف هذه اللة با ل مزيد عليه و انتهت فيها مدارك الناظرين إل الغاية الت ل شيء فوقها و هذبت الصطلحات و رتبت الفن ون‬ ‫فجاءت من وراء الغاية ف السن و التنميق‪ .‬و كان لكل فن رجال يرجع إليهم فيه و أوضاع يستفاد منها التعليم‪ .‬و اختص الش رق م ن‬ ‫ذلك و الغرب با هو مشهور منها حسبما نذكره الن عند تعديد هذه الفنون‪ .‬و قد كسدت لذا العهد أسواق العلم ب الغرب لتن اقص‬ ‫العمران فيه و انقطاع سند العلم و التعليم كما قدمناه ف الفصل قبله‪ .‬و ما أدري ما فعل ال بالشرق و الظن به نفاق العلم فيه و اتص ال‬ ‫التعليم ف العلوم و ف سائر الصنائع الضرورية و الكمالية لكثرة عمرانه و الضارة و وجود العانة لطالب العلم بالراية من الوقاف ال ت‬ ‫اتسعت با أرزاقهم‪ .‬و ال سبحانه و تعال هو الفعال لا يريد و بيده التوفيق و العانة‪.‬‬

‫الفصل الامس ف علوم القرآن من التفسي و القراءات‬ ‫القرآن هو كلم ال النل على نبيه الكتوب بي دفت الصحف‪ .‬و هو متواتر بي المة إل أن الصحابة رووه عن رسول ال صلى ال عليه و‬ ‫سلم على طرق متلفي ف بعض ألفاظه و كيفيات الروف ف أدائها‪ .‬و تنوقل ذلك و اشتهر إل أن استقرت منها سبع طرق معينة ت واتر‬ ‫نقلها أيضا‪ i‬بأدائها و اختصت بالنتساب إل من اشتهر بروايتها من الم الغفي فصارت هذه القراءات السبع أصول‪ i‬للقراءة‪ .‬و ربا زيد بعد‬ ‫ذلك قراءات أخر لقت بالسبع إل أنا عند أئمة القراءة ل تقوى قوتا ف النقل‪ .‬و هذه القراءات السبع معروفة ف كتبها‪ .‬و ق د خ الف‬ ‫بعض الناس ف تواتر طرقها لنا عندهم كيفيات للداء و هو غي منضبط‪ .‬و ليس ذلك عندهم بقادح ف تواتر القرآن‪ .‬و أباه الكثر و قالوا‬ ‫بتواترها و قال آخرون بتواتر غي الداء منها كالد و التسهيل لعدم الوقوف على كيفيته بالسمع و هو الصحيح‪ .‬و ل يزل القراء يت داولون‬ ‫هذه القراءات و روايتها إل أن كتبت العلوم و دونت فكتبت فيما كتب من العلوم و صارت صناعة مصوصة و علما‪ i‬منفردا‪ i‬و تناقله الناس‬ ‫بالشرق و الندلس ف جيل بعد جيل‪ .‬إل أن ملك بشرق الندلس ماهد من موال العامريي و كان معتنيا‪ i‬بذا الفن من بي فنون القرآن لا‬ ‫أخذه به موله النصور بن أب العامر و اجتهد ف تعليمه و عرضه على من كان من أئمة القراء بضرته فكان سهمه ف ذلك وافرا‪ .i‬و اختص‬ ‫ماهد بعد ذلك بإمارة دانية و الزائر الشرقية فنفقت با سوق القراءة لا كان هو من أئمتها و با كان له من العناية بسائر العلوم عموم ا‪ i‬و‬ ‫بالقراءات خصوصا‪ .i‬فظهر لعهده أبو عمرو الدان و بلغ الغاية فيها و وقفت عليه معرفتها‪ .‬و انتهت إل روايته أسانيدها و تعددت ت آليفه‬ ‫فيها‪ .‬و عول الناس عليها و عدلوا عن غيها و اعتمدوا من بينها كتاب التيسي له‪ .‬ث ظهر بعد ذلك فبما يليه من العصور و الجيال أب و‬ ‫القاسم بن فيه من أهل شاطبة فعمد إل تذيب ما دونه أ بو عمرو و تلخيصه فنظم ذلك كله ف قصيدة لغز فيها أساء القراء ب روف ا ب‬ ‫ج د ترتيبا‪ i‬أحكمه ليتيسر عليه ما قصده من الختصار و ليكون أسهل للحفظ لجل نظمها‪ .‬فاستوعب فيها الفن اس تيعابا‪ i‬حس نا‪ i‬و غن‬ ‫الناس بفظها و تلقينها للولدان التعلمي و جرى العمل على ذلك ف أمصار الغرب و الندلس‪ .‬و ربا أضيف إل فن القراءات فن الرس م‬ ‫أيضا‪ i‬و هي أوضاع حروف القرآن ف الصحف و رسومه الطية لن فيه حروفا‪ i‬كثية وقع رسها على غي العروف من قياس الط كزيادة‬ ‫الياء ف بأييد و زيادة اللف ف ل أذبنه و ل أوضعوا و الواو ف جزاؤ الظالي و حذف اللفات ف مواضع دون أخرى و ما رسم فيه م ن‬ ‫التاءات مدودا‪ .i‬و الصل فيه مربوط على شكل الاء و غي ذلك و قد مر تعليل هذا الرسم الصحفي عند الكلم ف الط‪ .‬فلما جاءت هذه‬ ‫الخالفة لوضاع الط و قانونه احتيج إل حصرها‪ ،‬فكتب الناس فيها أيضا‪ i‬عند كتبهم ف العلوم‪ .‬و انتهت بالغرب إل أب عم ر ال دان‬ ‫الذكور فكتب فيها كتبا‪ i‬من أشهرها‪ :‬كتاب القنع و أخذ به الناس و عولوا عليه‪ .‬و نظمه أبو القاسم الشاطب ف قصيدته الشهورة عل ى‬ ‫روي الراء و ولع الناس بفظها‪ .‬ث كثر اللف ف الرسم ف كلمات و حروف أخرى‪ ،‬ذكرها أبو داود سليمان بن ناح من موال ماهد‬ ‫ف كتبه و هو من تلميذ أب عمرو الدان و الشتهر بمل علومه و رواية كتبه ث نقل بعده خلف آخر فنظم الرزاز من التأخرين ب الغرب‬ ‫أرجوزة أخرى زاد فيها على القنع خلفا‪ i‬كثيا‪ ،i‬و عزاه لناقليه‪ .‬و اشتهرت بالغرب‪ ،‬و اقتصر الناس على حفظها‪ .‬و هجروا با كت ب أب‬ ‫داود و أب عمرو و الشاطب ف الرسم‪.‬‬


‫و أما التفسي‪ :‬فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب و على أساليب بلغتهم فكانوا كلهم يفهمونه و يعلمون معانيه ف مفرداته و تراكيب ه‪ .‬و‬ ‫كان ينل جل‪ i‬جل‪ i‬و آيات آيات لبيان التوحيد و الفروض الدينية بسب الوقائع‪ .‬و منها ما هو ف العقائد اليانية‪ ،‬و منها م ا ه و ف‬ ‫أحكام الوارح‪ ،‬و منها ما يتقدم و منها ما يتأخر و يكون ناسخا‪ i‬له‪ .‬و كان النب صلى ال عليه و سلم هو البي لذلك كما قال تع ال‪:‬‬ ‫لتبي للناس ما نزل إليهم فكان النب صلى ال عليه و سلم يبي المل و ييز الناسخ من النسوخ و يعرفه أصحابه فعرفوه و عرف وا س بب‬ ‫نزول اليات و مقتضى الال منها منقول‪ i‬عنه‪ .‬كما علم من قوله تعال‪ :‬إذا جاء نصر ال و الفتح إنا نعي النب صلى ال علي ه و س لم و‬ ‫أمثال ذلك و نقل ذلك عن الصحابة رضوان ال تعال عليهم أجعي‪ .‬و تداول ذلك التابعون من بعدهم و نقل ذلك عنهم‪ .‬و ل يزل متناقل‪i‬‬ ‫بي الصدر الول و السلف حت صارت العارف علوما‪ i‬و دونت الكتب فكتب الكثي من ذلك و نقلت الثار الواردة فيه عن الص حابة و‬ ‫التابعي و انتهى ذلك إل الطبي و الواقدي و الثعالب و أمثال ذلك من الفسرين فكتبوا فيه ما شاء ال أن يكتبوه من الث ار‪ .‬ث ص ارت‬ ‫علوم اللسان صناعية من الكلم ف موضوعات اللغة و أحكام العراب و البلغة ف التراكيب فوضعت الدواوين ف ذلك بع د أن ك انت‬ ‫ملكات للعرب ل يرجع فيها إل نقل و ل كتاب فتنوسي ذلك و صارت تتلقى من كتب أهل اللسان‪ .‬فاحتيج إل ذلك ف تفسي الق رآن‬ ‫لنه بلسان العرب و على منهاج بلغتهم‪ .‬و صار التفسي على صنفي‪ :‬تفسي نقلي مسند إل الثار النقولة عن السلف و هي معرفة الناسخ‬ ‫و النسوخ و أسباب النول و مقاصد الي‪ .‬و كل ذلك ل يعرف إل بالنقل عن الصحابة‪ .‬و التابعي‪ .‬و قد جع التق دمون ف ذل ك و‬ ‫أوعوا‪ ،‬إل أن كتبهم و منقولتم تشتمل على الغث و السمي و القبول و الردود‪ .‬و السبب ف ذلك أن العرب ل يكونوا أهل كتاب و ل‬ ‫علم و إنا غلبت عليهم البداوة و المية‪ .‬و إذا تشوقوا إل معرفة شيء ما تتشوق إليه النفوس البشرية ف أسباب الكونات و بدء الليق ة و‬ ‫أسرار الوجود فإنا يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم و يستفيدونه منهم و هم أهل التوراة من اليهود و من تبع دينهم من النصارى‪ .‬و أه ل‬ ‫التوراة الذين بي العرب يومئذ بادية مثلهم و ل يعرفون من ذلك إل ما تعرفه العامة من أهل الكتاب و معظمهم من حي الذين أخذوا بدين‬ ‫اليهودية‪ .‬فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم ما ل تعلق له بالحكام الشرعية الت يتاطون لا مثل أخبار بدء الليقة و م ا يرج ع إل‬ ‫الدثان و اللحم و أمثال ذلك‪ .‬و هؤلء مثل كعب الحبار و وهب بن منبه و عبد ال بن سلم و أمثالم‪ .‬فامتلت التفاسي من النقولت‬ ‫عندهم ف أمثال هذه الغراض أخبار موقوفة عليهم و ليست ما يرجع إل الحكام فيتحرى ف الصحة الت يب ب ا العم ل‪ .‬و تس اهل‬ ‫الفسرون ف مثل ذلك و ملوا كتب التفسي بذه النقولت‪ .‬و أصلها كما قلناه عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية‪ ،‬و ل تقيق عندهم‬ ‫بعرفة ما ينقلونه من ذلك إل أنم بعد صيتهم و عظمت أقدارهم‪ .‬لا كانوا عليه من القامات ف الدين و اللة‪ ،‬فتلقيت بالقبول من ي ومئذ‪.‬‬ ‫فلما رجع الناس إل التحقيق و التمحيص و جاء أبو ممد بن عطية من التأخرين بالغرب فلخص تلك التفاسي كلها و ترى ما هو أق رب‬ ‫إل الصحة منها و وضع ذلك ف كتاب متداول بي أهل الغرب و الندلس حسن النحى‪ .‬و تبعه القرطب ف تلك الطريقة على منه اج و‬ ‫احد ف كتاب آخر مشهور بالشرق‪.‬‬ ‫و الصنف الخر من التفسي و هو ما يرجع إل اللسان من معرفة اللغة و العراب و البلغة ف تأدية العن بسب القاصد و الس اليب‪ .‬و‬ ‫هذا الصنف من التفسي قل أن ينفرد عن الول إذ الول هو القصود بالذات‪ .‬و إنا جاء هذا بعد أن صار اللسان و علومه صناعة‪ .‬نعم ق د‬ ‫يكون ف بعض التفاسي غالبا‪ i‬و من أحسن ما اشتمل عليه هذا الفن من التفاسي كتاب الكشاف للزمشري من أهل خوارزم الع راق إل أن‬ ‫مؤلفه من أهل العتزال ف العقائد فيأت بالجاج على مذاهبهم الفاسدة حيث تعرض له ف آي القرآن من طرق البلغ ة‪ .‬فص ار ذل ك‬ ‫للمحققي من أهل السنة انراف عنه و تذير للجمهور من مكامنه مع إقرارهم برسوخ قدمه فيما يتعلق باللسان و البلغة و إذا كان الناظر‬ ‫فيه واقفا‪ i‬مع ذلك على الذاهب السنية مسنا‪ i‬للحجاج عنها فل جرم إنه مأمون من غوائله فلتغتنم مطالعته لغرابة فنونه ف اللس ان‪ .‬و لق د‬ ‫وصل إلينا ف هذه العصور تأليف لبعض العراقيي و هو شرف الدين الطيبب من أهل توريز من عراق العجم شرح فيه كتاب الزمشري هذا‬ ‫و تتبع ألفاظه و تعرض لذاهبه ف العتزال بأدلة تزيفها و يبي أن البلغة إنا تقع ف الية على ما يراه أهل السنة ل على ما ي راه العتزل ة‬ ‫فأحسن ف ذلك ما شاء مع إمتاعه ف سائر فنون البلغة و فوق كل ذي علم عليم‪.‬‬

‫الفصل السادس ف علوم الديث‬


‫و أما علوم الديث فهي كثية و متنوعة لن منها ما ينظر ف ناسخه و منسوخه و ذلك با ثبت ف شريعتنا من جواز النسخ و وقوعه لطف‪i‬ا‬ ‫من ال بعباده و تفيفا‪ i‬عنهم باعتبار مصالهم الت تكفل ال لم با‪ .‬قال تعال ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بي منها أو مثلها و معرف ة‬ ‫الناسخ و النسوخ و إن كان عاقا‪ i‬للقرآن و الديث إل إن الذي ف القرآن منه اندرج ف تفاسيه و بقي ما كان خاصا‪ i‬بالديث راجعا‪ i‬إل‬ ‫علومه‪ .‬فإذا تعارض البان بالنفي و الثبات و تعذر المع بينهما ببعض التأويل و علم تقدم أحدها تعي إن التأخر ناسخ‪ .‬و معرفة الناسخ‬ ‫و النسوخ من أهم علوم الديث و أصعبها‪ .‬قال الزهري‪ :‬أعيا الفقهاء و أعجزهم إن يعرفوا ناسخ حديث رسول ال صلى ال عليه و سلم‬ ‫من منسوخه‪ .‬و كان للشافعي رضي ال عنه فيه قدم راسخة‪ .‬و من علوم الحاديث النظر ف السانيد و معرفة ما يب العم ل ب ه م ن‬ ‫الحاديث بوقوعه على السند الكامل الشروط لن العمل إنا وجب با يغلب على الظن صدقه من أخبار رسول ال صلى ال عليه و س لم‬ ‫فيجتهد ف الطريق الت تصل ذلك الظن و هو بعرفة رواة الديث بالعدالة و الضبط‪ .‬و إنا يثبت ذلك بالعقل عن أعلم الدين لتعديلهم و‬ ‫براءتم من الرح و الغفلة و يكون لنا ذلك دليل‪ i‬على القبول و الترك‪ .‬و كذلك مراتب هؤلء النقلة من الصحابة و التابعي و تف اوتم ف‬ ‫ذلك و تيزهم فيه واحدا‪ i‬واحدا‪ .i‬و كذلك السانيد تتفاوت باتصالا و انقطاعها بأن يكون الراوي ل يلق الراوي الذي نقل عنه و بسلمتها‬ ‫من العلل الوهنة لا و تنتهي بالتفاوت إل طرفي فحكم بقبول العلى و رد السفل‪ .‬و يتلف ف التوسط بسب النقول عن أئمة الشأن‪ .‬و‬ ‫لم ف ذلك‪ ،‬ألفاظ اصطلحوا على وضعها لذه الراتب الرتبة‪ .‬مثل الصحيح و السن و الضعيف و الرسل و النقطع و العضل و الش اذ و‬ ‫الغريب‪ ،‬و غي ذلك من ألقابه التداولة بينهم‪ .‬و بوبوا على كل واحد منها و نقلوا ما فيه من اللف لئمة اللسان أو الوفاق‪ .‬ث النظ ر ف‬ ‫كيفية أخذ الرواية بعضهم عن بعض بقراءة أو كتابة أو مناولة أو إجازة و تفاوت رتبها و ما للعلماء ف ذلك من اللف بالقبول و الرد‪ .‬ث‬ ‫اتبعوا ذلك بكلم ف ألفاظ تقع ف متون الديث من غريب أو مشكل أو تصحيف أو مفترق منها أو متلف و ما يناسب ذلك‪ .‬هذا معظم‬ ‫ما ينظر فيه أهل الديث و غالبه و كانت أحوال نقلة الديث ف عصور السلف من الصحابة و التابعي معروفة عند أه ل بل ده فمنه م‬ ‫بالجاز و منهم بالبصرة و الكوفة من العراق و منهم بالشام و مصر و الميع معروفون مشهورون ف أعصارهم و ك انت طريق ة أه ل‬ ‫الجاز ف أعصارهم ف السانيد أعلى من سواهم و امت ف الصحة لستبدادهم ف شروط النقل من العدالة و الضبط و تافيهم عن قب ول‬ ‫الهول الال ف ذلك و سند الطريقة الجازية بعد السلف المام مالك عال الدينة رضي ال تعال عنه ث أصحابه مثل المام مم د ب ن‬ ‫إدريس الشافعي رضي ال تعال عنه‪ ،‬و ابن وهب و ابن بكي و القصنب و ممد بن السن و من بعدهم المام أحد بن حنبل و ف آخرين‬ ‫من أمثا لم‪ .‬و كان علم الشريعة ف مبدإ هذا المر نقل‪ i‬صرفا‪ i‬شر لا السلف و تروا الصحيح حت أكملوها‪ .‬و كتب مال ك رح ه ال‬ ‫كتاب الوطأ أودعه أصول الحكام من الصحيح التفق عليه و رتبه على أبواب الفقه‪ .‬ث عن الافظ بعرفة طرق الح اديث و أس انيدها‬ ‫الختلفة‪ .‬و ربا يقع إسناد الديث من طرق متعددة عن رواة متلفي و قد يقع الديث أيضا‪ i‬ف أبواب متعددة باختلف العان الت اشتمل‬ ‫عليها‪ .‬و جاء ممد بن إساعيل البخاري إمام الدثي ف عصره فخرج أحاديث السنة على أبوابا ف مسنده الصحيح بميع الط رق ال ت‬ ‫للحجازيي و العراقيي و الشاميي‪ .‬و اعتمد منها ما أجعوا عليه دون ما اختلفوا فيه و كرر الحاديث يسوقها ف كل باب بعن ذلك الباب‬ ‫الذي تضمنه الديث فتكررت لذلك أحاديثه حت يقال‪ :‬إنه اشتمل على تسعة آلف حديث و مائتي‪ .‬منها ثلثة آلف متك ررة و ف رق‬ ‫الطرق و السانيد عليها متلفة ف كل باب‪ .‬ث جاء المام مسلم بن الجاج القشيي رحه ال تعال فألف مسنده الصحيح‪ .‬حذا فيه حذو‬ ‫البخاري‪ .‬ف نقل المع عليه و حذف التكرر منها و جع الطرق و السانيد و بوبه على أبواب الفقه و تراجه‪ .‬و مع ذلك فلم يس توعبا‬ ‫الصحيح كله‪ .‬و قد استدرك الناس عليهما ف ذلك‪ .‬ث كتب أبو داود السجستان و أبو عيسى الترمذي و أبو عبد الرحن النسائي ف السنن‬ ‫بأوسع من الصحيح و قصدوا ما توفرت فيه شروط العمل إما من الرتبة العالية ف السانيد و هو الصحيح كما هو معرف و إما من ال ذي‬ ‫دونه من السن و غيه ليكون ذلك إماما‪ i‬للسنة و العمل‪ .‬و هذه هي السانيد الشهورة ف اللة و هي أمهات كتب الديث ف السنة فإنا و‬ ‫إن تعددت ترجع إل هذه ف الغلب‪ .‬و معرفة هذه الشروط و الصطلحات كلها هي علم الديث و ربا يفرد عنها الناسخ و النس وخ‬ ‫فيجعل فنا‪ i‬برأسه و كذا الغريب‪ .‬و للناس فيه تآليف مشهورة ث الؤتلف و الختلف‪ .‬و قد ألف الناس ف علوم الديث و أكثروا‪ .‬و م ن‬ ‫فحول علمائه و أئمتهم أبو عبد ال الاكم و تآليفه فيه مشهورة و هو الذي هذبه و أظهر ماسنه‪ .‬و أشهر كتاب للمتأخرين فيه كتاب أب‬ ‫عمرو بن الصلح كان لعهد أوائل الائة السابعة و تله ميي الدين النووي بثل ذلك‪ .‬و الفن شريف ف مغزاه لنه معرفة ما يفظ به السنن‬ ‫النقولة عن صاحب الشريعة‪ .‬و قد انقطع لذا العهد تريج شيء من الحاديث و استدراكها على التقدمي إذ العادة تشهد بأن هؤلء الئمة‬


‫على تعددهم و تلحق عصورهم و كفايتهم و اجتهادهم ل يكونوا ليغفلوا شيئا‪ i‬من السنة أو يتركوه حت يعثر عليه التأخر هذا بعيد عنهم و‬ ‫إنا تنصرف العناية لذا العهد إل تصحيح المهات الكتوبة و ضبطها بالزواية عن مصنفيها و النظر ف أسانيدها إل مؤلفها و عرض ذل ك‬ ‫على ما تقرر ف علم الديث من الشروط و الحكام لتتصل السانيد مكمة إل منتهاها‪ .‬و ل يزيدوا ف ذلك على العناية بأكثر من ه ذه‬ ‫المهات المس إل ف القليل‪ .‬فأما البخاري و هو أعلها رتبة فاستصعب الناس شرحه و استغلقوا منحاه من أجل ما يتاج إليه من معرفة‬ ‫الطرق التعددة و رجالا من أهل الجاز و الشام و العراق و معرفة أحوالم و اختلف الناس فيهم‪ .‬و لذلك يتاج إل إمعان النظر ف التفقه‬ ‫ف تراجه لنه يترجم الترجة و يورد فيها الديث بسند أو طريق ث يترجم أخرى و يورد فيها ذلك الديث بعينه لا تضمنه من العن الذي‬ ‫ترجم به الباب‪ .‬و كذلك ف ترجة و ترجة إل أن يتكرر الديث ف أبواب كثية بسب معانيه و اختلفها و من شرحه و ل يستوف هذا‬ ‫فيه فلم يوف حق الشرح كابن بطال و ابن الهلب و ابن التي و نوهم‪ .‬و لقد سعت كثيا‪ i‬من شيوخنا رحهم ال يقولون‪ :‬شرح كت اب‬ ‫البخاري دين على المة يعنون أن أحدا‪ i‬من علماء المة ل يوف ما يب له من الشرح بذا العتبار‪ .‬و أما صحيح مسلم فك ثرت عناي ة‬ ‫علماء الغرب به و أكبوا عليه و أجعوا على تفصيله على كتاب البخاري من غي الصحيح ما ل يكن على شرطه و أكثر ما وق ع ل ه ف‬ ‫التراجم‪ .‬و أملى المام الارزي من فقهاء الالكية عليه شرحا‪ i‬و ساه العلم بفوائد مسلم اشتمل على عيون من علم الديث و فنون من الفقه‬ ‫ث أكمله القاضي عياض من بعده و تمه و ساه إكمال العلم و تلها ميي الدين النووي بشرع استوف ما ف الكتابي و زاد عليهما فج اء‬ ‫شرحا‪ i‬وافيا‪ .i‬و أما كتب السنن الخرى و فيها معظم مآخذ الفقهاء فأكثر شرحها ف كتب الفقه إل ما يتص بعلم الديث فكتب الن اس‬ ‫عليها و استوفوا من ذلك ما يتاج إليه من علم الديث و موضوعاتا و السانيد الت اشتملت على الحاديث العمول با من السنة‪ .‬و اعلم‬ ‫أن الحاديث قد تيزت مراتبها لذا العهد بي صحيح و حسن و ضعيف و معلول و غيها تنلا أئمة الديث و جهابذته و عرفوه ا‪ .‬و ل‬ ‫يغب طريق ف تصحيح ما يصح من قبل‪ .‬و لقد كان الئمة ف الديث يعرفون الحاديث بطرقها و أسانيدها بيث لو روي ح ديث بغي‬ ‫سنده و طريقه يفطنون إل أنه قلب عن وضعه و لقد وقع مثل ذلك للمام ممد بن إساعيل البخاري حي ورد على بغداد و قصد الدثون‬ ‫امتحانه فسألوه عن أحاديث قبلوا أسانيدها فقال‪ :‬ل أعرف هذه و لكن حدثن فلن‪ .‬ث أتى بميع تلك الحاديث على الوضع الصحيح و‬ ‫رد كل مت إل سنده و أقروا له بالمامة‪ .‬و اعلم أيضا‪ i‬أن الئمة التهدين تفاوتوا ف الكثار من هذه الصناعة و القلل فأبو حنيفة رض ي‬ ‫ال تعال عنه يقال بلغت روايته إل سنة عشر حديثا‪ i‬أو نوها و مالك رحه ال إنا صح عنده ما ف كتاب الوطأ و غايتها ثلثمائة حديثا‪ i‬أو‬ ‫نوها‪ .‬و أحد بن حنبل رحه ال تعال ف مسنده خسون ألف حديث و لكل ما أداه إليه اجتهاده ف ذلك‪ .‬و قد تقول بع ض البغض ي‬ ‫التعسفي إل أن منهم من كان قليل البضاعة ف الديث فلهذا قلت روايته‪ .‬و ل سبيل إل هذا العتقد ف كبار الئمة لن الشريعة إنا تؤخذ‬ ‫من الكتاب و السنة‪ .‬و من كان قليل البضاعة من الديث فيتعي عليه طلبه و روايته و الد و التشمي ف ذلك ليأخذ الدين ع ن أص ول‬ ‫صحيحة و يتلقى الحكام عن صاحبها البلغ لا‪ .‬و إنا قلل منهم من قلل الرواية لجل الطاعن الت تعترضه فيها و العلل ال ت تع رض ف‬ ‫طرقها سيما و الرح مقدم عند الكثر فيؤديه الجتهاد إل ترك الخذ با يعرض مثل ذلك فيه من الحاديث و طرق السانيد و يكثر ذلك‬ ‫فتقل روايته لضعف ف الطرق‪ .‬هذا مع أن أهل الجاز أكثر رواية للحديث من أهل العراق لن الدينة دار الجرة و مأوى الصحابة و م ن‬ ‫انتقل منهم إل العراق كان شغلهم بالهاد أكثر‪ .‬و المام أبو حنيفة إنا قلت روايته لا شدد ف شروط الرواية و التحمل و ضعف رواي ة‬ ‫الديث اليقين إذا عارضها الفعل النفسي‪ .‬و قلت من أجلها رواية فقل حديثه‪ .‬لنه ترك رواية الديث متعمدا‪ i‬فحاشاه من ذلك‪ .‬و ي دل‬ ‫على أنه من كبار التهدين ف علم الديث اعتماد مذهبه بينهم و التعويل عليه و اعتباره ردا‪ i‬و قبول‪ .i‬و أما غيه من الدثي و هم المهور‬ ‫فتوسعوا ف الشروط و كثر حديثهم و الكل عن اجتهاد و قد توسع أصحابه من بعده ف الشروط و كثرت روايتهم‪ .‬و روى الطحط اوي‬ ‫فأكثر و كتب مسنده و هو جليل القدر إل أنه ل يعدل الصحيحي لن الشروط الت اعتمدها البخاري و مسلم ف كتابيهما ممع عليها بي‬ ‫المة كما قالوه‪ .‬و شروط الطحطاوي غي متفق عليها كالرواية عن الستور الال و غيه فلهذا قدم الصحيحان بل و كتب السنن العروفة‬ ‫عليه لتأخر شروطه عن شروطهم‪ .‬و من أجل هذا قيل ف الصحيحي بالجاع على قبولما من جهة الجاع على صحة م ا فيهم ا م ن‬ ‫الشروط التفق عليها‪ .‬فل تأخذك ريبة ف ذلك فالقوم أحق الناس بالفن الميل بم و التماس الخارج الصحيحة لم‪ .‬و ال سبحانه و تعال‬ ‫أعلم با ف حقائق المور‪.‬‬


‫الفصل السابع ف علم الفقه و ما يتبعه من الفرائض‬ ‫الفقه معرفة أحكام ال تعال ف أفعال الكلفي بالوجوب و الذر و الندب و الكراهة و الباحة و هي متلقاة من الكتاب و السنة و ما نصبه‬ ‫الشارع لعرفتها من الدلة فإذا استخرجت الحكام من تلك الدلة قيل لا فقه‪ .‬و كان السلف يستخرجونا من تلك الدلة عل ى اختلف‬ ‫فيما بينهم‪ .‬و ل بد من وقوعه ضرورة‪ .‬فإن الدلة غالبها من النصوص و هي بلغة العرب و ف اقتضاءات ألفاظها لك ثي م ن معانيه ا و‬ ‫خصوصا‪ i‬الحكام الشرعية اختلف بينهم معروف‪ .‬و أيضا‪ i‬فالسنة متلفة الطرق ف الثبوت و تتعارض ف الكثر أحكامه ا فتحت اج إل‬ ‫الترجيح و هو متلف أيضا‪ .i‬فالدلة من غي النصوص متلف فيها و أيضا‪ i‬فالوقائع التجددة ل توف با النصوص‪ .‬و ما كان منها غي ظ اهر‬ ‫ف النصوص فيحكم على النصوص لشابة بينهما و هذه كلها إشارات للخلف ضرورية الوقائع‪ .‬و من هنا وق ع اللف بي الس لف و‬ ‫الئمة من بعدهم‪ .‬ث إن الصحابة كلهم ل يكونوا أهل فتيا و ل كان الدين يؤخذ عن جيعهم‪ .‬و إنا كان ذلك متصا‪ i‬بال املي للق رآن‬ ‫العارفي بناسخه و منسوخه و متشابه و مكمه و سائر دللته با تلقوه من النب صلى ال عليه و سلم أو من سعه منهم و من عليته م‪ .‬و‬ ‫كانوا يسمون لذلك القراء أي الذين يقرأون الكتاب لن العرب كانوا أمة أمية‪ .‬فاختص من كان منهم قارئا‪ i‬للكتاب بذا الس م لغرابت ه‬ ‫يومئذ‪ .‬و بقي المر كذلك صدر اللة‪ .‬ث عظمت أمصار السلم و ذهبت المية من العرب بمارسة الكتاب و تكن الس تنباط و كم ل‬ ‫الفقه و أصبح صناعة و علما‪ i‬فبدلوا باسم الفقهاء و العلماء من القراء‪ .‬و انقسم الفقه فيهم إل طريقتي‪ :‬طريقة أهل الرأي و القياس و ه م‬ ‫أهل العراق و طريقة أهل الديث و هم أهل الجاز‪ .‬و كان الديث قليل‪ i‬ف أهل العراق لا قدمناه فاستكثروا من القياس و مه روا في ه‬ ‫فلذلك قيل أهل الرأي‪ .‬و مقدم جاعتهم الذي استقر الذهب فيه و ف أصحابه أبو حنيفة و إمام أهل الجاز مالك بن أنس و الشافعي من‬ ‫بعده‪ .‬ث أنكر القياس طائفة من العلماء و أبطلوا العمل به و هم الظاهرية‪ .‬و جعلوا الدارك كلها منحصرة ف النصوص و الج اع و ردوا‬ ‫القياس اللي و العلة النصوصة إل النص‪ ،‬لن النص على العلة نص على الكيم ف جيع مالا‪ .‬و كان إمام هذا الذهب داود بن علي و ابنه‬ ‫و أصحابما‪ .‬و كانت هذه الذاهب الثلثة هي مذاهب المهور الشتهرة بي المة‪ .‬و شذ أهل البيت بذاهب ابتدعوها و فقه انفردوا به و‬ ‫بنوه على مذهبهم ف تناول بعض الصحابة بالقدح‪ ،‬و على قولم بعصمة الئمة و رفع اللف عن أقوالم و هي كلها أصول واهية و ش ذ‬ ‫بثل ذلك الوارج و ل يتفل المهور بذاهبهم بل أوسعها جانب النكار و القدح‪ .‬فل نعرف شيئا‪ i‬من مذاهبهم و ل نروي كتبه م و ل‬ ‫أثر بشيء منها إل ف مواطنهم‪ .‬فكتب الشيعة ف بلدهم و حيث كانت دولتهم قائمة ف الغرب و الشرق و اليمن و الوارج ك ذلك‪ .‬و‬ ‫لكل منهم كتب و تآليف و آراء ف الفقه غريبة‪ .‬ث درس مذهب أهل الظاهر اليوم بدروس أئمته و إنكار المهور على منتحله و ل يبق إل‬ ‫الكتب اللدة و ربا يعكف كثي من الطالبي من تكلف بانتحال مذهبهم على تلك الكتب يروم أخذ فقههم منها و مذهيهم فل يلو بطائل‬ ‫و يصي إل مالفة المهور و إنكارهم عليه و ربا عد بذه النحلة من أهل البدع بنقله العلم من الكتب من غي مفتاح العلمي‪ .‬و قد فع ل‬ ‫ذلك ابن حزم بالندلس على علو رتبته ف حفظ الديث و صار إل مذهب أهل الظاهر و مهر فيه باجتهاد زعمه ف أق والم‪ .‬و خ الف‬ ‫إمامهم داود و تعرض للكثي من الئمة السلمي فنقم الناس ذلك عليه و أوسعوا مذهبه استهجانا‪ i‬و إنكارا‪ ،i‬و تلقوا كتبه بالغفال و الترك‬ ‫حت إنا ليحصر بيعها بالسواق و ربا تزق ف بعض الحيان‪ .‬و ل يبق إل مذهب أهل الرأي من العراق و أهل الديث من الجاز‪ .‬فأم ا‬ ‫أهل العراق فإمامهم الذي استقرت عنده مذاهبهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت و مقامه ف الفقه ل يلحق شهد له ب ذلك أه ل جل ده و‬ ‫خصوصا‪ i‬مالك و الشافعي‪ .‬و أما أهل الجاز فكال إمامهم مالك ابن أنس الصبحي إمام دار الجرة رحه ال تعال و اختص بزيادة مدرك‬ ‫آخر للحكام غي الدارك العتبة عند غيه و هو عمل أهل الدينة لنه رأى أنم فيما ينفسون عليه من فعل أو ترك مت ابعون ل ن قبله م‬ ‫ضرورة لدينهم و اقتدائهم‪ .‬و هكذا إل البل الباشرين لفعل النب صلى ال عليه و سلم الخذين ذلك عنه و صار ذلك عنده من أص ول‬ ‫الدلة الشرعية‪ .‬و ظن كثي أن ذلك من مسائل الجاع فأنكره لن دليل الجاع ل يص أهل الدينة من سواهم بل هو شامل للم ة‪ .‬و‬ ‫اعلم أن الجاع إنا هو التفاق على المر الدين عن اجتهاد‪ .‬و مالك رحه ال تعال ل يعتي عمل أهل الدينة من هذا العن و إنا اعت به‬ ‫من حيث اتباع اليل بالشاهدة للجيل إل أن ينتهي إل الشارع صلوات ال و سلمه عليه‪ .‬و ضرورة اقتدائهم بعي ذلك يعم اللة ذك رت‬ ‫ف باب الجاع و البواب با من حيث ما فيها من التفاق الامع بينها و بي الجاع‪ .‬إل أن اتفاق أهل الجاع عن نظر و اجته اد ف‬ ‫الدلة و اتفاق هؤلء ف فعل أو ترك مستندين إل مشاهدة من قبلهم‪ .‬و لو ذكرت السألة ف باب فعل النب صلى ال عليه و سلم و تقريره‬


‫أو مع الدلة الختلف فيها مثل مذهب الصحاب و شرع من قبلنا و الستصحاب لكان أليق با ث كان من بعد مالك بن أنس مم د ب ن‬ ‫إدريس الطلب الشافعي رحهم اال تعال‪ .‬رحل إل العراق من بعد مالك و له أصحاب المام أب حنيفة و أخذ عنهم و مزج طريقة أه ل‬ ‫الجاز بطريقة أهل العراق و اختص بذهب‪ ،‬و خالف مالكا‪ i‬رحه ال تعال ف كثي من مذهبه‪ .‬و جاء من بعدها أحد بن حنبل رحه ال‪.‬‬ ‫و كان من علية الدثي و قرأ أصحابه على أصحاب المام أب حنيفة مع وفور بضاعتهم من الديث فاختصوا بذهب آخر‪ .‬و وقف التقليد‬ ‫ف المصار عند هؤلء الربعة و درس القلدون لن سواهم‪ .‬و سد الناس باب اللف و طرقه لا كثر تشعب الصطلحات ف العلوم‪ .‬و لا‬ ‫عاق عن الوصول إل رتبة الجتهاد و لا خشي من إسناد ذلك إل غي أهله و من ل يوثق برأيه و ل بدينه فصرحوا ب العجز و الع واز و‬ ‫ردوا الناس إل تقليد هؤلء كل من اختص به من القلدين‪ .‬و حظروا أن يتداول تقليدهم لا فيه من التلعب و ل يبق إل نقل م ذاهبهم‪ .‬و‬ ‫عمل كل فقلد بذهب من قلده منهم بعد تصحيح الصول و اتصال سندها بالرواية ل مصول اليوم للفقه غي هذا‪ .‬و مدعي الجتهاد لذا‬ ‫العهد مردود على عقبه مهجور تقليده و قد صار أهل السلم اليوم على تقليد هؤلء الئمة الربعة‪ .‬فأما أحد بن حنبل فمقلده قليل لبع د‬ ‫مذهبه عن الجتهاد و أصالته ف معاضدة الرواية و للخبار بعضها ببعض‪ .‬و أكثرهم بالشام و العراق من بغداد و نواحيها و هم أكثر الناس‬ ‫حفظا‪ i‬للسنة و رواية الديث و ميل‪ i‬بالستنباط إليه عن القياس ما أمكن‪ .‬و كان لم ببغداد صولة و كثرة حت كانوا يتواقعون مع الشيعة ف‬ ‫نواحيها‪ .‬و عظمت الفتنة من أجل ذلك ث انقطع ذلك عند استيلء التتر عليها‪ .‬و ل يراجع و صارت كثرتم بالشام‪ .‬و أما أبو حنيفة فقلده‬ ‫اليوم أهل العراق و مسلمة الند و الصي و ما وراء النهر و بلد العجم كلها‪ ..‬و لا كان مذهبه أخص بالعراق و دار السلم و كان تلميذه‬ ‫صحابة اللفاء من بن العباس فكثرت تآليفه و مناظراتم مع الشافعية و حسنت مباحثهم ف اللفيات‪ .‬و جاءوا منها بعل م مس تظرف و‬ ‫أنظار غريبة و هب بي أيدي الناس‪ .‬و بالغرب منها شيء قليل نقله إليه القاضي بن العرب و أبو الوليد الباجي ف رحلتهما‪ .‬و أما الش افعي‬ ‫فمقلدوه بصر أكثر ما سواها و قد كان انتشر مذهبه بالعراق و خراسان و ما وراء النهر و قاسوا النفية ف الفتوى و التدريس ف جي ع‬ ‫المصار‪ .‬و عظمت مالس الناظرات بينهم و شحنت كتب اللفيات بأنواع استدللتم‪ .‬ث درس ذلك كله بدروس الشرق و أقطاره‪ .‬و‬ ‫كان المام ممد بن إدريس الشافعي لا نزل على بن عبد الكم بصر أخذ عنه جاعة منهم‪ .‬و كان من تلميذه ب ا‪ :‬الب ويطي و الزن و‬ ‫غيهم‪ ،‬و كان با من الالكية جاعة من بن عبد الكم و أشهب و ابن القاسم و ابن الواز و غيهم ث الارس ب ن مس كي و بن وه ث‬ ‫القاضي أبو إسحق بن شعبان و أو لده‪ .‬ث انقرض فقه أهل السنة من مصر بظهور دولة الرافضة و تداول با فقه أهل البيت و تلشى م ن‬ ‫سواهم و ارتل إليها القاضي عبد الوهاب من بغداد‪ .‬آخر الائة الرابعة على ما أعلم‪ ،‬من الاجة و التقليب ف العاش‪ .‬فتأذن خلفاء العبيديي‬ ‫بإكرامه‪ ،‬و إظهار فضله نعيا‪ i‬على بن العباس ف إطراح مثل هذا المام‪ ،‬و الغتباط به‪ .‬فنفقت سوق الالكية بصر قليل‪ ،i‬إل أن ذهبت دولة‬ ‫العبيديي من الرافضة على يد صلح الدين يوسف بن أيوب فذهب منها فقه أهل البيت و عاد فقه الماعة إل الظهور بينهم و رجع إليهم‬ ‫فقه الشافعي و أصحابه من أهل العراق و الشام فعاد إل أحسن ما كان و نفقت سوقه و اشتهر منهم ميي الدين النووي من اللب ة ال ت‬ ‫ربيت ف ظل الدولة اليوبية بالشام و عز الدين بن عبد السلم أيضا‪ .i‬ث ابن الرقعة بصر و تقي الدين بن دقيق العيد ث تقي الدين الس بكي‬ ‫بعدها إل أن انتهى ذلك إل شيخ السلم بصر لذا العهد و هو سراج الدين البلقين فهو اليوم أكب الشافعية بصر كبي العلماء بل أك ب‬ ‫العلماء من أهل العصر‪ .‬و أما مالك رحه ال تعال فاختص بذهبه أهل الغرب و الندلس‪ .‬و إن كان يوجد ف غيهم إل أنم ل يقل دوا‬ ‫غيه إل ف القليل لا أن رحلتهم كانت غالبا‪ i‬إل الجاز و هو منتهى سفرهم‪ .‬و الدينة يومئذ دار العلم و منها خرج إل العراق و ل يك ن‬ ‫العراق ف طريقهم فاقتصروا عن الخذ عن علماء الدينة‪ .‬و شيخهم يومئذ و إمامهم مالك و شيوخه من قبله و تلميذه من بعده‪ .‬فرجع إليه‬ ‫أهل الغرب و الندلس و قلدوه دون غي من ل تصل إليهم طريقته‪ .‬و أيضا‪ i‬فالبداوة كانت غالبة على أهل الغرب و الندلس و ل يكونوا‬ ‫يعانون الضارة الت لهل العراق فكانوا إل أهل الجاز أميل لناسبة البداوة‪ ،‬و لذا ل يزل الذهب الالكي غضا‪ i‬عندهم‪ ،‬و ل يأخذه تنقيح‬ ‫الضارة و تذيبها كما وقع ف غيه من الذاهب‪ .‬و لا صار مذهب كل إمام علما‪ i‬مصوصا‪ i‬عند أهل مذهبه و ل يك ن ل م س بيل إل‬ ‫الجتهاد و القياس فاحتاجوا إل تنظي السائل ف اللاق و تفريقها عند الشتباه بعد الستناد إل الصول القررة من مذاهب إم امهم‪ .‬و‬ ‫صار ذلك كله يتاج إل ملكة راسخة يقتدر با على ذلك النوع من التنظي أو التفرقة و اتباع مذهب إمامهم فيهما ما استطاعوا‪ .‬و ه ذه‬ ‫اللكة هي علم الفقه لذا العهد‪ .‬و أهل الغرب جيعا‪ i‬مقلدون لالك رحه ال‪ .‬و قد كان تلميذه افترقوا بصر و العراق‪ .‬فكان بالعراق منهم‬ ‫القاضي إساعيل و طبقته مثل ابن خويز منداد و ابن اللبان و القاضي و أب بكر البري و القاضي أب حسي بن القصار و القاض ي عب د‬


‫الوهاب و من بعدهم‪ .‬و كان بصر ابن القاسم و أشهب و ابن عبد الكم و الارث بن مسكي و طبقتهم و رحل من الندلس يي ب ن‬ ‫يي الليثي‪ ،‬و لقي مالكا‪ .i‬و روى عنه كتاب الوطأ‪ ،‬و كان من جلة أصحابه‪ .‬و رحل بعده عبد اللك بن حبيب فأخذ عن ابن القاس م و‬ ‫طبقته و بث مذهب مالك ف الندلس و دون فيه كتاب الواضحة‪ .‬ث دون العتب من تلمذته كتاب العتبية‪ .‬و رحل من أفريقية أس د ب ن‬ ‫الفرات فكتب عن أصحاب أب حنيفة أول‪ .i‬ث انتقل إل مذهب مالك‪ .‬و كتب على ابن القاسم ف سائر أبواب الفقه و ج اء إل القيوان‬ ‫بكتابه و سي السدية نسبة إل أسد بن الفرات‪ ،‬فقرأ با سحنون على أسد ث ارتل إل الشرق و لقي ابن القاسم و أخذ عن ه و عارض ه‬ ‫بسائل السدية فرجع عن كثي منها‪ .‬و كتب سحنون مسائلها و دونا و أثبت ما رجع عنه منها و كتب لسد و أن يأخذ بكتاب سحنون‬ ‫فأنف من ذلك فترك الناس كتابه و اتبعوا مدونة سحنون على ما كان فيها من اختلط السائل ف الب واب فك انت تس مى الدون ة و‬ ‫الختلطة‪ .‬و عكف أهل القيوان على هذه الدونة و أهل الندلس على الواضحة و العتبية‪ .‬ث اختصر ابن أب زيد الدونة و الختلطة ف كتابه‬ ‫السمى بالختصر و لصه أيضا‪ i‬أبو سعيد البادعي من فقهاء القيوان ف كتابه السمى بالتهذيب و اعتمده الشيخة من أهل أفريقية و أخذوا‬ ‫به و تركوا ما سواه‪ .‬و كذلك اعتمد أهل الندلس كتاب العتبية و هجروا الواضحة و ما سواها‪ .‬و ل تزل علماء الذهب يتعاهدون ه ذه‬ ‫المهات بالشرح و اليضاح و المع فكتب أهل أفريقية على الدونة ما شاء ال أن يكتبوا مثل ابن يونس و اللخمي و ابن مرز التونسي و‬ ‫ابن بشي و أمثالم‪ .‬و كتب أهل الندلس على العتبية ما شاء ال أن يكتبوا مثل ابن رشد و أمثاله‪ .‬و جع ابن أ ب زيد جيع ما ف المهات‬ ‫من السائل و اللف و القوال ف كتاب النوادر فاشتمل على جيع أقوال الذاهب و فرع المهات كلها ف هذا الكتاب و نقل ابن يونس‬ ‫معظمه ف كتابه على الدونة و زخرت بار الذهب الالكي ف الفقي إل انقراض دولة قرطبة و القيوان‪ .‬ث تسك بما أهل الغرب بع د‬ ‫ذلك إل أن جاء كتاب أب عمرو بن الاجب لص فيه طرق أهل الذهب ف كل باب و تعديد أقوالم ف كل مسئلة فج اء كالبنام ج‬ ‫للمذهب‪ .‬و كانت الطريقة الالكية بقيت ف مصر من لدن الارث بن مسكي و ابن البشر و ابن اللهيث و ابن الرشيق و اب ن ش اس‪ .‬و‬ ‫كانت بالسكندرية ف بن عوف و بن سند و ابن عطاء ال‪ .‬و ل أدر عمن أخذها أبو عمرو بن الاجب لكنه جاء بعد انق راض دول ة‬ ‫العبيديي و ذهاب فقه أهل البيت و ظهور فقهاء السنة من الشافعية و الالكية و لا جاء كتابه إل الغرب آخر الائة السابعة عك ف علي ه‬ ‫الكثي من طلبة الغرب و خصوصا‪ i‬أهل باية لا كان كبي مشيختهم أبو علي ناصر الدين الزواوي هو الذي جلبه إل الغرب‪ .‬فإنه كان قرأ‬ ‫على أصحابه بصر و نسخ متصره ذلك فجاء به و انتشر بقطر باية ف تلميذه‪ ،‬و منهم انتقل إل سائر المصار الغربي ة و طلب ة الفق ه‬ ‫بالغرب لذا العهد يتداولون قراءته و يتدارسونه لا يؤثر عن الشيخ ناصر الدين من الترغيب فيه‪ .‬و قد شرحه جاعة من شيوخهم‪ :‬ك ابن‬ ‫عبد السلم و ابن رشد و أب هارون و كلهم من مشيخة أهل تونس و سابق حلبتهم ف الجادة ف ذلك ابن عبد السلم و هم مع ذل ك‬ ‫يتعاهدون كتاب التهذيب ف دروسهم‪ .‬و ال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم‪.‬‬

‫الفصل الثامن ف علم الفرائض‬ ‫و هو معرفة فروض الوراثة و تصحيح سهام الفريضة ما تصح‪ ،‬باعتباره فروضها الصول أو مناسختها‪ .‬و ذلك إذا هلك أح د الورث ة و‬ ‫انكسرت سهامه على فروض ورثته فإنه حينئذ يتاج إل حسب تصحيح الفريضة الول حت يصل أهل الفروض جيعا‪ i‬ف الفريض تي إل‬ ‫فروضهم من غي تزئة‪ .‬و قد تكون هذه الناسخات أكثر من واحد و اثني و تتعدد لذلك بعدد أكثر‪ .‬و يقدر ما تت اج إل الس بان و‬ ‫كذلك إذا كانت فريضة ذات وجهي مثل أن يقر بعض الورثة بوارث و ينكره الخر فتصحح على الوجهي حينئذ‪ .‬و ينظر مبلغ السهام ث‬ ‫تقسم التركة على نسب سهام الورثة من أصل الفريضة‪ .‬و كل ذلك يتاج إل السبان و كان غالبا‪ i‬فيه و جعلوه فنا‪ i‬مفردا‪ .i‬و للناس في ه‬ ‫تآليف كثية أشهرها عند الالكية من متأخري الندلس كتاب ابن ثابت و متصر القاضي أب القاسم الوف ث العدي و م ن مت أخري‬ ‫أفريقية ابن النمر الطرابلسي و أمثالم‪ .‬و أما الشافعية و النفية و النابلة فلهم فيه تآليف كثية و أعمال عظيمة صعبة شاهدة لم باتس اع‬ ‫الباع ف الفقه و الساب و خصوصا‪ i‬أبا العال رضي ال تعال عنه و أمثاله من أهل الذاهب و هو فن شريف لمعه بي العقول و النقول و‬ ‫الوصول به إل القوق ف الوراثات بوجوه صحيحة يقينية عندما تهل الظوظ و تشكل على القاسي‪ .‬و للعلماء من أهل المص ار ب ا‬ ‫عناية‪ .‬و من الصنفي من يتاج فيها إل الغلو ف الساب و فرض السائل الت تتاج إل استخراج الهولت من فنون الساب ك الب و‬


‫القابلة و التصرف ف الذور و أمثال ذلك فيملون با تآليفهم‪ .‬و هو و إن ل يكن متداول‪ i‬بي الناس و ل يفيد فيما يتداولونه من وراثتهم‬ ‫لغرابته و قلة وقوعه فهو يفيد الران و تصيل اللكة ف التداول على أكمل الوجوه‪ .‬و قد يتج الكثر من أهل هذا الفن على فضله بالديث‬ ‫النقول عن أب هريرة رضي ال عنه أن الفرائض ثلث العلم و أنا أول ما ينسى و ف رواية نصف العلم خرجه أبو نعيم الافظ و احتج ب ه‬ ‫أهل الفرائض بناء على أن الراد بالفرائض فروض الوراثة‪ .‬و الذي يظهر أن هذا الل بعيد و أن الراد بالفرائض إنا هي الفرائض التكليفية ف‬ ‫العبادات و العادات و الواريث و غيها و بذا العن يصح فيها النصفية و الثلثية‪ .‬و إما فروض الوراثة فهي أقل من ذلك كله بالنس بة إل‬ ‫علم الشريعة كلها يعن هذا الراد أن حل لفظ الفرائض على هذا الفن الخصوص أو تصيصه بفروض الوراثة إنا ه و اص طلح ناش ئ‬ ‫للفقهاء عند حدوث الفنون و الصطلحات‪ .‬و لا يكن صدر السلم يطلق على هذا إل على علومه مشتقا‪ i‬من الفرض الذي هو لغة التقدير‬ ‫أو القطع‪ .‬و ما كان الراد به ف إطلقه إل جيع الفروض كما قلناه و هي حقيقته الشرعية فل ينبغي‪ .‬أن يمل إل على ما كان يم ل ف‬ ‫عصرهم فهو أليق برادهم منه‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل التاسع ف أصول الفقه و ما يتعلق به من الدل و اللفيات‬ ‫إعلم أن أصول الفقه من أعظم العلوم الشرعية و أجلها قدرا‪ i‬و أكثرها فائدة و هو النظر ف الدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الحكام و‬ ‫التآليف‪ .‬و أصول الدلة الشرعية هي الكتاب الذي هو القرآن ث السنة البينة له‪ .‬فعلى عهد النب صلى ال عليه و سلم كانت الحكام تتلقى‬ ‫منه با يوحى إليه من القرآن و بينه بقوله و فعله بطاب شفاهي ل يتاج إل نقل و ل إل نظر و قياس‪ .‬و من بعده صلوات ال و س لمه‬ ‫عليه تعذر الطاب الشفاهي و انفظ القرآن بالتواتر‪ .‬و أما السنة فأجع الصحابة رضوان ال تعال عليهم على وجوب العمل با يصل إلين ا‬ ‫منها قول‪ i‬أو فعل‪ i‬بالنقل الصحيح الذي يغلب على الظن صدقه‪ .‬و تعينت دللة الشرع ف الكتاب و السنة بذا العتب ار ث ينل الج اع‬ ‫منلتهما لجاع الصحابة على النكي على مالفيهم‪ .‬و ل يكون ذلك إل عن مستند لن مثلهم ل يتفقون من غي دليل ثابت م ع ش هادة‬ ‫الدلة بعصمة الماعة فصار الجاع دليل‪ i‬ثابتا‪ i‬ف الشرعيات‪ .‬ث نظرنا ف طرق استدلل الصحابة و السلف بالكتاب و السنة ف إذا ه م‬ ‫يقيسون الشباه بالشباه منهما‪ .‬و يناظرون المثال بالمثال بإجاع منهم و تسليم بعضهم لبعض ف ذلك‪ .‬فإن كثيا‪ i‬من الواقع ات بع ده‬ ‫صلوات ال و سلمه عليه ل تندرج ف النصوص الثابتة فقاسوها با ثبت و ألقوها با نص عليه بشروط ف ذلك اللاق‪ .‬تص حح تل ك‬ ‫الساواة بي الشبيهي أو الثلي‪ .‬حت يغلب على الظن أن حكم ال تعال فيهما واحد و صار ذلك دليل‪ i‬شرعيا‪ i‬بإجاعهم عليه‪ .‬و هو القياس‬ ‫و هو رابع الدلة و اتفق جهور العلماء على أن هذه هي أصول الدلة و إن خالف بعضهم ف الجاع و القياس إل أنه شذوذ ف و أل ق‬ ‫بعضهم بذه الدلة الربعة أدلة أخرى ل حاجة بنا إل ذكرها‪ .‬لضعف مداركها و شذوذ القول فيها‪ .‬فكان من أول مباحث هذا الفن النظر‬ ‫ف كون هذه أدلة‪ .‬فأما الكتاب فدليله العجزة القاطعة ف متنه و التواتر ف نقله‪ .‬فلم يبق فيه مال للحتمال و أما السنة و ما نقل إلينا منها‬ ‫فالجاع على وجوب العمل با يصح منها كما قلناه‪ .‬معتضدا‪ i‬با كان عليه العمل ف حياته صلوات ال و سلمه عليه من إنفاذ الكت ب و‬ ‫الرسل إل النواحي بالحكام و الشرائع آمرا‪ i‬و ناهيا‪ .i‬و أما الجاع فلتفاقهم رضوان ال تعال عليهم على إنكار مالفتهم مع العصمة الثابتة‬ ‫للمة و أما القياس فبإجاع الصحابة رضي ال عنهم عليه كما قدمناه‪ .‬هذه أصول الدلة ث إن النقول من السنة متاج إل تص حيح ال ب‬ ‫بالنظر ف طرق النقل و عدالة الناقلي لتتميز الالة الصلة للظن بصدقه الذي هو مناط وجوب العمل بالي‪ .‬و هذه أيضا‪ i‬من قواعد الفن‪ .‬و‬ ‫يلحق بذلك عند التعارض بي البين و طلب التقدم منهما معرفة الناسخ و النسوخ و هي من فصوله أيضا‪ i‬و أبوابه‪ .‬ث بعد ذل ك يتعي‬ ‫النظر ف دللة اللفاظ و ذلك أن استفادة العان على الطلق من تراكيب الكلم على الطلق يتوقف على معرفة الدللت الوضعية مفردة‬ ‫و مركبة‪ .‬و القواني اللسانية ف ذلك هي علوم النحو و التصريف و البيان و حي كان الكلم ملكة لهله ل تكن هذه علوما‪ i‬و ل قواني و‬ ‫ل يكن الفقه حينئذ يتاج إليها لنا جبلة و ملكة‪ .‬فلما فسدت اللكة ف لسان العرب قيدها الهابذة التجردون لذلك بنق ل ص حيح و‬ ‫مقاييس مستنبطة صحيحة و صارت علوما‪ i‬يتاج إليها الفقيه ف معرفة أحكام ال تعال‪ .‬ث إن هناك استفادات أخرى خاصة من تراكي ب‬ ‫الكلم و هي استفادة الحكام الشرعية بي العان من أدلتها الاصة من تراكيب الكلم و هو الفقه‪ .‬و ل يكفي فيه معرفة الدللت الوضعية‬ ‫على الطلق بل ل بد من معرفة أمور أخرى تتوقف عليها تلك الدللت الاصة و با تستفاد الحكام بسب ما أصل أه ل الش رع و‬


‫جهابذة العلم من ذلك و جعلوه قواني لذه الستفادة‪ .‬مثل أن اللغة ل تثبت قياسا‪ i‬و الشترك ل يراد به معناه معا‪ i‬و الواو ل تقتضي الترتيب‬ ‫و العام إذا أخرجت أفراد الاص منة هل يبقى حجة فيما عداها و المر للوجوب أو الندب و للفور أو التراخي و النهي يقتضي الفس اد أو‬ ‫الصحة و الطلق هل يمل على القيد و النص على العلة كاف ف التعدد أم ل و أمثال هذه‪ .‬فكانت كلها من قواعد هذا الفن‪ .‬و لكونا من‬ ‫مباحث الدللة كانت لغوية‪ .‬ث إن النظر ف القياس من أعظم قواعد هذا الفن لن فيه تقيق الصل و الفرع فيما يقاس و ياثل من الحكام‬ ‫و ينفتح الوصف الذي يغلب على الظن أن الكم علق به ف الصل من تبي أوصاف ذلك الل أو وجود ذلك الوصف ف الفرع م ن غي‬ ‫معارض ينع من ترتيب الكم عليه ف مسائل أخرى من توابع ذلك كلها قواعد لذا الفن‪ .‬و اعلم أن هذا الفن من الفنون الستحدثة ف اللة‬ ‫و كان السلف ف غنية عنه با أن استفادة العان من اللفاظ ل يتاج فيها إل أزيد ما عندهم من اللكة اللسانية‪ .‬و أما القواني الت يت اج‬ ‫إليها ف استفادة الحكام خصوصا‪ i‬فمنهم أخذ معظمها‪ .‬و أما السانيد فلم يكونوا يتاجون إل النظر فيها لقرب العصر ومارسة النقل ة و‬ ‫خبتم بم‪ .‬فلما انقرض السلف و ذهب الصدر الول و انقلبت العلوم كلها صناعة كما قررناه من قبل احتاج الفقه اء و الته دون إل‬ ‫تصيل هذه القواني و القواعد لستفادة الحكام من الدلة فكتبوها فنا قائما برأسه سوه أصول الفقه‪ .‬و كان أول من كتب فيه الش افعي‬ ‫رضي ال تعال عنه‪ .‬أملى فيه رسالته الشهورة تكلم فيها ف الوامر والنواهي و البيان و الب و النسخ و حكم العلة النصوصة من القياس‪.‬‬ ‫ث كتب فقهاء النفية فيه و حققوا تلك القواعد و أوسعوا القول فيها‪ .‬و كتب التكلمون أيضا كذلك إل أن كتابة الفقهاء فيها أمس بالفقه‬ ‫و أليق بالفروع لكثرة المثلة منها و الشواهد و بناء السائل فيها على النكت الفقهية‪ .‬و التكلمون يردون صور تلك السائل عن الفق ه و‬ ‫ييلون إل الستدلل العقلي ما أمكن لنه غالب فنونم و مقتضى طريقتهم فكان لفقهاء النفية فيها اليد الطول من الغوص على النك ت‬ ‫الفقهية و التقاط هذه القواني من مسائل الفقه ما أمكن‪ .‬و جاء أبو زيد الدبوسي من أئمتهم فكتب ف القياس بأوسع من جيعه م و ت م‬ ‫الباث و الشروط الت يتاج إليها فيه و كملت صناعة أصول الفقه بكماله و تذبت مسائله وتهدت قواعده و عن الناس بطريقة التكلمي‬ ‫فيه‪ .‬و كان من أحسن ما كتب فيه التكلمون كتابه البهان لمام الرمي و الستصفى للغزال و ها من الشعرية و كتاب العهد لعبد البار‬ ‫و شرحه العتمد لب السي البصري وها من العتزلة‪ .‬و كانت الربعة قواعد هذا الفن و أركانه‪ .‬ث لص هذه الكتب الربعة فحلن من‬ ‫التكلمي التأخرين و ها المام فخز الدين بن الطيب ف كتاب الصول و سيف الدين المدي ف كتاب الحكام‪ .‬و اختلفت طرائقهم ا‬ ‫ف الفن بي التحقيق و الجاج‪ .‬فابن الطيب أميل إل الستكثار من الدلة والحتجاج و المدي مولع بتحقيق الذاهب و تفريع السائل‪ .‬و‬ ‫أما كتاب الصول فاختصره تلميذ المام سراج الدين الرموي ف كتاب التحصيل و تاج الدين الرموي ف كتاب الاص ل و اقتط ف‬ ‫شهاب الدين القراف منهما فقدمات و قواعد ف كتاب صغي ساه التنقيحات‪ .‬و كذلك فعل البيضاوي ف كتاب النهاج‪ .‬و عن البت دئون‬ ‫يهذين الكتابي و شرحهما كثي من الناس‪ .‬و أما كتاب الحكام للمدي و هو أكثر تقيقا ف السائل فلخصة أبو عمر ب ن ال اجب ف‬ ‫كتاب العروف بالختصر الكبي‪ .‬ث أختصره ف كتاب آخر تداوله طلبة العلم و عن أهل الشرق و الغرب به و بطالعته و شرحه و حصلت‬ ‫زبدة طريقة التكلمي ف هذا الفن ف هذه الختصرات‪ .‬و أما طريقة النفية فكتبوا فيها كثيا و كان من أحسن كتابة فيه ا‪ .‬للمتق دمي‬ ‫تأليف أب زيد الدبوسي و أحسن كتابة التأخرين فيها تأليف سيف السلم البزدوي من أئمتهم و هو مستوعب و جاء ابن الساعات م ن‬ ‫فقهاء النفية فجمع بي كتاب الحكام و كتاب البزدون ف الطريقتي و سي كتابه بالبدائع فجاء من أحسن الوضاع و أبدعها و أئم ة‬ ‫العلماء لذا العهد يتداولونه قراءة و بثا‪ .‬و أولع كثي من علماء العجم بشرحه‪ .‬و الال على ذلك لذا العهد‪ .‬هذه حقيقة هذا الفن و تعيي‬ ‫موضوعاته و تعديد التأليف الشهورة لذا العهد فيه‪ .‬و ال ينفعنا بالعلم و يعلنا من أهله بنه و كرمه إنه على كل شيء قدير‪.‬‬ ‫و أما اللفات فاعلم أن هذا الفقة الستنبط من الدلة الشرعية كثر فيه اللف بي التهدين ياختلف مداركهم و أنظارهم خلفا ل ب د‬ ‫من وقوعه لا قدمناه‪ .‬و اتسع ذلك ف اللة اتساعا غظيما و كان للمقلدين أن يقلدوا من شاؤوا منهم ث لا انتهى ذلك إل الئمة الربعة من‬ ‫علماء المصار و كانوا بكان من حسن الظن بم اقتصر الناس على تقليدهم و منعوا من تقليد سواهم لذهاب الجتهاد لصعوبته و تشعب‬ ‫العلوم الت هي موادة باتصال الزمان و افتقاد من يقوم على سوى هذه الذاهب الربعة‪ .‬فاقيمت هذه الذاهب الربعة أصول اللة و أج ري‬ ‫اللف بي التمسكي با و الخذين بأحكامها مرى اللف ف النصوص الشرعية و الصول الفقهية‪ .‬و ج رت بينه م الن اظرات ف‬ ‫تصحيح كل منهم مذهب إمامه تري على أصول صحيحة و طرائق قوية يتج با كل على صحة مذهبه الذي قلده و تسك به و أجريت‬ ‫ف مسائل الشريعة كلها و ف كل باب من أبواب الفقه فتارة يكون اللف بي الشافعي و مالك و أبو حنيفة يوافق أح دها و ت ارة بي‬


‫مالك و أب حنيفة و الشافعي يوافق أحدها و تارة بي الشافعي و أب حنيفة و مالك يوافق أحدها و كان ف هذه الناظرات بي ان مآخ ذ‬ ‫هؤلء الئمة و مثارات اختلفهم و مواقع اجتهادهم‪ .‬كان هذا الصنف من العلم يسمى باللفيات‪ .‬و لبد لصاحبه من معرفة القواعد الت‬ ‫يتوصل با إل استنباط الحكام كما يتاج إليها التهد إل أن التهد يتاج إليها للستنباط و صاحب اللفيات يتاج إليها لف ظ تل ك‬ ‫السائل الستنبطة من أن يهدمها الخالف بأدلته‪ .‬و هو لعمري علم جليل الفائدة ف معرفة مآخذ الئمة و أدلتهم و مران الطالعي له عل ى‬ ‫الستدلل فيما يرومون الستدلل عليه‪ .‬وتآليف النفية و الشافعية فيه أكثر من تآليف الالكية لن القياس عند النفية أصل للك ثي م ن‬ ‫فروع مذهبهم كما عرفت فهم لذلك أهل النظر و البحث‪ .‬و أما الالكية فالثر أكثر معتمدهم و ليسوا بأهل نظر و أ يضا فأكثرهم أه ل‬ ‫الغرب و هم بادية غفل من الصنائع إل ف القل‪ .‬و للغزال رحه ال تعال فيه كتاب الآخذ و لب بكر العرب من الالكية كتاب التلخي ص‬ ‫جلبه من الشرق‪ .‬و لب زيد الدبوسي كتاب التعليقة و لبن القصار من شيوخ الالكية عيون الدلة و قد جع ابن الساعات ف متص ره ف‬ ‫أصول الفقه جيع ما ينبن عليها من الفقه اللف مدرجا‪ ،‬ف كل مسألة ما ينبن عليها من اللفيات‪.‬‬ ‫و أما الدال و هو معرفة آداب الناظرة الت تري بي أهل الذاهب الفقهية و غيهم فإنة لا كان باب الناظرة ف الرد و القبول متس عا و‬ ‫كل واحد من التناظرين ف الستدلل و الواب يرسل عنانة ف الحتجاج‪ .‬و منة ما يكون صوابا و منة ما يكون خطأ فاحتاج الئم ة إل‬ ‫أن يضعوا آدابا و أحكاما يقف التناظران عند حدودها ف الرد و القبول و كيف يكون حال الستدل و اليب و حيث يسوغ له أن يكون‬ ‫فستدل و كيف يكون مصوصا فنقطعا و مل اعتراضه أو معارضته و أين يب عليه السكوت و لصمه الكلم و الستدلل‪ .‬و لذلك قيل‬ ‫فيه إنه معرفة بالقواعد من الدود و الداب ف الستدلل الت يتوصل با إل حفظ رأي و هدمه سواء كان ذلك الرأي من الفقه أو غيه‪ .‬و‬ ‫هي طريقتان طريقة البزدوي و هي خاصة بالدلة الشرعية من النص و الجاع و الستدلل و طريقة العميدي و هي عامة ف ك ل دلي ل‬ ‫يستدل به من أي علم كان و أكثره استدلل‪ .‬و هو من الناحي السنة و الغالطات فيه ف نفس المر كثية‪ .‬و إذا اعتبنا النظر النطق ي‬ ‫كان ف الغالب أشبه بالقياس الغالطي و السوفسطائي‪ .‬إل أن صور الدلة و القيسة فيه مفوظة مراعاة يتحرى فيها طرق الستدلل كم ا‬ ‫ينبغي‪ .‬و هذا العميدي هو أول من كتب فيها و نسبت الطريقة إليه‪ .‬وضع الكتاب السمى يالرشاد متصرا و تبعه من بعده من الت أخرين‬ ‫كالنسفي و غيه جاؤوا على أثره و سلكوا مسلكه و كثرت ف الطريقة التآليف‪ .‬و هي لذا العهد مهجورة لنق ص العل م و التعلي م ف‬ ‫المصار السلمية‪ .‬و هي مع ذلك كمالية و ليست ضرورية و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل العاشر‪ :‬ف علم الكلم‬ ‫هو علم يتضمن الجاج عن العقائد اليانية بالدلة العقلية و الرد على البتدعة النحرفي ف العتقادات عن مذاهب السلف و أهل السنة‪ .‬و‬ ‫سر هذه العقائد اليانية هو التوحيد‪ .‬فلنقدم هنا لطيفة ف برهان عقلي يكشف لنا عن التوحيد على أقرب الطرق و الآخ ذ ث نرج ع إل‬ ‫تقيق علمه و فيما ينظر و يشي إل حدوثه ف اللة و ما دعا إل وضعه فنقول‪ :‬إعلم أن الوادث ف عال الكائنات سواء كانت من الذوات‬ ‫أو من الفعال البشرية أو اليوانية فلبد لا من أسباب متقدمة عليها با تقع ف مستقر العادة و عنها يتم كونة‪ .‬و كل واح د م ن ه ذه‬ ‫السباب حادث أيضا فلبد له من أسباب أخرى و ل تزال تلك السباب مرتقية حت تنتهي إل مسبب السباب و موج دها و خالقه ا‬ ‫سبحانه ل إله إل هو‪ .‬و تلك السباب ف ارتقائها تتفسح و تتضاعف طول و عرضا و يار العقل ف إدراكها و تعديدها‪ .‬فإذا ل يص رها‬ ‫إل العلم اليط سيما الفعال البشرية و اليوانية فإن من جلة أسبابا ف الشاهد القصود و الرادات إذ ل يتم كون الفع ل إل ب إرادته و‬ ‫القصد إليه‪ .‬و القصود و الرادات أمور نفسانية ناشئة ف الغالب عن تصورات سابقة يتلو بعضها بعضا‪ .‬و تلك التصورات هي أسباب قصد‬ ‫الفعل و قد تكون أسباب تلك التصورات تصورات أخرى و كل ما يقع ف النفس من التصورات مهول سببه‪ .‬إذ ل يطلع أحد على مبادئ‬ ‫المور النفسانية و ل على ترتيبها‪ .‬إنا هي أشياء يلقيها ال ف الفكر يتبع بعضها بعضا و النسان عاجز عن معرفة مبادئها و غاياتا‪ .‬و إن ا‬ ‫ييط علما ف الغالب بالسباب الت هي طبيعة ظاهرة و يقع ف مداركها على نظام و ترتيب لن الطبيعة مصورة للنفس و تت طورها‪ .‬و‬ ‫أما التصورات فنطاقها أوسع من النفس لنا للعقل الذي هو فوق طور النفس فل تدرك الكثي منها فضل عن الحاطة‪ .‬و تأمل من ذل ك‬ ‫حكمة الشارع ف نيه عن النظر إل السباب و الوقوف معها فإنه واد يهيم فيه الفكر و ل يلو منة يطائل و ل يظفز بقيقة‪ .‬ق ال ال‪ :‬ث‬


‫ذرهم ف خوضهم يلعبون‪ .‬و ربا انقطع ف وقوفه عن الرتقاء إل ما فوقه فزلت قدمة و أصبح من الضابي الالكي نغوذ بال من الرمان و‬ ‫السران البي‪ .‬و ل تسب أن هذا الوقوف أو الرجوع عنة ف قدرتك و اختيارك بل هو لون يصل للنفس و صبغة تستحكم من ال وض‬ ‫ف السباب على نسبة ل نعلمها‪ .‬إذ لو علمناها لتحررنا منها‪ .‬فلنتحرر من ذلك بقطع النظر عنها جلة‪ .‬و أيضا فوجه تأثي هذه السباب ف‬ ‫الكثي من مسبباتا مهول لنا إنا يوقف عليها بالعادة لقتران الشاهد يالستناد إل الظاهر‪ .‬وحقيقة التأثي و كيفيته مهولة‪ .‬و ما أوتيتم من‬ ‫العلم إل قليل‪ .‬فلذلك أمرنا بقطع النظر عنها و إلغائها جلة و التوجه إل مسبب السباب كلها و فاعلها و موجدها لترسخ صفة التوحي د‬ ‫ف النفس على ما علمنا الشارع الذي هو أعرف بصال ديننا و طرق سعادتنا لطلعه على ما وراء السن‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬من‬ ‫مات يشهد أن ل إله إل ال دخل النة‪ .‬فإن وقف عند تلك السباب فقد انقطع و حقت عليه كلمة الكفر و أن سبح ف ب ر النظ ر و‬ ‫البحث عنها و عن أسبابا وتأثياتا واحدا بعد واحد فإنا الضامن له أن ل يعود إل باليبة‪ .‬فيذلك نانا الشارع عن النظر ف الس باب و‬ ‫أمرنا بالتوجيد الطلق قل هو ال أحد * ال الصمد * ل يلد و ل يولد * ول يكن له كفوا أحد و ل تثقن با يزعم لك الفكر من أنه مقتدر‬ ‫على الحاطة بالكائنات و أسبابا و الوقوف على تفصيل الوجود كله و سفه رأيه ف ذلك‪ .‬و اعلم أن الوجود عند كل مدرك ف بادئ رأيه‬ ‫منحصر ف مداركه ل يعدوها و المر ف نفسه بلف ذلك و الق من ورائه‪ .‬أل ترى الصم كيف ينحصر الوجود عنده ف السوس ات‬ ‫الربع و العقولت و يسقط من الوجود عنده صنف السموعات‪ .‬و كذلك العمى أيضا يسقط عنده صنف الرئيات و لول ما يردهم إل‬ ‫ذلك تقليد الباء و الشيخة من أهل عصرهم و الكافة لا أقروا به لكنهم يتبعون الكافة ف إثبات هذه الصناف ل بقتضى فطرتم و طبيع ة‬ ‫إدراكهم و لو سئل اليوان العجم و نطق لوجدناه منكرا للمعقولت و ساقطة لديه بالكلية فإذا علمت هذا فلعل هناك ضربا من الدراك‬ ‫غي مدركاتنا لن إدراكاتنا ملوقة مدثة و خلق ال أكب من خلق الناس‪ .‬و الصر مهول و الوجود أوسع نطاقا من ذلك و ال من ورائهم‬ ‫ميط‪ .‬فاتم إدراكك و مدركاتك ف الصر و اتبع ما أمرك الشارع به من اعتقادك و عملك فهو أحرص على سعادتك و أعلم يا ينفغ ك‬ ‫لنه من طور فوق إدراكك و من نطاق أوسع من نطاق عقلك و ليس ذلك بقادح ف العقل و مداركه بل العقل ميزان صحيح فأحك امه‬ ‫يقينية ل كذب فيها‪ .‬غي أنك ل تطمع أن تزن به أمور التوحيد و الخرة و حقيقة النبوة و حقائق الصفات اللية و كل ما وراء طوره فإن‬ ‫ذلك طمع ف مال‪ .‬و مثال ذلك مثال رجل رأى اليزان الذي يوزن به الذهب فطمع أن يزن يه البال و هذا ل يدرك‪ .‬على أن الي زان ف‬ ‫أحكامه غي صادق لكن العقل قد يقف عنده و ل يتعدى طوره حت يكون له أن ييط بال و يصفاته فإنة ذرة من ذرات الوجود الاص ل‬ ‫منة‪ .‬و تفطن ف هذا الغلط و من يقدم العقل على السمع ف أمثال هذه القضايا و قصور فهمه و اضمحلل رأيه فقد تبي لك الق من ذلك‬ ‫و إذ تبي ذلك فلعل السباب إذا تاوزت ف الرتقاء نطاق إدراكنا و وجودنا خرجت عن أن تكون مدركة فيضل العقل ف بيداء الوهام و‬ ‫يار و ينقطع‪ .‬فإذا التوحيد هو العجز عن إدراك السباب و كيفيات تأثيها و تفويض ذلك إل خالقها اليط با إذ ل فاعل غية و كله ا‬ ‫ترتقي إليه و ترجع إل قدرته و علمنا به إنا هو من حيث صدورنا عنة ل غي و هذا هو معن ما نقل عن بعض الصديقي‪ :‬العج ز ع ن‬ ‫الدراك إدراك‪ .‬ث إن العتب ف هذا التوحيد ليس هو اليان فقط الذي هو تصديق حكمي فإن ذلك من حديث النفس و إنا الكمال في ه‬ ‫حصول صفة منه تتكيف با النفس كما أن الطلوب من العمال و العبادات أيضا حصول ملكة الطاعة و النقياد و تفري غ القل ب ع ن‬ ‫شواغل ما سوى العبود حت ينقلب الريد السالك ربانيا‪ .‬و الفرق بي الال و العلم ف العقائد فرق ما بي القول و التصاف‪ .‬و شرحه أن‬ ‫كثيا من الناس يعلم أن رحة اليتيم و السكي قربة إل ال تعال مندوب إليها و يقول بذلك و يعترف به و يذكر مأخذه من الشريعة و هو‬ ‫لو رأى يتيما أو مسكينا من أبناء الستضعفي لفرعنه و استنكف أن يباشره فضل عن التمسح عليه للرحة و ما بعد ذل ك م ن مقام ات‬ ‫العطف و النو و الصدقة‪ .‬فهذا إنا حصل له من رحة اليتيم مقام العلم و ل يصل له مقام الال و التصاف‪ .‬ومن الناس من يصل له مع‬ ‫مقام العلم و العتراف بأن رحة السكي قربة إل ال تعال مقام آخر أعلى من الول و هو التصاف بالرحة و حصول ملكتها‪ .‬فمت رأى‬ ‫يتيما أو مسكينا بادر إليه و مسح عليه و التمس الثواب ف الشفقة عليه ل يكاد يصب عن ذلك و لو دفع عنه‪ .‬ث يتصدق عليه با حضره من‬ ‫ذات يده و كذا علمك بالتوحيد مع اتصافك به و العلم حاصل عن التصاف ضرورة و هو أوثق مبن من العلم الاصل قبل التص اف‪ .‬و‬ ‫ليس التصاف باصل عن مرد العلم حت يقع العمل و يتكرر مرارا غي منحصرة فترسخ اللكة و يصل التصاف و التحقيق و ييء العلم‬ ‫الثان النافع ف الخرة‪ .‬فإن العلم الول الرد عن التصاف قليل الدوى و النفع و هذا علم أكثر النظار و الطلوب إنا هو العل م ال ال‬ ‫الناشئ عن العادة‪ .‬و اعلم أن الكمال عند الشارع ف كل ما كلف به إنا هو ف هذا فما طلب اعتقاده فالكمال فيه ف العلم الثان الاصل‬


‫عن التصاف و ما طلب عمله من العبادات فالكمال فيها ف حصول التصاف و التحقق با‪ .‬ث إن القبال على العبادات و الواظبة عليه ا‬ ‫هو الصل لذه الثمرة الشريفة‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬ف رأس العبادات جعلت قرة عين ف الصلة فإن الصلة صارت له صفة و حال‬ ‫يد فيها منتهى لذاته و قرة عينه و أين هذا من صلة الناس و من لم با ؟ فويل للمصلي * الذين هم عن صلتم ساهون اللهم وفقنا اهدنا‬ ‫الصراط الستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غي الغضوب عليهم و ل الضالي فقد تبي لك من جيع ما قررناه أن الطلوب ف التكاليف‬ ‫كلها حصول ملكة راسخة ف النفس يصل عنها علم اضطراري للنفس هو التوحيد و هو العقيدة اليانية و هو الذي تصل به الس عادة و‬ ‫أن ذلك سواء ف التكاليف القلبية و البدنية‪ .‬و يتفهم منه أن اليان الذي هو أصل التكاليف و ينبوعها هو بذه الثابة ذو مرات ب‪ .‬أول ا‬ ‫التصديق القلب الوافق للسان و أعلها حصول كيفية من ذلك العتقاد القلب و ما يتبعه من العمل مستولية على القلب فيستتبع الوارح‪ .‬و‬ ‫تندرج ف طاعتها جيع التصرفات حت تنخرط الفعال كلها ف طاعة ذلك التصديق اليان‪ .‬و هذا أرفع مراتب اليان و هو اليان الكامل‬ ‫الذي ل يقارف الؤمن معه صغية و ل كبية إذ حصول اللكة و رسوخها مانع من النراف عن مناهجه طرفة غي قال صلى ال علي ه و‬ ‫سلم‪ :‬ل يزن الزان حي يزن و هو مؤمن و ف حديث هرقل لا سأل أبا سفيان بن حرب عن النب صلى ال عليه و سلم و أحواله فقال ف‬ ‫أصحابه‪ :‬هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ قال‪ :‬ل ! قال‪ :‬و كذلك اليان حي تالط بشاشتة القل وب‪ .‬و معن اه أن‬ ‫ملكة اليان إذا استقرت عسر على النفس مالفتها شأن اللكات إذا استقرت فإنا تصل بثابة البلة و الفطرة و هذه هي الرتبة العالية من‬ ‫اليان و هي ف الرتبة الثانية من العصمة‪ .‬لن العصمة واجبة للنبياء وجوبا سابقا و هذه حاصلة للمؤمنية حص ول تابع ا لعم الم و‬ ‫تصديقهم‪ .‬و بذه اللكة و رسوخها يقع التفاوت ف اليان كالذي يتلى عليك من أقاويل السلف‪ .‬و ف تراجم البخاري رضي ال عن ه ف‬ ‫باب اليان كثي منه‪ .‬مثل أن اليان قول و عمل و يزيد و ينقص و أن الصلة و الصيام من اليان و أن تطوع رمضان من اليان و الياء‬ ‫من اليان‪ .‬و الراد بذا كله اليان الكامل الذي أشرنا إليه و إل ملكته و هو فعلي‪ .‬و أما التصديق الذي هو أول مراتبه فل تفاوت في ه‪.‬‬ ‫فمن اعتب أوائل الساء و حله على التصديق منع من التفاوت كما قال أئمة التكلمي و من اعتب أواخر الساء و حله على هذه اللكة الت‬ ‫هي اليان الكامل ظهر له التفاوت‪ .‬و ليس ذلك بقادح ف اتاد حقيقته الول الت هي التصديق إذ التصديق موجود ف جيع رتبه لنة أقل‬ ‫ما يطلق عليه اسم اليان و هو الخلص من عهدة الكفر و الفيصل بي الكافر و السلم فل يزي أقل منه‪ .‬و هو ف نفسه حقيقة واحدة ل‬ ‫تتفاوت و إنا التفاوت ف الال الاصلة عن العمال كما قلناه فافهم‪ .‬و اعلم أن الشارع وصف لنا هذااليان الذي ف الرتبة الول الذي‬ ‫هو تصديق و عي أمورا مصوصة كلفنا التصديق با بقلوبنا و اعتقادها ف أنفسنا مع القرار با بألسنتنا و هي العقائد الت تقررت ف الدين‪.‬‬ ‫قال صلى ال عليه و سلم حي سئل عن اليان فقال‪ :‬أن تؤمن بال و ملئكته و كتبه و رسله و اليوم الخر و تؤمن بالقدر خيه و شره و‬ ‫هذه هي العقائد اليانية القررة ف عليم الكلم‪ .‬و لنشر إليها مملة لتتبي ف حقيقة هذا الفن و كيفية حدوثه فنقول‪ .‬اعلم أن الشارع لق د‬ ‫أمرنا باليان بذا الالق الذي رد الفعال كلها إليه و أفرده به كما قدمناه و عرفنا أن ف هذا اليان ناتنا عند الوت إذا حضرنا ل يعرفن ا‬ ‫بكنه حقيقة هذا الالق العبود و هو إذ ذاك يتعذر على إدراكنا و من فوق طورنا‪ .‬فكلنا أول‪ :‬اعتقاد تنيهه ف ذاته عن مشابة الخلوقي و‬ ‫إل لا صح أنة خالق لم لعدم الفارق على هذا التقدير ث تنيهه غن صفات النقص و إل لشابة الخلوقي ث توحيده با لتاد و إل ل يت م‬ ‫اللق للتمانع ث اعتقاد أنه عال قادر فبذلك تتم الفعال شاهد قضيته لكمال التاد و اللق و مريد و إل ل يصص شيء من الخلوقات و‬ ‫مقدر لكل كائن و إل فالرادة حادثة‪ .‬و أنة يعيدنا بعد الوت تكميل لعنايته‪ ،‬بالياد و لو كان لمر فإن كان عبثا فهو للبقاء الس رمدي‬ ‫بعد الوت‪ .‬ث اعتقاد بعثة الرسل للنجاة من شقاء هذا العاد لختلف أحوله بالشقاء و السعادة و عدم معرفتنا بذلك و تام لطف ه بن ا ف‬ ‫اليتاء بذلك و بيان الطريقي‪ .‬و أن النة للنعيم و جهنم للعذاب‪ .‬هذه أمهات العقائد اليانية معللة بأدلتها العقلية و أدلتها من الكت اب و‬ ‫السنة كثية‪ .‬و عن تلك الدلة أخذها السلف و أرشد إليها العلماء و حققها الئمة إل أنة عرض بعد ذلك خلف ف تفاصيل هذه العقائد‬ ‫أكثر مثارها من الي التشابة فدعا ذلك إل الصام و التناظر و الستدلل يالعقل و زيادة إل النقل‪ .‬فحدث بذلك علم الكلم‪ .‬و لن بي‬ ‫لك تفصيل هذا المل‪ .‬و ذلك أن القرآن ورد فيه وصف العبود بالتنيه الطلق الظاهر الدللة من غي تأويل ف آي كثية و ه ي س لوب‬ ‫كلها و صرية ف بابا فوجب اليان با‪ .‬و وقع ف كلم الشارع صلوات ال عليه و كلم الصحابة و التابعي تفسيها على ظاهره ا‪ .‬ث‬ ‫وردت ف القرآن آي أخرى قليلة توهم التشبيه مرة ف الذات و أخرى ف الصفات‪ .‬فأما السلف فغلبوا أدلة التنيه لكثرتا و وضوح دللتها‪،‬‬ ‫و علموا استحالة التشبيه‪ .‬و قضوا بأن اليات من كلم ال فآمنوا با و ل يتعرضوا لعناها ببحث و ل تأويل‪ .‬و هذا معن قول الكثي منهم‪:‬‬


‫إقرأوها كما جاءت أي آمنوا بأنا من عند ال‪ .‬و ل تتعرضوا لتأويلها و ل تفسيها لواز أن تكون ابتلء‪ .‬فيجب الوقف و الذعان ل ه‪ .‬و‬ ‫شذ لعصرهم مبتدعة أتبعوا ما تشابه من اليات و توغلوا ف التشبيه‪ .‬ففريق أشبهوا‪ ،‬ف الذات باعتقاد اليد و القدم و الوجه عمل بظ واهر‬ ‫وردت بذلك فوقعوا ف التجسيم الصريح و مالفة آي التنيه الطلق التس هي أكثر موارد و أوضح دللة لن معقولية السم تقتضي النقص‬ ‫و الفتقار‪ .‬و تغليب آيات السلوب ف التنيه الطلق الت هي أكثر موارد و أوضح دللة أول من التعلق بظواهر هذه الت لنا عنها غنية و جع‬ ‫بي الدليلي بتأويلها ث يفرون من شناعة ذلك بقولم جسم ل كالجسام‪ .‬و ليس ذلك بدافع عنهم لنه قول متناقض و ج ع بي نف ي و‬ ‫إثبات إن كانا بالعقولية واحدة من السم‪ ،‬و إن خالفوا بينهما و نفوا العقولية التعارفة فقد وافقونا ف التنيه و ل يبق إل جعله م لف ظ‬ ‫السم اسا من أسائه‪ .‬ويتوقف مثلة على الذن‪ .‬و فريق منهم ذهبوا إل التشبيه ف الصفات كإثبات الهة و الستواء و النول و الصوت و‬ ‫الرف و أمثال ذلك‪ .‬و آل قولم إل التجسيم فنعوا مثل الولي إل قولم صوت ل كالصوات جهة ل كالهات ن زول ل ك النول‬ ‫يعنون من الجسام‪ .‬و اندفع ذلك با اندفع به الول‪ ،‬و ل يبق ف هذه الظواهر إل اعتقادات السلف و مذاهبهم و اليان با كما ه ي لئل‬ ‫يكر النفي على معانيها بنفيها مع أنا صحيحة ثابتة من القرآن‪ .‬و لذا تنظر ما تراه ف عقيدة الرسالة لبن أب زيد و كتاب الختصر له و ف‬ ‫كتاب الافظ ابن عبد الب و غيهم فإنم يومون على هذا العن‪ .‬و ل تغمض عينك عن القرائن الدالة على ذلك ف غضون كلمهم‪ .‬ث لا‬ ‫كثرت العلوم و الصنائع و ول الناس بالتدوين و البحث ف سائر الناء و ألف التكلمون ف التنيه حدثت بدعة العتزلة ف تعمي م ه ذا‬ ‫التنيه ف آي السلوب فقضوا بنفي صفات العان من العلم و القدرة و الرادة و الياة زائدة على أحكامها لا يلزم على ذلك م ن تع دد‬ ‫القدي بزعمهم و هو مردود بأن الصفات ليست عي الذات و ل غيها و قضوا بنفي صفة الرادة فلزمهم نفي القدر لن معناه سبق الرادة‬ ‫للكائنات و قضوا بنفي السمع و البصر لكونما من عوارض الجسام‪ .‬و هو مردود لعدم اشتراط البنية ف مدلول هذا اللفظ و إنا هو إدراك‬ ‫السموع أو البصر‪ .‬و قضوا بنفي الكلم لشبه ما ف السمع و البصر و ل يعقلوا صفة الكلم الت تقوم بالنفس فقضوا بأن القرآن مل وق و‬ ‫ذلك بدعة صرح السلف بلفها‪ .‬و عظم ضرر هذه البدعة و لقنها بعض اللفاء عن أئمتهم فحمل الناس عليها و خالفهم أئم ة الس لف‬ ‫فاستحل للفهم إيسار كثي منهم ودماؤهم‪ ،‬و كان ذلك سببا لنتهاض أهل السنة بالدلة العقلية على هذه العقائد دفعا ف صدور ه ذه‬ ‫البدع و قام بذلك الشيخ أبو السن الشعري إمام التكلمي فتوسط بي الطرق و نفى التشبيه و أثبت الصفات العنويه و قصر التنيه على‬ ‫ما قصره عليه السلف‪ .‬و شهدت له الدلة الخصصة لعمومه فأثبت الصفات الربع العنوية و السمع و البصر و الكلم القائم بالنفس بطريق‬ ‫النقل و العقل‪ .‬و رد على البتدعة ف ذلك كله و تكلم معهم فيما مهدوه لذه البدع من القول بالصلح و الصلح و التحسي و التقبيح و‬ ‫كمل العقائد ف البعثة و أحوال العاد و النة و النار و الثواب و العقاب‪ .‬و ألق بذلك الكلم ف المامة لا ظهر حينئذ من بدعة المامي ة‬ ‫من قولم إنا من عقائد اليان و إنه يب على النب تعيينها و الروج عن العهدة ف ذلك لن هي له‪ ،‬و كذلك على المة‪ .‬و قصارى أم ر‬ ‫المامة أنا قضية مصلحية إجاعية و ل تلحق بالعقائد فلذلك ألقوها بسائل هذا الفن و سوا مموعة علم الكلم‪ :‬إما لا فيه من الن اظرة‬ ‫على البدع و هي كلم صرف و ليست براجعة إل عمل‪ ،‬و إما لن سبب وضعه و الوض فيه هو تنازعهم ف إثبات الكلم النفس ي‪ .‬و‬ ‫كثر أتباع الشيخ أب السن الشعري و اقتفى طريقتة من بعده تلميذه كابن ماهد و غيه‪ .‬و أخذ عنهم القاضي أبو بكر الباقلن فتص در‬ ‫للمامة ف طريقتهم و هذبا و وضع القدمات العقلية الت تتوقف عليها الدلة و النظار و ذلك مثل إثبات ال وهر الف رد و اللء‪ .‬و أن‬ ‫العرض ل يقوم بالعرض و أنه ل يبقى زماني‪ .‬و أمثال ذلك ما تتوقف عليه أدلتهم‪ .‬و جعل هذه القواعد تبعا للعقائد اليانية ف وج وب‬ ‫اعتقادها لتوقف تلك الدلة عليها و أن بطلن الدليل يؤذن ببطلن الدلول‪ .‬و جلت هذه الطريقة و جاءت من أحسن الفن ون النظري ة و‬ ‫العلوم الدينية‪ .‬إل أن صور الدلة فيها بعض الحيان‪ .‬على غي الوجه الصناعي لسذاجة القوم و لن صناعة النطق الت تسي با الدلة و تعتب‬ ‫با القيسة و ل تكن حينئذ ظاهرة ف الئلة‪ ،‬و لو ظهر منها بعض الشيء فلم يأخذ به التكلمون للبستها للعلوم الفلسفية الباين ة للعق ائد‬ ‫الشرعية بالملة فكانت مهجورة عندهم لذلك‪ .‬ث جاء بعد القاضي أب بكر الباقلن من أئمة الشعرية إمام الرمي أبو العال ف أملى ف‬ ‫الطريقة كتاب الشامل و أوسع القول فيه‪ .‬ث لصه ف كتاب الرشاد و اتذه الناس إماما لعقائدهم‪ .‬ث انتشرت من بعد ذلك علوم النط ق‬ ‫ف اللة و قرأه الناس و فرقوا بينه و بي العلوم الفلسفية بأنة قانون و معيار للدلة فقط يسب به الدلة منها كما تسب من سواها‪ .‬ث نظروا ف‬ ‫تلك القواعد و القدمات ف فن الكلم للقدمي فخالفوا الكثي منها بالباهي الت أدلت إل ذلك و با أن كثيا منها مقتب س م ن كلم‬ ‫الفلسفة ف الطبيعيات و الليات‪ .‬فلما سبوها بعيار النطق ردهم إل ذلك فيها و ل يعتقدوا بطلن الدلول من بطلن دليله كما صار إليه‬


‫القاضي فصارت هذه الطريقة ف مصطلحهم مباينة للطريقة الول و تسمى طريقة التأخرين و ربا أدخلوا فيها الرد على الفلس فة فيم ا‬ ‫خالفوا فيه من العقائد اليانية و جعلوهم من خصوم العقائد لتناسب الكثي من مذاهب البتدعة و مذاهبهم‪ .‬و أول من كت ب ف طريق ة‬ ‫الكلم على هذا النحى الغزال رحه ال و تبعه المام ابن الطيب و جاعة قفوا أثرهم و اعتمدوا تقليدهم ث توغل التأخرون من بعدهم ف‬ ‫مالطة كتب الفلسفة و التبس عليهم شان الوضح ف العلمي فحسبوه فيهما واحدا من اشتباه السائل فيهما‪ .‬و اعلم أن التكلمي لا كانوا‬ ‫يستدلون ف أكثر أحوالم بالكائنات و أحوالا على وجود البارئ و صفاته و هو نوع استدللم غالبا‪ .‬و السم الطبيعي الذي ينظ ر في ه‬ ‫الفيلسوف ف الطبيعيات و هو بعض من هذه الكائنات‪ .‬إل أن نظره فيها مالف لنظر التكلم و هو ينظر ف السم من حي ث يتح رك و‬ ‫يسكن و التكلم ينظر فيه من حيث يدل على الفاعل‪ .‬و كذا نظر الفيلسوف ف الليات إنا هو نظر ف الوجود الطلق و ما يقتضيه لذاته و‬ ‫نظر التكلم ف الوجود من حيث إنه يدل على الوجد‪ .‬و بالملة فموضوع علم الكلم عند أهله إنا هو العقائد اليانية بعد فرضها صحيحة‬ ‫من الشرع من حيث يكن أن ستدل عليها بالدلة العقلية فترفع البدع و تزول الشكوك و الشبيه عن تلك العقائد و إذا تأملت حال الفن قي‬ ‫حدوثه و كيف تدرج كلم الناس فيه صدرا بعد صدر و كلهم يفرض العقائد صحيحة و يستنهض الجج و الدلة علمت حينئذ ما قررناه‬ ‫لك ف موضوع الفن و أنه ل يعدوه‪ .‬و لقد اختلطت الطريقتان عند هؤلء التأخرين و التبست مسائل الكلم بسائل الفلسفة بيث ل يتميز‬ ‫أحد الفني من الخر‪ .‬و ل يصل عليه طالبه من كتبهم كما فعله البيضاوي ف الطوالع و من جاء بعدة من علماء العجم ف جيع تآليفهم‪.‬‬ ‫إل أن هذه الطريقة قد يعن با بعض طلبة العلم للطلع على الذاهب و الغراق ف معرفة الجاج لوفور ذلك فيها‪ .‬و أما ماذاة طريق ة‬ ‫السلف بعقائد علم الكلم فإنا هو ف الطريقة القدية للمتكلمي و أصلها كتاب الرشاد و ما حذا حذوة‪ .‬و من أراد إدخال ال رد عل ى‬ ‫الفلسفة ف عقائده فعليه بكتب الغزال و المام ابن الطيب فإنا و إن وقع فيها مالفة للصطلح القدي فلي س فيه ا م ن الختلط ف‬ ‫السائل و اللتباس ف الوضوع ما ف طريقة هؤلء التأخرين من بعدهم و على الملة فينبغي أن يعلم أن هذا العلم الذي هو علم الكلم غي‬ ‫ضروري لذا العهد على طالب العلم إذ اللحدة و البتدعة قد انقرضوا و الئمة‪ .‬من أهل السنة كفونا شأنم فيما كتبوا و دونوا و الدل ة‬ ‫العقلية إنا احتاجوا إليها حي دافعوا و نصروا‪ .‬و أما الن فلم يبق منها إل كلم تنه الباري عن كثي إيهاماته و إطلقه و لقد سئل الني د‬ ‫رحه ال عن قوم مر بم بعض التكلمي يفيضون فيه فقال‪ :‬ما هؤلء ؟ فقيل‪ :‬قوم ينهون ال بالدلة عن صفات الدوث و سات النقص‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬نفي العيب حيث يستحيل العيب عيب لكن فائدته ف آحاد الناس و طلبة العلم فائدة معتبة إذ ل يسن بامل السنة الهل بالج ج‬ ‫النظرية على عقائدها‪ .‬و ال ول الؤمني‪.‬‬

‫الفصل الادي عشر‪ :‬ف أن عال الوادث الفعلية إنا يتم بالفكر‬ ‫اعلم أن عال الكائنات يشتمل على ذوات مضة‪ ،‬كالعناصر و آثارها و الكونات الثلثة عنها‪ .‬الت هي العدن و النبات و اليوان‪ .‬و ه ذه‬ ‫كلها متعلقات القدرة اللية و على أفعال صادرة عن اليوانات‪ ،‬واقعة بقصودها‪ ،‬متعلقة بالقدرة الت جعل ال لا عليها‪ :‬فمنه ا منتظ م‬ ‫مرتب‪ ،‬و هي الفعال البشرية‪ ،‬و منها غي منتظم و ل مرتب‪ ،‬و هي أفعال اليوانات غي البشر‪ .‬و ذلك الفكر يدرك الترتيب بي الوادث‬ ‫بالطبع أو بالوضع‪ ،‬فإذا قصد إياد شيء من الشياء‪ ،‬فلجل الترتيب بي الوادث لبد من التفطن بسببه أو علته أو شرطه‪ ،‬و ه ي عل ى‬ ‫الملة مبادئه‪ ،‬إذ ل يوجد إل ثانيا عنها و ل يكن إيقاع التقدم متأخرا‪ ،‬و ل التأخر متقدما‪ .‬و ذلك البدأ قد يكون له مبدأ آخر من تل ك‬ ‫البادئ ل يوجد إل متأخرا عنه‪ ،‬و قد يرتقي ذلك أو ينتهي‪ .‬فإذا انتهى إل آخر البادىء ف مرتبتي أو ثلث أو أزيد‪ ،‬و ش رع ف العم ل‬ ‫الذي يوجد به ذلك الشيء بدأ بالبدأ الخي الذي انتهى إليه الفكر‪ ،‬فكان أول عمله‪ .‬ث تابع ما بعده إل آخر السببات ال ت ك انت أول‬ ‫فكرته‪ .‬مثل‪ :‬لو فكر ف إياد سقف يكنه انتقل بذهنه إل لائط الذي يدعمه‪ ،‬ث إل الساس الذي يقف عليه الائط فهو آخر الفك ر‪ .‬ث‬ ‫يبدأ ف العمل بالساس‪ ،‬ث بالائط‪ ،‬ث بالسقف‪ ،‬و هو آخر العمل‪.‬‬ ‫و هذا معن قولم‪ :‬أول العمل آخر الفكرة‪ ،‬و أول الفكرة آخر العمل فل يتم فعل النسان ف الارج إل بالفكر ف هذه الرتبات لتوق ف‬ ‫بعضها على بعض‪ .‬ث يشرع ف فعلها‪ .‬و أول هذا الفكر هو السبب الخي‪ ،‬و هو آخرها ف العمل‪ .‬و أولا ف العمل هو الس بب الول و‬ ‫هو آخرها ف الفكر‪ .‬و لجل العثور على هذا الترتيب يصل النتظام ف الفعال البشرية‪.‬‬


‫و أما الفعال اليوانية لغي البشر فليس فيها انتظام لعدم الفكر الذي يعثر به الفاعل علي الترتيب فيما يفعل‪ .‬إذ اليوانات إنا تدرك بالواس‬ ‫و مدركاتا متفرقة خلية من الربط لنة ل يكون إل بالفكر‪ .‬و لا كانت الواس العتبة ف عال الكائنات هي النتظمة‪ ،‬و غي النتظمة إن ا‬ ‫هي تبع لا‪ .‬اندرجت حينئذ أفعال اليوانات فيها‪ ،‬فكانت مسخرة للبشر‪ .‬و استولت أفعال البشر على عال الوادث‪ .‬با فيه‪ ،‬فكان كله ف‬ ‫طاعته و تسخره‪ .‬و هذا معن الستحلف الشار إليه ف قوله تعال‪ :‬إن جاعل ف الرض خليفة فهذا الفكر هو الاصة البشرية الت تيز با‬ ‫البشر عن غيه من اليوان‪ .‬و على قدر حصول السباب و السببات ف الفكر مرتبة تكون إنسانيتة‪ .‬فمن الناس من تتوال ل ه الس ببية ف‬ ‫مرتبتي أو ثلث‪ ،‬و منهم من ل يتجاوزها‪ ،‬و منهم من ينتهي إل خس أو ست فتكون إنسانيته أعلى‪ .‬و اعتب ذلك بلعب الشطرنج‪ :‬فإن‬ ‫ف اللعبي من يتصور الثلث حركات و المس الذي ترتيبها وضعي‪ ،‬و منهم من يقصر عن ذلك لقصور ذهنه‪ .‬و إن كان هذا الثال غي‬ ‫مطابق‪ .‬لن لعب الشطرنج باللكة‪ ،‬و معرفة السباب و السببات بالطبع‪ .‬لكنه مثال يتذي به الناظر ف تعقل ما يورد عليه من القواعد‪ .‬و‬ ‫ال خلق النسان و فضله على كثي من خلق تفضيل‪.‬‬

‫الفصل الثان عشر ف العقل التجريب و كيفية حدوثه‬ ‫إنك تسمع ف كتب الكماء قولم أن النسان هو مدن الطبع‪ ،‬يذكرونه ف إثبات النبوات و غيها‪ .‬و النسبة فيه إل الدينة‪ ،‬و هي عندهم‬ ‫كناية عن الجتماع البشري‪ .‬و معن هذا القول‪ ،‬أنة ل تكن حياة النفرد من البشر‪ ،‬و ل يتم وجوده إل مع أبناء جنسه‪ .‬و ذلك لا هو عليه‬ ‫من العجز عن استكمال وجوده و حياته‪ ،‬فهو متاج إل العاونة ف جيع حاجاته أبدا بطبعه‪ .‬و تلك العاونة لبد فيها من الفاوضة أول‪ ،‬ث‬ ‫الشاركة و ما بعدها‪ .‬و ربا تفضي العاملة عند اتاد العراض إل النازعة و الشاجرة فتنشأ النافرة و الؤالفة‪ .‬و الصداقة و العداوة‪ .‬و يؤول‬ ‫إل الرب و السلم بي المم و القبائل‪ .‬و ليس ذلك على أي وجه اتفق‪ ،‬كما بي المل من اليوانات‪ ،‬بل للبشر يا جعل ال فيه م م ن‬ ‫انتظام الفعال و ترتيبها بالفكر كما تقدم‪ .‬جعل منتظما فيهم و يسرهم ليقاعه على وجوه سياسية و قواني حكمية‪ .‬ينكبون فيه ا ع ن‬ ‫الفاسد إل الصال‪ ،‬و عن السن إل القبيح‪ ،‬بعد أن ييزوا القبائح و الفسدة‪ .‬با ينشأ عن الفعل من ذلك عن تربة ص حيحة‪ ،‬و ع وائد‬ ‫معروفة بينهم‪ ،‬فيفارقون المل من اليوان‪ .‬و تظهر عليهم نتيجة الفكر ف انتظام الفعال و بعدها عن الفاسد‪.‬‬ ‫هذه العان الت يصل با ذلك ل تبعد عن الس كل البعد و ل يتعمق فيها الناظر‪ ،‬بل كلها تدرك بالتجربة و با يستفاد‪ .‬لنا معان جزئية‬ ‫تتعلق بالسوسات و صدقها و كذبا‪ ،‬يظهر قريبا ف الواقع‪ ،‬فيستفيد طالبها حصول العلم با من ذلك‪ .‬و يستفيد كل واحد من البشر القدر‬ ‫الذي يسر له منها مقتنصا له بالتجربة بي الواقع ف معاملة أبناء جنسه‪ .‬حت يتعي له ما يب و ينبغي‪ ،‬فعل و تركا‪ .‬و تصل ف ملبس ة‬ ‫اللكة ف معاملة أبناء جنسه‪ .‬و من تتبع ذلك سائر عمره حصل له العثور على كل قضية‪ .‬و لبد با تسعه التجربة من الزمن‪ .‬و قد يس هل‬ ‫ال على كثي من البشر تصيل ذلك ف أقرب زمن التجربة‪ ،‬إذ قلد فيها الباء و الشيخة و الكابر‪ ،‬و لقن عنهم و وعى تعليمهم‪ ،‬فيستغن‬ ‫عن طول العانات ف تتبع الوقائع و اقتناص هذا العن من بينها‪ .‬و من فقد العلم ف ذلك و التقليد فيه أو أعرض عن حس ن اس تماعه و‬ ‫اتباعه‪ ،‬طال عناؤة ف التأديب بذلك‪ ،‬فيجري ف غي مألوف و يدركها على غي نسبة‪ ،‬فتوجد آدابه و فعاملته سيئة الوضاع بادية اللل‪،‬‬ ‫و يفسد حاله ف معاشه بي أبناء جنسه‪ .‬و هذا معن القول الشهور‪ :‬من ل يؤدبه والده أدبه الزمان‪ .‬أي من ل يلقن الداب ف معاملة البشر‬ ‫من والديه و ف معناها الشيخة و الكابر و يتعلم ذلك منهم رجع إل تعلمه بالطبع من الواقعات على توال اليام‪ ،‬فيكون الزمان معلمه و‬ ‫مؤدبة لضرورة ذلك بضرورة العاونة الت ف طبعه‪.‬‬ ‫و هذا هو العقل التجريب‪ ،‬و هو يصل بعد العقل التمييزي الذي تقع به الفعال كما بيناه‪ .‬و بعد هذين مرتبة العقل النظري الذي تكف ل‬ ‫يتفسيه أهل العلوم‪ ،‬فل تتاج إل تفسيه ف هذا الكتاب‪ .‬و ال وجعل لكم السمع والبصار والفئدة قليل ما تشكرون‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر‪ :‬ف علوم البشر و علوم اللئكة‬


‫إنا نشهد ف أنفسنا بالوجدان الصحيح وجود ثلثة عوال‪ :‬أولا‪ :‬عال الس و نعتبه بدارك الس الذي شاركنا فيه اليوانات بالدراك‪ .‬ث‬ ‫نعتبه الفكر الذي اختص به البشر فنعلم منه وجود النفس النسانية علما ضروريا با بي جنبينا من مدارك العلمية الت هي ف وق م دارك‬ ‫الس‪ ،‬فتراه عالا آخر فوق عال الس‪ .‬ث نستدل على عال ثالث فوقنا با ند فينا من آثاره الت تلقى ف أفئدتنا كالرادات و الوجه ات‪،‬‬ ‫نو الركات الفعلية‪ ،‬فنعلم أن هناك فاعل يبعثنا عليها من عال فوق عالنا و هو عال الرواح و اللئكة‪ .‬و فيه ذوات مدركة لوجود آثارها‬ ‫فينا مع ما بيننا و بينها من الغايرة‪ .‬و ربا يستدل على هذا العال العلى الروحان و ذواته بالرؤيا و ما ند ف النوم‪ ،‬و يلقى إلينا في ه م ن‬ ‫المور الت نن ف غفلة عنها ف اليقظة‪ ،‬و تطابق الواقع ف الصحيحة منها‪ ،‬فنعلم أنا حق و من عال الق‪ .‬و أما أضغاث الحلم فص ور‬ ‫خيالية يزنا الدراك ف الباطن و يول فيها الفكر بعد الغيبة عن الس‪ .‬و ل ند على هذا العال الروحان برهانا أوضح من هذا‪ ،‬فنعلم ه‬ ‫كذلك على الملة و ل ندرك له تفصيل‪.‬‬ ‫و ما يزعمه الكماء الليون ف تفصيل ذواته و ترتيبها‪ ،‬السماة عندهم بالعقول فليس شيء من ذلك بيقين لختلل شرط البهان النظري‬ ‫فيه‪ .‬كما هو مقرر ف كلمهم ف النطق‪ .‬لن من شرطه أن تكون قضاياه أولية ذاتية‪ .‬و هذه الذوات الروحانية مهولة الذاتيات فل س بيل‬ ‫للبهان فيها‪ .‬و ل يبقى لنا مدرك ف تفاصيل هذه العوال إل ما نقتبسه من الشرعيات الت يوضحها اليان و يكمها‪ .‬و أعقد هذه الع وال‬ ‫ف مدركنا عال البشر‪ ،‬لنه وجدان مشهود ف مداركنا السمانية و الروحانية‪ .‬و يشترك ف عال الس مع اليوانات و ف عال العق ل و‬ ‫الرواح مع اللئكة الذين ذواتم من جنس ذواته‪ ،‬و هي ذوات مردة عن السمانية و الادة‪ ،‬و عقل صرف يتحد فيه العق ل و العاق ل و‬ ‫العقول‪ ،‬و كأنه ذات حقيقتها الدراك و العقل‪ ،‬فعلومهم حاصلة دائما مطابقة بالطبع لعلوماتم ل يقع فيها خلل البتة‪.‬‬ ‫و علم البشر هو حصول صورة العلوم ف ذواتم بعد أن ل تكون حاصلة‪ .‬فهو كله مكتسب‪ ،‬و الذات الت يصل فيها صور العلوم ات و‬ ‫هي النفس مادة هيولنية تلبس صور الوجود بصور العلومات الاصلة فيها شيئا فشيئا‪ ،‬حت تستكمل‪ ،‬و يصح وجودها بالوت ف مادتا و‬ ‫صورتا‪ .‬فالطلوبات فيها مترددة بي النفي و الثبات دائما‪ ،‬بطلب أحدها بالوسط الرابط بي الطرفي‪ .‬فإذا حصل و صار معلوما افتقر إل‬ ‫بيان الطابقة‪ ،‬و ربا أوضحها البهان الصناعي‪ ،‬لكنه من وراء الجاب‪ .‬و ليس كالعاينة الت ف علوم اللئكة‪ .‬و قد ينكشف ذلك الجاب‬ ‫فيصي إل الطابقة بالعيان الدراكي‪ .‬فقد تبي أن البشر جاهل بالطبع للتردد ف علمه‪ ،‬و عال بالكسب و الصناعة لتحصيله الطلوب بفكرة‬ ‫الشروط الصناعية‪ .‬و كشف الجاب الذي أشرنا إليه إنا هو بالرياضة بالذكار الت أفضلها صلة تنتهي عن الفحشاء و النكر‪ .‬و ب التنه‬ ‫عن التناولت الهمة و رأسها الصوم‪ ،‬و بالوجهة إل ال بميع قواه‪ .‬و ال علم النسان ما ل يعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ف علوم النبياء عليهم الصلة و السلم‬ ‫إنا ند هذا الصنف من البشر تعتريهم حالة إلية خارجة عن منازع البشر و أحوالم فتغلب الوجهة الربانية فيهم على البش رية ف الق وى‬ ‫الدراكية و النوعية من الشهوة و الغضب و سائر الحوال البدنية‪ .‬فتجدهم متنهي عن الحوال الربانية‪ ،‬من العبادة و الذكر ل با يقتضي‬ ‫معرفتهم به‪ ،‬فخبين عنة با يوحي إليهم ف تلك الالة‪ ،‬من هداية المة على طريقة واحدة و سنن معهود منهم ل يتبدل فيهم كأنة جبل ة‬ ‫فطرهم ال عليها‪ .‬و قد تقدم لنا الكلم ف الوحي أول الكتاب ف فصل الدركي للغيب‪ .‬و بينا هنالك أن الوجود كله ف عواله البسيطة و‬ ‫الركبة على تركيب طبيعي من أعلها و أسفلها متصلة كلها اتصال ل ينخرم‪ .‬و أن الذوات الت ف آخر كل أفق من العوال مس تعدة لن‬ ‫تنقلب إل الذات الت تاوزها من السفل و العلى‪ .‬استعدادا طبيعيا‪ .‬كما ف العناصر السمانية البسيطة‪ .‬و كما ف النخل و الكرم من آخر‬ ‫أفق النبات مع اللزون و الصدف من أفق اليوان و كما ف القردة الت استجمع فيها الكيس و الدراك مع النس ان ص احب الفك ر و‬ ‫الروية‪ .‬و هذا الستعداد الذي ف جانب كل أفق من العوال هو معن التصال فيها‪.‬‬ ‫و فوق العال البشري عال روحان‪ ،‬شهدت لنا به الثار الت فينا منه‪ ،‬با يعطينا من قوى الدراك و الرادة فذوات العلم العال إدراك صرف‬ ‫و تعقل مض‪ ،‬و هو عال اللئكة‪ ،‬فوجب من ذلك كله أن يكون للنفس النسانية استعداد للنسلخ من البشرية إل اللكية‪ .‬لتصي بالفعل‬ ‫من جنس اللئكة وقتا من الوقات‪ .‬و ف لة من اللمحات‪ .‬ث تراجع بشريتها و قد تلقت ف عال اللكية ما كفلت بتبليغه إل أبناء جنسها‬ ‫من البشر‪ .‬و هذا هو معن الوحي و خطاب اللئكة‪ .‬و النبياء كلهم مفطورون عليه‪ .‬كأنه جبلة لم و يعالون ف ذلك النس لخ م ن‬


‫الشدة و الغطيط ما هو معروف عنهم‪ .‬و علومهم ف تلك الالة علم شهادة و عيان‪ ،‬ل يلحقه الطأ و الزلل‪ ،‬و ل يقع فيه الغلط و الوهم‪،‬‬ ‫بل الطابقة فيه ذاتية لزوال حجاب الغيب و حصول الشهادة الواضحة‪ ،‬عند مفارقة هذه الالة إل البشرية‪ ،‬ل تفارق علمه م الوض وح‪.‬‬ ‫استصحابا له من تلك الالة الول‪ ،‬و لا هم عليه من الذكاء الفضي بم إليها‪ ،‬يتردد ذلك فيهم دائما إل أن تكمل هداية المة الت بعثوا لا‬ ‫كما ف قوله تعال‪ :‬إنا أنا بشر مثلكم يوحى إل أنا إلكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه‪ .‬فافهم ذلك و راجع ما ق دمناه ل ك أول‬ ‫الكتاب‪ ،‬ف أصناف الدركي للغيب‪ ،‬يتضح لك شرحه و بيانه‪ ،‬فقد بسطناه هنالك بسطا شافيا‪ .‬و ال الوفق‪.‬‬

‫الفصل الامس عشر ف أن النسان جاهل بالذات عال بالكسب‬ ‫قد بينا أول هذه الفصول أن النسان من جنس اليوانات‪ ،‬و أن ال تعال ميزه عنها بالفكر الذي جعل له‪ ،‬يوقع به أفعاله على انتظام و هو‬ ‫العقل التمييزي أو يقتنص به العلم بالراء و الصلح و الفاسد من أبناء جنسه‪ ،‬و هو العقل التجريب‪ ،‬أو يصل به ف تصور الوجودات غائبا‬ ‫و شاهدا‪ ،‬على ما هي عليه‪ ،‬و هو العقل النظري‪ ،‬و هذا الفكر إنا يصل له بعد كمال اليوانية فيه‪ .‬و يبدأ من التمييز‪ ،‬فهو قبل التمييز خلو‬ ‫من العلم بالملة‪ ،‬معدود من اليوانات‪ ،‬لحق ببدئه ف التكوين‪ ،‬من النطفة و العلقة و الضغة‪ .‬و ما حصل له بعد ذلك فهو با جعل ال له‬ ‫من مدارك الس و الفئدة الت هي الفكر‪ .‬قال تعال ف المتنان علينا‪ :‬و جعل لكم السمع و البصار و الفئدة فهو ف الالة الول قب ل‬ ‫التمييز هيول فقط‪ .‬لهله بميع العارف‪ .‬ث تستكمل صورته بالع ل الذي يكتسبه بآلته‪ ،‬فكمل ذاته النسانية ف وجودها‪ .‬و انظر إل قوله‬ ‫تعال مبدأ الوحي على نبيه اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق النسان من علق * اقرأ وربك الكرم * الذي علم بالقلم * علم النسان ما ل‬ ‫يعلم أي أكسبه من العلم ما ل يكن حاصل له بعد أن كان علقة و مضغة فقد كشفت لنا طبيعته و ذاته ما هو عليه من الهل الذات و العلم‬ ‫الكسب و أشارت إليه الية الكرية تقرر فيه المتنان عليه بأول مراتب وجوده‪ .‬و هي النسانية‪ .‬و حالتاه الفطرية و الكسبية ف أول التنيل‬ ‫و مبدأ الوحي‪ .‬و كان ال عليما حكيما‪.‬‬

‫الفصل السادس عشر‪ :‬ف كشف الغطاء عن التشابه من الكتاب و السنة و‬ ‫ما حدث لجل ذلك من طوائف السنية و البتدعة ف العتقادات‬ ‫اعلم أن ال سبحانه بعث إلينا نبينا ممدا صلى ال عليه و سلم يدعونا إل النجاة و الفوز بالنعيم و أنزل عليه الكتاب الكري باللسان العرب‬ ‫البي‪ .‬ياطبنا فيه بالتكاليف الفضية بنا إل ذلك‪ .‬و كان ف خلل هذا الطاب‪ ،‬و من ضروراته‪ ،‬ذكر صفاته سبحانه و أس ائه‪ ،‬ليعرفن ا‬ ‫بذاته‪ ،‬و ذكر الروح التعلقة بنا‪ ،‬و ذكر الوحي و اللئكة‪ ،‬الوسائط بينه و بي رسله إلينا‪ .‬و ذكر لنا يوم البعث و إن ذاراته و ل يعي لن ا‬ ‫الوقت ف شيء منه‪ .‬و ثبت ف هذا القرآن الكري حروفا من الجاء مقطعة ف أوائل بعض سوره‪ ،‬ل سبيل لنا إل فهم الراد با‪ .‬و سى هذه‬ ‫النواع كلها من الكتاب متشابا‪ .‬و ذم على اتباعها فقال تعال‪ :‬هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات مكمات هن أم الكت اب وأخ ر‬ ‫متشابات فأما الذين ف قلوبم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إل ال والراسخون ف العلم يقولون آمنا‬ ‫به كل من عند ربنا وما يذكر إل أولو اللباب‪ ،‬و حل العلماء من سلف الصحابة و التابعي هذه الية على أن الكمات هي البينات الثابتة‬ ‫الحكام‪ .‬و لذا قال الفقهاء ف اصطلحهم‪ :‬الكم التضح العن‪ .‬و أما التشابات فلهم فيها عبارات‪ .‬فقيل هي الت تفتقر إل نظر و تفسي‬ ‫تصحح معناها‪ ،‬لتعارضها مع آية أخرى أو مع العقل‪ ،‬فتخفى دللتها و تشتبه‪ .‬و على هذا قال ابن عباس‪ :‬التشابه يؤمن به و ل يعمل به و‬ ‫قال ماهد و عكرمة‪ :‬كلما سوى آيات الحكام و القصص متشابه و عليه القاضي أبو بكر و إمام الرمي‪ .‬و قال الث وري و الش عب و‬ ‫جاعة من علماء السلف‪ :‬التشابه‪ ،‬ما ل يكن سبيل إل علمه‪ ،‬كشروط الساعة و أوقات النذارات و حروف الجاء ف أوائل الس ور‪ ،‬و‬ ‫قوله ف الية هن أم الكتاب أي معظمة و غالبة و التشابه أقله‪ ،‬و قد يرد إل الكم‪ .‬ث ذم التبعي للمتشابه بالتأويل أو بملها على معان ل‬ ‫تفهم منها ف لسان العرب الذي خوطبنا به‪ .‬وساهم أهل زيغ‪ ،‬أي ميل عن الق من الكفار و الزنادقة و جهلة أهل البدع‪ .‬و أن فعلهم ذلك‬ ‫قصد الفتنة الت هي الشرك أو اللبس على الؤمني أو قصدا لتأويلها با يشتهونه فيقتدون به ف بدعتهم‪.‬‬


‫ث أخب سبحانه بأنه استأثر بتأويلها و ل يعلمه إل هو فقال‪ :‬و ما يعلم تأويله إل ال‪ .‬ث أثن على العلماء باليان ب ا فق ط‪ .‬فق ال‪ :‬و‬ ‫الراسخون ف العلم يقولون آمنا به‪ .‬و لذا جعل السلف و الراسخون مستأنفا و رجحوه على العطف لن اليان بالغيب أبلغ ف الثناء و مع‬ ‫عطفه إنا يكون إيانا بالشاهد‪ .‬لنم يعلمون التأويل حينئذ فل يكون غيبا‪ .‬و يعضد ذلك قوله كل من عند ربنا و يدل على أن التأويل فيها‬ ‫غي معلوم للبشر‪ .‬إن اللفاظ اللغوية إنا يفهم‪ .‬منها العان الت وضعها العرب لا‪ ،‬فإذا استحال إسناد الب إل مب عنه جهلنا مدلول الكلم‬ ‫حينئذ‪ ،‬و إن جاءنا من عند ال فوضنا علمه إليه و ل نشغل أنفسنا بدلول نلتمسه‪ ،‬فل سبيل لنا إل ذلك‪ .‬و قد قالت عائش ة رض ي ال‬ ‫عنها‪ :‬إذا رأيتم الذين يادلون ف القرآن‪ ،‬فهم الذين عن ال‪ ،‬فاحذروهم‪ .‬هذا مذهب السلف ف اليات التشابة‪ .‬و جاء ف السنة ألف اظ‬ ‫مثل ذلك مملها عندهم ممل اليات لن النبع واحد‪.‬‬ ‫و إذا تقررت أصناف التشابات على ما قلناه‪ ،‬فلنرجع إل اختلف الناس فيها‪ .‬فأما ما يرجع منها على ما ذكروه إل الساعة و أشراطها و‬ ‫أوقات النذارات و عدد الزبانية وأمثال ذلك‪ ،‬فليس هذا و ال أعلم من التشابه‪ ،‬لنه ل يرد فيه لفظ ممل و ل غيه و إن ا ه ي أزمن ة‬ ‫لادثات استأثر ال بعلمها بنصه ف كتابه و على لسان نبيه‪ .‬و قال‪ :‬إنا علمها عند ال‪ .‬و العجب من عدها من التشابه‪ .‬و أم ا ال روف‬ ‫القطعة ف أوائل السور فحقيقتها حروف الجاء و ليس ببعيد أن تكون مرادة‪ .‬و قد قال الزمشري‪ :‬فيها إشارة إل بعد الغاية ف العجاز‪،‬‬ ‫لن القرآن النل مؤلف منها‪ ،‬و البشر فيها سواء‪ ،‬و التفاوت موجود ف دللتها بعد التأليف‪ .‬و إن عدل عن هذا الوجه ال ذي يتض من‬ ‫الدللة على القيقة فإنا يكون بنقل صحيح‪ ،‬كقولم ف طه‪ ،‬إنه نداء من طاهر و هادي و أمثال ذلك‪ .‬و النقل الص حيح متع ذر‪ ،‬فيجيء‬ ‫التشابه فيها من هذا الوجه‪ .‬و أما الوحي واللئكة و الروح و الن‪ ،‬فاشتباهها من حاء دللتها القيقية لنا غي متعارفة‪ ،‬فجاء التشابه فيها‬ ‫من أجل ذلك‪ .‬و قد ألق بعض الناس با كل ما ف معناها من أحوال القيامة و النة والدجال و الفت و الشروط‪ ،‬و ما هو بلف العوائد‬ ‫الألوفة‪ ،‬و هو غي بعيد‪ ،‬إل أن المهور ل يوافقونم عليه‪ .‬و سيما التكلمون فقد عينوا ماملها على ما تراه ف كتبهم‪ ،‬و ل يبق من التشابه‬ ‫إل الصفات الت وصف ال با نفسه ف كتابه و على لسان نبيه‪ ،‬ما يوهم ظاهره نقصا أو تعجيزا‪ .‬و قد اختلف الناس ف هذه الظواهر م ن‬ ‫بعد السلف الذين قررنا مذهبهم‪ .‬و تنازعوا و تطرقت البدع إل العقائد‪ .‬فلنشر إل بيان مذاهبهم و إيثار الصحيح منه على الفاسد فنقول‪ ،‬و‬ ‫ما توفيقي إل بال‪ :‬اعلم أن ال سبحانه وصف نفسه ف كتابه بأنه عال‪ ،‬قادر‪ ،‬شديد‪ ،‬حي‪ ،‬سيع‪ ،‬بصي‪ .‬متكلم‪ ،‬جلي ل‪ ،‬كري‪ ،‬ج واد‪،‬‬ ‫منعم‪ ،‬عزيز‪ ،‬عظيم‪ .‬و كذا أثبت لنفسه اليدين و العيني و الوجه و القدم واللسان‪ ،‬إل غي ذلك من الصفات‪ :‬فمنها ما يقتض ي ص حة‬ ‫ألوهية‪ .‬مثل العلم والقدرة و الرادة‪ .‬ث الياة الت هي شرط جيعها‪ ،‬و منها ما هي صفة كمال‪ ،‬كالسمع و البصر و الكلم‪ ،‬و منه ا م ا‬ ‫يوهم النقص كالستواء و النول و اليء‪ ،‬و كالوجه و اليدين و العيني الت هي صفات الدثات‪ .‬ث أخب الشارع أنا نرى ربنا يوم القيامة‬ ‫كالقمر ليلة البدر‪ ،‬ل نضام ف رؤيته كما ثبت ف الصحيح‪.‬‬ ‫فأما السلف من الصحابة و التابعي فأثبتوا له صفات اللوهية و الكمال و فوضوا إليه ما يوهم النقص ساكتي عن مدلوله‪ .‬ث اختلف الناس‬ ‫من بعدهم و جاء العتزلة فأثبتوا هذه الصفات أحكاما ذهنية مردة‪ ،‬و ل يثبتوا صفة تقوم بذاته‪ .‬و سوا ذلك توحيدا‪ ،‬و جعل وا النس ان‬ ‫خالقا لفعاله‪ .‬و ل تتعلق با قدرة ال تعال‪ ،‬سيما الشرور و العاصي منها‪ ،‬إذ يتنع على الكيم فعلها‪ .‬و جعلوا مراعاة الصلح للعباد واجبة‬ ‫عليه‪ .‬و سوا ذلك عدل‪ ،‬بعد أن كانوا أول يقولون بنفي القدر‪ ،‬و أن المر كله فستأنف بعلم حادث و قدرة و إرادة كذلك‪ ،‬كما ورد ف‬ ‫الصحيح‪ .‬و أن عبد ال بن عمر تبأ من معبد الهن و أصحابه القائلي بذلك‪ .‬و انتهى نفي القدر إل واصل بن عطاء الغزال‪ ،‬منهم‪ ،‬تلميذ‬ ‫السن البصري‪ ،‬لعهد عبد اللك بن مروان‪ .‬ث آخرا إل معمر السلمي و رجعوا عن القول به‪ .‬و كان منهم أبو الذيل العلف‪ ،‬و هو شيخ‬ ‫العتزلة‪ .‬أخذ الطريقة عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل‪ .‬و كان من صفات القدر‪ ،‬و اتبع رأي الفلسفة ف نفي الص فات الوجودي ة‬ ‫لظهور مذاهبهم يومئذ‪.‬‬ ‫ث جاء إبراهيم النظام‪ ،‬و قال بالقدر‪ ،‬و اتبعوه‪ .‬و طالع كتب الفلسفة و شدد ف نفي الصفات و قرر قواعد العتزال‪ .‬ث جاء ال احظ و‬ ‫الكعب و البائي‪ .‬و كانت طريقتهم تسمى علم الكلم‪ :‬إما لا فيها من الجاج و الدال‪ .‬و هو الذي يسمى كلم ا‪ ،‬و إم ا أن أص ل‬ ‫طريقتهم نفي صفة الكلم‪ .‬فلهذا كأنا الشافعي يقول‪ :‬حقهم أن يضربوا بالريد و يطاف بم‪ .‬و قرر هؤلء طريقتهم أثبتوا منه ا و ردوا‪،‬‬ ‫إل أن ظهر الشيخ أبو السن الشعري و ناظر بعض مشيختهم ف مسائل الصلح و الصلح‪ ،‬فرفض طريقتهم‪ ،‬و كان على رأي عب د ال‬ ‫بن سعيد بن كلب و أب العباس القلنسي و الرث ابن أسد الاسب من أتباع السلف و على طريقة السنة‪ .‬فأيد مقالتم بالجج الكلمية‬


‫و أثبت الصفات ل قائمة بذات ال تعال‪ ،‬من العلم و القدرة و الرادة الت يتم با دليل التمانع وتصح العجزات للنبي اء‪ .‬و ك ان م ن‬ ‫مذهبهم إثبات الكلم و السمع و البصر لنا وإن أوهم ظاهرا النقص بالصوت و الرف السمانيي‪ ،‬فقد وجد للكلم عند العرب مدلول‬ ‫آخر غي الروف و الصوت‪ ،‬و هو ما يدور ف اللد‪ .‬و الكلم حقيقة فيه دون الول‪ ،‬فأثبتوها ل تعال و انتفى إيهام النقص‪ .‬و أثبتوا هذه‬ ‫الضفة قدية عامة التعلق بشأن الصفات الخرى‪ .‬و صار القرآن اسا مشتركا بي القدي بذات ال تعال‪ .‬و هو الكلم النفس ي و ال دث‬ ‫الذي هو الروف الؤلفة القروءة بالصوات‪ .‬فإذا قيل قدي‪ ،‬فالراد الول‪ ،‬و إذا قيل مقروء‪ ،‬مسموع‪ ،‬فلدللة القراءة و الكتاب ة علي ه‪ .‬و‬ ‫تورع المام أحد بن حنبل من إطلق لفظ الدوث عليه‪ ،‬لنه ل يسمع من السلف قبله‪ :‬ل إنه يقول أن الصاحف الكتوبة قدية‪ ،‬و ل أن‬ ‫القراءة الارية على السنة قدية‪ .‬و هو شاهدها فحدثه‪ .‬و إنا منعه من ذلك الورع الذي كان عليه‪ .‬و أما غي ذلك فإنكار للضروريات‪ ،‬و‬ ‫حاشاة منه‪ .‬و أما السمع و البصر‪ ،‬و إن كان يوهم إدراك الارحة‪ .‬فهو يدل أيضا لغة على إدراك السموع و البصر و ينتفي إيهام النق ص‬ ‫حينئذ لنه حقيقة لغوية فيهما‪ .‬و أما لفظ الستواء و اليء و النول و الوجه و اليدين و العيني و أمثال ذلك‪ ،‬فعدلوا عن حقائقها اللغوية‬ ‫لا فيها من إيهام النقص بالتشبيه إل مازاتا‪ ،‬على طريقة العرب‪ ،‬حيث تتعذر حقائق اللفاظ‪ ،‬فيجعون إل الاز‪ .‬كما ف قوله تعال‪ :‬يريد‬ ‫أن ينقض و أمثاله‪ ،‬طريقة معروفة‪ .‬لم غي منكرة و ل مبتدعة‪ .‬وحلهم على هذا التأويل‪ ،‬و إن كان مالفا لذهب السلف ف التف ويض أن‬ ‫جاعة من أتباع السلف و هم الدثون و التأخرون من النابلة ارتكبوا ف ممل هذه الصفات فحملوها على صفات ثابتة ل تعال‪ ،‬مهولة‬ ‫الكيفية‪ .‬فيقولون ف استوى على العرش تثبت له استواء‪ ،‬بيث مدلول اللفظة‪ .‬فرارا من تعطيله‪ .‬و ل نقول بكيفيته فرارا من القول بالتشبيه‬ ‫الذي تنفيه آيات السلوب‪ ،‬من قوله ليس كمثله شيء سبحان ال عما يصفون تعال ال عما يقول الظالون ل يلد و ل يولد و ل يعلمون مع‬ ‫ذلك أنم ولوا من باب التشبيه ف قولم بإثبات استواء‪ ،‬و الستواء عند أهل اللغة إنا موضوعه الستقرار و التمكن‪ .‬و هو جسمان‪ .‬و أما‬ ‫التعطيل الذي يشنعون بإلزامه‪ ،‬و هو تعطيل اللفظ‪ ،‬فل مذور فيه‪ .‬و إنا الذور ف تعطيل اللة‪ .‬و كذلك يشنعون بإلزام التكلي ف ب ا ل‬ ‫يطاق و هو تويه‪ .‬لن التشابه ل يقع ف التكاليف‪ ،‬ث يدعون أن هذا مذهب السلف‪ ،‬و حاشا ل من ذلك‪ .‬و إنا مذهب السلف ما قررناه‬ ‫أول من تفويض الراد با إل ال‪ ،‬و السكوت عن فهمها‪ .‬و قد يتجون لثبات الستواء ل بقول مالك‪ :‬إن الستواء معلوم الثب وت ل و‬ ‫حاشاه من ذلك‪ ،‬لنة يعلم مدلول الستواء‪ .‬و إنا أراد أن الستواء معلوم من ال‪ ،‬و هو السمان‪ .‬و كيفيت ه أي حقيقت ه‪ .‬لن حق ائق‬ ‫الصفات كلها كيفيات‪ ،‬و هي مهولة الثبوت ل‪ .‬و كذلك يتجون على إثبات الكان بديث السوداء‪ .‬و أنا لا قال لا النب صلى ال عليه‬ ‫و سلم‪ :‬أين ال ؟ و قالت ف السماء‪ ،‬فقال أعتقها فإنا مؤمنة‪ .‬والنب صلى ال عليه و سلم ل يثبت لا اليان بإثباتا الكان ل‪ ،‬بل لن ا‬ ‫آمنت با جاء به من ظواهر‪ ،‬أن ال ف السماء‪ ،‬فدخلت ف جلة الراسخي الذين يؤمنون بالتشابه من غي كشف عن معناه‪ .‬و القطع بنفي‬ ‫الكان حاصل من دليل العقل الناف للفتقار‪ .‬و من أدلة السلوب الؤذنة بالتنيه مثل ليس كمثله شيء‪ ،‬وأشباهه‪ .‬و من قوله‪ :‬و ه و ال ف‬ ‫السموات و ف الرض‪ ،‬إذ الوجود ل يكون ف مكاني‪ ،‬فليست ف هذا للمكان قطعا‪ ،‬و الراد غيه‪ .‬ث طردوا ذلك المل الذي ابتدعوه ف‬ ‫ظواهر الوجه و العيني و اليدين‪ ،‬و النول و الكلم بالرف والصوت يعلون لا مدلولت أعم من السمانية و ينه ونه ع ن م دلول‬ ‫السمان منها‪ .‬و هذا شيء ل يعرف ف اللغة‪ .‬و قد درج على ذلك الول و الخر منهم و نافرهم أهل السنة م ن التكلمي الش عرية و‬ ‫النفية‪ .‬و رفضوا عقائدهم ف ذلك‪ ،‬و وقع بي متكلمي النفية ببخارى و بي المام ممد بن إساعيل البخاري ما هو مع روف‪ .‬و أم ا‬ ‫السمة ففعلوا مثل ذلك ف إثبات السمية‪ .‬و أنا ل كالجسام‪ .‬و لفظ السم له يثبت ف منقول الشرعيات‪ .‬و إنا جرأهم عليه إثبات هذه‬ ‫الظواهر‪ ،‬فلم يقتصروا عليه‪ ،‬بل توغلوا و أثبتوا السمية‪ .‬يزعمون فيها مثل ذلك و ينهونه بقول متناقض سفساف‪ ،‬و هو قولم‪ :‬جسم ل‬ ‫كالجسام‪ .‬و السم ف لغة العرب هو العميق الدود و غي هذا التفسي من أنه القائم بالذات أو الرك ب م ن ال واهر و غي ذل ك‪،‬‬ ‫فاصطلحات للمتكلمي يريدون با غي الدلول اللغوي‪ .‬فلهذا كان السمة أوغل ف البدعة بل والكفر‪ .‬حيث أثبتوا ل وصفا موها يوهم‬ ‫النقص ل يرد ف كلمه‪ .‬و ل كلم نبيه‪ .‬فقد تبي لك الفرق بي مذاهب السلف و التكلمي السنية و الدثي والبتدع ة م ن العتزل ة و‬ ‫السمة با أطلعناك عليه‪ .‬و ف الدثي غلة يسمون الشبه لتصريهم بالتشبيه‪ ،‬حت إنه يكى عن بعضهم أنه قال‪ :‬أعفون م ن اللحي ة و‬ ‫الفرج و سلوا عما بدا لكم من سواها‪ .‬و إن ل يتأول ذلك لم‪ ،‬بأنم يريدون حصر ما ورد من هذه الظواهر الوهة‪ .‬و حلها على ذل ك‬ ‫المل الذي لئمتهم‪ ،‬و إل فهو كفر صريح و العياذ بال‪ .‬و كتب أهل السنة مشحونة بالجاج على هذه البدع‪ .‬و بسط الرد عليهم بالدلة‬ ‫الصحيحة‪ .‬و إنا أومأنا إل ذلك إياء يتميز به فصول القالت و جلها‪ .‬و المد ل الذي هدانا لذا و ما كنا لنهتدي لول أن هدانا ال‪.‬‬


‫و أما الظواهر الفية الدلة و الدللة‪ ،‬كالوحي و اللئكة و الروح و الن والبزخ و أحوال القيامة والدجال و الفت و الشروط‪ .‬و سائر ما‬ ‫هو متعذر على الفهم أو مالف للعادات‪ ،‬فإن حلناه على ما يذهب إليه الشعرية ف تفاصيله‪ ،‬و هم أهل السنة‪ .‬فل تشابه‪ ،‬و إن قلنا في ه‬ ‫بالتشابه‪ ،‬فلنوضح القول فيه بكشف الجاب عنه فنقول‪ :‬اعلم أن العال البشري أشرف العوال من الوجودات‪ ،‬و أرفعه ا‪ .‬و ه و و إن‬ ‫اتدت حقيقة النسانية فيه فله أطوار يالف كل واحد منها الخر بأحوال تتص به حت‪ ،‬كأن القائق فيها متلفة‪.‬‬ ‫فالطور الول‪ :‬عاله السمان بسه الظاهر و فكره العاشي و سائر تصرفاته الت أعطاه إياها وجوده الاضر‪.‬‬ ‫الطور الثان‪ :‬عال النوم‪ ،‬و هو تصور اليال بانفاذ تصوراته جائلة ف باطنه فيدرك منها بواسه الظاهرة مردة عن الزمنة و المكنة و سائر‬ ‫الحوال السمانية‪ ،‬و يشاهدها ف إمكان ليس هو فيه‪ .‬و يدث للصال منها البشرى با يترقب من مسراته الدنيوية و الخروية‪ ،‬كما وعد‬ ‫به الصادق صلوات ال عليه‪ .‬و هذان الطوران عامان ف جيع أشخاص البشر‪ ،‬و ها متلفان ف الدارك كما تراه‪.‬‬ ‫الطور الثالث‪ :‬طور النبوة‪ ،‬و هو خاص بإشراف صنف البشر با خصهم ال به من معرفته و توحيده‪ .‬و تنل ملئكته عليه م ب وحيه‪ .‬و‬ ‫تكليفهم بإصلح البشر ف أحوال كلها مغايرة للحوال البشرية الظاهرة‪.‬‬ ‫الطور الرابع‪ :‬طور الوت الذي تفارق أشخاص البشر فيه حياتم الظاهرة إل وجود قبل القيامة يسمى البزخ يتنعمون فيه و يعذبون عل ى‬ ‫حسب أعمالم ث يفضون إل يوم القيامة الكبى‪ ،‬و هي دار الزاء الكب نعيما و عذابا ف النة أو ف النار‪.‬‬ ‫و الطوران الولن شاهدها وجدان‪ .‬و الطور الثالث النبوي شاهده العجزة و الحوال الختصة بالنبياء‪ ،‬و الطور الرابع شاهده م ا تنل‬ ‫على النبياء من وحي ال تعال ف العاد و أحوال البزخ و القيامة‪ ،‬مع أن العقل يقتضي به‪ ،‬كما نبهنا ال عليه‪ ،‬ف كثي من آيات البعثة‪ .‬و‬ ‫من أوضح الدللة على صحتها أن أشخاص النسان لو ل يكن لم وجود آخر بعد الوت غي هذه الشاهد يتلقى فيه أحوال تليق به‪ .‬لكان‬ ‫إياده الول عبثا‪ .‬إذ الوت إذا كان عدما كان مآل الشخص إل العدم‪ .‬فل يكون لوجوده الول حكمة‪ .‬و العبث على الكيم مال‪ .‬وإذا‬ ‫تقررت هذه الحوال الربعة‪ ،‬فلنأخذ ف بيان مدارك النسان فيها كيف تتلف اختلفا بينا يكشف لك غور التشابه‪ .‬فأما مداركه ف الطور‬ ‫الول فواضحة جلية‪ .‬قال ال تعال‪ :‬وال أخرجكم من بطون أمهاتكم ل تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والبصار والفئدة‪ .‬فبهذه الدارك‬ ‫يستول على ملكات العارف و يستكمل حقيقة إنسانية و يوف حق العبادة الفضية به إل النجاة‪.‬‬ ‫و أما مداركه ف الطور الثان‪ .‬و هو طور النوم‪ .‬فهي الدارك الت ف الس الظاهر بعينها‪ .‬لكن ليست ف الوارح كما هي ف اليقظة‪ .‬لكن‬ ‫الرأي يتيقن كل شيء أدركه ف نومه ل يشك فيه و ل يرتاب‪ .‬مع خلو الوارح عن الستعمال العادي لا‪ .‬و الناس ف حقيقة هذه ال ال‬ ‫فريقان‪ :‬الكماء‪ ،‬يزعمون أن الصور اليالية يدفعها اليال بركة الفكر إل الس الشترك الذي هو الفصل الشترك بي الس الظ اهر و‬ ‫الس الباطن‪ .‬فتصور مسوسة بالظاهر ف الواس كلها‪ .‬و يشكل عليهم هذا بأن الرائي الصادقة الت هي من ال تعال أو من اللك أثبت و‬ ‫أرسخ ف الدراك من الرائي اليالية الشيطانية‪ ،‬مع أن اليال فيها على ما قرروه واحد‪.‬‬ ‫الفريق الثان‪ :‬التكلمون‪ .‬أجلوا فيها القول‪ .‬و قالوا‪ :‬هو إدراك يلقه ال ف الاسة فيقع كما يقع ف اليقظة‪ .‬و هذا أليق و إن كنا ل نتصور‬ ‫كيفيته‪.‬‬ ‫و هذا الدراك النومي أوضح شاهد على ما يقع بعده من الدارك السية ف الطوار‪.‬‬ ‫و أما الطور الثالث‪ ،‬و هو طور النبياء‪ .‬فالدارك السية فيها مهولة الكيفية‪ .‬عند وجدانيته عندهم بأوضح م ن اليقي‪ .‬فيى الن ب ال و‬ ‫اللئكة‪ .‬و يسمع كلم ال منه أو من اللئكة‪ .‬و يرى النة و النار‪ ،‬و العرش و الكرسي‪ ،‬و يترق السموات السبع ف إسرائه و يرك ب‬ ‫الباق فيها‪ ،‬و يلقى النبيي هنالك‪ .‬و يصلى بم‪ ،‬و يدرك أنواع الدارك السية كما يدرك ف طوره السمان و النومي‪ ،‬بعلم ضروري يلقه‬ ‫ال له‪ ،‬ل بالدراك العادي للبشر ف الوارح‪ .‬و ل يلتفت ف ذلك إل ما يقوله ابن سينا من تنيله أمر النبوة على أمر النوم ف دفع الي ال‬ ‫صورة إل الس الشترك‪ .‬فإن الكلم عليهم هنا أشد من الكلم ف النوم‪ ،‬لن هذا التنيل طبيعة واحدة كما قررناه‪ ،‬فيكون على هذا حقيقة‬ ‫الوحي و الرؤيا من النب واحدة ف يقينها و حقيقتها‪ .‬و ليست كذلك على ما علمت من رؤيا النب صلى ال عليه و سلم قبل الوحي س تة‬ ‫أشهر و أنا كانت بدة الوحي و مقدمته‪ .‬و يشعر ذلك بأنه رؤية ف القيقة‪ .‬و كذلك حال الوحي ف نفسه فقد كان يص عب علي ه و‬ ‫يقاسي منه شدة كما هي ف الصحيح‪ .‬حت كان القرآن يتنل عليه آيات مقطعات‪ .‬و بعد ذلك نزل عليه براءة ف غزوة تبوك جلة واحدة‪،‬‬ ‫و هو يسي على ناقته‪ .‬فلو كان ذلك من تنل الفكر إل اليال فقط‪ ،‬و من اليال إل الس الشترك‪ ،‬ل يكن بي هذه الالت فرق‪ .‬و أما‬


‫الطور الرابع‪ ،‬و هو طور الموات ف برزخهم الذي أوله القب‪ .‬و هم مردون عن البدن‪ .‬أو ف بعثتهم عن دما يرجع ون إل الجس ام‪.‬‬ ‫فمداركهم السية موجودة‪ ،‬فيى اليت ف قبه اللكان يسألنه‪ .‬و يرى مقعده من النة أو النار بعين رأسه‪ ،‬و يرى شهود النازة و يسمع‬ ‫كلمهم و خفق نعالم ف النصراف عنه‪ ،‬و يسمع ما يذكرونه به من التوحيد أو من تقرير الشهادتي‪ ،‬و غي ذل ك‪ .‬و ف الص حيح أن‬ ‫رسول ال صلى ال عليه و سلم وقف على قليب بدر و فيه قتلى الشركي من قريش‪ ،‬و ناداهم بأسائهم‪ ،‬فقال عمر‪ :‬يا رسول ال ! أتكلم‬ ‫هؤلء اليف ؟ فقال صلى ال عليه و سلم‪ :‬و الذي نفسي بيده‪ ،‬ما أنتم بأسع منهم لا أقول‪ .‬ث ف البعثة يوم القيامة يع اينون بأس ائهم و‬ ‫أبصارهم كما كانوا يعاينون ف الياة من نعيم النة على مراتبه و عذاب النار على مراتبه‪ ،‬و يرون اللئكة و يرون رب م‪ ،‬كم ا ورد ف‬ ‫الصحيح‪ :‬إنكم ترون ربكم يوم القيامة‪ ،‬كالقمر ليلة البدر ل تضامون ف رؤيته‪ .‬و هذه الدارك ل تكن لم ف‪ .‬الياة الدنيا و هي حس ية‬ ‫مثلها‪ .‬و تقع ف الوارح بالعلم الضروري الذي يلقه ال كما قلناه‪ .‬و سر هذا أن تعلم أن النفس النسانية هي تنشأ بالبدن و بداركه‪ ،‬فإذا‬ ‫فارقت البدن بنوم أو بوت أو صار النب حالة الوحي من الدارك البشرية إل الدارك اللكية‪ ،‬فقد استصبحت ما كان معها م ن ال دارك‬ ‫البشرية مردة عن الوارح‪ ،‬فيدرك با ف ذلك الطور أي إدراك شاءت منها‪ ،‬أرفع من إدراكها‪ ،‬و هي ف السد‪ .‬قاله الغزال رح ه ال‪ ،‬و‬ ‫زاد على ذلك أن النفس النسانية صورة تبقى لا‪ .‬بعد الفارقة فيها العينان و الذنان و سائر الوارح الدركة أمثال لا‪ ،‬كان ف الب دن و‬ ‫صورا‪.‬‬ ‫و أنا أقول‪ :‬إنا يشي بذلك إل اللكات الاصلة من تصريف هذه الوارح ف بدنا زيادة على الدراك‪ .‬فإذا تفطنت لذا كله علمت أن هذه‬ ‫الدارك موجودة ف الطوار الربعة لكن ليس على ما كانت ف الياة الدنيا‪ ،‬و إنا هي تتلف بالقوة و الضعف بسب ما يعرض لا م ن‬ ‫الحوال‪ .‬و يشي التكلمون إل ذلك إشارة مملة بأن ال يلق فيها علما ضروريا بتلك الدارك‪ .‬أي مدرك كان‪ ،‬و يعنون به ه ذا الق در‬ ‫الذي أوضحناه‪ .‬و هذه نبذة أومأنا با إل ما يوضح القول ف التشابه‪ .‬و لو أوسعنا الكلم فيه لقصرت الدارك عنه‪ .‬فلنفرع إل ال سبحانه‬ ‫ف الداية و الفهم عن أنبيائه و كتابه‪ ،‬با يصل به الق ف توحيدنا‪ .‬و الظفر بنجاتنا و ال يهدي من يشاء‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر‪ :‬ف علم التصوف‬ ‫هذا العلم من العلوم الشرعية الادثة ف اللة و أصله أن طريقة هؤلء القوم ل تزل عند سلف المة و كبارها من الصحابة و التابعي و م ن‬ ‫بعدهم طريقة الق والداية و أصلها العكوف على العبادة و النقطاع إل ال تعال و العراض عن زخرف الدنيا و زينتها‪ ،‬و الزهد فيم ا‬ ‫يقبل عليه المهور من لذة و مال و جاه والنفراد عن اللق ف اللوة للعبادة و كان ذلك عاما ف الصحابة و السلف‪ .‬فلما فشا القب ال‬ ‫على الدنيا ف القرن الثان و ما بعده و جنح الناس إل مالطة الدنيا اختص القبلون على العبادة باسم الصوفية و التصوفة‪ .‬و قال القش يي‬ ‫رحه ال‪ :‬ول يشهد لذا السم اشتقاق من جهة العربة و ل قياس‪ .‬و الظاهر أنه لقب‪ .‬و من قال اشتقاقه من الصفاء أو من الصفة فبعيد من‬ ‫جهة القياس اللغوي‪ ،‬قال‪ :‬و كذلك من الصوف لنم ل يتصوا بلبسه‪ .‬قلت‪ :‬و الظهر إن قيل بالشتقاق أنه من الصوف و هم ف الغالب‬ ‫متصون بلبسه لا كانوا عليه من فخالفه الناس ف لبس فاخر الثياب إل لبس الصوف فلما اختص هؤلء بذهب الزهد و النفراد عن اللق‬ ‫و القبال على العبادة اختصوا بآخذ مدركة لم و ذلك أن النسان با هو إنسان إنا يتميز عن سائر اليوان بالدراك و إدراك ه نوع ان‪:‬‬ ‫إدراك للعلوم و العارف من اليقي و الفن و الشك و الوهم و إدراك للحوال القائمة من الفرح و الزن و القبض و البس ط و الرض ى و‬ ‫الغضب و الصب و الشكر و أمثال ذلك‪ .‬فالروح العاقل والتصرف ف البدن تنشأ من إدراكات و إرادات و أحوال و هي ال ت يي ز ب ا‬ ‫النسان‪ .‬و بعضها ينشأ من بعض كما ينشأ العلم من الدلة و الفرح و الزن عن إدراك الؤل أو التلذذ به و النشاط عن المام و الكس ل‬ ‫عن العياء‪ .‬و كذلك الريد ف ماهدته و عبادته لبد و أن ينشأ له عن ف ماهدة حال نتيجة تلك الاهدة‪ .‬و تلك الال إما أن تكون نوع‬ ‫عبادة فترسخ و تصي مقاما للمريد و إما أن ل تكون عبادة و إنا تكون صفة حاصلة للنفس من حزن أو سرور أو نشاط أو كس ل أو غي‬ ‫ذلك من القامات‪ .‬و ل يزال الريد يترقى من مقام إل مقام إل أن ينتهي إل التوحيد و العرفة الت هي الغاية الطلوبة للسعادة‪ .‬قال صلى ال‬ ‫عليه و سلم‪ :‬من مات يشهد أن ل إله إل ال دخل النة فالريد لبد له من الترقي ف هذه الطوار و أصلها كله ا الطاع ة و الخلص و‬ ‫يتقدمها اليان و يصاحبها‪ ،‬و تنشأ عنها الحوال و الصفات نتائج و ثرات‪ .‬ث تنشأ عنها أخرى و أخرى إل مقام التوحيد و العرف ان‪ .‬و‬


‫إذا وقع‪ ،‬تقصي ف النتيجة أو خلل فنعلم أنه إنا أتى من قبل التقصي ف الذي قبله‪ .‬و كذلك ف الواطر النفسانية و الواردات القلبية‪ .‬فلهذا‬ ‫يتاج الريد إل ماسبة نفسه ف سائر أعماله و ينظر ف حقائقها لن حصول النتائج عن العمال ضروري و تصورها من اللل فيها كذلك‪.‬‬ ‫و الريد يد ذلك بذوقه و ياسب نفسه على أسبابه‪ .‬و ل يشاركهم ف ذلك إل القليل من الناس لن الغفلة عن هذا كأنا شاملة‪ .‬و غاي ة‬ ‫أهل العبادات إذا ل ينتهوا إل هذا النوع أنم يأتون بالطاعات ملصة من نظر الفقه ف الجزاء و المتثال‪ .‬و هؤلء يبحثون ع ن نتائجه ا‬ ‫بالذواق و الواجد ليطلعوا على أنا خالصة من التقصي أو ل‪ ،‬فظهر أن أصل طريقتهم كلها ماسبة النفس على الفعال و التروك و الكلم‬ ‫ف هذه الذواق و الواجد الت تصل عن الاهدات ث تستقر للمريد مقاما يترقى منها إل غيها ث لم مع ذلك آداب مصوص ة ب م و‬ ‫اصطلحات ف ألفاظ تدور بينهم إذ الوضاع اللغوية إنا هي للمعان التعارفة‪ .‬فإذا عرض من العان ما هو غي متعارف اص طلحنا ع ن‬ ‫التعبي عنه بلفظ يتيسر فهمة منه‪ .‬فلهذا اختص هؤلء بذا النوع من العلم الذي ليس لواحد غيهم من أهل الشريعة الكلم فيه‪ .‬و صار علم‬ ‫الشريعة على صنفي‪ :‬صنف مصوص بالفقهاء و أهل الفتيا و هي الحكام العامة ف العبادات و العادات و العاملت‪ .‬و صنف مص وص‬ ‫بالقوم ف القيام بذه الاهدة و ماسبة النفس عليها و الكلم ف الذواق و الواجد العارضة ف طريقها و كيفية الترقي منه ا م ن ذوق إل‬ ‫ذوق و شرح الصطلحات الت تدور بينهم ف ذلك‪ .‬فلما كتبت العلوم و دونت و ألف الفقهاء ف الفقه و أصوله و الكلم و التفسي وغي‬ ‫ذلك‪ .‬كتب رجال من أهل هذه الطرقة ف طريقهم فمنهم من كتب ف الورع و ماسبة النفس على القتداء ف الخذ و الترك كم ا فعل ه‬ ‫القشيي ف كتاب الرسالة و السهرودي ف كتاب عوارف العارف و أمثالم‪ .‬و جع الغزال رحه ال بي المرين ف كتاب الحياء ف دون‬ ‫فيه أحكام الورع و القتداء ث بي آداب القوم وسننهم و شرح اصطلحاتم ف عباراتم و صار علم التصوف ف اللة علما مدونا بع د أن‬ ‫كانت الطريقة عبادة فقط و كانت أحكامها إنا تتلقى من صدور الرجال كما وقع ف سائر العلوم الت دونت بالكت اب م ن التفس ي و‬ ‫الديث و الفقه والصول و غي ذلك‪ .‬ث إن هذه الاهدة و اللوة و الذكر يتبعها غالبا كشف حجاب الس و الطلع على عوال من أمر‬ ‫ال ليس لصاحب الس إدراك شيء منها‪ .‬و الروح من تلك العوال‪ .‬و سبب هذا الكشف أن‪ .‬الروح إذا رجع ف الس الظاهر إل الباطن‬ ‫ضعفت أحوال الس و قويت أحوال الروح و غلب سلطانه و تدد نشؤه أعان على ذلك الذكر فإنه كالغذاء لتنمية الروح و ل يزال ف نو‬ ‫و تزيد إل أن يصي شهودا بعد أن كان علما‪ .‬و يكشف حجاب الس‪ ،‬و يتم وجود النفس الت لا من ذاتا‪ .‬و هو عي الدراك‪ .‬فيتعرض‬ ‫حينئذ للمواهب الربانية و العلوم اللدنية و الفتح اللي و تقرب ذاته ف تقيق حقيقتها من الفق العلى أفق اللئكة‪ .‬و هذا الكشف كثيا‬ ‫ما يعرض لهل الاهدة فيدركون من حقائق الوجود مال يدرك سواهم و كذلك يدركون كثيا من الواقعات قبل وقوعه ا و يتص رفون‬ ‫بممهم و قوى نفوسهم ف الوجودات السفلية و تصي طوع إرادتم‪ .‬فالعظماء منهم ل يعتبون هذا الكشف و ل يتصرفون و ل ي بون‬ ‫عن حقيقة شيء ل يؤمروا بالتكلم فيه بل يعدون ما يقع لم من ذلك منة و يتعوذون منة إذا هاجهم‪ .‬و قد كان الصحابة رضي ال عنه م‬ ‫على مثل هذه الاهدة و كان حظهم من هذه الكرامات أوفر الظوظ لكنهم ل يقع لم با عناية‪ .‬و ف فضائل أب بكر و عمر و عثمان و‬ ‫علي رضي ال عنهم كثي منها‪ .‬و تبعهم ف ذلك أهل الطريقة من اشتملت رسالة القشيي على ذكرهم و من تبع طريقتهم من بعدهم‪ .‬ث‬ ‫إن قوما من التأخرين انصرفت عنايتهم إل كشف الجاب و الكلم ف الدارك الت وراءه و اختلفت طرق الرياضة عنهم ف ذلك باختلف‬ ‫تعليمهم ف إماتة القوى السية و تغذية الروح العاقل بالذكر حت يصل للنفس إدراكها الذي لا من ذاتا بتمام نشوتا و تغ ذيتها ف إذا‬ ‫حصل ذلك زعموا أن الوجود قد انصر ف مداركها حينئذ و أنم كشفوا ذوات الوجود و تصوروا حقائقها كلها من العرش ث إل الطش‪.‬‬ ‫هكذا قال الغزال رحه ال ف كتاب الحياء بعد أن ذكر صورة الرياضة‪ .‬ث إن هذا الكشف ل يكون صحيحا كامل عندهم إل إذا ك ان‬ ‫ناشئا عن الستقامة لن الكشف قد يصل لصاحب الوع و اللوة و إن ل يكن هناك استقامة كالسحرة و غيهم من الرتاضي‪ .‬و لي س‬ ‫مرادنا إل الكشف الناشئ عن الستقامة و مثاله أن الرآة الصقيلة إذا كانت مدبة أو مقعرة و حوذي با جهة الرئي فإنه يتشكل فيه معوجا‬ ‫على غي صورته‪ .‬و إن كانت مسطحة تشكل فيها الرئي صحيحا‪ .‬فالستقامة للنفس كالنبساط للمرآة فيما ينطبع فيها من الحوال‪ .‬و لا‬ ‫عن التأخرون بذا النوع من الكشف تكلموا ف حقائق الوجودات العلوية و السفلية و حقائق اللك و الروح و العرش و الكرسي و أمثال‬ ‫ذلك‪ .‬و قصرت مدارك من ل يشاركهم ف طريقهم عن فهم أذواقهم و مواجدهم ف ذلك‪ .‬و أهل الفتيا بي فنكر عليهم و مسلم ل م‪ .‬و‬ ‫ليس البهان و الدليل بنافع ف هذا الطريق ردا و قبول إذ هي من قبيل الوجدانيات‪.‬‬


‫تفصيل و تقيق‪ :‬يقع كثيا ف كلم أهل العقائد من علماء الديث و الفقه أن ال تعال مباين لخلوقاته‪ .‬و يقع للمتكلمي أنة ل مباين و ل‬ ‫متصل‪ .‬و يقع للفلسفة أنة ل داخل العال و ل خارجه‪ .‬و يقع للمتأخرين من التصوفة أنه متحد بالخلوقات‪ :‬إما بعن اللول فيها‪ ،‬أو بعن‬ ‫إنه هو عينها‪ .‬و ليس هناك غيه جلة و ل تفصيل‪ .‬فلنبي تفصيل هذه الذاهب و نشرح حقيقة كل واحد منها‪ ،‬حت تتضح معانيها فنقول‪،‬‬ ‫إن الباينة تقال لعنيي‪:‬‬ ‫أحدها الباينة ف اليز و الهة‪ ،‬و يقابله التصال‪ .‬و نشعر هذه القابلة على هذه التقيد‪ .‬بالكان إما صريا و هو تسيم‪ ،‬أو لزوم ا و ه و‬ ‫تشبيه من قبيل القول بالهة‪ .‬و قد نقل مثله عن بعض علماء السلف من التصريح بذه الباينة‪ ،‬فيحتمل غي هذا العن‪ .‬و من أجل ذلك أنكر‬ ‫التكلمون هذه الباينة وقالوا‪ :‬ل يقال ف البارئ أنة مباين ملوقاته‪ ،‬و ل متصل با‪ ،‬لن ذلك إنا يكون للمتحيزات‪ .‬و ما يقال من أن الل‬ ‫ل يلو عي التصاف بالعن و ضده‪ .‬فهو مشروط بصحة التصاف أول‪ ،‬و أما مع امتناعه فل‪ ،‬بل يوز اللو عن العن و ضده‪ .‬كما يقال‬ ‫ف الماد‪ ،‬ل عال و ل جاهل‪ ،‬و ل قادر و ل عاجز ول كاتب و ل أمي‪ .‬و صحة التصاف بذه الباينة مشروط بالصول ف الهة عل ى‬ ‫ما تقرر من مدلولا‪ .‬و البارئ سبحانه منه عن ذلك‪ .‬ذكره ابن التلمسان ف شرح اللمع لمام الرمي و قال‪ :‬و ل يقال ف البارئ مب اين‬ ‫للعال و ل متصل به‪ ،‬و ل داخل فيه و ل خارج عنة‪ .‬و هو معن ما يقول الفلسفة أنة ل داخل العال و ل خارجه‪ ،‬يناء على وجود الواهر‬ ‫غي التحيزة‪ .‬و أنكرها التكلمون لا يلزم من مساواتا للبارئ ف أخص الصفات‪ .‬و هو مبسوط ف علم الكلم‪.‬‬ ‫وأما العن الخر للمباينة‪ ،‬فهو الغايرة و الخالفة فيقال‪ :‬البارئ مباين لخلوقاته ف ذاته و هويته و وجوده و ص فاته‪ .‬و يق ابله الت اد و‬ ‫المتزاج والختلط‪ .‬و هذه الباينة هي مذهب أهل الق كلهم من جهور السلف و علماء الشرائع و التكلمي و التصوفة القدمي أه ل‬ ‫الرسالة و من نا منحاهم‪ .‬و ذهب جاعة من التصوفة التأخرين الذين صيوا الدارك الوجدانية علمية نظرية‪ ،‬إل أن البارئ تع ال متح د‬ ‫بخلوقاته ف هويته و وجوده و صفاته‪ .‬و ربا زعموا أنة مذهب الفلسفة قبل أرسطو‪ ،‬مثل أفلطون و سقراط‪ ،‬و هو الذي يقينه التكلمون‬ ‫حيث ينقلونه ف علم الكلم عن التصوفة و ياولون الرد عليه لنه ذاتان‪ ،‬تنتفي إحداها‪ ،‬أو تندرج اندراج الزء‪ .‬فإن تلك مغايرة صرية‪.‬‬ ‫و ل يقولون بذلك‪ .‬و هذا التاد هو اللول الذي تدعيه النصارى ف السيح عليه السلم و هو أغرب لنه حلول قدي ف مدث أو ات اده‬ ‫به‪ .‬و هو أيضا عي ما تقوله المامية من الشيعة ف الئمة‪ .‬و تقرير هذا التاد ف كلمهم على طريقي‪:‬‬ ‫الول‪ :‬أن ذات القدي كائنة ف الدثات مسوسها و معقولا‪ ،‬متحدة با ف التصورين‪ ،‬و هي كلها مظاهر له‪ ،‬و هو الق ائم عليه ا‪ ،‬أي‬ ‫القدم لوجودها بعن لوله كانت عدما و هو رأي أهل اللول‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬طريق أهل الوحدة الطلقة و كأنم استشعروا من تقرير أهل اللول الغيية النافية لعقول التاد‪ ،‬فنفوها بي القدي و بي الخلوقات‬ ‫ف الذات و الوجود و الصفات‪ .‬و غالطوا ف غيية الظاهر الدركة بالس و العقل بأن ذلك من الدارك البشرية‪ ،‬و هي أوهام‪ .‬و ل يريدون‬ ‫الوهم الذي هو قسيم العلم و الفن و الشك‪ ،‬إنا يريدون أنا كلها عدم ف القيقة‪ ،‬و وجود ف الدرك البشري فقط‪ .‬و ل وجود بالقيق ة‬ ‫إل للقدي‪ ،‬ل ف الظاهر و ل ف الباطن كما نقرره بعد‪ ،‬بسب المكان‪ .‬و التعويل ف تعقل ذلك على النظر و الستدلل‪ ،‬كما ف الدارك‬ ‫البشرية‪ ،‬غي مفيد‪ ،‬لن ذلك إنا نقل من الدارك اللكية‪ ،‬وإنا هي حاصلة للنبياء بالفطرة و من بعدهم للولياء بدايتهم‪ .‬و قصد من يقصد‬ ‫الصول عليها بالطريقة العلمية ضلل‪ .‬و ربا قصد بعض الصنفي ذلك ف كشف الوجودات و ترتيب حقائقه على طريق أهل الظاهر فأتى‬ ‫يالغمض فالغمض‪.‬‬ ‫و ربا قصد بعض الصنفي بيان مذهبهم ف كشف الوجود و ترتيب حقائقه فأتى ب الغمض ف الغمض بالنس بة إل أه ل النظ ر و‬ ‫الصطلحات و العلوم كما فعل الفرغان شارح قصيدة ابن الفارض ف الديباجة الت كتبها ف صدر ذلك الشرح ف إنه ذك ر ف ص دور‬ ‫الوجود عن الفاعل و ترتيبه أن الوجود كله صادر عن صفة الوحدانية الت هي مظهر الحدية و ها معا صادران عن الذات الكرية الت هي‬ ‫عي الوحدة ل غي‪ .‬و يسمون هذا الصدور بالتجلي‪ .‬و أول مراتب التجليات عندهم تلي الذات على نفسه و هو يتضمن الكمال بإفاضة‬ ‫الياد و الظهور لقوله ف الديث الذي يتناقلونه‪ :‬كنت كنا مفيا فأحببت أن أعرف فخلقت اللق ليعرفون و هذا الكم ال ف الي اد‬ ‫التنل ف الوجود و تفصيل القائق و هو عندهم عال العان و الضرة الكمالية و القيقة المدية و فيها حقائق الصفات و اللوح و القلم و‬ ‫حقائق النبياء و الرسل أجعي و الكمل من أهل اللة المدية‪ .‬و هذا كله تفصيل القيقة المدية‪ .‬و يصدر عن هذه القائق حقائق أخرى‬ ‫ف الضرة البائية و هي مرتبة الثال ث عنها العرش ث الكرسي ث الفلك‪ ،‬ث عال العناصر‪ ،‬ث عال التركيب‪ .‬هذا ف عال الرتق فإذا تل ت‬


‫فهي ف عال الفتق‪ .‬و يسمى هذا الذهب مذهب أهل التجلي و الظاهر و الضرات و هو كلم ل يقتدر أهل النظر إل تص يل مقتض اه‬ ‫لغموضه و انغلقه و بعد ما بي كلم صاحب الشاهدة و الوجدان و صاحب الدليل‪ .‬و ربا أنكر بظاهر الشرع‪ .‬هذا الترتيب و ك ذلك‬ ‫ذهب آخرون منهم إل القول بالوحدة الطلقة و هو رأي أغرب من الول ف تعقله و تفاريعه‪ .‬يزعمون فيه أن الوجود له قوى ف تفاص يله‬ ‫با كانت حقائق الوجودات و صورها و موادها‪ .‬و العناصر إنا كانت با فيها من القوى و كذلك مادتا لا ف نفسها ق وة ب ا ك ان‬ ‫وجودها‪ .‬ث إن الركبات فيها تلك القوى متضمنة ف القوة الت كان با التركيب‪ ،‬كالقوة العدنية فيها قوى العناصر بيولها و زيادة القوة‬ ‫العدنية ث القوة اليوانية تتضمن القوة العدنية و زيادة قوتا ف نفسها و كذا القوة النسانية مع اليوانية ث الفلك يتضمن القوة النسانية و‬ ‫زيادة‪ .‬و كذا الذوات الروحانية و القوة الامعة للكل من غي تفصيل هي القوة اللية الت انبثت ف جيع الوجودات كلي ة و جزئي ة و‬ ‫جعتها و أحاطت با من كل وجه‪ .‬ل من جهة الظهور و ل من جهة الفاء و ل من جهة الصورة و ل من جهة الادة فالكل واحد و ه و‬ ‫نفس الذات اللية و هي ف القيقة واحدة بسيطة و العتبار هو الفصل لا كالنسانية مع اليوانية‪ .‬أل ترى أنا مندرجة فيه ا و كائن ة‬ ‫بكونا‪ .‬فتارة يثلونا بالنس مع النوع‪ ،‬ف كل موجود كما ذكرناه و تارة بالكل مع الزء على طريقة الثال‪ .‬و هم ف هذا كله يفرون من‬ ‫التركيب و الكثرة بوجه من الوجوه و إنا أوجبها عندهم الوهم و اليال‪ .‬و الذي يظهر من كلم ابن دهقان ف تقرير ه ذا ال ذهب أن‬ ‫حقيقة ما يقولونه ف الوحدة شبيه با تقوله الكماء ف اللوان من أن وجودها مشروط بالضوء فإذا عدم الضوء ل تكن اللوان موج ودة‬ ‫بوجه‪ .‬و كذا عندهم الوجودات السوسة كلها مشروطة بوجود الدرك السي‪ ،‬بل و الوجودات العقولة و التوهة أيضا مشروطة بوجود‬ ‫الدرك العقلي فإذا الوجود الفصل كله مشروط بوجود الدرك البشري‪ .‬فلو فرضنا عدم الدرك البشري جلة ل يكن هناك تفصيل الوج ود‬ ‫بل هو بسيط واحد فالر و البد و الصلبة و اللي بل والرض و الاء و النار و السماء و الكواكب‪ ،‬إنا وجدت لوجود الواس الدركة لا‬ ‫لا جعل ف الدرك من التفصيل الذي ليس ف الوجود و إنا هو ف الدارك فقط فإذا فقدت الدارك الفصلة فل تفصيل إنا هو إدراك واحد و‬ ‫هو أنا ل غيه‪ .‬و يعتبون ذلك بال النائم فإنه إذا نام و فقد الس الظاهر فقد كل مسوس و هو ف تلك الال إل ما يفصله له الي ال‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬فكذا اليقظان إنا يعتب تلك الدركات كلها على التفصيل بنوع مدركه البشري ولو قدر فقد مدركه فقد التفصيل و هذا ه و معن‬ ‫قولم الوهم ل الوهم الذي هو من جلة الدارك البشرية‪ .‬هذا ملخص رأيهم على ما يفهم من كلم ابن دهقان و هو ف غاية السقوط لن ا‬ ‫نقطع بوجود البلد الذي نن مسافرون عنه و إليه يقينا مع غيبته عن أعيننا و بوجود السماء الظلة و الكواكب و سائر الشياء الغائبة عنا‪ .‬و‬ ‫النسان قاطع بذلك و ل يكابر أحد نفسه ف اليقي مع أن الققي من التصوفة التأخرين يقولون إن الريد عند الكشف ربا يعرض له توهم‬ ‫هذه الوحدة و يسمى ذلك عندهم مقام المع ث يترقى عنه إل التمييز بي الوجودات و يعبون عن ذلك بقام الفرق و هو مقام الع ارف‬ ‫القق و لبد للمريد عندهم من عقبة المع و هي عقبة صعبة لنه يشى على الريد من وقوفه عندها فتخسر صفقته فقد تبينت مراتب أهل‬ ‫هذه الطريقة ث إن كل هؤلء التأخرين من التصوفة التكلمي ف الكشف و فيما وراء الس توغلوا ف ذلك فذهب الكثي منهم إل اللول‬ ‫و الوحدة كما أشرنا إليه و ملئوا الصحف منه مثل الروي ف كتاب القامات له و غيه‪ .‬و تبعهم ابن العرب و ابن سبعي و تلميذها اب ن‬ ‫العفيف وابن الفارض و النجم السرائيلي ف قصائدهم‪ .‬و كان سلفهم مالطي للساعيلية التأخرين من الرافضة الدائني أيضا ب اللول و‬ ‫إلية الئمة مذهبا ل يعرف لولم فأشرب كل واحد من الفريقي مذهب الخر‪ .‬و اختلط كلمهم و تشابت عقائدهم‪ .‬و ظه ر ف كلم‬ ‫التصوفة القول بالقطب و معناه رأس العارفي‪ .‬يزعمون أنه ل يكن أن يساويه أحد ف مقامه ف العرفة حت يقبضه ال‪ .‬ث ي ورث مق امه‬ ‫لخر من أهل العرفان‪ .‬و قد أشار إل ذلك ابن سينا ف كتاب الشارات ف فضول التصوف منها فقال‪ :‬جل جناب الق أن يكون ش رعة‬ ‫لكل وارد أو يطلع عليه إل الواحد بعد الواحد‪ .‬و هذا كلم ل تقوم عليه حجة عقلية‪ ،‬و ل دليل شرعي و إنا هو من أنواع الطابة و هو‬ ‫بعينه ما تقوله الرافضة و دانوا به‪ .‬ث قالوا بترتيب وجود البدال بعد هذا القطب كما قاله الشيعة ف النقباء‪ .‬حت إنم لا أسندوا لباس خرقة‬ ‫التصوف ليجعلوه أصل لطريقتهم و نلتهم رفعوه إل علي رضي ال عنه و هو من هذا العن أيضا‪ .‬و إل فعلي رضي ال عنه ل يتص م ن‬ ‫بي الصحابة بتخليه و ل طريقة ف لباس و ل حال‪ .‬بل كان أبو بكر و عمر رضي ال عنهما أزهد الناس بعد رسول ال صلى ال علي ه و‬ ‫سلم و أكثرهم عبادة‪ .‬و ل يتص أحد منهم ف الدين بشيء يؤثر عنه ف الصوص بل كان الصحابة كلهم أسوة ف ال دين و الزه د و‬ ‫الاهدة‪.‬‬


‫تشهد بذلك سيهم و أخبارهم‪ ،‬نعم إن الشيعة ييلون با ينعلون من ذلك اختصاص علي رضي ال عنه بالفضائل دون م ن س واه م ن‬ ‫الصحابة ذهابا مع عقائد التشيع العروفة لم‪ .‬و الذي يظهر أن التصوفة بالعراق‪ ،‬لا ظهرت الساعيلية من الشيعة‪ ،‬و ظه ر كلمه م ف‬ ‫المامة و ما يرجع إليها ما هو معروف‪ ،‬فاقتبسوا من ذلك الوزانة بي الظاهر و الباطن و جعلوا المامة لسياس ة الل ف ف النقي اد إل‬ ‫الشرع‪ ،‬و أفردوه بذلك أن ل يقع اختلف كما تقرر ف الشرع‪ .‬ث جعلوا القطب لتعليم العرفة بال لنه رأس العارفي‪ ،‬و أفردوه ب ذلك‬ ‫تشبيها بالمام ف الظاهر و أن يكون على وزانه ف الباطن و سوه قطبا لدار العرفة عليه‪ ،‬و جعلوا البدال كالنقباء مبالغة ف التشبيه فتأم ل‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫يشهد لذلك من كلم هؤلء التصوفة ف أمر الفاطمي و ما شحنوا كتبهم ف ذلك ما ليس لسلف التصوفة فيه كلم بنفي أو إثبات و إن ا‬ ‫هو مأخوذ من كلم الشيعة و الرافضة و مذاهبهم ف كتبهم‪ .‬و ال يهدي إل الق‪.‬‬ ‫تذييل‪ :‬و قد رأيت أن أجلب هنا فصل من كلم شيخنا العارف كبي الولياء بالندلس‪ ،‬أب مهدي عيسى بن الزيات كان يقع ل ه أك ثر‬ ‫الوقات على أ بيات الروي الت وقعت له ف كتاب القامات توهم القول بالوحدة الطلقة أو يكاد يصرح با و بقوله‪:‬‬ ‫إذ كل من وحده جاحد‬ ‫ما وحد الواحد من واحد‬ ‫تثنيه أبطلها الواحد‬ ‫توحيد من ينطق عن نعته‬ ‫و نعت من ينعته لحد‬ ‫توحيده إياه توحيده‬ ‫فيقول رحه ال على سبيل العذر عنه‪ :‬استشكل الناس إطلق لفظ المود على كل من وحد الواحد و لفظ اللاد على من نعته و وصفه‪.‬‬ ‫و استبشعوا هذه البيات و حلوا قائلها على الكفر و استخفوه‪ .‬و نن نقول على رأي هذه الطائفة أن معن التوحيد عن دهم انتق اء عي‬ ‫الدوث بثبوت عي القدم و أن الوجود كله حقيقة واحدة وانية واحدة‪ .‬و قد قال أبو سعيد الزار من كبار القوم‪ :‬الق عي ما ظه ر و‬ ‫عي ما بطن‪ .‬و يرون أن وقوع التعدد ف تلك القيقة وجود الثنينية‪ .‬و هم باعتبار حضرات الس بنلة صور الضلل و الصدا و الرأى‪.‬‬ ‫و أن كل ما سوى عي القدم‪ ،‬إذا استتبع فهو عدم‪ .‬و هذا معن‪ :‬كان ال‪ ،‬و ل شيء معه‪ ،‬و هو الن على ما هو عليه كان عندهم‪ .‬و معن‬ ‫قول كبي الذي صدقه رسول ال صلى ال عليه و سلم ف قوله‪ :‬أل كل شيء‪ ،‬ما خل ال باطل‪ .‬قالوا‪ :‬فمن وحد و نعت‪ ،‬فقد قال بوجد‬ ‫مدث‪ .‬هو نفسه‪ ،‬و توحيد مدث هو فعله‪ ،‬موجود قدير‪ ،‬هو معبود‪.‬‬ ‫و قد تقدم معن التوحيد انتقاء عي الدوث‪ ،‬و عي الدوث‪ ،‬الن ثابتة بل متعددة‪ ،‬و التوحيد محود والدعوى كاذبة‪ .‬كمن يقول لغيه‪،‬‬ ‫و ها معا ف بيت واحد‪ :‬ليس ف البيت غيك‪ ،‬فيقول الخر بلسان حاله‪ :‬ل يصح هذا إل لو عدمت أنت ! و قد ق ال بع ض الققي ف‬ ‫قولم‪ :‬خلق ال الزمان‪ ،‬هذه ألفاظ تناقض أصولا لن خلق الزمان متقدم على الزمان و هو فعل لبد من وقوعه ف الزمان‪ .‬و إنا حل ذلك‬ ‫ضيق العبارة عن القائق و عجز اللغات عن تأدية الق فيها و با‪ .‬فإذا تقق أن الوحد هو الوحد‪ ،‬و عدم ما سواه جلة‪ .‬ص ح التوحي د‬ ‫حقيقة‪ .‬و هذا معن قولم ل يعرف ال إل ال و ل حرج على من وحد الق مع بقاء الرسوم و الثار‪ ،‬و إنا هو من باب‪ :‬حسنات البرار‬ ‫سيئات القربي‪ .‬لن ذلك لزم التقييد و العبودية و الشفعية‪ .‬و من ترقى إل مقام المع كان ف حقه نقصا‪ ،‬مع علمه برتبته‪ ،‬و أنه تل بيس‬ ‫تستلزمه العبودية و يرمعه الشهود و يطهر من دنس حدوثه عي المع‪ .‬و أعرق الصناف ف هذا الزعم القائلون بالوحدة الطلقة‪ .‬و م دار‬ ‫العرفة بكل اعتبار على النتهاء إل الواحد‪ ،‬و إنا صدر هذا القول من الناظم على سبيل التحريض و التنبيه و التفطي لقام أعلى ترتفع في ه‬ ‫الشفعية و يصل التوحيد الطلق عينا ل خطابا‪ .‬و عبارة‪ :‬فمن سلم استراح و من نازعته حقيقة أنس بقوله‪ :‬كنت س عه و بص ره‪ .‬و إذا‬ ‫عرفت العان ل مشاحة ف اللفاظ‪ .‬و الذي يفيده هذا كله تقق أمر فوق هذا الطور‪ ،‬ل نطق فيه و ل خب عنه‪ .‬و هذا القدار من الشارة‬ ‫كاف‪ .‬و التعمق ف مثل هذا حجاب‪ .‬و هو الذي أوقع ف القالت العروفة‪ .‬انتهى كلم الشيخ أب مهدي الزيات‪ ،‬و نقلته من كتاب الوزير‬ ‫أب الطيب الذي ألفه ف البة‪ .‬و ساه التعريف بالب الشريف‪ .‬و قد سعته من شيخنا أب مهدي مرارا‪ .‬إل أن رأيت رسوم الكتاب أوعى‬ ‫له‪ .‬لطول عهدي به‪ .‬و ال الوفق‪.‬‬ ‫ث إن كثيا من الفقهاء و أهل الفتيا انتدبوا للرد على هؤلء التأخرين ف هذه القالت و أمثالا و شلوا بالنكي سائر ما وقع لم ف الطريقة‪.‬‬ ‫و الق أن كلمهم معهم فيه تفصيل فإن كلمهم ف أربعة مواضع‪ :‬أحدها الكلم على الاهدات و ما يصل م ن الذواق و الواج د و‬ ‫ماسبة النفس على أعمالا لتحصل تلك الذواق الت تصي مقاما و يترقى منة إل غيه كما قلناه و ثانيه ا الكلم ف الكش ف والقيق ة‬


‫الدركة من عال الغيب مثل الصفات الربانية و العرش و الكرسي واللئكة و الوحي و النبؤة و الروح و حقائق كل موجود غائب أو شاهد‬ ‫و تركيب اللوان ف صدورها عن موجودها و تكونا كما مر‪ ،‬و ثالثها التصرفات ف العوال والكوان بأنواع الكرامات‪ ،‬و رابعها ألف اظ‬ ‫موهة الظاهر صدرت من الكثي من أئمة القوم يعبون عنها ف اصطلحهم بالشطحات تستشكل ظواهرها فمنكر و مسن و متأول‪ .‬فأم ا‬ ‫الكلم ف الاهدات و القامات و ما يصل من الذواق والواجد ف نتائجها و ماسبة النفس على التقصي ف أسبابا فأمر ل مدفع فيه لحد‬ ‫و أذواقهم فيه صحيحة و التحقق با هو عي السعادة‪ .‬و أما الكلم ف كرامات القوم و أخبارهم بالغيبات و تصرفهم ف الكائنات‪ .‬ف أمر‬ ‫صحيح غي منكر‪ .‬و إن مآل بعض العلماء إل إنكارها فليس ذلك من الق‪ .‬و ما احتج به الستاذ أبو إسحاق السفرائن من أئمة الشعرية‬ ‫على إنكارها للتباسها بالعجزة فقد فرق الققون من أهل السنة بينهما بالتحدي و هو دعوى وقوع العجزة على وفق ما جاء به‪ .‬قالوا‪ :‬ث‬ ‫إن وقوعها على وفق دعوى الكاذب غي مقدور لن دللة العجزة على الصدق عقلية فإن صفة نفسها التصديق‪ .‬فلو وقعت مع الك اذب‬ ‫لتبدلت صفة نفسها و هو مال‪ .‬هذا مع أن الوجود شاهد بوقوع الكثي من هذه الكرامات و إنكارها نوع مكابرة‪ .‬و قد وقع للص حابة و‬ ‫أكابر السلف كثي من ذلك و هو معلوم مشهور‪ .‬و أما الكلم ف الكشف و إعطاء حقائق العلويات و ترتيب صدور الكائن ات ف أكثر‬ ‫كلمهم فيه نوع من التشابه لا أنه وجدان عندهم و فاقد الوجدان عندهم بعزل عن أذواقهم فيه‪ .‬و اللغات ل تعطى له دللة على مرادهم‬ ‫منه لنا ل توضع إل للتعارف و أكثره من السوسات‪ .‬فينبغي أن ل نتعرض لكلمهم ف ذلك و نتركه فيما تركناه من التشابه و من رزقه‬ ‫ال فهم شيء من هذه الكلمات على الوجه الوافق لظاهر الشريعة فأكرم با سعادة‪ .‬و أما اللفاظ الوهة الت يعبون عنها بالش طحات و‬ ‫يوآخذهم با أهل الشرع فاعلم أن النصاف ف شأن القوم أنم أهل غيبة عن الس و الواردات تلكهم حت ينطقوا عنها با ل يقصدونه و‬ ‫صاحب الغيبة غي ماطب و البور معذور‪ .‬فمن علم منهم فضله و اقتداؤه حل على القصد الميل من هذا و أمث اله و أن العب ارة ع ن‬ ‫الواجد صعبة لفقدان الوضع لا كما وقع لب يزيد البسطامي و أمثاله‪ .‬و من ل يعلم فضله و ل اشتهر فموآخذ با صدر عنه من ذلك إذا ل‬ ‫يتبي لنا ما يملنا على تأويل كلمه‪ .‬و أما من تكلم بثلها و هو حاضر ف حسه و ل يلكه الال فموآخذ أيضا‪ .‬و لذا أف ت الفقه اء و‬ ‫أكابر التصوفة بقتل اللج لنه تكلم ف حضور و هو مالك لاله‪ .‬و ال أعلم‪ .‬و سلف التصوفة من أهل الرسالة أعلم اللة الذين أش رنا‬ ‫إليهم من قبل ل يكن لم حرص على كشف الجاب و ل هذا النوع من الدراك إنا ههم التباع و القتداء ما استطاعوا‪ .‬و من عرض له‬ ‫شيء من ذلك أعرض عنه و ل يفل به بل يفرون منه و يرون أنة من العوائق و الن و أنه إدراك من إدراكات النفس ملوق ح ادث و أن‬ ‫الوجودات ل تنحصر ف مدارك النسان‪ .‬و علم ال أوسع و خلقه أكب و شريعته بالداية أملك فل ينطقون بشيء ما يدركون‪ .‬بل حظروا‬ ‫الوض ف ذلك و منعوا من يكشف له الجاب من أصحابم من الوض فيه و الوقوف عنده بل يلتزمون طريقتهم كما ك انوا ف ع ال‬ ‫الس قبل الكشف من التباع و القتداء و يأمرون أصحابم بالتزامها‪ .‬و هكذا ينبغي أن يكون حال الريد و ال الوفق للصواب‪.‬‬

‫الفصل الثامن عشر‪ :‬ف علم تعبي الرؤيا‬ ‫هذا العلم من العلوم الشرعية و هو حادث ف اللة عندما صارت العلوم صنائع و كتب الناس فيها‪ .‬و أما الرؤيا و التعبي ل ا فق د ك ان‬ ‫موجودا ف السلف كما هو ف اللف‪ .‬و ربا كان ف اللوك و المم من قبل إل أنه ل يصل إلينا للكتفاء فيه بكلم الع بين م ن أه ل‬ ‫السلم‪ .‬و إل فالرؤيا موجودة ف صنف البشر على الطلق و لبد من تعبيها‪ .‬فلقد كان يوسف الصديق صلوات ال عليه يع ب الرؤي ا‬ ‫كما وقع ف القرآن‪ .‬و كذلك ثبت عن الصحيح عن النب صلى ال عليه و سلم و عن أب بكر رضي ال عنه و الرؤيا مدرك م ن م دارك‬ ‫الغيب‪ .‬و قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الرؤيا الصالة جزء من ستة و أربعي جزءا من النبؤة‪ .‬و قال‪ :‬ل يبق من البشرات إل الرؤيا الص الة‬ ‫يراها الرجل الصال أو ترى له و أول ما بدأ به النب صلى ال عليه و سلم من الوحي الرؤيا فكان ل يرى رؤيا إل جاءت مثل فلق الصبح‪ .‬و‬ ‫كان النب صلى ال عليه و سلم إذا انفتل من صلة الغداة يقول لصحابه‪ :‬هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ؟ يسألم عن ذلك ليستبشر ب ا‬ ‫وقع من ذلك ما فيه ظهور الدين و إعزازه‪ .‬و أما السبب ف كون الرؤيا مدركا للغيب فهو أن الروح القلب و هو البخار اللطيف النبع ث‬ ‫من تويف القلب اللحمي ينتشر ف الشريانات و مع الدم ف سائر البدن و به تكمل أفعال القوى اليوانية و إحساسها‪ .‬فإذا أدرك ه اللل‬ ‫بكثرة التصرف ف الحساس بالواس المس و تصريف القوى الظاهرة و غشي سطح البدن ما يغشاه من برد الليل انبس الروح من سائر‬


‫أقطار البدن إل مركزه القلب فيستجم بذلك لعاودة فعله فتعطلت الواس الظاهرة كلها و ذلك هو معن النوم كما تقدم ف أول الكتاب‪ .‬ث‬ ‫إن هذا الروح القلب هو مطية للروح العاقل من النسان و الروح العاقل مدرك لميع ما ف عال المر بذاته إذ حقيقته و ذاته عي الدراك‪.‬‬ ‫و إنا ينع من تعلقه للمدارك الغيبية ما هو فيه من حجاب الشتغال بالبدن و قواه و حواشه‪ .‬فلو قد خل من هذا الجاب و ترد عنه لرجع‬ ‫إل حقيقته و هو عي الدراك فيعقل كل مدرك‪ .‬فإذا ترد عن بعضها خفت شواغله فلبد له من إدراك لة من عاله بقدر ما ترد له و هو‬ ‫ف هذه الالة قد خفت شواغل الس الظاهر كلها و هي الشاغل العظم فاستعد لقبول ما هنالك من الدارك اللئقة من عاله‪ .‬و إذا أدرك‬ ‫ما يدرك من عواله رجع به إل بدنه‪ .‬إذ هو ما دام ف بدنه جسمان ل يكنه التصرف إل بالدارك السمانية‪ .‬و الدارك السمانية للعلم إنا‬ ‫هي الدماغية و التصرف منها هو اليال‪ .‬فإنه ينتزع من الصور السوسة صورا خيالية ث يدفعها إل الافظة تفظها له إل وقت الاجة إليها‬ ‫عند النظر و الستدلل‪ .‬و كذلك ترد النفس منها صورا أخرى نفسانية عقلية فيترقى التجريد من السوس إل العقول و اليال واس طة‬ ‫بينهما‪ .‬و لذلك إذا أدركت النفس من عالها ما تدركه ألقته إل اليال فيصوره بالصورة الناسبة و يدفعه إل الس الشترك فياه النائم كأنة‬ ‫مسوس فيتنل الدرك من الروح العقلي إل السي‪ .‬و اليال أيضا واسطة‪ .‬هذه حقيقة الرؤيا‪ .‬و من هذا التقرير يظهر لك الفرق بي الرؤيا‬ ‫الصالة وأضغاث الحلم الكاذبة فإنا كلها صور ف اليال حالة النوم‪ .‬و لكن إن كانت تلك الصور متتزلة من الروح العقلي الدرك فهو‬ ‫رؤيا‪ .‬و إن كانت مأخوذة من الصور الت ف الافظة الت كان اليال أودعها إياها منذ اليقظة فهي أضغاث أحلم‪.‬‬ ‫و اعلم أن للرؤيا الصادقة علمات تؤذن بصدقها و تشهد بصحتها فيستشعر الرائي البشارة من ال ما ألقى إليه ف نومه‪ :‬فمنها سرعة انتباه‬ ‫الرائي عندما يدرك الرؤيا‪ ،‬كأنة يعاجل الرجوع إل الس باليقظة و لو كان مستغرقا ف نومه‪ ،‬لتقل ما ألقي عليه من ذلك الدراك فيفر من‬ ‫تلك الالة إل حالة الس الت تبقى النفس فيها منغمسة بالبدن و عوارضه‪ ،‬و منها ثبوت ذلك الدراك و دوامه بانطب اع تل ك الرؤي ا‬ ‫بتفاصيلها ف حفظه فل يتخيلها سهو و ل نسيان‪ .‬و ل يتاج إل إحضارها بالفكر و التذكي‪ ،‬بل تبقى متصورة ف ذهن ه إذا انتب ه‪ .‬و ل‬ ‫يغرب عنه شيء منها‪ ،‬لن الدراك النفسان ليس بزمان و ل يلحقه ترتبت‪ ،‬بل يدركه دفعة ف زمن فرد‪ .‬و أضغاث الحلم زمانية‪ .‬لنا ف‬ ‫القوى الدماغية يستخرجها اليال من الافظة إل الس الشترك كما قلناه‪ .‬و أفعال البدن كلها زمانية فيلحقها الترتيب ف الدراك و التقدم‬ ‫و التأخر‪ .‬و يعرض النسيان العارض للقوى الدماغية‪ .‬و ليس كذلك مدارك النفس الناطقة إذ ليست بزمانية‪ ،‬و ل ترتيب فيها‪ .‬و ما ينطب ع‬ ‫فيها من الدراكات فينطبع دفعة واحدة ف أقرب من لح البصر‪ .‬و قد تبقى الرؤيا بعد النتباه‪ .‬حاضرة ف الفظ أياما من العمر‪ .‬ل تش ذ‬ ‫بالغفلة عن الفكر بوجه إذا كان الدراك الول قويا‪ ،‬و إذا كان إنا يتذكر الرؤيا بعد النتباه من النوم بإعمال الفكر و الوجهة إليها‪ ،‬و ينسى‬ ‫الكثي من تفاصيلها حت يتذكرها فليست الرؤيا بصادقة‪ ،‬و إنا هي من أضغاث الحلم‪ .‬و هذه العلمات من خواص الوحي‪ .‬قال ال تعال‬ ‫لنبيه صلى ال عليه و سلم‪ :‬ل ترك به لسانك لتعجل به * إن علينا جعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ث إن علينا بيانه و الرؤيا لا نسبة‬ ‫من النبوة و الوحي كما ف الصحيح‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬الرؤيا جزء من ستة و أربعي جزءا من النبوة فلخواصها أيض ا نس بة إل‬ ‫خواص النبوة‪ .‬بذلك القدر‪ ،‬فل تستبعد ذلك‪ ،‬فهذا وجه الق‪ .‬و ال الالق لا يشاء‪.‬‬ ‫و أما معن التعبي فاعلم أن الروح العقلي إذا أدرك مدركة و ألقاه إل اليال فصوره فإنا يصوره ف الصور الناسبة لذلك العن بعض الشيء‬ ‫كما يدرك معن السلطان العظم فيصوره اليال بصورة البحر أو يدرك العداوة فيصورها اليال ف صورة الية‪ .‬فإذا استيقظ و هو ل يعلم‬ ‫من أمره إل أنه رأى البحر أو الية فينظر العب بقوة التشبيه بعد أن يتيقن أن البحر صورة مسوسة و أن الدرك وراءها و هو يهتدي بقرائن‬ ‫أخرى تعي له الدرك فيقول مثل‪ :‬هو السلطان لن البحر خلق عظيم يناسب أن يشبه با السلطان و كذلك الية يناسب أن تشبه بالع دو‬ ‫لعظم ضررها و كذا الوان تشبه بالنساء لنن أوعية وأمثال ذلك‪ .‬و من الرئي ما يكون صريا ل يفتقر إل تعبي للئها و وض وحها أو‬ ‫لقرب الشبه فيها بي الدرك و شبهه‪ .‬و لذا وقع ف الصحيح الرؤيا ثلث‪ :‬رؤيا من ال و رؤيا من اللك و رؤيا من الشيطان‪ .‬فالرؤيا ال ت‬ ‫من ال هي الصرية الت ل تفتقر إل تأويل و الت من اللك هي الرؤيا الصادقة تفتقر إل التعبي و الرؤيا الت من الشيطان هي الض غاث‪ .‬و‬ ‫اعلم أن اليال إذا ألقى إليه الروح مدركه‪ .‬فإنا يصوره ف القوالب العتادة للحس و ما ل يكن الس أدركه قط من القوالب فل يصور فيه‬ ‫شيئا فل يكن من ولد أعمى أن يصور له السلطان بالبحر و ل العدو بالية و ل النساء بالوان لنه ل يدرك شيئا من هذه و إنا يصور ل ه‬ ‫اليال أمثال هذه ف شبهها و مناسبها من جنس مداركه الت هي السموعات و الشمومات‪ .‬و ليتحفظ العب من مثل هذا فربا اختلط ب ه‬ ‫التعبي و فسد قانونه‪ .‬ث إن علم التعبي علم بقواني كلية يبن عليها العب عبارة ما يقص عليه‪ .‬و تأويله كما يقولون‪ :‬البح ر ي دل عل ى‬


‫السلطان‪ ،‬و ف موضع آخر يقولون‪ :‬البحر يدل على الغيظ‪ ،‬و ف موضع آخر يقولون‪ :‬البحر يدل على الم والمر الف ادح‪ .‬و مث ل م ا‬ ‫يقولون‪ :‬الية تدل على العدو‪ ،‬و ف موضع آخر يقولون‪ :‬هي كات سر‪ ،‬و ف موضع آخر يقولون‪ :‬تدل على الياة و أمثال ذلك‪ .‬فيحف ظ‬ ‫العب هذه القواني الكلية‪ ،‬و يعب ف كل موضع با تقتضيه القرائن الت تعي من هذه القواني ما هو أليق بالرؤيا‪ .‬و تلك الق رائن منه ا ف‬ ‫اليقظة و منها ف النوم و منها ما ينقدح ف نفس العب بالاصية الت خلقت فيه و كل ميسر لا خلق له‪ .‬و ل يزل هذا العل م فتن اقل بي‬ ‫السلف‪ .‬و كان ممد بن سيين فيه من أشهر العلماء و كتب عنه ف ذلك القواني و تناقلها الناس لذا العهد‪ .‬و ألف الكرمان فيه من بعده‪.‬‬ ‫ث ألف التكلمون التأخرون و أكثروا‪ .‬و التداول بي أهل الغرب لذا العهد كتب ابن أب طالب القيوان من علماء القيوان مثل المتع و‬ ‫غيه و كتاب الشارة للسالي من أنفع الكتب فيه و أحضرها‪ .‬و كذلك كتاب الرقبة العليا لبن راشد من مشيختنا بتونس‪ .‬و ه و عل م‬ ‫مضيء ينور النبؤة للمناسبة الت بينهما و لكونا كانت من مدارك الوحي كما وقع ف الصحيح و ال علم الغيوب‪.‬‬

‫الفصل التاسع عشر‪ :‬ف العلوم العقلية و أصنافها‬ ‫و أما العلوم العقلية الت هي طبيعية للنسان من حيث إنه ذو فكر فهي غي متصة بلة بل بوجه النظر فيها إل أهل اللل كلهم و يستوون ف‬ ‫مداركها و مباحثها‪ .‬و هي موجودة ف النوع النسان منذ كان عمران الليقة‪ .‬و تسمى هذه العلوم علوم الفلسفة و الكمة و هي مشتملة‬ ‫على أربعة علوم‪ :‬الول علم النطق و هو علم يعصم الذهن عن الطأ ف اقتناص الطالب الهولة من المور الاصلة العلومة و فائدته تيي ز‬ ‫الطأ من الصواب‪ .‬فيما يلتمسه الناظر ف الوجودات و عوارضها ليقف على تقيق الق ف الكائنات نفيا و ثبوتا بنتهى فكره‪ .‬ث النظر بعد‬ ‫ذلك عندهم إما ف السوسات من الجسام العنصرية و الكونة عنها من العدن و النبات و اليوان و الجسام الفلكية والركات الطبيعية‪.‬‬ ‫و النفس الت تنبعث عنها الركات و غي ذلك‪ .‬و يسمى هذا الفن بالعلم الطبيعي و هو العلم الثان منها‪ .‬و إما أن يكون النظر ف الم ور‬ ‫الت وراء الطبيعة من الروحانيات و يسمونه العلم اللي و هو الثالث منها‪ .‬و العلم الرابع و هو الناظر ف القادير و يشتمل على أربعة علوم‬ ‫و تسمى التعاليم‪ .‬أولا‪ :‬علم الندسة و هو النظر ف القادير على الطلق‪ .‬إما النفصلة من حيث كونا معدودة أو التصلة و هي إما ذو بعد‬ ‫واحد و هو الط أو ذو بعدين و ف السطح‪ ،‬أو ذو أبعاد ثلثة و هو السم التعليمي‪ .‬ينظر ف هذه القادير و ما يعرض لا إما من حي ث‬ ‫ذاتا أو من حيث نسبة بعضها إل بعض‪ .‬و ثانيها علم الرتاطيقي و هو معرفة ما يعرض للكم النفصل الذي هو العدد و يؤخذ ل ه م ن‬ ‫الواص و العوارض اللحقة‪ .‬و ثالثها علم الوسيقى و هو معرفة نسب الصوات و النغم بعضها من بعض و تقديرها بالعدد و ثرته معرف ة‬ ‫تلحي الغناء‪ .‬و رابعها علم اليئة و هو تعيي الشكال للفلك و حصر أوضاعها و تعددها لكل كوكب من السيارة و الثابتة والقيام على‬ ‫معرفة ذلك من قبل الركات السماوية الشاهدة الوجودة لكل واحد منها و من رجوعها و استقامتها و إقبالا و إدبارها‪ .‬فه ذه أص ول‬ ‫العلوم الفلسفية و هي سبعة‪ :‬النطق و هو القدم منها و بعده التعاليم فالرتاطيقي أول ث الندس ة ث اليئة ث الوس يقى ث الطبيعي ات ث‬ ‫الليات و لكل واحد منها فروع تتفرع عنه‪ .‬فمن فروع الطبيعيات الطب و من فروع علم العدد علم الساب والفرائض و الع املت و‬ ‫من فروع اليئة الزياج و هي قواني لساب حركات الكواكب و تعديلها للوقوف على مواضعها مت قصد ذلك و من فروعها النظ ر ف‬ ‫النجوم على الحكام النجومية و نن نتكلم عليها واحدا بعد واحد إل آخرها‪ .‬و اعلم أن أكثر من عن با ف الجيال الذين عرفنا أخبارهم‬ ‫المتان العظيمتان ف الدولة قبل السلم و ها فارس و الروم فكانت أسواق العلوم نافقة لديهم على ما بلغنا لا كان العمران موفورا فيه م‬ ‫والدولة و السلطان قبل السلم و عصره لم فكان لذه العلوم بور زاخرة ف آفاقهم و أمصارهم‪ .‬و كان للكلدانيي و م ن قبله م م ن‬ ‫السريانيي و من عاصرهم من القبط عناية بالسحر و النجامة و ما يتبعها من الطلسم و أخذ ذلك عنهم المم من فارس و يونان ف اختص‬ ‫با القبط و طمى برها فيهم كما وقع ف التلو من خب هاروت و ماروت و شأن السحرة و ما نقله أهل العلم من شأن ال باري بص عيد‬ ‫مصر‪ .‬ث تتابعت اللل بظر ذلك و تريه فدرست علومه و بطلت كأن ل تكن إل بقايا يتناقلها منتحلو هذه الصنائع‪ .‬و ال أعلم بصحتها‪.‬‬ ‫مع أن سيوف الشرع قائمة على ظهورها مانعة من اختبارها‪ .‬و أما الفرس فكان شأن هذه العلوم العقلية عندهم عظيما و نطاقها متسعا ل ا‬ ‫كانت عليه دولتهم من الضخامة و اتصال اللك‪ .‬و لقد يقال إن هذه العلوم إنا وصلت إل يونان منهم حي قتل السكندر دارا و غل ب‬ ‫على ملكة الكينية فاستول على كتبهم و علومهم‪ .‬إل أن السلمي لا افتتحوا بلد فارس‪ ،‬و أصابوا من كتبهم وصحائف عل ومهم م ا ل‬


‫يأخذه الصر و لا فتحت أرض فارس و وجدوا فيها كتبا كثية كتب سعد بن أب وقاص إل عمر بن الطاب ليستأذنه ف شأنا و تنقيلها‬ ‫للمسلمي‪ .‬فكتب إليه عمر أن اطرحوها ف الاء‪ .‬فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا ال بأهدى منه و إن يكن ض لل فق د كفان ا ال‪.‬‬ ‫فطرحوها ف الاء أو ف النار و ذهبت علوم الفرس فيها عن أن تصل إلينا‪ .‬و أما الروم فكانت الدولة منهم ليونان أول و كان لذه العل وم‬ ‫بينهم مال رحب و حلها مشاهي من رجالم مثل أساطي الكمة و غيهم‪ .‬و اختص فيها الشاءون منهم أصحاب الرواق بطريقة حس نة‬ ‫ف التعليم كانوا يقرؤون ف رواق يظلم من الشمس و البد على ما زعموا‪ .‬و اتصل فيها سند تعليمهم على ما يزعمون من ل دن لقم ان‬ ‫الكيم ف تلميذه بقراط الدن‪ ،‬ث إل تلميذه أفلطون ث إل تلميذه أرسطو ث إل تلميذه السكندر الفرودسي‪ ،‬و تامسطيون و غيه م‪ .‬و‬ ‫كان أرسطو معلما للسكندر ملكهم الذي غلب الفرس على ملكهم و انتزع اللك من أيديهم‪ .‬و كان أرسخهم ف هذه العل وم ق دما و‬ ‫أبعدهم فيه صيتا و شهرة‪ .‬و كان يسمى العلم الول فطار له ف العال ذكر‪ .‬ولا انقرض أمر اليونان و صار المر للقياصرة و أخذوا ب دين‬ ‫النصرانية هجروا تلك العلوم كما تقتضيه اللل و الشرائع فيها‪ .‬و بقيت ف صحفها و دواوينها ملدة باقية ف خزائنهم ث ملك وا الش ام و‬ ‫كتب هذه العلوم باقية فيهم‪ .‬ث جاء ال بالسلم و كان لهله الظهور الذي ل كفاء له و ابتزوا الروم ملكهم فيما ابتزوه للمم‪ .‬و ابت دأ‬ ‫أمرهم بالسذاجة و الغفلة عن الصنائع حت إذا تبحبح من السلطان و الدولة و أخذ الضارة بالظ الذي ل يكن لغيهم من المم و تفنن وا‬ ‫ف الصنائع و العلوم‪ .‬تشوقوا إل الطلع على هذه العلوم الكمية با سعوا من الساقفة و القسة العاهدين بعض ذكر منها و با تسمو إليه‬ ‫أفكار النسان فيها‪ .‬فبغث أبو جعفر النصور إل ملك الروم أن يبعث إليه بكتب التعاليم مترجة فبعث إليه بكتاب أوقليدس و بعض كت ب‬ ‫الطبيعيات‪ .‬فقرأها السلمون و اطلعوا على ما فيها و ازدادوا حرصا على الظفر با بقي منها‪ .‬و جاء الأمون بعد ذلك و كانت له ف العل م‬ ‫رغبة با كان ينتحله فانبعث لذه العلوم حرصا و أوفد الرسل على ملوك الروم ف استخراج علوم اليونانيي و انتساخها بالط العرب و بعث‬ ‫الترجي لذلك فأوعى منه و استوعب‪ .‬و عكف عليها النظار من أهل السلم و حذقوا ف فنونا و انتهت إل الغاية أنظ ارهم فيه ا‪ .‬و‬ ‫خالفوا كثيا من آراء العلم الول و اختصوه بالرد و القبول لوقوف الشهرة عنده‪ .‬و دونوا ف ذلك الدواوين وأربوا على من تق دمهم ف‬ ‫هذه العلوم و كان من أكابرهم ف اللة أبو نصر الفاراب و أبو علي بن سينا بالشرق و القاضي أبو الوليد بن رشد و الوزير أبو بك ر ب ن‬ ‫الصائغ بالندلس إل آخرين بلغوا الغاية ف هذه العلوم‪ .‬و اختص هؤلء بالشهرة والذكر و اقتصر كثيون على انتحال التعاليم و ما ينضاف‬ ‫إليها من علوم النجامة والسحر و الطلسمات‪ .‬و وقفت الشهرة ف هذا النتحل على جابر بن حيان من أهل الشرق و مسلمة ب ن أح د‬ ‫الريطي من أهل الندلس و تلميذه‪ .‬و دخل على اللة من هذه العلوم و أهلها داخلة و استهوت الكثي من الناس با جنحوا إليها وقل دوا‬ ‫آراءها و الذنب ف ذلك لن ارتكبه‪ .‬و لو شاء ال ما فعلوه‪ .‬ث إن الغرب والندلس لا ركدت ريح العمران بما و تناقصت العلوم بتناقصه‬ ‫اضمحل ذلك منهما إل قليل من رسومه تدها ف تفاريق من الناس و تت رقبة من علماء السنة‪ .‬و يبلغنا عن أهل الشرق أن بضائع ه ذه‬ ‫العلوم ل تزل عندهم موفورة و خصوصا ف عراق العجم و ما بعده فيما وراء النهر و أنم على بح من العلوم العقلي ة لت وفر عمران م و‬ ‫استحكام الضارة فيهم‪ .‬و لقد وقفت بصر على تآليف ف العقول متعددة لرجل من عظماء هراة من بلد خراسان يشتهر بس عد ال دين‬ ‫التفتازان منها ف علم الكلم و أصول الفقه و البيان تشهد بأن له ملكة راسخة ف هذه العلوم‪ .‬و ف أثنائها ما يدل على أن له اطلعا على‬ ‫العلوم الكمية و قدما عالية ف سائر الفنون العقلية و ال يؤيد بنصره من يشاء‪ .‬كذلك بلغنا لذا العهد أن هذه العلوم الفلسفية ببلد الفرنة‬ ‫من أرض رومة و ما إليها من العدوة الشمالية نافقة السواق و أن رسومها هناك‪ .‬متجددة و مالس تعليمها متعددة و دواوينه ا جامع ة‬ ‫متوفرة و طلبتها متكثرة و ال أعلم با هنالك و هو يلق ما يشاء و يتار‪.‬‬

‫الفصل العشرون‪ :‬ف العلوم العددية‬ ‫و أولا الرتاطيقي و هو معرفة خواص العداد من حيث التأليف إما على التوال أو بالتضعيف مثل أن العداد إذا توالت متفاضلة بع دد‬ ‫واحد فإن جع الطرفي منها مساو لمع كل عددين بعدها من الطرفي بعدد واحد و مثل ضعف الواسطة إن كانت عدة تلك العداد فردا‬ ‫مثل الفراد على تواليها و الزواج على تواليها و مثل أن العداد إذا توالت على نسبة واحدة يكون أولا نصف ثانيها وثانيها نصف ثالثه ا‬ ‫ال‪ ،‬أو يكون أولا ثلث ثانيها و ثانيها ثلث ثالثها ال فإن ضرب الطرفي أحدها ف الخر كضرب كل عددين بعدها من الطرفي بع دد‬


‫واحد أحدها ف الخر‪ .‬و مثل مربع الواسطة إن كانت العدة فردا و ذلك مثل أعداد زوج الزوج التوالية من اثني فأربعة فثمانية فستة عشر‬ ‫و مثل ما يدث من الواص العددية ف وضع الثلثات العددية و الربعات و الخمسات والسدسات إذا وضعت متتالية ف س طورها ب أن‬ ‫تمع من الواحد إل العدد الخي فتكون مثلثة‪ .‬و تتوال الثلثات هكذا ف سطر تت الضلع ث تزيد على كل مثلث ثلث الضلع الذي قبله‬ ‫فتكون مربعة‪ .‬و تزيد على كل مربع مثلث الضلع الذي قبلة فتكون ممسة و هلم جرا‪ .‬و تتوال الشكال على توال الض لع و ي دث‬ ‫جدول ذو طول و عرض‪ .‬ففي عرضه العداد على تواليها ث الثلثات على تواليها ث الربعات ث الخمسات ال و ف طوله ك ل ع دد و‬ ‫أشكاله بالغا ما بلغ و تدث ف جعها و قسمة بعضها على بعض طول و عرضا خواص غريبة استقرت منها و تقررت ف دواوينهم مسائلها‬ ‫كذلك ما يدث للزوج و الفرد و زوج الزوج و زوج الفرد و زوج الزوج و الفرد فإن لكل منها خواص متصة به تضمنها هذا الف ن و‬ ‫ليست ف غيه‪ .‬و هذا الفن أول أجزاء التعاليم و أثبتها و يدخل ف براهي الساب‪ .‬و للحكماء التقدمي و التأخرين فيه تآليف‪ ،‬و أكثرهم‬ ‫يدرجونه ف التعاليم و ل يفردونه بالتآليف‪ .‬فعل ذلك ابن سينا ف كتاب الشفاء و النجاة و غيه من التقدمي‪ .‬و أما التأخرون فهو عندهم‬ ‫مهجور إذ هو غي متداول و منفعته ف الباهي ل ف الساب فهجروه لذلك بعد أن استخلصوا زبدته ف الباهي السابية كما فعله اب ن‬ ‫البناء ف كتاب رفع الجاب و غيه و ال سبحانه و تعال أعلم‪ .‬و من فروع علم العدد صناعة الساب‪ .‬و هي صناعة علمية ف حس اب‬ ‫العداد بالضم و التفريق‪ .‬فالضم يكون ف العداد بالفراد و هو المع‪ .‬و بالتضعيف تضاعف عددا بآحاد عدد آخر و هذا هو الضرب و‬ ‫التفريق أيضا يكون ف العداد إما بالفراد مثل إزالة عدد من عدد و صرفه الباقي و هو الطرح أو تفصيل عدد بأجزاء متساوية تكون عدتا‬ ‫مصلة و هو القسمة‪ .‬و سواء كان هذا الضم و التفريق ف الصحيح من العب أو الكسر‪ .‬و معن الكسر نسبة عدد إل عدد و تلك النس بة‬ ‫تسمى كسرا‪ .‬و كذلك يكون بالضم و التفريق ف الذور و معناها العد الذي يضرب ف مثله فيكون منه العدد الربع‪ .‬فإن تل ك ال ذور‬ ‫أيضا يدخلها الضم و التفريق و هذه الصناعة حادثة احتيج إليها للحساب ف العاملت ألف الناس فيها كثيا و تداولوها ف المصار بالتعليم‬ ‫للولدان‪ .‬و من أحسن التعليم عندهم البتداء با لنا معارف متضحة و براهي منتظمة فينشأ عنها ف الغالب عق ل مض يء درب عل ى‬ ‫الصواب‪ .‬و قد قال من أخذ نفسه بتعليم الساب أول أمره إنه يغلب عليه الصدق لا ف الساب من صحة البان و مناقشة النفس فيص ي‬ ‫ذلك خلقا و يتعود الصدق و يلزمه مذهبا‪ .‬و من أحسن التآليف البسوطة فيها لذا العهد بالغرب كتاب الصار الصغي‪ .‬و لب ن البن اء‬ ‫الراكشي فيه تلخيص ضابط لقواني أعماله مفيد ث شرحه بكتاب ساه رفع الجاب و هو مستغلق على البتدئ با فيه من الباهي الوثيق ة‬ ‫البان‪ .‬و هو كتاب جليل القدر أدركنا الشيخة تعظمه و هو كتاب جدير بذلك‪ .‬و ساوق فيه الؤلف رحه ال كتاب فقه الساب‪ ،‬لب ن‬ ‫منعم و الكامل للحدب‪ ،‬و لص براهينها و غيها عن اصطلح الروف فيها إل علل معنوية ظاهرة‪ ،‬هي سر الشارة بالروف و زبدتا‪.‬‬ ‫و هي كلها مستغلقة و إنا جاءه الستغلق من طريق البهان ببيان علوم التعاليم لن مسائلها و أعمالا واضحة كلها‪ .‬و إذا قصد ش رحها‬ ‫فإنا هو إعطاء العلل ف تلك العمال‪ .‬و ف ذلك من العسر على الفهم ما ل يوجد ف أعمال السائل فتأمله‪ .‬و ال يهدي بنوره من يشاء و‬ ‫هو القوي التي‪ .‬و من فروعه الب و القابلة‪ .‬و هي صناعة تستخرج با العدد الهول من قبل العلوم الفروض إذا كان بينهما نسبة تقتضي‬ ‫ذلك‪ .‬فاصطلحوا فيها على أن جعلوا للمجهولت مراتب من طريق التضعيف بالضرب‪ .‬أولا العدد لن ه ب ه يتعي الطل وب اله ول‬ ‫باستخراجه من نسبة الهول إليه و ثانيها الشيء لن كل مهول فهو من جهة إبامه شيء و هو أيضا جذر لا يلزم من تضعيفه ف الرتب ة‬ ‫الثانية و ثالثها الال و هو أمر مبهم و ما بعد ذلك فعلى نسبة الس ف الضروبي‪ .‬ث يقع العمل الفروض ف السألة فتخرج إل معادل ة بي‬ ‫متلفي أو أكثر من هذه الجناس فيقابلون بعضها ببعض و يبون ما فيها من الكسر حت يصي صحيحا‪ .‬و يطون الراتب إل أقل السوس‬ ‫إن أمكن حت يصي إل الثلثة الت عليها مدار الب عندهم و هي العدد و الشيء و الال‪ .‬فإن كانت العادلة بي‪ ،‬واحد و واحد تعي فالال‬ ‫و الذر يزول إبامه بعادلة العدد و يتعي‪ .‬و الال و إن عادل الذور فيتعي بعدتا‪ .‬و إن كانت العادلة بي واحد و اثني أخرجه العم ل‬ ‫الندسي من طريق تفصيل الضرب ف الثني و هي مبهمة فيعنيها ذلك الضرب الفصل‪ .‬و ل يكن العادلة بي اثني و اثني‪ .‬و أك ثر م ا‬ ‫انتهت العادلة بينهم إل ست مسائل لن العادلة بي عدد و جذر و مال مفردة أو مركبة تيء ستة‪ .‬و أول من كتب ف هذا الفن أبو عبد‬ ‫ال الوارزمي و بعده أبو كامل شجاع بن أسلم‪ ،‬و جاء الناس على أثره فيه‪ .‬و كتابه ف مسائله الست من أحسن الكتب الوضوعة فيه‪ .‬و‬ ‫شرحه كثي من أهل الندلس فأجادوا و من أحسن شروحاته كتاب القرشي‪ .‬و قد بلغنا أن بعض أئمة التعاليم من أه ل الش رق أن ى‬ ‫العاملت إل أكثر من هذه الستة الجناس‪ ،‬و بلغها إل فوق العشرين و استخرج لا كلها أعمال و أتبعه بباهي هندسية‪ .‬و ال يزي د ف‬


‫اللق ما يشاء سبحانه و تعال‪ .‬و من فروعه أيضا العاملت‪ .‬و هو تصريف الساب ف معاملت ال دن ف البياع ات و الس احات و‬ ‫الزكوات و سائر ما يغرض فيه العدد من العاملت يصرف ف صناعتنا ذلك الساب ف الهول و العلوم و الكسر والصحيح و ال ذور و‬ ‫غيها‪ .‬و الغرض من تكثي السائل الفروضة فيها حصول الران و الدربة بتكرار العمل حت ترسخ اللكة ف ص ناعة الس اب‪ .‬و له ل‬ ‫الصناعة السابية من أهل الندلس تآليف فيها متعددة من أشهرها معاملت الزهراوي و ابن السمح و أب مسلم بن خلدون م ن تلمي ذ‬ ‫مسلمة الريطي وأمثالم‪ .‬و من فروعه أيضا الفرائض‪ .‬و هي صناعة حسابية ف تصحيح السهام لذوي الفروض ف الوراثات إذا تع ددت و‬ ‫هلك بعض الوارثي و انكسرت سهامه على ورثته أو زادت الفروض عند اجتماعها و تزاحها على الال كله أو كان ف الفريضة إق رار و‬ ‫إنكار من بعض الورثة فتحتاج ف ذلك كله إل عمل يعي به سهام الفريضة من كم تصح و سهام الورثة من كل بطن مصححا حت تكون‬ ‫حظوظ الوارثي من الال على نسبة سهامهم من جلة سهام الفريضة‪ .‬فيدخلها من صناعة الساب جزء كبي من صحيحه و كسرة و جذره‬ ‫و معلومه و مهوله و ترتب على ترتيب أبواب الفرائض الفقهية و مسائلها‪ .‬فتشتمل حينئذ هذه الصناعة على جزء من الفقه و هو أحك ام‬ ‫الوراثة من الفروض و العول و القرار و النكار و الوصايا و التدبي و غي ذلك من مسائلها و على جزء من الس اب و ه و تص حيح‬ ‫السهمان باعتبار الكم الفقهي و هي من أجل العلوم‪ .‬و قد يورد أهلها أحاديث نبوية تشهد بفضلها مثل الفرائض ثلث العلم و أنا أول ما‬ ‫يرفع من العلوم و غي ذلك‪ .‬و عندي أن ظواهر تلك الحاديث كلها إنا هي ف الفرائض العينية كما تقدم ل فرائض الوراثات فإنا أقل من‬ ‫أن تكون ف كميتها ثلث العلم‪ .‬و أما الفرائض العينية فكثية و قد ألف الناس ف هذا الفن قديا و حديثا و أوعبوا و من أحسن التآليف فيه‬ ‫على مذهب مالك رحه ال كتاب ابن ثابت و متصر القاضي أب القاسم الوف و كتاب ابن النمر و العدي و الصردي و غيهم‪ .‬لك ن‬ ‫الفضل للحوف فكتابه مقدم على جيعها‪ .‬و قد شرحه من شيوخنا أبو عبد ال ممد بن سليمان الشطي كبي مشيخة فاس فأوضح و أوعب‪.‬‬ ‫و لمام الرمي فيها تآليف على مذهب الشافعي تشهد باتساع باعه ف العلوم‪ ،‬و رسوخ قدمه‪ ،‬و كذا للحنفية والنابلة‪ .‬و مقامات الناس‬ ‫ف العلوم متلفة‪ .‬و ال يهدي من يشاء بنه و كرمه ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الادي و العشرون‪ :‬ف العلوم الندسية‬ ‫هذا العلم هو النظر ف القادير إما التصلة كالط و السطح و السم و إما النفصلة كالعداد و فيما يعرض لا من العوارض الذاتية‪ .‬مثل أن‬ ‫كل مثلث فزواياه مثل قائمتي‪ .‬و مثل أن كل خطي متوازيي ل يلتقيان ف وجه و لو خرجا إذ غي ناية‪ .‬و مثل أن كل خطي متق اطعي‬ ‫فالزاويتان التقابلتان منهما متساويتان‪ .‬و مثل أن الربعة مقادير التناسبة ضرب الول منها ف الثالث كضرب الثان ف الرابع و أمثال ذلك‪.‬‬ ‫و الكتاب الترجم لليونانيي ف هذه الصناعة كتاب أوقليدس و يسمى كتاب الصول و كتاب الركان و هو أبسط ما وضع فيها للمتعلمي‬ ‫و أول ما ترجم من كتاب اليونانيي ف اللة أيام أب جعفر النصور و نسخه متلفة باختلف الترجي‪ .‬فمنها لني بن إسحاق ولثابت ب ن‬ ‫قرة و ليوسف بن الجاج و يشتمل على خس عشرة مقالة‪ .‬أربع ف السطوح و واحدة ف القدار التناسبة و أخرى ف نس ب الس طوح‬ ‫بعضها إل بعض و ثلث ف العدد و العاشرة ف النطقات و القوى على النطقات و معناه الذور و خس ف السمات‪ .‬و ق د اختص ره‬ ‫الناس اختصارات كثية كما فعله ابن سينا ف تعاليم الشفاء‪ .‬أفرد له جزءا منها اختصه به‪ .‬و كذلك ابن الصلت ف كت اب القتص ار و‬ ‫غيهم‪ .‬و شرحه آخرون شروحا كثية و هو مبدأ العلوم الندسية بإطلق‪ .‬و اعلم أن الندسة تفيد صاحبها إضاءة ف عقل ه‪ ،‬اس تقامة ف‬ ‫فكره لن براهينها كلها بينة النتظام جلية الترتيب ل يكاد الغلط يدخل أقيستها لترتيبها و انتظامها فيبعد الفكر بمارستها عن الطأ و ينشأ‬ ‫لصاحبها عقل على ذلك الهيع و قد زعموا أنة كان مكتوبا على باب أفلطون‪ :‬من ل يكن مهندسا فل يدخلن منلنا و ك ان ش يوخنا‬ ‫رحهم ال يقولون مارسة الندسة للفكر بثابة الصابون للثوب الذي يغسل منه القذار و ينقيه من الوضار والدران‪ ،‬و إنا ذلك لا أش رنا‬ ‫إليه من ترتيبه و انتظامه‪ .‬و من فروع هذا الفن الندسة الخصوصة بالشكال الكروية و الخروطات أما الشكال الكروية ففيها كتابان من‬ ‫كتب اليونانيي لثاوذوسيوس و ميلوش ف سطوحها و قطوعها وكتاب ثاوذوسيوس مقدم ف التعليم على كتاب ميلوش لتوقف كثي م ن‬ ‫براهينه عليه‪ .‬و لبد منهما لن يريد الوض ف علم اليئة لن براهينها متوقفة عليه‪ .‬فالكلم ف اليئة كله كلم ف الكرات السماوية و م ا‬ ‫يعرض فيها من القطوع والدوائر بأسباب الركات كما نذكره فقد يتوقف على معرفة أحكام الشكال الكروية سطوحها و قطوعها‪ .‬و أما‬


‫الخروطات فهو من فروع الندسة أيضا‪ .‬و هو علم ينظر فيما يقع ف الجسام الخروطة من الشكال و القطوع و يبهن على ما يع رض‬ ‫لذلك من العوارض بباهي هندسية متوقفة على التعليم الول‪ .‬و فائدتا تظهر ف الصنائع العملية الت موادها الجسام مثل التجارة و البناء و‬ ‫كيف تصنع التماثيل الغريبة و الياكل النادرة و كيف يتخيل على جر الثقال و نقل الياكل بالندام و اليخال و أمثال ذلك‪ .‬و ق د أف رد‬ ‫بعض الؤلفي ف هذا الفن كتابا ف اليل العلمية يتضمن من الصناعات الغريبة و اليل الستظرفة كل عجيبة‪ .‬و ربا استغلق على الفه وم‬ ‫لصعوبة براهينه الندسية و هو موجود بأيدي الناس ينسبونه إل بن شاكر‪ .‬و ال تعال أعلم‪ .‬و من فروع الندسة الساحة و هو فن يت اج‬ ‫إليه ف مسح الرض و معناه استخراج مقدار الرض العلومة بنسبة شب أو ذراع أو غيها و نسبة أرض من أرض إذ قويست بثل ذلك‪ .‬و‬ ‫يتاج إل ذلك ف توظيف الراج على الزارع و الفدن و بساتي الغراسة و ف قسمة الوائط والراضي بي الشركاء و الورث ة و أمث ال‬ ‫ذلك‪ .‬و للناس فيها موضوعات حسنة و كثية و ال الوفق للصواب بنه و كرمه‪ .‬الناظرة من فروع الندسة و هو علم يتبي ب ه أس باب‬ ‫الغلط ف الدراك البصري بعرفة كيفية وقوعها بناء على أن إدراك البصر يكون بخروط شعاعي رأسه نقطة الباصر و قاعدته الرئي‪ .‬ث يقع‬ ‫الغلط كثيا ف رؤية القريب كبيا و البعيد صغيا‪ .‬و كذا رؤية الشباح الصغية تت الاء و وراء الجسام الشفافة كبية و رؤية النقط ة‬ ‫النازلة من الطر خطا مستقيما و السلقة دائرة و أمثال ذلك‪ .‬فيتبي ف هذا العلم أسباب ذلك و كيفياته بالباهي الندسية و يتبي به أيض ا‬ ‫اختلف النظر ف القمر باختلف العروض الذي ينبن عليه معرفة رؤية الهلة و حصول الكسوفات و كثي من أمثال هذا‪ .‬و قد أل ف ف‬ ‫هذا الفن كثي من اليونانيي‪ .‬و أشهر من ألف فيه من السلميي ابن اليثم‪ .‬و لغيه أيضا تآليف و هو من هذه الرياضة و تفاريعها‪.‬‬

‫الفصل الثان و العشرون‪ :‬ف علم اليئة‬ ‫و هو علم ينظر ف حركات الكواكب الثابتة و الركة و التحية‪ .‬و يستدل بكيفيات تلك الركات على أشكال و أوضاع للفلك لزمت‬ ‫عنها لذه الركات السوسة بطرق هندسية‪ .‬كما يبهن على أن مركز الرض مباين لركز فلك الشمس بوجود حركة القبال و الدبار و‬ ‫كما يستدل بالرجوع و الستقامة للكواكب على وجود أفلك صغية حاملة لا متحركة داخل فلكها العظم و كما يبهن على وج ود‬ ‫الفلك الثامن بركة الكواكب الثابتة و كما يبهن على تعدد الفلك للكوكب الواحد بتعداد اليول له و أمثال ذلك‪ .‬و إدراك الوجود من‬ ‫الركات و كيفياتا و أجناسها إنا هو بالرصد فإنا إنا علمنا حركة القبال و الدبار به‪ .‬و كذا تركيب الفلك ف طبقاتا و كذا الرجوع‬ ‫و الستقامة و أمثال ذلك‪ .‬و كان اليونانيون يعتنون بالرصد كثيا و يتخذون له اللت الت توضع ليصد با حرك ة الك وكب العي‪ .‬و‬ ‫كانت تسمى عندهم ذات اللق و صناعة عملها و الباهي عليه ف مطابقة حركتها بركة الفلك منقول بأيدي الناس‪.‬‬ ‫و أما ف السلم فلم تقع به عناية إل ف القليل‪ .‬و كان ف أيام الأمون شيء منه و صنع هذه اللة العروفة للرصد السماة ذات الل ق‪ .‬و‬ ‫شرع ف ذلك فلم يتم‪ .‬و لا مات ذهب رسه و أغفل و اعتمد من بعده على الرصاد القدية و ليست بغنية لختلف الركات باتص ال‬ ‫الحقاب‪ .‬و أن مطابقة حركة اللة للرصد بركة الفلك و الكواكب إنا هو بالتقريب‪ .‬و هذه اليئة صناعة شريفة و ليست على ما يفهم‬ ‫ف الشهور أنا تعطى صورة السماوات و ترتيب الفلك والكواكب بالقيقة بل إنا تعطي أن هذه الصور و اليئات للفلك لزمت عن هذه‬ ‫الركات‪ .‬و أنت تعلم أنه ل يبعد أن يكون الشيء الواحد لزما لختلفي و إن قلنا إن الركات لزمة فهو استدلل باللزم على وج ود‬ ‫اللزوم و ل يعطي القيقة بوجه على أنه علم جليل و هو أحد أركان التعاليم‪ .‬و من أحسن التآليف فيه كتاب السطي منسوب لبطليموس‪.‬‬ ‫و ليس من ملوك اليونان الذين أساؤهم بطليموس على ما حققه شراح الكتاب‪ .‬و قد اختصره الئمة من حكماء السلم كما فعله ابن سينا‬ ‫و أدرجه ف تعاليم الشفاء‪ .‬و لصه ابن رشد أيضا من حكماء الندلس و ابن السمح و ابن أب الصلت ف كتاب القتصار‪ .‬و لبن الفرغان‬ ‫هيئة ملخصة قربا و حذف براهينها الندسية‪ .‬و ال علم النسان ما ل يعلم‪ .‬سبحانه ل إله إل هو رب العالي‪ .‬و من فروعه علم الزياج‪.‬‬ ‫و هي صناعة حسابية على قواني عددية فيما يص كل كوكب من طريق حركته و ما أدى إليه برهان اليئة ف وضعه من سرعة و بطء و‬ ‫استقامة و رجوع و غي ذلك يعرف به مواضع الكواكب ف أفلكها لي وقت فرض من قبل حسبان حركات ا عل ى تل ك الق واني‬ ‫الستخرجة من كتب اليئة‪ .‬و لذه الصناعة قواني كالقدمات و الصول لا ف معرفة الشهور و اليام و التواريخ الاضية و أصول متق ررة‬ ‫من معرفة الوج والضيض و اليول و أصناف الركات و استخراج بعضها من بعض‪ ،‬يضعونا ف جدول مرتبة تسهيل عل ى التعلمي و‬


‫تسمى الزياج‪ .‬و يسمى استخراج مواضع الكواكب للوقت الفروض لذه الصناعة تعديل و تقويا‪ .‬و للناس فيه تآليف كثية للمتقدمي و‬ ‫التأخرين مثل البتان و ابن الكماد‪ .‬و قد عول التأخرون لذا العهد بالغرب على زيج منسوب لبن إسحاق من منجمي تونس ف أول الائة‬ ‫السابعة‪ .‬و يزعمون أن ابن إسحاق عول فيه على الرصد‪ .‬و أن يهوديا كان بصقلية ماهرا ف اليئة و التعاليم و كان قد عن بالرصد و كان‬ ‫يبعث إليه با يقع ف ذلك من أحوال الكواكب و حركه لا فكان أهل الغرب لذلك عنوا به لوثاقة مبناه على ما يزعمون‪ .‬و لصه ابن البناء‬ ‫ف آخر ساه النهاج فولع به الناس لا سهل من العمال فيه و إنا يتاج إل مواضع الكواكب من الفلك لتنبن عليها الحكام النجومية و هو‬ ‫معرفة الثار الت تدث عنها بأوضاعها ف عال النسان من اللك و الدول و الواليد البشرية و الكوائن الادثة كما نبينه بعد و نوضح في ه‬ ‫أدلتهم إن شاء ال تعال‪ .‬و ال الوفق لا يبه و يرضاه ل معبود سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث و العشرون‪ :‬ف علم النطق‬ ‫و هو قواني يعرف با الصحيح من الفاسد ف الدود العرفة للماهيات و الجج الفيدة للتصديقات و ذلك لن الصل ف الدراك إنا هو‬ ‫السوسات بالواس المس‪ .‬و جيع اليوانات مشتركة ف هذا الدراك من الناطق و غيه و إنا يتميز النسان عنها بإدراك الكليات و هي‬ ‫مردة من السوسات‪ .‬و ذلك بأن يصل ف اليال من الشخاص التفقة صورة منطبقة على جيع تلك الشخاص السوسة و هي الكلي‪.‬‬ ‫ث ينظر الذهن بي تلك الشخاص التفقة وأشخاص أخرى توافقها ف بعض‪ .‬فيحصل له صورة تنطبق أيضا عليهما باعتبار ما اتفقا فيه‪ .‬و ل‬ ‫يزال يرتقي ف التجريد إل الكل الذي ل يد كليا آخر معه يوافقه فيكون لجل ذلك بسيطا‪ .‬و هذا مثل ما يرد من أش خاص النس ان‬ ‫صورة النوع النطبقة عليها‪ .‬ث ينظر بينه و بي اليوان و يرد صورة النس النطبقة عليهما‪ .‬ث ينظر بينهما و بي النبات إل أن ينته ي إل‬ ‫النس العال و هو الوهر فل يد كليا يوافقه ف شيء فيقف العقل هنالك عن التجريد‪ .‬ث إن النسان لا خلق ال له الفكر الذي به يدرك‬ ‫العلوم و الصنائع و كان العلم‪ :‬إما تصورا للماهيات و يعن به إدراك ساذج من غي حكم معه و إما تصديقا أي حكما بثبوت أم ر لم ر‬ ‫فصار سعي الفكر ف تصيل الطلوبات إما بأن تمع تلك الكليات بعضها إل بعض على جهة التأليف فتحصل صورة ف الذهن كلية منطبقة‬ ‫على أفراد ف الارج فتكون تلك الصورة الذهنية مفيدة لعرفة ماهية تلك الشخاص و إما بأن يكم بأمر على أمر فيثبت له و يكون ذلك‬ ‫تصديقا‪ .‬و غايته ف القيقة راجعة إل التصور لن فائدة ذلك إذا حصل إنا هي معرفة حقائق الشياء الت هي مقتضى العلم الكمي‪ .‬و هذا‬ ‫السعي من الفكر قد يكون بطريق صحيح و قد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تييز الطريق الذي يسعى به الفكر ف تص يل الط الب‬ ‫العلمية ليتميز الصحيح من الفاسد فكان ذلك قانون النطق‪ .‬و تكلم فيه التقدمون أول ما تكلموا به جل جل و مفترقا مفترقا‪ .‬و ل تذب‬ ‫طرقه و ل تمع مسائله حت ظهر ف يونان أرسطو فهذب مباحثه و رتب مسائله و فصوله و جعله أول العلوم الكمية و فاتتها‪ .‬و لذلك‬ ‫يسمى بالعلم الول و كتابة الخصوص بالنطق يسمى النص و هو يشتمل على ثانية كتب أربعة منها ف صور القياس و أربعة ف مادته‪ .‬و‬ ‫ذلك أن الطالب التصديقية على أناء‪ .‬فمنها ما يكون الطلوب فيه اليقي بطبعه و منها ما يكون الطلوب فيه الفن و هو على مراتب فيظهر‬ ‫ف القياس من حيث الطلوب الذي يفيده و ما ينبغي أن تكون مقدماته بذلك العتبار و من أي جنس يكون من العلم أو من الفن‪ .‬و ق د‬ ‫ينظر ف القياس ل باعتبار مطلوب مصوص بل من جهة إنتاجه خاصة‪ .‬و يقال للنظر الول إنه من حيث الادة و نعن ب ه ال ادة النتج ة‬ ‫للمطلوب الخصوص من يقي أو ظن و يقال للنظر الثان إنه من حيث الصورة و إنتاج القياس على الطلق فكانت لذلك كتب النط ق‬ ‫ثانية‪ :‬الول ف الجناس العالية الت ينتهي إليها تريد السوسات و هي الت ليس فوقها جنس و يسمى كتاب القولت‪ .‬و الثان ف القضايا‬ ‫التصديقية و أصنافها و يسمى كتاب العبارة‪ .‬و الثالث ف القياس و صورة إنتاجه على الطلق و يسمى كتاب القياس و هذا آخر النظر من‬ ‫حيث الصورة‪ .‬ث الرابع كتاب البهان و هو النظر ف القياس النتج لليقي و كيف يب أن تكون مقدماته يقينية‪ .‬و يتص بشروط أخ رى‬ ‫لفادة اليقي مذكورة فيه مثل كونا ذاتية و أولية و غي ذلك‪ .‬و ف هذا الكتاب الكلم ف العرفات و الدود إذ الطلوب فيها إنا هو اليقي‬ ‫لوجوب الطابقة بي الد و الدود ل تتمل غيها فلذلك اختصت عند التقدمي بذا الكتاب‪ .‬و الامس‪ :‬كتاب الدل و هو القياس الفيد‬ ‫قطع الشاغب و إفحام الصم و ما يب أن يستعمل فيه من الشهورات و يتص أيضا من جهة إفادته لذا الغرض بشروط أخرى من حيث‬ ‫إفادته لذا الغرض و هي مذكورة هناك‪ .‬و ف هذا الكتاب يذكر الواضع الت يستنبط منها صاحب القياس قياسه و فيه عكوس القض ايا‪ .‬و‬


‫السادس‪ :‬كتاب السفسطة و هو القياس الذي يفيد غلف الق و يغالط به الناظر صاحبه و هو فاسد و هذا إنا كتب ليعرف به القي اس‬ ‫الغالطي فيحذر منه‪ .‬و السابع‪ :‬كتاب الطابة و هو القياس الفيد ترغيب المهور و حلهم على الراد منهم و ما يب أن يستعمل ف ذلك‬ ‫من القالت‪ .‬و الثامن‪ :‬كتاب الشعر و هو القياس الذي يفيد التمثيل و التشبيه خاصة للقبال على الشيء أو النفرة عن ه و م ا ي ب أن‬ ‫يستعمل فيه من القضايا التخيلية‪ .‬هذه هي كتب النطق الثمانية عند التقدمي‪ .‬ث إن حكماء اليونانيي بعد أن تذبت الصناعة و رتبت رأوا‬ ‫أنة لبد من الكلم ف الكليات المس الفيدة للتصور الطابق للماهيات ف الارج‪ ،‬أو لجزائها أو عوارضها و هي الن س و الفص ل و‬ ‫النوع و الاص و العرض العام‪ ،‬فاستدركوا فيها مقالة تتص با مقدمة بي يدي الفن فصارت تسعا و ترجت كلها ف اللة الس لمية‪ .‬و‬ ‫كتبها و تداولا فلسفة السلم بالشرح و التلخيص كما فعله الفاراب و ابن سينا ث ابن رشد من فلسفة الندلس‪ .‬و لبن س ينا كت اب‬ ‫الشفاء استوعب فيه علوم الفلسفة السبعة كلها‪ .‬ث جاء التأخرون فغيوا اصطلح النطق و ألقوا بالنظر ف الكليات المس ثرته و ه ي‬ ‫الكلم ف الدود و الرسوم نقلوها من كتاب البهان‪ .‬و حذفوا كتاب القولت لن نظر النطقي فيه بالعرض ل بالذات‪ .‬و ألقوا ف كتاب‬ ‫العبارة الكلم ف العكس‪ .‬و إن كان من كتاب الدل ف كتب التقدمي لكنة من توابع الكلم ف القضايا ببعض الوج وه ث تكلم وا ف‬ ‫القياس من حيث إنتاجه للمطالب على العموم ل بسب مادة و حدقوا النظر فيه بسب الادة و هي الكتب المسة‪ :‬البهان و ال دل و‬ ‫الطابة و الشعر و السفسطة‪ .‬و ربا يلم بعضهم باليسي منها إلاما و أغفلوها كأن ل تكن هي الهم العتمد ف الفن‪ .‬ث تكلموا فيما وضعوه‬ ‫من ذلك كلما مستبحرا و نظروا فيه من حيث إنه فن برأسه ل من حيث إنه آلة للعلوم فطال الكلم فيه و اتسع‪ .‬و أول من فع ل ذل ك‬ ‫المام فخر الدين بن الطيب و من بعده أفضل الدين الوني و على كتبه معتمد الشارقة لذا العهد‪ .‬و له ف هذه الصناعة كتاب كش ف‬ ‫السرار و هو طويل و اختصر فيها متصر الوجز و هو حسن ف التعليم ث متصر المل ف قدر أربعة أوراق أخذ بجامع الف ن و أص وله‬ ‫متداولة التعلمون لذا العهد فينتفعون به‪ .‬و هجرت كتب التقدمي و طرقهم كأن ل تكن و هي متلئة من ثرة النطق و فائدته كما قلناه‪ .‬و‬ ‫ال الادي للصواب‪.‬‬ ‫اعلم أن هذا الفن قد اشتد النكي على انتحاله من متقدمي السلف و التكلمي‪ .‬و بالغوا ف الطعن عليه و التحذير منه و حظ روا تعلم ه و‬ ‫تعليمه‪ .‬وجاء التأخرون من بعدهم من لدن الغزال و المام ابن الطيب فساموا ف ذلك بعض الشيء‪ .‬و أكب الناس على انتح اله م ن‬ ‫يومئذ إل قليل‪ ،‬ينحون فيه إل رأي التقدمي‪ .‬فينفرون عنه و يبالغون ف إنكاره‪ .‬فلنبي لك نكتة القول و الرد ف ذلك‪ ،‬لتعل م مقاص د‬ ‫العلماء ف مذاهبهم‪ ،‬و ذلك أن التكلمي لا وضعوا علم الكلم لنصر العقائد اليانية بالجج العقلية‪ ،‬كانت طريقتهم ف ذلك بأدلة خاصة‬ ‫و ذكروها ف كتبهم كالدليل على حدث العال بإثبات الغراض و حدوثها‪ .‬و امتناع خلو الجسام عنها‪ ،‬و ما ل يل و ع ن ال وادث‬ ‫حادث‪ .‬و كإثبات التوحيد بدليل التمانع‪ .‬و إثبات الصفات القدية بالوامع الربعة إلاقا للغائب بالشاهد‪ .‬و غي ذلك من أدلتهم الذكورة‬ ‫ف كتبهم‪ .‬ث مرروا تلك الدلة بتمهيد قواعد و أصول هي كالقدمات لا مثل إثبات الوهر الفرد و الزمن الفرد و اللء بي الجس ام و‬ ‫نفي الطبيعة و التركيب العقلي للماهيات‪ .‬و أن العرض ل يبقى زمني و إثبات الال و هي صفة الوجود‪ ،‬ل موجودة و ل معدوم ة و غي‬ ‫ذلك من قواعدهم الت بنوا عليها أدلتهم الاصة‪ .‬ث ذهب الشيخ أبو السن‪ ،‬و القاضي أبو بكر و الستاذ أبو إسحاق إل أن أدلة العق ائد‬ ‫منعكسة بعن أنا إذا بطلت بطل مدلولا‪ .‬و لذا رأى القاضي أبو بكر أنا بثابة العقائد و القدح فيها قدح ف العقائد لبتنائها عليها‪ .‬و إذا‬ ‫تأملت النطق وجدته كله يدور على التركيب العقلي‪ ،‬و إثبات الكلي الطبيعي ف الارج لينطبق عليه الكلي الذهن النقس م إل الكلي ات‬ ‫المس‪ ،‬الت هي النس و النوع و الفصل والاصة و العرض العام‪ ،‬و هذا باطل عند التكلمي‪ .‬و الكلي و الذات عندهم إنا اعتب ار ذهن‬ ‫ليس ف الارج ما يطابقه‪ .‬أو حال عند من يقول با فتبطل الكليات المس و التعريف البن عليها‪ .‬و القولت العشر‪ ،‬و يبط ل الع رض‬ ‫الذات‪ ،‬فتبطل ببطلنه القضايا الضرورية الذاتية الشروطة ف البهان و تبطل الواضع الت هي لباب كتاب الدل‪ .‬و هي الت يؤخ ذ منه ا‬ ‫الوسط الامع بي الطرفي ف القياس‪ ،‬و ل يبقى إل القياس الصوري‪ ،‬و من التعريفات الساوئ ف الصادقية على أفراد المود‪ ،‬ل يك ون‬ ‫أعلم منها‪ ،‬فيدخل غيها‪ ،‬و ل أخص فيخرج بعضها‪ ،‬و هو الذي يعب عنه النحاة بالمع و النع و التكلمون بالطرد و العكس‪ ،‬و تنه دم‬ ‫أركان النطق جلة‪ .‬و إن أثبتنا هذه كما ف علم النطق أبطلنا كثيا من مقدمات التكلمي فيؤدي إل إبطال أدلتهم على العقائد كما م ر‪.‬‬ ‫فلهذا بالغ التقدمون من التكلمي ف النكي على انتحال النطق و عده بدعة أو كفرا على نسبة الدليل الذي يبطل‪ .‬و التأخرون م ن ل دن‬ ‫الغزال لا أنكروا انعكاس الدلة‪ ،‬و ل يلزم عندهم من بطلن الدليل بطلن مدلوله‪ ،‬و صح عندهم رأي أهل النطق ف التركيب العقل ي و‬


‫وجوب الاهيات الطبيعية و كلياتا ف الارج‪ ،‬قضوا بأن النطق غي مناف للعقائد اليانية‪ .‬و إن كان منافيا لبعض أدلتها‪ ،‬بل قد يس تدلون‬ ‫على إبطال كثي من تلك القدمات الكلمية‪ ،‬كنفي الوهر الفرد و اللء و بقاء العراض و غيها‪ ،‬و يستبدلون من أدلة التكلمي عل ى‬ ‫العقائد بأدلة أخرى يصححونا بالنظر و القياس العقلي‪ .‬و ل يقدح ذلك عندهم ف العقائد السنية بوجه‪ .‬و ه ذا رأي الم ام و الغزال و‬ ‫تابعهما لذا العهد‪ ،‬فتأمل ذلك و اعرف مدارك العلماء و مآخذهم فيما يذهبون إليه‪ .‬و ال الادي و الوفق للصواب‪.‬‬

‫الفصل الرابع و العشرون‪ :‬ف الطبيعيات‬ ‫و هو علم يبحث ف السم من جهة ما يلحقه من الركة و السكون فينظر ف الجسام السماوية و العنصرية و ما يتولد عنها من حيوان و‬ ‫إنسان و نبات و معدن و ما يتكون ف الرض من العيون و الزلزل و ف الو من السحاب و البخار و الرعد وال بق و الص واعق و غي‬ ‫ذلك‪ .‬و ف مبدأ الركة للجسام و هو النفس على تنوعها ف النسان و اليوان و النبات‪ .‬و كتب أرسطو فيه موجودة بي أيدي الن اس‬ ‫ترجت مع ما ترجم من علوم الفلسفة أيام الأمون و ألف الناس على حذوها مستتبعي لا بالبيان و الشرح و أوعب من ألف ف ذلك اب ن‬ ‫سينا ف كتاب الشفاء جع فيه العلوم السبعة للفلسفة كما قدمنا ث لصه ف كتاب النجا و ف كتاب الشارات و كأنه يالف أرس طو ف‬ ‫الكثي من مسائلها و يقول برأيه فيها‪ .‬و أما ابن رشد فلخص كتب أرسطو و شرحها متبعا له غي مالف‪ .‬و ألف الناس ف ذلك كثيا لكن‬ ‫هذه هي الشهورة لذا العهد و العتبة ف الصناعة‪ .‬و لهل الشرق عناية بكتاب الشارات ل بن سينا و للمام ابن الطيب علي ه ش رح‬ ‫حسن و كذا المدي و شرحه أيضا نصي الدين الطوسي العروف بواجه من أهل الشرق و بث مع المام ف كثي من مسائله فأوف على‬ ‫أنظاره و بوثه و فوق كل ذي علم عليم و ال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم‪.‬‬

‫الفصل الامس و العشرون‪ :‬ف علم الطب‬ ‫و من فروع الطبيعيات صناعة الطب و هي صناعة تنظر ف بدن النسان من حيث يرض و يصح فيحاول صاحبها حفظ الص حة و ب رء‬ ‫الرض بالدوية والغذية بعد أن يتبي الرض الذي يص كل عضو من أعضاء البدن و أسباب تلك المراض الت تنشأ عنها و ما لكل مرض‬ ‫من الدوية مستدلي على ذلك بأمزجة الدوية و قواها و على الرض بالعلمات الؤذن بنضجه و قبوله الدواء أول‪ :‬ف السجية و الفضلت‬ ‫و النبض ماذين لذلك قوة الطبيعة فإنا الدبرة ف حالت الصحة و الرض‪ .‬و إنا الطبيب ياذيها و يعينها بعض الشيء بسب م ا تقتض يه‬ ‫طبيعة الادة و الفصل و السن و يسمى العلم الامع لذا كله علم الطب‪ .‬و ربا أفردوا بعض العضاء بالكلم و جعلوه علما خاصا‪ ،‬كالعي‬ ‫و عللها وأكحالا‪ .‬كذلك ألقوا بالفن من مناخ العضاء و معناها النفعة الت لجلها خلق كل عضو من أعضاء البدن الي وان‪ .‬و إن ل‬ ‫يكن ذلك من موضوع علم الطب إل أنم جعلوه من لواحقه و توابعه‪ .‬و إمام هذه الصناعة الت ترجت كتبه فيها من القدمي ج الينوس‬ ‫يقال إنه كان معاصرا لعيسى عليه السلم و يقال إنه مات بصقلية ف سبيل تغلب و مطاوعة اغتراب‪ .‬و تآليفه فيها هي المهات الت اقتدى‬ ‫با جيع الطباء بعده‪ .‬و كان ف السلم ف هذه الصناعة أئمة جاءوا من وراء الغاية مثل الرازي و الوسي و ابن سينا و من أهل الندلس‬ ‫أيضا كثي وأشهرهم ابن زهر‪ .‬و هي لذا العهد ف الدن السلمية كأنا نقصت لوقوف العمران و تناقصه و هي م ن الص نائع ال ت ل‬ ‫تستدعيها إل الضارة و الترف كما نبينه بعد‪ .‬و للبادية من أهل العمران طب يبنونه ف غالب المر على تربة قاصرة على بعض الشخاص‬ ‫متوارثا عن مشايخ الي و عجائزه‪ ،‬و ربا يصح منه البعض إل أنة ليس على قانون طبيعي و ل على موافقة الزاج‪ .‬و كان عند العرب م ن‬ ‫هذا الطب كثي و كان فيهم أطباء معروفون كالارث بن كلدة و غيه‪ .‬و الطب النقول ف الشرعيات من هذا القبيل و ليس من الوحي ف‬ ‫شيء و إنا هو أمر كان عاديا للعرب‪ .‬و وقع ف ذكر أحوال النب صلى ال عليه و سلم من نوع ذكر أحواله الت هي عادة و جبلة ل م ن‬ ‫جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل‪ .‬فإنه صلى ال عليه و سلم إنا بعث ليعلمنا الشرائع و ل يبعث لتعريف الط ب و ل غيه‬ ‫من العاديات‪ .‬و قد وقع له ف شأن تلقيح النخل ما وقع فقال‪ :‬أنتم أعلم بأمور دنياكم‪ .‬فل ينبغي أن يمل شيء من الطب الذي وق ع ف‬ ‫الحاديث الصحيحة النقولة على أنة مشروع فليس هناك ما يدل عليه اللهم إل إذا استعمل على جهة التبك و صدق العقد اليان فيك ون‬


‫له أثر عظيم ف النفع‪ .‬و ليس ذلك ف الطب الزاجي و إنا هو من آثار الكلمة اليانية كما وقع ف مداواة البطون بالعس ل و ن وه و ال‬ ‫الادي إل الصواب ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل السادس و العشرون‪ :‬ف الفلحة‬ ‫هذه الصناعة من فروع الطبيعيات و هي النظر ف النبات من حيث تنميته و نشؤه بالسقي و العلج و تعهده بثل ذلك و كان للمتقدمي با‬ ‫عناية كثية و كان النظر فيها عندهم عاما ف النبات من جهة غرسه و تنميته و من جهة خواصه و روح انيته و مش اكلتها لروحاني ات‬ ‫الكواكب و الياكل الستعمل ذلك كله ف باب السحر فعظمت عنايتهم به لجل ذلك‪ .‬و ترجم من كتب اليونانيي كتاب الفلحة النبطية‬ ‫منسوبة لعلماء النبط مشتملة من ذلك على علم كبي‪ .‬و لا نظر أهل اللة فيما اشتمل عليه هذا الكتاب و كان باب السحر مسدودا و النظر‬ ‫فيه مظورا فاقتصروا منه على الكلم ف النبات من جهة غرسه و علجه و ما يعرض له ف ذلك و حذفوا الكلم ف الفن الخر منه جلة‪ .‬و‬ ‫اختصر ابن العوام كتاب الفلحة النبطية على هذا النهاج و بقي الفن الخر منه مغفل‪ ،‬نقل منة مسلمة ف كتبه السحرية أمهات من مسائله‬ ‫كما نذكره عند الكلم على السحر إن شاء ال تعال‪ .‬و كتب التأخرين ف الفلحة كثية و ل يعدون فيها الكلم ف الغ راس و العلج و‬ ‫حفظ النبات من حوائجه و عوائقه و ما يعرض ف ذلك كله و هي موجودة‪.‬‬

‫الفصل السابع و العشرون‪ :‬ف علم الليات‬ ‫و هو علم ينظر ف الوجود الطلق فأول ف المور العامة للجسمانيات و الروحانيات من الاهيات و الوحدة و الكثرة و الوجوب و المكان‬ ‫و غي ذلك ث ينظر ف مبادئ الوجودات و أنا روحانيات ث ف كيفية صدور الوجودات عنها و مراتبها ث ف أحوال النفس بعد مفارق ة‬ ‫الجسام و عودها إل البدأ‪ .‬و هو عندهم علم شريف يزعمون أنة يوقفهم على معرفة الوجود على ما هو عليه و أن ذلك عي الس عادة ف‬ ‫زعمهم‪ .‬و سيأت الرد عليهم بعد‪ .‬و هو تال للطبيعيات ف ترتيبهم ولذلك يسمونه علم ما وراء الطبيعة‪ .‬و كتب العلم الول فيه موج ودة‬ ‫بي أيدي الناس‪ .‬و لصه ابن سينا ف كتاب الشفاء و النجاة و كذلك لصه ابن رشد من حكماء الندلس‪ .‬و لا وضع التأخرون ف علوم‬ ‫القوم و دونوا فيها و رد عليهم الغزال ما رد منها ث خلط التأخرون من التكلمي مسائل علم الكلم بس ائل الفلس فة لش تراكهما ف‬ ‫الباحث‪ ،‬و تشابه موضوع علم الكلم بوضوع الليات و مسائله بسائلها فصارت كأنا فن واحد ث غيوا ترتيب الكم اء ف مس ائل‬ ‫الطبيعيات و الليات و خلطوها فنا واحدا قدموا الكلم ف المور العامة ث أتبعوه بالسمانيات و توابعها ث بالروحانيات و توابعه ا إل‬ ‫آخر العلم كما فعله المام ابن الطيب ف الباحث الشرقية و جيع من بعده من علماء الكلم‪ .‬و صار علم الكلم متلطا بسائل الكمة و‬ ‫كتبه مشوة با كأن الغرض مم موضوعهما و مسائلهما واحد‪ .‬و التبس ذلك على الناس و هو صواب لن مسائل علم الكلم إن ا ه ي‬ ‫عقائد متلقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غي رجوع فيها إل العقل و ل تعويل عليه بعن أنا ل تثبت إل به فإن العقل معزول ع ن‬ ‫الشرع و أنظاره و ما تدث فيه التكلمون من إقامة الجج فليس بثا عن الق فيها فالتعليل بالدليل بعد أن ل يكن معلوما هو شأن الفلسفة‬ ‫بل إنا هو التماس حجة عقلية تعضد عقائد اليان و مذاهب السلف فيها و تدفع شبه أهل البدع عنها الذين زعموا أن م داركهم فيه ا‬ ‫عقلية‪ .‬و ذلك بعد أن تفرض صحيحة بالدلة النقلية كما تلقاها السلف و اعتقدوها و كثي ما بي القامي‪ .‬و ذلك أن م دارك ص احب‬ ‫الشريعة أوسع لتساع نطاقها عن مدارك النظار العقلية فهي فوقها و ميطة با لستمدادها من النوار اللية فل تدخل تت قانون النظ ر‬ ‫الضعيف و الدارك الاط با‪ .‬فإذا هدانا الشارع إل مدرك فينبغي أن نقدمه على مداركنا و نثق به دونا و ل ننظر ف تص حيحه ب دارك‬ ‫العقل و لو عارضه بل نعتمد ما أمرنا به اعتقادا و علما و نسكت عما ل نفهم من ذلك و نفوضه إل الش ارع و نع زل العق ل عن ه و‬ ‫التكلمون إنا دعاهم إل ذلك كلم أهل اللاد ف معارضات العقائد السلفية بالبدع النظرية فاحتاجوا إل الرد عليهم من جنس معارضاتم‬ ‫و استدعى ذلك الجج النظرية و ماذاة العقائد السلفية با و أما النظر ف مسائل الطبيعيات والليات بالتص حيح و البطلن فلي س م ن‬ ‫موضوع علم الكلم و ل من جنس أنظار التكلمي‪ .‬فاعلم ذلك لتميز به بي الفني فإنما متلطان عند التأخرين ف الوض ع و الت أليف و‬


‫الق مغايرة كل منهما لصاحبه بالوضوع و السائل و إنا جاء اللتباس من اتاد الطالب عند الستدلل و صار احتجاج أهل الكلم كأنه‬ ‫إنشاء لطلب العتداد بالدليل و ليس كذلك بل إنا هو رد على اللحدين و الطلوب مفروض الصدق معلومة‪ .‬و كذا جاء التأخرون م ن‬ ‫غلة التصوفة التكلمي بالواجد أيضا فخلطوا مسائل الفني بفنهم و جعلوا الكلم واحدا فيها كلها مثل كلمهم ف النبؤات و الت اد و‬ ‫اللول و الوحدة و غي ذلك‪ .‬و الدارك ف هذه الفنون الثلثة متغايرة متلفة و أبعدها من جنس الفنون و العلوم مدارك التص وفة لن م‬ ‫يدعون فيها الوجدان و يفرون عن الدليل و الوجدان بعيد عن الدارك العلمية و أباثها و توابعها كما بيناه و نبينه‪ .‬و ال يهدي من يش اء‬ ‫إل طريق مستقيم و ال أعلم بالصواب‪.‬‬

‫الفصل الثامن و العشرون‪ :‬ف علوم السحر و الطلسمات‬ ‫و هي علوم بكيفية استعدادات تقتدر النفوس البشرية با على التأثيات ف عال العناصر إما بغي معي أو بعي من المور السماوية و الول‬ ‫هو السحر و الثان هو الطلسمات و لا كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لا فيها من الضرر و لا يشترط فيها من الوجهة إل غي ال‬ ‫من كوكب أو غيه كانت كتبها كالفقودة بي الناس‪ .‬إل ما وجد ف كتب المم القدمي فيما قبل نبؤة موسى عليه السلم مثل النب ط و‬ ‫الكلدانيي فإن جيع من تقدمه من النبياء ل يشرعوا الشرائع و ل جاءوا بالحكام إنا كانت كتبهم مواعظ و توحيدا ل و تذكيا بالن ة‬ ‫والنار و كانت هذه العلوم ف أهل بابل من السريانيي و الكلدانيي و ف أهل مصر من القبط و غيهم‪ .‬و كان لم فيها التآليف و الثار و‬ ‫ل يترجم لنا من كتبهم فيها إل القليل مثل الفلحة النبطية من أوضاع أهل بابل فأخذ الناس منها هذا العلم و تفننوا فيه و وضعت بعد ذلك‬ ‫الوضاع مثل مصاحف الكواكب السبعة و كتاب طمطم الندي ف صور الدرج و الكواكب و غيها‪ .‬ث ظهر بالشرق جابر ب ن حي ان‬ ‫كبي السحرة ف هذه اللة فتصفح كتب القوم و استخرج الصناعة و غاص ف زبدتا و استخرجها و وضع فيها غيها من التآليف و أك ثر‬ ‫الكلم فيها و ف صناعة السيمياء لنا من توابعها لن إحالة الجسام النوعية من صورة إل أخرى إنا يكون بالقوة النفس ية ل بالص ناعة‬ ‫العملية فهو من قبيل السحر كما نذكره ف موضعه‪ .‬ث جاء مسلمة بن أحد الريطي إمام أهل الندلس ف التعاليم والسحريات فلخص جيع‬ ‫تلك الكتب و هذبا و جع طرقها ف كتابه الذي ساه غاية الكيم و ل يكتب أحد ف هذا العلم بعده‪ .‬و لتقدم هنا مقدمة يتبي با حقيقة‬ ‫السحر و ذلك أن النفوس البشرية و إن كانت واحدة بالنوع فهي متلفة بالواص و هي أصناف كل صنف متص باصية واحدة بالنوع ل‬ ‫توجد ف الصنف الخر‪ .‬و صارت تلك الواص فطرة و جبلة لصنفها فنفوس النبياء عليهم الصلة و السلم ل ا خاص ية تس تعد ب ا‬ ‫للنسلخ من الروحانية البشرية إل الروحانية اللكية حت يصي ملكا ف تلك اللمحة الت انسلخت فيها‪ ،‬و هذا هو معن الوحي كما مر ف‬ ‫موضعه‪ ،‬و هي ف تلك الالة مصلة للمعرفة الربانية و ماطبة اللئكة عليهم السلم عن ال سبحانه و تعال كما مر‪ .‬و ما يتسع ف ذلك من‬ ‫التأثي ف الكوان و نفوس السحرة لا خاصة التأثي ف الكوان و استجلب روحانية الكواكب للتصرف فيها و التأثي بق وة نفس انية أو‬ ‫شيطانية‪ .‬فأما تأثي النبياء فمدد إلي و خاصية ربانية و نفوس الكهنة لا خاصية الطلع على الغيبات بقوى شيطانية‪ .‬و هكذا كل صنف‬ ‫متص باصية ل توجد ف الخر‪ .‬و النفوس الساحرة على مراتب ثلث يأت شرحها فأولا الؤثرة بالمة فقط من غي آلة و ل معي و هذا‬ ‫هو الذي تسميه الفلسفة السحر و الثان بعي من مزاج الفلك أو العناصر أو خواص العداد و يسمونه الطلسمات و هو أضعف رتبة من‬ ‫الول و الثالث تأثي ف القوى التخيلة‪ .‬يعمد صاحب هذا التأثي إل القوى التخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف و يلقي فيها أنواعا من‬ ‫اليالت و الاكاة و صورا ما يقصده من ذلك ث ينلا إل الس من الرائي بقوة نفسه الؤثرة فيه فينظر الراؤن كأنا ف الارج و لي س‬ ‫هناك شيء من ذلك‪ ،‬كما يكى عن بعضهم أنه يري البساتي و النار و القصور و ليس هناك شيء من ذلك ويسمى هذا عند الفلس فة‬ ‫الشعوذة أو الشعبذة‪ .‬هذا تفصيل مراتبه ث هذه الاصية تكون ف الساحر بالقوة شأن القوى البشرية كلها و إنا ترج إل الفعل بالرياضة و‬ ‫رياضة السحر كلها إنا تكون بالتوجه إل الفلك و الكواكب و العوال العلوية والشياطي بأنواع التعظيم و العبادة و الض وع و الت ذلل‬ ‫فهي لذلك وجهة إل غي ال و سجود له‪ .‬و الوجهة إل غي ال كفر فلهذا كان السحر كفرا و الكفر من مواده و أسبابه كما رأي ت‪ .‬و‬ ‫لذا اختلف الفقهاء ف قتل الساحر هل هو لكفره السابق على فعله أو لتصرفه بالفساد و ما ينشأ عنه من الفساد ف الكوان و الكل حاصل‬ ‫منه‪ .‬و لا كانت الرتبتان الوليان من السحر لا حقيقة ف الارج و الرتبة الخية الثالثة ل حقيقة لا اختلف العلماء ف السحر ه ل ه و‬


‫حقيقة أو إنا هو تييل فالقائلون بأن له حقيقة نظروا إل الرتبتي الوليي و القائلون بأن ل حقيقة له نظروا إل الرتبة الثالثة الخية‪ .‬فليس‬ ‫بينهم اختلف ف نفس المر بل إنا جاء من قبل اشتباه هذه الراتب و ال أعلم‪ .‬و اعلم أن وجود السحر ل مرية فيه بي العقلء من أج ل‬ ‫التأثي الذي ذكرناه و قد نطق به القرآن‪ .‬قال ال تعال‪ :‬و لكن الشياطي كفروا يعلمون الناس السحر و ما أنزل على اللكي ببابل هاروت‬ ‫و ماروت و ما يعلمان من أحد حت يقول إنا نن فتنة فل تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بي الرء و زوجه و ما هم بضارين به م ن‬ ‫أحد إل بإذن ال‪ .‬و سحر رسول ال صلى ال عليه و سلم حت كان ييل إليه أنة يفعله و جعل سحره ف مشط و مشاقة و جف طلع ة و‬ ‫دفن ف بئر ذروان فأنزل ال عز و جل عليه ف العوذتي‪ :‬و من شر النفاثات ف العقد قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬كان ل يقرأ على عقدة‬ ‫من تلك العقد الت سحر فيها إل انلت‪ .‬و أما وجود السحر ف أهل بابل و هم الكلدانيون من النبط و السريانيي فكثي و نطق به القرآن و‬ ‫جاءت به الخبار و كان للسحر ف بابل و مصر أزمان بعثة موسى عليه السلم أسواق نافقة‪ .‬و لذا كانت معجزة موسى من جن س م ا‬ ‫يدعون و يتاناغون فيه و بقي من آثار ذلك ف الباري بصعيد مصر شواهد دالة على ذلك و رأينا بالعيان من يص ور ص ورة الش خص‬ ‫السحور بواص أشياء مقابلة لا نواه و حاوله موجودة بالسحور و أمثال تلك العان من أساء و صفات ف التأليف و التفريق‪ .‬ث يتكل م‬ ‫على تلك الصورة الت أقامها مقام الشخص السحور عينا أو معن ث ينفث من ريقه بعد اجتماعه ف فيه بتكرير مارج تلك الروف م ن‬ ‫الكلم السوء و يعقد على ذلك العن ف سبب أعده لذلك تفاؤل بالعقد و اللزام و أخذ العهد على من أشرك به من الن ف نفثه ف فعل ه‬ ‫ذلك استشعارا للعزية بالعزم‪ .‬و لتلك البنية و الساء السيئة روح خبيثة ترج منه مع النفخ متعلقة يريقه الارج من فيه بالنفث فتنل عنه ا‬ ‫أرواح خبيثة و يقع عن ذلك بالسحور ما ياوله الساحر‪ .‬و شاهدنا أيضا من النتحلي للسحر و عمله من يشي إل كساء أو جلد و يتكلم‬ ‫عليه ف سره فإذا هو مقطوع متخرق‪ .‬و يشي إل بطون الغنم كذلك ف مراعيها بالبعج فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونا إل الرض‪ .‬و سعنا‬ ‫أن بأرض الند لذا العهد من يشي إل إنسان فيتحتت قلبه و يقع ميتا و ينقلب عن قلبه فل يوجد ف حشاه و يشي إل الرمانة و تفت ح فل‬ ‫يوجد من حبوبا شيء‪ .‬و كذلك سعنا أن بأرض السودان و أرض الترك من يسحر السحاب فيمطر الرض الخصوصة‪ .‬و كذلك رأينا من‬ ‫عمل الطلسمات عجائب ف العداد التحابة و هي ر ك ر ف د أحد العددين مائتان و عشرون و الخر مائتان و أربعة و ث انون و معن‬ ‫التحابة أن أجزاء كل واحد الت فيه من نصف و ثلث و ربع و سدس و خس و أمثالا إذا جع كان متساويا للعدد الخر صاحبه فتس مى‬ ‫لجل ذلك التحابة‪ .‬و نقل أصحاب الطلسمات أن لتلك العداد أثرا ف اللفة بي التحابي و اجتماعهما إذا وضع لما مث الن أح دها‬ ‫بطالع الزهرة و هي ف بيتها أو شرفها ناظرة إل القمر نظر مودة و قبول و يعل طالع الثان سابع الول و يضع على أحد التمث الي أح د‬ ‫العددين و الخر على الخر‪ .‬و يقصد بالكثر الذي يراد ائتلفه أعن البوب ما أدري الكثر كمية أو الكثر أجزاء فيكون ل ذلك م ن‬ ‫التألف العظيم بي التحابي مال يكاد ينفك أحدها عن الخر‪ .‬قاله صاحب الغاية و غيه من أئمة هذا الشأن و شهدت له التجربة‪ .‬و كذا‬ ‫طابع السد و يسمى أيضا طابع الصى و هو أن يرسم ف قالب هند إصبع صورة أسد سائل ذنبه عاضا على حصاة قد قسمها بنص في و‬ ‫بي يديه صورة حية منسابة من رجليه إل قبالة وجهه فاغرة فاها فيه و على ظهره صورة عقرب تدب‪ .‬و يتحي برسه حل ول الش مس‬ ‫بالوجه الول أو الثالث من السد بشرط صلح النيين و سلمتهما من النحوس‪ .‬فإذا وجد ذلك و عثر عليه طبع ف ذلك الوقت ف مقدار‬ ‫الثقال فما دونه من الذهب و غمس بعد ف الزعفران ملول باء الورد و رفع ف خرقة حرير صفراء فإنم يزعمون أن لمسكه من العز على‬ ‫السلطي ف مباشرتم و خدمتهم و تسخيهم له مال يعب عنه‪ .‬و كذلك للسلطي فيه من القوة و العز على من تت أيديهم‪ .‬ذكر ذل ك‬ ‫أيضا أهل هذا الشأن ف الغاية و غيها و شهدت له التجربة‪ .‬و كذلك وفق السدس الختص بالشمس ذكروا أنه‪ .‬يوض ع عن د حل ول‬ ‫الشمس ف شرفها و سلمتها من النحوس و سلمة القمر بطالع ملوكي يعتب فيه نظر صاحب العاشر لصاحب الطالع نظر مودة و قب ول و‬ ‫يصلح فيه ما يكون من مواليد اللوك من الدلة الشريفة و يرفع ف خرقة حرير صفراء بعد أن يغمس ف الطيب‪ .‬فزعموا أن له أثرا ف صحابة‬ ‫اللوك و خدمتهم و معاشرتم‪ .‬و أمثال ذلك كثي‪ .‬و كتاب الغاية لسلمة بن أحد الريطي هو مدونة هذه الصناعة و في ه اس تيفاؤها و‬ ‫كمال مسائلها و ذكر لنا أن المام الفخر بن الطيب وضع كتابا ف ذلك و ساه بالسر الكتوم و أنه بالشرق يتداوله أهله و نن ل نق ف‬ ‫عليه‪ .‬و المام ل يكن من أئمة هذا الشأن فيما نظن و لعل المر بلف ذلك‪ .‬و بالغرب صنف من هؤلء النتحلي لذه العمال السحرية‬ ‫يعرفون بالبعاجي و هم الذين ذكرت أول أنم يشيون إل الكساء أو اللد فيتخرق و يشيون إل بطون الغنم بالبعج فتنبع ج‪ .‬و يس مى‬ ‫أحدهم لذا العهد باسم البعاج لن أكثر ما ينتحل من السحر بعج النعام يرهب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها و هم مستترون ب ذلك ف‬


‫الغاية خوفا على أنفسهم من الكام‪ ،‬لقيت منهم جاعة و شاهدت من أفعالم هذه بذلك و أخبون أن لم وجهة و رياضة خاصة بدعوات‬ ‫كفرية و إشراك لروحانيات الن و الكواكب‪ ،‬شطرت فيها صحيفة عندهم تسمى الزيرية يتدارسونا و أنم ب ذه الرياض ة و الوجه ة‬ ‫يصلون إل حصول هذه الفعال لم و أن التأثي الذي لم إنا هو فيما سوى النسان الر من التاع و اليوان و الرفيق و يعبون عن ذل ك‬ ‫يقولم إنا نفعل فيما تشي فيه الدراهم أي ما يلك و يباع و يشترى من سائر التملكات هذا ما زعموه‪ .‬و سألت بعضهم فأخبن به و أما‬ ‫أفعالم فظاهرة موجودة وقفنا على الكثي منها و عاينتها من غي ريبة ف ذلك‪ .‬هذا شأن السحر والطلسمات و أثاره ا ف الع ال فأم ا‬ ‫الفلسفة ففرقوا بي السحر و الطلسمات بعد أن أثبتوا أنما جيعا أثر للنفس النسانية و استدلوا على وجود الثر للنفس النسانية بأن ل ا‬ ‫آثارا ف بدنا على غي الرى الطبيعي و أسبابه السمانية بل آثار عارضة من كيفيات الرواح تارة كالسخونة الادثة عن الفرح و السرور‬ ‫و من جهة التصورات النفسانية أخرى كالذي يقع من قبل التوهم‪ .‬فإن الاشي على حرف حائط أو حبل منتصب إذا قوي عن ده ت وهم‬ ‫السقوط سقط بل شك‪ .‬و لذا تد كثيا من الناس يعودون أنفسهم ذلك بالدربة عليه حت يذهب عنهم هذا الوهم فتجدهم يشون عل ى‬ ‫حرف الائط و البل النتصب و ل يافون السقوط‪ .‬فثبت أن ذلك من آثار النفس النسانية و تصورها للسقوط من أج ل ال وهم‪ .‬و إذا‬ ‫كان ذلك أثرا للنفس ف بدنا من غي السباب السمانية الطبيعية فجائز أن يكون لا مثل هذا الثر ف غي بدنا إذ نسبتها إل الب دان ف‬ ‫ذلك النوع من التأثي واحدة لنا غي حالة ف البدن و ل منطبعة فيه فثبت أنا مؤثرة ف سائر الجسام‪ .‬و أما التفرقة عندهم بي السحر و‬ ‫الطلسمات فهو أن السحر ل يتاج الساحر فيه إل معي و صاحب الطلسمات يستعي بروحانيات الكواكب و أسرار العداد و خ واص‬ ‫الوجودات و أوضاع الفلك الؤثرة ف عال العناصر كما يقول النجمون و يقولون‪ :‬السحر اتاد روح بروح و الطلسم اتاد روح يسم و‬ ‫معناه عندهم ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية‪ ،‬و الطبائع العلوية هي روحانيات الكواكب و لذلك يستعي صاحبه ف غ الب‬ ‫المر بالنجامة‪ .‬و الساحر عندهم غي مكتسب لسحره بل هو مفطور عندهم على تلك البلة الختصة بذلك النوع من الت أثي‪ .‬و الف رق‬ ‫عندهم بي العجزة و السحر أن العجزة قوة إلية تبعث على النفس ذلك التأثي فهو مؤيد بروح ال على فعله ذلك‪ .‬و الساحر إن ا يفع ل‬ ‫ذلك من لدن نفسه و بقوته النفسانية و بإمداد الشياطي ف بعض الحوال فبينهما الفرق ف العقولية و القيقة و الذات ف نفس المر و إنا‬ ‫نستدل نن على التفرقة بالعلمات الظاهرة و هي وجود العجزة لصاحب الي و ف مقاصد الي و للنفوس التمحصة للخي و التحدي با‬ ‫على دعوى النبؤة‪ .‬و السحر إنا يوجد لصاحب الشر و ف أفعال الشر ف الغالب من التفريق بي الزوجي و ضرر العداء و أمثال ذلك‪ .‬و‬ ‫للنفوس التمحصة للشر‪ .‬هذا هو الفرق بينهما عند الكماء الليي‪ :‬و قد يوجد لبعض التصوفة و أصحاب الكرامات تأثي أيضا ف أحوال‬ ‫العال و ليس معدودا من جنس السحر و إنا هو بالمداد اللي لن طريقتهم و نلتهم من آثار النبؤة و توابعها و لم ف الدد‪ ،‬اللي حفظ‬ ‫على قدر حالم و إيانم و تسكهم بكلمة ال و إذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشر ل يأتيها لنة متقيد فيما يأتيه بذرة للمر اللي‪ .‬فم ا‬ ‫ل يقع لم فيه الذن ل يأتونه بوجه و من أتاه منهم فقد عدل عن طريق الق و ربا سلب حاله‪ .‬و لا كانت العج زة بإم داد روح ال و‬ ‫القوى اللية فلذلك ل يعارضها شيء من السحر‪ .‬و انظر شأن سحرة فرعون مع موسى ف معجزة العصا كيف تلقفت ما كانوا به يأفكون‬ ‫و ذهب سحرهم و اضمحل كأن ل يكن‪ .‬و كذلك لا أنزل على النب صلى ال عليه و سلم ف العوذتي و من شر النفاثات ف العقد‪ .‬قالت‬ ‫عائشة رضي ال عنها‪ :‬فكان ل يقرأها على عقد ف من العقد الت سحر فيها إل انلت‪ .‬فالسحر ل يثبت مع اسم ال و ذكره بالمة اليانية‬ ‫و قد نقل الؤرخون أن زركش كاويان و هي راية كسرى كان فيها الوفق الئين العددي منسوجا بالذهب ف أوضاع فلكية رصدت لذلك‬ ‫الوفق‪ .‬و وجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية واقعة على الرض بعد انزام أهل فارس و شتاتم‪ .‬و هو فيما يزعم أه ل الطلس مات و‬ ‫الوفاق مصوص بالغلب ف الروب و أن الراية الت يكون فيها أو معها ل تنهزم أصل‪ .‬إل أن هذه عارضها الدد اللي من إيان أصحاب‬ ‫رسول ال صلى ال علية و سلم و تسكهم بكلمة ال فانل معها كل عقد سحري و ل يثبت و يطل ما كانوا يعملون‪ .‬و أما الشريعة فلم‬ ‫تفرق بي السحر و الطلسمات و جعلته كله بابا واحدا مظورا‪ .‬لن الفعال إنا أباح لنا الشارع منها ما يهمنا ف ديننا الذي فيه ص لح‬ ‫آخرتنا أو ف معاشنا الذي فيه صلح دنيانا و ما ل يهمنا ف شيء منهما فإن كان فيه ضرر أو نوع ضرر كالسحر الاصل ضرره بالوقوع و‬ ‫يلحق به الطلسمات لن أثرها واحد و كالنجامة الت فيها نوع ضرر باعتقاد التأثي فتفسد العقيدة اليانية برد المور إل غي ال فيك ون‬ ‫حينئذ ذلك الفعل مظورا على نسبته ف الضرر‪ .‬و إن ل يكن مهما علينا و ل فيه ضرر فل أقل من تركه قربة إل ال فإن من حسن إس لم‬ ‫الرء تركه مال يعنيه‪ .‬فجعلت الشريعة باب السحر والطلسمات و الشعوذة بابا واحدا لا فيها من الضرر و خصته بالظر و التحري‪ .‬و أم ا‬


‫الفرق عندهم بي العجزة و السحر فالذي ذكره التكلمون أنة راجع إل التحدي و هو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه‪ .‬قالوا‪ :‬و الساحر‬ ‫مصروف عن مثل هذا التحدي فل يقع منه‪ .‬و وقوع العجزة على وفق دعوى الكاذب غي مقدور لن دللة العجزة على الصدق عقلية لن‬ ‫صفة نفسها التصديق فلو وقعت مع الكذب لستحال الصادق كاذبا و هو مال فإذا ل تقع العجزة مع الكاذب بإطلق‪ .‬و أما الكم اء‬ ‫فالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه فرق ما بي الي و الشر ف ناية الطرفي‪ .‬فالساحر ل يصدر منه الي و ل يستعمل ف أس باب الي و‬ ‫صاحب العجزة ل يصدر منه الشر و ل يستعمل ف أسباب الشر و كأنما على طرف النقيض ف أصل فطرتما‪ .‬و ال يهدي من يشاء و هو‬ ‫القوي العزيز ل رب سواه و من قبيل هذه التأثيات النفسية الصابة بالعي و هو تأثي من نفس العيان عندما يستحسن بعينه م دركا م ن‬ ‫الذوات أو الحوال و يفرط ف استحسانه و ينشأ عن ذلك الستحسان حسد يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به فيؤثر فساده‪ .‬و‬ ‫هو جبلة فطرية أعن هذه الصابة بالعي‪ .‬و الفرق بينها و بي التأثيات النفسانية أن صدورة فطري جبلي ل يتخلف و ل يرج ع اختي ار‬ ‫صاحبه و ل يكتسبه‪ .‬و سائر التأثيات و إن كان منها مال يكتسب فصدورها راجع إل اختيار فاعلها و الفطري منها قوة صدورها و لذا‬ ‫قالوا‪ :‬القاتل بالسحر أو بالكرامة يقتل و القاتل بالعي ل يقتل‪ .‬و ما ذلك إل أنه ليس ما يريده و يقصده أو يتركه و إن ا ه و مب ور ف‬ ‫صدوره عنه‪ .‬و ال أعلم با ف الغيوب و مطلع على ما ف السرائر‪.‬‬

‫القسم الول من الفصل التاسع و العشرون‪ :‬علم أسرار الروف‬ ‫و هو السمى لذا العهد بالسيميا‪ .‬نقل وضعه من الطلسمات إليه ف اصطلح أهل التصرف من التصوفة‪ ،‬فاس تعمل اس تعمال الع ام ف‬ ‫الاص‪ .‬و حدث هذا العلم ف اللة بعد صدر منها‪ ،‬و عند ظهور الغلة من التصوفة و جنوحهم إل كشف حج اب ال س‪ ،‬و ظه ور‬ ‫الوارق على أيديهم و التصرفات ف عال العناصر‪ ،‬و تدوين الكتب و الصطلحات‪ ،‬و مزاعمهم ف تنل الوجود عن الواحد و ترتيب ه‪ .‬و‬ ‫زعموا أن الكمال السائي مظاهره أرواح الفلك و الكواكب‪ ،‬و أن طبائع الروف و أسرارها سارية ف الساء‪ ،‬فهي سارية ف الك وان‬ ‫على هذا النظام‪ .‬و الكوان من لدن البداع الول تتنقل ف أطواره و تعرب عن أسراره‪ ،‬فحدث لذلك علم أسرار الروف‪ ،‬و ه و م ن‬ ‫تفاريع علم السيمياء ل يوقف على موضوعه و ل تاط بالعدد مسائله‪ .‬تعددت فيه تآليف البون و ابن العرب و غيها من اتبع آثاره ا‪ .‬و‬ ‫حاصلة عندهم و ثرته تصرف النفوس الربانية ف عال الطبيعة بالساء السن و الكلمات اللية الناشئة عن الروف اليطة بالسرار السارية‬ ‫ف الكوان‪.‬‬ ‫ث اختلفوا ف سر التصرف الذي ف الروف با هو‪ :‬فمنهم من جعله للمزاج الذي فيه‪ ،‬و قسم الروف بقسمة الطبائع إل أربعة أص ناف‬ ‫كما للعناصر‪ .‬و اختصت كل طبيعة بصنف من الروف يقع التصرف ف طبيعتها فعل و انفعال بذلك الصنف‪ ،‬فتنوعت الروف بق انون‬ ‫صناعي يسمونه التكسي إل نارية و هوائية و مائية و ترابية على حسب تنوع العناصر‪ ،‬فاللف للنار و الباء للهواء واليم للم اء وال دال‬ ‫للتراب‪ .‬ث ترجع كذلك على التوال من الروف و العناصر إل أن تنفذ‪ .‬فتعي لعنصر النار حروف سبعة‪ :‬اللف و الاء و الطاء و الي م و‬ ‫الفاء والسي و الذال‪ ،‬و تعي لعنصر الواء سبعة أيضا‪ :‬الباء و الواو و الياء و النون و الضاد والتاء و الظاء‪ ،‬و تعي لعنصر الاء أيضا س بعة‪:‬‬ ‫اليم و الزاي و الكاف و الصاد والقاف و الثاء و الغي‪ ،‬و تعي لعنصر التراب أيضا سبعة‪ :‬الدال و الاء و اللم و العي و الراء و الاء و‬ ‫الشي‪.‬‬ ‫و الروف النارية لدفع المراض الباردة و لضاعفة قوة الرارة حيث تطلب مضاعفتها‪ ،‬إما حسا أو حكما‪ .‬كما ف تضيف قوى الريخ ف‬ ‫الروب ف القتل و الفتك‪ .‬و الائية أيضا لدفع المراض الارة من حيات و غيها و لتضعيف القوى الباردة حيث تطلب مضاعفتها حس ا‬ ‫أو حكما‪ ،‬كتضعيف قوى القمر و أمثال ذلك‪.‬‬ ‫و منهم من جعل سر التصرف الذي ف الروف للنسبة العددية‪ :‬فإن حروف أبد دالة على أعدادها التعارفة وضعا و طبعا فبينها من أج ل‬ ‫تناسب العداد تناسب ف نفسها أيضا‪ ،‬كما بي الباء و الكاف و الراء لدللتها كلها على الثني كل ف مرتبته‪ ،‬فالباء على اثني ف مرتب ة‬ ‫الحاد‪ ،‬و الكاف على اثني ف مرتبة العشرات‪ ،‬و الراء على اثني ف مرتبة الئي‪ .‬و كالذي بينها و بي الدال و اليم والتاء لدللتها عل ى‬ ‫الربعة‪ ،‬و بي الربعة و الثني نسبة الضعف‪ .‬و خرج للساء أوفاق كما للعداد يتص كل صنف من الروف بصنف من الوفاق الذي‬


‫يناسبه من حيث عدد الشكل أو عدد الروف‪ ،‬و امتزج التصرف من السر الرف و السر العددي لجل التناسب الذي بينهما‪ .‬فأما س ر‬ ‫التناسب الذي بي هذه الروف و أمزجة الطبائع‪ ،‬أو بي الروف و العداد‪ ،‬فأمر عسي على الفهم‪ ،‬إذ ليس من قبيل العلوم و القياسات‪،‬‬ ‫و إنا مستندهم فيه الذوق و الكشف‪ .‬قال البون‪ :‬و ل تظن أن سر الروف ما يتوصل إليه بالقياس العقلي‪ ،‬و إنا هو بطريق الش اهدة و‬ ‫التوفيق اللي‪ .‬و أما التصرف ف عال الطبيعة بذه الروف و الساء الركبة فيها و تأثر الكوان عن ذلك فأمر ل ينكر لثبوته ع ن ك ثي‬ ‫منهم تواترا‪ .‬و قد يظن أن تصرف هؤلء و تصرف أصحاب الطلسمات واحد‪ ،‬و ليس كذلك‪ ،‬فإن حقيقة الطلسم و تأثيه على ما حققه‬ ‫أهله أنة قوى روحانية من جوهر القهر‪ ،‬تفعل فيما له ركب فعل غلبة و قهر‪ .‬بأسرار فلكية و نسب عددية و بورات جالب ات لروحاني ة‬ ‫ذلك الطلسم‪ ،‬مشدودة فيه بالمة‪ ،‬فائدتا ربط الطبائع العلوية بالطبائع السفلية‪ ،‬و هو عندهم كالمية الركبة من هوائية و أرضية و مائية و‬ ‫نارية حاصلة ف جلتها‪ ،‬تيل و تصرف ما حصلت فيه إل ذاتا و تقلبه إل صورتا‪ .‬و كذلك الكسي للجسام العدنية كالمية تقل ب‬ ‫العدن الذي تسري فيه إل نفسها بالحالة‪ .‬و لذلك يقولون‪ :‬موضوع الكمياء جسد ف جسد لن الكسي أجزاؤه كله ا جس دانية‪ .‬و‬ ‫يقولون‪ :‬موضوع الطلسم روح ف جسد لنه ربط الطبائع العلوية بالطبائع السفلية‪ .‬و الطبائع السفلية جسد و الطبائع العلوية روحاني ة‪ .‬و‬ ‫تقيق الفرق بي تصرف أهل الطلسمات و أهل الساء‪ ،‬بعد أن تعلم أن التصرف ف عال الطبيعة كله إنا هو للنف س النس انية والم م‬ ‫البشرية أن النفس النسانية ميطة بالطبيعة و حاكمة عليها با الذات‪ ،‬إل أن تصرف أهل الطلسمات إنا هو ف استنال روحاني ة الفلك و‬ ‫ربطها بالصور أو بالنسب العددية‪ .‬حت يصل من ذلك نوع مزاج يفعل الحالة و القلب بطبيعته‪ ،‬فعل المية فيما حصلت فيه‪ .‬و تصرف‬ ‫أصحاب الساء إنا هو با حصل لم بالاهدة و الكشف من النور اللي و المداد الربان‪ ،‬فيسخر الطبيعة لذلك طائعة غي مستعصية‪ ،‬و ل‬ ‫يتاج إل مدد من القوى الفلكية و ل غيها‪ ،‬لن مدده أعلى منها‪.‬‬ ‫و يتاج أهل الطلسمات إل قليل من الرياضة تفيد النفس قوة على استنال روحانية الفلك‪ .‬و أهون با وجهة و رياض ة‪ .‬بلف أه ل‬ ‫الساء فإن رياضتهم هي الرياضة الكبى‪ ،‬و ليست لقصد التصرف ف الكوان إذ هو حجاب‪ .‬و إنا التصرف حاصل لم بالعرض‪ ،‬كرامة‬ ‫من كرامات ال لم‪ .‬فإن خل صاحب الساء عن معرفة أسرار ال و حقائق اللكوت‪ ،‬الذي هو نتيجة الشاهدة والكشف‪ ،‬و اقتصر عل ى‬ ‫مناسبات الساء و طبائع الروف و الكلمات‪ .‬و تصرف با من هذه اليثية و هؤلء هم أهل السيياء ف الشهور كأن إذا ل فرق بينه و بي‬ ‫صاحب الطلسمات‪ ،‬بل صاحب الطلسمات أوثق منه لنه يرجع إل أصول طبيعية علمية و قواني مرتبة‪ .‬و أما صاحب أسرار الس اء إذا‬ ‫فاته الكشف الذي يطلع به على حقائق الكلمات و آثار الناسبات بفوات اللوص ف الوجهة‪ ،‬و ليس له ف العلوم الص طلحية ق انون‬ ‫برهان يعول عليه يكون حاله أضعف رتبة‪ .‬و قد يزج صاحب الساء قوى الكلمات و الساء بقوى الك واكب‪ ،‬فيعي ل ذكر الس اء‬ ‫السن‪ ،‬أو ما يرسم من أوفاقها‪ ،‬بل و لسائر الساء‪ ،‬أوقاتا تكون من حظوظ الكواكب الذي يناسب ذلك السم‪ ،‬كما فعل ه الب ون ف‬ ‫كتايه الذي ساه الناط‪ .‬و هذه الناسبة عندهم هي من لدن الضرة العمائية‪ .‬و هي برزخية الكمال السان‪ .‬و إنا تنل تفصيلها ف القائق‬ ‫على ما هي عليه من الناسبة‪ .‬و إثبات هذه الناسبة عندهم إنا هو بكم الشاهدة‪ .‬فإذا خل صاحب الساء عن تلك الشاهدة‪ ،‬و تلقى تلك‬ ‫الناسبة تقليدا‪ ،‬كان عمله بثابة عمل صاجب الطلسم‪ ،‬بل هوأوثق منه كما قلناه‪ .‬و كذلك قد يزج أيضا صاحب الطلسمات عمله و قوى‬ ‫كواكبه بقوى الدعوات الؤلفة من الكلمات الخصوصة لناسبة بي الكلمات و الكواكب‪ ،‬إل أن مناسبة الكلمات عندهم ليست كما هي‬ ‫عند أصحاب الساء من الطلع ف حال الشاهدة‪ ،‬و إنا يرجع إل ما اقتضته أصول طريقتهم السحرية‪ .‬من اقتسام الكواكب لميع ما ف‬ ‫عال الكونات‪ ،‬من جواهر و أعراض و ذوات و معان‪ ،‬و الروف و الساء من جلة ما فيه‪.‬‬ ‫فلكل واحد من الكواكب قسم منها يصه‪ ،‬و يبنون على ذلك مبان غريبة منكرة من تقسيم سورالقرآن و آيه على هذا النحو‪ ،‬كما فعل ه‬ ‫مسلمة الريطي ف الغاية‪ .‬و الظاهر من حال البون ف أناطه أنه اعتب طريقتهم‪ .‬فإن تلك الناط إذا تصفحتها‪ ،‬و تصفحت الدعوات ال ت‬ ‫تضمنتها‪ .‬و تقسيمها على ساعات الكواكب السبعة‪ ،‬ث وقفت على الغاية‪ ،‬و تصفحت قيامات الكواكب الت فيها‪ ،‬و هي الدعوات ال ت‬ ‫تتص بكل كوكب‪ ،‬و يسمونا قيامات الكواكب‪ ،‬أي الدعوة الت يقام له با‪ ،‬شهد له ذلك‪ :‬إما بأنه من مادتا‪ ،‬أو بأن التناسب الذي كان‬ ‫ف أصل البداع و برزخ العلم قضى بذلك كله‪ .‬و ما أوتيتم من العلم إل قليل‪ .‬و ليس كل ما حرمه الشارع من العلوم بنكر الثبوت‪ ،‬فقد‬ ‫ثبت أن السحر حق مع حظره‪ .‬لكن حسبنا من العلم ما علمنا‪.‬‬


‫و من فروع علم السيمياء عندهم استخراج الجوبة من السئلة‪ ،‬بارتباطات ش بي الكلمات حرفية‪ ،‬يوهون أنا أصل ف معرفة ما ياولون‬ ‫علمه من الكائنات الستقبالية‪ ،‬و إنا هي شبه العاياة و السائل السيالة‪ .‬و لم ف ذلك كلم كثي من أدعية و أوراد‪ .‬و أعجبه زايرجة العال‬ ‫للسبت و قد تقدم ذكرها‪ .‬و نبي هنا ما ذكروه ف كيفية العمل بتلك الزايرجة بدائرتا و جدولا الكتوب حولا‪ ،‬ث نكشف عن الق فيها‬ ‫و أنا ليست من الغيب‪ .‬و إنا هي مطابقة بي مسئلة و جوابا ف الفادة فقط‪ ،‬و قد أشرنا إل ذلك من قبل‪ .‬و ليس عندنا رواي ة يع ول‬ ‫عليها ف صحة هذه القصيدة إل أننا ترينا أصح النسخ منها ف ظاهر المر‪ .‬و ال الوفق بنه‪ .‬و هي هذه‪:‬‬ ‫مصل على هاد إل الناس أرسل‬ ‫يقول سبيت و يمد ربه‬ ‫و يرضى عن الصحب و من لم تل‬ ‫ممد البعوث خات النبيا‬ ‫تراه بيكم و بالعقل قد خل‬ ‫أل هذه زايرجة العال الذي‬ ‫و يدرك أحكاما تدبرها العل‬ ‫فمن أحكم الوضع فيحكم جسمه‬ ‫و يدرك للتقوى و للكل حاصل‬ ‫و من أحكم الربط فيدرك قوة‬ ‫و يعقل نفسه و صح له الول‬ ‫ومن أحكم التصريف يكم سره‬ ‫و هذا مقام من بالذكار كمل‬ ‫و ف عال المر تراه مققا‬ ‫أقمها دوائر وللحاء عدل‬ ‫فهذي سرائر عليكم بكتمها‬ ‫بنظم و نثر قبد تراه مدول‬ ‫فطاء لا عرش و فيظ نقوشنا‬ ‫و ارسم كواكبا لدراجها العل‬ ‫و نسب دوائر كنسبة فلكها‬ ‫و كور بثله على حد من خل‬ ‫و أخرج لوتار و ارسم حروفها‬ ‫و حقق بامهم و نورهم جل‬ ‫أقم شكل زيرهم و سو بيوته‬ ‫و علما لوسيقى و الرباع مثل‬ ‫و حصل علوما للطباع مهندسا‬ ‫و علم بآلت فحقق و حصل‬ ‫و سو لوسيقى و علم حروفهم‬ ‫و عالها أطلق و القليم جدول‬ ‫و سو دوائرها و نسب حروفها‬ ‫زناتية آبت و حكم لا خل‬ ‫أمي لنا فهو ناية دولة‬ ‫و جاء بنو نصر و ظفرهم تل‬ ‫و قطر لندلس فابن لودهم‬ ‫فإن شئت نصبتهم و قطرهم حل‬ ‫ملوك و فرسان و أهل لكمة‬ ‫ملوك بالشرق بالوفاق نزل‬ ‫و مهدي توحيد بتونس حكمهم‬ ‫فإن شئت للروم فبالر شكل‬ ‫و اقسم على القطر و كن متفقدا‬ ‫و إفرنسهم دال و بالطاء كمل‬ ‫ففنش و برشنون الراء حرفهم‬ ‫و إعرب قومنا بترقيق أعمل‬ ‫ملوك كناوة دلوا لقافهم‬ ‫و فرس ططاري و ما بعدهم طل‬ ‫فهند حباشي و سند فهرمس‬ ‫لكاف و قبطهم بلمه طول‬ ‫فقيصرهم جاء و يزدجردهم‬ ‫و لكن تركي بذا الفعل عطل‬ ‫و عباس كلهم شريف معظم‬ ‫فختم بيوتا ث نسب و جدول‬ ‫فإن شئت تدقيق اللوك و كلهم‬ ‫و علم طبائعها و كله مثل‬ ‫على حكم قانون الروف و علمها‬ ‫و يعلم أسرار الوجود و أكمل‬ ‫فمن علم العلوم تعلم علمنا‬ ‫و علم ملحيم باميم فصل‬ ‫فيسخ علمه و يعرف ربه‬ ‫فحكم الكيم فيه قطهعا ليقتل‬ ‫و حيث أتى اسم و العروض يشقه‬ ‫و أحرف سيبويه تأتيك فيصل‬ ‫و تأتيك أحرف فسو لضربا‬


‫بترنيمك الغال للجزاء خلخل‬ ‫فمكن بتنكي و قابل و عوضن‬ ‫و زد لح وصفيه ف العقل فعل‬ ‫و ف العقد و الزور يعرف غالبا‬ ‫و اعكس بذبيه و بالدور عدل ؟‬ ‫و اختر لطلع و سويه رتبة‬ ‫و تعطي حروفها و ف نظمها انل‬ ‫و يدركها الرء فيبلغ قصده‬ ‫فحسبك ف اللك و نيل اسه العل‬ ‫إذا كان سعد و الكواكب اسعدت‬ ‫فنسب دنادينا تد فيه منهل‬ ‫و إيقاع دالم برموز ثمة‬ ‫و مثناهم الثلث بيمه قد جل‬ ‫و أوتار زيرهم فللحاء بهم‬ ‫و أرسم أباجاد و باقيه جل‬ ‫و أدخل بأفلك و عدل بدول‬ ‫أتى ف عروض الشعر عن جلة مل‬ ‫و جوز شذوذ النو تري و مثله‬ ‫و علم لنحونا فاحفظ و حصل‬ ‫فأصل لديننا و أصل لفقهنا‬ ‫و سبح باسه و كب و هلل‬ ‫فادخل لفسطاط على الوفق جذره‬ ‫بنظم طبيعي و سر من العل‬ ‫فتخرج أبياتا و ف كل مطلب‬ ‫فعلم الفواتيح ترى فيه منهل‬ ‫و تفن بصرها كذا حكم عدهم‬ ‫من اللف طبعيا فيا صاح جدول‬ ‫فتخرج أبياتا و عشرون ضعفت‬ ‫فصح لك الن و صح لك العل‬ ‫تريك صنائعا من الضرب أكملت‬ ‫أقمها دوائر الزير و حصل‬ ‫و سجع بزيرهم و أثن بنقرة‬ ‫من أسرار أحرفهم فعذبه سلسل‬ ‫أقمها بأوفاق و أصل لعدها‬ ‫‪ 43‬ك ‪ 1‬ك و ك ح و ا ه عم له ر ل سع كط ‪ 1‬ل م ن ح ع ف و ل‬

‫الفصل التاسع و العشرون‪ :‬علم أسرار الروف القسم الثان‬ ‫الكلم على استخراج نسبة الوزان و كيفياتا و مقادير القابل منها و قوة الدرجة التميزة بالنسبة إل موضع العلق من امتزاج طبائع و علم‬ ‫طب أو صناعة الكيميا‬ ‫و عال مقدار القادير بالول‬ ‫أيا طالبا للطب مع علم جابر‬ ‫لحكام ميزان تصادف منهل‬ ‫إذا شئت علم الطب لبد نسبة‬ ‫و أمزاج وضعكم بتصحيح أنل‬ ‫فيشفي عليكم و الكسي مكم‬ ‫الطب الروحان‬ ‫لبهرام برجيس و سبعة أكمل‬ ‫و شئت إيلوش ‪ 565‬ه و دهنه بل‬ ‫كذلك و التركيب حيث تنقل‬ ‫لتحليل أوجاع البوارد صححوا‬ ‫كد منع مهم ‪ 355‬و هح ‪ 6‬صح لاى و لح ‪ 1‬آ ‪ 1‬و هح وى سكره ل ل ح مههت مههه ع ع مى مرح ح ‪ 2242‬ل ك عا عر‪.‬‬ ‫مطاريح الشعاعات ف مواليد اللوك و بنيهم‬ ‫و ضلع قسيها بنطقة جل‬ ‫و علم مطاريح الشعاعات مشكل‬ ‫و يبدو إذا عرض الكواكب عدل‬ ‫و لكن قي حج مقام إمامنا‬ ‫فمن أدرك العن عل ث فوضل‬ ‫بدال مراكز بي طول و عرضها‬ ‫لتسديسهم تثليث بيت الت تل‬ ‫مواقع تربيع و سه مسقط‬ ‫يقينا و جذره و بالعي أعمل‬ ‫يزاد لتربيع و هذا قياسه‬


‫بصاد و ضعفه و تربيعه أنل‬ ‫و من نسبة الربعي ركب شعاعك‬ ‫اختص صح صح ع ‪ 8‬سع وى هذا العمل هنا للملوك و القانون مطرد عمله و ل ير أعجب منه‪.‬‬ ‫مقامات اللوك القام الول ‪ 5‬القام الثان‬ ‫ع ع و القام الرا بع للح القام الامس لى القام السادس بي القام السابع عره‬ ‫خط التصال و النفصال‬ ‫خط التصال‬ ‫خط النفصال‬ ‫الوتر للجميع و تابع الرر التام‬ ‫التصال و النفصال‬ ‫الواجب التام ف التصالت‬ ‫إقامة النوار‬ ‫الزر اليب ف العمل‬ ‫إقامة السوال عن اللوك‬ ‫مقام الول نورعه ي مقام با ‪ 5‬حج ل‬ ‫النفعال الروحان و ال نقياد الربان‬ ‫لدى أسائه السن تصادف منهل‬ ‫أيا طالب السر لتهليل ربه‬ ‫كذلك ريسهم و ف الشمس أعمل‬ ‫تطيعك أخيار النام بقلبهم‬ ‫و ما قلته حقا و ف الغي أهل‬ ‫ترى عامة الناس إليك تقيدوا‬ ‫أقوله غيكم و نصركموا اجتلى‬ ‫طريقك هذا السيل و السبل الذي‬ ‫و دينا متينا أو تكن متوصل‬ ‫إذا شئت تيا ف الوجود مع التقى‬ ‫و ف سر بسطام أراك مسربل‬ ‫كذي النون و النيد مع سر صنعة‬ ‫كذا قالت الند و صوفية الل‬ ‫و ف العال العلوي تكون مدثا‬ ‫و ما حكم صنع مثل جبيل أنزل‬ ‫طريق رسول ال بالق ساطع‬ ‫و يوم الميس البدء و الحدانلى‬ ‫فبطشك تليل و قوسك مطلع‬ ‫و ف اثني للحسن تكون مكمل‬ ‫و ف جعة أيضا بالساء مثله‬ ‫أراك با مع نسبة الكل أعطل‬ ‫و ف طائه سر ف هائه إذا‬ ‫و عود و مصطكى بور تصل‬ ‫و ساعة سعد شرطهم ف نقوشها‬ ‫و الخلص و السبع الثان مرتل‬ ‫و تتلو عليها آخر الشر دعوة‬ ‫اتصال أنوار الكواكب بلعان ل هي ى ل ظ غ لدسع ق صح م ف و ى‬ ‫و كل برأسك و ف دعوة فل‬ ‫و ف يدك اليمن حديد و خات‬ ‫و اتلو إذا نام النام و رتل‬ ‫و آية حشر فاجعل القلب وجهها‬ ‫هي الية الغظمى فحقق و حصل‬ ‫هي السر ف الكوان ل شيء غيها‬ ‫و تدرك أسرارا من العال العل‬ ‫تكون با قطبا إذا جدت خدمة‬ ‫و باح با اللج جهرا فأعقل ؟‬ ‫سري با ناجي و معروف قبله‬ ‫إل أن رقى فوق الريدين و اعتلى‬ ‫و كان با الشبلي يدأب دائما‬ ‫و لزم لذكار و صم و تنقل‬ ‫فصف من الدناس قلبك جاهدا‬


‫عليم بأسرار العلوم مصل‬ ‫فما نال سر القوم إل مقق‬ ‫مقامات البة و ميل النفوس و الاهدة و الطاعة و العبادة و حب و تعشق و فناء الفناء و توجه و مراقبة و خلة و أئمة‬ ‫النفعال الطبيعي‬ ‫بقزدير أو ناس اللط أكمل‬ ‫لبجيس ف البة الوفق صرفوا‬ ‫فجعلك طالعا خطوطه ما عل‬ ‫و قيل بفضة صحيحا رأيته‬ ‫و جعلك للقبول شسه أصل‬ ‫توخ به زيادة النور للقمر‬ ‫و وقت لساعة و دعوته أل‬ ‫و يومه و البخور عود لندهم‬ ‫و عن طسيمان دعوة و لا جل‬ ‫و دعوته بغاية فهي أعملت‬ ‫بر هواء أو مطالب أهل‬ ‫و قيل بدعوة حروف لوضعها‬ ‫و ذلك وفق للمربع حصل‬ ‫فتنقش أحرفا بدال و لمها‬ ‫فدال ليبدو واو زينب معطل‬ ‫إذا ل يكن يهوى هواك دللا‬ ‫هواك و باقيهم قليلة جل‬ ‫فحسن لبائه و بائهم إذا‬ ‫و ما زدت أنسبه لفعلك عدل‬ ‫و نقش مشاكل بشرط لوضعهم‬ ‫فبوري و بسطامي بسورتا تل‬ ‫و مفتاح مري ففعلهما سوا‬ ‫أدلة و حشي لقبضة ميل‬ ‫و جعلك بالقصد و كن متفقدا‬ ‫فباطنها سر و ف سرها انل‬ ‫فاعكس بيوتا بألف و نيف‬ ‫فصل ف القامات للنهاية‬ ‫و توجدها دار أو ملبسها الل‬ ‫لك الغيب صورة من العال العل‬ ‫بنثر و ترتيل حقيقة أنزل‬ ‫و يوسف ف السن و هذا شبيهه‬ ‫فيحكى إل عود ياوب بلبل‬ ‫و ف يده طول و ف الغيب ناطق‬ ‫و عند تليها لبسطام أخذل‬ ‫و قد جن بلول بعشق جالا‬ ‫جنيد و بصرى و السم أهل‬ ‫و مات أجليه و أشرب حبها‬ ‫بأسائه السن بل نسبة خل‬ ‫فتطلب ف التهليل غايته و من‬ ‫و يسهم بالزلفى لدى جية العل‬ ‫و من صاحب السن له الفوز بالن‬ ‫تريك عجائبا بن كان موئل‬ ‫و تب بالغيب إذا جدت خدمة‬ ‫و منها زيادات لتفسيها تل‬ ‫فهذا هو الفوز و حسن تناله‬ ‫الوصية و التختم و اليان و السلم و التحري و الهلية‬ ‫و ما زاد خطبة و ختما و جدول‬ ‫فهذا قصيدنا و تسعون عده‬ ‫تولد أبياتا و ما حصرها انل‬ ‫عجبت لبيات و تسعون عدها‬ ‫و يفهم تفسيا تشابه أشكل‬ ‫فمن فهم السر فيفهم نفسه‬ ‫لناس و إن خصوا و كان التأهل‬ ‫حرام و شرعي لظهار سرنا‬ ‫و تفهم برحلة و دين تطول‬ ‫فإن شئت أهليه فغلظ يينهم‬ ‫من القطع و الفشا فترأس بالعل‬ ‫لعلك أن تنجو و سامع سرهم‬ ‫فنال سعادات و تابعه عل‬ ‫فنجل لعباس لسره كات‬ ‫فمن يرأس عرشا فذلك أكمل‬ ‫و قام رسول ال ف الناس خاطبا‬ ‫فآلت لقتلهم بدق تطول‬ ‫و قد ركب الرواح أجساد مظهر‬


‫و يلبس أثواب الوجود على الول‬ ‫إل العال العلوي يفن فناؤنا‬ ‫على خات الرسل صلة با العل‬ ‫فقد ت نظما و صلى إلنا‬ ‫على سيد ساد النام و كمل‬ ‫و صلى إله العرش ذو الد و العل‬ ‫و أصحابه أهل الكارم و العل‬ ‫ممد الادي الشفيع إمامنا‬

‫كيفية العمل ف استخراج أجوبة السائل من زايرجة العال بول ال منق ول‬ ‫عمن لقيناه من القائمي عليها‬ ‫روف‬

‫السؤال له ثلثمائة و ستون جوابا عدة الدرج‪ ،‬و تتلف الجوبة عن سؤال واحد ف طالع مصوص باختلف السئلة الضافة إل ح‬ ‫الوتار‪ .‬و تناسب العمل من استخراج الحرف من بيت القصيد‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬تركيب حروف الوتار و الدول على ثلثة أصول‪ :‬حروف عربية تنقل على هيآتا‪ .‬و حروف برسم الغبار‪ .‬و هذه تتبدل‪ :‬فمنها ما‬ ‫ينقل على هيئته مت ل تزد الدوار عن أربعة‪ ،‬فإن زادت عن أربعة نقلت إل الرتبة الثانية من مرتبة العشرات و كذلك لرتب ة الئي عل ى‬ ‫حسب العمل كما سنبينه‪ ،‬و منها حروف برسم الزمام كذلك‪ ،‬غي أن رسم الزمام يعطي نسبة ثانية‪ ،‬فهي بنلة واحد ألف و بنلة عشرة‪،‬‬ ‫و لا نسبة من خسي بالعرب‪ .‬فاستحق البيت من الدول أن توضع فيه ثلثة حروف ف هذا الرسم و حرفان ف الرسم‪ ،‬فاختص روا م ن‬ ‫الدول بيوتا خالية‪ .‬فمت كانت أصول الدوار زائدة على أربعي حسبت ف العدد ف طول الدول و إن ل تزد على أربعة ل يس ب إل‬ ‫العامر منها‪.‬‬ ‫و العمل ف السؤال يفتقر إل سبعة أصول‪ :‬عدة حروف الول حساب أدوارها بعد طرحها‪ ،‬اثن عشر اثن عشر‪ ،‬و هي ثانية أح رف ف‬ ‫الكامل و ستة ف الناقص أبدا‪ .‬و معرفة درج الطالع و سلطان البج‪ ،‬و الدور الكب الصلي‪ ،‬و هو واحد أبدا‪ .‬و ما يرج من إضافة الطالع‬ ‫للدور الصلي‪ ،‬و ما يرج من ضرب الطالع و الدور ف سلطان البج‪ .‬و إضافة سلطان البج للطالع و العمل جيعه ينتج عن ثلث ة أدوار‬ ‫مضروبة ف أربعة‪ ،‬تكون اثن عشر دورا‪ .‬و نسبة هذه الثلثة الدوار الت هي كل دور من أربعة نشأة ثلثية‪ ،‬كل نشأة لا ابت داء‪ .‬ث إن ا‬ ‫تضرب أدوارا رباعية أيضا ثلثية‪ .‬ث إنا من ضرب ستة ف اثني‪ ،‬فكان لا نشأة‪ ،‬يظهر ذلك ف العمل‪ .‬و يتبع ه ذه الدوار الثن عش ر‬ ‫نتائج‪ .‬و هي ف الدوار‪ ،‬إما أن تكون نتيجة أو أكثر إل ستة‪.‬‬ ‫فأول ذلك نفرض سؤال عن الزايرجة‪ ،‬هل هي علم قدي‪ ،‬أو مدث بطالع أول درجة من القوس أثناء حروف الوتار ؟ ث حروف السؤال‪.‬‬ ‫فوضعنا حروف وتر رأس القوس و نظيه من رأس الوزاء‪ .‬و ثالثه و تر رأس الدلو إل حد الركز‪ ،‬و أضفنا إليه حروف السؤال‪ ،‬و نظرن ا‬ ‫عدتا و أقل ما تكون ثانية و ثاني‪ ،‬و أكثر ما تكون ستة و تسعي‪ ،‬و هي جلة الدور الصحيح‪ ،‬فكانت ف سؤالنا ثلث ة و تس عي‪ .‬و‬ ‫يتصر السؤال إن زاد عن ستة و تسعي‪ ،‬بأن يسقط جيع أدواره الثن عشرية‪ ،‬و يفظ ما خرج منها و ما بقي‪ ،‬فكانت ف سؤالنا س بعة‬ ‫أدوار‪ ،‬الباقي تسعة‪ ،‬أثبتها ف الروف ما ل يبلغ الطالع اثنت عشرة درجة‪ ،‬فإن بلغها ل تثبت لا عدة و ل دور‪.‬‬ ‫ث تثبت أعدادها أيضا إن زاد الطالع عن أربعي و عشرين ف الوجه الثالث‪ ،‬ث تثبت الطالع و هو واحد‪ ،‬و سلطان الطالع و هو أربع ة‪ ،‬و‬ ‫الدور الكب و هو واحد‪ ،‬و اجع ما بي الطالع و الدور و هو اثنان ف هذا السؤال‪ ،‬و اضرب ما خرج منهما ف سلطان البج يبلغ ثانية‪ ،‬و‬ ‫أضف السلطان للطالع فيكون خسة‪ ،‬فهذه سبعة أصول‪ .‬فما خرج من ضرب الطالع و الدور الكب ف سلطان القوس‪ ،‬ما ل يبلغ اثن عشر‬ ‫فيه تدخل ف ضلع ثانية من أسفل الدول صاعدا‪ ،‬و إن زاد على اثن عشر طرح أدوارا‪ ،‬و تدخل بالباقي ف ضلع ثانية‪ ،‬و تعلم على منتهى‬ ‫العدد و المسة الستخرجة من السلطان و الطالع‪ ،‬يكون الطالع ف ضلع السطح البسوط العلى من الدول‪ ،‬و تعد متواليا خسات أدوارا‪،‬‬ ‫و تفظها إل أن يقف العدد على حرف من أربعة‪ ،‬و هي ألف أو باء أو جيم أو زاي‪ .‬فوقع العدد ف عملنا على حرف الل ف و خل ف‬ ‫ثلثة أدوار‪ ،‬فضربنا ثلثة ف ثلثي كانت تسعة‪ .‬و هو عدد الدور الول‪ .‬فأثبته و اجع ما بي الضلعي‪ :‬القائم و البسوط يك ن ف بي ت‬


‫ثانية ف مقابلة البيوت العامرة بالعدد من الدول‪ ،‬و إن وقف ف مقابلة الال من بيوت الدول على أحدها‪ .‬فل يعت ب و تس تمر عل ى‬ ‫أدوارك‪ .‬و أدخل يعدد ما ف الدور الول‪ ،‬و ذلك تسعة ف صدر الدول ما يلي البيت الذي اجتمعا فيه‪ .‬و هي ثاني ة‪ ،‬م ارا إل جه ة‬ ‫اليسار‪ ،‬فوقع على حرف لم ألف و ل يرج منها أبدا حرف مركب‪ .‬و إنا هو إذن حرف تاء أربعمائة برسم الزمام‪ ،‬فعلم عليها بعد نقلها‬ ‫من بيت القصيد‪ ،‬و اجع عدد الدور للسلطان يبلغ ثلثة عشر‪ ،‬أدخل با ف حروف الوتار‪ ،‬و أثبت ما وقع عليه العدد و علم عليه من بيت‬ ‫القصيد‪ .‬و من هذا القانون تدري كم تدور الروف ف النظم الطبيعي‪ ،‬و ذلك أن تمع حروف الدور الول و هو تسعة لسلطان البج و‬ ‫هو أربعة تبلغ ثلثة عشر‪ ،‬أضعفها يثلها تكون ستة و عشرين‪ ،‬أسقط منها درج الطالع وهو واحد ف هذا السؤال الباقي خسة و عشرون‪.‬‬ ‫فعلى ذلك يكون نظم الروف الول‪ ،‬ث ثلثة و عشرون مرتي‪ ،‬ث إثنان و عشرون مرتي‪ ،‬على حسب هذا الطرح إل أن ينتهي للواح د‬ ‫من آخر البيت النظوم‪ .‬و ل تقف على أربعة و عشرين لطرح ذلك الواحد أول‪ .‬ث ضع الدور الثان و أضف ح روف ال دور الول إل‬ ‫ثانية‪ ،‬الارجة من ضرب الطالع و الدور ف السلطان تكن سبعة عشر الباقي خسة‪ .‬فاصعد ف ضلع ثانيه بمسة من حيث انتهيت ف الدور‬ ‫الول و علم عليه‪ ،‬و أدخل ف صدر الدول بسبعة عشر‪ ،‬ث بمسة‪ .‬و ل تعد الال‪ ،‬و الدور عشرون‪ ،‬فوجدنا حرف ثاء خسمائة‪ ،‬و إنا‬ ‫هو نون لن دورنا ف مرتبة العشرات‪ ،‬فكانت المسمائة بمسي لن دورها سبعة عشر فلو ل تكن سبعة عشر لكانت مئي‪ .‬فأثبت نونا ث‬ ‫أدخل بمسة أيضا من أوله‪ .‬و انظر ما حاذى ذلك من السطح تد واحدا‪ ،‬فقهقر العدد واحدا يقع على خسة‪ ،‬أضف لا واحدا لس طح‬ ‫تكن ستة‪ .‬أثبت واوا و علم عليها من بيت القصيد أربعة‪ ،‬و أضفها للثمانية الارجة من ضرب الطالع مع الدور ف السلطان تبلغ اثن عشر‪،‬‬ ‫أضف لا الباقي من الدور الثان و هو خسة تبلغ سبعة عشر‪ ،‬و هو ما للدور الثان‪ .‬فدخلنا بسبعة عشر ف حروف الوتار‪ ،‬فوقع العدد على‬ ‫واحد‪ .‬أثبت الول و علم عليها من بيت القصيد و أسقط من حروف الوتار ثلثة حروف عدة الارج من الدور الثان‪ .‬و ض ع ال دور‬ ‫الثالث و أضف خسة إل ثانية تكن ثلثة عشر‪ ،‬الباقي واحد‪ .‬انقل الدور ف ضلع ثانية بواحد و أدخل ف بيت القصيد بثلثة عشر‪ ،‬و خذ‬ ‫ما وقع عليه العدد و هو ق و علم عليه‪ .‬و أدخل بثلثة عشر ف حروف الوتار و أثبت ما خرج‪ ،‬و هو سي‪ ،‬و علم عليه من بيت القصيد‪،‬‬ ‫ث أدخل ما يلي السي الارجة بالباقي من دور ثلثة عشر و هو واحد‪ ،‬فخذ ما يلى حرف سي من الوتار فكان ب أثبتها و علم عليه ا‬ ‫من بيت القصيد‪ .‬و هذا يقال له‪ :‬الدور العطوف‪ ،‬و ميزانه صحيح‪ .‬و هو أن تضعف ثلثة عشر بثلها‪ ،‬و تضيف إليها الواحد الباقي م ن‬ ‫الدور‪ .‬تبلغ سبعة و عشرين‪ .‬و هو حرف باء الستخرج من الوتار من بيت القصيد‪ .‬و أدخل ف صدر الدول بثلثة عشر‪ ،‬و انظر ما قابله‬ ‫من السطح و أضعفه بثله‪ ،‬و زد عليه الواحد الباقي من ثلثة عشر‪ ،‬فكان حرف جيم‪ ،‬و كانت للجملة سبعة‪ ،‬فذلك حرف زاي فأثبتناه و‬ ‫علمنا عليه من بيت القصيد‪ .‬و ميزانه أن تضعف السبعة بثلها و زد عليها الواحد الباقي هن ثلثة عشر يكن خسة عشر‪ ،‬و ه و ال امس‬ ‫عشر من بيت القصيد و هذا آخر أدوار الثلثيات و ضع الدور الرابع و له من العدد تسعة بإضافة الباقي من الدور السابق‪ ،‬فاضرب الط الع‬ ‫مع الدور ف السلطان‪ ،‬و هذا الدور آخر العمل ف البيت الول من الرباعيات‪.‬‬ ‫فاضرب على حرفي من الوتار و اصعد يتسعة ف ضلع ثانية و أدخل بتسعة من دور الرف الذي أخذته آخرا من بيت القصيد‪ ،‬فالتاس ع‬ ‫حرف راء‪ ،‬فأثبته و علم عليه‪ .‬و أدخل ف صدر الدول بتسعة و انظر ما قابلها من السطح يكون ج‪ ،‬قهقر العدد واحدا يكون ألف و هو‬ ‫الثان من حرف الراء من بيت القصيد فأثبته و علم عليه‪ .‬و عد ما يلي الثان تسعة يكون ألف أيضا أثبته و علم عليه و أضرب على حرف‬ ‫من الوتار‪ ،‬و أضعف تسعة يثلها تبلغ ثانية عشر‪ ،‬أدخل با ف حروف الوتار تقف على حرف راء‪ ،‬أثبتها و علم عليها من بيت القص يد‬ ‫ثانية و أربعي‪ .‬و أدخل بثمانية عشر ف حروف الوتار تقف على س أثيتها و علم عليها اثني‪ .‬و أضعف اثني إل تسعة تكون أحد عشر‪.‬‬ ‫أدخل ف صدر الدول بأحد عشر تقابلها من السطح ألف أثبتها و علم عليها ستة‪ ،‬و ضع الدور الامس و عدته سبعة عشر الباقي خسة‪.‬‬ ‫اصعد بمسة ف ضلع ثانية و اضرب على حرفي من الوتار و أضعف خسة بثلها‪ ،‬و أضفها إل سبعة عشر عدد دورها الملة س بعة و‬ ‫عشرون‪ ،‬أدخل با ف حروف الوتار تقع على ب أثبتها و علم عليها اثني وثلثي و اطرح من سبعة عشر اثني الت ه ي ف أس اثني و‬ ‫ثلثي الباقي خسة عشر‪ .‬أدخل ف حروف الوتار تقف على ق أثبتها و علم عليها ستة و عشرين‪ .‬و أدخل ف صدر ال دول بس ت و‬ ‫عشرين تقف على اثني بالغبار و ذلك حرف ب أثبته و علم عليه أربعة و خسي‪ ،‬و أضرب على حرفي من الوتار و ضع الدور السادس‪،‬‬ ‫و عدته ثلثة عشر‪ .‬الباقي منة واحد‪ ،‬فتبي إذ ذاك أن دور النظم من خسة و عشرين‪ ،‬فإن الدوار خسة و عشرون و سبعة عشر و خسة‬ ‫و ثلثة عشر و واحد‪ ،‬فاضرب خسة ف خسة تكن خسة و عشرين‪ ،‬و هو الدور ف نظم البيت‪ ،‬فانقل الدور ف ضلع ثانية بواحد‪ .‬و لكن‬


‫ل يدخل ف بيت القصيد بثلثة عشر كما قدمناه‪ ،‬لنة دور ثان من نشأة تركيبية ثانية‪ ،‬بل أضفنا الربعة الت من أربعة و خسي الارج ة‬ ‫على حروف ب من بيت القصيد إل الواحد تكون خسة‪ ،‬تضييف خسة إل ثلثة عشر الت للدور تبلغ ثانية عشر‪ .‬أدخل ب ا ف ص در‬ ‫الدول و خذ ما قابلها من السطح و هو ألف أثبته و علم عليه من بيت القصيد اثن عشر و اضرب على حرفي من الوتار‪ .‬و م ن ه ذا‬ ‫الدول تنظر أحرف السؤال‪ ،‬فما خرج منها زده مع بيت القصيد من آخره و علم عليه من حروف السؤال ليكون داخل ف العدد ف بيت‬ ‫القصيد‪ .‬و كذلك تفعل بكل حرف بعد ذلك مناسبا لروف السؤال‪ ،‬فما خرج منها زده إل بيت القصيد من آخر و علم عليه‪ .‬ث أضف‬ ‫إل ثانية عشر ما علمته على حرف اللف من الحاد‪ ،‬فكان اثني تبلغ الملة عشرين‪ .‬أدخل با ف حروف الوتار تقف على حرف راء‪،‬‬ ‫أثبته و علم عليه من بيت القصيد‪ ،‬ستة و تسعي و هو ناية الدور ف الرف الوتري‪ .‬فاضرب على حرفي من الوتار و ضع الدور السابع‪.‬‬ ‫و هو ابتداء لخترع ثان ينشأ من الختراعي‪ .‬و لذا الدور من العدد تسعة‪ ،‬تضيف لا واحدا تكون عشرة للنشأة الثانية‪ ،‬و ه ذا الواح د‬ ‫تزيده بعد إل اثن عشر دورا‪ ،‬إذا كان من هذه النسبة‪ ،‬أو تنقصه من الصل تبلغ الملة خسة عشر‪ .‬فاصعد ف ضلع ثاني ة و تس عي و‬ ‫أدخل ف صدر الدول بعشرة تقف على خسمائة‪ ،‬و إنا هي خسون‪ ،‬نون مضاعفة بثلها‪ ،‬و تلك ق أثبتها و علم عليها من بيت القص يد‬ ‫اثني و خسي‪ ،‬و أسقط من اثني و خسي اثني‪ ،‬و أسقط تسعة الت للدور‪ ،‬الباقي واحد و أربعون‪ ،‬فأدخل با ف حروف الوتار تق ف‬ ‫على واحد أثبته‪ .‬و كذلك أدخل با ف بيت القصيد تد واحدا‪ ،‬فهذا ميزان هذه النشأة الثانية فعلم عليه من بيت القصيد علمتي‪ .‬علم ة‬ ‫على اللف الخي اليزان‪ ،‬و أخرى على اللف الول فقط‪ ،‬و الثانية أربعة و عشرون و اضرب على حرفي من الوتار‪ ،‬و ض ع ال دور‬ ‫الثامن و عدته سبعة عشر الباقي خسة‪ ،‬أدخل ف ضلع ثانية و خسي و أدخل ف بيت القصيد بمسة تقع على عي بسبعي‪ ،‬أثبتها و علم‬ ‫عليها‪ .‬و أدخل ف الدول بمسة‪ ،‬و خذ ما قابلها من السطح‪ .‬و ذلك واحد‪ ،‬أثبته و علم عليه من البيت ثانية و أربعي‪ ،‬و أسقط واح دا‬ ‫من ثانية و أربعي للس الثان و أضف إليها خسة‪ ،‬الدور‪ .‬الملة اثنان و خسون‪ .‬أدخل با ف صدر الدول تقف على حرف ب غبارية‬ ‫و هي مرتبة مئينية لتزايد العدد‪ ،‬فتكون مائتي و هي حرف راء‪ ،‬أثبتها و علم عليها من القصيد أربعة و عشرين‪ ،‬فانتقل المر م ن س تة و‬ ‫تسعي إل البتداء و هو أربعة و عشرون‪ ،‬فأضف إل أربعة و عشرين خسة‪ ،‬الدور‪ ،‬و أسقط واحدا تكون الملة ثانية و عشرين‪ .‬أدخ ل‬ ‫بالنصف منها ف بيت القصيد تقف على ثانية‪ ،‬أثبت و علم عليها و ضع الدور التاسع‪ ،‬و عدده ثلثة عشر الباقي واحد‪ .‬إص عد ف ض لع‬ ‫ثانية بواحد‪ .‬و ليست نسبة العمل هنا كنسبتها ف الدور السادس لتضاعف العدد‪ ،‬و لنه من النشأة الثانية‪ ،‬و لنه أول الثلث الثالث م ن‬ ‫مربعات البوج و آخر الستة الرابعة من الثلثات‪ .‬فاضرب ثلثة عشر الت للدور ف أربعة الت هي مثلثات البوج السابقة‪ ،‬الملة اثن ان و‬ ‫خسون‪ ،‬أدخل با ف صدر الدول تقف على حرف اثني غبارية‪ ،‬و إنا هي مئينية لتجاوزها ف العدد عن مرتبت الحاد و العشرات‪ ،‬فأثبته‬ ‫مائتي راء‪ .‬و علم عليها من بيت القصيد ثانية و أربعي‪ ،‬و أضف إل ثلثة عشر‪ ،‬الدور‪ ،‬واحد الس‪ ،‬و أدخل بأربعة عشر ف بيت القصيد‬ ‫تبلغ ثانية‪ ،‬فعلم عليها ثانية و عشرين‪ ،‬و اطرح من أربعة عشر سبعة يبقى سبعة إضرب على حرفي من الوتار‪ ،‬و أدخل بسبعة تقف على‬ ‫حرف لم‪ ،‬أثبته و علم عليه من البيت‪ .‬و ضع الدور العاشر و عدده تسعة‪ ،‬و هذا ابتداء الثلثة الرابعة‪ ،‬و اصعد ف ضلع ثانية بتسعة‪ ،‬تكون‬ ‫خلء‪ ،‬فاصعد بتسعة ثانية تصي ف السابع من البتداء‪ .‬اضرب تسعة ف أربعة لصعودنا بتسعتي‪ ،‬و إنا كانت تضرب ف اثني‪ .‬و أدخ ل ف‬ ‫الدول بستة و ثلثي تقف على أربعة زمامية و هي عشرية‪ ،‬فأخذناها أحادية لقلة الدوار‪ .‬فأثبت حرف دال‪ ،‬و إن أض فت إل س تة و‬ ‫ثلثي واحد الس كان حدها من بيت القصيد‪ .‬فعلم عليها‪ ،‬و لو دخلت بالتسعة ل غي من ضرب ف صدر الدول لوقف عل ى ثاني ة‪.‬‬ ‫فاطرح من ثانية أربعة الباقي أربعة و هو القصود‪ .‬و لو دخلت ف صدر الدول بثمانية عشر الت هي تسعة ف اثني لوقف عل ى واح د‬ ‫زمامي و هو عشري‪ .‬فاطرح منه اثني تكرار التسعة‪ ،‬الباقي ثانية نصفها الطلوب‪ .‬و لو دخلت ف صدر الدول بسبعة و عشرين بضربا ف‬ ‫ثلثة لوقعت على عشرة زمامية‪ ،‬و العمل واحد‪ .‬ث أدخل بتسعة ف بيت القصيد و أثبت ما خرج و هو ألف‪ ،‬ث اضرب تسعة ف ثلثة الت‬ ‫هي مركب تسعة الاضية و أسقط واحدا و أدخل ف صدر الدول بستة و عشرين‪ ،‬و أثبت ما خرج و هو مائتان برف راء و علم عليه من‬ ‫بيت القصيد ستة و تسعي‪ .‬و اضرب على حرفي من الوتار و ضع الدور الادي عشر و له سبعة عشر الباقي خسة‪ ،‬إصعد ف ضلع ثانية‬ ‫بمسة و تسب ما تكرر عليه الشي ف الدور الول‪ ،‬و أدخل ف صدر الدول بمسة تقف على خال‪ ،‬فخذ ما قابله من الس طح و ه و‬ ‫واحد‪ ،‬فادخل بواحد ف بيت القصيد تكن سي‪ ،‬أثبته و علم عليه أربعة‪ .‬و لو يكون الوقف ف الدول على بيت عامر لثبتنا الواحد ثلثة‪.‬‬ ‫و أضعف سبعة عشر بثلها و أسقط واحدا و أضعفها بثلها و زدها أربعة تبلغ سبعة و ثلثي‪ ،‬أدخل با ف الوتار تقف على ستة أثبته ا و‬


‫علم عليها‪ ،‬و أضعف خسة بثلها‪ .‬و أدخل ف البيت تقف على لم أثبتها و علم عليها عشرين‪ ،‬و اضرب على حرفي من الوتار‪ .‬و ض ع‬ ‫الدور الثان عشر و له ثلثة عشر الباقي واحد‪ ،‬إصعد ف ضلع ثانية بواحد‪ ،‬و هذا الدور آخر الدوار و آخر الختراعي و آخر الربع ات‬ ‫الثلثية و آخر الثلثات الرباعية‪ .‬و الواحد ف صدر الدول يقع على ثاني زمامية‪ ،‬و إنا هي آحاد ثانية‪ ،‬و ليس معنا من الدوار إل واحد‪،‬‬ ‫فلو زاد عن أربعة من مربعات اثن عشر أو ثلثة من مثلثات اثن عشر لكانت ح‪ ،‬و إنا هي د‪ ،‬فأثبتها و علم عليها من بيت القصيد أربعة و‬ ‫سبعي‪ ،‬ث انظر ما ناسبها من السطح تكن خسة‪ ،‬أضعفها بثلها للس تبلغ عشرة‪ ،‬أثبت ى و علم عليها‪ ،‬و انظر ف أي الراتب وقع ت‪:‬‬ ‫وجدناها ف الرابعة‪ .‬دخلنا بسبعة ف حروف الوتار‪ ،‬و هذا الدخل يسمى التوليد الرف فكانت ف‪ ،‬أثبتها وأضف إل سبعة واحد الدور‪،‬‬ ‫الملة ثانية‪ .‬أدخل با ف الوتار تبلغ س أثبتها و علم عليها ثانية‪ ،‬و اضرب ثانية ف ثلثة الزائدة على عشرة الدور‪ ،‬فإنا أخ ر مربع ات‬ ‫الدوار بالثلثات تبلغ أربعة و عشرين‪ ،‬أدخل با ف بيت القصيد وعلم على ما يرج منها و هو مائتان و علمتها ستة و تسعون‪ .‬و هو ناية‬ ‫الدور الثان ف الدوار الرفية‪ ،‬و اضرب على حرفي من الوتار و ضع النتيجة الول و لا تسعة‪ .‬و هذا العدد يناسب أبدا الب اقي م ن‬ ‫حروف الوتار بعد طرحها أدوارا و ذلك تسعة‪ ،‬فاضرب تسعة ف ثلثة الت هي زائدة على تسعي من حروف الوتار‪ ،‬و أضف لا واحدا‬ ‫الباقي من الدور الثان عشر تبلغ ثانية و عشرين‪ ،‬فأدخل با ف حروف الوتار تبلغ ألفا‪ ،‬أنبته و علم عليه ستة و تسعي‪ .‬و إن ضربت سبعة‬ ‫الت هي أدوار الروف التسعينية ف أربعة و هي الثلثة الزائدة على تسعي‪ .‬و الواحد الباقي من الدور الثان عشر كان كذلك‪ ،‬و اصعد ف‬ ‫ضلع ثانية يتسعة و أدخل ف الدول بتسعة تبلغ اثني زمامية‪ .‬و اضرب تسعة فيما ناسب من السطح‪ ،‬و ذلك ثلثة‪ ،‬و أضف لذلك سبعة‪،‬‬ ‫عدد الوتار الرفية‪ ،‬و اطرح واحدا الباقي من دور اثن عشر تبلغ ثلثة و ثلثي‪ ،‬أدخل با ف البيت تبلغ خسة‪ .‬فأثبتها و أض ف تس عة‬ ‫بثلها و أدخل ف صدر الدول بثمانية عشر‪ ،‬و خذ ما ف السطح و هو واحد‪ ،‬أدخل به ف حروف الوتار تبلغ م أثبته و عل م علي ه‪ ،‬و‬ ‫اضرب على حرفي من الوتار‪ .‬و ضع النتيجة الثانية و لا سبعة عشر الباقي خسة‪ ،‬فاصعد ف ضلع ثانية بمسة و اضرب خسة ف ثلث ة‬ ‫الزائدة على تسعي تبلغ خسة عشر‪ ،‬أضف لا واحدا الباقي من الدور الثان عشر تكن تسعة‪ ،‬و أدخل بستة عشرف بيت القصيد تبل غ ت‬ ‫أثبته و علم عليه أربعة و ستي‪ .‬و أضف إل خسة الثلثة الزائدة على تسعي‪ .‬و زد واحدا الباقي من الدور الثان عشر يكن تسعة‪ .‬أدخل با‬ ‫ف صدر الدول تبلغ ثلثي زمامية‪ ،‬و انظر ما ف السطح تد واحدا أثبته و علم عليه من بيت القصيد و هو التاسع أيضا م ن ال بيت‪ .‬و‬ ‫أدخل بتسعة ف صدر الدول تقف على ثلثة و هي عشرات‪ .‬فأثبت لم و علم عليه و ضع النتيجة الثالثة و عددها ثلثة عشر الباقي واحد‪.‬‬ ‫فانقل ف ضلع ثانية بواحد و أضف إل ثلثة عشر الثلثة الزائدة على التسعي‪ .‬و واحد الباقي من الدور الثان عشر تبلغ س بعة عش ر‪ ،‬و‬ ‫واحد النتيجة تكن ثانية عشر‪ .‬أدخل با ف حروف الوتار تكن لما أثبتها فهذا آخر العمل‪.‬‬ ‫و الثال ف هذا السؤال السابق‪ :‬أردنا أن نعلم أن هذه الزايرجة علم مدث أو قدي‪ ،‬بطالع أول درجة من القوس‪ ،‬أثبتنا حروف الوت ار‪ ،‬ث‬ ‫حروف السؤال‪ .‬ث الصول‪ ،‬و هي عدة الروف ثلثة و تسعون أدوارها سبعة الباقي منها تسعة‪ ،‬الطالع واحد‪ ،‬سلطان القوس أربعة‪ ،‬الدور‬ ‫الكب واحد‪ ،‬درج الطالع مع الدور اثنان‪ ،‬ضرب الطالع مع الدور ف السلطان ثانية‪ ،‬إضافة السلطان للطالع خسة بيت القصيد‪.‬‬ ‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬ ‫حروف الوتار‪ :‬ص ط ه رث ك ه م ص ص و ن ب ه س ا ن ل م ن ص ع ف ص و رس ك ل م ن ص ع ف ض ق ر س ت ث‬ ‫خ ذ ظ غ ش ط ى ع ح ص ر و ح ر و ح ل ص ك ل م ن ص ا ب ج د ه و ز ح ط ى‪.‬‬ ‫حروف السؤال ا ل زا ى رج ة ع ل م م ح د ث ا م ق د ى م الدورالول ‪ 19‬الدور الثان ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬الدور الث الث ‪ 13‬الب اقي ‪1‬‬ ‫الدور الرا بع ‪ 9‬الدور الامس ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬الدور السادس ‪ 13‬الباقي ‪ 1‬الدور السابع ‪ 9‬الدور الثامن ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬ال دور التاس ع ‪13‬‬ ‫الباقي ‪ 1‬الدور العاشر ‪ 13‬الدور الادي عشر ‪ 17‬الباقي ‪ 5‬الدور الثان عشر ‪ 13‬الباقي ‪ 1‬النتيجة الول ‪ 9‬النتيجة الثانية ‪ 17‬الب اقي ‪5‬‬ ‫النتيجة الثالثة ‪ 13‬الباقي ‪ .1‬دورها على خسة و عشرين ث على ثلثة و عشرين مرتي ث على واحد و عش رين مرتي إل أن تنته ي إل‬ ‫الواحد من آخر البيت و تنقل الروف جيعا و ال أعلم ن ف ر و ح ر و ح ا ل و د س ا د ر ر س ر ه ا ل د ر ى س و ا ن س د ر و ا‬ ‫ب ل ا م ر ب و ا ا ل ع ل ل‪.‬‬ ‫هذا آخر الكلم ف استخراج الجوبة من زايرجة العال منظومة‪ .‬و للقوم طرائق أخرى من غي الزايرجة يستخرجون با أجوبة الس ائل غي‬ ‫منظومة‪ .‬و عندهم أن السر ف استخراج الواب منظوما من الزايرجة‪ ،‬إنا هو مزجهم بيت مالك بن وهيب و هو‪ :‬سؤال عظي م الل ق‬


‫البيت‪ ،‬و لذلك يرج الواب على رويه‪ .‬و أما الطرق الخرى فيخرج الواب غي منظوم‪ .‬فمن طرائقهم ف استخراج الجوبة ما ننقله عن‬ ‫بعض الققي منهم‪.‬‬

‫فصل ف الطلع على السرار الفية من جهة الرتباطات الرفية‬ ‫إعلم أرشدنا ال و إياك أن هذه الروف أصل السئلة ف كل قضية‪ ،‬و إنا تستنتج الجوبة على تزئته بالكلية‪ ،‬و هي ثلثة و أربعون حرفا‬ ‫كما ترى و ال علم الغيوب ا و ل ا ع ظ س ا ل م خ ى د ل ز ق ت ا ر ذ ص ف ن غ ق ش ا ك ك ى ب م ض ب ح ط ل ج ه د‬ ‫ن ل ث ا‪.‬‬ ‫و قد نظمها بعض الفضلءف بيت جعل فيه كل حرف مشدد من حرفي و ساه القطب فقال‪:‬‬ ‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬ ‫فإذا أردت استنتاج السئلة فاحذف ما تكرر من حروفها و أثبت ما فضل منه‪ .‬ث احذف من الصل و هو القطب لكل حرف فض ل م ن‬ ‫السألة حرفا ياثله‪ ،‬و أثبت ما فضل منه‪ .‬ث امزج الفضلي ف سطر واحد تبدأ بالول من فضله‪ .‬و الثان من فضل السئلة‪ .‬و هك ذا إل أن‬ ‫يتم الفضلن أو ينفد أحدها قبل الخر‪ ،‬فتضع البقية على ترتيبها‪ .‬فإذا كان عدد الروف الارجة بعد الزج موافقا لعدد حروف الص ل‬ ‫قبل الذف فالعمل صحيح‪ ،‬فحينئذ تضيف إليها خس نونات لتعدل با الوازين الوسيقية و تكمل الروف ثانية و أربعي حرفا‪ .‬فتعمر با‬ ‫جدول مربعا يكون آخر ما ف السطر الول أول ما ف السطر الثان‪ .‬و تنقل البقية على حالا‪ .‬و هكذا إل أن تتم عمارة الدول‪ .‬و يع ود‬ ‫السطر الول بعينه و تتوال الروف ف القطر على نسبة الركة‪ ،‬ث ترج وتر كل حرف بقسمة مربعة على أعظم جزء يوجد له‪ ،‬و تض ع‬ ‫الوتر مقابل لرفه‪ .‬ث تستخرج النسب العنصرية للحروف الدولية‪ ،‬و تعرف قوتا الطبيعية و موازينها الروحانية و غرائزه ا النفس انية و‬ ‫أسوسها الصلية من الدول الوضوع لذلك‪ ،‬و هذه صورته‪:‬‬ ‫ث تأخذ وتر كل حرف بعد ضربه ف أسوس أوتاد الفلك الربعة‪ ،‬و احذر ما يلي الوتاد و كذلك السواقط لن نسبتها مضطربة‪ .‬و ه ذا‬ ‫الارج هو أول رتب السريان‪ .‬ث تأخذ مموع العناصر و تط منها أسوس الولدات‪ ،‬يبقى أس عال اللق بعد عروضه للم دد الكوني ة‪،‬‬ ‫فتحمل عليه بعض الردات عن الواد و هي عناصر المداد‪ ،‬يرج أفق النفس الوسط‪ ،‬و تطرح أول رتب السريان من مموع العناصر يبقى‬ ‫عال التوسط‪ .‬و هذا مصوص بعوال الكوان البسيطة ل الركبة‪ .‬ث تضرب عال التوسط ف أفق النفس الوسط يرج الفق العلى‪ ،‬فتحمل‬ ‫عليه أول رتب السريان‪ ،‬ث تطرح من الرابع أول عناصر المداد الصلي يبقى ثالث رتبة السريان‪ ،‬فتضرب مموع أجزاء العناصر الربع ة‬ ‫أبدا ف رابع مرتبة السريان‪ ،‬يرج أول عال التفصيل‪ ،‬و الثان ف الثان يرج ثان عال التفصيل‪ ،‬و الثالث ف الثالث ي رج ث الث ع ال‬ ‫التفصيل‪ ،‬و الرابع ف الرابع يرج رابع عال التفصيل‪ .‬فتجمع عوال التفصيل و تط من عال الكل‪ .‬تبقى العوال الردة‪ ،‬فتقسم على الف ق‬ ‫العلى يرج الزء الول‪ .‬و يقسم النكسر على الفق الوسط يرج الزء الثان‪ ،‬و ما انكسر فهو الثالث‪ .‬و يتعي الرابع هذا ف الرباعي‪.‬‬ ‫و إن شئت أكثر من الرباعي فتستكثر من عوال التفصيل و من رتب السريان و من الوفاق بعد الروف‪ .‬و ال يرشدنا و إياك‪ .‬و ك ذلك‬ ‫إذا قسم عال التجريد على أول رتب السريان خرج الزء الول من عال التركيب‪ ،‬و كذلك إل ناية الرتبة الخية من عال الكون‪ .‬فافهم‬ ‫و تدبر و ال الرشد العي‪.‬‬ ‫و من طريقهم أيضا ف استخراج الواب‪ ،‬قال بعض الققي منهم‪ :‬اعلم أيدنا ال و إياك بروج منه‪ ،‬أن علم الروف جليل يتوصل العال به‬ ‫لا ل يتوصل بغيه من العلوم التداولة بي العال‪ .‬و للعمل به شرائط تلتزم‪ .‬و قد يستخرج العال أسرار الليقة و سرائر الطبيعة‪ ،‬فيطلع بذلك‬ ‫على نتيجت الفلسفة‪ ،‬أعن السيميا و أختها‪ .‬و يرفع له حجاب الهولت و يطلع بذلك على مكنون خبايا القلوب‪ .‬و قد شهدت جاع ة‬ ‫بأرض الغرب من اتصل بذلك‪ ،‬فأظهر الغرائب و خرق العوائد و تصرف ف الوجود بتأييد ال‪.‬‬ ‫و اعلم أن ملك كل فضيلة الجتهاد و حسن اللكة مع الصب‪ .‬مفتاح كل خي‪ ،‬كما أن الرق و العجلة رأس الرمان‪ ،‬ف أقول‪ :‬إذا أردت‬ ‫أن تعلم قوة كل حرف من حروف الفابيطوس أعن أبد إل آخر العدد‪ ،‬و هذا أول مدخل من علم الروف‪ ،‬فانظر ما لذلك الرف م ن‬


‫العداد‪ ،‬فتلك الدرجة الت هي مناسبة للحرف هي قوته ف السمانيات‪ .‬ث اضرب العدد ف مثله ترج لك قوته ف الروحاني ات و ه ي‬ ‫وتره‪ .‬و هذا ف الروف النقوطة ل يتم بل يتم لغي النقوطة‪ ،‬لن النقوطة منها مراتب لعان يأت عليها البيان فيما بعد‪.‬‬ ‫و اعلم أن لكل شكل من أشكال الروف شكل ف العال العلوي أعن الكرسي‪ ،‬و منها التحرك و الساكن و العلوي و السفلي كما ه و‬ ‫مرقوم ف أماكنه من الداول الوضوعة ف الزيارج‪.‬‬ ‫و اعلم أن قوى الروف ثلثة أقسام‪ :‬الول و هو أقلها قوة تظهر بعد كتابتها‪ ،‬فتكون كتابته لعال روحان مصوص بذلك الرف الرسوم‪،‬‬ ‫فمت خرج ذلك الرف بقوة نفسانية و جع هة كانت قوى الروف مؤثرة ف عال الجسام‪ .‬الثان قوتا ف اليئة الفكرية و ذلك ما يصدر‬ ‫عن تصريف الروحانيات لا‪ ،‬فهي قوة ف الروحانيات العلويات‪ ،‬و قوة شكلية ف عال السمانيات‪ .‬الثالث و هو يمع الباطن‪ ،‬أعن الق وة‬ ‫النفسانية على تكوينه‪ ،‬فتكون قبل النطق به صورة ف النفس‪ ،‬بعد النطق به صورة ف الروف و قوة ف النطق‪.‬‬ ‫و أما طبائعها فهي الطبيعيات النسوبة للمتولدات ف الروف و هي الرارة و اليبوسة‪ ،‬و الرارة و الرطوبة و البودة و اليبوسة و البودة و‬ ‫الرطوبة‪ ،‬فهذا سر العدد اليمان‪ ،‬و الرارة جامعة للهواء و النار و ها‪ :‬ا ه ط م ف ش ذ ج ز ك س ق ث ظ‪ ،‬و البودة جامعة للهواء و‬ ‫الاء ب و ى ن ص ت ض د ح ل ع ر خ غ‪ ،‬و اليبوسة جامعة للنار و الرض ا ه ط م ف ش ذ ب و ى ن ص ت ض‪ ،‬فهذه نس بة‬ ‫حروف الطبائع و تداخل أجزاء بعضها ف بعض‪ .‬و تداخل أجزاء العال فيها علويات و سفليات بأسباب المه ات الول‪ ،‬أعن الطب ائع‬ ‫الربع النفردة‪ ،‬فمت أردت استخراج مهول من مسئلة ما‪ ،‬فحقق طالع السائل أو طالع مسئلته واستنطق حروف أوتارها الربعة‪ :‬الول و‬ ‫الرابع و السابع و العاشر مستوية مرتبة‪ ،‬و استخرج أعداد القوى و الوتار كما سنبي‪ ،‬و احل و انسب و استنتج ال واب ي رج ل ك‬ ‫الطلوب‪ ،‬إما بصريح اللفظ أو بالعن‪ .‬و كذلك ف كل مسئلة تقع لك‪ .‬بيانه‪ :‬إذا أردت أن تستخرج قوى حروف الطالع‪ .‬مع اسم السائل‬ ‫والاجة‪ .‬فاجع أعدادها بالمل الكبي‪ ،‬فكان الطالع المل رابعه السرطان سابعه اليزان عاشره الدي‪ .‬و هو أقوى هذه الوتاد‪ .‬فاس قط‬ ‫من كل برج حرف التعريف‪ .‬و انظر ما يص كل برج من العداد النطقة الوضوعة ف دائرتا‪ ،‬و اح ذف أج زاء الكس ر ف النس ب‬ ‫الستنطاقية كلها و أثبت تت كل حرف ما يصه من ذلك‪ ،‬ث أعداد حروف العناصر الربعة و ما يصها كالول‪ .‬و ارسم ذل ك كل ه‬ ‫أحرفا و رتب الوتاد و القوى و القرائن سطرا متزجا‪ .‬و كسر و اضرب ما يضرب لستخراج الوازين‪ .‬و اجع و استنتج الواب يرج لك‬ ‫الضمي و جوابه‪ .‬مثاله افرض أن الطالع المل كما تقدم‪ .‬ترسم ح م ل‪ :‬فللحاء من العدد ثانية لا النصف و الربع و الثمن د ب ا اليم لا‬ ‫من العدد أربعون‪ .‬لا النصف و الربع و الثمن و العشر و نصف العشر إذا أردت التدقيق م ك ى ه د ب‪ ،‬اللم لا من العدد ثلث ون‪ ،‬ل ا‬ ‫النصف و الثلثان و الثلث و المس و السدس و العشر ك ى و ه ج‪ .‬و هكذا تفعل بسائر حروف السئلة و السم من كل لفظ يقع لك‪.‬‬ ‫و أما استخراج الوتار فهو أن تقسم مربع كل حرف على أعظم جزء يوجد له‪ .‬مثاله‪ :‬حرف د له من العداد أربعة مربعها س تة عش ر‪.‬‬ ‫إقسمها على أعظم جزء يوجد لا و هو اثنان يرج وترا لدال ثانية‪ .‬ث تضع كل وتر مقابل لرفه‪ .‬ث تستخرج النسب العنصرية‪ ،‬كما تقدم‬ ‫ف شرح الستنطاق‪ .‬و لا قاعدة تطرد ف استخراجها من طبع الروف و طبع البيت الذي يل فيه من الدول كما ذكر الشيخ لن عرف‬ ‫الصطلح‪ .‬و ال أعلم‪.‬‬

‫فصل ف الستدلل على ما ف الضمائر الفية بالقواني الرفية‬ ‫و ذلك لو سأل سائل عن عليل ل يعرف مرضه ما علته‪ .‬و ما الوافق لبئه منه‪ ،‬فمر السائل أن يسمي ما شاء من الشياء على اسم العل ة‬ ‫الهولة‪ ،‬لتجعل ذلك السم قاعدة لك‪ .‬ث استنطق السم مع اسم الطالع و العناصر و السائل و اليوم والساعة إن أردت التدقيق ف السئلة‪،‬‬ ‫و إل اقتصرت على السم الذي ساه السائل‪ .‬و فعلت به كما نبي‪ .‬فأقول مثل‪ :‬سى السائل فرسا فأثبت الروف الثلثة م ع أع دادها‬ ‫النطقة‪ .‬بيانه‪ :‬أن للفاء من العدد ثاني و لا م ك ي ح ب‪ ،‬ث الراء لا من العدد مائتان ق ن ك ى ث السي لا من العدد ستون و لا م ل ك‬ ‫فالواو عدد تام له د ج ب‪ ،‬و السي مثله و لا م ل ك‪ .‬فإذا بسطت حروف الساء وجدت عنصرين متساويي‪ ،‬فاحكم لكثرها حروفا‬


‫بالغلبة على الخر‪ ،‬ث احل عدد حروف عناصر اسم الطلوب و حروفه دون بسط‪ .‬و كذلك اسم الطالب و احكم للك ثر و الق وى‬ ‫بالغلبة‪.‬‬ ‫و صفة قوى إستخراج العناصر‬ ‫فتكون الغلبة هنا للتراب و طبعه البودة‪ .‬و اليبوسة طبع السوداء‪ ،‬فتحكم على الريض بالسوداء‪ .‬فإذا ألفت من حروف الستنطاق كلم ا‬ ‫على نسبة تقريبية خرج موضع الوجع ف اللق‪ ،‬و يوافقه من الدوية حقنة و من الشربة شراب الليمون‪ .‬هذا ما خرج من ق وى أع داد‬ ‫حروف اسم فرس و هو مثال تقريب متصر‪ .‬و أما استخراج قوى العناصر من الساء العلمية فهو أن تسمي مثل ممدا‪ ،‬فترس م أحرف ه‬ ‫مقطعة‪ .‬ث تضع أساء العناصر الربعة على ترتيب الفلك‪ ،‬يرج لك ما ف كل عنصر من الروف و العدد‪ .‬و مثاله‪:‬‬ ‫فتجد أقوى هذه العناصر من هذا السم الذكور عنصر الاء‪ ،‬لن عدد حروفه عشرون حرفا‪ ،‬فجعلت له الغلبة على بقية عناص ر الس م‬ ‫الذكور‪ .‬و هكذا يفعل بميع الساء‪ .‬حينئذ تضاف إل أوتارها‪ ،‬أو للوتر النسوب للطالع ف الزايرجة‪ ،‬أو لوتر البيت النسوب لالك ب ن‬ ‫وهيب‪ .‬الذي جعله قاعدة لزج السئلة و هو هذا‪:‬‬ ‫غرائب شك ضبطه الد مثل‬ ‫سؤال عظيم اللق حزت فصن إذن‬ ‫و هو وتر مشهور لستخراج الهولت‪ ،‬و عليه كان يعتمد ابن الرقام و أصحابه‪ .‬و هو عمل تام قائم بنفسه ف الثالت الوضعية‪ .‬وص فة‬ ‫العمل بذا الوتر الذكور أن ترسه مقطعا متزجا بألفاظ السؤال على قانون صنعة التكسي‪ .‬و عدة حروف هذا الوتر أعن ال بيت ثلث ة و‬ ‫أربعون حرفا‪ ،‬لن كل حرف مشدد من حرفي‪.‬‬ ‫ث تذف ما تكرر عند الزج من الروف و من الصل‪ .‬لكل حرف فضل من السئلة حرف ياثله‪ ،‬و تثبت الفضلي سطرا متزج ا بعض ه‬ ‫ببعض الروف‪ .‬الول من فضلة القطب و الثان من فضلة السؤال‪ ،‬حت يتم الفضلتان جيعا فتكون ثلثة و أربعي‪ ،‬فتضيف إليه ا خ س‬ ‫نونات ليكون ثانية و أربعي‪ ،‬لتعدل با الوازين الوسيقية‪ .‬ث تضع الفضلة على ترتيبها فإن كان عدد الروف الارجة بعد ال زج يواف ق‬ ‫العدد الصلي قبل الذف فالعمل صحيح‪ ،‬ث عمر با مزجت جدول مربعا يكون آخر ما ف السطر الول أول ما ف السطر الثان‪.‬‬ ‫و على هذا النسق حت يعود السطر الول بعينه‪ ،‬و تتوال الروف ف القطر على نسبة الركة‪ .‬ث ترج وتر كل حرف كما تقدم تض عه‬ ‫مقابل لرفه‪ ،‬ث تستخرج النسب العنصرية للحروف الدولية‪ ،‬لتعرف قوتا الطبيعية و موازينها الروحانية و غرائزها النفسانية و أسوس ها‬ ‫الصلية من الدول الوضوع لذلك‪ .‬و صفة استخراج النسب العنصرية هو أن تنفر الرف الول من الدول ما طبيعته و طبيعة البيت الذي‬ ‫حل فيه‪ ،‬فإن اتفقت فحسن‪ ،‬و إل فاستخرج بي الرفي نسبة‪ .‬و يتسع هذا القانون ف جيع الروف الدولية‪ .‬و تقيق ذلك سهل عل ى‬ ‫من عرف قوانينة كما هو مقرر ف دوائرها الوسيقية‪ .‬ث تأخذ وتر كل حرف بعد ضربه ف أسوس أوتاد الفلك الربعة كما تقدم‪ .‬و احذر‬ ‫ما يلي الوتاد‪ .‬و كذلك السواقط لن نسبتها مضطربة‪ .‬و هذا الذي يرج لك هو أول مراتب السريان‪ .‬ث تأخذ مموع العناصر و ت ط‬ ‫منها أسوس الولدات يبقى أس عال اللق بعد عروضه للمدد الكونية‪ .‬فتحمل عليه بعض الردات عن الواد و هي عناصر المداد‪ ،‬ي رج‬ ‫أفق النفس الوسط‪ .‬و تطرح أول رتب السريان من مموع العناصر يبقى عال التوسط‪ .‬و هذا مصوص بعوال الكوان البسيطة ل الركبة‪.‬‬ ‫ث تضرب عال التوسط ف أفق النفس الوسط يرج الفق العلى‪ .‬فتحمل عليه أول رتب السريان‪ .‬ث تطرح من الرابع أول عناصر المداد‬ ‫الصلي يبقى ثالث رتبة السريان‪ .‬ث تضرب مموع أجزاء العناصر الربعة أبدا ف رابع رتب السريان يرج أول عال التفصيل‪ ،‬و الث ان ف‬ ‫الثان يرج ثان عال التفصيل‪ ،‬و كذلك الثالث و الرابع‪ ،‬فتجمع عوال التفصيل و تط من عال الكل‪ ،‬تبقى العوال الردة‪ ،‬فتقس م عل ى‬ ‫الفق العلى يرج الزء الول‪ .‬و من هنا يطرد العمل ف التامة‪ .‬و له مقامات ف كتب ابن وحشية و البون و غيها‪ .‬و هذا التدبي يري‬ ‫على القانون الطبيعي الكمي ف هذا الفن و غيه من فنون الكمة اللية‪ ،‬و عليه مدار وضع الزيارج الرفية و الصنعة اللية و النيج ات‬ ‫الفلسفية‪ .‬و ال اللهم و به الستعان و عليه التكلن‪ ،‬و حسبنا ال و نعم الوكيل‪.‬‬

‫الفصل الثلثون‪ :‬ف علم الكيمياء‬


‫و هو علم ينظر ف الادة الت يتم با كون الذهب و الفضة بالصناعة و يشرح العمل الذي يوصل إل ذلك فيتصفحون الكونات كلها بع د‬ ‫معرفة أمزجتها و قواها لعلهم يعثرون على الادة الستعدة لذلك حت من العضلت اليوانية كالعظام والريش و البيض و العذرات فضل عن‬ ‫العادن‪ .‬ث يشرح العمال الت ترج با تلك الادة من القوة إل الفعل مثل حل الجسام إل أجزائها الطبيعية يالتص عيد والتقطي و ج د‬ ‫الذائب منها بالتكليس و إمهاء الصلب بالقهر و الصلبة و أمثال ذلك‪ .‬و ف زعمهم أنه يرج بذه الصناعات كلها جسم طبيعي يس مونه‬ ‫الكسي‪ .‬و أنه يلقى منه على السم العدن الستعد لقبول صورة الذهب أو الفضة بالستعداد القريب من الفعل مثل الرصاص و القصدير و‬ ‫النحاس بعد أن يمى بالنار فيعود ذهبا إبريزا‪ .‬و يكنون عن ذلك الكسي إذا ألغزوا ف اصطلحاتم بالروح و عن السم الذي يلقى علي ه‬ ‫بالسد‪ .‬فشرح هذه الصطلحات و صورة هذا العمل الصناعي الذي يقلب هذه الجساد الستعدة إل صورة الذهب و الفضة هو عل م‬ ‫الكيمياء‪ .‬و ما زال الناس يؤلفون فيها قديا و حديثا‪ .‬و ربا يعزى الكلم فيها إل من ليس من أهلها‪ .‬و إمام الدوني فيها جابر بن حي ان‬ ‫حت إنم يصونا به فيسمونا علم جابر و له فيها سبعون رسالة كلها شبيهة باللغاز‪ .‬و زعموا أنه ل يفتح مقفلها إل من أحاط علما بميع‬ ‫ما فيها‪ .‬و الطغرائي من حكماء الشرق التأخرين له فيها دواوين و مناظرات مع أهلها و غيهم من الكماء‪ .‬و كتب فيها مسلمة الريطي‬ ‫من حكماء الندلس كتابه الذي ساه رتبة الكيم و جعله قرينا لكتابه الخر ف السحر و الطلسمات الذي ساه غاية الكيم‪ .‬و زع م أن‬ ‫هاتي الصناعتي ها نتيجتان للحكمة و ثرتان للعلوم و من ل يقف عليهما فهو فاقد ثرة العلم و الكمة أجع‪ .‬و كلمه ف ذلك الكت اب‬ ‫وكلمهم أجع ف تآليفهم هي ألغاز يتعذر فهمها على من ل يعان اصطلحاتم ف ذلك‪ .‬و نن نذكر سبب عدولم إل ه ذه الرم وز و‬ ‫اللغاز‪ .‬و لبن الغيب من أئمة هذا الشأن كلمات شعرية على حروف العجم من أبدع ما ييء ف الشعر ملغوزة كلها لغز الح اجي و‬ ‫العاياة فل تكاد تفهم‪ .‬و قد ينسبون للغزال رحه ال بعض التآليف فيها و ليس بصحيح لن الرجل ل تكن مداركه العالية لتقف عن خطأ‬ ‫ما يذهبون إليه حت ينتحله‪ .‬و ربا نسبوا بعض الذاهب و القوال فيها لالد بن يزيد بن معاوية ربيب مروان بن الكم و من العلوم ال بي‬ ‫أن خالدا من اليل العرب و البداوة إليه أقرب فهو بعيد عن العلوم و الهناج بالملة فكيف له بصناعة غريبة النحى مبنية على معرفة طبائع‬ ‫الركبات و أمزجتها و كتب الناظرين ف ذلك من الطبيعيات و الطب ل تظهر بعد و ل تترجم أللهم إل أن يكون خالد بن يزيد آخر م ن‬ ‫أهل الدارك الصناعية تشبه باسه فممكن‪ .‬و أنا أنقل لك هنا رسالة أب بكر بن بشرون لب السمح ف هذه الصناعة و كلها من تلمي ذ‬ ‫مسلمة فيستدل من كلمه فيها على ما ذهب إليه ف شأنا إذا أعطيته حقه من التأمل قال ابن بشرون بعد صدر من الرسالة خ ارج ع ن‬ ‫الغرض‪ :‬و القدمات الت لذه الصناعة الكرية قد ذكرها الولون و اقتص جيعها أهل الفلسفة من معرفة تكوين العادن و تلق الحج ار و‬ ‫الواهر و طباع البقاع و الماكن فمنعنا اشتهارها من ذكرها و لكن أبي لك من هذه الصنعة ما يتاج إليه فتبدأ بعرفته فقد قالوا‪ :‬ينبغ ي‬ ‫لطلب هذا العلم أن يعلموا أول ثلث خصال‪ :‬أولا هل تكون ؟ و الثانية من أي تكون ؟ و الثالثة من أي كيف تكون ؟ فإذا عرف ه ذه‬ ‫الثلثة و أحكمها فقد ظفر بطلوبه و بلغ نايته من هذا العلم و أما البحث عن وجوبا و الستدلل عن تكونا فقد كفيناكه با بعثن ا ب ه‬ ‫إليك من الكسي‪ .‬و أما من أي شيء تكون فإنا يريدون بذلك البحث عن الجر الذي يكنه العمل و إن كان العمل موجودا م ن ك ل‬ ‫شيء بالقوة لنا من الطبائع الربع منها تركبت ابتداء و إليها ترجع انتهاء و لكن من الشياء ما يكون فيه بالقوة و ل يكون بالفعل و ذلك‬ ‫أن منها ما يكن تفصيلها تعال و تدبر و هي الت ترج من القوة إل الفعل و الت ل يكن تفصيلها ل تعال و ل تدبر لنا فيها بالقوة فقط‬ ‫و إنا ل يكن تفصيلها لستغراق بعض طبائعها ف بعض و فضل قوة الكبي منها على الصغي‪ .‬فينبغي لك وفق ك ال أن تع رف أوف ق‬ ‫الحجار النفصلة الت يكن فيها العمل و جنسه و قوته و عمله و ما تدبر من الل و العقد و التنقية و التكليس و التنشيف و التقليب ف إن‬ ‫من ل يعرف هذه الصول الت هي عماد هذه الصنعة ل ينجح و ل يظفر بي أبدا‪ .‬و ينبغي لك أن تعلم هل يكن أن يستعان عليه بغيه أو‬ ‫يكتفى به وحده و هل هو واحد ف البتداء أو شاركه غيه فصار ف التدبي واحدا فسمي حجرا‪ .‬و ينبغي لك أن تعلم كيفية عمله و كمية‬ ‫أوزانه و أزمانه و كيف تركيب الروح فيه و إدخال النفس عليه ؟ و هل تقدر النار على تفصيلها منه بعد تركيبها ؟ فإن ل تقدر فلي علة‬ ‫و ما السبب الوجب لذلك ؟ فان هذا هو الطلوب فافهم‪ .‬و اعلم أن الفلسفة كلها مدحت النفس و زعمت أنا الدبرة للجسد و الاملة‬ ‫له و الدافعة عنه و الفاعلة فيه‪ .‬و ذلك أن السد إذا خرجت النفس منه مات و برد فلم يقدر على الركة و المتناع من غيه لنه ل حياة‬ ‫فيه و ل نور‪ .‬و إنا ذكرت السد و النفس لن هذه الصفات شبيهة بسد النسان الذي تركيبه على الغذاء و العشاء و ق وامه و ت امه‬ ‫بالنفس الية النورانية الت با يفعل العظائم و الشياء القابلة الت ل يقدر عليها غيها بالقوة الية الت فيها‪ .‬و إنا انفعل النس ان لختلف‬


‫تركيب طبائعه و لو اتفقت طبائعه لسلمت من العراض و التضاد و ل تقدر النفس على الروج من بدنه و لكان خالدا باقي ا‪ .‬فس بحان‬ ‫مدبر الشياء تعال‪ .‬و اعلم أن الطبائع الت يدث عنها هذا العمل كيفية دافعة ف البتداء فيضية متاجة إل النتهاء و ليس لا إذا صارت ف‬ ‫هذا الد أن تستحيل إل ما منه تركبت كما قلناه آنفا ف النسان لن طبائع هذا الوهر قد لزم بعضها بعضا و صارت شيئا واحدا ش بيها‬ ‫بالنفس ف قوتا و فعلها و بالسد ف تركيبه و مسته بعد أن كانت طبائع مفردة بأعيانا‪ .‬فيا عجبا من أفاعيل الطبائع إن القوة للض عيف‬ ‫الذي يقوى على تفصيل الشياء و تركيبها و تامها فلذلك قلت قوي و ضعيف‪ .‬و إنا وقع التعبي و الفناء ف التركيب الول للختلف و‬ ‫عدم ذلك ف الثان للتفاق‪ .‬و قد قال بعض الولي التفصيل و التقطيع ف هذا العمل حياة و بقاء و التركيب موت و فناء‪ .‬و ه ذا الكلم‬ ‫دقيق العن لن الكيم أراد بقوله حياة و بقاء خروجه من العدم إل الوجود لنه ما دام على تركيبه الول فهو فان ل مالة‪ ،‬ف إذا رك ب‬ ‫التركيب الثان عدم الفناء‪ .‬و التركيب الثان ل يكون إل بعد التفصيل و التقطيع فإذا التفصيل و التقطيع ف هذا العمل خاصة‪ .‬ف إذا بق ي‬ ‫السد اللول انبسط فيه لعدم الصورة لنه قد صار ف السد بنلة النفس الت ل صورة لا و ذلك أنه ل وزن له فيه و سترى ذلك إن شاء‬ ‫ال تعال و قد ينبغي لك أن تعلم أن اختلط اللطيف باللطيف أهون من اختلط الغليظ و إنا أريد بذلك التشاكل ف الرواح و الجس اد‬ ‫لن الشياء تتصل بأشكالا‪ .‬و ذكرت لك ذلك لتعلم أن العمل أوفق و أيسر من الطبائع اللطائف الروحانية منها من الغليظة السمانية‪ .‬و‬ ‫قد يتصور ف العقل أن الحجار أقوى و أصب على النار من الرواح كما ترى أن الذهب و الديد و النحاس أصب على النار من الكبيت‬ ‫و الزئبق و غيها من الرواح فأقول إن الجساد قد كانت أرواحا ف بدنا فلما أصابا حر الكيان قلبها أجسادا لزجة غليظة فلم تقدر النار‬ ‫على أكلها لفراط غلظها و تلزجها‪ .‬فإذا أفرطت النار عليها صيتا أرواحا كما كانت أول خلقها‪ .‬و إن تلك الرواح اللطيفة إذا أصابتها‬ ‫النار أبقت و ل تقدر على البقاء عليها فينبغي لك أن تعلم ما صي الجساد ف هذه الالة و صي الرواح ف هذا الال فهو أجل ما تعرفه‪.‬‬ ‫أقول إنا أبقت تلك الرواح لشتعالا و لطافتها‪ .‬و إنا اشتعلت لكثرة رطوبتها و لن النار إذا أحست بالرطوبة تعلقت با لن ا هوائي ة‬ ‫تشاكل النار و ل تزال تغتذي با إل أن تفن‪ .‬و كذلك الجساد إذا أحست بوصول النار إليها لقلة تلزجها و غلظها و إنا صارت تل ك‬ ‫الجساد ل تشتعل لنا مركبة من أرض و ماء صابر على النار فلطيفه متحد بكثيفه لطول الطبخ اللي الازج للشياء‪ .‬و ذل ك أن ك ل‬ ‫متلش إنا يتلشى بالنار لفارقة لطيفه من كثيفه و دخول بعضه ف بعض على غي التحليل و الوافقة فصار ذلك النضمام و التداخل ماورة‬ ‫ل مازجة فسهل بذلك افتراقهما كالاء و الدهن و ما أشبههما‪ .‬و إنا وصفت ذلك لتستدل به على تركيب الطبائع و تقابلها فإذا علم ت‬ ‫ذلك علما شافيا فقد أخذت حظك منها‪ .‬و ينبغي لك أن تعلم أن الخلط الت هي طبائع هذه الصناعة موافقة بعضها لبعض مفصلة م ن‬ ‫جوهر واحد يمعها نظام واحد بتدبي واحد ل يدخل عليه غريب ف الزء منه و ل ف الكل كما قال الفيلسوف‪ :‬إنك إذا أحكمت تدبي‬ ‫الطبائع و تآليفها و ل تدخل عليها غريبا فقد أحكمت ما أردت إحكامه و قوامه إذ الطبيعة واحدة ل غريب فيها فمن أدخل عليها غريب ا‬ ‫فقد زاغ عنها و وقع ف الطأ‪ .‬و اعلم أن هذه الطبيعة إذا حل لا جسد من قرائنها على ما ينبغي ف الل حت يشاكلها ف الرقة و اللطاف ة‬ ‫انبسطت فيه و جرت معه حيثما جرى لن الجساد ما دامت غليظة جافية ل تنبسط و ل تتزاوج و حل الجساد ل يك ون بغي الرواح‬ ‫فافهم هداك ال هذا القول‪ .‬و اعلم هداك ال أن هذا الل ف جسد اليوان هو الق الذي ل يضمحل و ل ينقص و هو الذي يقلب الطبائع‬ ‫و يسكها و يظهر لا ألوانا و أزهارا عجيبة‪ .‬و ليس كل جسد يل خلف هذا هو الل التام لنة مالف للحياة‪ ،‬فإنا حله با يوافقه و يدفع‬ ‫عنه حرق النار‪ ،‬حت يزول عن الغلظ و تنقلب الطبائع عن حالتا إل ما لا أن تنقلب من اللطافة و الغلظ‪ .‬فإذا بلغت الجساد نايتها م ن‬ ‫التحليل و التلطيف ظهرت لا هنالك قوة تسك و تغوص و تقلب و تنفذ و كل عمل ل يرى له مصداق ف أوله فل خي فيه‪ .‬و اعل م أن‬ ‫البارد من الطبائع هو ييبس الشياء و يعقد رطوبتها و الار منها يظهر رطوبتها و يعقد يبسها و إنا أفردت الر و البد لنما ف اعلن و‬ ‫الرطوبة و اليبس منفعلن و على انفعال كل واحد منهما لصاحبه تدث الجسام و تتكون و إن كان الر أكثر فعل ف ذلك من البد لن‬ ‫البد ليس له نقل الشياء و ل تركها و الر هو علة الركة‪ .‬و مت ضعفت علة الكون و هو الرارة ل يتم منها شيء أبدا كم ا إن ه إذا‬ ‫أفرطت الرارة على شيء و ل يكن ث برد أحرقته و أهلكته‪ .‬فمن أجل هذه العلة احتيج إل البارد ف هذه العمال ليقوى به كل ضد على‬ ‫ضده و يدفع عنه حر النار‪ .‬و ل يذر الفلسفة أكب شيء إل من النيان الرقة‪ .‬و أمرت بتطهي الطبائع و النفاس و إخ راج دنس ها و‬ ‫رطوبتها و نفور آفاتا و أوساخها عنها على ذلك استقام رأيهم و تدبيهم فإنا عملهم إنا هو مع النار أول و إليها يصي أخيا فلذلك قالوا‪:‬‬ ‫إياكم و النيان الرقات‪ .‬و إنا أرادوا بذلك نفي الفات الت معها فتجمع على السد آفتي فتكون أسرع للكه‪ .‬و كذلك كل شيء إن ا‬


‫يتلشى و يفسد من ذاته لتضاد طبائعه و اختلفه فيتوسط بي شيئي فلم يد ما يقويه و يعينه إل قهرته الفة و أهلكته‪ .‬و اعلم أن الكماء‬ ‫كلها ذكرت ترداد الرواح على الجساد مرارا ليكون ألزم إليها و أقوى على قتال النار إذا هي باشرتا عند اللفة أعن بذلك النار العنصرية‬ ‫فاعلمه‪ .‬و لنقل الن على الجر الذي يكن منه العمل على ما ذكرته الفلسفة فقد اختلفوا فيه فمنهم من زعم أنه ف اليوان و منهم م ن‬ ‫زعم أنه ف النبات و منهم من زعم أنه ف العادن و منهم من زعم أنه ف الميع‪ .‬و هذه الدعاوى ليست بنا حاجة إل استقصائها و مناظرة‬ ‫أهلها عليها لن الكلم يطول جدا و قد قلت فيما تقدم إن العمل يكون ف كل شيء بالقوة لن الطبائع موجودة ف كل شيء فهو كذلك‬ ‫فنريد أن تعلم من أي شيء يكون العمل بالقوة و الفعل فنقصد إل ما قاله الران إن الصبغ كله أحد صبغي‪ :‬إما صبغ جسد كالزعفران ف‬ ‫الثوب البيض حت يول فيه و هو مضمحل منتقض التركيب‪ ،‬و الصبغ الثان تقليب الوهر من جوهر نفس ه إل ج وهر غيه و ل ونه‬ ‫كتقليب الشجر بل التراب إل نفسه و قلب اليوان و النبات ال نفسه حت يصي التراب نباتا و النبات حيوانا و ل يكون إل بالروح الي و‬ ‫الكيان الفاعل الذي له توليد الجرام و قلب العيان‪ .‬فإذا كان هذا هكذا فنقول إن العمل لبد أن يكون إما ف اليوان و إما ف النب ات و‬ ‫برهان ذلك أنما مطبوعان على الغذاء و به قوامهما و تامهما‪ .‬فأما النبات فليس فيه ما ف اليوان من اللطافة و القوة و لذلك قل خ وض‬ ‫الكماء فيه‪ .‬و أما اليوان فهو آخر الستحالت الثلث و نايتها و ذلك أن العدن يستحيل نباتا و النبات يستحيل حيوانا و الي وان ل‬ ‫يستحيل إل شيء هو الطف منه إل أن ينعكس راجعا إل الغلظ و أنه أيضا ل يوجد ف العال شيء تتعلق فيه الروح الي ة غيه و ال روح‬ ‫ألطف ما ف العال و ل تتعلق الروح باليوان إل بشاكلته إياها‪ .‬فأما الروح الت ف النبات فإنا يسية فيها غلظ و كثافة و هي م ع ذل ك‬ ‫مستغرقة كامنة فيه لغلظها و غلظ جسد النبات فلم يقدر على الركة لغلظه و غلظ روحه‪ .‬و الروح التحركة ألطف من ال روح الكامن ة‬ ‫كثيا و ذلك أن التحركة لا قبول الغذاء و التنقل و التنفس و ليس للكامنة غي قبول الغذاء وحده‪ .‬و ل تري إذا قيست بالروح الي ة إل‬ ‫كالرض عند الاء‪ .‬كذلك النبات عند اليوان فالعمل ف اليوان أعلى و أرفع و أهون و أيسر‪ .‬فينبغي للعاقل إذا عرف ذلك أن يرب م ا‬ ‫كان سهل و يترك ما يشى فيه عسرا‪ .‬و اعلم أن اليوان عند الكماء ينقسم أقساما من المهات الت هي الطبائع و الديثة الت هي الواليد‬ ‫و هذا معروف متيسر الفهم فلذلك قسمت الكماء العناصر و الواليد أقساما حية و أقساما ميتة فجعلوا كل متحرك فاعل حي ا و ك ل‬ ‫ساكن مفعول ميتا‪ .‬و قسموا ذلك ف جيع الشياء و ف الجساد الذائبة و ف العقاقي العدنية فسموا كل شيء يذوب ف الن ار و يطي و‬ ‫يشتعل حيا و ما كان على خلف ذلك سوه ميتا فأما اليوان و النبات فسموا كل ما انفصل منها طبائع أربعا حيا و ما ل ينفصل سوه ميتا‬ ‫ث إنم طلبوا جيع القسام الية‪ .‬فلم يدوا لوفق هذه الصناعة ما ينفصل فصول أربعة ظاهرة للعيان و ل يدوا غي الجر الذي ف اليوان‬ ‫فبحثوا عن جنسه حت عرفوه و أخذوه و دبروه فتكيف لم منه الذي أرادوا‪ .‬و قد يتكيف مثل هذا ف العادن و النبات‪ .‬بعد جع العقاقي و‬ ‫خلطها ث تفصل بعد ذلك‪ .‬فأما النبات فمنه ما ينفصل ببعض هذه الفصول مقل الشنان و أما العادن ففيها أجساد و أرواح و أنف اس إذا‬ ‫مزجت و دبرت كان منها ما له تأثي‪ .‬و قد دبرنا كل ذلك فكان اليوان منها أعلى و أرفع و تدبيه أسهل و أيسر‪ .‬فينبغي لك أن تعلم ما‬ ‫هو الجر الوجود ف اليوان و طريق وجوده‪ .‬إنا بينا أن اليوان أرفع الواليد و كذا ما تركب منه فهو ألطف منه كالنبات من الرض‪ .‬و‬ ‫إنا كان النبات ألطف من الرض لنه إنا يكون من جوهره الصاف و جسده اللطيف فوجب له بذلك اللطافة و الرقة‪ .‬و كذا هذا الج ر‬ ‫اليوان بنلة النبات ف التراب‪ .‬و بالملة فإنه ليس ف اليوان شيء ينفصل طبائع أربعا غيه فافهم هذا القول فإنة ل يكاد يفى إل عل ى‬ ‫جاهل بي الهالة و من ل عقل له‪ .‬فقد أخبتك ماهية هذا الجر و أعلمتك جنسه و أنا أبي لك وجوه تدابيه حت يكمل الذي شرطناه‬ ‫على أنفسنا من النصاف إن شاء ال سبحانه‪.‬‬ ‫التدبي على بركة ال خذ الجر الكري فأودعه القرعة و النبيق و فصل طبائعه الربع الت هي النار و الواء و الرض و الاء و هي السد و‬ ‫الصبغ فإذا عزلت الاء عن التراب و الواء عن النار فارفع كل واحد ف إنائه على حدة و خذ الابط أسفل الناء و هو الثفل فاغسله بالن ار‬ ‫الارة حت تذهب النار عنه سواده و يزول غلظه و جفاؤه و بيضه تبييضا مكما و طي عنه فضول الرطوبات الستجنة فيه فإنه يصي عن د‬ ‫ذلك ماء أبيض ل ظلمة فيه و ل وسخ و ل تضاد‪ .‬ث اعمد إل تلك الطبائع الول الصاعدة منه فطهرها أيضا من السواد و التضاد و ك رر‬ ‫عليها الغسل و التصعيد حت تلطف و ترق و تصفو‪ .‬فإذا فعلت ذلك فقد فتح ال عليك فابدأ بالتركيب الذي عليه مدار العمل‪ .‬و ذلك أن‬ ‫التركيب ل يكون إل بالتزويج و التعفي فأما التزويج فهو اختلط اللطيف بالغليظ و أما التعفي فهو التمشية و السحق حت يتلط بعض ه‬ ‫ببعض و يصي شيئا واحدا ل اختلف فيه و ل نقصان بنلة المتزاج بالاء‪ .‬فعند ذلك يقوى الغليظ على إمساك اللطيف و تقوى ال روح‬


‫على مقابلة النار و تصب عليها و تقوى النفس على الغوص ف الجساد والدبيب فيها‪ .‬و إنا وجد ذلك بعد التركيب لن السد اللول لا‬ ‫ازدوج بالروح مازجه بميع أجزائه و دخل بعضها ف بعض لتشاكلها فصار شيئا واحدا و وجب من ذلك أن يعرض للروح من الصلح و‬ ‫الفساد و البقاء و الثبوت و ما يعرض للجسد لوضع المتزاج‪ .‬و كذلك النفس إذا امتزجت بما و دخلت فيهما بدمة التدبي اختلط ت‬ ‫أجزاؤها بميع أجزاء الخرين أعن الروح و السد و صارت هي و ها شيئا واحدا ل اختلف فيه بنلة الزء الكلي الذي سلمت طبائعه‬ ‫و اتفقت أجزاؤه فإذا ألقى هذا الركب السد اللول و أل عليه النار و أظهر ما فيه من الرطوبة على وجهه ذاب ف السد اللول‪ .‬و م ن‬ ‫شأن الرطوبة الشتمال و تعلق النار با فإذا أرادت النار التعلق با منعها من التاد بالنفس مازجة الاء لا‪ .‬فإن النار ل تتحد بالدهن ح ت‬ ‫يكون خالصا‪ .‬و كذلك الاء من شأنه النفور من النار‪ .‬فإذا ألت عليه النار و أرادت تطييه حبسه السد اليابس المازج له ف جوفه فمنعه‬ ‫من الطيان فكان السد علة لمساك الاء و الاء علة لبقاه الدهن و الدهن علة لثبات الصبغ و الصبغ علة لظهور الدهن و اظهار الدهنية ف‬ ‫الشياء الظلمة الت ل نور لا و ل حياة فيها‪ .‬فهذا هو السد الستقيم و هكذا يكون العمل‪ .‬و هذه التصفية الت سألت عنها و هي ال ت‬ ‫ستها الكماء بيضة و إياها يعنون ل بيضة الدجاج و اعلم أن الكماء ل تسميها بذا السم لغي معن بل أشبهتها‪ .‬و لقد سألت مس لمة‬ ‫عن ذلك يوما و ليس عنده غيي فقلت له‪ :‬أيها الكيم الفاضل أخبن لي شيء ست الكماء مركب اليوان بيضة ؟ اختيارا منهم لذلك‬ ‫أم لعن دعاهم إليه ؟ فقال‪ :‬بل لعن غامض فقلت أيها الكيم و ما ظهر لم من ذلك من النفعة و الستدلل على الصناعة حت شبهوها و‬ ‫سوها بيضة ؟ فقال‪ :‬لشبهها و قرابتها من الركب ففكر فيه فإنه سيظهر لك معناه‪ .‬فبقيت بي يديه مفكرا ل أقدر على الوصول إل معناه‪.‬‬ ‫فلما رأى ما ب من الفكر و أن نفسي قد مضت فيها أخذ بعضدي و هزن هزة خفيفة و قال ل‪ :‬يا أبا بكر ذلك للنسبة الت بينهما ف كمية‬ ‫اللوان عند امتزاج الطبائع و تأليفها‪ .‬فلما قال ذلك انلت عن الظلمة و أضاء ل نور قلب و قوي عقلي على فهمه فنهضت شاكرا ال عليه‬ ‫إل منل و أقمت على ذلك شكل هندسيا يبهن به على صحة ما قاله مسلمة‪ .‬و أنا واضعه لك ف هذا الكتاب‪ .‬مثال ذلك أن الركب إذا‬ ‫ت و كمل كان نسبة ما فيه من طبيعة الواء إل ما ف البيضة من طبيعة الواء كنسبة ما ف الركب من طبيعة النار إل ما ف البيضة من طبيعة‬ ‫النار‪ .‬و كذلك الطبيعتان الخريان‪ ،‬الرض و الاء فأقول‪ :‬إن كل شيئي متناسبي على هذه الصفة ها متشابان‪ .‬و مثال ذل ك أن تع ل‬ ‫لسطح البيضة هزرح فإذا أردنا ذلك فإنا نأخذ أقل طبائع الركب و هي طبيعة اليبوسة و نضيف إليها مثلها من طبيعة الرطوبة و ندبرها حت‬ ‫تنشف طبيعة اليبوسة طبيعة الرطوبة و تقبل قوتا‪ .‬و كأن ف هذا الكلم رمزا و لكنه ل يفى عليك‪ .‬ث تمل عليهما جيعا مثليهم ا م ن‬ ‫الروح و هو الاء فيكون الميع ستة أمثال‪ .‬ث تمل على الميع بعد التدبي مثل من طبيعة الواء الت هي النفس و ذلك ثلثة أجزاء فيكون‬ ‫الميع تسعة أمثال اليبوسة بالقوة‪ .‬و تمل تت كل ضلعي من الركب الذي طبيعته ميطة بسطح الركب طبيعتي فتجعل أول الض لعي‬ ‫اليطي بسطحه طبيعة الاء و طبيعة الواء و ها ضلعا ا ح د و سطح ابد و كذلك الضلعان اليطان بسطح البيضة اللذان ها الاء و الواء‬ ‫ضلعا هزوح فأقول أن سطح ابد يشبه سطح هزوح طبيعة الواء الت تسمى نفسا و كذلك ب من سطح الركب‪ .‬و الكم اء ل تس م‬ ‫شيئا باسم شيء إل لشبهه به‪ .‬و الكلمات الت سألت عن شرحها الرض القدسة و هي النعقدة من الطبائع العلوية و السفلية‪ .‬و النح اس‬ ‫هو الذي أخرج سواده و قطع حت صار هباء ث حر بالزاج حت صار ناسيا و الغنيسيا حجرهم الذي تمد فيه الرواح و ترجه الطبيع ة‬ ‫العلوية الت تستجن فيها الرواح لتقابل عليها النار و الفرفرة لون أحر قان يدثه الكيان‪ .‬و الرصاص حجر له ثلث قوى متلفة الشخوص‬ ‫و لكنها متشاكلة و متجانسة‪ .‬فالواحدة روحانية نية صافية و هي الفاعلة و الثانية نفسانية و هي متحركة حساسة غي أنا أغلظ من الول‬ ‫و مزكزها دون مركز الول و الثالثة قوة أرضية حاسة قابضة منعكسة إل مركز الرض لثقلها و هي الاسكة الروحانية والنفسانية جيعا و‬ ‫اليطة بما‪ .‬و أما سائر الباقية فمبتدعة و مترعة‪ .‬إلباسا على الاهل‪ ،‬و من عرف القدمات استغن عن غيها‪ .‬فهذا جيع ما سألتن عنه و‬ ‫قد بعثت به إليك مفسرا و نرجو بتوفيق ال أن تبلغ أملك و السلم‪ .‬انتهى كلم ابن بشرون و هو من كبار تلميذ مسلمة الريطي ش يخ‬ ‫الندلس ف علوم الكيمياء و السيمياء و السحر ف القرن الثالث و ما بعده‪ .‬و أنت ترى كيف صرف ألفاظهم كلها ف الصناعة إل الزمز و‬ ‫اللغاز الت ل تكاد تبي و ل تعرف و ذلك دليل على أنا ليست بصناعة طبيعية‪ .‬و الذي يب أن يعتقد ف أمر الكيمياء و هو الق ال ذي‬ ‫يعضده الواقع أنا من جنس آثار النفوس الروحانية و تصرفها ف عال الطبيعة‪ ،‬إما من نوع الكرامة إن كانت النفوس خية أو م ن ن وع‬ ‫السحر إن كانت النفوس شريرة فاجرة‪ .‬فأما الكرامة فظاهرة و أما السحر فلن الساحر كما ثبت ف مكان تقيقه يقلب العي ان الادي ة‬ ‫بقوته السحرية‪ .‬و لبد له مع ذلك عندهم من مادة يقع فعله السحري فيها كتخليق بعض اليوانات من مادة التراب أو الشجر و النبات و‬


‫بالملة من غي مادتا الخصوصة با‪ ،‬كما وقع لسحرة فرعون ف البال و العصي و كما ينقل عن سحرة السودان و الن ود ف قاص ية‬ ‫النوب و الترك ف قاصية الشمال أنم يسحرون الو للمطار و غي ذلك‪ .‬و لا كانت هذه تليقا للذهب ف غي مادته الاصة به كان من‬ ‫قبيل السحر و التكلمون فيه من أعلم الكماء مثل جابر و مسلمة‪ .‬و من كان قبلهم من حكماء المم إنا نوا هذا النحى و ل ذا ك ان‬ ‫كلمهم فيه ألغازا حذرا عليها من إنكار الشرائع على السحر و أنواعه ل أن ذلك يرجع إل الضنانة با كما هو رأي م ن ل ي ذهب إل‬ ‫التحقيق ف ذلك‪ .‬و انظر كيف سى مسلمة كتابه فيها رتبة الكيم و سى كتابه ف السحر و الطلسمات غاية الكيم إش ارة إل عم وم‬ ‫موضوع الغاية و خصوص موضوع هذه لن الغاية أعلى من الرتبة فكان مسائل الرتبة بعض من مسائل الغاية و تشاركها ف الوضوعات‪ .‬و‬ ‫من كلمه ف الفني يتبي ما قلناه و نن نبي فيما بعد غلط من يزعم أن مدارك هذا المر بالصناعة الطبيعية‪ .‬و ال العليم البي‪.‬‬

‫الفصل الادي و الثلثون‪ :‬ف إبطال الفلسفة و فساد منتحلها‬ ‫هذا الفصل و ما بعده مهم لن هذه العلوم عارضة ف العمران كثية ف الدن‪ .‬و ضررها ف الدين كثي فوجب أن يصدع بشأنا و يكشف‬ ‫عن العتقد الق فيها‪ .‬و ذلك أن قوما من عقلء النوع النسان زعموا أن الوجود كله السي منه و ما وراء السي تدرك أدواته و أحواله‬ ‫بأسبابا و عللها بالنظار الفكرية و القيسة العقلية و أن تصحيح العقائد اليانية من قبل النظر ل من جهة السمع فإنا بعض م ن م دارك‬ ‫العقل‪ .‬و هؤلء يسمون فلسفة جع فيلسوف و هو باللسان اليونان مب الكمة‪ .‬فبحثوا عن ذلك و شروا له و حوموا على إصابة الغرض‬ ‫منه و وضعوا قانونا يهتدي به العقل ف نظره إل التمييز بي الق و الباطل و سوه بالنطق‪ .‬و مصل ذلك أن النظر الذي يفيد تييز الق من‬ ‫الباطل إنا هو للذهن ف العان النتزعة من الوجودات الشخصية فيجرد منها أول صور منطبقة على جيع الشخاص كما ينطبق الطابع على‬ ‫جيع النقوش الت ترسها ف طي أو شع‪ .‬و هذه مردة من السوسات تسمى العقولت الوائل‪ .‬ث ترد من تلك العان الكلية إذا ك انت‬ ‫مشتركة مع معان أخرى و قد تيزت عنها ف الذهن فتجرد منها معان أخرى و هي الت اشتركت با‪ .‬ث ترد ثانيا إن شاركها غيها و ثالثا‬ ‫إل أن ينتهي التجريد إل العان البسيطة الكلية النطبقة على جيع العان و الشخاص و ل يكون منها تريد بعد هذا و هي الجناس العالية‪.‬‬ ‫و هذه الردات كلها من غي السوسات هي من حيث تأليف بعضها مع بعض‪ .‬لتحصيل العلوم منها تسمى العقولت الثوان‪ .‬فإذا نظ ر‬ ‫الفكر ف هذه العقولت الردة و طلب تصور الوجود‪ .‬كما هو فلبد للذهن من إضافة بعضها إل بعض و نفي بعضها عن بعض بالبهان‬ ‫العقلي اليقين ليحصل تصور الوجود تصورا صحيحا مطابقا إذا كان ذلك بقانون صحيح كما مر‪ .‬و صنف التصديق الذي هو تلك الضافة‬ ‫و الكم متقدم عندهم على صنف التصور ف النهاية و التصور متقدم عليه ف البداءة و التعليم لن التصور التام عندهم هو غاي ة الطل ب‬ ‫الدراكي و إنا التصديق وسيلة له و ما تسمعه ف كتب النطقيي من تقدم التصور و توقف التصديق عليه فبمعن الشعور ل بعن العلم التام‬ ‫و هذا هو مذهب كبيهم أرسطو ث يزعمون أن السعادة ف إدراك الوجودات كلها ما ف الس و ما وراء الس بذا النظر و تلك الباهي‪.‬‬ ‫و حاصل مداركهم ف الوجود على الملة و ما آلت إليه و هو الذي فرعوا عليه قضايا أنظارهم أنم عثروا أول على السم السفلي بك م‬ ‫الشهود و الس ث ترقى إدراكهم قليل فشعروا بوجود النفس من قبل الركة و الس ف اليوانات ث احسوا من قوى النف س بس لطان‬ ‫العقل‪ .‬و وقف إدراكهم فقضوا على السم العال السماوي بنحو من القضاء على أمر الذات النسانية‪ .‬و وجب عندهم أن يكون للفل ك‬ ‫نفس و عقل كما للنسان ث أنوا ذلك ناية عدد الحاد و هي العشر‪ ،‬تسع مفصلة ذواتا جل و واحد أول مفرد و هو العاشر‪ .‬و يزعمون‬ ‫أن السعادة ف إدراك الوجود على هذا النحو من القضاء مع تذيب النفس و تلقها بالفضائل و أن ذلك مكن للنسان و لو ل يرد ش رع‬ ‫لتمييزه بي الفضيلة و الرذيلة من الفعال بقتضى عقله و نظره و ميله إل المود منها و اجتنابه للمذموم بفطرته و أن ذلك اذا حصل للنفس‬ ‫حصلت لا البهجة و اللذة و أن الهل بذلك هو الشقاء السرمدي و هذا عندهم هو معن النعيم و العذاب ف الخرة إل خب ط ل م ف‬ ‫تفاصيل ذلك معروف ف كلماتم‪ .‬و إمام هذه الذاهب الذي حصل مسائلها و دون علمها و سطر حججها فيما بلغنا ف هذه الحقاب هو‬ ‫أرسطو القدون من أهل مقدونية من بلد الروم من تلميذ أفلطون و هو معلم السكندر و يسمونه العلم الول على الطلق يعنون معلم‬ ‫صناعة النطق إذ ل تكن قبله مهذبة و هو أول من رتب قانونا و استوف مسائلها و أحسن بسطها و لقد أحسن ف ذلك القانون ما شاء لو‬ ‫تكفل له بقصدهم ف الليات ث كان من بعده ف السلم من أخذ بتلك الذاهب و أتبع فيها رأيه حذو النعل بالنعل إل ف القليل‪ .‬و ذلك‬


‫أن كتب أولئك التقدمي لا ترجها اللفاء من بن العباس من اللسان اليونان إل اللسان العرب تصفحها كثي من أهل اللة و أخ ذ م ن‬ ‫مذاهبهم من أضله ال من منتحلي العلوم و جادلوا عنها و اختلفوا ف مسائل من تفاريعها و كان من أشهرهم أبو نصر الف اراب ف ال ائة‬ ‫الرابعة لعهد سيف الدولة و أبو علي بن سينا ف الائة الامسة لعهد نظام اللك من بن بويه بأصبهان و غيها‪ .‬و اعلم أن هذا الرأي ال ذي‬ ‫ذهبوا إليه باطل بميع وجوهه‪ .‬فأما إسنادهم الوجودات كلها إل العقل الول و اكتفاؤهم به ف الترقي إل الواجب فهو قصور عم ا وراء‬ ‫ذلك من رتب خلق ال فالوجود أوسع نطاقا من ذلك و يلق ما ل تعلمون و كأنم ف اقتصارهم على إثبات العقل فقط و الغفلة عما وراءه‬ ‫بثابة الطبيعيي القتصرين على إثبات الجسام خاصة العرضي عن النقل و العقل العتقدين أنه ليس وراء السم ف حكمة ال شيء‪ .‬و أم ا‬ ‫الباهي الت يزعمونا على مدعياتم ف الوجودات و يعرضونا على معيار النطق و قانونه ف قاصرة و غي وافية بالغرض‪ .‬أما ما كان منها‬ ‫ف الوجودات السمانية و يسمونه العلم الطبيعي فوجه قصوره أن الطابقة بي تلك النتائج الذهنية الت تستخرج بالدود و القيسة كما ف‬ ‫زعمهم و بي ما ف الارج غي يقين لن تلك أحكام ذهنية كلية عامة و الوجودات الارجية متشخصة بوادها‪ .‬و لعل ف الواد ما ين ع‬ ‫مطابقة الذهن الكلي للخارجي الشخصي اللهم إل مال يشهد له الس من ذلك فدليله شهوده ل تلك الباهي فأين اليقي الذي ي دونه‬ ‫فيها ؟ و ربا يكون تصرف الذهن أيضا ف العقولت الول الطابقة للشخصيات بالصور اليالية ل ف العقولت الثوان ال ت تري دها ف‬ ‫الرتبة الثانية فيكون الكم حينئذ يقينيا بثابة السوسات إذ العقولت الول أقرب إل مطابقة الارج لكمال النطباق فيها فنسلم لم حينئذ‬ ‫دعاويهم ف ذلك‪ .‬إل أنه ينبغي لنا العراض عن النظر فيها إذ هو من ترك السلم لا ل يعنيه فإن مسائل الطبيعيات ل تمن ا ف دينن ا و ل‬ ‫معاشنا فوجب علينا تركها‪ .‬و أما ما كان منها ف الوجودات الت وراء الس و هي الروحانيات و يسمونه العلم اللي و علم م ا بع د‬ ‫الطبيعة فإن ذواتا مهولة رأسا و ل يكن التوصل إليها و ل البهان عليها لن تريد العقولت من الوجودات الارجية الشخصية إنا ه و‬ ‫مكن فيما هو مدرك لنا‪ .‬و نن ل ندرك الذوات الروحانية حت نرد منها ماهيات أخرى بجاب الس بيننا و بينها فل يأت لن ا بره ان‬ ‫عليها و ل مدرك لنا ف إثبات وجودها على الملة إل ما نده بي جنبينا من أمر النفس النسانية و أحوال مداركها و خصوصا ف الرؤي ا‬ ‫الت هي وجدانية لكل أحد و ما وراء ذلك من حقيقتها و صفاتا فأمر غامض ل سبيل إل الوقوف عليه‪ .‬و قد صرح بذلك مققوهم حيث‬ ‫ذهبوا إل أن مال مادة له ل يكن البهان عليه لن مقدمات البهان من شرطها أن تكون ذاتية‪ .‬و قال كبيهم أفلطون‪ :‬إن اللي ات ل‬ ‫يوصل فيها إل أيني و إنا يقال فيها بالخلق و الول يعن الظن‪ :‬و إذا كنا إنا نصل بعد التعب و النصب على الظن فقط قيكفينا الظ ن‬ ‫الذي كان أول فأي فائدة لذه العلوم و الشتغال با و نن إنا عنايتنا بتحصيل اليقي فيما وراء الس من الوجودات و هذه ه ي غاي ة‬ ‫الفكار النسانية عندهم‪ .‬و أما قولم إن السعادة ف إدراك الوجودات على ما هي عليه يتلك الباهي فقول مزيف م ردود و تفس يه أن‬ ‫النسان مركب من جزءين أحدها جسمان و الخر روحان مترج به و لكل واحد من الزءين مدارك متصة به و الدرك فيهما واح د و‬ ‫هو الزء الروحان يدرك تارة مدارك روحانية و تارة مدارك جسمانية إل أن الدارك الروحانية ي دركها ب ذاته بغي واس طة و ال دارك‬ ‫السمانية بواسطة آلت السم من الدماغ والواس‪ .‬و كل مدرك فله ابتهاج با يدركه‪ .‬و اعتبه بال الصب ف أول مداركه الس مانية‬ ‫الت هي بواسطة كيف يبتهج با يبصره من الضوء و با يسمعه من الصوات فل شك أن البتهاج بالدراك الذي للنفس م ن ذات ا بغي‬ ‫واسطة يكون أشد و ألذ‪ .‬فالنفس الروحانية إذا شعرت بإدراكها الذي لا من ذاتا بغي واسطة حصل لا ابتهاج و لذة ل يعب عنهما و هذا‬ ‫الدراك ل يصل بنظر و ل علم و إنا يصل بكشف حجاب الس و نسيان الدارك السمانية بالملة‪ .‬و التصوفة كثيا ما يعنون بصول‬ ‫هذا الدراك للنفس بصول هذه البهجة فيحاولون بالرياضة إماتة القوى السمانية و مداركها حت الفكر من الدماغ و ليحص ل للنف س‬ ‫إدراكها الذي لا من ذاتا عند زوال الشواغب و الوانع السمانية يصل لم بجة و لذة ل يعب عنهما‪ .‬و هذا الذي زعموه بتقدير صحته‬ ‫مسلم لم و هو مع ذلك غي واف بقصودهم‪ .‬فأما قولم إن الباهي و الدلة العقلية مصلة لذا النوع من الدراك و البتهاج عنه فباط ل‬ ‫كما رأيته إذ الباهي و الدلة من جلة الدارك السمانية لنا بالقوى الدماغية من اليال و الفكر و الذكر‪ .‬و نن نقول إن أول شيء نعن‬ ‫به ف تصيل هذا الدراك إماتة هذه القوى الدماغية كلها لنا منازعة له قادحة فيه و تد الاهر منهم عاكفا على كتاب الشفاء و الشارات‬ ‫و النجاء و تلخيص ابن رشد للقص من تأليف أرسطو و غيه يبعثر أوراقها و يتوثق من براهينها و يلتمس هذا القسط من السعادة فيها و‬ ‫ل يعلم أنه يستكثر بذلك من الوانع عنها‪ .‬و مستندهم ف ذلك ما ينقلونه عن أرسطو و الفاراب و ابن سينا أن من حصل له إدراك العق ل‬ ‫الفعال و اتصل به ف حياته فقد حصل حظة من هذه السعادة‪ .‬و العقل الفعال عندهم عبارة عن أول رتبة ينكشف عنها الس م ن رت ب‬


‫الروحانيات و يملون التصال بالعقل الفعال على الدراك العلمي و قد رأيت فساده و إنا يعن أرسطو و أصحابه بذلك التصال و الدراك‬ ‫إدراك النفس الذي لا من ذاتا و بغي واسطة و هو ل يصل إل بكشف حجاب الس‪ .‬و أما قولم إن البهجة الناشئة عن هذا الدراك هي‬ ‫عي السعادة الوعود با فباطل أيضا لنا إنا تبي لنا با قرروه أن وراء الس مدركا آخر للنفس من غي واسطة و أنا تبتهج بإدراكها ذلك‬ ‫ابتهاجا شديدا و ذلك ل يعي لنا أنه عي السعادة الخروية و لبد بل هي من جلة اللذ الت لتلك السعادة‪ .‬و أما ق ولم إن الس عادة ف‬ ‫إدراك هذه الوجودات على ما هي عليه فقول باطل مبن على ما كنا قدمناه ف أصل التوحيد من الوهام و الغلط ف أن الوجود عند كل‬ ‫مدرك منحصر ف مداركه‪ .‬و بينا فساد ذلك و إن الوجود أوسع من أن ياط به أو يستوف إدراكه بملته روحانيا أو جسمانيا‪ .‬و ال ذي‬ ‫يصل من جيع ما قررناه من مذاهبهم أن الزء الروحان إذا فارق القوى السمانية أدرك إدراكا ذاتيا له متصا بصنف من الدارك و ه ي‬ ‫الوجودات الت أحاط با علمنا و ليس بعام الدراك ف الوجودات كلها إذ ل تنحصر و أنه يبتهج بذلك النحو من الدراك ابتهاجا ش ديدا‬ ‫كما يبتهج الصب بداركه السية ف أول نشوءه و من لنا بعد ذلك بإدراك جيع الوجودات أو بصول السعادة الت وعدنا با الشارع إن ل‬ ‫نعمل لا‪ ،‬هيهات هيهات لا توعدون‪ .‬و أما قولم إن النسان مستقل بتهذيب نفسه و إصلحها بلبسة المود من اللق و مانبة الذموم‬ ‫فأمر مبن على أن ابتهاج للنفس بإدراكها الذي لا من ذاتا هو عي السعادة الوعود با لن الرذائل عائقة للنفس عن تام إدراكها ذلك ب ا‬ ‫يصل لا من اللكات السمانية و ألوانا‪ .‬و قد بينا أن أثر السعادة و الشقاوة و من وراء الدراكات السمانية و الروحانية فهذا الته ذيب‬ ‫الذي توصلوا إل معرفته إنا نفعه ف البهجة الناشئة عن الدراك الروحان فقط الذي هو على مقاييس و قواني‪ .‬و أما ما وراء ذل ك م ن‬ ‫السعادة الت وعدنا با الشارع على امتثال ما أمر به من العمال و الخلق فأمر ل ييط به مدارك الدركي‪ .‬و قد تنبه لذلك زعيمهم أبو‬ ‫علي ابن سينا فقال ف كتاب البدأ و العاد ما معناه‪ :‬إن العاد الروحان و أحواله هو ما يتوصل إليه بالباهي العقلية و القاييس لنه عل ى‬ ‫نسبة طبيعية مفوظة و وتية واحدة فلنا ف الباهي عليه سعة‪ .‬و أما العاد السمان و أحواله فل يكن إدراكه بالبهان لنه ليس على نسبة‬ ‫واحدة و قد بسطته لنا الشريعة القة المدية فلنظر فيها و ليجع ف أحواله إليها‪ .‬فهذا العلم كما رأيته غي واف بقاصدهم ال ت حوم وا‬ ‫عليها مع ما فيه من مالفة الشرائع و ظواهرها‪ .‬و ليس له فيما علمنا إل ثرة واحدة و هي شحذ الذهن ف ترتيب الدلة و الجج لتحصيل‬ ‫ملكة الودة و الصواب ف الباهي‪ .‬و ذلك أن نظم القاييس و تركيبها على وجه الحكام و التقان هو كما شرطوه ف صناعتهم النطيقية‬ ‫و قولم بذلك ف علومهم الطبيعية و هم كثيا ما يستعملونا ف علومهم الكمية من الطبيعيات و التعاليم و ما بعدها فيستول الناظر فيه ا‬ ‫بكثرة استعمال الباهي بشروطها على ملكة التقان و الصواب ف الجج و الستدللت لنا و إن كانت غي وافية بقصودهم فهي أصح‬ ‫ما علمناه من قواني النظار‪ .‬هذه ثرة هذه الصناعة مع الطلع على مذاهب أهل العلم و آرائهم و مضارها ما علمت‪ .‬فليكن الناظر فيها‬ ‫متحرزا جهده معاطبها و ليكن نظر من ينظر فيها بعد المتلء من الشرعيات و الطلع على التفسي و الفقه و ل يكب أحد عليها و ه و‬ ‫خلو من علوم اللة فقل أن يسلم لذلك من معاطبها‪ .‬و ال الوفق للصواب و للحق و الادي إليه‪ .‬و ما كنا لنهتدي لول أن هدانا ال‪.‬‬

‫الفصل الثان و الثلثون‪ :‬ف ابطال صناعة النجوم و ضعف مداركها و فساد‬ ‫غايتها‬ ‫هذه الصناعة يزعم أصحابا أنم يعرفون با الكائنات ف عال العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب و تأثيه ا ف الول دات‬ ‫العنصرية مفردة و متمعة فتكون لذلك أوضاع الفلك و الكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع الكائنات الكلية و الشخصية‪.‬‬ ‫فالتقدمون منهم يرون أن معرفة قوى الكواكب و تأثياتا بالتجربة و هو أمر تقصر العمار كلما لو اجتمعت عن تصيله إذ التجربة إن ا‬ ‫تصل ف الرات التعددة بالتكرار ليحصل عنها العلم أو الظن‪ .‬و أدوار الكواكب منها ما هو طويل الزمن فيحتاج تكرره إل آماد و أحقاب‬ ‫متطارلة يتقاصر عنها ما هو طويل من أعمار العال‪ .‬و ربا ذهب ضعفاء منهم إل أن معرفة قوى الكواكب و تأثياتا كانت بالوحي و هو‬ ‫رأي فائل و قد كفونا مؤنة إبطاله‪ .‬و من أوضح الدلة فيه أن تعلم أن النبياء عليهم الصلة و السلم أبعد الناس عن الص نائع و أن م ل‬ ‫يتعرضون للخبار عن الغيب إل أن يكون عن ال فكيف يدعون استنباطه بالصناعة و يشيون بذلك لتابعيهم من اللق‪ .‬و أما بطليم س و‬


‫من تبعه من التأخرين فيون أن دللة الكواكب على ذلك دللة طبيعية من قبل مزاج يصل للكواكب ف الكائنات العنصرية قال لن فع ل‬ ‫النيين و أثرها ف العنصريات ظاهر ل يسع أحدا حجده مثل فعل الشمس ف تبدل الفصول و أمزجتها و نضج الثمار و الزرع و غي ذلك‬ ‫و فعل القمر ف الرطوبات و الاء و إنضاج الواد التعفنة و فواكه القناء و سائر أفعاله‪ .‬ث قال‪ :‬و لنا فيما بعدها من الكواكب طريقان الول‬ ‫التقليد لن نقل ذلك عنه من أئمة الصناعة إل أنه غي مقنع للنفس و الثانية الدس و التجربة بقياس كل واحد منها إل الني العظم ال ذي‬ ‫عرفنا طبيعته و أثره معرفة ظاهرة فننظر هل يزيد ذلك الكوكب عند القران ف قوته و مزاجه فتعرف موافقته له ف الطبيعة أو ينقص عنه ا‬ ‫فتعرف مضادته‪ .‬ث إذا عرفنا قواها مفردة عرفناها مركبة و ذلك عند تناظرها بأشكال التثليث و التربيع و غيها و معرفة ذلك م ن قب ل‬ ‫طبائع البوج بالقياس أيضا إل الني العظم‪ .‬و إذا عرفنا قوى الكواكب كلها فهي مؤثرة ف الواء و ذلك ظاهر‪ .‬و الزاج الذي يصل منها‬ ‫للهواء يصل لا تته من الولدات و تتخلق به النطف و البزر فتصي حال للبدن التكون عنها و للنفس التعلقة به الفائضة عليه الكتسبة لا لا‬ ‫منه و لا يتبع النفس و البدن من الحوال لن كيفيات البزرة و النطفة كيفيات لا يتولد عنهما و ينشأ منهما‪ .‬قال‪ :‬و هو مع ذل ك ظن و‬ ‫ليس من اليقي ف شيء و ليس هو أيضا من القضاء اللي يعن القدر إنا هو من جلة السباب الطبيعية للكائن و القضاء اللي سابق على‬ ‫كل شيء‪ .‬هذا مصل كلم بطليمس و أصحابه و هو منصوص ف كتابه الربع و غيه‪ .‬و منه يتبي ضعف مدرك هذه الصناعة و ذلك أن‬ ‫العلم الكائن أو الظن به إنا يصل عن العلم بملة أسبابه من الفاعل و القابل و الصورة و الغاية على ما يتبي ف موضعه‪ .‬و القوى النجومية‬ ‫على ما قرروه إنا هي فاعلة فقط و الزء العنصري هو القابل ث إن القوى النجومية ليست هي الفاعل بملتها بل هناك قوى أخرى فاعل ة‬ ‫معها ف الزء الادي مثل قوة التوليد للب و النوع الت ف النطفة و قوى الاصة الت تيز با صنف من النوع و غي ذلك‪ .‬فالقوى النجومية‬ ‫إذا حصل كمالا و حصل العلم فيها إنا هي فاعل واحد من جلة السباب الفاعلة للكائن‪ .‬ث إنة يشترط مع العلم بقوى النجوم و تأثيات ا‬ ‫مزيد حدس و تمي و حينئذ يصل عنده الظن بوقوع الكائن‪ .‬و الدس و التخمي قوى للناظر ف فكره و ليس من علل الكائن و ل م ن‬ ‫أصول الصناعة فإذا فقد هذا الدس و التخمي رجعت أدراجها عن الظن إل الشك‪ .‬هذا إذا حصل العلم بالقوى النجومية على سداده و ل‬ ‫تعترضه آفة و هذا معوز لا فيه من معرفة حسبانات الكواكب ف سيها لتتعرف به أوضاعها و لا أن اختصاص كل كوكب بقوة ل دلي ل‬ ‫عليه‪ .‬و مدرك بطليمس ف إثبات القوى للكواكب المسة بقياسها إل الشمس مدرك ضعيف لن قوة الشمس غالبه لميع الق وى م ن‬ ‫الكواكب و مستولية عليها فقل أن يشعر بالزيادة فيها أو النقصان منها عند القارنة كما قال و هذه كلها قادحة ف تعريف الكائنات الواقعة‬ ‫ف عال العناصر بذه الصناعة‪ .‬ث إن تأثي الكواكب فيما تتها باطل إذ قد تبي ف باب التوحيد أن ل فاعل إل ال بطريق استدلل كم ا‬ ‫رأيته و احتج له أهل علم الكلم با هو غن ف البيان من أن إسناد السباب إل السببات مهول الكيفية و العقل منهم على ما يقضى به فيما‬ ‫يظهر بادئ الرأي من التأثي فلعل استنادها على غي صورة التأثي التعارف‪ .‬و القدرة اللية رابطة بنهما كما ربطت جيع الكائنات علوا و‬ ‫سفل سيما و الشرع يرد الوادث كلها إل قدرة ال تعال و يبأ ما سوى ذلك‪ .‬و النبؤات أيضا منكرة لشأن النجوم و تأثياتا‪ .‬و استقراء‬ ‫الشرعيات شاهد بذلك ف مثل قوله إن الشمس و القمر ل يسفان لوت أحد و ل لياته و ف قوله أصبح من عبادي مؤمن ب و كافر ب‪.‬‬ ‫فأما من قال مطرنا بفضل ال و رحته فذلك مؤمن ب كافر بالكواكب و أما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر ب م ؤمن ب الكواكب‬ ‫الديث الصحيح‪ .‬فقد بان لك بطلن هذه الصناعة من طريق الشرع و ضعف مداركها مع ذلك من طريق العقل مع ما لا من الض ار ف‬ ‫العمران النسان با تبعث من عقائد العوام من الفساد إذا اتفق الصدق من أحكامها ف بعض الحايي أتفاقا ل يرجع إل تعليل و ل تقيق‬ ‫فيلهج بذلك من ل معرفة له و يظن اطراد الصدق ف سائر أحكامها و ليس كذلك‪ .‬فيقع ف رد الشياء إل غي خالقها‪ .‬ث ما ينشأ عنه ا‬ ‫كثيا ف الدول من توقع القواطع و ما يبعث عليه ذلك التوقع من تطاول العداء و التربصي بالدولة إل الفتك و الثورة‪ .‬و قد شاهدنا من‬ ‫ذلك كثيا فينبغي أن تظر هذه الصناعة على جيع أهل العمران لا ينشأ عنها من الضار ف الدين و الدول‪ ،‬و ل يق دح ف ذل ك ك ون‬ ‫وجودها طبيعيا للبشر بقتضى مداركهم و علومهم‪ .‬فالي و الشر طبيعتان موجودتان ف العال ل يكن نزعهما و إن ا يتعل ق التكلي ف‬ ‫بأسباب حصولما فيتعي السعي ف اكتساب الي بأسبابه و دفع أسباب الشر و الضار‪ .‬هذا هو الواجب على من عرف مفاسد هذا العلم و‬ ‫مضاره‪ .‬و ليعلم من ذلك أنا و إن كانت صحيحة ف نفسها فل يكن أحدا من أهل اللة تصيل علمها و ل ملكتها بل إن نظر فيها ناظر و‬ ‫ظن الحاطة با فهو ف غاية القصور ف نفس المر‪ .‬فإن الشريعة لا حظرت النظر فيها فقد الجتماع من أهل العمران لقراءتا و التحلي ق‬ ‫لتعليمها و صار الولع با من الناس و هم القل و أقل من القل إنا يطالع كتبها و مقالتا ف كسر بيته متسترا عن الناس و ت ت ربق ة‬


‫المهور مع تشغب الصناعة و كثرة فروعها و اعتياصها على الفهم فكيف يصل منها على طائل ؟ و نن ند الفقه الذي عم نفعه دين ا و‬ ‫دنيا و سهلت مآخذه من الكتاب و السنة و عكف المهور على قراءته و تعليمه ث بعد التحقيق و التجميع و طول الدارسة و كثرة الالس‬ ‫و تعدها إنا يذق فيه الواحد بعد الواحد ف العصار و الجيال‪ .‬فكيف يعلم مهجور للشريعة مضروب دونه سد الطر و التحري مكت وم‬ ‫عن المهور صعب الآخذ متاج بعد المارسة و التحصيل لصوله و فروعه إل مزيد حدس و تمي يكتنفان به من الناظر فأين التحصيل و‬ ‫الذق فيه مع هذه كلها‪ .‬و مدعى ذلك من الناس مردود على عقبه و ل شاهد له يقوم بذلك لغرابة الفن بي أهل اللة و قلة حلته ف اعتب‬ ‫ذلك يتبي لك صحة ما ذهبنا إليه‪ .‬و ال أعلم بالغيب فل يظهر على غيبه أحدا‪ .‬و ما وقع ف هذا العن لبعض أصحابنا من أه ل العص ر‬ ‫عندما غلب العرب عساكر السلطان أب السن و حاصروه بالقيوان و كثر إرجاف الفريقي الولياء و العداء و قال ف ذلك أبو القاس م‬ ‫الروحي من شعراء أهل تونس‪:‬‬ ‫قد ذهب العيش و الناء‬ ‫أستغفر ال كل حي‬ ‫و الصبح ل و الساء‬ ‫أصبح ف تونس و أمسي‬ ‫يدثها الرج و الوباء‬ ‫الوف و الوع و النايا‬ ‫و ما عسى ينفع الراء‬ ‫و الناس ف مرية و حرب‬ ‫حل به اللك و التواء‬ ‫فأحدي يرى عليا‬ ‫به إليكم صبا رخاء‬ ‫و آخر قال سوف يأت‬ ‫يقضي لعيديه ما يشاء‬ ‫و ال من فوق ذا و هذا‬ ‫ما فعلت هذه السماء‬ ‫يا راصد النس الواري‬ ‫أنكم اليوم أملياء‬ ‫مطلتمونا و قد زعمتم‬ ‫و جاء سبت و أربعاء‬ ‫مر خيس على خيس‬ ‫و ثالث ضمه القضاء‬ ‫و نصف شهر و عشر ثان‬ ‫أذاك جهل أم ازدراء‬ ‫و ل نرى غي زور قول‬ ‫أن ليس يستدفع القضاء‬ ‫إنا إل ال قد علمنا‬ ‫حسبكم البدر أو ذكاء‬ ‫رضيت بال ل إلا‬ ‫إل عباديد أو إماء‬ ‫ما هذه النم السواري‬ ‫و ما لا ف الورى اقتضاء‬ ‫يقضى عليها و ليس تقضي‬ ‫ما شأنه الرم و الفناء‬ ‫ضلت عقول ترى قديا‬ ‫يدثه الاء و الواء‬ ‫و حكمت ف الوجود طبعا‬ ‫تغذوهم تربة و ماء‬ ‫ل تر حلوا إزاء مر‬ ‫ما الوهر الفرد و اللء‬ ‫ال رب و لست أدري‬ ‫ما ل عن صورة عراء‬ ‫و ل اليول الت تنادي‬ ‫و ل ثبوت و ل انتفاء‬ ‫و ل وجود و ل انعدام‬ ‫ما جلب البيع و الشراء‬ ‫و الكسب ل أدر فيه إل‬ ‫ما كان للناس أولياء‬ ‫و إنا مذهب و دين‬ ‫و ل جدال و ل رياء‬ ‫إذ ل فصول و ل أصول‬ ‫يا حبذا كان القتفاء‬ ‫ما تبع الصدر و اقتفينا‬ ‫و ل يكن ذلك الذاء‬ ‫كانوا كما يعلمون منهم‬ ‫أشعرن الصيف و الشتاء‬ ‫يا أشعري الزمان إن‬


‫و الي عن مثله جزاء‬ ‫ل أجز بالشر غي شر‬ ‫فلست أعصى و ل رجاء‬ ‫و إنن إن أكن مطيعا‬ ‫أطاعه العرش و الثراء‬ ‫و إنن تت حكم بار‬ ‫أتاحه الكم و القضاء‬ ‫ليس انتصار بكم و لكن‬ ‫له إل رأيه انتماء‬ ‫لو حدث الشعري عمن‬ ‫ما يقولونه براء‬ ‫لقال أخبهم بأن‬

‫الفصل الثالث و الثلثون‪ :‬ف انكار ثرة الكيميا و استحالة وجودها و م‬ ‫ينشأ من الفاسد عن انتحالا‬

‫ا‬

‫اعلم أن كثيا من العاجزين عن معاشهم تملهم الطامع على انتحال هذه الصنائع و يرون أنا أحد مذاهب العاش و وجوهه و أن اقتن اء‬ ‫الال منها أيسر و أسهل على مبتغيه فيتكبون فيها من التاعب و الشاق و معاناة الصعاب و عسف الكام و خساره الموال ف النفق ات‬ ‫زيادة على النيل من غرضه و العطب آخرا إذا ظهر على خيبة و هم يسبون أنم يسنون صنعا‪ .‬و إنا أطمعهم ف ذلك رؤي ة أن الع ادن‬ ‫تستحيل و ينقلب بعضها إل بعض للمادة الشتركة فيحاولون بالعلج صيورة الفضة ذهبا و النحاس و القصدير فضة و يسبون أنا م ن‬ ‫مكنات عال الطبيعة و لم ف علج ذلك طرق متلفة لختلف مذاهبهم ف التدبي و صورته و ف الادة الوضوعة عندهم للعلج الس اة‬ ‫عندهم بالجر الكرم هل هي العذرة أو الدم أو الشعر أو البيض أو كذا أو كذا ما سوى ذلك‪ .‬و جلة التدبي عندهم بعد تعي ال ادة أن‬ ‫تهى بالفهر على حجر صلد أملس و تسقى أثناء إمهائها بالاء و بعد أن يضاف إليها من العقاقي و الدوية ما يناسب القصد منها و يوثر ف‬ ‫انقلبا إل العدن الطلوب‪ .‬ث تفف بالشمس من بعد السقي أو تطبخ بالنار أو تصعد أو تكلس لستخراج مائها أو ترابا فإذا رضي بذلك‬ ‫كله من علجها و ت تدبيه على ما اقتضته أصول صنعته حصل من ذلك كله تراب أو مائع يسمونه الكسي و يزعمون أنه إذا ألقى عل ى‬ ‫الفضة الماة بالنار عادت ذهبا أو النحاس المى بالنار عاد فضة على ما قصد به ف عمله‪ .‬و يزعم الققون منهم أن ذلك الكسي م ادة‬ ‫مركبة من العناصر الربعة حصل فيها بذلك العلج الاص و التدبي مزاج ذو قوى طبيعية تصرف ما حصلت فيه إليها و تقلبه إل صورتا‬ ‫و مزاجها و تبث فيه ما حصل فيها من الكيفيات و القوى كالمية للخبز تقلب العجي إل ذاتا و تعمل فيه ما حصل لا من النفشاش و‬ ‫الشاشة ليحسن هضمة ف العدة و يستحيل سريعا إل الغذاء‪ .‬و كذا إكسي الذهب و الفضة فيما يصل فيه من العادن يصرفه إليهم ا و‬ ‫يقلبه إل صورتما‪ .‬هذا مصل زعمهم على الملة فتجدهم عاكفي على هذا العلج يبتغون الرزق و العاش فيه و يتن اقلون أحك امه و‬ ‫قواعده من كتب لئمة الصناعة من قبلهم يتداولونا بينهم و يتناظرون ف فهم لغوزها و كشف أسرارها إذ هي ف الكثر تش به العم ى‪.‬‬ ‫كتآليف جابر بن حيان ف رسائله السبعي و مسلمة الريطي ف كتابه رتبة الكيم و الطغرائي و الغيب ف قصائده العريقة ف إجادة النظم‬ ‫و أمثالا و ل يلون من بعد هذا كله بطائل منها‪ .‬ففاوضت يوما شيخنا أبا البكات التلفيفي كبي مشيخة الندلس ف مثل ذلك و وقفت ه‬ ‫على بعض التآليف فيها فتصفحه طويل ث رده إل و قال ل و أنا الضامن له أن ل يعود إل بيته إل باليبة‪ .‬ث منهم من يقتصر ف ذلك على‬ ‫الدلسة فقط‪ .‬إما الظاهرة كتمويه الفضة بالذهب أو النحاس بالفضة أو خلطهما على نسبة جزء أو جزءين أو ثلثة أو الفية كإلقاء الش به‬ ‫بي العادن بالصناعة مثل تبييض النحاس و تلبيسه بالزوق الصعد فيجيء جسما معدنيا شبيها بالفضة و يفى إل على النقاد الهرة فيق در‬ ‫أصحاب هذه الدلس مع دلستهم هذه سكة يسربونا ف الناس و يطبعونا بطابع السلطان تويها على المهور باللص‪ .‬و ه ؤلء أخ س‬ ‫الناس حرفة و أسوأهم عاقبة لتلبسهم بسرقة أموال الناس فإن صاحب هذه الدلسة إنا هو يدفع ناس ا ف الفض ة و فض ة ف ال ذهب‬ ‫ليستخلصها لنفسه فهو سارق أو شر من السارق‪ .‬و معظم هذا الصنف لدينا بالغرب من طلبة الببر النتبذين بأطراف البق اع و مس اكن‬ ‫الغمار يأوون إل مساجد البادية و يوهون على الغنياء منهم بأن بأيديهم صناعة الذهب و الفضة و النفوس مولعة ببهما و الستهلك ف‬


‫طلبهما فيحصلون من ذلك على معاش‪ .‬ث يبقى ذلك عندهم تت الوف و الرقبة إل أن يظهر العجز و تقع الفضيحة فيفرون إل موض ع‬ ‫آخر و يستجدون حال أخرى ف استهواء بعض أهل الدنيا بأطماعهم فيما لديهم‪ .‬و ل يزالون كذلك ف ابتغاء معاشهم و هذا الص نف ل‬ ‫كلم معهم لنم بلغوا الغاية ف الهل و الرداءة و الحتراف بالسرقة و ل حاسم لعلتهم إل اشتداد الكام عليهم و تناولم من حيث كانوا‬ ‫و قطع أيديهم مت ظهروا على شأنم لن فيه إفسادا للسكة الت تعم با البلوى و هي متمول الناس كافة‪ .‬و السلطان مكلف بإص لحها و‬ ‫الحتياط عليها و الشتداد على مفسديها‪ .‬و أما من انتحل هذه الصناعة ول يرض بال الدلسة بل استنكف عنها و نزه نفسه عن إفس اد‬ ‫سكة السلمي و نقودهم و إنا يطلب إحالة الفضة للذهب و الرصاص و النحاس و القصدير إل الفضة بذلك النحو من العلج و بالكسي‬ ‫الاصل عنده فلنا مع هؤلء متكلم و بث ف مداركهم لذلك‪ .‬مع أنا ل نعلم أن أحدا من أهل العال ت له هذا الغرض أو حصل منه عل ى‬ ‫بغية إنا تذهب أعمارهم ف التدبي و الفهر و الصلبة و التصعيد و التكليس و اعتيام الخطار بمع العقاقي و البحث عنها‪ .‬و يتن اقلون ف‬ ‫ذلك حكايات و تت لغيهم من ت له الغرض منها أو وقف على الوصول يقنعون باستماعها و الفاوضات فيها و ل يستريبون ف تصديقها‬ ‫شأن الكلفي الغرمي بوساوس الخبار فيما يكلفون به فإذا سئلوا عن تقيق ذلك بالعاينة أنكروه و قالوا إنا سعنا و ل نر‪ .‬هكذا شأنم ف‬ ‫كل عصر و جيل و اعلم أن انتحال هذه الصنعة قدي ف العال و قد تكلم الناس فيها من التقدمي و التأخرين فلننقل مذاهبهم ف ذل ك ث‬ ‫نتلوه با يظهر فيها من التحقيق الذي عليه المر ف نفسه فنقول إن مبن الكلم ف هذه الصناعة عند الكماء على حال الع ادن الس بعة‬ ‫التطرقة و هي الذهب و الفضة و الرصاص و القصدير و النحاس و الديد والارصي هل هي متلفات بالفصول و كلها أن واع قائم ة‬ ‫بأنفسها أو إنا متلفة بواص من الكيفيات و هي كلها أصناف لنوع واحد ؟ فالذي ذهب إليه أبو البصر الفاراب و تابعه علي ه حكم اء‬ ‫الندلس أنا نوع واحد و أن اختلفها إنا هو بالكيفيات من الرطوبة و اليبوسة و اللي و الصلبة و اللوان من الصفرة و البياض والسواد و‬ ‫هي كلها أصناف لذلك النوع الواحد و الذي ذهب إليه ابن سينا و تابعه عليه حكماء الشرق أنا متلفة بالفصول و أنا أنواع متباينة ك ل‬ ‫واحد منها قائم بنفسه متحقق بقيقته له فصل و جنس شأن سائر النواع‪ .‬و بن أبو نصر الفاراب على مذهبه ف اتفاقها ب النوع إمك ان‬ ‫انقلب بعضها إل بعض لمكان تبدل الغراض حينئذ و علجها بالصنعة‪ .‬فمن هذا الوجه كانت صناعة الكيمياء عنده مكنة سهلة الأخذ‪.‬‬ ‫و بن أبو علي بن سينا على مذهبه ف اختلفها بالنوع إنكار هذه الصنعة و استحالة وجودها بناء على أن الفصل ل سبيل بالصناعة إلي ه و‬ ‫إنا يلقه خالق الشياء و مقدرها و هو ال عز و جل‪ .‬و الفصول مهولة القائق رأسا بالتصوف فكيف ياول انقلبا بالصنعة‪ .‬و غلط ه‬ ‫الطغرائي من أكابر أهل هذه الصناعة ف هذا القول‪ .‬و رد عليه بأن التدبي و العلج ليس ف تليق الفصل و إبداعه و إنا هو ف إعداد الادة‬ ‫لقبوله خاصة‪ .‬و الفصل يأت من بعد العداد من لدن خالقه و بارئه كما يفيض النور على الجسام بالصقل و المهاء‪ .‬و ل حاجة بن ا ف‬ ‫ذلك إل تصوره و معرفته قال‪ :‬و إذا كنا قد عثرنا على تليق بعض اليوانات مع الهل بفصولا مثل العقرب من ال تراب و النت و مث ل‬ ‫اليات التكونة من الشعر و مثل ما ذكره أصحاب الفلحة من تكوين النحل إذا فقدت من عجاجيل البقر‪ .‬و تكوين القصب من ق رون‬ ‫ذوات الظلف و تصييه سكرا بشو القرون بالعسل بي يدي ذلك الفلح للقرون فما الانع إذا من العثور على مثل ذلك ف الذهب و الفضة‪.‬‬ ‫فتتخذ مادة تضيفها للتدبي بعد أن يكون فيها استعداد أول لقبول صورة الذهب و الفضة‪ .‬ث تاولا بالعلج إل أن يتم فيه ا الس تعداد‬ ‫لقبول فصلها‪ .‬انتهى كلم الطغرائي بعناه‪ .‬و هو الذي ذكرة ف الرد على ابن سينا صحيح‪ .‬لكن لنا ف الرد على أهل هذه الصناعة مأخ ذا‬ ‫آخر يتبي منه استحالة وجودها و بطلن مزعمهم أجعي ل الطغرائي و ل ابن سينا‪ .‬و ذلك أن حاصل علجهم أنم بعد الوق وف عل ى‬ ‫الادة الستعدة بالستعداد الول يعلونا موضوعا و ياذون ف تدبيها و علجها تدبي الطبيعة ف السم العدن حت أحالته ذهبا أو فضة و‬ ‫يضاعفون القوى الفاعلة و النفعلة ليتم ف زمان أقصر‪ .‬لنة تبي ف موضوعه أن مضاعفة قوة الفاعل تنقص من زمن فعله و تبي أن الذهب‬ ‫إنا يتم كونه ف معدنه بعد ألف و ثاني من السني دورة الشمس الكبى فإذا تضاعفت القوى و الكيفيات ف العلج كان زمن كونه أقصر‬ ‫من ذلك ضرورة على ما قلناه أو يتحرون بعلجهم ذلك حصول صورة مزاجية لتلك الادة تصيها ك المية فتفع ل ف الس م العال‬ ‫الفاعيل الطلوبة ف إحالته و ذلك هو الكسي على ما تقدم‪ .‬و اعلم أن كل متكون من الولدات العنصرية فلبد فيه من اجتماع العناص ر‬ ‫الربعة على نسبة متفاوتة إذ لو كانت متكافئة ف النسبة لا ت امتزاجها فلبد من الزء الغالب على الكل‪ .‬و لبد ف كل متزج من الولدات‬ ‫من حرارة غريزية هي الفاعلة لكونا الافظة لصورته‪ ،‬ث كل متكون ف زمان فلبد من اختلف أطواره و انتقاله ف زمن التكوين من طور‬ ‫إل طور حت ينتهي إل غايته‪ .‬و انظر شأن النسان ف طور النطفة ث العلقة ث الضغة ث التصوير ث الني ث الولود ث الرضيع ث إل نايته‪.‬‬


‫و نسب الجزاء ف كل طور تتلف ف مقاديرها و كيفياتا و إل لكان الطور الول بعينه هو الخر و كذا الرارة الغريزية ف ك ل ط ور‬ ‫مالفة لا ف الطور الخر‪ .‬فانظر إل الذهب ما يكون له ف معدنه من الطوار منذ ألف سنة و ثاني و ما ينتقل فيه من الحوال فيحت اج‬ ‫صاحب الكيمياء إل أن يساوق فعل الطبيعة ف العدن و ياذيه بتدبيه و علجه إل أن يتم‪ .‬و من شرط الصناعة أبدا تصورها يقصد إلي ه‬ ‫بالصنعة فمن المثال السائرة للحكماء أول العمل آخر الفكرة و آخر الفكرة أول العمل‪ .‬فلبد من تصور هذه الالت للذهب ف أح واله‬ ‫التعددة و نسبها التفاوتة ف كل طور و اختلف الار الغريزي عند اختلفها و مقدار الزمان ف كل طور و ما ينوب عنه من مقدار القوى‬ ‫الضاعفة و يقوم مقامه حت ياذي بذلك كله فعل الطبيعة ف العدن أو تعد لبعض الواد صورة مزاجية كصورة المية للخبز و تفع ل ف‬ ‫هذه الادة بالناسبة لقواها و مقاديرها‪ .‬و هذه الادة إنا يصرها العلم اليط والعلوم البشرية قاصرة عن ذلك و إنا حال من يدعي حص وله‬ ‫على الذهب بذه الصنعة‪ .‬بثابة من يدعي بالصنعة تليق إنسان من الن‪ .‬و نن إذا سلمنا له الحاطة بأجزائه و نسبته و أطواره و كيفي ة‬ ‫تليقه ف رحه و علم ذلك علما مصل بتفاصيله حت ل يشذ منه شيء عن علمه سلمنا له تليق هذا النسان وأن له ذلك‪ .‬و لنقرب ه ذا‬ ‫البهان بالختصار ليسهل فهمه فنقول حاصل صناعة الكيمياء و ما يدعونه بذا التدبي أنه مساوقة الطبيعية العدني ة بالفع ل الص ناعي و‬ ‫ماذاتا به إل أن يتم كون السم العدن أو تليق مادة بقوى و أفعال و صورة مزاجية تفعل ف السم فعل طبيعي ا فتص يه و تقلب ه إل‬ ‫صورتا‪ .‬و الفعل الصناعي مسبوق بتصورات أحوال الطبيعة العدنية الت يقصد مساوقتها أو ماذاتا أو فعل الادة ذات القوى فيها تص ورا‬ ‫مفصل واحدة بعد أخرى‪ .‬و تلك الحوال ل ناية لا و العلم البشري عاجز عن الحاطة با دونا و هو بثابة من يقصد تليق إنس ان أو‬ ‫حيوان أو نبات‪ .‬هذا مصل هذا البهان و هو أوثق ما علمته و ليست الستحالة فيه من جهة الفصول كما رأيته و ل من الطبيعة إنا ه و‬ ‫من تعذر الحاطة و قصور البشر عنها‪ .‬و ما ذكره ابن سينا بعزل عن ذلك و له وجه آخر ف الستحالة من جهة غايته‪ .‬و ذلك أن حكمة‬ ‫ال ف الجرين و ندورها أنما قيم لكاسب الناس و متمولتم‪ .‬فلو حصل عليهما بالصنعة لبطلت حكمة ال ف ذلك و ك ثر وجوده ا‬ ‫حت ل يصل أحد من اقتنائهما على شيء‪ .‬و له وجه آخر من الستحالة أيضا و هو أن الطبيعة ل تترك أقرب الطريق ف أفعالا و ترتكب‬ ‫العوص و البعد‪ .‬فلو كان هذا الطريق الصناعي الذي يزعمون أنه صحيح و أنه أقرب من طريق الطبيعة ف معدنا أو أقل زمانا لا تركت ه‬ ‫الطبيعة إل طريقها الذي سلكته ف كون الفضة و الذهب و تلقهما و أما تشبيه الطغراءي هذا التدبي با عثر عليه من مفردات لمث اله ف‬ ‫الطبيعة كالعقرب و النحل و الية وتليقها فأمر صحيح ف هذه أدى إليه العثور كما زعم‪ .‬و أما الكيمياء فلم تنقل عن أحد من أهل العال‬ ‫أنه عثر عليها و ل على طريقها و ما زال منتحلوها يبطون فيها عشواء إل هلم جرا و ل يظفرون إل بالكايات الكاذبة‪ .‬و لو صح ذل ك‬ ‫لحد منهم لفظه عنه أولده أو تلميذه و أصحابه و تنوقل ف الصدقاء و ضمن تصديقه صحة العمل بعده إل أن ينتشر و يبلغ إلينا و إل‬ ‫غينا‪ .‬و أما قولم إن الكسي بثابة المية‪ .‬و إنه مركب ييل ما يصل فيه و يقلبه إل ذلك فاعلم أن المية إنا تقلب العجي و تع ده‬ ‫للهضم و هو فساد و الفساد ف الواد سهل يقع بأيسر شيء من الفعال و الطبائع‪ .‬و الطلوب بالكسي قلب العدن إل ما هو أشرف منه و‬ ‫أعلى فهو تكوين و صلح و التكوين أصعب من الفساد فل يقاس الكسي بالمية‪ .‬و تقيق المر ف ذلك أن الكيمياء إن صح وجوده ا‬ ‫كما تزعم الكماء التكلمون فيها مثل جابر بن حيان و مسلمة بن أحد الريطي و أمثالم فليست من باب الصنائع الطبيعية و ل تتم بأمر‬ ‫صناعي‪ .‬و ليس كلمهم فيها من منحى الطبيعيات إنا هو من منحى كلمهم ف المور السحرية و سائر الوارق و ما كان م ن ذل ك‬ ‫للحلج و غيه و قد ذكر مسلمة ف كتاب الغاية ما يشبة ذلك‪ .‬و كلمه فيها ف كتاب رتبة الكيم من هذا النحى و هذا كلم ج ابر ف‬ ‫رسائله و نو كلمهم فيه معروف و ل حاجة بنا إل شرحه و بالملة فأمرها عندهم من كليات الواد الارجة عن حكم الصنائع فكما ل‬ ‫يتدبر ما منه الشب و اليوان ف يوم أو شهر خشبا أو حيوانا فيما عدا مرى تليقه كذلك ل يتدبر ذهب من مادة الذهب ف ي وم و ل‬ ‫شهر و ل يتغي طريق عادته إل بإرفاد ما وراء عال الطبائع و عمل الصنائع فكذلك من طلب الكيمياء طلبا صناعيا ضيع ماله و عمله و يقال‬ ‫لذا التدبي الصناعي التدبي العقيم لن نيله إن كان صحيحا فهو واقع ما وراء الطبائع و الصنائع كالشي على الاء و امتطاء الواء و النفوذ‬ ‫ف كشائف الجساد و نو ذلك من كرامات الولياء الارقة للعادة أو مثل تليق الطي و نوها من معجزات النبياء‪ .‬قال تعال‪ :‬وإذ تلق‬ ‫من الطي كهيئة الطي بإذن فتنفخ فيها فتكون طيا بإذن وتبئ الكمه والبرص بإذن و على ذلك فسبيل تيسيها متلف بسب حال من‬ ‫يؤتاها‪ .‬فربا أوتيها الصال و يؤتيها غيه فتكون عنده معارة‪ .‬و ربا أوتيها الصال و ل يلك إيتاءها فل تتم ف يد غيه‪ .‬و من هذا الب اب‬ ‫يكون عملها سحريا فقد تبي أنا إنا تقع بتأثيات النفوس و خوارق العادة إما معجزة أو كرامة أو سحرا‪ .‬و لذا كان كلم الكماء كلهم‬


‫فيها إلغازا ل يظفر بقيقته إل من خاض لة من علم السحر و اطلع على تصرفات النفس ف عال الطبيعة‪ .‬و أمور خرق العادة غي منحصرة‬ ‫و ل يقصد أحد إل تصيلها‪ .‬و ال با يعملون ميط‪ .‬و أكثر ما يمل على التماس هذه الصناعة و انتحالا هو كما قلناه العجز عن الطرق‬ ‫الطبيعية للمعاش و ابتغاؤه من غي وجوهه الطبيعية كالفلحة و التجارة و الصناعة فيصعب العاجز ابتغاءه من هذه و يروم الص ول عل ى‬ ‫الكثي من الال دفعة بوجوه غي طبيعية من الكيمياء و غيها‪ .‬و أكثر من يعن بذلك الفقراء من أهل العمران حت ف الكم اء التكلمي ف‬ ‫إنكارها و استحالتها‪ .‬فإن ابن سينا القائل باستحالتها كان عليه الوزراء فكان من أهل الغن و الثروة و الفاراب القائل بإمكانا كان من أهل‬ ‫الفقر الذين يعوزهم أدن بلغة من العاش و أسبابه‪ .‬و هذه تمة ظاهرة ف أنظار النفوس الولعة بطرقها و انتحالا‪ .‬و ال ال رازق ذو الق وة‬ ‫التي ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الرابع و الثلثون‪ :‬ف أن كثرة التآليف ف العلوم عائقة عن التحصيل‬ ‫اعلم أنه ما أضر بالناس ف تصيل العلم و الوقوف على غاياته كثرة التآليف و اختلف الصطلحات ف التعاليم و تعد طرقها ث مطالب ة‬ ‫التعلم و التلميذ باستحضار ذلك‪ .‬و حينئذ يسلم له منصب التحصيل فيحتاج التعلم إل حفظها كلها أو أكثرها و مراعاة طرقها‪ .‬و ل يفي‬ ‫عمره با كتب ف صناعة واحدة إذا ترد لا فيقع القصور و لبد دون رتبة التحصيل‪ .‬و يثل ذلك من شأن الفقه ف الذهب الالكي بالكتب‬ ‫الدونة مثل و ما كتب عليها من الشروحات الفقهية مثل كتاب ابن يونس و اللخمي و ابن بشي و التنبيه ات و الق دمات و البي ان و‬ ‫التحصيل على العتبية و كذلك كتاب ابن الاجب و ما كتب عليه‪ .‬ث إنه يتاج إل تييز الطريقة القيوانية م ن القرطبي ة و البغدادي ة و‬ ‫الصرية و طرق التأخرين عنهم و الحاطة بذلك كله و حينئذ يسلم له منصب الفتيا و هي كلها متكررة والعن واحد‪ .‬و التعلم مط الب‬ ‫باستحضار جيعها و تييز ما بينها والعمر ينقضي ف واحد منها‪ .‬و لو اقتصر العلمون بالتعلمي على السائل الذهبية فقط لكان الم ر دون‬ ‫ذلك بكثي و كان التعليم سهل و مأخذه قريبا و لكنه داء ل يرتفع لستقرار العوائد عليه فصارت كالطبيعة الت ل يكن نقلها و ل تويلها‬ ‫و يثل أيضا علم العربية من كتاب سيبويه و جيع ما كتب عليه و طرق البصريي و الكوفيي و البغداديي و الندلسيي من بعدهم و طرق‬ ‫التقدمي و التأخرين مثل ابن الاجب و ابن مالك و جيع ما كتب ف ذلك كيف يطالب به التعلم و ينقضي عمره دونه و ل يطمع أح د‬ ‫ف الغاية منه إل ف القليل النادر مثل ما وصل إلينا بالغرب لذا العهد من تآليف رجل من أهل صناعة العربية من أهل مصر يع رف ب ابن‬ ‫هاشم ظهر من كلمه فيها أنه استول على غاية من ملكة تلك الصناعة ل تصل إل لسييبويه و ابن جن و أهل طبقتهما لعظيم ملكته و ما‬ ‫أحاط به من أمصول ذلك الفن و تفاريعه و حسن تصرفه فيه‪ .‬و ذلك على أن الفضل ليس منحصرا ف التقدمي سيما مع ما ق دمناه م ن‬ ‫كثرة الشواغب بتعدد الذاهب و الطرق و التآليف و لكن فضل ال يؤتيه من يشاء‪ .‬و هذا نادر من نوادر الوجود و إل فالظاهر أن التعلم و‬ ‫لو قطع عمره ف هذا كله فل يفي له بتحصيل علم العربية مثل الذي هو آلة من اللت و وسيلة فكيف يكون ف القص ود ال ذي ه و‬ ‫الثمرة ؟ و لكن ال يهدي من يشاء‪.‬‬

‫الفصل الامس و الثلثون‪ :‬ف القاصد الت ينبغي اعتمادها بالتأليف و إلغاء‬ ‫ما سواها‬ ‫اعلم أن العلوم البشرية خزانتها النفس النسانية با جعل ال فيها من الدراك الذي يفيدها ذلك الفكر الصل لا ذلك بالتص ور للحق ائق‬ ‫أول‪ ،‬ث بإثبات العوارض الذاتية لا أو نفيها عنها ثانيا‪ ،‬إما بغي وسط أو بوسط‪ ،‬حت يستنتج الفكر بذلك مطالبه الت يعن بإثباتا أو نفيها‪.‬‬ ‫فإذا استقرت من ذلك صورة علمية ف الضمي فلبد من بيانا لخر‪ :‬إما على وجه التعليم‪ ،‬أو على وجه الفاوض ة‪ ،‬تص قل الفك ار ف‬ ‫تصحيحها‪ .‬و ذلك البيان إنا يكون بالعبارة‪ ،‬و هي الكلم الركب من اللفاظ النطقية الت خلقها ال ف عضو اللسان مركبة من الروف‪،‬‬ ‫و هي كيفيات الصوات القطعة بعضلة اللهاة و اللسان ليتبي با ضمائر التكلمي بعضهم لبعض ف ماطباتم و هذه رتبة أول ف البيان عما‬ ‫ف الضمائر‪ ،‬و إن كان معظمها و أشرفها العلوم‪ ،‬فهي شاملة لكل ما يندرج ف الضمي من خب أو إنشاء على العموم‪ .‬و بعد هذه الرتب ة‬


‫الول من البيان رتبة ثانية ل يؤدى با ما ف الضمي‪ ،‬لن توارى أو غاب شخصه و بعد‪ ،‬أو لن يأت بعد و ل يعاصره و ل لقي ه‪ .‬و ه ذا‬ ‫البيان منحصر ف الكتابة‪ ،‬و هي رقوم باليد تدل أشكالا و صورها بالتواضع على اللفاظ النطقية حروفا بروف و كلمات بكلمات‪ ،‬فصار‬ ‫البيان فيها على ما ف الضمي بواسطة الكلم النطقي‪ ،‬فلهذا كانت ف الرتبة الثانية واحدا‪ ،‬فسمي هذا البيان‪ .‬يدل على ما ف الضمائر م ن‬ ‫العلوم و العارف‪ ،‬فهو أشرفها‪ .‬و أهل الفنون معتنون يإيداع ما يصل ف ضمائرهم من ذلك ف بطون الوراق بذه الكتابة‪ ،‬لتعلم الف ائدة‬ ‫ف حصوله للغائب و التأخر و هؤلء هم الؤلفون‪ .‬و التآليف بي العوال البشرية و المم النسانية كثي‪ ،‬و منتقلة ف الجيال و العصار و‬ ‫تتلف باختلف الشرائع و اللل و الخبار عن المم و الدول‪ .‬و أما العلوم الفلسفية‪ ،‬فل اختلف فيها‪ ،‬لنا إنا تأت على نج واحد‪ ،‬فيما‬ ‫تقتضيه الطبيعة الفكرية‪ ،‬ف تصور الوجودات على ما هي عليه‪ ،‬جسمانيها و روحانيها و فلكيها و عنصريها و مردها و مادتا‪ .‬فإن ه ذه‬ ‫العلوم ل تتلف‪ ،‬و إنا يقع الختلف ف العلوم الشرعية لختلف اللل‪ ،‬أو التاريية لختلف خارج الب‪ .‬ث الكتابة متلفة باصطلحات‬ ‫البشر ف رسومها و أشكالا‪ ،‬و يسمى ذلك قلما و خطا‪ .‬فمنها الط الميي‪ ،‬و يسمى السند‪ ،‬و هو كتابة حي و أهل اليمن القدمي‪ ،‬و‬ ‫هو يالف كتابة العرب التأخرين من مضر‪ ،‬كما يالف لغتهم‪ .‬و إن الكل عربيا‪ .‬إل أن ملكة هؤلء ف اللسان و العبارة غي ملكة أولئك‪.‬‬ ‫و لكل منهما قواني كلية مستقرأة من عبارتم غي قواني الخرين‪ .‬و ربا يغلط ف ذلك من ل يعرف ملكات العب ارة‪ .‬و منه ا ال ط‬ ‫السريان‪ ،‬و هو كتابة النبط و الكلدانيي‪ .‬و ربا يزعم بعض أهل الهل أنه الط الطبيعي لقدمه فإنم كانوا أقدم المم‪ ،‬و ه ذا وه م‪ ،‬و‬ ‫مذهب عامي‪ .‬لن الفعال الختيارية كلها ليس شيء منها بالطبع‪ ،‬و إنا هو يستمر بالقدي و الران حت يصي ملك ة راس خة‪ ،‬فيظنه ا‬ ‫الشاهد طبيعية كما هو رأي كثي من البلداء ف اللغة العربية‪ ،‬فيقولون‪ :‬العرب كانت تعرب بالطبع و تنطق بالطبع‪ .‬و هذا وه م‪ .‬و منه ا‬ ‫الط العبان الذي هو كتابة بن عابر بن شال من بن إسرائيل و غيهم‪ .‬و منها الط اللطين‪ ،‬خط اللطينيي من الروم‪ ،‬و لم أيضا لس ان‬ ‫متص بم‪ .‬و لكل أمة من المم اصطلح ف الكتاب يعزى إليها و يتص با‪ .‬مثل الترك و الفرنج و النود و غيهم‪ .‬و إنا وقعت العناي ة‬ ‫بالقلم الثلثة الول‪ .‬أما السريان فلقدمه كما ذكرنا‪ ،‬و أما العرب و العبي فلتنل القرآن و التوراة بما بلسانما‪ .‬و كان هذان الط ان‬ ‫بيانا لتلوها‪ ،‬فوقعت العناية بنظومهما أول و انبسطت قواني لطراد العبارة ف تلك اللغة على أسلوبا لتفهم الشرائع التكليفية م ن ذل ك‬ ‫الكلم الربان‪ .‬و أما اللطين فكان الروم‪ ،‬و هم أهل ذلك اللسان‪ ،‬لا أخذوا بدين النصرانية‪ ،‬و هو كله من الت وراة‪ ،‬كم ا س بق ف أول‬ ‫الكتاب‪ ،‬ترجوا التوراة و كتب النبياء السرائيليي إل لغتهم‪ ،‬ليقتنصوا منها الحكام على أسهل الطرق‪ .‬و صارت عن ايتهم بلغته م و‬ ‫كتابتهم آكد من سواها‪ .‬و أما الطوط الخرى فلم تقع با عناية‪ ،‬و إنا هي لكل أمة بسب اصطلحها‪ .‬ث إن الناس حص روا مقاص د‬ ‫التآليف الت ينبغي اعتمادها و إلغاء ما سواها‪ ،‬فعدوها سبعة‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬استنباط العلم بوضوعه و تقسيم أبوابه و فصوله و تتبع مسائله‪ ،‬أو استنباط مسائل و مباحث تعرض للعال القق و ي رص عل ى‬ ‫إيصاله بغيه‪ ،‬لتعم النفعة به فيودع ذلك بالكتاب ف الصحف‪ ،‬لعل التأخر يظهر على تلك الفائدة‪ ،‬كما وقع ف الصول ف الفقه‪ .‬تكل م‬ ‫الشافعى أول ف الدلة الشرعية اللفظية و لصها‪ ،‬ث جاء النفية فاستنبطوا مسائل القياس و استوعبوها‪ ،‬و انتفع بذلك من بعدهم إل الن‪.‬‬ ‫و ثانيها‪ :‬أن يقف على كلم الولي و تآليفهم فيجدها مستغلقة على الفهام و يفتح ال له ف فهمها فيحرص على إبانة ذل ك لغيه م ن‬ ‫عساه يستغلق عليه‪ ،‬لتصل الفائدة لستحقها‪ .‬و هذه طريقة البيان لكتب العقول و النقول‪ ،‬و هو فصل شريق‪.‬‬ ‫و ثالثها‪ :‬أن يعثر التأخر على غلط أو خطأ ف كلم التقدمي من اشتهر فضله و بعد ف الفادة صيتة‪ ،‬و يستوثق ف ذلك بالبهان الواض ح‬ ‫الذي ل مدخل للشك فيه‪ ،‬فيحرص على إيصال ذلك لن بعدة‪ ،‬إذ قد تعذر موه و نزعه بانتشار التآليف ف الفاق و العصار‪ ،‬و ش هرة‬ ‫الؤلف و وثوق الناس بعارفه‪ ،‬فيودع ذلك الكتاب ليقف على بيان ذلك‪.‬‬ ‫و رابعها‪ :‬أن يكون الفن الواحد قد نقصت منه مسائل أو فصول بسب انقسام موضوعه فيقصد الطلع على ذلك أن يتمم ما نقص من تلك‬ ‫السائل ليكمل الفن بكمال مسائله و فصوله‪ ،‬و ل يبقى للنقص فيه مال‪.‬‬ ‫و خامسها‪ :‬أن تكون مسائل العلم قد وقعت غي مرتبة ف أبوابا و ل منتظمة‪ ،‬فيقصد الطلع على ذلك أن يرتبها و يهذبا‪ ،‬و يع ل ك ل‬ ‫مسئلة ف بابا‪ ،‬كما وقع ف الدونة من رواية سحنون عن ابن القاسم‪ ،‬و ف العتبية من رواية العتب عن أصحاب مالك‪ ،‬فإن مسائل كثية من‬ ‫أبواب الفقه منها قد وقعت ف غي بابا فهذب ابن أب زيد الدونة و بقيت العتبية غي مهذبة‪ .‬فنجد ف كل باب مسائل من غيه‪ .‬و استغنوا‬ ‫بالدونة و ما فعله ابن أب زيد فيها و البادعي من بعده‪.‬‬


‫و سادسها‪ :‬أن تكون مسائل العلم مفرقة ف أبوابا من علوم أخرى فيتنبه بعض الفضلء إل موضوع ذلك الفن و جيع مسائله‪ ،‬فيفعل ذلك‪،‬‬ ‫و يظهر به فن ينظمه ف جلة العلوم الت ينتحلها البشر بأفكارهم‪ ،‬كما وقع ف علم البيان‪ .‬فإن عبد القاهر الرجان و أبا يوسف السكاكي‬ ‫وجدا مسائله مستقرية ف كتب النحو و قد جع منها الاحظ ف كتاب البيان و التبيي مسائل كثية‪ ،‬تنبه الناس فيها لوضوع ذلك العلم و‬ ‫انفراده عن سائر العلوم‪ ،‬فكتبت ف ذلك تأليفهم الشهورة‪ ،‬و صارت أصول لفن البيان‪ ،‬و لقنها التأخرون فأربوا فيها على كل متقدم‪.‬‬ ‫و سابعها‪ :‬أن يكون الشيء من التآليف الت هي أمهات للفنون مطول مسهبا فيقصد بالتآليف تلخيص ذلك‪ ،‬بالختصار و الياز و حذف‬ ‫التكرر‪ ،‬إن وقع‪ ،‬مع الذر من حذف الضروري لئل يل بقصد الؤلف الول‪.‬‬ ‫فهذه جاع القاصد الت ينبغي اعتمادها بالتأليف و مراعاتا‪ .‬و ما سوى ذلك ففعل غي متاج إليه و خطأ عن الادة الت يتعي سلوكها ف‬ ‫نظر العقلء‪ ،‬مثل انتحال ما تقدم لغيه من التآليف أن ينسبه إل نفسه ببعض تلبيس‪ ،‬من تبديل اللفاظ و تقدي التأخر و عكسه‪ ،‬أو يذف‬ ‫ما يتاج إليه ف الفن أو يأت با ل يتاج إليه‪ ،‬أو يبدل الصواب بالطأ‪ ،‬أو يأت با ل فائدة فيه‪ .‬فهذا شأن الهل و القح ة‪ .‬و ل ذا ق ال‬ ‫أرسطو‪ ،‬لا عدد هذه القاصد‪ ،‬و انتهى إل آخرها فقال‪ :‬و ما سوى ذلك ففصل أو شره‪ ،‬يعن بذلك الهل و القحة‪ .‬نعوذ بال من العم ل‬ ‫ف ما ل ينبغي للعاقل سلوكه‪ .‬و ال يهدي للت هي أقوم‪.‬‬

‫الفصل السادس و الثلثون ف أن كثرة الختصارات الؤلفة ف العلوم مل ة‬ ‫بالتعليم‬ ‫ذهب كثي من التأخرين إل اختصار الطرق و الناء ف العلوم يولعون با و يدونون منها برناما متصرا ف كل علم يشتمل عل ى حص ر‬ ‫مسائله و أدلتها باختصار ف اللفاظ و حشو القليل منها بالعان الكثية من ذلك الفن‪ .‬و صار ذلك مل بالبلغة و عسرا على الفه م‪ .‬و‬ ‫ربا عمدوا إل الكتب المهات الطولة ف الفنون للتفسي و البيان فاختصروها تقريبا للحفظ كما فعله ابن الاجب ف الفقه و ابن مالك ف‬ ‫العربية و الوني ف النطق و أمثالم‪ .‬و هو فساد ف التعليم و فيه اخلل بالتحصيل و ذلك لن فيه تليطا على البتدئ بإلقاء الغايات م ن‬ ‫العلم عليه و هو ل يستعد لقبولا بعد و هو من سوء التعليم كما سيأت‪ .‬ث فيه مع ذلك شغل كبي على التعلم بتتب ع ألف اظ الختص ار‬ ‫العويصة للفهم بتراحم العان عليها و صعوبة استخراج السائل من بينها‪ .‬لن ألفاظ الختصرات تدها لجل ذلك صعبة عويصة فينقطع ف‬ ‫فهمها حظ صال عن الوقت‪ .‬ث بعد ذلك فاللكة الاصلة من التعليم ف تلك الختصرات إذا ت على سداده و ل تعقبه آفة فهي ملكة قاصرة‬ ‫عن اللكات الت تصل من الوضوعات البسيطة الطولة لكثرة ما يقع ف تلك من التكرار و الحالة الفيدين لصول اللك ة التام ة‪ .‬و إذا‬ ‫اقتصر على التكرار قصرت اللكة لقلته كشأن هذه الوضوعات الختصرة فقصدوا إل تسهيل الفظ على التعلمي فأركبوهم صعبا يقطعهم‬ ‫عن تصيل اللكات النافعة و تكنها‪ .‬و من يهد ال فل مضل له و من يضلل فل هادي له‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل السابع و الثلثون‪ :‬ف وجه الصواب ف تعليم العلوم و طريق إفادته‬ ‫اعلم أن تلقي العلوم للمتعلمي إنا يكون مفيدا إذا كان على التدريج شيئا فشيئا و قليل قليل يلقى عليه أول مسائل من كل باب من الفن‬ ‫هي أصول ذلك الباب‪ .‬و يقرب له ف شرحها على سبيل الجال و يراعى ف ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حت ينته ي إل‬ ‫آخر الفن و عند ذلك يصل له ملكة ف ذلك العلم إل أنا جزئية و ضعيفة‪ .‬و غايتها أنا هيأته لفهم الفن و تصيل مسائله‪ .‬ث يرجع به إل‬ ‫الفن ثانية فيفعه ف التلقي عن تلك الرتبة إل أعلى منها و يستوف الشرح و البيان و يرج عن الجال و يذكر له ما هنالك من اللف و‬ ‫وجهه إل أن ينتهي إل آخر الفن فتجود ملكته‪ .‬ث يرجع به و قد شد فل يترك عويصا و ل مهما و ل مغلقا إل وضحه و فتح ل ه مقفل ه‬ ‫فيخلص من الفن و قد استول على ملكته هذا وجه التعليم الفيد و هو كما رأيت إنا يصل ف ثلثا تكرارات‪ .‬و قد يصل للبعض ف أقل‬ ‫من ذلك بسب ما يلق له و يتيسر عليه و قد شاهدنا كثيا من العلمي لذا العهد الذي أدركنا يهلون طرق التعليم و إفاداته و يض رون‬ ‫للمتعلم ف أول تعليمه السائل القفلة من العلم و يطالبونه بإحضار ذهنه ف حلها و يسبون ذلك مرانا على التعليم و صوابا فيه و يكلف ونه‬


‫رعي ذلك و تصيله و يلطون عليه با يلقون له من غايات الفنون ف مبادئها و قبل أن يستعد لفهمها فإن قبول العلم و الستعدادات لفهمه‬ ‫تنشأ تدريا و يكون التعلم أول المر عاجزا عن الفهم بالملة إل ف القل و على سبيل التقريب و الجال والمثال السنة‪ .‬ث ل ي زال‬ ‫الستعداد فيه يتدرج قليل قليل بخالفة مسائل ذلك الفن و تكرارها عليه و النتقال فيها من التقريب إل الستيعاب الذي فوقه‪ ،‬حت تت م‬ ‫اللكة ف الستعداد ث ف التحصيل و ييط هو بسائل الفن و إذا ألقيت عليه الغايات ف البداءات و هو حينئذ عاجز عن الفهم و ال وعي و‬ ‫بعيد عن الستعداد له كل ذهنه عنها و حسب ذلك من صعوبة العلم ف نفسه فتكاسل عنه و انرف عن قبوله و تادى ف هجرانه‪ .‬و إن ا‬ ‫إل ذلك من سوء التعليم‪ .‬و ل ينبغي للمعلم أن يزيد متعلمه على فهم كتابه الذي أكب على التعليم منه بسب طاقته و على نسبة قب وله‬ ‫للتعليم مبتدئا كان أو منتهيا و ل يلط مسائل الكتاب بغيها حت يعيه من أوله إل أخره و يصل أغراضه و يستول منه على ملكة با ينفذ‬ ‫ف غيه‪ .‬لن التعلم إذا حصل ملكة ما ف علم من العلوم استعد با لقبول ما بقي و حصل له نشاط ف طلب الزيد و النهوض إل ما ف وق‬ ‫حت يستول على غايات العلم و إذا خلط عليه المر عجز عن الفهم و أدركه الكلل و انطمس فكره و يئس من التحصيل و هجر العلم و‬ ‫التعليم‪ .‬و ال يهدي من يشاء‪ .‬و كذلك ينبغي لك أن ل تطول على التعلم ف الفن الواحد بتفريق الالس و تقطيع ما بينها لنه ذريع ة إل‬ ‫النسيان و انقطاع مسائل الفن بعضها من بعض فيعسر حصول اللكة بتفريقها‪ .‬و إذا كانت أوائل العلم و أواخره حاضرة عند الفكرة مانبة‬ ‫للنسيان كانت اللكة أيسر حصول و أحكم ارتباطا و أقرب صنعة لن اللكات إنا تصل بتتابع الفعل و تك راره و إذا تنوس ي الفع ل‬ ‫تنوسيت اللكة الناشئة عنه‪ .‬و ال علمكم ما ل تكونوا تعلمون‪ .‬و من الذاهب الميلة و الطرق الواجبة ف التعليم أن ل يلط على التعل م‬ ‫علمان معا فإنه حينئذ قل أن يظفر بواحد منهما لا فيه من تقسيم البال و انصرافه عن كل واحد منهما إل تفهم الخر فيس تغلقان مع ا و‬ ‫يستصعبان و يعود منهما باليبة‪ .‬و إذا تفرغ الفكر لتعليم ما هو بسبيله مقتصرا عليه فربا كان ذلك أجدر لتحصيله و ال سبحانه و تع ال‬ ‫الوفق للصواب‪ .‬و اعلم أيها التعلم أن أتفك بفائدة ف تعلمك فإن تلقيتها بالقبول و أمسكتها بيد الصناعة ظفرت بكن عظي م و ذخية‬ ‫شريفة و أقدم لك مقدمة تعينك ف فهمها و ذلك أن الفكر النسان طبيعة مصوصة فطرها ال كما فطر سائر مبتدعاته و ه و وج دان‬ ‫حركة للنفس ف البطن الوسط من الدماغ‪ .‬تارة يكون مبدأ للفعال النسانية على نظام و ترتيب و تارة يكون مبدأ لعلم ما ل يكن حاصل‬ ‫بأن يتوجه إل الطلوب‪ .‬و قد يصور طرفيه يروم نفيه أو إثباته فيلوح له الوسط الذي يمع بينهما أسرع من لح البصر إن كان واح دا‪ .‬أو‬ ‫ينتقل إل تصيل آخر إن كان متعددا و يصي إل الظفر بطلوبه هذا شأن هذه الطبيعة الفكرية الت تيز با البشر من بي سائر اليوانات‪ .‬ث‬ ‫الصناعة النطقية هي كيفية فعل هذه الطبيعة الفكرية النظرية تصفه لتعلم سداده من خطئه و أنا و إن كان الصواب لا ذاتيا إل أنه قد يعرض‬ ‫لا الطأ ف القل من تصور الطرفي على غي صورتما من اشتباه اليئات ف نظم القضايا و ترتيبها للنتاج فتعي النطق للتخلص من ورط ة‬ ‫هذا الفساد إذا عرض‪ .‬فالنطق إذا أمر صناعي مساوق للطبيعة الفكرية و منطبق على صورة فعلها و لكونه أمرا ص ناعيا اس تغن عن ه ف‬ ‫الكثر‪ .‬و لذلك تد كثيا من فحول النظار ف الليقة يصلون على الطالب ف العلوم دون صناعة علم النطق و ل سيما مع صدق النية و‬ ‫التعرض لرحة ال تعال فإن ذلك أعظم معن‪ .‬و يسلكون بالطبيعة الفكرية على سدادها فيفضي بالطبع إل حصول الوسط و العلم بالطلوب‬ ‫كما فطرها ال عليه‪ .‬ث من دون هذا المر الصناعي الذي هو النطق مقدمة أخرى من التعلم و هي معرفة اللفاظ و دللتها عل ى الع ان‬ ‫الذهنية تردها من مشافهة الرسوم بالكتاب و مشافهة اللسان بالطاب‪ .‬فلبد أيها التعلم من ماوزتك هذه الجب كله ا إل الفك ر ف‬ ‫مطلوبك‪ .‬فأول‪ :‬دللة الكتابة الرسومة على اللفاظ القولة و هي أخفها ث دللة اللفاظ القولة على العان الطلوبة ث القواني ف ترتي ب‬ ‫العان للستدلل ف قوالبها العروفة ف صناعة النطق‪ .‬ث تلك العان مردة ف الفكر اشتراطا يقتنص با الطلوب بالطبيعة الفكرية ب التعرض‬ ‫لرحة ال و مواهبه‪ .‬و ليس كل أحد يتجاوز هذه الراتب بسرعة و ل يقطع هذه الجب ف التعليم بسهولة‪ ،‬بل ربا وقف الذهن ف حجب‬ ‫اللفاظ بالناقشات أو عثر ف اشتراك الدلة بشغب الدال و الشبهات و قعد عن تصيل الطلوب‪ .‬و ل يكد يتخلص من تلك الغم رة إل‬ ‫قليل من هداه ال‪ .‬فإذا ابتليت بثل ذلك و عرض لك ارتباك ف فهمك أو تشغيب بالشبهات ف ذهنك فاطرح ذلك و انتبذ حجب اللفاظ‬ ‫و عوائق الشبهات و أترك المر الصناعي جلة و اخلص إل فضاء الفكر الطبيعي الذي فطرت عليه‪ .‬و سرح نظرك فيه و فرغ ذهنك في ه‬ ‫للغوص على مرامك منه واضعا لا حيث وضعها أكابر النظار قبلك مستعرضا للفتح من ال كما فتح عليهم من ذهنهم من رحته و علمهم‬ ‫ما ل يكونوا يعلمون‪ .‬فإذا فعلت ذلك أشرقت عليك أنوار الفتح من ال بالظفر بطلوبك و حصل المام الوسط ال ذي جعل ه ال م ن‬ ‫مقتضيات هذا الفكر و نظره عليه كما قلناه و حينئذ فارجع به إل قوالب الدلة و صورها فأفرغه فيها و وفه حقه من القانون الص ناعي ث‬


‫اكسه صور اللفاظ و أبرزة إل عال الطاب و الشافهة وثيق العرى صحيح البنيان‪ .‬و أما إن وقفت عند الناقش ة و الش بهة ف الدل ة‬ ‫الصناعية و تحيص صوابا من خطئها و هذه أمور صناعية وضعية تستوي جهاتا التعددة و تتشابه لجل الوضع والصطلح فل تتميز جهة‬ ‫الق منها إذ جهة الق إنا تستبي إذا كانت بالطبع فيستمر ما حصل من الشك و الرتياب و تسدل الجب على الطلوب و تقعد بالناظر‬ ‫عن تصيله‪ .‬و هذا شأن الكثرين من النظار و التأخرين سيما من سبقت له عجمة ف لسانه فربطت عن ذهنه و من حص ل ل ه ش غب‬ ‫بالقانون النطقي تعصب له فاعتقد أنه الذريعة إل إدراك الق بالطبع فيقع ف الية بي شبه الدلة و شكوكها و ل يكاد يلص منه ا‪ .‬و‬ ‫الذريعة إل إدراك الق بالطبع إنا هو الفكر الطبيعي كما قلناه إذا جرد عن جيع الوهام و تعرض الناظر فيه إل رحة ال تعال و أما النطق‬ ‫فإنا هو واصف لفعل هذا الفكر فيساوقه ف الكثر‪ .‬فاعتب ذلك و استمطر رحة ال تعال مت أعوزك فهم السائل تشرق علي ك أن واره‬ ‫باللام إل الصواب‪ .‬و ال الادي إل رحته و ما العلم إل من عند ال‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الثلثون‪ :‬ف أن العلوم اللية ل توسع فيه ا النظ ار و ل‬ ‫تفرع السائل‬ ‫اعلم أن العلوم التعارفة بي أهل العمران على صنفي‪ :‬علوم مقصودة بالذات كالشرعيات من التفسي و الديث و الفقه و عل م الكلم و‬ ‫كالطبيعيات و الليات من الفلسفة‪ ،‬و علوم هي وسيلة آلية بذه العلوم كالعربية و الساب و غيها للشرعيات كالنطق للفلسفة‪ .‬و رب ا‬ ‫كان آلة لعلم الكلم و لصول الفقه على طريقة التأخرين فأما العلوم الت هي مقاصد فل حرج ف توسعة الكلم فيها و تفريع الس ائل و‬ ‫استكشاف الدلة و النظار فإن ذلك يزيد طالبها تكنا ف ملكته و إيضاحا لعانيها القصودة‪ .‬و أما العلوم الت هي آلة لغيها مثل العربية و‬ ‫النطق و أمثالما فل ينبغي أن ينظر فيها إل من حيث هي آلة لذلك الغي فقط‪ .‬و ل يوسع فيها الكلم و ل تفرع السائل لن ذلك يرج لا‬ ‫عن القصود إذ القصود منها ما هي آلة له ل غي‪ .‬فكلما خرجت عن ذلك خرجت ف القصود و صار الشتغال با لغوا مع ما في ه م ن‬ ‫صعوبة الصول على ملكتها بطولا و كثرة فروعها‪ .‬و ربا يكون ذلك عائقا عن تصيل العلوم القصودة بالذات لطول وس ائلها م ع أن‬ ‫شأنا أهم و العمر يقصر عن تصيل الميع على هذه الصورة فيكون الشتغال بذه العلوم اللية تضييعا للعمر و شغل با ل يغن‪ .‬و ه ذا‬ ‫كما فعل التأخرون ف صناعة النحو و صناعة النطق و أصول الفقه لنم أوسعوا دائرة الكلم فيها و أكثروا من التفاريع و الستدللت با‬ ‫أخرجها عن كونا آلة و صيها من القاصد و ربا يقع فيها لذلك أنظار و مسائل ل حاجة با ف العلوم القصودة فهي من نوع اللغو و هي‬ ‫أيضا مضرة بالتعلمي على الطلق لن التعلمي اهتمامهم بالعلوم القصودة أكثر من اهتمامهم بوسائلها فإذا قطع وا العم ر ف تص يل‬ ‫الوسائل فمت يظفرون بالقاصد ؟ فلهذا يب على العلمي لذه العلوم اللية أن ل يستجيوا ف شأنا و ل يستكثروا من مسائلها و ينبه وا‬ ‫التعلم على الغرض منها و يقفوا به عنده‪ .‬فمن نزعت به هته بعد ذلك إل شيء من التوغل و رأى من نفسه قياما بذلك و كفاية به فليق‬ ‫له ما شاء من الراقي صعبا أو سهل و كل ميسر لا خلق له‪.‬‬

‫الفصل التاسع و الثلثون‪ :‬ف تعليم الولدان و اختلف م ذاهب المص ار‬ ‫السلمية ف طرقه‬ ‫اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين أخذ به أهل اللة و درجوا عليه ف جيع أمصارهم لا يسبق فيه إل القلوب من رسوخ الي ان و‬ ‫عقائده من آيات القرآن و بعض متون الحاديث‪ .‬و صار القرآن أصل التعليم الذي ينبن عليه ما يصل بعد من اللكات‪ .‬و سبب ذلك أن‬ ‫التعليم ف الصفر أشد رسوخا و هو أصل لا بعده لن السابق الول للقلوب كالساس و للملكات‪ .‬و على حسب الساس و أساليبه يكون‬ ‫حال من ينبن عليه‪ .‬و اختلفت طرقهم ف تعليم القرآن للولدان باختلفهم باعتبار ما ينشأ عن ذلك التعليم من اللكات‪ .‬فأما أهل الغ رب‬ ‫فمذهبهم ف الولدان القتصار على تعليم القرآن فقط‪ ،‬و أخذهم أثناء الدارسة بالرسم و مسائله و اختلف حلة القرآن فيه ل يلطون ذلك‬


‫بسواه ف شيء من مالس تعليمهم ل من حديث و ل من فقه و ل من شعر و ل من كلم العرب إل أن يذق فيه أو ينقطع دونه فيك ون‬ ‫انقطاعه ف الغالب انقطاعا عن العلم بالملة‪ .‬و هذا مذهب أهل المصار بالغرب و من تبعهم من قرى الببر‪ ،‬أمم الغرب ف ولدانم إل أن‬ ‫ياوزوا حد البلوغ إل الشبيبة‪ .‬و كذا ف الكبي إذا رجع مدارسة القرآن بعد طائفة من عمره‪ .‬فهم لذلك أقوم على رسم القرآن و حفظ ه‬ ‫من سواهم‪ .‬و أما أهل الندلس فمذهبهم تعليم القرآن و الكتاب من حيث هو‪ ،‬و هذا هو الذي يراعونه ف التعليم‪ .‬إل أنه لا كان الق رآن‬ ‫أصل ذلك و أسه و منبع الدين و العلوم جعلوه أصل ف التعليم‪ .‬فل يقتصرون لذلك عليه فقط بل يلطون ف تعليمهم للولدان رواية الشعر‬ ‫ف الغالب و الترسل و أخذهم بقواني العربية و حفظها و تويد الط و الكتاب‪ .‬و ل تتص عنايتهم ف التعليم بالقرآن دون ه ذه‪ ،‬ب ل‬ ‫عنايتهم فيه بالط أكثر من جيعها إل أن يرج الولد من عمر البلوغ إل الشبيبة و قد شدا بعض الشيء ف العربية و الشعر و البصر بما و‬ ‫برز ف الط و الكتاب و تعلق بأذيال العلم على الملة لو كان فيها سند لتعليم العلوم‪ .‬لكنهم ينقطعون عن ذلك لنقطاع سند التعلي م ف‬ ‫آفاقهم و ل يصل بأيديهم إل ما حصل من ذلك التعليم الول‪ .‬و فيه كفاية لن أرشده ال تعال و استعداد إذا وجد العلم‪ .‬و أم ا أه ل‬ ‫أفريقية فيخلطون ف تعليمهم للولدان القرآن بالديث ف الغالب و مدارسة قواني العلوم و تلقي بعض مسائلها إل أن عنايتهم ب القرآن و‬ ‫استنظار الولدان إياه و وقوفهم على اختلف رواياته و قراءاته أكثر ما سواه و عنايتهم بالط تبع لذلك‪ .‬و بالملة فطريقهم ف تعليم القرآن‬ ‫أقرب إل طريقة أهل الندلس لن سند طريقتهم ف ذلك متصل بشيخة الندلس الذين أجازوا عند تغلب النصارى على شرق الندلس‪ ،‬و‬ ‫استقروا بتونس و عنهم أخذ ولدانم بعد ذلك‪ .‬و أما أهل الشرق فيخلطون ف التعليم كذلك على ما يبلغنا و ل أدري ب عنايتهم منه ا‪ .‬و‬ ‫الذي ينقل لنا أن عنايتهم بدراسة القرآن و صحف العلم و قوانينه ف زمن الشبيبة و ل يلطون بتعليم الط بل لتعليم الط عندهم قانون و‬ ‫معلمون له على انفراده كما تتعلم سائر الصنائع و ل يتداولونا ف مكاتب الصبيان‪ .‬و إذا كتبوا لم اللواح فبخط قاصر عن الجادة و من‬ ‫أراد تعلم الط فعلى قدر ما يسنح له بعد ذلك من المة ف طلبه و يبتغيه من أهل صنعته‪ .‬فأما أهل أفريقية والغرب فأفادهم القتصار عل ى‬ ‫القرآن القصور عن ملكة اللسان جلة و ذلك أن القرآن ل ينشأ عنه ف الغالب ملكة لا أن البشر مصروفون عن التيان بثله فهم مصروفون‬ ‫لذلك عن الستعمال على أساليبه و الحتذاء با‪ .‬و ليس لم ملكة ف غي أساليبه فل يصل لصاحبه ملكة ف اللسان العرب و حظه المود‬ ‫ف العبارات و قلة التصرف ف الكلم‪ .‬و ربا كان أهل أفريقية ف ذلك أخف من أهل الغرب با يلطون ف تعليمهم القرآن بعبارات العلوم‬ ‫ف قوانينها كما قلناه فيقتدرون على شيء من التصرف و ماذاة الثل بالثل إل أن ملكتهم ف ذلك قاصرة عن البلغة كما سيأت ف فصله‪.‬‬ ‫و أما أهل الندلس فأفادهم التفنن ف التعليم و كثرة رواية الشعر و الترسل و مدارسة العربية من أول العمر‪ ،‬حصول ملكة صاروا با أعرف‬ ‫ف اللسان العرب‪ .‬و قصروا ف سائر العلوم لبعدهم عن مدارسة القرآن و الديث الذي هو أصل العلوم و أساسها‪ .‬فكانوا لذلك أهل حظ و‬ ‫أدب بارع أو مقصر على حسب ما يكون التعليم الثان من بعد تعليم الصب‪ .‬و لقد ذهب القاضي أبو بكر بن العرب ف كتاب رحلت ه إل‬ ‫طريقة غريبة ف وجه التعليم وأعاد ف ذلك و أبدأ و قدم تعليم العربية و الشعر على سائر العلوم كما هو مذهب أهل الندلس‪ .‬ق ال‪ :‬لن‬ ‫الشعر ديوان العرب و يدعو على تقديه و تعليم العربية ف التعليم ضرورة فساد اللغة ث ينتقل منه إل الساب فيتمرن فيه حت يرى القواني‬ ‫ث ينتقل إل درس القرآن فإنه يتيسر عليك بذه القدمة‪ .‬ث قال‪ :‬و يا غفلة أهل بلدنا ف أن يؤخذ الصب بكتاب ال ف أوامره يق رأ م ال‬ ‫يفهم و ينصب ف أمر غيه أهم ما عليه منه‪ .‬ث قال ينظر ف أصول الدين ث أصول الفقه ث الدل ث الديث و علومه‪ ،‬و نى مع ذل ك أن‬ ‫يلط ف التعليم علمان إل أن يكون التعلم قابل لذلك بودة الفهم و النشاط‪ .‬هذا ما أشار إليه القاضي أبو بكر رحه ال و ه و لعم ري‬ ‫مذهب حسن إل أن العوائد ل تساعد عليه و هي أملك بالحوال و وجه ما اختصت به العوائد من تقدم دراسة القرآن إيث ارا للت بك و‬ ‫الثواب‪ ،‬و خشية ما يعرض للولد ف جنون الصب من الفات و القواطع عن العلم فيفوته القرآن‪ ،‬لنه ما دام ف الجر منقاد للحكم‪ .‬ف إذا‬ ‫تاوز البلوغ و انل من ربقة القهر فربا عصفت به رياح الشبيبة فألقته بساجل البطالة فيغتنمون ف زمان الجر و ربقة الك م تص يل‬ ‫القرآن لئل يذهب خلوا منه‪ .‬و لو حصل اليقي باستمراره ف طلب العلم و قبوله التعليم لكان هذا الذهب الذي ذكره القاضي أول ما أخذ‬ ‫به أهل الغرب و الشرق‪ .‬و لكن ال يكم ما يشاء ل معقب لكمه‪.‬‬

‫الفصل الربعون‪ :‬ف أن الشدة على التعلمي مضرة بم‬


‫و ذلك أن إرهاف الد بالتعليم مضر بالتعلم سيما ف أصاغر الولد لنه من سوء اللكة‪ .‬و من كان مرباه بالعسف و القهر من التعلمي أو‬ ‫الماليك أو الدم سطا به القهر و ضيق عن النفس ف انبساطها و ذهب بنشاطها و دعاه إل الكسل و حل على الكذب و البث و ه و‬ ‫التظاهر بغي ما ف ضميه خوفا من انبساط اليدي بالقهر عليه و علمه الكر و الديعة لذلك و صارت له هذه عادة و خلق ا و فس دت‬ ‫معان النسانية الت له من حيث الجتماع‪ .‬و التمرن و هي المية و الدافعة عن نفسه و منله‪ .‬و صار عيال على غيه ف ذل ك ب ل و‬ ‫كسلت النفس عن اكتساب الفضائل و اللق الميل فانقبضت عن غايتها و مدى إنسانيتها فارتكس و عاد ف أسفل السافلي‪ .‬و هك ذا‬ ‫وقع لكل أمة حصلت ف قبضة القهر و نال منها العسف و اعتبه ف كل من يلك أمره عليه‪ .‬و ل تكون اللكة الكافلة له رفيقة به‪ .‬و ت د‬ ‫ذلك فيهم استقراء و انظره ف اليهود و ما حصل بذلك فيهم من خلق السوء حت إنم يوصفون ف كل أفق‪ .‬و عصر بالرج و معن اه ف‬ ‫الصطلح الشهور التخابث و الكيد و سببه ما قلناه‪ .‬فينبغي للمعلم ف متعلمه و الوالد ف ولده أن ل يستبدا عليهما ف التأديب‪ .‬و قد قال‬ ‫ممد بن أب زيد ف كتابه الذي ألفه ف حكم العلمي و التعلمي‪ :‬ل ينبغي لؤدب الصبيان أن يزيد ف ضربم إذا احتاجوا إليه على ثلث ة‬ ‫أسواط شيئا‪ .‬و من كلم عمر رضي ال عنه‪ :‬من ل يؤدبه الشرع ل أدبه ال‪ .‬حرصا على صون النفوس عن مذلة التأديب و علم ا ب أن‬ ‫القدار الذي عينه الشرع لذلك أملك له فإنه أعلم بصلحته‪ .‬و من أحسن مذاهب التعليم ما تقدم به الرشيد لعلم ولده‪ .‬قال خلف الحر‪:‬‬ ‫بعث إل الرشيد ف تأديب ولده ممد المي فقال‪ :‬يا أحر إن أمي الؤمني قد دفع إليك مهجة نفسه و ثرة قلبه فصي يدك عليه مبسوطة و‬ ‫طاعته لك واجبة و كن له بيث وضعك أمي الؤمني أقرئه القرآن و عرفه الخبار و روه الشعار و علمه السنن و بصره بواق ع الكلم و‬ ‫بدئه و امنعه من الضحك إل ف أوقاته و خذه بتعظيم مشايخ بن هاشم إذا دخلوا عليه و رفع مالس القواد إذا حضروا ملسه‪ .‬و ل ت رن‬ ‫بك ساعة إل و أنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غي أن تزنه فتميت ذهنه‪ .‬و ل تعن ف مسامته فيستجلي الفراغ و يألفه‪ .‬و ق ومه م ا‬ ‫استطعت بالقرب واللينة فإن أباها فعليك بالشدة و الغلظة‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫الفصل الادي و الربعون‪ :‬ف أن الرحلة ف طلب العلوم و لقاء الش‬ ‫مزيد كمال ف التعلم‬

‫يخة‬

‫و السبب ف ذلك أن البشر يأخذون معارفهم و أخلقهم و ما ينتحلون به من الذاهب و الفضائل‪ :‬تارة علما و تعليما و إلقاء و تارة ماكاة‬ ‫و تلقينا بالباشرة‪ .‬إل أن حصول اللكات عن الباشرة و التلقي أشد استحكاما و أقوى رسوخا‪ .‬فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حص ول‬ ‫اللكات و رسوخها‪ .‬و الصطلحات أيضا ف تعليم العلوم ملطة على التعلم حت لقد يظن كثي منهم أنا جزء من العلم‪ .‬و ل يدفع عن ه‬ ‫ذلك إل مباشرته لختلف الطرق فيها من العلمي‪ .‬فلقاء أهل العلوم و تعدد الشايخ يفيده تييز الصطلحات با يراه من اختلف طرقهم‬ ‫فيها فيجرد العلم عنها و يعلم أنا أناء تعليم و طرق توصل و تنهض قواه إل الرسوخ و الستحكام ف الكان و تصحح معارفه و تيزه ا‬ ‫عن سواها مع تقوية ملكته بالباشرة و التلقي و كثرتما من الشيخة عند تعددهم و تنوعهم‪ .‬و هذا لن يسر ال عليه طرق العلم و الداية‪.‬‬ ‫فالرحلة ل بد منها ف طلب العلم لكتساب الفوائد و الكمال بلقاء الشايخ و مباشرة الرجال‪ .‬و ال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم‪.‬‬

‫الفصل الثان و الربعون‪ :‬ف أن العلماء من بي البشر أبعد عن السياس ة و‬ ‫مذاهبها‬ ‫و السبب ف ذلك أنم معتادون النظر الفكري و الغوص على العان و انتزاعها من السوسات و تريدها ف الذهن‪ ،‬أم ورا كلي ة عام ة‬ ‫ليحكم عليها بأمر العلوم ل بصوص مادة و ل شخص و ل جيل و ل أمة و ل صنف من الناس‪ .‬و يطبقون من بعد ذلك الكل ي عل ى‬ ‫الارجيات‪ .‬و أيضا يقيسون المور على أشباهها و أمثالا با اعتادوه من القياس الفقهي‪ .‬فل تزال أحكامهم و أنظارهم كلها ف الذهن و ل‬ ‫تصي إل الطابقة إل بعد الفراغ من البحث و النظر‪ .‬و ل تصي بالملة إل الطابقة و إنا يتفرغ ما ف الارج عما ف الذهن م ن ذل ك‬


‫كالحكام الشرعية فإنا فروع عما ف الفوظ من أدلة الكتاب و السنة فتطلب مطابقة ما ف الارج لا عكس النظار ف العلوم العقلية‪ .‬الت‬ ‫تطلب ف صحتها مطابقتها لا ف الارج‪ .‬فهم متعودون ف سائر أنظارهم المور الذهنية و النظار الفكرية ل يعرفون سواها‪ .‬و السياس ة‬ ‫يتاج صاحبها إل مراعاة ما ف الارج و ما يلحقها من الحوال و يتبعها فإنا خفية‪ .‬و لعل أن يكون فيها ما ينع من إلاقها بشبه أو مثال‬ ‫و يناف الكلي الذي ياول تطبيقه عليها‪ .‬و ل يقاس شيء من أحوال العمران على الخر كما اشتبها ف أمر واحد فلعلهما اختلفا ف أم ور‬ ‫فتكون العلماء لجل ما تعودوه من تعميم الحكام و قياس المور بعضها على بعض إذا نظروا ف السياسة افرغوا ذلك ف قالب أنظارهم و‬ ‫نوع استدللتم فيقعون ف الغلط كثيا و ل يؤمن عليهم‪ .‬و يلحق بم أهل الذكاء و الكيس من أهل العمران لنم ينعون بثقوب أذهانم‬ ‫إل مثل شأن الفقهاء من الغوص على العان و القياس و الاكاة فيقعون ف الغلط‪ .‬و العامي السليم الطبع التوسط الكيس لقصور فكره عن‬ ‫ذلك و عدم اعتياده إياه يقتصر لكل مادة على حكمها و ف كل صنف من الحوال و الشخاص على ما اختص به و ل يع دي الك م‬ ‫بقياس و ل تعميم و ل يفارق ف أكثر نظره الواد السوسة و ل ياوزها ف ذهنه كالسابح ل يفارق الب عند الوج‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫فإن السلمة ف الساحل‬ ‫فل توغلن إذا ما سبحت‬ ‫فيكون مأمونا من النظر ف سياسته مستقيم النظر ف معاملة أبناء جنسه فيحسن معاشه و تندفع آفاته و مضاره باستقامة نظره‪ .‬و فوق ك ل‬ ‫ذي علم عليم‪ .‬و من هنا يتبي أن صناعة النطق غي مأمونة الغلط لكثرة ما فيها من النتزاع‪ ،‬و بعدها عن السوس فإنا تنظر ف العقولت‬ ‫الثوان‪ .‬و لعل الواد فيها ما يانع تلك الحكام و ينافيها عند مراعاة التطبيق اليقين‪ .‬و أما النظر ف العقولت الول و هي ال ت تري دها‬ ‫قريب فليس كذلك لنا خيالية و صور السوسات حافظة مؤذنة بتصديق انطباقه‪ .‬و ال سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل الثالث و الربعون‪ :‬ف أن حلة العلم ف السلم أكثرهم العجم‬ ‫من الغريب الواقع أن حلة العلم ف اللة السلمية أكثرهم العجم ل من العلوم الشرعية و ل من العلوم العقلية إل ف القليل النادر‪ .‬و إن كان‬ ‫منهم العرب ف نسبته فهو أعجمي ف لغته و مرباه و مشيخته مع أن اللة عربية و صاحب شريعتها عرب‪ .‬و السبب ف ذلك أن اللة ف أولا‬ ‫ل يكن فيها علم و ل صناعة لقتضى أحوال السذاجة و البداوة و إنا أحكام الشريعة الت هي أوامر ال و نواهيه كان الرجال ينقلون ا ف‬ ‫صدورهم و قد عرفوا مأخذها من الكتاب و السنة با تلقوه من صاحب الشرع و أصحابه‪ .‬و القوم يومئذ عرب ل يعرفوا أم ر التعلي م و‬ ‫التأليف و التدوين و ل دفغوا إليه و ل دعتهم إليه حاجة‪ .‬و جرى المر على ذلك زمن الصحابة و التابعي و كانوا يسمون الختصي بمل‬ ‫ذلك‪ .‬و نقله إل القراء أي الذين يقرأون الكتاب و ليسوا أميي لن المية يومئذ صفة عامة ف الصحابة با كانوا عربا فقيل لملة الق رآن‬ ‫يومئذ قراء إشارة إل هذا‪ .‬فهم قراء لكتاب ال و السنة الأثورة عن ال لنم ل يعرفوا الحكام الشرعية إل منه و من الديث الذي هو ف‬ ‫غالب موارده تفسي له و شرح‪ .‬قال صلى ال عليه و سلم‪ :‬تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تسكتم بما‪ :‬كتاب ال و سنت‪ .‬فلم ا بع د‬ ‫النقل من لدن دولة الرشيد فما بعد احتيج إل وضع التفاسي القرآنية و تقييد الديث مافة ضياعه ث احتيج إل معرفة الس انيد و تع ديل‬ ‫الناقلي للتمييز بي الصحيح مم السانيد و ما دونه ث كثر استخراج أحكام الواقعات من الكتاب و السنة و فسد مع ذلك اللسان فاحتي ج‬ ‫إل وضع القواني النحوية و صارت العلوم الشرعية كلها ملكات ف الستنباطات و الستخراج و التنظي و القياس و احتاجت إل عل وم‬ ‫أخرى و هي الوسائل لا من معرفة قواني العربية و قواني ذلك الستنباط و القياس و الذب عن العقائد اليانية بالدلة لك ثرة الب دع و‬ ‫اللاد فصارت هذه العلوم كلها علوما ذات ملكات متاجة إل التعليم فاندرجت ف جلة الصنائع‪ .‬و قد كنا قدمنا أن الصنائع من منتح ل‬ ‫الضر و أن العرب أبعد الناس عنها فصارت العلوم لذلك حضرية و بعد عنها العرب و عن سوقها‪ .‬و الضر لذلك العهد هم العجم أو من‬ ‫هم ف معناهم من الوال و أهل الواضر الذين هم يومئذ تبع للعجم ف الضارة و أحوالا من الصنائع و الرف لنم أق وم عل ى ذل ك‬ ‫للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس فكان صاحب صناعة النحو سيبويه و الفارسي من بعده و الزجاج من بعدها و كلهم عج م ف‬ ‫أنسابم‪ .‬و إنا ربوا ف اللسان العرب فاكتسبوه بالرب و مالطة العرب و صيوه قواني و فنا لن بعدهم‪ .‬و كذا حلة الديث الذين حفظوة‬ ‫عن أهل السلم أكثرهم عجم أو مستعجمون باللغة و الرب لتساع الفن بالعراق‪ .‬و كان علماء أصول الفقه كلهم عجما كما ع رف و‬


‫كذا حلة علم الكلم و كذا أكثر الفسرين‪ .‬و ل يقم بفظ العلم و تدوينه إل العاجم‪ .‬و ظهر مصداق قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬لو تعلق‬ ‫العلم بأكناف السماء لناله قوم من أهل فارس‪ .‬و أما العرب الذين أدركوا هذه الضارة و سوقها و خرجوا إليها عن الب داوة فش غلتهم‬ ‫الرئاسة ف الدولة العباسية و ما دفعوا إليه من القيام باللك عن القيام بالعلم‪ .‬و النظر فيه‪ ،‬فإنم كانوا أهل الدولة و حاميتها و أول سياستها‬ ‫مع ما يلحقهم من النفة عن انتحال العلم حينئذ با صار من جلة الصنائع‪ .‬و الرؤساء أبدا يستنكفون عن الصنائع و الهن و ما ير إليها و‬ ‫دفعوا ذلك إل من قام به من العجم والولدين‪ .‬و ما زالوا يرون لم حق القيام به فإنه دينهم و علومهم و ل يتقرون حلتها كل الحتق ار‪.‬‬ ‫حت إذا خرج المر من العرب جلة و صار للعجم صارت العلوم الشرعية غريبة النسبة عند أهل اللك با هم عليه من البعد عن نس بتها و‬ ‫امتهن حلتها با يرون أنم بعداء عنهم مشتغلي با ل يغن و ل يدي عنهم ف اللك و السياسة كما ذكرناه ف نقل الراتب الدينية‪ .‬فه ذا‬ ‫الذي قررناه هو السبب ف أن حلة الشريعة أو عامتهم من العجم‪ .‬و أما العلوم العقلية أيضا فلم تظهر ف اللة إل بعد أن تيز حلة العل م و‬ ‫مؤلفوه‪ .‬و استقر العلم كله صناعة فاختصت بالعجم و تركتها العرب و انصرفوا عن انتحالا فلم يملها إل العربون من العجم شأن الصنائع‬ ‫كما قلناه أول‪ .‬فلم يزل ذلك ف المصار السلمية ما دامت الضارة ف العجم و بلدهم من العراق و خراسان و ما وراء النه ر‪ .‬فلم ا‬ ‫خربت تلك المصار و ذهبت منها الضارة الت هي سر ال ف حصول العلم و الصنائع ذهب العلم من العجم جلة لا شلهم من البداوة و‬ ‫اختص العلم بالمصار الوفورة الضارة‪ .‬و ل أوفر اليوم ف الضارة من مصر فهي أم العال و إيوان السلم و ينبوع العلم و الص نائع‪ .‬و‬ ‫بقي بعض الضارة ف ما وراء النهر لا هناك من الضارة بالدولة الت فيها فلهم بذلك‪ ،‬حصة من العلوم و الصنائع ل تنكر‪ .‬و قد دلنا على‬ ‫ذلك كلم بعض علمائهم من تآليف وصلت إلينا إل هذه البلد و هو سعد الدين التفتازان‪ .‬و أما غيه من العجم فلم نر لم من بعد المام‬ ‫ابن الطيب و نصي الدين الطوسي كلما يعول على نايته ف الصابة‪ .‬فاعتي ذلك و تأمله تر عجبا ف أحوال الليقة‪ .‬و ال يلق ما بشاء‬ ‫ل شريك له اللك و له المد و هو على كل شيء قدير و حسبنا ال و نعم الوكيل و المد ل‪.‬‬

‫الفصل الرابع و الربعون‪ :‬ف أن العجمة إذا سبقت إل اللس ان قص رت‬ ‫بصاحبها ف تصيل العلوم عن أهل اللسان العرب‬ ‫و السر ف ذلك أن مباحث العلوم كلها إنا هي ف العان الذهنية و اليالية‪ ،‬من بي العلوم الشرعية‪ ،‬الت هي أكثر مباحثه ا ف اللف اظ و‬ ‫مودها من الحكام التلقاة من الكتاب و السنة و لغاتا الؤدية لا‪ ،‬و هي كلها ف اليال‪ ،‬و بي العلوم العقلية‪ ،‬و هي ف الذهن‪ .‬و اللغ ات‬ ‫إنا هي ترجان عما ف الضمائر من تلك العان‪ ،‬يؤديها بعض إل بعض بالشافهة بالناظرة و التعليم‪ ،‬و مارسة البحث ب العلوم لتحص يل‬ ‫ملكاتا بطول الران على ذلك‪ .‬و اللفاظ و اللغات وسائط و حجب بي الضمائر‪ ،‬و روابط و ختام بي العان‪ .‬و لبد ف اقتي اض تل ك‬ ‫الضمائر من العان من ألفاظها لعرفة دللتا اللغوية عليها‪ ،‬و جودة اللكة لناظر فيها‪ ،‬و إل فيعتاض عليه اقتناصها زيادة على ما يك ون ف‬ ‫مباحثها الذهنية من العتياص‪ .‬و إذا كانت ملكته ف تلك الدللت راسخة‪ ،‬بيث يتبادر العان إل ذهنه من تلك اللفاظ عن استعمالا‪ ،‬أن‬ ‫البديهي والبلي‪ ،‬زال ذاك الجاب بالملة بي العان و الفهم أو خف‪ ،‬و ل يبق إل معاناة ما ف العان من الباحث فقط‪ .‬هذا كله إذا كان‬ ‫التعاليم تلقينا و بالطاب و العبارة‪ .‬و أما إن احتاج التعلم إل الدراسة و التقييد بالكتاب و مشافهة الرسوم الطية من ال دواوين بس ائل‬ ‫العلوم‪ ،‬كان هنالك حجاب آخر بي الط و رسومه ف الكتاب‪ ،‬و بي اللفاظ القولة ف اليال‪ .‬لن رسوم الكتاب لا دللة خاصة عل ى‬ ‫اللفاظ القولة‪ .‬و ما ل تعرف تلك الدللة تعذرت معرفة العبارة‪ .‬و إن عرفت بلكة قاصرة كانت معرفتها أيضا قاصرة‪ ،‬و يزداد على الناظر‬ ‫و التعلم بذلك حجاب آخر بينه و بي مطلوبه‪ ،‬من تصيل ملكات العلوم أعوص من الجاب الول‪ .‬و إذا كانت ملكته ف الدللة اللفظية‬ ‫و الطية مستحكمة ارتفعت الجب بينه و بي العان‪ .‬و صار إنا يعان فهم مباحثها فقط‪ .‬هذا شأن العان مع اللفاظ و الط بالنسبة إل‬ ‫كل لغة‪ .‬و التعلمون لذلك ف الصغر أشد استحكاما للكاتم‪ ،‬ث إن اللة السلمية لا اتسع ملكها و اندرجت المم ف طيه ا و درس ت‬ ‫علوم الولي بنبوتا و كتابا‪ ،‬و كانت أمية النعة و الشعار‪ ،‬فأخذ اللك و العزة و سخرية المم لم بالض ارة و الته ذيب‪ ،‬و ص يوا‬ ‫علومهم الشرعية صناعة‪ ،‬بعد أن كانت نقل‪ ،‬فحدثت فيهم اللكات‪ ،‬و كثرت الدواوين و التآليف‪ ،‬و تشوفوا إل علوم الم م فنقلوه ا‬


‫بالترجة إل علومهم و أفرغوها ف قالب أنظارهم‪ ،‬و جردوها من تلك اللغات العجمية إل لسانم و أربوا فيها على مداركهم‪ ،‬و بقي ت‬ ‫تلك الدفاتر الت بلغتهم العجمية نسيا منسيا و طلل مهجورا و هباء منثورا‪ .‬و أصبحت العلوم كلها بلغة العرب‪ ،‬و دواوينه ا الس طرة‬ ‫بطهم‪ ،‬و احتاج القائمون بالعلوم إل معرفة الدللت اللفظية و الطية ف لسانم دون ما سواه من اللسن‪ ،‬لدروسها و ذهاب العناية با‪.‬‬ ‫و قد تقدم لنا أن اللغة ملكة ف اللسال‪ ،‬و كذا الط صناعة ملكتها ف اليد‪ ،‬فإذا تقدمت ف اللسان ملكة العجمة‪ ،‬صار مقص را ف اللغ ة‬ ‫العربية‪ ،‬لا قدمناه من أن اللكة إذا تقدمت ف صناعة بحل‪ ،‬فقل أن ييد صاحبها ملكة ف صناعة أخرى‪ ،‬و هو ظاهر‪ .‬و إذا كال مقصرا ف‬ ‫اللغة العربية و دللتا اللفظية و الطية اعتاص عليه فهم العان منها كما مر‪ .‬إل أن تكون ملكة العجمة السابقة ل تستحكم حي انتق ل‬ ‫منها إل العربية‪ ،‬كأصاغر أبناء العجم الذين يربون مع العرب قبل أن تستحكم عجمتهم‪ .‬فتكون اللغة العربية كأنا السابقة لم‪ ،‬و ل يكون‬ ‫عندهم تقصي ف فهم العان من العربية‪ .‬و كذا أيضا شأن من سبق له تعلم الط العجمي قبل العرب‪ .‬و لذا ند الكثي من علماء العاجم‬ ‫ف دروسهم و مالس تعليمهم يعدلون عن نقل التفاسي من الكتب إل قراءتا ظاهرا يففون بذلك عن أنفسهم مؤونة بعض الجب ليقرب‬ ‫عليهم تناول العان‪ .‬و صاحب اللكة ف العبارة و الط مستغن عن ذلك‪ ،‬بتمام ملكته‪ ،‬و إن صار له فهم القوال من الط‪ ،‬و العان م ن‬ ‫القوال كالبلة الراسخة‪ ،‬و ارتفعت الجب بينه و بي العان‪ .‬و ربا يكون الدؤوب على التعليم و الران على اللغ ة‪ ،‬و مارس ة ال ط‬ ‫يفيضان لصاحبهما إل تكن اللكة‪ ،‬كما نده ف الكثي من علماء العاجم‪ ،‬إل أنه ف النادر‪ .‬و إذا قرن بنظيه من علماء الع رب و أه ل‬ ‫طبقته منهم‪ ،‬كان باع العرب أطول و ملكته أقوى‪ ،‬لا عند الستعجم من الفتور بالعجمة السابقة الت يؤثر القصور بالضرورة و ل يع ترص‬ ‫ذلك با تقدم بأن علماء السلم أكثرهم العجم‪ ،‬لن الراد بالعجم هنالك عجم النسب لتداول الضارة فيهم الت قررنا أنا سبب لنتحال‬ ‫الصنائع و اللكات و من جلتها العلوم‪ .‬و أما عجمة اللغة فليست من ذلك و هي الرادة هنا‪ .‬و ل يعترض ذلك أيضا ما كان لليونانيي ف‬ ‫علومهم من رسوخ القدم فأنم إنا تعلموها من لغتهم السابقة لم و خطهم التعارف بينهم‪ .‬و العجمي التعلم للعلم ف اللة السلمية يأخذ‬ ‫العلم بغي لسانه الذي سبق إليه‪ ،‬و من غي خطه الذي يعرف ملكته‪ .‬فلهذا يكون له ذلك حجابا كما قلناه‪ .‬و هذا عام ف جيع أص ناف‬ ‫أهل اللسان العجمي من الفرس و الروم و الترك و الببر و الفرنج‪ .‬و سائر من ليس من أهل اللسان العرب‪ .‬و ف ذلك آيات للمتوسي‪.‬‬

‫الفصل الامس و الربعون‪ :‬ف علوم اللسان العرب‬ ‫أركانه أربعة و هي اللغة و النحو و البيان و الدب و معرفتها ضرورية على أهل الشريعة إذ مأخذ الحكام الشرعية كله ا ف الكت اب و‬ ‫السنة و هي بلغة العرب و نقلتها من الصحابة و التابعي عرب و شرح مشكلتا من لغاتم فلبد من معرفة العلوم التعلقة بذا اللسان ل ن‬ ‫أراد علم الشريعة‪ .‬و تتفاوت ف التأكيد بتفاوت مراتبها ف التوفية بقصود الكلم حسبما يتبي ف الكلم عليها فنا فنا و الذي يتحص ل أن‬ ‫الهم القدم منها هو النحو إذ به تتبي أصول القاصد بالدللة فيعرف الفاعل من الفعول و البتدأ من الب و لوله لهل أصل الف ادة‪ .‬و‬ ‫كان من حق علم اللغة التقدم لول أن أكثر الوضاع باقية ف موضوعاتا ل تتغي بلف العراب الدال على السناد و السند و السند إليه‬ ‫فإنه تغي بالملة و ل يبق له أثر‪ .‬فلذلك كان علم النحو أهم من اللغة إذ ف جهله الخلل بالتفاهم جلة و ليس ت ك ذلك اللغ ة و ال‬ ‫سبحانه و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫علم النحو‬ ‫اعلم أن اللغة ف التعارف هي عبارة التكلم عن مقصوده‪ .‬و تلك العبارة فعل لسان ناشئ عن القصد بإفادة الكلم فلبد أن تص ي ملك ة‬ ‫متقررة ف الغصو الفاعل لا و هو اللسان و هو ف كل أمة بسب اصطلحاتم‪ .‬و كانت اللكة الاصلة للعرب من ذلك أحسن اللكات و‬ ‫أوضحها إبانة عن القاصد لدللة غي الكلمات فيها على كثي من العان‪ .‬مثل الركات الت تعي الفاعل من الفع ول م ن ال رور أعن‬ ‫الضاف و مثل الروف الت تفضي بالفعال أي الركات إل الذوات من غي تكلف ألفاظ أخرى‪ .‬و ليس يوجد ذلك إل ف لغة العرب‪ .‬و‬ ‫أما غيها من اللغات فكل معن أو حال لبد له من ألفاظ تصه بالدللة و لذلك ند كلم العجم من ماطباتم أطول م ا تق دره بكلم‬


‫العرب‪ .‬و هذا هو معن قوله صلى ال عليه و سلم‪ :‬أوتيت جوامع الكلم و اختصر ل الكلم اختصارا‪ .‬فص ار للح روف ف لغته م‪ .‬و‬ ‫الركات و اليئات أي الوضاع اعتبار ف الدللة على القصود غي متكلفي فيه لصناعة يستفيدون ذلك منها‪ .‬إنا هي ملكة ف ألس نتهم‬ ‫يأخذها الخر عن الول كما تأخذ صبياننا لذا العهد لغاتنا‪ .‬فلما جاء السلم و فارقوا الجاز لطلب اللك الذي كان ف أيدي الم م و‬ ‫الدول و خالطوا الم تغيت تلك اللكة با ألقى إليها السمع من الخالفات الت للمستعربي‪ .‬و السمع أبو اللكات اللسانية ففسدت با ألقي‬ ‫إليها ما يغايرها لنوحها إليه باعتياد السمع‪ .‬و خشي أهل العلوم منهم أن تفسد تلك اللكة رأسا و يطول العهد با فينغلق القرآن و الديث‬ ‫على الفهوم فاستنبطوا من ماري كلمهم قواني لتلك اللكة مطردة شبه الكليات و القواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلم و يلحق ون‬ ‫الشباه بالشباه مثل أن الفاعل مرفوع و الفعول منصوب و البتدأ مرفوع‪ .‬ث رأوا تغي الدللة بتغي حركات هذه الكلمات فاصطلحوا على‬ ‫تسميته إعرابا و تسمية الوجب لذلك التغي عامل و أمثال ذلك‪ .‬و صارت كلها اصطلحات خاصة بم فقيدوها بالكت اب و جعلوه ا‬ ‫صناعة لم مصوصة‪ .‬و اصطلحوا على تسميتها بعلم النحو‪ .‬و أو ل من كتب فيها أبو السود الدؤل من بن كنانة و يقال بإش ارة عل ي‬ ‫رضي ال عنه لنه رأى تغي اللكة فأشار عليه بفظها ففزع إل ضبطها بالقواني الاضرة الستقرأة‪ .‬ث كتب فيها الناس م ن بع ده إل أن‬ ‫انتهت إل الليل بن أحد الفراهيدي أيام الرشيد و كان الناس أحوج ما كان الناس إليها لذهاب تلك اللكة من العرب‪ .‬فهذب الصناعة و‬ ‫كمل أبوابا‪ .‬و أخذها عنه سيبويه فكمل تفاريعها و استكثر من أدلتها و شواهدها و وضع فيها كتابه الشهور الدي صار إماما لك ل م ا‬ ‫كتب فيها من بعده‪ .‬ث وضع أبو علي الفارسي و أبو القاسم الزجاج كتبا متصرة للمتعلمي يذون فيها حذو المام ف كت ابه‪ .‬ث ط ال‬ ‫الكلم ف هذه الصناعة و حدث اللف بي أهلها ف الكوفة و البصرة الصرين القديي للعرب‪ .‬و كثرت الدلة و الجاج بينهم و تباينت‬ ‫الطرق ف التعليم و كثر الختلف ف إعراب كثي من آي القرآن باختلفهم ف تلك القواعد و طال ذلك على التعلمي‪ .‬و جاء التأخرون‬ ‫بذاهبهم ف الختصار فاختصروا كثيا من ذلك الطول مع استيعابم لميع ما نقل كما فعله ابن مالك ف كت اب التس هيل و أمث اله أو‬ ‫اقتصارهم على البادئ للمتعلمي‪ ،‬كما فعله الزمشري ف الفصل و ابن الاجب ف القدمة له‪ .‬و ربا نظموا ذلك نظما مثل ابن مال ك ف‬ ‫الرجوزتي الكبى و الصغرى و ابن معطي ف الرجوزة اللفية‪ .‬و بالملة فالتآليف ف هذا الفن أكثر من أن تصى أو ياط با و ط رق‬ ‫التعليم فيها متلفة فطريقة التقدمي مغايرة لطريقة التأخرين‪ .‬و الكوفيون و البصريون و البغداديون و الندلسيون متلفة طرقهم ك ذلك‪ .‬و‬ ‫قد كادت هذه الصناعة تؤذن بالذهاب لا رأينا من النقص ف سائر العلوم و الصنائع بتناقص العمران و وصل إلينا بالغرب ل ذه العص ور‬ ‫ديوان من مصر منسوب إل جال الدين بن هشام من علمائها استوف فيه أحكام العراب مملة و مفصلة‪ .‬و تكلم على الروف و الفردات‬ ‫و المل و حذف ما ف الصناعة من التكرر ف أكثر أبوابه و ساه بالغن ف العراب‪ .‬و أشار إل نكت إعراب القرآن كله ا و ض بطها‬ ‫بأبواب و فصول و قواعد انتظم سائرها فوقفنا منع على علم جم يشهد بعلو قدره ف هذه الصناعة و وفور بضاعته منها و كأنه ينح و ف‬ ‫طريقته منحاة أهل الوصل الذين اقتفوا أثر ابن جن و اتبعوا مصطلح تعليمه فأتى من ذلك بشيء عجيب دال على قوة ملكته و اطلعه‪ .‬و‬ ‫ال يزيد ف اللق ما يشاء‪.‬‬

‫علم اللغة‬ ‫هذا العلم هو بيان الوضوعات اللغوية و ذلك أنه لا فسدت ملكة اللسان العرب ف الركات السماة عند أهل النحو بالعراب و استنبطت‬ ‫القواني لفظها كما قلناه‪ .‬ث استمر ذلك الفساد بلبسة العجم و مالطتهم حت تأدى الفساد إل موضوعات اللفاظ فاستعمل كثي م ن‬ ‫كلم العرب ف غي موضوعه عندهم ميل مع هجنه الستعربي ف اصطلحاتم الخالفة لصريح العربية فاحتيج إل حفظ الوضوعات اللغوية‬ ‫بالكتاب و التدوين خشية الدروس و ما ينشا عنه من الهل بالقرآن و الديث فشمر كثي من أئمة اللسان لذلك و أملوا فيه ال دواوين‪ .‬و‬ ‫كان سابق اللبة ف ذلك الليل بن أحد الفراهيدي‪ .‬ألف فيها كتاب العي فحصر فيه فركبات حروف العجم كلها من الثنائي و الثلث ي‬ ‫والرباعي و الماسي و هو غاية ما ينتهي إليه التركيب ف اللسان العرب‪ .‬و تأت له حصر ذلك بوجوه عديدة حاضرة و ذل ك أن جل ة‬ ‫الكلمات الثنائية ترج من جيع العداد على التوال من واحد إل سبعة و عشرين و هو دون ناية حروف العجم بواح د‪ .‬لن ال رف‬ ‫الواحد منها يؤخذ مع كل واحد من السبعة و العشرين فتكون سبعة و عشرين كلمة ثنائية‪ .‬ث يؤخذ الثان مع الستة و العشرين كذلك‪ .‬ث‬


‫الثالث و الرابع‪ .‬ث يؤخذ السابع و العشرون مع الثامن و العشرين فيكون واحدا فتكون كلها أعدادا على توال العدد من واحد إل سبعة و‬ ‫عشرين فتجمع كما هي بالعمل العروف عند أهل الساب و هو أن تمع الول مع الخي و تضرب الموع ف نصف العدة‪ .‬ث تصاعف‬ ‫لجل قلب الثنائي لن التقدي و التأخي بي الروف معتب ف التركيب فيكون الارج جلة الثنائيات‪ .‬و ترج الثلثيات من صرب ع دد‬ ‫الثنائيات فيما يمع من واحد إل ستة و عشرين على توال العدد لن كل ثنائية يزيد عليها حرفا فتكون ثلثية‪ .‬فتكون الثنائية بنلة الرف‬ ‫الواحد مع كل واحد من الروف الباقية و هي ستة و عشرون حرفا بعد الثنائية فتجمع من واحد إل ستة و عشرين على ت وال الع دد و‬ ‫يضرب فيه جلة الثنائيات‪ .‬ث تضرب الارج ف ستة‪ ،‬جلة مقلوبات الكلمة الثلثية فيخرج مموع تراكيبها من حروف العجم‪ .‬و ك ذلك‬ ‫ف الرباعي و الماسي‪ .‬فانصرت له التراكيب بذا الوجه و رتب أبوابه على حروف العجم بالترتيب التعارف‪ .‬و اعتمد فيه ترتيب الخارج‬ ‫فبدأ بروف اللق ث بعده من خروف النك ث الضراس ث الشفة و جعل حروف العلة آخرا و هي الروف الوائية‪ .‬و بدأ من ح روف‬ ‫اللق بالعي لنه القصر منها فلذلك سي كتابه بالعي لن التقدمي كانوا يذهبون ف تسمية دواوينهم إل مثل هذا و هو تسميته بأول م ا‬ ‫يقع فيه من الكلمات و اللفاظ‪ .‬ث بي الهمل منها من الستعمل و كان الهمل ف الرباعي و الماسي أكثر لقلة استعمال العرب له لثقله و‬ ‫لق به الثنائي لقلة دورانه و كان الستعمال ف الثلثي أغلب فكانت أوضاعه أكثر لدورانه‪ .‬و ضمن الليل ذلك كله ف كت اب العي و‬ ‫استوعبه أحسن استيعاب و أوعاه‪ .‬و جاء أبو بكر الزبيدي و كتب لشام الؤيد بالندلس ف الائة الرابعة فاختصره م ع الافظ ة عل ى‬ ‫الستيعاب و حذف منه الهمل كله و كثيا من شواهد الستعمل و لصه للحفظ أحسن تلخيص‪ .‬و ألف الوهري من الش ارقة كت اب‬ ‫الصحاح على الترتيب التعارف لروف العجم فجعل البداءة منها بالمزة و جل الترجة بالروف على الرف الخي من الكلمة لضطرار‬ ‫الناس ف الكثر إل أواخر الكلم فجعل ذلك بابا‪ .‬ث يأت بالروف أول الكلمة على ترتيب حروف العجم أيصا و يترجم عليها بالفص ول‬ ‫إل آخرها‪ .‬و حصر اللغة اقتداء بصر الليل‪ .‬ث ألف فيها من الندلسيي ابن سيده من أهل دانية ف دولة علي بن ماهد كتاب الكم على‬ ‫ذلك النحى من الستيعاب و على نو ترتيب كتاب العي‪ .‬و زاد فيه التعرض لشتقاتات الكلم و تصاريفها فجاء من أحسن ال دواوين‪ .‬و‬ ‫لصه ممد بن أب السي صاحب الستنصر من ملوك الدولة الفصية بتونس‪ .‬و قلب ترتيبه إل ترتيب كتاب الصحاح ف اعتبار أواخ ر‬ ‫الكلم و بناء التراجم عليها فكانا توأمي رحم و سليلي أبوة و لكراع من أئمة اللغة كتاب النجد‪ ،‬و لبن دريد كتاب المه رة و لب ن‬ ‫النباري كتاب الزاهر هذه أصول كتب اللغة فيما علمناه‪ .‬و هناك متصرات أخرى متصة بصنف من الكلم و مستوعبة لبعض البواب أو‬ ‫لكلها‪ .‬إل أن وجه الصر فيها خفي و و ف الصر ف تلك جلي من قبل التراكيب كما رأيت‪ .‬و من الكتب الوضوعة أيضا ف اللغة كتاب‬ ‫الزمشري ف الاز ساه أساس البلغة بي فيه كل ما توزت به العرب من اللفاظ و فيما توزت به من الدلولت و هو كت اب ش ريف‬ ‫الفادة‪ .‬ث لا كانت العرب تضع الشيء على العموم ث تستعمل ف المور الاصة ألفاظا أخرى خاصة با فوق ذلك عندنا‪ ،‬و بي الوضع و‬ ‫الستعمال و احتاج إل فقه ف اللغة عزيز الأخذ كما وضع البيض بالوضع العام لكل ما فيه بياض ث اختص ما فيه بي اض م ن الي ل‬ ‫بالشهب و من النسان بالزهر و من الغنم بالملح حت صار استعمال البيص ف هذه كلها لنا و خروجا عن لسان العرب‪ .‬و اخت ص‬ ‫بالتأليف ف هذا النحى الثعالب و أفرده ف كتاب له ساه فقه اللغة و هو من أكد ما بأخذ به اللغوي نفسه أن يرف استعمال العرب ع ن‬ ‫مواضعه‪ .‬فليس معرفة الوضع الول بكاف ف الترتيب حت يشهد له استعمال العرب لذلك‪ .‬و أكثر ما يتاج إل ذلك الديب ف فن نظمه‬ ‫و نثره حذرا من أن يكثر لنه ف الوضوعات اللغوية ف مفرداتا و تراكيبها و هو أشد من اللحن ف العراب و أفحش‪ .‬و ك ذلك أل ف‬ ‫بعض التأخرين ف اللفاظ الشتركة و تكفل بصرها و إن ل تبلغ إل النهاية ف ذلك فهو مستوعب للكثر‪ .‬و أما الختصرات الوجودة ف‬ ‫هذا الفن الخصوصة بالتداول من اللغة الكثي الستعمال تسهيل لفظها على الطالب فكثية مثل اللفاظ لبن السكيت و الفصيح لثعلب و‬ ‫غيها‪ .‬و بعضها أقل لغة من بعض لختلف نظرهم ف الهم على الطالب للحفظ‪ .‬و ال اللق العليم ل رب سواه‪.‬‬ ‫فصل‪ :‬و اعلم أن النقل الذي تثبت به اللغة‪ ،‬إنا هو النقل عن العرب أنم استعملوا هذه اللفاظ لذه العان‪ ،‬ل تقل إنم وصغوها لنه متعذر‬ ‫و بعيد‪ .‬و ل يعرف لحد منهم‪ .‬و كذلك ل تثبت اللغات بقياس ما ل نعلم استعماله‪ .‬على ما عرف استعماله ف م اء العن ب‪ ،‬باعتب ار‬ ‫السكار الامع‪ .‬لن شهادة العتبار ف باب القياس إنا يدركها الشرع الدال على صحة القياس من أصله‪ .‬و ليس لنا مثل ه ف اللغ ة إل‬ ‫بالعقل‪ ،‬و هو مكم‪ ،‬و على هذا ف جهور الئمة‪ .‬و إن مال إل القياس فيها القاضي و ابن سريح و غيهم‪ .‬لكن القول بنفيه أرجح‪ .‬و ل‬


‫تتوهن أن إثبات اللغة ف باب الدود اللفظية‪ ،‬لن الد راجع إل العان‪ .‬ببيان أن مدلول اللفظ الهول الفي هو مدلول الواضح الشهور‪،‬‬ ‫و اللغة إثبات أن اللفظ كذا‪ ،‬لعن كذا‪ ،‬و الفرق ف غاية الظهور‪.‬‬

‫علم البيان‬ ‫هذا العلم حادث ف اللة بعد علم العربية و اللغة‪ ،‬و هو من العلوم اللسانية لنه متعلق باللفاظ و ما تفيده‪ .‬و يقصد با الدللة علي ه م ن‬ ‫العان و ذلك أن المور الت يقصد التكلم با إفادة السامع من كلمه هي‪ :‬إما تصور مفردات تسند و مسند إليها و يفض ي بعض ها إل‬ ‫بعض‪ .‬و الدالة على هذه هي الفردات من الساء و الفعال و الروف و إما تييز السندات من السند إليها و الزمنة‪ .‬و يدل عليه ا بتغي‬ ‫الركات من العراب و أبنية الكلمات‪ .‬و هذه كلها هي صناعة النحو‪ .‬و يبقى من المور الكتنفة بالواقعات التاج ة للدلل ة أح وال‬ ‫التخاطبي أو الفاعلي و ما يقتضيه حال الفعل و هو متاج إل الدللة عليه لنه من تام الفادة و إذا حصلت للمتكلم فقد بلغ غاية الفادة‬ ‫ف كلمه‪ .‬و إذا ل يشتمل على شيء منها فليس من جنس كلم العرب فإن كلمهم واسع و لكل مقام عندهم مقال يتص به بعد كم ال‬ ‫العراب و البانة‪ .‬أل ترى أن قولم زيد جاءن مغاير لقولم جاءن زيد من قبل أن التقدم منهما هو الهم عند التكلم فمن قال‪ :‬ج اءن‬ ‫زيد أفاد أن اهتمامه باليء قبل الشخص السند إليه و من قال‪ :‬زيد جاءن أفاد أن اهتمامة بالشخص قبل اليء السند‪ .‬و كذا التعبي ع ن‬ ‫أجزاء الملة با يناسب القام من موصول أو مبهم أو معرفة‪ .‬و كذا تأكيد السناد على الملة كقولم‪ :‬زيد قائم و أن زيدا قائم و إن زيدا‬ ‫لقائم متغايرة كلها ف الدللة و إن استوت من طريق العراب فإن الول العاري عن التأكيد أنا يفيد الال الذهن و الثان الؤكد بإن يفيد‬ ‫التردد و الثالث يفيد النكر فهي متلفة‪ .‬و كذلك تقول‪ :‬جاءن الرجل ث تقول مكانه بعينه جاءن رجل إذا قصدت بذلك التنكي تعظيمه و‬ ‫أنه رجل ل يعادله أحد من الرجال‪ .‬ث الملة السنادية تكون خبية و هي الت لا خارج تطابقه أول‪ ،‬و إنشائية و هي الت ل خارج ل ا‪.‬‬ ‫كالطلب و أنواعه‪ .‬ث قد يتعي ترك العاطف بي الملتي إذا كان للثانية مل من العراب‪ :‬فيشرك بذلك منلة التابع الفرد نعتا و توكيدا و‬ ‫بدل بل عطف أو يتعي العطف إذا ل يكن للثانية مل من العراب‪ .‬ث يقتضي الل الطناب و الياز فيورد الكلم عليهما‪ .‬ث ق د ي دل‬ ‫باللفظ و ل يراد منطوقه و يراد لزمه إن كان مفردا كما تقول‪ :‬زيد أسد فل تريد حقيقة السد النطوقة و إنا تريد ش جاعته اللزم ة و‬ ‫تسندها إل زيد و تسمى هذه استعارة‪ .‬و قد تريد باللفظ الركب الدللة على ملزومه كما تقول‪ :‬زيد كثي الرماد و تريد ما لزم ذلك عن ه‬ ‫من الود و قرى الضيف لن كثرة الرماد ناشئة عنهما ف دالة عليهما‪ .‬و هذه كلها دللة زائدة على دللة اللفاظ من الفرد و الرك ب و‬ ‫إنا هي هيئات و أحوال الواقعات جعلت للدللة عليها أحوال و هيئات ف اللفاظ كل بسب ما يقتضيه مقامه‪ ،‬فاشتمل هذا العلم السمى‬ ‫بالبيان على البحث عن هذه الدللة الت هي للهيئات و الحوال و القامات و جعل على ثلثة أصناف‪ :‬الصنف الول يبحث فيه عن ه ذه‬ ‫اليآت و الحوال الت تطابق باللفظ جيع مقتضيات الال و يسمى علم البلغة‪ ،‬و الصنف الثان يبحث فيه عن الدللة على اللزم اللفظي‬ ‫و ملزومه و هي الستعارة و الكناية كما قلناه و يسمى علم البيان‪ .‬و ألقوا بما صنفا آخر و هو النظر ف تزيي الكلم و تسينه بنوع من‬ ‫التنميق إما بسجع يفصله أو تنيس‪ .‬يشابه بي ألفاظه أو ترصيع يقطع أو تورية عن العن القصود بإيهام معن أخفى منة لش تراك اللف ظ‬ ‫بينهما و أمثال ذلك و يسمى عندهم علم البدء‪ .‬و أطق على الصناف الثلثة عند الدثي اسم البيان و هو اسم الصنف الثان لن القدمي‬ ‫أول من تكلموا فيها ث تلحقت مسائل الفن واحدة بعد أخرى و كتب فيها جعفر بن يي و الاحظ و قدامة وأمثالم إملءات غي وافية‬ ‫فيها‪ .‬ث ل تزل مسائل الفن تكمل شيئا فشيئا إل أن مص السكاكي زبدته و هذب مسائله و رتب أبوابه على نو ما ذكرناه أنف ا م ن‬ ‫الترتيب و ألف كتابه السمى بالفتاح ف النحو و التصريف و البيان فجعل هذا الفن من بعض أجزائه‪ .‬و أخذه التأخرون من كتابه و لصوا‬ ‫منه أمهات قي التداولة لذا العهد كما فعله السكاكي ف كتاب التبيان و ابن مالك ف كتاب الصباح و جلل ال دين القزوين ف كت اب‬ ‫اليضاح و التلخيص و هو أصغر حجما من اليضاح و العناية به لذا العهد عند أهل الشرق ف الشرح و التعليم منه أك ثر م ن غيه‪ .‬و‬ ‫بالملة فالشارقة على هذا الفن أقوم من الغاربة و سببه و ال أعلم أنه كمال ف العلوم اللسانية و الصنائع الكمالية توجد ف وفور العمران‪.‬‬ ‫و الشرق أوفر عمرانا من الغرب كما ذكرناه‪ .‬أو نقول لعناية العجم و هم معظم أهل الشرق كتفسي الزمشري‪ ،‬و هو كله مبن على هذا‬ ‫الفن و هو أصله‪ .‬و إنا اختص بأهل الغرب من أصنافه علم البدء خاصة‪ ،‬و جعلوه من جلة علوم الدب الشعرية‪ ،‬و فرغوا له ألقابا و عدوا‬


‫أبوابا و نوعوا أنواعا‪ .‬و زعموا أنم أحصوها من لسان العرب و إنا حلهم على ذلك الولوع بتزيي اللفاظ‪ ،‬و العلم البديع سهل الأخذ‪ .‬و‬ ‫صعبت عليهم مآخذ البلغة و البيان لدقة أنظارها و غموض معانيهما فتجافوا عنهما‪ .‬و من ألف ف البدء من أهل أفريقية اب ن رش يق و‬ ‫كتاب العمدة له مشهور‪ .‬و جرى كثي من أهل أفريقية و الندلس على منحاه‪ .‬و اعلم أن ثرة هذا الفن إنا هي ف فهم العجاز من القرآن‬ ‫لن إعجازه ف وفاء الدللة منه بميع مقتضيات الحوال منطوقة و مفهومة و هي أعلى مراتب الكمال مع الكلم فيما يتص باللف اظ ف‬ ‫انتقائها و جودة رصفها و تركيبها‪ .‬و هذا هو العجاز الذي تقصر الفهام عن إدراكه‪ .‬و إنا يدرك بغض الشيء منه من ك ان ل ه ذوق‬ ‫بخالطة اللسان العرب و حصول ملكته فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه‪ .‬فلهذا كانت مدارك العرب الذين سعوة من مبلغه أعلى مقاما ف‬ ‫ذلك لنم فرسان الكلم و جهابذته و الذوق عندهم موجود بأوفر ما يكون و أصحه‪ .‬و أحوج ما يكون إل هذا الفن الفسرون و أك ثر‬ ‫تفاسي التقدمي غفل عنه حت ظهر جاز ال الزمشري و وضع كتابه ف التفسي و تتبع آي القرآن بأحكام هذا الفن با يبدي البعض م ن‬ ‫إعجازه فانفرد بذا الفصل على جيع التفاسي لول أنه يؤيد عقائد أهل البدع عند اقتباسها من القرآن بوجوه البلغة‪ .‬و لجل هذا يتحاماه‬ ‫كثي من أهل السنة مع وفور بضاعته من البلغة‪ .‬فمن أحكم عقائد السنة و شارك ف هذا الفن بعض الشاركة حت يقتدر على الرد علي ه‬ ‫من جنس كلمه أو يعلم أنه بدعة فيعرض عنها و ل تضر ف معتقده فإنه يتعي عليه النظر ف هذا الكتاب للظفر بشيء من العج از م ع‬ ‫السلمة من البدع و الهواء‪ .‬و ال الادي من يشاء إل سواء السبيل‪.‬‬

‫علم الدب‬ ‫هذا العلم ل موضع له ينظر ف إثبات عوارضه أو نفيها‪ .‬و إنا القصود منة عند أهل اللسان ثرته‪ ،‬و هي الجادة ف فن النظوم و النث ور‪،‬‬ ‫على أساليب العرب و مناحيهم‪ ،‬فيجمعون لذلك من كلم العرب ما عساه تصل به الكلمة‪ .‬من شعر عال الطبقة‪ ،‬و س جع متس او ف‬ ‫الجادة‪ ،‬و مسائل من اللغة و النحو مبثوثة أثناء ذلك‪ ،‬متفرقة‪ ،‬يستقري منها الناظر ف الغالب معظم قواني العربية‪ ،‬مع ذكر بعض من أيام‬ ‫العرب يفهم به ما يقع ف أشعارهم منها‪ .‬و كذلك ذكر الهم من النساب الشهية و الخبار العامة‪ .‬و القصود بذلك كله أن ل يفى على‬ ‫الناظر فيه شيء من كلم العرب و أساليبيهم و مناحي بلغتهم إذا تصفحه لنه ل تصل اللكة من حفظه إل بعد فهمه فيحتاج إل تق دي‬ ‫جيع ما يتوقف عليه فهمة‪ .‬ث إنم إذا أرادوا حد هذا الفن قالوا‪ :‬الدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها و الخذ من كل عل م بط رف‬ ‫يريدون من علوم اللسان أو العلوم الشرعية من حيث متونا فقط و هي القرآن و الديث‪ .‬إذ ل مدخل لغي ذلك من العلوم ف كلم العرب‬ ‫إل ما ذهب إليه التأخرون عند كلفهم بصناعة البديع من التورية ف أشعارهم و ترسلهم بالصطلحات العلمية فاحتاج صاحب هذا الف ن‬ ‫حينئذ إل معرفة اصطلحات العلوم ليكون قائما على فهمها‪ .‬و سعنا من شيوخنا ف مالسى التعليم أن أصول هذا الفن و أرك انه أربع ة‬ ‫دوارين و هي أدب الكتاب لبن قتيبة و كتاب الكامل للمبد و كتاب البيان و التبيي للجاحظ و كتاب النوادر لب علي القال البغدادي‪.‬‬ ‫و ما سوى هذه الربعة فتبع لا و فروع عنها‪ .‬و كتب الدثي ف ذلك كثية‪ .‬و كان الغناء ف الصدر الول من أجزاء هذا الفن لا هو تابع‬ ‫للشعر إذ الغناء إنا هو تلحينه‪ .‬و كان الكتاب و الفضلء من الواص ف الدولة العباسية يأخذون أنفسهم به حرصا على تصيل أس اليب‬ ‫الشعر و فنونه فلم يكن انتحالة قادحا ف العدالة و الروءة‪ .‬و قد ألف القاضي أبو الفرج الصبهان كتابه ف الغان جع فيه أخبار العرب و‬ ‫أشعارهم و أنسابم و أيامهم و دولتهم‪ .‬و جعل مبناه على الغناء ف الائة صوتا الت اختارها الغنون للرشيد فاستوعب فيه ذلك أت استيعاب‬ ‫و أوفاه‪ .‬و لعمري إنه ديوان العرب و جامع أشتات الاسن الت سلفت لم ف كل فن من فنون الشعر و التاريخ و الغناء و سائر الحوال و‬ ‫ل يعدل به كتاب ف ذلك فيما نعلمه و هو الغاية الت يسمو إليها الديب و يقف عندها و أن له با‪ .‬و نن الن نرجع ب التحقيق عل ى‬ ‫الجال فيما تكلمنا عليه من علوم اللسان‪ .‬و ال الادي للصواب‪.‬‬

‫الفصل السادس و الربعون‪ :‬ف أن اللغة ملكة صناعية‬


‫إعلم أن اللغات كلها ملكات شبيهة بالصناعة إذ هي ملكات ف اللسان للعبارة عن العان و جودتا و تصورها بس ب ت ام اللك ة أو‬ ‫نقصانا‪ .‬و ليس ذلك بالنظر إل الفردات و إنا هو بالنظر إل التراكيب‪ .‬فإذا حصلت اللكة التامة ف تركيب اللفاظ الفردة للتعبي با عن‬ ‫العان القصودة و مراعاة التأليف الذي يطبق الكلم على مقتضى الال بلغ التكلم حينئد الغاية من إفادة مقصوده للسامع و هذا ه و معن‬ ‫البلغة‪ .‬و اللكات ل تصل إل بتكرار الفعال لن الفعل يقع أول و تعود منه للذات صفة ث تتكرر فتكون حال‪ .‬و معن الال أنا ص فة‬ ‫غي راسخه ث يزيد التكرار فتكون ملكة أي صفة راسخة‪ .‬فالتكلم من العرب حي كانت ملكته اللغة العربية موجودة فيهم يس مع كلم‬ ‫أهل جيله و أساليبهم ف ماطباتم و كيفية تعبيهم عن مقاصدهم كما يسمع الصب استعمال الفردات ف معانيها فيلقنه ا أول ث يس مع‬ ‫التراكيب بعدها فيلقنها كذلك‪ .‬ث ل يزال ساعهم لذلك يتجدد ف كل لظة و من كل متكلم و استعماله يتكرر إل أن يضي ذلك ملكة و‬ ‫صفة راسخة و يكون كأحدهم‪ .‬هكذا تصيت اللسن و اللغات من جيل إل جيل و تعلمها العجم و الطفال‪ .‬و هذا هو معن ما تق وله‬ ‫العامة من أن اللغة للعرب بالطبع أي باللكة الول الت أخذت عنهم و ل يأخذوها عن غيهم‪ .‬ث إنه لا فسدت هذه اللكة لضر بخالطتهم‬ ‫العاجم و سبب فسادها أن الناشئ من اليل صار يسمع ف العبارة عن القاصد كيفيات أخرى غي الكيفيات الت كانت للعرب فيميز ب ا‬ ‫عن مقصوده لكثرة الخالطي للعرب من غيهم و يسمع كيفيات العرب أيضا فاختلط عليه المر و أخذ من هذه وهذه فاستحدث ملكة و‬ ‫كانت ناقصة عن الول‪ .‬و هذا معن فساد اللسان العرب‪ ،‬و لذا كانت لغة قريش أفصح اللغات العربية و أصرحها لبعدهم عن بلد العجم‬ ‫من جيع جهاتم‪ .‬ث من اكتنفهم من ثقيف و هذيل و خزاعة و بن كنانة وغطفان و بن أسد و بن تيم‪ .‬و أما من بعد عنهم من ربيع ة و‬ ‫لم و جذام و غسان و إياد و قضاعة و عرب اليمن الاورين لمم الفرس و الروم و البشة فلم تكن لغتهم تامة اللكة بخالطة العاجم‪ .‬و‬ ‫على نسبة بعدهم من قريش كان الحتجاج بلغاتم ف الصحة و الفساد عند أهل الصناعة العربية‪ .‬و ال سبحانة و تعال أعلم و به التوفيق‪.‬‬

‫الفصل السابع و الربعون‪ :‬ف أن لغة العرب لذا العهد مستقلة مغايرة للغ ة‬ ‫مصر و حي‬ ‫و ذلك أنا ندها ف بيان القاصد و الوفاء بالدللة على سنن اللسان الضري و ل يفقد منها إل دللة الركات على تعي الفاعل من الفعول‬ ‫فاعتاضوا منها بالتقدي و التأخي و بقرائن تدل على خصوصيات القاصد‪ .‬إل أن البيان و البلغة ف اللسان الضري أك ثر و أع رق‪ ،‬لن‬ ‫اللفاظ بأعيانا دالة على العان بأعيانا‪ .‬و يبقى ما تقتضيه الحوال و يسمى بساط الال متاجا إل ما يدل عليه‪ .‬و كل معن ل ب د و أن‬ ‫تكتنفه أحوال تصه فيجب أن تعتب تلك الحوال ف تأدية القصود لنا صفاته و تلك الحوال ف جيع اللسن أكثر ما يدل عليها بألفاظ‬ ‫تصها بالوضع‪ .‬و أما ف اللسان العرب فإنا يدل عليها بأحوال و كيفيات ف تراكيب اللفاظ و تأليفها من تقدي أو ت أخي أو ح ذف أو‬ ‫حركة أعراب‪ .‬و قد يدل عليها بالروف غي الستقلة‪ .‬و لذلك تفاوتت طبقات الكلم ف اللسان العرب بسب تفاوت الدللة على تل ك‬ ‫الكيفيات كما قدمناه فكان الكلم العرب لذلك أوجز و أقل ألفاظا و عبارة من جيع اللسن‪ .‬و هذا معن قوله صلى ال علي ه و س لم‪:‬‬ ‫أوتيت جوامع الكلم و اختصر ل الكلم اختصارا‪ .‬و اعتب ذلك با يكى عن عيسى بن عمر و قد قال له بعض النحاة‪ :‬إن أج د ف كلم‬ ‫العرب تكرارا ف قولم‪ :‬زيد قائم و إن زيدا قائم و إن زيدا لقائم و العن واحد‪ .‬فقال له‪ :‬إن معانيها متلفة‪ .‬فالول‪ :‬لفادة الال ال ذهن‬ ‫من قيام زيد‪ .‬و الثان‪ :‬لن سعه فتردد فيه‪ ،‬و الثالث لن عرف بالصرار على إنكاره فاختلفت الدللة باختلف الحوال‪ .‬و ما زالت ه ذه‬ ‫البلغة و البيان ديدن العرب و مذهبهم لذا العهد‪ .‬و ل تلتفت ف ذلك إل خرفشة النحاة أهل صناعة العراب القاصرة م داركهم ع ن‬ ‫التحقيق حيث يزعمون أن البلغة لذا العهد ذهبت و أن اللسان العرب فسد اعتبارا با وقع ف أواخر الكلم من فس اد الع راب ال ذي‬ ‫يتدارسون قوانينه‪ .‬و هي مقالة دسها التشيع ف طباعهم و ألقاها القصور ف أفئدتم و إل فنحن ند اليوم الكثي من ألفاظ العرب ل تزل ف‬ ‫موضوعاتا الول و التعبي عن القاصد و التعاون فيه بتفاوت البانة موجود ف كلمهم لذا العهد و أساليب اللسان و فنونه من النظ م و‬ ‫النثر موجودة ف ماطباتم و فهم الطيب الصقع ف مافلهم و مامعهم و الشاعر الفلق على أساليب لغتهم‪ .‬و الذوق الص حيح و الطب ع‬ ‫السليم شاهدان بذلك‪ .‬و ل يفقد من أحوال اللسان الدون إل حركات العراب ف أواخر الكلم فقط الذي لزم ف لسان مض ر طريق ة‬


‫واحدة و مهيما معروفا و هو العراب‪ .‬و هو بعض من أحكام اللسان‪ .‬و إنا وقعت العناية بلسان مضر لا فسد بخالطتهم الع اجم حي‬ ‫استولوا على مالك العراق و الشام و مصر و الغرب و صارت ملكته على غي الصورة الت كانت أول فانقلب لغة أخرى‪ .‬و كان الق رآن‬ ‫منل به و الديث النبوي منقول بلغته و ها أصل الدين و اللة فخشي تناسيهما و انغلق الفهام عنهما بفقدان اللسان ال ذي ن زل ب ه‬ ‫فاحتيج إل تدوين أحكامه و وضع مقاييسه و استباط قوانينه‪ .‬و صار علما ذا فصول و أبواب و مقدمات و مسائل ساه أهله بعلم النحو و‬ ‫صناعة العربية فأصبح فنا مفوظا و علما مكتوبا و سلما إل فهم كتاب ال و سنة رسوله صلى ال عليه و سلم وافيا‪ .‬و لعلنا لو اعتنينا بذا‬ ‫اللسان العرب لذا العهد و استقرينا أحكامه نعتاض عن الركات العرابية ف دللتها بأمور أخرى موخودة فيه تكون با قواني تص ها‪ .‬و‬ ‫لعلها تكون ف أواخره على غي النهاج الول ف لغة مضر فليست اللغات و ملكاتا مانا‪ .‬و لقد كان اللسان الضري مع اللس ان الميي‬ ‫بذه الثابة و تغي عند مضر كثي من موضوعات اللسان الميي و تصاريف كلماته‪ .‬تشهد بذلك النقال الوجودة لدينا خلفا لن يمل ه‬ ‫القصور على أنا لغة واحدة و يلتمس إجراء اللغة الميية على مقاييس اللغة الضرية و قوانينها كما يزعم بعضهم ف اش تقاق القي ل ف‬ ‫اللسان الميي أنه من القول و كثي من أشباه هذا و ليس ذلك بصحيح‪ .‬و لغة حي لغة أخرى مغايرة للغة مضر ف الكثي من أوضاعها و‬ ‫تصاريفها و حركات إعرابا كما هي لغة العرب لعهفدنا مع لغة مضر إل أن العناية بلسان مضر من أجل الشريعة كما قلناه حل ذلك على‬ ‫الستنباط و الستقراء و ليس عندنا لذا العهد ما يملنا على مثل ذلك و يدعونا إليه‪ .‬و ما وقع ف لغة هذا اليل العرب لذا العهد حي ث‬ ‫كانوا من القطار شأنم ف النطق بالقاف فإنم ل ينطقون با من مرج القاف عند أهل المصار كما هو مذكور ف كتب العربية أنه م ن‬ ‫أقصى اللسان و ما فوقه من النك العلى‪ .‬و ما ينطقون با أيضا من مرج الكاف و إن كان أسفل من موضع القاف و ما يليه من النك‬ ‫العلى كما هي بل ييئون با متوسطة بي الكاف و القاف و هو موجود للجيل أجع حيث كانوا من غرب أو شرق حت صار ذلك علمة‬ ‫عليهم من بي المم و الجيال متصا بم ل يشاركهم فيها غيهم‪ .‬حت إن من يريد التقرب و النتساب إل اليل و الدخول فيه ياكيهم‬ ‫ف النطق با‪ .‬و عندهم أنه إنا يتميز العرب الصريح من الدخيل ف العروبية والضري بالنطق بذه القاف‪ .‬و يظهر بذلك أنا لغة مضر بعينها‬ ‫فإن هذا اليل الباقي معظمهم و رؤساؤهم شرقا و غربا ف ولد منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلن من سليم بن منصور و من‬ ‫بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور‪ .‬و هم لذا العهد أكثر المم ف العمور و أغلبهم و هم من أعقاب مض ر و‬ ‫سائر اليل معهم من بن كهلن ف النطق بذه القاف أسوة‪ .‬و هذه اللغة ل يبتدعها هذا اليل بل هي متوارثة فيهم متعاقبة و يظهر من ذلك‬ ‫أنا لغة مضر الولي و لعلها لغة النب صلى ال عليه و سلم بعينها قد ادعى ذلك فقهاء أهل البيت و زعموا أن من قرأ ف أم القرآن اه دنا‬ ‫الصراط الستقيم بغي القاف الت لذا اليل فقد لن و أفسد صلته و ل أدر من أين جاء هذا ؟ فإن لغة أهل المصار أيضا ل يستحدثوها و‬ ‫إنا تناقلوها من لدن سلفهم و كان أكثرهم من مضر لا نزلوا المصار من لدن الفتح‪ .‬و أهل اليل أيضا ل يستحدثوها إل أنم أبعد م ن‬ ‫مالطة العاجم من أهل المصار‪ .‬فهذا يرجح فيما يوجد من اللغة لديهم أنه من لغة سلفهم‪ .‬هذا مع اتفاق أهل اليل كلهم شرقا و غرب ا‬ ‫ف النطق با و أنا الاصية الت يتميز با العرب من الجي و الضري‪ .‬و الظاهر أن هذه القاف الت ينطق با أهل اليل العرب البدوي ه و‬ ‫من مرج القاف عند أولم من أهل اللغة‪ ،‬و أن مرج القاف متسع‪ ،‬فأوله من أعلى النك و آخره ما يلي الكاف‪ .‬فالنطق با م ن أعل ى‬ ‫النك ف لغة المصار‪ ،‬و النطق با ما يلي الكاف هي لغة هذا اليل البدوي‪ .‬و بذا يندفع ما قاله أهل البيت من فساد الصلة بتركها ف أم‬ ‫القرآن‪ ،‬فإن فقهاء المصار كلهم على خلف ذلك‪ .‬و بعيد أن يكونوا أهلوا ذلك‪ ،‬فوجهه ما قلناه‪ .‬نعم نقول إن الرجح و الول ما ينطق‬ ‫به أهل اليل البدوي لن تواترها فيهم كما قدمناه شاهد بأنا لغة اليل الول من سلفهم‪ ،‬و أنا لغة النب صلى ال عليه و سلم‪ .‬و يرج ح‬ ‫ذلك أيضا ادغامهم لا ف الكاف لتقارب الخرجي‪ .‬و لو كانت كما ينطق با أهل المصار من أصل النك‪ ،‬لا كانت قريبة الخرج م ن‬ ‫الكاف‪ ،‬و ل تدغم‪ .‬ث إن أهل العربية قد ذكروا هذه القاف القريبة من الكاف‪ ،‬و هي الت ينطق با أهل اليل البدوي من الع رب ل ذا‬ ‫العهد‪ ،‬و جعلوها متوسطة بي مرجي القاف و الكاف‪ .‬على أنا حرف مستقل‪ ،‬و هو بعيد‪ .‬و الظاهر أنا من آخر مرج القاف لتس اعه‬ ‫كما قلناه‪ .‬ث إنم يصرحون باستهجانه و استقباحه كأنم ل يصح عندهم أنا لغة اليل الول‪ .‬و فيما ذكرناه من اتصال نطقهم با‪ ،‬لنم‬ ‫إنا ورثوها من سلفهم جيل بعد جيل‪ ،‬و أنا شعارهم الاص بم‪ ،‬دليل على أنا لغة ذلك اليل الول‪ ،‬و لغة النب صلى ال عليه و س لم‬ ‫كما تقدم ذلك كله‪ .‬و قد يزعم زاعم أن هذه القاف الت ينطق با أهل المصار ليست من هذا الرف‪ ،‬و أنا إنا جاءت م ن م الطتهم‬


‫للعجم‪ ،‬و إنم ينطقون با كذلك‪ ،‬فليست من لغة العرب‪ .‬و لكن القيس كما قدمناه من أنما حرف واحد متسع الخرج‪ .‬فتفهم ذلك‪ .‬و‬ ‫ال الادي البي‪.‬‬

‫الفصل الثامن و الربعون‪ :‬ف أن لغة أهل الضر والمصار لغة قائمة بنفسها‬ ‫للغة مضر‬ ‫اعلم أن عرف التخاطب ف المصار و بي الضر ليس بلغة مضر القدية و ل بلغة أهل اليل بل هي لغة أخرى قائمة بنفسها بعيدة عن لغة‬ ‫مضر و عن لغة هذا اليل العرب الذي لعهدنا و هي عن لغة مضر أبعد‪ .‬فأنا إنا لغة قائمة بنفسها فهو ظاهر يشهد له ما فيها م ن التغ اير‬ ‫الذي يعد عند صناعة أهل النحو لنا‪ .‬و هي مع ذلك تتلف باختلف المصار ف اصطلحاتم فلغة أهل الشرق مباينة بعض الشيء للغ ة‬ ‫أهل الغرب و كذا أهل الندلس عنهما و كل منهم متوصل بلغته إل تأدية مقصوده و البانة عما ف نفسه‪ .‬و هذا معن اللسان و اللغة‪ .‬و‬ ‫فقدان العراب ليس بضائر لم كما قلناه ف لغة العرب لذا الهد‪ .‬و أما أنا أبعد عن اللسان الول من لغة هذا اليل فلن البعد عن اللسان‬ ‫إنا هو بخالطة العجمة‪ .‬فمن خالط العجم أكثر كانت لغته عن ذلك اللسان الصلي أبعد لن اللكة إنا تصل بالتعليم كما قلناه‪ .‬و ه ذه‬ ‫ملكة متزجة من اللكة الول الت كانت للعرب و من اللكة الثانية الت للعجم‪ .‬فعلى مقدار ما يسمعونه من العجم و يربون عليه يبعون عن‬ ‫اللكة الول‪ .‬و اعتب ذلك ف أمصار أفريقية و الغرب والندلس و الشرق‪ .‬أما أفريقية و الغرب فخالطت العرب فيها البابرة من العج م‬ ‫بوفور عمرانا بم و ل يكد يلو عنهم مضر و ل جيل فغلبت العجمة فيها على اللسان العرب الذي كان لم و صارت لغة أخرى متزجة‪.‬‬ ‫و العجمة فيها أغلب لا ذكرناه فهي عن اللسان الول أبعد‪ .‬و كذا الشرق لا غلب العرب على أمه من ف ارس و ال ترك فخ الطوهم و‬ ‫تداولت بينهم لغاتم ف الكرة و الفلحي و السب الذين اتذوا خول‪ i‬و دايات و أظآرا و مراضع ففسدت لغتهم بفساد اللكة حت انقلبت‬ ‫لغة أخرى‪ .‬و كذا أهل الندلس مع عجم الللقة و الفرنة‪ .‬و صار أهل المصار كلهم من هذه القاليم أهل لغة أخرى مصوص ة ب م‬ ‫تالف لغة مضر و يالف أيضا بعضهم بعضا كما نذكره و كأنه لغة أخرى لستحكام ملكتها ف أجيالم‪ .‬و ال يلق ما يشاء و يقدر‪.‬‬

‫الفصل التاسع و الربعون ف تعليم اللسان الضري‬ ‫اعلم أن ملكة اللسان الضري لذا العهد قد ذهبت و فسدت و لغة أهل اليل كلهم مغايرة للغة مضر الت نزل با القرآن و إنا ه ي لغ ة‬ ‫أخرى من امتزاح العجمة با كما قدمناه‪ .‬إل أن اللغات لا كانت ملكات كما مر كان تعلمها مكنا شأن سائر اللكات‪ .‬و وجه التعليم لن‬ ‫يبتغي هذه اللكة و يروم تصيلها أن يأخذ نفسه بفظ كلمهم القدي الاري على أساليبهم من الق رآن و ال ديث و كلم الس لف و‬ ‫ماطبات فحول العرب ف أسجاعهم و أشعارهم و كلمات الولدين أيضا ف سائر فنونم حت يتنل لكثرة حفظه لكلمهم من النظ وم و‬ ‫النثور منلة من نشأ بينهم و لقن العبارة عن القاصد منهم‪ .‬ث يتصرف بعد ذلك ف التعبي عما ف ضميه على حساب عباراتم و ت أليف‬ ‫كلماتم و ما وعاه و حفظه من أساليبهم و ترتيب ألفاظهم فتحثل له هذه اللكة بذا الفظ و الستعمال و يزداد بكثرتما رسوخا و قوة و‬ ‫يتاج مع ذلك إل سلمة الطبع و التفهم السن لنازع العرب و أسليبهم ف التراكيب و مراعاة التطبيق بينهما و بي مقتضيات الحوال‪ .‬و‬ ‫الذوق يشهد بذلك و هو ينشأ ما بي هذه اللكة و الطبع السليم فيهما كما نذكر‪ .‬و على قدر الفوظ و كثرة الستعمال تك ون ج ودة‬ ‫القول الصنوع نظما و نثرا‪ ،‬و من حصل على هذه اللكات فقد حصل على لغة مضر و هو الناقد البصي بالبلغة فيها و هكذا ينبغ ي أن‬ ‫يكون تعلمها‪ .‬و ال يهدي من يشاء بفضله و كرمه‪.‬‬


‫الفصل المسون‪ :‬ف أن ملكة هذا اللسان غي صناعة العربية و مستغنية عنها‬ ‫ف التعليم‬ ‫و السبب ف ذلك أن صناعة العربية إنا هي معرفة قواني هذه اللكة و مقاييسها خاصة‪ .‬فهو علم بكيفية ل نفس كيفية‪ .‬فليست نفس اللكة‬ ‫و إنا هي بثابة من يعرف صناعة من الصنائع علما‪ i‬ول يكمها عمل‪ .i‬مثل أن يقول بصي بالياطة غي مكم للكتها ف التعبي عن بع ض‬ ‫أنواعها الياطة هي أن يدخل اليط ف خرت البرة ث يغرزها ف لفقي الثوب متمعي و يرجها من الانب الخر بقدار كذا ث يردها إل‬ ‫حيث ابتدأت ويرجها قدام منفذها الول بطرح ما بي الثقبي الولي ث يتمادى على ذلك إل آخر العمل و يعطي صورة البك و التثبيت‬ ‫و التفتيح و سائر أنواع الياطة و أعمالا‪ .‬و هو إذا طولب أن يعمل ذلك بيده ل يكم منه شيئا‪ .i‬و كذا لو سئل عامل بالنجارة عن تفصيل‬ ‫الشب فيقول‪ :‬هو أن تضع النشار على رأس الشبة وتسك بطرفه و آخر قبالتك مسك بطرفه الخر و تتعاقبانه بينكما و أطرافه الضرسة‬ ‫الددة تقطع ما مرت عليه ذاهبة و جائية إل أن ينتهي إل آخر الشبة‪ .‬و هو لو طولب بذا العمل أو شيء منه ل يكمه‪ .‬و هكذا العل م‬ ‫بقواني العراب مع هذه اللكة ف نفسها فإن العلم بقواني العراب إنا هو علم بكيفية العمل و ليس هو نفس العمل‪ .‬و لذلك ند ك ثيا‪i‬‬ ‫من جهابذة النحاة و الهرة ف صناعة العربية اليطي علما‪ i‬بتلك القواني إذا سئل ف كتابة سطرين إل أخيه أو ذوي مودته أو شكوى ظلمه‬ ‫أو قصد من قصوده أخطأ فيها عن الصواب و أكثر من اللحن ول يد تأليف الكلم لذلك و العبارة عن القصود على أساليب اللسان العرب‬ ‫‪ ،‬و كذا ند كثيا‪ i‬من يسن هذه اللكة وييد التفنن ف النظوم و النثور و هو ل يسن إعراب الفاعل من الفعول و ل الرفوع من الرور‬ ‫و ل شيئا‪ i‬من قواني صناعة العربية‪.‬‬ ‫فمن هذا تعلم أن اللكة هي غي صناعة العربية و إنا مستغنية عنها بالملة و قد ند بعض الهرة ف صناعة العراب بصيا‪ i‬بال هذه اللكة‬ ‫و هو قليل و اتفاقي و أكثر ما يقع للمخالطي لكتاب سيبوبه‪ .‬فإنه ل يقتصر على قواني العراب فقط بل مل كتابه من أمثال الع رب و‬ ‫شواهد أشعارهم و عباراتم فكان فيه جزء صال من تعليم هذه اللكة فتجد العاكف عليه و الصل له قد حصل على خط من كلم العرب‬ ‫و اندرج ف مفوظه ف أماكنه و مفاصل حاجاته‪ .‬و تنبه به لشأن اللكة فاستوف تعليمها فكان أبلغ ف الفادة‪ .‬و م ن ه ؤلء الخ الطي‬ ‫لكتاب سيبويه يغفل عن التفطن لذا فيحصل على علم اللسان صناعة و ل يصل عليه ملكة‪ .‬و أما الخالطون لكتب التأخرين العارية ع ن‬ ‫ذلك إل من القواني النحوية مردة عن أشعار العرب و كلمهم‪ ،‬فقل ما يشعرون لذلك بأمر هذه اللكة أو ينتبهون لشأنا فتجدهم يسبون‬ ‫أنم قد حصلوا على رتبة ف لسان العرب و هم أبعد الناس عنه‪ .‬و أهل صناعة العربية بالندلس ومعلموها أقرب إل تصيل هذه اللك ة و‬ ‫تعليمها من سواهم لقيامهم فيها على شواهد العرب و أمثالم و التفقه ف الكثي من التراكيب ف مالس تعليمهم فيسبق إل البتدئ كثي من‬ ‫اللكة أثناء التعليم فتنقطع النفس لا و تستعد إل تصيلها و قبولا‪ .‬و أما من سواهم من أهل الغرب و أفريقية و غيهم ف أجروا ص ناعة‬ ‫العربية مرى العلوم بثا‪ i‬و قطعوا النظر ف التفقه ف كلم العرب إل أن أعربوا شاهدا‪ i‬أو رجحوا مذهبا‪ i‬من جهة القتضاء الذهن ل من جهة‬ ‫مامل اللسان و تراكيبه‪ .‬فأصبحت صناعة العربية كأنا من جلة قواني النطق العقلية أو الدل و بعدت عن مناحي اللسان و ملكته و أفاد‬ ‫ذلك حلتها ف المصار و آفاقها البعد عن اللكة ف الكلية‪ ،‬و كأنم ل ينظرون ف كلم العرب‪ .‬و ما ذلك إل لعدولم ع ن البح ث ف‬ ‫شواهد اللسان و تراكيبه و تييز أساليبه و غفلتهم عن الران ف ذلك للمتعلم فهو أحسن ما تفيد اللكة ف اللسان‪ .‬و تلك القواني إنا ه ي‬ ‫وسائل للتعليم لكنهم أجروها على غي ما قصد با و أصاروها علما‪ i‬بتا‪ i‬و بعدوا عن ثرتا‪ .‬و تعلم ما قررناه ف هذا الباب أن حصول ملكة‬ ‫اللسن العرب إنا هو بكثرة الفظ من كلم العرب حت يرتسم ف خياله النوال الذي نسجوا عليه تراكيبهم فينسج هو عليه و يتنل ب ذلك‬ ‫منلة من نشأ معهم و خالط عباراتم ف كلمهم حت حصلت له اللكة الستقرة ف يالعبارة عن القاصد على نو كلمه م‪ .‬و ال مق د‬ ‫المور كلها و ال أعلم بالغيب‪.‬‬


‫الفصل الواحد و المسون‪ :‬ف تفسر الذوق ف مصطلح أهل البيان و تقيق‬ ‫معناه و بيان أنه ل يصل للمستعربي من العجم‬ ‫اعلم أن لفظة الذوق يتداولا العتنون بفنون البيان و معناها حصول ملكة البلغة للسان‪ .‬و قد مر تفسي البلغة و أنا مطابقة الكلم للمعن‬ ‫من جيع وجوهه بواص تقع للتراكيب ف إفادة ذلك‪ .‬فالتكلم بلسان العرب و البليغ فيه يتحرى اليئة الفيدة لذلك على أساليب العرب و‬ ‫أناء ماطباتم و ينظم الكلم على ذلك الوجه جهده فإذا اتصلت مقاماته بخالطة كلم العرب حصلت له اللكة ف نظم الكلم على ذلك‬ ‫الوجه و سهل عليه أمر التركيب حيث ل يكاد ينحو فيه غي منحى البلغة الت للعرب و إن سع تركيبا‪ i‬غي جار على ذلك النحى مه و نبا‬ ‫عنه سعه بأدن فكر‪ ،‬بل و بغي فكر‪ ،‬إل با استفاد من حصول هذه اللكة‪ .‬فإن اللكات إذا استقرت و رسخت ف مالا ظهرت كأنا طبيعة‬ ‫و جبلة لذلك الل‪ .‬و لذلك يظن كثي من الغفلي من ل يعرف شأن اللكات أن الصواب للعرب ف لغتهم إعرابا و بلغة أمر ط بيعي‪ .‬و‬ ‫يقول كانت العرب تنطق بالطبع و ليس كذلك و إنا هي ملكة لسانية ف نظم الكلم تكنت و رسخت فظهرت ف بادئ الرأي أنا جبلة و‬ ‫طبع‪ .‬و هذه اللكة كما تقدم إنا تصل بمارسة كلم العرب و تكرره على السمع و التفطن لواص تراكيبه و ليست تصل بعرفة القواني‬ ‫العلمية ف ذلك الت استنبطها أهل صناعة اللسان فإن هذه القواني إنا تفيد علما بذلك اللسان و ل تفيد حصول اللكة بالفعل ف ملها و قد‬ ‫مر ذلك‪ .‬و إذا تقرر ذلك فملكة البلغة ف اللسان تدي البليغ إل وجود النظم و حسن التركيب الوافق لتراكيب العرب ف لغتهم و نظ م‬ ‫كلمهم‪ .‬و لو رام صاحب هذه اللكة حيدا عن هذه السبل العينة و التراكيب الخصوصة لا قدر عليه و ل وافقه عليه لسانه لنه ل يعتاده‬ ‫و ل تديه إليه ملكته الراسخة عنده‪ .‬و إذا عرض عليه الكلم حائدا عن أسلوب العرب و بلغتهم ف نظم كلمهم أعرض عنه و مه و علم‬ ‫أنة ليس من كلم العرب الذين مارس كلمهم‪ .‬و ربا يعجز عن الحتجاج لذلك كما تصنه أهل القواني النحوية و البياني ة ف إن ذل ك‬ ‫استدلل با حصل من القواني الفادة بالستقراء‪ .‬و هذا أمر وجدان حاصل بمارسة كلم العرب حت يصي كواحد منهم‪ .‬و مث اله‪ :‬ل و‬ ‫فرضنا صبيا من صبيانم نشأ و رب ف جيلهم فإنه يتعلم لغتهم و يكم شأن العراب و البلغة فيها حت يستول على غايتها‪ .‬و ليس م ن‬ ‫العلم القانون ف شيء و إنا هو بصول هذه اللكة ف لسانه و نطقه‪ .‬و كذلك تصل هذه اللكة لن بعد ذلك اليل بف ظ كلمه م و‬ ‫أشعارهم و خطبهم و الداومة على ذلك بيث يصل اللكة و يصي كواحد من نشأ ف جيلهم و رب بي أجيالم‪ .‬و القواني بعزل عن هذا‬ ‫و استعي لذه اللكة عندما ترسخ و تستقر اسم الذوق الذي اصطلح عليه أهل صناعة البيان و الذوق و إنا هو موضوع لدراك الطع وم‪.‬‬ ‫لكن لا كان مل هذه اللكة ف اللسان من حيث النطق بالكلم كما هو مل لدراك الطعوم استعي لا اسه‪ .‬و أيضا فهو وجدان اللس ان‬ ‫كما أن الطعوم مسوسة له فقيل له ذوق‪ .‬و إذا تبي لك ذلك علمت منه أن العاجم الداخلي ف اللسان العرب الطارئي عليه الضطرين إل‬ ‫النطق به لخالطة أهله كالفرس و الروم و الترك بالشرق و كالببر بالغرب فإنه ل يصل لم هذا الذوق لقصور حظهم ف هذه اللكة ال ت‬ ‫قررنا أمرها لن قصاراهم بعد طائفة من العمر و سبق ملكة أخرى إل اللسان و هي لغاتم أن يعتنوا با يتداوله أهل مصر بينهم ف الاورة‬ ‫من مفرد و مركب لا يضطرون إليه من ذلك‪ .‬و هذه اللكة قد ذهبت لهل المصار و بعدوا عنها كما تقدم‪ .‬و إنا لم ف ذل ك ملك ة‬ ‫أخرى و ليست هي ملكة اللسان الطلوبة‪ .‬و من عرف أحكام تلك اللكة من القواني السطرة ف الكتب فليس من تصيل اللكة ف شيء‪.‬‬ ‫إنا حصل أحكامها كما عرفت‪ .‬و إنا تصل هذه اللكة بالمارسة و العتياد و التكرر لكلم العرب‪ .‬فإن عرض لك ما تس معة م ن أن‬ ‫سيبويه و الفارسي و الزمشري و أمثالم من فرسان الكلم كانوا أعجاما مع حصول هذه اللكة لم فاعلم أن أولئك القوم ال ذين تس مع‬ ‫عنهم إنا كانوا عجما ف نسبهم فقط‪ .‬و أما الرب و النشأة فكانت بي أهل هذه اللكة من العرب و من تعلمها منهم فاستولوا بذلك م ن‬ ‫الكلم على غاية ل شيء وراءها و كأنم ف أول نشأتم من العرب الذين نشأوا ف أجيالم حت أدركوا كنه اللغة و صاروا من أهلها فهم و‬ ‫إن كانوا عجما ف النسب فليسوا بأعجام ف اللغة و الكلم لنم أدركوا اللة ف عنفوانا و اللغة ف شبابا و ل تذهب أثار اللكة و ل م ن‬ ‫أهل المصار ث عكفوا على المارسة و الدارسة لكلم العرب حت استولوا على غايته‪ .‬و اليوم الواحد من العجم إذا خالط أه ل اللس ان‬ ‫العرب بالمصار فأول ما يد تلك اللكة القصودة من اللسان العرب متحية الثار‪ .‬و يد ملكتهم الاصة بم ملكة أخرى مالف ة للك ة‬ ‫اللسان العرب‪ .‬ث إذا فرضنا أنة أقبل على المارسة لكلم العرب و أشعارهم بالدارسة و الفظ يستفيد تصيلها فقل أن يصل له ما قدمناه‬


‫من أن اللكة إذا سبقتها ملكة أخرى ف الل فل تصل إل ناقصة مدوشة‪ .‬و إن فرضنا أعجميا ف النسب سلم من مالطة اللسان العجمي‬ ‫بالكلية و ذهب إل تعلم هذه اللكة بالفظ و الدارسة فربا يصل له ذلك لكنه من الندور بيث ل يفى عليك با تقرر‪ .‬و ربا يدعى كثي‬ ‫من ينظر ف هذه القواني البيانية حصول هذا الذوق له با و هو غلط أو مغالطة و إنا حصلت له اللكة إن حصلت ف تلك القواني البيانية‬ ‫و ليست من ملكة العبارة ف شيء‪ .‬و ال يهدي من يشاء إل طريق مستقيم‪.‬‬

‫الفصل الثان و المسون‪ :‬ف أن أهل المصار على الطلق قاص رون ف‬ ‫تصيل هذه اللكة اللسانية الت تستفاد بالتعليم و من كان منهم أبعد ع ن‬ ‫اللسان العرب كان حصولا له أصعب و أعسر‬ ‫و السبب ف ذلك ما يسبق إل التعلم من حصول ملكة منافية للملكة الطلوبة با سبق إليه من اللسان الضري الذي أفادته العجمة حت نزل‬ ‫با اللسان عن ملكته الول إل ملكة أخرى هي لغة الضر لذا العهد‪ .‬و لذا ند العلمي يذهبون إل السابقة بتعليم اللسان للول دان‪ .‬و‬ ‫تعتقد النحاة أن هذه السابقة بصناعتهم و ليس كذلك و إنا هي بتهليم هذه اللكة بخالطة اللسان و كلم العرب‪ .‬نعم صناعة النحو أقرب‬ ‫إل مالطة ذلك و ما كان من لغات أهل المصار أعرق ف العجمة و أنعد عن لسان مضر قصر بصاحبه عن تعلم اللغة الضرية و حص ول‬ ‫ملكتها لتمكن النافاة حينئذ‪ .‬و اعتب ذلك ف أهل المصار‪ .‬فأهل أفريقية و الغرب لا كانوا أعرق ف العجمة و أبعد عن اللسان الول كان‬ ‫لم قصور تام ف تصيل ملكته بالتعليم‪ .‬و لقد نقل ابن الرفيق أن بعض كتاب القيوان كتب إل صاحب له‪ :‬يا أخي و من ل عدمت فقده‬ ‫أعلمن أبو سعيد كلما أنك كنت ذكرت أنك تكون مع الذين تأت و عاقنا اليوم فلم يتهيأ لنا الروج‪ .‬و أما أهل النل الكلب من أم ر‬ ‫الشي فقد كذبوا هذا باطل ليس من هذا حرفا واحدا‪ .‬و كتاب إليك و أنا مشتاق إليك إن شاء ال‪ .‬و هكذا كانت ملكته م ف اللس ان‬ ‫الضري شبية با ذكرنا‪ .‬و كذلك أشعارهم كانت بعيدة عن اللكة نازلة عن الطبقة و ل تزل كذلك لذا العهد و لذا ما كان بأفريقية م ن‬ ‫مشاهي الشعراء إل ابن رشيق و ابن شرف‪ .‬و أكثر ما يكون فيها الشعراء طارئي عليها و ل تزل طبقتهم ف البلغة ح ت الن مائل ة إل‬ ‫القصور‪ .‬و أهل الندلس أقرب منهم إل تصيل هذه اللكة بكثرة معاناتم و امتلئهم من الفوظات اللغوية نظما و نثرا‪ .‬و كان فيهم اب ن‬ ‫حيان الؤرخ إمام أهل الصناعة ف هذه اللكة و رافع الراية لم فيها و ابن عبد ربه و السقطلي و أمثالم من شعراء ملوك الطوائف لا زخرت‬ ‫فيها بار اللسان و الدب و تداول ذلك فيهم مئي من السني حت كان النفضاض و اللء أيام تغلب النصرانية‪ .‬و شغلوا عن تعلم ذلك و‬ ‫تناقص العمران فتناقص لذلك شأن الصنائع كلها فقصرت اللكة فيهم عن شأنا حت بلغت الضيض‪ .‬و كان من آخرهم صال بن شريف‬ ‫و مالك بن مرحل من تلميذ الطبقة الشبيليي بسبتة و كتاب دولة بن الحر ف أولا‪ .‬و ألقت الندلس أفلذ كبدها من أهل تلك اللك ة‬ ‫باللء إل العدوة لعدوة الشبيلية إل سبته و من شرقي الندلس إل أفريقية‪ .‬و ل يلبثوا إل أن انقرضوا و انقطع سند تعليمه م ف ه ذه‬ ‫الصناعة لعسر قبول العدوة لا و صعوبتها عليهم بعوج ألسنتهم و رسوخهم ف العجمة الببرية و هي منافية لا قلناه‪ .‬ث عادت اللكة من بعد‬ ‫ذلك إل الندلسس كما كانت و نم با ابن بشرين و ابن جابر و ابن الياب و طبقتهم‪ .‬ث إبراهيم الساحلي الطريي و طبقته و قف اهم‬ ‫ابن الطيب من بعدهم الالك لذا العهد شهيدا بسعاية أعدائه‪ .‬و كان له ف اللسان ملكة ل تدرك و اتبع أثره تلميذه من بعده‪ .‬و بالمل ة‬ ‫فشأن هذه اللكة بالندلس أكثر و تعليمها أيسر و أسهل با هم عليه لذا العهد كما قدمناه من معاناة علوم اللسان و م افظتهم عليه ا و‬ ‫على علوم الدب و سند تعليمها‪ .‬و لن أهل اللسان العجمي الذين تفسد ملكتهم إنا هم طارئون عليهم‪ .‬و ليست عجمتهم أصل للغة أهل‬ ‫الندلس و الببر ف هذه العدوة و هم أهلها و لسانم لسانا إل ف المصار فقط‪ .‬و هم منغمسون ف بر عجمتهم و رط انتهم الببري ة‬ ‫فيصعب عليهم تصيل اللكة اللسانية بالتعليم بلف أهل الندلس‪ .‬و اعتب ذلك بال أهل الشرق لعهد الدولة الموية و العباسية فك ان‬ ‫شأنم شأن أهل الندلس ف تام هذه اللكة و إجادتا لبعدهم لذلك العهد عن العاجم و مالطتهم إل ف القليل‪ .‬فكان أمر هذه اللك ة ف‬ ‫ذلك العهد أقوم و كان فحول الشعراء و الكتاب أوفر لتوفر العرب و أبنائهم بالشرق‪ .‬و انظز ما اشتمل عليه كتاب الغان من نظمهم و‬


‫نثرهم فإن ذلك الكتاب هو كتاب العرب و ديوانم و فيه لغتهم و أخبارهم و أيامهم و ملتهم العربية وسيتم و آثار خلفائهم و ملوكهم و‬ ‫أشعارهم و غناوهم و سائر معانيهم له فل كتاب أوعب منه لحوال العرب‪ .‬و بقي أمر هذه اللكة مستحكما ف الشرق ف الدولتي و ربا‬ ‫كانت فيهم أبلغ من سواهم من كان ف الاهلية كما نذكره بعد‪ .‬حت تلشى أمر العرب و درست لغتهم و فسد كلمهم و انقضى أثرهم‬ ‫و دولتهم و صار المر للعاجم و اللك ف أيديهم و التغلب لم‪ .‬و ذلك ف دولة الديلم و السلجوقية‪ .‬و خالطوا أهل المصار و كثروهم‬ ‫فامتلت الرض بلغاتم‪ .‬واستولت العجمة على أهل المصار و الواضر حت بعدوا عن اللسان العرب و ملكته و صار متعلمها منهم مقصرا‬ ‫عن تصيلها‪ .‬و على ذلك ند لسانم لذا العهد ف فن النظوم و النثور و إن كانوا مكثرين منه‪ .‬و ال يلق ما يشاء و يتار و ال سبحانه‬ ‫و تعال أعلم و به التوفيق ل رب سواه‪.‬‬

‫الفصل الثالث و المسون‪ :‬ف انقسام الكلم إل فن النظم و النثر‬ ‫اعلم أن لسان العرب و كلمهم على فني ف الشعر النظوم و هو الكلم الوزون القفى و معناه الذي تكون أوزانه كلها على روي واحد و‬ ‫هو القافية‪ .‬و ف النثر و هو الكلم غي الوزون و كل واحد من الفني يشتمل على فنون و مذاهب ف الكلم‪ .‬فأما الشعر فمن ه ال دح و‬ ‫الجاء و الرثاء و أما النثر فمنه السجع الذي يؤتى به قطعا و يلتزم ف كل كلمتي منه قافية واحدة تسمى سجعا و منه الرسل و هو ال ذي‬ ‫يطلق فيه الكلم إطلقا و ل يقطع أجزاء بل يرسل إرسال من غي تقييد بقافية و ل غيها‪ .‬و يستعمل قي الط ب و ال دعاء و ترغي ب‬ ‫المهور و ترهيبهم‪ .‬و أما القرآن و إن كان من النثور إل أنه خارج عن الوصفي و ليس يسمى مرسل مطلقا و ل مسجعا‪ .‬ب ل تفص يل‬ ‫آيات ينتهي إل مقاطع يشهد الذوق بانتهاء الكلم عندها‪ .‬ث يعاد الكلم ف الية الخرى بعدها و يثن من غي التزام حرف يكون سجعا و‬ ‫ل قافية و هو معن قوله تعال‪ :‬ال نزل أحسن الديث كتابا متشابا مثان تقشعر منه جلود الذين يشون ربم‪ .‬و قال‪ :‬قد فصلنا اليات‪ .‬و‬ ‫يسمى آخر اليات منها فواصل إذ ليست أسجاعا و ل التزم فيها ما يلتزم ف السجع و ل هي أيضا قواف‪ .‬و أطلق اسم الثان على آي ات‬ ‫القرآن كلها على العموم لا ذكرناه و اختصت بأم القرآن للغلبة فيها كالنجم للثريا و لذا سيت السبع الثان‪ .‬و انظر هذا م ع م ا ق اله‬ ‫الفسرون ف تعليل تسميتها بالثان يشهد لك الق برجحان ما قلناه‪ .‬و اعلم أن لكل واحد من هذه الفنون أساليب تتص به عند أهله و ل‬ ‫تصلح للفن الخر و ل تستعمل فيه مثل النسيب الختص بالشعر و المد و الدعاء الختص بالطب و الدعاء الختص بالخاطبات و أمثال‬ ‫ذلك‪ .‬و قد استعمل التأخرون أساليب الشعر و موازينه ف النثور من كثرة الشجاع و التزام التقفية و تقدي النسيب بي يدي الغراض‪ .‬و‬ ‫صار هذا النثور إذا تأملته من باب الشعر و فنه و ل يفترقا إل ف الوزن‪ .‬و استمر التأخرون من الكتاب على هذه الطريقة و استعملوها ف‬ ‫الخاطبات السلطانية و قصروا الستعمال ف النثور كله على هذا الفن الذي ارتضوه و خلطوا الساليب فيه و هجروا الرسل و تناس وه و‬ ‫خصوصا أهل الشرق‪ .‬و صارت الخاطبات السلطانية لذا العهد عند الكتاب الغفل جارية على هذا السلوب الذي أشرنا إليه و ه و غي‬ ‫صواب من جهة البلغة لا يلحظ ف تطبيق الكلم على مقتضى الال من أحوال الخاطب و الخاطب‪ .‬و هذا الفن النثور القفى أدخ ل‬ ‫التأخرون فيه أساليب الشعر فوجب أن تنه الخاطبات السلطانية عنه إذ أساليب الشعر تنافيها اللوذعية و خلط الد بالزل و الطن اب ف‬ ‫الوصاف و ضرب المثال و كثرة التشبيهات و الستعارات حيث ل تدعو ضرورة إل ذلك ف الطاب‪ .‬و التزام التقفية أيضا من اللوذعة‬ ‫و التزيي و جلل اللك و السلطان و خطاب المهور عن اللوك بالترغيب و الترهيب تناف ذل ك و يباين ة‪ .‬و الم ود ف الخاطب ات‬ ‫السلطانية الترسل و هو إطلق الكلم و إرساله من غي تسجيع إل ف القل النادر‪ .‬و حيث ترسله اللكة إرسال من غي تكلف له ث إعطاء‬ ‫الكلم حقه ف مطابقته لقتضى الال فإن القامات متلفة و لكل مقام أسلوب يصه من إطناب أو إياز أو حذف أو إثبات أو تص ريح أو‬ ‫إشارة أو كناية و استعارة‪ .‬و أما إجراء الخاطبات السلطانية على هذا النحو الذي هو على أساليب الشعر فمذموم و ما حل علي ه أه ل‬ ‫العصر إل استيلء العجمة على ألسنتهم و قصورهم لذلك عن إعطاء الكلم حقه ف مطابقته لقتضى الال فعجزوا عن الكلم الرسل لبعد‬ ‫أمده ف البلغة و انفساح خطوبه‪ .‬و ولعوا بذا السجع يلفقون به ما نقصهم من تطبيق الكلم على القصود و مقتضى الال فيه‪ .‬و يبونه‬ ‫بذلك القدر من التزيي بالسجاع و اللقاب البديعة و يغفلون عما سوى ذلك‪ .‬و أكثر من أخذ بذا الفن و بالغ فيه ف سائر أناه كلمهم‬ ‫كتاب الشرق و شعراؤه لذا العهد حت إنم ليخلون بالعراب ف الكلمات و التصريف إذا دخلت لم ف تنيس أو مطابقة ل يتمعان معها‬


‫فيجحون ذلك الصنف من التجنيس‪ .‬و يدعون العراب و يفسدون بنية الكلمة عساها تصادف التجنيس‪ .‬فتأفل ذلك با قدمناه لك تقف‬ ‫على صحة ما ذكرناه‪ .‬و ال الوفق للصواب بنه و كرمه و ال تعال أعلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع و المسون‪ :‬ف أنه ل تتفق الجادة ف فن النظوم و النثور معا‪i‬‬ ‫إل للقل‬ ‫و السبب ف ذلك أنه كما بيناه ملكة ف اللسان فإذا تسبقت إل مله ملكة أخرى قصرت بالل عن تام اللكة اللحقة‪ .‬لن تام اللكات و‬ ‫حصولا للطبائع الت على الفطرة الول أسهل و أيسر‪ .‬و إذا تقدمتها ملكة أخرى كانت منازعة لا ف الادة القابلة و عالقة ع ن س رعة‬ ‫القبول فوقعت النافاة و تعذر التمام ف اللكة و هذا موجود به ف اللكات الصناعية كلها على الطلق‪ .‬و قد برهنا عليه ف موضعه بنح و‬ ‫من هذا البهان‪ .‬فاعتب مثله ف اللغات فإنا ملكات اللسان و هي بنلة الصناعة‪ .‬و انظر من تقدم له شيء من العجمة كيف يكون قاص را‬ ‫ف اللسان العرب أبدا‪ .‬فالعجمي الذي سبقت له اللغة الفارسية ل يستول على ملكة اللسان العرب و ل يزال قاصرا فيه و لو تعلمه و علمه‪.‬‬ ‫و كذا الببري و الرومي‪ .‬و الفرني قل أن تد أحدا منهم مكما للكة اللسان العرب‪ .‬و ما ذلك إل لا سبق إل ألسنتهم من ملكة اللسان‬ ‫الخر حت إن طالب العلم من أهل هذه اللسن إذا طلبه بي أهل اللسان العرب جاء مقصرا ف معارفه عن الغاية و التحصيل و م ا أوت إل‬ ‫من قبل اللسان‪ .‬و قد تقدم لك من قبل أن اللسن و اللغات شبيهة بالصنائع‪ .‬و قد تقدم لك أن الصنائع و ملكاتا ل تزدح م‪ .‬و أن م ن‬ ‫سبقت له إجادة ف صناعة فقل أن ييد ف أخرى أو يستول فيها على الغاية‪ .‬و ال خلقكم و ما تعملون‪.‬‬

‫الفصل الامس و المسون‪ :‬ف صناعة الشعر و وجه تعلمه‬

‫هذا الفن م ن فن ون كلم‬

‫العرب و هو السمى بالشعر عندهم و يوجد ف سائر اللغات إل أننا الن إنا نتكلم ف الشعر الذي للعرب‪ .‬فإن أمكن أن تد في ه أه ل‬ ‫اللسن الخرى مقصودهم من كلمهم و إل فلكل لسان أحكام ف البلغة تصه‪ .‬و هو ف لسان العرب غريب النعة عزيز النحى إذ ه و‬ ‫كلم مفصل قطعا قطعا متساوية ف الوزن متحدة ف الرف الخي من كل قطعة و تسمى كل قطعي من هذه القطعات عن دهم بيت ا و‬ ‫يسمى الرف الخي الذي تتفق فيه رويا و قافية و يسمى جلة الكلم إل آخره قصيدة و كلمة‪ .‬و ينفرد كل بيت منه بإفادته ف تراكيب ه‬ ‫حت كأنه كلم وحده مستقل عما قبله و ما بعده‪ .‬و إذا أفرد كان تاما ف بابه ف مدح أؤ تشبيب أو رثاء فيحرص الشاعر على إعطاء ذلك‬ ‫البيت ما يستقل ف إفادته‪ .‬ث يستأنف ف البيت الخر كلما آخر كذلك و يستطرد للخروج من فن إل فن و من مقصود إل مقصود ب أن‬ ‫يوطئ القصود الول و معانيه إل أن يناسب القصود الثان و يبعد الكلم عن التنافر‪ .‬كما يستطرد من التشبيب إل الدح و م ن وص ف‬ ‫البيداء و الطلول إل وصف الركاب أو اليل أو الطيف و من وصف المدوح إل وصف قومه و عساكره و من التفجع و العزاء ف الرث اء‬ ‫إل التأثر و أمثال ذلك‪ .‬و يراعي فيه اتفاق القصيدة كلها ف الوزن الواحد حذرا من أن يتساهل الطبع ف الروج من وزن إل وزن يقاربه‪.‬‬ ‫فقد يفى ذلك من أجل القاربة على كثي من الناس‪ .‬و لذه الوازين شروط و أحكام تضمنها علم العروض‪ .‬و ليس ك ل وزن يتف ق ف‬ ‫الطبع استعملته العرب ف هذا الفن و إنا هي أوزان مصوصة تسميها أهل تلك الصناعة البحور‪ .‬و قد حصروها ف خسة عشر ب را بعن‬ ‫أنم ل يدوا للعرب ف غيها من الوازين الطبيعية نظما‪ .‬و اعلم أن فن الشعر من بي الكلم كان شريفا عند العرب‪ .‬و لذلك جعلوه ديوان‬ ‫علومهم و أخبارهم و شاهد صوابم و خطئهم و أصل يرجعون إليه ف الكثي من علومهم و حكمهم‪ .‬و كانت ملكته مس تحكمة فيه م‬ ‫شأن اللكات كلها‪ .‬و اللكات اللسانية كلما إنا تكسب بالصناعة و الرتياض ف كلمهم حت يصل شبة ف تلك اللكة‪ .‬و الشعر من بي‬ ‫فنون الكلم صعب الأخذ على من يريد اكتساب ملكته بالصناعة من التأخرين لستقلل كل بيت منه بأنه كلم تام ف مقصوده و يص لح‬ ‫أن ينفرد دون ما سواه فيحتاج من أجل ذلك إل نوع تلطف ف تلك اللكة حت يفرغ الكلم الشعري ف قوالبه الت عرفت ل ه ف ذل ك‬ ‫النحى من شعر العرب و يبز مستقل بنفسه‪ .‬ث يأتى ببيت آخر كذلك ث ببيت آخر و يستكمل الفنون الوافية بقصوده‪ .‬ث يناس ب بي‬


‫البيوت ف موالة بعضها مع بعض بسب اختلف الفنون الت ف القصيدة‪ .‬و لصعوبة منحاه و غرابة فنه كان مكا للق رائح ف اس تجادة‬ ‫أساليبه و شحذ الفكار ف تنيل الكلم ف قوالبه‪ .‬و ل يكفي فيه ملكة الكلم العرب على الطلق بل يتاج بصوصه إل تلطف و ماولة‬ ‫ف رعاية الساليب الت اختصته العرب با و استعمالا فيه‪ .‬لنذكر هنا سلوك السلوب عند أهل هذه الصناعة و ما يريدون با ف إطلقهم‪.‬‬ ‫فاعلم أنا عبارة عندهم عن النوال الذي ينسج فيه التراكيب أو القالب الذي يفرغ به‪ .‬و ل يرجع إل الكلم باعتبار إفادته أصل العن الذي‬ ‫هو وظيفة العراب و ل باعتبار إفادته كمال العن من خواص التراكيب الذي هو و ظيفة البلغة و البيان و ل باعتبار الوزن كما استعمله‬ ‫العرب فيه الذي هو وظيفة العروض‪ .‬فهذه العلوم الثلثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية و إنا يرجع إل صورة ذهنية للتراكيب النتظم ة‬ ‫كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص‪ .‬و تلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب و أشخاصها و يصيها ف اليال كالق الب أو‬ ‫النوال ث ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار العراب و البيان فيصها فيه رصا كما يفعله البناء ف القالب أو النساج ف الن وال‬ ‫حت يتسع القالب بصول التراكيب الوافية بقصود الكلم و يقع على الصورة الصحيحة باعتبار ملكة اللسان العرب فيه فإن لكل فن م ن‬ ‫الكلم أساليب تتص به و توجد فيه على أناء متلفة فسؤال الطلول ف الشعر يكون بطاب الطلول كقوله‪ :‬يا دار مية بالعلياء فالس ند و‬ ‫يكون باستدعاء الصحب للوقوف و السؤال كقوله‪ :‬قفا نسأل الدار الت خف أهلها‪ .‬أو باستبكاء الصحب على الطلل كقوله‪ :‬قفا نبك من‬ ‫ف ذكرى حبيب و منل‪ .‬أو بالستفهام عن الواب لخاطب غي معي كقوله‪ :‬أل تسأل فتخبك الرسوم‪ .‬و مثل تي ة الطل ول ب المر‬ ‫لخاطب غي معي بتحيتها كقوله‪ :‬حي الديار بانب الغزل‪ .‬أو بالدعاء لا بالسقيا كقوله‪:‬‬ ‫أسقى طلولم أجش هزي‬

‫و غدت عليهم نضرة و نعيم‬

‫أو سؤاله السقيا لا من البق كقوله‪:‬‬ ‫يا برق طالع منل بالبرق‬

‫واحد السحاب لا حداء الينق‬

‫أو مثل التفجع ف الزع باستدعاء البكاء كقوله‪:‬‬ ‫كذا فليجل الطب و ليفدح المر‬

‫و ليس لعي ل يفض ماؤها عذر‬

‫أو باستعظام الادث كقوله‪ :‬أرأيت من حلوا على العواد أرأيت كيف خبا ضياء النادي‪ .‬أو بالتسجيل على الكوان بالصيبة لفقده كقوله‪:‬‬ ‫منابت العشب ل حام و ل راع‬

‫مضى الردى بطويل الرمح و الباع‬

‫أو بالنكار على من ل يتفجع له من المادات كقول الارجية‪:‬‬ ‫أيا شجر الابور مالك مورقا‬

‫كأنك ل تزع على ابن طريف‬

‫أو بتهيئة فريقه بالراحة من ثقل وطأته كقوله‪:‬‬ ‫ألقى الرماح ربيعة بن نزار‬

‫أودى الردى بفريقك الغوار‬

‫و أمثال ذلك كثي من سائر فنون الكلم و مذاهبه‪ .‬و تنتظم التراكيب فيه بالمل و غي المل إنشائية و خبية‪ ،‬إسية و فعلي ة‪ ،‬متفق ة‪،‬‬ ‫مفصولة و موصولة‪ ،‬على ما هو شأن التراكيب ف الكلم العرب ف مكان كل كلمة من الخرى‪ .‬يعرفك فيه ما تس تفيده بالرتي اض ف‬


‫أشعار العرب من القالب الكلي الرد ف الذهن من التراكيب العينة الت ينطبق ذلك القالب على جيعها‪ .‬فإن مؤلف الكلم هو كالبن اء أو‬ ‫النساج و الصورة الذهنية النطبقة كالقالب الذي يبن فيه أو النوال الذي ينسج عليه‪ .‬فإن خرج عن القالب ف بنائه أو عن النوال ف نسجه‬ ‫كان فاسدا‪ .‬و ل تقولن إن معرفة قواني البلغة كافية لذلك لنا نقول قواني البلغة إنا هي قواعد علمية قياسية تفيد ج واز اس تعمال‬ ‫التراكيب على هيئتها الاصة بالقياس‪ .‬و هو قياس علمي صحيح مطرد كما هو قياس القواني العرابية‪ .‬و هذه الساليب الت نن نقرره ا‬ ‫ليست من القياس ف شيء إنا هي هيئة ترسخ ف النفس من تتبع التراكيب ف شعر العرب لريانا على اللسان ح ت تس تحكم ص ورتا‬ ‫فيستفيد با العمل على مثالا و الحتذاء با ف كل تركيب من الشعر كما قدمنا ذلك ف الكلم بإطلق‪ .‬و إن القواني العلمية من العربية و‬ ‫البيان ل يفيد تعليمه بوجه‪ .‬و ليس كل ما يصح ف قياس كلم العرب و قوانينه العلمية استعملوه‪ .‬و إنا الستعمل عندهم من ذل ك أن اء‬ ‫معروفة يطلع عليها الافظون لكلمهم تندرج صورتا تت تلك القواني القياسية‪ .‬فإذا نظر ف شعر العرب على هذا النحو و بذه الساليب‬ ‫الذهنية الت تصي كالقوالب كان نظرا ف الستعمل من تراكيبهم ل فيما يقتضيه القياس‪ .‬و لذا قلنا إن الصل لذه القوالب ف الذهن إنا هو‬ ‫حفظ أشعار العرب و كلمهم‪ .‬و هذه القوالب كما تكون ف النظوم تكون ف النثور فإن العرب استعملوا كلمهم ف كل الفني وجاؤوا‬ ‫به مفصل ف النوعي‪ .‬ففي الشعر بالقطع الوزونة و القواف القيدة و استقلل الكلم ف كل قطعي و ف النثور يعتبون الوازنة و التش ابه‬ ‫بي القطع غالبا و قد يقيدونه بالسجاع‪ .‬و قد يرسلونه و كل واحد ف من هذه معروفة ف لسان العرب‪ .‬و الستعمل منها عندهم هو الذي‬ ‫يبن مؤلف الكلم عليه تأليفه و ل يعرفه إل من حفظ كلمهم حت يتجرد ف ذهنه من القوالب العينة الشخصية قالب كلي مطل ق ي ذو‬ ‫حذوه ف التأليف كما يذو البناء على القالب و النساج على النوال‪ .‬فلهذا كان من تآليف الكلم منفردا عن نظر النح وي و البي ان و‬ ‫العروضي‪ .‬نعم إنه مراعاة قواني هذه العلوم شرط فيه ل يتم بدونا فإذا تصلت هذه الصفات كلها ف الكلم اختص بنوع من النظر لطيف‬ ‫ف هذه القوالب الت يسمونا أساليب‪ .‬و ل يفيده إل حفظ كلم العرب نظما و نثرا‪ .‬و إذا تقرر معن السلوب ما هو فلنذكر بعده حدا أو‬ ‫رسا للشعر به تفهم حقيقته على صعوبة هذا العرض‪ .‬فإنا ل نقف عليه لحد من التقدمي فيما رأيناه‪ .‬و قول العروضيي ف حده إنه الكلم‬ ‫الوزون القفى ليس بد لذا الشعر الذي نن بصدده و ل رسم له‪ .‬و صناعتهم إنا تنظر ف الشعر من حيث اتفاق أبياته ف عدد التحركات‬ ‫و السواكن على التوال‪ ،‬و ماثلة عروض أبيات الشعر لضربا‪ .‬و ذلك نظر ف وزن مدد عن اللفاظ و دللتها‪ .‬فناسب أن يك ون ح دا‬ ‫عندهم‪ ،‬و نن هنا ننظر ف الشعر باعتبار ما فيه من العراب و البلغة‪ .‬و الوزن و القوالب الاصة‪ .‬فل جرم إن حدهم ذلك ل يصلح ل ه‬ ‫عندنا فل بد من تعريف يعطينا حقيقته من هذه اليثية فنقول‪ :‬الشعر هو الكلم البليغ البن على الستعاره و الوصاف‪ ،‬الفض ل ب أجزاء‬ ‫متفقة ف الوزن و الروي مستقل كل جزء منها ف غرضه و مقصده عما قبله و بعده الاري على أساليب العرب الخصوصة ب ه‪ .‬فقولن ا‬ ‫الكلم البليغ جنس و قولنا البن على الستعارة و الوصاف فصل له عما يلو من هذه فإنه ف الغالب ليس بشعر و قولنا الفصل ب أجزاء‬ ‫متفقة الوزن و الروي فصل له عن الكلم النثور الذي ليس بشعر عند الكل و قولنا مستقل كل جزء منها ف غرضه و مقصده عما قبل ه و‬ ‫بعده بيان للحقيقة لن الشعر ل تكون أبياته إل كذلك و ل يفصل به شيء‪ .‬و قولنا الاري على الساليب الخصوصة به فصل له عم ا ل‬ ‫ير منه على أساليب العرب العروفة فإنه حينئذ ل يكون شعرا إنا هو كلم منظوم لن الشعر له أساليب تصه ل تكون للمنثور‪ .‬و ك ذا‬ ‫أساليب النثور ل تكون للشعر فما كان من الكلم منظوما و ليس على تلك الساليب فل يكون شعرا‪ .‬و بذا العتبار كان الك ثي م ن‬ ‫لقيناه من شيوخنا ف هذه الصناعة الدبية يرون أن نظم التنب و العري ليس هو من الشعر ف شيء لنما ل يريا على أساليب العرب فيه‪،‬‬ ‫و قولنا ف الد الاري على أساليب العرب فصل له عن شعر غي العرب من المم عندما يرى أن الشعر يوجد للعرب و غيهم‪ .‬و من يرى‬ ‫أنه ل يوجد لغيهم فل يتاج إل ذلك و يقول مكانه الاري على الساليب الخصوصة‪ .‬و إذ قد فرغنا من الكلم على حقيق ة الش عر‬ ‫فلنرجع إل الكلم ف كيفية عمله فنقول‪ :‬اعلم أن لعمل الشعر و إحكام صناعته شروطا أولا‪ :‬الفظ من جنسه أي من جنس شعر العرب‬ ‫حت تنشأ ف النفس ملكة ينسج على منوالا و يتخي الفوظ من الر النقي الكثي الساليب‪ .‬و هذا الفوظ الختار أقل ما يكفي فيه ش عر‬ ‫شاعر من الفحول السلميي مثل ابن ربيعة و كثي و ذي الرمة و جرير و أب نواس و حبيب و البحتري و الرضي و أب فراس‪ .‬و أك ثره‬ ‫شعر كتاب الغان لنه جع شعر أهل الطبقة السلمية كله و الختار من شعر الاهلية‪ .‬و من كان خاليا من الفوظ فنظمه قاصر رديء و‬ ‫ل يعطيه الرونق و اللوة إل كثرة الفوظ‪ .‬فمن قل حفظه أو عدم ل يكن له شعر و إنا هو نظم ساقط‪ .‬و اجتناب الشعر أول بن ل يكن‬ ‫له مفوظ‪ .‬ث بعد المتلء من الفظ و شحذ القرية للنسج على النوال يقبل على النظم و بالكثار منه تستحكم ملكته و ترسخ‪ .‬و رب ا‬


‫يقال إن من شرطه نسيان ذلك الفوظ لتمحى رسومه الرفية الظاهرة إذ هي صادرة عن استعمالا بعينها‪ .‬فإذا نسيها و قد تكيفت النف س‬ ‫با انتقش السلوب فيها كأنه منوال يؤخذ بالنسج عليه بأمثالا من كلمات أخري ضرورة‪ .‬ث ل بد له من اللوة و استجادة الكان النظور‬ ‫فيه من الياه و الزهار و كذا السموع لستنارة القرية باستجماعها و تنشيطها بلذ السرور‪ .‬ث مع هذا كله فشرطه أن يكون على جام و‬ ‫نشاط فذلك أجع له و أنشط للقرية أن تأت بثل ذلك النوال الذي ف حفظه‪ .‬قالوا‪ :‬و خي الوقات لذلك أوقات البكر عند البوب م ن‬ ‫النوم و فراغ العدة و نشاط الفكر و ف هؤلء المام‪ .‬و ربا قالوا إن من بواعثه العشق و النتشاء ذكر ذلك ابن رشيق ف كتاب العمدة و‬ ‫هو الكتاب الذي انفرد بذه الصناعة و إعطاء حقها و ل يكتب فيها أحد قبله و ل بعده مثله‪ .‬قالوا‪ :‬فإن استصعب عليه بعد ه ذا كل ه‬ ‫فليتركه إل وقت أخر و ل يكره نفسه عليه‪ .‬و ليكن بناء البيت على القافية من أول صوغه و نسجه بعضها و يبن الكلم عليها إل آخ ره‬ ‫لنه إن غفل عن بناء البيت على القافية صعب عليه وضعها ف ملها‪ .‬فربا تيء نافرة قلقة و إذا سح الاطر بالبيت و ل يناسب الذي عنده‬ ‫فليتركه إل موضعه الليق به فإن كل بيت مستقل بنفسه و ل تبق إل الناسبة فليتخي فيها كما يشاء و لياجع ش عره بع د اللص من ه‬ ‫بالتنقيح و النقد و ل يضن به على الترك إذا ل يبلغ الجادة‪ .‬فإن النسان مفتون بشعره إذ هو نبات فكره و اختراع قريته و ل يستعمل فيه‬ ‫من الكلم إل الفصح من التراكيب‪ .‬و الالص من الضرورات اللسانية فليهجرها فإنا تنل بالكلم عن طبقة البلغة‪ .‬و قد حظ ر أئم ة‬ ‫اللسان الولد من ارتكاب الضرورة إذ هو ف سعة منها بالعدول عنها إل الطريقة الثلى من اللكة‪ .‬و يتنب أيضا العقد من التراكيب جهده‪.‬‬ ‫و إنا يقصد منها ما كانت معانيه تسابق ألفاظه إل الفهم‪ .‬و كذلك كثرة العان ف البيت الواحد فإن فيه نوع تعقيد على الفه م‪ .‬و إن ا‬ ‫الختار منه ما كانت ألفاظه طبقا على معانيه أو أوف منها‪ .‬فإن كانت العان كثية كان حشوا و استعمل الذهن بالغوص عليها فمنع الذوق‬ ‫عن استيفاء مدركه من البلغة‪ .‬و ل يكون الشعر سهل إل إذا كانت معانيه تسابق ألفاظه إل الذهن‪ .‬و لذا كان شيوخنا رحهم ال يعيبون‬ ‫شعر أب بكر بن خفاجة شاعر شرق الندلس لكثرة معانيه و ازدحامها ف البيت الواحد كما كانوا يعيبون شعر التنبئ و العري بعدم النسج‬ ‫على الساليب العربية كما مر فكان شعرها كلما منظوما نازل عن طبقة الشعر و الاكم بذلك هو الذوق‪ .‬و ليجتن ب الش اعر أيض ا‬ ‫الوشي من اللفاظ و القصر و كذلك السوقي البتذل بالتداول بالستعمال فإنه ينل بالكلم عن طبقة البلغة و كذلك الع ان البتذل ة‬ ‫بالشهرة فإن الكلم ينل با عن البلغة أيضا فيصي مبتذل و يقرب من عدم الفادة كقولم‪ :‬النار حارة و السماء فوقنا‪ .‬و بقدار ما يقرب‬ ‫من طبقة عدم الفادة يبعد عن رتبة البلغة إذ ها طرفان‪ .‬و لذا كان الشعر ف الربانيات و النبويات قليل الجادة ف الغالب و ل يذق فيه‬ ‫إل الفحول و ف القليل على العشر لن معانيها متداولة بي المهور فتصي مبتذلة لذلك‪ .‬و إذا تعذر الشعر بعد هذا كله فلياوضه و يعاوده‬ ‫فإن القرية مثل الضرع يدر بالمتراء و يف بالترك و الهال‪ .‬و بالملة فهذه الصناعة و تعلمها مستوف ف كتاب العمدة لبن رشيق و قد‬ ‫ذكرنا منها ما حضرنا بسب الهد‪ .‬و من أراد استيفاء ذلك فعليه بذلك الكتاب ففيه البغية من ذلك‪ .‬و هذه نبذة كافية و ال العي‪ .‬و قد‬ ‫نظم الناس ف أمر هذه الصناعة الشعرية ما يب فيها‪ .‬و من أحسن ما قيل ف ذلك و أظنه لبن رشيق‪:‬‬ ‫لعن ال صنعة الشعر ماذا‬

‫من ضنوف الهال منه لقينا‬

‫يؤثرون الغريب منه على ما‬

‫كان سهل للسامعي مبينا‬

‫ويرون الال معن صحيحا‬

‫و خسيس الكلم شيئا ثينا‬

‫يهلون الصواب منه و ل يد‬

‫رون للجهل أنم يهلونا‬

‫فهم عند من سوانا يلمو‬ ‫إنا الشعر ما يناسب ف النظم‬

‫ن و ف الق عندنا يعذرونا‬ ‫و إن كان ف الصفات فنونا‬


‫وأقامت له الصدور التونا‬

‫فأتى بعضه يشاكل بعضا‬

‫تتمن و ل يكن أن يكونا‬

‫كل معن أتاك منه على ما‬ ‫فتناهى من البيان إل أن‬

‫كاد حسنا يبي للناظرينا‬

‫فكأن اللفاظ منه وجوه‬

‫و العان ركب فيها عيونا‬

‫إنا ف الرام حسب المان‬

‫يتحلى بسنه النشدونا‬

‫فإذا ما مدحت بالشعر حرا‬

‫رمت فيه مذاهب الشتهينا‬

‫فجعلت النسيب سهل قريبا‬

‫و جعلت الديح صدقا مبينا‬

‫و تنكبت ما يهجن ف السمع‬

‫و إن كان لفظه موزونا‬

‫و إذا ما عرضته بجاء‬

‫عبت فيه مذاهب الرقبينا‬

‫فجعلت التصريح منه دواء‬

‫و جعلت التعريض داء دفينا‬

‫و إذا ما بكيت فيه على الغا‬

‫دين يوما للبي و الظاعنينا‬

‫خلت دون السى و ذللت ما كا‬ ‫ث إن كنت عاتبا جئت بالو‬ ‫فتركت الذي عتبت عليه‬

‫عد وعيدا و بالصعوبة بينا‬ ‫حذرا آمنا عزيزا مهينا‬

‫و أصح القريض ما قارب النظم‬ ‫فإذا قيل أطمع الناس طرا‬

‫ن من الدعع ف العيون مصونا‬

‫و إن كان واضحا مستبينا‬ ‫و إذا ري أعجز العجزينا‬

‫ومن ذلك أيضا قول بعضهم و هو الناشي‪:‬‬ ‫الشعر ما قومت ربع صدوره‬ ‫و رأيت بالطناب شعب صدوعه‬ ‫و جعت بي قريبه و بعيده‬

‫و شددت بالتهذيب أس متونه‬ ‫و فتحت بالياز عور عيونه‬ ‫و جعت بي ممه و معينه‬


‫و إذا مدحت به جوادا ماجدا‬ ‫أصفيته بتفتش و رضيته‬

‫و قضيته بالشكر حق ديونه‬ ‫و خصصته بطيه و ثينه‬

‫فيكون جزل ف مساق صنوفه‬

‫و يكون سهل ف اتفاق فنونه‬

‫و إذا بكيت به الديار و أهلها‬

‫أجريت للمخزون ماء شؤونه‬ ‫باينت بي ظهوره و بطونه‬

‫و إذا أردت كناية عن ريبة‬ ‫فجعلت سامعه يشوب شكوكه‬ ‫و إذا عتبت على أخ ف زلة‬

‫أدمت شدته له ف لينه‬

‫فتركته مستانسأ بدماثة‬

‫مستأمنا لوعوته و حزونه‬

‫و إذا نبذت إل الذي علقتها‬ ‫تيمتها بلطيفه و رفيقه‬

‫بثبوته و ظنونه بيقينه‬

‫إذ صارمتك بفاتنات شؤونه‬

‫و شغفتها ببيه و كمنه‬

‫و إذا اعتذرت لسقطة أسقطتها‬ ‫‌ فيحول ذنبك عند من يعتده‬

‫و أشكت بي ميله و مبينه‬ ‫عتبا عليه مطالبا بيمينه‬

‫الفصل السادس و المسون‪ :‬ف أن صناعة النظم و النثر إنا هي ف اللفاظ‬ ‫ل ف العان‬ ‫إعلم أن صناعة الكلم نظما و نثرا إنا هي ف اللفاظ ل ف العان إنا العان تبع لا و هي أصل‪ .‬فالصانع الذي ياول ملكة الكلم ف النظم‬ ‫و النثر إنا ياولا ف اللفاظ بفظ أمثالا من كلم العرب ليكثر استعماله و جريه على لسانه حت تستقر له اللكة ف لسان مضر و يتخلص‬ ‫من العجمة الت رب عليها ف جبله و يفرض نفسه مثل وليد نشأ ف جبل العرب و يلقن لغتهم كما يلقنها الصب حت يصي كأنه واحد منهم‬ ‫ف لسانم‪ .‬و ذلك أنا قدمنا أن للسان ملكة من اللكات ف النطق ياول تصيلها بتكرارها على اللسان حت تصل شأن اللكات و الذي ف‬ ‫اللسان و النطق إنا هو اللفاظ و أما العان فهي ف الضمائر‪ .‬وأيضا فالعان موجودة عند كل واحد و ف طوع كل فكر منها ما يش اء و‬ ‫يرضى فل يتاج إل تكلف صناعة ف تأليفها و تأليف الكلم للعبارة عنها هو التاج للصناعة كما قلناه و هو بثابة القوالب للمعان‪ .‬فكما‬ ‫أن الوان الت يغترف با الاء من البحر منها آنية الذهب و الفضة و الصدف و الزجاج و الزف و الاء واحد ف نفسه‪ .‬و تتلف الودة ف‬ ‫الوان الملؤة بالاء باختلف جنسها ل باختلف الاء‪ .‬كذلك جودة اللغة و بلغتها ف الستعمال تتلف ب إختلف طبق ات الكلم ف‬


‫تأليفه باعتبار تطبيقه على القاصد‪ .‬و العان واحدة ف نفسها و إنا الاهل بتأليف الكلم و أساليبه على مقتضى ملكة اللس ان إذا ح اول‬ ‫العبارة عن مقصوده و ل يسن بثابة القعد الذي يروم النهوض و ل يستطيعه لفقدان القدرة عليه‪ .‬و ال يعلمكم ما ل تكونوا تعلمون‪.‬‬

‫الفصل السابع و المسون‪ :‬ف أن حصول هذه اللكة بكثرة الفظ و جودتا‬ ‫بودة الفوظ‬ ‫قد قدمنا أنه ل بد من كثرة الفظ لن يروم تعلم اللسان العرب و على قدر جودة الفوظ و طبقته ف جنسه و كثرته من قلته تكون ج ودة‬ ‫اللكة الاصلة عنه للحافظ‪ .‬فمن كان مفوظه من أشعار العرب السلميي شعر حبيب أو العتاب أو ابن العتز أو ابن ه انئ أو الش ريف‬ ‫الرضي أو رسائل ابن القفع أو سهل ابن هارون أو ابن الزيات أو البديع أو الصابئ تكون ملكته أجود و أعلى مقاما و رتبة ف البلغة م ن‬ ‫يفظ شعر ابن سهل من التأخرين أو ابن النبيه أو ترسل البيسان أو العماد الصبهان لنول طبقة هؤلء عن أولئك يظهر ذلك للبصي الناقد‬ ‫صاجب الذوق‪ .‬و على مقدار جودة الفوظ أو السموع تكون جودة الستعمال من بعده ث إجادة اللكة من بعدها‪ .‬فبارتقاء الف وظ ف‬ ‫طبقته من الكلم ترتقي اللكة الاصلة لن الطبع إنا ينسج على منوالا و تنمو قوى اللكة بتغذيتها‪ .‬و ذلك أن النفس و إن كانت ف جبلتها‬ ‫واحدة بالنوع فهي تتلف ف البشر بالقوة و الضعف ف الدراكات‪ .‬و اختلفها إنا هو باختلف ما يرد عليها من الدراكات و اللكات و‬ ‫اللوان الت تكيفها من خارج‪ .‬فبهذه يتم وجودها و ترج من القوة إل الفعل صورتا و اللكات الت تصل لا إنا تصل على التدريج كما‬ ‫قدمناه‪ .‬فاللكة الشعرية تنشأ بفظ الشعر و ملكة الكتابة بفظ السجاع و الترسيل‪ ،‬و العلمية بخالطة العلوم و الدراكات و الب اث و‬ ‫النظار‪ ،‬و الفقهية بخالطة الفقه و تنظي السائل و تفريعها و تريج الفروع على الصول والتصوفية الربانية بالعبادات و الذكار و تعطي ل‬ ‫الواس الظاهرة باللوة و النفراد عن اللق ما استطاع حت تصل له ملكة الرجوع إل حسه الباطن و روحه و ينقل ب رباني ا و ك ذا‬ ‫سائرها‪ .‬و للنفس ف كل واحد منها لون تتكيف به و على حسب ما نشأت اللكة عليه من جودة أو رداءة تكون تلك اللك ة ف نفس ها‬ ‫فملكة البلغة العالية الطبقة ف جنسها إنا تصل بفظ العال ف طبقته من الكلم و بذا كان الفقهاء و أهل العلوم كلهم قاصرين ف البلغة‬ ‫و ما ذلك إل لا سبق إل مفوظهم و يتلئ به من القواني العلمية و العبارات الفقهية الارجة عن أسلوب البلغة و النازلة عن الطبق ة لن‬ ‫العبارات عن القواني و العلوم ل حظ لا ف البلغة فإذا سبق ذلك الخفوظ إل الفكر و كثر و تلونت به النفس جاءت اللكة الناشئة عن ه‬ ‫ف غاية القصور و انرفت عباراته عن أساليب العرب ف كلمهم‪ .‬و هكذا ند شعر الفقهاء و النحاة و التكلمي و النظار و غيهم من ل‬ ‫يتلئ من حفظ النقي الر من كلم العرب‪ .‬أخبن صاحبنا الفاضل أبو القاسم بن رضوان كاتب العلمة بالدولة الرينية قال‪ :‬ذكرت يوم ا‬ ‫صاحبنا أبا العباس بن شعيب كاتب السلطان أب السن و كان القدم ف البصر باللسان لعهده فأنشدته مطلع قصيدة اب ن النح وي و ل‬ ‫أنسبها له و هو هذا‪:‬‬ ‫ما الفرق بي جديدها و البال‬ ‫ل أذر حي وقفت بالطلل‬ ‫فقال ل على البديهة‪ :‬هذا شعر فقيه‪ ،‬فقلت له‪ :‬و من أين لك ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬من قوله ما الفرق ؟ إذ هي من عبارات الفقهاء و ليست م ن‬ ‫أساليب كلم العرب‪ ،‬فقلت له‪ :‬ل أبوك إنه ابن النحوي‪ .‬و أما الكتاب و الشعراء فليسوا كذلك لتخيهم ف مفوظهم و م الطتهم كلم‬ ‫العرب و أساليبهم ف الترسل و انتقائهم لم اليد من الكلم‪ .‬ذاكرت يوما صاحبنا أبا عند ال بن الطيب وزير اللوك بالندلس م ن بن‬ ‫الحر و كان الصدر القدم ف الشعر و الكتابة فقلت له‪ :‬أجد استصعابا علي ف نظم الشعر مت رمته مع بصري به و حفظي للجي د م ن‬ ‫الكلم من القرآن و الديث و فنون من كلم العرب و إن كان مفوظي قليل‪ .‬و إنا أتيت و ال أعلم بقيقة الال من قبل ما حص ل ف‬ ‫حفظي من الشعار العلمية و القواني التألفية‪ .‬فإن حفظت قصيدت الشاطب الكبى و الصغرى ف القراءات ف الرس م و اس تظهرتما و‬ ‫تدارست كتاب ابن الاجب ف الفقه و الصول و جل الونى ف النطق و بعض كتاب التسهيل و كثيا من قواني التعلي م ف ال الس‬ ‫فامتل مفوظي من ذلك و خدش وجه اللكة الت استعددت لا بالفوظ اليد من القرآن و الديث و كلم العرب تع اق القري ة ع ن‬ ‫بلوغها‪ .‬فنظر إل ساعة معجبا ث قال‪ :‬ل أنت و هل يقول هذا إل مثلك ؟ و يظهر لك من هذا الفصل و ما تقرر فيه سر آخر و هو إعطاء‬


‫السبب ف أن كلم السلميي من العرب أعلى طبقة ف البلغة و أذواقها من كلم الاهلية ف منثورهم و منظومهم‪ .‬فإنا ند شعر حسان‬ ‫بن ثابت و عمر بن أ ب ربيعة و الطيئة و جرير و الفرزدق و نصيب و غيلن ذي الرمة و الحوص و بشار ث كلم السلف من العرب ف‬ ‫الدولة الموية و صدرا من الدولة العباسية ف خطبهم و ترسيلهم و ماوراتم للملوك أرفع طبقة ف البلغة من شعر النابغة و عنترة و اب ن‬ ‫كلثوم و زهي و علقمة بن عبدة و طرفة بن العبد و من كلم الاهلية ف منثورهم و ماوراتم و الطبع السليم و الذوق الصحيح ش اهدان‬ ‫بذلك للناقد البصي بالبلغة‪ .‬و السبب ف ذلك أن هؤلء الذين أدركوا السلم سعوا الطبقة العالية من الكلم ف القرآن و الديث الل ذين‬ ‫عجز البشر ف التيان بثليهما لكونا ولت ف قلوبم و نشأت على أساليبها نفوسهم فنهضت طباعهم و ارتقت ملكاتم ف البلغة عل ى‬ ‫ملكات من قبلهم من أهل الاهلية من ل يسمع هذه الطبقة و ل نشأ عليها فكان كلمهم ف نظمهم و نثرهم أحسن ديباجة و أصفى رونقا‬ ‫من أولئك و أرصف مبن و أعدل تثقيفا با استفادوه من الكلم العال الطبقة‪ .‬و تأمل ذلك يشهد لك به ذوقك إن كنت من أهل الذوق و‬ ‫البصر بالبلغة‪ .‬و لقد سألت يوما شيخنا الشريف أبا القاسم قاضي غرناطة لعهدنا و كان شيخ هذه الصناعة أخذ بسبتة عن جاع ة م ن‬ ‫مشيختها من تلميذ الشلوبي و استبحر ف علم اللسان و جاء من وراء الغاية فيه فسألته يوما ما بال العرب السلميي أعلى طبقة ف البلغة‬ ‫من الاهليي ؟ و ل يكن ليستنكر ذلك بذوقه فسكت طويل ث قال ل‪ :‬و ال ما أدري‪ ،‬فقلت‪ :‬أعرض عليك شيئا ظهر ل ف ذلك و لعله‬ ‫السبب فيه‪ .‬و ذكرت له هذا الذي كتبت فسكت معجبا ث قال ل‪ :‬يا فقيه هذا كلم من حقه أن يكتب بالذهب‪ .‬و كان من بعدها ي ؤثر‬ ‫ملي و يصيخ ف مالس التعليم إل قول و يشهد ل بالنباهة ف العلوم‪ ،‬و ال خلق النسان و علمه البيان‪.‬‬

‫الفصل الثامن و المسون‪ :‬ف بيان الطبوع من الكلم و الصنوع و كي ف‬ ‫جودة الصنوع أو قصوره‬ ‫إعلم أن الكلم الذي هو العبارة و الطاب‪ ،‬إنا سره و روحه ف إفادة العن‪ .‬و أما إذا كان مهمل فهو كالوات الذي ل عبة به‪ .‬و كمال‬ ‫الفادة هو البلغة على ما عرفت من حدها عند أهل البيان لنم يقولون هي مطابقة الكلم لقتضى الال‪ ،‬و معرفة الشروط و الحكام الت‬ ‫با تطابق التراكيب اللفظية مقتضى الال‪ ،‬هو فن البلغة‪ .‬و تلك الشروط و الحكام للتراكيب ف الطابقة اسقريت من لغ ة الع رب و‬ ‫صارت كالقواني‪ .‬فالتراكيب بوضعها تفيد السناد بي السندين‪ ،‬بشروط و أحكام هي جل قواني العربية‪ .‬و أحوال هذه التراكيب م ن‬ ‫تقدي و تأخي‪ ،‬و تعريف و تنكي‪ ،‬و إضمار و إظهار‪ .‬و تقييد و إطلق و غيها‪ ،‬يفيد الحكام الكتنفة من خارج بالسناد و بالتخ اطبي‬ ‫حال التخاطب بشروط و أحكام هي قواني لفن‪ ،‬يسمونه علم العان من فنون البلغة‪ .‬فتندج قواني العربية لذلك ف قواني علم العان لن‬ ‫إفادتا السناد جزء من إفادتا للحوال الكتنفة بالسناد‪ .‬و ما قصر من هذه التراكيب عن إفادة مقتضى الال للل ف قواني الع راب أو‬ ‫قواني العان كان قاصرا عن الطابقة لقتضى الال‪ ،‬و لق بالهمل الذي هو ف عداد الوات‪.‬‬ ‫ث يتبع هذه الفادة لقتضى الال التفنن ف انتقال التركيب بي العان بأصناف الدللت لن التركيب يدل بالوضع على معن ث ينقل الذهن‬ ‫إل لزمه أو ملزومه أو شبهه‪ ،‬فيكون فيها مازا‪ :‬إما باستعارة أو كناية كما هو مقرر ف موضعه‪ ،‬و يصل للفكر بذلك النتقال لذة كم ا‬ ‫تصل ف الفادة و أشد‪ .‬لن ف جيعها ظفر بالدلول من دليله‪ .‬و الظفر من أسباب اللذة كما علمت‪ .‬ث لذه النتقالت أيضا ش روط و‬ ‫أحكام كالقواني صيوها صناعة‪ ،‬و سوها بالبيان‪ .‬و هي شقيقة علم العان الفيد لقتضى الال لن ا راجع ة إل مع ان ال تراكيب و‬ ‫مدلولتا‪ .‬و قواني علم العان راجعة إل أحوال التراكيب أنفسها من حيث الدللة‪ .‬و اللفظ و العن متلزمان متضايقان كما علمت‪ .‬فإذا‬ ‫علم العان و علم البيان ها جزء البلغة‪ ،‬و بما كمال الفادة‪ ،‬فهو مقصر عن البلغة و يلتحق عند البلغاء بأصوات اليوانات العج م و‬ ‫أجدر به أن ل يكون عربيا‪ ،‬لن العرب هو الذي يطابق بإفادته مقتضى الال‪ .‬فالبلغة على هذا هي أصل الكلم العرب و سجيته و روحه‬ ‫و طبيعته‪.‬‬ ‫ث اعلم أنم إذا قالوا‪ :‬الكلم الطبوع فإنم يعنون به الكلم الذي كملت طييعته و سجيته من إفادة مدلوله القصود من ه‪ ،‬لن ه عب ارة و‬ ‫خطاب‪ ،‬ليس القصود منه النطق فقط‪ .‬بل التكلم يقصد به أن يفيد سامعه ما ف ضميه إفادة تامة‪ ،‬و يدل به عليه دللة وثيق ة‪ .‬ث يتب ع‬


‫تراكيب الكلم ف هذه السجية الت له بالصالة ضروب من التحسي و التزيي‪ ،‬بعد كمال الفادة و كأنا تعطيها رونق الفصاحة من تنميق‬ ‫السجاع‪ ،‬و الوازنة بي حل الكلم و تقسيمه بالقسام الختلفة الحكام و التورية باللفظ الشترك عن الفي من مع انيه‪ ،‬و الطابق ة بي‬ ‫التضادات‪ ،‬ليقع التجانس بي اللفاظ و العان‪ .‬فيحصل للكلم رونق و لذة ف الساع و حلوة و جال كلها زائدة على الفادة‪.‬‬ ‫و هذه الصنعة موجودة ف الكلم العجز ف مواضيع متعددة مثل‪ :‬والليل إذا يغشى * والنهار إذا تلى‪ ،‬و مثل‪ :‬فأما من أعط ى واتق ى *‬ ‫وصدق بالسن‪ ،‬إل آخر التقسيم ف الية‪ .‬و كذا‪ :‬فأما من طغى * وآثر الياة الدنيا إل آخر الية‪ .‬و كذا‪ :‬هم يسبون أن م يس نون‬ ‫صنعا‪ .‬و أمثاله كثي‪ .‬و ذلك بعد كمال الفادة ف أصبل هذه التراكيب قبل وقوع هذا البديع فيها‪ .‬و كذا وقع ف كلم الاهلية منه‪ ،‬لكن‬ ‫عفوا من غي قصد ول تعمد‪ .‬و يقال إنه وقع ف شعر زهي‪.‬‬ ‫و أما السلميون فوقع لم عفوا و قصدا‪ ،‬و أتوا منه بالعجائب‪ .‬و أول من أحكم طريقته حبيب بن أوس و البحتري و مسلم بن الولي د‪،‬‬ ‫فقد كانوا مولعي بالصنعه‪ .‬و يأتون منها بالعجب‪ .‬و قيل أن أول من ذهب إل معاناتا بشاز بن برد و ابن هرمة‪ ،‬و كانا آخر من يستشهد‬ ‫بشعره ف اللسان العرب‪ .‬ث اتبعهما عمرو بن كلثوم و العتاب و منصور النميي و مسلم بن الوليد و أبو نواس‪ .‬و جاء على آثارهم حبيب و‬ ‫البحتري‪ .‬ث ظهر ابن العتز فختم على البدء و الصناعة أجع‪ .‬و لنذكر مثال من الطبوع الال من الصناعة‪ .‬مثل قول قيس بن ذريح‪:‬‬ ‫أحدث عنك النفس ف السر خاليا‬ ‫و أخرج من بي البيوت لعلن‬ ‫و قول كثي‪:‬‬ ‫تليت عما بيننا و تليت‬ ‫و إن و تيامي بعزة بعدما‬ ‫تبوأ منها للمقيل اضمحلت‬ ‫لكالرتي ظل الغمامة كلها‬ ‫فتأمل هذا الطبوع‪ ،‬الفقيد الصنعة‪ ،‬ي أحكام تأليفه و ثقافة تركيبه‪ .‬فلو جاءت فيه الصنعة من بعد هذا الصل زادته حسنا‪.‬‬ ‫و أما الصنوع فكثي من لدن بشار‪ ،‬ث حبيب و طبقتهما‪ ،‬ث ابن العتز خات الصنعة الذي جرى التأخرون بعدهم ف ميدانم‪ ،‬و نسجوا على‬ ‫منوالم‪ .‬و قد تعددت أصناف هذه الصنعة عند أهلها‪ ،‬و اختلفت اصطلحاتم ف ألقابا‪ .‬و كثي منهم يعلها مندرجة ف البلغة على أن ا‬ ‫غي داخلة ف الفادة‪ ،‬و أنا هي تعطى التحسي و الرونق‪ .‬و أما التقدمون من أهل البديع‪ ،‬فهي عندهم خارجة ع ن البلغ ة‪ .‬و ل ذلك‬ ‫يذكرونا ف الفنون الدبية الت ل موضوع لا‪ .‬و هو رأي ابن رشيق قي كتاب العمدة له‪ ،‬و أدباء الندلس‪ .‬و ذكروا ف اس تعمال ه ذه‬ ‫الصنعة شروطا منها أن تقع من غي تكلف و ل اكتراث ف ما يقصد منها‪ .‬و أما العفو فل كلم فيه لنا إذا برئت من التكلف سلم الكلم‬ ‫من عيب الستهجان‪ ،‬لن تكلفها و معاناتا يصي إل الغفلة عن التراكيب الصلية للكلم‪ ،‬فتخل بالفادة من أصلها‪ ،‬و ت ذهب بالبلغ ة‬ ‫رأسا‪ .‬و ل يبقى ف الكلم إل تلك التحسينات‪ ،‬و هذا هو الغالب اليوم على أهل العصر‪ .‬و أصحاب الذواق ف البلغة يس خرون م ن‬ ‫كلفهم بذه الفنون‪ ،‬و يعدون ذلك من القصور عن سواه‪ .‬و سعت شيخنا الستاذ أبا البكات البلفيقي‪ ،‬و كان من أهل البصر ف اللسان و‬ ‫القرية‪ .‬ف ذوقه يقول‪ ،‬إن من أشهى ما تقترحه على نفسي أن أشاهد ف بعض اليام من ينتحل فنون هذا البديع ف نظمه أو نثره‪ ،‬و ق د‬ ‫عوقب بأشد العقوبة‪ ،‬و نودي عليه‪ ،‬يذر بذلك تلميذه أن يتعاطوا هذه الصنعة‪ ،‬فيكلفون با‪ ،‬و يتناسون البلغة‪ .‬ث من شروط اس تعمالا‬ ‫عندهم القلل منها و أن تكون ف بيتي أو ثلثة من القصيد‪ ،‬فتكفي ف زينة الشعر و رونقه‪ .‬و الكثار منها عيب‪ ،‬قاله ابن رشيق و غيه‪.‬‬ ‫و كان شيخنا أبو القاسم الشريف السبت منفق اللسان العرب بالندلس لوقته يقول‪ :‬هذه الفنون البديعية إذا وقعت للشاعر أو للكاتب فيقبح‬ ‫أن يستكثر منها‪ ،‬لنا من مسنات الكلم و مزيناته‪ ،‬فهي بثابة اليلن ف الوجه يسن بالواحد و الثني منها‪ ،‬و يقبح بتعدادها‪ .‬و عل ى‬ ‫نسبة الكلم النظوم هو الكلم النثور ف الاهلية و السلم‪ .‬كان أول مرسل معتب الوازنة بي جله و تراكيبه‪ ،‬شاهدة موازنته بفواصله من‬ ‫غي التزام سجع و ل اكتراث بصنعة‪ .‬حت نبغ إبراهيم بن هلل الصاب كاتب بن بويه‪ ،‬فتعاطى الصنعة و التقفيه و أتى بذلك ب العجب‪ .‬و‬ ‫عاب الناس عليه كلفه بذلك ف الخاطبات السلطانية‪ .‬و إنا حله عليه ما كان ف ملوكه من العجمة و البعد عن صولة اللفة النفقة لسوق‬ ‫البلغة‪ .‬ث انتشرت الصناعة بعده ف منثور التأخرين و نسي عهد الترسيل و تشابت السلطانيات و الخوانيات و العربيات بالسوقيات‪ .‬و‬ ‫اختلط الرعى بالمل‪ .‬و هذا كله يدلك على أن الكلم الصنوع بالعاناة و التكليف‪ ،‬قاصر عن الكلم الطبوع‪ ،‬لقلة الكتراث فيه بأص ل‬ ‫البلغة‪ ،‬و الاكم ف ذلك الذوق‪ .‬و ال خلقكم و علمكم ما ل تكونوا تعلمون‪.‬‬


‫الفصل التاسع و المسون‪ :‬ف ترفع أهل الراتب عن انتحال الشعر‬ ‫اعلم أن الشعر كان ديوانا للعرب فيه علومهم و أخبارهم و حكمهم‪ .‬و كان رؤساء العرب منافسي فيه و كانوا يقفون بس وق عك اظ‬ ‫لنشاده و عرض كل واحد منهم ديباجته على فحول الشأن و أهل البصر لتمييز حوله‪ .‬حت انتهوا إل الناغاة ف تعليق أشعارهم بأرك ان‬ ‫البيت الرام موضع حجهم و بيت أبيهم إبراهيم كما فعل امرؤ القيس ابن حجر و النابغة الذبيان و زهي بن أب سلمى و عنترة بن شداد و‬ ‫طرفة بن العبد و علقمة بن عبدة و العشى و غيهم من أصحاب العلقات السبع‪ .‬فإنه إنا كان يتوصل إل تعليق الشعر با من كان له قدرة‬ ‫على ذلك بقومه و عصبته و مكانه ف مضر على ما قيل ف سبب تسميتها بالعلقات‪ .‬ث انصرف العرب عن ذلك أول السلم با شغلهم من‬ ‫أمر الدين والنبؤة و الوحي و ما أدهشهم من أسلوب القرآن و نظمه فأخرسوا عن ذلك و سكتوا عن الوض ف النظم و الن ثر زمان ا‪ .‬ث‬ ‫استقر ذلك و أونس الرشد من اللة‪ .‬و ل ينل الوحي ف تري الشعر و حظره و سعه النب صلى ال عليه و سلم و أثاب علي ه‪ ،‬فرجع وا‬ ‫حينئذ إل ديدنم منه‪ .‬و كان لعمر بن أب ربيعة كبي قريش لذلك العهد مقامات فيه عالية و طبقة مرتفعة و كان كثيا ما يعرض شعره على‬ ‫ابن عباس فيقف لستماعه معجبا به‪ .‬ث جاء من بعد ذلك اللك الفحل و الدولة العزيزة و تقرب إليهم العرب بأشعارهم يتدحونم ب ا‪ .‬و‬ ‫ييزهم اللفاء بأعظم الوائز على نسبة الودة ف أشعارهم و مكانم من قومهم و يرصون على استهداء أشعارهم يطلعون منها على الثار‬ ‫و الخبار و اللغة و شرف اللسان‪ .‬و العرب يطالبون ولدهم بفظها‪ .‬و ل يزل هذا الشأن أيام بن أمية و صدرا من دول ة بن العب اس‪ .‬و‬ ‫انظر ما نقله صاحب العقد ف مسامرة الرشيد للصمعي ف باب الشعر و الشعراء تد ما كان عليه الرشيد من العرفة بذلك و الرسوخ فيه و‬ ‫العناية بانتحاله و التبصر بيد الكلم و رديئه و كثرة مفوظه منه‪ .‬ث جاء خلق من بعدهم ل يكن اللسان لسانم م ن أج ل العجم ة و‬ ‫تقصيها باللسان و إنا تعلموه صناعة ث مدحوا بأشعارهم أمراء العجم الذين ليس اللسان لم طالبي معروفهم فقط ل سوى ذل ك م ن‬ ‫الغراض كما فعله حبيب و البحتري و التنبئ و ابن هانئ و من بعدهم و هلم جرا‪ .‬فصار غرض الشعر ف الغلب إنا ه و الك ذب و‬ ‫الستجداء لذهاب النافع الت كانت فيه للولي كما ذكرناه آنفا‪ .‬و أنف منه لذلك أهل المم و الراتب من التأخرين و تغي الال و أصبح‬ ‫تعاطيه هجنة ف الرئاسة و مذمة لهل الناصب الكبية‪ .‬و ال مقلب الليل و النهار‪.‬‬

‫الفصل الستون‪ :‬ف أشعار العرب و أهل المصار لذا العهد‬ ‫اعلم أن الشعر ل يتص باللسان العرب فقط بل هو موجود ف كل لغة سواء كانت عربية أو عجمية و قد كان ف الفرس شعراء و ف يونان‬ ‫كذلك و ذكر منهم أرسطو ف كتاب النطق أوميوس الشاعر و أثن عليه‪ .‬و كان ف حي أيضا شعراء متقدمون‪ .‬و لا فسد لسان مض ر و‬ ‫لغتهم الت ذونت مقاييسها و قواني إعرابا و فسدت اللغات من بعد بسب ما خالطها و مازجها من العجمة فكانت تيل العرب بأنفسهم‬ ‫لغة خالفت لغة سلفهم من مضر ف العراب جلة و ف كثي من الوضوعات اللغوية و بناء الكلمات‪ .‬و كذلك الضر أهل المصار نشأت‬ ‫فيهم لغة أخرى خالفت لسان مضر ف العراب و أكثر الوضاع و التصاريف وخالفت أيضا لغة اليل من العرب لذا العهد‪ .‬و اختلف ت‬ ‫هي ف نفسها بسب اصطلحات أهل الفاق فلهل الشرق و أمصاره لغة غي لغة أهل الغرب و أمصاره وتالفهما أيضا لغة أهل الندلس‬ ‫و أمصاره‪ .‬ث لا كان الشعر موجودا بالطبع ف أهل كل لسان لن الوازين على نسبة واحدة ف أعداد التحركات و الس واكن و تقابله ا‬ ‫موجودة ف طباع البشر فلم يهجر الشعر بفقدان لغة واحدة و هي لغة مضر الذين كانوا فحولة و فرسان ميدانه حسبما اش تهر بي أه ل‬ ‫الليقة‪ .‬بل كل جيل وأهل كل لغة من العرب الستعجمي و الضر أهل المصار يتعاطون منه ما يطاوعهم ف انتحاله و رصف بنائه عل ى‬ ‫مهيع كلمهم‪ .‬فأما العرب أهل هذا اليل الستعجمون عن لغة سلفهم من مضر فيعرضون الشعر لذا العهد ف سائر العاريض على ما كان‬ ‫عليه سلفهم الستعربون و يأتون منه بالطولت مشتملة على مذاهب الشعر و أغراضه من النسيب و الدح و الرثاء و الجاء و يس تطردون‬ ‫ف الروج من فن إل فن ف الكلم‪ .‬و ربا هجموا على القصود لول كلمهم و أكثر ابتدائهم ف قصائدهم باسم الشاعر ث بع د ذل ك‬ ‫ينسبون‪ .‬فأهل أمصار الغرب من العرب يسمون هذه القصائد بالصمعيات نسبة إل الصمعي راوية العرب ف أشعارهم و أهل الشرق من‬ ‫العرب يسمون هذا النوع من الشعر بالبدوي والوران و القيسي‪ .‬و ربا يلحنون فيه ألانا بسيطة ل على طريقة الص ناعة الوس يقية‪ .‬ث‬


‫يغنون به و يسمون الغناء به باسم الوران نسبة إل حوران من أطراف العراق و الشام و هي من منازل العرب البادية و مساكنهم إل هذا‬ ‫العهد‪ .‬و لم فن آخر كثي التداول ف نظمهم ييئون به معصبا على أربعة أجزاء يالف آخرها الثلثة ف رويه و يلتزمون القافية الرابع ة ف‬ ‫كل بيت إل آخر القصيدة شبيها بالربع و الخمس الذي أحدثه التأخرون من الولدين‪ .‬و لؤلء العرب ف هذا الشعر بلغة فائقة و فيه م‬ ‫الفحول و التأخرون و الكثي من النتحلي للعلوم لذا العهد و خصوصا علم اللسان يستنكر صاحبها هذه الفنون الت لم إذا سعها و ي ج‬ ‫نظمهم إذا أنشد و يعتقد أن ذوقه إنا نبا عنها لستهجانا و فقدان العراب منها‪ .‬و هذا إنا أتى من فقدان اللكة ف لغتهم فلو حصلت له‬ ‫ملكة من ملكاتم لشهد له طبعة و ذوقه ببلغتها إن كان سليما من الفات ف فطرته و نظره و إل فالعراب ل مدخل له ف البلغة إن ا‬ ‫البلغة مطابقة الكلم للمقصود و لقتضى الال من الوجود فيه سواء كان الرفع دال على الفاعل و النصب دال على الفعول أو بالعكس و‬ ‫إنا يدل على ذلك قرائن الكلم كما هو ف لغتهم هذه‪ .‬فالدللة بسب ما يصطلح عليه أهل اللكة فإذا عرف اصطلح ف ملكة و اش تهر‬ ‫صحة الدللة و إذا طابقت تلك الدللة القصود و مقتضى الال صحت البلغة و ل عبة بقواني النحاة ف ذلك‪ .‬و أساليب الشعر و فنونه‬ ‫موجودة ف أشعارهم هذه ما عدا حركات العراب ف أواخر الكلم فإن غالب كلماتم موقوفة الخر‪ .‬و يتميز عندهم الفاعل من الفعول و‬ ‫البتدأ من الب بقرائن الكلم ل بركات العراب‪.‬‬ ‫فمن أشعارهم على لسان الشريف بن هاشم يبكي الارية بنت سرحان‪ ،‬و يذكر ظعنها مع قومها إل الغرب‪:‬‬ ‫ترى كبدي حرى شكت من زفيها‬ ‫قال الشريف ابن هاشم علي‬ ‫يرد غلم البدو يلوي عصيا‬ ‫يغز للعلم أين ما رأت خاطري‬ ‫عداة وزائع تلف ال خبيها‬ ‫و ماذا شكاة الروح ما طرا لا‬ ‫طوى و هند جاف ذكيها‬ ‫يس إن قطاع عامر ضميها‬ ‫على مثل شوك الطلح عقدوا يسيها‬ ‫و عادت كما خوارة ف يد غاسل‬ ‫على شوك لعه و البقايا جريرها‬ ‫تابذوها اثني و النع بينهم‬ ‫شبيه دوار السوان يديرها‬ ‫و باتت دموع العي ذارفات لشانا‬ ‫مرون يي متراكبا من صبيها‬ ‫تدارك منها النجم حذرا و زادها‬ ‫عيون و لاز البق ف غزيرها‬ ‫يصب من القيعان من جانب الصفا‬ ‫ناضت من بغداد حت فقيها‬ ‫هاذا الغن حت تسابيت غزوة‬ ‫و عرج عاريها على مستعيها‬ ‫و نادى النادي بالرحيل و شدوا‬ ‫على أيدين ماضي وليد مقرب ميها‬ ‫و شد لا الدهم دياب بن غان‬ ‫و سوقوا النجوع إن كان أنا هو غفيها‬ ‫و قال لم حسن بن سرحان غزبوا‬ ‫و باليمي ل يدوا ف مغيها‬ ‫و يركض و بيده شهامه بالتسامح‬ ‫و ما كان يرضى زين حي و ميها‬ ‫غدرن زيان السيح من عابس‬ ‫و أناليه ما من درقت ما يديرها‬ ‫غدرن و هو زعما صديقي و صاحب‬ ‫برالبلدالعطشى ما بيها‬ ‫و رجع يقول لم بلل بن هاشم‬ ‫داخل و ل عائد ركيه من نعيها‬ ‫حرام علي باب بغداد و أرضها‬ ‫على الشمس أوحول الغظامن هجيها‬ ‫تصدف روحي عن بلد بن هاشم‬ ‫يلوذ و برجان يشدوا أسيها‬ ‫و باتت نيان العذارى قوادح‬ ‫ومن قولم ف رثاء أمي زناتة أب سعدى اليفرن مقارعهم بأفريقية و أرض الزاب و رثاؤهم له على جهة التهكم‪:‬‬ ‫لا ف ظعون الباكرين عويل‬ ‫تقول فتاة الي سعدى و هاضها‬ ‫خذ النعت من ل تكون هبيل‬ ‫أيا سائلي عن قب الزنات خليفه‬ ‫من الربط عيساوي بناه طويل‬ ‫تراه يعال وادي ران و فوقه‬


‫به الواد شرقا و الياع دليل‬ ‫أراه ييل النور من شارع النقا‬ ‫قد كان لعقاب الياد سليل‬ ‫أيا لف كبدي على الزنات خليفه‬ ‫جراحه كافواه الزاد تسيل‬ ‫قتيل فت اليجا دياب بن غان‬ ‫لترحل إل أن يريذ رحيل‬ ‫أيا جائزا مات الزنات خليفه‬ ‫و عشرا و ستا ف النهار قليل‬ ‫أل واش رحلنا ثلثي مرة‬ ‫و من قولم على لسان الشريف بن هاشم يذكر عتابا وقع بينه و بي ماضي بن مقرب‪:‬‬ ‫أشكر ما ننا عليك رضاش‬ ‫تبدى ماضي البار و قال ل‬ ‫و رانا عريب عربا لبسي ناش‬ ‫أشكر أعد ما بقي ود بيننا‬ ‫كما صادفت طعم الزباد طشاش‬ ‫نن غدينا نصدفو ما قضى لنا‬ ‫ليحدو و من عمر بلده عاش‬ ‫أشكر أعد إل يزيد ملمه‬ ‫هنا العرب ما زدنا لن صياش‬ ‫إن كان نبت الشوك يلقح بأرضكم‬ ‫و من قولم ف ذكر رحلتهم إل الغرب و غلبهم زناتة عليه‪:‬‬ ‫و أي رجال ضاع قبلي جيلها‬ ‫و أي جيل ضاع ل ف الشريف بن هاشم‬ ‫عنان بجة ماغبان دليلها‬ ‫لقد كنت أنا وياه ف زهو بيتنا‬ ‫من المر فهو ما قدر من ييلها‬ ‫وعدت كأن شارب من مدامة‬ ‫غريبا و هي مدوخه عن قبيلها‬ ‫أو مثل شطامات مظنون كبدها‬ ‫و هي بي عربا غافل عن نزيلها‬ ‫أتاها زمان السوء حت تدوحت‬ ‫شاكي بكبد باديتها زعيلها‬ ‫كذلك أنا ما لان من الوجى‬ ‫و قووا و شداد الوايا حيلها‬ ‫و أمرت قومي بالرحيل و بكروا‬ ‫و البدو ماترفع عمود يقيلها‬ ‫قعدنا سبعة أيام مبوس نعنا‬ ‫يظل الرى فوق النضا و نصيلها‬ ‫نظل على حداب الثنايا نوازي‬ ‫و من شعر يلطان بن مظفر بن يي من الزواودة أحد بطون رياح و أهل الرياسة فيهم‪ ،‬يقولا و هو معتقل بالهدي ة ف س جن المي أب‬ ‫زكريا بن أب حفص أول ملوك أفريقية من الوحدين‪:‬‬ ‫حرام على أجفان عين منامها‬ ‫يقول و ف بوح الدجا بعد وهنة‬ ‫و روح هيامي طال ما ف سقامها‬ ‫يا من لقلب حالف الوجد و السى‬ ‫عداوية و لا بعيد مرامها‬ ‫حجازية بدوية عربية‬ ‫سوى عانك الوعسا يؤت خيامها‬ ‫مولعة بالبدو ل تألف القرى‬ ‫محونة بيها و بيها صحيح غرامها‬ ‫غيات و مشتاها با كل شتوة‬ ‫يوات من الورالليا جسامها‬ ‫و مرباها عشب الراضي من اليا‬ ‫عليها من السحب السواري عمامها‬ ‫تشوق شوق العي ما تداركت‬ ‫عيون غرار الزن عذبا حامها‬ ‫و ماذا بكت بالا و ماذا تناحطت‬ ‫عليها و من نور القاحي خزامها‬ ‫كأن عروس البكر لحت ثيابا‬ ‫و مرعى سوى ما ف مراعي نعامها‬ ‫فلة و دهنا و اتساع و منة‬ ‫غنيم و من لم الوازي طعامها‬ ‫و مشروبا من مض ألبان شولا‬ ‫يشيب الفت ما يقاسي زحامها‬ ‫تفانت عن البواب و الوقف الذي‬ ‫و بل و يي ما بلي من رمامها‬ ‫سقى ال ذا الوادي الشجر باليا‬


‫ظفرت بأيام مضت ف ركامها‬ ‫فكافأتا بالود من و ليتن‬ ‫إذا قمت ل تظ من أيدي سهامها‬ ‫ليال أقواس الصبا ف سواعدي‬ ‫زمان الصبا سرجا و بيدي لامها‬ ‫و فرسي عديد تت سرجي مشاقة‬ ‫من اللق أبى من نظام ابتسامها‬ ‫و كم من رداح أسهرتن و ل أرى‬ ‫مطرزة الجفان باهي و شامها‬ ‫و كم غيها من كاعب مرجحنة‬ ‫بكفي و ل ينسى جداها ذمامها‬ ‫و صفقت من وجدي عليها طرية‬ ‫و توهج ل يطفا من الاء ضرامها‬ ‫و نار بطب الوجد توهج ف الشا‬ ‫فن العمر ف دار عمان ظلمها‬ ‫أيا من وعدت الوعد هذا إل مت‬ ‫و يغمى عليها ث يبدا غيامها‬ ‫و لكن رأيت الشمس تكسف ساعة‬ ‫إلينا بعون ال يهفو علمها‬ ‫بنود و رايات من السعد أقبلت‬ ‫و رمى على كتفي و سيي أمامها‬ ‫أرى ف الفل بالعي أظعان عزوت‬ ‫أحب بلد ال عندي حشامها‬ ‫يرعا عتاق النوق من فوق شامس‬ ‫مقيم با مالذ عندي مقامها‬ ‫إل منل بالعفرية للوى‬ ‫يزيل الصدا و الغل عن سلمها‬ ‫ونلقى سراة من هلل بن عامر‬ ‫إذا قاتلوا قوما سريع انزامها‬ ‫بم تضرب المثال شرقا و مغربا‬ ‫مدى الدهر ما غن يفينا حامها‬ ‫عليهم و من هو ف حاهم تية‬ ‫فذي الدنيا ما دامت لحد دوامها‬ ‫فدع ذا و ل تأسف على سالف مضى‬ ‫و من أشعار التأخرين منهم قول خالد بن حزة بن عمر‪ .‬شيخ الكعوب‪ .‬من أولد أب الليل‪ .‬يعاتب أقتالم أولد مهلهل و ييب ش اعرهم‬ ‫شبل بن مسكيانة بن مهلمهل‪ .‬عن أبيات فخر عليهم فيها بقومه‪:‬‬ ‫قوارع قيعان يعان صعابا‬ ‫يقول و ذا قول الصاب الذي نشا‬ ‫فنونا من انشاد القواف عذابا‬ ‫يريح با حادي الصاب إذا سعى‬ ‫تدى با تام الوشا ملتها با‬ ‫مية متارة من نشادها‬ ‫مكمة القيعان داب و دابا‬ ‫مغربلة عن ناقد ف غضونا‬ ‫قوارع من شبل و هذي جوابا‬ ‫و هيض بتذكاري لا يا ذوي الندى‬ ‫فراح يريح الوجعي الغنا با‬ ‫اشبل جنينا من حباك طرائفا‬ ‫سوى قلت ف جهورها ما أعابا‬ ‫فخرت و ل تقصر و ل أنت عادم‬ ‫وحامي حاها عاديا ف حرابا‬ ‫لقولك ف أم التي بن حزة‬ ‫رصاص بن يي و غلق دابا‬ ‫أما تعلم أنه قامها بعد ما لقي‬ ‫و هل ريت من جا للوغى و اصطلى با‬ ‫شهابا من أهل المر يا شبل خارق‬ ‫و أثن طفاها جاسرا ل يهابا‬ ‫سواها طفاها أضرمت بعد طفيه‬ ‫لفاس إل بيت الن يقتدى با‬ ‫و اضرمت بعد الطفيتي ألن صحت‬ ‫فصار و هي عن كب السنة تابا‬ ‫و بان لوال المر ف ذا انشحابا‬ ‫رجال بن كعب الذي يتقى با‬ ‫كما كان هو يطلب على ذا تنبت‬ ‫منها ف العتاب‪:‬‬ ‫غنيت بعلق الثنا و اغتصابا‬ ‫وليدا تعاتبتوا أنا أغن لنن‬ ‫بأسياف ننتاش العدا من رقابا‬ ‫علي ونا ندفع با كل مبضع‬


‫علينا بأطراف القنا اختضابا‬ ‫فإن كانت الملك بغت عرايس‬ ‫و زرق كالسنة الناش انسلبا‬ ‫و ل بعدها الرهاف و ذبل‬ ‫تسي السبايا و الطايا ركابا‬ ‫بن عمنا ما نرتضي الذل غلمه‬ ‫بل شك و الدنيا سريع انقلبنها‬ ‫و هي عالا بأن النايا تنيلها‬ ‫و منها ف وصف الظعائن‪:‬‬ ‫فتوق بوبات موف جنابا‬ ‫قطعنا قطوع البيد ل نتشي العدا‬ ‫وكل مهاة متظيها ربابا‬ ‫ترى العي فيها قل لشبل عرائف‬ ‫بكل حلوب الوف ما سد بابا‬ ‫ترى أهلها غب الصباح أن يفلها‬ ‫ورا الفاجر المزوج عفو رضابا‬ ‫لا كل يوم ف الرامي قتائل‬ ‫و من قولم ف المثال الكمية‬ ‫و صدك عمن صد عنك صواب‬ ‫و طلبك ف المنوع منك سفاهة‬ ‫ظهور الطايا يفتح ال باب‬ ‫إذا رأيت أناسا يغلقوا عنك بابم‬ ‫و من قول شبل يذكر انتساب الكعوب إل برجم‪:‬‬ ‫جيع البايا تشتكي من ضهادها‬ ‫لشيب و شبان من أولد برجم‬ ‫و من قول خالد يعاتب إخوانه ف موالة شيخ الوحدين أب ممد بن تافراكي الستبد بجابة السلطان بتونس على س لطانا مكفول ة أب‬ ‫إسحاق ابن السلطان أب يي و ذلك فيما قرب من عصرنا‪:‬‬ ‫مقالة قوال و قال صواب‬ ‫يقول بل جهل فت الود خالد‬ ‫هريا و ل فيما يقول ذهاب‬ ‫مقالة حب ذات ذهن و ل يكن‬ ‫و ل هرج ينقاد منه معاب‬ ‫تجست معنا نابا ل لاجة‬ ‫حزينة فكر و الزين يصاب‬ ‫و كنت با كبدي و هي نعم صابة‬ ‫جرت من رجال ف القبيل قراب‬ ‫تفوهت بادي شرحها عن مآرب‬ ‫بن عم منهم شايب و شباب‬ ‫بن كعب أدن القربي لدمنا‬ ‫مصافاة ود و اتساع جناب‬ ‫جرى عند فتح الوطن منا لبعضهم‬ ‫كما يعلموا قول بقيه صواب‬ ‫و بعضهم ملنا له عن خصيمه‬ ‫جزاعا و ف جو الضمي كتاب‬ ‫و بعضهمو مرهوب من بعض ملكنا‬ ‫خواطر منها للنيل و هاب‬ ‫و بعضهمو جانا جريا تسمحت‬ ‫نقهناه حت ماعنا به ساب‬ ‫و بعضهمو نظار فينا بسوة‬ ‫مرارا و ف بعض الرار يهاب‬ ‫رجع ينتهي ما سفهناقبيحه‬ ‫غلق عنه ف أحكام السقائف باب‬ ‫و بعضهمو شاكي من أوغاد قادر‬ ‫على كره مول البالقي و دياب‬ ‫فصمناه عنه و اقتضي منه مورد‬ ‫لم ما حططنا للفجور نقاب‬ ‫و نن على داف الدى نطلب العل‬ ‫نفقنا عليها سبقا و رقاب‬ ‫و حزنا حى وطن بترشيش بعدما‬ ‫على أحكام وال أمرها له ناب‬ ‫و مهد من الملك ما كان خارجا‬ ‫بن كعب لواها الغري و طاب‬ ‫بردع قروم من قروم قبيلنا‬ ‫و قمنا لم عن كل قيد مناب‬ ‫جرينا بم عن كل تاليف ف العدا‬ ‫ربيها و خياته عليه نصاب‬ ‫إل أن عاد من ل كان فيهم بمة‬


‫و لبسوا من أنواع الرير ثياب‬ ‫و ركبوا السبايا الثمنات من أهلها‬ ‫جاهي ما يغلو با بلب‬ ‫و ساقوا الطايا يالشرا ل نسوا له‬ ‫ضخام لزات الزمان تصاب‬ ‫و كسبوا من أصناف السعايا ذخائر‬ ‫و إل هلل ف زمان دياب‬ ‫و عادوا نظي البمكيي قبل ذا‬ ‫إل أن بان من نار العدو شهاب‬ ‫و كانوا لنا درعا لكل مهمة‬ ‫ملمه و ل دار الكرام عتاب‬ ‫و خلوا الدار ف جنح الظلم و ل اتقوا‬ ‫وهم لو دروا لبسوا قبيح جباب‬ ‫كسوا الي جلباب البهيم لستره‬ ‫ذهل حلمي إن كان عقله غاب‬ ‫كذلك منهم حانس ما دار النبا‬ ‫تن يكن له ف السماح شعاب‬ ‫يظن ظنونا ليس نن بأهلها‬ ‫بالثبات من ظن القبايح عاب‬ ‫خطا هو و من واتاه ف سو ظنه‬ ‫وهوب للف بغي حساب‬ ‫فوا عزوت إن الفت بو ممد‬ ‫بروحه ما يي بروح سحاب‬ ‫و برحت الوغاد منه و يسبوا‬ ‫لقوا كل ما يستاملوه سراب‬ ‫جروا يطلبوا تت السحاب شرائع‬ ‫و ل كان ف قلة عطاه صواب‬ ‫و هو لو عطى ما كان للرأي عارف‬ ‫و إنه باسهام التلف مصاب‬ ‫و إن نن ما نستاملوا عنه راحة‬ ‫عليه و يشي بالفزوع لزاب‬ ‫و إن ما وطا ترشيش يضياق وسعها‬ ‫خنوج عناز هوالا و قباب‬ ‫و إنه منها عن قريب مفاصل‬ ‫ربوا خلف أستار و خلف حجاب‬ ‫و عن فاتنات الطرف بيض غوانج‬ ‫بسن قواني و صوت رباب‬ ‫يتيه إذا تاهوا و يصبوا إذا صبوا‬ ‫يطارح حت ما كأنه شاب‬ ‫يضلوه عن عدم اليمي و ربا‬ ‫و لذة مأكول و طيب شراب‬ ‫بم حازله زمه و طوع أوامر‬ ‫من الود إل ما بدل براب‬ ‫حرام على ابن تافركي ما مضى‬ ‫يلجج ف اليم الغريق غراب‬ ‫و إن كان له عقل رجيح و فطنة‬ ‫كبار إل أن تبقى الرجال كباب‬ ‫و أما البدا ل بدها من فياعل‬ ‫و يمار موصوف القنا و جعاب‬ ‫‌ و يمي با سوق علينا سلعه‬ ‫ندوما و ل يسي صحيح بناب‬ ‫و يسي غلم طالب ريح ملكنا‬ ‫غلطتوا أدمتوا ف السموم لباب‬ ‫أيا واكلي البز تبغوا أدامه‬ ‫و من شعر علي بن عمر بن إبراهيم من رؤساء بن عامر لذا العهد أحد بطون زغبة يعاتب بن عمه التطاولي إل رياسته‪:‬‬ ‫إذا كان ف سلك الرير نظام‬ ‫مبة كالدر ف يد صانع‬ ‫و شاء تبارك و الضعون تسام‬ ‫أباحها منها فيه أسباب ما مضى‬ ‫عصاها و ل صبنا عليه حكام‬ ‫غدا منه لم الي حيي و انشطت‬ ‫تبم على شوك القتاد برام‬ ‫و لكن ضميي يوم بان بم إلينا‬ ‫و بي عواج الكانفات ضرام‬ ‫و إل كأبراص التهامي قوادح‬ ‫أتاهم بنشار القطيع غشام‬ ‫و إل لكان القلب ف يد قابض‬ ‫إذا كان ينادي بالفراق و خام‬ ‫لا قلت سا من شقا البي زارن‬ ‫بيحي و حله و القطي لام‬ ‫أل يا ربوع كان بالمس عامر‬


‫دجى الليل فيهم ساهر و نيام‬ ‫و غيد تدان للخطا ف ملعب‬ ‫لنا ما بدا من مهرق و كظام‬ ‫و نعم يشوف الناظرين التحامها‬ ‫و لطلق من شرب الها و نعام‬ ‫و عرود باسها ليدعو لسربا‬ ‫ينوح على اطلل لا و خيام‬ ‫و اليوم ما فيها سوى البوم حولا‬ ‫بعي سخينا و الدموع سجام‬ ‫وقفنا با طورا طويل نسالا‬ ‫و سقمي من أسباب إن عرفت أوهام‬ ‫‌ و ل صح ل منها سوى وحش خاطري‬ ‫سلم و من بعد السلم سلم‬ ‫و من بعد ذا تدى لنصور بو علي‬ ‫دخلتم بور غامقات دهام‬ ‫و قولوا له يا بو الوفا كلح رأيكم‬ ‫لا سيلت على الفضا و أكام‬ ‫زواخر ما تنقاس بالعود إنا‬ ‫و ليس البحور الطاميات تعام‬ ‫و ل قمستمو فيها قياسا يدلكم‬ ‫من الناس عدمان العقول لئام‬ ‫و عانوا على هلكاتم ف ورودها‬ ‫قرار و ل دنيا لن دوام‬ ‫أيا عزوة ركبوا الضللة و ل لم‬ ‫مثل سراب فله ما لن تام‬ ‫أل غناهو لو ترى كيف زايهم‬ ‫مواضع ماهيا لم بقام‬ ‫خلو القنا يبغون ف مرقب العل‬ ‫و من زارها ف كل دهر و عام‬ ‫و حق النب و البيت و أركانه العلى‬ ‫يذوقون من خط الكساع مدام‬ ‫لب الليال فيه إن طالت اليا‬ ‫بكل ردين مطرب و حسام‬ ‫و ل بزها تبقى البوادي عواكف‬ ‫عليها من أولد الكرام غلم‬ ‫و كل مسافة كالسد إياه عابر‬ ‫يظل يصارع ف العنان لام‬ ‫و كل كميت يكتعص عض نابه‬ ‫و تولدنا من كل ضيق كظام‬ ‫و تمل بنا الرض العقيمة مدة‬ ‫لا وقت و جنات البدور زحام‬ ‫بالبطال و القود الجان و بالقنا‬ ‫وف سن رمي للحروب علم‬ ‫أتحدن و أنا عقيد نقودها‬ ‫حت يقاضوا من ديون غرام‬ ‫و نن كاضراس الواف بنجعكم‬ ‫يلقى سعايا صايرين قدام‬ ‫مت كان يوم القحط يا مي أبو علي‬ ‫و خلى الياد العاليات تسام‬ ‫كذلك بو حو إل اليسر ابعته‬ ‫و ل يمعوا بدهى العدو زفام‬ ‫و خل رجال ل يرى الضيم جارهم‬ ‫و هم عذر عنه دائما و دوام‬ ‫أل يقيموها و عقد بؤسهم‬ ‫ما بي صحاصيح و ما بي حسام‬ ‫و كم ثار طعنها على البدو سابق‬ ‫لنا أرض ترك الظاعني زمام‬ ‫فت ثار قطار الصوى يومنا على‬ ‫حليف الثنا قشاع كل غيام‬ ‫و كم ذا ييبوا أثرها من غنيمة‬ ‫غدا طبعه يدى عليه قيام‬ ‫و إن جاء خافوه اللوك و وسعوا‬ ‫ما غنت الورقا و ناح حام‬ ‫عليكم سلم ال من لسن فاهم‬ ‫و من شعر عرب نر بنواحي حوران لمرأة قتل زوجها فبعثت إل أحلفه من قيس تغريهم بطلب ثأره تقول‪:‬‬ ‫بعي أراع ال من ل رثى لا‬ ‫تقول فتاة الي أم سلمه‬ ‫موجعة كان الشقا ف مالا‬ ‫تبيت بطول الليل ما تألف الكرى‬ ‫بلحظة عي البي غي حالا‬ ‫على ما جرى ف دارها و بو عيالا‬


‫فقدنا شهاب الدين يا قيس كلكم‬ ‫أنا قلت إذا ورد الكتاب يسرن‬ ‫أيا حي تسريح الذوائب و اللحى‬

‫و نتوا عن أخذ الثار ماذا مقالا‬ ‫و يبد من نيان قلب ذبالا‬ ‫و بيض العذارى ما حيتو جالا‬

‫الوشحات و الزجال للندلس‬ ‫و أما أهل الندلس فلما كثر الشعر ف قطرهم و تذبت مناحيه و فنونه و بلغ التنميق فيه الغاية استحدث التأخرون منهم فنا من ه س وه‬ ‫بالوشح ينظمونه أساطا أساطا و أغصانا أغصانا يكثرون من أعاريضا الختلفة‪ .‬و يسمون التعدد منها بيتا واحدا و يلتزمون عند قواف تلك‬ ‫الغصان و أوزانا متتاليا فيما بعد إل آخر القطعة و أكثر ما تنتهى عندهم إل سبعة أبيات‪ .‬و يشتمل كل بيت على أغصان عددها بسب‬ ‫الغراض و الذاهب و ينسبون فيها و يدحون كما يفعل ف القصائد‪ .‬و تاروا ف ذلك إل الغاية و استظرفة الناس جلة الاص ة والكاف ة‬ ‫لسهولة تناوله و قرب طريقه‪ .‬و كان الخترع لا بزيرة الندلس مقدم بن معافرالفريري من شعراء المي عبد ال بن ممد الروان‪ .‬و أخذ‬ ‫ذلك عنه أبو عبد ال أحد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد و ل يظهر لما مع التأخرين ذكر و كسدت موشحاتما‪ .‬فكان أول من برع‬ ‫ف هذا الشأن عبادة القزاز شاعر العتصم بن صمادح صاحب الرية‪ .‬و قد ذكر العلم البطليوسي أنه سع أبا بكر بن زهي يق ول‪ :‬ك ل‬ ‫الوشاحي عيال على عبادة القزاز فيما أتفق له من قوله‪:‬‬ ‫غصن نقا‪ .‬مسك شم‬ ‫بدر ت‪ .‬شس ضحا‬ ‫ما أورقا‪ .‬ما أن‬ ‫ما أت‪ .‬ما أوضحا‬ ‫قد عشقا‪ .‬قد حرم‬ ‫ل جرم‪ .‬من لا‬ ‫و زعموا أنة ل يسبقه وشاح من معاصريه الذين كانوا ف زمن الطوائف‪ .‬و ذكر غي واحد من الشايخ أن أهل ه ذا الش أن بالن دلس‬ ‫يذكرون أن جاعة من الوشاحي اجتمعوا ف ملس بأشبيلية و كان كل واحد منهم اصطنع موشحة و تأنق فيها فتقدم العمى الطليطل ي‬ ‫للنشاد فلما افتتح موشحته الشهورة بقوله‪:‬‬ ‫ضاق عنه الزمان‪ .‬و حواه صدري‬ ‫ضاحك عن جان‪ .‬سافرعن در‬ ‫صرف ابن بقي موشحته و تبعه الباقون‪ .‬و ذكر العلم البطليوسي أنه سع ابن زهر يقول‪ :‬ما حسدت قط وشاحا على قول إل اب ن بق ي‬ ‫حي وقع له‪:‬‬ ‫أطلعه الغرب‪ .‬فأرنا مثله يا مشرق‬ ‫أما ترى أحد‪ .‬ف مده العال ل يلحق‬ ‫و كان ف عصرها من الوشحي الطبوعي أبو بكر البيض‪ .‬و كان ف عصرها أيضا الكيم أبو بكر بن باجة صاحب التلحي العروفة و‬ ‫من الكايات الشهورة أنه حضر ملس مدومه ابن تيفلويت صاحب سرقسطة فألقى على بعض قيناته موشحته الت أولا‪:‬‬ ‫وصل الشكر منك بالشكر‬ ‫جرر الذيل أيا جر‬ ‫فطرب المدوح لذلك لا ختمها بقوله‪:‬‬ ‫لمي العل أب بكر‬ ‫عقد ال راية النصر‬ ‫فلما طرق ذلك التلحي سع ابن تيفلويت صاح‪ :‬و اطرباه‪ :‬و شق ثيابه و قال‪ :‬ما أحسن ما بدأت و ختمت و حلف بالي ان الغلظ ة ل‬ ‫يشي ابن باجة إل داره إل على الذهب‪ .‬فخاف الكيم سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهبا ف نعله و مشى عليه‪ .‬و ذكر أبو الطاب ب ن‬ ‫زهر أنه جرى ف ملس أب بكر ابن زهي ذكر أب بكر البيض الوشاح التقدم الذكر فغص منه نعض الاضرين فقال كيف تغص من يقول‪:‬‬ ‫لول هضيم الوشاح إذا أسا ف الصباح‬ ‫ما لذي شراب راح على رياض القاح‬ ‫ما للشمول لطمت خدي ؟‬ ‫أو ف الصيل أضحى يقول‪:‬‬ ‫غصن اعتدال ضمه بردي‬ ‫و للشمال هبت فمال‬ ‫يا لظة رد نوبا و يا لاه الشنيبا‬ ‫ما أباد القلوبا يشي لنا مستريبا‬


‫ل يستحيل فيه عن عهدي‬ ‫برد غليل صب عليل‬ ‫يرجو الوصال و هو ف الصد‬ ‫و ل يزال ف كل حال‬ ‫و اشتهر بعد هؤلء ف صدر دولة الوحدين ممد بن أب الفضل بن شرف‪ .‬قال السن بن دويدة‪ :‬رأيت حات بن سعيد على هذا الفتتاح‪:‬‬ ‫و ندي‬ ‫شس قاربت بدرا راح‬ ‫و ابن برودس الذي له‪:‬‬ ‫بال عودي‬ ‫يا ليلة الوصل و السعود‬ ‫و ا بن مؤهل الذي له‪:‬‬ ‫و إنا العيد ف التلقي‪ .‬مع البيب‪.‬‬ ‫ما العيد ف حلة و طاق‪ .‬و شم و طيب‪.‬‬ ‫و أبو إسحاق الروين قال ابن سعيد‪ :‬سعت أبا السن سهل بن مالك يقول‪ :‬إنه دخل على ابن زهي و قد أسن و عليه زي البادية إذ ك ان‬ ‫يسكن بصن سبتة فلم يعرفة فجلس حيث انتهى به اللس‪ .‬و جرت الاضرة فانشد لنفسه موشحة وقع فيها‪:‬‬ ‫الفجر على الصباح‬ ‫كحل الدجى يري من مقلة‬ ‫خضر من البطاح‬ ‫و معصم النهر ف حلل‬ ‫فتحرك ابن زهي و قال أنت تقول هذا ؟ قال‪ :‬اختب ! قال‪ :‬و من تكون فعرفة‪ ،‬فقال ارتفع فوال ما عرفتك‪ ،‬قال ابن سعيد و سابق اللب ة‬ ‫الذي أدرك هؤلء أبو بكر بن زهي و قد شرقت موشحاته و غربت‪ ،‬قال‪ :‬و سعت أبا السن سهل بن مالك يقول قيل لبن زهي لو قي ل‬ ‫لك ما أبدع و أرفع ما وقع لك ف التوشيح قال كنت أقول‪:‬‬ ‫ما للموله من سكره ل يفيق‪ .‬يا له سكران‪ .‬من غي خر‪ .‬ما للكئيب الشوق‪ .‬يندب الوطان‪.‬‬ ‫بالليج‪ .‬و ليالينا‬ ‫هل تستعاد‪ .‬أيامنا‬ ‫الريج‪ .‬مسك دارينا‬ ‫أو نستفاد‪ .‬من النسيم‬ ‫البهيج‪ .‬أن ييينا ؟‬ ‫أو هل يكاد‪ .‬حسن الكان‬ ‫روض أظله‪ .‬دوح عليه أنيق‪ .‬مورق الفنان‪ .‬و الاء يري‪ .‬و عائم و غريق‪ .‬من جن الريان‬ ‫و اشتهر بعده ابن حيون الذي له من الزجل الشهور قوله‪:‬‬ ‫با شئت من يد و عي‬ ‫يفوق سهمه كل حي‬ ‫و ينشد ف القصيد‪:‬‬ ‫فليس تل ساع من قتال‬ ‫خلقت مليح علمت رامي‬ ‫ما تعمل يدي بالنبال‬ ‫و تعمل بذي العيني متاعي‬ ‫و اشتهر معهما يومئذ بغرناطة الهر بن الفرس‪ ،‬قال ابن سعيد‪ ،‬و لا سع ابن زهر قوله‪:‬‬ ‫بنهر حص على تلك الروج‬ ‫ل ما كان من يوم بيج‬ ‫نفض ف حانه مسك التام‬ ‫ث انعطفنا على فم الليج‬ ‫و رداء الصيل ضمه كف الظلم‬ ‫عن عسجد زانه صاف الدام‬ ‫قال ابن زهر‪ :‬أين كنا نن عن هذا الرداء و كان معه ف بلده مطرف‪ .‬أخب ابن سعيد عن والده أن مطرفا هذا دخل على ابن الفرس فقام له‬ ‫و أكرمه‪ ،‬فقال‪ :‬ل تفغل ! فقال ابن الفرس‪ :‬كيف ل أقوم لن يقول‪:‬‬ ‫فقل كيف تبقى بل وجد‬ ‫قلوب تصاب بألاظ تصيب‬ ‫و بعد هذا ابن خزمون برسية‪ .‬ذكر ابن الرائس أن يي الزرجي دخل عليه ف ملسه فأنشده موشحة لنفسه فقال له ابن حزمون‪ :‬ل يكون‬ ‫الوشح بوشح حت يكون عاريا غن التكلف‪ ،‬قال على مثل ماذا ؟ قال على مثل قول‪:‬‬ ‫منك سبيل‬ ‫يا هاجري هل إل الوصال‬ ‫قلب العليل‬ ‫أو هل ترى عن هواك سال‬


‫و أبو السن سهل بن مالك بغرناطة‪ .‬قال ابن سعيد كان والدي يعجب بقوله‪:‬‬ ‫عاد برا ف أجع الفق‬ ‫إن سيل الصباح ف الشرق‬ ‫فتداعت نوادب الورق‬ ‫فبكت سحرة على الورق‬ ‫أتراها خافت من الغرق‬ ‫و اشتهر بأشبيلية لذلك العهد أبو السن بن الفضل‪ ،‬قال ابن سعيد عن والده‪ ،‬سعت سهل ابن مالك يقول‪ :‬له يا ابن الفضل ل ك عل ى‬ ‫الوشاحي الفضل بقولك‪:‬‬ ‫عشية بأن الوى و انقضى‬ ‫واحسرتا لزمان مضى‬ ‫و بت على جرات الغضى‬ ‫و أفردت بالرغم ل بالرضى‬ ‫و ألثم بالوهم تلك الرسوم‬ ‫أعانق بالفكر تلك الطلول‬ ‫قال و سعت أبا بكر بن الصابون ينشد الستاذ أبا السن الدباج موشحاته غي ما مرة‪ ،‬فما شنمعتة يقول له ل درك‪ ،‬إل ف قوله‪:‬‬ ‫ما لليل الشوق من فجر‬ ‫قسما بالوى لذي حجر‬ ‫جد الصبح ليس يطرد ما لليلي فيما أظن غد إصح ياليل إنك البد‬ ‫فنجوم السماء ل تسري‬ ‫أو قفصت قوادم النسر‬ ‫و من ماسن موشحات ابن الصابون قوله‪:‬‬ ‫أمرضة يا ويلتاه الطبيب‬ ‫ما حال صب ذي ضن و اكتئاب‬ ‫ث اقتدى فيه الكرى بالبيب‬ ‫عامله مبوبه باجتناب‬ ‫ل أبكه أل لفقد اليال‬ ‫جفا جفون النوم لكنن‬ ‫منه كما شاء و شاء الوصال‬ ‫و ذا الوصال اليوم قد غرن‬ ‫بصورة الق و ل بالال‬ ‫فلست باللئم من صدن‬ ‫و اشتهر بب أهل العدوة ابن خلف الزائري صاحب الوشحة الشهورة‪:‬‬ ‫يد الصباح قدحت زناد النوار ف مامز الزهر‬ ‫و ابن خرز البجائي و له من موشحة‪:‬‬ ‫حباك منه بابتسام‬ ‫ثغر الزمان موافق‬ ‫و من ماسن الوشحات للمتأخرين موشحة ابن سهل شاعر أشبيلية و سبتة من بعدها فمنها قوله‪:‬‬ ‫قلب صب حله عن مكنس‬ ‫هل درى ظب المى أن قد حى‬ ‫لعبت ريح الصبا بالقبس‬ ‫فهو ف نار و خفق مثل ما‬ ‫و قد نسج على منواله فيها صاحبنا الوزير أبو عبد ال ابن الطيب شاعر الندلس و الغرب لعصره و قد مر ذكره فقال‪:‬‬ ‫يا زمان الوصل بالندلس‬ ‫جادك الغيث إذا الغيث هى‬ ‫ف الكرى أو خلسة الختلس‬ ‫ل يكن وصلك إل حلما‬ ‫ينقل الطو على ما يرسم‬ ‫إذ يقود الدهر أشتات الن‬ ‫مثل ما يدعو الوفود الوسم‬ ‫زمرا بي فرادى و ثنا‬ ‫فثغور الزهر فيه تبسم‬ ‫و اليا قد جلل الروض سن‬ ‫كيف يروي مالك عن أنس‬ ‫و روى النعمان عن ماء السما‬ ‫يزذهي منه بأبى ملبس‬ ‫فكساه السن ثوبا معلما‬ ‫بالدجى لو ل شوس الغرر‬ ‫ف ليال كتمت سر الوى‬ ‫مستقيم السي سعد الثر‬ ‫مال نم الكأس فيها و هوى‬


‫أنه مر كلمح البصر‬ ‫وطر ما فيه من غيب سوى‬ ‫هجم الصبح هجوم الرس‬ ‫حي لذ النوم منا أو كما‬ ‫أثرت فينا عيون النرجس‬ ‫غارت الشهب بنا أو ربا‬ ‫فيكون الروض قد مكن فيه‬ ‫أي شيء لمرئ قد خلصا‬ ‫أمنت من مكره ما تتقيه‬ ‫تنهب الزهار فيه الفرصا‬ ‫و خل كل خليل بأخيه‬ ‫فإذا الاء يناجي و الصا‬ ‫يكتسي من غيظيه ما يكتسي‬ ‫تبصر الورد غيورا برما‬ ‫يسرق الدمع بأذن فرس‬ ‫و ترى الس لبيبا فهما‬ ‫و بقلب مسكن أنتم به‬ ‫يا أهيل الي من وادي الغضا‬ ‫ل أبال شرقه من غربه‬ ‫ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا‬ ‫تنقذوا عانيكم من كربه‬ ‫فأعيدوا عهد أنس قد مضى‬ ‫يتلشى نفسا ف نفس‬ ‫و اتقوا ال احيوا مغرما‬ ‫أفترضون خراب البس‬ ‫حبس القلب عليكم كرما‬ ‫بأحاديث الن و هو بعيد‬ ‫و بقلب منكم مقترب‬ ‫شقوة الغرى به و هو سعيد‬ ‫قمر أطلع منه الغرب‬ ‫ف هواه بي وعد و وعيد‬ ‫قد تساوي مسن أو مذنب‬ ‫جال ف النفس مال النفس‬ ‫ساحر القلة معسول اللمى‬ ‫بفؤادي نبلة الفترس‬ ‫سدد السهم فأصمى إذ رمى‬ ‫و فؤاد الصب بالشوق يذوب‬ ‫إن يكن جار و خاب المل‬ ‫ليس ف الب لبوب ذنوب‬ ‫فهو للنفس حبيب أول‬ ‫ف ضلوع قد براها و قلوب‬ ‫أمره معتمل متثل‬ ‫ل يراقب ف ضعاف النفس‬ ‫حكم اللحظ با فاحتكما‬ ‫و يازي الب منها و السي‬ ‫ينصف الظلوم من ظلما‬ ‫عادة عيد من الشوق جديد ؟‬ ‫ما لقلب كلما هبت صبا‬ ‫قوله إن عذاب لشديد‬ ‫كان ف اللوح له مكتتبا‬ ‫فهو للشجان ف جهد جهيد‬ ‫جلب الم له و الوصبا‬ ‫فهي نار ف هشيم اليبس‬ ‫لعج ف أضلعي قد أضرما‬ ‫كبقاء ألصبح بعد الغلس‬ ‫ل يدع من مهجت إل الدما‬ ‫و اعتبي الوقت برجعى و متاب‬ ‫سلمي يا نفس ف حكم القضا‬ ‫بي عتب قد تقضت و عتاب‬ ‫و اتركي ذكرى زمان قد مضى‬ ‫ملهم التوفيق ف أم الكتاب‬ ‫و اصرف القول إل الول الرضى‬ ‫أسد السرج و بدر اللس‬ ‫الكري النتهى و النتمى‬ ‫ينل الوحي يروح القدس‬ ‫ينل النصر عليه مثلما‬ ‫و أما الشارقة فالتكلف ظاهر على ما عانوه من الوشحات‪ .‬و من أحسن ما وقع لم ف ذلك موشحة ابن سناء اللك الت اشتهرت شرقا و‬ ‫غربا و أولا‪:‬‬ ‫عن العذار‬ ‫حبيب ارفع حجاب النور‬


‫ف جلنار‬ ‫تنظر السك على كافور‬ ‫باللى و اجعلي‬ ‫كللي يا سحب تيجان الرب‬ ‫سوارها منعطف الدول‬ ‫و لا شاع فن التوشيح ف أهل الندلس‪ ،‬و أخذ به المهور‪ .‬لسلسته و تنميق كلمه و ترصيع أجزائه‪ ،‬نسجت العامة من أهل المص ار‬ ‫على منواله‪ .‬و نظموا ف طريقته بلغتهم الضرية من غي أن يلتزموا فيها إعرابا‪ .i‬و استحدثوا فنا سوه يالزجل‪ ،‬و التزموا النظم في ه عل ى‬ ‫مناحيهم لذا العهد‪ ،‬فجاءوا فيه بالغرائب و اتسع فيه للبلغة مال بسب لغتهم الستعجمة‪.‬‬ ‫و أول من أبدع ف هذه الطريقة‪ .‬الزجلية أبو بكر بن قزمان‪ .‬و إن كانت قيلت قبله بالندلس‪ ،‬لكن ل يظهر حلها‪ ،‬و ل انسبكت معانيها‬ ‫و اشتهرت رشاقتها إل ف زمانه‪ .‬و كان لعهد اللثمي‪ ،‬و هو إمام الزجالي على الطلق‪ .‬قال ابن سعيد‪ :‬و رأيت أزجاله مروي ة ببغ داد‬ ‫أكثر ما رأيتها بواضر الغرب‪ .‬قال‪ :‬و سعت أبا السن بن جحدر الشبيلي‪ ،‬إمام الزجالي ف عصرنا يقول‪:‬‬ ‫ما وقع لحد من أئمة هذا الشأن مثل ما وقع لبن قزمان شيخ الصناعة‪ ،‬و قد خرج إل منتزه مع بعض أصحابه‪ ،‬فجلسوا تت عري ش و‬ ‫أمامهم تثال أسد من رخام يصب الاء من فيه على صفائح من الجر متدرجة فقال‪:‬‬ ‫بال رواق‬ ‫و عريش قد قام على دكان‬ ‫من غلظ ساق‬ ‫و أسد قد ابتلع ثعبان‬ ‫بيه الفراق‬ ‫و فتح فمه بال إنسان‬ ‫و ألقى الصياح‬ ‫و انطلق من ث على الصفاح‬ ‫و كان ابن قزمان‪ ،‬مع أنه قرطب الدار‪ .‬كثيا ما يتردد إل إشبيلية و نيتاب نرها‪ ،‬فاتفق أن اجتمع ذات يوم جاعة من أعلم هذا الشأن‪ .‬و‬ ‫قد ركبوا ف النهر للنهة‪ .‬و معهم غلم جيل الصورة من سروات أهل البلد و بيوتم‪ .‬و كانوا متمعي ف زورق للصيد‪ ،‬فنظموا ف وصف‬ ‫الال‪ ،‬و بدأ منهم عيسى البليدي فقال‪:‬‬ ‫و قد ضمن عشقو لشهماتو‬ ‫يطمع باللص قلب و قد فاتو‬ ‫يغلق و كذاك أمر عظيم صاباتو‬ ‫تراه قد حصل مسكي ملتو‬ ‫وذيك الفون الكحل أبلتو‬ ‫توحش الفون الكحل إن غابو‬ ‫ث قال أبو عمرو بن الزاهر الشبيلي‪:‬‬ ‫ترى ايش دعاه يشقى و يتعذب‬ ‫نشب و الوى من ل فيه ينشب‬ ‫و خلق كثي من ذا اللعب ماتوا‬ ‫مع العشق قام ف بالوان يلعب‬ ‫ث قال أبو السن القري الدان‪:‬‬ ‫شراب و ملح من حول قد طافوا‬ ‫نار مليح يعجب أوصافو‬ ‫و البوري أخرى فقلتو‬ ‫و القلي يقول من فوق صفصافو‬ ‫ث قال أبو بكر بن مرتي‪:‬‬ ‫ف الواد النيه و البوري و الصياد‬ ‫الق تريد حديث بقال عاد‬ ‫قلوب الورى هي ف شبيكاتو‬ ‫لسنا حيتان ذيك الذي يصطاد‬ ‫ث قال أبو بكر بن قزقان‪:‬‬ ‫ترى البوري يرشق لذاك اليها‬ ‫إذا شر كمامو يرميها‬ ‫إل أن يقبل بدياتو‬ ‫و ليس مرادو أن يقع فيها‬ ‫و كان ف عصرهم يشرق الندلس ملف السود‪ ،‬و له ماسن من الزجل منها قوله‪:‬‬ ‫و ردن ذا العشق لمر صعب‬ ‫قد كنت منشوب و اختشيت النشب‬ ‫تنتهي ف المر إلا تنتهي‬ ‫حت تنظر الد الشريق البهي‬


‫تنظر با الفضة و ترجع ذهب‬ ‫يا طالب الكيميا ف عين هي‬ ‫و جاءت‪ .‬بعدهم حلبة كان سابقها مدغليس‪ ،‬وقعت له العجائب ف هذه الطريقة‪ ،‬فمن قوله ف زجله الشهور‪:‬‬ ‫و شعاع الشمس يضرب‬ ‫و رذاذ دق ينل‬ ‫و ترى الخر يذهب‬ ‫فترى الواحد يفضض‬ ‫و الغصون ترقص و تطرب‬ ‫و النبات يشرب و يسكر‬ ‫ث تستحي و ترب‬ ‫و تريد تي إلينا‬ ‫و من ماسن أزجاله قوله‪:‬‬ ‫فقم بنا ننع الكسل‬ ‫لح الضيا و النجوم حيارى‬ ‫أحلى هي عندي من العسل‬ ‫شربت مزوج من قراعا‬ ‫قلدك ال با تقول‬ ‫يا من يلمن كما تقلد‬ ‫و أنه يفسد العقول‬ ‫يقول بان الذنوب تولد‬ ‫ايش ما ساقك معي ف ذا الفضول‬ ‫لرض الجاز موريكن لك أرشد‬ ‫و دعن ف الشرب منهمل‬ ‫مر أنت للحج و الزيارا‬ ‫النية أبلغ من العمل‬ ‫من ليس لو قدره و ل استطاع‬ ‫و ظهر بعد هؤلء بأشبيلية ابن جحدر الذي فضل على الزجالي ف فتح ميورقة بالزجل الذي أوله هذا‪:‬‬ ‫أنا بري من يعاند الق‬ ‫من عاند التوحيد بالسيف يحق‬ ‫قال ابن سعيد لقيتة و لقيت تلميذة العمع صاحب الزجل الشهور الذي أوله‪:‬‬ ‫أفتل اذنو بالرسيل‬ ‫يا ليتن ان رأيت حبيب‬ ‫و سرق فم الجيل‬ ‫ليش أخذ عنق الغزيل‬ ‫ث جاء من بعدهم أبو السن سهل بن مالك إمام الدب‪ ،‬ث من بعدهم لذه العصور صاحبنا الوزير أبو عبد ال بن الطيب إمام النظ م و‬ ‫النثر ف اللة السلمية غي مدافع‪ ،‬فمن ماسنه ف هذه الطريقة‪:‬‬ ‫ما خلق الال إل أن يبدد‬ ‫امزج الكواس و املل تدد‬ ‫و من قوله على طريقة الصوفية و ينحو منحى الششتري منهم‪:‬‬ ‫اختلطت الغزول‬ ‫بي طلوع و بي نزول‬ ‫و بقي من ل يزول‬ ‫و مضى من ل يكن‬ ‫و من ماسنه أيضا قوله ف ذلك العن‪:‬‬ ‫و حي حصل ل قربك سببت قارب‬ ‫البعد عنك يا بن أعظم مصايب‬ ‫و كان لعصر الوزير ابن الطيب بالندلس ممد بن عبد العظيم من أهل وادي آش‪ ،‬و كان إماما ف هذه الطريقة و له من زجل يعارض به‬ ‫مدغليس ف قوله‪:‬‬ ‫لح الضياء و النجوم حيارى بقوله‪:‬‬ ‫مذ حلت الشمس ف المل‬ ‫حل الون يا أهل الشطارا‬ ‫ل تعلوا بينها ثل‬ ‫تددوا كل يوم خلعا‬ ‫على خضورة ذاك النبات‬ ‫إليها يتخلعوا ف شنبل‬ ‫أحسن عندي من ذيك الهات‬ ‫و حل بغداد و اجتياز النيل‬ ‫ان مرت الريح عليه و جات‬ ‫و طاقتها أصلح من أربعي ميل‬ ‫و ل بقدار ما يكتحل‬ ‫ل تلتق الغبار امارا‬


‫إل و نسرح فيه النحل‬ ‫و كيف ولش فيه موضع رقاعا‬ ‫و هذه الطريقة الزجلية لذا العهد هي فن العامة بالندلس من الشعر‪ .‬و فيها نظمهم حت أنم لينظمون با ف سائر البحور المسة عش ر‪،‬‬ ‫لكن بلغتهم العامية و يسمونه الشعر الزجلي مثل قول شاعرهم‪:‬‬ ‫و أنت ل شفقة و ل قلب يلي‬ ‫دهر ل نعشق جفونك و سني‬ ‫صنعة السكة بي الدادين‬ ‫حت ترى قلب من أجلك كيف رجع‬ ‫و الطارق من شال و من يي‬ ‫الدموع ترشرش و النار تلتهب‬ ‫و أنت تغزو قلوب العاشقي‬ ‫خلق ال النصارى للغزو‬ ‫و كان من اليدين لذه الطريقة لول هذه الائة الديب أبو عبد ال اللوشي و له فيها قصيدة يدح فيها السلطان ابن الحر‪:‬‬ ‫و نضحكو من بعدما نطربو‬ ‫طل الصباح قم يا نديي نشربو‬ ‫ف ميلق الليل فقم قلبو‬ ‫سبيكة الفجر أحكت شفق‬ ‫فضة هو لكن الشفق ذهبو‬ ‫ترى عيارها خالص أبيض نقي‬ ‫نور الفون من نورها يكسبو‬ ‫فتنتفق سكتوا عند البشر‬ ‫عيش الغن فيه بال ما أطيبو‬ ‫فهو النهار يا صاحب للمعاش‬ ‫على سرير الوصل يتقلبو‬ ‫والليل أيضا للقبل و العناق‬ ‫ولش ليفلت من يديه عقربو‬ ‫جاد الزمان من بعدما كان بيل‬ ‫يشرب بيننو و ياكل طيبو‬ ‫كما جرع مرو فما قد مضى‬ ‫ف الشرب و العشق ترى ننجبو‬ ‫قال الرقيب يا أدبا إيش ذا‬ ‫فقلت يا قوم من ذا تتعجبوا‬ ‫و تعجبوا عذال من ذا الب‬ ‫علش تكفروا بال أو تكتبوا‬ ‫نعشق مليح ال رقيق الطباع‬ ‫يفض بكرو و يدع ثيبو‬ ‫ليش يربح السن إل شاعر أديب‬ ‫على الذي ما يدري كيف يشربو‬ ‫أما الكاس فحرام نعم هو حرام‬ ‫يقدر يسن الفاظ أن يلبوا‬ ‫و يد الذي يسن حسابه و ل‬ ‫يغفر ذنوبم لذا إن أذنبوا‬ ‫و أهل العقل و الفكر و الون‬ ‫و قلب ف جر الغضى يلهبو‬ ‫ظب بي فيها يطفي المر‬ ‫و بالوهم قبل النظر يذهبوا‬ ‫غزال بي ينظر قلوب السود‬ ‫و يفرحوا من بعدما يندبوا‬ ‫ث يييهم إذا ابتسم يضحكوا‬ ‫خطيب المة للقبل يطبو‬ ‫فميم كالات و ثغر نقي‬ ‫قد صففه الناظم و ل يثقبو‬ ‫جوهر و مرجان أي عقد يا فلن‬ ‫من شبهه بالسك قد عيبو‬ ‫و شارب أخضر يريد لش يريد‬ ‫ليال هجري منه يستغربوا‬ ‫يسبل دلل مثل جناح الغراب‬ ‫ما قط راعي للغنم يلبوا‬ ‫على بدن أبيض بلون الليب‬ ‫ديك الصليا ريت ما أصلبو‬ ‫و زوج هندات ما علمت قبلها‬ ‫من رقتو يفي إذا تطلبوا‬ ‫تت العكاكن منها خصر رقيق‬ ‫جديد عتبك حق ما أكذبو‬ ‫أرق هو من دين فيما تقول‬ ‫من يتبعك من ذا و ذا تسلبوا‬ ‫أي دين بقا ل معاك و أي عقل‬ ‫جي ينظر العاشق و حي يرقبو‬ ‫تمل ارداف ثقال كالرقيب‬


‫ف طرف ديسا و البشر تطلبو‬ ‫ان ل ينفس عدر أو ينقشع‬ ‫و حي تغيب ترجع ف عين تبو‬ ‫يصي إليك الكان حي تي‬ ‫أو الرمل من هو الذي يسبو‬ ‫ماسنك مثل خصال المي‬ ‫من فصاحة لفظه يتقربو‬ ‫عماد المصار و فصيح العرب‬ ‫و مع بديع الشعر ما أكتبو‬ ‫بمل العلم انفرد و العمل‬ ‫و ف الرقاب بالسيف ما أضربو‬ ‫ففي الصدور بالرمح ما أطعنه‬ ‫فمن يعد قلب أو يسبو‬ ‫من السماء يسد ف أربع صفات‬ ‫الغيث جودو و النجوم منصبو‬ ‫الشمس نورو و القمر هتو‬ ‫الغنيا و الند حي يركبوا‬ ‫يركب جواد الود و يطلق عنان‬ ‫منه بنات العال تطيبوا‬ ‫من خلعتو يلبس كل يوم بطيب‬ ‫قاصد و وارد قط ما خيبوا‬ ‫نعمتو تظهر على كل من ييه‬ ‫لش يقدر الباطل بعدما يجبو‬ ‫قد أظهر الق و كان ف حجاب‬ ‫من بعد ما كان الزمان خربو‬ ‫و قد بن بالسر ركن التقى‬ ‫فمع ساحة وجهو ما أسيبو‬ ‫تاف حي تلقاه كما ترتيه‬ ‫غلب هو ل شي ف الدنيا يغلبو‬ ‫يلقى الروب ضاحكا و هي عابسة‬ ‫فليس شيء يغن من يضربو‬ ‫إذا جبد سيفه ما بي الردود‬ ‫للسلطنة اختار و استنخبو‬ ‫و هو سي الصطفى و الله‬ ‫يقود جيوشو و يزين موكبو‬ ‫تراه خليفة أمي الؤمني‬ ‫نعم و ف تقبيل يديه يرغبوا‬ ‫لذي المارة تضع الرؤوس‬ ‫يطلعوا ف الد و ل يغربوا‬ ‫ببيته بقى بدور الزمان‬ ‫و ف التواضع و اليا يقربوا‬ ‫و ف العال و الشرف يبعدوا‬ ‫و أشرقت شسه و لح كوكبو‬ ‫و ال يبقيهم ما دار الفلك‬ ‫يا شس خدر مالا مغربو‬ ‫و ما يغن ذا القصيد ف عروض‬ ‫ث استحدث أهل المصار بالغرب فنا‪ i‬آخر من الشعر‪ ،‬ف أعاريض مزدوجة موشح‪ ،‬نظموا فيه بلغتهم الضرية أيضا و سوه عروض البلد‪ ،‬و‬ ‫كان أول من حدثه فيهم رجل من أهل الندلس نزل بفاس يعرف بابن عمي‪ .‬فنظم قطعة بطريقة الوشح و ل يرج فيه ا ع ن م ذاهب‬ ‫العراب إل قليل مطلعها‪:‬‬ ‫على الغصن ف البستان قريب الصباح‬ ‫ان بشاطي النهر نوح المام‬ ‫و ماء الندى يري بثغر القاح‬ ‫السحر يحو مداد الظلم‬ ‫كثي الواهر ف نور الوار‬ ‫جرت الرياض و الطل فيها افتراق‬ ‫ياكي ثعابي حلقت بالثمار‬ ‫مع النواعي ينهرق انراق‬ ‫و دار الميع بالروض دور السوار‬ ‫بالغصون خلخال على كل ساق‬ ‫و يمل نسيم السك عنها رياح‬ ‫الندى ترق جيوب الكمام‬ ‫و جر النسيم ذيلو عليها و فاح‬ ‫الصبا يطلى بسك الغمام‬ ‫قد ابتلت ارياشو بقطر الندى‬ ‫و يطي المام بي الورق ف القضيب‬ ‫قد التف من توبو الديد ف ردا‬ ‫تنوح مثل ذاك الستهام الغريب‬ ‫ينظم سلوك جوهر و يتقلدا‬ ‫و لكن با أحر و ساقو خضيب‬


‫جناحا توسد و التوى ف جناح‬ ‫جلس بي الغصان جلسة الستهام‬ ‫منها ضم منقاره لصدره و صاح‬ ‫و صار يشتكي ما ف الفؤاد من غرام‬ ‫أراك ما تزال تبكي بدمع سفوح‬ ‫قلت يا حام احرمت عين الجوع‬ ‫بل دمع نبقى طول حيات ننوح‬ ‫قال ل بكيت حت صفت ل الدموع‬ ‫ألفت البكا و الزن من عهد نوح‬ ‫على فرخ طار ل ل يكن لو رجوع‬ ‫انظر جفون صارت بال الراح‬ ‫كذا هو الوفا و كذا هو الزمام‬ ‫يقول عنان ذا البكا و النواح‬ ‫و أنتم من بكى منكم إذا ت عام‬ ‫كنت تبكي و ترثي ل بدمع هتون‬ ‫قلت يا حام لو خضت بر الضن‬ ‫ما كان يصي تتك فروع الغصون‬ ‫و لو كان بقلبك ما بقلب أنا‬ ‫حت ل سبيل جله تران العيون‬ ‫اليوم نقاسي الجر كم من سنا‬ ‫أخفان نول عن عيون اللواح‬ ‫و ما كسا جسمي النحول و السقام‬ ‫و من مات بعد يا قوم لقد استراح‬ ‫لو جتن النايا كان يوت ف القام‬ ‫من خوف عليه ودا النفوس للفؤاد‬ ‫قال ل لو رقدت لوراق الرياض‬ ‫طوق العهد ف عنقي ليوم التناد‬ ‫و تضبت من دمعي و ذاك البياض‬ ‫بأطراف البلد و السم صار ف الرماد‬ ‫أما طرف منقاري حديثو استفاض‬ ‫فاستحسنه أهل فاس و ولعوا به و نظموا على طريقته‪ .‬و تركوا العراب الذي ليس من شأنم‪ ،‬و كثر ساعه بينهم و استفحل فيه كثي منهم‬ ‫و نوعةه أصنافا إل الزدوج و الكازي و اللعبة و الغزل‪ .‬و اختلفت أساؤها باختلف ازدواجها و ملحظاتم فيها‪ .‬فمن الزدوج ما قاله ابن‬ ‫شجاع من فصولم و هو من أهل تازا‪:‬‬ ‫يبهي وجوها ليس هي باهيا‬ ‫الال زينة الدنيا و عز النفوس‬ ‫ولوه الكلم و الرتبة العاليا‬ ‫فها كل من هو كثي الفلوس‬ ‫و يصغر عزيز القوم اذ يفتقر‬ ‫يكب من كثر مالو و لو كان صغي‬ ‫و كاد ينفقع لول الرجوع للقدر‬ ‫من ذا ينطبق صدري و من ذا تغي‬ ‫لن ل أصل عندو و ل لو خطر‬ ‫حت يلتجي من هو ف قومو كبي‬ ‫و يصبغ عليه ثوب فراش صافيا‬ ‫لذا ينبغي يزن على ذي العكوس‬ ‫و صار يستفيد الواد من الساقيا‬ ‫اللي صارت الذناب أمام الرؤوس‬ ‫ما يدروا على من يكثروا ذا العتاب‬ ‫ضعف الناس على ذا و فسد ذا الزمان‬ ‫و لو رأيت كيف يرد الواب‬ ‫اللي صار فلن يصبح بو فلن‬ ‫أنفاس السلطي ف جلود الكلب‬ ‫عشنا و السلم حت رأينا عيان‬ ‫هم ناحيا و الد ف ناحيا‬ ‫كبار النفوس جدا ضعاف السوس‬ ‫و جوه البلد و العمدة الراسيا‬ ‫يرو أنم و الناس يروهم تيوس‬ ‫و من مذاهبهم قول ابن شجاع منهم ف بعض مزدوجاته‪:‬‬ ‫اهل يا فلن ل يلعب السن فيك‬ ‫تعب من تبع ذا الزمان‬ ‫قليل من عليه تبس و يبس عليك‬ ‫ما منهم مليح عاهد إل و خان‬ ‫و يستعمدوا تقطيع قلوب الرجال‬ ‫يهبوا على العشاق و يتمنعوا‬ ‫و ان عاهدوا خانوا على كل حال‬ ‫و ان واصلوا من حينهم يقطعوا‬ ‫و صيت من خدي لقدمو نعال‬ ‫مليح كان هويتو وشت قلب معو‬


‫و قلت لقلب اكرم لن حل فيك‬ ‫و مهدت لو من وسط قلب مكان‬ ‫فل بد من هول الوى يعتريك‬ ‫و هون عليك ما يعتريك من هوان‬ ‫فلو كان يرى حال اذا يبصرو‬ ‫حكمتوا علي و ارتضيت بو أمي‬ ‫مرديه و يتعطس بال انرو‬ ‫يرجع مثل در حول بوجه الغدير‬ ‫و يفهم مرادو قبل أن يذكرو‬ ‫و تعلمت من ساعا بسبق الضمي‬ ‫عصر ف الربيع أو ف الليال يريك‬ ‫و يتل ف مطلو لوان كان‬ ‫وايش ما يقل يتاج لو ييك‬ ‫و يشي بسوق كان و لو باصبهان‬ ‫حت أتى على آخرها‪.‬‬ ‫و كان منهم علي بن الؤذن بتلمسان‪ ،‬و كان لذه العصور القريبة من فحولم بزرهون من ضواحي مكناسة رجل يعرف بالكفيف‪ .‬أبدع ف‬ ‫مذاهب هذا الفن‪ .‬و من أحسن ما علق له بحفوظي قوله ف رحلة السلطان أب السن و بن مرين إل أفريقية يصف هزيتهم ب القيوان‪ .‬و‬ ‫يعزيهم عنها و يؤنسهم با وقع لغيهم بعد أن عيبهم على غزاتم إل إفريقية ف ملعبة من فنون هذه الطريقة يقول ف مفتتحها‪ .‬و هو م ن‬ ‫أبدع مذاهب البلغة ف الشعار بالقصد ف مطلع الكلم و افتتاحه و يسمى براعة الستهلل‪:‬‬ ‫و نواصيها ف كل حي و زمان‬ ‫سبحان مالك خواطر المرا‬ ‫و ان عصيناه عاقب بكل هوان‬ ‫ان طعناه أعظم لنا نصرا‬ ‫إل أن يقول ف السؤال عن جيوش الغرب بعد التخلص‪:‬‬ ‫فالراعي عن رعيته مسؤول‬ ‫كن مرعى قل و ل تكن راعي‬ ‫للسلم و الرضا السن الكمول‬ ‫‌ و استفتح بالصلة على الداعي‬ ‫و اذكر بعدهم اذا تب و قول‬ ‫على اللفاء الراشدين و التباع‬ ‫ودوا سرح البلد مع السكان‬ ‫أحجاجا تللوا الصحرا‬ ‫وين سارت بوعزاي السلطان‬ ‫عسكر فاس النية الغرا‬ ‫و قطعتم لو كلكل البيدا‬ ‫أحجاج بالنب الذي زرت‬ ‫التلوف ف افريقيا السودا‬ ‫عن جيش الغرب حي يسألكم‬ ‫و يدع برية الجاز رغدا‬ ‫و من كان بالعطايا يزودكم‬ ‫و يعجز شوط بعدما يفان‬ ‫قام قل للسد صادف الزرا‬ ‫أي ما زاد غزالم سبحان‬ ‫و يزف كر دوم تب ف الغبا‬ ‫و بلد الغرب سد السكندر‬ ‫لو كان ما بي تونس الغربا‬ ‫طبقا بديد أو ثانيا بصفر‬ ‫مبن من شرقها إل غربا‬ ‫أو يأت الريح عنهم بفرد خب‬ ‫ل بد الطي أن تيب نبا‬ ‫لو تقرا كل يوم على الديوان‬ ‫ما أعوصها من أمور و ما شرا‬ ‫و هوت الراب و خافت الغزلن‬ ‫لرت بالدم و انصدع حجرا‬ ‫و تفكر ل باطرك جعا‬ ‫أدرل بعقلك الفحاص‬ ‫عن السلطان شهر و قبله سبعا‬ ‫ان كان تعلم حام و ل رقاص‬ ‫و علمات تنشر على الصمعا‬ ‫تظهر عند الهيمن القصاص‬ ‫مهولي ل مكان و ل امكان‬ ‫ال قوم عاريي فل سترا‬ ‫و كيف دخلوا مدينة القيوان‬ ‫ما يدروا كيف يصوروا كسرا‬ ‫قضية سينا إل تونس‬ ‫امولي أبو السن خطينا الباب‬


‫واش لك ف اعراب افريقيا القوبس‬ ‫فقنا كنا على الريد و الزاب‬ ‫الفاروق فاتح القرى الولس‬ ‫ما بلغك من عمر فت الطاب‬ ‫و فتح من افريقيا و كان‬ ‫ملك الشام و الجاز و تاج كسرى‬ ‫و نقل فيها تفرق الخوان‬ ‫رد ولدت لو كره ذكرى‬ ‫صرح ف افريقيا بذا التصريح‬ ‫هذا الفاروق مردي العوان‬ ‫و فتحها ابن الزبي عن تصحيح‬ ‫و بقت حى إل زمن عثمان‬ ‫مات عثمان و انقلب علينا الريح‬ ‫لن دخلت غنائمها الديوان‬ ‫و بقي ما هو للسكوت عنوان‬ ‫و افترق الناس على ثلثة أمرا‬ ‫اش نعمل ف أواخر الزمان‬ ‫اذا كان ذا ف مدة البارا‬ ‫و ف تاريخ كأنا و كيوانا‬ ‫و أصحاب الضر ف مكناساتا‬ ‫شق و سطيح و ابن مرانا‬ ‫تذكر ف صحتها أبياتا‬ ‫لدا و تونس قد سقط بنيانا‬ ‫ان مرين إذا تكف براياتا‬ ‫عيسى بن السن الرفيع الشان‬ ‫قد ذكرنا ما قال سيد الوزرا‬ ‫لكن إذا جاء القدر عميت العيان‬ ‫قال ل رأيت و أنا بذا أدري‬ ‫من حضرة فاس إل عرب دياب‬ ‫و يقول لك ما دهى الرينيا‬ ‫سلطان تونس و صاحب البواب‬ ‫أراد الول بوت ابن يي‬ ‫ث أخذ ف ترحيل السلطان و جيوشه‪ ،‬إل آخر رحلته و منتهى أمره‪ ،‬مع أعراب إفريقية‪ .‬و أتى فيها بكل غريبة من اليداع‪ .‬و أم ا أه ل‬ ‫تونس فاستحدثوا فن اللعبة أيضا على لغتهم الضرية‪ ،‬إل أن أكثره رديء و ل يعلق بحفوظي منة شيء لرداءته‪.‬‬ ‫الوشحات و الزجال ف الشرق‬ ‫و كان لعامة بغداد أيضا فن من الشعر يسمونه الواليا‪ ،‬و تته فنون كثية يسمون منها القوما‪ ،‬و كان و كان‪ ،‬و منه مفرد و منه ف بيتي‪ ،‬و‬ ‫يسمونه دوبيت على الختلفات العتبة عندهم ف كل واحد منها‪ ،‬و غالبها مزدوجة من أربعة أغصان‪ .‬و تبعهم ف ذلك أهل مصر القاهرة‬ ‫و أتوا فيها بالغرائب‪ .‬و تبحروا فيها ف أساليب البلغة بقتضى لغتهم الضرية‪ ،‬فجاؤوا بالعجائب‪ .‬و رأيت ف ديوان الصفي الل ي م ن‬ ‫كلمه أن الواليا من بر البسيط‪ ،‬و هو ذو أربعة أغصان و أربع قواف‪ ،‬و يسمى صوتا و بيتي‪ .‬و أنه من مترعات أهل واسط‪ ،‬و أن كان‬ ‫و كان فهو قافية واحدة و أوزان متلفة ف أشطاره‪ :‬الشطر الول من البيت أطول من الشطر الثان و ل تكون قافيته إل مردفة برف العلة‬ ‫و أنه من مترعات البغداديي‪ .‬و أنشد فيه لنا‪:‬‬ ‫بغمز الواجب حديث تفسي و منو أوبو‪ ،‬و أم الخرس تعرف بلغة الرسان‪ .‬انتهى كلم الصفي‪ .‬و من أعجب ما علق بفظى منه ق ول‬ ‫شاعرهم‪:‬‬ ‫و الدما تنضح‬ ‫هذي جراحي طريا‬ ‫ف الفل يرح‬ ‫و قاتلي يا أخيا‬ ‫قلت ذا أقبح‬ ‫قالوا و ناخذ بثارك‬ ‫يكون أصلح‬ ‫إل جرحت يداوين‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫فقلت مفتون ل ناهب ول سارق‬ ‫طرقت باب البا قالت من الطارق‬ ‫رجعت حيان من بر أدمعي غارق‬ ‫تبسمت لح ل من ثغرها بارق‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫و ان شكوت الوى قالت فديتك العي‬ ‫عهدي با و هي ل تأمن علي البي‬


‫ذكرتا العهد قالت لك على دين‬

‫لن يعاين لا غيي غلم الزين‬ ‫و لغيه ف وصف الشيش‪:‬‬ ‫تغن عن المر و المار و الساقي‬ ‫دي خر صرف الت عهدي با باقي‬ ‫خبيتها ف الشى طلت من احداقي‬ ‫قحبا و من قحبها تعمل على احراقي‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫كم توجع القلب بالجران أوه أح‬ ‫يا من و صالو لطفال البة بح‬ ‫كل الورى كخ ف عين و شخصك دح‬ ‫أودعت قلب حوحو و التصب بح‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫جودي علي بقبلة ف الوى يا مي‬ ‫ناديتها و مسيب قد طوان طي‬ ‫ما ظن ذا القطن يغشى فم من هو حي‬ ‫قالت و قد كوت داخل فؤادي كي‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫ماط اللثام تبدي بدر ف شرقه‬ ‫ران ابتسم سبقت سحب أدمعي برقه‬ ‫رجع هدانا بيط الصبح من فرقه‬ ‫اسبل دجى الشعرتاه القلب ف طرقه‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫وقف على منل أحباب قبيل الفجر‬ ‫يا حادي العيس ازجر بالطايا زجر‬ ‫ينهض يصلي على ميت قتيل الجر‬ ‫و صيح ف حيهم يا من يريد الجر‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫ترعى النجوم و بالتسهيد اقتاتت‬ ‫عين الت كنت ارعاكم با باتت‬ ‫و سلوت عظم ال أجركم ماتت‬ ‫و أسهم البي صابتن و ل فاتت‬ ‫و لغيه‪:‬‬ ‫غزال يبلى السود الضاريا بالفكر‬ ‫هويت ف قنطرتكم يا ملح الكر‬ ‫وان تلل فما للبدر عندو ذكر‬ ‫غصن اذا ما انثن يسب البنات البكر‬ ‫و من الذي يسمونه دوبيت‪:‬‬ ‫أن يبعث طيفه مع السحار‬ ‫قد اقسم من أحبه بالباري‬ ‫ليل فعساه يهتدي بالنار‬ ‫يا نار أشواقي به فاتقدي‬ ‫و اعلم أن الذواق كلها ف معرفة البلغة إنا تصل لن خالط تلك اللغة و كثر استعماله لا و ماطبته بي أجيالا حت يصل ملكتها كم ا‬ ‫قلناه ف اللغة العربية‪ .‬فل يشعر الندلس بالبلغة الت ف شعر أهل الغرب و ل الغرب بالبلغة الت ف شعر أهل الن دلس و الش رق و ل‬ ‫الشرقي بالبلغة الت ف شعر الندلس و الغرب‪ .‬لن اللسان الضري و تراكيبه متلفة فيهم‪ .‬و كل واحد منهم مدرك لبلغة لغت ه و ذائق‬ ‫لاسن الشعر من أهل جلدته و ف خلق السماوات والرض و اختلف ألسنتكم و ألوانكم آيات للعالي و قد كدنا نرج عن الغرض‪.‬‬ ‫و جاء مصليا خلفه منهم ابن رافع‪ ،‬رأس شعراء الأمون ابن ذي النون صاحب طليطلة‪ .‬قالوا و قد أحسن ف ابتدائه ف موشحته الت طارت‬ ‫له حيث يقول‪:‬‬ ‫و سقت الذانب رياض البساتي‬ ‫العود قد ترن بأبدع تلحي‬ ‫و ف انتهائه حيث يقول‪:‬‬ ‫مروع الكتائب يي بن ذي النون‬ ‫تطر و ل تسلم عساك الأمون‬ ‫ث جاءت اللبة الت كانت ف دولة اللثمي‪ ،‬فظهرت لم البدائع‪ ،‬و سابق فرسان حلبتهم العمى الطليطلي‪ ،‬ث يي بن بقي‪ ،‬و للطليطل ي‬ ‫من الوشوحات الهذبة قوله‪:‬‬


‫صبي و ف العال أشجان‬ ‫كيف السبيل إل‬ ‫بالرد النواعم قد بان‬ ‫و الركب وسط الفل‬

‫خاتة‬ ‫و لذلك عزمنا أن نقبض العنان عن القول ف هذا الكتاب الول الذي هو طبيعة العمران و ما يعرض فيه و قد استوفينا من مسائله ما حسيناه‬ ‫كفاية له‪ .‬و لعل من يأت بعدنا من يؤيده ال بفكر صحيح و علم مبي يغوف من مسائله على أكثر ما كتبنا فليس عل ى مس تنبط الف ن‬ ‫إحصاء مسائله و إنا عليه تعيي موضع العلم و تنويع فصوله و ما يتكلم فيه و التأخرون يلحقون السائل من بعده شيئا فشيئا إل أن يكمل‪.‬‬ ‫و ال يعلم و أنتم ل تعلمون‪.‬‬ ‫قال مؤلف الكتاب عفى ال عنه‪ :‬أتمت هذا الزء الول الشتمل على القدمة بالوضع و التأليف قبل التنقيح و التهذيب ف مدة خسة أشهر‬ ‫آخرها منتصف عام تسعة و سبعي و سبعمائة‪ .‬ث نقحته بعد ذلك و هذبته و القت به تواريخ المم كما ذكرت ف أوله و شرطته‪ .‬و م ا‬ ‫العلم إل من عند ال العزيز الكيم‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.