Majalla_1526_Arabic

Page 1

THE MAJALLA

13


Digital Edition


‫املقال السياسي‬

‫تكريس اإلخفاق‬

‫لماذا العقوبات االقتصادية غير موجودة؟‬ ‫أندريس كاال‬ ‫لكي يكون للعقوبات ت�أثري حقيقي يتعني �أن تكون يف تنوعها وتباينها متاما مثل الدول التي تطبق عليها‪ .‬وحماولة فر�ض العقوبات بطريقة عامة ومقولبة‬ ‫ي�ؤدي �إىل ظهور امل�شاكل على جميع الأ�صعدة وينتج عنه باطراد حلول هي �أبعد ماتكون عن �إر�ضاء �أي طرف‪.‬‬

‫في الوقت الذي تدرس الدول الغربية فيه ما إذا كانت ستقوم بتشديد العقوبات على إيران‪ ،‬يكون من‬ ‫املفيد أن نفهم حقيقة مثل هذه اإلجراءات العقابية‪.‬‬ ‫بوجه عام‪ ،‬العقوبات هي عبارة عن مجموعة من القيود التجارية واملالية تفرضها دولة أو عدة دول‬ ‫من أجل الضغط على قادة الدول املستهدفة كي يغيروا من سياساتهم‪ .‬فهي نوع من فرض القوة‪،‬‬ ‫سواء عن حق أو غير حق‪ ،‬وقد وصفها السكرتير العام السابق لألمم املتحدة كوفي عنان بأنها “ أداة‬ ‫مكشوفة بل وتؤدي إلى نتائج عكسية”‪.‬‬ ‫والميكن وضع كل أنواع العقوبات في سلة واحدة نظرا ألن لها ضروبا عديدة تختلف اختالف الدول‬ ‫التي تربو على ‪ 185‬دولة والتي طالتها العقوبات منذ احلرب العاملية األولى‪ .‬إال أن هذا المينع وجود‬ ‫بعض القواسم املشتركة‪.‬‬ ‫بادئ ذي بدء ثمة عنصر قوي ذات صلة بالسياسة الداخلية تستغله الدول الفارضة للعقوبات حيث‬ ‫ترقى هذه العقوبات إلى أن تكون حال وسطا بني مجرد التذمر السلبي والعمل العسكري‪ .‬وبعبارة‬ ‫أخرى‪،‬فهي طريقة مثلى إلقناع مواطني الدول التي تقوم بفرض العقوبات بأن حكوماتهم ليست‬ ‫مستكينة وأن ثمة إجراء ما يتم اتخاذه‪.‬‬ ‫وعندما يكون هنالك إجماع أخالقي على الصعيد العاملي‪ ،‬كما كان احلال في جنوب إفريقيا فيما‬ ‫يتعلق بالتفرقة العنصرية‪ ،‬و في يوغوسالفيا فيما يتعلق باإلبادة اجلماعية‪ ،‬فإن العقوبات تكون‬ ‫مفيدة نظرا لسهولة فرضها‪.‬ولكن املشكلة تظهر حينما تكون العقوبات وراءها دوافع سياسية‬ ‫حتركها مع تراخ في اإلجماع العاملي‪ ،‬كما هو احلال في معظم العقوبات األخرى‪.‬‬ ‫وعلى سبيل املثال‪ ،‬تعد العراق أحد األمثلة على هذا النوع من الشقاء‪ .‬فعلى مدى ثالث عشرة عاما‪،‬‬ ‫تعرض العراقيون لعقوبات فادحة فرضها عليهم اجملتمع الدولي دون أن ينجحوا في حتقيق هدفهم‬ ‫املتمثل في إقصاء صدام عن السلطة‪ .‬وحاليا‪ ،‬فلنتأمل حالة كوريا الشمالية وبورما‪ .‬وميكن القول‬ ‫باطمئنان أن العقوبات اجلماعية قد مت التشكيك في جدواها على نطاق واسع ألنها التؤدي إال إلى‬ ‫تقوية شوكة القادة الذين تستهدفهم العقوبات‪ ،‬بينما تعزز املشاعر القومية‪ .‬وفي نهاية املطاف‬ ‫فإنها تؤدي أيضا إلى تقويض الطبقات الوسطى في الدولة التي تفرض عليها العقوبات والذين تكون‬ ‫احلاجة إليهم ماسة من أجل حتقيق أي إصالح سياسي‪.‬‬ ‫واالجتاه احلديث في عالم العقوبات هو العقوبات املوجهة والتي تستهدف احلكام وحاشياتهم من‬ ‫خالل فرض قيود مالية وعسكرية وكذلك على تنقالتهم مع احلد من تأثير العقوبات على سكان‬ ‫الدولة‪ .‬وقد ثبت أن هذا النوع من العقوبات يتسم بأنه أكثر فاعلية وأكثر مقبولية من الناحيتني‬ ‫السياسية واألخالقية‪ ،‬إال أن جناحها يتوقف على مدى تأثيرها النهائي على احلكام‪ .‬وعادة اليكون‬ ‫التأثير كبيرا‪ .‬ولنأخذ مثاال بزميبابوي وكوبا للتدليل على مثل هذه اإلخفاقات‪ ،‬بالرغم مما حققته‬ ‫العقوبات من جناح أكبر في يوغوسالفيا السابقة‪.‬‬ ‫ولكي تكون العقوبات فاعلة‪ ،‬فإنها يجب أن تكون قادرة على مقاومة الضغوط‪ .‬وهذا اليتطلب فقط‬ ‫احلصول على إجماع مطلق داخل مجلس األمن‪ ،‬وهو في حد ذاته أمر يصعب حتقيقه‪ .‬فهي تتطلب‬ ‫التزاما دوليا وهو مايعني الدعم الذي يساعد على حتقيق أي هدف مت حتديده‪ ،‬سواء كان هذا الهدف‬ ‫هو قلب نظام أو سحب قوات من بلد ما‪ .‬وإذا لم يتم ذلك يصبح من السهل التحايل على العقوبات‬ ‫وميكن أن تأتي بنتائج عكسية‪.‬‬ ‫وهنا نأتي إلى قضية الشرق األوسط واجلدال املتجدد حول ما إذا كان سيتم فرض املزيد من عقوبات‬ ‫استعراض القوة على إيران‪.‬‬ ‫وفي لبنان‪ ،‬لم تأت العقوبات بثمار مرجوة نتيجة انعدام اإلجماع‪ .‬ففي عام ‪ 1982‬صدر قرار عن األمم‬ ‫املتحدة يدعو إلى احترام سيادة لبنان في إشارة إلى إسرائيل‪ ،‬إال أنه لم يتم إنفاذه على اإلطالق ولم‬ ‫يسفر عن فرض أية عقوبات على تل أبيب‪ ،‬التي على العكس من ذلك شهدت تدفق املساعدات‬ ‫العسكرية لها مبقدار أربعة أضعاف‪ .‬ومع ذلك مت استخدام نفس القرار لتبرير العقوبات األمريكية‬ ‫على سوريا والتي مازالت سارية‪.‬‬ ‫ومثل هذه العقوبات الشاملة التي حتكمها دوافع سياسية تتميز بأنها تسفر عن نتائج معاكسة‪.‬‬ ‫وقد كان للعقوبات املوجهة إلى سوريا سجل حافل باالنقسامات نتيجة غياب اإلجماع الدولي‪ .‬فقد‬

‫‪44‬‬

‫اجمللة‬

‫قامت الواليات املتحدة بفرض اجلولة األولى من العقوبات في عام ‪ 2003‬ولكن لم تستشعر دمشق‬ ‫حدة العقوبات إال في عام ‪ 2005‬حينما شارك فيها اجملتمع الدولي‪ .‬فقد ظلت سوريا غير قادرة على‬ ‫النهوض من عثرتها االقتصادية في عام ‪ ،2004‬حتى قبل أن يتم فرض العقوبات الصارمة ألول مرة‪.‬‬ ‫والسبب الذي جعل سوريا أكثر تأثرا بالعقوبات هو أن الواليات املتحدة تعد شريكها التجاري األول‪.‬‬ ‫كما أن الواليات املتحدة مازالت تسيطر على ماقيمته ‪ 20‬بليون دوالرا من عوائد البترول السرية‬ ‫اجملمدة لسوريا‪ .‬وفي هذا العام‪ ،‬أعلنت دمشق أن أي تقارب مع الواليات املتحدة‪ ،‬والذي يبدو وشيكا اآلن‬ ‫بعد أن قرر الرئيس باراك أوباما إرسال سفيره إلى سوريا‪ ،‬ينبغي أن يتضمن رفع العقوبات‪.‬‬ ‫وما كان من األزمة االقتصادية الراهنة إال أن أدت إلى تدهور الوضع في سوريا‪ .‬وحتى خالل هذه األزمة‪،‬‬ ‫استطاعت سوريا احلصول على متنفس لها من روسيا‪ ،‬التي أقامت صالت تاريخية عسكرية مع‬ ‫دمشق والصني ودول اخلليج وإيران ودول أسيوية أخرى‪ .‬وقد تزايد حجم التجارة السورية حتى مع‬ ‫االحتاد األوروبي خالل معظم هذا العقد‪ ،‬وإن مت ذلك مبعدل بطيء‪.‬‬ ‫وتعد ليبيا مثاال واضحا على الكيفية التي ميكن أن تسفر من خاللها العقوبات عن نتائج عكسية‪.‬‬ ‫فبعد عقد من اخلضوع لعقوبات صارمة حتت إشراف األمم املتحدة من جراء دورها في تفجير لوكيربي‪،‬‬ ‫وافقت ليبيا على دفع تعويضات للضحايا‪.‬وقد استمرت العقوبات األمريكية ألكثر من ربع قرن حتى‬ ‫عام ‪ 2004‬بعد أن قررت ليبيا التخلي عن أسلحة الدمار الشامل ودعم اإلرهاب‪.‬‬ ‫إال أن معمر القذافي قائد براجماتي وله القدرة على الصمود أمام العواصف‪ ،‬من بني صفات أخرى‬ ‫يتمتع بها‪ .‬فعلى أرض الواقع‪ ،‬ظلت شركات البترول الغربية تواصل نشاطها في ليبيا قبل وقت‬ ‫طويل من رفع العقوبات‪ .‬وقد جاء التحول اجلذري في سياسته بعد أن أدرك أن البترول‪ ،‬الذي يعد‬ ‫املصدر الوحيد للدخل بالنسبة لدولته‪ ،‬لن يكون قادرا على دعم اقتصاد هذا البلد دون استثمار دولي‪.‬‬ ‫ولكن ماذا عن إيران‪ ،‬خاصة بعد ازدياد تأزم الوضع في أعقاب االضطرابات التالية لالنتخابات؟ فلقد‬ ‫حتملت إيران العقوبات األمريكية على مدى عقود وجنحت في أن تخرج قوية ولم تكتف بتطوير‬ ‫برنامجها النووي‪ ،‬بل طورت برنامجا فضائيا قويا وقدرة عسكرية ذاتية‪ .‬وهذا يعني أن إيران أكثر قدرة‬ ‫على النهوض بينما جرحها ينزف‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العقوبات قد أدت إلى تقوية املركز السياسي للنظام‬ ‫بشكل ملحوظ مما نتج عنه اتساع نطاق نفوذه في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬من العراق إلى غزة وحتى‬ ‫سوريا‪ .‬وفي حقيقة األمر‪ ،‬فكلما أحكم الغرب قبضته كلما وجد آيات اهلل مزيدا من املنافذ لإلضرار‬ ‫باملصالح الغربية‪.‬‬ ‫وحتى اآلن‪ ،‬مت توجيه العقوبات الصادرة عن األمم املتحدة وصياغتها بشكل يسمح بوجود عدة ثغرات‬ ‫التزال جتعل من املمكن الدخول في نشاط جتاري مع إيران‪ ،‬كما يتضح من معدل التجارة املتزايد‬ ‫مع أوروبا ودول اخلليج في السنوات القليلة املاضية‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬فإن اجلهود الغربية تفتقر‬ ‫إلى اإلجماع‪ .‬فقد حازت إيران قصب السبق على الصعيد األخالقي حتى خالل االنتفاضة الشعبية‬ ‫األخيرة هناك‪.‬‬ ‫ولبعض الوقت‪ ،‬فقد مألت روسيا والصني الفراغ الذي تركته الشركات األوروبية‪ ،‬حيث ازدادت التجارة‬ ‫الثنائية مع الصني‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬مبقدار حوالي ‪ % 40‬سنويا خالل العقد األخير‪.‬‬ ‫لذا فهل ستجدي العقوبات مع إيران؟ اجلواب بالنفي‪ .‬فهي على النقيض من ذلك ستزيد من تعنت‬ ‫النظام وتساعده على إخماد أي فتنة داخلية وستفتح أبوابا جديدة أمام آسيا وروسيا‪ .‬وفوق هذا كله‪،‬‬ ‫فإنها لن حتقق الكثير‪ .‬وسبيل اخلروج من هذا املستنقع هو في يد أوباما‪ .‬ويبدو أن السبيل الوحيد‬ ‫إلحراز تقدم هو احتواء اجلمهورية اإلسالمية‪ ،‬اللهم إال إذا كان الغرب يبيت النية ملواجهة عسكرية‬ ‫مع إيران‪ ،‬مما سيؤدي إلى تعطيل نواياه على أية حال‪ .‬وهذا هو مافعله نيكسون مع الصني‪ .‬فقد‬ ‫استغرق األمر ثالثة عقود‪ .‬إال أن الصني قد انصهرت متاما في النظام العوملي‪ ،‬أي أنها لم تعد متثل‬ ‫مصدر تهديد‪ ،‬برغم ترسانتها النووية‪.‬وتبقى اإلستراتيجية الوحيدة التي لم يتم جتريبها بعد هي‬ ‫سياسة الضم والتفاوض إليجاد طريق خارج نفق العقوبات العقيمة‪.‬‬

‫أندريس كاال‪ -‬صحفي مستقل مقيم مبدريد ومتخصص في العلوم السياسية في‬ ‫منطقة الشرق األوسط وأوروبا‪ ،‬فضال عن قضايا الطاقة العاملية‪ .‬ويكتب بشكل‬ ‫منتظم في صحيفة “نيويورك تاميز”‪.‬‬


‫سيكون الزعماء الدينيني متحدين؟ ال أعرف اإلجابة كما أظن أنه ال يعرفها‬ ‫أحد غيري‪.‬‬

‫كيسينجر ‪ :‬األمر املهم بعد االنتصار العسكري هو التعامل مع األمة‬ ‫املهزومة بطريقة كرمية‪.‬‬

‫س‪ :‬يبدو أنك متشكك جداً‪.‬‬

‫س‪ :‬وهذا يعني عدم إخضاع األمة املهزومة؟‬

‫كيسينجر‪ :‬أرى احتمالني‪ ،‬إما أن نتوصل إلى تفاهم مع إيران وإما أن نتصادم‬ ‫معها‪ .‬وباعتبارنا مجتمعا ً دميقراطياً‪ ،‬ال ميكننا تبرير هذا الصدام لشعبنا‬ ‫ما لم نُظهر له أننا قد بذلنا جهودا ً حقيقية لتجنب ذلك‪ .‬وال أقصد بهذا‬ ‫أنه يتعني علينا تقدمي أي تنازل يطالبوننا به‪ ،‬لكننا مضطرون لطرح أفكار‬ ‫ميكن أن يدعمها الشعب األمريكي‪ .‬وينبغي أن ننتظر لنرى إلى أين تسير‬ ‫االضطرابات في طهران قبل أن يتم بحث هذين االحتمالني‪.‬‬

‫كيسينجر‪ :‬ميكنك إما أن تضعف األمة املهزومة لدرجة تصبح معها‬ ‫قناعاتها اخلاصة غير ذات شأن وتستطيع فرض أي شيء ترغبه عليها‪،‬‬ ‫أو ينبغي عليك أن تعيدها مرة أخرى إلى املنظومة الدولية‪ .‬من وجهة‬ ‫نظر جتربة فرساي‪ ،‬كانت املعاهدة متساهلة جدا فيما يتعلق بكبح أملانيا‪،‬‬ ‫وكانت قاسية جدا بحيث لم تدخل أملانيا في النظام اجلديد‪ .‬ولهذا فشلت‬ ‫املعاهدة في كال اجلانبني‪.‬‬

‫س‪ :‬إذن فأنت تدعو لنوع من املثالية الواقعية؟‬

‫س‪ :‬ماذا يفعل الفائز احلصيف؟‬

‫كيسينجر‪ :‬بالضبط‪ .‬ليس هناك واقعية دون عنصر املثالية‪ .‬ففكرة القوة‬ ‫اجملردة موجودة فقط من أجل األكادمييني وليس في احلياة الواقعية‪.‬‬

‫كيسينجر ‪ :‬املنتصر احلصيف سوف يحاول إعادة األمة املهزومة إلى‬ ‫حظيرة النظام الدولي‪ .‬وسوف يحاول املفاوض احلصيف إيجاد أساس‬ ‫يحافظ على االتفاقية‪ .‬وعندما تصل إلى نقطة ال تتواجد عندها أي من‬ ‫هذه االحتماالت‪ ،‬عندئذ يجب على املرء أن يتجه إما لزيادة الضغط أو لعزل‬ ‫اخلصم أو رمبا يفعل كليهما‪.‬‬

‫س‪ :‬هل تعتقد أنه كان من املفيد ألوباما أن يلقي خطاباً إلى العالم‬ ‫اإلسالمي من القاهرة؟ أم أنه أثار الكثير من األوهام بشأن ما ينبغي أن‬ ‫حتققه السياسة؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬إن أوباما أشبه بالعب شطرجن يبدأ اللعب بافتتاحية غير‬ ‫معتادة‪ .‬واآلن يتعني عليه أن يتعامل مع أقرانه اخملتلفني‪ .‬إننا لم نتجاوز بعد‬ ‫التحرك االفتتاحي الذي ليس لدي أي اعتراض عليه‪.‬‬ ‫س‪ :‬لكن هل ما رأيناه منه إلى اآلن سياسة واقعية؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬أيضا ً من املبكر جدا ً أن جنزم بهذا‪ .‬فإذا كان ما يريد أن يفعله‬ ‫هو أن ينقل إلى العالم اإلسالمي فكرة أن أمريكا لديها توجه انفتاحي‬ ‫للحوار وليست مصممة على املواجهة باعتبارها اإلستراتيجية الوحيدة‪،‬‬ ‫فإنه ميكن أن يلعب دورا ً هاما ً للغاية‪ .‬ولكنه إذا استمر في االعتقاد بأن كل‬ ‫أزمة ميكن أن يتم إدارتها والتحكم فيها من خالل خطاب فلسفي‪ ،‬فإنه‬ ‫سوف يواجه نفس مشكالت ويلسون‪.‬‬ ‫س‪ :‬لم يلق أوباما خطابا فقط‪ .‬في الوقت نفسه‪ ،‬مارس ضغطا على‬ ‫إسرائيل لكي توقف بناء املستوطنات في الضفة الغربية وتعترف‬ ‫بدولة فلسطينية مستقلة‪.‬‬ ‫كيسينجر‪ :‬ميكن أن تكون احملصلة حل الدولتني فقط‪ ،‬ويبدو أن هناك اتفاقا‬ ‫كبيرا على حدود هذه الدولة‪ .‬واآلن ال ميكنك من خالل خطاب واحد فقط‬ ‫استنتاج كيف حتقق ذلك‪ ،‬وما هي مراحل التفاوض‪ ،‬وما املوضوع الذي تبدأ به‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل املفاهيم مثل “خير” و “شرير” تبدو منطقية في سياق‬ ‫السياسة اخلارجية؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬نعم‪ ،‬ولكنها تكون متفاوتة من حيث الدرجة عموما‪،‬‬ ‫ونادرا ما تكون مطلقة‪ .‬أعتقد أن هناك أنواعا من الشر ال بد من‬ ‫إدانتها والقضاء عليها‪ ،‬وال ينبغي ألحد أن يعتذر عنها‪ .‬ولكن ينبغي‬ ‫أال يتم تكريس وجود الشر كذريعة يتذرع بها من يظنون أنهم ميثلون‬ ‫محور اخلير لكي يصروا على متلك حق غير محدود و يفرضوا تعريفهم‬ ‫لقيمهم على اآلخرين‪.‬‬ ‫س‪ :‬ماذا تعني كلمة “انتصار” بالنسبة لك؟ بعد احلرب العاملية األولى‪،‬‬ ‫كان هناك منتصر وضحية‪ ،‬وهم األملان‪ .‬وكانت معاهدة فرساي محاولة‬ ‫الحتواء القوة التي منيت بالهزمية‪ .‬هل تعتقد أن ثمة فكرة ذكية ينطوي‬ ‫عليها حتقيق النصر على بلد آخر؟‬

‫س‪ :‬هل كانت الدول الغربية حكيمة فيما يتعلق بتعاملها مع االحتاد‬ ‫السوفيتي السابق بعد احتادها؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬كانت هناك نشوة نصر زائدة على اجلانب الغربي‪ .‬وحدث وصف مبالغ‬ ‫فيه للسوفيت كمهزومني في احلرب الباردة‪ ،‬ورمبا كان ثمة قدر ما من الغطرسة‪.‬‬ ‫س‪ :‬وليس جتاه روسيا فقط؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬في مواقف أخرى أيضا‪.‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بني الصراعات في أوروبا في أوائل القرن العشرين‬ ‫والصراعات التي نواجهها في عالم اليوم؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬في الفترات السابقة‪ ،‬كان املنتصر يستطيع أن ميني نفسه‬ ‫ببعض الفائدة‪.‬‬ ‫ولم يعد ذلك ممكنا في ظل الظروف الراهنة‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬حدوث‬ ‫صدام بني الصني والواليات املتحدة سوف يقوض كال البلدين‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل تذهب إلى حد القول بأن ما نشهده هو نهاية احلروب الكبرى؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬أعتقد أن أوباما أمامه فرصة فريدة التباع سياسة خارجية‬ ‫أمريكية سلمية‪ .‬وال أرى أي صراع بني تلك الدول الكبرى مثل الصني‬ ‫وروسيا والهند والواليات املتحدة‪ ،‬ميكن أن يكون مبررا حلل عسكري‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬توجد فرصة للجهود الدبلوماسية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال تسمح‬ ‫األزمة االقتصادية للدول بتخصيص نسبة ضخمة من مواردها للصراع‬ ‫العسكري‪ .‬أنا أكثر تفاؤال اآلن من عامني مضيا‪.‬‬ ‫س‪ :‬أال يخيفك الوضع في إيران ؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬اخلوف ليس دافعا جيدا لرجل دولة‪ .‬ميكن أن حتدث أزمة محلية‬ ‫على األقل‪ ،‬وليس أمرا حتميا أن حتدث‪ .‬إيران دولة ضعيفة وصغيرة نسبيا‪،‬‬ ‫وثمة حدود جوهرية لقدراتها‪ .‬عالقة الصني ببقية العالم أهم بكثير من‬ ‫حيث األهمية التاريخية من قضايا إيران‪.‬‬ ‫شبيجل‪ :‬نشكركم يا سيد كيسينجر على هذه املقابلة‪.‬‬ ‫أجرت املقابلة يان فاليشهاور وجابور ستينجارت‪.‬‬ ‫مجلة دير شبيجل (‪ .)2009‬توزعها نقابة صحيفة نيويورك تاميز‬ ‫اجمللة‬

‫‪43‬‬


‫لقاء‬ ‫يقومون به‪ ،‬حيث إن العالم الذي ولد في رحم معاهدة فرساي كان مناقضا‬ ‫بشكل جوهري ملا انصرفت إليه إرادة األطراف من نوايا‪ .‬ومن يريد أن يتعلم‬ ‫من أخطاء املاضي عليه أن يتفهم ما حدث في فرساي‪.‬‬ ‫س‪ :‬لقد كان يراد ملعاهدة فرساي أن تسدل الستار على جميع احلروب‪.‬‬ ‫وقد كان هذا هو هدف الرئيس وودرو ويلسون عند قدومه إلى باريس‪ .‬إال‬ ‫أن ما حدث بالفعل هو أن أوروبا بعد عشرين عاما من توقيع املعاهدة‬ ‫قد مت الزج بها إلى أتون حرب عاملية أشد ضراوة وتدميرا‪ .‬فما السبب‬ ‫وراء ذلك؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬لكي يعمل أي نظام دولي بكفاءة‪ ،‬فالبد أن يجتمع له عنصران‬ ‫رئيسيان‪ .‬أول هذين العنصرين هو أن يتوافر له قدر من توازن القوى يجعل‬ ‫تقويض هذا النظام أمرا صعبا ومكلفا‪ .‬وثانيا‪ ،‬البد أن يصحبه إحساس‬ ‫بشرعية النظام‪ .‬وهذا يعني ضرورة أن تؤمن غالبية الدول بأن التسوية‬ ‫التي مت التوصل إليها هي باألساس تسوية عادلة‪.‬لقد أخفقت معاهدة‬ ‫فرساي على كال اجلبهتني‪ .‬فقد مت استبعاد أكبر قوتني على مستوى القارة‬ ‫من اجتماعات فرساي‪ ،‬أال وهما أملانيا وروسيا‪ .‬فإذا ما تصور أحد أنه ينبغي‬ ‫حماية النظام الدولي ضد أي منشق عنه ساخط عليه‪ ،‬فإن إمكانية‬ ‫االحتفاظ بتوازن القوى داخل مثل هذا النظام هي احتمالية ضعيفة‬ ‫باألساس‪ .‬وعلى ذلك فإن النظام الدولي الذي أنتجته معاهدة فرساي كان‬ ‫يفتقر إلى هذين العنصرين‪.‬‬ ‫س‪ :‬لقد شهدنا في باريس صداما بني مبدأين من مبادئ السياسة‬ ‫اخلارجية‪ :‬املثالية التي جسدها ويلسون في مواجهة نوع من‬ ‫السياسة الواقعية التي جسدها األوربيون وكانت تقوم في املقام األول‬ ‫على أساس قانون البقاء لألقوى‪ .‬هل ميكن أن تفسر لنا سر إخفاق‬ ‫املقاربة األمريكية؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬كانت الرؤية األمريكية تتمثل في أن السالم هو احلالة‬ ‫الطبيعية بني الدول‪ .‬ولضمان السالم الدائم‪ ،‬يتعني تأسيس نظام دولي‬ ‫عماده املؤسسات الداخلية في كل بلد‪ ،‬والتي تعكس إرادة الشعوب‪ .‬وهذه‬ ‫اإلرادة يفترض دائما أنها معارضة ملبدأ احلرب‪ .‬ولسوء احلظ‪ ،‬ليس ثمة دليل‬ ‫تاريخي على صحة هذا االفتراض‪.‬‬ ‫س‪ :‬هذا إذا يعني في نظرك أن السالم ليس هو احلالة الطبيعية بني‬ ‫الدول؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬إن الشروط املسبقة الالزمة لتحقيق سالم دائم هي أشد‬ ‫تعقيدا بكثير مما يرقى إليه تصور معظم الناس‪ .‬لم تكن رؤية ويلسون‬ ‫متثل حقيقة تاريخية بقدر ماكانت تأكيدا لوجهة نظر دولة تتكون من‬ ‫مهاجرين أداروا ظهورهم لقارة بأكملها ليستظلوا بدولة ظلت متقوقعة‬ ‫على نفسها وغارقة في سياستها الداخلية على مدى ‪ 200‬عاما‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل تريد أن تقول إن أمريكا تسببت دون قصد في اندالع حرب بينما‬ ‫كانت حتاول صنع السالم؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬إن السبب الرئيسي للحرب كان هتلر‪ .‬لكن طاملا أن نظام‬ ‫فيرساي قد لعب دوراً‪ ،‬فإنه ال ميكن إنكار حقيقة أن املثالية األمريكية في‬ ‫مفاوضات فيرساي قد أسهمت في احلرب العاملية الثانية‪ .‬ودعوة ويلسون‬ ‫لتقرير مصير الدول كانت لها التأثير العملي في انقسام عدد من الدول‬ ‫األوروبية الكبرى‪ ،‬مما جنم عنه تضاعف املصاعب‪ .‬فأوالً‪ ،‬اتضح أنه من‬ ‫الصعب فنيا ً فصل تلك اجلنسيات التي اختلطت سويا ً على مدى قرون إلى‬ ‫كيانات قومية وفقا ً لتعريف ويلسون‪ ،‬وثانياً‪ ،‬أدى ذلك إلى نتيجة عملية‬ ‫وهي أن أصبحت أملانيا أقوى من الناحية اإلستراتيجية مما كانت عليه قبل‬ ‫احلرب‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫اجمللة‬

‫س‪ :‬ملاذا؟ لقد مت نزع السالح من أملانيا عسكرياً ومت تدميرها جغرافياً‪.‬‬ ‫كيسينجر‪ :‬التوسع اإلقليمي والقوة أمران نسبيان‪ .‬وأملانيا كانت أصغر‪،‬‬ ‫لكنها كانت أكثر قوة‪ .‬وقبل احلرب العاملية األولى‪ ،‬واجهت أملانيا ثالث دول‬ ‫كبرى على حدودها وهي روسيا وفرنسا وبريطانيا‪ .‬وبعد فيرساي‪ ،‬واجهت‬ ‫أملانيا مجموعة من الدول األصغر على حدودها الشرقية‪ .‬وبالرغم من أن‬ ‫أملانيا كانت تواجه مشكالت مع كل منها إال أنه لم يستطع أي من تلك‬ ‫الدول مقاومة أملانيا وحدها‪ ،‬بل واألرجح أنه لم يستطع أي منها مقاومة‬ ‫أملانيا حتى ولو مبساعدة فرنسا‪.‬‬ ‫لذلك من املنظور اإلستراتيجية واجلغرافي‪ ،‬لم تر َق معاهدة فيرساي‬ ‫لتطلعات األطراف الرئيسية كما أنها لم حتقق االحتمال اإلستراتيجي‬ ‫للدفاع عما مت حتقيقه‪ ،‬ما لم تظل أملانيا منزوعة السالح‪ .‬ورمبا كان من‬ ‫الصحيح أن يتم تضمني أملانيا في النظام الدولي لكن هذا حتديدا ً هو ما‬ ‫أعرضت القوات املنتصرة عن القيام به وذلك من خالل جتريد هذا البلد‬ ‫عسكريا ً وإذالله‪.‬‬ ‫س‪ :‬بالرغم من فشل فيرساي‪ ،‬فإن فكرة ويلسون هذه شائعة بشكل‬ ‫ملحوظ‪ .‬فهل اجنذابنا ملثل ومبادئ الدميقراطية رمبا يكون ساذجاً؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬إن اإلميان بالدميقراطية كعالج عام يعاود الظهور بشكل‬ ‫منتظم في سياسة اخلارجية األمريكية‪ .‬وقد ظهر هذا اإلميان آلخر مرة‬ ‫مع التيار احملافظ اجلديد في إدارة بوش‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فإن أوباما أقرب بكثير إلى‬ ‫السياسة الواقعية بشأن هذه القضية إذا ما قورن ببوش‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل ترون أوباما سياسياً واقعياً؟‬ ‫شبيجل‪ :‬اسمحوا لي أن أحتدث عن مفهوم السياسي الواقعي فقط‬ ‫ُهمت مرارا ً بانتهاج السياسة القائمة على‬ ‫من أجل التوضيح‪ .‬فلقد ات ُ‬ ‫االعتبارات العملية‪ .‬وال أعتقد أنه سبق لي استخدام هذا املصطلح‪ .‬إنها‬ ‫طريقة يسعى من خاللها النقاد لتصنيفي بقولهم‪“ :‬انظروا إليه‪ ،‬إنه‬ ‫بحق‪ ،‬فهو ال يرى األشياء بالرؤية األمريكية”‪.‬‬ ‫أملاني ٍ‬ ‫س‪ :‬إذن فهذه طريقة لتصنيفك بأنك نفعي‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬يتعامل النفعيون مع القيم على أنها متكافئة ووسيلية‪.‬‬ ‫ويبني رجال الدولة القرارات العملية على أساس معتقداتهم األخالقية‪.‬‬ ‫فمن السهل دائما ً تقسيم العالم إلى مثاليني وأشخاص معنيني بالقوة‪.‬‬ ‫ويُفترض أن املثاليني هم الشرفاء وأن األشخاص املعنيني بالقوة والنفوذ‬ ‫هم الذين يسببون املتاعب للعالم بأسره‪ .‬لكنني أعتقد أن املعاناة التي‬ ‫تسبب فيها األنبياء تفوق تلك التي تسبب فيها رجال الدولة‪ .‬وفيما يتعلق‬ ‫بالسياسة الواقعية أرى أن هناك ظروفا ً موضوعية بدونها ال ميكن تفعيل‬ ‫السياسة اخلارجية‪ .‬ومحاولة التعامل مع مصير األمم دون النظر إلى الظروف‬ ‫التي يتعني عليها التعامل معها تعد نوعا ً من الهروب‪ .‬إن فن السياسة‬ ‫اخلارجية اجليدة يتمثل في فهم قيم اجملتمع وأخذ هذه القيم في احلسبان‪.‬‬ ‫س‪ :‬ماذا يحدث لو أنه لم يتم أخذ هذه القيم في احلسبان ألنها تكون‬ ‫قاسية أو باهظة التكلفة؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬في هذه احلالة‪ ،‬تكون هناك حاجة للمقاومة‪ .‬ففي إيران على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬نتساءل عما إذا كان يتعني تغيير النظام هناك قبل أن نتخيل‬ ‫مجموعة الظروف التي يتحقق في ظلها نوع من الفهم لدى كل طرف‬ ‫يتمسك بقيمه‪.‬‬ ‫س‪ :‬وما إجابتك عن هذا السؤال؟‬ ‫كيسينجر‪ :‬أرى أنه من املبكر جدا ً اإلجابة عنه‪ ،‬فاآلن لدي تساؤالت تفوق‬ ‫اإلجابات‪ .‬فمثالً هل سيقبل الشعب اإليراني حكم الزعماء الدينيني؟ وهل‬


‫> لقد كانت الفترة التي قضاها كسينجر في منصبه‬ ‫مجاال لنقد الذع نسب إليه الصلة ببعض جرائم احلرب‬ ‫وانتهاكات أخرى للقانون الدولي من جراء سياسته جتاه‬ ‫فيتنام وقبرص وكمبوديا وشيلي وبنجالديش‪.‬‬

‫اجمللة‬

‫‪41‬‬


‫لقاء‬

‫ملك‬

‫الشطرنج‬

‫لقاء دير شبيجل مع هنري كيسينجر‪ ،‬وزير الخارجية األمريكي األسبق‬

‫وزير اخلارجية الأمريكي الأ�سبق كي�سينجر الذي يبلغ من العمر ‪ 86‬عام ًا يتناول درو�س ًا م�ؤملة‬ ‫ملعاهدة فري�ساي واملثالية يف ال�سيا�سة وفر�صة �أوباما ل�صياغة �سيا�سة خارجية �أمريكية تقوم‬ ‫على �أ�سا�س ال�سلم‪.‬‬ ‫هنري ألفريد ولفجاجن كيسينجر دبلوماسي وأكادميي أمريكي ُولد في‬ ‫أملانيا‪ .‬وقد شغل منصب وزارة اخلارجية خالل إدارة نيكسون وخليفته‬ ‫جيرالد فورد‪ ،‬كان كيسينجر منهمكا ً بشدة في الكثير من األحداث‬ ‫التاريخية التي رسمت معالم عالقة أمريكا مع بقية العالم خالل احلرب‬ ‫الباردة‪.‬‬ ‫لقد لعب كيسينجر دورا رائدا في السياسة اخلارجية األمريكية بني‬ ‫عامي ‪ 1969‬و ‪ .1977‬وخالل هذه الفترة حرص على اتباع سياسة الوفاق ‪،‬‬ ‫وهي االستراتيجية التي مبوجبها أطلق عليه لقب “رجل الواقعية”‪ .‬وهذا‬ ‫التصنيف يرفضه كسنجربشدة‪.‬‬ ‫وقد تلقى كيسينجر تعليمه العالي في جامعة هارفارد‪ ،‬حيث حصل‬ ‫على درجة البكالوريوس في عام ‪ 1950‬ثم حصل على درجتي املاجستير‬ ‫والدكتوراة في عامي ‪ 1952‬و‪ 1954‬على التوالي‪ .‬وخالل سني دراسته‬ ‫عمل مستشارا للبيت األبيض‪ .‬وبالرغم من أنه قد استمر في السلك‬ ‫األكادميي لبعض الوقت بعد حصوله على درجة الدكتوراه‪ ،‬فقد ظل مؤثرا‬ ‫في السياسة اخلارجية األمريكية من خالل عمله املنتظم كمستشار‬ ‫لهيئة تنسيق العمليات التابعة جمللس األمن‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فقد انتخب نيكسون في عام ‪ 1968‬عضوا في برنامج حتقيق‬ ‫“السالم بشرف” خالل حرب فيتنام‪ .‬وفي ذلك الوقت كرس كيسينجر كل‬ ‫وقته لصياغة السياسة اخلارجية‪ ،‬من خالل قبوله منصب وزير اخلارجية‪.‬‬ ‫ومبجرد توليه مهام منصبه‪ ،‬فقد ساعد نيكسون على تنفيذ سياسة‬ ‫“الفتنمة” والتي كانت تهدف إلى االنسحاب التدريجي للقوات األمريكية‬ ‫من فيتنام‪ ،‬مع متكني الفيتناميني اجلنوبيني من االستقالل بالدفاع عن‬ ‫نظامهم في مواجهة جماعات املقاتلني الشيوعيني املتمثلة في اجلبهة‬ ‫القومية لتحرير جنوب فيتنام وجيش فيتنام الشمالي‪.‬‬ ‫وتقديرا جلهوده في فيتنام‪ ،‬وخاصة خالل مؤمتر باريس الذي متخض عنه‬ ‫تثبيت وقف إطالق النار واالنسحاب األمريكي من فيتنام‪ ،‬فقد مت منح‬ ‫كيسينجر جائزة نوبل للسالم عام ‪ .1973‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تكشفت‬

‫‪40‬‬

‫األحداث عن عدم جناح وقف إطالق النار‪.‬‬ ‫وكان من العوامل الواضحة التي حددت معالم السياسة العامة‬ ‫لكسينجر خالل فترة تواجده في منصبه مامت من وفاق بني الواليات‬ ‫املتحدة واالحتاد السوفياتي خالل فترة احلرب الباردة‪ .‬وقد أدت هذه‬ ‫السياسة إلى استرخاء كبير في العالقات بني الدولتني‪ .‬كما يرجع‬ ‫إليها الفضل في دعم التقارب بني الواليات املتحدة وجمهورية الصني‬ ‫الشعبية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ففي عام ‪ 1973‬أجرى كسينجر مفاوضات‬ ‫حول إنهاء حرب يوم كيبور‪.‬‬ ‫ورغم ضلوعه إلى حد بعيد في عمليات سالم ومحادثات دبلوماسية‬ ‫متنوعة بني دول متنازعة‪ ،‬فقد فقدت شهرته بريقها من جراء تورطه‬ ‫في أمريكا الالتينية‪ ،‬وخاصة في ظل دعم البيت األبيض للحكومات‬ ‫اليمينية في شيلي واألرجنتني‪ ،‬باإلضافة إلى تورطه في كمبوديا وفيتنام‪.‬‬ ‫وقد حولت هذه التورطات كيسينجر إلى شخصية غير محبوبة‪،‬‬ ‫والسيما بني أعضاء تلك احلركة البارزة املعادية للحرب والتي قد تكونت‬ ‫كرد فعل لهذه النزاعات‪.‬‬ ‫ورغم أن كسينجرا مازال حتى يومنا هذا شخصية مثيرة للجدل‪ ،‬فهو‬ ‫يعد أيضا أحد رجال السياسة املؤثرين ومازال يقدم مشوراته بشكل‬ ‫غير رسمي لرؤساء الواليات املتحدة املتعاقبني خالل مساعيهم إلدراك‬ ‫تطلعاتهم على صعيد السياسة اخلارجية‪.‬‬ ‫س‪ :‬دكتور كيسينجر‪ ،‬منذ ‪ 90‬عاما مضت وبعد أن وضعت احلرب‬ ‫العاملية األولى أوزارها‪ ،‬مت توقيع معاهدة فرساي‪ .‬فهل هذا احلدث قد‬ ‫أصبح في ذمة التاريخ أم أنه مازال يشكل واقع سياستنا املعاصرة؟‬ ‫هنري كسينجر‪ :‬مازالت هذه املعاهدة ذات مغزى خاص ألبناء هذا اجليل‬ ‫من الساسة‪ ،‬وذلك ألن خريطة أوروبا التي متخضت عنها معاهدة فرساي‬ ‫تكاد أن تكون هي عني خارطة أوروبا اليوم‪ .‬ولم يتسن ألحد من اللذين‬ ‫صاغوا املعاهدة في ذلك الوقت أن يدركوا املضامني احلقيقية ملا كانوا‬


‫الرأي التي تقيم دوما ً تفضيل الناخبني حلزب احملافظني على حزب العمال‪ .‬وشهدت زعامة‬ ‫كاميرون في بدايتها تفوق حزب احملافظني في إستطالعات الرأي على حزب العمال بزعامة‬ ‫توني بلير للمرة األولى منذ أكثر من عشر سنوات‪ .‬ورغم أن حزب احملافظني تخلف عن حزب‬ ‫العمال بعد حلول جوردون براون بدال ً من بلير‪ ،‬فإن مكانة حزب احملافظني حتت قيادة كاميرون‬ ‫قد إرتفعت في إستطالعات الرأي‪ ،‬وظل متقدما ً على حزب العمال بإستمرار‪.‬‬ ‫إال أن ظهور كاميرون حتت األضواء خالل السنوات األربع املاضية كرئيس وزراء منتظر‪ ،‬قد دفع‬ ‫الكثيرين للتساؤل حول ما إذا كانت جناحاته املاضية قد أعلت كثيرا ً من قدره‪.‬‬ ‫فهل يؤثر هذا القدر الكبير من اإلهتمام سلبا ً على إنتخابه؟ وبعبارة أخرى‪ ،‬هل اقتنعت‬ ‫بريطانيا بأن هذه النوعية من التوجه احملافظ هي التي حتتاجها اليوم؟ وأشارت جريدة اجلارديان‬ ‫إلى أن “زعيم احملافظني يعرف أكثر من غيره أنه ال يزال أمامه الكثير من األمور العالقة التي‬ ‫يتعني عليه القيام بها قبل أن يجتاز خط النهاية”‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬قد يكلفه ارتكاب خطأ‬ ‫واحد خسارة اإلنتخابات‪“ .‬ورغم أي شيء آخر ميكن قوله عن جوردون براون‪ ،‬فهو قوي التحمل‪،‬‬ ‫وعلى املدى الطويل يفوز حزبه بشكل يفوق منافسه عدة مرات”‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن املنافسة على انتخاب رئيس الوزراء لم تنته بعد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ثمة مثال على‬ ‫قوة حزب احملافظني‪ ،‬والتي كانت مثارا ً للمزيد من اإلهتمام في اآلونة األخيرة‪ ،‬يتعلق مبيزانيتي‬ ‫احلزبني املتنافسني‪.‬‬ ‫ويشير هذا املثال إلى أن بريطانيا‪ ،‬كنتيجة لألزمة اإلقتصادية‪ ،‬متيل أكثر إلى الثقة في زعيم‬ ‫حزب احملافظني والذي وعد الدولة بتحقيق مزايا للطبقة املتوسطة وجعل القيود املالية فوق‬ ‫كل شيء‪ .‬وأظهر استطالعان للرأي على األقل‪ ،‬في جريدتى اجلارديان والديلي تلجراف اآلن‪،‬‬ ‫إلى أن اإلجتاه نحو اإلستثمار من جانب حزب العمال بزعامة جوردون براون في مقابل توجه‬ ‫التخفيضات من جانب حزب احملافظني هو رسالة يبدو محكوما ً عليها بالفشل ألن الناخبني‬ ‫يفضلون التخفيضات‪.‬‬ ‫ولهذا فإن حجم الدين العام الذي تكشف‪ ،‬يقدم حلزب احملافظني‪ ،‬ولكاميرون على وجه‬ ‫اخلصوص‪ ،‬فرصة سياسية كبيرة وهى القدرة على ربط أرقام الدين ببراون ودارلنج‪.‬‬ ‫كما متكن كاميرون أيضا ً من إستغالل متاعب حزب العمل مع العراق سياسياً‪ ،‬وكذلك‬ ‫الفضيحة األخيرة لنفقات النواب‪ .‬ورغم أنه ليس من اإلنصاف القول بأن كل النجاحات‬ ‫األخيرة حلزب احملافظني ميكن تفسيرها فقط في إطار زالت حزب العمال وصراعه الداخلي‪،‬‬ ‫فإنه وفقا ً ملا ذكرته مجلة تامي “أمر جوهري في السياسة البريطانية أن تخسر احلكومات‬ ‫اإلنتخابات؛ وال تفوز بها املعارضة”‪.‬‬ ‫وإذا صح مقال مجلة التامي فإن إستراتيجية كاميرون السياسية تعكس فهما ً ذكيا ً حلالة‬ ‫اإلستياء احلالية في بريطانيا‪ .‬ويبدو أن مفهوم التيار احملافظ التقدمي‪ ،‬أو السعي وراء أهداف‬ ‫تقدمية عبر وسائل احملافظني كأنه حل مناسب للمشاكل التي تعانى منها احلكومة اليوم‪.‬‬ ‫وقد عرف كاميرون علنا ً هذه املشاكل بأنها نتائج حتمية تأتى من حرمان الفرد واجملتمع من‬ ‫احلكم وإعطائه إلى نخبة سياسية وبيروقراطية‪.‬‬ ‫وعلى هذا يكون موقف كاميرون‪“ :‬إن السياسات اجلديدة التي حتتاجها بريطانيا ينبغي أن‬ ‫تكون إعادة توزيع السلطة بشكل واسع وشامل وجذري ويتدفق من الدولة إلى املواطنني‪،‬‬ ‫ومن احلكومة إلى البرملان‪ ،‬ومن مقر احلكومة إلى اجملتمعات‪ ،‬ومن اإلحتاد األوروبي إلى بريطانيا‪،‬‬ ‫ومن القضاة إلى الشعب‪ ،‬ومن البيروقراطية إلى الدميقراطية”‪.‬‬ ‫ولهذا فإن احلجة الرئيسية وراء توجه كاميرون احملافظ هي أن املشاكل التي تواجهها بريطانيا‬ ‫اليوم هي نتيجة تضخم حجم احلكومة لدرجة أنها ال تسيطر على نفسها‪ .‬وبعبارة أخرى‪،‬‬ ‫فإن احلكومة احلالية هي املشكلة‪ .‬وتتجاوب أصداء األزمة االقتصادية وفضيحة النفقات‬ ‫األخيرة مع هذه الرسالة‪ .‬وحيث إن أغلبية شعب بريطانيا غير راض عن الطريقة التي مت‬ ‫التعامل بها مع األزمتني‪ ،‬وعن سبب حدوثهما في املقام األول‪ ،‬فيبدو أن حل كاميرون مقدر‬ ‫له النجاح رغم طول الفترة التي ظل فيها حتت تركيز وسائل اإلعالم‪ .‬وعندما تقع احلكومة‬ ‫في مشكلة‪ ،‬تكون األولوية األساسية حلزب املعارضة هي جتنب عدم انتخابه‪ .‬ويرى كيلنر‪،‬‬ ‫رئيس إحدى مؤسسات إستطالعات الرأي‪ ،‬أن ما حققه كاميرون هو إمكانية جناح حزب‬ ‫احملافظني في اإلنتخابات‪.‬‬

‫> كاميرون‪ « :‬إن التحدي األكبر الذي تواجه بريطانيا اليوم يتمثل في جبر‬ ‫العظام املتكسرة جملتمعنا‪ .‬ولن يحدث هذا بني عشية وضحاها‪ :‬فالتغيير‬ ‫االجتماعي طويل األمد يتطلب تفكيرا على املدى الطويل‪ .‬واحملافظون هم‬ ‫احلزب الوحيد الذي يضطلع مبسؤولية مثل هذا التفكير‪.‬‬

‫اجمللة‬

‫‪39‬‬


‫بروفايل‬

‫رئيس الوزراء المنتظر‬ ‫السيرة الذاتية لدايفيد كاميرون‪ ،‬زعيم حزب المحافظين البريطاني‬ ‫مرت �أربعة �أعوام الآن على التفكري يف �إمكانية تويل دايفيد كامريون‪ ،‬زعيم احلزب الربيطاين املحافظ‪،‬‬ ‫من�صب رئي�س الوزراء‪ .‬وبرغم ما حققه من �إجنازات على �صعيد حت�سني �صورة حزبه و�إ�صالح م�س�ؤولياته‪ ،‬يظل‬ ‫ال�س�ؤال هو ما �إذا كانت هذه الن�سخة اجلديدة من الإجتاه املحافظ هي ما �ستقوم «بريطانيا املك�سورة» ب�إنتخابه‪.‬‬ ‫منذ عام ‪ 2005‬ظل دايفيد كاميرون تنظر إليه في وسائل اإلعالم والساسة البارزين‪ ،‬على‬ ‫أنه رئيس وزراء بريطانيا املنتظر‪ .‬وإذ لم يتجاوز بعد الثانية واألربعني‪ ،‬فقد بدا كاميرون وكأنه‬ ‫معجزة في عالم السياسة ونسب إليه ما مت إحرازه من جناح في إظهار حزب احملافظني الذي‬ ‫يرأسه في ثوب جديد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ليس كل البريطانيني يعتقدون أن لديه من اخلبرة ما ميكنه‬ ‫من أن يصبح رئيسا ً للوزراء‪ .‬والطريقة التي ينظر بها إلى شخصيته تتراوح بني إعتباره‬ ‫شخصا ً مهموما ً بهموم وطنه والنظر إليه على أنه مغتر بنفسه‪ ،‬بعد أن صرح في يومه‬ ‫الثالث كعضو في البرملان لرئيس الوزراء في ذلك الوقت توني بلير قائال ‪ “ :‬لقد كنت أنت‬ ‫املستقبل يوما ً ما”‪ .‬وكتقييم متشائم حلالة السخط التي يعاني منها املواطن البريطاني‪،‬‬ ‫يبدو أن كاميرون قد كرس جانبا ً كبيرا ً من حياته السياسية داخل حزب احملافظني لسعيه‬ ‫إلى أن يصبح هو مستقبل البلد وإلقتراح حلول جلبر ما يسميه “ بريطانيا املنكسرة”‪ .‬واآلن‬ ‫وبعد تضاؤل التأييد جلوردون براون‪ ،‬حيث صار يواجه أزمة تلو األخرى‪ ،‬يبدو حزب احملافظني في‬ ‫مركز ال يقهر‪.‬‬ ‫وقد أظهرت إستطالعات الرأي أن املناخ السياسي في بريطانيا أصبح مؤهالً للترحيب‬ ‫بكاميرون كرئيس وزراء بريطاني جديد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فبعد أن قضى السنوات األربع األخيرة حتت‬ ‫األضواء‪ ،‬يحق لنا أن نتساءل‪ :‬كيف أثرت هذه الدعاية على فرص النجاح املتاحة أمامه؟ ووفقا ً‬ ‫للتكهنات‪ ،‬فبالرغم مما شهدته شعبية حزب احملافظني من حتسن‪ ،‬ميثل التفكير في اختياره‬ ‫ملنصب رئيس الوزراء على مدى أربع سنوات بعض التحديات التي قد تعوق إنتخابه‪ .‬وبالفعل‬ ‫قد أصبح كاميرون واجهة حزب احملافظني‪ ،‬إال أن هذا قد يؤثر عليه سلباً‪ ،‬نظرا ً ألن األخطاء التي‬ ‫وقع فيها احلزب قد أدت أيضا ً إلى تشويه صورته السياسية‪ .‬وامليزة التي يتمتع بها الساسة‬ ‫في جبهة املعارضة هي أنهم يتم احلكم عليهم بشكل مطرد على أساس وعودهم وليس‬ ‫على أساس ما حققه حزبهم من جناح سابق أو ما ُمني به من إخفاق‪ .‬وبإعتباره صورة حزب‬ ‫احملافظني اجلديد‪ ،‬فرمبا يكون كاميرون قد فقد هذه امليزة‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يبقى ليس ما إذا كانت بريطانيا مستعدة لتقبل كاميرون كرئيس للوزراء‪ ،‬ولكن‬ ‫هل هي ترى نهجه في إصالح سياسات احملافظني على أنه السبيل إلى إحراز تقدم؟‬ ‫وبالرجوع إلى تلك األيام التي كان فيها كاميرون طالبا ً يدرس الفلسفة والسياسة واإلقتصاد‬ ‫في أكسفورد‪ ،‬يبدو لنا جليا ً أنه كان مقدرا ً له أن يحقق جناحا ً في مجال السياسة‪ .‬فمعلمه‬ ‫في أكسفورد بروفسير فيرنون بوجنادور وصفه بأنه أحد الطالب القديرين الذين قام‬ ‫بتعليمهم وبأن لديه أفكارا ً معتدلة ومنطقية ومحافظة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن اإلجنازات احلديثة‬ ‫لدايفيد كاميرون في مجال السياسة تشير أكثر إلى قدرته على تقدير إهتمام الناخبني في‬ ‫بريطانيا‪ .‬وبالرغم من وجود جدل حول مدى “إنكسار” بريطانيا‪ ،‬وهو التعبير الذي استخدمه‬ ‫كاميرون‪ ،‬استطاع أن يستغل اخملاوف املنتشرة من تزايد الفقر وإتساع نطاق اخلدمات العامة‬ ‫بشكل مبالغ فيه وزيادة العنف‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫اجمللة‬

‫ومن ثم تركز سياسات كاميرون على حتسني احلراك اإلجتماعي في بريطانيا‪ .‬وبإعتباره‬ ‫محافظاً‪ ،‬يحبذ احلكومة الصغيرة ويدافع عن األسلوب املقيد لإلنفاق العام‪ .‬وقد ذكر كاميرون‬ ‫أن أولوياته السياسية تشمل الدعم اإلجتماعي والتعليم واألسرة‪“ .‬فإذا كنت تريد أن تصلح‬ ‫مجتمعا ً مكسوراً‪ ،‬فتلك هي األشياء التي ينبغي عليك أن تركز عليها”‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬واجه كاميرون ضغوطا ً كثيرة كي يصنف فلسفته السياسية في صورة عقيدة‬ ‫سياسية من أي نوع‪ ،‬لكنه بدال ً من ذلك صرح بأن اجلوانب العملية هي املوجه له عند صنع‬ ‫قراراته‪ .‬ومع ذلك فإن تركيزه على مشكالت الطبقة الوسطى جعلت سياسته موضع مقارنة‬ ‫بسياسات مارجريت ثاتشر‪ .‬فأسلوب كاميرون في توجيه اإلصالح السياسي نحو ما ينفع‬ ‫الطبقة العاملة يتبع مسارا ً مثيرا ً في السياسة البريطانية‪ .‬ففي حني ظل احملافظون ميثلون‬ ‫احلزب الذي يتمتع بالكثير من اإلمتيازات‪ ،‬وظل قادة حزب العمل أبطال الطبقة العاملة‪ ،‬فإن‬ ‫اإلجتاه احملافظ لدى ثاتشر شهد حتوال ً جذريا ً وأخذ يستميل ناخبي الطبقة العامة‪ .‬وكان بلير‬ ‫يحرص على اإلستجابة ملصالح الطبقة الوسطى وفاز بثالث فترات شغل فيها منصب زعيم‬ ‫حزب العمل اجلديد في ظل هذه السياسات‪ .‬ولذلك بدال ً من اعتبار اإلجتاه احملافظ لدى كاميرون‬ ‫متأثرا ً في طبيعته بثاتشر‪ ،‬تشير سياساته إلى ضرورة اإلهتمام مبصالح الطبقة العاملة‬ ‫بالنسبة جلميع األحزاب‪ .‬كما أن وعي كاميرون مبصالح الناخبني البريطانيني وقدرته على‬ ‫ضبط إستراتيجيته السياسية بناءا ً على ذلك يسلط الضوء على برجماتيته أكثر من ميله‬ ‫إلى إتباع إجتاهات جديدة تظهر في احلزب احملافظ‪.‬‬ ‫وقد أثارت املناقشات حول فهم كاميرون ملا حتتاجه بريطانيا إهتماما ً أيضا ً مبا يشكل فكره‬ ‫السياسي‪ .‬ورمبا يعكس توجهه العملي فترة شبابه أو عدم خبرته نسبيا ً في السياسة‪.‬‬ ‫وقد تفسر خلفيته في مجال األعمال كمدير شؤون شركة كارلتون لإلتصاالت توجهه غير‬ ‫التقليدي داخل حزب احملافظني‪ ،‬وخاصة املنهج العملي الذي مييز رجال األعمال الرواد الذين‬ ‫يقيسون النجاح مبعايير الكفاءات واإلجنازات‪.‬‬ ‫وفي كلتا احلالتني‪ ،‬وعلى األرجح نتيجة جلميع هذه العوامل‪ ،‬استطاع كاميرون تنمية قاعدة‬ ‫متزايدة من الدعم حلزب احملافظني بتقدمي سياسات كانت خارج نطاق تفويضه التقليدي‪،‬‬ ‫وأحيانا ً خارج نطاقه الشخصي‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2003‬على سبيل املثال‪ ،‬عارض كاميرون إلغاء تشريع عام ‪ 1988‬الذي يحظر على‬ ‫السلطات احمللية واملدارس “الترويج” للشذوذ اجلنسي‪ ،‬ودفع بأن موقفه األصلي كان مخطئاً‪.‬‬ ‫ويشير أيضا دايفيد ديفيز‪ ،‬عضو حزب احملافظني في البرملان‪ ،‬أن كاميرون سوف يتحدث عن‬ ‫“نزع السم من احلزب”‪ ،‬حيث أنه كان يرى ذلك املهمة األولى‪ .‬ووفقا ً لتقييم ديفيز‪ ،‬كان فهم‬ ‫كاميرون حلالة احلزب صحيحاً‪ ،‬وهذا ما سمح للحزب بالدعاية لنفسه في أعني الناخبني‪.‬‬ ‫ويدعم جناح هذا التكتيك‪ ،‬إذا جاز لنا أن نسمي السياسة الذرائعية تكتيكاً‪ ،‬إستطالعات‬


‫اجمللة‬

‫‪35‬‬


‫املستثمر العاملي‬ ‫أفضل من املتوقع للربع األول من العام املشاعر اإليجابية خالل شهري‬ ‫أبريل ومايو‪ ،‬حتى تفجرت األزمة اخلاصة مبجموعتي سعد والقصيبي‪.‬‬ ‫وحققت البنوك السعودية ‪ 2.2‬مليار دوالر خالل الربع األول من هذا‬ ‫العام‪ ،‬وظلت مستقرة نسبيا باملقارنة مع نفس الفترة من العام‬ ‫املاضي‪ ،‬وفقا لألرقام التي نشرتها مؤسسة النقد العربي السعودي‬ ‫(ساما)‪ .‬ومن اجلدير بالذكر أن هذا حدث في وقت تعرضت فيه النتائج‬ ‫املالية لبنوك دول مجلس التعاون اخلليجي األخرى لضغوط األزمة‬ ‫االقتصادية‪ .‬وبحلول نهاية شهر مايو‪ ،‬تعدت األرباح التراكمية للبنوك‬ ‫السعودية مبلغ ‪ 3,78‬مليار دوالر‪ ،‬وظلت ثابتة إلى حد كبير مقارنة‬ ‫بشهر مايو من العام املاضي‪ .‬وزاد مؤشر القطاع املصرفي في السوق‬ ‫السعودية بنسبة ‪ ٪ 7.8‬متأثرا مبكاسب في سعر سهم بنك الراجحي‬ ‫والذي ارتفع بنسبة ‪.٪ 12‬‬ ‫غير أنه في أواخر شهر مايو‪ ،‬فوجيء القطاع املصرفي باألنباء التي‬ ‫تفيد بأن‬ ‫مؤسسة النقد‬ ‫العربي السعودي‬ ‫وهي البنك‬ ‫املركزي السعودي‬ ‫(ساما) قد‬ ‫جمد حسابات‬ ‫رجل األعمال‬ ‫السعودي معن‬ ‫الصانع‪ ،‬والذي‬ ‫تقدر قيمة‬ ‫أصوله بنحو ‪7‬‬ ‫مليارات دوالر‪.‬‬ ‫وكانت اخملاوف قد‬ ‫أحاطت بالفعل‬ ‫بشركة أحمد‬ ‫حمد القصيبي‬ ‫وأخوته‪ ،‬وهى‬ ‫واحدة من‬ ‫أقدم الشركات‬ ‫العائلية في‬ ‫اململكة‪ ،‬بعد أن‬ ‫عجزت شركتها‬ ‫التابعة وهى‬ ‫املؤسسة‬ ‫املصرفية‬ ‫الدولية عن‬ ‫الوفاء بديونها‪.‬‬ ‫والطبيعة‬ ‫احلقيقية لعالقة‬ ‫العمل بني‬ ‫الشركتني غير‬ ‫واضحة املعالم‬ ‫لكن هناك‬ ‫حاليا ً مالحقات‬ ‫قضائية معلقة‬ ‫بني الطرفني حيث تتهم مجموعة القصيبي مبوجبها معن الصانع‬ ‫بإختالس األموال‪.‬‬ ‫وهناك تفاصيل كثيرة ومستمرة لقصة سعد والقصيبي‪ ،‬لذا‬ ‫ستقتصر املناقشة هنا على تأثيرها على السوق السعودية‪ .‬وأهمية‬ ‫هذه القضية تتعلق بتأثيرها حتديدا على القطاع املصرفي السعودي‪.‬‬ ‫وهذا ألن عددا ً كبيرا ً من البنوك تتعرض بصورة أو بأخرى للمجموعتني‬ ‫ورمبا حتتاج إلى أخذ مخصصات كبيرة ملواجهة اخلسائر في حالة‬ ‫التخلف عن الوفاء بالدين‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن حجم هذا التعرض غير‬ ‫معروف إلى حد كبير ويقدر باملليارات‪ .‬ويبقى هذا التعرض غامضا ً‬ ‫حتى بعد إعالن النتائج التمهيدية للبنوك عن الربع الثاني من هذا‬ ‫العام ألن معظم البنوك في هذه املرحلة لم تعلن مقدار اخملصصات‬

‫‪36‬‬

‫اجمللة‬

‫التي حتتاج إليها ملواجهة التخلف احملتمل في السداد من قبل كل من‬ ‫مجموعتي سعد والقصيبي‪ .‬ورمبا تأتينا املزيد من التفاصيل عندما‬ ‫يُكشف النقاب عن التقارير املالية التفصيلية للبنوك والتي يتوجب‬ ‫صدورها بحد أقصى خمسة وأربعني يوما ً من نهاية الربع الثاني‪.‬‬ ‫ورغم كل هذا‪ ،‬يرى احملللون أن ديون مجموعتي سعد و القصيبي‬ ‫تشكل نسبة ضئيلة من إجمالي الديون لدى املصارف السعودية‬ ‫وبالتالي سيكون األثر محدودا في حال تعثرهما‪ ,‬وهو بدوره أمر‬ ‫مستبعد‪.‬‬ ‫إذن عندما يتعلق األمر باالستثمار في السوق السعودية‪ ،‬فإن الطريق‬ ‫الذي يقرر الفرد أن يسلكه يعتمد على درجة اخملاطرة التي يود إتخاذها‪.‬‬ ‫ومتيل الشركات العاملية إلى تفضيل استراتيجيات االستثمار ذي‬ ‫األجل املتوسط إلى الطويل في الشركات التي تتمتع بقوائم مالية‬ ‫قوية‪ ،‬خاصة في القطاعات التي‬ ‫تشكل ميزة تنافسية للمملكة‪.‬‬ ‫ومبا ان اململكة العربية السعودية‬ ‫هي أكبر منتج ومصدر للنفط‬ ‫في العالم‪ ،‬تقع هذه الشركات‬ ‫في قطاع البتر وكيماويات‪ .‬لكن‬ ‫اجتاه أسعار البتر وكيماويات‬ ‫في املستقبل سيعتمد على‬ ‫معدل انتعاش االقتصاد العاملي‬ ‫والذي سيؤثر بدوره على الطلب‬ ‫على النفط‪ .‬وتعتقد مؤسسة‬ ‫جولدمان ساكس أن أسعار‬ ‫النفط سوف تصل إلى ‪95‬‬ ‫دوالرا للبرميل بحلول نهاية عام‬ ‫‪ ،2010‬بينما تتوقع مؤسسة‬ ‫باركليز كابيتال سعر ‪ 137‬دوالر‬ ‫للبرميل في عام ‪ .2015‬وجند أن‬ ‫أكبر الشركات في قطاع البتر‬ ‫وكيماويات هي سابك وسافكو‪،‬‬ ‫وهى حتقق أرباحا جيدة من‬ ‫الناحية التاريخية‪ ،‬وحتظى بأكثر‬ ‫الدعم احلكومي‪.‬‬ ‫ويلزم احملللون احلذر جتاه االستثمار‬ ‫في السوق السعودية في‬ ‫الوقت احلالي‪ ،‬واختاروا أن يقللوا‬ ‫نشاطهم وينتظروا النتائج‬ ‫املالية التفصيلية للربع الثاني‬ ‫من أجل حتليل التعافي من األزمة‬ ‫االقتصادية بشكل أفضل‪ .‬ولهذا‬ ‫قد تكون األسهم الدفاعية خيارا‬ ‫مطروحا‪ .‬واألسهم الدفاعية‬ ‫هي تلك التي متيل إلى أن تظل‬ ‫مستقرة في ظل الظروف‬ ‫االقتصادية الصعبة‪ ،‬مثل‬ ‫األسهم اخلاصة باملواد الغذائية‬ ‫والتبغ والنفط‪ ،‬واملرافق العامة‪ .‬وتصمد هذه األرصدة في األوقات‬ ‫الصعبة ألن الطلب عليها ال ينخفض بشكل كبير كما قد يحدث‬ ‫في قطاعات أخرى‪ .‬ولكن األسهم الدفاعية تتأخر عن غيرها أيضا في‬ ‫أوقات الرخاء‪ .‬واألمثلة على هذه األسهم في السوق السعودية هي‬ ‫شركة املراعي‪ ،‬وجرير‪ ،‬وموبايلي‪ ،‬وشركة االتصاالت السعودية وشركة‬ ‫الكابالت السعودية‪ .‬وتعتمد هذه الشركات على الطلب احمللي‪ ,‬وهو‬ ‫طلب سوف يقويه اإلنفاق احلكومي مببلغ ‪ 126.7‬مليار دوالرأمريكى هذا‬ ‫العام وفقا للميزانية السعودية لعام ‪.2009‬‬ ‫مايا جريديني‪ ،‬مراسلة األخبار االقتصادية بقناة العربية اإلخبارية‬


‫وميكن ربط أحد األسباب الرئيسية وراء حتقيق مكاسب في السوق‬ ‫السعودية مباشرة بالتحول في أسعار النفط من أدنى مستوياتها‬ ‫قرب ‪ 34‬دوالرا للبرميل في فبراير إلى أعلى مستوياتها فوق ‪ 73‬دوالرا‬ ‫للبرميل في يونيو‪ .‬وأرجع أعضاء منظمة األوبك واحملللون على السواء‬ ‫ارتفاع أسعار النفط إلى املضاربة بنسبة كبيرة‪ ،‬في حني اعتمد‬ ‫االرتفاع إلى حد ما على حتسن الشعور العام بني املستثمرين والتجار‬ ‫جتاه حالة االقتصاد العاملي‪.‬‬

‫وفق أداء قطاعي املصارف والبتر وكيماويات‪ .‬ويصل ثقل القطاع‬ ‫املصرفي في املؤشر السعودي الى ‪ ٪ 35‬بينما يشكل قطاع البتر‬ ‫وكيماويات ‪ .٪ 24.5‬ويتأثر اجتاه السوق السعودية بشكل أكثر حتديدا‬ ‫بأداء شركتني رئيستني وهما سابك وبنك الراجحي‪ ،‬وميثل كل منهما‬ ‫نسبة ‪ ٪11‬في مؤشر البورصة السعودية‪( .‬حتتسب كل األوزان على‬ ‫أساس عدد األسهم احلرة العائمة)‪.‬‬

‫وأظهرت املؤشرات األساسية ارتفاع مخزونات النفط عن متوسطها‬ ‫للسنوات اخلمس املاضية والذي يقدر بنحو ‪ 25‬يوما من اإلمدادات‬ ‫النفطية‪ ,‬األمر الذي كان من شأنه خفض األسعار‪ ،‬وليس رفعها‪.‬‬ ‫وقد ارتفع سعر اخلام األميركي اخلفيف املتداول في بورصة ناميكس‬ ‫بنسبة ‪ ٪ 114‬من أدنى مستويات بلغها هذا العام ليسجل أعلى‬ ‫مستوى إغالق في ‪ 11‬يونيو عند ‪ 72.7‬دوالرا للبرميل‪ .‬وفي شهر مايو‬ ‫وحده‪ ،‬إرتفع سعر اخلام األميركي اخلفيف بنسبة ‪ .٪30‬وقد انعكست‬ ‫هذه املكاسب في أسواق النفط إيجابيا على أداء السوق السعودية‪.‬‬ ‫ووصل املؤشر السعودي إلى أعلى مستوى له هذا العام في ‪ 32‬مايو‪،‬‬ ‫ليغلق فوق ‪ 6100‬نقطة‪ .‬ومرة أخرى في شهر يونيو‪ ،‬بينما تأرجحت‬ ‫أسعار النفط قرب أعلى مستويات لها حتى تاريخه‪ ،‬إقترب املؤشر‬ ‫السعودي مرة أخرى من مستوى ‪ 6100‬نقطة‪.‬‬

‫وتأثر أداء قطاع البتروكيماويات إيجابيا بالزيادة التدريجية في أسعار‬ ‫البتر وكيماويات منذ شهر أكتوبر من العام املاضي‪ .‬ويعكس هذا‬ ‫بوضوح أداء مؤشر “أرقام” للبتر وكيماويات‪ ،‬والذي يتتبع مجموعة‬ ‫من املنتجات التي تنتج في دول اخلليج‪ ،‬بعد أن وصل في شهر يونيو‬ ‫إلى اعلي مستوى له منذ شهر أكتوبر من عام ‪ .2008‬وقد انخفضت‬ ‫أسعار البتروكيماويات‪ ،‬التي تستخدم في إنتاج نطاق واسع من‬ ‫املنتجات البالستيكية واملنسوجات الصناعية‪ ،‬في الربع األخير من‬ ‫العام املاضي متأثرة باألزمة االقتصادية العاملية‪ .‬وفي سوق األسهم‬ ‫السعودية‪ ،‬ارتفع مؤشر قطاع البتروكيماويات بنسبة ‪ % 35,7‬بحلول‬ ‫نهاية يونيو مدفوعا إلى حد كبير بالزيادة في سعر سهم سابك‪.‬‬ ‫وارتفعت أسهم شركة سابك مبقدار ‪ ٪ 22‬بحلول نهاية النصف األول‬ ‫من العام‪ .‬وتصادف أن مقدارا كبيرا من هذه املكاسب تزامن مع ارتفاع‬ ‫أسعار النفط في مايو‪ .‬وارتفعت أسعار أسهم سابك بنسبة ‪٪ 36.5‬‬ ‫في شهر مايو وحده‪.‬‬

‫ومن املهم اإلشارة إلى أن اجتاه املؤشر السعودي يتحدد بدرجة كبيرة‬

‫أما بالنسبة للقطاع املصرفي‪ ،‬دعمت النتائج املالية التي جاءت‬ ‫اجمللة‬

‫‪35‬‬


‫املستثمر العاملي‬

‫سحابة من عدم االستقرار‬ ‫االستثمار في سوق األسهم السعودية‬ ‫مايا جريديني‬

‫يف ظل الركود االقت�صادي العاملي والأزمة املالية العاملية التي �أثرت حتى على �أغنى‬ ‫الدول املنتجة للنفط يف اخلليج‪ ،‬يبحث امل�ستثمرون احلاذقون عن الفر�ص‪ .‬غري �أن‬ ‫ه�ؤالء امل�ستثمرين يعرفون �أي�ضا متى يرتب�صون وينتظرون الفر�صة ال�سانحة‪.‬‬ ‫إن التعامل في سوق األسهم السعودية ال يختلف كثيرا ً عن‬ ‫غيره واتخاذ قرارات استثمارية سليمة يتطلب فهما ً للعوامل‬ ‫الرئيسية التي حتكم السوق‪.‬‬ ‫بعد عام عصيب في ‪ ،2008‬والذي شهد انخفاض مؤشر السوق‬ ‫السعودية بنحو ‪ ،٪ 56‬فإن الصورة تبدو أكثر إشراقا هذا العام‪.‬‬ ‫وبحلول نهاية النصف األول من ‪ ،2009‬كانت السوق السعودية‬

‫‪34‬‬

‫اجمللة‬

‫قد حققت منوا ً يقدر بـ ‪ ،16,5%‬ممهدة الطريق ألسواق دول مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي األخرى ألن حتذو حذوها‪ .‬وقد جاءت سوق أبو ظبي‬ ‫في املرتبة الثانية حيث حققت منوا ً يصل إلى ‪ %10,1‬تلتها سوق‬ ‫دبي بنمو يقدر بـ ‪ .%9‬وتعد البحرين وقطر السوقني الوحيدتني بني‬ ‫أسواق دول مجلس التعاون اخلليجي اللتني ال تزاالن تسجالن منوا‬ ‫سلبيا في عام ‪.2009‬‬


‫وما يزال العرض مستمرًا‬ ‫اقتصاديات الركود في منطقة الخليج‬

‫بوال ميجيا‬

‫ك�شف تقرير التوقعات لالقت�صاد العاملي ال�صادر عن �صندوق النقد الدويل عن تنب�ؤات حديثة ب�ش�أن حالة‬ ‫االقت�صاد العاملي‪ .‬ويعترب التقييم ايجابيا على ال�صعيد العاملي‪ .‬وقد زاد من الفر�ص بالن�سبة لالقت�صاد الإجمايل‪.‬‬ ‫غري �أن التوقعات اخلا�صة بال�رشق الأو�سط لي�ست واعدة ب�شكل كبري‪ .‬وبينما ت�أتى التوقعات منخف�ضة بالن�سبة‬ ‫لل�رشق الأو�سط‪ ،‬ف�إن املنطقة ي�سري �أدا�ؤها ب�شكل جيد يف ظل هذا الركود‪ .‬يحاول هذا املقال �رشح حالة‬ ‫التعايف يف املنطقة‪ ،‬ف�ضال عن التو�صيات املتعلقة بال�سيا�سة العامة التي يجب �أن حتافظ على الأداء الإيجابي‪.‬‬ ‫في الصيف املاضي‪ ،‬بينما كانت االنتخابات التمهيدية األمريكية تقترب من نهايتها‪ ،‬ركز‬ ‫املرشحان اللذان اجتذبا اهتمام العالم على اقتراح احللول لألزمة االقتصادية‪ .‬ورغم أنهما‬ ‫سلكا نهجني مختلفني‪ ،‬كان اإلجماع واضحا وهو أن شدة الركود االقتصادي كانت موازية‬ ‫لتلك التي شهدها الكساد العظيم‪ .‬واحتاجت الدول في أنحاء العالم إلى تطبيق تغييرات‬ ‫كبيرة في سياسة االقتصاد الكلي اخلاصة بها من أجل تفادي اآلثار الكارثية التي سوف جتلبها‬ ‫أسوأ مراحل هذا الركود‪.‬‬ ‫وبعد مضى عام‪ ،‬يطرح كبير االقتصاديني في صندوق النقد الدولي وخبير النظريات في‬ ‫سياسة االقتصاد الكلي‪ ،‬اوليفييه بالنشار هذا السؤال‪ :‬أين نحن اليوم؟ وكيف تعاملت‬ ‫املناطق اخملتلفة مع االنكماش االقتصادي؟ ما هو التقدم الذي حتقق‪ ،‬وما هو املهم بالنسبة‬ ‫للنتائج اخملتلفة بني الدول؟‬ ‫وتعتبر إجابته ايجابية على الصعيد العاملي‪ ،‬حيث زاد فريقه من التوقعات بالنسبة لالقتصاد‬ ‫الكلي‪ .‬غير أن إجابة السؤال عن حالة االقتصاد تتغير حسب املنطقة اخلاضعة للدراسة‪.‬‬ ‫وبالنسبة ملنطقة الشرق األوسط حتديدا‪ ،‬لم تكن توقعات بالنشارد واعدة‪.‬‬ ‫وخفض صندوق النقد الدولي من توقعات النمو في الشرق األوسط لهذا العام مبقدار نصف‬ ‫نسبة مئوية مشيرا إلى أن اقتصاديات منطقة الشرق األوسط سوف تتوسع مبعدل ‪،% 2‬‬ ‫مقارنة بنسبة ‪ %2.5‬في عام ‪ .8002‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ارتفعت توقعات النمو لعام ‪ 0102‬بنسبة‬ ‫‪ 2.0‬نقطة مئوية إلى ‪ .%7.3‬وأشار التقرير إلى أن االنخفاض في التوقعات يرجع إلى هبوط‬ ‫أسعار النفط والتي انخفضت من ‪ 741‬دوالر للبرميل إلى ما بني ‪ 05‬و ‪ 06‬دوالرا للبرميل خالل‬ ‫العام املاضي‪ .‬وأدى هذا االنخفاض إلى انهيار عائدات التصدير بالنسبة ملنتجي النفط في‬ ‫منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬وسوف يؤثر ذلك بالتبعية على االستثمار األجنبي‪،‬‬ ‫وإيرادات السياحة والتحويالت املالية للمنطقة‪.‬‬ ‫ومقارنة بنسبة معدالت النمو في السنوات السابقة والتي بلغت ‪ ،٪ 6‬يأتي التوقع سلبيا‬ ‫بالنسبة لألداء االقتصادي للمنطقة‪ .‬غير أنه في سياق شدة الركود وباملقارنة مع املناطق‬ ‫األخرى‪ ،‬فإن منطقتي الشرق األوسط وشمال إفريقيا يأتي أداؤهما جيدا بشكل استثنائي‪.‬‬ ‫وعلى هذا يطرح السؤال نفسه‪ :‬كيف يفسر االقتصاديون تعافي املنطقة وما هي التوصيات‬ ‫التي اقترحوها للدول اخملتلفة من أجل تفادي تدهور وضعها االقتصادي؟‬ ‫يقول بالنشارد بأن األداء القوي نسبيا ملنطقة الشرق األوسط يرتبط إلى حد كبير بثالثة‬ ‫أسباب‪ .‬أولها أن تقرير التوقعات االقتصادية العاملية يشير إلى أن البنوك في املنطقة كان‬ ‫تعرضها محدودا لألصول السامة والتي قوضت االستقرار املالي في بلدان أخرى‪ .‬وباملثل‪ ،‬لم‬ ‫تتأثر الدول في املنطقة باالنخفاض في حجم الصادرات أو سحب تدفق رؤوس األموال كما‬ ‫حدث في املناطق أخرى ذات األسواق الناشئة‪ .‬ثانيا‪ ،‬يشير التقرير إلى أن البنوك املركزية في‬ ‫املنطقة قد اتخذت إجراءات حاسمة فيما يتعلق بالسياسة العامة في التوقيت املناسب‪ ،‬مع‬ ‫االستفادة من االنخفاض في أسعار الفائدة العاملية عن طريق تسهيل السياسة النقدية‪.‬‬ ‫وبالتحديد‪ ،‬في دول مجلس التعاون اخلليجي حيث عانت البنوك أكثر من األزمة املالية‪ ،‬أسرعت‬ ‫احلكومات إلي توفير السيولة ورأس املال‪ .‬ونأتي أخيرا إلى أهم نقطة‪ ،‬وهى أن ماشهدته الشرق‬ ‫األوسط وشمال إفريقيا من تعاف يرجع إلى قدرة ورغبة دول املنطقة املصدرة للنفط في‬ ‫احلفاظ على مستويات عالية من اإلنفاق الرأسمالي عن طريق السحب من االحتياطيات التي‬ ‫تراكمت خالل سنوات االزدهار‪.‬‬

‫ويتردد على لسان العديد من احمللليني االقتصاديني إمكانية اخلروج بدرس كبير من األزمة‪،‬‬ ‫وميكن تلخيصه في نصيحة أمارتيا سني للدول النامية ‪ ،‬حيث يقول إنها حتتاج إلى ضرورة‬ ‫تطبيق وسائل مختلفة لعبور موجة الركود بنجاح‪ .‬ومتتعت الدول التي تأثرت بشكل أقل‬ ‫حتى اآلن مبيزة القطاعات املزدهرة التي تعتمد على االقتصاد العاملي بشكل أقل من غيرها من‬ ‫القطاعات‪ .‬غير أن جميع القطاعات لديها صلة بالتجارة‪ ،‬واإلجراء املرتبط بالسياسة الذي يتم‬ ‫اتخاذه في الوقت املناسب هو الوحيد الذي سيمنع هذه املناطق اآلمنة نسبيا في االقتصاد من‬ ‫االنزالق إلى هوة عدم االستقرار الذي شهدناه في أسواق أخرى‪.‬‬ ‫وقدم جون ثورنتون‪ ،‬الرئيس السابق لبنك جولدمان ساكس االستثماري‪ ،‬توصية مماثلة‪ .‬ويوضح‬ ‫أنه ال توجد دولة مثل أخرى‪ ،‬وعلى هذا فالبد لكل دولة في الشرق األوسط وشمال إفريقيا أن‬ ‫تقيم أدواتها وتوظفها بالشكل الذي ترى أنه األمثل من أجل التغلب على ضغوط الركود‪.‬‬ ‫وتعتبر معدالت النمو بنسبة ‪ ٪ 6‬والتي سمحت لهذه الدول بتجميع مبلغ ‪ 003،1‬مليار‬ ‫دوالر في شكل أصول أجنبية هي األساس اآلن‪ ،‬أو الفرصة‪ ،‬ملواجهة التقلبات الدورية لإلنفاق‬ ‫املالي‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ,‬ضربت اململكة العربية السعودية املثال على السياسة االقتصادية‬ ‫املتفردة للدولة في التعامل مع الركود االقتصادي‪ ،‬حيث أعلنت عن أكبر صفقة للتحفيز املالي‬ ‫كنصيب من الناجت اإلجمالي احمللي‪ ،‬باإلضافة إلى خطة استثمار مقدارها ‪ 004‬مليار دوالر على‬ ‫مدى خمس سنوات‪.‬‬ ‫وسمح هذا النوع من اإلنفاق املستمر بدعم اقتصاد الدولة املصدرة للنفط وصدر تأثيراته‬ ‫إلى الدول اجملاورة املستوردة للنفط‪ .‬غير أن اجلانب السلبي لهذا النوع من اإلنفاق‪ ،‬بالطبع هو‬ ‫احتمال حتول دول املنطقة املصدرة للنفط من وجود فائض هائل في امليزانية إلى عجز بسيط‪.‬‬ ‫ووفقا لبحث بول كروجمان عن اقتصاديات الركود‪ ،‬فإن هذا النوع من السلوك هو ما حتتاج‬ ‫احلكومات والبنوك املركزية إلى اتباعه‪ .‬وهو يقول بشكل أكثر حتديدا “عندما تسود اقتصاديات‬ ‫الركود‪ ،‬فإن القواعد املعتادة للسياسة االقتصادية يحال دون تطبيقها‪ ،‬وتصبح الفضيلة‬ ‫رذيلة‪ ،‬واحلذر مخاطرة والتعقل حماقة”‪ .‬وعلى هذا فإن اخلوف من العجز الذي يعتبر سمة‬ ‫سلبية عندما يكون األداء االقتصادي جيدا يصبح تضحية ضرورية خالل الركود‪ ،‬وعالمة على‬ ‫سالمة السياسات االقتصادية الكلية‪ .‬ويقول إن نفس الشيء ينطبق على االعتقاد بوجوب‬ ‫اتباع السياسة االقتصادية بحذر‪ .‬وفي حالة الركود‪ ،‬فإن الفاصل الزمني الذي يترتب على احلذر‪،‬‬ ‫قد يتسبب في نهاية املطاف في فشل تطبيق السياسة حيث قد تتحول ظروف‬ ‫السوق إلى األسوأ‪.‬‬ ‫ويبدو أن هذا التقييم ذو صلة بدول الشرق األوسط خاصة‪ ،‬رغم أن اخلصائص االقتصادية‬ ‫اخملتلفة لكل دولة سوف يكون لها تأثير على كيفية تنفيذها للفهم احلالي القتصاديات‬ ‫الركود‪ .‬ومتتلك الدول الرائدة في تصدير النفط‪ ،‬مبا فيها اململكة العربية السعودية ودول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي وغيرها من الدول‪ ،‬مثل ليبيا واجلزائر‪ ،‬احتياطيات اقتصادية كافية‬ ‫للحفاظ على زيادة اإلنفاق خالل أزمة مطولة‪ .‬ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن الدول األخرى‬ ‫ذات اجملال املالي األقل‪ ،‬مبا فيها العراق وإيران والسودان واليمن‪ ،‬سيكون عليها حتديد أولوياتها أو‬ ‫خفض اإلنفاق احلكومي واإلعانات املالية‪.‬‬ ‫بوال ميجيا – محررة اجمللة للشؤون االقتصادية‬

‫اجمللة‬

‫‪33‬‬


‫اقتصاديات اخلليج‬

‫‪32‬‬

‫اجمللة‬


‫كارنيجي إلى أن قلق قوى نووية مثل روسيا والصني‪ ،‬ينبع من أن القضاء على‬ ‫األسلحة النووية من شأنه أن يجعل الواليات املتحدة تتمتع بتفوق عسكري كبير‬ ‫عليها‪ ،‬حيث أن قواتها التقليدية تعتبر متميزة في هذا الصدد‪ .‬ويعني ذلك أن‬ ‫القضاء على األسلحة النووية ال ميكن أن ينجح حقا إال إذا رافقه تعديالت في‬ ‫العالقات العسكرية على النطاق األوسع‪ ،‬وكذلك اتخاذ التدابير الالزمة لبناء‬ ‫الثقة بني الدول‪ .‬كما ينبغي باإلضافة إلى ذلك تسوية املنازعات السيادية السابق‬ ‫ذكرها‪ ،‬من أجل الشروع في الدخول في مفاوضات جادة حول القضاء على األسلحة‬ ‫النووية‪ .‬وأخيرا‪ ،‬فإن اخلوف من اإلرهاب النووي‪ ،‬يقلل من رغبة الدول النووية في‬ ‫التخلي عن أسلحتها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فمن غير املرجح أن يقوم اإلرهابيون بتطوير مثل‬ ‫هذه األسلحة‪ .‬فهم في الغالب سيقومون بشرائها من دول نووية‪ ،‬مما يؤكد مرة‬ ‫أخرى ضرورة القضاء على هذه األسلحة‪ .‬وفي نهاية املطاف‪ ،‬ينبغي أن يكون هناك‬ ‫املزيد من الشفافية حتى تتمكن البلدان‪ ،‬سواء من الدول النووية أو غير النووية‪،‬‬ ‫من احلد من مخاوفها و تكهناتها حول ترتيب ترساناتها النووية مقارنة بالترسانات‬ ‫النووية للدول األخرى‪.‬‬ ‫ويوضح تقرير مؤسسة كارنيجي األوضاع السياسية الالزم تواجدها للقضاء على‬ ‫األسلحة النووية‪ .‬حيث يوضح التقرير بشكل مقنع أنه مبا أن مثل هذا احلدث‬ ‫يعتمد على إبرام العديد من االتفاقات املعقدة‪ ،‬يجب على املنظمات الدولية‪ ،‬و‬ ‫خاصة خاليا التفكير‪ ،‬أن تبادر باستكشاف الظروف الالزمة واألساليب التي ميكن أن‬ ‫تسفر عن فرصة حقيقية للسعي للقضاء على األسلحة النووية بشكل حقيقي‬ ‫و فعال‪ .‬و خالفا لذلك فإن التقارير األخرى قد ركزت على التحديات التي تواجه‬ ‫قضية القضاء على األسلحة النووية على املدى القصير‪ .‬و يعالج مجلس العالقات‬ ‫اخلارجية‪ ،‬على وجه اخلصوص‪ ،‬هذا الوضع املعقد املتعلق بالسيطرة على انتشار‬ ‫األسلحة النووية في الشرق األوسط‪ .‬و بالرغم من اختالف النقاط و األهداف التي‬ ‫يركز عليها املقاالن‪ ،‬إال أن مقال مجلس العالقات اخلارجية يقدم اقتراحات محددة‬ ‫بالنسبة للواليات املتحدة على وجه اخلصوص‪ ،‬لكي تتمكن من خلق األوضاع‬ ‫الالزمة التي اعتبرها تقرير مؤسسة كارنيجي شرطا أساسيا لنزع السالح‪ .‬و‬ ‫لكن‪ ،‬لألسف‪ ،‬فإن القضايا التي ركز عليها التقرير واملتعلقة بانتشار األسلحة‬ ‫النووية في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬تشير إلى أنه من غير احملتمل أن يتم التغلب‬ ‫هذا الوضع املعقد في املستقبل القريب‪ .‬و بالتالي فإن التحدي الذي يواجه زعماء‬ ‫العالم ليس هو نزع السالح النووي في العالم‪ ،‬بل هو على نحو أكثر واقعية منع‬ ‫إيران من احلصول على أسلحة نووية‪.‬‬ ‫و بالرغم من أن هذه املهمة قد تبدو أقل صعوبة‪ ،‬إال أن التقرير سرعان ما يبني أن‬ ‫هناك العديد من العوامل التي يجب التصدي لها من أجل اكتمال حتقيق هذا‬ ‫الهدف‪ .‬و يستعرض معدو التقرير‪ ،‬ريدل و سامور‪ ،‬اخليارات اخملتلفة التي ستكون‬ ‫متاحة أمام الواليات املتحدة في حال فشل اجلهود الدبلوماسية في منع إيران من‬ ‫امتالك القوة النووية‪ .‬فبإمكان الواليات املتحدة أن تقبل إيران بوصفها دولة ذات‬ ‫قدرات نووية مع محاولة وضع العراقيل ملنع إيران من إنتاج هذه األسلحة بالفعل‪.‬‬ ‫و إذا فشلت في حتقيق ذلك‪ ،‬فستستطيع الواليات املتحدة أن حتاول ردع واحتواء‬ ‫إيران املسلحة نوويا‪ ،‬و أن تسعى في الوقت ذاته إلثناء الدول األخرى في املنطقة‬ ‫عن تطوير أسلحة نووية‪ .‬و اخليار الثالث هو أن تتخذ الواليات املتحدة قرارا بالهجوم‬ ‫على املنشأة النووية اإليرانية في محاولة للقضاء على قدرة إيران على امتالك‬ ‫سالح نووي‪ .‬ورغم أن املؤلف يشير إلى أن الواليات املتحدة ليست مقيدة بوقت‬ ‫محدد فيما يتعلق بقدرة إيران التكنولوجية على إنتاج أسلحة نووية‪ ،‬إال أن هناك‬ ‫عقبات كبيرة في طريق “السيطرة على إيران”‪.‬‬ ‫و أولى هذه العقبات هي القضية اإلسرائيلية‪ ،‬حيث تواجه إسرائيل تهديدا مبحوها‬ ‫من الوجود قد يدفعها إلى التصرف بشكل فردى بدون انتظار قرار الواليات املتحدة‬ ‫بأن خيار الدبلوماسية لم يعد ممكنا‪ .‬و بالرغم من أن املكاسب احملتمل احلصول‬ ‫عليها من جراء تطبيق اخليار العسكري األميركي أو اإلسرائيلي قد ال توازى حجم‬ ‫اخلسائر احملتملة‪ ،‬إال أن عدم وجود قوة عسكرية رادعة لن يجعل إيران تقدم الكثير‬ ‫من التنازالت فيما يتعلق بتصنيع األسلحة النووية‪.‬‬

‫ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن التقرير يشجع الواليات املتحدة على التشاور مع حلفائها في‬ ‫املنطقة قبل الدخول في أي مفاوضات مع إيران‪ ،‬فضال عن التشاور مع الالعبني‬ ‫الفاعلني اآلخرين الذين قد يكون لديهم القدرة على التأثير على السياسة اإليرانية‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬تتطلب فعالية العقوبات التي قد تفرضها األمم املتحدة تعاون‬ ‫دول مثل روسيا والصني‪.‬‬ ‫و ينبغي على إدارة أوباما أيضا ضرورة وضع نهج للتغلب على اجلمود الدبلوماسي‬ ‫احلالي‪ ،‬أي أنه ينبغي عليها أن تستأنف احملادثات الثنائية املباشرة مع إيران بشأن‬ ‫مجموعة من املسائل‪ ،‬مبا فيها املسألة النووية‪ ،‬والعالقات بني الواليات املتحدة‬ ‫وإيران و وعملية السالم بني الفلسطينيني و اإلسرائيليني و قضية العراق‪ ،‬بدون‬ ‫مطالبة إيران بوقف برنامجها لتخصيب وإعادة معاجلة اليورانيوم كشرط مسبق‬ ‫إلجراء مثل هذه احملادثات‪ .‬و هكذا‪ ،‬فإن التقرير يعتبر مسألة السيطرة على االنتشار‬ ‫النووي في إيران مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتقارب بني إيران والغرب بشكل عام‪.‬‬ ‫كما تسلط املقاالت ذات الصلة مبناقشة جدوى نزع السالح النووي الضوء على‬ ‫مختلف القضايا التي من شأنها أن تؤثر على إمكانية القضاء على هذه األسلحة‪.‬‬ ‫و تتبنى جريدة “بوسطن جلوب” هذا الرأي‪ ،‬ألنها تركز على قضية اإلرهاب النووي‪،‬‬ ‫والدول النووية احلالية التي من املرجح أن تتيح الفرصة النتشار هذه األسلحة بني‬ ‫األفراد الالعبني من غير الدول‪ .‬حيث تالحظ الـ”بوسطن جلوب” من خالل استعراض‬ ‫آراء ‪ 117‬منظمة غير حكومية حول اإلرهاب و السياسة اخلارجية للدول النووية‪،‬‬ ‫أن ‪ ٪ 74‬من اخلبراء يرجحون أن باكستان ستكون هي البلد الذي سيقوم بنقل‬ ‫التكنولوجيا النووية إلى اجلماعات اإلرهابية في غضون ‪ 5‬سنوات‪ .‬و قد أوضح‬ ‫اخلبراء رأيهم هذا باإلشارة إلى أن باكستان قد أفرجت مؤخرا عن العالم النووي عبد‬ ‫القادر خان الذي كان معتقال في منزله‪ ،‬و الذي يعد أبا البرنامج النووي الباكستاني‪،‬‬ ‫و الذي اعترف بنقلة للتكنولوجيا النووية إلى إيران وليبيا وكوريا الشمالية‪ .‬و‬ ‫انطالقا من ذلك‪ ،‬أشارت الـ”بوسطن جلوب” إلى أن الواليات املتحدة وغيرها من‬ ‫الدول النووية التي تعمل على احلد من االنتشار النووي‪ ،‬ينبغي أال تركز جهودها‬ ‫فقط على الدول التي قد تسعى إلى تطوير ترسانة نووية مثل كوريا الشمالية‬ ‫وإيران‪ ،‬ولكنها ينبغي أن تركز أيضا على احلد من قدرة الالعبني الفاعلني من غير‬ ‫الدول‪ ،‬الذين قد يصعب السيطرة عليهم في حال متكنهم من احلصول على هذه‬ ‫األسلحة‪.‬‬ ‫و قد اقترحت جريدة الـ”بوسطن جلوب”‪ ،‬خالفا لالقتراحات التي طرحها تقرير‬ ‫جمللس العالقات اخلارجية‪ ،‬والذي أوصى مبمارسة املزيد من الضغوط على إيران خالل‬ ‫املفاوضات النووية‪ ،‬أن يتم استخدام حوافز بديلة‪ ،‬و أن األهم من ذلك أن تتم معاجلة‬ ‫مسألة استقرار األوضاع في باكستان من أجل عدم السماح للجماعات اإلرهابية‬ ‫بأن تصبح قوية‪.‬‬ ‫و توفر مقاطعات باكستان املتاخمة ألفغانستان مالذا آمنا لإلرهابيني النوويني‪ ،‬مبا‬ ‫في ذلك كبار قادة تنظيم القاعدة مثل بن الدن‪ ،‬الذي ال يزال يسعى المتالك أسلحة‬ ‫نووية‪ .‬و لذلك يتعني على الواليات املتحدة من أجل احلد من أخطار الترسانات‬ ‫النووية في آسيا‪ ،‬أن حتاول دعم التنمية االقتصادية و الدميقراطية فى هذه البالد‪،‬‬ ‫من أجل تعزيز استقرار تلك البالد‪.‬‬ ‫و تسلط االقتراحات املوجودة في هذه التقارير املتنوعة الضوء بشكل كاف على‬ ‫اجلوانب اخملتلفة للتعقيدات السياسة اجلغرافية التي تعد السبب وراء انتشار‬ ‫األسلحة النووية‪.‬‬ ‫رابط املقال الرئيسي‪:‬‬ ‫‪http://www.carnegieendowment.org‬‬ ‫روابط املقاالت اإلضافية‪:‬‬ ‫‪www.brookings.edu‬‬ ‫‪http://www.boston.com‬‬ ‫اجمللة‬

‫‪31‬‬


‫دراسات‬

‫ماذا يحمل المستقبل القريب في جعبته‪:‬‬

‫هل ستبقى األسلحة‬ ‫النووية بحوزتنا؟‬ ‫المجلة ‪ -‬لندن‬

‫يحلل التقرير ال�رشوط الالزمة لكي ي�صبح نزع الت�سلح النووي الكامل �أمرا ممكنا‪ .‬ويرى �أن الدول‬ ‫النووية مل تفعل الكثري يف الوقت احلايل من �أجل دفع عجلة النقا�ش الدائر يف هذا ال�صدد �إىل الأمام‪.‬‬ ‫ورغم ذلك يقر التقرير ب�أن ثمة �رشوطا عديدة يتعني الوفاء بها حتى ميكن �أن ت�سفر هذه اجلهود‬ ‫عن �شيء‪ .‬ويركز هذا املقال على التو�صيات التي يطرحها التقرير من �أجل جعل نزع ال�سالح‬ ‫النووي حقيقة واقعية‪.‬‬ ‫القضاء على األسلحة النووية‪ :‬جدال دائر‬ ‫المؤلف‪ :‬جورج بوركوفيتش وجيمس أكتون‬ ‫الناشر‪ :‬معهد كارنيجي للسالم الدولي ‪ -‬فبراير ‪2009‬‬

‫‪30‬‬

‫مجموعة الدول املسلحة نوويا وتلك التي المتتلك أسلحة‪ .‬وعلى وجه التحديد‪،‬‬ ‫يرى التقرير أنه التوجد مبادرات باجتاه النزع التام للسالح النووي من جانب الدول‬ ‫النووية‪ .‬وكنتيجة لذلك‪ ،‬فإن هذا يولد لدى عدد كبير من الدول غير النووية‬ ‫مقاومة للجهود الرامية إلى تعزيز نظام إجراءات احلماية النووية التابع للوكالة‬ ‫الدولية للطاقة الذرية والذي صمم من أجل التأكد من أن املنشآت املدنية‬ ‫النووية التستخدم ألغراض عسكرية‪ .‬ويركز التقرير الضوء على ما يحمله هذا‬ ‫من استفزاز إذا أخذنا في االعتبار التزايد العاملي املتوقع في إنتاج الطاقة النووية‪.‬‬

‫في أعقاب نهاية سباق التسلح الذي شهدته فترة احلرب الباردة بني الواليات‬ ‫املتحدة وروسيا‪ ،‬فقد ظلت موضوع االنتشار النووي ميثل الشاغل األول لقادة‬ ‫الدول‪ ،‬سواء تلك التي متتلك قدرات نووية أو الدول التي التتمتع مبثل هذه‬ ‫القدرات‪ .‬ولقد تصاعدت دواعي القلق في السنوات األخيرة حول االنتشار‬ ‫النووي‪،‬نظرا ألن دوال الميكن التنبؤ بسلوكها قد أصبحت قاب قوسني أو أدنى‬ ‫من احلصول على التكنولوجيا الالزمة لتطوير أسلحة نووية‪ ،‬وحتديدا إيران‬ ‫وكوريا الشمالية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هاجس اندالع حرب نووية يزداد حدة‬ ‫عندما ينشب نزاع بني الدول النووية على السيادة في اإلقليم الذي تتواجد فيه‬ ‫هذه الدول‪ ،‬مثل النزاع الفلسطيني اإلسرائيلي‪ ،‬والنزاع بني باكستان والهند‬ ‫حول كشمير‪ ،‬والصراع الدائر حول األطراف احلدودية لروسيا‪ .‬إن التوترات التي‬ ‫تخلقها مثل هذه النزاعات تزيد من رغبة هذه الدول في دعم أسلحتها النووية‬ ‫بحيث تستطيع إبراز مالديها من قوة‪ ،‬كما أنها تزيد من إمكانية استخدام هذه‬ ‫األسلحة‪ .‬وهكذا فإن التوترات السياسية القائمة تعد مصدر تهديد‪ ،‬مما قد‬ ‫أدى إلى تأجج االهتمام بالنقاش الدائر حول نزع األسلحة النووية لدى معظم‬ ‫الدول‪.‬‬

‫ومن أجل تقييم نوعية النقاش الذي ينبغي أن يتم‪ ،‬واإلجراءات التي يتعني‬ ‫تنفيذها من أجل طمأنة األطراف املعنية بأن نزع التسلح النووي هو أمر مفيد‬ ‫للجميع‪ ،‬فإن التقرير يقوم أوال باستعراض استخدام األسلحة النووية من جانب‬ ‫الدول التسع التي متتلك هذه األسلحة‪ .‬ويقر التقرير بأن الدول النووية اخملتلفة‬ ‫تنظر إلى جدوى األسلحة النووية بطرق مختلفة‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬يقال إن‬ ‫باكستان تستخدم سالحها النووي إلحداث توازن عام مع التفوق االستراتيجي‬ ‫الكلي للهند‪.‬‬

‫وهكذا فإن تقرير معهد كارنيجي يهدف إلى وضع هذا النوع من اجلدال في‬ ‫سياقه والدعوة إلى حتليل دولي ونقاش جاد يقر بوجهات النظر املتضاربة داخل‬

‫و األهم من ذلك‪ ،‬هو أن التقرير يلقي الضوء على التحديات التي ال تزال تعوق‬ ‫عملية القضاء على األسلحة النووية‪ .‬ففي البداية‪ ،‬يشير تقرير مؤسسة‬

‫اجمللة‬


‫درا�سات‬ ‫مستقبل حلف الناتو‪ :‬مواجهة االنقسامات القديمة والمخاطر الجديدة‬ ‫جيمس إم‪ .‬جولدجير ‪ -‬مجلس العالقات الخارجية ‪ -‬ربيع ‪2009‬‬

‫لقد بذل حلف الناتو الكثير والكثير من أجل التكيف مع العالم عقب أحداث احلادي عشر من‬ ‫سبتمبر أيلول‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه ال يزال يواجه نفس السؤال الوجودي الذي واجهه منذ نهاية احلرب‬ ‫الباردة‪ :‬هل حتالف دميقراطيات األطلسي الذي مت تأسيسه ملواجهة أي هجوم سوفيتي محتمل‬ ‫مبثابة أفضل وسيلة للتغلب على تهديدات القرن احلادي والعشرين؟‬

‫مقايضات مخاطر االئتمان ودور المقاصة والتبادالت‬

‫مجموعة عمل سكوم الك للتنظيم المالي ‪ -‬مجلس العالقات الخارجية ‪ -‬يوليو‬ ‫‪2009‬‬

‫‪WORKING PAPER‬‬

‫‪Credit Default Swaps,‬‬ ‫‪Clearinghouses, and‬‬ ‫‪Exchanges‬‬ ‫‪Squam Lake Working Group on Financial Regulation‬‬ ‫‪July 2009‬‬

‫مقايضات مخاطر االئتمان عبارة عن عقود متنح املقترضني احلماية من مخاطر التخلف عن‬ ‫سداد الدين‪ .‬وفي حني ميكن أن تكون هذه املقايضات مبثابة وسيلة قيمة إلدارة اخملاطر‪ ،‬من املمكن‬ ‫أيضا ً أن تزيد من اخملاطر النظامية‪ .‬فإخفاق أحد املشاركني املهمني في سوق مقايضات مخاطر‬ ‫االئتمان ميكن أن يؤثر على استقرار النظام بأكمله‪ .‬وهذا البحث يحلل سوق مقايضات مخاطر‬ ‫االئتمان ويعطي توصيات محددة بشأن األدوار املالئمة لدور املقاصة والكيفية التي ينبغي أن يتم‬ ‫تنظيمها بها‪.‬‬

‫مجموعة العشرين‪ :‬أقل بكثير مما كان متوقعًا‬ ‫مايلز سالتيل ‪ -‬معهد آدم سميث ‪ -‬يوليو ‪2009‬‬

‫يعطي هذا امللخص تقييما ً لقمة مجموعة العشرين لعام ‪ 2009‬ويتوصل إلى أن هذه القمة‬ ‫لم حتقق جناحا ً يذكر حتى بالنسبة ملن كان لديهم توقعات محدودة‪ .‬فبالرغم من حتقق بعض‬ ‫اإلجنازات‪ ،‬اتسم البيان الرسمي للمجموعة بضعف وعوده وخلو لغته من املعنى‪.‬‬

‫اجمللة‬

‫‪29‬‬


The World in Recession Parag Khanna

Fragile Alliances in Lebanon

Interview with Amine Gemayel, Former President of Lebanon

The Leading Arab Magazine ‫الدولية‬ ‫العرب‬ ‫مجلة‬

The US and Iran in Afghanistan Karim Sadjapour

www.majalla.com

‫قريبا‬ The Coming soon ‫واالنكليزية‬ ‫العربية‬ ‫باللغتني‬ Recession’s in both Arabic and English

EXIT www.majalla.com www.majalla.com Read

Studies every month on our website Will politicians

? succeed where economists fail

, April 18, 2009

Stephen Glain


‫مسئولية‬

‫أمريكا‬

‫الكتاب‪ :‬عودة التاريخ ونهاية األحالم‬ ‫المؤلف‪ :‬روبرت كاجان‬ ‫الناشر‪ :‬فينتاج بوكس ‪2009‬‬

‫هذا الكتاب يتناول حقيقة الهيمنة األمريكية ويعرض وجهة نظر تتعلق بدور‬ ‫الواليات املتحدة في عاملنا اليوم‪.‬‬ ‫على النقيض من االجتاه احلالي الذي إما يتنبأ بانكماش دور أمريكا أو يؤكد هذا‬ ‫االنكماش ويتوقع ظهور قوى عاملية أخرى‪ ،‬يزعم روبرت كاجان في كتابه أن‬ ‫الواليات املتحدة ما تزال القوة األولى في العالم‪ .‬ويعرض الكتاب حتديدا ً رؤية‬ ‫جريئة تختلف عن تلك الرؤية التي شاعت مؤخراً‪ .‬ففي حني يشن جميع ُ‬ ‫الكتاب‬ ‫والصحفيني هجوما ً عنيفا ً على الرئيس السابق جورج بوش منتقدين أسلوبه‪،‬‬ ‫يرى كاجان أن الكثير من السياسات األمريكية التي تبناها بوش هي في حقيقة‬ ‫األمر مبثابة مبادئ وأسس للسياسة األمريكية التي مت إرساء دعائمها قبل مجئ‬ ‫بوش والتي سوف تستمر بعد رحيله‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ويثني الكتاب على الهيمنة األمريكية وال يقف األمر عند هذا احلد بل يزعم‬ ‫املؤلف أن هذه الهيمنة ضرورية لتحقيق االستقرار في العالم‪ .‬ففي حني‬ ‫يتساءل اجلميع عن مفهوم “احلرب على اإلرهاب”‪ ،‬ويسلطون الضوء على عواقبها‬ ‫الكارثية‪ ،‬يرى كاجان أن الواليات املتحدة وغيرها سوف يتعني عليها االستمرار‬ ‫في حربها على اإلرهاب‪ .‬ويعترف أن هذه احلرب ينبغي أال تكون األولوية الرئيسية‬ ‫والوحيدة للسياسة اخلارجية األمريكية لكنها بالتأكيد تعد أمرا ً ضروريا ً في‬ ‫السنوات املقبلة‪ .‬ويؤمن كاجان إميانا ً راسخا ً مبسئولية الواليات املتحدة جتاه‬ ‫العالم خصوصا ً في نشر مبادئ التحرر والدميقراطية ومكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وتتحدى كل من الصني وروسيا الهيمنة األمريكية‪ ،‬لكنه وفقا ً لكاجان فإن هذا‬ ‫ليس معناه أننا اآلن في عالم متعدد األقطاب‪ .‬واألمر األكثر إثارة وتشويقا ً أن‬

‫حتليل املؤلف للغضب الذي اندلع في أرجاء العالم ضد سياسات أمريكا ليس‬ ‫سببه أن هذه السياسات خرجت عن اخلط السياسي الرئيسي الذي كانت تسير‬ ‫عليه وإمنا بسبب أن العالم عقب احلرب الباردة تولدت لديه توقعات مبالغ فيها‪.‬‬ ‫ويتوقع املؤلف أن هذه التوقعات الهائلة واألحالم العريضة في طريقها للزوال‪.‬‬ ‫ويتناول الكتاب خطر اإلسالم املتشدد كما يطرح القضية الشائكة التي تواجه‬ ‫اإلدارة األمريكية والتي تتعلق مبا إذا كان ينبغي على هذه اإلدارة دعم احلكومات‬ ‫االستبدادية في الشرق األوسط والدول اإلسالمية األخرى أم إرساء دعائم‬ ‫الدميقراطية هناك والتي من شأنها أن تؤدي إلى انتصار احلكومات اإلسالمية‬ ‫املتطرفة‪ .‬ويبحث كاجان احتمال أن يكون هذا هو السبب وراء دعم الواليات‬ ‫املتحدة للحكومات غير الدميقراطية في أنحاء العالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫ورمبا يكون حتليل كاجان فريدا ً من نوعه وقد يكون مختلفا ً عن باقي ما ُكتب في‬ ‫ذات املوضوع‪ .‬ويتسم حتليله بأنه منظم ويعتمد على البحث اجليد املدعوم باألدلة‬ ‫وحسن التناول‪ .‬وسوا ًء اتفق القراء مع وجهة النظر التي عرض لها املؤلف‪ ،‬فإن‬ ‫الكتاب يتمتع مبصداقية عالية‪.‬‬ ‫روبرت كاجان زميل مبؤسسة كارنيجي للسالم الدولي‪ ،‬وتخرج من جامعة يال‬ ‫ومدرسة كينيدي للحكم التابعة جلامعة هارفارد وحاصل على درجة الدكتوراه‬ ‫في التاريخ األمريكي‪ .‬وقد عمل كاجان في وزارة اخلارجية األمريكية من عام ‪1984‬‬ ‫إلى ‪ 1988‬كأحد أعضاء التخطيط السياسي‪ .‬ويكتب د‪ .‬كاجان عمودا ً شهريا ً عن‬ ‫شئون العالم لصحيفة واشنطون بوست‪.‬‬ ‫“عودة التاريخ ونهاية األحالم” هو آخر ما ألفه كاجان‪ .‬ومن بني كتبه السابقة‬ ‫“أمة خطيرة‪ :‬مكان أمريكا في العالم منذ بدايتها إلى مطلع القرن العشرين”‬ ‫و”الفردوس والسلطة” والذي كان من أفضل مبيعات صحيفة نيويورك تاميز‪.‬‬

‫اجمللة‬

‫‪27‬‬


‫كتب‬

‫لعدم اإلستقرار‬

‫في آسيا الوسطى‬ ‫الكتاب‪ :‬اإلنحدار نحو الفوضى‪ :‬الواليات المتحدة والكارثة‬ ‫في باكستان وأفغانستان وآسيا الوسطى‬ ‫المؤلف‪ :‬أحمد رشيد‬ ‫الناشر‪ :‬دار نشر فايكنج بنجوين ‪ -‬أبريل ‪2009‬‬ ‫يعرض أحدث كتاب أحمد رشيد رؤية متعمقة للحرب في أفغانستان‪ .‬ويوضح الكتاب‬ ‫عجز القوى الغربية عن هزمية طالبان بإبراز كيفية تأثير عدم اإلستقرار اجلغرافي‬ ‫والسياسي في املنطقة إجما ًال على اجلهود العسكرية األمريكية‪.‬‬

‫يستكشف كتاب اإلنحدار نحو الفوضى للكاتب أحمد رشيد الدور الذي لعبه‬ ‫الغرب‪ ،‬خاصة الواليات املتحدة‪ ،‬في الفوضى التي جنمت عن غزو أفغانستان في‬ ‫عام ‪ .2001‬ويوضح رشيد أن جزءا ً من املشكلة في احلرب على أفغانستان يرتبط‬ ‫بالسياسة اخلارجية املتناقضة التي مارستها احلكومة األمريكية مع باكستان‪.‬‬ ‫ويتركز انتقاده على سياسة إدارة بوش في أفغانستان‪ ،‬وخاصة استخدامها‬ ‫لزعماء احلرب للسيطرة على احلكومة‪.‬‬ ‫غير أن اجلديد في إنتقادات رشيد لسلوك إدارة بوش في أفغانستان يتمثل في‬ ‫الطريقة الذكية التي يضع من خاللها املشكلة األفغانية املعقدة في سياقها‬ ‫الصحيح وذلك من خالل تفسير وضعها املعقد في إطار العالقات اجلغرافية‬ ‫والسياسة بني الهند وباكستان وإقليم آسيا الوسطى على نطاق أوسع‪.‬‬ ‫ومن بني إجنازات رشيد في هذا الكتاب دمجه للصراع في كشمير‪ ،‬وهي املنطقة‬ ‫املتنازع عليها بني الهند وباكستان‪ ،‬كعامل يفسر عدم قدرة الدول الغربية‬ ‫على ممارسة نفوذها في أفغانستان‪ .‬ويوضح الكاتب أن كشمير تقع في قلب‬ ‫العالقات املتوترة بني باكستان والهند‪ .‬ويدفع هذا األمر رشيد إلى إقتراح واحدة‬ ‫من التوصيات الرئيسية أمام الغرب‪ ،‬واملتمثلة في أنه ينبغي على الواليات املتحدة‬

‫‪26‬‬

‫اإلهتمام بشكل أكبر بتحقيق تسوية في كشمير‪ ،‬إذا أرادت لباكستان أن تساهم‬ ‫في حتقيق اإلستقرار في أفغانستان‪ .‬وعندئ ٍذ فقط ستكف باكستان عن رؤية‬ ‫حدودها مع أفغانستان كميزة إستراتيجية ضد الهند‪ ،‬وبدال ً من ذلك سوف تراها‬ ‫على حقيقتها أنها مصدر لعدم اإلستقرار في املنطقة‪.‬‬ ‫وبالرغم من إنتقاد رشيد الواعي إلدارة بوش‪ ،‬فإن هناك جوانب قصور في الطريقة‬ ‫التي يراها املؤلف ضرورية فيما يتعلق بتوجه السياسة األمريكية حيال باكستان‪.‬‬ ‫فالكاتب يحبذ إلتزاما ً عسكريا ً أكثر تأثيرا ً في الصراع‪ ،‬ويوصي بزيادة املساعدات‬ ‫من أجل تطوير املنطقة زاعما ً أن هذا من شأنه أن يعزز دون شك قدرة الدولة على‬ ‫مواجهة املناطق املتاخمة التي ال تزال إلى يومنا هذا مرتعا ً للجماعات اإلرهابية‪.‬‬ ‫وفي حني ميكن أن تسهم تلك التوصيات في حتقيق اإلستقرار وبناء الدولة‪ ،‬إال أن‬ ‫رؤية رشيد لم تأخذ في اإلعتبار قدرة الواليات املتحدة على حتقيق هذه األهداف‪.‬‬ ‫فمن الصعب أن جند أمثلة حديثة حققت جناحا ً في بناء دولة بفضل الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬مما يجعل إمكانية أن تسهم املساعدات اإلضافية في حتقيق األهداف‬ ‫التي أشار إليها رشيد موضع شك وتساؤل‪.‬‬ ‫وإضافة إلى ذلك‪ ،‬لم تأخذ توصياته في احلسبان السياسة احمللية ألمريكا‪.‬‬ ‫فبالرغم من أن الرئيس األمريكي أوباما إلتزم بتخصيص قوات ال بأس بها في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬فإن شعبية هذه احلرب محدودة‪ .‬وهناك تساؤالت كثيرة حول ما إذا‬ ‫كانت الواليات املتحدة تستطيع أن حتتفظ بقدرتها على اإلستمرار في نشر قوات‬ ‫كبيرة لوقت طويل جداً‪ ،‬وهو األمر الذي سيكون ضروريا ً إذا مت تنفيذ توصيات رشيد‪.‬‬ ‫وهذا صحيح على نحو خاص حيث إن رشيد يشير إلى أن “أفغانستان لن تكون‬ ‫قادرة على دفع رواتب اجليش اخلاص بها على مدى سنوات عديدة مقبلة؛ ورمبا لن‬ ‫تستطيع أبداً”‪ .‬وبالرغم من إدراك اإلدارة األمريكية اجلديدة ألهمية اإلستقرار في‬ ‫املنطقة‪ ،‬فإنه من غير احملتمل أن يكون لدى الواليات املتحدة اإلستعداد لدعم‬ ‫اإلستقرار في أفغانستان وباكستان على حساب األمريكيني إلى األبد‪.‬‬


‫كتب‬ ‫يوصى بقراءتها‬

‫الكتاب‪ :‬المائة عام القادمة‪ :‬توقعات للقرن الحادي والعشرين‬ ‫المؤلف‪ :‬جورج فريدمان‬ ‫الناشر ‪ :‬مجموعة دابلداي للنشر ‪2009‬‬

‫جورج فريدمان مؤلف كتاب احلرب السرية ألمريكا ومؤسس شركة ستراتفور املستقلة للتوقعات‬ ‫اجلغرافية السياسية‪ .‬وفي آخر مؤلفاته “املائة عام القادمة‪ :‬توقعات للقرن احلادي والعشرين” يعطي‬ ‫فريدمان تنبؤاته بشأن احلرب والسالم خالل القرن القادم‪.‬‬

‫الكتاب‪ :‬دفاعًا عن العولمة‪ :‬بخاتمة جديدة‬ ‫المؤلف‪:‬‬ ‫الناشر ‪:‬‬

‫يقدم جاجديش بهاجواتي‪ ،‬املستشار السابق لألمم املتحدة توصيات حتفز على التفكير من أجل‬ ‫التحكم في العوملة‪.‬‬

‫الكتاب‪ :‬طالبان‪ :‬اإلسالم المتشدد والنفط والتطرف في وسط آسيا‬ ‫المؤلف‪ :‬أحمد رشيد‬ ‫الناشر ‪ :‬إصدارات جامعة يال ‪2001‬‬

‫باستعراض كامل ألحدث مؤلفاته “االنحدار نحو الفوضى” في هذه الطبعة من اجمللة‪ ،‬يذكرنا أحمد‬ ‫رشيد بهذا العمل املثير الذي ُصنف على أنه أفضل كتاب متاح في السوق عن طالبان‪.‬‬

‫الكتاب‪ :‬السياسة والتغيير في الشرق األوسط (الطبعة التاسعة)‬ ‫المؤلف‪ :‬روي آر أندرسون‪ ،‬روبرت إف سيبيرت‪ ،‬جون جي واجنر‬ ‫الناشر ‪ :‬برنتيس هول ‪2008‬‬

‫هذه الطبعة األخيرة من الكتاب الذي حقق مبيعات كبيرة على مدار فترة زمنية طويلة تتبع أسلوبا ً منوعا ً في‬ ‫التناول وذلك لتسليط الضوء على ديناميكيات السياسة احلالية باملنطقة مبا في ذلك التغييرات السياسية‬ ‫األخيرة مع التأكيد بشكل خاص على التدخل األمريكي في العراق واالهتمام املتزايد بالدميقراطية على املستوى‬ ‫اإلقليمي‪.‬‬


‫اكثر من راي‬

‫تصل إلى حد اإلنفصال‪ ،‬لكن بعض‬ ‫مستغلي هذا احلراك جنحوا في اللعب‬ ‫على هذا الوتر وساعدهم على ذلك رد‬ ‫فعل السلطة العنيف في بعض األحيان ‪.‬‬ ‫وميكن القول أن دخول قوى اللقاء‬ ‫املشترك خاصة اإلصالح واإلشتراكي‬ ‫على خط احلراك أعطاه زخما ً وقوة‬ ‫حيث أن أحزاب اللقاء أرادت وفقا ً ألجندة‬ ‫حزبية أن تستخدم احلراك كأداة ضغط‬ ‫أمام سيطرة املؤمتر على احلكم والتي‬ ‫حولت اإلشتراكي واإلصالح من شركاء‬ ‫في ترويكا السلطة إلى قوى سياسية‬ ‫متارس عليها وسائل اإلعالم الرسمية‬ ‫حرب تشويه‪.‬‬ ‫فاإلشتراكي كان يحكم اجلنوب منفردا ً‬ ‫منذ عام ‪ 1967‬وحتى الوحدة عام ‪1990‬‬ ‫ثم أصبح شريكا ً في حكم اليمن املوحد‬ ‫حتى عام ‪ ،1994‬بينما ظل اإلصالح مؤيدا ً‬ ‫للسلطة منذ إستقالل اليمن الشمالي‬ ‫حتى دخوله مجلس الرئاسة عام ‪1994‬‬ ‫وخروجه منها بعد اإلنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫ثم دخوله في حتالف اللقاء املشترك مع‬ ‫احلزب اإلشتراكي وقوى أخرى منذ فبراير‬ ‫‪.2003‬‬ ‫هذا اإلستغالل من قوى اللقاء املشترك‬ ‫مع اختالف األهداف املعلنة لهم ورصد‬ ‫مفردات اخلطاب املستخدمة حياله‬ ‫تؤكد في حالة “اإلصالح” أن ثمة تراجعا ً‬ ‫في خطابه خاصة من قيادته الشمالية‬ ‫حيال احلراك بعدما شعروا أنه يستخدم‬ ‫لتحقيق أهداف جماعة علي سالم‬ ‫البيض ورفاقه اإلنفصالية للقضاء على‬ ‫الوحدة التي كان اإلصالح أحد أدوات‬ ‫حسم معركتها عام ‪ ،1994‬فاإلصالح‬ ‫رمبا تعاطف بل وأيد احلراك في شقه‬ ‫اإلجتماعي‪ ،‬ولكن حتوله إلى مطالب‬ ‫سياسية باإلنفصال جعلت احلزب يصدر‬ ‫بيانا ً في ختام مؤمتره الرابع في مارس‬ ‫املاضي دعا فيه السلطة إلى “ضرورة‬ ‫إيجاد املعاجلات اجلذرية ملشاكل املواطنني‬ ‫في احملافظات اجلنوبية والشمالية‬ ‫على ح ٍد سواء‪ ،‬داعيا ً في الوقت نفسه‬ ‫اجلميع إلى التمسك بالنهج السلمي‬ ‫إلنتزاع احلقوق حتت سقف الوحدة”‪.‬‬ ‫إذن رمانة ميزان الوحدة ‪ -‬وهو اإلصالح‪-‬‬ ‫الزال هنا هو الفيصل في ضمانة‬ ‫استمرارها على أساس قوته في اجلنوب‬ ‫إضافة إلى اإلشتراكي الذي لن يستطع‬ ‫مبفرده حتقيق هدفه باإلنفصال وهذه‬ ‫املرة بحراك إجتماعي بعدما فشل فيه‬ ‫عسكريا ً عام ‪ 9419‬طاملا أن اإلصالح‬ ‫أعلن صراحة رفضه لإلنفصال وإصراره‬ ‫باحلفاظ على مكتسبات الوحدة‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫اجمللة‬

‫تصفية حسابات‬ ‫رغم وجاهة أسباب احلراك اجلنوبي‬ ‫ في شقه اإلجتماعي‪ -‬وبعيدا ً عما‬‫إذا كانت هناك قوى تقف وراءه‪ ،‬أو أنه‬ ‫احتجاج عفوي‪ ،‬فإن ما هو مؤكد أن‬ ‫هناك من استغل هذا احلراك لتحقيق‬ ‫أهداف بعضها داخلي مثل قوى احلكم‬ ‫السابقة في اجلنوب مبا حتمله من أحالم‬ ‫العودة والسيطرة‪ ،‬وقوى خارجية تقوم‬ ‫بـ” قرصة أذن” للنظام اليمني احلاكم‬ ‫عقابا ً له على مواقف قومية سبق وأن‬ ‫عبر عنها برفضه للحرب األمريكية‬ ‫على العراق عام ‪ ،2003‬وتأييده للحق‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ورفضه إلحالة البشير‬ ‫حملكمة اجلنايات الدولية‪..‬كلها مواقف‬ ‫تستحق إستغالل قوى خارجية ألحداث‬ ‫داخلية للتأثير على القرار اليمني في‬ ‫تصفية للحسابات‪ ،‬وإضعاف للسلطة‬ ‫اليمنية التي فشل البعض في ضمها‬ ‫ألحالف إقليمية حالية مؤيدة للغرب في‬ ‫كل سياساته حتى لو عارضت املصلحة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫الهاجس الوحيد الذي يسيطر على‬ ‫القوى اخلارجية التي حاولت إستغالل‬ ‫“احلراك اجلنوبي” هو تنظيم القاعدة‬ ‫النشط في عدن والذي إنطلق منها في‬ ‫تنفيذ عدد من العمليات ضد املصالح‬ ‫الغربية‪ ،‬وزاد من شدة هذا الهاجس ما‬ ‫ن ُقل عن قيادات في القاعدة خارج اليمن‬ ‫من تأييد للحراك اجلنوبي ما يعني أن‬ ‫مساحات أوسع للتنظيم ستتاح له‬ ‫في حالة إنفصال اجلنوب عن الشمال‪،‬‬ ‫السيما أن اشتراكيوا اجلنوب اآلن ليسوا‬ ‫بنفس القوة قبل عام ‪ ،9019‬بل قبل‬ ‫احلرب الدموية بني أقطاب النظام في‬ ‫اجلنوب عام ‪ 1986‬والتي راح ضحيتها‬ ‫اآلالف‪ ،‬ومن ثم فإن احتماالت سيطرة‬ ‫اإلشتراكي على اجلنوب في حالة جناح‬ ‫احلراك لن تكون كافية للسيطرة أو احلد‬ ‫من نشاط القاعدة‪.‬‬ ‫إذن محصلة الدور اخلارجي هو فقط‬ ‫إستغالل احلراك كأداة للضغط وإضعاف‬ ‫النظام‪ ،‬ولكن ليس للدرجة التي تؤدي‬ ‫إلى حتقيق اإلنفصال؛ ألن وجود سلطة‬ ‫مركزية في اليمن حتافظ على خطوط‬ ‫مفتوحة مع القوى اخلارجية في حدود‬ ‫معينة هو احلل األنسب حاليا ً لهذه‬ ‫القوى مع سعيها لتغيير درجات هذه‬ ‫العالقة في إجتاه حتقيق مصلحتها‪.‬‬

‫املوجودة باخلارج دفعت بعض مؤيدي‬ ‫احلراك إلى التراجع خوفا ً من إستغالله‬ ‫في عملية إنفصالية تعيد لألذهان واقع‬ ‫اجلنوب قبل الوحدة‪ ،‬فالعديد من القوى‬ ‫السياسية تعلم أن سلبيات الوحدة‬ ‫أفضل كثيرا ً من إيجابيات اإلنفصال‬ ‫إن ُوجدت‪ ،‬فـ” مين “ موحد ببذل مزيدا ً‬ ‫من اجلهد إلستغالل املتاح من املوارد‪،‬‬ ‫وبتطبيق أجندة دميقراطية‪ ،‬وحزمة‬ ‫إصالحات سياسية حتقق بعضها في‬ ‫إتفاق حزب املؤمتر احلاكم مؤخرا ً مع‬ ‫أحزاب اللقاء املشترك‪ ،‬منها تأجيل‬ ‫اإلنتخابات البرملانية ملدة عامني مقابل‬ ‫حتقيق تلك اإلصالحات أفضل كثيرا ً من‬ ‫اإلنفراد بقيادة إقليم عانى كثيرا ً خالل‬ ‫فترة إنفصاله من عام ‪1967-1990‬‬ ‫في ظل اتساع مساحته اجلغرافية‬ ‫التي تصل إلى (‪ )332,970‬كم‪ 2‬تقريباً‪،‬‬ ‫ولكنه يعاني خوا ًء سكانيا ً حيث يصل‬ ‫عدد سكانه إلى ‪ 3‬ماليني نسمة أو يزيد‬ ‫قليالً‪.‬‬ ‫وال أحد ينكر أن اجلنوب يواجه بعض‬ ‫املشاكل اإلقتصادية‪ ،‬بعضها ورثته‬ ‫الدولة اليمنية من النظام السابق‬ ‫للوحدة‪ ،‬وبعضه ناجت عن الطبيعة‬ ‫اجلغرافية للجنوب‪ ،‬والبعض منه جزء‬ ‫من مشكالت اليمن بصفة عامة‪،‬‬ ‫والبعض األخير يتعلق بسلبيات‬ ‫املمارسة السياسية للنظام احلاكم‪،‬‬ ‫فأزمات اجلنوب في جوهرها ليست متييزا ً‬ ‫بني شمال وجنوب‪ ،‬ولكنها مشكلة‬ ‫دولة ككل تواجه مشاكل إقتصادية‬ ‫ونقصا ً في املوارد والكفاءات باألساس‪،‬‬ ‫واحلل ليس في اإلنفصال‪ ،‬ولكن في‬ ‫وجود أجندة وطنية واحدة تساعد اليمن‬ ‫على اخلروج من أزماته‪ ،‬وحتقق الرخاء‬ ‫جلميع اليمنيني‪ ،‬وليس بتصوير األزمة‬ ‫التي مير بها على أنها مشكلة إقليم‬ ‫على حساب أخر أو منطقة على حساب‬ ‫أخرى‪ ،‬وأرى في دعوة الرئيس اليمني‬ ‫للقوى السياسية اليمنية وعلى رأسها‬ ‫أحزاب اللقاء املشترك للحوار مقدمة‬ ‫للحل وإلتفاق على حتديد عوامل احلراك‪،‬‬ ‫والعمل على وضع أجندة لإلصالح‪،‬‬ ‫وخارطة طريق في حدود إمكانات اليمن‬ ‫وموارده‪ ،‬فاليمني يشغل اجلميع وليس‬ ‫اليمنيني وحدهم‪ ،‬وإستقراره ووحدته‬ ‫يخدم املنظومة اإلقليمية أكثر من‬ ‫تقسيمه‪ ،‬بينما السعي لـ “ صوملة “‬ ‫اليمن سيضر باجلميع‪ ،‬وستدفع كافة‬ ‫األطراف الثمن‪.‬‬

‫مستقبل احلراك‬ ‫الرهانات على احلراك خاصة من بعض‬ ‫القيادات اجلنوبية املقيمة باخلارج أو تلك‬

‫رجب الباسل؛ باحث في مركز االهرام‬ ‫متخصص في الشؤون اليمنية‬


‫األزمة اإلقتصادية في اليمن‬ ‫والسعي نحو اإلنفصال بين الشمال والجنوب‬ ‫رجب الباسل‬

‫مما ال�شك فيه �أن اجلنوب يواجه م�شاكل �إقت�صادية ولكنها يف جزء كبري منها جزء من م�شاكل اليمن كله الذي يواجه‬ ‫�أزمة �إقت�صادية تزداد �رضاوتها مبرور الوقت‪ ،‬ويف ظل افتقاد الدولة ملوارد �إقت�صادية ميكن �أن تنقل اليمن من عرثته‪.‬‬ ‫ثالث سنوات مرت منذ بداية ما يسمى‬ ‫احلراك اجلنوبي في مديريات اليمن اجلنوبية‪..‬‬ ‫ال أحد يعلم حتى اآلن إلى أين يتجه؟ وإن‬ ‫كان الكثيرون ميكن أن يجزموا أن دوافع‬

‫احلراك لدى غالبية مكوناته من الشرائح‬ ‫اإلجتماعية البسيطة كانت إعتراضا ً على‬ ‫أوضاع إقتصادية وهي تختلف عن األهداف‬ ‫املعلنة لدى قيادات دخلت على خط‬

‫احلراك الحقا ً وحاولت أن تصبغه بأجندتها‬ ‫السياسية األقرب لإلنفصالية وأن تبدو‬ ‫وكأنها تقف خلفه ومتلك حتديد أجندته‪،‬‬ ‫كما أن في دوافع هذا احلراك ما يؤكد أن‬ ‫قوى خارجية حاولت إستغالل هذا امللف‬ ‫للضغط على النظام احلاكم في اليمن‬ ‫سواء تصفية حلسابات سابقة أو لدفعه‬ ‫نحو تقدمي تنازالت مطلوبة في املشهد‬ ‫اإلقليمي احلالي‪.‬‬ ‫ال يختلف الكثيرون على أن اجلنوب يواجه‬ ‫مشاكل إقتصادية ولكنها في جزء كبير‬ ‫منها جزء من مشاكل اليمن كله الذي‬ ‫يواجه أزمة إقتصادية تزداد ضراوتها‬ ‫مبرور الوقت‪ ،‬وفي ظل افتقاد الدولة ملوارد‬ ‫إقتصادية ميكن أن تنقل اليمن من عثرته‪،‬‬ ‫فالنفط حتى اآلن لم يكتشف وينتج‬ ‫بكميات ضخمة مثل باقي دول اخلليج‬ ‫حتقق لليمن الطفرة التي حتققت لتلك‬ ‫الدول‪ ،‬كما أن بروز أزمة القرصنة األخيرة‬ ‫في البحر األحمر أثرت على مورد مهم‬ ‫لإلقتصاد اليمني ممثال ً في السفن التي متر‬ ‫بخليج عدن ومضيق باب املندب‪.‬‬ ‫دوافع ‪ ..‬ودوافع‬ ‫الذين شاركوا في احلراك اجلنوبي كانوا‬ ‫باألساس يعترضون على ما وصل إليه‬ ‫حالهم اإلقتصادي بعد الوحدة‪ ،‬وافتقادهم‬ ‫للخدمات في بعض املدن خاصة في أطراف‬ ‫اليمن مثل الضالع وحلج وغيرها‪ ،‬لكن‬ ‫بعض القيادات السياسية اجلنوبية سواء‬ ‫املوجودة بالداخل أو تلك املوجودة باخلارج‬ ‫وجدت في احلراك فرصة لتحقيق أهداف‬ ‫سياسية وصلت إلى حد املطالبة بإنفصال‬ ‫اجلنوب عن الشمال‪.‬‬ ‫هذه الدوافع السياسية للقيادات اجلنوبية‬ ‫السابقة رمبا لم تكن في حسبان مؤيدي‬ ‫احلراك من اجلماهير العادية‪ ،‬فاملواطن‬ ‫البسيط الذي يفتقد اخلدمات األساسية‬ ‫حترك بدافع ذاتي بحثا ً عن متطلبات معيشة‬ ‫كرمية دون أن تغذيه في ذلك رغبة سياسية‬ ‫اجمللة‬

‫‪23‬‬


‫اكثر من راي‬

‫بني البلدين ومؤسساتهما‪.‬‬ ‫ترى ملصلحة من يتم جتاهل ما يجري على مقربة‬ ‫من أهم املناطق حيوية لالقتصاد العاملي؟!!‬ ‫لقد شهدت هذه الفترة موجة من االغتياالت‬ ‫وسيطر فيها الصراع العنيف الذي أفضى إلى‬ ‫حرب شاملة بني الدولتني واجليشني استمرت ‪77‬‬ ‫يوما وانتهت بغزو القوات اليمنية أراضي اجلنوب‬ ‫وتدمير كل مقدرات الدولة اجلنوبية واالستيالء‬ ‫على كل شئ عام وخاص كغنيمة حرب‬ ‫وكسياسة متارس حتى هذه اللحظة‪.‬‬ ‫ملاذا يتجاهل العالم أن شعب اجلنوب يقاوم هذه‬ ‫السياسية العنصرية التمييزية ونهج االنفصال‬ ‫في اإلقصاء والتدمير لكل ماهو جنوبي التي‬ ‫متارس منذو اليوم إلعالن الوحدة في مايو ‪1990‬م‪.‬‬ ‫أيضا ً يتم جتاهل حقيقة أن هذه املقاومة قد‬ ‫تطورت وتراكمت حتى صارت معظم املناطق‬ ‫في محافظات اجلنوب محررة وال تستطع‬

‫‪22‬‬

‫اجمللة‬

‫سلطات االحتالل اليمني فرض سلطاتها سوى‬ ‫في العاصمة عدن بشكل أساسي وعواصم‬ ‫احملافظات بشكل محدود‪.‬‬ ‫وبشكل متزايد تواجه اليمن صعوبة التأهل ألن‬ ‫تصبح دولة تضطلع باملهام التي يتعني على‬ ‫مؤسساتها النهوض بها‪ .‬والنظام يقمع أيضا ً‬ ‫بوحشية املظاهرات السلمية حيث اعتقلت في‬ ‫‪ 7‬يوليو ‪ 2009‬أكثر من ‪ 10‬ألف مواطن في مدينة‬ ‫عدن وحدها وأد وعتهم املالعب (والهنجرات) بعد‬ ‫أن اكتظت بهم السجون واملعتقالت واألقبية‬ ‫ومنعت عنهم املاء والغذاء والدواء والزيارات‪.‬‬ ‫وبالرغم من الصعوبة التي جتدها وسائل اإلعالم‬ ‫في ممارسة عملها في البالد‪ ،‬فإنه هناك حتى‬ ‫تقارير لعمليات تعذيب مارستها قوات األمن‬ ‫اليمنية‪.‬‬ ‫‪ ‬وهناك سؤال آخر ينبغي طرحه وهو‪ :‬ملاذا يعتقد‬ ‫بعض الناس أن حل مشكلة اجلنوب سوف يأتي‬

‫من خارج البالد‪ .‬لقد أخفقت جميع التجارب‬ ‫واحملاوالت السابقة في ترقيع وستر عورة هذا‬ ‫النظام الذي صار عاريا ولم تستره كل املساعدات‬ ‫التي قدمتها املؤسسات الدولية والدول املانحة‬ ‫والهبات الضخمة التي حصل عليها من دول‬ ‫اجلوار ناهيك عن الثروات الوطنية املنهوبة من‬ ‫البلد نفسها‪.‬‬ ‫وعالوة على ذلك‪ ،‬يتعني على اجلامعة العربية أن‬ ‫تقوم بدور أكثر فعالية في هذه األزمة‪ ،‬وال تنتظر‬ ‫حتركا ً من قبل أي أطراف أو قوات دولية أخرى‪.‬‬ ‫تلك أمور باتت تقرع مسامعنا بقوة فهل يصغي‬ ‫العقالء إلى صوت الشعب العربي في جنوب‬ ‫اجلزيرة؟‬

‫عبده النقيب ‪ -‬سكرتير دائرة اإلعالم ‪-‬‬ ‫التجمع اليمني الدميقراطي اجلنوبي (تاج)‬


‫انتفاضه الجنوب العربي الشاملة‪..‬‬ ‫مرحلة ما قبل إسقاط نظام االحتالل اليمني‬ ‫عبده النقيب‬

‫�إن ا�ستقالل اجلنوب الذي بات قاب قو�سني �أو �أدنى لن يكون �سببا يف انت�شار العنف وامتداد �أثرة يف املنطقة بل �أنه �سيكون‬ ‫�رضبة وقائية ملنع انت�شار مثل هذا الفو�ضى والتفكك و العنف الذي بات حقيقة واقعة يزداد يوما عن يوما بعد يوم‪.‬‬ ‫‪ ‬شكلت انتفاضة السابع من يوليو ‪ 2009‬نقلة‬ ‫متميزة في مسيرة الثورة اجلنوبية التحررية حيث‬ ‫خرجت اجلماهير في كل محافظات اجلنوب‪ ,‬تصرخ‬ ‫منددة باالحتالل وتهتف لالستقالل اجلنوبي‪ ..‬كانت‬ ‫الهتافات قد عكست تطلعات شعب اجلنوب إلى‬ ‫استعادة حريته وهويته العربية خالية من اخلوف‬ ‫والغموض‪ .‬ال مكان اليوم بني اجلماهير اجلنوبية‬ ‫للحلول واملساومات‪ ..‬خرجت اجلماهير بأعداد غير‬ ‫مسبوقة في العاصمة عدن وفي الضالع وفي‬ ‫أبني وشبوه وحضرموت واملهرة وفي العديد من‬ ‫املديريات و القرى لتعلنه يوما للغضب اجلنوبي ردا‬ ‫على يوم اجتياح القوات الغازية اليمنية ألراضي‬ ‫اجلنوب وعاصمته عدن قبل خمسة عشر عاما‪.‬‬ ‫كانت االنتفاضة القوية تشير إلى أنها مختلفة‬ ‫عن كل اإلعتصامات واملهرجانات التي سبقتها‬ ‫وما أكثرها في السنوات املاضية‪.‬‬ ‫‪ ‬هذه املرة بدت االنتفاضة شاملة في مختلف‬ ‫احملافظات واملديرات حيث أن كل واحدة منها‬ ‫كانت مكتظة باملشاركني تتحدى كل أنواع‬ ‫األسلحة التي شاركت في قمع االنتفاضة‬ ‫اجلنوبية‪ .‬بدا الغضب والعزم واإلصرار من قبل‬ ‫املشاركني ليس فقط في ترديد الشعارات التي‬ ‫تدعو إلى االستقالل ورفع راية الدولة اجلنوبية‬ ‫ورفع (يافطات) تدعو إلى استعادة الهوية‬ ‫األصيلة لشعب اجلنوب العربي الذي حاول احلزب‬ ‫االشتراكي سلبه منه كما سلب منه حريته‬ ‫ودولته املستقلة في مؤامرة مايو ‪1990‬م‪.‬‬ ‫انتفاضة السابع من يوليو ‪2009‬م هي البداية‬ ‫للشرارة التي لن تنطفئ فاجلماهير مستمرة‬ ‫تواجه وجتول في الشوارع وتقاوم الرصاص احلي‬ ‫واالعتقاالت وأسلحة املوت والقتل معلنة أن هذه‬ ‫االنتفاضة لم تعد مجرد تعبيرا عن الغضب في‬ ‫ذكرى أليمة هو يوم سقوط حاضرة اجلنوب العربي‬ ‫عدن ‪ -‬وعاصمته التاريخية بأيدي الزحف القبلي‬‫والهمجي املتخلف بل أنها بداية إلعالن العصيان‬ ‫املدني واالستمرار في املواجهة السلمية حتى‬ ‫يسقط النظام ويتنفس اجلنوب نسيم احلرية‪.‬‬ ‫كان العالم كله يراقب عن كثب فقد خرجت‬ ‫وسائل اإلعالم عن صمتها‪ ,‬فلم يعد باستطاعتها‬ ‫جتاهل هذه االنتفاضة لكنها تنقل صورة‬ ‫مشوهة وخاطئة عما يجري في محاولة أخيرة‬

‫لتجاهل ثورة شعب اجلنوب الفريدة التي طفت‬ ‫إلى السطح ولم تستطع أحزاب السلطة التي‬ ‫تدعي أنها معارضة كاحلزب االشتراكي اليمني‬ ‫أو ما يسمى بحزب(حوشي)‪ -‬العدو األول للجنوب‬ ‫وشعبه‪ -‬وحزب اإلصالح املتأسلم املتطرف الذي‬ ‫يتبادل األدوار مع حزب املؤمتر الشعبي في لعب‬ ‫دور املعارضة والسلطة لم يستطعا تبنى قيادة‬ ‫انتفاضة اجلنوب‪ .‬كذلك لم يعد بني وسائل‬ ‫اإلعالم أو أحزاب ما يسمى باللقاء املشترك التزوير‬ ‫واالدعاء بأن مطالب اجلماهير هي مطالب حقوقية‬ ‫تريد إصالح النظام والقضاء على الفساد بل‬ ‫أن الدعوة الستقالل اجلنوب واحلديث عن هوية‬ ‫اجلنوب العربية املستقلة والتاريخ املتسقل صار‬ ‫عنوانا لثورة اجلنوب املشتعلة‪.‬‬ ‫وفي مواجهة هذا التحول الذي بدأ واضحا‬ ‫أضحت السلطة ومعها أحزاب اللقاء املشترك‬ ‫ الوجه اآلخر لسلطات االحتالل‪ -‬تلهث وراء‬‫اجلماهير اجلنوبية وال تستطع اللحاق بها‪ ,‬فكلما‬ ‫رفعت األحزاب العميلة واملتعاونني مع االحتالل‬ ‫شعار في محاولة لتبنى هذه الثورة ووأدها تكون‬ ‫اجلماهير املتسلحة بالوعي قد رفعت شعارات‬ ‫ابعد وسقف أعلى‪ .‬فتلك األحزاب املهترئة‬ ‫والعميلة كانت في يوما ما تصف هذه اجلماهير‬ ‫الثائرة بقطاع الطرق وأصحاب (الدكاكني)‬ ‫الصغيرة نراها اليوم تتباكى على اجلنوب وتدعي‬ ‫أنه يعاني من الظلم والتمييز لكن الدعوات التي‬ ‫ترفعها اجلماهير اجلنوبية دعوات خطيرة وهدامة‬ ‫وأن استقالل اجلنوب لن يقف عن هذا احلد بل أن‬ ‫اجلنوب واليمن سيتجزآن إلى دويالت وشظايا وأن‬ ‫البلدين ستدخالن في دوامة عنف سيمتد أثرة‬ ‫إلى املنطقة بأسرها‪.‬‬ ‫هكذا تريد هذه األحزاب أن تبرر وتش ّرع لبقاء‬ ‫االحتالل بهذه اخملاوف املزعومة التي اختلقتها‬ ‫وتسوقها عصابة السلطة في صنعاء وتتجاهل‬ ‫حقيقة أن النظام بوضعه احلالي يذهب نحو‬ ‫الصوملة ليس بسبب قضية اجلنوب بل بسبب‬ ‫االنهيار الشامل والتفكك الذي أعترى هذه‬ ‫النظام املريض الذي دمر أي أمل لقيام مؤسسات‬ ‫وبناء دولة‪.‬‬ ‫ورمبا نتساءل ما قيمة الوحدة واألحزاب التي ال‬ ‫تؤخذ في االعتبار مصلحة الشعب بأكمله ال‬

‫بل وتعارض تلك املصالح‪ .‬يبدو أنهم لم يدركوا‬ ‫أن الشعب اليمني يعي ويرفض بأن يُقهر باسم‬ ‫الوحدة والقومية العربية‪.‬‬ ‫إن استقالل اجلنوب الذي بات قاب قوسني أو أدنى‬ ‫لن يكون سببا في انتشار العنف وامتداد أثرة في‬ ‫املنطقة بل أنه سيكون ضربة وقائية ملنع انتشار‬ ‫مثل هذا الفوضى والتفكك و العنف الذي بات‬ ‫حقيقة واقعة يزداد يوما عن يوما يغذيه النظام‬ ‫اليمني ويلعب به كورقة البتزاز بلدان اجلوار والدول‬ ‫املانحة للحصول على املزيد من املساعدات التي‬ ‫تذهب إلى عصابة السلطة والفساد وال تصل‬ ‫إلى املستهدفني من هذا الدعم‪ .‬وفي نفس‬ ‫الوقت يستخدم النظام هذه الورقة ملنع دول‬ ‫اجلوار عن االستنكار ضد اجلرائم التي يرتكبها‬ ‫نظام االحتالل اليمني بحق شعب اجلنوب‬ ‫غير مدركني أنهم بسكوتهم هذا إمنا يعطون‬ ‫الضوء األخضر لهذه العصابة بارتكاب املزيد من‬ ‫احلماقات واجلرائم وتأجيج الوضع الذي بات خارجا‬ ‫عن السيطرة وأنهم بعدم ضغطهم على هذا‬ ‫النظام ال يوقفون هذا التدهور اخلطير واخمليف بل‬ ‫يدفعون الوضع باجتاه إغالق األبواب أمام احللول‬ ‫السلمية وفتح أبواب العنف على مصراعيها‬ ‫الذي لن يكون مبنأى عنه أحد في اجلزيرة واخلليج‬ ‫بدرجة أولى‪ .‬فاليمن اليوم ليس لديه ما يخسره‬ ‫فال مجال للحديث عن االستثمار والسياحة‪ ,‬فقد‬ ‫صار مزرعة للفقر واإلرهاب يصول ويجول فيه‬ ‫الفساد واملتطرفني واملهربني لكل ما يخطر على‬ ‫بال وعلى أعلى مستوى يقود مؤسسات الدولة‬ ‫ويستخدمها بشكل مكشوف مطلق اليدين‬ ‫ليس له مثيل في أي بلد آخر‪.‬‬ ‫وقد صار اليمن قاعدة تنطلق منها كل هذه‬ ‫الويالت بكل االجتاهات وهي قد بدأت تتغ ّول فعال‬ ‫على احلدود اجلنوبية السعودية وفي خليج عدن‬ ‫التي عجزت دول التحالف بكل إمكانياتها عن‬ ‫مواجهة هذه األخطار احملدقة‪.‬‬ ‫وثمة سؤال يتعلق بهذه القضية‪ :‬ملاذا يتم على‬ ‫نطاق واسع جتاله حقيقة أن الوحدة اليمنية‬ ‫املزعومة مت إعالنها دون استفتاء عام وواجهت‬ ‫الفشل منذ اللحظة األولى‪ .‬لقد حدث هذا‬ ‫عندما أخفقت املرحلة االنتقالية املزعومة التي‬ ‫أعلن عنها ما بني ‪ 1990‬و‪ 1994‬في حتقيق التكامل‬ ‫اجمللة‬

‫‪21‬‬


‫اكثر من راي‬

‫اليمن (غير) السعيد‪:‬‬

‫هل‬

‫ال يزال اسمًا‬ ‫على مسمى؟‬

‫مستقبل اليمن السياسي‪:‬‬ ‫بين اإلنفصال والفوضى اإلقتصادية‬ ‫يربر موقع اليمن الإ�سرتاتيجي �إىل جانب �أهميته الإقليمية الإهتمام‬ ‫بالأحداث ال�ساخنة يف هذا البلد‪ .‬ورغم الإ�ستقرار ال�سيا�سي الن�سبي‬ ‫الذي ا�ستطاعت اليمن حتقيقه �أثارت الأحداث الأخرية يف اجلنوب‬ ‫املخاوف‪ ،‬خا�صة حني نت�أمل جميع الأطراف امل�شرتكة‪ .‬جند يف‬ ‫هذا البلد �أحزاب ًا مميزة مثل الإ�شرتاكية والقومية والقبلية‪ ،‬ف�ض ًال‬ ‫عن اجلماعات الإرهابية التي يدعمها تنظيم القاعدة يف اجلزيرة‬ ‫العربية‪.‬‬

‫الأخري‪ ،‬يت�صدى هذا النقا�ش لل�س�ؤال حول ماهية احلركات‬ ‫التحررية التي ت�سعى وراء الإنف�صال‪ .‬وهناك مو�ضوع رئي�سي �آخر‬ ‫نناق�شه هنا وهو ما �إذا كان اليمن املنف�صل بني �شمال وجنوب‬ ‫هو احلل الذي يت�سق مع و�ضع حد مل�شاكل البالد‪ .‬وتدر�س جملة‬ ‫املجلة هذه الأمور من منظورين خمتلفني للمراقبني املهتمني‬ ‫بال�ش�ؤون ال�سيا�سية يف اليمن‪.‬‬

‫ويبدو �أن الر�ؤيتني املذكورتني هنا تتفقان على �أنه ب�سبب كل‬ ‫غري �أن الدوافع التي تكمن وراء املظاهرات واملواجهات والهجمات الق�ضايا اخلطرية التي تواجهها‪ ،‬حتت�رض اليمن‪ .‬وت�شبه اليمن‬ ‫التي �شهدتها املحافظات اجلنوبية يف الآونة الأخرية غري م�ؤكدة‪ .‬يف الوقت احلا�رض و�صف امر�أة من قبل عبد اهلل الربادونى وهو‬ ‫وتت�ضارب التحليالت ملثل هذه الأحداث‪ .‬وال يت�ضح ما �إذا كانت ال�شاعر اليمني ال�شهري‪:‬‬ ‫تنطوي على وجود حركة حترير وطنية تتوق �إىل الإ�ستقالل �أو‬ ‫هو ا�ستياء �شعبي ينبع من الظروف الإقت�صادية ال�صعبة يف اليمن‪ .‬مـاذا‪� ‬أحـدث‪ ‬عـن‪� ‬صـنعاء‪ ‬يا‪� ‬أبتي؟‪ ‬مـليحة‪ ‬عـا�شقاها‪ :‬الـ�سل‪ ‬والـجرب‬ ‫مـاتت‪ ‬ب�صندوق»و�ضـاح«بال‪ ‬ثمن‪ ‬ولـم‪ ‬ميت‪ ‬يف‪ ‬ح�شاها‪ ‬الع�شق‪ ‬والطرب‬ ‫وال ميكننا ا�ستبعاد التدخالت الإقليمية �أي�ض ًا ك�إحتمال قائم يف‬ ‫من ق�صيدة‪�“ :‬أبو متام وعروبة اليوم”‬ ‫ا�ستح�ضار التمرد والطائفية يف اليمن‪ .‬وفيما يتعلق بهذا اجلانب‬ ‫‪20‬‬

‫اجمللة‬


‫املشتبه فيها أو إثبات أنها ال متتلك مثل هذه األسلحة‪ .‬ولكي يحققوا هاتني‬ ‫الغايتني‪ ،‬طالبوا بأن تنضم إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار األسلحة‬ ‫النووية‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬عرضت العديد من احلكومات التوقيع على معاهدة‬ ‫جلعل الشرق األوسط منطقة خالية من كافة أنواع أسلحة الدمار الشامل‬ ‫(وتشمل األسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية)‪.‬‬ ‫وتسمح معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية خلمس دول فقط باإلحتفاظ‬ ‫بأسلحة نووية لفترة إنتقالية غير محددة وهى الدول التي امتلكت أسلحة‬ ‫نووية حني دخول املعاهدة حيز النفاذ في عام ‪ ،1970‬وهى بريطانيا والصني‬ ‫وفرنسا وروسيا والواليات املتحدة‪ ،‬بينما تقوم بخفض ترساناتها النووية‬ ‫وإزالتها في نهاية املطاف‪ .‬ويوافق جميع األطراف اآلخرون في املعاهدة على‬ ‫السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية مبراقبة البرامج النووية وحماية‬ ‫موادها النووية للتحقق من أنها ال متلك برامج أسلحة نووية سرية‪.‬‬ ‫ويختلف سلوك إسرائيل عن الدول النووية اخلمس التي صدقت على معاهدة‬ ‫عدم انتشار األسلحة النووية‪ ،‬أو عن سلوك الهند وباكستان‪ ،‬واللتان لم‬ ‫توقعا على املعاهدة أيضاً‪ .‬وخالفا لهذه البلدان‪ ،‬لم تؤكد إسرائيل أو تنفي‬ ‫علنا ً وضعها النووي أو تكشف عن امتالكها للسالح النووي عن طريق‬ ‫اختبارها لسالح نووي علناً‪ .‬ويعتقد اإلسرائيليون أن سياسة الغموض‬ ‫النووي هذه تعطيهم مزايا الردع للحيازة النووية دون إثارة الدول اجملاورة دون‬ ‫داع وحتفيزها للسعي وراء امتالك أسلحة نووية‪ .‬وقد رفضت احلكومات‬ ‫اإلسرائيلية املتعاقبة على الدوام التصديق على معاهدة حظر االنتشار‬ ‫النووي ألن إسرائيل سوف حتتاج إلى اإلعالن عن ترسانتها النووية والتخلي‬ ‫عنها لتلبية متطلبات املعاهدة‪.‬‬ ‫ورغم أن مسئولني أمريكيني سعوا لضمان التزام إسرائيل مبعاهدة عدم‬ ‫انتشار األسلحة النووية خالل فترة الستينات‪ ،‬إال أنهم منذ ذلك الوقت لم‬ ‫يبرزوا وضع إسرائيل الشاذ أو يتحدوا سياستها اخلاصة بالغموض النووي‪.‬‬ ‫ويعتقد بعض املراقبني أن إسرائيل وصلت إلتفاق سرى أو بحكم الواقع مع‬ ‫الواليات املتحدة‪ .‬ووفقا ً لشروط هذا اإلتفاق‪ ،‬لن تختبر إسرائيل أجهزة نووية‬ ‫أو تُعلن نفسها دولة نووية أو تستخدم وضعها النووي لتحقيق مكاسب‬ ‫دبلوماسية‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬وافقت واشنطن على وقف ضغطها على إسرائيل‬ ‫لإلنضمام إلى معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية وإتباع سياسة “ال تسأل‪،‬‬ ‫ال تقل” فيما يتعلق‬ ‫بأسلحة إسرائيل النووية‪.‬‬ ‫وفي وقت سابق هذا العام‪ ،‬بدا لفترة قصيرة وكأن الواليات املتحدة قد تخلت‬ ‫عن هذه السياسة‪ .‬وفي عرض قدمته أمام اإلجتماع التحضيري ملعاهدة عدم‬ ‫انتشار األسلحة النووية في شهر مايو‪ ،‬قالت روز جوتيمولر‪ ،‬وهى مسئولة‬ ‫بارزة بوزارة اخلارجية األمريكية‪ ،‬أن الواليات املتحدة سوف حتترم “القرار املتعلق‬ ‫بالشرق األوسط” والذي اعتمده مؤمتر استعراض معاهدة عدم انتشار‬ ‫األسلحة النووية عام ‪ .1995‬وقد دعا املؤمتر إلى بدء مفاوضات تهدف إلى‬ ‫إنشاء منطقة خالية من األسلحة النووية في الشرق األوسط‪ .‬وقد تسبب‬ ‫بيان جوتيمولر ‪ -‬بجانب إشارتها الصريحة إلى حاجة إسرائيل لإلنضمام‬ ‫إلى معاهدة عدم انتشار األسلحة النووية عندما دعت إلى االلتزام العاملي‬ ‫وبي أقوى مؤيديها اخلارجيني‪.‬‬ ‫باملعاهدة‪ -‬في إثارة بعض القلق في إسرائيل نّ‬ ‫ورأى بعض املعلقني أن البيانات عالمة أخرى على أن إدارة أوباما تبنت سياسات‬ ‫أقل دعما ً جتاه إسرائيل بصفة عامة‪ ،‬وأشاروا إلى اإلنتقاد األمريكي لسياسات‬ ‫إسرائيل اإلستيطانية‪ ،‬ورفض احلكومة اإلسرائيلية اجلديدة لتأييد إطار‬ ‫الدولتني والذي تدعمه إدارة أوباما‪.‬‬

‫وذكر محللون آخرون أن اإلدارة تسعى لتعزيز موقفها ملنع االنتشار النووي جتاه‬ ‫إيران ودول أخرى والذي تعرض للتجاهل ألنه يبدو مزدوج املعايير فيما يتعلق‬ ‫بالسياسات األميركية جتاه إسرائيل‪ .‬من هذا املنظور‪ ،‬قد تكتسب جهود‬ ‫البيت األبيض حلمل إيران على اإلنضمام إلى معاهدة عدم االنتشار النووي‬ ‫املزيد من الدعم إذا اعترضت واشنطن بسرعة على البرنامج النووي إلسرائيل‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫والتفسيران ال يتعارضان حيث قد ترى إدارة أوباما أن حتقيق تقدم في تسوية‬ ‫سلمية بني إسرائيل وفلسطني قد يساعد على تعزيز الدعم العربي لكبح‬ ‫طموحات إيران النووية‪ .‬وقال مسئولون في مصر والسعودية أن الواليات‬ ‫املتحدة قد ميكنها احتواء طموحات إيران النووية بسهولة أكبر إذا حققت‬ ‫الهدف العاملي املتمثل في الوصول لشرق أوسط خال من أسلحة الدمار‬ ‫الشامل‪ .‬ويزعم بعض القادة العرب في العلن أنهم أكثر قلقا ً إزاء البرنامج‬ ‫النووي إلسرائيل من إيران‪.‬‬ ‫وقد رفض ممثلوا إسرائيل على الفور فكرة اإلنضمام إلى معاهدة عدم انتشار‬ ‫األسلحة النووية‪ .‬وانتقدوا املعاهدة بشدة بدعوى أنها غير فعالة ألنها لم‬ ‫متنع الهند وباكستان وكوريا الشمالية من احلصول على األسلحة النووية‪،‬‬ ‫كما أنها لم توقف سعى إيران املتواصل الكتساب القدرة النووية‪ .‬ويخشى‬ ‫اخلبراء اإلسرائيليون أن تكون جوتيمولر قد ساعدت ببساطة إيران على حتويل‬ ‫اإلنتباه عن أنشطتها النووية املشبوهة بتسليطها الضوء على البرنامج‬ ‫النووي اإلسرائيلي‪ .‬كما اشتكوا من أن املسئولني األميركيني لم يطلعوهم‬ ‫مسبقا ً على تصريحات جوتيمولر‪ ،‬وأن مساعدة وزيرة اخلارجية لم تذكر إيران‬ ‫عندما دعت اجلميع لالمتثال ملعاهدة عدم انتشار األسلحة النووية‪.‬‬ ‫و في كل األحوال‪ ،‬فإن ممثلني عن إدارة أوباما قد نفوا الحقا ً أن تكون جوتيمولر‬ ‫قد إنحرفت عن السياسات األميركية السابقة بشأن هذا املوضوع‪ .‬كما ذكر‬ ‫مصدر مسئول في البيت األبيض أن تطبيق معاهدة منع انتشار األسلحة‬ ‫النووية على الصعيد العاملي “ال يزال هدفا ً بعيد املدى”‪ ،‬ملمحا ً إلى أن إدراج‬ ‫إسرائيل كان طموحا ً وليس هدفا ً دبلوماسيا ً ملحاً‪ .‬ونقلت وسائل اإلعالم عن‬ ‫مسئول أميركي آخر قوله أن مسألة نزع السالح النووي اإلسرائيلي ينبغي‬ ‫تأجيلها ريثما تتحول منطقة الشرق األوسط إلى بيئة أقل خطرا ً على األمن‬ ‫اإلقليمي مما هي عليه اآلن بكثير‪ ،‬وهو األمر الذي يتضمن تخلى إيران عن‬ ‫قدرتها على تخصيب اليورانيوم وغيرها من التكنولوجيات النووية احلساسة‪.‬‬ ‫وقد شاركت جوتيمولر في عام ‪ 2005‬في إعداد دراسة حتمل عنوان “اإلمتثال‬ ‫العاملي‪ :‬إستراتيجية لألمن النووي”‪ .‬وقد إقترحت هذه الدراسة أن يتم في‬ ‫إطار التوصل إلى تسوية سالم شاملة في الشرق األوسط تخلى إسرائيل‬ ‫عن برنامجها لألسلحة النووية‪ ،‬وأن تعمل الدول العربية على القضاء على‬ ‫ما متلكه من أسلحة كيميائية أو بيولوجية‪ ،‬وأن تتوقف إيران عن محاولة‬ ‫احلصول على تكنولوجيا نووية حساسة‪ ،‬مثل القدرة على تخصيب اليورانيوم‪.‬‬ ‫ويظل هدف التوصل إلى تسوية شاملة بشأن قضايا املنطقة البارزة املتعلقة‬ ‫بأسلحة الدمار الشامل هدفا ً عظيم األهمية حتى اليوم‪ .‬ولكن املشكلة‬ ‫التي تواجه املدير اجلديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية وحكومات الدول‬ ‫األعضاء هي كيفية التوصل ملثل هذه التسوية‪.‬‬

‫د‪.‬ريتشارد ويتز ‪ -‬مدير وزميل مركز التحليل السياسي والعسكري مبعهد‬ ‫هدسون في واشنطن العاصمة‪.‬‬ ‫اجمللة‬

‫‪19‬‬


‫أفكار‬

‫حرب من أجل نزع‬

‫السالح‬

‫المدير الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية يواجه تحديات قديمة‬

‫د‪.‬ريتشارد ويتز‬

‫�سوف يحتاج الرئي�س اجلديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية �إىل معاجلة ق�ضية الأ�سلحة النووية لإ�رسائيل‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫طموحات �إيران النووية لكي ين�شىء منطقة خالية من الأ�سلحة النووية يف ال�رشق الأو�سط‪ .‬وقالت م�رص واململكة العربية‬ ‫ال�سعودية وغريها من احلكومات �أن احتواء طموحات �إيران النووية �سيكون �أ�سهل �إذا تخلت جميع دول ال�رشق الأو�سط عن‬ ‫الأ�سلحة النووية ب�شكل وا�ضح‪.‬‬ ‫يواجه يوكيو أمانو‪ ،‬املدير املنتخب حديثا ً للوكالة الدولية للطاقة الذرية‪،‬‬ ‫حتديا ً كبيرا ً في الشرق األوسط‪ .‬باإلضافة إلى اخلالف القدمي حول أنشطة إيران‬ ‫النووية‪ ،‬فقد شهدت األشهر األخيرة طرح مصر واململكة العربية السعودية‬

‫‪18‬‬

‫اجمللة‬

‫وحتى الواليات املتحدة ملوضوع برنامج إسرائيل لألسلحة النووية مرة أخرى‪.‬‬ ‫وقد دعا زعماء الشرق األوسط إسرائيل إلى القضاء على أسلحتها النووية‬


‫اجمللة‬

‫‪17‬‬


‫أفكار‬

‫فبالرغم من تقبل حسن نصر اهلل لهزمية تكتله السياسي في اإلنتخابات‬ ‫بصدر رحب‪ ،‬إال أنه قد أوضح بالفعل أنه لن يتنازل عن اإلحتفاظ بحق االعتراض‬ ‫(الفيتو) على قرارات احلكومة (وهو ما يعرف بـ “الثلث املعطل”)‪ .‬و قد مت منح‬ ‫هذا احلق لقوى ‪ 8‬آذار في احلكومة السابقة بعد جناح استعراض القوة الذي‬ ‫قام به مقاتلوا حزب اهلل خالل اإلشتباكات العسكرية التي جرت بني الطوائف‬ ‫اللبنانية في شوارع بيروت في مايو ‪ ،2008‬والتي أنهت بشكل فعال أشهر من‬ ‫اجلمود السياسي بني املعسكرين‪ ،‬وتركت قوى ‪ 14‬آذار مصابة برضوض شديدة‪.‬‬ ‫ورمبا أسهم نصر اهلل دون أن يتعمد في إثارة مخاوف بعض الناخبني املسيحيني‪،‬‬ ‫الذين تزداد عدم ثقتهم في حتالف العماد ميشيل عون مع حزب اهلل‪ ،‬بوصفه‬ ‫اإلشتباكات التي حدثت في مايو ‪ 2008‬على أنها “يوم مجيد للمقاومة” قبل‬ ‫أسابيع قليلة من اإلنتخابات التي جرت في ‪ 7‬يونيو‪ ،‬مما أدى إلى خسارة العماد‬ ‫عون لعدد كبير من األصوات في الدوائر املسيحية الرئيسية‪ .‬ولكن على الرغم‬ ‫من اللهجة املتصاحلة املوجودة في أول خطاب ألقاه نصر اهلل بعد خسارته في‬ ‫اإلنتخابات‪ ،‬إال أنه حذر من أن شرعية ترسانة أسلحة حزب اهلل ودوره باعتباره‬ ‫“حزب املقاومة اللبنانية” ليست مجاال ً مفتوحا ً للمناقشة‪ .‬ولهذا ينبغي أن‬ ‫يؤخذ هذا األمر بإعتباره مؤشرا ً واضحا ً على أن حزب اهلل ليس لديه استعداد‬ ‫لتقدمي أي تنازالت في هذا امللف الشائك‪ ،‬بالرغم من اإلتهامات التي وجهت إليه‬ ‫بعد أحداث مايو ‪ ،2008‬بأنه فشل في اإللتزام بوعده في عدم استخدام أسلحته‬ ‫في الصراعات “الداخلية”‪.‬‬ ‫وقد يكون حزب اهلل قد خسر اإلنتخابات نتيجة لذلك‪ ،‬لكن في حقيقة األمر فإن‬ ‫قوى ‪ 14‬آذار هي التي تواجه اآلن موقفا ً عصيبا ً ال حتسد عليه يشبه موقفا ً مماثالً‬ ‫في رواية (كاتش‪ )22‬للكاتب األميركي جوزيف هيللر‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬لو قرر احلريري‬ ‫وحلفاؤه رفض مطالب حزب اهلل‪ ،‬فإنهم سيعرضون أنفسهم بالتالي لصراع‬ ‫آخر طويل املدى مع حتالف ‪ 8‬آذار‪ ،‬وكل ما سيترتب عليه من عواقب وخيمة‬ ‫(وليس هناك شك في ذهن احلريري أن أحداث مايو ‪ 2008‬هي عينة فقط ملا ميكن‬ ‫أن يفعله حزب اهلل في حال حرمانه من السلطة)‪ .‬ومن ثم فإن اخليار األرجح‬ ‫هو أن قوى ‪ 14‬آذار ستقرر اإلستجابة للحد األدنى من مطالب حزب اهلل وتقوم‬ ‫بتشكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬ولكن بقيامها بذلك فإنها ستترجم املكاسب‬ ‫اإلنتخابية التي حققتها إلى عودة فعلية للوضع السائد قبل اإلنتخابات‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن الرضوخ ملطالب حزب اهلل سيكون غير مرضي لقوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬كما‬ ‫أن مثل هذه اخلطوة ميكن أن تؤدى خلسارة هذه القوى عددا ً كبير من أنصارها‪،‬‬ ‫الذين كانوا يأملون في حدوث تغيير حقيقي بعد جناح التحالف في اإلنتخابات‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن العودة إلى الوضع السائد قبل اإلنتخابات سيضمن سير األمور‬ ‫بشكل طبيعي نوعا ً ما‪ ،‬والسيما خالل موسم الصيف املربح‪ ،‬إال أنه سيعنى‬ ‫أيضا ً أن العديد من القضايا الرئيسية التي أقلقت راحة األمة ‪ -‬مثل الوضع‬ ‫اخلاص بسالح حزب اهلل‪ -‬سيتم جتاهلها بحيث ستبقى مشتعلة حتت الرماد‬ ‫حتى موعد اندالع األزمة السياسية التالية‪.‬‬ ‫ومن ثم تبدو نتائج إنتخابات ‪ 7‬يونيو في الواقع شديدة التناقض بشكل عام‪.‬‬ ‫فبالرغم من أن حزب اهلل هو الذي مني بالهزمية‪ ،‬فإن قوى ‪ 14‬آذار في نهاية‬ ‫املطاف هم الذين سيتعني عليهم تقدمي تنازالت سياسية إذا كانوا يريدون أن‬ ‫يحكموا بشكل فعال‪ .‬والزمن وحده هو الكفيل بإثبات ذلك‪ ،‬ولكن رمبا يتضح‬ ‫في النهاية أن حزب اهلل كان هو الفائز احلقيقي في إنتخابات ‪ 7‬يونيو‪ ،‬وليس‬ ‫حتالف ‪ 14‬آذار‪.‬‬

‫رافيل كاميلليري – مرشحه لنيل الدكتوراه في مجال الدراسات احلربية‬ ‫باجلامعة امللكية في لندن‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫اجمللة‬

‫> في الرابع عشر من يولية‪ ،‬وقع انفجار على حدود لبنان اجلنوبية‪ ،‬ونسب‬ ‫إلى قوات حزب اهلل‪ .‬وقد اعتبرت األمم املتحدة هذا االنفجار دليال على أن حزب‬ ‫اهلل قد ظل يواصل حشد ترسانته من األسلحة منذ أن مت إنهاء احلرب بني‬ ‫حزب اهلل وإسرائيل عام ‪ 2006‬من خالل وساطة األمم املتحدة‪.‬‬


‫اجمللة‬

‫‪15‬‬


‫أفكار‬

‫ما هي الخطوة التالية‬

‫لحزب اهلل؟‬ ‫ اإلنتخابات البرلمانية اللبنانية‬ ‫رافيل كاميلليري‬

‫قد يف�رس الإنت�صار غري املتوقع لتحالف ‪� 14‬آذار يف الإنتخابات الربملانية الأخرية يف لبنان على‬ ‫�أنه هزمية منكرة حلزب اهلل وحلفائه (‪� 8‬آذار) ‪ ،‬يف �إطار ما مت ت�صويره على �أنه قتال �ضار بني‬ ‫وا�شنطن وطهران على النفوذ يف ال�رشق الأو�سط‪ .‬ولكن بالرغم من هذه النك�سة الوا�ضحة‪ ،‬ف�إن‬ ‫حزب اهلل ال يزال ميثل قوة �سيا�سية ال يجب �أن ي�ستهان بها‪.‬‬ ‫قد تفسر الهزمية غير املتوقعة حلزب اهلل في اإلنتخابات البرملانية التي جرت الشهر‬ ‫املاضي في لبنان على أنها جناح لتحالف ‪ 14‬آذار املدعوم من الغرب بقيادة سعد‬ ‫احلريري املرشح حاليا ً ألن يصبح رئيس وزراء لبنان اجلديد‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد استفادت‬ ‫قوى ‪ 14‬آذار من اإلقبال الشديد غير املسبوق على صناديق اإلنتخابات ‪ -‬ما يقرب من‬ ‫‪ ٪ 55‬من الـ ‪ 3.26‬مليون ناخب املقيدين في لبنان أدلوا بأصواتهم‪ -‬بحيث متكنت‬ ‫في نهاية املطاف من كسب ‪ 68‬مقعدا ً في البرملان (من ضمنهم مقعد كانت قد‬ ‫حصلت علية في اإلنتخابات السابقة في عام ‪ ،)2005‬بينما لم تتمكن قوى ‪ 8‬آذار‬ ‫سوى من احلصول على ‪ 57‬مقعدا ً فقط‪ .‬وفي حني تشير التقييمات األولية إلى أن‬ ‫حزب اهلل قد أصابه الوهن والضعف بسبب نتائج اإلنتخابات‪ ،‬إال أن إمعان النظر‬ ‫في األحداث التي وقعت في األسابيع األخيرة يشير إلى أن قوة حزب اهلل في لبنان‬ ‫ال تزال في الواقع كما هي لم تتغير كثيراً‪ ،‬وال ينازعه فيها أحد تقريباً‪ .‬وهناك عدد‬ ‫من النقاط التي جتدر اإلشارة إليها في هذا الصدد‪.‬‬ ‫فأوال ً وقبل كل شيء‪ ،‬أظهرت نتائج اإلنتخابات أن حزب اهلل ال يزال يحتفظ مبركزه‬ ‫شبه املهيمن على السكان الشيعة اللبنانيني‪ ،‬والذين تدافعوا بأعداد غفيرة‬ ‫إلى صناديق اإلقتراع للتصويت لصالح مرشحي حزب اهلل‪ ،‬خاصة في الدوائر‬ ‫اإلنتخابية التي يتحكم فيها حزب اهلل فعليا ً بدون معارضة‪ .‬وتعد هذه النقطة‬ ‫مهمة‪ ،‬ألن الطائفة الشيعية قد اضطرت لتحمل وطأة هجمات إسرائيل على‬ ‫لبنان في صيف عام ‪ ،2006‬في حرب مت إلقاء اللوم فيها على قيام حزب اهلل بخطف‬

‫‪14‬‬

‫اجمللة‬

‫اثنني من جنود جيش الدفاع اإلسرائيلي عبر احلدود‪ ،‬ومن ثم ميكن القول بأن حزب‬ ‫اهلل قد جنح في تقليل اآلثار السلبية الناجمة عن احلرب على قاعدته الشعبية‪،‬‬ ‫التي ال تزال إلى حد كبير موالية حلسن نصر اهلل‪ ،‬بالرغم من بروز عدة أحزاب‬ ‫معارضة في أعقاب حرب يوليو‪ ،‬مثل حزب جتمع اخليار اللبناني‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى الدعم املطلق الذي يحظى به حزب اهلل من الطائفة الشيعية‬ ‫فبإمكانه اإلعتماد أيضا ً على حلفاء حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرملان نبيه‬ ‫بري‪ ،‬والذي مت مؤخرا ً إعادة إنتخابه لفترة أخرى في منصبه‪ .‬وتشير إعادة إنتخاب برى‬ ‫بشكل واضح إلى أن قوى ‪ 14‬آذار قد اضطرت بالفعل إلى تقدمي عدد من التنازالت‬ ‫السياسية لصالح املعارضة‪ ،‬بالرغم من فوزها في اإلنتخابات‪ .‬فقادة قوى ‪ 14‬آذار‬ ‫يتمتعون بالفعل بالقدر الكافي من الواقعية والتفكير العملي ليدركوا أنهم ال‬ ‫يستطيعون أن يحكموا لبنان بدون قوى ‪ 8‬آذار‪ .‬وقد اعترف خطاب النصر املتواضع‬ ‫الذي ألقاه احلريري ‪ -‬والذي يفتقر إلى أي إشارة للنصر‪ -‬بهذا الواقع بدون مواربة‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن تستغرق عملية تشكيل احلكومة وقتا طويالً وسيتعني على كال‬ ‫اجلانبني تقدمي التنازالت خاللها‪ ،‬وليس فقط حزب اهلل‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فمن املرجح أن تسفر اإلنتخابات عن تشكيل حكومة وحدة‬ ‫وطنية أخرى‪ ،‬سيكون حلزب اهلل فيها تأثير كبير على قرارات احلكومة بالرغم من‬ ‫أن اختيار مجلس الوزراء ال زال يخضع حتى يومنا هذا ملفاوضات مكثفة‪ .‬وهكذا‪،‬‬


‫إقليمي شينجياجن والتبت ال يختلفان كثيرا عن غيرهما من املقاطعات الصينية‬ ‫فيما يتعلق باحلكم الذاتي‪.‬‬ ‫و من أهم وأبرز الفروق بني الوضع في إقليم شينجيانغ وبني ذلك املوجود في التبت‬ ‫هو أن هذا األخير ال يوجد به أي إرهابيني آو أي حركات انفصالية عنيفة‪ .‬حيث إنه‬ ‫بالرغم من أن اجلماعات العرقية املسلمة مثل جماعة «هوي» املسلمة وبعض‬ ‫التبتيني تتعايش مع بعضها البعض في اإلقليم‪ ،‬إال أنه مع ذلك‪ ،‬ال توجد أية‬ ‫مؤشرات على أنهما قد تتطرف و تتبع خطوات حركة شرق تركستان اإلسالمية‪.‬‬ ‫كما أن احلركة التبتية املؤيدة لالستقالل‪ ،‬هي حركة سلمية‪ .‬و بالرغم من أن‬ ‫الصراع العرقي قد اندلع في األسابيع األخيرة التي سبقت أوملبياد بكني ‪2008‬‬ ‫بني الصينني التبيتيني والصينيني الهانويني‪ ،‬إال أن التبت بشكل عام ال يزال أقل‬ ‫اضطرابا من إقليم شينجيانغ‪.‬‬

‫للتعامل مع تهديد اإلرهاب اإلسالمي في املنطقة‪ .‬ومنذ تأسيس سلف تلك‬ ‫املنظمة وهو «مجموعة شنجهاي اخلمس»‪ ،‬في عام ‪ 199،‬فإن مكافحة «اإلرهاب‬ ‫واالنفصالية والتطرف» كان واحدا من األهداف الرئيسية للدول األعضاء‪ .‬وقد زاد‬ ‫التعاون ضد هذه التهديدات بشكل سريع في أعقاب هجمات التاسع عشر من‬ ‫سبتمبر‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬كون أعضاء منظمة شنجهاي للتعاون في شهر يناير من عام ‪2004‬‬ ‫هيكال إقليميا دائما ملكافحة اإلرهاب لتنسيق األنشطة في هذا امليدان‪ ،‬وأبرزها‬ ‫منع تهريب األسلحة‪ ،‬ومكافحة انتشار األصولية‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يذهب بعض احملللني‬ ‫إلى القول بأن السبب الرئيسي وراء دعوة قرجيزستان لالنضمام إلى مجموعة‬ ‫شنجهاي اخلمس أوال‪ ،‬ثم منظمة شنجهاي للتعاون هو رغبة الصني في حتسني‬ ‫العالقات مع جارتها‪ ،‬التي تضم عددا كبيرا من سكان يوجور‪ .‬كما سعت بكني إلى‬ ‫إشراك احلكومة القيرغيزية في أنشطة مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وعلى اجلبهة الداخلية‪ ،‬ركزت احلكومة الصينية على تطوير اقتصاد منطقة‬ ‫شينجياجن لكي تضعف الدعم النفصال يوجور بصفة عامة واإلرهاب بصفة‬ ‫خاصة‪ .‬غير أن عدم حتدث العديد من سكان يوجور بالصينية الفصحى يعرقل‬ ‫حصولهم على وظائف ذات أجور جيدة في كل من القطاعني اخلاص والعام‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن التركيبة العرقية املتغيرة للسكان تزيد من حدة التوتر‪.‬‬ ‫واعتبارا من عام ‪ ،2009‬تساوت نسبة الصينيني سواء من أصل يوجورى أو هان في‬ ‫املنطقة تقريبا‪ .‬كما يشكو أهالي يوجور من أن احلكومة الصينية تؤيد الصينيني‬ ‫من أصل هان عند التعيني وعند تسليم العقود للشركات اخلاصة‪ .‬ويغذى هذا‬ ‫الدعم للنزعة االنفصالية‪ ،‬وفي بعض احلاالت‪ ،‬العنف ضد أهالي هان والدولة‪.‬‬ ‫ولن يكون أي حتليل لالستجابة الصينية ملشاكل شينجياجن كامال دون وضعه في‬ ‫إطار كراهية احلكومة للحركات األخرى املؤيدة لالستقالل‪ .‬وال تستطيع بكني أن‬ ‫تظهر الضعف في مواجهة أي حتد لسالمة أراضيها‪.‬‬ ‫وقارن البعض أحيانا مشاكل االنفصال في إقليم شينجياجن الغربي ذي احلكم‬ ‫الذاتي باملشاكل املوجودة في منطقة التبت ذاتية احلكم‪ .‬ويتشابه اإلقليمان‬ ‫في أنهما على التوالي أكبر وثاني أكبر إقليمني صينيني‪ .‬ويتمتع كال اإلقليمني‬ ‫من الناحية النظرية بحقوق تشريعية أكثر من األقاليم األخرى‪ .‬وعمليا يعنى‬ ‫هذا فقط أن لهما احلق في تعيني حاكم لإلقليم‪ ،‬والذي يأتي عادة من األقليات‬ ‫اإلقليمية‪ .‬وحيث إن كل حكومات املقاطعات تتمتع بدرجة عالية من احلرية‬ ‫االقتصادية والسياسية واستقالل سياسي محدود عن احلكومة املركزية‪ ،‬فإن‬

‫وخالفا لالعتقاد السائد فإن مخاوف بكني من االنفصالية تتركز معظمها حول‬ ‫تايوان و ليس التبت‪ .‬فالوحدة احلتمية من جديد مع تايوان‪ ،‬و التي تعتبرها الصني‬ ‫حكومة وشعبا محافظة أخرى من محافظات بالدهم‪ ،‬كانت واحدا من أهم أهداف‬ ‫السياسة اخلارجية للحزب الشيوعي الصيني منذ تقسيم الصني في عام ‪.1949‬‬ ‫وقد اقترحت بكني صيغة «بلد واحد ونظامني» حلل النزاع مع تايوان و التي طرحها‬ ‫دنغ شياو بينغ ألول مرة في عام ‪ .1979‬و يتم التعامل بشدة مع أي محاولة لتحدى‬ ‫هذا املقترح من قبل احلكومة الصينية والشعب الصيني‪ ،‬مبا في ذلك احلركات‬ ‫االنفصالية احمللية املوجودة في الصني‪.‬‬ ‫كما يزيد التشويه الذي يحدثه العنف املوجود في إقليم شينجيانغ لصورة‬ ‫الصني في العالم اإلسالمي من خوف الصني من احلركات األيغورية االنفصالية‪.‬‬ ‫و قد وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في العاشر من يوليو وفاة‬ ‫مجموعة من األيغوريني‪ ،‬و هي إحدى اجملموعات العرقية التركية‪ ،‬بأنها نوع من‬ ‫اإلبادة اجلماعية‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فقد كانت هناك مظاهرات مؤيدة لأليغورية في‬ ‫الشرق األوسط ووسط آسيا واندونيسيا‪ ،‬وعلى األخص في قرغيزستان‪ .‬و قد حث‬ ‫خطاب شديد اللهجة في عمود للرأي بصحيفة «تشاينا ديلي»‪ ،‬و هي صحيفة‬ ‫صينية رسمية تصدر باللغة االجنليزية‪ ،‬السيد أردوغان للتراجع عن تصريحاته‪ .‬مما‬ ‫يدل على أن بكني لن تتردد في الدفاع عن سيادتها‪ ،‬حتى وإن تسبب هذا في اإلضرار‬ ‫بعالقة الصني مع الدول األخرى‪.‬‬ ‫و في كل األحوال‪ ،‬فإن ردود أفعال حكومات دول الشرق األوسط األخرى إزاء أحداث‬ ‫العنف التي وقعت في إقليم شينجيانغ كانت خافتة في معظمها‪ .‬حيث تسعى‬ ‫هذه الدول إلى خلق عالقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع الصني وال توجد لديها‬ ‫الرغبة في إضعاف هذه العالقات من أجل قضية ال حتظى باألولوية القصوى في‬ ‫الشؤون الدولية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن معظم حكومات دول الشرق األوسط‬ ‫تواجه أيضا خطرا مزدوجا يتمثل في اإلرهاب واحلركات االنفصالية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فليس‬ ‫من احملتمل أن ترفع هذه احلكومات صوتها منددة باحلكومة الصينية‪ ،‬خاصة و أنها‬ ‫من اشد املؤيدين ملبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية‪.‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬فإن الظلم الذي يتعرض له األيغوريون و مخاوف بكني بشأن اإلرهاب‬ ‫واالنفصالية قد خلقا بيئة غير مستقرة من غير املرجح أن تنحسر فيها موجة‬ ‫االشتباكات العنيفة في املستقبل القريب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن إلقاء اللوم على رد فعل‬ ‫السلطات الصينية إزاء هذه االشتباكات و اتهامها باحملاباة للهانيني يعد نوعا من‬ ‫تبسيط األمور‪ ،‬الذي يغفل عددا ال يحصى من العوامل التي تكمن وراء رد فعل بكني‪.‬‬

‫رامون باشيكو باردو ‪ -‬محرر بجريدة مالينيوم وباحث في مكافحة االنتشار‬ ‫وسياسات شرق آسيا‬ ‫اجمللة‬

‫‪13‬‬


‫قصة الغالف‬

‫على األراضي األمريكية‪ .‬وتقول احلكومة الصينية إن أعضاء حركة تركستان‬ ‫الشرقية قد مت تدريبهم على يد ناشطني بالقاعدة وطالبان‪ .‬وهذا ما حتققت منه‬ ‫وزارة اخلارجية األمريكية‪ .‬وفي أغسطس عام ‪ 2002‬قامت بإدراج حركة تركستان‬ ‫الشرقية بني املنظمات اإلرهابية‪ ،‬محتجة بوجود أدلة تثبت تلقي هذه احلركة‬ ‫عونا ماليا وتدريبا من تنظيم القاعدة‪ .‬وبعد ذلك بشهر واحد‪ ،‬قامت األمم املتحدة‬ ‫بإدراج احلركة بني قائمة املنظمات اإلرهابية ذات الصلة بالشبكة التي يقودها‬ ‫أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫ونتيجة الندالع العنف على هذا النحو في زينجياجن‪ ،‬فقد أخذ جناح القاعدة‬ ‫في شمال إفريقيا على نفسه عهدا بالنيل من العمال الصينيني في إفريقيا‬ ‫كرد فعل لقتل املسلمني في زياجنياجن‪ .‬وفي حقيقة األمر‪ ،‬فإن متشددي القاعدة‬ ‫كانوا اليزالون بصدد استهداف املصالح االقتصادية الصينية في القارة‪ .‬وهذا‬ ‫هو مايقوي مخاوف بكني فيما يتعلق بالتعاون بني انفصالي اإليجور واإلرهابيني‬ ‫اإلسالميني‪.‬‬ ‫إن الصالت املالية والشخصية بني القاعدة واإلرهابيني من يوجور ليست موطن‬ ‫القلق الوحيد بالنسبة للصني‪ .‬وما يقلق حكومة هو جينتاو أكثر هو إمكانية‬ ‫وقوع أسلحة دمار شامل أو تقنية نووية في أيدي اإلرهابيني من يوجور‪ .‬واألمر‬ ‫الذي ال يالحظه الكثيرون أنه على مدى السنوات القليلة املاضية زادت الصني‬ ‫من مشاركتها مع أنظمة تلتزم مبنع انتشار أسلحة الدمار الشامل واالنتشار‬ ‫النووي‪ .‬وحتقيقا لهذه الغاية‪ ،‬قامت حكومة هو جينتاو بتقوية التشريعات‬ ‫احمللية وتعزيز آليات الرقابة بهدوء لتضمن أن تقنيتها النووية وأسلحة الدمار‬ ‫الشامل لديها ال تقع في أيدي شبكات اإلرهاب اإلسالمية‪.‬‬ ‫ونضرب أمثلة على ذلك بتعديل قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن الرقابة‬ ‫على الصادرات النووية و قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن السيطرة على‬ ‫تقنيات وعالقات املواد النووية ذات االستخدام املزدوج في عامي ‪ 2006‬و ‪ 2007‬على‬ ‫التوالي‪ .‬كما أصبحت بكني أكثر نشاطا في املشاركة في منظمات عدم االنتشار‬ ‫النووي متعددة األطراف‪ .‬ولم تكن هذه التطورات لتحدث لوال وجود متشددين‬ ‫إسالميني في شينجياجن‪.‬‬ ‫وهناك منظمة شنجهاي للتعاون وهى آلية أخرى تستخدمها الصني للتعامل‬ ‫مع تهديد اإلرهاب اإلسالمي في املنطقة‪ .‬ومنذ تأسيس سلف تلك املنظمة وهو‬ ‫«مجموعة شنجهاي اخلمس»‪ ،‬في عام ‪ 199،‬فإن مكافحة «اإلرهاب واالنفصالية‬ ‫والتطرف» كان واحدا من األهداف الرئيسية للدول األعضاء‪ .‬وقد زاد التعاون ضد‬ ‫هذه التهديدات بشكل سريع في أعقاب هجمات التاسع عشر من سبتمبر‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬كون أعضاء منظمة شنجهاي للتعاون في شهر يناير من عام ‪2004‬‬ ‫هيكال إقليميا دائما ملكافحة اإلرهاب لتنسيق األنشطة في هذا امليدان‪ ،‬وأبرزها‬ ‫منع تهريب األسلحة‪ ،‬ومكافحة انتشار األصولية‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يذهب بعض‬ ‫احملللني إلى القول بأن السبب الرئيسي وراء دعوة قرجيزستان لالنضمام إلى‬ ‫مجموعة شنجهاي اخلمس أوال‪ ،‬ثم منظمة شنجهاي للتعاون هو رغبة الصني‬ ‫في حتسني العالقات مع جارتها‪ ،‬التي تضم عددا كبيرا من سكان يوجور‪ .‬كما‬ ‫سعت بكني إلى إشراك احلكومة القيرغيزية في أنشطة مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وعلى اجلبهة الداخلية‪ ،‬ركزت احلكومة الصينية على تطوير اقتصاد منطقة‬ ‫شينجياجن لكي تضعف الدعم النفصال يوجور بصفة عامة واإلرهاب بصفة‬ ‫خاصة‪ .‬غير أن عدم حتدث العديد من سكان يوجور بالصينية الفصحى يعرقل‬ ‫حصولهم على وظائف ذات أجور جيدة في كل من القطاعني اخلاص والعام‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن التركيبة العرقية املتغيرة للسكان تزيد من حدة التوتر‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫اجمللة‬

‫واعتبارا من عام ‪ ،2009‬تساوت نسبة الصينيني سواء من أصل يوجورى أو هان في‬ ‫املنطقة تقريبا‪ .‬كما يشكو أهالي يوجور من أن احلكومة الصينية تؤيد الصينيني‬ ‫من أصل هان عند التعيني وعند تسليم العقود للشركات اخلاصة‪ .‬ويغذى هذا‬ ‫الدعم للنزعة االنفصالية‪ ،‬وفي بعض احلاالت‪ ،‬العنف ضد أهالي هان والدولة‪.‬‬ ‫ولن يكون أي حتليل لالستجابة الصينية ملشاكل شينجياجن كامال دون وضعه في‬ ‫إطار كراهية احلكومة للحركات األخرى املؤيدة لالستقالل‪ .‬وال تستطيع بكني أن‬ ‫تظهر الضعف في مواجهة أي حتد لسالمة أراضيها‪.‬‬ ‫وقارن البعض أحيانا مشاكل االنفصال في إقليم شينجياجن الغربي ذي احلكم‬ ‫الذاتي باملشاكل املوجودة في منطقة التبت ذاتية احلكم‪ .‬ويتشابه اإلقليمان‬ ‫في أنهما على التوالي أكبر وثاني أكبر إقليمني صينيني‪ .‬ويتمتع كال اإلقليمني‬ ‫من الناحية النظرية بحقوق تشريعية أكثر من األقاليم األخرى‪ .‬وعمليا يعنى‬ ‫هذا فقط أن لهما احلق في تعيني حاكم لإلقليم‪ ،‬والذي يأتي عادة من األقليات‬ ‫اإلقليمية‪ .‬وحيث إن كل حكومات املقاطعات تتمتع بدرجة عالية من احلرية‬ ‫االقتصادية والسياسية واستقالل سياسي محدود عن احلكومة املركزية‪ ،‬فإن‬ ‫إقليمي شينجياجن والتبت ال يختلفان كثيرا عن غيرهما من املقاطعات الصينية‬ ‫فيما يتعلق باحلكم الذاتي‪.‬‬ ‫إن الصالت املالية والشخصية بني القاعدة واإلرهابيني من يوجور ليست موطن‬ ‫القلق الوحيد بالنسبة للصني‪ .‬وما يقلق حكومة هو جينتاو أكثر هو إمكانية‬ ‫وقوع أسلحة دمار شامل أو تقنية نووية في أيدي اإلرهابيني من يوجور‪ .‬واألمر‬ ‫الذي ال يالحظه الكثيرون أنه على مدى السنوات القليلة املاضية زادت الصني‬ ‫من مشاركتها مع أنظمة تلتزم مبنع انتشار أسلحة الدمار الشامل واالنتشار‬ ‫النووي‪ .‬وحتقيقا لهذه الغاية‪ ،‬قامت حكومة هو جينتاو بتقوية التشريعات‬ ‫احمللية وتعزيز آليات الرقابة بهدوء لتضمن أن تقنيتها النووية وأسلحة الدمار‬ ‫الشامل لديها ال تقع في أيدي شبكات اإلرهاب اإلسالمية‪.‬‬ ‫ونضرب أمثلة على ذلك بتعديل قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن الرقابة‬ ‫على الصادرات النووية و قوانني جمهورية الصني الشعبية بشأن السيطرة على‬ ‫تقنيات وعالقات املواد النووية ذات االستخدام املزدوج في عامي ‪ 2006‬و ‪ 2007‬على‬ ‫التوالي‪ .‬كما أصبحت بكني أكثر نشاطا في املشاركة في منظمات عدم االنتشار‬ ‫النووي متعددة األطراف‪ .‬ولم تكن هذه التطورات لتحدث لوال وجود متشددين‬ ‫إسالميني في شينجياجن‪.‬‬ ‫وهناك منظمة شنجهاي للتعاون وهى آلية أخرى تستخدمها الصني‬


‫في اخلامس من يوليو اندلعت أعمال العنف في إقليم زينجياجن الغربي‬ ‫املستقل‪ ،‬وهو عبارة عن مقاطعة تقع في غرب الصني‪ .‬وعلى مدى األيام‬ ‫القليلة التالية‪ ،‬قتل مايزيد عن ‪ 180‬شخصا في اشتباكات بني الصينيني‬ ‫من أصول الهان واإليجور وبني اإليجور وقوات البوليس‪ .‬وبصرف النظر عن‬ ‫أسباب هذا احلادث اخلاص من اندالع العنف‪ ،‬فإن ثمة عنصرين يقفان وراء‬ ‫رد الفعل الشديد للسلطات الصينية جتاه هذا العنف‪ .‬ويتمثل العنصر‬ ‫األول في اإلرهاب اإلسالمي في اإليجور ومخاوف الصني من إمكانية زعزعة‬ ‫استقرارها في غرب الصني‪ .‬ويرتبط بهذا أيضا التوجس العام نحو احلركات‬ ‫املوالية لالستقالل في أماكن أخرى‪ ،‬وخاصة في تايوان وفي تيبية أيضا‪.‬‬ ‫وتعود جذور اإلرهاب في إقليم اإليجور إلى أواخر األربعينيات‪ ،‬عندما عاود إقليم‬ ‫زينجياجن االنضمام إلى الصني عقب فترة قصيرة من االستقالل‪ .‬إال أن اإلرهاب‬ ‫حتول إلى مشكلة ازدادت تفاقما نتيجة احلرب السوفيتية في أفغانستان من‬ ‫‪ 1979‬حتى ‪ .1989‬وقد انضم األوجوريون من جنوب زينجياجن إلى احلركة املناوئة‬ ‫للشيوعية‪ ،‬حيث قاتلوا ضد االحتاد السوفيتي في عام ‪ . 1986‬وبعد ذلك بثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬مت تهريب األسلحة إلى غرب زياجنياجن‪ ،‬وهو إقليم يقع على احلدود بني‬

‫أفغانستان وباكستان‪ .‬وبعد ذلك تصاعدت الطموحات االنفصالية لإليجور في‬ ‫أعقاب انهيار االحتاد السوفيتي‪،‬حيث مكن هذا االنهيار بعض اجملتمعات اإلسالمية‬ ‫في وسط آسيا من احلصول على االستقالل‪ .‬وكنتيجة لهذه الوقائع‪ ،‬فإن احلركة‬ ‫التي كان يغلب عليها طابع سلمي بهدف املطالبة مبزيد من االستقالل لإليجور‬ ‫قد حتولت إلى حركة أكثر راديكالية‪ .‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬جتدر اإلشارة إلى أن دعم‬ ‫اإلرهاب من جانب سكان اإليجور الميثل ظاهرة واسعة االنتشار‪.‬‬ ‫وتعتبر احلركة اإلسالمية لتركستان الشرقية هي احلركة الرئيسية بني عدد من‬ ‫املنظمات اإلرهابية التي متارس نشاطها في اإلقليم‪ .‬وتهدف حركة تركستان‬ ‫الشرقية وغيرها من اجلماعات اإلرهابية األخرى في اإلقليم إلى إنشاء دولة‬ ‫إسالمية في آسيا الوسطى تضم إليها اإلقليم املستقل لغرب زياجنياجن‪ .‬ووفقا‬ ‫للحكومة الصينية‪ ،‬فقد ظلت هذه احلركة نشطة منذ بداية التسعينات وتعد‬ ‫وراء عشرات الهجمات حول األراضي الصينية‪ ،‬كان من بينها ثالثة أحداث عنف‬ ‫رئيسية خالل أوملبياد بكني عام ‪.2008‬‬ ‫لذا‪ ،‬فقد ظلت الصني تنتابها اخملاوف جتاه االجتاه االنفصالي اإلسالمي لفترة‬ ‫طويلة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ازدادت الهواجس الصينية في أعقاب هجمات ‪ 11‬سبتمبر‬ ‫اجمللة‬

‫‪11‬‬


‫قصة الغالف‬

‫صنع‬

‫في‬

‫الصين‬

‫اإلنفصاليه والراديكالية بشينج يانغ‬ ‫رامون باشيكو باردو‬

‫تنتاب احلكومة ال�صينية خماوف حقيقية من ت�صعيد التطرف الإ�سالمي يف �إقليم زينجياجن ال�صيني‬ ‫وما يحمله ذلك من �إمكانية زعزعة اال�ستقرار‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫اجمللة‬



‫جيوبوليتيكا‬

‫املنطقة‪ .‬فهذه العمالة املبعثرة واملتمركزة في اململكة العربية‬ ‫السعودية (ما يقرب من مليوني مغترب هندي) واإلمارات العربية‬ ‫(أكثر من مليون) تعتبر مبثابة ثروة إقتصادية لها قيمتها حيث‬ ‫ت ُقدر حتويالتهم السنوية بنحو ‪ 15‬مليار دوالر أمريكي والذي‬ ‫ميثل قوة كبيرة في اإلقتصاد الهندي وخاصة القطاع املصرفي‬ ‫منه‪ .‬ومع ذلك يبدي بعض هؤالء العمال بوادر للتطرف من خالل‬ ‫مشاركتهم في إضرابات وإحتجاجات عنيفة بالشوارع ضد‬ ‫أصحاب األعمال واحلكومات املضيفة‪.‬‬ ‫وتنبهت الهند أيضا ً إلى أهمية التدابير األمنية حلماية هذا‬ ‫الكم الهائل من عمالتها في غرب آسيا‪ .‬ومن ثم فإن الوزارات‬ ‫الهندية للشؤون اخلارجية واألجنبية بدأت في فتح قنوات‬ ‫من اإلتصال املستمر بحكومات املنطقة موقع َة العديد من‬ ‫اإلتفاقيات الثنائية لتنظيم تدفقات املهاجرين‪.‬‬ ‫وتسعى الهند حاليا ً لترسيخ تواجدها على الصعيد األمني في‬ ‫منطقة اخلليج‪ .‬ففي نفس الوقت الذي ال يزال فيه التخطيط‬ ‫ملعظم العمليات اإلرهابية التي تستهدف الهند ومتويل تلك‬ ‫العمليات والتدريب عليها يأتي من باكستان‪ ،‬توصلت وكاالت‬ ‫التحقيق الهندية خالل السنوات األخيرة إلى العديد من‬ ‫املتطرفني الذين تلقوا تدريباتهم في بؤر إرهابية بغرب أسيا‪.‬‬ ‫وأصبحت بعض دول اخلليج على نحو خاص مبثابة نقاط إتصال‬ ‫هامة بني الشبكات اإلرهابية والعمال الهنود املهاجرين الذين‬ ‫يتم تعيينهم وتلقينهم الفكر املتطرف وإعادتهم إلى الهند‬ ‫لتنفيذ عمليات إرهابية هناك‪ .‬ونظرا ً ألن معظم العمال الهنود‬ ‫في منطقة اخلليج يأتون من جنوب الهند‪ ،‬فإن هذا ميكن أن‬ ‫يفسر أيضا ً معاناة قطاع من اجملتمع الهندي اجلنوبي املسلم‬ ‫من التطرف وكذلك ظهور العديد من اخلاليا اإلرهابية التي‬ ‫تستهدف املراكز اإلقتصادية اجلنوبية الهامة مثل باجنالور‬ ‫وحيدرأباد‪.‬‬ ‫إستكشاف دور مميز‬

‫‪8‬‬

‫وقوتها الشرائية الهائلة‪ ،‬تسعى الهند للبحث عن بدائل‬ ‫تعزز من خاللها وجودها خاصة من خالل زيادة أنشطتها على‬ ‫الساحة الدبلوماسية‪ .‬فالهند يُنظر إليها بقليل من التشكك‬ ‫على عكس كافة القوى اخلارجية األخرى في غرب آسيا كما‬ ‫أنها ليست موردا ً أساسيا ً في مجال األسلحة‪ ،‬ولذلك حترص‬ ‫نيودلهي على إستكشاف دورها كقوة وسيطة في املنطقة‪.‬‬ ‫وأساس هذا الطموح هو سجلها املعروف باحلفاظ على عالقة‬ ‫ودية مع األطراف املتنازعة؛ تلك العالقة التي منت مبضي الوقت‬ ‫لتمثل نطاقا ً أوسع من الشراكات التي تشمل في الوقت احلالي‬ ‫واشنطن وتل أبيب وطهران وموسكو وبكني وطوكيو‪.‬‬ ‫وحتديدا ً في غرب آسيا‪ ،‬بينما تظل نيودلهي ملتزمة بالقضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬حيث أنها كانت أول دولة غير عربية تعترف‬ ‫مبنظمة التحرير الفلسطينية في عام ‪ ،1975‬وحتولت إسرائيل‬ ‫في الوقت نفسه إلى واحدة من شركائها املقربني في مجال‬ ‫الدفاع واألمن‪ .‬وبينما أشاد حزب اهلل نفسه بقوة حفظ السالم‬ ‫الهندية التابعة لألمم املتحدة في لبنان‪ ،‬كان مامنوهان سينج‬ ‫منهمكا ً بالتفاوض على إتفاق للتعاون النووي مع جورج دبليو‬ ‫بوش وشراء معدات عسكرية إسرائيلية جديدة‪ .‬وهذه هي‬ ‫دبلوماسية الهند املؤيدة للعوملة في أفضل حاالتها‪.‬‬ ‫الهند املرنة أم الصني صعبة املراس؟‬ ‫ويأتي تعيني ممثل خاص لغرب آسيا‪ ،‬ومشاركة البحرية الهندية‬ ‫الشغوفة في قوة عمل مكافحة القرصنة البحرية في خليج‬ ‫عدن‪ ،‬ليقدما إلينا مثالني آخرين على استعداد الهند ألن تلعب‬ ‫دورا ً بناءا ً في املنطقة‪ .‬وأعلن هذا الهدف السفير واملمثل اخلاص‬ ‫جاريخان‪ ،‬والذي لم يخجل من اإلشارة إلى أنه لم يكن للصني‬ ‫“دور خاص أو محدد في عملية السالم في الشرق األوسط” على‬ ‫عكس الهند‪ ،‬وبهذا يسعى إلى التأكيد على إمكانيات الهند‬ ‫الدبلوماسية و”املرنة” املتميزة في املنطقة‪.‬‬

‫بوضع كل هذه األمور في احلسبان‪ ،‬جند أن سياسة الهند‬ ‫“النظر غرباً” تشير على ما يبدو من وجهة نظر املعتدلني إلى‬ ‫إستراتيجية دفاعية خالصة تركز على تأمني موارد الطاقة‬ ‫احليوية إضافة إلى املصالح اإلقتصادية واألمنية احملدودة‪ .‬لكن‬ ‫هناك هدفا ً إستراتيجيا ً أعمق بكثير وراء جهود سينج الرامية‬ ‫إلى خلق دور متميز وأكثر مالئمة للهند في املنطقة‪.‬‬

‫“اإلقتصاد واجلاليات الهندية والتعاون والوساطة الدبلوماسية”‬ ‫هي الكلمات الرئيسية لفهم حملة الهند اخلليجية اللينة‪.‬‬ ‫ووفقا ً حلسابات نيودلهي اإلستراتيجية‪ ،‬متثل غرب آسيا ساحة‬ ‫هامة حيث ميكنها إستعراض قوتها ونفوذها‪ ،‬ومن ثم تعادل‬ ‫نفوذ الصني خارجياً‪ ،‬فيما وراء جنوب آسيا‪ ،‬وليس بالضرورة عبر‬ ‫سياسات القوة احملضة‪ .‬وتنتظر نيودلهي بشغف ردود الفعل‬ ‫على هذه اإلستراتيجية من أنحاء بحر العرب‪.‬‬

‫وحيث أن الصني أصبحت مبثابة قوة جبارة حتمل تهديدا ً جليرانها‬ ‫في جنوب آسيا‪ ،‬يشعر اإلستراتيجيون الهنود حاليا ً بأنهم‬ ‫مضطرون للبحث عن أطر جديدة تتجاوز منطقتهم ميكن أن‬ ‫جتمع الهند من خاللها الدعم وتثبت وجودها وتزيد من عمقها‬ ‫اإلستراتيجي‪.‬‬ ‫ونظرا ً ألن نيودلهي تدرك القدرات العسكرية املذهلة للصني‬

‫كونستانتينو كزافييه ‪ -‬باحث برتغالي بجامعة لشبونة‬ ‫اجلديدة‪ ،‬ومقيم في واشنطن‪ ،‬ورئيس حترير صحيفة لشبونة‬ ‫األسبوعية “انديا مونيتور”‪.‬‬

‫اجمللة‬


‫قسما ً جديدا ً ألمن الطاقة‪ ،‬وهناك دراسات هامة في نيودلهي‬ ‫تسعى لتخصيص موارد غير مسبوقة لدراسة منطقة غرب‬ ‫آسيا وشمال أفريقيا التي يتم فيها تطبيق إستراتيجية اخلليج‬ ‫اجلديدة‪.‬‬ ‫وفي نفس الوقت هناك أيضا ً جهد واضح يُبذل من أجل تنويع‬ ‫العالقات اإلقتصادية الثنائية مع غرب آسيا وذلك للتقليل من‬ ‫حصة الطاقة الزائدة‪ .‬وتسير الهند على الطريق السليم حيث‬ ‫أصبحت مؤخرا ً مبثابة ثاني أكبر شريك جتاري جمللس التعاون‬ ‫اخلليجي بعد الواليات املتحدة مباشرة‪ .‬وقد ازداد حجم التجارة‬ ‫الثنائية عشر مرات تقريبا ً خالل العقد األخير بإجمالي حالي‬ ‫يقترب من ‪ 30‬مليار دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫ويوجد أكبر نشاط إستثماري عام للهند ‪ -‬وهو صناعة األسمدة‪-‬‬

‫في عمان‪ ،‬ورأس املال الهندي اخلاص ‪ -‬مبا يشمل شركة تاتا‬ ‫لصناعة السيارات ومجموعة ريلينس ومجموعة إيسار‪ -‬استطاع‬ ‫أن يخترق مجالي البنية التحتية واملصارف والقطاعات اخلدمية‬ ‫بشكل مذهل في ظل اإلقتصاد املنتعش باملنطقة‪ .‬وفي نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬سعى “مامنوهان سينج” أيضا ً إلستقطاب صناديق الثروة‬ ‫السيادية مبنطقة اخلليج وذلك من خالل شروط جذابة لبحث‬ ‫نشاط إستثماري يبلغ حجمه ‪ 500‬مليار دوالر أمريكي في قطاع‬ ‫البنية التحتية بالهند‪.‬‬ ‫اجلاليات الهندية واألمن‬ ‫وبعيدا ً عن الطاقة واإلستثمار والتجارة‪ ،‬ميثل العمال الهنود‬ ‫املهاجرين الذين يقيمون في غرب آسيا أولويات أخرى في‬ ‫اجمللة‬

‫‪7‬‬


‫جيوبوليتيكا‬ ‫جيوبوليتيكا‬

‫إستراتيجية الهند‬ ‫الجديدة في‬ ‫منطقة الخليج‬ ‫البحث عن أكثر من مجرد لعب دور إقليمي‬ ‫كونستانتينو كزافييه‬

‫ين�صب الرتكيز يف نيودلهي حالي ًا على غرب �آ�سيا‪ ،‬ونق�صد منطقة اخلليج وما ورائها‪ .‬وقد‬ ‫كان النفط وما يزال من بني �أولويات نيودلهي‪ ،‬غري �أنه كي ت�ضمن الهند دور ًا مميز ًا يف‬ ‫غرب �آ�سيا‪ ،‬و�ضعت ب�سيا�ستها اجلديدة الرامية �إىل «النظر غرب ًا» �أولويات عديدة على اجلبهتني‬ ‫الدبلوما�سية والإقت�صادية‪ .‬والهدف من تلك ال�سيا�سة هو تقريب الهند �أكرث من جريانها عرب‬ ‫البحر العربي و�إحداث توازن للقوى ب�آ�سيا يف مواجهة ال�صني وذلك على ال�صعيد الدبلوما�سي‪.‬‬

‫لقد ظل البحر العربي طيلة قرون عديدة مبثابة حلقة وصل‬ ‫نشطة بني شبه القارة الهندية ومنطقة اخلليج‪ .‬وتسعى‬ ‫احلكومة الهندية حاليا ً الستكشاف هذا الدور التاريخي‪ ،‬ويقف‬ ‫وراء احملاولة اجلديدة “مامنوهان سينج” رئيس الوزراء البيروقراطي‬ ‫والذي مت إنتخابه مؤخرا ً لفترة ثانية‪.‬‬ ‫فبالنسبة له‪ ،‬لم يعد اخلليج مجرد منطقة هامة على الساحة‬ ‫الدولية فحسب ولكنها رمبا أصبحت أكثر املناطق أهمية‪ .‬ومن‬ ‫ثم فإنه خالل العام املنصرم إلتقى في عمان بجميع املبعوثني‬ ‫َّ‬ ‫وخط‬ ‫الدبلوماسيني الهنود في املنطقة والبالغ عددهم ‪27‬‬ ‫األولويات األساسية لإلستراتيجية اجلديدة “النظر غرباً”‪ .‬وفكرة‬ ‫هذه اإلستراتيجية تتمثل في تعزيز الهند على اجلبهتني احلربية‬ ‫والسلمية‪ ،‬في نفس الوقت الذي تضمن فيه نيودلهي دورا ً محددا ً‬ ‫في اجلماعة األمنية بغرب آسيا‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫اجمللة‬

‫الهموم املادية‪ :‬الطاقة واإلستثمارات‬ ‫نظرا ً ألن الهند متثل ثالث أكبر مستهلك للنفط في آسيا‪ ،‬حيث‬ ‫يُتوقع أن يصل إعتمادها على اإلستيراد إلى ‪ 90%‬خالل العقدين‬ ‫القادمني‪ ،‬يعتبر ضمان احلصول بشكل دائم على موارد الطاقة من‬ ‫منطقة اخلليج في مقدمة أولويات هذا البلد‪ .‬وقد بُذلت محاوالت‬ ‫عديدة لتعزيز أمن الطاقة من خالل تنويع جهات التوريد لتشمل‬ ‫أمريكا الالتينية وأفريقيا وروسيا‪ ،‬لكن تبقى منطقة غرب آسيا‬ ‫بال منازع هي املورد الرئيسي لها حيث متثل تلك ثلثي واردات‬ ‫النفط الهندية‪ .‬ويأتي في طليعتها اململكة العربية السعودية‬ ‫التي متثل ‪ 25%‬من واردات النفط الهندية والكويت ‪ 12%‬والعراق‬ ‫‪.10%‬‬ ‫وبناءا ً على تلك األولويات اجلديدة‪ ،‬شكلت وزارة الشئون اخلارجية‬


‫‪10‬‬ ‫حارب من أجل نزع السالح ‪18 ............................................................................‬‬ ‫اكثر من راي‬ ‫اليمن (غير) السعيد‪20 ....................................................................................‬‬ ‫دراسات‬ ‫ماذا يحمل املستقبل القريب في جعبته‪ :‬هل ستبقى األسلحة النووية‬ ‫بحوزتنا؟ ‪28 ..............................................................................................................‬‬

‫حاله اإلقتصاد‬ ‫وما يزال العرض مستمرا ً ‪32 ....................................................................................‬‬ ‫لقاء‬ ‫لقاء دير شبيجل مع هنري كيسينجر‪ ،‬وزير اخلارجية األمريكي األسبق ‪38 .........................‬‬ ‫املقال السياسي‬ ‫تكريس اإلخفاق ‪42 ...................................................................................................‬‬

‫‪32‬‬ ‫‪20‬‬


‫اإلفتتاحية‬

‫تصدر عن‬

‫عزيزي القارئ‪،‬‬ ‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬

‫مـجـلـة الـعـرب الـدولــيــة‬ ‫علياحلافظ‬ ‫ومحمدعلي‬ ‫هشامومحمد‬ ‫أسسهاهشام‬ ‫أسسها‬ ‫حافظ‬ ‫رئيس التحرير‬

‫‪Editor-In-Chief‬‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬

‫‪ADEL ALTORAIFI‬‬ ‫احملررون‬ ‫‪Editors‬‬ ‫مصطفى فحص‬ ‫‪MUSTAFA‬‬ ‫‪FAHS‬‬ ‫بوال ميجا‬ ‫أمليدا‬ ‫مانويل‬ ‫‪Paula Mejia‬‬ ‫‪MANUEL ALMEIDA‬‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫‪Editorial Secretary‬‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫‪JAN SINGFIELD‬‬ ‫املدير التنفيذي‬ ‫‪Managing‬‬ ‫‪Director‬‬ ‫املدير العام‬ ‫طارق القي‬ ‫‪TARIK ALGAIN‬‬ ‫‪www.majalla.com‬‬ ‫‪editorial@majalla.com‬‬ ‫‪London Address‬‬ ‫‪The Majalla Magazine‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited‬‬ ‫‪Arab Press House‬‬ ‫‪182-184 High Holborn‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP‬‬ ‫‪DDI: +44 (0)20 7539 2335/2337‬‬ ‫‪Tel: +44 (0)20 7821 8181‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫وايران في‬ ‫افغانستان‬

‫حتالفات مضطربة‬

‫لقاء مع أمني اجلميّل‬ ‫الرئيس اللبناني األسبق‬

‫بقلم كرمي ساجدبور‬

‫العالم في ركود‪..‬‬ ‫لم يعد هناك‬ ‫سياسة‬ ‫خارجية‬ ‫بقلم باراغ خانا‬

‫‪www.majalla.com‬‬

‫اإنه ملن دواعي �رسورنا وبالغ �سعادتنا‬ ‫اأن نقدم لكم جملة املجلة يف ثوبها‬ ‫اجلديد‪.‬‬ ‫"املجلة" وال تزال‬ ‫لقد كانت‬ ‫املجلة العربية الرائدة يف ال�سئون‬ ‫ال�سيا�سية واالقت�سادية والعاملية‪،‬‬ ‫و�سوف نبذل ق�سارى جهدنا من‬ ‫اأجل اال�ستمرار على الدرب بل وجتاوزه‬ ‫ملا هو اأف�سل من اأجل قرائنا االأعزاء‪.‬‬ ‫لقد قمنا بالعديد من التغيريات‬ ‫الكبرية من اأجل تقدمي جملة تطرح‬ ‫اأف�سل االأفكار املمكنة‪.‬‬ ‫كما �سنقدم روؤية �سيا�سية‬ ‫اإ�سرتاتيجية ت�سعى اإىل جتلية ق�سايا‬ ‫املنطقة ال�سائكة‪ ،‬ومعاجلة اجلدل‬ ‫ال�سيا�سي والثقايف مبهنية ملتزمة‬ ‫باحلياد عن طريق ا�ستكتاب اأبرز‬ ‫ال�سيا�سيني واملثقفني على م�ستوى‬ ‫العامل‪ .‬باال�سافة اىل حماولة قراءة‬ ‫االفكار التي خلف االخبار لنغطي امل�ساحات الفارغة يف اخلرب ‪.‬‬ ‫والأننا نتماهى مع اأ�سلوب احلياة الذي يعتمد يف االأ�سا�س على االإنرتنت يف القرن احلادي‬ ‫والع�رسين‪ ،‬فقد قمنا بتغيري ت�سميم وفكرة املجلة‪ ،‬لت�سبح جملة اإلكرتونية متاحة بكلتا‬ ‫اللغتني العربية واالإجنليزية‪.‬‬

‫المحتويات‬ ‫المحتويات‬

‫�سوف نقدم لقرائنا الكرام عرب موقع املجلة ‪ www.majalla.com‬خدمات تفاعلية والتي‬ ‫أفالم فيديو الأهم املناق�سات ال�سيا�سية اإ�سافة اإىل رابط و�سالت‬ ‫ت�سمل مكتبة حافلة با‬ ‫جيوبوليتيكا‬ ‫االجتماعية ‪.‬‬ ‫نقل املعلومة عرب مواقع‬ ‫منطقة اخلليج ‪6 ...............................................‬‬ ‫العالقاتاجلديدة في‬ ‫إستراتيجية الهند‬

‫ن�ستك�سف ونطرح اأبرز واأهم الق�سايا احلالية التي ت�سغل منطقة‬ ‫هدفنا من املجلة اأن‬ ‫قصة الغالف‬ ‫ال�رسق االأو�سط مبزيد من العمق‪ .‬ويف �سبيل حتقيق هذا الهدف‪ ،‬ون�سعى لأن متتاز جملتنا‬ ‫صنع في الصني ‪10 .................................................................................................‬‬ ‫�لمل ترتونية واأن من تن قر�فنا من ��ست ت�ساف وفهم �مل ت�س تعات �ل�ساخنة من منظ تر �أو�سع و�أ�سم ت أما‬ ‫�حلال يف ق�سمنا �ملا�ص مبر�أز �لبحث و�لتن تذ من خالل ر�وط والتقرير �لأ�سلي ل� تام ت �لذي مت ن�رشه على‬ ‫أفكار‬ ‫�لمنرتنت‪.‬‬

‫ما هي اخلطوة التالية حلزب اهلل؟ ‪14....................................... ..............................‬‬

‫لقد اأ�سعدنا احلظ اإذ اأ�سبحنا قادرين على اال�ستفادة من مهارات التاأليف والكتابة التي‬ ‫يتمتع بها عدد من اأبرز امل�ساركني يف ال�سحافة االإخبارية العاملية والذين عربوا لنا عن‬ ‫اإعجابهم ال�سديد بتفكرينا التقدمي وحتركنا اجلدي والذين ي�سعدهم اأن ي�ساركونا م�سعانا‬ ‫اجلديد‪ ،‬ونحن متطلعون لن�رس مقاالتهم خالل االأ�سابيع القادمة‪.‬‬ ‫اإن الهدف االأ�سا�سي من جملتنا "املجلة" هو اإ�سعاد قرائنا االأعزاء وكلنا اأمل يف اأن ن�ستمر‬ ‫على هذا املنوال خالل ال�سنوات القادمة‪ .‬لذلك نرحب مب�ساركاتكم واآرائكم ونكن لها كل‬ ‫تقدير‪ .‬اإذا كان لديكم مو�سوع معني يتعلق بال�سيا�سة اأو االقت�ساد اأو الثقافة يف منطقة‬ ‫ال�رسق االأو�سط ترغبون من املجلة اأن تقوم ببحثه وحتليله يرجى االت�سال بفريق التحرير‬ ‫ونعدكم اأن نبذل ق�سارى جهدنا لطرحه يف اإ�سدار قادم‪.‬‬

‫‪06‬‬

‫قرائنا االأعزاء‪ ،‬اأنتم غايتنا ولنا ال�رسف اأن نعطي اأولوية ق�سوى الهتماماتكم‪.‬‬

‫مـجـلـة الـعـرب الـدولــيــة‬

‫اخلروج‬ ‫من‬ ‫األزمة‬

‫؟‬

‫هل ينجح السياسيون‬ ‫حيث فشل‬ ‫اإلقتصاديون‬

‫عدد رقم ‪ ،1517‬تاريخ ‪ 18‬ابريل‪/‬نيسان ‪2009‬‬

‫مع خال�س حتياتي‬

‫بقلم ستيفن غلن‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬

‫‪18‬‬

‫‪14‬‬




‫ما هي اخلطوة‬ ‫التالية حلزب اهلل؟‬

‫ملك الشطرجن‬ ‫هنري كيسينجر‬

‫وزير اخلارجية األمريكي األسبق‬

‫رافيل كاميلليري‬

‫العدد ‪ 20، 1525‬يونيو ‪2009‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫اإلنفصاليه‬ ‫والراديكالية‬ ‫بشينج يانغ‬ ‫بقلم ‪ :‬رامون باردو‬

‫إستراتيجية الهند‬ ‫اجلديدة في منطقة اخلليج‬ ‫كونستانتينو كزافييه‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.