العدد 28 2013 /5/ 16
صوَر سوريا..
ووجوه القتلة السافرة كتائب "الجيش الحر" إذ تتفرّغ لإلغاثة
قوى املعارضة واملناطق املحررة الهجوم اإلسرائيلي وتداعياته
في سهل الغاب عبيدٌ وأحرار على ضفتي العاصي مبادئ ثقافة التسامح وقود الثورة الذي ال ينضب
2
كلمة
بقلم ..ليلى الصفدي
كان الإن�سان القدمي قبل ن�شوء احل�ضارة الإن�سانية هدف ًا وفري�سة للإن�سان الآخر متام ًا مثل �أي حيوان بري ..ومع ن�شوء القبائل الأوىل وحماولتها ب�سط �سيطرتها على مناطق نفوذها كان القب�ض على �إن�سان من قبيلة �أخرى ال يحتمل م�آل �آخر غري قتله والتهامه ..وكان �أكل القلب خ�صو�ص ًا و�صب الدم الطازج يف قعر جمجمة الفري�سة و�شربه عالمة على االنت�صار واال�ستحواذ ،واعالن ًا بانتقال قوة الفري�سة اىل خ�صمها ..ملتهمها.. مثل هذا الإعالن متام ًا ن�شهده اليوم يف حادثة االلتهام القبيحة التي قيل �أنها يف حم�ص و�أن منفذها من رجاالت اجلي�ش احلر !..لكن عو�ض ًا عن �أ�سطورة انتقال القوة ف�إن ما ن�شهده هنا انتقا ًال رمزي ًا وواقعي ًا للأخالق واخل�صال.. وتقم�ص ًا مثري ًا ل�شخ�صية ال�شبيح يف �أ�سو�أ مالمح انحطاطها والتي ثار ال�شعب ال�سوري من �أجل �إ�سقاطها. لي�ست هذه للأ�سف حادثة يتيمة و�إن كانت متطرفة يف ب�شاعتها ،فحوادث االنتهاك �أ�صبحت �ش�أن ًا يومي ًا لبع�ض الكتائب املقاتلة ومل يعد هناك جماال للتغا�ضي عنها �أو ال�سكوت عليها فقد باتت تهدد فع ًال ب�إلغاء الفارق وامل�سافة
طلعنا عالحرية /العدد 28
بني القاتل وال�ضحية ..بني نظام جزار وثورة �شعب. كلنا نذكر الفتة الزبداين الرائعة "و�أنت تقاتل عدوك… انتبه… �أن تتخ�صل بخ�صاله" ،وقد رفع �أهلنا الثائرين الالفتات تلو الالفتات يف حماولة للإبقاء على الفارق ويف �إ�صرار للت�أكيد على روح الثورة الإن�سانية ..ثورة الأمل.. ثورة احلرية والكرامة.. و�إذا كان البع�ض يرى من مربرات لهذه االنتهاكات ب�إرجاعها �إىل هول ما يفتعله النظام من تدمري وقتل وجمازر ..من اغت�صاب و�إذالل ،ف�إننا نقول �أن هذا هو التحدي الأكرب �أمام ثورتنا ،وهذا هو اجلهاد الأعظم� ..أال نتحول �إىل قتلة رغم كل الأمل ..و�إال نتماهى مع عدونا� ..صحيح قد يكون املقدم على مثل هذه الأفعال قد عانى الأهوال ..ومن يده باملاء لن يفهم بالت�أكيد �شعور من يده يف النار ،لكن اذا ر�ضينا بهذا املنطق ف�إىل �أين �سوف ن�صل� ..ألي�س هذا انت�صار ًا للنظام القاتل ولنهجه الهمجي؟! جهادنا اليوم وحتدياتنا يف ان نبقى على �إن�سانيتنا ،و�إال نن�سى �أننا قد خرجنا نن�شد العدل واحلرية ال الظلم والقمع، الت�سامح ال االنتقام ..القانون ال �شريعة الغاب...
3
طلعنا عالحرية /العدد 28
صوَر سوريا ووجوه َ القتلة السافرة زياد ماجد مل ي�سبق حلرب �أو لثورة �أو ملجازر �أن �شاهدها املتابعون "مبا�شرة" عرب مئات �ألوف الأفالم وال�ص َور .الثورة ال�سورية هي احلدث الأ ّول امل�ص ّور بهذه الكثافة� ،إن يف تفا�صيله الأكرث م�أ�ساوية �أو يف امل�سحات الف ّنية والإبداعية التي ترافق �أحداثه وتط ّوراته .كما �أنه احلدث الأكرث ُعر�ضة للمتابعة الب�صر ّية بكامريات �أ�صحابه ،متظاهرين ومقاتلني وقتلى وقتَلة ومواطنني �صحاف ّيني ي�شهدون البهاء �أو الأهوال. و�إن كان لهذا الأمر ف�ضيلة ،قائمة يف الأر�شفة وحماية ال�شهادات والتوثيق وحفظ الإجنازات وبناء ذاكرة الغد، و�إن كان له بع ٌد �س ُيفيد يوم ًا يف درا�سة �أطوار الت�أريخ بال�صوت وال�صورة ومعنى العمل املواطني – الإعالمي و�أثر الهواتف املحمولة وعد�ساتها ومواقع التوا�صل االجتماعي على الكتابة ال�سيا�سية واالجتماعية ،ف�إن جوانب مقلقة وخطرية (ومحُيرّ ة) تنبعث منه �أي�ض ًا. من هذه اجلوانب مث ًال �أننا يف احلالة ال�سورية �أمام ا�ستثناء نرى فيه وجوه املجرمني املبا�شرين ون�سمع �أ�صواتهم وبع�ض اّ واجللدين وهو يع ّذبون �أو ال�سجانني حواراتهم .نرى ّ يغت�صبون �أو يقتلون .نراهم وهم ُيحاورون ال�ضحايا .نرى الق ّنا�صة وهم ينتظرون طرائدهم ،ونرى بع�ضهم يتّ�صل ب�أهل و�أقارب ّ م�شرك ًا املت ََّ�صل بهم مبا مب�شر ًا مبا �سيفعل ِ ميار�س �أو مبا ينوي ممار�سته. هكذا ،تبدو الأهوال �أمور ًا حم ّلية "عائلية" نكاد نعتاد متابعتها ،ينفّذها قتَلة بوجوه "�أليفة" ت�شبه الوجوه التي ن�صادفها يف احلياة اليومية .وهكذا ُي�صبح الق ّنا�ص احتمال جا ٍر ُيقيم يف مبنى مقابل ،واملغت�صب احتمال بائع قهوة التقينا ابت�سامته ذات �صباح ،واملعذِ ب �أ�سراه بال�سكاكني احتمال قريب لزميل يف العمل �أو لب ّواب مدر�سة الأوالد. واملخيف يف الأمر �أن هذا االنك�شاف التام ملالمح القاتل اليومي ،ع�سكري ًا كان �أم عن�صر خمابرات �أم �ش ّبيح ًا �أم
مدني ًا حامل �سالحُ ،ي�ص ّعب ال�شفاء يف املقبل من الأ�شهر �أو ال�سنوات من لعنات العنف .ذلك �أن ما ُيعرف و ُيروى �شعبي ًا بعد احلروب �أو الثورات ال يدخل عاد ًة يف تفا�صيل القتل ومنفّذيه .فمع تو ّقف العنف �أو "�إبرام ال�صلح" يختفي القتَلة املجهولو الوجوه بني النا�س وال َيعرف كرثة خارج دوائرهم ما فعلوا .و�إن نالت املحاكمات من بع�ضهم ،يتح ّول الباقون اىل "مواطنني عاد ّيني" �أو يحملون يف دواخلهم ذكريات و�أمرا�ض ًا و�أ�سرار ًا قد يروونها يوم ًا �أو يطويها الن�سيان. فيبقى بذلك الق ّنا�ص يف خم ّيلة النا�س خملوق ًا جمهو ًال ال عيون له وال �أ�سماء علم ،ويبقى وا�ضع العبوة النا�سفة م�سخ ًا ال جمال لو�صفه ،والذابح بال�س ّكني �شبح ًا ي�ستحيل اعتباره �شبيه ًا باملا ّرين على الر�صيف املقابل. �أما هنا ،يف �سوريا ،فال ميكن التك ّهن مبا �ستنتجه ثقافة �ص َور القاتل وال�ضحية على حد �سواء .هي التجربة الأوىل التي نرى فيها وجوه القتَلة "اليف" .نرى املوت يتد ّفق من �أفواه و�أيادٍ و�أ�صوات ،ونراه يهبط فردي ًا �أو جماعي ًا من �أ�شخا�ص ميكن ل�سور ّيني �أن يعرفوهم و�أن يعرفوا �أماكن عي�شهم. ويف نزع القناع عنهم ما ُينهي فر�ض ّيات بقائهم يف املتخ ّيل اجلمعي كائنات جمهولة ت�صعب مالم�سة تفا�صيل وجوهها والتن ّبه اىل كلماتها والتطبيع املُفرت�ض الالحق يف احلياة اليومية مع ذويها. �ص َور �سوريا هي �إذن يف جوانب منها �أكرث من �شهادات وتوثيق وت�أريخ ومادة درا�سة .هي مر�آة لبع�ض ما ميكن �أن ُيخرجه جمتمع يف حلظة انفالت العنف الذي زرعه النظام على مدى �أربعني عام ًا فيه .وهي مترين على جتاوز الدمار الإن�ساين ،مبعنى �أنها مترين على الت�سامح (امل�ستقبلي) املطلوب مع �أطفال القتَلة ال�سافري الوجوه ،ولي�س معهم هُ م. وهي بذلك حماولة �شاقة للر�ؤية بالعقل �أ ّو ًال و�آخر ًا ،ولو من خلف الدموع �أو الذهول ،اىل �أن تُتيح الأزمنة القادمة ر�ؤي ًة بطي �صفحة دموية مر ّوعة اىل الأبد... من خلف افتخا ٍر ّ
4
مقاالت
طلعنا عالحرية /العدد 28
كتائب "الجيش الحر" إذ تتفرّغ لإلغاثة رزان زيتونة كيف ميكن تف�سري ظاهرة قيام بع�ض الكتائب املُقاتلة يف عدد من املناطق املح ّررة يف �سوريا ٬باالنخراط يف الأعمال اخلدمية واملدنية و�صرف �أموال طائلة عليها ٬يف الوقت الذي ت�ستمر فيه املعارك على خمتلف اجلبهات يف تلك املناطق؟ ً و�إذا كانت اجلهات الداعمة تهدف فعال �إىل م�ساعدة ال�سكان يف الأمور اخلدمية واحلياتية ٬فلماذا �أُ ِوكلت تلك لبع�ض منها فقط املهمة للكتائب والألوية الع�سكرية -بل ٍ تخ�ص اجلهات املانحة ولي�س م�صلحة وبنا ًء على اعتبارات ّ الأهايل -بد ًال من املجال�س املحلية واجلهات املدنية؟ ما عالقة الكتائب بت�شغيل الأفران �أو ت�سيري موا�صالت عامة �أو الإ�شراف على املدار�س �أو الق�ضاء وغريها من �ش�ؤون املدنيني. املنطق يقت�ضي �أن ت�ص َرف الأموال املمنوحة للمقاتلني من �أجل تعزيز قوتهم الع�سكرية و�صمودهم على اجلبهة٬ ولي�س لتعزير الفكر �أو التيار الذي تدعمه هذه اجلهة �أو تلك .لكن ما يح�صل على �أر�ض الواقع يف بع�ض املناطق املحررة ينحى يف االجتاه املعاك�س متام ًا. وك�أنّ هناك من يعمل على بناء دويالت �صغرية متتلك املال وهم ال�سيطرة .وهو وه ٌم لأن املناطق وال�سالح الذي مينحها َ املحررة التزال حتت احل�صار ويف قلب املواجهة ،وخطر �إعادة االجتياح لي�س م�ستحي ًال ،ولأنها حتت ال�ضربات الربية واجلوية ب�شكل يومي ٬ولأن ن�سبة ال�سكان التي عادت �إليها بعد النزوح ال تزال ب�سيطة رغم الأرقام املبالغ فيها التي يتم تداولها. �إنّ �أي ًا من الأجهزة اخلدمية واملدنية التي عملت تلك بحال من الأحوال حتى الكتائب على ت�أ�سي�سها ال ي�صلح ٍ للبناء عليه يف املرحلة االنتقالية .لي�س فقط الرجتالها و�شبه انعدام االخت�صا�صيني فيها ٬واعتمادها على املال ال�سيا�سي الذي قد ين�ضب يف �أية حلظة لدى تغري ح�سابات
اجلهة املانحة ،بل بالدرجة الأوىل لأنها �أق�صت من امل�شاركة فيها كل من ال ي�شبهها ،حتى قلبت االختالف �إىل ما ي�شبه العداء الذي ميكن تلم�سه بب�ساطة من �أحاديث النا�س وا�صطفافاتهم. يف املقابل هناك الكثري من الكتائب والألوية التي ت�ساهم يف العمل اخلدمي واملدين ،لكن بامل�شاركة مع املدنيني ولي�س ك�سلطة مفرو�ضة بقوة املال وال�سالح. جانب �آخر �أتاح للمقاتلني التدخل يف غري �ش�ؤونهم الع�سكرية ٬هو �ضعف الأطراف املدنية الذي يعود من ناحية �إىل �ضعف ٬و�أحيان ًا انعدام الدعم الذي مي ّكنها من �أداء الدور اخلدمي والإغاثي واملدين ٬ومن ناحية �أخرى �إىل تناحر تلك الأطراف على �أتفه الأمور يف الوقت الذي جتمع فيه على ال�شكوى من واقع احلال ورغبتها يف تغيريه ،لكن من غري تقدمي تنازالت �صغرية من �ش�أنها جمع تلك اجلهود لت�صب يف غاية واحدة وتتمكن من مواجهة ال�سلبيات التي �أ�صبحت �أمرا واقعا مع الوقت. يرى كثريون �أن الأمور �ستتغري يف امل�ستقبل خا�صة مع عودة ال�سكان ب�شرائحهم املختلفة �إىل مناطقهم ٬لكن ذلك �سيقت�ضي حينها �إعادة البناء من نقطة ال�صفر اىل جانب التعامل مع كل ما �سينتج عن الو�ضع احلايل من عداءات بني كل من امل�ؤ�س�سات الورقية التي بنيت على �أر�ض متحركة وبقايا امل�ؤ�س�سات القدمية من عهد النظام وحتدي �إعادة بناء تلك امل�ؤ�س�سات على �أ�س�س �صحيحة قدر االمكان.
طلعنا عالحرية /العدد 28
أفكار موجزة حول التفاهم الروسي األميركي عزمي بشارة .1بد�أنا مرحلة جديدة هي مرحلة امل�ؤمتر الدويل حول �سورية. .2يعني التفاهم الرو�سي الأمريكي اعرتا ًفا دول ًّيا �أن النظام ال�سوري لن يبقى ،و�أن تغيريه يجب �أن يتم بحل �سيا�سي ،لأن العودة �إىل ما كان غري ممكنة ،وا�ستمرار الو�ضع احلايل قد ي�ؤدي �إىل انهيار �شامل. .3كان من �ش�أن ا�ستخدام النظام للقوة الع�سكرية املفرطة من دون �سقف للعنف �أن يق�ضي على الثورة (وعلى �أي ثورة �سلمية �إذا مل ين�شق اجلي�ش عن النظام ،و�إذا مل يح�صل تدخل خارجي) .ولكن حتول الثورة �إىل ال�سالح (ببطولة نادرة ومن دون دعم خارجي يتجاوز دولتني عربيتني) منع النظام من الق�ضاء عليها ،وم ّد يف عمر الثورة حتى اليوم. .4ال يوجد حل �سيا�سي من دون تغيري النظام .وكان بالإمكان التو�صل اىل ذلك مبكرا ولكن االحرتاب الذي يتحمل النظام م�س�ؤوليته قاد البلد �إىل ما ي�شبه احلرب الأهلية ،مع الفرق �أن النظام ٌ طرف يف هذه احلرب .وهذا بحد ذاته يحفظ للثورة �سمة الثورة على نظام .وقد ا�ستخدم النظام الق�صف الوا�سع النطاق والقمع بالقتل والتعذيب مبا يف ذلك ارتكاب جرائم �ضد الإن�سانية. .5ن�ش�أت يف الثورة ظاهرة التعددية الع�سكرية التي مل ت�سلم من ن�شوء ملي�شيات وارتكاب جرائم ،وبرزت م�ؤخرا ظاهرة �أمراء احلرب. .6انزلق االحرتاب اىل جمازر طائفية من �أ�سو�أ نوع كما جتلت م�ؤخرا يف قرية البي�ضا ،التي مل تكتب ق�صتها بدقة بعد ،والتي ب ّينت �أن الأكرثية غري املنظمة يف �سورية هي يف الواقع جمموعة �أقل ّيات ت�ستفرد فيها الأقلية املنظمة ع�سكريا يف تنظيمات فا�شية .وهو منط عرفناه يف مناطق �أخرى يف العامل .وهو منط يتعاطف معه الغرب حني يح�صل يف بلداننا (التي لن �أذكرها يف هذا ال�سياق) .وكان من اخلط�أ الفادح
مقاالت
5
الرد على هذه الطائفية التي ان�صهرت يف جهاز الدولة (واملنظمة على النمط الع�سكرتاري الفا�شي) ،باالجنرار �إىل طائفية �شعبوية غري منظمة مت�أثرة مبناخ �إقليمي يف العراق ولبنان واخلليج. .7مت ّكن املجتمع ال�سوري امل�ضطهد واملقموع منذ عقود �أن ي�ستعيد كرامته ذاتيا و�أن يحرر �إرادته ب�شكل يثري الإعجاب ،وال ي�ستطيع �أحد �أن ي�سلب ال�شعب ال�سوري هذا االجناز الذي حققه بت�ضحياته .ولكنه مل يتمكن من �إنتاج تنظيم موحد بديل للنظام .وهذا �أمر ُي�أ�سف عليه مع �أنه طبيعي �أن يح�صل بعد منط �شر�س كهذا يف قمع و�إذالل املجتمع مدة �أربع عقود كاملة. .8كان من الطبيعي �أن يقود رف�ض النظام للإ�صالح مبكرا ،واختياره «للحل الع�سكري» بقمع تطلعات النا�س للحرية باحلديد والنار �إىل االنق�سام العمودي الذي ح ّوله �إىل نظام جمازر ،نظام ع�صابات طائفية فا�شية و�إىل التدخل الدويل لفر�ض احلل( .لقد �سبق �أن حذرنا من ح�صول هذا عدة مرات �إذا مل يتغري النظام ال�سلطوي الرث بالإ�صالح ،وذلك يف ال�شهور الأوىل من الثورة .وفعلنا بذلك ب�شكل منهجي). � .9أهم العقبات �أمام تنفيذ منوذج احلل الدويل هي: �أ .رف�ض ب�شار اال�سد التنازل عن �سلطاته حلكومة م�شرتكة كاملة ال�صالحيات .ورف�ض الأجهزة الأمنية واجلي�ش �أن متنح والءها ملثل هذه احلكومة طاملا كان ب�شار الأ�سد موجودا .وهذا يعني �أنها ال ميكن �أن تكون كاملة ال�صالحيات ما دام موجودا. ب .عدم متكن الثورة ال�سورية من فرز ر�ؤية موحدة لطبيعة املرحلة االنتقالية. .10املخاطر الكامنة يف احلل الدويل هي: وقوع �سورية حتت الو�صاية الدولية. فر�ض نظام حما�ص�صة طائفية. .11ال ميكن الت�صدي لهذه املخاطر اذا مل يتفاهم ال�سوريون على �ضرورة تغيري نظام احلكم يف �سورية �إىل نظام دميقراطي تعددي .لأن ا�ستمرار ال�صراع وحتوله �إىل �صراع بني جماعات �سوف ي�ستمر يف دفع كل طرف �إىل حتالف مع قوى خارجية �ضد الطرف الآخر .وهذا بحد ذاته ال ميكن �أن ي�ؤدي �إال �إىل ت�سويات بو�صاية دولية تت�ض ّمن حما�ص�صات.
عن �صفحة املفكر العربي الدكتور عزمي ب�شارة
6
مقاالت
طلعنا عالحرية /العدد 28
قوى املعارضة واملناطق املحررة أسامة زين الدين منذ بدايات العام احلايل عندما مت ت�شكيل املجال�س املحلية يف �سوريا وو�ضع �آليات عملها كانت الر�ؤية هي حماولة �سد الفراغ الذي قد ين�ش�أ حال �سقوط النظام يف �سوريا ،حيث مت و�ضع �آليات ب�سيطة ت�ستطيع من خاللها القوى املعار�ضة متمثلة باالئتالف التوا�صل واالدارة لت�صل �إىل كامل اجلغرافيا ال�سورية لإدارة بلد منهك من قعقعة ال�سالح وم�ساعدة النا�س على جتاوز حمنتهم التي خلفتها احلرب .وبنف�س الوقت كان اجلي�ش احلر يخو�ض معاركه داخل الأرا�ضي ال�سورية ويحرر العديد من املناطق يف كافة املحافظات ال�سورية لنح�صل على م�ساحات خارج �سيطرة النظام تديرها القوى املعار�ضة ،فما الذي حدث؟ املناطق املحررة اليوم تعاين من ح�صار النظام الأ�سدي على كافة مواد الإعا�شة والتموين والوقود وكل مقومات احلياة كعقاب على ثورتها وخال�صها من نظام القهر واال�ستبداد .كما تعاين من تعامل االئتالف الوطني لقوى املعار�ضة من حيث عدم املتابعة حلالتها �إطالقا ،فما ينق�ص هذه املدن املحررة مل يتكفل به االئتالف ،ومل يبادر �إىل ت�أمني احتياجاتها من كافة املواد ..بدءا بالطحني املادة اال�سا�سية للحياة يف كافة املدن ال�سورية. وال يخفى على �أحد اليوم �أن كل مدينة يتم حتريرها تتعر�ض لعقوبة احلرمان من كل �شيء ،بدءا بالطحني والوقود و�صو ًال �إىل معظم املواد ،والتي تدخل ب�شق االنف�س �إليها عرب طرق عديدة يلعب فيها جتار الدم دورا كبريا من حيث ا�ستغالل احلاجة والتحكم بال�سعر ،يف حني �أن جميع القوى املوجودة يف هذه املدن مل تتلق ات�صاال واحدا من قوى االئتالف الوطني ليطمئن على حالة �سكان البلد �أو حماولة واحدة لإدخال مادة الطحني عرب �أي طريق لدعم �صمود
ال�سكان يف املدينة!!.. وال�س�ؤال الذي ي�شغل بال النا�س هذه االيام :هل ما قام به االئتالف حني دعا لت�شكيل جمال�س الإدارة املحلية كان جمرد توزيع لأدوار معينة حتى ال يغ�ضب �أحد؟!! وهل هي جمرد حالة من تقا�سم املنا�صب والديكور اجلميل لإقناع اخلارج بالقدرة على �صناعة نظام جديد مكان النظام القدمي؟!! .فيما يقف كل من ح�صل على ح�صة على حدود �سورية بانتظار �سقوط �سفاح دم�شق ليدخل دخول الفاحتني ويجل�س على كر�سي ال�سيادة بينما العديد من الأطفال يخو�ضون معارك البطون اخلاوية وعتمة الليل وغالء الأ�سعار وانقطاع احلليب وتوقف معظم �آليات البلد. !!.. هل عقد االئتالف اجتماعه ثم غادر اجلميع القاعة بانتظار اليوم املوعود؟!! هل يت�صل اع�ضاء االئتالف ببع�ضهم البع�ض؟ �أم �أنهم حتى مل يكلفوا �أنف�سهم عناء ت�سجيل الأرقام ..هل تتجاوز لقاءاتهم عتبة الربوتوكول �إن وجدت ؟ وهل جتاوز االئتالف اخللل الذي وقع به املجل�س الوطني حني ترك الداخل غارقا بدمه وظل يهرول وراء وهم التدخل الأجنبي؟ حتى بدا غريبا جدا عن الواقع ال�سوري .وهل عمل االئتالف هو جمرد احلديث ال�سيا�سي� ...أم �أن هناك واقع اقت�صادي ومعي�شي واجتماعي على الأر�ض ال يعني �شيئا لالئتالف؟!. هل �أ�صبحت عالقة قوى املعار�ضة يف اخلارج بالداخل ال�سوري هي جمرد الت�سلل �إىل داخل الأرا�ضي ال�سورية املحررة ل�سويعات قليلة اللتقاط بع�ض ال�صور ثم الهرب �سريعا خلارج احلدود وترك النا�س حتت وط�أة املوت؟!! �ألي�س اجلميع �شركاء بالأر�ض واجلوع واملوت؟ ام �أن ال�شراكة ال ت�شمل �سوى مواعني ال�سمن والع�سل ،وحني
طلعنا عالحرية /العدد 28
مقاالت
7
يقف االئتالف على احلياد وتنتظر املدن املحررة هبة �أحد املح�سنني العرب ليقدم بع�ضا من �أمواله كي ت�ستطيع املدينة �شراء بع�ض �أكيا�س الطحني !..هل يحق ل�سكان هذه املدن �أن ي�سقطوا االئتالف كما ا�سقطوا النظام بدماء �أبنائهم و�أن يرفعوا كارت االنذار الأخري لكل القوى املوجودة باخلارج..؟ �أن من الواجب ان تكون الأولوية للمناطق املحررة لتتابع حياتها بعد ما حلق بها من �ضيم النظام وما يلحق بها الآن من جتاهل االئتالف، و�أن يطالب ه�ؤالء ال�سكان الب�سطاء جتاوز كل خالف فردي بني جميع القوى والرتكيز على الهدف العام وهو تعزيز ثبات كل منطقة نالت حريتها لكي ت�ستطيع ال�صمود وتقدم االئتالف ليتابع حالة املدن بعيدا عن املواقع االلكرتونية وااللت�صاق بالأر�ض ب�شكل فعلي. �سيظل ال�س�ؤال بر�سم كل من يف اخلارج .هل لكم عالقة بالثورة تتجاوز �صفحة االنرتنت �أم �أن العالقة عند هذا احلد فقط وال تتجاوز الدعاء لكل من هو بالداخل بالن�صر �أو ال�شهادة ،و�أن قلوبكم معهم .وان الأمل يعت�صركم على حالة الداخل ،و�أنكم تتابعون الأو�ضاع �أوال ب�أول على �شا�شات جواالتكم الفاخرة ...كل تلك الكلمات ال�ساذجة يف ح�ضرة املوت!!...
مما ال�شك فيه ان لكل حدث دافع ,واذا قر�أنا الثورة ال�سورية كحدث فال بد لها من دافع ,ال اق�صد هنا الدوافع اخلا�صة بانطالق الثورة من ظلم وف�ساد و�سطوة امنية واوليغار�شية ومن ثم قتل وتعذيب ...الخ ،بل اق�صد بالدافع :الوقود الذي يخلق الطاقة الالزمة ال�ستمرارية الثورة. ال ميكننا القول بان وقود الثورة هو وقود من نوع واحد ،بل انه متبدل مبا يتكيف مع املرحلة التي مرت بها الثورة .ففي بداية الثورة (�شرارة البدء) كان الدافع االقوى ال�شتعال ثورة ال�شعب ال�سوري هي عمليات القتل التي قامت بها قوات النظام يف درعا ما �أدى اىل خروج املجتمع ال�سوري من القمقم للتفاعل مع ن�سائم احلرية القادمة من اجلنوب ،وبد�أ التظاهر ي�أخذ �شكله و�شخ�صيته ال�سورية عرب تلك التظاهرات التي كانت متلأ مواقع التوا�صل االجتماعي و�شا�شات التلفزيون والتي كان وقودها اال�سا�سي تعط�ش ال�شعب ال�سوري للحرية وبداية خلق مفهوم احلراك الثوري املدين الذي بد�أ مع الوقت يت�صاعد اىل ان ا�صبح منظما بفعل جتاوب عقلية النا�شطني ال�سوريني مع مراحل الثورة .فكانت مظاهرات حماة م�شهدا مزروعا يف وجدان كل �سوري حتى االن ثم بد�أت االغاين الثورية ال�شعبية تر�سم مالمح املجتمع املدين القادر على التعبري بكل ب�ساطة وعمق عن مكنوناته الداخلية ،اىل �ضغوط املجتمع املدين التي بد�أ ال�شعب يعرب عنها عرب االعت�صامات واال�ضرابات والوقفات االحتجاجية ،عدا عن الن�شاطات املدنية االخرى التي تعك�س ابداع هذا ال�شعب يف خلقه لكل ما يرفد ثورته ويدفعها اىل االمام. لقد كانت بالهة النظام وقراراته االلتفافية يف مرحلة من
جلان التن�سيق املحلية بدرعا
التتمة في صفحة 13
وقود الثورة الذي ال ينضب زياد ابراهيم
8
مقاالت
طلعنا عالحرية /العدد 28
الهجوم اإلسرائيلي وتداعياته أبو القاسم السوري قام الطريان احلربي "الإ�سرائيلي" فجر يوم الأحد بق�صف مواقع داخل الأرا�ضي ال�سورية يف هجوم هو الثاين خالل � 48ساعة قالت "�إ�سرائيل" �أنه ملنع و�صول �أ�سلحة �إيرانية مر�سلة �إىل حزب اهلل ،وبح�سب ما ذكرت "تل �أبيب" ف�إن الغارة ا�ستهدفت �شحنة كانت حتتوي على �صواريخ �أر�ض �أر�ض من نوع "فاحت � 110إ�س" ،وال تعترب هذه الهجمات الأوىل من نوعها فقد قامت �إ�سرائيل بعدة عمليات ع�سكرية وا�ستخباراتية �ضد �سورية قبل الثورة ك�ضرب موقع الكرب يف دير الزور عام ،2007بالإ�ضافة �إال �أن "�إ�سرائيل" قامت يف كانون الثاين 2012بالهجوم على قافلة �صواريخ م�ضادة للطائرات "ا�س�.إي ،"17يف جمرايا بريف دم�شق، والتي كانت يف طريقها حلزب اهلل ،وبيدو �أن و�ضع نظام مما كان عليه عندما الأ�سد بات يف و�ضع �أكرث خطورة بكثري ّ وقعت الأحداث ال�سابقة ،فهو الآن يقاتل دفاع ًا عن وجوده، يف مواجهة قوات الثورة املتمثلة باجلي�ش ال�سوري احلر، ومن هنا ،ف�إن االعتداء "الإ�سرائيلي" ،هو �أ�صغر امل�شكالت التي يواجهها نظام الأ�سد ،ولذا ميكن االفرتا�ض �أن ر ّد ًا �سوري ًا ع�سكري ًا لي�س من ال�سيناريوهات الواردة. وك�شفت �صحيفة "ه�آرات�س" الإ�سرائيلية ،النقاب عن التقنية التي مكنت �سالح الطريان "الإ�سرائيلي" من الهجوم على �أهداف �سورية دون اخرتاق جمالها اجلوي، وبدقة عالية ،ف�سالح اجلو اعتمد خالل الهجوميني الأخريين على منظومة " ،" Stand Offوهو ما يعنى �إطالق ال�صواريخ من م�سافة بعيدة و�آمنة دون �أن تدخل الطائرات املغرية �ضمن جمال �إ�صابة �أنظمة الدفاع اجلوي امل�ضادة و"�إ�سرائيل" متتلك �صواريخ جو� -أر�ض موجهة ومزودة بكامريات خا�صة �أو جم�سات �إلكرتونية مثبتة على مقدمتها ،مثل �صواريخ " فوفاى" ،والتي تطلق عليها �إ�سرائيل ا�سم "الرمح ال�ضخم" ،وهو من �إنتاج �شركة
"رفائيل" لل�صناعات الع�سكرية والأمنية "الإ�سرائيلية"، ويبلغ مداها 100كلم ،ومالئمة لالنطالق من خمتلف الطائرات احلربية التي متتلكها "�إ�سرائيل" وعلى ر�أ�سها طائرات �إف .15 وت�أتي هذه الهجمات الع�سكرية التي قامت بها "�إ�سرائيل" يف �سياق الإ�سرتاجتية "الإ�سرائيلية" املو�ضوعة ملقاربة الو�ضع يف �سورية ،فقد ر�سمت "�إ�سرائيل" منذ بداية اندالع الثورة يف �سورية عدد من اخلطوط احلمراء فيما يتعلق بالو�ضع ال�سوري ،وي�أتي على ر�أ�س هذه اخلطوط احلمراء و�صول الأ�سلحة الكيماوية والأ�سلحة التقليدية اال�سرتاتيجية كال�صواريخ امل�ضادة للطائرات وال�سفن وال�صواريخ الطولية املدى �إىل �أيدي حزب اهلل �أو �أيدي املعار�ضة ال�سورية ،وهذا ي�ستوجب �إعادة التذكري بامل�صلحة اال�سرتاتيجية العليا "لإ�سرائيل" يف حميطها الإقليمي ،فاملعادلة احلاكمة يف حركة "�إ�سرائيل" الإ�سرتاتيجية يف البيئة الإقليمية ومن �ضمنها �سورية تنطلق من مزيد من تقوي�ض حزمة القدرات العربية يف دولها الرئي�سية من �أجل حتقيق املزيد من الأمن القومي "لإ�سرائيل" ،ونتيجة لذلك �سيكون املحدد الرئي�سي ل�صياغة ال�سيا�سية "الإ�سرائيلية" جتاه �سورية هو العمل على املزيد من �إ�ضعاف �سورية ب�شكلها الكلي ،وي�شكل العمل على ا�ستمرار الأزمة ال�سورية مبا ت�سببها هذه الأزمة من تفكك اجتماعي وانهيار اقت�صادي وخالف وطني وتدهور ع�سكري م�صلحة "�إ�سرائيلية" عليا وبذلك يكون النظام وبانتهاجه ل�سيا�سته احلالية يقدم اكرب خدمة يف تاريخ "�إ�سرائيل"، وذلك ب�إ�ضعاف وتفكيك �سورية. وال تقت�صر ت�صورات "�إ�سرائيل" ال�سيا�سية يف �إ�ضعاف �سورية وتفكيكها على املرحلة القريبة القادمة بل تتعداها �إىل امل�ستقبل الأبعد فـ "عوزي ديان" رئي�س جمل�س الأمن القومي "الإ�سرائيلي|" ال�سابق على �سبيل املثال يدعم فكرة تق�سيم
طلعنا عالحرية /العدد 28
�سوريا لأنها �ست�صب يف م�صالح "�إ�سرائيل" يف املنطقة ،ويدعو �إىل انف�صال الأكراد و�إقامة دولة كردية يف �شمال �سوريا ،ودرا�سة احتمال �إقامة حكم ذاتي للأقلية العلوية ،م�شريا �إىل �أن ذلك مينح "�إ�سرائيل" الكثري من الفر�ص لتحقيق م�صاحلها يف املنطقة .وت�شري بع�ض املعلومات �إىل �أن النظام عمد �إىل جتميع الأ�سلحة التقليدية املتطورة �ضمن الثكنات والقطع الع�سكرية الأكرث حت�صين ًا وموثوقية خوفا من وقوع هذه الأ�سلحة يف �أيدي اجلي�ش ال�سوري احلر �إذا بقيت �ضمن القطع الع�سكرية العادية التي ي�ستويل عليها اجلي�ش احلر بالتوايل ،لذلك قام النظام بنقل هذه الأ�سلحة �إىل م�ستودعات الفرقة الرابعة واحلر�س اجلمهوري، وبذلك تكون "�إ�سرائيل" حققت �أهدفا عالية القيمة ع�سكريا من خالل الهجوم على م�ستودعات الفرقة الرابعة واحلر�س اجلمهوري. وباملجمل ،ميكن القول �أن ال�ضربة الع�سكرية التي قامت بها الطائرات "الإ�سرائيلية" يف الأرا�ضي ال�سورية حتمل العديد من التداعيات لعل �أهمها: �" - 1إ�سرائيل" تهدف لتدمري �سوريا كدولة وتدمري مقدراتها الإ�سرتاتيجية بغ�ض النظر عمن يحكم �سوريا. � - 2إن �إعالن الواليات املتحدة خلرب وقوع الهجمة الأوىل قبل �أن تعلنها �أي جهة ي�ؤ�شر بكل و�ضوح �إىل �أن الهجوم مت ب�ضوء �أخ�ضر �أمريكي، لإر�سال �إ�شارات وا�ضحة مفادها �أن �أمريكا قادرة على فر�ض املعادالت ال�سيا�سية التي تنا�سب م�صاحلها �سواء ب�شكل ذاتي �أو من خالل حليفتها يف املنطقة "�إ�سرائيل". � - 3إن �إ�سرائيل تطمئن لبقاء خمزون الأ�سلحة املهمة حتت �سيطرة نظام الأ�سد� ،أما �إذا انتقلت هذه الأ�سلحة �إىل �أيدي اجلي�ش احلر ،فذلك يعترب اخرتاق ًا خلط احمر ،لذلك ف�إن الهجوم يعطي ر�سالة وا�ضحة �أن حلظة �سقوط نظام الأ�سد باتت قريبة.
مقاالت
9
� - 4إن م�س�ألة الثورة �أ�صبحت مركز ت�شابك وت�صارع للم�صالح الإقليمية والدولية ،و�إن انعكا�سات الأزمة ال�سورية على املحيط الإقليمي �أ�صبحت لي�س مكان نقا�ش ،بل �أ�صبحت �أمر ًا واقع ًا يفر�ض نف�سه على القوى الدولية ال�ستدراك املوقف قبل �أن تت�أزم الأمور �أكرث. � - 5أن الهجوم الإ�سرائيلي يخدم اال�سرتاتيجية العامة للنظام ال�سوري القائمة على �إظهار النظام باعتباره ركن ًا �أ�سا�سيا �ضمن بنية نظام �إقليمي م�ستقر وان �سقوط نظام الأ�سد �سي�ؤدي �إىل عدم ا�ستقرار يف املنطقة. - 6حرف الأنظار عما يحدث يف قرى ومدن حمافظة من حملة تطهري عرقية تقودها ع�صابات النظام و�شبيحته بحق املواطنني ال�سنة يف تلك املناطق . وميكن ا�ستخال�ص �أن دخول العامل "الإ�سرائيلي" يف الأزمة ال�سورية ب�شكل مبا�شر �أعاد خلط الأوراق ب�شكل كبري قد ي�ضر بالثورة ال�سورية �إذ مل تبني ا�سرتاتيجية وا�ضحة للتعامل معها ،واعتقد �أن �أهم حماور هذه اال�سرتاتيجية على امل�ستوى الداخلي ،هي تعرية ما تبقى للنظام من �أوهام �أ�سطورة "املقاومة واملمانعة" لدى احلا�ضنة ال�شعبية املوالية له من خالل �شن حملة �إعالمية �شاملة تظهر �ضعف النظام وتخاذله يف الدفاع على ال�سيادة ال�سورية والأرا�ضي ال�سورية الطاهرة� ،أما على امل�ستوى اخلارجي فيجب العمل على �إقناع املجتمع الدويل �أن بقاء نظام الأ�سد بات يهدد اال�ستقرار الإقليمي وقد ي�ؤدي بقاءه �إىل ن�شوب �صراعات مذهبية وعرقية قد ت�شعل املنطقة ،وبذلك نعري ادعاءات النظام ب�أنه يف حال �سقوطه ف�أن املنطقة �ست�شهد حالة من اال�ضطرابات وال�صراعات الإقليمية. حركة �شباب هنانو
10
مقاالت
طلعنا عالحرية /العدد 28
في سهل الغاب عبيدٌ وأحرار على ضفتي العاصي مصعب الحمادي هناك منطني خمتلفني جد ًا للحياة على �ضفتي العا�صي الغربية وال�شرقية يف �سهل الغاب بريف حماه. تنظر لل�ضفة الغربية فرتى ما�ضي �سوريا الأ�سود من خالل طيف احلكم الأ�سدي الذي ما يزال يظلل الأهايل هناك .يف تلك القرى والبلدات �ستجد �سوريني من لونٍ واحدٍ فقط, �أبنا�ؤهم يجندون كالقطعان يف ع�صابات ال�شبيحة ليتوجهوا لقتل �أبناء بلدهم على امتداد الرتاب ال�سوري. احلياة على ال�ضفة الغربية مل تتغري .فبالن�سبة لهذه ال�شريحة التي �أ�صبحت رهينة جرائم النظام فهي مل ترث من عائلة الأ�سد �إال الفقر واحلرمان ,والعزلة عن العامل اخلارجي .واملقربون املقربون هم من كانوا يح�صلون على فر�ص ٍة للتطوع يف اجلي�ش �أو املخابرات. واليوم ,وعلى نف�س املنوال ال يجد الأهايل هناك من خيا ٍر �إال �إر�سال �أبناءهم �إىل فرق املوت الت�شبيحية كي يفوزون برغيف اخلبز ,و�سط الأزمة االقت�صادية املتفاقمة يف البالد. هذه هي ب�صمات وعطاءات احلكم الطائفي الأ�سدي الذي ما يزال م�ستمر ًا على ال�ضفة الغربية لنهر العا�صي. ومن مميزات احلياة على هذه ال�ضفة هذه الأيام متدد ع�صا الت�أديب ,وعلو �سيف التخوين ,ومنو الراديكالية والتع�صب الأعمى على ح�ساب االنتماء الوطني ,وذلك ل�ضمان عدم ح�صول �أي تغيري يف موقف الأهايل هناك حيال ما يح�صل يف بلدهم وليبقوا رهينة النظام يف عربدته وجرائمه. ولذلك جتد اجلماهري هناك تنقاد وراء قادتهم الدينيني
والع�سكريني كالعبيد ,لي�س لهم ر�أي ,وال قوام. �إنهم ما يزالون ينتمون ل�سوريا الأ�سد� ,سوريا الطائفة ,ولي�س �سوريا الوطن التي تبنى على ال�ضفة الأخرى. فعلى ال�ضفة ال�شرقية لنهر العا�صي تتلقاك �سوريا امل�ستقبل, وموت ودمار, التي و�إن كانت تعاين ما تعانيه من ق�صف ٍ ٍ �إال �أنها ولأول مرة منذ خم�سني �سنة ت�ضم بني جنباتها �سوريني �أحرار ,ر�ؤو�سهم مرفوعة ,و�آرا�ؤهم حرة .كرامتهم ال ي�ساومون عليها ,وحريتهم �أ�صبحت بني �أيديهم .منهم من يقاتل بال�سالح ,ومنهم من انطلق لبناء جمتمع مدين. و�إذا كان الأهايل يف ال�ضفة الغربية ينتمون للونٍ واحد, ف�إن ال�ضفة ال�شرقية حتفل بكل الأطياف والألوان ثقافي ًا واجتماعي ًا و�سيا�سي ًا. ً ً ول�ضيق املجال هنا �س�أتناول جانبا واحدا من احلياة الثقافية على ال�ضفة ال�شرقية لنهر العا�صي يف �سهل الغاب. ب�سيط عن جملتني ت�صدران يف �شرح ٍ �سوف �أحاول تقدمي ٍ تلك القرى الب�سيطة تعربان مب�ضمونهما عن حرية التعبري يف �أروع مظاهرها ,ومبا يدعوا للأمل والتفا�ؤل مبا �ستكون عليه بالدنا بعد �إزاحة الطاغية. هاتني املجلتني هما( :جملة النور) و(جملة الدميقراطية). ي�صدر (جملة النور) �شاب �سلفي متحم�س ا�سمه (�أبو
طلعنا عالحرية /العدد 28
حنيفة) يرمي لن�شر القيم الدينية بني النا�س ,ويتميز ب�شخ�صيته القوية ومقدرته على النقد .فالويل والثبور لأيٍّ كان يف الثورة – حتى و�إن كان �ضابط ًا كبري ًا يف اجلي�ش احلر – �إن �أخط�أ ووقع حتت رحمة قلم �أبي حنيفة. ي�أخذ �أبو حنيفة على عاتقه مهمة الدفاع عن املدنيني �أمام جتاوزات الكتائب امل�سلحة واللجان الأمنية يف حال وقوعها. ولكن هجوميته الزائدة جتعل جملته غري مرغوبة متام ًا عند كل النا�س .ف�أبو حنيفة ال ينتقد (جملة الدميقراطية) كمجل ٍة مناف�س ٍة فح�سب ,بل ي�ستند لأدلته الدينية وال�شرعية ليقول ب�أن الدميقراطية بح ّد ذاتها كفر. وبروح رائعة من ال�سجال ت�صادم �أو ح�سا�سية, من دون ٍ ٍ احلر ,يرد �أ�صحاب (جملة الدميقراطية) ال�صاع �صاعني لأبي حنيفة. يركز حمررو املجلة بالأ�صل على تعزيز قيم الدميقراطية واحلريات واملجتمع املدين بني النا�س .فهم �أقل هجومية خللفيات �أكادميية بكثري من �أبي حنيفة ,وينتمي معظمهم ٍ
مقاالت
11
كونهم خريجني وطالب جامعيني. يعترب �أ�صحاب (جملة الدميقراطية) جملة �أبي حنيفة جمرد كت ّيب ديني �أكرث منها جملة ,وينتقدون ديكتاتورية �أبي حنيفة كونه املحرر الوحيد يف املجلة ,و�إن حتت �أ�سماءٍ خمتلفة. واملزاج العام يف هذه املنطقة من �سهل الغاب مييل لقراءة جملة الدميقراطية ,بينما ي�ستهز�أ عدد ال ب�أ�س به من الأهايل مبجلة �أبي حنيفة في�سمونها (جملة ال َن َور) ال (ال ُنور) لريتد �سحر النقد على ال�ساحر ,حيث ي�ضحك �أبو حنيفة كلما همز أم�س �أحدهم بهذه الت�سمية معرب ًا عن تف ّه ٍم ٍ وتعاي�ش نحن يف � ّ احلاجة �إليه يف �سوريا امل�ستقبل. حق ًا ت�شعر و�أنت تتنقل بني القرى ال�شرقية ل�سهل الغاب باحلرية – تتنف�سها من �أعماق قلبك ,وترى يف عيون النا�س كم هم �سادة ,وكرام و�أحرار .بينما كلما �أطلقت نظرك بعيد ًا غرب نهر العا�صي ال متلك �إال �أن ت�شعر بال�شفقة على �إخو ٍة لك ما يزالون يرزحون حتت نري الع�صبية والعبودية.
12
مقاالت
مبادئ ثقافة التسامح الجزء األول
(عندما ت�سامح من ا�ساء اليك فانت ال تغري املا�ضي بل تغري امل�ستقبل) غاندي يرتهن تطور احل�ضارة الإن�سانية كما يرى الفيل�سوف الفرن�سي ,كارل بوبر ( ,)Karl Popperبقدرة املجتمعات على مواجهة العنف االجتماعي ,وجتفيف م�صادره ,وتقلي�ص �آثاره �إىل احلدود الدنيا .وي�شكل اليوم العمل على مواجهة العنف ,وم�صادرة قدرته هاج�س احلياة الدميقراطية يف خمتلف م�ستوياتها ,وجتلياتها. فالدول التي متار�س العنف ,وتنتهج اال�ستبداد لن تتمكن �أبدا من التقدم خطوة واحدة يف م�سار احل�ضارة الإن�سانية. ومن �أجل بناء احلرية وت�أكيدها يرتتب على املجتمعات الإن�سانية �أن تواجه العنف وحتا�صره ,وتقل�ص دوره يف املجتمع ،لأن ذلك ي�شكل املنطلق اال�سرتاتيجي يف اجتاه بناء ال�سالم ,الأمن ,واحلرية ,وتلك هي ال�شروط الأ�سا�سية يف بناء احل�ضارة الإن�سانية. لكن مواجهة العنف ,والت�سلط ,واال�ستبداد ,ال ميكن �أن ت�أتي عرب القرارات النافذة ,والقوانني ال�ضاربة .فالعنف ال يواجه بالعنف ,و�إمنا يتم ذلك عرب بناء الروح الإن�سانية املناه�ضة للعنف ,والت�سلط ,واال�ستبداد .وهذا ما ي�ؤكد عليه "كارل بوبر"� ,إذ يرى ب�أن رف�ض العنف يجب �أن ينبع من داخل الأفراد �أنف�سهم يف امل�ستوى الأول ،لأن �سعي احلكومات لن يفي �أبد ًا بالغاية ,وهذا يتطلب وجود �أميان كبري من الأفراد برف�ض العنف يف خمتلف جتلياته ومظاهره. وت�أ�سي�س ًا على ما تقدم ف�إن بع�ض الدول ,واحلكومات قد �أدركت هذه احلقيقة ب�أبعادها الإن�سانية .فانطلقت
طلعنا عالحرية /العدد 28
تبحث عن ثقافة للت�سامح وال�سالم ,عرب ت�أ�صيل قيمي لهذه الثقافة يف نفو�س ال�صغار وقلوبهم .و�أ�صبحت اليوم الرتبية على قيم الت�سامح وال�سالم ,ونبذ العنف �أولوية �إن�سانية ,واجتماعية ,وح�ضارية تنادي بها الأمم ,وترفع �شعارها يف خمتلف جوانب احلياة املعا�صرة .لقد �أدركت الأمم والدول ب�أن الرتبية على الت�سامح وقيمه وت�أ�صيل معانيه �سيوفر على الدول اجلهود الكبرية يف مواجهة العنف ,والتطرف ,والإرهاب .ولن تكون الدولة ب�صدد دفع الفواتري الغالية جد ًا ال�ستخدام �أ�ساليب العنف يف مواجهة العنف عينه من �أجل املحافظة على الأمن العام, وال�سلم االجتماعي. ال �شك ب�أن �سوريا بلد ذو تنوع عرقي وديني وثقايف، وهذا التنوع يفر�ض علينا نحن ال�سوريني � ،أن نفهم هذا الف�سيف�ساء على �أ�س�س املواطنة الكاملة والتعاي�ش ال�سلمي وقبول الآخر ،واحلوار الهادئ للو�صول اىل م�شرتكات بعيدا عن العنف .ومن هنا تتطلب الوطنية �أن نحتكم �إىل العقل الذي ا�شار اليه حممد عبده ‘‘العقل قوة من �أف�ضل القوى الإن�سانية ،بل هي �أف�ضلها على احلقيقة‘‘. فـ ‘‘احلقيقة هي تلك التي تعمل‘‘ ،كما قال املفكر جون ديوي ،وانتفاء العنف يعني التحرر من اخلوف ،و�سبب اخلوف هو اخلوف من الآخر ،وفقدان الثقة بني �أبناء البلد الواحد .من هنا يجب التفكري بالعدالة يف كل ناحية من نواحي احلياة لتحقيق امل�صلحة الوطنية العليا. كما ميكن الت�أكيد على الأطراف الوطنية ،ولي�ست الإرهابية �أو تلك التي �ساهمت يف املجازر اجلماعية او القتل العام ،بانه ال ميكن حتقيق امل�صاحلة الوطنية على �أ�س�س طائفية �أو حزبية �أو �إرهابية ترف�ض الآخر ،ومتار�س العنف حتت حجج علمانية �أو دينية .فمن غري املعقول �أن تلتقي ثقافة العنف بثقافة ال�سالم .ومن احلمق �أن نقول �أن ثقافة رف�ض طرف وطني معني طرفا وطنيا �أخر �أو �إلغائه يهيئ الأجواء للت�سامح وامل�صاحلة. _____________ كرا�س من �إعداد مركز الت�آخي ( )Biratiللدميقراطية �سنوافيكم به على �أجزاء واملجتمع املدين. ..
طلعنا عالحرية /العدد 28
مقاالت 13
تتمة من صفحة 7
املراحل وقودا للثورة ال�سورية ،كما كان خطاب ر�أ�س النظام وقودا من نوع اخر .وعمليات االقتحام واملداهمات واالعتقاالت والتعذيب يف ال�سجون وقودا يدفع بالثورة للأمام ،وكان العنف وقودا ذو فعالية ادى اىل بدء مرحلة مف�صلية يف حياة الثورة وهي مرحلة العمل امل�سلح. ان تغري الوقود الدافع للثورة يف كل مرحلة من املراحل ادى اىل تهادي الثورة يف م�شيها على طريق احلرية، فكانت يف وقت من االوقات متتلك من احليوية ما ميلكه �شخ�ص فتي ،ويف وقت اخر متتلك من ال�شيخوخة ما ميلكه رجل طاعن يف ال�سن. اليوم و�صلت الثورة اىل مرحلة يكاد يكون فيها ال�صوت االعلى لل�سالح لوال بع�ض التغريدات التي تغردها ع�صافري احلرية يف ن�شاطها املدين املغيب عن اعالم ال�صحف وال�شا�شات العربية ،حيث ا�صبحت اخبار املعارك الدائرة يف انحاء �سوريا هي اولوية لدى ال�صحفيني واالعالميني يف كل مكان ،بينما عكفت و�سائل اعالم الثورة على اح�صاء الدمار واعداد املجازر وال�شهداء واجلرحى واملعتقلني. ويف ظل ثورة انتقلت اىل العمل امل�سلح ك�أمر مفرو�ض عليها للو�صول اىل الن�صر بات علينا اليوم البحث عن وقود هذا العمل امل�سلح ونرى ان كان الوقود املوجود لدينا قابال لال�ستمرارية ام ال. ان معظم الت�شكيالت الع�سكرية املقاتلة يف الثورة اليوم ت�ستخدم الدين واالعتقاد كوقود لعملها ،وهذا النوع من الوقود ا�ستطاع الدفع من �أجل ا�ستمرار الثورة يف الفرتة املا�ضية واي�صالها اىل املرحلة احلالية ،لكن هل ي�ستطيع اال�ستمرار يف العطاء؟ اعتقد انه وبقراءة �سريعة للواقع احلايل للثورة ال�سورية ن�ستطيع االجابة بـ (ال) ،ذلك �أننا و�صلنا اىل مرحلة من الفرقة والت�شرذم مل ت�صل اليها حتى تن�سيقيات الثورة ذات املرجعيات املختلفة ،مع اال�شارة اىل ان خالف
النا�شطني ال ميكن ت�شبيهه ابدا بخالف الع�سكريني. قر�أت يف احدى الفتات الثوار جملة تقول (كنا ن�س�أل عن املعتقل ب�أي فرع� ...صرنا ن�س�أل عن املعتقل ب�أي كتيبة) .فمجمل اخلالف بني الكتائب الع�سكرية هو خالف باخللفية العقائدية لهذه الكتائب واالهداف التي ت�سعى اليها ومن خلفها داعميها. ومبا ان ا�ستمرار الثورة متعلق بنوع الوقود الذي يدفعها، فان الوقود الوطني واملرجعية الوطنية هو الوقود القادر على ا�ستمرار ت�صاعد جناحات الثورة ودميومتها .فمن املمكن لأي �شخ�صني ان يختلفا يف اخللفية العقائدية، لكن ميكننا ان جنمع الكل حتت مظلة وطنية قادرة على العبور بهذه الثورة اىل �شط االمان. ما يريده ال�سوريون اليوم من كل مقاتل حمل �سالحه يف وجه الطغيان ان يكون قد حمل هذا ال�سالح لينت�صر ال ليموت ،فثقافة الن�صر هي التي جتلب الن�صر وثقافة املوت ال جتلب اال املوت ،والوقود الوطني ال ين�ضب فهو باقٍ ما بقيت �سوريا.
ع�ضو جلان التن�سيق املحلية تن�سيقية جديدة عرطوز البلد
14
مقاالت
طلعنا عالحرية /العدد 28
حجاج الشيعة حسن نصر اهللّ ... عمر األصيل ح�سن ن�صر اهلل يق�صف بيت اهلل احلرام ي�ش ّكل ح�سن ن�صر اهلل �أزمة عاطفية لعقالء ال�شيعة ممن يرف�ضون �إجرام النظام ال�سوري� .أزمة تعيد �إىل الأذهان �أزمة احلجاج بن يو�سف الثقفي عند �أهل ال�س ّنة .ن�صر اهلل الذي ارتبطت �صورته اليوم ب�أمرين خمتلفني متناق�ضني وهما حماربة �إ�سرائيل وحماربة ال�شعب ال�سوري (�أو الوقوف بجانب النظام ال�سوري على الأقل(. ال �أتكلم هنا عن متطريف ال�شيعة �أو من يقفون بجانب النظام ال�سوري ويدعمونه طائفي ًا ولك ّني �أحتدث عن تلك الفئة التي مل تكن توافق على ت�صرفات النظام ورعونته حتى لو مل يكونوا يف �صف الثورة .هذه الفئة كانت يف غالب الأحيان ّ تف�ضل عدم اخلو�ض يف تفا�صيل دعم حزب اهلل للنظام ّ وتف�ضل �أن تبقى بالعموميات وتتحدث عن رف�ضها لت�صرفات النظام لأنها كانت حتى اليوم حتاول عدم ت�شويه �صورة ن�صر اهلل يف خميلتها وذاكرتها .ولكن اليوم وخ�صو�ص ًا بعد خطاب ن�صر اهلل الأخري واعرتافه جهار ًا نهار ًا بامل�شاركة يف احلرب �إىل جانب النظام مل يعد يف الإمكان �إبعاد �صورته عن امل�شهد ،ومت خلق هذا ال�صراع وهذه الأزمة عند تلك الفئة من ال�شيعة .فكيف ننتقد من وقف يف وجه �إ�سرائيل وحاربها ،وكيف نعيب على من ا�سرتد بع�ض �أرا�ضينا منها ومن قدم ابنه �شهيد ًا لذلك و�أم�ضى �أيامه �صائم ًا قائم ًا. هذه الأزمة هي منوذج م�صغّر لق�صة احلجاج الذي ارتبط ا�سمه بالفتوحات العظيمة يف ال�سند والهند وتوحيد الدولة وعرف عنه ح ّبه للقر�آن والعمل عليه ولكن يف ذات الوقت ذاع �صيته كطاغية �سفّاك ًا للدماء قتل العباد و�أرهقهم وهاجم بيت اهلل احلرام وق�صف كعبته وقتل خيار ال�صحابة والتابعني. منوذج ن�صر اهلل ولو كان ال ينطبق على منوذج احلجاج �إال �أن فيه �شبه كبري .فن�صر اهلل مل يقدّم ما قدمه احلجاج من
�إجنازات ولكنه باملقابل مل ي�صل مل�ستوى �إجرام احلجاج. االنعتاق من �أ�سر هذه ال�شخ�صية لي�س هين ًا فعوام ال�سنة والكثري من علمائها ما زال �أ�سري ًا حتى اليوم لإجنازات احلجاج وجند معظمهم يكررون عبارة "ال نحبه وال ن�سبه" ّ التي الت�صقت بكل �شخ�صية �سيئة يف التاريخ ولكنها حماطة بهالة من القد�سية ل�سبب �أو لآخر. اجلديد يف مثال ن�صر اهلل هو �أنه رمز للفكر ال�شيعي الذي يعتمد يف �أ�سا�سه على فكرة عدم اال�ستكانة للظامل ون�صرة املظلوم .دخول ن�صر اهلل بهذا ال�شكل الوا�ضح الفا�ضح �سيغري من معامل عالقة �شيعة �سورية املعتدلني مع الثورة .ال�شيعة ال�سوريون الذين كانوا ال يحبون النظام وال يحبون الثورة ب�شكلها احلايل (وبت�صوري ه�ؤالء ي�شكلون ن�سبة ال ي�ستهان بها من �شيعة �سورية واحلديث هنا عن ال�شيعة ولي�س عن العلويني) والذين كانوا يكنون االحرتام حل�سن ن�صر اهلل حتى اليوم �سيجدون �أنف�سهم م�ضطرين �إما على بغ�ض ن�صر اهلل وبالتايل االبتعاد �أكرث عنه وعن النظام الذي يدعمه �أو على تربير موقفه وبالتايل االقرتاب �أكرث من النظام .مغامرة ح�سن ن�صر اهلل �إما �أن تك�سب النظام مزيد ًا من الت�أييد �أو على العك�س ت�صرف عنه بع�ض ال�صامتني .هذا االعرتاف لي�س ه ّين ًا من �أبناء ال�شيعة، فال�س ّنة بعد مرور �أكرث من ع�شر قرون ما يزالون �أ�سريي �شخ�صية احلجاج ،و�س�أجد بع�ض املعلقني على هذا املقال ممن يعرت�ض على ت�شبيه ن�صر اهلل باحلجاج ويقولون �إن احلجاج له ف�ضل كبري على الأمة. طاملا �أن مقيا�سنا هو ال�سيف والب�أ�س باحلرب ف�سيجد ال�سنة احلجاج �شخ�ص ًا عظيم ًا و�سيجد ال�شيعة ن�صر اهلل �شخ�ص ًا عظيم ًا ويف اللحظة التي يتحول فيها هذا املقيا�س �إىل دماء الأبرياء وحرمات العباد ف�سي�سقط ن�صر اهلل يف نف�س االختبار الذي �سقط فيه احلجاج. احلراك ال�سلمي ال�سوري
طلعنا عالحرية /العدد 28
تنسيقيات
15
حملة "�شاركنا" يف مدينة الأتارب
من �أجل �إعادة الروح �إىل �شوارعها وحاراتها ومن �أجل حماولة ت�أمني �أب�سط مقومات احلياة الإن�سانية من تنظيم ونظافة انطلقت حملة "�شاركنا" يف مدينة الأتارب. بد�أت احلملة يوم 13-5-2013بهمة �شباب املدينة املتطوعني وجتمع ملتقى ال�شباب ،حيث انطلقوا من احلي الغربي للمدينة �ضمن خطة عمل تهدف لتنظيم معظم ال�شوارع خالل �أربعة �أيام .كما هدفت احلملة لن�شر الوعي والثقافة من خالل ل�صق وتوزيع برو�شورات تخ�ص البيئة ونظافة ال�شوارع. وقد قام املتطوعون بتوزيع اكيا�س القمامة على كل منزل يف املدينة ،وجمعوا القمامة املنت�شرة يف ال�شوارع وخملفات الهدم والتدمري التي عممها النظام يف املدينة، كما مت �شحن القمامة اىل مكب االو�ساخ خارج املدينة. وقد جاءت هذه احلملة بعد جهود كبرية من قبل جتمع ملتقى ال�شباب ويف اعقاب تراكم الكثري من الأو�ساخ
وانت�شار الأمرا�ض كاجلرب وحبة حلب (الل�شمانيا) وغريهما. يذكر ان معظم امل�شاركني باحلملة هم من طالب وخريجي اجلامعات واملعاهد ..والذين مل�سوا التق�صري الكبري من قبل املجل�س املحلي يف معاجله هذه الظواهر.
تن�سيقية مدينة الأتارب
16
طلعنا عالحرية /العدد 28
تنسيقيات
يف ذكرى أول مظاهرة يف الباب لنا كلمة بخطى واثقة وعزمية مت�أججة تخطو ثورتنا العظيمة نحو عامها الثالث بهمم تعانق الآفاق ت�ست�شرف الغد مب�آق يحدوها الأمل بب�سمة تتفتق يف جنبات �أر�ض باتت تذخر بالأنني وا�ستحال �أبنا�ؤها �أك ّنة مثقلة باحلنني و�أج�ساد ًا مكفّنة بالرياح وال�شم�س والركام واملِزق والأدمي. عامان من عمر �أمتنا م�ضيا لكنهما مل ي�صرما ما جترع �شعبنا من مرار ومل يدمال ما تفتقت عنه اجلراح من عذابات. عامان من عمر �أمتنا اتخذ فيها الظاملون الر�صا�ص نابا ينه�ش حلوم الأبرياء لي�سوط بها الدماء مب�ستها�ض العظام ،وا�ستقدموا �شذاذ الآفاق ليقت�سموا ما ّ ت�شظى من دماء و ُفتات و�شرايني َ ومزق من �أدمي الأبرياء. عامان �ألقيا ب�أهوال مل تنل من عزمنا وعزميتنا �إال ما يناله خنجر غادر يطعن خا�صرة رياح عاتية دومنا هوادة �أو عبث ذئب يحاول مبخلبه �أن يخم�ش وجه ال�سماء فما ناله �إال ال�سقوط والعياء. بالأم�س يا �أهلنا يف الباب جتاوزت الثورة عامها الثاين حيث �أبت مدينتنا �إال �أن تر�صع ب�أبنائها �صفحات �أيام الثورة ب�شباب و�شيوخ ون�ساء و�أطفال يزدهي الد ّر ب�أن يت�شبه بهم ويغار امل�سك من طيب وطهر دمائهم وترجتي ال�شم�س �أن تطاول هاماتهم وتفخر اجلنة �أن حتيط �أفئدتهم وهذا بع�ض ح�سن ظننا ب�ضيوف الرحمن �شبابنا يف كل ثغر يدر�ؤون املوت عن �أبنائنا ويلوون �أعناق العدا و�سواعدهم مازالت تك ُّد باملزيد من االنت�صارات
فكم من ركن للظلم قد هدّوا وكم من �أ�صنام تداعت حتت �أقدامهم ،تكبرياتهم تهز �ساح املعارك وهمهماتهم ت�سري يف نفو�س املعتدين ارتعا�شا ورعبا لي�س من العدل �أن نبخ�س �شباب اجلي�ش احلر حقهم من االمتنان بجريرة �شرذمة من ال�ضالني ممن ي�سمون �أنف�سهم جماهدين واجلهاد منهم براء� ,أو ثوار وهم �أبعد ما يكونون عن �أخالق الثورة� .أولئك متيزونهم ب�أعمالهم واليقني �أنّ اهلل ما �أعدمكم ب�صرية وال حكمة ف�سريوا لنهدم كل الأ�صنام التي تت�أله على النا�س وتت�سلط على الرقاب با�سم الثورة� ,سواء �سموا �أنف�سهم ثوار �أم جماهدين �أو حتت �أي عنوان �آخر وليثمر الفهم ال�صحيح لديننا د�ستورا ي�ضاهي د�ساتري الأمم الراقية وي�ساعد يف بناء �سوريا امل�ستقبل التي تت�سع لكل �ألوان الطيف ال�سيا�سي واالجتماعي ال�سوري. تن�سيقية الباب -حلب
طلعنا عالحرية /العدد 28
مقاالت 17
الثورة ..والطاقات َّ املعطلة صهيب سالمات هل ُيحب �أحدكم �أن تعود الثورة علينا َّ بال�شر؟! �أمل ي ُكن ال�سبب الرئي�سي لثورتنا هو النهو�ض ببلدنا وا�سرتداد كرامته امل�سلوبة؟! هل من املعقول �أن ُن ِّ عطل َّ كل طاقاتنا ونوقف �أ�سباب احلياة حتى تنتهي الثورة وي�سقط النظام؟! ملاذا نعترب نهاية الثورة انطالقة حلياتنا ،ون�ضع ر�ؤو�سنا يف الطني حتى تلك اللحظة؟! ملاذا نحكم على �أنف�سنا باملوت مادام النظام موجود؟! �أمل يقل نبينا الكرمي �صلى اهلل عليه و�سلم�" :إذا قامت ال�ساعة على �أحدكم ويف يده ف�سيلة فليغر�سها" ت�أكيد ًا منه على موا�صلة �أ�سباب احلياة حتى يف �أ�صعب الظروف؟! * * * اندلعت الثورة التي �أردنا بها �أن ننه�ض ب�سوريا ،وترتَّب عليها ظروف قا�سية و�أحوال �سيئة و�ضيق يف املعي�شة ..ظنَّ النا�س �أنَّ ثورتنا �سوف حتقق �أهدافها يف غ�ضون �شهر �أو �شهرين �أو �سنة على الأكرث ويعود الو�ضع �إىل ما كان عليه �أو �أف�ضل وننعم بحياة �سعيدة!َّ .. فعطل الكثري من النا�س �أعمالهم وتوقفوا ريثما ي�سقط النظام وتنت�صر الثورة.. وها نحن اليوم يف عامنا الثالث الندالع الثورة وال نعلم متى مينُّ اهلل علينا بالن�صر؟! �أنا ال �أتكلم بهذا الكالم من كوين مت�شائم ،بل �أريد �أن �أ�ضع يدي على م�شكلة خطرية ت�ض ُّر على م�ستقبل الإن�سان ال�سوري وبالتايل على �سوريا ،فالإن�سان هو ر�أ�س مال الدولة الناه�ضة وما �إن تعطل دور الإن�سان تعطل بناء
الدولة وزادت تخلف وتراجع ..وانقلبت الثورة علينا بال�ضرر! فتعطيل الطاقات بعد هذا احلد هي م�شكلة خطرية يجب ان ننتبه لها.. املزارع الذي ترك �أر�ضه دون �أن يفلحها خوف ًا من �سوء الظروف ومن �شبح املجهول؛ هو عاطل و�أر�ضه َّ معطلة وطاقاته َّ معطلة والنتيجة عطالة. العامل الذي �ساءت به احلال وتوقفت �أ�سباب رزقه.. ف�أ�صبح يفكر يف �أن ي�ضع ر�أ�سه يف الطني حتى تنتهي هذه احلقبة املقيتة من الزمن ،فاتَّخذ من الظروف مربر ًا لكي معطل وطاقاته َّ ي�ؤكد عطالته؛ هو عاطل ومعمله َّ معطلة والنتيجة عطالة. الطالب الذي ترك درا�سته لأن متابعتها �أ�صبحت ت�شكل خطر ًا على حياته ،فركل الكتب جانب ًا وربط تعلم العلم باملدار�س واجلامعات واقت�صر على االنتظار ..ن�سي ب�أن الوقت يداهمه ..ون�سي ب�أن العلم ُي�ؤخذ وال ُيعطى ..ون�سي �أن الدول تنه�ض بالعلم و�أنه ال مربر لإ�ضاعة حلظة واحدة يف غري طلب العلم؛ هو عاطل ودماغه َّ معطل وطاقاته َّ معطلة والنتيجة عطالة. تثاقلوا �إىل الأر�ض واتبعوا �أهواءهم وا�ستحبوا الك�سل على العمل ف�أ�صابهم العجز ،وال نه�ضة مع العجز! من ا�ستطاع العمل فليعمل ،من ا�ستطاع الذهاب اىل املدر�سة فليذهب ،من ا�ستطاع الزراعة فليزرع ،من ا�ستطاع الزواج فليتزوج ..ف�أنتم الوطن ونه�ضته بهممكم. املعطلة يف ِّ جميع هذه الطاقات َّ ظل الثورة لي�ست كما يظنُّ البع�ض ب�أنها مو�ضوع �شخ�صي ال ي�ض ُّر وال ينفع �إال �صاحبه؛ كل اخلط�أ يف هذا االعتقاد ،فالعامل واملزارع والطالب... هم َمنْ يقع على عا ِتقهم بنا ُء �سوريا امل�ستقبل ،ف�إن هم مل يدركوا دورهم الب َّناء ،فم�صري �سوريا عقود �أخرى من االنحدار والتخلف. �شباب النه�ضة -بلدة ت�سيل
18
صور
طلعنا عالحرية /العدد 28
أطفال حمص يعيدون صياغة الحياة
طلعنا عالحرية /العدد 28
منوعات الثورة
19
الموناليزا السورية! ..
�أفقي: - 1نا�شط مدين من مدينة داريا ا�ست�شهد يف ثورة الكرامة � - 2أق�صد – مكان يقف عليه اخلطيب - 3امر�أة �سورية حكمت مملكة تدمر – للم�ساحة (معكو�سة) - 4الأر�ض الزراعية التي يجمع فيها احل�صاد عمودي: - 1من فناين �سوريا الأحرار - 2جتمع ال�سوائل يف جوف البطن – من املقامات املو�سيقية - 3من الأعراق الآ�سيوية – ماء عذب - 4من حيوانات الرباري – �أعلى اجلبل - 5يبعث – عملة �آ�سيوية - 6بقايا اجلمر – حاجتي للزاد - 7عملة �آ�سيوية – ماله مكانة رفيعة - 8بحرية �سورية حمتلة – من الأقارب (معكو�سة) � - 9أماكن مبيت اخليول -انظر
(معكو�سة) - 5مقطع مكتوب – رتبة لرجل دين م�سيحي – تائه (معكو�سة) - 6اخلارجي الذي اغتال علي بن �أبي طالب - 7م�صيبة كبرية – حمرتم - 8يقتله - 9مدون ونا�شط �سوري معتقل يف �سجون النظام