نصف شهرية ،سياسية ،ثقافية ،مستقلة
العدد 77 2016 / 9 / 25
مجلة مستقلة ،تعنى بشؤون الثورة السورية ،نصف شهرية ،تطبع وتوزع داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج
2
استباحة االنســانية في حلب افتتاحية بقلم د .محمد العمار
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
سا ِئ َ يل أَ َّن ُه َمنْ “ ِمنْ أَ ْجلِ َذلِ َك َك َت ْبنَا ع ََل َب ِني إِ ْ َ َ َ ْ َقت ََل َن ْف ًسا ِب َغ ْ ِي َن ْف ٍس أَ ْو َف َسا ٍد ِف ال ْر ِض َف َكأ َّ َنا َّاس َّاس َج ِمي ًعا َو َمنْ أَ ْح َياهَ ا َف َكأَ َّ َنا أَ ْح َيا الن َ َقت ََل الن َ َ ُ ُ َ ْ َ َات ث َّم إِ َّن ك ِث ًريا َج ِمي ًعا َولق ْد َجا َء ْته ُْم ُر ُسلنَا ِبال َب ِّين ِ س ُف َ ون” [املائدة]32: ِم ْنه ُْم َب ْع َد َذلِ َك ِف ْالَ ْر ِض لَ ُم ْ ِ يتحدث القرآن الكريم عن مرشوع الخلق اإلنساين كوعد سالم ،ويخربنا أن مهمة اإلنسان يف هذا املرشوع هي أنجاز هذا الوعد ،وتحقيق إرادة الله يف اإلنسان بإنجاز هذا الوعد ،الذي رصحت املالئكة باستحالته بحسب القصة القرآنية والواردة يف الكتب املقدسة األخرى أيضاً ،يف الوقت الذي أعلن فيه الحق سبحانه إميانه بقدرة هذا املخلوق عىل اقتحام العقبة، وتحدي الصعاب وإنجاز املهمة وتحقيق الوعد، وأجاب عىل اعرتاض املالئكة الذين قالوا “أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك” أجاب عىل احتجاجهم الرصيح بلغة أكرث مبارشة متتلئء جزماً وحس ًام وإيجازاً ،ومتأل من يستمع إليها إمياناً ويقيناً أيضاً: “إين أعلم ما ال تعلمون”. هذا النص املوجز يلخص رحلة اإلنسانية ،من الفساد وسفك الدماء باتجاه تحقيق إرادة الله يف اإلنسان ،عندما يصل اللحظة التي يكف فيها عن الفساد وسفك الدماء.
لكن يف لحظة تدشني مرشوع الخلق اإلنساين، يروي القرآن أن تاريخ املرشوع اإلنساين د ُِشن باختالف بني اثنني من ذرية آدم ،ح ّوله العجز اإلنساين والقصور يف إدارته إىل خالف ،نتج عنه أيضاً سفك دماء وجرمية قتل .لكن الالفت أن الوصول إىل الجرمية مر عرب موقف إنساين نبيل ،هو املثل األعىل لإلنسان بحسب الخطاب القرآين ،هو خالصة رحلة اإلنسان عىل األرض، وجوهر رسالته؛ حيث أعلن أحد ابني آدم ،أنه بلغ درجة من النضج األخالقي والوعي اإلنساين تجعله يتقبل املوت وال يقبل أن يرتكب جرمية قتل ،فقال ألخيه“ :لنئ بسطت إىل يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك ألقتلك إين أخاف الله رب العاملني” .لقد أعلن أنه دخل عهد اإلنسان املكرم ،الذي بدأ يعي إنسانيته ويدرك معنى أن يكون إنساناً ..هذا الوعي الذي يحول بينه وبني www.freedomraise.net
ارتكاب الجرمية والقيام بفعل القتل. نتدارس هذا وقلوبنا تتفطر أملاً وحرسة عىل الفظاعات الوحشية التي ترتكب يف مدينة حلب، عىل مرأى ومسمع العامل (الحر) (املتحرض) بل بتواطئه املعلن أحياناً والضمني غالباً ،ونتطلع إىل األفق القرآين الذي رسمه النص االفتتاحي الذي يتحدث عن النفس اإلنسانية كحرم ال يجوز تدنيسه وال انتهاكه ،وأن أي تدنيس أو انتهاك لهذا الحرم يف أي زمان ومكان ألي نفس كانت ،هو استباحة وانتهاك لإلنسانية كلها. أكرث ما يف مشهد الجرمية يف حلب من بشاعة وفظاعة ،أن كثريين من وقودها وجناتها، ممن يقدسون هذا الكتاب أو يقدسون غريه من الكتب الساموية التي تعطي اإلنسان هذه املكانة ،وهم رشكاء بطريقة مبارشة أو غري مبارشة يف املذبحة والفظاعة الجارية اآلن.
تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت
كلمة
facebook.com/freeraise
مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية ويف بعض مخيامت اللجوء معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان نصار أنور البني أسامة ّ
قسم املرأة يارا بدر
رئيس التحرير ليىل الصفدي املحرر االقتصادي وائل موىس
twitter.com/freedomraise info@freedomraise.net
كاريكاتري الغالف زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية سمري خلييل سمري خلييل -هاين عباس رزان زيتونة -ناظم حامدي
من أجل اإلصــاح الديني :علينا مواجهــة بعض دعوات “اإلصالح”
3
عماد الع ّبار
الالزم إلطالق نقاش حيوي حول تراث املجتمع وثوابته الثقافية.
مقاالت
يف سوريا ،يفتقد املجتمع إىل الحد األدىن من املقومات التي تؤهله لتفعيل نقاش كهذا ،فغالبية الناس مشغولون بالبحث عن أساسيات الحياة .وعوضاً عن أن يكون ه ّمهم مناقشة الرتاكامت السلبية يف موروثهم الثقايف ،فإ ّنهم مهمومون فعلياً بإزالة الركام الناجم عن الحرب الدموية القامئة ،وبإحصاء الخسائر يف األرواح واملمتلكات. بالنسبة لكثري من سور ّيي الخارج ،تبدو األولويات مختلفة كل ّياً ،ويبدو ّأن كثريين صاروا يعتربون اإلسالم عبئاً عليهم ،بعد أن تصاعدت الحمالت اإلعالمية لليمني الغريب املتط ّرف ،بشكل متزامن مع العمليات اإلرهابية املتفرقة ،ومع توعد الجامعات املتطرفة بعمليات جديدة مع كل تدخل غريب يف املنطقة... مناسبة حديثنا هذا ،صدور العديد من الدعوات مؤخراً، يرص أصحابها عىل وضعها ضمن خانة اإلصالح، والتي ّ لكنّني أطلق عليها اسم :دعوات الهدم .فهي ال تكتفي بالدعوة إىل مراجعة الرتاث وغربلته ،بل تع ّمم اتهاماتها نص يح ّرض عىل العنف عىل النص القرآين وتصفه بأ ّنه ّ والكراهية ،وتدعو بشكل رصيح أو ّ مبطن إىل تحييده عن حياة املسلمني. يقع أصحاب دعوات الهدم يف مغالطات وتناقضات عديدة ،إذ يبدو ّأن إحساسهم بزعزعة االستقرار الناجم عن العمليات اإلرهابية هو أحد أسباب هذا التخ ّبط، فغالبيتهم أصبحوا الجئني مؤخراً أو مواطنني يف دول غربية ،نتيجة موجة النزوح الكبرية منذ أن ا ّتسع نطاق الحرب يف سوريا. من الواضح ّأن رشيحة كبرية منهم ،وغالبيتهم علامنيون متطرفون ،وهم أقرب فكرياً إىل اليمني الغريب املتط ّرف، باتوا يشعرون بثقل التحريض املتصاعد يف كثري من املجتمعات الغربية ض ّد املهاجرين املسلمني ،كونهم
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
يعد اإلصالح الديني ،والثقايف بصورة عامة ،ركيزة أساسية يف عملية التغيري .ولكن اإلصالح يحتاج إىل ج ٍّو مالئم الستيعاب الحراك الثقايف املطلوب لإلصالح .أي يحتاج ،من حيث املبدأ ،إىل الح ّد األدىن من االستقرار
مازالوا محسوبني يف نظر الغرب ،بشكل أو بآخر ،عىل املجتمعات اإلسالمية التي جاؤوا منها .وبالتايل بات الت ّربؤ من ثقافة هذه املجتمعات ،أو اعتناق وجهة النظر الغربية املتط ّرفة تجاه الثقافة اإلسالمية ،ر ّد واع ّربا ،من قبلهم تجاه املجتمعات األم، فعل ،غري ٍ كوسيلة لتحصيل القبول من املجتمع أو الوطن البديل، أو للخالص رمبا من هذا االنتامء الذي يالحقهم ،مهام حاولوا التربؤ منه ،وكأنه لعنة ال فكاك منها! اعتنق هؤالء أكرث األفكار تطرفاً تجاه العرب واملسلمني، ّ مم يجعلني أجزم ّ بأن املسألة ال تعدو أن تكون مج ّرد رد فعل ،ممزوج بخوف شخيص مام ستحمله مرحلة قادمة من تهديد للمهاجرين إىل الغربّ . ولعل أكرث األفكار املطروحة غرابة هي فكرة املساواة بني داعش واإلسالم ،وإطالق أحكام عا ّمة عىل الرتاث والثقافة العربية واإلسالمية ،بوصفهام مولداً للعنف بالرضورة، املعب الحقيقي عن أو الرتويج لفكرة ّأن داعش هي ّ شعور مجتمعاتنا تجاه الغرب.. ال ميكن أن تصدر أفكار كهذه عن موقف متّزن تجاه هذه املنطقة وثقافتها وتاريخها ،فداعش ليست منتجاً حتمياً لثقافة هذه املجتمعات ،بالرغم من ّأن التطرف كان موجوداً يف تاريخها ،كام هو الحال يف تاريخ غريها من املجتمعات ،بل ّإن داعش معضلة مر ّكبة وشديدة التعقيد ،وإن كنّا نتحدّث عن االستبداد كخلل داخيل يف مجتمعاتنا ،فال ميكن تجاهل دور االستعامر يف تخريب املنطقة .بل ّإن داعش بالذات مل تظهر ّإل بعد االحتالل األمرييك للعراق ،والذي م ّكن املليشيات الشيع ّية الطائفية ،فكان التنظيم املتطرف وليداً مش ّوهاً كحصيلة لهذا التخريب. يعتمد بعضهم يف مقاربتهم للمسألة عىل ردود فعل كثري من املسلمني ،والذين قد يؤيدون بعض أفعال داعش اإلجرامية ،كنوع من ردود الفعل عىل بعض أفعال الغرب التخريب ّية يف املنطقة .لكنّ ردود الفعل هذه ،وما يرافقها من استحضار لبعض الشواهد الدين ّية (بعضها مشكوك يف صحته ،وبعضها اآلخر غري متّفق عىل فهمه أيضاً) ال تعني شيئاً يف أي مقياس علمي
موضوعي للرأي العام يف املجتمع. ففي مجتمعاتنا بالذات ،ليس من الصواب القول ّإن يصح هذا مجموعة ما مت ّثل رغبات عموم املجتمع .ال ّ القول ال عىل التنظيامت املتط ّرفة ،وال عىل األنظمة الحاكمة .ففي مجتمعات تفتقد إىل الح ّد األدىن من حرية التعبري عن الرأي ،ال ميكن تفسري السكوت أو الرضوخ لألمر الواقع عىل أ ّنه قبول ،وال ميكن أص ًال تعميم قبول فئة من الناس عىل الناس ك ّلهم. إن كان التعميم أمراً مرشوعاً ،وهو ليس كذلك بأي حالّ ، فإن األوىل تعميم الجرائم التي ارتكبتها الحكومات الغربية عىل املجتمعات التي أفرزتها ،فهي يف النهاية حكومات َ منتخبة وتحظى بتأييد الغالبية من شعوبها ،ومل تدخل حرباً يف الرشق األوسط إال مبوافقة من برملاناتها املنتخبة ،والتي مت ّثل شعوبها متثي ًال نفتقده يف بلداننا .ولكنّ املستلبني للغرب يتجنّبون هذا النوع من التعميم هنا بالذات ،بل باتوا يتجنبون حتى مج ّرد اإلشارة لدور الغرب ،إن كان يف الحرب الدائرة يف سوريا ،أو يف دعمه املسبق للديكتاتوريات العربية، أو يف الحروب التي شنّتها جيوشهم وأحدثت الفوىض وأنتجت اإلرهاب.. وعوضاً عن أن يقوم هؤالء بدور إيجايب يف الغرب يخدم قضايا املنطقة ،وعوضاً عن البحث عن أنصار القضايا اإلنسانية هناك ملناهضة استغالل الشعوب ،بات الغرب منصة لبعض املستلبني يحاربون من خالل منابره ثقافة ّ مجتمعاتهم األصلية ،بعد أن أصبحوا الجئني عنده.. صار التحقري من شأن ثقافة مجتمعات املنطقة الشغل الشاغل لرشيحة كبرية منهم ،وصارت املساواة بني ثم املطابقة بني مقصد النص وفهم املتطرفني له ،ومن ّ اإلرهاب واإلسالم ،أمراً بديهياً عندهم .واألسوأ من كل يتم تغليف هذا االحتقار الضمني للمجتمعات ذلك ،أن ّ ً مبشاريع تدّعي السعي لإلصالح ،ولذلك أصبح لزاما عىل دعوات اإلصالح الحقيق ّية أن مت ّيز نفسها عن دعوات الهدم تلك.. ليس هذا فحسب ،بل بات من الرضوري مواجهتها، كعامل آخر يضاف إىل العوامل ّ املعطلة للنهضة.
4
الــا مقروء في االتفاق الروسياألمريكي ّ ّ شوكت غرزالدين
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
مقاالت
يكمن الال مقروء أو املسكوت عنه يف االتفاق األمري ّ الرويس يف عدم تطابق األهداف املرجوة يك- ّ مع النتائج املتحققة .فالفجوة السحيقة بني أهداف االتفاق وبني النتائج التي وقعت بالفعل ،تزعزع اآلمال املعقودة عىل دورهام يف العمل ّية السياس ّية من جهة أوىل ،وتطرح علينا السؤال التايل من جهة ثانية :هل تقدم يف يستطيع فع ًال األمريكيون والروس إحرا َز ٍ َ ووقف العمل ّية السياس ّية ومتدي َد الهدنة وتعميمها وتقديم املساعدات اإلنسان ّية؟ القتل والتهجري واللجوء َ أم أنهام عاجزتان عن فعل ذلك؟! والجواب الدارج والسائد هو أنهام تستطيعان ولكنهام ال تريدان َّ الحل لغايات خف ّية .ويستند مثل هذه قياس عىل ما مىض من ثنائية القطب ّية الجواب إىل ٍ يف عامل الحرب الباردة؛ أيام كان األمريكيون والروس يترصفون كأسياد للعامل وبقية الدول تخضع إلرادتهام. ولكن عامل ما بعد الحرب الباردة يختلف جذرياً عن عامل ما قبلها؛ فتعدد األقطاب يجعل العاملَ معدو َم القطب ّية وال كبري فيه أوالً ،والتدخل والتداخل والتشابك ُيع ِّقد القضية السور ّية أكرث فأكرث ويجعلها لعبة دول ّية ثانياً ،والتناظر بني القوى الكبرية وبني القوى الصغرية يجعل من الجميع العبني أساس ّيني ثالثاً ،ناهيك عن واقع النظام السوريّ بوصفه “نظاماً سياسياً مخرتقاً” حسب توصيف “خلدون النقيب” رابعاً .فمن اجتامع هذه العالقات هنا يبدو عجز هاتني الدولتني أكرب من قدرتهام ،وهذا ما تثبته الوقائع شيئاً فشيئاً. وهم سائدٌ مفاده إذاً ،املقرو ُء يف اتفاق مسخ القطبنيٌ ، َّأن جميع أوراق ّ السيايس لثورة الحر ّية والكرامة الحل ّ السور ّية ،بأياديهام! ولكن غري املقروء هو َّأن العاملَ انعدام للقطب ّية ال تصح معه هذه القراءة تح ّول إىل ٍ باملرة .وتكفي الوقائع األخرية لنقض هذا الوهم؛ تلك الوقائع املتمثلة بقصف ناقالت اإلغاثة يف حلب وانهيار الهدنة املتفق عليها وقصف موقع للنظام يف دير الزور ..فاألقطاب باتت كثرية تفوق احتامل ما يسمى تندراً بالقوى الكربى .وبات فعلهام هدَّاماً ال َبنَّا ًء .واالخرتاق أصبح شخصياً ال سياسياً فحسب. وهكذا ،نفهم تح ّول الجامعات الوطن ّية املوالية نتف تتبناها الدول والسفارات وتتالعب واملعارضة إىل ٍ بها .ونفهم غياب املعقول ّية السياس ّية يف حساب
السيايس املخرتق يكون مرتعاً املصالح؛ ألن النظام ّ للتنافس يصعب معه حساب تكلفة التدخل وتقدير فوائده .ونادراً ما يستطيع العب واحد أو أكرث من فرض إرادته عىل الالعبني اآلخرين .وهذه حالة تستوعب أي عدد من الالعبني الداخليني والخارجيني ،وتكون عندها املبادرات السياسية كردة فعل عىل التوجهات الدول ّية. لحقها النظام العاملي فيه ،وال يرتكها تفلت من وال ُي ِ قبضته يف آنٍ . السيايس املخرتق مجابهة داخلية ويعيش النظام ّ يوم ّية رشسة ومستمرة .وال ُيفهم وضعنا الراهن إال بسياق النظام العاملي وتأثريات ما بعد الحداثة .و ُيتَّبع يف مثل حالتنا سياسة فرض الواقع بخطفة رسيعة أو تدريجي ويرفض التفاوض؛ ألن الرصاعَ ال يتجزأ بتثاقلٍ ّ إىل أصل وفروع ويبقى مبدئياً ،مام يخلق انسداداً يف األفق .ويف حال الدخول يف املفاوضات ،يجب ْأن تكون عرب وسيط يضمن االتفاقات ،ويتم الرتكيز عىل النتيجة الصفر ّية مبعنى مكسب العب هو خسارة العب آخر. ويدور الرصاع حول شخصية الرئيس وتسييس مسألة األقل ّيات وتوظيفها. يتكئ الخطاب السائد عىل أطروحات ثالث هي مبثابة عكازات تساعده يف امليض قدماً وهي: أطروحة إسقاط الرئيس ،وأطروحة التدخل ،وأطروحة الطائف ّية .والسؤال املطروح هنا هو ملاذا تتشابه
األوضاع يف سور ّية والعراق واليمن بالرغم من اختالف التدخل واختالف مصري الرئيس واختالف الطائف ّية؟ ّ فحل فالتدخل الدو ّيل يف العراق تح ّول الحتاللٍ ؛ الجيش العراقي ،واجتث حزب البعث الحاكم قائد وعي “برمير” حاك ًام عسكرياً ،ثم تم الدولة واملجتمعّ ، القبض عىل “صدام” ومحاكمته وإعدامه .بينام يف ليبيا كان تدخ ًال عسكرياً بدون احتالل ،و ُقتل “القذايف” بيد ليبية بدون محاكمة .أما اليمن فاستقال الرئيس بعد محاول ٍة لقتله ،وبعدها تحو ّلت اليمن لساحة رصاع إقليم ّية .أما يف سورية فالتدخل العسكريّ املبارش كان لصالح النظام ،وما زال الرئيس يحكم ،ولكن رغم هذا ،تتشابه األوضاع لدرجة التامثل .ولنالحظ أن ليبيا ليس فيها طائفية؛ ألنهم من طائفة واحدة، بينام اليمن فيه طائفتني تتصارعان ،أما العراق ففيه تعدد طائفي وقومي وديني كام سور ّية ،وتبقى تهمة الطائف ّية وصف ًة ال عالقة لها بالنتائج كام يعتقد البعض. واألسباب هنا كام الحلول هي يف محل آخر. يجب أن ال نتوقع من اآلخرين الدوليني مساعدتنا ألننا طيبون أو ألننا مساملون! بل يجب ْأن نتوقع االنقضاض علينا لتفسخنا .فلنو ِقف إذاً الخطاب املتهافت الذي أضاع التضحيات والجهود السور ّية سدىً ّ . فكل فعلٍ وجهد وعمل بحاجة إىل نظرية وخطاب واقعي يوصف الواقع كام هو ال كام نريد. ِّ
الســورية: وثيقة ّ المعارضة ّ بتعديلها ودعــوات نصوص خالفية ّ ّ ّ
5
كمال شيخو
مالحظات نقدية
ويف ترصيحه ملجلة (طلعنا عالحرية) قال شالل كدو، سكرتري حزب اليسار الكردي وعضو االئتالف ممثل املجلس الكرديّ ،إن“ :الوثيقة تلغي حقيقة التعدد اإلثني يف سورية ،وتتناغم مع نظرية البعث الذي كان وال زال يسعى إىل تعريب البرش والشجر والحجر يف البالد”، وانتقد ع ّد اللغة العربية لغة رسمية وحيدة يف البالد، وأضاف“ :هي إلغاء متعمد ،وتجاهل ال ميكن القبول به للغة الكردية التي ال بد أن تكون اللغة الرسمية الثانية يف البالد ،وخاصة باملناطق الكردية؛ وحتى يف املناطق ذات األغلبية السكانية الكردية”. وتابع حديثه“ :تتجاهل الوثيقة االعرتاف بالشعب الكردي يف كردستان سورية ،الذي يعيش عىل أرضه التاريخية ،وينكر حقوقه وفق العهود واملواثيق الدولية. ومن شأنها أن تؤدي إىل انهيار بنية املجتمع السوري وتقسيم البالد والعباد إىل جامعات وثقافات وإثنيات متناحرة”. غري ّإن موفق نريبية ،نائب رئيس االئتالف ،وعضو املكتب التنفيذي لحركة مواطنة ،كشف خالل لقائه مع مجلة (طلعنا عالحرية) أن “املس ّودة ُط ِرحت عىل أعضاء االئتالف ،ونوقشت يف هيئتها السياسية وبحضور ممثيل جميع الكتل .وشهدت خالفات وتباينات موضوعية وذاتية” وذكر أن االئتالف أرسل إىل الهيئة العليا للمفاوضات املسودة املعدلة ،وطلبوا من لجنة الصياغة
تقارير
واستنكرت املنظمة األثورية تجاهل وثيقة املعارضة وجود وحقوق الشعب الرسياين اآلشوري والتي أق ّرتها جميع أطر املعارضة يف وثائقها .وجاء يف بيان صدر عنها بالثامن من الشهر الجاريّ ،إن “الوثيقة تسعى الختزال الهوية السورية بالديانة اإلسالمية والقومية العربية؛ وهي رؤية قارصة وأحادية ،وتجايف املنطق ،وتتنكر لحقائق التاريخ والواقع” واتهمت الوثيقة بالغموض، وعدم الشفافية وغياب ضامن حقوق األقليات وحاميتها من طغيان األكرثية. ولدى حديثه مع مجلة (طلعنا عالحرية) نقل كرم دويل عضو املكتب السيايس للمنظمة األثورية وممثلها يف االئتالفّ ،إن“ :الوثيقة اختزلت هوية السوريني بالعروبة واإلسالم فقط ،وأقرنت الثقافة السورية بالعربية اإلسالمية ،واعتربتها املحدد الوحيد للعالقات االجتامعية بني السوريني عىل اختالف انتامءاتهم اإلثنية ومعتقداتهم الدينية” ،وأعرب مستغرباً“ :الوثيقة تتناقض مع تاريخ سوريا التي ال تبدأ بالحقبة العربية واإلسالمية؛ وهو سياق ينطوي عىل أدلجة التاريخ والواقع ،بل يتجاهل
صالحيات محدودة
بينام رفض املجلس السوري الرتكامين عرب بيان نرش يف السابع من الشهر الجاري ،وثيقة املعارضة واعتربت “كل ما ورد فيه ميثل هيئة التفاوض فقط؛ وال تلزم املكون الرتكامين جمل ًة وتفصي ًال” وطالبوا تشكيالت املعارضة عدم تجاهل املكون الرتكامين واالعرتاف بحقوقهم الدستورية والقومية ضمن إطار الوطن السوري. ويف إفادة صحفية نرشت بالعارش من الشهر الجاري، عرب أحمد جقل عضو املكتب السيايس يف تيار الغد السوري عن خيبة أمله وأمل تركامن سوريا من تجاهل وثيقة املعارضة تركامن سوريا ،وطالب بعدم“ :تهميش الرتكامن يف آي عملية سياسية ،وأن ميثل أبناؤه بشكل واضح ومتثيل حقيقة واقعهم وحجم تضحياتهم”. ومل يستبعد شالل كدو اتخاذ املجلس الكردي مواقف أكرث حس ًام مع غياب التمثيل الوازن ألكراد سورية يف الهيئة العليا للمفاوضات ،وأكد ّأن“ :الكرد برمتهم يرفضون هذه الوثيقة .ومن غري املستبعد أن يكون هنالك خيارات أخرى أمام املجلس يف حال االستمرار يف إنكار حقوق الشعب الكردي الذي يعد ثاين أكرب مكون يف البالد”. يف حني أبدى كرم دويل متسك املنظمة اآلثورية بوحدة املعارضة ،وقال“ :سنميش بنفس األدوات وبذات الروح اإليجابية ،ونسعى بالتعاون مع اإلخوة باملجلس الكردي وبعض قوى املعارضة لتعديل ما ورد يف وثيقة اإلطار التنفيذي للحل السيايس” ،منوهاً ّإن “املوقف الذي ستتبناه الهيئة العليا حيال االحتجاج املقدم ،سيشكل عام ًال حاس ًام يف تحديد خياراتنا يف قادم األيام”. بي ّد ّإن موفق نريبية أكد ّأن “هذه الخالفات لن تؤثر عىل يرص عىل سري عمل هيئة التفاوض العليا ،ألن الجميع ّ الدفع بالعملية السياسية ،ووضعها عىل سكة التفاوض للبدء مبرحلة انتقالية” ،ويف ختام حديثه قال“ :ألننا جميعاً نريد الخالص والخروج من هذا النفق املظلم”.
العدد - 77 -
الدينيةحيث تنتمي أكرثية السوريني إىل العروبةوتدين باإلسالم”.
واعتربت يف بندها السادس القضية الكردية قضية وطنية سورية ،وطالبت بالعمل عىل ضامن حقوقهم القومية واللغوية والثقافية دستورياً .إال أنها أغفلت حقوق املكونني الرسياين اآلشوري والرتكامين ،األمر الذي دفع كتلها السياسية اىل إصدار بيانات ترفض نص الوثيقة املنشور وطالبت بتعديلها.
توافقات املعارضة
2016 / 9 / 25
أثارت رؤية املعارضة السورية والتي حملت عنوان: “اإلطار التنفيذي للحل السيايس وفق بيان جنيف ،”2012بعد ْأن طرحتها هيئة املفاوضات العليا املعارضة بداية الشهر الجاري من لندن ،ردوداً وانتقادات من كتل املكونات الرئيسية الئتالف قوى الثورة واملعارضة السورية ،واألخري إحدى أبرز كيانات هيئة التفاوض. االنتقادات والتحفظات طالت املادة األوىل من املبادئ األساسية لوثيقة املعارضة؛ إذ نصت عىل أن “سوريا جزء ال يتجزأ من الوطن العريب ،واللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة” ،وعدت “الثقافة العربية اإلسالمية معيناً خصباً لإلنتاج الفكري والعالقات االجتامعية بني السوريني عىل اختالف انتامءاتهم اإلثنية ومعتقداتهم
كل الثقافات والحضارات والشعوب التي تفاعلت عىل هذه الجغرافية منذ آالف السنني”. وأشار خالل لقائه“ :تجاهل املكون القومي الرسياين اآلشوري والذي يعترب من أقدم شعوب املنطقة ،يف الوقت الذي تم ذكر القومية الكردية ولو بشكل التفايف، ينطوي عىل ذهنية تسعى الستعادة واحياء الرؤية البعثية يف سعيها لصهر الجميع يف بوتقة الهوية العربية اإلسالمية”. كام شد ّد املجلس الوطني الكردي يف بيان نرش بالعارش من الشهر الجاري ،أن “الوثيقة تلغي حقيقة التعدد القومي العتبارها أن سوريا جزء من الوطن العريب” واعترب اعتامد الوثيقة اللغة العربية لغة رسمية وحيدة يف البالد؛ إلغا ًء وتجاه ًال للغة الكردية ولغات املكونات األخرى.
أن ُتراعي االتفاقية املوقعة بينهم وبني املجلس الكردي وباقي كتله السياسية ،الفتاً“ :انطلقنا من مالحظات األخوة األكراد وباقي الكتل ،إال أن قضية ّ البت يف رؤية املعارضة ،تقع خارج صالحيات االئتالف وأعضائه؛ كوننا جزءاً من هيئة التفاوض وليس العكس؛ ما أدى إىل وجود مالحظات عليها ،وأنا أيضاً فوجئت بها ً قليل!”.
6
ســوريون على الهامش!! سامي الساري
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
تقارير
قد يوحي هذا العنوان إىل فئات ورشائح كبرية من املجتمع السوري ،فالكثري من السوريني والسوريات طوال خمسة عقود كانوا يعتربون أنفسهم مهمشني أو جرى تهميشهم بحكم أنهم يعيشوا يف عهد أبشع سلطة ديكتاتورية واستبدادية عرفتها البرشية، متمثلة بفرتة حكم نظام األسد األب واالبن ،ومع انطالق االنتفاضة يف آذار -مارس 2011بدأ هذا الشعور بالتبدد والزوال وأن السوريني والسوريات لن يقبلوا أن يتم تهميشهم بعد اآلن ،إال أن هناك فئة ورشيحة من املجتمع السوري قد تم تهميشها من قبل النظام وحتى من قبلنا كسوريني خرجوا ضد الظلم والفساد ،فطوال الست سنوات املاضية مل يلتفت أي أحد منا إىل معاناة سكان البوادي والذين ال يزالوا بعيداً عن أذرع الحضارة بسبب عدم اتخاذ سياسات اقتصادية وتنموية ناجحة يف السابق ،وبسبب ظروف الحرب التي متر بها البالد يف الوقت الحايل ،فام هي ظروف سكان البوادي قبل الثورة؟ ومباذا أثرت الحرب عليهم؟ وما هي الظروف التي يعيشونها األن؟ ظروف سكان البوادي قبل الثورة “تهميش متعمد لسكان البادية وسياسات حكومية فاشلة ومليارات رسقت تحت مسمى تنمية البادية”. يقول خلف الجدعان أحد سكان البادية يف دير الزور معرفاً عن نفسه“ :ولدت يف سنة الربيع األويل و -للعلم -إن سكان البوادي ال يعتمدون التاريخ امليالدي وال حتى الهجري ،بل يستبدلونها بأخرى كالقول( :السنة التي مات بها فالن ،سنة الجوع ،سنة الربيع ،سنة الحالول ،سنة املحل، ...الخ) ولكل منها داللة راسخة ومحفوظة تلقائياً يف العقل الجمعي ،وتتناقلها األجيال تباعاً،”.. بالعودة إىل حديث الجدعان“ :أعيش هنا مع أفراد أرسيت البالغ عددهم ستة وثالثني شخصاً مبن فيهم والديت العجوز التي تقيض معظم أوقاتها يف النوم بسبب كرب سنها ،ونعيش هنا بغري إرادتنا؛ فالزراعة الخفيفة وتربية قطعان املوايش هي مهنتنا األساسية ،فنحن نتحمل برد الشتاء وح ّر الصيف من أجل أن نعيش ،وألننا نعتمد بالدرجة األوىل عىل النساء يف كل يشء فإننا نتزوج من
أربعة نساء أو أكرث! فهنّ من يقمن بالرعي أحياناً وحلب املوايش وصناعة السمن والجنب وحصد املحاصيل الزراعية وتربية األوالد وخياطة بيوت الشعر التي نسكن بها أثناء رحيلنا إىل مكان آخر.. يف السابق كنا نستطيع أن نرعى يف البادية يف كل مكان إال أن (الحكومة) يف السنوات األخرية بدأت مبنعنا من الرعي بحجة أنها تقوم بإنشاء محميات طبيعية ومر ٍاع ،فقامت مبنع الرعي تحت مسمى زيادة الغطاء النبايت .فزرعوا بعض النباتات عىل أطراف الطرقات ويف الواجهات وتركوا الباقي، وقد كلفت مليارات اللريات” ..يتساءل الجدعان: “كتبوا عىل الورق بأنها محميات ومر ٍاع طبيعية، ويف الوقت نفسه منعوا األغنام من الدخول إليها، فلامذا أطلقوا عليها اسم (مراعي)؟! فنضطر لرشاء األعالف واألدوية البيطرية من السوق السوداء، وتكون باهظة الثمن أو بتقديم عدد ال بأس به من األغنام لدوريات (الحكومة) مقابل السامح لنا بالرعي لساعات محدودة يف هذه (املراعي) فأين سنذهب؟ وال أحد يلتفت لنا أو يقدم لنا املساعدة أو تعويضات ريثام ينتهي مرشوع (املحميات)” يتابع الجدعان رسد معاناتهم“ :أوالدنا ال يتلقون التعليم أو اللقاحات ،وهذا إهامل متعمد فنحن مل نعد نرحل من مكان إىل آخر كام يف السابق ،فيوجد لدينا تجمعات مأهولة بالسكان نرحل منها يف فرتة انقطاع األمطار ،لكننا نعود إليها ،أي أننا نصف مستقرين ..فهم أي (الحكومة) ال يهتمون بنا إال يف صفقات تصدير األغنام حيث يشرتونها منا بأبخس األمثان ويبيعونها باملقابل بأسعار مرتفعة للدول األخرى عرب التجار املتنفذين واملرتبطني بهم”. أوضاع سكان البادية يف الوقت الحايل: “استغالل الحواجز للشاحنات التي تنقل األغنام.. تدخل تنظيم داعش يف حياتهم ..يأس واستسالم للواقع”. “ 100ألف لرية سورية مثن (الرتفيق) عن كل شاحنة تحمل األغنام” بهذه الكلامت أبدى أحد سكان بادية تدمر ويدعى أبو صالح استغرابه لهذه الظاهرة ،وقال أبو صالح عن الرتفيق“ :هو مصطلح يستغل حاجة الناس؛ وهو عبارة عن رسقة (عينك عينك) وحواجز الجيش السوري املنترشة عىل
طريق أثريا -خنارص -السلمية هي من اخرتعت هذا املصطلح ،ويعني أن يعطي صاحب األغنام مبلغاً من املال مقابل عدم تعرض حواجز الجيش له .ومن املعروف أن هذا الطريق هو الرشيان الحيوي للتنقل بني مناطق البادية السورية. والرتفيق أيضاً يشمل شحن البضائع واملواد الغذائية واألعالف ..الخ ،وهذا ما يفرس ارتفاع أسعار كل أنواع السلع” ،يتابع أبو صالح قائ ًال“ :ليس الرتفيق هو املشكلة الوحيدة فأجور الشاحنات قد ارتفعت إىل أكرث من 10أضعاف ما كانت عليه يف السابق، باإلضافة إىل وجود قطاع الطرق واللصوص والشبيحة ،وهم كاملنشار” كام وصفهم أبو صالح الذي يتابع“ :هذا عدا أن تكلفة سقاية األغنام أصبحت مرتعفة جداً” ،ويختم أبو صالح حديثه أنه يف حرية كبرية من أمره“ :أكاد أن استسلم للواقع وأبحث عن مهنة أخرى ،فرتبية األغنام يف هذا الزمن أصبحت من شبه املستحيل ،وما كان ينقصنا إال تنظيم داعش لتكتمل معاناتنا ،فهم موجودون يف البوادي كالنمل ،بل وساهموا بتغيري منط حياتنا، فهم ال يسمحون للنساء بالخروج يف املراعي إال (باللباس الرشعي) وهذا أمر مل نعتد عليه من قبل! باإلضافة إىل الطريقة املستفزة بأخذ الزكاة؛ فهم يأخذونها عنوة ،باإلضافة إىل تجنيد أبنائنا يف صفوفهم وتهريب األغنام إىل الدول املجاورة”. وتعترب األغنام السورية من أجود أنواع األغنام يف العامل ،ويحذر أبو صالح أن “مهنة تربية األغنام ستتالىش وتختفي إذا ما استمرت عىل هذا الحال؛ فالعديد من أقاريب قد باعوا أغنامهم وامتهنوا نقل النفط الخام عرب الصهاريج الكبرية ،وأغلب الظن أنني سأفعل مثلهم”
حتــى ال نكرر أخطاء حمص.. لــن نفترق و ســنغرس فكر العودة
7
محمد هشام
العدد - 77 - 2016 / 9 / 25
تجربة داريا مل تكن األوىل وال يبدو أنها األخرية، بظل نظام ّ فايش سبق وأن عرض حل التهجري عىل أهايل حي الوعر كمخرج لحصارهم ،والتي ميكن
أن تصبح واقعاً يف ّ ظل صمت املجتمع الدويل املتآمر.
تقارير
مل تكن داريا املدينة األوىل التي تتعرض لإلفراغ القرسي من أهلها و تهجريهم ،فقد سبقتها من قبل أحياء ريف حمص الجنوبية يف 2014فيام عرف بالتغريبة الحمصية ،والتي كانت مأساة باب سباع بدايتها ،حيث تعرضت لإلفراغ والتهجري يف تسوية رعتها األمم املتحدة ،التي يفرتض بها أن متنع مثل هذه التجاوزات التي تعد جرمية ،امتثاالً وعم ًال مبا تنص عليه قوانينها واألعراف الدولية التي متنع التهجري الطائفي. --“هي جولة ،و الجولة األهم هي جولة العودة والعمل عليها”. بهذه العبارات يفتتح خالد أبو النور الناشط و أحد املهجرين حديثه مع طلعنا عالحرية ،ويتابع“ :فكر العودة ليس مجرد نظرية ،و إمنا مجموعة كبرية من األعباء والتكاليف التي تحتم علينا حملها والعمل عليها”. و لدى سؤاله عن أبرز الصعوبات التي من املحتمل أن تواجههم خالل عبء غرس فكر العودة يف نفوس األهايل و الثوار ،قال“ :العودة لداريا قضية وجود ،و متوت القضية إن مل تحظ بحناجر تنادي بها ،وسواعد تعمل عليها” ،ثم أضاف: “لقد أخطأ ثوار حمص عندما تخلو عن فكرة العودة باملفهوم التطبيقي ،إذ سمحوا لألهايل بأن تتفرق وتترشذم منذ البداية بني املخيامت عىل امتداد أرياف إدلب ،األمر الذي باعد كتلتهم السكانية عن بعضها ،وص ّعب عليهم إيجاد مرشوع يجمعهم ،مام دفع الكثريين منهم إىل مغادرة سوريا إىل تركيا يف وقت الحق ،وبعضهم إىل أوروبا”. ويتفق معه الناشط سعيد أبو هادي الذي خرج برفقة أهايل داريا إىل إدلب ،لكنه يضيف“ :تجربة حمص أعطتنا درساً ولن نكرر الخطأ نفسه” .وعن أبرز أخطاء تجربة حمص يتحدث سعيد عن رؤيته“ :الذي أسهم بتضييع قضية العودة لحمص تفرق األهايل وتشتتهم بعد الخروج ،وتوزعهم عىل عدد كبري ومتباعد من املخيامت دون محاولة الحفاظ عىل كتلتهم البرشية يف مكان واحد أو أمكنة محددة ومحدودة، باإلضافة إىل فرط عقد كتائبهم وتشتت العنارص بني فصائل وألوية الشامل ،أن تتفرق العوائل والثوار يعني أن يتفرق صوت القضية”. فيام أفاد الناشط اإلعالمي رضوان الهندي يف وقت سابق لوسائل اإلعالم أن “ 90%من أهايل الخالدية غادروا سوريا، و 10%يف مخيامت اللجوء” ..و يرى مراقبون أن أهايل الخالدية عينة عن أهايل مدن الريف الحميص الذي تعرض للتهجري.
يف تاليف ذلك: يقول عبد الرحمن أبو أحمد الناشط يف العمل اإلنساين“ :النخبة لفاعلة التي خرجت مع أهايل داريا إىل إدلب وضعت تجربة أحياء ريف حمص نصب أعينها ،وسعت لتجنبها ،حيث تم تجميع األهايل يف بلدتني اثنتني بشكل رئييس، وتم إسكانهم يف قرية منوذجية ذات منازل منحرصة بكتلة واحدة يف بلدة أطمة ،إضافة إىل بلدة جرجناز ،وتم انتخاب لجان ممثلة من األهايل يف كلتا البلدتني لتسهيل التواصل مع الفعاليات املحلية واملنظامت ،إضافة إىل التواصل مع اللواء واملجلس املحيل سابقاً، والذي ال زال أفراده يديرون شؤون األهايل واملدنيني بعد خروجهم” ويضيف“ :يتم وضع خطة بالتواصل مع املنظامت لدراسة مرشوع رشاء أرض زراعية كبرية وبناء مدينة سكنية ونقل كافة األهايل إليها ،حفاظاً عىل كتلتهم البرشية من التشتت والترشذم ،والعمل عىل تقديم سائر الخدمات والتسهيالت لهم، وإعادة األطفال إىل مدارسهم ،والعمل عىل تأمني فرص عمل لألهايل تكفيهم حاجتهم، وتخطو عىل طريق إعادة الحياة الطبيعية اآلمنة للسكان بشكل يلغي حاجتهم إىل السفر ومغادرة البالد”.. --وقد أفاد النقيب سعيد نقرش أبو جامل قائد لواء شهداء اإلسالم ،يف وقت سابق إىل عدد
من وسائل اإلعالم بأن ثوار داريا تلقوا عروضاً بشكل غري مبارش لالنضامم إىل فصائل محلية، ثم أردف“ :األولوية تكمن يف الحفاظ عىل كتلة اللواء” وأنه سيعمل يف الشامل كغريه من الفصائل ليدافع عن الجبهات ويحمل يف أهدافه مرشوع الرجوع إىل داريا. --حول هذا الجهد يفيد زياد أبو عبدو أحد ناشطي داريا أن غرس فكر العودة يعد من أهم أولويات النخب يف الفرتة القادمة، مبيناً حجم الرضر الذي ترتب عىل إهامل هذه الخطوة يف تجرلة حمص ،وحول هذه اآللية أفاد“ :من املمكن بعد استقرار األهايل عقدُ ندوات ثقافية وحوارية ومهرجانات يف معسكرات التدريب ،تحث عىل الحفاظ عىل الكتلة ،وأنها املفتاح الوحيد الذي يكفل إمكانية العودة ،وعدم أفول شمس القضية، إضافة إىل نشاطات مامثلة مناسبة لألهايل ذكوراً و إناثاً ،تغرس يف نفوسهم فكر العودة وتحثهم عىل تطوير أنفسهم وتنمية مواهبهم وقدراتهم ،بشتى الوسائل املتاحة ،لتحصيل الجاهزية للبناء والرتميم فور الرجوع”. ---
اإلخالء القسري 8 طلعنا عالحرية
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
تأيت عملية التهجري واإلخالء القرسي التي تعرض لها أهايل مدينة داريا ،لتسلط الضوء من جديد عىل أحد االنتهاكات والجرائم الخطرية التي قام النظام السوري بارتكابها منذ بداية الثورة السورية يف عام ،2011حيث شهدت عدة مناطق هذه العملية سابقاً كام هو الحال يف حمص والقصري ،وال تزال مناطق أخرى تتعرض وعرضة لتكون ضحية هذه الجرمية كمعضمية الشام وحي الوعر.. تعريف اإلخالء القرسي: هو طرد دائم أو مؤقت ألفراد أو أرس و\ أو مجتمعات محلية ض ّد إرادتهم من املنازل و\ أو األرايض التي يشغلونها دون أن توفر أشكال مناسبة من الحامية القانونية أو غريها من أشكال وتيس لهم سبل الحصول عليها. الحامية َ وقد عرفت لجنة القانون الدويل يف األمم املتحدة جرمية اإلبعاد يف سياق تعريفها للجرائم ض ّد اإلنسانية يف مسودة الجرائم املخ ّلة بسلم البرشية وأمنها لعام 1954بأنه: “يعني إبعاد السكان أو النقل القرسي للسكان أو األشخاص املعنيني قرساً من املنطقة التي يوجدون فيها بصفة مرشوعة ،بالطرد أو بأي فعل قرسي آخر دون مربرات قانونية يسمح بها القانون الدويل”. وهذا ما أكدته املادة السابعة الفقرة /2د من النظام األسايس للمحكمة الجنائية الدولية عندما نصت عىل: ّ رحـل مرتكب الجرمية ،أو أن ينقل قرساً “1ـ أن ُي ّ شخص أو أكرث إىل دولة أخرى ،أو مكان آخر بالطرد ،أو بأي فعل قرسي آخر ألسباب ال يق ّرها القانون الدويل. 2ـ أن يكون الشخص أو األشخاص املعنيني موجودين بصفة مرشوعة يف املنطقة التي أبعدوا منها عىل هذا النحو. ً 3ـ أن يكون مرتكب الجرمية ملام بالظروف الواقعية التي تقررت عىل أساسها مرشوعية هذا الوجود. 4ـ أن يرتكب هذا السلوك كجزء من هجوم واسع
النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان املدنيني وأن يكون الجاين ينوي هذا السلوك وهذا الهجوم الواسع النطاق”. كام نصت املادة 8من النظام األسايس للمحكمة الجنائية الدولية ،عىل أن هذه الجرمية هي جرمية حرب عندما ترتكب يف حالة النزاع املسلح ،ولكن يف نفس الوقت أقر هذا النظام بأن هذه الجرمية تنطوي عىل تداخل بني جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية ،أي أنها من املمكن ارتكابها كجرمية ض ّد اإلنسانية زمني السلم والنزاع املسلح. أنواع عمليات اإلخالء القرسي: تجري هذه العمليات من املساكن واألرايض يف املناطق الحرضية والريفية ،ويف البلدان النامية واملتطورة عىل حد سواء ،ويرتاوح نطاقها بني فرد واحد أو أرسة أو مجموعة أو جامعة واحدة إىل حي بأكمله أو عمليات ترحيل واسعة النطاق تشمل عرشات آالف السكان. وليست جميع حاالت اإلخالء محظورة مبوجب القانون الدويل لحقوق اإلنسان؛ كأن تكون هناك رضورة إلبعاد األشخاص عن األرايض املعرضة للخطر املحدق بحياتهم ،ومع ذلك ينبغي أن تتامىش عمليات اإلخالء مع القوانني الوطنية واملعايري الدولية وفق األصول القانونية ،حيث ال يؤدي صدور قرار إداري أو قضايئ وحده بالرضورة إىل حالة إخالء قانونية أو مربرة بأي شكل من األشكال ،ما مل ميتثل القرار إىل املعايري الدولية لحقوق اإلنسان وااللتزامات املتصلة بالدولة. ولكن يف الحاالت األخرى يشكل اإلخالء القرسي انتهاكاً جسي ًام لعدة حقوق من حقوق اإلنسان سواء بشكل مبارش أو غري مبارش ،يأيت يف مقدمتها الحق يف الحياة والحق يف عدم الخضوع ملعاملة قاسية أو ال إنسانية أو مهينة ،وحق الشخص يف األمن عىل شخصه ،والحق يف مستوى معييش مالئم (سكن وغذاء ومرافق صحية الئقة) ،كذلك حق الشخص يف عدم التدخل يف خصوصياته أو شؤون أرسته أو بيته ،وحرية التنقل واختيار مكان اإلقامة ..يضاف إىل ذلك كل من الحق يف الرعاية
الصحية والتعليم والعمل وامللكية والحق يف االنتصاف الف ّعال ،والحق يف التصويت واملشاركة يف إدارة الشؤون العامة. ويندرج اإلخالء القرسى للسكان بهدف إخراجهم من مناطقهم ،ضمن جرائم الحرب وجرائم اإلبادة الجامعية والجرائم ض ّد اإلنسانية وفق قاموس القانون الدويل والقانون الدويل اإلنساين. وال تنطوي حاالت اإلخالء القرسي بالرضورة عىل استخدام القوة البدنية ،فيمكن أن تتم هذه الجرمية باملضايقات والتهديدات أو بأي نوع من أنواع الرتهيب ،حيث يكفي جعل بقاء شخص من األشخاص يف املنزل ال يطاق بقطع إمدادات املياه والكهرباء مث ًال ،لنشهد حالة إخالء قرسي. وال ترتبط الحامية لألشخاص من اإلخالء القرسي بحقوق امللكية ،فال يتم النظر لنوع الحيازة سواء ملكية أو إيجاراً عاماً أو خاصاً أو سكناً تعاونياً أو ترتيباً جامعياً أو استثامراً أو سكناً طارئاً أو مؤقتاً أو استيطاناً غري نظامي. ويف سورية يتم اإلخالء القرسي بالقوة املادية املبارشة وبشكل معنوي أيضاً ،حيث يستخدم النظام القوة املفرطة والوحشية والتهديد باستخدامها؛ واستخدام االعتقال والحصار ،مام يجرب املدنيني واملقاتلني عىل ترك منازلهم وبيوتهم إىل مكان آخر ال ميتّون له بصلة سوى أنه أرض سورية يف حال كان اإلبعاد داخلياً ،عىل أمل الرجوع إىل ماض وتاريخ وذكريات تم دفنها مع شهداء ومشاعر وعواطف وضحكات ودموع ولحظات ماتت مع أحبة ،مل يبق منها إال األطالل، التي يعمل النظام عىل محوها واخرتاع واقع جديد يناسبه ويناسب حلفائه املجرمني ،الذين يسعون الستيطان وهضم حقوق السكان األصليني لهذه األرايض دون أي وجه حق. ويبدو أن إعادة الحال اىل ما كان عليه سيكون صعباً ال سيام يف ظل سيطرة النظام عىل السجالت الرسمية الخاصة باألحوال املدنية وامللكيات العقارية ،ويف ظل مقدرته عىل إصدار ترشيعات وقوانني تساعده يف طمس معامل هذه الجرائم
الرابطة السورية للمواطنة.. الدور واألهداف
9
طلعنا عالحرية
العدد - 77 - 2016 / 9 / 25
يف وقت أصبحت فيه املواطنة ،أكرث من أي وقت مىض ،مفهوماً جوهرياً لبناء سورية وطناً لكل مواطنيه ،وبعد أن عرفت سورية يف العقود الخمسة األخرية شك ًال فريداً من أشكال االستبداد ُغ ّيبت خالله فكرة املواطنة عن الربامج التعليمية يف املدارس وعن املامرسة يف الحياتني السياسية واالجتامعية ،كان البد من خلق كيان مدين سوري يويل األهمية البالغة ملسألة املواطنة ،فكان أن ُأسست “الرابطة السورية للمواطنة” ()SL4C عىل يد مجموعة من السوريات والسوريني يف 15 كانون الثاين ديسمرب .2011 تعرف الرابطة نفسها عىل أنها“ :تجمع مدين طوعي لكل من يرغب يف العمل عىل ترسيخ املواطنة وقيمها يف سورية عىل صعيد العالقة بني املواطنني .والعالقات بينهم وبني الدولة .والعالقات بينهم وبني املحيط الذي يعيشون فيه”. وتؤكد الرابطة يف موقعها اإللكرتوين أنها “ليست تنظي ًام سياسياً ،وإمنا تعمل يف الشأن العام وتسعى إىل أن تكون ذات تأثري يف املجتمع املدين”. وهي “تؤمن أن أي شكل قد تنتهي إليه األزمة السورية لن يقوى عىل بناء الدولة املدنية الدميقراطية املنشودة ،وعىل تحقيق استقرار املجتمع ،مامل يقم عىل أساس املواطنة الكاملة”. مشري ًة إىل أن تلك األسس هي“ :املواطنة ،والحرية واملساواة واملشاركة واملسؤولية .مبعنى املشاركة الواعية والفاعلة لكل شخص دون استثناء ودون وصاية من أي نوع يف بناء اإلطار االجتامعي والسيايس والثقايف للدولة”. وبحسب الدكتور حسان عباس (رئيس الرابطة) فإنه “مع انطالقة انتفاضة الكرامة ،يف سورية ملح ،أهمية مت ّلك الشباب املشارك ظهرت ،بشكل ٍّ يف املظاهرات السلمية لثقافة املواطنة .و ّمثة أمران أكدّا هذه األهمية :األول هو أن املصطلح صار، بني عشية وضحاها ،مصطلحاً تحشيدياً ،تتناقله تبي داللته األدبيات املؤيدة لالنتفاضة دون أن ّ العلمية ،ودون أن ّ توضح ما هي مبادئ املواطنة وما هي قيمها .أما الثاين فهو أن النظام قد عمل،
من األيام األوىل ،عىل تقويض البعد املواطني لالنتفاضة من خالل تطييفها أوالً (خطاب بثينة شعبان يف 26آذار ،)2011ومن خالل دفعها بالقوة نحو العسكرة (استخدام العنف بشكل مبكر ومتسارع) ثانياً”. املواطنة هي الحل األمثل ال تدّعي الرابطة متثيل أشخاص بعينهم ،أو مجموعات محددة .فهي –والكالم هنا لـ د. حسانعباس(“ -جسم مدين) مفتوح أمام كل من يرغب بالعمل من أجل تحقيق املواطنة يف سورية .لهذا السبب ال تعتمد الرابطة مبدأ االنتساب ،وال بطاقة عضوية ،وال رسوم انتساب، وال هيكلية تراتبية ..الرابطة (وهذا ما يفرس اسمها) تربط بني املواطنني السوريني الفاعلني من أجل املواطنة .وهذا الربط يكون من خالل العمل يف الربامج واملشاريع القامئة ..تطرح الرابطة ،أو يضم عدداً تستقبل ،برامج عديدة ،وكل برنامج ّ من املشاريع ،يعمل بها مواطنون مقتنعون بأن املواطنة هي الحل األمثل ملا يعرتض الوطن السوري من تصدّعات .رمبا أمكننا القول إن هؤالء هم من متثلهم الرابطة”. ومن األهداف املحددة للرابطة :نرش ثقافة املواطنة وقيمها والدفاع عنها ،وتعميق املعرفة بالهوية الوطنية وثقافاتها ،وكذلك تعميق الخربات يف قضايا املواطنة ،وتكريس مفهوم املساواة يف الحقوق والواجبات بني املواطنني/ات ،والعمل ميدانياً لتكريس مبدأ املشاركة يف الحياة العامة، وترسيخ ثقافة التشاركية وثقافة التط ّوع يف الحياة العامة ،واملساهمة يف تأهيل الكفاءات يف قضايا فض النزاع والسلم األهيل والعدالة االنتقالية وغريها من القضايا امللحة يف املرحلة التي متر بها سورية اليوم ،واملساهمة أيضاً يف تحسني أوضاع الالجئني السوريني ،واملساهمة يف حامية الرتاث املادي وغري املادي والطبيعي. وتؤكد أدبيات الرابطة ،أن “دولة املواطنة التي تقوم عىل هذه األسس ،يتمتع فيها املواطنون بحقوقهم ويلتزمون بواجباتهم دون أي متييز
عىل أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الجهة أو العقيدة” .الفت ًة إىل أنها “منظمة غري ربحية مسجلة يف هولندا”. مبادئ وقيم املواطنة يف دليل خاص ليس من املبالغة القول إن تغييب فكرة املواطنة يعد –بحسب الخرباء واملختصني -سبباً من أسباب الوضع الذي وصلت إليه سورية اليوم. وقد أظهرت استبيانات وحوارات قام بها فريق من الباحثني السوريني أن “معظم الناس يجهلون املعنى الحقيقي للمواطنة ،مبن فيهم أولئك الذين يرفعونها شعاراً لدولة املستقبل”. ويف هذا السياق أصدرت الرابطة مؤخراً ،بالتعاون مع دار “بيت املواطن” ،وبدعم من مؤسسة Hivosالهولندية ،القسم النظري من “دليل املواطنة” ،والذي قام بإعداده فريق من الباحثني، هم :د.حسان عباس ،وصباح الحالق ،وماريانا الطباع ،وسام جالحج .وقام بتنفيذه فنياً فايز عالم. وقد وضعت الرابطة مرشوع هذا الدليل منذ سنتني تقريباً ،وقامت بتطبيق مواده يف ورشها التدريبية عىل املواطنة وقضاياها .وهو يتك ّون من جزأين ،صدر الجزء األول وهو القسم النظري، وتم االنتهاء مؤخراً من وضع اللمسات األخرية عىل الجزء الثاين ،وهو القسم العميل الذي ستقوم الرابطة بإصداره قريباً بعد إخضاع مواده لالختبار العميل لتاليف ما قد يلقاه الباحثون واملتعاملون معه ،من هنات وثغرات فيه”. ويرشح الدليل بجزئه األول بشكل أسايس معنى املواطنة ،واملبادئ التي تقوم عليها وهي أربعة مبادئ أساسية :التشاركية ،الحرية ،املساواة، املسؤولية .ثم يعرض ألربع قيم من قيم املواطنة وهي :الكياسة ،والتضامن ،والوعي املدين واإلنسانية. كام يستعرض الدليل بعض القضايا املرتبطة باملواطنة مثل :الجندر ،العلامنية ،الدميقراطية، حقوق اإلنسان ،التعليم ،التنمية املستدامة ،املجتمع املدين ،والثقافة .بأسلوب مكثف لكنه واضح يتناسب مع اآلليات املتبعة يف ورش التمكني.
10
سوريا :اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) المحامية دعد موسى صادقت سوريا عىل اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة (سيداو) عام 2002باملرسوم الترشيعي 330
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
اتفاقية (سيداو) صدرت عام 1979دخلت حيز التنفيذ عام 1981تتألف من ديباجة و 30مادة وهي تعترب مبثابة إعالن عاملي لحقوق املرأة نظراً ملا تتمتع فيه من شمولية يف معالجة قضايا التمييز ض ّد تنص النساء ،وضامن املساواة أمام القانون من حيث ّ عىل اتخاذ التدابري الهادفة إىل تحقيق املساواة الفعلية بني الرجال والنساء يف امليادين السياسية واالقتصادية واالجتامعية ،وتلزم الدول بالعمل عىل تعديل األمناط االجتامعية والثقافية للسلوك فيام يتعلق بالجنسني. كام إنها تطالب باملساواة عىل صعيد الحياة الخاصة والعامة ،وقد شملت كافة املجاالت املتعلقة بقضايا املرأة .وأهم ما يف االتفاقية أنها تناولت التمييز موضوعاً محدداً وعالجته بعمق وشمولية بهدف إحداث تغيري جذري وفعيل يف أوضاع املرأة. تعترب (سيداو) األساس القانوين والعميل للقضاء عىل التمييز ض ّد النساء يف العامل ،ومبثابة مؤرش عىل التزام الدول األطراف يف االتفاقية بتحقيق املساواة أمام القانون يف ترشيعاتها الوطنية وتعديل ما هو مخالف لها.
ورغم تصديق سوريا عليها ،تحفظت عىل مواد أساسية يف االتفاقية مبا ال ينسجم مع غرض االتفاقية وجوهرها ،والينسجم مع الواقع الفعيل للمرأة السورية ،والتحفظات تنسجم جميعها مع الوضع القانوين التمييزي ض ّد النساء السوريات .وبالعودة إىل تلك التحفظات نجدها ترتكز عىل املساواة أمام القانون ،وخاصة ما يتصل باملرأة لناحية عالقاتها األرسية وحياتها الخاصة. فاملادة 2تنص عىل“ :تشجب الدول األطراف جميع أشكال التمييز ض ّد املرأة ،وتوافق أن تنتهج ،بكل الوسائل املناسبة ودون إبطاء ،سياسة القضاء عىل التمييز ض ّد املرأة وتحقيقاً لذلك ،تتعهد بالقيام مبا ييل: تجسيد مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف دساتريها الوطنية أو ترشيعاتها املناسبة األخرى ،إذا مل يكن هذا املبدأ قد أدمج فيه حتى اآلن ،وكفالة التحقيق
العميل لهذا املبدأ من خالل القوانني والوسائل املناسبة األخرى. اتخاذ التدابري الترشيعية املناسبة وغريها من اإلجراءات الرضورية ،مبا يف ذلك ما يقتيض األمر من جزاءات لحظر كافة أشكال التمييز ض ّد املرأة. إقرار الحامية القانونية لحقوق املرأة عىل قدم املساواة مع الرجل ،وضامن الحامية الفعالة للمرأة من أي عمل متييزي ،عن طريق املحاكم الوطنية ذات االختصاص واملؤسسات العامة األخرى. االمتناع عن االضطالع بأي عمل أو مامرسة متييزية ض ّد املرأة ،وكفالة ترصف السلطات واملؤسسات العامة مبا يتفق وهذا االلتزام. اتخاذ جميع التدابري املناسبة للقضاء عىل التمييز ضد املرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة. اتخاذ التدابري املناسبة مبا يف ذلك الترشيعية ،لتعديل أو إلغاء القوانني واألنظمة واألعراف واملامرسات القامئة التي تشكل متييزاً ضد املرأة. إلغاء جميع قوانني العقوبات الوطنية التي تشكل متييزاً ضد املرأة”. إن التحفظ عىل هذه املادة ينايف روح وجوهر االتفاقية ،وسببه التمييز املوجود يف الدستور وقوانني األحوال الشخصية وقانون العقوبات وقانون الجنسية واألعراف واملامرسات التمييزية ض ّد النساء ،وعدم وجود أليات لحامية النساء من التمييز ،بل وعىل العكس مامرسة التمييز ضدهنّ عىل الصعد كافة. املادة 1-“ :9متنح الدول األطراف املرأة حقاً متساوياً لحق الرجل يف اكتساب جنسيتها أو االحتفاظ بها أو تغيريها ،وتضمن بوجه خاص أال يرتتب عىل الزواج من أجنبي أو تغيري جنسية الزوج أثناء الزواج ،أن تتغيري جنسية الزوجة أو أن تصبح بال جنسية أو أن تفرض عليها جنسية زوجها2- .متنح الدول األطراف املرأة حقاً متساوياً لحق الرجل فيام يتعلق بجنسية أطفالها”. تحفظت سوريا عىل هذه املادة الفقرة 2لتعارضها مع قانون الجنسية الذي مينع املرأة السورية من حق منح الجنسية ألبنائها. املادة 15فقرة “ :4متنح األطراف الرجل واملرأة نفس الحقوق فيام يتعلق بالقانون املتصل بحركة األشخاص
وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم” .فيام ماتزال املرأة السورية محرومة من التن ّقل. املادة - 1“ :16تتخذ الدول األطراف جميع التدابري املناسبة للقضاء عىل التمييز ضد املرأة يف كافة األمور املتعلقة بالزواج والعالقات األرسية ،وتضمن بوجه خاص ،عىل أساس تساوي الرجل واملرأة: أ -نفس الحق يف عقد الزواج. ب -نفس الحق يف حرية اختيار الزوج ،ويف عدم عقد الزواج إال بالرضا الحرالكامل. ج -نفس الحقوق واملسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه. د -نفس الحقوق واملسؤوليات كوالدة ،بغض النظر عن حالتها الزوجية ،يف األمور املتعلقة بأطفالها ،ويف جميع األحوال ،تكون مصالح األطفال هي الراجحة. هـ -نفس الحقوق يف أن تقرر بحرية وبشعور من املسؤولية عدد أطفالها والفرتة بني طفل وآخر .ويف الحصول عىل املعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من مامرسة هذه الحقوق. و -نفس الحقوق واملسؤوليات فيام يتعلق بالوالية والقوامة والوصايا عىل األطفال وتبنيهم ،أو ما شابه ذلك من األنظمة املؤسسية االجتامعية ،حيث توجد هذه املفاهيم يف الترشيع الوطني ،ويف جميع األحوال تكون مصالح األطفال هي الراجحة. ز -نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة ،مبا يف ذلك الحق يف اختيار اسم األرسة ،واملهنة ،والوظيفة. ح -نفس الحقوق لكال الزوجني فيام يتعلق مبلكية وحيازة املمتلكات ،واإلرشاف عليها ،وإدارتها ،والتمتع بها ،والترصف فيها ،سواء بال مقابل أو مقابل عوض ذي قيمة. - 2ال يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوين، وتتخذ جميع اإلجراءات الرضورية ،مبا فيها الترشيع، لتحديد سن أدىن للزواج ولجعل تسجيل الزواج يف سجل رسمي أمراً إلزامياً”. لقد تحفظت سوريا عىل الفقرات (1ج-د-و-ز ) والفقرة ، 2والسبب يف ذلك يعود إىل التمييز ضد املرأة داخل األرسة ويف العالقة الزوجية وحياتها الخاصة املكرس يف قوانني األحوال الشخصية واألحوال املدنية.
يوميات ياسمين ()11
11
سالم الغوطاني
العدد - 77 -
عندك ْأن تقوم ابنتك الحاصل ِ “ياسمني” ِب َه ّم ِك! آه يا أمي لو تعرفني مدى استجدايئ ومعانايت واالبتزاز الذي تعرضت له؛ ليك لك عىل كريس نقال أحصل ِ يساعدك عىل الحركة بدوين، يعجبك ألنه يعمل ولكنه مل ِ بال “ياسمني” .فاملعنيون اإلنسان ّية باملساعدات والطب ّية يحتاجون لجهو ٍد كبري ٍة إلقناعهم؛ فالحاالت كثرية وهم يسرتزقون .فمن جه ٍة إىل أخرى ،ومن تقري ٍر طبي إىل آخر ،وال تنيس ٍّ االستشارات والطب الشعبي ومن هذه القصص التي ال تنفع حتى للتسل ّية.. ملاذا أعاتب وملن أشتيك؟ ملاذا هذه الذاكرة ا ُمل ِل ّحة
2016 / 9 / 25
لوحة للفنان ديالور عمر بعنوان “قصة الجئة”
لوحة للفنان ديالور عمر
شهادات
ْ تلقت خرباً عن ابنهاُ “ :قتل تحت التعذيب”! فانجلطت ُ وصادم أليم ٌ وش ّلت نصفياً .خ ٌرب ٌ ُ تحرض للجميع! كيف؟ متى؟ أين؟ ملاذا؟.. جميع أدوات االستفهام واالستغراب دفعةً واحد ًة وال مجيب عن الالمعقول إال التأقلم معه .فكرت األم مبعقول ّية لربه ٍة“ :لـم يكن فيه ع ّلة ملا اعتقلوه! فكيف ميوت؟” ولكن دماغها مل يستوعب هول الخرب. ُّ كان الخ ُرب ٌ وأعظم. أجل عليك ُ جلل ،ووقعه ِ خ ٌرب أو إشاع ُة ال فرق؛ ففي سور ّية ،ال متييز بينهام ،إال بعد فوات األوان ،يف هذا الليل الطويل الطويل والذي تبدو فيه ّ “كل البقرات سوداوات”! آه يا أمي آه.. ُ أطالل األحداث واألماكن تدور يف ذاكريت ّ املهشمة وتذريها فتحن فضالت روحي للجحيم ..هل للروح فضالت كام للجسم؟ وهل علينا االنتهاء من إعادة تدويرها كام نفعل مع فضالتنا؟ رمبا .ولكن ما السبيل لدفن ذاكرتنا مرة وإىل األبد؟ يا لهول الذاكرة ،ذاكرتنا! تضغط ع ّ النصفي يا أمي، شللك حالة يل ّ واملسؤوليات امللقاة عىل عاتقي لغياب ال ِرجال وحضور الشياطني .وتضيق علينا غرفتنا التي رمبا لقبور املسؤولني ببلدنا ما وأنت بك برىض؟ ِ هو أوسع منها! ملاذا أعتني ِ التي طردتني وأوالدي باإلضافة ألختي إليك! وتركتينا يف حال وأوالدها عندما لجأنا ِ لجأت إلينا سبيلنا نتدبر أمرنا متوحدين .ثم ِ بك .ملاذا؟ هل بعد شللك النصفي لنعتني ِ ّ ُ كنا حقاً ببيوتنا يوماً وط ِردنا منها؟! ال أدري.. وبالرغم من معرفتنا الالحقة َّأن الخ َرب كاذب ،وأخي ما زال حياً يف أقبية األمن، ٌ َّ حالتك مل تتحسن ،وكأنك تعاقبني أن إال ِ بشعورك بالذنب .لدرجة نفسك وتعاقبينا ِ أنك غري قادرة عىل فعل يشء إال الظهور ِ مظهر الطفلة العاجزة .فمن باب تحصيل
من غري قصد؟ إنها ُتذكرنا بوجعنا ،عجزنا ،خوفنا، ِّ العاقي باألبوين“ .ميكن مبصاف خذالننا ..وتجعلنا ّ َ ُ الغلب أليل أنا فيه ،هههههههّ ، نشط ذاكريت! ما َّ بعرف .يوم طردتنا من بيتك املكون من غرفتني كام ُطردنا من بيوتنا -والذي كنت قد استأجرتيهبعدما تهجرنا كلنا من بيوتنا وال يوجد لنا أي مكان نذهب إليه أنا وأوالدي األربعة وأختي وأوالدها.. حجتك أن البيت كنت قو ّية يف ذاك الوقت وكانت ِ ِ اليتسع لنا جميعا”ً. آه يا أمي الضعيفة اآلن ماذا نفعل؟ أين نذهب؟ ُ األرض فتُفتح السامء ..هل ُف ِتحت األرض تنسدُّ يوماً وانسدّت السامء؟! آه يا أمي ،آه يا الله ،فالله دامئاً أكرب! يتبع..
نساء في مخيمات اللجوء..
12
ضحايا مختلف أشكال العنف واإلساءة ّ وهن ضحايا الحرب غياث الجندي
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
إذا كانت حتمية االنهيار السوري كارثية عىل السوريني مبجملهم ،فإنها أكرث كارثية عىل النساء السوريات .لقد اضط ّرت النساء السوريات إىل املجازفة والهروب من جحيم ما يحصل يف سورية نحو مخيامت اللجوء ا ُملنترشة يف الدول املجاورة أو اليونان وغريها من الدول األوربية. يف مخيامت اللجوء ،ال تقل الحياة بشاعة بالنسبة للنساء ّ عم شاهدن يف سورية قبل الرحيل ،باستثناء النجاة من ً القذائف والرباميل املتفجرة .ففي لبنان مثال ،تع ّرضت النساء السوريات -ومن ضمنهنّ فتيات بعمر الطفولة- إىل االستغالل الجنيس البشع من قبل أشخاص من املفرتض أنهم يقومون بحمياتهن بعد هروبهن نحو النجاة. لقد خريت النساء ما بني اإلهانة والذل والجوع ،وبني التنازل عن كرامتهن .ففي تقرير عرضته مؤخراً “القناة الرابعة” الربيطانية (قمت بتحريره وترجمته) تكلمت أكرث من خمس نساء عن معاناتهنّ يف مخيامت اللجوء اللبنانية .يف نفس الربنامج تكلمت سيدة من ريف دمشق كيف اشرتط أحد موزعي وقود التدفئة عليها أن تزوره يف بيته لتحصل عىل الوقود وحني رفضت ذلك بشدة وبينت له كيف فقدت زوجها يف قصف النظام للمنطقة السكنية، “تنازل” الشخص وقال لها ميكن البنتك ( 13سنة) أن تقوم باملهمة! مل تكن تلك إال واحدة من عرشات الحاالت التي حصلت وتحصل كل يوم يف تلك املخيامت .هناك ،يف تلك املخيامت ،ال يوجد مساعدات إنسانية لالجئني بشكل عام ،أو هنالك مساعدات شحيحة تضمن لهم بقاءهم اليومي فقط .وليس هناك أي مقومات تضمن للنساء السوريات األمان .معظم النساء الالجئات يف املخيامت فقدن أباءهن أو أزواجهن يف الحرب ،وهذا يجعلهنّ فريسة سهلة ألصحاب السلطة يف املخيامت .أيضاً تنبع هذه الحالة من الصورة املجتمعية والدينية السائدة أن النساء فقط “يسرتهن” الزواج.
يف نفس املخيامت ومخيامت يف بلدان أخرى من ضمنها األردن وتركيا ،قامت مجموعات تعمل يف املخيامت برتتيبات مشينة تكللت بالزواج املبكر لفتيات سوريات تحت السن القانوين لرجال تبلغ أعامرهم أضعاف أعامر الفتيات املتزوجات ،هم من دول الخليج ودول عربية أخرى .لقد م ّرت هذه الحاالت بصمت مخيف؛ حيث ال تحظى هذه الفتيات وال حتى النساء بأدىن ح ّد من الحامية القانوية ،وال توجد أيضاً أي عمليات توعية ألهايل الفتيات ،ناهيك عن الوضع املادي لألهايل هناك،
والحاجة املاسة للناس للخروج من أجواء املخيامت السيئة بأي طريقة .مل تكن هنالك خيارات أخرى أمام النساء والفتيات ،ولكن كان هنالك خيار وهدف واضح أمام املجموعات تلك؛ أال وهو استغالل هؤالء الفتيات .إنها ثقافة استغالل النساء وخصوصاً يف فرتة األزمات كاألزمة السورية الحالية. أ ّما يف مخيامت اللجوء اليونانية حيث يوجد أكرث من 55000الجئ والجئة عالقني يف ظروف شديدة الصعوبة ،حيث ال توجد مساعدات وال أماكن تتوفر فيها أدىن مقومات الحياة، تبقى النساء يف قمة املترضرات من الظروف املفروضة عليهن .فباإلضافة إىل غياب الدعم الحكومي واملؤسسايت ،وغياب املنظامت املعنية بحقوق املرأة بشكل عام ،تعيش النساء يف جو مشحون بالخوف والقلق من الظروف السائدة ضمن هذه املخيامت. أكرث من 400امرأة قلن إنهنّ تع ّرضنّ للتحرش الجنيس من قبل رجال من جنسيات مختلفة، مبا فيها الجنسية السورية م ّمن يعيشون ضمن املخيامت! وذلك يف إطار مجموعة مقابالت أجريت مع أكرث من 500امرأة وفتاة ،وعدد رصحن كبري من هؤالء الفتيات والنس ّوة ّ بأنهنّ ال يتجرأن عىل الخروج خارج الخيم أو الكرافانات ،حيث يخشني التحرش الجنيس اللفظي أو الجسدي .هنالك عدد كبريمن النساء يف املخيامت اللوايت يعشن مع أطفالهن ،حيث
ينتظرن ّمل الشمل ألزواجهن يف البلدان األوربية أو هنّ نساء فقدن أزواجهن يف الحرب السورية أو يف أماكن احتجاز النظام. قد يبدو الوضع القانوين بالنسبة للنساء يف اليونان أفضل منه يف الدول املحيطة بسورية مثل لبنان ومرص واألردن وتركيا ،لكن هنالك عقبات كثرية تواجهها املرأة كذلك ،أ ّولها عدم موحدة من الحكومة اليونانية وجود خطة ّ لحامية النساء ،باإلضافة إىل تردّد النساء يف التقدم بشكوى ض ّد املتحرشني خوفاً من املجتمع املحيط يف املخيامت ،وخوفاً من خطر وقوف املجتمع ض ّد املشتكيات واتهامهنّ : “بأنها هي أصل املشكلة” وبغريها من املفاهيم املجتمعية السائدة.
األسوأ من كل هذه الظروف التي تعيشها النساء يف تلك املخيامت ،تبقى الفتيات
الصغريات واألطفال بشكل عام بدون أي عملية تعليمية أو توعوية .واذ تغيب عن املشهد قضايا
الزواج املبكرّ ، فإن قضايا التحرش الجنيس بالفتيات
القارصات موجودة وبكثافة داخل املخيامت. هذه الصورة القامتة ألوضاع النساء يف مخيامت اللجوء تحتاج إىل حلول عاجلة من ضمنها الوضع الفوري آلليات حامية قانونية وإنسانية تضمن للنساء األمان ومتنع زواج القارصات اللوايت هن عرضة للعنف واإلساءة .وأيضاً ينبغي وضع آليات توعوية للرجال من أجل الح ّد من التحرش الجنيس بالنساء.
المرأة السورية والثورة 13
جورج كتن
* -وضع النساء يف ظل حكم النظام السوري:
ال يتقدم النظام االستبدادي رغم ادعائه العلامنية كثرياً يف مجال التعامل مع املرأة قبل الثورة واثنائها، قانونه لألحوال الشخصية ترك للمؤسسات الدينية حر ّية الترصف فيام يتعلق بالترشيع .وهو قانون ُي ّيز بني املرأة والرجل يف امور الزواج والطالق والوصاية واالرث وغريها .فاملرأة ال تستطيع تزويج نفسها دون موافقة ويل امرها ،حتى يف حالة طالقها او وفاة زوجها، ويف الزواج املختلط يحق للمسلم ان يتزوج من غري املسلمة فيام ال يحق للمسلمة ان تتزوج من غري املسلم ،وترفض السلطة اصدار قانون للزواج املدين. املرأة السورية محرومة من اعطاء جنسيتها الوالدها، وهناك قيود عىل تنقلها وسكنها ،وال يعاقب القانون اجبار الزوج لزوجته عىل املعارشة ،ويعفى املغتصب من العقوبة فيام لو تزوج من ضحيته!! .وطوال حكم البعث عوقبت ما ُي ّس ب”جرائم الرشف” بالسجن ألشهر ال أكرث إىل أن ُرفعت ل 5سنوات ،دون الوصول لعقوبة القتل العمد املشابهة لها التي تحكم باملؤبد او االعدامّ ، شجع عىل ارتكاب عمليات قتل واسعة مم ّ للنساء بحجة “الرشف!”. كام ضيق النظام عىل أي نشاط نسايئ مستقل لتحصيل حقوق املرأة ،وعىل الجمعيات النسائية املدنية حتى ا ُملش ّكلة قبل االستقالل أوبعده ,والتي كان لها دور كبري يف نضال املرأة من جل حقوقها ،وقام بتحويل االتحاد النسايئ من “نقابة” تدافع عن املرأة وحقوقها اىل جهاز سيايس تابع لالمن ُيق ّيد أي نشاط نسايئ سيايس أو اجتامعي أو ثقايف لضبطه ضمن توجهات
* -وضع النساء يف ظل حكم النظام السوري:
ليست حال املراة بأفضل يف املناطق التي خرجت عن سيطرة النظام ،بل إ ّنها اسوأ حسب الفصائل املسلحة املهيمنة عليها والتي ترتاوح من أقىص التشدّد كام يف مناطق داعش اىل الفصائل االسالمية املعتدلة .فبدل أن تم التضييق تجد املرأة حرية أوسع يف املناطق ا ُملح ّررة ّ عليها وفقدت حقوقاً كانت قد حصلت عليها بنضال طويل .وذلك ملا يسود يف اوساط الفصائل االسالمية من مفاهيم متخلفة تصنف املرأة يف مرتبة أدىن من الرجل ،حيث املرأة “ناقصة عقل ودين” مهمتها منزلية فقط لرعاية اوالدها وارضاء زوجها القوام عليها. عال صوت السالح عىل أصوات الناس ا ُملطالبة بالحرية للجميع ،بحيث أصبحت السياسة تنبع من فوهة البندقية ،فحامل السالح ال يتحكم فقط يف السياسة العامة بل عمل لفرض قيود اجتامعية متشددة عىل الجميع وخاصة النساء ،وب ّرر ذلك بنصوص دينية وعرف سائد ،باإلضافة لبنية ُمجتمع ّية ُمتخل ِفة ذكور ّية التوجه وخاصة يف األرياف ،تنسجم مع ما يهدف اليه االسالم السيايس من ابقاء املرأة ضمن قيودها ومنعها من تحصيل حرياتها .وافضل مثال عىل التعامل مع املرأة الناشطة خطف “رزان زيتونة” و”سمرية الخليل” ورفاقهم اثناء تأديتهم واجبهم الثوري يف مناطق يهيمن عليها االسالم السيايس. التضييق عىل الحريات يف “املناطق املحررة” يتناول الجميع رجاالً ونساء ،لكنه اكرث قساوة بالنسبة للمرأة .وبذلك تراجعت املشاركة الواسعة للمرأة يف الفرتة السلمية اىل أدوار ثانوية تكاد ال تتجاوز ا ُملق ّرر لها حسب النصوص املستقاة من الدين ،فيام عدا بعض النشاطات االغاثية .أ ّما يف املجال القتايل فقد اقترصت عىل مشاركة جزئية ،كام يف امللتحقات بالقوات الكردية ،او قوات النظام حيث اوكل ملجندات
تفتيش النساء عىل الحواجز ،أو ارشاكها مبناطق داعش يف كتائب امنية نسائية خاصة مبالحقة النساء وقمع مخالفاتهن للقيود املفروضة.
* -املشاركة السياسية للمرأة السورية:
مشاركة املرأة يف املجال السيايس وصنع القرار كانت محدودة جداً يف أوساط الهيئات السياسية ا ُملعارضة كاالئتالف واملجالس املحلية رغم اعتبارها املؤسسات االكرث تقدماً يف أوساط املعارضة ،ويكاد يكون متثي ًال شكلياً او نوعاً من الديكور الظهار اإلئتالف بوجه “حضاري” امام الجهات الداعمة ,ورمبا ينتظر املرأة مستقبل اسوأ يف حالة وصول تنظيامت االسالم السيايس للسلطة. ما ميكن استنتاجه من مسرية الحراك النسايئ السوري أن املرأة لن تحصل عىل حقوقها إ ّال يف ظل نظام دميقراطي علامين يقطع الطريق عىل تطبيق رشائع دينية ال تتوافق مع العرص ومع املسرية االنسانية الحضارية. الثورة ال تكون ثورة فع ًال إن اقترصت عىل اسقاط نظام ليليه آخر ُيعيد التضييق عىل الحريات وبشكل خاص حرية املراة التي يقاس بها مدى تقدم البلدان والشعوب .لن تكون ثورة إن مل تسن قوانني تقدمية، تناقش مسوداتها منذ اآلن ،وبخاصة قانون عرصي لالحوال الشخصية يعتمد كمرجعية االعالن العاملي لحقوق االنسان والعهود واالتفاقيات الدولية املتممة له ،والخطوة االوىل يف هذا املجال تشكيل منظامت نسائية ال تتبع النظام او املعارضة او اية جهة سياسية، متثل املرأة وتعمل من اجل حقوقها ومساواتها بالرجل.
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
شاركت املراة السورية اىل جانب الرجل يف الثورة السلمية ض ّد النظام االستبدادي الذي اذاق السوريني رجاالً ونسا ًء دون تفريق اشكاالً ُمتعدّدة من القمع واالذالل .وكانت مشاركتها الواسعة يف املرحلة السلمية يف التظاهر واالعتصامات والقاء الخطب يف التجمعات الشعبية وتوزيع النرشات واالشرتاك يف اطالق االحزاب الجديدة وتحرير صحف الثورة وتشكيل التنسيقيات والنشاطات االغاثية وغريها .كام نالت نصيبها من االعتقال واالختطاف والتعذيب والقتل واالغتصاب والرتحيل واللجوء ،وتحملت املسؤولية عن اعالة ارستها عند اعتقال او استشهاد املعيل .وقد تراجع هذا الدور عند االنتقال ملرحلة حمل السالح بعد هيمنة الفصائل االسالمية املسلحة.
السلطة .فيام سمح رغم علامنيته املزعومة بانتشار تنظيم “القبيسيات” الرجعي ا ُملك ّرس لتطبيق قيود متشددة عىل املرأة واملجتمع .وانضم ل”االتفاقية الدولية للقضاء عىل جميع اشكال التمييز ضد املرأة- سيداو” ،لكنه تح ّفظ عىل مواد فيها تناقض تعامله التمييزي ض ّد املرأة .كام تعامل مع االعالن العاملي لحقوق االنسان واالتفاقيات الدولية املشابهة بانتقائية تفقدها تأثريها يف تطوير حقوق السوريني من نساء ورجال.
شذرات نسوية 14 جمال سعيد
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
1 عىل الرغم من التضييق عليهن ،يندر وجود مرحلة من تاريخ املجتمعات البرشية ال حضور فيها للنساء يف الحياة السياسية والثقافية أو سواها من الفعاليات املرتبطة مبا اصطلح عىل تسميته “البنية الفوقية” .ارتبط حضور املرأة ،بعد نشوء املجتمع األبوي الذكوري ،بظروف أو طاقات استثنائية متتعت بها بعضهن ،األمر الذي أتاح بروز دور هذه املرأة أو تلك يف ظل الهيمنة الذكورية. ويف أغلب األحوال تحولت املرأة إىل جزء من أرسة (سواء كانت زوجة أو ابنة أو أماً أو أختاً) يسيطر عليها الذكر .ومن الجوانب التي أكدت سيطرة الذكور ثقافة جعلت املرأة سلسلة من العورات، عليها صيانتها ،ال من أجل نفسها بل من أجل غريها ،وتلك الثقافة تربط رشف الرجل باملرأة ، (ال بصدقه أو شهامته أو حلمه) بل بجانب من سلوكها أو جسدها .ويف هذا اإلطار ارتبطت الشتائم بجسد املرأة أيضاً ،ومبيدان الجنس عىل وجه التحديد. 2 م ّر زمن طويل عىل انطالقة الحوار يف الثقافة العاملية والعربية حول مسألتي تح ّرر املرأة واملساواة بني الجنسني .يذكر بعض أبناء جييل أبحاث “قاسم أمني” مث ًال ،وأغلبهم يذكرون أبحاث الدكتورة “نوال السعداوي” ،التي انشغلت وشغلت القراء العرب بأبحاث جريئة يف سبعينيات ومثانينيات القرن املايض تحت عناوين مثل “املرأة والجنس” و”الرجل والجنس” و “األنثى هي األصل” وغريها ،...ويذكر البعض ،رمبا ،وجهة نظر الراحل “جورج طرابييش” يف سياق انتقاده للسعداوي التي اعتربها (أنثى ضد األنوثة) انطالقاً من ّأن تح ّرر املرأة ال يعني إعدام األنوثة ،واملساواة مع الرجل ال تعني تحول األنوثة إىل ذكورة ،بل تعني إتاحة الفرص لألنوثة لتكون طاقة فاعلة (مبا هي أنوثة) يحتاجها املجتمع. وشهدت الحياة الثقافية والسياسية حضوراً أصيالً للمرأة العربية يف الحياة السياسية والثقافية والنضالية ،واشتهر يف املنطقة العديد من النساء
ممنّ عارصناهم ،مثل “جميلة بوحريد” و”ليىل خالد” ،و”سحر خليفة” ،و”فاطمة املرنييس”، عداك عن الفنانات الكبريات مثل “فريوز” و”أم كلثوم” وغريهن .وعرفنا أيضاً النساء اللوايت استخدمن (مثلام استخدم الرجال) كإكسسوارت لألنظمة القمعية فشغلن مناصب وزارية أو أصبحن عضوات يف برملانات التصفيق واملديح. وبرصف النظر عن مختلف العوامل تزايدت مشاركة نساء منطقتنا (الرشق األوسط وشامل أفريقيا) يف مختلف مناحي الحياة منذ خمسينيات القرن املايض حتى اليوم .ويف سوريا شهدنا أسامء الفتة لسيدات يف ميادين العلوم واألدب والفن. وقد نرش الكثري عن دور املرأة يف الثورة الذي تجاوز كثرياً صناعة املكاديس واملكابيس واالسهام يف االقتصاد املنزيل. 3 ال يندر أن تجد رج ًال كذلك الحلبي الذي اشتهر بعبارته املؤثرة عن زوجته “مريت تاج رايس” ولكنه ليس النمط السائد من الرجال عىل أي حال .وال يستحيل أن تجد رج ًال يربط رشف املرء بسلوكه
ال بجسد إحدى قريبات الدرجة األوىل .ولكنه أيضاً ليس منطاً سائداً .وبوجه عام تبني يف السنوات األخرية أن عدد املتخلفني مل يكن قلي ًال ،فقد حملت وسائل اإلعالم و”السوشيال ميديا” مواقف معيبة ،جعل املوالون للنظام من النساء املعارضات “مجاهدات نكاح” وجعل املعارضون من النساء املواليات “بنات متعة” .وبلغ انحطاط الشتامني الذين سخروا إعالمهم للنيل من السوريات ،أنهم لو صدقوا لكانت البالد مح ًال لبنات الهوى! 4 أسوأ ما شهدته سوريا ،يف السنوات األخرية من انتهاكات تجسد االغتصاب الذي شهدته معتقالت النظام ،واملناطق التي سيطرت عليها قوى إسالمية متشددة مثل داعش ،ولعل يف إعادة إحياء أسواق النخاسة سواء عرب االتجار بالنساء اليزيديات أو غريهن من املختطفات يف سورية والعراق ما يؤكد أننا ميكن أن نرى ،بعد كل اإلنجازات التي حققتها النساء يف منطقتنا والعامل ،رشعنة أحط تجليات االستعباد واالسرتقاق ،وإعادة عرص الجواري واإلماء.
ِّ تشظية نثوية ُم حداد :مرآة ُأ ّ دعد ّ في ُعقود َ الس ّ وري الخراب ُّ
15
د .مازن أكثم سليمان
الوقائعي املَعيش بالقتامة وانسداد اآلفاق. ص َب َغ ْت عالَمها ّ
نالحظ تعدُّ د يف نظرة عا ّمة إىل حياة الشاعرة ِ اهتامماتها اإلبداعية بني العزف والرسم والنحت وكتابة قصص األطفال وبعض املرسحيات ،إىل جانب صدور ثالث مجموعات ِشعرية لها ،فض ًال عن التحاقها بدراسة ال ُّلغة العربية وآدابها يف الجامعةُ ،ث َّم عدم إكاملِها لهذه ال ِّدراسة ،وانرصا ِفها أيضاً إىل تع ُّلم ال ُّلغتني الفرنسية واألملانية. ترسم من حيث ويبدو َّأن هذه االهتاممات العريضة ُ املبدأ صور ًة عن حجم الطاقة الحيات ّية ورغبة اإلنجاز ُ تكشف من والع َمل لدى دعد من ناحية ُأوىل ،لكنَّها ناحية ثانية مدى فيضان دفقات اإلبداع لديها ،وبح ِثها ا ُملستم ّر عن أدوات ُمتن ِّوعة ُتف ِّر ُغ ع َربها ِّ تشظيا ِتها ُ وتبسط بواسطتها أبعا َد ذا ِتها الروح ّية والعقل ّية، تبعثة يف حيا ٍة عاشتْها غا ِرقةً ُ الوجود ّية ا ُملتشتِّتة وامل ِ يف الق َلق والحزن والكآبة واإلحباط ،وه َو األم ُر الذي ضج ْت بأحاسيس الفراغ أظ َه َر ْت ُه عوا ُملها الشعر ّية التي َّ ّاهضة عىل رصا ِعها ّ الضاري مع املَعنى املَفقود الن ِ ُ َ ِّ ً ً والها ِرب بني ظالل املعيش املتقلص رويدا رويدا ،وشبح وقاس .قالت الشاعرة يف املوت ا ُملتمدِّد بتسا ُر ٍع ُمؤملٍ ٍ ُ تحمل الزهو َر إىل ق ِربها/أنا أحد نصوصها“ :أنا من ابن ُة الشيطان/..أنا ابن ُة هذ ِه ال ّليلة املجنونة/..ابنة وعيي/..وصديقي ..أنا/أنا أك ُرث الناس عتقاً/أنا َخمري ُ تحمل الزهو َر إىل قربها/،وتبيك.. يف رشاييني/،أنا من
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
َّإن أيَّ فعْلٍ تأوي ٍّ يل ُمتم ِّع ٍن ينبغي ْأن ُيق ِّل َب ُمستويات ً ِّ ْ َ القراءة تقليباً ُمستم ّرا ،وأن ُينق َح بعض الدَّالالت عل َ َّعي _ولَ ْو إىل حني_َّ ، ا ُملمكنة الت ُّ ذلك يقو ُد إىل َف ْه ٍم البصي الظاهريّ ،وصوالً السطح َ أبعد من ُمستوى َّ البصيّ العميق، السطح َ إىل رحلة الغوص يف ُمستوى َّ أرغب يف بلو ِغ ِه يف هذه املَقالة ا ُمل َ قتضبة ،مبا وهذا ما ُ الشخيص الوجوديَّ يف دالالت تجربة الجانب يتجا َو ُز َ َّ ً حياة دعد حدّاد وقصائدها ،ومبا ال يسقط أبدا يف َ الخوض فيها، قالب ال ِّدراسات النَّس ِو ّية التي ال ُأح ِّبذ َ ص عىل قراءة هذه الشاعرة يف سياق املشهد ولذلك ُأ ِ ُّ الثقايف واالجتامعي والسيايس السوري العام يف حقبة ُمحدَّدة. ُّ تحتل الشاعرة دعد حدّاد ( )1991 _ 1937مكان ًة َ خاصة يف املشهد الشعري السوري ل َعوا ِمل عدّة ،منها ّ َّص، ُخصوص ّية تجربتها وفرادتها عىل ا ُملستوى الن ِّ ّ جوانب تعكس إىل ومدى انطواء هذه التجربة عىل َ ُحدود ا ُملطا َبقة النِّسب ّية ا ُملستويات الرتاجيد ّية التي
من ِش َّد ِة ِّ الشعر”. ُيفيض الت ُ َّواش ُج الوجوديُّ بني ذات الشاعرة الوقائع ّية التي كانت ُتكا ِبدُ متزُّقا ِتها الداخلية والخارجية يف العامل ا ُملحيط ،والذات ِّ بس َط ْت الشعر ّية االفرتاض ّية التي َ أساليب وجو ِدها الن َِّّص ّية عرب رُؤىً سوداو ّية يا ِئسة َ وعبث ّية يف أحيانٍ كثرية ،إىل َف ْهم مدى ارتباط هذا العضويّ بني العالَمني ،بحالة اإلخفاق ا ُملض ِنية التَّشا ُبك ُ ُِ ْ تبعث الحياة واجه ِة م يف الشاعرة عىل ت التي ق َب َض ُ َ ُ ذات وحيدة ّ وهشة وعارية وتباعُ ِدها املستم ّر ،وعج ِز ٍ بأبسطِ أحالمها األنثوية أما َم قسوة العامل عن اإلمساك َ كالح ّب والشعور باألمان واالستقرار ،وهذا التَّفسري ُ ال يقف يف دالال ِت ِه بالتأكيد عن َد حالة دعد (املرأة يعكس بق ّوة صورة املرأة يف والشاعرة) وجود ّياًَّ ،إنا ُ حقبة اجتامعية وسياسية عاشتها سوريةَ ، ذلك َّأن هذه املرأة عىل الرغم ّ مم بدا أ َّن ُه ُي ِّث ُل ُمكتسبات اجتامعية وع َمل ّية حا َز ْتها ،ظ َّل ْت دامئاً َ تحت وطأة ُطغيان ذكوريّ أقصاها عن الدور الوجودي األصيل والفا ِعل، ْإن بوصف هذا الطغيان ُحضوراً لسلطة بطريركية اجتامعية تقليدية وموروثة ،أو بوص ِف ِه ُحضوراً لسلطة الحكم ،وقا َم ْت بطريركية سياسية هي َمن َْت عىل مقاليد ُ بإخصاء املجتمع ذكوراً وإناثاً ،ولَ ْو كان الحيث الواقع عىل املرأة ُمضاعَفاً يف ضو ِء ابتالع هذه السلط ِة الحقيقي العام، العنف الفضا َء الشمولي ِة والفائض ِة ُ َّ عىل العكس _نسب ّياً طبعاً_ من فرتة ما بعد االستقالل هي دعد نفسها تقول يف قصيدتها الليربالية .فها َ َّ والعيون/واألضواء يل ل ال سوى يشء “إىل دمشق”“ :ال ُ صوت/ ا ُملتنا ِثرة البعيدة/واالصطدامات ال َّرقيقة/و ُب َّحة ٍ وكالب ضا ّل ٍة وحيد ٍة/يا لصوت األقدام َ تحت النَّوافذ/ ٍ َ َ /تصبحون عىل خ ٍري/ تصبحون عىل خ ٍري أ ُّيها األصدقا ُء و َف ْج ٍر يأيت ند ّياً كالعادة /وأحذي ٍة َمفقوع ٍة /وانتظار”. َّ ِّمشقي الق ِلقَ ليس مشه َد َ والكئيب َ لعل هذا املَشه َد الد َّ دعد حداد وحدها ،بل ه َو مشهدُ املرأة السورية ا ُمله َّددة وا ُملنتهَكة يف مرحلة سياسية واجتامعية م َّوهَ ْت هذا االنتهاك بشعارات العدالة والتَّقدُّ م ّية .ويبدو أوسع أيضاً أ َّن ُه مل ُيكن ِحكراً عىل النساء وحدهنَّ برؤية َ مص ُري الوقوع فرا ِئ َس له ّو ِة االغرتاب والعجز واالنتظار، كان َ بل َ ذلك مصري جيل كامل قا َرعَ اليأس واإلحباط ً والح ِّر ّية .قالت ب والح بالحياة ام ل حا اآلفاق وانغالق ُ ّ ُ ِ َ أطفال/...يحفرون قربي يف ال ّثلج/. الشاعرة“ :ثالث ُة والح ِّر ّية/...ثالثة أطفال ...أبرياء/... والحزن ُ ال َوحدة ُ إ َّنهُم ُح ْم ُر ال ُوجوه من ال َّت َعب/...ومن الشوق لدفني/...
َ والح ِّر ّي ة/تحت وابلِ والحزن ُ ثالثة أطفال/...ال َوحدة ُ َ َ َ يحفرون ُبع ْم ٍق لج/يحفرون/...إ َّنهُم املطر/...أو ال َّث لج/...عميقٌ ...عميقٌ ُ ...بع ْم ِق/...بحري ٍة منس ّية.”.... وال َّث ُ َ يحفرون ق َرب الشاعرة والح ِّر ّية، والحزن ُ نعم ،ال َوحدة ُ اب هو العا ِم ُل ا ُملهي ِمنُ ُبع ْم ِق ُبحري ٍة منس ّية! فالخر ُ عىل الفضاء العام ،وأحال ُم الخالص الفرد ّية تصط ِد ُم ُ يقذف با ُملستوى االجتامعي والسيايس الوقائعي الذي أ ّية ُمحا َولة انعتاق بني براثن اليأس والفراغ وقوى التعديم واملوت ،بدءاً من ُطموحات األنثى البسيطة، وانتها ًء باآلمال الوطن ّية ُ الكربى .قالت الشاعرة“ :أعرين ُ َ العصفور/،أخاف ْأن يرسقني انتباهَ َك/ال ُتغنِّ كثرياً أ ُّيها ُ ُ ُ /)...(/،الطفل يف املصيدة/..أعرين انتباهَ َك”. الوقت ُ وهكذاُ ،تح ِك ُم ال َوحدة قبضتَها عىل أساليب وجود الذات الشعر ّية الن َِّّص ّية ،بع َد ْأن أح َك َم ْت قبضتَها عىل أساليب وجود الذات الشاعرة الوقائع ّية ،وال َوحد ُة يف ُ تنفصل نهائ ّياً عن كونها تنطوي عىل هذا اإلطار ال أسئلة وجود ّية وميتافيزيق ّية ،لكنَّها يف الوقت نفسه، الصلة بالحياة السورية العا ّمة وتفاصي ِلها وثيقة ِّ ُ َ َ املَسكوت عنها واملهي ِمنة يف تلك الحقبة املريرة ،والتي مل ّ تكف عن دفع ال َّذوات التي ق َه َرها الح ِّيز العام إىل ُ وي ِكنُ أليِّ االنسحاب واالنكفاء والتقوقع واالنعزالُ ، الح َظ سيطرة ال ُّرؤى السوداء عىل ٍ قارئ ُمتع ِّمق ْأن ُي ِ َ قصائد معظم شعراء سورية يف تلك املرحلة ،فها هي لج يف السيجار ُة َ /..وذاب ال َّث ُ ذا الشاعرة تقول“ :ذا َب ِت ِّ ّ ّ صديق ّإل الينبوع/...إل َّ الشلل اآليت الكأس/،وال من ٍ من قلبي/...يسقيني ويسقي الوحيدين/...يشء من الصا ِرم ال ِعمالق”. التَّاليش يف هذا الكون ّ ليس من باب ا ُملبالَغة أن أخت ِت َم بالقول َّإن دعداً َ تلمسوا منذ َ تلك وعدداً من الشعراء السوريني قد َّ أض ُع َ نفي القاد َم ،وال َ ذلك يف إطار الفرتة ا ُملستق َب َل ُ الع َّ ُ ً النُّبوءات الشعر ّيةَّ ،إنا ربطا باملستويات االجتامع ّية والسياس ّية الوقائع ّية التي خاضوا ِغام َرها ،وال سيام الصاع الدَّمويّ يف أواخر السبعينات وبداية يف فرتة ِّ ً َ َ ّ قْ يوم من يف ا بتات ل غ ي مل الذي ف ل مل ا و وه ِ ُ الثامنيناتَ ، ٍ األيام ،فض ًال عن َّأن أ ّية قراءة ُمتأن ّية ملآالت األمور كانت جتمعي قا ِدم إن مل ُيكن ستُفيض إىل تو ُّق ِع انفجا ٍر ُم ّ بهيئة ثورة ،فبأيِّ هيئة ُأخرى .قالت دعد حداد عام جاهزة”: 1981يف قصيدة “استعدُّ وا ،أدوات التَّحنيط ِ ّ الصغري ُة الحافيةُ /،تسا ِبقُ الفرئ َان يف األزقة/ “األقدا ُم َّ حجراً يف وج ِهها/أ ّما الفرئان ،فرت َف ُع ...بندق ّية”. وتر َف ُع َ دمشق يف أيلول .2016
16
كفاالت الالجئين السوريين في لبنان وائل موسى
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
تقارير
سياسة لفرض كفاالت عىل الالجئني السوريني يف لبنان ،أقل ما يقال عنها أنها تسهل اإلساءة ضد الالجئني. رسوم يعجز الكثري من الالجئني عن تأمينها وكفيل متحكم، كثري من املصاعب نتيجة التعديالت القانونية ،وعىل الرغم من وضوح القوانني ،إال أن اإلجراءات مختلفة متاماً. قالت األمم املتحدة إن أعداد الالجئني السوريني املسجلني يف لبنان يزيد عن 1.2مليون سوري ،ومل تنرش السلطات اللبنانية عن أعداد السوريني الالجئني دون وضع قانوين، وتشري األرقام املسجلة لدى األمم املتحدة أن من بني كل 5 أشخاص لبنانيني هو الجئ سوري يف لبنان. بعد أن كان يكفي للسوري أن يحمل هويته السورية ويتجه إىل الحدود لعبورها بشكل نظامي ،أصبح هنالك سامت دخول محددة وصارمة لدخول األرايض اللبنانية، وتختلف الرشوط املطلوبة بحسب أسباب الدخول ،وقد نرشت املديرية العامة لألمن العام اللبناين عىل موقعها تلك الرشوط بالتفاصيل. ملشاهدة رشوط دخول السوريني عىل موقع األمن العام اللبناين من خالل الرابط التايل: http://www.general-security.gov.lb/ar/posts/33 وقد شملت التغيريات القانونية يف مطلع عام 2015قرارات تحدد إجراءات جديدة للحصول عىل أوراق اإلقامة بشكل رسمي ،ويقسم الالجئون املتقدمون لطلب الحصول عىل اإلقامة إىل فئتني :املسجلون لدى مفوضية األمم املتحدة لالجئني ،والفئة الثانية هم غري املسجلني لدى املفوضية وعليهم الحصول عىل كفيل لبناين للحصول عىل إقامة رشعية. رغم وضوح القوانني إال أن اإلجراءات تخالف القانون بشكل رصيح ،وقد وجدت منظمة هيومن رايتس ووتش ()HRW أن متطلبات الوثائق ورسومها الباهظة ،باإلضافة إىل التطبيق التعسفي للتعليامت ،مينع السوريني من الفئتني من التجديد. قال جميع الالجئني تقريباً الذين قابلتهم HRWإنهم مل يتمكنوا من دفع رسوم التجديد السنوي البالغة 200دوالر أمرييك لجميع الفئات العمرية فوق 15عاماً؛ املبلغ كبري بالنسبة إىل معظمهم ،نظراً إىل ترصيح املفوضية بأن 70 باملئة من الالجئني السوريني يف لبنان يعيشون تحت خط الفقر ويعتمدون عىل املساعدات للبقاء .قال معظم الالجئني لـ HRWإن عملية التجديد نفسها مسيئة وتعسفية .وأفاد كثري من الالجئني املسجلني لدى املفوضية أن املسؤولني ال يزالون يطلبون منهم الحصول عىل كفيل ،رغم أن التعليامت ال تتطلب ذلك .وقال الجئون وعامل إغاثة أيضاً إن بعض موظفي الحكومة استغلوا عملية التجديد الستجواب السوريني حول قضايا أمنية. وقد أصدرت HRWتقريراً مفص ًال من 26صفحة بعنوان:
“أريد فقط أن ُأعا َمل كإنسانة :كيف تسهل رشوط اإلقامة يف لبنان اإلساءة ضد الالجئني السوريني”. أكد العديد من الالجئني أن مهمة الحصول عىل كفيل لوحدها باتت عملية صعبة ومكلفة للغاية، حيث قد يوافق بعض اللبنانيني عىل كفالة السوري مقابل مبلغ قد يصل إىل 1000دوالر سنوياً، باإلضافة إىل تحكم الكفالء مبوظفيهم وعاملهم، مام فتح الباب لتعريضهم لالستغالل ،كام ترتفع املخاوف حول أوضاع النساء بشكل خاص ،حيث أن غالبية الالجئني هم من النساء واألطفال دون وجود مرافق ومعيل لهم ،ويسبب فقدان الوضع القانوين لالجئني الكثري من املعاناة. وجدت أبحاث HRWأن ذلك يجعلهم عرضة لالستغالل الوظيفي والجنيس من قبل أصحاب العمل ،دون القدرة عىل اللجوء إىل السلطات للحامية .حتى الذين يجدون كفالء ال يستفيدون من الحامية مبوجب قوانني العمل يف لبنان ،وموقفهم ضعيف أمام كفالئهم .قالت 5نساء سوريات لـ HRWإن الكفالء أو أرباب العمل تحرشوا بهن أو حاولوا استغاللهن جنسياً ولكنهن مل يستطعن مواجهتهم خوفاً من فقدان اإلقامة .وقال 4عامل إغاثة دوليني إنهم تلقوا عرشات التقارير عن سوء معاملة من قبل الكفيل .وصف أحد الالجئني نظام الكفالة أنه “شكل من أشكال العبودية”. تقوم السلطات اللبنانية بإقامة حواجز مخصصة للتفتيش عىل اإلقامات واألوراق القانونية ،باإلضافة لحمالت مداهمة عىل مساكن الالجئني ،وكل من فقد قانونية إقامته هو عرضة لالعتقال ،ويتعرض املعتقلون أثناء هذه املرحلة إىل الرضب والتحقيق حول مسائل أمنية. العديد من الالجئني ورغم تأمينهم لكافة الوثائق املطلوبة مبا فيها التعهد بعدم العمل ،إال أن السلطات رفضت منحهم اإلقامة مبوجب التسجيل لدى مفوضية األمم املتحدة ،وطلب منهم الحصول
عىل كفيل حرصاً. دكتور جامعة حصل عىل كفالة عىل أنه ناطور، ومهندس معامري حصل عىل كفالة عىل أنه عامل بناء ،وكاتبة حصلت عىل كفالة من صديقتها اللبنانية عىل أنها خادمة يف منزلها .هي مجرد مناذج لنظام الكفالة التي تسعى السلطات اللبنانية لتعميمها وترسيخها بحسب رأي البعض ،وقد أعلنت املديرية العامة لألمن العام اللبناين عن بيان لتصحيح أوضاع عامل الرشكات واملؤسسات ،فيام يدل عىل مخالفة تسجيل اإلقامة بكفالة املالك ،حيث يجب أن تكون بكفالة الرشكة أو املؤسسة. من املتوقع أن تصل إيرادات الحكومة اللبنانية من رسوم اإلقامة إىل 120مليون دوالر سنوياً فيام لو افرتضنا أن نصف الالجئني السوريني هم فوق الـ 15من العمر يف الوقت الذي تتزايد املتطلبات املالية لعمليات املفوضية يف لبنان ،وحصولها عىل مساعدات مالية ساهمت يف تحسني األوضاع الصحية واملعيشية لالجئني السوريني وللمواطنني اللبنانيني عىل حد سواء. قالت املفوضية“ :ما زالت املتطلبات املالية لعمليات املفوضية يف لبنان يف ارتفاع مستمر وذلك وفقاً التجاهات السكان وزيادة مستوى ضعفهم الناجم بشكل أسايس عن تدفق الالجئني السوريني من 13.7مليون دوالر أمرييك يف عام 2011إىل ميزانية محدثة بقيمة 471.9مليون دوالر أمرييك يف العام .”2014 أظهر تقرير أممي جديد صادر عن مكتب املنسق املقيم لألمم املتحدة ومنسق الشؤون اإلنسانية يف لبنان فيليب الزاريني ،أن التمويل الدويل للبنان ارتفع بنسبة 48%منذ حزيران -يونيو املايض. وأوضح التقرير أنه يف أواخر آب -أغسطس من هذا العام ،وصلت املوارد املتاحة إىل 1.57مليار تم توزيعها أو االلتزام دوالر ،منها 1.22مليار دوالر ّ بتوزيعها هذا العام.
نشرة اقتصادية وائل موسى
17
أوضاع سوق دمشق لألوراق املالية ،فمن حيث املهنية يتم النرش حول حجم التداوالت باللريات السورية ومستجدات السوق بالنقاط واستعراض ألسامء الرشكات وتداوالتها اليومية. 24رشكة مدرجة يف سوق األوراق املالية ،و يتغيب ظهور غالبية األسامء يف التداوالت اليومية ،وقد نرشت وكالة سانا التابعة للنظام السوري يف 20/09/2016بعد إغالق السوق عن تفاصيل التداول لذلك اليوم ،حيث بلغ حجم التداول 11320سه ًام موزعة عىل 14صفقة فقط ،والقيمة
من البديهي عند ذكر اسم سوق دمشق لألوراق املالية أن يتبادر لذهن القارئ تلك الصورة التي تظهر كثرياً يف األخبار واألفالم عن أسواق البورصة العاملية التي تضج باملستثمرين واملضاربني، وشاشات كبرية فيها أرقام كثرية تشري ألسعار أسهم الرشكات والسندات يف ارتفاع وانخفاض وربح وخسارة و ...توقف عزيزي القارئ عن هذا الخيال الخصب ،فنحن نتحدث عن سوق دمشق وليس وول سرتيت. تحافظ العديد من الصحف واملواقع املهتمة بالشؤون االقتصادية السورية عىل نرش مستجدات اإلجاملية للتداول باللرية السورية قد بلغت 1.841مليون.
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
تداوالت سوق دمشق لألوراق المالية ال تكفي الفتتاح بقالية
يف بعض األيام قد تصل قيمة اجاميل التداول ملا يزيد عن 10مليون لرية سورية وقد ال تتجاوز نصف املليون لرية ،إال أن ارتفاع حجم التداول وانخفاضه ال عالقة له نهائياً باملؤرشات الطبيعية التي تخضع لها األسواق العاملية ،حيث يعاين سوق األوراق املالية يف دمشق منذ والدته من فشل يف جذب املستثمرين إىل بلد يحكمه ديكتاتور وتقترص عملية االستثامر فيه عىل أتباع العائلة الحاكمة من رامي مخلوف وبقية املخلفات التابعة لهم. إال أن املرحلة الحالية التي يعيشها السوق بالتأكيد ال تشبه أبداً أوضاعه السابقة قبل تحول سوريا إىل ساحة حرب ،فحتى املخلوف ومخلفات األسد تخىش عىل استثامراتها ،واستمرار وجود هذا السوق هو صورة ال قيمة لها ،إال أن املثري للغرابة استمرار العديد من الصحف املعنية بالشؤون االقتصادية مبتابعة هذا السوق يومياً. هل تثري قيمة تداوالت هذا السوق اهتاممكم؟! 1.841مليون لرية سورية يف وقت تصل فيه قيمة الدوالر إىل 537لرية ،مام يعني أن بنوك ورشكات دمشق تداولت ما قيمته 3428دوالر أمرييك ،وهو مبلغ مل يعد يكفي الفتتاح بقالية.
استهداف قوافل اإلغاثة والعبث بالمساعدات الغذائية المخصصة للمناطق المحاصرة
املساعدات اإلنسانية كانت دامئاً عىل قامئة أولويات أي مفاوضات سابقة ،حيث يستمر النظام السوري يف استخدام سياسة الحصار والتجويع ضد املدنيني القاطنني يف املناطق املحررة من سيطرة قواته وميلشيات حلفائه اإلرهابيني ،وعاش عموم السوريني يف املناطق املحارصة عىل أمل اإلستفادة من االتفاق الرويس األمرييك حول هدنة مل يكشف عن تفاصيلها ،ليتبني الحقاً أن أهم األولويات ال قيمة لها لدى النظام السوري حتى وإن كانت برعاية وإدارة أممية.
اقتصاد
بعد طول انتظار قوافل اإلغاثة التابعة لألمم املتحدة عىل الحدود الرتكية ألكرث من أربعة أيام لتحصيل املوافقة من النظام السوري وفق االتفاق الرويس األمرييك حول الهدنة املزعومة. دخلت قوافل االغاثة ليتم استهدافها عرب قوات جوية سورية و/أو روسية ،حيث وصلت قوافل األمم املتحدة لإلغاثة إىل أورم الكربى بجانب مقر الهالل األحمر العريب السوري يف ريف حلب الغريب ،لتتلقى رضبات مدمرة من سالح الجو الحريب لعدة ساعات تالها سقوط لعدد من الرباميل املتفجرة التي ألقتها مروحيات النظام السوري. أكد محليون وناشطون وأعضاء يف الهالل األحمر العريب السوري معلومات حول استهداف قوافل املساعدات األممية ،وقد فقد 14شخص حياتهم أثناء االستهداف ،من بينهم عمر بركات مدير مركز الهالل األحمر العريب السوري يف أورم الكربى إىل جانب عدد من العاملني يف اإلغاثة والسائقني.
وقد سبق استهداف قوافل املساعدات يف شامل سوريا أن تم العبث باملساعدات األممية املتجهة إىل معضمية الشام ،حيث تعرضت القافلة إىل تفتيش عىل حواجز عسكرية تابعة للفرقة الرابعة قبل دخولها إىل املنطقة املحارصة ،حيث تعمدت قوات النظام تفريغ محتويات السلة الغذائية وخلطها ببعض لتصبح خليطاً من السكر وامللح مع الربغل والعدس واألرز والذرة ،ومل تسلم أي شاحنة من القافلة من العبث حتى باتت املساعدات غري قابلة لالستخدام البرشي وال ميكن إعادة فصل املواد عن بعضها البعض. مرت حادثة العبث مبواد القافلة االغاثية إىل املعضمية بصمت ،دون أي توضيح أو تدقيق من األمم املتحدة، إال أن االستهداف الحريب لقافلة املساعدات يف الشامل حصل عىل بعض األصوات اإلعالمية وبعض الترصيحات الغاضبة من قبل مسؤولني مل تتجاوز يف حدود األفعال ألكرث من قرار تعليق أعامل اإلغاثة حتى إعادة تقييم األوضاع األمنية.
18
منحوتات رندا مداح في رام اهلل .. الفن في مواجهة بشاعة الحروب طلعنا عالحرية
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
ثقافة
“كنت أعترب نفيس فلسطينية إذ كان تواصيل لسنوات مع أصدقايئ الفلسطينيني الذين أشرتك وإياهم يف وجع االحتالل ،لكني شعرت بسوريتي حني درست الفنون وبالتحديد النحت يف دمشق ،هذا املكان هو مكاين وانفصلت عنه قرساً بفعل احتالل الجوالن”. بهذه الكلامت قدمت الفنانة التشكيلية رندا مداح ملعرضها (ربطة شعر) الذي يستضيفه “جالريي َون” يف مدينة رام الله بفلسطني املحتلة من الثالث من شهر أيلول /سبتمرب الجاري ويستمر حتى التاسع والعرشين منه. تهدي رندا معرضها هذا لصديقها الشهيد عامد أبو صالح ولكل أبناء الوطن الشهداء واملعتقلني ،كام تقول .مخترصة معرضها بجملتني يف كتيب حول املعرض“ :عىل مساحة موازية يحدث كل هذا .أرض مشطورة وسامء ال تكرثت والكثري من الحكايا بينهام” .وتضيف “حكايتي هي مترير الذاكرة عن إرث موحش مل يدركه النسيان بعد”. من مجدل شمس إىل رام الله .. تؤكد مداح أن أعاملها املعروضة “تنطلق من مفهوم املكان الذي نشأت فيه” .مبينة أن “املكان الذي أتيت منه هو الجوالن السوري املحتل من مجدل شمس القرية الحدودية وبالتايل نحن مفصولون بشكل قرسي منذ العام 1967عن سوريا” .ولعل ما سبق هو ما دعا الكاتب والناقد السوري صبحي حديدي إىل التأكيد عىل مقولة الكاتب الربيطاين املعروف “جون برجر” ،الذي يعيش يف جنوب فرنسا ،عن رندا مداح“ :كأنك تحملني حىص هضبة الجوالن يف يرساك ،ويف ميناك ترسمني أحشاءها”. يصف “برجر” أعامل مداح الفنية بأنها “ساحرة” .ويقول يف كلمة يف كتيب حول املعرض “أعود إىل فلسطني وأتأمل األرض التي أميش عليها ..وأفكر يف قرارة نفيس أنها كلها تشكل شظايا ليست من األرض بل من الوطن وهذا ما تعكسه األشكال التي تخلقني”. وترى مداح أن دراستها للفن يف سوريا خلق لديها “حالة الشعور بالتعلق بني مكانني فأنت تنتمي إىل مكان ال تستطيع أن تكون فاع ًال فيه أو جزءاً من مشاكله وتفاصيله”. الوزير بسيسو :كأننا أمام مفردات الكربياء الصاخب تقدم مداح لجمهور رام الله يف (ربطة شعر) نتاج سنة من العمل يف نحت ما يزيد عن خمسني عم ًال من الربونز
والطني والجبس. وتبدو األعامل الربونزية تجسيداً بشكل أو بآخر لعرائس مرسح الدمى ذات األشكال الرشيرة بوضعيات مختلفة يظهر الشعر يف كثري منها مستخدماً لتعليقها أو ربطها وهي تجسد امرأة أو طف ًال أو رج ًال. كام تظهر يف أعاملها املنحوتة يف الجبس العديد من أشكال الطيور املعلقة إضافة إىل دمى العرائس. بعد زيارته للمعرض قال وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو“ :كأنك أمام خرائط األمل ،املتجددة
كنص ،كرواية ما زالت تبحث عن فكاك من سطوة املوت اليومي ..كأنك أمام مرايا الوجود العبثي يف مهب الرصاخ وجرائم القتل التي استحوذت عىل جميع األلوان وجميع الكنايات التي من شأنها أن تدلك عىل مالمحك ..كأنك أمام مفردات الكربياء الصاخب ،البارزة من جدران الصمت يف تنافر موجع، ال تستجدي شفقة أو حزناً بقدر ما تعيد بناء الوقت من صلصال خفي لحياة بني تكوينات التشكيل الفني” .يضيف بسيسو“ :تلك هي بعض الرسائل التي ميكن قراءتها يف معرض (ربطة شعر) للفنانة التشكيلية رندا مداح ،ابنة الجوالن السوري املحتل، القادمة من مجدل شمس اىل رام الله ،يك تطل بصلصال الحياة املعمد باألمل واألمل وبالغة البقاء”.
مخلوقات مداح قطعة من الجحيم .. تشري الفنانة السورية إىل أن طبيعة عملها تغريت من الرسم بقلم الرصاص عىل الورق أو رسم االسكتشات إىل النحت متأثرة بالواقع الذي تعيشه وما يشهده بلدها سوريا. وتقول إنها ابتعدت عن الرسم بالرصاص واتجهت للنحت ألنها رأت أنه أكرث تعبرياً عن شعورها باإلحباط إذ ترى “الواقع يتغري من يسء إىل أسوأ” .متابعة“ :قبل أن أبدأ العمل أنطلق من فكرة عامة وعندما أبدأ العمل ال أفكر. العمل يكون نتيجة اإلحساس”. وتبني مداح أنها أنجزت جميع األعامل الفنية املعروضة بالطني ثم اختارت تنفيذ عدد منها بالربونز وأخرى بالجبس .معللة ذلك بأن “التعامل مع الطني أسهل إذ ميكن تشكيلها باليدين كيفام شاء الفنان بينام تحتاج أعامل الربونز والجبس لقوالب خاصة”. وحول مشغوالتها املعروضة اليوم يف “جالريي َون” تقول: “كل حدا فينا عنده أشياء بتشده ومتنعه يحقق أهدافه منها الواقع املفروض عليه والتقاليد والوضع اليل نعيشه. بتشده بتمنعه يتقدم أو يغري حياته وتفاصيلها .الشد والتعلق بني مكانني يشكل حالة ضياع”. ويقدم الشاعر السوري الكردي املقيم يف فرنسا جوالن حاجي أعامل رندا مداح بقوله “ليست هذه املخلوقات هاربة من الجحيم ،إنها قطعة منهاٌ ، بعض من وجودها”. ويضيف“ :رندا تظهر لنا ما ال نراه ..من نار ال ترى إىل نريان تجوب العامل حولنا ،يلفح اللهب الجميع ويساوي بينهم أمام الرعب ،فيسفع مالمحهم ويصهر أشالءهم ليوحدهم الذوبان ،أو يف ّرقهم ويشتّت بالتهديد شملهم. ّ هذه خصوبة املوت وتوالد النهايات من بعضها البعض”.
نشرة ثقافية
إبداعات ونشاطات سورية طلعنا عالحرية – القسم الثقافي
تقرير سوري يرصد الخراب الذي طال تراثنا الثقافي في 5سنوات صدر عن مركز دراسات اآلثاري السوري (مدماك) قبل أيام ،تقرير توثيقي باللغة العربية ،بعنوان:
الرتاث الثقايف املادي السوري بني عامي .2011-2015
أو غري مبارش -يف عمليات التخريب والتدمري؛ وال يستثنى من ذلك الدور الكبري الذي لعبته التنظيامت األيديولوجية املتطرفة يف هذه العمليات، والتي “ر ّوجت” لتعدياتها عرب وسائط إعالمها املوجه ،كالسياسة التي انتهجها تنظيم داعش اإلرهايب تجاه املباين الرتاثية الدينية ،واملواقع األثرية املسجلة عىل قوائم الرتاث العاملي كام يف موقع تدمر.
ّ تنظم مؤسسة “اتجاهات ثقافة مستقلة” السور ّية،بالرشاكة مع املجلس الثقايف الربيطاين ومنظمة ملتقى فن ًيا اليقظة الدولية، ً يجمع العديد من الفاعلني واملؤسسات الثقافيني العاملة يف املجالني الثقايف والتنموي ،عىل مدار يومي 16و 17أيلول /سبتمرب الحايل ،يف دار النمر للفن والثقافة ،ومركز د ّوار الشمس يف العاصمة اللبنانية بريوت. ويهدف امللتقى –بحسب منظميه -إىل تسليط الضوء عىل املامرسات الفنية والثقافية السورية ،بأشكال التعبري املتنوعة التي تستخدمها ،وفتح مساحة
للنقاش حول فاعلية الفنون ،يف سياقها املدين واالجتامعي ،ودور الفن يف تعزيز التك ّيف، من خالل إبراز نتائج 11مرشوعًا مستفيدًا من الدورة التجريبية من “مرشوع متكني الفن السوري يف املهجر”. وعن هذا امللتقى ،يقول عبد الله الكفري (املدير التنفيذي ملؤسسة “اتجاهات”) :يناقش امللتقى أهم التحديات واملخاطر التي تواجه الفن السوري يف املهجر ،والحاجة املاسة لتطوير أطر؛ لالستجابة إىل هذه الحاجات، ووضع التعبري الفني والثقايف السوري عىل رأس كافة األنشطة التي تدعم التك ّيف وحرية التعبري يف فرتات األزمات والنزوح”.
ي يقع يف 112صفحة ديد الديوان الذ لرهوان” ج املتوسط 15قصيدة “ا من القطع صارة تجربة الحامدي ي ر و س ل ا الشاعر شكلت ع حميمة مع محيطه اهلل الحامدي وعالقته ال عبد املتغريات العاصفة، تحت وقع طفولة إىل الصبا إىل بد ًءا من ال راح يتف ّجر بالوجع النضج الذي حرتق والحنني إىل ما عىل وطن ي بات يشبه املجهول. هو الديوان الثالث و”الرهوان” عد “وردة الرمل” – للحامدي ب 19و”نرشة غياب” – دمشق 95 ،2وللعنوان الجديد الدوحة 005 حدى قصائد الديوان ق من إ املشت ل إىل مدى ارتباط داللة تحي ئة والرتاث والتاريخ يف عبدالله الشاعر بالبي خرا للشاعر السوري زيرة السورية املعروفة صدر مؤ ً بعنوان منطقة الج ي ديوان جديد رقي والديني فضال عن الحامد العربية بتنوعها الع ن” عن املؤسسة ها الجغرايف والسيايس. وا “الره ريوت ،ويحتوي غنا لدراسات والنرش – ب ل
ثقافة
يقدّم التقرير موجزًا توثيق ًيا ملا تعرضت له املواقع األثرية واملباين الرتاثية السورية من أرضار وانتهاكات وتعديات وتخريب ،خالل السنوات الخمس األوىل من عمر الثورة السورية .ووف ًقا ملا ورد يف منت التقرير ،فقد اعتمد فريق اإلعداد ،يف عرض للمعلومات ،عىل تقسيم سورية إىل خمس مناطق جغرافية (شاملية ،ورشقية ،ووسطى، وغربية ،وجنوبية) .وعُ رضت االنتهاكات الواقعة عىل املباين الرتاثية أو املواقع األثرية بنا ًء عىل توزع املحافظات يف كل منطقة ،سواء أكانت يف املدينة القدمية أو يف ريف املدينة بحسب كل محافظة .يف حني عرضت الرسقات املوثقة، واملتاحف املترضرة بشكل منفصل يف الفصلني األخريين من التقرير. ويخلص التقرير إىل تحديد أسباب االنتهاكات، ويشري إىل ّأن معظم األطراف العسكرية عىل األرض السورية ،قد ساهمت -بشكل مبارش
“ابتكر سوريا” ..مشروع تمكين الفن السوري في المهجر
العدد 2016 / 9 / 25 - 77 -
مثقفون سوريون ويهمل ذكر إيران وميليشياتها ،ويفسح الفرصة الستئناف حرب ال تنتهي ضد يدينون سياسات اإلرهاب ،ويُشارك النظامّ ، يدل عىل انعدام العدالة واألخالق لدى الفريقني :األمرييك أمريكا وروسيا و ال رويس، وي فضح تدين مستوى سياسيي في بلدهم هاتني الدولتني. وختم البيان بالقول“ :يجب أن يتغري هذا أصدر نحو 150مثق ًفا سوريًا ،من املعار ضني العامل الذي سمح بتحطم أحد أعرق مهود لنظام بشار األسد ،الخميس ( 15أيل ول /الحضارة طوال خمس سنوات ونصفّ .إن سبتمرب الجاري) ،بيا ًنا شديد اللهجة ،أ دانوا العامل اليوم قضية سورية كام ّأن سورية فيه -بأقىس العبارات -مقاربة الوال يات قضية عاملية ،ومن أجل العامل ،من أجلنا املتحدة وروسيا للشأن السوري ،وإلحاق هام جمي ًعا ،ندعو إىل إدانة إىل هؤالء السياسيني، الثورة السورية بحرب ضد اإلره اب ،والتشهري بهم كقتلة عدميني وإرهابيني مثل وانتقدوا كل ما قامت به هاتان ال دولتان خصومهم من العدميني اإلسالميني”. يف سورية ،منذ صفقة األسلحة الكيام وية ومن بني املوقعني كتّاب وشعراء ومرتجمون مع النظام السوري وحتى اليوم ،وشدد وا ونارشون وأكادميون وفنانون تشكيليون عىل أن التوافقات واالتفاقيات اإلمريكية ومخرجونسينامئيونوممثلونوصحافيونالروسية أطلقت يد النظام السوري؛ لت دمري ومصورون فوتوغرافيون .ومن بني األسامء سورية وقتل السوريني وتهجريهم ،وتسب بت الكثرية نذكر صادق جالل العظم ،فاروق بكوارث ال نهاية لها. مردم بيك ،برهان غليون ،سميح شقري، ّ وأكد البيان عىل أن تجميد الو ضع ال حايل، فارس ا لحلو، م يشال ش امس ،ياسني الحاج الذي يُغفل مصري املعتق لني ،واملحارصين ،صالح ،وغريهم كثري.
19