طلعنا عالحرية / العدد 76

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪76‬‬

‫داريـــــا‬ ‫األيقونة والدرس القاسي‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع داخل‬ ‫سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج‬


‫داريـــــا‪..‬‬

‫‪2‬‬

‫األيقونة والدرس القاسي‬ ‫افتتاحية بقلم أسامة نصار‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫يف مؤمتر إعالن استسالم نوكيا للطاغية‬ ‫مايكروسوفت‪ُ ،‬نقل عن رئيس رشكة نوكيا أنه قال‪:‬‬ ‫“نحن مل نفعل شيئاً خطأ‪ ،‬لكننا فشلنا!” ثم بىك‬ ‫وبىك معه جميع النوكيويون‪.‬‬ ‫شبه أحد شباب داريا حاله وهو يشاهد الباقني‬ ‫من أهايل مدينته يخرجون منها مرغمني بوالده‬ ‫الذي كان مريضاً بالرسطان‪ ،‬وهو يعرف أنه مريض‬ ‫بالرسطان‪ ،‬واألطباء قالوا له إنه يحترض‪ ،‬وال ينفعه‬ ‫اآلن طب وال غريه‪ ،‬لكنه عندما حلت ساعة املرحوم‬ ‫حزن ومأله الكمد‪.‬‬ ‫كلنا نعرف أن معركة داريا ال ميكن كسبها من‬ ‫الناحية العسكرية‪ ،‬لكن ميلؤنا أمام ما ّ‬ ‫حل باملدينة‬ ‫الحزن والكمد‪ ..‬والغيظ أيضاً‪.‬‬ ‫وقد نوايس صديقنا الداراين بأن املوت حق‪ ..‬لكن‬ ‫اغتيال املدن ليس حقاً‪.‬‬ ‫ما يؤمل أكرث من الزعل والوجدانيات‪ ،‬ومن انتزاع‬ ‫األهل واألحباب من حقوقهم بهذه الطريقة‪ ،‬هو‬ ‫أنه ال يبدو عىل الثورة والثوريني أنهم عرفوا ملاذا‬ ‫يتم تداوله من أن مقاتيل‬ ‫سقطت داريا‪ ،‬رغم ما ّ‬ ‫داريا ُخذلوا من قبل الجميع‪ .‬لكن ال أحد يسائل‬ ‫املوضوع بجذرية أكرث؛ كأن يبحث عن خطأ أصيل‬ ‫يتجاوز أن (الفزعة) لداريا تأخرت ومل تأت‪ ..‬ويطرح‬ ‫احتامل أن هناك خطأ منذ البداية‪ ،‬بأن يتم ج ّرك إىل‬ ‫معركة غري قابلة للربح‪ .‬وبالتأكيد ال نعني بـ (الخطأ‬ ‫منذ البداية) أنه مل يكن عىل أهايل داريا أن يثوروا‬ ‫عىل ّ‬ ‫الذل والظلم انتصاراً لكرامتهم وحريتهم‪.‬‬

‫تصوير فادي محمد‬ ‫عسكرياً‪ ،‬لتكسب معركة داريا يجب تفكيك مطار‬ ‫املزة العسكري‪ ،‬وتحييد الفرقة الرابعة‪ -‬دبابات ‪-‬‬ ‫وكذلك املقا ّر العسكرية يف سهل كوكب ومحيطه‪،‬‬ ‫باإلضافة للسيطرة عىل أتسرتاد درعا الدويل‬ ‫واتسرتاد بريوت (املتحلق الجنويب)‪ ،‬وهذا بالضبط‬ ‫هو تعريف سقوط النظام عسكرياً‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬كسب املعركة العسكرية يف داريا هو سقوط‬ ‫النظام‪ .‬مل يسقط النظام فلم تكسب داريا املعركة‪.‬‬ ‫‪--‬‬‫ُ‬ ‫معلوم أن املدينة مل تخرت املعركة‪ ،‬وإمنا فرضت‬ ‫عليها‪ ،‬وصحيح أن املعركة دفاعية منذ بدايتها‪،‬‬ ‫ومنذ بدايتها أيضاً نزح أكرث من ‪ 90‬باملئة من أهايل‬ ‫املدينة‪ ،‬ورسعان ما صار (الكسب) هو صمود من‬ ‫بقي منهم تحت النار‪ .‬وخالل الثالث سنوات األخرية‬ ‫تم طرح تسويات عديدة‪ ،‬لكن النظام مل يقبل إال‬ ‫مبآل مجحف‪ ،‬يوازي حقده الخاص عىل داريا‪.‬‬ ‫ال أحد يريد أن ينكر مساهمة داريا املتميزة يف‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫الثورة‪ ،‬ولكن من غري النافع تقديس التجارب‬ ‫وجعلها فوق مستوى الدراسة‪ .‬ورغم كل الصمود‬ ‫والبطولة والشهامة التي أبداها مقاتلو داريا‬ ‫ونشطاؤها‪ ،‬بينام هم يحاولون اجرتاح معجزة مل‬ ‫تأت‪ ،‬يبقى االعتقاد بأن داريا عىل حق‪ ،‬يختلف عن‬ ‫ِ‬ ‫القول إن داريا هي الحق‪ .‬ذلك ال يجعلنا نضطر‬ ‫لتقبل فكرة خاطئة مفادها أن “الحق هُ زم”‪ ،‬وأن‬ ‫الباطل أزهق الحق!‬ ‫لننسجم ولنحافظ عىل مسلامتنا الذهنية‪ ،‬ميكننا أن‬ ‫نغري التسميات كام نشاء‪ ،‬دون أن نؤثر عىل الواقع‬ ‫وعىل الحقيقة‪ .‬ميكن أن نسمي الهزمية انتصاراً‪،‬‬ ‫واالنتصار هزمية‪ ،‬واألسلم أن نسمي شيئاً واحداً‬ ‫هزمية وانتصاراً معاً!‬ ‫املشكلة أن الناس ال تعرف‪ ،‬ورمبا ال تعرتف! ويقولون‬ ‫كام قال رئيس نوكيا‪ :‬مل نخطئ ولكن فشلنا!‬ ‫غري أن الحق ال يهزم‪ ،‬وخاصة أمام الباطل‪ .‬وإذا‬ ‫حصل أن هُ زم ( َمن عندَه) الحق فذلك ملشكلة‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬

‫كلمة‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان‬ ‫نصار‬ ‫أنور البني‬ ‫أسامة ّ‬

‫قسم املرأة‬ ‫يارا بدر‬

‫رئيس التحرير ليىل الصفدي‬ ‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫‪twitter.com/freedomraise‬‬ ‫‪info@freedomraise.net‬‬

‫كاريكاتري‬ ‫الغالف‬ ‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫سمري خلييل سمري خلييل ‪ -‬هاين عباس‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫التهجير القسري‪ ،‬وطريق‬ ‫الالعودة في سوريا‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫يش ِّك ُل التهجري القرسي الذي حصل يف داريا نقطة فارقة‬ ‫يف عمر الثورة السورية‪ ،‬فهو‪ ،‬وإن تشابه يف الشكل مع‬ ‫هجرات كثرية؛ كان أوضحها يف حمص القدمية يف الشهر‬ ‫الخامس من عام ‪ ،2014‬إال أنه يختلف كلياً يف املضمون‪،‬‬ ‫إن وضعنا يف اعتبارنا التوقيت والزمن وموازين القوى‬ ‫الحالية‪ ،‬ورأينا تأثري القوى الدولية املتدخلة مبعظمها ضد‬ ‫مصلحة الثورة‪ ،‬ودور األمم املتحدة املتواطئ كلياً مع‬ ‫نظام األسد‪.‬‬ ‫التهجري القرسي من داريا‪ ،‬وإخالء املدينة من سكانها‪،‬‬ ‫املدنيني والعسكريني‪ ،‬هو بداية لطريق طويل‪ ،‬سيغري‬ ‫مالمح سوريا‪ ،‬ويغري طبيعة الرصاع ذاته إىل غري رجعة‪،‬‬ ‫وليس إكامل ِخ َّطة وخط التهجري نحو املعضمية وحي‬ ‫الوعر يف حمص‪ ،‬ورمبا مضايا والزبداين فيام بعد‪ ،‬سوى‬ ‫خطوات عىل هذا الطريق‪.‬‬ ‫مع تهجري داريا يكتمل نصاب العداء الطائفي‪ ،‬ويتضح‬ ‫التغيري الدميغرايف‪ ،‬وتثبيت خطوط التامس الطائفية‪،‬‬ ‫ويرتفع االنقسام األهيل إىل مرتبة الجدار العنرصي‬ ‫العازل‪ ،‬ويضع إمكانية عودة التعايش أو إقامة االندماج‬ ‫الوطني يف املستقبل القريب يف سياق االستحالة‪.‬‬ ‫يتشكل لدينا يف سوريا اليوم ثالثة فضاءات رئيسة باتت‬ ‫شبه مكتملة؛ وقابلة للتمدد‪ ،‬يتقاسمها ك ًال من السنّة‬ ‫والعلويني واألكراد‪ ،‬وهي حاضنة لثالث مظلوميات تبني‬ ‫أسواراً عازلة حول نفسها‪ ،‬وتبني صدوعاً غري قابلة للرأب‬ ‫بني بعضها البعض‪ ،‬وتؤسس لرصاعات عنيفة ومديدة‬ ‫ومركبة يف سوريا‪.‬‬ ‫ونحن نسميها فضاءات‪ ،‬ال مناطق‪ ،‬ألنها ليست واضحة‬ ‫املعامل مناطقياً؛ يف الوقت الحايل عىل األقل‪ ،‬وتسيطر‬ ‫عىل الرؤوس والعقول والسياسات أكرث من سيطرتها عىل‬ ‫األرض‪ ،‬وهي فضاءات ضيقة وعدمية تتجه نحو التوسع‬ ‫بتغذية رصاعية خلفية‪ ،‬لتعيد صياغة الواقع وتثبيت‬ ‫حدوده بالدم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ونسميها مظلوميات بالتوازي‪ ،‬ليس استنادا إىل الظلم‬ ‫الذي كان أكرث من تعرض له خالل السنوات الخمس‬ ‫املاضية هم السنّة‪ ،‬بل استناداً للنظرة الذاتية لكل من‬ ‫تلك املجموعات إىل نفسها‪ ،‬واستناداً للخسارات البرشية‬ ‫الكبرية؛ بالقياس للحجم الدميغرايف‪ ،‬لكل منها دفاعاً عن‬ ‫ذاتها‪ ،‬واستناداً يف املحصلة للعداء املتنامي واملرتاكب‬ ‫طائفياً وإثنياً ودينياً وسياسياً بينها‪.‬‬ ‫ليست الطوائف واإلثنيات األخرى‪ ،‬كالدروز واالسامعيليني‬ ‫واآلشوريني والرسيان وغريهم‪ ،‬بعيدة عن هذه األجواء‪،‬‬ ‫وال عن تلك الرتسيمة الثالثية مبا فيها من مظلومية وعداء‬

‫ورصاع مستمر‪ ،‬لكن العنف هو ما يصنع الواقع ويرسم‬ ‫فضاءه يف سوريا اليوم‪ ،‬وأقىص درجات العنف؛ الذي‬ ‫يرتافق هنا مع التهجري والتطهري العرقي والطائفي‪ ،‬هو ما‬ ‫تتعرض له أو تعرضه الثالثية املذكورة‪.‬‬ ‫يجب التذكري دامئاً‪ ،‬أن ال تفاضل ماهوي بني الطوائف‬ ‫واإلثنيات‪ ،‬وأن الطائفية هي صناعة سياسية ال وجوداً‬ ‫موضوعياً‪ .‬لكن العنف املنفلت من كل عقال‪ ،‬يح ّيد‬ ‫العقل متاماً ويجعل الطائفية هي خيط النجاة األسود‪،‬‬ ‫كام أن الرعاية الدولية للعنف التي نشاهدها يف سوريا‪،‬‬ ‫تساعد النظام الطائفي‪ ،‬يف فرض طائفيته عىل الجميع‪،‬‬ ‫ومتنع أي أفق عادل للقضية السورية‪ ،‬لكن الخطورة‬ ‫املتأتية عن التهجري الطائفي واإلثني‪ ،‬تنبني عىل نقل‬ ‫الطائفية من حيز القوى السياسية والعسكرية املتس ِّيدة‪،‬‬ ‫إىل الحيز الشعبي األوسع‪ ،‬وتبني ذاكرة قهرية “أحفور ّية”‬ ‫عامدها االنتقام وعدم القدرة عىل املسامحة والتسامح يف‬ ‫املستقبل‪ ،‬وينقل العداء من عداء سيايس فوقي‪ ،‬إىل عداء‬ ‫وجودي “تحتي” ومتجذر‪ ،‬لتصبح العداوة هي السياسة‪،‬‬ ‫والسياسة هي العداء والنفي وبناء الذات الطائفية‬ ‫سياسياً‪.‬‬ ‫إن ا ُمل َ‬ ‫شتَك األكرث ثباتاً بني جميع الطوائف واإلثنيات يف‬ ‫سوريا هو الهزمية‪ ،‬لكن التفاضل يف الهزائم والخسائر ليس‬ ‫بال قيمة يف الواقع‪ ،‬فمع أنه ال يجعل من أحد منترصاً‪ ،‬إال أن‬ ‫حجم الهزمية وحجم الخسائر يتناسب طرداً مع االنكامش‬ ‫والتعصب الطائفي وتوليد الطائفية‪ ،‬مثلام يتناسب عكساً‬ ‫ّ‬ ‫مع إمكانية القبول والتعايش فيام بعد‪ ،‬ورمبا يعطي املثال‬ ‫الكردي القريب يف جرابلس صورة ساطعة عن أثر الهزمية‬ ‫املتوقعة للمرشوع الكردي االنفصايل عىل زيادة منسوب‬ ‫التجييش الطائفي واالنخراط يف الطائفية وانعدام قبول‬ ‫اآلخر‪ ،‬واالنكامش نحو نرص األخوية الطائفية واإلثنية عىل‬ ‫طريقة “انرص أخاك ظاملاً أو مظلوماً” مهام كانت يديّ‬ ‫هذا األخ مغمسة بالدماء‪.‬‬ ‫إن الطريق الذي يبدو بال عودة يف سوريا‪ ،‬هو طريق‬ ‫االنقسام الطائفي‪ /‬اإلثني املر ّكب‪ ،‬وهو الطريق الذي‬ ‫يصل مع تهجري سكان داريا؛ وأخواتها‪ ،‬إىل حدوده القصوى‬ ‫وتخومه األبعد‪ ،‬وما تتم صياغته دولياً عىل أنه “تسوية”‬ ‫سياسية‪ ،‬ليس إال دفعاً لالنقسام السوري نحو أبعد مدى‬ ‫ممكن‪ ،‬وتثبيته بالحامية وإنشاء مناطق النفوذ‪ ،‬وهو ما‬ ‫يجعل التسوية مفتقدة ألدىن درجات العدل‪ ،‬بل مساهمة‬ ‫دولية‪ ،‬وبوقاحة ع َّز نظريها يف التاريخ‪ ،‬يف دعم نظام‬ ‫اإلبادة الجامعية‪ ،‬لتجعل منه الصورة الوحيدة لسوريا‬ ‫القادمة‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫ِمن عن ِده‪ .‬فقوانني الكون ثابتة‬ ‫وليس فيها محسوبيات ووساطات‬ ‫ومجامالت وأيقونات‪ .‬البحر مل‬ ‫ينشق أمام مقاتيل داريا‪ ،‬ألن‬ ‫اإلخالص ال يكفي لتحقيق النجاح‪.‬‬ ‫واألماين أيضاً ال تكفي بل هي تزيد‬ ‫من الصعوبة غالباً‪.‬‬ ‫‪--‬‬‫أثناء التحضري إلجراءات ترحيل من‬ ‫بقي من أهايل داريا توىف التوأم‬ ‫امللتصق الذي ولد يف الغوطة‪،‬‬ ‫واللذين بذلت جهود كبرية جداً جداً‬ ‫إلنقاذهام‪ ،‬وتم إطالق حملة من‬ ‫أنجح الحمالت اإلنسانية التي عمل‬ ‫عليها ناشطون سوريون مؤخراً‪ ،‬من‬ ‫أجل إخالء الطفلني نورس ومعاذ‬ ‫من الغوطة إىل بلد ميكن فيه إجراء‬ ‫عملية إسعافية لفصلهام وعالجهام‪.‬‬ ‫طوال شهر كامل ظ ّلت الحملة قامئة‬ ‫وناجحة وفعالة‪ ،‬لكن الطفلني ماتا‪،‬‬ ‫والبقية بحياتكم‪ ،‬مع أن الحملة‬ ‫نجحت‪.‬‬ ‫ما أصعب أن تفشل وأنت تظن أنك‬ ‫ترصفت الترصف الصحيح‪ .‬تخرس‬ ‫مرتني؛ مرة بالفشل ذاته‪ ،‬ومرة‬ ‫بفوات فرصة التعلم من الخطأ‪.‬‬ ‫مبثل هذه التجارب (العبثية) ُتفتح‬ ‫أبواب التطرف والعدم‪.‬‬ ‫كيف ميكن اإلمساك بهذه‬ ‫املعادالت‪ :‬الصح ال يفشل‪ .‬والحق ال‬ ‫يأيت إال بالحق‪ ،‬والباطل ال ميكن أن‬ ‫يأيت بحق؟!‬ ‫كيف ميكن أن نعرف الطيب‬ ‫فنستفيد منه‪ ،‬ونعرف الخبيث‬ ‫فنتجنبه؟ دون أن نغمط حقوق‬ ‫الطيبني الذين يرتكبون أخطاء‪ ،‬أو‬ ‫أن يخدعنا الخبثاء الذين يقومون‬ ‫بأعامل حسنة؟‬ ‫تبدو مه ّمة عزل الصحيح الطيب‬ ‫عن الخطأ الخبيث مثل فرز الرز أو‬ ‫العدس عن الزيوان والحىص ‪ ،‬لكن‬ ‫دون هذه الفرز ال ميكننا االستفادة‬ ‫من الدروس والتجارب وإن كانت‬ ‫بقسوة درس داريا‪.‬‬

‫ماهر مسعود‬

‫‪3‬‬


‫‪4‬‬

‫سفر الخروج‬ ‫ّ‬ ‫داريا‪ِ :‬‬ ‫شوكت غرزالدين‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫مقاالت‬

‫بد ِمهم وبال عنرتيات وبعقالنية سياس ّية‪ ،‬و ّقع ما‬ ‫تبقى من ثوار “دار ّيا” وأهلها عىل الخروج منها!‬ ‫برعاية دول ّية نعم‪ ،‬واستقلوا حافالت األمم املتحدة‬ ‫أقل سوءاً‬ ‫الخرضاء مجاناً أجل! ولكنهم خرجوا كخيا ٍر ّ‬ ‫ظروف‬ ‫من خيار استمرار صمودهم األسطوريّ بأسوأ‬ ‫ِ‬ ‫القصف والحصار والخذالن‪ ،‬تلك الظروف التي تؤدي‬ ‫الجامعي؛ وذلك للخلل الكبري يف موازين‬ ‫إىل االنتحار‬ ‫ّ‬ ‫قوى الثورة لصالح القوى املحل ّية والدول ّية متعد ّية‬ ‫الجنسيات أوالً‪ ،‬ولدور الزمن يف قلب حقهم أو‬ ‫“سفر‬ ‫حق الثورة باط ًال ثانياً‪ ،‬وللمصلحة الكامنة يف ِ‬ ‫الخروج” عند أعداء الثورة ثالثاً‪.‬‬ ‫خرجوا نعم‪ ،‬ولكن لسان حالهم يقول كام قال “لينني”‬ ‫يوماً بعد توقيع صلح “تريست ليتوفيست” ا ُّمل ِّذل‬ ‫لـ”روسيا” آنذاك أمام “األملان”‪َّ :‬‬ ‫“إن الك ّرة للضواري؛‬ ‫املتحجرة عىل الرقص بأن‬ ‫جب الظروف‬ ‫ِّ‬ ‫يجب علينا أن ُن ِ‬ ‫نعزف لها لحنها ذاته”‪ .‬فهل ستميض األيام وستعود‬ ‫دار ّيا ألهلها املنترصين؟ وهل سنعزف لحن ظروفنا‬ ‫املتحجرة ذاته‪ ،‬أم أننا سنك ِّرر عزفنا السابق ا ُملفا ِرق‬ ‫ِّ‬ ‫املتحجرة؟ وهل سنتعلم الخسارة من أجل‬ ‫لظروفنا‬ ‫ِّ‬ ‫االنتصار؟ أسئلة كثرية تتضارب خبط عشواء وأجوبتها‬ ‫برسم السور ّيني وعهدتهم‪.‬‬ ‫لنعزف لحن املعقول ّية الواقع ّية‪ ،‬وهو لحن الظروف‬ ‫جبها عىل الرقص لنا‪ ،‬وإال تح ّولنا‬ ‫ا ُمل ِّ‬ ‫تحجرة ذاته‪ ،‬و ُن ِ‬ ‫املتحجرة ذاته إال‬ ‫لسام ٍد للتاريخ‪ .‬وما لحن ظروفنا‬ ‫ِّ‬ ‫تعديل موازين القوى بأي شكلٍ ‪ ،‬واللعب مبفاعيل‬ ‫الزمن‪ ،‬ورفع مصلحة الثورة فوق كل يشء‪ .‬أما لحن‬ ‫النشاز الذي عزفناه سابقاً ما هو إال لحن االستجداء‬ ‫واالنتظار واالتكال عىل املجتمع الدو ّيل والدول املانحة‬ ‫صاحبة املصلحة الخاصة بها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫امتحان للسلم ّية‪ ،‬للوطن ّية السور ّية واملواطنة‪،‬‬ ‫“دار ّيا”‬ ‫للصمود األسطوريّ ‪ ،‬للحصار‪ ..‬بجملة واحدة‪“ :‬دار ّيا”‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫امتحان الثورة السور ّية! إنها ابن ُة‬ ‫امتحان املجد‪،‬‬ ‫السور ّيني املَ ْوءودُة‪ ،‬ورد ٌة يف صليب حارضنا! إنها مكانةٌ‬ ‫أكرث منها مكاناً!‬ ‫لطاملا كانت السياسة مرتبطة باإلرادة واالختيار‪ ،‬ولكنها‬ ‫يف سور ّية تراجعت إىل حالة الرضورة واإلجبار؛ بفضل‬ ‫إرهاب النظام الحا ّيل مبعية املجتمع الدو ّيل‪ .‬يا لهول‬ ‫انحطاط املجتمع الدو ّيل و”الدولة” السور ّية! يقتلعون‬

‫األهايل من بيوتهم!‬ ‫وإذا كان ٍّ‬ ‫لكل من اسمه نصيب‪ ،‬كام قالت العرب‬ ‫قدمياً! فـلـ”دار ّيا” من اسمها نصيب أيضاً‪ .‬فهي اسم‬ ‫امي قديم وتعني الدار واملسكن والسكينة‬ ‫عريبّ‪-‬أر ّ‬ ‫ً‬ ‫ال التهجري والهدم واالضطراب‪ .‬وستعود دارا للسكن‬ ‫والسكينة‪ .‬وقد خطر يل مر ًة ‪-‬كام للكثري من السور ّيني‪-‬‬ ‫تسمية ابنتي عند والدتها منذ أكرث من سنتني بسم‬ ‫“دار ّيا”‪ ،‬وحال دون ذلك تدخل صديقة يل قالت‪ :‬ال‬ ‫تجعل مصري ابنتك كمصري “دار ّيا”‪ ،‬وأوردت مثاالً عن‬ ‫أب كرديّ قد سمى ابنته “حلبجة”‪ ،‬ثم قتلت عام‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ 2014‬يف سور ّية عن عمر يناهز مثانية عرش عاماً‪.‬‬ ‫فالجميع برسم القتل يف سور ّية بغض النظر عن‬ ‫األسامء! لقد دخلت “دار ّيا” التاريخ من أوسع أبوابه‬ ‫خالد ًة فيه مبج ِدها‪ ،‬وستتحول إىل أيقونة للسور ّيني‪،‬‬ ‫وإىل منوذج للمجد والكرامة والحر ّية‪.‬‬ ‫لقد تع ّلمنا الدرس جيداً‪ .‬ويتلخص ببساطة باملثل‬ ‫الشعبي‪“ :‬ما بيحك جلدك غري ظفرك”؛ أي االعتامد عىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واإلقليمي إىل غري رجعة‪ .‬وتع ّلمنا‬ ‫يل‬ ‫الدو‬ ‫وترك‬ ‫الذات‬ ‫ّ‬ ‫كيف كان لدولتنا الفاشلة واملجتمع الدو ّيل الفاشل ْأن‬ ‫ينترصوا عىل أهايل “دار ّيا” بصفقة إما الخروج وإما‬ ‫منطق‬ ‫اإلبادة والثالث مرفوع‪ .‬فال وألف ال‪ ،‬لفرض‬ ‫ٍ‬ ‫صوريٍّ عقيم‪ ،‬ال ينتج جديداً إنسانياً بل يدور ويدور إىل‬

‫ما النهاية له يف الجحيم‪ .‬فإذا ّ‬ ‫انحطت الدول إىل هذا‬ ‫القاع‪ ،‬فال عتب عىل العصابات واملليشيات والفصائل‬ ‫والقراصنة والشلل‪ ...‬فال فضيلة بالدولة يا “أفالطون”‬ ‫كام زعمت يف “حوار الجمهور ّية”؛ فلتحرتق الدولة‬ ‫بانحطاطها؛ ألنهم يثبتون بالربهان القاطع أن فضيلة‬ ‫الدولة هي يف السامء فقط‪ ،‬وليس يف األرض‪ ،‬وأن أرضنا‬ ‫غري قابلة للتحسني باملطلق‪ .‬يا لكم من أغبياء تقفلون‬ ‫باب التاريخ!‬ ‫الرضوريّ يف السياسة هو التحكم يف املصري واألمن‬ ‫واالستقرار والعيش؛ أي التحكم يف الوجود ومنوه‪،‬‬ ‫بينام الرضوريّ عند الدول هو القتل والتهجري والعدم‪.‬‬ ‫فام الرضوريّ بإخراج األها ّيل من أطاللِ بيوتهم؟ هل‬ ‫هو إعادة متوضع ملناطق النفوذ؟ أم نفخ سمومكم‬ ‫ونريانكم وثاراتكم يف وجه الحر ّية؟ تريدونها تهجرياً‬ ‫أليس كذلك؟ فلنجعلها فرص ًة لجمع القوى‪ ،‬واسرتاح ًة‬ ‫اللتقاط األنفاس‪ ،‬ومراجع ًة وتقومياً للوقائع‪ ،‬وآلي ًة‬ ‫املتحجرة؛ للك ِّر من جديد وهزم‬ ‫للتعاطي مع الظروف‬ ‫ِّ‬ ‫الهزمية لتحقيق فضيلة الدولة املأمولة يف االرض وفتح‬ ‫باب التاريخ‪.‬‬ ‫بعدك “دار ّيا” افرتشت مجهويل وهُ ِزمت يف هزميتي!‬ ‫ِ‬ ‫ولكن الك ّرة للضواري فهديئ من روعك ألنها زيارة‬ ‫وليست هجرة‪.‬‬


‫كمال شيخو‬

‫هدنة برائحة‬ ‫البارود‬ ‫في مدينة‬ ‫الحسكة‬

‫واشرتط الجانب الكردي ّ‬ ‫حل مليشيات الدفاع الوطني‬ ‫وكتائب البعث واملقنعني‪ ،‬ويف حديثه مع مجلة “طلعنا‬ ‫عالحرية” قال سيهانوك ديبو املستشار الرئايس املشرتك‬ ‫لحزب االتحاد الدميقراطي ّإن “وجود ميلشيات ومرتزقة‬ ‫يستخدمهم النظام حينام يشاء يتناقض مع أساسيات‬ ‫ومبادئ اإلدارة الذاتية وال ميكن القبول بها تحت أي‬ ‫ذريعة”‪ ،‬وأضاف “بحسب االتفاق‪ ،‬غري مسموح لهم‬ ‫بالبقاء يف مناطق اإلدارة الذاتية وهذا ينطبق عىل‬ ‫مدينة الحسكة”‪.‬‬

‫ردود متباينة‬

‫واتهم نائب رئيس االئتالف قوات سورية الدميقراطية‬ ‫بأنها موالية لنظام األسد‪ ،‬وأضاف‪“ :‬أ ّنهم يتقاضون‬ ‫رواتبهم من النظام ألنهم يعملون عىل حاميته”‪.‬‬ ‫ويف رده عىل جملة االتهامات‪ ،‬ذكر سيهانوك ديبو‬ ‫ّأن “بعض الجهات ارتضت لنفسها أدوار التشويه‬ ‫والتشويش بعد أن شعرت حقيقة خروجها من كامل‬ ‫املشهد؛ من بني هذه الجهات بعض من أحزاب أو لنقل‬ ‫بعض من قيادات املجلس الكردي”‪ ،‬وتساءل مستغرباً‪:‬‬ ‫“اعتربوا قصف طريان النظام ومدافعه للمحالت املدنية‬ ‫واملواقع العسكرية التابعة لإلدارة الذاتية‪ ،‬ووقوع‬ ‫شهداء مدنيني وعسكريني بأنها مرسحية!”‪.‬‬ ‫وتابع ديبو كالمه بالقول‪“ :‬يدل هذا االتهام عىل مسألتني‬ ‫يعاين منهام املجلس الكردي‪ ،‬أولهام االرتهان الكامل‬ ‫ألجندة السلطة الرتكية وبعض شخصيات االئتالف‬ ‫وتنفيذ ما ُيطلب منهم بدقة‪ ،‬وثانيهام العمى السيايس‬ ‫والعجز البادي من قبلهم يف استيعاب تعقيدات األزمة‬ ‫السورية والتحالفات الطارئة بني النظام وتركيا‪ .‬واألخرية‬ ‫ما زال املجلس الكردي يقف إىل جانبها ويتحرك وفق‬ ‫تعليامتها”‪.‬‬ ‫بي ّد ّإن عبد الحكيم بشار ذكر ّأن مامرسات حزب‬ ‫االتحاد الدميقراطي‪“ :‬الظاملة خالل األربع سنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬فاقت مامرسات النظام البعثي الظامل الذي‬ ‫استمر يف حكم البالد قرابة أربعة عقود”‪ ،‬ونفى ّأن‬ ‫يكون ميثل تطلعات الكرد‪ ،‬واتهم ّأن الحزب “يعمل‬ ‫عىل تأجيج الكراهية والعداء بني العرب واألكراد‪ ،‬وهذه‬ ‫السياسة ال تنعكس إيجاباً عىل الكرد”‪.‬‬

‫تقارير‬

‫ولفت ديبو أن استمرار تطبيق الهّدنة مرشوط بالتزام‬ ‫النظام السوري ومواليه وشد ّد ّأن “نجاح االتفاقية‬ ‫مرشوطة بالتزام النظام السوري ببنودها وتطبيقها‪.‬‬ ‫اإلدارة الذاتية حققت طول هذه الفرتة درجات‬ ‫متقدمة من االستقرار واألمن والتنظيم املجتمعي‬ ‫بعكس الفوىض العارمة وفقدان األمن يف أغلب املناطق‬ ‫السورية”‪ ،‬وأشار أن “مناطق روج أفا ‪-‬التسمية الكردية‬ ‫لغرب كردستان‪ -‬باتت مالذاً آمناً ملئات األلوف من‬ ‫السوريني الفارين من مناطق العنف والتوتر” بحسب‬ ‫املستشار الرئايس لحزب االتحاد الدميقراطي‪.‬‬ ‫وهذه ليست املرة األوىل التي يطالب فيها األكراد بحل‬ ‫امليليشات التابعة للنظام السوري مبدينة الحسكة‪.‬‬ ‫فخالل اشتباكات دامية يف مدينة القامشيل يف نيسان‪/‬‬ ‫أبريل املايض طالب األكراد بإعادة النظر بتشكيالت‬ ‫الدفاع الوطني واملقنعني وكتائب البعث‪ ،‬األمر الذي مل‬ ‫يتحقق حينها‪.‬‬ ‫أما عبد الحكيم بشار نائب رئيس االئتالف السوري‬ ‫املعارض‪ ،‬وعضو املكتب السيايس للحزب الدميقراطي‬ ‫الكردستاين فقد وصف االشتباكات األخرية التي دارت‬ ‫يف الحسكة‪ ،‬بـ”املرسحية”‪.‬‬

‫اتهامات متبادلة‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬

‫تجد ّد االشتباكات‬

‫واندلعت اشتباكات عسكرية يف ‪ 16‬من شهر‬ ‫آب‪ /‬أغسطس املايض‪ ،‬بني (قوات الدفاع الوطني)‬ ‫و(املقنعني) و(كتائب البعث) املوالية للنظام السوري‬ ‫من جهة‪ ،‬وعنارص (األسايش) ‪-‬الرشطة املحلية لإلدارة‬ ‫الكردية‪ -‬و(وحدات الحامية) و(القوات الجوهرية)‬ ‫املساندة لها من جهة ثانية‪ ،‬عىل خلفية اعتقال الجهة‬ ‫األوىل عنارص تابعة للثانية‪ ،‬باإلضافة لسوق الشباب إىل‬ ‫التجنيد اإلجباري‪ ،‬األمر الذي أشعل فتيل النزاع بني‬ ‫الجانبني‪.‬‬ ‫وللمرة األوىل منذ اندالع النزاع يف سوريا‪ ،‬دخل الطريان‬ ‫الحريب التابع للنظام السوري غامر املعارك املتجددة‬ ‫يف مدينة الحسكة‪ ،‬واستهدفت يومها مواقع عسكرية‬ ‫تابعة للوحدات وقوات سورية الدميقراطية‪ ،‬وطال‬ ‫القصف أحياء مدنية أيضاً‪ ،‬ما دفع آالف السكان‬ ‫واألهايل للنزوح إىل املدن والبلدات املجاورة‪.‬‬ ‫وتدخلت روسيا إلنقاذ املوقف‪ ،‬حيث قامت باستدعاء‬ ‫األطراف املتناحرة إىل قاعدتهم العسكرية “حميميم”‬

‫املرسحني من عملهم يف الدوائر الحكومية‪.‬‬ ‫أحوال املوظفني ّ‬

‫ولدى لقائه مع مجلة “طلعنا عالحرية” أكد بشار ّأن‬ ‫“نظام األسد يسارع يف التدخل كلام تعرضت الـ ‪PYD‬‬ ‫ملأزق سيايس‪ّ ،‬‬ ‫ألن آالف املواطنني نددوا مبامرساته يف‬ ‫عامودا والقامشيل ومدن أخرى”‪.‬‬ ‫ونوه عبد الحكيم بشار ّأن “اشتباكات مامثلة حصلت‬ ‫خالل السنة الفائتة بني الطرفني‪ ،‬ولكن عنارص الوحدات‬ ‫واألسايش ‪-‬الجناح املسلح لحزب االتحاد‪ -‬عملت عىل‬ ‫استغاللها وإيهام الكرد بأنها تحارب النظام‪ ،‬ومن َثم‬ ‫سعى إىل إخامد أصوات املعارضة الكردية”‪.‬‬

‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫عادت الحياة تدريجياً إىل طبيعتها يف مدينة الحسكة‪،‬‬ ‫املحال التجارية تفتح‬ ‫وبات باإلمكان مشاهدة عدد من ّ‬ ‫أبوابها وتستقبل زبائنها يف سوق املدينة‪ .‬كام ميكن‬ ‫مشاهدة النازحني وهم يحملون حقائبهم يف طريق‬ ‫العودة إىل بيوتهم التي كانوا قد تركوها عىل إثر تجد ّد‬ ‫املعارك األخرية‪.‬‬ ‫مدينة الحسكة بقيت مبنأى عن الحرب الدائرة يف‬ ‫حتى صيف العام املايض‪ ،‬بعد ّأن شنّ عنارص‬ ‫سوريا ّ‬ ‫تنظيم “الدولة اإلسالمية” هجوماً واسعاً‪ ،‬وسيطروا عىل‬ ‫الجزء الجنويب من املدينة‪ ،‬ومل تفصلهم سوى أمتار قليلة‬ ‫عن قرص املحافظة‪.‬‬ ‫حينها‪ ،‬رفضت وحدات حامية الشعب الكردية‪ ،‬املشاركة‬ ‫باملعركة‪ ،‬واشرتطت تسليم املدينة إلدارتها‪ ،‬األمر الذي‬ ‫رفضته ميليشا الدفاع الوطني وكتائب البعث واملقنعني‬ ‫املواليني للنظام السوري‪ ،‬وبعد عجز األخرية عن التصدي‬ ‫لتقدم عنارص التنظيم؛ قبلت رشوط الوحدات وأخلت‬ ‫مواقعها يف جنوب املدينة وسلمت الحواجز لسلطة‬ ‫القوات الكردية‪.‬‬

‫مبدينة الالذقية‪ ،‬وعقدوا اتفاقاً يقيض بوقف األعامل‬ ‫القتالية‪ ،‬وتسليم األرسى والجرحى وجثامني القتىل‪،‬‬ ‫إضافة إىل فتح طريق الحسكة‪ -‬القامشيل والطرق‬ ‫املؤدية إىل أماكن متركز الجيش داخل املدينة وخارجها‪،‬‬ ‫واستمرار العمل لحل املشكلة الكردية‪ ،‬والبدء مبناقشة‬

‫‪5‬‬


‫‪6‬‬

‫الديمقراطية مقابل اإلســام‬ ‫*يوسف المنجد‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫مقاالت‬

‫يعادي الكثري من اإلسالميني الدميقراطية من‬ ‫ٌ‬ ‫ونبت غريب عن‬ ‫منطلق كونها بضاعة غربية‪،‬‬ ‫البيئة اإلسالمية‪ ،‬وكذلك لكونها تعطي الناس الحق‬ ‫يف الترشيع‪ ،‬وهو أمر يحرصه اإلسالم بيد الله تعاىل‪.‬‬ ‫ويرى هذا الفريق من اإلسالميني أن الغرب يسعى‬ ‫بكل سطوته إىل تصدير الدميقراطية إىل بالد‬ ‫املسلمني‪ ،‬ألنها سبيله للقضاء عىل اإلسالم‪.‬‬ ‫فهل يحرص الغرب حقاً عىل دمقرطة البلدان‬ ‫اإلسالمية؟ وهل يستعمل الغرب الدميقراطية‬ ‫وسيلة يتآمر بها عىل اإلسالم وأهله؟‬ ‫املتابع ألحوال البلدان اإلسالمية التي أصبح‬ ‫للدميقراطية فيها شيئاً من االستقرار والرسوخ؛‬ ‫بأضعاف‬ ‫يالحظ ببساطة انتعاش اإلسالم وانتشاره‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫عام كان عليه قبلها‪ .‬ففي تركيا عىل سبيل املثال‪،‬‬ ‫نرى أن اإلسالم مل يتنفس الصعداء إال بعد أن‬ ‫حققت الدميقراطية رسوخاً واستقراراً‪.‬‬ ‫وكذلك األمر يف إندونيسيا وماليزيا‪ ،‬بل حتى يف‬ ‫الغرب نفسه وجد اإلسالم يف الدميقراطية البيئة‬ ‫املالمئة التي مكنته من حجز موطئ قدم له‬ ‫فيها‪ .‬األمر الذي ميكن أن نستنتج منه‪ ،‬أن اإلسالم‬ ‫ينتعش بانتعاش الدميقراطية‪ ،‬وأن الدميقراطية‬ ‫غري متعارضة مع اإلسالم وال معادية له ‪-‬كام يرى‬ ‫البعض‪ -‬بل إن العكس هو الصحيح‪.‬‬ ‫من جانب آخر فإن املطلع عىل تاريخ الغرب‬ ‫يف التعامل مع األنظمة االستبدادية يف البلدان‬ ‫اإلسالمية وغريها‪ ،‬ودعمه لها‪ ،‬سيجد ما يدحض‬ ‫فرضية سعي الغرب لغرس الدميقراطية يف هذه‬ ‫البلدان‪ ،‬تلك النظرية التي يقتنع بها اإلسالميون‬ ‫املعادون للدميقراطية‪ ،‬ويؤسسون عليها تحريضهم‬ ‫لب وبرص‪ ،‬أن‬ ‫ضدها‪ .‬ألن من املعلوم لكل ذي ٍّ‬ ‫الغرب ال يتحرك بدوافع إنسانية‪ ،‬وال بدافع من‬ ‫القيم التي يتغنى بها يف العلن ويغتالها يف الخفاء‪،‬‬ ‫فهو ال يهتم خارج حدوده لقيم الحرية والعدالة‬ ‫واملساواة وكافة حقوق اإلنسان األخرى‪ ،‬وإمنا يهتم‬ ‫أوالً للحفاظ عىل مصالحه‪ ،‬املتمثلة يف استمرار‬ ‫تدفق ثروات الشعوب إىل خزائنه‪ ،‬والتي تضمن له‬ ‫دوام الرفاهية والهيمنة واالستعالئية‪ .‬وما حديثه‬ ‫عن تلك القيم وتغنيه بها‪ ،‬إال وسيلة بروبغاندية‪،‬‬ ‫يذ ُّر بها الرماد يف العيون‪ ،‬و َيظهر من خاللها‬ ‫منسج ًام مع حضارته وقيمها املعلنة‪ ،‬ويثبت بها‬ ‫تفوقه وأستاذيته للعامل‪ ،‬يف مقابل تخلف وهمجية‬

‫غريه من الشعوب‪ ،‬ويقدم نفسه من خاللها عىل‬ ‫أنه النموذج األرقى واملثل األعىل‪ ،‬ونهاية التاريخ‪.‬‬ ‫إضافة إىل اتخاذه تلك القيم ذريعة للتدخل يف‬ ‫شؤون الدول والسيطرة عليها ونهب ثرواتها‪،‬‬ ‫ووسيلة يخيل بها مسؤوليته الكبرية َّ‬ ‫عم يحصل يف‬ ‫العامل من خراب‪.‬‬ ‫إن الغرب بسياساته وحكوماته واملتنفذين فيه‬ ‫وال نعفي كذلك الكثري من شعوبه‪ -‬ال يريد إطالقاً‬‫الدميقراطية للبلدان اإلسالمية‪ ،‬ألن مصلحته تكمن‬ ‫يف بقاء ورسوخ االستبداد فيها؛ فهو خادمه املطيع‪،‬‬ ‫الذي يضمن استمرار سيطرته وتحكمه‪ ،‬لذلك فهو‬ ‫يسانده ويدعمه ويباركه يف الرس‪ ،‬وإن كان يعاديه‬ ‫ويلعنه يف العلن‪ .‬مصلحة الغرب يف بقاء طغاة‬ ‫مجرمني‪ ،‬همهم األوحد بقاؤهم وأنظمتهم‪ ،‬حتى لو‬ ‫اقتىض ذلك بيع أوطانهم وتدمريها‪ ،‬وقتل شعوبهم‬ ‫وترشيدها‪ .‬فاملهم أن ال تتحرر هذه األوطان‪،‬‬ ‫وأن تبقى شعوبها تائهة‪ ،‬يفرتسها اليأس وتشغلها‬ ‫التوافه‪ ،‬وتستهلكها الشهوات والحروب والنزاعات‪.‬‬ ‫لقد شهدنا جميعاً تلك الدميقراطية التي جلبها‬ ‫الغرب للعراق عىل سبيل املثال‪ ،‬حيث ذهبت‬ ‫بطاغية فرد انتهى دوره ونفدت صالحيته‪ ،‬لكونه‬ ‫أظهر بعض التمرد عىل أسياده‪ ،‬وجاءت بطغيان‬ ‫طائفة برمتها‪ ،‬وإن ألبسته لباس دميقراطية مزيفة‪،‬‬ ‫ضمنت له سلب ثروات هذا البلد الغني‪ ،‬وتحطيم‬ ‫شعبه الذيك املبدع‪.‬‬ ‫لقد باغتت ثورات الشعوب العربية األخرية الغرب‬ ‫حقاً‪ ،‬متاماً كام باغتت الحكا َم العرب أنفسهم‪ ،‬فلم‬ ‫يكن يتوقع أن يتم أمر بهذا الحجم بهذه الرسعة‬ ‫والسالسة‪ ،‬وميتد كام النار يف الهشيم‪ ،‬فقالها بلسان‬ ‫حاله كام قالها القذايف قبله بلسان مقاله‪( :‬من‬ ‫أنتم؟!!)‪ ،‬لكنه تدارك األمر‪ ،‬ومتكن من امتصاص‬ ‫الصدمة‪ ،‬وعمل عىل إعادة األمور إىل نصابها‪ ،‬فدعم‬ ‫انقالبيي مرص واليمن وليبيا‪ ،‬ودعم بتخاذله وأمواله‬ ‫املشؤومة طاغية سوريا‪ ،‬أما تونس فقد انتبه فيها‬ ‫قادة حركة النهضة التي فازت يف االنتخابات األوىل‬ ‫إىل لعبته القذرة‪ ،‬فتنازلوا عن بعض مكتسباتهم‬ ‫يف سبيل الحفاظ عىل الحد األدىن من مكتسبات‬ ‫الثورة‪ ،‬والعمل تدريجياً عىل ترسيخها وتوسعتها‪.‬‬ ‫وال يخفى التورط الغريب يف دعم محاولة االنقالب‬ ‫الفاشلة األخرية يف تركيا‪ ،‬وهي حادثة كشفت‬

‫حقيقة الدعم الغريب املزعوم للدميقراطية يف‬ ‫البلدان اإلسالمية‪.‬‬ ‫الغرب إذاً‪ ،‬يسوؤه أن تحصل الشعوب اإلسالمية‬ ‫عىل حريتها‪ ،‬وأن متتلك قرارها‪ ،‬لذلك فهو ال يرىض‬ ‫لها الدميقراطية‪ ،‬ويسعى بكل سطوته للحيلولة‬ ‫دون حدوث ذلك‪ .‬وهو يعلم جيداً‪ ،‬أن الشعوب‬ ‫اإلسالمية متمسكة بدينها وقيمها‪ ،‬وأن الدميقراطية‬ ‫ستشكل البيئة الخصبة لعودة قوية للحضارة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬التي تشكل منافساً قيم َّياً قوياً‪ ،‬وسداً‬ ‫منيعاً ض ّد أطامعه الطغيانية‪ .‬لذلك فهو يضعها أمام‬ ‫خيارين ال ثالث لهام‪ ،‬إما اإلسالم وإما الدميقراطية‪،‬‬ ‫وال سبيل أبدا لخيار الدميقراطية مع اإلسالم‪،‬‬ ‫فيمكن للغرب أن يدعم الدميقراطية يف بالدنا فقط‬ ‫إن نحن تخلينا عن إسالمنا وقيمنا‪ ،‬وسلمناه قيادنا‬ ‫روحياً وثقافياً ومادياً‪.‬‬ ‫ولألسف فإن اإلسالميني الرافضني للدميقراطية‬ ‫يقدمون للغرب (خدمة العمر) بتحريضهم عليها‬ ‫وتكفريهم لها‪ ،‬وللداعني إليها‪ ،‬وتزييفهم وعي‬ ‫الشعوب اإلسالمية تجاهها‪ ،‬وهم يف هذا يتوافقون‬ ‫إن مل نقل يتطابقون مع الغرب‪ ،‬فذاك يرى أن‬ ‫اإلسالم ال يتوافق مع الدميقراطية‪ ،‬ويشرتط إزاحته‬ ‫إلحاللها‪ ،‬وأولئك يرون أن الدميقراطية ال تتوافق‬ ‫مع اإلسالم‪ ،‬فريفضونها جملة وتفصي ًال‪ ،‬وذاك من‬ ‫مصلحته بقاء االستبداد الذي يضمن بقاء الشعوب‬ ‫اإلسالمية مستعبدة له‪ ،‬وأولئك من مصلحتهم قيام‬ ‫استبداد بلباس إسالمي يضمن سيطرتهم وتحكمهم‪.‬‬ ‫ويجهل اإلسالميون الرافضون للدميقراطية أو‬ ‫متقابلي؛ اإلسالم‬ ‫يتجاهلون أنهم يقابلون بني ال‬ ‫ْ‬ ‫والدميقراطية‪ ،‬مع أن املقابلة الصحيحة هي تلك‬ ‫التي تكون بني االستبداد والدميقراطية‪ ،‬وليس بني‬ ‫اإلسالم والدميقراطية‪ .‬فالخيار ال يكون إال بني شيئني‬ ‫متجانسني يف الطبيعة وإن كانا مختلفني يف األداء‪.‬‬ ‫لذلك فالطرفان يشكالن وجهني لعملة واحدة‪ ،‬هي‬ ‫عملة قمع الشعوب اإلسالمية وحرمانها من حقها‬ ‫يف الحرية والتقدم‪ .‬وال سبيل لخروجها من ميدان‬ ‫تالعب الطرفني‪ ،‬إال عرب بث الوعي الدميقراطي‪،‬‬ ‫وإثبات أن الدميقراطية ال تتعارض البتة مع دينهم‪،‬‬ ‫بل هي ال تقابله وال تنافسه من األساس‪ ،‬ومن َث َّم‬ ‫تكوين كتلة حرجة قادرة عىل فرض إرادتها‪ ،‬سواء‬ ‫عىل الغرب أو عىل أعوانه املغفلني منا‪.‬‬


‫برنامج ”نكزة”‪..‬‬ ‫كوميديــا تحارب اليأس‬

‫‪7‬‬

‫رأفت الغانم‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫االجتامعية‪ ،‬والتي انتقدتها الحلقة أيضاً‪ ،‬وذهبت‬ ‫مبارشة للسبب األبرز “املايوه” وكيف حظي بكل‬ ‫هذا االهتامم يف ظل أحداث أهم‪.‬‬ ‫الحلقة الثانية وجهت انتقادها لتنظيم داعش‬ ‫وأفرع “البي يك يك” يف سوريا بأسامئها املختلفة‪،‬‬ ‫وجاء انتقاد داعش بعيداً عن الكليشيهات العامة‬ ‫التي طغت عىل الربامج اليوتيوبية العربية‪ ،‬والتي‬ ‫دارت حول فكرة جهاد النكاح والسبي والحور‬ ‫العني‪ .‬حيث جردت الحلقة أوهام التنظيم عرب‬ ‫انتقاد ترصفات عنارصه ومخالفاتهم ومطاردتهم‬ ‫لتفاصيل ال تغيب عن حياة أي مجتمع عىل وجه‬ ‫األرض‪ ،‬ومحاولة التنظيم القضاء عليها يف حربه‬ ‫الدونكيشوتية‪ ،‬وطرق اإلعدام املختلفة التي تتبعها‬ ‫داعش‪ ،‬بالرغم من أنها تؤدي غرضاً واحداً وهو‬ ‫املوت! وأمام سعي اإلنسان الفطري للبقاء عىل‬ ‫قيد الحياة‪ ،‬الحياة الرحبة املتنوعة‪ ،‬البد لتنظيم‬ ‫املوت من املوت‪.‬‬ ‫بعد داعش تنتقد الحلقة امليليشيا الكردية‪ ،‬حيث‬ ‫يرسد املقدم سيناريو يؤدي باملار عىل حواجزها يف‬ ‫مناطق سيطرتها إىل السجن امليلء أيضاً باملعتقلني‬ ‫األكراد‪ ،‬ويتطرق لفكرة الكفيل الكردي والتي تحيل‬ ‫للكفيل بالخليج‪ ،‬وتظهر موسيقى شعبية خليجية‬ ‫كخلفية عند الحديث عن املناطق الكردية‪.‬‬ ‫الحلقة الثالثة تبدأ بالرد عىل منتقدي برنامج‬ ‫“نكزة” وتظهر بعض شتامئهم‪ ،‬قبل أن تنتقد‬ ‫الراديوهات والصحف الورقية وااللكرتونية‪،‬‬

‫والدعم الذي تتلقاه مقارنة مع ما تنتجه‪ ،‬وغياب‬ ‫الشفافية واملناحرة بني صحف وأخرى‪ ،‬وإقصاء‬ ‫رشائح من املجتمع السوري‪ ،‬وتضخيم الراديوهات‬ ‫لذاتها وإعطاء نفسها أحجاماً أكرب من حجمها‬ ‫الحقيقي‪ ،‬إال أن صحف وراديوهات أخرى غابت‬ ‫عن السرية!‬ ‫وعن املعايري املتبعة يف اختيار موضوع الحلقة‪،‬‬ ‫وجهنا سؤاالً للمقدم سومر باكري وأجاب أن الحلقة‬ ‫من إعداد فريق عمل رسي مكون من مجموعة‬ ‫من الشباب‪ ،‬والذين يجتمعون ويختلفون ثم‬ ‫ينرصفون دون التوصل لنتيجة‪ ،‬والحقاً يعاودون‬ ‫االجتامع وينحون خالفاتهم جانباً‪ ،‬ويتفقون‪.‬‬ ‫وإن كانت إجابة باكري تحمل بعض السخرية‪،‬‬ ‫لكنها تشري للعفوية والتلقائية يف اختيار األفكار‪.‬‬ ‫فنياً يأيت الجانب التقني متنوعاً وجمي ًال عرب‬ ‫تحويل الكلامت النابية ألخرى عادية تقرتب من‬ ‫وزنها لغوياً بأصوات مختلفة تظهر وتخفي صوت‬ ‫املقدم‪ ،‬أو عرب ترسيع صوت املقدم وترك املشاهد‬ ‫يتخيل ما قيل‪ ،‬أو كتابة تعليقات وإبراز أصوات‬ ‫خافتة تدعم أفكار املقدم‪ .‬أما البناء الرسدي يف‬ ‫الحلقات فريكز عىل إرشاك املشاهد ووضعه يف‬ ‫قلب الحدث‪ ،‬عرب استخدام كلامت مثل “تخيل‪/‬‬ ‫تقف أمام‪ /‬ينقلونك” فيقبل املتلقي الكلامت التي‬ ‫تعقبها “رشيك‪ /‬تعرص ذهنك‪ /‬تتمنى”‪ ،‬لكن إذا‬ ‫ما استمرت هذه الطريقة يف الرسد دون تجديد‪،‬‬ ‫فبدون شك ستصبح مملة‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫يشهد العامل العريب ثورة يف الربامج اليوتيوبية‬ ‫التي وفرت مساحة أكرب من حرية النقد والتعبري‪،‬‬ ‫واخترصت الطريق نحو جمهورها متجاوزة‬ ‫البريوقراطية التي يفرضها التلفاز‪ .‬ويف حني حققت‬ ‫بعض التجارب العربية قفزات يف الربامج الرتفيهية‬ ‫املسجلة‪ ،‬غابت السورية منها عن الساحة بسبب‬ ‫نقص املوارد من جهة واملخاطر التي تحفها من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬بداية بربنامج “عنزة ولو طارت”‬ ‫ومقدمته التي أخفت وجهها بقناع‪ ،‬وانتها ًء‬ ‫باختطاف عبد الوهاب املال “أبو صطيف الحلبي”‬ ‫الذي قدم برنامج “ثورة ثالث نجوم” من األحياء‬ ‫املحررة يف حلب‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي اجتاحت فيه األعامل الفنية‬ ‫السورية املنطقة العربية‪ ،‬غابت عقب الثورة‬ ‫املبادرات الشبابية القادرة عىل كرس الحواجز‬ ‫وإيصال رسالة الثورة واملجتمع السوري‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أن الحالة الراهنة تحظى باهتامم وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫لكنه اهتامم يبقى رهني الحرب وربط العنف‬ ‫بالشخصية السورية‪.‬‬ ‫“نكزة” برنامج يوتيويب جديد يعرف عن نفسه‬ ‫بـ”برنامج ترفيهي يناقش مختلف القضايا التي‬ ‫تتعلق بالشأن السوري” يقدمه من اسطنبول‬ ‫الشاب سومر باكري املنحدر من مدينة رساقب‪.‬‬ ‫قدم الربنامج حتى اآلن ثالث حلقات مكثفة‬ ‫قصرية راعى فريق العمل خاللها مسألة الوقت‬ ‫فيام بات يعرف “بعرص الرسعة”‪ ،‬حيث مل تتجاوز‬ ‫الحلقة الواحدة منها الست دقائق‪ ،‬وهو ما يظهر‬ ‫منذ البداية عندما أراد املقدم التعريف بالربنامج‬ ‫قبل أن يتم ترسيع صوته وإخفاءه نهائياً‪ ،‬ومن‬ ‫ثم االنتقال مبارشة ملوضوع الحلقة‪ ،‬وهي بداية‬ ‫محفزة وجذابة‪.‬‬ ‫الحلقة األوىل ناقشت مجتمعي النظام واملعارضة‪،‬‬ ‫بقالب كوميدي ركز عىل األجهزة األمنية يف‬ ‫مناطق النظام وحجم الرعب الذي تخلقه‪،‬‬ ‫وارتباط إعالمه الوثيق بهذه األجهزة‪ .‬أما مجتمع‬ ‫املعارضة فناقشت الحلقة املخاطر التي يتعرض‬ ‫لها الفرد يف املناطق املحررة‪ ،‬وعدم تقبل النقد‬ ‫من قبل العاملني يف مؤسسات املعارضة والحمالت‬ ‫املنظمة التي يجابه بها الناقد‪ ،‬بلغة خفيفة بعيدة‬ ‫عن اإلسفاف يف ظل انحدار لغة وسائل التواصل‬


‫‪8‬‬

‫حقوق المرأة جزء ال يتجزأ من‬ ‫حقوق اإلنسان‬ ‫المحامية دعد موسى‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫تتعرض النساء يف جميع املجتمعات وجميع أوجه‬ ‫النشاط تقريباً ألوجه مختلفة من التمييز يف القانون‬ ‫والواقع‪ .‬وهذا الوضع يسببه ويزيد من حدته وجود‬ ‫متييز يف األرسة ويف املجتمع ويف مكان العمل؛ حيث‬ ‫اعتمدت مكانة النساء تاريخياً عىل القوانني والعادات‬ ‫للبلدان التي يعشن فيها‪ ،‬فحسب القوانني والتقاليد‬ ‫حرمت العديد من املجتمعات النساء من حق الحصول‬ ‫عىل مكانة قانونية واجتامعية مستقلة استناداً للقيم‬ ‫األبوية التقليدية‪ ،‬والتي حرصت عىل وضع النساء تحت‬ ‫وصاية السلطة الذكورية يف العائلة واملجتمع‪ .‬ويبقى‬ ‫التمييز ض ّد املرأة واسع االنتشار ويدعم هذا التمييز‬ ‫بقاء اآلراء الجامدة التي ال تتغري والعادات والتقاليد‬ ‫الثقافية والدينية التي ترض بالنساء‪.‬‬ ‫وتشري اإلحصاءات التي صدرت يف اآلونة األخرية عن‬ ‫وضع املرأة إىل أوجه التفاوت االقتصادي واالجتامعي‬ ‫بني املرأة والرجل؛ فالنساء يشكلن أغلبية فقراء وأميي‬ ‫العامل‪ ،‬ويعملن ساعات عمل أطول من الرجال ويأخذن‬ ‫أجوراً ّ‬ ‫أقل‪ ،‬ويتعرضن للعنف الجسدي والجنيس داخل‬ ‫وخارج املنزل ويف أوقات النزاعات املسلحة‪ ،‬كام يشكلن‬ ‫النسبة القليلة جداً يف مواقع السلطة واتخاذ القرار‪.‬‬ ‫هذه الحقائق املؤملة جعلت املجتمع الدويل يويل‬ ‫اهتامماً خاصاً بقضايا املرأة باعتبارها جزء ال يتجزأ‬ ‫من حقوق اإلنسان‪ .‬وتم تشكيل لجان لرصد أوضاعها‬ ‫وإنشاء آليات من أجل تطبيق الحقوق اإلنسانية للمرأة‪.‬‬ ‫‪1‬ـ ميثاق األمم املتحدة‪:‬‬ ‫يعترب ميثاق األمم املتحدة الذي اعتمد يف سان‬ ‫فرنسيسكو عام ‪ 1945‬أول معاهدة دولية تشري‬ ‫بعبارات محددة وبوضوح إىل تساوي النساء والرجال‬ ‫يف الحقوق؛ حيث اعترب امليثاق املساواة هدفاً أساسياً‪.‬‬ ‫وتوالت املواثيق الدولية واملؤمترات التي تؤكد عىل‬ ‫الحقوق اإلنسانية للمرأة؛ حيث ورد املبدأ العام بعدم‬ ‫التمييز عىل أساس الجنس يف جميع اتفاقيات حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وشددت الرشعة الدولية لحقوق اإلنسان عىل‬ ‫املساواة يف الحقوق بني النساء والرجال‪ ،‬وعىل رضورة‬ ‫ضامن متتع املرأة بالحامية القانونية املنصوص عليها يف‬ ‫(الرشعة الدولية لحقوق اإلنسان)‪.‬‬ ‫‪2‬ـ اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان واملواطن عام ‪:1948‬‬ ‫يتألف اإلعالن من ديباجة و‪ 30‬مادة تحدد حقوق‬ ‫اإلنسان (املدنية‪ ،‬السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتامعية‪،‬‬ ‫الثقافية) والحريات األساسية التي تحق لجميع النساء‬

‫والرجال يف أي مكان يف العامل‪ ،‬دون أي متييز‪ .‬وتقول‬ ‫املادة ‪“ :1‬يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين يف‬ ‫الكرامة والحقوق”‪.‬‬ ‫أما املادة ‪ 2‬التي تنص عىل املبدأ األسايس للمساواة‬ ‫وعدم التمييز فيام يتعلق بالتمتع بحقوق اإلنسان‬ ‫والحريات األساسية‪ ،‬فتحظر التمييز من أي نوع‪“ :‬لكل‬ ‫إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة يف‬ ‫هذااإلعالن دون أي متييز؛ كالتمييز بسبب العنرص أو‬ ‫اللون أو الجنس أو اللغة دون أي تفرقة بني الرجال‬ ‫والنساء”‪.‬‬ ‫كرس اإلعالن مبدأ املساواة يف الحقوق لجميع الناس‬ ‫دون أي متييز وحدد يف املادة ‪ 16‬منه مبدأ املساواة‬ ‫بني الرجل واملرأة يف مسائل الزواج والطالق واألرسة‪:‬‬ ‫“‪ 1-‬للرجل واملرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج‬ ‫وتأسيس أرسة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين‪،‬‬ ‫ولهام حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند‬ ‫انحالله‪.‬‬ ‫‪ 2‬ال يربم عقد الزواج إال برضا الطرفني الراغبني يف‬‫الزواج رىض كام ًال ال إكراه فيه‪.‬‬ ‫‪ 3‬األرسة هي الوحدة الطبيعية األساسية للمجتمع‪،‬‬‫ولها حق التمتع بحامية املجتمع والدولة”‪.‬‬ ‫‪3‬ـ العهد الدويل الخاص بالحقوق االقتصادية‬ ‫واالجتامعية والثقافية لعام ‪:1966‬‬ ‫وتنص املادة ‪ 2‬منه عىل عدم التمييز بني البرش‪ ،‬بحيث‬ ‫تلزم الدول بضامن مامرسة الحقوق املدونة فيه دون‬ ‫متييز ألي سبب‪ .‬نص املادة ‪“ :3‬تتعهد الدول األطراف يف‬ ‫العهد الحايل بتأمني الحقوق املتساوية للرجال والنساء‬ ‫يف التمتع بجميع الحقوق االقتصادية واالجتامعية‬ ‫والثقافية املدونة يف هذا العهد”‪.‬‬ ‫حيث يجب عىل الدول األطراف يف هذا العهد أن تؤمن‬ ‫املساواة الكاملة يف جميع الحقوق؛ من الصحة والتعليم‬ ‫والعمل والسكن وامللبس والضامن االجتامعي والراحة‬ ‫واتخاذ تدابري تدريجية وفورية تتيح للمرأة التمتع عىل‬ ‫قدم املساواة بالحقوق التي حرمت منها عىل كافة‬ ‫الصعد االقتصادية واالجتامعية والثقافية‪.‬‬ ‫‪4‬ـ العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‬ ‫لعام ‪:1966‬‬ ‫وفيام يخص واقع الحقوق السياسية للمرأة الذي يرتبط‬ ‫إىل حد كبري‪ ،‬بواقع حقوقها املدنية املنتهكة‪ ،‬التي تحول‬ ‫دون قدرتها عىل تحقيق وجودها االجتامعي ومشاركتها‬

‫الفاعلة‪ ،‬جاء العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية‬ ‫ليؤكد عىل رضورة احرتام وتأمني الحقوق املقررة فيه‬ ‫لكافة األفراد دون متييز‪ .‬جاءت املادة ‪ 3‬لتنص عىل‪:‬‬ ‫“تتعهد الدول األطراف يف العهد الحايل بضامن مساواة‬ ‫الرجال والنساء بجميع الحقوق املدنية والسياسية‬ ‫املدونة يف هذه االتفاقية”‪.‬‬ ‫وهذا يعني التزام الدول األطراف بتحقيق املساواة‬ ‫املدنية والسياسة بني الرجال والنساء يف كافة املجاالت‬ ‫الوارد ذكرها يف هذا العهد‪ ،‬والذي أكد أيضاً يف املادة ‪23‬‬ ‫منه عىل مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف إطار األرسة‬ ‫والزواج من حيث الحقوق والواجبات كام أكدت املادة‬ ‫‪ 26‬منه عىل أن املواطنني متساوون أمام القانون ومن‬ ‫حقهم التمتع دون أي متييز بالتساوي بحاميته‪.‬‬ ‫‪ 5‬املؤمتر العاملي لحقوق اإلنسان ‪ -‬فيينا ‪( 1993‬إعالن‬‫فيينا وبرنامج العمل)‪:‬‬ ‫ويعترب هذا اإلعالن محطة أساسية وبارزة يف تاريخ‬ ‫حقوق املرأة؛ ففيه عدد كبري من النصوص الداعمة‬ ‫لتلك الحقوق‪ ،‬والتي تؤكد الحقوق املتساوية للنساء‬ ‫والرجال‪ ،‬وتبني أن املرأة ما تزال تتعرض لجميع أشكال‬ ‫العنف والتمييز يف كل مكان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وقد أخذت قضايا املرأة حيزا كبريا من املناقشات‬ ‫الدائرة يف املؤمتر‪ ،‬وجاء اإلعالن بالكثري من التفصيل‬ ‫والتحديد عن حقوق املرأة كجزء ال يتجزأ من حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬الينفصل واليقبل الترصف وال التجزئة‪ .‬وأفرد‬ ‫قس ًام خاصاً عن حقوق اإلنسان للمرأة‪ ،‬يتضمن تسعة‬ ‫بنود أكدت عىل أهمية إدماج املرأة ومشاركتها الكاملة‬ ‫يف عملية التنمية واستفادتها منها‪ ،‬وشدد املؤمتر عىل‬ ‫رضورة العمل من أجل القضاء عىل العنف ضدها يف‬ ‫الحياة العامة والخاصة‪.‬‬ ‫‪ 6‬املؤمتر العاملي الرابع للمرأة عام ‪ 1995‬بيجني‪-‬‬‫الصني‪:‬‬ ‫أكد اإلعالن الصادر عن املؤمتر عىل تساوي النساء‬ ‫والرجال يف الحقوق والكرامة اإلنسانية‪ ،‬وعىل جميع‬ ‫املبادئ املنصوص عليها يف ميثاق األمم املتحدة واإلعالن‬ ‫العاملي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليني واتفاقية‬ ‫سيداو‪ ،‬وعىل اعتبار حقوق املرأة حقوق إنسان‪ ،‬وعىل‬ ‫ضامن متتع املرأة متتعاً كام ًال بجميع حقوق اإلنسان‬ ‫والحريات األساسية واتخاذ تدابري فعالة ض ّد انتهاك‬ ‫هذه الحقوق والحريات‪.‬‬ ‫ووضع املؤمتر منهاج عمل متيز بالفاعلية؛ إذ كانت‬


‫اإلرهاب وسياسة اإلفالت من العقاب‬ ‫‪9‬‬

‫المحامي أنور البني‬

‫كيف ميكن أن نتوقع أن ال يتحول أي واحد منا إىل‬ ‫مجرم تحت ضغط الظلم والقهر طاملا هناك مساحة‬ ‫كبرية لإلفالت من العقاب‪ ،‬وبوجود أمثلة ح ّية أمامه‬ ‫ارتكبت جرائم ض ّد اإلنسانية وجرائم حرب بالوثائق‬ ‫واعرتاف العامل‪ ،‬وما زالت ترتع وترسح ويستفحل‬ ‫إجرامها دون أن تهتز العدالة؟‬ ‫ونحن نعيش حالة استفحال الجرائم وانتشارها يف كل‬ ‫العامل‪ ،‬وهي تجري أمام أعني العامل ورقابته األمنية‬ ‫واإلعالمية‪ ،‬ميكننا أن نتساءل من أين جاء كل هذا‬ ‫العنف واإلجرام واإلرهاب؟ وما الذي يدفع مجرماً أو‬ ‫إرهابياً الرتكاب جرامئه؟‬ ‫يف الجرائم الكربى يتلطى املجرمون عادة بشعارات‬ ‫أيديولوجية؛ إما سياسية أو قومية أو دينية‪ ..‬ويحمون‬ ‫أنفسهم من العدالة إما باالدعاء بنبالة القضية‬ ‫مفصلة عىل‬ ‫والغاية تربر الوسيلة‪ ،‬أو بقوانني داخلية ّ‬ ‫قياسهم تحميهم من املساءلة مهام ارتكبوا من جرائم‬ ‫لحامية سلطتهم وامتيازاتهم‪ ،‬أو مبرجعية إلهية تسمو‬

‫‪ ...‬تتمة من الصفحة السابقة‬ ‫أهدافه موجهة إلحداث تغيري فعيل وجذري يف أوضاع املرأة يف العامل‪ ،‬وحدد فيه مجاالت‬ ‫االهتامم الحاسمة التي يجب عىل الحكومات واملجتمع الدويل واملجتمع املدين ‪-‬مبا فيه‬ ‫من منظامت غري حكومية وقطاع خاص‪ -‬اتخاذ إجراءات اسرتاتيجية‪ ،‬ومن األهداف‬ ‫االسرتاتيجية محور حقوق اإلنسان للمرأة الذي يوكد أن حقوق اإلنسان والحريات‬ ‫األساسية حق بحكم املولد لجميع البرش‪ ،‬وحاميتها وتعزيزها هام املسؤولية اﻷوىل التي‬ ‫تقع عىل عاتق الحكومات‪ ،‬وجميع حقوق اإلنسان‪ ،‬املدنية منها والثقافية واالقتصادية‬

‫والسياسية واالجتامعية‪ ،‬مبا يف ذلك الحق يف التنمية‪ ،‬عامة غري قابلة للتجزئة‪ ،‬ومرتابطة‪،‬‬ ‫ويتوقف بعضها عىل بعض‪ .‬وأن حقوق اإلنسان للمرأة وللطفلة هي جزء غري قابل‬ ‫للترصف من حقوق اإلنسان العامة‪ ،‬وجزء ﻻ يتجزأ من هذه الحقوق وﻻ ينفصل عنها‪.‬‬ ‫ومتتع املرأة والطفلة متتعاً كام ًال بجميع حقوق اإلنسان والحريات األساسية هو أولوية‬ ‫من أولويات الحكومات واألمم املتحدة‪ ،‬وأمر ﻻ غنى عنه للنهوض باملرأة‪ .‬وﻻ يقترص‬ ‫واجب الحكومات عىل أن متتنع فحسب عن انتهاك حقوق اإلنسان للمرأة‪ ،‬بل عليها أن‬ ‫تعمل أيضاً عىل تعزيز هذه الحقوق وحاميتها‪.‬‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬

‫ال يتوالد مجرمون ومجرمون طاملا أنهم آمنني من العدالة؟‬

‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫يتناقل اإلعالم يوميا أخبار جرائم إرهابية ترتكب‬ ‫يف كل أنحاء العامل‪ ،‬وتزداد وتريتها يومياً‪ ،‬وتتسع‬ ‫املساحات الجغرافية التي ترتكب فيها هذه الجرائم‪،‬‬ ‫كام تزداد يوماً بعد يوم وحشية النظام السوري يف‬ ‫جرامئه ويتسع مداها‪.‬‬ ‫فهل يحق لنا التساؤل ملاذا ميكن أن تقوم داعش وال‬ ‫ب ي د وغريهام مبا تقوم به من جرائم يف سوريا‬ ‫والعامل؟ وملاذا يتجرأ النظام السوري عىل القيام بكل‬ ‫هذا القتل والتدمري واإلحراق واستخدام السالح‬ ‫الكيمياوي بكل جرأة وعلنية؟ وملاذا تزداد هذه‬ ‫الجرائم وحشية وفظاعة؟‬ ‫األصل يف ردع الجرمية واملجرمني هو العدالة‪ ،‬فكيف‬ ‫ميكن أن نتوقع أن ال يستفحل املجرم يف جرميته وأن‬

‫فوق البرش وقوانينهم يستندون إليها مبسألة الثواب‬ ‫والعقاب دون أن يأبهوا بقوانني البرشية‪ ،‬يرتكبون‬ ‫الجرائم البشعة تحت يافطات األهداف النبيلة‪..‬‬ ‫وبكل الحاالت ما يقومون به هو جرائم بكل ما تعنيه‬ ‫الكلمة من معنى‪ ،‬وال يقلل من هذا التوصيف ال‬ ‫مرجعية سياسية وال أيديولوجية وال دينية إلهية وال‬ ‫أهداف “نبيلة”‪.‬‬ ‫شجع الدولة اإلسالمية وغريها من التنظيامت‬ ‫ما ّ‬ ‫اإلرهابية عىل ارتكاب الجرائم هو إهامل تام لجرائم‬ ‫أفظع ارتكبت وترتكب كل يوم وكل لحظة بحق‬ ‫شعوب كاملة دون أن تهتز رموش العدالة ولو مرة‪.‬‬ ‫شجع ويشجع عىل الجرائم هو إفالت كثري من‬ ‫ما ّ‬ ‫عتاة مجرمي اإلنسانية والحروب من العقاب وبقائهم‬ ‫أحراراً‪ ،‬بل وياللسخرية يحاولون تعليم العامل دروساً‬ ‫مبحاربة الجرمية‪.‬‬ ‫ونكابد آالم ونتائج إفالت مرتكبي تلك الجرائم من‬ ‫العقاب إىل اآلن‪ ،‬ونرى مجرمي حرب صدرت قرارات‬ ‫اتهام بحقهم كالبشري الذي مازال حراً آمناً من‬ ‫العقاب‪ ،‬وفالدمري بوتني وهو ينجو من الجرائم التي‬ ‫ارتكبها يف الشيشان والتي يرتكبها يف سوريا‪ ،‬وماليل‬ ‫طهران يفلتون من العقاب عىل جرامئهم ض ّد الشعب‬ ‫اإليراين والشعب العراقي والشعب السوري‪ .‬وعيل‬ ‫عبد الله صالح ينال عفواً عن جرامئه ضد الشعب‬ ‫اليمني‪ ،‬وغريهم كثريون‪.‬‬ ‫يبدو أننا سنشهد املزيد من الجرائم واملجرمني ونشهد‬ ‫ازدياد البشاعة والفظاعة بهذه الجرائم إىل حدود قد‬ ‫ال نتخيلها‪.‬‬ ‫لو كان هناك بصيص ضوء أن املجرم سيلقى عقاباً عىل‬ ‫جرامئه رمبا لتوقف عن ارتكابها وهو حت ًام لن يرتكبها‬ ‫بكل هذه الوحشية والفظاعة والتامدي املهني‪.‬‬ ‫الجرائم التي نشهدها يف العامل هي سلسلة من جرائم‬

‫كربى لن تنتهي ما مل تصبح هناك إمكانية حقيقية‬ ‫للعقاب ووضع حد نهايئ لسياسة اإلفالت من العقاب‪.‬‬ ‫لن نتفاجأ أبداً بجرائم كربى أقىس وأشد فظاعة طاملا‬ ‫أن العامل يقف متفرجاً عليها؛ يع ّد الضحايا والدمار‬ ‫واالنتهاكات دون أدىن مسؤولية تجاه إحقاق العدالة‪،‬‬ ‫ويتعامل مع مسألة العدالة بربغامتية سياسية تغيبها‬ ‫مقابل مصالح اقتصادية وسياسية وأمنية‪.‬‬ ‫وحني يقرر العامل أخذ قضية العدالة بجدية للحفاظ‬ ‫عىل مصالحه أو أمنه فإنه يط ّبقها بانتقائية تتناسب‬ ‫مع هذه املصالح فقط‪ ،‬ضارباً عرض الحائط مببادئ‬ ‫العدالة كلها‪ ،‬فيصبح تطبيق هذه العدالة املجتزأة‬ ‫جرمية جديد تضاف إىل الجرائم األساسية وتصبح‬ ‫مسؤولة عن الجرائم القادمة‪ ،‬ألنها تشجع املجرمني‬ ‫الذين أهملتهم عىل ارتكاب املزيد واملزيد طاملا‬ ‫هم آمنون من العقاب‪ ،‬وتشجع مجرمني آخرين‬ ‫ليقوموا بجرائم أخرى مع طلب الحامية من العقاب‬ ‫بعروض خدمات يقدمونها للجهات صاحبة العالقة‪،‬‬ ‫وألنها تخلق ظل ًام وقهراً كبريين بانتقائيتها مام يدفع‬ ‫بالتطرف أكرث وأكرث قدماً‪ ،‬ويخلق له بيئة مساعدة‬ ‫لحقها الظلم من العدالة االنتقالية وتزداد الجرائم‬ ‫بشاعة وعنفاً‪ ،‬مبا ال يعود ممكناً إحقاق العدالة‬ ‫التساع دوائر املتورطني وتشابك الجرائم بفعل ورد‬ ‫فعل‪ ،‬وتضيع الجرائم واملسؤولون عنها يف زحمة‬ ‫الخالص وعفا الله عام مىض‪ .‬وتبقى النار مشتعلة‬ ‫تحت رماد ّ‬ ‫هش ينتظر فرصة أخرى ليقتل أكرث ويدمر‬ ‫أكرث وتبقى الدوامة مستمرة كل مرة بشكل جديد‪.‬‬ ‫“الرشط الوحيد النتصار قوى الرش‪ ،‬هو عدم تحرك‬ ‫قوى الخري” هذا ما قاله أدموند بورك‪ ،‬أضيف‪“ :‬أن‬ ‫تفتعل العمى طوعاً ال يعني أنك حر‪ ،‬لكن بكل‬ ‫تأكيد جبان‪ ،‬بكل عيب وعار جبان وأناين” كام يقول‬ ‫املحامي الفرنيس تانغي‪..‬‬


‫المرسوم ‪ 55‬وحقيقة رفع حالة الطوارئ‬ ‫‪10‬‬ ‫المحامي ميشال شماس‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫بعد اندالع االحتجاجات واملظاهرات الشعبية يف‬ ‫آذار‪ ،2011‬املطالبة باملزيد من الحريات ورفع حالة‬ ‫الطوارئ‪ ،‬وإطالق رساح املعتقلني السياسيني‪ ،‬ووقف‬ ‫حاالت االعتقال‪ ،‬ومكافحة الفساد‪ ،‬حاول نظام األسد‬ ‫امتصاص الغضب الشعبي تارة بالرتهيب والتشدد‬ ‫واملزيد من االعتقاالت‪ ،‬وتارة أخرى بالرتغيب عرب‬ ‫إطالق الوعود الفارغة من أي مضمون‪ ،‬ومع تعنت‬ ‫النظام ورفضه الواضح االستجابة ملطالب الشعب‪،‬‬ ‫ارتفعت وترية االحتجاجات واملظاهرات لتعم مختلف‬ ‫املدن واملناطق السورية‪ ،‬وتتوسع معها قامئة املطالب‬ ‫الشعبية لتتوج برفع شعار إسقاط النظام‪ ،‬وأمام هذا‬ ‫الواقع أعلن النظام عن مجموعة من اإلجراءات‬ ‫التي اعتقد أنها ستخفف من وترية الضغط الشعبي‬ ‫املتزايد‪ ،‬فأعلن عن حزمة من القرارات التي وصفها‬ ‫باإلصالحية‪ ،‬كان يف مقدمتها رفع حالة الطوارئ وإلغاء‬ ‫محكمة أمن الدولة‪ ،‬إال أنه يف نفس الوقت أصدر‬ ‫نص يف‬ ‫املرسوم ‪ 55‬ليحل مكان حالة الطوارئ‪ ،‬حيث ّ‬ ‫مادته الثانية‪“ :‬تختص الضابطة العدلية أو املفوضون‬ ‫مبهامها باستقصاء الجرائم املنصوص عليها يف املواد من‬ ‫‪ 260‬حتى ‪ 339‬واملواد ‪ 221‬و‪ 388‬و‪ 392‬و‪ 393‬من‬ ‫قانون العقوبات وجمع أدلتها واالستامع إىل املشتبه‬ ‫بهم فيها‪ ،‬عىل أال تتجاوز مدة التحفظ عليهم سبعة‬ ‫أيام قابلة للتجديد من النائب العام وفقاً ملعطيات كل‬ ‫ملف عىل حدة وعىل أال تزيد هذه املدة عىل ستني‬ ‫يوماً”‪.‬‬ ‫يتضح من قراءة النص أعاله أن نظام األسد حاول‬ ‫الضحك عىل الشعب‪ ،‬فأوحى بداية أنه استجاب‬ ‫للمطالب الشعبية بأن ألغى حالة الطوارئ‪ .‬لكن يف‬ ‫واقع األمر أن رفع حالة الطوارئ كان شكلياً‪ ،‬حيث‬ ‫استمرت حالة الطوارئ مبظهر وشكل جديد‪ ،‬بعد أن‬ ‫ألبسها نظام األسد لباساً قانونياً جديداً يك تبدو أنها‬ ‫جاءت استجابة ملطالب الشعب‪.‬‬ ‫فمع بقاء صالحيات األمن الواسعة‪ ،‬قرر النظام يف‬ ‫خطوة غري مسبوقة اعتبار عنارص األجهزة األمنية من‬ ‫عنارص الضابطة العدلية بعد أن كان األمر مقترصاً عىل‬ ‫عنارص الرشطة املدنية‪ ،‬والهدف من ذلك هو توسيع‬ ‫مهام األجهزة وإضفاء الصفة القانونية عىل مامرساتها‪.‬‬

‫ومل يتوقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬بل ترك مدة التوقيف‬ ‫مفتوحة‪ ،‬فاملرسوم ‪ 55‬مل يلزم عنارص األمن باإلفراج‬ ‫عن املوقوفني لديها أو إحالتهم إىل القضاء بعد انتهاء‬ ‫مهلة الستني يوماً‪ ،‬حيث بقيت بدون أي مؤيد جزايئ‪،‬‬ ‫وبقي النص عىل مهلة الستني يوماً لغواً المعنى له‬ ‫من الناحية العملية‪ .‬وهذا ما يفرس استمرار األجهزة‬ ‫األمنية بتوقيف األشخاص ملدد تفوق الستني يوماً‬ ‫وتصل لسنوات كام هو حاصل اليوم لعرشات اآلالف‬ ‫من املعتقلني الذين مىض عىل اعتقالهم سنوات‬ ‫وسنوات‪ ،‬ويف مقدمهم املحامي خليل معتوق والدكتور‬ ‫عبد العزيز الخري‪ ،‬واملحامني سامر إدريس وعصام‬ ‫زغلول والطبيب محمد عرب‪ ،‬وفائق املري‪ ..‬والقامئة‬ ‫تطول جداً‪..‬‬ ‫وبدل أن يتم تعديل القوانني لتتفق مع أحكام الدستور‪،‬‬ ‫فإن النظام السوري عكس األمر متاماً‪ ،‬حيث عمد إىل‬ ‫تكريس ما سبق وأصدره مبرسوم يف نصوص دستور‬ ‫‪ 2012‬ليضفي عليها الصفة الدستورية والرشعية أمام‬ ‫الرأي العام‪ ،‬وهذا ما نالحظه لدى قراءة نص املادة ‪53‬‬ ‫من دستور ‪:2012‬‬ ‫“‪ 1-‬ال يجوز تحري أحد أو توقيفه إال مبوجب أمر أو‬ ‫قرار صادر عن الجهة القضائية املختصة‪ ،‬أو إذا قبض‬ ‫عليه يف حالة الجرم املشهود‪ ،‬أو بقصد إحضاره إىل‬

‫السلطات القضائية بتهمة ارتكاب جناية أو جنحة‪.‬‬ ‫‪ 2‬ال يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة‪،‬‬‫ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك‪.‬‬ ‫‪ 3‬كل شخص ُيقبض عليه يجب أن ُيبلغ أسباب توقيفه‬‫وحقوقه‪ ،‬وال يجوز االستمرار يف توقيفه أمام السلطة‬ ‫اإلدارية إال بأمر من السلطة القضائية املختصة‪.‬‬ ‫‪ 4‬لكل شخص حكم عليه حك ًام مربماً ونفذت‬‫فيه العقوبة وثبت خطأ الحكم أن يطالب الدولة‬ ‫بالتعويض عن الرضر الذي لحق به”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وهنا أيضاً يبدو النص الدستوري ملتبسا وغامضا لجهة‬ ‫تحديد مدة التوقيف‪ ،‬حيث ترك األمر ملزاجية رؤساء‬ ‫الفروع األمنية بدون أي مؤيد قانوين أو جزايئ‪ ،‬وال‬ ‫تجرؤ الجهات القضائية املخولة أساساً مبنح األجهزة‬ ‫األمنية املوافقة عىل االستمرار بالتوقيف مطالبتها تلك‬ ‫األجهزة بتسليم املوقف لديها أو اإلفراج عنه بعد‬ ‫انتهاء مهلة الستني يوماً التي نص عليها املرسوم ‪.55‬‬ ‫واألمر نفسه تكرر عندما قرر نظام األسد إلغاء محكمة‬ ‫الدولة العليا السيئة الصيت‪ ،‬والتي كان مطلب إلغائها‬ ‫يف قامئة املطالب الشعبية‪ ،‬حيث بادر النظام إىل إنشاء‬ ‫محكمة االرهاب لتكون بدي ًال عنها ومكملة ملا كانت‬ ‫تقوم به محكمة أمن الدولة‪ ،‬ولكن يف مظهر وشكل‬ ‫جديدين‪.‬‬

‫لوحة للفنان عيل فرزات يف بدايات الثورة ‪ -‬املصدر إنرتنت‬


‫داريا الصدمة‬ ‫‪11‬‬

‫أحمد منصور‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬

‫وضمن هذا السياق نستطيع الوصول إىل أن كل ما‬ ‫يحدث يف سوريا هو خارج إطار السوريني وليس‬ ‫لهم عالقة به (سياسياً وعسكرياً ومدنياً) بل إن‬ ‫املحركات الدولية املؤثرة هي من بدأت تدير‬ ‫ساحة االحرتاب السياسية والعسكرية بالداخل‬ ‫والخارج السوري بشكل ُمبارش‪ ،‬وأقصد هنا “نظام‬ ‫الطاغية واملعارضات وقوى التحارب” وعىل ما‬ ‫يبدو أنه حتى الدول اإلقليمية أيضاً بدأت بإعادة‬ ‫موضعتها لتتامها ضمن هذه ا ُملحركات و ُتقلص‬ ‫أدوارها تدريجياً ضمن عملية محاكاة إيجابية‬ ‫تنحرس يف محاوالت االحتفاظ باملصالح ا ُملكتسبة‬ ‫بعيداً عن ا ُملشاغالت واملشاغبات‪.‬‬ ‫وهذا بحسب اعتقادي يندرج يف إطار التوافقات‬ ‫الدولية املسبقة بني القوى املؤثرة واإلقليمية عىل‬ ‫كيفية إيجاد مناخ موائم إلعادة ترتيب ساحة‬ ‫الرصاع وإدارتها إىل حني استنفاذ وظيفتها اإلقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬والذي يشمل ليس فقط ما حدث يف‬ ‫داريا بل ما يحدث يف كل مناطق سوريا‪ ،‬وخصوصاً‬ ‫جبهات االصطدام املبارش بني قوى االحرتاب‬ ‫املتباينة التي بدأت تتشكل مالمح انحسار‬ ‫مسمياتها تدريجياً لتنحرس ضمن مروحيات‬ ‫ُمتعددة وواضحة (النظام وما يتبعه الحقاً‪ ،‬داعش‬ ‫وما يتبعها‪ ،‬القاعدة ومن يدور يف َفلكها)‪.‬‬ ‫وفق هذا املنظور نجد بأن ما حدث يف داريا‬ ‫(باعتباره جزء من الحفاظ عىل مراكز القوة‬ ‫والتعبري السيايس الرسمي والقانوين الدويل‬ ‫كدمشق العاصمة ومحيطها) وما يحدث يف عدة‬ ‫مناطق ثانية وما سيتبعه أيضاً مير عرب إعادة تدوير‬ ‫الرصاع وترتيب األوراق التي ميلكها أقطاب الرصاع‬ ‫وفق أولويات تخدم مواقعهم ومصالحهم يف لوحة‬ ‫الرصاع ليس السورية فقط بل والدولية مبجملها‪.‬‬ ‫إىل ذاك الحني وبغياب املرشوع الوطني السوري‬ ‫ستكون أدوار التمثيليات السورية عىل اختالف‬ ‫مشاربها “نظام ومعارضة” مجرد شخوص يف‬ ‫مرسح الظل الذي تنتهي أدوار من يلعب عىل‬ ‫مرسحه مبجرد الوصول إىل نهاية العرض‪ .‬لألسف‬ ‫هو عرض ملرة واحدة وبفاتورة دماء السوريني‪.‬‬

‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫ال يستطيع املتابع للشأن العام يف سوريا امليض‬ ‫بالتحدث عن مآل وصدمة ما حصل يف داريا دون‬ ‫أن يتوقف عند بعض األسئلة‪.‬‬ ‫ هل كان اتفاق خروج أهل داريا معلوماً مسبقاً‬‫لو مل يتم الحديث عنه عرب وسائل اإلعالم قبل‬ ‫أيام قليلة من قبل التمثيالت السياسية املعارضة‬ ‫والقوى املتحاربة والنظام الطاغية؟!‬ ‫عن ماذا كشف لنا وقع الصدمات التي تلقاها‬ ‫الجميع بعد سامعهم الخرب وما هي أدوارهم بهذا‬ ‫الحدث؟!‬ ‫ هل هناك وجود للـ “النظام واملعارضة” يف‬‫اتفاقيات زيوريخ وفينا وأوراق جنيف التوافقية‬ ‫حول سوريا؟!‬ ‫داريا الثورة ليست األوىل وليست األخرية ضمن‬ ‫مآل وظيفة الحرب‪.‬‬ ‫من الواضح أن وظيفة الحرب يف سوريا مل تنت ِه‬ ‫بعد‪ ،‬وأي حديث عن إطار سيايس للحل هو خارج‬ ‫الواقع واملنطق‪ ،‬عىل أقله يف املدى املنظور‪ ،‬وهذا‬ ‫يعود إىل ارتسام لوحة اصطفافات وتحالفات‬ ‫جديدة يف الرصاع‪ ،‬سواء عىل األرض السورية أو‬ ‫عىل امتداد الرصاعات نحو اليمن جنوباً‪ ،‬والعراق‬ ‫رشقاً‪ ،‬وصوالً إىل القرم وأوكرانيا شامالً مروراً‬ ‫بأوراسيا‪.‬‬ ‫وإىل أن تتشكل وتكتمل مشهدية املنظومة‬ ‫الدولية القادمة‪ ،‬والتي تبنيها تقاطعات املصالح‬ ‫الدولية ومن ثم اإلقليمية‪ ،‬والتي تؤثر بشكل‬ ‫مبارش عىل إدارة لوحة الرصاعات الحاصلة يف‬ ‫سوريا؛ فالجبهات املتحاربة يف سوريا‪ ،‬تستمد‬ ‫بقاءها من خالل استمرارية هذا األداء الوظيفي‬ ‫املرهون بسياسات ومصالح تلك الدول‪.‬‬ ‫وعىل وقع وظيفة الحرب والسالح إقليمياً ودوليا‪ً،‬‬ ‫تستمر عملية إعادة املوضعه وتوظيف السالح‪،‬‬ ‫سواء يف معارك تلعب دوراً يف ترجيح وتعديل‬ ‫موازين القوى (حلب ومنبج وجرابلس) أو يف‬ ‫عملية االستغناء عن هذا السالح لغياب رضورات‬ ‫وظيفته عىل جبهات أخرى (باب عمرو والقصري‬ ‫واليوم داريا) وينطبق هذا أيضاّ عىل جبهة غوطة‬ ‫دمشق الرشقية والغربية والقلمون‪ ،‬وجبهة‬

‫الساحل وجبهة درعا‪.‬‬ ‫ويف ضوء هذه الوقائع السابقة نجد أن وظيفة‬ ‫الحرب ليست متوقفة عىل قوى التحارب فقط‪،‬‬ ‫بل هي متتد إىل متثيالت سياسية رسمية سوا ًء لدى‬ ‫النظام أو املعارضة‪ ،‬إذ يشري أداء نظام الطاغية‬ ‫واستجاباته لإلمالءات الروسية واإليرانية‪ ،‬إىل‬ ‫خروج القرار من يده سياسياً وميدانياً‪ ،‬ويشري‬ ‫أداء التمثيالت السياسية املعارضة (ائتالف‬ ‫وهيئة تفاوض) وغيابها التام عن أي فعل أو‬ ‫تأثري أو استجابات لالستحقاقات الوطنية املاثلة‬ ‫واملتسارعة‪ ..‬إىل ارتهان أدوارها وانتظار اإلمالءات‬ ‫أيضاً تبعاً لتقارب أو تباعد تلك الدول (أمريكا‬ ‫وتركيا وقطر والسعودية وغريهم)‪.‬‬ ‫ووفق السياقات السابقة وباعتبار تضحيات‬ ‫ماليني السورين (قتل واعتقال وتهجري) فقد حان‬ ‫وقت مغادرة تلك املعارضات مع أمراء الحرب‬ ‫لوالءاتهم املصالحية والنفعية التي ال عالقة‬ ‫للسوريني فيها‪ ،‬بعيداً عن راية السوريني وشعارات‬ ‫ثورتهم وأياً كانت أدوارهم يف تسوية قادمة (إىل‬ ‫جوار الطاغية)‪ ،‬فالسوريون سيستبدلون أدواتهم‬ ‫ويستعيدون من جديد حلمهم املرسوق‪.‬‬ ‫وضمن إطار هذه التساؤالت ميكن لنا االستخالص‬ ‫بأن أجسام املعارضات سواء السياسية وحتى‬ ‫العسكرية (مجموعات الجيش الحر والفصائل‬ ‫اإلسالمية) مصابة بالعطب والشلل وتعيش حالة‬ ‫من الفراغ واإلفراغ باملضمون ُكلياً فكيف ميكن‬ ‫مترير مثل هذا االتفاق دون علم أحدهم ما عدا‬ ‫أهل داريا ذاتهم‪ ،‬وخصوصاً بعد ترصيح روسيا‬ ‫عىل لسان وزير خارجيتها الذي رصح قبل يوم‬ ‫عقب مؤمتره الصحفي مع جون كريي بأن هذا‬ ‫االتفاق تم برعاية ومتابعة وضامنة روسيا‪ ،‬وأن ال‬ ‫أحد له علم بذلك حتى نظام الطاغية ال يوجد‬ ‫له أي دور مبارش به‪ ،‬بل كان أيضاً من الذين تم‬ ‫إعالمهم الحقاً‪ ،‬فمثل هذا االتفاق الذي تم إبرامه‬ ‫بغض النظر عن الحالة املعيشية والدفاعية املرتدية‬ ‫التي وصل إليها أهلنا والفصائل املوجودة يف داخل‬ ‫داريا والتي ال ميكن إال مبادلتهم بالشكر العميق‬ ‫عىل اتخاذهم لهذا القرار الشجاع بكيفية محافظتهم‬

‫عىل املدنيني وذويهم وأنفسهم (قرار الشجعان)‪.‬‬


‫الحرب كمدخل إلعادة صياغة دور المرأة‬ ‫‪12‬‬ ‫علي جبر‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫دامئاً ما كانت املرأة الحلقة األضعف يف أي مجتمع‬ ‫نتيجة الرتكيبة الذكورية التي تقوم عليها معظم‬ ‫املجتمعات وبالتايل دامئاً ما كانت تدفع الثمن األكرب‪,‬‬ ‫إال ّأن الثمن الذي تدفعه يف الحروب والرصاعات‬ ‫يبقى مثناً باهظاً بكل املعايري‪ ,‬وخاصة إذا ما كان‬ ‫املجتمع محافظاً جداَ وبالتايل ُيق ّيد حركة املرأة وال‬ ‫يعتمد عليها إال يف الحد األدىن‪ُ ,‬مقل ًّال من متكينها‬ ‫يف مختلف املجاالت بدءاً بالتعليم وليس إنتهاء‬ ‫بالعمل الذي يعني إلغاء استقاللها اإلقتصادي الذي‬ ‫هو سبيلها للعب دور فاعل ومنتج يف املجتمع‪,‬‬ ‫وعىل العكس يتم إلحاق املرأة باقتصاد العائلة‬ ‫الذي يعتمد عىل الذكور بالدرجة األوىل‪ .‬بعض‬ ‫االستثناءات التي تعمل فيها املرأة غالباً يتم رفض‬ ‫مساهمتها يف دخل األرسة وينظر لذلك الدخل عىل‬ ‫أنه ال يتجاوز حدود املرصوف الشخيص‪ ,‬إذ تعترب‬ ‫مساهمتها يف دخل األرسة نوعاً من اإلهانة ودلي ًال‬ ‫عىل عدم كفاءة املعيل الذكر‪ ,‬ينسحب ما سبق عىل‬ ‫غالبية املجتمعات العربية لذلك اليشكل املجتمع‬ ‫السوري إستثنا ًء يذكر‪.‬‬ ‫بسبب هذا التهميش والتحجيم لدور املرأة يف‬ ‫فرتة االستقرار فإنها تدفع مثناً باهظاً يف الحروب‬ ‫والرصاعات‪ ,‬إذا إن معاناتها يف فرتات الرصاع‬ ‫تتناسب عكساً مع حجم التهميش الذي كانت‬ ‫تعيشه قبل ذلك‪ .‬لكن ذلك يف ذات الوقت يفتح‬ ‫آفاقا جديدة تحت ضغط األمر الواقع ليؤسس لدور‬ ‫أكرب للمرأة يف مرحلة الرصاع وما بعدها‪ .‬وإذ تغلب‬ ‫عىل صورة املرأة يف حاالت الرصاع صورة الضحية‪,‬‬ ‫إ ّال ّأن املعاناة الحقيقية يف الغالب تتجاوز بعرشات‬ ‫األضعاف ما يستطيع اإلعالم تسليط الضوء عليه‪.‬‬

‫*‪ -‬الحالة السورية‪:‬‬

‫انتقلت املرأة يف الحالة السورية من البيئة التي‬ ‫تألفها وتستطيع التعاطي معها وتوفر لها قدراً كبرياً‬ ‫من اإلحساس باألمان يف ظل دورها املحدود الذي‬ ‫كانت تقوم به يف الحياة التقليدية إىل حالة اللجوء‬ ‫مبا تتضمنه من مصاعب ج ّمة‪ .‬ويف بداية الثورة‪,‬‬ ‫لعبت املرأة دوراً أكرب من دورها التقليدي املعتاد‬ ‫واستشعرت قدرتها عىل القيام بأدوار تتجاوز الدور‬

‫االجتامعي السابق‪ ,‬حتى بلغ بأحد املتظاهرين أن‬ ‫قال للنساء يف إحدى املظاهرات‪( :‬مني عاد يقدر‬ ‫يضبكون أنتو يانسوان)!!‪.‬‬ ‫إال ّأن تحول الثورة إىل املسار املسلح بداية‪ ,‬وإىل‬ ‫رصاع إقليمي دويل ثانياً‪ ,‬قلب املعادلة وأصبحت‬ ‫املرأة الخارس األكرب‪ ,‬إذ تح ّولت من لعب دور‬ ‫يعزز قدراتها عىل كافة الصعد إىل خارس عىل كل‬ ‫الجبهات‪ .‬وتضاعف كل ذلك يف حالة اللجوء التي‬ ‫ّ‬ ‫تضطر لها املرأة إلنقاذ ما ميكن إنقاذه هرباً من‬ ‫الحرب التي تطحن كل من تصادفه يف طريقها‪.‬‬ ‫وسواء كان وضعها يف اللجوء مع زوجها أو مع‬ ‫أطفالها ّ‬ ‫فإن املعاناة تكاد التف ّرق‪ ,‬وخاصة يف حالة‬ ‫اللجوء إىل لبنان التي تفاقم صعوبة إن مل نقل‬ ‫إستحالة اإلجراءات الرسمية‪ ,‬ويف كلتا الحالتني‬ ‫ستكون املسؤولة عن إعالة أرستها‪ ,‬عرب العمل يف‬ ‫أية فرصة ممكنة من العمل بالزراعة إىل العمل‬ ‫بالتعليم إىل املجاالت األخرى وهي غالباً ما تعمل‬ ‫يف القطاعات ذات املردود القليل‪ .‬ونتيجة لحاجة‬ ‫املرأة للدعم والرعاية فقد بدأت منظامت املجتمع‬ ‫املدين التي تعمل عىل رفع وعي النساء ودعمهن‬ ‫تعمل يف وسط الالجئات يف محاولة لسد جزء يسري‬ ‫من الحاجة لدى النساء يف حالة اللجوء‪ ,‬وأنتقلت‬ ‫الحقاً إىل لعب دور توعوي يف كافة املجاالت‪,‬‬ ‫لكن برزت أزمة كبرية يف عدم ترابط جهود هذه‬ ‫املنظامت وتنسيقها يف خطط ذات اسرتاتيجيات‬ ‫واضحة بنا ّءة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعض هذه املنظامت ركزت عىل الحاجات اآلن ّية‬ ‫للنساء خاصة يف املرحلة االوىل من عمر اللجوء‪,‬‬ ‫فقدّمت دع ًام مل يتجاوز حدود الحاجة املؤقتة‪ ,‬دون‬ ‫التأسيس لتغيري مستدام وبعيد املدى يف دور املرأة‬ ‫وبالتايل يف بنية املجتمع‪ ,‬كالتعليم املهني الذي‬ ‫ورغم الحاجة إليه لكنه اليخرج باملرأة من اإلطار‬ ‫النمطي‪ .‬منظامت أخرى اهتمت برفع الوعي لدى‬ ‫النساء بحقوقهنّ وتوعيتهنّ عىل قضايا التمي ّيز عىل‬ ‫أساس النوع االجتامعي “الجندر”‪ ,‬والتمييز ضدّهن‬ ‫يف القوانني السورية وحتى الدستور‪ ,‬األمر الذي قد‬ ‫يبدو للوهلة األوىل بعيداً كل البعد عن الحاجات‬ ‫امللحة للنساء‪.‬‬

‫إال أن الجهود املبعرثة مينة ويرسة دون رؤية واحدة‬ ‫وخطة واضحة قد التجدي نفعاً إذا مل تعد سلباً يف‬ ‫بعض الحاالت‪ .‬لذلك يجب ان تركز الجهود عىل‬ ‫رفع قدرة املرأة عىل لعب دور أكرب من خالل متكني‬ ‫النساء إقتصاديا بالدرجة األوىل‪ ,‬عىل أن يكون‬ ‫التمكني االقتصادي مبنياً عىل التمكني العلمي الذي‬ ‫يتيح للمرأة الدخول إىل سوق العمل سواء كيد‬ ‫عاملة مؤهلة أو عرب مشاريع إنتاجية‪ ,‬باإلضافة إىل‬ ‫الحاجة لقدراتهن يف مرحلة بناء سوريا الجديدة‪.‬‬ ‫لذلك يجب أن تركز منظامت املجتمع املدين‬ ‫سواء كانت غري ربحية أو ربحية ليس فقط عىل‬ ‫رفع الوعي بقضايا النساء واتباع الطرق التقليدية‬ ‫والنمطية يف متكني النساء‪ ,‬بل يجب العمل عىل‬ ‫وضع برامج طويلة املدى لتمكني النساء تستهدف‬ ‫إحداث فرق نوعي يتيح لهنّ لعب دور أكرب يف كافة‬ ‫الجاالت مبا يف ذلك السيايس منها بشكل يحدث‬ ‫نتيجة مستدامة ويخرج املرأة من اإلطار النمطي‬ ‫الذي يضعها فيه املجتمع‪ ,‬مام ميكن أن ينتج تغيرياً‬ ‫يف منط ّية دورها وتغيرياً الحقاً يف دورها االجتامعي‬ ‫والسيايس‪ ,‬إذ ّإن التوعية بشأن قوانني التمييز‬ ‫واملواد التمييزية لن تحدث فرقاً ما مل تكن النساء‬ ‫قادرات عىل لعب دور يتجاوز الواقع املؤقت الذي‬ ‫تطلع به يف مرحلة اللجوء‪ ,‬ويؤسس لدور مستدام‬ ‫بعد مرحلة الحرب تلعب فيه املرأة دوراً محورياً‬ ‫أكرب من دورها قبل الحرب‪.‬‬ ‫من املهم جداً أن تقوم كافة املنظامت العاملة يف‬ ‫مجال حقوق النساء بتكوين تص ّور واضح‪ ,‬ووضع‬ ‫خطة بعيدة املدى‪ ,‬والعمل بالتوازي لتمكني النساء‬ ‫بشكل يثبت الدور الكبري الذي يقمن به يف مرحلة‬ ‫اللجوء ويؤكد عىل قدرتهن عىل لعب ادوار أكرب‬ ‫بكثري من االدوار التي كنّ يلعبنها بشكل تقليدي‬ ‫يف مرحلة ما قبل الثورة وال يسمح بعودة الوضع‬ ‫إىل ما كان عليه سابقاً‪ ,‬ويث ّبت الدور الذي يلعبنه‬ ‫والحقوق التي حصلن عليها‪ ,‬وعدم النظرإىل‬ ‫املرحلة الحالية كمرحلة مؤقتة لجهة الدور الذي‬ ‫تقوم به عىل أساس أنه وضع طارئ وستعود األمور‬ ‫إىل ما كانت عليه وبالتايل خسارة كافة الجهود التي‬ ‫بذلت سدى‪.‬‬


‫التحديات الشائكة على‬ ‫درب النساء السوريات‬ ‫هنادي زحلوط‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬

‫وتجدهن اليوم يجلسن ليتذكرنها حجراً حجراً‪ ،‬وبالطة‬ ‫يف إثر بالطة‪ ،‬ويسألن من بقي من الجريان أن يطمنئ‬ ‫عليها‪ ،‬و ُتكرس قلوبهن إن سمعن ّأن صاروخاً أو قذيفة‬ ‫قد اخرتقتها!‬ ‫نساء تحرتق قلوبهن اليوم عىل أطفالهن‪ ،‬إن خطر‬ ‫ببالهن طبق ال يستطعن اليوم تحضريه لهم‪ ،‬أو رأين‬ ‫يف عيونهم حرسة عىل أمس كان لديهم فيه وفرة من‬ ‫األلعاب ووفرة من أمل بغد جميل‪ ،‬أحالم رمبا تبخرت‬ ‫اليوم يف جهنم هذه الحرب التي ال تلوح نهاية لها‪.‬‬ ‫وبني من فقدت زوجها شهيداً أو معتق ًال أو مفقوداً‬ ‫وجدن أنفسهن أ ّماً وأباً‪ ،‬وأختاً وأخاً‪ ..‬مزيج من الحنان‬ ‫والرجولة كان البد أن يتحلني به وسط ظرف صعب‬ ‫حرمهن رؤية أحبتهن‪ ،‬ووضعهن وجهاً لوجه مع واقع‬ ‫مل يكن لديهن الوقت لالستعداد له‪.‬‬ ‫إ ّال ّأن النتائج امللفتة لكثري من الطالب السوريني يف‬ ‫االغرتاب واللجوء أصبحت مؤرشاً عىل أن هنالك نساء‬ ‫أخرجن من الضعف قوة‪ ،‬وحاولن بجهد مضاعف‬ ‫تعويض العطب الحاصل بغياب األب‪ ،‬فوضعن صورته‬ ‫نصب عيون أطفالهن وخلقن لديهم الحافز إلخراج كل‬ ‫قدراتهم العلمية ومواهبهم الفنية‪.‬‬ ‫ويف املقابل خلقت الحرب والواقع الراهن ظروفاً‬ ‫معقدة للعالقات اإلنسانية وتشابكاً رهيباً‪ ،‬فتضاعفت‬ ‫تحديات تربية األطفال كام الخوف عىل انجرارهم‬ ‫لواقع يسء‪ ،‬ورسخت أكرث فأكرث القيم اإلنسانية‬ ‫العليا كالحب والعدالة واملساواة‪ ،‬واستشعرت الكثري‬ ‫من النساء الظلم الذي رمبا ألحقنه دون أن يدرين‬ ‫بطفالتهن‪ ،‬والتمييز الذي وقع عليهن بالتايل وورثنه‬ ‫لهن‪.‬‬ ‫يف النهاية كان طبيعياً أن ترتفع األصوات املطالبة‬ ‫بالطالق يف صفوف النساء السوريات اللوايت وجدن‬

‫أنهن يدفعن الفاتورة األكرب يف الواقع الجديد‪،‬‬ ‫وباملقابل ظللن تعانني التمييز الذي كن يعانينه يف‬ ‫سوريا‪ ،‬الفرق أنهن اليوم بنت أكرث وعياً‪ ،‬ويف مجتمع‬ ‫يعطيهن الحق باالنفصال إن وجدن أنهنّ ُم ّ‬ ‫ترضرات‬ ‫من هذه العالقة‪ .‬ومع ازدياد هذا الوعي ال شك بأنّ‬ ‫نظرة النساء السوريات ألنفسهن وإدراكهن لحجم‬ ‫معاناتهن ولطريقة تعاملهن مع مشكالتهن تغريت‪،‬‬ ‫لكن بقي الواقع يضغط عليهن عاطفياً بشكل كبري‪،‬‬ ‫فكان طبيعياً أن ترتاوح ردة أفعالهن بني العاطفي‬ ‫والعقالين‪ .‬تلك الحقوق التي وعتها النساء السوريات‬ ‫هي ذاتها التي كنّ بحاجتها قبل الثورة‪ ،‬لكن الوعي‬ ‫والتجربة قد مكنهنّ اليوم بشكل أكرب من اختبارها‪.‬‬ ‫املسألة األخرى ّأن الهيئات الحقوقية والسياسية بوجه‬ ‫عام‪ ،‬والتي عانت نقصاً يف املشاركة النسوية فيها‪ ،‬مل‬ ‫تتنب مقولة املواطنة منهجاً لها‪ ،‬رغم املشاركة الكثيفة‬ ‫للنساء يف كافة املناحي اإلغاثية واإلعالمية والحقوقية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وظل ينظر إىل‬ ‫والعائلية اليومية فوق كل ذلك‪.‬‬ ‫طرح حقوق النساء السوريات عىل أنه ترف فكري‬ ‫وبريستيج يف غري مكانه‪ ،‬وتساق لذلك صور املوت‬ ‫اليومي‪ ،‬والقتل املمنهج ض ّد النساء والرجال واألطفال‬ ‫عىل حد سواء‪ ،‬رغم أنه وعىل سبيل املثال فإن املرأة‬ ‫السورية املعتقلة تعاين اجتامعياً ما ال يعانيه املعتقل‬ ‫السوري الرجل‪ ،‬وأن السياسية السورية تعاين اجتامعياً‬ ‫كذلك ما يفوق معاناة السيايس الرجل‪ ،‬فقط لتمييز‬ ‫اجتامعي يرزحن تحته لكونهنّ “نساء”!‬ ‫وإذا كانت سوريا اليوم محتاجة لعدالة انتقالية تعيد‬ ‫لكل ذي حق حقه‪ّ ،‬‬ ‫فإن ما يزيد عىل نصف املجتمع‬ ‫السوري‪ ،‬ال بل كل املجتمع السوري معني باملطالبة‬ ‫وإعادة األمور لنصابها ورفع شعار املواطنة‪ ،‬وإلغاء‬ ‫التمييز بني املواطنني عرقياً أو جنسياً أيضاً‪.‬‬

‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫مل تكن صورة املرأة التي سحقها سقف منزلها جراء‬ ‫القصف الجنوين عىل مدينة الرسنت سوى تكثيفاً ملا‬ ‫أصاب النساء السوريات من مآس تتابعت عليهن منذ‬ ‫أكرث من خمس سنوات‪ .‬املرأة التي انهار سقف منزلها‬ ‫بفعل القصف املتوحش كانت جرميتها الوحيدة أنها‬ ‫اختارت البقاء لحامية ورعاية عائلتها‪ ،‬فكان أن القت‬ ‫حتفها يف سبيل ذلك‪ .‬وبالطبع ّ‬ ‫فإن من حالفها الحظ‬ ‫من بقية النساء السوريات واهتدت إىل طريق للخروج‬ ‫من هذا الحصار مع عائلتها مل تكنّ متأكدات أنهنّ‬ ‫أصبحن أفضل حاالً؛ فخيمة اللجوء الحقرية التي ال‬ ‫تقي برد الشتاء وال قيظ الصف جعلت حياتهن جزءاً‬ ‫من سرية الشظف لشعب بكامله‪.‬‬ ‫عانت هؤالء النسوة من نقص املاء وقلة الطعام‪ ،‬وعاىن‬ ‫أطفالهنّ من شح فرص التعليم‪ ،‬وأطلقت الصيحات‬ ‫مراراً لجمع املالبس الشتوية لهم‪ ،‬لكن النزيف من‬ ‫داخل سوريا جعل االحتياجات تزداد باستمرار‪ ،‬مام‬ ‫زاد يف معاناتهن من هذا الواقع‪ .‬وبرغم عدم امتالك‬ ‫هؤالء النساء يف أحيان كثرية املؤهالت الالزمة فإنهنّ‬ ‫كنّ معنيات بإعالة أرسهن‪ ،‬رغم نقص التعليم الذي‬ ‫عانته بعضهن‪ ،‬وكان ذلك أشبه مبحاولة الحصول عىل‬ ‫مصباح كهربايئ من زجاج ُم ّ‬ ‫هشم وبضع أسالك شائكة!‬ ‫كانت النساء السوريات عىل قدر التحدي رغم‬ ‫ّ‬ ‫فأنشأن املدارس يف املخيامت‪ ،‬وتط ّوعت‬ ‫كل يشء؛‬ ‫املتعلامت منهن لنقل علمهن إىل جيل الحرب والنزوح‪،‬‬ ‫وحاولنّ زرع االبتسامة عىل شفاه تشققت من ملوحة‬ ‫الدموع‪ ،‬واستطاعت الكثريات أن تخرج األطفال من‬ ‫تحت ذكرى املجازر والدم والبارود والركام للعب‬ ‫تحت قوس قزح‪ ..‬رمبا صنعنه باألمل فقط‪.‬‬ ‫ومل تكن النساء السوريات واقعات تحت تأثري الواقع‬ ‫االقتصادي ا ُملر فقط‪ ،‬ومل تكف الخيام لرد املتطفلني‬ ‫عن الرتبص بهنّ ‪ ،‬فكان أن انترشت عصابات االتجار‬ ‫بالبرش‪ ،‬م ّرة تحت عنوان اإلنقاذ من هذا الواقع‪،‬‬ ‫وم ّرات كثرية وصل األمر الرتكاب جرمية تزويج‬ ‫القارصات باسم هذا الواقع‪ ،‬بدالً من السعي لتغيريه‬ ‫وتحسني ظروفهن وكفاءاتهن‪ .‬وتحت الخيمة هذه ويف‬ ‫بلدان اللجوء والشتات‪ ،‬كان الحنني والتعب يتجاذبان‬ ‫مشاعرهن مينة ويرسة؛ نساء أجربن عىل ترك منازل‬ ‫لطاملا أسهمن يف بنائها وتأثيثها‪ ،‬حل ًام حل ًام‪ ..‬ويف‬ ‫َ‬ ‫وجدن أنفسهن مجربات عىل تركها‪.‬‬ ‫غفلة من القدر‬

‫‪13‬‬


‫المرأة‪ ..‬أدوار جديدة ورهان غامض‬ ‫‪14‬‬ ‫إباء منذر‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫لن يعود يشء كام كان قبل خمس سنوات‪ ،‬هي واحدة‬ ‫من ا ُمل ّ‬ ‫سلمت التي فرضتها الحرب بعد أن غريت‬ ‫سوريا بكل مكوناتها وتفاصليها‪ ،‬مبا يف ذلك وضعية‬ ‫ودور املرأة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫“انتظرتهم ليصبحوا رجاال ويعيلوين يف كربي لكنهم‬ ‫ذهبوا من غري وداع” هذا ما قالته يل “أم أحمد”‬ ‫السيدة الخمسينية بصوتها املنهك من إعالة أحفادها‬ ‫وابنتيها يف بالد النزوح‪.‬‬ ‫“منذ عامني خرج أوالدي الثالثة ومل يعودوا وال أعرف‬ ‫عنهم أي يشء” تضيف “أم أحمد” القاطنة يف لبنان‬ ‫بعد أن استأجرت غرفة متواضعة يعيش فيها مثانية‬ ‫أفراد بينهم ثالثة أطفال‪ .‬عائلة أم أحمد هي واحدة‬ ‫من أصل ‪ 144‬ألف عائلة سورية فقدت معيلها خالل‬ ‫الخمس سنوات الفائتة‪ ،‬وفقاً إلحصائيات الثورة‬ ‫السورية‪.‬‬

‫أرقام ودالالت‬

‫وتبعاً للغة األرقام وحسب مصدر اإلحصاء ذاته‪ّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫عدد الشهداء من الذكور بلغ ‪ 151685‬شهيداً موثقاً‬ ‫باالسم‪ ،‬أضف إىل ذلك ‪ 114960‬معتق ًال و‪109535‬‬ ‫مفقوداً‪ .‬وبينام تدور رحى الحرب تتضاعف أرقام‬ ‫النزوح خارجياً‪ ،‬وباالستناد إىل أرقام “الشبكة السورية‬ ‫لحقوق االنسان” فقد بلغ عدد الالجئني السوريني يف‬ ‫الخارج خمسة ماليني و‪ 835‬ألف‪ ،‬أكرث من ‪ % 50‬منهم‬ ‫أطفال و‪ % 35‬من النساء و‪ % 15‬هم من الرجال‪.‬‬ ‫هناك إذاً ما يزيد عن مليوين امرأة ‪ -35%‬من إجاميل‬ ‫الالجئني‪ -‬خرجن من سوريا بحثاً عن حيا ٍة جديدة‪،‬‬ ‫بيئات محافظة‪ .‬وبقراءة‬ ‫ني إىل‬ ‫ومنهن من تنتم ّ‬ ‫ٍ‬ ‫األرقام ّ‬ ‫فإن تأمني مصدر دخل لعدد كبري من األرس‬ ‫السورية بات يقع عىل كاهل املرأة بعد أن كانت نسبة‬ ‫سجلة ال تتجاوز ‪ 12.9‬يف‬ ‫مشاركتها يف قوة العمل ا ُمل ّ‬ ‫املئة قبل سنوات الثورة وفق أرقام املكتب املركزي‬ ‫لإلحصاء لعام ‪ ،2010‬مع اإلشارة إىل ّأن هذه النسبة‬ ‫ال تشمل العامالت يف اقتصاد الظل (غري املنظم)‪،‬‬ ‫والعامالت يف الزراعة ضمن األرياف‪.‬‬ ‫هو إذاً اختبار قدرة وتحمل ُأجربت املرأة عىل دخوله‪،‬‬ ‫ويف بعض األحيان نجحت يف ذلك؛ ففي قراء ٍة متأنية‬ ‫ملئات القصص السورية هناك العديد من النساء اللوايت‬

‫خرجن من سوريا وحدهن وتحملن مسؤولية أطفالهن‬ ‫ّ‬ ‫للوصول إىل بال ٍد أكرث أمناً رغم خروجهن من بيئات‬ ‫محافظة‪ ،‬وهذا ما كان صعباً عىل املرأة مامرسته قبل‬ ‫خمس سنوات‪.‬‬

‫تبادل األدوار‬

‫“سلمى” هي واحدة من السيدات الواصالت إىل فرنسا‬ ‫برفقة طفليها عن طريق التهريب‪ ،‬تحملت مسؤولية‬ ‫ومخاطر الطريق بالنيابة عن زوجها الذي ينتظر قرار‬ ‫مل الشمل بعد حصولها عىل اإلقامة‪.‬‬ ‫أما “رهف” (تحمل إجازة جامعية) الوحيدة عىل ثالثة‬ ‫شبانٍ مل تكن تجرؤ عىل الخروج وحيد ًة من منزلها‬ ‫خضوعاً لرغبة إخوتها‪ ،‬ولكن بعد رحلة عذابات داخل‬ ‫سوريا اضطرت األرسة خاللها للنزوح ثالث مرات‪،‬‬ ‫وتدهورت أحوالها املادية‪ .‬تجرأت الفتاة عىل النزوح‬ ‫وحيدة إىل لبنان ومن ثم إىل تركيا لتعمل هناك وتعيش‬ ‫وحدها‪ ،‬وترسل ألرستها بعض املال‪ ،‬وهي تستعد اليوم‬ ‫للزواج من شاب سوري التقته يف املهجر‪ ،‬وتقبلت‬ ‫األرسة بشكلٍ أو آخر وضع رهف الجديد‪ ،‬وأصبح ما‬ ‫كان مستحي ًال يف األحوال العادية‪ ،‬أمراً مسل ًام به‪ ،‬ال بل‬ ‫وممتدحاً من قبل األبوين وأحد األشقاء الثالثة‪.‬‬ ‫وما زالت ضحكة السيدة التي ط ّلقت زوجها يف أوروبا‬ ‫عالق ًة يف ذهني معلل ًة أنها ال تحبه وتركته فور وصولها‬ ‫إىل بال ٍد تحرتم حقوق املرأة!‬ ‫انتهاكات‬ ‫ورغم ما تتعرض له املرأة يف مواقع كثرية من‬ ‫ٍ‬ ‫صارخة لحقوقها عمقتها الحرب‪ ،‬لكن فور تح ّررها من‬ ‫القيد االجتامعي ستكون سيدة نفسها ومتتلك قرارها‬ ‫وقت مىض‪.‬‬ ‫الحر أكرث من أي ٍ‬

‫مناذج متعاكسة‬

‫مل يعد باإلمكان قراءة واقع املرأة داخل سوريا‪ ،‬بصفة‬ ‫عامة‪ ،‬بسبب ازدياد الرشوخات االجتامعية والسياسية‪،‬‬ ‫ففي بعض البيئات داخل سوريا دفعت املرأة بالقوة‬ ‫إىل املزيد من التقوقع واالنغالق وتحجيم دورها‬ ‫بيئات أخرى ألقت بها الظروف‬ ‫ومكانتها‪ ،‬باملقابل يف ٍ‬ ‫يف معرتك الحياة‪ ،‬ووجدت نفسها وحيدة تصارع من‬ ‫أجل قوتها وقوت أطفالها‪ّ ،‬‬ ‫مم عزز ثقتها بنفسها‪،‬‬ ‫وأكسبها مهارات وخربات جديدة‪ ،‬من الصعب إعادتها‬ ‫إىل الخلف‪.‬‬

‫أما خارج سوريا فمقابل النامذج التي ميكن وصفها‬ ‫باإليجابية لجهة استقاللية املرأة وتعزيز دورها‬ ‫وحقوقها‪ّ ،‬‬ ‫ظل األمر يف كثري من الحاالت رهناً الستجابتها‬ ‫أوالً والستجابة الرجل ثانياً‪ّ ،‬‬ ‫فإن املتغري الوحيد الذي‬ ‫طرأ عىل حياة العديد من العائالت السورية القادمة‬ ‫إىل أوروبا هو املكان‪ ،‬بسبب متسك الرجل واملرأة‬ ‫مجتمع‬ ‫أكرث فأكرث بأفكا ٍر يعتقدان أنها حصانتهام يف‬ ‫ٍ‬ ‫“غريب” ينظران إليه عىل أنه متفكك أخالقياً‪.‬‬ ‫“صفاء” أتت مع زوجها وأوالدها إىل فرنسا تقول‪:‬‬ ‫“زوجي كان أكرث مرون ًة يف سوريا سواء من ناحية‬ ‫اللباس أو حركتي خارج املنزل وأيضاً تربية األطفال‪،‬‬ ‫لكنه منذ وصولنا ازداد تشدداً خوفاً من اعتناقنا ألفكار‬ ‫املجتمع الجديد”‪ .‬وال تخفي صفاء انزعاجها من ذلك‬ ‫وعدم قناعتها بهذا التشدد غري املربر‪ ،‬إال أنها يف ذات‬ ‫الوقت متصالحة مع ذاتها‪ ،‬فهي تنظر إىل نفسها عىل‬ ‫أنها عاجزة أمام إحداث أي تغيري يف تعاطي زوجها مع‬ ‫حياتهم يف املجتمع الجديد‪.‬‬

‫رهان مستقبل غامض‬

‫ستواجه املرأة امتحاناً مل تعهده من قبل‪ ،‬حيث ستعاين‬ ‫طوي ًال من العيش بني متناقضني أحدهام جاءت‬ ‫به رواسب اجتامعية عمرها مئات السنني‪ ،‬وواقع‬ ‫موضوعي فرضته ظرف الثورة واللجوء‪ .‬ومن البديهي‬ ‫أن ال نقرأ نتائج ذلك عىل املدى القصري‪ ،‬كام من‬ ‫الصعب تحديد مدى قدرة املرأة عىل مواءمة الظروف‬ ‫وتطويعها‪ ،‬إلحداث تغيري عميق والخروج من الرشنقة‪.‬‬ ‫مهمة جديدة وقعت عىل عاتق املرأة (يف الداخل‬ ‫والخارج) أضيفت إىل جملة املهام التي تقوم بها يف‬ ‫مجتمع تع ّمق فيه الفصل بني ما للنساء وما للرجال‬ ‫ٍ‬ ‫من أعامل‪ ،‬وتوزيع مختلف لألدوار‪ ،‬تراجع يف كثري من‬ ‫الحاالت دور الرجل تدريجياً بسبب الظرف املوضوعي‬ ‫الذي فرضته الحرب لصالح مساح ٍة أكرب ستمألها املرأة‪.‬‬ ‫رمبا سيكون ذلك عبئاً ثقي ًال عىل املرأة‪ ،‬لكن إذا كان‬ ‫من املؤكد أنه سيذهب بها إىل تحقيق املزيد من‬ ‫االستقاللية االقتصادية‪ ،‬يبقى السؤال مفتوحاً‪ ،‬هل‬ ‫سيؤدي هذا من حيث املحصلة إىل كرس القيود‬ ‫االجتامعية املرتاكمة منذ عهود طويلة‪ ،‬وإحداث تغيري‬ ‫عميق يف وضعية املرأة السورية داخل املجتمع؟‪.‬‬


‫القاصرات في مناطق نفوذ داعش‪..‬‬ ‫ضحايا المجتمع أم ضحايا األمر الواقع !!‬ ‫سامي الساري‬

‫ابنته التي ستتزوج بعد عيد األضحى‪ ،‬وتبدو عليه‬ ‫آثار الفرحة ألنه قد اطمنئ عىل مستقبل ابنته التي‬ ‫ال يتجاوز عمرها الـ ‪ 13‬سنة‪ ،‬فيقول‪“ :‬والله يا بن‬ ‫هم البنات للمامت” ويتابع‪“ :‬لكن أستطيع‬ ‫أخوي ّ‬ ‫القول إنني مطمنئ اآلن عىل ابنتي‪ ،‬خصوصاً أن‬ ‫جميع إخوتها الشباب قد غادروا إىل أوربا‪ ،‬وأخىش أن‬ ‫يصيبني مكروه وتصبح ضحية لـ (اليل ما يتسمون)‪،‬‬ ‫فأكرث من مرة زاروين (بتكلم عن تنظيم داعش)‬ ‫ليطلبوا يد ابنتي الصغرية‪ ،‬وأقابلهم بالرفض أنها ال‬ ‫تزال صغرية‪ ،‬وقد سمعت رشع ّيهم يف أكرث من مناسبة‬ ‫يقول إن زواج الصغرية جائز يف اإلسالم‪ ،‬ويربهن ذلك‬ ‫أن النبي محمد (ص) قد تزوج عائشة وهي يف عمر‬ ‫تسع سنوات‪ ،‬فقررت أن أزوجها ألول عريس يتقدم‬ ‫لها برشط أن يكون من أبناء القرية” يتابع “أبو‬ ‫حسام”” أن “كل األهايل يزوجون بناتهم يف سن مبكر‪،‬‬ ‫وتختلف األسباب من عائلة إىل أخرى” ويؤكد “أن‬ ‫زواج القارصات مشكلة تهدد بتفكك األرس؛ فأغلب‬

‫هذه الزيجات تنتهي بالطالق أو بالتحاق األزواج‬ ‫بـ(اليل ما يتسمون) فتعود الزوجة إىل أهلها أرملة‬ ‫أو مطلقة بعمر الخامسة عرش”‪ .‬ينهي “أبو حسام”‬ ‫حديثه ببيت من الشعر الشعبي رافقه أنني صامت‬ ‫ونربة عتاب‪ ..‬قاطعته‪ ،‬واكتفيت بالقول إن غداً‬ ‫سيكون أفضل‪ ..‬يك ال أفسد فرحة “أبو حسام” الذي‬ ‫أصبح عىل أعتاب الخمسني من عمره‪..‬‬ ‫يبدو أن هذا الرشخ الذي أصاب بنية املجتمع‬ ‫وعبث بكل مفاهيمه سيحتاج إىل سنني عديدة من‬ ‫أجل إعادة األمور عىل ما كانت عليه من قبل‪ ،‬وأن‬ ‫الخطوة األوىل بعد القضاء عىل االستبداد والتطرف أن‬ ‫أرص‬ ‫نعود إىل قضية املرأة ونتجاوز هذا العبث الذي ّ‬ ‫عىل تغيري مالمح حياتنا‪ ،‬وأن نجعلها من أولوياتنا‪،‬‬ ‫وأن نبدأ بإعادة تأهيلها ومعالجة مشاكلها من‬ ‫سياق واقعها الثقايف والديني‪ ،‬والتأكيد عىل صناعة‬ ‫كوادر نسائية قادرة عىل العطاء واإلبداع يف املجاالت‬ ‫الفكرية واالجتامعية وغريها‪.‬‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬

‫الصورة توضيحية من اإلنرتنت‬

‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫تعاين املجتمعات العربية من مشاكل اجتامعية‬ ‫وموروث ثقايف أصبح يهدد وجودها وكيانها‪ ،‬ومن‬ ‫أهم تلك املشاكل هي الزواج املبكر‪ ،‬وهي مشكلة‬ ‫تعاين منها أغلب املجتمعات العربية التقليدية‪ .‬وتبدأ‬ ‫هذه املشكلة عندما تبدأ هذه املجتمعات بـ حشو‬ ‫عبارات التنميط الجندري داخل املجتمع كعبارة‬ ‫“ما شاء الله صايرة عروس”‪“ ،‬ع قبال ما نفرح بك‬ ‫عروسة”‪ ..‬ليتكون ال إرادياً لدى هذه القارصة ماهية‬ ‫مستقبلها‪ ،‬وأن فرحتها املنشودة هي عبارة عن الزواج‬ ‫من “ابن الحالل” وأن مشوار حياتها التعليمي واملهني‬ ‫ما هو إال أمر ثانوي‪ ،‬وأن أسمى هدف لديها أن تصبح‬ ‫“مستورة” تبعاً للموروث الثقايف السائد والقائل عىل‬ ‫سبيل املثال إن فالنة “انسرتت” أي أنها تزوجت‪.‬‬ ‫لكن ماذا حل بهذه العادات واملشاكل االجتامعية‬ ‫بعد الثورات التي حصلت يف بلدان الربيع العريب‬ ‫والتي مل تكن ضد حكم األنظمة الديكتاتورية الجامثة‬ ‫عىل صدور الشعب فحسب‪ ،‬بل هي ثورة ضد كل‬ ‫املوروثات والعادات البالية التي وقفت وبقيت عائقاً‬ ‫أمام تطلعات جيل الشباب املفعم برغبة التغيري‬ ‫الحقيقي والنهوض بالبالد‪ .‬هل بقي الحال كام هو‬ ‫عليه أم ازداد الوضع سوءاً؟ خاصة بعد سيطرة بعض‬ ‫التنظيامت اإلرهابية عىل حياة الناس ‪ ،‬يف أكرث من بلد‬ ‫عريب‪ ..‬ماذا عن الوضع يف سوريا؟‬ ‫“ال يكاد مير أسبوع دون زواج أحد من أبناء القرية‪،‬‬ ‫وكلمة زواج وخطبة هي أكرث كلمة أسمعها يومياً”‪.‬‬ ‫بهذه الكلامت أبدى “أبو حسن” استغرابه من‬ ‫الظاهرة التي تجتاح املناطق التي يسيطر عليها‬ ‫تنظيم داعش اإلرهايب يف دير الزور؛ فرغم حالة الفقر‬ ‫والحصار التي تعيشها املنطقة‪ ،‬إال أن الزواج مستمر‬ ‫دون انقطاع‪ ،‬يضيف “أبو حسن” قائ ًال‪“ :‬اثنان من‬ ‫أبناء أخي تزوجوا منذ شهر‪ ،‬مع العلم أن أعامرهم‬ ‫ال تتجاوز الـ ‪ 14‬عام!”‪ ،‬وظاهرة تزويج القارصين‬ ‫منترشة كثرياً يف هذه األوقات‪ ،‬يتابع “أبو حسن”‬ ‫معل ًال أن “سبب إقدام األهايل عىل تزويج األوالد يف‬ ‫سن مبكر هو محاولة إبعادهم عن شبح االلتحاق‬ ‫بتنظيم داعش‪ ،‬وأن الزوجة ستنسيه القتال والحرب‪،‬‬ ‫وأنها فرصة لـ “تعويض” الخسائر البرشية يف األرواح!‬ ‫وأن التنظيم نفسه يشجع عىل الزواج‪ ،‬ألن الجيل‬ ‫الذي سيولد يف ظل سيطرتهم هو الجيل املنقذ لألمة‪،‬‬ ‫ويطلق عليهم اسم أشبال الخالفة!”‪ ،‬يختم “أبو‬ ‫حسن” حديثه مقهقهاً أنه يفكر بالزواج للمرة الثالثة‬ ‫أسوة بأطفال القرية‪..‬‬ ‫“أبو حسام” هو اآلخر مشغول بتجهيز أثاث منزل‬

‫‪15‬‬


‫الحرب تغير مشكالت الزواج ‪..‬‬ ‫من بريستيج الماضي لصعوبات الحاضر‬

‫‪16‬‬ ‫يارا شامية‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫تقارير‬

‫يقال لكل أزمة سوداء تجليات إيجابية ولعل األزمة‬ ‫السورية انعكست إيجاباً فقط بالتخيل عن متطلبات‬ ‫الزواج املتعارف عليها سابقاً واملؤلفة من ثالث عقود‬ ‫ذهبية تحيط بعنق العروس وأخرى مبعصمها ومنزل‬ ‫فاخر األثاث وعرس أسطوري والتي بات تحقيقها اليوم‬ ‫بالنسبة لألرس املتوسطة الدخل رضباً من املحال‪ ،‬لكن‬ ‫الزواج خرج من دلف مغاالة التقاليد إىل مزراب األزمة‬ ‫وتداعياتها‪.‬‬ ‫حيث فجرت الحرب عقبات للزواج تختلف عن غالء‬ ‫املهور وتكاليف الفرح وبيت امللك واملفاتيح الثالثة‬ ‫إىل أخرى تتعلق بغالء األسعار والترشد والتجنيد مدى‬ ‫الحياة‪ ،‬فالشاب السوري أمام خيارين إما الهجرة‬ ‫أو االلتحاق بصفوف املعارضة أو النظام وبالتايل ال‬ ‫يستطيع الزواج ألنه مطلوب لعزرائيل بأي لحظة‪.‬‬ ‫ناهيك عن الظروف االقتصادية القاسية التي فرضتها‬ ‫الحرب فسوريا تقدم لشبابها “العرض الحرصي “‬ ‫بالعامل “الراتب ‪ 50‬دوالر وأجرة البيت ‪ 150‬دوالر”‬ ‫عرضا دهس األحالم الوردية التي تأمل دخول القفص‬ ‫الذهبي وأدى لتأجيل حلم الزواج حتى إشعار آخر‪.‬‬ ‫أمام تلك الظروف يتباين مواقف األرس السورية وقفا‬ ‫لطبقاتهم املادية فمنهم من راح يتساهل بالزواج‬ ‫ورشوطه لدرجة دفعته لتزويج ابنته “عالصورة” دون‬ ‫التمحيص عن آل العريس وفصله أو حتى حضور حفل‬ ‫قران قرة عينه‪ ،‬نتيجة هجرة معظم الشباب وخوفهم‬ ‫من دخول البلد إلمتام مراسم الزواج ما أدى النتشار‬ ‫ظاهرة الزيجات االلكرتونية دون أي لقاء سابق بني‬ ‫الشاب وعروسه قبل ليلة الزفاف‪.‬‬ ‫لعله الخوف من العنوسة دفع الكثري من الرجال‬ ‫لتزويج الفتيات ألول قارع باب‪ ،‬لكن حتى اليوم‬ ‫مازالت الكثري من األرس تتمسك بتقاليد املايض‬ ‫املتمثلة بغالء للمهور والتمحيص عن العريس وأصله‬ ‫وبريستيج حفل الزفاف الذي كلام كان باذخاً دل عىل‬ ‫ثقل وزن “ أرسة العروس “‬ ‫التمس ولو خاتم من حديد‬ ‫يف املايض كانت شبكة الزفاف مؤلفة من طقم ذهبي‬ ‫يقدم ليلة الزفاف للعروس إىل جانب محابس وسوار‬ ‫الخطوبة‪ ،‬لكن اليوم يقدر غرام الذهب ب ‪ 20‬ألف‬ ‫لرية سورية أي إذا أراد الشاب رشاء محبس وسوار من‬ ‫النوع الخفيف عليه أن يدفع ما يقارب ‪ 300‬ألف لرية‬

‫سورية يف حني يبلغ سعر الطقم الذهبي مليون لرية‬ ‫بالحد األدىن‪.‬‬ ‫فستان الزفاف‬ ‫الثوب األبيض والطرحة الذي تحلم به أي فتاة رشقية‬ ‫يعترب أساسياً بأي عرس سوا ًء كان شعبياً أو مخملياً‪،‬‬ ‫يرتاوح سعر هذا الثوب بني ‪ 200‬ل ‪ 500‬ألف لرية‬ ‫سورية عل ًام أن الفتاة ترتديه يوماً واحداً يف العمر‪.‬‬ ‫ليس الحال أفضل بكثري بالنسبة ألجرته التي تتفاوت‬ ‫بني ‪ 30‬ل ‪ 200‬ألف لرية سورية‪ ،‬ناهيك عن تكاليف‬ ‫زينة العروس وإكليل الزهور ‪ ....‬إلخ‬ ‫العش الزوجي بأسعار فلكية‬ ‫يف ظل الظروف الراهنة يعترب تأمني سكن للعروسني‬ ‫من أهم معوقات الزواج والتي أدت يف كثري من‬ ‫األحيان لقبول مشاركة األهل بالسكن نتيجة غالء‬ ‫أسعار العقارات وجشع أصحاب االبنية التي ما زالت‬ ‫مناطقها تحتفظ ببعض الهدوء واألمان‪.‬‬ ‫لكن السكن املشرتك حل ملشكلة مادية إال أنه وبحاالت‬ ‫كثرية أدى للطالق فام جمعه الله فرقته األزمة‪.‬‬ ‫لعل هذا ما دفع الكثري من الشباب للعزوف عن‬ ‫الزواج أو للبحث عن زوجة جاهزة بعيداً عن معايري‬ ‫التجانس العمري والثقايف والسمعة الحسنة وبهذا‬ ‫تحولت العالقة الرشعية الجميلة لصفقة مادية بحتة‪.‬‬ ‫حتى المهور تحسب بالدوالر‬ ‫أدى الهبوط املستمر لسعر رصف اللرية السورية إىل‬ ‫لجوء العديد من األرس لتأييد املهور بقيمة ذهبية‬ ‫متناسيني متاما أن العريس “السوبر مان “ يتقاىض‬ ‫أجره بالعملة املحلية‪.‬‬ ‫يف هذا الشأن يقول محمد (‪ 30‬عاما) عندما تقدم‬ ‫لطلب يد رانيا (‪ 24‬عاماً) اشرتط أهلها مهر يساوي‬ ‫أربع لريات ذهبية معجل مقبوض وأربع أونصات‬

‫مؤخر غري مقبوض‪.‬‬ ‫يضيف مل نقف عند األمور املادية فاالختيار كان‬ ‫يناسبني من جميع النواحي عل ًام أن تكاليف الزواج‬ ‫كانت باهظة للغاية‪.‬‬ ‫أما املأذون أبو أحمد فقد قال‪“ :‬عقدت الكثري من‬ ‫القرانات كانت تحسب املهور فيها بالدوالر أو باللريات‬ ‫الذهبية “حفاظا من األهل عىل حق ابنتهم الذي‬ ‫يذوب كلام هبطت العملة “‬ ‫من جهة أخرى تشري تقديرات مستثمري صاالت‬ ‫األفراح إىل انخفاض تكاليف الزواج يف ظل األزمة بنسبة‬ ‫قاربت عىل ‪ ،60%‬وخاصة تكاليف الفرح الذي أضحى‬ ‫يعقد منتصف النهار وينتهي قبل عرصه‪ ،‬واقتصار‬ ‫قوائم املدعوين عىل من استطاعوا إىل الحضور سبيال‪،‬‬ ‫إضافة إىل تجهيزات العروس التي انخفضت لتقترص‬ ‫عىل الرضوريات‪ ،‬نتيجة عدم تحمل البيت املزدحم‬ ‫بالسكان (كراكيب األغراض)‬ ‫إىل جانب اختصار نفقات أثاث املنزل مع إغالق‬ ‫أسواق الخشب الرئيسية بريف دمشق‪ ،‬وانخفاض‬ ‫القدرة الرشائية للمواطن السوري‪ ،‬وخاصة ما يرتبط‬ ‫منها بالتجهيزات الثقيلة‪ ،‬وهو ما يوافق وجهة النظر‬ ‫القائلة إن الزواج هذه األيام كالقطعة النادرة يجب‬ ‫تيسريه وهذا ما حض الدين اإلسالمي عليه وال يعني‬ ‫ذاك أن العروس رخيصة ألن قيمتها الحقيقية ليست‬ ‫مبا يدفع لها من مهر وذهب‪ ،‬إمنا تساهل الفتاة يف‬ ‫متطلباتها يعني أنها واعية ومدركة ملتطلبات العرص‪.‬‬ ‫يف الغرب يتقاسم الرشيكان كامل نفقات الزواج يف‬ ‫حني ما زلنا حتى اآلن نلقي كامل املسؤولية عىل‬ ‫عاتق الشاب املسكني صاحب الدخل املحدود والراتب‬ ‫املقطوع‪.‬‬ ‫هذا يعني أن دعوات املساواة بني الجنسني ليست إال‬ ‫تقليد شكيل فارغ املضمون حتى اآلن‪.‬‬


‫نشرة اقتصادية‬ ‫وائل موسى‬

‫السياحة‬ ‫السورية‬ ‫في زمن‬ ‫الحرب‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫’’ ميتد الشاطئ السوري عىل طول ‪ 180‬كم من رأس‬ ‫البسيط حتى طرطوس يشتهر بالطبيعة الجميلة‬ ‫حيث تتناثر قرى االصطياف ذات املناظر الخالبة‬ ‫والهواء النقي والغابات والجبال املغطاة بالخرضة‬ ‫والينابيع وجداول املياه واالنهار والبحريات‬ ‫الطبيعة واالصطناعية التي شكلت خلف عدد من‬ ‫السدود‪ .‬ويضم مواقع سياحية وأثرية كقلعة صالح‬ ‫الدين وعمريت وأماكن اصطياف عديدة مثل أم‬ ‫الطيور مشقيتا كسب‪ ،‬حيث أقيمت فيها عرشات‬ ‫املنتجعات والفنادق مختلفة املستويات واملطاعم‬ ‫املتنوعة وأماكن التنزه واملالهي واملقاهي‪،،.‬‬ ‫االقتباس السابق هو واحد من ثالثة فقرات‬

‫بسيطة تصدرت موقع وزارة السياحة السورية‬ ‫التي يرتأسها برش رياض يازجي مهندس الحواسيب‬ ‫املتخرج من جامعة حلب عام ‪ ،1994‬وقد أطلقت‬ ‫وزارة السياحة مؤخراً فيديو بعنوان “سوريا بتضل‬ ‫األحىل”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فيام يبدو أن وزارة السياحة اكتشفت مؤخرا وجود‬ ‫اخرتاع يقوم بالتصوير من الجو‪ ،‬لتستخدمه يف أول‬ ‫فيديو دعايئ لها‪ ،‬حيث يظهر الفيديو مشاهد‬ ‫من الساحل السوري مل يظهر فيها من غري البحر‬ ‫سوى بضعة أمتار من شاطئ منطقة التصوير‪،‬‬ ‫وقد أثار الفيديو السخرية وفتح باب املقارنة ما‬ ‫بني املشاهد التي تعرضها وزارة السياحة مع تلك‬

‫املشاهد التي تتصدر وسائل االعالم العاملية حول‬ ‫ما يجري يف سوريا‪.‬‬ ‫وقد تناولت صحيفة وول سرتيت األمريكية دعاية‬ ‫وزارة السياحة يف تقرير لها تقول فيه‪ ،‬أن وسط‬ ‫الحرب األهلية التي دامت خمس سنوات يف‬ ‫سوريا‪ ،‬يسعى نظام بشار األسد لتغيري صورة البالد‬ ‫من خالل حملة العالقات العامة‪ .‬مشرية إىل فيديو‬ ‫وزارة السياحة السورية‪.‬‬ ‫وأشار تقرير وول سرتيت أنه يف العودة إىل عام‬ ‫‪ 2010‬سجلت سوريا عدد ‪ 8.5‬مليون زائر وسائح‪،‬‬ ‫إال أنها بعد خمسة أعوام باتت البلد مدمرة‪.‬‬ ‫كام قد تناول اإلعالمي اللبناين نديم قطيش نفس‬ ‫املشهد يف حلقته الجديدة من برنامج ‪DNA‬‬ ‫الساخر عىل قناة تلفزيون املستقبل بعنوان “األسد‬ ‫يفتتح املوسم السياحي”‪ ،‬ساخراً من اصدار الفيديو‬ ‫يف آخر شهر العطالت العاملية آب‪/‬أغسطس وبداية‬ ‫موسم املدارس‪ ،‬ليختتم حلقته بعد استعراض ساخر‬ ‫تنقل ما بني ترصيحات وزارة السياحة والواقع مع‬ ‫مشاهد من تحليالت اإلعالم السوري حول تخاريف‬ ‫لرسم الخارطة السياسة من قبل ترششل أثناء‬ ‫سكره‪ ،‬ليتساءل’’ شو كان رشبان وزير السياحة‬ ‫وقت قرر يعمل اإلعالن‪،، .‬‬

‫‪17‬‬

‫األمم المتحدة تدفع عشرات الماليين لنظام األسد‬

‫ويقول متحدث باسم األمم املتحدة‪ ’’ :‬إن خياراتنا‬ ‫محدودة بسبب السياق الغري اآلمن‪ ،‬حيث إيجاد الرشكات‬ ‫والرشكاء يف املناطق املحارصة والتي يصعب الوصول إليها‬ ‫أمر صعب للغاية‪،، .‬‬ ‫ومع ذلك يرى املنتقدون أن بعثة األمم املتحدة باتت تحت‬ ‫خطر الشبهات‪ .‬حيث يعتقدون أن أولوية املساعدات‬ ‫تذهب ملناطق تحت سيطرة النظام وأن األموال تساعد‬ ‫يف دعم نظام مسؤول عن قتل مئات اآلالف من مواطنيها‪.‬‬ ‫وأظهرت الصحيفة عدداً من العقود مباليني الدوالرات مع‬ ‫جهات تخضع لعقوبات تحظر التعامل معها ومن بينها‬

‫اقتصاد‬

‫أصدرت صحيفة الغارديان تحقيقاً حول عمليات‬ ‫متويل من األمم املتحدة لنظام األسد‪ ،‬وتبني تحليالت‬ ‫الغارديان سلسلة من العقود املمنوحة للحكومة‬ ‫والجمعيات الخريية املرتبطة بعائلة األسد‪.‬‬ ‫منحت األمم املتحدة عقوداً بعرشات املاليني من‬ ‫الدوالرات ألشخاص عىل صلة وثيقة ببشار األسد‪،‬‬ ‫يف إطار برنامج املساعدات والذي يخىش النقاد أنها‬ ‫تحت رحمة حكومة دمشق‪.‬‬ ‫رجال األعامل ورشكاتهم الذين يخضعون لعقوبات‬ ‫من الواليات املتحدة األمريكية واالتحاد األورويب‬ ‫تلقوا مبالغ كبرية من قبل بعثة األمم املتحدة‪ ،‬كذلك‬ ‫الدوائر الحكومية والجمعيات الخريية مبا فيهم‬ ‫واحدة أنشأتها زوجة الرئيس‪ ،‬بشار األسد‪ ،‬وأخرى‬ ‫بواسطة أقرب أعوانه‪ ،‬رامي مخلوف‪.‬‬ ‫وتقول األمم املتحدة أنها مضطرة للعمل مع عدد‬ ‫محدود من الرشكاء الذين وافق عليهم بشار األسد‪،‬‬ ‫وأنها تعمل ما بوسعها لضامن إنفاق األموال بشكل‬ ‫صحيح‪.‬‬

‫اتفاق مع منظمة الصحة العاملية التي أنفقت فيه‬ ‫أكرث من ‪ 5‬ماليني دوالر لدعم بنك الدم الوطني‬ ‫السوري الخاضع إلدارة وزارة الدفاع‪ ،‬رغم املخاوف‬ ‫امللموسة فيام إذا كانت إمدادات الدم تصل إىل‬ ‫املحتاجني من املدنيني‪ ،‬أم أنها توجه إىل الجيش أوالً‪.‬‬ ‫اثنان من وكاالت األمم املتحدة شاركت منظمة‬ ‫ترأسها أسامء األسد رغم ادراج اسمها تحت العقوبات‬ ‫األمريكية واألوروبية‪ ،‬وقد رصفت ملنظمتها مجموع‬ ‫‪ 8.5‬مليون دوالر‪ .‬كام يوجد عقود متويل لرامي‬ ‫مخلوف وعدد آخر من األسامء املوضوعة يف الئحة‬ ‫العقوبات‪.‬‬ ‫هذه العقود أظهرت كيف أن األمم املتحدة ضمنت‬ ‫اتفاقات مع أسامء موضوعة عىل الئحة العقوبات‬ ‫األمريكية واألوروبية‪ ،‬من بينها ما ال يقل عن ‪258‬‬ ‫رشكة سورية حصلت عىل متويالت مبا يصل إىل ‪54‬‬ ‫مليون دوالر و ‪ 36‬مليون إسرتليني كحد أعىل‪ ،‬و ‪30‬‬ ‫ألف دوالر كحد أدىن‪ ،‬العديد منها عىل صلة مع بشار‬ ‫األسد أو مقربة منه‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫“زهرة حلب” فيلم تونسي – لبناني‬ ‫يعري جرائم “داعش” في سوريا‬ ‫طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬ ‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫ثقافة‬

‫انتهى املخرج التونيس رضا الباهي موخ ًرا‪ ،‬من وضع‬ ‫اللمسات األخرية عىل فيلمه “زهرة حلب”‪ ،‬الذي يتناول‬ ‫اآلثار اإلنسانية للحرب‪ ،‬ويعالج فن ًيا ظاهرة خطرية تعاين‬ ‫منها اليوم العديد من املجتمعات العربية يف زمن الحرب‬ ‫التي تدور رحاها يف سوريا‪ ،‬والتي كان لها الدور البارز‬ ‫يف اطالة أمد الحرب واتساع رقعتها‪ ،‬مركزًا عىل انضامم‬ ‫الشباب التونيس إىل تنظيم “داعش” اإلرهايب‪ ،‬حيث يقرر‬ ‫ابن أرسة تونسية‪ ،‬االنضامم إىل التنظيم للقتال يف سوريا‪،‬‬ ‫فيغادر وطنه دون إبالغ العائلة‪ ،‬وتقرر أمه اللحاق به‬

‫باالنضامم للتنظيم اإلرهايب هناك ويف خضم األحداث‪،‬‬ ‫التي عاشتها ومتابعتها للمعاناة اإلنسانية يف سوريا‬ ‫تجد نفسها أمام ابنها وهي ُتقدم له كهدية تحت ما‬ ‫يسمى بــ”بجهاد النكاح”‪ ..‬هذا املشهد سيكون املغري‬ ‫الرئييس ألحداث العمل‪ ،‬الذي اعتمد يف حواره عىل‬ ‫عبارات تونسية ميكن أن يستوعبها املشاهد العريب‬ ‫وذلك حسب بعض لقطات اإلعالن الدعايئ للفيلم‪.‬‬ ‫“زهرة حلب” استعان بعدد من نجوم الفن السوري‬ ‫وهم‪ :‬محمد آل ريش وزينة حالق وجهاد زغبي‪،‬‬

‫الفيلم انتاج مشرتك (تونيس – لبناين)‪ ،‬وقد صورت مختلف‬ ‫مشاهد الفيلم بني لبنان وتونس‪ ،‬وهو يناقش فكرة مقاومة‬ ‫اإلرهاب والعنف من خالل الفن والسينام‪ ،‬ويقوم بأدوار‬ ‫البطولة فيه من تونس‪ :‬هند صربي بدور (األم سلمى)‪،‬‬ ‫وهشام رستم يف دور (هشام) والد الشاب امللتحق‬ ‫بالتنظيم املتشدد‪ ،‬وطليق (سلمى)‪ ،‬فنان خمسيني غريب‬ ‫عن مجتمعه‪ ،‬ويجد يف فنه ورشابه السلوان‪ ،‬واملمثل‬ ‫الشاب محمد عيل بن جمعة يف دور القائد الداعيش‬ ‫بتونس واملمثل الشاب باديس الباهي (ابن السيناميئ رضا‬ ‫الباهي مخرج الفيلم) والذي يجسد البطولة وأل ّول مرة‬ ‫أمام هند صربي يف دور ابنها الوحيد‪ ،‬الذي يقرر االلتحاق‬ ‫بصفوف “داعش” اإلرهايب بعد أن كان شا ًبا عاد ًيا يهوى‬ ‫املوسيقى ويرتبط بعالقة حب مع فتاة من سنه‪.‬‬ ‫ويف تفاصيل الفيلم‪ ،‬أن األم (سلمى) تعيش وهي مسعفة‬ ‫يف أواخر الثالثينات حياة اجتامعية متوترة بسبب طالقها‬ ‫ومسؤولية تربية ابنها وتعدد أزماتها املالية‪ ،‬يف مجتمع‬ ‫بدأت تتزعزع قيمه ويشوبه التطرف‪ ..‬سلمى القريبة من‬ ‫األحداث اآلنية لبلدها بحكم عملها وتواصلها املبارش مع‬ ‫الناس تقرر الذهاب إىل سوريا واللحاق بصفوف “داعش”‬ ‫إلنقاذ ابنها من هذا الغزو املتطرف‪ ..‬حكاية تكررت عىل‬ ‫مسامعنا كث ًريا يف عدد من البيوت التونسية وغريها من‬ ‫البيوت العربية يف الجزائر واملغرب ومرص والسعودية‬ ‫وغريها من البلدان العربية والغربية مع بدايات الحرب‬ ‫السورية التي غذاها إرهاب النظام األسدي بالتطرف‬ ‫الديني والرايات السوداء‪.‬‬ ‫وبحسب سيناريو الفيلم‪ ،‬فإن هند صربي أو (سلمى)‬ ‫تغادر تونس يف اتجاه األرايض السورية متحججة‬

‫وشارك يف إنتاجه رشكة “األخوان صباح” اللبنانية‪،‬‬ ‫وهند صربي عرب رشكة “سالم برود” ورشكة “عليا”‬ ‫لرضا الباهي‪.‬‬ ‫وقالت هند صربي يف ترصيحات صحفية عن الفيلم‬ ‫إنه‪“ :‬يحمل رسالة إنسانية‪ ،‬ال سياسية‪ ،‬فالفيلم يدين‬ ‫الحرب نفسها بغض النظر عن هوية أطرافها‪ ،‬فالحرب‬ ‫تدمر الجميع”‪ ،‬وأضافت‪“ :‬بطلة الفيلم وابنها ينتميان‬ ‫إىل عائلة تونسية عادية مثل كل العائالت‪ ،‬لها‬ ‫حياتها ومشكالتها وأحالمها‪ ،‬تحب وتغضب وتتزوج‬ ‫وتنفصل‪ ،‬لكن الحرب تقع عىل رؤوسهم فتدمر كل‬ ‫يشء؛ أحالمهم وطموحاتهم ومشكالتهم القدمية”‪.‬‬ ‫وأكدت “صربي” أن “الفيلم يقوم عىل رؤية عربية‬ ‫للحرب يف سوريا‪ ،‬باعتبار املأساة السورية مأساة‬

‫إلنقاذه‪ ،‬فتواجه يف رحلة بحثها العديد من املشاكل واألخطار‪.‬‬

‫للعرب جمي ًعا”‪ .‬مشري ًة إىل أنه‪“ :‬حني يتحول الرصاع بني‬ ‫األطراف السياسية‪ ،‬أ ًيا كان مربره أو هدفه‪ ،‬إىل رصاع‬ ‫مسلح‪ ،‬فإنه يتسبب يف تدمري حياة الناس العادية‪ ،‬مبا فيهم‬ ‫من كانوا هد ًفا لحاميتهم وتحسني أحوالهم‪ ،‬والفيلم يحاول‬ ‫نقل هذا املعنى”‪.‬‬ ‫ونفت املمثلة التونسية ما أشيع عن أن العمل يتعرض ملا‬ ‫ُيدعى (جهاد النكاح)‪ ،‬الفت ًة إىل أنه “يع ّري مجتمع التنظيم‬ ‫اإلرهايب املظلم بشكل عام وبكل تفاصيله‪ ،‬كام يتطرق إىل‬ ‫مامرساتهم الجنسية‪ ،‬لكنه ليس موضوع العمل األسايس”‪.‬‬ ‫وكانت هند صربي قد رصحت يف حوار سابق مع إحدى‬ ‫املجالت العربية‪ ،‬أنها ليست قلقة من تعرضها للتهديد من‬ ‫قبل منارصي الجامعات املتطرفة‪ ،‬قائلة‪“ :‬فليهددوين كام‬ ‫يشاؤون‪ ،‬ما يشغلني هو تقديم أعامل فنية تالمس معاناة‬ ‫شعوبنا‪ .‬نحن نعيش يف عامل عريب متغري بصفة يومية‪ ،‬ومبا‬ ‫أنني أنتمي إىل هذا الوطن ومهمومة بقضاياه‪ ،‬فال بد من‬ ‫أن أطرح مشكالته”‪.‬‬ ‫وطرحت الجهات املنتجة لـ”زهرة حلب” مؤخ ًرا‪ ،‬اإلعالن‬ ‫الدعايئ للفيلم‪ ،‬والذي يكشف حالة املجتمع التونيس بعد‬ ‫“ثورة الياسمني”‪ ،‬وكيف ظهرت بعض الجامعات املسلحة‬ ‫التي حاولت فرض فكرها بقوة السالح‪ ،‬واستخدمت‬ ‫وسائل حديثة يف استقطاب الشباب وتجنيدهم باسم‬ ‫“الجهاد” يف سوريا‪.‬‬ ‫و ُيشار إىل أن فيلم “زهرة حلب” سيعرض قري ًبا وبعد ثالث‬ ‫سنوات من التحضريات يف عدد من املهرجانات الدولية‪،‬‬ ‫كام سيفتتح فعاليات الدورة السابعة والعرشين أليام‬ ‫قرطاج السينامئية‪ ،‬املزمع انعقاده يف الفرتة املمتدة بني‬ ‫‪ 28‬ترشين أول‪ /‬أكتوبر وحتى الخامس من ترشين ثاين‪/‬‬ ‫نوفمرب املقبلني‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫إبداعات ونشاطات سورية‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫الشاعر‬ ‫الجوالني ياسر‬ ‫خنجر في‬ ‫أمسية شعرية‬ ‫بباريس‬

‫“سورية الفن والهروب” ‪..‬‬ ‫رسائل الحرية في زمن الظلم‬ ‫والظالم بكولونيا‬

‫حرمون” يطلق “منتدى الفرات للحوار”‬ ‫“‬ ‫في مدينة غازي عنتاب‬

‫املنتدى سلسلة من املوضوعات واملحاور‬ ‫املتكاملة التي سيتم تناولها شهر ًيا عىل‬ ‫شكل محارضة أو ندوة‪ ،‬ومن املوضوعات‬ ‫والقضايا املهمة التي سيتناولها‪ :‬الرصاع‬ ‫الدويل واإلقليمي عىل‪ /‬ويف سورية‪ ،‬الوضع‬ ‫السيايس السوري ومآالته‪ ،‬قضايا الرتبية‬ ‫والتعليم‪ ،‬الالجئون السوريون يف بلدان‬ ‫اللجوء‪ ،‬أوضاع املرأة السورية‪ ،‬الشباب‬ ‫السوري واملستقبل‪ ،‬أوضاع األطفال‬ ‫السوريني ومعاناتهم‪ ،‬أحوال املدن والقرى‬ ‫السوري‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫املرافقة ألعامل الفنانني السوريني‪.‬‬ ‫وبحسب الباحث السوري عبد الله جبار‪،‬‬ ‫أحد القامئني عىل تنظيم هذا املعرض‪ ،‬فإن‬ ‫الهدف األسايس من تنظيمه هو فتح جرس‬ ‫التواصل بني الشعب األملاين والشعب‬ ‫السوري‪ ،‬ويف نفس الوقت العمل عىل رصد‬ ‫األمل‪ ،‬الذي تعرض له السوريون‪ ،‬من خالل‬ ‫تجسيد الخسائر املادية والبرشية‪ ،‬وكذلك‬ ‫النفسية التي تنتج عقب الدمار والحرب‪.‬‬ ‫مضي ًفا هناك هدف آخر ال يقل أهمية وهو‬ ‫“تجاوز الصورة السلبية‪ ،‬التي تم تكريسها‬ ‫من قبل مجموعة من املنابر اإلعالمية‪،‬‬ ‫بخصوص الالجئ السوري‪.‬‬

‫وري محمد العثامن‪،‬‬ ‫والناقد الس‬ ‫دي ًثا “جاءت‬ ‫ح عنها بقوله‪ :‬يف‬ ‫صدر ح‬ ‫الذي رص‬ ‫جموعة‪ ،‬يتشاكل األمل‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫شا‬ ‫لل‬ ‫بي الضوء”‬ ‫هذه امل‬ ‫تر‬ ‫يتالقى املايض مع‬ ‫مع األمل‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫ث‬ ‫ع‬ ‫محمد ال‬ ‫يترشب ال ُحل ُم لعن َة‬ ‫الحارض‪ ،‬و‬ ‫روح الحب‪ .‬مضي ًفا‪:‬‬ ‫الحرب من‬ ‫كتابة هذه النصوص‬ ‫إ ّن فرتا ِت‬ ‫منها ما كتب يف عام‬ ‫متفاوتة‪،‬‬ ‫ها ما كتب عام ‪،2008‬‬ ‫‪ ، 2002‬ومن‬ ‫ب عام ‪ .2014‬الذي‬ ‫ومنها ما كت‬ ‫جمع بني هذه النصوص‬ ‫جعلني أ‬ ‫يف التعبري عن امتداد‬ ‫هو رغبتي‬ ‫ل حاالته وتجلياته‬ ‫حلمي بك‬ ‫ضبا‪ ،‬رائ ًيا أو مسترش ًفا‪.‬‬ ‫َف ِر ًَحا‪ ،‬أو غا ً‬ ‫ه‪“ :‬يف هذه النصوص‬ ‫وختم بقول‬ ‫بتي مع الشعر عىل‬ ‫لنرش تختزل تجر‬ ‫ً عن “دار فضاءات ل‬ ‫عرش عا ًما‪ ..‬يف الحب‬ ‫صدر حديثا‬ ‫موعة امتداد ثالثة‬ ‫يف األردن‪ ،‬املج‬ ‫والتوزيع”‬ ‫والرؤيا والحرب”‪.‬‬ ‫تريب الضوء” للشاعر‬ ‫الشعرية “جاءت‬

‫ثقافة‬

‫أعلن مركز “حرمون للدراسات‬ ‫املعارصة” عن إطالق “منتدى‬ ‫الفرات للحوار” يف مدينة غازي‬ ‫عنتاب‪ ،‬ويهدف املنتدى إىل بناء‬ ‫حوار فكري سيايس اجتامعي‬ ‫حول قضايا الشأن السوري‪ ،‬يف‬ ‫إطار برنامج مركز “حرمون” لدعم‬ ‫الحوار والتنمية الثقافية واملدنية‪،‬‬ ‫صوصا بني الشباب السوري‪ .‬ومن‬ ‫وخ ً‬ ‫أهداف املنتدى مناقشة املسائل‬ ‫الفكرية والسياسية واملجتمعية‬ ‫الحيوية وامللحة يف الشأن السوري‪،‬‬ ‫من أجل إنتاج مقاربات ومقرتحات‬ ‫وحلول مالمئة‪ .‬كام يهدف إىل إيجاد‬ ‫تقاطعات بني مخرجاته ومخرجات‬ ‫عديد الجهات التي عملت يف‬ ‫السياق ذاته‪ ،‬ليصب عمل املنتدى‬ ‫يف إطار االستفادة من جهد اآلخرين‪،‬‬ ‫واملراكمة فوق أعاملهم‪ .‬ويطرح‬

‫العدد ‪- 76 -‬‬

‫(نائب رئيس اتحاد الشعراء الفرنسيي)‪،‬‬ ‫قراءة قصائد الشاعر يارس خنجر املرتجمه‬ ‫للفرنسية‪.‬‬ ‫وقالت الشاعرة هالة محمد بأن الشاعر‬ ‫املناضل يارس خنجر يستحق هذا التكريم‬ ‫الخاص جدًا‪ ،‬يف هذه األمسية الشعرية التي‬ ‫بدأت بأسئلة ومداخالت قدمها الحضور‬ ‫الذين مل تتسع مقاعد املقهى لهم‪ ،‬فبقى‬ ‫عدد كبري منهم واق ًفا‪ ،‬يستمع إىل هذه‬ ‫الروح الرائعة وهذه التجربة الجوالنية التي‬ ‫كوتها سجون االحتالل وميادين النضال يف‬ ‫الجوالن‪ ،‬ووجدت صداها داخل كل تلك‬ ‫الصدور والعقول السورية املشتاقة بوجع‬ ‫وحب وأمل‪ ،‬لكل شئ يف الجوالن‪.‬‬

‫تحت عنوان “سورية الفن‬ ‫والهروب” احتضنت مدينة‬ ‫كولونيا األملانية‪ ،‬مابني ‪6‬‬ ‫و‪ 21‬من شهر آب‪ ،‬أغسطس‬ ‫ً‬ ‫معرضا للفن التشكييل‬ ‫‪،2016‬‬ ‫السوري يرصد قضية الدمار‬ ‫الذي متثله الحرب الدائرة‬ ‫رحاها يف الوطن األم‪ .‬وذلك‬ ‫مبشاركة أكرث من ‪ 20‬فنا ًنا‬ ‫قدموا أعاملهم بني النحت‬ ‫والرسم‪ ،‬يف بناء قديم بكولونيا‬ ‫يرجع للحرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫“يهددون بأن يقطعوا وأن‬ ‫يقتلوا عندما يسمعون يف‬ ‫كالمي حرية؛ ألنهم يخافون‬ ‫الحرية”‪“ ،‬صالة‪ :‬يف زمن‬ ‫الظلم والظالم‪ ،‬وعىل هذه‬ ‫األرض املحروقة‪ ،‬نحن بحاجة‬ ‫إىل صالة من القلب”‪ ..‬كانت‬ ‫هذه هي أقوى العبارات‬

‫‪2016 / 9 / 5‬‬

‫نظمت جمعية “نورياس للتبادل الثقايف‬ ‫السوري األورويب” يوم األحد ‪ 21‬آب‪/‬‬ ‫أغسطس‪ ،‬أمسية شعرية يف العاصمة‬ ‫ا‬ ‫لفرنسية “ باريس” للشاعر السوري ابن‬ ‫الجوالن املحتل يارس خنجر‪ ،‬وذلك يف‬ ‫مقهى املريي ‪ 8‬ساحة سان سولييس‪ .‬مببادرة‬ ‫من الشاعرة السورية هاله محمد‪ .‬وقد‬ ‫حرض األمسية لفيف من السوريني املقيمني‬ ‫ب‬ ‫العاصمة الفرنسية‪ ،‬من بينهم الفنان سميح‬ ‫شقري‪ ،‬والكاتب والنارش فاروق مردم بيك‪،‬‬ ‫و‬ ‫املخرج أسامة محمد‪ ،‬ومغنية األوبرا‬ ‫الفنانة نعمى عمران‪ ،‬والشاعر واملرتجم‬ ‫جوالن حاجي‪.‬‬ ‫وتوىل الشاعر الفرنيس جاك فورنيي‬

‫‪19‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.