السعودية والشرق االوسط الجديد ..بقلم /ميالد عمر المزوغي عديد المعطيات اجبرت االطراف الداعمة للمسلحين القبول بمبدأ الجلوس على الطاولة مع النظام في دمشق الذي نعتوه بكل االوصاف السيئة,فالجانب التركي الذي كان سباقا الى دعم المعارضة وفتح كامل الحدود امام المرتزقة من كافة انحاء العالم بعد ان اقامت لهم مراكز تدريب على حدودها مع السورية ,دعموا المعارضة بكل ما يستطيعون ,استضافوا "اصدقاء سوريا" متيقنين بان النظام قريبا الى زوال,اصبحت القاعدة على حدودها الجنوبية ان لم نقل توغلت في الشريط الحدودي ,انتفاضة اكراد سوريا على االوضاع القائمة وحماية مصالحهم في سوريا واتهام تركيا بمساعدة التنظيمات التكفيرية ,ادى الى ازدياد الترابط بين اكراد سوريا وتركيا ومن المؤمل والحالة هذه ان يسعى اكراد سوريا الى اقامة اقليم لهم في شمال سوريا له نوع من االستقاللية في بعض االمور الداخلية,ولن يكون ذلك بمنآى عن اكراد تركيا في المطالبة بإقليم مماثل وبالتالي تكون تركيا قد جنت على نفسها خاصة وان اكرادها يمتلكون من القوة ما تؤهلهم لزعزعة االستقرار بتركيا والعودة بها الى تلك السنين التي عانت منها النظام التركي الويالت .لذلك فإننا نجد تركيا اليوم تعترف بان سقوط النظام عسكريا اصبح من المستحيل وال بد من االنخراط في تسوية سياسية بالمنطقة. القطريون بدلوا ما باستطاعتهم إلسقاط النظام وإقامة امارة اخوانية بمؤازرة االتراك,ويبدو انهم انفقوا جل اموالهم ولم يحصلوا على شيء خاصة مع سقوط النظام في مصر الذي علّقوا عليه االمال وما استتبعه من سقوط لدور االخوان في تونس التي تشهد اعمال اجرامية لم تألفها من قبل ,وانتفاضة الشارع الليبي على االخوان,كل ذلك ادى الى تراجع الدور القطري في سوريا وجدت نفسها منبوذة من كافة الشعوب التي انخدعت بالربيع العربي فبدال من الجنة الموعودة وجدت الشعوب نفسها في جهنم التي ال تبقي وال تذر .وتتحدث المصادر عن ان القيادة القطرية الجديدة تسعى الى التوبة مما اقترفته من جرائم بحق الشعب السوري والرغبة في اعادة اعمار البلد الذي ساهمت في تدميره. ادركت امريكا ان إيران التي تشهد تقدما ملحوظا في المجاالت الصناعية الحربية والنفوذ االقليمي"سوريا وحزب هللا" ال يمكن تجاهل دورها فوجدت الفرصة في القيادة االيرانية الجديدة المعتدلة ,فكان هناك تقارب بين الطرفين في رؤيتهما لألوضاع بالمنطقة وإمكانية حل المشكل النووي عن طريق الحوار ,خاصة وان المسلحين في سوريا يتصرفون بهمجية بحق كل االثنيات العرقية وان "اسرائيل" لن تكون . بمنآى عما يجري بالمنطقة المملكة السعودية التي تولت الراية بعد افول الدور القطري فقامت بإمداد ميليشيات اكثر دموية علها تقضي على النظام الذي صمد في وجه كل المؤامرات,حاول قادتها ثني روسيا عن مؤازرة النظام السوري والوعود بإبرام صفقات اسلحة بمبالغ ضخمة تغذي الخزانة الروسية بمليارات الدوالرات ,لكن يبدو ان للروس رأي اخر وليس كل شيء قابل للمساومة او البيع خاصة وأنهم وجدوا في االزمة السورية فرصة لهم للعودة على خشبة المسرح الدولي بعد غياب دام ألكثر من عقدين والعودة الى الثنائية القطبية. يبقى ان نشير الى ان الزعل السعودي على امريكا على خلفية التقارب مع ايران ما هو إال "فشت خلق" واألمريكان بالتأكيد يقدرون ذلك خاصة وأنها الصديق االوحد لهم في المنطقة طوال العقود الماضية ,فلم تقم المملكة السعودية العالقات مع الروس إال في سنوات متأخرة بحجة انهم كفرة ملحدين ال يجوز التعامل معهم ,ولعل زيارة كيري المرتقبة الى السعودية ستلطف من االجواء ويأخذ بخاطرهم ويبين لهم ان العالم مصالح وال وجود لصديق دائم او عدو لدود وعليهم ان يأخذوا االمور بصدر رحب.وسوف تكون لهم ادوار اقليمية بفعل اموالهم وخاصة في لبنان المنكوب المتشرذم حيث تغذي السعودية بعض اطرافه وإحياء النعرات الطائفية لئال يستقر وللتعويض عما كانت تصبو اليه من قيادة العالم العربي.لم يبق غيرهم من ممول للعصابات االجرامية بسوريا الممثلة بداعش وأخواتها الذين يمنون كل يوم بخسائر فادحة في االرواح وانحسار رقعة االرض التي يقفون عليها ,فهل يدركون ان مسار التسوية قد خطط له ووجب التنفيذ. السعودية والحالة هذه غير مرتاحة لمجريات االمور بالمنطقة وهي تدرك ان المنهزم بالمعركة ال يمكنه البقاء طويال وجرت العادة ان المنهزم سيطاح به ان لم يسارع ويقدم استقالته ,وتخشى ان يسعى االمريكان "اصدقاء االمس" الى زعزعة امن المملكة وتقسيمها ,فقد ينتقل اليها الربيع"الخراب" العربي وهي تدرك انه كذلك خرابا وليس ربيعا ,ولعل ما يغيض المملكة هو رؤيتها لغريمتها التقليدية ايران وقد انتصرت بفعل سياستها المتأنية العقالنية ,وان محور المقاومة هو الرابح االكبر وان كانت االثمان باهظة المهم من يضحك اخيرا ويقبض بزمام االمور