نصف شهرية ،سياسية ،ثقافية ،مستقلة
العدد 76
داريـــــا األيقونة والدرس القاسي 2016 / 9 / 5
مجلة مستقلة ،تعنى بشؤون الثورة السورية ،نصف شهرية ،تطبع وتوزع داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج
داريـــــا..
2
األيقونة والدرس القاسي افتتاحية بقلم أسامة نصار
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
يف مؤمتر إعالن استسالم نوكيا للطاغية مايكروسوفتُ ،نقل عن رئيس رشكة نوكيا أنه قال: “نحن مل نفعل شيئاً خطأ ،لكننا فشلنا!” ثم بىك وبىك معه جميع النوكيويون. شبه أحد شباب داريا حاله وهو يشاهد الباقني من أهايل مدينته يخرجون منها مرغمني بوالده الذي كان مريضاً بالرسطان ،وهو يعرف أنه مريض بالرسطان ،واألطباء قالوا له إنه يحترض ،وال ينفعه اآلن طب وال غريه ،لكنه عندما حلت ساعة املرحوم حزن ومأله الكمد. كلنا نعرف أن معركة داريا ال ميكن كسبها من الناحية العسكرية ،لكن ميلؤنا أمام ما ّ حل باملدينة الحزن والكمد ..والغيظ أيضاً. وقد نوايس صديقنا الداراين بأن املوت حق ..لكن اغتيال املدن ليس حقاً. ما يؤمل أكرث من الزعل والوجدانيات ،ومن انتزاع األهل واألحباب من حقوقهم بهذه الطريقة ،هو أنه ال يبدو عىل الثورة والثوريني أنهم عرفوا ملاذا يتم تداوله من أن مقاتيل سقطت داريا ،رغم ما ّ داريا ُخذلوا من قبل الجميع .لكن ال أحد يسائل املوضوع بجذرية أكرث؛ كأن يبحث عن خطأ أصيل يتجاوز أن (الفزعة) لداريا تأخرت ومل تأت ..ويطرح احتامل أن هناك خطأ منذ البداية ،بأن يتم ج ّرك إىل معركة غري قابلة للربح .وبالتأكيد ال نعني بـ (الخطأ منذ البداية) أنه مل يكن عىل أهايل داريا أن يثوروا عىل ّ الذل والظلم انتصاراً لكرامتهم وحريتهم.
تصوير فادي محمد عسكرياً ،لتكسب معركة داريا يجب تفكيك مطار املزة العسكري ،وتحييد الفرقة الرابعة -دبابات - وكذلك املقا ّر العسكرية يف سهل كوكب ومحيطه، باإلضافة للسيطرة عىل أتسرتاد درعا الدويل واتسرتاد بريوت (املتحلق الجنويب) ،وهذا بالضبط هو تعريف سقوط النظام عسكرياً. إذاً ،كسب املعركة العسكرية يف داريا هو سقوط النظام .مل يسقط النظام فلم تكسب داريا املعركة. --ُ معلوم أن املدينة مل تخرت املعركة ،وإمنا فرضت عليها ،وصحيح أن املعركة دفاعية منذ بدايتها، ومنذ بدايتها أيضاً نزح أكرث من 90باملئة من أهايل املدينة ،ورسعان ما صار (الكسب) هو صمود من بقي منهم تحت النار .وخالل الثالث سنوات األخرية تم طرح تسويات عديدة ،لكن النظام مل يقبل إال مبآل مجحف ،يوازي حقده الخاص عىل داريا. ال أحد يريد أن ينكر مساهمة داريا املتميزة يف
www.freedomraise.net
الثورة ،ولكن من غري النافع تقديس التجارب وجعلها فوق مستوى الدراسة .ورغم كل الصمود والبطولة والشهامة التي أبداها مقاتلو داريا ونشطاؤها ،بينام هم يحاولون اجرتاح معجزة مل تأت ،يبقى االعتقاد بأن داريا عىل حق ،يختلف عن ِ القول إن داريا هي الحق .ذلك ال يجعلنا نضطر لتقبل فكرة خاطئة مفادها أن “الحق هُ زم” ،وأن الباطل أزهق الحق! لننسجم ولنحافظ عىل مسلامتنا الذهنية ،ميكننا أن نغري التسميات كام نشاء ،دون أن نؤثر عىل الواقع وعىل الحقيقة .ميكن أن نسمي الهزمية انتصاراً، واالنتصار هزمية ،واألسلم أن نسمي شيئاً واحداً هزمية وانتصاراً معاً! املشكلة أن الناس ال تعرف ،ورمبا ال تعرتف! ويقولون كام قال رئيس نوكيا :مل نخطئ ولكن فشلنا! غري أن الحق ال يهزم ،وخاصة أمام الباطل .وإذا حصل أن هُ زم ( َمن عندَه) الحق فذلك ملشكلة
تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت
كلمة
facebook.com/freeraise
مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية ويف بعض مخيامت اللجوء معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان نصار أنور البني أسامة ّ
قسم املرأة يارا بدر
رئيس التحرير ليىل الصفدي املحرر االقتصادي وائل موىس
twitter.com/freedomraise info@freedomraise.net
كاريكاتري الغالف زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية سمري خلييل سمري خلييل -هاين عباس رزان زيتونة -ناظم حامدي
التهجير القسري ،وطريق الالعودة في سوريا
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
يش ِّك ُل التهجري القرسي الذي حصل يف داريا نقطة فارقة يف عمر الثورة السورية ،فهو ،وإن تشابه يف الشكل مع هجرات كثرية؛ كان أوضحها يف حمص القدمية يف الشهر الخامس من عام ،2014إال أنه يختلف كلياً يف املضمون، إن وضعنا يف اعتبارنا التوقيت والزمن وموازين القوى الحالية ،ورأينا تأثري القوى الدولية املتدخلة مبعظمها ضد مصلحة الثورة ،ودور األمم املتحدة املتواطئ كلياً مع نظام األسد. التهجري القرسي من داريا ،وإخالء املدينة من سكانها، املدنيني والعسكريني ،هو بداية لطريق طويل ،سيغري مالمح سوريا ،ويغري طبيعة الرصاع ذاته إىل غري رجعة، وليس إكامل ِخ َّطة وخط التهجري نحو املعضمية وحي الوعر يف حمص ،ورمبا مضايا والزبداين فيام بعد ،سوى خطوات عىل هذا الطريق. مع تهجري داريا يكتمل نصاب العداء الطائفي ،ويتضح التغيري الدميغرايف ،وتثبيت خطوط التامس الطائفية، ويرتفع االنقسام األهيل إىل مرتبة الجدار العنرصي العازل ،ويضع إمكانية عودة التعايش أو إقامة االندماج الوطني يف املستقبل القريب يف سياق االستحالة. يتشكل لدينا يف سوريا اليوم ثالثة فضاءات رئيسة باتت شبه مكتملة؛ وقابلة للتمدد ،يتقاسمها ك ًال من السنّة والعلويني واألكراد ،وهي حاضنة لثالث مظلوميات تبني أسواراً عازلة حول نفسها ،وتبني صدوعاً غري قابلة للرأب بني بعضها البعض ،وتؤسس لرصاعات عنيفة ومديدة ومركبة يف سوريا. ونحن نسميها فضاءات ،ال مناطق ،ألنها ليست واضحة املعامل مناطقياً؛ يف الوقت الحايل عىل األقل ،وتسيطر عىل الرؤوس والعقول والسياسات أكرث من سيطرتها عىل األرض ،وهي فضاءات ضيقة وعدمية تتجه نحو التوسع بتغذية رصاعية خلفية ،لتعيد صياغة الواقع وتثبيت حدوده بالدم. ً ونسميها مظلوميات بالتوازي ،ليس استنادا إىل الظلم الذي كان أكرث من تعرض له خالل السنوات الخمس املاضية هم السنّة ،بل استناداً للنظرة الذاتية لكل من تلك املجموعات إىل نفسها ،واستناداً للخسارات البرشية الكبرية؛ بالقياس للحجم الدميغرايف ،لكل منها دفاعاً عن ذاتها ،واستناداً يف املحصلة للعداء املتنامي واملرتاكب طائفياً وإثنياً ودينياً وسياسياً بينها. ليست الطوائف واإلثنيات األخرى ،كالدروز واالسامعيليني واآلشوريني والرسيان وغريهم ،بعيدة عن هذه األجواء، وال عن تلك الرتسيمة الثالثية مبا فيها من مظلومية وعداء
ورصاع مستمر ،لكن العنف هو ما يصنع الواقع ويرسم فضاءه يف سوريا اليوم ،وأقىص درجات العنف؛ الذي يرتافق هنا مع التهجري والتطهري العرقي والطائفي ،هو ما تتعرض له أو تعرضه الثالثية املذكورة. يجب التذكري دامئاً ،أن ال تفاضل ماهوي بني الطوائف واإلثنيات ،وأن الطائفية هي صناعة سياسية ال وجوداً موضوعياً .لكن العنف املنفلت من كل عقال ،يح ّيد العقل متاماً ويجعل الطائفية هي خيط النجاة األسود، كام أن الرعاية الدولية للعنف التي نشاهدها يف سوريا، تساعد النظام الطائفي ،يف فرض طائفيته عىل الجميع، ومتنع أي أفق عادل للقضية السورية ،لكن الخطورة املتأتية عن التهجري الطائفي واإلثني ،تنبني عىل نقل الطائفية من حيز القوى السياسية والعسكرية املتس ِّيدة، إىل الحيز الشعبي األوسع ،وتبني ذاكرة قهرية “أحفور ّية” عامدها االنتقام وعدم القدرة عىل املسامحة والتسامح يف املستقبل ،وينقل العداء من عداء سيايس فوقي ،إىل عداء وجودي “تحتي” ومتجذر ،لتصبح العداوة هي السياسة، والسياسة هي العداء والنفي وبناء الذات الطائفية سياسياً. إن ا ُمل َ شتَك األكرث ثباتاً بني جميع الطوائف واإلثنيات يف سوريا هو الهزمية ،لكن التفاضل يف الهزائم والخسائر ليس بال قيمة يف الواقع ،فمع أنه ال يجعل من أحد منترصاً ،إال أن حجم الهزمية وحجم الخسائر يتناسب طرداً مع االنكامش والتعصب الطائفي وتوليد الطائفية ،مثلام يتناسب عكساً ّ مع إمكانية القبول والتعايش فيام بعد ،ورمبا يعطي املثال الكردي القريب يف جرابلس صورة ساطعة عن أثر الهزمية املتوقعة للمرشوع الكردي االنفصايل عىل زيادة منسوب التجييش الطائفي واالنخراط يف الطائفية وانعدام قبول اآلخر ،واالنكامش نحو نرص األخوية الطائفية واإلثنية عىل طريقة “انرص أخاك ظاملاً أو مظلوماً” مهام كانت يديّ هذا األخ مغمسة بالدماء. إن الطريق الذي يبدو بال عودة يف سوريا ،هو طريق االنقسام الطائفي /اإلثني املر ّكب ،وهو الطريق الذي يصل مع تهجري سكان داريا؛ وأخواتها ،إىل حدوده القصوى وتخومه األبعد ،وما تتم صياغته دولياً عىل أنه “تسوية” سياسية ،ليس إال دفعاً لالنقسام السوري نحو أبعد مدى ممكن ،وتثبيته بالحامية وإنشاء مناطق النفوذ ،وهو ما يجعل التسوية مفتقدة ألدىن درجات العدل ،بل مساهمة دولية ،وبوقاحة ع َّز نظريها يف التاريخ ،يف دعم نظام اإلبادة الجامعية ،لتجعل منه الصورة الوحيدة لسوريا القادمة.
مقاالت
ِمن عن ِده .فقوانني الكون ثابتة وليس فيها محسوبيات ووساطات ومجامالت وأيقونات .البحر مل ينشق أمام مقاتيل داريا ،ألن اإلخالص ال يكفي لتحقيق النجاح. واألماين أيضاً ال تكفي بل هي تزيد من الصعوبة غالباً. --أثناء التحضري إلجراءات ترحيل من بقي من أهايل داريا توىف التوأم امللتصق الذي ولد يف الغوطة، واللذين بذلت جهود كبرية جداً جداً إلنقاذهام ،وتم إطالق حملة من أنجح الحمالت اإلنسانية التي عمل عليها ناشطون سوريون مؤخراً ،من أجل إخالء الطفلني نورس ومعاذ من الغوطة إىل بلد ميكن فيه إجراء عملية إسعافية لفصلهام وعالجهام. طوال شهر كامل ظ ّلت الحملة قامئة وناجحة وفعالة ،لكن الطفلني ماتا، والبقية بحياتكم ،مع أن الحملة نجحت. ما أصعب أن تفشل وأنت تظن أنك ترصفت الترصف الصحيح .تخرس مرتني؛ مرة بالفشل ذاته ،ومرة بفوات فرصة التعلم من الخطأ. مبثل هذه التجارب (العبثية) ُتفتح أبواب التطرف والعدم. كيف ميكن اإلمساك بهذه املعادالت :الصح ال يفشل .والحق ال يأيت إال بالحق ،والباطل ال ميكن أن يأيت بحق؟! كيف ميكن أن نعرف الطيب فنستفيد منه ،ونعرف الخبيث فنتجنبه؟ دون أن نغمط حقوق الطيبني الذين يرتكبون أخطاء ،أو أن يخدعنا الخبثاء الذين يقومون بأعامل حسنة؟ تبدو مه ّمة عزل الصحيح الطيب عن الخطأ الخبيث مثل فرز الرز أو العدس عن الزيوان والحىص ،لكن دون هذه الفرز ال ميكننا االستفادة من الدروس والتجارب وإن كانت بقسوة درس داريا.
ماهر مسعود
3
4
سفر الخروج ّ دارياِ : شوكت غرزالدين
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
مقاالت
بد ِمهم وبال عنرتيات وبعقالنية سياس ّية ،و ّقع ما تبقى من ثوار “دار ّيا” وأهلها عىل الخروج منها! برعاية دول ّية نعم ،واستقلوا حافالت األمم املتحدة أقل سوءاً الخرضاء مجاناً أجل! ولكنهم خرجوا كخيا ٍر ّ ظروف من خيار استمرار صمودهم األسطوريّ بأسوأ ِ القصف والحصار والخذالن ،تلك الظروف التي تؤدي الجامعي؛ وذلك للخلل الكبري يف موازين إىل االنتحار ّ قوى الثورة لصالح القوى املحل ّية والدول ّية متعد ّية الجنسيات أوالً ،ولدور الزمن يف قلب حقهم أو “سفر حق الثورة باط ًال ثانياً ،وللمصلحة الكامنة يف ِ الخروج” عند أعداء الثورة ثالثاً. خرجوا نعم ،ولكن لسان حالهم يقول كام قال “لينني” يوماً بعد توقيع صلح “تريست ليتوفيست” ا ُّمل ِّذل لـ”روسيا” آنذاك أمام “األملان”َّ : “إن الك ّرة للضواري؛ املتحجرة عىل الرقص بأن جب الظروف ِّ يجب علينا أن ُن ِ نعزف لها لحنها ذاته” .فهل ستميض األيام وستعود دار ّيا ألهلها املنترصين؟ وهل سنعزف لحن ظروفنا املتحجرة ذاته ،أم أننا سنك ِّرر عزفنا السابق ا ُملفا ِرق ِّ املتحجرة؟ وهل سنتعلم الخسارة من أجل لظروفنا ِّ االنتصار؟ أسئلة كثرية تتضارب خبط عشواء وأجوبتها برسم السور ّيني وعهدتهم. لنعزف لحن املعقول ّية الواقع ّية ،وهو لحن الظروف جبها عىل الرقص لنا ،وإال تح ّولنا ا ُمل ِّ تحجرة ذاته ،و ُن ِ املتحجرة ذاته إال لسام ٍد للتاريخ .وما لحن ظروفنا ِّ تعديل موازين القوى بأي شكلٍ ،واللعب مبفاعيل الزمن ،ورفع مصلحة الثورة فوق كل يشء .أما لحن النشاز الذي عزفناه سابقاً ما هو إال لحن االستجداء واالنتظار واالتكال عىل املجتمع الدو ّيل والدول املانحة صاحبة املصلحة الخاصة بها. ٌ امتحان للسلم ّية ،للوطن ّية السور ّية واملواطنة، “دار ّيا” للصمود األسطوريّ ،للحصار ..بجملة واحدة“ :دار ّيا” ُ ُ امتحان الثورة السور ّية! إنها ابن ُة امتحان املجد، السور ّيني املَ ْوءودُة ،ورد ٌة يف صليب حارضنا! إنها مكانةٌ أكرث منها مكاناً! لطاملا كانت السياسة مرتبطة باإلرادة واالختيار ،ولكنها يف سور ّية تراجعت إىل حالة الرضورة واإلجبار؛ بفضل إرهاب النظام الحا ّيل مبعية املجتمع الدو ّيل .يا لهول انحطاط املجتمع الدو ّيل و”الدولة” السور ّية! يقتلعون
األهايل من بيوتهم! وإذا كان ٍّ لكل من اسمه نصيب ،كام قالت العرب قدمياً! فـلـ”دار ّيا” من اسمها نصيب أيضاً .فهي اسم امي قديم وتعني الدار واملسكن والسكينة عريبّ-أر ّ ً ال التهجري والهدم واالضطراب .وستعود دارا للسكن والسكينة .وقد خطر يل مر ًة -كام للكثري من السور ّيني- تسمية ابنتي عند والدتها منذ أكرث من سنتني بسم “دار ّيا” ،وحال دون ذلك تدخل صديقة يل قالت :ال تجعل مصري ابنتك كمصري “دار ّيا” ،وأوردت مثاالً عن أب كرديّ قد سمى ابنته “حلبجة” ،ثم قتلت عام ٍّ 2014يف سور ّية عن عمر يناهز مثانية عرش عاماً. فالجميع برسم القتل يف سور ّية بغض النظر عن األسامء! لقد دخلت “دار ّيا” التاريخ من أوسع أبوابه خالد ًة فيه مبج ِدها ،وستتحول إىل أيقونة للسور ّيني، وإىل منوذج للمجد والكرامة والحر ّية. لقد تع ّلمنا الدرس جيداً .ويتلخص ببساطة باملثل الشعبي“ :ما بيحك جلدك غري ظفرك”؛ أي االعتامد عىل ّ ّ واإلقليمي إىل غري رجعة .وتع ّلمنا يل الدو وترك الذات ّ كيف كان لدولتنا الفاشلة واملجتمع الدو ّيل الفاشل ْأن ينترصوا عىل أهايل “دار ّيا” بصفقة إما الخروج وإما منطق اإلبادة والثالث مرفوع .فال وألف ال ،لفرض ٍ صوريٍّ عقيم ،ال ينتج جديداً إنسانياً بل يدور ويدور إىل
ما النهاية له يف الجحيم .فإذا ّ انحطت الدول إىل هذا القاع ،فال عتب عىل العصابات واملليشيات والفصائل والقراصنة والشلل ...فال فضيلة بالدولة يا “أفالطون” كام زعمت يف “حوار الجمهور ّية”؛ فلتحرتق الدولة بانحطاطها؛ ألنهم يثبتون بالربهان القاطع أن فضيلة الدولة هي يف السامء فقط ،وليس يف األرض ،وأن أرضنا غري قابلة للتحسني باملطلق .يا لكم من أغبياء تقفلون باب التاريخ! الرضوريّ يف السياسة هو التحكم يف املصري واألمن واالستقرار والعيش؛ أي التحكم يف الوجود ومنوه، بينام الرضوريّ عند الدول هو القتل والتهجري والعدم. فام الرضوريّ بإخراج األها ّيل من أطاللِ بيوتهم؟ هل هو إعادة متوضع ملناطق النفوذ؟ أم نفخ سمومكم ونريانكم وثاراتكم يف وجه الحر ّية؟ تريدونها تهجرياً أليس كذلك؟ فلنجعلها فرص ًة لجمع القوى ،واسرتاح ًة اللتقاط األنفاس ،ومراجع ًة وتقومياً للوقائع ،وآلي ًة املتحجرة؛ للك ِّر من جديد وهزم للتعاطي مع الظروف ِّ الهزمية لتحقيق فضيلة الدولة املأمولة يف االرض وفتح باب التاريخ. بعدك “دار ّيا” افرتشت مجهويل وهُ ِزمت يف هزميتي! ِ ولكن الك ّرة للضواري فهديئ من روعك ألنها زيارة وليست هجرة.
كمال شيخو
هدنة برائحة البارود في مدينة الحسكة
واشرتط الجانب الكردي ّ حل مليشيات الدفاع الوطني وكتائب البعث واملقنعني ،ويف حديثه مع مجلة “طلعنا عالحرية” قال سيهانوك ديبو املستشار الرئايس املشرتك لحزب االتحاد الدميقراطي ّإن “وجود ميلشيات ومرتزقة يستخدمهم النظام حينام يشاء يتناقض مع أساسيات ومبادئ اإلدارة الذاتية وال ميكن القبول بها تحت أي ذريعة” ،وأضاف “بحسب االتفاق ،غري مسموح لهم بالبقاء يف مناطق اإلدارة الذاتية وهذا ينطبق عىل مدينة الحسكة”.
ردود متباينة
واتهم نائب رئيس االئتالف قوات سورية الدميقراطية بأنها موالية لنظام األسد ،وأضاف“ :أ ّنهم يتقاضون رواتبهم من النظام ألنهم يعملون عىل حاميته”. ويف رده عىل جملة االتهامات ،ذكر سيهانوك ديبو ّأن “بعض الجهات ارتضت لنفسها أدوار التشويه والتشويش بعد أن شعرت حقيقة خروجها من كامل املشهد؛ من بني هذه الجهات بعض من أحزاب أو لنقل بعض من قيادات املجلس الكردي” ،وتساءل مستغرباً: “اعتربوا قصف طريان النظام ومدافعه للمحالت املدنية واملواقع العسكرية التابعة لإلدارة الذاتية ،ووقوع شهداء مدنيني وعسكريني بأنها مرسحية!”. وتابع ديبو كالمه بالقول“ :يدل هذا االتهام عىل مسألتني يعاين منهام املجلس الكردي ،أولهام االرتهان الكامل ألجندة السلطة الرتكية وبعض شخصيات االئتالف وتنفيذ ما ُيطلب منهم بدقة ،وثانيهام العمى السيايس والعجز البادي من قبلهم يف استيعاب تعقيدات األزمة السورية والتحالفات الطارئة بني النظام وتركيا .واألخرية ما زال املجلس الكردي يقف إىل جانبها ويتحرك وفق تعليامتها”. بي ّد ّإن عبد الحكيم بشار ذكر ّأن مامرسات حزب االتحاد الدميقراطي“ :الظاملة خالل األربع سنوات املاضية ،فاقت مامرسات النظام البعثي الظامل الذي استمر يف حكم البالد قرابة أربعة عقود” ،ونفى ّأن يكون ميثل تطلعات الكرد ،واتهم ّأن الحزب “يعمل عىل تأجيج الكراهية والعداء بني العرب واألكراد ،وهذه السياسة ال تنعكس إيجاباً عىل الكرد”.
تقارير
ولفت ديبو أن استمرار تطبيق الهّدنة مرشوط بالتزام النظام السوري ومواليه وشد ّد ّأن “نجاح االتفاقية مرشوطة بالتزام النظام السوري ببنودها وتطبيقها. اإلدارة الذاتية حققت طول هذه الفرتة درجات متقدمة من االستقرار واألمن والتنظيم املجتمعي بعكس الفوىض العارمة وفقدان األمن يف أغلب املناطق السورية” ،وأشار أن “مناطق روج أفا -التسمية الكردية لغرب كردستان -باتت مالذاً آمناً ملئات األلوف من السوريني الفارين من مناطق العنف والتوتر” بحسب املستشار الرئايس لحزب االتحاد الدميقراطي. وهذه ليست املرة األوىل التي يطالب فيها األكراد بحل امليليشات التابعة للنظام السوري مبدينة الحسكة. فخالل اشتباكات دامية يف مدينة القامشيل يف نيسان/ أبريل املايض طالب األكراد بإعادة النظر بتشكيالت الدفاع الوطني واملقنعني وكتائب البعث ،األمر الذي مل يتحقق حينها. أما عبد الحكيم بشار نائب رئيس االئتالف السوري املعارض ،وعضو املكتب السيايس للحزب الدميقراطي الكردستاين فقد وصف االشتباكات األخرية التي دارت يف الحسكة ،بـ”املرسحية”.
اتهامات متبادلة
العدد - 76 -
تجد ّد االشتباكات
واندلعت اشتباكات عسكرية يف 16من شهر آب /أغسطس املايض ،بني (قوات الدفاع الوطني) و(املقنعني) و(كتائب البعث) املوالية للنظام السوري من جهة ،وعنارص (األسايش) -الرشطة املحلية لإلدارة الكردية -و(وحدات الحامية) و(القوات الجوهرية) املساندة لها من جهة ثانية ،عىل خلفية اعتقال الجهة األوىل عنارص تابعة للثانية ،باإلضافة لسوق الشباب إىل التجنيد اإلجباري ،األمر الذي أشعل فتيل النزاع بني الجانبني. وللمرة األوىل منذ اندالع النزاع يف سوريا ،دخل الطريان الحريب التابع للنظام السوري غامر املعارك املتجددة يف مدينة الحسكة ،واستهدفت يومها مواقع عسكرية تابعة للوحدات وقوات سورية الدميقراطية ،وطال القصف أحياء مدنية أيضاً ،ما دفع آالف السكان واألهايل للنزوح إىل املدن والبلدات املجاورة. وتدخلت روسيا إلنقاذ املوقف ،حيث قامت باستدعاء األطراف املتناحرة إىل قاعدتهم العسكرية “حميميم”
املرسحني من عملهم يف الدوائر الحكومية. أحوال املوظفني ّ
ولدى لقائه مع مجلة “طلعنا عالحرية” أكد بشار ّأن “نظام األسد يسارع يف التدخل كلام تعرضت الـ PYD ملأزق سيايسّ ، ألن آالف املواطنني نددوا مبامرساته يف عامودا والقامشيل ومدن أخرى”. ونوه عبد الحكيم بشار ّأن “اشتباكات مامثلة حصلت خالل السنة الفائتة بني الطرفني ،ولكن عنارص الوحدات واألسايش -الجناح املسلح لحزب االتحاد -عملت عىل استغاللها وإيهام الكرد بأنها تحارب النظام ،ومن َثم سعى إىل إخامد أصوات املعارضة الكردية”.
2016 / 9 / 5
عادت الحياة تدريجياً إىل طبيعتها يف مدينة الحسكة، املحال التجارية تفتح وبات باإلمكان مشاهدة عدد من ّ أبوابها وتستقبل زبائنها يف سوق املدينة .كام ميكن مشاهدة النازحني وهم يحملون حقائبهم يف طريق العودة إىل بيوتهم التي كانوا قد تركوها عىل إثر تجد ّد املعارك األخرية. مدينة الحسكة بقيت مبنأى عن الحرب الدائرة يف حتى صيف العام املايض ،بعد ّأن شنّ عنارص سوريا ّ تنظيم “الدولة اإلسالمية” هجوماً واسعاً ،وسيطروا عىل الجزء الجنويب من املدينة ،ومل تفصلهم سوى أمتار قليلة عن قرص املحافظة. حينها ،رفضت وحدات حامية الشعب الكردية ،املشاركة باملعركة ،واشرتطت تسليم املدينة إلدارتها ،األمر الذي رفضته ميليشا الدفاع الوطني وكتائب البعث واملقنعني املواليني للنظام السوري ،وبعد عجز األخرية عن التصدي لتقدم عنارص التنظيم؛ قبلت رشوط الوحدات وأخلت مواقعها يف جنوب املدينة وسلمت الحواجز لسلطة القوات الكردية.
مبدينة الالذقية ،وعقدوا اتفاقاً يقيض بوقف األعامل القتالية ،وتسليم األرسى والجرحى وجثامني القتىل، إضافة إىل فتح طريق الحسكة -القامشيل والطرق املؤدية إىل أماكن متركز الجيش داخل املدينة وخارجها، واستمرار العمل لحل املشكلة الكردية ،والبدء مبناقشة
5
6
الديمقراطية مقابل اإلســام *يوسف المنجد
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
مقاالت
يعادي الكثري من اإلسالميني الدميقراطية من ٌ ونبت غريب عن منطلق كونها بضاعة غربية، البيئة اإلسالمية ،وكذلك لكونها تعطي الناس الحق يف الترشيع ،وهو أمر يحرصه اإلسالم بيد الله تعاىل. ويرى هذا الفريق من اإلسالميني أن الغرب يسعى بكل سطوته إىل تصدير الدميقراطية إىل بالد املسلمني ،ألنها سبيله للقضاء عىل اإلسالم. فهل يحرص الغرب حقاً عىل دمقرطة البلدان اإلسالمية؟ وهل يستعمل الغرب الدميقراطية وسيلة يتآمر بها عىل اإلسالم وأهله؟ املتابع ألحوال البلدان اإلسالمية التي أصبح للدميقراطية فيها شيئاً من االستقرار والرسوخ؛ بأضعاف يالحظ ببساطة انتعاش اإلسالم وانتشاره، ٍ عام كان عليه قبلها .ففي تركيا عىل سبيل املثال، نرى أن اإلسالم مل يتنفس الصعداء إال بعد أن حققت الدميقراطية رسوخاً واستقراراً. وكذلك األمر يف إندونيسيا وماليزيا ،بل حتى يف الغرب نفسه وجد اإلسالم يف الدميقراطية البيئة املالمئة التي مكنته من حجز موطئ قدم له فيها .األمر الذي ميكن أن نستنتج منه ،أن اإلسالم ينتعش بانتعاش الدميقراطية ،وأن الدميقراطية غري متعارضة مع اإلسالم وال معادية له -كام يرى البعض -بل إن العكس هو الصحيح. من جانب آخر فإن املطلع عىل تاريخ الغرب يف التعامل مع األنظمة االستبدادية يف البلدان اإلسالمية وغريها ،ودعمه لها ،سيجد ما يدحض فرضية سعي الغرب لغرس الدميقراطية يف هذه البلدان ،تلك النظرية التي يقتنع بها اإلسالميون املعادون للدميقراطية ،ويؤسسون عليها تحريضهم لب وبرص ،أن ضدها .ألن من املعلوم لكل ذي ٍّ الغرب ال يتحرك بدوافع إنسانية ،وال بدافع من القيم التي يتغنى بها يف العلن ويغتالها يف الخفاء، فهو ال يهتم خارج حدوده لقيم الحرية والعدالة واملساواة وكافة حقوق اإلنسان األخرى ،وإمنا يهتم أوالً للحفاظ عىل مصالحه ،املتمثلة يف استمرار تدفق ثروات الشعوب إىل خزائنه ،والتي تضمن له دوام الرفاهية والهيمنة واالستعالئية .وما حديثه عن تلك القيم وتغنيه بها ،إال وسيلة بروبغاندية، يذ ُّر بها الرماد يف العيون ،و َيظهر من خاللها منسج ًام مع حضارته وقيمها املعلنة ،ويثبت بها تفوقه وأستاذيته للعامل ،يف مقابل تخلف وهمجية
غريه من الشعوب ،ويقدم نفسه من خاللها عىل أنه النموذج األرقى واملثل األعىل ،ونهاية التاريخ. إضافة إىل اتخاذه تلك القيم ذريعة للتدخل يف شؤون الدول والسيطرة عليها ونهب ثرواتها، ووسيلة يخيل بها مسؤوليته الكبرية َّ عم يحصل يف العامل من خراب. إن الغرب بسياساته وحكوماته واملتنفذين فيه وال نعفي كذلك الكثري من شعوبه -ال يريد إطالقاًالدميقراطية للبلدان اإلسالمية ،ألن مصلحته تكمن يف بقاء ورسوخ االستبداد فيها؛ فهو خادمه املطيع، الذي يضمن استمرار سيطرته وتحكمه ،لذلك فهو يسانده ويدعمه ويباركه يف الرس ،وإن كان يعاديه ويلعنه يف العلن .مصلحة الغرب يف بقاء طغاة مجرمني ،همهم األوحد بقاؤهم وأنظمتهم ،حتى لو اقتىض ذلك بيع أوطانهم وتدمريها ،وقتل شعوبهم وترشيدها .فاملهم أن ال تتحرر هذه األوطان، وأن تبقى شعوبها تائهة ،يفرتسها اليأس وتشغلها التوافه ،وتستهلكها الشهوات والحروب والنزاعات. لقد شهدنا جميعاً تلك الدميقراطية التي جلبها الغرب للعراق عىل سبيل املثال ،حيث ذهبت بطاغية فرد انتهى دوره ونفدت صالحيته ،لكونه أظهر بعض التمرد عىل أسياده ،وجاءت بطغيان طائفة برمتها ،وإن ألبسته لباس دميقراطية مزيفة، ضمنت له سلب ثروات هذا البلد الغني ،وتحطيم شعبه الذيك املبدع. لقد باغتت ثورات الشعوب العربية األخرية الغرب حقاً ،متاماً كام باغتت الحكا َم العرب أنفسهم ،فلم يكن يتوقع أن يتم أمر بهذا الحجم بهذه الرسعة والسالسة ،وميتد كام النار يف الهشيم ،فقالها بلسان حاله كام قالها القذايف قبله بلسان مقاله( :من أنتم؟!!) ،لكنه تدارك األمر ،ومتكن من امتصاص الصدمة ،وعمل عىل إعادة األمور إىل نصابها ،فدعم انقالبيي مرص واليمن وليبيا ،ودعم بتخاذله وأمواله املشؤومة طاغية سوريا ،أما تونس فقد انتبه فيها قادة حركة النهضة التي فازت يف االنتخابات األوىل إىل لعبته القذرة ،فتنازلوا عن بعض مكتسباتهم يف سبيل الحفاظ عىل الحد األدىن من مكتسبات الثورة ،والعمل تدريجياً عىل ترسيخها وتوسعتها. وال يخفى التورط الغريب يف دعم محاولة االنقالب الفاشلة األخرية يف تركيا ،وهي حادثة كشفت
حقيقة الدعم الغريب املزعوم للدميقراطية يف البلدان اإلسالمية. الغرب إذاً ،يسوؤه أن تحصل الشعوب اإلسالمية عىل حريتها ،وأن متتلك قرارها ،لذلك فهو ال يرىض لها الدميقراطية ،ويسعى بكل سطوته للحيلولة دون حدوث ذلك .وهو يعلم جيداً ،أن الشعوب اإلسالمية متمسكة بدينها وقيمها ،وأن الدميقراطية ستشكل البيئة الخصبة لعودة قوية للحضارة اإلسالمية ،التي تشكل منافساً قيم َّياً قوياً ،وسداً منيعاً ض ّد أطامعه الطغيانية .لذلك فهو يضعها أمام خيارين ال ثالث لهام ،إما اإلسالم وإما الدميقراطية، وال سبيل أبدا لخيار الدميقراطية مع اإلسالم، فيمكن للغرب أن يدعم الدميقراطية يف بالدنا فقط إن نحن تخلينا عن إسالمنا وقيمنا ،وسلمناه قيادنا روحياً وثقافياً ومادياً. ولألسف فإن اإلسالميني الرافضني للدميقراطية يقدمون للغرب (خدمة العمر) بتحريضهم عليها وتكفريهم لها ،وللداعني إليها ،وتزييفهم وعي الشعوب اإلسالمية تجاهها ،وهم يف هذا يتوافقون إن مل نقل يتطابقون مع الغرب ،فذاك يرى أن اإلسالم ال يتوافق مع الدميقراطية ،ويشرتط إزاحته إلحاللها ،وأولئك يرون أن الدميقراطية ال تتوافق مع اإلسالم ،فريفضونها جملة وتفصي ًال ،وذاك من مصلحته بقاء االستبداد الذي يضمن بقاء الشعوب اإلسالمية مستعبدة له ،وأولئك من مصلحتهم قيام استبداد بلباس إسالمي يضمن سيطرتهم وتحكمهم. ويجهل اإلسالميون الرافضون للدميقراطية أو متقابلي؛ اإلسالم يتجاهلون أنهم يقابلون بني ال ْ والدميقراطية ،مع أن املقابلة الصحيحة هي تلك التي تكون بني االستبداد والدميقراطية ،وليس بني اإلسالم والدميقراطية .فالخيار ال يكون إال بني شيئني متجانسني يف الطبيعة وإن كانا مختلفني يف األداء. لذلك فالطرفان يشكالن وجهني لعملة واحدة ،هي عملة قمع الشعوب اإلسالمية وحرمانها من حقها يف الحرية والتقدم .وال سبيل لخروجها من ميدان تالعب الطرفني ،إال عرب بث الوعي الدميقراطي، وإثبات أن الدميقراطية ال تتعارض البتة مع دينهم، بل هي ال تقابله وال تنافسه من األساس ،ومن َث َّم تكوين كتلة حرجة قادرة عىل فرض إرادتها ،سواء عىل الغرب أو عىل أعوانه املغفلني منا.
برنامج ”نكزة”.. كوميديــا تحارب اليأس
7
رأفت الغانم
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
االجتامعية ،والتي انتقدتها الحلقة أيضاً ،وذهبت مبارشة للسبب األبرز “املايوه” وكيف حظي بكل هذا االهتامم يف ظل أحداث أهم. الحلقة الثانية وجهت انتقادها لتنظيم داعش وأفرع “البي يك يك” يف سوريا بأسامئها املختلفة، وجاء انتقاد داعش بعيداً عن الكليشيهات العامة التي طغت عىل الربامج اليوتيوبية العربية ،والتي دارت حول فكرة جهاد النكاح والسبي والحور العني .حيث جردت الحلقة أوهام التنظيم عرب انتقاد ترصفات عنارصه ومخالفاتهم ومطاردتهم لتفاصيل ال تغيب عن حياة أي مجتمع عىل وجه األرض ،ومحاولة التنظيم القضاء عليها يف حربه الدونكيشوتية ،وطرق اإلعدام املختلفة التي تتبعها داعش ،بالرغم من أنها تؤدي غرضاً واحداً وهو املوت! وأمام سعي اإلنسان الفطري للبقاء عىل قيد الحياة ،الحياة الرحبة املتنوعة ،البد لتنظيم املوت من املوت. بعد داعش تنتقد الحلقة امليليشيا الكردية ،حيث يرسد املقدم سيناريو يؤدي باملار عىل حواجزها يف مناطق سيطرتها إىل السجن امليلء أيضاً باملعتقلني األكراد ،ويتطرق لفكرة الكفيل الكردي والتي تحيل للكفيل بالخليج ،وتظهر موسيقى شعبية خليجية كخلفية عند الحديث عن املناطق الكردية. الحلقة الثالثة تبدأ بالرد عىل منتقدي برنامج “نكزة” وتظهر بعض شتامئهم ،قبل أن تنتقد الراديوهات والصحف الورقية وااللكرتونية،
والدعم الذي تتلقاه مقارنة مع ما تنتجه ،وغياب الشفافية واملناحرة بني صحف وأخرى ،وإقصاء رشائح من املجتمع السوري ،وتضخيم الراديوهات لذاتها وإعطاء نفسها أحجاماً أكرب من حجمها الحقيقي ،إال أن صحف وراديوهات أخرى غابت عن السرية! وعن املعايري املتبعة يف اختيار موضوع الحلقة، وجهنا سؤاالً للمقدم سومر باكري وأجاب أن الحلقة من إعداد فريق عمل رسي مكون من مجموعة من الشباب ،والذين يجتمعون ويختلفون ثم ينرصفون دون التوصل لنتيجة ،والحقاً يعاودون االجتامع وينحون خالفاتهم جانباً ،ويتفقون. وإن كانت إجابة باكري تحمل بعض السخرية، لكنها تشري للعفوية والتلقائية يف اختيار األفكار. فنياً يأيت الجانب التقني متنوعاً وجمي ًال عرب تحويل الكلامت النابية ألخرى عادية تقرتب من وزنها لغوياً بأصوات مختلفة تظهر وتخفي صوت املقدم ،أو عرب ترسيع صوت املقدم وترك املشاهد يتخيل ما قيل ،أو كتابة تعليقات وإبراز أصوات خافتة تدعم أفكار املقدم .أما البناء الرسدي يف الحلقات فريكز عىل إرشاك املشاهد ووضعه يف قلب الحدث ،عرب استخدام كلامت مثل “تخيل/ تقف أمام /ينقلونك” فيقبل املتلقي الكلامت التي تعقبها “رشيك /تعرص ذهنك /تتمنى” ،لكن إذا ما استمرت هذه الطريقة يف الرسد دون تجديد، فبدون شك ستصبح مملة.
ثقافة
يشهد العامل العريب ثورة يف الربامج اليوتيوبية التي وفرت مساحة أكرب من حرية النقد والتعبري، واخترصت الطريق نحو جمهورها متجاوزة البريوقراطية التي يفرضها التلفاز .ويف حني حققت بعض التجارب العربية قفزات يف الربامج الرتفيهية املسجلة ،غابت السورية منها عن الساحة بسبب نقص املوارد من جهة واملخاطر التي تحفها من جهة أخرى ،بداية بربنامج “عنزة ولو طارت” ومقدمته التي أخفت وجهها بقناع ،وانتها ًء باختطاف عبد الوهاب املال “أبو صطيف الحلبي” الذي قدم برنامج “ثورة ثالث نجوم” من األحياء املحررة يف حلب. ويف الوقت الذي اجتاحت فيه األعامل الفنية السورية املنطقة العربية ،غابت عقب الثورة املبادرات الشبابية القادرة عىل كرس الحواجز وإيصال رسالة الثورة واملجتمع السوري ،خصوصاً أن الحالة الراهنة تحظى باهتامم وسائل اإلعالم، لكنه اهتامم يبقى رهني الحرب وربط العنف بالشخصية السورية. “نكزة” برنامج يوتيويب جديد يعرف عن نفسه بـ”برنامج ترفيهي يناقش مختلف القضايا التي تتعلق بالشأن السوري” يقدمه من اسطنبول الشاب سومر باكري املنحدر من مدينة رساقب. قدم الربنامج حتى اآلن ثالث حلقات مكثفة قصرية راعى فريق العمل خاللها مسألة الوقت فيام بات يعرف “بعرص الرسعة” ،حيث مل تتجاوز الحلقة الواحدة منها الست دقائق ،وهو ما يظهر منذ البداية عندما أراد املقدم التعريف بالربنامج قبل أن يتم ترسيع صوته وإخفاءه نهائياً ،ومن ثم االنتقال مبارشة ملوضوع الحلقة ،وهي بداية محفزة وجذابة. الحلقة األوىل ناقشت مجتمعي النظام واملعارضة، بقالب كوميدي ركز عىل األجهزة األمنية يف مناطق النظام وحجم الرعب الذي تخلقه، وارتباط إعالمه الوثيق بهذه األجهزة .أما مجتمع املعارضة فناقشت الحلقة املخاطر التي يتعرض لها الفرد يف املناطق املحررة ،وعدم تقبل النقد من قبل العاملني يف مؤسسات املعارضة والحمالت املنظمة التي يجابه بها الناقد ،بلغة خفيفة بعيدة عن اإلسفاف يف ظل انحدار لغة وسائل التواصل
8
حقوق المرأة جزء ال يتجزأ من حقوق اإلنسان المحامية دعد موسى
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
تتعرض النساء يف جميع املجتمعات وجميع أوجه النشاط تقريباً ألوجه مختلفة من التمييز يف القانون والواقع .وهذا الوضع يسببه ويزيد من حدته وجود متييز يف األرسة ويف املجتمع ويف مكان العمل؛ حيث اعتمدت مكانة النساء تاريخياً عىل القوانني والعادات للبلدان التي يعشن فيها ،فحسب القوانني والتقاليد حرمت العديد من املجتمعات النساء من حق الحصول عىل مكانة قانونية واجتامعية مستقلة استناداً للقيم األبوية التقليدية ،والتي حرصت عىل وضع النساء تحت وصاية السلطة الذكورية يف العائلة واملجتمع .ويبقى التمييز ض ّد املرأة واسع االنتشار ويدعم هذا التمييز بقاء اآلراء الجامدة التي ال تتغري والعادات والتقاليد الثقافية والدينية التي ترض بالنساء. وتشري اإلحصاءات التي صدرت يف اآلونة األخرية عن وضع املرأة إىل أوجه التفاوت االقتصادي واالجتامعي بني املرأة والرجل؛ فالنساء يشكلن أغلبية فقراء وأميي العامل ،ويعملن ساعات عمل أطول من الرجال ويأخذن أجوراً ّ أقل ،ويتعرضن للعنف الجسدي والجنيس داخل وخارج املنزل ويف أوقات النزاعات املسلحة ،كام يشكلن النسبة القليلة جداً يف مواقع السلطة واتخاذ القرار. هذه الحقائق املؤملة جعلت املجتمع الدويل يويل اهتامماً خاصاً بقضايا املرأة باعتبارها جزء ال يتجزأ من حقوق اإلنسان .وتم تشكيل لجان لرصد أوضاعها وإنشاء آليات من أجل تطبيق الحقوق اإلنسانية للمرأة. 1ـ ميثاق األمم املتحدة: يعترب ميثاق األمم املتحدة الذي اعتمد يف سان فرنسيسكو عام 1945أول معاهدة دولية تشري بعبارات محددة وبوضوح إىل تساوي النساء والرجال يف الحقوق؛ حيث اعترب امليثاق املساواة هدفاً أساسياً. وتوالت املواثيق الدولية واملؤمترات التي تؤكد عىل الحقوق اإلنسانية للمرأة؛ حيث ورد املبدأ العام بعدم التمييز عىل أساس الجنس يف جميع اتفاقيات حقوق اإلنسان ،وشددت الرشعة الدولية لحقوق اإلنسان عىل املساواة يف الحقوق بني النساء والرجال ،وعىل رضورة ضامن متتع املرأة بالحامية القانونية املنصوص عليها يف (الرشعة الدولية لحقوق اإلنسان). 2ـ اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان واملواطن عام :1948 يتألف اإلعالن من ديباجة و 30مادة تحدد حقوق اإلنسان (املدنية ،السياسية ،االقتصادية ،االجتامعية، الثقافية) والحريات األساسية التي تحق لجميع النساء
والرجال يف أي مكان يف العامل ،دون أي متييز .وتقول املادة “ :1يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين يف الكرامة والحقوق”. أما املادة 2التي تنص عىل املبدأ األسايس للمساواة وعدم التمييز فيام يتعلق بالتمتع بحقوق اإلنسان والحريات األساسية ،فتحظر التمييز من أي نوع“ :لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة يف هذااإلعالن دون أي متييز؛ كالتمييز بسبب العنرص أو اللون أو الجنس أو اللغة دون أي تفرقة بني الرجال والنساء”. كرس اإلعالن مبدأ املساواة يف الحقوق لجميع الناس دون أي متييز وحدد يف املادة 16منه مبدأ املساواة بني الرجل واملرأة يف مسائل الزواج والطالق واألرسة: “ 1-للرجل واملرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أرسة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهام حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحالله. 2ال يربم عقد الزواج إال برضا الطرفني الراغبني يفالزواج رىض كام ًال ال إكراه فيه. 3األرسة هي الوحدة الطبيعية األساسية للمجتمع،ولها حق التمتع بحامية املجتمع والدولة”. 3ـ العهد الدويل الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية لعام :1966 وتنص املادة 2منه عىل عدم التمييز بني البرش ،بحيث تلزم الدول بضامن مامرسة الحقوق املدونة فيه دون متييز ألي سبب .نص املادة “ :3تتعهد الدول األطراف يف العهد الحايل بتأمني الحقوق املتساوية للرجال والنساء يف التمتع بجميع الحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية املدونة يف هذا العهد”. حيث يجب عىل الدول األطراف يف هذا العهد أن تؤمن املساواة الكاملة يف جميع الحقوق؛ من الصحة والتعليم والعمل والسكن وامللبس والضامن االجتامعي والراحة واتخاذ تدابري تدريجية وفورية تتيح للمرأة التمتع عىل قدم املساواة بالحقوق التي حرمت منها عىل كافة الصعد االقتصادية واالجتامعية والثقافية. 4ـ العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية لعام :1966 وفيام يخص واقع الحقوق السياسية للمرأة الذي يرتبط إىل حد كبري ،بواقع حقوقها املدنية املنتهكة ،التي تحول دون قدرتها عىل تحقيق وجودها االجتامعي ومشاركتها
الفاعلة ،جاء العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية ليؤكد عىل رضورة احرتام وتأمني الحقوق املقررة فيه لكافة األفراد دون متييز .جاءت املادة 3لتنص عىل: “تتعهد الدول األطراف يف العهد الحايل بضامن مساواة الرجال والنساء بجميع الحقوق املدنية والسياسية املدونة يف هذه االتفاقية”. وهذا يعني التزام الدول األطراف بتحقيق املساواة املدنية والسياسة بني الرجال والنساء يف كافة املجاالت الوارد ذكرها يف هذا العهد ،والذي أكد أيضاً يف املادة 23 منه عىل مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف إطار األرسة والزواج من حيث الحقوق والواجبات كام أكدت املادة 26منه عىل أن املواطنني متساوون أمام القانون ومن حقهم التمتع دون أي متييز بالتساوي بحاميته. 5املؤمتر العاملي لحقوق اإلنسان -فيينا ( 1993إعالنفيينا وبرنامج العمل): ويعترب هذا اإلعالن محطة أساسية وبارزة يف تاريخ حقوق املرأة؛ ففيه عدد كبري من النصوص الداعمة لتلك الحقوق ،والتي تؤكد الحقوق املتساوية للنساء والرجال ،وتبني أن املرأة ما تزال تتعرض لجميع أشكال العنف والتمييز يف كل مكان. ً ً وقد أخذت قضايا املرأة حيزا كبريا من املناقشات الدائرة يف املؤمتر ،وجاء اإلعالن بالكثري من التفصيل والتحديد عن حقوق املرأة كجزء ال يتجزأ من حقوق اإلنسان ،الينفصل واليقبل الترصف وال التجزئة .وأفرد قس ًام خاصاً عن حقوق اإلنسان للمرأة ،يتضمن تسعة بنود أكدت عىل أهمية إدماج املرأة ومشاركتها الكاملة يف عملية التنمية واستفادتها منها ،وشدد املؤمتر عىل رضورة العمل من أجل القضاء عىل العنف ضدها يف الحياة العامة والخاصة. 6املؤمتر العاملي الرابع للمرأة عام 1995بيجني-الصني: أكد اإلعالن الصادر عن املؤمتر عىل تساوي النساء والرجال يف الحقوق والكرامة اإلنسانية ،وعىل جميع املبادئ املنصوص عليها يف ميثاق األمم املتحدة واإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليني واتفاقية سيداو ،وعىل اعتبار حقوق املرأة حقوق إنسان ،وعىل ضامن متتع املرأة متتعاً كام ًال بجميع حقوق اإلنسان والحريات األساسية واتخاذ تدابري فعالة ض ّد انتهاك هذه الحقوق والحريات. ووضع املؤمتر منهاج عمل متيز بالفاعلية؛ إذ كانت
اإلرهاب وسياسة اإلفالت من العقاب 9
المحامي أنور البني
كيف ميكن أن نتوقع أن ال يتحول أي واحد منا إىل مجرم تحت ضغط الظلم والقهر طاملا هناك مساحة كبرية لإلفالت من العقاب ،وبوجود أمثلة ح ّية أمامه ارتكبت جرائم ض ّد اإلنسانية وجرائم حرب بالوثائق واعرتاف العامل ،وما زالت ترتع وترسح ويستفحل إجرامها دون أن تهتز العدالة؟ ونحن نعيش حالة استفحال الجرائم وانتشارها يف كل العامل ،وهي تجري أمام أعني العامل ورقابته األمنية واإلعالمية ،ميكننا أن نتساءل من أين جاء كل هذا العنف واإلجرام واإلرهاب؟ وما الذي يدفع مجرماً أو إرهابياً الرتكاب جرامئه؟ يف الجرائم الكربى يتلطى املجرمون عادة بشعارات أيديولوجية؛ إما سياسية أو قومية أو دينية ..ويحمون أنفسهم من العدالة إما باالدعاء بنبالة القضية مفصلة عىل والغاية تربر الوسيلة ،أو بقوانني داخلية ّ قياسهم تحميهم من املساءلة مهام ارتكبوا من جرائم لحامية سلطتهم وامتيازاتهم ،أو مبرجعية إلهية تسمو
...تتمة من الصفحة السابقة أهدافه موجهة إلحداث تغيري فعيل وجذري يف أوضاع املرأة يف العامل ،وحدد فيه مجاالت االهتامم الحاسمة التي يجب عىل الحكومات واملجتمع الدويل واملجتمع املدين -مبا فيه من منظامت غري حكومية وقطاع خاص -اتخاذ إجراءات اسرتاتيجية ،ومن األهداف االسرتاتيجية محور حقوق اإلنسان للمرأة الذي يوكد أن حقوق اإلنسان والحريات األساسية حق بحكم املولد لجميع البرش ،وحاميتها وتعزيزها هام املسؤولية اﻷوىل التي تقع عىل عاتق الحكومات ،وجميع حقوق اإلنسان ،املدنية منها والثقافية واالقتصادية
والسياسية واالجتامعية ،مبا يف ذلك الحق يف التنمية ،عامة غري قابلة للتجزئة ،ومرتابطة، ويتوقف بعضها عىل بعض .وأن حقوق اإلنسان للمرأة وللطفلة هي جزء غري قابل للترصف من حقوق اإلنسان العامة ،وجزء ﻻ يتجزأ من هذه الحقوق وﻻ ينفصل عنها. ومتتع املرأة والطفلة متتعاً كام ًال بجميع حقوق اإلنسان والحريات األساسية هو أولوية من أولويات الحكومات واألمم املتحدة ،وأمر ﻻ غنى عنه للنهوض باملرأة .وﻻ يقترص واجب الحكومات عىل أن متتنع فحسب عن انتهاك حقوق اإلنسان للمرأة ،بل عليها أن تعمل أيضاً عىل تعزيز هذه الحقوق وحاميتها.
العدد - 76 -
ال يتوالد مجرمون ومجرمون طاملا أنهم آمنني من العدالة؟
2016 / 9 / 5
يتناقل اإلعالم يوميا أخبار جرائم إرهابية ترتكب يف كل أنحاء العامل ،وتزداد وتريتها يومياً ،وتتسع املساحات الجغرافية التي ترتكب فيها هذه الجرائم، كام تزداد يوماً بعد يوم وحشية النظام السوري يف جرامئه ويتسع مداها. فهل يحق لنا التساؤل ملاذا ميكن أن تقوم داعش وال ب ي د وغريهام مبا تقوم به من جرائم يف سوريا والعامل؟ وملاذا يتجرأ النظام السوري عىل القيام بكل هذا القتل والتدمري واإلحراق واستخدام السالح الكيمياوي بكل جرأة وعلنية؟ وملاذا تزداد هذه الجرائم وحشية وفظاعة؟ األصل يف ردع الجرمية واملجرمني هو العدالة ،فكيف ميكن أن نتوقع أن ال يستفحل املجرم يف جرميته وأن
فوق البرش وقوانينهم يستندون إليها مبسألة الثواب والعقاب دون أن يأبهوا بقوانني البرشية ،يرتكبون الجرائم البشعة تحت يافطات األهداف النبيلة.. وبكل الحاالت ما يقومون به هو جرائم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ،وال يقلل من هذا التوصيف ال مرجعية سياسية وال أيديولوجية وال دينية إلهية وال أهداف “نبيلة”. شجع الدولة اإلسالمية وغريها من التنظيامت ما ّ اإلرهابية عىل ارتكاب الجرائم هو إهامل تام لجرائم أفظع ارتكبت وترتكب كل يوم وكل لحظة بحق شعوب كاملة دون أن تهتز رموش العدالة ولو مرة. شجع ويشجع عىل الجرائم هو إفالت كثري من ما ّ عتاة مجرمي اإلنسانية والحروب من العقاب وبقائهم أحراراً ،بل وياللسخرية يحاولون تعليم العامل دروساً مبحاربة الجرمية. ونكابد آالم ونتائج إفالت مرتكبي تلك الجرائم من العقاب إىل اآلن ،ونرى مجرمي حرب صدرت قرارات اتهام بحقهم كالبشري الذي مازال حراً آمناً من العقاب ،وفالدمري بوتني وهو ينجو من الجرائم التي ارتكبها يف الشيشان والتي يرتكبها يف سوريا ،وماليل طهران يفلتون من العقاب عىل جرامئهم ض ّد الشعب اإليراين والشعب العراقي والشعب السوري .وعيل عبد الله صالح ينال عفواً عن جرامئه ضد الشعب اليمني ،وغريهم كثريون. يبدو أننا سنشهد املزيد من الجرائم واملجرمني ونشهد ازدياد البشاعة والفظاعة بهذه الجرائم إىل حدود قد ال نتخيلها. لو كان هناك بصيص ضوء أن املجرم سيلقى عقاباً عىل جرامئه رمبا لتوقف عن ارتكابها وهو حت ًام لن يرتكبها بكل هذه الوحشية والفظاعة والتامدي املهني. الجرائم التي نشهدها يف العامل هي سلسلة من جرائم
كربى لن تنتهي ما مل تصبح هناك إمكانية حقيقية للعقاب ووضع حد نهايئ لسياسة اإلفالت من العقاب. لن نتفاجأ أبداً بجرائم كربى أقىس وأشد فظاعة طاملا أن العامل يقف متفرجاً عليها؛ يع ّد الضحايا والدمار واالنتهاكات دون أدىن مسؤولية تجاه إحقاق العدالة، ويتعامل مع مسألة العدالة بربغامتية سياسية تغيبها مقابل مصالح اقتصادية وسياسية وأمنية. وحني يقرر العامل أخذ قضية العدالة بجدية للحفاظ عىل مصالحه أو أمنه فإنه يط ّبقها بانتقائية تتناسب مع هذه املصالح فقط ،ضارباً عرض الحائط مببادئ العدالة كلها ،فيصبح تطبيق هذه العدالة املجتزأة جرمية جديد تضاف إىل الجرائم األساسية وتصبح مسؤولة عن الجرائم القادمة ،ألنها تشجع املجرمني الذين أهملتهم عىل ارتكاب املزيد واملزيد طاملا هم آمنون من العقاب ،وتشجع مجرمني آخرين ليقوموا بجرائم أخرى مع طلب الحامية من العقاب بعروض خدمات يقدمونها للجهات صاحبة العالقة، وألنها تخلق ظل ًام وقهراً كبريين بانتقائيتها مام يدفع بالتطرف أكرث وأكرث قدماً ،ويخلق له بيئة مساعدة لحقها الظلم من العدالة االنتقالية وتزداد الجرائم بشاعة وعنفاً ،مبا ال يعود ممكناً إحقاق العدالة التساع دوائر املتورطني وتشابك الجرائم بفعل ورد فعل ،وتضيع الجرائم واملسؤولون عنها يف زحمة الخالص وعفا الله عام مىض .وتبقى النار مشتعلة تحت رماد ّ هش ينتظر فرصة أخرى ليقتل أكرث ويدمر أكرث وتبقى الدوامة مستمرة كل مرة بشكل جديد. “الرشط الوحيد النتصار قوى الرش ،هو عدم تحرك قوى الخري” هذا ما قاله أدموند بورك ،أضيف“ :أن تفتعل العمى طوعاً ال يعني أنك حر ،لكن بكل تأكيد جبان ،بكل عيب وعار جبان وأناين” كام يقول املحامي الفرنيس تانغي..
المرسوم 55وحقيقة رفع حالة الطوارئ 10 المحامي ميشال شماس
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
بعد اندالع االحتجاجات واملظاهرات الشعبية يف آذار ،2011املطالبة باملزيد من الحريات ورفع حالة الطوارئ ،وإطالق رساح املعتقلني السياسيني ،ووقف حاالت االعتقال ،ومكافحة الفساد ،حاول نظام األسد امتصاص الغضب الشعبي تارة بالرتهيب والتشدد واملزيد من االعتقاالت ،وتارة أخرى بالرتغيب عرب إطالق الوعود الفارغة من أي مضمون ،ومع تعنت النظام ورفضه الواضح االستجابة ملطالب الشعب، ارتفعت وترية االحتجاجات واملظاهرات لتعم مختلف املدن واملناطق السورية ،وتتوسع معها قامئة املطالب الشعبية لتتوج برفع شعار إسقاط النظام ،وأمام هذا الواقع أعلن النظام عن مجموعة من اإلجراءات التي اعتقد أنها ستخفف من وترية الضغط الشعبي املتزايد ،فأعلن عن حزمة من القرارات التي وصفها باإلصالحية ،كان يف مقدمتها رفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة ،إال أنه يف نفس الوقت أصدر نص يف املرسوم 55ليحل مكان حالة الطوارئ ،حيث ّ مادته الثانية“ :تختص الضابطة العدلية أو املفوضون مبهامها باستقصاء الجرائم املنصوص عليها يف املواد من 260حتى 339واملواد 221و 388و 392و 393من قانون العقوبات وجمع أدلتها واالستامع إىل املشتبه بهم فيها ،عىل أال تتجاوز مدة التحفظ عليهم سبعة أيام قابلة للتجديد من النائب العام وفقاً ملعطيات كل ملف عىل حدة وعىل أال تزيد هذه املدة عىل ستني يوماً”. يتضح من قراءة النص أعاله أن نظام األسد حاول الضحك عىل الشعب ،فأوحى بداية أنه استجاب للمطالب الشعبية بأن ألغى حالة الطوارئ .لكن يف واقع األمر أن رفع حالة الطوارئ كان شكلياً ،حيث استمرت حالة الطوارئ مبظهر وشكل جديد ،بعد أن ألبسها نظام األسد لباساً قانونياً جديداً يك تبدو أنها جاءت استجابة ملطالب الشعب. فمع بقاء صالحيات األمن الواسعة ،قرر النظام يف خطوة غري مسبوقة اعتبار عنارص األجهزة األمنية من عنارص الضابطة العدلية بعد أن كان األمر مقترصاً عىل عنارص الرشطة املدنية ،والهدف من ذلك هو توسيع مهام األجهزة وإضفاء الصفة القانونية عىل مامرساتها.
ومل يتوقف األمر عند هذا الحد ،بل ترك مدة التوقيف مفتوحة ،فاملرسوم 55مل يلزم عنارص األمن باإلفراج عن املوقوفني لديها أو إحالتهم إىل القضاء بعد انتهاء مهلة الستني يوماً ،حيث بقيت بدون أي مؤيد جزايئ، وبقي النص عىل مهلة الستني يوماً لغواً المعنى له من الناحية العملية .وهذا ما يفرس استمرار األجهزة األمنية بتوقيف األشخاص ملدد تفوق الستني يوماً وتصل لسنوات كام هو حاصل اليوم لعرشات اآلالف من املعتقلني الذين مىض عىل اعتقالهم سنوات وسنوات ،ويف مقدمهم املحامي خليل معتوق والدكتور عبد العزيز الخري ،واملحامني سامر إدريس وعصام زغلول والطبيب محمد عرب ،وفائق املري ..والقامئة تطول جداً.. وبدل أن يتم تعديل القوانني لتتفق مع أحكام الدستور، فإن النظام السوري عكس األمر متاماً ،حيث عمد إىل تكريس ما سبق وأصدره مبرسوم يف نصوص دستور 2012ليضفي عليها الصفة الدستورية والرشعية أمام الرأي العام ،وهذا ما نالحظه لدى قراءة نص املادة 53 من دستور :2012 “ 1-ال يجوز تحري أحد أو توقيفه إال مبوجب أمر أو قرار صادر عن الجهة القضائية املختصة ،أو إذا قبض عليه يف حالة الجرم املشهود ،أو بقصد إحضاره إىل
السلطات القضائية بتهمة ارتكاب جناية أو جنحة. 2ال يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة،ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. 3كل شخص ُيقبض عليه يجب أن ُيبلغ أسباب توقيفهوحقوقه ،وال يجوز االستمرار يف توقيفه أمام السلطة اإلدارية إال بأمر من السلطة القضائية املختصة. 4لكل شخص حكم عليه حك ًام مربماً ونفذتفيه العقوبة وثبت خطأ الحكم أن يطالب الدولة بالتعويض عن الرضر الذي لحق به”. ً ً وهنا أيضاً يبدو النص الدستوري ملتبسا وغامضا لجهة تحديد مدة التوقيف ،حيث ترك األمر ملزاجية رؤساء الفروع األمنية بدون أي مؤيد قانوين أو جزايئ ،وال تجرؤ الجهات القضائية املخولة أساساً مبنح األجهزة األمنية املوافقة عىل االستمرار بالتوقيف مطالبتها تلك األجهزة بتسليم املوقف لديها أو اإلفراج عنه بعد انتهاء مهلة الستني يوماً التي نص عليها املرسوم .55 واألمر نفسه تكرر عندما قرر نظام األسد إلغاء محكمة الدولة العليا السيئة الصيت ،والتي كان مطلب إلغائها يف قامئة املطالب الشعبية ،حيث بادر النظام إىل إنشاء محكمة االرهاب لتكون بدي ًال عنها ومكملة ملا كانت تقوم به محكمة أمن الدولة ،ولكن يف مظهر وشكل جديدين.
لوحة للفنان عيل فرزات يف بدايات الثورة -املصدر إنرتنت
داريا الصدمة 11
أحمد منصور
العدد - 76 -
وضمن هذا السياق نستطيع الوصول إىل أن كل ما يحدث يف سوريا هو خارج إطار السوريني وليس لهم عالقة به (سياسياً وعسكرياً ومدنياً) بل إن املحركات الدولية املؤثرة هي من بدأت تدير ساحة االحرتاب السياسية والعسكرية بالداخل والخارج السوري بشكل ُمبارش ،وأقصد هنا “نظام الطاغية واملعارضات وقوى التحارب” وعىل ما يبدو أنه حتى الدول اإلقليمية أيضاً بدأت بإعادة موضعتها لتتامها ضمن هذه ا ُملحركات و ُتقلص أدوارها تدريجياً ضمن عملية محاكاة إيجابية تنحرس يف محاوالت االحتفاظ باملصالح ا ُملكتسبة بعيداً عن ا ُملشاغالت واملشاغبات. وهذا بحسب اعتقادي يندرج يف إطار التوافقات الدولية املسبقة بني القوى املؤثرة واإلقليمية عىل كيفية إيجاد مناخ موائم إلعادة ترتيب ساحة الرصاع وإدارتها إىل حني استنفاذ وظيفتها اإلقليمية والدولية ،والذي يشمل ليس فقط ما حدث يف داريا بل ما يحدث يف كل مناطق سوريا ،وخصوصاً جبهات االصطدام املبارش بني قوى االحرتاب املتباينة التي بدأت تتشكل مالمح انحسار مسمياتها تدريجياً لتنحرس ضمن مروحيات ُمتعددة وواضحة (النظام وما يتبعه الحقاً ،داعش وما يتبعها ،القاعدة ومن يدور يف َفلكها). وفق هذا املنظور نجد بأن ما حدث يف داريا (باعتباره جزء من الحفاظ عىل مراكز القوة والتعبري السيايس الرسمي والقانوين الدويل كدمشق العاصمة ومحيطها) وما يحدث يف عدة مناطق ثانية وما سيتبعه أيضاً مير عرب إعادة تدوير الرصاع وترتيب األوراق التي ميلكها أقطاب الرصاع وفق أولويات تخدم مواقعهم ومصالحهم يف لوحة الرصاع ليس السورية فقط بل والدولية مبجملها. إىل ذاك الحني وبغياب املرشوع الوطني السوري ستكون أدوار التمثيليات السورية عىل اختالف مشاربها “نظام ومعارضة” مجرد شخوص يف مرسح الظل الذي تنتهي أدوار من يلعب عىل مرسحه مبجرد الوصول إىل نهاية العرض .لألسف هو عرض ملرة واحدة وبفاتورة دماء السوريني.
2016 / 9 / 5
ال يستطيع املتابع للشأن العام يف سوريا امليض بالتحدث عن مآل وصدمة ما حصل يف داريا دون أن يتوقف عند بعض األسئلة. هل كان اتفاق خروج أهل داريا معلوماً مسبقاًلو مل يتم الحديث عنه عرب وسائل اإلعالم قبل أيام قليلة من قبل التمثيالت السياسية املعارضة والقوى املتحاربة والنظام الطاغية؟! عن ماذا كشف لنا وقع الصدمات التي تلقاها الجميع بعد سامعهم الخرب وما هي أدوارهم بهذا الحدث؟! هل هناك وجود للـ “النظام واملعارضة” يفاتفاقيات زيوريخ وفينا وأوراق جنيف التوافقية حول سوريا؟! داريا الثورة ليست األوىل وليست األخرية ضمن مآل وظيفة الحرب. من الواضح أن وظيفة الحرب يف سوريا مل تنت ِه بعد ،وأي حديث عن إطار سيايس للحل هو خارج الواقع واملنطق ،عىل أقله يف املدى املنظور ،وهذا يعود إىل ارتسام لوحة اصطفافات وتحالفات جديدة يف الرصاع ،سواء عىل األرض السورية أو عىل امتداد الرصاعات نحو اليمن جنوباً ،والعراق رشقاً ،وصوالً إىل القرم وأوكرانيا شامالً مروراً بأوراسيا. وإىل أن تتشكل وتكتمل مشهدية املنظومة الدولية القادمة ،والتي تبنيها تقاطعات املصالح الدولية ومن ثم اإلقليمية ،والتي تؤثر بشكل مبارش عىل إدارة لوحة الرصاعات الحاصلة يف سوريا؛ فالجبهات املتحاربة يف سوريا ،تستمد بقاءها من خالل استمرارية هذا األداء الوظيفي املرهون بسياسات ومصالح تلك الدول. وعىل وقع وظيفة الحرب والسالح إقليمياً ودولياً، تستمر عملية إعادة املوضعه وتوظيف السالح، سواء يف معارك تلعب دوراً يف ترجيح وتعديل موازين القوى (حلب ومنبج وجرابلس) أو يف عملية االستغناء عن هذا السالح لغياب رضورات وظيفته عىل جبهات أخرى (باب عمرو والقصري واليوم داريا) وينطبق هذا أيضاّ عىل جبهة غوطة دمشق الرشقية والغربية والقلمون ،وجبهة
الساحل وجبهة درعا. ويف ضوء هذه الوقائع السابقة نجد أن وظيفة الحرب ليست متوقفة عىل قوى التحارب فقط، بل هي متتد إىل متثيالت سياسية رسمية سوا ًء لدى النظام أو املعارضة ،إذ يشري أداء نظام الطاغية واستجاباته لإلمالءات الروسية واإليرانية ،إىل خروج القرار من يده سياسياً وميدانياً ،ويشري أداء التمثيالت السياسية املعارضة (ائتالف وهيئة تفاوض) وغيابها التام عن أي فعل أو تأثري أو استجابات لالستحقاقات الوطنية املاثلة واملتسارعة ..إىل ارتهان أدوارها وانتظار اإلمالءات أيضاً تبعاً لتقارب أو تباعد تلك الدول (أمريكا وتركيا وقطر والسعودية وغريهم). ووفق السياقات السابقة وباعتبار تضحيات ماليني السورين (قتل واعتقال وتهجري) فقد حان وقت مغادرة تلك املعارضات مع أمراء الحرب لوالءاتهم املصالحية والنفعية التي ال عالقة للسوريني فيها ،بعيداً عن راية السوريني وشعارات ثورتهم وأياً كانت أدوارهم يف تسوية قادمة (إىل جوار الطاغية) ،فالسوريون سيستبدلون أدواتهم ويستعيدون من جديد حلمهم املرسوق. وضمن إطار هذه التساؤالت ميكن لنا االستخالص بأن أجسام املعارضات سواء السياسية وحتى العسكرية (مجموعات الجيش الحر والفصائل اإلسالمية) مصابة بالعطب والشلل وتعيش حالة من الفراغ واإلفراغ باملضمون ُكلياً فكيف ميكن مترير مثل هذا االتفاق دون علم أحدهم ما عدا أهل داريا ذاتهم ،وخصوصاً بعد ترصيح روسيا عىل لسان وزير خارجيتها الذي رصح قبل يوم عقب مؤمتره الصحفي مع جون كريي بأن هذا االتفاق تم برعاية ومتابعة وضامنة روسيا ،وأن ال أحد له علم بذلك حتى نظام الطاغية ال يوجد له أي دور مبارش به ،بل كان أيضاً من الذين تم إعالمهم الحقاً ،فمثل هذا االتفاق الذي تم إبرامه بغض النظر عن الحالة املعيشية والدفاعية املرتدية التي وصل إليها أهلنا والفصائل املوجودة يف داخل داريا والتي ال ميكن إال مبادلتهم بالشكر العميق عىل اتخاذهم لهذا القرار الشجاع بكيفية محافظتهم
عىل املدنيني وذويهم وأنفسهم (قرار الشجعان).
الحرب كمدخل إلعادة صياغة دور المرأة 12 علي جبر
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
دامئاً ما كانت املرأة الحلقة األضعف يف أي مجتمع نتيجة الرتكيبة الذكورية التي تقوم عليها معظم املجتمعات وبالتايل دامئاً ما كانت تدفع الثمن األكرب, إال ّأن الثمن الذي تدفعه يف الحروب والرصاعات يبقى مثناً باهظاً بكل املعايري ,وخاصة إذا ما كان املجتمع محافظاً جداَ وبالتايل ُيق ّيد حركة املرأة وال يعتمد عليها إال يف الحد األدىنُ ,مقل ًّال من متكينها يف مختلف املجاالت بدءاً بالتعليم وليس إنتهاء بالعمل الذي يعني إلغاء استقاللها اإلقتصادي الذي هو سبيلها للعب دور فاعل ومنتج يف املجتمع, وعىل العكس يتم إلحاق املرأة باقتصاد العائلة الذي يعتمد عىل الذكور بالدرجة األوىل .بعض االستثناءات التي تعمل فيها املرأة غالباً يتم رفض مساهمتها يف دخل األرسة وينظر لذلك الدخل عىل أنه ال يتجاوز حدود املرصوف الشخيص ,إذ تعترب مساهمتها يف دخل األرسة نوعاً من اإلهانة ودلي ًال عىل عدم كفاءة املعيل الذكر ,ينسحب ما سبق عىل غالبية املجتمعات العربية لذلك اليشكل املجتمع السوري إستثنا ًء يذكر. بسبب هذا التهميش والتحجيم لدور املرأة يف فرتة االستقرار فإنها تدفع مثناً باهظاً يف الحروب والرصاعات ,إذا إن معاناتها يف فرتات الرصاع تتناسب عكساً مع حجم التهميش الذي كانت تعيشه قبل ذلك .لكن ذلك يف ذات الوقت يفتح آفاقا جديدة تحت ضغط األمر الواقع ليؤسس لدور أكرب للمرأة يف مرحلة الرصاع وما بعدها .وإذ تغلب عىل صورة املرأة يف حاالت الرصاع صورة الضحية, إ ّال ّأن املعاناة الحقيقية يف الغالب تتجاوز بعرشات األضعاف ما يستطيع اإلعالم تسليط الضوء عليه.
* -الحالة السورية:
انتقلت املرأة يف الحالة السورية من البيئة التي تألفها وتستطيع التعاطي معها وتوفر لها قدراً كبرياً من اإلحساس باألمان يف ظل دورها املحدود الذي كانت تقوم به يف الحياة التقليدية إىل حالة اللجوء مبا تتضمنه من مصاعب ج ّمة .ويف بداية الثورة, لعبت املرأة دوراً أكرب من دورها التقليدي املعتاد واستشعرت قدرتها عىل القيام بأدوار تتجاوز الدور
االجتامعي السابق ,حتى بلغ بأحد املتظاهرين أن قال للنساء يف إحدى املظاهرات( :مني عاد يقدر يضبكون أنتو يانسوان)!!. إال ّأن تحول الثورة إىل املسار املسلح بداية ,وإىل رصاع إقليمي دويل ثانياً ,قلب املعادلة وأصبحت املرأة الخارس األكرب ,إذ تح ّولت من لعب دور يعزز قدراتها عىل كافة الصعد إىل خارس عىل كل الجبهات .وتضاعف كل ذلك يف حالة اللجوء التي ّ تضطر لها املرأة إلنقاذ ما ميكن إنقاذه هرباً من الحرب التي تطحن كل من تصادفه يف طريقها. وسواء كان وضعها يف اللجوء مع زوجها أو مع أطفالها ّ فإن املعاناة تكاد التف ّرق ,وخاصة يف حالة اللجوء إىل لبنان التي تفاقم صعوبة إن مل نقل إستحالة اإلجراءات الرسمية ,ويف كلتا الحالتني ستكون املسؤولة عن إعالة أرستها ,عرب العمل يف أية فرصة ممكنة من العمل بالزراعة إىل العمل بالتعليم إىل املجاالت األخرى وهي غالباً ما تعمل يف القطاعات ذات املردود القليل .ونتيجة لحاجة املرأة للدعم والرعاية فقد بدأت منظامت املجتمع املدين التي تعمل عىل رفع وعي النساء ودعمهن تعمل يف وسط الالجئات يف محاولة لسد جزء يسري من الحاجة لدى النساء يف حالة اللجوء ,وأنتقلت الحقاً إىل لعب دور توعوي يف كافة املجاالت, لكن برزت أزمة كبرية يف عدم ترابط جهود هذه املنظامت وتنسيقها يف خطط ذات اسرتاتيجيات واضحة بنا ّءة. ّ بعض هذه املنظامت ركزت عىل الحاجات اآلن ّية للنساء خاصة يف املرحلة االوىل من عمر اللجوء, فقدّمت دع ًام مل يتجاوز حدود الحاجة املؤقتة ,دون التأسيس لتغيري مستدام وبعيد املدى يف دور املرأة وبالتايل يف بنية املجتمع ,كالتعليم املهني الذي ورغم الحاجة إليه لكنه اليخرج باملرأة من اإلطار النمطي .منظامت أخرى اهتمت برفع الوعي لدى النساء بحقوقهنّ وتوعيتهنّ عىل قضايا التمي ّيز عىل أساس النوع االجتامعي “الجندر” ,والتمييز ضدّهن يف القوانني السورية وحتى الدستور ,األمر الذي قد يبدو للوهلة األوىل بعيداً كل البعد عن الحاجات امللحة للنساء.
إال أن الجهود املبعرثة مينة ويرسة دون رؤية واحدة وخطة واضحة قد التجدي نفعاً إذا مل تعد سلباً يف بعض الحاالت .لذلك يجب ان تركز الجهود عىل رفع قدرة املرأة عىل لعب دور أكرب من خالل متكني النساء إقتصاديا بالدرجة األوىل ,عىل أن يكون التمكني االقتصادي مبنياً عىل التمكني العلمي الذي يتيح للمرأة الدخول إىل سوق العمل سواء كيد عاملة مؤهلة أو عرب مشاريع إنتاجية ,باإلضافة إىل الحاجة لقدراتهن يف مرحلة بناء سوريا الجديدة. لذلك يجب أن تركز منظامت املجتمع املدين سواء كانت غري ربحية أو ربحية ليس فقط عىل رفع الوعي بقضايا النساء واتباع الطرق التقليدية والنمطية يف متكني النساء ,بل يجب العمل عىل وضع برامج طويلة املدى لتمكني النساء تستهدف إحداث فرق نوعي يتيح لهنّ لعب دور أكرب يف كافة الجاالت مبا يف ذلك السيايس منها بشكل يحدث نتيجة مستدامة ويخرج املرأة من اإلطار النمطي الذي يضعها فيه املجتمع ,مام ميكن أن ينتج تغيرياً يف منط ّية دورها وتغيرياً الحقاً يف دورها االجتامعي والسيايس ,إذ ّإن التوعية بشأن قوانني التمييز واملواد التمييزية لن تحدث فرقاً ما مل تكن النساء قادرات عىل لعب دور يتجاوز الواقع املؤقت الذي تطلع به يف مرحلة اللجوء ,ويؤسس لدور مستدام بعد مرحلة الحرب تلعب فيه املرأة دوراً محورياً أكرب من دورها قبل الحرب. من املهم جداً أن تقوم كافة املنظامت العاملة يف مجال حقوق النساء بتكوين تص ّور واضح ,ووضع خطة بعيدة املدى ,والعمل بالتوازي لتمكني النساء بشكل يثبت الدور الكبري الذي يقمن به يف مرحلة اللجوء ويؤكد عىل قدرتهن عىل لعب ادوار أكرب بكثري من االدوار التي كنّ يلعبنها بشكل تقليدي يف مرحلة ما قبل الثورة وال يسمح بعودة الوضع إىل ما كان عليه سابقاً ,ويث ّبت الدور الذي يلعبنه والحقوق التي حصلن عليها ,وعدم النظرإىل املرحلة الحالية كمرحلة مؤقتة لجهة الدور الذي تقوم به عىل أساس أنه وضع طارئ وستعود األمور إىل ما كانت عليه وبالتايل خسارة كافة الجهود التي بذلت سدى.
التحديات الشائكة على درب النساء السوريات هنادي زحلوط
العدد - 76 -
وتجدهن اليوم يجلسن ليتذكرنها حجراً حجراً ،وبالطة يف إثر بالطة ،ويسألن من بقي من الجريان أن يطمنئ عليها ،و ُتكرس قلوبهن إن سمعن ّأن صاروخاً أو قذيفة قد اخرتقتها! نساء تحرتق قلوبهن اليوم عىل أطفالهن ،إن خطر ببالهن طبق ال يستطعن اليوم تحضريه لهم ،أو رأين يف عيونهم حرسة عىل أمس كان لديهم فيه وفرة من األلعاب ووفرة من أمل بغد جميل ،أحالم رمبا تبخرت اليوم يف جهنم هذه الحرب التي ال تلوح نهاية لها. وبني من فقدت زوجها شهيداً أو معتق ًال أو مفقوداً وجدن أنفسهن أ ّماً وأباً ،وأختاً وأخاً ..مزيج من الحنان والرجولة كان البد أن يتحلني به وسط ظرف صعب حرمهن رؤية أحبتهن ،ووضعهن وجهاً لوجه مع واقع مل يكن لديهن الوقت لالستعداد له. إ ّال ّأن النتائج امللفتة لكثري من الطالب السوريني يف االغرتاب واللجوء أصبحت مؤرشاً عىل أن هنالك نساء أخرجن من الضعف قوة ،وحاولن بجهد مضاعف تعويض العطب الحاصل بغياب األب ،فوضعن صورته نصب عيون أطفالهن وخلقن لديهم الحافز إلخراج كل قدراتهم العلمية ومواهبهم الفنية. ويف املقابل خلقت الحرب والواقع الراهن ظروفاً معقدة للعالقات اإلنسانية وتشابكاً رهيباً ،فتضاعفت تحديات تربية األطفال كام الخوف عىل انجرارهم لواقع يسء ،ورسخت أكرث فأكرث القيم اإلنسانية العليا كالحب والعدالة واملساواة ،واستشعرت الكثري من النساء الظلم الذي رمبا ألحقنه دون أن يدرين بطفالتهن ،والتمييز الذي وقع عليهن بالتايل وورثنه لهن. يف النهاية كان طبيعياً أن ترتفع األصوات املطالبة بالطالق يف صفوف النساء السوريات اللوايت وجدن
أنهن يدفعن الفاتورة األكرب يف الواقع الجديد، وباملقابل ظللن تعانني التمييز الذي كن يعانينه يف سوريا ،الفرق أنهن اليوم بنت أكرث وعياً ،ويف مجتمع يعطيهن الحق باالنفصال إن وجدن أنهنّ ُم ّ ترضرات من هذه العالقة .ومع ازدياد هذا الوعي ال شك بأنّ نظرة النساء السوريات ألنفسهن وإدراكهن لحجم معاناتهن ولطريقة تعاملهن مع مشكالتهن تغريت، لكن بقي الواقع يضغط عليهن عاطفياً بشكل كبري، فكان طبيعياً أن ترتاوح ردة أفعالهن بني العاطفي والعقالين .تلك الحقوق التي وعتها النساء السوريات هي ذاتها التي كنّ بحاجتها قبل الثورة ،لكن الوعي والتجربة قد مكنهنّ اليوم بشكل أكرب من اختبارها. املسألة األخرى ّأن الهيئات الحقوقية والسياسية بوجه عام ،والتي عانت نقصاً يف املشاركة النسوية فيها ،مل تتنب مقولة املواطنة منهجاً لها ،رغم املشاركة الكثيفة للنساء يف كافة املناحي اإلغاثية واإلعالمية والحقوقية، ّ وظل ينظر إىل والعائلية اليومية فوق كل ذلك. طرح حقوق النساء السوريات عىل أنه ترف فكري وبريستيج يف غري مكانه ،وتساق لذلك صور املوت اليومي ،والقتل املمنهج ض ّد النساء والرجال واألطفال عىل حد سواء ،رغم أنه وعىل سبيل املثال فإن املرأة السورية املعتقلة تعاين اجتامعياً ما ال يعانيه املعتقل السوري الرجل ،وأن السياسية السورية تعاين اجتامعياً كذلك ما يفوق معاناة السيايس الرجل ،فقط لتمييز اجتامعي يرزحن تحته لكونهنّ “نساء”! وإذا كانت سوريا اليوم محتاجة لعدالة انتقالية تعيد لكل ذي حق حقهّ ، فإن ما يزيد عىل نصف املجتمع السوري ،ال بل كل املجتمع السوري معني باملطالبة وإعادة األمور لنصابها ورفع شعار املواطنة ،وإلغاء التمييز بني املواطنني عرقياً أو جنسياً أيضاً.
2016 / 9 / 5
مل تكن صورة املرأة التي سحقها سقف منزلها جراء القصف الجنوين عىل مدينة الرسنت سوى تكثيفاً ملا أصاب النساء السوريات من مآس تتابعت عليهن منذ أكرث من خمس سنوات .املرأة التي انهار سقف منزلها بفعل القصف املتوحش كانت جرميتها الوحيدة أنها اختارت البقاء لحامية ورعاية عائلتها ،فكان أن القت حتفها يف سبيل ذلك .وبالطبع ّ فإن من حالفها الحظ من بقية النساء السوريات واهتدت إىل طريق للخروج من هذا الحصار مع عائلتها مل تكنّ متأكدات أنهنّ أصبحن أفضل حاالً؛ فخيمة اللجوء الحقرية التي ال تقي برد الشتاء وال قيظ الصف جعلت حياتهن جزءاً من سرية الشظف لشعب بكامله. عانت هؤالء النسوة من نقص املاء وقلة الطعام ،وعاىن أطفالهنّ من شح فرص التعليم ،وأطلقت الصيحات مراراً لجمع املالبس الشتوية لهم ،لكن النزيف من داخل سوريا جعل االحتياجات تزداد باستمرار ،مام زاد يف معاناتهن من هذا الواقع .وبرغم عدم امتالك هؤالء النساء يف أحيان كثرية املؤهالت الالزمة فإنهنّ كنّ معنيات بإعالة أرسهن ،رغم نقص التعليم الذي عانته بعضهن ،وكان ذلك أشبه مبحاولة الحصول عىل مصباح كهربايئ من زجاج ُم ّ هشم وبضع أسالك شائكة! كانت النساء السوريات عىل قدر التحدي رغم ّ فأنشأن املدارس يف املخيامت ،وتط ّوعت كل يشء؛ املتعلامت منهن لنقل علمهن إىل جيل الحرب والنزوح، وحاولنّ زرع االبتسامة عىل شفاه تشققت من ملوحة الدموع ،واستطاعت الكثريات أن تخرج األطفال من تحت ذكرى املجازر والدم والبارود والركام للعب تحت قوس قزح ..رمبا صنعنه باألمل فقط. ومل تكن النساء السوريات واقعات تحت تأثري الواقع االقتصادي ا ُملر فقط ،ومل تكف الخيام لرد املتطفلني عن الرتبص بهنّ ،فكان أن انترشت عصابات االتجار بالبرش ،م ّرة تحت عنوان اإلنقاذ من هذا الواقع، وم ّرات كثرية وصل األمر الرتكاب جرمية تزويج القارصات باسم هذا الواقع ،بدالً من السعي لتغيريه وتحسني ظروفهن وكفاءاتهن .وتحت الخيمة هذه ويف بلدان اللجوء والشتات ،كان الحنني والتعب يتجاذبان مشاعرهن مينة ويرسة؛ نساء أجربن عىل ترك منازل لطاملا أسهمن يف بنائها وتأثيثها ،حل ًام حل ًام ..ويف َ وجدن أنفسهن مجربات عىل تركها. غفلة من القدر
13
المرأة ..أدوار جديدة ورهان غامض 14 إباء منذر
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
لن يعود يشء كام كان قبل خمس سنوات ،هي واحدة من ا ُمل ّ سلمت التي فرضتها الحرب بعد أن غريت سوريا بكل مكوناتها وتفاصليها ،مبا يف ذلك وضعية ودور املرأة. ً “انتظرتهم ليصبحوا رجاال ويعيلوين يف كربي لكنهم ذهبوا من غري وداع” هذا ما قالته يل “أم أحمد” السيدة الخمسينية بصوتها املنهك من إعالة أحفادها وابنتيها يف بالد النزوح. “منذ عامني خرج أوالدي الثالثة ومل يعودوا وال أعرف عنهم أي يشء” تضيف “أم أحمد” القاطنة يف لبنان بعد أن استأجرت غرفة متواضعة يعيش فيها مثانية أفراد بينهم ثالثة أطفال .عائلة أم أحمد هي واحدة من أصل 144ألف عائلة سورية فقدت معيلها خالل الخمس سنوات الفائتة ،وفقاً إلحصائيات الثورة السورية.
أرقام ودالالت
وتبعاً للغة األرقام وحسب مصدر اإلحصاء ذاتهّ ، فإن عدد الشهداء من الذكور بلغ 151685شهيداً موثقاً باالسم ،أضف إىل ذلك 114960معتق ًال و109535 مفقوداً .وبينام تدور رحى الحرب تتضاعف أرقام النزوح خارجياً ،وباالستناد إىل أرقام “الشبكة السورية لحقوق االنسان” فقد بلغ عدد الالجئني السوريني يف الخارج خمسة ماليني و 835ألف ،أكرث من % 50منهم أطفال و % 35من النساء و % 15هم من الرجال. هناك إذاً ما يزيد عن مليوين امرأة -35%من إجاميل الالجئني -خرجن من سوريا بحثاً عن حيا ٍة جديدة، بيئات محافظة .وبقراءة ني إىل ومنهن من تنتم ّ ٍ األرقام ّ فإن تأمني مصدر دخل لعدد كبري من األرس السورية بات يقع عىل كاهل املرأة بعد أن كانت نسبة سجلة ال تتجاوز 12.9يف مشاركتها يف قوة العمل ا ُمل ّ املئة قبل سنوات الثورة وفق أرقام املكتب املركزي لإلحصاء لعام ،2010مع اإلشارة إىل ّأن هذه النسبة ال تشمل العامالت يف اقتصاد الظل (غري املنظم)، والعامالت يف الزراعة ضمن األرياف. هو إذاً اختبار قدرة وتحمل ُأجربت املرأة عىل دخوله، ويف بعض األحيان نجحت يف ذلك؛ ففي قراء ٍة متأنية ملئات القصص السورية هناك العديد من النساء اللوايت
خرجن من سوريا وحدهن وتحملن مسؤولية أطفالهن ّ للوصول إىل بال ٍد أكرث أمناً رغم خروجهن من بيئات محافظة ،وهذا ما كان صعباً عىل املرأة مامرسته قبل خمس سنوات.
تبادل األدوار
“سلمى” هي واحدة من السيدات الواصالت إىل فرنسا برفقة طفليها عن طريق التهريب ،تحملت مسؤولية ومخاطر الطريق بالنيابة عن زوجها الذي ينتظر قرار مل الشمل بعد حصولها عىل اإلقامة. أما “رهف” (تحمل إجازة جامعية) الوحيدة عىل ثالثة شبانٍ مل تكن تجرؤ عىل الخروج وحيد ًة من منزلها خضوعاً لرغبة إخوتها ،ولكن بعد رحلة عذابات داخل سوريا اضطرت األرسة خاللها للنزوح ثالث مرات، وتدهورت أحوالها املادية .تجرأت الفتاة عىل النزوح وحيدة إىل لبنان ومن ثم إىل تركيا لتعمل هناك وتعيش وحدها ،وترسل ألرستها بعض املال ،وهي تستعد اليوم للزواج من شاب سوري التقته يف املهجر ،وتقبلت األرسة بشكلٍ أو آخر وضع رهف الجديد ،وأصبح ما كان مستحي ًال يف األحوال العادية ،أمراً مسل ًام به ،ال بل وممتدحاً من قبل األبوين وأحد األشقاء الثالثة. وما زالت ضحكة السيدة التي ط ّلقت زوجها يف أوروبا عالق ًة يف ذهني معلل ًة أنها ال تحبه وتركته فور وصولها إىل بال ٍد تحرتم حقوق املرأة! انتهاكات ورغم ما تتعرض له املرأة يف مواقع كثرية من ٍ صارخة لحقوقها عمقتها الحرب ،لكن فور تح ّررها من القيد االجتامعي ستكون سيدة نفسها ومتتلك قرارها وقت مىض. الحر أكرث من أي ٍ
مناذج متعاكسة
مل يعد باإلمكان قراءة واقع املرأة داخل سوريا ،بصفة عامة ،بسبب ازدياد الرشوخات االجتامعية والسياسية، ففي بعض البيئات داخل سوريا دفعت املرأة بالقوة إىل املزيد من التقوقع واالنغالق وتحجيم دورها بيئات أخرى ألقت بها الظروف ومكانتها ،باملقابل يف ٍ يف معرتك الحياة ،ووجدت نفسها وحيدة تصارع من أجل قوتها وقوت أطفالهاّ ، مم عزز ثقتها بنفسها، وأكسبها مهارات وخربات جديدة ،من الصعب إعادتها إىل الخلف.
أما خارج سوريا فمقابل النامذج التي ميكن وصفها باإليجابية لجهة استقاللية املرأة وتعزيز دورها وحقوقهاّ ، ظل األمر يف كثري من الحاالت رهناً الستجابتها أوالً والستجابة الرجل ثانياًّ ، فإن املتغري الوحيد الذي طرأ عىل حياة العديد من العائالت السورية القادمة إىل أوروبا هو املكان ،بسبب متسك الرجل واملرأة مجتمع أكرث فأكرث بأفكا ٍر يعتقدان أنها حصانتهام يف ٍ “غريب” ينظران إليه عىل أنه متفكك أخالقياً. “صفاء” أتت مع زوجها وأوالدها إىل فرنسا تقول: “زوجي كان أكرث مرون ًة يف سوريا سواء من ناحية اللباس أو حركتي خارج املنزل وأيضاً تربية األطفال، لكنه منذ وصولنا ازداد تشدداً خوفاً من اعتناقنا ألفكار املجتمع الجديد” .وال تخفي صفاء انزعاجها من ذلك وعدم قناعتها بهذا التشدد غري املربر ،إال أنها يف ذات الوقت متصالحة مع ذاتها ،فهي تنظر إىل نفسها عىل أنها عاجزة أمام إحداث أي تغيري يف تعاطي زوجها مع حياتهم يف املجتمع الجديد.
رهان مستقبل غامض
ستواجه املرأة امتحاناً مل تعهده من قبل ،حيث ستعاين طوي ًال من العيش بني متناقضني أحدهام جاءت به رواسب اجتامعية عمرها مئات السنني ،وواقع موضوعي فرضته ظرف الثورة واللجوء .ومن البديهي أن ال نقرأ نتائج ذلك عىل املدى القصري ،كام من الصعب تحديد مدى قدرة املرأة عىل مواءمة الظروف وتطويعها ،إلحداث تغيري عميق والخروج من الرشنقة. مهمة جديدة وقعت عىل عاتق املرأة (يف الداخل والخارج) أضيفت إىل جملة املهام التي تقوم بها يف مجتمع تع ّمق فيه الفصل بني ما للنساء وما للرجال ٍ من أعامل ،وتوزيع مختلف لألدوار ،تراجع يف كثري من الحاالت دور الرجل تدريجياً بسبب الظرف املوضوعي الذي فرضته الحرب لصالح مساح ٍة أكرب ستمألها املرأة. رمبا سيكون ذلك عبئاً ثقي ًال عىل املرأة ،لكن إذا كان من املؤكد أنه سيذهب بها إىل تحقيق املزيد من االستقاللية االقتصادية ،يبقى السؤال مفتوحاً ،هل سيؤدي هذا من حيث املحصلة إىل كرس القيود االجتامعية املرتاكمة منذ عهود طويلة ،وإحداث تغيري عميق يف وضعية املرأة السورية داخل املجتمع؟.
القاصرات في مناطق نفوذ داعش.. ضحايا المجتمع أم ضحايا األمر الواقع !! سامي الساري
ابنته التي ستتزوج بعد عيد األضحى ،وتبدو عليه آثار الفرحة ألنه قد اطمنئ عىل مستقبل ابنته التي ال يتجاوز عمرها الـ 13سنة ،فيقول“ :والله يا بن هم البنات للمامت” ويتابع“ :لكن أستطيع أخوي ّ القول إنني مطمنئ اآلن عىل ابنتي ،خصوصاً أن جميع إخوتها الشباب قد غادروا إىل أوربا ،وأخىش أن يصيبني مكروه وتصبح ضحية لـ (اليل ما يتسمون)، فأكرث من مرة زاروين (بتكلم عن تنظيم داعش) ليطلبوا يد ابنتي الصغرية ،وأقابلهم بالرفض أنها ال تزال صغرية ،وقد سمعت رشع ّيهم يف أكرث من مناسبة يقول إن زواج الصغرية جائز يف اإلسالم ،ويربهن ذلك أن النبي محمد (ص) قد تزوج عائشة وهي يف عمر تسع سنوات ،فقررت أن أزوجها ألول عريس يتقدم لها برشط أن يكون من أبناء القرية” يتابع “أبو حسام”” أن “كل األهايل يزوجون بناتهم يف سن مبكر، وتختلف األسباب من عائلة إىل أخرى” ويؤكد “أن زواج القارصات مشكلة تهدد بتفكك األرس؛ فأغلب
هذه الزيجات تنتهي بالطالق أو بالتحاق األزواج بـ(اليل ما يتسمون) فتعود الزوجة إىل أهلها أرملة أو مطلقة بعمر الخامسة عرش” .ينهي “أبو حسام” حديثه ببيت من الشعر الشعبي رافقه أنني صامت ونربة عتاب ..قاطعته ،واكتفيت بالقول إن غداً سيكون أفضل ..يك ال أفسد فرحة “أبو حسام” الذي أصبح عىل أعتاب الخمسني من عمره.. يبدو أن هذا الرشخ الذي أصاب بنية املجتمع وعبث بكل مفاهيمه سيحتاج إىل سنني عديدة من أجل إعادة األمور عىل ما كانت عليه من قبل ،وأن الخطوة األوىل بعد القضاء عىل االستبداد والتطرف أن أرص نعود إىل قضية املرأة ونتجاوز هذا العبث الذي ّ عىل تغيري مالمح حياتنا ،وأن نجعلها من أولوياتنا، وأن نبدأ بإعادة تأهيلها ومعالجة مشاكلها من سياق واقعها الثقايف والديني ،والتأكيد عىل صناعة كوادر نسائية قادرة عىل العطاء واإلبداع يف املجاالت الفكرية واالجتامعية وغريها.
العدد - 76 -
الصورة توضيحية من اإلنرتنت
2016 / 9 / 5
تعاين املجتمعات العربية من مشاكل اجتامعية وموروث ثقايف أصبح يهدد وجودها وكيانها ،ومن أهم تلك املشاكل هي الزواج املبكر ،وهي مشكلة تعاين منها أغلب املجتمعات العربية التقليدية .وتبدأ هذه املشكلة عندما تبدأ هذه املجتمعات بـ حشو عبارات التنميط الجندري داخل املجتمع كعبارة “ما شاء الله صايرة عروس”“ ،ع قبال ما نفرح بك عروسة” ..ليتكون ال إرادياً لدى هذه القارصة ماهية مستقبلها ،وأن فرحتها املنشودة هي عبارة عن الزواج من “ابن الحالل” وأن مشوار حياتها التعليمي واملهني ما هو إال أمر ثانوي ،وأن أسمى هدف لديها أن تصبح “مستورة” تبعاً للموروث الثقايف السائد والقائل عىل سبيل املثال إن فالنة “انسرتت” أي أنها تزوجت. لكن ماذا حل بهذه العادات واملشاكل االجتامعية بعد الثورات التي حصلت يف بلدان الربيع العريب والتي مل تكن ضد حكم األنظمة الديكتاتورية الجامثة عىل صدور الشعب فحسب ،بل هي ثورة ضد كل املوروثات والعادات البالية التي وقفت وبقيت عائقاً أمام تطلعات جيل الشباب املفعم برغبة التغيري الحقيقي والنهوض بالبالد .هل بقي الحال كام هو عليه أم ازداد الوضع سوءاً؟ خاصة بعد سيطرة بعض التنظيامت اإلرهابية عىل حياة الناس ،يف أكرث من بلد عريب ..ماذا عن الوضع يف سوريا؟ “ال يكاد مير أسبوع دون زواج أحد من أبناء القرية، وكلمة زواج وخطبة هي أكرث كلمة أسمعها يومياً”. بهذه الكلامت أبدى “أبو حسن” استغرابه من الظاهرة التي تجتاح املناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش اإلرهايب يف دير الزور؛ فرغم حالة الفقر والحصار التي تعيشها املنطقة ،إال أن الزواج مستمر دون انقطاع ،يضيف “أبو حسن” قائ ًال“ :اثنان من أبناء أخي تزوجوا منذ شهر ،مع العلم أن أعامرهم ال تتجاوز الـ 14عام!” ،وظاهرة تزويج القارصين منترشة كثرياً يف هذه األوقات ،يتابع “أبو حسن” معل ًال أن “سبب إقدام األهايل عىل تزويج األوالد يف سن مبكر هو محاولة إبعادهم عن شبح االلتحاق بتنظيم داعش ،وأن الزوجة ستنسيه القتال والحرب، وأنها فرصة لـ “تعويض” الخسائر البرشية يف األرواح! وأن التنظيم نفسه يشجع عىل الزواج ،ألن الجيل الذي سيولد يف ظل سيطرتهم هو الجيل املنقذ لألمة، ويطلق عليهم اسم أشبال الخالفة!” ،يختم “أبو حسن” حديثه مقهقهاً أنه يفكر بالزواج للمرة الثالثة أسوة بأطفال القرية.. “أبو حسام” هو اآلخر مشغول بتجهيز أثاث منزل
15
الحرب تغير مشكالت الزواج .. من بريستيج الماضي لصعوبات الحاضر
16 يارا شامية
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
تقارير
يقال لكل أزمة سوداء تجليات إيجابية ولعل األزمة السورية انعكست إيجاباً فقط بالتخيل عن متطلبات الزواج املتعارف عليها سابقاً واملؤلفة من ثالث عقود ذهبية تحيط بعنق العروس وأخرى مبعصمها ومنزل فاخر األثاث وعرس أسطوري والتي بات تحقيقها اليوم بالنسبة لألرس املتوسطة الدخل رضباً من املحال ،لكن الزواج خرج من دلف مغاالة التقاليد إىل مزراب األزمة وتداعياتها. حيث فجرت الحرب عقبات للزواج تختلف عن غالء املهور وتكاليف الفرح وبيت امللك واملفاتيح الثالثة إىل أخرى تتعلق بغالء األسعار والترشد والتجنيد مدى الحياة ،فالشاب السوري أمام خيارين إما الهجرة أو االلتحاق بصفوف املعارضة أو النظام وبالتايل ال يستطيع الزواج ألنه مطلوب لعزرائيل بأي لحظة. ناهيك عن الظروف االقتصادية القاسية التي فرضتها الحرب فسوريا تقدم لشبابها “العرض الحرصي “ بالعامل “الراتب 50دوالر وأجرة البيت 150دوالر” عرضا دهس األحالم الوردية التي تأمل دخول القفص الذهبي وأدى لتأجيل حلم الزواج حتى إشعار آخر. أمام تلك الظروف يتباين مواقف األرس السورية وقفا لطبقاتهم املادية فمنهم من راح يتساهل بالزواج ورشوطه لدرجة دفعته لتزويج ابنته “عالصورة” دون التمحيص عن آل العريس وفصله أو حتى حضور حفل قران قرة عينه ،نتيجة هجرة معظم الشباب وخوفهم من دخول البلد إلمتام مراسم الزواج ما أدى النتشار ظاهرة الزيجات االلكرتونية دون أي لقاء سابق بني الشاب وعروسه قبل ليلة الزفاف. لعله الخوف من العنوسة دفع الكثري من الرجال لتزويج الفتيات ألول قارع باب ،لكن حتى اليوم مازالت الكثري من األرس تتمسك بتقاليد املايض املتمثلة بغالء للمهور والتمحيص عن العريس وأصله وبريستيج حفل الزفاف الذي كلام كان باذخاً دل عىل ثقل وزن “ أرسة العروس “ التمس ولو خاتم من حديد يف املايض كانت شبكة الزفاف مؤلفة من طقم ذهبي يقدم ليلة الزفاف للعروس إىل جانب محابس وسوار الخطوبة ،لكن اليوم يقدر غرام الذهب ب 20ألف لرية سورية أي إذا أراد الشاب رشاء محبس وسوار من النوع الخفيف عليه أن يدفع ما يقارب 300ألف لرية
سورية يف حني يبلغ سعر الطقم الذهبي مليون لرية بالحد األدىن. فستان الزفاف الثوب األبيض والطرحة الذي تحلم به أي فتاة رشقية يعترب أساسياً بأي عرس سوا ًء كان شعبياً أو مخملياً، يرتاوح سعر هذا الثوب بني 200ل 500ألف لرية سورية عل ًام أن الفتاة ترتديه يوماً واحداً يف العمر. ليس الحال أفضل بكثري بالنسبة ألجرته التي تتفاوت بني 30ل 200ألف لرية سورية ،ناهيك عن تكاليف زينة العروس وإكليل الزهور ....إلخ العش الزوجي بأسعار فلكية يف ظل الظروف الراهنة يعترب تأمني سكن للعروسني من أهم معوقات الزواج والتي أدت يف كثري من األحيان لقبول مشاركة األهل بالسكن نتيجة غالء أسعار العقارات وجشع أصحاب االبنية التي ما زالت مناطقها تحتفظ ببعض الهدوء واألمان. لكن السكن املشرتك حل ملشكلة مادية إال أنه وبحاالت كثرية أدى للطالق فام جمعه الله فرقته األزمة. لعل هذا ما دفع الكثري من الشباب للعزوف عن الزواج أو للبحث عن زوجة جاهزة بعيداً عن معايري التجانس العمري والثقايف والسمعة الحسنة وبهذا تحولت العالقة الرشعية الجميلة لصفقة مادية بحتة. حتى المهور تحسب بالدوالر أدى الهبوط املستمر لسعر رصف اللرية السورية إىل لجوء العديد من األرس لتأييد املهور بقيمة ذهبية متناسيني متاما أن العريس “السوبر مان “ يتقاىض أجره بالعملة املحلية. يف هذا الشأن يقول محمد ( 30عاما) عندما تقدم لطلب يد رانيا ( 24عاماً) اشرتط أهلها مهر يساوي أربع لريات ذهبية معجل مقبوض وأربع أونصات
مؤخر غري مقبوض. يضيف مل نقف عند األمور املادية فاالختيار كان يناسبني من جميع النواحي عل ًام أن تكاليف الزواج كانت باهظة للغاية. أما املأذون أبو أحمد فقد قال“ :عقدت الكثري من القرانات كانت تحسب املهور فيها بالدوالر أو باللريات الذهبية “حفاظا من األهل عىل حق ابنتهم الذي يذوب كلام هبطت العملة “ من جهة أخرى تشري تقديرات مستثمري صاالت األفراح إىل انخفاض تكاليف الزواج يف ظل األزمة بنسبة قاربت عىل ،60%وخاصة تكاليف الفرح الذي أضحى يعقد منتصف النهار وينتهي قبل عرصه ،واقتصار قوائم املدعوين عىل من استطاعوا إىل الحضور سبيال، إضافة إىل تجهيزات العروس التي انخفضت لتقترص عىل الرضوريات ،نتيجة عدم تحمل البيت املزدحم بالسكان (كراكيب األغراض) إىل جانب اختصار نفقات أثاث املنزل مع إغالق أسواق الخشب الرئيسية بريف دمشق ،وانخفاض القدرة الرشائية للمواطن السوري ،وخاصة ما يرتبط منها بالتجهيزات الثقيلة ،وهو ما يوافق وجهة النظر القائلة إن الزواج هذه األيام كالقطعة النادرة يجب تيسريه وهذا ما حض الدين اإلسالمي عليه وال يعني ذاك أن العروس رخيصة ألن قيمتها الحقيقية ليست مبا يدفع لها من مهر وذهب ،إمنا تساهل الفتاة يف متطلباتها يعني أنها واعية ومدركة ملتطلبات العرص. يف الغرب يتقاسم الرشيكان كامل نفقات الزواج يف حني ما زلنا حتى اآلن نلقي كامل املسؤولية عىل عاتق الشاب املسكني صاحب الدخل املحدود والراتب املقطوع. هذا يعني أن دعوات املساواة بني الجنسني ليست إال تقليد شكيل فارغ املضمون حتى اآلن.
نشرة اقتصادية وائل موسى
السياحة السورية في زمن الحرب
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
’’ ميتد الشاطئ السوري عىل طول 180كم من رأس البسيط حتى طرطوس يشتهر بالطبيعة الجميلة حيث تتناثر قرى االصطياف ذات املناظر الخالبة والهواء النقي والغابات والجبال املغطاة بالخرضة والينابيع وجداول املياه واالنهار والبحريات الطبيعة واالصطناعية التي شكلت خلف عدد من السدود .ويضم مواقع سياحية وأثرية كقلعة صالح الدين وعمريت وأماكن اصطياف عديدة مثل أم الطيور مشقيتا كسب ،حيث أقيمت فيها عرشات املنتجعات والفنادق مختلفة املستويات واملطاعم املتنوعة وأماكن التنزه واملالهي واملقاهي،،. االقتباس السابق هو واحد من ثالثة فقرات
بسيطة تصدرت موقع وزارة السياحة السورية التي يرتأسها برش رياض يازجي مهندس الحواسيب املتخرج من جامعة حلب عام ،1994وقد أطلقت وزارة السياحة مؤخراً فيديو بعنوان “سوريا بتضل األحىل”. ً فيام يبدو أن وزارة السياحة اكتشفت مؤخرا وجود اخرتاع يقوم بالتصوير من الجو ،لتستخدمه يف أول فيديو دعايئ لها ،حيث يظهر الفيديو مشاهد من الساحل السوري مل يظهر فيها من غري البحر سوى بضعة أمتار من شاطئ منطقة التصوير، وقد أثار الفيديو السخرية وفتح باب املقارنة ما بني املشاهد التي تعرضها وزارة السياحة مع تلك
املشاهد التي تتصدر وسائل االعالم العاملية حول ما يجري يف سوريا. وقد تناولت صحيفة وول سرتيت األمريكية دعاية وزارة السياحة يف تقرير لها تقول فيه ،أن وسط الحرب األهلية التي دامت خمس سنوات يف سوريا ،يسعى نظام بشار األسد لتغيري صورة البالد من خالل حملة العالقات العامة .مشرية إىل فيديو وزارة السياحة السورية. وأشار تقرير وول سرتيت أنه يف العودة إىل عام 2010سجلت سوريا عدد 8.5مليون زائر وسائح، إال أنها بعد خمسة أعوام باتت البلد مدمرة. كام قد تناول اإلعالمي اللبناين نديم قطيش نفس املشهد يف حلقته الجديدة من برنامج DNA الساخر عىل قناة تلفزيون املستقبل بعنوان “األسد يفتتح املوسم السياحي” ،ساخراً من اصدار الفيديو يف آخر شهر العطالت العاملية آب/أغسطس وبداية موسم املدارس ،ليختتم حلقته بعد استعراض ساخر تنقل ما بني ترصيحات وزارة السياحة والواقع مع مشاهد من تحليالت اإلعالم السوري حول تخاريف لرسم الخارطة السياسة من قبل ترششل أثناء سكره ،ليتساءل’’ شو كان رشبان وزير السياحة وقت قرر يعمل اإلعالن،، .
17
األمم المتحدة تدفع عشرات الماليين لنظام األسد
ويقول متحدث باسم األمم املتحدة ’’ :إن خياراتنا محدودة بسبب السياق الغري اآلمن ،حيث إيجاد الرشكات والرشكاء يف املناطق املحارصة والتي يصعب الوصول إليها أمر صعب للغاية،، . ومع ذلك يرى املنتقدون أن بعثة األمم املتحدة باتت تحت خطر الشبهات .حيث يعتقدون أن أولوية املساعدات تذهب ملناطق تحت سيطرة النظام وأن األموال تساعد يف دعم نظام مسؤول عن قتل مئات اآلالف من مواطنيها. وأظهرت الصحيفة عدداً من العقود مباليني الدوالرات مع جهات تخضع لعقوبات تحظر التعامل معها ومن بينها
اقتصاد
أصدرت صحيفة الغارديان تحقيقاً حول عمليات متويل من األمم املتحدة لنظام األسد ،وتبني تحليالت الغارديان سلسلة من العقود املمنوحة للحكومة والجمعيات الخريية املرتبطة بعائلة األسد. منحت األمم املتحدة عقوداً بعرشات املاليني من الدوالرات ألشخاص عىل صلة وثيقة ببشار األسد، يف إطار برنامج املساعدات والذي يخىش النقاد أنها تحت رحمة حكومة دمشق. رجال األعامل ورشكاتهم الذين يخضعون لعقوبات من الواليات املتحدة األمريكية واالتحاد األورويب تلقوا مبالغ كبرية من قبل بعثة األمم املتحدة ،كذلك الدوائر الحكومية والجمعيات الخريية مبا فيهم واحدة أنشأتها زوجة الرئيس ،بشار األسد ،وأخرى بواسطة أقرب أعوانه ،رامي مخلوف. وتقول األمم املتحدة أنها مضطرة للعمل مع عدد محدود من الرشكاء الذين وافق عليهم بشار األسد، وأنها تعمل ما بوسعها لضامن إنفاق األموال بشكل صحيح.
اتفاق مع منظمة الصحة العاملية التي أنفقت فيه أكرث من 5ماليني دوالر لدعم بنك الدم الوطني السوري الخاضع إلدارة وزارة الدفاع ،رغم املخاوف امللموسة فيام إذا كانت إمدادات الدم تصل إىل املحتاجني من املدنيني ،أم أنها توجه إىل الجيش أوالً. اثنان من وكاالت األمم املتحدة شاركت منظمة ترأسها أسامء األسد رغم ادراج اسمها تحت العقوبات األمريكية واألوروبية ،وقد رصفت ملنظمتها مجموع 8.5مليون دوالر .كام يوجد عقود متويل لرامي مخلوف وعدد آخر من األسامء املوضوعة يف الئحة العقوبات. هذه العقود أظهرت كيف أن األمم املتحدة ضمنت اتفاقات مع أسامء موضوعة عىل الئحة العقوبات األمريكية واألوروبية ،من بينها ما ال يقل عن 258 رشكة سورية حصلت عىل متويالت مبا يصل إىل 54 مليون دوالر و 36مليون إسرتليني كحد أعىل ،و 30 ألف دوالر كحد أدىن ،العديد منها عىل صلة مع بشار األسد أو مقربة منه.
18
“زهرة حلب” فيلم تونسي – لبناني يعري جرائم “داعش” في سوريا طلعنا عالحرية
العدد - 76 - 2016 / 9 / 5
ثقافة
انتهى املخرج التونيس رضا الباهي موخ ًرا ،من وضع اللمسات األخرية عىل فيلمه “زهرة حلب” ،الذي يتناول اآلثار اإلنسانية للحرب ،ويعالج فن ًيا ظاهرة خطرية تعاين منها اليوم العديد من املجتمعات العربية يف زمن الحرب التي تدور رحاها يف سوريا ،والتي كان لها الدور البارز يف اطالة أمد الحرب واتساع رقعتها ،مركزًا عىل انضامم الشباب التونيس إىل تنظيم “داعش” اإلرهايب ،حيث يقرر ابن أرسة تونسية ،االنضامم إىل التنظيم للقتال يف سوريا، فيغادر وطنه دون إبالغ العائلة ،وتقرر أمه اللحاق به
باالنضامم للتنظيم اإلرهايب هناك ويف خضم األحداث، التي عاشتها ومتابعتها للمعاناة اإلنسانية يف سوريا تجد نفسها أمام ابنها وهي ُتقدم له كهدية تحت ما يسمى بــ”بجهاد النكاح” ..هذا املشهد سيكون املغري الرئييس ألحداث العمل ،الذي اعتمد يف حواره عىل عبارات تونسية ميكن أن يستوعبها املشاهد العريب وذلك حسب بعض لقطات اإلعالن الدعايئ للفيلم. “زهرة حلب” استعان بعدد من نجوم الفن السوري وهم :محمد آل ريش وزينة حالق وجهاد زغبي،
الفيلم انتاج مشرتك (تونيس – لبناين) ،وقد صورت مختلف مشاهد الفيلم بني لبنان وتونس ،وهو يناقش فكرة مقاومة اإلرهاب والعنف من خالل الفن والسينام ،ويقوم بأدوار البطولة فيه من تونس :هند صربي بدور (األم سلمى)، وهشام رستم يف دور (هشام) والد الشاب امللتحق بالتنظيم املتشدد ،وطليق (سلمى) ،فنان خمسيني غريب عن مجتمعه ،ويجد يف فنه ورشابه السلوان ،واملمثل الشاب محمد عيل بن جمعة يف دور القائد الداعيش بتونس واملمثل الشاب باديس الباهي (ابن السيناميئ رضا الباهي مخرج الفيلم) والذي يجسد البطولة وأل ّول مرة أمام هند صربي يف دور ابنها الوحيد ،الذي يقرر االلتحاق بصفوف “داعش” اإلرهايب بعد أن كان شا ًبا عاد ًيا يهوى املوسيقى ويرتبط بعالقة حب مع فتاة من سنه. ويف تفاصيل الفيلم ،أن األم (سلمى) تعيش وهي مسعفة يف أواخر الثالثينات حياة اجتامعية متوترة بسبب طالقها ومسؤولية تربية ابنها وتعدد أزماتها املالية ،يف مجتمع بدأت تتزعزع قيمه ويشوبه التطرف ..سلمى القريبة من األحداث اآلنية لبلدها بحكم عملها وتواصلها املبارش مع الناس تقرر الذهاب إىل سوريا واللحاق بصفوف “داعش” إلنقاذ ابنها من هذا الغزو املتطرف ..حكاية تكررت عىل مسامعنا كث ًريا يف عدد من البيوت التونسية وغريها من البيوت العربية يف الجزائر واملغرب ومرص والسعودية وغريها من البلدان العربية والغربية مع بدايات الحرب السورية التي غذاها إرهاب النظام األسدي بالتطرف الديني والرايات السوداء. وبحسب سيناريو الفيلم ،فإن هند صربي أو (سلمى) تغادر تونس يف اتجاه األرايض السورية متحججة
وشارك يف إنتاجه رشكة “األخوان صباح” اللبنانية، وهند صربي عرب رشكة “سالم برود” ورشكة “عليا” لرضا الباهي. وقالت هند صربي يف ترصيحات صحفية عن الفيلم إنه“ :يحمل رسالة إنسانية ،ال سياسية ،فالفيلم يدين الحرب نفسها بغض النظر عن هوية أطرافها ،فالحرب تدمر الجميع” ،وأضافت“ :بطلة الفيلم وابنها ينتميان إىل عائلة تونسية عادية مثل كل العائالت ،لها حياتها ومشكالتها وأحالمها ،تحب وتغضب وتتزوج وتنفصل ،لكن الحرب تقع عىل رؤوسهم فتدمر كل يشء؛ أحالمهم وطموحاتهم ومشكالتهم القدمية”. وأكدت “صربي” أن “الفيلم يقوم عىل رؤية عربية للحرب يف سوريا ،باعتبار املأساة السورية مأساة
إلنقاذه ،فتواجه يف رحلة بحثها العديد من املشاكل واألخطار.
للعرب جمي ًعا” .مشري ًة إىل أنه“ :حني يتحول الرصاع بني األطراف السياسية ،أ ًيا كان مربره أو هدفه ،إىل رصاع مسلح ،فإنه يتسبب يف تدمري حياة الناس العادية ،مبا فيهم من كانوا هد ًفا لحاميتهم وتحسني أحوالهم ،والفيلم يحاول نقل هذا املعنى”. ونفت املمثلة التونسية ما أشيع عن أن العمل يتعرض ملا ُيدعى (جهاد النكاح) ،الفت ًة إىل أنه “يع ّري مجتمع التنظيم اإلرهايب املظلم بشكل عام وبكل تفاصيله ،كام يتطرق إىل مامرساتهم الجنسية ،لكنه ليس موضوع العمل األسايس”. وكانت هند صربي قد رصحت يف حوار سابق مع إحدى املجالت العربية ،أنها ليست قلقة من تعرضها للتهديد من قبل منارصي الجامعات املتطرفة ،قائلة“ :فليهددوين كام يشاؤون ،ما يشغلني هو تقديم أعامل فنية تالمس معاناة شعوبنا .نحن نعيش يف عامل عريب متغري بصفة يومية ،ومبا أنني أنتمي إىل هذا الوطن ومهمومة بقضاياه ،فال بد من أن أطرح مشكالته”. وطرحت الجهات املنتجة لـ”زهرة حلب” مؤخ ًرا ،اإلعالن الدعايئ للفيلم ،والذي يكشف حالة املجتمع التونيس بعد “ثورة الياسمني” ،وكيف ظهرت بعض الجامعات املسلحة التي حاولت فرض فكرها بقوة السالح ،واستخدمت وسائل حديثة يف استقطاب الشباب وتجنيدهم باسم “الجهاد” يف سوريا. و ُيشار إىل أن فيلم “زهرة حلب” سيعرض قري ًبا وبعد ثالث سنوات من التحضريات يف عدد من املهرجانات الدولية، كام سيفتتح فعاليات الدورة السابعة والعرشين أليام قرطاج السينامئية ،املزمع انعقاده يف الفرتة املمتدة بني 28ترشين أول /أكتوبر وحتى الخامس من ترشين ثاين/ نوفمرب املقبلني.
نشرة ثقافية
إبداعات ونشاطات سورية طلعنا عالحرية – القسم الثقافي
الشاعر الجوالني ياسر خنجر في أمسية شعرية بباريس
“سورية الفن والهروب” .. رسائل الحرية في زمن الظلم والظالم بكولونيا
حرمون” يطلق “منتدى الفرات للحوار” “ في مدينة غازي عنتاب
املنتدى سلسلة من املوضوعات واملحاور املتكاملة التي سيتم تناولها شهر ًيا عىل شكل محارضة أو ندوة ،ومن املوضوعات والقضايا املهمة التي سيتناولها :الرصاع الدويل واإلقليمي عىل /ويف سورية ،الوضع السيايس السوري ومآالته ،قضايا الرتبية والتعليم ،الالجئون السوريون يف بلدان اللجوء ،أوضاع املرأة السورية ،الشباب السوري واملستقبل ،أوضاع األطفال السوريني ومعاناتهم ،أحوال املدن والقرى السوري ..إلخ.
املرافقة ألعامل الفنانني السوريني. وبحسب الباحث السوري عبد الله جبار، أحد القامئني عىل تنظيم هذا املعرض ،فإن الهدف األسايس من تنظيمه هو فتح جرس التواصل بني الشعب األملاين والشعب السوري ،ويف نفس الوقت العمل عىل رصد األمل ،الذي تعرض له السوريون ،من خالل تجسيد الخسائر املادية والبرشية ،وكذلك النفسية التي تنتج عقب الدمار والحرب. مضي ًفا هناك هدف آخر ال يقل أهمية وهو “تجاوز الصورة السلبية ،التي تم تكريسها من قبل مجموعة من املنابر اإلعالمية، بخصوص الالجئ السوري.
وري محمد العثامن، والناقد الس دي ًثا “جاءت ح عنها بقوله :يف صدر ح الذي رص جموعة ،يتشاكل األمل ر ع شا لل بي الضوء” هذه امل تر يتالقى املايض مع مع األمل، ن ما ث ع محمد ال يترشب ال ُحل ُم لعن َة الحارض ،و روح الحب .مضي ًفا: الحرب من كتابة هذه النصوص إ ّن فرتا ِت منها ما كتب يف عام متفاوتة، ها ما كتب عام ،2008 ، 2002ومن ب عام .2014الذي ومنها ما كت جمع بني هذه النصوص جعلني أ يف التعبري عن امتداد هو رغبتي ل حاالته وتجلياته حلمي بك ضبا ،رائ ًيا أو مسترش ًفا. َف ِر ًَحا ،أو غا ً ه“ :يف هذه النصوص وختم بقول بتي مع الشعر عىل لنرش تختزل تجر ً عن “دار فضاءات ل عرش عا ًما ..يف الحب صدر حديثا موعة امتداد ثالثة يف األردن ،املج والتوزيع” والرؤيا والحرب”. تريب الضوء” للشاعر الشعرية “جاءت
ثقافة
أعلن مركز “حرمون للدراسات املعارصة” عن إطالق “منتدى الفرات للحوار” يف مدينة غازي عنتاب ،ويهدف املنتدى إىل بناء حوار فكري سيايس اجتامعي حول قضايا الشأن السوري ،يف إطار برنامج مركز “حرمون” لدعم الحوار والتنمية الثقافية واملدنية، صوصا بني الشباب السوري .ومن وخ ً أهداف املنتدى مناقشة املسائل الفكرية والسياسية واملجتمعية الحيوية وامللحة يف الشأن السوري، من أجل إنتاج مقاربات ومقرتحات وحلول مالمئة .كام يهدف إىل إيجاد تقاطعات بني مخرجاته ومخرجات عديد الجهات التي عملت يف السياق ذاته ،ليصب عمل املنتدى يف إطار االستفادة من جهد اآلخرين، واملراكمة فوق أعاملهم .ويطرح
العدد - 76 -
(نائب رئيس اتحاد الشعراء الفرنسيي)، قراءة قصائد الشاعر يارس خنجر املرتجمه للفرنسية. وقالت الشاعرة هالة محمد بأن الشاعر املناضل يارس خنجر يستحق هذا التكريم الخاص جدًا ،يف هذه األمسية الشعرية التي بدأت بأسئلة ومداخالت قدمها الحضور الذين مل تتسع مقاعد املقهى لهم ،فبقى عدد كبري منهم واق ًفا ،يستمع إىل هذه الروح الرائعة وهذه التجربة الجوالنية التي كوتها سجون االحتالل وميادين النضال يف الجوالن ،ووجدت صداها داخل كل تلك الصدور والعقول السورية املشتاقة بوجع وحب وأمل ،لكل شئ يف الجوالن.
تحت عنوان “سورية الفن والهروب” احتضنت مدينة كولونيا األملانية ،مابني 6 و 21من شهر آب ،أغسطس ً معرضا للفن التشكييل ،2016 السوري يرصد قضية الدمار الذي متثله الحرب الدائرة رحاها يف الوطن األم .وذلك مبشاركة أكرث من 20فنا ًنا قدموا أعاملهم بني النحت والرسم ،يف بناء قديم بكولونيا يرجع للحرب العاملية الثانية. “يهددون بأن يقطعوا وأن يقتلوا عندما يسمعون يف كالمي حرية؛ ألنهم يخافون الحرية”“ ،صالة :يف زمن الظلم والظالم ،وعىل هذه األرض املحروقة ،نحن بحاجة إىل صالة من القلب” ..كانت هذه هي أقوى العبارات
2016 / 9 / 5
نظمت جمعية “نورياس للتبادل الثقايف السوري األورويب” يوم األحد 21آب/ أغسطس ،أمسية شعرية يف العاصمة ا لفرنسية “ باريس” للشاعر السوري ابن الجوالن املحتل يارس خنجر ،وذلك يف مقهى املريي 8ساحة سان سولييس .مببادرة من الشاعرة السورية هاله محمد .وقد حرض األمسية لفيف من السوريني املقيمني ب العاصمة الفرنسية ،من بينهم الفنان سميح شقري ،والكاتب والنارش فاروق مردم بيك، و املخرج أسامة محمد ،ومغنية األوبرا الفنانة نعمى عمران ،والشاعر واملرتجم جوالن حاجي. وتوىل الشاعر الفرنيس جاك فورنيي
19