ﺍﻟـﺧـﺩﻳـﻌـﺔ ﺍﻟـﻛـﺑـﺭﻯ ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ ﻭﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ )ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻭﻧﺱ( ﺣﺯﺏ ﺍﻟﺗﺣﺭﻳﺭ ﻫـ 1434 2012
ﺗﻣﻬﻳﺩ ﻣﻧﺫ ﻓﺟﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﺑﻌﺩ ﺑﻌﺛﺔ ﺍﻟﺭﺳﻭﻝ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻳﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻡ ﻭﺇﻟﻰ ﻗﻳﺎﻡ ﺍﻟﺳﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻛﻔﺭ ﺿ ّﺩﺍﻥ ﻻ ﻳﺗﻘﺎﺑﻼﻥ ،ﻭﻻ ﻳﻣﻛﻥ ﺍﻟﺟﻣﻊ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﻬﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﺗﻘﻳﺎﻥ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺣﻠﺑﺔ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﺍﻟﻔﻛﺭﻱ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻧﺯﺍﻝ ﻋﺳﻛﺭﻳﺎ ً. ﻏﻳﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻣﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﻌﺳﻛﺭﻳﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺣﺻﻝ ﻓﻳﻬﺎ ﻗﺗﻝ ﺍﻟﺑﺷﺭ ،ﻭﺗﺩﻣﻳﺭ ﺍﻟﻣﻌ ّﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺕ ،ﻓﺈﻥ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﺍﻷﻓﻛﺎﺭ ﺃﺷ ّﺩ ﺧﻁﺭﺍً ﻣﻥ ﺫﻟﻙ؛ ﻷﻥ ﺗﺄﺛﻳﺭﻫﺎ ﻳﺩﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻡ ﻭﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﻭﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻟﻌﻘﻭﺩ ،ﺑﻝ ﻭﻟﻘﺭﻭﻥ ﻁﻭﻳﻠﺔ ﺃﺣﻳﺎﻧﺎً ،ﻷﻧﻬﺎ ﺍﻟﻣﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺗﻲ ﻳﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ ﺗﻭﺟﻳﻪ ﺳﻠﻭﻙ ﺍﻷﻣﻡ ﻭﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﻭﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ،ﻭﻗﻠﺏ ﻁﺭﻕ ﻋﻳﺷﻬﻡ ،ﻭﺃﻧﻣﺎﻁ ﺣﻳﺎﺗﻬﻡ، ﻭﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻥ ﻭﺟﻭﺩﻫﻡ ﺑﺗﺑﺩﻳﻝ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ. ﻭﻛﺎﻧﺕ ﺍﻟﻣﻌﺭﻛﺔ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻭﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﻁﺎﺣﺕ ﺑﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺧﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺑﻘﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻳﻳﻥ ﻫﻲ ﻣﻌﺭﻛﺔ ﺃﻓﻛﺎﺭ ،ﻓﺑﻔﻌﻝ ﺍﻟﻐﺯﻭ ﺍﻟﻔﻛﺭﻱ ﻭﺗﺳﺭّ ﺏ ﺍﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻭﻝ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻛﺎﻧﻭﺍ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻧﺣﻁﺎﻁ ﻓﻛﺭﻱ ،ﺗﻡ ﺍﻹﺟﻬﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ.
ﺍﻟﺗﺟﺯﺋﺔ ،ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ،ﺍﻻﺳﺗﻘﻼﻝ ﺑﻌﺩ ﻫﺩﻡ ﺍﻟﺧﻼﻓﺔ ،ﺗﻡ ﺗﺟﺯﺋﺔ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻭﺗﻘﺎﺳﻣﺗﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻝ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻛﺎﻓﺭﺓ ﻓﻳﻣﺎ ﺑﻳﻧﻬﺎ ﺿﻣﻥ ﺍﺗﻔﺎﻗﻳﺔ "ﺳﺎﻳﻛﺱ -ﺑﻳﻛﻭ" ﻭﺃﺣﺎﻟﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻳﻼﺕ ﻭﺇﻣﺎﺭﺍﺕ ﺑﺣﺩﻭﺩ ﻣﺻﻁﻧﻌﺔ ،ﺗﻡ ﺍﻻﻋﺗﺭﺍﻑ ﺑﻬﺎ ﺩﻭﻟﻳﺎ ً. ﻭﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﺭ ّﻛﺯ ﺍﻟﻛﻔﺎﺭ ﺍﻟﻣﺳﺗﻌﻣﺭﻳﻥ ﺍﻟﻔﺻﻝ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ،ﻭﺑﺎﺕ ﺃﻣﺭﺍً ﻭﺍﻗﻌﺎً ،ﺟﺎءﺕ ﻓﺗﺭﺓ ﻣﺳﺭﺣﻳﺔ ﺍﻻﺳﺗﻘﻼﻻﺕ ﺍﻟﻭﻁﻧﻳﺔ .ﺫﻟﻙ ﺃﻧﻪ ﺑﻌﺩ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺗﺑ ّﻧﺕ ﺭﻭﺳﻳﺎ ﺑﻭﺻﻔﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺷﻳﻭﻋﻳﺔ ﻓﻛﺭﺓ ﻣﺣﺎﺭﺑﺔ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﻭﻫﺎﺟﻣﺗﻪ ﺑﺿﺭﺍﻭﺓ ،ﻭﺣﺛﺕ ~~1
ﺷﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻭﻣﺗﻪ ﻭﺍﻟﺗﺧﻠﺹ ﻣﻧﻪ ،ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺟﺎءﺕ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ ﺍﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﺣﺗﻰ ﻭﺟﺩ ﺭﺃﻱ ﻋﺎﻡ ﻛﺎﺳﺢ ﺿ ّﺩ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ. ّ ﻳﺗﺟﺯﺃ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺑﺩﺃ ﺍﻟﺭﺃﺳﻣﺎﻟﻲ؛ ﺑﻝ ﻫﻭ ﺍﻟﻁﺭﻳﻘﺔ ﺍﻟﻭﺣﻳﺩﺓ ﻭﺑﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﺟﺯ ٌء ﻻ ﻟﻧﺷﺭ ﻓﻛﺭﺗﻪ ﻭﺗﻧﻔﻳﺫﻫﺎ ،ﻓﻘﺩ ﺗﻠ ّﻘﻔﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻛﺭﺓ _ﻓﻛﺭﺓ ﺍﻟﺗﺣﺭﺭ_ ﻭﺳﺎﺭﺕ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻭﺿﻐﻁﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﻝ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭﻳﺔ ﻟﻠﺧﺭﻭﺝ ﻣﻥ ﻣﺳﺗﻌﻣﺭﺍﺗﻬﺎ ﻁﻣﻌﺎ ً ﻓﻲ ﺃﻥ ﺗﺣﻝ ﻫﻲ ﻣﺣﻠﻬﺎ ﻭﻟﻛﻥ ﺑﻁﺭﻳﻘﺔ ﺍﺳﺗﻌﻣﺎﺭﻳﺔ ﺟﺩﻳﺩﺓ ﻭﻫﻭ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻛﻭﻣﺎﺕ ﻋﻣﻳﻠﺔ ﺃﻭ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﺳﻳﻁﺭﺓ ﺍﻷﺟﻧﺑﻳﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻁﺭﻳﻘﺔ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩﺓ ﻟﻼﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﺍﻟﺗﻲ ﺳﻣّﻭﻫﺎ "ﺗﻁﻭﻳﺭ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ". ﻳﻘﻭﻝ ﺟﻭﻥ ﻓﻭﺳﺗﺭ ﺩﺍﻻﺱ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "ﺣﺭﺏ ﺃﻡ ﺳﻼﻡ" ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻟﻔﻪ ﺃﻭﺍﺋﻝ ﺳﻧﺔ 1950 ﺗﺣﺕ ﻋﻧﻭﺍﻥ "ﺍﻟﺗﻁﻭﺭ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭﻱ ﺑﺩﻳﻝ ﻋﻥ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻧﻳﻔﺔ"" :ﺇﻥ ﺍﻟﻭﺿﻊ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭﻱ ﻟﻠﻐﺭﺏ ﻛﺎﻥ ﻳﻧﻅﺭ ﺇﻟﻳﻪ ﺩﺍﺋﻣﺎ ً ﻣﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﺳﻭﻓﻳﻳﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﻌﺏ _ﺃﺧﻳﻝ_ ﺃﻱ ﺍﻟﻧﻘﻁﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﻳﺳﺗﻁﻳﻌﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺿﺭﺑﻭﺍ ﻓﻳﻬﺎ ﺍﻟﺿﺭﺑﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻳﺔ " ﺛﻡ ﻳﻘﻭﻝ: "ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺍﻗﺗﺭﺑﺕ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ ﺍﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻣﻥ ﻧﻬﺎﻳﺗﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻣﻭﺿﻭﻉ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﺍﻟﻭﺣﻳﺩ ﺫﻭ ﺍﻷﻫﻣﻳﺔ ﺍﻟﺷﺩﻳﺩﺓ ﻫﻭ ﺍﻟﻣﺳﺗﻌﻣﺭﺍﺕ ،ﻭﻟﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻗﺩ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺳﺗﻣﺭّ ﻓﻲ ﺗﺧﻠﻳﺩ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﻛﺄﻣﺭ ﻭﺍﻗﻊ ﻟﺟﻌﻝ ﺫﻟﻙ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺣﺗﻡ ﻗﻳﺎﻡ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﺍﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺣﺗﻡ ﺃﻥ ﻳﻧﻬﺯﻡ ﺃﻳﺿﺎ ً ﻭﻛﺎﻧﺕ ﺍﻟﺧﻁﺔ ﺍﻟﻭﺣﻳﺩﺓ ﺍﻟﻣﻣﻛﻥ ﻧﺟﺎﺣﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺻﻭﻝ ﺑﺷﻛﻝ ﺳﻠﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺗﻘﻼﻝ ﺃﻛﺛﺭ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺭﻗ ّﻳﺎ ً ﻣﻥ ﻫﺅﻻء ﺍﻟﺳﺑﻌﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻳﻭﻥ ﻧﺳﻣﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺣﺕ ﺣﻛﻣﻬﻡ".
ﺗﻐﻳﻳﺭ ﺃﺳﻠﻭﺏ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻁﻣﺋﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﻛﺎﻓﺭ ﺇﻟﻰ ﺗﺭ ّﻛﺯ ﺍﻟﺗﻘﺳﻳﻡ ﻭﺍﻟﻔﺻﻝ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﻣﺳﺗﻌﻣﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ،ﺍﺗﺧﺫ ﺍﺳﻠﻭﺑﺎ ً ﺟﺩﻳﺩﺍً ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ،ﻓﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﺳﻳﻁﺭﺓ ﺳﻳﻁﺭﺓ ﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ~~2
ﻭﺍﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﻋﻥ ﻁﺭﻳﻕ ﺍﻟﻌﻣﻼء ﻭﺍﻟﻣﺄﺟﻭﺭﻳﻥ ،ﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺕ ﺳﻳﻁﺭﺓ ﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﺑﻭﺍﺳﻁﺔ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﺳﻛﺭﻳﺔ ،ﻭﻅﻠﺕ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺗﺣﺕ ﻧﻳﺭ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩ، ﻳﺣﻛﻣﻬﺎ ﺣﺎﻛﻡ ﻣﻧﺻّﺏ ﻣﻥ ﻁﺭﻓﻬﻡ ،ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻣﺟﺭّ ﺩ ﺣﺎﺭﺱ ﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﻧﺎﺷﺋﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﺎﺻﻣﺔ ﻭﻋﻠﻡ ﺧﺎﺹ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﺳﺗﻘﻼﻝ ﻳﺣﺗﻔﻝ ﺑﻪ ﻟﺗﺭﻛﻳﺯ ﺗﺟﺯﺋﺔ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﺍﻗﻌﻳﺎ ً. ﻭﺇﻧﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻭﻥ ﻗﺩ ﺑﺫﻟﻭﺍ ﺍﻟﻐﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻧﻔﻳﺱ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﻭﻟﻛﻧﻬﻡ ﻟﻡ ﻳﺟﻧﻭﺍ ﻣﻥ ﺫﻟﻙ ﺷﻳﺋﺎً ،ﻓﻘﺩ ﺳﺭﻗﺕ ﻣﻧﻬﻡ ﺛﻣﺭﺓ ﺟﻬﺎﺩﻫﻡ ﻭﻟﻡ ﻳﺗﺣﺭﺭﻭﺍ ﻣﻥ ﺭﺑﻘﺔ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ،ﺑﻣﺎ ﺻﻧﻌﻪ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻣﻥ ﺍﻟﻌﻣﻼء ﻗ ّﺩﻣﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻡ ﺯﻋﻣﺎء ﻧﺻّﺑﻭﻫﻡ ﻓﻳﻣﺎ ﺑﻌﺩ ﺣﻛﺎﻣﺎ ً ﻟﻠﺑﻼﺩ ﺩﻳﺩﻧﻬﻡ ﺣﻣﺎﻳﺔ ﻣﺻﺎﻟﺢ ﺃﺳﻳﺎﺩﻫﻡ. ﻭﺑﺫﻟﻙ ﻋﻣﻝ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﻛﺎﻓﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺑﻳﺩ ﺍﺳﺗﻌﻣﺎﺭﻩ ﻟﺑﻼﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺑﻔﻛﺭﺓ ﺍﻻﺳﺗﻘﻼﻝ ﺍﻟﺗﻲ ﺟﻌﻝ ﻣﻧﻬﺎ ﻭﺳﻳﻠﺔ ﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﻁﺭﻳﻘﺔ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ،ﻭﺍﻧﻁﻠﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻣﻠﻳﺔ ﺍﻟﺗﺿﻠﻳﻠﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻗﻧﻌﻭﺍ ﺑﺫﻟﻙ ﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﺍُﺷﺭﺑﻭﺍ ﻛﺄﺱ ﺍﻟﻭﻁﻧﻳﺔ ﺣﺗﻰ ﺍﻟﺛﻣﺎﻟﺔ ،ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﻭﻥ ﻣﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻳﻌﺎﻧﻭﻥ ﻣﻥ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺳﻠﺑﻳﺔ ﻟﺫﻟﻙ ﻣﺩﺓ ﻧﺻﻑ ﻗﺭﻥ ﺗﻘﺭﻳﺑﺎ ً ﻭﻫﻡ ﻳﻌﻣﻠﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺍﻷﻣﺭ ﻭﺗﻧﺑﻳﻪ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﻣﻥ ﻏﻔﻠﺗﻬﻡ.
ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻻﺳﺗﺋﻧﺎﻑ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻧﺻﻑ ﺍﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺷﺭﻳﻥ؛ ﺃﻱ ﺑﻌﺩ ﺭﺑﻊ ﻗﺭﻥ ﺗﻘﺭﻳﺑﺎ ً ﻣﻥ ﺇﻟﻐﺎء ﺍﻟﺧﻼﻓﺔ ،ﺑﺭﺯﺕ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻻﺳﺗﺋﻧﺎﻑ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ .ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺭ ﻗﻳﺎﻡ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﺣﺭﻛﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﻣﺗﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﺗﻲ ﻭﺇﻥ ﺗﻌﺛﺭ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﻓﻛﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻁﺭﻳﻘﺗﻪ ﻭﻟﻛﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺕ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺍﻟﻣﻧﺑّﻪ ﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻥ ﺩﻳﻧﻬﺎ . ~~3
"ﺍﻟﺻﺣﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ" ﻭﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺳﺑﻌﻳﻧﺎﺕ ﻭﻣﻁﻠﻊ ﺍﻟﺛﻣﺎﻧﻳﻧﺎﺕ ﻣﻥ ﻧﻔﺱ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺗﻧﺎﻣﺕ ﻭﺗﻳﺭﺓ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺗﺣﻛﻳﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﻭﺑﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺩ ﻗﻳﺎﻡ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺇﻳﺭﺍﻥ ﻭﻅﻬﻭﺭ ﺣﻛﻭﻣﺔ "ﺗﻌﻠﻥ ﻷﻭﻝ ﻣﺭﺓ ﻣﺭﺟﻌﻳﺗﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ" ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻝ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻳﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﻔﺗﺭﺓ ﺗﺳﻣﻳﺔ "ﺍﻟﺻﺣﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ" ،ﻭﺻﻌﻭﺩ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﻧﻅﺭ ﺍﻻﻣﺔ ﺍﻟﻰ ﺳﺩﺓ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺗﺣﻛﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻳﺔ ﺃﻳﻘﻅ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺷﻌﻭﺭﺍً ﺑﺎﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﺣﻛﺎﻣﻪ ﻭﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺇﻣﻛﺎﻥ ﺗﻁﺑﻳﻘﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺗﺭﻙ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ. ﻭﻛﺎﻧﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻗﺩ ﻋﻣﻠﺕ ﻓﻲ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﻔﺗﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﺿﻌﺔ ﺍﻻﺗﺣﺎﺩ ﺍﻟﺳﻭﻓﻳﺎﺗﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺳﺗﺩﺭﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﺳﺗﻧﻘﻊ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎﻥ ﻁﻣﻌﺎ ً ﻓﻲ ﺧﻳﺭﺍﺕ ﺑﺣﺭ ﻗﺯﻭﻳﻥ ،ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺷﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺷﺭﻳﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﺗﻰ ﺍﻧﻬﺎﺭ ﺍﻻﺗﺣﺎﺩ ﺍﻟﺳﻭﻓﻳﺎﺗﻲ ﺍﻧﻬﻳﺎﺭﺍً ﻣﺩﻭﻳﺎً ،ﻭﻏﺎﺏ ﺍﻟﻣﺑﺩﺃ ﺍﻟﺷﻳﻭﻋﻲ ﻣﻥ ﺍﻟﻭﺟﻭﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻧﻬﺎﺋﻳﺎ ً. ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺇﻳﺫﺍﻧﺎ ً ﺑﻐﻳﺎﺏ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺭﺋﻳﺳﻳﺔ ﺍﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻳﺔ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺗﺯﻋﻣﻬﺎ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﺗﺷﺎﺭﻛﻬﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﺩﻭﻝ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ .ﻓﻛﺎﻧﺕ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺣﻭﺍﺩﺙ ﺇﻋﻼﻧﺎ ً ﺭﺳﻣﻳﺎ ً ﺑﺎﻧﺗﺻﺎﺭ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻳﺔ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺑﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺷﻳﻭﻋﻳﺔ ﻭﺗﺭﺑّﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻣّﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻣﻭﻗﻑ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺩﻭﻥ ﻣﻧﺎﻓﺱ.
ﻣﻭﺍﺟﻬﺔ "ﺍﻟﺻﺣﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ" ﺇﻥ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻛﻔﺭ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺗﺩﺭﻙ ﺗﻣﺎﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺍﺳﺗﻣﺭﺍﺭ "ﺍﻟﺻﺣﻭﺓ" ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺗﻠﻙ ﺍﻟﻭﺗﻳﺭﺓ ﺍﻟﻣﺗﺳﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺑﺩﺃﺕ ﻓﻲ ﺛﻣﺎﻧﻳﻧﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﺳﻳﺿﻌﻬﻡ ﻣﺟﺩﺩﺍً ﻭﺑﺻﻔﺔ ﻣﺅﻛﺩﺓ ﻓﻲ ﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ.
~~4
ﻟﺫﻟﻙ ﺑﺩﺃﻭﺍ ﻳﻔﻛﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺗﺭﺳﻳﺦ ﺍﻧﺗﺻﺎﺭ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺷﻳﻭﻋﻳﺔ ﻟﻳﺻﺑﺢ ﺍﻧﺗﺻﺎﺭﺍً ﺣﺎﺳﻣﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎﻗﺽ ﺑﺻﻭﺭﺓ ﺟﺫﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻲ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺯﻋﻣﻬﻡ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﻳﻣﺛﻝ ﺃﻓﺿﻝ ﻧﻅﺎﻡ ﺳﻳﺎﺳﻲ ﻋﺭﻓﺗﻪ ﺍﻟﺑﺷﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﺗﺗﻭﺻّﻝ ﺇﻟﻳﻪ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ ﻗﺩ ﺗﻭﻗﻑ ﻋﻧﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺣﺩ ،ﻭﻣﻥ ﻫﻧﺎ ﺧﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻛﺎﺗﺏ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﻭﺍﻟﻣﻧﻅﺭ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻲ ﺍﻟﻣﺗﻁﺭﻑ "ﻓﺭﺍﻧﺳﻳﺱ ﻓﻭﻛﻭﻳﺎﻣﺎ" ﻟﻳﻌﻠﻥ "ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ" ﻓﻲ ﻅﻝ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻳﺔ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻗﺎﺋﻼً: "ﻛﻠﻣﺎ ﺍﻗﺗﺭﺑﺕ ﺍﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ ﻣﻥ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻟﻑ ﺍﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻼﺣﻅ ﺃﻥ ﺍﻷﺯﻣﺗﻳﻥ ﺍﻟﺗﺳﻠﻁﻳﺔ ﻭﺍﻻﺷﺗﺭﺍﻛﻳﺔ ﻟﻡ ﺗﺗﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻣﻌﺭﻛﺔ ﺇﻻ ﺇﻳﺩﻳﻭﻟﻭﺟﻳﺎ ﻭﺍﺣﺩﺓ ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﻁﺎﺑﻊ ﺷﻣﻭﻟﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻳﺔ ،ﻋﻘﻳﺩﺓ ﺍﻟﺣﺭﻳﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺩﺓ". ﻭﻟﻡ ﻳﻌﺩ ﺃﻣﺎﻣﻬﻡ ﻭﻓﻲ ﻣﻭﺍﺟﻬﺗﻬﻡ _ﺑﻌﺩ ﺍﻧﻬﻳﺎﺭ ﺍﻟﺷﻳﻭﻋﻳﺔ_ ﻣﺷﺭﻭﻋﺎ ً ﺳﻳﺎﺳﻳﺎ ً ﻗﺎﺋﻣﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻳﺩﺓ ﺻﺣﻳﺣﺔ ﺳﻭﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻓﺎﻟﻣﺳﻠﻣﻭﻥ ﺃﻣﺔ ﻭﺍﺣﺩﺓ ﺗﺗﺣﺩ ﺑﻌﻘﻳﺩﺓ ﺭﻭﺣﻳﺔ ﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺣﺩﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺻﺭﻉ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻳﺔ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﺍﻟﻣﺳﻳﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻳﻭﻡ ،ﻭﻓﻳﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﻳﺔ ﺗﻭﺣﻳﺩ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﻭﺍﻷﻣﻡ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺟﻌﻝ ﺍﻟﺳﻳﺎﺩﺓ ﻟﻠﻣﺑﺩﺃ ﻭﺣﺩﻩ ،ﻭﺑﺭﻏﻡ ﺃﻧﻪ ﻗﺩ ﺗﻭﻗﻑ ﺗﻁﺑﻳﻘﻬﺎ ﺑﻬﺯﻳﻣﺔ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺯﻭﺍﻝ ﺩﻭﻟﺗﻬﺎ ،ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺯﺍﻟﺕ ﻛﺎﻣﻧﺔ ﻭﺣﻳﺔ، ﺑﻝ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻣﺅﺛﺭﺓ.
"ﺍﻟﺻﺣﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ" ﻭﺷﺑﺎﺏ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻳﻪ "ﺍﻟﺻﺣﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ" ﻋﺎﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻠﻬﺏ ﺣﻣﺎﺱ ﺷﺑﺎﺏ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﻟﻠﻭﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ ﻭﺍﻟﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺳﻪ ،ﻣﻣﺎ ﺃﺩﺧﻝ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﻛﺎﻓﺭ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺍﻟﺗﻲ ﺳﺎﺭﻋﺕ ﺑﺎﻟﺗﺧﻁﻳﻁ ﻟﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩ.
~~5
ﻭﻗﺩ ﺃﺧﺫﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﻟﻭﺍﻗﻊ "ﺻﺣﻭﺓ" ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻷﻣﺭ ﺃﺳﻠﻭﺏ ﺍﻟﻣﻛﺎﻓﺣﺔ ﺑﺎﻟﻘﻭﺓ ،ﻓﻘﺩ ﺃﻭﻋﺯﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﺫﻧﺎﺑﻬﺎ ﻣﻥ ﺯﻋﻣﺎء ﺍﻟﻌﺻﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻣﻛﻧﺗﻬﻡ ﻣﻥ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺑﺎﻟﺗﺷﺩﻳﺩ ﻋﻠﻰ ﺷﺑﺎﺏ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﻳﻥ ﺍﻟﻣﺗﺣﻣّﺳﻳﻥ ﻟﻧﺻﺭﺓ ﺩﻳﻧﻬﻡ ،ﻓﺎﻣﺗﻸﺕ ﺑﻬﻡ ﺃﻗﺑﻳﺔ ﺍﻟﺳﺟﻭﻥ ﻭﻧ ّﻛﻝ ﺑﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺣ ّﺩ ﺍﻟﻘﺗﻝ ﻭﺍﻟﺗﺷﺭﻳﺩ ﻭﺍﻟﻣﺣﺎﺭﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ ﻭﺍﻟﺗﺿﻳﻳﻕ ﻋﻠﻳﻬﻡ ﻓﻲ ﺳﺑﻝ ﺍﻟﻌﻳﺵ ،ﻭﺳﺎﺭﻭﺍ ﻣﻌﻬﻡ ﻓﻲ ﺧﻁﺔ ﺃﻁﻠﻘﻭﺍ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺳﻳﺎﺳﺔ "ﺗﺟﻔﻳﻑ ﺍﻟﻣﻧﺎﺑﻊ" ﻋﺑﺭ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺍﺳﺗﺋﺻﺎﻟﻳﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ. ﻏﻳﺭ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ّ ﻳﻔﺕ ﻓﻲ ﻋﺯﻡ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﻳﻥ ﻣﻥ ﺣﻣﻠﺔ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ،ﻓﻣﺎ ﺯﺍﺩﻫﻡ ﺫﻟﻙ ﺇﻻ ﻗﻭّ ﺓ ﻭﺇﺻﺭﺍﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﻣﻭﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺳﻌﻲ ﺍﻟﺟﺎﺩ ﻟﺗﺣﻛﻳﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺓ ﺍﻷﻣﺔ ،ﻭﻗﺩ ﺃﺯﻋﺟﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺳﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺳﻳﺟﺩﻭﻥ ﺻﻌﻭﺑﺔ ﻓﻲ ﺇﻗﻧﺎﻉ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺑﺎﻟﻣﻔﺎﻫﻳﻡ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻳﺔ ﻭﺗﻣﺭﻳﺭﻫﺎ ،ﻓﺿﻼً ﻋﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﺗﺭﻛﻳﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻭﻟﻬﻡ ،ﻣﻣﺎ ﺳﻳﻌﻧﻲ ﻭﺟﻭﺩ ﺍﻷﺟﻭﺍء ﺍﻟﻣﻧﺎﻫﺿﺔ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ. ﻭﺑﻔﺷﻝ ﺃﺳﻠﻭﺏ ﺍﻟﻘﻭّ ﺓ ﻓﻲ ﻛﺳﺭ ﻋﺯﺍﺋﻡ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﻳﻥ ﻣﻥ ﺣﻣﻠﺔ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﺟﺄﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﺎﻟﻳﺏ "ﺍﻟﻧﺎﻋﻣﺔ" ﻟﺗﺣﻘﻳﻕ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ .ﻟﺫﻟﻙ ﺳﺎﺭﻋﻭﺍ ﺑﺎﻟﺗﺧﻁﻳﻁ ﺑﻌﺩ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻭﻣﻌﻣّﻘﺔ ﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻣﺎ ﻳﺣﺻﻝ ﻓﻳﻪ ،ﻭﺍﻟﺣﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻓﻳﻪ ،ﻭﻧﻔﺳﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻣﻳﻥ ﻋﻠﻳﻬﺎ ،ﻭﺇﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﺍﺳﺗﻣﺎﻟﺗﻬﻡ ﻭﺍﻟﺗﻌﺎﻣﻝ ﻣﻌﻬﻡ ،ﻭﻋﻬﺩﺕ ﺑﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﻣﺭﺍﻛﺯ ﺃﺑﺣﺎﺙ ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻛﺭّ ﺳﺕ ﺟﻬﻭﺩﻫﺎ ﻟﺭﺻﺩ "ﺍﻟﺻﺣﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ"، ﻭﻣﺎ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﺗﺅﻭﻝ ﺇﻟﻳﻪ ،ﻭﺑﺣﺙ ﺍﻷﺳﺎﻟﻳﺏ ﻭﺍﻟﻭﺳﺎﺋﻝ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺗﻬﺎ ﻋﻥ ﻁﺭﻳﻕ ﺣﺭﻓﻬﺎ ﻋﻥ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﻳﺳﺗﺧﺩﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻣﻥ ﻋﻣﻠﻳﺎﺕ ﺍﺳﺗﺧﺑﺎﺭﺍﺗﻳﺔ ﺃﻭ ﺗﻭﺟﻳﻪ ﺇﻋﻼﻣﻲ ﺑﻭﺍﺳﻁﺔ ﺁﻟﺗﻬﻡ ﺍﻹﻋﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﺿﺧﻣﺔ.
~~6
ﻧﻘﻁﺔ ﺍﻟﺑﺩﺍﻳﺔ ﻣﺎ ﺃﺷﺑﻪ ﺍﻟﻳﻭﻡ ﺑﺎﻷﻣﺱ ،ﻓﺈﺑﺎﻥ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺑﺎﻟﺗﺣﺩﻳﺩ ﺑﻳﻥ ﺳﻧﺗﻲ 1916 ﻭ 1918ﺿﻠﻝ ﺍﻹﻧﺟﻠﻳﺯ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ،ﻓﺣﻔﺭﻭﺍ ﺑﻳﻧﻬﻡ ﻭﺑﻳﻥ ﺇﺧﻭﺍﻧﻬﻡ ﻣﻥ ﻏﻳﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺧﻧﺩﻗﺎ ً ﺣﺗﻰ ﻻ ﻳﻌﻘﺩ ﻓﻭﻗﻪ ﺟﺳﺭ ﺑﺎﺷﺎﻋﺔ ﻭﻧﺷﺭ ﺍﻟﻘﻭﻣﻳﺔ ،ﻓﺣﺭّ ﺿﻭﺍ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺿﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻳﺔ ﻭﺃﻁﻣﻌﻭﻫﻡ ﺑﺧﻼﻓﺔ ﻋﺭﺑﻳﺔ ،ﻓﺣﺻﻠﺕ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺧﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ ﺍﻟﺗﻲ ﺳﻣﻳﺕ ﺑـ"ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ" ﻭﺍﻟﺗﻲ ﺍﻗﺗﺭﻓﻬﺎ ﺍﻟﺷﺭﻳﻑ ﺣﺳﻳﻥ ﻭﺃﺑﻧﺎﺅﻩ ﺑﻘﻳﺎﺩﺓ "ﻟﻭﺭﺍﻧﺱ ﺍﻟﻌﺭﺏ" ﻭﺑﺗﺧﻁﻳﻁ ﻭﺗﻣﻭﻳﻝ ﻣﻥ ﺑﺭﻳﻁﺎﻧﻳﺎ ﺍﻟﺗﻲ ﺣﺻﺩﺕ ﻟﻭﺣﺩﻫﺎ ﺛﻣﺎﺭ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﺭﺏ ،ﻭﻋﻧﺩﻣﺎ ﺍﻧﺗﻬﻰ ﺩﻭﺭ ﺣﺳﻳﻥ ﺍﻟﺧﻳﺎﻧﻲ ﺭﻣﺗﻪ ﺭﻣﻲ ﺍﻟﻛﻼﺏ ﻧﺎﻓﻳﺔ ﺇﻳﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻗﺑﺭﺹ. ﻭﻳﺳﺗﻣﺭّ ﻣﺳﻠﺳﻝ ﺍﻟﺗﺿﻠﻳﻝ ﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺍﻟﺳﻳﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺿﻠﻠﻭﻫﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ ﻭﺍﻟﺗﺣﺭﺭ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﺑﺎﺗﺧﺎﺫﻫﻡ ﻣﻥ ﻓﻛﺭﺓ ﺇﻧﻬﺎء ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﻭﺇﻋﻁﺎء ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺍﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ ﺍﺳﻠﻭﺑﺎ ﺟﺩﻳﺩﺍ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺗﺭﺓ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺑﻳﻥ ﺃﻭﺍﺧﺭ ﺍﻷﺭﺑﻌﻳﻧﺎﺕ ﻭﺃﻭﺍﺋﻝ ﺍﻟﺳﺗﻳﻧﺎﺕ ﻣﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺷﺭﻳﻥ ،ﻓﺎﻧﺳﺣﺑﻭﺍ ﻋﺳﻛﺭﻳﺎ ً ﻭﺃﺑﻘﻭﺍ ﺳﻳﻁﺭﺗﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﻣﻘ ّﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺑﻭﺍﺳﻁﺔ ﺻﻧﺎﺋﻌﻬﻡ ﻣﻥ ﺍﻟﺣﻛﺎﻡ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺳﻠﻣﻭﻫﻡ ﺫﻟﻙ ﺑﻣﻭﺟﺏ ﺍﻟﻣﻌﺎﻫﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺳﻛﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﺑﺭﻣﻭﻫﺎ ﻣﻌﻬﻡ ﻟﻛﻲ ﻳﺧﻠﺩﻭﺍ ﺇﺑﻘﺎء ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺭﺗﻬﻧﺔ ﺑﻳﺩ ﺃﻋﺩﺍﺋﻬﺎ.
ﺍﻟﺗﺧﻁﻳﻁ ﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﺑﺩﻳﻝ ﻭﻣﻧﺫ ﻭﺻﻭﻝ ﺍﻟﺟﻣﻬﻭﺭﻳﻳﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺗﺣﺩﺓ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ،ﻭﺑﻌﺩ ﺃﺣﺩﺍﺙ ﺍﻟﺣﺎﺩﻱ ﻋﺷﺭ ﻣﻥ ﺳﺑﺗﻣﺑﺭ ﺍﺗﺧﺫﻭﺍ ﻣﻥ ﺍﻟﺳﻳﻧﺎﺭﻳﻭ ﺍﻟﻘﺩﻳﻡ _ﻣﻊ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﺗﻌﺩﻳﻼﺕ_ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻻﺳﺗﻼﺏ ﻣﺎ ﺗﻛﻭّ ﻥ ﻋﻧﺩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻥ ﺗﻭﺟﻪ ﻟﻠﺗﻐﻳﻳﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﺳﻠﺦ ﺍﻷﺟﻳﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻋﻥ ﺇﺳﻼﻣﻬﺎ ،ﻭﺿﺭﺏ ﻛﻝ ﻣﺣﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺗﻔﻛﻳﺭ ﻓﻲ ~~7
ﺍﻟﻧﻬﻭﺽ ﺑﺎﻷﻣﺔ ،ﻋﺑﺭ ﺗﺳﺭﻳﺏ ﻭﺗﻁﺑﻳﻕ ﻣﺎ ﺳﻣﻲ ﺑـ"ﻓﻛﺭﺓ ﺍﻟﻔﻭﺿﻰ ﺍﻟﺧﻼﻗﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺑ ّﻧﺎءﺓ" ﺍﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻣﻥ "ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﻣﻭﻗﻊ ﺍﻷﺳﻠﻭﺏ ﻭﺍﻟﻭﺳﻳﻠﺔ ﺍﻷﻛﺛﺭ ﻓﺗﻛﺎ ً ﺑﻌﻧﺎﺻﺭ ﺍﻟﻭﺣﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎﺭ ﺃﻥ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺍﻟﺗﺿﻠﻳﻝ ﺑﻬﺎ ﺳﺗﺳﻳﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺟﻭﺍﻧﺏ ﺍﻟﻔﻛﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ﻭﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ. ﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺫﻟﻙ ﺃﺧﺫﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺗﻭﺟّﻪ ﻋﺩﺍء ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻧﺣﻭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎﺭﻩ ﺍﻟﻣﺑﺩﺃ ﺍﻟﻭﺣﻳﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﻬ ّﺩﺩ ﺍﻟﺣﺿﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ ،ﻭﺟﻌﻠﺕ ﻣﻥ ﺳﻳﺎﺳﺔ "ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ" ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻟﺿﺭﺏ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺇﻗﺻﺎﺋﻪ ﻣﻥ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻥ ﺍﻟﻁﺑﻳﻌﻲ ﺃﻥ ﺗﺳﺗﻬﺩﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺣﻣﻠﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎﺭﻫﺎ ﺣﺎﺿﻧﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺟﻐﺭﺍﻓﻳﺎ ً ﻭﺳﻛﺎﻧﻳﺎ ً.
ﻅﻬﻭﺭ ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ ﻭﺣﺩﻭﺩﻩ ﻓﻲ ﻣﺅﺗﻣﺭ ﻗﻣﺔ ﺍﻟﺛﻣﺎﻧﻳﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻧﻌﻘﺩ ﻳﻭﻣﻲ 9ﻭ 10ﻳﻭﻧﻳﻭ/ﺣﺯﻳﺭﺍﻥ 2004ﻭﺑﻌﺩ ﻣﻧﺎﻗﺷﺎﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻟﻠﻣﺷﺭﻭﻋﻳﻥ ﺍﻟﻔﺭﻧﺳﻲ ﻭﺍﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﺑﺧﺻﻭﺹ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ،ﺗﻡ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻧﺳﺧﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻟﻠﻣﺷﺭﻭﻉ ﺗﺣﺕ ﻋﻧﻭﺍﻥ "ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺷﻳﺭ ﻭﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﻳﺛﻳﺎﺕ ﻧﺹ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﻧﻔﺳﻪ ﺇﻟﻰ "ﺑﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ ،ﺯﺍﺋﺩﺍً ﺑﺎﻛﺳﺗﺎﻥ ﻭﺃﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎﻥ ﻭﺇﻳﺭﺍﻥ ﻭﺗﺭﻛﻳﺎ ﻭﺇﺳﺭﺍﺋﻳﻝ" ،ﺑﺣﻳﺙ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﺕ ﻳﺿﻡ ﻛﺎﻣﻝ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺟﻐﺭﺍﻓﻳﺎ ً ﻣﻥ ﺃﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎﻥ ﺷﺭﻗﺎ ً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻣﻐﺭﺏ ﻭﻣﻭﺭﻳﺗﺎﻧﻳﺎ ﻏﺭﺑﺎ ً ﻭﻣﻥ ﺗﺭﻛﻳﺎ ﺷﻣﺎﻻً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻳﻣﻥ ﻭﺍﻟﺳﻭﺩﺍﻥ ﺟﻧﻭﺑﺎ ً.
~~8
ﺗﺭﻛﻳﺯ ﺍﻟﺩﻳﻣﻭﻗﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﻣﺣﺎﺭﺑﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻳﺗﺿﻣﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺿﺭﻭﺭﺓ ﺗﻁﺑﻳﻕ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻭﺃﻧﻬﺎ " ...ﻟﻡ ﺗﻌﺩ ﻣﺟﺎﻻً ﻟﻺﺧﺗﻳﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﻁﺑﻳﻕ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺗﻁﺑﻳﻕ" ﺫﻟﻙ ﻷﻥ " ...ﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺗﻭﺍﺟﻪ ﻓﻳﻬﺎ _ﺃﻱ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﺃﻭﺭﻭﺑﺎ_ ﻋﺩﻭّ ﺍً ﺟﺩﻳﺩﺍً ﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻗﺎﺋﻣﺎ ً ﻣﻥ ﻗﺑﻝ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺗﻌﺻّﺏ ﺍﻟﺩﻳﻧﻲ" ﻣﻣﺎ ﻳﺗﻁﻠﺏ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ " ...ﺍﻟﺗﺭﻛﻳﺯ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻠﻳﺹ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺩﻳﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧﻁﻘﺔ . ﻭﺃﻥ ﻳﻛﻭﻥ ﺍﻟﺩﻳﻥ ﻻ ﻣﺟﺎﻝ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺙ ﻭﺍﻟﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻧﻁﺎﻕ ﺃﺩﺍء ﺍﻟﺷﻌﺎﺋﺭ ﻭﺍﻟﻁﻘﻭﺱ ﺍﻟﺩﻳﻧﻳﺔ. ﻭﻛﺫﻟﻙ ﺣﺻﺭ ﻧﻔﻭﺫ "ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺩﻳﻥ" ﺃﻭ "ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻳﺣﺎﻭﻟﻭﻥ ﺧﻠﻁ ﺍﻟﺩﻳﻥ ﺑﺎﻟﺳﻳﺎﺳﺔ "ﺣﺗﻰ ﻻ ﻳﺗﺧﺫﻩ ﺍﻟﺑﻌﺽ " ...ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻟﻭﻗﻑ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﻛﻝ ﺃﻧﻭﺍﻉ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ. ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻛﻭﻥ ﻟﻠﺩﻳﻥ ﻣﺟﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺳﺎﺋﻝ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ". ﻭﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ "ﺩﻋﻡ ﻓﻛﺭﺓ ﺇﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﻓﺻﻝ ﺍﻟﺩﻳﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻣﺭ ﻻ ﻳﻌﺭّ ﺽ ﺍﻹﻳﻣﺎﻥ ﻟﻠﺧﻁﺭ ﺑﻝ ﻗﺩ ﻳﺅ ّﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﻣﻳﻘﻪ".
ﺧﻁﻭﺍﺕ ﺗﻧﻔﻳﺫ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﻭﻋﻠﻳﻪ ﻓﺎﻥ ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻻﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ ﻳﺳﺗﻬﺩﻑ ﺿﺭﺏ ﺍﻟﻣﻧﻅﻭﻣﺔ ﺍﻟﻘﻳﻣﻳﺔ ﻋﻧﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺃﺧﻁﺭ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺗﺎﺝ ﺃﻧﻅﻣﺔ ﻋﻠﻣﺎﻧﻳﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﺑﻘﺷﺭﺓ ﺇﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﻬﺩﻑ ﻣﻥ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺇﻳﺟﺎﺩ ﺗﻐﻳﻳﺭﺍﺕ ﻋﻣﻳﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻛﺭ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺑﻣﺎ ﻳﻌﻭﻕ ﻅﻬﻭﺭ ﺍﻟﺣﺿﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻣﻥ ﺟﺩﻳﺩ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻛﻭﻥ ﻧ ّﺩﺍً ﻟﻠﺣﺿﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﻥ. ~~9
ﻭﻗﺩ ﺳﺑﻕ ﺍﻥ ﻣﻬﺩﻭﺍ ﻟﺗﻧﻔﻳﺫ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺑﻣﻁﺎﻟﺑﺔ ﺍﻟﺣﻛﺎﻡ ﺑﺗﻧﻔﻳﺫ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻣﻥ ﻣﺛﻝ ﺗﺷﺟﻳﻊ ﺇﻧﺷﺎء )ﻣﺅﺳﺳﺎﺕ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﺍﻟﻣﺩﻧﻲ( ﻭﺗﻭﺳﻳﻊ ﻣﺷﺎﺭﻛﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ،ﻭﺇﻳﺟﺎﺩ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻡ ،ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻧﻳﻥ ...ﺇﻟﺦ. ﻭﺍﻫﻡ ﻣﺎ ﻳﻘﺗﺿﻳﻪ ﺗﻧﻔﻳﺫ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ "ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ": _1ﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺍﻧﺗﻔﺎﺿﺎﺕ ﺷﻌﺑﻳﺔ، ﻭﺑﺷﻛﻝ ﻳﺗﺭﺍءﻯ ﻟﻠﺷﻌﻭﺏ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﻧﺟﺯﺕ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ. ﻭﺑﻬﺫﺍ ﺗﺗﺟﺎﻭﺯ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺣﺳﺎﺳﻳﺔ ﻋﻧﺩ ﺃﺑﻧﺎء ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺗﺟﺎﻩ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻅﻬﺭ ﺍﻟﺩﺑﺎﺑﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺻﺩﺩ ﻳﻘﻭﻝ "ﺭﻳﺗﺷﺎﺭﺩ ﻧﻳﻛﺳﻭﻥ" ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﺍﻟﻔﺭﺻﺔ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ"" :ﻫﺫﺍ ﻭﻋﻠﻳﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻧﻔﺳﻪ ﺃﻥ ﻻ ﻧﺫﻫﺏ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻧﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺻﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺣ ّﺩ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﺻﺑﺢ ﻫﺩﻓﺎ ً ﻻﻧﺗﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺩﺍﺧﻠﻳﺔ ،ﺇﻥ ﺫﻛﺭﻳﺎﺕ ﻋﺻﺭ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﻓﻲ ﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺟﻌﻝ ﺍﻟﺗﺄﺛﻳﺭ ﺍﻟﻐﺭﺑﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﺳّﺎﺳﺔ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﻋﻼﻗﺗﻧﺎ ﺍﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺷﺭﻛﺎﺋﻧﺎ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺄﺧﺫ ﻁﺎﺑﻊ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺗﺎﺑﻊ ﺑﺎﻟﻣﺗﺑﻭﻉ ،ﻭﻋﻠﻳﻧﺎ ﺃﻥ ﻻ ﻧﺗﻌﺎﻣﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﺯﻋﻣﺎء ﺍﻟﻌﺻﺭﻳﻳﻥ ﻛﺣﺎﻣﻠﻲ ﺭﺳﺎﻟﺗﻧﺎ ﺑﻝ ﻛﺷﺭﻛﺎء ﻣﺗﺳﺎﻭﻳﻥ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺃﻗﺻﺭ ﻁﺭﻳﻕ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﻳﻬﻡ ﻳﻛﻭﻥ ﻓﻲ ﺇﻋﻁﺎء ﺍﻻﻧﻁﺑﺎﻉ ﺃﻧﻬﻡ ﻟﻳﺳﻭﺍ ﺃﻛﺛﺭ ﻣﻥ ﻧﺎﻁﻘﻳﻥ ﺑﻠﺳﺎﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ". ﻭﻻ ﺑﺩ ﻣﻥ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻛﻳﻥ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺗﻔﺎﺿﺎﺕ ﻋﻥ ﻁﺭﺡ ﺍﻟﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﻭﺣﻲ ﺑﺎﻟﻣﻁﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﻁﺑﻳﻕ ﺍﻟﺷﺭﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺑﺫﺭﻳﻌﺔ ﺍﻟﺣﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺣﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻧﻳﺔ. ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻣﺑﺎﺷﺭﺓ ﺑﺈﺟﺭﺍءﺍﺕ ﺗﺷﻌﺭ ﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻛﻳﻥ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺗﻔﺎﺿﺎﺕ ﺍﻟﺷﻌﺑﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﻠﺩ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺣﺻﻝ ﻓﻳﻪ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﻗﺩ ﺃﺻﺑﺢ ﺃﻣﺭﻫﻡ ﺑﺄﻳﺩﻳﻬﻡ ،ﺗﺟﺭﻱ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﺩﻳﻣﻭﻗﺭﺍﻁﻳﺔ، ﻭﺿﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﻛﻭﻥ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ )ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺩﻧﻳﺔ(. ~ ~ 10
-2ﺇﻳﺻﺎﻝ ﻣﻥ ﻳﺻﻔﻭﻧﻬﻡ )ﺑﺎﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ( ﺇﻟﻰ ﺳﺩﺓ ﺍﻟﺣﻛﻡ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺑﺻﻔﻘﺔ ﺗﻌﻘﺩ ﻣﻌﻬﻡ ﻳﻭﺍﻓﻘﻭﻥ ﺑﻣﻭﺟﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎء ﺍﺳﺗﻘﻼﻝ ﺍﻟﺑﻠﺩ ،ﻭﺇﻧﺷﺎء ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺩﻧﻳﺔ ،ﻭﺇﺟﺭﺍء ﺗﻌﺩﻳﻼﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺳﺗﻭﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻧﻳﻥ ﻻ ﺗﺅﺛﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﻭﺟﻪ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻲ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ، ﻭﺍﻋﺗﺑﺎﺭ ﻭﺻﻭﻝ )ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ( ﻟﻠﺣﻛﻡ ﻣﻘﺩﻣﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﺳﻥ ﺍﻷﺣﻭﺍﻝ ﻟﻠﺳﻳﺭ ﻧﺣﻭ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺑﺫﻟﻙ ﻳﺿﻣﻧﻭﻥ )ﻋﻠﻣﻧﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ( ،ﻭﺇﺭﺿﺎء ﻣﺷﺎﻋﺭ ﺟﻣﺎﻫﻳﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ﻹﺳﻼﻣﻬﺎ ،ﻭﺗﺗﺣﻘﻕ ﺧﺩﻳﻌﺗﻬﻡ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺑﺗﺣﻭﻳﻠﻬﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﻣﻁﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﺳﺗﺋﻧﺎﻑ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻭﻭﺿﻊ ﺣﺩ ﻧﻬﺎﺋﻲ )ﻟﺻﺣﻭﺗﻬﻡ(. _3ﺍﻟﺗﻣﻬﻳﺩ ﺑﺄﺳﺎﻟﻳﺏ ﺧﺑﻳﺛﺔ ﻭﻣﺿﻠﻠﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻹﺣﺩﺍﺙ ﺗﻘﺳﻳﻣﺎﺕ ﺟﻐﺭﺍﻓﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺱ ﻁﺎﺋﻔﻳﺔ ﻭﻋﺭﻗﻳﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻳﺣﺩﺙ ﺗﻌﺩﻳﻼً ﺟﻭﻫﺭﻳﺎ ً ﻋﻠﻰ ﺍﺗﻔﺎﻗﻳﺔ "ﺳﺎﻳﻛﺱ_ﺑﻳﻛﻭ" ﻭﻫﻭ ﻣﺎ ﺳﻣﺎﻩ ﻣﺳﺗﺷﺎﺭ ﺍﻷﻣﻥ ﺍﻟﻘﻭﻣﻲ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﺍﻷﺳﺑﻕ ﺯﺑﻐﻧﻳﻭ ﺑﺭﻳﺟﻧﺳﻛﻲ ﺑـ "ﺗﺻﺣﻳﺢ ﺣﺩﻭﺩ ﺳﺎﻳﻛﺱ -ﺑﻳﻛﻭ" ،ﻭﺫﻟﻙ ﻹﺣﻛﺎﻡ ﺍﻟﻘﺑﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ . ﺗﺟﺎﻭﺏ ﺍﻟﺣﻛﺎﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺑﻌﺩ ﻁﻠﺏ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻣﻥ ﺣﻛﺎﻡ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﺑﺗﻧﻔﻳﺫ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻣﻣﻬﺩﺓ ﻟﺗﻧﻔﻳﺫ ﻣﺷﺭﻭﻋﻬﺎ ،ﺑﺩﺃﺕ ﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﺗﺳﺎﺭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻥ ﺗﺑﻧﻳﻬﺎ ﻟﺧﻳﺎﺭ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺣﻘﻭﻕ ﺍﻹﻧﺳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺗﻌﺩﺩﻳﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺍﻟﻣﺩﻧﻲ ﻭﺗﺣﺩﻳﺙ ﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻡ ﻭﻏﻳﺭ ﺫﻟﻙ ﻣﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﻁﻠﻭﺏ ﺃﻣﻳﺭﻛﻳﺎً ،ﺣﺗﻰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺕ ﺗﺳﻳﺭ ﻓﻌﻠﻳﺎ ً ﺑﻣﺎ ﻳﺗﻧﺎﻗﺽ ﻣﻊ ﺫﻟﻙ ﺑﺻﻭﺭﺓ ﺟﺫﺭﻳﺔ. ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺋﻳﺱ ﺍﻟﺗﻭﻧﺳﻲ ﺍﻟﻣﺧﻠﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺷ ّﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﺗﻌﺩﻳﻝ ﻣﺷﺭﻭﻉ "ﻋﻬﺩ ﺍﻟﻭﻓﺎﻕ ﻭﺍﻟﺗﺿﺎﻣﻥ" ﺍﻟﺫﻱ ﻛﺎﻥ ﺳﻳﺑﺣﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻣﺔ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﺍﻟﻣﻠﻐﺎﺓ ،ﻭﺍﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺕ ﺳﺗﻌﻘﺩ ﺑﺗﻭﻧﺱ ﻳﻭﻣﻲ 29ﻭ 30ﺁﺫﺍﺭ/ﻣﺎﺭﺱ _ 2004ﺷ ّﺩﺩ_ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﺗﻧﺻﻳﺹ ﻓﻳﻪ ﻋﻠﻰ "ﺗﻣﺳّﻙ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺑﻘﻳﻡ ﺍﻟﺗﺳﺎﻣﺢ ﻭﺍﻟﺗﻔﺎﻫﻡ ﻭﻣﺑﺩﺃ ﺍﻟﺣﻭﺍﺭ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﺣﺿﺎﺭﺍﺕ ﻭﺗﺄﻛﻳﺩ ﺭﻓﺿﻬﻡ ~ ~ 11
ﺍﻟﻣﻁﻠﻕ ﻟﻠﺗﻁﺭﻑ ﻭﺍﻟﺗﻌﺻّﺏ ﻭﺍﻟﻌﻧﻑ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ،ﻭﺣﺭﺻﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺗﺻ ّﺩﻱ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺗﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺗﺿﺎﻣﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﻳﻳﻥ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺑﺎﺑﻬﺎ" ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ "ﺗﻌﺯﻳﺯ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺩﻋﻡ ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺍﻟﻣﺩﻧﻲ ﻭﺗﻌﺯﻳﺯ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻣﺭﺃﺓ". ﻭﻗﺩ ﻟﻭﺣﻅ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺗﻌﺩﻳﻝ ﺍﻻﻗﺗﺑﺎﺱ ﺍﻟﻭﺍﺿﺢ ﻣﻥ "ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ،ﻭﻟﻳﺱ ﺫﻟﻙ ﻏﺭﻳﺑﺎ ً ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻣﻧﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻣﺧﻠﻭﻉ ﺑﺄﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﺑﺎﻟﻣﺧﺎﺑﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺑﺎﻟﺫﺍﺕ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺭﻓﻧﺎ ﺃﻧﻪ ﺯﺍﺭ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻳﻭﻡ 17ﺷﺑﺎﻁ/ﻓﻳﻔﺭﻱ 2004ﺃﻱ ﻗﺑﻝ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﻣﺔ ﺑﺄﻗﻝ ﻣﻥ ﺷﻬﺭ ﻭﻧﺻﻑ. ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺋﻳﺱ "ﺑﻭﺗﻔﻠﻳﻘﺔ" ﻳﺗﺣﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﻓﻲ ﻣﺅﺗﻣﺭ ﻣﺅﺳﺳﺔ ﺍﻟﻔﻛﺭ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ ﻓﻲ ﺑﻳﺭﻭﺕ ﻓﻳﻘﻭﻝ" :ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﻧﻬﺿﺔ ﺟﺩﻳﺩﺓ ﻋﻠﻳﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻛﻑّ ﻋﻥ ﺣﺻﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺟﺎﻝ ﺍﻟﺩﻳﻧﻲ ﻭﺣﻳﻧﺫﺍﻙ ﻳﻣﻛﻥ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ ﺃﻥ ﻳﺗﺻﺎﻟﺢ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻳﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ" _ﺃﻱ ﻗﻳﻡ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﺃﻭﺭﻭﺑﺎ_ ﻭﻳﺭﺟﻊ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻣﺎﺿﻲ " ...ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻟﺗﺻﻭﺭﺍﺗﻧﺎ ﺍﻟﺩﻳﻧﻳﺔ ﻭﻧﻅﺭﺗﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ...ﻭﻟﻡ ﻳﻌﺩ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﻣﻁﻠﺑﺎ ً ﺩﺍﺧﻠﻳﺎ ً ﺑﻝ ﺷﺭﻁﺎ ً ﻋﻠﻳﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻧﻔﺫﻩ ﻗﺑﻝ ﺃﻥ ﻳﻔﺭﺽ ﻋﻠﻳﻧﺎ ﻣﻥ ﺍﻟﺧﺎﺭﺝ."... ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻣﻘﺑﻭﺭ"ﺍﻟﻘﺫﺍﻓﻲ" ﻗﺩ ﻗﺩﻡ ﻧﺻﺭﺍً ﺳﻬﻼً ﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺻﻳﺎﻏﺔ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺃﻋﻠﻥ ﻋﻥ ﻓﺗﺢ ﻟﻳﺑﻳﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻓﺭﻕ ﺍﻟﺗﻔﺗﻳﺵ ﺑﻌﺩ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻟﺗﺧﻠﺹ ﻣﻥ ﺃﺳﻠﺣﺔ ﺍﻟ ّﺩﻣﺎﺭ ﺍﻟﺷﺎﻣﻝ ﻣﻘﺩﻣﺎ ً ﺑﺫﻟﻙ ﻷﻣﻳﺭﻛﺎ ﺧﺩﻣﺔ ﺟﻠﻳﻠﺔ ،ﻓﻛﺎﻥ ﺍﻟﺗﺳﻠﻳﻡ ﺍﻟﻠﻳﺑﻲ ﺍﻟﻌﻠﻧﻲ ﻭﺍﻟﻁﻭﻋﻲ ﻟﻣﺗﻁﻠﺑﺎﺕ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﺧﺎﺭﺟﻳﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺩﻋﻣﺎ ً ﻋﻣﻠﻳﺎ ً ﻟﻧﻅﺭﻳﺔ "ﺃﺣﺟﺎﺭ ﺍﻟﺩﻭﻣﻳﻧﻭ" ﻓﻲ ﺗﺳﺎﻗﻁ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﻁﻭﻋﺎ ً ﻭﺗﻘﺩﻳﻣﻬﺎ ﻷﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﺭﻭﺽ ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻣﻭﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻧﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺷﺭﻭﻁ ﺍﻟﻣﻁﻠﻭﺑﺔ ﻭﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻣﺎ ﺗﺳﻣّﻳﻪ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺑـ"ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺣﻛﻡ ﺍﻟﺻﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﺭﺷﻳﺩ" ﺩﻭﻥ ﺇﺭﺍﻗﺔ ﻗﻁﺭﺓ ﺩﻡ ﻣﻥ ﺟﻧﺩﻱ ﺃﻣﻳﺭﻛﻲ .ﻓﺑﺩﺃ ﺍﻟﻘﺫﺍﻓﻲ ﻳُﻌ ﱡﺩ ﺍﺑﻧﻪ ﺳﻳﻑ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻳﻛﻭﻥ ﺧﻠﻳﻔﺗﻪ ،ﻛﻣﺎ ﻋﻣﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺭﺍﺯﻩ ﻛﻭﺟﻪ ﻣﻌﺗﺩﻝ ﻭﻣﻧﻔﺗﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﺣﻳﺙ ﺃﻋﻠﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺧﻳﺭ ﻋﻥ ﻣﺑﺎﺩﺭﺗﻪ ﻟﻺﺻﻼﺡ ﺳﻧﺔ ،2006ﺩﻋﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﺇﻟﻰ ~ ~ 12
ﻭﺿﻊ ﺩﺳﺗﻭﺭ ﻟﻠﺑﻼﺩ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻧﺎ ًء ﺍﻟﺑﻼﺩ ﻭﻓﻘﺎ ً ﻟﻣﺅﺳﺳﺎﺕ ﻣﺭﺑﻭﻁﺔ ﺑﻘﻭﺍﻧﻳﻥ ﻭﻣﺣﻣﻳﺔ ﺑﺩﺳﺗﻭﺭ. ﻭﻫﻛﺫﺍ ،ﺃﻳﻧﻣﺎ ﺗﻭﺟّ ﻬﺕ ﺍﻷﻧﻅﺎﺭ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺭﻯ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﻣﺷﻐﻭﻟﺔ ﺑﻣﻛﺎﻓﺣﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺗﻁﻭﻳﺭ ﻣﻧﺎﻫﺞ ﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻡ ﻭﻧﺷﺭ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺣﻘﻭﻕ ﺍﻹﻧﺳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺳﻭﻕ ،...ﻭﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﺫﻟﻙ ﺭﻏﺑﺔ ﻣﻧﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﻁﻭﻳﺭ ﻭﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﺑﻘﺩﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻧﺻﻳﺎﻋﺎ ً ﻟﻠﻣﻁﺎﻟﺏ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺑﻛﻝ ﺻﻐﺎﺭ. ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺻﻌﻳﺩ _ﺻﻌﻳﺩ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ_ ﺳﺎﺭﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﻭﻗﻑ ﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻟﻳﻌﺑّﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺗﺯﺍﻡ )ﺃﺧﻼﻗﻲ( ﺗﺟﺎﻩ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﻭﺇﻧﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﻭﻗﻑ ﺭﺍﻋﺕ ﻓﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﺣﻘﻕ ﻣﺻﻠﺣﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺩﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻓﻬﻲ ﻟﻡ ﺗﻧﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺇﺳﻼﻣﻳﺔ ﻛﺎﻧﺕ ﺃﻡ ﻏﻳﺭ ﺇﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻭﺇﻻ ّ ﻓﻠﻣﺎﺫﺍ ﻛﺎﻧﺕ ﺗﺩﻋﻡ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺎﺕ )ﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩﻳﺔ ( ﺑﻛﻝ ﺍﻟﺳﺑﻝ ،ﻭﺗﻣ ّﺩﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎﺝ ﺇﻟﻳﻪ ﻣﻥ ﺧﺑﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﺣﻘﻳﻕ ﻭﻭﺳﺎﺋﻝ ﺍﻟﺗﻌﺫﻳﺏ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭ ﻋﺑﺭ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﺗﺩﺭﻳﺑﻳﺔ ﻷﻋﻭﺍﻥ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺎﺕ ﺑﻭﺍﺳﻁﺔ ﺃﺟﻬﺯﺓ ﻣﺧﺎﺑﺭﺍﺗﻬﺎ؟!
ﺍﻹﻟﺗﻔﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺭﻏﺑﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﻓﺎﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ "ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﺇﻧﻣﺎ ﻳﺭﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻻﻟﺗﻔﺎﻑ ﻣﻥ ﻗﺑﻝ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻏﺑﺔ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﺧﻠﺹ ﻣﻥ ﻗﻬﺭ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﻣﺟﺭﻣﺔ ﻭﺍﺳﺗﺑﺩﺍﺩﻫﺎ ،ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺭﻏﺑﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﺻﺑﺣﺕ ﺗﻬ ّﺩﺩ ﻣﺻﺎﻟﺢ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺑﺎﻟﺧﻁﺭ ﻓﻳﻣﺎ ﻟﻭ ﻧﺟﺣﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﻳﻘﻬﺎ ﻭﺗﺣﺭﻳﺭ ﺇﺭﺍﺩﺗﻬﺎ ﻭﺃﺧﺫ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﻣﺑﺎﺩﺭﺓ ،ﻭﻫﻭ ﻣﺎ ﺩﻋﺎ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻟﻼﻧﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺩﻳﻛﺗﺎﺗﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﻭﺟﺩﺗﻬﺎ ﻭﺩﻋّﻣﺕ ﺑﻘﺎءﻫﺎ ﺯﻣﻧﺎ ً ﻁﻭﻳﻼً ،ﻭﺑﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺧﺎﺭﻁﺔ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺍﻟﻣﺗﺣﻛﻣﺔ ﺑﻣﻘﺎﻟﻳﺩ ﺍﻷﻣﻭﺭ ﻭﺃﺷﻛﺎﻝ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﺍﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﻣﻧﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﻟﻡ ﺗﻌﺩ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺗﻁﻭﺭﺍﺕ ~ ~ 13
ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺍﻹﻗﻠﻳﻣﻳﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﻳﺔ ،ﻓﺄﺧﺫﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺗﻣﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺗﺣﻭّ ﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﻣﺭﺍﻋﺎﺓ ﺣﻘﻭﻕ ﺍﻹﻧﺳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﺣﻛﺎﻡ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺍﺳﺗﻬﻠﻛﻭﺍ ﻭﺍﺭﺗﺑﻁﻭﺍ ﻓﻲ ﺫﺍﻛﺭﺓ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺑﺎﻟﻅﻠﻡ ﻭﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩ ﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﺗﺳﺗﻧﺯﻓﻬﻡ ﻟﺗﺛﺑﻳﺕ "ﺇﺻﻼﺣﺎﺗﻬﺎ" ﻗﺑﻝ ﻛﻧﺳﻬﻡ ﻭﺍﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋﻧﻬﻡ ،ﻭﻷﺟﻝ ﺗﻘﻭﻳﺔ ﺩﻋﺎﺋﻡ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﻳﺟﺭﻱ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺗﺎﺝ ﻟﺣﻛﺎﻣﻬﺎ. ﻭﻗﺩ ﺃﺩﺭﻛﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺯﻋﻳﻣﺔ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﻛﺎﻓﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺣﺿﺎﺭﺗﻪ ﻻ ﻳﻔﻠﺢ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﺳﺗﺧﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻣﺎﺩﻳﺔ ،ﻓﻘﺩ ﺍﺳﺗﺧﺩﻣﻬﺎ ﺍﻟﺻﻠﻳﺑﻳﻭﻥ ﻣﻥ ﻗﺑﻝ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻓﺑﺎءﺕ ﺟﻣﻳﻊ ﻣﺣﺎﻭﻻﺗﻬﻡ ﺑﺎﻹﺧﻔﺎﻕ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﻳﻕ ﺃﻏﺭﺍﺿﻬﺎ ،ﻓﻘﺩ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻭﻥ ﻛﻠﻣﺎ ﻫﺯﻣﻭﺍ ﻓﻲ ﻣﻭﻗﻌﺔ ﺳﺭﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﻳﺩﻭﻥ ﺭﺹّ ﺻﻔﻭﻓﻬﻡ ﻭﺗﺟﻣﻳﻊ ﻗﻭﺍﻫﻡ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻧﺻﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﻠﻳﻔﻬﻡ ،ﻫﺫﺍ ﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺎ ً ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺳﻧﻭﺍﺕ ﺍﻻﺧﻳﺭﺓ ﻓﺈﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﺟﺩﺕ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺷﺩﻳﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻓﻲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎﻥ ﺭﻏﻡ ﻛﻝ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺗﻪ ﻣﻥ ﺗﻧﻛﻳﻝ ﻭﺍﺷﻌﺎﻝ ﻟﻠﻔﺗﻥ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ.
ﻣﻌﺭﻛﺔ ﺍﻟﻌﻘﻭﻝ ﻭﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻟﺫﻟﻙ ﺳﻠﻛﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺭﺑﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻁﺭﻳﻘﺎ ً ﺃﺧﻁﺭ )ﻣﻌﺭﻛﺔ ﺍﻟﻌﻘﻭﻝ ﻭﺍﻟﻘﻠﻭﺏ( ﺃﻱ ﻣﺣﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﻓﻛﺭﻳﺎ ً ﻭﻣﺷﺎﻋﺭﻳﺎً ،ﻭﺫﻟﻙ ﺑﺎﻟﺩﺱّ ﻭﺍﻟﺗﺷﻭﻳﻪ ﻭﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﺣﻘﺎﺋﻕ ﻭﺍﻟﻣﻔﺎﻫﻳﻡ ﺍﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺗﺭﻛﻳﺯ ﻣﻔﺎﻫﻳﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻳﺔ ﻭﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ، ﻭﻧﺷﻁﺕ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻭﺑﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﻣﻠﻛﻪ ﻣﻥ ﺍﻟﻭﺳﺎﺋﻝ ﻭﺍﻷﺳﺎﻟﻳﺏ ﻭﺍﻷﺟﻬﺯﺓ ﺍﻻﺳﺗﺧﺑﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻵﻟﺔ ﺍﻹﻋﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﺿﺧﻣﺔ. ﻭﺍﺑﻘﺕ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﺳﺎﺳﻳﺔ ﻣﻥ ﺍﻷﻋﻣﺎﻝ ﺍﻟﻌﺳﻛﺭﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣﺕ ﻭﺗﻘﻭﻡ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﻧﻔﺳﻳﺔ ﻹﺣﺩﺍﺙ ﺍﻟﺷﻠﻝ ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺃﻋﺩﺍﺋﻬﺎ ،ﻓﻬﺫﺍ ﺗﻘﺭﻳﺭ "ﺳﺗﺭﺍﺗﻔﻭﺭ" ﺍﻟﺫﻱ ﺻﺩﺭ ﻓﻲ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻﻑ ﺷﻬﺭ ﺗﺷﺭﻳﻥ ~ ~ 14
ﺃﻭﻝ/ﺃﻛﺗﻭﺑﺭ 2002ﻳﺫﻛﺭ "ﺃﻥ ﺍﻹﺻﺭﺍﺭ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﺿﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻣﻥ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻣﻌﻅﻡ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻳﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﺧﻠﺔ ﺍﻟﻧﻔﺳﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﺇﺻﺎﺑﺗﻬﺎ ﺑﺎﻹﺣﺑﺎﻁ ﻭﺍﻟﻳﺄﺱ ﻭﺇﺷﻌﺎﺭﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﺟﺯ ﺍﻟﺷﺩﻳﺩ ﻓﻲ ﺇﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﺗﻬﺩﻳﺩ ﺍﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺟﻝ ﺃﻭ ﺍﻵﺟﻝ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻷﻣﺭﻛﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ" ،ﻭﻓﻲ ﺗﺷﺭﻳﻥ ﺍﻟﺛﺎﻧﻲ/ﻧﻭﻓﻣﺑﺭ 2002ﺫﻛﺭ ﺍﻟﺭﺋﻳﺱ ﺍﻷﺳﺑﻕ ﻟﻠﻣﺧﺎﺑﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ "ﺟﻳﻣﺱ ﻭﻳﻠﺳﻲ" ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﺧﻼﻝ ﻣﻧﺎﻅﺭﺓ ﻧﻅﻣﻬﺎ ﺍﺗﺣﺎﺩ ﺍﻟﻁﻠﺑﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ "ﺃﻭﻛﺳﻔﻭﺭﺩ" ﺍﻟﺑﺭﻳﻁﺎﻧﻳﺔ ﺑﻌﻧﻭﺍﻥ "ﺍﻟﺣﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ"" :ﺃﻥ ﺍﻟﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺗﺣﺩﺓ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺳﺗﻌﻣﻝ ﻋﻝ ﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻓﻲ ﺟﻣﻳﻊ ﺍﻟﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻣﺻﺭ ﻭﺍﻟﺳﻌﻭﺩﻳﺔ ﺑﻌﺩ ﺍﻻﻧﺗﻬﺎء ﻣﻥ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ" ﻭﻗﺎﻝ "ﺇﻥ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﻧﻭﻱ ﺍﻟﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺗﺣﺩﺓ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺷﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻻ ﺗﺭﺗﺑﻁ ﺑﺎﻟﺿﺭﻭﺭﺓ ﺑﻣﻭﺿﻭﻉ ﺃﺳﻠﺣﺔ ﺍﻟ ّﺩﻣﺎﺭ ﺍﻟﺷﺎﻣﻝ ﺑﻝ ﻫﻲ ﺃﺳﺎﺳﺎ ً ﻟﻧﺷﺭ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ".
ﻓﺭﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻝ "ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ" ﻭﺇﻣﻌﺎﻧﺎ ً ﻓﻲ ﺗﺿﻠﻳﻝ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺑﺩﺃﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺗﺭﻭّ ﺝ ﻟﻠﻔﺭﻳﺔ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ ﺍﻟﻣﺳﻣﺎﺓ "ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻝ" ﻭ"ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻣﺩﻧﻲ" ﻭﻫﻭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﻘﺑﻝ ﺑﺎﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺣﻘﻭﻕ ﺍﻹﻧﺳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺗﻌﺩﺩﻳﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻣﺩﻧﻳﺔ ،ﻭﺑﻌﺑﺎﺭﺓ ﺃﺧﺭﻯ ﻫﻭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺻﺎﻍ ﻛﺩﻳﺎﻧﺔ ﺭﻭﺣﻳﺔ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺣﻳﺎﺓ ،ﻭﺑﺗﻌﺑﻳﺭ ﺯﻋﻳﻡ ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ ﺑﺗﻭﻧﺱ ﺭﺍﺷﺩ ﺍﻟﻐﻧﻭﺷﻲ ﻫﻭ ﺇﻧﺟﺎﺡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﺗﻳﺎﺭﻳﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻲ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ ﻭﺗﺣﻘﻳﻕ ﺍﻻﻧﺳﺟﺎﻡ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ. ﻭﻟﻘﺩ ﻁﺭﺡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ "ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻝ" ﻓﻲ ﻛﻭﺍﻟﻳﺱ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﻭﺭﺳﻣﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺧﻁﺗﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻓﺣﺩﺩﺕ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﻋﻣﺎﻝ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ~ ~ 15
ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ،ﻭﺣﺳﻣﺕ ﺻﻌﻳﺩ ﺍﻟﻣﻌﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﻁﻘﺗﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ "ﻣﻌﺭﻛﺔ ﻛﺳﺏ ﺍﻟﻌﻘﻭﻝ ﻭﺍﻟﻘﻠﻭﺏ" ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻧﺻﺑّﺕ ﻋﻧﺎﻳﺗﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺟﺎﺩ ﻗﻧﺎﻋﺔ ﻋﻧﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ _ﺗﺿﻠﻳﻼً ﻟﻬﻡ_ ﺑﺈﺑﻘﺎء ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺻﺎﻓﻳﺎ ً ﻧﻘﻳﺎ ً ﺑﻌﻳﺩﺍً ﻋﻥ ﺗﺟﺎﺫﺑﺎﺕ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﻘﺫﺭﺓ ﻭﺧﺩﺍﻉ ﻭﻧﻔﺎﻕ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﻳﻥ!. ﻓﻔﺭﻳﺔ "ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻝ" ﺗﻌﺗﺑﺭ ﻣﻥ ﻭﺟﻬﺔ ﺍﻟﻧﻅﺭ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺃﻓﺿﻝ ﺻﻳﻐﺔ ﻹﻓﺭﺍﻍ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻥ ﻣﺿﺎﻣﻳﻧﻪ ﺍﻟﺣﺿﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻛﻣﻳﻥ ﺍﻻﺳﺗﺭﺍﺗﻳﺟﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺗﺿﻣﻥ ﺑﻪ ﺗﺑﻌﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺇﻋﺎﻗﺔ ﺃﻱ ﺍﻧﺑﻌﺎﺙ ﺣﺿﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺧﻠﻳﺩ ﺍﻟﺳﻳﻁﺭﺓ ﺍﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ.
ﺍﺳﺗﺧﺩﺍﻡ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﻭﺣﺗﻰ ﺗﻛﻭﻥ ﻣﺷﺎﺭﻳﻌﻬﺎ ﻭﺳﻳﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻣﻘﺑﻭﻟﺔ ﻣﻥ ﻁﺭﻑ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ،ﻋﻣﻠﺕ ﻷﻥ ﺗﻛﻭﻥ ﻣﻧﻔﺫﺓ ﺑﺄﻳﺩﻱ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺃﻧﻔﺳﻬﻡ ،ﻓﻌﻣﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻡ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﻣﻥ ﺻ ّﻧﻔﺗﻬﻡ ﺑـ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﻭﺍﺣﺗﺿﻧﺗﻬﻡ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺇﻳﺟﺎﺩ ﺷﺑﻛﺎﺕ ﺿﺧﻣﺔ ﺗﺗﺣﺩﺙ ﺑﻠﺳﺎﻧﻬﻡ ﻭﺗﻌﺑّﺭ ﻋﻥ ﺃﻓﻛﺎﺭﻫﻡ ﺗﻣﻬﻳﺩﺍً ﻹﺩﻣﺎﺝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺷﺭﻳﺣﺔ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺑﺎﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻭﻗﺩ ﺗﻡ ﺗﻌﺭﻳﻔﻬﻡ ﺣﺳﺏ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﺅﺳﺳﺔ "ﺭﺍﻧﺩ" ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﻡ" :ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻳﺷﺗﺭﻛﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻣﺎﻥ ﺑﺎﻷﺑﻌﺎﺩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ"" ،ﻭﻫﻡ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺧﻁﻭﺍ ﺧﻁﻭﺍﺕ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺇﺣﺩﺍﺙ ﺗﻐﻳﻳﺭﺍﺕ ﺟﺫﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﻭﺗﻁﺑﻳﻕ "ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻝ" ﻭﻳﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﻫﻭ ﻧﺗﻳﺟﺔ ﺣﺗﻣﻳﺔ ﻟﺗﻐﻳّﺭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ...ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻘﻳﻡ ﺍﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻋﻧﺩﻫﻡ ﻫﻲ ﺗﻌﺯﻳﺯ ﺍﻟﺿﻣﻳﺭ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ﻭﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺱ ﺍﻟﻣﺳﺅﻭﻟﻳﺔ ﺍﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ﻭﺍﻟﻣﺳﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺔ ﺑﻣﺎ ﻳﻣ ّﻛﻧﻪ ﺑﺳﻬﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﻳﻧﺳﺟﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﻣﻌﺎﻳﻳﺭ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﺍﻟﺣﺩﻳﺛﺔ"؛ ﻟﻬﺫﺍ ﻛﻠﻪ ﺗﻘﺻّﺩﻭﺍ ﺇﺑﺭﺍﺯﻫﻡ ﻭﺗﻠﻣﻳﻊ
~ ~ 16
ﺻﻭﺭﺗﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻡ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻭﺳﻁﻳﺔ ﻭﺍﻻﻋﺗﺩﺍﻝ ﻭﺍﻟﺗﻳﺳﻳﺭ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﻣﻥ ﻳﺳﻣّﻭﻧﻬﻡ ﺇﺭﻫﺎﺑﻳﻳﻥ ﻭﻣﺗﻁﺭﻓﻳﻥ ﻭﺃﺻﻭﻟﻳﻳﻥ ﺟﺎﻣﺩﻳﻥ. ﻟﺫﻟﻙ ﻣ ّﺩﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺃﻳﺩﻳﻬﺎ ﻟﺑﻌﺽ ﻗﻳﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺣﺭﻛﺎﺕ ﻭﺍﻟﺭﻣﻭﺯ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﻣﻳﻝ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻧﻬﺞ ﻭﻋﻘﺩﺕ ﻣﻌﻬﻡ ﺻﻔﻘﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻣﻛﻳﻧﻬﻡ ﻣﻥ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻭﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ﻭﺩﻋﻣﻬﻡ ﻓﻳﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻝ ﺍﻟﺗﺯﺍﻣﻬﻡ ﺑـ: ﺃﻭﻻً :ﺗﺷﺟﻳﻊ ﻭﺗﺄﻳﻳﺩ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺣﻘﻭﻕ ﺍﻹﻧﺳﺎﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺭﻑ ﺑﻬﺎ ﺩﻭﻟﻳﺎ ً _ﺑﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﺍﻟﻣﺳﺎﻭﺍﺓ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﺟﻧﺳﻳﻥ ﻭﺣﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺑﺎﺩﺓ_ ﻭﺫﻟﻙ ﻳﻘﺗﺿﻲ ﺍﻻﻟﺗﺯﺍﻡ ﺑﺎﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻛﻣﺎ ﺗﻔﻬﻡ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺗﻘﻠﻳﺩ ﺍﻟﻐﺭﺑﻲ ،ﻭﺍﻟﻣﻭﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺷﺭﻋﻳﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻻ ﺗﺻﺩﺭ ﺇﻻ ﻋﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺍﻟﺗﻲ ﻳﺗﻡ ﺍﻟﺗﻌﺑﻳﺭ ﻋﻧﻬﺎ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺣﺭﺓ ﻭﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺷﺭﻁ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻌﺭﻳﻑ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ". ﺛﺎﻧﻳﺎ ً :ﺍﻟﻘﺑﻭﻝ ﺑﻣﺻﺩﺭ ﻟﻠﻘﻭﺍﻧﻳﻥ ﻏﻳﺭ ﻗﺎﺋﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺱ ﻁﺎﺋﻔﻳﺔ ،ﻓﻲ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻟﻠﻌﻘﻳﺩﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ .ﻓﺎﻟﺧﻁ ﺍﻟﻔﺎﺻﻝ ﺑﻳﻥ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﻭﺍﻷﺻﻭﻟﻳﻳﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻣﻧﺎﺩﺍﺓ ﺑﺗﻁﺑﻳﻕ ﺍﻟﺷﺭﻳﻌﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺗﻔﺳﻳﺭﺍﺕ ﺍﻟﻣﺣﺎﻓﻅﺔ ﻟﻠﺷﺭﻳﻌﺔ ﺗﺗﻧﺎﻗﺽ ﻣﻊ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺣﻘﻭﻕ ﺍﻹﻧﺳﺎﻥ .ﻭﻫﻧﺎ ﻳﻌﺭﻑ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻭﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻭﻥ" ﺃﻧﻔﺳﻬﻡ ﺑﺄﻧﻬﻡ ﻳﺭﻳﺩﻭﻥ ﺇﻳﺟﺎﺩ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺩﻧﻳﺔ ﻭﻟﻳﺳﺕ ﺩﻳﻧﻳﺔ ،ﻣﺗﺟﺎﻫﻠﻳﻥ ﺃﻥ ﺳﺑﺏ ﺗﺳﻣﻳﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﺩﻧﻳﺔ ﻳﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻛﻭﻥ ﻣﺻﺩﺭ ﺍﻟﺗﺷﺭﻳﻊ ﻓﻳﻬﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻭﻥ ﺍﻟﻣﺩﻧﻲ. ﺛﺎﻟﺛﺎ ً :ﺍﺣﺗﺭﺍﻡ ﺍﻟﺗﻧﻭّ ﻉ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺩﻳﻧﻲ ﻭﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺗﺭﻛﻳﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺗﺭﺍﻡ ﺣﻘﻭﻕ ﺍﻟﻣﺭﺃﺓ ﻭﺍﻷﻗﻠﻳﺎﺕ ﺍﻟﺩﻳﻧﻳﺔ ،ﻓـ"ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻭﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻭﻥ" ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﻳﺭﺣّ ﺑﻭﺍ ﺑﺎﻟﺣﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﻧﺳﺎﺋﻳﺔ ﻭﺍﻟﺗﻌﺩﺩﻳﺔ ﺍﻟﺩﻳﻧﻳﺔ ﻭﺍﻟﺣﻭﺍﺭ ﺑﻳﻥ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺗﺭﻓﻭﺍ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻣﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺳﻧﺔ ﻭﺍﻟﺗﻲ "ﺗﻣﻳّﺯ" ﺍﻟﺭﺟﻝ ﻋﻥ ﺍﻟﻣﺭﺃﺓ _ﻣﺛﻝ ﺣﺻﻭﻝ ﺍﻷﻧﺛﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺻﻑ ﻧﺻﻳﺏ ﺍﻟﺫﻛﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻳﺭﺍﺙ_ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﻳُﻌﺎﺩ ﺗﻔﺳﻳﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻅﻝ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﺯﻣﻧﻲ
~ ~ 17
ﻭﺍﻟﻅﺭﻓﻲ ،ﻭﺃﻧﻬﻡ ﻳﺅﻳّﺩﻭﻥ ﺍﻟﻣﺳﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻭﻧﻳﺔ ﺍﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻭﺍﻁﻧﺔ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﻭﻏﻳﺭ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ،ﻭﺑﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠﻕ ﺑﺈﻟﻐﺎء ﻓﻛﺭﺓ ﺍﻟﺟﺯﻳﺔ. ﺭﺍﺑﻌﺎ◌ً :ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻛﻣﺎ ﻳﻔﻬﻣﻪ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻭﺃﻱ ﺷﻛﻝ ﺁﺧﺭ ﻣﻥ ﺃﺷﻛﺎﻝ ﺍﻟﻌﻧﻑ ﺿ ّﺩ ﺍﻟﻣﺩﻧﻳﻳﻥ ،ﻭﺍﻋﺗﺑﺎﺭ ﺍﻟﻌﻣﻠﻳﺎﺕ ﺍﻻﻧﺗﺣﺎﺭﻳﺔ ﺇﺭﻫﺎﺑﺎ ً ﻏﻳﺭ ﻣﺷﺭﻭﻉ .ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺻﻭﻯ ﻣﻥ ﻭﺭﺍء ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺿﺭﺏ ﻣﻔﻬﻣﻭﻡ ﺍﻟﺟﻬﺎﺩ ﻭﺗﺟﺭﻳﻣﻪ ﺩﻭﻟﻳﺎ ﻛﺧﻁﻭﺓ ﻹﺯﺍﺣﺗﻪ ﻣﻥ ﺍﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻔﻛﺭ ﻋﻧﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻫﺞ ﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻡ ﻭﺧﻁﺏ ﺍﻟﺟﻣﻌﺔ. ﻓﻬﺫﻩ ﻫﻲ ﺍﻹﺳﺗﺭﺍﺗﻳﺟﻳﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺍﺳﺗﺭﺍﺗﻳﺟﻳﺔ ﺗﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺗﺧﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﻭّ ﺓ "ﺍﻟﻧﺎﻋﻣﺔ" ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺩﻋﻡ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﻭﺍﻟﺗﺭﻛﻳﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺟﻭﺩ ﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻣﺩﻧﻲ ﻭﺍﻻﺳﺗﺧﺑﺎﺭﺍﺗﻲ ﻭﺣﻛﻡ ﺍﻟﺳﻔﺎﺭﺍﺕ ﺑﺩﻻً ﻣﻥ ﺍﻟﻭﺟﻭﺩ ﺍﻟﻌﺳﻛﺭﻱ. ﻫﻛﺫﺍ ﺳﺎﺭﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻣﻊ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﻓﻲ ﺗﺭﻛﻳﺎ ،ﻓﻣﻛﻧﺗﻬﻡ ﻣﻥ ﺍﻟﻭﺻﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻭﺩﻋّﻣﺗﻬﻡ ﻓﻳﻪ ،ﻓﺎﻧﺗﻬﺟﻭﺍ ﻋﻠﻣﺎﻧﻳﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻁﺑﻘﻭﺍ ﺍﻟﺭﺃﺳﻣﺎﻟﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺳﺗﻭﻯ ﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻱ ﻭﺳﺎﺭﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻳﺔ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﺩﻕ ﺗﻔﺎﺻﻳﻠﻬﺎ ،ﺛﻡ ﺟﻌﻠﺕ ﻣﻧﻬﻡ ﻧﻣﻭﺫﺟﺎ ً ﻳُﺣﺗﺫﻯ ،ﻓﺎﻗﺗﻔﺕ ﻋﻠﻰ ﺁﺛﺎﺭﻫﻡ ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ ﺑﺗﻭﻧﺱ ﻭﺍﻹﺧﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﻣﺻﺭ، ﻭﺍﻟﺣﺑﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﺭﺏ. ﻓﻬﺫﺍ ﺩﺍﻫﻳﺔ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺍﻟﺧﺑﻳﺭ ﻭﺍﻟﻣﺗﺧﺻﺹ ﻓﻲ ﺷﺅﻭﻥ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﻭﺯﻳﺭ ﺧﺎﺭﺟﻳﺗﻬﺎ ﺍﻷﺳﺑﻕ "ﻫﻧﺭﻱ ﻛﻳﺳﻧﺟﺭ" ﻳﺻﺭﺡ ﻓﻲ ﺃﻳﻠﻭﻝ/ﺳﺑﺗﻣﺑﺭ 2012ﻗﺎﺋﻼ ":ﺇﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﺳﺑﻊ ﺩﻭﻝ ﻋﺭﺑﻳﺔ ﺗﻣﺛﻝ ﺃﻫﻣﻳﺔ ﺍﺳﺗﺭﺍﺗﻳﺟﻳﺔ ﻭﺍﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺗﺣﺩﺓ ،ﻭﻛﻝ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺟﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻝ ﺗﺳﻳﺭ ﺑﺷﻛﻝ ﻣﺭﺿﻲ ﻟﻠﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺗﺣﺩﺓ ﻭﻁﺑﻘﺎ ً ﻟﻠﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺭﺳﻭﻣﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻥ ﻗﺑﻝ".
~ ~ 18
ﺣﻘﻳﻘﺔ "ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺳُﻣﻲ ﺑـ"ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ﻭﻣﺎ ﺷﻬﺩﻩ ﻣﻥ ﺍﻧﺗﻔﺎﺿﺎﺕ ﺃﺳﻘﻁﺕ ﺑﻌﺽ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﻣﺳﺗﺑﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﻭﻻ ﻳﺯﺍﻝ ﻳﻭﺍﺻﻝ ﺻﻳﺣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭﻳﺔ ﺣﺗﻰ ﺍﻵﻥ ،ﻓﺈﻥ ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ ﻟﻳﺳﺕ ﻛﻣﺎ ﻳﺭﻭﺝ ﻟﻬﺎ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻹﻗﻠﻳﻣﻲ ﻭﻳﺗﻡ ﺗﺳﻭﻳﻘﻪ ﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺑﺎﻟﻛﺫﺏ ﻭﺍﻟﺗﺿﻠﻳﻝ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻛﻣّﺎ ﻫﺎﺋﻼً ﻣﻥ ﺍﻟﺭﻳﺏ ﻳﺧﻳّﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺣﻭﻝ ﺗﻠﻙ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ. ﻓﺎﻵﻥ ﻭﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﻫﺩﺃﺕ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻭﺃﻣﻛﻥ ﻟﻺﻧﺳﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﻛﺭ ﺑﻌﻳﺩﺍً ﻋﻥ ﺿﻐﻁ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﻭﺗﺳﻠﻁ ﺍﻟﺭﺅﻳﺔ ﺍﻵﺣﺎﺩﻳﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺑﻌﺩ ﻅﻬﻭﺭ ﻣﻌﻁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﻭﺍﻟﺗﺣﻠﻳﻝ ﺑﻣﺎ ﻳﻣ ّﻛﻥ ﻣﻥ ﻗﺭﺍءﺓ ﺩﻗﻳﻘﺔ ﻭﻣﺗﺄﻧﻳﺔ ﻟﻠﻣﺷﻬﺩ ،ﻧﺅﻛﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺟﺭﻯ ﻫﻭ ﺃﻗﺭﺏ ﺷﻲء ﻟﻸﻣﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﺑّﺭ ﺑﻠﻳﻝ ،ﺇﺫ ﻟﻡ ﻳﻌﺩ ﺧﺎﻓﻳﺎ ً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻼء ﺑﺄﻥ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﻁﻠﻘﺕ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺍﺳﻡ "ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ﺗﺗﺟﻪ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺭ "ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ،ﻭﻫﻲ ﻣﺅﺍﻣﺭﺓ ﻛﺑﺭﻯ ﻏﺎﻳﺗﻬﺎ ﺇﻧﺗﺎﺝ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺟﺩﻳﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻧﻅﻡ ﺍﻹﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻳﺔ ﻭﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ،ﺗﺳﻌﻰ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻟﺗﺛﺑﻳﺗﻬﺎ ﻋﺑﺭ ﻣﺎ ﺳﻣّﻲ ﺑـ"ﺛﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ﺍﻟﺗﻲ ﺍﺣﺗﺿﻧﺗﻬﺎ ﻭﻣﻭّ ﻟﺗﻬﺎ ﺑﺷﻛﻝ ﺧﻔﻲّ ﺣﺗﻰ ﺑﺩﺃﺕ ﺧﻳﻭﻁ ﺍﻟﻣﺅﺍﻣﺭﺓ ﺗﺗﺿﺢ ﻭﺍﻟﻠﻣﺳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﺍﻟﺧﺑﻳﺛﺔ ﺗﻅﻬﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺳﻁﺢ. ﻭﻅﻬﺭﺕ ﺍﻟﺻﻭﺭﺓ ﺃﻛﺛﺭ ﻭﺿﻭﺣﺎ ً ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺗﺣﻠﻳﻝ ﺻﺣﻳﻔﺔ "ﺍﻟﻐﺎﺭﺩﻳﺎﻥ" ﺍﻟﺑﺭﻳﻁﺎﻧﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺭﺃﺕ "ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻻ ﻳﻛﻝ ﻭﻻ ﻳﻣﻝ ﺃﺑﺩﺍً ﻓﻲ ﺳﻌﻳﻪ ﻟﻠﺳﻳﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧﺕ ﺍﻟﻌﻘﺑﺎﺕ" ﻣﻌﻳﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﻛﺭﺓ ﺣﻘﺑﺔ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﺍﻟﻐﺭﺑﻲ ﺍﻟﻣﺑﺎﺷﺭ ﻟﻠﺑﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺑﻌﺩ ﺗﻘﺳﻳﻣﻬﺎ ،ﻭﺃﻛﺩﺕ "ﺃﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻋﻣﻠﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﺭﻭﻳﺽ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﻭﺇﺻﻌﺎﺩﻫﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺣﻛﻡ" ﻭﻓﻲ ﺃﻳﺩﻳﻬﻡ ﻭﺛﻳﻘﺔ ﺗﻁﺑﻳﻕ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺍﻟﺳﻳﺭ ﻓﻲ ﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺳﻭﻕ ﺍﻟﺭﺃﺳﻣﺎﻟﻳﺔ ﺑﻌﻳﺩﺍً ﻋﻥ ﺃﺣﻛﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭ"ﺗﻔﺳﻳﺭﺍﺕ ﺍﻟﺷﺭﻳﻌﺔ". ~ ~ 19
ﻭﻣﺎ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻐﻳﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﻫﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻟﻡ ﻭﻟﻥ ﻳﺗﻧﺎﺯﻝ ﻋﻥ ﻣﺻﺎﻟﺣﻪ ﻓﻲ ﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺑﺳﻬﻭﻟﺔ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻓﻬﻭ ﻟﻣﺎ ﺗﺑﻳّﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺣﻛﺎﻡ ﺍﻟﺭﻭﻳﺑﺿﺎﺕ ﺯﻋﻣﺎء ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩﻳﺔ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺣﺎﻓﻅﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻳﺳﻳﺭﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺗﻬﻡ ﻗﺭﺭ ﺍﺳﺗﺑﺎﻕ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﻓﺎﻋﺗﻣﺩ ﻁﺭﻳﻘﺔ ﺟﺩﻳﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺳﻳﻁﺭﺓ ،ﻭﻣﻥ ﻫﻧﺎ ﺟﺎءﺕ ﻓﻛﺭﺓ ﺍﻻﻧﺗﻔﺎﺿﺎﺕ ﺍﻟﺳﻠﻣﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺑﺩﺃ ﺍﻹﻋﺩﺍﺩ ﻟﻬﺎ ﻣﻧﺫ ﻓﺗﺭﺓ ﺣﻛﻡ "ﺑﻭﺵ ﺍﻻﺑﻥ" ﻭﺗﺣﻭﻝ ﻧﻅﺭﺓ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﺎﻥ ﺇﻟﻰ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ،ﻓﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻧﻅﺭ ﺇﻟﻳﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻡ "ﺍﻵﺧﺭ ﺍﻟﻐﺭﻳﺏ" ﻭﺍﻟﻌﺩﻭّ ﺍﻟﻣﻭﺳﻭﻡ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﺗﺯﻣّﺕ ﺗﺣﻭّ ﻟﻭﺍ ﻓﻲ ﻧﻅﺭ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﺎﻥ ﺇﻟﻰ "ﺍﻷﻧﺎ ﺍﻟﺑﺩﻳﻝ" ﻭﺍﻟﻣﺭﻏﻭﺏ ﻓﻳﻪ ﺑﻌﺩﻣﺎ ﻋﻘﺩﺕ ﻣﻌﻬﻡ ﺻﻔﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﺗﺯﻣﻭﺍ ﺑﻣﺎ ﺃﻟﺯﻣﺗﻬﻡ ﺑﻪ. ﻓﻘﺩ ﺗﻛﻠﻡ ﻋﺷﺭﺍﺕ ﺍﻟﻣﻔﻛﺭﻳﻥ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﻳﻥ ﻭﺍﻟﻣﺣﻠﻠﻳﻥ ﻭﺍﻟﻛﺗﺎﺏ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﻭﺿﻭﻉ ﻭﺃﺷﺑﻌﻭﻩ ﺩﺭﺳﺎ ً ﻭﺗﺣﻠﻳﻼً ﻭﺗﻣﺣﻳﺻﺎ ً ﻭﺃﻛﺩﻭﺍ ﺑﻣﺎ ﻻ ﻳﺩﻉ ﻣﺟﺎﻻً ﻟﻠﺷﻙ ﺑﺄﻥ ﺃﻳﺎﺩ ﺧﺎﺭﺟﻳﺔ ﺗﺩﺧﻠﺕ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺭ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﻭﺳﺎﺭﺕ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺟﻬﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺭﻳﺩ ﻣﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻣ ّﺩ ﺍﻟﺷﻌﺑﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﻧﻰ ﺳﻧﻭﺍﺕ ﻁﻭﻳﻠﺔ ﻣﻥ ﻅﻠﻡ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﻔﺎﺳﺩﺓ ﻭﻋﺳﻔﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺃﻛﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺳُﻣﻲ ﺑـ"ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ﻣﺎ ﻫﻭ ﺇﻻ ﻭﻫﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺑﻭﺍﺳﻁﺔ ﻣﺧﺎﺑﺭﺍﺗﻬﺎ ﻭﺁﻟﺗﻬﺎ ﺍﻹﻋﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﺿﺧﻣﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺕ ﻭﺭﺍء ﺫﻟﻙ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺻﻳﺎﻏﺔ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻣﻥ ﺟﺩﻳﺩ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺻﻳﺎﻏﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻠﺯﻡ ﺗﻘﻭﻳﺽ ﻋﺭﻭﺵ ﺍﻟﺣﻛﺎﻡ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺍﺳﺗﻬﻠﻛﻭﺍ ﺑﻳﺩ ﺷﻌﻭﺑﻬﻡ ﺣﺗﻰ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺟﺎء ﺍﻟﺣﻛﺎﻡ ﺍﻟﺟﺩﺩ ﺗﺭﺍءﻯ ﻟﻠﺷﻌﻭﺏ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺗﻲ ﺟﺎءﺕ ﺑﻬﻡ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺻﺩﺩ ﺗﻡ ﺩﻓﻊ ﺷﺑﺎﺏ ﺍﻷﻣﺔ ﻟﺣﻣﻝ ﻣﻔﺎﻫﻳﻡ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻣﻥ ﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﻣﺩﻧﻳﺔ ﻭﺗﻡ ﺗﺿﻠﻳﻠﻬﻡ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺧﺎﻟﻑ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻣﺎ ﺗﻡ ﺗﻘﺻّﺩ ﺟﻌﻝ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﻣﻔﺎﻫﻳﻡ ﻭﺍﻟﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﻫﻲ ﺍﻟﺗﻲ ﺍﺧﺗﺎﺭﺗﻬﺎ.
~ ~ 20
ﺍﻟﺗﺩﺭﻳﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺗﺟﺎﺝ ﺍﻟﺳﻠﻣﻲ ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻭﻗﻊ ﺍﺳﺗﻐﻼﻝ ﻁﺎﻗﺔ ﺷﺑﺎﺏ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻧﺩﻓﺎﻋﻬﻡ ﻓﺗﻠﻘﻭﺍ ﺗﺩﺭﻳﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺻﺭﺑﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻻﺿﻁﺭﺍﺑﺎﺕ ﻭﺗﻬﻳﻳﺞ ﺍﻟﺟﻣﻭﻉ ﻣﻥ ﺍﻟﻧﺎﺱ ،ﻭﻗﺩ ﺃﻧﻔﻘﺕ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ _ﺣﺳﺏ ﺭﺻﺩ ﻟﻭﻛﺎﻟﺔ ﺍﻷﻧﺑﺎء ﺍﻟﻔﺭﻧﺳﻳﺔ_ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻧﺷﻁﺎء ﻭﺣﻣﺎﻳﺔ ﺃﻧﻔﺳﻬﻡ ﻣﻥ ﺍﻻﻋﺗﻘﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﻣﻼﺣﻘﺎﺕ ﻣﻥ ﺟﺎﻧﺏ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺎﺕ ﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩﻳﺔ ﺧﻣﺳﻳﻥ ﻣﻠﻳﻭﻥ ﻳﻭﺭﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﻳﻥ ﻗﺑﻝ ﺍﻧﻁﻼﻕ ﺷﺭﺍﺭﺓ ﻣﺎ ﺳُﻣﻲ ﺑـ"ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" .ﻭﻫﻧﺎ ﺃﻛﺩ ﺍﻟﻠﻭﺍء ﺣﺳﺎﻡ ﺳﻭﻳﻠﻡ ﺍﻟﺧﺑﻳﺭ ﺍﻟﻣﺻﺭﻱ ﺍﻻﺳﺗﺭﺍﺗﻳﺟﻲ ﻓﻲ ﺣﻭﺍﺭ ﻣﻊ ﻗﻧﺎﺓ "ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻟﻔﺿﺎﺋﻳﺔ" ﺃﻥ "ﺗﻘﺭﻳﺭ ﺍﻟﻣﻌﻬﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻟﺑﺣﻭﺙ ﺍﻟﻌﻭﻟﻣﺔ ﻓﻲ ﻭﺍﺷﻧﻁﻥ ﺃﻓﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﻭﻛﺎﻻﺕ ﺍﻟﻣﺧﺎﺑﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻭﺍﻟﺑﻧﺗﺎﻏﻭﻥ ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺈﻋﺩﺍﺩ ﻣﺧﻁﻁﺎﺕ ﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﺑﻁﺭﻕ ﻏﻳﺭ ﺗﻘﻠﻳﺩﻳﺔ ﻭﺗﺑﺩﺃ ﺑﺗﺣﺭﻳﻙ ﻣﺟﻣﻭﻋﺎﺕ ﺷﺑﺎﺑﻳﺔ ﺗﺭﺗﺑﻁ ﺑﻭﺳﺎﺋﻝ ﺇﻟﻛﺗﺭﻭﻧﻳﺔ ﺗﻣﺎﺭﺱ ﺍﻻﺿﻁﺭﺍﺑﺎﺕ ﻭﺃﺳﺎﻟﻳﺏ ﺍﻟﻛﺭّ ﻭﺍﻟﻔﺭّ ﻭﺍﻟﺗﺣﺭﻙ ﻣﺛﻝ ﺃﺳﺭﺍﺏ ﺍﻟﻧﺣﻝ ﻭﺫﻟﻙ ﺑﻬﺩﻑ ﺧﻠﻕ ﺃﻧﻅﻣﺔ ﺣﻛﻡ ﻣﻭﺍﻟﻳﺔ ﻟﻠﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺗﺣﺩﺓ ﺗﺳﻬﻡ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﻳﺫ ﻣﺧﻁﻁﺎﺗﻬﺎ". ﻓﻣﺎ ﺟﺭﻯ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻭﻣﺻﺭ ﻭﺍﻟﻳﻣﻥ ﻭﻟﻳﺑﻳﺎ ﻭﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺳﻭﺭﻳﺎ ﻻ ﻳﺧﺭﺝ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺗﺟﺎﻩ ،ﻭﻣﺎ ﺟﺭﻯ ﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻣﻊ ﺫﻟﻙ ﻭﻟﻳﺩ ﺻﺩﻓﺔ ﻭﻻ ﺳﻬﻭﺍً ،ﺑﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻟﻭﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﻳﻔﺭﺿﺎﻥ ﻭﺟﻭﺩ ﻣﻧﻅﺭﻳﻥ ﻭﻣﻬﻧﺩﺳﻳﻥ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﻋﻣﻝ ﻭﺭﺍء ﻛﻝ ﺫﻟﻙ ،ﻓﺎﻟﺫﻱ ﺟﺭﻯ ﻭﻳﺟﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺑﻠﺩﺍﻥ ﻻ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﻳﻛﻭﻥ ﺛﻭﺭﺓ ﻭﻻ ﻳﻌ ّﺩ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺛﻭﺭﺍﺕ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻳﻔﺗﺭﺽ ﺃﻥ ﺗﺳﺑﻘﻬﺎ ﺛﻭﺭﺓ ﻓﻛﺭﻳﺔ ﻋﺎﺭﻣﺔ ﺗﻣﻬّﺩ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻛﺭﻳﺔ ﻻ ﺑ ّﺩ ﺃﻥ ﺗﻬﻲء ﻟﻭﻋﻲ ﻋﺎﻡ ﻳﻧﺑﺛﻕ ﻋﻧﻪ ﺭﺃﻱ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻓﻛﺭﺓ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﻳﺭﺍﺩ ﺇﻳﺟﺎﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺑﺩﻻً ﻋﻥ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺕ ﺳﺎﺋﺩﺓ، ﻓﺎﻟﺛﻭﺭﺓ ﻻ ﺗﺻﻧﻊ ﺻﻧﺎﻋﺔ ﻓﻭﺭﻳﺔ ﻭﺇﻧﻣﺎ ﺗﺗﻘﺩﻣﻬﺎ ﺇﺭﻫﺎﺻﺎﺕ ﻓﻛﺭﻳﺔ ﺗﻬﻲء ﻟﻬﺎ، ﻭﻳﺳﺗﺣﻳﻝ ﺃﻥ ﺗﻧﺟﺢ ﺑﻬﺫﺍ ﺍﻷﺳﻠﻭﺏ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎﺭﻫﺎ ﻓﻌﻝ ﺗﻐﻳﻳﺭﻱ ﺍﻧﻘﻼﺑﻲ ﺟﺫﺭﻱ ﻭﺷﺎﻣﻝ ﻻ ﻳﺗﻡ ﺑﻁﺭﻳﻘﺔ "ﺿﻐﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺯﺭ" ﻣﻥ ﻁﺭﻑ ﻗﻭﻯ ﺧﺎﺭﺟﻳﺔ ﻻ ﻳﺻ ّﺢ ﺃﻥ ﻳﺗﺻﻭّ ﺭ ﺃﺣﺩ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﺭﻳﺭ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ،ﺑﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺭﻳﺩ ﺇﻻ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ ﻓﻘﻁ. ~ ~ 21
ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ ﻭﺍﻟﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺗﻭﻧﺳﻳﺔ ﻭﻟﻭ ﺃﺧﺫﻧﺎ ﺗﻭﻧﺱ ﻣﺛﺎﻻً ﺑﺎﻋﺗﺑﺎﺭ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺗﻲ ﺍﻧﻁﻠﻘﺕ ﻣﻧﻬﺎ ﺷﺭﺍﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﺳﻣﻰ "ﺛﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ،ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﻟﻡ ﺗﻛﻥ ﻭﻟﻳﺩﺓ ﺍﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷﺭ ﻣﻥ ﻛﺎﻧﻭﻥ ﺛﺎﻧﻲ/ﺩﻳﺳﻣﺑﺭ 2010ﻋﺷﻳﺔ ﺣﺭﻕ "ﺍﻟﺑﻭﻋﺯﻳﺯﻱ" ﻟﻧﻔﺳﻪ ،ﻭﻳﻛﻔﻲ ﺩﻟﻳﻼ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﻳﺔ ﺍﻷﻣﺭ ﻭﺍﺳﺗﻌﺭﺍﺽ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﺍﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﻫﻳّﺄﺕ ﻟﻼﻧﻔﺟﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ. ﻓﻘﺩ ﺑﺩﺃﺕ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﺑﺗﺟﻣّﻊ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻋﺭﻳﺿﺔ ﻣﻥ ﺍﻷﺣﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺟﻣﻌﻳﺎﺕ ﺍﻟﺣﻘﻭﻗﻳﺔ ﻭﻣﻧﻅﻣﺎﺕ ﻣﺎ ﻳﺳﻣّﻰ ﺑـ"ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺍﻟﻣﺩﻧﻲ" ﺗﺣﺕ ﺟﺑﻬﺔ ﺃﻁﻠﻘﺕ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺍﺳﻡ "ﺣﺭﻛﺔ 18ﺃﻛﺗﻭﺑﺭ ﻟﻠﺣﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ" ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺄﺳّﺳﺕ ﻋﺎﻡ 2005ﻭﺍﻟﺗﻲ ﺳﺎﺭﺕ ﺑﺩﻋﻡ ﺃﻣﻳﺭﻛﻲ ﻟﺗﻛﻭﻥ ﻧ ّﺩﺍ ﻟﻠﺗﻳﺎﺭ ﺍﻻﺳﺗﺋﺻﺎﻟﻲ ﺍﻟﺳﺎﺋﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﻭﻟﺗﻛﻭﻥ ﺃﻳﺿﺎ ً ﻗﻭﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺣﺳﺏ ﺍﻟﺷﺭﻭﻁ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ. ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻳﺩﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭﻝ ﺑﺄﻥ "ﺣﺭﻛﺔ 18ﺃﻛﺗﻭﺑﺭ ﻟﻠﺣﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ" ﻫﻲ ﻳﺩ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﺑﺗﻭﻧﺱ ﺃﻣﺭﻳﻥ: ﺃﻭﻻً :ﺇﻥ ﺍﻟﺑﺭﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﺿﻌﺗﻪ ﻳﺳﻳﺭ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻣﺎ ﺗﻁﺎﻟﺏ ﺑﻪ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻣﻥ "ﺣﺭﻳﺔ ﺍﻟﺗﻌﺑﻳﺭ ﻭﺍﻟﺻﺣﺎﻓﺔ ،ﻭﺣﺭﻳﺔ ﺗﺄﺳﻳﺱ ﺍﻷﺣﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺟﻣﻌﻳﺎﺕ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻳﻭﺩ ﻋﻥ ﻧﺷﺎﻁﻬﺎ، ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺳﺭﺍﺡ ﺍﻟﻣﺳﺎﺟﻳﻥ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﻳﻥ ﻭﻋﻭﺩﺓ ﺍﻟﻼﺟﺋﻳﻥ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﻋﺗﺑﺎﺭ ﺇﻟﻳﻬﻡ ،ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻗﺎﻧﻭﻥ ﻟﻠﻌﻔﻭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻳﺷﻣﻝ ﻛﻝ ﻣﻥ ﻁﺎﻟﻬﻡ ﺍﻟﻘﻣﻊ". ﺛﺎﻧﻳﺎ ً :ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺿﻡ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻋﺭﻳﺿﺔ ﻣﻥ ﺍﻷﺣﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺟﻣﻌﻳﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻳﺔ ﻭﺍﻟﺣﻘﻭﻗﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺭﺗﺑﻁ ﺑﺄﻣﻳﺭﻛﺎ ﺃﻭ ﺗﺳﻳﺭ ﻭﻓﻕ ﺃﺟﻧﺩﺗﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺗﺑﻧﻰ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺍﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻣﻊ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻷﺣﺯﺍﺏ ﻫﻲ :ﺍﻟﺣﺯﺏ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺗﻘﺩﻣﻲ ،ﺣﺯﺏ ﺍﻟﻣﺅﺗﻣﺭ ﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺍﻟﺟﻣﻬﻭﺭﻳﺔ ،ﺣﺯﺏ ﺍﻟﻌﻣﺎﻝ ﺍﻟﺷﻳﻭﻋﻲ ﺍﻟﺗﻭﻧﺳﻲ _ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺻﺑﺢ ﺣﺯﺏ ﺍﻟﻌﻣﺎﻝ ﺍﻟﺗﻭﻧﺳﻲ_ ﺍﻟﺗﻛﺗﻝ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ ﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ، ﺍﻟﻭﺣﺩﻭﻳﻭﻥ ﺍﻟﻧﺎﺻﺭﻳﻭﻥ ،ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﻳﻥ ﺍﻻﺷﺗﺭﺍﻛﻳﻳﻥ _ﺍﻟﻬﻳﺎﻛﻝ ﺍﻟﺷﺭﻋﻳﺔ_ ~ ~ 22
ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺟﻣﻌﻳﺎﺕ ﻓﻬﻲ :ﺍﻟﺟﻣﻌﻳﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻳﺔ ﻟﻣﺳﺎﻧﺩﺓ ﺍﻟﻣﺳﺎﺟﻳﻥ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﻳﻥ، ﻣﺭﻛﺯ ﺗﻭﻧﺱ ﻻﺳﺗﻘﻼﻟﻳﺔ ﺍﻟﻘﺿﺎء ﻭﺍﻟﻣﺣﺎﻣﺎﺓ ،ﺍﻟﺟﻣﻌﻳﺔ ﺍﻟﺗﻭﻧﺳﻳﺔ ﻟﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺗﻌﺫﻳﺏ، ﺭﺍﺑﻁﺔ ﺍﻟﻛﺗﺎﺏ ﺍﻷﺣﺭﺍﺭ ،ﺍﻟﻣﺟﻠﺱ ﺍﻟﻭﻁﻧﻲ ﻟﻠﺣﺭﻳﺎﺕ ،ﻭﺩﺍﺩﻳﺔ ﻗﺩﻣﺎء ﺍﻟﻣﻘﺎﻭﻣﻳﻥ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺿﻡ "ﺣﺭﻛﺔ 18ﺃﻛﺗﻭﺑﺭ" ﺍﻟﻌﺩﻳﺩ ﻣﻥ ﺍﻟﺷﺧﺻﻳﺎﺕ ﺑﺻﻔﺗﻬﻡ ﺍﻟﻔﺭﺩﻳﺔ. ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺻﺩ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﺍﻟﺭﺋﻳﺳﻲ ﻣﻥ ﻭﺭﺍء ﺩﻋﻡ ﺗﺄﺳﻳﺱ "ﺣﺭﻛﺔ 18ﺃﻛﺗﻭﺑﺭ" ﻫﻭ ﺇﻳﺟﺎﺩ ﻓﺭﺯ ﺑﻳﻥ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ "ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﺔ" ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺅﻣﻥ ﺑﺎﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺟﺯﺋﻲ ﻭﺑﺎﻟﻣﺷﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺿﻣﻥ ﺍﻟﻣﻧﻅﻭﻣﺔ ﺍﻟﺗﺷﺭﻳﻌﻳﺔ ﻟﻸﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻭﺑﻳﻥ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺩﻋﻭ ﻟﻠﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﺟﺫﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﺃﻭ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺅﻣﻥ ﺑﺎﻟﻌﻣﻝ ﺍﻟﻣﺳﻠﺢ ﻛﺳﺑﻳﻝ ﻭﺣﻳﺩ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ .ﻭﻫﺫﺍ ﻣﻥ ﺻﻣﻳﻡ ﺧﻁﺔ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺭﺑﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﺣﺕ ﺷﻌﺎﺭ "ﻣﺣﺎﺭﺑﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ" ﻛﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﻋﺩﺗﻬﺎ ﻣﺅﺳﺳﺔ "ﺭﺍﻧﺩ" ﺑﻌﻧﻭﺍﻥ "ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻣﺩﻧﻲ". ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻳﺯﻳﺩ ﺍﻷﻣﺭ ﻳﻘﻳﻧﺎ ً ﺃﻥ ﻣﻛﻭّ ﻧﻲ "ﺣﺭﻛﺔ 18ﺃﻛﺗﻭﺑﺭ" ﺃﺳّﺳﻭﺍ ﻣﻧﺫ ﺍﻟﺑﺩﺍﻳﺔ "ﺍﻟﻣﻧﺗﺩﻯ ﺍﻟﻔﻛﺭﻱ ﺍﻟﺣﻭﺍﺭﻱ" ﺍﻟﺫﻱ "ﻭﺟﺩ ﻟﺗﻘﺭﻳﺏ ﺍﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻﻝ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻳﻳﻥ ﻋﻥ ﺇﺳﻼﻣﻳﻲ ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ ﺣﻭﻝ ﺍﻟﻣﻭﻗﻑ ﻣﻥ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﻘﺿﺎﻳﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻛﺭ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺔ" ،ﻛﻣﺎ ﺃﻋﻠﻧﻭﺍ ﻓﻲ ﺃﻳﻠﻭﻝ/ﺳﺑﺗﻣﺑﺭ 2006ﻓﻲ ﺑﻳﺎﻥ ﺃﺻﺩﺭﺗﻪ ﺍﻟﺣﺭﻛﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ "ﻋﺎﺯﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻁﻼﻕ ﻣﺑﺎﺩﺭﺍﺕ ﻭﺣﻣﻼﺕ ﻭﻁﻧﻳﺔ ـ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﺩﺍﺧﻝ ﻭﺍﻟﻣﻬﺟﺭ ـ ﺣﻭﻝ ﺍﻟﺣﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﺛﻼﺛﺔ". ﻭﻣﺎ ﻳﺩﻋﻡ ﺫﻟﻙ ﺃﻳﺿﺎ ً ﻫﻭ ﺍﻟﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻣﻔﺎﺟﺋﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻭﻓﺩ ﻣﻥ ﺍﻟﺳﻔﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻭﻓﻰ ﺷﻬﺭ ﺗﺷﺭﻳﻥ ﺃﻭﻝ/ﺃﻛﺗﻭﺑﺭ 2006ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺭ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻘﻳﺎﺩﻱ ﺍﻟﺳﺎﺑﻕ ﻓﻲ ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ "ﺣﻣﺎﺩﻱ ﺍﻟﺟﺑﺎﻟﻲ" _ﺭﺋﻳﺱ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺔ ﺍﻟﻣﺅﻗﺗﺔ ﺣﺎﻟﻳﺎ ً_ ﻭﻳﺑﺩﻭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺗﻲ ﻓﺎﺟﺄﺕ ﺑﻌﺽ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻭﻗﺗﻬﺎ ﻭﺃﺛﺎﺭﺕ ﻗﻠﻘﻬﺎ ،ﻭﺍﺳﺗﻣﺭّﺕ ﺣﻭﺍﻟﻲ ﺛﻼﺙ ﺳﺎﻋﺎﺕ ،ﻗﺩ ﺗﻁﺭّ ﻗﺕ ﺇﻟﻰ ﻗﺿﺎﻳﺎ ﻋﺩﻳﺩﺓ ﺗﺧﺹّ ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﻧﻬﺿﺔ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ~ ~ 23
ﺍﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺗﺭﻳﺩﻩ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻭﻣﻭﻗﻑ ﺍﻟﺣﺭﻛﺔ ﻣﻥ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ.
ﻭﺻﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﻣﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻏﻳﺭ ﺃﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻣﻊ ﺩﻋﻣﻬﺎ "ﻟﻺﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺻﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻣﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺳﻳﺭ ﺑﻁﺭﻳﻘﺔ ﺍﻋﺗﺑﺎﻁﻳﺔ؛ ﻷﻥ ﺩﻭﺍﺋﺭ ﺻﻧﻊ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﻻ ﺗﺗﺑﻧﻰ ﻣﺛﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺩﻭﻥ ﻗﺭﺍءﺓ ﻟﻛﻝ ﺍﻟﻔﺭﺿﻳﺎﺕ ﻭﺍﻻﺣﺗﻣﺎﻻﺕ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎﺭ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺍﻧﺯﻻﻕ ﺃﻭ ﺍﻧﻔﻼﺕ ﻧﺣﻭ ﺗﺑ ّﻧﻲ ﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﻻ ﺗﺧﺩﻡ ﺧﻁﺔ ﺍﻟﻭﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺗﺣﺩﺓ ﺳﻳﺩﻓﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺧﻳﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺗﺩﺧﻝ ﺳﻭﺍء ﻣﺑﺎﺷﺭﺓ ﺃﻭ ﺑﺻﻔﺔ ﻏﻳﺭ ﻣﺑﺎﺷﺭﺓ. ﻓﻘﺑﻝ ﻋﺎﻣﻳﻥ ﺗﻘﺭﻳﺑﺎ ً ﺍﻧﺗﻔﺽ ﺍﻟﺷﻌﺏ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﺿ ّﺩ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩ ﻭﺳﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﺗﺟﻭﻳﻊ ﻭﺇﺷﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﺍﻟﻣﻣﺛﻝ ﻓﻲ ﻁﺎﻏﻳﺔ ﺗﻭﻧﺱ ﻭﺯﺑﺎﻧﻳﺗﻪ ،ﻓﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺑﻪ ﻳﺩﺣﺭﻭﻧﻪ ﺷﻳﺋﺎ ً ﻓﺷﻳﺋﺎ ً ﻭﻫﻭ ﻳﺗﺭﺍﺟﻊ ﺍﻟﻘﻬﻘﺭﻯ ) ﻣﻥ ﺍﻟﻌﺻﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺿﺎﻟﺔ ﺍﻟﻣﻠﺛﻣﺔ ...ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻳﻳﻥ ...ﺇﻟﻰ ﺃﻧﺎ ﻓﻬﻣﺗﻛﻡ ( ﺣﺗﻰ ﺍﺿﻁﺭﻭﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺭﺍﺭ ﻣﻥ ﺃﺭﺽ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﺇﻟﻰ ﻏﻳﺭ ﺭﺟﻌﺔ ،ﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﺎﺙ ﺑﺗﻭﻧﺱ ﻓﺳﺎﺩﺍً ﻭﺇﻓﺳﺎﺩﺍً ﻣﺩﺓ ﺗﻘﺭﺏ ﻣﻥ ﺭﺑﻊ ﻗﺭﻥ ﺃﺫﺍﻗﻬﻡ ﻓﻳﻬﺎ ﺃﻟﻭﺍﻥ ﺍﻟﺗﺷﺭﻳﺩ ﻭﺍﻟﻌﺫﺍﺏ ﻭﻣﺭﺍﺭﺓ ﺍﻟﺟﻭﻉ ﻭﺍﻟﻔﻘﺭ ﺑﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﻓﻘﺩﻫﻡ ﻛﺭﺍﻣﺗﻬﻡ، ﻭﺣﺎﺭﺑﻬﻡ ﻓﻲ ﺇﺳﻼﻣﻬﻡ ﺑﻛﻝ ﻣﺎ ﺃﻭﺗﻲ ﻣﻥ ﻗﻭﺓ ﻭﻧﻔﻭﺫ ﻫﻭ ﻭﺃﻋﻭﺍﻧﻪ ﻣﻥ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻳﻳﻥ ﺍﻻﺳﺗﺋﺻﺎﻟﻳﻳﻥ. ﻭﻗﺩ ﺃﺑﺩﻯ ﺃﺑﻧﺎء ﺗﻭﻧﺱ ﻭﺷﺑﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﻷﻣﺗﻬﻡ ﻓﺿﻼً ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻣﻭﺍﻗﻑ ﺑﻁﻭﻟﻳﺔ ﺻﻠﺑﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻣﺧﻠﻭﻉ ﻋﻣﻳﻝ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﺎﻥ ﺑﻌﺩ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺣﺭﻕ "ﺍﻟﺑﻭﻋﺯﻳﺯﻱ" ﻟﻧﻔﺳﻪ، ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺣﺎﺩﺛﺔ ﻭﻣﺎ ﺗﺑﻌﻬﺎ ﻣﻥ ﺍﺿﻁﺭﺍﺑﺎﺕ ﻭﻗﻊ ﺍﺳﺗﻐﻼﻟﻬﺎ ﻣﻥ ﻁﺭﻑ ﺍﻟﺑﻌﺽ ﻓﻲ ﺗﻬﻳﻳﺞ ﺍﻟﺟﻣﻭﻉ ﻟﻭﺟﻭﺩ ﺃﺭﺿﻳﺔ ﺧﺻﺑﺔ ﻻﻧﺗﻔﺎﺿﺗﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻫﺎﻧﺔ ﻭﺍﻹﺫﻻﻝ ﻭﺍﻟﺟﻭﻉ ﻭﺍﻟﻔﻘﺭ ﻭﺍﻟﻅﻠﻡ ﺍﻟﺷﺩﻳﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﻗﻌﻪ ﺑﻬﻡ ﺍﻟﻁﺎﻏﻳﺔ ﻭﺯﺑﺎﻧﻳﺗﻪ. ~ ~ 24
ﻭﻗﺩ ﺣﺎﻥ ﺍﺳﺗﺑﺩﺍﻝ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻧﻅﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺗﻌ ّﻔﻥ ﻭﺍﻧﺗﺷﺭﺕ ﺭﺍﺋﺣﺔ ﻋﻣﺎﻟﺗﻪ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻗ ّﺩﺭﺕ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﺃﻧﻪ ﻫﺭﻡ ﻭﺍﻧﺗﻬﺕ ﺻﻼﺣﻳﺗﻪ ﺑﺄﻧﻅﻣﺔ ﺃﺧﺭﻯ ﻻ ﺗﻘﻝ ﻋﻣﺎﻟﺔ ﻋﻥ ﺳﺎﺑﻘﺗﻬﺎ ﻭﻟﻛﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺭﺓ ﻣﻥ ﺇﻧﺗﺎﺝ ﺷﻌﺑﻲ ،ﺣﻳﺙ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺩﺭﻛﺕ ﻣﺩﻯ ﺍﻟﺣﺳﺎﺳﻳﺔ ﻋﻧﺩ ﺃﺑﻧﺎء ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺗﺟﺎﻩ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻥ ﺑﻭﺍﺑﺎﺕ ﺍﻟﺳﻔﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ. ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺕ ﺗﻣﻬﺩ ﻟﺗﻐﻳﻳﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ _ﺑﻭﺍﺳﻁﺔ ﺳﻔﺎﺭﺗﻬﺎ ﻭﻛﺭ ﺍﻟﺗﺟﺳﺱ_ ﻣﻊ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺗﻭﻧﺳﻳﺔ ﺩﺍﺧﻝ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﻭﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ﺣﺎﻝ ﺍﻧﺗﻬﺎء ﺍﻟﻔﺗﺭﺓ ﺍﻟﺭﺋﺎﺳﻳﺔ ﺍﻷﺧﻳﺭﺓ ﻟﻠﻁﺎﻏﻳﺔ ﺑﺣﻠﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2014ﺧﺷﻳﺕ ﻣﻥ ﺇﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﺧﺭﻭﺝ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺳﻳﻁﺭﺓ ﻓﺳﺎﺭﻋﺕ ﺑﻭﺍﺳﻁﺔ ﺳﻔﺎﺭﺗﻬﺎ ﺑﺗﻭﻧﺱ ﻭﺃﻋﻭﺍﻧﻬﺎ ﺍﻟﻣﻧﺗﺷﺭﻳﻥ ﻓﻲ ﻋﺭﺽ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﻭﻁﻭﻟﻬﺎ _ﻭﻣﺎ ﺃﻛﺛﺭﻫﻡ_ ﻟﻭﺿﻊ ﺗﺭﺗﻳﺑﺎﺕ ﺳﺭﻳﻌﺔ ﻟﻠﺳﻳﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻣﻭﻗﻑ ﻭﺍﻟﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺗﺑﺩﺍﻝ ﺣﻛﺎﻡ ﺟﺩﺩ ﻳﺣﻅﻭﻥ ﺑﺷﻌﺑﻳﺔ ﻭﻓﻘﺎ ً ﻟﻠﻣﻘﺎﻳﻳﺱ ﺍﻟﺗﻲ ﻭﺿﻌﺕ ﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﺃﻣﻳﺭﻛﻳﺎ ً ﺑﻌﻣﻳﻠﻬﺎ ﺯﻳﻥ ﺍﻟﻌﺎﺑﺩﻳﻥ. ﻓﻔﻲ ﺗﺻﺭﻳﺢ ﻟﻠﺭﺋﻳﺱ ﺍﻟﻔﺭﻧﺳﻲ ﺍﻟﺳﺎﺑﻕ "ﺳﺎﺭﻛﻭﺯﻱ" ﻋﻠﻰ ﻗﻧﺎﺓ 24ﺑﺗﺎﺭﻳﺦ 24 ﻛﺎﻧﻭﻥ ﺛﺎﻧﻲ/ﻳﻧﺎﻳﺭ 2011ﻗﺎﻝ ":ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﻗﻭﻝ ﺃﻥ ﻓﻬﻡ ﻣﺎ ﻳﺣﺻﻝ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻣﻥ ﺍﻟﺳﻬﻭﻟﺔ ﺑﻣﻛﺎﻥ ،ﻏﻳﺭ ﺃﻧﻧﻲ ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭﻳﻥ _ﻭﻳﻌﻧﻲ ﺑﻬﻡ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﺎﻥ_ ﻛﺎﻧﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺳﻳﺣﺩﺙ ﺑﺎﻟﺿﺑﻁ ،ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺳﺎءﻝ ﻣﺎﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﻳﺧﺳﺭ ﻫﺅﻻء ﻟﻭ ﺃﻁﻠﻌﻭﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺭ ﻣﻥ ﻗﺑﻝ ،ﺍﻷﻣﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻛﺎﻥ ﺳﻳﺟﻧﺑﻧﺎ ﺍﻟﻔﺭﺿﻳﺎﺕ". ﻓﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﺟﻳﺵ ﻗﺩ ﺃﺧﺫﻭﺍ ﺃﻭﺍﻣﺭﻫﻡ ﺑﻌﺩﻡ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺭﻣﻭﺯ ﺍﻟﻧﻅﺎﻡ ،ﻭﺑﻌﺩﻡ ﺍﻟﺗﻌﺭﺽ ﻟﻠﺷﻌﺏ ﺃﺛﻧﺎء ﺍﻟﺗﻅﺎﻫﺭ ﻭﺍﻻﺣﺗﺟﺎﺝ؛ ﻹﻋﻁﺎء ﺻﻭﺭﺓ ﺣﺳﻧﺔ ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺗﺅﻫﻠﻪ ﻟﺣﻣﺎﻳﺔ ﺍﻟﻧﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻭﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻧﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺭ ﺍﻧﺗﺷﺎﺭ ﺍﻟﺟﻳﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﻼﺩ ﺃﺧﺫ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺷﺭﻁﺔ ﺃﻭﺍﻣﺭﻫﻡ ﺑﺎﻹﻧﺳﺣﺎﺏ ﻣﻥ ﺍﻟﺷﺎﺭﻉ ،ﺗﻣﻬﻳﺩﺍً ﻟﻁﺭﻳﻕ ﺗﻧﻔﻳﺫ ﺧﻁﺔ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﻭﺍﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﻳﻝ ﺣﻛﻭﻣﺔ ﺍﻧﺗﻘﺎﻟﻳﺔ ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ ﺍﻹﻋﺩﺍﺩ ﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻣﺟﻠﺱ ﺍﻟﺗﺄﺳﻳﺳﻲ ﻭﺍﻧﺗﺧﺎﺏ ﺭﺋﻳﺱ ﻟﻠﺟﻣﻬﻭﺭﻳﺔ ،ﻭﺑﺫﻟﻙ ﺗﻛﻭﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻗﺩ ﻭﺭّ ﺛﺕ ﺣﻛﻡ ﺗﻭﻧﺱ ﻟﻠﻌﻣﻼء ﺍﻟﺟﺩﺩ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻳﺭﺗﺿﻳﻬﻡ ﺍﻟﺷﻌﺏ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﺑﻌﺩ ﺗﺿﻠﻳﻝ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻟﻪ. ~ ~ 25
ﺍﻟﺛﻭﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺗﺿﻠﻳﻝ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﺇﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻣﺎﺭﺳﺕ ﻭﺗﻣﺎﺭﺱ ﺃﺧﻁﺭ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺗﺿﻠﻳﻝ ﺳﻳﺎﺳﻲ ﻟﻳﺱ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻓﺣﺳﺏ ﻭﺇﻧﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺧﺻﻭﺻﺎ ً ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺍﺷﺗﻌﻠﺕ ﻣﺎ ﺳُﻣﻲ ﺑـ"ﺍﻟﺛﻭﺭﺍﺕ" ﺑﺎﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﺍﺷﺗﻌﺎﻝ ﺍﻟﻧﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺷﻳﻡ ﺑﺳﺑﺏ ﺭﻏﺑﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﻳﺎﻏﺔ ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺣﺳﺏ ﺑﻣﺷﺭﻭﻋﻬﺎ. ﻭﺇﻥ ﻣﺎ ﺳﻣّﻲ ﺑـ" ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﺍﻟﺗﻭﻧﺳﻳﺔ" ،ﻗﺩ ﺃﻋﻁﻰ ﻷﻣﻳﺭﻛﺎ ﻓﺭﺻﺔ ﺳﺎﻧﺣﺔ ﺃﻛﺛﺭ ﻟﺳﻳﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺧﻁﺗﻬﺎ "ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﻓﻲ ﻛﻝ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻣﺎ ﻳﻔﺳﺭ ﺗﺻﺭﻳﺣﺎﺕ ﺍﻟﺳﻳﻧﺎﺗﻭﺭ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ "ﺟﻭﻥ ﻛﻳﺭﻱ" ﺭﺋﻳﺱ ﻟﺟﻧﺔ ﺍﻟﺷﺅﻭﻥ ﺍﻟﺧﺎﺭﺟﻳﺔ ﺁﻧﺫﺍﻙ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻝ ﻓﻳﻬﺎ ":ﺇﻥ ﻓﺭﺍﺭ ﺍﻟﺭﺋﻳﺱ ﺑﻥ ﻋﻠﻲ ﺳﺗﺗﺟﺎﻭﺯ ﺗﺩﺍﻋﻳﺎﺗﻪ ﺣﺩﻭﺩ ﺗﻭﻧﺱ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﻳﺿﻡ ﺷﻌﻭﺑﺎ ً ﻓﺗﻳﺔ ﺗﺗﻁﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ ﺧﺎﻝ ﻣﻥ ﺃﻱ ﻗﻣﻊ ﺳﻳﺎﺳﻲ ﻭﻓﺳﺎﺩ ﺍﻗﺗﺻﺎﺩﻱ". ﻓﻌﻠﻰ ﺿﻭء ﻣﺎ ﺣﺻﻝ ﻓﻲ ﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﻣﻥ ﺗﻁﻭﺭﺍﺕ ﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺃ ّﺩﺕ ﻟﺳﻘﻭﻁ ﺃﻧﻅﻣﺔ ،ﻭﻭﺟﻭﺩ ﻗﻼﻗﻝ ﻓﻲ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺍﻵﺧﺭ ،ﻭﺇﻅﻬﺎﺭ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺗﺭﻛﻳﺯﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ "ﺛﻭﺭﺓ" ﺍﻟﻧﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻫﻲ ﻟﻠﻣﻁﺎﻟﺑﺔ ﺑﺈﺣﺩﺍﺙ ﺗﻐﻳﻳﺭﺍﺕ ﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﻳﻊ ﻧﻭﺍﺣﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺍﻟﺗﻌﺩﺩﻳﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻭﺍﻟﺣﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻣﻁﻠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺗﺭﻳﺩﻩ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ،ﻭﺇﺑﺭﺍﺯ ﺃﻥ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺭﻳﺩ ﺇﺣﺩﺍﺛﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺗﻧﺳﺟﻡ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺭﻳﺩﻩ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺿﻣﻥ ﻣﺧﻁﻁﻬﺎ ﻟﺷﺭﻕ ﺃﻭﺳﻁ ﻛﺑﻳﺭ .ﻓﺄﻣﻳﺭﻛﺎ ﺣﺭﻳﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺭﺍﺯ ﺃﻥ ﺃﻫﻝ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻳﺭﻳﺩﻭﻥ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺍﻟﺗﻌﺩﺩﻳﺔ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺗﻌﺗﺑﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﻁﻠﺏ ﻫﻭ ﺍﻟﻣﻁﻠﺏ ﺍﻟﺷﺭﻋﻲ ﻭﺍﻟﻭﺣﻳﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺗﺳﺗﻁﻳﻊ ﻫﻲ ﻭﺍﻟﺩﻭﻝ ﺍﻟﻐﺭﺑﻳﺔ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻧﻪ ﻭﻋﻥ ﺃﺻﺣﺎﺑﻪ ﻭﻟﻭ ﺃ ّﺩﻯ ﺫﻟﻙ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻛﻝ ﻣﺎ ﺗﻣﻠﻛﻪ ﻣﻥ ﻗﻭّ ﺓ. ﺃﻱ ﺃﻥ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻋﻣﻠﺕ ﻭﺗﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﻳﺫ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺑﺣﻳﺙ ﺗﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻣﻁﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ. ~ ~ 26
ﻟﻘﺩ ﺑﺎﺕ ﻣﻥ ﺍﻟﻭﺍﺿﺢ ﺟﺩﺍً ﻭﻣﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﺩﻧﻰ ﺷﻙ ﺃﻥ ﺍﻻﺣﺗﺟﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻭﺍﻟﺗﻲ ﺣﺻﻠﺕ ﻓﻲ ﺃﻛﺛﺭ ﻣﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻥ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻟﻡ ﺗﻛﻥ ﻋﻔﻭﻳﺔ ،ﻭﺇﻧﻣﺎ ﺗﻡ ﺍﻟﺗﺭﺗﻳﺏ ﺍﻟﻣﺳﺑﻕ ﻟﻬﺎ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺗﺭﻭﻳﺽ ﺍﻻﺣﺗﺟﺎﺟﺎﺕ ﻭﺗﻭﺟﻳﻬﻬﺎ ﺑﺎﺳﺗﺧﺩﺍﻡ ﻋﺩﺓ ﻭﺳﺎﺋﻝ ﻭﺃﺳﺎﻟﻳﺏ ﺣﺩﻳﺛﺔ ﻭﻣﺗﻁﻭّ ﺭﺓ ﺟﺩﺍً ﻣﻥ ﻣﺛﻝ ﺍﻟﻔﺿﺎﺋﻳﺎﺕ _ﻗﻧﺎﺓ ﺍﻟﺟﺯﻳﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ_... ﻭﺍﻹﻧﺗﺭﻧﺕ ﻭﺍﻟﻣﺟﻼﺕ ﻭﺍﻟﺻﺣﻑ ﺍﻟﻳﻭﻣﻳﺔ ﻭﺍﻷﺳﺑﻭﻋﻳﺔ ،ﻭﺗﺣﺭﻳﻙ ﻋﻣﻼﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺷﺎﺭﻉ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻗﺎﺩﻭﺍ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻣﻳﺩﺍﻧﻳﺎً ،ﻭﺑﻌﺽ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎء ﻭﺍﻟﺩﻋﺎﺓ ﻭﺍﻟﺣﺭﻛﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺯﺍﺏ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟـﺔ" ﻭﺍﻟﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﻭﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺟﻳﻭﺵ ،ﻭﺷﺧﺻﻳﺎﺕ ﺻﻬﻳﻭﻧﻳﺔ ﻣﻌﺭﻭﻓﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻡ "ﺑﺭﻧﺎﺭﺩ ﻫﻧﺭﻱ ﻟﻳﻔﻲ" ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﻛﺭﺗﻧﺎ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺧﺑﻳﺙ ﻟـ"ﻟﻭﺭﺍﻧﺱ ﺍﻟﻌﺭﺏ" ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺣﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ. ﺇﻧﻪ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺅﺳﻑ ﺟﺩﺍً ﺃﻥ ﻏﺎﻟﺑﻳﺔ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﺗﻌﺗﻘﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺟﺭﻯ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻭﻏﻳﺭﻫﺎ "ﺛﻭﺭﺓ" ،ﻣﻥ ﺟﺭﺍء ﺍﻟﻣﺳﺦ ﺍﻟﻔﻛﺭﻱ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻣﻭﺭﺱ ﻋﻠﻳﻬﻡ ﻁﻳﻠﺔ ﻋﻘﻭﺩ ،ﻭﻟﻡ ﺗﺩﺭﻙ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻧﺟﺯﻩ ﺍﻟﺷﻌﺏ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻣﺛﻼً ﺍﻧﺗﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺑﻳﺔ ﻗﻭﻳﺔ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻊ ﺍﻟﻁﺎﻏﻳﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻳﻧﻔﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻟﻭﻻ ﺍﺟﺗﻣﺎﻉ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺷﻌﺏ ﻭﺗﺧﻠﻲ ﺍﻟﺳﻧﺩ ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ ﻋﻧﻪ ،ﻭﺍﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺃﻥ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺍﻟﺗﺿﻠﻳﻝ ﻟﻡ ﺗﻧﻁﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺛﺭﻳﺔ ﺍﻟﺷﻌﺏ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻓﺣﺳﺏ ﻭﺇﻧﻣﺎ ﻁﺎﻟﺕ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﻳﻥ ﻭﺍﻟﻣﻔﻛﺭﻳﻥ ﻭﺍﻷﺣﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺣﺭﻛﺎﺕ ،ﻓﻠﻡ ﺗﺗﻣﻛﻥ ﻣﻥ ﺭﺑﻁ ﻣﺎ ﻳﺳﻣﻰ ﺑـ"ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ﺑـ"ﻣﺷﺭﻭﻉ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﺍﻷﻣﻳﺭﻛﻲ. ﻓﺄﻣﻳﺭﻛﺎ ﺍﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺑﺔ ﺍﻟﻛﻠﻣﺔ ﻭﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺗﻌﻣﻝ ﻣﻧﺫ ﺃﻥ ﺍﻧﻔﺭﺩﺕ ﺑﺈﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻣﻭﻗﻑ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺻﻳﺎﻏﺔ ﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺑﻣﺎ ﻳﺭﻛﺯ ﻧﻔﻭﺫﻫﺎ ﻭﻳﺑﻌﺩ ﺷﺑﺢ ﺍﻧﻌﺗﺎﻕ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻣﻥ ﺳﻳﻁﺭﺗﻬﺎ ﺑﻌﺩﻣﺎ ﺃﺻﺑﺢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺗﺣﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ ﻭﻳﻬﺩﺩ ﺍﻟﻧﻅﻡ ﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺍﺳﺗﻬﻠﻛﺕ ﻭﺃﺿﺣﺕ ﻋﺑﺋﺎ ً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻭﺧﻁﺭﺍً ﻳﻬﺩﺩ ﻣﺻﺎﻟﺣﻪ.
~ ~ 27
ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺗﺳﺗﺩﺭﺝ ﻧﺣﻭ ﻛﻣﻳﻥ ﻣﺣﻛﻡ ﻋﻧﻭﺍﻧﻪ "ﺧﻠﻕ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﻭﺇﺩﺍﺭﺗﻬﺎ" ﻋﺑﺭ ﻣﺧﻁﻁﺎﺕ ﻣﺎ ﺳُﻣﻲ ﺑـ"ﺍﻟﺭﺑﻳﻊ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ" ﻭ"ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﺍﻟﻠﺫﺍﻥ ﻳﻣﺛﻼﻥ ﻭﺟﻬﺎﻥ ﻟﻌﻣﻠﺔ ﻭﺍﺣﺩﺓ ،ﻓﻬﻲ ﻣﺳﺗﻬﺩﻓﺔ ﻹﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻥ ﺍﻟﺗﺧﺑﻁ ﺍﻟﺩﺍﺋﻡ ﻷﺟﻳﺎﻝ ﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ﻣﻥ ﻣﺭﺣﻠﺔ ﺍﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﺍﻟﻣﺑﺎﺷﺭ ﻣﺭﻭﺭﺍً ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﻣﺎﺭ ﻏﻳﺭ ﺍﻟﻣﺑﺎﺷﺭ ﻭﺍﻟﺩﻳﻛﺗﺎﺗﻭﺭﻳﺎﺕ ﻭﻭﺻﻭﻻً ﺇﻟﻰ ﺣﻛﻭﻣﺎﺕ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻟﻳﻥ" ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺗﺭﻛﻭﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺭﺍء ﻅﻬﻭﺭﻫﻡ ﻭﺍﻟﺗﺯﻣﻭﺍ ﺑﻌﺩﻡ ﺗﻁﺑﻳﻘﻪ ﻭﺍﻟﺳﻳﺭ ﻗﺩﻣﺎ ً ﻓﻲ ﺗﺭﻛﻳﺯ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻳﺔ ﺗﺣﺕ ﻏﻁﺎء ﻓﺭﻳﺔ "ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻣﻌﺗﺩﻝ".
ﺍﻟﻣﻧﻌﻁﻑ ﺍﻟﺧﻁﺭ ﺇﻥ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻭﻗﺩ ﺗﺻﺎﻋﺩ ﻓﻳﻬﺎ ﺃﺛﺭ ﺍﻟﻣﻔﺎﻫﻳﻡ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ، ﻭﺍﺭﺗﻔﻌﺕ ﻓﻳﻬﺎ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻻﺳﺗﺋﻧﺎﻑ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺑﺗﻁﺑﻳﻕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ، ﺗﻣﺭّ ﺑﻣﻧﻌﻁﻑ ﺗﺎﺭﻳﺧﻲ ﺧﻁﻳﺭ ﻭﻣﺭﺣﻠﺔ ﺩﻗﻳﻘﺔ ﻣﻥ ﻣﺭﺍﺣﻝ ﺗﻛﻭﻳﻧﻬﺎ ﻣﻬﺩﺩﺓ ﺑﺎﻻﺗﺟﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻔﻛﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﺎﺫﺑﻬﺎ ﻣﻥ ﻫﻧﺎ ﻭﻫﻧﺎﻙ ،ﻭﺍﻷﺟﻧﺩﺍﺕ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﺍﻟﻭﺍﻓﺩﺓ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻭﻣﺣﺎﻭﻻﺕ ﻗﻁﻊ ﺻﻼﺗﻬﺎ ﺑﺗﺎﺭﻳﺧﻬﺎ ﻭﺣﺿﺎﺭﺗﻬﺎ ،ﻛﻲ ﺗﻁﻭّ ﻉ ﻟﻣﺷﺭﻭﻉ "ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ" ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺗﺳﻊ ﻷﻛﺛﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﺍﻷﻭﺳﻁ ﻧﻔﺳﻪ ﻣﺎ ﻋﺩﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺻﺣﻳﺢ ﻭﺣﻣﻠﺔ ﺩﻋﻭﺗﻪ ﺍﻟﻣﺑﺩﺋﻳﻳﻥ .ﻭﻫﺫﺍ ﻣﺎ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﺗﻌﻳﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﺿﻊ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ﺃﺟﻧﺩﺗﻬﺎ ﺍﻟﺫﺍﺗﻳﺔ ﻟﻠﻧﻬﻭﺽ ﻋﻭﺽ ﺃﻥ ﺗﺳﺗﺑﺿﻊ ﻣﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻧﻅﺎﻡ ﺣﻳﺎﺗﻬﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺗﻛﺗﻧﺯ ﻓﻲ ﻣﻭﺭﻭﺛﻬﺎ ﺍﻟﻔﻛﺭﻱ ﻭﺍﻟﺗﺷﺭﻳﻌﻲ ﻭﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺣﺿﺎﺭﻱ ﻣﺎ ﻳﻣ ّﻛﻧﻬﺎ ﻣﻥ ﺍﻟﻧﻬﻭﺽ ﻣﻥ ﻛﺑﻭﺗﻬﺎ ﻣﻬﻣﺎ ﺗﺩﺍﻋﺕ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺍﻟﺧﻁﻭﺏ ﻭﺗﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻰ ﻗﻳﺎﺩﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﻣﻼء ﻭﺍﻟﺧﻭﻧﺔ. ﺇﻥ ﺍﻟﺗﺧﻠﺹ ﻣﻥ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﺍﻟﻌﻔﻧﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﻭﺣﻝ ﺍﻟﺧﻳﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻌﻣﺎﻟﺔ ﻟﻸﺟﻧﺑﻲ ،ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻧﻅﺎﻡ ﺍﻟﻣﻘﺑﻭﺭ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ،ﺇﻧﻣﺎ ﺗﻛﻭﻥ ﺑﺎﻧﻘﻳﺎﺩ ﺍﻷﻣﺔ ﻟﻣﺭﺟﻌﻳﺗﻬﺎ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﻭﻫﻲ ~ ~ 28
ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺗﻘﻭﻡ ﺍﻟﺛﻠﺔ ﺍﻟﻭﺍﻋﻳﺔ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣﻝ ﺍﻟﺟﺎﺩ ﻭﺍﻟﻣﻧﺗﺞ ﻣﻊ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﻳﻥ ﻣﻥ ﺃﺑﻧﺎء ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﻣﺅﺛﺭﻳﻥ ﻓﻳﻬﺎ ﻟﺗﺣﻘﻳﻕ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﻻ ﺑﺩ ﺃﻥ ﻳﻛﻭﻥ ﺫﻟﻙ ﻣﻼﺯﻣﺎ ً ﻟﻭﻋﻲ ﺣﻘﻳﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻛﻔﺭ ﻭﻗﺩﺭﺍﺗﻬﺎ ﻭﻛﻳﻔﻳﺔ ﻣﻭﺍﺟﻬﺗﻬﺎ ﻭﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﻛﻝ ﺃﺩﻭﺍﺗﻬﺎ ﺑﻛﺷﻑ ﺃﻻﻋﻳﺑﻬﻡ ﻭﺗﺂﻣﺭﻫﻡ ﻭﻓﺿﺢ ﺃﺩﻭﺍﺗﻬﻡ ،ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻟﻥ ﺗﺳﺗﻘﺭّ ﻟﺻﺎﻟﺢ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺗﻐﻳﻳﺭ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﺔ. ﻭﻋﻠﻳﻪ ﻓﺈﻥ ﻣﻣﺎ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﺗﺗﻭﺟﻪ ﺇﻟﻳﻪ ﺃﻧﻅﺎﺭ ﺃﺑﻧﺎء ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻣﺧﻠﺻﻳﻥ ﻓﻲ ﺗﻭﻧﺱ ﻭﻏﻳﺭﻫﺎ ﻣﻥ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺃﻥ ﻋﻼﺝ ﺇﺳﺎءﺍﺕ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﻭﺟﻭﺭﻫﺎ ﻟﻥ ﻳﺗﺄﺗﻰ ﺑﺈﻋﻼﻥ ﺍﻟﻛﻔﺎﺡ ﺍﻟﻣﺳﻠﺢ ،ﻭﺇﻧﻣﺎ ﻳﻛﻭﻥ ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﻳﺭ ﺍﻟﻭﺍﻋﻲ ﻭﺍﻟﺟﺩﻱ ﻓﻲ ﻛﻳﻔﻳﺔ ﻗﻠﻊ ﺗﻠﻙ ﺍﻷﻧﻅﻣﺔ ﻭﺍﻟﺗﺧﻠﺹ ﻣﻧﻬﺎ ﻧﻬﺎﺋﻳﺎ ً.
ﺻﻌﻳﺩ ﺍﻟﻣﻌﺭﻛﺔ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﺗﻌﻳﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺻﻌﻳﺩ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﺑﻳﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻛﻔﺭ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺧﻁﻳﺭﺓ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ ﺃﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﻋﻣﻼﺅﻫﺎ ﻭﺣﻠﻔﺎﺅﻫﺎ ﻓﺭﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻭﺏ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﻫﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻥ ﺣﻠﻘﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﻓﻲ ﻣﻌﺭﻛﺔ ﻗﺩﻳﻣﺔ ﻟﻡ ﺗﺣﺳﻡ ﺑﻌﺩ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺣﻣﻠﺔ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼء ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺃﻥ ﻳﺩﺭﻛﻭﺍ ﺧﻁﻭﺭﺓ ﻣﺳﺅﻭﻟﻳﺗﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﺻﺩﻱ ﻷﻣﻳﺭﻛﺎ ﻭﻋﻣﻼﺋﻬﺎ ﻭﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﺳﺩﺍً ﻣﻧﻳﻌﺎ ً ﺃﻣﺎﻡ ﻛﻝ ﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎﻙ ﺿﺩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ. ﻭﻋﻠﻳﻬﻡ ﺃﻥ ﻳﻛﻭﻧﻭﺍ ﺣﺫﺭﻳﻥ ﻣﻥ ﺃﻥ ﻳﺟﺭّ ﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺳﺎﺣﺎﺕ ﺟﺎﻧﺑﻳﺔ ﻣﻥ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ؛ ﻷﻥ ﺃﻱ ﺍﻟﺗﻔﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺇﻧﻣﺎ ﻫﻭ ﻫﺩﺭ ﻟﻠﺟﻬﻭﺩ ﻭﺍﻟﻁﺎﻗﺎﺕ ﻣﻥ ﻏﻳﺭ ﻁﺎﺋﻝ ،ﻓﻣﻌﺭﻛﺗﻧﺎ ﻻ ﻳﺻﺢ ﺃﻥ ﺗﻧﺣﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﻫﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﺍﻟﻣﺫﻫﺑﻲ ،ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﻣﻊ ﺍﻟﺗﻧﻅﻳﻣﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺟﻣﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺟﺎﺋﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺳﻠﻁﺔ ،ﻓﺫﻟﻙ ﻟﻳﺱ ﺻﻌﻳﺩﺍً ﻟﻠﺻﺭﺍﻉ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻲ، ~ ~ 29
ﻭﺇﻧﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﻠﻬﺎﺓ ﻋﻧﻪ .ﻓﺎﻟﺻﺭﺍﻉ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﺗﻔﻬﻣﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﺧﻭﺿﻪ ﻭﺑﺟﺎﻧﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻼء ﻭﺍﻟﻣﺅﺛﺭﻳﻥ ﻣﻥ ﺃﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﺑﻳﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻛﻔﺭ. ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﺑﻭﺻﻔﻪ ﻣﺑﺩﺃ؛ ﺃﻱ ﺑﻭﺻﻔﻪ ﻋﻘﻳﺩﺓ ﻋﻘﻠﻳﺔ ﻳﻧﺑﺛﻕ ﻋﻧﻬﺎ ﻧﻅﺎﻡ ﺷﺎﻣﻝ ﻟﺟﻣﻳﻊ ﻧﻭﺍﺣﻲ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ،ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺫ ﻣﻭﻗﻌﻪ ﻓﻲ ﺣﻠﺑﺔ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﻓﻲ ﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻛﻔﺭ ﺍﻟﻣﺗﻣﺛﻝ ﺑﺎﻟﻣﺑﺩﺃ ﺍﻟﻠﻳﺑﺭﺍﻟﻲ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺭﺃﺳﻣﺎﻟﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﻌﺗﻧﻘﻪ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ ،ﻭﺍﻷﻣﺔ ﺑﻭﺻﻔﻬﺎ ﺃﻣﺔ ﺇﺳﻼﻣﻳﺔ ﻭﺑﻭﺻﻔﻬﺎ ﻛﻳﺎﻧﺎ ً ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﺗﺩﺧﻝ ﺣﻠﺑﺔ ﺍﻟﺻﺭﺍﻉ ﻓﻲ ﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺩﻭّ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﻘﻑ ﺣﺎﺋﻼً ﺩﻭﻥ ﺗﻁﺑﻳﻕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻓﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﺗﺩﺭﻙ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻣﺟﻣﻭﻋﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭّ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺗﺭﺑﺹ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﺍﺋﺭ ﻫﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﻛﺎﻓﺭ .ﻓﻌﻠﻰ ﺣﻣﻠﺔ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺇﻓﻬﺎﻡ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺟﻭﺯ ﻷﻱ ﻣﺳﻠﻡ ﻳﺷﻬﺩ "ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﷲ ﻭﺃﻥ ﻣﺣﻣﺩﺍ ﺭﺳﻭﻝ ﷲ" ﺍﺗﺧﺎﺫ ﻣﻭﻗﻑ ﺍﻟﺣﻳﺎﺩ ﻣﻥ ﻣﻌﺭﻛﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﻛﻔﺭ ،ﺑﻝ ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﺗﺗﺧﺫ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻛﻝ ﻣﺳﻠﻡ ﻣﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﺩﺍء ﻣﻥ ﺍﻟﻛﻔﺭ ﻭﺍﻟﻛﻔﺎﺭ ﻭﺃﻋﻭﺍﻧﻬﻡ ،ﻗﺎﻝ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ":ﺇﻥّ ﺍﻟﺷﻳﻁﺎﻥ ﻟﻛﻡ ﻋﺩﻭّ ﻓﺎﺗﺧﺫﻭﻩ ﻋﺩﻭّ ﺍ". ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﻛﺎﻓﺭ ﻭﺃﻋﻭﺍﻧﻪ ﻭﺃﺫﻧﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﻣﺿﺑﻭﻋﻳﻥ ﺑﺛﻘﺎﻓﺗﻪ ﻳﺳﻭّ ﻗﻭﻥ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻧﻅﺎﻡ ﺣﻛﻡ ﻻ ﻳﺗﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﺍﻟﺷﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﺇﻋﻁﺎء ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺣﻕ ﺍﺧﺗﻳﺎﺭ ﺍﻟﺣﺎﻛﻡ ﻭﺣﻕ ﻣﺣﺎﺳﺑﺗﻪ ،ﻭﺃﻥ ﻻ ﺑﺩﻳﻝ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﺳﻭﻯ ﺍﻟﻘﻣﻊ ﻭﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩ. ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺭﻭّ ﺟﻭﻧﻪ ﻣﻥ ﺃﻧﻪ ﺇﻣﺎ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ ﻭﺇﻣﺎ ﺍﻻﺳﺗﺑﺩﺍﺩ ،ﺇﻧﻣﺎ ﻫﻭ ﻗﺳﻣﺔ ﺿﻳﺯﻯ ،ﻓﺈﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﻁﺭﻳﻘﺎ ً ﻣﺳﺗﻘﻳﻣﺎ ً ﻏﻳﺭ ﺫﻱ ﻋﻭﺝ ﻣﺑﺎﻳﻥ ﻟﻬﺫﻳﻥ ﺍﻟﻁﺭﻳﻘﻳﻥ ﻛﻝ ﺍﻟﻣﺑﺎﻳﻧﺔ ﻭﻫﻭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻘﻳﺩﺓ ﻭﻧﻅﺎﻣﺎ ً ﻳﻧﺑﺛﻕ ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻟﺞ ﺟﻣﻳﻊ ﻣﺷﺎﻛﻝ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻟﺕ ﻋﻠﻳﻪ ﺍﻟﻧﺻﻭﺹ ﺍﻟﺷﺭﻋﻳﺔ ﻭﻁﺑّﻘﻪ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻭﻥ ﻁﻳﻠﺔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﺷﺭ ﻗﺭﻧﺎ ً ﻣﻥ ﺍﻟﺯﻣﻥ ﺗﺣﺕ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺧﻼﻓﺔ ،ﻗﺎﻝ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ":ﻭﺃﻥّ ﻫﺫﺍ ﺻﺭﺍﻁﻲ ﻣﺳﺗﻘﻳﻣﺎ ﻓﺎّﺗﺑﻌﻭﻩ ﻭﻻ ﺗﺗﺑﻌﻭﺍ ﺍﻟﺳّﺑﻝ ﻓﺗﻔﺭّ ﻕ ﺑﻛﻡ ﻋﻥ ﺳﺑﻳﻠﻪ" ~ ~ 30
ﻓﻬﺫﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻣﻌﺭﻛﺔ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻣﻌﺭﻛﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻛﻔﺭ ،ﻓﻬﻝ ﺗﻛﻭﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺃﺑﻧﺎﺅﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻭﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺗﺣ ّﺩﻱ. ﻭﺍﻟﺧﺩﻳﻌﺔ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ ﻟﻸﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﺗﺣﻭﻝ ﻋﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺻﺣﻳﺣﺔ ﻭﺍﻟﺗﻲ ﻳﻔﺭﺿﻬﺎ ﺍﻟﺷﺭﻉ ﺍﻟﺣﻧﻳﻑ ﻭﺍﻟﺗﻲ ﺗﺗﻠﺧﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻻﺳﺗﺋﻧﺎﻑ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺧﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺑﻭﻝ ﻭﺻﻭﻝ "ﺍﻹﺳﻼﻣﻳﻳﻥ" ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺣﻛﻡ ﻭﻟﻛﻥ ﻣﻥ ﺩﻭﻥ ﺇﻳﺻﺎﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ. ﻭﺇﻥ ﺗﻧﺑﻪ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺳﻌﻰ ﺍﻟﻛﻔﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺗﺿﻠﻳﻠﻬﻡ ﺑﻪ ﻟﺣﺭﻓﻬﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺻﺣﻳﺣﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﻳﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻳﻬﻡ ﺗﻘﺻﺩﻫﺎ ،ﻭﻭﻋﻳﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻛﻳﺩﻩ ﻟﻬﻡ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻛﻔﺭ ،ﺇﻧﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﻘﺩﻣﺔ ﻷﺑﻁﺎﻝ ﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻛﻔﺎﺭ ،ﻭﺳﻳﺭﺍً ﻧﺣﻭ ﺑﻧﺎء ﺍﻟﻛﻳﺎﻥ ﺍﻟﻣﻧﺷﻭﺩ "ﺍﻟﺧﻼﻓﺔ" ﺍﻟﺗﻲ ﺳﺗﺧﻠﺹ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ ﺑﺷﻛﻝ ﺣﻘﻳﻘﻲ ﻣﻥ ﻭﺍﻗﻌﻬﻡ ﺍﻟﻣﺅﻟﻡ ،ﻭﺗﺧﻠﺻﻬﻡ ﻗﺑﻝ ﺫﻟﻙ ﻣﻥ ﻏﺿﺏ ﷲ ﺑﺎﻟﺗﻧﻛﺏ ﻋﻥ ﺣﻣﻝ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻹﺧﺭﺍﺟﻪ ﻣﻥ ﺍﻟﻅﻠﻣﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻧﻭﺭ. ﻭﻟﻠﺭﺳﻭﻝ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﺎﻛﻡ ﻟﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ":ﻳﺎ ﺃ ّﻳ ﺍﻟّﺫﻳﻥ ﺁﻣﻧﻭﺍ ﺍ ﺳﺗﺟﻳﺑﻭﺍ ہﻠﻟ ّ ﻳﺣﻳﻳﻛﻡ" ﺻﺩﻕ ﷲ ﺍﻟﻌﻅﻳﻡ ﻏﺭﺓ ﺻﻔﺭ1434/ﻫـ
ﺣﺯﺏ ﺍﻟﺗﺣﺭﻳﺭ
2012/12/13ﻡ
ﺗﻭﻧﺱ www.hizbuttahrir.org
~ ~ 31