THE MAJALLA
13
Digital Edition
املقال السياسي
تكريس اإلخفاق
لماذا العقوبات االقتصادية غير موجودة؟ أندريس كاال لكي يكون للعقوبات ت�أثري حقيقي يتعني �أن تكون يف تنوعها وتباينها متاما مثل الدول التي تطبق عليها .وحماولة فر�ض العقوبات بطريقة عامة ومقولبة ي�ؤدي �إىل ظهور امل�شاكل على جميع الأ�صعدة وينتج عنه باطراد حلول هي �أبعد ماتكون عن �إر�ضاء �أي طرف.
في الوقت الذي تدرس الدول الغربية فيه ما إذا كانت ستقوم بتشديد العقوبات على إيران ،يكون من املفيد أن نفهم حقيقة مثل هذه اإلجراءات العقابية. بوجه عام ،العقوبات هي عبارة عن مجموعة من القيود التجارية واملالية تفرضها دولة أو عدة دول من أجل الضغط على قادة الدول املستهدفة كي يغيروا من سياساتهم .فهي نوع من فرض القوة، سواء عن حق أو غير حق ،وقد وصفها السكرتير العام السابق لألمم املتحدة كوفي عنان بأنها “ أداة مكشوفة بل وتؤدي إلى نتائج عكسية”. والميكن وضع كل أنواع العقوبات في سلة واحدة نظرا ألن لها ضروبا عديدة تختلف اختالف الدول التي تربو على 185دولة والتي طالتها العقوبات منذ احلرب العاملية األولى .إال أن هذا المينع وجود بعض القواسم املشتركة. بادئ ذي بدء ثمة عنصر قوي ذات صلة بالسياسة الداخلية تستغله الدول الفارضة للعقوبات حيث ترقى هذه العقوبات إلى أن تكون حال وسطا بني مجرد التذمر السلبي والعمل العسكري .وبعبارة أخرى،فهي طريقة مثلى إلقناع مواطني الدول التي تقوم بفرض العقوبات بأن حكوماتهم ليست مستكينة وأن ثمة إجراء ما يتم اتخاذه. وعندما يكون هنالك إجماع أخالقي على الصعيد العاملي ،كما كان احلال في جنوب إفريقيا فيما يتعلق بالتفرقة العنصرية ،و في يوغوسالفيا فيما يتعلق باإلبادة اجلماعية ،فإن العقوبات تكون مفيدة نظرا لسهولة فرضها.ولكن املشكلة تظهر حينما تكون العقوبات وراءها دوافع سياسية حتركها مع تراخ في اإلجماع العاملي ،كما هو احلال في معظم العقوبات األخرى. وعلى سبيل املثال ،تعد العراق أحد األمثلة على هذا النوع من الشقاء .فعلى مدى ثالث عشرة عاما، تعرض العراقيون لعقوبات فادحة فرضها عليهم اجملتمع الدولي دون أن ينجحوا في حتقيق هدفهم املتمثل في إقصاء صدام عن السلطة .وحاليا ،فلنتأمل حالة كوريا الشمالية وبورما .وميكن القول باطمئنان أن العقوبات اجلماعية قد مت التشكيك في جدواها على نطاق واسع ألنها التؤدي إال إلى تقوية شوكة القادة الذين تستهدفهم العقوبات ،بينما تعزز املشاعر القومية .وفي نهاية املطاف فإنها تؤدي أيضا إلى تقويض الطبقات الوسطى في الدولة التي تفرض عليها العقوبات والذين تكون احلاجة إليهم ماسة من أجل حتقيق أي إصالح سياسي. واالجتاه احلديث في عالم العقوبات هو العقوبات املوجهة والتي تستهدف احلكام وحاشياتهم من خالل فرض قيود مالية وعسكرية وكذلك على تنقالتهم مع احلد من تأثير العقوبات على سكان الدولة .وقد ثبت أن هذا النوع من العقوبات يتسم بأنه أكثر فاعلية وأكثر مقبولية من الناحيتني السياسية واألخالقية ،إال أن جناحها يتوقف على مدى تأثيرها النهائي على احلكام .وعادة اليكون التأثير كبيرا .ولنأخذ مثاال بزميبابوي وكوبا للتدليل على مثل هذه اإلخفاقات ،بالرغم مما حققته العقوبات من جناح أكبر في يوغوسالفيا السابقة. ولكي تكون العقوبات فاعلة ،فإنها يجب أن تكون قادرة على مقاومة الضغوط .وهذا اليتطلب فقط احلصول على إجماع مطلق داخل مجلس األمن ،وهو في حد ذاته أمر يصعب حتقيقه .فهي تتطلب التزاما دوليا وهو مايعني الدعم الذي يساعد على حتقيق أي هدف مت حتديده ،سواء كان هذا الهدف هو قلب نظام أو سحب قوات من بلد ما .وإذا لم يتم ذلك يصبح من السهل التحايل على العقوبات وميكن أن تأتي بنتائج عكسية. وهنا نأتي إلى قضية الشرق األوسط واجلدال املتجدد حول ما إذا كان سيتم فرض املزيد من عقوبات استعراض القوة على إيران. وفي لبنان ،لم تأت العقوبات بثمار مرجوة نتيجة انعدام اإلجماع .ففي عام 1982صدر قرار عن األمم املتحدة يدعو إلى احترام سيادة لبنان في إشارة إلى إسرائيل ،إال أنه لم يتم إنفاذه على اإلطالق ولم يسفر عن فرض أية عقوبات على تل أبيب ،التي على العكس من ذلك شهدت تدفق املساعدات العسكرية لها مبقدار أربعة أضعاف .ومع ذلك مت استخدام نفس القرار لتبرير العقوبات األمريكية على سوريا والتي مازالت سارية. ومثل هذه العقوبات الشاملة التي حتكمها دوافع سياسية تتميز بأنها تسفر عن نتائج معاكسة. وقد كان للعقوبات املوجهة إلى سوريا سجل حافل باالنقسامات نتيجة غياب اإلجماع الدولي .فقد
44
اجمللة
قامت الواليات املتحدة بفرض اجلولة األولى من العقوبات في عام 2003ولكن لم تستشعر دمشق حدة العقوبات إال في عام 2005حينما شارك فيها اجملتمع الدولي .فقد ظلت سوريا غير قادرة على النهوض من عثرتها االقتصادية في عام ،2004حتى قبل أن يتم فرض العقوبات الصارمة ألول مرة. والسبب الذي جعل سوريا أكثر تأثرا بالعقوبات هو أن الواليات املتحدة تعد شريكها التجاري األول. كما أن الواليات املتحدة مازالت تسيطر على ماقيمته 20بليون دوالرا من عوائد البترول السرية اجملمدة لسوريا .وفي هذا العام ،أعلنت دمشق أن أي تقارب مع الواليات املتحدة ،والذي يبدو وشيكا اآلن بعد أن قرر الرئيس باراك أوباما إرسال سفيره إلى سوريا ،ينبغي أن يتضمن رفع العقوبات. وما كان من األزمة االقتصادية الراهنة إال أن أدت إلى تدهور الوضع في سوريا .وحتى خالل هذه األزمة، استطاعت سوريا احلصول على متنفس لها من روسيا ،التي أقامت صالت تاريخية عسكرية مع دمشق والصني ودول اخلليج وإيران ودول أسيوية أخرى .وقد تزايد حجم التجارة السورية حتى مع االحتاد األوروبي خالل معظم هذا العقد ،وإن مت ذلك مبعدل بطيء. وتعد ليبيا مثاال واضحا على الكيفية التي ميكن أن تسفر من خاللها العقوبات عن نتائج عكسية. فبعد عقد من اخلضوع لعقوبات صارمة حتت إشراف األمم املتحدة من جراء دورها في تفجير لوكيربي، وافقت ليبيا على دفع تعويضات للضحايا.وقد استمرت العقوبات األمريكية ألكثر من ربع قرن حتى عام 2004بعد أن قررت ليبيا التخلي عن أسلحة الدمار الشامل ودعم اإلرهاب. إال أن معمر القذافي قائد براجماتي وله القدرة على الصمود أمام العواصف ،من بني صفات أخرى يتمتع بها .فعلى أرض الواقع ،ظلت شركات البترول الغربية تواصل نشاطها في ليبيا قبل وقت طويل من رفع العقوبات .وقد جاء التحول اجلذري في سياسته بعد أن أدرك أن البترول ،الذي يعد املصدر الوحيد للدخل بالنسبة لدولته ،لن يكون قادرا على دعم اقتصاد هذا البلد دون استثمار دولي. ولكن ماذا عن إيران ،خاصة بعد ازدياد تأزم الوضع في أعقاب االضطرابات التالية لالنتخابات؟ فلقد حتملت إيران العقوبات األمريكية على مدى عقود وجنحت في أن تخرج قوية ولم تكتف بتطوير برنامجها النووي ،بل طورت برنامجا فضائيا قويا وقدرة عسكرية ذاتية .وهذا يعني أن إيران أكثر قدرة على النهوض بينما جرحها ينزف .ومع ذلك ،فإن العقوبات قد أدت إلى تقوية املركز السياسي للنظام بشكل ملحوظ مما نتج عنه اتساع نطاق نفوذه في منطقة الشرق األوسط ،من العراق إلى غزة وحتى سوريا .وفي حقيقة األمر ،فكلما أحكم الغرب قبضته كلما وجد آيات اهلل مزيدا من املنافذ لإلضرار باملصالح الغربية. وحتى اآلن ،مت توجيه العقوبات الصادرة عن األمم املتحدة وصياغتها بشكل يسمح بوجود عدة ثغرات التزال جتعل من املمكن الدخول في نشاط جتاري مع إيران ،كما يتضح من معدل التجارة املتزايد مع أوروبا ودول اخلليج في السنوات القليلة املاضية .وفي نفس الوقت ،فإن اجلهود الغربية تفتقر إلى اإلجماع .فقد حازت إيران قصب السبق على الصعيد األخالقي حتى خالل االنتفاضة الشعبية األخيرة هناك. ولبعض الوقت ،فقد مألت روسيا والصني الفراغ الذي تركته الشركات األوروبية ،حيث ازدادت التجارة الثنائية مع الصني ،على سبيل املثال ،مبقدار حوالي % 40سنويا خالل العقد األخير. لذا فهل ستجدي العقوبات مع إيران؟ اجلواب بالنفي .فهي على النقيض من ذلك ستزيد من تعنت النظام وتساعده على إخماد أي فتنة داخلية وستفتح أبوابا جديدة أمام آسيا وروسيا .وفوق هذا كله، فإنها لن حتقق الكثير .وسبيل اخلروج من هذا املستنقع هو في يد أوباما .ويبدو أن السبيل الوحيد إلحراز تقدم هو احتواء اجلمهورية اإلسالمية ،اللهم إال إذا كان الغرب يبيت النية ملواجهة عسكرية مع إيران ،مما سيؤدي إلى تعطيل نواياه على أية حال .وهذا هو مافعله نيكسون مع الصني .فقد استغرق األمر ثالثة عقود .إال أن الصني قد انصهرت متاما في النظام العوملي ،أي أنها لم تعد متثل مصدر تهديد ،برغم ترسانتها النووية.وتبقى اإلستراتيجية الوحيدة التي لم يتم جتريبها بعد هي سياسة الضم والتفاوض إليجاد طريق خارج نفق العقوبات العقيمة.
أندريس كاال -صحفي مستقل مقيم مبدريد ومتخصص في العلوم السياسية في منطقة الشرق األوسط وأوروبا ،فضال عن قضايا الطاقة العاملية .ويكتب بشكل منتظم في صحيفة “نيويورك تاميز”.
سيكون الزعماء الدينيني متحدين؟ ال أعرف اإلجابة كما أظن أنه ال يعرفها أحد غيري.
كيسينجر :األمر املهم بعد االنتصار العسكري هو التعامل مع األمة املهزومة بطريقة كرمية.
س :يبدو أنك متشكك جداً.
س :وهذا يعني عدم إخضاع األمة املهزومة؟
كيسينجر :أرى احتمالني ،إما أن نتوصل إلى تفاهم مع إيران وإما أن نتصادم معها .وباعتبارنا مجتمعا ً دميقراطياً ،ال ميكننا تبرير هذا الصدام لشعبنا ما لم نُظهر له أننا قد بذلنا جهودا ً حقيقية لتجنب ذلك .وال أقصد بهذا أنه يتعني علينا تقدمي أي تنازل يطالبوننا به ،لكننا مضطرون لطرح أفكار ميكن أن يدعمها الشعب األمريكي .وينبغي أن ننتظر لنرى إلى أين تسير االضطرابات في طهران قبل أن يتم بحث هذين االحتمالني.
كيسينجر :ميكنك إما أن تضعف األمة املهزومة لدرجة تصبح معها قناعاتها اخلاصة غير ذات شأن وتستطيع فرض أي شيء ترغبه عليها، أو ينبغي عليك أن تعيدها مرة أخرى إلى املنظومة الدولية .من وجهة نظر جتربة فرساي ،كانت املعاهدة متساهلة جدا فيما يتعلق بكبح أملانيا، وكانت قاسية جدا بحيث لم تدخل أملانيا في النظام اجلديد .ولهذا فشلت املعاهدة في كال اجلانبني.
س :إذن فأنت تدعو لنوع من املثالية الواقعية؟
س :ماذا يفعل الفائز احلصيف؟
كيسينجر :بالضبط .ليس هناك واقعية دون عنصر املثالية .ففكرة القوة اجملردة موجودة فقط من أجل األكادمييني وليس في احلياة الواقعية.
كيسينجر :املنتصر احلصيف سوف يحاول إعادة األمة املهزومة إلى حظيرة النظام الدولي .وسوف يحاول املفاوض احلصيف إيجاد أساس يحافظ على االتفاقية .وعندما تصل إلى نقطة ال تتواجد عندها أي من هذه االحتماالت ،عندئذ يجب على املرء أن يتجه إما لزيادة الضغط أو لعزل اخلصم أو رمبا يفعل كليهما.
س :هل تعتقد أنه كان من املفيد ألوباما أن يلقي خطاباً إلى العالم اإلسالمي من القاهرة؟ أم أنه أثار الكثير من األوهام بشأن ما ينبغي أن حتققه السياسة؟ كيسينجر :إن أوباما أشبه بالعب شطرجن يبدأ اللعب بافتتاحية غير معتادة .واآلن يتعني عليه أن يتعامل مع أقرانه اخملتلفني .إننا لم نتجاوز بعد التحرك االفتتاحي الذي ليس لدي أي اعتراض عليه. س :لكن هل ما رأيناه منه إلى اآلن سياسة واقعية؟ كيسينجر :أيضا ً من املبكر جدا ً أن جنزم بهذا .فإذا كان ما يريد أن يفعله هو أن ينقل إلى العالم اإلسالمي فكرة أن أمريكا لديها توجه انفتاحي للحوار وليست مصممة على املواجهة باعتبارها اإلستراتيجية الوحيدة، فإنه ميكن أن يلعب دورا ً هاما ً للغاية .ولكنه إذا استمر في االعتقاد بأن كل أزمة ميكن أن يتم إدارتها والتحكم فيها من خالل خطاب فلسفي ،فإنه سوف يواجه نفس مشكالت ويلسون. س :لم يلق أوباما خطابا فقط .في الوقت نفسه ،مارس ضغطا على إسرائيل لكي توقف بناء املستوطنات في الضفة الغربية وتعترف بدولة فلسطينية مستقلة. كيسينجر :ميكن أن تكون احملصلة حل الدولتني فقط ،ويبدو أن هناك اتفاقا كبيرا على حدود هذه الدولة .واآلن ال ميكنك من خالل خطاب واحد فقط استنتاج كيف حتقق ذلك ،وما هي مراحل التفاوض ،وما املوضوع الذي تبدأ به. س :هل املفاهيم مثل “خير” و “شرير” تبدو منطقية في سياق السياسة اخلارجية؟ كيسينجر :نعم ،ولكنها تكون متفاوتة من حيث الدرجة عموما، ونادرا ما تكون مطلقة .أعتقد أن هناك أنواعا من الشر ال بد من إدانتها والقضاء عليها ،وال ينبغي ألحد أن يعتذر عنها .ولكن ينبغي أال يتم تكريس وجود الشر كذريعة يتذرع بها من يظنون أنهم ميثلون محور اخلير لكي يصروا على متلك حق غير محدود و يفرضوا تعريفهم لقيمهم على اآلخرين. س :ماذا تعني كلمة “انتصار” بالنسبة لك؟ بعد احلرب العاملية األولى، كان هناك منتصر وضحية ،وهم األملان .وكانت معاهدة فرساي محاولة الحتواء القوة التي منيت بالهزمية .هل تعتقد أن ثمة فكرة ذكية ينطوي عليها حتقيق النصر على بلد آخر؟
س :هل كانت الدول الغربية حكيمة فيما يتعلق بتعاملها مع االحتاد السوفيتي السابق بعد احتادها؟ كيسينجر :كانت هناك نشوة نصر زائدة على اجلانب الغربي .وحدث وصف مبالغ فيه للسوفيت كمهزومني في احلرب الباردة ،ورمبا كان ثمة قدر ما من الغطرسة. س :وليس جتاه روسيا فقط؟ كيسينجر :في مواقف أخرى أيضا. س :ما الفرق بني الصراعات في أوروبا في أوائل القرن العشرين والصراعات التي نواجهها في عالم اليوم؟ كيسينجر :في الفترات السابقة ،كان املنتصر يستطيع أن ميني نفسه ببعض الفائدة. ولم يعد ذلك ممكنا في ظل الظروف الراهنة .على سبيل املثال ،حدوث صدام بني الصني والواليات املتحدة سوف يقوض كال البلدين. س :هل تذهب إلى حد القول بأن ما نشهده هو نهاية احلروب الكبرى؟ كيسينجر :أعتقد أن أوباما أمامه فرصة فريدة التباع سياسة خارجية أمريكية سلمية .وال أرى أي صراع بني تلك الدول الكبرى مثل الصني وروسيا والهند والواليات املتحدة ،ميكن أن يكون مبررا حلل عسكري. ولذلك ،توجد فرصة للجهود الدبلوماسية .باإلضافة إلى ذلك ،ال تسمح األزمة االقتصادية للدول بتخصيص نسبة ضخمة من مواردها للصراع العسكري .أنا أكثر تفاؤال اآلن من عامني مضيا. س :أال يخيفك الوضع في إيران ؟ كيسينجر :اخلوف ليس دافعا جيدا لرجل دولة .ميكن أن حتدث أزمة محلية على األقل ،وليس أمرا حتميا أن حتدث .إيران دولة ضعيفة وصغيرة نسبيا، وثمة حدود جوهرية لقدراتها .عالقة الصني ببقية العالم أهم بكثير من حيث األهمية التاريخية من قضايا إيران. شبيجل :نشكركم يا سيد كيسينجر على هذه املقابلة. أجرت املقابلة يان فاليشهاور وجابور ستينجارت. مجلة دير شبيجل ( .)2009توزعها نقابة صحيفة نيويورك تاميز اجمللة
43
لقاء يقومون به ،حيث إن العالم الذي ولد في رحم معاهدة فرساي كان مناقضا بشكل جوهري ملا انصرفت إليه إرادة األطراف من نوايا .ومن يريد أن يتعلم من أخطاء املاضي عليه أن يتفهم ما حدث في فرساي. س :لقد كان يراد ملعاهدة فرساي أن تسدل الستار على جميع احلروب. وقد كان هذا هو هدف الرئيس وودرو ويلسون عند قدومه إلى باريس .إال أن ما حدث بالفعل هو أن أوروبا بعد عشرين عاما من توقيع املعاهدة قد مت الزج بها إلى أتون حرب عاملية أشد ضراوة وتدميرا .فما السبب وراء ذلك؟ كيسينجر :لكي يعمل أي نظام دولي بكفاءة ،فالبد أن يجتمع له عنصران رئيسيان .أول هذين العنصرين هو أن يتوافر له قدر من توازن القوى يجعل تقويض هذا النظام أمرا صعبا ومكلفا .وثانيا ،البد أن يصحبه إحساس بشرعية النظام .وهذا يعني ضرورة أن تؤمن غالبية الدول بأن التسوية التي مت التوصل إليها هي باألساس تسوية عادلة.لقد أخفقت معاهدة فرساي على كال اجلبهتني .فقد مت استبعاد أكبر قوتني على مستوى القارة من اجتماعات فرساي ،أال وهما أملانيا وروسيا .فإذا ما تصور أحد أنه ينبغي حماية النظام الدولي ضد أي منشق عنه ساخط عليه ،فإن إمكانية االحتفاظ بتوازن القوى داخل مثل هذا النظام هي احتمالية ضعيفة باألساس .وعلى ذلك فإن النظام الدولي الذي أنتجته معاهدة فرساي كان يفتقر إلى هذين العنصرين. س :لقد شهدنا في باريس صداما بني مبدأين من مبادئ السياسة اخلارجية :املثالية التي جسدها ويلسون في مواجهة نوع من السياسة الواقعية التي جسدها األوربيون وكانت تقوم في املقام األول على أساس قانون البقاء لألقوى .هل ميكن أن تفسر لنا سر إخفاق املقاربة األمريكية؟ كيسينجر :كانت الرؤية األمريكية تتمثل في أن السالم هو احلالة الطبيعية بني الدول .ولضمان السالم الدائم ،يتعني تأسيس نظام دولي عماده املؤسسات الداخلية في كل بلد ،والتي تعكس إرادة الشعوب .وهذه اإلرادة يفترض دائما أنها معارضة ملبدأ احلرب .ولسوء احلظ ،ليس ثمة دليل تاريخي على صحة هذا االفتراض. س :هذا إذا يعني في نظرك أن السالم ليس هو احلالة الطبيعية بني الدول؟ كيسينجر :إن الشروط املسبقة الالزمة لتحقيق سالم دائم هي أشد تعقيدا بكثير مما يرقى إليه تصور معظم الناس .لم تكن رؤية ويلسون متثل حقيقة تاريخية بقدر ماكانت تأكيدا لوجهة نظر دولة تتكون من مهاجرين أداروا ظهورهم لقارة بأكملها ليستظلوا بدولة ظلت متقوقعة على نفسها وغارقة في سياستها الداخلية على مدى 200عاما. س :هل تريد أن تقول إن أمريكا تسببت دون قصد في اندالع حرب بينما كانت حتاول صنع السالم؟ كيسينجر :إن السبب الرئيسي للحرب كان هتلر .لكن طاملا أن نظام فيرساي قد لعب دوراً ،فإنه ال ميكن إنكار حقيقة أن املثالية األمريكية في مفاوضات فيرساي قد أسهمت في احلرب العاملية الثانية .ودعوة ويلسون لتقرير مصير الدول كانت لها التأثير العملي في انقسام عدد من الدول األوروبية الكبرى ،مما جنم عنه تضاعف املصاعب .فأوالً ،اتضح أنه من الصعب فنيا ً فصل تلك اجلنسيات التي اختلطت سويا ً على مدى قرون إلى كيانات قومية وفقا ً لتعريف ويلسون ،وثانياً ،أدى ذلك إلى نتيجة عملية وهي أن أصبحت أملانيا أقوى من الناحية اإلستراتيجية مما كانت عليه قبل احلرب.
42
اجمللة
س :ملاذا؟ لقد مت نزع السالح من أملانيا عسكرياً ومت تدميرها جغرافياً. كيسينجر :التوسع اإلقليمي والقوة أمران نسبيان .وأملانيا كانت أصغر، لكنها كانت أكثر قوة .وقبل احلرب العاملية األولى ،واجهت أملانيا ثالث دول كبرى على حدودها وهي روسيا وفرنسا وبريطانيا .وبعد فيرساي ،واجهت أملانيا مجموعة من الدول األصغر على حدودها الشرقية .وبالرغم من أن أملانيا كانت تواجه مشكالت مع كل منها إال أنه لم يستطع أي من تلك الدول مقاومة أملانيا وحدها ،بل واألرجح أنه لم يستطع أي منها مقاومة أملانيا حتى ولو مبساعدة فرنسا. لذلك من املنظور اإلستراتيجية واجلغرافي ،لم تر َق معاهدة فيرساي لتطلعات األطراف الرئيسية كما أنها لم حتقق االحتمال اإلستراتيجي للدفاع عما مت حتقيقه ،ما لم تظل أملانيا منزوعة السالح .ورمبا كان من الصحيح أن يتم تضمني أملانيا في النظام الدولي لكن هذا حتديدا ً هو ما أعرضت القوات املنتصرة عن القيام به وذلك من خالل جتريد هذا البلد عسكريا ً وإذالله. س :بالرغم من فشل فيرساي ،فإن فكرة ويلسون هذه شائعة بشكل ملحوظ .فهل اجنذابنا ملثل ومبادئ الدميقراطية رمبا يكون ساذجاً؟ كيسينجر :إن اإلميان بالدميقراطية كعالج عام يعاود الظهور بشكل منتظم في سياسة اخلارجية األمريكية .وقد ظهر هذا اإلميان آلخر مرة مع التيار احملافظ اجلديد في إدارة بوش .وبالفعل ،فإن أوباما أقرب بكثير إلى السياسة الواقعية بشأن هذه القضية إذا ما قورن ببوش. س :هل ترون أوباما سياسياً واقعياً؟ شبيجل :اسمحوا لي أن أحتدث عن مفهوم السياسي الواقعي فقط ُهمت مرارا ً بانتهاج السياسة القائمة على من أجل التوضيح .فلقد ات ُ االعتبارات العملية .وال أعتقد أنه سبق لي استخدام هذا املصطلح .إنها طريقة يسعى من خاللها النقاد لتصنيفي بقولهم“ :انظروا إليه ،إنه بحق ،فهو ال يرى األشياء بالرؤية األمريكية”. أملاني ٍ س :إذن فهذه طريقة لتصنيفك بأنك نفعي ،أليس كذلك؟ كيسينجر :يتعامل النفعيون مع القيم على أنها متكافئة ووسيلية. ويبني رجال الدولة القرارات العملية على أساس معتقداتهم األخالقية. فمن السهل دائما ً تقسيم العالم إلى مثاليني وأشخاص معنيني بالقوة. ويُفترض أن املثاليني هم الشرفاء وأن األشخاص املعنيني بالقوة والنفوذ هم الذين يسببون املتاعب للعالم بأسره .لكنني أعتقد أن املعاناة التي تسبب فيها األنبياء تفوق تلك التي تسبب فيها رجال الدولة .وفيما يتعلق بالسياسة الواقعية أرى أن هناك ظروفا ً موضوعية بدونها ال ميكن تفعيل السياسة اخلارجية .ومحاولة التعامل مع مصير األمم دون النظر إلى الظروف التي يتعني عليها التعامل معها تعد نوعا ً من الهروب .إن فن السياسة اخلارجية اجليدة يتمثل في فهم قيم اجملتمع وأخذ هذه القيم في احلسبان. س :ماذا يحدث لو أنه لم يتم أخذ هذه القيم في احلسبان ألنها تكون قاسية أو باهظة التكلفة؟ كيسينجر :في هذه احلالة ،تكون هناك حاجة للمقاومة .ففي إيران على سبيل املثال ،نتساءل عما إذا كان يتعني تغيير النظام هناك قبل أن نتخيل مجموعة الظروف التي يتحقق في ظلها نوع من الفهم لدى كل طرف يتمسك بقيمه. س :وما إجابتك عن هذا السؤال؟ كيسينجر :أرى أنه من املبكر جدا ً اإلجابة عنه ،فاآلن لدي تساؤالت تفوق اإلجابات .فمثالً هل سيقبل الشعب اإليراني حكم الزعماء الدينيني؟ وهل
> لقد كانت الفترة التي قضاها كسينجر في منصبه مجاال لنقد الذع نسب إليه الصلة ببعض جرائم احلرب وانتهاكات أخرى للقانون الدولي من جراء سياسته جتاه فيتنام وقبرص وكمبوديا وشيلي وبنجالديش.
اجمللة
41
لقاء
ملك
الشطرنج
لقاء دير شبيجل مع هنري كيسينجر ،وزير الخارجية األمريكي األسبق
وزير اخلارجية الأمريكي الأ�سبق كي�سينجر الذي يبلغ من العمر 86عام ًا يتناول درو�س ًا م�ؤملة ملعاهدة فري�ساي واملثالية يف ال�سيا�سة وفر�صة �أوباما ل�صياغة �سيا�سة خارجية �أمريكية تقوم على �أ�سا�س ال�سلم. هنري ألفريد ولفجاجن كيسينجر دبلوماسي وأكادميي أمريكي ُولد في أملانيا .وقد شغل منصب وزارة اخلارجية خالل إدارة نيكسون وخليفته جيرالد فورد ،كان كيسينجر منهمكا ً بشدة في الكثير من األحداث التاريخية التي رسمت معالم عالقة أمريكا مع بقية العالم خالل احلرب الباردة. لقد لعب كيسينجر دورا رائدا في السياسة اخلارجية األمريكية بني عامي 1969و .1977وخالل هذه الفترة حرص على اتباع سياسة الوفاق ، وهي االستراتيجية التي مبوجبها أطلق عليه لقب “رجل الواقعية” .وهذا التصنيف يرفضه كسنجربشدة. وقد تلقى كيسينجر تعليمه العالي في جامعة هارفارد ،حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1950ثم حصل على درجتي املاجستير والدكتوراة في عامي 1952و 1954على التوالي .وخالل سني دراسته عمل مستشارا للبيت األبيض .وبالرغم من أنه قد استمر في السلك األكادميي لبعض الوقت بعد حصوله على درجة الدكتوراه ،فقد ظل مؤثرا في السياسة اخلارجية األمريكية من خالل عمله املنتظم كمستشار لهيئة تنسيق العمليات التابعة جمللس األمن ومع ذلك ،فقد انتخب نيكسون في عام 1968عضوا في برنامج حتقيق “السالم بشرف” خالل حرب فيتنام .وفي ذلك الوقت كرس كيسينجر كل وقته لصياغة السياسة اخلارجية ،من خالل قبوله منصب وزير اخلارجية. ومبجرد توليه مهام منصبه ،فقد ساعد نيكسون على تنفيذ سياسة “الفتنمة” والتي كانت تهدف إلى االنسحاب التدريجي للقوات األمريكية من فيتنام ،مع متكني الفيتناميني اجلنوبيني من االستقالل بالدفاع عن نظامهم في مواجهة جماعات املقاتلني الشيوعيني املتمثلة في اجلبهة القومية لتحرير جنوب فيتنام وجيش فيتنام الشمالي. وتقديرا جلهوده في فيتنام ،وخاصة خالل مؤمتر باريس الذي متخض عنه تثبيت وقف إطالق النار واالنسحاب األمريكي من فيتنام ،فقد مت منح كيسينجر جائزة نوبل للسالم عام .1973ومع ذلك ،فقد تكشفت
40
األحداث عن عدم جناح وقف إطالق النار. وكان من العوامل الواضحة التي حددت معالم السياسة العامة لكسينجر خالل فترة تواجده في منصبه مامت من وفاق بني الواليات املتحدة واالحتاد السوفياتي خالل فترة احلرب الباردة .وقد أدت هذه السياسة إلى استرخاء كبير في العالقات بني الدولتني .كما يرجع إليها الفضل في دعم التقارب بني الواليات املتحدة وجمهورية الصني الشعبية .وباإلضافة إلى ذلك ،ففي عام 1973أجرى كسينجر مفاوضات حول إنهاء حرب يوم كيبور. ورغم ضلوعه إلى حد بعيد في عمليات سالم ومحادثات دبلوماسية متنوعة بني دول متنازعة ،فقد فقدت شهرته بريقها من جراء تورطه في أمريكا الالتينية ،وخاصة في ظل دعم البيت األبيض للحكومات اليمينية في شيلي واألرجنتني ،باإلضافة إلى تورطه في كمبوديا وفيتنام. وقد حولت هذه التورطات كيسينجر إلى شخصية غير محبوبة، والسيما بني أعضاء تلك احلركة البارزة املعادية للحرب والتي قد تكونت كرد فعل لهذه النزاعات. ورغم أن كسينجرا مازال حتى يومنا هذا شخصية مثيرة للجدل ،فهو يعد أيضا أحد رجال السياسة املؤثرين ومازال يقدم مشوراته بشكل غير رسمي لرؤساء الواليات املتحدة املتعاقبني خالل مساعيهم إلدراك تطلعاتهم على صعيد السياسة اخلارجية. س :دكتور كيسينجر ،منذ 90عاما مضت وبعد أن وضعت احلرب العاملية األولى أوزارها ،مت توقيع معاهدة فرساي .فهل هذا احلدث قد أصبح في ذمة التاريخ أم أنه مازال يشكل واقع سياستنا املعاصرة؟ هنري كسينجر :مازالت هذه املعاهدة ذات مغزى خاص ألبناء هذا اجليل من الساسة ،وذلك ألن خريطة أوروبا التي متخضت عنها معاهدة فرساي تكاد أن تكون هي عني خارطة أوروبا اليوم .ولم يتسن ألحد من اللذين صاغوا املعاهدة في ذلك الوقت أن يدركوا املضامني احلقيقية ملا كانوا
الرأي التي تقيم دوما ً تفضيل الناخبني حلزب احملافظني على حزب العمال .وشهدت زعامة كاميرون في بدايتها تفوق حزب احملافظني في إستطالعات الرأي على حزب العمال بزعامة توني بلير للمرة األولى منذ أكثر من عشر سنوات .ورغم أن حزب احملافظني تخلف عن حزب العمال بعد حلول جوردون براون بدال ً من بلير ،فإن مكانة حزب احملافظني حتت قيادة كاميرون قد إرتفعت في إستطالعات الرأي ،وظل متقدما ً على حزب العمال بإستمرار. إال أن ظهور كاميرون حتت األضواء خالل السنوات األربع املاضية كرئيس وزراء منتظر ،قد دفع الكثيرين للتساؤل حول ما إذا كانت جناحاته املاضية قد أعلت كثيرا ً من قدره. فهل يؤثر هذا القدر الكبير من اإلهتمام سلبا ً على إنتخابه؟ وبعبارة أخرى ،هل اقتنعت بريطانيا بأن هذه النوعية من التوجه احملافظ هي التي حتتاجها اليوم؟ وأشارت جريدة اجلارديان إلى أن “زعيم احملافظني يعرف أكثر من غيره أنه ال يزال أمامه الكثير من األمور العالقة التي يتعني عليه القيام بها قبل أن يجتاز خط النهاية” .وبعبارة أخرى ،قد يكلفه ارتكاب خطأ واحد خسارة اإلنتخابات“ .ورغم أي شيء آخر ميكن قوله عن جوردون براون ،فهو قوي التحمل، وعلى املدى الطويل يفوز حزبه بشكل يفوق منافسه عدة مرات”. ومن الواضح أن املنافسة على انتخاب رئيس الوزراء لم تنته بعد .ومع ذلك ،ثمة مثال على قوة حزب احملافظني ،والتي كانت مثارا ً للمزيد من اإلهتمام في اآلونة األخيرة ،يتعلق مبيزانيتي احلزبني املتنافسني. ويشير هذا املثال إلى أن بريطانيا ،كنتيجة لألزمة اإلقتصادية ،متيل أكثر إلى الثقة في زعيم حزب احملافظني والذي وعد الدولة بتحقيق مزايا للطبقة املتوسطة وجعل القيود املالية فوق كل شيء .وأظهر استطالعان للرأي على األقل ،في جريدتى اجلارديان والديلي تلجراف اآلن، إلى أن اإلجتاه نحو اإلستثمار من جانب حزب العمال بزعامة جوردون براون في مقابل توجه التخفيضات من جانب حزب احملافظني هو رسالة يبدو محكوما ً عليها بالفشل ألن الناخبني يفضلون التخفيضات. ولهذا فإن حجم الدين العام الذي تكشف ،يقدم حلزب احملافظني ،ولكاميرون على وجه اخلصوص ،فرصة سياسية كبيرة وهى القدرة على ربط أرقام الدين ببراون ودارلنج. كما متكن كاميرون أيضا ً من إستغالل متاعب حزب العمل مع العراق سياسياً ،وكذلك الفضيحة األخيرة لنفقات النواب .ورغم أنه ليس من اإلنصاف القول بأن كل النجاحات األخيرة حلزب احملافظني ميكن تفسيرها فقط في إطار زالت حزب العمال وصراعه الداخلي، فإنه وفقا ً ملا ذكرته مجلة تامي “أمر جوهري في السياسة البريطانية أن تخسر احلكومات اإلنتخابات؛ وال تفوز بها املعارضة”. وإذا صح مقال مجلة التامي فإن إستراتيجية كاميرون السياسية تعكس فهما ً ذكيا ً حلالة اإلستياء احلالية في بريطانيا .ويبدو أن مفهوم التيار احملافظ التقدمي ،أو السعي وراء أهداف تقدمية عبر وسائل احملافظني كأنه حل مناسب للمشاكل التي تعانى منها احلكومة اليوم. وقد عرف كاميرون علنا ً هذه املشاكل بأنها نتائج حتمية تأتى من حرمان الفرد واجملتمع من احلكم وإعطائه إلى نخبة سياسية وبيروقراطية. وعلى هذا يكون موقف كاميرون“ :إن السياسات اجلديدة التي حتتاجها بريطانيا ينبغي أن تكون إعادة توزيع السلطة بشكل واسع وشامل وجذري ويتدفق من الدولة إلى املواطنني، ومن احلكومة إلى البرملان ،ومن مقر احلكومة إلى اجملتمعات ،ومن اإلحتاد األوروبي إلى بريطانيا، ومن القضاة إلى الشعب ،ومن البيروقراطية إلى الدميقراطية”. ولهذا فإن احلجة الرئيسية وراء توجه كاميرون احملافظ هي أن املشاكل التي تواجهها بريطانيا اليوم هي نتيجة تضخم حجم احلكومة لدرجة أنها ال تسيطر على نفسها .وبعبارة أخرى، فإن احلكومة احلالية هي املشكلة .وتتجاوب أصداء األزمة االقتصادية وفضيحة النفقات األخيرة مع هذه الرسالة .وحيث إن أغلبية شعب بريطانيا غير راض عن الطريقة التي مت التعامل بها مع األزمتني ،وعن سبب حدوثهما في املقام األول ،فيبدو أن حل كاميرون مقدر له النجاح رغم طول الفترة التي ظل فيها حتت تركيز وسائل اإلعالم .وعندما تقع احلكومة في مشكلة ،تكون األولوية األساسية حلزب املعارضة هي جتنب عدم انتخابه .ويرى كيلنر، رئيس إحدى مؤسسات إستطالعات الرأي ،أن ما حققه كاميرون هو إمكانية جناح حزب احملافظني في اإلنتخابات.
> كاميرون « :إن التحدي األكبر الذي تواجه بريطانيا اليوم يتمثل في جبر العظام املتكسرة جملتمعنا .ولن يحدث هذا بني عشية وضحاها :فالتغيير االجتماعي طويل األمد يتطلب تفكيرا على املدى الطويل .واحملافظون هم احلزب الوحيد الذي يضطلع مبسؤولية مثل هذا التفكير.
اجمللة
39
بروفايل
رئيس الوزراء المنتظر السيرة الذاتية لدايفيد كاميرون ،زعيم حزب المحافظين البريطاني مرت �أربعة �أعوام الآن على التفكري يف �إمكانية تويل دايفيد كامريون ،زعيم احلزب الربيطاين املحافظ، من�صب رئي�س الوزراء .وبرغم ما حققه من �إجنازات على �صعيد حت�سني �صورة حزبه و�إ�صالح م�س�ؤولياته ،يظل ال�س�ؤال هو ما �إذا كانت هذه الن�سخة اجلديدة من الإجتاه املحافظ هي ما �ستقوم «بريطانيا املك�سورة» ب�إنتخابه. منذ عام 2005ظل دايفيد كاميرون تنظر إليه في وسائل اإلعالم والساسة البارزين ،على أنه رئيس وزراء بريطانيا املنتظر .وإذ لم يتجاوز بعد الثانية واألربعني ،فقد بدا كاميرون وكأنه معجزة في عالم السياسة ونسب إليه ما مت إحرازه من جناح في إظهار حزب احملافظني الذي يرأسه في ثوب جديد .ومع ذلك ،ليس كل البريطانيني يعتقدون أن لديه من اخلبرة ما ميكنه من أن يصبح رئيسا ً للوزراء .والطريقة التي ينظر بها إلى شخصيته تتراوح بني إعتباره شخصا ً مهموما ً بهموم وطنه والنظر إليه على أنه مغتر بنفسه ،بعد أن صرح في يومه الثالث كعضو في البرملان لرئيس الوزراء في ذلك الوقت توني بلير قائال “ :لقد كنت أنت املستقبل يوما ً ما” .وكتقييم متشائم حلالة السخط التي يعاني منها املواطن البريطاني، يبدو أن كاميرون قد كرس جانبا ً كبيرا ً من حياته السياسية داخل حزب احملافظني لسعيه إلى أن يصبح هو مستقبل البلد وإلقتراح حلول جلبر ما يسميه “ بريطانيا املنكسرة” .واآلن وبعد تضاؤل التأييد جلوردون براون ،حيث صار يواجه أزمة تلو األخرى ،يبدو حزب احملافظني في مركز ال يقهر. وقد أظهرت إستطالعات الرأي أن املناخ السياسي في بريطانيا أصبح مؤهالً للترحيب بكاميرون كرئيس وزراء بريطاني جديد .ومع ذلك ،فبعد أن قضى السنوات األربع األخيرة حتت األضواء ،يحق لنا أن نتساءل :كيف أثرت هذه الدعاية على فرص النجاح املتاحة أمامه؟ ووفقا ً للتكهنات ،فبالرغم مما شهدته شعبية حزب احملافظني من حتسن ،ميثل التفكير في اختياره ملنصب رئيس الوزراء على مدى أربع سنوات بعض التحديات التي قد تعوق إنتخابه .وبالفعل قد أصبح كاميرون واجهة حزب احملافظني ،إال أن هذا قد يؤثر عليه سلباً ،نظرا ً ألن األخطاء التي وقع فيها احلزب قد أدت أيضا ً إلى تشويه صورته السياسية .وامليزة التي يتمتع بها الساسة في جبهة املعارضة هي أنهم يتم احلكم عليهم بشكل مطرد على أساس وعودهم وليس على أساس ما حققه حزبهم من جناح سابق أو ما ُمني به من إخفاق .وبإعتباره صورة حزب احملافظني اجلديد ،فرمبا يكون كاميرون قد فقد هذه امليزة. والسؤال الذي يبقى ليس ما إذا كانت بريطانيا مستعدة لتقبل كاميرون كرئيس للوزراء ،ولكن هل هي ترى نهجه في إصالح سياسات احملافظني على أنه السبيل إلى إحراز تقدم؟ وبالرجوع إلى تلك األيام التي كان فيها كاميرون طالبا ً يدرس الفلسفة والسياسة واإلقتصاد في أكسفورد ،يبدو لنا جليا ً أنه كان مقدرا ً له أن يحقق جناحا ً في مجال السياسة .فمعلمه في أكسفورد بروفسير فيرنون بوجنادور وصفه بأنه أحد الطالب القديرين الذين قام بتعليمهم وبأن لديه أفكارا ً معتدلة ومنطقية ومحافظة .ومع ذلك ،فإن اإلجنازات احلديثة لدايفيد كاميرون في مجال السياسة تشير أكثر إلى قدرته على تقدير إهتمام الناخبني في بريطانيا .وبالرغم من وجود جدل حول مدى “إنكسار” بريطانيا ،وهو التعبير الذي استخدمه كاميرون ،استطاع أن يستغل اخملاوف املنتشرة من تزايد الفقر وإتساع نطاق اخلدمات العامة بشكل مبالغ فيه وزيادة العنف.
38
اجمللة
ومن ثم تركز سياسات كاميرون على حتسني احلراك اإلجتماعي في بريطانيا .وبإعتباره محافظاً ،يحبذ احلكومة الصغيرة ويدافع عن األسلوب املقيد لإلنفاق العام .وقد ذكر كاميرون أن أولوياته السياسية تشمل الدعم اإلجتماعي والتعليم واألسرة“ .فإذا كنت تريد أن تصلح مجتمعا ً مكسوراً ،فتلك هي األشياء التي ينبغي عليك أن تركز عليها”. ومع ذلك ،واجه كاميرون ضغوطا ً كثيرة كي يصنف فلسفته السياسية في صورة عقيدة سياسية من أي نوع ،لكنه بدال ً من ذلك صرح بأن اجلوانب العملية هي املوجه له عند صنع قراراته .ومع ذلك فإن تركيزه على مشكالت الطبقة الوسطى جعلت سياسته موضع مقارنة بسياسات مارجريت ثاتشر .فأسلوب كاميرون في توجيه اإلصالح السياسي نحو ما ينفع الطبقة العاملة يتبع مسارا ً مثيرا ً في السياسة البريطانية .ففي حني ظل احملافظون ميثلون احلزب الذي يتمتع بالكثير من اإلمتيازات ،وظل قادة حزب العمل أبطال الطبقة العاملة ،فإن اإلجتاه احملافظ لدى ثاتشر شهد حتوال ً جذريا ً وأخذ يستميل ناخبي الطبقة العامة .وكان بلير يحرص على اإلستجابة ملصالح الطبقة الوسطى وفاز بثالث فترات شغل فيها منصب زعيم حزب العمل اجلديد في ظل هذه السياسات .ولذلك بدال ً من اعتبار اإلجتاه احملافظ لدى كاميرون متأثرا ً في طبيعته بثاتشر ،تشير سياساته إلى ضرورة اإلهتمام مبصالح الطبقة العاملة بالنسبة جلميع األحزاب .كما أن وعي كاميرون مبصالح الناخبني البريطانيني وقدرته على ضبط إستراتيجيته السياسية بناءا ً على ذلك يسلط الضوء على برجماتيته أكثر من ميله إلى إتباع إجتاهات جديدة تظهر في احلزب احملافظ. وقد أثارت املناقشات حول فهم كاميرون ملا حتتاجه بريطانيا إهتماما ً أيضا ً مبا يشكل فكره السياسي .ورمبا يعكس توجهه العملي فترة شبابه أو عدم خبرته نسبيا ً في السياسة. وقد تفسر خلفيته في مجال األعمال كمدير شؤون شركة كارلتون لإلتصاالت توجهه غير التقليدي داخل حزب احملافظني ،وخاصة املنهج العملي الذي مييز رجال األعمال الرواد الذين يقيسون النجاح مبعايير الكفاءات واإلجنازات. وفي كلتا احلالتني ،وعلى األرجح نتيجة جلميع هذه العوامل ،استطاع كاميرون تنمية قاعدة متزايدة من الدعم حلزب احملافظني بتقدمي سياسات كانت خارج نطاق تفويضه التقليدي، وأحيانا ً خارج نطاقه الشخصي. في عام 2003على سبيل املثال ،عارض كاميرون إلغاء تشريع عام 1988الذي يحظر على السلطات احمللية واملدارس “الترويج” للشذوذ اجلنسي ،ودفع بأن موقفه األصلي كان مخطئاً. ويشير أيضا دايفيد ديفيز ،عضو حزب احملافظني في البرملان ،أن كاميرون سوف يتحدث عن “نزع السم من احلزب” ،حيث أنه كان يرى ذلك املهمة األولى .ووفقا ً لتقييم ديفيز ،كان فهم كاميرون حلالة احلزب صحيحاً ،وهذا ما سمح للحزب بالدعاية لنفسه في أعني الناخبني. ويدعم جناح هذا التكتيك ،إذا جاز لنا أن نسمي السياسة الذرائعية تكتيكاً ،إستطالعات
اجمللة
35
املستثمر العاملي أفضل من املتوقع للربع األول من العام املشاعر اإليجابية خالل شهري أبريل ومايو ،حتى تفجرت األزمة اخلاصة مبجموعتي سعد والقصيبي. وحققت البنوك السعودية 2.2مليار دوالر خالل الربع األول من هذا العام ،وظلت مستقرة نسبيا باملقارنة مع نفس الفترة من العام املاضي ،وفقا لألرقام التي نشرتها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) .ومن اجلدير بالذكر أن هذا حدث في وقت تعرضت فيه النتائج املالية لبنوك دول مجلس التعاون اخلليجي األخرى لضغوط األزمة االقتصادية .وبحلول نهاية شهر مايو ،تعدت األرباح التراكمية للبنوك السعودية مبلغ 3,78مليار دوالر ،وظلت ثابتة إلى حد كبير مقارنة بشهر مايو من العام املاضي .وزاد مؤشر القطاع املصرفي في السوق السعودية بنسبة ٪ 7.8متأثرا مبكاسب في سعر سهم بنك الراجحي والذي ارتفع بنسبة .٪ 12 غير أنه في أواخر شهر مايو ،فوجيء القطاع املصرفي باألنباء التي تفيد بأن مؤسسة النقد العربي السعودي وهي البنك املركزي السعودي (ساما) قد جمد حسابات رجل األعمال السعودي معن الصانع ،والذي تقدر قيمة أصوله بنحو 7 مليارات دوالر. وكانت اخملاوف قد أحاطت بالفعل بشركة أحمد حمد القصيبي وأخوته ،وهى واحدة من أقدم الشركات العائلية في اململكة ،بعد أن عجزت شركتها التابعة وهى املؤسسة املصرفية الدولية عن الوفاء بديونها. والطبيعة احلقيقية لعالقة العمل بني الشركتني غير واضحة املعالم لكن هناك حاليا ً مالحقات قضائية معلقة بني الطرفني حيث تتهم مجموعة القصيبي مبوجبها معن الصانع بإختالس األموال. وهناك تفاصيل كثيرة ومستمرة لقصة سعد والقصيبي ،لذا ستقتصر املناقشة هنا على تأثيرها على السوق السعودية .وأهمية هذه القضية تتعلق بتأثيرها حتديدا على القطاع املصرفي السعودي. وهذا ألن عددا ً كبيرا ً من البنوك تتعرض بصورة أو بأخرى للمجموعتني ورمبا حتتاج إلى أخذ مخصصات كبيرة ملواجهة اخلسائر في حالة التخلف عن الوفاء بالدين .ومع ذلك ،فإن حجم هذا التعرض غير معروف إلى حد كبير ويقدر باملليارات .ويبقى هذا التعرض غامضا ً حتى بعد إعالن النتائج التمهيدية للبنوك عن الربع الثاني من هذا العام ألن معظم البنوك في هذه املرحلة لم تعلن مقدار اخملصصات
36
اجمللة
التي حتتاج إليها ملواجهة التخلف احملتمل في السداد من قبل كل من مجموعتي سعد والقصيبي .ورمبا تأتينا املزيد من التفاصيل عندما يُكشف النقاب عن التقارير املالية التفصيلية للبنوك والتي يتوجب صدورها بحد أقصى خمسة وأربعني يوما ً من نهاية الربع الثاني. ورغم كل هذا ،يرى احملللون أن ديون مجموعتي سعد و القصيبي تشكل نسبة ضئيلة من إجمالي الديون لدى املصارف السعودية وبالتالي سيكون األثر محدودا في حال تعثرهما ,وهو بدوره أمر مستبعد. إذن عندما يتعلق األمر باالستثمار في السوق السعودية ،فإن الطريق الذي يقرر الفرد أن يسلكه يعتمد على درجة اخملاطرة التي يود إتخاذها. ومتيل الشركات العاملية إلى تفضيل استراتيجيات االستثمار ذي األجل املتوسط إلى الطويل في الشركات التي تتمتع بقوائم مالية قوية ،خاصة في القطاعات التي تشكل ميزة تنافسية للمملكة. ومبا ان اململكة العربية السعودية هي أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم ،تقع هذه الشركات في قطاع البتر وكيماويات .لكن اجتاه أسعار البتر وكيماويات في املستقبل سيعتمد على معدل انتعاش االقتصاد العاملي والذي سيؤثر بدوره على الطلب على النفط .وتعتقد مؤسسة جولدمان ساكس أن أسعار النفط سوف تصل إلى 95 دوالرا للبرميل بحلول نهاية عام ،2010بينما تتوقع مؤسسة باركليز كابيتال سعر 137دوالر للبرميل في عام .2015وجند أن أكبر الشركات في قطاع البتر وكيماويات هي سابك وسافكو، وهى حتقق أرباحا جيدة من الناحية التاريخية ،وحتظى بأكثر الدعم احلكومي. ويلزم احملللون احلذر جتاه االستثمار في السوق السعودية في الوقت احلالي ،واختاروا أن يقللوا نشاطهم وينتظروا النتائج املالية التفصيلية للربع الثاني من أجل حتليل التعافي من األزمة االقتصادية بشكل أفضل .ولهذا قد تكون األسهم الدفاعية خيارا مطروحا .واألسهم الدفاعية هي تلك التي متيل إلى أن تظل مستقرة في ظل الظروف االقتصادية الصعبة ،مثل األسهم اخلاصة باملواد الغذائية والتبغ والنفط ،واملرافق العامة .وتصمد هذه األرصدة في األوقات الصعبة ألن الطلب عليها ال ينخفض بشكل كبير كما قد يحدث في قطاعات أخرى .ولكن األسهم الدفاعية تتأخر عن غيرها أيضا في أوقات الرخاء .واألمثلة على هذه األسهم في السوق السعودية هي شركة املراعي ،وجرير ،وموبايلي ،وشركة االتصاالت السعودية وشركة الكابالت السعودية .وتعتمد هذه الشركات على الطلب احمللي ,وهو طلب سوف يقويه اإلنفاق احلكومي مببلغ 126.7مليار دوالرأمريكى هذا العام وفقا للميزانية السعودية لعام .2009 مايا جريديني ،مراسلة األخبار االقتصادية بقناة العربية اإلخبارية
وميكن ربط أحد األسباب الرئيسية وراء حتقيق مكاسب في السوق السعودية مباشرة بالتحول في أسعار النفط من أدنى مستوياتها قرب 34دوالرا للبرميل في فبراير إلى أعلى مستوياتها فوق 73دوالرا للبرميل في يونيو .وأرجع أعضاء منظمة األوبك واحملللون على السواء ارتفاع أسعار النفط إلى املضاربة بنسبة كبيرة ،في حني اعتمد االرتفاع إلى حد ما على حتسن الشعور العام بني املستثمرين والتجار جتاه حالة االقتصاد العاملي.
وفق أداء قطاعي املصارف والبتر وكيماويات .ويصل ثقل القطاع املصرفي في املؤشر السعودي الى ٪ 35بينما يشكل قطاع البتر وكيماويات .٪ 24.5ويتأثر اجتاه السوق السعودية بشكل أكثر حتديدا بأداء شركتني رئيستني وهما سابك وبنك الراجحي ،وميثل كل منهما نسبة ٪11في مؤشر البورصة السعودية( .حتتسب كل األوزان على أساس عدد األسهم احلرة العائمة).
وأظهرت املؤشرات األساسية ارتفاع مخزونات النفط عن متوسطها للسنوات اخلمس املاضية والذي يقدر بنحو 25يوما من اإلمدادات النفطية ,األمر الذي كان من شأنه خفض األسعار ،وليس رفعها. وقد ارتفع سعر اخلام األميركي اخلفيف املتداول في بورصة ناميكس بنسبة ٪ 114من أدنى مستويات بلغها هذا العام ليسجل أعلى مستوى إغالق في 11يونيو عند 72.7دوالرا للبرميل .وفي شهر مايو وحده ،إرتفع سعر اخلام األميركي اخلفيف بنسبة .٪30وقد انعكست هذه املكاسب في أسواق النفط إيجابيا على أداء السوق السعودية. ووصل املؤشر السعودي إلى أعلى مستوى له هذا العام في 32مايو، ليغلق فوق 6100نقطة .ومرة أخرى في شهر يونيو ،بينما تأرجحت أسعار النفط قرب أعلى مستويات لها حتى تاريخه ،إقترب املؤشر السعودي مرة أخرى من مستوى 6100نقطة.
وتأثر أداء قطاع البتروكيماويات إيجابيا بالزيادة التدريجية في أسعار البتر وكيماويات منذ شهر أكتوبر من العام املاضي .ويعكس هذا بوضوح أداء مؤشر “أرقام” للبتر وكيماويات ،والذي يتتبع مجموعة من املنتجات التي تنتج في دول اخلليج ،بعد أن وصل في شهر يونيو إلى اعلي مستوى له منذ شهر أكتوبر من عام .2008وقد انخفضت أسعار البتروكيماويات ،التي تستخدم في إنتاج نطاق واسع من املنتجات البالستيكية واملنسوجات الصناعية ،في الربع األخير من العام املاضي متأثرة باألزمة االقتصادية العاملية .وفي سوق األسهم السعودية ،ارتفع مؤشر قطاع البتروكيماويات بنسبة % 35,7بحلول نهاية يونيو مدفوعا إلى حد كبير بالزيادة في سعر سهم سابك. وارتفعت أسهم شركة سابك مبقدار ٪ 22بحلول نهاية النصف األول من العام .وتصادف أن مقدارا كبيرا من هذه املكاسب تزامن مع ارتفاع أسعار النفط في مايو .وارتفعت أسعار أسهم سابك بنسبة ٪ 36.5 في شهر مايو وحده.
ومن املهم اإلشارة إلى أن اجتاه املؤشر السعودي يتحدد بدرجة كبيرة
أما بالنسبة للقطاع املصرفي ،دعمت النتائج املالية التي جاءت اجمللة
35
املستثمر العاملي
سحابة من عدم االستقرار االستثمار في سوق األسهم السعودية مايا جريديني
يف ظل الركود االقت�صادي العاملي والأزمة املالية العاملية التي �أثرت حتى على �أغنى الدول املنتجة للنفط يف اخلليج ،يبحث امل�ستثمرون احلاذقون عن الفر�ص .غري �أن ه�ؤالء امل�ستثمرين يعرفون �أي�ضا متى يرتب�صون وينتظرون الفر�صة ال�سانحة. إن التعامل في سوق األسهم السعودية ال يختلف كثيرا ً عن غيره واتخاذ قرارات استثمارية سليمة يتطلب فهما ً للعوامل الرئيسية التي حتكم السوق. بعد عام عصيب في ،2008والذي شهد انخفاض مؤشر السوق السعودية بنحو ،٪ 56فإن الصورة تبدو أكثر إشراقا هذا العام. وبحلول نهاية النصف األول من ،2009كانت السوق السعودية
34
اجمللة
قد حققت منوا ً يقدر بـ ،16,5%ممهدة الطريق ألسواق دول مجلس التعاون اخلليجي األخرى ألن حتذو حذوها .وقد جاءت سوق أبو ظبي في املرتبة الثانية حيث حققت منوا ً يصل إلى %10,1تلتها سوق دبي بنمو يقدر بـ .%9وتعد البحرين وقطر السوقني الوحيدتني بني أسواق دول مجلس التعاون اخلليجي اللتني ال تزاالن تسجالن منوا سلبيا في عام .2009
وما يزال العرض مستمرًا اقتصاديات الركود في منطقة الخليج
بوال ميجيا
ك�شف تقرير التوقعات لالقت�صاد العاملي ال�صادر عن �صندوق النقد الدويل عن تنب�ؤات حديثة ب�ش�أن حالة االقت�صاد العاملي .ويعترب التقييم ايجابيا على ال�صعيد العاملي .وقد زاد من الفر�ص بالن�سبة لالقت�صاد الإجمايل. غري �أن التوقعات اخلا�صة بال�رشق الأو�سط لي�ست واعدة ب�شكل كبري .وبينما ت�أتى التوقعات منخف�ضة بالن�سبة لل�رشق الأو�سط ،ف�إن املنطقة ي�سري �أدا�ؤها ب�شكل جيد يف ظل هذا الركود .يحاول هذا املقال �رشح حالة التعايف يف املنطقة ،ف�ضال عن التو�صيات املتعلقة بال�سيا�سة العامة التي يجب �أن حتافظ على الأداء الإيجابي. في الصيف املاضي ،بينما كانت االنتخابات التمهيدية األمريكية تقترب من نهايتها ،ركز املرشحان اللذان اجتذبا اهتمام العالم على اقتراح احللول لألزمة االقتصادية .ورغم أنهما سلكا نهجني مختلفني ،كان اإلجماع واضحا وهو أن شدة الركود االقتصادي كانت موازية لتلك التي شهدها الكساد العظيم .واحتاجت الدول في أنحاء العالم إلى تطبيق تغييرات كبيرة في سياسة االقتصاد الكلي اخلاصة بها من أجل تفادي اآلثار الكارثية التي سوف جتلبها أسوأ مراحل هذا الركود. وبعد مضى عام ،يطرح كبير االقتصاديني في صندوق النقد الدولي وخبير النظريات في سياسة االقتصاد الكلي ،اوليفييه بالنشار هذا السؤال :أين نحن اليوم؟ وكيف تعاملت املناطق اخملتلفة مع االنكماش االقتصادي؟ ما هو التقدم الذي حتقق ،وما هو املهم بالنسبة للنتائج اخملتلفة بني الدول؟ وتعتبر إجابته ايجابية على الصعيد العاملي ،حيث زاد فريقه من التوقعات بالنسبة لالقتصاد الكلي .غير أن إجابة السؤال عن حالة االقتصاد تتغير حسب املنطقة اخلاضعة للدراسة. وبالنسبة ملنطقة الشرق األوسط حتديدا ،لم تكن توقعات بالنشارد واعدة. وخفض صندوق النقد الدولي من توقعات النمو في الشرق األوسط لهذا العام مبقدار نصف نسبة مئوية مشيرا إلى أن اقتصاديات منطقة الشرق األوسط سوف تتوسع مبعدل ،% 2 مقارنة بنسبة %2.5في عام .8002ومن جهة أخرى ،ارتفعت توقعات النمو لعام 0102بنسبة 2.0نقطة مئوية إلى .%7.3وأشار التقرير إلى أن االنخفاض في التوقعات يرجع إلى هبوط أسعار النفط والتي انخفضت من 741دوالر للبرميل إلى ما بني 05و 06دوالرا للبرميل خالل العام املاضي .وأدى هذا االنخفاض إلى انهيار عائدات التصدير بالنسبة ملنتجي النفط في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا ،وسوف يؤثر ذلك بالتبعية على االستثمار األجنبي، وإيرادات السياحة والتحويالت املالية للمنطقة. ومقارنة بنسبة معدالت النمو في السنوات السابقة والتي بلغت ،٪ 6يأتي التوقع سلبيا بالنسبة لألداء االقتصادي للمنطقة .غير أنه في سياق شدة الركود وباملقارنة مع املناطق األخرى ،فإن منطقتي الشرق األوسط وشمال إفريقيا يأتي أداؤهما جيدا بشكل استثنائي. وعلى هذا يطرح السؤال نفسه :كيف يفسر االقتصاديون تعافي املنطقة وما هي التوصيات التي اقترحوها للدول اخملتلفة من أجل تفادي تدهور وضعها االقتصادي؟ يقول بالنشارد بأن األداء القوي نسبيا ملنطقة الشرق األوسط يرتبط إلى حد كبير بثالثة أسباب .أولها أن تقرير التوقعات االقتصادية العاملية يشير إلى أن البنوك في املنطقة كان تعرضها محدودا لألصول السامة والتي قوضت االستقرار املالي في بلدان أخرى .وباملثل ،لم تتأثر الدول في املنطقة باالنخفاض في حجم الصادرات أو سحب تدفق رؤوس األموال كما حدث في املناطق أخرى ذات األسواق الناشئة .ثانيا ،يشير التقرير إلى أن البنوك املركزية في املنطقة قد اتخذت إجراءات حاسمة فيما يتعلق بالسياسة العامة في التوقيت املناسب ،مع االستفادة من االنخفاض في أسعار الفائدة العاملية عن طريق تسهيل السياسة النقدية. وبالتحديد ،في دول مجلس التعاون اخلليجي حيث عانت البنوك أكثر من األزمة املالية ،أسرعت احلكومات إلي توفير السيولة ورأس املال .ونأتي أخيرا إلى أهم نقطة ،وهى أن ماشهدته الشرق األوسط وشمال إفريقيا من تعاف يرجع إلى قدرة ورغبة دول املنطقة املصدرة للنفط في احلفاظ على مستويات عالية من اإلنفاق الرأسمالي عن طريق السحب من االحتياطيات التي تراكمت خالل سنوات االزدهار.
ويتردد على لسان العديد من احمللليني االقتصاديني إمكانية اخلروج بدرس كبير من األزمة، وميكن تلخيصه في نصيحة أمارتيا سني للدول النامية ،حيث يقول إنها حتتاج إلى ضرورة تطبيق وسائل مختلفة لعبور موجة الركود بنجاح .ومتتعت الدول التي تأثرت بشكل أقل حتى اآلن مبيزة القطاعات املزدهرة التي تعتمد على االقتصاد العاملي بشكل أقل من غيرها من القطاعات .غير أن جميع القطاعات لديها صلة بالتجارة ،واإلجراء املرتبط بالسياسة الذي يتم اتخاذه في الوقت املناسب هو الوحيد الذي سيمنع هذه املناطق اآلمنة نسبيا في االقتصاد من االنزالق إلى هوة عدم االستقرار الذي شهدناه في أسواق أخرى. وقدم جون ثورنتون ،الرئيس السابق لبنك جولدمان ساكس االستثماري ،توصية مماثلة .ويوضح أنه ال توجد دولة مثل أخرى ،وعلى هذا فالبد لكل دولة في الشرق األوسط وشمال إفريقيا أن تقيم أدواتها وتوظفها بالشكل الذي ترى أنه األمثل من أجل التغلب على ضغوط الركود. وتعتبر معدالت النمو بنسبة ٪ 6والتي سمحت لهذه الدول بتجميع مبلغ 003،1مليار دوالر في شكل أصول أجنبية هي األساس اآلن ،أو الفرصة ،ملواجهة التقلبات الدورية لإلنفاق املالي .وعلى سبيل املثال ,ضربت اململكة العربية السعودية املثال على السياسة االقتصادية املتفردة للدولة في التعامل مع الركود االقتصادي ،حيث أعلنت عن أكبر صفقة للتحفيز املالي كنصيب من الناجت اإلجمالي احمللي ،باإلضافة إلى خطة استثمار مقدارها 004مليار دوالر على مدى خمس سنوات. وسمح هذا النوع من اإلنفاق املستمر بدعم اقتصاد الدولة املصدرة للنفط وصدر تأثيراته إلى الدول اجملاورة املستوردة للنفط .غير أن اجلانب السلبي لهذا النوع من اإلنفاق ،بالطبع هو احتمال حتول دول املنطقة املصدرة للنفط من وجود فائض هائل في امليزانية إلى عجز بسيط. ووفقا لبحث بول كروجمان عن اقتصاديات الركود ،فإن هذا النوع من السلوك هو ما حتتاج احلكومات والبنوك املركزية إلى اتباعه .وهو يقول بشكل أكثر حتديدا “عندما تسود اقتصاديات الركود ،فإن القواعد املعتادة للسياسة االقتصادية يحال دون تطبيقها ،وتصبح الفضيلة رذيلة ،واحلذر مخاطرة والتعقل حماقة” .وعلى هذا فإن اخلوف من العجز الذي يعتبر سمة سلبية عندما يكون األداء االقتصادي جيدا يصبح تضحية ضرورية خالل الركود ،وعالمة على سالمة السياسات االقتصادية الكلية .ويقول إن نفس الشيء ينطبق على االعتقاد بوجوب اتباع السياسة االقتصادية بحذر .وفي حالة الركود ،فإن الفاصل الزمني الذي يترتب على احلذر، قد يتسبب في نهاية املطاف في فشل تطبيق السياسة حيث قد تتحول ظروف السوق إلى األسوأ. ويبدو أن هذا التقييم ذو صلة بدول الشرق األوسط خاصة ،رغم أن اخلصائص االقتصادية اخملتلفة لكل دولة سوف يكون لها تأثير على كيفية تنفيذها للفهم احلالي القتصاديات الركود .ومتتلك الدول الرائدة في تصدير النفط ،مبا فيها اململكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون اخلليجي وغيرها من الدول ،مثل ليبيا واجلزائر ،احتياطيات اقتصادية كافية للحفاظ على زيادة اإلنفاق خالل أزمة مطولة .ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن الدول األخرى ذات اجملال املالي األقل ،مبا فيها العراق وإيران والسودان واليمن ،سيكون عليها حتديد أولوياتها أو خفض اإلنفاق احلكومي واإلعانات املالية. بوال ميجيا – محررة اجمللة للشؤون االقتصادية
اجمللة
33
اقتصاديات اخلليج
32
اجمللة
كارنيجي إلى أن قلق قوى نووية مثل روسيا والصني ،ينبع من أن القضاء على األسلحة النووية من شأنه أن يجعل الواليات املتحدة تتمتع بتفوق عسكري كبير عليها ،حيث أن قواتها التقليدية تعتبر متميزة في هذا الصدد .ويعني ذلك أن القضاء على األسلحة النووية ال ميكن أن ينجح حقا إال إذا رافقه تعديالت في العالقات العسكرية على النطاق األوسع ،وكذلك اتخاذ التدابير الالزمة لبناء الثقة بني الدول .كما ينبغي باإلضافة إلى ذلك تسوية املنازعات السيادية السابق ذكرها ،من أجل الشروع في الدخول في مفاوضات جادة حول القضاء على األسلحة النووية .وأخيرا ،فإن اخلوف من اإلرهاب النووي ،يقلل من رغبة الدول النووية في التخلي عن أسلحتها .ومع ذلك ،فمن غير املرجح أن يقوم اإلرهابيون بتطوير مثل هذه األسلحة .فهم في الغالب سيقومون بشرائها من دول نووية ،مما يؤكد مرة أخرى ضرورة القضاء على هذه األسلحة .وفي نهاية املطاف ،ينبغي أن يكون هناك املزيد من الشفافية حتى تتمكن البلدان ،سواء من الدول النووية أو غير النووية، من احلد من مخاوفها و تكهناتها حول ترتيب ترساناتها النووية مقارنة بالترسانات النووية للدول األخرى. ويوضح تقرير مؤسسة كارنيجي األوضاع السياسية الالزم تواجدها للقضاء على األسلحة النووية .حيث يوضح التقرير بشكل مقنع أنه مبا أن مثل هذا احلدث يعتمد على إبرام العديد من االتفاقات املعقدة ،يجب على املنظمات الدولية ،و خاصة خاليا التفكير ،أن تبادر باستكشاف الظروف الالزمة واألساليب التي ميكن أن تسفر عن فرصة حقيقية للسعي للقضاء على األسلحة النووية بشكل حقيقي و فعال .و خالفا لذلك فإن التقارير األخرى قد ركزت على التحديات التي تواجه قضية القضاء على األسلحة النووية على املدى القصير .و يعالج مجلس العالقات اخلارجية ،على وجه اخلصوص ،هذا الوضع املعقد املتعلق بالسيطرة على انتشار األسلحة النووية في الشرق األوسط .و بالرغم من اختالف النقاط و األهداف التي يركز عليها املقاالن ،إال أن مقال مجلس العالقات اخلارجية يقدم اقتراحات محددة بالنسبة للواليات املتحدة على وجه اخلصوص ،لكي تتمكن من خلق األوضاع الالزمة التي اعتبرها تقرير مؤسسة كارنيجي شرطا أساسيا لنزع السالح .و لكن ،لألسف ،فإن القضايا التي ركز عليها التقرير واملتعلقة بانتشار األسلحة النووية في منطقة الشرق األوسط ،تشير إلى أنه من غير احملتمل أن يتم التغلب هذا الوضع املعقد في املستقبل القريب .و بالتالي فإن التحدي الذي يواجه زعماء العالم ليس هو نزع السالح النووي في العالم ،بل هو على نحو أكثر واقعية منع إيران من احلصول على أسلحة نووية. و بالرغم من أن هذه املهمة قد تبدو أقل صعوبة ،إال أن التقرير سرعان ما يبني أن هناك العديد من العوامل التي يجب التصدي لها من أجل اكتمال حتقيق هذا الهدف .و يستعرض معدو التقرير ،ريدل و سامور ،اخليارات اخملتلفة التي ستكون متاحة أمام الواليات املتحدة في حال فشل اجلهود الدبلوماسية في منع إيران من امتالك القوة النووية .فبإمكان الواليات املتحدة أن تقبل إيران بوصفها دولة ذات قدرات نووية مع محاولة وضع العراقيل ملنع إيران من إنتاج هذه األسلحة بالفعل. و إذا فشلت في حتقيق ذلك ،فستستطيع الواليات املتحدة أن حتاول ردع واحتواء إيران املسلحة نوويا ،و أن تسعى في الوقت ذاته إلثناء الدول األخرى في املنطقة عن تطوير أسلحة نووية .و اخليار الثالث هو أن تتخذ الواليات املتحدة قرارا بالهجوم على املنشأة النووية اإليرانية في محاولة للقضاء على قدرة إيران على امتالك سالح نووي .ورغم أن املؤلف يشير إلى أن الواليات املتحدة ليست مقيدة بوقت محدد فيما يتعلق بقدرة إيران التكنولوجية على إنتاج أسلحة نووية ،إال أن هناك عقبات كبيرة في طريق “السيطرة على إيران”. و أولى هذه العقبات هي القضية اإلسرائيلية ،حيث تواجه إسرائيل تهديدا مبحوها من الوجود قد يدفعها إلى التصرف بشكل فردى بدون انتظار قرار الواليات املتحدة بأن خيار الدبلوماسية لم يعد ممكنا .و بالرغم من أن املكاسب احملتمل احلصول عليها من جراء تطبيق اخليار العسكري األميركي أو اإلسرائيلي قد ال توازى حجم اخلسائر احملتملة ،إال أن عدم وجود قوة عسكرية رادعة لن يجعل إيران تقدم الكثير من التنازالت فيما يتعلق بتصنيع األسلحة النووية.
ونتيجة لذلك ،فإن التقرير يشجع الواليات املتحدة على التشاور مع حلفائها في املنطقة قبل الدخول في أي مفاوضات مع إيران ،فضال عن التشاور مع الالعبني الفاعلني اآلخرين الذين قد يكون لديهم القدرة على التأثير على السياسة اإليرانية. فعلى سبيل املثال ،تتطلب فعالية العقوبات التي قد تفرضها األمم املتحدة تعاون دول مثل روسيا والصني. و ينبغي على إدارة أوباما أيضا ضرورة وضع نهج للتغلب على اجلمود الدبلوماسي احلالي ،أي أنه ينبغي عليها أن تستأنف احملادثات الثنائية املباشرة مع إيران بشأن مجموعة من املسائل ،مبا فيها املسألة النووية ،والعالقات بني الواليات املتحدة وإيران و وعملية السالم بني الفلسطينيني و اإلسرائيليني و قضية العراق ،بدون مطالبة إيران بوقف برنامجها لتخصيب وإعادة معاجلة اليورانيوم كشرط مسبق إلجراء مثل هذه احملادثات .و هكذا ،فإن التقرير يعتبر مسألة السيطرة على االنتشار النووي في إيران مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتقارب بني إيران والغرب بشكل عام. كما تسلط املقاالت ذات الصلة مبناقشة جدوى نزع السالح النووي الضوء على مختلف القضايا التي من شأنها أن تؤثر على إمكانية القضاء على هذه األسلحة. و تتبنى جريدة “بوسطن جلوب” هذا الرأي ،ألنها تركز على قضية اإلرهاب النووي، والدول النووية احلالية التي من املرجح أن تتيح الفرصة النتشار هذه األسلحة بني األفراد الالعبني من غير الدول .حيث تالحظ الـ”بوسطن جلوب” من خالل استعراض آراء 117منظمة غير حكومية حول اإلرهاب و السياسة اخلارجية للدول النووية، أن ٪ 74من اخلبراء يرجحون أن باكستان ستكون هي البلد الذي سيقوم بنقل التكنولوجيا النووية إلى اجلماعات اإلرهابية في غضون 5سنوات .و قد أوضح اخلبراء رأيهم هذا باإلشارة إلى أن باكستان قد أفرجت مؤخرا عن العالم النووي عبد القادر خان الذي كان معتقال في منزله ،و الذي يعد أبا البرنامج النووي الباكستاني، و الذي اعترف بنقلة للتكنولوجيا النووية إلى إيران وليبيا وكوريا الشمالية .و انطالقا من ذلك ،أشارت الـ”بوسطن جلوب” إلى أن الواليات املتحدة وغيرها من الدول النووية التي تعمل على احلد من االنتشار النووي ،ينبغي أال تركز جهودها فقط على الدول التي قد تسعى إلى تطوير ترسانة نووية مثل كوريا الشمالية وإيران ،ولكنها ينبغي أن تركز أيضا على احلد من قدرة الالعبني الفاعلني من غير الدول ،الذين قد يصعب السيطرة عليهم في حال متكنهم من احلصول على هذه األسلحة. و قد اقترحت جريدة الـ”بوسطن جلوب” ،خالفا لالقتراحات التي طرحها تقرير جمللس العالقات اخلارجية ،والذي أوصى مبمارسة املزيد من الضغوط على إيران خالل املفاوضات النووية ،أن يتم استخدام حوافز بديلة ،و أن األهم من ذلك أن تتم معاجلة مسألة استقرار األوضاع في باكستان من أجل عدم السماح للجماعات اإلرهابية بأن تصبح قوية. و توفر مقاطعات باكستان املتاخمة ألفغانستان مالذا آمنا لإلرهابيني النوويني ،مبا في ذلك كبار قادة تنظيم القاعدة مثل بن الدن ،الذي ال يزال يسعى المتالك أسلحة نووية .و لذلك يتعني على الواليات املتحدة من أجل احلد من أخطار الترسانات النووية في آسيا ،أن حتاول دعم التنمية االقتصادية و الدميقراطية فى هذه البالد، من أجل تعزيز استقرار تلك البالد. و تسلط االقتراحات املوجودة في هذه التقارير املتنوعة الضوء بشكل كاف على اجلوانب اخملتلفة للتعقيدات السياسة اجلغرافية التي تعد السبب وراء انتشار األسلحة النووية. رابط املقال الرئيسي: http://www.carnegieendowment.org روابط املقاالت اإلضافية: www.brookings.edu http://www.boston.com اجمللة
31
دراسات
ماذا يحمل المستقبل القريب في جعبته:
هل ستبقى األسلحة النووية بحوزتنا؟ المجلة -لندن
يحلل التقرير ال�رشوط الالزمة لكي ي�صبح نزع الت�سلح النووي الكامل �أمرا ممكنا .ويرى �أن الدول النووية مل تفعل الكثري يف الوقت احلايل من �أجل دفع عجلة النقا�ش الدائر يف هذا ال�صدد �إىل الأمام. ورغم ذلك يقر التقرير ب�أن ثمة �رشوطا عديدة يتعني الوفاء بها حتى ميكن �أن ت�سفر هذه اجلهود عن �شيء .ويركز هذا املقال على التو�صيات التي يطرحها التقرير من �أجل جعل نزع ال�سالح النووي حقيقة واقعية. القضاء على األسلحة النووية :جدال دائر المؤلف :جورج بوركوفيتش وجيمس أكتون الناشر :معهد كارنيجي للسالم الدولي -فبراير 2009
30
مجموعة الدول املسلحة نوويا وتلك التي المتتلك أسلحة .وعلى وجه التحديد، يرى التقرير أنه التوجد مبادرات باجتاه النزع التام للسالح النووي من جانب الدول النووية .وكنتيجة لذلك ،فإن هذا يولد لدى عدد كبير من الدول غير النووية مقاومة للجهود الرامية إلى تعزيز نظام إجراءات احلماية النووية التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي صمم من أجل التأكد من أن املنشآت املدنية النووية التستخدم ألغراض عسكرية .ويركز التقرير الضوء على ما يحمله هذا من استفزاز إذا أخذنا في االعتبار التزايد العاملي املتوقع في إنتاج الطاقة النووية.
في أعقاب نهاية سباق التسلح الذي شهدته فترة احلرب الباردة بني الواليات املتحدة وروسيا ،فقد ظلت موضوع االنتشار النووي ميثل الشاغل األول لقادة الدول ،سواء تلك التي متتلك قدرات نووية أو الدول التي التتمتع مبثل هذه القدرات .ولقد تصاعدت دواعي القلق في السنوات األخيرة حول االنتشار النووي،نظرا ألن دوال الميكن التنبؤ بسلوكها قد أصبحت قاب قوسني أو أدنى من احلصول على التكنولوجيا الالزمة لتطوير أسلحة نووية ،وحتديدا إيران وكوريا الشمالية .وباإلضافة إلى ذلك ،فإن هاجس اندالع حرب نووية يزداد حدة عندما ينشب نزاع بني الدول النووية على السيادة في اإلقليم الذي تتواجد فيه هذه الدول ،مثل النزاع الفلسطيني اإلسرائيلي ،والنزاع بني باكستان والهند حول كشمير ،والصراع الدائر حول األطراف احلدودية لروسيا .إن التوترات التي تخلقها مثل هذه النزاعات تزيد من رغبة هذه الدول في دعم أسلحتها النووية بحيث تستطيع إبراز مالديها من قوة ،كما أنها تزيد من إمكانية استخدام هذه األسلحة .وهكذا فإن التوترات السياسية القائمة تعد مصدر تهديد ،مما قد أدى إلى تأجج االهتمام بالنقاش الدائر حول نزع األسلحة النووية لدى معظم الدول.
ومن أجل تقييم نوعية النقاش الذي ينبغي أن يتم ،واإلجراءات التي يتعني تنفيذها من أجل طمأنة األطراف املعنية بأن نزع التسلح النووي هو أمر مفيد للجميع ،فإن التقرير يقوم أوال باستعراض استخدام األسلحة النووية من جانب الدول التسع التي متتلك هذه األسلحة .ويقر التقرير بأن الدول النووية اخملتلفة تنظر إلى جدوى األسلحة النووية بطرق مختلفة .وعلى سبيل املثال ،يقال إن باكستان تستخدم سالحها النووي إلحداث توازن عام مع التفوق االستراتيجي الكلي للهند.
وهكذا فإن تقرير معهد كارنيجي يهدف إلى وضع هذا النوع من اجلدال في سياقه والدعوة إلى حتليل دولي ونقاش جاد يقر بوجهات النظر املتضاربة داخل
و األهم من ذلك ،هو أن التقرير يلقي الضوء على التحديات التي ال تزال تعوق عملية القضاء على األسلحة النووية .ففي البداية ،يشير تقرير مؤسسة
اجمللة
درا�سات مستقبل حلف الناتو :مواجهة االنقسامات القديمة والمخاطر الجديدة جيمس إم .جولدجير -مجلس العالقات الخارجية -ربيع 2009
لقد بذل حلف الناتو الكثير والكثير من أجل التكيف مع العالم عقب أحداث احلادي عشر من سبتمبر أيلول .ومع ذلك ،فإنه ال يزال يواجه نفس السؤال الوجودي الذي واجهه منذ نهاية احلرب الباردة :هل حتالف دميقراطيات األطلسي الذي مت تأسيسه ملواجهة أي هجوم سوفيتي محتمل مبثابة أفضل وسيلة للتغلب على تهديدات القرن احلادي والعشرين؟
مقايضات مخاطر االئتمان ودور المقاصة والتبادالت
مجموعة عمل سكوم الك للتنظيم المالي -مجلس العالقات الخارجية -يوليو 2009
WORKING PAPER
Credit Default Swaps, Clearinghouses, and Exchanges Squam Lake Working Group on Financial Regulation July 2009
مقايضات مخاطر االئتمان عبارة عن عقود متنح املقترضني احلماية من مخاطر التخلف عن سداد الدين .وفي حني ميكن أن تكون هذه املقايضات مبثابة وسيلة قيمة إلدارة اخملاطر ،من املمكن أيضا ً أن تزيد من اخملاطر النظامية .فإخفاق أحد املشاركني املهمني في سوق مقايضات مخاطر االئتمان ميكن أن يؤثر على استقرار النظام بأكمله .وهذا البحث يحلل سوق مقايضات مخاطر االئتمان ويعطي توصيات محددة بشأن األدوار املالئمة لدور املقاصة والكيفية التي ينبغي أن يتم تنظيمها بها.
مجموعة العشرين :أقل بكثير مما كان متوقعًا مايلز سالتيل -معهد آدم سميث -يوليو 2009
يعطي هذا امللخص تقييما ً لقمة مجموعة العشرين لعام 2009ويتوصل إلى أن هذه القمة لم حتقق جناحا ً يذكر حتى بالنسبة ملن كان لديهم توقعات محدودة .فبالرغم من حتقق بعض اإلجنازات ،اتسم البيان الرسمي للمجموعة بضعف وعوده وخلو لغته من املعنى.
اجمللة
29
The World in Recession Parag Khanna
Fragile Alliances in Lebanon
Interview with Amine Gemayel, Former President of Lebanon
The Leading Arab Magazine الدولية العرب مجلة
The US and Iran in Afghanistan Karim Sadjapour
www.majalla.com
قريبا The Coming soon واالنكليزية العربية باللغتني Recession’s in both Arabic and English
EXIT www.majalla.com www.majalla.com Read
Studies every month on our website Will politicians
? succeed where economists fail
, April 18, 2009
Stephen Glain
مسئولية
أمريكا
الكتاب :عودة التاريخ ونهاية األحالم المؤلف :روبرت كاجان الناشر :فينتاج بوكس 2009
هذا الكتاب يتناول حقيقة الهيمنة األمريكية ويعرض وجهة نظر تتعلق بدور الواليات املتحدة في عاملنا اليوم. على النقيض من االجتاه احلالي الذي إما يتنبأ بانكماش دور أمريكا أو يؤكد هذا االنكماش ويتوقع ظهور قوى عاملية أخرى ،يزعم روبرت كاجان في كتابه أن الواليات املتحدة ما تزال القوة األولى في العالم .ويعرض الكتاب حتديدا ً رؤية جريئة تختلف عن تلك الرؤية التي شاعت مؤخراً .ففي حني يشن جميع ُ الكتاب والصحفيني هجوما ً عنيفا ً على الرئيس السابق جورج بوش منتقدين أسلوبه، يرى كاجان أن الكثير من السياسات األمريكية التي تبناها بوش هي في حقيقة األمر مبثابة مبادئ وأسس للسياسة األمريكية التي مت إرساء دعائمها قبل مجئ بوش والتي سوف تستمر بعد رحيله. ويثني الكتاب على الهيمنة األمريكية وال يقف األمر عند هذا احلد بل يزعم املؤلف أن هذه الهيمنة ضرورية لتحقيق االستقرار في العالم .ففي حني يتساءل اجلميع عن مفهوم “احلرب على اإلرهاب” ،ويسلطون الضوء على عواقبها الكارثية ،يرى كاجان أن الواليات املتحدة وغيرها سوف يتعني عليها االستمرار في حربها على اإلرهاب .ويعترف أن هذه احلرب ينبغي أال تكون األولوية الرئيسية والوحيدة للسياسة اخلارجية األمريكية لكنها بالتأكيد تعد أمرا ً ضروريا ً في السنوات املقبلة .ويؤمن كاجان إميانا ً راسخا ً مبسئولية الواليات املتحدة جتاه العالم خصوصا ً في نشر مبادئ التحرر والدميقراطية ومكافحة اإلرهاب. وتتحدى كل من الصني وروسيا الهيمنة األمريكية ،لكنه وفقا ً لكاجان فإن هذا ليس معناه أننا اآلن في عالم متعدد األقطاب .واألمر األكثر إثارة وتشويقا ً أن
حتليل املؤلف للغضب الذي اندلع في أرجاء العالم ضد سياسات أمريكا ليس سببه أن هذه السياسات خرجت عن اخلط السياسي الرئيسي الذي كانت تسير عليه وإمنا بسبب أن العالم عقب احلرب الباردة تولدت لديه توقعات مبالغ فيها. ويتوقع املؤلف أن هذه التوقعات الهائلة واألحالم العريضة في طريقها للزوال. ويتناول الكتاب خطر اإلسالم املتشدد كما يطرح القضية الشائكة التي تواجه اإلدارة األمريكية والتي تتعلق مبا إذا كان ينبغي على هذه اإلدارة دعم احلكومات االستبدادية في الشرق األوسط والدول اإلسالمية األخرى أم إرساء دعائم الدميقراطية هناك والتي من شأنها أن تؤدي إلى انتصار احلكومات اإلسالمية املتطرفة .ويبحث كاجان احتمال أن يكون هذا هو السبب وراء دعم الواليات املتحدة للحكومات غير الدميقراطية في أنحاء العالم اإلسالمي. ورمبا يكون حتليل كاجان فريدا ً من نوعه وقد يكون مختلفا ً عن باقي ما ُكتب في ذات املوضوع .ويتسم حتليله بأنه منظم ويعتمد على البحث اجليد املدعوم باألدلة وحسن التناول .وسوا ًء اتفق القراء مع وجهة النظر التي عرض لها املؤلف ،فإن الكتاب يتمتع مبصداقية عالية. روبرت كاجان زميل مبؤسسة كارنيجي للسالم الدولي ،وتخرج من جامعة يال ومدرسة كينيدي للحكم التابعة جلامعة هارفارد وحاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ األمريكي .وقد عمل كاجان في وزارة اخلارجية األمريكية من عام 1984 إلى 1988كأحد أعضاء التخطيط السياسي .ويكتب د .كاجان عمودا ً شهريا ً عن شئون العالم لصحيفة واشنطون بوست. “عودة التاريخ ونهاية األحالم” هو آخر ما ألفه كاجان .ومن بني كتبه السابقة “أمة خطيرة :مكان أمريكا في العالم منذ بدايتها إلى مطلع القرن العشرين” و”الفردوس والسلطة” والذي كان من أفضل مبيعات صحيفة نيويورك تاميز.
اجمللة
27
كتب
لعدم اإلستقرار
في آسيا الوسطى الكتاب :اإلنحدار نحو الفوضى :الواليات المتحدة والكارثة في باكستان وأفغانستان وآسيا الوسطى المؤلف :أحمد رشيد الناشر :دار نشر فايكنج بنجوين -أبريل 2009 يعرض أحدث كتاب أحمد رشيد رؤية متعمقة للحرب في أفغانستان .ويوضح الكتاب عجز القوى الغربية عن هزمية طالبان بإبراز كيفية تأثير عدم اإلستقرار اجلغرافي والسياسي في املنطقة إجما ًال على اجلهود العسكرية األمريكية.
يستكشف كتاب اإلنحدار نحو الفوضى للكاتب أحمد رشيد الدور الذي لعبه الغرب ،خاصة الواليات املتحدة ،في الفوضى التي جنمت عن غزو أفغانستان في عام .2001ويوضح رشيد أن جزءا ً من املشكلة في احلرب على أفغانستان يرتبط بالسياسة اخلارجية املتناقضة التي مارستها احلكومة األمريكية مع باكستان. ويتركز انتقاده على سياسة إدارة بوش في أفغانستان ،وخاصة استخدامها لزعماء احلرب للسيطرة على احلكومة. غير أن اجلديد في إنتقادات رشيد لسلوك إدارة بوش في أفغانستان يتمثل في الطريقة الذكية التي يضع من خاللها املشكلة األفغانية املعقدة في سياقها الصحيح وذلك من خالل تفسير وضعها املعقد في إطار العالقات اجلغرافية والسياسة بني الهند وباكستان وإقليم آسيا الوسطى على نطاق أوسع. ومن بني إجنازات رشيد في هذا الكتاب دمجه للصراع في كشمير ،وهي املنطقة املتنازع عليها بني الهند وباكستان ،كعامل يفسر عدم قدرة الدول الغربية على ممارسة نفوذها في أفغانستان .ويوضح الكاتب أن كشمير تقع في قلب العالقات املتوترة بني باكستان والهند .ويدفع هذا األمر رشيد إلى إقتراح واحدة من التوصيات الرئيسية أمام الغرب ،واملتمثلة في أنه ينبغي على الواليات املتحدة
26
اإلهتمام بشكل أكبر بتحقيق تسوية في كشمير ،إذا أرادت لباكستان أن تساهم في حتقيق اإلستقرار في أفغانستان .وعندئ ٍذ فقط ستكف باكستان عن رؤية حدودها مع أفغانستان كميزة إستراتيجية ضد الهند ،وبدال ً من ذلك سوف تراها على حقيقتها أنها مصدر لعدم اإلستقرار في املنطقة. وبالرغم من إنتقاد رشيد الواعي إلدارة بوش ،فإن هناك جوانب قصور في الطريقة التي يراها املؤلف ضرورية فيما يتعلق بتوجه السياسة األمريكية حيال باكستان. فالكاتب يحبذ إلتزاما ً عسكريا ً أكثر تأثيرا ً في الصراع ،ويوصي بزيادة املساعدات من أجل تطوير املنطقة زاعما ً أن هذا من شأنه أن يعزز دون شك قدرة الدولة على مواجهة املناطق املتاخمة التي ال تزال إلى يومنا هذا مرتعا ً للجماعات اإلرهابية. وفي حني ميكن أن تسهم تلك التوصيات في حتقيق اإلستقرار وبناء الدولة ،إال أن رؤية رشيد لم تأخذ في اإلعتبار قدرة الواليات املتحدة على حتقيق هذه األهداف. فمن الصعب أن جند أمثلة حديثة حققت جناحا ً في بناء دولة بفضل الواليات املتحدة ،مما يجعل إمكانية أن تسهم املساعدات اإلضافية في حتقيق األهداف التي أشار إليها رشيد موضع شك وتساؤل. وإضافة إلى ذلك ،لم تأخذ توصياته في احلسبان السياسة احمللية ألمريكا. فبالرغم من أن الرئيس األمريكي أوباما إلتزم بتخصيص قوات ال بأس بها في أفغانستان ،فإن شعبية هذه احلرب محدودة .وهناك تساؤالت كثيرة حول ما إذا كانت الواليات املتحدة تستطيع أن حتتفظ بقدرتها على اإلستمرار في نشر قوات كبيرة لوقت طويل جداً ،وهو األمر الذي سيكون ضروريا ً إذا مت تنفيذ توصيات رشيد. وهذا صحيح على نحو خاص حيث إن رشيد يشير إلى أن “أفغانستان لن تكون قادرة على دفع رواتب اجليش اخلاص بها على مدى سنوات عديدة مقبلة؛ ورمبا لن تستطيع أبداً” .وبالرغم من إدراك اإلدارة األمريكية اجلديدة ألهمية اإلستقرار في املنطقة ،فإنه من غير احملتمل أن يكون لدى الواليات املتحدة اإلستعداد لدعم اإلستقرار في أفغانستان وباكستان على حساب األمريكيني إلى األبد.
كتب يوصى بقراءتها
الكتاب :المائة عام القادمة :توقعات للقرن الحادي والعشرين المؤلف :جورج فريدمان الناشر :مجموعة دابلداي للنشر 2009
جورج فريدمان مؤلف كتاب احلرب السرية ألمريكا ومؤسس شركة ستراتفور املستقلة للتوقعات اجلغرافية السياسية .وفي آخر مؤلفاته “املائة عام القادمة :توقعات للقرن احلادي والعشرين” يعطي فريدمان تنبؤاته بشأن احلرب والسالم خالل القرن القادم.
الكتاب :دفاعًا عن العولمة :بخاتمة جديدة المؤلف: الناشر :
يقدم جاجديش بهاجواتي ،املستشار السابق لألمم املتحدة توصيات حتفز على التفكير من أجل التحكم في العوملة.
الكتاب :طالبان :اإلسالم المتشدد والنفط والتطرف في وسط آسيا المؤلف :أحمد رشيد الناشر :إصدارات جامعة يال 2001
باستعراض كامل ألحدث مؤلفاته “االنحدار نحو الفوضى” في هذه الطبعة من اجمللة ،يذكرنا أحمد رشيد بهذا العمل املثير الذي ُصنف على أنه أفضل كتاب متاح في السوق عن طالبان.
الكتاب :السياسة والتغيير في الشرق األوسط (الطبعة التاسعة) المؤلف :روي آر أندرسون ،روبرت إف سيبيرت ،جون جي واجنر الناشر :برنتيس هول 2008
هذه الطبعة األخيرة من الكتاب الذي حقق مبيعات كبيرة على مدار فترة زمنية طويلة تتبع أسلوبا ً منوعا ً في التناول وذلك لتسليط الضوء على ديناميكيات السياسة احلالية باملنطقة مبا في ذلك التغييرات السياسية األخيرة مع التأكيد بشكل خاص على التدخل األمريكي في العراق واالهتمام املتزايد بالدميقراطية على املستوى اإلقليمي.
اكثر من راي
تصل إلى حد اإلنفصال ،لكن بعض مستغلي هذا احلراك جنحوا في اللعب على هذا الوتر وساعدهم على ذلك رد فعل السلطة العنيف في بعض األحيان . وميكن القول أن دخول قوى اللقاء املشترك خاصة اإلصالح واإلشتراكي على خط احلراك أعطاه زخما ً وقوة حيث أن أحزاب اللقاء أرادت وفقا ً ألجندة حزبية أن تستخدم احلراك كأداة ضغط أمام سيطرة املؤمتر على احلكم والتي حولت اإلشتراكي واإلصالح من شركاء في ترويكا السلطة إلى قوى سياسية متارس عليها وسائل اإلعالم الرسمية حرب تشويه. فاإلشتراكي كان يحكم اجلنوب منفردا ً منذ عام 1967وحتى الوحدة عام 1990 ثم أصبح شريكا ً في حكم اليمن املوحد حتى عام ،1994بينما ظل اإلصالح مؤيدا ً للسلطة منذ إستقالل اليمن الشمالي حتى دخوله مجلس الرئاسة عام 1994 وخروجه منها بعد اإلنتخابات النيابية، ثم دخوله في حتالف اللقاء املشترك مع احلزب اإلشتراكي وقوى أخرى منذ فبراير .2003 هذا اإلستغالل من قوى اللقاء املشترك مع اختالف األهداف املعلنة لهم ورصد مفردات اخلطاب املستخدمة حياله تؤكد في حالة “اإلصالح” أن ثمة تراجعا ً في خطابه خاصة من قيادته الشمالية حيال احلراك بعدما شعروا أنه يستخدم لتحقيق أهداف جماعة علي سالم البيض ورفاقه اإلنفصالية للقضاء على الوحدة التي كان اإلصالح أحد أدوات حسم معركتها عام ،1994فاإلصالح رمبا تعاطف بل وأيد احلراك في شقه اإلجتماعي ،ولكن حتوله إلى مطالب سياسية باإلنفصال جعلت احلزب يصدر بيانا ً في ختام مؤمتره الرابع في مارس املاضي دعا فيه السلطة إلى “ضرورة إيجاد املعاجلات اجلذرية ملشاكل املواطنني في احملافظات اجلنوبية والشمالية على ح ٍد سواء ،داعيا ً في الوقت نفسه اجلميع إلى التمسك بالنهج السلمي إلنتزاع احلقوق حتت سقف الوحدة”. إذن رمانة ميزان الوحدة -وهو اإلصالح- الزال هنا هو الفيصل في ضمانة استمرارها على أساس قوته في اجلنوب إضافة إلى اإلشتراكي الذي لن يستطع مبفرده حتقيق هدفه باإلنفصال وهذه املرة بحراك إجتماعي بعدما فشل فيه عسكريا ً عام 9419طاملا أن اإلصالح أعلن صراحة رفضه لإلنفصال وإصراره باحلفاظ على مكتسبات الوحدة.
24
اجمللة
تصفية حسابات رغم وجاهة أسباب احلراك اجلنوبي في شقه اإلجتماعي -وبعيدا ً عماإذا كانت هناك قوى تقف وراءه ،أو أنه احتجاج عفوي ،فإن ما هو مؤكد أن هناك من استغل هذا احلراك لتحقيق أهداف بعضها داخلي مثل قوى احلكم السابقة في اجلنوب مبا حتمله من أحالم العودة والسيطرة ،وقوى خارجية تقوم بـ” قرصة أذن” للنظام اليمني احلاكم عقابا ً له على مواقف قومية سبق وأن عبر عنها برفضه للحرب األمريكية على العراق عام ،2003وتأييده للحق الفلسطيني ،ورفضه إلحالة البشير حملكمة اجلنايات الدولية..كلها مواقف تستحق إستغالل قوى خارجية ألحداث داخلية للتأثير على القرار اليمني في تصفية للحسابات ،وإضعاف للسلطة اليمنية التي فشل البعض في ضمها ألحالف إقليمية حالية مؤيدة للغرب في كل سياساته حتى لو عارضت املصلحة العربية. الهاجس الوحيد الذي يسيطر على القوى اخلارجية التي حاولت إستغالل “احلراك اجلنوبي” هو تنظيم القاعدة النشط في عدن والذي إنطلق منها في تنفيذ عدد من العمليات ضد املصالح الغربية ،وزاد من شدة هذا الهاجس ما ن ُقل عن قيادات في القاعدة خارج اليمن من تأييد للحراك اجلنوبي ما يعني أن مساحات أوسع للتنظيم ستتاح له في حالة إنفصال اجلنوب عن الشمال، السيما أن اشتراكيوا اجلنوب اآلن ليسوا بنفس القوة قبل عام ،9019بل قبل احلرب الدموية بني أقطاب النظام في اجلنوب عام 1986والتي راح ضحيتها اآلالف ،ومن ثم فإن احتماالت سيطرة اإلشتراكي على اجلنوب في حالة جناح احلراك لن تكون كافية للسيطرة أو احلد من نشاط القاعدة. إذن محصلة الدور اخلارجي هو فقط إستغالل احلراك كأداة للضغط وإضعاف النظام ،ولكن ليس للدرجة التي تؤدي إلى حتقيق اإلنفصال؛ ألن وجود سلطة مركزية في اليمن حتافظ على خطوط مفتوحة مع القوى اخلارجية في حدود معينة هو احلل األنسب حاليا ً لهذه القوى مع سعيها لتغيير درجات هذه العالقة في إجتاه حتقيق مصلحتها.
املوجودة باخلارج دفعت بعض مؤيدي احلراك إلى التراجع خوفا ً من إستغالله في عملية إنفصالية تعيد لألذهان واقع اجلنوب قبل الوحدة ،فالعديد من القوى السياسية تعلم أن سلبيات الوحدة أفضل كثيرا ً من إيجابيات اإلنفصال إن ُوجدت ،فـ” مين “ موحد ببذل مزيدا ً من اجلهد إلستغالل املتاح من املوارد، وبتطبيق أجندة دميقراطية ،وحزمة إصالحات سياسية حتقق بعضها في إتفاق حزب املؤمتر احلاكم مؤخرا ً مع أحزاب اللقاء املشترك ،منها تأجيل اإلنتخابات البرملانية ملدة عامني مقابل حتقيق تلك اإلصالحات أفضل كثيرا ً من اإلنفراد بقيادة إقليم عانى كثيرا ً خالل فترة إنفصاله من عام 1967-1990 في ظل اتساع مساحته اجلغرافية التي تصل إلى ( )332,970كم 2تقريباً، ولكنه يعاني خوا ًء سكانيا ً حيث يصل عدد سكانه إلى 3ماليني نسمة أو يزيد قليالً. وال أحد ينكر أن اجلنوب يواجه بعض املشاكل اإلقتصادية ،بعضها ورثته الدولة اليمنية من النظام السابق للوحدة ،وبعضه ناجت عن الطبيعة اجلغرافية للجنوب ،والبعض منه جزء من مشكالت اليمن بصفة عامة، والبعض األخير يتعلق بسلبيات املمارسة السياسية للنظام احلاكم، فأزمات اجلنوب في جوهرها ليست متييزا ً بني شمال وجنوب ،ولكنها مشكلة دولة ككل تواجه مشاكل إقتصادية ونقصا ً في املوارد والكفاءات باألساس، واحلل ليس في اإلنفصال ،ولكن في وجود أجندة وطنية واحدة تساعد اليمن على اخلروج من أزماته ،وحتقق الرخاء جلميع اليمنيني ،وليس بتصوير األزمة التي مير بها على أنها مشكلة إقليم على حساب أخر أو منطقة على حساب أخرى ،وأرى في دعوة الرئيس اليمني للقوى السياسية اليمنية وعلى رأسها أحزاب اللقاء املشترك للحوار مقدمة للحل وإلتفاق على حتديد عوامل احلراك، والعمل على وضع أجندة لإلصالح، وخارطة طريق في حدود إمكانات اليمن وموارده ،فاليمني يشغل اجلميع وليس اليمنيني وحدهم ،وإستقراره ووحدته يخدم املنظومة اإلقليمية أكثر من تقسيمه ،بينما السعي لـ “ صوملة “ اليمن سيضر باجلميع ،وستدفع كافة األطراف الثمن.
مستقبل احلراك الرهانات على احلراك خاصة من بعض القيادات اجلنوبية املقيمة باخلارج أو تلك
رجب الباسل؛ باحث في مركز االهرام متخصص في الشؤون اليمنية
األزمة اإلقتصادية في اليمن والسعي نحو اإلنفصال بين الشمال والجنوب رجب الباسل
مما ال�شك فيه �أن اجلنوب يواجه م�شاكل �إقت�صادية ولكنها يف جزء كبري منها جزء من م�شاكل اليمن كله الذي يواجه �أزمة �إقت�صادية تزداد �رضاوتها مبرور الوقت ،ويف ظل افتقاد الدولة ملوارد �إقت�صادية ميكن �أن تنقل اليمن من عرثته. ثالث سنوات مرت منذ بداية ما يسمى احلراك اجلنوبي في مديريات اليمن اجلنوبية.. ال أحد يعلم حتى اآلن إلى أين يتجه؟ وإن كان الكثيرون ميكن أن يجزموا أن دوافع
احلراك لدى غالبية مكوناته من الشرائح اإلجتماعية البسيطة كانت إعتراضا ً على أوضاع إقتصادية وهي تختلف عن األهداف املعلنة لدى قيادات دخلت على خط
احلراك الحقا ً وحاولت أن تصبغه بأجندتها السياسية األقرب لإلنفصالية وأن تبدو وكأنها تقف خلفه ومتلك حتديد أجندته، كما أن في دوافع هذا احلراك ما يؤكد أن قوى خارجية حاولت إستغالل هذا امللف للضغط على النظام احلاكم في اليمن سواء تصفية حلسابات سابقة أو لدفعه نحو تقدمي تنازالت مطلوبة في املشهد اإلقليمي احلالي. ال يختلف الكثيرون على أن اجلنوب يواجه مشاكل إقتصادية ولكنها في جزء كبير منها جزء من مشاكل اليمن كله الذي يواجه أزمة إقتصادية تزداد ضراوتها مبرور الوقت ،وفي ظل افتقاد الدولة ملوارد إقتصادية ميكن أن تنقل اليمن من عثرته، فالنفط حتى اآلن لم يكتشف وينتج بكميات ضخمة مثل باقي دول اخلليج حتقق لليمن الطفرة التي حتققت لتلك الدول ،كما أن بروز أزمة القرصنة األخيرة في البحر األحمر أثرت على مورد مهم لإلقتصاد اليمني ممثال ً في السفن التي متر بخليج عدن ومضيق باب املندب. دوافع ..ودوافع الذين شاركوا في احلراك اجلنوبي كانوا باألساس يعترضون على ما وصل إليه حالهم اإلقتصادي بعد الوحدة ،وافتقادهم للخدمات في بعض املدن خاصة في أطراف اليمن مثل الضالع وحلج وغيرها ،لكن بعض القيادات السياسية اجلنوبية سواء املوجودة بالداخل أو تلك املوجودة باخلارج وجدت في احلراك فرصة لتحقيق أهداف سياسية وصلت إلى حد املطالبة بإنفصال اجلنوب عن الشمال. هذه الدوافع السياسية للقيادات اجلنوبية السابقة رمبا لم تكن في حسبان مؤيدي احلراك من اجلماهير العادية ،فاملواطن البسيط الذي يفتقد اخلدمات األساسية حترك بدافع ذاتي بحثا ً عن متطلبات معيشة كرمية دون أن تغذيه في ذلك رغبة سياسية اجمللة
23
اكثر من راي
بني البلدين ومؤسساتهما. ترى ملصلحة من يتم جتاهل ما يجري على مقربة من أهم املناطق حيوية لالقتصاد العاملي؟!! لقد شهدت هذه الفترة موجة من االغتياالت وسيطر فيها الصراع العنيف الذي أفضى إلى حرب شاملة بني الدولتني واجليشني استمرت 77 يوما وانتهت بغزو القوات اليمنية أراضي اجلنوب وتدمير كل مقدرات الدولة اجلنوبية واالستيالء على كل شئ عام وخاص كغنيمة حرب وكسياسة متارس حتى هذه اللحظة. ملاذا يتجاهل العالم أن شعب اجلنوب يقاوم هذه السياسية العنصرية التمييزية ونهج االنفصال في اإلقصاء والتدمير لكل ماهو جنوبي التي متارس منذو اليوم إلعالن الوحدة في مايو 1990م. أيضا ً يتم جتاهل حقيقة أن هذه املقاومة قد تطورت وتراكمت حتى صارت معظم املناطق في محافظات اجلنوب محررة وال تستطع
22
اجمللة
سلطات االحتالل اليمني فرض سلطاتها سوى في العاصمة عدن بشكل أساسي وعواصم احملافظات بشكل محدود. وبشكل متزايد تواجه اليمن صعوبة التأهل ألن تصبح دولة تضطلع باملهام التي يتعني على مؤسساتها النهوض بها .والنظام يقمع أيضا ً بوحشية املظاهرات السلمية حيث اعتقلت في 7يوليو 2009أكثر من 10ألف مواطن في مدينة عدن وحدها وأد وعتهم املالعب (والهنجرات) بعد أن اكتظت بهم السجون واملعتقالت واألقبية ومنعت عنهم املاء والغذاء والدواء والزيارات. وبالرغم من الصعوبة التي جتدها وسائل اإلعالم في ممارسة عملها في البالد ،فإنه هناك حتى تقارير لعمليات تعذيب مارستها قوات األمن اليمنية. وهناك سؤال آخر ينبغي طرحه وهو :ملاذا يعتقد بعض الناس أن حل مشكلة اجلنوب سوف يأتي
من خارج البالد .لقد أخفقت جميع التجارب واحملاوالت السابقة في ترقيع وستر عورة هذا النظام الذي صار عاريا ولم تستره كل املساعدات التي قدمتها املؤسسات الدولية والدول املانحة والهبات الضخمة التي حصل عليها من دول اجلوار ناهيك عن الثروات الوطنية املنهوبة من البلد نفسها. وعالوة على ذلك ،يتعني على اجلامعة العربية أن تقوم بدور أكثر فعالية في هذه األزمة ،وال تنتظر حتركا ً من قبل أي أطراف أو قوات دولية أخرى. تلك أمور باتت تقرع مسامعنا بقوة فهل يصغي العقالء إلى صوت الشعب العربي في جنوب اجلزيرة؟
عبده النقيب -سكرتير دائرة اإلعالم - التجمع اليمني الدميقراطي اجلنوبي (تاج)
انتفاضه الجنوب العربي الشاملة.. مرحلة ما قبل إسقاط نظام االحتالل اليمني عبده النقيب
�إن ا�ستقالل اجلنوب الذي بات قاب قو�سني �أو �أدنى لن يكون �سببا يف انت�شار العنف وامتداد �أثرة يف املنطقة بل �أنه �سيكون �رضبة وقائية ملنع انت�شار مثل هذا الفو�ضى والتفكك و العنف الذي بات حقيقة واقعة يزداد يوما عن يوما بعد يوم. شكلت انتفاضة السابع من يوليو 2009نقلة متميزة في مسيرة الثورة اجلنوبية التحررية حيث خرجت اجلماهير في كل محافظات اجلنوب ,تصرخ منددة باالحتالل وتهتف لالستقالل اجلنوبي ..كانت الهتافات قد عكست تطلعات شعب اجلنوب إلى استعادة حريته وهويته العربية خالية من اخلوف والغموض .ال مكان اليوم بني اجلماهير اجلنوبية للحلول واملساومات ..خرجت اجلماهير بأعداد غير مسبوقة في العاصمة عدن وفي الضالع وفي أبني وشبوه وحضرموت واملهرة وفي العديد من املديريات و القرى لتعلنه يوما للغضب اجلنوبي ردا على يوم اجتياح القوات الغازية اليمنية ألراضي اجلنوب وعاصمته عدن قبل خمسة عشر عاما. كانت االنتفاضة القوية تشير إلى أنها مختلفة عن كل اإلعتصامات واملهرجانات التي سبقتها وما أكثرها في السنوات املاضية. هذه املرة بدت االنتفاضة شاملة في مختلف احملافظات واملديرات حيث أن كل واحدة منها كانت مكتظة باملشاركني تتحدى كل أنواع األسلحة التي شاركت في قمع االنتفاضة اجلنوبية .بدا الغضب والعزم واإلصرار من قبل املشاركني ليس فقط في ترديد الشعارات التي تدعو إلى االستقالل ورفع راية الدولة اجلنوبية ورفع (يافطات) تدعو إلى استعادة الهوية األصيلة لشعب اجلنوب العربي الذي حاول احلزب االشتراكي سلبه منه كما سلب منه حريته ودولته املستقلة في مؤامرة مايو 1990م. انتفاضة السابع من يوليو 2009م هي البداية للشرارة التي لن تنطفئ فاجلماهير مستمرة تواجه وجتول في الشوارع وتقاوم الرصاص احلي واالعتقاالت وأسلحة املوت والقتل معلنة أن هذه االنتفاضة لم تعد مجرد تعبيرا عن الغضب في ذكرى أليمة هو يوم سقوط حاضرة اجلنوب العربي عدن -وعاصمته التاريخية بأيدي الزحف القبليوالهمجي املتخلف بل أنها بداية إلعالن العصيان املدني واالستمرار في املواجهة السلمية حتى يسقط النظام ويتنفس اجلنوب نسيم احلرية. كان العالم كله يراقب عن كثب فقد خرجت وسائل اإلعالم عن صمتها ,فلم يعد باستطاعتها جتاهل هذه االنتفاضة لكنها تنقل صورة مشوهة وخاطئة عما يجري في محاولة أخيرة
لتجاهل ثورة شعب اجلنوب الفريدة التي طفت إلى السطح ولم تستطع أحزاب السلطة التي تدعي أنها معارضة كاحلزب االشتراكي اليمني أو ما يسمى بحزب(حوشي) -العدو األول للجنوب وشعبه -وحزب اإلصالح املتأسلم املتطرف الذي يتبادل األدوار مع حزب املؤمتر الشعبي في لعب دور املعارضة والسلطة لم يستطعا تبنى قيادة انتفاضة اجلنوب .كذلك لم يعد بني وسائل اإلعالم أو أحزاب ما يسمى باللقاء املشترك التزوير واالدعاء بأن مطالب اجلماهير هي مطالب حقوقية تريد إصالح النظام والقضاء على الفساد بل أن الدعوة الستقالل اجلنوب واحلديث عن هوية اجلنوب العربية املستقلة والتاريخ املتسقل صار عنوانا لثورة اجلنوب املشتعلة. وفي مواجهة هذا التحول الذي بدأ واضحا أضحت السلطة ومعها أحزاب اللقاء املشترك الوجه اآلخر لسلطات االحتالل -تلهث وراءاجلماهير اجلنوبية وال تستطع اللحاق بها ,فكلما رفعت األحزاب العميلة واملتعاونني مع االحتالل شعار في محاولة لتبنى هذه الثورة ووأدها تكون اجلماهير املتسلحة بالوعي قد رفعت شعارات ابعد وسقف أعلى .فتلك األحزاب املهترئة والعميلة كانت في يوما ما تصف هذه اجلماهير الثائرة بقطاع الطرق وأصحاب (الدكاكني) الصغيرة نراها اليوم تتباكى على اجلنوب وتدعي أنه يعاني من الظلم والتمييز لكن الدعوات التي ترفعها اجلماهير اجلنوبية دعوات خطيرة وهدامة وأن استقالل اجلنوب لن يقف عن هذا احلد بل أن اجلنوب واليمن سيتجزآن إلى دويالت وشظايا وأن البلدين ستدخالن في دوامة عنف سيمتد أثرة إلى املنطقة بأسرها. هكذا تريد هذه األحزاب أن تبرر وتش ّرع لبقاء االحتالل بهذه اخملاوف املزعومة التي اختلقتها وتسوقها عصابة السلطة في صنعاء وتتجاهل حقيقة أن النظام بوضعه احلالي يذهب نحو الصوملة ليس بسبب قضية اجلنوب بل بسبب االنهيار الشامل والتفكك الذي أعترى هذه النظام املريض الذي دمر أي أمل لقيام مؤسسات وبناء دولة. ورمبا نتساءل ما قيمة الوحدة واألحزاب التي ال تؤخذ في االعتبار مصلحة الشعب بأكمله ال
بل وتعارض تلك املصالح .يبدو أنهم لم يدركوا أن الشعب اليمني يعي ويرفض بأن يُقهر باسم الوحدة والقومية العربية. إن استقالل اجلنوب الذي بات قاب قوسني أو أدنى لن يكون سببا في انتشار العنف وامتداد أثرة في املنطقة بل أنه سيكون ضربة وقائية ملنع انتشار مثل هذا الفوضى والتفكك و العنف الذي بات حقيقة واقعة يزداد يوما عن يوما يغذيه النظام اليمني ويلعب به كورقة البتزاز بلدان اجلوار والدول املانحة للحصول على املزيد من املساعدات التي تذهب إلى عصابة السلطة والفساد وال تصل إلى املستهدفني من هذا الدعم .وفي نفس الوقت يستخدم النظام هذه الورقة ملنع دول اجلوار عن االستنكار ضد اجلرائم التي يرتكبها نظام االحتالل اليمني بحق شعب اجلنوب غير مدركني أنهم بسكوتهم هذا إمنا يعطون الضوء األخضر لهذه العصابة بارتكاب املزيد من احلماقات واجلرائم وتأجيج الوضع الذي بات خارجا عن السيطرة وأنهم بعدم ضغطهم على هذا النظام ال يوقفون هذا التدهور اخلطير واخمليف بل يدفعون الوضع باجتاه إغالق األبواب أمام احللول السلمية وفتح أبواب العنف على مصراعيها الذي لن يكون مبنأى عنه أحد في اجلزيرة واخلليج بدرجة أولى .فاليمن اليوم ليس لديه ما يخسره فال مجال للحديث عن االستثمار والسياحة ,فقد صار مزرعة للفقر واإلرهاب يصول ويجول فيه الفساد واملتطرفني واملهربني لكل ما يخطر على بال وعلى أعلى مستوى يقود مؤسسات الدولة ويستخدمها بشكل مكشوف مطلق اليدين ليس له مثيل في أي بلد آخر. وقد صار اليمن قاعدة تنطلق منها كل هذه الويالت بكل االجتاهات وهي قد بدأت تتغ ّول فعال على احلدود اجلنوبية السعودية وفي خليج عدن التي عجزت دول التحالف بكل إمكانياتها عن مواجهة هذه األخطار احملدقة. وثمة سؤال يتعلق بهذه القضية :ملاذا يتم على نطاق واسع جتاله حقيقة أن الوحدة اليمنية املزعومة مت إعالنها دون استفتاء عام وواجهت الفشل منذ اللحظة األولى .لقد حدث هذا عندما أخفقت املرحلة االنتقالية املزعومة التي أعلن عنها ما بني 1990و 1994في حتقيق التكامل اجمللة
21
اكثر من راي
اليمن (غير) السعيد:
هل
ال يزال اسمًا على مسمى؟
مستقبل اليمن السياسي: بين اإلنفصال والفوضى اإلقتصادية يربر موقع اليمن الإ�سرتاتيجي �إىل جانب �أهميته الإقليمية الإهتمام بالأحداث ال�ساخنة يف هذا البلد .ورغم الإ�ستقرار ال�سيا�سي الن�سبي الذي ا�ستطاعت اليمن حتقيقه �أثارت الأحداث الأخرية يف اجلنوب املخاوف ،خا�صة حني نت�أمل جميع الأطراف امل�شرتكة .جند يف هذا البلد �أحزاب ًا مميزة مثل الإ�شرتاكية والقومية والقبلية ،ف�ض ًال عن اجلماعات الإرهابية التي يدعمها تنظيم القاعدة يف اجلزيرة العربية.
الأخري ،يت�صدى هذا النقا�ش لل�س�ؤال حول ماهية احلركات التحررية التي ت�سعى وراء الإنف�صال .وهناك مو�ضوع رئي�سي �آخر نناق�شه هنا وهو ما �إذا كان اليمن املنف�صل بني �شمال وجنوب هو احلل الذي يت�سق مع و�ضع حد مل�شاكل البالد .وتدر�س جملة املجلة هذه الأمور من منظورين خمتلفني للمراقبني املهتمني بال�ش�ؤون ال�سيا�سية يف اليمن.
ويبدو �أن الر�ؤيتني املذكورتني هنا تتفقان على �أنه ب�سبب كل غري �أن الدوافع التي تكمن وراء املظاهرات واملواجهات والهجمات الق�ضايا اخلطرية التي تواجهها ،حتت�رض اليمن .وت�شبه اليمن التي �شهدتها املحافظات اجلنوبية يف الآونة الأخرية غري م�ؤكدة .يف الوقت احلا�رض و�صف امر�أة من قبل عبد اهلل الربادونى وهو وتت�ضارب التحليالت ملثل هذه الأحداث .وال يت�ضح ما �إذا كانت ال�شاعر اليمني ال�شهري: تنطوي على وجود حركة حترير وطنية تتوق �إىل الإ�ستقالل �أو هو ا�ستياء �شعبي ينبع من الظروف الإقت�صادية ال�صعبة يف اليمن .مـاذا� أحـدث عـن� صـنعاء يا� أبتي؟ مـليحة عـا�شقاها :الـ�سل والـجرب مـاتت ب�صندوق»و�ضـاح«بال ثمن ولـم ميت يف ح�شاها الع�شق والطرب وال ميكننا ا�ستبعاد التدخالت الإقليمية �أي�ض ًا ك�إحتمال قائم يف من ق�صيدة�“ :أبو متام وعروبة اليوم” ا�ستح�ضار التمرد والطائفية يف اليمن .وفيما يتعلق بهذا اجلانب 20
اجمللة
املشتبه فيها أو إثبات أنها ال متتلك مثل هذه األسلحة .ولكي يحققوا هاتني الغايتني ،طالبوا بأن تنضم إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية .وفي املقابل ،عرضت العديد من احلكومات التوقيع على معاهدة جلعل الشرق األوسط منطقة خالية من كافة أنواع أسلحة الدمار الشامل (وتشمل األسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية). وتسمح معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية خلمس دول فقط باإلحتفاظ بأسلحة نووية لفترة إنتقالية غير محددة وهى الدول التي امتلكت أسلحة نووية حني دخول املعاهدة حيز النفاذ في عام ،1970وهى بريطانيا والصني وفرنسا وروسيا والواليات املتحدة ،بينما تقوم بخفض ترساناتها النووية وإزالتها في نهاية املطاف .ويوافق جميع األطراف اآلخرون في املعاهدة على السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية مبراقبة البرامج النووية وحماية موادها النووية للتحقق من أنها ال متلك برامج أسلحة نووية سرية. ويختلف سلوك إسرائيل عن الدول النووية اخلمس التي صدقت على معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية ،أو عن سلوك الهند وباكستان ،واللتان لم توقعا على املعاهدة أيضاً .وخالفا لهذه البلدان ،لم تؤكد إسرائيل أو تنفي علنا ً وضعها النووي أو تكشف عن امتالكها للسالح النووي عن طريق اختبارها لسالح نووي علناً .ويعتقد اإلسرائيليون أن سياسة الغموض النووي هذه تعطيهم مزايا الردع للحيازة النووية دون إثارة الدول اجملاورة دون داع وحتفيزها للسعي وراء امتالك أسلحة نووية .وقد رفضت احلكومات اإلسرائيلية املتعاقبة على الدوام التصديق على معاهدة حظر االنتشار النووي ألن إسرائيل سوف حتتاج إلى اإلعالن عن ترسانتها النووية والتخلي عنها لتلبية متطلبات املعاهدة. ورغم أن مسئولني أمريكيني سعوا لضمان التزام إسرائيل مبعاهدة عدم انتشار األسلحة النووية خالل فترة الستينات ،إال أنهم منذ ذلك الوقت لم يبرزوا وضع إسرائيل الشاذ أو يتحدوا سياستها اخلاصة بالغموض النووي. ويعتقد بعض املراقبني أن إسرائيل وصلت إلتفاق سرى أو بحكم الواقع مع الواليات املتحدة .ووفقا ً لشروط هذا اإلتفاق ،لن تختبر إسرائيل أجهزة نووية أو تُعلن نفسها دولة نووية أو تستخدم وضعها النووي لتحقيق مكاسب دبلوماسية .وفي املقابل ،وافقت واشنطن على وقف ضغطها على إسرائيل لإلنضمام إلى معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية وإتباع سياسة “ال تسأل، ال تقل” فيما يتعلق بأسلحة إسرائيل النووية. وفي وقت سابق هذا العام ،بدا لفترة قصيرة وكأن الواليات املتحدة قد تخلت عن هذه السياسة .وفي عرض قدمته أمام اإلجتماع التحضيري ملعاهدة عدم انتشار األسلحة النووية في شهر مايو ،قالت روز جوتيمولر ،وهى مسئولة بارزة بوزارة اخلارجية األمريكية ،أن الواليات املتحدة سوف حتترم “القرار املتعلق بالشرق األوسط” والذي اعتمده مؤمتر استعراض معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية عام .1995وقد دعا املؤمتر إلى بدء مفاوضات تهدف إلى إنشاء منطقة خالية من األسلحة النووية في الشرق األوسط .وقد تسبب بيان جوتيمولر -بجانب إشارتها الصريحة إلى حاجة إسرائيل لإلنضمام إلى معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية عندما دعت إلى االلتزام العاملي وبي أقوى مؤيديها اخلارجيني. باملعاهدة -في إثارة بعض القلق في إسرائيل نّ ورأى بعض املعلقني أن البيانات عالمة أخرى على أن إدارة أوباما تبنت سياسات أقل دعما ً جتاه إسرائيل بصفة عامة ،وأشاروا إلى اإلنتقاد األمريكي لسياسات إسرائيل اإلستيطانية ،ورفض احلكومة اإلسرائيلية اجلديدة لتأييد إطار الدولتني والذي تدعمه إدارة أوباما.
وذكر محللون آخرون أن اإلدارة تسعى لتعزيز موقفها ملنع االنتشار النووي جتاه إيران ودول أخرى والذي تعرض للتجاهل ألنه يبدو مزدوج املعايير فيما يتعلق بالسياسات األميركية جتاه إسرائيل .من هذا املنظور ،قد تكتسب جهود البيت األبيض حلمل إيران على اإلنضمام إلى معاهدة عدم االنتشار النووي املزيد من الدعم إذا اعترضت واشنطن بسرعة على البرنامج النووي إلسرائيل أيضاً. والتفسيران ال يتعارضان حيث قد ترى إدارة أوباما أن حتقيق تقدم في تسوية سلمية بني إسرائيل وفلسطني قد يساعد على تعزيز الدعم العربي لكبح طموحات إيران النووية .وقال مسئولون في مصر والسعودية أن الواليات املتحدة قد ميكنها احتواء طموحات إيران النووية بسهولة أكبر إذا حققت الهدف العاملي املتمثل في الوصول لشرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل .ويزعم بعض القادة العرب في العلن أنهم أكثر قلقا ً إزاء البرنامج النووي إلسرائيل من إيران. وقد رفض ممثلوا إسرائيل على الفور فكرة اإلنضمام إلى معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية .وانتقدوا املعاهدة بشدة بدعوى أنها غير فعالة ألنها لم متنع الهند وباكستان وكوريا الشمالية من احلصول على األسلحة النووية، كما أنها لم توقف سعى إيران املتواصل الكتساب القدرة النووية .ويخشى اخلبراء اإلسرائيليون أن تكون جوتيمولر قد ساعدت ببساطة إيران على حتويل اإلنتباه عن أنشطتها النووية املشبوهة بتسليطها الضوء على البرنامج النووي اإلسرائيلي .كما اشتكوا من أن املسئولني األميركيني لم يطلعوهم مسبقا ً على تصريحات جوتيمولر ،وأن مساعدة وزيرة اخلارجية لم تذكر إيران عندما دعت اجلميع لالمتثال ملعاهدة عدم انتشار األسلحة النووية. و في كل األحوال ،فإن ممثلني عن إدارة أوباما قد نفوا الحقا ً أن تكون جوتيمولر قد إنحرفت عن السياسات األميركية السابقة بشأن هذا املوضوع .كما ذكر مصدر مسئول في البيت األبيض أن تطبيق معاهدة منع انتشار األسلحة النووية على الصعيد العاملي “ال يزال هدفا ً بعيد املدى” ،ملمحا ً إلى أن إدراج إسرائيل كان طموحا ً وليس هدفا ً دبلوماسيا ً ملحاً .ونقلت وسائل اإلعالم عن مسئول أميركي آخر قوله أن مسألة نزع السالح النووي اإلسرائيلي ينبغي تأجيلها ريثما تتحول منطقة الشرق األوسط إلى بيئة أقل خطرا ً على األمن اإلقليمي مما هي عليه اآلن بكثير ،وهو األمر الذي يتضمن تخلى إيران عن قدرتها على تخصيب اليورانيوم وغيرها من التكنولوجيات النووية احلساسة. وقد شاركت جوتيمولر في عام 2005في إعداد دراسة حتمل عنوان “اإلمتثال العاملي :إستراتيجية لألمن النووي” .وقد إقترحت هذه الدراسة أن يتم في إطار التوصل إلى تسوية سالم شاملة في الشرق األوسط تخلى إسرائيل عن برنامجها لألسلحة النووية ،وأن تعمل الدول العربية على القضاء على ما متلكه من أسلحة كيميائية أو بيولوجية ،وأن تتوقف إيران عن محاولة احلصول على تكنولوجيا نووية حساسة ،مثل القدرة على تخصيب اليورانيوم. ويظل هدف التوصل إلى تسوية شاملة بشأن قضايا املنطقة البارزة املتعلقة بأسلحة الدمار الشامل هدفا ً عظيم األهمية حتى اليوم .ولكن املشكلة التي تواجه املدير اجلديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية وحكومات الدول األعضاء هي كيفية التوصل ملثل هذه التسوية.
د.ريتشارد ويتز -مدير وزميل مركز التحليل السياسي والعسكري مبعهد هدسون في واشنطن العاصمة. اجمللة
19
أفكار
حرب من أجل نزع
السالح
المدير الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية يواجه تحديات قديمة
د.ريتشارد ويتز
�سوف يحتاج الرئي�س اجلديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية �إىل معاجلة ق�ضية الأ�سلحة النووية لإ�رسائيل ،بالإ�ضافة �إىل طموحات �إيران النووية لكي ين�شىء منطقة خالية من الأ�سلحة النووية يف ال�رشق الأو�سط .وقالت م�رص واململكة العربية ال�سعودية وغريها من احلكومات �أن احتواء طموحات �إيران النووية �سيكون �أ�سهل �إذا تخلت جميع دول ال�رشق الأو�سط عن الأ�سلحة النووية ب�شكل وا�ضح. يواجه يوكيو أمانو ،املدير املنتخب حديثا ً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتديا ً كبيرا ً في الشرق األوسط .باإلضافة إلى اخلالف القدمي حول أنشطة إيران النووية ،فقد شهدت األشهر األخيرة طرح مصر واململكة العربية السعودية
18
اجمللة
وحتى الواليات املتحدة ملوضوع برنامج إسرائيل لألسلحة النووية مرة أخرى. وقد دعا زعماء الشرق األوسط إسرائيل إلى القضاء على أسلحتها النووية
اجمللة
17
أفكار
فبالرغم من تقبل حسن نصر اهلل لهزمية تكتله السياسي في اإلنتخابات بصدر رحب ،إال أنه قد أوضح بالفعل أنه لن يتنازل عن اإلحتفاظ بحق االعتراض (الفيتو) على قرارات احلكومة (وهو ما يعرف بـ “الثلث املعطل”) .و قد مت منح هذا احلق لقوى 8آذار في احلكومة السابقة بعد جناح استعراض القوة الذي قام به مقاتلوا حزب اهلل خالل اإلشتباكات العسكرية التي جرت بني الطوائف اللبنانية في شوارع بيروت في مايو ،2008والتي أنهت بشكل فعال أشهر من اجلمود السياسي بني املعسكرين ،وتركت قوى 14آذار مصابة برضوض شديدة. ورمبا أسهم نصر اهلل دون أن يتعمد في إثارة مخاوف بعض الناخبني املسيحيني، الذين تزداد عدم ثقتهم في حتالف العماد ميشيل عون مع حزب اهلل ،بوصفه اإلشتباكات التي حدثت في مايو 2008على أنها “يوم مجيد للمقاومة” قبل أسابيع قليلة من اإلنتخابات التي جرت في 7يونيو ،مما أدى إلى خسارة العماد عون لعدد كبير من األصوات في الدوائر املسيحية الرئيسية .ولكن على الرغم من اللهجة املتصاحلة املوجودة في أول خطاب ألقاه نصر اهلل بعد خسارته في اإلنتخابات ،إال أنه حذر من أن شرعية ترسانة أسلحة حزب اهلل ودوره باعتباره “حزب املقاومة اللبنانية” ليست مجاال ً مفتوحا ً للمناقشة .ولهذا ينبغي أن يؤخذ هذا األمر بإعتباره مؤشرا ً واضحا ً على أن حزب اهلل ليس لديه استعداد لتقدمي أي تنازالت في هذا امللف الشائك ،بالرغم من اإلتهامات التي وجهت إليه بعد أحداث مايو ،2008بأنه فشل في اإللتزام بوعده في عدم استخدام أسلحته في الصراعات “الداخلية”. وقد يكون حزب اهلل قد خسر اإلنتخابات نتيجة لذلك ،لكن في حقيقة األمر فإن قوى 14آذار هي التي تواجه اآلن موقفا ً عصيبا ً ال حتسد عليه يشبه موقفا ً مماثالً في رواية (كاتش )22للكاتب األميركي جوزيف هيللر .ففي الواقع ،لو قرر احلريري وحلفاؤه رفض مطالب حزب اهلل ،فإنهم سيعرضون أنفسهم بالتالي لصراع آخر طويل املدى مع حتالف 8آذار ،وكل ما سيترتب عليه من عواقب وخيمة (وليس هناك شك في ذهن احلريري أن أحداث مايو 2008هي عينة فقط ملا ميكن أن يفعله حزب اهلل في حال حرمانه من السلطة) .ومن ثم فإن اخليار األرجح هو أن قوى 14آذار ستقرر اإلستجابة للحد األدنى من مطالب حزب اهلل وتقوم بتشكيل حكومة وحدة وطنية ،ولكن بقيامها بذلك فإنها ستترجم املكاسب اإلنتخابية التي حققتها إلى عودة فعلية للوضع السائد قبل اإلنتخابات. وبالتالي فإن الرضوخ ملطالب حزب اهلل سيكون غير مرضي لقوى 14آذار ،كما أن مثل هذه اخلطوة ميكن أن تؤدى خلسارة هذه القوى عددا ً كبير من أنصارها، الذين كانوا يأملون في حدوث تغيير حقيقي بعد جناح التحالف في اإلنتخابات. وبالرغم من أن العودة إلى الوضع السائد قبل اإلنتخابات سيضمن سير األمور بشكل طبيعي نوعا ً ما ،والسيما خالل موسم الصيف املربح ،إال أنه سيعنى أيضا ً أن العديد من القضايا الرئيسية التي أقلقت راحة األمة -مثل الوضع اخلاص بسالح حزب اهلل -سيتم جتاهلها بحيث ستبقى مشتعلة حتت الرماد حتى موعد اندالع األزمة السياسية التالية. ومن ثم تبدو نتائج إنتخابات 7يونيو في الواقع شديدة التناقض بشكل عام. فبالرغم من أن حزب اهلل هو الذي مني بالهزمية ،فإن قوى 14آذار في نهاية املطاف هم الذين سيتعني عليهم تقدمي تنازالت سياسية إذا كانوا يريدون أن يحكموا بشكل فعال .والزمن وحده هو الكفيل بإثبات ذلك ،ولكن رمبا يتضح في النهاية أن حزب اهلل كان هو الفائز احلقيقي في إنتخابات 7يونيو ،وليس حتالف 14آذار.
رافيل كاميلليري – مرشحه لنيل الدكتوراه في مجال الدراسات احلربية باجلامعة امللكية في لندن.
16
اجمللة
> في الرابع عشر من يولية ،وقع انفجار على حدود لبنان اجلنوبية ،ونسب إلى قوات حزب اهلل .وقد اعتبرت األمم املتحدة هذا االنفجار دليال على أن حزب اهلل قد ظل يواصل حشد ترسانته من األسلحة منذ أن مت إنهاء احلرب بني حزب اهلل وإسرائيل عام 2006من خالل وساطة األمم املتحدة.
اجمللة
15
أفكار
ما هي الخطوة التالية
لحزب اهلل؟ اإلنتخابات البرلمانية اللبنانية رافيل كاميلليري
قد يف�رس الإنت�صار غري املتوقع لتحالف � 14آذار يف الإنتخابات الربملانية الأخرية يف لبنان على �أنه هزمية منكرة حلزب اهلل وحلفائه (� 8آذار) ،يف �إطار ما مت ت�صويره على �أنه قتال �ضار بني وا�شنطن وطهران على النفوذ يف ال�رشق الأو�سط .ولكن بالرغم من هذه النك�سة الوا�ضحة ،ف�إن حزب اهلل ال يزال ميثل قوة �سيا�سية ال يجب �أن ي�ستهان بها. قد تفسر الهزمية غير املتوقعة حلزب اهلل في اإلنتخابات البرملانية التي جرت الشهر املاضي في لبنان على أنها جناح لتحالف 14آذار املدعوم من الغرب بقيادة سعد احلريري املرشح حاليا ً ألن يصبح رئيس وزراء لبنان اجلديد .وبالفعل ،فقد استفادت قوى 14آذار من اإلقبال الشديد غير املسبوق على صناديق اإلنتخابات -ما يقرب من ٪ 55من الـ 3.26مليون ناخب املقيدين في لبنان أدلوا بأصواتهم -بحيث متكنت في نهاية املطاف من كسب 68مقعدا ً في البرملان (من ضمنهم مقعد كانت قد حصلت علية في اإلنتخابات السابقة في عام ،)2005بينما لم تتمكن قوى 8آذار سوى من احلصول على 57مقعدا ً فقط .وفي حني تشير التقييمات األولية إلى أن حزب اهلل قد أصابه الوهن والضعف بسبب نتائج اإلنتخابات ،إال أن إمعان النظر في األحداث التي وقعت في األسابيع األخيرة يشير إلى أن قوة حزب اهلل في لبنان ال تزال في الواقع كما هي لم تتغير كثيراً ،وال ينازعه فيها أحد تقريباً .وهناك عدد من النقاط التي جتدر اإلشارة إليها في هذا الصدد. فأوال ً وقبل كل شيء ،أظهرت نتائج اإلنتخابات أن حزب اهلل ال يزال يحتفظ مبركزه شبه املهيمن على السكان الشيعة اللبنانيني ،والذين تدافعوا بأعداد غفيرة إلى صناديق اإلقتراع للتصويت لصالح مرشحي حزب اهلل ،خاصة في الدوائر اإلنتخابية التي يتحكم فيها حزب اهلل فعليا ً بدون معارضة .وتعد هذه النقطة مهمة ،ألن الطائفة الشيعية قد اضطرت لتحمل وطأة هجمات إسرائيل على لبنان في صيف عام ،2006في حرب مت إلقاء اللوم فيها على قيام حزب اهلل بخطف
14
اجمللة
اثنني من جنود جيش الدفاع اإلسرائيلي عبر احلدود ،ومن ثم ميكن القول بأن حزب اهلل قد جنح في تقليل اآلثار السلبية الناجمة عن احلرب على قاعدته الشعبية، التي ال تزال إلى حد كبير موالية حلسن نصر اهلل ،بالرغم من بروز عدة أحزاب معارضة في أعقاب حرب يوليو ،مثل حزب جتمع اخليار اللبناني. وباإلضافة إلى الدعم املطلق الذي يحظى به حزب اهلل من الطائفة الشيعية فبإمكانه اإلعتماد أيضا ً على حلفاء حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرملان نبيه بري ،والذي مت مؤخرا ً إعادة إنتخابه لفترة أخرى في منصبه .وتشير إعادة إنتخاب برى بشكل واضح إلى أن قوى 14آذار قد اضطرت بالفعل إلى تقدمي عدد من التنازالت السياسية لصالح املعارضة ،بالرغم من فوزها في اإلنتخابات .فقادة قوى 14آذار يتمتعون بالفعل بالقدر الكافي من الواقعية والتفكير العملي ليدركوا أنهم ال يستطيعون أن يحكموا لبنان بدون قوى 8آذار .وقد اعترف خطاب النصر املتواضع الذي ألقاه احلريري -والذي يفتقر إلى أي إشارة للنصر -بهذا الواقع بدون مواربة. ومن املتوقع أن تستغرق عملية تشكيل احلكومة وقتا طويالً وسيتعني على كال اجلانبني تقدمي التنازالت خاللها ،وليس فقط حزب اهلل. وفي هذا الصدد ،فمن املرجح أن تسفر اإلنتخابات عن تشكيل حكومة وحدة وطنية أخرى ،سيكون حلزب اهلل فيها تأثير كبير على قرارات احلكومة بالرغم من أن اختيار مجلس الوزراء ال زال يخضع حتى يومنا هذا ملفاوضات مكثفة .وهكذا،
إقليمي شينجياجن والتبت ال يختلفان كثيرا عن غيرهما من املقاطعات الصينية فيما يتعلق باحلكم الذاتي. و من أهم وأبرز الفروق بني الوضع في إقليم شينجيانغ وبني ذلك املوجود في التبت هو أن هذا األخير ال يوجد به أي إرهابيني آو أي حركات انفصالية عنيفة .حيث إنه بالرغم من أن اجلماعات العرقية املسلمة مثل جماعة «هوي» املسلمة وبعض التبتيني تتعايش مع بعضها البعض في اإلقليم ،إال أنه مع ذلك ،ال توجد أية مؤشرات على أنهما قد تتطرف و تتبع خطوات حركة شرق تركستان اإلسالمية. كما أن احلركة التبتية املؤيدة لالستقالل ،هي حركة سلمية .و بالرغم من أن الصراع العرقي قد اندلع في األسابيع األخيرة التي سبقت أوملبياد بكني 2008 بني الصينني التبيتيني والصينيني الهانويني ،إال أن التبت بشكل عام ال يزال أقل اضطرابا من إقليم شينجيانغ.
للتعامل مع تهديد اإلرهاب اإلسالمي في املنطقة .ومنذ تأسيس سلف تلك املنظمة وهو «مجموعة شنجهاي اخلمس» ،في عام 199،فإن مكافحة «اإلرهاب واالنفصالية والتطرف» كان واحدا من األهداف الرئيسية للدول األعضاء .وقد زاد التعاون ضد هذه التهديدات بشكل سريع في أعقاب هجمات التاسع عشر من سبتمبر. ومن ثم ،كون أعضاء منظمة شنجهاي للتعاون في شهر يناير من عام 2004 هيكال إقليميا دائما ملكافحة اإلرهاب لتنسيق األنشطة في هذا امليدان ،وأبرزها منع تهريب األسلحة ،ومكافحة انتشار األصولية .وفي الواقع ،يذهب بعض احملللني إلى القول بأن السبب الرئيسي وراء دعوة قرجيزستان لالنضمام إلى مجموعة شنجهاي اخلمس أوال ،ثم منظمة شنجهاي للتعاون هو رغبة الصني في حتسني العالقات مع جارتها ،التي تضم عددا كبيرا من سكان يوجور .كما سعت بكني إلى إشراك احلكومة القيرغيزية في أنشطة مكافحة اإلرهاب. وعلى اجلبهة الداخلية ،ركزت احلكومة الصينية على تطوير اقتصاد منطقة شينجياجن لكي تضعف الدعم النفصال يوجور بصفة عامة واإلرهاب بصفة خاصة .غير أن عدم حتدث العديد من سكان يوجور بالصينية الفصحى يعرقل حصولهم على وظائف ذات أجور جيدة في كل من القطاعني اخلاص والعام. وباإلضافة إلى ذلك ،فإن التركيبة العرقية املتغيرة للسكان تزيد من حدة التوتر. واعتبارا من عام ،2009تساوت نسبة الصينيني سواء من أصل يوجورى أو هان في املنطقة تقريبا .كما يشكو أهالي يوجور من أن احلكومة الصينية تؤيد الصينيني من أصل هان عند التعيني وعند تسليم العقود للشركات اخلاصة .ويغذى هذا الدعم للنزعة االنفصالية ،وفي بعض احلاالت ،العنف ضد أهالي هان والدولة. ولن يكون أي حتليل لالستجابة الصينية ملشاكل شينجياجن كامال دون وضعه في إطار كراهية احلكومة للحركات األخرى املؤيدة لالستقالل .وال تستطيع بكني أن تظهر الضعف في مواجهة أي حتد لسالمة أراضيها. وقارن البعض أحيانا مشاكل االنفصال في إقليم شينجياجن الغربي ذي احلكم الذاتي باملشاكل املوجودة في منطقة التبت ذاتية احلكم .ويتشابه اإلقليمان في أنهما على التوالي أكبر وثاني أكبر إقليمني صينيني .ويتمتع كال اإلقليمني من الناحية النظرية بحقوق تشريعية أكثر من األقاليم األخرى .وعمليا يعنى هذا فقط أن لهما احلق في تعيني حاكم لإلقليم ،والذي يأتي عادة من األقليات اإلقليمية .وحيث إن كل حكومات املقاطعات تتمتع بدرجة عالية من احلرية االقتصادية والسياسية واستقالل سياسي محدود عن احلكومة املركزية ،فإن
وخالفا لالعتقاد السائد فإن مخاوف بكني من االنفصالية تتركز معظمها حول تايوان و ليس التبت .فالوحدة احلتمية من جديد مع تايوان ،و التي تعتبرها الصني حكومة وشعبا محافظة أخرى من محافظات بالدهم ،كانت واحدا من أهم أهداف السياسة اخلارجية للحزب الشيوعي الصيني منذ تقسيم الصني في عام .1949 وقد اقترحت بكني صيغة «بلد واحد ونظامني» حلل النزاع مع تايوان و التي طرحها دنغ شياو بينغ ألول مرة في عام .1979و يتم التعامل بشدة مع أي محاولة لتحدى هذا املقترح من قبل احلكومة الصينية والشعب الصيني ،مبا في ذلك احلركات االنفصالية احمللية املوجودة في الصني. كما يزيد التشويه الذي يحدثه العنف املوجود في إقليم شينجيانغ لصورة الصني في العالم اإلسالمي من خوف الصني من احلركات األيغورية االنفصالية. و قد وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في العاشر من يوليو وفاة مجموعة من األيغوريني ،و هي إحدى اجملموعات العرقية التركية ،بأنها نوع من اإلبادة اجلماعية .وعالوة على ذلك ،فقد كانت هناك مظاهرات مؤيدة لأليغورية في الشرق األوسط ووسط آسيا واندونيسيا ،وعلى األخص في قرغيزستان .و قد حث خطاب شديد اللهجة في عمود للرأي بصحيفة «تشاينا ديلي» ،و هي صحيفة صينية رسمية تصدر باللغة االجنليزية ،السيد أردوغان للتراجع عن تصريحاته .مما يدل على أن بكني لن تتردد في الدفاع عن سيادتها ،حتى وإن تسبب هذا في اإلضرار بعالقة الصني مع الدول األخرى. و في كل األحوال ،فإن ردود أفعال حكومات دول الشرق األوسط األخرى إزاء أحداث العنف التي وقعت في إقليم شينجيانغ كانت خافتة في معظمها .حيث تسعى هذه الدول إلى خلق عالقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع الصني وال توجد لديها الرغبة في إضعاف هذه العالقات من أجل قضية ال حتظى باألولوية القصوى في الشؤون الدولية .وباإلضافة إلى ذلك ،فإن معظم حكومات دول الشرق األوسط تواجه أيضا خطرا مزدوجا يتمثل في اإلرهاب واحلركات االنفصالية .ومن ثم ،فليس من احملتمل أن ترفع هذه احلكومات صوتها منددة باحلكومة الصينية ،خاصة و أنها من اشد املؤيدين ملبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وفي النهاية ،فإن الظلم الذي يتعرض له األيغوريون و مخاوف بكني بشأن اإلرهاب واالنفصالية قد خلقا بيئة غير مستقرة من غير املرجح أن تنحسر فيها موجة االشتباكات العنيفة في املستقبل القريب .ومع ذلك ،فإن إلقاء اللوم على رد فعل السلطات الصينية إزاء هذه االشتباكات و اتهامها باحملاباة للهانيني يعد نوعا من تبسيط األمور ،الذي يغفل عددا ال يحصى من العوامل التي تكمن وراء رد فعل بكني.
رامون باشيكو باردو -محرر بجريدة مالينيوم وباحث في مكافحة االنتشار وسياسات شرق آسيا اجمللة
13
قصة الغالف
على األراضي األمريكية .وتقول احلكومة الصينية إن أعضاء حركة تركستان الشرقية قد مت تدريبهم على يد ناشطني بالقاعدة وطالبان .وهذا ما حتققت منه وزارة اخلارجية األمريكية .وفي أغسطس عام 2002قامت بإدراج حركة تركستان الشرقية بني املنظمات اإلرهابية ،محتجة بوجود أدلة تثبت تلقي هذه احلركة عونا ماليا وتدريبا من تنظيم القاعدة .وبعد ذلك بشهر واحد ،قامت األمم املتحدة بإدراج احلركة بني قائمة املنظمات اإلرهابية ذات الصلة بالشبكة التي يقودها أسامة بن الدن. ونتيجة الندالع العنف على هذا النحو في زينجياجن ،فقد أخذ جناح القاعدة في شمال إفريقيا على نفسه عهدا بالنيل من العمال الصينيني في إفريقيا كرد فعل لقتل املسلمني في زياجنياجن .وفي حقيقة األمر ،فإن متشددي القاعدة كانوا اليزالون بصدد استهداف املصالح االقتصادية الصينية في القارة .وهذا هو مايقوي مخاوف بكني فيما يتعلق بالتعاون بني انفصالي اإليجور واإلرهابيني اإلسالميني. إن الصالت املالية والشخصية بني القاعدة واإلرهابيني من يوجور ليست موطن القلق الوحيد بالنسبة للصني .وما يقلق حكومة هو جينتاو أكثر هو إمكانية وقوع أسلحة دمار شامل أو تقنية نووية في أيدي اإلرهابيني من يوجور .واألمر الذي ال يالحظه الكثيرون أنه على مدى السنوات القليلة املاضية زادت الصني من مشاركتها مع أنظمة تلتزم مبنع انتشار أسلحة الدمار الشامل واالنتشار النووي .وحتقيقا لهذه الغاية ،قامت حكومة هو جينتاو بتقوية التشريعات احمللية وتعزيز آليات الرقابة بهدوء لتضمن أن تقنيتها النووية وأسلحة الدمار الشامل لديها ال تقع في أيدي شبكات اإلرهاب اإلسالمية. ونضرب أمثلة على ذلك بتعديل قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن الرقابة على الصادرات النووية و قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن السيطرة على تقنيات وعالقات املواد النووية ذات االستخدام املزدوج في عامي 2006و 2007على التوالي .كما أصبحت بكني أكثر نشاطا في املشاركة في منظمات عدم االنتشار النووي متعددة األطراف .ولم تكن هذه التطورات لتحدث لوال وجود متشددين إسالميني في شينجياجن. وهناك منظمة شنجهاي للتعاون وهى آلية أخرى تستخدمها الصني للتعامل مع تهديد اإلرهاب اإلسالمي في املنطقة .ومنذ تأسيس سلف تلك املنظمة وهو «مجموعة شنجهاي اخلمس» ،في عام 199،فإن مكافحة «اإلرهاب واالنفصالية والتطرف» كان واحدا من األهداف الرئيسية للدول األعضاء .وقد زاد التعاون ضد هذه التهديدات بشكل سريع في أعقاب هجمات التاسع عشر من سبتمبر. ومن ثم ،كون أعضاء منظمة شنجهاي للتعاون في شهر يناير من عام 2004 هيكال إقليميا دائما ملكافحة اإلرهاب لتنسيق األنشطة في هذا امليدان ،وأبرزها منع تهريب األسلحة ،ومكافحة انتشار األصولية .وفي الواقع ،يذهب بعض احملللني إلى القول بأن السبب الرئيسي وراء دعوة قرجيزستان لالنضمام إلى مجموعة شنجهاي اخلمس أوال ،ثم منظمة شنجهاي للتعاون هو رغبة الصني في حتسني العالقات مع جارتها ،التي تضم عددا كبيرا من سكان يوجور .كما سعت بكني إلى إشراك احلكومة القيرغيزية في أنشطة مكافحة اإلرهاب. وعلى اجلبهة الداخلية ،ركزت احلكومة الصينية على تطوير اقتصاد منطقة شينجياجن لكي تضعف الدعم النفصال يوجور بصفة عامة واإلرهاب بصفة خاصة .غير أن عدم حتدث العديد من سكان يوجور بالصينية الفصحى يعرقل حصولهم على وظائف ذات أجور جيدة في كل من القطاعني اخلاص والعام. وباإلضافة إلى ذلك ،فإن التركيبة العرقية املتغيرة للسكان تزيد من حدة التوتر.
12
اجمللة
واعتبارا من عام ،2009تساوت نسبة الصينيني سواء من أصل يوجورى أو هان في املنطقة تقريبا .كما يشكو أهالي يوجور من أن احلكومة الصينية تؤيد الصينيني من أصل هان عند التعيني وعند تسليم العقود للشركات اخلاصة .ويغذى هذا الدعم للنزعة االنفصالية ،وفي بعض احلاالت ،العنف ضد أهالي هان والدولة. ولن يكون أي حتليل لالستجابة الصينية ملشاكل شينجياجن كامال دون وضعه في إطار كراهية احلكومة للحركات األخرى املؤيدة لالستقالل .وال تستطيع بكني أن تظهر الضعف في مواجهة أي حتد لسالمة أراضيها. وقارن البعض أحيانا مشاكل االنفصال في إقليم شينجياجن الغربي ذي احلكم الذاتي باملشاكل املوجودة في منطقة التبت ذاتية احلكم .ويتشابه اإلقليمان في أنهما على التوالي أكبر وثاني أكبر إقليمني صينيني .ويتمتع كال اإلقليمني من الناحية النظرية بحقوق تشريعية أكثر من األقاليم األخرى .وعمليا يعنى هذا فقط أن لهما احلق في تعيني حاكم لإلقليم ،والذي يأتي عادة من األقليات اإلقليمية .وحيث إن كل حكومات املقاطعات تتمتع بدرجة عالية من احلرية االقتصادية والسياسية واستقالل سياسي محدود عن احلكومة املركزية ،فإن إقليمي شينجياجن والتبت ال يختلفان كثيرا عن غيرهما من املقاطعات الصينية فيما يتعلق باحلكم الذاتي. إن الصالت املالية والشخصية بني القاعدة واإلرهابيني من يوجور ليست موطن القلق الوحيد بالنسبة للصني .وما يقلق حكومة هو جينتاو أكثر هو إمكانية وقوع أسلحة دمار شامل أو تقنية نووية في أيدي اإلرهابيني من يوجور .واألمر الذي ال يالحظه الكثيرون أنه على مدى السنوات القليلة املاضية زادت الصني من مشاركتها مع أنظمة تلتزم مبنع انتشار أسلحة الدمار الشامل واالنتشار النووي .وحتقيقا لهذه الغاية ،قامت حكومة هو جينتاو بتقوية التشريعات احمللية وتعزيز آليات الرقابة بهدوء لتضمن أن تقنيتها النووية وأسلحة الدمار الشامل لديها ال تقع في أيدي شبكات اإلرهاب اإلسالمية. ونضرب أمثلة على ذلك بتعديل قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن الرقابة على الصادرات النووية و قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن السيطرة على تقنيات وعالقات املواد النووية ذات االستخدام املزدوج في عامي 2006و 2007على التوالي .كما أصبحت بكني أكثر نشاطا في املشاركة في منظمات عدم االنتشار النووي متعددة األطراف .ولم تكن هذه التطورات لتحدث لوال وجود متشددين إسالميني في شينجياجن. وهناك منظمة شنجهاي للتعاون وهى آلية أخرى تستخدمها الصني
في اخلامس من يوليو اندلعت أعمال العنف في إقليم زينجياجن الغربي املستقل ،وهو عبارة عن مقاطعة تقع في غرب الصني .وعلى مدى األيام القليلة التالية ،قتل مايزيد عن 180شخصا في اشتباكات بني الصينيني من أصول الهان واإليجور وبني اإليجور وقوات البوليس .وبصرف النظر عن أسباب هذا احلادث اخلاص من اندالع العنف ،فإن ثمة عنصرين يقفان وراء رد الفعل الشديد للسلطات الصينية جتاه هذا العنف .ويتمثل العنصر األول في اإلرهاب اإلسالمي في اإليجور ومخاوف الصني من إمكانية زعزعة استقرارها في غرب الصني .ويرتبط بهذا أيضا التوجس العام نحو احلركات املوالية لالستقالل في أماكن أخرى ،وخاصة في تايوان وفي تيبية أيضا. وتعود جذور اإلرهاب في إقليم اإليجور إلى أواخر األربعينيات ،عندما عاود إقليم زينجياجن االنضمام إلى الصني عقب فترة قصيرة من االستقالل .إال أن اإلرهاب حتول إلى مشكلة ازدادت تفاقما نتيجة احلرب السوفيتية في أفغانستان من 1979حتى .1989وقد انضم األوجوريون من جنوب زينجياجن إلى احلركة املناوئة للشيوعية ،حيث قاتلوا ضد االحتاد السوفيتي في عام . 1986وبعد ذلك بثالث سنوات ،مت تهريب األسلحة إلى غرب زياجنياجن ،وهو إقليم يقع على احلدود بني
أفغانستان وباكستان .وبعد ذلك تصاعدت الطموحات االنفصالية لإليجور في أعقاب انهيار االحتاد السوفيتي،حيث مكن هذا االنهيار بعض اجملتمعات اإلسالمية في وسط آسيا من احلصول على االستقالل .وكنتيجة لهذه الوقائع ،فإن احلركة التي كان يغلب عليها طابع سلمي بهدف املطالبة مبزيد من االستقالل لإليجور قد حتولت إلى حركة أكثر راديكالية .وبالرغم من ذلك ،جتدر اإلشارة إلى أن دعم اإلرهاب من جانب سكان اإليجور الميثل ظاهرة واسعة االنتشار. وتعتبر احلركة اإلسالمية لتركستان الشرقية هي احلركة الرئيسية بني عدد من املنظمات اإلرهابية التي متارس نشاطها في اإلقليم .وتهدف حركة تركستان الشرقية وغيرها من اجلماعات اإلرهابية األخرى في اإلقليم إلى إنشاء دولة إسالمية في آسيا الوسطى تضم إليها اإلقليم املستقل لغرب زياجنياجن .ووفقا للحكومة الصينية ،فقد ظلت هذه احلركة نشطة منذ بداية التسعينات وتعد وراء عشرات الهجمات حول األراضي الصينية ،كان من بينها ثالثة أحداث عنف رئيسية خالل أوملبياد بكني عام .2008 لذا ،فقد ظلت الصني تنتابها اخملاوف جتاه االجتاه االنفصالي اإلسالمي لفترة طويلة .ومع ذلك ،فقد ازدادت الهواجس الصينية في أعقاب هجمات 11سبتمبر اجمللة
11
قصة الغالف
صنع
في
الصين
اإلنفصاليه والراديكالية بشينج يانغ رامون باشيكو باردو
تنتاب احلكومة ال�صينية خماوف حقيقية من ت�صعيد التطرف الإ�سالمي يف �إقليم زينجياجن ال�صيني وما يحمله ذلك من �إمكانية زعزعة اال�ستقرار. 10
اجمللة
جيوبوليتيكا
املنطقة .فهذه العمالة املبعثرة واملتمركزة في اململكة العربية السعودية (ما يقرب من مليوني مغترب هندي) واإلمارات العربية (أكثر من مليون) تعتبر مبثابة ثروة إقتصادية لها قيمتها حيث ت ُقدر حتويالتهم السنوية بنحو 15مليار دوالر أمريكي والذي ميثل قوة كبيرة في اإلقتصاد الهندي وخاصة القطاع املصرفي منه .ومع ذلك يبدي بعض هؤالء العمال بوادر للتطرف من خالل مشاركتهم في إضرابات وإحتجاجات عنيفة بالشوارع ضد أصحاب األعمال واحلكومات املضيفة. وتنبهت الهند أيضا ً إلى أهمية التدابير األمنية حلماية هذا الكم الهائل من عمالتها في غرب آسيا .ومن ثم فإن الوزارات الهندية للشؤون اخلارجية واألجنبية بدأت في فتح قنوات من اإلتصال املستمر بحكومات املنطقة موقع َة العديد من اإلتفاقيات الثنائية لتنظيم تدفقات املهاجرين. وتسعى الهند حاليا ً لترسيخ تواجدها على الصعيد األمني في منطقة اخلليج .ففي نفس الوقت الذي ال يزال فيه التخطيط ملعظم العمليات اإلرهابية التي تستهدف الهند ومتويل تلك العمليات والتدريب عليها يأتي من باكستان ،توصلت وكاالت التحقيق الهندية خالل السنوات األخيرة إلى العديد من املتطرفني الذين تلقوا تدريباتهم في بؤر إرهابية بغرب أسيا. وأصبحت بعض دول اخلليج على نحو خاص مبثابة نقاط إتصال هامة بني الشبكات اإلرهابية والعمال الهنود املهاجرين الذين يتم تعيينهم وتلقينهم الفكر املتطرف وإعادتهم إلى الهند لتنفيذ عمليات إرهابية هناك .ونظرا ً ألن معظم العمال الهنود في منطقة اخلليج يأتون من جنوب الهند ،فإن هذا ميكن أن يفسر أيضا ً معاناة قطاع من اجملتمع الهندي اجلنوبي املسلم من التطرف وكذلك ظهور العديد من اخلاليا اإلرهابية التي تستهدف املراكز اإلقتصادية اجلنوبية الهامة مثل باجنالور وحيدرأباد. إستكشاف دور مميز
8
وقوتها الشرائية الهائلة ،تسعى الهند للبحث عن بدائل تعزز من خاللها وجودها خاصة من خالل زيادة أنشطتها على الساحة الدبلوماسية .فالهند يُنظر إليها بقليل من التشكك على عكس كافة القوى اخلارجية األخرى في غرب آسيا كما أنها ليست موردا ً أساسيا ً في مجال األسلحة ،ولذلك حترص نيودلهي على إستكشاف دورها كقوة وسيطة في املنطقة. وأساس هذا الطموح هو سجلها املعروف باحلفاظ على عالقة ودية مع األطراف املتنازعة؛ تلك العالقة التي منت مبضي الوقت لتمثل نطاقا ً أوسع من الشراكات التي تشمل في الوقت احلالي واشنطن وتل أبيب وطهران وموسكو وبكني وطوكيو. وحتديدا ً في غرب آسيا ،بينما تظل نيودلهي ملتزمة بالقضية الفلسطينية ،حيث أنها كانت أول دولة غير عربية تعترف مبنظمة التحرير الفلسطينية في عام ،1975وحتولت إسرائيل في الوقت نفسه إلى واحدة من شركائها املقربني في مجال الدفاع واألمن .وبينما أشاد حزب اهلل نفسه بقوة حفظ السالم الهندية التابعة لألمم املتحدة في لبنان ،كان مامنوهان سينج منهمكا ً بالتفاوض على إتفاق للتعاون النووي مع جورج دبليو بوش وشراء معدات عسكرية إسرائيلية جديدة .وهذه هي دبلوماسية الهند املؤيدة للعوملة في أفضل حاالتها. الهند املرنة أم الصني صعبة املراس؟ ويأتي تعيني ممثل خاص لغرب آسيا ،ومشاركة البحرية الهندية الشغوفة في قوة عمل مكافحة القرصنة البحرية في خليج عدن ،ليقدما إلينا مثالني آخرين على استعداد الهند ألن تلعب دورا ً بناءا ً في املنطقة .وأعلن هذا الهدف السفير واملمثل اخلاص جاريخان ،والذي لم يخجل من اإلشارة إلى أنه لم يكن للصني “دور خاص أو محدد في عملية السالم في الشرق األوسط” على عكس الهند ،وبهذا يسعى إلى التأكيد على إمكانيات الهند الدبلوماسية و”املرنة” املتميزة في املنطقة.
بوضع كل هذه األمور في احلسبان ،جند أن سياسة الهند “النظر غرباً” تشير على ما يبدو من وجهة نظر املعتدلني إلى إستراتيجية دفاعية خالصة تركز على تأمني موارد الطاقة احليوية إضافة إلى املصالح اإلقتصادية واألمنية احملدودة .لكن هناك هدفا ً إستراتيجيا ً أعمق بكثير وراء جهود سينج الرامية إلى خلق دور متميز وأكثر مالئمة للهند في املنطقة.
“اإلقتصاد واجلاليات الهندية والتعاون والوساطة الدبلوماسية” هي الكلمات الرئيسية لفهم حملة الهند اخلليجية اللينة. ووفقا ً حلسابات نيودلهي اإلستراتيجية ،متثل غرب آسيا ساحة هامة حيث ميكنها إستعراض قوتها ونفوذها ،ومن ثم تعادل نفوذ الصني خارجياً ،فيما وراء جنوب آسيا ،وليس بالضرورة عبر سياسات القوة احملضة .وتنتظر نيودلهي بشغف ردود الفعل على هذه اإلستراتيجية من أنحاء بحر العرب.
وحيث أن الصني أصبحت مبثابة قوة جبارة حتمل تهديدا ً جليرانها في جنوب آسيا ،يشعر اإلستراتيجيون الهنود حاليا ً بأنهم مضطرون للبحث عن أطر جديدة تتجاوز منطقتهم ميكن أن جتمع الهند من خاللها الدعم وتثبت وجودها وتزيد من عمقها اإلستراتيجي. ونظرا ً ألن نيودلهي تدرك القدرات العسكرية املذهلة للصني
كونستانتينو كزافييه -باحث برتغالي بجامعة لشبونة اجلديدة ،ومقيم في واشنطن ،ورئيس حترير صحيفة لشبونة األسبوعية “انديا مونيتور”.
اجمللة
قسما ً جديدا ً ألمن الطاقة ،وهناك دراسات هامة في نيودلهي تسعى لتخصيص موارد غير مسبوقة لدراسة منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا التي يتم فيها تطبيق إستراتيجية اخلليج اجلديدة. وفي نفس الوقت هناك أيضا ً جهد واضح يُبذل من أجل تنويع العالقات اإلقتصادية الثنائية مع غرب آسيا وذلك للتقليل من حصة الطاقة الزائدة .وتسير الهند على الطريق السليم حيث أصبحت مؤخرا ً مبثابة ثاني أكبر شريك جتاري جمللس التعاون اخلليجي بعد الواليات املتحدة مباشرة .وقد ازداد حجم التجارة الثنائية عشر مرات تقريبا ً خالل العقد األخير بإجمالي حالي يقترب من 30مليار دوالر أمريكي. ويوجد أكبر نشاط إستثماري عام للهند -وهو صناعة األسمدة-
في عمان ،ورأس املال الهندي اخلاص -مبا يشمل شركة تاتا لصناعة السيارات ومجموعة ريلينس ومجموعة إيسار -استطاع أن يخترق مجالي البنية التحتية واملصارف والقطاعات اخلدمية بشكل مذهل في ظل اإلقتصاد املنتعش باملنطقة .وفي نفس الوقت ،سعى “مامنوهان سينج” أيضا ً إلستقطاب صناديق الثروة السيادية مبنطقة اخلليج وذلك من خالل شروط جذابة لبحث نشاط إستثماري يبلغ حجمه 500مليار دوالر أمريكي في قطاع البنية التحتية بالهند. اجلاليات الهندية واألمن وبعيدا ً عن الطاقة واإلستثمار والتجارة ،ميثل العمال الهنود املهاجرين الذين يقيمون في غرب آسيا أولويات أخرى في اجمللة
7
جيوبوليتيكا جيوبوليتيكا
إستراتيجية الهند الجديدة في منطقة الخليج البحث عن أكثر من مجرد لعب دور إقليمي كونستانتينو كزافييه
ين�صب الرتكيز يف نيودلهي حالي ًا على غرب �آ�سيا ،ونق�صد منطقة اخلليج وما ورائها .وقد كان النفط وما يزال من بني �أولويات نيودلهي ،غري �أنه كي ت�ضمن الهند دور ًا مميز ًا يف غرب �آ�سيا ،و�ضعت ب�سيا�ستها اجلديدة الرامية �إىل «النظر غرب ًا» �أولويات عديدة على اجلبهتني الدبلوما�سية والإقت�صادية .والهدف من تلك ال�سيا�سة هو تقريب الهند �أكرث من جريانها عرب البحر العربي و�إحداث توازن للقوى ب�آ�سيا يف مواجهة ال�صني وذلك على ال�صعيد الدبلوما�سي.
لقد ظل البحر العربي طيلة قرون عديدة مبثابة حلقة وصل نشطة بني شبه القارة الهندية ومنطقة اخلليج .وتسعى احلكومة الهندية حاليا ً الستكشاف هذا الدور التاريخي ،ويقف وراء احملاولة اجلديدة “مامنوهان سينج” رئيس الوزراء البيروقراطي والذي مت إنتخابه مؤخرا ً لفترة ثانية. فبالنسبة له ،لم يعد اخلليج مجرد منطقة هامة على الساحة الدولية فحسب ولكنها رمبا أصبحت أكثر املناطق أهمية .ومن ثم فإنه خالل العام املنصرم إلتقى في عمان بجميع املبعوثني َّ وخط الدبلوماسيني الهنود في املنطقة والبالغ عددهم 27 األولويات األساسية لإلستراتيجية اجلديدة “النظر غرباً” .وفكرة هذه اإلستراتيجية تتمثل في تعزيز الهند على اجلبهتني احلربية والسلمية ،في نفس الوقت الذي تضمن فيه نيودلهي دورا ً محددا ً في اجلماعة األمنية بغرب آسيا.
6
اجمللة
الهموم املادية :الطاقة واإلستثمارات نظرا ً ألن الهند متثل ثالث أكبر مستهلك للنفط في آسيا ،حيث يُتوقع أن يصل إعتمادها على اإلستيراد إلى 90%خالل العقدين القادمني ،يعتبر ضمان احلصول بشكل دائم على موارد الطاقة من منطقة اخلليج في مقدمة أولويات هذا البلد .وقد بُذلت محاوالت عديدة لتعزيز أمن الطاقة من خالل تنويع جهات التوريد لتشمل أمريكا الالتينية وأفريقيا وروسيا ،لكن تبقى منطقة غرب آسيا بال منازع هي املورد الرئيسي لها حيث متثل تلك ثلثي واردات النفط الهندية .ويأتي في طليعتها اململكة العربية السعودية التي متثل 25%من واردات النفط الهندية والكويت 12%والعراق .10% وبناءا ً على تلك األولويات اجلديدة ،شكلت وزارة الشئون اخلارجية
10 حارب من أجل نزع السالح 18 ............................................................................ اكثر من راي اليمن (غير) السعيد20 .................................................................................... دراسات ماذا يحمل املستقبل القريب في جعبته :هل ستبقى األسلحة النووية بحوزتنا؟ 28 ..............................................................................................................
حاله اإلقتصاد وما يزال العرض مستمرا ً 32 .................................................................................... لقاء لقاء دير شبيجل مع هنري كيسينجر ،وزير اخلارجية األمريكي األسبق 38 ......................... املقال السياسي تكريس اإلخفاق 42 ...................................................................................................
32 20
اإلفتتاحية
تصدر عن
عزيزي القارئ، أسسها سنة 1987
األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز
مـجـلـة الـعـرب الـدولــيــة علياحلافظ ومحمدعلي هشامومحمد أسسهاهشام أسسها حافظ رئيس التحرير
Editor-In-Chief
عادل بن زيد الطريفي
ADEL ALTORAIFI احملررون Editors مصطفى فحص MUSTAFA FAHS بوال ميجا أمليدا مانويل Paula Mejia MANUEL ALMEIDA سكرتير التحرير Editorial Secretary جان سينجفيلد JAN SINGFIELD املدير التنفيذي Managing Director املدير العام طارق القي TARIK ALGAIN www.majalla.com editorial@majalla.com London Address The Majalla Magazine HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited Arab Press House 182-184 High Holborn LONDON WC1V 7AP DDI: +44 (0)20 7539 2335/2337 Tel: +44 (0)20 7821 8181 Fax: +(0)20 7831 2310 الواليات املتحدة وايران في افغانستان
حتالفات مضطربة
لقاء مع أمني اجلميّل الرئيس اللبناني األسبق
بقلم كرمي ساجدبور
العالم في ركود.. لم يعد هناك سياسة خارجية بقلم باراغ خانا
www.majalla.com
اإنه ملن دواعي �رسورنا وبالغ �سعادتنا اأن نقدم لكم جملة املجلة يف ثوبها اجلديد. "املجلة" وال تزال لقد كانت املجلة العربية الرائدة يف ال�سئون ال�سيا�سية واالقت�سادية والعاملية، و�سوف نبذل ق�سارى جهدنا من اأجل اال�ستمرار على الدرب بل وجتاوزه ملا هو اأف�سل من اأجل قرائنا االأعزاء. لقد قمنا بالعديد من التغيريات الكبرية من اأجل تقدمي جملة تطرح اأف�سل االأفكار املمكنة. كما �سنقدم روؤية �سيا�سية اإ�سرتاتيجية ت�سعى اإىل جتلية ق�سايا املنطقة ال�سائكة ،ومعاجلة اجلدل ال�سيا�سي والثقايف مبهنية ملتزمة باحلياد عن طريق ا�ستكتاب اأبرز ال�سيا�سيني واملثقفني على م�ستوى العامل .باال�سافة اىل حماولة قراءة االفكار التي خلف االخبار لنغطي امل�ساحات الفارغة يف اخلرب . والأننا نتماهى مع اأ�سلوب احلياة الذي يعتمد يف االأ�سا�س على االإنرتنت يف القرن احلادي والع�رسين ،فقد قمنا بتغيري ت�سميم وفكرة املجلة ،لت�سبح جملة اإلكرتونية متاحة بكلتا اللغتني العربية واالإجنليزية.
المحتويات المحتويات
�سوف نقدم لقرائنا الكرام عرب موقع املجلة www.majalla.comخدمات تفاعلية والتي أفالم فيديو الأهم املناق�سات ال�سيا�سية اإ�سافة اإىل رابط و�سالت ت�سمل مكتبة حافلة با جيوبوليتيكا االجتماعية . نقل املعلومة عرب مواقع منطقة اخلليج 6 ............................................... العالقاتاجلديدة في إستراتيجية الهند
ن�ستك�سف ونطرح اأبرز واأهم الق�سايا احلالية التي ت�سغل منطقة هدفنا من املجلة اأن قصة الغالف ال�رسق االأو�سط مبزيد من العمق .ويف �سبيل حتقيق هذا الهدف ،ون�سعى لأن متتاز جملتنا صنع في الصني 10 ................................................................................................. �لمل ترتونية واأن من تن قر�فنا من ��ست ت�ساف وفهم �مل ت�س تعات �ل�ساخنة من منظ تر �أو�سع و�أ�سم ت أما �حلال يف ق�سمنا �ملا�ص مبر�أز �لبحث و�لتن تذ من خالل ر�وط والتقرير �لأ�سلي ل� تام ت �لذي مت ن�رشه على أفكار �لمنرتنت.
ما هي اخلطوة التالية حلزب اهلل؟ 14....................................... ..............................
لقد اأ�سعدنا احلظ اإذ اأ�سبحنا قادرين على اال�ستفادة من مهارات التاأليف والكتابة التي يتمتع بها عدد من اأبرز امل�ساركني يف ال�سحافة االإخبارية العاملية والذين عربوا لنا عن اإعجابهم ال�سديد بتفكرينا التقدمي وحتركنا اجلدي والذين ي�سعدهم اأن ي�ساركونا م�سعانا اجلديد ،ونحن متطلعون لن�رس مقاالتهم خالل االأ�سابيع القادمة. اإن الهدف االأ�سا�سي من جملتنا "املجلة" هو اإ�سعاد قرائنا االأعزاء وكلنا اأمل يف اأن ن�ستمر على هذا املنوال خالل ال�سنوات القادمة .لذلك نرحب مب�ساركاتكم واآرائكم ونكن لها كل تقدير .اإذا كان لديكم مو�سوع معني يتعلق بال�سيا�سة اأو االقت�ساد اأو الثقافة يف منطقة ال�رسق االأو�سط ترغبون من املجلة اأن تقوم ببحثه وحتليله يرجى االت�سال بفريق التحرير ونعدكم اأن نبذل ق�سارى جهدنا لطرحه يف اإ�سدار قادم.
06
قرائنا االأعزاء ،اأنتم غايتنا ولنا ال�رسف اأن نعطي اأولوية ق�سوى الهتماماتكم.
مـجـلـة الـعـرب الـدولــيــة
اخلروج من األزمة
؟
هل ينجح السياسيون حيث فشل اإلقتصاديون
عدد رقم ،1517تاريخ 18ابريل/نيسان 2009
مع خال�س حتياتي
بقلم ستيفن غلن
عادل الطريفي رئيس التحرير
18
14
ما هي اخلطوة التالية حلزب اهلل؟
ملك الشطرجن هنري كيسينجر
وزير اخلارجية األمريكي األسبق
رافيل كاميلليري
العدد 20، 1525يونيو 2009
مجلة العرب الدولية
اإلنفصاليه والراديكالية بشينج يانغ بقلم :رامون باردو
إستراتيجية الهند اجلديدة في منطقة اخلليج كونستانتينو كزافييه